Professional Documents
Culture Documents
ملخص
تبحث هذه الورقة في مناهج البحث األدبي و خاص ًة مرحلة التنفيذ وقد
فهمنا
و أما مرحلة التنفيذ تشمل نقاط عديدة وهيا :المصادر ،و تعريف
المصادر :
إن المصادر العلمية التي يعتمد عليها الباحث في دراسته تعد من أهم المقاييس في تقدير
صحة البحث وجودته ،فإذا كانت مصادر معتمدة صادقة ،أو مخطوطات نادرة ؛ كان
للبحث وزنه وقيمته العلمية .
ينبغي أال يختلط األمر على طالب البحث في معرفة مدلول كلمة "المصدر"؛ فليس كل
جديرا بهذه التسمية ،و مهمة إعداد المراجع مهمة ذات بال في الدراسات العليا ،
ً كتاب
ومن المسلم به أن الطالب إذا نجح في إعداد تبويب لرسالته ،ونجح كذلك في إعداد
قوائم مراجعه ،فإن طريقه يسير واضحا ،وعمله يبدأ بعد ذلك على أساس قويم.
ه ناك اقتراحات قيمة تساعد الطالب على إعداد مراجعه ،وفيما يلي أهم هذه االقتراحات
:
-١يبدأ الطالب بأن يقرأ ما كتب عن موضوعه بدوائر المعارف العالمية التي تضارفت
جهود ضخمة إلنتاجها.
-٢أن يستعين في هذه المرحلة بالكتب الحديثة القيمة التي تثبت مراجع ما احتوته في
أسفل الصفحات ،ومن هذه الهوامش سيحصل الطالب على كثير من المراجع األصلية،
يضيفها إلى قوائم مراجعه.
-3أن يتحدث مع من له خبرة بهذه الدراسة ،فأغلب الظن أنه سيرشده إلى بعض
المراجع ،كما يفيده في تنسيق الموضوع ،ويفتح له أبواب نافعة.
-٤على الطالب أن يتعرف بل أن يعقد صالت ودية مع المشرفين على المكتبات التي
يتردد عليها ،أو مع رؤساء األقسام بالمكتبات التي تتبعها دراسته إذا وجدت هذه األقسام
بالمكتبات ،فأغلب هؤالء لهم خبرة كبيرة بالمراجع ،وببعض المخطوطات الثمينة التي
قد تتصل بالموضوع ،وال يفتأ هؤالء يعملون في الكتب وينقبون فيها ،فال نزاع أنهم
سيمدونه بين الحين واآلخر بما يعاونه معاونة ظاهرة
-٥يراجع الطالب فهارس المكتبات في المادة التي يبحث فيها ،وباإلضافة إلى المكتبات
العامة سيجد في مكتبات المعاهد والكليات التي تعنى بدراسته فرصة أوسع وأيسر
للحصول على مصادر مهمة ،فطالب القانون يلجأ إلى فهارس كلية الحقوق ،وطالب
الدراسات اإلسالمية يلجأ إلى فهارس مكتبة األزهر وكلية دار العلوم ،وطالب التربية
يلجأ إلى فهارس مكتبات كليات التربية وهكذا .
-٦ينصح الطالب بأن يقرأ األبحاث الجديدة التي تنتشر بمجالت و دوريات تعنى بمثل
دراسته.
