You are on page 1of 4

‫تحديث اإلدارة العمومية بالمغرب إصالحات جديدة مرتقبة‬

‫مارس ‪2023 ,12‬‬

‫تقديم ‪:‬‬
‫تعرف اإلدارة العمومية المغربية مجموعة من االختالالت الهيكلية التي تقف عائقا أمام لعب‬
‫أدوارها في التنمية المستدامة والشاملة‪ .‬ولتجاوز هذه اإلشكاالت‪ ،‬عملت الدولة المغربية منذ‬
‫مدة وعبر مراحل على بلورة مجموعة من اإلصالحات‪ ،‬وذلك بإدخال مجموعة من‬
‫التعديالت‪ ،‬والتغييرات‪ ،‬والمستجدات‪ ،‬من أجل أن تواكب المستجدات الداخلية والخارجية‪،‬‬
‫وتالئم األرضية الجذابة الستقطاب المستثمرين‪ ،‬وأن تكون أكثر حداثة وعصرنة‪ ،‬وتلبي‬
‫حاجيات ومتطلبات المواطنين‪ .‬وتتجلى أهم التعديالت في تخليق المرفق العمومي من خالل‬
‫اعتماد مقاربات‪ ،‬وآليات وأدوات‪ ،‬ووسائل‪ ،‬حديثة‪ ،‬تعتبر الركيزة األساسية للنهوض بها‪،‬‬
‫كالتصريح اإلجباري بالممتلكات‪ ،‬واإلعالن عن الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة‪ .‬كما تم‬
‫العمل على تخليق الحياة العامة والسياسية‪ ،‬عبر األحزاب السياسية والمجتمع المدني‪،‬‬
‫وتبسيط المساطر واإلجراءات اإلدارية‪ ،‬وجعل اإلدارة العمومية المغربية أكثر انفتاحا على‬
‫المرتفقات والمرتفقين‪.‬‬

‫كما تعد اإلدارة آلية أساسية لتنفيذ برامج الدولة وسياساتها العمومية‪ ،‬في المجال االقتصادي‬
‫واالجتماعي والثقافي‪ .‬كما تجسد وسيلة لخدمة حاجيات المواطنين بشتى أصنافها ‪ ،‬وفق‬
‫مبادئ ومعايير تدبيرية معينة يحددها الدستور‪ .‬وقد حرص المغرب منذ استقالله على بناء‬
‫وإرساء دعائم اإلدارة‪ ،‬وتماشيا مع تيارات التحديث عمد المغرب إلى القيام بإصالحات مهمة‬
‫‪ ،‬تهدف إلى تأمين النمو االقتصادي واالستقرار السياسي مع ضرورة االنفتاح على العالم‪.‬‬

‫وقد كان ميدان اإلدارة من أبرز الميادين المستهدفة من قبل اإلصالح الذي جاء نتيجة دوافع‬
‫عالمية خارجية وأخرى داخلية‪ ،‬كذلك أعلنت عن ضرورة ملحة لتحسين وعصرنة التسيير‬
‫اإلداري وتحديث المؤسسات العمومية‪ ،‬التي تعتبر حلقة مكملة لباقي اإلصالحات في‬
‫مجاالت أخرى‪ .‬فاإلدارة السليمة لالقتصاد ال تقتصر على السياسات التي تتبعها وإنما تعتمد‬
‫على المؤسسات التي تترجمها على أرض الواقع وتسهم في نجاعتها‪.‬‬

