You are on page 1of 35

‫وحدة البحث و التكوين‬

‫ماستر العقار و التعمير‬


‫مادة ‪ :‬اإلجتهاد القضائي في المادة العقارية‬

‫مبدأ الحيطة‪-‬مضارالجوار‬

‫إشراف الدكتورة ‪ :‬أسماء العلمي‬ ‫إعداد الطلبة ‪:‬‬


‫عبدالفتاح نضيف‬
‫بدر اوجداد‬
‫ياسين الفردوسي‬
‫هشام ازرورة‬

‫السنة الجامعية ‪2021/2020‬‬

‫‪1‬‬
‫﷽‬

‫قال تعالى‪:‬‬

‫َ ه ُ َ ْ َ َ ُ ْ ْ ُ ُ ن ُ ه َ ُ ْ َ َ ْ َ ُ َن َ ْ ً‬
‫﴿ وَّللا أخرجكم ِمن بطو ِ أمها ِتكم َل تعلمو شيئا ﴾‬
‫ََ ُ ُْ َ ْ ْ ه َ ً‬
‫﴿ وما أو ِتيتم ِمن ال ِعل ِم ِإَل ق ِليًل ﴾‬

‫اللهم ِّعلمنا ما ينفعنا‪ ،‬وانفعنا مبا علمتنا‪ ،‬و ِّزدان عل ًما‪ ،‬انك أنت العلمي احلكمي‪ ،‬وصىل هللا‬
‫عىل س يدان حمد وعىل أهل وحصبه أمجعني‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫الئحة فك الرموز‪:‬‬

‫ق‪.‬م‪.‬م ‪ :‬قانون المسطرة المدنية‬


‫ق‪.‬ل‪.‬ع ‪ :‬قانون االلتزامات و العقود‬
‫م‪.‬ح‪.‬ع ‪ :‬مدونة الحقوق العينية‬
‫ط ‪ :‬طبعة‬
‫م‪.‬س ‪ :‬مرجع سابق‬
‫ص ‪ :‬صفحة‬

‫‪3‬‬
‫مقدمة ‪:‬‬

‫يعتبر حق الملكية أوسع الحقوق العينية على اإلطالق ‪،‬اذ يخول لصاحبه جميع السلط من‬
‫استعمال واستغالل وتصرف ‪،‬اي ان للمالك يحق له ممارسة حقه على ملكيته كيفما شاء ووفق‬
‫ما يروق له ‪،‬فالقوانين الوضعية نجدها تكفلت بتنظيم اإلجراءات القانونية لنقل الملكية العقارية‬
‫وطرق اكتسابها وتحديد السندات المثبتة لها وتقرير وسائل حمايتها ‪،‬حيت ترد على الملكية‬
‫العقارية قيودا قانونية والتي منها نظرية مضار الجوار فهذه األخيرة تعتبر من النظريات‬
‫المنتشرة في العديد من األنظمة القانونية ‪،‬رغم انها كانت في األصل تنطبق على المضار‬
‫المرتبطة بعالق ات الجوار (ضجيج ‪،‬روائح كريهة ‪،‬أدخنة )اال انها توسعت شيئا فشيئا لتشمل‬
‫مضار البيئة ونكون انذاك امام مبدأ الحيطة كأساس لنظرية مضار الجوار ‪،‬لم يكن هذا التوسع‬
‫ممكنا بدون اعتماد تصور مرن لمفهوم الجار ‪ ،‬والذي يقصد به القرب واإللتصاق والمحاداة‬
‫‪،‬وعليه فكل شيء موجود على سطح األرض يكون مجاور لما يحاديه من األشياء وهذا ما‬
‫تؤكده األية ‪ 04‬من سورة الرعد لقوله عز وجل‪:‬‬
‫سقَ ٰى‬ ‫غي ُأر ِص أن َو ٍ‬
‫ان يُ أ‬ ‫ع َونَ ِخي ٌل ِص أن َوا ٌن َو َ‬ ‫ط ٌع ُمت َ َجا ِو َراتٌ َو َج َّناتٌ ِم أن أ َ أعنَا ٍ‬
‫ب َو َز أر ٌ‬ ‫ض ِق َ‬‫" َو ِفي أاْل َ أر ِ‬
‫ون‪".‬‬ ‫ض فِي أاْل ُ ُك ِل ۚ إِنَّ فِي ٰذَ ِلكَ ََليَا ٍ‬
‫ت ِلقَ أو ٍم يَ أع ِقلُ َ‬ ‫علَ ٰى بَ أع ٍ‬
‫ض َها َ‬ ‫اح ٍد َونُفَ ِض ُل بَ أع َ‬‫اء َو ِ‬
‫بِ َم ٍ‬
‫وتعود نشأة هذه النظرية الى القضاء الفرنسي والذي أقر عام ‪ 1844‬مبدأ المسؤولية على‬
‫اساس مضار الجوار بحيث اعتبرت محكمة النقض الفرنسية انذاك ان الضجيج الصادر من‬
‫أحد المصانع يمكن ان يعتبر من قبيل مضار الجوار ادا ما تجاوز الحد المألوف اما بالنسبة‬
‫لمبدأ الحيطة فقد تم التنصيص عليه للمرة األولى في عام ‪ 1992‬في المبدأ ‪15‬من إعالن ريو‬
‫"‪:‬عندما تكون هناك تهديدات بوقوع أضرار جسيمة أو ال رجعة فيها‪ ،‬واالفتقار إلى اليقين‬
‫العلمي الكامل ال يمكن أن يكون مبررا لتأجيل اعتماد تدابير فعالة‬
‫لمنع التدهور البيئي‪".‬‬
‫رغم عدم وجود تعريف مقبول عالميا لمبدأ الحيطة‪ ،‬يمكن محاولة التعبير عـن الفكـرة العامـة‬
‫كمـا يلـي‪:‬‬
‫" يجب اتخاذ تدابير عندما يكون هناك سبب كاف لالعتقاد بأن أي نشاط أو منتج قد يسبب‬
‫أضرارا جسـيم ة‪ ،‬والتـي ال رجعة فيها على الصحة أو البيئة ‪.‬قد تكون هذه التدابير لخفض‬
‫أو وقف النشاط إذا كان نشاط ما ‪ ،‬أو لمنع هذا المنـتج إذا كان منتجا ‪ ،‬من دون الحاجة إلى‬
‫إنشاء دليل قاطع رسميا إلى وجود عالقة سببية بين هـذا النشـاط أو المنـتج ‪،‬‬
‫والعواقب الوخيمة‪" .‬‬

‫‪4‬‬
‫‪ -‬أهمية الموضوع‪:‬‬
‫ان موضوع مضار الجوار‪-‬مبدأ الحيطة يكتسي أهمية بالغة وهي على مستوى األتي‪:‬‬
‫األهمية القانونية ‪ :‬التعرف من خاللها على دور المشرع في مجال المسؤولية المدنية عن‬
‫الضرر البيئي و ذلك من خالل معالجة اساس هذه المسؤولية و مختلف انواعها ‪،‬و االثار‬
‫المترتبة عنها في حماية المكونات الطبيعية ‪ ،‬و مدى تفاعل الفقه و القضاء مع هذه‬
‫المعطيات في وضع حدود و تعريفات موحدة للضرر البيئي‪.‬‬
‫االهمية االقتصادية‪ :‬تكمن في التسابق للسيطرة على الثروات و الموارد الطبيعية التي‬
‫يتيحها الوسط البيئي‬
‫االهمية االجتماعية‪ :‬إن البيئة هو الوسط الذي يعيش فيه االنسان ظلت محل تغيير بفعل‬
‫انشطة هذا االخير التي تحكمها حاجياته الحياتية‬
‫االهمية القضائية ‪ :‬دور االجتهاد القضائي في تكريس طابع حمائي للبيئة من مختلف‬
‫االضرار البيئية‪ ،‬ومساير لهذا النوع الجديد والخاص من المخاطر‪ ،‬و تحديث قواعد‬
‫المسؤولية المدنية عن الضرر البيئي مع مالئمة حماية حقوق المتضررين بيئيا و تحقيق‬
‫التنمية المستدامة في ابعادها الشمولية‪.‬‬
‫األهمية البيئية ‪:‬يهتم البحت بدراسة نظرية مضار الجوار وعالقتها بالمسؤولية عن الضرر‬
‫البيئي قد تطورت هذه النظرية شيئا فشيئا لتتجاوز المضار التقليدية الناجمة عن عالقات‬
‫الجوار من خالدخنة وروائح كريهة وأصوات مزعجة لتشمل مضار مستحدتة دات اثر‬
‫سلبي على البيئة‪.‬‬
‫‪ -‬دوافع إختيار الموضوع‪:‬‬
‫إن اسباب ودوافع اختيار موضوع مضار الجوار‪-‬مبدأ الحيطة‪ -‬يجد علته في اسباب‬
‫موضوعية وأخرى شخصية ‪:‬‬
‫اما االسباب الموضوعية تتجلى في التطور الذي نشهده اآلن في المجال الصناعي‬
‫والتكنولوجي لذي ادى الى ظهور اضرار بيئية لم تأخدها القوانين الوضعية بالحسبان‬
‫كاألضرار الناجمة عن اإلشعاعات الكهرومغناطيسية المنبعثة من أبراج اإلتصاالت ‪ ،‬والتي‬
‫تطرح هذه اإلشعاعات اشكاالت قانونية بالنظر الى شكوك التي يحوم حول خطورتها من‬
‫عدمها وحول وجود عالقة سببية بينها وبين األصرار التي ينسبها األجوار مما اعتمد الفقه‬
‫والقضاء على نظرية مضار الجوار كأساس للتعويض عن الضرر البيئي وهو ما سيتم‬
‫توضيحه في العرض ‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫بينما تجد االسباب الشخصية ضالتها في االهمية التي يكتسيها وايضا االرتباط الوثيق بين‬
‫العقار والبيئة ‪ ،‬وهوما سيلمسه القارئ الكريم عند اطالعه على الموضوع ‪.‬‬
‫‪-‬إشكالية الموضوع‪:‬‬
‫و لمقاربة الموضوع من كل جوانبه بالشرح والتحليل ارتأينا اعتماد االشكالية الجوهرية‬
‫االتية ‪ :‬الى مدى يمكن القول ان الترسانة التشريعية المغربية المؤطرة لمضار الجوار‬
‫تمكنت من تكريس مبدأ الحيطة ‪ ،‬ومن تم حماية االمن البيئي بكل تجلياته من خالل تدخل‬
‫قضلئي فعال؟‬
‫‪-‬المناهج المعتمدة في دراسة الموضوع‪:‬‬
‫لدراسة الموضوع اعتمدنا على عدة مناهج ومبادئ معروفة في الدراسات القانونية أهمها‪:‬‬
‫المنهج المقارن‪ :‬وذلك عن طريق اعتماد مقارنة ما بين القانون المغربي وبعض القوانين‬
‫المقارنة ‪ ،‬وايضا محاولة توظيف اجتتهادات القضاء الفرنسي كلما دعت الضرورة لذلك ‪.‬‬
‫المنهج الوصفي ‪ :‬حيث تعرضنا لوصف النظريات التي جاءت في المسؤولية الدولية عن‬
‫األضرار البيئية من حيث الطرح والنقد التي تعرضنا له‪،‬كما تناولنا اإللتزامات التي تتبع‬
‫المسؤولية الدولية ومواقف الفقهاء من المبادئ العامة التي تحكم المسؤولية الدولية عن‬
‫األضرار البيئية‬
‫منهج التحليل والتركيب ‪ :‬حيث تناولنا تحليل فكرة أنواع التلوثاث وأسبابه من جهة‬
‫والمبادئ التي تحكم المسؤولية عن األضرار البيئية من جهة ثانية وخلصنا لفكرة جديدة‬
‫وهي أن مفهوم المسؤولية الدولية عن األضرار البيئة با لشكل المعروف فقهيا ال يتفق وهده‬
‫الخصائص وعليه يجب‬
‫تبني فكرة جديدة مبنية على التضامن والتأمين اإلجباري مع تفعيل صناديق للتعويض‪.‬‬
‫‪-‬خطة البحث ‪:‬‬
‫ولمعالجة الموضوع بالشرح و التحليل ‪ ،‬واإلجابة على اإلشكالية المقترحة ‪،‬‬
‫سنعتمد على التصميم اآلتي‪:‬‬

‫المبحث اْلول ‪ :‬اْلحكام العامة لنظرية مضار الجوار‬


‫المبحث الثاني‪ :‬دعوى المسؤولية الناتجة عن مضار الجوار‬

‫‪6‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬األحكام العامة لنظرية مضار الجوار‬

‫تعتبر نظرية مضار الجوار من النظريات المنتشرة في عديد األنظمة القانونية‪ .‬ورغم‬
‫أنها كانت في األصل تنطبق على المضار المرتبطة بعالقات الجوار (ضجيج‪ ،‬روائح‬
‫كريهة‪ ،‬أدخنة‪( )...‬المطلب األول)‪ ,‬إال أنها توسعت شيئا فشيئا لتشمل المضار البيئية‪ .‬ولم‬
‫يكن هذا التوسع ممكنا بدون اعتماد تصور مرن لمفهوم الجار ولمفهوم الضرر والعالقة‬
‫السببية‪ .‬رغم ذلك فإن نظرية مضار الجوار غير المألوفة أظهرت محدوديتها نظرا لعدم‬
‫انطباقها على بعض المضار البيئية (المطلب الثاني)‪ ،‬وبذلك أصبح من الضروري وضع‬
‫نظام خاص للضرر البيئي‪1.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬اإلطار القانوني لنظرية مضار الجوار‬


‫في إطر الحديث عن نظرية مضار الجوار‪،‬فإن المشرع المغربي نراه قد اكتفى بعرض‬
‫بعض الحاالت التي تتحقق فيها نظرية مضار الجوار‪.‬في قانون االلتزامات والعقود (الفقرة‬
‫األولى) ‪،‬في خصص حيزا مهما لهذه النظرية في مدونة الحقوق العينية (الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬نظرية مضار الجوار في إطار قانون االلتزامات والعقود‬
‫حدد المشرع المغربي نطاق هذه النظرية ومجالها في مقتضيات المواد ‪ 91‬و‪ 92‬من‬
‫ق‪.‬ل‪.‬ع والتي تنص على التوالي على ما يلي‪ :‬ينص الفصل ‪ 91‬على أن‪" :‬للجيران الحق‬
‫في إقامة دعوى على أصحاب المحالت المضرة بالصحة أو المقلقة للراحة بطلب‪ ،‬إما إزالة‬
‫هذه المحالت‪ ،‬وإما إجراء ما يلزم فيها من التغيير لرفع األضرار التي يتظلمون منها‪ .‬وال‬
‫يحول الترخيص الصادر من السلطات المختصة دون مباشرة هذه الدعوى‪ ".‬كما ينص‬
‫الفصل ‪ 92‬على أنه ‪ ":‬ومع ذلك‪ ،‬ال يحق للجيران أن يطلبوا إزالة األضرار الناشئة عن‬
‫االلتزامات العادية للجوار‪ ،‬كالدخان الذي يتسرب من المداخن‪ ،‬وغيره من المضار التي ال‬
‫يمكن تجنبها والتي ال تتجاوز الحد المألوف‪.".‬‬
‫وانطالقا من مضمون الفصلين أعاله‪ ،‬ومن بين التطبيقات التي أتى بها المشرع المغربي‬
‫بشأن نظرية مضار الجوار‪ ،‬تلك األضرار التي تلحق الجيران فيتظلمون منها والتي تتعدى‬
‫نطاق األضرار العادية المألوفة التي ال يمكن تجنبها‪ ،‬كاألضرار الناجمة عن استغالل‬
‫مؤسسة بصورة غير الئقة كالمقاهي أو المعامل التي تستخدم آالت تحدث ضجيجا ال يطاق‬
‫أو مصنع تنبعث منه روائح كريهة‪ ،‬حيث جاء في القــرار رقم ‪2146‬المؤرخ فـي ‪ 11‬مايو‬
‫‪ 2010‬ملف مدني رقم ‪ 874/1/7/2009‬مضار الجوار ‪ -‬التعسف في استعمال الحق –‬
‫استغالل محل لتربية الدجاج – مضار تفوق الحد المألوف‪ -‬التعويض‪.‬‬

