You are on page 1of 308

‫أطروحة مق ّدمة لنيل شهادة الدكتوراه علوم‬ ‫‪‬‬

‫موســومة‪:‬‬ ‫في الترجمة‬

‫رهان الرتمجة وآليات النص ادليبلومايس‬

‫إشـراف‬ ‫إع ــداد الطالبـة‪:‬‬ ‫‪‬‬


‫أ‪.‬د‪ .‬عباد أحمد‬ ‫بوفريوة الحاجة‬ ‫‪‬‬
‫لجنة المناقشة ‪:‬‬
‫أ‪.‬د توهامي وسام‪..............‬جامعة وهران‪ 1‬أحمد بن بلة‪............‬رئيسا‬
‫أ‪.‬د‪ .‬عباد أحمد‪...............‬جامعة وهران‪ 1‬أحمد بن بلة‪......‬مشرفا مقررا‬
‫أ‪.‬د‪.‬بلحيا الطاهر‪..............‬جامعة وهران‪ 1‬أحمد بن بلة‪.....‬عضوا مناقشا‬
‫أ‪ .‬د قادة عقاق ‪ .............‬جامعة سيدي بلعباس ‪...........‬عضوا مناقشا‬
‫د‪ .‬إدريس محمد األمين‪.......‬جامعة معسكر‪...................‬عضوا مناقشا‬
‫د‪ .‬ميلود بوخال‪............ .‬جامعة النعامة ‪....................‬عضوا مناقشا‬
‫السنة الجامعيــة ‪2020-2019‬‬ ‫‪‬‬
‫‪‬‬

‫آتوجه جبزيل الشكر والامتنان والتقدير اىل الس تاذ الكرمي‬


‫الربوفيسور‪ ..‬عباد آمحد‬
‫واىل لك من ساعدين من قريب آو من بعيد‬
‫يف اجناز هذا العمل‪ ،‬ويف تذليل ما واهجين من صعوابت‪ ،‬وآخص‬
‫الساتذة الكرام‪ :‬توهايم وسام‪ ،‬عباد آمحد‪ ،‬بلحيا الطاهر قادة‬
‫عقاق‪ ،‬ادريس محمد المني‪ ،‬ميلود بوخال‪ ،‬آعضاء اللجنة املوقرة‪ ،‬عىل‬
‫جتشمهم تعب القراءة والمتحيص‪ ...‬واىل مجيع من علمين حرفا يف حيايت‬
‫احلاجة ‪--‬‬ ‫التعلميية لكها‪...‬‬
‫‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫آهدي مثرة معيل هذا اىل الوادلين الكرميني‬


‫واىل زويج العزيز‪ ،‬وآوالدي قرة العني‬
‫ومجيع آفراد عائليت احملرتمة‬
‫مقدمــة‬

‫مقدم ـ ــة‬

‫لئن كانت املقولة الرائدة اليت مؤداها أ ّن " جوهر الرتمجة احلقيقية" ختتصر مرامي االشتغال وما‬
‫تصبو إليه الرتمجة‪ ،‬من تكشف للقصديات املطلقة للغة املصدر ومن مكنة لنقلها إىل اللغة اهلدف‪،‬‬
‫حيث تصبح حدود القول حقيقته وذاته واجلوهر الذي يأىب التشذير‪ ،‬فأن الرتمجة تنهض على جدلية‬
‫التنازع الذي تؤديه ثنائية مطاردة قصديات القول املطلقة للغة املصدر‪ ،‬وخصيصة احلضور الفين‬
‫واإلبداعي الالمتناهي للمرتجم‪.‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬فإن الرتمجة باعتبارها نشاطا ديناميا ينهض على مسلكي ملكات اللغة وضروب‬
‫اإلبداع‪ ،‬اليت تعتد بقدرة التقصي والتحليل والتفسري ومكنة التواصل ملطاولة تطابق املرتادفات‬
‫واملدلوالت‪ ،‬ونقل األفكار واحملموالت عرب حركية النقل والرتجيع‪ ،‬حبيث يظهر اشتغال املرتجم متميزا‬
‫عرب تفرده‪ ،‬يف التعامل مع جواهر الكلم ومؤديات املعىن‪ ،‬معززا بذلك ألمناط معرفية متجددة‪ ،‬وكاشفا‬
‫عن مهارة إنسانية أخرى تعقب دور التقمص وتتجاوز فعل احملاكاة والنسخ‪ .‬ليُظهر إىل الوجود‪ ،‬نصا‬
‫جديدا‪ ،‬متميزا‪ ،‬فريد اللغة‪ ،‬حيمل خصوصيات ينماز هبا‪ ،‬ويوحي يف جوهره بأنه مطابق متاما لروح‬
‫النص األصلي املرتجم‪.‬‬

‫وفق هذا املأخذ‪ ،‬فإن قيمة الفعل الرتمجي ال تكمن يف تقفي أثر املقابالت الداللية وفك‬
‫مستغلقات النصوص واخلطابات‪ ،‬وال حىت يف صناعة التماهي مع ثقافات اللغة الثانية وتعضيد‬
‫احلضور العالئق بني أصحاهبا‪ ،‬وإمنا هي جتلي آخر يؤديه املرتجم من خالل إعادة تشكيل النصوص‬
‫ومضامينها‪ ،‬وأبعادها التصورية ارتكازا على براعة األداء يف مطاولة ختوم املعرفة والفكر ومنذجتها بوعي‬
‫وتشوف‪ ،‬وقوة واقتدار يف تطويع املدركات ومتثيلها‪ ،‬حبسب متوضعها السياقي والتحوالت اليت تؤديها‬
‫ظرفية الزمان واملكان‪ ،‬وحقول االشتغال‪.‬‬

