You are on page 1of 25

‫قراءة نقدية يف القصيدة "مدخل امحلراء" بقمل ا ألس تاذ أأيب قيس محمد رش يد‬

‫تعليق ٌة َنقدية على القصيدة‬

‫مدخل امحلراء‬
‫لنزار ق ّباين‬

‫بقلم‬

‫أبو قيس حممد رشيد‬

‫‪1‬‬
‫قراءة نقدية يف القصيدة "مدخل امحلراء" بقمل ا ألس تاذ أأيب قيس محمد رش يد‬

‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬

‫أدوهنا على القصييييدة المريييهشرة للرييياعر الراحل نزار ق ّباين‬


‫الحمد هلل وبعد‪ ،‬فهذه قراءة نقدية ِّ‬
‫رحمه اهلل‪ ،‬وهي الق صيدة المش سشمة بمدخل الحمراء‪ ،‬وإنما كان اختياري لتدوين تلك القراءة النقدية‬
‫ٍ‬
‫ألمشر ثالثة‪ :‬األول هش رشيهرة القصيييدة واسييتحسييان المثقفين ومحبي الرييعر لها والتذامهم بسييماعها‪،‬‬
‫الفرق بين القيمة الفنية والمرتبة التداولية إن كان ثم َة ٌ‬
‫فارق‪ ،‬واألمر الثاين هش أنه كانت‬ ‫َ‬ ‫وهذا مما ريربز‬

‫اختيرت له هذه الق صيدة‪ ،‬فكانت مادهتا حا ضرة‪ ،‬أما األمر‬


‫َ‬ ‫ٍ‬
‫مجلس نقدي تطبيقي قد‬ ‫لي وقف ٌة عندها يف‬

‫دوى كتابة هذه التعليقة ونرييرها أهنا قصيييد ٌة قريب ٌة حجما وبيانا‪ ،‬مما ِّ‬
‫يشسي‬ ‫الثالث وهش ما نبهني إلى َج َ‬
‫المر َمى مذن هذه الكتابة هش إفادة الجماهير‬ ‫من رق عة االسييييتفادة من التعليقة النقدية عليهاا هذا ّ‬
‫وإن َ‬
‫المث ّقفة ورف مائقتهم وإدراكهم شييياا ال َيلذهب م إلى ما ال يلزمهم من قبقة االختصيياال واالشييت الا‬

‫واهلل المشفق والمعينا‬

‫أبو قيس‬

‫الحي الثامن مدينة نصر القاهرة‬

‫أكتشبر ‪2022‬م‬

‫‪2‬‬
‫قراءة نقدية يف القصيدة "مدخل امحلراء" بقمل ا ألس تاذ أأيب قيس محمد رش يد‬

‫نص القصيدة‬

‫ما َأقيييييييي يب اللقيييييييي يا بال مذي ع ذ‬


‫اد‬ ‫(‪ )1‬يف َم يدخييل الحمراء كييان لقييا ن يا‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫‪1‬‬

‫َت َتشا َلييييييييدر األَبعاد مذيييييييين َأبعيي ذ‬


‫يييييياد‬ ‫ذ‬
‫شداوان يف َح َج َر ي همييا‬‫(‪ )2‬عينييا ذن َسيييي‬
‫َ‬ ‫ر‬

‫قييالييت‪ :‬ويف اييييييييرنيياقي ٍية مذ ذ‬


‫يالدي‬ ‫(‪ )3‬هل ذ‬
‫أنت إسييييبان ّي ٌة؟ سييييا َءليييييييي رت ها‬

‫ييييييييك الع ي َن ي ذن بعييدَ ر َق ي ذ‬


‫يف َت ين ذيي‬ ‫وصيييي َحت رق رر ٌ‬
‫اد‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫بع ٌة‬
‫ون َسيييي َ‬ ‫(‪ )4‬ارناق ٌة؟ َ‬

‫بج َييييييي ذ‬
‫اد‬ ‫وجيييييييا ردها مشصييييييييشل ٌة ذ‬
‫ذ‬ ‫(‪ )5‬و رأ َميييييييي ي ٌة را يا رتيييييييي ها مرفشعييييييييي ٌة‬

‫يييييدة سيييييييييمراء مذن َأح َف ذ‬


‫ل ذحفييي ٍ‬ ‫ار َب التيياري َ كيف َأعييا َد ذني‬
‫ادي‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫(‪ )6‬مييا َأ َ‬

‫ذ‬
‫ييييييياد‬ ‫ان بذل ذق ٍ‬
‫يس ذ‬
‫وجييييييييدَ رسييي َع‬ ‫َأج َف َ‬ ‫رأيت ذخييييييييال َل ره‬ ‫(‪ )7‬وجه ذدمريييييي ذ‬
‫ييييييقي ر‬ ‫ٌ َ‬

‫مقار الحكم لألمراء المسلمين يف العهد األندلسيا‬


‫‪ 1‬قصر الحمراء يف ارناقة وهش من أشهر ّ‬

‫‪3‬‬
‫قراءة نقدية يف القصيدة "مدخل امحلراء" بقمل ا ألس تاذ أأيب قيس محمد رش يد‬

‫ذ‬ ‫كانيييييييت ا رأ ِّمي َت رمد ذوسي‬


‫يييييييييادي‬ ‫وحج َرة‬ ‫يت منييييييييز َل نا ال َ‬
‫قديم ر‬ ‫(‪ )8‬ورأ ر‬

‫والبذر َكييييييي َة الذهبييّيييييي َة اإلنرييييي ذ‬


‫ييييياد‬ ‫يييياسي ذمينَ َة رر ِّصي َعييييييت بنر رجشمذها‬
‫(‪ )9‬والييي َ‬

‫ياب َنهر س يش ذ‬ ‫يف َش يع ذ ذ‬ ‫(‪ )10‬ذ‬


‫اد‬ ‫المنسي ذ َ َ َ‬
‫ييييييرك ر‬ ‫قلت َت َرينَ ها‬ ‫ر‬
‫تكشن؟ ر‬ ‫ودمريييي رق أين‬

‫ما زال رمختيَيييي ذزنا رش رميييييش َ بذ َال ذدي‬ ‫العربي يف الث ذر ا لذي‬
‫ِّ‬
‫(‪ )11‬يف وج ذه ذ‬
‫ك‬ ‫َ‬

‫يييييييان يف ال َك ب ذ‬
‫ذ‬ ‫يب ج نّ ذ‬
‫ات ال َع ذريف و مائ ها‬ ‫ذ‬
‫‪3‬‬
‫اد‬ ‫ّ‬ ‫يف ال رف ِّل يف الريحيي‬ ‫‪2‬‬
‫(‪ )12‬يف ق ذ َ‬

‫يييييير ح ص ذ‬ ‫سارت َم ذعي والرع رر َيل َه رث َخل َفها‬


‫اد‬ ‫كسنابذييييي ٍل رت ذر َكيييييت ب َ ذ َ َ‬
‫َ‬ ‫(‪َ )13‬‬

‫ييييال ذد‬ ‫يييية ذ‬


‫المييي َ‬ ‫مذثيييييي َل الريمش ذع ب َلي َليي ذ‬
‫ر‬
‫بج ذ‬
‫يدها‬ ‫ييشيل ذ‬
‫(‪َ )14‬ي َت َألييييق ال رقيييير رط الطيي ر‬
‫‪4‬‬

‫‪ 2‬جنات العريف هي البسيياتين التي تحيب بقصي ٍير أسييسييه السييلطان محمد الثاين يف أول القرن الثامن الهجري‪ ،‬و َيبعد مسييافة كيلش م عن‬
‫قصيير الحمراء‪ ،‬كان ملشك ارناقة يتخذون هذا القصي َير للتنزه واالسييتجمام‪ ،‬والعريف هش الخبير أو المعماري‪ ،‬وقد رع ذر َفت هذه الجنات‬
‫بالبهاء والجمال المنقط ا‬
‫شجر َعطذرا‬
‫ٌ‬ ‫‪ 3‬الك ّباد هش األر رترج أو الليمشن الطبي‪ ،‬وهش‬
‫‪ 4‬ما ريعلق يف األمن من الحليا‬

‫‪4‬‬
‫قراءة نقدية يف القصيدة "مدخل امحلراء" بقمل ا ألس تاذ أأيب قيس محمد رش يد‬

‫ميييييي ذ‬
‫اد‬ ‫ائي التارييييييي ر َكييييييش َم َر َ‬ ‫خلف َدل ذي َلتذي‬ ‫(‪ )15‬و َم َيري رت مذ َثل الطف ذل‬
‫وو َر َ‬
‫َ‬ ‫َ‬

‫شف رتنَ ذ‬
‫ات على الس ي رق ذ‬
‫ادي‬ ‫والزر َك َر ي ر‬ ‫ات َأكا رد َأ َ‬
‫سم ر َنبييييي َض َها‬ ‫ييير َف ر‬
‫(‪ )16‬الزخيي َ‬

‫فاقيييييرأ على جيييييدرانذها َأمجيي ذ‬


‫يييادي‬ ‫(‪ )17‬قالت‪ :‬هنا الحمراء َزهش جدر ذ‬
‫ودنا‬
‫َ‬ ‫ر َ‬ ‫َ‬ ‫ر ر ر‬ ‫‪5‬‬

‫وم سح رت جرحا ثانييييييا بفييييي ذ‬


‫ادي‬ ‫(‪ )18‬أمجا ردها؟! و َم َسح رت رجرحا ذ‬
‫نيازفا‬
‫ر‬ ‫َ َ‬

‫ذ‬ ‫أن اليييييذين َعييييينَتييييي ره رم َأج‬ ‫(‪ )19‬يا َلي َت ذ ذ‬


‫يييييدادي‬ ‫ّ‬ ‫وار َثتي الجمييييل َة َأ َ‬
‫در َكيييت‬

‫يييييار َق بن ذزي ذ‬
‫اد‬ ‫رجال ري َسييميييييييى قيي ذ‬ ‫عانيييييق رت فيهيييييا عنيييييدما َودع رتها‬
‫(‪َ )20‬‬
‫َ َ‬

