You are on page 1of 40

‫برملان الوحدة املصرية السورية‬

‫إعداد الطالب‬
‫محمد علي أبوريدة‬

‫بحث التخرج لدبلوم الماجستير فى العلوم السياسية‬


‫معهد البحوث والدراسات العربية‬

‫إشراف‬
‫دكتور‪ /‬عمرو هاشم ربيع‬

‫مايو ‪2008‬‬
‫مقدمة‬

‫كان البرلمان فى صدارة الساحات الرسمية التى انطلقت منها الدعوة للوحدة بين‬
‫مصر وسوريا‪ ،‬عبر وفود متبادلة بين مجلس األمة المصرى ومجلس النواب السورى فى‬
‫شهرى نوفمبر وديسمبر عام ‪1957‬جرى خاللها اإلعالن عن رغبة الشعبين فى إقامة اتحاد‬
‫فيدرالى بين الدولتين ودعوة الحكومتين إلى الدخول فورا فى مباحثات مشتركة لهذا الغرض‪.‬‬
‫غير أن هذه المكانة التى شغلها البرلمان بين القوى الدافعة للوحدة‪ ،‬لم تمنع تأخر ظهوره فى‬
‫دولة الوحدة بعد قيامها لما يزيد عن عامين من إجمالى عمرها القصير الذى قارب ثالثة‬
‫أعوام ونصف‪.‬‬
‫كما أنه من الملفت أن الدور الذى قام به مجلس األمة فى إطار تجربة الوحدة‬
‫المصرية السورية القصيرة لم يكن محال ألى دراسة متعمقة رغم تعدد الدراسات والندوات‬
‫التى تناولت كافة زوايا هذه التجربة الوحدوية األخرى‪ .‬وكان ألستاذى الدكتور أحمد يوسف‬
‫أحمد – مدير معهد البحوث والدراسات العربية‪ -‬الفضل األول فى لفت نظرى إلى هذه النقطة‬
‫التى أثارت لدى اهتمام خاص بحكم عملى واهتمامى بحقل الدراسات البرلمانية‪.‬‬
‫وهكذا جاءت فكرة هذه الورقة‪ ،‬التى حاولت فيها تناول مختلف جوانب الدور الذى قام‬
‫به مجلس األمة خالل تجربة الوحدة المصرية السورية فى المجاالت السياسية والتشريعية‬
‫والرقابية والمالية‪ .‬وفى ظل عدم توافرنا على أى دراسة علمية تناولت هذا الموضوع‪ ،‬كان‬
‫االعتماد على الوثائق األولية الخاصة بموضوع هذه الدراسة هو المرجع األول الذى تم‬
‫االعتماد عليه‪ .‬وكان االعتماد الرئيسى على تحليل مضابط جلسات مجلس األمة خالل الفترة‬
‫التى تغطيها الدراسة‪ .‬كما تم الرجوع للدستور المؤقت للجمهورية العربية المتحدة الصادر فى‬
‫مارس ‪ ،1958‬والالئحة الداخلية المؤقتة للمجلس وعدد من الوثائق القانونية األخرى‬
‫المتعلقة بهذه الفترة للوقوف على حدود اإلطار القانونى المنظم للدور الذى قام به مجلس‬
‫األمة فى إطار تجربة الوحدة‪.‬‬
‫وقد ركزت الدراسة على تقديم تحليل إحصائى موضوعى لنشاط مجلس األمة فى دولة‬
‫الوحدة بمختلف أبعاده السياسية والتشريعية والرقابية والمالية‪ ،‬وذلك دون التطرق إلى‬
‫التفاصيل الموضوعية الدقيقة للموضوعات التى تناولها نشاط المجلس فى هذه المجاالت‬
‫المختلفة إال بالقدر الذى وجدنا أهميته لبعض النقاط التى برزت خالل الدراسة‪ .‬واشرنا فى‬
‫أكثر من موضع من هذه الورقة إلى الحاجة لمزيد من البحث العلمى المتعمق للعديد من‬
‫تفاصيل نشاط مجلس األمة خالل هذه الفترة ومدى تأثيرها فى انتهاء تجربة الوحدة بالفشل‬
‫واالنفصال‪.‬‬
‫وفى هذا اإلطار تم تقسيم الدراسة إلى خمسة مباحث‪ ،‬اهتم أولها بتناول تكوين برلمان‬
‫الوحدة‪ ،‬فيما تناولت المباحث األربعة األخرى األدوار المختلفة للمجلس فى المجال السياسى‪،‬‬
‫والتشريعى‪ ،‬والرقابى‪ ،‬والمالى‪ .‬وانتهت الورقة بخاتمة ترصد أهم النتائج والخالصات‪.‬‬
‫ونتمنى أن نكون قد وفقنا بهذه الورقة فى إلقاء بعض الضوء على هذه الزاوية من‬
‫زوايا تجربة الوحدة المصرية السورية التى ظلت معتمة رغم انقضاء كل هذه السنوات‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫املبحث األول‬
‫تكوين برملان الوحدة‬

‫صاغ الدستور المؤقت للجمهورية العربية المتحدة الصادر فى ‪ 5‬مارس ‪1958‬‬


‫المالمح الرئيسية لبرلمان الجمهورية العربية المتحدة فى واحد وثالثين مادة من مواده (‪-13‬‬
‫‪ ،)43‬ووضع قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم ‪ 249‬لسنة ‪ 1960‬فى شأن مجلس األمة‬
‫المزيد من التفاصيل الخاصة بعضوية المجلس وانعقاده وممارسته لصالحياته المختلفة‪ .‬كما‬
‫بينت الالئحة الداخلية المؤقتة التى تبناها المجلس فى ثانى جلساته بوضوح التفاصيل‬
‫المختلفة لكافة الجوانب المتعلقة بهيكل المجلس وأدائه لدوره البرلمانى‪.‬‬

‫أ‪ -‬عضوية المجلس‬


‫قضت المادة (‪ )13‬من الدستور بأن يتولى السلطة التشريعية فى دولة الوحدة مجلس‬
‫يسمى مجلس األمة‪ .‬وخولت ذات المادة رئيس الجمهورية سلطة تحديد عدد أعضاء مجلس‬
‫األمة واختيارهم بقرار منه‪ ،‬غير أنها اشترطت أن يكون نصف هؤالء األعضاء على األقل من‬
‫‪1‬‬
‫بين أعضاء مجلس النواب السورى ومجلس األمة المصرى‪.‬‬
‫وربما يكون هذا الشرط هو أقصى ما أمكن الوصول إليه خالل محاولة التوفيق بين‬
‫الحاجة إلى سرعة إتمام الوحدة وعدم سهولة إجراء انتخابات تشريعية خالل مرحلتها‬
‫االنتقالية األولى من ناحية‪ ،‬وبين الرغبة فى ضمان نوع من الصفة التمثيلية لهذا المجلس‬
‫التشريعى المعين من خالل ضمه لعدد من األعضاء الذين سبق انتخابهم من الشعب لعضوية‬
‫المجلس التشريعى فى كال الدولتين قبل الوحدة ال يقل عن نصف عدد أعضاء المجلس الجديد‪.‬‬
‫وكان األمل أن تكون هذه الطريقة فى اختيار أعضاء مجلس األمة مرتبطة بالمرحلة‬
‫االنتقالية األولى لدولة الوحدة‪ ،‬على أن يتم فى المرحلة الثانية وضع دستور دائم وتشكيل‬
‫مجلس األمة عبر االنتخاب المباشر من الشعب فى اإلقليمين‪2.‬غير أن الواقع كشف عن أن‬
‫اعتبارات العجلة فى تشكيل مجلس األمة من خالل التعيين لم تكن فى محلها‪ ،‬حيث تأخر‬
‫تشكيل هذا المجلس ودعوته ألول انعقاد لما يزيد على عامين يمثالن نحو ثلثى عمر هذه‬
‫التجربة الوحدوية‪.‬‬
‫ففى الثامن عشر من شهر يوليو عام ‪ 1960‬صدر قرارا رئيس الجمهورية العربية‬
‫المتحدة رقمى ‪ 1371‬و‪ ،1372‬حيث حدد أولهما عدد أعضاء مجلس األمة بستمائة عضو‪،‬‬
‫بينما تضمن الثانى أسماء األعضاء الذين تم اختيارهم لتمثيل محافظات الدولة ال (‪ )36‬فى‬
‫أول –وآخر‪ -‬برلمان فى دولة الوحدة بين مصر وسوريا‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬ضم مجلس األمة ‪ 400‬عضوا يمثلون ‪ 25‬محافظة فى اإلقليم الجنوبى‬
‫(مصر) و‪ 200‬عضوا يمثلون ‪ 11‬محافظة فى اإلقليم الشمالى (سوريا) وفقا للجدول رقم‬
‫(‪ .)1‬وكانت هذه المعادلة فى صالح اإلقليم السورى الذى لم يكن عدد سكانه يزيدون على‬
‫خمسة ماليين نسمة عام ‪ ،1960‬بينما كان عدد السكان فى اإلقليم المصرى نحو ‪27.8‬‬
‫‪3‬‬
‫مليون نسمة‪.‬‬

‫‪ 1‬الدستور المؤقت للجمهورية العربية المتحدة الصادرة فى ‪ 5‬مارس ‪.1958‬‬


‫‪ 2‬د‪ .‬أحمد يوسف أحمد‪ ،‬تجربة الجمهورية العربية المتحدة‪ :‬مساهمة فى قراءة جديدة لها‪ ،‬فى‪ :‬عبد العزيز الدورى وآخرون‪ ،‬الوحدة‬
‫العربية تجاربها وتوقعاتها‪ ،‬بيروت مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬ط‪ ،1‬ص ‪.216‬‬
‫‪World Population Prospects, Population Division of the Department of Economic and Social Affairs of the 3‬‬
‫‪United Nations Secretariat,2006 at: http://esa.un.org/unpp‬‬

‫‪2‬‬
‫ويبدو أن اختيار أعضاء مجلس األمة جرى دون استشارة من وقع عليهم االختيار‬
‫قبل إعالن قرار التعيين بالمجلس‪ ،‬خاصة األعضاء عن اإلقليم السورى‪ .‬فقد اعتذر ثالثة ممن‬
‫وقع عليهم االختيار عن اإلقليم السورى عن قبول العضوية‪ ،‬ولم يؤدوا اليمين الدستورية ‪-‬‬
‫التى هى شرط لبدء ممارسة العضوية‪ -‬حتى قبلت طلبات اثنين منهم مع نهاية دور االنعقاد‬
‫األول للمجلس‪ ،‬بينما قبل طلب العضو الثالث بنهاية دور االنعقاد األخير‪ .‬والملفت للنظر أن‬
‫‪4‬‬
‫األعضاء الثالثة من محافظة حلب السورية‪.‬‬
‫جدول رقم (‪)1‬‬
‫توزيع أعضاء برلمان الوحدة المصرية‪ -‬السورية‬
‫اإلقليم الشمالى‬ ‫اإلقليم الجنوبى‬
‫المحافظة عدد األعضاء‬ ‫عدد األعضاء‬ ‫عدد األعضاء المحافظة‬ ‫المحافظة‬
‫‪42‬‬ ‫دمشق‬ ‫‪23‬‬ ‫المنوفية‬ ‫‪44‬‬ ‫القاهرة‬
‫‪43‬‬ ‫حلب‬ ‫‪27‬‬ ‫الغربية‬ ‫‪21‬‬ ‫اإلسكندرية‬
‫‪22‬‬ ‫الالذقية‬ ‫‪18‬‬ ‫كفر الشيخ‬ ‫‪5‬‬ ‫بورسعيد‬
‫‪20‬‬ ‫حمص‬ ‫‪25‬‬ ‫البحيرة‬ ‫‪4‬‬ ‫اإلسماعيلية‬
‫‪15‬‬ ‫حماه‬ ‫‪15‬‬ ‫الجيزة‬ ‫‪3‬‬ ‫السويس‬
‫‪13‬‬ ‫دير الزور‬ ‫‪15‬‬ ‫الفيوم‬ ‫‪2‬‬ ‫سيناء‬
‫‪14‬‬ ‫الحسكة‬ ‫‪15‬‬ ‫بنى سويف‬ ‫‪2‬‬ ‫البحر األحمر‬
‫‪12‬‬ ‫إدلب‬ ‫‪23‬‬ ‫المنيا‬ ‫‪1‬‬ ‫الصحراء الغربية‬
‫‪8‬‬ ‫درعا‬ ‫‪22‬‬ ‫أسيوط‬ ‫‪1‬‬ ‫الصحراء الجنوبية‬
‫‪7‬‬ ‫السويداء‬ ‫‪28‬‬ ‫سوهاج‬ ‫‪13‬‬ ‫القليوبية‬
‫‪4‬‬ ‫الرشيد‬ ‫‪23‬‬ ‫قنا‬ ‫‪25‬‬ ‫الشرقية‬
‫‪9‬‬ ‫أسوان‬ ‫‪30‬‬ ‫الدقهلية‬
‫‪6‬‬ ‫دمياط‬
‫‪200‬‬ ‫المجموع‬ ‫‪400‬‬ ‫المجموع‬

‫ب‪ -‬انعقاد المجلس‬


‫لم يتناول الدستور تفاصيل انعقاد مجلس األمة‪ ،‬ولم يحدد موعدا ملزما لدعوة المجلس‬
‫لالنعقاد‪ ،‬واقتصر تناوله لهذا األمر على ما جاء فى المادة (‪ )17‬بقصر الحق فى دعوة‬
‫المجلس لالنعقاد على رئيس الجمهورية‪ ،‬وهو أيضا من يفض دورته‪ .‬كما حظرت المادة‬
‫(‪ )18‬انعقاد المجلس دون دعوة فى غير دور االنعقاد العادى‪ ،‬وإال كان اجتماعه باطال وبطل‬
‫بحكم القانون ما يصدر عنه من قرارات‪.‬‬
‫غير أن قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم ‪ 249‬لسنة ‪ 1960‬فى شأن مجلس‬
‫األمة والصادر بتاريخ ‪19‬يولو ‪– 1960‬اليوم التالى لصدور قرارى تشكيل المجلس‪ -‬هو الذى‬
‫حدد التفاصيل الخاصة بانعقاد مجلس األمة‪ .‬فقد ألزمت المادة األولى من ذلك القرار بقانون‬
‫رئيس الجمهورية بدعوة مجلس األمة إلى أدوار انعقاد عادية سنوية ال يقل عددها عن ثالثة‪.‬‬
‫واشترطت المادة ذاتها أن يبدأ دور االنعقاد األول للمجلس قبل الخميس الثانى من شهر‬
‫نوفمبر (تشرين الثانى)‪ ،‬دون أن تنص على انعقاد المجلس بقوة القانون إذا لم يدع لالنعقاد‬
‫فى هذا التاريخ‪.‬‬
‫كما وضعت ذات المادة كذلك قيدين على حق رئيس الجمهورية فى فض دور انعقاد‬
‫المجلس‪ ،‬اشترط أولهما أال يقل دور االنعقاد العادى الواحد للمجلس عن شهر‪ ،‬بينما حظر‬
‫الثانى فض دور االنعقاد الذى تنظر فيه الميزانية قبل إقرار المجلس لها‪.‬‬

‫‪ 4‬مضبطتى الجلستين ‪ 15‬و‪ 17‬من دور االنعقاد األول عام ‪ ،1960‬ومضبطة الجلسة ‪ 25‬من دور االنعقاد الثالث عام ‪.1961‬‬
‫‪3‬‬
‫كما تناول القانون فى مادته الثانية مسألة دعوة مجلس األمة الجتماع غير عادى‪،‬‬
‫حيث أعطى هذا الحق لرئيس الجمهورية فى حالة الضرورة‪ ،‬أو بناء على طلب موقع من‬
‫أغلبية أعضاء المجلس‪ .‬وقضت ذات المادة بأن يعلن رئيس الجمهورية فض االجتماع غير‬
‫‪5‬‬
‫العادى بعد انتهاء المجلس من جدول األعمال الذى دعى من أجله‪.‬‬
‫ومن الناحية الفعلية‪ ،‬تمت دعوة مجلس األمة لدور انعقاده األول فى ‪ 21‬يوليو عام‬
‫‪ 1960‬الذى دام حتى فض فى ‪ 15‬نوفمبر من نفس العام‪ ،‬وعقد خالله المجلس (‪ )20‬جلسة‪.‬‬
‫كما تمت دعوة المجلس لدور انعقاد ثانى بدأ فى ‪ 9‬يناير عام ‪ 1961‬ودام حتى تم فضه فى ‪8‬‬
‫فبراير من ذات العام وبمجرد أن استوفى الحد األدنى الذى حدده القانون لدور االنعقاد بشهر‬
‫على األقل‪ ،‬ليكون أقصر أدور انعقاد المجلس‪ ،‬كما لم يعقد خالله المجلس سوى (‪ )13‬جلسة‬
‫فقط‪ .‬أما دور االنعقاد الثالث فقد دام من ‪ 11‬ابريل ‪ 1961‬إلى أن تم فضه فى ‪ 22‬يونيو من‬
‫ذات العام‪ ،‬وعقد خالله المجلس (‪ )28‬جلسة‪.‬‬
‫ج‪ -‬مكتب المجلس‬
‫قصر الدستور المؤقت تناوله لمكتب المجلس على اشتراط قيام المجلس بانتخاب‬
‫الرئيس والوكيلين فى أول اجتماع عادى له‪ .‬بينما وضعت الالئحة الداخلية المؤقتة للمجلس‬
‫التفاصيل الخاصة بانتخاب مكتب المجلس واختصاصاته‪.‬‬
‫وقضت المادة الرابعة من الالئحة بأن يتشكل مكتب المجلس من الرئيس والوكيلين‬
‫وثمانية أمناء للسر‪ ،‬وذلك من خالل انتخابات سرية تجرى فى جلسة علنية وتكون فردية‬
‫بالنسبة للرئيس وبالقائمة النسبية بالنسبة لباقى أعضاء المكتب‪ .‬ويختص مكتب المجلس‬
‫باإلشراف على أعمال المجلس ومناقشاته‪ ،‬على أن تكون له هيئة تنفيذية تضم الرئيس‬
‫والوكيلين تشرف على الشئون اإلدارية وتباشر اختصاصاتها األخرى التى فصلتها الالئحة‪.‬‬
‫وينوب الوكيالن عن رئيس المجلس فى رئاسة الجلسات حال غيابه بالتناوب فيما بينهما‪،‬‬
‫وللرئيس أن يفوضهما أو أحدهما فى كل أو بعض اختصاصاته األخرى غير المتعلقة برئاسة‬
‫الجلسات ‪ .‬بينما يتولى أمناء السر المساعدة فى األعمال اإلدارية المعاونة للرئيس فى إدارة‬
‫الجلسة مثل تحرير المضابط وتلقى اقتراحات األعضاء وطالبى الكالم وجمع األصوات وفرزها‬
‫‪....‬الخ‪ .‬ويتولى اثنان من أمناء السر بالتناوب بينهم أمانة السر فى كل جلسة‪.‬‬
‫وقد اختار مجلس األمة فى أولى جلساته السيد أنور السادات رئيسا للمجلس من خالل‬
‫انتخابات لم يترشح لها سواه‪ .‬كما انتخب المجلس فى ذات الجلسة السيد محمد فؤاد جالل‬
‫(اإلقليم الجنوبى) والسيد راتب الحسامى (اإلقليم الشمالى) وكيلين للمجلس بعد انتخابات‬
‫ترشح لها إلى جانبهما السيد محمد الكسار (سوريا) ولم يحصل فيها سوى على ‪ 85‬صوتا‪،‬‬
‫بينما حصل كالهما على (‪ )536‬و(‪ )514‬صوتا بالترتيب‪.‬‬
‫كما انتخب المجلس ألمانة السر السادة األعضاء‪ :‬جودت كراكشة‪ ،‬مرعى الخيرات‪،‬‬
‫طه الحداد‪ ،‬وشاكر الدروى من اإلقليم الشمالى‪ ،‬ومحمد حامد محمود‪ ،‬سيد زكى عبد الهادى‪،‬‬
‫عبد المنعم طاهر‪ ،‬ومظهر الشوربجى من اإلقليم الجنوبى‪ ،‬وذلك دون انتخاب طبقا لالئحة‬
‫نظرا لعدم ترشح سواهم ألمانة السر‪ .‬كما استجاب المجلس لعرض رئيسه بأن يكون نصف‬
‫أمناء السر من اإلقليم الشمالى ونصفهم من اإلقليم الجنوبى‪ ،‬خروجا على نسبة ‪ 1-2‬التى‬
‫‪6‬‬
‫حكمت اختيار أعضاء المجلس وتوزيع األدوار فى كثير من شئونه‪.‬‬

‫‪ 5‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ 161‬فى ‪ 19‬يوليو ‪1960‬‬


‫‪ 6‬مضبطة الجلسة الثانية لدور االنعقاد األول لمجلس األمة عام ‪.1960‬‬
‫‪4‬‬
‫ويعطى ذلك ميزة ألعضاء اإلقليم الشمالى المتالكهم خمسة أعضاء فى مكتب المجلس‬
‫المكون من أحد عشر عضوا‪ ،‬وهو ما يتيح لهم ‪-‬طبقا لالئحة‪ -‬الحق فى دعوة المكتب‬
‫االجتماع‪ ،‬ويكون اجتماعه صحيحا إذا حضره عضو واحد غيرهم‪ ،‬ويمكنهم من توفير األغلبية‬
‫الالزمة الستصدار قرارات من مكتب المجلس إذا لم يستخدم رئيس المجلس صوته للترجيح‬
‫بين األصوات المتساوية‪.‬‬