‫‪ 1‬أنيس بن علي العذار‪ ،‬نظرية مضار الجوار والمسؤولية عن الضرر البيئي‪ ،‬المجلة األكاديمية للبحوث القانونية والسياسية ‪-‬العدد الثالث‪ -‬المج‬
‫‪،01‬ص ‪1‬‬

‫‪7‬‬
‫" إن الدعوى أقيمت في إطار مضار الجوار المستمدة من التعسف في استعمال الحق‪ ،‬الذي‬
‫يلزم المطلوب ضدهم على أساسه كأصحاب محل لتربية الدجاج بالتعويض عما أحدثوه‬
‫باستغاللهم للمحل المذكور من مضار تفوق الحد المألوف الذي يمكن للطاعن احتماله حسبما‬
‫جاء بتقرير الخبرة‪ ،‬وأن لمحكمة الموضوع‪ ،‬بعد أن ثبت لديها حصول الضرر‪ ،‬كامل‬
‫الصالحية في اختيار الطريقة التي ترى فيها أنها األنسب في إصالح الضرر‪ ،‬وأنها لما‬
‫قضت بما رأته كفيال بإزالته أو إرجاعه إلى الحد المألوف وفق ما رآه الخبير دون حرمان‬
‫الطاعنين من حقهم في استغالل محلهم دون تعسف‪ ،‬تكون قد استعملت سلطتها التقديرية في‬
‫ذلك والمعقب عليها‪ ،‬ويكون ما أثير بالوسيلتين بدون أساس‪ ".‬أو يخرج منه دخان ال‬
‫يحتمل‪ ،‬وغرس األشجار دون احترام المسافات الالزمة لهذا الغرس‪ ،‬وكذا تسرب الدخان‬
‫المكثف لمساكن الجيران (فحسب الفصل ‪ 92‬فإن الدخان الذي يحق للمدعي المطالبة برفعه‬
‫هو الذي يكون غير مألوف)‪ ،‬وقد توسع الفقهاء المسلمون كثيرا في سرد الحاالت التي‬
‫تتحقق فيها مضايقات الجوار كحجب النور والشمس عن الجيران وحفر اآلبار بنية إلحاق‬
‫الضرر بهم وغيرها‪ .‬حيث جاء في قرار للمجلس األعلى سابقا (محكمة النقض حاليا) ما‬
‫يلي‪" :‬ال يجوز للجيران المطالبة بإزالة األضرار الناتجة والناشئة عن االلتزامات العادية‬
‫للجوار كالدخان وغيره من المضار التي يمكن تجنبها والتي ال تتجاوز الحد المألوف كما ال‬
‫يزال ا لضرر المدخول عليه أي الضرر الناشئ فبل أن يؤول الحق المتسبب في الضرر‪2‬‬

‫والمشرع المغربي بعد أن عرض في الفصلين المشار إليهما أعاله لمضايقات الجوار‪ ،‬التي‬
‫يتعين رفعها وإزالتها فإنه حاول إيجاد مبدأ عام كضابط لتحديد معيار التعسف في استعمال‬
‫الحق حيث نص في الفصل ‪ 94‬من ق‪.‬ل‪.‬ع على أنه‪ " :‬ال محل للمسؤولية المدنية‪ ،‬إذا فعل‬
‫شخص بغير قصد اإلضرار ما كان له الحق في فعله…‪ .‬غير أنه إذا كان من شأن مباشرة‬
‫هذا الحق أن تؤدي إلى إلحاق ضرر فادح بالغير‪ ،‬وكان من الممكن تجنب هذا الضرر أو‬
‫إزالته من غير أذى جسيم لصاحب الحق‪ ،‬فإن المسؤولية المدنية تقوم إذا لم يجر الشخص‬
‫ما كان يلزم لمنعه أو إليقافه‪".‬‬
‫فمن خالل هذه الفصول يظهر أن موقف المشرع المغربي إزاء هذه النظرية لم يكن واضحا‬
‫فهو قد تناول أحكام هذه النظرية بصورة عرضية وهو بصدد الكالم عن الخطأ كعنصر في‬
‫المسؤولية التقصيرية في الوقت الذي كان يتعين عليه تناول أحكام هذه النظرية بصورة‬
‫مستقلة‪ ،‬وذلك لما لها من أهمية في ميدان استعمال الحقوق سواء كانت حقوقا شخصية أو‬
‫عينية‪.3‬‬

‫‪ 2‬قرار صادر عن المجلس األعلى عدد ‪ 39-21‬بتاريخ ‪ 2010/5/11‬في الملف عدد ‪ 4631‬منشور بمجلة قضاء محكمة النقض عدد ‪ 74‬ص‬
‫‪ 133‬وما يليها‪.‬‬

‫‪ 3‬زيد قدري الترجمان‪ ،‬نظرية التعسف في اسعمال حق الملكية العقارية‪ ،‬أطروحة دكتوراه في القانون الخاص‪ ،‬كلية الحقوق بالرباط‪ ،‬ط ‪،2009‬‬
‫ص ‪ 58‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫كما أن المشرع المغربي عندما حاول وضع معيار للتعسف في استعمال الحق كان متأثرا‬
‫بالنزعة الشخصية التي تهدف إلى تقديس الحقوق الفردية وعدم تقييد هذه الحقوق إال في‬
‫أضيق الحدود‪ ،‬بدليل أنه أقحم في الفصل ‪( 94‬ق‪.‬ل‪.‬ع) مجموعة من القواعد التي تحمي‬
‫موقف صاحب الحق‪ ،‬فال يتحقق فعل التعسف وفقا لمضمون هذا النص إال إذا تسبب‬
‫صاحب الحق في إلحاق ضرر فادح بالغير وكان باإلمكان إزالة هذا الضرر دون المساس‬
‫بمصلحة صاحب الحق‪ ،‬وخارج هذين الشرطين فإن صاحب هذه المصلحة ال يعد متعسفا‬
‫في استعمال حقه‪.‬‬
‫كما نص الفصل ‪ 77‬من قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬على أن كل عمل يرتمبه‬
‫اإلنسان‪...‬ويكون من شأنه أن يحدث ضررا للغير يلزم مرتكبه بتعويض هذا الضرر‪ ،‬وهذه‬
‫القاعدة هي التي وردت في الفصل ‪ 1382‬من القانون المدني الفرنسي والتي استند إليها‬
‫القضاء في فرنسا إلقرار نظرية إساءة استعمال الحق‪.4‬‬
‫وتجدر اإلشارة‪ ،‬أنه يمكن القول أنه يجوز للمالك أن يستعمل حقه كما يشاء بغية الحصول‬
‫على منافع الشيء المملوك له‪ ،‬وعلى المالك المجاورين أن يتحملوا المضايقات البسيطة أو‬
‫األضرار الناجمة عن هذا االستعمال متى كانت عادية ومألوفة ومتسامح فيها‪ ،‬أما في حالة‬
‫تماهي المالك في استعمال حقه وبالتالي تقوم مسؤوليته عن هذا التعسف‪.5‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬نظرية مضار الجوار في إطار مدونة الحقوق العينية‬

‫قد ينتج عن استعمال المالك لعقاره ضرر بمن يجاوره ذلك العقار‪ ،‬كأن يقيم المالك فوق‬
‫أرضه معمال يؤدي جيرانه بالدخان ويقلق راحتهم بالضجيج ونحوه‪ ،‬وكأن يفتح في بنائه‬
‫نوافذ تطل على جيرانه على غير ذلك‪.6‬‬
‫وفي حقيقة األمر فإن هذا التوجه الذي نهجته مدونة الحقوق العينية هو توجه صائب على‬
‫اعتبار أن بعض القيود المتعلقة بمضار الجوار كالقيود المتعلقة بالمسيل أو الصرف‪ ،‬أو فتح‬
‫المطالت على أرض الجار هي في حقيقتها من قبيل االرتفاقات القانونية‪.‬‬
‫وعليه يمكن تلخيص القيود المتعلقة بمضار الجوار كما هي منظمة في مدونة الحقوق‬
‫العينية على النحو التالي‪:‬‬

‫‪4‬‬
‫مأمون الكزبري‪ ،‬التحفيظ العقاري والحقوق العينية األصلية والتبعية‪ ،‬الجزء الثاني‪،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.88‬‬

‫ّ‬
‫الحق‪ ،‬حيث‬ ‫‪ 5‬يرى الدكتور عبد الرزاق السنهوري أنه ال يمكن اعتبار مضار الجوار الغير المألوفة داخلة في نطاق نظرية التعسف في استعمال‬
‫يقول في هذا الصدد ‪" :‬ال ضرر الفاحش فيما بين الجيران ليس تعسفا في استعمال الحق بل هو خروج عن حدود الحق‪ ،‬بمعنى أن مضار الجوار‬
‫تمثل تجاوزا في استعمال الحق ال تعسفا"‪ – .‬عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني المصري الجديد‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬نظرية‬
‫االلتزام‪ ،‬دار إحياء التراث المغربي‪ ،‬بيروت‪.1967 ،‬‬

‫‪ 6‬ادريس الفاخوري‪ ،‬الحقوق العينية وفق القانون رقم ‪ ،39.08‬مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬طبع ‪ 2016‬ص ‪85‬‬

‫‪9‬‬
‫أوال‪:‬الحائط المشترك‪ :‬نظمته مدونة الحقوق العينية في المواد من ‪ 28‬الى ‪ ،31‬وهو كل‬
‫حائط يفصل بين عقارين يعد مشتركا بينهما الى نهاية خط اإلشتراك ما لم يقم الدليل على‬
‫خالف ذلك‪ .‬ويحق لكل شريك في الحائط المشترك أن يقيم بجانبه بناء أو يضع فوقه‬
‫عوارض أو دعائم ولكن بالقدر الذي لشريكه بشرط أال يحمله فوق طاقته وذلك مع مراعاة‬
‫القوانين واألنظمة‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬الطريق الخاص المشترك‪ :‬تم التنصيص عليه في المواد من ‪ 32‬الى ‪ 36‬من مدونة‬
‫الحقوق العينية‪ ،‬والطريق الخاص المشترك كالملك المشترك هو لمن لهم حق المرور فيه‬
‫وال يجوز ألحد الشركاء أن يحدث فيه شيئا سواء كان مضرا أو غير مضر إال بإذن باقي‬
‫شركائه‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬حق المسيل أو الصرف‪ :‬نظم المشرع المغربي األحكام المتعلقة بحق المسيل أو‬
‫الصرف في المواد من ‪ 60‬الى ‪ 63‬من مدونة الحقوق العينية ضمن االرتفاقات القانونية‪،‬‬
‫حيث أنه يمكن لكل مالك عقار يريد تصريف المياه الزائدة عن حاجته أو غيرالصالحة أن‬
‫يحصل على ممر لها بعقار الغير نظير تعويض مناسب يدفع مقدما‪.‬‬
‫يشترط تمرير الماء الزائد عن الحاجة في مكان ال يسبب للعقار المرتفق به إال أقل ضرر‪،‬‬
‫كما يشترط تمرير الماء غير الصالح في مواسير بحيث ال تتسبب في أي ضرر للعقار‬
‫المرتفق به‪ ،‬حيث جاء في القرارالقــرار عـدد ‪ 1827 :‬المؤرخ فـي ‪ 9/12/2010 :‬ملف‬
‫تجاري عــــدد ‪611/3/1/2010 :‬‬
‫"التدبير المفوض للنفايات السائلة ‪ -‬تصريف مياه التطهير‪ -‬تأثير التسربات ‪ -‬مسؤولية‬
‫شركة‪.‬‬
‫إن تقرير المختبر الرسمي اثبت أن التلوث الالحق بالعقار وبالبئر الموجودة به كان نتيجة‬
‫تسرب مياه ملوثة وغائطية من محطة الضخ التي تشرف شركة (ريضال) على تدبيرها‬
‫إضافة إلى تقرير الخبير المتضمن وجود فوهة في الخزان كلما وصل مستوى مخزون‬
‫المياه العادمة إلى هذه الفوهة يتدفق في القناة السطحية (مجرى مياه األمطار) ويمر المجرى‬
‫بمحاذاة العقار ونتيجة لقرب البئر المتواجد بالعقار من مجرى المياه فإن ماءه عكر تفوح‬
‫منه رائحة المياه العادمة والتلوث ظاهر لمجرد الرؤية بالعين المجردة‪ .‬وهو ما ثبت منه‬
‫للمحكمة حصول الضرر بسبب المياه العادمة التي تتدفق عبر مجرى مياه األمطار بفعل‬
‫الشركة دون غيرها وبذلك لم يكن هناك ما يدعوها الستدعاء شركة "السامير" أو األمر‬
‫بإجراء خبرة مضادة طالما أغنتها الخبرة المعتمدة التي أحاطت بالجانب الفني للنزاع عن‬
‫هذا اإلجراء‪ ،‬وهو ما جعل القرار غير خارق ألي حق من حقوق الدفاع ومعلال بما‬
‫يكفي‪.‬رفض الطلب‪ ".‬تسري على حق الصرف مقتضيات المواد من ‪ 56‬إلى ‪ 59‬المتعلقة‬
‫بحق المجرى‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫رابعاً‪ :‬غرس األشجار بالقرب من حدود الجار‪ :‬نصت عليه مدونة الحقوق العينية في المواد‬
‫من ‪72‬الى ‪ ,74‬بحيث إذا كان حق الملكية يوفر لصاحبه سلطة االستعمال واالستغالل‬
‫والتصرف ومن ثم يكون له أن يغرس أرضه بما شاء من أغراس وأشجار فإنه يتعين عليه‬
‫أن يتقيد بقيود تحد من األضرار التي يمكن أن تلحق جاره من غرس هذه االغراس‬
‫واألشجار بالقرب من حدود أرض جاره‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬فتح المطالت على األرض المجاورة‪ :‬نظمها المشرع المغربي في المواد من ‪66‬‬
‫الى ‪ 68‬من مدونة الحقوق العينية‪ .‬بحيث أنه ال يجوز لمالك عقار أن يكون له مطل مستقيم‬
‫أو نوافذ أو شرفات أو سوى ذلك من النتوءات على أرض مسورة أو غير مسورة للمالك‬
‫المجاور ما لم يكن بين الحائط الذي يحدث فيه هذا المطل أو هذه الشرفات وبين تلك‬
‫األراضي مسافة مترين‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬إقامة منشآت مزعجة أو مضرة بالجيران‪ :‬ال يسوغ لمالك العقار أن يستعمله‬
‫استعماال مضرا بجاره ضررا بليغا (المادة ‪ 21‬من مدونة الحقوق العينية) ‪ ،‬ومن بعض‬
‫األمثلة عن المنشآت المزعجة أو المضرة بالجيران بناء مدخنة أو محل للحدادة‪ ،‬حيث جاء‬
‫في القرار " المساس بالصحة والسالمة والسكينة‪ -‬أضرار ناتجة عن ورشة للحدادة‬
‫بوسط سكني – السماح بإحداثها – خطأ في التسيير‪ -‬مسؤولية البلديات ‪.‬تتحقق طبقا‬
‫لمقتضيات الفصل ‪ 79‬من قانون اإللتزامات والعقود مسؤولية المجلس الجماعي عن‬
‫األضرار الناتجة مباشرة عن تسيير إدارته‪ ،‬لما ثبت لمحكمة الموضوع خطأه في التسيير‬
‫بعدم منعه إحداث ورشة للحدادة في حي سكني رغم مساس ذلك بالصحة والسالمة والسكينة‬
‫للسكان المجاورين‪ ،‬وبعدم إغالقه لها وفق ما يستوجبه مرسوم ‪ 26/05/1980‬المتعلقة‬
‫بالصحة‬
‫والسالمة واألمن‪ ،‬ومقتضيات المادة ‪ 50‬من الميثاق الجماعي بمهام الشرطة اإلدارية التي‬
‫تستلزم اتحاذ كافة التدابير الخاصة بنظافة المساكن والطرق ومراقبة األنشطة المهنية غير‬
‫المنظمة التي من شأن مزاولتها أن تمس بالوقاية الصحية والنظافة وسالمة المرور والسكينة‬
‫العمومية"‪ ،7‬أو فرنا أو مطبخا أو حظيرة للماشية أو محل للنجارة حيث جاء في القرار‪:‬‬
‫"مضار الجوار ‪ -‬ممارسة أعمال النجارة بواسطة آالت كهربائية – حي سكني ‪ -‬ضجيج‬
‫وتلوث وروائح ‪ -‬مواد كيماوية – الغبار – إصابة بالربو ‪ -‬ضرر متقلب – عدم خضوعه‬
‫للتقادم‪.‬‬
‫إذا كان الضرر ثابتا لمحكمة االستئناف بضجيج وغبار اآلالت الناتج عن محل حرفي‬
‫يستغل في ممارسة أعمال النجارة بواسطة آالت كهربائية ينتج عنها ضجيج وتلوث وروائح‬
‫‪7‬‬
‫القــرار رقم‪ 46‬المؤرخ فـي ‪ 13‬يناير‪ 2010‬ملف إداري رقم ‪ 374/4/2/2009‬منشور في األمن البيئي من خالل العمل القضائي لمحكمة‬
‫النقض مضار الجوار ذات صلة بالبيئة‬

