You are on page 1of 3

‫الرغبة والحاجة‬

‫مفهوم الرغبة‬

‫تقع الرغبة ضمن الجانب النفسي لألفراد‪ ،‬وغالبا ما تكون هذه الرغبة الواعية ‪ ،‬والمقصود هنا بال وعي الرغبة ‪،‬هو‬
‫عدم إدراك أسباب مواضيعها المختلفة ‪ ،‬فما يبدو سببا واضحا لرغبة ما ‪،‬يخفي دائما أسباب الشعورية ‪،‬هي المحفز‬
‫األصلي للرغبة ؛ رغبة الطفل في دمية ال يكون مرتبطا بفعل اللهو ‪،‬واللعب‪ ،‬فقط ‪ ،‬بل تكمن أسباب تفريغ متعددة‬
‫‪ .‬للتحقيق الرغبة‬

‫ُي عرف إبن منظور الرغبة في معجم لسان العرب بأنها؛الحصول على الشيء والطمع فيه ‪ ...‬يقال رغب ‪ ،‬ورغب في‪،‬‬
‫‪...‬ورغب عن الشيء‪ ،‬أي تركه متعمدا ‪ ،‬وزهد فيه‬

‫داللة الرغبة تصبح أكثر تعقيدا حين ترتبط بالحقل الفلسفي ‪،‬النفسي منه والسيوسيولوجي ‪ ،‬فمعجم روبير ‪ ،‬يشير إلى‬
‫أن الرغبة هي عبارة عن ذلك الميل إلى تحصيل شيء ما ‪ ،‬بغية تحقيق اللذة واإلنتعاش ‪ .‬في هذا الجانب تكثر‬
‫الرغبات التي تسعى إلى تحيقق لذة معينة ؛ الرغبة في النجاح‪ ،‬الرغبة في الغنى ‪ ،‬الرغبة في القوة ‪ ...‬إنها رغبات‬
‫‪.‬تشترك جميعا في هدف تحصيل اللذة‬

‫تعدد المفاهيم الدالة على الرغبة يؤكد إلتباس المفهوم ‪ ،‬ويؤكد على تشعب معانيه ‪ ،‬وتعددها بشكل كبير ‪ ،‬فداللة‬
‫‪ .‬الرغبة فلسفيا ‪،‬وكما جاءت في معجم الالندالفسفي ؛هي عبارة عن ميل عفوي وواع نحو غاية معلومة أو متخيلة‬

‫‪ ...‬إن مفهوم الرغبة ملتبس ‪ ،‬وجد مركب‪،‬مما يجعله يتالقى مع مفاهيم من مثل الحاجة واإلرادة والسعادة‬

‫فما العالقة بين الرغبة والحاجة ؟؟؟وهل يمكن الحديث عن عالقة تحويلية بينهما ؟؟؟وكيف يتم ذلك ؟‬

‫تحيل الحاجة إلى كل ماهو ضروري لبقاء الذات ‪ ،‬وللحفاظ عليها ‪،‬من مثل المأكل‪ ،‬والملبس ‪ ،‬والمسكن ‪ ،‬وغيره من‬
‫الحاجات األساسية لبقاء النوع ‪ ،‬والحاجة تكون في الغالب ملحة ‪،‬أما الرغبة فهي نوع من النزوع ‪،‬وهي ميل الذات‬
‫‪ ...‬إلى كل ما يجلب اللذة لها‪ ،‬وإلى كل ما يجلب لها اإلستمتاع ‪،‬والنشوة‬

‫نقط اإلختالف بين الرغبة والحاجة تتمثل في ؛‬

‫الحاجة تتميز بصفة اإللحاح ‪ ،‬فهي تفرض نفسها ‪ ،‬إلرتباطها ببقاء الذات ‪ ،‬أما الرغبة ‪ ،‬وإن كانت ملحة فهي غير‪-1-‬‬
‫‪.‬إجبارية ‪ ،‬وغير مرتبطة ببقاء الذات‬