‫د‪ -‬تشكيالت اللجان‬


‫حددت الالئحة الداخلية المؤقتة لمجلس األمة عدد لجان المجلس بثالث وعشرين‬
‫لجنة‪ ،‬وأجازت للمجلس إنشاء لجان أخرى أو االستغناء عن بعضها أو دمج لجنتين أو أكثر‬
‫فى لجنة واحدة‪ .‬وفوضت الالئحة المجلس فى تحديد عدد األعضاء فى كل لجنة من لجانه‬
‫بشرط أال يقل عدد أعضاء اللجنة الواحدة عن خمسة عشر عضوا‪ .‬وأجازت الالئحة للعضو أن‬
‫يشترك فى لجنتين من لجان المجلس‪ ،‬وال يجوز له االشتراك فى أكثر من ذلك إال بناء على‬
‫‪7‬‬
‫قرار خاص من المجلس‪.‬‬
‫وتطبيقا ألحكام الالئحة المؤقتة قرر المجلس زيادة عدد لجانه إلى خمس وعشرين‬
‫لجنة‪ ،‬بعد أن قرر فصل لجنة األمن الداخلى واإلدارة المحلية إلى لجنتين‪ ،‬وكذلك الحال مع‬
‫لجنة الشئون الزراعية والرى‪ 8.‬كما فوض المجلس مكتبه فى تلقى طلبات السادة األعضاء‬
‫باللجان التى يرغبون فى عضويتها والتنسيق فيما بينها‪ .‬وقدمت الهيئة التنفيذية لمكتب‬
‫المجلس ترشيحاتها لمكاتب اللجان المختلفة‪ ،‬مع تأكيد رئيس المجلس فى المضبطة أن هذه‬
‫الترشيحات استرشادية وغير ملزمة ويمكن ألعضاء كل لجنة اختيار من يرونه لرئاسة اللجنة‬
‫‪9‬‬
‫ووكالتها وأمانة سرها‪.‬‬
‫ويوضح الجدول رقم (‪ )2‬الصورة النهائية للجان المختلفة بمجلس األمة وعدد‬
‫األعضاء فى كل منها عند تشكيلها‪ ،‬وتشكيل مكتب كل لجنة والذى يضم رئيس ووكيل وأمين‬
‫للسر‪ .‬ويالحظ على هذا التشكيل ما يلى‪:‬‬
‫أنه قد جرى اختيار ستة رؤساء لجان من أعضاء عن اإلقليم الشمالى‪ ،‬بينما ترأس‬ ‫•‬
‫اللجان ال(‪ )19‬األخرى أعضاء عن اإلقليم الجنوبى بنسبة ‪ %24‬و‪ %76‬على‬
‫الترتيب‪ .‬كما كانت رئاسة اللجان الخاصة بالشئون الدستورية والموازنات والشئون‬
‫المالية والتجارة واألمن والدفاع والشئون الخارجية من نصيب أعضاء من اإلقليم‬
‫الجنوبى‪ ،‬بينما ترأس أعضاء اإلقليم الشمالى لجان الشئون القانونية والعدل‪،‬‬
‫والشئون العربية‪ ،‬والخدمات االجتماعية‪ ،‬والتعاون‪ ،‬والفنون واآلداب والثقافة‪،‬‬
‫ورعاية الشباب‪.‬‬
‫أن نصيب األعضاء من اإلقليم الشمالى من منصب وكالء اللجان قد زاد على نصيب‬ ‫•‬
‫زمالئهم من اإلقليم الجنوبى‪ ،‬حيث تم اختيار وكالء لخمسة عشر لجنة من اإلقليم‬
‫الشمالى بينما تولى أعضاء من اإلقليم الجنوبى وكالة باقى اللجان العشر‪ ،‬وبنسبة‬
‫‪ %60‬و‪ %40‬على الترتيب‪ .‬كما يالحظ أن منصب الوكيل فى معظم اللجان الرئيسية‬
‫فى المجلس قد شغله أعضاء عن اإلقليم الشمالى تعويضا عن شغل جنوبيين لمنصب‬
‫الرئيس فيها‪ ،‬وأن الشماليين قد جمعوا منصبى الرئيس والوكيل معا فى لجنة الفنون‬
‫والعلوم واآلداب فقط بينما جمع الجنوبيين بين المنصبين فى خمسة لجان‪.‬‬

‫‪ 7‬كانت المادة (‪ ) 67‬من الالئحة الداخلية المؤقتة تضع حدا أعلى لعدد أعضاء اللجنة الواحدة ال يجاوز ‪ 31‬عضوا‪ ،‬غير أن المجلس‬
‫وافق على حذف هذا القيد حتى يتاح لكل عضو االشتراك فى عضوية لجنتين تطبيقا للمادة (‪ )69‬من الالئحة‪ .‬انظر‪ :‬مضبطة الجلسة‬
‫‪ 2‬من دور االنعقاد األول عام ‪.1960‬‬
‫‪ 8‬مضبطتى الجلستين ‪ 5‬و‪ 7‬من دور االنعقاد األول لمجلس األمة عام ‪.1960‬‬
‫‪ 9‬مضبطة الجلسة ‪ 3‬من دور االنعقاد األول لجلس األمة عام ‪.1960‬‬
‫‪5‬‬
‫أن األعضاء الشماليين شغلوا منصب أمين السر فى سبع لجان بينما شغله الجنوبيين‬ ‫•‬
‫فى (‪ )18‬لجنة‪ ،‬بنسبة ‪ %72‬و‪ %28‬على التوالى‪ .‬كما يتبين أن األعضاء الشماليين‬
‫جمعوا منصب أمين السر ومنصب الرئيس فى لجنة واحدة‪ ،‬ومنصب أمين السر‬
‫والوكيل فى لجنتين‪ ،‬بينما جمع الجنوبيون بين أمانة السر والرئاسة فى (‪ )13‬لجنة‪،‬‬
‫وأمانة السر والوكالة فى خمس لجان‪ .‬واختص األعضاء الجنوبيين بالجمع بين‬
‫منصب الرئيس والوكيل وأمين السر فى لجنة الصناعة والكهرباء‪.‬‬
‫أن وكيلى المجلس قد جمعا بين وكالة المجلس ورئاسة إحدى لجانه‪ ،‬حيث ترأس‬ ‫•‬
‫السيد راتب الحسامى (شمالى) لجنة الشئون العربية‪ ،‬بينما تولى السيد محمد فؤاد‬
‫جالل (جنوبى) رئاسة لجنة الشئون الخارجية‪ .‬وقد جاء ذلك تطبيقا لحكم المادة (‪)72‬‬
‫من الالئحة التى قضت بأن يكون لوكيل المجلس رئاسة اللجنة التى هو عضو فيها‪.‬‬
‫وفى المحصلة النهائية لتشكيالت مكاتب اللجان‪ ،‬نجد أن األعضاء الشماليين قد‬
‫حصلوا على ميزة جديدة بالحصول على (‪ )28‬عضوا من بين (‪ )75‬عضوا هم إجمالى‬
‫أعضاء مكاتب لجان المجلس‪ ،‬وذلك بنسبة (‪ ،)%37.3‬فى مقابل حصول األعضاء الجنوبيين‬
‫على (‪ )47‬عضوا فى هذه المكاتب بنسبة (‪ )%62.6‬فقط‪ .‬وبذلك يجمع األعضاء عن اإلقليم‬
‫الشمالى بين كسر قاعدة ‪ 1-2‬التى اتبعت فى اختيار أعضاء المجلس فى مكاتب اللجان وفى‬
‫مكتب المجلس فى ذات الوقت‪ .‬وربما يأتى ذلك سعيا من إخوانهم الشماليين فى تأكيد حرصهم‬
‫على استمرار مسيرة الوحدة بعيدا عن أى اتهام بالسعى للهيمنة أو التذويب أو استغالل طرف‬
‫لآلخر‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫جدول رقم (‪)2‬‬
‫تشكيل مكاتب اللجان فى برلمان الوحدة المصرية‪ -‬السورية‬

‫اإلقليم‬ ‫أمين السر‬ ‫اإلقليم‬ ‫الوكيل‬ ‫اإلقليم‬ ‫الرئيس‬ ‫األعضاء‬ ‫اللجنة‬


‫جنوبى‬ ‫حممد توفيق خشبة‬ ‫مشال‬ ‫رفيق جربائيل بشور‬ ‫جنوبى‬ ‫حممد إبراهيم فهمى السيد‬ ‫الشئون الدستورية والالئحة الداخلية‬
‫‪39‬‬
‫جنوبى‬ ‫ألبي تادرس شحاتة‬ ‫مشال‬ ‫أمحد إمساعيل‬ ‫جنوبى‬ ‫العطافى على أمحد سنبل‬ ‫شئون امليزانية واحلساب اخلتامى‬
‫‪19‬‬
‫س‬ ‫حممد أديب املكاوى‬ ‫جنوبى‬ ‫حممد رئيف امللقى‬ ‫جنوبى‬ ‫حممد رشدى‬ ‫الشئون املالية واالقتصادية‬
‫‪49‬‬
‫جنوبى‬ ‫حممد فوزى شاش‬ ‫جنوبى‬ ‫حممد فتحى الشرقاوى‬ ‫مشال‬ ‫على بوظو‬ ‫الشئون القانونية والعدل‬
‫‪65‬‬
‫مشال‬ ‫حممد أبو النور طياره‬ ‫جنوبى‬ ‫فاروق يوسف غالب‬ ‫مشال‬ ‫راتب احلسامى‬ ‫الشئون العربية‬
‫‪79‬‬
‫مشال‬ ‫شكرى فيصل‬ ‫جنوبى‬ ‫حامد نبيه‬ ‫جنوبى‬ ‫السيد حممد يوسف‬ ‫شئون الرتبية والتعليم‬
‫‪43‬‬
‫مشال‬ ‫سلمان هنيدى‬ ‫جنوبى‬ ‫حممد عبد اللطيف دراز‬ ‫جنوبى‬ ‫فتحى رضوان‬ ‫التوجيه القومى‬
‫‪47‬‬
‫جنوبى‬ ‫حممود على الوكيل‬ ‫مشال‬ ‫جوزيف جرمق‬ ‫جنوبى‬ ‫سعد شلبى‬ ‫التجارة الداخلية واخلارجية والتموين‬
‫‪43‬‬
‫جنوبى‬ ‫حممود سامى عبد القوى‬ ‫مشال‬ ‫لطفى اخلاص‬ ‫جنوبى‬ ‫عبده سالم‬ ‫التخطيط‬
‫‪18‬‬
‫جنوبى‬ ‫حممد إبراهيم حبيب‬ ‫جنوبى‬ ‫سيد زكى عبد اهلادى‬ ‫مشال‬ ‫وجيه لبنيه‬ ‫اخلدمات االجتماعية واألسرة‬
‫‪48‬‬
‫جنوبى‬ ‫أنور سالمه‬ ‫س‬ ‫الياس يوسف كبابه‬ ‫جنوبى‬ ‫محدى احلكيم‬ ‫العمل والعمال‬
‫‪33‬‬
‫جنوبى‬ ‫نظمى راشد املكاوى‬ ‫جنوبى‬ ‫حممود يونس‬ ‫جنوبى‬ ‫حسن نور الدين عامر‬ ‫الصناعة والكهرباء‬
‫‪27‬‬
‫جنوبى‬ ‫عبد الرحيم أبو سديرة‬ ‫مشال‬ ‫وليد ملحس‬ ‫جنوبى‬ ‫امني انور الشريف‬ ‫املرافق العامة واملواصالت‬
‫‪62‬‬
‫جنوبى‬ ‫أمحد فؤاد حميى الدين‬ ‫مشال‬ ‫أكرم سرى احلسينى‬ ‫جنوبى‬ ‫حممد حسن الشريف‬ ‫الشئون الصحية‬
‫‪41‬‬
‫جنوبى‬ ‫حممد هبجت رمضان‬ ‫جنوبى‬ ‫عامر حممد عامر‬ ‫مشال‬ ‫طريف الكيال‬ ‫التعاون‬
‫‪48‬‬
‫جنوبى‬ ‫حيم الغمراوى‬ ‫مشال‬ ‫شوقى االتاسى‬ ‫مشال‬ ‫جورج شلهوب‬ ‫الفنون والعلوم واآلداب والثقافة‬
‫‪19‬‬
‫جنوبى‬ ‫أمحد شهيب‬ ‫مشال‬ ‫اسعد ضرغام سعد الدين‬ ‫جنوبى‬ ‫حسن حممد سعداوى‬ ‫االقرتاحات والعرائض‬
‫‪37‬‬
‫جنوبى‬ ‫حممد السيد سرحان‬ ‫جنوبى‬ ‫حممد شفيق مال حسن‬ ‫جنوبى‬ ‫أمحد عبد اجمليد جنم‬ ‫حسابات اجمللس‬
‫‪18‬‬
‫جنوبى‬ ‫فؤاد حسن املهداوى‬ ‫مشال‬ ‫أمني أبو عساف‬ ‫جنوبى‬ ‫حممد عبد العزيز فتحى‬ ‫شئون الدفاع‬
‫‪21‬‬
‫جنوبى‬ ‫مجال الدين فؤاد ثابت‬ ‫مشال‬ ‫على يونس معال‬ ‫جنوبى‬ ‫مراد عبد احلى‬ ‫شئون األمن الداخلى‬
‫‪43‬‬
‫مشال‬ ‫حممد الكيال‬ ‫مشال‬ ‫بشي القضمانى‬ ‫جنوبى‬ ‫حممد فؤاد أبو مهيلة‬ ‫شئون اإلدارة احمللية‬
‫‪63‬‬
‫مشال‬ ‫عطا النيال‬ ‫جنوبى‬ ‫أمر اهلل بليغ‬ ‫جنوبى‬ ‫حسن فهمى متام‬ ‫الشئون الزراعية‬
‫‪93‬‬
‫جنوبى‬ ‫ممدوح حلمى صال‬ ‫مشال‬ ‫مسلم حداد‬ ‫جنوبى‬ ‫أمحد حممد عنرب‬ ‫شئون الرى واألشغال‬
‫‪41‬‬
‫مشال‬ ‫عبد اجمليد الطرابلسى‬ ‫مشال‬ ‫جهاد ضاحى‬ ‫جنوبى‬ ‫حممد فؤاد جالل‬ ‫الشئون اخلارجية‬
‫‪56‬‬
‫جنوبى‬ ‫علوى حافظ‬ ‫جنوبى‬ ‫شوقى عبد الناصر‬ ‫مشال‬ ‫عبد الصمد الفتيح‬ ‫رعاية الشباب‬
‫‪29‬‬

‫‪7‬‬
‫املبحث الثانى‬
‫الدور السياسى لربملان الوحدة‬

‫تتمثل أهم معالم الدور السياسى للبرلمان فى قيامه بدور ما فى وضع أو تعديل‬
‫الدستور‪ ،‬وانتخاب رئيس الجمهورية‪ ،‬ومنح الثقة للحكومة وما تتبناه من سياسات‪ ،‬ودوره‬
‫‪10‬‬
‫فى مجال الدبلوماسية البرلمانية‪.‬‬
‫‪ -1‬وضع وتعديل الدستور‬
‫لم يعط الدستور المؤقت لدولة الوحدة أو القرار بقانون الخاص بمجلس األمة أى دور‬
‫للمجلس فى مسألة تعديل الدستور المؤقت ذاته أو وضع الدستور الدائم الذى أشارت إليه‬
‫المادة األخيرة من دستور عام ‪ .1958‬غير أن الرئيس جمال عبد الناصر بادر من تلقاء نفسه‬
‫بدعوة مجلس األمة لتولى مهمة وضع الدستور الدائم للجمهورية العربية المتحدة‪ ،‬وذلك خالل‬
‫‪11‬‬
‫بيان له أمام المجلس فى ‪ 23‬يناير ‪.1961‬‬
‫وقد بادر المجلس إلى تلبية دعوة الرئيس‪ ،‬ففى جلسة اليوم التالى مباشرة عرض‬
‫رئيس المجلس على المجلس اقتراحا من مكتب المجلس بتشكيل لجنة تحضيرية من بين‬
‫أعضاء المجلس تقوم بمهمة وضع مشروع الدستور لعرضه على المجلس للمناقشة وإبداء‬
‫الرأى فيه‪ .‬ويتضمن االقتراح أن تتشكل اللجنة التحضيرية من نحو ‪ 65-60‬عضوا يمثلون‪:‬‬
‫عشرين عضوا من لجنة الشئون الدستورية والالئحة الداخلية‪ ،‬وعشرة أعضاء من لجنة‬
‫الشئون القانونية والعدل‪ ،‬وجميع رؤساء اللجان بالمجلس‪ ،‬إضافة إلى عدد آخر من األعضاء‬
‫ذوى الخبرة فى بعض البنود األخرى للدستور‪12.‬غير أن االقتراح لم يلق قبول المجلس‪ ،‬الذى‬
‫وافق على اقتراح بديل بأن تتشكل اللجنة التحضيرية من تسعين من أعضاء المجلس يتم‬
‫اختيارهم باالقتراع السرى المباشر من جانب األعضاء‪.‬‬
‫وبالفعل طلب ممن يرغب فى الترشيح لعضوية اللجنة المقترحة تقديم طلب بذلك إلى‬
‫مكتب رئيس المجلس‪ ،‬حيث تقدم للترشيح (‪ )122‬عضوا فى كشفين منفصلين أحدهما‬
‫ألعضاء اإلقليم الجنوبى ويضم (‪ )69‬عضوا‪ ،‬واآلخر ألعضاء اإلقليم الشمالى ويضم (‪)53‬‬
‫عضوا‪ 13 .‬وجرت االنتخابات فى قاعة المجلس الختيار أعضاء اللجنة من بين المرشحين‪،‬‬
‫حيث يختار كل عضو قائمة بتسعين من بين المرشحين لعضوية اللجنة‪.‬‬
‫وقد أوضحت نتيجة فرز أصوات األعضاء أنه قد شارك فى التصويت ‪ 526‬عضوا‪،‬‬
‫استبعدت أوراق التصويت الخاصة بخمسين منهم لبطالنها‪ .‬وأسفر فرز األصوات عن فوز‬
‫(‪ )90‬عضوا ليشكلوا اللجنة التحضيرية لوضع مشروع الدستور الدائم‪ .‬وتكشف مراجعة‬
‫أسماء من تم انتخابهم أعضاء فى اللجنة أن المجلس قد عاد لتطبيق قاعدة ‪ 1-2‬فى توزيع‬
‫أعضاء اللجنة على اإلقليمين الجنوبى والشمالى‪ ،‬حيث تم انتخاب (‪ )60‬عضوا فى اللجنة من‬

‫‪ 10‬تجدر اإلشارة إلى أن قرار رئيس الجمهورية بقانون رقم ‪ 79‬لسنة ‪ 1958‬الخاص بمحاكمة الوزراء فى إقليمى الجمهورية قد‬
‫أعطى لمجلس األمة دور يجمع بين السياسى والقضائى من خالل نصه على عضوية ستة من أعضاء المجلس يتم اختيارهم بطريق‬
‫ا لقرعة ضمن هيئة المحكمة العليا التى ضم إضافة إليهم ستة من مستشارى محكمة النقض ومحكمة التمييز يقوم مجلس القضاء األعلى‬
‫فى كل إقليم باختيار ثالثة منهم بطريق القرعة‪ .‬كما أناط ذات القانون القيام بمهمة االدعاء أمام المحكمة بثالثة من أعضاء مجلس‬
‫األمة ينتخبهم المجلس باالقتراع السرى‪ .‬انظر‪:‬‬
‫عادل أمين‪ ،‬الحياة الدستورية فى مصر ‪ ،1994-1952‬القاهرة‪ :‬سينا للنشر‪ .1995 ،‬ص ص ‪65-53‬‬
‫‪ 11‬مضبطة الجلسة (‪ )7‬من دور االنعقاد الثانى لمجلس األمة عام ‪.1961‬‬
‫‪ 12‬مضبطة الجلسة (‪ )8‬من دور االنعقاد الثانى لمجلس األمة عام ‪.1961‬‬
‫‪ 13‬أثار هذا التقسيم اإلقليمى حفيظة أحد األعضاء عن اإلقليم الشمالى‪ ،‬الذى طلب عدم تكرار ذلك ألن المجلس اتخذ قرارا سابقا بمنع‬
‫هذا التقسيم‪ .‬انظر مضبطة الجلسة (‪ )12‬من دور االنعقاد الثانى ‪ ،1960‬ص ‪514‬‬
‫‪8‬‬
‫األعضاء الجنوبيين‪ ،‬بينما انتخب (‪ )30‬عضوا بها عن اإلقليم الشمالى‪ .‬وربما يكون هذا‬
‫التقسيم اإلقليمى هو السبب الذى لم يصرح به فى تقسيم المرشحين لعضوية اللجنة فى كشفين‬
‫‪14‬‬
‫منفصلين على أساس إقليمى‪.‬‬
‫وقد أعدت اللجنة تقريرا عرض على المجلس فى دور انعقاده الثالث بخطة عملها‬
‫والقواعد الحاكمة لعملها وتقسيمها الداخلى‪ .‬واقترح التقرير أن يكون للجنة هيئة مكتب تتكون‬
‫من رئيس ووكيلين هما رئيس المجلس ووكياله‪ ،‬إضافة إلى مقرر عام وأمين للسر تنتخبهما‬
‫اللجنة من بين أعضائها‪ .‬كما اقترح التقرير تشكيل أربع لجان فرعية تختص أوالها بالمبادئ‬
‫والمقومات األساسية للمجتمع‪ ،‬وتختص الثانية بنظام الحكم‪ ،‬وتكون الثالثة للصياغة‬
‫والتنسيق‪ ،‬بينما تكون الرابعة لجنة لتلقى االقتراحات‪ .‬ويكون لكل من هذه اللجان األربعة‬
‫مكتب من رئيس ووكيل وأمين للسر ينتخب بذات الطريقة التى تنتخب بها هيئات مكاتب لجان‬
‫المجلس‪.‬‬
‫ويقضى النظام الذى وافق عليه المجلس بأن تقوم كل لجنة فرعية‪ ،‬بعد الفراغ من‬
‫أعمالها‪ ،‬برفع تقريرها إلى اللجنة العامة متضمنا رأى اللجنة وأسبابه واآلراء األخرى التى‬
‫أبديت فى اللجنة‪ .‬وتجرى مناقشة مشروع الدستور أمام اللجنة العامة فى مداولتين بينهما‬
‫فترة ال تقل عن ثالثين يوما‪ ،‬على أن تجرى المداولة الثانية كاملة دون شروط‪ .‬وأجازت هذه‬
‫القواعد دعوة الفنيين وأصحاب االختصاص لحضور اجتماعات اللجنة العامة واللجان الفرعية‬
‫إلبداء أرائهم أمامها‪ .‬كما أجازت لكافة أعضاء المجلس حضور اجتماعات اللجنة العامة‬
‫واللجان الفرعية وتقديم ما يرونه من اقتراحات إليها‪ .‬وطالبت كل صاحب رأى من الشعب‬
‫المصرى والعربى أن يبعث للجنة برأيه للمساهمة فى وضع الدستور المعبر عن أمانى الشعب‬
‫العربى‪ ،‬ولها أن تدعوا من ترى ضرورة حضوره أمامها لشرح وجهة نظره‪ .‬كما وافق‬
‫المجلس على أن تكون اجتماعات اللجنة العامة واللجان الفرعية سرية من حيث األصل‪ ،‬مع‬
‫‪15‬‬
‫جواز أن تذيع اللجنة العامة أو مكتبها ما ترى إمكانية إذاعته على الرأى العام من قرارات‪.‬‬
‫وبعد أن أقر المجلس تنظيم اللجنة التحضيرية إلعداد مشروع الدستور الدائم لعرضه‬
‫على المجلس لمناقشته‪ ،‬واتفق على نظام عملها فى جلسة ‪ 25‬ابريل ‪ ،1961‬انفض دور‬
‫االنعقاد فى ‪22‬يونيو ‪ ،1961‬وانفرط عقد دولة الوحدة ذاته فعليا فى ‪ 28‬سبتمبر ورسميا فى‬
‫‪ 5‬أكتوبر عام ‪ 1961‬دون أن يقدر لهذا العمل أن يرى النور‪.‬‬

‫‪ -2‬اختيار رئيس الجمهورية‬


‫جاء انتخاب جمال عبد الناصر رئيسا للجمهورية العربية المتحدة خالل استفتاء شعبى‬
‫على الوحدة وعلى شخص الرئيس فى ذات الوقت‪ ،‬وبالتالى لم يكن لبرلمان الوحدة أى دور‬
‫فى هذا االختيار الذى جاء سابق على قيامه بما يزيد على عامين‪ .‬كما جاء الدستور المؤقت‬
‫خال تماما من أى إشارة إلى دور لمجلس األمة فى عملية ترشيح أو انتخاب رئيس‬
‫الجمهورية‪ ،‬ربما استنادا إلى أنه من األفضل ترك هذه المسالة للدستور الدائم لينظمها‬
‫بالتفصيل‪.‬‬
‫وإذا اعتبرنا أن إغفال الدستور أى إشارة لدور مجلس األمة فى ترشيح رئيس‬
‫الجمهورية أمرا مفهوما ومبررا‪ ،‬فإننا ال نجد أى منطق فى إغفال النص على دور للمجلس‬
‫فى حال العجز المؤقت أو الدائم لرئيس الجمهورية عن ممارسة مهام منصبه‪ ،‬خاصة أن‬
‫الدستور لم ينص على تولى نائب الرئيس لصالحياته فى هذه الحالة‪ ،‬بل لم يفرض على رئيس‬
‫الجمهورية اختيار نائب له وترك األمر لتقديره الشخصى‪.‬‬