‫‪ 5‬أي فخرهم وظهشرهما‬

‫‪5‬‬
‫قراءة نقدية يف القصيدة "مدخل امحلراء" بقمل ا ألس تاذ أأيب قيس محمد رش يد‬

‫وأن رلب‬
‫إن أول ما َيجشد بالك رف عنه َت َمث رل الق صيدة وا ست ررا رفها هش أهنا ق صيد ٌة اير مركبة‪ّ ،6‬‬
‫ّ‬
‫ال رض الذي تقشم ألجله هش البيان عن حال أمجاد العرب يف األندلس الذاهبة‪ ،‬وهكذا تتشظف –أو‬
‫بنب ي أن تتشظف‪ -‬كافة الصييشر الرييعرية يف القصيييدة ألجل الجالء عن هذه ال اية‪ ،‬والشصييشل بقار‬
‫المر َمى؛ فمشضشع الق صيدة –بما يكرف عنه التمثل واالسترراف‪ -‬هش‬
‫الق صيدة أو سامعها إلى هذا َ‬
‫أبعدر ما تكشن عن ال زل؛ فالفتاة التي يف الق صيدة إنما هي ساللة بني أمية الذين ملكشا األندلس قرونا‪،‬‬
‫نفس يها وأصييش َلها‪ ،‬وهذا ما َيجري يف‬ ‫ذ‬ ‫ّ‬
‫حشار م تلك الحضييارة الناسييية َ‬
‫ٌ‬ ‫وإن حشار الريياعر معها إنما هش‬
‫وبعم مذن أثنائها من صيييفات الفتاة فهي سيييشداء العين‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫مكره يف أول القصييييدة‬
‫مائه على وفق تياره ما َ‬
‫صفات ت رير إلى األ صل العربي‬
‫ٌ‬ ‫وال رعر الطشيل األ سشد‪ ،‬والشجه العربي‪ ،‬والث ر النا ص ‪ ،‬فهذه كلها‬
‫ذ‬
‫المذكشر آنفا‪ ،‬فالفتاة على قشل‬ ‫يف الفتاة‪ ،‬وهي الصييييشرة الرييييعرية التي تحملنا إلى َمر َمى القصيييييدة‬
‫نفسهاا‬
‫صارت ال تعرف َ‬
‫رمز للعروبة الضائعة التي َ‬
‫القصيدة –أو هكذا ينب ي أن يكشن‪ -‬هي ٌ‬

‫عر يف الرييعر ال ريحسيينه كل أحد؛‬


‫هذا‪ ،‬والقصيييدة مبناها على السيرد الحشاري‪ ،‬وهذا مسييلك َو ٌ‬
‫أن القص والسييير َد مثلهما مثل أبيات المعاين؛ يجب أن ريصيييا َر ذشيييعرا ف َيجري عليه قانشن الريييعر‬‫ملك ّ‬
‫بعض يها كان اإلحسييان العالي فيه قليال‪،‬‬ ‫بتمامه‪ ،‬ولما كان الس يرد محكشما بمنطق يف ابتناء المعاين على ذ‬
‫ّ‬
‫اشر المعاين‪ ،‬وكاد أن ينحصيير السييرد الثقيل‬ ‫قريب ذ‬‫ذ‬ ‫أكثر السييرد الجيد مذن الرييعر الخفيف‬‫ولذلك جاء ر‬
‫المطبشعين الفحشل من أهل الجاهلية وعلى رأسهم امر القيس والناب ة‪ ،‬وكذلك‬ ‫ذ‬ ‫بعيدر ذ‬
‫اشر المعاين يف‬
‫اله َذلي‪ ،‬وأما يف المتأخرين فكاد السر رد أن ينحصر يف الرعر القريب‪7‬ا‬
‫أبش م يب ر‬

‫***‬

‫وج َهتذها كجمهرة القصييييائد الجاهل ّية‬ ‫ٍ‬


‫واحد وليسييييت مركبة من عدد من المشاضييييي المختلفة بأصييييلها ذ‬ ‫‪ 6‬أي أهنا تقشم ألجل مشضييييشع‬
‫واإلسالميةا‬
‫شييرحت حقيق َة الرييعر المطبشع بنشعيه والرييعر المصيينشع شييرحا وافيا يف كتابي (التأسيييس ألصييشل الفن الرييعري عند العرب) وهش‬
‫ر‬ ‫‪7‬‬

‫العلمي األكاديمي الشايف يف أصشل الرعر العربيا‬


‫ّ‬ ‫الكتاب الذي أرمي إلى أن يكشن المرج َ‬
‫ر‬

‫‪6‬‬
‫قراءة نقدية يف القصيدة "مدخل امحلراء" بقمل ا ألس تاذ أأيب قيس محمد رش يد‬

‫فإما ما تمثلنا القصيييدة واسييترييرفناها فبان لنا منها مشضييش رعها وأهنا تقشم على هذا المشضييشع‬
‫المطل وهش قشله‪:‬‬
‫البيت َ‬
‫َ‬ ‫الشاحد ظهر لنا ّ‬
‫أن‬

‫ي ب مي ع د‬ ‫يب اللق‬ ‫م أط‬ ‫(‪ )1‬يف م دخ ا الراءا ك ل لق ن‬


‫‪8‬‬

‫تشحد المشضييييشع؛ ففي‬ ‫قرف المعنى الذي ي ذ‬ ‫م ذ‬


‫شج به ّ‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫خالف ال رض‪ ،‬وال يعطي المتلقي‬
‫َ‬ ‫شه ٌم‬ ‫ر‬
‫قشله (كان لقا نا) يعشد الضيييمير (ن الفاعلين) على اير مذكشر‪ ،‬إمن فهش عائدٌ –كما هش مقرر‪ -‬على ما‬

‫وإن أي قار ٍ للرييعر‬


‫يف تلقي الضييمائر العائدة على اير مذكشر‪ّ ،‬‬ ‫َيقضييي به رعرف الكالم وعاد رة النا‬
‫العربي –أو اير العربي ربما‪ -‬إما ما تل ّقاه ر‬
‫قشل القائل (كان لقا نا) يف صييدر الكالم‪ ،‬أي دونما تأسيييس‬ ‫ّ‬
‫وحم ٍل على سييييياق مذكشر‪ ،‬فإنما ريبادر مه رنه – ربعرف الكالم والعادة‪ -‬إلى حبيبين فرقتهما األيام‪ ،‬فإما‬
‫َ‬
‫ما تلقاه قش رله (ما أقيب اللقيا بال ميعاد) تأكد له ملكا‬

‫ٍ‬
‫ومحبة أعقبتهما ال رفرقة؛ ّ‬
‫ألن‬ ‫وال ري قال هنا‪ :‬إ نّه ال ريريييي ط أن يكشن اللقا رء عن اجتما ٍع سي ٍ‬
‫يييابق‬
‫الكال َم ليس يف اشييي اط أن يكشن اللقا رء عن معرفة ومحبة يف السيييابق ‪ ،‬وإنما هش يف ّ‬
‫أن الضيييمير العائد‬
‫على اير مذكشر إن ما هش يتش كأ على ما ري بادر إل يه مه رن المتلقي‪ ،‬و ما ري بادر إلى ذ‬
‫مهن المتل ِّقي ه نا هش‬

‫البيت نحش باب الحب والعرييييق‪ ،‬وهذا ليس مشضييييشع‬


‫َ‬ ‫تحقق اللقاء السييييابق؛ فقد َشييييدت الصي َ‬
‫يييياا رة‬

‫القصيدة‪ ،‬ألجل هذا س َيخبش هذا المعنى يف البيت التالي وقد تعل َقت به ر‬
‫نفس المتلقيا‬

‫وهذا الخلل الداللي هش مذن أشيييدِّ ما ي اخذ به الرييياعر ال سييي ّيما إما ما كان حصيييش رله يف مطلذ‬

‫ناول للمعنى والمشضشع ك ِّله مذن بعدر ا‬


‫الم ذ‬
‫المط َل َ هش ر‬
‫البيت َ‬
‫َ‬ ‫القصيدة؛ ّ‬
‫ألن‬

‫مقار الحكم لألمراء المسلمين يف العهد األندلسيا‬


‫‪ 8‬قصر الحمراء يف ارناقة وهش من أشهر ّ‬

‫‪7‬‬
‫قراءة نقدية يف القصيدة "مدخل امحلراء" بقمل ا ألس تاذ أأيب قيس محمد رش يد‬

‫أما ر‬
‫قشل نزار يف البيت التالي‪:‬‬

‫د‬ ‫أبع‬ ‫د البع د م‬ ‫تتوال‬ ‫)‪ (2‬عين ل س وداوال يف ح جء ي ها‬

‫ناول المتلقي َ‬
‫حبل‬ ‫فإنه األَو َلى بأن يكشن مطل القصيييييدة؛ فهش –يف حقيقة أمره‪ -‬أول ٍ‬
‫بيت ري ذ‬

‫المعنى‪ ،‬وسيييكشن ملك اسييتهالال مشفقا يكرييف عن مراد الريياعر؛ فالعينان السييشداوان هما العروبة‬
‫ٍ‬
‫أبعاد داخل تلك العين العربية األمشية هي أبعاد‬ ‫األمشية الضيييائعة يف األندلس‪ ،‬واألبعاد التي تتشالد مذن‬
‫تاري العرب‪ ،‬فهش ملتام جدًّ ا وقد أصيياب ذ‬
‫الم َح ّز‪ ،‬وكذلك قشله يقصييد َحدَ َق العين (يف حجريهما) فيه‬ ‫ٌ‬
‫الملك‬ ‫ذ‬ ‫كثيء م الق ّءا إليه ؛ ملك ّ‬
‫أن األحجار هي ما َيبقى من ر‬ ‫ل‬ ‫إش ب لة ب لتوبيي بقيقي دقيقي ببا ت ينت‬

‫يف صشرة القصشر والنقشش‪ ،‬فكانت عيناها العربيتان األمشيتان وكأهنما من آثار تلك البقايا األمشيةا ما‬

