Professional Documents
Culture Documents
الأستاذة نادية أيوب 3
الأستاذة نادية أيوب 3
-------- ------
Faculté des Sciences
Juridiques
Economiques et Sociales
------ --------
Marrakech - Maroc
-
2020-2019
الف�صل الثاين
�شهادات املحررات العدلية وبياناتها
� إن ال�شهادات الواردة يف املحررات العدلية لي�ست على �شكل واحد ،بل ثمة �أنواع
خمتلفة .فهي تق�سم � إما ح�سب مو�ضوعها �أو ح�سب طبيعتها .فمن حيث املو�ضوع تنق�سم
� إىل نوعني � :شهادة �أ�صلية ،و�أخرى ا�سرتعائية .ومن حيث الطبيعة تنق�سم � إىل �شهادة
عدلية و�أخرى لفيفية .وهذه الأ نواع التي ذكرناها تخ�ضع لبيانات و�شروط ثارة تت�شابه
فيما بينها ،وثارة �أخرى تختلف وتتباين .وهذه البيانات منها ما يتعلق باملتعاقدين و�شهود
اللفيف ،ومنها ما يتعلق بامل�شهود فيه لتحديده و�ضبطه بكل دقة ،ومنها ما يتعلق بتاريخ
املحرر نظرا للدور املهم الذي يلعبه �أحيانا يف ح�سم النزاع ،بالإ�ضافة � إىل بيانات �أخرى
تتعلق مب�ستندات املحرر وتوقيعات العدول وخطاب قا�ضي التوثيق.
وعلى هذا الأ �سا�س �سنقوم ببحث هذا الف�صل يف فرعني :
الفرع الأ ول � :شهادات املحررات العدلية
الفرع الثاين :بيانات املحررات العدلية.
148
�أما التق�سيم الثاين الذي يعتمد على طبيعة ال�شهادة ،ف�إنه يجعلها على نوعني � :شهادة
عدلية و�أخرى لفيفية .فالنوع الأ ول قد يكون �شهادة عدلية �أ�صلية ،حيث ي�شهد العدول
مبا مت االتفاق عليه �أمامهم �أو وقع مبح�ضرهم ،و�شهادة العدول العلمية وهي التي يلج أ�
� إليها العدول بحكم ما لهم من علم �شخ�صي بواقعة معينة� .أما النوع الثاين� ،أي �شهادة
اللفيف ،فقد ظهرت نتيجة احلاجة وال�ضرورة كما �سرنى ،وهي �شهادة جمموعة من
الأ �شخا�ص العاديني مبا لهم من علم على واقعة ما بحكم املجاورة واملخالطة واالطالع
على الأ حوال ،وال ي�شرتط فيهم العدالة و� إمنا �سرت احلال ال �أكرث .وعليه �سنق�سم هذا
الفرع � إىل مبحثني :
املبحث الأ ول :تق�سيم ال�شهادة من حيث مو�ضوعها
املبحث الثاين :تق�سيم ال�شهادة من حيث طبيعتها.
150
� إليه وقدره الربع «مثال» بعد علمه بوجود البيع املذكور وقدر الثمن و�أنه حال كله (�أو
م�ؤجل بع�ضه) تنازال تاما.
عرف قدره �شهد به عليه ب�أمته وعرفه �أو عرف به �أو بنعته ...ويف .)1(»...عبد ربه
العدل الأ ول – عبد ربه العدل الثاين.
خطاب القا�ضي « :احلمد هلل �أعلم ب�أدائها ومراقبتها».
نالحظ من خالل هذه الوثيقة �أن العدل �أ�صبح يف الوقت احلا�ضر كاتبا و�شاهدا،
والكلمات والتعابري الواردة يف هذه الوثيقة هي �صادرة من العدول الذين �أ�صبحوا
يختمون �شهاداتهم الأ �صلية بالعبارة التالية عرف قدره �شهد به عليه ب�أمته وعرفه (�أو
عرف به �أو بنعته) فماذا يق�صد بهذه العبارة ؟
� إن عبارة عرف قدره ،يق�صد بها يف عقد الدين مثال �أن الدائن واملدين عرفا
قدر امل�شهود به عليهما( .)2وهذا ما �سار عليه املوثقون فيما يكتبون من وثائق الهبات
وال�صدقات والأ حبا�س ،حيث ينبغي على الواهب ،وامل�صدق واملحب�س �أن يعرفوا قدر ما
�أقدموا عليه .و� إذا خلت الوثيقة من ذلك ،وكانت مما ال يجوز فيها اجلهل كوثيقة البيع
مثال ،وادعى �أحد املتعاقدين اجلهل بذلك فال ينبغي ت�صديقه ،وال يحق له �أن يوجه
اليمني � إىل املتعاقد الآخر � ،إال � إذا ادعى ب�أنه كان يعلم جهله حيث ي�سوغ له ذلك( .)3ويف
نازلة عر�ضت على الفقيه ابن حمدين �أفتى فيها �أنه � إذا كان البائع ال يعلم قدر ما باع،
وكان جاهال به ،ف� إن البيع ال يقوم(.)4
�أما عبارة �شهد به عليهما ب�أمته ،فتعني �أن العدلني �شهدا على ما مت بني املتعاقدين
من اتفاقات وهما يف حالة �صحة ور�شد وطوع( .)5وقد بني الف�شتايل الهدف املتوخى من
ذكر الأ متية ،وهو االحرتاز من املر�ض والإكراه والوالية(.)6
�أما عبارة عرفه �أو عرفهم ،فيق�صد بها �أن العدلني عرفا املتعاقدين ذاتا وا�سما
ون�سبا(� .)7أما عرف به ،ف� إن ال�شاهد � إذا مل يكن يعرف امل�شهود عليه ف�إنه يطلب التعريف
به من قبل الغري.
( )1هذه الوثيقة واردة يف كتاب التدريب على حترير الوثائق العدلية ،اجلزء الثاين� ،ص.339 .
( )2التدريب على حترير الوثائق العدلية ،اجلزء الثاين� ،ص.329 .
( )3وثائق حممد بناين � :شرح الهواري� ،ص.28 .
( )4املرجع ال�سابق� ،ص.29,
( )5التدريب على حترير الوثائق العدلية ،اجلزء الثاين� ،ص.355 .
( )6وثائق حممد بناين � :شرح الهواري� ،ص.29,
( )7التدريب على حترير الوثائق العدلية ،اجلزء الثاين� ،ص.312 .
151
واملالحظ �أنه � إذا كانت كلمات الوثائق ت�صدر حاليا عن العدول عك�س ما ر�أيناه يف
وثيقة �صلح احلديبية ،ف� إن الوثائق املتعلقة بالأ حوال ال�شخ�صية ال ت�صدر ال عن امل�شهود
عليه ،وال عن العدول .ذلك �أنه نظرا للتنظيمات اجلديدة التي �صدرت يف هذا امليدان،
فقد كانت وزارة العدل قد تبنت كتاب الوثائق العدلية وفق مدونة الأ حوال ال�شخ�صية
لل�سيد حماد العراقي ،وطلبت من العدول ا�ستعمال وثائقه مبا مياثلها وي�شابهها من
العقود وال�شهادات ،حتى ت�ساير هذه املحررات التطور الذي عرفه هذا امليدان ،وت�أتي
وا�ضحة الداللة ،خالية من كل لب�س �أو غمو�ض� ،ساملة من كل نق�ص �أو خلل من �ش�أنهما
امل�س بقيمة املحرر ،ويعر�ض حقوق �أ�صحابه لل�ضياع(.)1
نخل�ص مما �سبق �أنه رغم االختالفات التي ذكرناها بالن�سبة للوثيقتني ال�سابقتني،
ف� إنهما يعتربان من ال�شهادات الأ �صلية ،لأ ن مو�ضوع ال�شهادة فيهما قد مت ا�ستقا�ؤه من
امل�شهود عليه ،وذلك بخالف ال�شهادة التي يكون م�صدرها العلم ال�شخ�صي للعدول �أو
جمموعة من الأ �شخا�ص العاديني ،حيث نكون هنا �أمام �شهادة ا�سرتعائية ،وهي التي
�سنتناولها بالبحث يف املطلب الثاين.
املطلب الثاين
ال�شهادة اال�سرتعائية
عرف الفقيه الت�سويل اال�سرتعاء ب�أنه كل فعل كان يف ال�صدر والإعجاز م�ضافا � إىل
ال�شاهد(.)2
وخالفا لل�شهادة الأ �صلية ،ف� إن مو�ضوع �شهادة اال�سرتعاء قد يكون واقعة قانونية،
�أو واقعة مادية ،فهي �شهادة ال�شاهد مبا يف علمه ،وال�شاهد هنا � إما �أن يكون عدال،
فيكون اال�سرتعاء عدليا ،و� إما �أن يكون �شخ�صا عاديا ،فيكون اال�سرتعاء يف هذه احلالة
لفيفيا.
( )1من�شور وزارة العدل عدد � 61-49صادر بتاريخ 30نونرب 1961وقد جاء فيه ما يلي :
« ...ت�سهيال على املوثقني وكتاب ال�ضبط ورفعا ملا قد يعر�ض لبع�ضهم من احلرية والبلبلة واالرتباك ،وتب�سيطا
للتوثيق واجنازا للتطبيق ،وتوحيدا للمنهج املتبع تبنت الوزارة جمموعة الوثائق العدلية وفق مدونة الأ حوال
ال�شخ�صية ل�صاحبها حماد العراقي املحامي العام لدى املجل�س الأ على .بعدما كلفت جلنة من رجال الفقه
والقانون والإدارة ب� إفراغها يف القالب النهائي ،فجاءت م�شتملة على غالب �أنواع ال�شهادات والعقود الكثرية
يف املعامالت بني النا�س ،ومنوذجا �صاحلا لأ ن يطبقه املوثقون والكتاب يف الوقائع والنوازل الطارئة عليهم.
فت�سهل مهمتهم وتكون �أعمالهم م�ستوفية لل�شروط متنا�سقة ال�شكل.»...
( )2البهجة يف �شرح التحفة ،اجلزء الأ ول� ،ص.62 .
152
وبالإ�ضافة � إىل هذين النوعني ،يطلق الفقهاء اال�سرتعاء على ال�شهادة التي يتم
� إيداعها عند عدلني على �سبيل ال�سر ،وهو ما يطلق عليه �شهادة اال�ستحفاظ.
وهكذا �سنعالج هذا املطلب يف الفقرات التالية :
الفقرة الأ وىل :اال�سرتعاء العديل
الفقرة الثانية :اال�سرتعاء اللفيفي
الفقرة الثالثة � :شهادة اال�ستحفاظ.
الفقرة الأ وىل :اال�سرتعاء العديل
اال�سرتعاء العديل هو �شهادة تبتدئ وتنتهي بكالم �صادر عن عدلني ب�صفتهما
�شاهدين .ويتم هذا اال�سرتعاء � إما من قبلهما مبا�شرة حيث يدونان �شهادتهما على
الواقعة حمل الإ�شهاد ،و� إما �أن يقوما ب� إمالئها على عدلني �آخرين يدونانها يف �شكل
ر�سوم .وال بد هنا من ذكر م�صدر علم العدلني بالواقعة ،كاملجاورة واملخالطة واالطالع
التام على الأ حوال.
وحتى نقف على كيفية كتابة هذا النوع من اال�سرتعاءات ،ن�سوق هنا مثاال متعلقا
بالإراثة.
«احلمد هلل الوا�ضع �شكله عقب تاريخه يعرف فالنة بنت فالن الفالين معرفة تنبغي
يف حقها �شرعا ومعها ي�شهد ب�أنها توفيت هذه مدة من نحو ع�شرة �أعوام �سلفت فورثها
زوجها فالن الفالين و�أمها فالنة بنت فالن الفالين و�أوالدها من زوجها املذكور فالن،
وفالن وفالن ثم تويف الزوج املذكور هذه مدة من نحو عامني �سلفت فع�صبه �أوالده
املذكورون ثم تويف الولد فالن املذكور هذه مدة من نحو عام �سلف فورثته جدته من جهة
الأ م املذكورة وع�صبه �شقيقاه املذكوران ال وارث ملن ذكرت وفاته �أوال و�أخريا �سوى من
ذكر يف علمه .ويعرف الورثة املذكورين مثل معرفة موروتيهم املذكورين كل مبا يجب يف
حقه �شرعا ،وكلهم ر�شداء مغاربة وم�س�ألتهم ت�صح من 612جزء .فللجدة 46ولكل �أخ
�شقيق 85جزء.
كل ذلك يف علمه وم�ستنده املجاورة واالطالع التام ومتام اخلربة والفح�ص الأ كيد
وبه قيدت �شهادته م�س�ؤولة منه ل�سائلها يف يوم.)1(»...
( )1وثائق حممد بن �أحمد بن حمدون بناين � :شرح الهواري� ،ص.153 .
-التدريب على حترير الوثائق العدلية ،اجلزء الأ ول� ,ص.178 .
153
الفقرة الثانية :اال�سرتعاء اللفيفي
اال�سرتعاء اللفيفي هو �شهادة جمموعة من الأ فراد لي�سوا منت�صبني للإ �شهاد ،على
واقعة يعلمونها �شخ�صيا بحكم املجاورة واملخالطة واالطالع على الأ حوال .ويبلغ عدد
ه�ؤالء ال�شهود يف الغالب � 12شاهدا ما مل يكن الأ مر يتعلق بالر�شد �أو ال�سفه حيث يلزم
رفع العدد � إىل � 18شاهدا ،لأ ن الأ مر هنا يتطلب اال�ستفا�ضة للت�أكد من احلالتني .وهذا
ما �أ�شار � إليه ناظم العمل الفا�سي :
()1
وزد لكالــر�شد و�ضـ ــد �أكث ـ ــر وقــدره يف الغالــب � إثنا ع�ش ــر
و�شهادة اال�سرتعاء اللفيفي ،بخالف اال�سرتعاء العديل تبتدئ وتنتهي بكالم �صادر
عن ال�شهود العاديني ال عن العدول .وللوقوف عن كيفية كتابة هذا النوع من اال�سرتعاءات،
ن�سوق مثاال يتعلق ب� إثبات الوفاة وعدة الورثة.
«احلمد هلل �شهوده املو�ضوعة ا�سما�ؤهم عقب تاريخه يعرفون فالنا الفالين املعرفة
التامة الكافية �شرعا بها ومعها ي�شهدون ب�أنه تويف عفا اهلل عنا وعنه ف�أحاط ب�إرثه زوجه
فالنة بنت فالن الفالين و�أوالده منها فالن وفالن ال وارث ملن ذكرت وفاته �سوى من
ذكر يف علمهم .ويعرفون الورثة املذكورين مثل معرفة موروثهم املذكور كل ذلك يف
علمهم و�صحة يقينهم واالطالع عليهم باملخالطة واملجاورة ومب�ضمنه قيدت �شهادتهم
م�س�ؤولة منهم ل�سائلها يف كذا.»..
ثم يذكر �أ�سماء ال�شهود الإثني ع�شر ويرتك �سطر �أبي�ض يكتب فيه قا�ضي التوثيق
عبارته امل�أثورة :
«�شهدوا لدى من قدم لذلك مبوجبه فثبت».
