Professional Documents
Culture Documents
ذبيح زهيرة.أ
كلية الحقوق
جامعة المدية
Résumé
Le différent de la doctrine et la jurisprudence sur la définition de
l’astreinte , a entraine une confusion entre cette dernière et la notion de
sanction et indemnisation .
Cependant et malgré les similitudes entre ces termes et l’astreinte, on
ne peut pas négliger les nombreux points de différence qui existe et qui a
résolu le problème de cette confusion.
Le législateur algérien , à travers le code de procédure civile et
administrative inclus l’astreinte sous la rubrique « de l’exécution des
décisions rendues par les juridiction administratives» et considéré celle-ci
comme une juste contrainte financière qui vise à mettre la pression sur le
condamné qui a refusé l’exécution afin de le forcer à le faire .
Grâce à la position du législateur algérien de l’astreinte , on peut
constater le l’élargissement du pouvoir du juge administratif qui , grâce a
cette élargissement atteint un stade jusqu'à donner des commandes
directes à l’administration dans tous les cas d’atteinte matériel et saisie
illégal.
الملخص
اختالف الفقه و القضـاء في تعريف الغرامة التهديدية دفع بالبعض إلى الخلط بينها و بين
. مصطلح العقوبة و التعويض
1
عموما مهما توافرت نقاط التشابه بين هذه المصطلحات و مصطلح الغرامة التهديدية ،
فإن نقاط االختالف بينهما كثيرة و هي التي حسمت أمر الخلط بينهما.
المشرع الجزائري من خالل قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية أدرج الغرامة التهديدية
تحت عنوان " تنفيذ أحكام الجهات القضائية اإلدارية " ومنه اعتبرها مجرد اكراه مالي
يهدف الضغط على المحكوم عليه الممتنع عن التنفيذ قصد إرغامه على التنفيذ.
من خالل موقف المشرع الجزائري من الغرامة التهديدية ،فإننا نستشف توسع صالحية
القاضي اإلداري التي أخذت طريق التوسع ،حيث وصلت إلى توجيه القاضي اإلداري أوامر
لإلدارة في كل حالة من حاالت االعتداء المادي و االستيالء غير الشرعي
مقــدمــة:
غالبا ما كانت اإلدارة ترضخ أمام األحكام القضائية الصادرة ضدها ،ولكنه ظل من
الممكن رؤية كثير من حاالت عد التنفيذ وذلك نظ ار لتمتعها بالسلطات االستثنائية.
أمام تعنت اإلدارة وتعسفها تم البحث عن وسيلة لضمان احترام األحكام القضائية
والعمل على تنفيذها.
المشرع الفرنسي ،وحرصا منه على ضمان تنفيذ أحكام القضاء اإلداري الصادرة ضد
اإلدارة ابتكر أسلوب الغرامة التهديدية ومنح سلطة توقيعها إلى القضاء اإلداري .
إذا كان المشرع الفرنسي قد اعترف بتطبيق الغرامة التهديدية في مواجهة األشخاص
العامة الرافضة لتنفيذ األحكام القضائية.
فما هو موقف المشرع الجزائري من توقيع الغرامة التهديدية ضد األشخاص
المعنوية العامة الرافضة لتنفيذ األحكام القضائية ؟
من أجل اإلجابة على هاته اإلشكالية ارتأيت تقسيم هذا المقال إلى مبحثين :األول
أحدد فيه الطابع العام لمفهوم الغرامة التهديدية ،والثاني أحدد فيه الحكم وتطبيق الغرامة
التهديدية .
.المبحث األول :الطابع العام لمفهوم الغرامة التهديدية.
يقتضي تحديد مفهوم الغرامة التهديدية تعريفها واستخراج أهم مميزاتها ،واستكماالً
لمفهومها يجب تميزها عن بعض النظم والمفاهيم المشابهة (المطلب األول) إلزالة كل لبس
أو غموض قد يؤدي إلى الخلط ،وقد أدى هذا الخلط واللبس بين الغرامة التهديدية وغيرها
من األنظمة المشابهة إلى إعطائها من قبل الفقه طبيعة تختلف عن طبيعتها الحقيقية ،ولذلك
2
سوف نحدد طبيعتها القانونية الحقيقية وذلك في التشريع الجزائري ومجال تطبيقها (المطلب
الثاني).
ومن خالل هذه المجموعة من التعريفات يمكن حصر أهم مميزات الغرامة التهديدية
في النقاط األساسية التالية:
)1الغرامة التهديدية ذات طابع تحكمي وتهديدي.
تقدير تحكيميًّا ال يتقيد فيه إال بمراعاة
ويعني ذلك أن الغرامة التهديدية يقدرها القاضي ًا
قدرة المدين على المقاومة أو المماطلة في التنفيذ ،والقدر الذي يرى أنه منتج في تحقيق
()vi
عينا.
