You are on page 1of 24

‫الغرامـة التهديديـة في القـانون الجـزائري‬

‫ذبيح زهيرة‬.‫أ‬
‫كلية الحقوق‬
‫جامعة المدية‬

Résumé
Le différent de la doctrine et la jurisprudence sur la définition de
l’astreinte , a entraine une confusion entre cette dernière et la notion de
sanction et indemnisation .
Cependant et malgré les similitudes entre ces termes et l’astreinte, on
ne peut pas négliger les nombreux points de différence qui existe et qui a
résolu le problème de cette confusion.
Le législateur algérien , à travers le code de procédure civile et
administrative inclus l’astreinte sous la rubrique « de l’exécution des
décisions rendues par les juridiction administratives» et considéré celle-ci
comme une juste contrainte financière qui vise à mettre la pression sur le
condamné qui a refusé l’exécution afin de le forcer à le faire .
Grâce à la position du législateur algérien de l’astreinte , on peut
constater le l’élargissement du pouvoir du juge administratif qui , grâce a
cette élargissement atteint un stade jusqu'à donner des commandes
directes à l’administration dans tous les cas d’atteinte matériel et saisie
illégal.

‫الملخص‬
‫اختالف الفقه و القضـاء في تعريف الغرامة التهديدية دفع بالبعض إلى الخلط بينها و بين‬
. ‫مصطلح العقوبة و التعويض‬
1
‫عموما مهما توافرت نقاط التشابه بين هذه المصطلحات و مصطلح الغرامة التهديدية ‪،‬‬
‫فإن نقاط االختالف بينهما كثيرة و هي التي حسمت أمر الخلط بينهما‪.‬‬
‫المشرع الجزائري من خالل قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية أدرج الغرامة التهديدية‬
‫تحت عنوان " تنفيذ أحكام الجهات القضائية اإلدارية " ومنه اعتبرها مجرد اكراه مالي‬
‫يهدف الضغط على المحكوم عليه الممتنع عن التنفيذ قصد إرغامه على التنفيذ‪.‬‬
‫من خالل موقف المشرع الجزائري من الغرامة التهديدية ‪ ،‬فإننا نستشف توسع صالحية‬
‫القاضي اإلداري التي أخذت طريق التوسع ‪ ،‬حيث وصلت إلى توجيه القاضي اإلداري أوامر‬
‫لإلدارة في كل حالة من حاالت االعتداء المادي و االستيالء غير الشرعي‬
‫مقــدمــة‪:‬‬
‫غالبا ما كانت اإلدارة ترضخ أمام األحكام القضائية الصادرة ضدها‪ ،‬ولكنه ظل من‬
‫الممكن رؤية كثير من حاالت عد التنفيذ وذلك نظ ار لتمتعها بالسلطات االستثنائية‪.‬‬
‫أمام تعنت اإلدارة وتعسفها تم البحث عن وسيلة لضمان احترام األحكام القضائية‬
‫والعمل على تنفيذها‪.‬‬
‫المشرع الفرنسي‪ ،‬وحرصا منه على ضمان تنفيذ أحكام القضاء اإلداري الصادرة ضد‬
‫اإلدارة ابتكر أسلوب الغرامة التهديدية ومنح سلطة توقيعها إلى القضاء اإلداري ‪.‬‬
‫إذا كان المشرع الفرنسي قد اعترف بتطبيق الغرامة التهديدية في مواجهة األشخاص‬
‫العامة الرافضة لتنفيذ األحكام القضائية‪.‬‬
‫فما هو موقف المشرع الجزائري من توقيع الغرامة التهديدية ضد األشخاص‬
‫المعنوية العامة الرافضة لتنفيذ األحكام القضائية ؟‬
‫من أجل اإلجابة على هاته اإلشكالية ارتأيت تقسيم هذا المقال إلى مبحثين‪ :‬األول‬
‫أحدد فيه الطابع العام لمفهوم الغرامة التهديدية ‪ ،‬والثاني أحدد فيه الحكم وتطبيق الغرامة‬
‫التهديدية ‪.‬‬
‫‪.‬المبحث األول‪ :‬الطابع العام لمفهوم الغرامة التهديدية‪.‬‬
‫يقتضي تحديد مفهوم الغرامة التهديدية تعريفها واستخراج أهم مميزاتها‪ ،‬واستكماالً‬
‫لمفهومها يجب تميزها عن بعض النظم والمفاهيم المشابهة (المطلب األول) إلزالة كل لبس‬
‫أو غموض قد يؤدي إلى الخلط‪ ،‬وقد أدى هذا الخلط واللبس بين الغرامة التهديدية وغيرها‬
‫من األنظمة المشابهة إلى إعطائها من قبل الفقه طبيعة تختلف عن طبيعتها الحقيقية‪ ،‬ولذلك‬

‫‪2‬‬
‫سوف نحدد طبيعتها القانونية الحقيقية وذلك في التشريع الجزائري ومجال تطبيقها (المطلب‬
‫الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تعريف الغرامة التهديدية ومميزاتها‪.‬‬


‫لم يقدم المشرع بصفة عامة والمشرع الجزائري تعر ًيفا قانونيا للغرامة التهديدية سء‬
‫في قانون اإلجراءات المدنية أو في قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬لذلك يستوجب الرجوع‬
‫إلى الفقه والقضاء لتحديده‪ ،‬وانطالقا منه نستخرج أهم مميزاتها (الفرع األول)‪ ،‬ثم نبحث في‬
‫التفرقة بينها وبين النظم القانونية المشابهة (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تعريف الغرامة التهديدية‪.‬‬


‫اختلف تعريف الغرامة التهديدية بين الفقه (الفقرة األولى)‪ ،‬والقضاء (الفقرة الثانية)‬
‫أوال‪ :‬التعريف الفقهي‪:‬‬
‫وجدت عدة تعريفات فقهية من بينها‪:‬‬
‫« الغرامة التهديدية هي مبلغ من المال يحكم القاضي على المدين بدفعه عن كل يوم‬
‫أو أسبوع أو أشهر أو أي وحدة زمنية أخرى يمتنع فيها المدين عن التنفيذ العيني الذي حكم‬
‫(‪)i‬‬
‫به مقترنا بتلك الغرامة»‪.‬‬
‫ويعرفها السنهوري بأنها ‪ « :‬وسيلة إلكراه المدين وحمله على تنفيذ االلتزام الواقع على‬
‫عاتقه عينا من طالبه الدائن‪ ،‬وصورتها أن يلزم القضاء المدين بتنفيذ االلتزام بعمل أو امتناع‬
‫عن عمل أيا كان مصدره‪ ،‬ويمهله لذلك مدة زمنية فإذا تأخر عن الوفاء ألزمه بدفع غرامة‬
‫عن كل يوم أو أسبوع أو أشهر أو وحدة زمنية بعينها‪ ،‬وذلك متى كان التنفيذ العيني ما زال‬
‫(‪)ii‬‬
‫شخصيا»‪.‬‬
‫ً‬ ‫ممكنا ويقتضي لذلك تدخل المدين‬
‫أما منصور دمحم احمد فيرى بأنها ‪ «:‬عقوبة مالية تبعية تحدد بصفة عامة عن كل‬
‫يوم تأخير ويصدرها القاضي بقصد ضمان تنفيذ حكمه أو حتى بقصد ضمان تنفيذ أي‬
‫(‪)iii‬‬
‫إجراء من إجراءات التحقيق»‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬التعريف القضائي‪:‬‬
‫(‪(iv‬‬
‫يتضمن قرار صادر عن مجلس الدولة مايلي‪:‬‬
‫«حيث أنه وفي األخير‪ ،‬وبما أن الغرامة التهديدية التزام ينطق القاضي به كعقوبة‬
‫فإنه ينبغي أن يطبق عليها مبدأ قانونية الجرائم والعقوبات وبالتالي يجب سنها بقانون‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫حيث أنه ال يجوز للقاضي في المسائل اإلدارية النطق بالغرامة التهديدية ما دام ال‬
‫يوجد أي قانون يرخص صراحة بها‪ ،‬وأن القرار المستأنف بإرفاقه قرار الطرد بغرامة تهديدية‬
‫قد تجاهل هذا المبدأ‪ ،‬مما يستوجب بالنتيجة قبول طلب وقف التنفيذ»‪.‬‬
‫وعليه من خالل هذا القرار نجد أن القضاء اعتبر أن الغرامة التهديدية بمثابة عقوبة‬
‫وتخضع لمبدأ قانونية الجرائم والعقوبات وفقا للمادة األولى من قانون العقوبات‪ ،‬وبالتالي‬
‫فيمنع على القاضي اإلداري النطق بعقوبة غـ ـ ـ ــير‬
‫(‪)v‬‬
‫منصوص عليها في قانون العقوبات‪.‬‬

