You are on page 1of 3

‫بسمميحرلا نمحرلا هللا ‬

‫الفوائد العلمية والعملية من سورة البقرة (‪)7-1‬‬

‫‪ 1‬الحكمة من الحروف المق ّطعة على أرجح األقوال وهو الذي اختاره ابن تيمية وابن القيم‪ ،‬والذهبي‪ ،‬هو اإلشارة إلى بيان‬
‫يأت بكلمات‪ ،‬أو بحروف خارجة عن نطاق البشر؛ وإنما هو من الحروف التي ال‬ ‫إعجاز القرآن العظيم‪ ،‬وأن هذا القرآن لم ِ‬

‫تعدو ما يتكلم به البشر؛ ومع ذلك فقد أعجزهم‪..‬‬

‫فهذا أبين يف اإلعجاز؛ ألنه لو كان يف القرآن حروف أخرى ال يتكلم الناس هبا لم يكن اإلعجاز يف ذلك واقعًا؛ لكنه بنفس‬
‫ال حروف التي يتكلم هبا الناس‪ .‬ومع هذا فقد أعجزهم‪.‬؛ فالحكمة منها ظهور إعجاز القرآن الكريم يف أبلغ ما يكون من العبارة؛‬
‫قالوا‪ :‬ويدل على ذلك أنه ما من سورة افتتحت هبذه الحروف إال وللقرآن فيها ذكر؛ إال بعض السور القليلة لم يذكر فيها‬
‫القرآن؛ لكن ُذكر ما كان من خصائص القرآن‪...‬‬

‫فهذا القول الذي اختاره شيخ اإلسالم ابن تيمية‪ ،‬واختاره جمع من أهل العلم هو الراجح‪ :‬أن الحكمة من هذا ظهور إعجاز‬
‫القرآن يف أبلغ صوره‪ ،‬حيث إن القرآن لم ِ‬
‫يأت بجديد من الحروف؛ ومع ذلك فإن أهل اللغة العربية عجزوا عن معارضته وهم‬
‫البلغاء الفصحاء‪ .‬تفسير العثيمين‪ :‬الفاتحة والبقرة (‪)32-32 /1‬‬

‫علو مرتبته؛ وإذا كان القرآن عالي المكانة والمنزلة‪ ،‬فال بد أن‬
‫علو القرآن؛ لقوله تعالى‪{ :‬ذلك} ؛ فاإلشارة بالبعد تفيد ّ‬
‫‪ 3‬بيان ّ‬
‫بالعلو والرفعة؛ ألن اهلل سبحانه وتعالى يقول‪{ :‬ليظهره على الدين كله} [التوبة‪ ]22 :‬؛ وكذلك ما‬
‫ّ‬ ‫يعود ذلك على المتمسك به‬
‫ُو ِصف به القرآن من الكرم‪ ،‬والمدح‪ ،‬والعظمة فهو وصف أيضًا لمن تمسك به‪..‬‬

‫معتنى به؛ لقوله تعالى‪{ :‬ذلك الكتاب} ؛ وقد ب ّينّا أنه مكتوب يف ثالثة مواضع‪:‬‬
‫ً‬ ‫وفيه‪ :‬رفعة القرآن من جهة أنه قرآن مكتوب‬
‫اللوح المحفوظ‪ ،‬والصحف التي بأيدي المالئكة‪ ،‬والمصاحف التي بأيدي الناس‪ .‬تفسير العثيمين‪ :‬الفاتحة والبقرة (‪)32 /1‬‬

‫‪ 2‬قوله تعالى‪( :‬ال ريب فيه) يفيد أنه كالم اهلل‪ ،‬منزل من عند اهلل‪ ،‬وهو نفي يتضمن النهي‪ ،‬أي‪ :‬ال ترتابوا فيه‪.‬‬

‫‪ 2‬المهتدي هبذا القرآن هم المتقون؛ فكل من كان أتقى هلل كان أقوى اهتدا ًء بالقرآن الكريم؛ ألنه ُع ِّلق الهدى بوصف؛ والحكم‬
‫إذا ُعلق بوصف كانت قوة الحكم بحسب ذلك الوصف المع َّلق عليه؛ ألن الوصف عبارة عن علة؛ وكلما قويت العلة قوي‬

‫‪1‬‬
‫المعلول‪ ..‬وفيه فضيلة التقوى‪ ،‬وأهنا من أسباب االهتداء بالقرآن‪ ،‬واالهتداء بالقرآن يشمل الهداية العلمية‪ ،‬والهداية العملية؛‬
‫أي هداية اإلرشاد‪ ،‬والتوفيق‪ .‬تفسير العثيمين‪ :‬الفاتحة والبقرة (‪)32 /1‬‬

‫‪ 5‬ذكر خمس صفات للمتقين (يؤمنون بالغيب ويقيمون الصالة ومما رزقناهم ينفقون * والذين يؤمنون بما ُأنزل إليك وما‬
‫ُأنزل من قبلك وباآلخرة هم يوقنون)‪ ،‬فإذا أردت تحقيق التقوى فعليك بتحقيق هذه الخمس‬

‫ونص على اإليقان باآلخرة مع دخوله يف اإليمان بالغيب؛‪ ....‬ألن اإليمان هبا هو الذي يبعث على العمل؛ ولهذا يقرن اهلل‬
‫عز ّ‬
‫وجل‪ ،‬وباليوم اآلخر؛ أما من لم يؤمن باآلخرة فليس لديه باعث على العمل؛ إنما يعمل لدنياه فقط‪:‬‬ ‫تعالى دائمًا اإليمان به ّ‬
‫يعتدي ما دام يرى أن ذلك مصلحة يف دنياه‪ :‬يسرق مثالً؛ يتمتع بشهوته؛ يكذب؛ يغش ‪ ...‬؛ ألنه ال يؤمن باآلخرة؛ فاإليمان‬
‫باآلخرة حقيقة هو الباعث على العمل‪ .‬تفسير العثيمين‪ :‬الفاتحة والبقرة (‪)22 ،21 /1‬‬

