Professional Documents
Culture Documents
مضى من أحداث ،ومن ثم القيام بالتحليل والتفسير وفًقا لقواعد وإجراءات منهجية ،وبما يساعد على التنبؤ بما هو
كائن في المستقبل ،وُيستخدم ذلك المنهج في أبحاث العلوم االجتماعية والتربوية ،وكذلك في أبحاث العلوم
الطبيعية ،وأشهر من استخدموا ذلك المنهج في دراساتهم كل من :ابن خلدون ،وكارل ماركس ،وماكس فايبر،
ودار حول معظمهم كثير من الجدليات فيما تم تأصيله من نظريات ،وسنتناول في مقالنا خطوات منهج البحث
.التاريخي بالتفصيل
وتعرف المشكلة البحثية على أنها أمر مخالف لما هو معتاد ويثير الشكوك ،ويؤثر بصورة سلبية في نطاق معين،
،سواء أكان محدوًدا أو متسًعا
،وذلك ينحو بنا إلى تعريف البحوث األساسية ،وهي تنصُّب على الوصول لنظريات وقواعد عمومية
أما البحوث التطبيقية فتنصُّب على معالجة جانب محدود تخصصي ،ومن المهم أن تكون المشكلة البحثية معلومة،
،ولها جوانب واضحة ،وتلك هي أولى خطوات منهج البحث التاريخي
.ويشترك في ذلك جميع مناهج البحث العلمي األخرى كالوصفي والتجريبي وغيرهما
،وبالنسبة للفرضيات فهي تتضمن عالقة بين متغيرين أحدهما يطلق عليه المتغير المستقل ،واآلخر التابع
وللباحث أن يصوغ ما يراه مناسًبا من فرضيات ،وبالمثل فإن الفرضيات تمثل توقعات لحل المشكلة ،غير أنها
.تكتب في صورة خبرية
ُتعِّبر األسئلة والفروض عن أهداف البحث في صورتها العملية ،وتأتي صعوبة صياغة األسئلة
،والفروض في البحث التاريخي؛ نتيجة وجود عديد من األسباب التي أدت لنشوء الواقعة
ُت
وفي حالة بلورة الباحث لسبب واحد فإنه سيكون بمثابة السبب المحوري؛ نظًرا لوجود ظروف متباينة حيط
،بواقعة البحث ،ومن الصعب اإللمام بها جميًعا
كما أن هناك بعض الحاالت التي تختفي فيها عوامل النشأة ،أما نتيجة إغفال مؤلف المصدر لها بشكل عمدي ،أو
بغير قصد؛
لذا نجد أن الفرضيات في البحث التاريخي يشوبها غموض تختلف نسبته على حسب طبيعة موضوع البحث
،ومصادره
وذلك على خالف الفروض المصاغة في البحوث الطبيعية ،والتي ُتعد أكثر دقة ،لذا نجد أن نتائج البحث التاريخي
.يصعب تعميمها
وتلك من بين خطوات منهج البحث التاريخي المهمة ،وُتعرف المصادر التاريخية األولية على أنها مؤلفات من
،شهدوا الوقائع
،أما المصادر التاريخية الثانوية فهي مؤلفات وتدوينات من عاشوا في فترات زمنية تالية ،ودَّو نوا حول تلك الوقائع
ويشير الخبراء إلى أن االعتماد على المصادر الثانوية أكثر إيجابية؛ نظًرا ألنها ُك تبت بحيادية ،وتتسم باإلنصاف،
.ودون أي تأثير سياسي من أصحاب السلطات
يصعب الفصل بين المصادر األولية والثانوية في كثير من المواضع ،نظًر ا ألن معظم من المؤلفات التاريخية
،تجمع بين المصادر األولية والثانوية في مادتها
كما أوضح العالم “ديوبولد فإن دالين” أحد الُم ؤِّص لين لمناهج البحث العلمي في التربية وعلم النفس ،وله كثير من
:الكتب في هذا الميدان ،ومن أهم أنواع المصادر األولية والثانوية ما يلي
،الوثائق الرسمية :وهي تشمل السجالت التنفيذية والتشريعية والسجالت المالية ،والقوانين