‫بيت االستهالل!‬
‫كان أل َي َق ذا البيت أن يكشن َ‬

‫ويلتام معه على الجملة البيت التالي فيقشل‪:‬‬

‫ءن ط ي مي دي‬ ‫ق ل ت ويف ا‬ ‫ته‬ ‫ل‬ ‫ن ّي لي؟ س‬ ‫(‪ )3‬ها أنت إس‬

‫اختصار حس ٌن بالحذف ّ‬
‫ألن‬ ‫ٌ‬ ‫البيت يف جملته يلتام وارض القصيدة؛ أما الرطر األول ففيه‬
‫ر‬ ‫هذا‬

‫بالم رقشل واختصيييير بحذف حكاية القشل‪ ،‬وأما قشله‬


‫قلت لها هل أنت إسييييبانية؟ فبادر َ‬
‫تقدير الكالم‪ :‬ر‬

‫(سيياءل رتها) فهش كالشصييف لذما قب َله أنه َف َع َل ملك عناية وحرصييا على الجشاب‪ ،‬وليس هش مكان حكاية‬

‫القشل المحذوفا‬

‫‪8‬‬
‫قراءة نقدية يف القصيدة "مدخل امحلراء" بقمل ا ألس تاذ أأيب قيس محمد رش يد‬

‫أن ال َقدر الم َثر‬


‫الحرييش يف الرييطر الثاين وملك إم يقشل (ويف ارناقة ميالدي) ملك ّ‬
‫ر‬ ‫وإنما وق‬

‫يف سيييياق ال رض هش كشهنا مذن ارناقة فكان االكتفاء بقشلها (ومذن ارناقة) هش المتعين‪ ،‬ولك ّن الر ذوي‬
‫الريياعر إلى أن َيسييتكره القافي َة ف َيذكر الميالد‪ ،‬وهش اير م ثر ّ‬
‫ألن الفتا َة إسييبانيةٌ‪ ،‬وهي سيياللة‬ ‫َ‬ ‫اضييطر‬
‫العرب‪ ،‬فكشهنا مشلشدة ليس زيادة مات ٍ‬
‫بال بحيث رتع َت َبر يف عيار الرييعر‪ ،‬فماما لش كانت إسييبانية ولكنها‬

‫مشلشدة يف مدينة أخرى اير ارناقة‪ ،‬هل سيييي ري َ ِّثر ملك تأثيرا ريذكَر؟ بل ماما لش كانت إسييييبانية ولكنها‬
‫إن المقصشد الذي َأرمذي إلى بيانه هش ّ‬
‫أن زيادة خرب الميالد‬ ‫ولذدَ ت يف ٍ‬
‫بلد آخر ثم عادوا ا إلى ارناقة؟ ّ‬ ‫ر‬
‫الرعريا‬
‫ّ‬ ‫ر‬
‫السبك‬ ‫حرش َمحم َيق ربح به‬
‫ٌ‬ ‫ليست بذات ٍ‬
‫بال يف الرعر‪ ،‬وهي عندي‬

‫أما البيتان الراب والخامس‪:‬‬

‫الع ي ن ي بع د بق د‬ ‫يف ت ين‬ ‫ول س ع لي‬


‫(‪ )4‬اءن ط لي؟ وص رت قء ل‬

‫د‬ ‫ول لي بجي‬ ‫ده موص‬ ‫وجي‬ ‫لي‬ ‫ه مء وع‬ ‫ي لي با ي ت‬ ‫(‪ )5‬وأم‬

‫فهما مسيتقيمان جيدان‪ ،‬والبيت الراب يريبه أن يكشن تفسييرا أو تفصييال للبيت الثاين؛ فاألبعاد‬
‫ر‬
‫التي تتشالد من أبعاد تتمثل اآلن يف صشر بني أمية وهي مرفشعة الرايات وجيدها مشصشلة بجيادا‬

‫عنصر التاري ‪ ،‬وهذا َح َس ٌن يف هذا المقام فيقشل‪:‬‬


‫َ‬ ‫الراعر ريل ي‬
‫َ‬ ‫ثم نرى‬

‫اءا م أحف دي‬ ‫لرفي دة س‬ ‫(‪ )6‬م أ اءب الت بي كيف أع د ني‬

‫‪9‬‬
‫قراءة نقدية يف القصيدة "مدخل امحلراء" بقمل ا ألس تاذ أأيب قيس محمد رش يد‬

‫حفيدة مذن أحفاده هش‬


‫ٍ‬ ‫الراعر إلى‬
‫َ‬ ‫وهذا البيت قد ري َظ ّن أنّه شارح للبيت األول ّ‬
‫ألن إعاد َة التاري‬

‫المذكشر فيه‪ ،‬وأقشل‪ :‬ال يرتف‬


‫ر‬ ‫اللقيا بال ميعاد المذكشرة يف البيت األول‪ ،‬وعلى هذا َيرتف اإلشي ر‬
‫يييكال‬
‫يشض يح المقصييشد منه بحيث يجعله يف سي ٍ‬
‫يياق يحمله على‬ ‫البيت األول اير مسييبشق بما ِّ‬
‫َ‬ ‫ألن‬ ‫اإلشي ر‬
‫يكال ّ‬

‫مختال يف داللته وإن شرحته‬


‫ًّ‬ ‫البيت‬
‫ر‬ ‫ٍ‬
‫وجه‪ ،‬فليس هناك ما نحمل مرج َ الضمير (ن الفاعلين) عليه‪ ،‬فبقي‬

‫مفس ء مة لاجاا ص ري ‪ ،‬وبي أل تكول‬ ‫كل القصييييدة بعدر ؛ لن ثاي ل‬


‫ءق بي أل تكول البي ت الت ليي ً‬
‫مصرري لا هم على ايء وجه ‪ ،‬الول مق ل‬
‫ول يف الشعء‪ ،‬والث ين ايء مق ول‪9‬ا‬ ‫ً‬

‫ونالحظ يف هذا البيت أنه قد جعل نف َسه العروب َة العزيز َة يف تاريخها القديم‪ ،‬وهذا هش ما َج َع َلها‬

‫صحيح‪ ،‬خفيف ال ِّرعر ّية‪ ،‬يكاد أن يكشن نثرا‪ ،‬على خالف الحال يف البيتين‬
‫ٌ‬ ‫والبيت‬
‫ر‬ ‫حفيدة مذن أحفاده‪،‬‬

‫السابذ َقينا‬

‫راعر يف و صف هذه الحفيدة العربية التي أعا َدت له مكرياته يف عهد العرب من بني أمية‬
‫ر‬ ‫وبدأ ال‬

‫التي كان مسييييتقر خالفتها يف الرييييام‪ ،‬فالقصيييييدة تقشم –كما ريدرك كل َمن َيتمثلها‪ -‬على رملك العرب‬

‫لك بني أمية الذي امتدا رده مذن الرام‪ ،‬فقال‪:‬‬


‫الضائ يف األندلس‪ ،‬ويريد رم َ‬

‫د‬ ‫دس ع‬ ‫أجف ل بلقيس وجي‬ ‫ل‬ ‫قي بأيت خ‬ ‫(‪ )7‬وج ل دمش‬

‫احتجاج البعم بدال لة األبيات الالحقة على المعنى المراد من األبيات السييييابقة أو يقال حين إنريييياد األبيات األولى‪:‬‬
‫َ‬ ‫‪ 9‬أالحظ كثيرا‬
‫محه كل ملك َيقتضييي أن يكشن ال َقد رر‬ ‫ألن شييرف المعنى وإشييارة الرييعر و َل َ‬ ‫الب يف الرييعر‪ّ ،‬‬
‫سيي َيظهر المرا رد يف األبيات اآلتية؛ وهذا كله ٌ‬
‫ٍ‬ ‫المتلش مذن الريعر مح ِّققا يف ذ‬
‫ب محل‬ ‫انتظار كال ٍم لتصيحيح كال ٍم فائت قد َم َه َ‬
‫ر‬ ‫وقت أدائه شيعريتَه التي تقتضيي قيا َم داللته‪ ،‬فليس يف الريعر‬ ‫ّ‬
‫عمله يف النفس؛ فالرعر َيمتن عليه ملك الذي هش شأن الكتابات العلمية واألخبار‪ ،‬ال النصشال األدبية واألشعارا‬

‫‪10‬‬
‫قراءة نقدية يف القصيدة "مدخل امحلراء" بقمل ا ألس تاذ أأيب قيس محمد رش يد‬

‫الريييياعر يف هذا البيت ّ‬


‫أن هذه الفتاة اإلسييييبانية التي يتحدي إليها إنما هي عربية‬ ‫ر‬ ‫إنما يريد‬

‫األصشل‪ ،‬ولهذا َو َص َفه بالشجه الدمرقي‪ ،‬ريرير إلى بني أمية التي كان رمل ركها يف الرام وامتدت خالف رتها‬

‫البيت‬
‫َ‬ ‫قلت (من جملة الكالم) ّ‬
‫ألن‬ ‫فهم من جملة الكالم‪ ،‬وإنما ر‬
‫إلى األندلس‪ ،‬هذا مراد الراعر الذي ري َ‬
‫مختل الداللة يف نظمه‪ ،‬ووق الخطأ يف أصل َت َعلقات معانيها‬

‫أن ما يأن مذن‬


‫رأيت خال َله) فهذا َيقتضييييي ّ‬ ‫فأول ما يلقانا يف البيت هش ّ‬
‫أن الريييياعر قال (وج ٌهاا ر‬

‫يرح لما رآه يف (خالل) وجه المحبشبة‪ ،‬أي يف أثناء مالمحه وتقاقيعه‪ ،‬وم هذا نجده‬
‫وصييفه إنما هش شي ٌ‬
‫يقشل (جيد سييعاد) فانتقل بمتلقي الرييعر عن مشضيي بيانه قبل إشييباعه ألنه لم َيذكر مذن الشجه سييشى‬