‫أ‬
‫مقدمــة‬

‫إ ّن ما يشهده العامل اليوم من تسارع وتطور تكنولوجي‪ ،‬كان له األثر الواضح على مجيع مناحي‬
‫السياسي‪ -‬أوفر‬
‫السياسية‪ ،‬وقد كان هذا األخري –اجملال ّ‬ ‫احلياة االقتصادية‪ ،‬واالجتماعية‪ ،‬والثّقافية و ّ‬
‫حظا يف االستثمار من األدوات املعرفية‪ ،‬باعتباره جماال جامعا تٌؤَكد به كينونة اجملتمعات ومتوقعها‪،‬‬
‫وترسم به حضور باقي اجملاالت حضورها وتستمد منه قوهتا‪ ،‬وفق مرجعية البعد احلضاري ومعامل‬
‫التشكل الثقايف بكل أبعادها‪.‬‬
‫السياسي حافال بزخم من التنوع الفكري واإليديوجلي يف ظل ما تؤديه حركية‬ ‫وملا كان احلقل ّ‬
‫العالقات بني األقطار والدول عرب خطية التنازع والصراع والتفاهم والتحالف اليت جعلها اهلل سنة من‬
‫َّاس إِنَّا َخلَق َٰنَ ُكم ِّمن ذَ َك ٍر َوأُنثَ َٰى َو َج َعل َٰنَ ُكم ُشعُوبًا َوقَبَائِ َل‬
‫سننه الكونية‪ ،‬استشهادا بقوله تعاىل ﴿أَيُّ َها ٱلن ُ‬
‫يم َخبِريٌ ﴾‪ ،‬كان من الضروري بل من األكيد‪ ،‬أن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لِتَ عارفُوا إِ َّن أَكرم ُكم ِع َ ِ‬
‫ند ٱللَّه أَت َق َٰى ُكم إ َّن ٱللَّهَ َعل ٌ‬ ‫ََ‬ ‫ََ‬
‫حتتجز الرتمجة دورا رائدا ضمن هذه احلركية بوصفها وسيطا‪ ،‬يشتغل على إحداث عملية الربط‬
‫والتعضيد وبناء جسور التناقل والتالقح بني اجملتمعات تساوقا مع األغراض اليت تتغياها السياسات‬
‫والتوجهات االسرتاتيجية للدول‪ ،‬تنهض على الذرائعية الرباغماتيه‪ .‬وذلك عرب التعامل مع النص‬
‫السياسي البيين باالرهتان إىل ما يتوافق مع األغراض النفعية وما خيدم التوجهات الكربى‪ ،‬دون إرباك‬
‫ملضامني اللغة يف عملية حتويل منظمة ومسطرة سلفا‪.‬‬
‫السهلة امليسرة‪،‬‬
‫السياسي مبا فيها النص الدبلوماسي ليست بالعملية ّ‬
‫ال ضري أ ّن ترمجة اخلطاب ّ‬
‫بل هي عملية ذهنية معقدة تتحكم فيها عوامل املتغري السياسي الرباغمايت‪ ،‬إذ تعمل على توجيه‬
‫السياسي الذي يستمد مشروعتيه من سلطة القرار‪ ،‬وال‬
‫املرتجم إىل املعىن األقرب الذي يفيده اخلطاب ّ‬
‫لسلطة أل ّن اخلطاب سيخرج رمبا إىل احملضور وسيتجاوز حدود‬
‫ميكن حبال من األحوال تقويض تلك ا ّ‬
‫الرتمجة هبذا املنظور خاضعة لفلسفة ال ّدولة وعلى العاملني يف حقلها العمل‬
‫املعىن الكائن‪ ،‬لتصبح ّ‬
‫الرتمجي يندرج حاليا ضمن ال ّرتمجة املوجهة‬
‫بضوابط إيديولوجية وقومية معينة‪ ،‬وهذا ما جعل الفعل ُّ‬
‫سياسيا وإيديولوجيا‪.‬‬

‫ب‬
‫مقدمــة‬

‫وتبني الدراسات أن الرتمجة الدبلوماسية تصنع احلدث السياسي مبا يتوفر يف املرتجم من حتكم‬
‫ّ‬
‫ٍ‬
‫وضبط للسنن الثقافية املتنوعة كون العامل الدبلوماسي عاملاً مغلقاً جداً‪ ،‬ويتعذر على الغرباء الوصول‬
‫حممي برجال أم ٍن‬
‫إليه؛ فالقنصليات تتمتع حبراسة أمنية متعددة األبعاد؛ ألهنا فضاءٌ مكاني دولي ي‬
‫ميثلون ذلك البلد‪ ،‬وتأسيساً على هذا‪ ،‬فإن السفارة منطقة دوليةٌ على الرغم من حلوهلا يف غري بلدها‬
‫جغرافياً‪ ،‬األمر الذي يوضح جبالء‪ ،‬أن املؤولني الفوريني قلةٌ يف هذه األماكن السياسية‪ .‬هناك مفارقةٌ‪،‬‬
‫إذن‪ ،‬على الرغم من الدور امليتاسياسي الذي تلعبه الرتمجة الفورية يف السفارات فإن عدداً قليالً منها‬
‫األصلي يتقنون أكثر‬
‫ّ‬ ‫يتوفر على خدمات ترمجة حتريرية وشفهية‪ ،‬وإمنا تعتمد على مرتمجني من البلد‬
‫صوان السابقة‪.‬‬
‫تبني دراسة األستاذ فرح حممد ّ‬
‫من لغة كما ّ‬
‫ومن هنا‪ ،‬فكيف ميكننا أن نتصور الفضاء الثقايف الذي يعزز من الفعل الرتمجي الدبلوماسي؟‪.‬‬
‫ال خيتلف اثنان يف كون العامل اليوم‪ ،‬جينح حنو حتقيق العدالة والسالم الدوليني اهلادف إىل حتقيق‬
‫املصاحل العامة اليت تضمن استقرار العالقات الدولية‪ ،‬وإلجناح صلة القرابة بني بلدين خمتلفني من‬
‫العرق واللغات والثقافات انربت السياسات اللغوية إىل إذكاء الوعي بالقيمة الرتمجية الفورية‬
‫حيث ُ‬
‫ذات املقومات الرامية إىل حكمنة السياسات وعقلنتها‪ ،‬متوخية من وراء ذلك‪ ،‬التطور ومواكبة‬
‫اطي‬
‫احلدث العاملي الذي حتتم على الدول االخنراط فيه‪ .‬وإلجناح الرتمجة الفورية يف سياق سياسي دميقر ّ‬
‫رحب‪ ،‬قامت أجهزة الدولة بانتقاء ترمجانيني (مؤولين ‪ )Interpreters‬يتوفر فيهم قدر ٍ‬
‫عال من‬ ‫ٌ‬
‫الدراية اللغوية لتحقيق اخلطاب السياسي أهدافَهُ النوعيةَ يف نظرة استشرافية يدوُم ُوُّد َها وتؤيت مثارهاَ يف‬
‫املشهد السياسي املعاصر الذي جيلب معه نقالت نوعية على الصعيد االقتصادي‪.‬‬
‫ال جنانب الصواب‪ ،‬إذا أقررنا أن الرتمجة الدبلوماسية تعد من أكثر األنشطة اليت ميارسها املرتجم‬
‫تعقيدا وتشعبا يف العصر احلديث من حيث أهنا تتطلب تضلعا معرفيا وثقافيا من جهة ومن جهة‬
‫أخرى تستلزم استشعارا مببادئ أخالقيات املهنة أثناء املمارسة‪ ،‬وتتميز بأهنا هتتم حسب أولوياهتا‬
‫بتحقيق املصاحل الوطنية وهتذيب العالقات بني الدول من خالل صناع القرار والدبلوماسيني أنفسهم‬