‫‪ 14‬مضابط الجلسات ‪ 11‬و‪ 12‬و‪ 13‬من دور االنعقاد الثانى لمجلس األمة عام ‪.1961‬‬
‫‪ 15‬مضبطة الجلسة (‪ )6‬من دور االنعقاد الثالث لمجلس األمة عام ‪.1961‬‬
‫‪9‬‬
‫‪ -3‬الثقة فى الحكومة‬
‫قام النظام السياسى لدولة الوحدة على أساس النظام الرئاسى الجمهورى الذى يتولى‬
‫في ه رئيس الجمهورية السلطة التنفيذية يعاونه وزراء يعينون من قبله وله حق إقالتهم أيضا‪.‬‬
‫ومن هذا المنطلق لم يفرض الدستور المؤقت حصول أى تشكيلة حكومية على ثقة مجلس‬
‫األمة عند تشكيلها وعرض برنامجها السياسى عليه‪ .‬واقتصر تناوله لموضوع الثقة فى‬
‫الحكومة على اإلشارة إلى حق مجلس األمة فى سحب الثقة من وزراء الحكومة –وليس من‬
‫رئيسها الذى هو رئيس الجمهورية‪ -‬وذلك بناء على اقتراح يتقدم به عشرون من أعضاء‬
‫‪16‬‬
‫المجلس فى أعقاب استجواب لذات الوزير‪.‬‬
‫وهكذا غاب أى رأى لمجلس األمة فى التشكيالت الحكومية التى تمت فى فترة الوحدة‪،‬‬
‫والتى بلغت ثالث تشكيالت حكومية انتقلت بين صيغة الوزارة المركزية الواحدة وصيغة‬
‫الوزارة المركزية إضافة إلى مجلسين تنفيذيين –كما تقضى المادة (‪ )58‬من الدستور‪ -‬ثم‬
‫العودة إلى صيغة الوزارة المركزية مرة أخرى‪.‬‬
‫كذلك فإنه باستثناء البيان الذى ألقاه رئيس الجمهورية فى افتتاح المجلس فى ‪21‬‬
‫يوليو ‪ ،1960‬والبيان الذى ألقاه وزير االقتصاد والخزانة المركزى أمام المجلس فى ‪11‬‬
‫ابريل ‪ 1961‬حول السياسة العامة المالية واالقتصادية للجمهورية خالل السنة المالية لعام‬
‫‪ ،1961-60‬غاب أى دور للمجلس فى اإلطالع على برامج الحكومة وسياساتها قبل تنفيذها‪.‬‬
‫واقتصر األمر على إلقاء الحكومة ‪-‬ممثلة فى رئيس الجمهورية والوزراء‪ -‬عدد من البيانات‬
‫أمام المجلس بشأن قضايا محددة تعلقت فى الغالب بالسياسة الخارجية ومواقف الجمهورية‬
‫حيال بعض قضايا المحيط العربى والدولى‪.‬‬
‫فقد ألقت الحكومة أحد عشر بيانا أمام المجلس خالل أدوار انعقاده الثالث‪ ،‬شهد دور‬
‫االنعقاد األول تسعة منها وتوزع البيانين الباقيين على دورى االنعقاد الثانى والثالث‪ .‬قام‬
‫رئيس الجمهورية بإلقاء ثالثة بيانات أمام المجلس‪ ،‬كان أولها بيان االفتتاح السابق اإلشارة‬
‫إليه‪ ،‬بينما عرض فى بيانه الثانى فى ذات دور االنعقاد لمهمة وفد الجمهورية العربية المتحدة‬
‫فى الدورة الخامسة عشرة للجمعية العامة لألمم المتحدة‪ .‬أما البيان الثالث لرئيس الجمهورية‬
‫أمام المجلس فقد جاء خالل دور االنعقاد الثانى وعرض فيه أمام المجلس ألهم نتائج مؤتمر‬
‫القمة األفريقية الذى عقد ذلك العام فى الدار البيضاء بالمغرب‪.‬‬
‫أما البيانات األخرى التى ألقاها بعض وزراء الحكومة بشأن عدد من القضايا فقد‬
‫جاءت كالتالى‪:‬‬
‫بيان وزير الخارجية بشأن اعتراف شاه إيران بإسرائيل‪ ،‬وقد جاء خالل نظر المجلس‬ ‫•‬
‫لطلب مناقشة عامة تقدم به بعض السادة األعضاء ووافقت الحكومة على مناقشته‬
‫فورا بذات الجلسة‪ ،‬وانتهى بتشكيل لجنة خاصة أعدت قرارا أصدره المجلس حول‬
‫هذه القضية يدين المسلك اإليرانى ويؤيد موقف الرئيس عبد الناصر فى قطع العالقات‬
‫‪17‬‬
‫الدبلوماسية مع حكومة الشاه ردا على هذا التصرف الذى يتحدى المشاعر العربية‪.‬‬
‫بيان نائب وزير الخارجية بشأن قرار الحكومة المصرية بسحب وحداتها العسكرية‬ ‫•‬
‫المشاركة فى قوات األمم المتحدة بالكونغو ثم موافقتها على تعليق سحب هذه القوات‬
‫مؤقتا ‪ .‬وقد جرت مناقشات حول هذا البيان انتهت بتشكيل لجنة خاصة أعدت قرار‬
‫‪18‬‬
‫أصدره المجلس يعلن تأييده لموقف الحكومة ويؤكد أنها قامت بدورها خير قيام‪.‬‬

‫‪ 16‬المادة (‪ )39‬من الدستور المؤقت‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬


‫‪ 17‬مضبطة الجلسة (‪ )2‬من دور االنعقاد األول لمجلس األمة عام ‪.1960‬‬
‫‪ 18‬مضبطة الجلسة (‪ )5‬من دور االنعقاد األول لمجلس األمة ‪.1960‬‬
‫‪10‬‬
‫بيان وزير الدولة للشئون الحربية بشأن استشهاد الطيار عدنان المدنى‪ .‬وقد دارت‬ ‫•‬
‫حوله مناقشات استغرقت الجلسة بكاملها وانتهت بتشكيل المجلس لجنة خاصة أعدت‬
‫قرارا أصدره المجلس يستنكر فيه تصرف الحكومة األردنية بإهدارها دم هذا الطيار‬
‫الشاب‪ ،‬ويتهمها بمناهضة القومية العربية‪ ،‬ويعلن تأييده لإلجراءات التى اتخذتها‬
‫الحكومة‪ ،‬ويوصيها باتخاذ اإلجراءات الالزمة لكى تقوم جامعة الدول العربية بتشكيل‬
‫‪19‬‬
‫لجنة للتحقيق فى الحادث‪.‬‬
‫بيان نائب رئيس الجمهورية ووزير التخطيط حول توقيع بروتوكول حول اتفاقية‬ ‫•‬
‫التعاون الفنى واالقتصادى المعقودة بين سوريا واالتحاد السوفيتى عام ‪ .1957‬وقد‬
‫انتهت المناقشات حولها إلى بتوجيه المجلس شكره إلى السيد نائب رئيس الجمهورية‬
‫‪20‬‬
‫ووزير التخطيط‪.‬‬
‫بيانان لوزير الدولة للشئون الحربية عن موضوع تحويل مجرى نهر األردن‪ ،‬وبيان‬ ‫•‬
‫للسيد المشير نائب رئيس الجمهورية ووزير الحربية حول ذات الموضوع‪ .‬وقد جرت‬
‫المناقشة فى المجلس حول هذا الموضوع فى جلستين‪ ،‬وانتهت بتوجيه الشكر‬
‫‪21‬‬
‫للوزيرين وإعالن تأييد الموقف الذى اتخذته الحكومة حيال هذا الموضوع‪.‬‬
‫البيان الذى ألقاه وزير االقتصاد والخزانة المركزى أمام المجلس فى ‪ 11‬ابريل‬ ‫•‬
‫‪ 1961‬حول السياسة العامة المالية واالقتصادية للجمهورية خالل السنة المالية لعام‬
‫‪22‬‬
‫‪ ،1961-60‬والذى أحاله المجلس إلى لجنة شئون الميزانية والحساب الختامى‪.‬‬

‫‪ -4‬الدبلوماسية البرلمانية‬
‫قام مجلس األمة لدولة الوحدة خالل عمره القصير بتوظيف الدبلوماسية البرلمانية‬
‫بكفاءة لخدمة السياسات التى تتبناها حكومة الرئيس عبد الناصر‪ ،‬وخاصة فى مجال السياسية‬
‫الخارجية‪ .‬واتخذت ممارسة المجلس لهذا الدور أما صورة تخصيص جلسات لبعض الزعماء‬
‫األجانب إللقاء بيان أمام المجلس‪ ،‬أو إصدار قرارات من المجلس بتأييد مواقف الحكومة فى‬
‫بعض القضايا الخارجية‪ ،‬أو تبادل الوفود البرلمانية مع بعض الدول‪.‬‬
‫أ‪ -‬الجلسات الخاصة‬
‫أجازت المادة (‪ )38‬من الالئحة الداخلية المؤقتة للمجلس –باالتفاق مع الحكومة‪ -‬أن‬
‫يدعو بعض كبار الشخصيات من ضيوف الجمهورية إللقاء خطاب به فى اجتماع خاص يعقد‬
‫لهذا الغرض بدون جدول أعمال‪ .‬وقد استخدم المجلس هذه الرخصة ثالث مرات خالل عمره‬
‫القصير‪ ،‬استضاف فيها ثالث من الشخصيات الدولية إللقاء بيان أمام المجلس فى جلسة‬
‫تخصص لهذا الغرض‪ .‬والملفت للنظر أن هذه الجلسات الخاصة الثالث جاءت خالل دور‬
‫االنعقاد الثالث للمجلس بينما خلى منها دروى انعقاده األول والثانى‪.‬‬
‫وكانت مناسبة عقد الجلسة الخاصة األولى هى استضافة المجلس للرئيس أحمد‬
‫سيكوتورى رئيس جمهورية غينيا‪ ،‬إللقاء بيان أمام المجلس‪ .‬وجاءت الجلسة الخاصة الثانية‬
‫بمناسبة زيارة كبير األساقفة مكاريوس رئيس جمهورية قبرص لمصر ودعوة المجلس له‬
‫إللقاء بيان أمامه‪ .‬ثم كانت الجلسة الخاصة الثالثة بمناسبة زيارة الرئيس المالى موديبو كيتا‬
‫‪23‬‬
‫للجمهورية ودعوته للقاء ممثلى األمة وإلقاء بيان أمامهم‪.‬‬

‫‪ 19‬مضبطة الجلسة (‪ )6‬من دور االنعقاد األول لمجلس األمة ‪.1960‬‬


‫‪ 20‬مضبطة الجلسة (‪ )7‬من دور االنعقاد األول لمجلس األمة ‪.1960‬‬
‫‪ 21‬مضبطتى الجلستين ‪ 12‬و‪ 14‬من دور االنعقاد األول لمجلس األمة ‪.1960‬‬
‫‪ 22‬مضبطة الجلسة (‪ )1‬من دور االنعقاد الثالث لمجلس األمة ‪.1961‬‬
‫‪ 23‬مضابط الجلسات ‪ 13‬و‪ 18‬و‪ 23‬من دور االنعقاد الثالث لمجلس األمة ‪.1961‬‬
‫‪11‬‬
‫ب‪ -‬قرارات تأييد لمواقف الحكومة‬
‫اصدر المجلس خالل أدوار انعقاده الثالث خمسة عشر قرارا بشأن قضايا تدخل فى‬
‫إطار الدبلوماسية البرلمانية وإظهار التأييد لمواقف الحكومة فى عدد من القضايا الخارجية‬
‫الهامة‪ .‬وشملت هذه القرارات القضايا اآلتية‪:‬‬
‫استنكار اعتراف شاه إيران بإسرائيل‪ ،‬ودعوة حكومات الدول العربية إلى المبادرة‬ ‫•‬
‫‪24‬‬
‫بقطع عالقاتها الدبلوماسية واالقتصادية والثقافية مع حكومة إيران‪.‬‬
‫تأييد رئيس الجمهورية فى جهوده فى الدورة الخامسة عشرة للجمعية العامة لألمم‬ ‫•‬
‫‪25‬‬
‫المتحدة وتهنئته على خطابه الموفق فى اجتماعها‪.‬‬
‫‪26‬‬
‫تأييد الحكومة فيما اتخذته من إجراءات إزاء قضية الكونغو‪.‬‬ ‫•‬

‫استنكار العمل الشائن الذى اقترفه المسئولون فى األردن بإهدارهم دم الضابط العربى‬ ‫•‬
‫‪27‬‬
‫الشهيد عدنان المدنى‪.‬‬
‫‪28‬‬
‫تأييد الحكومة فى بيانها الواضح بشأن تحويل مجرى نهر األردن‪.‬‬ ‫•‬
‫‪29‬‬
‫تأييد ما جاء فى خطاب الرئيس فى حفل االتحاد القومى بشأن ثورة الجزائر‪.‬‬ ‫•‬

‫الموافقة على قرارات وبرقيات مكتب المجلس ولجنة الشئون العربية بشأن األوضاع‬ ‫•‬
‫‪30‬‬
‫فى الجزائر والكونغو‪.‬‬
‫‪31‬‬
‫إرسال برقية تحية للرئيس وتأييد لقرارات مؤتمر الدار البيضاء‪.‬‬ ‫•‬
‫‪32‬‬
‫الموافقة على تقرير لجنة الشئون العربية بشأن جنوب اليمن‪.‬‬ ‫•‬
‫الموافقة على تقرير لجنة الشئون الخارجية عن قرارات مؤتمر القمة األفريقى فى‬ ‫•‬
‫‪33‬‬
‫الدار البيضاء‪.‬‬
‫برقية تهنئة إلى المواطن العربى األول شكرى القوتلى بمناسبة مرور ‪ 15‬عاما على‬ ‫•‬
‫‪34‬‬
‫جالء آخر جندى أجنبى عن أرض اإلقليم الشمالى‪.‬‬
‫‪35‬‬
‫تهنئة االتحاد السوفيتى بمناسبة النصر الذى أحرزه فى ميدان الفضاء‪.‬‬ ‫•‬
‫‪36‬‬
‫برقية إلى كوبا بمناسبة األحداث الجارية فيها‪.‬‬ ‫•‬

‫قرار بمناسبة ذكرى ‪ 15‬مايو يؤكد على أن فلسطين جزء ال يتجزأ من الوطن العربى‪.‬‬ ‫•‬
‫‪37‬‬

‫‪ 24‬مضبطة الجلسة (‪ )2‬من دور االنعقاد األول لمجلس األمة ‪.1960‬‬


‫‪ 25‬مضبطة الجلسة (‪ )4‬من دور االنعقاد األول لمجلس األمة ‪.1960‬‬
‫‪ 26‬مضبطة الجلسة (‪ )5‬من دور االنعقاد األول لمجلس األمة ‪.1960‬‬
‫‪ 27‬مضبطة الجلسة (‪ )6‬من دور االنعقاد األول لمجلس األمة ‪.1960‬‬
‫‪ 28‬مضبطة الجلسة (‪ )14‬من دور االنعقاد األول لمجلس األمة ‪.1960‬‬
‫‪ 29‬مضبطة الجلسة (‪ )17‬من دور االنعقاد األول لمجلس األمة ‪.1960‬‬
‫‪ 30‬مضبطة الجلسة (‪ )1‬من دور االنعقاد الثانى لمجلس األمة ‪.1961‬‬
‫‪ 31‬مضبطة الجلسة (‪ )1‬من دور االنعقاد الثانى لمجلس األمة ‪.1961‬‬
‫‪ 32‬مضبطة الجلسة (‪ )4‬من دور االنعقاد الثانى لمجلس األمة ‪.1961‬‬
‫‪ 33‬مضبطة الجلسة (‪ )8‬من دور االنعقاد الثانى لمجلس األمة ‪.1961‬‬
‫‪ 34‬مضبطة الجلسة (‪ )4‬من دور االنعقاد الثالث لمجلس األمة ‪.1961‬‬
‫‪ 35‬مضبطة الجلسة (‪ )4‬من دور االنعقاد الثالث لمجلس األمة ‪.1961‬‬
‫‪ 36‬مضبطة الجلسة (‪ )4‬من دور االنعقاد الثالث لمجلس األمة ‪.1961‬‬
‫‪ 37‬مضبطة الجلسة (‪ )15‬من دور االنعقاد الثالث لمجلس األمة ‪.1961‬‬
‫‪12‬‬
‫تأييد الحكومة فى قرارها بقطع عالقاتها مع جنوب أفريقيا ومناشدة برلمانات العالم‬ ‫•‬
‫‪38‬‬
‫مطالبة حكوماتها بأن تحذو حذوها فى ذلك‪.‬‬

‫ج‪ -‬تبادل الوفود البرلمانية‬


‫كانت الوفود البرلمانية المتبادلة إحدى أدوات الدبلوماسية البرلمانية التى وظفها‬
‫مجلس األمة فى أدائه لدوره السياسى البرلمانى‪ .‬ولقد أمكننا إحصاء أربعة وفود برلمانية‬
‫شكل ها مجلس األمة خالل دورى انعقاده األول والثالث‪ ،‬كان وفدين منها لحضور اجتماعات‬
‫االتحاد البرلمانى الدولى‪ 39،‬بينما توجه وفد من المجلس لزيارة المكسيك خالل دور االنعقاد‬
‫األول‪ 40،‬وتوجه الوفد األخير الذى شكله المجلس فى نهاية دور انعقاده األخير لزيارة ايطاليا‪.‬‬
‫‪41‬‬

‫كما تسجل مضابط المجلس موافقته على دعوة مجلس السوفيت األعلى بدعوة وفد‬
‫من المجلس لزيارة االتحاد السوفيتى‪ ،‬وموافقته على دعوة رئيس المجلس الشعبى االتحادى‬
‫لجمهورية يوغسالفيا لزيارة وفد من المجلس ليوغسالفيا‪ ،‬وذلك دون أن يتبين هل تمت هذه‬
‫‪42‬‬
‫الزيارات أم ال‪.‬‬

‫‪ 38‬مضبطة الجلسة (‪ )18‬من دور االنعقاد الثالث لمجلس األمة ‪.1961‬‬


‫‪ 39‬مضبطة الجلسة (‪ )3‬من دور االنعقاد األول‪ ،‬ومضبطة الجلسة (‪ )28‬من دور االنعقاد الثالث لمجلس األمة ‪.1961‬‬
‫‪ 40‬مضبطة الجلسة (‪ )4‬من دور االنعقاد األول لمجلس األمة ‪.1960‬‬
‫‪ 41‬مضبطة الجلسة (‪ )28‬من دور االنعقاد الثالث لمجلس األمة ‪.1961‬‬
‫‪ 42‬مضبطتى الجلستين ‪ 4‬و‪ 8‬من دور االنعقاد الثانى لمجلس األمة ‪.1961‬‬
‫‪13‬‬
‫املبحث الثالث‬
‫الدور التشريعى لربملان الوحدة‬

‫الدور التشريعى هو المهمة األولى ألى برلمان منذ نشأت الحياة البرلمانية‪ .‬والبرلمان‬
‫يمارس هذا الدور من خالل أربعة أدوات تشريعية أساسية‪ ،‬يأتى فى مقدمتها إقراره لما تحيله‬
‫إليه السلطة التنفيذية من اقتراحات تشريعية باعتبارها األداة األكثر استخداما وشيوعا فى‬
‫الحياة البرلمانية فى شتى دول العالم بالنظر لما يتاح للحكومة من معلومات وخبراء ودراسات‬
‫وفنيين تجعل قدرتها على المبادرة بإعداد مشروعات التشريعات أو تعديلها اعلى بكثير مما‬
‫يتاح لعضو البرلمان ذاته‪.‬‬
‫وتأتى المبادرات التشريعية التى يقترحها أعضاء البرلمان أنفسهم فى المرتبة الثانية‬
‫فى األدوات التشريعية المتاحة للبرلمان‪ .‬فعلى الرغم من أن معظم الدساتير تجعل الحق فى‬
‫المبادرة التشريعية حقا أصيال ألعضاء البرلمان‪ ،‬إال أنها كثيرا ما تفرض مرورها بمرحلة‬
‫أولية من الدراسة من جانب أحد أجهزة المجلس أو لجانه قبل أن يتاح لها االنطالق من نقطة‬
‫‪43‬‬
‫البداية التى تبدأ منها المبادرات التشريعية الحكومية‪.‬‬
‫أما األداة التشريعية الثالثة فهى القرارات التى تصدرها السلطة التنفيذية فى حاالت‬
‫الضرورة أو غيبة البرلمان لمواجهة ظرف معين ال يحتمل التأخير وتكون لها قوة القانون‬
‫النافذ لحين عرضها على البرلمان فى أقرب فرصة إلقرارها فتتحول إلى تشريع عادى‪ ،‬أو‬
‫رفضها فتعدم ويزول ما كان لها من آثار قانونية بصورة فورية أو منذ صدورها بحسب‬
‫النصوص الدستورية الحاكمة لذلك‪.‬‬
‫وتتمثل األداة التشريعية األخيرة فى االتفاقيات والمعاهدات التى يوجب الدستور‬
‫موافقة البرلمان عليها فى حاالت معينة غالبا ما ترتبط باتصالها بالتحالف أو الصلح أو إقليم‬
‫الدولة أو حقوقها السيادية أو تكون ذات اثر على مواردها‪ .‬ويكون دور المجلس فى هذه‬
‫الحالة أشبه بدوره فى الحالة السابقة‪ ،‬فإما أن يقر ما عقدته السلطة التنفيذية من اتفاقيات أو‬
‫‪44‬‬
‫معاهدات فتصبح ألحكامها الحجية القانونية الملزمة‪ ،‬أو يرفضها فتصبح كان لم تكن‪.‬‬
‫ونعرض فيما يلى للكيفية التى استخدمت بها هذه األدوات التشريعية األربعة فى ظل‬
‫برلمان الوحدة‪.‬‬

‫‪ -1‬مشروعات القوانين‬
‫اكتفى دستور الوحدة المؤقت باإلشارة التى أوردتها المادة (‪ )13‬منه بأن مجلس‬
‫األمة هو السلطة التشريعية فى الجمهورية العربية المتحدة‪ ،‬والتأكيد الذى أوردته المادة‬
‫(‪ )22‬بعدم جواز إصدار أية قانون إال إذا أقره مجلس األمة بعد أخذ الرأى فيه مادة مادة‪ .‬كما‬
‫نص الدستور بوضوح على حق رئيس الجمهورية فى اقتراح القوانين واالعتراض عليها‬
‫وإصدارها‪ ،‬فإذا ما اعترض الرئيس على مشروع قانون رده إلى مجلس األمة خالل ثالثين‬
‫يوما من تاريخ إبالغ المجلس إياه‪ ،‬وإال اعتبر المشروع قانونا واصدر‪ .‬وإذا حدث ورد‬