فإذا ما انتهى من إعداد قائمة مراجعه ،أو قوائم مراجعه ،كان عليه أن يثبت أمام كل
مرجع مكان وجوده ،فإذا كان هذا المرجع في مكتبته الخاصة كتب أمامه :مكتبتي
الخاصة ،و إال بحث عنه في المكتبة األساسية التي يعتمد عليها ،فإذا وجده بها كتب
أمامه الرمز الموضوع له بهذه المكتبة
ومن الضروري أن يتنبه الطالب إلى أنه إذا استعمل طبعة ما لمصدر من المصادر،
كان عليه أن يستعمل نفس الطبعة في جميع بحثه كلما أمكن ذلك ،فإذا اضطر الستعمال
طبعتين لمصدر واحد فإن من الواجب أن يحدد الطبعة التي اعتمد عليها في كل اقتباس
يورده عن ذلك المصدر
تعريف المصادر:
"هي أقدم ما يحوى مادة عن موضوع ما -هي المراجع ذات القيمة في الرسائل ،ولذلك
وجب االعتماد عليها والرجوع إليها ،وكلما زاد استخدام المراجع األصلية و كثرت
الحقائق المستفادة منها كلما عظمت قيمة الرسائل ،وبخاصة إذا كانت هذه الحقائق وتلك
المعلومات لم تصل لها يد من قبل ،ولم يسبق ألحد أن اقتبسه " ،وبعبارة أخرى :هي
الوثائق والدراسات األولى ،منقولة بالرواية أو مكتوبة بين مؤلفين ثقات ،أسهموا في
تطور العلم ،أو تحرير مسائله ،وتنقيح موضوعاته ،أو عاشوا األحداث والوقائع ،أو
مباشرا فيها ،أو كانوا هم الواسطة الرئيسة لنقل العلوم و المعارف السابقة
ً كانوا طرفًا
مصدرا في مجالها ،كذلك يعد في هذاً لألجيال الالحقة .صاحب كل فكرة جديدة يعد
القسم أيضًا سجالت الدواوين الحكومية ،وما ينشره الكُتَّاب بأقالمهم في الدوريات العلم
المصورة لمشاهد
ِّ ية ،والصحف ،والمجالت ،واآلثار ،والدساتير ،والقوانين ،واألفالم
من الواقع ،والتسجيالت الصوتية.
أما فهي المراجع التي أخذت مادة أصلية من مراجع متعددة ،وأخرجتها في ثوب آخر
جديد ،فعلى الطالب إذا وجد في المراجع الثانوية ما يلزمه -أن يعود للمراجع األصلية
لتحقيقه وأخذه منها ،وسيجد الطالب من تجاربه أن عودته للمراجع األصلية للتحقيق
ضرورية ،فبعض المراجع الثانوية تسيء فهم ما كتب في المراجع األصلية ،أو أن
المادة تلون في المراجع الثانوية بلون خاص يبعدها عن الفكرة التي سيقت لها في
األصل.
وحتى يتبين الفرق بين المصدر األساسي والمصدر الثانوي "المرجع" نقدم هذا المثال:
إذا أراد باحث القيام بدراسة آلراء اإلمام أبي حامد الغزالي في علم أصول الفقه ،فإن
مؤلفاته في علم األصول هي :التحرير ،المنخول ،المستصفى ،شفاء الغليل ،فمجموع
هذه المؤلفات تعد مصادر أساسية في البحث ،أما األعمال العلمية األخرى التي قامت
وحواش ومختصرات ،فإنها تعد مصادر
ٍ على دراسة هذه المؤلفات من بحوث وشروح
ثانوية.
ويذهب البعض مذهبًا آخر؛ وهو أن كلمة "المرجع" تعني كل شيء رجع إليه الباحث
أثناء بحثه ،فأفاد منه فائدة ثانوية.
كما ال يمانع البعض بإطالق كلمة "مصدر" على كال النوعين ،وعدم الميل إلى تلك
التفرقة.
و المهم أن البحث األصيل هو الذي يعتمد على تلك النوعية من المصادر ،فالكتب
الحديثة حول الموضوعات والدراسات العريقة ال يمكن عدها مصادر؛ وإنما يمكن
سا بمناهجها ،وتتبعًا لتطور الموضوع وتوجيهه لدى المؤلفين
الرجوع إليها استئنا ً
المحدثين ،وليس من الصحيح أن يبني طالب الدراسات العليا دراساتهم وبحوثهم
عليها؛ إال أن تكون مناقشة لفكرة معروضة ،أو نقدًا ،أو استحسانًا و تأييدا ً لما حوته
من األفكار.
"إن استشهادًا بالمصدر األساسي ليختلف في قيمته اختالفًا تا ًّما عن االستشهاد بالمصدر
ً
تقليال من أهمية المصادر الثانوية ،فمعرفتها ضرورية للباحث ؛ الثانوي ،وليس هذا
ذلك ألن اإلحاطة بها تمنعه من أن يقدم لقرائه -أسلوب المكتشف -حقيقة من الحقائق
التي عرفت من قبل ،أو ينبري مداف ًعا عن قضية ثبت بطالنها وليست المصادر الثانوية
شبيهة بالمصادر األساسية من حيث قيمتها ووظيفتها ،فإذا كان ال يمكن للمصادر
الثانوية أن تصبح لبنات في بناء البحث؛ فإنها ال تصلح -من باب أ َ ْولَى ألن تستخدم
أحجارا".
