Professional Documents
Culture Documents
ﻣﻠﺧص
ﺗﻘوم ھذه اﻟدراﺳﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺑﺣث ﻓﻲ ﺑﻧﯾﺔ اﻟﺳﯾر ذاﺗﻲ ﻓﻲ ﻛﺗﺎب "اﻟﻣﻧﻘذ ﻣن
ﺑوﺻﻔﮫ ﻧﺻﺎ ﺳردﯾﺎ ﯾﻌﻛس ﺟﺎﻧﺑﺎ ﻣن، اﻟﺿﻼل" ﻷﺑﻲ ﺣﺎﻣد اﻟﻐزاﻟﻲ
.ورﺣﻠﺗﮫ ﻟﻠﺑﺣث ﻋن اﻟﯾﻘﯾن، ﺣﯾﺎة اﻟﻐزاﻟﻲ اﻟﻔﻛرﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
.
. ﺳﯾر ذاﺗﻲ؛ ﻣﻧﻘذ ﻣن اﻟﺿﻼل"؛ أﺑو ﺣﺎﻣد اﻟﻐزاﻟﻲ؛ ﺳرد:اﻟﻜﻠﻤﺎت اﻟﻤﻔﺘﺎﺣﯿﺔ
* ﺻﺒﺎح ﻏﺮاﻳﺒﻴﺔ
Abstract Résumé
This study is based on research in the structure of Cette étude est basée sur la recherche dans la
the self-biography in the book of Abu Hamid al- structure de l' auto-biographie dans le livre d'Abu
Ghazali named "Savior of the illusion" .Car it Hamid al-Ghazali nommé "Sauveur de
represents a narrative text that shows a part of the l'illusion".Car il représente un texte narratif qui
intellectual life and al-Ghazali's scientist. And his montre une partie de la vie intellectuelle et
journey in search of certainty. scientifique d'al- Ghazali.Et son voyage à la
recherche de la certitude.
Keywords: structureself-biography; Savior of
the illusion; of Abu Hamid al-Ghazali; certainty.
Mots clés structure.auto-biographie; 'al- Ghazali.;
Sauveur de l'illusion;la certitude.
– Iﻣﻘﺪﻣﺔ
ﺗُﺣﺳب اﻟﺳﯾرة اﻟذاﺗﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻧون اﻷدﺑﯾﺔ اﻟﻧﺛرﯾﺔ ذات اﻟطﺎﺑﻊ اﻟﺗوﺛﯾﻘﻲ؛ﻷﻧﮭﺎ
ﺗﻌﻛس ﺟﺎﻧﺑﺎ ﻣن ﺣﯾﺎة اﻟﻔرد ،وﺗﻘدم ﻟﻣﺣﺔ ﻋن اﻷﺟواء اﻟﻔﻛرﯾﺔ واﻷدﺑﯾﺔ اﻟﺳﺎﺋدة ﻓﻲ
ﻋﺻره ،اﻟﺗﻰ ﺳﺎھﻣت ﻓﻲ ﺻﻘل ﺗﺟﺎرﺑﮫ وﺗﺣدﯾد ﻣواﻗﻔﮫ ورﺳم ﻣﺑﺎدﺋﮫ وﺗوﺟﮭﺎﺗﮫ .ﻓﮭل
ﯾﻣﻛن أن ﺗُﺗﻠﻣس ﺑﻌض ﻣن ﻣﻼﻣﺢ اﻟﻧص اﻟﺳﯾرذاﺗﻲ ﻓﻲ ﻛﺗﺎب "اﻟﻣﻧﻘذ ﻣن اﻟﺿﻼل "
. ﻷﺑﻲ ﺣﺎﻣد اﻟﻐزاﻟﻲ،وﻣﺎھﻲ أﺑﻌﺎدھﺎ وأطرھﺎ اﻟﻌﺎﻣﺔ
أوﻻ :أﺑو ﺣﺎﻣد اﻟﻐزاﻟﻲ ﻧﺷﺄﺗﮫ وﻣؤﻟﻔﺎﺗﮫ :1وﻟد أﺑو ﺣﺎﻣد ﻣﺣﻣد ﺑن ﻣﺣﻣد ﺑن ﻣﺣﻣد
اﻟﻐزاﻟﻲ ،ﺳﻧﺔ )450ھـ 1058-م ( ﻓﻲ اﻟطﺎﺑران) ،ﻗﺻﺑﺔ طوس،ﺑﺧراﺳﺎن (.وﺗﻠﻘﻰ
ﻣﺑﺎدئ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ و اﻟﻔﻘﮫ ﻓﻲ ﺑﻠده ﻋﻠﻰ اﻹﻣﺎم" أﺣﻣد ﺑن ﻣﺣﻣد اﻟراذﻛﺎﻧﻲ" ،ﺛم اﻧﺗﻘل
إﻟﻰ ﺟرﺟﺎن وھو دون اﻟﻌﺷرﯾن ،ودرس ﻋﻠﻰ اﻹﻣﺎم أﺑﻲ اﻟﻘﺎﺳم إﺳﻣﺎﻋﯾل ﺑن ﻣﺳﻌده
اﻹﺳﻣﺎﻋﯾﻠﻲ ،ﺛم ﻋﺎد إﻟﻰ طوس وﻣﻛث ﺑﮭﺎ ﺛﻼث ﺳﻧﯾن ،ارﺗﺣل ﺑﻌدھﺎ إﻟﻰ ﻧﯾﺳﺎﺑور
وﻻزم إﻣﺎم اﻟﺣرﻣﯾن " ﻋﺑد اﻟﻣﻠك ﺑن ﻋﺑد ﷲ اﻟﺟوﯾﻧﻲ "؛ اﻟذي وﺟد ﻓﯾﮫ اﻟﻣﻌرﻓﺔ ﺑﻛل
أﺑﻌﺎدھﺎ وﺷﻣوﻟﮭﺎ ،وأﺧذ ﻋﻧﮫ اﻟﻔﻘﮫ ،واﻷﺻول ،واﻟﺟدل ،واﻟﻣﻧطﻖ،واﻟﻔﻠﺳﻔﺔ.وﺑﻌد وﻓﺎة
إﻣﺎم اﻟﺣرﻣﯾن ؛ﺗﺎﻗت ﻧﻔس اﻹﻣﺎم إﻟﻰ ﻣﺟﺎﻟس اﻟﻣﻠك اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﻧدوات ﻋﻠﻣﯾﺔﺟﺎﻣﻌﺔ ،وﻗد
اﺳﺗطﺎع أن ﯾﺑﮭر اﻟﺟﻣﯾﻊ ﺑﺳﻌﺔ ﻋﻠﻣﮫ وﺳرﻋﺔ ﺑدﯾﮭﺗﮫ ﻣﻣﺎ ﻣﻸ ﻗﻠب اﻟﻣﻠك إﻋﺟﺎﺑﺎ ،ﻓﻌﯾﻧﮫ
ﻣدرﺳﺎ ﻓﻲ اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻧظﺎﻣﯾﺔ ﻓﻲ ﺑﻐداد أﻛﺑر ﺟﺎﻣﻌﺔ إﺳﻼﻣﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم اﻹﺳﻼﻣﻲ آﻧذاك
،وﺑﻘﻲ ﻓﯾﮭﺎ أرﺑﻊ ﺳﻧوات )484ھـ488-ھـ( ﻗﺿﺎھﺎ ﻓﻲ درﯾس واﻟﺗﺄﻟﯾف ﻓﻲ اﻟﻔرق
اﻷرﺑﻌﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻘﺎﺳﻣت اﻟﺳﺎﺣﺔ اﻟﻔﻛرﯾﺔ آﻧذاك ﻣن ﻣﻌﺗزﻟﺔ ،و ﺑﺎطﻧﺔ ،وﻓﻼﺳﻔﺔ ،وﺻوﻓﯾﺔ
.