‫ج‬
‫مقدمــة‬

‫وبني الشعوب احملكومة والرأي العام احمللي‪ .‬ولذلك فهي تكتسي طابعا سياسيا حساسا ومتثل مطلبا‬
‫لغويا ذا أمهية يف توجيه اخلطاب الدبلوماسي‪ ،‬وهذا ما جيعلها تتسم مبعايري اليت تصدق على الرتمجة‬
‫العامة‪ ،‬لذلك فالتحديات اليت تواجه هذا االختصاص تتخطى املناورات اللغوية من لغة إىل أخرى كي‬
‫تصبح مرتعا لتالعبات ذات عواقب وخيمة‪.‬‬
‫ومع تسارع وترية التطور العلمي والتكنولوجي وتداعيات العوملة يف خمتلف مناحي احلياة‬
‫اإلنسانية‪ ،‬أصبحت الرتمجة من بني األنشطة الفكرية املعاصرة اليت ميارسها اإلنسان متوخيا من خالهلا‬
‫خدمة العلم واحلضارة‪ ،‬ذلك ألن الرتمجة يف نظرنا ال ميكن أن ينجزها العقل االصطناعي‪ ،‬لكوهنا‬
‫حتمل يف طياهتا خصوصية الدفء اإلنسان‪ .‬حيث تنقسم الرتمجة الدبلوماسية إىل نوعان كتابية‬
‫وشفوية‪ ،‬إما الكتابية فتشمل املعاهدات واالتفاقيات اليت جتمع الدول‪ ،‬والشفوية‪ ،‬عندما يكون هناك‬
‫خطاب دبلوماسي‪ ،‬ويعمل املرتجم على ترمجته بطريقة متزامنة‪ .‬على الرغم من تعدد الكتابات عن‬
‫الدبلوماسية والعمل الدبلوماسي‪ ،‬فإن القليل منها هو الذي يعاجلها يف ضوء املتغريات اليت حلقت‬
‫بالعامل‪ ،‬وبشكل خاص الثورة املعلوماتية والتكنولوجية‪ ،‬فضالً عن التحوالت الثقافية والسياسية‬
‫واالقتصادية‪ ،‬األمر الذي كان له أبلغ األثر على مفهوم الدبلوماسية وأدائها‪ .‬ونعتقد أن هذا الكتاب‬
‫إمنا يلىب هذه احلاجة‪ ،‬ويفي مبتطلبات العمل الدبلوماسي للقرن الواحد والعشرين‪ ،‬وحيدد مفاهيمه‪،‬‬
‫ويقدم دليالً للمشتغلني به‪ ،‬ويشرح كيف تغري العامل‪.‬‬

‫وبالنظر إىل كون الرتمجة جسرا تواصليا بني الشعوب واألمم‪ ،‬فهي بذلك تُعترب عمال مستقال‬
‫بذاته‪ ،‬فهي تقوم أساسا على اإلبداع واقرتاح احلس اللغوي الرفيع‪ ،‬وانتقاء املفردات والتعابري املناسبة‪،‬‬
‫كما تقوم أساسا على القدرة الفاعلة على تقريب الثقافات‪ ،‬واحلضارات املختلفة‪ ،‬فهي جتمع عددا‬
‫كبريا من بين البشر‪ ،‬وحتثهم على التواصل واالستفادة من خربات بعضهم البعض‪ ،‬ومن خمتلف جتارب‬
‫اإلنسان عرب مسريته الطويلة‪ ،‬ومن مث جندها تسهم يف تناسق جهود الفرد‪ ،‬لتجعلها جزءا مفيدا من‬
‫جتارب اجلماعة‪ ،‬وكل ذلك يهدف يف النهاية إىل بناء حضارة إنسانية متكاملة‪.‬‬

‫د‬
‫مقدمــة‬

‫وملا كان التحاور بالكالم مشافهة عادة يسبق عملية الكتابة‪ ،‬كانت الرتمجة الشفوية سابقة‬
‫للرتمجة التحريرية وأكثر تداوال واستعماال منها‪ ،‬ومبا أن لغات شعوب العامل وحىت ثقافاهتا خمتلفة‬
‫ومتباينة‪ ،‬فقد كانت الرتمجة الشفوية سبيال فعاال خباصة بالنسبة للعملية الدبلوماسية‪ ،‬وما تعلق‬
‫بعمليات إبرام املعاهدات واالتفاقيات وإحداث التقارب بني الشعوب واألمم فأصبح من الضروري‬
‫ايالء عناية بالغة بالروابط الفكرية والتواصلية اليت والعمل على تطوير طرق التعامل‪ ،‬واالحتكاك‪ ،‬األمر‬
‫الذي يساعد هذه العملية اليت يقوم هبا الرتمجان يف غالبية األحيان‪ ،‬وليس املرتجم‪ ،‬ألن املرتجم‬
‫يتعامل يف بعض احلاالت مع نص مكتوب أصال‪ ،‬أما الرتمجان يف هذه احلال‪ ،‬فقد يتعامل مع نص‬
‫مشفوه يتلقاه مساعة‪ ،‬فيرتمجه ترمجة فورية وانطالقا مما سبق ارتأينا أن نقوم بتحليل عميق للرتمجة‬
‫الشفوية الدبلوماسية‪ ،‬مركزين على أنواعها ‪ ،‬وخصوصياهتا‪ ،‬من خالل موضوع حبثنا األكادميي املوسوم‬
‫ب ‪:‬آليات الرتمجة الدبلوماسية ‪-‬دراسة حتليلية لعملية الرتمجة الدبلوماسية‪ ،‬ومن مث حماولة صرب آليات‬
‫هذه الرتمجة‪.‬‬
‫وعلى هذا األساس ميكن أن نبلور اإلشكالية اليت ننطلق منها يف هذه الدراسة يف مجلة‬
‫التساؤالت اآلتية‪:‬‬
‫‪-‬ماهي مميزات وخصائص النص الدبلوماسي وهل تنطبق عليه الصفات اليت تنطبق على غريه‬
‫من النصوص األخرى من حيث البنية وتركيب اجلملة ومن مث الوظيفة؟‬
‫‪-‬كيف يتعامل املرتجم مع النص الدبلوماسي هل مييل إىل احلرفية أم إىل التكييف وما هي‬
‫السبل والطرائق اليت تعينه على جتاوز إشكاالت التلقي؟‬
‫‪-‬ما موضع املصطلح يف هذا النوع من النصوص وهل املعاجم ثنائية اللغة كافية للوقوف على‬
‫ترمجة املصطلح الدبلوماسي ذي الصبغة السياسية ال حمالة؟‬
‫‪-‬هل يلعب السياق دورا فاصال يف فعل االختيار واختاذ القرار أمام األلفاظ ذات الشحنة‬
‫الثقافية أو الكلمات ذات البعد الثقايف؟‬