‫ومن خالل هذه المجموعة من التعريفات يمكن حصر أهم مميزات الغرامة التهديدية‬
‫في النقاط األساسية التالية‪:‬‬
‫‪ )1‬الغرامة التهديدية ذات طابع تحكمي وتهديدي‪.‬‬
‫تقدير تحكيميًّا ال يتقيد فيه إال بمراعاة‬
‫ويعني ذلك أن الغرامة التهديدية يقدرها القاضي ًا‬
‫قدرة المدين على المقاومة أو المماطلة في التنفيذ‪ ،‬والقدر الذي يرى أنه منتج في تحقيق‬
‫(‪)vi‬‬
‫عينا‪.‬‬
‫غايتها‪ ،‬وهي إخضاع المدين وحمله على أن يقوم بتنفيذ التزامه ً‬

‫مبلغا للغرامة‬
‫ً‬ ‫فسلطة القاضي في هذا الجانب واسعة ًّ‬
‫جدا‪ ،‬فقد يحدد القاضي‬
‫التهديدية ال يتناسب والضرر‪ ،‬بل وقد ال يشترط وجود الضرر أصالً‪ ،‬وأكثر من ذلك فإنه‬
‫يجوز للقاضي إن تبين له أن المبلغ المحكوم له كغرامة تهديدية غير كاف لحمل المدين‬
‫على التنفيذ أن يرفع من قيمته متى طلب الدائن ذلك‪ ،‬وكل هذا بغية الضغط على المدين‬
‫واجباره على التنفيذ العيني‪ ،‬وهو ما يجعل الغرامة التهيدية ذات طابع تهديدي‪.‬‬

‫‪ )2‬الغرامة التهديدية تقدر على كل وحدة من زمن‪.‬‬


‫أي أن الغرامة التهديدية تقدر عن كل فترة أو زمن يتأخر فيه المدين عن تنفيذ‬
‫التزامه‪ ،‬ولذلك فال يمكن تحديد مقدارها اإلجمالي أو النهائي يوم صدور الحكم‪ ،‬ألن ذلك‬
‫يتوقف على موقف المدين‪ ،‬فمقدارها النهائي يرتفع مع كل يوم يتأخر فيه المدين عن التنفيذ‬
‫بمعنى أن الغرامة التهديدية ال تقدر مجمالً دفعة واحدة‪ ،‬ألنها مرتبطة بموقف المدين‪ ،‬بحيث‬
‫يكون المدين على علم بأنه كلما طال وقت تأخره عن التنفيذ كلما تحقق معنى التهديد وكلما‬
‫زاد مبلغ الغرامة التهديدية المحكوم به‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫‪ )3‬الغرامة التهديدية ذات طابع مؤقت‪.‬‬
‫الحكم بالغرامة التهديدية ال يكون إذا أوفى المدين بالتزامه‪ ،‬ومنه فإذا تبين المدين من‬
‫موقفه أنه مصر على التخلف في التنفيذ‪ ،‬فإن القاضي سيقوم بتصفية الغرامة التهديدية‪ ،‬فهي‬
‫وصفا مؤقتا مصيره الزوال‪.‬‬
‫ً‬ ‫ليست إالّ‬
‫وفي األخير انطالًقا من هذه المميزات سنبحث في التفرقة بين الغرامة التهديدية‬
‫وبعض النظم القانونية المشابهة األخرى‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تميز الغرامة التهديدية عن النظم المشابهة‪.‬‬


‫اعتقد البعض أن الغرامة التهديدية عبارة عن عقوبة وهو ما يستدعي التمييز بينهما‪،‬‬
‫كما أن القضاء الفرنسي كان يخلط بينها وبين التعويض‪ ،‬وذلك ليجد مبر ار لتطبيقها غير أنه‬
‫شتان بين النظامين لذلك يجب التفرقة بينها وبين التعويض‪.‬‬

‫أوال‪ :‬التمييز بين الغرامة التهديدية والعقوبة‪.‬‬


‫إن الغرامة التهديدية ليست عقوبة‪ ،‬وان كانت تسميتها قد تؤدي إلى االعتقاد أنها‬
‫كذلك‪ ،‬وأن مجلس الدولة قد صرح في إحدى ق ارراته أن الغرامة التهديدية التزام وينطق به‬
‫(‪)vii‬‬
‫وبالتالي فإنه ينبغي أن ينطبق عليها مبدأ قانونية الجرائم والعقوبات‪.‬‬ ‫القاضي كعقوبة‬

‫إذا اعتبرنا الغرامة التهديدية مجرد عقوبة مثلما ذهب إليه مجلس الدولة فال بد وبكل‬
‫بساطة معرفة النص الجنائي الذي كرسها والنص الذي الذي جرم األفعال التي ترتبط بها‪،‬‬
‫استنادا إلى المبدأ المنصوص عليه في قانون العقوبات‪ ،‬والذي ينص على أنه «ال‬
‫ً‬ ‫وهذا‬
‫عقوبة وال جريمة إالّ بنص»‪.‬‬
‫وعموما‪:‬‬
‫ً‬
‫إن العقوبة نهائية ويجب تنفيذها كما نطق بها‪ ،‬أما الغرامة التهديدية فهي ذات طابع‬
‫وقتي وال تنفذ إالّ عندما تتحول إلى تعويض نهائي مرتبط بفكرة الخطأ القاضي لمقدار‬
‫(‪)viii‬‬
‫التعويض‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬التمييز بين الغرامة والتعويض‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫تختلف الغرامة التهديدية عن التعويض من حيث الغرض‪ ،‬ومن حيث التقدير‪ ،‬وذلك‬
‫على النحو التالي‪:‬‬
‫أ‪ -‬فمن حيث الغرض‪:‬‬
‫إذا كان الغرض من التعويض هو جبر الضرر واصالحه‪ ،‬فإن الغرامة التهديدية‬
‫تهدف إلى جبر المدين على التنفيذ العيني‪.‬‬
‫ب‪ -‬أما من حيث تقدير القيمة‪:‬‬
‫فإن القاضي عند تقديره للتعويض مقيد بالقواعد القانونية التي تلزمه أن يراعي ما فات‬
‫الدائن من كسب وما لحقه من خسارة‪ ،‬إالّ أنه وعلى العكس من ذلك فإنه عند تقدير الغرامة‬
‫التهديدية ال يأخذ بالحسبان عنصر الضرر‪ ،‬وانما تقديره يتعلق بإمكانية حمل المبلغ المحكوم‬
‫به للمدين نحو التنفيذ العيني‪ ،‬والقضاء على تعنته‪.‬‬
‫واذا لم تكن الغرامة التهديدية عقوبة وال تعويضا‪ ،‬فما هي إذن طبيعتها؟‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الطبيعة القانونية للغرامة التهديدية ومجال تطبيقها‪.‬‬


‫إذا كانت الغرامة التهديدية تمثل وسيلة إلجبار المدين المتعنت على التنفيذ العيني‪ ،‬كما‬
‫تعتبر وسيلة لضمان تنفيذ بعض أحكام القضاء (الفرع األول)‪ ،‬فما هو مجال تطبيقها (الفرع‬
‫الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الطبيعة القانونية للغرامة التهديدية‪.‬‬