‫‪ 43‬انظر دراسة للباحث بعنوان "االقتراح بمشروع قانون بين النظرية والتطبيق"‪ ،‬مجلة قضايا برلمانية‪ ،‬العدد (‪ )7‬أكتوبر ‪.1997‬‬
‫‪ 44‬هناك من يصنف دور البرلمان تجاه االتفاقيات والمعاهدات ضمن نشاطه السياسى أو يضعها فى تصنيف مستقل باعتبارها تجمع‬
‫بين التشريع والرقابة فى ذات الوقت‪ ،‬وتكون لها حجية تسمو فى التشريعات العادية باعتبارها تعبير عن إرادة دولتين وال يجوز‬
‫التعديل فيها إال باتفاقهما أو حسبما تقرره االتفاقية ذاتها‪ .‬انظر‪:‬‬
‫محمد على أبوريدة‪ ،‬مجلس الشعب المصرى فى ربع قرن‪ :‬دراسة فى األداء البرلمانى‪ ،‬فى د‪ .‬أحمد الرشيدى (محرر)‪ ،‬المؤسسة‬
‫التشريعية فى العالم العربى‪ ،‬أعمال المؤتمر الرابع للباحثين الشباب‪ ،‬القاهرة‪ :‬مركز البحوث والدراسات السياسية بكلية االقتصاد‬
‫والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة القاهرة‪ ،1997 ،‬ص ‪620-619‬‬
‫‪14‬‬
‫الرئيس مشروع القانون إلى المجلس خالل األجل المحدد يمكن للمجلس تجاوز اعتراض‬
‫الرئيس إذا عاد وأقره بموافقة ثلثى أعضائه‪ ،‬وهنا يتحول المشروع إلى قانون ويصدر دون‬
‫حاجة لموافقة رئيس الجمهورية‪.‬‬
‫وفيما اقتصر تناول القرار بقانون رقم ‪ 249‬لسنة ‪ 1960‬الخاص بمجلس األمة‬
‫لمشروعات القوانين على الحكم الذى أوردته مادته الخامسة بضرورة إحالة كل مشروع‬
‫قانون إلى إحدى لجان المجلس المتخصصة لفحصه وتقديم تقرير عنه‪ ،‬أسهبت الالئحة‬
‫الداخلية المؤقتة للمجلس فى تناول كافة التفاصيل المتعلقة بالتعامل مع مشروع القانون منذ‬
‫وروده إلى المجلس إلى الموافقة عليه بصفة نهائية‪.‬‬
‫وطبقا ألحكام الالئحة‪ ،‬فإن مشروع القانون يرد إلى المجلس فى شكل رسالة من‬
‫رئيس الجمهورية بمشروع القانون تعرض على المجلس ليقرر إحالتها إلى لجنة أو أكثر من‬
‫لجانه المتخصصة لتقوم بدراسة المشروع ومناقشة مواده وإعداد تقرير برأيها فيه وما قد‬
‫ترى إدخاله عليه من تعديالت‪ .‬وفى المجلس تبدأ مناقشة مشروع القانون بالنظر فى الموافقة‬
‫عليه من حيث المبدأ‪ ،‬وبعدها ينتقل المجلس لمناقشة مواده مادة مادة بحرية كاملة فى الحذف‬
‫واإلضافة والتعديل‪.‬‬
‫واشترطت الالئحة عدم إجراء االقتراع النهائى على مشروع القانون قبل مضى أربعة‬
‫أيام على األقل من انتهاء المداولة فيه‪ .‬وأجازت إجراء مداولة ثانية فى مواد محددة من‬
‫مشروع القانون إذا طلبت الحكومة ذلك أو طلبه رئيس اللجنة أو مقررها أو عشرين عضوا‬
‫على األقل‪ .‬وفى النهاية يتم االقتراع على المشروع بصفة نهائية قبل أن يحال إلى رئيس‬
‫الجمهورية إلصداره واألمر بنشره فى الجريدة الرسمية‪.‬‬
‫وفى ضوء هذا اإلطار القانونى‪ ،‬يكشف تحليل البيانات الخاصة بمشروعات القوانين‬
‫التى نظرها مجلس األمة خالل أدوار انعقاده الثالث كما يوضحها الجدول رقم (‪ )3‬عن‬
‫المالحظات اآلتية‪:‬‬
‫سجلت مضابط مجلس األمة أنه قد عرض على المجلس (‪ )194‬مشروع قانون خالل‬ ‫•‬
‫أدوار انعقاده الثالث‪ .‬غير أن إمعان النظر فى مشروعات القوانين التى أحيلت‬
‫للمجلس يبين أن هناك (‪ )12‬مشروع قانون تكرر تسجيلها فى أكثر من دور انعقاد‬
‫نتيجة بقائها من دور االنعقاد السابق واستمرار اللجان فى نظرها دون حاجة إلى‬
‫إحالة جديدة طبقا لحكم المادة (‪ )95‬من الالئحة الداخلية للمجلس‪ ،‬وبالتالى يكون‬
‫إجمالى ما أحاله رئيس الجمهورية للمجلس (‪ )182‬مشروع قانون وافق المجلس‬
‫على (‪ )116‬مشروع قانون منها بصورة نهائية بنسبة (‪.)%63.7‬‬
‫شهد دور االنعقاد الثالث مناقشة وإقرار أكبر عدد من مشروعات القوانين –ربما بحكم‬ ‫•‬
‫كونه األطول عمرا‪ ،‬حيث جرى خالله مناقشة (‪ )134‬مشروع قانون أقر منها (‪)82‬‬
‫مشروعا‪ .‬وجاء دور االنعقاد األول فى الترتيب الثانى بعدد (‪ )34‬مشروع قانون‬
‫أحيلت إليه وافق على (‪ )27‬مشروع منها‪ ،‬ثم سجل دور االنعقاد الثانى نظر المجلس‬
‫ولجانه لعدد (‪ )26‬مشروع قانون‪ ،‬تم إقرار سبعة مشروعات منها فقط‪.‬‬
‫هناك (‪ )65‬مشروع قانون لم ينته المجلس من مناقشتها وإقرارها‪ ،‬سواء ألن لجانه‬ ‫•‬
‫المختصة التى أحيلت إليه تلك المشروعات لم تنته من دراستها وإعداد تقرير عنها‪،‬‬
‫أو ألن الوقت لم يتسع لعرض تقارير اللجان عن هذه المشروعات‪ ،‬أو ألنها عرضت‬
‫ولم ينته المجلس من مناقشتها وإقرارها‪.‬‬
‫هناك مشروع قانون واحد خاص بعدم قبول الطعن فى األعمال والتدابير التى اتخذتها‬ ‫•‬
‫الجهات القائمة على وضع نظام إلدارة أموال المعتقلين والمراقبين وغيرهم من‬
‫‪15‬‬
‫األشخاص والهيئات أحالته الحكومة للمجلس فى دور االنعقاد األول ثم عادت‬
‫‪45‬‬
‫واستردته بقرار من رئيس الجمهورية فى بداية دور االنعقاد الثانى‪.‬‬

‫جدول رقم (‪)3‬‬


‫مشروعات القوانين التى أحيلت إلى برلمان الوحدة‬

‫اإلمجاىل‬ ‫الدور الثالث‬ ‫الدور الثانى‬ ‫الدور األول‬ ‫البيان‬


‫‪46194‬‬ ‫‪134‬‬ ‫‪26‬‬ ‫‪34‬‬ ‫مشروعات القوانين المسجلة‬
‫‪116‬‬ ‫‪82‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪27‬‬ ‫مشروعات القوانين التى تم إقرارها‬
‫‪57‬‬ ‫‪37‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪12‬‬ ‫مشروعات قوانين تخص اإلقليم الشمالى‬
‫‪17‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪6‬‬ ‫مشروعات قوانين تخص اإلقليم الجنوبى‬
‫‪31‬‬ ‫‪25‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪5‬‬ ‫مشروعات متعلقة بالضرائب والجمارك والرسوم‬
‫‪18‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪7‬‬ ‫مشروعات متعلقة بالترخيص بنفقات غير مخططة‬
‫‪23‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪0‬‬ ‫مشروعات متعلقة بالحسابات الختامية‬
‫‪11‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪2‬‬ ‫مشروعات متعلقة بالشئون االقتصادية‬
‫‪26‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪5‬‬ ‫مشروعات متعلقة بالزراعة واإلصالح الزراعى‬
‫‪24‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪4‬‬ ‫مشروعات متعلقة بالعمل والعمال‬
‫‪23‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪3‬‬ ‫مشروعات متعلقة بالقضاء والعدالة‬
‫‪21‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪4‬‬ ‫مشروعات متعلقة باألمن القومى‬
‫‪5‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪1‬‬ ‫مشروعات متعلقة بالموانى والقانون بالحرى‬
‫‪7‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪3‬‬ ‫مشروعات متعلقة بالشئون الصحية‬
‫‪9‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫مشروعات متعلقة بالتعليم والثقافة‬
‫‪12‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪1‬‬ ‫مشروعات متعلقة بالمرافق العامة‬

‫أن التحليل المتعمق لموضوعات مشروعات القوانين التى أحالتها الحكومة إلى‬ ‫•‬
‫المجلس يكشف عن طغيان الطابع اإلقليمى على نحو (‪ )%40.7‬من مشروعات‬
‫القوانين التى أحيلت إلى المجلس‪ .‬فقد بلغ عدد مشروعات القوانين التى تعلقت بأحد‬
‫إقليمى دولة الوحدة دون اآلخر (‪ )74‬مشروع قانون‪ ،‬استحوذ اإلقليم السورى على‬
‫(‪ )57‬مشروع منها‪ ،‬بينما اختص اإلقليم المصرى بعدد (‪ )17‬مشروع قانون‪ .‬ورغم‬
‫أن جانبا كبيرا من مشروعات القوانين التى اختص بها اإلقليم الشمالى تعلقت بإقرار‬
‫حسابات ختامية عن سنوات سابقة‪ ،‬إال أن بعض هذه المشروعات قد أثارت‬
‫حساسيات إقليمية كما حدث عند مناقشة المجلس لمشروع قانون يتيح إقراض‬
‫موظفى الدولة فى اإلقليم المصرى بضمان المرتبات ومبالغ التعويض والمكافآت‬
‫والمعاشات‪ ،‬حيث احتج الكثير من النواب الشماليين –والجنوبيين أيضا‪ -‬على هذا‬
‫التمييز اإلقليمى‪ ،‬وطالبوا بأن يشمل المشروع اإلقليمين معا‪ ،‬وهو ما استجاب له‬
‫المجلس‪ 47 .‬وتبقى هذه النقطة فى حاجة لمزيد من التحليل المتعمق‪ ،‬خاصة من زاوية‬
‫تأثيرها على تجربة الوحدة وفشلها‪.‬‬

‫‪ 45‬مضبطة (‪ )1‬من دور االنعقاد الثانى لمجلس األمة عام ‪.1961‬‬


‫‪ 46‬إجمالى المحال منها من الحكومة (‪ )182‬مشروع قانون‪ ،‬ولكن تكرر تسجيل (‪ )12‬مشروع الستمرار نظرها فى أكثر من دور‬
‫انعقاد‪.‬‬
‫‪ 47‬مضبطة الجلسة (‪ )9‬من دور االنعقاد األول لمجلس األمة عام ‪.1960‬‬
‫‪16‬‬
‫أن التوزيع القطاعى للموضوعات التى تناولتها مشروعات القوانين التى أحيلت‬ ‫•‬
‫للمجلس يبين استئثار مشروعات القوانين المتعلقة بالموارد العامة بنسبة (‪)%39.6‬‬
‫من إجمالى ما قدم للمجلس من مشروعات قوانين‪ .‬فقد بلغ إجمالى ما أحيل إلى‬
‫المجلس من مشروعات قوانين خاصة بالضرائب والجمارك والرسوم (‪ )30‬مشروع‬
‫قانون‪ ،‬يضاف إليها (‪ )18‬مشروع قانون متعلقة بطلب اإلذن باعتمادات إضافية‬
‫لمواجهة إنفاق غير وارد بالخطة‪ ،‬وكذلك (‪ )31‬مشروع قانون متعلق بربط حسابات‬
‫ختامية يخص جانب كبير منها اإلقليم السورى‪.‬‬
‫تصدرت مشروعات القوانين المتعلقة بالزراعة واإلصالح الزراعى‪ ،‬وقضايا العمل‬ ‫•‬
‫والعمال‪ ،‬وشئون القضاء والعدالة‪ ،‬وشئون األمن القومى قائمة الموضوعات التى‬
‫تناولتها مشروعات القوانين التى نظرها مجلس األمة خالل أدوار انعقاده الثالث‪.‬‬
‫ولعل هذا ينسجم من الناحية المنطقية مع األهمية التى مثلتها هذه الموضوعات فى‬
‫الحياة السياسية القصيرة لدولة الوحدة خالل هذه الفترة‪.‬‬
‫تكررت ظاهرة إحالة المجلس لمشروعات قوانين إلى اللجان المختصة لنظرها بطريق‬ ‫•‬
‫االستعجال‪ ،‬الذى يعطى لمناقشة المشروع أولوية تعفيه من االلتزام بكافة المواعيد‬
‫التى حددتها الالئحة‪ ،‬بل ويتيح مناقشة مشروع القانون وإقراره فى ذات الجلسة التى‬
‫يحال فيها إلى اللجنة‪ .‬فخالل أدوار االنعقاد الثالث للمجلس تمت الحالة (‪ )33‬مشروع‬
‫قانون إلى اللجان لنظرها بطريق االستعجال‪ ،‬منها (‪ )19‬مشروع خالل دور االنعقاد‬
‫األول‪ ،‬ومشروع واحد خالل الدور الثانى‪ ،‬و(‪ )13‬مشروعا خالل دور االنعقاد الثالث‪.‬‬
‫كذلك تبين مضابط المجلس أن هناك (‪ )15‬مشروع قانون تمت أحالتها من الحكومة‪،‬‬
‫وإحالتها إلى اللجان المختصة فى المجلس‪ ،‬ومناقشتها فى المجلس والموافقة عليها‬
‫فى ذات اليوم‪ ،‬بل تعددت مشروعات القوانين التى يتم إقرارها بهذه الطريقة فى‬
‫الجلسة الواحدة لتصل إلى خمسة مشروعات فى إحدى الجلسات‪ .48‬وإذا كان إتباع‬
‫هذا األسلوب المتعجل فى إقرار التشريعات قد يكون له ما يبرره فى حالة تعلقها‬
‫بالتشريعات الخاصة بالموارد العامة التى كانت حاضرة بقوة فى كثير من هذه‬
‫الحاالت‪ ،‬إال أن إتباع هذه الطريقة فى إقرار مشروع قانون هام مثل ذلك الخاص‬
‫بإعادة تنظيم األزهر الذى ضم (‪ )101‬مادة تمت إحالتها إلى لجنة خاصة تحولت إلى‬
‫اجتماع للمجلس فى صورة لجنة برئاسة رئيس المجلس قامت بدراسة المشروع‬
‫وإعداد تقرير عنه عرض على المجلس وتمت الموافقة عليه من حيث المبدأ وعلى‬
‫أرقام مواده دون مناقشة من جانب أى من السادة األعضاء‪ 49.‬أقول أن استخدام هذه‬
‫الطريقة المتسرعة فى إصدار مثل هذا القانون الهام والكبير يلقى ظالال واسعة على‬
‫جدية المناقشات التى تجرى فى المجلس للعديد من مشروعات القوانين التى تحال إليه‬
‫من رئيس الجمهورية‪ ،‬وهو ما يحتاج إلى المزيد من البحث المتعمق‪.‬‬
‫‪ -2‬االقتراحات بقوانين‬
‫لم يشر الدستور إلى حق أعضاء المجلس فى اقتراح القوانين بصورة صريحة‪ ،‬وإنما‬
‫فهمت ضمنا فى إطار نص المادة (‪ )26‬من الدستور على حق المجلس فى إبداء رغبات أو‬
‫اقتراحات للحكومة فى المسائل العامة‪ .‬غير أن القرار الجمهورى بقانون رقم (‪ )249‬لسنة‬
‫‪ 1960‬فى شأن مجلس األمة أشار صراحة إلى اقتراحات القوانين المقدمة من أعضاء‬
‫المجلس‪ ،‬حيث فرضت المادة السادسة منه إحالة كل مشروع قانون يقترحه عضو أو أكثر إلى‬
‫لجنة لفحصه وإبداء الرأى فى جواز نظره فى المجلس‪ ،‬فإذا وافق المجلس على ذلك يحيله‬

‫‪ 48‬انظر مضبطة الجلسة (‪ )27‬من دور االنعقاد الثالث لمجلس األمة ‪.1961‬‬
‫‪ 49‬مضبطة الجلسة (‪ )28‬من دور االنعقاد الثالث لمجلس األمة عام ‪.1961‬‬
‫‪17‬‬
‫إلى اللجنة المختصة ليسرى عليه ما يسرى على مشروعات القوانين المقدمة من الحكومة‪.‬‬
‫أما إذا رفض المجلس اقتراح قانون مقدم من واحد أو أكثر من أعضائه‪ ،‬فإنه ال يجوز إعادة‬
‫تقديمه إلى المجلس قبل انقضاء سنة وفقا لحكم المادة السابعة من القانون المشار إليه‪.‬‬
‫وقد فصلت الالئحة الداخلية المؤقتة للمجلس فى تحديد الشروط الشكلية المطلوبة فى‬
‫اقتراحات القوانين التى يتقدم بها األعضاء إلى رئيس المجلس ليعرضها على المجلس فى‬
‫أقرب جلسة‪ .‬كما حددت النواحى التى تبحثها لجنة االقتراحات والعرائض بعد إحالة االقتراح‬
‫إليها من المجلس‪ ،‬لتقوم بعدها بعرض تقريرها عنه على المجلس ليحيله إلى اللجنة المختصة‬
‫حال الموافقة عليه‪ .‬وأعطت الالئحة أولوية لمشروعات القوانين المعروضة على اللجان على‬
‫أى اقتراح بقانون حول ذات الموضوع‪ ،‬حيث يعتبر المشروع هو األساس فى المناقشة ويعتبر‬
‫االقتراح اقتراح بالتعديل عليه إذا اتفق معه من حيث المبدأ‪ .‬كما نظمت الالئحة بالتفصيل‬
‫األحكام الخاصة بحالة تعدد االقتراحات فى موضوع واحد‪ ،‬أو تضمنها ما يزيد من النفقات أو‬
‫‪50‬‬
‫يؤثر فى اإليرادات‪.‬‬
‫جدول رقم (‪)4‬‬
‫اقتراحات القوانين فى برلمان الوحدة‬
‫اإلجمالى‬ ‫الدور الثالث‬ ‫الدور الثانى‬ ‫الدور األول‬ ‫البيان‬
‫‪111‬‬ ‫‪51‬‬ ‫‪33‬‬ ‫‪27‬‬ ‫اقتراحات القوانين المسجلة‬
‫‪3‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪0‬‬ ‫اقتراحات القوانين التى تم إقرارها‬
‫‪23‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪4‬‬ ‫اقتراحات قوانين تخص اإلقليم الشمالى‬
‫‪18‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪3‬‬ ‫اقتراحات متعلقة بالضرائب والجمارك والرسوم‬
‫‪4‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪3‬‬ ‫اقتراحات متعلقة بالشئون االقتصادية‬
‫‪11‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫اقتراحات متعلقة بالزراعة واإلصالح الزراعى‬
‫‪35‬‬ ‫‪19‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪6‬‬ ‫اقتراحات متعلقة بالعمل والعمال‬
‫‪22‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪10‬‬ ‫اقتراحات متعلقة بالقضاء والعدالة‬
‫‪3‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪0‬‬ ‫اقتراحات متعلقة بشئون األمن والدفاع‬
‫‪2‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫اقتراحات متعلقة بالشئون الصحية‬
‫‪11‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫اقتراحات متعلقة بالتعليم والثقافة‬
‫‪7‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫اقتراحات متعلقة بالمرافق العامة‬

‫ويوضح تحليل البيانات الخاصة باالقتراحات بقوانين التى تقدم بها أعضاء مجلس‬
‫األمة خالل أدوار انعقاده الثالث –كما يعرضها الجدول رقم (‪ -)3‬الحقائق التالية‪:‬‬
‫سجلت أدوار االنعقاد الثالثة لمجلس األمة تقدم أعضائه بعدد (‪ )111‬اقتراح بقانون‪،‬‬ ‫•‬
‫منها (‪ )27‬اقتراحا فى الدور األول‪ ،‬و(‪ )33‬اقتراحا فى الدور الثانى‪ ،‬و(‪ )51‬اقتراحا‬
‫خالل دور االنعقاد األخير‪ .‬غير أنه لم تتم الموافقة سوى على ثالثة اقتراحات بقوانين‬
‫‪51‬‬
‫فقط بنسبة ال تصل إلى (‪ )%3‬من إجمالى االقتراحات التى تقدم بها األعضاء‪.‬‬
‫تناولت اقتراحات القوانين المقدمة من األعضاء (‪ )90‬عنوانا مختلفا‪ ،‬بينما تكرر‬ ‫•‬
‫تسجيل (‪ )21‬اقتراحا نتيجة تجديد مقدميها لها من دور انعقاد آلخر‪ ،‬منها اقتراح تم‬
‫تقديمه خالل أدور االنعقاد الثالث‪.‬‬

‫‪ 50‬المواد (‪ )125-119‬من الالئحة الداخلية المؤقتة للمجلس‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬


‫‪ 51‬وصلت هذه النسبة إلى ‪ %27.8‬من مجموع ما قدم إلى مجلس الشعب المصرى من اقتراحات خالل الفترة من ‪1971‬‬
‫إلى‪ ، 1997‬انظر‪ :‬محمد ابوريدة‪ ،‬االقتراح بمشروع قانون بين النظرية والتطبيق‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪18‬‬
‫تفوق األعضاء عن اإلقليم الشمالى على إخوانهم من الجنوبيين فى عدد ما تقدموا به‬ ‫•‬
‫من اقتراحات بقوانين‪ ،‬حيث بلغ نصيب األعضاء الشماليين (‪ )59‬اقتراح بقانون‪،‬‬
‫مقارنة بعدد (‪ )53‬اقتراح بقانون تقدم بها أعضاء عن اإلقليم الجنوبى‪.‬‬
‫تقدم بهذه االقتراحات (‪ )66‬من أعضاء المجلس‪ ،‬منهم (‪ )36‬أعضاء عن اإلقليم‬ ‫•‬
‫الجنوبى و(‪ )30‬عضوا من اإلقليم الشمالى‪ .‬ويشير هذا إلى تعدد االقتراحات التى تقدم‬
‫بها عضو واحد فى كثير من الحاالت بلغت أقصاها فى حالة السيد العضو عارف‬
‫الجزماتى (شمالى) الذى سجل له عشرة اقتراحات بقوانين خالل أدوار االنعقاد الثالث‬
‫للمجلس‪ .‬وفى المقابل هناك حاالت شارك فيها أكثر من عضو فى تقديم اقتراح بقانون‬
‫واحد‪ ،‬وبلغ عددها ثالثة حاالت‪.‬‬
‫كان الطابع اإلقليمى أوضح فى اقتراحات القوانين التى تقدم بها أعضاء من اإلقليم‬ ‫•‬
‫السورى‪ ،‬حيث اختص اإلقليم السورى وحده بعدد (‪ )23‬اقتراحا بقانون تمثل نحو‬
‫(‪ )%20.7‬من جملة ما سجله المجلس فى أدواره الثالثة‪ .‬كما تجدر باإلشارة أن كافة‬
‫االقتراحات الخاصة بأحد إقليمى الدولة لم تقدم سوى من أعضاء عن ذات اإلقليم‪.‬‬
‫أن التصنيف الموضوعى لم قدمه األعضاء من اقتراحات قوانين يبين تصدر‬ ‫•‬
‫االقتراحات الخاصة بقضايا العمل والعمال لقائمة الموضوعات التى تناولتها هذه‬
‫االقتراحات (‪ ،)%31.5‬تلتها القضايا المتصلة بالقضاء والعدالة (‪ ،)%19.8‬ثم‬
‫القضايا الخاصة بالضرائب والجمارك والرسوم (‪ ،)%16.2‬ثم الموضوعات الخاصة‬
‫بكل من قضايا الزراعة واإلصالح الزراعى وقضايا التعليم والثقافة بنسبة (‪)%9.9‬‬
‫لكل منها‪.‬‬
‫‪ -3‬القرارات بقوانين‬
‫أعطت المادة (‪ )53‬من الدستور المؤقت لرئيس الجمهورية حق إصدار أى تشريع أو‬
‫قرار مما يدخل أصال فى اختصاص مجلس األمة فى حاالت الضرورة أو غياب المجلس‪.‬‬
‫واشترطت أن يتم عرض هذه القرارات على المجلس فور انعقاده ليجيزها أو ليعترض عليها‬
‫بموافقة ثلثى أعضائه‪ ،‬وبالتالى يزول ما للقانون من أثر اعتبارا من تاريخ اعتراض المجلس‬
‫عليه‪.‬‬
‫ونظمت الالئحة الداخلية المؤقتة للمجلس تعامله مع القرارات بقوانين التى يعرضها‬
‫رئيس الجمهورية عليه فور انعقاده‪ ،‬فألزمت المجلس بإحالتها إلى اللجان المختصة لبحثها‬
‫على أن تكون لها األولوية على غيرها من األعمال‪ .‬وأوضحت الالئحة عدم قبول أى اقتراحات‬
‫بالتعديل على نصوص القرار بقانون سواء فى اللجنة أو فى المجلس‪ ،‬ولكن تجرى المناقشة‬
‫فى رأى اللجنة بشأن المشروع‪ .‬فإذا رأى المجلس االعتراض على التشريع أو القرار وجب أن‬
‫يصدر قراره بأغلبية ثلثى أعضائه‪ ،‬وأن يبلغ القرار إلى رئيس الجمهورية وينشر فى الجريدة‬
‫الرسمية‪.‬‬
‫وتشير بيانات القرارات بقوانين التى أحيلت إلى مجلس األمة خالل أدوار انعقاده‬
‫الثالث إلى عدد من المالحظات من أهمها اآلتى‪:‬‬
‫أن مجلس األمة قد أحيل إليه (‪ )25‬قرارا جمهوريا بقانون خالل أدوار انعقاده الثالث‪،‬‬ ‫•‬
‫منها (‪ )21‬قرارا بقانون خالل دور االنعقاد الثالث وأربعة قرارات بقوانين خالل دور‬
‫االنعقاد الثانى‪.‬‬
‫أن األمر المثير للدهشة هو عدم إحالة أى قرار بقانون إلى المجلس خالل دور انعقاده‬ ‫•‬
‫األول رغم إصدار رئيس الجمهورية للعديد من القرارات بقوانين فى الفترة منذ صدور‬