غايتها ،وهي إخضاع المدين وحمله على أن يقوم بتنفيذ التزامه ً
مبلغا للغرامة
ً فسلطة القاضي في هذا الجانب واسعة ًّ
جدا ،فقد يحدد القاضي
التهديدية ال يتناسب والضرر ،بل وقد ال يشترط وجود الضرر أصالً ،وأكثر من ذلك فإنه
يجوز للقاضي إن تبين له أن المبلغ المحكوم له كغرامة تهديدية غير كاف لحمل المدين
على التنفيذ أن يرفع من قيمته متى طلب الدائن ذلك ،وكل هذا بغية الضغط على المدين
واجباره على التنفيذ العيني ،وهو ما يجعل الغرامة التهيدية ذات طابع تهديدي.
4
)3الغرامة التهديدية ذات طابع مؤقت.
الحكم بالغرامة التهديدية ال يكون إذا أوفى المدين بالتزامه ،ومنه فإذا تبين المدين من
موقفه أنه مصر على التخلف في التنفيذ ،فإن القاضي سيقوم بتصفية الغرامة التهديدية ،فهي
وصفا مؤقتا مصيره الزوال.
ً ليست إالّ
وفي األخير انطالًقا من هذه المميزات سنبحث في التفرقة بين الغرامة التهديدية
وبعض النظم القانونية المشابهة األخرى.
إذا اعتبرنا الغرامة التهديدية مجرد عقوبة مثلما ذهب إليه مجلس الدولة فال بد وبكل
بساطة معرفة النص الجنائي الذي كرسها والنص الذي الذي جرم األفعال التي ترتبط بها،
استنادا إلى المبدأ المنصوص عليه في قانون العقوبات ،والذي ينص على أنه «ال
ً وهذا
عقوبة وال جريمة إالّ بنص».
وعموما:
ً
إن العقوبة نهائية ويجب تنفيذها كما نطق بها ،أما الغرامة التهديدية فهي ذات طابع
وقتي وال تنفذ إالّ عندما تتحول إلى تعويض نهائي مرتبط بفكرة الخطأ القاضي لمقدار
()viii
التعويض.
ثانيا :التمييز بين الغرامة والتعويض.
5
تختلف الغرامة التهديدية عن التعويض من حيث الغرض ،ومن حيث التقدير ،وذلك
على النحو التالي:
أ -فمن حيث الغرض:
إذا كان الغرض من التعويض هو جبر الضرر واصالحه ،فإن الغرامة التهديدية
تهدف إلى جبر المدين على التنفيذ العيني.
ب -أما من حيث تقدير القيمة:
فإن القاضي عند تقديره للتعويض مقيد بالقواعد القانونية التي تلزمه أن يراعي ما فات
الدائن من كسب وما لحقه من خسارة ،إالّ أنه وعلى العكس من ذلك فإنه عند تقدير الغرامة
التهديدية ال يأخذ بالحسبان عنصر الضرر ،وانما تقديره يتعلق بإمكانية حمل المبلغ المحكوم
به للمدين نحو التنفيذ العيني ،والقضاء على تعنته.
واذا لم تكن الغرامة التهديدية عقوبة وال تعويضا ،فما هي إذن طبيعتها؟
6
وقانون اإلجراءات المدنية واإلدارية ،فطبقا لنص المادة 343من قانون اإلجراءات
المدنية والمادة 181والمادة 187أن دعوى الغرامة التهديدية هي حق لحل محكوم له تجاه
المحكوم عليه عندما يمتنع هذا األخير عن تنفيذ التزامه أو يخالفه.
بعد تسمية الدعوى قام المشرع بمنح الجهات القضائية اختصاص الفصل فيها وذلك
بموجب المادة 471من قانون اإلجراءات المدنية التي تجيز لجهات القضاء النطق بتهديدات
مالية في حدود اختصاصها وتقوم بمراجعتها وتصفية قيمتها وتناولتها المواد من 183
إلى 185من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية.