-رﺣل اﻟﻐزاﻟﻲ وارﺗﺣل ﻣن ﺑﻐداد إﻟﻰ ﻧﯾﺳﺎﺑور و إﻟﻰ دﻣﺷﻖ واﻟﺣﺟﺎز واﻟﻘدس .ﻓﻲ
رﺣﻠﺔ ﻟﻠﺑﺣث ﻋن اﻟﯾﻘﯾن ،ﻋﺎد ﺑﻌدھﺎ إﻟﻰ طوس ،اﻟﺗﻲ ﻟﺑث ﻓﯾﮭﺎ ﺑﺿﻊ ﺳﻧﯾن ﺣﺗﻰ ﺗُوﻓﻲ
ﯾوم اﻻﺛﻧﯾن 14ﺟﻣﺎدى اﻵﺧرة 505ھـ ،اﻟﻣواﻓﻖ 19دﯾﺳﻣﺑر 1111م .ﻣﺧﻠﻔﺎ وراءه إرﺛﺎ
ﻓﻛرﯾﺎ وﻣﻌرﻓﯾﺎ ھﺎﺋﻼ ﻣﻣﺎ ﺟﻌل اﻟﻣﺳﺗﺷرﻗﯾن ،اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن واﻟﻣﺣﻘﻘﯾن ﯾﺟﺗﮭدون ﻓﻲ ﺗﺣﻘﯾﻖ
ﻧﺳﺑﺗﮭﺎ إﻟﯾﮫ .وﻗد ﺣﺎول اﻟﺑﺎﺣث "اﻟدﻛﺗور ﻣﺷﮭد اﻟﻌﻼّف" إﺣﺻﺎءھﺎ ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ " ُﻛﺗُب
اﻹﻣﺎم اﻟﻐزاﻟﻲ اﻟﺛﱠﺎﺑت ِﻣﻧﮭﺎ واﻟﻣﻧﺣول" 2واﺳﺗﻘر ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺳﯾم ﻣﺎ ﺗوﺻﻠوا إﻟﯾﮫ إﻟﻰ
ﻗﺳﻣﯾن :
اﻟﻘﺳم اﻷول :ﻛﺗب اﻟﻐزاﻟﻲ اﻟﺛﺎﺑﺗﺔ اﻟﻧﺳﺑﺔ إﻟﯾﮫ ﻣﺻﻧﱠﻔﺔ ﺣﺳب اﻟﻣﺑﺎﺣث:
* اﻟﻔﻘﮫ :ﻟﮫ ﻛﺗﺎب "اﻟﺑﺳﯾط" " ،اﻟوﺳﯾط" "،اﻟوﺟﯾز" "،ﺧﻼﺻﺔ اﻟﻣﺧﺗﺻر وﻧﻘﺎوة
اﻟﻣﻌﺗﺻر""،ﻏﺎﯾﺔ اﻟﻐور ﻓﻲ دراﯾﺔ اﻟدور" " ،ﻏور اﻟدور"ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﺳرﯾﺟﯾﺔ ،
"اﻟﻔﺗﺎوى" "،ﻓﺗوى"و"ﺣﻘﯾﻘﺔ اﻟﻘوﻟﯾن".
* ﻋﻠم أﺻول اﻟﻔﻘﮫ :اھﺗم ﺑﻌﻠم اﻟﺧﻼف وطرق اﻟﻣﻧﺎظرة أو اﻟﺟدل
واﻟﺧﻼﻓﯾﺎت:ﻓﺄﻟف"اﻟﻣﻧﺧول ﻣن ﺗﻌﻠﯾﻖ اﻷﺻول" "،ﺗﮭذﯾب اﻷﺻول""،ﺷﻔﺎء اﻟﻐﻠﯾل ﻓﻲ
ﺧﯾل وﻣﺳﺎﻟك اﻟﺗﻌﻠﯾل""،اﻟﻣﺳﺗﺻﻔﻰ ﻣن ﻋﻠم اﻷﺻول"و "أﺳﺎس ﺷ َﺑﮫ واﻟ ُﻣ ِ
ﺑﯾﺎن اﻟ َ
اﻟﻘﯾﺎس".
*ﻋﻠم اﻟﺧﻼف وطرق اﻟﻣﻧﺎظرة :وﯾﺷﻣل ﻛﺗﺎب "ﻣﺂﺧذ اﻟﺧﻼف" " ،ﻟﺑﺎب
اﻟﻧظر""،ﺗﺣﺻﯾن اﻟﻣﺂﺧذ"" ،اﻟﻣﺑﺎدىء واﻟﻐﺎﯾﺎت" " ،ﻣﻘﺎﺻد اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ"و"ﺗﮭﺎﻓت
اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ".
*اﻟﻣﻧطﻖ:وﻟﮫ ﻓﯾﮫ ﻛﺗﺎﺑﺎن"ﻣﻌﯾﺎر اﻟﻌﻠم"و "ﻣﺣك اﻟﻧظر"
*ﻓﻲ ﻓﻘﮫ اﻵﺧرة واﻟزھد وﺗزﻛﯾﺔ اﻟﻧﻔس واﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻟروﺣﯾﺔ ،واﻻﺧﻼق وﻋﻠم اﻟﻧﻔس
واﻻﺟﺗﻣﺎع واﻟﺳﯾﺎﺳﺔ ﻟﮫ ﻋدة ﻣؤﻟﻔﺎت ھﻲ" :إﺣﯾﺎء ﻋﻠوم اﻟدﯾن" "،اﻹﻣﻼء ﻋﻠﻰ ﻣﺷﻛل
248
ﺗﻣظﮭرات اﻟﺳﯾر ذاﺗﻲ ﻓﻲ ﻛﺗﺎب "اﻟﻣﻧﻘذ ﻣن اﻟﺿﻼل " ﻷﺑﻰ ﺣﺎﻣد اﻟﻐزاﻟﻲ )450ھـ505-ھـ(
249
ﺻﺑﺎح ﻏراﯾﺑﯾﺔ
250
ﺗﻣظﮭرات اﻟﺳﯾر ذاﺗﻲ ﻓﻲ ﻛﺗﺎب "اﻟﻣﻧﻘذ ﻣن اﻟﺿﻼل " ﻷﺑﻰ ﺣﺎﻣد اﻟﻐزاﻟﻲ )450ھـ505-ھـ(
اﻟﺣﻛﺎﯾﺎت اﻟﺳردﯾﺔ
251
ﺻﺑﺎح ﻏراﯾﺑﯾﺔ
ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﺑﻌد اﻟﻔراغ ﻣن زﯾﺎرة اﻟﺧﻠﯾل ﺻﻠوات ﷲ وﺳﻼﻣﮫ ﻋﻠﯾﮫ ؛ ﻓﺳرت إﻟﻰ
اﻟﺣﺟﺎز.ﺛم ﺟذﺑﺗﻧﻲ اﻟﮭﻣم ،ودﻋوات اﻷطﻔﺎل إﻟﻰ اﻟوطن ،ﻓﻌﺎودﺗﮫ ﺑﻌد أن ﻛﻧت أﺑﻌد
اﻟﺧﻠﻖ ﻋن اﻟرﺟوع إﻟﯾﮫ .ﻓﺂﺛرت اﻟﻌزﻟﺔ ] ﺑﮫ [ أﯾﺿﺎ ً ﺣرﺻﺎ ً ﻋﻠﻰ اﻟﺧﻠوة ،وﺗﺻﻔﯾﺔ
اﻟﻘﻠب ﻟﻠذﻛر20..
