You are on page 1of 17

‫الخوصصة في الجزائر‪ :‬مبررات ها و عوائقها‪.......................... ........................................................................‬أ‪ .

‬خبابة حدان‬

‫الخوصصة في الجزائر‪ :‬مبرراتها وعوائقها‬

‫أ‪ .‬خبابة حسان‬


‫كلية العلوم االقتصادية وعلوم التسيري‬
‫جامعة فرحات عباس سطيف‬

‫‪Résumé:‬‬ ‫ونخص‪:‬‬
‫‪La question de transformation du‬‬
‫)‪secteur public en secteur privé (Privatisation‬‬ ‫تعتبر مسؤلة التحوّ ل من القطاع العام إلى‬
‫‪reste un sujet important et préoccupe les‬‬ ‫من‬ ‫(الخوصصة)‬ ‫الخاص‬ ‫القطاع‬
‫‪priorités des économistes, administrateurs et‬‬ ‫الموضوعات المهمة التً تحتل مكانة هامة‬
‫‪hommes politiques. Cela est dû du fait des‬‬ ‫بٌن أولوٌات رجاالت االتقتصا وادإ ار و‬
‫‪aspirations découlant de cette transformation‬‬
‫‪en vue d’élever les niveaux d’exécution des‬‬
‫السٌاسة‪ ،‬نظراً للتطلعات المسته فة من وراء‬
‫‪entreprises du secteur public.‬‬ ‫هذا التحوّ ل حٌال رفع مستوٌات أ اء‬
‫‪En fait, le sujet de la privatisation a pris‬‬ ‫مإسسات القطاع العام‪ .‬ولق اتخذ الح ٌث عن‬
‫‪des dimensions et formes différentes lors des‬‬ ‫الخوصصة صورا وأشكاال مختلفة‪ ،‬حٌث‬
‫‪différents séminaires et colloques nationaux‬‬ ‫ت اولته الن وات والمإتمرات المحلٌة وال ولٌة‬
‫‪et internationaux pour montrer les avantages‬‬
‫‪pratiques et ses effets négatifs, ainsi que les‬‬ ‫لعرض مزاٌا العملٌة وآثارها السلبٌة‬
‫‪opportunités pour la concrétisation de cette‬‬ ‫وادإمكانات المتاحة لتجسٌ ذلك التحوّ ل على‬
‫‪transformation sur le terrain. Beaucoup‬‬ ‫أرض الواتقع‪ ،‬وٌعتق الجمٌع أن الخوصصة‬
‫‪pensent que la privatisation n’est pas‬‬ ‫لٌست مج ّر تحوٌل للملكٌة من القطاع العام‬
‫‪seulement la transformation du secteur‬‬
‫إلى القطاع الخاص‪ ،‬وإنما تمثل استراتٌجٌة‬
‫‪public en secteur privé, mais en fait elle‬‬
‫‪constitue une stratégie visant l’efficience et‬‬ ‫ته ف إلى رفع كفاء وفعالٌة المإسسات‬
‫‪l’efficacité des entreprises économiques,‬‬ ‫االتقتصا ٌة وتحقٌق وفورات تعو بالمنفعة‬
‫‪ainsi que la réalisation des opportunités‬‬ ‫على المجتمع‪.‬‬
‫‪pouvant améliorer le bien être social.‬‬ ‫من هذا المنطلق تركز هذه الورتقة على‬
‫‪Par conséquent, ce papier se concentre‬‬
‫‪sur la question de la privatisation en Algérie‬‬ ‫مسؤلة الخوصصة فً الجزابر ب ءا من نشوء‬
‫‪et ce depuis la naissance de ce processus,‬‬ ‫الفكر والمبررات التً أملتها على أرض‬
‫‪ainsi que les motifs réels et les entraves‬‬ ‫الواتقع‪ ،‬والمعوتقات التً صا فتها فً المٌ ان‪.‬‬
‫‪rencontrés sur le terrain.‬‬

‫وقدوت‪:‬‬
‫فً ظل التوجه العالمً نحو الخوصصة‪ ،‬والذي شمل ال ول المتق مة والنامٌة على‬
‫ح سواء‪ ،‬وج ت الجزابر نفسها مجبر على خوض تجربة التحوّ ل إلى القطاع الخاص‪،‬‬
‫نتٌجة األ اء السلبً لمإسسات القطاع العام خالل العقو الماضٌة‪ ،‬سواء على مستوى‬
‫األ اء المالً أو على مستوى إنتاجٌة عوامل ادإنتاج‪ ،‬أو على المستوى التسوٌقً مما‬
‫كلّف ال ولة موار مالٌة ضخمة‪ ،‬وتسبب فً ه ر طاتقات هابلة لفتر طوٌلة من الزمن‬
‫ون الوصول إلى تحقٌق أه اف اتقتصا ٌة واجتماعٌة تتناسب مع حجم االستثمارات فً‬
‫القطاع العام‪.‬‬

‫العدد ‪)0666( 66‬‬ ‫‪131‬‬ ‫مجلة العلوم االقتصادية وعلوم التسيير‬


‫الخوصصة في الجزائر‪ :‬مبررات ها و عوائقها‪.......................... ........................................................................‬أ‪ .‬خبابة حدان‬

‫إن التوجه نحو القطاع الخاص من خالل عملٌة الخوصصة لم ٌكن ص فة‪ ،‬وإنما‬
‫نتاج ضغوط مالٌة شه تها ال ولة على المستوٌٌن ال اخلً والخارجً‪ ،‬مما أثقل كاهلها‬
‫خاصة فً الفتر التً أعقبت األزمة النفطٌة بع عام ‪ 6891‬وما تبعها من انخفاض فً‬
‫الم اخٌل من العملة الصعبة‪ ،‬إلى الح الذي عجزت فٌه ال ولة عن تؤمٌن احتٌاجاتها من‬
‫الصرف‪ ،‬فالمعطٌات االتقتصا ٌة عموما والمالٌة بشكل خاص تظهر ح المشاكل التً‬
‫واجهتها ال ولة فً إ ار استثمارات القطاع العام‪ ،‬هذا األخٌر كما ال ٌخفى على المتتبع‬
‫ألوضاع االتقتصا الجزابري تق عاش جملة من المشاكل‪ ،‬سواء كانت إ ارٌة‪ ،‬أو‬
‫تسوٌقٌة‪ ،‬أو ما تعلق بمسؤلة التموٌن‪ .‬عالو على ما سبق‪ ،‬ونتٌجة لذلك فق عانت‬
‫مإسسات القطاع العام على مر الفترات السابقة مشكلة ت ّنً مع الت العاب على رأس‬
‫المال المستثمر إلى رجة أن الكثٌر من هذه المإسسات كان تقابما ومستمرا على حساب‬
‫الخزٌنة العمومٌة مش ّكلة عببا مالٌا مستمرا لم تع ال ولة تقا ر على تحمله لفترات‬
‫مستقبلٌة‪ ،‬وتق أفرز هذا الوضع جملة من التساإالت واالنشغاالت ل ى رجاالت السٌاسة‬
‫واالتقتصا بحثا عن حلول ومخارج لتموٌل مإسسات القطاع العام‪.‬‬
‫إن تفاتقم المشاكل السابقة الذكر‪ ،‬وباألخص مشكلة تموٌل القطاع العام‪ ،‬وغٌرها من‬
‫الم شاكل األخرى التً تشعبت مع تشعب استثمارات ال ولة فً القطاع العام‪ ،‬أملت على‬
‫متخذي القرار تب ّنً التوجه السابق فً التحول إلى القطاع الخاص (الخوصصة)‪.‬‬

‫من هذا المنطلق ته ف هذه الورتقة إلى توضٌح فكر الخوصصة كسٌاسة أو نهج‬
‫لإلصالح‪ ،‬أثبت نجاحه على صعٌ األتقطار المتق مة وبعض األتقطار النامٌة‪ ،‬كون هذا‬
‫المصطلح عا ما ٌجابه بمعارضة ون النظر فً المزاٌا التً ٌمكن أن تفرزها العملٌة‪،‬‬
‫ومنه فإن بلور مفهوم واضح للعملٌة والخروج بتصور تقٌق عنها ٌمكنه المساهمة إلى‬
‫ح بعٌ فً إبعا كل شبهة عن أه اف ومرامً سٌاسة الخوصصة‪ ،‬وبالتالً المساهمة‬
‫فً إزالة جانب من العوابق التً تقف أمام تجسٌ ها فً الواتقع إن تم تب ّنٌها فعلٌا‪ ،‬كما‬
‫ته ف ال راسة إلى تقٌٌم موضوع الخوصصة كوسٌلة لحل مشاكل التموٌل الحالٌة‬
‫لالتقتصا الوطنً‪ .‬إلىجانب ذلك محاولة تشخٌص المعوّ تقات التً اعترضت عملٌة‬
‫الخوصصة كسٌاسة لإلصالح‪ ،‬وانطالتقا من هذا التشخٌص ٌمكن توفٌر عوامل نجاح‬
‫العملٌة من خالل تجاوز كافة العراتقٌل التً تواجهها‪.‬‬
‫‪ -I‬مبررات الخوصصة في الجزائر‬
‫إن تب ّنً الجزابر ل سٌاسة الخوصصة ٌمثل فً رأٌنا خطو هامة فً طرٌق التصحٌح‬
‫والتع ٌل الهٌكلً لالتقتصا الوطنً‪ ،‬وٌمثل تقرارا حاسما فً وضع ح لممٌزات الفتر‬
‫السابقة التً اتسمت بت خل ال ولة فً كل األنشطة وإحكام رتقابتها على الجهاز ادإنتاجً‪،‬‬
‫فتب ّنً هذه السٌاسة ٌعنً فً الواتقع الشروع فً تحوّ الت اتقتصا ٌة كبٌر تسعى ال ولة‬
‫لتحقٌقها‪ ،‬وعلٌها أن تضمن نجاحها‪.‬‬

‫جاءت فكر الخوصصة فً الجزابر بع الفشل الذي م ٌّز تقطاعها العام‪ ،‬وعجزه عن‬
‫الوصول إلى المر و ٌة وتحقٌق فابض‪ ،‬واعتما ه الكلًّ على خزٌنة ال ولة فً تموٌله‪،‬‬
‫وتق سعت الجزابر إلى الخروج من هذه ال ابر المغلقة بتطبٌقها لسٌاسات مختلفة‬

‫العدد ‪)0666( 66‬‬ ‫‪132‬‬ ‫مجلة العلوم االقتصادية وعلوم التسيير‬


‫الخوصصة في الجزائر‪ :‬مبررات ها و عوائقها‪.......................... ........................................................................‬أ‪ .‬خبابة حدان‬