ً
من أجل إبراز األهمية العلمية للمصدر األصيل ،فإنه لدى توافر مصادر متعددة عن
نقطة واحدة في البحث يثبت بالهامش المصدر األقدم ؛ ألنه هو األصل ،وبخاصة إذا
كان اعتماد المتأخر على السابق واض ًحا.
يثبت المصدر المتأخر إذا كان المصدر األول المنقول عنه مفقودًا ،أو مخطوطا ال
يتمكن القارئ من الحصول عليه ،أو احتوى المصدر المتأخر جوانب في البحث لم
يستوفها المصدر المتقدم ،أو كانت له ميزة معينة تقتضي التقديم.
وإذا كان ال محالة من ذكر مصادر عديدة لفقرة ما ،فإنه يراعي في ترتيبها أسبقية
مؤلفيها ؛ فيسبق األقدم على القديم ،والقديم على الحديث ،ويفصل بين المصدر و
المصدر بفاصلة منقوطة في التوثيق بهامش الكتاب أو البحث.
و أما بالنسبة لطالب الدراسات العليا ،يمكنه التعرف على مصادر البحث من الوسائل
التالية:
أوال :الموسوعات العلمية ،ودوائر المعارف الصادرة عن هيئات علمية رفيعة ،تلتزم
مقاييس علمية دقيقة للنشر؛ إذ إن ما ينشر فيها محرر بأقالم نخبة من العلماء
المتخصصين ،مدونًا في نهاية كل بحث منها قائمة بالمصادر والمراجع.
ثانيًا :الدوريات العلمية المتخصصة التي تهتم بنشر النتاج العلمي في حقل من حقول
المعرفة ،ويخضع ما ينشر بها ألسلوب التحكيم العلمي ،مدونًا في نهاية كل بحث منها
مصادره ومراجعه.
ثالثًا :البحوث والرسائل الجامعية الصادرة عن جامعات عُرف عنها االلتزام بالمنهج
العلمي الحديث ،فاالطالع عليها يفيد في إثراء المادة العلمية ،والتوجيه إلى اتباع
األسلوب السليم.
راب ًعا :مدونات المصادر المتخصصة ؛ أمثال :كتاب "مفتاح السعادة" تأليف :أحمد بن
مصطفي الشهير بطاش كبرى زاده ،وكتاب "كشف الظنون عن أسامي العلوم والفنون
" تأليف :مصطفى بن عبد هللا الشهير بحاجي خليفة ،وكتاب "تاريخ األدب العربي"
تأليف :كارل بروكلمان ،وكتاب "تاريخ التراث العربي" تأليف :فؤاد سزكين ،وأمثالها
من الكتب المؤلفة أصالة لمساعدة الباحثين ،وتعريفهم بما يهمهم من مصادر في
مجاالت التخصص المختلفة.
سا :الكتب العلمية التي يهتم مؤلفوها بذكر المصادر التي اعتمدوا عليها ؛ إذ أصبح
خام ً
من لوازم البحث العلمي تدوين ثبت المصادر في نهاية الكتاب.
سا :بطاقات المكتبات وفهارسها ،وكذلك المراكز العلمية ،فإنها تفهرس لمحتوياتها
ساد ً
فهرسة موسوعية حسب أسماء المؤلفين والعناوين والموضوعات ،وأحيا ًنا ما يحدث أن
يبحث الموضوع الواحد في فنون علمية مختلفة.
ساب ًعا :أمناء المكتبات ،فهم على علم تام غالبًا بالتسهيالت التي يمكن تقديمها من ق َبل
المكتبة ،وعلى معرفة كافية بمحتوياتها ،ومحتويات المكتبات األخرى؛ مما يوفر الكثير
من الوقت وال ُج ْهد.
ثامنًا :المشرف العلمي؛ دور المشرف في اإلرشاد إلى المصادر مهم جدًّا ؛ بل يعد من
أهم وسائل التعرف عليها.
أخيرا فإن مشاورات الزمالء طالب البحوث ،واالستفادة من تجار ً وآخرا وليس
ً تاس ًعا:
بهم السابقة ،وكذلك كل َمن له عناية واهتمام بالبحث العلمي مهمة ومفيدة ؛ بل ومما
يشجع عليها بين صفوف الباحثين.
