Professional Documents
Culture Documents
مطبوعة المالية العامة
مطبوعة المالية العامة
+' + + +
7 , - ./0' 123 4 5 6 & <3 '
: !: : =
+' + + +
7 , - ./0' 123 4 5 6 & <3 '
: !: : =
الفئة املستهدفة
طلبة السنة الثانية جذع مشرتك بكلية العلوم االقتصادية و التجارية و علوم التسيري مجيع األقسام.
أهداف املقياس
بعد االنتهاء من دراسة املقياس يكون الطالب قادرا عىل:
-تعريف املالية العامة ،و معرفة نشأهتا و عالقتها بتطور دور الدولة يف النشاط االقتصادي؛
-تعريف النفقات العامة و أنواعها و تقسيامهتا و آثارها؛
-تعريف اإليرادات العامة و أنواعها و مصادرها املختلفة؛
-تعريف املوازنة العامة و خصائصها و املبادئ التي تقوم عليها؛
-حتديد اجلهة املكلفة بإعداد املوازنة العامة و اعتامدها و إقرارها؛
-اكتشاف املراحل و اخلطوات املرتبطة بتنفيذ املوازنة العامة و اجلهات املكلفة بالرقابة عليها.
وحدة التعليم
من الدروس
للسدايس
الرصيد
املقياس
امتحان
املعامل
x x 50سا 55 50سا 55 1سا 05 1سا 05 50 50 املنهجية املالية العامة
3
مقدمة
حيتل علم املالية العامة مركزا هاما ضمن العلوم االقتصادية ،حيث تعترب املالية العامة حلقة الوصل بني
االقتصاد و السياسة ،لذلك سمي علم املالية العامة قديام باالقتصاد السيايس .و الواقع أن النظام املايل انعكاس
للنظام السيايس و االجتامعي و االقتصادي ،و الذي يعكس معتقدات املجتمع ،و يؤثر فيه أحكام سياسية
و اقتصادية و أخالقية.
و لقد مرت املالية العامة بمراحل متعددة جتلت يف تطور دور الدولة املايل و تغري النظرة لإليرادات
و النفقات ،و اعتبارها أدوات مالية هامة متنوعة لتحقق الدولة أهدافها االقتصادية و االجتامعية و السياسية.
وتبحث هذه املطبوعة يف القواعد و األصول الرئيسية للاملية العامة ،لذا فقد قسمت إىل أربعة
فصول ،و هذا حسب املقرر الوزاري املعتمد؛ حيث يبحث الفصل األول منها يف نشأة و تطور علم املالية العامة
و عالقته بالعلوم االجتامعية األخرى ،و الفصل الثاين يبحث يف النفقات العامة (مفهوم النفقات العامة
و اخلاصة ،أنواع النفقات العامة ،تقسيم النفقات العامة ،اآلثار االقتصادية و االجتامعية للنفقات
العامة) ،و الفصل الثالث يبحث يف اإليرادات العامة (مفهوم اإليرادات العامة ،أنواع اإليرادات العامة ،مصادر
اإليرادات العامة) ،أما الفصل الرابع فيبحث يف املوازنة العامة و أصوهلا العلمية (مبادئ املوازنة العامة
للدولة ،إعداد ،تنفيذ املوازنة العامة و التوازن االقتصادي و االجتامعي.
ويتوقع من الطالب الذي يدرس هذا املقياس أن يصبح ملام باألسس النظرية للاملية العامة ،و معرفة
اإليرادات و النفقات العامة و حتليل آثارمها االقتصادية و االجتامعية ،و اإلملام هبيكل املوازنة العامة
للدولة ،و آليات الرقابة عليها ،و من ثم التعرف عىل السياسات املالية و النقدية و أدوات كل منهام.
و يف األخري آمل أن جيد الطلبة األعزاء يف هذه املطبوعة ما يفيد ،و اهلل املوفق.
املشرتيات سلة
4
:
!" # $ % &'
د/الطاهر ميمون الفصل األول :نشأة و تطور علم املالية العامة و عالقته بالعلوم األخرى
الفصل األول :نشأة و تطور علم املالية العامة و عالقته بالعلوم األخرى
متهيد
مع ظهور الدولة و تطورها ظهر النشاط املايل و تطور بتطور دور الدولة ،و كذلك ظهرت احلاجات العامة
و تطورت؛ و قد ترتب عىل هذا تطور علم املالية العامة ،العلم الذي هيتم بدراسة النشاط املايل للدولة و األهداف التي
يرمي النشاط املايل إىل حتقيقها.
و عليه سنتناول يف هذا الفصل بعض املفاهيم األساسية التي هلا عالقة وثيقة بعلم املالية العامة يف املبحث
األول؛ أما يف املبحث الااي ،فسنتطرق إىل نشأة و تطور علم املالية العامة؛ ثم التطرق إىل مفهومي املالية العامة
التقليدي و احلديث يف املبحث الاالث؛ و أخريا و يف املبحث الرابع ،نتطرق إىل العالقة بني علم املالية العامة و خمتلف
العلوم االجتامعية األخرى.
إن دراسة علم املالية العامة يقتيض من الطالب اإلملام بمفاهيم أساسية ال غنى عنها لفهم املوضوعات املطروحة
يف هذا املجال .فعلم املالية العامة يدرس املشاكل املتعلقة بتوجيه املوارد و ختصيصها إلشباع احلاجات العامة؛ لذا هو
يرتبط بالنظام املايل العام الذي يتكون من أجزاء مع ّينة مرتابطة .و للتعرف عىل أهداف هذا العلم ،و إىل عنارصه
و عالقاته و ارتباطاته بالعلوم األخرى ،و مراحل تطوره و موضوعه و تعريفه ،فإن ذلك يتطلب تناول املوضوعات
التالية:
و يعرف النوع األول من هذه احلاجات باحلاجات اخلاصة أو الفردية ( ،)Besoins Individuelsو تشبع هذه
احلاجات بواسطة النشاط اخلاص ،أي أن كل فرد يستطيع أن يشبع حاجته منها بنفسه برصف النظر عن إشباع غريه.
أما النوع الثاين فيعرف باحلاجات العامة ( ،)Besoins Publicsو هي حاجات ال يمكن ألي فرد أن يشبع
حاجته منها بمفرده ،إما ألنه ال يقوى عىل ذلك ،و إما ألنه ال يستطيع بمفرده أن يشبعها عىل الوجه األكمل ،مال
احلاجة إىل التعليم و العالج.
و لقد ارتبط ظهور احلاجات العامة بنشأة الدولة ،عندما حتول اإلنسان من الرعي إىل الزراعة ،و ازداد عدد
السكان و بدأ التنافس عىل امتالك األرض ،هنا ظهرت بعض احلاجات التي هتم اجلامعة كلها ،و أمهها األمن داخل
القبيلة أوال ،ثم بني القبائل بعضها مع بعض .و هلذا نجد أن احلاجات اخلاصة أسبق يف الظهور من احلاجات
العامة ،و هذا أمر بدهيي ،فحاجات اإلنسان الفردية كاملأكل و امللبس و املسكن أقدم يف الظهور من حاجته إىل األمن
و العدالة و الصحة.
و يمكن تعريف احلاجات العامة بأهنا حاجات مجاعية حيقق إشباعها املنفعة العامة ،و يتم متويلها من خالل
املوازنة العامة للدولة ،و يفشل جهاز الامن يف إشباعها كليا أو جزئيا.
من خالل هذا التعريف يمكن استنتاج أنه ال يمكن اعتبار حاجة ما ،حاجة عامة إال إذا توافرت فيها الرشوط
اآلتية:
-جيب أن تتصف احلاجة العامة بجامعية الطلب و العرض ،و من ثم عدم قابليتها للتجزئة؛
-جيب أن تتوىل الدولة إشباع احلاجة العامة عن طريق املوازنة العامة ،عندما يفشل السوق كليا أو جزئيا يف
إشباعها؛
-جيب أن حتقق احلاجة العامة منفعة عامة ،و املقصود بذلك أن يكون اهلدف من إشباع هذه احلاجة نفعا عاما.
-1احلاجات االجتامعية ( :)Besoins Sociauxو يطلق عليها أيضا احلاجات غري القابلة للتجزئة ،و هي
احلاجات التي ال يمكن جتزئة كل من طلبها وعرضها ،ومن ثم ال يمكن ترك إشباعها للقطاع اخلاص ،ألن إشباعها ال
يتوقف عىل دفع الامن ،فهي ال يمكن حتديد ثمنها بحسبان أن ثمن السلعة أو اخلدمة يتحدد تبعا لقانون العرض
والطلب ،كام أنه يصعب استبعاد أحد أفراد املجتمع من االستفادة منها ،سواء ساهم يف متويلها أم ال ،لذا ال بد للدولة
أن تقوم بإشباع تلك احلاجات ،وقد وجدت الدولة من أجل ذلك.
-2احلاجات اجلديرة باإلشباع أو احلاجات املستحقة ( :)Besoins Méritésو يطلق عليها أيضا احلاجات
القابلة للتجزئة ،أي التي يمكن جتزئة كل من عرضها وطلبها ،و يمكن حتديد ثمن هلا ،و أن يشبعها القطاع اخلاص،
و لكن عند مستوى يقل عن املستوى األمال . لذلك ،يمكن للدولة أن تتدخل إلشباعها ،و يتوقف نطاق هذا
.
التدخل عىل طبيعة الفلسفة السياسية و االقتصادية التي تقوم عليها الدولة.
-2زاوية املؤسسات :ينظر إىل النظام املايل من هذه الزاوية كمجموعة من األجهزة و املؤسسات التي متارس
الدولة من خالهلا نشاطها املايل و تنظمه ،مال :وزارة املالية و اإلدارات التابعة هلا ،البنك املركزي ،البنوك التجارية،
اجلهاز الرضيبي....
يقتىض حتقيق املستوى األمال تدخل الدولة .و من ثم فإن هذا التدخل إلشباع هذا النوع من احلاجات هو تدخل إلشباع حاجة عامة.
املوازنة الوطنية أو االقتصادية :هي جمموعة من التقديرات ملا ينتظر أ ن يكون عليه كافة النشاط االقتصادي يف املجتمع يف فرتة زمنية مقبلة ،من خالل توقعات
الدخل الوطني و توزيع هذا الدخل ،و هي توقع بدون إجازة من السلطة الترشيعية .إذا ختتلف متاما بالرغم من استفادة املوازنة العامة من املوازنة الوطنية عند
التخطيط و التنبؤ.
و ال شك أن الزاوية األوىل هي التي تسود عند دراسة موضوعات علم املالية العامة؛ و أيا كانت الزاوية التي
ينظر منها إىل النظام املايل للدولة ،فإنه ينشأ داخل نظام اقتصادي و اجتامعي وسيايس معني ،و من ثم فإنه ال بد و أن
يكون انعكاسا هلذا النظام الذي يتعايش معه ،و أداة هامة من أدوات حتقيق أهدافه.
و يركز هذا التعريف عىل تأثري األدوات املالية للدولة يف احلياة االقتصادية للبالد ،وفق األهداف التي تضعها
لنفسها أو تفرضها احلالة االقتصادية التي تعيشها؛ فالسياسة املالية احلدياة يف ظل الدولة املتدخلة أصبحت هتدف إىل
حتقيق االستقرار االقتصادي و ليس جمرد حتقيق التوازن املايل احلسايب فقط.
و قد بدأ هذا املفهوم اجلديد للسياسة املالية مع االقتصادي كينز ،و جاءت حال ملشكلة األزمات االقتصادية
و الكساد الكبري الذي ساد العامل يف الاالثينيات من القرن العرشين؛ فالسياسة املالية الكينزية كانت سياسة
توسعية ،و قد ركز كينز يف نظريته عىل تفعيل دور احلكومة يف احلياة االقتصادية ،عن طريق زيادة حجم اإلنفاق
العام ،عرب اآلثار النامجة عن ذلك التي تتوقف عىل مصادر متويل هذه الزيادة.
و السياسة املالية الكينزية أخرجت املالية العامة من إطار التوازن املايل إىل إطار التوازن االقتصادي ،و اعتربت
أدوات املالية العامة وسائل لتحقيق أهداف املجتمع االقتصادية و االجتامعية ،فأصبحت تستخدم القروض العامة إىل
جانب الرضائب لتحقيق هذه األهداف؛ بحيث تساهم يف متويل اإلنفاق العام الذي تؤثر من خالله يف الطلب الكيل
الذي حيفز املنتجني عىل زيادة اإلنتاج ،الذي يؤدي بدوره إىل زيادة نسبة التشغيل ،و بالتايل نقل حالة االقتصاد إىل حالة
أفضل.
يالحظ أن علم املالية العامة قد مر بعدة مراحل حتى وصل إىل ما هو عليه اآلن ،و يمكن تقسيم هذه املراحل
إىل:
ففي عهد الفراعنة كانت الدولة جتبي الرضائب و تنفق األموال وفق أنظمة مالية خاصة هبا ،أخذها عنهم
فلم يكن لدهيم نظم مالية خاصة اليونان ،و لكن مالية احلكام كانت ختتلط باملية الدولة يف ذلك الوقت ،أما العر
قبل اإلسالم ألهنم كانوا يعيشون عيشة قبلية ال أثر فيها لتنظيم األموال العامة.
-1اإليرادات يف الدولة اإلسالمية :اشتمل بيت املال يف اإلسالم عىل إيرادات دورية (كالزكاة و اخلراج)
و إيرادات أخرى غري دورية ال تتكرر سنويا ،و يف خالفة عمر بن اخلطاب ريض اهلل عنه أمر بإنشاء (ديوان بيت املال)،
و قد نظم اإليرادات يف عدة بيوت ،أمهها:
أ -بيت الزكاة :و يعد هذا البيت موردا ماليا ال ينضب الحتوائه عىل هدفني (دنيوي و أخروي) ،و هدف مايل
و اجتامعي و اقتصادي؛
ب -بيت اخلراج و اجلزية و العشور :اخلراج رضيبة عينية عىل األرض الزراعية التي ُفتحت صلحا أو قهرا دون
النظر إىل الشخص املكلف بدفعها؛ أما اجلزية فهي فريضة مالية تفرض عىل رؤوس أهل الذمة ،و تسقط بإسالم
الشخص؛ و تعد العشور من الفرائض املالية التي تفرض عىل بضائع التجار من أهل الذمة و غري املسلمني التي
يقدمون هبا إىل البالد اإلسالمية ،و ال تفرض عىل التجارة بني الدول اإلسالمية تشجيعا هلا بني هذه الدول؛
ج -بيت الغنائم و الفيء و الركاز :إن إيرادات الغنائم و الفيء و الركاز ـ و إن كانت إيرادات غري دورية ـ
تعكس آنذاك التصنيف الدقيق و التوزيع يف إيرادات الدولة؛ حيث كان ختصيص هذه املوارد إلنفاقها عىل منافع
و خدمات عامة .و هي توجه لتغطية النفقات العسكرية و احلربية ،و يوزع الباقي من هذه اإليرادات إىل عدة أسهم
حمددة بآيات قرآنية .فالغنائم ما يؤخذ عنوة أو جربا بالقتال؛ و الفيء ما حيصل عليه املسلمون دون قتال؛ أما الركاز
فهو املال الذي يعار عليه يف باطن األرض كنزا أو معدنا ،و حكمه يشبه إىل حد كبري أموال الغنائم؛
د -البيت اخلاص باإليرادات األخرى :و يقصد هبا األموال املصادرة و أموال املرتدين و الضوائع التي ال
صاحب هلا و ال يعرف مالكها أو وارثها ،فجميعها تعد إيرادات لبيت املال.
أ -اإلنفاق احلكومي :و فيه يقسم اإلنفاق بحسب طبيعة اإليراد ،و بحسب حاجة الدولة؛ ففي احلالة األوىل
توزع النفقة ضمن دائرة إيراد معني ،أي إن كل إيراد ُينفق عىل جهة معينة حيدد هلا نوع اإليراد ،و يف احلالة الاانية و هو
تقسيم النفقة بحسب حاجة الدول و ما متر به من ظروف عرضية و استانائية ،فغالبا ما ختصص اإليرادات الرضورية
و االستانائية لسد حاجة الدولة لنفقات طارئة و عرضية ،و هي نفقات خمصصة لإلصالحات املستعجلة و الالزمة
لرضورات متر هبا الدولة؛
ب -اإلنفاق األهيل :و يستند هذا اإلنفاق إىل مبدأ التكافل أو التضامن االجتامعي و قاعدته ،و أنواعه كارية
كالصدقة و احلسنة و الكفارة و الوصية و الوقف ،فهي إنفاقات متممة و مكملة للرتابط اإلسالمي و االجتامعي
و االقتصادي يف املجتمع اإلسالمي.
و بعد ازدياد وظائف اإلقطاعيات و تشعبها أصبحت واردات أمالك احلكام اخلاصة و تربعات األغنياء
االختيارية ال تكفي لسد حاجة الدولة من النفقات العامة؛ لذلك جلأت إىل فرض الرضائب اإلجبارية.
مع بداية الاورة الصناعية و تشكيل الدول األوربية عاد من جديد يتشكل علم خاص له ذاتيته يضم دراسة
النفقة و اإليراد و القروض العامة.
و مفهوم املالية العامة يف ظل الدولة احلارسة كان مفهوما ضيقا و عالقته باالقتصاد الوطني و باملجاالت
االجتامعية و السياسية كانت ضعيفة ،و هدفها كان ماليا بحتا ،و مل يتعدَّ مفهوم التوازن احلسايب بني حجم اإلنفاق
و حجم اإليرادات ،و استبعد التوسع باإلنفاق العام بسبب وظائف الدولة املحدودة ،فاقترص دور اإليرادات عىل
بعض الرضائب الرضورية.
وكان من أبرز املؤلفني الذين أعطوا املالية العامة مالحمها األوىل االقتصادي اإلنكليزي ( )Adam Smithيف
كتابه "ثروة األمم" ،و ( )Ricardoيف كتابه "الصلة الوثيقة بني االقتصاد و الرضائب" ،و ()John Stewart Millيف
كتابه عن "مبادئ االقتصاد السيايس" ،و من ثم ظهرت كتابات مستقلة خاصة بعلم املالية العامة ،ككتا
()Bastableعام ،0891و ( )Daltonعام ،0911و( )Pigouعام ،0918بذلك اختذ علم املالية العامة استقاللية
و ذاتية خاصة به ،و إن كان له صلة وثيقة بغريه من العلوم.
و استمر احلال يف تطبيق املفهوم التقليدي للاملية العامة حتى جاءت احلربان العامليتان األوىل و الاانية و ما
صاحبهام من تداعيات و آثار ،دفعت إىل رضورة إجياد مفهوم آخر للاملية العامة ،يتامشى و املتطلبات السياسية
و االقتصادية و االجتامعية و املالية للدولة ،و يتناسب مع دورها و أهدافها اجلديدة ،سواء الدولة التدخلية يف ظل
النظام الرأساميل أم الدولة املنتجة يف ظل النظام االشرتاكي ،و بدأت تتاميز املالمح العامة للاملية التدخلية الرأساملية من
املالمح العامة للاملية االشرتاكية.
و هكذا يمكن القول :إن نشأة املالية العامة احلدياة تعود إىل ظهور الدولة احلدياة و نظمها السياسية؛ حيث غدا
املال ركيزة السلطة السياسية و وسيلة احلكم و تنفيذ السياسة العامة للدولة ،و قد كان هنالك صلة وثيقة بني تطور
املالية العامة و تطور الديمقراطيات احلدياة؛ إذ كانت الرضائب هي السبب الرئيس لتشكيل الربملانات و إقرار احلقوق
السياسية للشعو ،التي عملت فيام بعد عىل ترسيخ علم املالية و تأصيل قواعده؛ و بالتايل غدا علام مستقال بذاته
يبحث يف الظاهرة املالية من النواحي السياسية و االقتصادية و االجتامعية ،و بدأ االهتامم أكار يف آثارها عىل املستوى
فروع أخرى ،كالسياسة املالية ،و اقتصاديات املالية
ٌ الداخيل و اخلارجي .و هذا ما أدى إىل أن يتفرع من هذا العلم
العامة ،و جعل كل منها يركز عىل جانب من جوانب املالية العامة أكار من جوانبها األخرى.
و كام سبق ذكره ،فقد ارتبطت املالية العامة و من ثم االقتصاد العام ارتباطا وثيقا بتطور دور الدولة يف النشاط
االقتصادي ،من حيث األعباء املالية املرتتبة عليها للقيام بوظائفها ،و اإليرادات الرضورية الالزمة لتغطية نفقاهتا.
و حتديد مضمون و مفهوم هذا التعريف يتعني أن يكون مقيدا بالدور الذي حيدده الفكر التقليدي للدولة يف
النشاط االقتصادي؛ حيث يرى هذا الفكر أن دور الدولة يتعني أن يكون عند أدنى مستوى ممكن ،بحيث يقترص فقط
عىل إشباع احلاجات العامة من أمن و دفاع و عدالة و مرافق عامة ،رشيطة أن يكون تدخلها حياديا ال تأثري له عىل
سلوك األفراد.
مع حمدودية دور الدولة يف النشاط االقتصادي ،ظل مفهوم املالية العامة حمصورا و حمدودا بنطاق تدخل الدولة
و وظائفها ،و اقترص مفهومه و مضمونه يف البحث عن موارد مالية للدولة تكفي متاما نفقات الدولة عىل وظائفها
املحددة سلفا ،دون أن يكون لنشاط الدولة تأثري عىل قرارات األفراد يف القطاع اخلاص .فاملبادرة الفردية لألفراد يف
ظل فروض و ظروف معينة كفيلة بتحقيق أقىص إنتاج ممكن و أقىص رفاهية ،و حتقيق التوزيع العادل للدخل و الاروة
دون احلاجة لتدخل الدولة؛ فتدخل الدولة يعيق األفراد عن القيام بوظائفهم بكفاءة ،باإلضافة إىل أن الدولة أقل
كفاءة من األفراد يف ممارسة النشاط االقتصادي ،و من ثم فإن تدخل الدولة يتعني أن يقترص فقط عىل بعض املجاالت
التي يفشل متاما القطاع اخلاص عن القيام هبا.