-ﺗﺣدﯾد اﻟﺑﻌد اﻟروﺣﻲ واﻟﻔﻛري :اﺷﺗﻣﻠت رﺣﻠﺗﮫ اﻟروﺣﯾﺔ ﻋﻠﻰ أرﺑﻊ ﻣﺣطﺎت ﻣذھﺑﯾﺔ
وﻋﻠﻣﯾﺔ ،ذﻛرھﺎ ﻓﻲ ﻣﻘدﻣﺔ ﻛﺗﺎﺑﮫ ...":وأﺗوﻏل ﻓﻲ ﻛل ﻣظﻠﻣﺔ ،وأﺗـﮭﺟّم ﻋﻠﻰ ﻛل ﻣﺷﻛﻠﺔ
،وأﺗﻘﺣم ﻛل ورطﺔ ،وأﺗﻔﺣص ﻋن ﻋﻘﯾدة ﻛل ﻓرﻗﺔ ،وأﺳﺗﻛﺷف أﺳرار ﻣذھب ﻛل
طﺎﺋﻔﺔ ؛ ﻷﻣﯾز ﺑﯾن ُﻣﺣﻖ وﻣﺑطل ،وﻣﺗﺳﻧن وﻣﺑﺗدع ،ﻻ أﻏﺎدر ﺑﺎطﻧﯾ�ﺎ إﻻ وأﺣب أن أطﻠﻊ
ﻋﻠﻰ ﺑﺎطﻧﯾﺗﮫ ،وﻻ ظﺎھرﯾّﺎ ً إﻻ وأرﯾد أن أﻋﻠم ﺣﺎﺻل ظﺎھرﯾﺗﮫ ،وﻻ ﻓﻠﺳﻔﯾﺎ ً إﻻ وأﻗﺻد
اﻟوﻗوف ﻋﻠﻰ ﻛﻧـﮫ ﻓﻠﺳﻔﺗﮫ ،وﻻ ﻣﺗﻛﻠﻣﺎ ً إﻻ وأﺟﺗﮭد ﻓﻲ اﻹطﻼع ﻋﻠﻰ ﻏﺎﯾﺔ ﻛﻼﻣﮫ
وﻣﺟﺎدﻟﺗﮫ ،وﻻ ﺻوﻓﯾﺎ ً إﻻ وأﺣرص ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺛور ﻋﻠﻰ ﺳر ﺻوﻓﯾﺗﮫ ،وﻻ ﻣﺗﻌﺑدا ً إﻻ
وأﺗرﺻد ﻣﺎ ﯾرﺟﻊ إﻟﯾﮫ ﺣﺎﺻل ﻋﺑﺎدﺗﮫ ،وﻻ زﻧدﯾﻘﺎ ً ﻣﻌطﻼً إﻻ وأﺗﺟﺳس وراءه ﻟﻠﺗﻧﺑﮫ
ﻷﺳﺑﺎب ﺟرأﺗﮫ ﻓﻲ ﺗﻌطﯾﻠﮫ وزﻧدﻗﺗﮫ"21
-3ﻣﻧزﻟﺔ اﻟﻣؤﻟف وﻣوﻗﻊ اﻟراوي :اﻟﺗطﺎﺑﻖ ﺑﯾن اﻟﻣؤﻟف و اﻟراوي اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ
اﻟرﺋﯾﺳﺔ :ﯾﺗﺿﺢ وﻋﻲ اﻟﻐزاﻟﻲ ﺑﻣﯾﺛﺎق اﻟﺳﯾرة اﻟذاﺗﯾﺔ ؛ اﻟذي ﯾﺣﺗم اﻻﻧدﻣﺎج ﺑﯾن اﻟﻣؤﻟف
اﻟواﻗﻌﻲ ،واﻟﺳﺎرد و اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟرﺋﯾﺳﺔ،22وﯾﺗﺟﻠﻰ ذﻟك ﻓﻲ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ:
/1ﻣطﻠﻊ اﻟﺳﯾرة ؛ﻓﻲ ﻗوﻟﮫ ":ﻓﻘد ﺳﺄﻟﺗﻧﻲ أﯾﮭﺎ اﻷخ ﻓﻲ اﻟدﯾن ،أن ّ
أﺑث إﻟﯾك ﻏﺎﯾﺔ اﻟﻌﻠوم
وأﺳرارھﺎ ،وﻏﺎﺋﻠﺔ اﻟﻣذاھب وأﻏوارھﺎ ،وأﺣﻛﻲ ﻟك ﻣﺎ ﻗﺎﺳﯾﺗﮫ ﻓﻲ اﺳﺗﺧﻼص اﻟﺣﻖ ﻣن
ﺑﯾن اﺿطراب اﻟﻔرق ...وﻣﺎ اﺳﺗﻔدﺗﮫ أوﻻً ﻣن ﻋﻠم اﻟﻛﻼم ا َﺟﺗ َ ْوﯾـ ُﺗﮫ ﺛﺎﻧﯾﺎ ً ﻣن طرق أھل
اﻟﺗﻌﻠﯾم ،...وﻣﺎ ازدرﯾﺗﮫ ﺛﺎﻟﺛﺎ ً ﻣن طرق اﻟﺗﻔﻠﺳف ،وﻣﺎ ارﺗﺿﯾﺗﮫ آﺧرا ً ﻣن طرﯾﻘﺔ
اﻟﺗﺻوف ،وﻣﺎ اﻧﺟﻠﻰ ﻟﻲ ﻓﻲ ﺗﺿﺎﻋﯾف ﺗﻔﺗﯾﺷﻲ ، ....وﻣﺎﺻرﻓﻧﻲ ﻋن ...وﻣﺎ دﻋﺎﻧﻲ
ﺳﺎﺑور ﺑﻌد طول اﻟﻣدة ،ﻓﺎﺑﺗدرت، ...وﻗﻠت ﻣﺳﺗﻌﯾﻧﺎ ً ﺑﺎ� وﻣﺗوﻛﻼً ﻋﻠﯾﮫ ، َ إﻟﻰ ﻣﻌﺎودﺗﮫ ﺑﻧ ْﯾ
وﻣﺳﺗوﺛﻘﺎ ً ﻣﻧﮫ ،وﻣﻠﺗﺟﺋﺎ إﻟﯾﮫ"23
ً
/2ﻣﻊ ﻣطﻠﻊ ﻛل ﺣﻛﺎﯾﺔ ،وﻣﻊ ﺑداﯾﺔ ﻛل اﺳﺗطراد اﻟظﮭور ﺑﺻﯾﻐﺔ اﻟﻣﺗﻛﻠم ،وﺗﺄﻛﯾده أن
ﺗﺟرﺑﺗﮫ اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ﻓﻲ دراﺳﺔ ﺗﻠك اﻟﻣذاھب و اﻟﻌﻠوم ھﻲ اﻟﻐرض اﻷﺳﺎس ﻣن اﻟﻛﺗﺎب.
وﻣن أﻣﺛﻠﺔ ذﻟك ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل ﻻ اﻟﺣﺻر :
ﺻﻠﺗﮫ وﻋﻘﻠﺗﮫ ،وطﺎﻟﻌت ﻛﺗب اﻟﻣﺣﻘﻘﯾن ﻣﻧﮭم ، * " ﺛم إﻧﻲ اﺑﺗدأت ﺑﻌﻠم اﻟﻛﻼم ،ﻓﺣ ﱠ
وﺻﻧﻔت ﻓﯾﮫ ﻣﺎ أردت أن أﺻﻧف ،ﻓﺻﺎدﻓﺗﮫ ﻋﻠﻣﺎ ً واﻓﯾﺎ ً ﺑﻣﻘﺻوده ،ﻏﯾر وافٍ
ﺑﻣﻘﺻودي ؛ وإﻧﻣﺎ اﻟﻣﻘﺻود ﻣﻧﮫ ﺣﻔظ ﻋﻘﯾدة أھل اﻟﺳﻧﺔ ] ﻋﻠﻰ أھل اﻟﺳﻧﺔ [ وﺣراﺳﺗﮭﺎ
ﻋن ﺗﺷوﯾش أھل اﻟﺑدﻋﺔ ".24
*"ﺛم إﻧﻲ اﺑﺗدأت ،ﺑﻌد اﻟﻔراغ ﻣن ﻋﻠم اﻟﻛﻼم ،ﺑﻌﻠم اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ وﻋﻠﻣت ﯾﻘﯾﻧﺎ ً ،أﻧﮫ ﻻ ﯾﻘف
ﻋﻠﻰ ﻓﺳﺎد ﻧوع ﻣن اﻟﻌﻠوم ،ﻣن ﻻ ﯾﻘف ﻋﻠﻰ ﻣﻧﺗﮭﻰ ذﻟك اﻟﻌﻠم ،ﺣﺗﻰ ﯾﺳﺎوي أﻋﻠﻣﮭم ﻓﻲ
أﺻل ] ذﻟك [ اﻟﻌﻠم ،ﺛم ﯾزﯾد ﻋﻠﯾﮫ وﯾﺟﺎوز درﺟﺗﮫ ،ﻓﯾطﻠﻊ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻟم ﯾطﻠﻊ ﻋﻠﯾﮫ
ﺻﺎﺣب اﻟﻌﻠم ﻣن ﻏور وﻏﺎﺋﻠﮫ ،وإذا ذاك ﯾﻣﻛن أن ﯾﻛون ﻣﺎ ﯾدﻋﯾﮫ ﻣن ﻓﺳﺎده ﺣﻘّﺎً .وﻟم
أر أﺣدا ً ﻣن ﻋﻠﻣﺎء اﻹﺳﻼم ﺻرف ﻋﻧﺎﯾﺗﮫ وھﻣﺗﮫ إﻟﻰ ذﻟك " .25
* "ﺛم إﻧﻲ ﻟﻣﺎ ﻓرﻏت ﻣن ﻋﻠم اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ وﺗﺣﺻﯾﻠﮫ وﺗﻔﮭﻣﮫ وﺗزﯾﯾف ﻣﺎ ﯾزﯾف ﻣﻧﮫ ،ﻋﻠﻣت
أن ذﻟك أﯾﺿﺎ ً ﻏﯾر وافٍ ﺑﻛﻣﺎل اﻟﻐرض ،وأن اﻟﻌﻘل ﻟﯾس ﻣﺳﺗﻘﻼً ﺑﺎﻹﺣﺎطﺔ ﺑﺟﻣﯾﻊ
اﻟﻣطﺎﻟب ،وﻻ ﻛﺎﺷﻔﺎ ً ﻟﻠﻐطﺎء ﻋن ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﻌﺿﻼت .وﻛﺎن ﻗد ﻧﺑﻐت ﻧﺎﺑﻐﺔ اﻟﺗﻌﻠﯾﻣﯾﺔ ،
وﺷﺎع ﺑﻧﻲ اﻟﺧﻠﻖ ﺗﺣدﺛﮭم ﺑﻣﻌرﻓﺔ ﻣﻌﻧﻰ اﻷﻣور ﻣن ﺟﮭﺔ اﻹﻣﺎم اﻟﻣﻌﺻوم اﻟﻘﺎﺋم ﺑﺎﻟﺣﻖ ،
ﻷطﻠﻊ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻓﻲ ﻛﻧﺎﻧﺗﮭم".26 ﻓﻌن ﻟﻲ أن أﺑﺣث ﻓﻲ ﻣﻘﺎﻻﺗـﮭم ّ ، ّ
252
ﺗﻣظﮭرات اﻟﺳﯾر ذاﺗﻲ ﻓﻲ ﻛﺗﺎب "اﻟﻣﻧﻘذ ﻣن اﻟﺿﻼل " ﻷﺑﻰ ﺣﺎﻣد اﻟﻐزاﻟﻲ )450ھـ505-ھـ(
*"ﺛم إﻧﻲ ،ﻟﻣﺎ ﻓرﻏت ﻣن ھذه اﻟﻌﻠوم ،أﻗﺑﻠت ﺑـﮭﻣﺗﻲ ﻋﻠﻰ طرﯾﻖ اﻟﺻوﻓﯾﺔ وﻋﻠﻣت أن
طرﯾﻘﺗﮭم إﻧﻣﺎ ﺗﺗم ﺑﻌﻠم وﻋﻣل ؛ وﻛﺎن ﺣﺎﺻل ﻋﻠوﻣﮭم ﻗطﻊ ﻋﻘﺑﺎت اﻟﻧﻔس .واﻟﺗﻧـزه ﻋن
أﺧﻼﻗﮭﺎ اﻟﻣذﻣوﻣﺔ وﺻﻔﺎﺗﮭﺎ اﻟﺧﺑﯾﺛﺔ ،ﺣﺗﻰ ﯾﺗوﺻل ) ﺑـﮭﺎ ( إﻟﻰ ﺗﺧﻠﯾﺔ اﻟﻘﻠب ﻋن ﻏﯾر
ﷲ ) ﺗﻌﺎﻟﻰ ( وﺗﺣﻠﯾﺗﮫ ﺑذﻛر ﷲ".27
وﺗﺗﺟﻠﻰ ﻣن ﺧﻼل ھذه اﻟﻣﻘﺎطﻊ ﺗﻠك اﻟﻠﺣﻣﺔ واﻟﺗطﺎﺑﻖ اﻟﺗﺎم ﺑﯾن ﺻوت اﻟﻣؤﻟف
اﻟواﻗﻌﻲ أﺑو ﺣﺎﻣد اﻟﻐزاﻟﻲ ،و اﻟﺳﺎرد،و اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟرﺋﯾﺳﺔ ﻣدار اﻟﺳرد.