‫األجفان يف حين أنه أشار يف الرطر األول إلى ما يفيد تأم َله الشج َها‬

‫ثم نرى الراعر قد أضاف األجفان لبلقيس‪ ،‬وخص سعاد ذ‬


‫بالجيد‪ ،‬واإلضافة البد وأهنا تقتضي‬ ‫َ‬
‫نشعا من االختصييياال‪ ،‬وهش ما ي ذ‬
‫شهم به شي ر‬
‫ييكل اإلضيييافة يف كالم الرييياعر ألول وهلة ألجل التقسييييم‬ ‫ر‬
‫َ‬
‫الركل‪ ،‬وليس ورا َء ملك‬ ‫الراعر لم يتجاوز‬ ‫أن‬ ‫ٍ‬
‫قصد وعلة‪ ،‬والحق ّ‬ ‫اإلضايف الذي ي ذ‬
‫شحي بأنه بناه على‬
‫َ‬ ‫ر‬
‫حقيقة؛ فال َنعلم ولن َيعلم أي قار ٍ للقصييييدة خصيييشصيييية لبلقيس باألجفان‪ ،‬وخصيييشصيييية لسيييعاد‬

‫الشزن والر ذويا‬


‫ر‬ ‫الحاكم األكرب فيه‬
‫ر‬ ‫بالجيد‪ ،‬فهذا التقسيييم مذن الريياعر ال َيتعدى كشنَه تقسيييما اعتباق ًّيا‪،10‬‬
‫ذ‬

‫وعليه فالبيت ي لب عليه الخلل وال لب يف المعاينا‬

‫دي‬ ‫ت به أ ًمي تاد وس‬ ‫كن‬ ‫ل ن ال قديم وحجء مة‬ ‫(‪ )8‬وبأ يت من‬

‫‪ 10‬قشلنا حصل ملك اعتباقا أي على اير رخطة ذ‬


‫وع ّلة وإنما خبب عرشاء وكيفما كانا‬

‫‪11‬‬
‫قراءة نقدية يف القصيدة "مدخل امحلراء" بقمل ا ألس تاذ أأيب قيس محمد رش يد‬

‫ال أو ين ضد وال ريقال ري َمدّ ‪ ،‬ال س ِّيما والحديث‬ ‫الش ساد فا سد‪ ،‬ألن ذ‬
‫الش سا َد ري َر ّ‬ ‫المدِّ إلى ذ‬
‫إ سناد ‪َ 11‬‬
‫رد ينام ا‪ ،‬وليس عن َع َر َص ٍة رت ستَق َبل ا األضياف فيجسلشن على ذ‬
‫الش ساد‪ ،‬كما ّ‬
‫أن‬ ‫ارفة تختص ب َف ٍ‬
‫ٍ‬ ‫عن‬
‫حديث الرجل عن داره القديمة وحجرته يقتضييي أن يتحدي عن (وسي ٍ‬
‫يادة) مفردة لما فيها من اإلشييارة‬ ‫َ‬

‫رص يه هنا ال‬ ‫ذ‬


‫رأس يه عليها ونشمته الهاناة بحجرته التي بداره القديمة‪ ،‬فذكر الشسيياد و َمدِّ ه أو ِّ‬
‫إلى وضييعه َ‬
‫النظم سشى الشزن والر ذوي‪ ،‬وإال‬
‫ذ‬ ‫الراعر سا َقه إلى هذه الصشرة من‬
‫َ‬ ‫تظهر فيه دالل ٌة صحيحة‪ ،‬وال نرى‬

‫فما َمك ََره ال َيقشده إليه ر‬


‫ارضه بحالا‬

‫د‬ ‫وال ءك ي الذه ي ّ ي اإلنش‬ ‫س ايني ب ًص ع ت بنجومه‬ ‫(‪ )9‬والي‬

‫هي شييجرة الياسييمين الرييامية التي نجدر ها رت َع ِّطر اليشم الدمرييقية القديمة‪ ،‬وهي (فسييقية) الماء‬

‫التي تكشن يف ساحة تلك الدور العريقة‪ ،‬وقشله (واليا سمينة رر ِّص َعت بنجشمها) هش مذن جميل الت ربيه‪،‬‬
‫ألنه أراد أزهار الياسمين‪ ،‬وهي رت ربه النجمة‪ ،‬ثم هي ناصعة البياض تكاد رت ذضيء ذ‬
‫ببياضها‪ ،‬فالراعر قد‬ ‫َ‬
‫مصيب جدًّ اا‬
‫ٌ‬ ‫ذ‬
‫األزهار نجشما‪ ،‬فهش تربي ٌه‬ ‫أتى بذلك رك ِّله يف جعل هذه‬

‫صشت مائها إم تتساقب القطرات بعدَ اندفاع الماء من َو َسطذها‪ ،‬فهش‬


‫َ‬ ‫ذ‬
‫بإنراد البذركة‬ ‫الراعر‬
‫ر‬ ‫وأراد‬
‫يرو رقه صييش رتها ألهنا يف داره التي ي ذ‬
‫حبها‪ ،‬فكأهنا رتنرييده ال نا َء أو الرييعر‪ ،‬وهذا حسيي ٌن جدًّ ا‪ ،‬وأما الذهب ّية‬ ‫ر‬ ‫َر‬
‫كر َذرات الذهب‪ ،‬وهذا‬
‫فأراد انعكا َ ضشء الرمس عن قطرات الماء المتساقطة بعد االنداف فتبدو َ‬
‫جنس األول وهش إنراد البذركة ّ‬
‫ألن الراعر يرير به إلى ّ‬
‫أن األشياء العادية‬ ‫ذ‬ ‫كذلك َحس ٌن جميل‪ ،‬وهش مذن‬

‫التي تق يف بيته إنما هش ل ذ َفرط محبته و رأنسه ببيته يرى فيها جماال ال يراه ايرها‬

‫‪ 11‬المقصشد باإلسناد هش مطلق التعليق على االصطالح البالاي‪ ،‬فقد يكشن على جهة المفعشلية كما هنا وليس على جهة الفاعليةا‬

‫‪12‬‬
‫قراءة نقدية يف القصيدة "مدخل امحلراء" بقمل ا ألس تاذ أأيب قيس محمد رش يد‬

‫سم صش َتها‬ ‫وإنما يظهر الخلل والتعقيد يف وصف اإلنراد بالذهبية لمجرد ّ‬
‫أن القطرات التي َي َ‬
‫سب الراعر أن يصف لشن القطرات برذرات الذهب‪ ،‬وأن‬
‫كاإلنراد تعكس اللشن الذهبي؛ فقد كان َح ر‬
‫ف اإلنرا َد نفسه بالذهبية‬ ‫يصف صش َتها باإلنراد‪ ،‬إمن الستقا َمت له القضية‪ ،‬و َت ّم له المراد؛ ّ‬
‫فلما َو َص َ‬
‫ٍ‬
‫عالقة جديدة وهي ذه يي ص وت اإلنش د ت‬ ‫انفص ي َلت المخيلة عن القطرات إلى الصييشت‪ ،‬ذ‬
‫وص يرنا يف‬ ‫ر ِّ‬
‫ذه يي القطءات‪ ،‬وهي عالقة معقدة َفصييمت العالق َة األولى‪ ،‬ذ‬
‫فصييرنا نبحث عن صييفة الذهبية يف نفس‬ ‫َ َ‬
‫اإلنرييياد‪ ،‬وهنا حصيييل التعقيد‪ ،‬وهذا قط مع ت يءيده الش عء ألنه سييييصيييرف الذه َن عن جمال اللشن‬

‫الذهبي يف القطرات إلى التفتيش عنها يف صشت القطرات‪ ،‬واألخير ال يحقق ملك وإنما يحققه األول‪،‬‬

‫ييياعر قد َركب تركيبا فن ًّيا كيفما اتفق‪ ،‬أاراه ما فيه من اإلضييييافة والصييييفة بين شييييياين‬ ‫فالظاهر ّ‬
‫أن الري َ‬
‫ذ‬ ‫ذ‬
‫راعر نفسه‬
‫شعر به ال ر‬
‫مصدر الجمال الذي َ‬ ‫الشصف عن‬
‫َ‬ ‫أن تركي َبه ملك قد َخ َل َ‬
‫متباعدَ ين‪ ،‬ولم ينتبه إلى ّ‬

‫قبل إفساده بذلك ال كيب‪12‬ا‬

‫يف ش ع ءك الانس ب نهء س واد‬ ‫(‪ )10‬ودمش ق أي تكول؟ قلت تءين ه‬

‫وإيجاز بالحذف‪ ،‬فعيار التعبير هش أن يقشل‪ :‬قالت‪ :‬ودمرييييق أين‬


‫ٌ‬ ‫يف هذا البيت مبادرة حسيييينة‪،‬‬
‫ٍ‬
‫بتمتمة‬ ‫بادر بكالمذها إشييييارة جديدة إلى ّ‬
‫أن كل ما سييييبق إنما كان الريييياعر ريبديه بكال ٍم أو‬ ‫تكشن؟ لكنه َ‬
‫راعر حديث النفس إلى‬ ‫ٍ‬
‫صمت‪ ،‬فبهذه المبادرة حشل ال‬ ‫ت سمعها الفتاة وليس أنه فقب ينظر ويتذكر عن‬
‫ر‬
‫يك معنى من سيييي الها‬ ‫ذ‬
‫يحادثها بتلك الذكريات‪ ،‬وإال لم ر‬ ‫ييياعر أنه إنما كان‬
‫حديث لسييييان‪ ،‬فأظهر الري ر‬

‫ذ‬ ‫ذ‬
‫اجتهدت يف صيااته‬
‫ر‬ ‫بعم ال رقراء ممن ليس لهم ٌ‬
‫باع قشيل يف ممارسة تذوق النصشال وتحليلها‪ ،‬وقد‬ ‫عسر إيعا ربه على‬
‫‪ 12‬هذا الكالم قد َي ر‬
‫المراد‪ ،‬واهلل المشفق والمعينا‬
‫على الشجه الذي يتأتى به إدراك ر‬

‫‪13‬‬
‫قراءة نقدية يف القصيدة "مدخل امحلراء" بقمل ا ألس تاذ أأيب قيس محمد رش يد‬

‫والبيت بجملته حسييين‪ ،‬وال يظهر‬


‫ر‬ ‫(ودمريييق أين تكشن؟) إم ال مشق َ له يف الكالم على اير هذا الشجها‬
‫ٌ‬
‫مأخذ ظاهرا‬ ‫لي عليه‬

