Professional Documents
Culture Documents
برلمان الوحدة المصرية السورية
برلمان الوحدة المصرية السورية
إعداد الطالب
محمد علي أبوريدة
إشراف
دكتور /عمرو هاشم ربيع
مايو 2008
مقدمة
كان البرلمان فى صدارة الساحات الرسمية التى انطلقت منها الدعوة للوحدة بين
مصر وسوريا ،عبر وفود متبادلة بين مجلس األمة المصرى ومجلس النواب السورى فى
شهرى نوفمبر وديسمبر عام 1957جرى خاللها اإلعالن عن رغبة الشعبين فى إقامة اتحاد
فيدرالى بين الدولتين ودعوة الحكومتين إلى الدخول فورا فى مباحثات مشتركة لهذا الغرض.
غير أن هذه المكانة التى شغلها البرلمان بين القوى الدافعة للوحدة ،لم تمنع تأخر ظهوره فى
دولة الوحدة بعد قيامها لما يزيد عن عامين من إجمالى عمرها القصير الذى قارب ثالثة
أعوام ونصف.
كما أنه من الملفت أن الدور الذى قام به مجلس األمة فى إطار تجربة الوحدة
المصرية السورية القصيرة لم يكن محال ألى دراسة متعمقة رغم تعدد الدراسات والندوات
التى تناولت كافة زوايا هذه التجربة الوحدوية األخرى .وكان ألستاذى الدكتور أحمد يوسف
أحمد – مدير معهد البحوث والدراسات العربية -الفضل األول فى لفت نظرى إلى هذه النقطة
التى أثارت لدى اهتمام خاص بحكم عملى واهتمامى بحقل الدراسات البرلمانية.
وهكذا جاءت فكرة هذه الورقة ،التى حاولت فيها تناول مختلف جوانب الدور الذى قام
به مجلس األمة خالل تجربة الوحدة المصرية السورية فى المجاالت السياسية والتشريعية
والرقابية والمالية .وفى ظل عدم توافرنا على أى دراسة علمية تناولت هذا الموضوع ،كان
االعتماد على الوثائق األولية الخاصة بموضوع هذه الدراسة هو المرجع األول الذى تم
االعتماد عليه .وكان االعتماد الرئيسى على تحليل مضابط جلسات مجلس األمة خالل الفترة
التى تغطيها الدراسة .كما تم الرجوع للدستور المؤقت للجمهورية العربية المتحدة الصادر فى
مارس ،1958والالئحة الداخلية المؤقتة للمجلس وعدد من الوثائق القانونية األخرى
المتعلقة بهذه الفترة للوقوف على حدود اإلطار القانونى المنظم للدور الذى قام به مجلس
األمة فى إطار تجربة الوحدة.
وقد ركزت الدراسة على تقديم تحليل إحصائى موضوعى لنشاط مجلس األمة فى دولة
الوحدة بمختلف أبعاده السياسية والتشريعية والرقابية والمالية ،وذلك دون التطرق إلى
التفاصيل الموضوعية الدقيقة للموضوعات التى تناولها نشاط المجلس فى هذه المجاالت
المختلفة إال بالقدر الذى وجدنا أهميته لبعض النقاط التى برزت خالل الدراسة .واشرنا فى
أكثر من موضع من هذه الورقة إلى الحاجة لمزيد من البحث العلمى المتعمق للعديد من
تفاصيل نشاط مجلس األمة خالل هذه الفترة ومدى تأثيرها فى انتهاء تجربة الوحدة بالفشل
واالنفصال.
وفى هذا اإلطار تم تقسيم الدراسة إلى خمسة مباحث ،اهتم أولها بتناول تكوين برلمان
الوحدة ،فيما تناولت المباحث األربعة األخرى األدوار المختلفة للمجلس فى المجال السياسى،
والتشريعى ،والرقابى ،والمالى .وانتهت الورقة بخاتمة ترصد أهم النتائج والخالصات.
ونتمنى أن نكون قد وفقنا بهذه الورقة فى إلقاء بعض الضوء على هذه الزاوية من
زوايا تجربة الوحدة المصرية السورية التى ظلت معتمة رغم انقضاء كل هذه السنوات.
1
املبحث األول
تكوين برملان الوحدة
2
ويبدو أن اختيار أعضاء مجلس األمة جرى دون استشارة من وقع عليهم االختيار
قبل إعالن قرار التعيين بالمجلس ،خاصة األعضاء عن اإلقليم السورى .فقد اعتذر ثالثة ممن
وقع عليهم االختيار عن اإلقليم السورى عن قبول العضوية ،ولم يؤدوا اليمين الدستورية -
التى هى شرط لبدء ممارسة العضوية -حتى قبلت طلبات اثنين منهم مع نهاية دور االنعقاد
األول للمجلس ،بينما قبل طلب العضو الثالث بنهاية دور االنعقاد األخير .والملفت للنظر أن
4
األعضاء الثالثة من محافظة حلب السورية.
جدول رقم ()1
توزيع أعضاء برلمان الوحدة المصرية -السورية
اإلقليم الشمالى اإلقليم الجنوبى
المحافظة عدد األعضاء عدد األعضاء عدد األعضاء المحافظة المحافظة
42 دمشق 23 المنوفية 44 القاهرة
43 حلب 27 الغربية 21 اإلسكندرية
22 الالذقية 18 كفر الشيخ 5 بورسعيد
20 حمص 25 البحيرة 4 اإلسماعيلية
15 حماه 15 الجيزة 3 السويس
13 دير الزور 15 الفيوم 2 سيناء
14 الحسكة 15 بنى سويف 2 البحر األحمر
12 إدلب 23 المنيا 1 الصحراء الغربية
8 درعا 22 أسيوط 1 الصحراء الجنوبية
7 السويداء 28 سوهاج 13 القليوبية
4 الرشيد 23 قنا 25 الشرقية
9 أسوان 30 الدقهلية
6 دمياط
200 المجموع 400 المجموع
4مضبطتى الجلستين 15و 17من دور االنعقاد األول عام ،1960ومضبطة الجلسة 25من دور االنعقاد الثالث عام .1961
3
كما تناول القانون فى مادته الثانية مسألة دعوة مجلس األمة الجتماع غير عادى،
حيث أعطى هذا الحق لرئيس الجمهورية فى حالة الضرورة ،أو بناء على طلب موقع من
أغلبية أعضاء المجلس .وقضت ذات المادة بأن يعلن رئيس الجمهورية فض االجتماع غير
5
العادى بعد انتهاء المجلس من جدول األعمال الذى دعى من أجله.
ومن الناحية الفعلية ،تمت دعوة مجلس األمة لدور انعقاده األول فى 21يوليو عام
1960الذى دام حتى فض فى 15نوفمبر من نفس العام ،وعقد خالله المجلس ( )20جلسة.
كما تمت دعوة المجلس لدور انعقاد ثانى بدأ فى 9يناير عام 1961ودام حتى تم فضه فى 8
فبراير من ذات العام وبمجرد أن استوفى الحد األدنى الذى حدده القانون لدور االنعقاد بشهر
على األقل ،ليكون أقصر أدور انعقاد المجلس ،كما لم يعقد خالله المجلس سوى ( )13جلسة
فقط .أما دور االنعقاد الثالث فقد دام من 11ابريل 1961إلى أن تم فضه فى 22يونيو من
ذات العام ،وعقد خالله المجلس ( )28جلسة.
ج -مكتب المجلس
قصر الدستور المؤقت تناوله لمكتب المجلس على اشتراط قيام المجلس بانتخاب
الرئيس والوكيلين فى أول اجتماع عادى له .بينما وضعت الالئحة الداخلية المؤقتة للمجلس
التفاصيل الخاصة بانتخاب مكتب المجلس واختصاصاته.
وقضت المادة الرابعة من الالئحة بأن يتشكل مكتب المجلس من الرئيس والوكيلين
وثمانية أمناء للسر ،وذلك من خالل انتخابات سرية تجرى فى جلسة علنية وتكون فردية
بالنسبة للرئيس وبالقائمة النسبية بالنسبة لباقى أعضاء المكتب .ويختص مكتب المجلس
باإلشراف على أعمال المجلس ومناقشاته ،على أن تكون له هيئة تنفيذية تضم الرئيس
والوكيلين تشرف على الشئون اإلدارية وتباشر اختصاصاتها األخرى التى فصلتها الالئحة.
وينوب الوكيالن عن رئيس المجلس فى رئاسة الجلسات حال غيابه بالتناوب فيما بينهما،
وللرئيس أن يفوضهما أو أحدهما فى كل أو بعض اختصاصاته األخرى غير المتعلقة برئاسة
الجلسات .بينما يتولى أمناء السر المساعدة فى األعمال اإلدارية المعاونة للرئيس فى إدارة
الجلسة مثل تحرير المضابط وتلقى اقتراحات األعضاء وطالبى الكالم وجمع األصوات وفرزها
....الخ .ويتولى اثنان من أمناء السر بالتناوب بينهم أمانة السر فى كل جلسة.
وقد اختار مجلس األمة فى أولى جلساته السيد أنور السادات رئيسا للمجلس من خالل
انتخابات لم يترشح لها سواه .كما انتخب المجلس فى ذات الجلسة السيد محمد فؤاد جالل
(اإلقليم الجنوبى) والسيد راتب الحسامى (اإلقليم الشمالى) وكيلين للمجلس بعد انتخابات
ترشح لها إلى جانبهما السيد محمد الكسار (سوريا) ولم يحصل فيها سوى على 85صوتا،
بينما حصل كالهما على ( )536و( )514صوتا بالترتيب.
كما انتخب المجلس ألمانة السر السادة األعضاء :جودت كراكشة ،مرعى الخيرات،
طه الحداد ،وشاكر الدروى من اإلقليم الشمالى ،ومحمد حامد محمود ،سيد زكى عبد الهادى،
عبد المنعم طاهر ،ومظهر الشوربجى من اإلقليم الجنوبى ،وذلك دون انتخاب طبقا لالئحة
نظرا لعدم ترشح سواهم ألمانة السر .كما استجاب المجلس لعرض رئيسه بأن يكون نصف
أمناء السر من اإلقليم الشمالى ونصفهم من اإلقليم الجنوبى ،خروجا على نسبة 1-2التى
6
حكمت اختيار أعضاء المجلس وتوزيع األدوار فى كثير من شئونه.
7كانت المادة ( ) 67من الالئحة الداخلية المؤقتة تضع حدا أعلى لعدد أعضاء اللجنة الواحدة ال يجاوز 31عضوا ،غير أن المجلس
وافق على حذف هذا القيد حتى يتاح لكل عضو االشتراك فى عضوية لجنتين تطبيقا للمادة ( )69من الالئحة .انظر :مضبطة الجلسة
2من دور االنعقاد األول عام .1960
8مضبطتى الجلستين 5و 7من دور االنعقاد األول لمجلس األمة عام .1960
9مضبطة الجلسة 3من دور االنعقاد األول لجلس األمة عام .1960
5
أن األعضاء الشماليين شغلوا منصب أمين السر فى سبع لجان بينما شغله الجنوبيين •
فى ( )18لجنة ،بنسبة %72و %28على التوالى .كما يتبين أن األعضاء الشماليين
جمعوا منصب أمين السر ومنصب الرئيس فى لجنة واحدة ،ومنصب أمين السر
والوكيل فى لجنتين ،بينما جمع الجنوبيون بين أمانة السر والرئاسة فى ( )13لجنة،
وأمانة السر والوكالة فى خمس لجان .واختص األعضاء الجنوبيين بالجمع بين
منصب الرئيس والوكيل وأمين السر فى لجنة الصناعة والكهرباء.