أﺑو ﺣﺎﻣد اﻟﻐزاﻟﻲ
أﺣﻛﻲ ﻟك ﻣﺎ ﻗﺎﺳﯾﺗﮫ ﻓﻲ اﺳﺗﺧﻼص اﻟﺣﻖ... اﻟﻣؤﻟف اﻟواﻗﻌﻲ
اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟرﺋﯾﺳﺔ
واﻟﻣﻼﺣظ أن ﻣﺎ ﺳﺎھم ﻓﻲ ﺗﺄﻛﯾد ھذه اﻟﻠﺣﻣﺔ ﺑراﻋﺗﮫ ﻓﻲ ﺗوظﯾف اﻟﺿﻣﺎﺋر ؛ إذ ﺗﻛﺛر
ﺿﻣﺎﺋر اﻟﻣﺗﻛﻠم ﻓﻲ اﻟﻛﺗﺎب وﺑﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﺑداﯾﺔ ﻛل ﺗﺟرﺑﺔ ﻣﻊ ﻣذھب ،أو ﻋﻠم ﺟدﯾد
ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﺟرﺑﺔ اﻟﺻوﻓﯾﺔ ) ﻛﻣﺎ ھو ﻣﺑﯾن ﻓﻲ اﻷﻣﺛﻠﺔ(.
/3ﻣن ﺧﻼل اﻧﺗﻘﺎﻟﮫ ﺑﯾن ﺻوت اﻟراوي اﻟﺧﺎرﺟﻲ واﻟراوي اﻟداﺧﻠﻲ ،ﻻﺳﯾﻣﺎ ﻓﻲ ﺗﻠك
اﻟﻣﻘﺎطﻊ اﻟﺗﻲ ﺗﻌﻛس ﺣﯾرة اﻟﻐزاﻟﻲ وﺷﻛﮫ طﯾﻠﺔ رﺣﻠﺗﮫ ﻟﻠﺑﺣث ﻋن اﻟﯾﻘﯾن .وﻣن ذﻟك ﻋﻠﻰ
ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل ﻻ اﻟﺣﺻر ﻗوﻟﮫ :
"-ﻓﻘﻠت ﻓﻲ ﻧﻔﺳﻲ:أوﻻً إﻧﻣﺎ ﻣطﻠوﺑﻲ اﻟﻌﻠم ﺑﺣﻘﺎﺋﻖ اﻷﻣور"28
"-ﻓﻘﻠت ﻓﻲ ﻧﻔﺳﻲ :اﻟﺣﻖ ﻻ ﯾﻌدو ھذه اﻷﺻﻧﺎف اﻷرﺑﻌﺔ"29
"-ﻓﮭذه اﻷﺻول اﻟﺛﻼﺛﺔ ﻣن اﻹﯾﻣﺎن ﻛﺎﻧت ﻗد رﺳﺧت ﻓﻲ ﻧﻔﺳﻲ"30
"-ﻓﻠم أزل أﺗردد ﺑﯾن ﺗﺟﺎذب ﺷﮭوات اﻟدﻧﯾﺎ ،ودواﻋﻲ اﻵﺧرة ،ﻗرﯾﺑﺎ ً ﻣن ﺳﺗﺔ أﺷﮭر
أوﻟﮭﺎ رﺟب ﺳﻧﺔ ﺛﻣﺎن وﺛﻣﺎﻧﯾن وأرﺑﻊ ﻣﺎﺋﺔ .وﻓﻲ ھذا اﻟﺷﮭر ﺟﺎوز اﻷﻣر ﺣد اﻻﺧﺗﯾﺎر
إﻟﻰ اﻻﺿطرار ،إذ أﻗﻔل ﷲ ﻋﻠﻰ ﻟﺳﺎﻧﻲ ﺣﺗﻰ اﻋﺗﻘل ﻋن اﻟﺗدرﯾس ،ﻓﻛﻧت أﺟﺎھد ﻧﻔﺳﻲ
أن أدرس ﯾوﻣﺎ ً واﺣدا ً ﺗطﯾﯾﺑﺎ ً ﻟﻠﻘﻠوب اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ] إﻟﻲ [ ،ﻓﻛﺎن ﻻ ﯾﻧطﻖ ﻟﺳﺎﻧﻲ ﺑﻛﻠﻣﺔ
]واﺣدة [ وﻻ أﺳﺗطﯾﻌﮭﺎ اﻟﺑﺗﺔ ،ﺣﺗﻰ أورﺛت ھذه اﻟﻌﻘﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﻠﺳﺎن ﺣزﻧﺎ ً ﻓﻲ اﻟﻘﻠب"
،*31
ﻟﻘد أﺗﺎح اﺧﺗﯾﺎر ﻧﻣط "اﻟراوي اﻟداﺧﻠﻲ " اﻟﻔرﺻﺔ ﻟﻠﻐزاﻟﻲ ﻟﻧﻘل اﻟﻣﺷﺎﻋر اﻟداﺧﻠﯾﺔ
ﻟﻠﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟرﺋﯾﺳﺔ-ﺷﺧﺻﯾﺗﮫ ، -ﻓﻲ ﺷﻛل ﺣوار ﻧﻔﺳﻲ ﻣﺗﻌدد اﻷﺑﻌﺎد ،ﯾﻌﻛس ﺟﺎﻧﺑﺎ ﻣن
ﺗﻠك اﻟﻣﻌﺎﻧﺎة اﻟﻧﻔﺳﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻋﺎﺷﮭﺎ ؛اﺑﺗداء ﺑﺷﻛﮫ ﻓﻲ ﻣﺎ ﻛل ﻣﺎ ھو ﻣﺗﻌﺎرف ﻋﻠﯾﮫ ،ورﻏﺑﺗﮫ
ﻓﻲ اﻟوﺻول إﻟﻰ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ اﻟﻛﺎﻣﻠﺔ واﻟﻣﺟردة واﻟﯾﻘﯾﻧﯾﺔ ،ﻣرورا ﺑﻛل ﺗﻠك اﻟﺻدﻣﺎت اﻟﺗﻲ
واﺟﮭﺗﮫ ؛ ﻓﻛﻠﻣﺎ ظن أﻧﮫ وﺟد ﺿﺎﻟﺗﮫ إﻻ وﺗﺑﯾن ﻟﮫ أن ﻣﺎ ﺗوﺻل إﻟﯾﮫ ﯾﺣﻣل ﻧﻘﺎﺋﺻﮫ ﻓﻲ
ذاﺗﮫ ،ﻓﺗﺳﺗﺄﻧف اﻟرﺣﻠﺔ ﻣن ﺟدﯾد وھﻛذا ..ﻓﻠوﻻ ھذا اﻟﺗﻣﺎھﻲ ﺑﯾن ھذه اﻟﺛﻼﺛﯾﺔ ﻟﻣﺎ ﺗﻣﻛن
اﻟﻐزاﻟﻲ ﻣن ﻧﻘل ھذا اﻟﺟزء ﻣن ﺳﯾرﺗﮫ اﻟذاﺗﯾﺔ ﻣﻛﺗﻣل اﻷﺑﻌﺎد واﻟﻣراﻣﻲ .