‫و َيستطرد الراعر‪:‬‬

‫ب دي‬ ‫من شا و‬ ‫م زال مخت‬ ‫العءبي يف الثغء ا لذي‬


‫ً‬ ‫(‪ )11‬يف وج ه‬

‫وصحيح‬
‫ٌ‬ ‫البيت كذلك حس ٌن‪ ،‬وقشله يف وصف الث ر (مختزنا شمش َ بالدي) حس ٌن جدًّ ا‬
‫ر‬ ‫هذا‬

‫ببياضه و َب ذر ذيقه بطيب الريق الذي يطليه‪ ،‬ويف أصشل معنى نزار يقشل‬
‫ألن الث ر من الفتاة العربية ممدوح ذ‬
‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬

‫(سيييي َقت ره إيا رة الرييييمس) فنزار قد جعل الث َر عربيا مازال‬


‫قرفة بن العبد يف مطشلته يصييييف ث ر محبشبته َ‬
‫تذوب هذه الحفيد رة العربية يف دولة اإلسبان‬
‫َ‬ ‫يحتفظ بما سقته به شمس العرب يف عصرها األول قبل أن‬

‫وتحسب أهنا إسبانيةا وال مأخذ ظاهر على البيتا‬

‫لك دمرييييق‪ ،‬أي رم َ‬


‫لك بني أمية يف‬ ‫ثم ينتقل إلى صييييشرة مذن الصييييشر التي يرى فيها دمري َ‬
‫يييق و رم َ‬

‫األندلس فيقشل‪:‬‬

‫‪14‬‬
‫ل يف الك ّ د‬ ‫يف ال ف ًا يف الءير‬ ‫(‪ )12‬يف ط يب ج نّ ت العءيف وم ئه‬
‫‪13‬‬

‫‪ 13‬جنات العريف هي البسيياتين التي تحيب بقصي ٍير أسييسييه السييلطان محمد الثاين يف أول القرن الثامن الهجري‪ ،‬و َيبعد مسييافة كيلش م عن‬
‫قصيير الحمراء‪ ،‬كان ملشك ارناقة يتخذون هذا القصي َير للتنزه واالسييتجمام‪ ،‬والعريف هش الخبير أو المعماري‪ ،‬وقد رع ذر َفت هذه الجنات‬
‫بالبهاء والجمال المنقط ا‬
‫شجر َعطذرا‬
‫ٌ‬ ‫‪ 14‬الك ّباد هش األر رترج أو الليمشن الطبي‪ ،‬وهش‬

‫‪14‬‬
‫قراءة نقدية يف القصيدة "مدخل امحلراء" بقمل ا ألس تاذ أأيب قيس محمد رش يد‬

‫ذ‬
‫ال يسييييتقيم هذا البيت إال إما كان الفل والريحان وال َك ّباد مما رج ذل َ‬
‫ب من دمرييييق إلى األندلس‪،‬‬

‫وإال فما معنى أن يقشل ترين دمرييق يف ال رف ِّل يف الريحان يف الكباد؟! وال ريقال هنا‪ :‬إنه َيقصييد هنا عمش َم‬

‫يييح إما ما بق َيت تلك‬ ‫مظاهر الرفاهة والنعمة يف هذه الجنات؛ ال ري قال ملك ّ‬
‫ألن ملك القشل إنما َيصي ّ‬
‫صءير ‪ ،‬واستأنف التعلق ت‪ ،‬ذكء حءف‬
‫م‬ ‫الرفاهة على جهة اإلجمال‪ ،‬أما الراعر هنا فقد كءب الع ما‬

‫يييق يف الفل‪ ،‬ترينها‬


‫الجء عند كا مظهء‪ ،‬فقال (يف الفل) (يف الريحان) (يف الك ّباد) فكأنه قال‪ :‬تري َن دمري َ‬
‫يف الريحان‪ ،‬ترينها يف الك ّباد‪ ،‬فهذا اتبتن الاس تأنف للجالي يمتن معه أن ريقال ّ‬
‫إن الريييياعر إنما أراد‬
‫رجمل َة الرفاهة والنعمة التي كانت بنش أمية سيييب َبها يف األندلسا وال ريقال كذلك‪ّ :‬‬
‫إن تفصييييل آثار النعمة‬
‫كإجمالذها‪ ،‬فإما صح اإليرا رد يف الجمي صح يف التف صيل من باب العناية؛ ال ريقال ملك ّ‬
‫ألن ما َف ص َله ال‬

‫والم لك ألنه مشجشد باألندلس‬ ‫ٍ‬ ‫المجمل ِّ‬


‫بكل واحد منه‪ ،‬فالفل ال يمثل النعمة ر‬ ‫َ‬ ‫َيحصييييل التمثيل لهذا‬

‫والم لك ألنه‬
‫والم لك ألنه مشجشد أصييييال‪ ،‬والك ّباد ال يمثل النعمة ر‬
‫أصييييال‪ ،‬والريحان ال يمثل النعمة ر‬
‫مشجشد أصييييالا فالحاصييييل يف األخير أنه ال معنى ‪-‬بتشجيه كالم الريييياعر على ارضييييه‪ -‬ذ‬
‫لذكر الفل‬

‫لما َمكر جنّات العريق فذهب يتمت‬ ‫الراعر كأنه ن ذَس َي ال َ‬


‫رض ّ‬ ‫َ‬ ‫والريحان والك ّبادا وإنما يجد القار ر ّ‬
‫أن‬

‫بزهرها ونباهتا وثمارهاا‬

‫كسن ب ا تءك ت بغي ء ح ص د‬ ‫(‪ )13‬س بت معي والشعء يلهث خلفه‬

‫د‬ ‫مث ا الش اوع بليل ي الاي‬ ‫(‪ )14‬يتأل ق الق ءط الط ويا بجيده‬
‫‪15‬‬

‫‪ 15‬ما ريعلق يف األمن من الحليا‬

‫‪15‬‬
‫قراءة نقدية يف القصيدة "مدخل امحلراء" بقمل ا ألس تاذ أأيب قيس محمد رش يد‬

‫هذان البيتان هما أقرب إلى الح رش يف جملتهما؛ ملك أهنما ال مشق َ لهما يف مش ضشع الق صيدة‬
‫وإيحائها وإشييياراهتا؛ وها هش قار ر القصييييدة وقد َعرف مشضيييش َعها وما يرمذي نزار إليه منها؛ ال ذ‬
‫يعجز‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬
‫وانتباهه عن إدارك (الفجشة) التي أوقعها البيتان اللذان با ما ال زل ذ‬
‫ومكر المحاسييين؛ فالبيت‬ ‫ييعشره‬
‫ر ر‬ ‫شي ر‬
‫لهث خلفها مثل السنابل الم وكة ب ير حصاد‪ ،‬والبيت الثاين فيه ّ‬
‫أن‬ ‫األول فيه أهنا سارت معه والرعر َي َ‬
‫ٍ‬
‫استحياء‬ ‫ال رقرط الطشيل يتألق ب رعنر ذقها كالرمشع ليلة الميالد‪ ،‬فليس يف هذا مذن شيء إال ما قد نقش رله على‬

‫وأن هذا مذن‬ ‫وخ َج ٍل من أنفسيييينا ومذن القار وهش ّ‬


‫أن تألق القرط الطشيل فيه إشييييارة إلى ر‬
‫قشل ال رعنرق ّ‬ ‫َ‬

‫الصفات المحببة يف المرأة عند العرب‪ ،‬فهش يرير إلى أصشلها العربية؛ وعلى هذه الضآلة التي أستحي‬
‫ٌ‬
‫وفرق‬ ‫ب يف المرأة ولكنه ليس من خصائص المرأة العربية‪،‬‬ ‫معها أن أقشل ملك نجد ّ‬
‫أن قشل ال رعنرق محب ٌ‬
‫نر يد يف المرأة من حيث كشهنا امرأة‪ ،‬والمحاسيين التي رت َ‬
‫نر يد فيها من حيث‬ ‫بين المحاسيين العامة التي رت َ‬

‫كشهنا عربية‪ ،‬فحتى هذا المعنى المتكلف الضايل ال َيسلم‪ ،‬والحاصل هش ّ‬


‫أن هذين البيتين إنما هما من‬

‫اقرادات نزار م المعاين المحببة إلى نفسه‪ ،‬جار ا على خصشال بناء القصيدةا‬

‫األبيات‬
‫ر‬ ‫وال ي ر رن َك أن ترى النا َ تسييييم إلى األبيات األجنبية فتتأثر ا؛ فإنما ي ذ‬
‫عجب النا َ‬ ‫ر‬ ‫َ‬
‫ييياحب الذوق إلى‬
‫ر‬ ‫ر‬
‫واأللفاظ الرقيقة‪ ،‬والمعاين الجزئية منفصييييلة عن َوحدهتا‪ ،‬وإنما يتيقظ صي‬ ‫المفردة‪،‬‬
‫البيت إن اسييتقل‪،‬‬ ‫ذ‬
‫والبيت يف القصيييدة‪ ،‬وربما ال ريعاب‬ ‫فرد‪،‬‬ ‫ذ‬ ‫ٌ‬
‫ر‬ ‫الم َ‬
‫وفرق بين البيت ر‬ ‫أسيير الكالم‪ 16‬والتاامه‪،‬‬
‫مجمشع إلى َأسيي ذر القصيييدة‪ ،‬ومحكش ٌم ب رضييها‬
‫ٌ‬ ‫و ريعاب و َي ذعيب القصيييد َة إن جاء يف ذضييمنذها؛ ملك أنه‬
‫أسرها و ريالئم أجزا َءهاا‬
‫الذي َيرد َ‬

‫بعم‪ ،‬ومنه يقال‪ :‬فالن أشد َأ سر قصيدة مذن فالن‪ ،‬يريدون ّ‬


‫أن قصيدته مردود ٌة يف‬ ‫ٍ‬ ‫‪َ 16‬أ س رر الكالم جسمه وأعضا ه التي ري َرد ر‬
‫بعضها إلى‬
‫ٍ‬
‫سياق‪ ،‬وترتبب معانيها ببعضهاا‬

