You are on page 1of 13

‫توزيع الثروة و الدخل في االقتصاد اإلدالمي‪.....................................................................................................................‬أ‪.

‬د صالح صالحي‬

‫توزيع الثروة و الدخل في االقتصاد اإلدالمي‬

‫األستاذ الدكتور صالح صالحي‬


‫عميد كلية العلوم االقتصادية وعلوم التسيري‬

‫‪Abstract :‬‬ ‫ملخص‪:‬‬


‫‪This paper deals with the problem of‬‬ ‫ٌتناول هذا البحث إشكالٌة توزٌع‬
‫‪the distribution of income and wealth‬‬ ‫الدخل والثروة فً االقتصاد اإلسالمً‬
‫‪in the Islamic economy and the most‬‬
‫‪important mechanisms and components‬‬ ‫واهم آلٌاتها وأقسامها ومراحلها‪ ،‬وٌتعرض‬
‫‪and stages, and subjected to the effects‬‬ ‫آلثار الكفاءة التوزٌعٌة على الكفاءة‬
‫‪of allocative efficiency efficiency‬‬ ‫االستخدامٌة للموارد وتعظٌم المصلحة‬
‫‪usability of resources and maximize the‬‬ ‫االقتصادٌة المجتمعٌة‪.‬‬
‫‪economic interest of society.‬‬
‫تمهيد‬
‫تعد مشكلة التوزٌع من أخطر المشاكل االقتصادٌة التً واجهتها المجتمعات اإلنسانٌة‬
‫عبر مسٌرة تطورها‪ ،‬وتنبع خطورتها من كونها إحدى الجوانب الهامة للمشكلة االقتصادٌة التً‬
‫تتفاقم نتٌجة لسببٌن رئٌسٌٌن هما‪:‬‬
‫‪ -‬سوء استخدام الموارد‪.‬‬
‫‪ -‬سوء توزٌع الثروات والدخول‪.‬‬
‫إن استخدام الموارد بكفاءة ٌتوقف بدرجة معٌنة على كفاءة توزٌعها التً تتجاوز ذلك‬
‫الفهم البسٌط الذى ٌحصر التوزٌع فى إعادة توزٌع الدخول المتاحة بالمجتمع‪ ،‬إلى النظرة‬
‫الصحٌحـة لعملٌة التوزٌع التً تشمل عدة مراحل بقنوات وآلٌات متعددة تتـرافق مع عملٌات‬
‫استخدام الموارد المجتمعٌة‪ ،‬وٌمكن تقسٌم عملٌـة التوزٌع فً االقتصاد الوطنً فً المنظور‬
‫اإلسالمً إلى األقسام المتكاملة التالٌة ‪:‬‬
‫‪ -‬التوزٌع األولى للثروة والموارد‪.‬‬
‫‪ -‬التوزٌع العملً لعوائد عوامل اإلنتاج‪.‬‬
‫‪ -‬التوزٌع التوازنً للدخول والعوائد‪.‬‬
‫‪ -‬توزٌع تكالٌف األزمات و منافع التحوالت‪.‬‬
‫ولكـل نظام نظرٌته وآلٌاته التً تعالج مشكلة التوزٌع فً ظل مبادئه المذهبٌة وأصوله‬
‫العامة‪ ،‬وقد أثبتت التجربة المٌدانٌة فً العالم الحدٌث كٌف أدى تطبٌق المناهج الوضعٌة إلى‬
‫تزاٌد االختالل والتفاوت فً توزٌع الثروات والدخول و تكالٌف التحوالت و منافعها ‪ ،‬إن على‬
‫مستوى الدولة الواحدة فً البلدان المتقدمة وفى البلدان النامٌة ‪ ،‬أو على مستـوى العالم أجمع‬
‫حٌث تستحوذ ثلة من البشرٌة على النسبة العظمى من الثروات العالمٌة والدخول والمنافع‬
‫المتحققة أثناء عملٌات استغالل الثروات والموارد المتاحة‪.‬‬
‫وإذا أخذنا الوالٌات المتحدة األمرٌكٌة كمثال‪ٌ ،‬قول بٌل كلٌنتون ‪ -‬واصفا هذا‬
‫االضطراب والتفاوت فً عملٌة التوزٌع‪" :‬وخالل عقد الثمانٌنات حصل الواحد فً المائة األكثر‬
‫ثراء من األمرٌكٌـٌن على ‪ %77‬من إٌـرادات الدخل‪ ،‬وبنهاٌة العقد كان كبار رجال اإلدارة‬
‫األمـرٌكٌٌن ٌدفعون ألنفسهم مرتبات تزٌد بؤكثر مـن ‪ 177‬مرة عما ٌحصل علٌه عمالهم" ‪،1‬‬
‫وأضحى الٌوم واحد " من كل خمسة أشخاص تقرٌبا ممن ٌشتغلون ٌوم عمل كامل ال ٌكتسب ما‬
‫العدد ‪ 90‬السنة ‪9990‬‬ ‫‪1‬‬ ‫مجلة العلوم االقتصادٌة وعلوم التسٌٌر‬
‫توزيع الثروة و الدخل في االقتصاد اإلدالمي‪.....................................................................................................................‬أ‪.‬د صالح صالحي‬

‫ٌكفً إلعالة عائلة فوق خط الفقر " ‪ ،2‬وتزاٌد الفقر على المستوى العالمً وتزاٌد االختالل فً‬
‫توزٌع الدخول بحٌث ٌعود ‪ % 94‬من الدخل العالمً لحوالً ‪ %47‬من السكان‪ ،‬بٌنما ال ٌحصل‬
‫‪ % 67‬من سكان العالم سوى على ‪ % 6‬من الدخل العالمً‪ ،‬وذلك جعل نصف سكان العالم‬
‫ٌعٌشون على ‪ 2‬دوالر فً الٌوم وحوالً ملٌار إنسان ٌعٌش على أقل من دوالر فً الٌوم ‪ 3‬هذا‬
‫االختالل الرهٌب ٌدل على عدم مراعاة إشكالٌة توزٌع الثروة والدخل على مستوى االقتصاد‬
‫الوضعً ففً معظم الدول المتقدمة أصبح األغنٌاء أكثر ثراء والفقراء الٌكادون ٌحافظون على‬
‫دخولهم كما ٌشٌر إلى ذلك أحد الكتاب الكبار‪:‬‬
‫‪« Dans la plupart des pays développés, les riches deviennent encore plus riches‬‬
‫‪tandis que les pauvres souvent, ne parviennent pas à maintenir leurs revenus »4‬‬
‫و الوضع الحالً للتوزٌع فً البلدان اإلسالمٌة ٌظهر درجة االضطراب المترتبة عن‬
‫إهمال قضاٌا التوزٌع أثناء مسٌرة التنمٌة‪ ،‬فانعكست سلبا على الجهود المبذولة فً شكل تزاٌد‬
‫االنحرافات السلبٌة فً استخدام الموارد المتاحة فً المجتمع‪ ،‬سواء فً الدول التً استرشدت‬
‫بالمنهج االشتراكً سابقا أو التً استرشدت بالمنهج الرأسمالً أو فً ظل اإلصالحات اللٌبرالٌة‬
‫فً مرحلة العولمة الحالٌة و" سٌاساتها التً جعلت األغنٌاء أكثر غنا والفقراء أكثر فقرا‪ -‬وأشد‬
‫غٌظا " ‪ ، 5‬بحٌث ازداد تركز الثروة واالستئثار بمنافعها‪ ،‬مما أدى إلى حرمان األغلبٌة الساحقة‬
‫من إمكانٌات التحرك وبذل الجهد فً حاالت التوزٌع الرشٌد للثروات‪.‬‬
‫تحكم عملٌة التوزٌع فً االقتصاد اإلسالمً ضوابط ومعاٌٌر هامة سوف نتعرض‬
‫لمراحلها وخصائصها وضوابطها المذهبٌة التً تنظمها من خالل المحاور األساسٌة التالٌة ‪:‬‬
‫‪ -‬مرحلة التوزٌع األولً للثروات والموارد‪.‬‬
‫‪ -‬مرحلة التوزٌع العملً لعوائد عوامل اإلنتاج‪.‬‬
‫‪ -‬مرحلة التوزٌع التوازنً للدخول والعوائد‪.‬‬
‫‪ -‬مرحلة توزٌع تكالٌف األزمات منافع التحوالت‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫إن التوزٌع األولً لمصادر الثروة الذي ٌسمٌه بعض الكتاب بالتوزٌع القاعدي‬
‫وٌسمٌه آخرون بتوزٌع المصادر المادٌة لإلنتاج‪ 7‬تهمله الدراسات االقتصادٌة الوضعٌة‬
‫رغم أنه ٌعد من أهم مراحل التوزٌع التً أكدت علٌها المبادئ المذهبٌة والتوجٌهات‬
‫االقتصادٌة فً االقتصاد اإلسالمً تحقٌقا لمقصد دوران و رواج األموال‪ ،‬وتحقٌقا لقوله‬
‫ون ُدولَ ًة َبٌ َْن األَ ْغ ِن ٌَا ِء ِم ْن ُك ْم ‪ [ ‬الحشر‪.] 7 :‬‬
‫تعالى ‪َ  :‬كًْ ال ٌَ ُك َ‬
‫إن الضوابط المتعلقة بعملٌة التوزٌع فً االقتصاد اإلسالمً أعطت أهمٌة معتبرة‬
‫لهذه المرحلة التً من خاللها تبرز درجة كفاءة المذاهب االقتصادٌة فً تعمٌم االنتفاع‬
‫بمصادر الثروة التً ٌمتلكها المجتمع وقد تمٌزت بمراعاة كافة األبعاد والجوانب‬
‫المتعلقة بتوزٌع المصادر المادٌة لإلنتاج على المستوٌات التالٌة‪:‬‬