-4اﻟﻘص اﻻرﺗدادي :ﺗرﺗﻛز اﻟﺳﯾرة اﻟذاﺗﯾﺔ ﻋﻠﻰ آﻟﯾﺔ اﻟﺳرد اﻻﺳﺗرﺟﺎﻋﻲ ،اﻟﺗﻲ ﺗﻘوم
ﺑﺗﻔﻌﯾل ﻋﻣل اﻟذاﻛرة وﺷﺣﻧﮭﺎ ﺑطﺎﻗﺔ اﺳﺗﻧﮭﺎض ﺣرة وﺳﺎﺧﻧﺔ ﻟﻣﺧزوﻧﮭﺎ اﻟذاﻛراﺗﻲ
اﻟﻣرﺷﺢ ﻟﻠﻌﻣل ﻓﻲ اﻟﺣﻘل اﻟﺳﯾرذاﺗﻲ .32ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺣو اﻵﺗﻲ:
/1اﻧﺗﺧﺎب ﺣﻠﻘﺎت ﻣﻌﯾﻧﺔ ﻣرﻛزة ﻣن ﺳﯾرة ھذه اﻟﺣﯾﺎة ؛ وھو ﻣﺎ ﺗﺑﯾن ﺳﺎﺑﻘﺎ ﺣﯾن رﻛز
اﻟﺣدﯾث ﻋﻠﻰ ﺟزء ﻣن ﻣراﺣل رﺣﻠﺗﮫ اﻟﻔﻛرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺑﯾن أطرھﺎ اﻟزﻣﺎﻧﯾﺔ واﻟﻣﻛﺎﻧﯾﺔ ﺑدﻗﺔ
ﻣﺗﻧﺎھﯾﺔ .
/2رﺻف اﻟﻣﺣطﺎت اﻟﺣﯾﺎﺗﯾﺔ اﻟﻣﺧﺗﺎرة ﻓﻲ ﻗﺎﻟب ﺳردي وﺑﺄﺳﻠوب ﺧﺎص؛ إذ ﯾﺣﺎول
اﻟراوي اﻹﻓﺎدة ﻣن اﻟﺗﻘﻧﯾﺎت اﻟﺳردﯾﺔ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ واﻟﻣﺗﻛﺎﻣﻠﺔ ﻓﻲ ﻣﺎ ﺑﯾﻧﮭﺎ ﻟﺑﻧﺎء ﻧﺻﮫ
اﻟﺳﯾرذاﺗﻲ ،ودﻋﻣﮫ ﺑﺄﻓﺿل اﻟﺷروط اﻟﻔﻧﯾﺔ 33وﻣن ذﻟك ﺗوظﯾف :
-ﺗﻘﻧﯾﺔ اﻟﺧﻼﺻﺔ :ﻓﺣﺳب ﺟﯾرار ﺟﯾﻧﯾت "اﻟﻣﺟﻣل ھو ﺳ�رد أﺣ�داث ووﻗ�ﺎﺋﻊ ﺟ�رت ﻓ�ﻲ
253
ﺻﺑﺎح ﻏراﯾﺑﯾﺔ
ﺳﺎﻋﺎت أو أﺷﮭر أو ﺳﻧوات ﻣن اﻟوﺟود دون ﺗﻔﺎﺻﯾل أﻋﻣ�ﺎل أو أﻗ�وال" ،34أي اﻟﻣ�رور
اﻟﺳرﯾﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻔﺎﺻﯾل واﻷﻓﻌﺎل واﻷﻗ�وال .وھ�و ﻣ�ﺎ ﯾ�ﻧﻌﻛس ﻋﻠ�ﻰ ﻣﺳ�ﺎﺣﺔ اﻟ�ﻧص ﻓﺗﻛ�ون
أﻗل ﻣن ﻣﺳﺎﺣﺔ زﻣن اﻷﺣداث .وﻟﻌل أھم وظﺎﺋف اﻟﺳ�رد اﻟﺗﻠﺧﯾﺻ�ﻲRécitSommaire
ھو اﻻﺳﺗﻌراض اﻟﺳرﯾﻊ ﻟﻔﺗرة ﻣن اﻟﻣﺎﺿ�ﻲ،35ذﻟ�ك ﻷن اﻟﻣ�رور ﻋﻠ�ﻰ ﺑﻌ�ض اﻟﺟزﺋﯾ�ﺎت
أﻣر ﺿروري ﻟﻠرﺑط اﻟﻛﻠ�ﻲ ﺑ�ﯾن اﻟﻣﺷ�ﺎھد؛وھو ﻣ�ﺎ وظﻔ�ﮫ اﻟﻐزاﻟ�ﻲ ﺑﺎﻟﺗﺣدﯾ�د .إذ ﻟﺟ�ﺄ إﻟ�ﻰ
ﺗوظﯾف ﺗﻘﻧﯾﺔ اﻟﺧﻼﺻﺔ ﺑﻧوﻋﯾﮭﺎ ؛ اﻟﻣﺣددة وﻏﯾر اﻟﻣﺣددة ،وﻣن أﻣﺛﻠﺔ ذﻟك :
"-ﻣﻧذ راھﻘ�ت اﻟﺑﻠ�وغ ﻗﺑ�ل ﺑﻠ�وغ اﻟﻌﺷ�رﯾن إﻟ�ﻰ اﻵن ،وﻗ�د أﻧ�ﺎف اﻟﺳ�ن ﻋﻠ�ﻰ اﻟﺧﻣﺳ�ﯾن ،
ﺧﻼﺻﺔ ﻣﺣددة . أﻗﺗﺣم ﻟ ّﺟﺔ ھذا اﻟﺑﺣر اﻟﻌﻣﯾﻖ36"..
" -وﻗد ﻛﺎن اﻟﺗﻌطش إﻟﻰ درك ﺣﻘﺎﺋﻖ اﻷﻣور دأﺑﻲ ودﯾدﻧﻲ ﻣن أول أﻣري ورﯾﻌﺎن
ﺿﻌﺗﺎ ﻓﻲ ِﺟﺑِﻠﱠﺗﻲ ،ﻻ ﺑﺎﺧﺗﯾﺎري وﺣﯾﻠﺗﻲ ،ﺣﺗﻰ اﻧﺣﻠت ﻋﻣري ،ﻏرﯾزة وﻓطرة ﻣن ﷲ و ُ
ﻋﻧﻲ راﺑطﺔ اﻟﺗﻘﻠﯾد واﻧﻛﺳرت ﻋﻠﻲ اﻟﻌﻘﺎﺋد اﻟﻣوروﺛﺔ ﻋﻠﻰ ﻗرب ﻋﮭد ﺳن اﻟﺻﺑﺎ" 37
ﺧﻼﺻﺔ ﻏﯾر ﻣﺣددة
"-ذﻟك ﻓﻲ أوﻗﺎت ﻓراﻏﻲ ﻣن اﻟﺗﺻﻧﯾف واﻟﺗدرﯾس ﻓﻲ اﻟﻌﻠوم اﻟﺷرﻋﯾﺔ"38
ﺧﻼﺻﺔ ﻏﯾر ﻣﺣددة
-ﻓﺄطﻠﻌﻧﻲ ﷲ ﺳﺑﺣﺎﻧﮫ ]وﺗﻌﺎﻟﻰ [ ﺑﻣﺟرد اﻟﻣطﺎﻟﻌﺔ ﻓﻲ ھذه اﻷوﻗﺎت اﻟﻣﺧﺗﻠﺳﺔ ،ﻋﻠﻰ
ﻣﻧﺗﮭﻰ ﻋﻠوﻣﮭم ﻓﻲ أﻗل ﻣن ﺳﻧﺗﯾن.ﺛم ﻟم أزل أواظب ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻔﻛر ﻓﯾﮫ ﺑﻌد ﻓﮭﻣﮫ ﻗرﯾﺑﺎ ً ﻣن
ﺧﻼﺻﺔ ﻣﺣددة ﺳﻧﺔ ،أﻋﺎوده وأردده وأﺗﻔﻘد ﻏواﺋﻠﮫ وأﻏواره"39.