هو جزء من االقتصاد الوطني الذي تديره السلطات العامة قصد إشباع احلاجات العامة إما بواسطة االقتطاعات أو املساعدات.
عىل ضوء النظرة السابقة لدور الدولة يف النشاط االقتصادي ،و القيود املوضوعة عىل نشاطها ،أصبح مفهوم
املالية العامة جمرد مفهوم حسايب لنفقات الدولة و إيراداهتا ،و مقيدا بتحقيق قاعديت توازن املوازنة (التعادل التام بني
إيرادات الدولة و نفقاهتا) ،و احلياد املايل لنشاط الدولة ،و بذلك خال مفهوم و مضمون علم املالية العامة من أي بعد
اقتصادي أو اجتامعي.
هدف وسيلة
يرى أنصار هذا الفكر بأن دور الدولة يف النشاط االقتصادي يتعني أن يكون إجيابيا و ليس حياديا ،كام هو احلال
يف نطاق الفكر التقليدي؛ فوفقا للفكر احلديث اتسعت و تشبعت وظائف الدولة و تغريت طبيعة وظائفها و نمط
تدخلها يف النشاط االقتصادي .فهي تارة تتدخل إلشباع احلاجات العامة ،و تارة تتدخل لتعالج بعض املشاكل
االقتصادية من بطالة و تضخم ،و ثالاة تتدخل لتقلل من التفاوت يف توزيع الدخول و الاروات بني أفراد
املجتمع ،و تارة أخرى تتدخل لتفعيل دور القطاع اخلاص يف النمو و دفع عجلة التنمية.
إزاء هذا التعدد و التنوع يف مهام الدولة ،كان ال بد و أن يتطور مفهوم و مضمون املالية العامة ليواكب تلك
التغريات ،و يتجاوز املفهوم احلسايب التقليدي ،و أصبح علم املالية العامة أكار تعبريا عن فكرة املالية الوظيفية التي
اعتنقها الفكر الكينزي؛ فلم يعد ينظر إىل الرضيبة عىل أهنا أداة جلمع املوارد املالية فقط ،بل أصبح ينظر إليها عىل أن هلا
وظيفة معينة تساهم هبا يف حتقيق أهداف املجتمع االقتصادية و االجتامعية .و بالتايل أصبحت كافة الوسائل
و األساليب املالية التي تلجأ إليها الدولة ،سواء يف جانب اإليرادات أو يف جانب النفقات ،أدوات وظيفية هامة تعتمد
عليها الدولة يف حتقيق أهداف املجتمع بمختلف اجتاهاهتا االقتصادية و االجتامعية و السياسية أيضا.
متاشيا مع هذه التحوالت يمكن تعريف املالية العامة عىل أهنا " ذلك العلم الذي يبحث يف نشاط الدولة عندما
تستخدم الوسائل و األساليب املالية بشقيها اإليرادي و اإلنفاقي ،لتحقيق أهداف املجتمع بمختلف اجتاهاهتا
االقتصادية و االجتامعية و املالية ".
االقتصاد الوطني
اهلدف الرئييس
ثالثا -الفرق بني املالية العامة و املالية اخلاصة
خيتص علم املالية العامة ببحث اجلانب املايل لنشاط الدولة بمختلف مرافقها و مرشوعاهتا العامة؛ بينام ختتص
املالية اخلاصة ببحث هذا اجلانب من نشاط األفراد ،طبيعيني كانوا أم اعتباريني .و يرى التقليديون أنه ليس هناك فرق
بينهام ،و أهنام جيب أن يقوما عىل نفس األسس ،و أن حتكمهام نفس القواعد.
أما املاليون املعارصون ،فريون أن هناك فارقا أساسيا بني املالية العامة و املالية اخلاصة ،ينتج عن اختالف
املبادئ التي حتكم كال منهام اختالفا تاما .فاملالية العامة ترتكز عىل استخدام الدولة المتيازاهتا ،و ما تتمتع به من
سلطات عىل األفراد و املرشوعات اخلاصة ،و ال يملك أي شخص أن يعارضها .فالرضيبة التي تعد املورد األسايس
للدولة ،هي استقطاع جربي من موارد القطاع اخلاص ،و ال يوجد إطالقا ،و ال ُيت ََص َور أن يوجد ،ما يامثلها يف مالية
القطاع اخلاص .باإلضافة إىل ذلك ،أن الفنون املستخدمة يف نوعي املالية ،و إن كانت تبدو متشاهبة ألول وهلة ،إال أن
بينهام فروقا جوهرية.
تتجىل هذه الفروق يف ثالثة أوجه رئيسية ،تتصل باهلدف من القيام باإلنفاق ،و بالوسائل املتبعة يف احلصول عىل
اإليرادات الالزمة لتغطية هذا اإلنفاق ،و أخريا يف كيفية الوصول إىل موازنة النفقات مع اإليرادات.
-1الفرق من حيث اهلدف من باإلنفاق :هتدف املالية اخلاصة (التي تنرصف أساسا إىل مالية األفراد
و املرشوعات الفردية و الرشكات بأنواعها ،أو بعبارة أخرى مالية القطاع اخلاص من االقتصاد الوطني) من قيامها
باإلنفاق إىل حتقيق أقىص ربح ممكن ،باعتبار أن اهلدف الرئييس من قيام األفراد بنشاط ما هو حتقيق مصلحتهم
اخلاصة ،و التي تتمال يف حتقيق أقىص قدر من األرباح .فاحلافز عىل الربح يدفع املنظم إىل عدم القيام بأي مرشوع يعلم
سلفا أنه لن يسمح له بام قصد إليه.
أما الدولة فإهنا تتوخى يف نشاطها ،أوال ،حتقيق املصلحة العامة للمجتمع حتى لو تعارض هذا مع حتقيق أقىص
ربح ممكن من هذا النشاط ،و بالتايل فإهنا قد ُت ْق ِدم عىل القيام ببعض املرشوعات رغم علمها مقدما أن اإليرادات
الناجتة منها لن تسمح بتحقيق أرباح ،بل و قد ال تكفي ملواجهة النفقات الالزمة إلقامة املرشوعات و تسيريها ،و هي
ُت ْق ِدم عىل ذلك حتقيقا العتبارات أخرى ذات طبيعة سياسية أو اقتصادية أو اجتامعية ،ترى وجو إنجازها لتحقيق
املنفعة العامة.
و يرتتب عىل اختالف اهلدف من اإلنفاق بني النشاط اخلاص و الدولة ،أن خيتلف احلكم عىل مدى نجاح
السياسة املالية لكل منهام؛ فمعيار نجاح النشاط اخلاص هو حتقيق أقىص ربح ممكن؛ بينام معيار نجاح مرشوعات
الدولة هو حتقيق أقىص منفعة عامة ممكنة.
-2الفرق من حيث وسائل احلصول عىل اإليرادات الالزمة لتغطية هذا اإلنفاق :ختتلف الوسائل املتبعة يف
احلصول عىل إيراد ملقابلة اإلنفاق يف النشاط اخلاص عنها يف النشاط العام .فاملرشوعات اخلاصة حتصل عىل إيرادها
بطريقة اختيارها ،أي باالتفاق (تعاقدي أو إرادي) ،عن طريق بيع منتجاهتا و خدماهتا للدولة و لألفراد.
أما الدولة فإهنا حتصل عىل إيراداهتا بموجب ما تتمتع به من سلطات خاصة ،ناشئة عن حقها يف
السيادة ،و باعتبارها سلطة سياسية ،مما يمكنها من اتباع وسائل معينة يف احلصول عىل إيراداهتا ،ال يستطيع النشاط
اخلاص اتباعها كالرضائب و الرسوم و اإلصدار النقدي و عقد القروض الداخلية و اخلارجية ،و بل إىل مصادرة
بعض السلع أو املمتلكات اخلاصة ،و االستيالء عليها يف أوقات األزمات و الظروف االستانائية.
إال أن هذا ال يمنع من أن الدولة قد حتصل عىل إيراد هلا باتباع نفس الوسائل التي يتبعها النشاط
اخلاص ،و يتجىل ذلك باألخص فيام يتعلق باملرشوعات االقتصادية املختلفة التي تنشئها الدولة إىل جانب املرشوعات
اخلاصة ،و التي ترسي عليها طرق اإلدارة و القواعد الفنية السارية عىل هذه املرشوعات األخرية.
-3الفرق من حيث كيفية الوصول إىل موازنة النفقات مع اإليرادات :يوجد فرق جوهري من حيث كيفية
الوصول إىل موازنة النفقات مع اإليرادات لدى الدولة من جهة ،و لدى األفراد و املرشوعات اخلاصة من جهة
أخرى.
فبينام تقوم الدولة بتقدير نفقاهتا أوال الالزمة لسري املرافق العامة ،و حتقيق أهدافها السياسية و االقتصادية
و االجتامعية ،ثم يف مرحلة ثانية ،تقوم بتقرير األوجه التي حتصل منها عىل إيرادات كافية ملقابلة هذه النفقات ،تقوم
املرشوعات اخلاصة بتقدير حجم إيراداهتا أوال من دخول و أرباح ،ثم حتدد أوجه إنفاق تلك اإليرادات يف مرحلة
ثانية.
إحداث املوازنة بني نوعي املالية يعود أساسا إىل أن الدخل بصفة عامة ،فإن االختالف يف كيفية و أسلو
اخلاص (يف املالية اخلاص) حمدود املصادر يف املعتاد ،هذا بخالف دخل الدولة (يف املالية العامة) الذي تتمتع الدولة
بشأن احلصول عليه –و لو من الناحية النظرية عىل األقل -بسلطات مالية و نقدية واسعة.
بالرغم من الفروق الظاهرة بني املالية العامة و اخلاصة ،إال أن ذلك ال يقلل من الرتابط القوي بينهام ،فاملالية
العامة و املالية اخلاصة يؤثر كل منهام يف اآلخر و يتأثر به.
أيضا؛ و بالتايل فاملوضوعات التي تتضمنها املالية العامة تعترب يف األساس جزء من االقتصاد .و كام سبق
الذكر ،فموضوع علم املالية العامة هو دراسة النشاط املايل االقتصادي للدولة و سائر السلطات العامة ،و آثار هذا
النشاط عىل خمتلف جوانب احلياة العامة.
و هكذا ،فإنه يوجد تقار بني علم االقتصاد و علم املالية العامة من حيث وحدة اهلدف الذي يسعى كل منهام
إىل حتقيقه؛ فعلم االقتصاد يبحث عن أفضل الوسائل حلل املشكلة االقتصادية التي تنشأ عن تعدد احلاجات
اإلنسانية ،و ندرة املوارد االقتصادية التي تصلح إلشباع تلك احلاجات .أما علم املالية العامة فيهتم بدراسة أفضل
الوسائل إلشباع احلاجات العامة و اجلامعية ،عن طريق املوارد املالية املحدودة املتاحة للدولة.
باإلضافة إىل ما سبق ،فإن العالقة بني الظواهر املالية و الظواهر االقتصادية تكون يف الغالب عالقة
تبادلية؛ فاملالية العامة تؤثر يف االقتصاد ،كام يؤثر االقتصاد يف املالية العامة .و من األمالة التي يمكن ذكرها للتدليل
عىل ذلك كارية ،نذكر منها عىل سبيل املاال ال احلرص ما ييل:
-أن حصيلة اإليرادات العامة تتوقف عىل الدخل الوطني ،فكلام زاد هذا الدخل نتيجة لنمو النشاط
االقتصادي كلام زادت إيرادات الدولة من حصيلة الرضائب و الرسوم ،و أمكنها فرض رضائب جديدة أو زيادة
الرضائب القائمة؛ و هذا ما يعني أن مالية الدولة تتوقف عىل األوضاع االقتصادية السائدة يف املجتمع؛
-إن اختالل املوازنة العامة من شأنه التأثري عىل احلالة االقتصادية ،و كاريا ما يؤدي متويل عجز املوازنة بواسطة
اإلصدار النقدي ماال إىل ارتفاع مستوى األسعار ،و ظهور موجة تضخمية يف املجتمع؛ و هذا ما يعني أن األوضاع
االقتصادية كاريا ما تتوقف عىل احلالة املالية للدولة؛
-إن حتديد حجم النفقات العامة ينبغي أن يتم عىل ضوء األوضاع االقتصادية العامة؛ فلو كانت هناك بوادر
تضخم فإنه جيب ختفيض حجم اإلنفاق العام ،حتى ال تتفاقم األوضاع .و بالعكس ،لو كان االقتصاد الوطني يعاي
من مشكلة الركود أو الكساد ،فإن زيادة اإلنفاق العام قد تؤدي إىل إنقاذ االقتصاد الوطني من تباطؤ النمو
االقتصادي.
-يمال اإلطار القانوي عامال مشرتكا بني القانون بمعناه الفني املتفق عليه ،كمجموعة من القواعد العامة
امللزمة التي حتكم و تنظم سلوك األفراد يف املجتمع و حتدد عالقاهتم بالسلطات العامة ،و بني القواعد املنظمة للنشاط
املايل للدولة .ذلك أن معظم القواعد املالية تأخذ شكال قانونيا ،سواء وردت هذه القواعد ضمن الدستور أو القانون
العادي أو اللوائح أو األوامر اإلداري ،و يستلزم ذلك اإلملام بالفن القانوي لفهم هذه القواعد و تفسريها متهيدا
لتطبيقها عىل نحو صحيح.
باإلضافة إىل ذلك ،فإن معظم القواعد املنظمة لكيفية استخدام األدوات املالية العامة تصدر يف شكل قوانني
أو أوامر إدارية .فالترشيع الرضيبي الذي ينظم فرض الرضائب و حتصيلها يعترب كغريه من القوانني األخرى املنظمة
لكافة املجاالت االق تصادية و التجارية و النقدية؛ كام أنه ال بد من قانون حتى تعقد القروض العامة ،و كذلك ال بد
من قانون اربط املوازنة و احلسا اخلتامي.
-يرتبط القانون و املالية العامة من حيث املوضوع؛ إذ يسعى كل منهام إىل حتقيق غاية واحدة و هي العدالة يف
املجتمع عىل نحو خاص به .فالقانون بام يشتمل عليه من قواعد حتكم سلوك األفراد هيدف إىل حتقيق العدل بينهم
و كفالة احرتام حقوق األفراد و إلزام كل منهم بأداء واجباته؛ و كذلك فإن القواعد و املبادئ التي حتكم النشاط املايل
للدولة ،سواء من حيث حتصيل اإليرادات أو القيام بالنفقات العامة ،هتدف إىل حتقيق العدالة يف توزيع أعباء النفقات
العامة عىل جمموع األفراد ،و االستفادة العادلة من منافع اإلنفاق العام بام حيقق االستقرار االقتصادي
و االجتامعي ،و من ثم العدالة االقتصادية و االجتامعية بني أفراد املجتمع.
-يرتبط النظام املايل للدولة بنظامها السيايس ارتباطا وثيقا ،فهو يؤثر فيه و يتأثر به؛ فالنظام املايل يعكس
اجتاهات النظام السيايس ،و يعترب يف نفس الوقت أداة من أدوات حتقيق أهداف هذا النظام .فاملذهب السيايس للدولة
يؤثر عىل نظامها املايل ،و من ثم فإن مالية الدولة ختتلف بحسب ما إذا كانت الدولة ديمقراطية أو تأخذ بالنظام
الشمويل ،و بحسب ما إذا كانت الدولة رأساملية أو اشرتاكية ،و بحسب ما إذا كانت الدولة تأخذ بنظام املركزية
أو الالمركزية اإلدارية ،و بحسب ما إذا كانت الدولة بسيطة أو احتادية؛
-إذا كانت املالية العامة تتأثر بالنظام السيايس للدولة ،فإهنا بدورها تؤثر يف األوضاع السياسية للدولة ،و ليس
أدل عىل قوة تأثري األوضاع املالية عىل األوضاع السياسية من تتبع ترصحيات رؤساء األحزا يف الدول الديمقراطية
يف الفرتات السابقة لالنتخابات الترشيعية؛ فالوعود أغلبها مالية و الدعوة لتعميم الرخاء االقتصادي متال أهم دعائم
الدعاية االنتخابية عىل اإلطالق .فهم يعدون تارة بتحقيق عدالة أكرب يف توزيع األعباء العامة ،و تارة أخرى بتقديم
إعانات للفقراء و غري القادرين ،أو بتحسني اخلدمات العامة و تنميتها؛
-تعكس مالية الدولة يف نفس الوقت قدرات السلطات احلاكمة و أهدافها السياسية و االقتصادية
و االجتامعية .فالنظام املايل قد يتم إعداده بصورة تالئم مصالح طبقة دون أخرى من طبقات الشعب ،مما يرتتب عليه
نتائج هامة من حيث حصيلة اإليرادات ،و من حيث كيفية استخدامها؛
-جتدر اإلشارة كذلك إىل أن كاريا من اإلصالحات و النظم السياسية ترجع أصال إىل أسبا مالية.
كذلك فإن موارد الدولة يمكن أن تكون بماابة أداة فعالة حلل الكاري من املشكالت االجتامعية .ففرض
رضائب بنسب تصاعدية عىل الدخول يقلل من التفاوت يف توزيع الدخول و الاروات بني خمتلف الطبقات ،و فرض
رضائب بنسب مرتفعة عىل السلع الضارة بالصحة و املحرمة طبقا للعادات و التقاليد ،مال اخلمور و التبغ قد يؤدي
هو النظام التى تتحكم فيه الدولة ىف كل تفاصيل حياة املواطنني ،و حيصل هذا النظام عىل دعم و تأييد املواطنني بفضل اآللة الدعائية للحكومة ،و التى تعمل عىل
تعزيز الصورة االجيابية لنظام احلكم .و من الناحية األخرى خياف املواطنون من انتقاد الدولة حتى ال يتعرضوا للبطش.
للتقليل من استهالكها ،و من ثم املحافظة عىل الصحة العامة ،و إعفاء أصحا الدخول املحدودة من الرضيبة هيدف
إىل املحافظة عىل احلد األدنى الالزم للمعيشة.
من ناحية أخرى ،قد تؤثر األهداف االجتامعية التي تسعى الدولة إىل حتقيقها يف املالية العامة تأثريا
مبارشا ،ذلك أن أي إصالح اجتامعي يتوقف عىل املوارد املالية للدولة .فاإلصالحات االجتامعية التي يكون الغرض
منها حتسني حال الطبقات الفقرية و ذات الدخول املحدودة ،مال ختفيض نسبة البطالة أو خفض نسبة األمية بني
سكان الريف ،أو حتسني املستوى الصحي و التوسع يف خدمات التأمني الصحي ،فكل ذلك يتطلب من الدولة زيادة
النفقات العامة و زيادة املبالغ املخصصة للدعم و النفقات التحويلية ،و هذا يستلزم بدوره فرض رضائب جديدة
أو رفع نسب الرضائب احلالية ،لتغطية عبء الزيادة يف النفقات العامة.
أسئلة الفصل
أعامل شخصية
-البحث يف السياسة املالية :التعريف ،اخلصائص ،األهداف ،األدوات ،السياسة املالية يف حاالت الركود
متهيد
حتتل النفقات العامة مكانا بارزا يف الدراسات املالية ،و ذلك لكوهنا إحدى أهم أدايت السياسة املالية التي
تستخدم لتحقيق األهداف االقتصادية و االجتامعية؛ إذ أهنا تلعب دورا حيويا يف حتقيق أهداف إعادة التخصيص
تعمد الدولة و هي بصدد القيام بنفقاهتا العامة إىل استخدام مبالغ من النقود لتحقيق أغراض النفع
العام ،من هذه الزاوية يمكن اعتبار النفقة العامة بمثابة مبلغ نقدي يقوم بإنفاقه شخص عام.
رغم تعدد تعاريف النفقة العامة و وجود بعض االختالفات فيام بينها ،إال أن األطر العامة هلذه التعاريف
-النفقة العامة كم قابل للتقويم النقدي ،يأمر بإنفاقه شخص من أشخاص القانون العام ،و ذلك إشباعا
حلاجة عامة؛
-النفقة العامة مبلغ من النقود ،خيرج من خزانة الدولة بواسطة إداراهتا و مؤسساهتا و هيئاهتا و وزاراهتا
و بتعريف بسيط ،النفقة العامة هي مبلغ نقدي ،يقوم بإنفاقه شخص عام ،هبدف حتقيق نفع عام.