‫‪ -1‬توزٌع المصادر المادٌة لإلنتاج على األفراد‬

‫العدد ‪ 90‬السنة ‪9990‬‬ ‫‪2‬‬ ‫مجلة العلوم االقتصادٌة وعلوم التسٌٌر‬


‫توزيع الثروة و الدخل في االقتصاد اإلدالمي‪.....................................................................................................................‬أ‪.‬د صالح صالحي‬

‫إن غرٌزة حب التملك كامنة فً أعماق النفس اإلنسانٌة ومحاولة منع اإلنسان من‬
‫إشباع هذه الرغبة هو عمل ٌصادم الفطرة البشرٌة‪ ،‬ومصٌره حتما ً الفشل واإلخفاق‪،‬‬
‫والتجربة االشتراكٌة أكبر دلٌل واقعً على ذلك كما أن إتاحة الفرصة بدون حدود وبال‬
‫ضوابط ترشد عملٌة امتالك مصادر الثروة فً المجتمع ٌإدي إلى تركز الثروة وتزاٌد‬
‫التفاوت وحرمان األغلبٌة الساحقة‪ ،‬كما هو الحال فً واقع التطبٌقات الرأسمالٌة إن على‬
‫مستوى الدولة الواحدة أو على مستوى ممارسات تلك الدول على الصعٌد العالمً‪ .‬وقـد‬
‫أهملت البلدان اإلسالمٌة والنامٌة عموما هذه المرحلة الهامة من مراحل العملٌة‬
‫التوزٌعٌة‪.‬‬
‫وانطالقا من ذلك ال بد من تصحٌح هذه الوضعٌة عن طرٌق إعادة النظر فً‬
‫عملٌة توزٌع المصادر المادٌة للثروة بالعودة إلى تطبٌق سٌاسة اقتصادٌة تراعً المبادئ‬
‫واألصول المذهبٌة المتعلقة بالملكٌة وضوابطها‪ ،‬بدءا من تصحٌح النظرة إلى مفهوم‬
‫الملكٌة وطرق ووسائل امتالكها‪ ،‬وضوابط وآلٌات استغاللها‪ ،‬وحدود ومجاالت‬
‫استعمالها واالنتفاع بها‪ ،‬ووظٌفة المال وحدود وضوابط التصرف االستثماري‬
‫واالستعمالً الرشٌد التً تحكمه إن هذه السٌاسة ستحفز الناس على السعً والحركة‬
‫وبذل الجهد ألنهـم بذلك سٌحصلون على نتائج أعمالهم وٌضمنون حقهم فً الملكٌة التً‬
‫تحظى بالحماٌة‪ ،‬تطبٌقا لمبدأ األصل فً األموال حفظها وثباتها ألصحابها‪ ،‬فٌنمً‬
‫الجانب اإلٌجابً لفطرة اإلنسان وٌتم التخلـص من الجانب السلبً الذي ٌترتب عن‬
‫االستغالل غٌر المشروع واالستئثار واالحتكار والغـش والتحاٌل والهٌمنة والتسلط‬
‫بسبب الجاه والنفوذ والسلطان وغٌرهما من الطرق التً ال ترتبط فٌها المكافؤة بالجهد‬
‫المبذول فً المجتمع فتتكافؤ الفرص أمام الجمٌع للوصول الى مصادر الثروة واالنتفاع‬
‫االستخدامً بالموارد والثروات المتاحة‪.‬‬

‫‪ -9‬توزٌع المصادر المادٌة لإلنتاج على األجٌال‬


‫قلما تؤخذ السٌاسات االقتصادٌة مسؤلة توزٌع الموارد المتاحة على أجٌال المجتمع‬
‫بعٌن االعتبار‪ ،‬ولذا فإن من مقتضٌات التوزٌع العادل‪ ،‬تعمٌم منافع تلك الموارد على‬
‫أجٌال المجتمع بمراعاة حقهم الحالً والمستقبلً‪ .‬إن هذا الضابط على االستخدامات‬
‫الحالٌة للموارد المجتمعٌة المتاحة من شؤنه أن ٌشجع على تقلٌل الهدر الناتج عن ارتفاع‬
‫وتائر االستغالل االستنزافً لهذه الثروات وخاصة تلك التً لها فرص تصنٌعٌة بدٌلة‬
‫كبٌرة‪ ،‬وتصدر اآلن بؤسعار ال تعبر عن قٌمتها الحقٌقٌة مثل الثروة البترولٌة فً البلدان‬
‫اإلسالمٌة كما أن هذا الضابط التوزٌعً الزمنً االجتماعً من شؤنه التحفٌز على إٌجاد‬
‫بدائل استخالفٌة تقلل االعتماد على بعض المصادر المادٌة المحدودة وغٌر المتجددة‪.‬‬
‫إن هذا الضابط التوزٌعً لمصادر الثروة قد أكدته السٌاسة االقتصادٌة الرشٌدة‬
‫فً المجال التطبٌقً عبر مختلف فترات التارٌخ االقتصادي فً البلدان اإلسالمٌة منذ‬
‫عهد الرسول صلى هللا علٌه وسلم‪ ،‬الذي كان ٌوقف بعض الثروات تحقٌقا لمصالح عامة‬
‫متجددة‪ ،‬وكذلك فعل أصحابه من بعده‪ ،‬فمنع عمر بن الخطاب ‪ -‬ممثال لدور الدولة آنذاك‬
‫‪ -‬تقسٌم أراضً السواد الخصبة بالعراق وكتب فً ذلك إلى سعد بن أبً وقاص مإكدا‪:‬‬
‫العدد ‪ 90‬السنة ‪9990‬‬ ‫‪3‬‬ ‫مجلة العلوم االقتصادٌة وعلوم التسٌٌر‬
‫توزيع الثروة و الدخل في االقتصاد اإلدالمي‪.....................................................................................................................‬أ‪.‬د صالح صالحي‬