ﺧﻼﺻﺔ ﻣﺣددة " -ﻟﻣﺎ واظﺑت ﻋﻠﻰ اﻟﻌزﻟﺔ واﻟﺧﻠوة ﻗرﯾﺑﺎ ً ﻣن ﻋﺷر ﺳﻧﯾن"40 .
-ﺗﻘﻧﯾ��ﺔ اﻟﺣ��ذف :وھﻲ"ﺗﻘﻧﯾ��ﺔ زﻣﻧﯾ��ﺔ ﺗﻘﺿ��ﻲ ﺑﺈﺳ��ﻘﺎط ﻓﺗ��رة طوﯾﻠ��ﺔ أو ﻗﺻ��ﯾرة ﻣ��ن زﻣ��ن
اﻟﻘﺻ�ﺔ وﻋ�دم اﻟﺗط��رق ﻟﻣ�ﺎ ﺟ��رى ﻓﯾﮭ�ﺎ ﻣ�ن وﻗ��ﺎﺋﻊ وأﺣ�داث" 41ﻓﯾﺗﺟ��ﺎوز ﺑ�ذﻟك "أﺣ��داث
ﻓﺗرة زﻣﻧﯾﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ ،وﯾرﻣﻲ إﻟﻰ إﻟﻐﺎﺋﮭﺎ أو ﺣذﻓﮭﺎ ﻣن اﻟﺑﻧﯾ�ﺔ اﻟﺳ�طﺣﯾﺔ ﻟ�زﻣن اﻟ�ﻧص" ،42
ﯾﺻ�رح ﻓ�ﻲ اﻟ�ﻧص ﺑوﺟودھ��ﺎ_ ّ وﻟﻌ�ل أﺑ�رز أﻧواﻋ�ﮫ اﻟﺗ�ﻲ وظﻔ�ت اﻟﺣ�ذف اﻟﺿ�ﻣﻧﻲ؛ إذ ﻻ
ااﻟﻣ��دة _ ﺑﺎﻟ��ذات ،وإﻧﻣ��ﺎ ﯾﺳ��ﺗدل ﻋﻠﯾﮭ��ﺎ ﺑﺛﻐ��رة ﻓ��ﻲ اﻟﺗﺳﻠﺳ��ل اﻟزﻣﻧ��ﻲ أي اﻻﻧﺗﻘ��ﺎل ﻣ��ن
ﻣوﺿوع إﻟﻰ آﺧر دون ﺗﻔﺻﯾل .وﻣن أﻣﺛﻠﺗﮫ .
"-ﺛم ﻻﺣظت أﺣواﻟﻲ ؛ ﻓﺈذا أﻧﺎ ﻣﻧﻐﻣس ﻓﻲ اﻟﻌﻼﺋﻖ ،وﻗد أﺣدﻗت ﺑﻲ ﻣﻧﺎﻟﺟواﻧب
؛وﻻﺣظت أﻋﻣﺎﻟﻲ –وأﺣﺳﻧﮭﺎ اﻟﺗدرﯾس واﻟﺗﻌﻠﯾم -ﻓﺈذا أﻧﺎ ﻓﯾﮭﺎ ﻣﻘﺑل ﻋﻠﻰ ﻋﻠوم ﻏﯾر
ﻣﮭﻣﺔ وﻻ ﻧﺎﻓﻌﺔ ﻓﻲ طرﯾﻖ اﻵﺧرة43".
" -ﻓﻔﺎرﻗت ﺑﻐداد ،وﻓرﻗت ﻣﺎﻛﺎن ﻣﻌﻲ ﻣن اﻟﻣﺎل ،وﻟم أدﺧر إﻻ ﻗدر اﻟﻛﻔﺎف ،وﻗوت
اﻷطﻔﺎل44
-ﺗﻘﻧﯾﺔ اﻟﺣوار :ﯾﻌﺗﺑر اﻟﺣوار ﻣن أھم أﺳس وﻣﻘوﻣﺎت اﻟﻧص اﻟﺳﯾرذاﺗﻲ ،ﯾﻛﺗﺳﺑﮫ ﻣذاﻗﺎ
ﺧﺎﺻﺎ ،ﻻ ﺳﯾﻣﺎ ﺗﻠك اﻟﻣﺻداﻗﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺗﻠﻣﺳﮭﺎ اﻟﻘﺎرئ وھو ﯾﺗﻧﻘل ﺑﯾن اﻟﻣﺗﺣﺎورﯾن
ﻣﺳﺗﻛﺷﻔﺎ ﻋواﻟم ﺟدﯾدة وأﻓﻛﺎر ﻣﺗﻧوﻋﺔ ﺗﻐﻧﻲ ﻣﻌﺎرﻓﮫ وﺗﺻﻘﻠﮭﺎوﻗد ﺗﺟﻠﻰ ذﻟك ﻓﻲ ﺣواره
ﻣﻊ ﺷﺧﺻﯾﺔ اﻷخ ﻓﻲ اﻟدﯾن واﻟﺗﻲ ﻗد ﺗﻛون ﺷﺧﺻﯾﺔ ﺣﻘﯾﻘﯾﺔ ،ﻛﻣﺎ ﻗد ﺗﻛون ﺷﺧﺻﯾﺔ
اﻓﺗراﺿﯾﺔ اﺳﺗدﻋﺗﮭﺎ اﻟﺿرورة ﻟﺑﻧﺎء ﻧص اﻟﺳﯾرة اﻟذاﺗﯾﺔ ﻟﺗﺿﻔﻲ ﻣﺻداﻗﯾﺔ ﻋﻠﯾﮭﺎ وﻟﺗﻛون
ﻣطﯾﺔ ﯾﺗﺧذھﺎ اﻟﻐزاﻟﻲ ﺳﺑﯾﻼ ﻟﯾﺳﺗﻔﯾض ﻓﻲ اﻟﺷرح واﻟرد ﻋﻠﻰ أھل اﻟﻣذاھب واﻟﻔرق .
-5ﺗﻧوع اﻟﺿﻣﺎﺋر ﻓﻲ اﻟﻧص اﻟﺳﯾر ذاﺗﻲ :اﺳﺗﻌﻣل اﻟﻐزاﻟﻲ ﻓﻲ ﻧﺻﮫ اﻟﺳﯾر ذاﺗﻲ ﻣزﯾﺟﺎ
ﺑﯾن ﺿﻣﯾر اﻟﻣﺗﻛﻠم واﻟﻣﺧﺎطب ﻟﻐﺎﯾﺎت ﺟﻣﺎﻟﯾﺔ و ﻓﻧﯾﺔ :
-ﺗﻛﺛر ﺿﻣﺎﺋر اﻟﻣﺗﻛﻠم ﻓﻲ اﻟﻛﺗﺎب وﺑﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﺑداﯾﺔ ﻛل ﺗﺟرﺑﺔ ﻣﻊ ﻣذھب ،أو ﻋﻠم ﺟدﯾد
ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﺟرﺑﺔ اﻟﺻوﻓﯾﺔ )وھو ﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎه ﺳﺎﺑﻘﺎ( .45
254
ﺗﻣظﮭرات اﻟﺳﯾر ذاﺗﻲ ﻓﻲ ﻛﺗﺎب "اﻟﻣﻧﻘذ ﻣن اﻟﺿﻼل " ﻷﺑﻰ ﺣﺎﻣد اﻟﻐزاﻟﻲ )450ھـ505-ھـ(
-ﯾوظف ﺿﻣﯾر اﻟﻣﺧﺎطب ﻟﯾﺧﻔف ﻣن ﺳﯾطرة اﻟﻣﺗﻛﻠم ،وﻟﯾﺗﺧذه ﺳﺑﯾﻼ ﻟﻼﺳﺗطراد ﻓﻲ
اﻟﺷروح واﻟرد ﻋﻠﻰ أﺻﺣﺎب اﻟﻣذاھب و اﻵراء وﻣن ذﻟك :
"-اﻋﻠﻣوا -أﺣﺳن ﷲ ) ﺗﻌﺎﻟﻰ ( إرﺷﺎدﻛم ،وأﻻَنَ ﻟﻠﺣﻖ ﻗﯾﺎدﻛم –إن اﺧﺗﻼف اﻟﺧﻠﻖ ﻓﻲ
اﻷدﯾﺎن واﻟﻣﻠل ،ﺛم اﺧﺗﻼف اﻷﺋﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻣذاھب ،ﻋﻠﻰ ﻛﺛرة اﻟﻔرق وﺗﺑﺎﯾن اﻟطرق ،
ﺑﺣر ﻋﻣﯾﻖ ﻏرق ﻓﯾﮫ اﻷﻛﺛرون ،وﻣﺎ ﻧﺟﺎ ﻣﻧﮫ إﻻ اﻷﻗﻠون."46
"-اﻋﻠم :أﻧـﮭم ،ﻋﻠﻰ ﻛﺛرة ﻓرﻗﮭم واﺧﺗﻼف ﻣذاھﺑـﮭم ،ﯾﻧﻘﺳﻣون إﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ أﻗﺳﺎم:
اﻟدھرﯾون ،واﻟطﺑﯾﻌﯾون ،واﻹﻟﮭﯾون".47 .