‫‪11‬‬
‫بسبب المواد الكيماوية والغبار‪ ،‬فهي غير ملزمة بالبحث في أعمال غير الطاعن التي ثبت‬
‫للمحكمة أنها تسبب هذا النوع من الضرر المتقلب الذي ال يخضع للتقادم لعدم معرفة بداية‬
‫تأثيره خاصة أن إصابة عائلة المطلوب بالربو يؤثر فيه الغبار حتى ولو لم يكن الربو نتيجة‬
‫هذا الغبار‪ ،‬وتوفر المحكمة على كل العناصر المبررة لرفع الضرر يغنيها عن إجراء بحث‬
‫أو خبرة أخرى‪8".‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬مبدأ الحيطة كأساس لنظرية مضار الجوار‬

‫رغم أن التطور الصناعي و التكنولوجي الهائل الذي شهده العالم له الكثير من االيجابيات‬
‫في تحسين الحياة و تجويدها ‪ ،‬اال انه خلف مجموعة من االضرار على االنسان و البيئة ‪.‬‬
‫االمر الذي جعل من قواعد المسؤولية المدنية بمفهومها التقليدي عاجزة عن تحقيق الحماية‬
‫لألطراف المتضررة ‪.‬‬
‫وهذا ما دفع العديد من الدول خاصة االوروبية الى تبني قواعد و مبادئ جديدة يمكن من‬
‫خاللها حماية البيئة و الصحة العامة لالفراد ‪ ،‬و يبقى أهمها مبدأ الحيطة ‪ ،‬الذي تم اقراره‬
‫في العديد من المواثيق و االعالنات الدولية المرتبطة بحماية البيئة ‪.‬‬
‫هذا ما ادى الى ظهور تصور جديد لنظرية مضار الجوار غير المألوفة التي أصبحت تقوم‬
‫على مبدأ الحيطة كأساس لتقرير المسؤولية المدنية في المجال البيئي على مستوى القانون‬
‫الدولي و الوطني ‪.‬‬
‫سنحاول من خالل هذا المطلب التعريف بمبدأ الحيطة و بيان عناصره ( الفقرة االولى ) ‪ ،‬و‬
‫كذلك التطرق الى تكريس هذا المبدأ على المستوى الدولي و الوطني كأساس جديد لتقرير‬
‫المسؤولية المدنية ( الفقرة الثانية) ‪.‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬ماهية مبدأ الحيطة‬
‫أوال‪ -‬تعريف مبدأ الحيطة‬
‫ان معنى الحيطة لغة مشتق من أصل حوط ‪ ،‬و هي اإلحاطة الحسية بالشيء وهو الشيء‬
‫يطيف بالشيء‪ ،‬و يقال احتاط الرجل اي أخذ في أموره بالحزم ‪.‬و اصطالحا يراد بها فعل‬
‫ما يتمكن به من ازالة الشك ‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫القرار رقم ‪ 119/5‬المؤرخ في ‪ 26‬فبراير‪ 2013‬ملف مدني قرار ‪ 3291/1/5/2012‬منشور في األمن البيئي من خالل العمل القضائي لمحكمة‬
‫النقض مضار الجوار ذات صلة بالبيئة‬

‫‪12‬‬
‫أما من الناحية القانونية فيعرف بانه مجموعة من اإلجراءات الواجب اتخاذها حينما تتوفر‬
‫أسباب كافية لالعتقاد أن منتجا يمكن أن يسبب ضررا خطيرا ال يمكن تصحيحه أو تداركه‬
‫للمستهلك أو البيئة ‪ ،‬هذه اإلجراءات يمكن أن تهدف الى التقليل من النشاط أو إنهائه أو منع‬
‫طرح المنتوج دون اشتراط دليل قاطع على وجود عالقة سببية بين النشاط و المنتوج و‬
‫اآلثار السلبية المتوقع حدوثها ‪.9‬‬
‫و يعرف كل من الفقيهين فليب كوريلسكي و جونفياف فيني زعماء المدرسة التحوطية مبدأ‬
‫الحيطة على أنه اتخاذ قرار من قبل أشخاص عامة أو خاصة يتضمن إجراءات خاصة‬
‫بنشاط أو منتوج يعتقد بشأنه انه من المحتمل أن يشكل خطر و يسبب ضرر للصحة العامة‬
‫أو سالمة األجيال الحالية أو القادمة أو للمستهلك و حتى للبيئة ‪.‬‬
‫وعرف المشرع الفرنسي مبدأ الحيطة في قانون بارني الصادر في سنة ‪ 1995‬بالقول على‬
‫انه " غياب اليقين العلمي على ضوء المعرفة الحالية و التكنولوجية ‪ ،‬ال يجب أن يؤجل‬
‫تبني تدابير فعلية و متوازنة قصد الوقاية من األضرار الجسيمة و االنعكاسية للبيئة و بتكلفة‬
‫مقبولة اقتصاديا "‪.10‬‬
‫و من خالل هذه التعاريف يمكن القول ان مبدأ الحيطة يقوم على اتخاذ التدابير االستباقية و‬
‫االحترازية تجاه اي نشاط او عمل من الممكن ان يسبب اضرار وخيمة على األفراد و البيئة‬
‫‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬شروط مبدأ الحيطة‬
‫*عدم اليقين العلمي‬
‫إن التطور العلمي و التكنولوجي جعل من النتائج المتوصل اليها تتسم بغياب اليقين العلمي‬
‫حولها ‪ ،‬مما جعل عامل الشك أو الريب عنصرا ضروريا البد أن يؤخذ بعين االعتبار في‬
‫غالبية األنشطة ‪ ،‬مما جعل هذا الشرط يفرض نفسه و ينطبق عندما تكون هناك شكوك‬
‫كبيرة بمعنى عدم وجود يقين علمي ثابت حول العالقة السببية العلمية لحجم و طبيعة حدوث‬
‫الخطر و حجم األضرار الناجمة عنه‪. 11‬‬
‫وهذا ما يميز مبدأ الحيطة على باقي المبادئ في كونه يقوم على الشك و الظن في أن بعض‬
‫األنشطة الصناعية و التكنولوجية التي يقوم بها االنسان من الممكن أن تسبب أضرارا‬
‫جسيمة على البيئة ‪ ،‬ولو في غياب يقين علمي على ذلك‪.‬‬

‫‪ 9‬د سناء خميس ‪ ،‬مبدأ الحيطة ودوره في حماية المستهلك ‪،‬ص ‪. 85‬‬
‫‪10‬‬
‫‪loi n°95-101 du 02 février 1995 relative au renforrcement de la protection de l'environnement, j.o.r.f du‬‬
‫‪février 1995.‬‬

‫‪ 11‬أقماط مبروكة ‪ ،‬عاشور سعاد ‪ :‬مبدأ الحيطة في القانون المدني ‪ ،‬مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماستر في الحقوق ‪ ،‬جامعة عبد الرحمان ميرة‪-‬‬
‫بجاية‪ -‬سنة ‪ ، 2019‬ص ‪27‬‬

‫‪13‬‬
‫*األخطار المحتملة‬
‫أن يكون الخطر احتمالي ‪ ،‬بمعنى أنه يمثل أضرارا يتوقع حصولها ‪ ،‬فهي تتضمن كل‬
‫المخاوف و التهديدات التي من الممكن أن تكون حقيقية أو من الممكن افتراض حدوثها‬
‫كاألخطار االيكولوجية التي تهدد البيئة البشرية ‪ ،‬أو المنتجات أو الخدمة لعدم سالمتهما‬
‫االستهالكية‪12.‬‬

‫*خطورة الضرر‬
‫أما الشرط الثالث لتطبيق مبدأ الحيطة يتمثل في خطورة وجسامة الضرر ألن الخطورة هي‬
‫التي تبرر اتخاذ التدابير الالزمة دون انتظار الحصول على اليقين بأن النشاط المزمع القيام‬
‫به لن يخلق أضرارا على البيئة و الصحة اإلنسانية ‪ ،‬وهذا الشرط ضروري جدا النه يسمح‬
‫بتحديد الدرجة الالزمة التي تسمح للمبدأ بتأكيد محتواه و ليس ففط إلدراك المبدأ على أساس‬
‫انه معرقل للنشاط اإلفتصادي و غياب النشاط الذي يمكن ان تفرضه الحيطة مؤسس على‬
‫وجود تهديد محتمل ونوعا ما خطير و درجة الخطورة هذه تسمح باألخذ بعين االعتبار‬
‫خطر وجود الضرر على مستوى مقبول ‪13.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬تكريس مبدأ الحيطة في القانون الدولي و الوطني‬


‫أوال‪ -‬تكريس مبدأ الحيطة على المستوى الدولي‬
‫عرف مبدأ الحيطة تكريسا دوليا من خالل االتفاقيات و اإلعالنات الخاصة بالبيئة حيث‬
‫أشارت اتفاقية التنوع البيولوجي المبرمة بتاريخ ‪ 5‬جوان ‪ 1992‬في ديباجتها على ضرورة‬
‫توقع واستدراك أسباب انخفاض التنوع حتى في حالة غياب اليقين العلمي المطلق و على‬
‫الدول البحث عن تأكيد االستعمال الدائم للتنوع البيولوجي وتجنب افتقاره على المدى‬
‫الطويل‪ ،‬كما أن اعالن ريودي جانيرو لسنة ‪ 1992‬أكد على مبدأ الحيطة كأساس‬
‫للمسؤولية الدولية ‪14‬في مجال البيئة في مبدأ ‪ ،5115‬و الذي تطرق ألهم عناصره من‬
‫احتمال وقوع ضرر خطير و غير رجعي و غياب اليقين العلمي و ضرورة اتخاذ إجراءات‬
‫فورية من لدن الدول حسب إمكانيتها وقدرتها‪.‬‬

‫‪ 12‬عمارة نعي مة ‪ ،‬االتجاه نحو التأسيس للمسؤولية المدنية على أساس مبدأ الحيطة ‪ ،‬مجلة دفاتر السياسة و القانون عدد ‪، 9‬ص‪182‬‬
‫‪13‬‬
‫د‪ .‬صديقي سامية مقال تحت عنوان المسؤولية المدنية عن اْلضرار البيئية في القانون الدولي منشور على موقع ‪democraticac.de‬‬

‫‪ 14‬د‪ .‬صديقي سامية م ن‬

‫‪ 15‬المبدأ ‪ 15‬من اعالن ريو دي جانيرو سنة ‪ ( 1992‬من اجل حماية البيئة تتخذ الدول في نطاق واسع تدابير احتياطية‬
‫حسب قدرتها‪ ،‬وفي حال ظهور أخطار ضرر جسيم أو أخطار ضرر ال سبيل إلى عكس اتجاهه ال يستخدم االفتقار إلى اليقين‬
‫العلمي الكامل سببا لتأجيل اتخاذ تدابير تتسم بفعالية التكاليف لمنع تدهور البيئة)‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫قرطاجنة‪16‬‬
‫كما تم اإلشارة إلى مبدأ الحيطة بشكل صريح في المادة ‪ 16‬من بروتوكول‬
‫بشأن السالمة اإلحيائية التابع لإلتفاقية المتعلقة بالتنوع البيولوجي ‪ ,‬ويسعى هذا البروتوكول‬
‫الى حماية التنوع البيولوجي من المخاطر المحتملة التي تشكلها الكائنات الحية المعدلة‬
‫وراثيا الناتجة عن التكنولوجيا الحيوية الحديثة ‪.‬‬

‫كما أن المشرع الفرنسي أقر صراحة بمبدأ الحيطة في المجال البيئي في قانون باريي في‬
‫مادته االولى الصادر سنة ‪ ، 1995‬ليصبح فيما بعد قاعدة دستورية منصوص عليها في‬
‫الدستور الفرنسي سنة ‪.2005‬‬

‫ثانيا‪ -‬تكريس مبدأ الحيطة على المستوى الوطني‬

‫إن المغرب باعتباره عضو فعال ضمن المنظمات و الهيئات الدولية ‪ ،‬فهو مشارك في‬
‫العد يد من هذه االتفاقيات الدولية التي كرست مبدأ الحيطة ‪.‬و هذا ما يظهر من خالل اقرار‬
‫المشرع المغربي العمل بمبدأ الحيطة في العديد من القوانين المرتبطة بالبيئة ‪.‬‬

‫حيث نص على ذلك في القانون ‪ 11.03‬المتعلق بحماية واستصالح البيئة و الذي يتضمن‬
‫مجموعة من القواعد و المبادئ التي توجه السياسة الوطنية في المجال البيئي ‪ .‬بحيث جاء‬
‫في الفقرة االخيرة من المادة ‪ 217‬من هذا القانون على ضرورة احترام المواثيق الدولية‬
‫المتعلقة بالبيئة ‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫‪Le Protocole de Cartagena sur la prévention des risques biotechnologiques relatif à la Convention sur‬‬
‫‪la diversité biologique, ou Protocole de Cartagena sur la prévention des risques biotechnologiques de la‬‬
‫‪Convention sur la diversité biologique, plus généralement appelé Protocole de Cartagena sur la‬‬
‫‪biosécurité, a été signé le 29 janvier 2000 dans le cadre de l'ONU, à la suite de la Convention sur la‬‬
‫‪diversité biologique adoptée à Rio en 1992. Il constitue le premier accord international environnemental‬‬
‫‪sur les OGM. Entré en vigueur le 11 septembre 2003, il a recueilli à ce jour (17 février 2019) 172 pays‬‬
‫)‪membres de ratifications (WIKIPEDIA‬‬
‫‪17‬‬
‫‪ 2‬المادة‬

‫يرتكز تنفيذ أحكام هذا القانون على المبادئ العامة التالية ‪:‬‬
‫‪ -‬حماية البيئة واستصالحها وحسن تدبيرها جزء من السياسة المندمجة للتنمية االقتصادية واالجتماعية والثقافية ؛‬
‫‪ -‬حماية البيئة واستصالحها وتحسينها منفعة عامة ومسؤولية جماعية تتطلب المشاركة واإلعالم وتحديد المسؤوليات ؛‬
‫‪ -‬إقرار التوازن الضروري بين متطلبات التنمية الوطنية ومتطلبات حماية البيئة حين إعداد المخططات القطاعية للتنمية وإدماج مفهوم‬
‫التنمية المستدامة حين وضع وتنفيذ هذه المخططات ؛‬
‫‪ -‬اْلخذ بعين االعتبار حماية البيئة والتوازن البيئي حين وضع وتنفيذ مخططات إعداد التراب الوطني ؛‬
‫‪ -‬تفعيل مبدأ " المستعمل المؤدي " ومبدأ " الملوث المؤدي " في إنجاز وتدبير المشاريع االقتصادية واالجتماعية وتقديم الخدمات؛‬
‫‪ -‬احترام المواثيق الدولية المتعلقة بالبيئة بمقتضياتها ومراعاة مقتضياتها عند وضع المخططات والبرامج التنموية وإعداد التشريع‬
‫البيئي‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫كما نص المشرع المغربي على مبدأ الحيطة في القانون ‪ 28.07‬المتعلق بالسالمة الصحية‬
‫للمنتجات الغدائية في الفقرة ‪ 15‬من المادة ‪ 3‬حيث جاء فيها " مبدأ اإلحتياط مجموعة من‬
‫من التدابير الوقائية المتخذة لتجنب األخطار الممكن أن تترتب عن استهالك منتوج أولي أو‬
‫منتوج غذائي أو مادة معدة لتغذية الحيوانات ‪ ،‬في غياب دالئل علمية ثابتة تضمن مستوى‬
‫مقبوال من سالمة هذا المنتوج أو هذه المادة "‪.‬‬