‫تتحدد الطبيعة القانونية للغرامة التهديدية بالصورتين التاليتين‪:‬‬
‫أوال‪ :‬الغرامة التهديدية هي حق في دعوى قضائية مسماة‪.‬‬
‫إن حق التقاضي هو حق عام مكرس ومضمون دستوريا بموجب المادتين ‪ 44‬و‪131‬‬
‫من دستور ‪ 16‬بينما الدعوى هي الوسيلة التي يتقاضى بها الشخص حقوقه وكل حق تقابله‬
‫دعوى والمشرع لم يعتن بتنظيم جميع الدعاوى مثلما اعتنى بتنظيم الحقوق‪ ،‬لكنه اعتنى‬
‫بتنظيم بعض الدعاوى وخصصها باسم معين‪.‬‬
‫دعوى الغرامة التهديدية مثلها مثل دعاوى الحيازة والدعاوى اإلدارية‪ ،‬هي دعوى‬
‫يمكن وصفها على أنها دعوى مسماة لكون المشرع فصل شروطها في قانون اإلجراءات‬
‫(‪)ix‬‬
‫المدنية‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫وقانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬فطبقا لنص المادة ‪ 343‬من قانون اإلجراءات‬
‫المدنية والمادة ‪ 181‬والمادة ‪ 187‬أن دعوى الغرامة التهديدية هي حق لحل محكوم له تجاه‬
‫المحكوم عليه عندما يمتنع هذا األخير عن تنفيذ التزامه أو يخالفه‪.‬‬

‫هذه المواد السابقة الذكر نظمت شروط هذا الحق وهي‪:‬‬


‫أ‪ -‬أن يكون االلتزام ثابتا بموجب مقرر‪.‬‬
‫ب‪ -‬أن يكون االلتزام متعلقا بأداء عمل أو باالمتناع عن عمل‪.‬‬
‫جـ ‪ -‬أن يرفض المحكوم عليه تنفيذ االلتزام بعمل‪.‬‬
‫د ‪ -‬أو أن يكون يخالف المحكوم عليه التزام االمتناع عن القيام بعمل‪.‬‬
‫هـ ‪ -‬أو يثبت حالة االمتناع عن التنفيذ أو حالة مخالفة االلتزام بواسطة القائم‬
‫بالتنفيذ‪.‬‬

‫بعد تسمية الدعوى قام المشرع بمنح الجهات القضائية اختصاص الفصل فيها وذلك‬
‫بموجب المادة ‪ 471‬من قانون اإلجراءات المدنية التي تجيز لجهات القضاء النطق بتهديدات‬
‫مالية في حدود اختصاصها وتقوم بمراجعتها وتصفية قيمتها وتناولتها المواد من ‪183‬‬
‫إلى‪ 185‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪.‬‬

‫ونظ ار لفعالية وسيلة الغرامة التهديدية في الحصول على تنفيذ المقررات‪ ،‬ونظ ار لكون‬
‫التأسيس القانوني لدعاوي الغرامة التهديدية يستند إلى وجود مقررات قضائية إدارية تنفيذية‬
‫خول المشرع من خالل قانون اإلجراءات المدنية لقاضي األمور‬‫تتجلى بالمصداقية‪ّ ،‬‬
‫المستعجلة اختصاص الفصل في الدعاوى الخاصة بها وذلك بموجب المادة ‪ 471‬الفقرة‬
‫الثانية‪ ،‬مع أنه لم يكن للقاضي االستعجالي تصفية الغرامة التهديدية المقررة بل منح هذا‬
‫االختصاص إلى قاضي الموضوع بسبب أن األوامر المستعجلة التي يشترط فيها عدم‬
‫المساس بأصل الحق وهذا ما كان محل اختالف من خالل المادة ‪ 183‬من قانون اإلجراءات‬
‫المدنية واإلدارية‪ ،‬حيث تناولت هذه المادة األخيرة أن في حالة عدم التنفيذ الكلي أو الجزئي‬
‫للمقرر أو التأخر في التنفيذ فتقوم الجهة القضائية اإلدارية بتصفية الغرامة التهديدية التي‬
‫أمرت بها‪ ،‬فقد تكون الجهة القضائية اإلدارية التي حكمت بها القضاء االستعجالي اإلداري‪،‬‬
‫وحسب المادة هي التي تقوم بتصفية الغرامة التهديدية وهذا فيه مساس بأصل الحق ويخرج‬
‫عن طبيعة األوامر االستعجالية‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫ثانيا‪ :‬الغرامة التهديدية وسيلة اإلجبار على التنفيذ‪.‬‬
‫أدرج المشرع الجزائري من خالل قانون اإلجراءات المدنية نص المادة ‪ 343‬تحت‬
‫باب بعنوان "التنفيذ الجبري ألحكام المحاكم والمجالس القضائية والعقود الرسمية" باإلضافة‬
‫إلى أن المادة ‪ 183‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية تحت باب بعنوان "في تنفيذ أحكام‬
‫الجهات القضائية اإلدارية"‪ ،‬وعليه فإن الغرامة التهديدية هي وسيلة من وسائل التنفيذ‬
‫المباشر‪ ،‬لكن في مقابل ذلك فهي مجرد إكراه مالي يهدف للضغط على المحكوم عليه‬
‫الممتنع عن التنفيذ قصد إرغامه على التنفيذ وال يمكن أن ترقى أو تحل محل الوسائل‬
‫المباشرة للتنفيذ مثل إعطاء شيء وعليه‬
‫يمكن استنتاج أن الغرامة التهديدية ليست جزاء أو ال عقوبة وانما هي وسيلة من وسائل‬
‫التنفيذ المباشر‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬نطاق تطبيق الغرامة التهديدية‪.‬‬


‫إن تحديد نطاق تطبيق الغرامة التهديدية يستوجب تحديد نوع األحكام أو الق اررات‬ ‫ّ‬
‫التي تساهم في تنفيذها ثم نتطرق إلى نوع االلتزامات التي تتضمنها هذه األحكام والق اررات‬
‫التي ال تنفذ إال بتدخل المنفذ عليه وبالتالي يكون محال للتنفيذ العيني بواسطة الغرامة‬
‫التهديدية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬األحكام والق اررات التي تطبق فيها الغرامة التهديدية‪.‬‬


‫تنقسم األحكام والق اررات القضائية إلى أحكام تقريرية وأحكام منشئة وأخرى ملزمة‬
‫وانطالقا من هذه األنواع وبالرجوع إلى خصائص كل منها‪ ،‬فإنه يتعين استبعاد األحكام أو‬
‫الق اررات المنشئة أو المقررة من مجال تطبيق الغرامة التهديدية باعتبار أنهما وبمجرد النطق‬
‫بهما يشبعان حاجة المحكوم له من الحماية القضائية وبالتالي ال حاجة للضغط المالي على‬
‫(‪)x‬‬
‫المحكوم عليه لتنفيذ التزامه‪.‬‬

‫وعليه مما سبق ذكره فإن الق اررات أو أحكام االلتزام دون سواها يمكن أن تكون محال‬
‫للتنفيذ بواسطة الغرامة التهديدية‪ ،‬بدليل أحكام المادة (‪ )174‬من القانون المدني والتي نصت‬
‫على أنه يجوز للدائن أن يحصل على حكم بإلزام المدين بالتنفيذ ويدفع هذا األخير غرامة‬
‫إجبارية إن امتنع عن ذلك‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫ثانيا‪ :‬من حيث نوع االلتزام‪.‬‬
‫اما هي النوع الوحيد الذي‬
‫كما سبق وأن ذكرنا فإن األحكام والق اررات التي تتضمن إلز ً‬
‫يمكن أن يكون محال للتنفيذ بواسطة الغرامة التهديدية‪ ،‬لكن السؤال المطروح أي نوع من‬
‫االلتزامات يمكن أن يكون محال للتنفيذ بواسطة الغرامة التهديدية؟‬