‫‪ 6‬والفالح مرتب على االتصاف بما ُذكر؛ فإن اخت َّلت صفة منها نقص من الفالح بقدر ما اختل من تلك الصفات؛ ألن‬
‫الصحيح من قول أهل السنة والجماعة‪ ،‬والذي ّ‬
‫دل عليه العقل والنقل‪ ،‬أن اإليمان يزيد‪ ،‬وينقص‪ ،‬ويتجزأ؛ ولوال ذلك ما كان‬
‫يف الجنات درجات‪ :‬هناك رتب كما جاء يف الحديث‪" :‬إن أهل الجنة ليرتاءون أصحاب الغرف كما ترتاءون الكوكب الدري‬
‫الغابر يف األفق؛ قالوا‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬تلك منازل األنبياء ال يبلغها غيرهم؟ قال صلى اهلل عليه وسلم ال؛ والذي نفسي بيده‪،‬‬
‫رجال آمنوا باهلل‪ ،‬وصدقوا المرسلين"‪ .‬أخرجه البخاري ومسلم‪ ،‬أي ليست خاصة باألنبياء‪ .‬تفسير العثيمين‪ :‬الفاتحة والبقرة‬
‫(‪.)25 /1‬‬

‫‪ 7‬اإلنفاق ال يتقدر بشيء معين؛ إلطالق اآلية‪ ،‬سواء قلنا‪ :‬إن "مِن" للتبعيض؛ أو للبيان‪ ..‬ويتفرع على هذا جواز إنفاق جميع‬
‫المال يف طرق الخير‪ ،‬كما فعل أبو بكر رضي اهلل عنه حين تصدق بجميع ماله ؛ لكن هذا مشروط بما إذا لم يرتتب عليه ترك‬
‫واجب من اإلنفاق على األهل‪ ،‬ونحوهم؛ فإن ترتب عليه ذلك فالواجب مقدم على التطوع‪.‬‬

‫‪ 2‬صدقة الغاصب (والسارق والمرتشي وآكل الربا) باطلة؛ لقوله تعالى‪{ :‬ومما رزقناهم} ؛ ألن الغاصب ال يملك المال‬
‫الذي تصدق به‪ ،‬فال تقبل صدقته‪ ..‬تفسير العثيمين‪ :‬الفاتحة والبقرة (‪)22 /1‬‬

‫‪2‬‬
‫ِ‬
‫المنذر والداعي؛ ألنه ال يستفيد‪ .‬قد ختم اهلل على قلبه‪ ،.‬كما قال تعالى‪:‬‬ ‫‪ 2‬من حقت عليه كلمة العذاب فإنه ال يؤمن مهما كان‬
‫{إن الذين حقت عليهم كلمة ربك ال يؤمنون * ولو جاءهتم كل آية حتى يروا العذاب األليم} [يونس‪ ، ]27 ،26 :‬وقال‬
‫تعالى‪{ :‬أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من يف النار} [الزمر‪ ]12 :‬يعني هؤالء لهم النار؛ انتهى أمرهم‪ ،‬وال يمكن أن‬
‫تنقذهم‪ ..‬تفسير العثيمين‪ :‬الفاتحة والبقرة (‪)22-27 /1‬‬

‫‪ 10‬أن اإلنسان إذا كان ال يشعر بالخوف عند الموعظة‪ ،‬وال باإلقبال على اهلل تعالى فإن فيه شبهًا من الكفار الذين ال يتعظون‬
‫بالمواعظ‪ ،‬وال يؤمنون عند الدعوة إلى اهلل ‪...‬‬

‫‪ 11‬أن محل الوعي القلوب؛ لقوله تعالى‪{ :‬ختم اهلل على قلوهبم} يعني ال يصل إليها الخير‪ ..‬وطرق الهدى إما بالسمع؛ وإما‬
‫عز ّ‬
‫وجل‬ ‫بالبصر‪ :‬ألن الهدى قد يكون بالسمع‪ ،‬وقد يكون بالبصر؛ بالسمع فيما يقال؛ وبالبصر فيما يشاهد؛ وهكذا آيات اهلل ّ‬
‫تكون مقروءة مسموعة؛ وتكون ب ّينة مشهودة‪ .‬تفسير العثيمين‪ :‬الفاتحة والبقرة (‪)22 /1‬‬

‫‪ 13‬قال ابن تيمية‪{ :‬سواء عليهم أأنذرهتم أم لم تنذرهم ال يؤمنون} كقوله {فإنك ال تسمع الموتى وال تسمع الصم الدعاء إذا‬
‫ولوا مدبرين} {وما أنت هبادي العمي عن ضاللتهم} وقوله {أفأنت تسمع الصم ولو كانوا ال يعقلون} {ومنهم من ينظر إليك‬
‫أفأنت هتدي العمي ولو كانوا ال يبصرون} ‪ .‬وكل هذا فيه بيان أن مجرد دعائك وتبليغك وحرصك على هداهم ليس موجب‬
‫ذلك وإنما يحصل ذلك إذا شاء اهلل هداهم فشرح صدورهم لإلسالم كما قال تعالى {إن تحرص على هداهم فإن اهلل ال يهدي‬
‫من يضل} ففيه تعزية لرسوله صلى اهلل عليه وسلم وبينت اآلية له أن تبليغك وإن لم يهتدوا به ففيه مصالح عظيمة غير ذلك‪.‬‬
‫مجموع الفتاوى (‪)521 /16‬‬

‫‪3‬‬

You might also like