‫غالبا ما تكون مواضيع الحاجة تابثة ‪ ،‬وغير متشعبة ‪ ،‬فالحاجة الى المسكن ‪،‬موضوعها األمن ‪ ،‬أما الرغبة فإن ‪2-‬‬
‫مواضيعها متعددة ‪ ،‬ومرتبطة بعضها بعضا ‪،‬وال تكون دائما واعية ‪ ،‬الرغبة في إقتناء المالبس ‪ ،‬تخبئ وراءها‬
‫‪ .‬مواضيع متععددة ‪،‬وغير واعية‬

‫‪ .‬التخلي عن الحاجة مهدد لبقاء الذات ‪ ،‬في حين أن عدم تحقيق الرغبة ‪ ،‬ال يؤدي إال غلى نوع من الحرمان ‪3-‬‬

‫تحقيق الحاجة يضمن بقاء الذات ‪،‬أما تحقيق الرغبة فيؤدي غلى تميز الذات ‪،‬مما يجعل الرغبة هي عنوان لإلبداع‪4-‬‬
‫‪.‬البشري ‪ ،‬وللسمو ‪ ،‬الذي يميز اإلنسان عن باقي الكائنات‬

‫إن اإلختالفات بين الحاجة والرغبة ‪ ،‬ال يمنع من أن تصبح الحاجة عبارة عن رغبة ‪ ،‬في هذا الصدد سنتعرف على‬
‫‪ .‬أطروحة مالني كالين فيما يخص علم نفس األطفال‬

‫أطروحة مالني كالين‬

‫تعتبر مالني كالين من علماء نفس األطفال ‪ ،‬الذين تنبهوا ‪ ،‬وبفعل مالحظاتهم الدائمة لسلوكات األطفال‪ ،‬إلى العالقة‬
‫‪ .‬التي تربط الحاجة بالرغبة في هذه السلوكات‬

‫تنبهت مالني كالين إلى أن عالقة اإلبن الرضيع باألم ‪،‬خصوصا بثديها ‪ ،‬ليست فقط حاجة بيولوجية ‪ ،‬فالطفل اليسعى‬
‫فقط الى تحقيق إشباع غريزي ‪ ،‬وال يطمح فقط لألكل ‪ ،‬بل هو يسعى إلى تحقيق رغبة الشعورية تتمثل في التخلص من‬
‫‪ .‬دوافعه التدميرية وقلقه وخوفه‬
‫إن االطفال يسعون دائما للحصول على ثدي األم سواء كانوا محتاجين إلشباع الحاجة إلى االكل او ال ‪،‬مما يجعل الثدي‬
‫‪ :‬يقوم بوظيفتين‬

‫وظيفة إشباع حاجة بيولوجية‪-‬‬

‫‪ .‬ووظيفة تجنيب الطفل الخوف ‪،‬والقلق ‪ ،‬وتخليصه من دوافعه التدميرية ‪،‬وقلقه اإلضطهادي‪-‬‬

‫إن العالقة بين الرغبة والحاجة في حالة الطفل تصبح عالقة تحويلية ‪،‬تحكم حياة األطفال في المستقبل ‪ ،‬فإشباع حاجة‬
‫‪ .‬الطفل البيولوجية ‪،‬تحول إلى غشباع رغبة نفسية للطفل في األمن‪،‬وهذا االمر يتم بطريقة ال شعورية‬

‫إن اي خلل في طريقة األشباع وفي زمن اإلشباع بإمكانه ان يأثر سلبا على مستقبل الطفل ‪ ،‬لذا تنصح مالني كالين‬
‫بترك مهلة لألطفال ن‪،‬كي يعانوا فيها من إحباط متوسط ‪ ،‬ويعدها تشبع حاجتهم ورغبتهم في الثدي ‪،‬هذا االمر الذي‬
‫‪ .‬يساعد على خلق نوع من اإلعالء المسهم في اإلبداع والفن عموما‬

You might also like