‫لإلجابة على هذا السؤال يستدعي األمر التطرق للصور المختلفة لاللتزام‪ ،‬حتى‬
‫نتمكن في النهاية إلى حصر االلتزامات التي يمكن تنفيذها عن طريق الغرامة التهديدية‪.‬‬
‫أ‪ -‬صور االلتزام‪:‬‬
‫تعرض الفقه إلى تعريف االلتزام بأنه‪« :‬حالة قانونية يرتبط بمقتضاها شخص معين‬
‫(‪)xi‬‬
‫بالقيام بعمل أو االمتناع عن عمل»‪.‬‬
‫استنادا إلى التعريف السالف الذكر وكذا نص المادة (‪ )54‬من القانون المدني‪ ،‬يمكن‬
‫القول أن هناك ثالث صور من االلتزام هي‪:‬‬
‫‪ -1‬االلتزام بإعطاء شيء‪:‬‬
‫يلتزم المدين بإعطاء شيء عن طريق القيام بعمل معين يتمثل في إنشاء حق عيني‬
‫أو نقل حق عيني وارد على شيء‪ ،‬إذن هو االلتزام بعمل يتعلق بشيء وقد يكون هذا الشيء‬
‫منقوال أو عقا ار‪.‬‬
‫‪ -2‬االلتزام بعمل‪:‬‬
‫هذا االلتزام يأخذ عدة صور‪ ،‬وهذا التعدد يرجع إلى اختالف الطريقة التي يتم بها‬
‫(‪)xii‬‬
‫فقد يكون محل هذا االلتزام المحافظة على‬ ‫التنفيذ العيني لمثل هذا النوع من االلتزام‪،‬‬
‫الشيء أو إدارة الشيء‪ ،‬وقد يكون محله إنجاز عمل معين وفي هذه الحالة فإن تنفيذ االلتزام‬
‫قد يستدعي التدخل الشخصي للمدين أو العكس‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -3‬االلتزام باالمتناع عن عمل‪:‬‬
‫يتعهد بمقتضاه المدين بعدم القيام بعمل معين‪ ،‬كالتزام هيئة إدارية بعدم إقامة مشروع‬
‫في أرض للخواص‪ ،‬ألن إقامته ستؤدي إلى إلحاق ضرر بأمالكهم الخاصة‪ ،‬فطالما لم تقم‬
‫هذه الهيئة بإنجاز هذا المشروع تكون قد نفذت التزامها تنفيذا عينيا‪.‬‬

‫ب‪ -‬اللتزامات التي تكون محال للتنفيذ بواسطة الغرامة التهديدية‪:‬‬


‫إن المشرع الجزائري قد حدد مجال تطبيق الغرامة التهديدية من حيث نوع االلتزام‬
‫استنادا إلى نص المادة (‪ )174‬من القانون المدني التي تقضي بأنه‪« :‬إذا كان تنفيذ االلتزام‬
‫عينيا غير ممكن أو غير مالئم إال إذا قام به المدين نفسه جاز للدائن أن يحصل على حكم‬
‫بإلزام المدين بهذا التنفيذ وبدفع غرامة إجبارية إذا امتنع عن ذلك»‪.‬‬
‫انطالقا من هذا النص يتضح أن المشرع استبعد االلتزام بمنح أو إعطاء شيء من‬
‫نطاق تطبيق الغرامة التهديدية‪ ،‬ألنه ال يتطلب التدخل الشخصي للمدين لتنفيذه عينيا‪ ،‬وقد‬
‫حدد المشرع طرق الوصول إلى التنفيذ العيني في هذا النوع من االلتزام‪ ،‬وعليه كلما أمكن‬
‫تنفيذ االلتزام عينا دون أن يتطلب ذلك التدخل الشخصي للمدين كالحاالت التي يتم فيها بقوة‬
‫القانون أو بواسطة السلطة العامة‪ ،‬أو عن طريق الحجز‪ ،‬فإنه ال يمكن الحكم بالغرامة‬
‫التهديدية للوصول للتنفيذ النتفاء المصلحة والغاية المرجوة‪.‬‬

‫وبالتالي يدخل ضمن نطاق التنفيذ بواسطة الغرامة التهديدية االلتزام بعمل أو االمتناع‬
‫عن العمل متى كان التنفيذ العيني متوقفا على التدخل الشخصي للمدين واال كان مستحيال‬
‫أو غير مالئم‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬الحكم بالغرامة التهديدية وتطبيقها‪.‬‬
‫بعد أن تطرقنا إلى تحديد نوع الق اررات وااللتزامات التي يمكن تنفيذها بواسطة الغرامة‬
‫التهديدية‪ ،‬سنتطرق إلى تبيان الحكم بالغرامة التهديدية (المطلب األول) ثم نبين مسألة تطبيق‬
‫الغرامة على األشخاص المعنوية العامة التي عرفت نقاشا فقهيا وقضائيا حادا(المطلب‬
‫الثاني)‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الحكم بالغرامة التهديدية‪.‬‬
‫الحكم بالغرامة التهديدية يتحدد بالنظام اإلجرائي العام للغرامة التهديدية ومدى سلطة‬
‫القاضي عند الحكم بالغرامة التهديدية‪.‬‬
‫‪13‬‬
‫الفرع األول‪ :‬النظام اإلجرائي العام للغرامة التهديدية‪.‬‬
‫ُحدد النظام اإلجرائي العام للغرامة التهديدية بالجهة القضائية المختصة في توقيع‬
‫الغرامة التهديدية‪ ،‬وكذا الشروط الواجب توافرها وتحقيقها‪.‬‬
‫أوال‪ :‬الجهة القضائية المختصة في توقيع الغرامة التهديدية‪.‬‬
‫يعتبر تحديد الجهة القضائية المختصة بالفصل في الغرامة التهديدية مسالة إجرائية‪،‬‬
‫تتطلب البحث في القواعد اإلجرائية المنصوص عليها في قانون اإلجراءات المدنية وكذا‬
‫قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬ففي قانون اإلجراءات المدنية نجد المادة ‪ 471‬بفقرتيها‬
‫وفي قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية من المادة ‪ 183‬إلى ‪ 187‬منه جاءت بالجهة‬
‫وهذا يعني أن الجهة القضائية المختصة بالفصل في الغرامة‬ ‫القضائية دون تحديد‪،‬‬
‫التهديدية في القانونين هي القضاء اإلداري وكذا القضاء االستعجالي اإلداري‪.‬‬
‫أ‪ -‬اختصاص القضاء اإلداري في توقيع الغرامة التهديدية‪:‬‬
‫تختص المحاكم اإلدارية في جميع الدعاوى التي تكون الدولة ‪ ،‬الوالية أو البلدية أو‬
‫إحدى المؤسسات العمومية ذات الصبغة اإلدارية ( المادة ‪ 833‬و المادة ‪ ) 831‬من قانون‬
‫اإلجراءت المدنية واإلدارية‪.‬‬
‫تبعا لذلك فإن الغرفة اإلدارية على مستوى المجلس القضائي تختص بالفصل في المنازعات‬
‫ذات الطابع اإلداري‪ ،‬وذلك إلى حين التنصيب الفعلي للمحاكم اإلدارية‪.‬‬
‫واذا كانت مسالة توقيع الغرامة التهديدية على األفراد ال تثير إشكاال بغض النظر‬
‫عن الجهة التي قضت بها‪ ،‬فإن مسالة تحديد الجهة القضائية اإلدارية المختصة بالفصل في‬
‫الغرامة التهديدية من خالل قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية لم يكن دقيقا حيث أن المشرع‬
‫الجزائري في المادتين ‪ 178‬و ‪ 171‬من نفس القانون استعمل مصطلح الحكم والقرار ‪،‬‬
‫وانطالقا من هذا فإنه يمكن لمجلس الدولة باعتباره مصدر القرار ‪ ،‬ويمكن للمحكمة اإلدارية‬
‫باعتبارها مصدرة الحكم أن تقوم بتوقيع الغرامة التهديدية‪.‬‬
‫كما سمح المشرع الجزائري في نفس القانون للقاضي االستعجالي بتوقيع الغرامة‬
‫التهديدية لضمان تنفيذ األوامر االستعجالية الصادرة عنه ( المادة ‪ 121‬الفقرة ‪)31‬‬
‫للبمحافظة على الحريات األساسية المنتهكة من األشخاص معنوية أثناء ممارسة سلطاتها (‬
‫المادة ‪ 123‬الفقرة ‪. )31‬‬
‫ب‪ -‬اختصاص قضاء االستعجال في توقيع الغرامة التهديدية‪:‬‬
‫‪11‬‬
‫إن مسألة اختصاص القضاء االستعجالي بتوقيع الغرامة التهديدية من المسائل التي‬
‫عرفت نقاشا حادا على المستوى الفقهي بين الرافضين لمنح هذا االختصاص وبين المطالبين‬
‫بمنحه‪ ،‬غير أن المشكل ال يطرح في القانون الجزائري ألن المشرع حسم األمر‪ ،‬بإعطائه‬
‫صراحة االختصاص بتوقيع الغرامة التهديدية لقاضي األمور المستعجلة في المادة ‪471‬‬
‫(‪)xiii‬‬
‫وفقا للمواد ‪ 183‬و‪ 181‬و‪ 183‬و‪ 184‬و‪185‬‬ ‫الفقرة الثانية من قانون اإلجراءات المدنية‪،‬‬
‫و‪ 187‬من قانون اإلجراءات المدنية اإلدارية‪.‬‬