يبدأ الطالب -عقب اإلنتهاء من تخطيط الرسالة و تبويبها -يعد األوراق التي ستلزمه
ليسجل بها ما يجمعه من مادة عندما يشرع في القراءة الشاملة عن الموضوع ،و يعد
من أهم التنظيمات األولية التي تتطلبها البحوث العلمية تخصيص كل مصدر يطلع عليه
الباحث ببطاقة تعريف ؛ إذ كلما تقدم الباحث في القراءة والدراسة للبحث ،كلما تكاثر
عدد المصادر التي يرجع إليها وستكون بطاقة التعريف بالكتاب هي المرجع في إعطاء
المعلومات والتفصيالت عنه ،سواء في أثناء كتابة البحث ،أو في الصورة األخيرة
لمدونة قائمة المصادر ،دون الحاجة إلى الرجوع إلى المصدر نفسه ،ما دامت
المعلومات المدونة بها دقيقة ،ومتأكدًا منها.
وليتمثل الباحث العدد الكبير من المصادر التي يرجع إليها ،مع حاجته إلى توثيق كل
فكرة يقدمها ،دون أن يكون ث َ َّمة تنظيم يحكمها ،أو تدوين يعرف بكل واحد منها ،على
الرغم من تنوعها وتعدد أماكنها ،إذا لم يبدأ بها منذ اللحظة األولى ،سيكون من المتعذر
تذكرها وحصرها ،وتجميع بيانات عنها؛ ومن ث َ َّم وضع قائمة مصادر البحث بصورة
دقيقة وشاملة ،وستكلف أضعاف الجهد والوقت اللذين قضاهما في كتابة البحث؛ حيث
إنه ال يقبل البحث بدونها.
لكل هذا َال بُدَّ من تخصيص كل مصدر من مصادر البحث ومراجعه ببطاقة تعريف
مستقلة؛ فإن استقالل كل مصدر ببطاقة يسهل تنظيمها في ملف أو صندوق خاص
حسب الحروف الهجائية ،كما أن اتباع الطريقة الصحيحة في تدوين المعلومات عن
المصادر التي تمت االستعانة بها معهم في هذه المرحلة ،ويستحسن بصورة عامة
عمل اآلتي:
أوالً :تسجيل فكرة مختصرة جدًّا في خطوط عريضة عن كل كتاب؛ إذ ربما استدعى
ً
مستقبال. البحث الرجوع إليه
ثانيًا :يخصص خلف البطاقة لتدوين بعض المعلومات التي يرغب اإلشارة إليها أثناء
الكتابة.
ثالثًا :كتابة المعلومات ببطاقة تعريف المصادر بقلم الحبر الجاف؛ حتى ال تتعرض مع
كثرة االستعمال للمحو واإلزالة.
يظن البعض أن القراءة سهلة ما دامت المراجع قد أ ُعدت ،والخطة قد وضعت ،ولكن
القراءة في الحقيقة عمل غير يسير إذا أريد بها أن تكون نافعة منظمة ويقول (كول)"إن
مما ال شك فيه أن المقدرة على القراءة وعلى هضم األفكار المكتوبة واالنتفاع بها فن
ال يعرفه إال القليلون ،ومن المجهود الضائع أن يبذل الطالب وقته وحماسته في قراءة
غير نقدية وغير مركزة".
فعلى طالب الدراسات العليا أن يتعلم كيف يقرأ ،وليضع أمامه حقيقة هامة ،هي أنه
يتوقع منه أن يقرأ كثيرا ،وأن يطلع على مجموعة كبيرة من الكتب ،وأال يفوته مرجع
ذو أهمية في موضوعه وعمل كهذا يحتاج إلى أعوام طويلة ال تتوافر غالبا للطالب ،و
للتغلب على هذه المشكلة يجب أن يعرف الطالب نظام القراءة لبعض الكتب
-1القراءة السريعة:
وتكون بقراءة الفهرس قراءة فاحصة ،ويختار الطالب من الفهرس ما يمس موضوعه
من قريب أو من بعيد ،ففي هذه المرحلة ،يكون تحديد الموضوعات التي ستقرأ هو
الهدف األساسي لالطالع ،ويدخل في هذه المرحلة كذلك التعرف على الكتاب بقراءة
بعض موضوعاته أو فصوله قراءة سريعة يحدد الطالب بها قيمة الكتاب على العموم،
فقد تكون الموضوعات بالفهرس جذابة ولكن يكون الحديث عنها في صلب الكتاب
سطحيا أو ضحال ،وعلى هذا فالطالب في هذه المرحلة يستبعد بعض الكتب نهائيا
لهبوط مستواها أو لعدم صلتها بموضوعه ،ويختار من بعض الكتب موضوعات محددة
يؤمل أن تكون مفيدة لبحثه.