ثم يذكر بعد ذلك ر�سم الت�سجيل� ،أي ال�شهادة على القا�ضي بالثبوت وهو كالتايل :
«احلمد هلل �أ�شهد الفقيه الأ جل العامل الأ ف�ضل قا�ضي مدينة كذا وهو �أعزه اهلل تعاىل
وحفظه بثبوت الر�سم �أعاله عنده الثبوت التام لديه بواجبه ،وهو �أعزه اهلل تعاىل بحيث
يجب له ذلك من حيث ذكر ويف التاريخ �أعاله»(.)2
( )1املجموع الكامل للمتون – املرجع ال�سابق – �ص.573 .
( )2وثائق حممد بن �أحمد بن حمدون بناين � :شرح الهواري� ،ص.252 .
154
الفقرة الثالثة � :شهادة اال�ستحفاظ
يق�صد ب�شهادة اال�ستحفاظ � إيداع ال�شهادة عند عدلني ف�أكرث على �سبيل ال�سر،
عندما يكون فيها ال�شخ�ص مكرها على التعاقد .والفقه الإ�سالمي �أخذ بهذا النوع من
اال�سرتعاءات ،واعتربه حيلة �شرعية تنقد �صاحبها من �ضياع حقه ،حيث يلج أ� ال�شخ�ص
املكره � إىل العدول ،ويطلب منهم حترير ا�سرتعاء مبوجبه ي�شهد ب�أن البيع الذي �سيربمه
مع فالن غري ملزم له(.)1
وقد �أجازه ابن عرفة حيث جاء يف �شرح العمل الفا�سي ما ن�صه « :ذكر الربزيل
�أنه �أراد الرحيل من القريوان � إىل تون�س ف�أبت زوجته �أن ترحل معه � إال �أن يجعل بيدها
طالق من تزوج عليها .فا�سرتعى �أن كل ما يكتب لها من ذلك غري ملزم به ،وانتقل بعد
ذلك � إىل تون�س فكتب له ال�شيخ ابن عرفة يف ذلك �أن اال�سرتعاء املذكور عامل ح�سبما
ن�ص عليه املتقدمون واملت�أخرون ،ثم � إن الربزيل تزوج ف�أخرجت املر�أة ما بيدها ف�أبطله
احلاكم مبا يف يده».
ولقيام هذا اال�سرتعاء تطلب الفقه الإ�سالمي توافر جملة من ال�شروط وهي :
� - 1إثبات �سبب اال�سرتعاء ؛
� - 2أن يكون تاريخ اال�سرتعاء �سابقا عن تاريخ العقد املعيب ؛
� - 3أن يطالب امل�سرتعي � إبطال العقد املعيب خالل �سنة من يوم زوال �سبب
اال�سرتعاء(.)2
و� إذا كان لل�شخ�ص املكره على التعاقد احلق يف اللجوء � إىل هذه احليلة ال�شرعية
للحفاظ على حقوقه ،ف� إن الطرف الآخر بدوره ميكنه التخل�ص من نتائج هذا اال�سرتعاء،
ب�أن يطلب من املتعاقد معه املكره � إ�سقاط ا�سرتعائه ،بيد �أن الفقه الإ�سالمي جعل لهذا
املتعاقد املكره و�سيلة �أخرى متكنه من �ضمان حقه حتى ولو �صرح ب� إ�سقاط ا�سرتعائه،
وهي اال�سرتعاء يف اال�سرتعاء .واملق�صود به �أن ي�شهد ال�شخ�ص املكره على التعاقد
العدول على �أنه � إذا �صرح �أمامهم ب�إ�سقاط ا�سرتعائه �أثناء التعاقد مع خ�صمه ،ف�إنه ال
يلتزم بهذا الإ�سقاط .ويف هذه احلالة يبقى اال�سرتعاء الثاين قائما ومنتجا لآثاره وال
يكون املتعاقد يف حاجة ال�سرتعاء ثالث.
( )1التدريب على حترير الوثائق العدلية ،اجلزء الثاين� ،ص.709 .
( )2التدريب على حترير الوثائق العدلية – اجلزء الثاين� -ص.710 .
155
� إال �أن الذي ميكنه �أن يبطل اال�سرتعاء واال�سرتعاء يف اال�سرتعاء ،هو ت�صريح املتعاقد
املكره �أمام العدلني ،ب�أن كل احلجج التي ميلكها �ضد العقد الذي �سيربمه مع املتعاقد
معه باطله وغري نافذة(.)1
وجتدر الإ�شارة � إىل �أن امل�شرع املغربي منع هذا النوع من اال�سرتعاءات� ،أي �شهادة
اال�ستحفاظ .وهذا ما ن�ص عليه الف�صل 422من ق.ل.ع يف فقرته الثانية كالتايل :
«تعترب �أي�ضا باطلة وك�أن مل تكن الورقة الر�سمية التي تت�ضمن حتفظا �أو ا�سرتعاء».
وهذا ما �أكده الق�ضاء(.)2
بيد �أن امل�شرع وهو مينع هذا اال�سرتعاء ،ف�إنه مل يحرم الأ �شخا�ص من احلماية
القانونية حيث منح لكل من تعيب ر�ضاه بالإكراه حق طلب � إبطال العقد � إذا توفر
ال�شرطان املطلوبان مبقت�ضى الف�صل 37من ق.ل.ع(.)3
وهذا ما ق�ضت به حمكمة اال�ستئناف بالرباط يف قرارها ال�صادر بتاريخ 9يرباير
.)4(1942
املبحث الثاين
تق�سيم ال�شهادة من حيث طبيعتها
تطرقنا يف املبحث ال�سابق � إىل التق�سيم الوارد على ال�شهادة من حيث املو�ضوع،
و�أ�شرنا � إىل �أنها تنق�سم � إىل �شهادة �أ�صلية و�أخرى ا�سرتعائية ،وبينا �أن هذه الأ خرية
تتنوع � إىل ا�سرتعاء عديل ،و�آخر لفيفي ،وحتدثنا �أي�ضا عن �شهادة اال�ستحفاظ.
156
�أما التق�سيم الذي �سنعر�ض � إليه يف هذا املبحث ،فريى ال�شهادة من حيث طبيعتها،
ويق�سمها من هذه الزاوية � إىل �شهادة عدلية ،و�شهادة لفيف .والنوع الأ ول ينق�سم بدوره
� إىل �شهادة عدلية �أ�صلية ،و�شهادة العدول العلمية� .أما النوع الثاين �أي �شهادة اللفيف
فنتحدث عنها ب�شيء من التف�صيل مبينني تاريخ ظهورها والأ �سا�س الذي اعتمده الفقهاء
للأ خذ بها يف ميدان الإثبات .وهكذا �سنتعر�ض لهذا املبحث يف مطلبني :
املطلب الأ ول :ال�شهادة العدلية
املطلب الثاين � :شهادة اللفيف.
157
«احلمد هلل وحده يعرف الوا�ضع �شكله عقب تاريخه ال�سيد فالن بن فالن الفالين..
ال�ساكن ..مهنته ..بطاقته الوطنية رقم ..بتاريخ ..املعرفة الكافية بها ومعها ي�شهد
ب�أن له وبيده ويف ملكه ماال من ماله وملكا تاما من جملة �أمالكه جميع قطعة �أر�ضية
ت�سمى ...الكائنة ...يحدها قبلة ..وغربا ..وميينا ..و�شماال ...م�ساحتها التقريبية..
يت�صرف فيها ت�صرف املالك يف ملكه وذي املال ال�صحيح يف ماله ين�سبها لنف�سه والنا�س
ين�سبونها � إليه هذه مدة من ...عاما �سلفت عن تاريخه من غري علم منازع له يف ذلك وال
معار�ض له طيلة املدة املذكورة وال يعلمون �أنه باعها وال وهبها وال �صدقها وال فوتها وال
فوتت عنه وال خرجت عن ملكه بوجه من الوجوه و�أ�سباب التفويت كلها وا�ستمر ت�صرفه
فيها � إىل الآن وحتى الآن كل ذلك يف علمه و�صحة يقينه علم ذلك باملجاورة واالطالع
على الأ حوال ومب�ضمنه قيد �شهادته م�س�ؤولة منه ل�سائلها وحرر يف..
عبد ربه ...عبد ربه
خطاب قا�ضي التوثيق «احلمد هلل �أعلم ب�أدائها ومراقبتها»
واملالحظ �أن هذه ال�شهادة العلمية � إن كانت قد لعبت دورا مهما يف القدمي ،حيث
كانت العدالة والوازع الديني يف �أوجهما ،فقد انتقدت يف الوقت احلا�ضر من طرف
فقهاء القانون الذين طالبوا بتجريدها من كل قيمة � إثباتية(.)1
املطلب الثاين
�شهادة اللفيف
� إذا كان الأ �صل يف الإثبات هو �شهادة العدول ،فقد جرى العمل يف املغرب منذ عهد
بعيد على الأ خذ ب�شهادة اللفيف على وجه اال�ستثناء ،ل�سد النق�ص الذي كان يعاين منه
ميدان الإ�شهاد يف تلك الفرتة .وهي �شهادة جمموعة من الأ فراد مبا يعلمونه بحكم
املجاورة واملخالطة واالطالع على الأ حوال .وهم لي�سوا منت�صبني للإ �شهاد بني النا�س.
لهذا فال ت�شرتط فيهم العدالة ،بل �سرت احلال فقط ،ومن مت فال يقدح فيهم � إال بالعداوة
والقرابة وال�صداقة وال�سكر واملجاهرة بالف�سق والقمار.
( )1من ه�ؤالء الأ �ستاذ �أحمد اخلملي�شي يف مقاله حتت عنوان « :يف قيمة اللفيف الإثباتية» ،من�شور مبجلة املحاماة،
ال�سنة � 11أكتوبر ،1978العدد � ،13ص.71 .
158
وعدد �شهود هذه ال�شهادة هم يف الغالب � إثنى ع�شر رجال ،ولي�س لهذا العدد �أ�صل
يف ال�شرع الإ�سالمي ،و� إمنا العربة مبا يح�صل به العلم .ويرفع الفقهاء هذا العدد � إىل
ثمانية ع�شر �شاهدا � إذا تعلقت ال�شهادة بالر�شد وال�سفه.
وقد اختلف الفقهاء امل�سلمون حول تاريخ بدء العمل ب�شهادة اللفيف ،كما اختلفوا يف
�أ�سا�س ظهور هذه ال�شهادة يف ميدان الإثبات فمنهم من جعل هذا الأ �سا�س هو التواتر،
ومنهم من جعله احلاجة وال�ضرورة .وهكذا �سندر�س هذا املطلب يف ثالث فقرات :
الفقرة الأ وىل :تاريخ ظهور �شهادة اللفيف
الفقرة الثانية � :أ�سا�س �شهادة اللفيف
الفقرة الثالثة :موقف الفقه والق�ضاء ال�سابقني من �شهادة اللفيف.
159
«وقد �أدركنا الكبار من �شيوخنا منعوا من قبول �شهادة اللفيف يف املعامالت ف�ضال
عن الأ نكحة حتى ا�شتكى النا�س �ضياع الأ موال واحلقوق ،فانتقلوا � إىل جوازها فيما يتفق
حدوثه دون ح�ضور العدول ،في�ضطر � إىل اللفيف �أداء كما ي�ضطر � إىل �شهادتهم حتمال
يف بلد ال عدول فيه� ،أو ال يتفق ح�ضور العدول ليال تهدر دماء ،وت�ضيع حقوق»( .)1وهذا
ما �أ�شار � إليه �أي�ضا ال�شيخ العربي الفا�سي(.)2
واملالحظ �أن الفقهاء مل يتمكنوا من حتديد تاريخ ظهور اللفيف بتدقيق .فال�شيخ
العربي الفا�سي ذكر يف ر�سالة اللفيف �أنه �أدرك العمل يجري بهذه ال�شهادة وكان ذلك
حوايل �سنة �ألف هجرية ،ومل يدر متى بد أ� العمل به قبل ذلك التاريخ( .)3وقد �سئل �أبو
احل�سن ال�صغري املتوفى �سنة 719هجرية عن ر�سم ت�ضمن �أحد وثالثني رجال هل هذا
العدد كاف �أم البد من عدلني ،ف�أجاب بوجوب توافر عدلني �أو ي�صل عدد الرجال � إىل
حد التواتر الذي يفيد العلم القطعى .وهذا يعني �أن �أبا احل�سن ال�صغري مل يكن يجيز
اللفيف( )4وهذا ما �أ�شار � إليه �أحد الأ �ساتذة الفرن�سني املهتمني بالدرا�سات الإ�سالمية(.)5
ويرى �أحد الأ �ساتذة يف هذا ال�ش�أن� ،أن �شهادة اللفيف ظهرت يف املغرب حوايل منت�صف
القرن التا�سع الهجري وتطورت بعد ذلك � إىل �أن �أ�صبحت لها قواعد و�أحكام خا�صة.
نخل�ص مما �سبق �أن تاريخ ظهور �شهادة اللفيف غري معروف على وجه التدقيق،
لكن انطالقا من �آراء الفقهاء ال�سابقني ،ميكن القول ب�أن اللفيف مل يكن معروفا يف
القرن الثامن ،بل ظهر يف منت�صف القرن التا�سع الهجري دون معرفة هذا التاريخ
بالتحديد.
160
�أ�شار � إىل �أن م�ؤ�س�سة التواتر التي كانت �سائدة قدميا ،قد مت حتديدها وتنظيمها بوا�سطة
الق�ضاء ،ف�أخذت بعد ذلك ت�سمية �شهادة اللفيف ،فال توجد � إذن م�ؤ�س�ستان خمتلفتان،
بل م�ؤ�س�سة واحدة مت ت�سميتها ح�سب تطورها التاريخي بت�سميتني خمتلفتني(.)1
وبالرجوع � إىل العمل الفا�سي ،جند ال�شيخ العربي الفا�سي ي�شري يف هذا ال�ش�أن � إىل
�أن هذه ال�شهادة عرفت وجهني :الأ ول �شهادة جمموعة من النا�س غري عدول على �سبيل
التواتر املفيد للعلم ،وهذا النوع كان يعرف عند املتقدمني� .أما الوجه الثاين فهو الذي
نراه حاليا ويطلق عليه �شهادة اللفيف وقد �أخذ به املت�أخرون من الفقهاء امل�سلمني نتيجة
عدم وجود العدول حتى ال ت�ضيع حقوق الأ فراد(.)2
� إال �أن هذا الر�أي الذي جعل التواتر �أ�سا�سا ل�شهادة اللفيف ي�ؤخذ عليه �أنه �سوى بني
اللفيف والتواتر من حيث قوة الإثبات ،يف حني ال ت�صل �شهادة اللفيف � إىل هذه الدرجة،
لأ نها قد تكون �أحيانا كاذبة وم�ضللة( .)3ف�شتان � إذن بني حجية التواتر وحجية اللفيف،
لذا ال ينبغي اعتبار التواتر �أ�سا�سا لها.
