Professional Documents
Culture Documents
في إط))ار مهم))تي كعض))و في البعث))ة الس))ورية الفرنس))ية في ش))مال س))ورية ب))إدارة البروفيس))ور ج))ورج تيت (
) Georges Tateوالدكتور مأمون عبد الكريم ,قمت بستة إقامات بحثية في ما يسمى قط))اع «الم))دن الميت))ة»
التي تقع في شمال غرب أفاميا .وبماأنني متخصص في مجال الصحة العام))ة فق))د تمكنت من رص))د أم))ر غ))ريب
أثناء أبحاثي في هذا المجال ,وهو وجود المدافن (من قبور ونواويس وتوابيت قبوية) باقرب من فتحات كارستية
تم إعدادها في العصر الروماني البيزنطي على الغالب كآبار سطحية .
تكثر النماذج من هذا النوع في كتل))تين من أص))ل ثالث كت))ل جبلي))ة جلُت به))ا هم))ا جب))ل الزاوي))ة وجب))ل س))ليمان.
يمكنني أن أذكر باختصار حالة كل من سيرجيال ونبليسية والبارة وبريج وخمبة سيرمي وكفرتعة .
هنا الكتل الجبلية كلسية وكارستية للغاية والصخور الموجودة فيها ذات طبيعة مسامية وأث))رت عليه))ا التص))دعات
الكبيرة منها والصغيرة .أكثر من ذلك ,الماء الذي يتسرب عبرها في موسم األمطار يخ)زن ويس)ري إلى أعم)اق
مختلفة ضمن شبكة شديدة التعقيد .ويمكنه في هكذا ظروف أن يشكل وس))يلة لنق))ل التل))وث إلى مس))افات قريب))ة أو
بعيدة بقدر ما تنقل الجراثيم المسببة لألمراض الناتجة من البراز والبول المتبقي في الجثث الموجودة في المق))ابر.
وبالتالي كانت الظروف مالئمة النتشار األمراض البكتيرية بعد الموت كالتيفوئيد والكول))يرا أو تل))ك ذات الخالي))ا
األحادية كالزحار المتحول.
كانت مياه الشرب التي يأتي السكان في طلبها قادرة أن تسبب لهم األمراض وتنش))ر األوبئ))ة ك))ون المق))ابر قريب))ة
جدًا من اآلبار وغالبًا في مكان أوطأ منها .وفي أحسن األحوال ,من الممكن أن تكون ق))د تل)وثت المي)اه الالزم)ة
لمعاصر الزيت ومع ذلك كانت سيرجيال حينها منطقة ص))غيرة لكن ك))ان إنتاجه))ا كب))يرًا من زيت الزيت))ون وك))ان
يباع في أسواق المدن ,لذلك كان الخطر المحتمل لتفشي األوبئة أكبر.
إذا افترضنا مجرد افتراض أن سبب الوفيات هو هذا التوضع لآلبار والمقابر إذ ال يمكن تق))ديم أي دلي))ل ملم))وس
بخصوص ذلك لكنه ال يبقى بعيدًا عن التسبب بالطاعون ومثال على ذلك " طاعون جستنيان " (الق))رن الس))ادس)
باإلضافة إلى تدهور الصحة العامة في هذه المنطقة في تلك الحقبة.
لقد ساهم سكان المنطقة في تسهيل انتشار بعض األمراض المعدية رغمًا عنهم بس))بب ع))اداتهم و دون أن يعلم))وا
ألن علم األحياء الدقيقة بدأ في أوروبا في القرن التاسع عش))ر .يع))زز ه))ذه الفرض))ية عام))ل آخ))ر يتعل))ق بأم))اكن
التغوط السائدة في العصر الروماني البيزنطي .فلم يتبين خالل التنقيبات األثرية وجود م))راحيض داخ))ل المن))ازل
أو حتى قربها .في سرجيال مثًال ,تبين وجود مرحاض واحد فقط هو مرحاض الحم))ام العم))ومي .وهك))ذا س))اعد
توزع الفضالت فوق األرض في القرى آنذاك على انتشار بعض األمراض من نوع األوبئة المستوطنة.
نظرًا لعدم وجود نصوص قديمة مكتوبة أو أي اكتشاف وبالتالي ع)دم وج)ود تحلي)ل لبقاي)ا الفض))الت من العص))ر
الروم))اني الب))يزنطي ,ل))ذلك ف))إن المالحظ))ات المستخلص))ة من الجيولوجي))ا والطبوغرافي))ا األثري))ة تج))يز إطالق
افتراض عن مدى انتشار األمراض في المنطقة في ذلك العصر.
السؤال الذي يطرح نفسه ,لماذا كان الرومان البيزنطيون في هذه القرى آنذاك يبنون أو يحف))رون قب))ورًا ب))القرب
من اآلبار .السبب األول ربما يكون بهدف تسهيل التنفيذ فوجود المقالع بجوار المقابر هو فرصة للس))كان لتف)ادي
نقل الكتل الحجرية لمسافات بعيدة وبالتالي يتم إنجاز العمل المطلوب بأقل وقت وتعب وكلفة .أيضًا ك))انت البني))ة
الجيولوجية لهضبة متدرجة مثًال تساعد على حفر وبناء المدافن القبوية .أما الس))بب الث))اني األساس))ي له))ذه الع))ادة
يتعلق بالمعرفة الطبي))ة في ذل))ك العص))ر .فطبي)ًا يك))ون اله))واء المحم))ل ب))األبخرة العفن))ة ق))ادرًا لوح))ده على نش))ر
األمراض حتى ولو كان الرومان والبيزنطيون قد فصلوا المياه العذبة عن تلك المستعملة .في هذه الحال))ة ,ك))انوا
يعتقدون في ذلك العصر بأن المقابر على اختالف أنواعها تستطيع منع انتشار األمراض كونها محكمة اإلغالق .
نظرًا لعدم وجود أية طريقة علمية للتمييز بين المياه الملوثة بيولوجيًا والمي))اه الص))حية ,فلم يكن أم))ام س))كان ذل))ك
البلد إال االعتماد على مظهر (نقاوة) مياه الشرب ورائحتها وفقًا لتقليد تجريبي.
إذًا في ك))ل الح))االت ؛ حال))ة المعرف))ة الطبي))ة ( األبيقراطي))ة) والع))ادات الثقافي))ة (ال))دفن على الطريق)ة المس))يحية)
والممارسات الفنية ( بناء المقابر) كان لكّل منها مسؤوليته في انتشار بعض األمراض الناتج))ة عن ق))رب المق))ابر
من اآلبار.