‫ومن بين التبريرات التي قدمها الفقه الختصاص قاضي االستعجال في توقيع الغرامة‬
‫التهديدية والتي كانت بمثابة الرد على االنتقادات التي وجهها الرافضون لمنحه إياها‪:‬‬
‫‪ -1‬إن قاضي االستعجال بإصداره للغرامة التهديدية يضمن بذلك تنفيذ األوامر الوقتية التي‬
‫يصدرها خاصة وأن الغرامة التهديدية من أهم مميزاتها أن لها الطابع الوقتي‪ ،‬فالهدف منها‬
‫هو تسريع إجراءات التنفيذ‪.‬‬
‫‪ -2‬أعطى المشرع االختصاص للقاضي االستعجالي في توقيع الغرامة التهديدية‪ ،‬على أن‬
‫يتم تصفيتها ومراجعتها أمام قضاة الموضوع‪ ،‬كما أن األحكام الصادرة عن القاضي‬

‫االستعجالي نفسها لها طابع وقتي تحتاج البت فيها من قاضي الموضوع مما يقع معه عدم‬
‫استبعاد اختصاص القاضي االستعجالي في إصدار وتوقيع الغرامة التهديدية ليضمن بها‬
‫تنفيذ أوامره‪.‬‬

‫طرح تساؤل عما إذا كان اختصاص القاضي االستعجالي في إصدار الغرامة‬ ‫وي َ‬
‫ُ‬
‫التهديدية مناطا بضمان تنفيذ األوامر المستعجلة الصادرة عنه في إطار الدعوى االستعجالية‬
‫أم أنه يمكن له أن يوقع الغرامة التهديدية لضمان تنفيذ األحكام والق اررات الصادرة عن قضاة‬
‫الموضوع أيضا؟‬
‫لم تحدد المادة ‪ 471‬الفقرة الثانية من قانون اإلجراءات المدنية ما إذا كان اختصاص‬
‫القاضي االستعجالي اإلداري يقتصر فقط على إصدار الغرامة التهديدية لضمان تنفيذ‬
‫األوامر االستعجالية الصادرة عنه أم أيضا بالنسبة لألحكام والق اررات الصادرة عن قضاة‬
‫الموضوع‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫أما من خالل قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية فالمشرع سمح إذا طلب من القاضي‬
‫االستعجالي توقيع الغرامة التهديدية لضمان تنفيذ األوامر االستعجالية الصادرة عنه أو‬
‫األحكام والق اررات الصادرة عن قضاة الموضوع ألن وردت "الجهة القضائية المطلوب منها‬
‫ذلك"‪ ،‬أي بمجرد الطلب لها توقيع الغرامة التهديدية" وليس الجهة القضائية أصدرت الحكم‬
‫أو القرار أو األوامر ويطلب منها"‪ ،‬وبالتالي فيمكن ذلك‪.‬‬
‫إن اختصاص القاضي االستعجالي استناد إلى نص ‪ 471‬الفقرة الثانية من قانون اإلجراءات‬
‫المدنية والمواد ‪ 187 ،185 ،184 ،183 ،181 ،183‬الفقرة الثانية من قانون اإلجراءات‬
‫المدنية واإلدارية وليس على أساس البد من توافر عنصر االستعجال حسب ما تقتضيه‬
‫المادة ‪ 183‬من قانون اإلجراءات المدنية والمادة ‪ 124‬من قانون اإلجراءات المدينة اإلدارية‪،‬‬
‫وهذا ما جاء في قرار صادر عن المحكمة العليا حيث استندت فيه إلى المادة ‪ 471‬من‬
‫(‪)xiv‬‬
‫قانون اإلجراءات المدنية وليس المادة ‪ 183‬من نفس القانون‪.‬‬
‫ثانيا‪:‬شروط الحكم بالغرامة التهديدية‪.‬‬
‫منح المشرع الجزائري القاضي سلطة توقيع الغرامة التهديدية قصد ضمان تنفيذ‬
‫المقررات القضائية اإلدارية التي أحاطها بجملة من الشروط وهي‪:‬‬
‫أ‪ -‬طلب المحكوم له توقيع الغرامة التهديدية‪.‬‬
‫ب‪ -‬رفض اإلداري تنفيذ االلتزام الواقع على عاتقها من المقرر القضائي اإلداري‪.‬‬
‫جـ‪ -‬احترام اآلجال في طلب توقيع الغرامة التهديدية‪.‬‬
‫د‪ -‬مضمون المقرر القضائي اإلداري بالقيام بعمل أو االمتناع عن العمل‪.‬‬

‫أ‪ -‬طلب المحكوم له توقيع الغرامة التهديدية‪:‬‬


‫يتقدم المحكوم له بطلب توقيع الغرامة التهديدية وهذا ما نجده منصوصا عليه في‬
‫المادة ‪ 471‬من قانون اإلجراءات المدنية وكذا المواد ‪ 183‬و‪ 181‬و‪ 187‬من قانون‬
‫اإلجراءات المدنية واإلدارية ألن العبارة جاءت الجهة "‪ ...‬القضائية المطلوب منها ذلك‪"...‬‬
‫أي بمجرد الطلب ‪ ،‬لها توقيع الغرامة التهديدة‪.‬‬
‫أما المشرع الفرنسي وبموجب قانون رقم ‪ 83 / 118‬المؤرخ في ‪ 16‬جويلية ‪1183‬‬
‫فقد اعترف القاضي اإلداري بسلطة توجيه األوامر لإلدارة ‪ ،‬أي أنه جعل االختصاص بالحكم‬
‫بالغرامة التهديدية لسلطة مجلس الدولة وحده‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫ولم يقف المشرع عند هذا الحد بل أصدر قانون ‪ 125‬لسنة ‪ 1115‬المؤرخ في ‪38‬‬
‫فيفري ‪ 1115‬واعترف لمحاكم القضاء اإلداري بمجلس الدولة ‪ ،‬ومحاكم االستئناف اإلدارية‬
‫والمحاكم اإلدارية بسلطة توجيه أوامر لإلدارة بفرض الغرامة التهديدية‪.‬‬

‫ب‪ -‬رفض اإلدارة تنفيذ المقرر القضائي اإلداري‪:‬‬


‫أدرج المشرع الجزائري الغرامة التهديدية لضمان تنفيذ المقررات القضائية اإلدارية‪،‬‬
‫ألنه عندما تقوم اإلدارة بالتنفيذ فما الفائدة من توقيع الغرامة التهديدية؟ وهذا ما حثت عليه‬
‫المادتان ‪ 181‬و‪ 187‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية أن ال يمكن توقيع الغرامة‬
‫التهديدية إال بعدم تنفيذ أو بعد رفض التنفيذ لألمر أو الحكم أو القرار القضائي اإلداري وهي‬
‫المسألة التي سنحاول شرحها أكثر عند التحدث عن أجال بدء سريان الغرامة التهديدية‪.‬‬
‫جـ‪ -‬احترام اآلجال في طلب الغرامة التهديدية‪:‬‬
‫فرق المشرع الفرنسي بين ميعاد طلب الغرامة التهديدية أمام مجلس الدولة الفرنسي أو‬
‫أمام المحكمة اإلدارية والمحكمة اإلدارية اإلستئنافية‪.‬‬