‫كما أن دستور المملكة المغربية لسنة ‪ ، 2011‬جعل من االتفاقيات الدولية المصادق عليها‬
‫تسمو فور نشرها على التشريعات الوطنية ‪ ،‬و أكد كذلك على مالءمة هذه التشريعات مع‬
‫تلك االتفاقيات ‪.‬‬

‫و القضاء المغربي إعتمد على هذا المبدأ في العديد من القضايا ذات االرتباط بالمجال البيئي‬
‫‪ ،‬حيث ذهبت المحكمة اإلدارية بالدار البيضاء في حكمها الصادر في ‪ 2003/12/17‬و‬
‫الذي جاء فيه " حيث انه بعد القيام بكافة اإلجراءات مع الشركة المصدرة من هولندا ( بشأن‬
‫استيراد مادة الخميرة الحيوانية) صادفت قرار وزير الفالحة رقم ‪ 1054/97‬بتاريخ‬
‫‪ 1997/06/17‬يجعل هولندا ضمن الدول المحضورة استيراد الحيوانات الحية و المنتوجات‬
‫الحيوانية منها بعد ظهور مرض جنون البقر…"‪18‬‬

‫وجاء في حكم استعجالي للمحكمة االبتدائية بمكناس بتاريخ ‪ ، 02/06/2015‬أمر عدد‬


‫‪ ، 612/2015‬في الملف عدد ‪ 209/1101/2015‬في حيثياته " أن مبدأ الحيطة و الحذر‬
‫يقتضي اتخاذ تدابير احترازية كلما كان هناك سبب كاف لالعتقاد بان نشاط أو انتاج قد‬
‫يسبب أضرارا جسيمة بشكل غير قابل للتدارك على صحة اإلنسان ‪ ،‬دونما الحاجة الى‬
‫إقامة دليل قاطع ملموس على وجود عالقة سببية بين هذا النشاط أو اإلنتاج و األضرار‬
‫الوخيمة التي قد تنرتب عنه ‪.‬‬

‫و في حالة الخوف التي تنتاب سكان الحي من جراء تنصيب برج لتقوية شبكة اإلرسال‬
‫الخاصة بالهاتف المحمول بالمحاذاة من سكناهم ‪ ،‬و من منطلق عدم اليقين العلمي الذي‬
‫يحوم حول السالمة على صحتهمان هذا التأثير على راحة السكان النفسية و سكينتهم و‬
‫حسن استقرارهم يجعل حالة االستعجال قائمة مما يبرر تدخل القاضي االستعجالي"‪.‬‬

‫وفي قرار أخر لمحكمة اإلستئناف بتطوان ‪ ،‬جاء في إحدى حيثياته " وحيث إنه فيما يخص‬
‫باقي وسائل الطعن مجتمعة لتداخلها ‪ ،‬فقد تبين عدم صحة ما دفعت به المستأنفة ‪ ،‬ذلك أن‬
‫طلب المدعين ال يهدف فقط الى رفع ضرر حال و ثابت و إنما يهدف في عمقه الى مواجهة‬

‫‪ 18‬حكم رقم ‪ 928‬ملف ‪ 2000/294‬منشور بمجلة الملف عدد ‪ 2006/3/8‬صفحة ‪389‬‬

‫‪16‬‬
‫خطر قد يؤدي الى أضرار ال يمكن الرجوع عنها و ال اصالحها ‪ .‬لذلك كان ما ذهب اليه‬
‫الحكم المستأنف عن حق من تطبيق مبدأ الحيطة و الحذر و هو عين الصواب‪19."..‬‬

‫من خالل هذه األحكام القضائية يظهر جليا أن المغرب ينهج نفس السياسة الدولية في إطار‬
‫حماية البيئة و التصدي لألضرار التي قد تمس بها ‪ ،‬و ذلك بإعتماده مبدأ الحيطة كأساس‬
‫لتقرير المسؤولية في المجال البيئي ‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬دعوى المسؤولية الناتجة عن مضار الجوار‬

‫إن الحديث عن المسؤولية المتعلقة بمضار الجوار يشمل المسؤولية بشقيها المدنية والجنائية‬
‫‪ ،‬غير انه من خالل هذا المحور سنقتصر على التطرق لدعوى التعويض‪.‬‬
‫وتبعا لما تقدم فالفقه المدني اجمع على أن المتضرر في دعوى المسؤولية عن مضار الجوار‬
‫عموما والمسؤولية في المجال البيئي على وجه الخصوص غير مكلف بعبء إثبات خطأ‬
‫المسؤول بل يلزمه فقط اثبات الضرر‪ ، 20‬وقد توسعت المادة ‪ 3‬من قانون ‪ 11.03‬في مفهوم‬
‫الضرر إذ يعتد به سواء كان مباشرا او غير مباشر ‪ ،‬اما بخصوص العالقة السببية فالقضاء‬
‫كان مرنا باعتماد نظرية تعدد االسباب ‪ ،‬خاصة انه يصعب تحديد الطرف المتسبب في الضرر‬
‫عندما يتعلق االمر بتلوث الهواء في المناطق الصناعية‪.‬‬
‫وهكذا فمعالجة هذا المحور المخصص لدعوى المسؤولية الناتجة عن مضار الجوار تقتضي‬
‫منا التطرق في (المطلب االول) لقواعد االختصاص وشروط قبول الدعوى ‪ ،‬على ان يكون‬
‫(المطلب الثاني) موضوع االثار المترتبة عن إقامة دعوى المسؤولية الناتجة عن مضار‬
‫الجوار‪.‬‬
‫المطلب االول‪ :‬قواعد االختصاص وشروط قبول الدعوى‬
‫يحق لكل من تضررت مصالحه ان يلجأ الى القضاء حتى ال تضيع ‪ ،‬غير ان اللجوء الى‬
‫هذه المؤسسة رهين باستجماع بعض الشروط لكي تقبل دعوى المدعي (فقرة ثانية) ‪ ،‬لكن‬
‫قبل ذلك يجب معرفة الجهة القضائية المختصة نوعيا ومكانيا (فقرة أولى)‪.‬‬
‫الفقرة االولى‪ :‬قواعد االختصاص في دعاوى مضار الجوار‬

‫‪ 19‬قرار صادر بتاريخ ‪ 27/03/2018‬عن محكمة اإلستئناف بتكوان ‪ ،‬ملف رقم ‪2017/1201/367‬‬

‫‪ - 20‬تنص المادة ‪ 63‬من قانون ‪ 11.03‬على ما يلي ‪ :‬يعتبر مسؤوال دون الحاجة الى خطأ‪"......‬‬
‫‪17‬‬
‫يقصد باالختصاص في نظر بعض الفقه صالحية المحكمة للبت في الدعوى المعروضة‬
‫عليها ‪ ،21‬وينقسم االختصاص الى اختصاص مكاني و اخر نوعي ‪.‬‬
‫واما االختصاص المكاني او المحلي فهو الذي يعطي للمحكمة صالحية الفصل في الدعوى‬
‫بناء على اساس جغرافي تحقيقا لمصالح الخصوم ولتقريب القضاء من المتقاضين ‪ ،22‬ومنه‬
‫فاالختصاص المكاني لدعاوى مضار الجوار ينعقد لمحكمة للموطن الحقيقي او المختار‬
‫للمدعى عليه كقاعدة عامة‪، 23‬واستثناء فاالختصاص المكاني ينعقد لمحكمة موقع العقار حسب‬
‫ما جاء به الفصل ‪ 28‬من ق م م ‪ ،‬اما اذا تعلق االمر بدعوى التعويض عن المسؤولية الناتجة‬
‫عن االضرار النووية فاالختصاص المكاني ينعقد للمحكمة االبتدائية بالرباط حسب القانون‬
‫‪.24 12.02‬‬
‫وهكذا فاالختصاص المكاني يتم تحديده من خالل بيان الطلبات المقدمة من قبل األطراف‬
‫ويتم تحديده طبقا لموطن المدعی عليه او موطن العقار‪ ،‬إال أنه أحيانا قد تثار مجموعة من‬
‫الصعوبات في حالة إذ كان االنتشار غير محدود‪-‬الغازات التي تنبعث في الهواء مثال‪ -‬مما قد‬
‫تشمل االختصاص أكثر من جهة قضائية ومن تم الضرر يكون ليس من مصدر واحد وإنما‬
‫كان نتيجة الختالطه سواء في الهواء أو غير ذلك مما أفرز هذا الضرر الشيء الذي يجعل‬
‫من الصعوبة تحديد الجهة المختصة تطبيق قاعدة االختصاص المكاني ألنه وجود مجموعة‬
‫من المؤسسات التي ساهمت في حدوث هذا الضرر‪.‬‬
‫‪25‬‬
‫بينما االختصاص النوعي فهو الذي يمنح للمحكمة النظر في النزاع استنادا الى نوعه‬
‫‪ ،‬ومنه فاالختصاص النوعي في دعاوى مضار الجوار ونظرا لخصوصياته ال ينعقد لجهة‬
‫قضائية واحدة ‪ ،‬فتارة يكون للمحاكم العادية‪ ،26‬وفي احوال اخرى ينعقد االختصاص النوعي‬
‫للمحاكم التجارية او االدارية‪.‬‬

‫‪- 21‬عبد الكريم الطالب ‪،‬الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية –دراسة في ضوء مستجدات مسودة مشروع ‪2018‬‬
‫‪،‬مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء الطبعة التاسعة –يناير ‪ 2019‬ص ‪.17‬‬
‫‪ - 22‬عبد الكريم الطالب ‪ ،‬م س ص ‪.17‬‬
‫‪ - 23‬ينص الفصل ‪ 27‬من ق م م على ما يلي ‪ << :‬يكون االختصاص المحلي لمحكمة الموطن الحقيقي أو المختار‬
‫للمدعى عليه ‪.‬‬
‫إذا لم يكن لهذا اْلخير موطن في المغرب ولكن يتوفر على محل إقامة كان االختصاص لمحكمة هذا المحل‪.‬‬
‫إذا لم يكن للمدعى عليه ال موطن وال محل إقامة بالمغرب فيمكن تقديم الدعوى ضده أمام محكمة موطن أو إقامة‬
‫المدعي أو واحد منهم عند تعددهم‪.‬‬
‫إذا تعدد المدعى عليهم جاز للمدعي أن يختار محكمة موطن أو محل إقامة أي واحد منهم‪،>> .‬‬
‫وايضا المادة ‪ 5‬من قانون احداث المحاكم التجارية تحيل على احكام قانون م م ‪ ،‬وكذلك نفس توجه المادة ‪ 10‬من‬
‫قانون احداث المحاكم االدارية‪.‬‬
‫‪- 24‬ظهير شريف رقم ‪ 1.04.278‬صادر في ‪ 25‬من ذي القعدة ‪ 7(1425‬يناير‪) 2005‬‬

‫بتنفيذ القانون رقم ‪ 12.02‬المتعلق بالمسؤولية المدنية في مجال اْلضرار النووية‪.‬‬


‫‪- 25‬عبد الكريم الطالب م س ص ‪. 17‬‬
‫‪- 26‬اخص بالذكر في هذا المقام المحاكم االبتدائية ذات الوالية العامة ‪ ،‬خصوصا عندما يتعلق االمر بالمضار التقليدية‬
‫المنصوص عليها في مدونة الحقوق العينية و قانون االلتزامات والعقود‪.‬‬
‫‪18‬‬
‫إن دعاوى مضار الجوار‪-‬خصوصا التي ترتبط بالبيئة‪ -‬تتميز بنوع من الخصوصية ليس‬
‫كباقي األضرار السيما إذا تعلق األمر بأضرار اإليكولوجية بالرغم من حداثة اهتمام الفقه‬
‫هذا المجال لذلك وجب إعادة النظر في اليات التعويض عن الضرر اإليكولوجي باعتبار هذا‬
‫األخير هو ضرر عام يصيب األوساط الطبيعية غير مملوكة ألحد ؛ يتيح الفرصة للعديد من‬
‫األشخاص للمطالبة بالتعويض ومن تم يطرح أول تساؤل حول من هو القضاء المختص في‬
‫النزاعات البيئية ألنه أحيانا يمكن أن يكون أمام المحاكم الزجرية و أحيانا أمام المحاكم‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫المدنية‪ ، 27‬كما أنه أحيانا يمكن أن تكون مسؤولية اإلدارة‪ 28‬في حالة الترخيص الستغالل‬
‫نشاطات ملوثة في حالة مخالفتها للشروط القانونية كما يمكن إثارتها من قبل القضاء‬

‫‪ - 27‬يتلع االمر هنا بالمحاكم العادية ذات الوالية العامة سواء في الممرحلة االبتدائية او االستئنافية او في محكمة النقض‬
‫‪ ،‬وساعرض لبعض المقرارات في هذا الصدد‪:‬‬
‫‪ /1‬القرار رقم ‪119/5‬‬
‫المؤرخ في ‪ 26‬فبراير‪2013‬‬
‫ملف مدني قرار ‪3291/1/5/2012‬‬
‫مضار الجوار ‪ -‬ممارسة أعمال النجارة بواسطة آالت كهربائية – حي سكني‬
‫‪ -‬ضجيج وتلوث وروائح ‪ -‬مواد كيماوية – الغبار – إصابة بالربو ‪ -‬ضرر‬
‫متقلب – عدم خضوعه للتقادم‪.‬‬
‫إذا كان الضرر ثابتا لمحكمة االستئناف بضجيج وغبار اآاللت الناتج عن محل حرفي‬
‫يستغل في ممارسة أعمال النجارة بواسطة آالت كهربائية ينتج عنها ضجيج‬
‫وتلوث وروائح بسبب المواد الكيماوية والغبار‪ ،‬فهي غير ملزمة بالبحث في‬
‫أعمال غير الطاعن التي ثبت للمحكمة أنها تسبب هذا النوع من الضرر المتقلب‬
‫الذي ال يخضع للتقادم لعدم معرفة بداية تأثيره خاصة أن إصابة عائلة المطلوب‬
‫بالربو يؤثر فيه الغبار حتى ولو لم يكن الربو نتيجة هذا الغبار‪ ،‬وتوفر المحكمة على‬
‫كل العناصر المبررة لرفع الضرر يغنيها عن إجراء بحث أو خبرة أخرى‪.‬‬
‫رفض الطلب‬
‫باسم جاللة الملك وطبقا للقانون‬
‫‪/2‬قرار رقم ‪133‬‬
‫المؤرخ في ‪ 6‬فبراير‪2008‬‬
‫ملف تجاري رقم ‪819/3/1/2004‬‬
‫قياسات ضجيج مرتفعة – مخالفة معايير دولية ‪ -‬نشاط صنع آالت ضخمة‬
‫وصباغتها ‪ -‬إيقاف النشاط‪.‬‬
‫المحكمة لما ثبت لها من المعاينة المنجزة ابتدائيا أن قياسات الضجيج داخل‬
‫الورشة المنبعث من بعض اآاللت يفوق ما هو مسموح به في المعايير الدولية‪،‬‬
‫وأن الضرب بالمطرقة الحديدية على الصفائح الحديدية أثناء التركيب أو اإلصالح أو‬
‫تصادم الصفائح يصدر ضجيجا نقريا يفوق المستويات المسموح بها ومن تقرير‬
‫الخبير أن األصوات المنبعثة من اآاللت يمكنها أن تقلق راحة السكان وقضت بتأييد‬
‫الحكم االبتدائي بعلة أن الغاية هي إيقاف النشاط لما يحدثه من ضرر للجيران‬
‫تكون قد عللت قرارها تعليال كافيا ومرتكزا على أساس قانوني‪.‬‬
‫‪ /3‬القــرار رقم ‪206/5‬‬
‫المؤرخ في ‪ 08‬أبريل ‪2014‬‬
‫ملف مدني رقم ‪3964/1/5/2013‬‬
‫ضرر الجوار غير المألوف ‪ -‬تواجد محل للنجارة وسط مساكن – معاينة –‬
‫حجة إثبات الضرر‪ -‬ترخيص السلطات اإلدارية – إزالة الضرر‪.‬‬
‫المحكمة لما أيدت الحكم االبتدائي القاضي برفع الضرر اعتمدت المعاينة المنجزة‬
‫ابتدائيا واعتبرتها حجة على ثبوت ضرر الجوار ولم تكن ملزمة باتخاذ أي إجراء من‬
‫إجراءات التحقيق األخرى طالما أنها وجدت فيما ذكر ما يكون قناعتها ويثبت لها‬
‫وجود ضرر غير مألوف من جراء تواجد محل النجارة وسط المساكن لما تثيره اآاللت‬
‫من ضجيج حاد ومن انتشار للغبار وهو من األضرار المتقلبة التي ال تستقر على‬
‫حالة واحدة وال تواجه بالقدم‪ ،‬وأنه عمال بمقتضيات الفصل ‪ 91‬من ق ‪.‬ل ‪.‬ع‪ ،‬فإن‬
‫ضرر الجوار غير المألوف يزال وال يحول الترخيص المسلم من السلطات اإلدارية دون‬
‫رفعه‪ ،‬و يكون بذلك قرارها مرتكزا على أساس‪.‬‬
‫قرارت منشورة بالعرض المقدم في مؤتمر االمم المتحدة لتغير المناخ ‪ ،‬االمن البيئي من خالل العما القضائي لمحكمة‬
‫النقض –مضار الجوار ذات الصلة بالبيئة ص ‪. 26/25‬‬
‫‪ - 28‬تختص بها المحاكم االدارية في الحاالت التي يتم فيها اصدار قرارات ادارية ترخص باحداث بعض المنشأت تؤدي‬
‫الى احداث مضار للجوار‪.‬‬
‫‪20‬‬
‫ومن تم‬ ‫‪29‬‬
‫االجتماعي من خالل تدخل نقابات عمومية وقد يكون من قبل المحاكم التجارية‬
‫يصعب تحديد مضمون النزاع بدقة‪. 30‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬شروط قبول دعوى مضار الجوار‬
‫عموما إن الدعاوى المتعلقة بمضار الجوار تخضع كغيرها من المنازعات المثارة‬
‫امام القضاء لبعض الشروط ‪ ،‬خصوصا ما جاء به الفصل االول‪ 31‬من ق م م فيما‬
‫يتعلق باالهلية (اوال) ‪ ،‬الصفة (ثانيا) و المصلحة (ثالثا)‪.‬‬