�أما االجتاه الآخر الذي جعل �أ�سا�س اللفيف هو احلاجة وال�ضرورة فيعترب اجتاها
معقوال ومطابقا للواقع .ف�أمام نق�صان عدد ال�شهود العدل ،وخوفا من �ضياع حقوق
الأ فراد ،وجد النا�س �أنف�سهم م�ضطرين للأ خذ بهذا النوع من ال�شهادات .ون�شري هنا
� إىل �أن الفقه املالكي قبل �شهادات �أخرى غري �شهادة العدول للحاجة وال�ضرورة منها
�شهادة ال�صبيان بع�ضهم على بع�ض يف الدماء قبل تفرقهم(.)4
بيد �أنه � إذا �سمح ب�شهادة اللفيف عند احلاجة وال�ضرورة ،فينبغي �أن ال يلج أ� � إليها
� إال عند تعذر � إ�شهاد العدول .لأ ن ال�ضرورة ينبغي �أن تقدر بقدرها .واللجوء � إىل �شهادة
(1) Recueil de jurisprudence chérifienne Louis Milliot, Tome 1, p. 119.
( )2العمل الفا�سي :اجلزء الثاين� ،ص.362 .
( )3عر�ضت على �أنظار الق�ضاء املغربي العديد من الق�ضايا تتعلق بهذا النوع من ال�شهادات التي توبع �شهودها
بالزور .ونذكر على �سبيل املثال ق�ضية عر�ضت على �أنظار غرفة اجلنايات مبحكمة اال�ستئناف مبراك�ش تتعلق
ب�إراثة حيث ات�ضح لهذه املحكمة �أن الت�صريحات املدىل بها من طرف ال�شهود كاذبة وال �أ�سا�س لها من
ال�صحة ومتت معاقبتهم.
قرار رقم 190بتاريخ - 17-6-1988رقم الق�ضية بالغرفة اجلنائية ،827قرار غري من�شور.
-كما عر�ضت على نف�س املحكمة ق�ضية تتعلق ب�إراثة عوقب �شهودها لأ نهم �شهدوا زورا بوفاة �شخ�ص يف حني
�أنه اليزال على قيد احلياة.
حمكمة اال�ستئناف مبراك�ش – الغرفة اجلنائية -ق�ضية رقم 109بتاريخ - 1980/6/17رقمها بالغرفة
املذكورة 827-قرار غري من�شور.
( )4عبد ال�سالم الع�سري :املقال ال�سابق� ،ص.269,
161
اللفيف رغم وجود العدول يعترب ريبة ظاهرة( .)1وهذا ما جاء يف قرار ملجل�س اال�ستئناف
ال�شرعي بتاريخ 22ماي .)2(1917
وهذا الطابع اال�ستثنائي ل�شهادة اللفيف �أ�شار � إليه املجل�س الأ على يف قراره ال�صادر
بتاريخ 19يناير 1971والذي جاء فيه ما يلي :
«� إن اللجوء � إىل �شهادة اللفيف غري ممكن � إال � إذا تعذر احل�صول على �شهادة عدلية،
و� إال �أ�صبحنا �أمام �شهادة م�سرتابة نظرا للعدول عن العدول»(.)3
ويف هذا ال�صدد قام ال�شيخ العربي الفا�سي ب� إعطاء �أمثلة عن حاالت ال�ضرورة لتكون
معيارا تقا�س عليه احلاالت الأ خرى ،وهذه الأ مثلة هي :
-وقوع حادث مل يح�ضره العدول ،وال ق�صد � إح�ضارهم.
-وقوع �أمور ونوازل ال يق�صد النا�س يف العادة حت�صينها لدى العدول ،ثم يحدث ما
يحوج � إىل � إقامة احلجة مبا حدث ،فال توجد ال�شهادة بذلك � إال عند غري العدول(.)4
الفقرة الثالثة :موقف الفقه والق�ضاء ال�سابقني من �شهادة اللفيف
� إذا كانت �شهادة اللفيف جاءت ل�سد النق�ص الذي عرفه ميدان الإ�شهاد ،ف� إن هذا
املربر مل يحل دون تعر�ضها النتقادات �شديدة من قبل بع�ض الفقهاء امل�سلمني ،حيث
اعتربوها خروجا عن الأ �صل .فكيف تعامل فقهاء ال�شريعة الإ�سالمية مع �شهادة اللفيف،
وما هو موقف الق�ضاة من ذلك ؟
لقد حر�ص الفقهاء امل�سلمون على �ضبط �أحكام وقواعد هذه اللفيفيات ،حتى ال تغدو
و�سيلة لقلب احلقائق وحتريفها .لهذا الغر�ض ا�ستلزم موالي املهدي الوزاين يف نوازله
162
�أن يتم �أداء ال�شهود �شهادتهم �أمام القا�ضي �أما �أدا�ؤهم عند املقدم لذلك فال عربة
به( .)1وهذا ما �أ�شار � إليه كذلك ناظم العمل الفا�سي يف نوازله( .)2و� إذا مت �أداء ال�شهادة
�أمام القا�ضي ،فال ينبغي � إعادة �أدائها مرة �أخرى � إال عندمــا
يكون ثمة غمو�ض �أو � إجمال .وهذا ما �أ�شار � إليه ال�شيخ التاودي حيث قال :
«� إذا �أدى ال�شاهد �شهادته ال يلزم ب�أن يعيد �أدائها مرة �أخرى ال عند القا�ضي الأ ول،
وال عند غريه ،لأ نه �ضرر واهلل تعاىل يقول يف هذا ال�ش�أن «وال ي�ضار كاتب وال �شهيد» � إال
�أن يكون يف الر�سم � إجمال(.)3
واملالحظ �أن القا�ضي يف القدمي كان يجمع بني وظيفة الف�صل يف املنازعات
ووظيفة التوثيق ،وهذا ما جعله ينيب عنه بع�ض العدول يف تلقي ال�شهادات وتدوينها،
وقد بقي احلال على ما كان عليه رغم الف�صل الذي مت بني ق�ضاة احلكم وق�ضاة
التوثيق(.)4
هذه الطريقة يف � إقامة �شهادة اللفيف �أ�صبحت تفتقر � إىل ال�ضمانات الالزمة
ل�صحتها ،خ�صو�صا وقد توقف العمل بنظام التزكية الذي كان يلج أ� � إليه القا�ضي
للوقوف عما � إذا كان ال�شاهد عدال �أم ال .مما دفع القا�ضي الف�شتايل � إىل ابتكار ما ي�سمى
( )1يقول موالي املهدي الوزاين يف هذا ال�ش�أن :
«ففي �شهادة اللفيف البد �أن ي�ؤدي ال�شهود عند القا�ضي �أمام �أدا�ؤهم عند املقدم لذلك فقط ،فال عربة به
� إذ الأ داء املعترب � إمنا يكون عند القا�ضي وذلك الآخر � إمنا هو نقل �شهادة ،وال يخفى على �أحد �أن القا�ضي ال
يبني حكمه على هذا».
النوازل الكربى :موالي املهدي الوزاين ،اجلزء التا�سع ،ط .حجرية� ،ص.266 .
( )2جاء يف نوازل �سيدي عبد القادر القا�سي � :أما �شهادة اللفيف فالبد �أن ي�شهدوا وي�ؤدوا عند القا�ضي و�أما
�أدا�ؤهم عند املقدم لذلك فقط فال عربة به � إذ الأ داء املعترب � إمنا يكون عند القا�ضي» .العمل الفا�سي ،اجلزء
الثاين ،مطبعة حجرية� ،ص.276 .
-وجاء يف العمل الفا�سي �أي�ضا :
«� إن الأ داء املعترب � إمنا يكون عند القا�ضي وذلك الآخر � إمنا هو نقل �شهادتهم وال يخفى على �أحد �أن القا�ضي
ال يبني حكمه على هذه ال�شهادة لأ ن نقل ال�شهادة له �شروط مقررة يف حملها».
العمل الفا�سي ،اجلزء الثاين� ،ص.406,
( )3موالي املهدي الوزاين :املرجع ال�سابق ،اجلزء التا�سع� ،ص.267 .
(� )4أ�صدرت وزارة العدل من�شورا بتاريخ 22ماي 1957مبقت�ضاه مت الف�صل بني ق�ضاة التوثيق وق�ضاة احلكم.
163
باال�ستف�سار ،وهكذا �أ�صبح هذا الأ خري يقوم مقام التزكية يف �شهادة اللفيف ح�سب �شارح
العمل الفا�سي .ويق�صد باال�ستف�سار ح�سب ال�شيخ العربي الفا�سي ا�ستفهام ال�شهود عما
�شهدوا به ،ويطلق عليه �أي�ضا اال�ستف�صال(.)1
وجاء عن الفقيه �أبو حممد عبد اهلل العبدو�سي �« :إن اال�ستف�سار هو �س�ؤال ال�شاهد عن
�شهادته التي �أداها �أمام القا�ضي كيف �أداها ف� إن �أتى ب�شهادته ن�صا �أو معنى و� إن اختلف
اللفظ �صحت و� إال بطلت»( .)2واال�ستف�سار لي�س مب�ؤ�س�سة تقليدية لأ نها خارجة عن الأ �صل
كما يقول ابن هارون فهو � إجراء مت ابتكاره لدفع ما يحوم حول ال�شهادة من �شك( .)3فقد
مت �إحـداثه من قبـل القا�ضي الف�شتايل املتـوفى يف ع�شرة الثمانني بعد �سبعمائة ،ومل يكن
معروفا قبل ذلك ومل يجر به العمل(.)4
وهذا االبتكار مل ينج من معار�ضة بع�ض الفقهاء امل�سلمني ،حيث اعتربوه خروجا
عن الأ �صل ،ومن ه�ؤالء ال�شيخ �أبو احل�سن ال�صغري( ،)5وكذلك الون�شري�سي موثق املغرب
العربي الكبري الذي قال يف هذا ال�ش�أن :
«�أما دفعه ال�شاهدين ي�ستف�سرانه بعد الأ داء التام بني يديه ،فا�ستظهار على
ال�شارع ،و� إ�ضرار بال�شاهد وامل�شهود له ،لأ ن امل�ستفهم له امل�ستف�سر من �أهل ال�سماط،
ورمبا ا�ستدرجوا امل�ستف�سر عن �شهادته على الرجوع ب�شيء من احلطام ال ي�سمن وال
(« )1اللفيف عند من �أعمله وقال به مدخول فيه على غري العدالة ولأ جل ذلك مل يكلف امل�شهود له بتزكية ال�شهود
وجعل متكني امل�شهود عليه من اال�ستف�سار قائما مقام الإعذار له يف العدالة� .أي جرى العمل يف بينة اللفيف
ح�سب �شارح العمل الفا�سي باالكتفاء عن التزكية املطلوبة �شرعا باال�ستف�سار لل�شهود».
العمل الفا�سي ،اجلزء الثاين� ،ص.366 .
ويقول ناظم العمل الفا�سي يف هذا ال�ش�أن :
فيها كفى ا�ستف�سارها عن تزكية بينـ ـ ـ ـ ــة اللفي ـ ــف منهـ ــا باديـ ــة
�شرح العمل الفا�سي ،اجلزء الثاين� ،ص.262 .
(� )2شرح العمل الفا�سي ،اجلزء الثاين� ،ص.393 .
(� )3شرح العمل الفا�سي ،اجلزء الثاين� ،ص.395-394 .
(1) Louis Milliot : Recueil de jurisprudence chérifienne tome 1, p. 153.
(� )4شرح العمل الفا�سي ،اجلزء الثاين� ،ص.397,
( )5قال يف الدر النثري �سيدي ابن هالل �أفاد يعني ال�شيخ �أبا احل�سن بجوابه هذا منع اال�ستف�صال املحدث ل�شهود
اال�سرتعاء ي�س�ألهم عدالن بعد �أدائهم عن كيفية �شهادتهم ف� إن ن�صوها على ما يف الوثيقة �أعملت ،و� إن زادوا
�أو نق�صوا منها �ألغيت وهذا �أمر مل يكن قدميا و� إنه �أحدث يف ع�شرة الثمانني بعد �سبعمائة واملحدث له بفا�س
الفقيه الف�شتايل ثم اتبع على ذلك»� .شرح العمل الفا�سي ،اجلزء الثاين� ،ص.394 .
164
يغني من جوع ،وهذا من املفا�سد التي الخفاء بها»( .)1كما عار�ضه �أي�ضا �أبو �سامل
اليزنا�سي(.)2
وقد �أ�شار الفقيه موالي العربي الفا�سي يف �سنة � 1052إىل الأ �سباب التي حددها
الفقهاء لال�ستف�سار وذلك كالتايل :
-البحث يف م�ضمون ال�شهادة ،فقد يحدث �أن يقوم الكاتب بتحريف قول ال�شاهد،
وهذه هي الغاية التي اعتمدها لال�ستف�سار �أبو احل�سن ال�صغري.
� -إزالة ما قد ي�شوب ال�شهادة �أحيانا من � إجمال فيبينه واحتمال فيعينه ،وهذه هي
الغاية التي �أعطاها �أبو الف�ضل العقباين لال�ستف�سار.
�أما الفقيه ابن لب فريى �أن �سبب ا�ستف�سار ال�شهود بوا�سطة عدلني هو تربئة القا�ضي
من عهدة االنفراد بالأ داء الأ ول الذي مت �أمامه(.)3
واملالحظ �أن هذا اال�ستف�سار ال ينبغي �أن يتم بوا�سطة نف�س العدلني ال�شاهدين يف
الر�سم و� إال كان باطال ،وهذا ما ق�ضى به جمل�س اال�ستئناف ال�شرعي يف قراره ال�صادر
بتاريخ � 18أبريل .)4(1917
و�شهود اللفيف هنا � إما �أن يعيدوا �شهادتهم كما �أدوها لأ ول مرة بدون زيادة �أو نق�صان،
فت�صبح �صحيحة وميكن للقا�ضي االعتداد بها ،و� إما �أن يتناق�ضوا يف �شهادتهم فتبعد
هذه الأ خرية من دائرة الإثبات .وهذا ما �أفتى به ال�سيد عبد اهلل العبدو�سي كالتايل :
«معنى اال�ستف�سار �س�ؤال ال�شاهد عن �شهادته التي �أداها عند القا�ضي كيف �أداها ف� إن
�أتى ب�شهادته ن�صا �أو معنى و� إن اختلف اللفظ �صحت و� إال بطلت»( .)5وهذا ما �سار عليه
�أي�ضا جمل�س اال�ستئناف ال�شرعي حيث حكم ببطالن �شهادة لفيف لأ ن �شهودها تناق�ضوا
عند ا�ستف�سارهم(.)6
( )1موالي املهدي الوزاين :النوازل الكربى ،اجلزء التا�سع ،طبعة فا�س احلجرية� ،ص.271 .
( )2قال �أبو �سامل اليزنا�سي يف جواب له «اال�ستف�صال الذي يبيحه الق�ضاة ال �أدري م�ستندهم فيه بل املفهوم من
الفقه عدم التعر�ض لل�شاهد وعدم م�ضارته.»....