‫الميعاد بالنسبة لتقديم طلب الغرامة التهديدية إلى مجلس الدولة‪ ،‬هو ‪ 6‬أشهر أي أن‬
‫طلب الغرامة ال يجوز تقديمه إال بعد ‪ 6‬أشهر من تاريخ تبليغ القرار المطلوب تنفيذه‪ ،‬أما‬
‫بالنسبة للطلبات التي تقدم إلى المحاكم اإلدارية ومحاكم االستئناف اإلدارية فهو ‪ 3‬أشهر‪،‬‬
‫وبالتالي فإن القاعدة العامة هي ضرورة انقضاء مدة معينة بعد إعالن الحكم أو القرار‪ ،‬قبل‬
‫رفع دعوى الغرامة التهديدية في حالة عدم تنفيذ الحكم أو القرار‪ ،‬واالستثناء هو عدم تطلب‬
‫انقضاء أي مدة بعد إعالن الحكم أو القرار وهذا الوضع يكون بالنسبة لألحكام التي تأمر‬
‫فالحكمة من اعتراف المشرع بإمكانية رفع الغرامة التهديدية دون‬ ‫باتخاذ إجراءات عاجلة‬
‫انتظار انقضاء األجال بالنسبة لهذه األحكام أو الق اررات هي أنها ال تحتمل أي تأخير في‬
‫(‪)xv‬‬
‫تنفيذها أي أن الطلبات أمام القضاء االستعجالي ال تتقيد بمهلة محددة‬

‫لم يحدد المشرع الجزائري في قانون اإلجراءات المدنية أجاال معينة لكن في المادتين‬
‫‪ 187‬و‪ 188‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية حدد آجال كالتالي‪:‬‬
‫‪ -1‬انقضاء ‪ 3‬أشهر عند رفض اإلدارة بعد تبليغها رسميا للقرار القضائي اإلداري‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫‪ -2‬في حالة تحديد الجهة القضائية اإلدارية في حكمها محل التنفيذ أجال لإلدارة‬
‫للتنفيذ فال يجوز تقديم طلب الحكم بالغرامة التهديدية إال بانقضاء هذا األجل‪.‬‬
‫‪ -3‬في حالة تقديم تظلم إلى اإلدارة ورفض هذه األخيرة للتظلم فيبدأ عندها حساب‬
‫أجل الثالثة أشهر‪.‬‬

‫‪ -3‬مضمون طلب الغرامة التهديدية القيام بعمل أو االمتناع عنه‪:‬‬


‫يقدم طلب الغرامة التهديدية إلى الجهة القضائية اإلدارية من أجل إلزام اإلدارة بتنفيذ الحكم‬
‫أو القرار القضائي اإلداري الحائز لقوة الشيء المقضي به الذي يتضمن القيام بعمل أو‬
‫االمتناع عن عمل‪ ،‬فقد قررت المادة ‪ 186‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية أن الحكم‬
‫الحا ئز لقوة الشيء المقضي به بإلزام أحد األشخاص المعنوية العامة بدفع مبلغ مالي محدد‬
‫القيمة ينفذ طبقا لألحكام التشريعية السارية المفعول أي طبقا للقانون ‪ 32-11‬الصادر بتاريخ‬
‫‪ 8‬يناير ‪ 1111‬المحدد للقواعد الخاصة المطبقة على بعض أحكام القضاء‪ ،‬فال يطلب‬
‫بشأنها توقيع الغرامة التهديدية في ظل قانون اإلجراءات المدنية ال تطبق الغرامة التهديدية‬
‫(‪)xvi‬‬
‫قصد تنفيذ حكم قضائي ناطق بدفع دين نقدي وهذا ما جاء في قرار المحكمة العليا‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬سلطات القاضي عند الفصل في النزاع وتكييفه‪.‬‬
‫تتوسع سلطات القاضي اإلداري عند الفصل في النزاع ويختلف تكييفه لذلك‪:‬‬
‫أوال‪:‬سلطات القاضي عند الفصل في النزاع‪.‬‬
‫يتمتع القاضي اإلداري بسلطة تقديرية واسعة‪ ،‬فللجهة القضائية إن تقدره حسب‬
‫ظروف الدعوى مادام الهدف منها هو حمل اإلدارة على التنفيذ العيني‪ ،‬فالقاضي إن يرفض‬
‫توقيعها رغم توافر جميع الشروط‪ ،‬خاصة وأن المواد التي تناولتها سواء في قانون اإلجراءات‬
‫المدنية مثل المادة ‪ ، 471‬أو المواد ‪ 185 ، 184 ، 183‬من قانون الغجراءات المدنية‬
‫واإلدارية‪ .‬ويؤكد هذا عدم تعلقها بالنظام العام ويتمتع القاضي أيضا بسلطة في تقدير مبلغ‬
‫الغرامة التهديدية فكما تم التطرق إلى خصائص الغرامة التهديدية أن أهم مميزاتها الطابع‬
‫التحكيمي لها‪ ،‬وبالتالي ليس للغرامة التهديدية مقياس محدد إال الهدف منها هو حمل اإلدارة‬
‫على تنفيذ المقرر الصادر عن القضاء اإلداري‪.‬‬

‫ال يعتد القاضي بالضرر الحاصل للمحكوم له ألنه قد ال يوجد ضرر ومع ذلك يحكم‬
‫بالغرامة التهديدية‪ ،‬فالقاضي يراعي عندئذ مبلغ الغرامة خطورة ما يترتب من عدم التنفيذ من‬

‫‪15‬‬
‫نتائج وكذا ُيسر المحكوم عليه وقدرته المالية ومدى كفايته للتغلب على تعنت اإلدارة من‬
‫التنفيذ‪ )xvii(.‬لكن تقابل ذلك أنه ال يجوز تنفيذ الجهة القضائية أن تحكم بأكثر مما طلبه‬
‫الخصوم‪.‬‬

‫لم يحدد سريان الغرامة التهديدية في قانون اإلجراءات المدنية ولذا هناك من يحدد‬
‫بدايتها من تاريخ تبليغ المقرر القضائي اإلداري وهناك من يحددها بشهر بعد تبليغ أو حتى‬
‫(‪)xviii‬‬
‫بشهرين من التبليغ‪.‬‬
‫(‪)xix‬‬
‫هناك قرار للمحكمة العليا يقضي أن يكون مبدأ السريان في تاريخ النطق بالحكم‬
‫أما قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية فقد قررت المادة ‪ 183‬منه أنه عند األمر بالغرامة‬
‫التهديدية البد من تحديد تاريخ سريان مفعولها‪ ،‬أما عن مدة سريان الغرامة التهديدية فاألصل‬
‫أن القاضي يترك المدة مفتوحة إلى غاية التنفيذ إال أن هذا ال يعني أن القاضي ال يستطيع‬
‫أن يحدد مدة معينة ل لغرامة التهديدية وله كامل السلطة في تقرير المدة وهذا ما أتت به‬
‫(‪)xx‬‬
‫المحكمة العليا في قرارها‪.‬‬

‫عليه فإن تحديد مدة الغرامة التهديدية يتنافى والطابع التهديدي لها إذ أن هذا قد‬
‫يجعل اإلدارة على علم بالمبالغ التي سيحكم بها عليها بداية فال تحقق الغرامة التهديدية‬
‫الغاية منها وفي إجبارها على التنفيذ ثم صدر قرار المحكمة العليا الذي قرر أن تحدد مدة‬
‫(‪)xxi‬‬
‫سريان الغرامة التهديدية هو مخالفة للقانون‪.‬‬