ونظ ار لفعالية وسيلة الغرامة التهديدية في الحصول على تنفيذ المقررات ،ونظ ار لكون
التأسيس القانوني لدعاوي الغرامة التهديدية يستند إلى وجود مقررات قضائية إدارية تنفيذية
خول المشرع من خالل قانون اإلجراءات المدنية لقاضي األمورتتجلى بالمصداقيةّ ،
المستعجلة اختصاص الفصل في الدعاوى الخاصة بها وذلك بموجب المادة 471الفقرة
الثانية ،مع أنه لم يكن للقاضي االستعجالي تصفية الغرامة التهديدية المقررة بل منح هذا
االختصاص إلى قاضي الموضوع بسبب أن األوامر المستعجلة التي يشترط فيها عدم
المساس بأصل الحق وهذا ما كان محل اختالف من خالل المادة 183من قانون اإلجراءات
المدنية واإلدارية ،حيث تناولت هذه المادة األخيرة أن في حالة عدم التنفيذ الكلي أو الجزئي
للمقرر أو التأخر في التنفيذ فتقوم الجهة القضائية اإلدارية بتصفية الغرامة التهديدية التي
أمرت بها ،فقد تكون الجهة القضائية اإلدارية التي حكمت بها القضاء االستعجالي اإلداري،
وحسب المادة هي التي تقوم بتصفية الغرامة التهديدية وهذا فيه مساس بأصل الحق ويخرج
عن طبيعة األوامر االستعجالية.
7
ثانيا :الغرامة التهديدية وسيلة اإلجبار على التنفيذ.
أدرج المشرع الجزائري من خالل قانون اإلجراءات المدنية نص المادة 343تحت
باب بعنوان "التنفيذ الجبري ألحكام المحاكم والمجالس القضائية والعقود الرسمية" باإلضافة
إلى أن المادة 183من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية تحت باب بعنوان "في تنفيذ أحكام
الجهات القضائية اإلدارية" ،وعليه فإن الغرامة التهديدية هي وسيلة من وسائل التنفيذ
المباشر ،لكن في مقابل ذلك فهي مجرد إكراه مالي يهدف للضغط على المحكوم عليه
الممتنع عن التنفيذ قصد إرغامه على التنفيذ وال يمكن أن ترقى أو تحل محل الوسائل
المباشرة للتنفيذ مثل إعطاء شيء وعليه
يمكن استنتاج أن الغرامة التهديدية ليست جزاء أو ال عقوبة وانما هي وسيلة من وسائل
التنفيذ المباشر.
وعليه مما سبق ذكره فإن الق اررات أو أحكام االلتزام دون سواها يمكن أن تكون محال
للتنفيذ بواسطة الغرامة التهديدية ،بدليل أحكام المادة ( )174من القانون المدني والتي نصت
على أنه يجوز للدائن أن يحصل على حكم بإلزام المدين بالتنفيذ ويدفع هذا األخير غرامة
إجبارية إن امتنع عن ذلك.
8
ثانيا :من حيث نوع االلتزام.
اما هي النوع الوحيد الذي
كما سبق وأن ذكرنا فإن األحكام والق اررات التي تتضمن إلز ً
يمكن أن يكون محال للتنفيذ بواسطة الغرامة التهديدية ،لكن السؤال المطروح أي نوع من
االلتزامات يمكن أن يكون محال للتنفيذ بواسطة الغرامة التهديدية؟
لإلجابة على هذا السؤال يستدعي األمر التطرق للصور المختلفة لاللتزام ،حتى
نتمكن في النهاية إلى حصر االلتزامات التي يمكن تنفيذها عن طريق الغرامة التهديدية.
أ -صور االلتزام:
تعرض الفقه إلى تعريف االلتزام بأنه« :حالة قانونية يرتبط بمقتضاها شخص معين
()xi
بالقيام بعمل أو االمتناع عن عمل».
استنادا إلى التعريف السالف الذكر وكذا نص المادة ( )54من القانون المدني ،يمكن
القول أن هناك ثالث صور من االلتزام هي:
-1االلتزام بإعطاء شيء:
يلتزم المدين بإعطاء شيء عن طريق القيام بعمل معين يتمثل في إنشاء حق عيني
أو نقل حق عيني وارد على شيء ،إذن هو االلتزام بعمل يتعلق بشيء وقد يكون هذا الشيء
منقوال أو عقا ار.
-2االلتزام بعمل:
هذا االلتزام يأخذ عدة صور ،وهذا التعدد يرجع إلى اختالف الطريقة التي يتم بها
()xii
فقد يكون محل هذا االلتزام المحافظة على التنفيذ العيني لمثل هذا النوع من االلتزام،
الشيء أو إدارة الشيء ،وقد يكون محله إنجاز عمل معين وفي هذه الحالة فإن تنفيذ االلتزام
قد يستدعي التدخل الشخصي للمدين أو العكس.
1
-3االلتزام باالمتناع عن عمل:
يتعهد بمقتضاه المدين بعدم القيام بعمل معين ،كالتزام هيئة إدارية بعدم إقامة مشروع
في أرض للخواص ،ألن إقامته ستؤدي إلى إلحاق ضرر بأمالكهم الخاصة ،فطالما لم تقم
هذه الهيئة بإنجاز هذا المشروع تكون قد نفذت التزامها تنفيذا عينيا.
