Professional Documents
Culture Documents
الفقرة الثانية
الفقرة الثانية
يعتبر المحرر العرفي حجة على من صدر منه ،أي الشخص الذي يحمل توقيعه ،فيكون من
حيث صدوره منه في قوة المحرر الرسمي ،إذا اعترف به أو إذا سكت ولم ينكر صراحة
صدوره منه ،وال يجوز له أن يعود إلى اإلنكار إال أن يطعن فيه بالتزوير.1
وهكذا ،فبخالف المحرر الرسمي الذي هو حجة بتاريخه بالنسبة للطرفين والغير كذلك ،فإن
المحرر العرفي ال يسري تاريخه إال في مواجهة الغير إال إذا كان ثابتا ،وهو ما يتضح من
نص الفصل 424من ق ل ع على أن ":الورقة العرفية المعترف بها ممن يقع التمسك بها
ضده أو المعتبرة قانونا في حكم المعترف بها منه ،يكون لها نفس قوة الدليل التي للورقة
الرسمية في مواجهة كافة األشخاص على التعهدات والبيانات التي تتضمنها وذلك في الحدود
المقررة في الفضلين 419و 420عدا ما يتعلق بالتاريخ كما سيذكر فيما بعد ".2
وعليه فالورقة العرفية المعدة لإلثبات ال تتجاوز شروطها توقيع ذوي الشأن عليها وتصحيح
ذلك التوقيع وفقا للمقتضيات القانونية المقررة .
إضافة إلى ذلك نص الفصل 425من ق ل ع على أن" :األوراق العرفية دليل على تاريخها
بين المتعاقدين وورثتهم وخلفهم الخاص حينما يعمل كل منهم باسم مدينه".
انطالقا مما سبق يتضح أن المشرع المغربي تناول حجية المحرر العرفي في شطرين ،شطر
خاص بحجية المضمون ،وشطر خاص بحجية التاريخ المثبت في المحرر في مواجهة كل من
المتعاقدين واألغيار ،والخلف عام وخاص.
فبالنسبة لحجية الورقة العرفية في مواجهة المتعاقدين ،فيتوقف اکتساب المحرر العرفي
الحجية القانونية تجاههم على إقرارهم الصريح ما تضمنته من توقيعات وبيانات قد تكون بخط
أيديهم ،فإذا ما وقع نزاع قضائي بين األطراف دون أن يشكك أحدهم في صحة التوقيع أو
- 1محمود جمال الدين زكي ،الوجيز في النظرية العامة لإللتزامات في القانون المدني المصري ،الطبعة االولى ،القاهرة مطبعة جامعة القاهرة
،1978ص.1067
- 2فيروز بجدادي ،م،س ،ص .312
الخط المثبت في المحرر العرفي والمرور إلى مناقشة مضمون الوثيقة بكل تفاصيله يعد
إعترافا منهم بها ،وإقرارا صحيحا بوجودها.3
بينما بالنسبة لتاريخ المحرر العرفي ،فالقاعدة بشأن حجية هذا التاريخ في مواجهة المتعاقدين
هي أن هؤالء يكون المحرر العرفي حجة عليهم بتاريخه ،ولكن هذه الحجية ليست مطلقة ،بل
قابلة الثبات العكس ،وبالتالي يعتبر التاريخ العرفي صحيحا بالنسبة لهؤالء األشخاص إلى أن
يتمكنوا من إثبات عدم صحته طبقا للقواعد العامة لالثبات ،4ومن ثم إذا شكك أحد الطرفين في
هذا التاريخ كان له أن يطعن فيه طبقا للقواعد العامة ،حيث ال يسوغ إثبات ما يخالف حجة
مكتوبة إال بحجة مكتوبة ،ما لم يتعلق األمر باالحتيال حيث يسوغ هنا اللجوء إلى كافة وسائل
اإلثبات المتاحة.5
وعليه فالمحرر العرفي حجة على المتعاقدين بما ورد به كالمحرر الرسمي شرط عدم انكار
كتابته أو إمضائه.