‫ه‬
‫مقدمــة‬

‫ومما ال شك فيه أن احلاجة أصبحت ملحة إىل توافر عملية ترمجية متخصصة متكننا من تأسيس‬
‫عالقة ود بني طرفني عن طريق الرتمجان‪ ،‬لتذليل عملية التواصل يف هذه احملافل الدولية اليت قد تعاجل‬
‫مواضيع حساسة‪ ،‬ومصريية واليت جتمع شذرات احلضارات البشرية بعضها ببعض‪ ،‬وتفضل التقارب‬
‫واللقاء‪ ،‬الذي يسهم يف إحداث التقارب والتعايش بني الشعوب‪.‬‬
‫واجلدير بالذكر ان عملية الرتمجة اجليدة الناجحة تقوم أساسا على مستوى حسن الفهم العميق‬
‫لرسالة النص األصلي‪ ،‬وبالتال تفهم الكلمات تفهما جيدا‪ ،‬حبيث تتم إزالة كل ما يتعب الذاكرة‪ ،‬أو‬
‫ما يبعث على االلتباس‪ ،‬لتأيت النتيجة مقبولة‪ ،‬ولنتمكن من طرح التساؤل التال‪ :‬ما لذي جيب أن‬
‫نرتمجه لنحقق النجاح يف عمليتنا‪..‬؟ الكلمات أم املعىن العام‪..‬؟ إذ ال يُقبل ترمجة النص كلمة بكلمة‪،‬‬
‫قد يوصف عملنا بالرديء‪ ،‬ألن املطلوب منا أن نتابع السياق العام للنص‪ ،‬وذلك ليبقى جوهر النص‬
‫مضمونا‪ ،‬كما جيب على املرتجم أن يكون ذكيا يف تناوله ملوضوعه‪ ،‬وتنظيم تسلسل األفكار داخل‬
‫النص املكتوب باللغة املصدر‪ ،‬لتتم ترمجته إىل اللغة اهلدف حبكمة شافية‪.‬‬
‫إن التواصل الدبلوماسي بني األمم والشعوب‪ ،‬أساس بناء احلضارات ونشأهتا وقد كان سببا‬
‫مباشرا كذلك لشن احلروب‪ ،‬ويف الوقت نفسه النتهائها‪ ،‬ولكن باختالف األجناس ختتلف العقائد‬
‫والثقافات وكذا اللغات‪ ،‬ومن أجل املصلحة وجب على خمتلف اللغات والثقافات املتنوعة أن جتتمع‬
‫من أجل النقاش العميق‪ ،‬املسهم يف حل النزاعات فيما بينها‪ ،‬يف حني تبقى اللغة هي النهر الذي‬
‫يفصل بني الضفتني وما من سبيل لعبوره إال بتعلم لغات بعضنا البعض‪ ،‬تلك اللغات وثقافاهتا وليس‬
‫تعلم قواعدها ومعامجها فحسب‪ ،‬وهذا جسر ال يسهم يف صنعه إال املتمكن العارف باللغتني أال وهو‬
‫املرتجم ‪ /‬الرتمجان‪ ،‬ألن العمل الدبلوماسي متلؤه األفكار السياسية اهلادفة وألن الدبلوماسيني حيرصون‬
‫دوما على وصول وجهة النظر إىل الطرف األخر بدقة ووضح‪ ،‬فالدبلوماسية تتأسس على احلوار‬
‫وليس على املواجهة‪ ،‬فيجب أن ترتجم النوايا بشكل صحيح كما يقال‪ ،‬ذلك ألن حاجة‬
‫الدبلوماسيني‪ ،‬ومبتغاهم يهدف إىل فهم بعضهم البعض‪ ،‬يف نقاش واضح وشفاف‪ ،‬فالرتمجة هنا تبدو‬