‫‪- 29‬خصوصا عندما يتعلق االمر بالمنازعات المثارة ضد بعض الشركات التي يعهد اليها بتسيير بعض المرافق في اطار‬
‫عقود التدبير المفوض ‪ .‬وسوف نعرض بهذا الخصوص بعض االحكام الصادرة عن المحاكم التجارية و محكمة النقض‬
‫للمملكة ‪:‬‬
‫‪/1‬لقــرار عـدد ‪154/1 :‬‬
‫المؤرخ فـي ‪20/03/2014 :‬‬
‫ملف تجاري عــــدد ‪500/3/1/2012 :‬‬
‫تصريف مياه التطهير‪ -‬إضرار األراضي الفالحية – مسؤولية شركة‬
‫– التدبير المفوض‪.‬‬
‫المحكمة اعتمدت فيما انتهت إليه نتيجة الخبرة المنجزة التي أثبتت أن األضرار االلحقة‬
‫بالمدعي مباشرة تتجلى في حرمانه من استغالل عقاره لكونه أصبح مغمورا‬
‫بالمياه العادمة المتسربة من محطة الضخ التابعة للشركة‪ ،‬وأيضا تسرب هذه‬
‫المياه الملوثة إلى اآلبار الموجودة بالضيعة‪ ،‬مما جعلها غير صالحة اللستعمال‬
‫ومضرة بصحة اإلنسان و الحيوان والدواجن‪ ،‬وبالتالي فالتعويض الذي قضت به‬
‫كان جزئيا فقط ينصب على الجزء غير المستغل من العقار دون الجزء الثاني منه‪,‬‬
‫فجاء قرارها مبنيا على أساس وغير متناقض في تعليالته‪.‬‬
‫‪/2‬القــرار عـدد ‪1827 :‬‬
‫المؤرخ فـي ‪9/12/2010 :‬‬
‫ملف تجاري عــــدد ‪611/3/1/2010 :‬‬
‫التدبير المفوض للنفايات السائلة ‪ -‬تصريف مياه التطهير‪ -‬تأثير‬
‫التسربات ‪ -‬مسؤولية شركة‪.‬‬
‫إن تقرير المختبر الرسمي اثبت أن التلوث االلحق بالعقار وبالبئر الموجودة به كان‬
‫نتيجة تسرب مياه ملوثة وغائطية من محطة الضخ التي تشرف شركة )ريضال( على‬
‫تدبيرها إضافة إلى تقرير الخبير المتضمن وجود فوهة في الخزان كلما وصل مستوى‬
‫مخزون المياه العادمة إلى هذه الفوهة يتدفق في القناة السطحية )مجرى مياه‬
‫األمطار( ويمر المجرى بمحاذاة العقار ونتيجة لقرب البئر المتواجد بالعقار من مجرى‬
‫المياه فان ماءه عكر تفوح منه رائحة المياه العادمة والتلوث ظاهر لمجرد الرؤية‬
‫بالعين المجردة‪ .‬وهو ما ثبت منه للمحكمة حصول الضرر بسبب المياه العادمة التي‬
‫تتدفق عبر مجرى مياه األمطار بفعل الشركة دون غيرها وبذلك لم يكن هناك ما‬
‫يدعوها الستدعاء شركة » السامير« أو األمر بإجراء خبرة مضادة طالما أغنتها الخبرة‬
‫المعتمدة التي أحاطت بالجانب الفني للنزاع عن هذا اإلجراء‪ ،‬وهو ما جعل القرار غير‬
‫خارق ألي حق من حقوق الدفاع ومعالل بما يكفي‪.‬رفض الطلب‪، .‬‬
‫‪ -‬قرارت منشورة بالعرض المقدم في مؤتمر االمم المتحدة لتغير المناخ ‪ ،‬االمن البيئي من خالل العما القضائي لمحكمة‬
‫النقض –مضار الجوار ذات الصلة بالبيئة‪.‬‬
‫االلكتروني‬ ‫‪- 30‬كريم هيباوي ‪ ،‬المسؤولية المدنية في المجال البيئي ‪ ،‬مقال منشور على الموقع‬
‫‪ www.maroclaw.com‬تاريخ االطالع ‪ 2020/11/27‬علس الساعة ‪. 17:55‬‬
‫‪ - 31‬ينص الفصل االول من ق م م على ما يلي ‪ << :‬ال يصح التقاضي إال ممن له الصفة‪ ،‬واْلهلية‪ ،‬والمصلحة‪ ،‬إلثبات‬
‫حقوقه‪.‬‬
‫‪21‬‬
‫أوال‪ :‬شرط االهلية‬
‫تعرف االهلية قانونا بانها تلك القدرة على اكتساب الحقوق وتحمل االلتزامات ‪،‬ويميز‬
‫المشرع بين نوعين من االهلية ‪ .‬النوع االول يسمى اهلية الوجوب هي التي تمكن الشخص‬
‫الذي يتوفر عليها من اكتساب كافة الحقوق التي يكفلها القانون ‪،‬اما النوع الثاني المسمى اهلية‬
‫االداء فهي التي تسمح لمن يتوفر عليها بممارسة كافة الحقوق التي يتمتع بها‪ ، 32‬وهذه االخيرة‬
‫هي موضوع دراستنا ويجب ان تتوفر في كل من المدعي و المدعى عليه‪.33‬‬
‫غير ان االشكال الذي يطرح بخصوص شرط االهلية ‪ ،‬وهو هل من حق الجار ناقص االهلية‬
‫الذي اصابه ضرر من ضرر من جراء تصرفات جاره أن يباشر دعوى رفع مضار الجوار‬
‫لوحده دون ولي او مقدم أو وصي ‪ ،‬فان كان الشخص كامل األهلية فهو يستطيع ان يباشر‬
‫ويتقاضى بنفسه غير أن المشرع منع هذا الحق على القاصر الذي لم يبلغ سن الرشد ‪ ,‬لكن‬
‫قد يدق األمر أحيانا ويكون من الصعب تعيين النائب الشرعي وخصوصا في الحالة‬
‫االستعجالية ففي هذه الحالة يتم اللجوء الى قاضي شؤون القاصرين قصد تعيين من يقوم‬
‫بالتقاضي نيابة عن القاصر ‪ .‬و هناك أيضا تصور ثان لهذا اإلشكال فإذا كانت الدعوى تعتبر‬
‫تصرفا قانونيا في إطار الفصل ‪ 11‬من قانون التزامات والعقود طالما إنها من األعمال التي‬
‫يحددها القانون صراحة ويحدد كيفيه مباشرتها فانه في إطار المادة ‪ 225‬من مدونة ‪ 27‬األسرة‬
‫التي تميز في تصرفات الصغير المميز بين التصرفات التي تكون نافذة في حقه و هي تلك‬
‫التي تجلب له نفعا محضا وتلك التي ال تكون نافذة في حقه وهي التي تجلب له ضررا محضا‬
‫وتلك التي تكون دائرة بين الضرر والنفع فهي تتوقف على إجازة نائبه الشرعي وهو قاضي‬
‫شؤون القاصرين في هذه الحالة طالما أنه ليس هناك أي نائب شرعي مقتضيات المادة ‪265‬‬
‫من مدونة األسرة‪.34‬‬
‫ثانيا‪ :‬الصفة‬
‫الصفة هي العنصر الرابط بين ما بين طرفي الدعوى والنزاع المعروض على المحكمة‬
‫‪،‬فهي تلك الرابطة التى تخول للمدعي الحق في في الولوج الى القضاء ‪ ،‬وهو شرط الزم لكل‬
‫من المدعي ‪35‬والمدعى عليه‪.‬‬

‫يثير القاضي تلقائيا انعدام الصفة أو اْلهلية أو المصلحة أو اإلذن بالتقاضي إن كان ضروريا وينذر الطرف بتصحيح‬
‫المسطرة داخل أجل يحدده‪.‬‬
‫إذا تم تصحيح المسطرة اعتبرت الدعوى كأنها أقيمت بصفة صحيحة‪ .‬وإال صرح القاضي بعدم قبول الدعوى‪.>> .‬‬
‫‪- 32‬جواد امهمول ‪ ،‬المسطرة المدنية ‪،‬مطبعة النجاح الجديدة –الدار البيضاء‪ -‬ط‪ 22018 1‬ص‪.51‬‬
‫‪- 33‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 822‬ب ‪ 1994/02/ 23‬منشور في مجلة قضاء المجلس االعلى عدد ‪ ، 47‬اشار اليه جواد‬
‫امهمول م س ص ‪. 51‬‬
‫‪- 34‬دعوى رفع مضار الجوار غير المألوفة في ضوء مدونة الحقوق العينية والعمل القضائي ‪ ،‬عبد العالي ايت الحاج‬
‫ياسين نادم ‪ ،‬مقال منشور بالمجلة المغربية للدراسات واالستشارات القانونية عدد ‪ 2016‬ص ‪. 181‬‬
‫‪ - 35‬في حالة ان توفي المتضرر من مضار الجوار فان الصفة في رفع الدعوى تنتقل لورثته ‪،‬وهو ما اكده قرار لمحكمة‬
‫النقض إذ جاء فيه ما يلي ‪":‬تقديم طلب النقض بصفة ورقة يقتضي اثبات الصفة االراثية ‪ ،‬وذلك باالدالء باراثة الهاك‬
‫‪22‬‬
‫وبالرجوع إلى العديد من القرارات القضائية نجد القضاء المغربي كان مرنا فيما يتعلق‬
‫بالصفة والمصلحة كون الضرر البيئي يصيب مجموعة من العناصر البيئية المشتركة وهذا‬
‫الضرر يلحق المجتمع ككل وليس فردا معينا ‪.36‬‬
‫ثالثا‪ :‬المصلحة‬
‫تعرف المصلحة عامة انها ذلك الربح او الكسب الذي يسعى المدعي الى تحقيقه وهو بصدد‬
‫اقامة هاته الدعوى ‪ ،37‬ويشترط لصحة المصلحة ان تكون مصلحة شخصية‪ 38‬ومشروعة‬
‫وقانونية وان تكون قائمة وحالة ‪.‬‬
‫ويعتبر شرط المصلحة اهم الشروط لرفع الدعوى ال سيما مع الخصوصيات التي تكتسيها‬
‫الدعاوى البيئية ‪ ،‬وخاصة نذرة أحكام وقرارات القضاء المغربي في المجال البيئي‪ ،‬فالحل‬
‫هو االستعانة بما جرى به العمل في القضاء المقارن ال سيما في األضرار اإليكولوجية لذلك‬
‫نجد القضاء الفرنسي يؤكد على انه ال يمكن ممارسة أي دعوى بدون مصلحة الشيء نفسه‬
‫في المجال البيئي وقياسا على ذلك ال يمكن أن تقبل دعوی شخص عابر أو سائح ألنه ال‬
‫يستطيع إثبات استعمال قانونی ثابث وقد أكد القضاء الفرنسي أن المصلحة الالحقة وقد أيدت‬
‫محكمة النقض الفرنسية رفض محكمة اإلستئناف في وجود مصلحة شخصية في دعوى تقدم‬
‫بها أحد الصيادين ورفع الدعوى باسمه خاص وبالرغم من إنتمائه بصفة قانونية إلى جمعية‬
‫الصيد بسبب أن لم يستطع وجود ضرر شخصي بالرغم من أنه عضو في الجمعية وهذا من‬
‫أجل إستبعاد المصالح المبهمة و المشكوك فيها ‪ .‬لكن إذا تم تطبيق هذا الشرط بعذا الصارمة‬
‫فكيف يمكن حماية األضرار اإليكولوجية الغير المملوكة ألحد‪.‬‬
‫ونشير كذلك انه يمكن للجمعيات والنقابات‪ 39‬ممارسة الدعاوى المتعلقة بمضار الجوار‬
‫عموما و الدعاوى البيئية على وجه الخصوص ونجد القضاء المغربي سلك نفس التوجه‬
‫إعترف بالمصلحة في التقاضي لفائدة جميع الجمعيات ذات المنفعة العامة وهذا ما أكدته‬
‫محكمة النقض‪ 40‬المغربية وقضت الجمعية أفق للمحافظة على البيئة بحقها في المطالبة‬
‫بالتعويض عن األضرار الجماعية التي أنشئت من أجل الدفاع عنها ‪ .‬وفي قرار اخر إعترفت‬
‫إلحدى الوداديات السكنية بالحق في التقاضي للدفاع عنها بشأن األضرار البيئية التي لحقت‬
‫بها ‪.‬لكن بالرجوع إلى بعض القرارات األخرى المحكمة النقض نجدها ضد هذا التوجه‬
‫باعتبارها تدافع عن مصالح فردية وليست مصالح جماعية حيث جاء في أحد قراراتها ال‬
‫يمكن للجمعية المدنية ولو كانت تتمتع بصفة المنفعة العامة إقامة الدعوى العمومية نيابة عن‬
‫الذي توفي خالل مرحلة التقاضي " ‪ ،‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 7‬بتاريخ ‪ 2012/1/3‬منشور بمجلة القضاء المدني‬
‫عدد‪ 11‬اشار اليه جواد امهمول م س ص‪. 50‬‬
‫‪ 36‬كريم هيباوي م س ‪.‬‬
‫‪- 37‬جواد امهمول م س ص ‪. 48‬‬
‫‪ - 38‬ان تكون المصلحة قائمة عل حق يطالب به رافع الدعوى‪.‬‬
‫‪- 39‬وهي من الحاالت التي اجاز فيه المشرع ان تقام الدعوى بناء على على المصلحة غير المباشرة‬
‫‪- 40‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 5/193‬باتاريخ ‪ 2014/04/08‬ملف مدني عدد ‪ 2013/5/1/4100‬اشار اليه كريم هيباوي‬
‫مس‪.‬‬
‫‪23‬‬
‫الغير و إنما يمكنها فقط أن تنصي طرفا مدنيا إذا كانت قد تأسست بصفة قانونية ‪ .‬وللحسم‬
‫في هذه المسألة فإن للجمعيات فنجد الجواب في المادة ‪ 7‬قانون المسطرة الجنائية يمكن‬
‫للجمعيات المعلن عنها ذات المنفعة العامة أن تنتصب طرفا مدنيا ؛ إذا كانت قد تأسست بصفة‬
‫قانونية منذ أربع سنوات على األقل قبل ارتكاب الفعل الجرمي ؛ وذلك في حالة إقامة الدعوى‬
‫العمومية من قبل النيابة العامة أو الطرف المدني بشأن جريمة تمس مجال إهتمامها‬
‫المنصوص عليها في القانون األساسي ومن تم يكون المشرع المغربي قد أكد حق الجمعيات‬
‫البيئية بالشروط أعاله في اللجوء إلى القضاء الجنائي للمطالبة بالتعويض وبمفهوم المخالفة‬
‫أن المشرع المغربي لم يعط لجمعيات حماية البيئة الحق في المطالبة بالتعويض عن األضرار‬
‫البيئية أمام القضاء المدني ‪.41‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬اآلثار المترتبة عن دعوى المسؤولية الناتجة عن ضرر الجوار‬