أن وكيلى المجلس قد جمعا بين وكالة المجلس ورئاسة إحدى لجانه ،حيث ترأس •
السيد راتب الحسامى (شمالى) لجنة الشئون العربية ،بينما تولى السيد محمد فؤاد
جالل (جنوبى) رئاسة لجنة الشئون الخارجية .وقد جاء ذلك تطبيقا لحكم المادة ()72
من الالئحة التى قضت بأن يكون لوكيل المجلس رئاسة اللجنة التى هو عضو فيها.
وفى المحصلة النهائية لتشكيالت مكاتب اللجان ،نجد أن األعضاء الشماليين قد
حصلوا على ميزة جديدة بالحصول على ( )28عضوا من بين ( )75عضوا هم إجمالى
أعضاء مكاتب لجان المجلس ،وذلك بنسبة ( ،)%37.3فى مقابل حصول األعضاء الجنوبيين
على ( )47عضوا فى هذه المكاتب بنسبة ( )%62.6فقط .وبذلك يجمع األعضاء عن اإلقليم
الشمالى بين كسر قاعدة 1-2التى اتبعت فى اختيار أعضاء المجلس فى مكاتب اللجان وفى
مكتب المجلس فى ذات الوقت .وربما يأتى ذلك سعيا من إخوانهم الشماليين فى تأكيد حرصهم
على استمرار مسيرة الوحدة بعيدا عن أى اتهام بالسعى للهيمنة أو التذويب أو استغالل طرف
لآلخر.
6
جدول رقم ()2
تشكيل مكاتب اللجان فى برلمان الوحدة المصرية -السورية
7
املبحث الثانى
الدور السياسى لربملان الوحدة
تتمثل أهم معالم الدور السياسى للبرلمان فى قيامه بدور ما فى وضع أو تعديل
الدستور ،وانتخاب رئيس الجمهورية ،ومنح الثقة للحكومة وما تتبناه من سياسات ،ودوره
10
فى مجال الدبلوماسية البرلمانية.
-1وضع وتعديل الدستور
لم يعط الدستور المؤقت لدولة الوحدة أو القرار بقانون الخاص بمجلس األمة أى دور
للمجلس فى مسألة تعديل الدستور المؤقت ذاته أو وضع الدستور الدائم الذى أشارت إليه
المادة األخيرة من دستور عام .1958غير أن الرئيس جمال عبد الناصر بادر من تلقاء نفسه
بدعوة مجلس األمة لتولى مهمة وضع الدستور الدائم للجمهورية العربية المتحدة ،وذلك خالل
11
بيان له أمام المجلس فى 23يناير .1961
وقد بادر المجلس إلى تلبية دعوة الرئيس ،ففى جلسة اليوم التالى مباشرة عرض
رئيس المجلس على المجلس اقتراحا من مكتب المجلس بتشكيل لجنة تحضيرية من بين
أعضاء المجلس تقوم بمهمة وضع مشروع الدستور لعرضه على المجلس للمناقشة وإبداء
الرأى فيه .ويتضمن االقتراح أن تتشكل اللجنة التحضيرية من نحو 65-60عضوا يمثلون:
عشرين عضوا من لجنة الشئون الدستورية والالئحة الداخلية ،وعشرة أعضاء من لجنة
الشئون القانونية والعدل ،وجميع رؤساء اللجان بالمجلس ،إضافة إلى عدد آخر من األعضاء
ذوى الخبرة فى بعض البنود األخرى للدستور12.غير أن االقتراح لم يلق قبول المجلس ،الذى
وافق على اقتراح بديل بأن تتشكل اللجنة التحضيرية من تسعين من أعضاء المجلس يتم
اختيارهم باالقتراع السرى المباشر من جانب األعضاء.
وبالفعل طلب ممن يرغب فى الترشيح لعضوية اللجنة المقترحة تقديم طلب بذلك إلى
مكتب رئيس المجلس ،حيث تقدم للترشيح ( )122عضوا فى كشفين منفصلين أحدهما
ألعضاء اإلقليم الجنوبى ويضم ( )69عضوا ،واآلخر ألعضاء اإلقليم الشمالى ويضم ()53
عضوا 13 .وجرت االنتخابات فى قاعة المجلس الختيار أعضاء اللجنة من بين المرشحين،
حيث يختار كل عضو قائمة بتسعين من بين المرشحين لعضوية اللجنة.
وقد أوضحت نتيجة فرز أصوات األعضاء أنه قد شارك فى التصويت 526عضوا،
استبعدت أوراق التصويت الخاصة بخمسين منهم لبطالنها .وأسفر فرز األصوات عن فوز
( )90عضوا ليشكلوا اللجنة التحضيرية لوضع مشروع الدستور الدائم .وتكشف مراجعة
أسماء من تم انتخابهم أعضاء فى اللجنة أن المجلس قد عاد لتطبيق قاعدة 1-2فى توزيع
أعضاء اللجنة على اإلقليمين الجنوبى والشمالى ،حيث تم انتخاب ( )60عضوا فى اللجنة من
10تجدر اإلشارة إلى أن قرار رئيس الجمهورية بقانون رقم 79لسنة 1958الخاص بمحاكمة الوزراء فى إقليمى الجمهورية قد
أعطى لمجلس األمة دور يجمع بين السياسى والقضائى من خالل نصه على عضوية ستة من أعضاء المجلس يتم اختيارهم بطريق
ا لقرعة ضمن هيئة المحكمة العليا التى ضم إضافة إليهم ستة من مستشارى محكمة النقض ومحكمة التمييز يقوم مجلس القضاء األعلى
فى كل إقليم باختيار ثالثة منهم بطريق القرعة .كما أناط ذات القانون القيام بمهمة االدعاء أمام المحكمة بثالثة من أعضاء مجلس
األمة ينتخبهم المجلس باالقتراع السرى .انظر:
عادل أمين ،الحياة الدستورية فى مصر ،1994-1952القاهرة :سينا للنشر .1995 ،ص ص 65-53
11مضبطة الجلسة ( )7من دور االنعقاد الثانى لمجلس األمة عام .1961
12مضبطة الجلسة ( )8من دور االنعقاد الثانى لمجلس األمة عام .1961
13أثار هذا التقسيم اإلقليمى حفيظة أحد األعضاء عن اإلقليم الشمالى ،الذى طلب عدم تكرار ذلك ألن المجلس اتخذ قرارا سابقا بمنع
هذا التقسيم .انظر مضبطة الجلسة ( )12من دور االنعقاد الثانى ،1960ص 514
8
األعضاء الجنوبيين ،بينما انتخب ( )30عضوا بها عن اإلقليم الشمالى .وربما يكون هذا
التقسيم اإلقليمى هو السبب الذى لم يصرح به فى تقسيم المرشحين لعضوية اللجنة فى كشفين
14
منفصلين على أساس إقليمى.
وقد أعدت اللجنة تقريرا عرض على المجلس فى دور انعقاده الثالث بخطة عملها
والقواعد الحاكمة لعملها وتقسيمها الداخلى .واقترح التقرير أن يكون للجنة هيئة مكتب تتكون
من رئيس ووكيلين هما رئيس المجلس ووكياله ،إضافة إلى مقرر عام وأمين للسر تنتخبهما
اللجنة من بين أعضائها .كما اقترح التقرير تشكيل أربع لجان فرعية تختص أوالها بالمبادئ
والمقومات األساسية للمجتمع ،وتختص الثانية بنظام الحكم ،وتكون الثالثة للصياغة
والتنسيق ،بينما تكون الرابعة لجنة لتلقى االقتراحات .ويكون لكل من هذه اللجان األربعة
مكتب من رئيس ووكيل وأمين للسر ينتخب بذات الطريقة التى تنتخب بها هيئات مكاتب لجان
المجلس.
ويقضى النظام الذى وافق عليه المجلس بأن تقوم كل لجنة فرعية ،بعد الفراغ من
أعمالها ،برفع تقريرها إلى اللجنة العامة متضمنا رأى اللجنة وأسبابه واآلراء األخرى التى
أبديت فى اللجنة .وتجرى مناقشة مشروع الدستور أمام اللجنة العامة فى مداولتين بينهما
فترة ال تقل عن ثالثين يوما ،على أن تجرى المداولة الثانية كاملة دون شروط .وأجازت هذه
القواعد دعوة الفنيين وأصحاب االختصاص لحضور اجتماعات اللجنة العامة واللجان الفرعية
إلبداء أرائهم أمامها .كما أجازت لكافة أعضاء المجلس حضور اجتماعات اللجنة العامة
واللجان الفرعية وتقديم ما يرونه من اقتراحات إليها .وطالبت كل صاحب رأى من الشعب
المصرى والعربى أن يبعث للجنة برأيه للمساهمة فى وضع الدستور المعبر عن أمانى الشعب
العربى ،ولها أن تدعوا من ترى ضرورة حضوره أمامها لشرح وجهة نظره .كما وافق
المجلس على أن تكون اجتماعات اللجنة العامة واللجان الفرعية سرية من حيث األصل ،مع
15
جواز أن تذيع اللجنة العامة أو مكتبها ما ترى إمكانية إذاعته على الرأى العام من قرارات.
وبعد أن أقر المجلس تنظيم اللجنة التحضيرية إلعداد مشروع الدستور الدائم لعرضه
على المجلس لمناقشته ،واتفق على نظام عملها فى جلسة 25ابريل ،1961انفض دور
االنعقاد فى 22يونيو ،1961وانفرط عقد دولة الوحدة ذاته فعليا فى 28سبتمبر ورسميا فى
5أكتوبر عام 1961دون أن يقدر لهذا العمل أن يرى النور.
14مضابط الجلسات 11و 12و 13من دور االنعقاد الثانى لمجلس األمة عام .1961
15مضبطة الجلسة ( )6من دور االنعقاد الثالث لمجلس األمة عام .1961
9
-3الثقة فى الحكومة
قام النظام السياسى لدولة الوحدة على أساس النظام الرئاسى الجمهورى الذى يتولى
في ه رئيس الجمهورية السلطة التنفيذية يعاونه وزراء يعينون من قبله وله حق إقالتهم أيضا.
ومن هذا المنطلق لم يفرض الدستور المؤقت حصول أى تشكيلة حكومية على ثقة مجلس
األمة عند تشكيلها وعرض برنامجها السياسى عليه .واقتصر تناوله لموضوع الثقة فى
الحكومة على اإلشارة إلى حق مجلس األمة فى سحب الثقة من وزراء الحكومة –وليس من
رئيسها الذى هو رئيس الجمهورية -وذلك بناء على اقتراح يتقدم به عشرون من أعضاء
16
المجلس فى أعقاب استجواب لذات الوزير.
وهكذا غاب أى رأى لمجلس األمة فى التشكيالت الحكومية التى تمت فى فترة الوحدة،
والتى بلغت ثالث تشكيالت حكومية انتقلت بين صيغة الوزارة المركزية الواحدة وصيغة
الوزارة المركزية إضافة إلى مجلسين تنفيذيين –كما تقضى المادة ( )58من الدستور -ثم
العودة إلى صيغة الوزارة المركزية مرة أخرى.