‫كسٌاسة إعا الهٌكلة العضوٌة والمالٌة وسٌاسة االستقاللٌة فً ب اٌة التسعٌنٌات‪ ،‬التً‬
‫شكلّت فً كل مرّ محاولة األجهز المركزٌة التنازل عن جزء من سلطتها المفروضة‬
‫على مإسسات القطاع العام لصالح األجهز ادإ ارٌة المشرفة على أنشطتها باحثة عن‬
‫الفعالٌة‪ ،‬لكن الفشل كان حلٌف تلك السٌاسات ألسباب ع ٌ ال مجال لذكرها‪ ،‬وهً‬
‫الوضعٌة التً حتمت على ال ولة مرّ أخرى الشروع فً تطبٌق سٌاسة ج ٌ م ٌّزت‬
‫الفتر الواتقعة بٌن سنة ‪ 6881‬وسنة ‪ 6881‬بإنشابها للشركات القابضة‪ ،‬واعتما ها على‬
‫التموٌل والمراتقبة باستخ ام صنا ٌق المساهمة‪ ،‬محاولة بذلك التنازل عن نفوذها القانونً‬
‫واالتقتصا ي لصالح الشركات القابضة‪ ،‬باعتبارها شركات رإوس أموال مشرفة على‬
‫ادإ ار والمراتقبة‪ ،‬وتق تب ّنت ال ولة هذا التوجه بص ور األمر رتقم ‪ 22-81‬بتارٌخ‬
‫السا س والعشرٌن أوت عام ‪ ،(6) 6881‬لٌلٌه ص ور األمر رتقم ‪ 21-81‬بتارٌخ ‪21‬‬
‫سبتمبر من عام ‪ ،(2) 6881‬وهو القانون الذي كرّ س فكر خوصصة القطاع العام‬
‫الجزابري لٌكتمل بقوانٌن أخرى‪" ،‬وتق تب ّنت الجزابر هذا التوجه لٌس من تقبٌل الص فة‬
‫وإنما خٌارا وحٌ ا أمام ال ولة فً انتقالها إلى أسلوب اتقتصا السوق" )‪.(3‬‬

‫جاءت فكر خوصصة القطاع العام الجزابري بع الفشل الذرٌع المسجل على‬
‫الصعٌ االتقتصا ي‪ ،‬والذي تشه عنه األزمة االتقتصا ٌة والمالٌة الخانقة التً تتخبط‬
‫فٌها ال ولة‪ ،‬بادإضافة إلى األزمة االجتماعٌة والسٌاسٌة التً لم تج بع حال لها‪،‬‬
‫وتفرض على ال ولة توجهات عا ما تكون متناتقضة مع أه افها المسطر ‪ .‬ذات النتابج‬
‫سجلت على صعٌ الكثٌر من االتقتصا ٌات العالمٌة التً سارت فً نهج االشتراكٌة وما‬
‫حملته من شعارات ومبا ئ تقترب من المثالٌة االجتماعٌة وتبتع عن الفعالٌة‬
‫االتقتصا ٌة‪ ،‬األمر الذي تسبب فً ه ر موار مالٌة طابلة كان من األج ر استغاللها‬
‫أمثل استغالل فً برامج اتقتصا ٌة ها فة تتالءم مع واتقعنا االجتماعً والسٌاسً والثقافً‬
‫بما ٌصل باالتقتصا إلى حالة من التوازن واالستقرار‪ .‬فواتقع االتقتصا الجزابري والحالة‬
‫التً آل إلٌها ٌمكن أن تعكسها بوضوح أرتقام وبٌانات الج ول الموالً‪:‬‬
‫الجدول (‪ :)1‬تطور إنتاج القطاع الصناعي في الجزائر في الفترة ما بين ‪ 1111‬و‪0661‬‬
‫‪2226‬‬ ‫‪2222‬‬ ‫‪6888‬‬ ‫‪6889‬‬ ‫‪6881‬‬ ‫‪6881‬‬ ‫‪6881‬‬ ‫‪6881‬‬ ‫‪6881‬‬ ‫‪6882‬‬ ‫‪6886‬‬

‫‪-0,6%‬‬ ‫‪-2,3%‬‬ ‫‪-1,5%‬‬ ‫‪+5,2%‬‬ ‫‪-7,2%‬‬ ‫‪-8,6%‬‬ ‫‪-0,5%‬‬ ‫‪-8,5%‬‬ ‫‪-1,5%‬‬ ‫‪-2,5%‬‬ ‫‪-7,0%‬‬

‫‪Source: Conseil National Economique et Social, Rapports sur la Conjoncture‬‬


‫‪Economique et Sociale, 1991-2001.‬‬
‫تعكس أرتقام الج ول السابق بوضوح الوضعٌة المت هور لمإسسات القطاع العام‪،‬‬
‫التً ظلت تمارس أنشطتها االتقتصا ٌة بعٌ عن الكفاء ادإنتاجٌة‪ ،‬فق سجل ناتج هذا‬
‫القطاع تطورا سلبٌا خالل الفتر الممت بٌن (‪ 6886‬و‪ ،)2226‬أي خالل عشرٌة كاملة‬
‫ٌفترض فٌها خول مإسسات القطاع العام مرحلة االستقاللٌة‪ ،‬وخضوعها للع ٌ من‬
‫ادإجراءات التً ه فت إلى إعطابها هامشا من الحرٌة لكن ونما ج وى‪ ،‬فسجل القطاع‬
‫الصناعً أسوأ نتٌجة له خالل سنة ‪ 6881‬بانخفاض تق ر بنسبة ‪ %8,5‬مقارنة بسنة‬

‫العدد ‪)0666( 66‬‬ ‫‪133‬‬ ‫مجلة العلوم االقتصادية وعلوم التسيير‬


‫الخوصصة في الجزائر‪ :‬مبررات ها و عوائقها‪.......................... ........................................................................‬أ‪ .‬خبابة حدان‬
‫‪ ،6881‬وسجل أفضل نتٌجة تمثل النقطة ادإٌجابٌة الوحٌ المسجلة خالل هذه العشرٌة‬
‫سنة ‪ 6889‬بنسبة نمو إٌجابٌة تق رت بـ ‪ %1.2‬مقارنة بتلك المسجلة فً سنة ‪.6881‬‬
‫إن الفشل المسجل على صعٌ االتقتصا الجزابري والذي فعها إلى تب ّنً سٌاسة‬
‫الخوصصة ٌعو حسب رأٌنا إلى نهج الجزابر فً التنمٌة الذي لم ٌتوافق مع واتقعها‬
‫االتقتصا ي والسٌاسً‪ ،‬واالجتماعً والثقافً بالشكل الذي عرتقل تلك السٌاسات فً‬
‫الوصول إلى تحقٌق نتابج إٌجابٌة هذا من جهة‪ ،‬ومن جهة ثانٌة مارست األجهز‬
‫ادإ ارٌة المشرفة على إ ار تلك المإسسات ومتخذي القرار فٌها مهامهم تابعٌن فً ذلك‬
‫للجهات الوصٌة مما أفق هم الحافز على العمل وروح المبا ر والتطوٌر‪ ،‬مما انعكس‬
‫بالسلب على كفاء الجهاز ادإنتاجً فً الجزابر وبقً تابعا فً جانبه المالً ل عم ال ولة‬
‫إلى الح الذي أصبحت فٌه المشروعات االستثمارٌة العامة من حٌث ع ها وحجمها‬
‫تفوق تق ر ال ولة على ادإشراف وادإ ار وإحكام الرتقابة‪.‬‬

‫ٌع تقرار الخوصصة فً الجزابر نتٌجة حتمٌة لظروف األزمة االتقتصا ٌة التً‬
‫تتخبط فٌها البال ‪ ،‬ومواجهتها لحجم ثقٌل من الم ٌونٌة ال اخلٌة والخارجٌة‪ ،‬فً ظل‬
‫عجز الموار المالٌة لل ولة فً مواجهة الوضعٌة المالٌة الحالٌة‪ ،‬بادإضافة إلى ثقل‬
‫األعباء االجتماعٌة التً تواجه ال ولة من تفاتقم للفقر وارتفاع مستوٌات البطالة‪ ،‬مما أنذر‬
‫شر بانفجار اجتماعً وشٌك‪ .‬فً ظل هذه المعطٌات‪ ،‬رأت الجزابر أن‬ ‫بالخطر وب ّ‬
‫خٌارها الوحٌ فً توفٌر موار مالٌة إضافٌة لتموٌل العجز فٌها هو التنازل عن‬
‫مإسسات القطاع العام‪ ،‬خاصة تلك التً اتقترنت فً وجو ها بعجزها المالً‪ ،‬غٌر أن‬
‫تب ّنً تقرار الخوصصة ال ٌعنً ضمان القضاء على جمٌع السلبٌات السابقة وإنما تقرارا‬
‫ٌقترن فً وجو ه بوجو معوّ تقات من المحتمل أن تفشل العملٌة برمتها‪ ،‬وتتجس فً‬
‫المعارضة التً ٌمكن أن تواجهها هذه السٌاسة خاصة من تقبل بعض األطراف كالعمال‬
‫والنقابات فً هذا المجال‪ ،‬والم افعٌن عن وجو القطاع العام كجهاز تابع لل ولة ٌمثل فً‬
‫نظرهم هٌبتها‪ .‬إلى جانب ذلك‪ ،‬فإن تقرار الخوصصة سٌواجه بإشكالٌة أخرى أكثر تقة‬
‫وتعقٌ ا تتعلق أساسا بتح ٌ أي من المإسسات ترٌ ال ولة خوصصتها وهو القرار‬
‫األصعب فً نظرنا‪ ،‬فإذا تعلّق األمر بمإسسات مفلسة فإن العملٌة سوف تفشل تقبل‬
‫ب اٌتها‪ ،‬وإن كانت مإسسات إٌرا ٌة واستراتٌجٌة فإن ال ولة تقع بٌن خٌار االحتفاظ بها‬
‫باعتبارها ب ٌال استراتٌجٌا أو التنازل عنها كون ذلك ٌمثل ب ٌال هاما فً تحصٌل موار‬
‫مالٌة لتخفٌف األزمة التً تتخبط فٌها‪.‬‬

‫من هذا المنظور‪ ،‬فإن " تقرار الخوصصة فً الجزابر ال ٌمثل سوى أسلوبا للتع ٌل‬
‫الهٌكلً ٌك ّمل األرنا القانونٌة التً ارتبطت بما ٌ عى اتقتصا السوق فً الجزابر"‬
‫)‪ .(4‬ومهما ٌكن فإن شروع الجزابر فً عملٌة خوصصة لن ٌخرج عن القاع العامة‬
‫فً هذا المجال التً تجمع وافع الخوصصة فً أربعة مجموعات ربٌسٌة‪ :‬اتقتصا ٌة‪،‬‬
‫مالٌة‪ ،‬سٌاسٌة‪ ،‬وأخرى اجتماعٌة )‪ ،(5‬فالتجربة الجزابرٌة فً الخوصصة من حٌث‬
‫المب أ لم تختلف عن مثٌالتها فً ال ول النامٌة‪ ،‬إال أنها سجلت فشال كبٌرا ونتابج ضحلة‬
‫على أرض الواتقع‪ ،‬مما جعل الخوصصة فً الجزابر طرحا ال ٌزال ٌخضع للنقاش‬

‫العدد ‪)0666( 66‬‬ ‫‪134‬‬ ‫مجلة العلوم االقتصادية وعلوم التسيير‬


‫الخوصصة في الجزائر‪ :‬مبررات ها و عوائقها‪.......................... ........................................................................‬أ‪ .‬خبابة حدان‬