-٢القراءة العادية:
وفي هذه المرحلة يقرأ الطالب الموضوعات التي حددها للقراءة في بعض الكتب و
يختار منها االقتباسات التي تتصل بموضوعه.
-٣القراءة العميقة:
هناك أبحاث ممتازة وثيقة الصلة بالموضوع ،وهذه ينبغي أن يقرأها الطالب بتوؤد و
عمق ،وعليه أن يتمثلها ويستفيد بها في تكوين فكره وتطويره ،وأن ينتفع باتجاهاتها ،و
ربما كان عليه أن يعيد قراءتها وأن يعيش معها ،وأن يقتبس ما ينير له السبيل.
وفيما يلي نص االقتراحات التي يقدمها كبار الباحثين لطالب الدراسات العليا رجاء أن
ينتفعوا بها في قراءتهم:
-١أن يكون الطالب حاذقا في تحديد قيمة الكتب التي بين يديه ليعرف المهم منها و
األهم.
-٢أال يقرأ وهو مجهد جسمانيا ،فإن هذه الحالة ستؤثر في القوى العقلية ،وستجعل
االستفادة من القراءة هزيلة.
-٣أثبتت عدة تجارب أن اإلنسان أكثر استعدادا للفهم واالستفادة في ساعات الصباح،
فعلى الطالب أن ينظم وقته لينتفع بهذه الفترة.
-٤أال يستطرد في قراءة أجزاء ال تتصل بموضوعه من الكتاب الذي بين يديه ،
ويستطيع أن يستعين بالفهارس ليعرف ما يتصل بموضوعه وما ال يتصل ،ويجب أن
نشير هنا إلى أن قراء الكتب القديمة لن يستطيعوا االستفادة من الفهارس ؛ ألن فن
الكتابة لم يكن قد تطور إلى مكانته اآلن ،فالكتاب القدامى يستطردون كثيرا ألدنى
مالبسة ،وكثيرا ما يعثر قارئ الكتب القديمة على معلومات هامة في غير مكانها ،لذلك
ينصح قراء هذه الكتب بالقراءة السريعة ،حتى إذا عثروا على مادة ثمينة قرءوها
قراءة هادئة فاحصة.
ويحدث أحيانا أن يندمج الطالب في نقطة ما من نقاط بحثه ،فيسلمه مرجع إلى مرجع
حتى يجمع كل ما كتب عن هذه النقطة ،وقد ينتج عن ذلك أن يكتب الطالب هذا الفصل
ويضعه في صيغته النهائية مع أنه قد يكون في الشوط األول بالنسبة لألجزاء األخرى
من الرسالة ،وال حرج في هذا ،بل لعل االنتهاء من بعض الفصول أو األبواب في أثناء
القراءة ،مما يشجع الطالب ويسهل عليه مهمته ،ويخفف عنه أنس أنه وفى نقطة ما
بحثا ،وجمع من المادة ما يجعلها واضحة تمام الوضوح كتبها ،ثم استأنف جمع المادة
لغيرها ،وتلوين العمل يجدد النشاط ،ويدعو لليسر والسهولة.
وكما أن الطالب يتوقف أحيانا عن القراءة وجمع المادة ليكتب فصال من فصول الرسالة
،فإن العكس يحدث أيضا ،أي أن الطالب يتوقف عن الكتابة ليجمع مادة عرضت له و
هو يكتب ،فإذا كان الطالب متجها تماما لكتابة فصل ما من فصول الرسالة ،ثم صادفته
معلوما تتصل بفصل آخر فينبغي أن يبادر فورا إلى اقتناص الفرصة ،وإلى إثبات هذه
المادة في مكانها أو -على األقل -اإلشارة إليها ليرجع لها عقب االنتهاء مما هو فيه،
ويحذر الطالب أن يهمل هذه المادة بحجة أنه ال يريد أن يقطع تفكيره فيما هو بصدده،
وليذكر أن جزءا كبيرا من المادة يأتي عفوا ،ولو أهمل ما يصادفه عفوا ،لبذل من أجل
الحصول عليه عندما يطلبه وقتا طويال ،ومجهودا كبيرا.