‫"‪ ...‬واترك األرضٌن واألنهار لعمالها لٌكون ذلك فً أعطٌات المسلمٌن‪ ،‬فإنا لو قسمناها‬
‫بٌن من حضر لم ٌكن لمن بعدهم شًء"‪.8‬‬
‫إن السٌاسة االقتصادٌة التً ترتكز إجراءاتها على ترسٌخ هذا األصل تتحقق فً‬
‫إطارها الكفاءة االستخدامٌة الزمنٌة لموارد المجتمع وتقلل من مظاهر الهدر الحالً الذي‬
‫تمٌزت به مسٌرة التنمٌة فً ظل النظم و المناهج الوضعٌة‪ .‬كما أن المبادئ المذهبٌة فً‬
‫االقتصاد اإلسالمً قد شملت نطاقا آخر لتوزٌع الثروة على األجٌال والحد من تركزها‬
‫فً أٌدي محدودة عن طرٌق نظام الموارٌث الذي ٌوزع الثروات المكتسبة على األجٌال‬
‫المتالحقة فً دائرة األقارب داخل األسرة الموسعة‪ ،‬وقد أثبتت التجربة كفاءته وأهمٌته‬
‫وعدالته‪ .‬وقد تنبهت الدراسات االقتصادٌة الحدٌثة إلى أهمٌة هذا التوزٌع الزمانً الممتد‬
‫على األجٌال بالتؤكٌد على التنمٌة االستخدامٌة المستدامة إلى تحقق إحتٌاجات األجٌال‬
‫الحالٌة دون أن تخل بمصالح األجٌال الالحقة‪.‬‬
‫‪ -3‬توزٌع المصادر المادٌة لإلنتاج على القطاعات والمناطق واإلقلٌم‬
‫إن توزٌع المصادر المادٌة لإلنتاج ٌمتد لٌشمل القطاعات االقتصادٌة من زراعة‬
‫وصناعة وخدمات وقطاعات قانونٌة من قطاع عام وخاص وتكافلً‪ ،‬ومناطق وجهات‬
‫وأقلٌم‪ ...‬إلخ‪ .‬فهناك مصادر مادٌة ٌتطلب األمر تخصٌصها للقطاع الزراعً فقط‬
‫وحماٌته من الزحف العمرانً واالستخـدام الصناعً‪ ،‬وهناك بعض الموارد ٌقتضً‬
‫األمر تخصٌصها للصناعـة وبعضها للخدمات‪...‬إلخ‪.‬‬
‫كما أن من مقتضٌات التوزٌع الرشٌد لمصادر الثروة المادٌة حسن تقسٌمها بٌن‬
‫القطاعات القانونٌة حسب درجة ارتفاع عائدٌتها من جهة أو مدى ارتفاع تكالٌفها‪ ،‬فكلما‬
‫كانت عوائد استخدام هذه الموارد كبٌرة بالمقارنة مع التكالٌف االستثمارٌة كلما كان‬
‫إبقاء هذه الموارد تحت سلطة الدولة وقطاعها العام‪ ،‬وذلك منعا الستئثار األفراد بمنافعها‬
‫وحرمان المجتمع من عوائدها الكبٌرة‪ .‬وفً هذا المجال تفصٌالت مهمة وتحلٌالت غٌر‬
‫مسبوقة لفقهائنا‪ ،‬كما أن ارتفاع تكالٌف استغالل هذه المصادر المادٌة ارتفاعا ٌحول دون‬
‫قدرة القطاع الخاص عن عملٌة استخدامها ٌحتم ضرورة بقائها ضمن مجال االستغالل‬
‫العام والمشترك‪ ،‬وهناك مصادر كثٌرة تتحقق فٌها كفاءة القطاع الخاص أو القطاع‬
‫التكافلً‪ ،‬فاألولى أن تكون متاحة لالستغالل فً إطارهما بكل حرٌة فً ظل االلتزام‬
‫بالضوابط واالستفادة من الحوافز الممكنة‪.‬‬
‫ومن أهم جوانب التوزٌع التً تتجاهلها السٌاسات التطبٌقٌة للتجارب الحدٌثة‬
‫عملٌة توزٌع المصادر المادٌة توزٌعا إقلٌمٌا جهوٌا ٌعظم مصلحة جمٌع المناطق‬
‫الجغرافٌة التً تمثل امتدادا حٌوٌا لالقتصاد الوطنً‪ .‬فتجارب النمو الحدٌثة بسبب عدم‬
‫مراعاة هذا األصل حدث فٌها تطور متفاوت بٌن الجهات والمناطق واالقلٌم وهو ٌعكس‬
‫االختالل ف ً السٌاسات التوزٌعٌة المطبقة سواء فً البلدان المتقدمة أو فً البلدان النامٌة‪.‬‬

‫العدد ‪ 90‬السنة ‪9990‬‬ ‫‪4‬‬ ‫مجلة العلوم االقتصادٌة وعلوم التسٌٌر‬


‫توزيع الثروة و الدخل في االقتصاد اإلدالمي‪.....................................................................................................................‬أ‪.‬د صالح صالحي‬

‫تعالج المرحلة الثانٌة من مراحل التوزٌع إشكالٌة مكافؤة عوامل اإلنتاج‪ ،‬أي‬
‫توزٌع العوائد على العناصر التً ساهمت فً إنتاج السلع والخدمات وٌسمٌها علماء‬
‫االقتصاد بالتوزٌع العملً وعند االقتصادٌٌن التقلٌدٌٌن تعرف بالتوزٌع الوظٌفً ‪،9‬‬
‫ومهما كانت التسمٌة فإن القضٌة متعلقة بآلٌات مكافؤة عوامل اإلنتاج فً المجتمع وهً‬
‫تتوقف بدرجة كبٌرة على طبٌعة توجٌه المرحلة األولى من التوزٌع التً تتوقف بدورها‬
‫على خصائص المذهب االقتصادي المطبق‪ .‬واالقتصاد اإلسالمً له فلسفته المتمٌزة‬
‫ونظرت ه الخاصة إلى كل عنصر من عناصر اإلنتاج وكٌفٌة تقدٌر مساهمته بصورة‬
‫تساعد على تحفٌز أصحاب عوامل اإلنتاج على استخدامها‪ ،‬وتضمن تحقٌق العدالة‬
‫التوزٌعٌة التً تفتقدها األنظمة والمذاهب الوضعٌة ولتبٌان آلٌة التوزٌع وضوابطه سوف‬
‫نتعرض للنقاط التالٌة ‪:‬‬
‫‪ -1‬عوامل اإلنتاج فً االقتصاد اإلسالمً‬
‫إن تحدٌد عناصر اإلنتاج ٌكتسب أهمٌة معتبرة اقتصادٌة واجتماعٌة ألن‬
‫االعتراف بعامل معٌن ٌعطً له الحق فً الحصول على عائد ٌمثل جزءا من الناتج‬
‫القومً‪ ،‬كما أن عملٌة تحدٌد عناصر اإلنتاج تعنً تعٌٌن ‪" :‬مراكز القوى االقتصادٌة فً‬
‫المجتمع‪ ،‬أي تعنً تحدٌد الدعائم االقتصادٌة للمجتمع‪ ،‬و تحدٌد الدعائم ٌمس تنظٌم‬
‫المجتمع " ‪.10‬‬
‫ولقد تعرضت العدٌد الدراسات إلً تحدٌد عناصر اإلنتاج فً االقتصاد‬
‫اإلسالمً وٌمكن تصنٌفها إلى مجموعتٌن‪:‬‬
‫أ ‪ -‬المجموعة األولى ‪ :‬وتشمل الدراسات التً تتبنى التقسٌم الثنائً لعوامل‬
‫اإلنتاج فحصرتها فً عنصرٌن هما‪ :‬العمل ورأس المال‪ ،‬وٌإكد أحد الباحثٌن على ذلك‬
‫بقـوله ‪" :‬ولقد ذهبنا إلى أن عناصر اإلنتاج أو عوامل اإلنتاج فً االقتصاد اإلسالمً‬
‫هما اثنان فقط ‪ :‬العمل ورأس المال‪ ،‬وذلك استنادا إلى إجماع فقهاء المسلمٌن على‬
‫توزٌع الربح وهو عائد أو حصٌلة اإلنتاج بٌن العمل ورأس المال‪.11"...‬‬
‫ولقد انتهى التقسٌم الحدٌث فً الفكر االقتصادي الوضعً إلى أن عوامل اإلنتاج‬
‫اثنان هم‪ :‬العمل وٌشمل التنظٌم ورأس المال وٌشمل الطبٌعة‪.‬‬
‫ب ‪ -‬المجموعة الثانٌة ‪ :‬وتشمل الدراسات التً تتبنى التقسٌم الثالثً لعوامل‬
‫اإلنتـ اج وتحصرها فً العمل ورأس المال واألرض وٌإكد على ذلك أحد الباحثٌن بقوله‪:‬‬
‫"فإننا نجد أن الفكر اإلسالمً ٌعترف بثالث عناصر كعوامل إنتاج هى ‪ :‬العمل‪ ،‬رأس‬
‫المال‪ ،‬األرض‪ ،‬واعتراف الفكر بهذه العناصر أنها عوامل إنتاج بنً على أساس أنها‬
‫عناصر منتجة وفً نفس الوقت قادرة على تولٌد الدخل" ‪ 12‬وقد أكد الفكر االقتصادي‬
‫الوضعً الحدٌث على هذا التقٌٌم الثالثً كذلك ‪.13‬‬
‫وٌإكد أحد الباحثٌن على‪" :‬أن عناصر اإلنتاج فً االقتصاد اإلسالمً هً‪:‬‬
‫األرض والعمل ورأس المال‪ .‬ومن هنا نالحظ أن المعٌار الصحٌح الذي ٌتفق مع النظام‬
‫اإلسالمً العتبار الشًء عنصر إنتاج هو إسهام هذا الشًء فً العملٌة اإلنتاجٌة سواء‬
‫‪14‬‬
‫أكان اإلسهام مباشرا أم غٌر مباشر"‬