وبالتالي يدخل ضمن نطاق التنفيذ بواسطة الغرامة التهديدية االلتزام بعمل أو االمتناع
عن العمل متى كان التنفيذ العيني متوقفا على التدخل الشخصي للمدين واال كان مستحيال
أو غير مالئم.
المبحث الثاني :الحكم بالغرامة التهديدية وتطبيقها.
بعد أن تطرقنا إلى تحديد نوع الق اررات وااللتزامات التي يمكن تنفيذها بواسطة الغرامة
التهديدية ،سنتطرق إلى تبيان الحكم بالغرامة التهديدية (المطلب األول) ثم نبين مسألة تطبيق
الغرامة على األشخاص المعنوية العامة التي عرفت نقاشا فقهيا وقضائيا حادا(المطلب
الثاني).
المطلب األول :الحكم بالغرامة التهديدية.
الحكم بالغرامة التهديدية يتحدد بالنظام اإلجرائي العام للغرامة التهديدية ومدى سلطة
القاضي عند الحكم بالغرامة التهديدية.
13
الفرع األول :النظام اإلجرائي العام للغرامة التهديدية.
ُحدد النظام اإلجرائي العام للغرامة التهديدية بالجهة القضائية المختصة في توقيع
الغرامة التهديدية ،وكذا الشروط الواجب توافرها وتحقيقها.
أوال :الجهة القضائية المختصة في توقيع الغرامة التهديدية.
يعتبر تحديد الجهة القضائية المختصة بالفصل في الغرامة التهديدية مسالة إجرائية،
تتطلب البحث في القواعد اإلجرائية المنصوص عليها في قانون اإلجراءات المدنية وكذا
قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية ،ففي قانون اإلجراءات المدنية نجد المادة 471بفقرتيها
وفي قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية من المادة 183إلى 187منه جاءت بالجهة
وهذا يعني أن الجهة القضائية المختصة بالفصل في الغرامة القضائية دون تحديد،
التهديدية في القانونين هي القضاء اإلداري وكذا القضاء االستعجالي اإلداري.
أ -اختصاص القضاء اإلداري في توقيع الغرامة التهديدية:
تختص المحاكم اإلدارية في جميع الدعاوى التي تكون الدولة ،الوالية أو البلدية أو
إحدى المؤسسات العمومية ذات الصبغة اإلدارية ( المادة 833و المادة ) 831من قانون
اإلجراءت المدنية واإلدارية.
تبعا لذلك فإن الغرفة اإلدارية على مستوى المجلس القضائي تختص بالفصل في المنازعات
ذات الطابع اإلداري ،وذلك إلى حين التنصيب الفعلي للمحاكم اإلدارية.
واذا كانت مسالة توقيع الغرامة التهديدية على األفراد ال تثير إشكاال بغض النظر
عن الجهة التي قضت بها ،فإن مسالة تحديد الجهة القضائية اإلدارية المختصة بالفصل في
الغرامة التهديدية من خالل قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية لم يكن دقيقا حيث أن المشرع
الجزائري في المادتين 178و 171من نفس القانون استعمل مصطلح الحكم والقرار ،
وانطالقا من هذا فإنه يمكن لمجلس الدولة باعتباره مصدر القرار ،ويمكن للمحكمة اإلدارية
باعتبارها مصدرة الحكم أن تقوم بتوقيع الغرامة التهديدية.
كما سمح المشرع الجزائري في نفس القانون للقاضي االستعجالي بتوقيع الغرامة
التهديدية لضمان تنفيذ األوامر االستعجالية الصادرة عنه ( المادة 121الفقرة )31
للبمحافظة على الحريات األساسية المنتهكة من األشخاص معنوية أثناء ممارسة سلطاتها (
المادة 123الفقرة . )31
ب -اختصاص قضاء االستعجال في توقيع الغرامة التهديدية:
11
إن مسألة اختصاص القضاء االستعجالي بتوقيع الغرامة التهديدية من المسائل التي
عرفت نقاشا حادا على المستوى الفقهي بين الرافضين لمنح هذا االختصاص وبين المطالبين
بمنحه ،غير أن المشكل ال يطرح في القانون الجزائري ألن المشرع حسم األمر ،بإعطائه
صراحة االختصاص بتوقيع الغرامة التهديدية لقاضي األمور المستعجلة في المادة 471
()xiii
وفقا للمواد 183و 181و 183و 184و185 الفقرة الثانية من قانون اإلجراءات المدنية،
و 187من قانون اإلجراءات المدنية اإلدارية.
ومن بين التبريرات التي قدمها الفقه الختصاص قاضي االستعجال في توقيع الغرامة
التهديدية والتي كانت بمثابة الرد على االنتقادات التي وجهها الرافضون لمنحه إياها:
-1إن قاضي االستعجال بإصداره للغرامة التهديدية يضمن بذلك تنفيذ األوامر الوقتية التي
يصدرها خاصة وأن الغرامة التهديدية من أهم مميزاتها أن لها الطابع الوقتي ،فالهدف منها
هو تسريع إجراءات التنفيذ.