وقد تكون هذه المعلومات التي وجدها عرضا تتصل بباب أو فصل قد انتهى الطالب
من كتابته ،فيجمعها أيضا ،ليضيفها عند المراجعة إلى مكانها ،وبهذه المناسبة نذكر أن
الطالب قد تعرض له فكرة قيمة تتصل بالمادة أو المنهج ،وعليه -حتى ال ينساها -أن
يبادر بتدوينها في مكانها ولو موجزة يعود إليها بالتفصيل والدراسة فيما بعد.
قبل البدء بالقراءة للبحث ،وتدون المادة العلمية ،يحسن اإلعداد لها ً
أوال ،والتعرف على
الطرق السليمة؛ حتى يكون الباحث على علم بمتطلباتها.
بعض الطالب يلجئون إلى الكتابة في أوراق أو دفاتر أو كراريس؛ اعتقادًا بأنه أكثر
واستمرارا لما اعتادوا ؛ولكن سيتضح على
ً اختصارا للوقت ،وأنسب من حيث الثمن،
ً
المدى الطويل ،وبخاصة عند كتابة البحث أن الكتابة على البطاقات أحفظ ،وأن الرجوع
وتأخيرا بسبب مرونة ترتيبها أيسر من الناحية العملية.
ً إليها وتنظيم األفكار تقدي ًما
يمكن أن تتخذ خطة خاصة لتبويب البطاقات و تنظيمها حسب ما يروق الباحث لشرط
أن تكون واضحة مبسطة ،يستطيع أن يتبينها حالما يرغب الرجوع إليها ،على أنه
يمكن اقتراح الطريقة التالية ؛ إذ ربما تكون األيسر و األسهل :
يفضل الحجم الكبير من البطاقات ؛ لتستوعب النص المقتبس مهما كانت مساحته دون
حاجة إلى بطاقة أخرى ،أو اللجوء إلى الكتابة على الوجه اآلخر.
الكتابة على البطاقة من الوجهين ال غبار عليه ؛ ولكن من األفضل الكتابة على وجه
واحد ؛ حيث سيتمكن الباحث من استعراض المادة العلمية حول عنصر واحد ،بنظرة
شاملة أثناء الكتابة ،دون حاجة إلى تقليبها لترديد النظر عليها مرة بعد أخرى
تخصيص كل فكرة ببطاقة ؛ فربما يعرض للباحث أن يضيف لها بعض المعلومات ،أو
ً
مجاال واس ًعا ،وباإلمكان تدوين معلومات متعددة لعنصر مؤخرا ؛ فيجد لها
ً التعليقات
واحد من مصدر أو أكثر على بطاقة واحدة إذا كانت قصيرة ،شريطة أن تستكمل كل
معلومة منها التوثيق الخاص بها "المؤلف ،عنوان الكتابَ ،ر ْقم الجزء ،والصفحة" ،و
يرسم تحت كل واحد منها خط للفصل بينها.
يأتي بعد هذا دور تدوين المعلومات ،وينبغي أن يكون بالحبر الجاف بخاصة؛ حتى ال
تتعرض المعلومات مع كثرة التداول وطول الزمن للمحو أو الطمس.
نقل المعلومات من المصادر يحدده عناصر الخطة ،وليس تفاوت المصادر أهمية ؛
ولكن يتم البحث في المصادر حسب أهميتها في دائرة العنصر الواحد ،وحسب تقدير
الباحث
يعثر الباحث أثناء القراءة أحيانًا على معلومات مهمة ،ذات صلة بعنصر آخر في
البحث ،فمن األنسب تدوينها في بطاقة خاصة ،مع تسجيل عنوان العنصر الذي تتصل
به ،وتوثيقها التوثيق المعتاد.