‫و‬
‫مقدمــة‬

‫عامة‪ ،‬شاملة تقوم على نقل كل ما يقال يف تلكم اللقاءات اليت جتمع األطراف‪ ،‬فيتعني على الرتمجان‬
‫دائما أن ال ينسى أنه يتحاور ويبذل كل جهده لكي يندمج مع احلوار امللقى‪ ،‬فحني يرتجم جيب‬
‫عليه أن يُشعر املستمع وكأنه يتلقى النص مباشرة من املتحدث‪ ،‬وهذا ال يتحقق إال إذا كان مستوى‬
‫تركيز الرتمجان كبريا يف إيصال النص‪ ،‬فيجب أن ينصهر معه إىل حد أنه يرتجم كل شيء حىت طريقة‬
‫كالم املتحدث واحلركات اليت يقوم هبا‪ ،‬فيشعر وكأنه هو الذي يلقي اخلطاب‪ ،‬بناء على كل ما‬
‫سبق‪ ،‬بات واضحا أن الرتمجة الدبلوماسية خيتلجها كثريا من الصعوبات والعقبات اليت تعيق عمل‬
‫املرتجم‪ ،‬فقد يقع يف مشكلة التعرف على بعض األلفاظ املستعملة من طرف املتلقي يف كثري من‬
‫احلاالت‪.‬‬
‫وقد جاء اختياري لهذا الموضوع‪ ،‬لعدة أسباب منها املوضوعي‪ ،‬ومنها الذايت فاألسباب‬
‫الذاتية منها حيب الكبري للرتمجة عموما‪ ،‬وللدبلوماسية خصوصا‪ ،‬ألنين أعتربها من املهن الراقية‪ ،‬اليت‬
‫قد يقوم هبا الرتمجان يف احملافل الدولية ويف املؤمترات‪ ،‬وكذا لوجود حافز مهم يف عملية الرتمجة يف حد‬
‫ذاهتا‪ ،‬كوهنا تؤسس عالقة بني أمتني لكل منهما ظروفها السياسية‪ ،‬وعالقاهتا الدولية‪ ،‬أما الدوافع‬
‫املوضوعية فألن هذا املوضوع قليال ما وجدنا أحباثا مثله‪ ،‬أعتقد جازمة أن قلة قليلة من الدارسني‬
‫احملرتفني هلذه املهنة الشريفة‪ ،‬املتمثلة يف الرتمجة قد توجهوا إىل هذا احلقل الصعب‪ ،‬ودليلي على ذلك‬
‫أنه ال توجد أحباث يف مكتبة جامعة وهران حول هذا املوضوع الصعب‪ ،‬وقد جلت عدة جامعات‬
‫جزائرية ومل أعثر على حبث واحد‪ ،‬وعليه فإن اجلهد الذي سأبذله هنا قد يفتح الطريق أمام زمالئي‬
‫الباحثني مستقبال‪.‬‬
‫ولتحقيق هذه الرغبة العظيمة‪ ،‬وبالتال إجناز حبث ارتأيت أن أطرح اإلشكالية التالية ‪:‬كيف‬
‫ميكن لرتمجان متخصص يف اللغة الدبلوماسية أن يبلّغ خطاب املتحدث‪ ،‬حتت تأثري النص املكتوب‬
‫وضغط الوقت احملدد جدا‪..‬؟ وكذا راودتين بعض التساؤالت العميقة يف املوضوع‪ ،‬كما وأن هناك‬
‫بعض األسئلة املهمة واجلوهرية‪ ،‬من تلك اليت تساعدنا على إماطة اإلهبام القائم حول قضية‬

‫ز‬
‫مقدمــة‬

‫التخصص يف ترمجة بذاهتا‪ ،‬طبعا أكثر من ذي قبل‪ ،‬كما وأنين سأحاول أن أقف مطوال مع قضية‬
‫العمل الدبلوماسي‪ ،‬ماهيته‪ ،‬خصوصياته‪ ،‬وما ينجر عنه خالل عملية ربط ما قد نسميه اختالفا حول‬
‫هذه الرتمجة الفورية املتعلقة بالدبلوماسية‪.‬‬
‫ولإلجابة عن مجيع هذه التساؤالت املطروحة‪ ،‬ومن مث اخلوض يف غمارها‪ ،‬وفق عملية منهجية‪،‬‬
‫مرتبة‪ ،‬تنظيما وتنسيقا‪ ،‬اقتضى األمر تقسيم هذا البحث إىل مقدمة ومدخل وخامتة ومخسة فصول‬
‫جاءت على النحو التال‪ :‬مدخل‪ :‬عنونته ب ( نحو عولمة‪ :‬الدبلوماسية والترجمة ) وقد أوجزت‬
‫فيه أهم املصطلحات املتعلقة مبوضوعي‪ ،‬وتوقفت مع حتليل ملقصدية العوملة يف زمننا‪ ،‬مث انتقلت إىل‬
‫الفصل األول واملعنون ب‪ :‬الدبلوماسي ـ ــة‪ :‬الماهية والخصائص وسأحبث يف تارخيها‪ ،‬وأنواعها‪،‬‬
‫وأقف مطوال مع مراحلها التارخيية اليت ازدهرت فيها العالقات بني األمم والشعوب‪ ،‬كما سأتعرض إىل‬
‫أنواعها ‪ ،‬وسأطرق يف هذا الفصل األول عديد العناصر اليت أراها جوهرية يف عملية البحث‪ ،‬أمهها‪:‬‬
‫‪ -1‬ماهية مصطل ح دبلوماسية‪ -2 ،‬الدبلوماسية ‪ :‬يف حدود املفهوم‪ -3.‬حمطات يف تاريخ‬
‫الدبلوماسية‪ -4 ،‬مفهوم التمثيل الدبلوماسي ‪ -5‬الدبلوماسية احلديثة يف عصر العوملة‪ ،‬وأعقب كل‬
‫مبحث بتعليقات منهجية مرتبة‪ ،‬ألثبت أو أنفي ما أريد الوصول إليه‪.‬‬
‫أما الفصل الثاني واملوسوم ب ‪" :‬الترجمة المتخصصة والمصطلح الدبلوماسي فسأقف فيه‬
‫على مسائل الرتمجة الفورية املتخصصة املرفقة بنص‪ ،‬املؤسسة الرتمجة الفورية الدبلوماسية العادية‪،‬‬
‫وسأتطرق إىل تعريفات متنوعة وخمتلفة هلذا النوع من الرتمجة‪ ،‬واهلدف من وراء ذلك‪ ،‬هو معرفة ما‬
‫قال خبصوصها أكرب الباحثني يف هذا اجملال احليوي ‪ ،‬كما سأعرض بعض الصعوبات اليت تواجه‬
‫الرتمجان الفوري ‪ ،‬يف مسائل الدبلوماسية‪ ،‬واليت قد تعيق العملية بأكملها‪ ،‬وتقف حاجزا يف وجه‬
‫عملية إيصال الرسالة إىل املتلقي‪ ،‬وبعد ذلك سأعرض وجهة نظر البحث خبصوص كل مسألة‪،‬‬
‫وأناقش اآلراء‪ ،‬أرد على بعضها‪ ،‬وأساند بعضها اآلخر‪.‬‬