كذلك فإنه باستثناء البيان الذى ألقاه رئيس الجمهورية فى افتتاح المجلس فى 21
يوليو ،1960والبيان الذى ألقاه وزير االقتصاد والخزانة المركزى أمام المجلس فى 11
ابريل 1961حول السياسة العامة المالية واالقتصادية للجمهورية خالل السنة المالية لعام
،1961-60غاب أى دور للمجلس فى اإلطالع على برامج الحكومة وسياساتها قبل تنفيذها.
واقتصر األمر على إلقاء الحكومة -ممثلة فى رئيس الجمهورية والوزراء -عدد من البيانات
أمام المجلس بشأن قضايا محددة تعلقت فى الغالب بالسياسة الخارجية ومواقف الجمهورية
حيال بعض قضايا المحيط العربى والدولى.
فقد ألقت الحكومة أحد عشر بيانا أمام المجلس خالل أدوار انعقاده الثالث ،شهد دور
االنعقاد األول تسعة منها وتوزع البيانين الباقيين على دورى االنعقاد الثانى والثالث .قام
رئيس الجمهورية بإلقاء ثالثة بيانات أمام المجلس ،كان أولها بيان االفتتاح السابق اإلشارة
إليه ،بينما عرض فى بيانه الثانى فى ذات دور االنعقاد لمهمة وفد الجمهورية العربية المتحدة
فى الدورة الخامسة عشرة للجمعية العامة لألمم المتحدة .أما البيان الثالث لرئيس الجمهورية
أمام المجلس فقد جاء خالل دور االنعقاد الثانى وعرض فيه أمام المجلس ألهم نتائج مؤتمر
القمة األفريقية الذى عقد ذلك العام فى الدار البيضاء بالمغرب.
أما البيانات األخرى التى ألقاها بعض وزراء الحكومة بشأن عدد من القضايا فقد
جاءت كالتالى:
بيان وزير الخارجية بشأن اعتراف شاه إيران بإسرائيل ،وقد جاء خالل نظر المجلس •
لطلب مناقشة عامة تقدم به بعض السادة األعضاء ووافقت الحكومة على مناقشته
فورا بذات الجلسة ،وانتهى بتشكيل لجنة خاصة أعدت قرارا أصدره المجلس حول
هذه القضية يدين المسلك اإليرانى ويؤيد موقف الرئيس عبد الناصر فى قطع العالقات
17
الدبلوماسية مع حكومة الشاه ردا على هذا التصرف الذى يتحدى المشاعر العربية.
بيان نائب وزير الخارجية بشأن قرار الحكومة المصرية بسحب وحداتها العسكرية •
المشاركة فى قوات األمم المتحدة بالكونغو ثم موافقتها على تعليق سحب هذه القوات
مؤقتا .وقد جرت مناقشات حول هذا البيان انتهت بتشكيل لجنة خاصة أعدت قرار
18
أصدره المجلس يعلن تأييده لموقف الحكومة ويؤكد أنها قامت بدورها خير قيام.
-4الدبلوماسية البرلمانية
قام مجلس األمة لدولة الوحدة خالل عمره القصير بتوظيف الدبلوماسية البرلمانية
بكفاءة لخدمة السياسات التى تتبناها حكومة الرئيس عبد الناصر ،وخاصة فى مجال السياسية
الخارجية .واتخذت ممارسة المجلس لهذا الدور أما صورة تخصيص جلسات لبعض الزعماء
األجانب إللقاء بيان أمام المجلس ،أو إصدار قرارات من المجلس بتأييد مواقف الحكومة فى
بعض القضايا الخارجية ،أو تبادل الوفود البرلمانية مع بعض الدول.
أ -الجلسات الخاصة
أجازت المادة ( )38من الالئحة الداخلية المؤقتة للمجلس –باالتفاق مع الحكومة -أن
يدعو بعض كبار الشخصيات من ضيوف الجمهورية إللقاء خطاب به فى اجتماع خاص يعقد
لهذا الغرض بدون جدول أعمال .وقد استخدم المجلس هذه الرخصة ثالث مرات خالل عمره
القصير ،استضاف فيها ثالث من الشخصيات الدولية إللقاء بيان أمام المجلس فى جلسة
تخصص لهذا الغرض .والملفت للنظر أن هذه الجلسات الخاصة الثالث جاءت خالل دور
االنعقاد الثالث للمجلس بينما خلى منها دروى انعقاده األول والثانى.
وكانت مناسبة عقد الجلسة الخاصة األولى هى استضافة المجلس للرئيس أحمد
سيكوتورى رئيس جمهورية غينيا ،إللقاء بيان أمام المجلس .وجاءت الجلسة الخاصة الثانية
بمناسبة زيارة كبير األساقفة مكاريوس رئيس جمهورية قبرص لمصر ودعوة المجلس له
إللقاء بيان أمامه .ثم كانت الجلسة الخاصة الثالثة بمناسبة زيارة الرئيس المالى موديبو كيتا
23
للجمهورية ودعوته للقاء ممثلى األمة وإلقاء بيان أمامهم.
استنكار العمل الشائن الذى اقترفه المسئولون فى األردن بإهدارهم دم الضابط العربى •
27
الشهيد عدنان المدنى.
28
تأييد الحكومة فى بيانها الواضح بشأن تحويل مجرى نهر األردن. •
29
تأييد ما جاء فى خطاب الرئيس فى حفل االتحاد القومى بشأن ثورة الجزائر. •
الموافقة على قرارات وبرقيات مكتب المجلس ولجنة الشئون العربية بشأن األوضاع •
30
فى الجزائر والكونغو.
31
إرسال برقية تحية للرئيس وتأييد لقرارات مؤتمر الدار البيضاء. •
32
الموافقة على تقرير لجنة الشئون العربية بشأن جنوب اليمن. •
الموافقة على تقرير لجنة الشئون الخارجية عن قرارات مؤتمر القمة األفريقى فى •
33
الدار البيضاء.
برقية تهنئة إلى المواطن العربى األول شكرى القوتلى بمناسبة مرور 15عاما على •
34
جالء آخر جندى أجنبى عن أرض اإلقليم الشمالى.
35
تهنئة االتحاد السوفيتى بمناسبة النصر الذى أحرزه فى ميدان الفضاء. •
36
برقية إلى كوبا بمناسبة األحداث الجارية فيها. •
قرار بمناسبة ذكرى 15مايو يؤكد على أن فلسطين جزء ال يتجزأ من الوطن العربى. •
37
كما تسجل مضابط المجلس موافقته على دعوة مجلس السوفيت األعلى بدعوة وفد
من المجلس لزيارة االتحاد السوفيتى ،وموافقته على دعوة رئيس المجلس الشعبى االتحادى
لجمهورية يوغسالفيا لزيارة وفد من المجلس ليوغسالفيا ،وذلك دون أن يتبين هل تمت هذه
42
الزيارات أم ال.
الدور التشريعى هو المهمة األولى ألى برلمان منذ نشأت الحياة البرلمانية .والبرلمان
يمارس هذا الدور من خالل أربعة أدوات تشريعية أساسية ،يأتى فى مقدمتها إقراره لما تحيله
إليه السلطة التنفيذية من اقتراحات تشريعية باعتبارها األداة األكثر استخداما وشيوعا فى
الحياة البرلمانية فى شتى دول العالم بالنظر لما يتاح للحكومة من معلومات وخبراء ودراسات
وفنيين تجعل قدرتها على المبادرة بإعداد مشروعات التشريعات أو تعديلها اعلى بكثير مما
يتاح لعضو البرلمان ذاته.
وتأتى المبادرات التشريعية التى يقترحها أعضاء البرلمان أنفسهم فى المرتبة الثانية
فى األدوات التشريعية المتاحة للبرلمان .فعلى الرغم من أن معظم الدساتير تجعل الحق فى
المبادرة التشريعية حقا أصيال ألعضاء البرلمان ،إال أنها كثيرا ما تفرض مرورها بمرحلة
أولية من الدراسة من جانب أحد أجهزة المجلس أو لجانه قبل أن يتاح لها االنطالق من نقطة
43
البداية التى تبدأ منها المبادرات التشريعية الحكومية.
أما األداة التشريعية الثالثة فهى القرارات التى تصدرها السلطة التنفيذية فى حاالت
الضرورة أو غيبة البرلمان لمواجهة ظرف معين ال يحتمل التأخير وتكون لها قوة القانون
النافذ لحين عرضها على البرلمان فى أقرب فرصة إلقرارها فتتحول إلى تشريع عادى ،أو
رفضها فتعدم ويزول ما كان لها من آثار قانونية بصورة فورية أو منذ صدورها بحسب
النصوص الدستورية الحاكمة لذلك.
وتتمثل األداة التشريعية األخيرة فى االتفاقيات والمعاهدات التى يوجب الدستور
موافقة البرلمان عليها فى حاالت معينة غالبا ما ترتبط باتصالها بالتحالف أو الصلح أو إقليم
الدولة أو حقوقها السيادية أو تكون ذات اثر على مواردها .ويكون دور المجلس فى هذه
الحالة أشبه بدوره فى الحالة السابقة ،فإما أن يقر ما عقدته السلطة التنفيذية من اتفاقيات أو
44
معاهدات فتصبح ألحكامها الحجية القانونية الملزمة ،أو يرفضها فتصبح كان لم تكن.
ونعرض فيما يلى للكيفية التى استخدمت بها هذه األدوات التشريعية األربعة فى ظل
برلمان الوحدة.
-1مشروعات القوانين
اكتفى دستور الوحدة المؤقت باإلشارة التى أوردتها المادة ( )13منه بأن مجلس
األمة هو السلطة التشريعية فى الجمهورية العربية المتحدة ،والتأكيد الذى أوردته المادة
( )22بعدم جواز إصدار أية قانون إال إذا أقره مجلس األمة بعد أخذ الرأى فيه مادة مادة .كما
نص الدستور بوضوح على حق رئيس الجمهورية فى اقتراح القوانين واالعتراض عليها
وإصدارها ،فإذا ما اعترض الرئيس على مشروع قانون رده إلى مجلس األمة خالل ثالثين
يوما من تاريخ إبالغ المجلس إياه ،وإال اعتبر المشروع قانونا واصدر .وإذا حدث ورد
43انظر دراسة للباحث بعنوان "االقتراح بمشروع قانون بين النظرية والتطبيق" ،مجلة قضايا برلمانية ،العدد ( )7أكتوبر .1997
44هناك من يصنف دور البرلمان تجاه االتفاقيات والمعاهدات ضمن نشاطه السياسى أو يضعها فى تصنيف مستقل باعتبارها تجمع
بين التشريع والرقابة فى ذات الوقت ،وتكون لها حجية تسمو فى التشريعات العادية باعتبارها تعبير عن إرادة دولتين وال يجوز
التعديل فيها إال باتفاقهما أو حسبما تقرره االتفاقية ذاتها .انظر:
محمد على أبوريدة ،مجلس الشعب المصرى فى ربع قرن :دراسة فى األداء البرلمانى ،فى د .أحمد الرشيدى (محرر) ،المؤسسة
التشريعية فى العالم العربى ،أعمال المؤتمر الرابع للباحثين الشباب ،القاهرة :مركز البحوث والدراسات السياسية بكلية االقتصاد
والعلوم السياسية ،جامعة القاهرة ،1997 ،ص 620-619
14
الرئيس مشروع القانون إلى المجلس خالل األجل المحدد يمكن للمجلس تجاوز اعتراض
الرئيس إذا عاد وأقره بموافقة ثلثى أعضائه ،وهنا يتحول المشروع إلى قانون ويصدر دون
حاجة لموافقة رئيس الجمهورية.