وفق التعريف السابق ،تشتمل النفقة العامة عىل ثالثة عنارص أساسية ،تعترب يف نفس الوقت صفات مميزة هلا
-1الصفة النقدية للنفقة العامة (استعامل مبلغ من النقود) :تقوم الدولة بواجباهتا يف اإلنفاق العام
باستخدام مبلغ من النقود ثمنا ملا حتتاجه من منتجات ،سلع و خدمات ،من أجل تسيري املرافق العامة ،و ثمنا
رؤوس األموال اإلنتاجية التي حتتاجها للقيام باملرشوعات االستثامرية التي تتوالها ،و ملنح املساعدات
و مما ال شك فيه أن استخدام الدولة للنقود هو أمر طبيعي و يتامشى مع الوضع القائم يف ظل اقتصاد
نقدي ،تقوم فيه مجيع املبادالت و املعامالت بواسطة النقود ،و من ثم تصبح النقود هي وسيلة الدولة لإلنفاق
و بالرغم من أن اإلنفاق العام قد ظل لفرتة طويلة من الزمن يتم يف صورة عينية -كقيام الدولة بمصادرة
جزء من ممتلكات األفراد ،أو االستيالء جربا عىل ما حتتاجه من أموال و منتجات دون تعويض أصحاهبا تعويضا
عادال ،أو إرغام األفراد عىل العمل بدون أجر (السخرة ،-)إال أن هذا الوضع قد اختفى قد اختفى بعد انتهاء
مرحلة اقتصاد املقايضة ،أو كام يسمى بالتبادل العيني ،و بعد أن صارت النقود هي األداة الوحيدة يف التعامل
و املبادالت.
استنادا إىل ذلك ،ال تعترب الوسائل غري النقدية التي قد تتبعها الدولة ،للحصول عىل ما حتتاجه من منتجات
أو منح املساعدات من قبيل النفقات العامة؛ كذلك ال تعترب نفقات عامة املزايا العينية مثل السكن
املجاين ،أو النقدية كاإلعفاء من الرضائب ،أو الرشفية كمنح األلقاب و األوسمة التي تقدمها الدولة لبعض
القائمني بخدمات عامة أو لغريهم من األفراد .و ال يقلل من ذلك ،أنه يف بعض احلاالت االستثنائية التي قد يتعذر
عىل الدولة متاما احلصول عىل احتياجاهتا عن طريق اإلنفاق النقدي ،مثل أوقات احلروب و األزمات احلادة ،قد
تعترب بعض الوسائل غري النقدية من قبيل النفقات العامة ،إال أن ذلك استثناء ال جيب التوسع فيه بأي حال من
األحوال.
السخرة :هي طريقة إجبار الناس عىل عمل يؤدو نه بدون مقابل مادي جلهدهم ،إنام بإطعامهم طعاما رديئا ،أما الكساء فربام ما يسرت عوراهتم فقط ،و يعملون
يف ظروف صعبة للغاية يف أيام الربد و احلر .و من ضمن ما قيل عن نظام السخرة يف فرنسا أيام امللكية ،أن امللك لويس السادس عرش كان يأمر الفالحني
بإسكات نقيق الضفادع يف هنر السني ،حيث يقع قرصه كي يستطيع أن ينام.
و السؤال الذي يطرح نفسه هنا ،ملما ُي َعد اإلنفاق النقدي أفضل صور اإلنفاق عىل اإلطالق؟
-يسهل استخدام الدولة للنقود يف اإلنفاق ما يقتضيه النظام املايل احلديث من تقرير مبدأ الرقابة بصورها
املتعددة عىل النفقات العامة ،ضامنا حلسن استخدامها ،بناء عىل الضوابط و القواعد التي حتقق مصالح األفراد
العامة .باإلضافة إىل ذلك ،متثل الرقابة عىل اإلنفاق العيني صعوبة كبرية ،نظرا لصعوبة تقييم هذا النوع من
اإلنفاق؛
-يؤدي نظام اإلنفاق العيني (بام قد يستتبعه من منح بعض املزايا العينية) إىل اإلخالل بمبدأ املساواة
و العدالة بني األفراد يف االستفادة من نفقات الدولة ،و يف توزيع األعباء و التكاليف العامة بني األفراد؛
-أدى رسوخ مبادئ الديمقراطية إىل عدم إكراه األفراد عىل تأدية أعامهلم عن طريق السخرة (بدون أجر)،
-يثري اإلنفاق العيني العديد من املشاكل اإلدارية و التنظيمية ،و يؤدي إىل عدم الدقة ،و قد يؤدي إىل حماباة
نتيجة لألسباب و الدعائم السالفة ،فإن النفقات العامة تتم دائام يف صورة نقدية ،و ال خيفى عىل أحد أن
اإلنفاق يف صورته النقدية قد أدى إىل ازدياد حجم النفقات العامة ،و بالتايل ازدياد حجم الرضائب (كمصدر
أسايس لإليرادات العامة) و غريها من األعباء العامة ،مع توزيع أعدل هلذه األعباء كل حسب مقدرته التكليفية.
-2صدور النفقة عن شخص عام :وفقا هلذا العنرص ،ال يعترب املبلغ النقدي الذي ينفق ألداء خدمة عامة
و املؤسسات العامة ذات الشخصية املعنوية ،و الواليات يف الدول االحتادية ،أو قد تكون أشخاص عامة حملية
و عىل هذا ،فإن النفقات التي ينفقها أشخاص خاصة ،طبيعية أو اعتبارية ،ال تعترب نفقة عامة ،حتى و لو
كانت هتدف إىل حتقيق نفع عام .مثال ذلك ،إذا قام شخص ببناء مستشفى ثم تربع هبا للدولة ،فإن هذا اإلنفاق ال
ُي َعد عاما ،ذلك أن األموال التي قام بإنفاقها ُت َعد أمواال خاصة و ليست عامة ،بالرغم من عمومية اهلدف ،و من ثم
و لكن هل يعني ذلك أن كافة املبالغ التي تنفقها الدولة أو اهليئات العامة ُت َعد من قبيل النفقات العامة؟
من املتفق عليه ،أن كافة املبالغ التي تنفقها الدولة بصدد ممارستها لنشاطها العامة ،و بموجب سيادهتا
و سلطتها اآلمرة ُت َعد نفقات عامة .أما النفقات التي تنفقها الدولة بصدد ممارستها لنشاط اقتصادي مماثل للنشاط
-3الغرض من النفقة العامة حتقيق نفع عام :ينبغي أ ن يكون اهلدف من النفقات العامة هو إشباع احلاجات
العامة ،و من ثم حتقيق النفع العام أو املصلحة العامة .و بالتايل ،ال تعترب من قبيل النفقات العامة تلك النفقات التي
هتدف إىل إشباع حاجة خاصة و حتقيق نفع خاص يعود عىل األفراد.
و تربير ذلك يرجع إىل مبدأ العدالة و املساواة بني مجيع األفراد؛ إذ أن مجيع األفراد يتساوون يف حتمل األعباء
العامة ،كالرضائب ،و من ثم فيجب أن يتساووا كذلك يف االنتفاع بالنفقات العامة للدولة؛ إذ أن حتمل األعباء
العامة و النفقات العامة مها وجهان لعملة واحد .و بذلك ،فليس من املتصور أن تكون النفقة لغرض نفع
أو مصلحة خاصة بفئة معينة ،ملما يف ذلك من خمالفة ملبدأ العدالة و املساواة يف حتمل األعباء العامة.
يقصد بتقسيم النفقات العامة وضع هذه النفقات يف أقسام و زمر متجانسة ،و متييزها متييزا واضحا عن
بعضها البعض .و يمكن التمييز بني نوعني رئيسيني لتقسيم (تبويب) النفقات العامة مها:
حيتل هذا التقسيم املكانة األوىل بني خمتلف التقسيامت لشموله من ناحية ،و لفائدته يف جمال التحليل املايل
و التعرف عىل آثار النفقات العامة من ناحية أخرى .و تنقسم النفقات العامة حسب هذا التقسيم إىل:
-1التقسيم الوظيفي للنفقات العامة (تبعا ألهدافها) :يعد التقسيم الوظيفي للنفقات العامة تقسيام حديثا
نسبيا ،فهو يعتمد عىل املفهوم احلديث للاملية العامة؛ فالتقسيم الوظيفي يظهر النفقات العامة للدولة حسب
الوظائف التي تقوم هبا ،أي أنه يتبع النشاطات املختلفة التي تقوم هبا الدولة .و وفقا هلذا التقسيم تصنف النفقات
العامة طبقا للوظائف و اخلدمات التي تقوم هبا الدولة يف خمتلف املجاالت .و بناء عىل ذلك ،يتم تبويب النفقات
العامة يف جمموعات متجانسة ،بحيث ختصص كل جمموعة لوظيفة معينة من هذه الوظائف.
أ -النفقات العامة االقتصادية :تشمل األموال املخصصة للقيام بخدمات هتدف إىل حتقيق هدف اقتصادي.
و مثال ذلك ،االستثامرات يف املشاريع االقتصادية املتنوعة ،و اإلعانات و املنح االقتصادية و النفقات التي هتدف
ب -النفقات العامة االجتامعية :تتضمن النفقات العامة الالزمة للقيام بخدمات اجتامعية ،كاملبالغ التي
متنح لبعض الفئات االجتامعية أو األفراد أو األرس الكبرية ذات الدخل املحدود ،و النفقات العامة املخصصة
ج -النفقات اإلدارية :تتضمن النفقات العامة املخصصة لتسيري املرافق العامة ،من رواتب و أجور العاملني
يف اإلدارات احلكومية ،و أثامن مستلزمات اإلدارات احلكومية؛ كام تتضمن املبالغ املخصصة للجهاز اإلداري من
أجل إعداده و تدريبه ،لكي يكون قادرا عىل أداء اخلدمات العامة عىل الوجه األكمل؛ كام يدخل ضمنها ،املبالغ
د -النفقات العسكرية :تتضمن النفقات العامة املخصصة إلقامة و استمرار مرافق الدفاع الوطني من
رواتب و أجور و نفقات إعداد و دعم و جتهيز القوات املسلحة ،و برامج التسليح يف أوقات السلم و احلرب؛
ه -النفقات املالية :تتضمن النفقات العامة املخصصة من أجل أداء أقساط و فوائد الدين العام و السندات
املالية األخرى.
-2تقسيم النفقات العامة حسب دوريتها و انتظامها :نميز وفقا هلذا التقسيم ما بني نفقات عامة
أ -النفقات العامة العادية ( :)Dépenses Ordinairesهي تلك النفقات العامة التي تنفق بشكل دوري
و منتظم سنويا ،دون أن يعني هذا االنتظام و التكرار ثبات مقدار النفقة ،أو تكرارها باحلجم ذاته .و مثاهلا الرواتب
و األجور ،و نفقات الصيانة ،و نفقات العدالة ،و فوائد القروض العامة و نفقات اإلدارة؛
ب -النفقات العامة غري العادية ( :)Dépenses Extra-ordinairesيقصد هبا تلك النفقات العامة التي
ال تتكرر بانتظام و ال تتميز بالدورية؛ فهي حتدث عىل فرتات متباعدة ،و بصورة غري منتظمة .مثاهلا ،النفقات
العامة االستثامرية الضخمة (بناء السدود و الطرق) ،و نفقات مكافحة البطالة ،و نفقات احلرب ،و النفقات العامة
-3تقسيم النفقات العامة حسب نطاق رسياهنا :يعتمد هذا التقسيم للنفقات العامة عىل مبدأ شمول
اإلنفاق ،و بناء عىل ذلك ،تقسم النفقات العامة وفقا لنطاق رسياهنا إىل:
أ -النفقات العامة الوطنية أو املرزيية ( :)Dépenses Nationalesهي تلك النفقات التي ترد يف املوازنة
العامة للدولة ،و تتوىل احلكومة االحتادية أو املركزية القيام هبا .مثل نفقة الدفاع و القضاء و األمن ،فهي نفقات
ب -النفقات العامة املحلية أو اإلقليمية ( :)Dépenses Localesهي تلك النفقات التي تقوم هبا الواليات
أو جمالس احلكم املحيل ،كمجالس املحافظات و املدن و القرى ،و ترد يف موازنة هذه اهليئات .مثل توزيع املاء
-4تقسيم النفقات العامة حسب تأثريها يف اإلنتاج الوطني :يمكن تقسيم النفقات العامة حسب تأثريها يف
اإلنتاج الوطني إىل نوعني مها :النفقات العامة احلقيقية و النفقات العامة التحويلية.
أ -النفقات العامة احلقيقية ( :)Dépenses Réellesهي تلك النفقات التي تقوم هبا الدولة مقابل احلصول
عىل سلع أو خدمات أو رؤوس أموال إنتاجية ،كاملرتبات و أثامن املواد و التوريدات و املهامت الالزمة لسري املرافق
فاإلنفاق احلقيقي يتمثل يف استخدام الدولة للقوة الرشائية ،و ينتج عنها حصوهلا عىل السلع و اخلدمات
و القوى العاملة ،فاإلنفاق هنا يمثل املقابل أو ثمن الرشاء الذي تدفعه الدولة للحصول عليها.
ب -النفقات العامة التحويلية ( :)Dépenses de Transfertهي تلك النفقات التي ال يرتتب عليها
حصول الدولة عىل مقابل من سلع أو خدمات أو رؤوس أموال؛ بل بموجبها تقوم الدولة بتحويل جزء من
الدخل الوطني من الطبقات االجتامعية مرتفعة الدخل إىل الطبقات االجتامعية األخرى حمدودة الدخل.
فاإلنفاق التحوييل يؤدي إىل نقل القوة الرشائية من طائفة إىل أخرى ،مما يؤدي إىل زيادة القوة الرشائية
لبعض األفراد .و بمقتىض ذلك ،فإن النفقات التحويلية تنفقها الدولة دون اشرتاط احلصول عىل مقابل هلا يف
صورة سلع و خدمات من املستفيدين منها .و من ثم ،فإهنا ال تؤدي إىل زيادة الدخل الوطني بشكل مبارش؛ و من
أمثلتها ،اإلعانات و املساعدات االقتصادية و االجتامعية املختلفة ،التي متنحها أو تقدمها الدولة
لألفراد ،أو املرشوعات ،و مسامهة الدولة يف نفقات التأمني االجتامعي و املعاشات؛ أي أن الدولة هتدف منها إعادة
بعد استعراض أهم أنواع التقسيم العلمي املوضوعي للنفقات العامة ،يطرح السؤال التايل نفسه :ما هو
موقف املرشع املايل من هذه التقسيامت العلمية ،و إىل أي مدى يأخذ هبا يف تصنيفه للنفقات العامة يف املوازنة العامة
للدولة؟
إن التقسيامت الوضعية للنفقات العامة هي تلك التي تتبناها املوازنات العامة للدول املختلفة استنادا إىل
االعتبارات الواقعية أو العملية ،و خاصة االعتبارات اإلدارية و الوظيفية التي تدعو يف الغالب إىل عدم االلتزام
و هيتم التقسيم اإلداري للنفقات العامة بتوزيع النفقات العامة تبعا للهيئات اإلدارية التي تقوم بها ،و بغض
النظر عن أوجه النشاط و الوظائف التي تقوم بها هذه اهليئات ،و قد أخذ عىل التقسيم اإلداري صفته اإلدارية
أما التقسيم الوظيفي فهو هيتم بتقسيم النفقات العامة حسب الوظائف التي تقوم بها الدولة دون االهتامم
بطبيعة النفقة ،و هذه الطريقة تسمح بجمع كافة النفقات التي تهدف إىل حتقيق نفس الغرض يف قسم واحد حتى
و لو كانت موزعة عىل عدة وزارات أو مصالح ،و يتميز هذا التقسيم يف كونه ال ينظر إىل مشرتيات الدولة يف حد
ذاتها و إنام ينظر إليها يف نطاق اهلدف الذي يسعى إىل حتقيقه من ورائها.
و يالحظ بأن التقسيم الوظيفي هو الصورة الغالبة يف الوقت احلارض يف موازنات الدول املختلفة.
لكي حتقق النفقات العامة األغراض املنشودة منها من إشباع للحاجات العامة ،فإن هذا يستلزم حتقيق ثالثة
أمور يف غاية األمهية :أوهلام ،حتقيق أكرب قدر ممكن من املنفعة؛ و ثانيهام ،أن يتم ذلك عن طريق أكرب قدر ممكن من
االقتصاد يف النفقات؛ و ثالثهام ،اإلجراءات القانونية الالزمة إلجراء النفقة .و إذا تم مراعاة هذه الضوابط فإننا
نكون قد وصلنا إىل اإلنفاق الرشيد أو احلجم األمثل اقتصاديا للنفقات العامة.
قصد بضابط املنفعة القصوى أن يكون الغرض من النفقات العامة دائام ،يف ذهن القائمني هبا ،حتقيق أكرب
ُي َ
منفعة ممكنة ،و هو أمر منطقي؛ إذ ال يمكن تربير النفقة العامة إال بمقدار املنافع التي ترتتب عليها ،و بذلك فإن
تدخل الدولة باإلنفاق العام يف جمال معني دون منفعة تعود عىل األفراد من هذه النفقة يعني أن هذا اإلنفاق ال مربر
له.
قصد بتحقيق أكرب قدر ممكن من املنفعة أال توجه النفقة العامة للمصالح اخلاصة لبعض األفراد أو لبعض
و ُي َ
فئات املجتمع دون البعض اآلخر ،نظرا ملا يتمتعون به من نفوذ سيايس أو اقتصادي أو اجتامعي .كام يعني أيضا ،أن
ُين َظر إىل املرافق العامة نظرة إمجالية شاملة لتقدير احتياجات كل مرفق و كل وجه من أوجه اإلنفاق ،يف ضوء
احتياجات املرافق و أوجه اإلنفاق األخرى .كام يلزم أيضا ،أن توزع مبالغ النفقات العامة بحيث تكون املنفعة
املرتتبة عىل النفقة احلدية يف كل وجه من أوجه اإلنفاق مساوية للمنفعة املرتتبة عىل النفقة احلدبة يف األوجه
األخرى ،هذا من جهة ،و أن تكون املنفعة املرتتبة عىل النفقة احلدية يف كافة أوجه اإلنفاق مساوية للمنفعة املرتتبة
عىل النفقة احلدية للدخل املتبقي يف يد األفراد بعد دفع التكاليف العامة ،كالرضائب ،من جهة أخرى .و هذا يعد
و تثري فكرة املنفعة العامة و حتديدها مشكلة وضع ضابط دقيق لتحديدها ،خاصة إذا ما أخذنا يف االعتبار
أن للنفقات آثارا متعددة اقتصادية و غري اقتصادية ،ظاهرة و غري ظاهرة ،مبارشة و غري مبارشة ،حارضة
و مستقبلية ،مما يتعذر معه قياسها عىل وجه الدقة .و إن كان من املمكن االسرتشاد بعاملني يف هذا الصدد:العامل
األول ،مقدار الدخل النسبي ،أي نصيب كل فرد من الدخل الوطني .و العامل الثاين ،طريقة توزيع الدخل
و مما هو جدير بالذكر ،أنه كلام زاد مقدار الدخل النسبي و قل التباين بني دخول األفراد كلام أدى ذلك إىل
حتقيق رفاهية األفراد .و ينبغي لتحقيق أقىص منفعة اجتامعية أن تتجه سياسة الدولة يف احلصول عىل إيرادها و يف
إنفاقه نحو العمل عىل زيادة الدخل الوطني ،و تقليل التباين بني دخول األفراد .و زيادة الدخل الوطني تكون
بالعمل عىل حتسني اإلنتاج بزيادة القوى املنتجة من جهة ،و تنظيم اإلنتاج من جهة أخرى .أما تقليل التباين بني
دخول األفراد فيكون بنقل القوى الرشائية من األشخاص الذين تقل عندهم منفعتها احلدية ،إىل األشخاص الذين
تزداد لدهيم تلك املنفعة (أي من جانب أصحاب الدخول املرتفعة إىل أصحاب الدخول املحدودة) ،و تقليل
التباين بني دخل نفس األشخاص (حمدودي الدخل) يف األوقات املختلفة ،لكي يتحقق االستقرار للمجتمع
بمختلف طبقاته.
يرتبط هذا الضابط بضابط املنفعة ،فمن البدهيي أن املنفعة تزيد كلام قلت النفقات إىل أدنى حد ممكن ،و لذا
فيجب عىل القائمني بالنفقات العامة جتنب أي تبذير أو إرساف ،ألن يف ذلك ضياعا ملبالغ كبرية دون أن يرتتب
عليها أي منفعة .باإلضافة إىل أن اإلرساف و التبذير من جانب اإلدارة املالية يف الدولة يؤدي إىل زعزعة الثقة
و يف عبارة موجزة ،يعني هذا الضابط استخدام أقل نفقة ممكنة ألداء نفس اخلدمة أو اخلدمات.
و مظاهر التبذير و اإلرساف املايل العام متعددة يف كل دول العامل ،و عىل وجه اخلصوص يف الدول
النامية ،بسبب انخفاض كفاءة الرقابة السياسية بصورة خاصة .و تتمثل تلك املظاهر يف دفع مرتبات و أجور
موظفني زائدين عىل احلاجة ،التسيب يف مشرتيات احلكومة و توريداهتا ،عدم اتباع الطرق التجارية يف رشاء و بيع
ما حتتاج احلكومة إىل رشائه أو بيعه ،استئجار املباين و السيارات بدال من رشائها ،و غري ذلك من مظاهر اإلرساف.
و هلذا فإن احلاجة تدعو إىل ضبط النفقات العامة يف شتى القطاعات عىل أسس معينة ،تتمثل يف مراعاة احلاجات
احلقيقية الفعلية ،بحيث ال تتحمل الدولة نفقات عامة إال إذا كانت رضورية متاما ،و بالقدر الالزم فقط ،لتحقيق
املنافع اجلامعية العامة .هذا فضال عام يمكن أن تؤديه أجهزة اإلعالم و الرقابة املختلفة من أدوار هامة يف إجياد رقابة
فعالة و حازمة عىل عمليات اإلنفاق احلكومي بام يضمن توجيه النفقات العامة إىل األوجه النافعة.