-2أعطى المشرع االختصاص للقاضي االستعجالي في توقيع الغرامة التهديدية ،على أن
يتم تصفيتها ومراجعتها أمام قضاة الموضوع ،كما أن األحكام الصادرة عن القاضي
االستعجالي نفسها لها طابع وقتي تحتاج البت فيها من قاضي الموضوع مما يقع معه عدم
استبعاد اختصاص القاضي االستعجالي في إصدار وتوقيع الغرامة التهديدية ليضمن بها
تنفيذ أوامره.
طرح تساؤل عما إذا كان اختصاص القاضي االستعجالي في إصدار الغرامة وي َ
ُ
التهديدية مناطا بضمان تنفيذ األوامر المستعجلة الصادرة عنه في إطار الدعوى االستعجالية
أم أنه يمكن له أن يوقع الغرامة التهديدية لضمان تنفيذ األحكام والق اررات الصادرة عن قضاة
الموضوع أيضا؟
لم تحدد المادة 471الفقرة الثانية من قانون اإلجراءات المدنية ما إذا كان اختصاص
القاضي االستعجالي اإلداري يقتصر فقط على إصدار الغرامة التهديدية لضمان تنفيذ
األوامر االستعجالية الصادرة عنه أم أيضا بالنسبة لألحكام والق اررات الصادرة عن قضاة
الموضوع.
12
أما من خالل قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية فالمشرع سمح إذا طلب من القاضي
االستعجالي توقيع الغرامة التهديدية لضمان تنفيذ األوامر االستعجالية الصادرة عنه أو
األحكام والق اررات الصادرة عن قضاة الموضوع ألن وردت "الجهة القضائية المطلوب منها
ذلك" ،أي بمجرد الطلب لها توقيع الغرامة التهديدية" وليس الجهة القضائية أصدرت الحكم
أو القرار أو األوامر ويطلب منها" ،وبالتالي فيمكن ذلك.
إن اختصاص القاضي االستعجالي استناد إلى نص 471الفقرة الثانية من قانون اإلجراءات
المدنية والمواد 187 ،185 ،184 ،183 ،181 ،183الفقرة الثانية من قانون اإلجراءات
المدنية واإلدارية وليس على أساس البد من توافر عنصر االستعجال حسب ما تقتضيه
المادة 183من قانون اإلجراءات المدنية والمادة 124من قانون اإلجراءات المدينة اإلدارية،
وهذا ما جاء في قرار صادر عن المحكمة العليا حيث استندت فيه إلى المادة 471من
()xiv
قانون اإلجراءات المدنية وليس المادة 183من نفس القانون.
ثانيا:شروط الحكم بالغرامة التهديدية.
منح المشرع الجزائري القاضي سلطة توقيع الغرامة التهديدية قصد ضمان تنفيذ
المقررات القضائية اإلدارية التي أحاطها بجملة من الشروط وهي:
أ -طلب المحكوم له توقيع الغرامة التهديدية.
ب -رفض اإلداري تنفيذ االلتزام الواقع على عاتقها من المقرر القضائي اإلداري.
جـ -احترام اآلجال في طلب توقيع الغرامة التهديدية.
د -مضمون المقرر القضائي اإلداري بالقيام بعمل أو االمتناع عن العمل.
13
ولم يقف المشرع عند هذا الحد بل أصدر قانون 125لسنة 1115المؤرخ في 38
فيفري 1115واعترف لمحاكم القضاء اإلداري بمجلس الدولة ،ومحاكم االستئناف اإلدارية
والمحاكم اإلدارية بسلطة توجيه أوامر لإلدارة بفرض الغرامة التهديدية.
الميعاد بالنسبة لتقديم طلب الغرامة التهديدية إلى مجلس الدولة ،هو 6أشهر أي أن
طلب الغرامة ال يجوز تقديمه إال بعد 6أشهر من تاريخ تبليغ القرار المطلوب تنفيذه ،أما
بالنسبة للطلبات التي تقدم إلى المحاكم اإلدارية ومحاكم االستئناف اإلدارية فهو 3أشهر،
وبالتالي فإن القاعدة العامة هي ضرورة انقضاء مدة معينة بعد إعالن الحكم أو القرار ،قبل
رفع دعوى الغرامة التهديدية في حالة عدم تنفيذ الحكم أو القرار ،واالستثناء هو عدم تطلب
انقضاء أي مدة بعد إعالن الحكم أو القرار وهذا الوضع يكون بالنسبة لألحكام التي تأمر
فالحكمة من اعتراف المشرع بإمكانية رفع الغرامة التهديدية دون باتخاذ إجراءات عاجلة
انتظار انقضاء األجال بالنسبة لهذه األحكام أو الق اررات هي أنها ال تحتمل أي تأخير في
()xv
تنفيذها أي أن الطلبات أمام القضاء االستعجالي ال تتقيد بمهلة محددة
لم يحدد المشرع الجزائري في قانون اإلجراءات المدنية أجاال معينة لكن في المادتين
187و 188من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية حدد آجال كالتالي:
-1انقضاء 3أشهر عند رفض اإلدارة بعد تبليغها رسميا للقرار القضائي اإلداري.