‫إذن القاضي له كامل الحرية في تقدير قيمة الغرامة وبدء سريانها‪ ،‬وكذلك للقاضي‬
‫سلطة تخفيض الغرامة التهديدية والغائها وذلك عند الضرورة مثال إذا تبين أن عدم تنفيذ‬
‫االلتزام العيني يعود ألسباب خارجة عن إرادة فإن األمر بتوقيع الغرامة التهديدية يعد خطأ‬
‫في تطبيق القانون ويستدعي عندئذ إلغاء الغرامة التهديدية تطبيقا لما جاء في المادة ‪184‬‬
‫من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية باإلضافة إلى ذلك له السلطة في عدم دفع الغرامة‬
‫التهديدية إلى المحكوم له ودفعها إلى الخزينة العمومية وذلك شرط إذا تجاوزت قيمة الضرر‬
‫والتي تناولتها المادة ‪ 185‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫ثانيا‪ :‬تكييف الفصل في النزاع‪.‬‬
‫ال يعني توافر شروط الغرامة التهديدية أن القاضي مجبر على توقيعها إنما له‬
‫السلطة التقديرية في توقيع الغرامة أو برفض توقيعها‪ ،‬ولهذا فكيف يكون تكييف الحكم الذي‬
‫يوقع الغرامة التهديدية وتكييف الحكم الذي يرفض توقيع الغرامة التهديدية‪.‬‬

‫أ‪ -‬تكييف الحكم بتوقيع الغرامة التهديدية‪:‬‬


‫يمتاز الحكم بالغرامة التهديدية بجملة من الخصائص فهو حكم تهديدي ومؤقت‬
‫الغرض منه تنفيذ المقرر القضائي اإلداري واجبار اإلدارة على التنفيذ وهو ما جعل مسألة‬
‫تكييفه تصعب على الباحثين‪.‬‬
‫والحكم بالغرامة التهديدية يكون في أغلب األحيان تبعا لحكم بإلزام اإلدارة على التنفيذ‬
‫وهو قضاء موضوعي قطعي‪.‬‬
‫تضاربت اآلراء في تكييف الحكم بالغرامة التهديدية‪ ،‬فقد قيل أن الجهة القضائية‬
‫تباشر سلطتها في إصدار األوامر‪ ،‬ولكن إتباع هذا الرأي يؤدي إلى القول أن القضاء بتوقيع‬
‫الغرامة التهديدية يدخل ضمن السلطة الوالئية للجهة القضائية إال أن هذا النوع من األحكام‬
‫يشمل على القضاء بمبلغ من المال‪ ،‬ورغم أنه قضاء تهديدي ومؤقت غير أنه متعلق بمنزاعة‬
‫بخصوص التنفيذ‪ .‬وهذه األحكام تشابه األحكام الوقتية في أمور كثيرة فهي مؤقتة قابلة‬
‫للتعديل والنقصان كما يمكن إعفاء المحكوم عليه منها إلى جانب منح االختصاص لقاضي‬
‫(‪)xxii‬‬
‫األمور المستعجلة للحكم بها‪.‬‬
‫ب‪ -‬تكييف الحكم برفض توقيع الغرامة التهديدية‪:‬‬
‫يقتضي تكييف الحكم القاضي برفض توقيع الغرامة التهديدية التمييز بين األحكام‬
‫التي يسبب رفضها عدم توافر إحدى شروط الحكم بها‪ ،‬وبين تلك التي يكون سبب رفضها‬
‫منح القاضي للمحكوم عليه مهلة لتنفيذ التزامه وهذا يدخل ضمن إطار سلطته التقديرية‪.‬‬
‫غير أن هناك ما يفرق بين الحكم الوقتي والحكم بالغرامة التهديدية‪ ،‬فالحكم الوقتي‬
‫حكم قطعي له حجية الشيئ المحكوم به وينفذ وال يرجع فيه‪ ،‬أما الحكم بالغرامة التهديدية ما‬
‫هو إال قضاء مؤقت ال يحوز حجية الشيئ المقضي فيه ‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫هكذا الحكم بالغرامة التهديدية له خصائص تميزه عن غيره من األحكام ‪ ،‬فهو إذن‬
‫حكم من نوع خاص ‪.‬‬
‫فمتى كان الرفض مبنيا على عدم توافر أحد شروط الحكم بالغرامة التهديدية مثل‪:‬‬
‫صيرورة تنفيذ االلتزام عينا أصبح مستحيال ألي سبب من األسباب‪ ،‬أو أن تنفيذ االلتزام ال‬
‫يتطلب التدخل الشخصي للمحكوم عليه‪ ،‬فالحكم في مثل هذه الحاالت حكم قطعي‬
‫موضوعي يحوز الحجية وال يجوز تجديد الطلب فيه بنفس الموضوع‪.‬‬
‫أما إذا كان الرفض يدخل في إطار السلطة التقديرية للقاضي كمنح أجل أو مهلة‬
‫للمحكوم عليه ليتمكن من التنفيذ‪ -‬ومن ثمة ال تكون الحاجة إلى تهديده‪ -‬فإن الحكم في مثل‬
‫هذه الحالة يعد حكما وقتيا يجوز للمحكوم له تجديد طلبه إذا تغيرت الظروف‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تطبيق الغرامة التهديدية على األشخاص المعنوية العامة‪.‬‬
‫نبحث تطبيق الغرامة التهديدية في ظل تطبيق األمر (‪ )154/66‬المؤرخ في ‪38‬‬
‫جويلية ‪ 1166‬المتضمن قانون اإلجراءات المدنية‪ ،‬وهل تدارك المشرع الموقف وأزال هذا‬
‫اللبس بموجب القانون (‪ )31/38‬المؤرخ في ‪ 25‬فيفري ‪2338‬؟‬
‫الفرع األول‪ :‬موقف القضاء في ظل األمر (‪.)151/66‬‬
‫تنص المادة (‪ )471‬من قانون اإلجراءات المدنية على أنه‪« :‬يجوز للجهات القضائية بناء‬
‫على طلب الخصوم أن تصدر أحكاما بتهديدات مالية»‪ ،‬يتضح وأن هذا النص قد جاء‬
‫عاما‪ .‬وهذا ما أضفى عليه نوعا من الغموض وأثار إشكاال حول تطبيق‬
‫الغرامة التهديدية على الشخص المعنوي العام‪ ،‬وأمام هذا الغموض علينا البحث عن‬
‫التطبيقات القضائية المتعلقة بهذه المسألة‪.‬‬

‫وفي هذا اإلطار فقد صدرت اجتهادات قضائية أهمها القرار الصادر عن مجلس‬
‫الدولة(‪ )xxiii‬والذي قضى بأنه ال يجوز للقاضي اإلداري النطق بالغرامة التهديدية‪ ،‬مستندا في‬
‫ذلك إلى أنه ال يوجد قانون يرخص صراحة بها‪ ،‬إالّ أن هذا الموقف مردود عليه بما جاء في‬
‫نص المادة (‪ )471‬المذكور أعاله التي تمنح االختصاص بالحكم بالغرامة التهديدية إلى‬
‫الجهات القضائية دون تخصيص وجهات القضاء اإلداري هي إحدى أهم هذه الجهات‬
‫إضافة إلى أن هذه المادة جاءت ضمن األحكام العامة في قانون اإلجراءات المدنية‪ ،‬ونحن‬
‫نعلم أن األحكام العامة تتعلق بالتقاضي أمام القضاء اإلداري والعادي على حد سواء‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫كذلك عند البحث في المنظومة التشريعية نجد المادة (‪ )88‬الفقرة ‪ 11‬من القانون‬
‫(‪ )23/15‬المؤرخ في ‪ 17‬جويلية ‪ 1115‬المتعلق بمجلس المحاسبة‪ ،‬والتي نصت صراحة‬
‫على أنه يمكن إلزام الدولة والجماعات اإلقليمية أو الهيئات العمومية بدفع غرامة تهديدية أو‬
‫تعويضات مالية نتيجة التنفيذ الكلي أو الجزئي أو بصفة متأخرة ألحكام القضاء‪.‬‬

‫أما عن قرار المحكمة العليا (‪ )xxiv‬والذي جاء ضمن حيثياته‪« :‬حيث المبادئ العامة‬
‫والتشريع الحالي واالجتهاد القضائي ال يجوز للهيئة القضائية أيا كانت طبيعتها الحكم‬
‫بالغرامة التهديدية ضد المؤسسات ذات الطابع العمومي مثل الدولة أو المجموعات المحلية‬
‫أو الهيئة اإلدارية»‪.‬‬
‫فيظهر جليا من حيثيات هذا القرار أنه يرفض توقيع الغرامة التهديدية ضد اإلدارة في‬
‫جميع األحوال سواء كان ذلك أمام القضاء اإلداري أو العادي‪ ،‬غير أن التأسيس الذي بنى‬
‫عليه القرار يستند إلى المبادئ العامة والتشريع واالجتهاد القضائي ولكنه لم يبينها‪.‬‬