‫العدد ‪ 90‬السنة ‪9990‬‬ ‫‪5‬‬ ‫مجلة العلوم االقتصادٌة وعلوم التسٌٌر‬


‫توزيع الثروة و الدخل في االقتصاد اإلدالمي‪.....................................................................................................................‬أ‪.‬د صالح صالحي‬

‫وأ عتقد بؤنه مهما كان التقسٌم رباعٌا كما هو الحال فً الفكر االقتصادي التقلٌدي‪،‬‬
‫أو ثالثٌا وثنائٌا كما هو الحال فً الفكر االقتصادي الحدٌث‪ ،‬فإن جوهر الخالف والتمٌز‬
‫متعلق بطرق وضوابط مساهمة هذه العوامل وآلٌات توزٌع عوائدها‪.‬‬
‫والشك فً أن التقسٌم الثنائً هام ألنه ٌعترف بدمج عنصر الطبٌعة واألرض‬
‫خصوصا ضمن عنصر رأس المال‪ ،‬وقد أهملت الطبٌعة وكانت النتائج وخٌمة على‬
‫البشرٌة التً تحملت تكالٌف كبٌرة نتجت عن تطور أشكال الهدر والتبذٌر واإلسراف‬
‫والتلوث‪ ...‬كما أن التقسٌم الثنائً وحد النظرة إلى عنصر العمل بمختلف أنواعه‪.‬‬
‫‪ - 2‬أسس ومبادئ تنظٌم عوامل اإلنتاج ‪:‬‬
‫ٌخضع تنظٌم عوامل اإلنتاج إلى مجموعة من األسس والمبادئ التً ترشد‬
‫ا ستخدام عوامل اإلنتاج وترفع مساهمتها اإلٌجابٌة فً العملٌة اإلنتاجٌة‪ ،‬فمنها ما ٌتعلق‬
‫بعنصر العمل ومنها ما ٌتعلق بعنصر رأس المال ومنها‪:‬‬
‫أ‪ -‬االعتراف بؤهمٌة هذٌن العنصرٌن ودور كل منهما‪.‬‬
‫ب ‪ -‬توزٌع العوائد المتحققة بنسبة معٌنة بٌنهما حسب طبٌعة المشاركة وظروف‬
‫وحاالت اإلنتاج‪.‬‬
‫ج ‪ -‬ارتباط استحقاق العائد بدرجة مساهمة كل عنصر وأسلوب مشاركته فً‬
‫العملٌة االنفتاحٌة‪.‬‬
‫د‪ -‬ارتباط المشاركة بقاعدة الغنم بالغرم فالذي ٌبحث عن األرباح البد أن ٌحتمل‬
‫المخاطر وٌتوقع احتماالت حدوث الخسائر وال توجد فً االقتصاد اإلسالمً‬
‫اآللٌات التً تجعل بعض العوامل تربح دائما بغض النظر عن نتٌجة العملٌة‬
‫االستثمارٌة ألن فً ذلك اختالال فً التوزٌع لصالح الفئات التً تستخدم أنماطا‬
‫توظٌفٌة استغاللٌة‪.‬‬

‫وتحدد العالقة القانونٌة بٌن أصحاب عوامل اإلنتاج فً مختلف األنشطة‬


‫االقتصادٌة فً سوق المنافسة التعاونٌة لعناصر اإلنتاج إال فً الحاالت االستثنائٌة التً‬
‫تتطلب تصحٌح بعض االختالالت‪ .‬وٌتم توزٌع العوائد توزٌعا متوازنا ٌعظم مصلحة‬
‫جمٌع األطراف فٌحصل صاحب العمل على عائد فً شكل محدد وهو األجر أو فً‬
‫شكل نسبة محددة وهً الربح الذي ٌعود للمنظم والمضارب‪ ...‬إلخ‪ ،‬وٌحصل صاحب‬
‫رأس المال على عائد إذا شارك مع عناصر اإلنتاج األخرى فً تحمل المخاطرة وفق‬
‫الصٌغ االستثمارٌة المعروفة فً شكل أرباح إذا كان رأس المال مادٌا أو نقدٌا‪ ،‬وفً‬
‫صورة إٌجار وعوائد إذا كانت مشاركة رأس المال تؤجٌرٌة‪.‬‬

‫‪ - 3‬آلٌة تحدٌد عوائد عوامل اإلنتاج‬


‫إن تحدٌد عوائد عوامل اإلنتاج ٌعنً تحدٌد أسعار خدمات عوامل اإلنتاج التً‬
‫ساهمت فً العملٌة اإلنتاجٌة عن طرٌق السوق من خالل آلٌة التفاعل الحر بٌن قوى‬
‫العرض والطلب على تلك العوامل فً ظل استبعاد كافة الممارسات السلبٌة التً تإثر‬
‫فً عملٌة التفاعل‪ ،‬األمر الذي ٌتطلب ضرورة توافر مجموعة المتطلبات التالٌة ‪:‬‬
‫العدد ‪ 90‬السنة ‪9990‬‬ ‫‪6‬‬ ‫مجلة العلوم االقتصادٌة وعلوم التسٌٌر‬
‫توزيع الثروة و الدخل في االقتصاد اإلدالمي‪.....................................................................................................................‬أ‪.‬د صالح صالحي‬

‫أ ‪ -‬تطبٌق التشرٌعات والقوانٌن والقٌم المرتبطة بها التً تنظم سوق عوامل‬
‫اإلنتاج وتإدي إلى إزالة األشكال المتنوعة من االحتكار والغش واالستغالل والغبن فً‬
‫كافة أنواع المعامالت المالٌة والتجارٌة واالقتصادٌة‪ ،‬مما ٌساعد على انكشاف درجة‬
‫مشاركة كل عنصر وحجم مخاطرته فً العملٌة االستثمارٌة‪.‬‬
‫ب ‪ -‬بعـث مإسسة الحسبـة لمراقبة قوى السوق وتصحٌح االنحرافات المحتملة‬
‫للحفاظ على منـ اخ الحرٌة الذي ٌساعد فً معظم األحٌان على تحقٌق أسعار تتكافـؤ مع‬
‫خدمات عناصر اإلنتاج‪.‬‬
‫جـ ‪ -‬تنمٌة اإلمكانٌات المعنوٌة بصورة تإدي إلى التطور المضطرد للدوافع‬
‫الذاتٌة للرقابة الفردٌة والجماعٌة‪.‬‬
‫د‪ -‬التدخل لمعالجة الحاالت التً تحدث فٌها اختالالت فً السوق‪ ،‬فإن التفاعل‬
‫االضطرابً بٌن القوى المختلفة ٌإدي إلى حدوث انحرافات فً تخصٌص الموارد‬
‫االقتصادٌة‪ ،‬ومن ثم فً توزٌع العوائد المتحققة‪ ،‬األمر الذي ٌستدعً ضرورة تدخل‬
‫الدولة عن طرٌق مإسسة الحسبة والمإسسات األخرى المكملة لها لتعٌد التوازن إلى‬
‫السوق لضمان استعادة حالة المنافسة التعاونٌة‪.‬‬
‫إن عملٌة توزٌع عوائد عوامل اإلنتاج التً تتم فً إطار السوق الحرة فً حالة‬
‫المنافسة التعاونٌة التً تتحرك فً إطارها قوى العرض والطلب وتتفاعل فً ظل تدخل‬
‫الدولة بضوابط مرشدة ومعالم هادٌة‪ ،‬ال ٌمكن أن تحقق وحدها التوزٌع العادل‬
‫للدخول‪ ،‬فقد تفرز تفاوتا مالحظا بٌن مالك عناصر اإلنتاج‪ ،‬كما أنهـا ال تستطٌع بآلٌاتها‬
‫أن تتكفل بالفئات التً تعانً من المرض واإلعاقة والعجز والشٌخوخة والبطالة ‪ ...‬إلخ‪.‬‬
‫فضال عن أن الدخول المتحققة قد ال تكون كافٌة لتوفٌر مستوى الكفاٌة والعٌش الكرٌم‬
‫لإلنسان‪ ،‬األمر الذي ٌتطلب ضرورة وجود مرحلة أخرى لتصحٌح اختالالت التوزٌع‬
‫الناتجة عن استخدام عوامل اإلنتاج‪.‬‬