‫‪ .I‬تشخيص الوضعية الراهنة‪:‬‬


‫اهتمام االدارة في غالب االحيان بالتدبير اليومي و تجاهل البعد العالئقي لالدارة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫تعدد المساطر و كثرة الوثائق المطلوبة من المرتفقين‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫عدم احترام أوقات العمل من طرف بعض الموظفين‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫تغييب المرتفق في إعداد بعض السياسات و البرامج المعدة أوال لتلبية رغباته و االستجابة‬ ‫‪‬‬
‫لحاجياته‪.‬‬
‫عدم التقييد الفوري لإلدارة بتنفيذ بعض االحكام القضائية النهائية في مواجهتها مما يولد‬ ‫‪‬‬
‫لدى المرتفق عدم الثقة في االدارة‪.‬‬
‫عدم تعليل بعض اإلدارات لقراراتها في حق المرتفقين‪ ،‬مما يولد لديهم الشك و الريبة في‬ ‫‪‬‬
‫مصداقية االدارة‪.‬‬
‫غياب رؤية شمولية لالستقبال و االرشاد‪ ،‬حيث يتم تخصيص مقر دون توفير الوسائل و‬ ‫‪‬‬
‫األطر الكفؤة‪.‬‬
‫عدم توفر معظم االدارات على ملحقات تسهل االهتداء إلى المرفق و المكاتب داخل بنية‬ ‫‪‬‬
‫االدارة‪.‬‬
‫غياب الوعي بأهمية الشكايات و التطلعات كرافد من روافد إصالح االدارة و تحسين‬ ‫‪‬‬
‫أساليب تنظيمها و تدبيرها‪.‬‬
‫هذه الوضعية فرضت القيام بعدة إجراءات من أجل معالجة هذه االختالالت‪ ،‬و تتمثل في‬
‫منطلقات أساسية لعملية اإلصالح‪ ،‬و هذا ما سأتطرق إليه في الحور الثالث‪.‬‬

‫‪ .II‬المنطلقات االساسية لإلصالح االداري الشمولي ببالدنا‬


‫‪ )1‬دعم الالتركيز االداري و إعادة تجديد مهام االدارة ‪:‬‬
‫ذلك أن الالتركيز اإلداري يعد الدعامة الضرورية لبرنامج إصالح االدارة في إطار سياسة‬
‫إلعداد التراب قائمة في التركيز على الالمركزية و الجهوية و يعتبر الركيزة األساسية في‬
‫عملية ترشيد العمل االداري و تحسين جودة الخدمات من هنا تظهر ضرورة‪:‬‬

‫سن سياسة إدارية قوامها العمل على تقليص عدد الهياكل و البنيات االدارية‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫ضرورة تشجيع االدارات العمومية على االنفتاح على تنظيمات المجتمع المدني و القطاع‬ ‫‪‬‬
‫الخاص في إطار الشراكة و التعاقد‪.‬‬
‫تعزيز سلطات المراقبة و التقييم لحسن معالجة و تدبير االكراهات المترتبة عن الالتمركز‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ )2‬دعم االخالقيات بالمرفق العام ‪:‬‬


‫كمقاربة شمولية تتوفى تعزيز مبدأ سيادة األخالق كعنصر أساسي إلنجاز مختلف المبادرات‬
‫و البرامج االصالحية مما ينعكس إيجابا على إنعاش االستثمار و دعم التنمية االقتصادية و‬
‫االجتماعية‪ ،‬حيث أن انعدام االخالقيات يكون سببا لفقدان المستثمر و المواطن الثقة في‬
‫االدارة و صعوبة جلب االستثمار من هنت تظهر‪:‬‬

‫ضرورة االنفتاح على فعاليات المجتمع المدني الناشطة في مجال تخليق الحياة العامة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫ترسيخ مبدأ إقرار المساءلة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫قانون التصريح بالممتلكات‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫دور المفتشيات العامة للوزارات في المراقبة الميدانية الفعالة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫أكتوبر ‪ 2011‬القانون المتعلق بحماية الشهود و المبلغين‪ ،‬فيما يخص جرائم الرشوة‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫االختالس‪ ،‬و استغالل النفوذ‪.‬‬
‫وطبقا لمقتضيات المادة ‪ 272‬من ق‪.‬ت‪ 113.14.‬يجب على الجماعة تحت إشراف رئيس‬ ‫‪‬‬
‫مجلسها‪ ،‬اعتماد التقييم ألدائها و المراقبة الداخلية‪ ،‬كما تقوم بدراسة تقارير االفتحاص و‬
‫نشرها بجميع الوسائل الممكنة ليطلع عليها العموم‪.‬‬
‫‪ )3‬عالقة االدارة بالمتعاملين معها‪:‬‬
‫وجب االنتقال من إدارة إدارية إلى إدارة مواطنة و ذلك بجعل التواصل مع جميع المرتفقين‬
‫من االنشغاالت االساسية لإلدارات العمومية‪ .‬و من االجراءات المساعدة على تحسين العالقة‬
‫بين االدارة و المرتفقين‪:‬‬