‫ح‬
‫مقدمــة‬

‫أما بالنسبة للفصل الثالث‪ ،‬فقد ومسته ب ‪ -‬صعوبات ترجمة النص الدبلوماسي׃ إذ ال خيفى‬
‫على املتتبع ملناهج الرتمجة الدبلوماسية احلديثة أن العملية املعقدة‪ ،‬والسريعة‪ ،‬حمفوفة بصعاب مجة‪،‬‬
‫وذلك أثناء عملية ترمجة النصوص الدبلوماسية‪ ،‬أو احملادثات‪ ،‬وهي يف جوهرها تقوم على التلقائية‬
‫أتبني ذاك اجلهد الشاق الذي يبذله املرتجم‪ ،‬وسأركز‬
‫والفورية وما يشوهبا من صعاب‪ ،‬سأحاول أن ّ‬
‫على بعض التطبيقات اليت قمت هبا يف هذا اجملال احليوي املفيد دائما‪.‬‬
‫أما بالنسبة للفصل الرابع‪ ،‬فقد كرسته ألهم أنواع الترجمة في المؤسسة الدبلوماسية‪ ،‬وقد‬
‫ركزت حبثي على جمموعة معينة هلذه الرتمجات‪ ،‬اليت رأيت بأهنا مفيدة ومعتمدة‪ ،‬وقد أمسيتها اجتهادا‬
‫مين‪ :‬أنواع الرتمجات وكيفيتها يف املؤمترات الدولية‪ ،‬وهي كما يلي‪ - 1 :‬الرتمجة اآللية ‪ - 2‬الرتمجة‬
‫الفورية ‪ - 3‬الرتمجة احلرفية ‪ - 4‬ترمجة املعن ى ‪ – 5‬ترمجة املختصرات ‪ – 6‬الرتمجة التقنية‪ ،‬يف‬
‫املؤمترات والندوات ‪ - 7‬ترمجة النصوص التقنية ‪ - 8‬أمساء املنظمات والشعارات وال اختصارات‪- 9‬‬
‫شبه الرتمجة‪ .‬وبطبيعة احلال‪ ،‬أعقبت كل نوع من هذه األنواع بتعليقات وشروح لوجهة النظر‪ ،‬ومن مث‬
‫إمتام الفكرة لطرحها على القارئ‪ .‬أما الفصل اخلامس‪ ،‬فقد كرسته مبجمله إىل حماولة الوقوف يف‬
‫دراسة تطبيقية شاملة على مجيع ما طرحته يف الفصول السابقة وجاء معنونا كما يلي‪ :‬الفصل‬
‫الخامس‪ :‬الجانب التطبيقي‪ :‬استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‪ ،‬حبيث سأحاول‬
‫تطبيق نتائج الفصول السابقة على مقتطفات من خطابات دبلوماسية مرتمجة إىل اللغة العربية ألقف‬
‫من خالهلا على فكرة الرتمجة الدبلوماسية وتأثريها على سياسة الدولة‪.‬‬
‫أما المنهج المتبع يف هذه الدراسة فهو املنهج الوصفي التحليلي‪ ،‬الذي يقف على وصف‬
‫الظواهر اللغوية وصفا واقعيا دون تدخل الباحث باجتهادات من ذاته وصوال إىل استخالص قواعد‬
‫ميكن أتن تعمم على دراسة الظواهر وبالتال فقد كان هذا املنهج خري معني ملقاربة النص الدبلوماسي‬
‫الذي حيتاج إىل موضوعية يف الدراسة ويف التحليل حىت ال يؤثر ذلك سلبا يف توجيه النصوص إىل‬
‫معان تتماشى ورأي صاحبها‪.‬‬

‫ط‬
‫مقدمــة‬

‫جتدر اإلشارة إىل أنين وخالل خوض غمار هذه الرسالة واجهتين صعوبات عدة‪ ،‬وبعض‬
‫العوائق منها‪ :‬االنعدام الكلي لألحباث والكتب املتعلقة مبوضوع العملية الرتمجية الدبلوماسية خصوصا‪،‬‬
‫وندرة املراجع املتعلقة هبذا النوع من الرتمجة الفورية‪ ،‬كما أن معظم الكتب األجنبية اليت تعاجل هذا‬
‫املوضوع ‪ ،‬هي أصال نادرة إال ما عثرت عليه إلكرتونيا قد ال يفي باحلاجة املاسة‪ ،‬مث هناك مسألة‬
‫األعمال التطبيقية‪ ،‬إذ كان من الصعوبة مبكان‪ ،‬خصوصا ما تعلق بالعربية يف األمم املتحدة‪ ،‬األمر‬
‫الذي جعلين أكتفي بتعليقات حول الرتمجة الدبلوماسية‪ ،‬كما وال يفوتين يف ختام هذا املطاف‬
‫احملفوف باملصاعب أن أنسب الفضل إىل أهله‪ ،‬مشيدة بالرعاية اليت أوالن هبا أستاذنا املشرف ‪:‬‬
‫الربوفيسور عباد أمحد‪ ،‬الذي كانت توجيهاته السديدة‪ ،‬وتنقيحاته الصائبة‪ ،‬املرفقة بالتعليق على كثري‬
‫مما كتبته‪ ،‬أتوجه إليه جبزيل الشكر والتقدير‪ ،‬والعرفان‪ ،‬إذ لواله ملا وجدت هذه الرسالة أصال‪ ،‬ولوال‬
‫تسديداته القيمة ملا تقدمت هبا إىل الناس‪.‬‬
‫وجممل القول‪ ،‬تعد مهنة املرتجم‪ ،‬مهمة ويف غاية الصعوبة‪ ،‬وال جيين من ورائها الشكر يف معظم‬
‫األحيان‪ .‬فحني يرتكب املرتجم خطأ بسيطا ينتقده الناس بشدة‪ ،‬وحني ينجح يف عمله ال يلقى إال‬
‫امتداحا ال يكاد يُذكر‪ ،‬إذ غالبا ما تسود قناعة لدى اجلميع بأن أي شخص يعرف لغتني يكون‬
‫بإمكانه عمل ما قام به املرتجم الذي عاىن أشد املعاناة إلنتاج نص مكافئ‪.‬‬