،والسجالت الرقمية :بمعنى األسطوانات والشرائط المسجلة لالجتماعات والمقابالت ،وملفات الكمبيوتر
،والتراث المنقول شفهًّيا :بمعنى الحكايات والخرافات واألساطير ،والتي تم نقلها عن شهود العيان
،اآلثار :وهي تتضمن آثاًر ا مادية ،مثل :البقايا التاريخية للمباني والمنشآت والهياكل العظمية ،واألسلحة
وينبغي على الباحث أن يعقد مقارنة بين المصادر التاريخية األولية والثانوية ،وفي ذلك يمكن استخراج الصالح
،من المعلومات
.واستبعاد الرديء منها ،حيث إن رأي التابعين أو من عاشوا في فترة قريبة تالية على األحداث أقرب إلى الصحيح
:والتي تميزه عن غيره من البحوث ،ويتمثل ذلك في عملية التقييم أو النقد ،وينقسم ذلك إلى
:النقد الخارجي
،ويهدف النقد الخارجي التأكد من موثوقية مصدر المعلومات ،ويحتاج ذلك إلى الَّتعُّر ف على تاريخ النشر
والتاريخ العلمي لمؤلف المصدر ،وهل يمكن أن ننسب هذا العمل إلى مؤلفه؟ وهل المصدر أصلي أم ُم عَّد ل عليه؟
وهل عايش المؤلف األحداث أم اعتمد على حكايات من عاصروا األحداث؟ وكثير من األسئلة األخرى التي
.يستهدف منها الباحث التيقن من جودة المصدر
:النقد الداخلي
وينصُّب النقد الداخلي في تيقن الباحث من جودة المعلومات الُم صاغة في المصدر أو المرجع ،ومدى موضوعيتها
،وبعدها عن التحيز
.ويلزم ذلك حدس وتفكير متعمق ،وخاصة في ظل وجود الكثير من المؤلفات التاريخية التي يشوبها عدم الدقة
:استخالص النتائج
،بعد قيام الباحث بعملية فحص للمصادر والمراجع ،وما احتوته من معلومات بطريقة النقد الداخلي والخارجي
تأتي الخطوة األبرز بين خطوات منهج البحث التاريخي ،وهي التي يعول عليها القراء كثيًرا في سبيل الحصول
،على حلول نهائية
،وهي تفصيل شامل لألسئلة أو الفرضيات ،وهل يمكن االعتماد على تلك النتائج كونها منطقية من عدمه
،ومن المهم أن يقوم الباحث بتدوين النتائج في ضوء ما تم عرضه في المحتوى النظري
،وكذا ما استعان به من دراسات سابقة ذات صلة بموضوع الدراسة
:كتابة التوصيات
بعد استخراج الباحث لنتائج البحث يبدأ في كتابة توصيات ذاتية ،ومن قريحة ذهنية ،ويستهدف الباحث من ذلك
،إبداء الرأي
:كتابة المقترحات
يحتوي كل بحث أو رسالة علمية على أسئلة أو فرضيات أو كليهما ،وبعد أن يوضح الباحث أبعاد وجوانب
،المشكلة فقد ينجم عن ذلك أسئلة أو فرضيات أخرى
وبالطبع فإن البحث الراهن يظل في حدود معينة ،ومن الممكن في ظل اإلشكاليات الجديدة المنبثقة أن يقدم الباحث
موضوعات أخرى لغيره من الباحثين؛ لكي يتم تناولها في المستقبل
األسلوب التاريخي ال يعتمد على التجربة العلمية المضبوطة ،بمعنى أن الحقائق و األحداث ال يمكن أن تكرر 1
.بصورتها ،وذلك بسبب اختالف العوامل المؤثرة
المصادر التاريخية في المعرفة غير مباشرة مثل المالحظات العلمية ،بل تعتمد على اآلثار و السجال ت و .2
.الوثائق والمخطوطات وغيرها
ال يستطيع الباحث التاريخي الوصول إلى كل الحقيقة ،وذلك لعدة أسباب منها ما يتعلق بالبعد الزمني و المكاني .3
.ومنها ما يتعلق بصحة األحداث وصعوبة الحصول على المادة التاريخية