‫األصـــل أن حـــق الملكيـــة يمـــنح صـــاحبه كافـــة الســـلطات المتصـــورة عقـــال علـــى‬
‫الشــــيء محــــل الحــــق ‪،‬فلــــه أن يســــتعمله أو يســــتغله أو يتصــــرف فيــــه كمــــا يشــــاء‬
‫لكــــن هــــده الســــلطات ادا اســــتعملت مــــن طــــرف المالــــك بشــــكل يلحــــق ضــــررا‬
‫فاحشـــــا أو ضـــــرر غيـــــر مـــــألوف وتحققـــــت أركـــــان المســـــؤولية والتـــــي تمـــــت‬
‫اإلشـــارة اليهـــا اعـــاله اصـــبح انـــذاك ملحـــق الضـــرر مســـؤوال عمـــا احدتـــه وملتـــزم‬
‫بــــالتعويض عــــن المضــــار وهــــو مــــا نجــــد ان المشــــرع المغربــــي تــــدخل بشــــكل‬
‫ايجــــابي مــــن خــــالل ســــن العديــــد مــــن النصــــوص القانونيــــة المتعلقــــة مــــن جهــــة‬
‫بحمايــــة استصــــالح البيئــــة ‪ 42‬وتــــدبير العناصــــر الطبيعيــــة ‪43‬مــــن خــــالل وضــــع‬
‫اطـــار قـــانوني عـــام يـــنظم مـــن جهـــة اخـــرى المســـؤولية المدنيـــة وذلـــك مـــن خـــالل‬
‫عـــــدة مجـــــاالت كاالنشـــــطة النوويـــــة (قـــــانون رقـــــم ‪ )12.02‬واســـــتغالل المقـــــالع‬
‫(قــــانون رقــــم ‪ )08.01‬وتــــدبير النفايــــات والتــــي يمكــــن أن تترتــــب عنهــــا أضــــرار‬
‫بالنسبة لسكينة الجوار والبيئة‪.44‬‬
‫ومـــن هـــذا المنطلـــق أصـــبحت البيئـــة محميـــة بحكـــم القـــانون ‪،‬ومـــن تـــم فـــإن كـــل‬
‫نشــــاط يســـــبب ضـــــررا بيئيــــا ‪،‬اصـــــبح معـــــه باإلمكــــان اللجـــــوء الـــــى القضـــــاء‬

‫‪- 41‬كريم هيباوي م س‬


‫‪ 42‬يتعلق اْلمر بالقانون رقم ‪ 11.03‬المتعلق بحماية واستصالح البيئة الصادر بمقتضى الظهير الشريف رقم ‪ 1.30.59‬في ‪ 12‬ماي ‪2003‬‬
‫الجريدة الرسمية عدد ‪ 5118‬الصادر بتاريخ ‪ 19‬يونيو ‪.2003‬‬
‫‪ 43‬القانون رقم ‪ 10.95‬المتعلق بالماء الصادر بتنفيذه بتاريخ ‪ 16‬غشت ‪ 1995‬جريدة رسمية عدد ‪ 4325‬بتاريخ ‪ 20‬شتنبر ‪1995‬‬
‫القانون المتعلق بالمناطق المحمية الصادر بتاريخ ‪16‬يوليوز ‪ 2010‬جريدة رسمية ‪ 5861‬بتاريخ ‪ 02‬غشت ‪2010‬‬
‫يتعلق االمر الهواء الصادر بتاريخ ‪ 12‬ماي ‪ 2003‬جريدة رسمية ‪ 5118‬بتاريخ ‪ 19‬يونيو‪2003‬‬
‫القانون المتعلق بتدبير النفايات والتخلص منها الصادر بتاريخ ‪ 22‬نونبر ‪ 2006‬جريدة رسمية عدد ‪ 5480‬بتاريخ ‪ 7‬دجنبر ‪2006‬‬
‫‪ 44‬و قد بلور المغرب التزاماته الدولية في هذا الشأن بوضع منظومة تشريعية و طنية تضمنت على الخصوص القانون االطار حول حماية البيئة‬
‫و النهوض بها و القانون المتعلق بدراسة ما تتعرض له البيئة من تأثيرات سلبية القانون المتعلق بالحفاظ على الهواء” من خطاب صاحبة‬
‫السمو الملكي لالحسناء بمناسبة احتضان المغرب للدورة الرابعة و العشرين للجمع العام لمؤسسة التربية على البيئة‬

‫‪24‬‬
‫للمطالبــــة بــــالتعويض عنــــه اال ان هــــذا األخيــــر قــــد نجــــد محدوديتــــه اي صــــعوبة‬
‫التــــي تواجهــــه ادا ماتعــــارض مــــع المصــــالح اإلقتصــــادية واإلجتماعيــــة وهــــو مــــا‬
‫ســــيتم التفصــــيل فيــــه فـــي ( الفقــــرة األولــــى ) علــــى أن يــــتم الحــــديث عــــن اليــــات‬
‫الحماية ودورها في اإلسهام إلصالح الضرر وذلك في (الفقرة الثانية )‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬أشكال التعويض ومحدوديته في المجال البيئي‪.‬‬


‫التعـــــويض أو الضـــــمان كمـــــا يعبـــــر عنـــــه فـــــي الفقـــــه اإلســـــالمي هـــــو جـــــزاء‬
‫المســــؤولية المدنيــــة والوســــيلة لجبــــر الضــــرر أو تخفيــــف مــــن وطأتــــه ويســــتند‬
‫الفقـــــه اإلســـــالمي فـــــي تقـــــدير التعـــــويض أو الضـــــمان الـــــى الحـــــديث النبـــــوي‬
‫الشـــــريف " ال ضـــــرر وال ضـــــرار "وللتعـــــويض أنـــــواع او أشـــــكال باإلضـــــافة‬
‫الـــى توجـــه القضـــاء فـــي البـــت فيـــه هـــذا مـــا سنناقشـــه فـــي (أوال ) علـــى ان يـــتم‬
‫الحـــــديث عـــــن صـــــعوبة تقـــــدير فـــــي التعـــــويض ومحدوديـــــة التعـــــويض اثنـــــاء‬
‫تعارضــــه مــــع المصــــالح اإلقتصــــادية واإلجتماعيــــة وهــــو مــــا ســــيتم تناولــــه فــــي‬
‫(ثانيا )‬
‫أوال ‪ :‬انــــــواع التعــــــويض النــــــاتج عــــــن المجــــــال البيئــــــي وتوجهــــــات‬
‫القضائية في تطبيقه‬
‫أ) أشكال التعويض في المجال البيئي‬
‫يعتبــــر التعــــويض العينــــي صــــورة مــــن صــــور التعــــويض والــــذي يقصــــد مــــن‬
‫ورائــــه اإلصــــالح ال المحــــو النهــــائي للضــــرر ‪،‬ويــــتم عــــن طريــــق اجبــــار المــــدين‬
‫علـــى التنفيـــد العينـــي علـــى ســـبيل التعـــويض ويكـــون ذلـــك فـــي الحالـــة التـــي يكـــون‬
‫فيهــــا الخطــــأ الــــذي ارتكبــــه المــــدين فــــي صــــورة يمكــــن ازالتهــــا‪،45‬و التعــــويض‬
‫العينـــي يقصـــد بـــه اعـــادة الحالـــة الـــى ماكانـــت عليـــة قبـــل حـــدوث الضـــرر كمـــا‬
‫أضـــاف القضـــاء الفرنســـي أحقيـــة مطالبـــة المـــدعي الـــى جانـــب اعـــادة الحالـــة الـــى‬
‫مـــا كانـــت عليـــه وقـــف األنشـــطة غيـــر المشـــروعة التـــي تلحـــق بـــه ضـــرر هـــذا‬
‫بالنسبة للتعويض العيني‪.‬‬
‫امــــا بالنســــبة للتعــــويض النقــــدي يعــــد تعويضــــا احتياطيــــا بحيــــث نجــــد القاضــــي ال‬
‫يلجـــأ اليـــه اال عنـــدما يكـــون التعـــويض العينـــي وهـــو األصـــل غيـــر ممكـــن ســـواء‬
‫تعــــدر تحققــــه أو أنــــه كلــــف نفقاتــــه باهضــــة قــــد تتجــــاوز قيمتهــــا قيمــــة األمــــوال‬

‫‪ 45‬نور الدين يوسفي "ا لتعويض العيني عن ضرر التلوت البيئي فلسفة التعويض في التشريع الجزائري "الملتقى الدولي حول النظام القانوني‬
‫لحماية البيئة في ظل القانون الدولي والتشريع الجزائري يومي ‪, 09,10‬ديسمبر ‪ 2013‬كلية الحقوق والعلوم السياسية ‪،‬جامعة قالمة ‪،‬ص‪02‬‬

‫‪25‬‬
‫المضـــرورة قبـــل حـــدوث التلـــوت ‪،‬بحيـــت يهـــدف الـــى محاولـــة وضـــع المضـــرور‬
‫في مركز معادل لما كان عليه قبل حدوث الضرر ‪.‬‬
‫ب) التطبيقات القضائية بشأن التعويض‬
‫يتضــــح لنــــا أن لقاضــــي الموضــــوع فــــي مجــــال التعويضــــات كامــــل الســــلطة و ال‬
‫رقابـــة عليـــه مـــن طـــرف محكمـــة الـــنقض أنـــه يمكـــن مـــن محكمـــة الـــنقض شـــريطة‬
‫تعليـــل الحكـــم تعلـــيال كافيـــا وســـليما مـــن الناحيـــة الواقعيـــة والقانونيـــة فالقاضـــي لـــه‬
‫الحـــق فـــي فـــرض غرامـــة تهديديـــة باعتبارهـــا وســـيلة مـــن وســـائل اإلجبـــار علـــى‬
‫التنفيذ‪،‬‬
‫وهـــو مـــا نجـــد مـــا ســـارت عليـــه محكمـــة بـــاريس حيـــث قضـــت بغرامـــة تهديديـــة‬
‫قـــدرها مـــائتي فرانـــك فرنســـي عـــن كـــل يـــوم تـــأخير عـــن عـــدم هـــدم جـــزء مـــن‬
‫الحـــائط مصـــدر الضـــرر فـــي العقـــار الـــذي يمنـــع عـــن المتضـــرر أشـــعة الشـــمس‬
‫وهــــو نفــــس التوجــــه الــــذي ســــار عليــــه القضــــاء المغربــــي بحيــــث نجــــد المحكمــــة‬
‫االبتدائيــــة بســــال قضــــت بــــإغالق معمــــل الفلــــين الكــــائن مقــــره بتابريكــــت ســــال‬
‫باإلضــــافة الــــى ذلــــك نجــــد محكمــــة اإلســــتئناف بالحســــيمة قضــــت بإزالــــة آالت‬
‫النجـــارة التـــي تشـــتغل بالتيـــار الكهربـــائي العـــالي القـــوة مـــن المحـــالت التجاريـــة‬
‫الخاصـــة بالنجـــارة بـــدال مـــن إغـــالق المحـــل وأيـــدت هيئـــة قضـــائية هـــذا التوجـــه‬
‫اال ان محكمــــة الــــنقض قامــــت برفــــع الضــــرر البيئــــي واغــــالق محــــل النجــــارة‬
‫وذلك تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها ‪ 100‬درهم عن كل يوم تأخير‪.46‬‬
‫كـــــم نجـــــد محكمـــــة الـــــنقض (ملـــــف تجـــــاري) عـــــدد ‪ 148‬بتـــــاريخ ‪2011/1/27‬‬
‫غيــــر منشــــور ي …‪ .‬و حيــــث ان المحكمــــة التجاريــــة لمــــا ثبــــت لهــــا ان التحاليــــل‬
‫المخبريـــة اكـــدت ان ميـــاه بئـــر المـــدعي ملوثـــة و تضـــم بكتريـــا غائطيـــة و لـــم تعـــد‬
‫صــــالحة للشــــرب ‪ ،‬و ان التربــــة و االغــــراس تضــــررت بســــبب تلــــوث بكتــــري‬
‫‪،‬و الكــــل راجــــع لقيــــام شــــركة لريضــــالي بتصــــريف الميــــاه العادمــــة بمحــــاذاة‬
‫عقـــاره‪ ،‬التـــي فـــي حالـــة ضـــخ كميـــة مهمـــة او تســـاقط االمطـــار فـــان تلـــك الميـــاه‬
‫تطفــــو علــــى الســــطح و تغمــــر واجهــــة المنــــزل و البئــــر فتكــــون (المحكمــــة) قــــد‬
‫قــــررت مســــؤولية الشــــركة عمــــا لحــــق بالمــــدعي مــــن اضــــرار بشــــكل يقينــــين‬
‫اســـتنادا لتحاليـــل مخبريـــة اثبتـــت تســـرب الميـــاه الملوثـــة للعقـــار موضـــوع النـــزاع‬
‫و محيطــــه اعتمــــادا منهــــا علــــى حقيقــــة ارتفــــاع منســــوب الميــــاه بســــقوط االمطــــار‬
‫‪ ،‬و علــــى كــــون ضــــخ الميــــاه العادمــــة قــــد يرتفــــع او يقــــل حســــب االحــــوال ‪ ،‬و‬
‫بــــدلك جــــاء قرارهــــا معلــــال بشــــكل ســــليم ممــــا يعنــــي رفــــض الطلــــب و تحميــــل‬
‫الطالبــــة الصــــائري‪.‬أما إذا كــــان التلــــوث الــــذي يشــــكو منــــه المتضــــرر راجعــــا إلــــى‬
‫مخالفــــة القــــوانين الجــــاري بهــــا العمــــل كعــــدم حصــــول المحــــل مصــــدر التلــــوث‬
‫‪ 46‬قرار صادر عن محكمة النقض بتاريخ ‪ 2014/04/08‬تحت عدد ‪ 5/193‬ملف مدني القسم الخامس عدد ‪ 2013/5/1/4100‬غير منشور‬