‫إن التوزٌع التكمٌلً التوازنً للدخول هو عملٌة إعادة توزٌع الدخل توزٌعا‬
‫ٌضمن توفٌر حد الكفاٌة لكل فرد فً المجتمع على األقل عبر مجموعة محددة من‬
‫القنوات التً تختلف من نظام اقتصادي إلى آخر‪ ،‬وٌمكن تقسٌم هذه المرحلة التوزٌعٌة‬
‫فً االقتصاد اإلسالمً حسب طبٌعة تحققها إلى قسمٌن أساسٌن هما ‪:‬‬
‫‪ - 1‬التوزٌع التوازنً اإلجباري‬
‫وهو نوع من التوزٌع التضامنً ٌتخذ شكل اإلجبار واللزوم فً تؤدٌته‪ ،‬وٌتمثل‬
‫فً الحقوق المالٌة التً ٌلتـزم األغنٌاء بدفعها إلى األفـراد الذٌن عجزت دخولهم‬
‫الرئٌسٌـة عن تغطٌة احتٌاجاتهم األساسٌـة‪ ،‬وهً تٌار نقدي وسلعً ٌتجه إلى مجاالت‬
‫االستهالك واالستثمار التً تإمن توفٌر الحد األدنى من العٌش الكرٌم ممثال فً دخل‬
‫الكفاٌة‪ ،‬وذلك أن " الحاجة بوصفها معٌار لما ٌجب علٌه التوزٌع بصٌغ العدالة‬
‫االجتماعٌة‪ ...‬والتً تعد قاعدة دخل الكفاٌة أساسا عادال للتوزٌع‪ ،‬ألن االسالم الٌكتفً‬
‫بالعمل وحدة لتنظٌم جهاز التوزٌع بٌن العاملٌن بل جعل للحاجة نصٌبا من ذلك "‬
‫العدد ‪ 90‬السنة ‪9990‬‬ ‫‪7‬‬ ‫مجلة العلوم االقتصادٌة وعلوم التسٌٌر‬
‫توزيع الثروة و الدخل في االقتصاد اإلدالمي‪.....................................................................................................................‬أ‪.‬د صالح صالحي‬

‫‪15‬وٌنتقل هذا التٌار اإلنفاق الالزم لتؤمٌن دخل الكفاٌة عبر مإسستٌن لتحقٌـق التوزٌع‬
‫التكمٌلً التضامنً اإلجباري هما ‪ :‬مإسسة الزكاة‪ ،‬ومإسسة التضامن االجتماعً‪.‬‬
‫أ ‪ -‬مؤسسة الزكاة‬
‫تل عب مإسسة الزكاة دورا هاما فً عملٌة إعادة توزٌع الدخل القومً وتحقٌق‬
‫حد الكفاٌة لمحدودي الدخل عن طرٌق حصٌلتها الضخمة التً تمثل ‪ % 2.5‬من رإوس‬
‫األموال المنقولة كعروض التجارة والنقود واألسهم المعدة للتجارة والمضاربة‪ ...‬إلخ‪،‬‬
‫وما بٌن ‪ % 5‬إلى ‪ % 17‬من دخل األموال الثابتة كاألراضً الزراعٌة والعقـارات‬
‫المستغلـة والمصانع واألسهـم المعدة لالستثمار وكسب العمـل وبواقـع ‪ %27‬من الركـاز‬
‫كالبترول والفحم‪ ،16 "...‬ولذا فإن إعادة بعثها تملٌها الضرورة العقائدٌة واالقتصادٌة‬
‫واالجتماعٌة لما ٌترتب على وجودها من إعادة تحوٌل نسبة من ثروة األغنٌاء لصالح‬
‫الفقراء بالمجتمع‪ ،‬فتنخفض النفقات االجتماعٌة المخصصة لهذا المجال ضمن المٌزانٌة‬
‫العامة للدولة كلما تطورت كفاءة تعبئة الموارد ضمن هذه المإسسة‪.‬‬
‫ولذا نـ رى بؤن إعادة بعثها وتنظٌمها عن طرٌق التفاعل بٌن الجهود الشعبٌة‬
‫والرسمٌة سٌساهم فً حل الكثٌر من المشاكـ ل التً عجزت الدولة عن حلها بمعظم‬
‫البلدان اإلسالمٌـة وبؤقل التكالٌف والناتجة عن تركز الثروة وسوء التوزٌع ومع هذا‬
‫فالزكاة ‪ " :‬التحل محل مخصصات الموازنة المقدمة من الحكومات لمدفوعات الرفاه‬
‫‪.17‬‬
‫وتقدٌم المعونة فً أوقات الكوارث "‬
‫ب ‪ -‬مؤسسة التضامن االجتماعً‬
‫فً حالة عجز موارد مإسسة الزكاة عن تؤمٌن االحتٌاجات األساسٌة المتعلقة بحد‬
‫الكفاٌة‪ ،‬فإن هناك مصادر أخرى تكمل دور تلك المإسسة‪ٌ ،‬ستدعً األمر ضرورة‬
‫تعبئتها عن طرٌق مإسسة التضامن االجتماعً التً تتكفل بتحوٌل جزء من الثروة من‬
‫مصادرها المحددة إلى مجاالتها اإلنفاقٌة االجتماعٌة‪ ،‬وأهم تلك المصادر‪:‬‬
‫‪ -‬على مستوى األسرة ‪ :‬النفقات الشرعٌة الواجبة‪.‬‬
‫‪ -‬على مستوى المجتمع ‪ :‬النفقات المرتبطة بالمخالفات‪.‬‬
‫‪ -‬على مستـوى األغنٌاء‪ :‬التوظٌف الذي تستدعٌه الضرورة وبشـروط معلومة‪ ،‬بحٌث‬
‫إنه إذا "لم تكف‬
‫موارد الزكاة فللدولة أن تفرض على أموال األغنٌاء التزامات إضافٌة كالضرائب‬
‫لسد احتٌاجات المجتمع "‪.18‬‬
‫إن الزكاة ال تعفً الدولة اإلسالمٌة من اتخاذ إجراءات ضرٌبٌة‪ ،‬وبرامج إلعادة‬
‫‪19‬‬
‫توزٌع الدخل وزٌادة فرص العمل والتشغٌل الذاتً "‬
‫وفً المإسستٌن ٌتؤكد عنصر اإللزام لتعبئة الموارد المخصصة للتضامن‬
‫االجتماعً الذي ٌضمن الحد المعتبر من التوزٌع التوازنً اإلجباري الذي ٌتكامل مع‬
‫التوزٌع االختٌاري‪.‬‬

‫‪ - 2‬التوزٌع التكمٌلً التوازنً االختٌاري‬


‫ٌتمثل هذا النوع فً تلك الجهود التكافلٌة التً تبذل بصورة تلقائٌة وطواعٌة‬
‫والتً تتناسب طردا مع تنمٌـة اإلمكانٌات المعنوٌة وانتشار القٌم واألخالقٌات والعقائد‬
‫العدد ‪ 90‬السنة ‪9990‬‬ ‫‪8‬‬ ‫مجلة العلوم االقتصادٌة وعلوم التسٌٌر‬
‫توزيع الثروة و الدخل في االقتصاد اإلدالمي‪.....................................................................................................................‬أ‪.‬د صالح صالحي‬