‫والحمد هلل من قبل ومن بعد‬

‫بوفريوة الحاجة وهران في ربيع ‪2019‬‬

‫ي‬
‫من وصية الجاحظ إلى ال ُكتّاب‬

‫ينبغي لمن كتب كتابا أال يكتبه إال على أن الناس كلهم له أعداء‪،‬‬

‫كلهم عالم باألمور‪ ،‬وكلهم متفرغ له‪ .‬ثم ال يرضى بذلك حتى يدع‬

‫كتابه غفال‪ ،‬وال يرضى بالرأي الفطير‪ .‬فإن البتداء الكتاب فتنة‬

‫وعجبا‪ ،‬فإذا سكنت الطبيعة ‪ ...‬أعاد النظر فيه‪ ،‬فتوقف ‪...‬‬

‫أبو عثمان‪ ،‬عمرو بن بحر الجاحظ‬


‫مدخـ ـ ــل‬
‫مدخل‬

‫تمهيد‬
‫ينهض التواصل الثقايف اجملتمعي على جمموعة من اخلصوصيات العرفية‪ ،‬غايتها األساسية بناء‬
‫جسر من العالقات بني األمم؛ عرب ما يصطلح عليه ب ‪ " :‬ترمجة الدبلوماسية" اليت متثل تستشرف‬
‫استمرارية األوضاع العاملية؛ ألن ذات العملية مرهونة جبانني‪ :‬العوملة والدبلوماسية؛ إذ أ ّن الفواصل‬
‫القائمة بني الدول والشعوب يف ضوء هذين اجلانبني ستشتغل حتما على تقويض استفحال حاالت‬
‫التنازع األزلية القائمة يف العالقة بني الرتمجة والعوملة‪ ،‬هذه العالقة اليت توصف أحيانا بالتنافر الوظيفي‬
‫والتباعد املنهجي‪.‬‬
‫ومما ال شك فيه‪ ،‬أن اهلدف من الرتمجة ال يقف حصرا على عتبة نقل املعلومات من لغة مصدر‬
‫إىل لغة هدف‪ ،‬إمنا مسعاها يتوثب إىل هندسة وبناء اجلسر الرابط بني احلضارات واألمم والشعوب‬
‫وتعضيد العالقات بينها‪ ،‬بغرض التأسيس لفعل تبادل اخلربات والثقافات‪ .‬وهي حقيقة تثبتها تعاقبية‬
‫التناقل واجملايلة للثقافات القدمية الضاربة جبذورها يف أعماق األعصر‪ ،‬يف حنو الثقابة اليونانية واألوروبية‬
‫وغريها‪ ،‬وكيف بلغ تراثنا العريب أقاصي الغرب‪ ،‬لوال احلركة الرتمجية اليت شكلت وصال منقطع النظري‪،‬‬
‫ومنواال إجرائيا اعتمده األمم والشعوب يف تناقل املعارف وتكشف احلضارات‪.‬‬
‫ومن هنا‪ ،‬فقد استطاعت الرتمجة أن تبين مسلكا عالئقيا بني األنا واآلخر كما متكنت من‬
‫حياكة نسيج شبكة الرتابطات والتالقح الوجدان بني اجلماعات املختلفة‪ ،‬كما حافظت الرتمجة على‬
‫اخلصوصية الفكرية والثقافية والروحية لدى كل أمة‪ ،‬وذلك من خالل الذود عن املساس أو العبث‬
‫بالذات اللغوية واخلصوصية األلسنية اليت انفتحت على اخلطاب اإلنسان واشتغلت على فك‬
‫مغاليقه‪ ،‬واستنطاق مضمراته‪ .‬بغض النظر عن التفاوتات اليت تؤديها األشكال واألجناس واألنواع‪.‬‬
‫ّأما العوملة بوصفها جتليا أرحب وأوسع من الغايات الضيقة اليت تتوسلها الرتمجة‪ ،‬فهي تنهض‬
‫على مطاولة بسط القطبية اليت ترتد إىل فكرة صهر كل األمناط يف أمنوذج موحد‪ ،‬يبدأ باالستقطاب‬
‫السياسي واإليديولوجي وينتهي عند اهليمنة الثقافية واحلضارية‪ ،‬اليت ال تعرتف باخلصوصية مبا فيها‬
‫اللغة اليت ستُجرد حتما من خاصيتها اهلوياتية والعرقية والعرفية‪ ،‬ويقتصر حضورها على الشكل‪ ،‬حيث‬

‫‪1‬‬
‫مدخـ ـ ــل‬
‫حيصر الفعل الرتمجي ‪-‬دون شك ‪-‬إىل حرفية النقل اآلل وإىل مكننة اللغة بعيدا عن كل متثل روحي‬
‫وكينون‪.‬‬
‫العولمة وإطالقية التجلي‬
‫إن املسلك الذي انتهجته فلسفة العوملة‪ ،‬ينهض حتما على تقويض اخلصوصيات‪ ،‬واملقومات‬
‫اليت تسم للهوية والنوع‪ ،‬وتشتغل على صهراها يف إكسري الكلية‪ ،‬توقا إىل هندسة كونية جامعة‪ ،‬ال‬
‫تعرتف باالختالف والسمات الفارقة‪ .‬ومن مثة‪ ،‬فهي تصبو إىل كسر األنا واآلخر معا‪ ،‬وإحياء األنا‬
‫األعلى لألقوى الذي سيفرض صدارة حضوره مبعيار القوة والتفوق حتما‪.‬‬
‫ومن هنا‪ ،‬فإن اللغة بوصفها نظاما عرفيا واجتماعيا تواصليا‪ ،‬لن تكون مبنأى عن هذا التحول‪،‬‬
‫حيث سيتم منذجتها وفق قوالب اللغة الرائدة اليت تتوخاها العوملة‪ ،‬ولن تتأتى تلك النمذجة إال عرب‬
‫إقصاء مجلة اخلصوصيات اليت كانت تربطها مبستعمليها ومتلفظيها‪ ،‬وهي ذات اخلصوصيات اليت‬
‫تعضد للهوية واألنا‪ ،‬وكان يستغلها املرتجم املبدع ليربز من خالهلا التباينات الثقافية واحلضارية اليت‬
‫تصنع التمايز والفرق بني اجملتمعات واألقوام‪.‬‬
‫وانطالقا من مقرتب الكلية الذي تعتمده العوملة يف هنجها؛ تتأسس رؤيتها وفق مسلك تتوق‬
‫إىل بسط النفوذ‪ ،‬والتقليص من هوة التباينات اليت تؤديها خصوصيات ثقافات اجملتمعات‪ ،‬فهي‬
‫(هتدف إىل حتقق التواصل الثقايف الكون‪ ،‬وتصبو إىل عاملية الفكر‪ ،‬ولكنها ال تضمن احلفاظ على‬
‫اخلصوصية الثقافية)‪ 1‬اليت تسم للحضور والوجود وتنبين على حفريات املنشأ وتتشكل وفق رحاب‬
‫الزمن ومتغريات األسيقة التارخيية واملتغريات احلياتية (وما يشجع على معاينة مفهوم العوملة أن اخلطاب‬
‫الثقايف قد توزع بني مؤيد يرى أن العوملة ال هتدد اهلوية أو اهلويات الثقافية جبميع دبلوماسيتها اهلجينة‪،‬‬
‫واليت تربط بني األمم بالفناء أو التذويب‪ ،‬بل تعيد تشكيلها أو تطويرها للتكيف مع العصر‪2).‬ويف‬
‫كال الرأيني فإن العوملة ستقف حتما عند حدود بناء املشرتك اجلامع الذي يلفظ اخلصوصية بغض‬
‫النظر عن جوهر الغاية‪.‬‬