و الرقابة عىل اإلنفاق العام يمكن أن متارسها ثالث جهات هي اإلدارة ،اهليئات السياسية و جهات أخرى
-1الرقابة اإلدارية :هي الرقابة التي تتوالها وزارة املالية عىل باقي املصالح احلكومة بواسطة املراقبني
و املوظفني املحاسبني العاملني يف خمتلف الوزارات و املصالح و اهليئات .و تنحرص مهمتهم يف عدم السامح برصف
أي مبلغ إال إذا كان يف وجه وارد يف املوازنة العامة ،و يف حدود االعتامد املقرر له ،فالرقابة هنا رقابة سابقة عىل
و يف واقع األمر ،أن هذا النوع من الرقابة ال يكون ذا فاعلية بصدد ترشيد اإلنفاق؛ إذ هي رقابة من اإلدارة
عىل نفسها ،وفقا للقواعد و الضوابط التي تضعها اإلدارة نفسها ،و من ثم فال متثل أي ضغط حلجم اإلنفاق العام
-2الرقابة السياسية (الربملانية) :هي الرقابة التي متارسها السلطات النيابية و الترشيعية ،و دور الربملان ال
يقترص عىل الرقابة يف تنفيذ االعتامدات املقررة يف املوازنة ،بل يمتد أيضا ليشمل حجم اإلنفاق العام و ختصيصه.
و يرجع ذلك إىل حق الربملان يف السؤال و االستجواب و التحقيق و سحب الثقة من الوزير أو الوزارة
كلها ،و حق طلب البيانات و الوثائق عن سري التنفيذ ،و حق فحص احلسابات اخلتامية و إقرارها ،و حق إقرار
أو رفض االعتامدات اإلضافية .و تظهر هذه الرقابة بصورة واضحة عند اعتامد املوازنة و عند اعتامد احلساب
اخلتامي.
و هذا النوع من الرقابة ،عىل الرغم من أمهيته ،قد يكون قليل الفاعلية ،خاصة يف الدول النامية؛ حيث يلجأ
-3الرقابة املحاسبية املستقلة :هي التي تقوم هبا أجهزة متخصصة مهمتها األساسية الرقابة عىل أوجه
اإلنفاق العام بصورة خاصة ،و تتوىل التأكد من أن مجيع عمليات اإلنفاق قد متت عىل الوجه القانوين ،و يف حدود
قانون املوازنة و القواعد املالية السارية .و قد تكون هذه الرقابة سابقة لعملية رصف النفقات أو الحقة عليها.
و يتوىل هذا النوع من الرقابة يف اجلزائر جملس املحاسبة (.)Cour des comptes
و مما ال شك فيه ،أن هذا النوع من الرقابة يعترب أكثر فاعلية ،نظرا لتخصص القائمني به ،و توفر إمكانيات
املتابعة و التحليل و احلق يف الرقابة السابقة و الالحقة ،و حق وقف املخالفات و األخطاء املالية ،و إبداء الرأي يف
يعد هذا الضابط مكمال للضابطني السابقني؛ إذ أن التحقق من توافر املنفعة القصوى كنتيجة لإلنفاق العام
دون إرساف أو تبذير ،يمكن أن يتحقق من خالل القوانني و الترشيعات املالية التي تنظم كل ما يتعلق بالنشاط
املايل للدولة ،و الذي يتمثل يف احرتامها لكافة اإلجراءات و القواعد التي تنص عليها الترشيعات و اللوائح عند
فالقوانني املالية يف الدولة تنظم كل ما يتعلق بإجراء النفقات العامة ،فتحدد السلطة التي تأذن
بالرصف ،و توضح خطوات الرصف و اإلجراءات الالزمة لكل منها ،حتى تؤدى النفقة العامة يف
و عىل اجلهات احلكومية عند قيامها برصف املبالغ املدرجة يف املوازنة ،أن تتقيد بالقوانني و اللوائح املالية
السارية ،و أال تتجا وز تنقل أي مبلغ من باب إىل آخر ،أو من بند إىل آخر إال بعد احلصول عىل اإلذن الالزم لذلك
كام أن الرقابة املالية بصورها املختلفة تتوىل اإلرشاف عىل التطبيق الصحيح هلذه اإلجراءات؛ بحيث ال
يرصف أي مبلغ إال إذا كان واردا يف املوازنة و يف حدود االعتامد املقرر له ،و طبقا للقواعد املالية املعمول هبا.
-عىل االستهالك؛
-عىل اإلنتاج؛
تؤثر النفقات العامة عىل االستهالك بصورة مبارشة فيام يتعلق بنفقات االستهالك احلكومي أو العام من
السلع و اخلدمات ،أو من خالل ما توزعه الدولة عىل األفراد من إعانات للبطالة و املعاشات أو من خالل اإلنفاق
عىل إنشاء مشاريع تستوعب عامال يتقاضون أجورا تذهب إىل االستهالك ،و ستتناول كل نوع من هذه النفقات
عىل حدة.
-1نفقات االستهالك احلكومي أو العام :يقصد بنفقات االستهالك احلكومي ما تقوم به الدولة من رشاء
سلع و مهامت الزمة لسري املرافق العامة ،و من أمثلتها النفقات العامة التي تدفعها الدولة يف سبيل صيانة املباين
احلكومية و رشاء األجهزة و اآلالت و املواد األولية الالزمة لإلنتاج العام أو ألداء الوظائف العامة ،و النفقات
و يرى البعض أن هذا النوع من االستهالك يمثل نوعا من حتويل االستهالك من األفراد اىل الدولة؛ فبدال
من أن تقدم الدولة لألفراد زيادة يف مرتباهتم لزيادة استهالكهم تقوم هي باإلنفاق ،مما يؤدي اىل زيادة هذا
-2نفقات االستهالك اخلاصة بدخول األفراد :من أهم البنود الواردة يف النفقات العامة هو ما يتعلق
بالدخول بمختلف أشكاهلا من مرتبات و أجور أو معاشات التي تدفعها الدولة ملوظفيها و عامهلا ) احلاليني
و السابقني) .و تعد هذه النفقات من قبيل النفقات املنتجة ،ألهنا تعترب مقابال ملا يؤديه هؤالء األفراد من األعامل
و خدمات؛ فتؤدي مبارشة إىل زيادة اإلنتاج الكيل ،و من ثم فدخول األفراد تؤدي إىل زيادة االستهالك الذي يؤدي
-تؤدي النفقات الرأساملية أو اإلنتاجية باإلضافة إىل تكوين رؤوس األموال العينية ،التي حتدث زيادة
مبارشة يف الدخل الوطني اجلاري ،تقاس بمقدار االستثامرات اجلديدة إىل زيادة املقدرة اإلنتاجية الوطنية؛
-تؤدي النفقات العامة االجتامعية التي تتمثل يف النفقات املخصصة إلنتاج اخلدمات العلمية و الطبية
و الثقافية و التعليمية ،و نفقات التعليم الفني و التدريب املهني و األبحاث العلمية و اإلعانات االجتامعية إىل
زيادة الناتج الوطني اجلاري ،و زيادة املقدرة اإلنتاجية لرأس املال البرشي؛
-تساهم اإلعانات االقتصادية املمنوحة للمرشوعات إىل رفع أرباحها ،و بالتايل ارتفاع مقدرهتا اإلنتاجية؛
-تؤدي النفقات العامة عىل الدفاع و األمن و العدالة و حتقيق االستقرار إىل رفع املقدرة اإلنتاجية الوطنية؛
-يؤدي اإلنفاق العام عىل البنية التحتية ،كالطرق و وسائل النقل و املواصالت و الطاقة و تلك التي متول
التقدم التكنولوجي إىل خفض نفقة اإلنتاج ،و بالتايل إىل رفع األرباح و زيادة الناتج الوطني؛
-تؤدي زيادة النفقات العامة يف جمال مشاريع جديدة إىل استحداث وظائف ،و استيعاب بعض العاطلني
عن العمل.
للتعرف عىل أثر االنفاق العام عىل نمط الدخل الوطني ،البد من حتديد السياسة اإليرادية للدولة ،ذلك أن
ما قد تنهجه الدولة بشأن تقليل التفاوت بني الدخول ) بمنح إ للطبقة حمدودة الدخل ( ،قد يضيع مفعوله باتباع
سياسة إيرادية معينة ،كفرض رضائب مثال عىل هذه الطبقات ،و لذا البد من التنسيق بني السياسة اإلنفاقية
و اإليرادية ،و قد يكون أثر االنفاق العام عىل نمط توزيع الدخل مبارشا أو غري مبارش:
-يكون أثر اإلنفاق العام عىل نمط توزيع الدخل مبارشا بزيادة القوة الرشائية لدى بعض الوحدات
-و يكون أثر االنفاق العام عىل نمط توزيع الدخل غري مبارش عن طريق تزويد فئات كعينة ببعض السلع
و اخلدمات بثمن أقل من ثمن تكلفتها ،و ذلك بدفع إعانات استغالل للمرشوعات التي تنتج هذه السلع
و اخلدمات ،كذلك عندما حيصل بعض األفراد عىل سلعة أو خدمة تؤدهيا اهليئات العامة بال مقابل أو بمقابل يقل
عن ثمن تكلفتها ،وحيث أن هذه اخلدمات و املشاريع تستفيد منها طبقات ذوي الدخل املنخفض ،فهي تعمل عىل
أسئلة الفصل
األعامل الشخصية
متهيد
لقد صاحب تطور دور الدولة يف النشاط االقتصادي تطور مصادر الدولة يف احلصول عىل إيراداهتا و زيادة
األمهية النسبية لبعض املصادر .فمع زيادة الدور االقتصادي و االجتامعي للدولة ،كان من املنطقي أن يبحث كتاب
املالية العامة عن املصادر اإليرادية املختلفة ،مع بحث اآلثار االقتصادية و االجتامعية التي تصاحب كل مصدر من
هذه املصادر ،و اختيار الوسائل اإليرادية املناسبة و التي تساهم يف حتقيق أهداف املجتمع االقتصادية و السياسية.
يقصد بالدومني كل ما متتلكه الدولة سواء كانت ملكية عامة أو خاصة ،و سواء كانت أمواال عقارية
أو منقولة ،و يمكن تقسيم الدومني وفقا ملعيار النفع إىل الدومني العام و اخلاص.
يقصد بالدومني العام األموال التي متتلكها الدولة أو األشخاص العامة و تكون معدة لالستعامل العام،
و حتقق نفعا عاما ،و من ثم ختضع ألكحكام القانون العام .و من أمثلتها ،الطرق العامة ،املوانئ ،املطارات ،احلدائق
العامة ،و أبنية الوزارات و املصالح العامة و غريها من األموال األخرى .و األصل العام ،أن استخدام هذه
املمتلكات من جانب اجلمهور يتم باملجان ،و إن كان من املمكن أن تفرض الدولة يف حاالت معينة رسوما ضئيلة
مقابل االنتفاع هبا ،مثل فرض بعض الرسوم عىل دخول احلدائق العامة أو دخول املطارات أو املوانئ ،و ذلك
بغرض تنظيم استعامل هذه املمتلكات أو تغطية بعض النفقات العامة أو صيانتها.
و مما هو جدير بالذكر ،أن فرض هذه الرسوم ال يعني اعتبار الدومني العام مصدرا لإليرادات العامة ،إذ أنه
مال عام معد لالستخدام العام ،فالغرض منه تقديم خدمات عامة و ليس احلصول عىل أموال للخزينة
القانون العام :هو جمموعة القواعد و القوانني املنظمة لعالقات الدولة مع خمتلف مؤسستها (وزارات ،هيئات بلدية ،)...كام ينظم عالقة الدولة مع األفراد
و األشخاص ،إذا فالقانون العام هو قانون يراعي مصالح عموم األفراد.
العامة ،و بالتايل فهو ال يمثل مصدرا لإليرادات العامة ،و من ثم خيرج من نطاق دراستنا عند احلديث عن إيرادات
ممتلكات الدولة.
يقصد بالدومني اخلاص األموال التي متتلكها الدولة ملكية خاصة و معدة لالستعامل اخلاص ،و حتقق نفعا
خاصا للفئة التي تستخدمها ،و من ثم ختضع ألكحكام القانون اخلاص .و بطبيعة احلال ،فإن استخدام هذه األموال
يكون بمقابل ،و حيقق دخال يمثل مصدرا من مصادر اإليرادات العامة .و من أمثلته ،األرايض الزراعية التي
متلكها الدولة و غريها من العقارات ،و املرشوعات التجارية و الصناعية و األوراق املالية التي متتلكها الدولة.
و هذا النوع من اإليرادات يامثل اإليرادات التي حيصل عليها األفراد .و يتميز الدومني اخلاص ،بأن الغاية منه هو
و مما هو جدير بالذكر ،أن الطابع اخلاص للدومني هنا ،و إن كان خيضع ألحكام القانون اخلاص ،إال أن
هناك نصوصا خاصة متعلقة به كحامية هذه املمتلكات ،من أمثلتها عدم جواز متلكها عن طريق التقادم أو كسب
و قد اكتسبت أمالك الدومني اخلاص أمهية كمصدر إليرادات الدولة منذ القدم؛ فقد كانت إيرادات
الدومني هي املورد األكرب للملك أو اإلقطاعي يف العصور الوسطى ،عندما كانت ماليته اخلاصة خمتلطة باملية
اململكة أو اإلمارة ،و كان دخل أراضيه الزراعية اململوكة له ملكية خاصة تساهم بالنصيب األكرب يف إيراداته .إال
أنه ترتب عىل إرساف امللوك يف التنازل عن أجزاء من ممتلكاهتم لألمراء اإلقطاعيني ،و من ثم حرماهنم من دخل
هذه املمتلكات ،إىل إن تضاءلت أمهية إيرادات الدومني تدرجييا ،و حلت حملها اإليرادات املتحصلة من األفراد
اختيارا يف البداية ثم إجبارا يف النهاية ،أي أهنا أخذت صورة الرضائب .و قد استمر هذا الوضع يف عرص ما بعد
اإلقطاع حتى العرص احلديث الذي شهد ،و ال يزال يشهد ازديادا يف أمهية إيرادات الدومني مرة أخرى ،و لكن مع
اختالف يف نوع الدومني ،فلم تعد ممتلكات الدولة التي تدر هلا إيرادا ال بأس به هي األرايض الزراعية ،كام كان
القانون اخلاص :هو جمموعة القواعد التي تنظم عالقات األفراد فيام بينهم و ال تتدخل الدولة إال بشخص املرشع ،إذا فهو قانون يراعي حرية األفراد يف تنظيم
عالقتهم.
احلال فيام سبق ،بل أصبحت املرشوعات الصناعية و التجارية التي متتلكها الدولة ،و التي يقصد منها احلصول عىل
و يرجع هذا التطور التارخيي ألمهية إيرادات الدومني اخلاص إىل التطور الذي حلق بدور الدولة و ازدياد
تدخلها يف النشاط االقتصادي بصورة ملحوظة ،مما ساهم يف ازدياد عدد املرشوعات التي متتلكها ،و من ثم ازدياد
الدخل الذي يمثل أمهية نسبية ،كمصدر لإليرادات العامة التي تستخدمها الدولة يف تغطية جزء من نفقاهتا العامة
املتزايدة.
و هيمنا يف هذا املجال ،حتديد التقسيامت املختلفة للدومني اخلاص ،و التي تأخذ أشكاال ثالثة :الدومني
-1الدومني العقاري :يتضمن الدومني العقاري ما متتلكه الدولة من عقارات متعددة ،تتمثل يف األرايض
الزراعية و الغابات ،و يطلق عليه الدومني الزراعي أو الدومني التقليدي ،و املناجم و املحاجر ،و يطلق عليه
الدومني االستخراجي .و تساهم هذه املمتلكات يف حتقيق املورد املايل الذي حيققه الدومني العقاري يف مجلته.
-2الدومني الصناعي و التجاري :كام ذكرنا سابقا ،أن ترك الدولة لدورها كدولة حارسة و اجتاهها إىل دور
الدولة املتدخلة ،قد أدى إىل زيادة تدخل الدولة يف املجاالت املختلفة املتعلقة بالنشاط االقتصادي ،مما ترتب عليه
متلك الدولة ملرافق عامة صناعية و جتارية ،متارس من خالهلا نشاطا جتاريا أو صناعيا شبيها بنشاط األفراد
و ال يقترص األمر عىل ذلك ،بل اتسع نشاط الدولة و شمل قيامها أحيانا بالتجارة و الصناعة رغبة يف حتقيق
مصلحة األفراد .و إذا كانت الدولة يف سبيل قيامها هبذه األنشطة تسعى لتحقيق الربح ،فإن هذا ال يعني ختليها عن
دورها األسايس يف توفري خدمة لألفراد و تيسري استهالكهم للسلع الرضورية ،محاية هلم من املرشوعات اخلاصة.
فقد تقصد الدولة من القيام ببعض املرشوعات الصناعية حتقيق أغراض تتعلق باألمن الوطني ،تتمثل يف خدمة
و استنادا إىل ذلك ،فإن الدولة قد تقوم هبذه املرشوعات بقصد حتقيق أغراض اقتصادية ،مثل قيام الدولة
باملرشوعات الصناعية الالزمة لتنمية البنية األساسية يف االقتصاد الوطني ،كمرشوعات الطاقة و املرشوعات
الصناعية الثقيلة و إنشاء حمطات الكهرباء و املاء .و كلها مرشوعات حتتاج لرؤوس أموال ضخمة ال يقوى عليها
األفراد .أو بقصد حتقيق أغراض سياسية و اجتامعية ،تتمثل يف املرشوعات العسكرية و املرشوعات املتعلقة بتوفري
السلع الرضورية ،و خاصة الغذائية لألفراد بأسعار زهيدة .و أخريا ،يكون الغرض ماليا ،مثال ذلك احتكار معظم
و قيام الدولة هبذه املرشوعات ،أيا كان الغرض منها ،يعني حتقيق إيرادات عىل جانب كبري من
أ -الثمن العام ( :)Prix publicيقصد بالثمن العام املقابل الذي حتصل عليه الدولة بمناسبة قيامها بنشاط
جتاري أو صناعي .و بذلك ،فهو ثمن السلع و اخلدمات التي تنتجها و تبيعها املرشوعات العامة الصناعية
و التجارية ،متييزا له عن الثمن اخلاص الذي حتصل عليه املرشوعات اخلاصة ،نظري بيعها ملنتجاهتا من السلع
و اخلدمات.
و بطبيعة احلال ،فإن الثمن العام حيقق إيرادا عاما للدولة ،يتمثل يف األرباح التي حتققها الدولة من بيع هذه
املنتجات.
واجب منزيل :كيف يتم حتديد الثمن العام؟ و ما هي االعتبارات التي تربر متييزه عن الثمن اخلاص؟
ب -االكحتكار املايل ( :)Monopole fiscalيف بعض احلاالت ،تقوم الدولة بموجب سلطاهتا بفرض حظر
عىل األفراد و املرشوعات اخلاصة ،بشأن القيام بمرشوعات جتارية أو صناعية معينة ،و ذلك بقصد حتقيق أغراض
معينة .و يف هذا الصدد تتمتع الدولة بمركز احتكاري ،و تنفرد بتحديد ثمن السلع و املنتجات التي حتتكرها.
-تقديم السلع الرضورية لالستهالك بأسعار يف مقدرة فئات الشعب املختلفة ،و خاصة ذوي الدخل
املحدود .و لذا ختشى الدولة اجتاه املرشوعات اخلاصة إىل رفع أسعارها ،لعلمها بمدى احتياج األفراد هلا باعتبارها
-أن يكون اهلدف من االحتكار للنشاط الصناعي أو التجاري هو الرغبة يف حتقيق إيراد مايل ،و هذا ما
-3الدومني املايل :يقصد بالدومني املايل األسهم و السندات اململوكة للدولة ،و التي حتصل منها عىل إيراد
و يعترب هذا النوع من أحدث أنواع الدومني اخلاص ،و قد ازدادت أمهيته يف العرص احلديث ،و حدث تطور
يف مضمونه ،فلم يعد قارصا عىل حق الدولة يف إصدار النقود ،و لكنه اتسع ليشمل األسهم بصورة خاصة ،التي
متثل مسامهة الدولة يف املرشوعات االقتصادية املختلفة؛ أو قيام الدولة باستثامر أمواهلا عن طريق رشاء سندات
ذات فائدة مرتفعة .و قد ساهم ذلك يف إمكانية الدولة من اإلرشاف عىل القطاع اخلاص ،و السيطرة عىل بعض
املرشوعات ذات النفع العام ،من أجل توجيهها إىل حتقيق الصالح العام.
تعترب الرسوم من مصادر اإليرادات العامة للدولة ذات األمهية اخلاصة ،و تأيت يف املرتبة الثانية بعد الدومني
من حيث درجة األمهية .و تتميز بأهنا من اإليرادات التي تدخل خزينة الدولة بصفة دورية منتظمة ،و من ثم
الرسم هو مبل نقدي يدفعه الفرد جربا إىل الدولة ،أو إىل إحدى هيئاهتا العامة ،مقابل نفع خاص حيصل
من هذا التعريف للرسم يتضح أن الرسم يتميز بخصائص هامة هي:
-1الصفة النقدية للرسم :كان الرسم قديام حيصل يف صورة عينية ،وفقا لألوضاع االقتصادية العامة
القائمة يف ذلك الوقت؛ و مع تطور مالية الدولة ،و بعد أن أصبحت النقود هي وسيلة التعامل الرئيسية ،إن مل تكن
الوحيدة ،أصبح من املنطقي أن يتم دفع الرسوم يف صورة نقدية ،فالدولة تقوم بنفقاهتا العامة يف صورة
نقدية ،و من ثم فإهنا حتصل عىل إيراداهتا يف صورة نقدية .و بطبيعة احلال ،ال يتصور أن يتم جباية الرسم يف صورة
عينية ،أو بالعمل بفرتة زمنية معينة لصالح اإلدارة العامة ،بل يتم فرض الرسوم يف صورة نقدية و جبايتها عىل
نفس الصورة ،كام تنص القوانني و اللوائح التي تصدر يف هذا الصدد.