14
-2في حالة تحديد الجهة القضائية اإلدارية في حكمها محل التنفيذ أجال لإلدارة
للتنفيذ فال يجوز تقديم طلب الحكم بالغرامة التهديدية إال بانقضاء هذا األجل.
-3في حالة تقديم تظلم إلى اإلدارة ورفض هذه األخيرة للتظلم فيبدأ عندها حساب
أجل الثالثة أشهر.
ال يعتد القاضي بالضرر الحاصل للمحكوم له ألنه قد ال يوجد ضرر ومع ذلك يحكم
بالغرامة التهديدية ،فالقاضي يراعي عندئذ مبلغ الغرامة خطورة ما يترتب من عدم التنفيذ من
15
نتائج وكذا ُيسر المحكوم عليه وقدرته المالية ومدى كفايته للتغلب على تعنت اإلدارة من
التنفيذ )xvii(.لكن تقابل ذلك أنه ال يجوز تنفيذ الجهة القضائية أن تحكم بأكثر مما طلبه
الخصوم.
لم يحدد سريان الغرامة التهديدية في قانون اإلجراءات المدنية ولذا هناك من يحدد
بدايتها من تاريخ تبليغ المقرر القضائي اإلداري وهناك من يحددها بشهر بعد تبليغ أو حتى
()xviii
بشهرين من التبليغ.
()xix
هناك قرار للمحكمة العليا يقضي أن يكون مبدأ السريان في تاريخ النطق بالحكم
أما قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية فقد قررت المادة 183منه أنه عند األمر بالغرامة
التهديدية البد من تحديد تاريخ سريان مفعولها ،أما عن مدة سريان الغرامة التهديدية فاألصل
أن القاضي يترك المدة مفتوحة إلى غاية التنفيذ إال أن هذا ال يعني أن القاضي ال يستطيع
أن يحدد مدة معينة ل لغرامة التهديدية وله كامل السلطة في تقرير المدة وهذا ما أتت به
()xx
المحكمة العليا في قرارها.
عليه فإن تحديد مدة الغرامة التهديدية يتنافى والطابع التهديدي لها إذ أن هذا قد
يجعل اإلدارة على علم بالمبالغ التي سيحكم بها عليها بداية فال تحقق الغرامة التهديدية
الغاية منها وفي إجبارها على التنفيذ ثم صدر قرار المحكمة العليا الذي قرر أن تحدد مدة
()xxi
سريان الغرامة التهديدية هو مخالفة للقانون.
إذن القاضي له كامل الحرية في تقدير قيمة الغرامة وبدء سريانها ،وكذلك للقاضي
سلطة تخفيض الغرامة التهديدية والغائها وذلك عند الضرورة مثال إذا تبين أن عدم تنفيذ
االلتزام العيني يعود ألسباب خارجة عن إرادة فإن األمر بتوقيع الغرامة التهديدية يعد خطأ
في تطبيق القانون ويستدعي عندئذ إلغاء الغرامة التهديدية تطبيقا لما جاء في المادة 184
من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية باإلضافة إلى ذلك له السلطة في عدم دفع الغرامة
التهديدية إلى المحكوم له ودفعها إلى الخزينة العمومية وذلك شرط إذا تجاوزت قيمة الضرر
والتي تناولتها المادة 185من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية.
16
ثانيا :تكييف الفصل في النزاع.
ال يعني توافر شروط الغرامة التهديدية أن القاضي مجبر على توقيعها إنما له
السلطة التقديرية في توقيع الغرامة أو برفض توقيعها ،ولهذا فكيف يكون تكييف الحكم الذي
يوقع الغرامة التهديدية وتكييف الحكم الذي يرفض توقيع الغرامة التهديدية.
17
هكذا الحكم بالغرامة التهديدية له خصائص تميزه عن غيره من األحكام ،فهو إذن
حكم من نوع خاص .
فمتى كان الرفض مبنيا على عدم توافر أحد شروط الحكم بالغرامة التهديدية مثل:
صيرورة تنفيذ االلتزام عينا أصبح مستحيال ألي سبب من األسباب ،أو أن تنفيذ االلتزام ال
يتطلب التدخل الشخصي للمحكوم عليه ،فالحكم في مثل هذه الحاالت حكم قطعي
موضوعي يحوز الحجية وال يجوز تجديد الطلب فيه بنفس الموضوع.