‫‪16‬‬
‫قراءة نقدية يف القصيدة "مدخل امحلراء" بقمل ا ألس تاذ أأيب قيس محمد رش يد‬

‫د‬ ‫ك وم بم‬ ‫ووبائي الت بي‬ ‫(‪ )15‬وم شيت مثا الطفا خلف دليلتي‬

‫ر‬
‫سييياق القصيييدة‬ ‫فظاهر‪ ،‬وأما الرييطر األول فيتنازعه سييياقان؛‬
‫ٌ‬ ‫أما الرييطر الثاين مذن هذا البيت‬
‫الذي يفر ضه ار رضها الذي ك رف عن تمث رلها‪ ،‬و سياق البيتين ال سابقين يف ال زل ذ‬
‫ومكر المحا سن؛ ّ‬
‫أن‬

‫الجدِّ األمشي لتلك الحفيدة األمشية إلى قف ٍل‬


‫قشله (ومرييييت مثل الطفل) َيحتمل أن ريراد به تحشله من َ‬
‫يمري خلفها وهي تحسب نفسها إسبانية‪ ،‬ويحتمل أن يراد به ما يتكلم ذ‬
‫بمثله المت زلشن المعاصرون‪،‬‬ ‫ر‬ ‫َ‬
‫أرجح‬ ‫ٍ‬
‫أنفسييييهم أقفاال م محبشباهتم ويجعلشن المحبشبات أمهات‪ ،‬وأنا ِّ‬
‫ومنهم نزار‪ ،‬حين يجعلشن َ‬
‫ر‬
‫سيييياق البيتين‪ ،‬وألنه الذي يلتام م الريييطر‬ ‫َ‬
‫االحتمال األول ألنه األوفق ل رض القصييييد وإن تنازعه‬

‫ظاهر يف مشافقة المشضشعا‬


‫ٌ‬ ‫الثاين الذي هش‬

‫يشير حسي ٌن إم‬


‫ظاهر‪ ،‬يف هذه الطبقة من النقد‪ ،‬بل فيه تصي ٌ‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫مأخذ‬ ‫فالبيت ال يبدو لي فيه‬
‫ر‬ ‫وعلى هذا‬

‫خلف‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫تاريخه‬ ‫حفيدة صييي ي ٍ‬
‫رة ال تفهم تاركا‬ ‫ٍ‬ ‫َيجعل ملك التاري األمشي يتحشل إلى قف ٍل يسيييير خلف‬

‫الحسيييين إنما يتحقق بحمل الشاو يف (وورائي التاري ) على أ هنا واو‬ ‫ٍ‬
‫حريق عظيم‪ ،‬وهذا ر‬ ‫ظهره بقايا‬

‫الحال‪ ،‬ال واو االستانافا‬

‫وال بكش ت على الس قوف تن دي‬ ‫(‪ )16‬ال خ ء ت أك د أساع ن ضه‬

‫البيت هش مذن أعجب ما وق يف القصيييييدة مذن ظشاهر ال لب المعنشي؛ فهش َشيييي ك ٌل ٌ‬


‫بليغ‬ ‫ر‬ ‫هذا‬
‫َ‬
‫حشل قشله (أجفان‬ ‫أن الذي قلناه يف َا َل ذ‬
‫ب البيت السيييياب‬ ‫أجشف ال شيييييء ورا َءه سييييشى ال لب؛ وملك ّ‬

‫البيت كله‪ ،‬م شدة التباين يف انفصا ذم المعاين وعد ذم التاا ذم‬
‫َ‬ ‫الراعر هنا‬ ‫بلقيس ذ‬
‫وجيد سعاد) قد َبنَى عليه‬
‫ر‬
‫نبضيها َيكاد ريسي َيم ‪ ،‬وخص الزركرييات‬
‫العالقات‪ ،‬و َبيان ملك أنه قد خص الزخرفات بالنبم‪ ،‬فجعل َ‬

‫‪17‬‬
‫قراءة نقدية يف القصيدة "مدخل امحلراء" بقمل ا ألس تاذ أأيب قيس محمد رش يد‬

‫التي على السقشف بالنداء‪ ،‬فجعلها تنادي‪ّ ،‬‬


‫وإن أول ما َيلقانَا يف ملك هش ضرورة التمييز بين الزخرفات‬
‫بعم مذن ٍّ‬
‫كل‪ ،‬فتكشن الزركرة بعضا‬ ‫ٍ‬ ‫والزركرات‪ ،‬والحق ّ‬
‫أن أكثر العالقة بينهما هي عالقة تفسير‪ ،‬أو‬

‫(ثشب مزركش) إما‬


‫ٌ‬ ‫وظهرت ف ريقال‬
‫َ‬ ‫من الزخرفة‪ ،‬فالزركريييية إنما رتذكَر من الزينة التي زا َدت صيييينع رتها‬
‫ٍ‬
‫بخيشط من الذهب والفضة أو األلشان‪ ،‬وأما الزخرفة فهي أعم من‬ ‫ظهرت فيه صنعة التطريز أو التزيين‬
‫ملك ولكنها تقشم كذلك على التزيين والتلشين‪ ،‬ومنه قشل اهلل تعالى (حتى إذ َما َأ َخ َذ ذ‬
‫ت األَر رض رزخ رر َف َها‬ ‫َ‬
‫َوازي نَ ت) فهش َيريييي مل ما تلش نَ ت به األرض من مختلف ألشا هنا فحصييييل ما كا نت به زي نة لل نا ‪،‬‬

‫فالزخارف ترمل الزينة وتعدد األلشان كما ترمل المنقشش من الحجارة السامجة‪ ،17‬والزركرات فيها‬

‫الفارق بين العام والخاال مذن كالم الريياعر إلى مفارقة اإلسييناد يف‬
‫ر‬ ‫زيادة صيينعة ونقش‪ ،‬فهل َمهدَ هذا‬
‫ٍّ‬
‫كل؟‬

‫األمر‬
‫ر‬ ‫نبضيييها‪ ،‬والزخرفات تريييمل الزركريييات‪ ،‬ولش كان‬ ‫نزار ّ‬
‫أن الزخرفات يكاد َيسيييم َ‬ ‫َيذكر ٌ‬
‫كذلك فالزركرييات هي األولى بالنبم الذي َيكاد ريسي َيم ‪ ،‬لظهشرها‪ ،‬فالنبم إنما يكشن بضي الدم يف‬

‫أكثر‬
‫سماع النبم ال ينفك عن تخيل لشن الدم الم ضخشخ من القلب‪ ،‬فإما كانت الزرك رات َ‬ ‫ر‬ ‫القلب‪ ،‬و‬
‫ظهشرا مذن سييائر الزخرفات لكثرة صيينعتها فإهنا تكشن األَو َلى بالنبم مذن سييائر الزخرفات‪،‬والحق ّ‬
‫أن‬

‫سييماع النبم هش أقصييى ما ريب َلغ به ويليق يف هذا المقام‪ ،‬سييشاء للزخرفات والزركرييات‪ ،‬أما النداء فهش‬

‫يييشر هذه المفارقة حين ندخل إلى مكان أثري فنكاد نسييييم‬ ‫َقد ٌر أجنبي رم باي ٌن ال مسي ِّ‬
‫يييشر له؛ فما مسي ِّ‬
‫ر‬
‫الفرق بين الزركرات ‪-‬‬ ‫الزخرفات أما إما مررنا على الزركرات فهي تنادي‪ ،‬أي ترف صش َتها‪ ،‬هل َب َل َغ‬

‫أن األخيرة نكاد نسييم لها نبض يا‪ ،‬فهش‬ ‫ٍ‬


‫زخرفات فيها زيادة صيينعة‪ -‬وسييائر الزخرفات بحيث ّ‬ ‫بشصييفها‬

‫راعر إلى هذا هش‬


‫َ‬ ‫ضايل مذن ضايل‪ ،‬أما الزرك رات فهي رتنادي؟! والذي َيظهر لي هش ّ‬
‫أن الذي ساق ال‬

‫‪ 17‬السامجة هنا التي جاءت على لشهنا الطبيعي دون زيادة تلشينا‬

‫‪18‬‬
‫قراءة نقدية يف القصيدة "مدخل امحلراء" بقمل ا ألس تاذ أأيب قيس محمد رش يد‬

‫ٍ‬
‫ظاهره البالا رة وال َق صد‪ ،‬وليس‬
‫ر‬ ‫احتياجه إلى لفظة تحشي حرف الر ذو ّي‪ ،‬ف َأ َ‬
‫ور َد وق سم تق سيما اعتباق ًّيا‪،‬‬ ‫ر‬
‫وراءه اير االضطرار وال ربدّ ا‬

‫ق ءأ على ج دبانه أمج دي‬ ‫(‪ )17‬ق لت هن الراءا زهو جدودن‬


‫‪18‬‬

‫ادي‬ ‫بف‬ ‫ءح ث ني م‬


‫وم سرت ج م‬ ‫ءح ن ز م‬
‫(‪ )18‬أمج ده ؟! ومسرت ج م‬

‫مفار َق ٌة اريبة ل رض القصيييد‪ ،‬ول ذ ذصييفة الفتاة التي عرفنا حقيقتَها يف تمثلنا للقصيييدة‬
‫وق َعت هنا َ‬
‫يفات ترييير إلى األصييل العربي يف الفتاة‪ ،‬وهي‬
‫قلت هناك (فهذه كلها صي ٌ‬ ‫واسييترييرافذنا مشضييش َعها؛ فقد ر‬
‫ذ‬
‫المذكشر آنفا‪ ،‬فالفتاة على قشل القصيييدة –أو هكذا‬ ‫الصييشرة الرييعرية التي تحملنا إلى َمر َمى القصيييدة‬
‫نفسييييها) والبيت األول من هذين‬
‫يييارت ال تعرف َ‬
‫رمز للعروبة الضييييائعة التي صي َ‬
‫ينب ي أن يكشن‪ -‬هي ٌ‬
‫القدر ال يتنا َفى م مشضييييشع‬
‫أن هذه األمجاد هي أمجا رد ها‪ ،‬وهذا َ‬
‫البيتين َمك ََرت فيه الفتاة المخدوع رة ّ‬
‫القصيييييدة ألهنا صيييياحبة أمجاد فعال‪ ،‬وهي حفيدة بني أمية‪ ،‬وحفيدة الريييياعر‪ ،‬وهش رأى يف عينيها‬
‫السشداوين أبعا َد التاري العربي تتشالد مذن أبعاد‪ ،‬ورأى دمرق العربية يف شعرها المنساب األسشد‪ ،‬ويف‬
‫وجهها العربي‪ ،‬ويف ث رها‪ ،‬فهي مات أمجاد عربية‪ ،‬وإنما الذي يتنا َفى م مشضييييشع القصيييييدة هش أهنا‬
‫ييياعر ليطرد م‬
‫الشهم الذي كان ينب ي أن يقف عليه الري ر‬
‫تحسييييب أمجا َد ها أمجا َد اإلسييييبان‪ ،‬هذا هش َ‬
‫مفار َقة أفسدَ ت على القصيدة سبيكتَها فقال‪:‬‬
‫فار َق َ‬
‫القصيدة‪ ،‬ولكنه َ‬