-2صفة اإلجبار للرسم :فالرسم يدفع جربا بواسطة الفرد ،مقابل احلصول عىل اخلدمة اخلاصة التي
يتلقاها من جانب إحدى اإلدارات و املرافق العامة .و تفرض الرسوم بقواعد قانونية هلا صفة اإللزام ،جترب الفرد
عىل دفعها إذا ما تقدم بطلب إلحدى اإلدارات أو اهليئات العامة ،و حتدد قيمة الرسوم بمقتىض هذه القواعد
القانونية ،معربا عن إرادة الدولة ،و ال سبيل أمام الفرد إال اخلضوع ملضمون تلك اإلرادة.
-3صفة املقابل للرسم :فالرسم يدفعه الفرد مقابل خدمة خاصة حيصل عليها من جانب الدولة ،و قد
تكون هذه اخلدمة عمل تتواله إحدى اهليئات العامة لصالح الفرد ،كالفصل يف املنازعات (الرسوم القضائية)
أو توثيق العقود و شهرها (رسوم التوثيق) ،أو استعامل الفرد لبعض املرافق العامة استعامال يرتتب عليه يف الغالب
تيسري مبارشة مهنته ،كاستعامل املوانئ و املطارات (رسوم املوانئ) ،و بعض الطرق العامة الربية و النهرية (رسوم
الطرق).
-4صفة النفع :يعني ذلك أن الفرد الذي يدفع الرسم إنام حيصل عىل نفع خاص به ال يشاركه فيه غريه من
األفراد ،يتمثل يف اخلدمة املعينة التي تؤدهيا له اهليئات العامة يف الدولة؛ كام أنه يعني أن هذه اخلدمة متثل إىل جانب
النفع اخلاص نفعا عاما يعود عىل املجتمع ككل ،او عىل االقتصاد الوطني يف جمموعه ،فالرسوم القضائية التي
يدفعها املتقاضون م قابل احلصول عىل خدمة مرفق القضاء يرتتب عليها حتقيق نفع خاص ،يتمثل يف حصول كل
منهم عىل حقه و ضامن عدم منازعة أحد فيه بعد ذلك ،و يف آن احد يستفيد املجتمع من نشاط القضاء الذي يعطي
احلقوق ألصحاهبا ،و يضمن هلم الطمأنينة و األمن و االستقرار ،و هذا نفع عام كام هو واضح.
تعد الرضائب من أقدم و أهم مصادر اإليرادات العامة التي عرفتها الدول ،و د مثلت الرضيبة خالل
مراحل طويلة أساس الدراسات املالية ،و ال يرجع ذلك لكوهنا تعد مصدرا رئيسيا من مصادر اإليرادات العامة
فقط ،و لكن ألمهية الدور الذي تلعبه لتحقيق أغراض السياسة املالية من جهة ،و ملا تثريه من مشكالت فنية
تعرف الرضيبة عىل أهنا فريضة مالية يدفعها الفرد جربا إىل الدولة ،أو إحدى اهليئات العامة املحلية ،بصورة
هنائية ،مسامهة منه يف التكاليف و األعباء العامة ،دون أن يعود عليه نفع خاص مقابل دفع الرضيبة.
-1الرضيبة فريضة مالية :يقصد هبا أن الرضيبة استقطاع مايل من ثروة أو دخل األشخاص الطبيعيني
أو املعنويني ،و بام أهنا فريضة مالية فإن ما يتم جبايته من األفراد جيب أن يأخذ صفة املال ،سواء كان االقتطاع يف
-2الرضيبة تدفع جربا :إن صفة اإلجبار يف الرضيبة ذات صبغة قانونية ،بمعنى أن اإلجبار هنا إجبار
قانوين و ليس معنويا ،جيد مصدره يف القانون و ليس يف إرادة األفراد أو الدولة .و بناء عليه يكون الفرد جمربا عىل
دفع الرضيبة دون أخذ رغبته أو استعداده للدفع يف االعتبار؛ و يكون للدولة ،يف حالة امتناعه عن أدائها ،حق
اللجوء إىل التنفيذ اجلربي للحصول عىل مقدار الرضيبة ،كام أهنا تتمتع يف سبيل اقتضائها بامتياز عىل أموال املدين.
-3الرضيبة تدفع بصورة هنائية :يدفع األفراد الرضيبة إىل الدولة بصورة هنائية ،بمعنى أن الدولة ال تلتزم
برد قيمتها هلم أو بدفع أية فوائد عنها .و بذلك ختتلف الرضيبة عن القرض العام الذي تلتزم الدولة برده إىل
-4الرضيبة تدفع بدون مقابل :يقوم املكلف بدفع الرضيبة دون أن حيصل عىل نفع خاص يعود عليه وحده
مقابل أداء الرضيبة .و يدفع املكلف الرضيبة مسامهة منه كعضو داخل املجتمع يف حتمل األعباء و التكاليف العامة.
-5الرضيبة متكن الدولة من حتقيق أهدافها :تعد الرضيبة من أهم مصادر اإليرادات العامة عىل
اإلطالق ،و لذا فإهنا متكن الدولة من حتقيق أهدافها .و يمثل هدف احلصيلة اهلدف الدائم و الرئييس ،ألنه يوفر
للدولة املوارد التي حتتاجها ملواجهة نفقاهتا و زيادة أعبائها التي حتقق منافع عامة للمجتمع يف جمموعه.
يثور التساؤل حول األساس القانوين الذي يلتزم بمقتضاه األشخاص بدفع الرضائب ،و الذي تستمد منه
الدولة حقها يف فرض الرضائب عليهم .و قد اختلف التفسريات التي أخذ هبا حول األساس القانوين
للرضيبة ،و يمكن رد النظريات و اآلراء التي أخذ هبا حول هذا األساس القانوين للرضيبة إىل جمموعتني من
-1نظريات املنفعة و العقد :يرى أنصار هذه النظريات ،أن الفرد يدفع الرضيبة للدولة يف مقابل املنفعة
أو املنافع التي تعود عليه من اخلدمات ،التي تقدمها املرافق العامة للدولة يف خمتلف املجاالت ،مثل التعليم
و الصحة و الدفاع و األمن و العدالة و غريها ،فالرضيبة حسب أنصار هذا االجتاه هي ثمن لألمان الذي تقدمه
و يذهب أنصار هذا االجتاه إىل حد القول بأن هناك عقد ضمني انعقد بني الدولة بوصفها ممثلة اجلامعة
و األفراد ،و أن هذا العقد هو من طبيعة مالية ،التزمت بمقتضاه الدولة أن تقدم لألفراد بعض اخلدمات ،و التزم
بمقتضاه األفراد بدفع الرضائب إىل الدولة مقابل املنافع التي حيصل عليها هؤالء األفراد من اخلدمات التي تقدمها
هلم الدولة ،فالرضيبة إذا –طبقا ألنصار هذا االجتاه -هي من طبيعة عقدية ،كام أن دفع الرضيبة يأخذ شكل املبادلة.
-2نظرية التضامن االجتامعي و السيادة :يذهب الفكر احلديث إىل تأسيس حق الدولة يف فرض الرضائب
عىل نظرية التضامن االجتامعي و السيادة .و الفكرة األساسية يف هذه النظرية هي أن الدولة تنفق نفقات عامة ال
غنى عنها النتظام اجلامعة و استمرارها ،و األفراد بحكم كوهنم أعضاء يف تلك اجلامعة ملزمون بالتضامن فيام بينهم
بتحمل هذه النفقات ،كل حسب مقدرته يف مواجهة أعباء التكاليف و النفقات العامة ،و ذلك حتى تتمكن
الدولة ،باعتبارها رضورة اجتامعية ،من القيام بوظائفها الرضورية للجامعة ،و املحافظة عىل التضامن الوطني بني
أفراد اجلامعة ،و بينهم و بني كل من األجيال السابقة و الالحقة .و ملا كانت الدولة يف حاجة إىل إيرادات لتحقيق
هذه األغراض ،فإهنا تلجأ إىل فرض الرضائب عىل األفراد األعضاء يف تلك اجلامعة ،بام هلا من سيادة
عليهم ،و حتقيقا للتضامن االجتامعي فيام بينهم .و عىل كل فرد أن يدفع هذه الرضائب مسامهة منه يف األعباء
و التكاليف العامة تبعا ملقدرته التكليفية ،و بغض النظر عن املنافع التي تعود عليه شخصيا من التنظيم اإلداري
و يرتتب عىل كون التضامن االجتامعي بني أفراد املجتمع املقرتن بالسيادة التي متارسها الدولة
-أن فرض الرضائب يعترب عمال من أعامل السيادة ،و يرتتب عىل ذلك أن الدولة تتمتع بسلطة حتديد
الرضائب التي يلتزم بدفعها كل فرد و حتديد تنظيمها الفني .و يعني ذلك ،أن الدولة و هي بصدد فرض الرضائب
-استنادا إىل فكرة التضامن االجتامعي ،تفرض الرضيبة عىل كافة أعضاء اجلامعة .و يشكل هذا املبدأ
أساس " قاعدة عمومية الرضائب"؛ بحيث ال تعفى من الرضيبة فئة اجتامعية معينة بصفتها هذه ،كام كان شائعا
حتى القرن ،81و ال ينفي مبدأ عمومية الرضيبة إعفاء غري القادرين من دفعها؛
-أال يتحدد مقدار الرضيبة الذي يلتزم به الفرد بمقدار ما يعود عليه من نفع من اخلدمات العامة التي
تقدمها املرافق العامة للدولة ،و أن يكون أساس حتديد مقدار الرضيبة هو املقدرة التكليفية للممول ،بمعنى قدرته
عىل حتمل أعباء النفقات العامة ،و يشكل هذا املبدأ أساس قاعدة العدالة الرضيبية؛
-يفرس مبدأ التضامن االجتامعي بني األجيال ،التزام األجيال احلارضة بدفع رضائب يستخدم جزء من
حصيلتها يف خدمة أعباء قروض عامة عقدهتا األجيال السابقة لظروف معينة ،كحروب أو كوارث أو غريها
و استنفذت كل منافعها.
يقصد بالقواعد األساسية للرضيبة تلك القواعد التي يتعني عىل املرشع املايل مراعاهتا عند وضع النظام
الرضيبي ،حتى يكون مالئام للخزينة العامة من جهة ،و ملصلحة املمولني من جهة أخرى .و يعترب آدم سميث أول
من قام بصياغة جمموعة متامسكة من القواعد التي يلزم اتباعها يف التنظيم الفني للرضيبة ،و ذلك يف مؤلفه املشهور
عن "ثروة األمم" عام 4444؛ حيث ذكر يف مؤلفه أربعة قواعد جيب أن تلتزم هبا الدولة عند فرض
الرضائب ،مراعاة ملصلحة كل من اخلزينة و املمول ،و هذه القواعد هي العدالة ،اليقني ،املالءمة و االقتصاد يف
نفقات التحصيل.
-1قاعدة العدالة و املساواة :يتلخص مضمون هذه القاعدة يف أن يساهم كل فرد يف حتمل األعباء
و النفقات العامة للدولة وفقا ملقدرته النسبية ،و تتحدد هذه املقدرة النسبية للمولني بنسبة الدخل الذي يتمتع به
كل منهم يف ظل محاية الدولة؛ بحيث تكون مسامهة أفراد املجتمع يف األعباء العامة بالتناسب مع دخوهلم .و طبقا
هلذه القاعدة ،فإن االلتزام الرضيبي جيب أن يتامشى مع املقدرة النسبية عىل الدفع ،و هو ما يؤدي إىل حتقيق العدالة
يف توزيع األعباء الرضيبية بني املمولني من جانب ،و تقرير املساواة فيام بينهم أمام الرضيبة.
-2قاعدة اليقني :يقصد هبا أن تكون الرضيبة حمددة بصورة قاطعة دون أي غموض أو إهبام .و الغرض من
ذلك ،أن يكون املكلف عىل علم يقيني بمدى التزامه بصورة واضحة ال لبس فيها ،و من ثم يمكنه أن يعرف مقدما
موقفه الرضيبي ،من حيث الرضائب امللزم بأدائها و سعرها و كافة األحكام القانونية املتعلقة هبا ،و غري ذلك من
املسائل الفنية املتعلقة بالرضيبة ،باإلضافة إىل معرفته حلقوقه جتاه اإلدارة املالية و الدفاع عنها.
-3قاعدة املالءمة يف الدفع :و يقصد هبا رضورة تنظيم أحكام الرضيبة بصورة تالئم ظروف املكلفني
هبا ،و تيسري دفعها و خاصة فيام يتعلق بميعاد التحصيل و طريقته و إجراءاته.
و هتدف هذه القاعدة يف حقيقة األمر إىل عدم تعسف اإلدارة املالية يف استعامل سلطتها فيام يتعلق بإجراءات
الربط و التحصيل .و تدعو اعتبارات املالءمة أن تكون القواعد املتعلقة بكل رضيبة متفقة مع طبيعتها
الذاتية ،و األشخاص اخلاضعني هلا ،من أجل جتنب العديد من املشاكل التي يمكن أن تثور يف حالة خمالفة هذه
القاعدة.
-5قاعدة االقتصاد يف النفقات :يقصد هبا أن يتم حتصيل الرضيبة بأسهل و أيرس الطرق التي ال تكلف
اإلدارة املالية مبال كبرية ،خاصة يف ظل الروتني و اإلجراءات املعقدة ،مما يكلف الدولة نفقات قد تتجاوز حصيلة
الرضيبة ذاهتا .و مراعاة هذه القاعدة ،يضمن للرضيبة فعاليتها كمورد هام تعتمد عليه الدولة دون ضياع جزء كبري
املبحث الرابع :القروض العامة
تعترب القروض العامة من مصادر اإليرادات العامة للدولة ،و هي من اإليرادات االئتامنية ،فقد حتتاج الدولة
إىل تغطية نفقاهتا املتزايدة ،بد أن تكون قد استنفذت كافة إيراداهتا العادية ،فتلجأ إىل اقرتاض املبال التي حتتاجها
Public Loan (or Debt) ; Emprunt (au Dette) Publique
و القروض العامة ،تعد موردا من موارد الدولة التي ينتفي بصددها صفة الدورية و االنتظام ،بل و تعد من
وجهة نظر الفكر التقليدي موردا غري عادي ،تلجأ إليه الدولة بصورة استثنائية بحتة ،من أجل تغطية نفقات غري
عادية.
-1يف كحالة وصول الرضائب إىل احلجم األمثل :بمعنى أن املقدرة التكليفية الوطنية أو ما تعرف بالطاقة
الرضيبية الوطنية قد استنفذت ،فال تستطيع الدولة أن تفرض املزيد من الرضائب ،و إال ترتب عىل ذلك آثار
-2يف كحالة عدم وصول الرضائب إىل احلجم األمثل :أي قبل استنفاذ املقدرة التكليفية الوطنية ،و لكن
فرض املزيد من الرضائب يستتبعه ردود فعل عنيفة ،و استياء عام من جانب املكلفني هبا .فالرضائب من هذه
الزاوية هلا حدود من طبيعة اقتصادية ،و من طبيعة نفسية ،تضع قيدا عىل قدرة الدولة يف اللجوء إليها.
و معنى ذلك ،أن القرض يشكل وسيلة فعالة يف يد الدولة لتجميع املدخرات التي ال تستطيع الرضيبة
احلصول عليها ،و أنه يشكل وسيلة لتوزيع العبء املايل العام بني املقرضني و املكلفني.
و ال تعد القروض العامة أداة متويلية فقط ،بل كذلك أداة من أدوات السياسة املالية و االقتصادية يف كثري
من األحيان ،و لذا فإنه ينبغي عىل الدولة استخدامها بحذر شديد ،خلدمة األغراض االقتصادية للدولة ،نظرا لثقل
القروض العامة هي املبال التي حتصل عليها الدولة من الغري ،مع التعهد بردها إليه مرة أخرى ،عند حلول
إن التعهد بوفاء القرض هو الصفة األساسية التي يتميز بها القرض العام عن إيرادات الدولة األخرى .و قد
وجد عىل أساس تعاقدي بني الدولة و بني املقرضني ،لذلك فهو خيتلف عن الرضيبة ،فإيرادات الرضيبة تدخل
اخلزينة العامة و ال ترد مطلقا لدافعها ،بينام إيرادات القرض تدخل اخلزينة العامة دينا و تتعهد الدولة بردها مع
أ -القروض االختيارية :ينجم القرض االختياري عن عقد ترايض ،حيث يتم برتايض املتعاقدين
و اختيارمها .و املكتتب يف هذا النوع من القروض ليس له احلقوق سوى بالقبول أو االمتناع ،فبعض الكتاب
اعتربوا عقد القرض االختياري عقد إذعان ،ألن املكتتب ال يستطيع مناقشة الدولة يف رشوط القرض ،و ال يملك
إال القبول أو الرفض ،و يف الواقع أن املكتتب ال خيضع إلكراه هنا ،ألنه يكتتب يف القرض بدافع ذايت ،و بقصد
ب -القروض اإلجبارية :هي القروض التي تفرضها الدولة عىل رعاياها بصورة إجبارية ،مقابل تعهدها
هلم بسدادها يف الوقت املناسب .و تلجأ الدول إىل مثل هذه القروض يف األزمات االقتصادية ،و احلروب
و الظروف الطارئة كالكوارث الطبيعية التي تصيب البالد ،و مثل هذه القروض تشبه الرضيبة لكونها مفروضة
بصورة إلزامية ،إال أنها ختتلف عن الرضيبة ،بأنها غالبا ما تعود املبال لدافعها مع فوائد حتددها السلطات العامة.
أ -القروض الداخلية :هي القروض التي حتصل عليها الدولة من األشخاص الطبيعيني أو االعتباريني
املقيمني فوق أراضيها .و تتمتع الدولة عادة بحرية كبرية بهذا النوع من القروض ،ألنها تستطيع وضع الرشوط
التي جتدها مالئمة ،حيث تبني املزايا املختلفة للمقرتض ،و حتدد أجل القرض و معدل الفائدة وكيفية السداد.....
ب -القروض اخلارجية :هي القروض التي حتصل عليها الدولة من شخص طبيعي أو اعتباري مقيم يف
خارج البالد أو من حكومات أجنبية .و تلجأ الدول إىل مثل هذه القروض عندما تكون بحاجة إىل رؤوس
أموال ،و عدم كفاية اإليرادات الداخلية و عدم كفاية املدخرات الوطنية .كذلك تلجأ للقروض اخلارجية عند
حاجة الدولة إىل عمالت أجنبية لتغطية العجز يف ميزان املدفوعات ،أو لدعم نقدها الوطني و محايته من تدين
قيمته ،أو من أجل احلصول عىل ما يلزمها من سلع إنتاجية و سلع استهالكية رضورية لتلبية حاجة السوق
الداخلية.
أ -القروض املؤبدة :هي القروض التي ال حتدد الدولة تارخيا معينا لردها ،و لكنها تلتزم بدفع فائدة عنها.
و متلك الدولة احلق باستهالك ما تشاء من سندات القرض يف الوقت الذي يناسبها ،و املقرض ال يستطيع أن
يطالب الدولة وفاء القرض ،و لكن يملك احلق باملطالبة بالفائدة املقررة سنويا.
ب -القروض املؤقتة :هذه القروض تلجأ إليها الدولة ملواجهة حاالت مؤقتة و طارئة ،و بهذا فهي تعقد
ملدة معينة ينقيض الدين بنهايتها .و سندات هذا النوع من القروض إما أن تكون ألجل متوسط و طويل األجل
تزيد مدتها عىل سنتني و تقل عن 45سنة ،و يطلق عليها القروض املثبتة؛ أو ألجل قصري ملدة ال تتجاوز
قد تضطر الدولة يف بعض األحيان ،ملواجهة نفقاهتا املتزايدة و عجز املوازنة ،إىل اللجوء لطريقة اإلصدار
النقدي ،و ذلك حينام ال تستطيع أن تواجه يف نفقاهتا استنادا إىل مصادر اإليرادات العامة ،الرسوم و الرضائب
أو مصادر اإليرادات االئتامنية ،القروض ،فتقوم الدولة بإصدار كمية جديدة من النقود و طرحها
للتداول ،و يعرف ذلك بالتضخم املايل ،أو التمويل عن طريق التضخم.
و يؤدي اإلصدار النقدي اجلديد إىل انخفاض قيمة النقود ،مما يشكل عبئا إضافيا عىل دخول و ثروات
األفراد.
األول ،أنه يعترب حافزا عىل االستثامر،ذلك أن اإلصدار اجلديد يؤدي إىل ضعف القوة الرشائية
للنقود ،و بالتايل ارتفاع األثامن ،مما يؤدي إىل زيادة األرباح و التوسع يف االستثامر القائم و ظهور فرص جديدة
لالستثامر .كام أنه يؤدي إىل توزيع الدخول لصالح أصحاب الدخول املرتفعة عىل حساب أصحاب الدخول
املحدودة ،مما يعني زيادة االدخار عىل حساب االستهالك ،و يعد هذا املربر غري فعال ،بل قد يكون خطرا؛ فالواقع
أن الذي يعيق االستثامر هو عدم وجود طلب كاف ،و عدم التنسيق بني الصناعات القائمة بالفعل؛
الثاين ،أن اإلصدار النقدي يعترب وسيلة لتمويل االستثامر العام و احلصول عىل الوسائل الالزمة لربامج
التنمية .ففعاليته تكمن فيام يسمح به من حتويل للموارد لتحقيق أهداف التنمية .ففي هذه احلالة يؤدي اإلصدار
النقدي إىل تكوين ادخار إجباري لتمويل مرشوعات إنتاجية هلا أثر هام عىل معدالت التنمية االقتصادية.