‫‪26‬‬
‫علـــى رخصـــة إداريـــة ‪ .‬فـــإن للقاضـــي بنـــاء علـــى طلـــب المتضـــرر ســـلطة مطلقـــة‬
‫فــــي رفــــع الضــــرر وإزالتــــه وتطبيقــــا لــــذلك قضــــت محكمــــة االســــتئناف بتــــاريخ‬
‫‪ 2013/01/07‬برفـــــع الضـــــرر وهـــــدم البراكةالقصـــــديرية التـــــي تنبعـــــث منهـــــا‬
‫روائــــح كريهــــة ألحقــــت ضــــررا بيئيــــا بــــالغير ونفــــس الحكــــم قضــــت بــــه محكمــــة‬
‫الـــــنقض الفرنســـــية حينمـــــا قضـــــت بإزالـــــة حضـــــيرة كبيـــــرة مخصصـــــة لتربيــــة‬
‫الطيــــور ألنهــــا تنبعــــث منهــــا روائــــح كريهــــة ألحقــــت ضــــررا بــــالجوار وتــــم‬
‫إنشــــاؤها دون تــــرخيص إداري ‪.‬ومــــن تــــم إذا كــــان للقضــــاء كامــــل الســــلطة فــــي‬
‫الحكـــم بإزالـــة إغـــالق المنشـــأة فـــإن الفقـــه يـــرى العكـــس بأنـــه ال يجـــوز للقاضـــي‬
‫قطــــع مضــــار التلــــوث كليــــا إعمــــاال للقاعــــدة الفقهيــــة لالضــــرر األشــــد يــــزال‬
‫بالضــــرر األخــــفي وأيدتــــه فــــي ذلــــك محكمــــة الــــنقض الفرنســــية حينمــــا كــــان‬
‫المتضــــرر يشــــكو مــــن الجــــار نتيجــــة حرمانــــه مــــن الشــــمس بســــبب قيــــام جــــاره‬
‫ببنـــاء عمـــارة عاليـــة االرتفـــاع ومـــن تـــم كـــان مـــن الصـــعب علـــى القاضـــي الحكـــم‬
‫بهــــدم هــــذه العمــــارة ألنــــه يعــــد أمــــرا مســــتحيال نتيجــــة األضــــرار الجســــيمة التــــي‬
‫تصـــيب مالـــك ا لعمـــارة ومـــن ثـــم عمـــل القاضـــي الحكـــم بهـــدم جـــزء مـــن العمـــارة‬
‫فقط‪.‬بــــل أكثــــر مــــن ذلــــك الدولــــة بــــدورها أصــــبحت تســــأل بــــدورها وهــــو مــــا‬
‫يستشــــــف مــــــن خــــــالل القــــــرار اإلداري الصــــــادر بتــــــاريخ ‪ 2012/02/04‬أن‬
‫المحكمــــــة لماثبــــــت لهــــــا مــــــن عناصــــــر و معطيــــــات النــــــزاع ومــــــن تقريــــــر‬
‫الخبير‪،‬تحقــــــق قيــــــام مســــــؤولية اإلدارةعــــــن األضــــــرار التــــــي نتجــــــت عــــــن‬
‫الفيضـــانات مـــن خـــالل عـــدم أخـــذها بعـــين االعتبـــار جميـــع العوامـــل عنـــد إقامـــة‬
‫الحـــاجز و انشـــاء القنـــاة لتصـــريف الميـــاه‪ ،‬و تبعـــا لـــذلك عـــدم اتخاذهـــا قبـــل ذلـــك‬
‫االحتياطـــات الالزمـــة مـــن أجـــل تفـــادي وقـــوع مثـــل هـــذه الحـــوادث بإعـــداد دراســـا‬
‫تتقنيــــة و هندســــية معمقــــة و ضــــعف تصــــريف الميــــاه المتجمعــــة و عــــدم قــــدرة‬
‫القنـــاة الملبســـة بالخرســـانة علـــى ذلـــك‪ ،‬و كـــذا قـــوة عامـــل المـــد البحـــري الـــذي قـــد‬
‫يحـــد مـــن ســـرعة التصـــريف و يقـــف حـــاجزا أمامـــه‪ ،‬وقضـــت بـــالتعويض لفائـــدة‬
‫الشـــركة المتضـــررة‪ ،‬فإنهـــا تكـــون قـــد عللـــت قرارهـــا تعلـــيال ســـليما و ســـائغا ولـــم‬
‫تتـــبن مـــن خاللـــه تعليـــل حكـــم المحكمـــة اإلداريـــة بهـــذا الخصـــوص وإنمـــا أسســـت‬
‫قضـــاءها علـــى علـــة جديـــدة‪،‬فكان بـــذلك مـــا تمســـك بـــه الطـــرف الطـــاعن مـــن فســـاد‬
‫تعليـــل الحكـــم المســـتأنف وتحريـــف للوقـــائع مـــن طـــرف المحكمـــة التـــي أصـــدرته‬
‫ورد المحكمــــة التــــي أصــــدرت القــــرار المطعــــون فيــــه علــــى مــــا أثيــــر بخصــــوص‬
‫هـــدو نـــأثر علـــى مـــا عللـــت بـــه هـــذه األخيـــرة قرارهـــا بخصـــوص ثبـــوت مســـؤولية‬
‫الدولة عن األضرار الالحقة بالمطلوبة في النقض‪.‬‬
‫ثانيا ‪:‬محدودية التعويض الناتج عن الضرر البيئي‬
‫يبقـــى التعـــويض مـــن األمـــور الصـــعبة بـــدءا مـــن صـــعوبة فـــي تقـــدير التعـــويض‬
‫والــــذي نجــــده امــــا أن يكــــون تقــــدير موحــــد للضــــرر البيئــــي يقــــوم عــــل أساســــس‬
‫‪27‬‬
‫تكـــاليف اإلحـــالل للثـــروة الطبيعيـــة التـــي تلوتـــت أو اثلفـــت وفـــي الغالـــب يصـــعب‬
‫تقدير قيمته الثروات الطبيعيةباإلضافة الى ذلك‬
‫نجـــد التقـــدير الجزافـــي للضـــرر البيئـــي الـــذي ينبنـــي علـــى نظـــام جـــداول يفضـــل‬
‫اتباعــــه بحيــــث تــــتم هــــذه الطريقــــة علــــى اعــــداد جــــداول قانونيــــة تحــــدد قيمــــة‬
‫مشــــتركة للعناصــــر الطبيعيــــة يــــتم احتســــابها وفقــــا لمعطيــــات علميــــة يقــــوم بهــــا‬
‫متخصصين في المجال البيئي‬
‫هــــذا بالنســــبة لتقــــدير التعــــويض أمــــا بالنســــبة لصــــعوبة التعــــويض فــــي حالــــة‬
‫تعارضــــها مــــع مصــــالح اإلقتصــــادية واإلجتماعيــــة وهــــو مــــا ســــيتم تقســــيمه الــــى‬
‫صــــــعوبة التعــــــويض العينــــــي اذا كــــــان مقابــــــل مــــــع المصــــــلحة اإلقتصــــــادية‬
‫واالجتماعية‬
‫)أ) علـــــى أن ننـــــاقش محدوديـــــة التعـــــويض النقـــــدي اذا كـــــان متعـــــارض مـــــع‬
‫المصالح اإلقتصادية واإلجتماعية (ب‬

‫ا)صــــــعوبة التعــــــويض العينــــــي ادا كــــــان يتعــــــارض مــــــع المصــــــلحة‬


‫اإلقتصادية واإلجتماعية‬
‫يمكــــن ان ننــــاقش هــــذه الصــــعوبة فــــي حالــــة ان كانــــت المنشــــأة التــــي ســــببت‬
‫ضـــررا للغيـــر تحتـــل مكانـــة اقتصـــادية واجتماعيـــة فـــإن ذلـــك يـــدفع القاضـــي الـــى‬
‫تجنـــب الحكـــم بـــالتعويض العينـــي والـــذي هـــو اغـــالق المؤسســـة ومـــن تـــم الحكـــم‬
‫بالتعويض النقدي ‪،‬‬
‫وبــــالعودة للتشــــريع المغربــــي نجــــد أن المشــــرع تطــــرق مــــن خــــالل الفصــــل ‪91‬‬
‫من قانون اإللتزامات والعقود على ما يلي‪:‬‬
‫"للجيـــــران الحـــــق فـــــي اقامـــــة الـــــدعوى علـــــى أصـــــحاب المحـــــالت المضـــــرة‬
‫بالصـــحة او المقلقـــة للراحـــة بطلـــب ‪،‬امـــا بإزالـــة هـــده المحـــالت ‪،‬وامـــا إجـــراء مـــا‬
‫يلــــزم فيهــــا مــــن التغييــــر لرفــــع األضــــرار التــــي يتظلمــــون منهــــا ‪.‬وال يحــــول‬
‫الترخيص الصادر من السلطات المختصة دون مباشرة هده الدعوى‪".‬‬
‫وفـــي المقابـــل نجـــد بعـــض التشـــريعات مـــن بينهـــا نتحـــدت عـــن التشـــريع األلمـــاني‬
‫والفرنســــي فبالنســــبة للتشــــريع األلمــــاني عمــــل بإعطــــاء القاضــــي الحــــق بــــالحكم‬
‫بــــالتعويض العينــــي حتــــى ولــــو تجــــاوزت تكلفتــــه القيمــــة التجاريــــة للمــــال أمــــا‬
‫بالنســــبة للتشــــريع الفرنســــي فنجــــد مــــن خــــالل قضــــية مشــــهورة "نــــايس"تم الحكــــم‬
‫أنــــه لــــيس للمحكمــــة الســــلطة بمنــــع اســــتغالل المطــــار رغــــم الضوضــــاء التــــي‬
‫يتســـــبب فيهـــــا للجيـــــران نظـــــرا للمصـــــالح اإلقتصـــــادية واإلجتماعيـــــة للمجتمـــــع‬
‫‪28‬‬
‫وبالتـــالي اكتفـــت المحكمـــة بمـــنح المضـــرور تعـــويض نقـــدي عـــن الضـــرر البيئـــي‬
‫الذي أصابه ‪.47‬‬

‫ب)محدوديـــــة التعـــــويض النقـــــدي فـــــي حالـــــة تقابلـــــه مـــــع المصـــــالح‬


‫اإلقتصادية واإلجتماعية‬
‫يعـــد التعـــويض النقـــدي كمـــا ســـبق القـــول ال يـــتم اللجـــوء اليـــه اال فـــي حالـــة تعـــدر‬
‫الحكـــم بـــالتعويض العينـــي ومـــن تـــم تقـــى لقاضـــي الموضـــوع كامـــل الســـلطة فـــي‬
‫تقـــــدير التعـــــويض النقـــــدي عـــــن الضـــــرر البيئـــــي ‪،‬ونظـــــرا ألهميـــــة المجـــــال‬
‫الصــــناعي واإلقتصــــادي نجــــد ان المشــــرع مــــن قواعــــد خاصــــة تتعلــــق بــــه حتــــى‬
‫ال تكـــــون قواعـــــد العامـــــة للمســـــؤولية بمثابـــــة عـــــائق مـــــن يحـــــول دون تقـــــدم‬
‫الصناعي والتجاري‪.‬‬
‫فبــــالرجوع الــــى المــــادة ‪ 63‬مــــن قــــانون ‪48 11.03‬وبالتــــالي يتضــــح ان للجيــــران‬
‫الحـــق فـــي إقامـــة دعـــوى علـــى أصـــحاب المحـــالت المضـــرة بالصـــحة أو المقلقـــة‬
‫للراحــــة بطلــــب‪ ،‬إمــــا إزالــــة هــــذه المحــــالت‪ ،‬وإمــــا إجــــراء مــــا يلــــزم فيهــــا مــــن‬
‫التغييــــر لرفــــع األضــــرار التــــي يتظلمــــون منهــــا‪ .‬وال يحــــول التــــرخيص الصــــادر‬
‫من السلطات المختصة دون مباشرة هذه الدعوى‪.‬‬
‫غيــــر أنــــه يمكــــن أن تنتفــــي المســــؤولية عمومــــا إن مقــــدار التعــــويض حســــب مــــا‬
‫قضـــت بـــه المحكمـــة اإلداريـــة بفرنســـا أن التعـــويض عـــن تلـــف و إبـــادة األســـماك‬
‫نتيجـــة التلـــوث يشـــمل مـــالحق الـــدائن مـــن خسـ ـارة مـــن تلـــف األســـماك ومـــت فاتـــه‬
‫مـــن كســـب بســـبب عـــدم اســـتغالل النهـــر فـــي ممارســـة حـــق الصـــيد ويبقـــى تقـــدير‬
‫التعــــويض النقــــدي مــــن اختصــــاص محــــاكم الموضــــوع و ال رقابــــة عليــــه مــــن‬
‫محكمــــة الــــنقض شــــريطة تعليــــل الحكــــم تعلــــيال كافيــــا و ســــليما مــــن الناحيــــة‬
‫الواقعية و القانونية‬
‫تجــــدر اإلشــــارة الــــى مســــألة مهمــــة وهــــي حالــــة التقــــدير النقــــدي لألضــــرار‬
‫اإليكولوجيـــــة باعتبارهـــــا عناصـــــر بيئيـــــة غيـــــر مملوكـــــة ألحـــــد ألنـــــه ال يمكـــــن‬
‫تعـــويض اختفـــاء مخلـــوق أو إتـــالف أســـماك نـــادرة نتيجـــة التلـــوث أو تهـــدم أثـــار‬
‫تاريخيــــة ومــــن تــــم يبقــــى اإلشــــكال مطــــروح بخصــــوص األضــــرار اإليكولوجيــــة‬
‫كيف يمكن التعويض عنها ؟‬

‫‪ 47‬محمد العواد المسؤولية المدنية عن اْلضرار البيئية أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص ‪-‬اكدال ‪-‬السنة الجامعية ‪ 2017‬ص‪165‬‬
‫‪ 48‬المادة ‪ 63‬من قانون ‪ 11.03‬التي تنص على ما يلي‪:‬‬
‫مسووال‪ ،‬دون الحاجة إلى إثبات خطا ٔ ما‪ ،‬كل شخص مادي أو معنوي يخزن أوينقل أو يستعمل محروقات أو مواد مضرة وخطيرة‪ ،‬وكذا‬
‫ٔ‬ ‫"يعتبر‬
‫كل مستغل لمنشا ٔة مصنفة كما يحددها النص التطبيقي لهذا القانون‪ ،‬تسببت في إلحاق ضرر جسدي أو مادي له عالقةمباشرة أو غير مباشرة‬
‫بممارسة اْلنشطة المشار إليها أعاله‪".‬‬

‫‪29‬‬
‫لإلجابـــة عـــن هـــذه اإلشـــكالية يمكـــن الرجـــوع إلـــى القضـــاء الفرنســـي بحيـــث نجـــده‬
‫ألول مــــرة تــــم الحكــــم بــــالتعويض بخصــــوص األضــــرار اإليكولوجيــــة مــــن خــــالل‬
‫القضـــــية الشـــــهيرة لإريكـــــاي‪ 49‬التـــــي تســـــببت ناقلـــــة الـــــنفط إريكـــــا ‪ 12‬ســـــبتمبر‬
‫‪ 1999‬فـــي تلـــوث بحـــري و تعـــد قضـــية إريكـــا مـــن أعظـــم الكـــوارث البيئيـــة التـــي‬
‫حــــــدثت فــــــي فرنســــــا وفــــــي ‪ 30‬مــــــارس ‪، 2010‬أكــــــدت محكمــــــة بــــــاريس‬
‫االســـــــتئنافية قناعاتهـــــــابتلوث مجموعـــــــة توتـــــــال وفـــــــي ‪ 25‬ســـــــبتمبر ‪2012‬‬
‫‪،‬صــــــدقت محكمــــــةالنقض‪،‬في حكمهــــــا‪،‬على إدانــــــة جنائيــــــة لجرحــــــى التلــــــوث‬
‫البحــــري مــــن توتــــال الــــذي تلقــــى الغرامــــة القصــــوى ‪ 375000‬يــــورو‪ 50.‬ويبقــــى‬
‫التضـــامن مـــن بـــين الحلـــول التـــي يـــتم اللجـــوء لهـــا مـــن طـــرف القضـــاء فـــي حالـــة‬
‫تعدد المتسببين في إحداث الضرر‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬تطور الضمان المالي لإلسهام في اصالح الضرر البيئي‪.‬‬
‫المالحـــظ فـــي الوقــــت الحـــالي أن معظــــم األنظمـــة الحديثـــة تتطلــــب وجـــود تــــأمين‬
‫أو أي ضــــمان مــــالي آخــــر لضــــمان تعــــويض األضــــرار البيئيــــة فوفقــــا اتفاقيــــة‬
‫لوجـــا نو فـــإن وجـــود الضـــمان المـــالي شـــرط إجبـــاري مـــع تـــرك تحديـــد شـــكل هـــذا‬
‫الضـــــمان للقـــــوانين الداخليـــــة للـــــدول أعضـــــاء االتفاقيـــــة ولضـــــمان تعـــــويض‬
‫المضــــرورين فــــإن هــــذا الضــــمان يأخــــذ صــــورة عقــــد تــــأمين أو وجــــود صــــناديق‬
‫التعويضــــــات‪ .‬وإذا أخــــــذنا فــــــي االعتبــــــار أن التــــــأمين المتعلــــــق باألنشــــــطة‬
‫الصـــناعية البريـــة هـــو تـــأمين إجبـــاري فـــإن التســـاؤل حـــول إمكانيـــة وجـــود تـــأمين‬
‫إجبــــاري يســــتحق البحــــث غيــــر انــــه فــــي بعــــض األحيــــان فــــإن الضــــمان المــــالي‬
‫المقــــدم بواســــطة المتســــبب فــــي الضــــرر يكــــون غيــــر كــــافي لتغطيــــة األضــــرار‬
‫وفـــي أحيـــان أخـــرى قـــد يصـــعب تحديـــد مســـؤول بعينـــه عـــن هـــذه األضـــرار أو قـــد‬
‫يكـــون مســـؤوال وتتـــوافر أحـــد أســـباب إعفـــاء مـــن المســـؤولية‪ .‬فـــي هـــذه الحـــاالت‬
‫فـــــإن إنشاءصـــــندوق يكـــــون الوســـــيلة المناســـــبة لتعـــــويض المضـــــرور هـــــذا مـــــا‬
‫ســـــنحاول مناقشـــــته فـــــي (أوال ) علـــــى ان يـــــتم الحـــــديث (ثانيـــــا ) عـــــن وجـــــوب‬
‫اعتماد نظام خاص يحدد آليات التعويض في المجال البيئي ‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬التأمين وصندوق التعويضات كالية إلصالح الضرر‬
‫أ)التأمين كآلية إلصالح الضرر‬