‫والتغٌٌر بما ٌتواءم مع ظروف االتقتصا الجزابري‪ ،‬نظرا للعقبات التً صا فت عملٌة‬
‫الخوصصة على أرض الواتقع‪ ،‬والتً ٌمكن أن تعزى إلى ادإع ا السٌا لها من تقبل‬
‫األجهز القابمة على العملٌة‪ ،‬والتً نستعرضها فٌما ٌلً‪:‬‬
‫معوقات الخوصصة في الجزائر‬ ‫‪ّ -II‬‬
‫‪ 1-II‬التناقضات القانونية التي تطرحها أهداف الخوصصة في الجزائر‬
‫للح ٌث عن التعارض الذي م ٌّز األه اف التً ح تها ال ولة فً إطار عملٌة‬
‫الخوصصة‪ٌ ،‬مكن أن ننطلق من األه اف الربٌسٌة لتلك العملٌة والمتعلّقة بتحسٌن كفاء‬
‫وفعالٌة المإسسات االتقتصا ٌة‪ .‬فق ظلّت ال ولة على ال وام فً سعٌها للبحث عن كفاء‬
‫االتقتصا الوطنً متمسكة باأله اف االجتماعٌة التً أنشبت المإسسات االتقتصا ٌة من‬
‫أجلها‪ ،‬كإشباع حاجات ورغبات أفرا المجتمع‪ ،‬بادإضافة إلى استٌعاب أكبر ع ممكن‬
‫من الطاتقات الشغٌلة‪ .‬فبالنظر إلى نص الما الرابعة من األمر رتقم ‪ 22-81‬الصا ر‬
‫بتارٌخ ‪ 21‬أوت ‪ ، 6881‬نج ه ٌح عملٌات الخوصصة بتلك التً تكون " الغاٌة منها‬
‫إصالح المإسسة أو تح ٌثها و‪/‬أو الحفاظ على كل مناصب العمل المؤجور فٌها أو‬
‫بعضها " )‪ ،(6‬وهو النص الذي ٌتناتقض واله ف الذي طالما اتقترن بعملٌة الخوصصة‬
‫على العموم‪ ،‬ففً الما نص صرٌح ال ٌبٌح إمكانٌة تسرٌح فابض العمالة فً المإسسة‬
‫المخوصصة‪ ،‬فكٌف نتصور وصول المإسسة إلى المر و ٌه فً غٌاب الحساب‬
‫اال تقتصا ي بها وفً غٌاب ال راسة ال تقٌقة لمختلف التكالٌف المترتبة عن نشاطها‪ ،‬ال‬
‫سٌما تكلفة الٌ العاملة التً طالما شكلت عببا ثقٌال على المإسسات االتقتصا ٌة الوطنٌة‬
‫الفتقا ها المهار الكافٌة وافتقارها للحافز على العمل‪ ،‬بادإضافة إلى تواج ها بكثافة‬
‫بالمستوى الذي ٌفوق النتابج المنتظر من نشاط المإسسة‪ ،‬وهو ما انبثق عن سٌاسة‬
‫اجتماعٌة منتهجة من تقبل السلطة‪.‬‬

‫فً نفس السٌاق نج أن الما الرابعة من األمر رتقم ‪ 22-81‬تجبر األطراف‬


‫المتنازل لها على إبقاء المإسسات المخوصصة فً حالة تشغٌل خالل م ال تقل عن‬
‫خمس سنوات‪ ،‬وهو القٌ ا لذي ٌمثل فً رأٌنا عابقا فً إتمام عملٌة الخوصصة خاصة‬
‫إذا اتقترنت هذه األخٌر بمإسسات اتقتصا ٌة ال ٌمكن فً كل األحوال االستمرار فً‬
‫تشغٌلها طٌلة هذه الم ‪ ،‬بل ٌجب التخلص منها كلٌّة وإعا بعث مإسسات ج ٌ ‪ ،‬وهً‬
‫الحالة التً تح ّتم فً غالبٌة األحٌان تب ّنً إجراءات ٌمكن أن تتنافى والسٌاسة االجتماعٌة‬
‫لل ولة خاصة ما اتقترن بتسرٌح العمال‪ ،‬لكنها تبقى الحل األمثل فً بعض الوضعٌات‬
‫للوصول إلى تحسٌن كفاء االتقتصا الوطنً‪ ،‬لكن ادإبقاء على هذه المإسسات فً حالة‬
‫تشغٌل وبمستوى ال ٌرتقى لما تحققه نفس االستثمارات ل ى القطاع الخاص لن ٌصل‬
‫حسب رأٌنا باالتقتصا الوطنً إلى مستوى الكفاء المنشو ‪.‬‬

‫ت عٌما لهذا الموتقف وحفاظا منها على بسط سٌطرتها على اآللة ادإنتاجٌة‪ ،‬فإن‬
‫ال ولة‪ ،‬حسب نص الما السا سة من القانون السالف الذكر‪ ،‬تقرر إمكانٌة حٌازتها لما‬
‫ٌسمى فً نص القانون بالسهم النوعً‪ ،‬الذي ٌخوّ ل لها صالحٌات ع ٌ من شؤنها أن‬
‫تلزم المالكٌن الج للمإسسات االتقتصا ٌة المخوصصة باالستجابة إلى جملة من‬

‫العدد ‪)0666( 66‬‬ ‫‪135‬‬ ‫مجلة العلوم االقتصادية وعلوم التسيير‬


‫الخوصصة في الجزائر‪ :‬مبررات ها و عوائقها‪.......................... ........................................................................‬أ‪ .‬خبابة حدان‬

‫الشروط طٌلة م خمس سنوات كح أتقصى‪ ،‬تتعلق أساسا بع م تغٌٌر اله ف االجتماعً‬
‫للمإسسة المخوصصة‪ ،‬وع م إخضاع نشاطها ألي تحرٌف أو إنهابه بصفة كلٌّة‪ .‬كما‬
‫ٌلتزم المالكون الج ضمن نفس الم بع م حل الشركة المخوصصة‪ ،‬وتق منح السهم‬
‫النوعً لل ولة حق الت خل فً تلك المإسسات حفاظا على المصلحة الوطنٌة إذا تعلق‬
‫األمر بتنفٌذ أي من التغٌٌرات السابقة )‪ .(7‬فالسلطات الجزابرٌة من هذا المنظور‪ ،‬تفتقر‬
‫إلى الثقة فً األطراف التً ٌمكن أن تستوعب عملٌة الخوصصة سواء كانوا محلٌٌّن أم‬
‫أجانب‪ ،‬ف ملكٌة ال ولة لسهم نوعً فً المإسسات المخوصصة‪ٌ ،‬عنً وفق القانون إحكام‬
‫ال ولة لرتقابتها على المإسسات المخوصصة‪ .‬وحتى ٌكون األمر نافذا ٌجب إثبات وجو‬
‫هذا السهم فً عق الملكٌة الج ٌ للمإسسة المخوصصة‪ ،‬وهو ما ٌمثل نوعا ج ٌ ا من‬
‫السٌطر تمارسه ال ولة بسلطة القانون من شؤنه أن ٌقف عابقا أمام إتقبال المستثمرٌن‬
‫المحلٌٌّن على األتقل لشراء المإسسات المعروضة‪ ،‬باعتبارها مإسسات تفتق حرٌة‬
‫تغٌٌر نشاطها‪ ،‬أو ه فها‪ ،‬أو سٌاستها العامة بما ٌتالءم ومحٌطها التنافسً‪ ،‬محلٌا كان أم‬
‫أجنبٌا‪ ،‬لتحقٌق المر و ٌة فٌها‪ ،‬وبرأٌنا فالمستثمر األجنبً والمحلًّ لن ٌكون من صالحه‬
‫تملّك مإسسة فاتق ا فٌها سلطة اتخاذ القرار‪.‬‬

‫كما كرّ ست ال ولة ت خلها فً العملٌة بما ٌشكل تناتقضا مع ه ف رفع كفاء االتقتصا‬
‫الوطنً من خالل منح القانون لعمال المإسسات الخاضعة لعملٌة الخوصصة حق‬
‫الشفعة فً ‪ %22‬من رأس مال المإسسة‪ ،‬ومنحهم القانون حق تملّك ‪ %62‬من إجمالً‬
‫أسهم المإسسة ب ون مقابل)‪ .(8‬فال ولة بهذا التوجه ترغب فً ادإبقاء على ملكٌة‬
‫المإسسات االتقتصا ٌة بٌ العاملٌن فٌها تكرٌسا لسٌاستها االجتماعٌة المطبقة عبر مسٌر‬
‫التنمٌة منذ االستقالل إلى الٌوم‪.‬‬

‫بهذا التوجه فً الخوصصة نج الجزابر تسعى جاه دإتقامة نموذج اتقتصا السوق‬
‫خاضعا دإشراف ال ولة وهو النموذج الذي لم تثبت التجارب ال ولٌة وجو ه لغاٌة اآلن‪،‬‬
‫مبتع بذلك عن خٌار إتقام ة نظام اتقتصا السوق المبنً على المنافسة االتقتصا ٌة الحر ‪،‬‬
‫ومرورا بعملٌة خوصصة مإسسات القطاع العام فً ظل الشفافٌة والنزاهة‪ ،‬وتحت‬
‫سلطة القانون بالشكل الذي ٌح ّفز االستثمار المحلًّ واألجنبً‪ ،‬لذلك فإنه فً ظل التوجه‬
‫السابق لل ولة من الصعب إٌجا توفٌقة تضم بٌن مجموع األه اف والمصالح المتعارضة‬
‫فً آن واح ‪.‬‬

‫المعوقات التقنية‬
‫ّ‬ ‫‪0-II‬‬
‫ٌضم هذا الجانب ع ا كبٌرا من المعوّ تقات التً ٌسجلها االتقتصا الوطنً على كافة‬
‫األصع ‪ ،‬تشكل فً الواتقع عابقا حقٌقٌا أمام عملٌة الخوصصة‪ ،‬وتحول ون إتمامها‬
‫بالشكل المرغوب‪ ،‬مما جعل العملٌة ال تحقق األه اف المرجو منها‪ ،‬ومن بٌن هذه‬
‫المعوّ تقات نذكر‪:‬‬
‫‪ -6‬تخوّ ف األطراف المالكة لرإوس األموال والتً تنشط فً مجاالت غٌر معلنة‬
‫خاصة تلك المرتبطة باألنشطة الغٌر مصرّ ح بها‪ ،‬أو األنشطة الممارسة بعٌ ا عن رتقابة‬

‫العدد ‪)0666( 66‬‬ ‫‪136‬‬ ‫مجلة العلوم االقتصادية وعلوم التسيير‬


‫الخوصصة في الجزائر‪ :‬مبررات ها و عوائقها‪.......................... ........................................................................‬أ‪ .‬خبابة حدان‬