فالتضخم يسمح للدولة باحلصول عىل موارد عينية و ختصيصها لالستخدامات األكثر فائدة للتنمية االقتصادية.
و جتدر اإلشارة ،إىل أن اللجوء لطريقة اإلصدار النقدي (التضخم املايل) جيب أن يتم يف أضيق نطاق
ممكن ،و بحذر شديد لتاليف اآلثار السيئة التي تنتج عنه.
أسئلة الفصل
-عرف الدومني؟
أعامل شخصية
متهيد
تعترب فكرة املوازنة العامة للدولة فكرة حديثة نسبيا ،فلم تكن املوازنة العامة يف املايض كام هي عليه
اآلن ،فقد مرت بمراحل تطور متعددة ،كانت املرحلة األوىل ،عندما طالب أفراد الشعب السلطة احلاكمة بعدم
فرض الرضائب إال بعد موافقة الشعب أو ممثليهم ،و ملا سلمت السلطة احلاكمة بهذا املبدأ ،طلب ممثلو الشعب أن
يراقبوا إنفاق حصيلة الرضائب ،و يناقشوا األسباب التي تدعو إىل فرض الرضائب ،ثم انتقل الشعب و ممثلوه إىل
تأكيد حقهم يف مناقشة اإليرادات و النفقات كافة و أوجه استخدامها ،و من ثم جاهدوا يف سبيل أن يكون تقرير
اجلباية و اإلنفاق بشكل دوري ،فكانت املوازنة العامة.
و متثل املوازنة العامة للدولة يف الوقت احلارض الوثيقة األساسية لدراسة املالية العامة ألية دولة من
الدول ،و احتلت هذه الدراسة جانبا هاما من الدراسات املالية ،و ذلك نظرا لتطور حجم املوازنة العامة و تزايد
تأثريها عىل التوازن االقتصادي و االجتامعي و السيايس و املايل.
فاملوازنة العامة للدول تتضمن تقديرا لإليرادات العامة و النفقات العامة عن مدة قادمة ،فهي خطة مالية
للدولة ،تهدف إىل إشباع احلاجات العامة يف ضوء الظروف و األهداف السياسية و االقتصادية و املالية القائمة يف
المجمتع ،فهي املرآة التي تعكس نشاط الدولة و تعرب عن دورها ،إذ أن الدولة ال تستطيع مبارشة نشاطها دون
إنفاق ،و ال يمكنها أن تنفق دون احلصول عىل اإليرادات الرضورية هلذه الغاية.
لذلك فإن دراسة املوازنة العامة ،توضح أن اإلجراءات املتبعة يف إعداد و تنفيذ املوازنة العامة تعكس النظام
السيايس و االجتامعي و اإلداري للدولة ،كام توضح أن البحث يف بنود املوازنة العامة يظهر نشاط الدولة
االقتصادي و أهدافه ،كام تبني الدراسة التأثري املتبادل بني هذه العوامل و االعتبارات املالية للدولة ،و تؤكد أمهية
الدور الذي تقوم به املالية العامة يف العرص احلارض.
فمن الناحية السياسية ،وكام هو معروف ،هناك عالقة متبادلة بني النظام السيايس و املالية العامة ،فالسلطة
احلاكمة يف جمتمع معني حتدد إىل درجة كبرية السياسة املالية للدولة ،و توزيع النفقات العامة و اإليرادات
العامة بني فئات و طبقات المجمتع املختلفة ،كام تتأثر املالية العامة باألحداث السياسية و االضطرابات ،و من
الناحية األخرى ،تؤثر املالية العامة يف النظام السيايس من خالل تدعيم أو تقليص نشاطات السلطة الترشيعية ،كام
كانت املالية العامة و الضغوط املالية املتولدة عنها األسباب ألمهات الثورات يف العامل ،و تساهم دراسة املوازنة
العامة للدولة اإليرادات و النفقات يف التعرف عىل التنظيم اإلداري للدولة ،و فيام إذا كان عىل شكل فيدرايل
أو موحد ،و هل تتبع الدولة املركزية الشديدة أو الالمركزية يف طريقة احلكم ،و ينعكس ذلك كله عىل طرائق
الرقابة التي تتبعها الدولة يف مراقبة تنفيذ املوازنة العامة ،كام تؤثر املالية العامة يف استقرار التنظيم اإلداري للدولة،
و املحافظة عىل اختصاصات الوحدات اإلدارية التي يتكون منها التنظيم اإلداري ،و تؤثر املوازنة العامة يف
االقتصاد الوطني ،و بخاصة بعد أن تطور دور الدولة من احلياد إىل التدخل املتزايد يف الشؤون االقتصادية ،الذي
أدى إىل اتساع نشاط الدولة ،و بالتايل تزايد دور املوازنة العامة ،التي تضم اإليرادات العامة للدولة و نفقاتها
العامة ،التي ترتبط باهليكل االقتصادي للدولة ،و تتأثر بالتغريات االقتصادية التي تطرأ عىل االقتصاد ،من فرتات
انتعاش و فرتات ركود و كساد ،التي ختتلف بدورها من دولة إىل أخرى حسب درجة سيطرة الدولة عىل االقتصاد
الوطني.
و بناء عىل ذلك ،فقد تطورت املوازنة العامة للدول و املبادئ التي حتكمها بطريقة تعكس تطور دور الدولة
و األهداف التي تصبو إىل حتقيقها.
و تعترب انجلرتا من أوائل الدول التي وضعت املوازنة العامة بمفهومها احلديث ،ثم تلتها فرنسا ،و رسخت
مبادئ الدول التي وضعت املوازنة العامة عىل أسس علمية واضحة ،و انتقلت هذه املبادئ من إنجلرتا و فرنسا إىل
الدول األخرى.
و بالتايل فإن توسع مفهوم و دور الدولة يف المجمتع ،و انتقاله من دور الوسيط إىل املحرض للفعاليات
االقتصادية و االجتامعية كافة ،أدى إىل تغري مفهوم املوازنة العامة للدولة ،فأصبح يأخذ اجتاها و أبعادا جديدة
بشكل رئييس عن طبيعة اهلياكل االقتصادية و االجتامعية والسياسية املالية و النقدية ،سواء أكان ذلك يف
اقتصاديات الدولة املخططة مركزيا ،أم يف االقتصاديات الرأساملية واملشرتكة.
و مع انتشار التخطيط االقتصادي و تطور مناهجه و أساليبه اكتسبت املوازنة العامة للدولة أمهية
خاصة ،حيث أصبحت متثل اخلطة املالية الرئيسة لتنفيذ برامج التنمية االقتصادية و االجتامعية.
و عرفها القانون البلجيكي بأنها بيان الواردات و النفقات العامة خالل الدورة املالية؛
و عرفها القانون األمريكي بأنها صك تقدر فيه نفقات السنة التالية و وارداتها ،بموجب القوانني املعمول
بها عند التقديم و اقرتاحات اجلباية املعروضة فيها؛
و قد عرفت املوازنة العامة يف القانون املتعلق باملحاسبة العمومية يف اجلزائر بأنها الوثيقة التي تقدر للسنة
املدنية ،جمموع اإليرادات و النفقات اخلاصة بالتسيري و االستثامر ،و منها نفقات التجهيز العمومي و النفقات
بالرأسامل و ترخص هبا.
و هكذا أصبحت املوازنة العامة بهذه التطورات جزء من برنامج أوسع ،يعكس فيه جممل النشاط
االقتصادي واملايل للدولة ،و استخدمت املوازنة كأداة من أدوات التوجيه االقتصادي و املايل و االجتامعي لتحقيق
التنمية االقتصادية و العدالة االجتامعية.
-1املوازنة العامة تقدير إليرادات و نفقات الدولة عن فرتة قادمة :تتضمن املوازنة العامة للدولة توقعا
ألرقام مبالغ النفقات العامة و اإليرادات العامة ملدة الحقة غالبا ما تكون سنة ،يتطلب هذا الطابع التقديري
للموازنة العامة أقىص درجات الدقة واملوضوعية ،إذ تتوقف أمهية املوازنة العامة عىل دقة معايري التوقع
والتقدير ،و نجاحها يف تقليل هامش اخلطأ ،و تقليص الفجوة بني التقدير والواقع ،و ال يمكن ملثل هذا التقدير
للموازنة العامة أن يتم بمنأى عن تغريات النشاط االقتصادي الكيل.
فتقوم أجهزة الدولة املختلفة ،بتقدير حجم النفقات العامة و اإليرادات العامة الالزمة من أجل تنفيذ
السياسة املالية ،بحيث تأيت هذه التوقعات بصورة مفصلة و موزعة بني اإلدارات العامة املختلفة ،و مقسمة حسب
أنواعها املتعددة ،و بام يتفق مع أبعاد السياسة املالية للدولة.
- 2املوازنة العامة تقدير معتمد من السلطة الترشيعية :إن وجود تقديرات لإليرادات العامة و النفقات
العامة ،ال يكفي وحده لتكون أمام موازنة عامة للدولة؛ بل ال بد من أن يقرتن هذا التقدير بموافقة أو بإجازة من
السلطة الترشيعية عىل هذا التقدير ،أي أن موافقة السلطة الترشيعية و اعتامد املوازنة العامة رشط أسايس لتنفيذ
املوازنة العامة ،ودون هذه املوافقة ،تبقى املوازنة مرشوعا مقرتحا غري قابل للتنفيذ.
و يالحظ أن موافقة السلطة الترشيعية تنرصف بصفة أساسية إىل النفقات العامة ،ذلك أن موافقة ممثيل
الشعب عىل النفقات العامة ،تعطي احلق للسلطة التنفيذية (احلكومة) القيام بعملية اإلنفاق حسبام هو حمدد يف
املوازنة العامة ،أما اعتامد السلطة الترشيعية لإليرادات العامة فال يعطي احلكومة حق االختيار ،بتحصيل أو عدم
حتصيل اإليرادات العامة ،حيث أن اإليرادات العامة واجبة التحصيل استنادا إىل القوانني التي تفرضها ،و الوقائع
التي توجبها (الرضائب) ومبارشة الدولة نشاطها الصناعي و التجاري.
و لكن ليس معنى إجازة السلطة الترشيعية أن تنفرد هذه السلطة بمختلف خطوات املوازنة العامة ،بل
تقسم االختصاصات بينها و بني السلطة التنفيذية ،فاختصاص السلطة التنفيذية اإلعداد و التنفيذ ،و اختصاص
السلطة الترشيعية املوافقة و الرقابة.
و ختتلف اإلجراءات التفصيلية العتامد املوازنة العامة من دولة إىل أخرى وفق الكثري من العوامل السياسية
و التارخيية و االقتصادية و االجتامعية و اإلدارية ،كام ختتلف املدة الالزمة إلمتام إجراءات االعتامد ،و من ثم خيتلف
املوعد الذي جيب أن يقدم فيه مرشوع املوازنة العامة إىل السلطة الترشيعية.
- 3املوازنة العامة خطة مالية لسنة قادمة :تعترب املوازنة العامة من الناحية االقتصادية و املالية بمثابة خطة
مالية تعد يف ضوء تفضيل اقتصادي ،يعرب عن االختيارات السياسية و االقتصادية للدولة و يضمن ختصيص موارد
معينة يف استخدامات حمددة ،عىل النحو الذي يكفل حتقيق أقىص إشباع ممكن للحاجات العامة ،خالل فرتة زمنية
قادمة هي السنة ،و هي بذلك ال ختتلف عن أية خطة اقتصادية تقوم عىل تقديرات لكل من اإليرادات العامة
و النفقات العامة ،األمر الذي يضفي عليها كذلك خصائص قانونية و إدارية و سياسية تنعكس بشكل واضح فيام
تتطلبه من إجراءات ،و ما تقوم عليه تقديراتها من قواعد و أسس.
فاملوازنة العامة تعبري عن برنامج عمل للمستقبل يتضمن تقديرا ملا تنوي احلكومة إنفاقه ،و ما تتوقع
احلكومة حتصيله من إيرادات خالل السنة القادمة ،و هذه هي الفرتة التي اختذتها مجيع املرشوعات العامة
و اخلاصة ،و حتديد أرباحها (املرشوعات العامة و اخلاصة) ،و مقدار الفائض أو العجز (الدولة) ،و هذا ال يعني
أن تبدأ السنة املالية للدولة يف تاريخ حمدد بذاته ،فلكل دولة أن حتدد بداية و نهاية عامها املايل بام يتناسب مع
ظروفها السياسية و االقتصادية ،و إمكاناتها اإلدارية و العملية.
- 4املوازنة العامة خطة سنوية لتحقيق أهداف املجتمع :تضع الدولة خطة اقتصادية شاملة ،و من ثم تقرر
إىل جانبها السياسات و الربامج لتحقيق األهداف التي وردت يف اخلطة الشاملة ،إال أن احلكومة قد تنحرف بهذه
السياسات و الربامج لتحقيق مآربها ،فتضع الربامج املناسبة إلرضاء فئة أو طبقة دون أخرى أو تستخدم الربنامج
ملصلحة السلطة احلاكمة خلوض إحدى املعارك االنتخابية ،و لكن تأيت املوازنة العامة لتحدد املسار الصحيح الذي
يؤدي إىل حتقيق أهداف اخلطة الشاملة ،و الذي جيب أن تلتزم به احلكومة لتحقيق األهداف السنوية املرحلية أمال
يف الوصول إىل األهداف النهائية املحددة للمجتمع .فاملوازنة العامة هي اإلطار الذي ينعكس فيه اختيار احلكومة
ألهدافها البعيدة ،و أداة احلكومة إىل حتقيق تلك األهداف.
- 5املوازنة العامة عمل إداري و مايل :تتطلب املوازنة العامة جمموعة من اإلجراءات اإلدارية
واملالية ،تتخذها السلطة التنفيذية حتى تتمكن من خالهلا من تنفيذ السياسة املالية للدولة ،فالسلطة التنفيذية هي
التي تتوىل عملية إعداد املوازنة العامة ،و تتوىل فيام بعد اعتامدها من السلطة الترشيعية ،فاملوازنة من الناحية العامة
هي من الناحية اإلدارية و التنظيمية خطة عمل ،يتم بمقتضاها توزيع املسؤوليات املتعلقة باختاذ القرارات التي
تتطلبها عملية التنفيذ عىل خمتلف األجهزة اإلدارية و التنفيذية بام يضمن سالمة التنفيذ ،و حتت إرشاف السلطة
الترشيعية املمثلة للشعب ،و بذلك يضمن الشعب عدم جتاوز السلطة التنفيذية لالعتامدات املقررة ،وفق أوجه
اإلنفاق املحددة ،و يضمن كذلك حتصيل اإليرادات الالزمة لتمويل النفقات العامة املقررة يف املوازنة العامة.
و نتيجة تطور مفهوم املالية العامة بسبب تدخل الدولة يف المجاالت االقتصادية و االجتامعية -السيام بعد
األزمة االقتصادية العاملية التي تلت احلرب العاملية الثانية ،-فقد كثر اجلدل بني فقهاء املالية العامة حول استمرار
قيمة هذه املبادئ و إمكان جتاوزها أو إلغائها ،إال أن دور مبادئ املوازنة من النواحي السياسية و الفنية جعل هذه
املبادئ تصمد سواء عىل صعيد الدولة أم عىل صعيد املؤسسات الدولية ،و حافظت عىل أمهيتها و رضورتها
لإلدارة املالية السليمة ،رغم تطور هذه املبادئ التقليدية من حيث عددها و أمهيتها النسبية تبعا للمستجدات
و املتغريات.
إن مبادئ املوازنة العامة هي قواعد نظرية كام وصفها فقهاء املالية العامة و كتابها و منهم من بالغ بقيمتها
و زاد عددها و منهم من قسمها من حيث األمهية إىل مبادئ أساسية و أخرى ثانوية ،و ختتلف قيمة هذه املبادئ يف
الزمان و املكان وفق الترشيع الوضعي لكل دولة.
و قد ارتبطت هذه املبادئ باملفهوم الكالسيكي للموازنة العامة الذي كان سائدا يف القرن التاسع عرش
و القرن العرشين ،إال أنه مع تطور مفهوم املالية العامة ،فقد تطورت مبادئ املوازنة العامة و أصبح هلا العديد من
االستثناءات.
و ينتج عن هذا املبدأ أن تعرض املوازنة عىل السلطة الترشيعية بصك واحد ينظم خمتلف أوجه أنشطة
و فعاليات الدولة املالية ،و ال فرق بني أن يتم عرض هذا الصك دفعة واحدة أو عىل مراحل متتالية.
فمبدأ وحدة املوازنة بمفهومه احلديث ،يسمح بتسجيل خمتلف أنواع النفقات و اإليرادات دون سهو
أو غموض.
-يتصف بالوضوح و السهولة ملن يريد أن يقف عىل حقيقة املركز املايل للدولة ،حيث أن للدولة حسابا
واحدا؛
-يؤدي إىل سهولة حتديد نسبة اإليرادات و النفقات العامة إىل جمموع الدخل الوطني بوجود أرقامها يف
صك واحد للموازنة العامة؛
-يساعد السلطة الترشيعية عىل أن تفرض رقابتها عىل ختصيص النفقات العامة حسب وجوه اإلنفاق
األكثر رضورة؛
-حيول مبدأ وحدة املوازنة دون تالعب اجلهاز احلكومي يف ماهية اإلنفاق و االعتامد؛
-يكشف عن إساءة استعامل النفقات العامة و عن التبذير يف إنفاقها؛
-يساعد عىل إجياد نظام حماسبي موحد حلسابات احلكومة و إداراتها املختلفة؛
-يدعم أسلوب التخطيط ،ألن املوازنة العامة ما هي إال الوجه املايل للخطة االقتصادية.
-املوازنة امللحقة؛
-املوازنات االستثنائية؛
-حسابات اخلزينة خارج املوازنة.
- 1املوازنة امللحقة :هي موازنة منفصلة عن املوازنة العامة للدولة ،و تتضمن إيرادات و نفقات بعض
اإلدارات أو اهليئات العامة التي تتمتع بشخصية معنوية مستقلة ،كام ترسي عىل هذه املوازنة القواعد العامة التي
حتكم املوازنة العامة للدولة.
- 2املوازنة االستثنائية :املوازنة االستثنائية هي موازنة منفصلة عن موازنة الدولة ،تعد ألغراض مؤقتة
أو غري عادية و بموارد استثنائية و تنظم هذه املوازنة إىل جانب املوازنة العادية ،لكونها تتضمن (نفقات استثنائية-
مشاريع كربى ،سدودا ،خطوطا حديدية ،مشاريع عمرانية ،كوارث طبيعية -إيرادات استثنائية -قروضا،
تعويضات) ،إذ لو أدرجت هذه النفقات و اإليرادات االستثنائية ضمن املوازنة العامة ألدى األمر لعدم صحة
املقارنة التي يمكن أن جتري بني املوازنات لألعوام املختلفة.
- 3حسابات اخلزينة خارج املوازنة :هي حسابات ليس هلا عالقة مبارشة بإيرادات و نفقات املوازنة،
و ترشف عليها اخلزينة العامة للدولة ،فقد تتلقى احلكومة بعض املبالغ ال تلبث أن تعيدها بعد مدة ألصحابها
كتأمني املناقصات التي ترد ألصحابها بعد انقضاء سببها ،و بذلك ال يمكن عدها إيرادات للموازنة العامة ،فهذه
األموال التي تدخل اخلزينة و خترج منها ال تذكر عادة يف موازنة الدولة ،بل ترد يف حسابات خارج املوازنة،
و لذلك اعتربت استثناءات من مبدأ وحدة املوازنة.
أ-حسابات األمانات :حيث تقبل اجلهات املشمولة بأحكام النظام املحاسبي للهيئات العامة ذات الطابع
اإلداري األمانات و الودائع املختلفة ،و ال ترد هذه األمانات و الودائع إال بعد حتقيق الغاية التي وضعت من
أجلها و بناء عىل موافقة املراجع املختصة.
ب-حسابات السلف :و هي حسابات تسجل فيها السلف الدائمة أو املؤقتة املمنوحة من أموال اخلزينة
اجلاهزة ،و يتم منحها بقرار من وزير املالية لغايات معينة برشوط خاصة:
-أن تكون السلفة معدة لتأدية نفقات ال تسمح طبيعتها بتأديتها مبارشة؛
-أن تكون هناك اعتامدات باملوازنة العامة تسمح بتسديدها.
ج-حسابات حركة النقود :هي سائر العمليات املتعلقة باملبالغ املرسلة أو املأخوذة من اإلدارة املركزية إىل
املحافظات أو من حمافظة إىل أخرى أو من منطقة إىل مركز املحافظة التي تتبع هلا.
-ختصيص أي نوع من أنواع اإليرادات العامة لتغطية نفقة بذاتها أو بإدارة من اإلدارات العامة؛
و يساعد هذا املبدأ السلطة الترشيعية عىل إعامل الرقابة عىل اإليرادات و النفقات كافة ،بحيث ال يسمح
ألي إدارة باستعامل إيراداتها لتغطية نفقاتها بعيدا عن رقابة السلطة الترشيعية ،و يقابل هذا املبدأ مبدأ معاكس هو
مبدأ الصوايف.