‫‪19‬‬
‫الدستور فى الخامس من مارس ‪ 1958‬حتى أول ديسمبر ‪ ،1960‬تاريخ أول قرار‬
‫بقانون يحال إلى المجلس ورقمه (‪ .)285‬وهذا يعنى أن رئيس الجمهورية اصدر‬
‫(‪ )284‬قرارا بقانون لم تعرض على المجلس رغم إلزام الدستور بذلك‪ .‬ويضاعف من‬
‫خطورة ذلك أن هذه القرارات بقوانين قد نظمت العديد من المسائل الخاصة بجوهر‬
‫التنظيم السياسى للدولة‪ ،‬مثل قرار رئيس الجمهورية بقانون رقم ‪ 249‬لسنة ‪1960‬‬
‫فى شأن مجلس األمة ذاته‪ ،‬والقرار بقانون رقم (‪ )2‬لسنة ‪ 1958‬بحل األحزاب‬
‫والهيئات السياسية فى اإلقليم السورى‪ ،‬والقرار بقانون رقم (‪ )8‬لسنة ‪ 1958‬بقصر‬
‫حق الترشيح لعضوية مجالس إدارة النقابات على األعضاء العاملين فى االتحاد‬
‫القومى‪ ،‬والقرار بقانون رقم (‪ )156‬لسنة ‪ 1960‬بشأن تنظيم الصحافة‪ .‬وال شكك أن‬
‫ذلك ينطوى على مخالفة صريحة للدستور وتفريط من المجلس فى حقه بضرورة‬
‫عرض كافة القرارات بقوانين الصادرة فى غيبته منذ إقرار الدستور عليه فى أول‬
‫انعقاد له‪ ،‬وحتى لو صدرت قبل قيام المجلس ذاته‪.‬‬
‫أن المجلس لم يعترض على أى من القرارات بقوانين التى أحيلت إليه‪ ،‬وأقر (‪)23‬‬ ‫•‬
‫قرارا منها‪ ،‬فيما تسجل مضابط المجلس وجود قرارين بقانونين أحيال إلى المجلس فى‬
‫أولى جلسات دور انعقاده الثالث وأحالهما إلى لجنة الشئون الزراعية فى ذات‬
‫الجلسة‪ 52،‬ولم يتم عرض تقرير اللجنة بشأنهما على المجلس حتى تاريخ فض دور‬
‫االنعقاد‪ ،‬وبالتالى لم يبد المجلس رأيه فيهما ال باإلقرار وال باالعتراض‪ .‬والمثير هنا‬
‫أن أحد هذين القرارين تعلق بتعديل بعض أحكام قانون اإلصالح الزراعى فى اإلقليم‬
‫السورى‪ ،‬بينما تعلق الثانى بزيادة أجرة األراضى الزراعية‪.‬‬
‫أن أحد عشر قرار بقانون من تلك التى أحيلت إلى المجلس تعلقت بقضايا متصلة‬ ‫•‬
‫بالموارد والسياسة المالية الخاصة بالضرائب والجمارك والرسوم والبنوك‪ ،‬إضافة‬
‫إلى أربعة قرارات بقوانين تعلقت بتأميم أو تصفية أو فرض الحراسة على بعض‬
‫الكيانات االقتصادية أو الخدمية وجاءت جميعها خالل دور االنعقاد الثانى‪ 53 .‬وقد أقر‬
‫المجلس جميع هذه القرارات بقوانين فيما عدا ذلك المتصل بزيادة أجرة األراضى‬
‫الزراعية السابق اإلشارة إليه‪.‬‬
‫أن ثمانية قرارات بقوانين من تلك التى عرضت على المجلس تعلقت بموضوعات‬ ‫•‬
‫تتصل بالقطن‪ ،‬سواء من حيث تحديد المساحة المزروعة به‪ ،‬أو تنظيم االتجار فيه‪ ،‬أو‬
‫الرسوم المفروضة عليه فى مراحل إنتاجية مختلفة‪ .‬وقد أقر المجلس هذه القرارات‬
‫جميعا دون اعتراض‪.‬‬
‫أن البعد اإلقليمى لم يكن واضحا فى أغلب القرارات بقوانين التى أحيلت إلى المجلس‪،‬‬ ‫•‬
‫ولم يتضح إال فى تسعة قرارات بقوانين فقط خص اإلقليم الجنوبى ست منها من بينها‬
‫القرارات األربعة الخاصة بالتأميم وفرض الحراسة السابق اإلشارة إليها‪ ،‬بينما اختص‬
‫اإلقليم الشمالى بثالثة قرارات بقوانين كان من بينها ذلك القرار بقانون الخاص بتعديل‬
‫بعض أحكام قانون الصالح الزراعى فى اإلقليم السورى الذى لم يتخذ المجلس فيه‬
‫قرارا كما سبقت اإلشارة‪.‬‬

‫‪ -4‬المعاهدات الدولية‬
‫أعطت المادة (‪ )56‬من الدستور لرئيس الجمهورية سلطة إبرام المعاهدات‪ ،‬غير أنها‬
‫جعلت موافقة مجلس األمة شرطا لسريان المعاهدات الخاصة بالصلح والتحالف والتجارة‬

‫‪ 52‬مضبطة الجلسة (‪ )1‬من دور االنعقاد الثالث لمجلس األمة ‪.1961‬‬


‫‪ 53‬مضبطة الجلسة (‪ )1‬من دور االنعقاد الثانى لمجلس األمة ‪.1961‬‬
‫‪20‬‬
‫والمالحة وجميع المعاهدات التى يترتب عليها تعديل فى أراضى الدولة أو التى تتعلق بحقوق‬
‫السيادة‪ ،‬أو التى تحمل خزانة الدولة شيئا من النفقات غير الواردة فى الميزانية‪ ،‬ودون أن‬
‫تشترط هذه الموافقة بالنسبة لما خال ذلك من المعاهدات‪.‬‬
‫وتبعا للتفرقة التى أقرها الدستور بين هذين النوعين من المعاهدات‪ ،‬فرقت الالئحة‬
‫الداخلية للمجلس فى تصرف المجلس حيال كل نوع منهما‪ .‬فقد نصت على أن يخطر رئيس‬
‫الجمهورية بما يعقده من معاهدات ال تتطلب موافقة المجلس لسريانها‪ ،‬ويتلى البيان الخاص‬
‫بها فى أول جلسة ثم تودع مكتب المجلس‪ .‬أما تلك المعاهدات التى اشترط الدستور موافقة‬
‫المجلس عليها‪ ،‬فيقوم المجلس بإحالتها إلى اللجنة المختصة إلعداد تقرير بشأنها يعرض على‬
‫المجلس‪ .‬ويجوز للمجلس الموافقة على هذه االتفاقيات أو رفضها أو تأجيلها دون أن يكون له‬
‫حق التعديل فى نصوصها‪ .‬ويجب على المجلس توجيه نظر الحكومة إلى النصوص التى أدت‬
‫‪54‬‬
‫إلى رفض المجلس لالتفاقية أو تأجيلها‪.‬‬
‫وتشير البيانات الخاصة بالمعاهدات التى أحالتها الحكومة إلى المجلس خالل فترة‬
‫الدراسة إلى المالحظات التالية‪:‬‬
‫أحالت الحكومة إلى المجلس (‪ )23‬معاهدة فى صورة مشروعات قرارات من رئيس‬ ‫•‬
‫الجمهورية‪ ،‬منها (‪ )21‬معاهدة خالل دور االنعقاد الثالث‪ ،‬ومعاهدتين خالل دور‬
‫االنعقاد الثانى‪ ،‬بينما لم يتم إحالة أى معاهدة إلى المجلس خالل دور االنعقاد األول‪.‬‬
‫وقد وافق المجلس على كل ما أحيل إليه من معاهدات عدا واحدة أحيلت للجنة ولم يتم‬
‫عرض تقريرها على المجلس النتهاء دور االنعقاد‪.‬‬
‫اختص اإلقليم السورى منفردا بثالثة اتفاقيات‪ ،‬منها اتفاقيتين مع السعودية واألخرى‬ ‫•‬
‫مع جامعة الدول العربية‪ .‬أما اإلقليم المصرى فقد اختص باتفاقيتين منفردتين إحداهما‬
‫مع سويسرا واألخرى مع غينيا‪ ،‬بينما تناولت باقى االتفاقيات الجمهورية العربية‬
‫المتحدة بإقليميها معا‪.‬‬
‫كان من ضمن االتفاقيات التى عرضت على المجلس ست اتفاقيات مع دول أوروبية‬ ‫•‬
‫كلها مع دول اشتراكية عدا واحدة مع سويسرا‪ ،‬وخمس اتفاقيات مع دول أفريقية‪،‬‬
‫وأربعة مع دول عربية‪ ،‬وثالث اتفاقيات مع دول أسيوية‪ ،‬إضافة إلى أربعة اتفاقات‬
‫ذات صفة جماعية‪.‬‬
‫استحوذت اتفاقيات التجارة والدفع على نحو نصف االتفاقيات التى نظرها المجلس‪،‬‬ ‫•‬
‫حيث بلغ عددها عشرة اتفاقيات بين مصر وكل من‪ :‬الصومال‪ ،‬السعودية‪ ،‬سويسرا‪،‬‬
‫بولندا‪ ،‬يوغسالفيا‪ ،‬بورما‪ ،‬سيالن‪ ،‬ومالى‪ ،‬إضافة إلى اتفاقيتين مع غينيا تعلقت‬
‫أوالهما باإلقليم المصرى فقط بينما شملت الثانية إقليمى الدولة معا‪.‬‬
‫شملت االتفاقيات التى نظرها المجلس أربعة اتفاقيات جماعية شملت‪ :‬االتفاقية الدولية‬ ‫•‬
‫للمواصالت السلكية والالسلكية الموقعة فى جنيف سنة ‪ ،1959‬بروتوكول تنفيذ‬
‫ميثاق الدار البيضاء األفريقى الموقع فى القاهرة عام ‪ ،1961‬ميثاق الدار البيضاء‬
‫األفريقى الصادر من رؤساء الدول األفريقية المجتمعين فى الدار البيضاء عام‬
‫‪ ،1961‬سريان اتفاقية تسهيل التبادل التجارى وتنظيم تجارة الترانزيت بين دول‬
‫جامعة الدول العربية فى اإلقليم السورى‪.‬‬
‫تضمنت االتفاقيات التى عرضت على المجلس اتفاقا للتعاون العسكرى بين مصر‬ ‫•‬
‫وغينيا‪ .‬كما تضمنت ثالث اتفاقيات قروض ومنح منها اتفاقيتى قرضين طويلى األجل‬

‫‪ 54‬المواد ‪ 117‬و‪ 118‬من الالئحة الداخلية المؤقتة لمجلس األمة لسنة ‪.1960‬‬
‫‪21‬‬
‫من مصر لكل من الصومال وغينيا‪ ،‬فى مقابل اتفاقية تسهيالت ائتمانية لمصر من‬
‫المجر‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫املبحث الرابع‬
‫النشاط الرقابى لربملان الوحدة‬

‫أعطى الدستور المؤقت لدولة الوحدة الصادر فى مارس ‪ 1958‬ألعضاء مجلس األمة‬
‫ممارسة دورهم الرقابى على أعمال الحكومة من خالل استخدام خمسة أدوات محددة للرقابة‬
‫البرلمانية تم النص عليها صراحة فى الدستور‪ .‬وتتثمل هذه األدوات الرقابية فى‪ :‬األسئلة‪،‬‬
‫وطلبات المناقشة‪ ،‬واالقتراحات برغبة فى المسائل العامة‪ ،‬واالستجواب ‪ ،‬وأخير يأتى طرح‬
‫الثقة بالوزراء‪.‬‬
‫ويالحظ أن الدستور تحدث عن رقابة برلمانية ألعضاء مجلس األمة على أعمال‬
‫الوزراء وليس على الحكومة ككل فى إطار الحديث عن األسئلة واالستجوابات وطرح الثقة‪،‬‬
‫ولم يشر للحكومة فى مجموعها إال فى إطار الحديث عن طلبات المناقشة الستيضاح سياسة‬
‫الحكومة فى قضايا قد تدخل فى اختصاص أكثر من وزارة‪ ،‬وكذلك الحال فى التقدم باقتراحات‬
‫فى المسائل العامة‪ .‬وربما تفسر الطبيعة الرئاسية التى تبناها الدستور لنظام الحكم فى دولة‬
‫الوحدة استبعاد الحكومة ككل ورئيسها –الذى هو فى ذات الوقت رئيس الجمهورية‪ -‬من مجال‬
‫رقابة مجلس األمة‪ ،‬ناهيك عن المكانة المتميزة التى أعطاها الدستور لرئيس الجمهورية‬
‫بحيث أعطاه صالحيات فى غاية االتساع دون أن يشير بعبارة واحدة إلى إمكانية مساءلة‬
‫رئيس الجمهورية بأى صورة من الصور‪.‬‬
‫ولعل هذه المكانة المتميزة التى منحها الدستور للسلطة التنفيذية التى يمسك بزمامها‬
‫ر ئيس الجمهورية بسلطاته الواسعة تفسر عدم استخدام مجلس األمة مطلقا لالستجواب فى‬
‫إطار ممارسته لدوره الرقابى على أعمال الحكومة باعتبار أن االستجواب ينطوى على اتهام‬
‫للوزير الموجه إليه قد ينتهى إلى طرح الثقة فيه‪ .‬كما أن عدم لجوء أى عضو بالمجلس‬
‫الستخدام االستجواب كأداة رقابية على الحكومة أدى بالتبعية إلى عدم الوصول إلى مرحلة‬
‫طرح الثقة بأى من وزراء الحكومة‪ ،‬والتى اشترط الدستور أال تتم إال بعد مناقشة استجواب‬
‫لذات الوزير‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬من بين خمسة أدوات رقابية أتاحها الدستور ألعضاء المجلس‪ ،‬مارس‬
‫المجلس دوره الرقابى على أعمال الحكومة من خالل ثالث أدوات فقط هى‪ :‬األسئلة وطلبات‬
‫المناقشة العامة واالقتراحات برغبة‪.‬‬
‫وسوف نعرض للمالمح الرئيسية المنظمة الستخدام أعضاء مجلس األمة لكل أداة من‬
‫هذه األدوات الثالث‪ ،‬وكيف وظفها األعضاء فى ممارسة دورهم الرقابى على الحكومة‪.‬‬
‫‪ -1‬األسئلة‬
‫اكتفى الدستور المؤقت لدولة الوحدة فى تناوله لألسئلة البرلمانية باإلشارة إلى حق‬
‫كل عضو فى مجلس األمة فى توجيه أسئلة للوزراء‪ ،‬وذلك فى المادة (‪ )24‬منه‪ .‬كما لم يشر‬
‫القرار بقانون رقم ‪ 249‬لسنة ‪ 1960‬فى شأن مجلس األمة للرقابة البرلمانية إال فى إطار‬
‫حظره على أعضاء مجلس األمة التدخل فى األعمال التى تكون من اختصاص السلطتين‬
‫التنفيذية أو القضائية‪.‬‬
‫وجاء تناول تنظيم استخدام األسئلة فى إطار الرقابة البرلمانية بشكل مفصل فى‬
‫الالئحة الداخلية المؤقتة‪ ،‬حيث اشترطت أن يقدم السؤال من عضو واحد ولوزير واحد‬
‫لالستفهام عن أمر يجهله العضو أو للتحقق من حصول واقعة وصل علمها إليه أو لالستعالم‬

‫‪23‬‬
‫عن نية الحكومة فى أمر من األمور‪ .‬واشترطت أن يكون السؤال واضحا ومقصورا على‬
‫األمور المراد االستفهام عنها دون أى تعليق‪ ،‬وأن يكون خاليا من العبارات غير الالئقة‪.‬‬
‫ووفقا لالئحة‪ ،‬يجب أن يقدم السؤال كتابة إلى رئيس المجلس ليبلغه إلى الوزير‬
‫المختص ويدرجه فى جدول أعمال أقرب جلسة تالية النقضاء أسبوعين على إبالغ السؤال‬
‫للوزير المختص‪ .‬غير أن الالئحة أجازت للوزير إبالغ رئيس المجلس برغبته فى اإلجابة عن‬
‫السؤال فى أول جلسة تالية إلبالغه إليه‪ .‬كما أجارت له أن يودع إجابة مكتوبة تثبت فى‬
‫المضبطة عن األسئلة ذات الطابع المحلى أو التى يتغيب مقدموها عن الجلسة المحددة للرد‪،‬‬
‫أو إذا طلب العضو ذلك فى سؤاله‪.‬‬
‫وقد نصت الالئحة على تخصيص نصف ساعة فى أول الجلسة لألسئلة‪ ،‬إال إذا قرر‬
‫المجلس خالف ذلك‪ .‬كما منعت تحويل السؤال إلى استجواب فى ذات الجلسة‪ .‬وجعلت األسئلة‬
‫تسقط تلقائيا باستقالة الوزير أو بانتهاء دور االنعقاد‪ ،‬إال إذا قدم العضو طلبا كتابيا لرئيس‬
‫المجلس لتجديد سؤاله‪.‬‬
‫ويوضح تحليل البيانات المتعلقة باألسئلة خالل أدوار االنعقاد الثالثة لمجلس األمة كما‬
‫يعرضها الجدول رقم (‪ ،)5‬ما يلى‪:‬‬
‫سجلت مضابط مجلس األمة تقدم أعضائه بعدد (‪ )466‬سؤاال خالل أدوار انعقاده‬ ‫•‬
‫الثالث‪ ،‬منها (‪ )99‬سؤاال خالل دور االنعقاد األول‪ ،‬و(‪ )159‬سؤاال خالل الدور‬
‫الثانى‪ ،‬بينما تم تقديم (‪ )208‬أسئلة خالل دور االنعقاد الثالث واألخير للمجلس‪.‬‬
‫تقدم باألسئلة (‪ )175‬عضوا فقط من أعضاء المجلس بمتوسط حوالى (‪ )2.7‬سؤال‬ ‫•‬
‫لكل منهم‪ .‬وكان من بين هؤالء األعضاء (‪ )123‬من اإلقليم الجنوبى يمثلون ‪%70‬‬
‫من إجمالى األعضاء الذين شاركوا فى تقديم األسئلة‪ ،‬تقدموا بعدد (‪ )342‬سؤاال تمثل‬
‫(‪ )%73‬مما قدم من أسئلة‪ .‬أما أعضاء اإلقليم الشمالى فقد ساهم منهم (‪ )52‬عضوا‬
‫فى تقديم (‪ )124‬سؤاال تمثل (‪ )%27‬من إجمالى ما قدم من أسئلة‪ .‬ويشير ذلك إلى‬
‫أن أعضاء اإلقليم الجنوبى كانوا أنشط قليال فى استخدام األسئلة من نظرائهم‬
‫الشماليين‪ ،‬سواء من حيث عدد من ساهم منهم فى تقديم األسئلة‪ ،‬أو من حيث نسبة‬
‫ما قدموه من أسئلة مقارنة بوزنهم فى المجلس (‪.)%67‬‬
‫مع ضرورة مراعاة ما حدث خالل عمر المجلس من تغير فى التركيبة الحكومية‪،‬‬ ‫•‬
‫قدمت األسئلة إلى (‪ )52‬وزيرا فى الحكومة‪ ،‬منهم (‪ )19‬وزيرا مركزيا وجه إليهم‬
‫(‪ )95‬سؤاال‪ ،‬و(‪ )17‬وزيرا جنوبيا وجه إليهم (‪ )275‬سؤاال‪ ،‬و(‪ )15‬وزيرا شماليا‬
‫وجه إليهم (‪ )97‬سؤاال‪ .‬وفيما وجه لرئيس المجلس التنفيذى لكال اإلقليمين سؤال‬
‫واحد جاء خالل الدور الثانى‪ ،‬قدم أكبر عدد من األسئلة إلى وزير الشئون البلدية‬
‫والقروية الجنوبى (‪ 48‬سؤاال)‪ ،‬تاله وزيرا التعليم والمواصالت الجنوبيين (‪32‬‬
‫سؤاال لكل منهما)‪ ،‬ثم وزير األشغال الجنوبى (‪ 25‬سؤاال)‪ ،‬ووزير المواصالت‬
‫الشمالى الذى وجه له ‪ 24‬سؤال وكان هو األعلى فى الوزراء الشماليين‪.‬‬
‫أنه من بين األسئلة التى وجهها األعضاء للحكومة‪ ،‬قام الوزراء المعنيون باإلجابة‬ ‫•‬
‫على (‪ )254‬سؤاال إجابة شفوية فى قاعة المجلس‪ ،‬إضافة إلى ثالثة أسئلة ضمت إلى‬
‫طلب مناقشة عامة فى ذات الموضوع‪ ،‬بينما أودعت اإلجابة على (‪ )139‬سؤال فى‬
‫المضبطة‪ ،‬وتم الرد على ثمانية أسئلة كتابة‪ .‬كذلك تسجل المضابط طلب الحكومة‬
‫تأجيل الرد على عدد (‪ )62‬سؤال لما بعد الجلسة المفترض أن يتم الرد فيها‪ ،‬وبينما‬
‫تم الرد على (‪ )30‬سؤاال منها الحقا‪ ،‬إال أن (‪ )32‬سؤاال منها لم يسجل رد الحكومة‬