أما حجيته في مواجهة الخلف ،فقد جعل المشرع المغربي للمحرر العرفي حجية تجاه خلف
المتعاقدين سواء منهم الخلف العام أو الخاص ،باعتبارهم امتداد للسلف ،ويعتبر ممثال من
جانب سلفه في كل العقود التي يبرمها.
على أنه إذا كان سريان تاريخ المحرر العرفي على الخلف العام أمر بديهي ومتوقع ،فإن
نفاذه إزاء الخلف الخاص ال يخلو من فريضتين فإما أن يعلم به الخلف الخاص ،وهنا يصبح
ساريا في مواجهته حتى عند عدم ثبوت تاريخ التصرف ،وذلك مع العلم أن المبدأ هو عدم علم
الخلف بهذا التاريخ ،وعلى من يدعي العلم يبرهن على ما يدعيه وفقا لألحكام العامة ،وإما أال
يعلم بتاريخ المحرر العرفي ،ولم يتمكن من يدعي عكس ذلك أن يبرهن على ما بدعيه ،وفي
هذه الفرضية ال يعتبرالتاريخ نافذا في مواجهته إال إذا كان ثابتا.6
3حياة الصبري ،مدى تأثير إقرار رسمية التصرفات العقارية في استقرار المعامالت العقارية ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون العقود والعقار،
القانون الخاص ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة محمد االول ،وجدة ،2014-2013 ،ص .49
- 4فيروز بجدادي ،م.س ،ص.313
- 5محمود جمال الدين زكي ،م.س ،ص 1071وما بعدها.
- 6حياة الصبري ،م،س،ص.49
أما فيما يتعلق بحجية الورقة العرفية في مواجهة األغيار ،فالقاعدة أن تاريخ المحرر العرفي
ال يسري في حق الغير إال إذا كان ثابتا طبقا المقتضيات الفقرة األولى من الفصل 425من
ق.ل.ع ،ومن ثم فإنه في حالة تزاحم شخصين على عقار مثال ،وكان عقد أحدهما ثابت التاريخ
دون اآلخر ،فيعمل بالعقد ذي التاريخ الثابت ،وإذا كان عقد كل منهما ثابت التاريخ فيعمل
بالعقد الذي أثبت تاريخه أوال ،أما إذا لم يثبت كل منهما تاریخ عقده فمن يثبت أنه حصل له
التعاقد أوال يعمل بعقده.7
وانطالقا من الفصل 425من ق.ل.ع فإن تاريخ الورقة العرفية ال يسري في حقهم ،إال إذا
كان ثابتا إمعانا من المشرع في حمايته ،فإذا لم يكن للورقة العرفية تاريخ ثابت فال يكون حجة
على الغير الذي يعتبر ذلك التاريخ غير موجود بالنسبة إليه من أساسه ،وقد حدد المشرع في
الفصل 425من ق ل ع الحاالت التي يكون فيها للورقة العرفية تاريخ ثابت.
يتضح من خالل الفصلين 424و 425من ق ل ع أن الورقة العرفية ،على خالف الوثيقة
الرسمية ،ال تكون حجة بما ورد فيها إال بعد اإلقرار بها ،وبالتالي فهي حجة ما لم ينكرها
الشخص المنسوبة إليه.8
وبذلك تكون له نفس الحجية في مواجهة كافة األشخاص ،في الحدود المقررة في الفصلين
419و 420من ق ل ع ،كما أنه ال يجوز لمن اعترف بصدور المحرر منه أن يطعن في
سالمته المادية بإدعاء حصول تغيير في الكتابة المدونة فوق توقيعه ،أو إضافة أو محو أو
إقحام لم يكن موجودا عند التوقيع إال بالطعن بالزور.9
وقد حدد المشرع المغربي في الفصل 427من ق ل ع الورقة العرفية التي تعتبر في حكم
المعترف بها ،وذلك في الحالة التي لم ينكر فيها المتعاقد خطه وتوقيعه وناقش مضمون الورقة
العرفية أمام القضاء ،ومنحها قوة المحرر الرسمي إزاء المتعاقدين وإزاء ورثتهم وخلفهم.