أما إذا كان الرفض يدخل في إطار السلطة التقديرية للقاضي كمنح أجل أو مهلة
للمحكوم عليه ليتمكن من التنفيذ -ومن ثمة ال تكون الحاجة إلى تهديده -فإن الحكم في مثل
هذه الحالة يعد حكما وقتيا يجوز للمحكوم له تجديد طلبه إذا تغيرت الظروف.
المطلب الثاني :تطبيق الغرامة التهديدية على األشخاص المعنوية العامة.
نبحث تطبيق الغرامة التهديدية في ظل تطبيق األمر ( )154/66المؤرخ في 38
جويلية 1166المتضمن قانون اإلجراءات المدنية ،وهل تدارك المشرع الموقف وأزال هذا
اللبس بموجب القانون ( )31/38المؤرخ في 25فيفري 2338؟
الفرع األول :موقف القضاء في ظل األمر (.)151/66
تنص المادة ( )471من قانون اإلجراءات المدنية على أنه« :يجوز للجهات القضائية بناء
على طلب الخصوم أن تصدر أحكاما بتهديدات مالية» ،يتضح وأن هذا النص قد جاء
عاما .وهذا ما أضفى عليه نوعا من الغموض وأثار إشكاال حول تطبيق
الغرامة التهديدية على الشخص المعنوي العام ،وأمام هذا الغموض علينا البحث عن
التطبيقات القضائية المتعلقة بهذه المسألة.
وفي هذا اإلطار فقد صدرت اجتهادات قضائية أهمها القرار الصادر عن مجلس
الدولة( )xxiiiوالذي قضى بأنه ال يجوز للقاضي اإلداري النطق بالغرامة التهديدية ،مستندا في
ذلك إلى أنه ال يوجد قانون يرخص صراحة بها ،إالّ أن هذا الموقف مردود عليه بما جاء في
نص المادة ( )471المذكور أعاله التي تمنح االختصاص بالحكم بالغرامة التهديدية إلى
الجهات القضائية دون تخصيص وجهات القضاء اإلداري هي إحدى أهم هذه الجهات
إضافة إلى أن هذه المادة جاءت ضمن األحكام العامة في قانون اإلجراءات المدنية ،ونحن
نعلم أن األحكام العامة تتعلق بالتقاضي أمام القضاء اإلداري والعادي على حد سواء.
18
كذلك عند البحث في المنظومة التشريعية نجد المادة ( )88الفقرة 11من القانون
( )23/15المؤرخ في 17جويلية 1115المتعلق بمجلس المحاسبة ،والتي نصت صراحة
على أنه يمكن إلزام الدولة والجماعات اإلقليمية أو الهيئات العمومية بدفع غرامة تهديدية أو
تعويضات مالية نتيجة التنفيذ الكلي أو الجزئي أو بصفة متأخرة ألحكام القضاء.
أما عن قرار المحكمة العليا ( )xxivوالذي جاء ضمن حيثياته« :حيث المبادئ العامة
والتشريع الحالي واالجتهاد القضائي ال يجوز للهيئة القضائية أيا كانت طبيعتها الحكم
بالغرامة التهديدية ضد المؤسسات ذات الطابع العمومي مثل الدولة أو المجموعات المحلية
أو الهيئة اإلدارية».
فيظهر جليا من حيثيات هذا القرار أنه يرفض توقيع الغرامة التهديدية ضد اإلدارة في
جميع األحوال سواء كان ذلك أمام القضاء اإلداري أو العادي ،غير أن التأسيس الذي بنى
عليه القرار يستند إلى المبادئ العامة والتشريع واالجتهاد القضائي ولكنه لم يبينها.