و لقد كان مبدأ الصوايف مطبقا يف أغلب موازنات القرن التاسع عرش ،إال أنه تم التخيل عنه يف املوازنات
املعارصة بسبب املساوئ التي نجمت عنه ،و سارت أغلب الدول منذ مطلع القرن العرشين عىل تطبيق مبدأ
الشمول.
-إن للدورة الزمنية غري السنوية الكثري من املساوئ ،فإذا كانت هذه الدورة أقل من سنة مالية فإن مؤدى
ذلك عرض املوازنات العامة عىل السلطة الترشيعية عدة مرات خالل السنة املالية و إطالة فرتة املناقشات
الربملانية ،و إذا كانت هذه الدورة أكثر من سنة مالية فإن من شأن ذلك إضعاف رقابة السلطة الترشيعية بسبب
إطالة مدة الدورة و تقلب الظروف االقتصادية خالهلا ،فالسنة إذن هي املدة الطبيعية التي نستطيع خالهلا تصوير
الوضع املايل للدولة.
مبدأ الصوايف :جيري بموجبه تقاص بني نفقات كل إدارة وإيراداتها ،بحيث ال يظهر يف املوازنة العامة إال فائض اإليرادات عن النفقات أو العكس.
-السنة هي املدة الرضورية و الكافية إلعداد املوازنة العامة و املصادقة عليها ،ألن احلكومة ال تستطيع أن
تعد أكثر من موازنة واحدة خالل العام ،و باملقابل ال تستطيع ا لسلطة الترشيعية التخيل عن مهمتها أكثر من سنة.
-إن تنظيم املوازنة العامة ،لفرتة أقل من سنة ،عملية حمفوفة باملخاطر و األخطاء و سوء التقدير و التفاوت
بني حجم وأزمة تدفقات اإليرادات والنفقات.
و إن األخذ بمبدأ سنوية املوازنة ال يعني أن تتوافق السنة امليالدية مع السنة املالية ،و إنام يتضمن أن تكون
مدة املوازنة إثني عرش شهرا ،لذلك جيب التمييز بني السنة املالية و السنة امليالدية ،كام أن التطابق بينهام جائز بحيث
تبدأ السنة املالية مع السنة امليالدية و جيوز أيضا االختالف بينهام.
و يثري ختام السنة املالية مشكالت دقيقة من الناحية الفنية أكثر تعقيدا من موضوع حتديد بداية السنة
املالية ،فاملوازنة توضع ملدة مستقبلية من الزمن هي السنة ،و ال بد يف نهاية السنة من إغالق حساباتها ملعرفة املبالغ
التي أنفقت فعال و اإليرادات التي تم حتصيلها فعال ،و هي بالطبع ختتلف عن تقديرات املوازنة يف بداية السنة
املالية.
-أال تزيد النفقات العامة عىل اإليرادات العامة و أال تقل عنها؛
-جيب االعتامد يف متويل النفقات العامة عىل اإليرادات العامة فقط.
و متر عمليات املوازنة يف دورة مستمرة تتضمن مراحل يتداخل فيها كل من املايض و املستقبل و احلارض،
خالل السنة املالية ،و تتعاقب و تتكرر عاما بعد عام ،لكل مرحلة منها خصائصها و مشاكلها و متطلباتها ،و بذلك
فإنه من املمكن تقسيم دورة املوازنة العامة ألغراض املطبوعة إىل أربع مراحل متميزة ،تبدأ بمرحلة التحضري
و اإلعداد ،ثم االعتامد (اإلقرار) من السلطة الترشيعية ،ثم مرحلة تنفيذ املوازنة العامة ،و من ثم مرحلة رابعة،
ترافق التنفيذ يف مرحلة الرقابة.
و إذا ما توافرت هذه املراحل بمسمياتها و تعاقبها الزمني ،يف مجيع أنظمة املوازنات العامة ،يف خمتلف
الدول ،فإن توزيع املسؤوليات و السلطات املتعلقة بكل مرحلة من املراحل ختتلف من دولة إىل أخرى ،و يتوقف
هذا التوزيع للمسؤوليات و نظام املوازنة العامة يف كل دولة عىل النظام السيايس السائد ،و نوع الدستور القائم،
و طريقة احلكم ،حميل أو مركزي أو احتادي املعمول بها ،فقد ترك اإلعداد و التنفيذ للسلطة التنفيذية ،بينام انفردت
السلطة الترشيعية ،ممثلة بالمجلس النيايب ،بحقها يف اإلجازة و االعتامد ،و شاركت يف الرقابة عىل تنفيذ املوازنة
العامة ،حتت ضغط األوضاع املالية و االقتصادية ،و انعكاساتها الفنية عىل املوازنة العامة.
- 1السلطة املختصة وإعداد املوازنة :تعترب مرحلة التحضري و اإلعداد املرحلة األوىل يف دورة املوازنة
العامة ،و من املتفق عليه أن عملية حتضري و إعداد املوازنة العامة هي عملية إدارية بحتة ،ختتص بها السلطة
التنفيذية يف مجيع الدول عىل اختالف أنظمتها و هياكلها االقتصادية و االجتامعية ،حيث تقع عىل السلطة التنفيذية
مسؤولية حتقيق أهداف المجمتع االقتصادية و السياسية ،و من حق احلكومة أن تضع من السياسات و الربامج ما
تراه يف ظل الظروف االقتصادية و السياسية و املالية السائدة كفيال بتحقيق هذه األهداف ،و أن تطالب احلكومة
بكل ما تراه رضوريا لتنفيذ براجمها و سياساتها ،و القيام بوظائفها ،و ّملا كانت املوازنة العامة الرتمجة املالية و الفنية
لتلك الربامج و السياسات ،فإن من حق السلطة التنفيذية أن تقوم باإلعداد و التحضري للموازنة العامة ،و يرجع
ذلك إىل عدد من املربرات و احلجج ،أمهها:
-حتتاج املوازنة العامة إىل معلومات و بيانات خمتلفة و متعددة ،و السلطة التنفيذية هي السلطة التي تتجمع
لدهيا البيانات و اإلحصاءات عن النشاطات و القطاعات و األوضاع االقتصادية و املالية املختلفة ،كام تتوافر لدهيا
األجهزة و اإلدارات و اخلربة ،للقيام برسم برنامج عمل للمستقبل.
-يضاف إىل ذلك أن السلطة التنفيذية هي اجلهة املسؤولة عن عملية تنفيذ املوازنة العامة ،مما جيعل من
املنطقي أن توكل إليها عملية التحضري و اإلعداد فتسبغ عليها إملامها بجوانب احلياة املختلفة ،و بام تتضمن من
مواطن قوة أو ضعف أو اقتصاد أو إرساف ،و ال شك أن مصلحة احلكومة تتطلب أن تقوم بهذه املهمة بدقة
و عناية فائقة.
-حتتاج املوازنة العامة إىل قدر كبري من التنسيق بني بنودها و تقسيامتها و أجزائها املختلفة ،و هو أمر ال
يتحقق إال إذا تولت احلكومة إعداد و حتضري املوازنة ،ذلك أن إعطاء هذه املهمة للسلطة الترشيعية لن حيقق
التنسيق بني بنودها و أقسامها املختلفة ،نظرا لتعدد أعضائها ،و اختالف اجتاهاتهم السياسية و انتامءاتهم احلزبية،
و من ثم تباين مطالبهم املالية إرضاء لناخبيهم ،أو جتاوبا مع برامج أحزابهم دون النظر إىل االعتبارات الفنية
و االقتصادية و املالية.
-إن من خصائص املوازنة العامة للدولة ،اعتبارها بمثابة الربنامج السيايس و االقتصادي و املايل
و االجتامعي للحكومة ،خالل السنة املقبلة ،لذلك فمن الطبيعي أن يرتك للحكومة إعداد و حتضري املوازنة العامة
حتى تأيت معربة عن هذا الربنامج ،و حتى يمكن يف نهاية املطاف ،حماسبة احلكومة عن مدى تنفيذها ملا التزمت
به ،يف برناجمها أمام السلطة الترشيعية و الشعب.
-بام أن احلكومة هي املسؤولة عن تسيري املرافق العامة ،لذلك فإنها تعترب أقدر السلطات عىل تقدير
اإليرادات العامة و النفقات العامة ،بدرجة كبرية من الدقة و املوضوعية ،ألنها أقرب من غريها إىل معرفة
احتياجات تلك املرافق العامة من النفقات ،و ما يتوقع أن تدره من إيرادات.
و هكذا فإن من احلكمة بمكان أن تتوىل احلكومة حتضري و إعداد املوازنة العامة و تبدأ هذه املرحلة عادة
بقيام أصغر الوحدات احلكومية التابعة للوزارات و املؤسسات و اهليئات و املصالح العامة ،كل واحدة منها بإعداد
تقديراتها ملا يلزمها من نفقات ،و ما تتوقع أن حتصل عليه من إيرادات خالل السنة املالية ،املطلوب إعداد
موازنتها ،و خيتلف الفاصل الزمني بني هذه املرحلة من اإلعداد و التحضري ،و بني بداية السنة املالية التي جيري هلا
هذا التقدير من دولة إىل أخرى ،و يتم هذا كله بعد استالم التعميم (املنشور) الذي ترسله وزارة املالية عن طريق
رئاسة احلكومة إىل مجيع الوحدات احلكومية املعنية ،يدعوها فيه إىل تقديم تقديراتها خالل مدة حمددة.
و إذا كان هناك اتفاق حول رضورة قيام السلطة التنفيذية بتحضري و إعداد املوازنة العامة ،فإن هناك
اختالفا حول تسمية اجلهة و دورها يف حتضري و إعداد املوازنة العامة ،ففي انجلرتا يتمتع وزير املالية (اخلزينة)
بمركز خاص ،و دور واسع يف هذا المجال ،كام جيمع تقديرات اإليرادات للوزارات املختلفة ،و قد يطلب إجراء
بعض التعديالت أو يقبل أو يرفض التقديرات التي يضعها الوزراء اآلخرون ،و قد يتجاوب معه الوزراء
املختصون ،أو قد يرفضون التعديالت ،و يف حالة الرفض تتجىل سلطته يف إجراء التعديالت التي يراها
رضورية ،و ينرصف هذا اإلجراء إىل النفقات كافة ،عدا تلك التي تتعلق بالنفقات العسكرية فإن اخلالف حوهلا
يبت فيه جملس الوزراء.
إن املوازنة العامة يف املفهوم احلديث هي عمل سيايس رئييس يعرب عن نشاط الدولة و توجيهاتها يف
المجاالت كافة ،و بذلك فإن رئيس الوزراء أو رئيس السلطة التنفيذية (رئيس اجلمهورية) هو املعرب عن السياسة
التي تتبناها ،و من ثم فإنهم يعطون هذا احلق إىل رئيس جملس الوزراء ،أو يف النظم الرئاسية كالواليات املتحدة
األمريكية ،فإن رئيس اجلمهورية باعتباره رئيس السلطة التنفيذية ،فإنه يطلب حتضري و إعداد املوازنة إىل مكتب
يتبع مبارشة رئاسة اجلمهورية يسمى مكتب املوازنة هو الذي يتوىل عملية التحضري و اإلعداد بدال من وزارة
املالية.
- 2طرق تقدير النفقات العامة و اإليرادات العامة :أصبح من املعلوم ،أن املوازنة العامة تتكون من
جانبني ،النفقات العامة و اإليرادات العامة ،و يعني حتضري و إعداد املوازنة العامة ،تقدير كل من النفقات العامة
و اإليرادات العامة للسنة القادمة.
و تثري عملية التقدير مشكلة كيفية حتديد األرقام الواردة يف مرشوع املوازنة العامة ،و التعرف عىل األسس
التي تستند إليها عملية التقدير ،و التي ختتلف بالنسبة للنفقات العامة ،عنها بالنسبة لإليرادات العامة ،و التي جيب
أن تراعي الدقة و املرونة ،بحيث تأيت هذه التقديرات مطابقة إىل حد كبري للواقع العميل.
أ -طريقة تقدير النفقات العامة :ال تثري تقدير النفقات العامة مشاكل كبرية ،و ال يوجد طرق متعددة لتقدير
النفقات العامة ،بل يتم التقدير عادة بيرس و سهولة ،و يتم االعتامد يف تقدير النفقات العامة عىل طريقة واحدة هي
طريقة التقدير املبارش ،و يتم التقدير بموجب هذه الطريقة وفقا للحاجة املستقبلية املعروفة من قبل العاملني يف
خمتلف الوزارات و اهليئات العامة ،و ال تسبب هذه الطريقة صعوبات فنية ،و ال تتطلب سوى أن يكون القائمني
عىل تقدير اعتامدات النفقات العامة عىل خربة بتلك احلاجات و املتطلبات.
و من املتعارف عليه أنه ال جيوز للسلطة التنفيذية أن تتجاوز االعتامدات الواردة يف املوازنة العامة ،و إذا ما
كان هناك رضورة هلذا التجاوز ،فيجب عىل السلطة التنفيذية أن حتصل عىل موافقة مسبقة من السلطة الترشيعية.
ب-طريقة تقدير اإليرادات العامة :يثري تقدير اإليرادات العامة كثريا من الصعوبات الفنية ،و يمكننا التمييز
بني عدد من طرق التقدير التي ترمي كل طريقة منها إىل الدقة ،و االقرتاب من الواقع قدر اإلمكان ،و تقليل
االختالف بني اإليرادات املتوقعة و اإليرادات املتحققة فعال ،و حتى ال يكون هناك أي اختالل أو ارتباك يف املركز
املايل للدولة ،و من ثم فإننا يمكن أن نميز ثالث طرق لتقدير اإليرادات العامة ،و هي:
الطريقة األوىل :و هي الطريقة التي تعتمد يف تقدير اإليرادات العامة ،عىل حسابات السنة قبل
األخرية ،و بموجب هذه الطريقة يتم تقدير اإليرادات العامة للسنة املالية املقبلة ،باالعتامد عىل اإليرادات التي
حتققت فعال يف السنة قبل األخرية ،التي عرفت نتائجها من خالل مناقشة حسابها اخلتامي ،و مثال ذلك أن يتم
االعتامد عىل بيانات و نتائج عام 6666عند التحضري و اإلعداد ملوازنة عام 6668مثال ،مع إدخال بعض
التعديالت التي تدعو إليها التغريات املتوقعة يف الظروف املالية.
تتميز هذه الطريقة بالبساطة و ال تتطلب جهودا كبرية ،و تسمى بالطريقة اآللية ،و قد كان ينظر إىل هذه
الطريقة قديام عىل أنها طريقة تتسم باحلذر و التعقل من جانب و تضع قيودا عىل حرية وزير املالية يف
التقدير ،و تقلل من الضغوط و األخطار التي قد يقع فيها من جانب آخر.
و يؤخذ عىل هذه الطريقة أنها تغفل العالقة الوثيقة بني اإليرادات العامة و األوضاع االقتصادية املتغرية
و املتقبلة ،مثل حاالت التضخم و الكساد ،و هو ما يؤدي إىل عدم دقة تقدير اإليرادات العامة.
فاألوضاع االقتصادية تتغري و برسعة و ما مل تتوافق السياسة املالية للدولة معها للتأثري عليها ،يكون لذلك
األثر السيئ ،ليس يف اإليرادات العامة فقط ،بل يتعدى ذلك ليشمل الوضع االقتصادي بأكمله.
الطريقة الثانية :و هي طريقة الزيادة السنوية؛ حيث حاول بعض املاليني احلد من النقد املوجه إىل الطريقة
اآللية السابقة ،بالتخفيف من آلية التقدير املتبعة ،و ربطه بطريقة أكثر واقعية مع االحتفاظ بفكرة
اآللية ،فاستخدموا طريقة الزيادة النسبية السنوية ،و مفاد هذه الطريقة أن يتم تقدير اإليرادات العامة للسنة
القادمة ،و زيادتها بنسبة مئوية تقدر بمتوسط نسبة الزيادة ،التي حصلت يف اإليرادات العامة ،خالل سنوات سابقة
( 6أو )8سنوات مثال ،تراعي يف ذلك توقع ارتفاع الدخل الوطني ،و ازدياد النشاط االقتصادي.
و يعاب عىل هذه الطريقة أنه ال يمكن إتباعها إال يف سنوات االزدهار حيث تزداد اإليرادات العامة خالل
الفرتة بمعدل متزايد وبصورة مؤكدة.
الطريقة الثالثة :و هي طريقة التقدير املبارش؛ حيث دفعت العقبات التي تثريها الطريقتان اآلليتان السابقتان،
املاليني إىل استخدام الطرق احلديثة يف التقدير ،أي الطريقة املبارشة ،و يستعني املسؤولون عن إعداد املوازنة العامة
بمقتىض هذه الطريقة ،بجميع البيانات واملعلومات التي يستطيعون احلصول عليها ،لتحديد اإليرادات العامة
املتوقعة للعام القادم ،و يستخدمون أدوات التحليل احلديثة املختلفة ،يف الرياضيات و اإلحصاء إلعطاء فكرة
واضحة عن الفرتة السابقة ،و املرحلة التي يمر بها االقتصاد والتنبؤ بطريقة أكثر دقة و موضوعية ،باملتغريات املالية
و االقتصادية املختلفة ،و بحرية كبرية ،مما يسمح بالوصول إىل تقديرات أقرب إىل الواقع ،وأكثر دقة من الطريقتني
السابقتني.
و هكذا يتم تقدير اإليرادات العامة و النفقات العامة ،و يكتمل مرشوع املوازنة العامة للدولة ،الذي يتعني
دراسته و مناقشته و إقراره و اعتامده من السلطة الترشيعية.
- 1السلطة املختصة باعتامد املوازنة العامة :ختتص السلطة التنفيذية (احلكومة) بتحضري و إعداد املوازنة
العامة ،باعتبار أنها تعرب عن اخلطة ،التي ترسمها احلكومة لنشاطها االقتصادي و السيايس و االجتامعي للسنة
املقبلة ،و تنفرد السلطة الترشيعية بحق اعتامد (إقرار) املوازنة ،باعتبار أنها جهة االختصاص التي تتوىل مراجعة
احلكومة يف مجيع أعامهلا ،سواء تكونت السلطة الترشيعية من جملس واحد أم أكثر ،حسب النظام السيايس
و اإلداري املتبع.
و يعترب حق السلطة الترشيعية يف اعتامد املوازنة العامة ،من احلقوق الرئيسية التي ختتص بها السلطة
الترشيعية ،و التي اكتسبتها عرب تطور تارخيي ،بدأ برضورة موافقة السلطة الترشيعية عىل فرض الرضائب ،ثم تبع
ذلك رضورة مراقبتها إلنفاق حصيلة الرضائب ،ثم تطورت املوافقة لتصبح رضورة املوافقة عىل املوازنة العامة ،إىل
جانب اإليرادات و النفقات.
و يالحظ أن السلطة التنفيذية (احلكومة) ال يمكنها البدء بتنفيذ املوازنة العامة إال بعد مناقشة السلطة
الترشيعية ملرشوع املوازنة العامة ،و إقراره ،و هو ما يعني تطبيقا للقاعدة املالية التي تقول أسبقية االعتامد عىل
التنفيذ ،و هذا ما يقوي موقف السلطة الترشيعية يف الرقابة عىل احلكومة ،و حتى ال توضع السلطة الترشيعية أمام
األمر الواقع.
و قد حيدث يف الواقع العميل ،أن تبدأ السنة املالية اجلديدة ،و ملا تنتهي السلطة الترشيعية من اعتامد املوازنة
العامة ،لذلك و ضامنا لسري أعامل الدولة ،التي ال تتوقف مع انتهاء السنة املالية السابقة ،فإن السلطة الترشيعية
تعطي املوافقة للسلطة التنفيذية ،مع عدم اإلخالل بقاعدة أسبقية االعتامد عىل التنفيذ ،عىل االستمرار بالعمل،
حسب اعتامدات املوازنة السابقة ،و تطبيق االستثناء من سنوية املوازنة ،باتباع نظام املوازنات اإلثني عرشية ،إىل
حني اعتامد املوازنة العامة اجلديدة.
املوازنات اإلثني عرشية :هي ترخيص استثنائي من احلكومة بفتح اعتامدات شهرية مؤقتة عىل حساب املوازنة املقبلة ،ريثام يقرها الربملان.
- 2إجراءات اعتامد املوازنة العامة :يودع رئيس جملس الوزراء أو رئيس اجلمهورية ،حسب النظام السيايس
مرشوع املوازنة العامة ،لدى السلطة الترشيعية (جملس النواب ،جملس الشعب) لدراسته و مناقشته و من ثم
اعتامده.
حييل المجلس هذا املرشوع إىل جلنة فنية خمتصة (اللجنة املالية ،جلنة املوازنة العامة ،جلنة املوازنة و اخلطة)
حسب تسميتها تابعة للمجلس ،تتكون من عدد حمدود من األعضاء املتخصصني .تتحدد مهمة هذه اللجنة
بدراسة و مناقشة مرشوع املوازنة العامة ،و بحث الوثائق و املستندات املتعلقة به ،و يكون من حق اللجنة أن
تطلب من اجلهات العامة املختلفة ،مجيع ما تراه رضوريا من بيانات و معلومات و وثائق ،لالستفادة منه عند
دراسة مرشوع املوازنة ،كام حيق هلا أن تستدعي املسؤولني الذين سامهوا يف حتضري و إعداد مرشوع املوازنة العامة
ملناقشتهم.
و بعد أن تنتهي اللجنة املالية املختصة من دراسة و مناقشة مرشوع املوازنة العامة ،تقوم بوضع تقريرها،
يتضمن مالحظات اللجنة ،و التعديالت التي ترى إدخاهلا عىل هذا املرشوع ،و ترفع تقريرها إىل المجلس للقيام
بفحص و دراسة و مناقشة مرشوع املوازنة العامة يف ضوء تقرير اللجنة و مالحظاتها و تعديالتها الواردة فيه.