وفيما اقتصر تناول القرار بقانون رقم 249لسنة 1960الخاص بمجلس األمة
لمشروعات القوانين على الحكم الذى أوردته مادته الخامسة بضرورة إحالة كل مشروع
قانون إلى إحدى لجان المجلس المتخصصة لفحصه وتقديم تقرير عنه ،أسهبت الالئحة
الداخلية المؤقتة للمجلس فى تناول كافة التفاصيل المتعلقة بالتعامل مع مشروع القانون منذ
وروده إلى المجلس إلى الموافقة عليه بصفة نهائية.
وطبقا ألحكام الالئحة ،فإن مشروع القانون يرد إلى المجلس فى شكل رسالة من
رئيس الجمهورية بمشروع القانون تعرض على المجلس ليقرر إحالتها إلى لجنة أو أكثر من
لجانه المتخصصة لتقوم بدراسة المشروع ومناقشة مواده وإعداد تقرير برأيها فيه وما قد
ترى إدخاله عليه من تعديالت .وفى المجلس تبدأ مناقشة مشروع القانون بالنظر فى الموافقة
عليه من حيث المبدأ ،وبعدها ينتقل المجلس لمناقشة مواده مادة مادة بحرية كاملة فى الحذف
واإلضافة والتعديل.
واشترطت الالئحة عدم إجراء االقتراع النهائى على مشروع القانون قبل مضى أربعة
أيام على األقل من انتهاء المداولة فيه .وأجازت إجراء مداولة ثانية فى مواد محددة من
مشروع القانون إذا طلبت الحكومة ذلك أو طلبه رئيس اللجنة أو مقررها أو عشرين عضوا
على األقل .وفى النهاية يتم االقتراع على المشروع بصفة نهائية قبل أن يحال إلى رئيس
الجمهورية إلصداره واألمر بنشره فى الجريدة الرسمية.
وفى ضوء هذا اإلطار القانونى ،يكشف تحليل البيانات الخاصة بمشروعات القوانين
التى نظرها مجلس األمة خالل أدوار انعقاده الثالث كما يوضحها الجدول رقم ( )3عن
المالحظات اآلتية:
سجلت مضابط مجلس األمة أنه قد عرض على المجلس ( )194مشروع قانون خالل •
أدوار انعقاده الثالث .غير أن إمعان النظر فى مشروعات القوانين التى أحيلت
للمجلس يبين أن هناك ( )12مشروع قانون تكرر تسجيلها فى أكثر من دور انعقاد
نتيجة بقائها من دور االنعقاد السابق واستمرار اللجان فى نظرها دون حاجة إلى
إحالة جديدة طبقا لحكم المادة ( )95من الالئحة الداخلية للمجلس ،وبالتالى يكون
إجمالى ما أحاله رئيس الجمهورية للمجلس ( )182مشروع قانون وافق المجلس
على ( )116مشروع قانون منها بصورة نهائية بنسبة (.)%63.7
شهد دور االنعقاد الثالث مناقشة وإقرار أكبر عدد من مشروعات القوانين –ربما بحكم •
كونه األطول عمرا ،حيث جرى خالله مناقشة ( )134مشروع قانون أقر منها ()82
مشروعا .وجاء دور االنعقاد األول فى الترتيب الثانى بعدد ( )34مشروع قانون
أحيلت إليه وافق على ( )27مشروع منها ،ثم سجل دور االنعقاد الثانى نظر المجلس
ولجانه لعدد ( )26مشروع قانون ،تم إقرار سبعة مشروعات منها فقط.
هناك ( )65مشروع قانون لم ينته المجلس من مناقشتها وإقرارها ،سواء ألن لجانه •
المختصة التى أحيلت إليه تلك المشروعات لم تنته من دراستها وإعداد تقرير عنها،
أو ألن الوقت لم يتسع لعرض تقارير اللجان عن هذه المشروعات ،أو ألنها عرضت
ولم ينته المجلس من مناقشتها وإقرارها.
هناك مشروع قانون واحد خاص بعدم قبول الطعن فى األعمال والتدابير التى اتخذتها •
الجهات القائمة على وضع نظام إلدارة أموال المعتقلين والمراقبين وغيرهم من
15
األشخاص والهيئات أحالته الحكومة للمجلس فى دور االنعقاد األول ثم عادت
45
واستردته بقرار من رئيس الجمهورية فى بداية دور االنعقاد الثانى.
أن التحليل المتعمق لموضوعات مشروعات القوانين التى أحالتها الحكومة إلى •
المجلس يكشف عن طغيان الطابع اإلقليمى على نحو ( )%40.7من مشروعات
القوانين التى أحيلت إلى المجلس .فقد بلغ عدد مشروعات القوانين التى تعلقت بأحد
إقليمى دولة الوحدة دون اآلخر ( )74مشروع قانون ،استحوذ اإلقليم السورى على
( )57مشروع منها ،بينما اختص اإلقليم المصرى بعدد ( )17مشروع قانون .ورغم
أن جانبا كبيرا من مشروعات القوانين التى اختص بها اإلقليم الشمالى تعلقت بإقرار
حسابات ختامية عن سنوات سابقة ،إال أن بعض هذه المشروعات قد أثارت
حساسيات إقليمية كما حدث عند مناقشة المجلس لمشروع قانون يتيح إقراض
موظفى الدولة فى اإلقليم المصرى بضمان المرتبات ومبالغ التعويض والمكافآت
والمعاشات ،حيث احتج الكثير من النواب الشماليين –والجنوبيين أيضا -على هذا
التمييز اإلقليمى ،وطالبوا بأن يشمل المشروع اإلقليمين معا ،وهو ما استجاب له
المجلس 47 .وتبقى هذه النقطة فى حاجة لمزيد من التحليل المتعمق ،خاصة من زاوية
تأثيرها على تجربة الوحدة وفشلها.
48انظر مضبطة الجلسة ( )27من دور االنعقاد الثالث لمجلس األمة .1961
49مضبطة الجلسة ( )28من دور االنعقاد الثالث لمجلس األمة عام .1961
17
إلى اللجنة المختصة ليسرى عليه ما يسرى على مشروعات القوانين المقدمة من الحكومة.
أما إذا رفض المجلس اقتراح قانون مقدم من واحد أو أكثر من أعضائه ،فإنه ال يجوز إعادة
تقديمه إلى المجلس قبل انقضاء سنة وفقا لحكم المادة السابعة من القانون المشار إليه.
وقد فصلت الالئحة الداخلية المؤقتة للمجلس فى تحديد الشروط الشكلية المطلوبة فى
اقتراحات القوانين التى يتقدم بها األعضاء إلى رئيس المجلس ليعرضها على المجلس فى
أقرب جلسة .كما حددت النواحى التى تبحثها لجنة االقتراحات والعرائض بعد إحالة االقتراح
إليها من المجلس ،لتقوم بعدها بعرض تقريرها عنه على المجلس ليحيله إلى اللجنة المختصة
حال الموافقة عليه .وأعطت الالئحة أولوية لمشروعات القوانين المعروضة على اللجان على
أى اقتراح بقانون حول ذات الموضوع ،حيث يعتبر المشروع هو األساس فى المناقشة ويعتبر
االقتراح اقتراح بالتعديل عليه إذا اتفق معه من حيث المبدأ .كما نظمت الالئحة بالتفصيل
األحكام الخاصة بحالة تعدد االقتراحات فى موضوع واحد ،أو تضمنها ما يزيد من النفقات أو
50
يؤثر فى اإليرادات.
جدول رقم ()4
اقتراحات القوانين فى برلمان الوحدة
اإلجمالى الدور الثالث الدور الثانى الدور األول البيان
111 51 33 27 اقتراحات القوانين المسجلة
3 1 2 0 اقتراحات القوانين التى تم إقرارها
23 14 5 4 اقتراحات قوانين تخص اإلقليم الشمالى
18 10 5 3 اقتراحات متعلقة بالضرائب والجمارك والرسوم
4 1 0 3 اقتراحات متعلقة بالشئون االقتصادية
11 6 2 3 اقتراحات متعلقة بالزراعة واإلصالح الزراعى
35 19 10 6 اقتراحات متعلقة بالعمل والعمال
22 8 4 10 اقتراحات متعلقة بالقضاء والعدالة
3 1 2 0 اقتراحات متعلقة بشئون األمن والدفاع
2 2 0 0 اقتراحات متعلقة بالشئون الصحية
11 6 2 3 اقتراحات متعلقة بالتعليم والثقافة
7 2 2 3 اقتراحات متعلقة بالمرافق العامة
ويوضح تحليل البيانات الخاصة باالقتراحات بقوانين التى تقدم بها أعضاء مجلس
األمة خالل أدوار انعقاده الثالث –كما يعرضها الجدول رقم ( -)3الحقائق التالية:
سجلت أدوار االنعقاد الثالثة لمجلس األمة تقدم أعضائه بعدد ( )111اقتراح بقانون، •
منها ( )27اقتراحا فى الدور األول ،و( )33اقتراحا فى الدور الثانى ،و( )51اقتراحا
خالل دور االنعقاد األخير .غير أنه لم تتم الموافقة سوى على ثالثة اقتراحات بقوانين
51
فقط بنسبة ال تصل إلى ( )%3من إجمالى االقتراحات التى تقدم بها األعضاء.
تناولت اقتراحات القوانين المقدمة من األعضاء ( )90عنوانا مختلفا ،بينما تكرر •
تسجيل ( )21اقتراحا نتيجة تجديد مقدميها لها من دور انعقاد آلخر ،منها اقتراح تم
تقديمه خالل أدور االنعقاد الثالث.
19
الدستور فى الخامس من مارس 1958حتى أول ديسمبر ،1960تاريخ أول قرار
بقانون يحال إلى المجلس ورقمه ( .)285وهذا يعنى أن رئيس الجمهورية اصدر
( )284قرارا بقانون لم تعرض على المجلس رغم إلزام الدستور بذلك .ويضاعف من
خطورة ذلك أن هذه القرارات بقوانين قد نظمت العديد من المسائل الخاصة بجوهر
التنظيم السياسى للدولة ،مثل قرار رئيس الجمهورية بقانون رقم 249لسنة 1960
فى شأن مجلس األمة ذاته ،والقرار بقانون رقم ( )2لسنة 1958بحل األحزاب
والهيئات السياسية فى اإلقليم السورى ،والقرار بقانون رقم ( )8لسنة 1958بقصر
حق الترشيح لعضوية مجالس إدارة النقابات على األعضاء العاملين فى االتحاد
القومى ،والقرار بقانون رقم ( )156لسنة 1960بشأن تنظيم الصحافة .وال شكك أن
ذلك ينطوى على مخالفة صريحة للدستور وتفريط من المجلس فى حقه بضرورة
عرض كافة القرارات بقوانين الصادرة فى غيبته منذ إقرار الدستور عليه فى أول
انعقاد له ،وحتى لو صدرت قبل قيام المجلس ذاته.