‫أمج ده ؟! يستنكر ملكاا‬

‫‪ 18‬أي فخرهم وظهشرهما‬

‫‪19‬‬
‫قراءة نقدية يف القصيدة "مدخل امحلراء" بقمل ا ألس تاذ أأيب قيس محمد رش يد‬

‫الفتاة مذن العربية األمشية المخدوعة التي َتحسب نفسها إسبانية‪ ،‬إلى الفتاة‬
‫ذ‬
‫فكان أن َق َل َ‬
‫ب صف َة‬
‫الراعر إلى ملك التحشل‬
‫ر‬ ‫اإلسبانية ح ًّقا و َتحسب ّ‬
‫أن حضارة الحمراء هي حضارة اإلسبان‪ ،‬وسشاء انتبه‬
‫يير الم سار‪ ،‬سشاء هذا أو ماك‬
‫الذي ح صل يف جهة الكالم وكان قا صدا له‪ ،‬أو لم ينتبه إليه وما ق صد ت َ‬
‫ٌ‬
‫ترشيش يف (المشقف) أي عربية مخدوعة ري رفق عليها الراعر‪،‬‬ ‫فإن الكال َم قد َف َسدَ ‪ ،‬ووحصل للقار‬ ‫ّ‬
‫أم هي إسبانية ريخاقذبها الراعر بنذدِّ ي ٍةا‬

‫و َيذكر يف البيت الثاين أنه مسييييح رجرحا نازفا‪ ،‬ومسييييح رجرحا ثانيا بف اده‪ ،‬وهذا َيبلغ به مروة‬
‫وو َص َفه‬
‫اال ضطراب واختالل البيان؛ فقد جعل جرحا َو َص َفه بأنه ينزف‪ ،‬ثم جعل جرحا ثانيا ق سيما له َ‬
‫نزف مجازي‪ ،‬وألن َ‬
‫كشن‬ ‫أنه يف الف اد‪ ،‬وال يسييييتقيم وج ٌه للتقسيييييم‪ّ ،‬‬
‫ألن النزف يف الجرح األول هش ٌ‬
‫الجرح الثاين بف اده هش ٌ‬
‫كشن مجازي‪ ،‬وعليه فالجرحان ينزفان مجازا‪ ،‬والجرحان بف اده مجازا‪ ،‬فال‬
‫سحت‬
‫ر‬ ‫سحت اآلخر الذي يف ف ادي‪ ،‬فلش أنه قال ‪-‬مثال‪ :-‬م‬
‫ر‬ ‫سحت جرحا ينزف‪ ،‬وم‬
‫ر‬ ‫وجه ألن يقشل‪ :‬م‬
‫يحت آخر بف ادي َل َص يحت المقابلة أو المناظرة ّ‬
‫ألن أحد الجرحين حقيقي‪،‬‬ ‫جرحا نازفا بشجهي‪ ،‬ومسي ر‬
‫واآلخر مجازيا‬
‫ذ‬ ‫ذ‬
‫رحين على ما مكره ما نزار‪،‬‬ ‫بأن أ حدا من ال رقراء لم َيقف على المراد من ر‬
‫الج َ‬ ‫وأ نا أ كاد أجزم ّ‬
‫رحين ال جرحا واحداا‬ ‫البعم منه –ألجل المتعة بالرعر‪ّ -‬‬
‫بأن له رج َ‬ ‫ر‬ ‫وإنما اكتفى‬

‫رحين إنما هش لتاري العرب الضييائ يف إسييبانيا‪ ،‬والثاين ألجل انخداع هذه‬
‫الج َ‬
‫وقد ريقال‪ :‬أحد ر‬
‫الفتاة األمشية الضائعة عن حقيقة أمجادها وأهنا أمجاد العرب‪ ،‬فالجشاب‪ :‬قد َي ذصح هذا يف رمراد الراعر‬
‫ذ‬
‫وصييف ِّ‬
‫كل جرحٍ‬ ‫وما قصييدَ إليه‪ ،‬ولكنه ال َي ذصييح من جهة ما رو ِّف َق إليه مذن البيان؛ ألننا لن نرى داللة يف‬
‫الم لك الضييييائ ؟ وأي‬
‫الجرحين يدل على حزنه ألجل ر‬
‫على سييييببه الذي هش المقصييييشد ابتداء؛ فأي ر‬
‫الجرحين يدل على حزنه ألجل الحفيدة الضييييائعة؟ ما داللة ّ‬
‫أن أحدَ هما نازف واآلخر يف القلب؟!‬

‫‪20‬‬
‫قراءة نقدية يف القصيدة "مدخل امحلراء" بقمل ا ألس تاذ أأيب قيس محمد رش يد‬

‫البيت يف أول لفظذ ذه (أمجا ردها) إفسييا ٌد ومفارقة ل رض القصيييد‪ ،‬وسييائره مضييطرب رم َهل َهل ال‬
‫َ‬ ‫الحق ّ‬
‫أن‬
‫ٍ‬
‫تقسيم صحيحٍ ورا َءها‬ ‫يدل تركيبه على‬

‫أل ال ذي ع نت هم أج دادي‬
‫ّ‬ ‫(‪ )19‬ي ليت وابثتي الجا يلي أدبك ت‬

‫البيت استمرار ي كِّد المفارق َة التي وقعت يف البيت السابق (الثامن عرر) وحتى يتبين لك‬
‫ر‬ ‫وهذا‬
‫الراعر قال –أي من جهة المعنى م قط النظر عن الشزن والر ذو ّي‪ّ -‬‬
‫(أن‬ ‫َ‬ ‫األمر على وجهه تخيل لش ّ‬
‫أن‬ ‫ر‬
‫ب‬ ‫ذ‬
‫ناس َ‬
‫رأيت ما سيكشن حينها من التال م م سياق القصيدة ومراماها؟ وكيف َ‬
‫أجدادي) هل َ‬ ‫أجدا َدها‬

‫َ‬
‫إدراكك هذا التال م وملك‬ ‫الجدِّ األمشي تجاه الحفيدة الم رر ا؟ ب َق ذ‬
‫در‬ ‫ييحيح لهذا َ‬ ‫ملك المشقذ َ‬
‫ف الصي َ‬
‫نصها‬ ‫ذ‬
‫التناسب يكشن إدراك للمفارقة التي أتى ا نزار يف خصشال ِّ‬

‫ويرج إلى سييييياقه األول –الذي هش سييييياق القصي ذ‬


‫ييييد و َمرماه‪ -‬بما يرييييبه التناقم يف المعنى‬

‫والمشقف النفسي فيقشل‪:‬‬

‫بق ب زي د‬ ‫بج م يس ا ى ط‬ ‫عن دم ودعته‬ ‫(‪ )20‬ع ن قت يه‬

‫للتش يقشل (أمجا رد ها؟!) (إهنم أجدادي!) وهذا‬ ‫ذ‬


‫كيف تأتى أن ري عانق فيها قارق بن زياد وهش ّ‬
‫ي كِّد ما وق يف الق صيدة من ا ضطراب ال صشرة ال رعرية التي أخلت بأ صل ال رض من الق صيد‪ ،‬رام‬
‫ظاهر ال َيخفى عند أول تمث ٍل واسترراف للقصيدة!‬
‫ٌ‬ ‫مشضشع‬
‫ٌ‬ ‫كشهنا م سسة على مشضش ٍع واحد‪ ،‬وهش‬

‫***‬

‫‪21‬‬
‫قراءة نقدية يف القصيدة "مدخل امحلراء" بقمل ا ألس تاذ أأيب قيس محمد رش يد‬

‫الفني للقصيدة‬
‫ّ‬ ‫يف تقويم‬

‫جت على‬
‫قدب م اإلج دة‪ ،‬وقد عر ر‬ ‫مما ال شييك فيه ّ‬
‫أن هذه القصيييدة المرييهشرة لنزار قباين يه ل‬
‫مشاض اإلحسان منها يف التعليقة النقدية‪ ،‬اير أهنا قد ش ع يه الخلا الك يء الذي ت تصاد مع قصيد لة‬
‫م عش ءي بي مت ل ذ رت ذقيم يف مرتبة من اإلجادة الفنية ال تنزل عنها من حيث كش رنها قصييييدة تا ّمة‪ ،‬فقد شييياع‬
‫فيها الخلل على صييييعيد الاءاض والص وبة الش عءيي التي ترقق تل الاءاض‪ ،‬أي ّ‬
‫أن الخلل قد‬
‫النص وهش الذي تتحدد به المعاين الجزئية ومذن َثم ال اكيب‪ ،‬وشيييياع فيها الخ لل على‬
‫ييياب َعظ َم ّ‬
‫أصي َ‬
‫الجملةا‬
‫المراد أو ال رض يف ر‬
‫صعيد استق مي دتتت التءكيب على مءاد الش عء حتى م صحة ر‬