‫تحسين االستقبال و معالجة الشكايات و التظلمات‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫تعليق آجال الرد على طلبات المرتفقين و البث في ملفاتهم‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫مأسسة استطالع الرأي لدى المرتفقين لمعرفة حاجياتهم و مدى رضاهم عن الخدمات‬ ‫‪‬‬
‫المقدمة لهم‪.‬‬
‫إلزام االدارة بتعليل القرارات‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫اعتماد الشباك الوحيد في تقديم أكثر ما يمكن من الخدمات للمرتفقين‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ )4‬تكوين و تأهيل الموارد البشرية‪:‬‬


‫إن رهان االصالح االداري ال يتحقق إال من خالل حسن استثمار الرأسمال البشري و تحفيزه‬
‫في ضرورة اعتماد التكوين الالمركزي للموارد البشرية‪:‬‬

‫تحسين النظام االساسي العام للوظيفة العمومية على مستوى التوظيف و التنقيط و التكوين‬ ‫‪‬‬
‫المستمر و الترقي‪.‬‬
‫اعتماد أسلوب المباراة كوسيلة وحيدة للتوظيف‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫ترشيد التوظيف‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫القانون المتعلق بالتعين في المناصب العليا‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫مرسوم تحديد شروط و كيفيات تنظيم مباريات التوظيف في المناصب العليا‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ )5‬إصالح منظومات األجور في الوظيفة العمومية‪:‬‬


‫واقع منظومات األجور في الوظيفة العمومية يستدعي إعادة النظر في هذه المنظومة بإقرار‬
‫مبدأ العدالة و االنصاف و الحد من الفوارق الشاسعة بين األجور العليا و الدنيا‪.‬‬

‫‪ )6‬تبسيط المساطر و االجراءات االدارية‪:‬‬


‫التخفيف من الهياكل االدارية و تجميع الوحدات االدارية التي تتدخل في نفس المسطرة و‬
‫التقليل من الوثائق االدارية ذات الصلة المباشرة بالمواطنين و المستثمرين‪.‬‬

‫‪ )7‬تنمية استعمال تكنلوجيا المعلوميات و االتصال‪:‬‬


‫و ذلك من أجل االرتقاء باإلدارة المغربية إلى الفعالية و االنتاجية العالية و تحسين جودة‬
‫الخدمات المقدمة للمرتفقين و لتحقيق ذلك‪:‬‬

‫تحسيس المواطن و حثه على االنترنت كوسيلة سهلة و سريعة للمعامالت االدارية‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫تشجيع و تعميم تكنلوجيا المعلوميات بما فيها االنترنت و الحواسب على االدارات العمومية‬ ‫‪‬‬
‫و الجماعات الترابية‪.‬‬
‫تكوين و تأهيل موظفي االدارات العمومية في تكنلوجيا المعلوميات‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫االنتقال باإلدارة من الورق إلى المساطر على الخط‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫إطالق بوابات الكترونية و خدمات إدارية على الخط‪ – ( :‬البطاقة الوطنية االلكترونية –‬ ‫‪‬‬
‫سجل الحالة المدنية – البطاقة الرمادية – رخصة السياقة – التصريح الضريبي…)‬
‫خالصة ‪:‬‬
‫من أجل إنجاح عملية االصالح االداري البد من توفر إرادة سياسية حقيقية وتظافر جهود‬
‫جميع المتدخلين‪ ،‬و تأهيل الموارد البشرية… وكما جاء في خطاب جاللة الملك في افتتاح‬
‫الدورة التشريعية “إن اصالح االدارة يتطلب تغيير السلوكيات و العقليات‪ ،‬و جودة‬
‫التشريعات‪ ،‬من أجل مرفق إداري عمومي فعال في خدمة المواطن”‪.‬‬

You might also like