‫ال ولة والجهاز المصرفً ومنظومة الضرابب‪ ،‬مما ٌجعلها غٌر مإهلة لل خول فً مثل‬
‫هذه العملٌة ولٌس من مصلحتها الظهور إلى العٌان‪ ،‬وادإتقبال على تملّك أسهم المإسسات‬
‫المخوصصة‪ ،‬على اعتبار أن ذلك ٌعرّ ضها للمساءلة عن مصا ر تلك األموال التً‬
‫تش ّكل على الصعٌ الوطنً جزءا هاما من رإوس األموال المت اولة محلٌا‪ ،‬بما ٌحرم‬
‫االتقتصا الوطنً من فرصة جٌ دإنجاح العملٌة‪.‬‬
‫‪ -2‬غموض الرإٌة التً ارتبطت وما باالتقتصا الوطنً‪ ،‬وخضوع الساحة‬
‫االتقتصا ٌة الوطنٌة لتقلّبات كثٌر تتبع التقلّبات السٌاسٌة التً تشه ها الساحة الوطنٌة بما‬
‫ٌزرع جوا من ع م ثقة المستثمرٌن خوفا من المستقبل‪ ،‬وما ٌحمله من مفاجآت‪ ،‬ولعل‬
‫إتقبال االستثمار األجنبً على خوض عملٌة االستثمار فً مجال المحروتقات ون غٌره‬
‫من المجاالت خٌر لٌل على ذلك‪ .‬فطالما حاولت ال ولة عبر أجهزتها المختلفة تحفٌز‬
‫االستثمار فً مجاالت السٌاحة وغٌرها لكن ونما ج وى‪ ،‬وٌرجع ذلك كلّه إلى غموض‬
‫الوضع‪ ،‬وغموض التشرٌع فً هذا المجال بما ال ٌخلق حافزا على جذب رأس المال‬
‫األجنبً‪ .‬فً هذا الص ٌذكر أنه من بٌن جملة اتقتراحات وصلت إلى ‪ 2‬ملٌار والر لم‬
‫ٌتحقق منها فً الواتقع سوى ‪.(9) %62‬‬
‫‪ -1‬القصور الذي اتقترن على ال وام باألجهز ادإ ارٌة التً تشرف على إ ار‬
‫المإسسات االتقتصا ٌة العمومٌة خاصة تلك المرشحة لعملٌة الخوصصة‪ ،‬والتً ٌست عً‬
‫إخضاعها لذلك تؤهٌال على كافة أصع تها ال اخلٌة فً وجو مشرفٌن فاتق ٌن‬
‫للمٌكانزمات المتطور فً إ ار المإسسات‪ ،‬التً تصل بهم إلى تحسٌن صور‬
‫مإسساتهم وجعلها أكثر تقابلٌة وجاذبٌة دإتمام عملٌة الخوصصة‪ .‬إلى جانب ذلك كلّه‪،‬‬
‫فإنه من غٌر صالح هإالء إتمام عملٌات خوصصة تش ّكل فً نظرهم ته ٌ ا لوجو هم‬
‫على رأس هذه المإسسات وحرمانهم من جملة مزاٌا ارتبطت فً العا بالمناصب‬
‫ادإ ارٌة التً ٌشغلونها‪.‬‬
‫‪ -1‬تباطإ إتمام العملٌة كسمة ممٌز لكل برامج الخوصصة اتقترنت حتى بتجارب‬
‫ال ول المتق مة كالتجربة البرٌطانٌة فً هذا المجال التً شه ت ب اٌة صعبة )‪ ،(10‬رغم‬
‫كونها أحسن التجارب ال ولٌة فً الخوصصة‪ ،‬هذه األخٌر تفرض علٌها الوضعٌة‬
‫االتقتصا ٌة والمالٌة تباطإا فً وتٌرتها تكا تكون بمثابة عابق حقٌقً أمامها ٌوحً فً‬
‫بعض األحٌان بالفشل‪ ،‬وٌ فع بمتخذي القرار إلى التراجع وإعا النظر فً تلك البرامج‬
‫بالشكل الذي ٌزرع جوانب من الشك فٌها كما هو الحال فً الجزابر‪ ،‬لذلك فعلى القابمٌن‬
‫على العملٌة ع م فهم هذه الوضعٌة بمثابة فشل حقٌقً وإنما ٌجب فعها إلى األمام‬
‫بتوفٌر ال عم الالزم لها على كافة األصع اجتماعٌة كانت أم مالٌة‪ ،‬أو تقانونٌة‪ ،‬وٌرجع‬
‫السبب فً تباطإ وتسارع عملٌة الخوصصة إلى طبٌعة المإسسات المعروضة‬
‫للخوصصة من جهة‪ ،‬ومن جهة ثانٌة ٌعو إلى نوعٌة التحضٌرات التً سبقت ال خول‬
‫فً تطبٌق عملٌات الخوصصة‪ ،‬فً هذا ادإطار شه ت التجارب ال ولٌة أبرز التجارب‬
‫تسارعا وهً التجربة الفرنسٌة التً حققت ‪ %12‬من برنامج الخوصصة فٌها ما بٌن‬
‫عامً ‪ 6891‬و‪.(11) 6899‬‬

‫‪ 1-II‬التناتقض الذي تطرحه العملٌة مع المحٌط االتقتصا ي الكلًّ‬

‫العدد ‪)0666( 66‬‬ ‫‪137‬‬ ‫مجلة العلوم االقتصادية وعلوم التسيير‬


‫الخوصصة في الجزائر‪ :‬مبررات ها و عوائقها‪.......................... ........................................................................‬أ‪ .‬خبابة حدان‬

‫ٌعتم نجاح عملٌات الخوصصة مهما كان حجمها على طبٌعة المحٌط االتقتصا ي‬
‫الذي تسته فه العملٌة من حٌث استقراره‪ ،‬وتوفٌره للظروف المناسبة دإنجاح العملٌة‬
‫والمضً فٌها تق ما‪ ،‬لذلك فالجزابر بإتقبالها على تب ّنً برنامج الخوصصة فً الثالثً‬
‫األخٌر من سنة ‪ ،6881‬تكون تق اتخذت‪ ،‬حسب رأٌنا‪ ،‬تقرارا ال ٌتالءم مع متغٌرات‬
‫المحٌط االتقتصا ي الكلًّ‪ ،‬خاصة فً السنوات األولى ابت اءا من سنة ‪ 6881‬إلى غاٌة‬
‫عام ‪ ،2222‬لما تمٌزت به هذه الفتر من فوضى اتقتصا ٌة على المستوى الكلًّ‪ ،‬وتخبط‬
‫ال ولة فً مشاكل معق السٌما المالٌة منها‪ ،‬بادإضافة إلى انشغالها بجوانب سٌاسٌة أكثر‬
‫منها اتقتصا ٌة سعٌا منها لتحقٌق االستقرار المنشو ‪.‬‬
‫لعل متغٌرات المحٌط االتقتصا ي متع ومتشعبة (مع الت التضخم الساب ‪ ،‬خ مة‬
‫الم ٌونٌة الخارجٌة‪ ،‬تقٌمة العملة المحلٌة‪ ،‬مع الت البطالة‪...‬إلخ) تمارس أثرها وٌجب‬
‫القضاء علٌها مجتمعة أو على األتقل التخفٌف من وطؤتها‪ ،‬وٌمكن فً هذا السٌاق‬
‫ادإحاطة بجملة من هذه الجوانب من خالل النقاط التالٌة‪:‬‬
‫‪ -6‬بالنسبة لمع الت التضخم‪ :‬سجلت السنوات األولى من العشرٌة األخٌر (‪-6882‬‬
‫‪ )2222‬مع ل تضخم مرتفع‪ ،‬ش ّكل عابقا أمام التنمٌة االتقتصا ٌة‪ ،‬وح ّتمت الظاهر‬
‫على االتقتصا الوطنً ال خول فً حلقة ركو تام‪ ،‬مارست أثرها المباشر على‬
‫الق ر الشرابٌة لما سجلته األسعار من ارتفاع ش ٌ ‪ ،‬مما خلق وضعٌة اجتماعٌة‬
‫صعبة ج ا حتمت على الجزابر تب ّنً برنامج إصالح هٌكلً به ف إح اث استقرار‬
‫اتقتصا ي على المستوى الكلًّ‪ ،‬كان من أولوٌاته عالج هذه الظاهر من خالل تب ّنً‬
‫سٌاسة نق ٌة ومالٌة صارمة‪ .‬وفً سٌا هذا النوع من التضخم ال ٌمكن الح ٌث‬
‫عن تؤهٌل مناخ استثماري مح ّفز لإلتقبال على تملّك مإسسات اتقتصا ٌة تشه‬
‫مشاكل اخلٌة معق إضافة إلى متاعب المحٌط االتقتصا ي لها‪ ،‬مما ٌجعل‬
‫المستثمرٌن فً مواجهة هذا الوضع متخوفٌن من تتابع نتابج سلبٌة أخرى تتعلق‬
‫بارتفاع المستوى العام لألسعار‪ ،‬وارتفاع األجور وتفاتقم مشكلة الم ٌونٌة‪ ،‬بما‬
‫ٌجعلهم غٌر تقا رٌن على تملّك أي من المإسسات المعروضة للخوصصة‪.‬‬
‫‪ -2‬تمثل ظاهر التضخم على صعٌ االتقتصا الجزابري نتٌجة حتمٌة للسٌاسة المالٌة‬
‫التوسعٌة المعتم من تقبل ال ولة على صعٌ المٌزانٌة‪ ،‬والتً حتمت علٌها‪ ،‬فً‬
‫مرحلة الحقة‪ ،‬تب ّنً سٌاسات مالٌة اتصفت بالصرامة خاصة فً السنوات (‪،6898‬‬
‫‪ ،)6886 ،6882‬مما أثر سلبٌا على الصعٌ االجتماعً بالشكل الذي فع بمتخذي‬
‫القرار مر أخرى إلى التراجع عن سٌاساتهم السابقة‪ ،‬مما ساهم فً تفاتقم ظاهر‬
‫التضخم من ج ٌ إلى الح الذي واجهت فٌه الجزابر خٌارا وحٌ ا تمثل فً تب ّنً‬
‫سٌاسة صن وق النق ال ولً‪ ،‬وتطبٌق مبا بها بصرامة لتحقٌق نتابج ملموسة فً‬
‫المٌ ان‪ ،‬حٌث تم االمتصاص الفعلً لفابض النق المش ّكل لظاهر التضخم‪.‬‬
‫‪ -1‬بالنسبة لقٌمة العملة المحلٌة‪ :‬مارست المإسسات االتقتصا ٌة الجزابرٌة أنشطتها فً‬
‫محٌط ٌكا ٌكون مغلقا بفعل السٌطر والمركزٌة فً اتخاذ القرارات‪ ،‬سواء تعلقت‬
‫بالمإسسات ذاتها‪ ،‬أو تعلقت بحٌثٌات المحٌط االتقتصا ي الكلًّ‪ ،‬ولعل أبرز‬
‫العوامل المش ّكلة لهذا المحٌط سعر صرف العملة المحلٌة فً مواجهة العمالت‬
‫األجنبٌة‪ ،‬التً شه ت أسعار صرف مبالغ فٌها‪ ،‬لم تعكس فً ٌوم حقٌقة النشاط‬

‫العدد ‪)0666( 66‬‬ ‫‪138‬‬ ‫مجلة العلوم االقتصادية وعلوم التسيير‬


‫الخوصصة في الجزائر‪ :‬مبررات ها و عوائقها‪.......................... ........................................................................‬أ‪ .‬خبابة حدان‬

‫االتقتصا ي بالشكل الذي فاتقم األزمة‪ ،‬وحتم على متخذي القرار فً ال ولة تب ّنً‬
‫نهجا ج ٌ ا فً ذلك من خالل ادإتق ام على تخفٌض تقٌمة العملة الوطنٌة كؤح‬
‫شروط برنامج التع ٌل الهٌكلً لصن وق النق ال ولً‪ ،‬حٌث فرض هذا األخٌر‬
‫تخفٌضا مستمرا فً تقٌمة ال ٌنار كان بمثابة ص مة أصابت أرباب العمل‪ ،‬فانتقل‬
‫سعر ال والر الواح من تسعة نانٌر فً سنة ‪ 6882‬إلى ‪ٌ 69.1‬نار فً عام‬
‫‪ ،6886‬إلى مستوى ‪ٌ 11‬نار فً جوان ‪.2222‬‬

‫كان لعملٌة تخفٌض تقٌمة ال ٌنار وتقع ش ٌ على المإسسات االتقتصا ٌة العمومٌة‪ ،‬هذه‬
‫األخٌر ‪ ،‬إضافة إلى متاعبها المتراكمة‪ ،‬واجهت صعوبة فً التحكم فً تكالٌف إنتاجها‪،‬‬
‫باعتبارها تعتم إلى رجة كبٌر على م خالت مستور أو منتوجات نصف مصنعة‪،‬‬
‫ضخمت من تكالٌفها وجعلت‬ ‫ّ‬ ‫أو تقطع غٌار أجنبٌة إلى جانب المتابعة التقنٌة‪ ،‬عوامل‬
‫منتوجاتها غٌر تقابلة للمنافسة خاصة إذا ما تقورنت بمنتجات أجنبٌة ٌتم استٌرا ها‪ ،‬فً‬
‫ظل تناتقص الطلب على منتجاتها محلٌا‪.‬‬