‫الصحٌحة‪ ،‬وقد أثبتت التجربة التارٌخٌة أهمٌة تعبئة هذه الموارد فً المساعدة على‬
‫تحقٌق التوزٌع المتوازن للدخول والثروات وأهم مصادرها ومإسساتها ما ٌلى ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬مؤسسة األوقاف‬
‫لعبت مإسسة األوقاف دورا فعاال فً معظم البلدان اإلسالمٌة حٌث قامت بتعبئة‬
‫الموارد المادٌة والمالٌة الموقوفة واستخدامها فً مٌادٌن الخدمات العامة التً عجزت‬
‫السوق عن تغطٌتها أو أحجمت عن ارتٌاد مجاالتها مثل الصحة العامة‪ ،‬والتعلٌم العام‬
‫المجانً وغٌرهم‪ ،‬فقد كان الوقف " أحد المإسسات االقتصادٌة فً اإلسالم وهو من أهم‬
‫المإسسات التً كان لها دورها الفعال فً عملٌة التطور والنمو االقتصادي فً مختلف‬
‫عصور اإلسالم‪ ،20 "..‬بل لقد أصبحت األمالك الوقفٌة تشكل نسبة هامة ضمن الثروات‬
‫المملوكة بالمجتمعات اإلسالمٌة‪ ،‬ولكن مع تزاٌد موجة التقلٌد والتغرٌب تم تضٌٌع‬
‫وتفكٌك هذا المكسب الحضاري‪ ،‬وإن الضرورة ملحة إلعادة إحٌاء هذه المإسسة‬
‫وتطوٌر دورها التموٌلً للقطاعات االجتماعٌة والثقافٌة على حساب تخفٌض النفقات‬
‫العامة للدولة فً القطاعات المذكورة بمقدار نسبة تطور تعبئة الموارد الوقفٌة وكفاءة‬
‫تقلٌبها واستثمارها ضمن إستراتٌجٌة فعالة تنتقل من أسلوب الحفاظ على األوقاف إلى‬
‫أسلوب تثمٌرها وتطوٌرها لتتحول إلى مإسسة للوقف النامً‪.‬‬
‫وتزداد مخصصات األفراد للمصالح الخٌرٌة داخل األسرة "الوقف النامً‬
‫األسري" أو للمجتمع " الوقف النامً الخٌري" بمقدار تزاٌد اآلثار اإلٌجابٌة الناتجة عن‬
‫استغالل اإلمكانٌات المعنوٌة المهدورة حالٌا‪.‬‬

‫ب ‪ -‬الجمعٌات الخٌرٌة‬
‫تعد الجمعٌات الخٌرٌة مصدرا هاما من مصادر اإلنفاق التكافلً التطوعً‪ ،‬و قد‬
‫كانت النظرة لها فً الفكر االقتصادي دونٌة تقزٌمٌة ال تراعً أهمٌة المساهمات التً‬
‫ٌمكن أن تحدثها فً المٌدان االقتصادي واالجتماعً والسٌاسً والثقافً‪ ،‬ووضعت‬
‫العراقٌل و الحواجز أمام الجهود المبذولة لتنمٌتها وتوسٌع مجاالتها فً معظم البلدان‬
‫اإلسالمٌة خوفا من تقلٌص دور الدولة‪ ،‬ومنافسته‪ ،‬وبالتالً التؤثٌر فً وزنها السٌاسً‬
‫بتلك المجتمعات‪ ،‬وعلى خالف ذلك أضحت تلك المنظمات قوة فعالة فً معظم دول‬
‫العالم وازداد تؤثٌرها فً السنوات األخٌرة فقد تجاوز عددها ‪ 1.5‬ملٌون مإسسة خٌرٌة‬
‫تكون القطاع الثالث فً الوالٌات المتحدة وٌنتظم فً إطارها ‪ 17‬ملٌون عامل وموظف‬
‫كما وصل عددها فً فرنسا الى ‪ 677‬ألف جمعٌة خٌرٌة وفً برٌطانٌا إلى ‪ 257‬ألف‬
‫جمعٌة خٌرٌة‪" ،‬فكل من األموال التً تنفقها وأعداد الناس الذٌن تتعامل معهم فً ازدٌاد‬
‫هائل‪ ،‬ففً أوائل الثمانٌنٌات كان هناك تقدٌر تقرٌبـى ٌشٌر إلى أن نشاطات المنظمات‬
‫غٌر الحكومٌة مس ‪ 177‬ملٌون نسمة‪ ،‬فً البلدان النامٌة‪ ...‬أما اآلن فربما كان المجموع‬
‫‪ 257‬ملٌون نسمة‪ ،‬وسوف ٌرتفع إلى حد كبٌر فً السنوات المقبلة " ‪ " 21‬واألهم من‬
‫كل ذلك كثٌرا هو قدرتها على إظهار قائمة على المشاركة‪...‬إن أهمٌتها تتمثل فً إثبات‬
‫‪22‬‬
‫أن الفقر ٌمكن معالجته‪" ...‬‬
‫ولذا فإن تنظٌم تٌار اإلنفاق التكافلً الطوعً عن طرٌق تنظٌم جٌد للجمعٌات‬
‫الخٌرٌة سٌساهم و ٌساعد فً إعادة توزٌع الدخل القومً بؤقل التكالٌف‪.‬‬
‫العدد ‪ 90‬السنة ‪9990‬‬ ‫‪9‬‬ ‫مجلة العلوم االقتصادٌة وعلوم التسٌٌر‬
‫توزيع الثروة و الدخل في االقتصاد اإلدالمي‪.....................................................................................................................‬أ‪.‬د صالح صالحي‬

‫إن تنمٌة الجهود التطوعٌة الخٌرٌة لتعبئة الموارد المالٌة فً إطار التوزٌع‬
‫‪23‬‬
‫التوازنً ٌعد‪" :‬باب واسع وقد ندب إلٌه الشرع وحبب فٌه ألنه مكمل للواجب"‪.‬‬

‫جـ ‪ -‬أقسام القروض الحسنة بمصارف المشاركة ‪:‬‬


‫إن الحسابات المخصصة للقروض الحسنة بالمصارف القائمة على أساس نظام‬
‫المشاركة تإدي دورا تموٌلٌا توزٌعٌا معتبرا فً حالة التحفٌز على إنشائها وتوجٌهها‬
‫ومتابعة فروعها فً تؤمٌن الحاجات الكفائٌة لألفراد المحتاجٌن‪ .‬فقد أثبتت التجربة‬
‫الحدٌثة للمصارف اإلسالمٌة بؤن هذه األقسام فً تطور ملحوظ‪ ،‬وقد مست شرائح‬
‫مختلفة بالمجتمع‪ ،‬وأثبتت نجاعتها إمكانٌة استمرارٌتها فً حالة ضبطها بقوانٌن رسمٌة‬
‫ومتابعتها مٌدانٌا‪.‬‬
‫إن مإسسات وسٌاسات وآلٌات التوزٌع التوازنً للدخول والعوائد الٌمكن أن‬
‫تحتوي التكالٌف الكبٌرة لألزمات والكوارث‪ ،‬وال تستطٌع تحقٌق العدالة التوزٌعٌة‬
‫للرٌوع والمنافع الط ارئة للتحوالت االقتصادٌة‪ ،‬ولذلك تؤتً المرحلة التالٌة للتوزٌع فً‬
‫االقتصاد اإلسالمً‪.‬‬

‫إن االقتصادات الوطنٌة تشهد تحوالت دائمة مرتبطة بالنمو المتواصل والتنمٌة‬
‫المستدامة لقدرات المجتمع‪ ،‬وهً ال تخلو من حدوث أزمات تتجاوز تكالٌفها القدرة‬
‫الداخلٌة الفردٌة على االحتواء ‪ ،‬كما قد تربط أحٌانا بتطورات ظرفٌة ومكانٌة تإدي إلى‬
‫حصول رٌوع ومنافع غٌر عادٌة تستدعً تعمٌم االستفادة منها‬
‫إن هذا الوضع االستثنائً ٌستدعً توزٌعا عادال إستثنائٌا لكً ال تتحمل األغلبٌة‬
‫تكالٌف األزمات وتحرم من المنافع العظٌمة للتحوالت‪.‬‬