إضافة إشارات ورموز خاصة للنقاط المقتبسة ،ذات األهمية أو الصعوبة الخاصة ،بما
حاال ،مطلب ضروري لالستفادة منها في الوقت المناسب. يمكن من التنبه لها ً
أصبح الحاسب اآللي األكثر عونا للباحثين بعد هللا عز وجل وتوفيقه ،و األقل جهدا ً في
تقدم األبحاث ،تطويرها في زمن قياسي في جميع المجاالت العلمية :
النظرية والتطبيقية.
ويحقق استخدام الحاسب اآللي في تدوين المعلومات ميزات التحقق في التدوين على
البطاقات ؛ إذ أن هذا يمكن للباحث أن يدون المعلومات التي يعثر عليها مباشرة تحت
عنصر الخطة ،أو الفصل الذي تنتمي إليه في المستند.
يفضل أن يفرد كل عنصر في خطة البحث ،أو كل فصل فيه بملف خاص مستقل به ،
حينئذ من السهل وضع كل معلومة مع ما يناسبها دون ارتباك ،أو تشويش ،يفعل كل
هذا في حرية تامه ،حيثما واتته القراءة ،و حالفه التوفيق في العثور على معلومات
جديدة تتصل بأي عنصر من عناصر خطة البحث ؛ إذ من السهل فتح الملف الذي
يتصل به ،فيضمها إليه.
إيجاد الملفات ،أو مستندات مستقلة لكل عنصر في البحث ،تتجلى فائدته عندما يكتمل
تزويد كل منها بما يناسبه من معلومات ،ثم يجمعها في نسق واحد يبرز الموضوع
كامالً ،حيث يساعد هذا على رؤية متوازنة لكافة األقسام ،و الفصول ،و تخليصه من
الزيادات ،و االستطرادات ،و إكمال الثغرات الستكمال الجوانب الموضوعية ،و الفنية
للبحث.
كثيرا ما يطرأ على ذهن الفرد لمحة من فكرة ،أو حل لمشكلة ،أو كلمات وجمل معبرة ً
تنفذ إلى الهدف ،وتوفي بالغرض ،فمثل هذه األشياء العارضة غالبًا ما تكون َقيِّمة ،
وهي سريعة اإلفالت والنسيان كسرعتها عندما عرضت على الذهن ،وضمان االستفادة
كثيرا من
من مثل هذه األفكار الخاطفة هو تدوينها في الحال من دون تباطؤ ،تذكر أن ً
الناس يحرصون دائ ًما على وجود قلم وورق إلى جانب فراش النوم.
إن محاولة االحتفاظ بدفتر صغير أو سجل خاص في جيبك أو حقيبتك مفيد جدًّا لتدوين
األفكار الطارئة ،التي يمكن فيما بعد نقلها إلى ملف خاص إذا أثبت فائدتها ،وربما
تقودك المصادفة لدى سماع اإلذاعة ،أو مشاهدة التلفزيون ،أو قراءة مقالة في جريدة
إلى بعض من األفكار مما له صلة بموضوع تفكر فيه ،أو تبحث عنه ،سجل كل هذه
دون تردد ،مع تسجيل الزمان ،والمكان ،والمصدر.
بعض المقاالت في الصحف والمجالت مفيد ومهم للبحث ،فمن األفضل قطعها من
المجلة أو الصحيفة ،ووضعها في ملف خاص بأمثال هذه القصاصات ،وربما استدعى
وضمها إلى دفتر المالحظات ،ومن المفيد حينئذ
ِّ األمر أحيانًا إلى تصوير تلك المقالة ،
أن تجمع النقاط التي تسجلها تحت عناوين صغيرة للفصول القصيرة المتنوعة.
المصادر:
الدكتور أحمد شلبي ،كتاب (كيف تكتب بحثا أو رسالة) دراسة منهجية لكتا
بة األبحاث ،مكتبة النهضة المصرية ،القاهرة ،الطبعة السادسة ١٩٦٨ ،
الدكتور عبدالوهاب إبراهيم أبو سليمان ،كتاب (كتابة البحث العلمي صياغة
جديدة) ،مكتبة الرشد ،مكه المكرمه ،الطبعة السابعة ١٤٢٣ ،هجري
الدكتور عبدهللا محمد الشامي ،كتاب (أصول منهج البحث العلمي و قواعد
تحقيق المخطوطات) ،المكتبة العصرية ،بيروت ،الطبعة األولى ١٤٣٣ ،
هجري