Professional Documents
Culture Documents
القرآن هو كالم اهلل الذي نزل به الروح األمني على قلب رسول اهلل ﷺ حممد بن عبد اهلل بألفاظه العربية
ومعانيه احلقة ،ليكون حجة للرسول على أنه رسول اهلل ودستورا للناس يهتدون هبداه وقربة يتعبدون بتالوته ،وهو
املدون بني دفيت املصحف املبدوء بسورة الفاحتة املختوم بسورة الناس املنقول إلينا بالتواتر كتابة ومشافهة جيال عن
جيل ،حمفوظا من أي تغيري أو تبديل ،مصداق قول اهلل سبحانه فيهِ( :إَّنا ْحَنُن َنَّزْلَنا الِّذْك َر َو ِإَّنا َلُه َحَلاِفُظوَن )
[احلجر]9 :
فمن خواص القرآن أن ألفاظه ومعانيه من عند اهلل ،وأن ألفاظه العربية هي التي أنزلها اهلل على قلب
رسوله ،والرسول ما كان إال تاليًا لها ومبلغًا إياها ،ويتفرع عن هذا ما يأتي:
أ -ما أهلم اهلل به رسوله من املعاين ومل ينزل عليه ألفاظها بل عرب الرسول بألفاظ من عنده عّم ا أهلم به ال يعد من
القرآن وال تثبت له أحكام القرآن ،وإمنا هو من أحاديث الرسول ،وكذلك األحاديث القدسية وهي األحاديث
اليت قاهلا الرسول فيما يرويه عن ربه ال تعد من القرآن وال تثبت هلا أحكام القرآن فال تكون يف مرتبته يف احلجية،
وال تصح الصالة هبا ،وال يتعبد بتالوهتا.
ب -تفسري سورة أو آية بألفاظ عربية مرادفة أللفاظ القرآن دالة على ما دلت عليه ألفاظه ال يعد قرآنًا مهما كان
مطابقًا للمفسر يف داللته ألن القرآن ألفاظ عربية خاصة أنزلت من عند اهلل.
ت -ترمجة سورة أو آية بلغة أجنبية غري عربية ال تعد قرآنًا مهما روعي من دقة الرتمجة ومتام مطابقتها للمرتجم يف
داللته ،ألن القرآن ألفاظ عربية خاصة أنزلت من عند اهلل .نعم لو كان تفسري القرآن أو ترمجته يتم بواسطة من
يوثق بدينه وعلمه وأمانته وحذقه يسوغ أن يعترب هذا التفسري أو هذه الرتمجة بيانًا ملا دل عليه القرآن ومرجعًا ملا
جاء به ،ولكن ال يعترب هو القرآن وال تثبت له أحكامه ،فال حيتج بصيغة عبارته وعموم لفظه وإطالقه ألن ألفاظه
وعباراته ليست ألفاظ القرآن وال عباراته ،والتصح الصالة به وال يتعبد بتالوته.
ومن خواصه أنه منقول بالتواتر أي بطريق النقل الذي يفيد العلم والقطع بصحة الرواية ،ويتفرع عن هذا بعض
القراءات اليت تروى بغري طريق التواتر كما يقال :وقرأ بعض الصحابة كذا ال تعد من القرآن وال تثبت هلا
أحكامه.
حجيته
الربهان على أن القرآن حجة على الناس وأن أحكامه قانون واجب عليهم اتباعه أنه من عند اهلل وأنه نقل إليهم
عن اهلل بطريق قطعي ال ريب يف صحته .أما الربهان على أنه من عند اهلل فهو إعجازه الناس عن أن يأتوا مبثله.
اإلعجاز :معناه يف اللغة العربية نسبة العجز إىل الغري وإثباته له ،يقال أعجز الرجل أخاه إذا أثبت عجزه عن
شيء ..وأعجز القرآن الناس أثبت عجزهم عن أن يأتوا مبثله.
وال يتحقق اإلعجاز أي إثبات العجز للغير إال إذا توافرت أمور ثالثة:
والثاين :أن يوجد املقتضي الذي يدفع املتحدي إىل املباراة واملنازلة واملعارضة.
أنواع أحكامه
األول :أحكام اعتقادية :تتعلق مبا جيب على املكلف اعتقاده يف اهلل ومالئكته وكتبه ورسله واليوم اآلخر.
والثاين :أحكام خلقية :تتعلق مبا جيب على املكلف أن يتحلى به من الفضائل وأن يتخلى عنه من الرذائل.
والثالث :أحكام عملية ،تتعلق مبا يصدر عن املكلف من أقوال وأفعال وعقود وتصرفات .وهذا النوع الثالث هو
فقه القرآن ،وهو املقصود الوصول إليه بعلم أصول الفقه.
وأما نصوص القرآن من جهة داللتها على ما تضمنته من األحكام فتنقسم إلى قسمين :نص قطعي الداللة
على حكمه ،ونص ظني الداللة على حكمه.
فالنص القطعي الداللة هو ما دل على معىن متعني فهمه منه وال حيتمل تأويال وال جمال لفهم معىن غريه منه ،مثل
قوله تعاىلَ :و َلُك ْم ِنْصُف َم ا َتَرَك َأْز َواُج ُك ْم ِإن ْمَّل َيُك ن ُهَّلَّن َو َلٌد ﴾ [النساء ،]12 :فهذا قطعي الداللة على أن
فرض الزوج يف هذه احلالة النصف ال غري ،ومثل قوله تعاىل يف شأن الزاين والزانية َ ( :فاْج ِلُد وا ُك َّل َواِح ٍد ِّم ْنُه َم ا
ِم َئَة َج ْلَد ٍة ﴾ [النور ، ]2 :فهذا قطعي الداللة على أن حد الزنا مائة جلدة ال أكثر وال أقل ،وكذا كل نصل دل
على فرض يف اإلرث مقدر أو حد يف العقوبة معني أو نصاف حمدد.
وأما النص الظين الداللة فهو ما دل على معين ولكن حيتمل أن يؤول ويصرف عن هذا املعىن ويراد منه معين غريه
مثل قوله تعاىلَ( :واْلُم َطَّلَق اُت َيَتَرَّبْص َن ِبَأنُف ِس ِه َّن َثاَل َثَة ُقُروٍء ) [البقرة ، ]228 :فلفظ القرء يف اللغة العربية
مشرتك بني معنيني يطلق لغة على الطهر ،ويطلق لغة على احليض ،والنص دل على أن املطلقات يرتبصن ثالثة
قروء ،فيحتمل أن يراد ثالثة أطهار وحيتمل أن يراد ثالث حيضات ،فهو ليس قطعي الداللة على معىن واحد من
املعنيني ،وهلذا اختلف اجملتهدون يف أن عدة املطلقة ثالث حيضات أو ثالثة أطهار .ومثل قوله تعاىلُ :ح ِّرَم ْت
َعَلْيُك ُم اْلَم ْيَتُة) [املائدة ]3 :فلفظ امليتة عام وقفية األمر عادي للفكر القران والنص حيتمل الداللة على حترمي كل
ميتة وحيتمل أن خيصص التحرمي مبا عدا ميتة البحر ،فالنص الذي فيه نص مشرتك أو لفظ عام أو لفظ مطلق أو
حنو هذا يكون ظين الداللة ،ألنه يدل على معىن وحيتمل الداللة على غريه.