‫‪24‬‬
‫عليها‪ .‬كما تسجل مضابط المجلس حالة واحدة لتنازل أحد األعضاء عن سؤال كان قد‬
‫تقدم به‪.‬‬
‫جدول رقم (‪)5‬‬
‫األسئلة البرلمانية فى ظل برلمان الوحدة‬
‫إجمالى‬ ‫الدور الثالث‬ ‫الدور الثانى‬ ‫الدور األول‬
‫الموضوع‬
‫مجموع‬

‫مجموع‬

‫مجموع‬

‫مجموع‬
‫جنوبى‬

‫جنوبى‬

‫جنوبى‬

‫جنوبى‬
‫شمالى‬

‫شمالى‬

‫شمالى‬

‫شمالى‬
‫‪466‬‬ ‫‪124‬‬ ‫‪342‬‬ ‫‪208‬‬ ‫‪65‬‬ ‫‪143‬‬ ‫‪159‬‬ ‫‪38‬‬ ‫‪121‬‬ ‫‪99‬‬ ‫‪21‬‬ ‫‪78‬‬ ‫أسئلة‬
‫‪175‬‬ ‫‪52‬‬ ‫‪123‬‬ ‫‪53‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪33‬‬ ‫‪57‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪42‬‬ ‫‪65‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪48‬‬ ‫أعضاء‬
‫‪32‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪21‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪7‬‬ ‫زراعة‬
‫‪28‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪23‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪13‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪7‬‬ ‫رى‬
‫‪109‬‬ ‫‪36‬‬ ‫‪73‬‬ ‫‪46‬‬ ‫‪19‬‬ ‫‪27‬‬ ‫‪43‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪28‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪18‬‬ ‫مرافق‬
‫‪14‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪3‬‬ ‫إصالح زراعى‬
‫‪21‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪5‬‬ ‫تجارة‬
‫‪28‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪1‬‬ ‫عمل وعمال‬
‫‪4‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪1‬‬ ‫سياحة‬
‫‪61‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪44‬‬ ‫‪37‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪25‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪7‬‬ ‫تعليم وثقافة‬
‫‪3‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪0‬‬ ‫سياسة خارجية‬
‫‪26‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪5‬‬ ‫شئون مالية‬
‫‪36‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪29‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪8‬‬ ‫شئون صحية‬
‫‪12‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪1‬‬ ‫امن ودفاع‬
‫‪16‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪5‬‬ ‫محليات‬
‫‪19‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪1‬‬ ‫عدالة وقضاء‬
‫‪21‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪19‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪5‬‬ ‫شئون اجتماعية وأوقاف‬
‫‪3‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪1‬‬ ‫رياضة وشباب‬
‫‪20‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪3‬‬ ‫صناعة‬
‫‪14‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪0‬‬ ‫شئون الوحدة‬
‫‪6‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫أخرى‬

‫كانت القضايا المتعلقة بالمرافق العامة هى األكثر إثارة لألسئلة من جانب األعضاء‬ ‫•‬
‫خالل فترة الدراسة‪ ،‬حيث اختصت وحدها بعدد (‪ )109‬أسئلة‪ ،‬تلتها الموضوعات‬
‫الخاصة بالتعليم والثقافة (‪ 61‬سؤاال)‪ ،‬ثم القضايا الخاصة بالشئون الصحية (‪36‬‬
‫سؤاال)‪ ،‬والقضايا المتعلقة بالزراعة (‪ 32‬سؤاال)‪ ،‬فيما اختص األعضاء قضايا العمل‬
‫والعمال بعدد ‪ 29‬سؤاال‪ ،‬والقضايا الخاصة بالرى (‪ 23‬سؤاال)‪ ،‬والموضوعات‬
‫المتصلة بالتجارة والتموين‪ ،‬والشئون االجتماعية واألوقاف ‪ 21‬سؤاال لكل منها‪.‬‬
‫تعلق (‪ )14‬سؤاال بموضوعات تتصل بقضية الوحدة بين اإلقليمين‪ .‬وقد تناول أحد‬ ‫•‬
‫عشر سؤال من هذه األسئلة موضوعات خاصة بتسهيل إتمام الوحدة الفعلية بين‬
‫اإلقليمين مثل‪ :‬تالفى استعمال بعض سفارات الجمهورية فى الخارج لشعارات ما قبل‬
‫الوحدة‪ ،‬التأخر فى إحالة تشريعات الوحدة إلى مجلس األمة‪ ،‬تخفيض أجور السفر بين‬
‫اإلقليمين‪ ،‬صرف تذاكر مجانية للموظفين المنتدبين من إقليم آلخر وعائالتهم‪ ،‬تبسيط‬
‫وتنسيق التشريعات التموينية فى اإلقليمين‪ ،‬توحيد القوانين التعليمية والتنظيمية فى‬
‫اإلقليمين‪ ،‬استفادة الموظفين المنتدبين للعمل بين اإلقليمين بالمزايا المتاحة فى كل‬
‫منهما‪ ،‬إصدار قانون موحد للرسوم المفروضة لصالح أعمال البر‪ ،‬تبادل األدوية‬
‫‪25‬‬
‫والعقاقير بين اإلقليمين‪ .‬أما األسئلة الثالث األخرى فقد حملت نوع من الشكوى من‬
‫وجود ميزة فى إقليم (الجنوبى) غير متاحة فى اإلقليم اآلخر (الشمالى)‪ .‬فقد طالب أحد‬
‫هذه األسئلة بإنتاج كساء شعبى فى اإلقليم الشمالى بأسعار مخفضة أسوة باإلقليم‬
‫الجنوبى‪ ،‬فيما حمل السؤاالن اآلخران شكوى ضمنية من عدم تنفيذ قانون إقراض‬
‫الموظفين فى اإلقليم الشمالى بضمان المرتبات والمعاشات رغم تنفيذه فى اإلقليم‬
‫الجنوبى‪.‬‬
‫من الملفت أن األعضاء الذين تقدموا باألسئلة التزموا بتوجيه أسئلتهم إلى الوزراء‬ ‫•‬
‫المختصين بإقليمهم أو الوزراء المركزيين رغم أن العرف البرلمانى جرى على اعتبار‬
‫النائب ممثل لألمة ككل وليس قاصر على تمثيل منطقة أو إقليم معين فيها‪ .‬غير أن‬
‫مضابط المجلس سجلت خروجا على هذه الظاهرة مرتين‪ ،‬كانت األولى خالل دور‬
‫االنعقاد الثانى الذى شهد توجيه عضو جنوبى لسؤال لوزير الداخلية الشمالى بشأن‬
‫مؤامرة الديناميت التى دبرتها عصابة ملك األردن فى اإلقليم الشمالى‪ ،‬حسبما جاء فى‬
‫السؤال‪ 55 .‬أما الحالة الثانية فقد جاءت خالل دور االنعقاد الثالث وشهدت تقدم عضو‬
‫شمالى بسؤال لوزير الداخلية الجنوبى عن اإلجراءات التى اتخذت للقضاء على‬
‫‪56‬‬
‫النشل‪.‬‬

‫‪ -2‬طلبات المناقشة العامة‬


‫أجازت المادة (‪ )25‬من الدستور المؤقت لدولة الوحدة لعشرين من أعضاء المجلس‬
‫طلب طرح موضوع عام للمناقشة الستيضاح سياسة الحكومة فى شأنه وتبادل الرأى فيه‪.‬‬
‫واشترطت الالئحة الداخلية المؤقتة للمجلس أن يتم تقديم طلب المناقشة لرئيس المجلس كتابة‬
‫إلبالغه إلى الوزراء المختصين‪ ،‬على أن يدرج فى جدول أعمال أقرب جلسة لتحديد موعد‬
‫للمناقشة فيه‪ .‬وأجازت الالئحة للمجلس مناقشة الطلب بصورة فورية إذا وافقت الحكومة على‬
‫ذلك‪ ،‬كما أعطته الحق فى استبعاده إذا رأى أنه غير صالح للمناقشة‪.‬‬
‫ويشترط الستمرار الطلب صالح للمناقشة أمام المجلس بعد إدراجه فى جدول األعمال‬
‫أن يستمر عشرون عضوا من مقدميه فى التمسك به‪ ،‬ويسقط االقتراح إذا قل عدد مقدموه عن‬
‫هذا النصاب إال إذا تمسك بالطلب عشرون من األعضاء الحاضرين على األقل‪ .‬ويجوز‬
‫للمجلس فى جميع األحوال أن يقرر إحالة موضوع الطلب إلى إحدى لجانه لبحثه وتقديم تقرير‬
‫عنه‪.‬‬
‫وتشير البيانات الخاصة بطلبات المناقشة التى سجلتها مضابط مجلس األمة فى أدوار‬
‫انعقاده الثالث –كما يتضح من الجدول رقم (‪ -)6‬إلى المالحظات التالية‪:‬‬
‫قدم للمجلس خالل أدوار انعقاده الثالث (‪ )42‬طلب مناقشة‪ ،‬منها (‪ )11‬طلبا خالل‬ ‫•‬
‫دور االنعقاد األول‪ ،‬و(‪ )17‬طلبا خالل دور االنعقاد الثانى‪ ،‬و(‪ )14‬طلبا خالل دور‬
‫االنعقاد الثالث‪ .‬ويجب التنويه هنا إلى وجود ثمانية طلبات مناقشة تم تجديدها من دور‬
‫انعقاد لدور االنعقاد التالى له‪ ،‬منها طلبى مناقشة من الدور األول تم إعادة تقديمهما‬
‫فى الدور الثانى‪ ،‬وستة طلبات مناقشة من الدور الثانى أعيد تقديمها فى دور االنعقاد‬
‫الثالث‪.‬‬
‫أن المجلس انتهى بالفعل من مناقشة (‪ )17‬طلب مناقشة فقط‪ ،‬تمثل (‪ )%40.5‬من‬ ‫•‬
‫إجمالى ما قدم إليه من طلبات‪ .‬وكان من بين هذه الطلبات ثالثة طلبات تمت مناقشتها‬
‫فورا فى ذات الجلسة بموافقة الحكومة‪ .‬كما أن المناقشة انتهت فى ثالث من هذه‬

‫‪ 55‬انظر مضبطة الجلسة (‪ )3‬من دور االنعقاد الثانى لمجلس األمة عام ‪.1961‬‬
‫‪ 56‬انظر مضبطة الجلسة (‪ )4‬من دور االنعقاد الثالث لمجلس األمة عام ‪.1961‬‬
‫‪26‬‬
‫الطلبات بإصدار المجلس لقرار فى موضوع المناقشة‪ ،‬وكانت الحاالت الثالث فى دور‬
‫االنعقاد األول وفى موضوعات متعلقة بالسياسة الخارجية وهى‪ :‬اعتراف شاه إيران‬
‫بإسرائيل‪ ،‬تحويل مجرى نهر األردن‪ ،‬مساندة الثورة فى الجزائر‪.‬‬
‫أن الطابع اإلقليمى كان واضحا فى (‪ )15‬من طلبات المناقشة التى عرضت على‬ ‫•‬
‫المجلس‪ ،‬اختص اإلقليم الشمالى بثمانية طلبات منها‪ ،‬بينما قدمت سبعة طلبات حول‬
‫موضوعات تخص اإلقليم الجنوبى‪.‬‬
‫أن تحليل الموضوعات التى تركزت حولها طلبات المناقشة يبرز تصدر الموضوعات‬ ‫•‬
‫الخاصة بالزراعة والرى للقائمة بتسع طلبات مناقشة‪ ،‬تلتها كل من قضايا التعليم‬
‫والثقافة وقضايا الصحة بست طلبات مناقشة لكل منها‪ ،‬ثم قضايا‪ :‬السياحة‪،‬‬
‫المواصالت‪ ،‬السياسة الخارجية‪ ،‬الشئون المالية واالقتصادية والتى اختصت كل منها‬
‫بأربعة طلبات مناقشة‪ ،‬وأخيرا قضايا اإلسكان (ثالث طلبات)‪ ،‬ثم قضايا العمل والعمال‬
‫وقضايا األمن القومى التى قدم طلب مناقشة واحد فى كل منها‪.‬‬
‫جدول رقم (‪)6‬‬
‫طلبات المناقشة فى برلمان الوحدة‬
‫إجمالى‬ ‫الثالث‬ ‫الثانى‬ ‫األول‬ ‫دور االنعقاد‬
‫‪42‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪11‬‬ ‫طلبات المناقشة‬
‫‪17‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪5‬‬ ‫طلبات منتهية‬
‫‪8‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪0‬‬ ‫طلبات مجددة‬
‫‪8‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪2‬‬ ‫إقليم شمالى‬
‫‪7‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫إقليم جنوبى‬
‫‪9‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫زراعة ورى‬
‫‪6‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪3‬‬ ‫تعليم وثقافة‬
‫‪3‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪0‬‬ ‫إسكان‬
‫‪4‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪0‬‬ ‫سياحة‬
‫‪1‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪0‬‬ ‫عمل وعمال‬
‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪0‬‬ ‫مواصالت‬
‫‪6‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪2‬‬ ‫صحة‬
‫‪4‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪3‬‬ ‫سياسة خارجية‬
‫‪4‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬ ‫شئون مالية واقتصادية‬
‫‪1‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫أمن قومى‬

‫‪ -3‬االقتراحات برغبة أو بقرار‬


‫سبق أن أشرنا إلى أن المادة (‪ )26‬من الدستور أعطت لمجلس األمة الحق فى إبداء‬
‫رغبات أو اقتراحات للحكومة فى المسائل العامة‪ ،‬وأن هذا النص قد اتخذ سندا لمنح أعضاء‬
‫مجلس األمة الحق فى التقدم باقتراحات القوانين فى المجال التشريعى‪ ،‬كما تم االستناد إليه‬
‫كذلك فى منح األعضاء الحق فى التقدم باقتراحات برغبات أو بقرار يصدره المجلس فى حدود‬
‫اختصاصاته التى خولها له الدستور‪.‬‬
‫واستنادا لهذه الرخصة‪ ،‬نصت الالئحة الداخلية المؤقتة على أن لكل عضو بالمجلس‬
‫أن يتقدم إلى رئيس المجلس بمشروع قرار ليصدره المجلس فيما هو من اختصاصه‪ ،‬أو‬
‫باقتراح برغبة موجهة إلى الحكومة فى المسائل العامة‪ .‬ويتم إدراج االقتراح فى جدول أعمال‬
‫أقرب جلسة إلحالته إلى لجنة االقتراحات أو إلى إحدى اللجان األخرى لبحثه وتقديم تقرير عنه‬
‫إلى المجلس‪.‬‬
‫‪27‬‬
‫وأعطت الالئحة لرئيس المجلس الحق فى عدم عرض االقتراحات التى يرى أنها‬
‫تخرج عن اختصاص المجلس أو تلك التى تتضمن عبارات غير الئقة أو مساس باألشخاص‬
‫والهيئات‪ ،‬فإذا اعترض مقدم االقتراح على رأى رئيس المجلس يتم اللجوء للمجلس للفصل‬
‫فى األمر دون مناقشة‪ .‬واشترطت الالئحة الستمرار اللجان فى بحث االقتراحات المحالة إليها‬
‫من دور انعقاد سابق أن يخطر مقدموها رئيس المجلس كتبة فى بداية دور االنعقاد بتمسكهم‬
‫بما سبق أن قدموه من اقتراحات برغبة أو بقرار‪.‬‬
‫وتشير البيانات الخاصة باالقتراحات برغبة أو بقرار التى سجلتها مضابط مجلس‬
‫األمة خالل أدوار انعقاده الثالث‪ ،‬كما يعرضها الجدول رقم (‪ ،)6‬إلى المالحظات التالية‪:‬‬
‫عرض على المجلس خالل أدوار انعقاده الثالث (‪ )230‬اقتراحا برغبة أو بقرار‪ ،‬منها‬ ‫•‬
‫(‪ )65‬اقتراحا خالل دور االنعقاد األول‪ ،‬و(‪ )67‬اقتراحا خالل دور االنعقاد الثانى‪،‬‬
‫و(‪ )98‬اقتراحا خالل دور االنعقاد األخير للمجلس‪ .‬وكان من بين االقتراحات المسجلة‬
‫(‪ )41‬اقترحا جرى تجديدها من دور انعقاد آلخر‪ ،‬منها (‪ )15‬اقتراحا من الدور األول‬
‫طلب مقدموها استمرار مناقشتها خالل الدور الثانى‪ ،‬و(‪ )26‬اقتراحا سجلت فى دور‬
‫االنعقاد الثانى وأعيد تسجيلها خالل دور االنعقاد الثالث بناء على رغبة مقدميها‪.‬‬
‫جدول رقم (‪)6‬‬
‫االقتراحات برغبة أو بقرار فى برلمان الوحدة‬
‫إجمالى‬ ‫الثالث‬ ‫الثانى‬ ‫األول‬ ‫دور االنعقاد‬
‫‪230‬‬ ‫‪98‬‬ ‫‪67‬‬ ‫‪65‬‬ ‫اقتراح برغبة أو بقرار‬
‫‪41‬‬ ‫‪26‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪0‬‬ ‫اقتراحات مجددة‬
‫‪14‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪0‬‬ ‫اقتراحات تمت الموافقة عليها‬
‫‪12‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪3‬‬ ‫متعلقة بوحدة اإلقليمين‬
‫‪46‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪14‬‬ ‫خاصة باإلقليم الجنوبى‬
‫‪36‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪13‬‬ ‫خاصة باإلقليم الشمالى‬
‫‪26‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪3‬‬ ‫زراعة ورى‬
‫‪34‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪9‬‬ ‫تعليم وثقافة‬
‫‪36‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪13‬‬ ‫مرافق عامة‬
‫‪8‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪4‬‬ ‫صناعة‬
‫‪17‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪4‬‬ ‫عمل وعمال‬
‫‪18‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪8‬‬ ‫نقل وطرق‬
‫‪17‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪6‬‬ ‫شئون صحية‬
‫‪4‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪0‬‬ ‫سياسة خارجية‬
‫‪23‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪2‬‬ ‫شئون مالية واقتصادية‬
‫‪24‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪6‬‬ ‫امن وعدالة‬
‫‪14‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪5‬‬ ‫شئون اجتماعية ودينية‬
‫‪9‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪5‬‬ ‫أخرى‬

‫كانت نسبة االقتراحات التى انتهى المجلس إلى الموافقة عليها محدودة للغاية مقارنة‬ ‫•‬
‫بما قدم له من اقتراحات‪ ،‬حيث لم يتجاوز عدد االقتراحات التى وافق عليها المجلس‬
‫(‪ )14‬فقط ال تمثل سوى نحو ‪ %6‬مما قدم إليه من اقتراحات‪ .‬ففيما لم يحظى أى من‬
‫االقتراحات التى قدمت خالل دور االنعقاد األول بموافقة المجلس‪ ،‬وافق المجلس على‬
‫خمسة اقتراحات خالل دور االنعقاد الثانى‪ ،‬وتسعة اقتراحات خالل دور االنعقاد الثالث‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫شملت االقتراحات التى وافق عليها المجلس أربعة اقتراحات خاصة بموضوعات‬ ‫•‬
‫متصلة بالزراعة والرى‪ ،‬كما حظيت الموضوعات المتصلة بقضايا والتعليم‪ ،‬والمرافق‬
‫العامة‪ ،‬والسياسة الخارجية بموافقة المجلس على اقتراحين لكل منها‪ ،‬وتوزعت‬
‫االقتراحات الباقية التى وافق عليها المجلس بواقع اقتراح واحد للموضوعات الخاصة‬
‫بقضايا‪ :‬العمل والعمال‪ ،‬التموين‪ ،‬العدالة‪ ،‬والنقل الجوى‪.‬‬
‫يمكن أن يضاف إلى ما انتهى المجلس منه من اقتراحات برغبة اقتراح رفضه‬ ‫•‬
‫المجلس خالل دور انعقاده الثالث بشأن وقف اإلعانات الحكومية للجمعيات األهلية‬
‫وقصر اعتمادها على تبرعات القطاع األهلى‪ ،‬واقتراحان لعضو واحد قام باستردادهما‬
‫بعد ال بدء فى مناقشتهما‪ ،‬األول خالل دور االنعقاد األول بشأن إنشاء معهد لدراسات‬
‫القومية العربية‪ ،‬والثانى خالل دور االنعقاد الثالث بشأن تدريس مادة القانون فى‬
‫المدارس والمعاهد رغم تجديده له من دور االنعقاد الثانى‪.‬‬
‫تناول (‪ )46‬اقتراحا برغبة موضوعات تخص اإلقليم المصرى منفردا‪ ،‬مقارنة بعدد‬ ‫•‬
‫(‪ )36‬اقتراحا برغبة فى موضوعات تخص اإلقليم الشمالى‪ .‬وفى المقابل انصب‬
‫اهتمام اثنا عشر اقتراحا برغبة على موضوعات متصلة بشئون الوحدة بين اإلقليمين‪،‬‬
‫مثل‪ :‬إنشاء خطوط للنقل الجوى بين المدن الرئيسية فى اإلقليمين‪ ،‬السماح لسيارات‬
‫المواطنين بالدخول الدائم فى كال اإلقليمين‪ ،‬وضع نظام موحد للعمل والمستخدمين‪،‬‬
‫دراسة إمكانية زراعة ما تحتاجه مصانع التبغ فى اإلقليم المصرى باإلقليم الشمالى‪،‬‬
‫تخفيض وتوحيد اإلجراءات الجمركية‪ ،‬توحيد اإلدارة الحكومية المشرفة على النهوض‬
‫بالثروة السمكية‪ ،‬توحيد وتنسيق الخدمات الريفية‪ .‬وقد حظى اقتراح برغبة من بين‬
‫هذه االقتراحات الوحدوية يخص زيادة وسائل النقل الجوى بين القاهرة ودمشق‬
‫بموافقة المجلس خالل دور انعقاده الثانى‪.‬‬
‫جاءت الموضوعات المتصلة بقضايا المرافق العامة فى صدارة الموضوعات التى‬ ‫•‬
‫تناولتها االقتراحات برغبة التى قدمت خالل أدوار االنعقاد الثالث للمجلس‪ ،‬حيث قدم‬
‫فيها (‪ )36‬اقتراحا برغبة‪ .‬وجاء تاليا لها قضايا التعليم والثقافة (‪ 34‬اقتراحا برغبة)‪،‬‬
‫وقضايا الزراعة والرى (‪ 26‬اقتراحا برغبة)‪ ،‬ثم قضايا األمن والعدالة التى قدم‬
‫بشأنها (‪ )24‬اقترحا برغبة تناول أربعة اقتراحات منها عملية تشكيل المجلس للجنة‬
‫التحضيرية إلعداد الدستور خالل دور انعقاده الثانى‪ .‬كذلك سجل تقديم (‪ )23‬اقتراحا‬
‫برغبة فى موضوعات تخص الشئون المالية واالقتصادية‪ ،‬و(‪ )18‬اقترحا فى قضايا‬
‫النقل والطرق‪ ،‬و(‪ )17‬فى قضايا العمل والعمال‪ ،‬ومثلها فى قضايا الصحة‪ ،‬كما تناول‬
‫(‪ )14‬اقتراحا برغبة قضايا تتصل بالشئون االجتماعية والدينية‪.‬‬

‫املبحث اخلامس‬
‫الدور املاىل لربملان الوحدة‬

‫كان الدور المالى فى مقدمة االختصاصات التى نشأت البرلمانات للقيام بها منذ بوادر‬
‫ظهر الحياة البرلمانية فى صورها األولى‪ .‬وتحمل الوظيفة المالية للبرلمانات أهمية خاصة‬
‫باعتبارها تجمع بين التشريع والرقابة فى ذات الوقت‪ ،‬حيث تفرض الدساتير فى معظم الدول‬
‫التى توجد بها حياة برلمانية على السلطة التنفيذية الحصول على موافقة البرلمان قبل فرض‬