‫تع عملٌة التخفٌض المتواصل لقٌمة العملة الوطنٌة فً مواجهة العمالت األجنبٌة‬
‫مإشرا هاما على ع م تحقٌق االستقرار االتقتصا ي الكلًّ‪ ،‬وما له من انعكاسات على‬
‫صعٌ المإسسات االتقتصا ٌة‪ ،‬هذه األخٌر طرحها للخوصصة لن ٌكون مج ٌا فً ظل‬
‫هذه الظروف‪ ،‬لما لألمر من تبعات سلبٌة تحكم بالفشل على نشاط المإسسات‪ ،‬وتحكم‬
‫على جزء كبٌر منها بتوتقٌف نشاطها‪ ،‬وهو ما ح ث فً الفتر األخٌر ابت اءا من سنة‬
‫‪ 6881‬إلى غاٌة سنة ‪.2222‬‬

‫مثل هذه الظروف االتقتصا ٌة ٌصعب معها الح ٌث عن خوصصة مإسسات‬


‫اتقتصا ٌة‪ ،‬تشه وضعٌة صعبة ال ٌمكن ألي مستثمر أن ٌتحمل عواتقبها فً ظل وجو‬
‫فرص استثمارٌة ب ٌلة أكثر عاب ا وأتقل مخاطر ‪ ،‬سواء على صعٌ االتقتصا الجزابري‪،‬‬
‫أو فً أتقطار أخرى تغنٌه عن ادإتق ام على تح ّمل تبعات الوضعٌة السابقة‪.‬‬

‫بالنسبة لحجم الم ٌونٌة‪ :‬على غرار الكثٌر من االتقتصا ٌات النامٌة تب ّنت الجزابر خطط‬
‫تنمٌة اعتم ت على عملٌات االست انة الواسعة اخلٌا وخارجٌا‪ ،‬حٌث ارتبطت‬
‫المإسسات االتقتصا ٌة العمومٌة فً جمٌع أنشطتها سواء تعلقت باالستثمار‪ ،‬أو‬
‫باالستغالل بمصا ر تموٌل اخلٌة وخارجٌة‪ ،‬معظمها فً شكل ٌون‪ ،‬وٌع ذلك نتٌجة‬
‫حتمٌة لغٌاب المر و ٌة وفشل المإسسات االتقتصا ٌة فً االعتما على التموٌل الذاتً‪،‬‬
‫األمر الذي ش ّك ل عابقا حقٌقٌا أمام نموها‪ ،‬وتطورها لمواكبة التطورات الحاصلة على‬
‫الصعٌ ال ولً خاصة فً الجانب التقنً أو التكنولوجً‪ ،‬بالشكل الذي ٌح ّسن أ اءها‪،‬‬
‫وصور منتوجها فً منافسة المنتجات األجنبٌة مما حكم على معظمها بالفشل‪.‬‬

‫العدد ‪)0666( 66‬‬ ‫‪139‬‬ ‫مجلة العلوم االقتصادية وعلوم التسيير‬


‫الخوصصة في الجزائر‪ :‬مبررات ها و عوائقها‪.......................... ........................................................................‬أ‪ .‬خبابة حدان‬

‫اضطلعت ال ولة عبر الخزٌنة العمومٌة بمهمة تموٌل مإسسات القطاع العام عبر‬
‫منظومتها المصرفٌة إلى غاٌة عام ‪ 6882‬باعتبارها سنة القطٌعة التً سجل فٌها‬
‫االتقتصا الوطنً الشروع الفعلً فً تطبٌق سٌاسة االستقاللٌة على صعٌ المإسسات‬
‫العمومٌة‪ .‬إنها النقطة التً وصل فٌها االتقتصا الوطنً إلى وضعٌة حرجة تست عً حال‬
‫جذرٌا وسرٌعا‪ ،‬بع تسجٌله فً الفتر الواتقعة بٌن ‪ 6891‬و ‪ 6882‬تراجعا جذرٌا فً‬
‫العاب ات النفطٌة بع أزمة أسعار النفط لسنة ‪ .6891‬وتق سجلت الم ٌونٌة الخارجٌة‬
‫لل ولة مستوٌات مرتفعة ج ا ٌمكن إبراز تطورها من خالل الج ول الموالً‪ ،‬فق بلغت‬
‫أعلى مستوٌاتها فً سنة ‪ 6881‬بمبلغ إجمالً وصل إلى ‪ 11‬ملٌار والر‪ ،‬وسجلت أعلى‬
‫نسبة لها إلً الناتج ال اخلً الخام بـ ‪ % 11.6‬عام ‪ ،6881‬لتشه بع ذلك تراجعا فً‬
‫نسبتها على اعتبار أنه ابت اءا من سنة ‪ 6881‬شرعت الجزابر فً تطبٌق برنامج التع ٌل‬
‫الهٌكلً‪ ،‬وشرعت فً إعا ج ولة ٌونها‪ ،‬إلى جانب تح ّسن عاب اتها النفطٌة ت رٌجٌا‬
‫مما سمح لها بالوفاء بجزء من التزاماتها حٌث سجلت النسبة أ نى مستوى لها عام‬
‫‪ 2222‬بنسبة ‪ ،% 47,23‬لكن رغم ذلك تبقى تلك النسبة معتبر ‪.‬‬

‫امجدول (‪ :)0‬جطور اموديوييت امخبرجيت منجزائر في امفجرة (‪)0666 – 1116‬‬

‫امسيت‬
‫‪2222‬‬

‫‪6888‬‬

‫‪6889‬‬

‫‪6881‬‬

‫‪6881‬‬

‫‪6881‬‬

‫‪6881‬‬

‫‪6881‬‬

‫‪6882‬‬

‫‪6886‬‬

‫‪6882‬‬
‫بيبى‬
‫‪21.216‬‬

‫‪29.161‬‬

‫‪12.111‬‬

‫‪16.222‬‬

‫‪11.116‬‬

‫‪16.111‬‬

‫‪28.191‬‬

‫‪21.121‬‬

‫‪21.119‬‬

‫‪21.911‬‬

‫‪29.118‬‬
‫حجه اموديوييت (ونيبر دوالر )‬
‫‪19.8‬‬

‫‪11.9‬‬

‫‪11.1‬‬

‫‪11.1‬‬

‫‪11.6‬‬

‫‪18.8‬‬

‫‪12.6‬‬

‫‪12.9‬‬

‫‪11.1‬‬

‫‪11.8‬‬
‫‪11.21‬‬

‫يسبت اموديوييت إمى اميبجج‬


‫امداخني امخبه (‪)%‬‬
‫‪11.1‬‬

‫‪12.1‬‬

‫‪12.8‬‬

‫‪19.9‬‬

‫‪11.6‬‬

‫‪92.2‬‬

‫‪11.1‬‬

‫‪11.8‬‬

‫‪11.1‬‬
‫‪68.92‬‬

‫‪18.21‬‬

‫خدوت اموديوييت ليسبت وى‬


‫وامخدوبث‬ ‫امسنع‬ ‫صبدراث‬
‫(‪)%‬‬
‫اموصدر‪ :‬بيك امجزائر‬
‫تمثل الوضعٌة فً نظرنا خاصة فً الفتر (‪ )6889-6881‬مرحلة حرجة واجهها‬
‫االتقتصا الجزابري بجمٌع مفر اته‪ ،‬تقوّ ضت من فرص المناور للخروج من األزمة‬
‫وحتمت على ال ولة فً مواجهة هاجس الم ٌونٌة التخلً عن مسإولٌاتها السابقة خاصة‬
‫ما ارتبط بعملٌات تموٌل المإسسات االتقتصا ٌة وتغطٌة خسابرها المتراكمة‪ ،‬وتح ّمل‬
‫ٌونها ل ى البنوك التجارٌة مما جعل النسٌج االتقتصا ي الوطنً ٌ ور فً حلقة من‬
‫الركو فً ظل مح و ٌة مصا ر التموٌل باعتبار أن اللجوء للبنوك فً هذه المرحلة‬
‫تقرارا مكلفا‪ ،‬وال ٌح ّسن من وضعٌتها لما شه ته أسعار الفاب من مستوٌات مرتفعة‪،‬‬

‫العدد ‪)0666( 66‬‬ ‫‪140‬‬ ‫مجلة العلوم االقتصادية وعلوم التسيير‬


‫الخوصصة في الجزائر‪ :‬مبررات ها و عوائقها‪.......................... ........................................................................‬أ‪ .‬خبابة حدان‬

‫وهو ما ساهم فً تفاتقم العراتقٌل المالٌة للمإسسات‪ ،‬حٌث سجلت مع الت عاب أتقل بكثٌر‬
‫صل علٌها‪.‬‬‫من كلفة القروض المح ّ‬

‫أمام هذه الوضعٌة سجلت معظم المإسسات االتقتصا ٌة شلال فً أنشطتها‪ ،‬تجاهلت‬
‫عناصر محٌطها الخارجً‪ ،‬تراجعت من حٌث مستوى تقنٌة ادإنتاج المستعملة فٌها‪،‬‬
‫بالشكل الذي أثر على نوعٌة منتوجها الذي واجه تراجعا كبٌرا فً الطلب النفتاح ال ولة‬
‫على الخارج وفتح المجال واسعا أما عملٌات االستٌرا ‪ .‬عوامل تضافرت وصنعت فشل‬
‫المإسسات الوطنٌة إلى الح الذي لم ٌإهلها ألن تكون ضمن ركب المإسسات‬
‫االتقتصا ٌة المماثلة لها خاصة التً تقع ضمن ملكٌة القطاع الخاص‪ ،‬الشًء الذي جعل‬
‫منها هٌاكل ما ٌ ة تجاوزها الزمن‪ ،‬ال تصلح فً معظمها لعملٌات الخوصصة نتٌجة‬
‫افتقارها لشروط إخضاعها للعملٌة‪ ،‬مما حكم على هذه األخٌر بالفشل وع م التوصل‬
‫إلى نتابج ملموسة فً الواتقع‪ ،‬لذا فالح ٌث عن عملٌات خوصصة ال ٌمكن أن ٌتم ون‬
‫وضع أسس و عامات صحٌحة لمحٌط اتقتصا ي كلًّ مستقر ٌمس جمٌع الجوانب‬
‫السالفة الذكر‪.‬‬
‫‪ 4-II‬عوائق تتعلق بالظرف السياسي‬
‫شه ت الفتر األخٌر السٌما التً أعقبت أح اث أكتوبر ‪ ،6899‬وابت اءا من سنة‬
‫‪ 6882‬تحوالت جذرٌة فً السٌاسة ال اخلٌة للجزابر لم تشه ها من تقبل ولم ٌكن متوتقعا‬
‫ح وثها بتلك السرعة والفجابٌة‪ ،‬تحوالت عصفت بالساحة السٌاسٌة الوطنٌة وأملت‬
‫توجها مخالفا للتوجهات السابقة ومارست أثرا سلبٌا على أ اء االتقتصا الوطنً من حٌث‬
‫تفاتقم نتابجه السلبٌة النشغال أجهز ال ولة بالجوانب السٌاسٌة‪ ،‬وإغفال الجوانب‬
‫االتقتصا ٌة تخوّ فا من انفجار اجتماعً ال تحم عقباه‪.‬‬