‫‪ 49‬كريم هيباوي مقال تحت عنوان المسؤولية المدنية في المجال البيئي على الموقع‪maroclaw.com‬‬
‫‪ 50‬الفصل ‪ 99‬من قانون اإللتزامات و العقود والدي ينص على ما يلي‪:‬‬
‫إذا وقع الضرر من أشخاص متعددين عملوا متواطئين‪ ،‬كان كل منهم مسؤوال بالتضامن عن النتائج‪ ،‬دون تمييز بين من كان منهم محرضا أو‬
‫شريكا أو فاعال أصليا‪.‬‬
‫يطبق الحكم المقرر في الفصل ‪ ، 99‬إذا تعدد المسؤولون عن الضرر وتعذر تحديد فاعله اْلصلي‪ ،‬من بينهم‪ ،‬أو تعذر تحديد النسبة التي ساهموا‬
‫بها في الضر‬

‫‪30‬‬
‫للتــــأمين أهميــــة نفســــية تتمثــــل فــــي األمــــان وازالــــة الخــــوف ‪ ،‬وتعــــد المســــؤولية‬
‫البيئيـــة مـــن أكثـــر التطبيقـــات النمودجيـــة الســـتخدام فكـــرة التـــأمين الوجـــوبي للحـــد‬
‫مــــن أضــــرار التلــــوت وتغطيــــة المســــؤولية الناتجــــة عنهــــا ولقــــد اضــــحت اليــــوم‬
‫األضـــرار البيئيـــة اكثـــر خطـــورة مـــن دي قبـــل ولـــم تعـــد األضـــرار الناجمـــة عـــن‬
‫األدخنــــة المنبعثــــة مــــن المصــــانع تمــــس األجــــوار فقــــط بــــل أصــــبحت تشــــكل‬
‫ضــــررا للمتســــاكنين يبعــــدون بعشــــرات الكيلــــومترات وازاء هــــذا الوضــــع فإنــــه‬
‫مــــن الضـــــروري الـــــزام الشـــــركات والمصــــانع الملوتـــــة لبيئـــــة أو التـــــي تشـــــكل‬
‫تهديـــدا بيئيـــا بالتـــأمين عـــن أنشـــطتها المضـــرة بالبيئـــة أو التـــي تشـــكل تهديـــدا بيئيـــا‬
‫بالتـــامين عـــن انشـــطتها المضـــرة بالبيئـــة بشـــكل يســـمح بـــالتعويض عـــن أضـــرار‬
‫التي تسببت فيها ‪.‬‬
‫ويمكــــن القــــول أن فــــرض التــــأمين اإلجبــــاري علــــى األنشــــطة الملوتــــة أو التــــي‬
‫تشـــكل خطـــرا محـــتمال لتلويـــت البيئـــة يحقـــق عديـــد مـــن المزايـــا مـــن ذلـــك توزيـــع‬
‫أخطـــــار التلـــــوت علـــــى أصـــــحاب المشـــــاريع الصـــــناعية الملوثـــــة بـــــدال مـــــن أن‬
‫يتحملهـــا مشـــروع واحـــد بمـــا ال يثقـــل كاهـــل المـــؤمن لـــه مـــن جهـــة ‪ ،‬ومـــن جهـــة‬
‫أخــــرى تفــــرض شــــركات التــــأمين علــــى مصــــانع الملوتــــة للبيئــــة تــــدابير وقائيــــة‬
‫للحيلولــــة دون انتشــــار التلــــوت وللوقايــــة منــــه والعمــــل علــــى معالجــــة التلــــوت‬
‫حدودثه‬
‫وتنبغــــي اإلشــــارة أنــــه عنــــد الحــــديث عــــن المســــؤولية البيئيــــة ينبغــــي ربطهــــا‬
‫بالمســـــؤولية النوويـــــة و بـــــالرجوع إلـــــى ‪51‬المـــــادة ‪ 22‬القـــــانون ‪ 12.02‬المتعلـــــق‬
‫بالمســـؤولية المدنيـــة عـــن الضـــرر النـــووي نجـــد المشـــرع حـــدد ســـقف التعـــويض‬
‫فـــي مائـــة مليـــون وفـــي حالـــة عـــدم كفايـــة مبلـــغ التـــأمين والضـــمانة الماليـــة للجهـــة‬
‫المســـتغلة تقـــوم الدولـــة بـــأداء البـــاقي ولكـــن فـــي حـــدود دائمـــا مائـــة مليـــون ولكـــن‬
‫إذا كـــان الضـــرر أكثـــر مـــن مائـــة مليـــون مـــن ســـيتحمل المبلـــغ المتبقـــي ؟ وهـــو‬
‫ما سيتم الحديث عنه في العنوان الموالي ‪.‬‬
‫ب)صندوق التعويضات كالية إلصالح الضرر‬
‫فكــــرة إنشــــاء صـــــناديق التعويضــــات كانــــت بهـــــدف تعــــويض المضــــرور فـــــي‬
‫الحالــــة التــــي ال يســــتطيع فيهــــا شــــركات التــــأمين التعــــويض الكــــل او ال يعــــوض‬

‫‪51‬المادة ‪ 22‬من قانون ‪ 12.09‬الدي ينص على ما يلي‪:‬‬


‫" تحدد المسؤولية المدنية التي تتحملها الجهة المستغلة لمنشأة نووية لتعويض اْلضرار النووية التي وقعت نتيجة لنفس الحادث النووي في‬
‫مبلغ مائة مليون من حقوق السحب الخاصة‪.‬‬
‫غير أنه يمكن لإلدارة‪ ،‬أن تحدد‪ ،‬بناء على طبيعة المنشأة النووية أو المواد النووية المعنية وكذا العواقب التي قد تترتب عن حادث يمكن أن‬
‫تتسبب فيه المواد المذكورة‪ ،‬مبلغا أقل يتعلق بمسؤولية الجهة المستغلة‪ ،‬شريطة أال يقل المبلغ المحدد بأي حال من اْلحوال‪ ،‬عن خمسة ماليين‬
‫من حقوق السحب الخاصة‪.‬‬
‫ويتم قياس هذا المبلغ تلقائيا بالنسبة المئوية بحسب تغيرات حقوق السحب الخاصة لصندوق النقد الدولي بين التاريخ الذي يدخل فيه هذا‬
‫القانون حيز التنفيذ وتاريخ وقوع الحادث النووي‪".‬‬

‫‪31‬‬
‫فيهـــــا بوســـــيلة أخـــــرى المضـــــرور باإلضـــــافة لكونهـــــا تهـــــدف إلـــــى توزيـــــع‬
‫المخــــاطر الصــــناعية علــــى مجمــــوع الممارســــين لألنشــــطة التــــي يمكــــن أن تكــــون‬
‫سبب لهذه المخاطر ‪.52‬‬
‫هــــذه الصــــناديق ال تتــــدخل إال بصــــفة تكميليــــة أو احتياطيــــة لكــــل مــــن نظــــامي‬
‫المســـؤولية المدنيـــة وهـــو مـــا عمـــل عليـــه المشـــرع المغربـــي بـــدوره مـــن خـــالل‬
‫المـــــادة ‪ 60‬مـــــن قـــــانون ‪.5311.03‬وبـــــالعودة إلـــــى مدونـــــة التأمينـــــات نجـــــدها‬
‫تتجاهــــل تــــأمين األخطــــار اإليكولوجيــــة باعتبارهــــا مــــن الصــــعوبة علــــى شــــركات‬
‫التــــأمين قيــــاس الضــــرر اإليكولــــوجي كمــــا أن التعــــويض غالبــــا مــــايكون بــــاهض‬
‫مما قد يؤدي إلى عجز شركات التأمين عن التعويض ‪.‬‬
‫وبالتــــالي فــــإن الحــــاالت التــــي يمكــــن إنشــــاء صــــناديق تعويضــــات دون وجــــود‬
‫نظام تأمين إجباري فإن هذه الصناديق تصبح ملتزمة بتعويض‬
‫كل أضرار التلوث غير المؤمن منها‪.‬‬
‫ثانيــــا‪:‬وجوب اعتمــــاد علــــى نظــــام خــــاص يحــــدد اليــــات التعــــويض فــــي‬
‫المجال البيئي‬
‫نجد معظم التشريعات المعاصرة أضحت واعية بخطورة األضرار‬
‫البيئيـــــة وبضـــــرورة أفـــــراد المســـــؤولية البيئيـــــة بنصـــــوص قانونيـــــة خاصـــــة ‪،‬‬
‫ويتعـــين علـــى الـــدول التـــي لـــم تنخـــرط فـــي هـــذه المنظومـــة افـــراد المجـــال البيئـــي‬
‫بنصوص قانونية خاصة تحمي البيئة وتحول دون تلويتها‪.‬‬
‫فخصوصــــية الضــــرر البيئــــي تســــتدعي اعتمــــاد مســــؤولية مــــن نــــوع خــــاص ‪،‬‬
‫بحيـــث نجـــد القـــانون الفرنســـي مـــؤخرا تطـــورا فـــي مجـــال المســـؤولية البيئيـــة مـــن‬
‫خـــــالل صـــــدور قـــــانون اســـــتعادة التنـــــوع البيولـــــوجي ‪،‬والطبيعـــــة والمنـــــاظر‬
‫‪54‬‬
‫الطبيعية المؤرخ في ‪08/08/2016‬‬
‫ويهــــدف هــــذا القــــانون المتكــــون مــــن ‪174‬فصــــال الــــى حمايــــة التنــــوع البيولــــوجي‬
‫والمحافظـــة علـــى البيئـــة ‪،‬وقـــد ادرج هـــذا القـــانون فـــي المجلـــة المدنيـــة الفرنســـية‬
‫فصال جديدا يحمل عنوان التعويض عن الضرر البيئي‬
‫وتكمــــن اهميــــة هــــذا التنقــــيح فــــي اقــــراره لمبــــدأ عــــام للمســــؤولية عــــن الضــــرر‬
‫ا لبيئــــي اضــــافة الــــى فــــتح بـــــاب التقاضــــي للمؤسســــات العموميــــة والجمعيـــــات‬

‫‪ 52‬كريم هيباوي م س‬
‫‪ 53‬المادة ‪ 60‬من قانون ‪11.03‬‬
‫الدي ينص على ما يلي ‪:‬‬
‫" ينشأ صندوق وطني خاص بحماية واستصالح البيئة‪ .‬ويحدد بموجب نص تطبيقي اإلطار القانوني لهذا الصندوق ومهامه وموارده ونفقاته‪".‬‬
‫‪54‬‬
‫‪la loi pour la reconquête de la biodiversité,de la nature et des paysages‬‬

‫‪32‬‬
‫المعتـــرف بهـــا والتـــي تكونـــت منـــد خمـــس ســـنوات علـــى األقـــل مـــن تـــاريخ رفعهـــا‬
‫للــــدعوى القضــــائية الراميــــة لحمايــــة البيئــــة بالتقاضــــي مــــن أجــــل التعــــويض عــــن‬
‫الضرر البيئي ‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫خاتمة ‪:‬‬

‫تناول هذا العرض‪ ،‬موضوع نظرية مضار الجوار ‪-‬مبدأ الحيطة‪ -‬في ضوء‬
‫نصوص التقنين المدني ومدونة الحقوق العينية وآراء الفقه وأحكام القضاء‪.‬‬
‫ولقد تم محاولة الوقوف على أهم ما أثاره البحث من إشكاالت قانونية تتمحور بصفة رئيسية‬
‫في جانبين رئيسيين‪ ،‬يتعلق الجا نب األول باالطار القانوني لنظرية مضار الجوار ال سيما‬
‫غير المألوفة وكذلك الناتجة عن األضرار البيئية‪ ،‬أما الجانب الثاني فيتمثل في شروط تقديم‬
‫المسؤولية الناتجة عن ضرر الجوار‪ .‬وإذا كانت القاعدة أن كل من استعمل حقه استعماال‬
‫مشروعا‪ ،‬ال يكون مسؤوال عما يترتب عن ذلك من ضرر‪ ،‬فإنه يرد استثناء على هذه القاعدة‬
‫يتعلق بمضار الجوار‪ ،‬حيث أن من شروط انعقاد المسؤولية المترتبة عن هذه المضار هو‬
‫مشروعية التصرف‪.‬‬
‫وبالتالي فإن مبدأ الحيطة ال يهدف الى إزالة االخطار التي يمكن تقديرها وإحصائها بل تهدف‬
‫الى إبعاد األخطار المفاجئة وغير المنتظرة والتي قد تؤدي الى حدوث أضرار للبيئة‪ ،‬وتكون‬
‫غير قابلة لإلصالح‪ ،‬فمفادها عدم االحتجاج باالفتقار الى اليقين العلمي‪ ،‬كسبب لتأجيل اتخاد‬
‫تدابير احتياطية‪ ،‬فعدم اليقين العلمي يميز مبدأ الحيطة عن مبدأ الوقاية‪ .‬ورغم الدور المحوري‬
‫للوظيفة الوقائية لمبدأ الحيطة كآلية تقنية في ضبط مسار التطور العلمي‪ ،‬إال أن ربط تطبيقه‬
‫بالقدرة االقتصادية للمؤسسات وللدول يشكل تقييد وتحديد لفعالية هذه اآللية الوقائية‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫الفهرس ‪:‬‬

‫مقدمة ‪4 ......................................................................................... :‬‬


‫المبحث اْلول ‪7 .................................................................................. :‬‬
‫المطلب اْلول‪ :‬االطار العام لنظرية مضار الجوار ‪7 ...............................................‬‬
‫الفقرة اْلولى‪ :‬نظرية مضار الجوار في إطار قانون االلتزامات والعقود ‪7 ........................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬نظرية مضار الجوار في إطار مدونة الحقوق العينية ‪9 ...........................‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬مبدأ الحيطة كأساس لنظرية مضار الجوار ‪12 ..................................‬‬
‫الفقرة اْلولى ‪ :‬ماهية مبدأ الحيطة ‪12 .........................................................‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬تكريس مبدأ الحيطة في القانون الدولي و الوطني ‪14 ...........................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬دعوى المسؤولية الناتجة عن مضار الجوار ‪17 .....................................‬‬
‫المطلب االول‪ :‬قواعد االختصاص وشروط قبول الدعوى ‪17 ......................................‬‬
‫الفقرة االولى‪ :‬قواعد االختصاص في دعاوى مضار الجوار ‪17 .................................‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬شروط قبول دعوى مضار الجوار ‪21 ..........................................‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬اَلثار المترتبة عن دعوى المسؤولية الناتجة عن ضرر الجوار ‪24 ...............‬‬
‫الفقرة اْلولى ‪ :‬أشكال التعويض ومحدوديته في المجال البيئي‪25 ............................ .‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬تطور الضمان المالي لإلسهام في اصالح الضرر البيئي‪30 .................... .‬‬
‫خاتمة ‪34 ....................................................................................... :‬‬

‫‪35‬‬

You might also like