أن المجلس لم يعترض على أى من القرارات بقوانين التى أحيلت إليه ،وأقر ()23 •
قرارا منها ،فيما تسجل مضابط المجلس وجود قرارين بقانونين أحيال إلى المجلس فى
أولى جلسات دور انعقاده الثالث وأحالهما إلى لجنة الشئون الزراعية فى ذات
الجلسة 52،ولم يتم عرض تقرير اللجنة بشأنهما على المجلس حتى تاريخ فض دور
االنعقاد ،وبالتالى لم يبد المجلس رأيه فيهما ال باإلقرار وال باالعتراض .والمثير هنا
أن أحد هذين القرارين تعلق بتعديل بعض أحكام قانون اإلصالح الزراعى فى اإلقليم
السورى ،بينما تعلق الثانى بزيادة أجرة األراضى الزراعية.
أن أحد عشر قرار بقانون من تلك التى أحيلت إلى المجلس تعلقت بقضايا متصلة •
بالموارد والسياسة المالية الخاصة بالضرائب والجمارك والرسوم والبنوك ،إضافة
إلى أربعة قرارات بقوانين تعلقت بتأميم أو تصفية أو فرض الحراسة على بعض
الكيانات االقتصادية أو الخدمية وجاءت جميعها خالل دور االنعقاد الثانى 53 .وقد أقر
المجلس جميع هذه القرارات بقوانين فيما عدا ذلك المتصل بزيادة أجرة األراضى
الزراعية السابق اإلشارة إليه.
أن ثمانية قرارات بقوانين من تلك التى عرضت على المجلس تعلقت بموضوعات •
تتصل بالقطن ،سواء من حيث تحديد المساحة المزروعة به ،أو تنظيم االتجار فيه ،أو
الرسوم المفروضة عليه فى مراحل إنتاجية مختلفة .وقد أقر المجلس هذه القرارات
جميعا دون اعتراض.
أن البعد اإلقليمى لم يكن واضحا فى أغلب القرارات بقوانين التى أحيلت إلى المجلس، •
ولم يتضح إال فى تسعة قرارات بقوانين فقط خص اإلقليم الجنوبى ست منها من بينها
القرارات األربعة الخاصة بالتأميم وفرض الحراسة السابق اإلشارة إليها ،بينما اختص
اإلقليم الشمالى بثالثة قرارات بقوانين كان من بينها ذلك القرار بقانون الخاص بتعديل
بعض أحكام قانون الصالح الزراعى فى اإلقليم السورى الذى لم يتخذ المجلس فيه
قرارا كما سبقت اإلشارة.
-4المعاهدات الدولية
أعطت المادة ( )56من الدستور لرئيس الجمهورية سلطة إبرام المعاهدات ،غير أنها
جعلت موافقة مجلس األمة شرطا لسريان المعاهدات الخاصة بالصلح والتحالف والتجارة
54المواد 117و 118من الالئحة الداخلية المؤقتة لمجلس األمة لسنة .1960
21
من مصر لكل من الصومال وغينيا ،فى مقابل اتفاقية تسهيالت ائتمانية لمصر من
المجر.
22
املبحث الرابع
النشاط الرقابى لربملان الوحدة
أعطى الدستور المؤقت لدولة الوحدة الصادر فى مارس 1958ألعضاء مجلس األمة
ممارسة دورهم الرقابى على أعمال الحكومة من خالل استخدام خمسة أدوات محددة للرقابة
البرلمانية تم النص عليها صراحة فى الدستور .وتتثمل هذه األدوات الرقابية فى :األسئلة،
وطلبات المناقشة ،واالقتراحات برغبة فى المسائل العامة ،واالستجواب ،وأخير يأتى طرح
الثقة بالوزراء.
ويالحظ أن الدستور تحدث عن رقابة برلمانية ألعضاء مجلس األمة على أعمال
الوزراء وليس على الحكومة ككل فى إطار الحديث عن األسئلة واالستجوابات وطرح الثقة،
ولم يشر للحكومة فى مجموعها إال فى إطار الحديث عن طلبات المناقشة الستيضاح سياسة
الحكومة فى قضايا قد تدخل فى اختصاص أكثر من وزارة ،وكذلك الحال فى التقدم باقتراحات
فى المسائل العامة .وربما تفسر الطبيعة الرئاسية التى تبناها الدستور لنظام الحكم فى دولة
الوحدة استبعاد الحكومة ككل ورئيسها –الذى هو فى ذات الوقت رئيس الجمهورية -من مجال
رقابة مجلس األمة ،ناهيك عن المكانة المتميزة التى أعطاها الدستور لرئيس الجمهورية
بحيث أعطاه صالحيات فى غاية االتساع دون أن يشير بعبارة واحدة إلى إمكانية مساءلة
رئيس الجمهورية بأى صورة من الصور.
ولعل هذه المكانة المتميزة التى منحها الدستور للسلطة التنفيذية التى يمسك بزمامها
ر ئيس الجمهورية بسلطاته الواسعة تفسر عدم استخدام مجلس األمة مطلقا لالستجواب فى
إطار ممارسته لدوره الرقابى على أعمال الحكومة باعتبار أن االستجواب ينطوى على اتهام
للوزير الموجه إليه قد ينتهى إلى طرح الثقة فيه .كما أن عدم لجوء أى عضو بالمجلس
الستخدام االستجواب كأداة رقابية على الحكومة أدى بالتبعية إلى عدم الوصول إلى مرحلة
طرح الثقة بأى من وزراء الحكومة ،والتى اشترط الدستور أال تتم إال بعد مناقشة استجواب
لذات الوزير.
وهكذا ،من بين خمسة أدوات رقابية أتاحها الدستور ألعضاء المجلس ،مارس
المجلس دوره الرقابى على أعمال الحكومة من خالل ثالث أدوات فقط هى :األسئلة وطلبات
المناقشة العامة واالقتراحات برغبة.
وسوف نعرض للمالمح الرئيسية المنظمة الستخدام أعضاء مجلس األمة لكل أداة من
هذه األدوات الثالث ،وكيف وظفها األعضاء فى ممارسة دورهم الرقابى على الحكومة.
-1األسئلة
اكتفى الدستور المؤقت لدولة الوحدة فى تناوله لألسئلة البرلمانية باإلشارة إلى حق
كل عضو فى مجلس األمة فى توجيه أسئلة للوزراء ،وذلك فى المادة ( )24منه .كما لم يشر
القرار بقانون رقم 249لسنة 1960فى شأن مجلس األمة للرقابة البرلمانية إال فى إطار
حظره على أعضاء مجلس األمة التدخل فى األعمال التى تكون من اختصاص السلطتين
التنفيذية أو القضائية.
وجاء تناول تنظيم استخدام األسئلة فى إطار الرقابة البرلمانية بشكل مفصل فى
الالئحة الداخلية المؤقتة ،حيث اشترطت أن يقدم السؤال من عضو واحد ولوزير واحد
لالستفهام عن أمر يجهله العضو أو للتحقق من حصول واقعة وصل علمها إليه أو لالستعالم
23
عن نية الحكومة فى أمر من األمور .واشترطت أن يكون السؤال واضحا ومقصورا على
األمور المراد االستفهام عنها دون أى تعليق ،وأن يكون خاليا من العبارات غير الالئقة.
ووفقا لالئحة ،يجب أن يقدم السؤال كتابة إلى رئيس المجلس ليبلغه إلى الوزير
المختص ويدرجه فى جدول أعمال أقرب جلسة تالية النقضاء أسبوعين على إبالغ السؤال
للوزير المختص .غير أن الالئحة أجازت للوزير إبالغ رئيس المجلس برغبته فى اإلجابة عن
السؤال فى أول جلسة تالية إلبالغه إليه .كما أجارت له أن يودع إجابة مكتوبة تثبت فى
المضبطة عن األسئلة ذات الطابع المحلى أو التى يتغيب مقدموها عن الجلسة المحددة للرد،
أو إذا طلب العضو ذلك فى سؤاله.
وقد نصت الالئحة على تخصيص نصف ساعة فى أول الجلسة لألسئلة ،إال إذا قرر
المجلس خالف ذلك .كما منعت تحويل السؤال إلى استجواب فى ذات الجلسة .وجعلت األسئلة
تسقط تلقائيا باستقالة الوزير أو بانتهاء دور االنعقاد ،إال إذا قدم العضو طلبا كتابيا لرئيس
المجلس لتجديد سؤاله.
ويوضح تحليل البيانات المتعلقة باألسئلة خالل أدوار االنعقاد الثالثة لمجلس األمة كما
يعرضها الجدول رقم ( ،)5ما يلى:
سجلت مضابط مجلس األمة تقدم أعضائه بعدد ( )466سؤاال خالل أدوار انعقاده •
الثالث ،منها ( )99سؤاال خالل دور االنعقاد األول ،و( )159سؤاال خالل الدور
الثانى ،بينما تم تقديم ( )208أسئلة خالل دور االنعقاد الثالث واألخير للمجلس.
تقدم باألسئلة ( )175عضوا فقط من أعضاء المجلس بمتوسط حوالى ( )2.7سؤال •
لكل منهم .وكان من بين هؤالء األعضاء ( )123من اإلقليم الجنوبى يمثلون %70
من إجمالى األعضاء الذين شاركوا فى تقديم األسئلة ،تقدموا بعدد ( )342سؤاال تمثل
( )%73مما قدم من أسئلة .أما أعضاء اإلقليم الشمالى فقد ساهم منهم ( )52عضوا
فى تقديم ( )124سؤاال تمثل ( )%27من إجمالى ما قدم من أسئلة .ويشير ذلك إلى
أن أعضاء اإلقليم الجنوبى كانوا أنشط قليال فى استخدام األسئلة من نظرائهم
الشماليين ،سواء من حيث عدد من ساهم منهم فى تقديم األسئلة ،أو من حيث نسبة
ما قدموه من أسئلة مقارنة بوزنهم فى المجلس (.)%67
مع ضرورة مراعاة ما حدث خالل عمر المجلس من تغير فى التركيبة الحكومية، •
قدمت األسئلة إلى ( )52وزيرا فى الحكومة ،منهم ( )19وزيرا مركزيا وجه إليهم
( )95سؤاال ،و( )17وزيرا جنوبيا وجه إليهم ( )275سؤاال ،و( )15وزيرا شماليا
وجه إليهم ( )97سؤاال .وفيما وجه لرئيس المجلس التنفيذى لكال اإلقليمين سؤال
واحد جاء خالل الدور الثانى ،قدم أكبر عدد من األسئلة إلى وزير الشئون البلدية
والقروية الجنوبى ( 48سؤاال) ،تاله وزيرا التعليم والمواصالت الجنوبيين (32
سؤاال لكل منهما) ،ثم وزير األشغال الجنوبى ( 25سؤاال) ،ووزير المواصالت
الشمالى الذى وجه له 24سؤال وكان هو األعلى فى الوزراء الشماليين.
أنه من بين األسئلة التى وجهها األعضاء للحكومة ،قام الوزراء المعنيون باإلجابة •
على ( )254سؤاال إجابة شفوية فى قاعة المجلس ،إضافة إلى ثالثة أسئلة ضمت إلى
طلب مناقشة عامة فى ذات الموضوع ،بينما أودعت اإلجابة على ( )139سؤال فى
المضبطة ،وتم الرد على ثمانية أسئلة كتابة .كذلك تسجل المضابط طلب الحكومة
تأجيل الرد على عدد ( )62سؤال لما بعد الجلسة المفترض أن يتم الرد فيها ،وبينما
تم الرد على ( )30سؤاال منها الحقا ،إال أن ( )32سؤاال منها لم يسجل رد الحكومة
24
عليها .كما تسجل مضابط المجلس حالة واحدة لتنازل أحد األعضاء عن سؤال كان قد
تقدم به.