‫‪29‬‬
‫أى أعباء مالية فى صورة ضرائب أو رسوم أو خالفه‪ ،‬وكذا عند التعديل فى هذه األعباء أو‬
‫اإلعفاء منها‪ .‬وتمنع كافة الدساتير تقريبا الحكومات من التصرف فى أى جزء من الموارد‬
‫العامة إال بموافقة ال برلمان وفى الحدود التى تفرضها القوانين التى يصدرها لتنظيم ذلك‪ .‬ومن‬
‫زاوية أخرى‪ ،‬يكون قيام البرلمان بهذا الدور التشريعى‪-‬المالى مناسبة لمحاسبة الحكومة عن‬
‫‪57‬‬
‫أدائها ومدى رشادتها فى إدارة موارد الشعب دون إهدار أو تفريط‪.‬‬
‫وقد أفرد دستور دولة الوحدة المصرية السورية المؤقت الصادر عام ‪ 1958‬تسعة‬
‫مواد من بين ‪ 31‬مادة خصصها للسلطة التشريعية لتناول األحكام الخاصة بدور مجلس األمة‬
‫فى الشئون المالية للدولة‪ .‬حددت هذه األحكام دور المجلس فى الشئون المالية فى ثالثة نواح‬
‫أساسية‪ ،‬وهى‪:‬‬
‫أ‪ -‬الضرائب والرسوم‪ ،‬حيث أكد الدستور على أن إنشاء الضرائب العامة أو تعديلها أو‬
‫إلغائها ال يكون إال بقانون‪ ،‬وال يعفى أحد من أدائها فى غير األحوال المبينة بالقانون‪.‬‬
‫وحظر الدستور تكليف أحد بأداء أى نوع من الضرائب والرسوم إال فى حدود القانون‪.‬‬
‫ب‪ -‬إدارة الموارد العامة‪ ،‬حيث أكد الدستور على سلطة مجلس األمة فى وضع القوانين التى‬
‫تنظم جباية األموال العامة وإجراءات صرفها‪ .‬وفرض على الحكومة الحصول على‬
‫موافقة مجلس األمة على أى قرض تعقده أو أى ارتباط يترتب عليه إنفاق مبالغ من‬
‫خزانة الدولة فى سنة أو سنوات مقبلة‪ .‬كما حظر الدستور على الحكومة منح أى احتكار‬
‫إال بقانون ولمدة زمنية محددة‪.‬‬
‫ج‪ -‬الميزانية العامة‪ ،‬حيث اشترط الدستور موافقة مجلس األمة على مشروع الميزانية‬
‫العامة للدولة والميزانيات المستقلة والملحقة بها‪ ،‬وكذا ميزانيات الهيئات العامة‬
‫األخرى‪ .‬وأعطى الدستور لمجلس األمة سلطة إصدار القانون الذى ينظم طريقة إعداد‬
‫الميزانية وعرضها عليه وتحديد السنة المالية‪ .‬كما أوجب الدستور حصول الحكومة‬
‫على موافقة مجلس األمة قبل نقل أى مبلغ من باب إلى آخر من أبواب الميزانية‪ ،‬وكذلك‬
‫‪58‬‬
‫على كل مصروف غير وارد بها أو زائد على تقديراتها‪.‬‬
‫ولما كنا قد سبق وتناولنا الجانب المتعلق بالضرائب والرسوم وإدارة الموارد العامة‬
‫فى إطار تناولنا للدور التشريعى للمجلس‪ ،‬بحكم أنها تتم جميعا من خالل قوانين أو قرارات‬
‫جمهورية يقرها المجلس‪ ،‬فإننا سنقتصر فى تناولنا للدور المالى لمجلس األمة هنا على دوره‬
‫فى ثالثة مجاالت أساسية‪ ،‬وهى‪ :‬الميزانية العامة للدولة‪ ،‬واالعتمادات اإلضافية‪ ،‬ثم الحسابات‬
‫الختامية‪.‬‬

‫‪ -1‬الميزانية العامة للدولة‬


‫سبق أن أشرنا إلى أن الدستور ألزم الحكومة بالحصول على موافقة مجلس األمة‬
‫على مشروع الميزانية العامة للدولة والميزانيات المستقلة والملحقة بها‪ ،‬وكذا ميزانيات‬
‫الهيئات العامة األخرى‪ ،‬كما خول الدستور المجلس فى إصدار القانون الذى ينظم طريقة إعداد‬
‫الميزانية وعرضها عليه وتحديد السنة المالية‪ .‬وأوجب الدستور أن يتم عرض مشروع‬
‫الميزانية العامة للدولة على المجلس قبل انتهاء السنة المالية بثالثة أشهر على األقل لبحثه‬
‫واعتماده‪ .‬غير أن الدستور قصر سلطة المجلس حيال مشروع الميزانية فى حدود البحث‬
‫والمناقشة والموافقة عليها بابا بابا أو رفضها‪ ،‬وحرمه من الحق فى إجراء أى تعديل فى‬
‫مشروع الميزانية إال بموافقة الحكومة‪.‬‬

‫‪ 57‬محمد أبوريدة‪ ،‬مجلس الشعب المصرى فى ربع قرن‪ :‬مرجع سابق‪.‬‬


‫‪ 58‬المواد ‪ 35 -27‬من الدستور المؤقت‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪30‬‬
‫وفى حين اقتصر تناول قانون مجلس األمة لدور المجلس حيال مشروع الميزانية فى‬
‫‪59‬‬
‫النص على عدم جواز فض دور االنعقاد الذى تنظر فيه الميزانية قبل اعتماد المجلس لها‪،‬‬
‫أفردت الالئحة الداخلية للمجلس بابا كامال للميزانية نظمت فيه شتى مراحل تعامل المجلس‬
‫معها منذ إحالتها إليه حتى الفراغ منها‪.‬‬
‫ألزمت الالئحة رئيس مجلس األمة بإحالة مشروع الميزانية والميزانيات المستقلة‬
‫والملحقة إلى لجنة شئون الميزانية والحساب الختامى فور ورودها إلى المجلس‪ ،‬وإخطار‬
‫المجلس بذلك فى أول جلسة تالية‪ .‬وأجازت الالئحة لكل لجنة أن تبادر من تلقاء نفسها أو بناء‬
‫على طلب لجنة شئون الميزانية والحساب الختامى أن تبعث لهذه اللجنة بمالحظاتها عن‬
‫ميزانية القسم المقابل الختصاصها‪ ،‬وأن توفد من ينوب عنها إليضاح ذلك الرأى أمام اللجنة‪.‬‬
‫وأجازت الالئحة لكل عضو أن يتقدم باقتراحاته بشأن مشروع الميزانية إلى رئيس المجلس‬
‫ليحيلها إلى لجنة شئون الميزانية والحساب الختامى‪.‬‬
‫وأوجبت الالئحة على اللجنة أن تقدم تقريرا عاما عن السياسة المالية لمشروع‬
‫الميزانية ككل‪ ،‬كما تقدم تقريرا عن كل قسم أو جزء منها‪ ،‬وذلك فى الموعد الذى يحدده‬
‫المجلس بشرط أال يتجاوز شهرين من تاريخ إحالتها إليها‪ .‬وألزمت اللجنة باستطالع رأى‬
‫الحكومة فى كل تعديل تقترحه فى االعتمادات التى تضمنها المشروع‪ ،‬وأن تضمن ذلك فى‬
‫تقريرها‪.‬‬
‫واعتبرت الالئحة مشروعات الميزانية مما يسرى عليه أحكام االستعجال وال يتقيد‬
‫بالمواعيد المحددة فى الالئحة للمناقشة فى المجلس‪ .‬كما نظمت المسائل الخاصة بالمشاركة‬
‫فى مناقشة تقرير اللجنة فى المجلس‪ .‬واشترطت الحصول على موافقة الحكومة قبل عرض‬
‫أى اقتراح بالتعديل فى مشروع الميزانية التى يتم التصويت عليها فى المجلس بابا بابا‪ ،‬ثم‬
‫يوافق المجلس عليها مجملة‪ .‬ونصت الالئحة على سريان ذات األحكام على الميزانيات‬
‫المستقلة والملحقة‪ ،‬وكذلك على االعتمادات اإلضافية ومناقلة االعتمادات بين أبواب الميزانية‬
‫‪60‬‬
‫المختلفة‪.‬‬
‫وخالل فترة حياته التى لم يقدر لها أن تمتد سوى نحو أحد عشر شهرا فقط‪ ،‬لم‬
‫يعرض على مجلس األمة سوى مشروع ميزانية واحد للسنة المالية ‪ .1962/1961‬أحيلت‬
‫إليه من رئيس الجمهورية فى الموعد الذى حدده الدستور لذلك‪ ،‬أى قبل ثالثة أشهر من بداية‬
‫السنة المالية‪.‬‬
‫فقد أحال رئيس الجمهورية إلى مجلس األمة بتاريخ ‪ 31‬مارس ‪ 1961‬عدد (‪)58‬‬
‫مشروعا للميزانيات المختلفة‪ ،‬ضمت إلى جانب مشروع ميزانية الوزارات والمصالح الموحدة‬
‫‪ 14‬مشروعا للميزانيات الملحقة بميزانيات هذه الوزارات والمصالح‪ ،‬ومشروع ميزانية‬
‫اإلقليم الجنوبى‪ ،‬مشروع الميزانية اإلنتاجية لإلقليم الجنوبى‪ 29 ،‬مشروعا للميزانيات الملحقة‬
‫بميزانية اإلقليم الجنوبى‪ ،‬ومشروع ميزانية اإلقليم الشمالى‪ ،‬ومشروع الميزانية اإلنمائية‬
‫لإلقليم الشمالى‪ ،‬وعشرة مشروعات للميزانيات الملحقة بميزانية اإلقليم الشمالى‪.‬‬
‫وأخطر الرئيس المجلس بذلك فى أولى جلسات دور انعقاده الثالث تطبيقا لالئحة‪،‬‬
‫وأحيلت جميعها إلى لجنة شئون الميزانية والحساب الختامى‪ .‬وفى ذات الجلسة ألقى وزير‬
‫االقتصاد والخزانة المركزى بيانا عن السياسة العامة المالية واالقتصادية للجمهورية العربية‬
‫المتحدة للسنة المالية ‪ 1962/1961‬عرض فيه ألهم التطورات المالية واالقتصادية التى‬
‫شهدها إقليمى الدولة منذ إعالن الوحدة بينهما‪ ،‬وأهم المالمح الرئيسية لمشروعات الميزانيات‬

‫‪ 59‬المادة (‪ )1‬من قانون مجلس األمة‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬


‫‪ 60‬المواد ‪ 144-134‬من الالئحة الداخلية للمجلس‪.‬‬
‫‪31‬‬
‫المعروضة‪ .‬وأشار إلى زيادة إجمالى اإلنفاق بها من ‪ 792.7‬مليون جنيه عام ‪1961/1960‬‬
‫إلى ‪ 903.4‬مليون جنيه‪ ،‬بزيادة فى اإلنفاق العام لإلقليمين بنحو ‪ 110.7‬مليون جنيه‪ ،‬منها‬
‫‪ 73.8‬مليون جنيه لإلقليم الجنوبى و‪ 36.9‬مليون جنيه لإلقليم الشمالى‪ .‬كما أوضح أن‬
‫اعتمادات الميزانية الموحدة تقدر بمبلغ ‪ 141‬مليون جنيه‪ ،‬منها ‪ 121‬مليون للقوات المسلحة‬
‫ووزارة الحربية‪ ،‬و‪ 7‬ماليين جنيه لوزارة الخارجية‪ ،‬والباقى موزع بين الرياسة ومجلس‬
‫‪61‬‬
‫األمة والوزارات المركزية المختلفة‪.‬‬
‫وقد أعدت لجنة شئون الميزانية والحساب الختامى تقريرها عن السياسة المالية‬
‫لمشروع الميزانية‪ ،‬وعرضه رئيسها على المجلس فى الجلسة التى عقدها بتاريخ السادس من‬
‫يونيو ‪ .1961‬وقد قدمت اللجنة فى تقريرها دراسة وافية لمختلف جوانب السياسة المالية‬
‫واالقتصادية التى تضمنها مشروع الميزانية وبيان وزير االقتصاد والخزانة المركزى بشأنها‪.‬‬
‫وانتهت إلى مجموعة من التوصيات تناولت موضوعات مختلفة كان من أهمها‪:‬‬
‫‪ -‬انتقاد تعدد الميزانيات الملحقة بموازنات اإلقليمين والميزانية الموحدة الخاصة بهيئات‬
‫يمكن دمجها معا‪.‬‬
‫‪ -‬ضرورة بحث أمر المؤسسات العامة وقصرها على المشروعات التى ال يمكن أن تتوالها‬
‫الجهة اإلدارية المعنية وإدماج المؤسسات المتماثلة معا منعا للتكرار وضغطا للنفقات‪.‬‬
‫‪ -‬أن هناك مجاال متسعا لضغط االعتمادات الخاصة باألجور إذا روعيت الحكمة فى توزيع‬
‫الوظائف على األعمال المطلوبة ووضعت قواعد مستقرة للموظفين وأجورهم‪.‬‬
‫‪ -‬وجود تسهيالت ائتمانية وقروض خارجية غير مستغلة بلغت جملتها حتى مارس ‪1961‬‬
‫نحو ‪ 267.1‬مليون جنيه من إجمالى ‪ 443.8‬مليون جنيه من هذه القروض والتسهيالت‪.‬‬
‫‪ -‬ضرورة دعم أسس الوحدة االقتصادية بين اإلقليمين من خالل المزيد من تنسيق التكامل‬
‫‪62‬‬
‫االقتصادى والتبادل التجارى فيما بينهما‪.‬‬
‫وقد دارت مناقشات حول تقرير اللجنة على مدى جلستين وشارك فيها (‪ )39‬من‬
‫السادة األعضاء‪ ،‬كما تكرر خاللها تعقيب عدد من الوزراء على بعض ما أثاره السادة‬
‫األعضاء من مالحظات بشأن مشروع الميزانية‪ .‬وطالب الكثير من السادة األعضاء الذين‬
‫شاركوا فى المناقشة بإجراء تعديالت فى مشروع الميزانية لتعزيز االعتمادات المخصصة‬
‫ل بعض القطاعات التى رأوا أنها غير كافية‪ .‬وقد استجابت الحكومة لبعض هذه المطالب من‬
‫خالل مشروع قرار لرئيس الجمهورية أحاله للمجلس بالموافقة على إدخال بعض التعديالت‬
‫على مشروع الميزانية‪ ،‬شمل عددا من البنود الخاصة بميزانيات الوزارات والمصالح الموحدة‬
‫وملحقاتها‪ ،‬وكذا بعض البنود فى ميزانيتى اإلقليمين وملحقاتهما‪ .‬وقد أحاله المجلس إلى‬
‫اللجنة المختصة لدراسته وإعداد تقرير بشأنه يعرض مع تقاريرها عن مشروعات‬
‫‪63‬‬
‫الميزانيات‪.‬‬
‫كما أثير خالل المناقشات عدد من المالحظات المتصلة بجوهر البعد المالى‬
‫واالقتصادى للوحدة بين إقليمى الدولة‪ ،‬وهو مدى ما حققته من تكامل اقتصادى بين طرفيها‬
‫من ناحية‪ ،‬ونصيب كل طرف مما تحمله من مغارم أو مغانم‪ .‬وكان تقرير اللجنة قد تعرض‬
‫للجانب الخاص بالتكامل االقتصادى بين إقليمى الدولة بوضوح‪ ،‬بينما ألمح فى استحياء إلى‬
‫حرص اإلقليم الجنوبى على تحمل الجانب األكبر من تبعات الوحدة لترك المجال لإلقليم‬
‫الشمالى لتحقيق نهضة إنمائية تبرز ألبنائه بعض ثمرات الوحدة الميمونة‪ .‬ولكن المناقشات‬

‫‪ 61‬مضبطة الجلسة (‪ )1‬من دور االنعقاد الثالث لمجلس األمة عام ‪.1961‬‬
‫‪ 62‬انظر تقرير اللجنة بمضبطة الجلسة (‪ )20‬من دور االنعقاد الثالث لمجلس األمة ‪.1961‬‬
‫‪ 63‬مضبطة رقم (‪ )22‬من دور االنعقاد الثالث لمجلس األمة ‪.1961‬‬
‫‪32‬‬
‫كشفت عن الحاجة للحديث فى هذه المسائل بصراحة ووضوح سواء من قبل رئيس اللجنة أو‬
‫من وزراء الحكومة‪.‬‬
‫فقد تساءل بعض األعضاء عن أسس توزيع األعباء المالية بين إقليمى الدولة‪ ،‬خاصة‬
‫تلك النفقات المخصصة للوزارات والمصالح الموحدة‪ ،‬وكذلك توزيع االستثمارات بين‬
‫اإلقليمين بصورة عادلة‪ .‬وكان أن تصدى رئيس لجنة شئون الميزانية والحساب الختامى‬
‫بتوضيح أن الزيادة فى مشروع ميزانية الوزارات والمصالح الموحدة بلغت ‪ 12.4‬مليون‬
‫جنيه‪ ،‬تحمل اإلقليم الجنوبى منها ‪ 11.7‬مليون جنيه‪ ،‬ولم يتحمل اإلقليم الشمالى منها سوى‬
‫‪ 0.7‬مليون جنيه‪ .‬كما صرح بأن الحكومة حرصت على أال يتحمل اإلقليم الشمالى أى من‬
‫الزيادة التى طرأت على مشروع ميزانية التسليح‪ ،‬وقدرها سبعة ماليين جنيه تحملها اإلقليم‬
‫‪64‬‬
‫الجنوبى بالكامل‪.‬‬
‫ومن جانبه‪ ،‬أكد وزير الخزانة المركزى على تحمل اإلقليم الجنوبى لمعظم األعباء‬
‫الخاصة بالميزانية الموحدة‪ .‬وشدد على أن رصد اعتمادات الميزانية يهتم أوال وأخيرا بتحقيق‬
‫صالح الجمهورية العربية المتحدة‪ ،‬دون أدنى تفرقة بين أى من إقليميها‪ .‬وأوضح أن الحكومة‬
‫تعتبر ذلك نوع من "التكافل االقتصادى" الذى يجب أن يكون لب الوحدة الشاملة بين إقليمى‬
‫الدولة الواحدة‪ .‬وأشار إلى أن الحكومة تسعى فى األجل الطويل إلى ضمان خضوع المواطن‬
‫فى أى من إقليمى الدولة لذات األعباء‪ ،‬على أن توزع الموارد وفقا لالحتياجات الفعلية بغض‬
‫النظر عما إذا كانت اإليرادات المتحصلة من محافظة أو إقليم معادلة للنفقات التى تصرف‬
‫‪65‬‬
‫عليها أو عليه‪.‬‬
‫وردا على ما أثير بشأن التكامل االقتصادى بين إقليمى الدولة‪ ،‬أكد وزير الخزانة‬
‫المركزى أنه من الطبيعى أن تنتهى الوحدة إلى كيان واحد متكامل فى كل شيء‪ ،‬غير أن‬
‫استقالل كل إقليم بظروفه االقتصادية وكيانه االقتصادى اقتضى تحرى الحكمة فى إجراءات‬
‫الوحدة االقتصادية الهادئة والمتدرجة لصالح كال اإلقليمين‪ .‬وأشار إلى أن الحكومة نجحت فى‬
‫توحيد ظروف اإلنتاج وأعبائه فى كال اإلقليمين لتنشيط التبادل التجارى بينهما دون اإلضرار‬
‫بطرف لصالح اآلخر‪ .‬وذكر أن التبادل التجارى بين اإلقليمين زاد من متوسط ‪ 1.68‬مليون‬
‫جنيه خالل السنوات العشر السابقة على الوحدة‪ ،‬ليصل إلى ‪ 4.44‬مليون جنيه عام ‪،1958‬‬
‫ثم إلى ‪ 13.49‬مليون جنيه عام ‪ ،1959‬ثم إلى ‪ 13.6‬مليون جنيه عام ‪ ،1961‬وهو ما‬
‫‪66‬‬
‫يعادل ثمانية أمثاله قبل الوحدة المصرية السورية‪.‬‬
‫وقد انتهى المجلس إلى الموافقة على تقرير اللجنة بشأن السياسة المالية لمشروع‬
‫الميزانية العامة للدولة للسنة المالية ‪ ،1962/1961‬كما وافق على مشروعات القرارات‬
‫الخاصة بباقى الموازنات بابا بابا قبل أن ينتهى إلى الموافقة عليها فى مجموعها فى ذات‬
‫‪67‬‬
‫الجلسة التى تلى فيها قرار فض دور انعقاده الثالث واألخير‪.‬‬

‫‪ -2‬االعتمادات اإلضافية‬
‫أوجب الدستور فى المادة (‪ )33‬منه موافقة مجلس األمة على أى طلب للحكومة بفتح‬
‫اعتماد إضافى لمواجهة أى مصروف غير وارد بالميزانية بعد إقرارها أو زائد على تقديراتها‪.‬‬
‫كما أوجب موافقة المجلس أيضا على نقل أى مبلغ من باب إلى آخر من أبواب الميزانية‪.‬‬