�شرح العمل الفا�سي ،اجلزء الثاين� ،ص.395 .
(� )3شرح العمل الفا�سي ،اجلزء الثاين� ،ص.393,
( )4قرار جمل�س اال�ستئناف ال�شرعي� ،صادر بتاريخ � 18أبريل .1917
Recueil Milliot, tome 2, p. 17.
(� )5شرح العمل الفا�سي ،اجلزء الثاين� ،ص.395 .
( )6قرار جمل�س اال�ستئناف ال�شرعي �صادر بتاريخ 18ماي .1918
Recueil Milliot, tome 2, p. 57.
165
وينبغي الت�سا�ؤل هنا حول من له احلق يف طلب اال�ستف�سار ،هل هو حق مق�صور على
القا�ضي وحده� ،أم يحق للم�شهود عليه �أي�ضا طلب هذا اال�ستف�سار� ،أم لهما معا احلق يف
ذلك ؟
اختلفت �آراء الفقهاء يف هذا ال�ش�أن ،فح�سب الفقيه �أبو الف�ضل العقباين ،ف� إن احلق
يف اال�ستف�سار يخت�ص به القا�ضي دون امل�شهود عليه( .)1ونف�س الر�أي ذهب � إليه الفقيه
�أبو احل�سن ال�صغري(� .)2أما الفقيه ابن لب فريى �أن احلق يف اال�ستف�سار هو للم�شهود
عليه ،وهذا ما جرى به العمل بفا�س ،حيث كان ال يتم ا�ستف�سار ال�شهود � إال � إذا طلب ذلك
امل�شهود عليه� .أما الفقيه ال�سجلما�سي �شارح العمل الفا�سي ،فذهب � إىل القول ب�أن احلق
يف اال�ستف�سار هو للخ�صم والقا�ضي معا ،وقد ينفرد به �أحدهما �أحيانا(.)3
و�سواء مت طلب اال�ستف�سار من قبل القا�ضي �أو امل�شهود عليه ،فالهدف املتوخى من
هذا الإجراء واحد هو الت�أكد من �صحة و�صدق �أقوال �شهود اللفيف.
وقد نبه الفقيه عبد الكرمي اليازغي � إىل خطورة الق�ضاء باللفيفيات دون ا�ستف�سارها
حيث قال :
«الذي يجب يف هذا الزمان �أنه ال يق�ضى ب�شهادة بينة اللفيف � إال بعد اال�ستف�سار،
ح�ضر ال�شهود �أو غابوا ،قربت غيبتهم �أو بعدت � .إذ كثريا ما ينكر الواحد منهم ال�شهادة
ر�أ�سا �أو يقول خالف ما قاله �أوال.
فال يجوز للقا�ضي �أن يحكم ببينة اللفيف قبل اال�ستف�سار وقد ن�ص �سيدي احل�سن بن
رحال على �أن القا�ضي � إذا حكم بالبينة قبل اال�ستف�سار غرم ما حكم به لتعدية»(.)4
وجتدر الإ�شارة � إىل �أن اال�ستف�سار يف القدمي كان يتم بوا�سطة القا�ضي ،متى ظهر
له �أن ثمة � إجمال �أو � إبهام يف ال�شهادة ،ومل يكن ي�سمح للعدول بذلك فقد جاء يف العمل
الفا�سي � « :أما ا�ستفهام ال�شهود عند املربزين فال يجوز للقا�ضي �أن يبيحه البتة � ،إذ لي�س
هو الأ داء املعترب و� إمنا نقل �شهادة ومن �شروط النقل تعذر �أداء الأ �صل والقا�ضي هنا
متمكن من ا�ستفهام ال�شاهد عما �أبهم بنف�سه فيبطل اعتماده على املربز .ولي�س ذلك
(� )1شرح العمل الفا�سي ،اجلزء الثاين� ،ص.395,
(� )2شرح العمل الفا�سي ،اجلزء الثاين� ،ص.396,
(� )3شرح العمل الفا�سي ،اجلزء الثاين� ،ص.396,
( )4موالي املهدي الوزاين :النوازل الكربى ،اجلزء التا�سع� ،ص.286 .
166
نيابة عن القا�ضي و� إال الختار له �شخ�صا معينا والواقع عدم التعيني فكان نقال.)1(»...
وهذا بخالف ما نراه حاليا يف ميدان الإ�شهاد حيث �أ�صبح العدول ي�ستف�سرون �شهود
اللفيف.
وقد اختلف الفقهاء يف الوقت الذي ينبغي �أن يتم فيه اال�ستف�سار .فبع�ض ق�ضاة فا�س
قدميا ،كانوا مينعون من � إعطاء ن�سخة من الر�سم � إذا مرت �ستة �أ�شهر من تاريخ الأ داء.
بحيث كان القا�ضي يحكم به دون حاجة � إىل ا�ستف�سار �شهوده( .)2وقد جاء يف العمل
الفا�سي �أي�ضا �أن ق�ضاة املغرب كانوا ي�ستح�سنون عدم اللجوء � إىل اال�ستف�سار بعد مرور
�ستة �أ�شهر من �أداء ال�شاهد �شهادته ،لأ ن هـذه املـدة م�ضنة ن�سيـان ال�شهادة وقد عرب
الناظم عن ذلك يف البيت التايل :
()3
البينـ ـ ـ ــات قالـ ــه يف املعيـ ــار و�ستة الأ �شهــر حــد ا�ستف�ســار
ويقول ابن هارون يف هذا ال�ش�أن �أن مدة �ستة �أ�شهر تلزم ال�شخ�ص الذي يكون على
علم بالبينة التي �أقيمت عليه� ،أما � إذا مل يكن يعلمها فتمنح له ن�سخة من الر�سم من
�أجل ا�ستف�سار �شهودها .و»�سئل �سيدي علي بن هارون هل يجوز � إعطاء ن�سخة الر�سم
لال�ستف�سار بعد م�ضي ثمانية �أعوام وع�شرة �أم ال ؟ ف�أجاب «تعطى الن�سخة � إذا كان ملن
قامت عليه البينة عذر من كونه حمجورا �أو غائبا �أو ما �أ�شبه ذلك .واحلا�ضر العامل احلد
فيه �ستة �أ�شهر على ما جرى به العمل قطعا وح�سما للمبطلني .)4(»...ويربر ال�سجلما�سي
ذلك ب�أنه �سيكون من ال�سهل جدا �أن نقيم لفيفيات ونرتكها حتى متر مدة �ستة �أ�شهر
لكي ي�ضيع حق املحتج بها عليه يف طلب اال�ستف�سار� .أما � إذا بقي �ساكتا رغم علمه بها
وبدون مربر حتى مرت فرتة �ستة �أ�شهر ،ف� إن ذلك يعترب تنازال منه على حقه يف طلب
اال�ستف�سار(.)5
ونرى �أن ثمة تعار�ضا بني الر�أي الذي يقول بجواز اللجوء � إىل اال�ستف�سار حتى بعد
مرور املدة املحددة � إذا كان املحتج عليه بالبينة ال يعلمها ،وبني الأ �سا�س املعتمد عليه يف
(� )1شرح العمل الفا�سي ،اجلزء الثاين� ،ص.394,
( )2موالي املهدي الوزاين ،املرجع ال�سابق ،اجلزء التا�سع� ،ص.269 .
(� )3شرح العمل الفا�سي ،اجلزء الثاين� ،ص.398 .
(� )4شرح العمل الفا�سي ،اجلزء الثاين� ،ص.401 .
(� )5شرح العمل الفا�سي ،اجلزء الثاين� ،ص.402 .
Recueil de Jurisprudence chérifienne. Louis Milliot, Tome 1, p. 154.
167
حتديد �أجل اال�ستف�سار يف مدة �ستة �أ�شهر وهو م�ضنة ن�سيان ال�شهادة ،حيث �سيطالب
ال�شهود باال�ستف�سار حتى بعد فوات هذه املدة.
وقد انتقد الون�شري�سي الأ �سا�س الذي اعتمد يف جعل حق طلب اال�ستف�سار حم�صورا
داخل �ستة �أ�شهر ،و�أ�شار � إىل ذلك كالتايل :
«جرى عمل ق�ضاة املغرب يف هذا الزمان با�ستح�سان ترك اال�ستف�صال بعد �ستة
�أ�شهر من �أداء ال�شاهد �شهادته معتال ب�أن هذه م�ضنة ن�سيان ال�شهادة واحلق خالف هذا
كله»(.)1
هكذا يت�ضح لنا من خالل هذه الدرا�سة �أن الفقه الإ�سالمي احتاط كثريا يف الق�ضاء
بهذه اللفيفيات ،وقول القا�ضي ابن �سودة يبني لنا ذلك حيث �أ�شار � إىل ما يلي :
«ال�سيما و�شهادة اللفيف يف زماننا هذا �صار ثقل ال�شهادة على �أهله خفيفا ال ينبغي
�أن يعول عليها الق�ضاة واحلكام � إال بعد �س�ؤال �شهوده عن م�ستند علمهم فيها وتوثيق يف
ال�س�ؤال و� إحكام ،و�أمر احلاكم بها والإقدام على متليك �أقوام ما بيد غريهم مبجردها
مما حذر النا�س منه يف القدمي واحلديث � إال بعد الك�شف عن حال �شهوده والتق�صي يف
ذلك والفح�ص احلثيث � إذ رمبا حملتهم حمية �أو داعية ككونهم من قبيل �أو ا�ستناد � إىل
خرب �أو ت�ساند وذلك كله �ضاللة و� إ�ضالل عن ال�سبيل»(.)2
ويقول ناظم العمل الفا�سي :
من �ستــر حالهم على املعــروف البــد يف ال�شهـ ــود يف اللف ـي ـ ــف
ويق�صد بهذا البيت �أن �شهود اللفيف حيث مل ت�شرتط فيهم العدالة ،البد �أن يكونوا
م�ستوري احلال ولي�سو ظاهري اجلرح .وقال ال�شيخ العربي الفا�سي :
«انه ي�شرتط يف اجلماعة يعني اللفيف �أن يكونوا ممن تتو�سم فيهم املروءة� ،أو كونهم
�أمثل من يوجد وال �أقل من كونه غري ظاهر اجلرحة»(.)3
وقد ثبت عن القا�ضي ابن �سودة �أنه حلف �شهود اللفيف وهذا ما �أ�شار � إليه ناظم
العمل :
( )1الون�شري�سي ،املعيار املعرب واجلامع املعرب ،اجلزء العا�شر� ،ص.174 .
( )2موالي املهدي الوزاين ،املرجع ال�سابق ،اجلزء التا�سع� ،ص.278 .
(� )3شرح العمل الفا�سي ،اجلزء الثاين ،طبعة فا�س احلجرية� ،ص.367 .
168
من اللفيـ ــف لفجـ ــور زي ـ ـ ــدا وحلـ ــف ابن �سـ ــودة ال�شه ــود
� إذا ا�سرتابـة بــدت و�صرفـ ــوا وقيل رمب ــا الع ــدول �أحلف ـ ــوا
ويراد بالبيت الأ ول ح�سب �شارح العمل �أن القا�ضي ابن �سودة رحمه اهلل عمل على
حتليف اللفيف نظرا لزيادة الفجور يف �أهل الزمان� ،أما البيت الثاين فرياد به �أنه ميكن
للقا�ضي حتليف العدول � إذا ظهرت له ريبة فيما �شهدوا به ،ف� إن حلفوا قبل �شهادتهم و� إن
امتنعوا رف�ضها(.)1
ون�شري بخ�صو�ص البيت الثاين � إىل ما جاء عن ابن فرحون �أنه قال �« :إن قا�ضي
الق�ضاة ابن ب�شري قا�ضي اجلماعة بقرطبة حلف �شهودا يف تزكية باهلل تعاىل �أن ما
�شهدوا به حلق.
وروي عن ابن و�ضاح �أنه قال � :أرى لف�ساد الزمان �أن يحلف احلاكم ال�شهود ،وابن
و�ضاح ممن �أخذ عن �سحنون(.»)2
لهذا كان املطلوب عند القا�ضي للحكم ب�شهادة اللفيف هو غلبة الظن ب�صدق
�شهودها ،فمتى عار�ضتها تهمة � إال و�سقطت ومت � إبعادها من ميدان الإثبات(.)3
وينبغي �أي�ضا لكي يعتد القا�ضي بهذه ال�شهادة �أال تكون ثمة �صداقة خا�صة �أو قرابة
بني �شهودها وامل�شهود له� ،أو عداوة بني امل�شهود عليه وال�شاهد ،حتى ال يغتنم هذا الأ خري
الفر�صة في�شهد �ضده ت�شفيا وانتقاما ،ويف هذا ال�ش�أن �أفتى اللبار يف � إحدى النوازل مبا
يلي :
«� إنه البد يف اللفيف من ا�شرتاط ال�سالمة من حلوق التهمة فيما �شهدوا به من
�صداقة خا�صة وقرابة مع امل�شهود له ،وعداوة مع امل�شهود عليه و� إال فال تقبل �شهادتهم
اتفاقا»(.)4
(� )1شرح العمل الفا�سي ،اجلزء الثاين ،املرجع ال�سابق� ،ص.374,
( )2النوازل اجلديدة الكربى ،للمهدي الوزاين ،اجلزء التا�سع ،ط .فا�س احلجرية� ،ص.260 .
( )3الون�شري�سي ،املرجع ال�سابق ،اجلزء العا�شر� ،ص.194 .
( )4الون�شري�سي ،املرجع ال�سابق ،اجلزء العا�شر� ،ص.194,
-موالي املهدي الوزاين ،املرجع ال�سابق ،اجلزء التا�سع� ،ص.263 .
� -شرح الزرقاين يف خمت�صر ال�شيخ خليل ،اجلزء ال�سابع� ،ص.160 .
-ابن فرحون ،املرجع ال�سابق ،اجلزء الأ ول� ،ص.178 .
-ال�سرخ�سي :املب�سوط ،اجلزء ،16مطبعة ال�سعادة ،م�صر� ،ص.121 .
-ابن قدامة :املغنى ،اجلزء العا�شر� ،ص.173 .
169
وقد جاء كذلك يف حتفة احلكام �أنه ال تقبل �شهادة �شخ�ص على �آخر � إذا كانت بينهما
عداوة دنيوية ال دينية( .)1والعداوة الدنيوية كما ذهب � إىل ذلك ابن قدامة �أن ي�شهد
املقدوف على القاذف ،والزوج على امر�أته بالزنا(.)2
وقد بني ناظم حتفة احلكام يف �أبيات ثالثة من ترد �شهادته للتهمة كالتايل :
ووال ــدي زوج ــة �أو زوج ـ ــة �أب والأ ب البنـ ــه وعك�س ـ ـ ــه من ـ ــع
ويف ابن زوجة وعكـ�س ذا اتبـع كحالـ ـ ــة الع ـ ــدو وال�ضـ ــني ـ ــن
واخل�صـم والو�صــي واملديـ ـ ــن وحيتمـا التهم ــة حاله ــا غ ــلب
فمن خالل هذه الأ بيات ال جتوز �شهادة الأ ب البنه ،و�شهادة االبن لأ بيه ،و�شهادة
الرجل لوالدي زوجته �أو زوجة �أبيه .وحيث يغلب حال التهمة � إال وينبغي � إبعاد ال�شهادة
كحالة العدو يف �شهادته على عدوه ،وال�ضنني ،و�شهادة اخل�صم على خ�صمه ،والو�صي
ملحجوره ،واملدين لدائنه(.)3
وقد �أفتى ال�سيد العربي الزرهوين يف لفيف �شهد �شهوده مل�ست�أجرهم الذي له عليهم
دين� ،شهدوا بدين بذمة رجل �آخر حيث قال :
«� إن الأ جري ال تقبل �شهادته مل�ست�أجره � إال � إذا كان مربزا ومل يكن من عياله ،وكذا
�شهادة من عليه الدين وهو مع�سر لرب الدين ،وهذا خمافة التحيز لرب الدين حتى
يرفق به.)4(»..