جدول رقم ()5
األسئلة البرلمانية فى ظل برلمان الوحدة
إجمالى الدور الثالث الدور الثانى الدور األول
الموضوع
مجموع
مجموع
مجموع
مجموع
جنوبى
جنوبى
جنوبى
جنوبى
شمالى
شمالى
شمالى
شمالى
466 124 342 208 65 143 159 38 121 99 21 78 أسئلة
175 52 123 53 20 33 57 15 42 65 17 48 أعضاء
32 11 21 10 4 6 12 4 8 10 3 7 زراعة
28 5 23 14 1 13 4 1 3 10 3 7 رى
109 36 73 46 19 27 43 15 28 20 2 18 مرافق
14 2 12 11 2 9 0 0 0 3 0 3 إصالح زراعى
21 5 16 9 4 5 7 1 6 5 0 5 تجارة
28 11 17 16 8 8 11 3 8 1 0 1 عمل وعمال
4 1 3 2 1 1 1 0 1 1 0 1 سياحة
61 17 44 37 12 25 12 0 12 12 5 7 تعليم وثقافة
3 3 0 0 0 0 1 1 0 2 2 0 سياسة خارجية
26 6 20 9 4 5 11 1 10 6 1 5 شئون مالية
36 7 29 17 2 15 9 3 6 10 2 8 شئون صحية
12 3 9 5 1 4 5 1 4 2 1 1 امن ودفاع
16 2 14 1 0 1 10 2 8 5 0 5 محليات
19 5 14 8 3 5 10 2 8 1 0 1 عدالة وقضاء
21 2 19 6 0 6 9 1 8 6 1 5 شئون اجتماعية وأوقاف
3 0 3 2 0 2 0 0 0 1 0 1 رياضة وشباب
20 6 14 9 5 4 8 1 7 3 0 3 صناعة
14 8 6 6 5 1 7 3 4 1 1 0 شئون الوحدة
6 1 5 2 0 2 4 1 3 0 0 0 أخرى
كانت القضايا المتعلقة بالمرافق العامة هى األكثر إثارة لألسئلة من جانب األعضاء •
خالل فترة الدراسة ،حيث اختصت وحدها بعدد ( )109أسئلة ،تلتها الموضوعات
الخاصة بالتعليم والثقافة ( 61سؤاال) ،ثم القضايا الخاصة بالشئون الصحية (36
سؤاال) ،والقضايا المتعلقة بالزراعة ( 32سؤاال) ،فيما اختص األعضاء قضايا العمل
والعمال بعدد 29سؤاال ،والقضايا الخاصة بالرى ( 23سؤاال) ،والموضوعات
المتصلة بالتجارة والتموين ،والشئون االجتماعية واألوقاف 21سؤاال لكل منها.
تعلق ( )14سؤاال بموضوعات تتصل بقضية الوحدة بين اإلقليمين .وقد تناول أحد •
عشر سؤال من هذه األسئلة موضوعات خاصة بتسهيل إتمام الوحدة الفعلية بين
اإلقليمين مثل :تالفى استعمال بعض سفارات الجمهورية فى الخارج لشعارات ما قبل
الوحدة ،التأخر فى إحالة تشريعات الوحدة إلى مجلس األمة ،تخفيض أجور السفر بين
اإلقليمين ،صرف تذاكر مجانية للموظفين المنتدبين من إقليم آلخر وعائالتهم ،تبسيط
وتنسيق التشريعات التموينية فى اإلقليمين ،توحيد القوانين التعليمية والتنظيمية فى
اإلقليمين ،استفادة الموظفين المنتدبين للعمل بين اإلقليمين بالمزايا المتاحة فى كل
منهما ،إصدار قانون موحد للرسوم المفروضة لصالح أعمال البر ،تبادل األدوية
25
والعقاقير بين اإلقليمين .أما األسئلة الثالث األخرى فقد حملت نوع من الشكوى من
وجود ميزة فى إقليم (الجنوبى) غير متاحة فى اإلقليم اآلخر (الشمالى) .فقد طالب أحد
هذه األسئلة بإنتاج كساء شعبى فى اإلقليم الشمالى بأسعار مخفضة أسوة باإلقليم
الجنوبى ،فيما حمل السؤاالن اآلخران شكوى ضمنية من عدم تنفيذ قانون إقراض
الموظفين فى اإلقليم الشمالى بضمان المرتبات والمعاشات رغم تنفيذه فى اإلقليم
الجنوبى.
من الملفت أن األعضاء الذين تقدموا باألسئلة التزموا بتوجيه أسئلتهم إلى الوزراء •
المختصين بإقليمهم أو الوزراء المركزيين رغم أن العرف البرلمانى جرى على اعتبار
النائب ممثل لألمة ككل وليس قاصر على تمثيل منطقة أو إقليم معين فيها .غير أن
مضابط المجلس سجلت خروجا على هذه الظاهرة مرتين ،كانت األولى خالل دور
االنعقاد الثانى الذى شهد توجيه عضو جنوبى لسؤال لوزير الداخلية الشمالى بشأن
مؤامرة الديناميت التى دبرتها عصابة ملك األردن فى اإلقليم الشمالى ،حسبما جاء فى
السؤال 55 .أما الحالة الثانية فقد جاءت خالل دور االنعقاد الثالث وشهدت تقدم عضو
شمالى بسؤال لوزير الداخلية الجنوبى عن اإلجراءات التى اتخذت للقضاء على
56
النشل.
55انظر مضبطة الجلسة ( )3من دور االنعقاد الثانى لمجلس األمة عام .1961
56انظر مضبطة الجلسة ( )4من دور االنعقاد الثالث لمجلس األمة عام .1961
26
الطلبات بإصدار المجلس لقرار فى موضوع المناقشة ،وكانت الحاالت الثالث فى دور
االنعقاد األول وفى موضوعات متعلقة بالسياسة الخارجية وهى :اعتراف شاه إيران
بإسرائيل ،تحويل مجرى نهر األردن ،مساندة الثورة فى الجزائر.
أن الطابع اإلقليمى كان واضحا فى ( )15من طلبات المناقشة التى عرضت على •
المجلس ،اختص اإلقليم الشمالى بثمانية طلبات منها ،بينما قدمت سبعة طلبات حول
موضوعات تخص اإلقليم الجنوبى.
أن تحليل الموضوعات التى تركزت حولها طلبات المناقشة يبرز تصدر الموضوعات •
الخاصة بالزراعة والرى للقائمة بتسع طلبات مناقشة ،تلتها كل من قضايا التعليم
والثقافة وقضايا الصحة بست طلبات مناقشة لكل منها ،ثم قضايا :السياحة،
المواصالت ،السياسة الخارجية ،الشئون المالية واالقتصادية والتى اختصت كل منها
بأربعة طلبات مناقشة ،وأخيرا قضايا اإلسكان (ثالث طلبات) ،ثم قضايا العمل والعمال
وقضايا األمن القومى التى قدم طلب مناقشة واحد فى كل منها.
جدول رقم ()6
طلبات المناقشة فى برلمان الوحدة
إجمالى الثالث الثانى األول دور االنعقاد
42 14 17 11 طلبات المناقشة
17 6 6 5 طلبات منتهية
8 6 2 0 طلبات مجددة
8 2 4 2 إقليم شمالى
7 4 1 2 إقليم جنوبى
9 4 3 2 زراعة ورى
6 0 3 3 تعليم وثقافة
3 0 3 0 إسكان
4 2 2 0 سياحة
1 0 1 0 عمل وعمال
4 3 1 0 مواصالت
6 2 2 2 صحة
4 1 0 3 سياسة خارجية
4 1 2 1 شئون مالية واقتصادية
1 1 0 0 أمن قومى
كانت نسبة االقتراحات التى انتهى المجلس إلى الموافقة عليها محدودة للغاية مقارنة •
بما قدم له من اقتراحات ،حيث لم يتجاوز عدد االقتراحات التى وافق عليها المجلس
( )14فقط ال تمثل سوى نحو %6مما قدم إليه من اقتراحات .ففيما لم يحظى أى من
االقتراحات التى قدمت خالل دور االنعقاد األول بموافقة المجلس ،وافق المجلس على
خمسة اقتراحات خالل دور االنعقاد الثانى ،وتسعة اقتراحات خالل دور االنعقاد الثالث.
28
شملت االقتراحات التى وافق عليها المجلس أربعة اقتراحات خاصة بموضوعات •
متصلة بالزراعة والرى ،كما حظيت الموضوعات المتصلة بقضايا والتعليم ،والمرافق
العامة ،والسياسة الخارجية بموافقة المجلس على اقتراحين لكل منها ،وتوزعت
االقتراحات الباقية التى وافق عليها المجلس بواقع اقتراح واحد للموضوعات الخاصة
بقضايا :العمل والعمال ،التموين ،العدالة ،والنقل الجوى.
يمكن أن يضاف إلى ما انتهى المجلس منه من اقتراحات برغبة اقتراح رفضه •
المجلس خالل دور انعقاده الثالث بشأن وقف اإلعانات الحكومية للجمعيات األهلية
وقصر اعتمادها على تبرعات القطاع األهلى ،واقتراحان لعضو واحد قام باستردادهما
بعد ال بدء فى مناقشتهما ،األول خالل دور االنعقاد األول بشأن إنشاء معهد لدراسات
القومية العربية ،والثانى خالل دور االنعقاد الثالث بشأن تدريس مادة القانون فى
المدارس والمعاهد رغم تجديده له من دور االنعقاد الثانى.
تناول ( )46اقتراحا برغبة موضوعات تخص اإلقليم المصرى منفردا ،مقارنة بعدد •
( )36اقتراحا برغبة فى موضوعات تخص اإلقليم الشمالى .وفى المقابل انصب
اهتمام اثنا عشر اقتراحا برغبة على موضوعات متصلة بشئون الوحدة بين اإلقليمين،
مثل :إنشاء خطوط للنقل الجوى بين المدن الرئيسية فى اإلقليمين ،السماح لسيارات
المواطنين بالدخول الدائم فى كال اإلقليمين ،وضع نظام موحد للعمل والمستخدمين،
دراسة إمكانية زراعة ما تحتاجه مصانع التبغ فى اإلقليم المصرى باإلقليم الشمالى،
تخفيض وتوحيد اإلجراءات الجمركية ،توحيد اإلدارة الحكومية المشرفة على النهوض
بالثروة السمكية ،توحيد وتنسيق الخدمات الريفية .وقد حظى اقتراح برغبة من بين
هذه االقتراحات الوحدوية يخص زيادة وسائل النقل الجوى بين القاهرة ودمشق
بموافقة المجلس خالل دور انعقاده الثانى.
جاءت الموضوعات المتصلة بقضايا المرافق العامة فى صدارة الموضوعات التى •
تناولتها االقتراحات برغبة التى قدمت خالل أدوار االنعقاد الثالث للمجلس ،حيث قدم
فيها ( )36اقتراحا برغبة .وجاء تاليا لها قضايا التعليم والثقافة ( 34اقتراحا برغبة)،
وقضايا الزراعة والرى ( 26اقتراحا برغبة) ،ثم قضايا األمن والعدالة التى قدم
بشأنها ( )24اقترحا برغبة تناول أربعة اقتراحات منها عملية تشكيل المجلس للجنة
التحضيرية إلعداد الدستور خالل دور انعقاده الثانى .كذلك سجل تقديم ( )23اقتراحا
برغبة فى موضوعات تخص الشئون المالية واالقتصادية ،و( )18اقترحا فى قضايا
النقل والطرق ،و( )17فى قضايا العمل والعمال ،ومثلها فى قضايا الصحة ،كما تناول
( )14اقتراحا برغبة قضايا تتصل بالشئون االجتماعية والدينية.