"-اﻋﻠم :أن ﻋﻠوﻣﮭم -ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ إﻟﻰ اﻟﻐرض اﻟذي ﻧطﻠﺑﮫ -ﺳﺗﺔ أﻗﺳﺎم:رﯾﺎﺿﯾﺔ ،وﻣﻧطﻘﯾﺔ ،
وطﺑﯾﻌﯾﺔ ،وإﻟﮭﯾﺔ ،وﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ،وﺧﻠﻘﯾﺔ"48.
"-اﻋﻠم:أن ﺟوھر اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ أﺻل اﻟﻔطرة ،ﺧﻠﻖ ﺧﺎﻟﯾﺎ ً ﺳﺎذﺟﺎ ً ﻻﺧﺑر ﻣﻌﮫ ﻣن ﻋواﻟم ﷲ
)ﺗﻌﺎﻟﻰ (! واﻟﻌواﻟم ﻛﺛﯾرة ﻻ ﯾﺣﺻﯾﮭﺎ إﻻ ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ"49
اﻟﺧﺎﺗﻣﺔ:
ﻣن ﺧﻼل ھذه اﻟدراﺳﺔ ﺗﺗﺟﻠﻰ ﻣﻼﻣﺢ ﺟزﺋﯾﺔ ﻣن اﻟﺳﯾرة اﻟذاﺗﯾﺔ ﻷﺑﻲ ﺣﺎﻣد
اﻟﻐزاﻟﻲ ﻣﺗﻣﺛﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺟﺎﻧﺑﯾن اﻟﻔﻛري واﻟﻌﻠﻣﻲ ،وﻗد ﺣﺎوﻟت اﻹﺑﺎﻧﺔ ﻋﻠﯾﮭﺎ ﺑﺗﺗﺑﻊ ﻛﯾﻔﯾﺔ
اﻧدﻣﺎج اﻟذات اﻟﺳﺎردة ﻣﻊ ﻓﻌل اﻟﺳرد ﻓﻲ ﻧص ﺳردي ﺳﯾر ذاﺗﻲ ﯾﺣﻣل ﻓﻛر اﻟﻛﺎﺗب
وﺗوﺟﮭﺎﺗﮫ .وﺧﻠﺻت إﻟﻰ ﺟﻣﻠﺔ ﻣن ﺧﺻﺎﺋص اﻟﻧص اﻟﺳﯾر ذاﺗﻲ وﻟﻌل أھﻣﮭﺎ ؛
-اﻧﺿواء اﻟﻧص اﻟﺳﯾرذاﺗﻰ ﺗﺣت راﯾﺔ اﻟﺳرد،و ﻗﯾﺎﻣﮫ ﻋﻠﻰ ﺗﺗﺑﻊ ﻣراﺣل ﻣن اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ
ﻣدار اﻟﺳرد )وإن ﻛﺎﻧت ﻣﻘﺗﺻرة ﻋﻠﻰ ﻣرﺣﻠﺔ ﻋﻣرﯾﺔ ،أو ﺟﺎﻧب ﻣن ﺟواﻧب اﻟﺣﯾﺎة
اﻟﻔﻛرﯾﺔ ﻟﻠﺷﺧﺻﯾﺔ (وﺑﯾﺎن أھﻣﯾﺗﮭﺎ ﻓﻲ ﺗﺷﻛﯾل وﻋﯾﮫ وﻓﻛره.
-ﯾﺗﺟﻠﻰ ﻓﻲ اﻟﻧص اﻟﺳﯾرذاﺗﻲ اﻟﺗﻘﺎطﻊ ﺑﯾن )اﻟﻣؤﻟف( و )اﻟﺳﺎرد /اﻟراوي (و )اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ
اﻟرﺋﯾﺳﺔ( ﻓﺟﻣﯾﻌﮭﺎ ﺗﺣﯾل إﻟﻰ ﺷﺧص اﻟﻐزاﻟﻲ وﺗﻔﺻﺢ ﻋن ﺗوﺟﮭﺎﺗﮫ وأﻓﻛﺎره وﺣﺗﻰ
ﻣﻌﺎﻧﺎﺗﮫ وﺷﻛوﻛﮫ ورﻏﺑﺗﮫ اﻟﻣﻠﺣﺔ ﻓﻲ إﯾﺟﺎد اﻟﯾﻘﯾن
-ﻧﮭوض اﻟﻧص اﻟﺳﯾر ذاﺗﻲ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﻧﯾﺔ اﻻﺳﺗرﺟﺎع وﻛل ﻣﺎ ﯾﻐذﯾﮭﺎ ﻣن ﺗﻘﻧﯾﺎت ﺳردﯾﺔ
؛ﻛﺎﻟﺧﻼﺻﺔ واﻟﺣذف ،واﻟﺣوار ..ﻓﺟﻣﯾﻌﮭﺎ ﺗﺗﻛﺎﻣل ﻣن أﺟل اﻟﺗرﻛﯾز ﻋﻠﻰ ﻣراﺣل ﻣﻌﯾﻧﺔ
ﯾُﻌﺗﻘد أن ﻟﮭﺎ أھﻣﯾﺔ ﻓﻲ ﺣﯾﺎة اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ
-إن ﺗﻧوع اﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟﺿﻣﺎﺋر ﺑﯾن اﻟﻣﺗﻛﻠم واﻟﻣﺧﺎطب ﯾﻛﺳر اﻟرﺗﺎﺑﺔ وﯾوﻟد اﻟﺗﺟﺎﻧس ﻓﻲ
ﺑﻧﯾﺔ اﻟﻧص اﻟﺳﯾر ذاﺗﻲ ﻣﻣﺎ ﯾﺟذب اﻟﻣﺗﻠﻘﻰ وﯾﺣﻘﻖ ﻓﻛرة اﻟﻣﺷﺎرﻛﺔ و اﻟﻣﻌﺎﯾﺷﺔ .
-إن اﻟﻧص اﻟﺳﯾر ذاﺗﻲ ﻧص ﺳردي ذو طﺎﺑﻊ ﺗوﺛﯾﻘﻲ ﯾﻌﻛس ﻓﻛر ﺻﺎﺣﺑﮫ ،وﻓﻠﺳﻔﺗﮫ ،
ورؤﯾﺗﮫ ﻟﻠﺣﯾﺎة .ﻛﻣﺎ ﯾﻘدم ﺻورة ﻋن اﻟﺑﯾﺋﺔ اﻟﺗﻲ ﻋﺎش ﻓﯾﮭﺎ وﺗوﺟﮭﺎﺗﮭﺎ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ
واﻟﻌﻘﺎﺋدﯾﺔ ﻣﻣﺎ ﯾﺳﮭم ﻓﻲ إﻋطﺎء ﺻورة ﻣﺗﻛﺎﻣﻠﺔ ﻋن اﻷﺟواء اﻟﻣﺳﺎﻋدة ﻓﻲ ﺗﻛوﯾﻧﮫ .
-1ﻟﻠﺗوﺳﻊ ﯾﻧظر:أﺑو ﺣﺎﻣد ﻣﺣﻣد ﺑن ﻣﺣﻣد ﺑن ﻣﺣﻣد اﻟﻐزاﻟﻲ :اﻟﻣﻧﻘذ ﻣن اﻟﺿﻼل .ﺗﻘدﯾم
:أﺣﻣد ﺷﻣس اﻟدﯾن .دار اﻟﻛﺗب اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ .ﺑﯾروت .ﻟﺑﻧﺎن .ط .1988 .1ص / 12-8أﺑو
ﺣﺎﻣد ﻣﺣﻣد ﺑن ﻣﺣﻣد ﺑن ﻣﺣﻣد اﻟﻐزاﻟﻲ :اﻟﻣﻧﻘذ ﻣن اﻟﺿﻼل.ﺗﺣﻘﯾﻖ وﺗﻘدﯾم :ﻣﺣﻣود
ﺑﯾﺟو.ﻣراﺟﻌﺔ:ﺳﻌﯾد رﻣﺿﺎن اﻟﺑوطﻲ وﻋﺑد اﻟﻘﺎدر اﻷرﻧﺎؤوط .دار اﻟﺗﻘوى .دﻣﺷﻖ .