هكذا يتبني لنا مما �سبق �أن الفقه الإ�سالمي � إذا كان قد �أجاز �شهادة اللفيف للحاجة
وال�ضرورة ،فقد �أدرك يف نف�س الوقت مدى خطورة هذا النوع من ال�شهادات مما جعله
يتطلب �سالمة �شهودها من الأ و�صاف الرذيلة ،و�أال يكون بينهم وبني امل�شهود له �أو عليه
قرابة �أو عداوة� ،سعيا يف احل�صول على �شهود يتحلون باخل�صال احلميدة ،ويت�صفون
بال�ضمري اليقظ ،حتى يرتاح القا�ضي ل�شهادتهم ،ويتخذها �أ�سا�سا للف�صل فيما يعر�ض
عليه من منازعات.
(� )1شرح ميارة على حتفة احلكام ،املجلة الأ ول� ،ص.48 .
( )2ابن قدامة ،املرجع ال�سابق ،اجلزء العا�شر� ،ص.168,
(� )3شرح ميارة على التحفة ،املجلد الأ ول� ،ص.58 .
( )4موالي املهدي الوزاين ،املرجع ال�سابق ،اجلزء التا�سع� ،ص.275 .
170
الفرع الثاين
بيانات املحررات العدلية
لقد ا�شرتط امل�شرع �أن ت�أتي املحررات العدلية م�ستوفية جلملة من البيانات حتى
تكون و�سيلة ناجعة يف الإثبات ،وت�ساعد القا�ضي على الف�صل يف الق�ضايا املعروفة عليه.
وهذه البيانات منها ما يتعلق باملتعاقدين و�شهود اللفيف حتى تكون هويتهم ثابتة ،ومنها
ما يتعلق بامل�شهود فيه حتى يكون حمددا حتديدا كافيا ،ومنها ما يخ�ص تاريخ املحرر،
ومنها ما يتعلق مب�ستندات املحرر العديل ،و�أخريا ثمة بع�ض البيانات املتعلقة بتوقيعات
العدول وخطاب قا�ضي التوثيق على ال�شهادة امل�ؤداة ،والتعريف بال�شهادة غري امل�ؤداة.
و�سندر�س هذه البيانات يف �ستة مباحث كالتايل :
املبحث الأ ول :البيانات املتعلقة باملتعاقدين و�شهود اللفيف.
املبحث الثاين :البيانات املتعلقة بامل�شهود فيه.
املبحث الثالث :البيانات املتعلقة بتاريخ املحـرر العدلـي.
املبحث الرابع :البيانات املتعلقة مب�ستندات املحـرر العديل.
املبحث اخلام�س :البيانات املتعلقة بتوقيعات العدول واملخاطبة على ال�شهادة
امل�ؤداة.
املبحث ال�ساد�س :البيانات املتعلقة بالتعريف بال�شهادة غري امل�ؤداة.
171
غري �أنه يف احلالة التي ال يكون فيها ال�شخ�ص مالكا لإحدى الوثائق املثبتة للهوية ،ف� إنه
يتم التعريف به بوا�سطة �شاهدين يعرفانه جيدا ويتوفران على بطاقتيهما ال�شخ�صية،
مع تنبيههما ملا قد يتعر�ضان له من متابعة يف حالة عدم �صدق ت�صريحاتهما يف هذا
ال�ش�أن .وقد كان الفقهاء يطلبون من املوثقني الت�أكد من هوية الأ طراف وال�شهود قبل
حترير �شهاداتهم ،وهكذا �أ�شار الفقيه ابن فرحون يف تب�صرته � إىل ما يلي :
«ال ينبغي الإ�شهاد على من ال يعرف � إال بعد معرفة ا�سمه وعينه ون�سبه فكذلك ينبغي
للموثق االحرتاز منه فقد يح�ضر � إىل املوثق رجل يدعي �أن ا�سمه كذا وي�س�أله �أن يكتب
عليه م�سطورا ب�ألف درهم لفالن فلعل ذلك قد ت�سمى با�سم غريه ثم بعد م�ضي زمان
يخرج املكتوب ويدعي به على �صاحب اال�سم .ولعل الكاتب قد ن�سي �أو مات ومات ال�شهود
وثبت ذلك باخلط فيحكم على ذلك املدعى با�سمه وهو بريئ فال ينبغي �أن يكتب � إال ملن
عرف ا�سمه وعينه معرفة تامة»(.)1
وقد كان املوثقون يذكرون يف حمرراتهم �أو�صافا دقيقة للم�شهود له �أو عليه متييزا
لهما( .)2لهذا ينبغي على العدول احرتام هذا االلتزام ،والتحقق من هوية الأ طراف درءا
لكثري من امل�شاكل الناجتة عن انتحال �أ�سماء الآخرين.
=الفقرة الثالثة من نف�س الف�صل من املن�شور :
«يتعني الن�ص على ورقة التعريف لكل من املتعاقدين واللفيف بذكر رقمها وتاريخها واملركز الذي �سجلت
به».
الفقرة الرابعة من نف�س الف�صل من املن�شور».
«يتعني ذكر عناوين املتعاقدين واللفيف بكيفية تامة».
( )1ابن فرحون اليعمري املالكي :املرجع ال�سابق ،اجلزء الأ ول� ،ص.190 .
( )2يقول ابن فرحون يف تب�صرته �« :إذا احتاج الكاتب � إىل ذكر نعوت امل�شهود عليه �أو له فينبغي �أن يذكر من
�صفاته �أ�شهرها كال�صمم والعمى والعرج والبيا�ض �أعني الرب�ص و�آثار اجلدري والنم�ش فيقول يف وجهه �آثار
جدري �أو من�ش وان كان فيه خال ذكرته وذكرت مو�ضعه وتذكر قطع الأ نامل �أو ع�ضو مما هو م�شهور ظاهر
يف الوجه �أو اجل�سد وتذكر مع ذلك ا�سمه ون�سبه و�صناعته وقبيلته وحتليه حلية جيدة ال تخل باملق�صود منها
ف�إذا كان املنعوت غليظ ال�شفتني فهو �أفوه واملر�أة فوهاء و� إن كان الفم غائرا فهو �أفقم واملر�أة فقماء ،و� إن كان
الأ نف طويال مع نتوء يف و�سطه فهو �أقنى واملر�أة قنواء .و� إن كان طرفه عري�ضا فهو �أفط�س واملر�أة فط�ساء و� إن
كان قائما منت�صبا معتدال فهو �أ�شم واملر�أة �شماء و� إذا كان ق�صريا بني ال�شمم والفط�س فهو �أخن�س واملر�أة
خن�ساء .ويقال يف ق�صرية الأ نف خلفاء و� إذا كان اخلد م�ستطيال فهو �أ�سيل اخلذ واملر�أة ا�سيلة اخلد ،و� إذا كان
العنق طويال فهو �أغيد واملر�أة غيداء و� إذا كان العنق ق�صريا فهو �أوق�ص واملر�أة وق�صاء ،و� إذا كان يف العينني
غور فهو غائر العينني واملر�أة غائرة العينني ،و� إذا برزتا فهو جاحظ العينني وهي جاحظة العينني.»...
ابن فرحون :املرجع ال�سابق ،اجلزء الأ ول� ،ص.192 .
172
كما �ألزمهم املن�شور عدد 14714بذكر الأ متية يف حق املتعاقدين واللفيف� ،أي ما
يفيد �أنهم كانوا �أثناء � إقامة الر�سم يف �صحة ،وطوع وجواز .فلم يكن �أحدهم يعاين من
مر�ض يفقده التمييز� ،أو مكرها على التعاقد ،وعدم ورود هذا البيان يف بع�ض الر�سوم
التي يتطلب فيها امل�شرع ال�صحة �سي�ؤدي � إىل ف�سادها كما هو احلال بالن�سبة لعقد الزواج
والطالق(.)1
فبخ�صو�ص هذا البيان املتعلق بالأ متية ،نالحظ �أن املجل�س الأ على يف قراره ال�صادر
بتاريخ 25دجنرب 1982كان قد �أ�ضفى ال�صفة الر�سمية على هذا البيان ،حيث جعله
يكت�سي حجية قاطعة ب�أن البائع مل يكن �أثناء البيع مري�ضا مر�ض املوت(.)1
وهذا املوقف الذي �سار فيه املجل�س الأ على مل يكن �صائبا ،لأ ن م�س�ألة مر�ض �أو عدم
مر�ض املتعاقد ودرجة هذا املر�ض ومدى ت�أثريه على � إدراكه ومتييزه هي م�س�ألة من
اخت�صا�ص الطب ،وال ميكن للعدول اجلزم فيها مبجرد و�ضع كلمة ب�أمته.
ولقد كانت حمكمة التمييز التون�سية على �صواب حني ق�ضت يف قرارها ال�صادر
بتاريخ � 30أبريل 1958مبا يلي �« :إ�شهاد العدلني على �أن البائع كان وقت البيع مري�ضا
ولكنه بحالة متييز و� إدراك يفهم ما يقول وما يقال له هو يف احلقيقة خارج عن نطاق
الإ�شهاد ووظيفة امل�أمور احلكومي .وبذلك ميكن معار�ضته بجميع و�سائل الإثبات
وبالأ خ�ص ب�شهادة �أهل اخلربة وهم الأ طباء يف �صورة احلال � إذ � إليهم وحدهم املرجع
يف تقدير حالة املر�ض»(.)3
واملالحظ حاليا �أن موقف املجل�س الأ على قد تغري بهذا اخل�صو�ص .ويت�ضح ذلك
من خالل قرارين ،القرار الأ ول �صدر بتاريخ 16مار�س 2005جاء فيه « :الأ متية التي
ي�ضمنها العدالن يف الر�سم � إمنا تتعلق ب�صحة املتعاقد ظاهريا وال تثبت عدم � إ�صابة
املت�صدق مبر�ض املوت الذي ميكن اال�ستعانة بالأ طباء املخت�صني لإثباته»(.)4
( )1الفقرة ال�سابعة من نف�س الف�صل :
«يتعني ذكر الأ متية يف حق املتعاقدين واللفيف وهي عبارة عن ال�صحة والطوع واجلواز ملا يرتتب عن � إ�سقاطها
من ف�ساد بع�ض الوثائق التي ت�شرتط ال�صحة فيها مثل النكاح والطالق».
( )2قرار املجل�س الأ على رقم 809بتاريخ 25دجنرب - 1982من�شور مبجلة ق�ضاء املجل�س الأ على 1983عدد 31
� -ص.45 .
( )3قرار وارد يف كتاب �آدم وهيب النداوي – دور احلاكم املدين يف الإثبات -ر�سالة ماج�ستري -الطبعة الأ وىل
- 1976الدار العربية للطباعة والن�شر بغداد هام�ش ال�صفحة .266
( )4قرار املجل�س الأ على عدد 165بتاريخ - 2005/3/16من�شور مبجلة ق�ضاء املجل�س الأ على عدد 65-64
� -ص.155 .
173
والثاين �صدر بتاريخ 7يونيو 2006جاء فيه :
«� إن ما تثبته ال�شهادة الطبية ال ميكن دح�ضه فقط مبا �شهد به العدالن من �أمتية
البائع ،وهي �أمتية ال تعني انتفاء حالة املر�ض التي �أ�شار � إليها الف�صل 54من ق.ل.ع
ك�سبب لإبطال الت�صرف مما �شكل تطبيقا خاطئا للف�صل 54امل�شار � إليه»(.)1
نالحظ من خالل هذين القرارين �أن املجل�س الأ على مل يعد ي�ضفي ال�صفة الر�سمية
على هذا البيان ،ومل يعد مينحه احلجية القاطعة كما كان يفعل �سابقا .بل �أ�صبح يعتربه
جمرد بيان ي�شهد فيه العدالن بظاهر احلال فقط ،وميكن � إثبات ما يخالفه باخلربة
الطبية ،بل نالحظ �أحيانا �أن الق�ضاء املغربي �أ�صبح يعتمد على ال�شهادة الطبية يف هذا
ال�ش�أن ،وال يعري اهتماما لبيان الأ متية الوارد يف الوثيقة العدلية كما ذهبت � إىل ذلك
حمكمة اال�ستئناف بالقنيطرة(.)2
� إن هذا املوقف اجلديد الذي �سار فيه املجل�س الأ على ،لي�س � إال تطبيقا للجزاء املرتتب
عن عدم احرتام قواعد االخت�صا�ص النوعي يف جمال التوثيق .فالعدل هنا �سقطت
�أهليته لأ نه جتاوز نطاق هذا االخت�صا�ص للإ �شهاد يف �أمور يعود �أمر البت فيها للأ طباء،
مما يجعل البيان الذي و�ضعه و�شهد فيه ب�أمتية املتعاقد من الناحية ال�صحية ،هو جمرد
بيان عادي ال يكت�سي ال�صفة الر�سمية ،وميكن � إثبات ما يخالفه بكافة و�سائل الإثبات مبا
فيها اخلربة الطبية.
املبحث الثاين
البيانات املتعلقة بامل�شهود فيه
نظرا للأ همية التي يكت�سيها امل�شهود فيه ،وجب ذكر عدة بيانات لتحديد نوعه،
و�أو�صافه حتديدا كافيا.
ف� إذا كان امل�شهود فيه �أر�ضا غري حمفظة ،وجب عليه �أن ي�صف �شكلها و�أن يذكر نوع
�أر�ضها كما ت�شري � إىل ذلك الفقرة الأ وىل من الف�صل الثاين من من�شور 14714والتي
جاء فيها :
( )1قرار املجل�س الأ على رقم 1902بتاريخ – 1006-6-7من�شور مبجلة املعيار عدد - 37ال�صفحة 36و.37
( )2قرار حمكمة اال�ستئناف بالقنيطرة رقم - 114غرفة العقار والأ حوال ال�شخ�صية � -صادر بتاريخ 2004/3/17
-من�شور مبجلة احلقوق املغربية -ال�سنة الثالثة -العدد اخلام�س � -ص.262 .