‫فأ ّما الخلل على صييييعيد الاءاض والص وبة الش عءيي التي ترقق تل الاءاض‪ :‬فقد اختل‬
‫سياق الكالم كثيرا وتأرجح بين َجعل الفتاة حفيد َته الم رر ا المنخدعة باإل سبان‪ ،‬فيقف منها مشقف‬
‫ر‬
‫والمناظرةا‬
‫الرفقة‪ ،‬وبين جعلها حفيدة لإلسبان فيقف منها مشقف النِّدِّ ية ر‬
‫ٍ‬
‫سافر‪ 19‬ال يلتام أدنى االلتاام م لحمة‬ ‫ازلي‬ ‫ٍ‬
‫سياق‬ ‫كما جاء البيتان الثالث عرر والراب عرر يف‬
‫ٍّ‬
‫القصيدا‬

‫اير‬ ‫ذ‬
‫وأما الخلل على صيعيد ا ستق مي دتتت التءكيب على مءاد ال ش عء‪ :‬فنرى مطل َعها رمشهما َ‬
‫ٍّ‬
‫دال على مشضيييشع القصييييدة م كشن المطل جزءا من مشضيييشعها ّ‬
‫ألن القصييييدة –كما عرفنا‪ -‬مات‬
‫المشضشعا‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫الحبل الذي ريناول المتلقي ملك‬ ‫مشضشع واحد‪ ،‬فكان البد للبيت األول منها أن يكشن‬

‫ويف البيت الثالث كاد الريييطر الثاين أن يكشن ل شا ألجل اسيييتكراه قافيته إم ال مشضييي لمعناها‬
‫أصالا‬

‫‪ 19‬أي صريح يف ال زل ظاهر االنتساب إلى هذا البابا‬

‫‪22‬‬
‫قراءة نقدية يف القصيدة "مدخل امحلراء" بقمل ا ألس تاذ أأيب قيس محمد رش يد‬

‫ويف البيت ال ساب إ ضافات شكلي ٌة ال معنى لها‪ ،‬فأجفان بلقيس وجيد سعاد ال تظهر ا وجش ره‬
‫التخصيصا‬

‫لب يف َم ذد ذ‬
‫الشسيياد؛ يف تعيين فعل المدّ وإسييناده إلى الشسيياد‪ ،‬ويف جم‬ ‫ويف البيت الثامن وق ال ر‬
‫الشسادة التي يطلب ال رض إفرا َدهاا‬

‫مجرد ال يتحقق‬
‫ويف البيت التاس ي وق الخلل يف إسييناد الذهبية إلى اإلنريياد‪ ،‬وظهر أنه تركيب ّ‬
‫به الشصف الجمالي كما لش فصل الذهبية عن اإلنرادا‬
‫عرييير كله م سيييس على الريييكل الذي ال ي ذ‬
‫شعب يف باقنه شيييياا من المعنى‪،‬‬ ‫والبيت السييياد‬
‫ر‬ ‫ٌ‬
‫فالزخرفات نكاد نسم نبضها‪ ،‬والزركرات تنادي‪ ،‬وهذا كله ال معنى لها‬

‫رحينا‬
‫الج َ‬
‫المراد من ر‬
‫والبيت الثامن عرر أقل ما فيه االضطراب واختالل الداللة على ر‬

‫قدر من الخ لل يف قصيييييدة نزار على الرام من كش هنا مات مشضييييش ٍع واحد‪،‬‬
‫ل قد وق هذا ال ر‬
‫عاب على الريياعر‬ ‫والمشضييشع الشاحد أمره أيسي رير على الريياعر‪ ،‬واإلجاد رة فيه أكرب‪ ،‬وإنما تترييعب ِّ‬
‫الر ي ر‬
‫ٍ‬
‫فكرة واحدة‬ ‫ويتشرط فتظهر فحشل رة الرييياعر الفحل عند تعدد مشضيييشعات القصييييدة التي تنتظم تحت‬
‫كبيرة تلم شي َ‬
‫يمل كل هذه المشضييشعات التي تنتظم تحتها الصييشر الرييعرية‪ ،‬فال َيحتفظ بالسيييطرة على‬
‫ألن الراعر ليس رحرا مر َت ذ‬
‫جال‬ ‫الصشر الرعرية داخل المشضشعات المختلفة إال الفحشل من الرعراء‪ّ ،‬‬
‫ًّ‬
‫يف داخل كل مشضييش ٍع من مشضييشعاته تحت القصيييدة الشاحدة؛ فبينما هش يف مشضييشعه يعالهب الصييشرة‬
‫بعالقة رمح َك َم ٍة بالمشضيييشعات األخرى تحت الفكرة الدقيقة التي‬
‫ٍ‬ ‫الريييعرية يكشن مشضيييشعه محكشما‬
‫بخيب رفي ٍ ال يدركه االبا يف ع صرنا إال أهل العلم بال رعر‪ ،‬ومذن هنا‬
‫ٍ‬ ‫تنتظم كافة مش ضشعات الق صيدة‬
‫كانت القصييييدة العربية الطشيلة المركبة من مشضيييشعات هي األكثر داللة على فحشلة الرييياعر‪ ،‬وحتى‬

‫‪23‬‬
‫قراءة نقدية يف القصيدة "مدخل امحلراء" بقمل ا ألس تاذ أأيب قيس محمد رش يد‬

‫والظعن‬
‫َ‬ ‫بأن القصائد التي تأن على مشضشع واحد وال نرى فيها الط َل َل‬
‫صرح الدكتشر عبد اهلل الطيب‪ّ 20‬‬
‫إنما تكشن يف المرتبة الثانية من الجشدة يف قصائد العربا‬

‫عيف لي م جهي ّ الش عء‪ ،‬وت يتعد‬ ‫والخ ص ي الفنيي يف القص يدة أنه قص يدة‬
‫جاهوبه الع ّمي ما يدبك بعض الجا لي ت يف الع بات‪ ،‬ويف اللف ظ‪ ،‬ويف البي ت مفءد مة‬
‫ع لراي القصيدة‪ ،‬وت يعنى بف ّ القصيد‪ ،‬أم أصر ب الدببي يف قءا ة عوالي الشعء والن ّق د‬
‫إل هذه القصيدة ت تك د تأخذ م عن يتهم مك من معت مءا‪.‬‬
‫ّ‬

‫***‬

‫نظء لة إلى ن اب ق ين م خ ل هذه القصيدة‬


‫تك رف ا ضطرابات األاراض وال صشر ال رعرية ا عن ّ ذ‬
‫ص ل رض‬ ‫أن نزارا لم ي ستط أن ريخلذ َ‬
‫ضاري‪،‬‬
‫َ‬ ‫الق صيد و َمرماه‪ ،‬فكان َيخرج ا مرة إلى عادته يف ال زل‪ ،‬ومرة إلى سياق التحدي األر َم ذم ّي الح‬
‫الم َل َكة الرييعرية‪،‬‬
‫خلل يف َ‬‫وكالهما مما هش مذن رش ي ر ل بال نزار كما ال َيخفى َمن له أدنى معرفة به‪ ،‬وهذا ٌ‬
‫ألن أول ما يتعين على الريييياعر هش إقامة المباين على أاراض المعاين‪ ،‬وأما داللة هذه االختالالت‬ ‫ّ‬
‫ذ‬
‫المح ِّلل النفسييياين ألن َ‬
‫نفس اإلنسيييان وما حشته هي‬ ‫والمداخالت على نفسيييية الرييياعر فهي من عناية ر‬
‫ر‬
‫فإن القصيدَ هش مشضشعه‪ ،‬والمتعين على الراعر مذن حيث كش رنه شاعرا أن‬ ‫مشضشعه‪ ،‬وأما ناقد الرعر ّ‬
‫خل بذلك ذ‬
‫القياما‬ ‫ي ذقيم قصيدَ ه على أاراضه‪ ،‬وأن يحجب عنه ما ي ذ‬
‫ر‬ ‫ر َ‬

‫رجم‬ ‫يشر ال اكيب يف القصيييدة عن ّ‬


‫أن نزارا كان يحاول محاكاة ال اي‪ ،‬فاخذ َي ر‬ ‫كما تكرييف صي ر‬
‫جم ال يب‪ ،‬في ضيف ال ري َء إلى ال ريء‪ ،‬و ري سند ال ري َء‬
‫باإل ضافات وال اكيب التي يجدها يف ال ي َر َ‬

‫‪ 20‬المرشد إلى فهم اشعار العرب وصناعتها ج‪ 3‬ال‪ 869‬ط دار الفكر بيروت لبنانا‬

‫‪24‬‬
‫قراءة نقدية يف القصيدة "مدخل امحلراء" بقمل ا ألس تاذ أأيب قيس محمد رش يد‬

‫ا‪ ،‬فلم يدرك‬ ‫إلى الريييء‪ ،‬وسييبب هذا عندي هش أن نزارا أجنبي عن دراسيية ال اي العربي والترييب‬
‫حقائقا‬
‫َ‬ ‫يحصل‬
‫حقائق هذه ال اكيب ووجشه استعمالها‪ ،‬فحصل منها أشكاال‪ ،‬ولم ِّ‬
‫َ‬

‫***‬

‫ذ‬
‫شيعره ومراجعته على‬ ‫إن دراسية هذه القصييدة َلتكريف عن حاجة الرياعر الرئيسية إلى َعرض‬
‫ّ‬
‫ايره مذن الرييعراء والن ّقاد إما أراد لقصيييدته الصييفا َء والتأبيد؛ فإما كانت هذه حال نزار ق ّباين رحمه اهلل‪،‬‬
‫صيدة هي مذن الرهرة بحيث تنافس رشهر َة‬
‫ٍ‬ ‫وهش َمن هش شهرة يف الرعر وتطلعا إليه‪ ،‬وكانت هذه حال ق‬
‫صاحبذها‪ ،‬فكيف ب يره من الرعراء الصاعدين الذين َيبت شن الرهر َة بالرعر وال ريشعبشن ضرور َة مرور‬
‫قصائدهم بمرحلة النقد والتفنيد؟!‬

‫(تمت التعليقة)‬

‫‪25‬‬

You might also like