املبحث اخلامس
الدور املاىل لربملان الوحدة
كان الدور المالى فى مقدمة االختصاصات التى نشأت البرلمانات للقيام بها منذ بوادر
ظهر الحياة البرلمانية فى صورها األولى .وتحمل الوظيفة المالية للبرلمانات أهمية خاصة
باعتبارها تجمع بين التشريع والرقابة فى ذات الوقت ،حيث تفرض الدساتير فى معظم الدول
التى توجد بها حياة برلمانية على السلطة التنفيذية الحصول على موافقة البرلمان قبل فرض
29
أى أعباء مالية فى صورة ضرائب أو رسوم أو خالفه ،وكذا عند التعديل فى هذه األعباء أو
اإلعفاء منها .وتمنع كافة الدساتير تقريبا الحكومات من التصرف فى أى جزء من الموارد
العامة إال بموافقة ال برلمان وفى الحدود التى تفرضها القوانين التى يصدرها لتنظيم ذلك .ومن
زاوية أخرى ،يكون قيام البرلمان بهذا الدور التشريعى-المالى مناسبة لمحاسبة الحكومة عن
57
أدائها ومدى رشادتها فى إدارة موارد الشعب دون إهدار أو تفريط.
وقد أفرد دستور دولة الوحدة المصرية السورية المؤقت الصادر عام 1958تسعة
مواد من بين 31مادة خصصها للسلطة التشريعية لتناول األحكام الخاصة بدور مجلس األمة
فى الشئون المالية للدولة .حددت هذه األحكام دور المجلس فى الشئون المالية فى ثالثة نواح
أساسية ،وهى:
أ -الضرائب والرسوم ،حيث أكد الدستور على أن إنشاء الضرائب العامة أو تعديلها أو
إلغائها ال يكون إال بقانون ،وال يعفى أحد من أدائها فى غير األحوال المبينة بالقانون.
وحظر الدستور تكليف أحد بأداء أى نوع من الضرائب والرسوم إال فى حدود القانون.
ب -إدارة الموارد العامة ،حيث أكد الدستور على سلطة مجلس األمة فى وضع القوانين التى
تنظم جباية األموال العامة وإجراءات صرفها .وفرض على الحكومة الحصول على
موافقة مجلس األمة على أى قرض تعقده أو أى ارتباط يترتب عليه إنفاق مبالغ من
خزانة الدولة فى سنة أو سنوات مقبلة .كما حظر الدستور على الحكومة منح أى احتكار
إال بقانون ولمدة زمنية محددة.
ج -الميزانية العامة ،حيث اشترط الدستور موافقة مجلس األمة على مشروع الميزانية
العامة للدولة والميزانيات المستقلة والملحقة بها ،وكذا ميزانيات الهيئات العامة
األخرى .وأعطى الدستور لمجلس األمة سلطة إصدار القانون الذى ينظم طريقة إعداد
الميزانية وعرضها عليه وتحديد السنة المالية .كما أوجب الدستور حصول الحكومة
على موافقة مجلس األمة قبل نقل أى مبلغ من باب إلى آخر من أبواب الميزانية ،وكذلك
58
على كل مصروف غير وارد بها أو زائد على تقديراتها.
ولما كنا قد سبق وتناولنا الجانب المتعلق بالضرائب والرسوم وإدارة الموارد العامة
فى إطار تناولنا للدور التشريعى للمجلس ،بحكم أنها تتم جميعا من خالل قوانين أو قرارات
جمهورية يقرها المجلس ،فإننا سنقتصر فى تناولنا للدور المالى لمجلس األمة هنا على دوره
فى ثالثة مجاالت أساسية ،وهى :الميزانية العامة للدولة ،واالعتمادات اإلضافية ،ثم الحسابات
الختامية.
61مضبطة الجلسة ( )1من دور االنعقاد الثالث لمجلس األمة عام .1961
62انظر تقرير اللجنة بمضبطة الجلسة ( )20من دور االنعقاد الثالث لمجلس األمة .1961
63مضبطة رقم ( )22من دور االنعقاد الثالث لمجلس األمة .1961
32
كشفت عن الحاجة للحديث فى هذه المسائل بصراحة ووضوح سواء من قبل رئيس اللجنة أو
من وزراء الحكومة.
فقد تساءل بعض األعضاء عن أسس توزيع األعباء المالية بين إقليمى الدولة ،خاصة
تلك النفقات المخصصة للوزارات والمصالح الموحدة ،وكذلك توزيع االستثمارات بين
اإلقليمين بصورة عادلة .وكان أن تصدى رئيس لجنة شئون الميزانية والحساب الختامى
بتوضيح أن الزيادة فى مشروع ميزانية الوزارات والمصالح الموحدة بلغت 12.4مليون
جنيه ،تحمل اإلقليم الجنوبى منها 11.7مليون جنيه ،ولم يتحمل اإلقليم الشمالى منها سوى
0.7مليون جنيه .كما صرح بأن الحكومة حرصت على أال يتحمل اإلقليم الشمالى أى من
الزيادة التى طرأت على مشروع ميزانية التسليح ،وقدرها سبعة ماليين جنيه تحملها اإلقليم
64
الجنوبى بالكامل.
ومن جانبه ،أكد وزير الخزانة المركزى على تحمل اإلقليم الجنوبى لمعظم األعباء
الخاصة بالميزانية الموحدة .وشدد على أن رصد اعتمادات الميزانية يهتم أوال وأخيرا بتحقيق
صالح الجمهورية العربية المتحدة ،دون أدنى تفرقة بين أى من إقليميها .وأوضح أن الحكومة
تعتبر ذلك نوع من "التكافل االقتصادى" الذى يجب أن يكون لب الوحدة الشاملة بين إقليمى
الدولة الواحدة .وأشار إلى أن الحكومة تسعى فى األجل الطويل إلى ضمان خضوع المواطن
فى أى من إقليمى الدولة لذات األعباء ،على أن توزع الموارد وفقا لالحتياجات الفعلية بغض
النظر عما إذا كانت اإليرادات المتحصلة من محافظة أو إقليم معادلة للنفقات التى تصرف
65
عليها أو عليه.
وردا على ما أثير بشأن التكامل االقتصادى بين إقليمى الدولة ،أكد وزير الخزانة
المركزى أنه من الطبيعى أن تنتهى الوحدة إلى كيان واحد متكامل فى كل شيء ،غير أن
استقالل كل إقليم بظروفه االقتصادية وكيانه االقتصادى اقتضى تحرى الحكمة فى إجراءات
الوحدة االقتصادية الهادئة والمتدرجة لصالح كال اإلقليمين .وأشار إلى أن الحكومة نجحت فى
توحيد ظروف اإلنتاج وأعبائه فى كال اإلقليمين لتنشيط التبادل التجارى بينهما دون اإلضرار
بطرف لصالح اآلخر .وذكر أن التبادل التجارى بين اإلقليمين زاد من متوسط 1.68مليون
جنيه خالل السنوات العشر السابقة على الوحدة ،ليصل إلى 4.44مليون جنيه عام ،1958
ثم إلى 13.49مليون جنيه عام ،1959ثم إلى 13.6مليون جنيه عام ،1961وهو ما
66
يعادل ثمانية أمثاله قبل الوحدة المصرية السورية.
وقد انتهى المجلس إلى الموافقة على تقرير اللجنة بشأن السياسة المالية لمشروع
الميزانية العامة للدولة للسنة المالية ،1962/1961كما وافق على مشروعات القرارات
الخاصة بباقى الموازنات بابا بابا قبل أن ينتهى إلى الموافقة عليها فى مجموعها فى ذات
67
الجلسة التى تلى فيها قرار فض دور انعقاده الثالث واألخير.
-2االعتمادات اإلضافية
أوجب الدستور فى المادة ( )33منه موافقة مجلس األمة على أى طلب للحكومة بفتح
اعتماد إضافى لمواجهة أى مصروف غير وارد بالميزانية بعد إقرارها أو زائد على تقديراتها.
كما أوجب موافقة المجلس أيضا على نقل أى مبلغ من باب إلى آخر من أبواب الميزانية.
-3الحسابات الختامية
من الملفت أن أيا من الدستور أو قانون مجلس األمة أو الالئحة لداخلية لمجلس األمة
لم تتضمن أدنى أشارة إلى أى دور للمجلس حيال الحسابات الختامية للموازنة العامة ،وهى
كرقابة مالية الحقة تعد الوجه اآلخر للرقابة المالية المسبقة المتمثلة فى إقرار الميزانية.
وكانت اإلشارة الضمنية الوحيدة إلمكانية قيام مجلس األمة بدور فى هذا الشأن هى تسميته
68تقرير اللجنة بمضبطة الجلسة ( )20من دور االنعقاد الثالث لمجلس األمة .1961
69مضبطة الجلسة ( )25من دور االنعقاد الثالث لمجلس األمة ،1961ص 1684
34
إلحدى لجانه باسم "لجنة شئون الميزانية والحساب الختامى" ،ربما فى محاولة منه لتذكير
الحكومة بحقه فى االطالع على حساباتها الختامية.
وفى ظل غياب التنظيم القانونى لدور المجلس إزاء الحسابات الختامية ،يمكن فهم
مجموعة من المالحظات على ما أحالته الحكومة للمجلس من حسابات ختامية ،وهى:
غاب االتساق عن الوسيلة التى أحالت بها الحكومة بعض الحسابات الختامية •
للمجلس ،ففى حين تمت إحالة ( )18حسابا ختاميا من بين ( )19حساب ختامى
أحيلت للمجلس طوال وجوده فى صورة مشروعات قوانين ،أحيل حساب ختامى واحد
فى صورة مشروع قرار جمهورى.
تأخرت الحكومة كثيرا فى البدء فى إحالة بعض الحسابات الختامية إلى المجلس ،حيث •
لم تبدأ فى ذلك إال فى دور االنعقاد الثانى الذى شهد إحالة ثالثة مشروعات قوانين
خاصة بحسابات ختامية ،فيما أحيلت باقى الحسابات الختامية ال 16خالل دور
االنعقاد الثالث.
أنه من بين الحسابات الختامية التسعة عشر التى أحيلت للمجلس لم يقر المجلس إال •
ثالثة منها فقط ،إثنان منها فى دور االنعقاد الثانى وواحد خالل دور االنعقاد األخير.
أما باقى الحسابات الختامية فلم يتح للمجلس الوقت الكافى إلقرارها نظرا إلحالة ()15
منها إلى المجلس فى آخر جلسات دور انعقاده األخير ،وأحيل إليه الحساب الختامى
70
المتبقى قبل ذلك بثالث جلسات فقط.