174
«يتعني و�صف امل�شهود فيه و�صفا تاما وذكر نوعه بتدقيق ،ف� إذا كان �أر�ضا زراعية
مثال و�صف �شكلها وذكر نوع �أر�ضها هل هو من الرت�س �أو الرملي �أو احلمري �أو غري
ذلك ،و� إن كانت بي�ضاء �أو �سوداء عني ذلك باللفظ ،وعني نوع ال�شجر وعدده و� إن كانت
بورا �أو �سقويا فكذلك.»...
وينبغي بالإ�ضافة � إىل حتديد نوع الأ ر�ض� ،أن يحدد العدل �أي�ضا م�ساحتها حتديدا
كافيا .وهذا ما تطرقت � إليه الفقرة الثالثة من الف�صل الرابع من كنا�ش اجليب عدد
5134حيث جاء فيها :
«وفيما يرجع للر�سوم العقارية وبالأ خ�ص ما يتعلق منها بتفويت امللكية ،يتعني ذكر
موقع العقار وم�ساحته بالهكتار �أو بغريه من املقايي�س امل�صطلح عليها يف الناحية التي
يقع البيع فيها وذكر حدوده بكل بيان ونوع �أر�ضه».
كما ينبغي �أن ي�شار يف وثيقة البيع � إىل حدود العقار بكل �ضبط ،وهذا ما ن�صت عليه
الفقرة الثانية من الف�صل الثاين من من�شور عدد 14714حيث جاء فيها :
«يتعني ذكر احلدود بكل �ضبط وب�صفة وا�ضحة � ،إما بذكر ما يدل عليها من الأ �شياء
الطبيعية �أو احلادثة بحيث ال ميكن الرتدد فيها ،وال ي�سوغ للعدول �أن يقت�صروا على
الإ�شارة � إىل حدود مذكورة يف ر�سوم �سابقة �أو قدمية».
و� إذا كان العقار حمفظا �أوجب مر�سوم � 28أكتوبر 2008تعيينه بالإ�شارة � إىل ا�سمه
ورقم �صكه العقاري ،و� إن كان العقار يف طور التحفيظ ينبغي ذكر رقم مطلبه وهنا يجب
بيان �صفاته وم�ساحته وقيمته وموقعه وحدوده.
و ح�سب هذا املر�سوم يجب �أن تكون املعلومات املذكورة يف ال�شهادة تتطابق متاما ملا
هو مذكور يف ال�صك العقاري �أو يف مطلب التحفيظ.
ويجب �أن حتدد بالأ رقام واحلروف امل�ساحات التي يجب تعيينها باملقايي�س الر�سمية
�أو امل�صطلح عليها وكذا الأ مر بالن�سبة للمبالغ املالية(.)1
و� إذا كان امل�شهود فيه دارا وجبت الإ�شارة يف الوثيقة � إىل عــدد الطوابق واملر�آب
وال�سطح واملرافق الأ �صلية والثانوية امل�شتملة عليها(.)2
( )1الفقرة الرابعة واخلام�سة وال�ساد�سة من املادة 19من مر�سوم � 28أكتوبر .2008
( )2الدكتور عبد الرحمان بلعكيد – وثيقة البيع بني النظر والعمل -الطبعة الأ وىل - 1989مطبعة النجاح
اجلديدة الدار البي�ضاء� -ص.135 .
-جمعة حممد الزريقي – دور املحافظ العقاري يف حتقيق امللكية -درا�سة مقارنة بني النظام العقاري يف
املغرب وليبيا� -أطروحة لنيل دكتوراه الدولة يف القانون اخلا�ص -كلية احلقوق بالدار البي�ضاء1993-1992 -
اجلزء الأ ول – �ص.102 .
175
و� إذا تعلق الأ مر ببيع �شقة تخ�ضع لنظام امللكية امل�شرتكة ،وجب على العدل �أن ي�شري
� إىل اجلزء املفرز واملتمثل يف ال�شقة ،والن�سبة املئوية من الأ جزاء امل�شرتكة والبد من
الرجوع يف هذا ال�ش�أن � إىل ر�سوم امللكية والر�سوم العقارية والت�صاميم الهند�سية(.)1
املبحث الثالث
لبيانات املتعلقة بتاريخ املحرر العديل
يعترب التاريخ من البيانات الأ �سا�سية ،ولهذا يجب �أن تت�ضمن ال�شهادة تاريخ التلقي
بال�ساعة واليوم وال�شهر وال�سنة باحلروف والأ رقام وفق التقومي الهجري مع بيان ما
يوافقه من التقومي امليالدي( )2و�أن يتم ذلك يوما فيوما بتتابع ال�شهادات ح�سب �ساعات
وتواريخ تلقيها(.)3
وقد ثار نقا�ش بخ�صو�ص حتديد تاريخ املحرر العديل هل هو تاريخ التلقي �أم تاريخ
ت�سجيل ال�شهادة يف �سجل املحكمة ؟ للوقوف على ذلك يجب التمييز بني فرتتني زمنيتني.
فرتة ما قبل ظهري 7يوليوز املتعلق بتنظيم الق�ضاء ال�شرعي ،وفرتة ما بعده.
ففي الفرتة الأ وىل كان املحرر العديل يتم ت�أريخه يف اللحظة التي كان يتلقى فيها
العدالن ال�شهادة .وهذه الطريقة � إن كانت معقولة ومطابقة للواقع ،فقد مت ا�ستغاللها
بتحريف تاريخ املحرر نظرا ملا كانت تعاين منه اخلطة �آنذاك من فو�ضى.
�أما يف الفرتة الثانية ،فقد ا�شرتط امل�شرع مبقت�ضى الفقرة الأ وىل من الف�صل الرابع
من ظهري 7يوليوز 1914ذكر تاريخ تلقي الإ�شهاد بال�سنة وال�شهر واليوم .وجاءت الفقرة
الثالثة من نف�س الف�صل للن�ص على �ضرورة ت�سجيل املحررات العدلية يف �سجالت
املحكمة ،ون�ص الف�صل ال�ساد�س من نف�س الظهري على �ضرورة ذكر تاريخ هذا الت�سجيل
يف املحرر.
وانطالقا من هذه املقت�ضيات ،فقد �أ�صبح الق�ضاء املغربي مييز بني حالتني فيما
يخ�ص التاريخ الذي ينبغي االعتداد به.
-احلالة الأ وىل ،وهي املتعلقة بالتاريخ الذي ينبغي االحتجاج به فيما بني الأ طراف
حيث جعله تاريخ تلقي الإ�شهاد.
( )1الدكتور عبد الرحمان بلعكيد – املرجع ال�سابق – �ص.137 .
( )2املادة 25من مر�سوم � 28أكتوبر .2008
( )3الفقرة الثانية من املادة 19من مر�سوم � 28أكتوبر .2008
176
-احلالة الثانية هي املتعلقة بالتاريخ الذي ينبغي االحتجاج به على الغري ،حيث جعله
تاريخ ت�سجيل املحرر العديل يف �سجالت املحكمة ،وهذا ما �سار عليه الق�ضاء يف العديد
من �أحكامه(.)1
وللتاريخ �أهمية كربى لأ نه يعتمد عليه يف بع�ض الأ حيان لرتتيب بع�ض الآثار القانونية
ونذكر منها على �سبيل املثال :
ما جاء يف الف�صل 314من ق.ل.ع من �أن دعوى الإبطال تنق�ضي بالتقادم يف جميع
احلاالت مبرور خم�س ع�شرة �سنة من تاريخ العقد.
وكذلك ما جاء يف الف�صل 531من ق.ل.ع املتعلق بدعوى ف�سخ العقد ودعوى � إنقا�ص
الثمن �أو تكملته حيث ا�شرتط امل�شرع �أن متار�س داخل �أجل �سنة من تاريخ العقد � إذا مل
يحدد يف هذا الأ خري تاريخ �آخر لالنتفاع �أو للت�سليم.
كما �أن الف�صل 579من ق.ل.ع ي�شري � إىل احلالة التي مينح فيها امل�شرتي �أجل لأ داء
الثمن حيث يبد أ� �سريانه من تاريخ العقد ما مل يتفق على غري ذلك.
وبرجوعنا � إىل مدونة التجارة ال�صادرة يف فاحت �أغ�سط�س 1996جند الف�صل 681
ي�شري � إىل ما يلي :
«يعترب باطال كل عقد بدون مقابل قام به املدين بعد تاريخ التوقف عن الدفع.
( )1قرار حمكمة اال�ستئناف بالرباط �صادر بتاريخ 24يونيو .1931جاء فيه �أن املحررات العدلية يحتج بها على
الغري ابتداء من تاريخ تقييدها يف �سجالت املحكمة.
من�شور مبجلة املحاكم املغربية عدد � ،474-1931ص.356 .
-قرار حمكمة اال�ستئناف بالرباط� ،صادر بتاريخ 12دجنرب ,1934من�شور مبجموعة قرارات حمكمة
اال�ستئناف بالرباط � ،1936-1935ص.235 .
املحكمة االبتدائية بالدار البي�ضاء ،حكم �صادر بتاريخ 7فرباير 1938وقد جاء فيه �أن املحررات العدلية
املثبتة حلقوق عقارية ال ميكن االحتجاج بها على الغري � إال من يوم تدوينها يف �سجالت القا�ضي ،جملة
املحاكم املغربية عدد � ،1938-768ص.109 .
-قرار املجل�س الأ على ،الغرفة املدنية ،قرار عدد � 54صادر بتاريخ 24دجنرب 1958جاء فيه � :إن العقود التي
يتلقاها العدول تكت�سب تاريخا �صحيحا وميكن �أن تكون حجة على الغري من تاريخ ت�سجيلها بدفاتر املحكمة»
جملة الق�ضاء والقانون ،العدد � ،21ص.833 .
-قرار املجل�س الأ على عدد � 527صادر بتاريخ 28يوليوز .1982وقد جاء فيه �أن �سريان �أمد التقادم بالن�سبة
لبطالن عقد البيع الذي مت بني الطرفني يبد أ� ال من تاريخ تدوين املحرر العديل ب�سجالت املحكمة ،بل من
تاريخ الإ�شهاد.
ق�ضاء املجل�س الأ على العدد - 31ال�سنة الثامنة مار�س � ،1983ص.52 .
177
ميكن كذلك للمحكمة �أن تبطل العقود بدون مقابل املربمة يف ال�ستة �أ�شهر ال�سابقة
لتاريخ التوقف عن الدفع».
فانطالقا من هذا الف�صل ،يكون الت�صرف باطال � إذا كان بغري مقابل ومت بعد التوقف
عن الدفع .كما ميكن للمحكمة �أن تبطل الت�صرفات التي تكون بغري مقابل � ،إذا متت
خالل ال�ستة �أ�شهر ال�سابقة عن تاريخ التوقف عن الدفع ،وال ميكننا الوقوف على ذلك
� إال بالرجوع � إىل تواريخ العقود.
ويف امليدان ال�ضريبي ،جند امل�شرع حدد للأ �شخا�ص �أجال لأ داء واجبات الت�سجيل
يحت�سب من تاريخ � إبرام العقد .وعليه ف� إن الإدارة تعتمد على هذا التاريخ يف فر�ض
الغرامات الالزمة على الذين مل يحرتموا الأ جل املحدد(.)1
كما �أن للتاريخ دورا مهما يف الرتجيح بني البينات ،فقد �أ�شار الفقيه الزرقاين يف
�شرحه ملخت�صر ال�شيخ خليل � إىل �أنه � إذا ح�صل تعار�ض بني بينتني وكانت � إحداهما
فقط م�ؤرخة قدمت على التي ال تاريخ لها� .أما � إذا كانتا معا م�ؤرختني فتقدم �أ�سبقهما
تاريخا(.)2
وي�شري اللخمي بدوره � إىل تقدمي البينة الأ �سبق تاريخا حتى ولو كانت البينة الأ خرى
�أعدل(.)3
ف�إذا بيع امللك الواحد ل�شخ�صني خمتلفني ،وادعى كل منهما ملكيته ،وجب الرجوع
� إىل تاريخ الر�سمني حيث يكون �صاحب الر�سم الأ �سبق تاريخا هو املالك(.)4
( )1على �سبيل املثال جند الفقرة 1من املادة 5من مدونة الت�سجيل والتنرب تن�ص على ما يلي :
«تخ�ضع للت�سجيل ولأ داء الواجبات داخل �أجل ثالثني ( )30يوما
�ألف ابتداء من تاريخ � إن�شائها :
-املحررات واالتفاقات.»...
(� )2شرح الزرقاين على خمت�صر ال�شيخ خليل – اجلزء ال�سابع -دار الفكر بريوت� -ص.209 .
( )3حممد بن �أحمد ميارة الفا�سي – �شرح الأ رجوزة امل�سماة حتفة احلكام للقا�ضي �أبي بكر حممد بن عا�صم
الأ ندل�سي الغرناطي -اجلزء الأ ول -دار الفكر بريوت � -ص.92 .
(� )4أبو العبا�س �أحمد بن يحيى الون�شري�سي – املنهج الفائق واملنهل الرائق واملعنى الالئق ب�أداب املوثق و�أحكام
الوثائق -درا�سة وحتقيق لطيفة احل�سني -طبع وزارة الأ وقاف وال�ش�ؤون الإ�سالمية - 1977 -مطبعة ف�ضالة
املحمدية �ص.375 .
178
وقد جاء يف هذا ال�ش�أن عن �سمرة عن النبي � �أنه قال �« :أميا امر�أة زوجها وليان
فهي للأ ول منهما ،و�أميا رجل باع بيعا من رجلني فهو للأ ول منهما»� .أخرجه الرتمذي
يف �سننه(.)1
ونظرا ملا للتاريخ من �أهمية ،حيث يعول عليه يف ترجيح البينات عند تعار�ضها ،ن�سوق
بع�ض الأ مثلة التي تبني لنا ذلك.
عندما يدعي رجالن على امر�أة �أنهما تزوجاها ،ويخرج كل منهما ر�سم �صداق ،هنا
يرجع � إىل الر�سمني للحكم ب�أنها زوجة �صاحب الر�سم الأ �سبق تاريخا(.)2
وكذلك ال�ش�أن عندما يقع �شراء على ملك واحد ،ولكل من امل�شرتين بينته ،فالبد هنا
من الرجوع � إىل تاريخ البينات ،للحكم ب�أن امللك هو ل�صاحب البينة الأ �سبق تاريخا(.)3
وثمة ر�سوم ت�ستوجب ذكر �ساعة التلقي ،كما هو ال�ش�أن فيما يخ�ص وفاة �أحد
الأ �شخا�ص عندما يكون له قريب غائب تويف بدوره يف نف�س اليوم ،فهنا البد من الرجوع
� إىل �ساعة الوفاة لنقرر من يرث منهما الآخر .كما �أن التعار�ض قد يح�صل �أحيانا بني
بينتني م�ؤرختني ت�شهدان باحليازة ل�شخ�صني خمتلفني ،هنا البد من اللجوء � إىل الرتجيح
بينهما على �أ�سا�س قدم التاريخ كما ق�ضى بذلك جمل�س اال�ستئناف ال�شرعي الأ على يف
نازلة عر�ضت عليه( .)4فما املق�صود هنا بقدم التاريخ ؟ لنفرت�ض �أننا �أمام بينتني الأ وىل
حررت بتاريخ 1995ت�شهد ل�صاحبها �أنه يحوز منذ ،1984والثانية حررت يف 1994ت�شهد
ب�أن �صاحبها يحوز منذ 1985فما هي البينة الأ رجح هنا ؟
نالحظ �أن البينة الأ وىل رغم �أن تاريخ حتريرها الحقا لتاريخ البينة الثانية ف�إنها هي
الأ رجح ،لأ ن تاريخ بدء حيازة �صاحبها الذي هو � 1984أقدم من التاريخ املتواجد بالبينة
الثانية الذي هو � .1985إذن فالعربة ال بقدم تاريخ حترير البينة ولكن بقدم تاريخ بدء
احليازة.