ﺳورﯾﺎ .دط .دت .ص 6وﻣﺎ ﺑﻌدھﺎ /ﻣرﺳل ﻓﺎﻟﺢ اﻟﻌﺟﻣﻲ :اﻟﺳردﯾﺎت -ﻣﻘدﻣﺔ ﻧظرﯾﺔ
و ﻣﻘﺗرﺑﺎت ﺗطﺑﯾﻘﯾﺔ .ﻣﻛﺗﺑﺔ آﻓﺎق .اﻟﻛوﯾت .ط. 2010 .1ص / 238أﺳﺎﻣﺔ ﻣﺣﻣد
اﻟﺑﺣﯾري :ﻣﻘﺎرﻧﺎت ﻓﻲ اﻟﺳرد اﻟﻌرﺑﻲ .ﻣؤﺳﺳﺔ اﻻﻧﺗﺷﺎر اﻟﻌرﺑﻲ .ﺑﯾروت .ﻟﺑﻧﺎن .ط1
2012.ص. 27
255
ﺻﺑﺎح ﻏراﯾﺑﯾﺔ
-2ﻣﺷﮭد اﻟﻌﻼف :ﻛﺗب اﻹﻣﺎم اﻟﻐزاﻟﻲ اﻟﺛﺎﺑت ﻣﻧﮭﺎ و اﻟﻣﻧﺣول 2002 .ص ص )-6
www.ghazali.org/biblio/AuthenticityofGhazaliWorks-AR.htm ( 40
-3اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﮫ :ﻏﯾر ﻣرﻗم ﺟزﺋﯾﺎ ؛ ﺗﻧظر اﻟﺻﻔﺣﺎت ).( 40-6
-4أﺳﺎﻣﺔ ﻣﺣﻣد اﻟﺑﺣﯾري :ﻣﻘﺎرﻧﺎت ﻓﻲ اﻟﺳرد اﻟﻌرﺑﻲ .ص28
-5ﻣﺣﻣد ﺑن ﻣﻛرم ﺑن ﻋﻠﻲ أﺑو اﻟﻔﺿل ﺟﻣﺎل اﻟدﯾن اﺑن ﻣﻧظور اﻷﻧﺻﺎري اﻹﻓرﯾﻘﻲ:
ﻟﺳﺎن اﻟﻌرب .ﺗﺣﻘﯾﻖ :ﻋﺑد ﷲ ﻋﻠﻲ اﻟﻛﺑﯾر وآﺧرون .طﺑﻌﺔ دار اﻟﻣﻌﺎرف .ﺑﯾروت .
ﻟﺑﻧﺎن ) .دت() .دط( .ص . 2170
-6ﻣﺟد اﻟدﯾن ﻣﺣﻣد ﺑن ﯾﻌﻘوب اﻟﻔﯾروز أﺑﺎدي :ﻣﻌﺟم ﻗﺎﻣوس اﻟﻣﺣﯾط .ﺗﺣﻘﯾﻖ :ﻣﺣﻣد
ﻧﻌﯾم اﻟﻌرﻗﺳوﺳﻲ .ﻣطﺑﻌﺔ اﻟرﺳﺎﻟﺔ .ﺑﯾروت .ﻟﺑﻧﺎن .ط . 2005 . 8ص. 421
-7ﻋﺑد اﻟﺣﻠﯾم ﻣﺣﻣد ﻗﻧﺑس :ﻣﻌﺟم اﻷﻟﻔﺎظ اﻟﻣﺷﺗرﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ.ﻣﻛﺗﺑﺔ ﻟﺑﻧﺎن .
ﺑﯾروت .ﻟﺑﻧﺎن .دط. 1987 .ص . 65
- 8ﻣﺟﻣﻊ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ :اﻟﻣﻌﺟم اﻟوﺳﯾط .ﻣﻛﺗﺑﺔ اﻟﺷروق .اﻟﻘﺎھرة .ﻣﺻر .ط. 4
.2004ص. 467
- 9ﻣﺣﻣد ﺻﺎﺑر ﻋﺑﯾد :ﺗﻣظﮭرات اﻟﺗﺷﻛل اﻟﺳﯾر ذاﺗﻲ –ﻗراءة ﻓﻲ ﺗﺟرﺑﺔ ﻣﺣﻣد اﻟﻘﯾﺳﻲ
اﻟﺳﯾر ذاﺗﯾﺔ .ﻋﺎﻟم اﻟﻛﺗب اﻟﺣدﯾث .إرﺑد .اﻷردن .ط. 2010 . 1ص .195
-10ﻋﺑد ﷲ إﺑراھﯾم :ﻣوﺳوﻋﺔ اﻟﺳرد اﻟﻌرﺑﻲ .اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ ﻟﻠدراﺳﺎت و اﻟﻧﺷر
.ﺑﯾروت .ﻟﺑﻧﺎن .ط. 2005 .1ص 194
- 11ﻣﺣﻣد ﺻﺎﺑرﻋﺑﯾد:ﺗﻣظﮭرات اﻟﺗﺷﻛل اﻟﺳﯾر ذاﺗﻲ -ﻗراءة ﻓﻲ ﺗﺟرﺑﺔ ﻣﺣﻣد اﻟﻘﯾﺳﻲ
اﻟﺳﯾر ذاﺗﯾﺔ.ص195
*ﯾﻧظر :إﺑراھﯾم ﻓﺗﺣﻲ :ﻣﻌﺟم اﻟﻣﺻطﻠﺣﺎت اﻷدﺑﯾﺔ.اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻟﻠﻧﺎﺷرﯾن
اﻟﻣﺗﺣدﯾن .ﺗوﻧس .ط . 1986 . 1ص /202ﺳﻌﯾد ﻋﻠوش :ﻣﻌﺟم اﻟﻣﺻطﻠﺣﺎت اﻷدﺑﯾﺔ
اﻟﻣﻌﺎﺻرة .دار اﻟﻛﺗﺎب اﻟﻠﺑﻧﺎﻧﻲ ﺑﯾروت –ﺳوﺷﺑرﯾس .اﻟدار اﻟﺑﯾﺿﺎء .ط. 1985. 1ص
. 29
:12ﻧﺎﺻر ﺑرﻛﺔ :أدﺑﯾﺔ اﻟﺳﯾرة ﻟذاﺗﯾﺔ ﻓﻲ اﻷدب اﻟﺣدﯾث .أطروﺣﺔ دﻛﺗوراه ﻏﯾر
ﻣﻧﺷورة .ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺣﺎج ﻟﺧﺿر.2013-2012.
–13ﻓﯾﻠﯾب ﻟو ﺟون :اﻟﺳﯾرة اﻟذاﺗﯾﺔ –اﻟﻣﯾﺛﺎق و اﻟﺗﺎرﯾﺦ اﻻدﺑﻲ .ﺗرﺟﻣﺔ :ﻋﻣر ﺣﻠﻲ .
اﻟﻣرﻛز اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ اﻟﻌرﺑﻲ .اﻟدار اﻟﺑﯾﺿﺎء .ط .1994. 1ص / .8وﯾﻧظر:ﻣﺣﻣد اﻟﻘﺎﺿﻲ
:ﻣﻌﺟم اﻟﺳردﯾﺎت .دار ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ﻟﻠﻧﺷر .ﺗوﻧس .ط .2010. 1ص 260ا
- 14ﻣرﺳل ﻓﺎﻟﺢ اﻟﻌﺟﻣﻲ :اﻟﺳردﯾﺎت ﻣﻘدﻣﺎت ﻧظرﯾﺔ وﻣﻘﺗرﺣﺎت ﺗطﺑﯾﻘﯾﺔ .ص204
-15اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﮫ :ص.250
-16أﺳﺎﻣﺔ ﻣﺣﻣد اﻟﺑﺣﯾري :ﻣﻘﺎرﻧﺎت ﻓﻲ اﻟﺳرد اﻟﻌرﺑﻲ .ص. 30
-17أﺑو ﺣﺎﻣد اﻟﻐزاﻟﻲ :اﻟﻣﻧﻘذ ﻣن اﻟﺿﻼل .ص . 23
– 18اﻟﻣﺻدر ﻧﻔﺳﮫ:ص . 60
– 19أﺳﺎﻣﺔ ﻣﺣﻣد اﻟﺑﺣﯾري :ﻣﻘﺎرﻧﺎت ﻓﻲ اﻟﺳرد اﻟﻌرﺑﻲ .ص. 30
-20أﺑو ﺣﺎﻣد اﻟﻐزاﻟﻲ :اﻟﻣﻧﻘذ ﻣن اﻟﺿﻼل .ص .61
256
ﺗﻣظﮭرات اﻟﺳﯾر ذاﺗﻲ ﻓﻲ ﻛﺗﺎب "اﻟﻣﻧﻘذ ﻣن اﻟﺿﻼل " ﻷﺑﻰ ﺣﺎﻣد اﻟﻐزاﻟﻲ )450ھـ505-ھـ(
257