‫‪ - 1‬التوزٌع االستثنائً لتكالٌف األزمات‬


‫إن هذا النوع من التوزٌع والسٌاسات المرتبطة به ٌتعلق بالحالة الطارئة وٌنتهً‬
‫بزوالها‪ ،‬فهناك أزمات كبٌرة أو كوارث مفاجئة‪ ،‬وقد تكون األسباب اقتصادٌة أو‬
‫اجتماعٌة أو سٌاسٌة أو طبٌعٌة لها تكالٌف كبٌرة تستدعً مرحلة استثنائٌة للتوزٌع ٌتم‬
‫بمقتضاها التخفٌف من حدة اآلثار السلبٌة واحتواء تلك التكالٌف الكبٌرة من خالل تدخل‬
‫الدولة بسٌاسات وإجراءات توزٌعٌة إستثنائٌة‪ ،‬وال غرابة فقد وجدنا شواهد فً التارٌخ‬
‫اإلسالمً لذلك الشكل من التوزٌع ‪،‬ففً عام الرمادة فً عهد سٌدنا عمر رضً هللا عنه‬
‫تكافل المسلمون لدفع أثراها السلبٌة وقال عمر عند معالجة تلك األزمات مستقبال‪ " :‬لو‬
‫أصاب الناس سنة ألدخلت على كل أهل بٌت مثلهم فان الناس ال ٌهلكون على إنصاف‬
‫‪24‬‬
‫بطونهم "‬
‫وفً حالة النقص واالحتٌاج والمجاعة فً السفر أو الحضر ورد عن أبً سعٌد‬
‫الخدري انه قال‪ " :‬كنا فً سفر فقال النبً (ص ) ‪" :‬من كان له فضل زاد فٌعد به على‬

‫العدد ‪ 90‬السنة ‪9990‬‬ ‫‪17‬‬ ‫مجلة العلوم االقتصادٌة وعلوم التسٌٌر‬


‫توزيع الثروة و الدخل في االقتصاد اإلدالمي‪.....................................................................................................................‬أ‪.‬د صالح صالحي‬

‫من الزاد له‪ ،‬ومن كان له فضل ظهر فٌعد به على من ال ظهر له‪ ،‬وأخذ ٌحدد أضافا من‬
‫‪25‬‬
‫المال حتى ظننا أننا لٌس لنا من أموالنا إال ما ٌكفٌنا"‬

‫وٌمكن للدولة أن تلجؤ إلى الجمع المسبق لحصٌلة الزكاة لعدة سنوات ‪ 26‬لتقوم‬
‫بإعادة التوزٌع االستثنائٌة كما قد تلجؤ إلى التوظٌف فً أموال األغنٌاء ألنه ثبت عن‬
‫الرسول (ص) أنه قال‪ " :‬ان فً المال لحقا سوى الزكاة‪ 27 "...‬وفً تؤكٌد هذا قال ابن‬
‫حزم‪" :‬وفرض على األغنٌاء من أهل كل بلد أن ٌقوموا بفقرائهم وٌجبرهم السلطان على‬
‫ذلك‪ ،‬ان لم تقم الزكوات بهم‪ ،‬وال فً سائر أموال المسلمٌن بهم‪ ،‬فٌقام لهم بما ٌؤكلون‬
‫من القوت الذي البد منه‪ ،‬ومن اللباس للشتاء والصٌف بمثل ذلك‪ ،‬وبمسكن ٌكنهم من‬
‫المطر والصٌف والشمس وعٌون المارة" ‪. 28‬‬

‫والشك فً أن اإللتزمات األخرى لتحقٌق التوزٌع االستثنائً هً عبارة عن‪" :‬‬


‫حقوق طارئة غٌر ثابتة ثبوت الزكاة‪ ،‬وغٌر مقدرة بمقدار معلوم كمقادٌر الزكاة‪ ،‬فهً‬
‫‪29‬‬
‫تختلف باختالف األحوال والحاجات‪ ،‬وتتغٌر بتغٌر العصور والبٌئات والمالبسات"‬
‫ولذلك نإكد بؤن‪ " :‬توظٌف المال على األغنٌاء ٌجوز لإلمام العادل إذا خال بٌت المال‬
‫عن المال ودعت الحاجة" ‪ 30‬فهذا التوظٌف مشروط بعدم استشراء الفساد االقتصادي‬
‫حتً ال ٌدخل االقتصاد فً الحلقة المفرغة ألخذ أموال الناس بسبب مواجهة الطوارئ‪.‬‬
‫إن هذا التوزٌع االستثنائً الذي ٌإدي إلى إستكمال النقص فً الدخول الحتواء‬
‫تكالٌف األزمات و الوصول إلى دخول حد الكفاٌة االستثنائٌة التً تحقق مستوى مالئم‬
‫من الحٌاة للجمٌع لتجاوز األزمة وآثارها‪.‬‬

‫‪ - 9‬التوزٌع االستثنائً لمنافع التحوالت‬


‫إن التحوالت االقتصادٌة القطرٌة والدولٌة تإدي إلى حدوث أو ضٌاع اقتصادٌة‬
‫ظرفٌة تساهم فً زٌادة العوائد والمنافع والرٌوع زٌادة كبٌرة ال ٌمكن معالجتها عن‬
‫طرٌق التوزٌع العادي أو التوازنً بل تستدعً سٌاسة توزٌعٌة إستثنائٌة ٌمكن من‬
‫خاللها توزٌع المنافع االستثنائٌة توزٌعا عادال‪ ،‬فقد تحدث تلك الرٌوع والمنافع بسبب‬
‫إرتفاع األسعار لبعض المواد أو نتٌجة إكتشافات لثروات هامة ٌتطلب األمر منع‬
‫االستكثار بها لعظم منافعها وانخفاض تكالٌفها‪.‬‬
‫الخاتمة‬
‫لقد تبٌن لنا بؤن عملٌة توزٌع الثروات والمداخٌل فً االقتصاد اإلسالمً تحكمها‬
‫مجموعة من الضوابط فً مراحلها األساسٌة المتكاملة وهً مرحلة التوزٌع األولى‬
‫للثروات والمصادر المتاحة والتً تمٌزت بمرعاة األبعاد والجوانب المتعلقة بتوزٌع‬
‫المصادر المالٌة لإلنتاج على األفراد‪ ،‬وعلى األجٌال وعلى المناطق واألقالٌم والجهات‪.‬‬
‫ومرحلة التوزٌع العملً لعوائد عوامل اإلنتاج التً تبٌن لنا فٌها التؤكٌد علً‬
‫أهمٌة عوامل اإلنتاج من عمل وتنظٌم ورأس مال وأرض بغض النظر عن كٌفٌة التقسٌم‬
‫الذي شمل تلك العوامل فان توزٌع العوائد ٌرتبط بطبٌعة وأسلوب المشاركة وظروف‬
‫وحاالت االستخدام واالرتكاز على قاعدة الغنم بالغرم‪ ،‬وان توزٌع العوائد ٌعظم مصلحة‬
‫العدد ‪ 90‬السنة ‪9990‬‬ ‫‪11‬‬ ‫مجلة العلوم االقتصادٌة وعلوم التسٌٌر‬
‫توزيع الثروة و الدخل في االقتصاد اإلدالمي‪.....................................................................................................................‬أ‪.‬د صالح صالحي‬

‫جمٌع األطراف فٌحصل صاحب العمل على عائد فً شكل محدد وهو األجر أو فً‬
‫شكل نسبة مئوٌة وهً لربح الذي ٌعود للمنظم المضارب‪ ،‬وٌحصل صاحب رأس مال‬
‫على عائد إذا شارك فً تحمل المخاطرة وفق الصٌغ االستثمارٌة اإلسالمٌة فً شكل‬
‫أرباح وإٌجارات‪.‬‬
‫ولما كانت دخول عوامل اإلنتاج أحٌانا ال تكفً لتوفٌر مستوى الكفاٌة للعدٌد من‬
‫الفئات والشرائح المجتمعٌة تؤتً مرحلة التوزٌع التكمٌلً التوازنً للدخول والعوائد‬
‫والذي ٌشمل على التوزٌع التوازنً اإلجباري بما فٌه من مإسسة زكاة ومإسسة‬
‫التضامن االجتماعً‪ ،‬والتوزٌع التوازنً االختٌاري بما فٌة من مإسسة أوقاف‬
‫ومإسسات خٌرٌة وتكافلٌة‪.‬‬
‫وٌشتمل االقتصاد اإلسالمً على مرحلة رابعة حاسمة للتوزٌع االستثنائً‬
‫لتكالٌف األزمات ومنافع التحوالت بما تشمله من توزٌع استثنائً لتكالٌف األزمات التً‬
‫تتطلب سٌاسات توزٌعٌة تتعلق بالحاالت الطارئة التً تحدث فٌها أزمات كبٌرة وكوارث‬
‫مفاجئة ألسباب متعددة اقتصادٌة أو اجتماعٌة أو سٌاسٌة ‪.‬‬
‫وتوزٌع استثنائً للمنافع والرٌوع التً تنتج بسبب أوضاع اقتصادٌة ظرفٌة‬
‫تستدعً توزٌعا إستثنائٌا عادال منعا لالستئثار بالمنافع‪.‬‬
‫وبهذا فان االقتصاد اإلسالمً ٌعالج قضٌة التوزٌع بسٌاسات توزٌعٌة متكاملة‬
‫عبر مختلف مراحلها األمر الذي ٌرفع الكفاءة االستخدامٌة للموارد والطاقات وٌعظم‬
‫المصلحة االقتصادٌة المجتمعٌة‪.‬‬