( )1اجلامع ال�صحيح – �سنن الرتمذي -لأ بي عي�سى حممد بن عي�سى بن �صورة -حتقيق وتخريج وتعليق حممد
ف�ؤاد عبد الباقي -اجلزء الثالث -دار الفكر للطباعة والن�شر والتوزيع -بدون تاريخ �ص.418 .
( )2وثائق �سيدي حممد بناين � :شرح الهواري� ،ص.32 .
( )3حممد بن معجوز :و�سائل الإثبات يف الفقه الإ�سالمي� ،ص.337 .
( )4احلكم عدد 152بتاريخ 26جمادي الثانية - 1344ق�ضية رقم - 737من�شور باملجلد الأ ول للأ حكام ال�صادرة
عن جمل�س اال�ستئناف ال�شرعي الأ على -مطبعة ف�ضالة � - 1999ص.592 .
179
نخل�ص مما ذكر �أن للتاريخ �أهمية كربى يف ف�ض الكثري من النزاعات ،لهذا جند
امل�شرع يف املر�سوم الأ خري ا�ستوجب ذكــره
بال�ساعة واليوم وال�شهر وال�سنة ،بالتقومي الهجري وامليالدي ،و�أن يكتب باحلروف
والأ رقام.
املبحث الرابع
البيانات املتعلقة مب�ستندات املحررات العدلية
تقوم املحررات العدلية على بع�ض امل�ستندات واملوجبات التي ينبغي ذكرها مع حتديد
بياناتها بكل تدقيق.
فقد ن�صت الفقرة الأ وىل من املادة 18من مر�سوم � 28أكتوبر 2008بهذا اخل�صو�ص
على ما يلي :
« يتعني على العدل عند تلقي ال�شهادات مراعاة ال�شروط املقررة ،وكذا ا�ستح�ضار
امل�ستندات الالزمة».
ف� إذا �أخذنا على �سبيل املثال ر�سم الزواج ،وجب ذكر البيانات املتعلقة بال�شهادة
الإدارية ،وورقة التعريف الوطنية ،وال�شهادة الطبية ،والإذن � إذا كانت احلالة تقت�ضي
ذلك.
و� إذا تعلق الأ مر بعقار غري حمفظ ،وجب الإ�شارة � إىل الر�سوم املثبتة لأ �صل امللكية
ومطالبة البائع با�ستح�ضار �شهادة � إدارية ت�شري � إىل �أن العقار لي�س ملكا جماعيا �أو
حب�سيا ولي�س من �أمالك الدولة(.)1
وعندما يتم الإ�شارة � إىل امل�ستندات ،ينبغي على العدول ذكر رقمها وتاريخها والدائرة
التي �أقيمت فيها ومراجع الت�سجيل(.)2
ونظرا ملا لر�سوم الإراثة من �أهمية فقد �أوجب امل�شرع على العدول ذكر الورثة
الرا�شدين واملحجورين مع �ضرورة الإ�شارة � إىل موجب الإي�صاء �أو التقدمي ،وذكر عدده
وتاريخه ،وا�سم املحكمة التي حرر بها حتى ي�سهل الرجوع � إليه عند االقت�ضاء(.)3
( )1الفقرة الثانية من املادة 18من مر�سوم � 28أبريل .2008
( )2الفقرة ال�سابعة من املادة 19من مر�سوم � 28أبريل .2008
( )3الفقرة ال�ساد�سة من الف�صل اخلام�س من املن�شور ،عدد .14714
180
نخل�ص مما �سبق� ،أن املحررات العدلية لكي تكون �صحيحة ،ينبغي �أن تت�ضمن كافة
امل�ستندات التي ي�ستلزمها امل�شرع ،مع ذكر بياناتها بكل دقة .و�أي تق�صري بهذا ال�ش�أن
�سيعر�ض العدل للم�س�ؤولية.
املبحث اخلام�س
البيانات املتعلقة بتوقيعات العدول
واملخاطبة على ال�شهادة امل�ؤداة
من البيانات التي يتطلبها امل�شرع ل�صحة الوثيقة ،توقيع العدلني اللذين قاما بتلقي
ال�شهادة وحتريرها ،وخطاب قا�ضي التوثيق عندما يكون العدالن قد �أديا �شهادتهما
عنده ،وعليه �سندر�س هذا املبحث يف مطلبني كالتايل :
املطلب الأ ول :توقي ــع العدليـن
املطلب الثاين :املخاطبة على ال�شهادة امل�ؤداة
181
وينبغي على العدلني عند و�ضع توقيعيهما �أن يكتب ا�سمه الكامل بخط وا�ضح(.)1
واملالحظ �أنه بالرجوع � إىل بع�ض املحررات ،جند �أن بع�ض العدول ال يحرتمون هذه
املقت�ضيات � إذ غالبا ما يتم ذلك بطريقة خمتزلة وغام�ضة ،ال ت�ستجيب للغاية التي
توخاها امل�شرع من وراء ا�شرتاط كتابة �أ�سماء العدول بو�ضوح ،والتي هي ت�سهيل معرفة
�أوالئك الذين تلقوا ال�شهادة وحرروها .لهذا نقرتح يف هذا ال�ش�أن �أن ي�ستعمل كل عدل
خامتا يت�ضمن ا�سمه بالكامل و�صفته وعنوان مكتبه.
املطلب الثاين
املخاطبة على ال�شهادة امل�ؤداة
كانت الوثائق العدلية قبل �صدور ظهري 7يوليوز 1914املتعلق بتنظيم الق�ضاء ال�شرعي
يف بالدنا ت�أتي خالية من خطاب القا�ضي � ،إال �أن الفقرة الثالثة من الف�صل الرابع من
اجلزء الثالث من هذا الظهري �أوجبت هذا الإجراء وجعلت كل وثيقة خالية منه بعد
�صدوره غري تامة وال ميكن االحتجاج بها(.)2
ويتم اخلطاب ح�سب املادة 38من مر�سوم � 28أكتوبر 2008بال�صيغة التالية « :احلمد
هلل �أعلم ب�أداءها ومراقبتها» وحتى يتمكن القا�ضي من املخاطبة على الر�سوم البد �أن
ت�ؤدى ال�شهادات عنده.
فالأ داء ي�أتي بني مرحلتني ،مرحلة حترير ال�شهادة ومرحلة املخاطبة عليها .ف� إذا
مل تتم عملية الأ داء تبقى هذه ال�شهادة ال قيمة لها ،و� إذا متت من قبل العدلني ،ف� إن
ال�شهادة متر � إىل مرحلة املخاطبة التي ت�ضفي عليها ال�صفة الر�سمية.
واخلطاب ح�سب الفقرة الأ وىل من املادة 38ال�سابقة الذكر يجب �أن يتم مبداد �أ�سود
غري قابل للمحو و�أن ي�ضع قا�ضي التوثيق توقيعه مقرونا با�سمه مع و�ضع الطابع والإ�شارة
( )1كانت الفقرة اخلام�سة والع�شرون من الف�صل التا�سع من املن�شور عدد 14714تن�ص يف هذا ال�ش�أن على ما يلي :
«يجب على كل عدل بعد و�ضع عالمته يف ال�صك �أو يف كنا�ش جيبه �أو يف كنا�ش رفيقه �أن يحل عالمته وذلك
بكتابة ا�سمه وا�سم �أبيه وجده ولقبه �أو ن�سبه �أ�سفل العالمة بخط وا�ضح».
( )2تن�ص هذه الفقرة على ما يلي :
« ...مت يعلم القا�ضي على العقد ومي�ضيه وي�ضع خامته وي�ضمنه بكنا�ش املحكمة بظرف ثالثة �أيام من يوم
ترجيع الر�سم ل�صاحبه من طرف املوظف الذي قب�ض الأ داء.»...
182
� إىل تاريخ اخلطاب( )1وذلك خالل �أجل ال ينبغي �أن يتعدى �ستة �أيام من تاريخ الت�ضمني
كما ينبغي �أن يكتب اخلطاب بخط يد قا�ضي التوثيق ،ف� إذا جاء بخط �شخ�ص �آخر كان
الق�ضاء يق�ضي ببطالنه ،ون�شري يف هذا ال�ش�أن � إىل قرار �صدر عن حمكمة اال�ستئناف
بالرباط بتاريخ � 22أبريل 1936حيث �أبعدت ر�سم ملكية لكون عبارة اخلطاب كتبت بنف�س
اخلط الذي كتب به م�ضمون الر�سم مما يدل على �أنها متت بوا�سطة �شخ�ص �آخر غري
القا�ضي(.)2
و� إذا كان الأ �صل �أن ي�أتي اخلطاب يف الر�سم نف�سه ،فما هو احلل عندما ي�ستغرق
االتفاق الر�سم بكامله ؟
يجوز يف هذه احلالة كتابة اخلطاب على ورقة �أخرى � ،إال �أنه ينبغي اتخاذ االحتياطات
الالزمة حتى ال يتم � إل�صاق هذا اخلطاب بر�سم �آخر غريب .لهذا يجب �أن ي�شار يف
الورقة امل�ضافة � إىل ما يثبت الر�سم الذي من �أجله مت هذا اخلطاب.
ويف هذا ال�ش�أن �أبعد جمل�س اال�ستئناف ال�شرعي يف قراره ال�صادر بتاريخ 19نونرب
1916ر�سم ملكية من دائرة الإثبات لأ ن اخلطاب مل يرد يف نف�س الر�سم ،بل مت على ورقة
�أل�صقت بالر�سم ومل تت�ضمن � إ�شارة � إىل الر�سم الذي من �أجله و�ضع هذا اخلطاب(.)3
املبحث ال�ساد�س
البيانات املتعلقة بالتعريف
بال�شهادة غري امل�ؤداة
كانت الر�سوم ال�صادرة قبل ظهري 7يوليوز 1914غري م�ؤداة عند القا�ضي ،لأ ن
اخلطاب مل يكن مفرو�ضا �آنذاك .وكانت هذه الر�سوم تعر�ض على �أنظار املحاكم
لالحتجاج بها بعد �صدور الظهري املذكور ،فكيف تعامل الق�ضاء مع هذه الو�ضعية ؟
(� )1سئل القا�ضي �أبو عبد اهلل املكنا�سي عن حكم ر�سم ا�ستظهر به � إن�سان وعليه خطاب غري م�ؤرخ ،و�أن القا�ضي
املخاطب مات معزوال ،فادعى املحتج عليه بهذا الر�سم �أن اخلطاب مت بعد العزل ،يف حني �صرح املدعى �أنه
مت قبل العزل .فكان جواب هذا القا�ضي �أنه � إذا مل يكن للخطاب تاريخ يعلم به قدمه على عزله مل يعمل به
وال يلتفت � إليه.
( )2قـرار حمكمة اال�ستئناف بالرباط �صادر بتاريخ � 22أبريل ،1936من�شور مبجلة املحاكم املغربية رقم .695
( )3قرار جمل�س اال�ستئناف ال�شرعي �صادر بتاريخ 19نونرب 1916من�شور يف :
Recueil de Jurisprudence chérifienne. Louis Milliot, Tome II, p. 181.
183
�صدر عن حمكمة اال�ستئناف بالرباط قراران يعك�سان موقفها من هذا املو�ضوع.
ففي قرارها ال�صادر بتاريخ 22نونرب 1927جندها �سارت يف اجتاه ال يخلو من خطورة،
حيث ق�ضت ب�إبعاد حمرر عديل غري خماطب عليه رغم � إنه مت قبل �صدور ظهري 7يوليوز
.)1(1914وهذا االجتاه من �ش�أنه �أن يحرم العديد من الأ فراد من ر�سوم كانوا يعولون
عليها يف � إثبات حقوقهم ،ويتنافى مع مقت�ضيات العدالة والإن�صاف ،وغاية التوثيق التي
هي حفظ احلقوق و�صونها.
وبعد مرور � 12سنة تقريبا من �صدور القرار ال�سابق ،تراجعت حمكمة اال�ستئناف
بالرباط عن موقفها ،وق�ضت يف قرارها ال�صادر بتاريخ 27دجنرب ،1939ب�أن الر�سوم
التي متت قبل �صدور ظهري 7يوليوز ،1914واملوقع عليها من طرف عدلني ،تكون �صحيحة
رغم عدم املخاطبة عليها � إذا مت التعريف بتوقيعي العدلني( .)2وانطالقا من هذا القرار
الأ خري� ،أ�صبحت مقت�ضيات الظهري ال�سابق ال تطبق � إال على املحررات العدلية التي متت
بعد �صدوره ،ومل يكن الق�ضاء املغربي يرتدد يف � إبطال كل حمرر جاء خاليا من خطاب
القا�ضي ،وهذا ما ق�ضى به املجل�س الأ على يف قرارين له ،الأ ول �صادر بتاريخ 11مار�س
،)3(1970والثاين يف 2يوليوز .)4(1985
لهذا ف� إن الر�سوم القدمية التي متت قبل �صدور الظهري املذكور والتي مل تكن حتمل
خطاب القا�ضي البد لالعتداد بها من التعريف بخطوط و�أ�شكال عدولها.
وعليه �سنق�سم هذا املبحث � إىل ثالثة مطالب نخ�ص�ص الأ ول مل�سطرة التعريف
باخلطوط والأ �شكال عند املوثقني ال�سابقني ،والثاين مل�سطرة التعريف بالعدول
املن�صو�ص عليها يف املادة 21من مر�سوم ،2008ونخ�ص�ص الثالث لنموذجني للتعريف
بالعدول.
( )1قرار حمكمة اال�ستئناف بالرباط �صادر بتاريخ 22نونرب 1927من�شور مبجلة املحاكم املغربية عدد .298
( )2قرار حمكمة اال�ستئناف بالرباط عدد � 259صادر بتاريخ 27دجنرب ،1939وارد يف مقال هرني برينو ال�سابق،
�ص.136 .
( )3قرار مدين عدد � 45صادر بتاريخ 11مار�س 1970من�شور مبجلة ق�ضاء املجل�س الأ على عدد ،16ال�سنة الثانية،
�أبريل � ،1970ص.40 .
( )4قرار عدد � 920صادر بتاريخ 2يوليوه - 1985من�شور مبجلة ق�ضاء املجل�س الأ على -ال�سنة الثانية ع�شرة،
دجنرب - 1987العدد � ،40ص.140 .