و بعد أن ينتهي المجلس بجميع أعضائه من مناقشة مرشوع املوازنة العامة مجلة و تفصيال ،يقرتع المجلس بكامل
أعضائه ،عىل مرشوع املوازنة العامة و يعتمده بابا بابا.
- 3حق السلطة الترشيعية يف تعديل تقديرات املوازنة العامة :يعترب احلق املقرر للسلطة الترشيعية يف إجراء
تعديل عىل مرشوع املوازنة العامة أمرا طبيعيا ،و إن مل يكن كذلك ،كان اعتامد السلطة الترشيعية ملرشوع املوازنة
العامة غري ذي معنى.
فال شك أنه حيق للسلطة الترشيعية إبداء املالحظات عىل مجيع أبواب وبنود مرشوع املوازنة العامة ،كام حيق
هلا تعديل االعتامدات املقدرة بالزيادة أو بالنقص يف مرشوع املوازنة العامة.
و تلجأ بعض الدول إىل توسيع صالحيات السلطة الترشيعية باعتبارها صاحبة السلطة ،يف التحقق من
سياسة احلكومة و السامح هلا بتحصيل إيرادات حمددة و القيام بنفقات معينة ،و لكن يقتيض حسب سري األوضاع
من ناحية أخرى ،وضع القيود عىل هذه السلطة حتى ال تؤدي املناورات السياسية إىل اإلخالل بالربامج
احلكومية ،سواء باخلضوع للضغوط التي تدفع إىل التوسع يف النفقات العامة ،أم تلك التي تؤدي إىل احلد من
اإليرادات العامة ،فاملوازنة العامة متثل إدارة لتحقيق برنامج اجتامعي اقتصادي سيايس متكامل ترتبط باخلطة
االقتصادية الشاملة.
لذلك فإن إطالق حرية السلطة الترشيعية يف إجراء التعديالت عىل التقديرات الواردة يف مرشوع املوازنة
العامة ،قد يكون من شأنه املساس باملصلحة العامة ،لذلك فإن األمر يقتيض تقييد صالحيات السلطة الترشيعية يف
التعديالت و رضورة احلصول عىل موافقة احلكومة ،عىل املقرتحات التي تطلبها السلطة الترشيعية.
و جتدر اإلشارة إىل أنه أرصت السلطة الترشيعية عىل إجراء التعديالت ،و مل توافق احلكومة عليها فتستطيع
السلطة الترشيعية أال توافق (ترفض) عىل مرشوع املوازنة العامة ،األمر الذي يؤدي إىل استقالة (أو حل) احلكومة
(الوزارة) أو أن يصدر رئيس اجلمهورية قرارا بحل جملس الشعب ،و يدعو إىل إجراء انتخابات ترشيعية جديدة.
- 4قانون املوازنة العامة (قانون املالية) :بعد أن ينتهي جملس الشعب من مناقشة و دراسة مرشوع املوازنة
العامة ،و يقرتع باملوافقة عىل هذا املرشوع كامال ،يصدر قانون يسمى قانون املوازنة العامة ،حيدد هذا القانون الرقم
اإلمجايل ،لكل من اإليرادات العامة و النفقات العامة ،و يرفق به جدوالن يتضمن أحدمها تفصيل اإليرادات
العامة ،و يشتمل اآلخر عىل تفصيل النفقات العامة.
و يعترب قانون املوازنة العامة قانونا من الناحية الشكلية ،و ال يعترب قانونا من الناحية املوضوعية؛ ألنه ال
يتضمن قواعد عامة جمردة ،مثل التي يتضمنها كل قانون بشكل عام ،بل يقترص عىل حتديد إيرادات و نفقات
الدولة خالل عام مايل قادم ،أي أن قانون املوازنة العامة يعترب من الناحية املوضوعية ،عمال تنفيذيا إداريا و ماليا.
و ال تقترص مرحلة تنفيذ املوازنة العامة عىل حتصيل اإليرادات العامة ،و إنفاق النفقات العامة ،بل تتناول
كذلك املتابعة و الرقابة ،آلثار العمليات و املالية يف االقتصاد الوطني ،و اجتاهات تطبيق املوازنة نحو األهداف
االقتصادية و املالية املنشودة ،حتى تستطيع الدولة من خالل املتابعة و الرقابة ،تعديل سياسة اإليراد و سياسة
اإلنفاق يف الوقت املناسب إذا تطلب األمر ذلك.
- 1حتصيل اإليرادات العامة :تتوىل الوزارات و اهليئات العامة و املصالح و األجهزة احلكومية املختلفة
حتصيل اإليرادات العامة ،و ال تستمد تلك الوزارات و األجهزة حقها من قانون املوازنة العامة فحسب ،و إنام
تستند السلطة التنفيذية و تستمد االلتزام بتحصيل اإليرادات العامة إىل و من الترشيعات املالية الصادرة و القوانني
اخلاصة بفرض الرضائب و الرسوم ،إضافة إىل قانون املوازنة العامة نفسه.
و ختتلف اجلهة التي تقوم بتحصيل و جباية اإليرادات العامة ،باختالف نوع اإليراد العام نفسه ،فهناك
بعض أنواع اإليرادات العامة ،تتوىل حتصيلها وزارة املالية ،أو مصالح و أجهزة تابعة هلا ،بينام هناك أنواع أخرى من
اإليرادات العامة ،تتوىل حتصيلها و جبايتها مصالح و أجهزة ال تتبع وزارة املالية و لكن تستطيع وزارة املالية أن
تراقب حتصيل اإليرادات بواسطة موظفني تابعني هلا (حماسبي اإلدارة).
فوزارة الصحة تتوىل جباية و حتصيل الرسوم الصحية ،و رسم احلجز الصحي ،و وزارة العدل تتوىل جباية
و حتصيل الرسوم القضائية .و وزارة املالية تتوىل جباية الرضائب املبارشة و غري املبارشة ،و تتوىل مديرية اجلامرك يف
كل حمافظة جباية الرضائب اجلمركية ،و كذلك البلديات....الخ .و تعتمد األجهزة احلكومية املختلفة عىل القاعدة
املالية املعروفة و املتبعة و هي عدم ختصيص اإليرادات العامة ،أي عدم ختصيص إيرادات معينة لنفقات معينة.
و من املسلم به أن أرقام مبالغ اإليرادات العامة الواردة يف املوازنة العامة ،هي أرقام تقريبية (تقديرية) لذلك
فإن تنفيذ املوازنة العامة ،قد يظهر اختالفا يف األرقام املحصلة فعليا عن تلك األرقام املحصلة الفعلية عن تلك
األرقام الواردة يف املوازنة العامة.
فإذا ما كان هناك اختالف (زيادة) يف اإليرادات الفعلية ،عن اإليرادات الواردة يف املوازنة العامة ،ففي هذه
احلالة يتم حتويل الزيادة (الفائض) يف اإليرادات إىل األموال االحتياطية.
و إذا ما كان جمموع اإليرادات الفعلية أقل من جمموع اإليرادات املقدرة الواردة يف املوازنة العامة فقد تلجأ
احلكومة إىل تغطية هذا العجز عن طريق فرض رضائب جديدة أو زيادة معدل رضائب قديمة قائمة ،أو قد تلجأ
إىل القروض العامة ،أو إىل اإلصدار اجلديد.
و قد حيدث أن تكون هناك زيادة يف بعض أنواع اإليرادات العامة ،و نقص يف بعضها اآلخر ،عن التقديرات
الواردة يف املوازنة العامة ،فتعوض هذا االختالف بعضها البعض ،و من ثم لن يكون هناك تأثري عىل املوازنة
العامة ،تطبيقا للقاعدة املتبعة و هي عدم ختصيص اإليرادات العامة.
- 2عمليات رصف النفقات العامة :و ينرصف املقصود بتنفيذ املوازنة العامة إىل جانب آخر ،و هو
العمليات التي يرتتب عليها رصف النفقات العامة ،و حتدد عملية رصف النفقات العامة بمقدار االعتامدات
املقررة يف املوازنة العامة ،و التي متت موافقة السلطة الترشيعية عليها ،و متثل هذه االعتامدات احلد األقىص
املسموح به لإلنفاق ،يف األغراض املحددة لكل اعتامد منها ،و تعتمد السلطة التنفيذية يف عمليات رصف النفقات
العامة عىل القاعدة املالية املتبعة و هي قاعدة ختصيص االعتامدات ،أي أن تلتزم السلطة التنفيذية بعدم حتويل اعتامد
ما من الغرض املخصص له يف املوازنة العامة إىل إنفاق هيدف غرضا آخر غري املخصص له.
و خيتلف وضع االختالل ،بالزيادة أو بالنقص يف النفقات العامة عام هو عليه احلال بالنسبة لإليرادات
العامة ،فإن أخطاء التقدير يف النفقات العامة ال تعوض بعضها بعضا ،بمعنى أن االعتامدات الواردة يف باب معني
ال جيوز حتويلها إىل باب آخر ،إال بعد احلصول عىل موافقة السلطة الترشيعية ،و ذلك تنفيذا لقاعدة ختصيص
االعتامدات.
فإذا ما حدث فائض يف االعتامد املخصص لغرض معني ،فإنه ال جيوز استخدام هذا الفائض ،يف تغطية
غرض آخر ،و يلغى يف نهاية السنة املالية ،و ال يدرج يف املوازنة اجلديدة ،إذا مل تكن هناك حاجة إىل هذا االعتامد يف
السنة القادمة.
و إذا ما تبني خالل تنفيذ املوازنة ،أن االعتامد املخصص لغرض معني ال يكفي لتحقيقه سواء كان ذلك
خلطأ يف التقدير ،أم نتيجة ظروف طارئة فال مناص من العودة واللجوء إىل السلطة الترشيعية ،إما لطلب اعتامد
إضايف تكمييل،الستكامل ما تبقى من العام املايل ،أو لطلب اعتامدات غري عادية ملواجهة النفقات اجلديدة ،التي مل
توضع يف املوازنة العامة نتيجة للظروف الطارئة.
لذلك فمن املستحسن أن تلجأ بعض الدول إىل إدراج اعتامد إمجايل أو ترك احلرية للسلطة التنفيذية يف متويل
بعض االعتامدات ،ال تكون خمصصا لغرض معني ،و إنام ينفق منه عىل النفقات غري العادية ،و يف مجيع األحوال ال
يتم الرصف من هذا االعتامد إىل رقابة دقيقة وحازمة من السلطة الترشيعية ،طاملا يتم ذلك يف ضوء قاعدة ختصيص
االعتامدات و ال خيل بالتخصص الوارد.
و بمعنى آخر ،أن كل عملية مالية يقوم هبا أي مرشوع تستلزم وجود رقابة مالية من نوع معني .فمن باب
أوىل ،تكون احلاجة إىل املراقبة عىل تنفيذ املوازنة العامة أكثر رضورة و حيوية ،و ذلك بسبب :كرب حجم
عملياهتا ،و ما ترتبط به هذه العمليات من آثار توزيعية للدخل الوطني احلقيقي بني األفراد و الفئات و الطبقات،
و أخريا ما تساهم به هذه املوازنة يف التطور العام االجتامعي و االقتصادي و السيايس للمجتمع.
و بناء عىل ذلك ،فإن اهلدف األسايس من الرقابة عىل تنفيذ املوازنة هو ضامن حتقيقها ألقىص قدر من املنافع
للمجتمع يف حدود السياسة العامة للدولة.
و تأخذ الرقابة عىل تنفيذ املوازنة العامة عدة صور خمتلفة ،و هي الرقابة اإلدارية و الرقابة الترشيعية
و الرقابة املستقلة.
-1الرقابة اإلدارية :تتوىل وزارة املالية الرقابة اإلدارية عىل تنفيذ املوازنة؛ حيث يقوم الرؤساء من موظفي
احلكومة بمراقبة مرؤوسيهم ،و كذلك مراقبة موظفي وزارة املالية عن طريق السكرتريين املاليني و مديري
احلسابات عىل عمليات املرصوفات التي يأمر بدفعها الوزراء املختصون أو من ينوبون عنهم.
و تنقسم الرقابة اإلدارية من حيث توقيتها ،إىل رقابة قبل تنفيذ املوازنة و أخرى الحقة لتنفيذ املوازنة.
أ -الرقابة السابقة :متثل اجلزء األكرب و األهم من الرقابة اإلدارية ،و تكون مهمتها عدم رصف أي مبلغ إال
إذا كان مطابقا لقواعد املالية املعمول هبا ،سواء كانت قواعد املوازنة أو القواعد املقررة يف اللوائح اإلدارية
املختلفة.
ب -الرقابة الالحقة عىل تنفيذ املوازنة :و يقصد هبا الرقابة اإلدارية الالحقة عىل احلسابات .و تتلخص يف
إعداد حسابات شهرية و ربع سنوية و سنوية ،و يقوم املراقب املايل يف كل وزارة أو مصلحة ،بمناسبة
إعدادها ،بفحصها للتأكد من سالمة املركز املايل للوزارة أو املصلحة ،و بمراجعة دفاتر احلسابات املختلفة .و يضع
عن كل هذا تقريرا يرسله مع احلسابات إىل إدارة املوازنة يف وزارة املالية.
و مما هو جدير بالذكر ،أن الرقابة املالية ،أيا كان نوعها ال تعدو أن تكون رقابة من اإلدارة عىل نفسها ،أي
أهنا رقابة ذاتية أو داخلية ،طبقا للقواعد التي تضعها السلطة التنفيذية .و لذا فإهنا ال تعد كافية للتأكد من حسن
الترصف يف األموال العامة؛ إذ كشفت التطبيقات العملية أن مراقبة اإلدارة لنفسها قد أدى إىل العديد من مظاهر
التسيب و اإلرساف ،بل و االنحراف املايل ،و التي كان مصدرها األسايس يكمن يف انعدام اإلرشاف و الرقابة عىل
السلطة التنفيذية يف قيامها بتنفيذ املوازنة .و لذا فإن الرقابة عىل تنفيذ املوازنة العامة مل تعد ذات أمهية يف هذا الشأن.
-2الرقابة الترشيعية :تتوىل املجالس النيابية يف الدول الديمقراطية مبارشة الرقابة الترشيعية عىل تنفيذ
املوازنة العامة للدولة .فإذا كانت تلك املجالس هي التي تقوم باعتامد موازنة الدولة ،فإنه من الطبيعي أن يمنح هلا
حق الرقابة عىل تنفيذها ،للتأكد من سالمة و صحة تنفيذها عىل النحو الذي اعتمدهتا و إجازهتا به.
و تتمثل تلك الرقابة ،التي يطلق عليها كذلك الرقابة السياسية ،يف مطالبة املجالس النيابية للحكومة بتقديم
اإليضاحات و املعلومات التي تساهم يف التأكد من سري العمليات اخلاصة بالنفقات و اإليرادات العامة ،سواء تم
ذلك يف صورة أسئلة شفوية أو خطية أو حتى االستجوابات .كذلك ،فمن حق اللجان املالية التابعة للمجالس
النيابية أن تستدعي ممثيل السلطة التنفيذية ،عند الرضورة ،لالستامع إليهم فيام خيص مالية الدولة العامة ،أو ماليتهم
اخلاصة ،كام قد تتمثل الرقابة الترشيعية عن طريق مناقشة احلساب اخلتامي عن السنة املالية السابقة.
و عىل هذا ،فإن الرقابة الترشيعية عىل املوازنة العامة تتمثل يف مرحلتني :الرقابة املعارصة (املوازية) لتنفيذ
املوازنة ،و الرقابة الالحقة عىل تنفيذ املوازنة العامة.
أ -الرقابة املعارصة (املوازية) لتنفيذ املوازنة العامة :ختتص بالرقابة الترشيعية جلنة الشؤون املالية يف املجالس
النيابية ،التي هلا أن تطلب البيانات و املستندات و الوثائق الالزمة عن تنفيذ املوازنة العامة أثناء السنة املالية .فإذا
تبني وجود أي خمالفة للقواعد املالية اخلاصة بتنفيذ املوازنة ،فإنه يكون من حقها تقديم أسئلة و استجوابات إىل
الوزراء املختصني عن كيفية تنفيذ املوازنة ،بل و أيضا حتريك املسؤولية السياسية ضد كل من يثبت يف حقه ارتكاب
خمالفة للقواعد املالية املتعلقة بسري و تنفيذ املوازنة.
ب -الرقابة الالحقة عىل تنفيذ املوازنة العامة :تتعلق تلك املرحلة بعرض احلساب اخلتاميعن السنة املالية
املنتهية ملناقشته و اعتامده ثم إصداره ،إما يف شكل قانون أو يف شكل قرار من رئيس الدولة.
احلساب اخلتامي :هو الوثيقة التي تبني مبالغ النفقات و مبالغ اإليرادات التي أنفقت فعال بعد انتهاء السنة املالية.
و بالرغم من فاعلية الرقابة الترشيعية ،إال أن يعاب عليها أن أعضاء السلطة الترشيعية ال يكون لدهيم
الوقت الكايف و اخلربة الفنية و املحاسبية الكافية ملناقشة احلساب اخلتامي ،الذي قد يصل إىل آالف الصفحات
و األرقام مناقشة تفصيلية .باإلضافة إىل األعباء و املهام السياسية اخلطرية التي يتحملها أعضاء السلطة الترشيعية؛
مما جيعل الرقابة الترشيعية غري كافية بمفردها عىل تتبع سري و مراقبة حسن تنفيذ املوازنة العامة للدولة.
-3الرقابة املستقلة :تعترب هذه الرقابة أكثر أنواع الرقابة فاعلية ،و يقصد هبا الرقابة عىل تنفيذ املوازنة العامة
للدولة عن طريق هيئة مستقلة عن كل من اإلدارة و السلطة الترشيعية ،تنحرص مهمتها يف رقابة تنفيذ املوازنة
و التأكد من أن عمليات النفقات و اإليرادات قد متت عىل النحو الصادرة به إجازة السلطة الترشيعية ،و طبقا
للقواعد املالية املقررة يف الدولة.
و بمعنى آخر تتوىل هذه الرقابة هيئة فنية خاصة ،تقوم بفحص تفاصيل تنفيذ املوازنة و مراجعة حسابات
احلكومة و مستندات التحصيل و الرصف ،و حماولة كشف ما تتضمنه من خمالفات و وضع تقرير شامل عن ذلك.
أسئلة الفصل
-عرف املوازنة العامة؟ و ما هي خصائصها؟
-ما هي املبادئ التي ترتكز عليها املوازنة العامة؟
-ما هي املراحل املتبعة يف إعداد املوازنة العامة؟
أعامل شخصية
-البحث يف كيفية إعداد املوازنة العامة يف اجلزائر؟
-البحث يف قانون ضبط املوازنة يف اجلزائر؟
-1إبراهيم عىل عبد اهلل إبراهيم و أنور العجارمة ،مبادئ املالية العامة ،دار صفاء للطباعة و النرش
-0أمحد زهري شامية و خالد اخلطيب ،املالية العامة ،دار زهران للنرش و التوزيع ،عامن.1991 ،
-3اعمر حيياوي ،مسامهة يف دراسة املالية العامة (النظرية العامة وفقا للتطورات الراهنة) ،دار هومة،
اجلزائر.0223 ،
-4زينب حسني عوض اهلل ،مبادئ املالية العامة ،الفتح للطباعة و النرش ،القاهرة.0223 ،
-5حامد عبد املجيد دراز ،املالية العامة ،مؤسسة شباب اجلامعة ،مرص ،دون سنة نرش.
-6حسني مصطفى حسني ،املالية العامة ،ط ،0ديوان املطبوعات اجلامعية ،اجلزائر.1991 ،
-1يونس أمحد البطريق ،املالية العامة ،دار النهضة العربية ،بريوت.1994 ،
-9حممد حامد دويدار ،مبادئ املالية العامة ،اجلزء األول ،املكتب املرصي احلديث ،اإلسكندرية.1969 ،
-9حممد عباس حمرزي ،اقتصاديات املالية العامة ،ديوان املطبوعات اجلامعية ،اجلزائر.0223 ،
-12حممد الصغري بعيل و يرسي أبو العال ،املالية العامة ،دار العلوم ،اجلزائر.0223 ،
-11سوزي عديل ناشد ،الوجيز يف املالية العامة ،دار اجلامعة اجلديدة للنرش ،مرص.0222 ،
-10السيد عبد املوىل ،املالية العامة ،دار الفكر العريب ،القاهرة.1915 ،
-13عادل أمحد حشيش ،أساسيات املالية العامة ،دار النهضة العربية للطباعة و النرش ،بريوت.1990 ،
-15صفوت عبد السالم عوض اهلل ،حمارضات يف مبادئ علم املالية العامة ،دار النهضة العربية،
.0211/0212
-16فوزت فرحات ،املالية العامة؛ االقتصاد املايل ،منشورات احللبي احلقوقية ،بريوت.0221 ،
-11غازي عبد الرزاق النقاش ،املالية العامة ،دار وائل ،عامن.0223 ،
الصفحة البيان
30 التعريف باملقياس
30 مقدمة
22 -30 الفصل األول :نشأة و تطور علم املالية العامة و عالقته بالعلوم األخرى
30 املبحث األول :مفاهيم أساسية
30 أوال -احلاجات العامة ()Besoins Publics
00 ثانيا -تعريف املالية العامة يف الفكر االقتصادي احلديث (الدولة املتدخلة)
00 املبحث الرابع :عالقة علم املالية العامة ببعض العلوم األخرى
00 أوال -العالقة بني علم املالية العامة و علم االقتصاد