‫الهىامش واإلحاالت‪:‬‬
‫‪ 1‬ثُم كهُُزىٌ و آل جىر‪ ،‬رؤَخ نزغُُز أيزَكب‪ ،‬يزكش االهزاو نهززجًخ وانُشز‪ ،‬انقبهزح‪ ،1992 ،‬ص ‪.19‬‬
‫‪ 2‬انًصدر َفظه‪ ،‬ص ‪.28‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Muhammad , Unus , vers un nouveau capitalisme, J c lattés, 2007,P356.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪J.E.Stiglitz, un autre monde contre le fanatisme des marché, fayard 2006, P 43.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪Joseph E.Stiglitz, La grande désillusion, Fayard, 2002, P25.‬‬
‫‪ 6‬د‪ .‬رفعذ انعىضٍ‪ ،‬االقزصبد اإلطاليٍ و انفكز انًعبصـز‪َ ،‬ظزَخ انزىسَع‪ ،‬انهُئخ انعبيخ انًصزَخ‪ ،‬انقبهزح‪،‬‬
‫‪ ،1974‬ص ‪.387‬‬
‫‪ 7‬يحًد ثبقز انصدر‪ ،‬اقزصبدَب‪ ،‬دار انكزبة انهجُبًَ انًصزي‪ ،1987 ،‬ص ‪.387‬‬
‫‪ 8‬أثى عجُد انقبطى ثٍ طالو‪ ،‬كزبة األيىال‪ ،‬رحقُق ورعهُق يحًد خهُم هزاص‪ ،‬يكزجخ انكهُبد األسهزَخ‪ ،‬انقبهزح‬
‫‪ ،1981‬ص‪.67‬‬
‫‪ 9‬د‪ .‬يحًد شىقٍ انفُجزٌ‪ ،‬اإلطالو و عدانخ انزىسَع و حفظ انزىاسٌ االقزصبدٌ ثٍُ أفزاد انًجزًع‪ ،‬ص ‪.2‬‬
‫‪ 10‬د‪ .‬رفعذ انعىضٍ‪َ ،‬ظزَخ انزىسَع‪ ،‬يزجع طبثق‪ ،‬ص ‪.49‬‬
‫‪ 11‬يحًد شىقٍ انفُجزٌ‪ ،‬اإلطالو و انًشكهخ االقزصبدَخ‪ ،‬دار انىطٍ نهطجبعخ‪ ،‬انزَبض‪ ،‬ط‪ ،1987 ،3‬ص ‪.126‬‬
‫‪ 12‬د‪ .‬رفعذ انعىضٍ‪َ ،‬ظزَخ انزىسَع‪ ،‬يزجع طبثق‪ ،‬ص ‪ ،65‬و يب ثعدهب‪.‬‬

‫العدد ‪ 90‬السنة ‪9990‬‬ ‫‪12‬‬ ‫مجلة العلوم االقتصادٌة وعلوم التسٌٌر‬


‫توزيع الثروة و الدخل في االقتصاد اإلدالمي‪.....................................................................................................................‬أ‪.‬د صالح صالحي‬

‫‪ 13‬يبَز » ‪ « M,Lexikonverlag‬االقزصبد انُىو كُف َعًم‪ ،‬رزجًخ هبٍَ صبنح‪ ،‬انعجُكبٌ‪ ،‬انزَبض‪،2778 ،‬‬
‫ص‪.59‬‬
‫‪ 14‬د‪ .‬صبنح حًُد انعهً‪ ،‬رىسَع اندخم فٍ االقزصبد االطاليٍ وانُظى االقزصبدَخ انًعبصزح‪ ،‬انًُبيخ نهطُبثخ‪،‬‬
‫ديشق ‪ ،2771‬ص‪.181‬‬
‫‪ 15‬د‪ .‬أحًد اثزاهُى يُ صىر‪ ،‬عدانخ انزىسَع وانزًُُخ االقزصبدَخ رؤَخ اطاليُخ يقبرَخ‪ ،‬يزكش دراطبد انىحدح‬
‫انعزثُخ‪ ،‬ثُزود ط‪ ،2777 ،1‬ص‪.217‬‬
‫‪ 16‬د‪ .‬يحًد شىقٍ انفُجزٌ‪ ،‬انًذهت االقزصبدٌ فٍ اإلطالو‪ ،‬يزجع طبثق‪ ،‬ص ‪.128‬‬
‫‪17‬د‪ .‬يحًد عًز شبثزا‪ ،‬يظزقجم عهى االقزصبد يٍ يُظىر اطاليٍ‪ ،‬رزجًخ رفُق َىَض انًصزٌ‪ ،‬انًعهد انعبنًٍ‬
‫نهفكز‪ ،‬ط‪ ،2775 ،2‬ص‪.379‬‬
‫‪ 18‬يحًد أحًد صقز‪ ،‬االقزصبد اإلطاليٍ‪ ،‬يفبهُى و يزركشاد‪ ،‬يزجع طبثق‪ ،‬ص ‪.55‬‬
‫‪ 19‬يحًد عًز شبثزا‪ ،‬انًزجع انظبثق‪ ،‬ص ‪.379‬‬
‫‪ 20‬د‪ .‬ع جد انًب نك أح ًد انظـُد‪ ،‬ا ندور االجز ًبعٍ نهى قف‪َ ،‬ـدوح ددارح و رًُ ُخ يًزه كبد األو قب‪ ،،‬جـدح‪،1984 ،‬‬
‫ص‪.228‬‬
‫‪ 21‬رقزَز عٍ انزًُُخ انجشزَخ نعبو ‪ ،1993‬ثزَبيج األيى انًزحدح اإلًَبئً ويزكش دراطبد انىحدح انعزثُخ‪ ،‬ص ‪.93‬‬
‫‪َ 22‬فض انًصدر انظبثق‪.‬‬
‫‪ 23‬د‪َ .‬ىطف حبيد انعبنى‪ ،‬انًقبصد انعبيخ نهشزَعخ اإلطاليُخ‪ ،‬انًعهد انعبنًٍ نهفكز اإلطاليٍ‪ ،‬فزجُُُب‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪،1991‬ص‪.542‬‬
‫‪ 24‬د‪ .‬عجد انًُعى انجًبل‪ ،‬يىطىعخ االقزصبد االطاليٍ‪ ،‬دار انزفبد انًصزٌ‪ ،‬انقبهزح ‪ ،‬ط‪ ،1987 ،1‬ص ‪.182‬‬
‫‪َ 25‬فض انًصدر ص‪.182‬‬
‫‪ 26‬أثى عجُد انقبطى ثٍ طالو‪ ،‬كزبة األيىال‪ ،‬يزجع طبثق‪ ،‬ص‪ 522‬ويبثعدهب‪.‬‬
‫‪ 27‬د‪َ .‬ىطف انقزضبوٌ‪ ،‬فقه انشكبح‪ ،‬ج‪ ،2‬يؤطظخ انزطبنخ ‪ ،1981‬ص‪.991‬‬
‫‪ 28‬أثى يحًد ثٍ حشو االَدنظٍ‪ ،‬انًحهً انجشء انظبدص‪ ،‬رحقُق انشُخ أحًد شبكز‪ ،‬يطجعخ انًُُزَخ‪ ،‬ص‪.156‬‬
‫‪ 29‬د‪َ .‬ىطف انقزضبوٌ‪ ،‬فقه انشكبح‪َ ،‬فض انًصدر انظبثق‪.‬‬
‫‪ 30‬د‪َ .‬ىطف حبيد انعبنى‪ ،‬انًقبصد انعبيخ نهشزَعخ‪ ،‬يزجع طبثق‪ ،‬ص‪.538‬‬

‫العدد ‪ 90‬السنة ‪9990‬‬ ‫‪13‬‬ ‫مجلة العلوم االقتصادٌة وعلوم التسٌٌر‬

You might also like