184
املطلب الأ ول
م�سطرة التعريف باخلطوط
والأ �شكال عند املوثقني ال�سابقني
حظي مو�ضوع التعريف باخلطوط والأ �شكال من قبل ه�ؤالء املوثقني باهتمام كبري،
ويف هذا ال�ش�أن قال املتيطي :
«ال تقبل ال�شهادة على اخلط � إال من الفطن العارف باخلطوط وممار�ستها ،وال
ي�شرتط فيه �أن يكون �أدرك ذا اخلط.)1(»...
وعندما ال يكون ال�شاهد قد عا�صر �صاحب اخلط ومل يكن يعرفه وتعرف عن خطه
فقط ،فال ينبغي عليه عندما يحرر ر�سم التعريف �أن ي�شري ب�أنه كان بو�سم العدالة وقبول
ال�شهادة ،وهذا ما �أ�شار � إليه ناظم العمل الفا�سي :
م ــوت بو�س ــم ما علي ــه ع ـ ـ ــدال و�شــاع يف الرفــع ال�شه ــادة على
بجهله فاخلــط يكفــي �شاهـ ــده وذاك مم ــا لي ــ�س فيه فائـ ـ ــدة
()2
نعرف من �أحوالهم ما جهـال ف� إنن ــا نـ ـع ـ ــرف خط ـهـ ـ ـ ــم وال
وقال القا�ضي ابن �سودة رحمه اهلل بهذا ال�ش�أن :
«علم حال ال�شاهد وقت �شهادته من عدالة وجرحة واال�ستمرار على ذلك من املتعذر،
وقد جرى العمل بالتنبيه عليه ،و� إن مل يعلم ف�إننا ن�شهد على خط من قبلنا وال ندري هل
كان عدال حني ال�شهادة وهل ا�ستمر على ذلك � إىل املمات �أم ال مع حتقق خطه .فال�شهادة
بذلك مع جهله مما ال فائدة له».
وقال ابن فرحون � إن الإ�شارة يف وثيقة التعريف � إىل �أن ال�شاهد كان بو�سم العدالة
وقبول ال�شهادة يف تاريخ ال�شهادة املذكورة وبقي على ذلك � إىل �أن تويف �أو � إىل �أن غاب
يكون مطلوبا � إذا كان ال�شاهد يعلم عدالة �صاحب اخلط� ،أما � إذا مل يكن يعلم ذلك �أي
بعدالة �صاحب اخلط واال�ستمرار على ذلك � إىل حني تاريخ ال�شهادة فعليه �أن ميتنع عن
ذلك ،و�أ�شار �أي�ضا � إىل �أن النا�س �أ�صبحوا يت�ساهلون يف ذلك ويكتبون ذلك يف وثائقهم
( )1النوازل اجلديد الكربى ملوالي املهدي الوزاين ،ج .التا�سع� ،ص.184 .
( )2املجموع الكامل للمتون ،املرجع ال�سابق �ص .572
185
حتى ولو مل يكونوا يعلمون بعدالة �صاحب اخلط ولهذا ينبغي اعتبار ذلك من قبيل
التلفيف الذي يجب �أن يلغى من الوثيقة(.)1
ويجب �أن ي�شهد على اخلط �أو ال�شكل عدالن ،وهذا ما ن�صت عليه حتفة ابن
عا�صم :
فــيه بعـ ــدلني ويف املال اقتفـ ــى وخط عدل مات �أو غاب اكتفى
()2
يف كل �شــيء وبـه الآن العمــل واحلب�س �أن يقدم وقيل يعتم ــل
وما جاء �أي�ضا يف العمل الفا�سي :
عا�صر �أو �سواه من �أهل الزمن ورفع عــدلني على خط ــوط من
()3
من الر�س ــوم وتال�شــت بفنــا وعـ ـ ــدم احلكـم بــما قد عين ـ ــا
وهذا ما �أفتى به �أبو احل�سن ال�صغري( )4وما ذهب � إليه ال�شيخ �أبو ال�شتاء بن احل�سن
العازي احل�سيني(.)5
ولهذا ف� إذا حرر العدل ال�شهادة وو�ضع �شكله عليها ،لكن حال مانع من املوانع دون
�أدائها عند القا�ضي للخطاب عليها ب�أن مات �أو غاب �أو عزل ،ف�إن �شهادته هذه ال تكون
لها قيمة � إال � إذا مت التعريف بها من قبل عدلني اثنني.
وبالإ�ضافة � إىل ما �سبق يجب �أن ي�ضع العدالن �شكليهما على وثيقة الرفع ،مع ذكر
ا�سميهما حتى ميكن للخ�صم الإعذار فيهما عند االقت�ضاء(.)6
كما يجب �أن يكون الرافع على اخلط ذا فطنة ونباهة( )7و�أن يكون له خربة ودراية
ب�أ�شكال العدول وخطوطهم( .)8ويف هذا ال�ش�أن ن�شري � إىل ما جاء عن ال�شيخ � إبراهيم
(� )1شرح العمل الفا�سي ملحمد ال�سجلما�سي الرباطي ،اجلزء الثاين� ،ص.308 .
( )2املجموع الكامل للمتون ،املرجع ال�سابق� ،ص.486 .
( )3املجموع الكامل للمتون ،املرجع ال�سابق� ،ص.572 .
(� )4شرح العمل الفا�سي ،املرجع ال�سابق� ،ص.315,
( )5التدريب على حترير الوثائق العدلية� -أبو ال�شتاء بن احل�سن الغازي احل�سبي ،اجلزء الثاين� ،ص.712 .
( )6التدريب على حترير الوثائق العدلية ،اجلزء الثاين� ،ص.454 .
(� )7شرح الزرقاين يف خمت�صر ال�شيخ خليل ،اجلزء ال�سابع� ،ص.184 .
( )8التدريب على حترير الوثائق العدلية ،اجلزء الثاين� ،ص.453 .
186
بن هالل يف الدر النثري عن ابن عرفة �أن القا�ضي ابن عبد ال�سالم منع �أحد ال�شهود
من الرفع على خط �شاهد متوفى ،ف�أخربه ب�أن �سبب منعه من ذلك لي�س لأ نه مل يدرك
�صاحب هذا اخلط املراد التعريف به ،بل لكونه ال معرفة له باخلطوط(.)1
ويجب على الرافع على اخلط �أن يعرف اخلط معرفة تامة ،ويت�أكد من �أنه غري مزور
عليه.
و�أخريا ينبغي �أن يكون �سبب التعريف باخلط �أو ال�شكل هو وفاة ال�شاهد �أو غيبته
غيبة بعيدة �أو عزله من اخلطة(.)2
وقبل االنتهاء من احلديث عن موقف املوثقني ال�سابقني من عملية التعريف باخلطوط
والأ �شكال ،ن�شري � إىل �أن الأ ئمة اختلفوا يف حتديد جمال � إعمال ال�شهادة على اخلط،
فح�سب مطرف وابن ماج�شون ف� إنها ال جتوز � إال يف الأ موال .وقال ابن �سهل ال جتوز هذه
ال�شهادة � إال يف الأ حبا�س� ،أما ابن ر�شد ف�أجازها يف الأ حبا�س وما جرى جمراها( .)3وقال
ابن زرب « :ال�شهادة على اخلط جائزة يف مذهب مالك رحمه اهلل يف جميع الأ �شياء»(.)4
وقال البع�ض يعمل ب�شهادة العدلني على اخلط يف كل �شيء حتى يف النكاح والطالق
واحلدود وهذا ما جرى به العمل(.)5
املطلب الثاين
م�سطرة التعريف بالعدل
وفق املادة 21من مر�سوم � 28أكتوبر 2008
187
ذوي امل�صلحة – عدلني للتعريف به مع � إدراج ن�ص ال�شهادة مو�ضوع التعريف يف مذكرة
احلفظ لأ حد العدلني املعرفني �ضمن �شهادة التعريف ثم يحرر ر�سم بذلك وي�ضمن
ب�سجل الت�ضمني يعترب ر�سم التعريف بعد اخلطاب عليه مبثابة �أ�صل.»...
�أ�شارت هذه املادة � إىل احلالة التي تلقى فيها العدل ال�شهادة بكيفية قانونية و�أدرجها
يف كنا�ش اجليب �أويف مذكرة احلفظ ووقع عليها ثم توفى �أو زالت عنه �صفة االنت�صاب
� إىل اخلطة �أو انتقل �أو فقد �أهليته �أو عاقه عائق �آخر عن �أداء ال�شهادة عند قا�ضي
التوثيق .ولقد و�ضع امل�شرع لهذه احلالة م�سطرة للتعريف بهذا العدل وهي كالتايل :
- 1يجب على �صاحب امل�صلحة �أن يقدم طلبا � إىل قا�ضي التوثيق ،يعرب فيه عن
رغبته يف احل�صول على ر�سم ب�شهادته التي مل ت�ؤد �أمامه.
- 2يقوم قا�ضي التوثيق باالطالع على هذه ال�شهادة املدونة يف مذكرة احلفظ ،للت�أكد
من كونها تتوفر على جميع ال�شروط املطلوبة مبا فيها توقيع العدلني.
- 3يف حالة كون ال�شهادة �صحيحة ،يكلف قا�ضي التوثيق عدلني للقيام بالتعريف
بالعدل �صاحب ال�شهادة غري امل�ؤداة.
واملالحظ هنا �أن امل�شرع يف املادة 21ا�ستعمل تعبري «التعريف بالعدل» عو�ض ما كان
ي�ستعمله الفقهاء واملوثقون ال�سابقون «التعريف بخطوط و�أ�شكال العدول» وهذا راجع
� إىل كون اخلطة قدميا مل تكن منظمة كما هو ال�ش�أن حاليا .فلم يكن العدول يعينون
بقرار من وزير العدل ،ومل يكونوا ي�ضعون �أ�شكالهم بكتابة �ضبط املحكمة ومل تكن
لهم مذكرات حفظ ،ومل تكن هناك �سجالت لت�ضمني ال�شهادات ،وهذا كله جعل مهمة
التعريف بال�شهادات �سابقا مهمة �صعبة ،وا�ستدعى نوعا من االحتياط حتى ال يت�سبب
هذا التعريف يف �ضياع حقوق النا�س و�أموالهم .لهذا جند املعرف بال�شهادة يبحث �أوال
يف ال�شاهد هل كان فعال بو�سم العدالة وقبول ال�شهادة وا�ستمر على هذه احلال � إىل
تاريخ � إيقاع �شهادته .ثم يت�أكد بعد ذلك من كون اخلط الذي كتب به الر�سم هو خطه،
وال�شكل املو�ضوع �أ�سفل ال�شهادة هو �شكله.
�أما بالن�سبة للحالة التي �أ�شارت � إليها املادة ،21ف�إن م�سطرة التعريف بالعدل املطلوبة
لي�ست �صعبة ،وهذا راجع � إىل التنظيم الدقيق الذي �أ�صبحت تعرفه خطة العدالة.
فعملية التعريف هذه ال تن�صب على العدل نف�سه طاملا �أنه معني بقرار من وزير العدل،
وال تن�صب على خط ال�شاهد لأ ن ال�شهادة ال تكتب دائما بخطه يف مذكرة احلفظ ،فقد
تكتب بخط زميله يف مذكرة حفظه ويقت�صر دوره هو يف التوقيع على هذه ال�شهادة يف
188
احلالة التي يكون فيها التلقي قد مت من قبل العدلني معا يف �آن واحد ،بل تن�صب عملية
التعريف على توقيع هذا العدل وهذا لي�س �أمرا �صعبا لأ ن توقيعه موجود يف مذكرات
حفظه ،وكذلك يف كتابة �ضبط القا�ضي املكلف بالتوثيق الذي كان معينا بدائرة نفوذه.
ومن بني الإجراءات التي ينبغي على العدلني القيام بها طبقا للمادة 21من املر�سوم
املذكور :
� -إدراج �شهادة التعريف يف مذكرة �أحد العدلني املعرفني ،وهذه ال�شهادة يجب
الن�ص فيها على ال�شهادة املراد التعريف بها.
-حترير ر�سم يت�ضمن �شهادة التعريف.
-ت�ضمني ر�سم التعريف ب�سجل الت�ضمني.
-تقدمي ر�سم التعريف لقا�ضي التوثيق للمخاطبة عليه.
-ت�سليم هذا الر�سم املعترب مبثابة الأ �صل � إىل املعني بالأ مر.
املطلب الثالث
منوذجان للتعريف بالعدول
حتى يتم الوقوف على كيفية حترير ر�سوم التعريف ،ن�سوق هنا منوذجني يتعلق الأ ول
بالتعريف بعدل من خالل ر�سم ،والثاين بالتعريف بعدل من خالل مذكرة احلفظ،
وذلك يف فقرتني :
الفقرة الأ وىل :منوذج للتعريف بعدل من خالل ر�سم
احلمد هلل يف ال�ساعة ...من يوم ...وبعد التكليف ال�صادر عن قا�ضي التوثيق حتت
عدد ...بتاريخ ....بناء على طلب ال�سيد ....باعتباره طرفا يف ال�شهادة ،تلقينا مبكتبنا
طلب � إ�شهاد بالتعريف املدرج مبذكرة احلفظ للعدل الأ ول رقم ...عدد� ...صحيفة ...ن�ص
الر�سم املل�صق �أعاله يليه ن�صه :
«احلمد هلل وحده مبقطع عدد ...عن � إذن من يجب �سدده اهلل بعدد ...يعرف الوا�ضع
�شكله عقب تاريخه ال�سيد ...ال�ساكن بكذا ...املعرفة الكافية بها ومعها ي�شهد ب�أن له
وبيده ويف ملكه ماال من ماله وملكا تاما من جملة �أمالكه جميع قطعة �أر�ضية ت�سمى...
الكائنة ...يحدها قبلة ...وغربا ...وميينا ....و�شماال ...م�ساحتها التقريبية....
189
يت�صرف فيها ت�صرف املالك يف ملكه وذي املال ال�صحيح يف ماله .كان ين�سبها لنف�سه
والنا�س ين�سبونها � إليه هذه مدة من� ...سنة �سلفت عن تاريخه .من غري منازع نازعة
فيها طوال املدة املذكورة وال يعلمه باعها وال وهبها وال ت�صدق بها وال فوتها وال خرجت
عن ملكه بناقل �شرعي � إىل الآن كل ذلك يف علمه و�صحة يقينه علم ذلك باملجاورة وبه
قيد �شهادته م�س�ؤولة منه ل�سائلها وحرر يف....
وعبد ربه ب�شكله. عبد ربه ب�شكله.
احلمد هلل اخلط والعالمة الأ وىل هي للعدل ....والعالمة الثانية العاطفة عليه هي
للعدل ...كالهما كانا يف التاريخ املذكور من العدول املنت�صبني لل�شهادة بدائرة املحكمة
االبتدائية � ...إىل �أن تويف الأ ول رحمه اهلل وغاب الثاين غيبة توجب الرفع على خطه.
�شهد بذلك عارفاهما معرفني بهما وحرر بتاريخ...
عبد ربه ب�شكله عبد ربه ب�شكله
احلمد هلل �أعلم ب�أدائها ومراقبتها
191
"
."
:
27 1 -
98 93 -
118 115 -
. 171 -