‫حملت الظروف السٌاسٌة الج ٌ رإى وأفكارا وطروحات ج ٌ تناتقضت واختلفت‬


‫فً نمط تسٌٌر شإون ال ولة‪ ،‬هذه األخٌر سجلت لح اآلن تعاتقب عشر حكومات فً‬
‫م لم تتجاوز ‪ 61‬سنة أي بمع ل أتقل من سنتٌن للحكومة الواح ‪ ،‬م تقصٌر ال ٌمكن‬
‫ّ‬
‫توخً‬ ‫الح ٌث فٌها عن أ اء جهاز حكومً ولعب وره فً إح اث االستقرار‪ ،‬أو‬
‫االنتعاش االتقتصا ي‪ ،‬ونجم عن هذا الوضع إفراز ترسانة من القوانٌن شملت كافة‬
‫المجاالت‪ ،‬والتً تناتقضت فً كثٌر من األحٌان فً طروحاتها كونها تسته ف حلوال‬
‫ظرفٌة ولم تسته ف الم ى الطوٌل‪ ،‬كما هو الحال بالنسبة لموضوع الخوصصة الذي‬
‫ش ّكل حقل تجارب على الصعٌ التشرٌعً بص ور ع مهم من القوانٌن‪ ،‬تع ّ ل فً كل‬
‫فتر حسب مقتضٌاتها ون أن تراعى فٌها ال تقة المطلوبة‪ ،‬أو أن تؤخذ بعٌن االعتبار‬
‫السلبٌات التً تطرحها فً العمق التخاذ الت ابٌر التصحٌحٌة الالزمة مر واح دإرساء‬
‫تقاع متٌنة دإتمام العملٌة‪.‬‬

‫تمٌزت الفتر السابقة بتر ي صور الجزابر أمام العالم الخارجً‪ ،‬نتٌجة الظروف‬
‫السٌاسٌة التً عاشتها البال إلى المستوى الذي جعل من الجزابر مص ر تقلق لكثٌر من‬
‫ال ول سواء كانت وال مجاور ‪ ،‬أو وال أجنبٌة مطلة على حوض المتوسط تربطها‬

‫العدد ‪)0666( 66‬‬ ‫‪141‬‬ ‫مجلة العلوم االقتصادية وعلوم التسيير‬


‫الخوصصة في الجزائر‪ :‬مبررات ها و عوائقها‪.......................... ........................................................................‬أ‪ .‬خبابة حدان‬

‫بالجزابر عالتقات اتقتصا ٌة متٌنة من خالل مبا التها التجارٌة‪ .‬إلى جانب ذلك كلّه‬
‫تكالبت وسابل ادإعالم األجنبٌة بجعلها من القضٌة الجزابرٌة ما إعالمٌة سمة تت اول‬
‫فً المحافل ادإعالمٌة إلى الح الذي س ّ ت فٌه كل المنافذ والسبل لتحسٌن هذه الصور ‪،‬‬
‫وهو ما حكم بالفشل على االتقتصا الوطنً عبر كافة مإسساته وأفشل مساعً ال ولة فً‬
‫إتمام محاوالت الخوصصة‪ ،‬لتهرّ ب المستثمر األجنبً من الوضع الساب وتخوّ ف‬
‫المستثمر المحلً من ظروف الفتر ‪.‬‬

‫كما حمل المحٌط السٌاسً فً الجزابر عوابق ومقٌ ات وتقفت أمام خوصصة‬
‫المإسسات العمومٌة تتعلق بادإٌ ٌولوجٌة التً سا ت البال منذ االستقالل‪ ،‬تلك المتشبعة‬
‫بالفكر االشتراكً الذي تجس فً أنماط تسٌٌر االتقتصا فً السابق جعلت من متخذي‬
‫القرار ٌرون فً كل تحول عن ذلك الخط مساسا بثوابت األمة‪ ،‬وه ما ألفكار طالما‬
‫تشبعوا بها وحاولوا غرسها فً عمق المجتمع‪ ،‬واعتبروا أن االشتراكٌة تمثل المثالٌة‬
‫والع الة االجتماعٌة‪ ،‬تضمن الرفاهٌة للجمٌع من تعلٌم وصحة وغذاء ون النظر إلى‬
‫تكلفة ومستوى توفٌر ذلك‪ ،‬معتبرٌن نماذج اتقتصا السوق سٌاسات تقترن ال محالة‬
‫بمع الت بطالة عالٌة نتٌجة االستغناء عن العمالة الفابضة‪ ،‬وتفشً الظواهر االجتماعٌة‬
‫المتر ٌة من فقر وما ٌتبعه من ت هور فً المجال الصحً والتعلٌمً مما جعل من هذا‬
‫التٌار عامال معٌقا لعملٌة الخوصصة‪.‬‬

‫مارس أصحاب القرار فً ال ولة وظابفهم من خالل فرض وصاٌتهم على االتقتصا‬
‫الوطنً بجمٌع مفر اته‪ ،‬فهل من الممكن أن ٌتراجع هإالء عن ذهنٌتهم السابقة وٌفسحوا‬
‫المجال أمام أطراف أخرى ت فع بعملٌات التخصٌص إلى األمام؟ وادإجابة‪ ،‬حسب رأٌنا‪،‬‬
‫تكون بال‪ ،‬انطالتقا من أن األنظمة السٌاسٌة فً كافة ول العالم الثالث تستم سلطتها‬
‫ونفوذها فً المجتمع من خالل بسط سٌطرتها على االتقتصا ‪ ،‬أي نظام ادإنتاج والتوزٌع‬
‫ومصا ر التموٌل فٌه‪ ،‬لذا فهً ال تتصور التنازل عن هذا الجانب حتى ال تكون فً‬
‫موتقع المالحظ ون أن ٌكون لها أ نى ت خل تفرضه لتوجه من خالله السٌاسة العامة‬
‫لل ولة‪ ،‬وفً ظل هذا التصور ال ٌمكننا التفكٌر فً نجاح برامج خوصصة القطاع العام‬
‫فً ال ول النامٌة كافة والجزابر بالتح ٌ وفق هذا المنظور‪ ،‬خاصة إذا تعلق األمر‬
‫بقطاعات اتقتصا ٌة استراتٌجٌة تمثل فً نظرهم هٌبة وسٌا ال ولة كقطاع المحروتقات‪،‬‬
‫النقل الجوى‪ ،‬االتصاالت‪ ،‬التع ٌن…إلخ‪.‬‬

‫‪ 5-II‬عوائق تتعلق بطبيعة المؤسسات المرشحة للخوصصة‬


‫ٌمثل هذا الجانب أهم عوابق الخوصصة على ادإطالق‪ ،‬انطالتقا من أن المإسسات‬
‫االتقتصا ٌة تش ّكل موضوع برنامج الخوصصة‪ ،‬وأي خلل فٌها ٌعرّ ض العملٌة برمتها‬
‫للفشل‪ ،‬فطبٌعة ونتابج المإسسات المطروحة للخوصصة ٌح نجاح من ع م نجاح‬
‫العملٌة‪.‬‬
‫جانب مهم مارس أثره البالغ وفرض الفشل على عملٌة الخوصصة فً الجزابر على‬
‫اعتبار أن المإسسات التً طرحت للعملٌة تعٌش فً معظمها وضعٌة صعبة تخص كافة‬

‫العدد ‪)0666( 66‬‬ ‫‪142‬‬ ‫مجلة العلوم االقتصادية وعلوم التسيير‬


‫الخوصصة في الجزائر‪ :‬مبررات ها و عوائقها‪.......................... ........................................................................‬أ‪ .‬خبابة حدان‬

‫الجوانب فٌها‪ ،‬من تق م فً وسابل إنتاجها‪ ،‬ور اء منتوجاتها‪ ،‬وتح ّملها ألعباء مالٌة فً‬
‫شكل ٌون تتعلق بمصالح الضرابب‪ ،‬وصنا ٌق الضمان االجتماعً‪ ،‬بادإضافة إلى‬
‫مشكلة ملكٌة األراضً المقامة علٌها التً تتبع فً ملكٌتها عا الجماعات المحلٌة ون‬
‫أن ٌكون لهذه المإسسات تنازال عنها بما ال ٌسمح بإمضاء عقو تنازل لمالكٌها الج ‪،‬‬
‫وغٌرها من المشاكل والمعوّ تقات التً جعلت من هذه المإسسات فً نظر المستثمر‬
‫المحلً واألجنبً فً كثٌر من األحٌان خر ‪ .‬وال ٌمكن اعتبارها مإسسات اتقتصا ٌة‬
‫تتوتقع منها مر و ٌة فً المستقبل بالنظر إلى ما سٌنفق من أموال دإعا تؤهٌلها‬
‫لممارسة نشاطها‪ ،‬أضف إلى ذلك أن الغالبٌة العظمى من تلك المإسسات ال تمتلك إسما‬
‫تجارٌا وال حصة من السوق تم ّكنها من تحقٌق عواب مستقلبٌة بع عملٌة تشغٌلها‪،‬‬
‫فالوضعٌة ال تح ّف ز المستثمر على شراء مثل هذه المإسسات‪ ،‬وعلى ال ولة فً هذا‬
‫ادإطار تؤهٌلها بفت ر سابقة للعملٌة حتى تكون فً مستوى ٌإهلها لعملٌة التنازل‪ .‬لكن‬
‫السإال المطروح ما هً كلفة العملٌة من جهة‪ ،‬وهل لل ولة ادإمكانات الكفٌلة بتؤهٌل‬
‫مجموع هذه المإسسات؟ و من جهة ثانٌة هل إبقاء هذه المإسسات على حالها ٌضمن بٌع‬
‫جزء منها؟ ادإجابة فً الحالتٌن بال‪ ،‬حٌث بالنظر إلى الوضعٌة المالٌة لل ولة ال ٌمكنها‬
‫تحت أي ظرف أن تنفق مبالغ ضخمة لتؤهٌل هذه المإسسات لتضاف إلى ما أنفقته فً‬
‫الفتر السابقة فً إطار عملٌة التطهٌر المالً انطالتقا من أن أي من المستثمرٌن ال ٌؤخذ‬
‫فً تقٌٌمه لهذه المإسسات إجمالً النفقات المترتبة عن عملٌة تؤهٌلها‪ .‬من جهة أخرى‬
‫فإن إبقاء هذه المإسسات على حالها ٌحكم على العملٌة بالفشل وٌجعل المستثمرٌن فً‬
‫موتقع المترتقب لتح ٌّ ن الفرصة حٌث ٌعرض مجموعهم أسعارا زهٌ ال ترتقى إلى‬
‫مستوى موجو ات هذه المإسسات‪ ،‬وهً النتابج التً غالبا ما أشارت إلٌها تقارٌر‬
‫المجلس الوطنً االتقتصا ي واالجتماعً‪ ،‬وأك ت فً أرتقام رسمٌة أن القطاع الصناعً‬
‫فً الجزابر ٌسجل تراجعا فً نتابجه سواء من حٌث تطور حجم إنتاجه‪ ،‬أومن حٌث‬
‫تطور تقٌمته المضافة‪.‬‬
‫فق أشار المجلس إلى تراجع إنتاج القطاع الصناعً فً عام ‪ 2226‬بنسبة ‪%28‬‬
‫مقارنة بسنة ‪ 2222‬فً الوتقت الذي سجل فٌه القطاع الخاص نموا بـ ‪ ،%4,5‬وتق سجل‬
‫تقطاعا الصناعات الغذابٌة والنسٌج والجلو أكبر انخفاض بنسبة ‪ %12,8‬و ‪%14,7‬‬
‫على التوالً )‪ ،(12‬تاركٌن المجال للقطاع الخاص من حٌث تحسٌن حصته من السوق‪.‬‬
‫وضعٌة ت فع بمتخذي القرار فً ال ولة فً كل فتر إلى تب ّنً نمط تسٌٌر ج ٌ علّه‬
‫ٌح ّسن الوضع‪ ،‬ون أن تكون تقراراتهم فً ذلك مبنٌة على معطٌات تقٌقة تم ّكنهم من‬
‫إٌجا العالج والتصحٌح الالزمٌن‪ ،‬فً هذا الص تب ّنت ال ولة خٌارا ج ٌ ا بحلها‬
‫للشركات العمومٌة القابضة وإنشابها لما ٌ عى فً نص القانون بشركات تسٌٌر‬
‫المساهمات‪ ،‬شؤنها فً ذلك شؤن النماذج السابقة التً افتقرت إلى الها فٌة وتبقى مجر‬
‫إجراءات إ ارٌة تطبق انطالتقا من نصوص تقانونٌة ال تمارس تغٌٌرا إٌجابٌا فً الواتقع‪.‬‬