واذا كان يقصد بالمبادئ العامة واالجتهاد القضائي الوارد ذكرها في القرار «مبدأ الحظر
على القاضي توجيه األوامر لإلدارة» وبالتالي فهو ال يستطيع أن يلزمها بالقيام بعمل أو
االمتناع عنه ،وهو االجتهاد الذي ظهر في فرنسا وتبناه القضاء الجزائري نقال عنه ،وان كان
ال يوجد ما يمنع تغيير هذه النظرة خاصة وأن القانون اإلداري ذو مصدر
قضائي بالدرجة األولى ،ومن أهم خصائصه أيضا أنه قانون متطور فهل واكب
المشرع هذا التطور بإصداره للقانون ( )31/38المتضمن قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية؟
11
كما يمكن أن نضيف إليها حالة الغلق اإلداري عند مخالفته للنصوص القانونية التي
أجازته والذي جعله المشرع في مثل هذه األوضاع عمال غير مشروع شأنه شأن االعتداء
المادي واالستيالء ،ففي مثل هذه الحاالت فإن منع توجيه األوامر ضد اإلدارة أصبح أمر
مفروغا منه ،ألنها تعبر عن تعسف واضح ألن اإلدارة التي تتجاوز حدود الصالحيات
الشرعية تنتهك الحريات والحقوق مما يبرر أن يحكم عليها القاضي بالقيام بعمل أو االمتناع
عنه ،وبالتالي فإنه من المنطقي تطبيق الغرامة التهديدية ضد اإلدارة فيها )xxvii( ،إذ ما الفائدة
()1
من توجيه األوامر إذا لم يكن للمتقاضي والقاضي إرغام اإلدارة على تنفيذها؟
وهو األمر الذي تم تأكيده ضمن القانون ( )31/38المتعلق بقانون اإلجراءات المدنية
واإلدارية ،إذ تم النص صراحة على جواز الحكم بالغرامة التهديدية من طرف القاضي
اإلداري عندما يتعلق األمر بإلزام أحد األشخاص المعنوية العامة أو أي هيئة إدارية باتخاذ
تدابير تنفيذية معينة.
وهذا ما جاءت به المواد من ( )178إلى المادة ( )186من قانون اإلجراءات المدنية
واإلدارية ضمن الباب السادس المتعلق بتنفيذ أحكام الجهات القضائية اإلدارية.
الفعلية والحقيقة .كما يتضح لنا أن المشرع قد أزال الغموض الذي كان يكتنف هذه
المسالة.
خاتمة:
إن موضوع الغرامة التهديدية كما يبدو أوسع مما يمكن تصوره ،األمر الذي يجعل
مسألة اإلحاطة به وبكل جوانبه صعب التحقيق ،لذلك تم التركيز في هذا المقال على بعض
القرر القضائي اإلداري بخصائص
النقاط وذلك من أجل تبيان أن المشرع الجزائري قد خص ا
وضمانات جعلته يتمتع بالقوة التنفيذية ،وخاصة مع صدور قانون اإلجراءات المدنية
واإلدارية الذي فسح المجال للقاضي اإلداري في إمكانية توجيه األوامر لإلدارة بفرض الغرامة
التهديدية ،وهي خطوة جيدة خطاه المشرع الجزائري إلجبار اإلدارة على التنفيذ.
23
إن إصدار المشرع الجزائر لقانون 31 / 38المتعلق بقانون اإلجراءات المدنية
واإلدارية ،والتأكيد صراحة على جواز الحكم بالغرامة التهديدية من طرف القاضي اإلداري
عندما يتعلق األمر بإلزام أحد األشخاص المعنوية العامة في حالة االمتناع عن تنفيذ
الق اررات القضائية له من األهمية بالقدر الذي يبين لنا الخطوة الجيدة والجديدة لتحقيق الهدف
الذي وضع من اجله القاضي اإلداري لحماية الحقوق والحريات بالصورة الفعلية والحقيقة.
كما يتضح لنا أن المشرع قد أزال الغموض الذي كان يكتنف هذه المسالة.
الهوامش
)1بالل علي العدوي :أصول أحكام االلتزام واإلثبات ،منشأة المعارف اإلسكندرية،1166 ،
ص.81
21
)2عبد الرزاق السنهوري :الوسيط في القانون المدني ،الجزء الثاني ،الطبعة الثانية ،دار
النهضة العربية للنشر ،مصر ،1182 ،ص.1357
)3منصور دمحم أحمد :الغرامة التهديدية كجزاء لعدم تنفيذ أحكام القضاء اإلداري ،دار
الجامعة الجديدة للنشر ،مصر ،2332ص.15
)4قرار مجلس الدولة الصادر بتاريخ /8أفريل 2333/رقم 14181عن الغرفة الخامسة،
قضية (ك،م) ضد و ازرة التربية.
)6عبد الرزاق السنهوري :الوسيط في شرح القانون المدني الجديد ،نظرية االلتزام بوجه عام،
منشورات الحلبي ،الطبعة الثالثة ،2335 ،بيروت ،لبنان ،ص.813
)7قرار مجلس الدولة الصادر بتاريخ /8أفريل 2333/رقم 14181عن الغرفة الخامسة،
قضية (ك،م) ضد و ازرة التربية ،مرجع سابق.
)8أنور سلطان :النظرية العامة لاللتزام ،أحكام االلتزام ،دار المطبوعات الجامعية،
اإلسكندرية ،1117 ،ص.165
)1غناي رمضان :موقف مجلس الدولة من الغرامة التهديدية ،مجلة مجلس الدولة ،العدد
.2333 ،34
ا
22
23
24