‫‪ 64‬مضبطة رقم (‪ )25‬من دور االنعقاد الثالث لمجلس األمة ‪.1961‬‬


‫‪ 65‬المرجع السابق‬
‫‪ 66‬المرجع السابق‬
‫‪ 67‬مضابط الجلسات ‪ 28 ،27 ،26 ،25‬من دور االنعقاد الثالث لمجلس األمة ‪.1961‬‬
‫‪33‬‬
‫وفيما لم يبدأ مجلس األمة فى القيام بدوره حيال مشروع الميزانية العامة للدولة إال‬
‫فى دور انعقاده الثالث كما سبق أن فصلنا‪ ،‬بدأ المجلس فى تلقى طلبات الحكومة بفتح‬
‫اعتمادات إضافية فى الميزانية العامة للدولة منذ بدايات دور انعقاده األول‪ .‬والملفت أن‬
‫المجلس وجد نفسه مطالب بإقرار طلبات بفتح اعتمادات إضافية فى ميزانيات لم تعرض عليه‬
‫ولم يقرها ألنها ببساطة سابقة على وجود المجلس ذاته‪.‬‬
‫وبينما عرضت الحكومة على مجلس األمة مشروع الميزانية العامة لسنة واحدة هى‬
‫السنة المالية ‪ 1962/1961‬التى انهارت دولة الوحدة ذاتها بعد مضى ربعها تقريبا‪ ،‬أحالت‬
‫الحكومة إلى المجلس (‪ )46‬مشروع قرار بفتح اعتمادات إضافية خالل أدوار االنعقاد الثالث‬
‫للمجلس ‪ ،‬منها سبعة طلبات خالل دور االنعقاد األول‪ ،‬وطلب واحد خالل دور االنعقاد الثانى‪ ،‬و‬
‫(‪ )38‬طلب خالل دور االنعقاد الثالث واألخير للمجلس‪ .‬ومن بين هذه الطلبات‪ ،‬كان هناك‬
‫خمسة طلبات بفتح اعتمادات إضافية فى ميزانية السنة المالية ‪ ،1960/1959‬فيما تعلق‬
‫باقى الطلبات بفتح اعتمادات إضافية بميزانية السنة المالية ‪.1961/1960‬‬
‫وقد دعت هذه الظاهرة غير المعتادة لجنة شئون الميزانية والحساب الختامى أن تلفت‬
‫نظر الحكومة إلى اإلفراط فى التقدم بطلبات فتح اعتمادات إضافية لتلبية متطلبات لم يتم إدراج‬
‫موارد لها فى الميزانية قبل إقرارها‪ .‬وطلبت من الحكومة السعى لقصر هذه األداة المالية على‬
‫تلبية االحتياجات الحتمية التى تفرضها ظروف لم تكن متوقعة عند إعداد مشروع الميزانية‬
‫‪68‬‬
‫وإقرارها‪.‬‬
‫وقد تصدى وزير الخزانة المركزى للرد على مالحظة اللجنة‪ ،‬مؤكد أن طلبات‬
‫الحكومة بفتح اعتمادات إضافية بالميزانية العامة بعد إقرارها تأتى لمواجهة ظروف غير‬
‫اعتيادية لم تكن فى الحسبان عن إعداد الميزانية‪ .‬وأكد أن الحكومة ترى أن التقدم بطلب لفتح‬
‫اعتماد إضافى لمواجهة نفقة طارئة أفضل من التحسب لنفقات غير مؤكدة يمكن أن تؤدى إلى‬
‫تضخيم االعتمادات دون حاجة فعلية وتحويل هذه النفقات االستثنائية إلى نفقات دورية معتادة‬
‫دون حاجة ملحة‪ .‬وشدد على أن الحكومة ال تلجأ لهذه الوسيلة إال على مضض‪ ،‬ولضرورة‬
‫قاهرة لمواجهة أعباء لم تأخذها الميزانية فى الحسبان‪ ،‬أو تكون مجرد تصحيح شكلى لنقل‬
‫اعتماد من ميزانية معينة إلى ميزانية أخرى أو من باب إلى آخر من أبواب الميزانية ذاتها‬
‫دون أن يترتب عليها أعباء حقيقية فى الميزانية‪.‬‬
‫وذكر الوزير أن االعتمادات اإلضافية فى ميزانية ‪ 1952/1951‬بلغت نسبتها ‪%12‬‬
‫من جملة ربط تلك الميزانية‪ ،‬فى حين أن االعتمادات اإلضافية التى تقدمت بها الحكومة‬
‫لميزانية ‪ 1961/1960‬ال تتجاوز ‪ 4.7‬مليون جنيه إذا ما تم استبعاد االعتمادات الناتجة عن‬
‫قوة قاهرة أو اتفاقية دولية أو تعديالت مالية شكلية‪ ،‬وهو مبلغ يقل عن ‪ %1‬من جملة اإلنفاق‬
‫العام فى اإلقليم الجنوبى وحده‪ .‬وأنهى تعليقه بالتأكيد على أن الحكومة ترى أن ما حققته من‬
‫ضغط لالعتمادات اإلضافية التى تقدم للمجلس يستحق أن يكون موضوع تقدير ورضا ال‬
‫‪69‬‬
‫موضع نقد ومالحظة‪.‬‬

‫‪ -3‬الحسابات الختامية‬
‫من الملفت أن أيا من الدستور أو قانون مجلس األمة أو الالئحة لداخلية لمجلس األمة‬
‫لم تتضمن أدنى أشارة إلى أى دور للمجلس حيال الحسابات الختامية للموازنة العامة‪ ،‬وهى‬
‫كرقابة مالية الحقة تعد الوجه اآلخر للرقابة المالية المسبقة المتمثلة فى إقرار الميزانية‪.‬‬
‫وكانت اإلشارة الضمنية الوحيدة إلمكانية قيام مجلس األمة بدور فى هذا الشأن هى تسميته‬

‫‪ 68‬تقرير اللجنة بمضبطة الجلسة (‪ )20‬من دور االنعقاد الثالث لمجلس األمة ‪.1961‬‬
‫‪ 69‬مضبطة الجلسة (‪ )25‬من دور االنعقاد الثالث لمجلس األمة ‪ ،1961‬ص ‪1684‬‬
‫‪34‬‬
‫إلحدى لجانه باسم "لجنة شئون الميزانية والحساب الختامى"‪ ،‬ربما فى محاولة منه لتذكير‬
‫الحكومة بحقه فى االطالع على حساباتها الختامية‪.‬‬
‫وفى ظل غياب التنظيم القانونى لدور المجلس إزاء الحسابات الختامية‪ ،‬يمكن فهم‬
‫مجموعة من المالحظات على ما أحالته الحكومة للمجلس من حسابات ختامية‪ ،‬وهى‪:‬‬
‫غاب االتساق عن الوسيلة التى أحالت بها الحكومة بعض الحسابات الختامية‬ ‫•‬
‫للمجلس‪ ،‬ففى حين تمت إحالة (‪ )18‬حسابا ختاميا من بين (‪ )19‬حساب ختامى‬
‫أحيلت للمجلس طوال وجوده فى صورة مشروعات قوانين‪ ،‬أحيل حساب ختامى واحد‬
‫فى صورة مشروع قرار جمهورى‪.‬‬
‫تأخرت الحكومة كثيرا فى البدء فى إحالة بعض الحسابات الختامية إلى المجلس‪ ،‬حيث‬ ‫•‬
‫لم تبدأ فى ذلك إال فى دور االنعقاد الثانى الذى شهد إحالة ثالثة مشروعات قوانين‬
‫خاصة بحسابات ختامية‪ ،‬فيما أحيلت باقى الحسابات الختامية ال ‪ 16‬خالل دور‬
‫االنعقاد الثالث‪.‬‬
‫أنه من بين الحسابات الختامية التسعة عشر التى أحيلت للمجلس لم يقر المجلس إال‬ ‫•‬
‫ثالثة منها فقط‪ ،‬إثنان منها فى دور االنعقاد الثانى وواحد خالل دور االنعقاد األخير‪.‬‬
‫أما باقى الحسابات الختامية فلم يتح للمجلس الوقت الكافى إلقرارها نظرا إلحالة (‪)15‬‬
‫منها إلى المجلس فى آخر جلسات دور انعقاده األخير‪ ،‬وأحيل إليه الحساب الختامى‬
‫‪70‬‬
‫المتبقى قبل ذلك بثالث جلسات فقط‪.‬‬
‫أن جميع ما أحيل للمجلس من حسابات ختامية يخص موازنات ثالث جهات فقط وعن‬ ‫•‬
‫سنوات مالية معظمها سابق على الوحدة ذاتها‪ .‬فقد أحيل إلى المجلس ستة مشروعات‬
‫قوانين تتعلق بتسديد موازنة اإلقليم السورى عن السنوات من ‪ 1945‬إلى ‪1949‬‬
‫وعن سنة ‪ .1956‬فيما تعلق (‪ )12‬مشروع قانون بقطع ميزانية المديرية العامة‬
‫للبرق والهاتف عن السنوات من ‪ 1947‬حتى ‪ 1959‬عدا سنة ‪ .1952‬وكان أحدث‬
‫ما أحيل إلى المجلس من حسابات ختامية هو مشروع القرار الجمهورى الخاص بربط‬
‫الحسابات الختامية لمصلحة التامين والمعاشات باإلقليم الجنوبى عن السنة المالية‬
‫‪.1961/1960‬‬
‫وقد كانت مناقشات المجلس لمشروع الميزانية مناسبة استغلها بعض السادة األعضاء‬
‫فى الشكوى من تأخر الحكومة فى تقديم الحسابات الختامية للمجلس‪ .‬وكان رد الحكومة على‬
‫ذلك –ممثلة فى وزير الخزانة المركزى‪ -‬هو عدم وجود الكوادر الفنية الكافية لدى اإلدارة‬
‫العامة للحساب الختامى بالوزارة النجاز الحسابات الختامية فى موعد أقرب من ذلك‪ .‬وأشار‬
‫إلى صدور القرار الجمهورى رقم ‪ 422‬لسنة ‪ 1958‬باعتماد الحساب الختامى للدولة عن‬
‫السنة المالية ‪ ،1956/1955‬وهى آخر سنة مالية اعتمد حسابها الختامى‪ .‬وذكر أن‬
‫الحسابات الختامية للسنتين الماليتين ‪ 1958/57 ،1957/56‬قد تم إقفالها بصفة نهائية‪،‬‬
‫وأن الوزارة فى سبيل استصدار القرارات الجمهورية الالزمة لتسوية التجاوزات واعتماد‬
‫الحساب الختامى لكل منها‪ .‬وأكد أن إدارة الحساب الختامى بالوزارة بصدد االنتهاء من إقفال‬
‫الحساب الختامى للسنة المالية ‪ 1959/58‬فى موعد أقصاه نهاية يوليو ‪ .1961‬وتعهد‬
‫بالعمل على دعم اإلدارة المذكورة بالعدد الالزم من الموظفين المؤهلين‪ ،‬خاصة فى ظل تزايد‬
‫األعباء الملقاة عليها نتيجة زيادة عدد الهيئات الملحقة والمستقلة والتوسع فى الميزانية‬

‫‪ 70‬مضبطتى الجلستين ‪ 25‬و‪ 28‬من دور االنعقاد الثالث لمجلس األمة ‪.1961‬‬
‫‪35‬‬
‫اإلنتاجية‪ ،‬وذلك حتى يمكنها االنتهاء من الحسابات الختامية لسنوات ‪ 1960/59‬و‬
‫‪71‬‬
‫‪ 1961/60‬فى اقرب وقت ممكن‪.‬‬
‫وفى ظل غياب اإللزام القانونى الواضح‪ ،‬لم يهتم الوزير بأن يفسر للمجلس سبب عدم‬
‫إحالة الحكومة للحساب الختامى لسنة ‪ 1956/55‬إلى المجلس رغم مضى نحو ثالث سنوات‬
‫على اعتماد رئيس الجمهورية له بنص كالمه‪ .‬بل إن كالمه فى الحقيقة تعلق بانتهاء الحكومة‬
‫من إغالق الحسابات الختامية للسنوات المالية السابقة‪ ،‬ولم يشر إلى أى التزام بعرضها على‬
‫المجلس‪ .‬وربما كانت غيبة اإللزام القانونى هى السبب كذلك فى عدم تعليق أى من أعضاء‬
‫المجلس على رد الوزير على هذا الموضوع الخطير‪.‬‬

‫‪ 71‬مضبطة الجلسة (‪ )25‬من دور االنعقاد الثالث‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬


‫‪36‬‬
‫خامتة‬

‫رغم أن البرلمان كان هو الساحة الرسمية األولى التى انطلقت منها طروحات الوحدة‬
‫المصرية السورية‪ ،‬إال أن ما عرضته السطور السابقة حول دور مجلس األمة فى دولة الوحدة‬
‫المصرية السورية يوضح أن المجلس لم يعط المساحة الكافية ليقوم بدور واضح فى دولة‬
‫الوحدة‪ .‬دور يكون فيه مجلس األمة قناة فعلية لنقل مطالب الجماهير وتجميعها والتعبير عنها‬
‫فى مواجهة السلطة التنفيذية‪ ،‬وبوتقة تنصهر فيها مصالح قد يغيب عنها االنسجام أحيانا‬
‫لتخلق تشريعات وتوجهات تكون هى القوة التى تدعم أواصر الوحدة بين إقليمى الدولة‪،‬‬
‫وتكون هى المحرك الذى يدفع نحو تحقيق الوحدة الفعلية بين إقليمى الدولة‪ ،‬والتى تتجاوز ما‬
‫تحقق من وحدة رسمية حول رئيس ودستور وعلم واحد‪.‬‬
‫لقد وجد مجلس األمة نفسه أمام معضلة أحسن البعض تلخيصها فى عبارة بليغة رأت‬
‫أنه كان "مجلسا نيابيا‪ ،‬فى جمهورية رئاسية‪ ،‬يقودها زعيم قومى كاريزمى"‪ 72.‬وهى معضلة‬
‫تبلورت مالمحها فى بعدين أساسيين‪ ،‬تمثل أولهما فى عدم تعامل القائمين على وضع البناء‬
‫المؤسسى لدولة الوحدة مع دور البرلمان بالجدية المناسبة‪ ،‬فيما تمثل البعد الثانى لهذه‬
‫المعضلة فى تقصير المجلس ذاته فى التعامل مع هذا الدور بما يستحقه من قوة وندية‪.‬‬
‫فعلى صعيد عدم التعامل الجدى مع البرلمان كإحدى المؤسسات األساسية فى البناء‬
‫السياسى لدولة الوحدة‪ ،‬نجد مؤشرات عديدة لذلك‪ ،‬أهمها اآلتى‪:‬‬
‫لم يضع الدستور المؤقت لدولة الوحدة تاريخا محددا النعقاد مجلس األمة وفوض‬ ‫•‬
‫أمره إلى رئيس الجمهورية‪ ،‬الذى هو أيضا رئيس السلطة التنفيذية التى يفترض أن‬
‫يكون المجلس رقيبا عليها‪ .‬وكانت النتيجة أن تأخرت إرادة الرئيس فى السماح بوالدة‬
‫مجلس األمة لما يزيد على عامين مثال ثلثا عمر التجربة الوحدوية التى انهارت بعد‬
‫نحو عام من قيام مجلس األمة‪ .‬وفيما كان ذلك سببا فى حرمان الدولة الوليدة من أهم‬
‫مؤسسة تمثيلية لمصالح المواطنين فيها‪ ،‬فإن المدة التى عاشها المجلس لم تكن كافية‬
‫لتتيح له ترك بصمات واضحة فى مسار التجربة‪.‬‬
‫أن الدستور قد جعل اختيار أعضاء المجلس بالتعيين من قبل رئيس الجمهورية وليس‬ ‫•‬
‫باالنتخاب المباشر من الشعب‪ ،‬وهو ما أضعف من الصفة التمثيلية للمجلس فى‬
‫مواجهة الجماهير من ناحية‪ ،‬وفى مواجهة السلطة التنفيذية التى عينتهم من الناحية‬
‫األخرى‪ .‬ورغم أن التعلل بالعجلة وصعوبة إجراء االنتخابات كانت الحجة فى اعتماد‬
‫هذا األسلوب غير المناسب‪ ،‬فقد ثبت أنها اعتبارات لم تكن فى محلها كما سبق أن‬
‫أشرنا‪ ،‬خاصة إذا علمنا أن أعضاء لجان االتحاد القومى فى القرى والمدن قد تم‬
‫اختيارهم باالنتخاب عام ‪ ،1959‬أى قبل تشكيل مجلس األمة‪.‬‬
‫أن القرار بقانون الخاص بمجلس األمة قد أعطى لرئيس الجمهورية الحق فى فض‬ ‫•‬
‫دور انعقاد مجلس األمة فور إكماله شهرا من بداية انعقاده‪ ،‬وهو ما يعنى –ولو‬
‫نظريا‪ -‬إمكانية قصر مدة أدوار االنعقاد الثالث التى نص عليها القانون على ثالثة‬
‫أشهر فقط فى العام‪.‬‬
‫لم يتناول الدستور أى دور لمجلس األمة فى عملية ترشيح وانتخاب رئيس‬ ‫•‬
‫الجمهورية‪ ،‬ولم يشر إلى أى دور للمجلس فى حالة عجز رئيس الجمهورية المؤقت‬

‫‪ 72‬عونى فرسخ‪ ،‬االنفصال‪ ،‬فى‪ :‬أربعون عاما على الوحدة المصرية السورية‪ ،‬ندوة نظمها مركز الدراسات السياسية واإلستراتيجية‬
‫باألهرام‪ ،‬القاهرة‪ ،1999 ،‬ص ‪ . 266-221‬ود‪ .‬مصطفى كامل السيد‪ ،‬بناء المؤسسات والية صنع القرار‪ ،‬المرجع السابق ص‬
‫‪128-111‬‬
‫‪37‬‬
‫أو الدائم عن ممارسة مهامه‪ ،‬وهو وضع كان من الممكن أن يضع الدولة فى فراغ‬
‫دستورى إذا حدث ألى سبب من األسباب‪.‬‬
‫أن الدستور وقانون مجلس األمة لم يشيرا إلى أى دور لمجلس األمة قبل الحسابات‬ ‫•‬
‫الختامية للدولة‪ ،‬وهو ما أضعف من قدرة المجلس فى الرقابة المالية على الحكومة‪.‬‬
‫وكان غياب هذا اإللزام الصريح سندا للحكومة فى التأخر فى إحالة الحسابات الختامية‬
‫إلى المجلس‪ ،‬وتعلق معظم ما أحالته إلى المجلس منها بسنوات سابقة على الوحدة‬
‫وبعدد محدود من الجهات‪ .‬بل إن الحكومة أبدت ضجرها إزاء مالحظة أثيرت بهذا‬
‫الشأن عند مناقشة مشروع الميزانية فى المجلس‪ ،‬ولم تقدم للمجلس أى التزام واضح‬
‫فى هذا الشأن‪.‬‬
‫أما فيما يتعلق بعدم ممارسة المجلس لدوره بما ينبغى من القوة والندية‪ ،‬فنجد العديد‬
‫من المؤشرات من أهمها اآلتى‪:‬‬
‫أن المجلس لم يعقد خالل عام كامل شهد ثالثة ادوار انعقاد للمجلس سوى (‪)61‬‬ ‫•‬
‫جلسة خالل (‪ )215‬يوم هى إجمالى مدة ادوار انعقاده الثالث‪ .‬ولم يعمل المجلس‬
‫خالل هذه المدة سوى حوالى (‪ )200‬ساعة عمل بمتوسط ‪ 3.3‬ساعة للجلسة‬
‫الواحدة‪ .‬كما بلغ إجمالى عدد كلمات المشاركين بالكالم خالل هذه الجلسات ‪1280‬‬
‫مداخلة‪ ،‬بمتوسط ‪ 21‬مداخلة لكل جلسة‪ ،‬و‪ 2.1‬مداخلة لكل عضو من أعضاء‬
‫‪73‬‬
‫المجلس‪.‬‬
‫يالحظ أن نسبة عدم الحضور فى جلسات المجلس كانت مرتفعة‪ .‬ورغم أن الفرصة‬ ‫•‬
‫لم تتح لنا إلجراء حصر دقيق لهذه النسبة‪ ،‬إال أن اإلشارة إلى أن عدد األعضاء اللذين‬
‫شاركوا فى التصويت خالل جلسة انتخاب أعضاء اللجنة التأسيسية إلعداد مشروع‬
‫الدستور كان ‪ 526‬عضوا فقط من إجمالى أعضاء‪ ،‬يشير إلى عدم حضور (‪)74‬‬
‫عضوا خالل مثل هذه الجلسة الهامة يمثلون (‪ )%12.3‬من أعضاء المجلس‪ ،‬وهى‬
‫‪74‬‬
‫نسبة مرتفعة للغاية حتى إذا استبعدنا منها األعضاء المتوفين والمستقيلين‪.‬‬
‫أن المجلس ظل طوال حياته القصيرة يعمل بالئحة داخلية مؤقتة عرضت عليه جاهزة‬ ‫•‬
‫فى بداية جلساته‪ ،‬ورغم تكرار الشكوى مما يكتنفها من قصور فى كثير من المسائل‪،‬‬
‫خاصة تلك المتعلقة بعدد األعضاء فى اللجان وحقوق األعضاء فى الكالم فى‬
‫اجتماعات اللجان‪ ،‬لم تنتهى اللجنة التى أحال إليها المجلس هذا الموضوع الهام‬
‫لدراسته من عملها طوال ادوار انعقاد المجلس الثالثة‪.‬‬
‫أن هناك عالمات استفهام على جدية دور المجلس فى مناقشة مشروعات القوانين‬ ‫•‬
‫التى أحالتها إليه الحكومة فى ظل استخدام المجلس لطريقة االستعجال ‪-‬التى تتضمن‬
‫االستثناء من كافة المواعيد التى حددتها الئحة المجلس‪ -‬فى إقرار (‪ )33‬مشروع‬
‫قانون محالة إليه من الحكومة‪ ،‬تمثل (‪ )%28.4‬من جملة ما اقره المجلس من‬
‫مشروعات قوانين‪ .‬وتتضاعف هذه الشكوك إذا عرفنا أن (‪ )15‬من هذه المشروعات‬
‫تمت الموافقة عليها فى ذات يوم إحالتها للمجلس‪ ،‬وأن هذه المشروعات تعددت فى‬
‫الجلسة الواحدة حتى وصل عددها إلى خمسة مشروعات فى إحدى جلسات المجلس‪.‬‬
‫كما تجب اإلشارة هنا إلى أن مشروع قانون كبير وهام مثل مشروع قانون إعادة‬
‫تنظيم األزهر كان أحد المشروعات التى أقرها المجلس بهذه الطريقة ودون أن يشارك‬
‫عضو واحد فى مناقشته فى المجلس‪.‬‬

‫‪ 73‬بيانات إدارة اإلحصاء بمجلس الشعب المصرى‪.‬‬


‫‪ 74‬مضبطة الجلسة (‪ )13‬من دور االنعقاد الثانى‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪38‬‬
‫أن أحدا فى مجلس األمة لم يعترض على عدم إحالة (‪ )284‬قرار بقانون أصدرها‬ ‫•‬
‫رئيس الجمهورية فى غيبة المجلس إلى المجلس تطبيقا ألحكام الدستور‪ ،‬رغم أنها‬
‫تناولت تنظيم أهم جوانب الحياة السياسية فى الدولة الوليدة بما فيها شئون مجلس‬
‫األمة ذاته‪ .‬بل وصلت درجة التسليم لرئيس الجمهورية حد تراخى المجلس فى نظر‬
‫اثنين من القرارات بقوانين التى أصدرها رئيس الجمهورية فى موضوعات مهمة‬
‫طوال دور انعقاده الثالث حتى انتهائه دون أن يبدى المجلس رأيه فيهما ال بالقبول وال‬
‫بالرفض‪.‬‬
‫تكررت مطالبات أعضاء المجلس للحكومة بتقديم تشريعات الوحدة أو العمل على‬ ‫•‬
‫وضع تشريعات موحدة فى مجاالت بعينها‪ ،‬علما بأن التشريع حق أصيل لكل عضو فى‬
‫المجلس‪ ،‬الذى لم يتقدم أى من أعضائه باقتراح بقانون فى أى من هذه المجاالت‪.‬‬
‫أن عدم تعامل المجلس مع الحكومة بالندية الجادة امتد إلى ممارسته لدوره الرقابى‪،‬‬ ‫•‬
‫حيث لم ترد الحكومة فى الجلسة –وهو األصل فى الرد على األسئلة‪ -‬سوى على‬
‫(‪ )%54.5‬من إجمالى ما قدم إليها من أسئلة‪ ،‬بينما أودعت الرد مكتوبا على‬
‫(‪ )%29.8‬منها‪ .‬كما أن الحكومة التى طلبت تأجيل الرد على عدد (‪ )62‬سؤاال لم‬
‫تلتزم بالرد على (‪ )32‬سؤاال منها فى المواعيد التى حددتها وتركتها دون رد‪.‬‬
‫وهكذا نجد أن الظروف قد تضافرت لتحرم دولة الوحدة من وجود مؤسسة تشريعية‬
‫فاعلة وقادرة على القيام بدور له وزنه فى ترسيخ دعائم الوحدة والمساهمة فى التغلب على‬
‫ما واجهها من مصاعب‪ .‬كما أن الطابع الرئاسى لدولة الوحدة‪ ،‬وجمع رئيس الدولة بين‬
‫السلطة شبه المطلقة والشعبية الكاريزمية‪ ،‬جعلت حضور مجلس األمة غير واضح فى‬
‫مجريات األمور داخل دولة الوحدة‪ .‬وكان هذا الدور الباهت للمجلس فى الفترة القصيرة التى‬
‫عاشها من عمر دولة الوحدة أحد العالمات البارزة للقصور المؤسسى والديمقراطى لتجربة‬
‫الوحدة المصرية السورية‪ ،‬وربما للتجربة الناصرية ككل‪.‬‬

‫‪39‬‬

You might also like