‫واذا كان يقصد بالمبادئ العامة واالجتهاد القضائي الوارد ذكرها في القرار «مبدأ الحظر‬
‫على القاضي توجيه األوامر لإلدارة» وبالتالي فهو ال يستطيع أن يلزمها بالقيام بعمل أو‬
‫االمتناع عنه‪ ،‬وهو االجتهاد الذي ظهر في فرنسا وتبناه القضاء الجزائري نقال عنه‪ ،‬وان كان‬
‫ال يوجد ما يمنع تغيير هذه النظرة خاصة وأن القانون اإلداري ذو مصدر‬
‫قضائي بالدرجة األولى‪ ،‬ومن أهم خصائصه أيضا أنه قانون متطور فهل واكب‬
‫المشرع هذا التطور بإصداره للقانون (‪ )31/38‬المتضمن قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية؟‬

‫الفرع الثاني‪ :‬موقف المشرع بعد إصداره للقانون (‪.)80/80‬‬


‫(‪)xxv‬‬
‫فإنه ال يمكن‬ ‫إذا كان المبدأ السائد أن القاضي يمنع عليه توجيه األوامر لإلدارة‪،‬‬
‫تطبيقه على إطالقه ألن‬
‫هذا المبدأ يعرف بعض االستثناءات وليدة االجتهاد القضائي‪ ،‬إذ أن الـ ـ ــقاضي اإلداري‬
‫تتوسع صـ ــالحياته بــحيث‬
‫يمكن له أن يوجه أوامر لإلدارة في كل من حالتي االعتداء المادي واالستيالء غير‬
‫(‪)xxvi‬‬
‫المشروع‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫كما يمكن أن نضيف إليها حالة الغلق اإلداري عند مخالفته للنصوص القانونية التي‬
‫أجازته والذي جعله المشرع في مثل هذه األوضاع عمال غير مشروع شأنه شأن االعتداء‬
‫المادي واالستيالء‪ ،‬ففي مثل هذه الحاالت فإن منع توجيه األوامر ضد اإلدارة أصبح أمر‬
‫مفروغا منه‪ ،‬ألنها تعبر عن تعسف واضح ألن اإلدارة التي تتجاوز حدود الصالحيات‬
‫الشرعية تنتهك الحريات والحقوق مما يبرر أن يحكم عليها القاضي بالقيام بعمل أو االمتناع‬
‫عنه‪ ،‬وبالتالي فإنه من المنطقي تطبيق الغرامة التهديدية ضد اإلدارة فيها‪ )xxvii( ،‬إذ ما الفائدة‬
‫(‪)1‬‬
‫من توجيه األوامر إذا لم يكن للمتقاضي والقاضي إرغام اإلدارة على تنفيذها؟‬

‫وهو األمر الذي تم تأكيده ضمن القانون (‪ )31/38‬المتعلق بقانون اإلجراءات المدنية‬
‫واإلدارية‪ ،‬إذ تم النص صراحة على جواز الحكم بالغرامة التهديدية من طرف القاضي‬
‫اإلداري عندما يتعلق األمر بإلزام أحد األشخاص المعنوية العامة أو أي هيئة إدارية باتخاذ‬
‫تدابير تنفيذية معينة‪.‬‬
‫وهذا ما جاءت به المواد من (‪ )178‬إلى المادة (‪ )186‬من قانون اإلجراءات المدنية‬
‫واإلدارية ضمن الباب السادس المتعلق بتنفيذ أحكام الجهات القضائية اإلدارية‪.‬‬

‫الفعلية والحقيقة‪ .‬كما يتضح لنا أن المشرع قد أزال الغموض الذي كان يكتنف هذه‬
‫المسالة‪.‬‬

‫خاتمة‪:‬‬
‫إن موضوع الغرامة التهديدية كما يبدو أوسع مما يمكن تصوره‪ ،‬األمر الذي يجعل‬
‫مسألة اإلحاطة به وبكل جوانبه صعب التحقيق‪ ،‬لذلك تم التركيز في هذا المقال على بعض‬
‫القرر القضائي اإلداري بخصائص‬
‫النقاط وذلك من أجل تبيان أن المشرع الجزائري قد خص ا‬
‫وضمانات جعلته يتمتع بالقوة التنفيذية‪ ،‬وخاصة مع صدور قانون اإلجراءات المدنية‬
‫واإلدارية الذي فسح المجال للقاضي اإلداري في إمكانية توجيه األوامر لإلدارة بفرض الغرامة‬
‫التهديدية‪ ،‬وهي خطوة جيدة خطاه المشرع الجزائري إلجبار اإلدارة على التنفيذ‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫إن إصدار المشرع الجزائر لقانون ‪ 31 / 38‬المتعلق بقانون اإلجراءات المدنية‬
‫واإلدارية ‪ ،‬والتأكيد صراحة على جواز الحكم بالغرامة التهديدية من طرف القاضي اإلداري‬
‫عندما يتعلق األمر بإلزام أحد األشخاص المعنوية العامة في حالة االمتناع عن تنفيذ‬
‫الق اررات القضائية له من األهمية بالقدر الذي يبين لنا الخطوة الجيدة والجديدة لتحقيق الهدف‬
‫الذي وضع من اجله القاضي اإلداري لحماية الحقوق والحريات بالصورة الفعلية والحقيقة‪.‬‬
‫كما يتضح لنا أن المشرع قد أزال الغموض الذي كان يكتنف هذه المسالة‪.‬‬

‫الهوامش‬

‫‪ )1‬بالل علي العدوي‪ :‬أصول أحكام االلتزام واإلثبات‪ ،‬منشأة المعارف اإلسكندرية‪،1166 ،‬‬
‫ص‪.81‬‬

‫‪21‬‬
‫‪ )2‬عبد الرزاق السنهوري‪ :‬الوسيط في القانون المدني‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،‬دار‬
‫النهضة العربية للنشر‪ ،‬مصر‪ ،1182 ،‬ص‪.1357‬‬

‫‪ )3‬منصور دمحم أحمد‪ :‬الغرامة التهديدية كجزاء لعدم تنفيذ أحكام القضاء اإلداري‪ ،‬دار‬
‫الجامعة الجديدة للنشر‪ ،‬مصر‪ ،2332‬ص‪.15‬‬

‫‪ )4‬قرار مجلس الدولة الصادر بتاريخ ‪/8‬أفريل‪ 2333/‬رقم ‪ 14181‬عن الغرفة الخامسة‪،‬‬
‫قضية (ك‪،‬م) ضد و ازرة التربية‪.‬‬

‫‪ )5‬األمر رقم ‪ 156-66‬المؤرخ في ‪8‬جوان ‪ 66‬يتضمن قانون العقوبات المعدل والمتمم‪.‬‬

‫‪ )6‬عبد الرزاق السنهوري‪ :‬الوسيط في شرح القانون المدني الجديد‪ ،‬نظرية االلتزام بوجه عام‪،‬‬
‫منشورات الحلبي‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،2335 ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ص‪.813‬‬

‫‪ )7‬قرار مجلس الدولة الصادر بتاريخ ‪/8‬أفريل‪ 2333/‬رقم ‪ 14181‬عن الغرفة الخامسة‪،‬‬
‫قضية (ك‪،‬م) ضد و ازرة التربية‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪ )8‬أنور سلطان‪ :‬النظرية العامة لاللتزام‪ ،‬أحكام االلتزام‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪ ،1117 ،‬ص‪.165‬‬

‫‪ )1‬غناي رمضان‪ :‬موقف مجلس الدولة من الغرامة التهديدية ‪ ،‬مجلة مجلس الدولة ‪ ،‬العدد‬
‫‪.2333 ،34‬‬

‫ا‬

‫‪22‬‬
23
24

You might also like