‫‪ 6-II‬عوائق تتعلق باألجهزة المكلفة بإتمام برنامج الخوصصة‪.‬‬


‫ساهمت األجهز المكلفة بإتمام برنامج الخوصصة فً الجزابر إلى ح كبٌر فً‬
‫فشله‪ ،‬من خالل التعارض الذي شه ته فً جوانب ع ٌ أثناء تقٌامها بمهامها المنصوص‬

‫العدد ‪)0666( 66‬‬ ‫‪143‬‬ ‫مجلة العلوم االقتصادية وعلوم التسيير‬


‫الخوصصة في الجزائر‪ :‬مبررات ها و عوائقها‪.......................... ........................................................................‬أ‪ .‬خبابة حدان‬

‫علٌها فً القانون‪ ،‬حٌث اختلفت وتع ت القرارات بما عرتقل عملها وأعاق العملٌة‬
‫برمتها‪ ،‬وتق أشارت تقارٌر المجلس الوطنً االتقتصا ي واالجتماعً لذلك‪ ،‬ففً تقرٌره‬
‫للس اسً الثانً لسنة ‪ ،6881‬أشار المجلس إلى وجو مثل هذا الت اخل الذي وصل فً‬
‫بعض األحٌان إلى ح خلق صراعات اخلٌة تعٌق العملٌة‪ ،‬فبالرجوع إلى نصوص‬
‫القانون والتمعن فً طبٌعة مهام هذه األجهز ٌمكن تسجٌل المالحظات التالٌة‪:‬‬
‫أ‪ -‬بالنسبة للهيئة المكلفة بالخوصصة‬
‫أح ثت هذه الهٌبة وفقا للما الثامنة من األمر رتقم ‪ ،22-81‬كما فصّلت مهامها من‬
‫خالل الموا الصا ر فً المرسوم التنفٌذي رتقم ‪ 621-81‬الصا ر فً ‪ 66‬مارس‬
‫‪ ،6881‬من حٌث كونها المكلفة بإتمام برنامج الخوصصة المصا ق علٌه من تقبل‬
‫الحكومة‪ ،‬وتق خوّ لت الما األولى من المرسوم السالف الذكر لما ٌسمى بمن وب‬
‫ادإصالح االتقتصا ي المنصوص علٌه فً المرسوم التنفٌذي رتقم ‪ 21-82‬الصا ر فً‬
‫‪ 26‬جانفً ‪ ،6882‬القٌام بمهام الهٌبة من خالل عالتقته بالمإسسات االتقتصا ٌة الخاضعة‬
‫لعملٌة الخوصصة‪ ،‬ومن خالل عالتقته بكل من مجلس‪ ،‬ولجنة مراتقبة عملٌات‬
‫الخوصصة‪.‬‬
‫انطالتقا من ذلك نالحظ أن من وب ادإصالح االتقتصا ي ٌمارس سلطة على مجلس‬
‫الخوصصة باعتباره جهازا مح ثا ل ى الهٌبة حسب ما نصت علٌه الما ‪ 66‬من األمر‬
‫رتقم ‪ ،22-81‬فوجو الهٌبة مجس فً شخص من وب ادإصالح االتقتصا ي ٌمكن‬
‫اعتباره همز وصل بٌن الحكومة وباتقً األجهز المكلفة بالخوصصة‪ ،‬أي ما تعلق‬
‫بالمجلس واللجنة‪ ،‬و تنحصر مهمة هذه الهٌبة فً تبلٌغ الحكومة توصٌات وتوجٌهات كل‬
‫من المجلس واللجنة‪ ،‬وما ٌالحظ فً هذا الص أن الهٌبة تمثل عابقا أكثر منه افعا‬
‫للعملٌة على اعتبار أنه بإمكان الحكومة االبقاء على عالتقة مباشر بكل من المجلس‬
‫واللجنة ون وساطة فً ذلك‪.‬‬

‫ت اركا لهذا األمر ص ر المرسوم التنفٌذي رتقم ‪ (13) 681-89‬الصا ر فً السابع‬


‫جوان من عام ‪ 6889‬لٌنهً مهام من وب ادإصالح االتقتصا ي المنصوص علٌها فً‬
‫المرسوم رتقم ‪ 621-81‬باعتباره ش ّكل عقبة أمام العملٌة‪ ،‬وأسن ت جمٌع مهامه لما ٌ عى‬
‫بالمجلس الوطنً لمساهمات ال ولة (‪.)CNPE‬‬
‫ب‪ -‬بالنسبة لمجلس الخوصصة‬
‫ح ت الما الثالثة عشر من األمر رتقم ‪ 22-81‬مهام المجلس من حٌث اضطالعه‬
‫بمهمة تنفٌذ برنامج الخوصصة الذي تصا ق علٌه الحكومة‪ ،‬كما ح ت موا تقانونٌة‬
‫أخرى جاء بها المرسوم التنفٌذي رتقم ‪ (14) 621-81‬الصا ر فً ‪ 66‬مارس ‪6881‬‬
‫مهام المجلس التً نور بشؤنها مالحظات هامة نوجزها فً النقاط التالٌة‪:‬‬
‫‪ -‬من خالل تقراء الموا السالفة الذكر ٌمكن أن نستشف ال ور الحقٌقً لمجلس‬
‫الخوصصة‪ ،‬فهو ال ٌمثل إال هٌبة استشارٌة‪ ،‬وال ٌمكن اعتباره هٌبة مستقلة فً تقراراتها‬
‫ٌمكنها القٌام بمهامها بكامل الحرٌة حسب رإٌة القابمٌن على شإونه (أعضاء المجلس)‪،‬‬
‫على اعتبار أن هذا المجلس ٌمارس عمله فً إتمام عملٌة الخوصصة انطالتقا من برنامج‬
‫ٌح له من تقبل الحكومة‪ ،‬وبالتشاور مع ما ٌسمى بالهٌبة المكلّفة بالخوصصة متجس فً‬
‫شخص من وب ادإصالح االتقتصا ي ون أن ٌكون للمجلس مشاركة فً ذلك‪.‬‬
‫العدد ‪)0666( 66‬‬ ‫‪144‬‬ ‫مجلة العلوم االقتصادية وعلوم التسيير‬
‫الخوصصة في الجزائر‪ :‬مبررات ها و عوائقها‪.......................... ........................................................................‬أ‪ .‬خبابة حدان‬
‫‪ -‬فً إطار تنفٌذه لبرنامج الخوصصة المقترح من تقبل الحكومة ٌمكن فقط للمجلس أن‬
‫ٌوصً حسب ما نصت علٌه الما ‪ 61‬من األمر رتقم ‪ ،22-81‬بمقترحات تخص‬
‫األسالٌب الممكن تطبٌقها فً خوصصة بعض من مإسسات القطاع العام التً شملها‬
‫برنامج الحكومة ون أن تكون تقراراته ملزمة‪ ،‬وفً هذه النقطة بالذات نج أن الهٌبة‬
‫المكلفة بالخوصصة تمارس سلطة كاملة على المجلس حسب ما نصت علٌه الما الثانٌة‬
‫من المرسوم رتقم ‪ 621-81‬السالف الذكر‪ ،‬بالشكل الذي ٌع ّرض مقترحاته للرفض‬
‫أوالتع ٌل‪ ،‬أو استب الها بمقترحات أخرى ٌمكن أن تتنافى مع سٌرور العملٌة مما ٌساهم‬
‫فً عرتقلتها‪.‬‬
‫‪ -‬من خالل تقٌام المجلس بمهمة تق ٌر أصول المإسسات المعروضة للخوصصة‪ٌ ،‬ع‬
‫صال عن العملٌة ٌح فٌه تقابمة بالعروض المقبولة شكال والمتعلقة بتملّك بعض‬ ‫تقرٌرا مف ّ‬
‫من المإسسات المرا خوصصتها مع تح ٌ ه لفارق األسعار بٌن تلك العروض‪ ،‬والقٌم‬
‫المح من تقبله لتعرض العملٌة بكاملها على الهٌبة المكلفة بالخوصصة كما تعرض أٌضا‬
‫على الحكومة للمصا تقة علٌها‪ ،‬وهً العملٌة التً ٌمارس من خاللها المجلس مهمة مح‬
‫ون أن ٌكون له تقرار فٌها والذي ٌبقى بٌ الحكومة ون سواها‪ ،‬وهو األسلوب الذي‬
‫ساهم فً إطالة زمن العملٌة بالشكل الذي أفق ها مص اتقٌتها انطالتقا من مراحلها الطوٌلة‬
‫والمعق ‪.‬‬

‫إن المشرّ ع من خالل موا األمر رتقم ‪ ،22-81‬والمرسوم التنفٌذي رتقم ‪ 621-81‬تق‬
‫ح لمجلس الخوصصة إطارا ضٌقا ٌمارس فٌه مهامه تحت إشراف سلطة ال ولة‪،‬‬
‫ونعنً بذلك سلطة القابمٌن على شإونها‪ ،‬وأنه فً الحاالت التً تتعارض فٌها الرإى‬
‫بٌن المجلس وبعض من متخذي القرار فً الحكومة‪ ،‬فإن لهإالء سلطة نسف مقترحات‬
‫المجلس وتعوٌضها بؤخرى‪ ،‬فال ولة بهذا التوجه أرا ت االنفرا بالقرارات التً تخص‬
‫العملٌة‪ ،‬وهً السمة التً مٌزت سٌاساتها منذ االستقالل فٌما ٌتعلق باالتقتصا الوطنً‬
‫ومإسساته‪ ،‬فغالبا ما اتخذت أجهز ال ولة تقرارات بتب ّنى سٌاسات كانت سلبٌاتها أكثر‬
‫من إٌجابٌاتها بما حكم علٌها بالفشل‪ ،‬وهو ما اتقترن بعملٌة الخوصصة كذلك‪.‬‬

‫ج‪ -‬بالنسبة للجنة مراقبة عمليات الخوصصة‬


‫نصت الما الثامنة والثالثون من األمر رتقم ‪ 22-81‬على وجو لجنة مراتقبة‬
‫عملٌات الخوصصة‪ ،‬كما نصت علٌها موا المرسوم التنفٌذي رتقم ‪ 621-81‬الصا ر فً‬
‫‪ 66‬مارس ‪ ،6881‬والتً ٌتمثل ورها فً السهر على احترام تقواع النزاهة والشفافٌة‬
‫فً إتمام عملٌات الخوصصة من خالل اطالعها على حٌثٌات العملٌة‪ ،‬حٌث تمارس‬
‫رتقابة علٌها انطالتقا من التقرٌر المرسل إلٌها من تقبل مجلس الخوصصة حسب ما نصت‬
‫علٌه الما السا سة عشر من األمر رتقم ‪ ،22-81‬لكن ما ٌالحظ فً هذا الص أن‬
‫لجنة المراتقبة وفً تقراراتها المرتبطة بعملٌات الخوصصة تستخ م تقناتٌن لالتصال‪:‬‬
‫تتعلق األولى بالهٌبة المكلفة بعملٌة الخوصصة حسب ما نصت علٌه الما التاسعة‬
‫عشر من المرسوم التنفٌذي رتقم ‪ ،621-81‬وتتعلق الثانٌة بالحكومة حسب ما ور فً‬
‫نص الما ‪ 12‬من األمر رتقم ‪.22-81‬‬
‫ففً نظرنا مهمة واح تكتسً أهمٌة بالغة فً إضفاء الشرعٌة والشفافٌة على‬
‫العملٌة بما ٌضمن نجاحها‪ ،‬لكنها ال تتع ى ذلك إلً استخ ام تقناتٌن لالتصال لنفس‬
‫العدد ‪)0666( 66‬‬ ‫‪145‬‬ ‫مجلة العلوم االقتصادية وعلوم التسيير‬
‫الخوصصة في الجزائر‪ :‬مبررات ها و عوائقها‪.......................... ........................................................................‬أ‪ .‬خبابة حدان‬