أن جميع ما أحيل للمجلس من حسابات ختامية يخص موازنات ثالث جهات فقط وعن •
سنوات مالية معظمها سابق على الوحدة ذاتها .فقد أحيل إلى المجلس ستة مشروعات
قوانين تتعلق بتسديد موازنة اإلقليم السورى عن السنوات من 1945إلى 1949
وعن سنة .1956فيما تعلق ( )12مشروع قانون بقطع ميزانية المديرية العامة
للبرق والهاتف عن السنوات من 1947حتى 1959عدا سنة .1952وكان أحدث
ما أحيل إلى المجلس من حسابات ختامية هو مشروع القرار الجمهورى الخاص بربط
الحسابات الختامية لمصلحة التامين والمعاشات باإلقليم الجنوبى عن السنة المالية
.1961/1960
وقد كانت مناقشات المجلس لمشروع الميزانية مناسبة استغلها بعض السادة األعضاء
فى الشكوى من تأخر الحكومة فى تقديم الحسابات الختامية للمجلس .وكان رد الحكومة على
ذلك –ممثلة فى وزير الخزانة المركزى -هو عدم وجود الكوادر الفنية الكافية لدى اإلدارة
العامة للحساب الختامى بالوزارة النجاز الحسابات الختامية فى موعد أقرب من ذلك .وأشار
إلى صدور القرار الجمهورى رقم 422لسنة 1958باعتماد الحساب الختامى للدولة عن
السنة المالية ،1956/1955وهى آخر سنة مالية اعتمد حسابها الختامى .وذكر أن
الحسابات الختامية للسنتين الماليتين 1958/57 ،1957/56قد تم إقفالها بصفة نهائية،
وأن الوزارة فى سبيل استصدار القرارات الجمهورية الالزمة لتسوية التجاوزات واعتماد
الحساب الختامى لكل منها .وأكد أن إدارة الحساب الختامى بالوزارة بصدد االنتهاء من إقفال
الحساب الختامى للسنة المالية 1959/58فى موعد أقصاه نهاية يوليو .1961وتعهد
بالعمل على دعم اإلدارة المذكورة بالعدد الالزم من الموظفين المؤهلين ،خاصة فى ظل تزايد
األعباء الملقاة عليها نتيجة زيادة عدد الهيئات الملحقة والمستقلة والتوسع فى الميزانية
70مضبطتى الجلستين 25و 28من دور االنعقاد الثالث لمجلس األمة .1961
35
اإلنتاجية ،وذلك حتى يمكنها االنتهاء من الحسابات الختامية لسنوات 1960/59و
71
1961/60فى اقرب وقت ممكن.
وفى ظل غياب اإللزام القانونى الواضح ،لم يهتم الوزير بأن يفسر للمجلس سبب عدم
إحالة الحكومة للحساب الختامى لسنة 1956/55إلى المجلس رغم مضى نحو ثالث سنوات
على اعتماد رئيس الجمهورية له بنص كالمه .بل إن كالمه فى الحقيقة تعلق بانتهاء الحكومة
من إغالق الحسابات الختامية للسنوات المالية السابقة ،ولم يشر إلى أى التزام بعرضها على
المجلس .وربما كانت غيبة اإللزام القانونى هى السبب كذلك فى عدم تعليق أى من أعضاء
المجلس على رد الوزير على هذا الموضوع الخطير.
رغم أن البرلمان كان هو الساحة الرسمية األولى التى انطلقت منها طروحات الوحدة
المصرية السورية ،إال أن ما عرضته السطور السابقة حول دور مجلس األمة فى دولة الوحدة
المصرية السورية يوضح أن المجلس لم يعط المساحة الكافية ليقوم بدور واضح فى دولة
الوحدة .دور يكون فيه مجلس األمة قناة فعلية لنقل مطالب الجماهير وتجميعها والتعبير عنها
فى مواجهة السلطة التنفيذية ،وبوتقة تنصهر فيها مصالح قد يغيب عنها االنسجام أحيانا
لتخلق تشريعات وتوجهات تكون هى القوة التى تدعم أواصر الوحدة بين إقليمى الدولة،
وتكون هى المحرك الذى يدفع نحو تحقيق الوحدة الفعلية بين إقليمى الدولة ،والتى تتجاوز ما
تحقق من وحدة رسمية حول رئيس ودستور وعلم واحد.
لقد وجد مجلس األمة نفسه أمام معضلة أحسن البعض تلخيصها فى عبارة بليغة رأت
أنه كان "مجلسا نيابيا ،فى جمهورية رئاسية ،يقودها زعيم قومى كاريزمى" 72.وهى معضلة
تبلورت مالمحها فى بعدين أساسيين ،تمثل أولهما فى عدم تعامل القائمين على وضع البناء
المؤسسى لدولة الوحدة مع دور البرلمان بالجدية المناسبة ،فيما تمثل البعد الثانى لهذه
المعضلة فى تقصير المجلس ذاته فى التعامل مع هذا الدور بما يستحقه من قوة وندية.
فعلى صعيد عدم التعامل الجدى مع البرلمان كإحدى المؤسسات األساسية فى البناء
السياسى لدولة الوحدة ،نجد مؤشرات عديدة لذلك ،أهمها اآلتى:
لم يضع الدستور المؤقت لدولة الوحدة تاريخا محددا النعقاد مجلس األمة وفوض •
أمره إلى رئيس الجمهورية ،الذى هو أيضا رئيس السلطة التنفيذية التى يفترض أن
يكون المجلس رقيبا عليها .وكانت النتيجة أن تأخرت إرادة الرئيس فى السماح بوالدة
مجلس األمة لما يزيد على عامين مثال ثلثا عمر التجربة الوحدوية التى انهارت بعد
نحو عام من قيام مجلس األمة .وفيما كان ذلك سببا فى حرمان الدولة الوليدة من أهم
مؤسسة تمثيلية لمصالح المواطنين فيها ،فإن المدة التى عاشها المجلس لم تكن كافية
لتتيح له ترك بصمات واضحة فى مسار التجربة.
أن الدستور قد جعل اختيار أعضاء المجلس بالتعيين من قبل رئيس الجمهورية وليس •
باالنتخاب المباشر من الشعب ،وهو ما أضعف من الصفة التمثيلية للمجلس فى
مواجهة الجماهير من ناحية ،وفى مواجهة السلطة التنفيذية التى عينتهم من الناحية
األخرى .ورغم أن التعلل بالعجلة وصعوبة إجراء االنتخابات كانت الحجة فى اعتماد
هذا األسلوب غير المناسب ،فقد ثبت أنها اعتبارات لم تكن فى محلها كما سبق أن
أشرنا ،خاصة إذا علمنا أن أعضاء لجان االتحاد القومى فى القرى والمدن قد تم
اختيارهم باالنتخاب عام ،1959أى قبل تشكيل مجلس األمة.
أن القرار بقانون الخاص بمجلس األمة قد أعطى لرئيس الجمهورية الحق فى فض •
دور انعقاد مجلس األمة فور إكماله شهرا من بداية انعقاده ،وهو ما يعنى –ولو
نظريا -إمكانية قصر مدة أدوار االنعقاد الثالث التى نص عليها القانون على ثالثة
أشهر فقط فى العام.
لم يتناول الدستور أى دور لمجلس األمة فى عملية ترشيح وانتخاب رئيس •
الجمهورية ،ولم يشر إلى أى دور للمجلس فى حالة عجز رئيس الجمهورية المؤقت
72عونى فرسخ ،االنفصال ،فى :أربعون عاما على الوحدة المصرية السورية ،ندوة نظمها مركز الدراسات السياسية واإلستراتيجية
باألهرام ،القاهرة ،1999 ،ص . 266-221ود .مصطفى كامل السيد ،بناء المؤسسات والية صنع القرار ،المرجع السابق ص
128-111
37
أو الدائم عن ممارسة مهامه ،وهو وضع كان من الممكن أن يضع الدولة فى فراغ
دستورى إذا حدث ألى سبب من األسباب.
أن الدستور وقانون مجلس األمة لم يشيرا إلى أى دور لمجلس األمة قبل الحسابات •
الختامية للدولة ،وهو ما أضعف من قدرة المجلس فى الرقابة المالية على الحكومة.
وكان غياب هذا اإللزام الصريح سندا للحكومة فى التأخر فى إحالة الحسابات الختامية
إلى المجلس ،وتعلق معظم ما أحالته إلى المجلس منها بسنوات سابقة على الوحدة
وبعدد محدود من الجهات .بل إن الحكومة أبدت ضجرها إزاء مالحظة أثيرت بهذا
الشأن عند مناقشة مشروع الميزانية فى المجلس ،ولم تقدم للمجلس أى التزام واضح
فى هذا الشأن.
أما فيما يتعلق بعدم ممارسة المجلس لدوره بما ينبغى من القوة والندية ،فنجد العديد
من المؤشرات من أهمها اآلتى:
أن المجلس لم يعقد خالل عام كامل شهد ثالثة ادوار انعقاد للمجلس سوى ()61 •
جلسة خالل ( )215يوم هى إجمالى مدة ادوار انعقاده الثالث .ولم يعمل المجلس
خالل هذه المدة سوى حوالى ( )200ساعة عمل بمتوسط 3.3ساعة للجلسة
الواحدة .كما بلغ إجمالى عدد كلمات المشاركين بالكالم خالل هذه الجلسات 1280
مداخلة ،بمتوسط 21مداخلة لكل جلسة ،و 2.1مداخلة لكل عضو من أعضاء
73
المجلس.
يالحظ أن نسبة عدم الحضور فى جلسات المجلس كانت مرتفعة .ورغم أن الفرصة •
لم تتح لنا إلجراء حصر دقيق لهذه النسبة ،إال أن اإلشارة إلى أن عدد األعضاء اللذين
شاركوا فى التصويت خالل جلسة انتخاب أعضاء اللجنة التأسيسية إلعداد مشروع
الدستور كان 526عضوا فقط من إجمالى أعضاء ،يشير إلى عدم حضور ()74
عضوا خالل مثل هذه الجلسة الهامة يمثلون ( )%12.3من أعضاء المجلس ،وهى
74
نسبة مرتفعة للغاية حتى إذا استبعدنا منها األعضاء المتوفين والمستقيلين.
أن المجلس ظل طوال حياته القصيرة يعمل بالئحة داخلية مؤقتة عرضت عليه جاهزة •
فى بداية جلساته ،ورغم تكرار الشكوى مما يكتنفها من قصور فى كثير من المسائل،
خاصة تلك المتعلقة بعدد األعضاء فى اللجان وحقوق األعضاء فى الكالم فى
اجتماعات اللجان ،لم تنتهى اللجنة التى أحال إليها المجلس هذا الموضوع الهام
لدراسته من عملها طوال ادوار انعقاد المجلس الثالثة.
أن هناك عالمات استفهام على جدية دور المجلس فى مناقشة مشروعات القوانين •
التى أحالتها إليه الحكومة فى ظل استخدام المجلس لطريقة االستعجال -التى تتضمن
االستثناء من كافة المواعيد التى حددتها الئحة المجلس -فى إقرار ( )33مشروع
قانون محالة إليه من الحكومة ،تمثل ( )%28.4من جملة ما اقره المجلس من
مشروعات قوانين .وتتضاعف هذه الشكوك إذا عرفنا أن ( )15من هذه المشروعات
تمت الموافقة عليها فى ذات يوم إحالتها للمجلس ،وأن هذه المشروعات تعددت فى
الجلسة الواحدة حتى وصل عددها إلى خمسة مشروعات فى إحدى جلسات المجلس.
كما تجب اإلشارة هنا إلى أن مشروع قانون كبير وهام مثل مشروع قانون إعادة
تنظيم األزهر كان أحد المشروعات التى أقرها المجلس بهذه الطريقة ودون أن يشارك
عضو واحد فى مناقشته فى المجلس.
39