‫القرارات‪ ،‬حٌث بادإمكان االعتما على تقرٌر واح ٌسلم للهٌبة‪ ،‬تبلّغه ب ورها للحكومة‬
‫على اعتبار أن الهٌبة تقع تحت سلطة الحكومة تفا ٌا الز واجٌة العالتقات‪.‬‬
‫ما ٌالحظ من خالل العرض السابق أن األجهز المكلفة بإتمام عملٌات الخوصصة‬
‫تمارس مهامها ون أن تكون لها طبٌعة تنظٌمٌة مح تح خطوط السلطة فٌها‪،‬‬
‫والمسإولٌات الملقا على عاتقها‪ ،‬حتى تكون عملٌات الرتقابة وتح ٌ المسإولٌة فً‬
‫حاالت الفشل واضحة‪ ،‬حٌث تكررت المهام فً بعض األجهز كالهٌبة والمجلس‪،‬‬
‫و وج ت عالتقات متكرر بٌن الحكومة واللجنة من جهة والمجلس من جهة ثانٌة‪ ،‬نتج‬
‫عنها حتما تع القرارات وتناتقضها فً كثٌر من الحاالت فً ظل تباٌن وجهات النظر‬
‫بخصوص الوضعٌات المطروحة‪ ،‬تولّ ها االختالفات فً األٌ ٌولوجٌات الساب خاصة‬
‫من خالل العالتقة القابمة بٌن اللجنة والحكومة ممثلة فً الهٌبة بما أفشل العملٌة برمتها‪.‬‬

‫خاتمة‬
‫سلكت الجزابر التوجه السابق بتب ّنٌها عملٌة الخوصصة‪ ،‬غٌر أن الواتقع أثبت مرّ‬
‫أخرى أن سعً ال ولة فً الخوصصة منً بالفشل شؤنه فً ذلك شؤن برامجها السابقة‪،‬‬
‫لنفس الظروف والعوامل التً كان من أبرزها العفوٌة فً ادإع ا للعملٌة‪ ،‬والسطحٌة فً‬
‫اتخاذ القرارات‪ ،‬والتباطإ فً تنفٌذ العملٌات‪ ،‬ففً ظل المعطٌات السابقة لم ٌكن‪ ،‬حسب‬
‫رأٌنا‪ ،‬فً مق ور الجزابر إتمام برامج خوصصة فٌها‪ ،‬خاصة فً الفتر (‪- 6881‬‬
‫‪ ) 2222‬التً كان من المفترض أن تكون فتر تحضٌر للعملٌة ال أكثر سواء على صعٌ‬
‫إحالل استقرار اتقتصا ي كلًّ‪ ،‬أو على صعٌ تؤهٌل المإسسات الممكن إخضاعها‬
‫للعملٌة مما فرض علٌها الفشل‪ .‬فإذا أمعنا النظر فً العرض السابق تؤك لنا أن الجهات‬
‫ذات العالتقة بالخوصصة فً الجزابر لم توفر ال عامات األساسٌة لنجاح العملٌة من‬
‫خالل التحضٌر الجٌ لها‪ ،‬ولم تكن لمتخذي القرار رإٌة واضحة بخصوصها‪ ،‬مما أفق‬
‫العملٌة الها فٌة‪ ،‬وفرض علٌها الفشل منذ انطالتقها‪ ،‬كما تإك الجوانب السالف ذكرها أن‬
‫الخوصصة فً الجزابر تسته ف الجمع بٌن الع ٌ من المتناتقضات السٌاسٌة‪،‬‬
‫واالجتماعٌة واالتقتصا ٌة‪ ،‬والتً أثبتت السٌاسات السابقة التً تعاتقبت على االتقتصا‬
‫الوطنً فشلها فً الجمع بٌنها‪ .‬عالو على ما سبق فإن عملٌة الخوصصة تعثرت كثٌرا‪،‬‬
‫نظرا الز واجٌة مراكز القرار وتع الهٌبات المسإولة على تنفٌذ عملٌة الخوصصة‬
‫وتضارب صالحٌاتها‪ ،‬وظلّت العملٌة مبهمة بالنسبة للجمهور سواء تعلق األمر‬
‫بالمستثمرٌن‪ ،‬أو العاملٌن بالمإسسات االتقتصا ٌة العمومٌة‪ ،‬من حٌث أه افها ومرامٌها‬
‫وكذا مزاٌاها‪ ،‬مما خلق تؤوٌالت كثٌر تصب معظمها فً الجوانب السلبٌة للعملٌة‪،‬‬
‫كربط سٌاسة الخوصصة بتسرٌح العمالة‪ ،‬وربطها بارتفاع األسعار نتٌجة تخلًّ ال ولة‬
‫عن عمها لبعض القطاعات‪ ،‬وغٌرها من المفاهٌم التً لم تساهم فً تهٌبة المحٌط بق ر‬
‫ما ساهمت فً خلق عوابق أمام العملٌة‪.‬‬
‫على ضوء النقابص التً سجلناها على صعٌ عملٌة الخوصصة فً الجزابر‪ ،‬سواء‬
‫تعلق األمر بالجانب التشرٌعً‪ ،‬أو ببعض الجوانب التقنٌة ذات العالتقة بالعملٌة‪ ،‬أو‬
‫بمضمون العملٌة فً ح ذاتها‪ ،‬نرى أن الفرصة الزالت سانحة أمام الجزابر للمضً فً‬
‫إع ا وتنفٌذ برنامج خوصصة‪ٌ ،‬رتقى إلى تحقٌق األه اف المتعارف علٌها فً هذا‬

‫العدد ‪)0666( 66‬‬ ‫‪146‬‬ ‫مجلة العلوم االقتصادية وعلوم التسيير‬


‫الخوصصة في الجزائر‪ :‬مبررات ها و عوائقها‪.......................... ........................................................................‬أ‪ .‬خبابة حدان‬

‫المجال‪ ،‬ون أن ننسى فً ذلك تحمّل بعض األطراف لجملة من اآلثار السلبٌة التً من‬
‫الممكن تالفٌها‪ ،‬أو التخفٌف من وطؤتها إن تم التحضٌر للعملٌة جٌ ا‪ .‬من هذا المنطلق‬
‫إذا كانت الجزابر تبحث فعلٌا عن النجاعة وتحقٌق كفاء وفعالٌة االتقتصا الوطنً‪،‬‬
‫فٌنبغً أن تنتقل ال ولة من موتقع المسٌطر على المإسسات االتقتصا ٌة إلى موتقع‬
‫المراتقب لنشاطها‪ ،‬من خالل إشرافها على استمرارٌة العملٌة االتقتصا ٌة ون أن ٌكون‬
‫لها ور بارز فً ممارسة النشاطات االتقتصا ٌة السٌما االعتٌا ٌة منها‪ ،‬وبمعنى أ ق‬
‫ٌجب تح ٌ ور ج ٌ لل ولة فً ظل التوجه للخوصصة‪ ،‬أي االنتقال من تسٌٌر ال ولة‬
‫للرأسمال إلى ادإشراف والمراتقبة‪ .‬فالفتر الحالٌة بمعطٌاتها االتقتصا ٌة تمثل فرصة‬
‫حقٌقٌة أمام ال ولة فً تب ّنً برنامج خوصصة حقٌقً‪ ،‬إذا ما كانت النٌة فً إع ا ه و‬
‫إتمامه نابعة من عمق اتقتصا ي‪ ،‬وابتع ت عن المزاٌ ات السٌاسٌة‪ ،‬فإذا تمعنا فً‬
‫حٌثٌات المحٌط االتقتصا ي الكلًّ للجزابر‪ ،‬ورغم هشاشته إال أنه ٌوفر فً الوتقت‬
‫الحاضر عوامل نجاح برنامج خوصصة‪.‬‬

‫الهوامش‪:‬‬
‫‪ -6‬الجرٌ الرسمٌة للجمهورٌة الجزابرٌة‪ ،‬الع ‪ ،6881 ،19‬األمر رتقم ‪ ،22-81‬المإرخ فً ‪-21‬‬
‫‪ ،6881-29‬المتعلق بخوصصة المإسسات العمومٌة‪.‬‬
‫‪ -2‬الجرٌ الرسمٌة للجمهورٌة الجزابرٌة‪ ،‬الع ‪ ،6881 ،11‬األمر رتقم ‪ ،21-81‬المإرخ فً ‪-21‬‬
‫‪ ،6881-28‬المتعلق بتسٌٌر رإوس األموال التابعة لل ولة‪.‬‬
‫‪ -1‬حمٌ حمٌ ي‪ ،‬خوصصة المإسسات العمومٌة فً القانون الجزابري‪ ،‬بحوث الن و الفكرٌة‪،‬‬
‫الجزابر‪ ،‬فٌفري ‪ ،6886‬ص ‪.662‬‬
‫‪- Benosman Mahfoud, La Privatisation en Algeie, Revue des Sciences 1‬‬
‫‪5. Humaines, Université de Constantine, 1994, P‬‬
‫‪ -1‬أحم ماهر‪ ،‬لٌل الم ٌر فً الخصخصة‪ ،‬ال ار الجامعٌة للنشر و التوزٌع‪ ،6881 ،‬ص ‪.21‬‬
‫‪ -1‬الجرٌ الرسمٌة للجمهورٌة الجزابرٌة‪ ،‬الع ‪ ،6881 ،19‬األمر رتقم ‪ ،22-81‬المإرخ فً ‪-21‬‬
‫‪ ،6881-29‬المتعلق بخوصصة المإسسات العمومٌة‪ ،‬ص‪1.‬‬
‫‪ -1‬نفس المص ر‪ ،‬ص‪1.‬‬
‫‪ -9‬نفس المص ر‪ ،‬ص ‪.9‬‬
‫‪Chadli Hamza, Les Privatisations Quelles Leçons, Revue NAQD, N°7, 8-‬‬
‫‪1994, Dossier Documentaire, CNES, ( La Privatisation Enjeux et Strategies ), P‬‬
‫‪25.‬‬
‫‪Ibid., P 40. 62-‬‬
‫‪- Ibid., P 40.66‬‬
‫‪ -62‬التقرٌر السنوي للمجلس الوطنً االتقتصا ي و االجتماعً‪ ،‬الس اسً الثانً لسنة ‪2226.‬‬
‫‪ -61‬الجرٌ الرسمٌة للجمهورٌة الجزابرٌة‪ ،‬الع ‪ ،6889 ،16‬المرسوم التنفٌذي رتقم ‪،681-89‬‬
‫المإرخ فً ‪ ،6889-21-21‬المتعلق بإنهاء مهام من وب ادإصالح االتقتصا ي‪.‬‬
‫‪ -61‬الجرٌ الرسمٌة للجمهورٌة الجزابرٌة‪ ،‬الع ‪ ،6881 ،69‬المرسوم التنفٌذي رتقم ‪،621-81‬‬
‫المإرخ فً ‪ ،6681-21-66‬المح لكٌفٌات تنظٌم مجلس الخوصصة وسٌره‪.‬‬

‫العدد ‪)0666( 66‬‬ ‫‪147‬‬ ‫مجلة العلوم االقتصادية وعلوم التسيير‬

You might also like