‫‪-1‬اجليالل حالم ‪ :‬أثر العوملة يف اللسان الرمسي–العربية ‪ -‬منوذجا ) جملة اللغة العربية‪ .‬اجمللس األعلى للغة العربية‪ .‬ع‪ .5‬اجلزائر‬
‫‪ .2001‬ص‪324‬‬
‫‪-2‬اجليالل حالم ‪ :‬أثر العوملة يف اللسان الرمسي–العربية ‪ -‬منوذجا ) جملة اللغة العربية‪ .‬اجمللس األعلى للغة العربية‪ .‬ع‪ .5‬اجلزائر‬
‫‪ .2001‬ص‪324‬‬

‫‪2‬‬
‫مدخـ ـ ــل‬
‫ووفق هذا املأخذ‪ ،‬فال جدال يف أن العوملة ستدفع حتما إىل االستالب الثقايف وتدمري اهلوية‬
‫الوطنية‪ ،‬وفناء القطرية‪ ،‬وتفتيت البنيات الثقافية والفكرية والروحية للمجتمعات‪ ،‬ولعل ما يشري إىل‬
‫ذلك كون الكثري من فالسفة العوملة ال ي ّكنون سوى االحتقار للثقافات األخرى غري الغربية‪ ،‬بل‬
‫يصفوهنا بأهنا مناقضة للتقدم وللعلم‪ 1.‬وهي هبذا املفهوم قاتلة الذات البشرية‪ ،‬وللتمثالت الروحانية‬
‫لكل األمم‪ ،‬على اعتبار أهنا تسعى إىل توحيد املفاهيم والقيم وإلغاء التمايز والتفرد والتعدد يف السياق‬
‫الثقايف الشمول‪ .‬ومن مثة‪ ،‬فهي تعمل على إكساب الشيء طابع العاملية‪ ،‬وما يشرتك فيه كل الناس‬
‫‪2‬‬
‫باعتباره شكال من أشكال توحد العامل املفضي إىل سعادة البشر‪.‬‬
‫ومن هنا‪ ،‬فإن املرجعية أو اخللفية الفكرية اليت تنهض عليها العوملة ‪ Globalization‬اليت تتساوق‬
‫مع مؤدى مفهوم الكونية اليت ترهتن إىل غاية إلغاء احلواجز والتقويض من مظاهر التعدد والدفع إىل‬
‫إحداث أشكال التقارب ومنذجة أساليب الكينونة وفق القوالب اليت تتواخها‪ ،‬ستشتغل على ابتداع‬
‫الطرائق واآلليات اإلجرائية اليت تتيح هلا إمكانية مطاولة هذا اهلدف‪ ،‬وذلك من خالل استغالل كل‬
‫السبل املتوافرة‪.‬‬
‫ولئن كان االشتغال على اجلوانب امللموسة واملادية قد يبدو ممكنا بالنظر إىل إمكانية إخضاعها‬
‫لعامل التفوق املعريف والعلمي الذي تؤديه التقانات والتسابق التكنولوجي‪ ،‬وميزان القوة االقتصادية اليت‬
‫حتكم األنظمة والشعوب‪ ،‬حيث يتم استقطاب اجملتمعات الضعيفة عنوة ودفعها إىل التبعية إكراها‬
‫حتت طائل احلاجة والعوزة‪ ،‬فإن اجلوانب احلسية والروحية اليت متتاح من حفريات البدايات األوىل‬
‫وعوامل التشكل اإلثنوغرايف واالنثروبولوجي الذي يرهتن إىل أسباب الوجود لدى اجملتمعات‪ ،‬ستكون‬
‫صعبة املنال ولن تكون طيعة يف تطويعها‪.‬‬
‫وعرب هذه اجلدلية‪ ،‬تنربى العوملة إىل الرتكيز على تذليل الصعوبات اليت ستالقيها يف البعد‬
‫احلسي والكينون للمجتمعات من خالل اخلوض يف تلك اخلصوصية الثقافية واالنثروبولوجية اليت‬
‫تؤدي الفوارق بينها‪ ،‬ومن مثة العمل على تكييفها وفق األمنوذج األوحد الذي تتغياه‪ ،‬بانتهاج كل‬
‫السبل املتاحة طوعا أو إكراها‪ .‬ومن هذا املنطلق‪ ،‬فإننا نلفي العوملة ال تول اهتماما للحدود اليت‬

‫‪ -1‬زكريا بشري إمام‪ :‬يف مواجهة العوملة ‪.‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،2000،‬ج‪1،‬ص‪4‬‬


‫‪ -2‬ينظر‪ :‬صاحل بلعيد‪ .‬حماضرات يف قضايا اللغة العربية ‪.‬مطبوعات جامعة قسنطينة‪ ،‬ص‪324‬‬

‫‪3‬‬
‫مدخـ ـ ــل‬
‫تصنع تلك اخلصوصيات‪ ،‬وجلها حدود ترهتن إىل مقومات اهلوية اليت جتليها أبعاد املقدس والدين‬
‫والعرف والتقاليد والعادات واللغة‪.‬‬
‫ووفق هذا املأخذ من الغاية‪ ،‬تتبدى لنا طبيعة التنازع احلاصل واملستمر بني احلضارات‪ ،‬حتت‬
‫طائل مربرات حقيقية وأخرى ومهية‪ ،‬فجعل بعضهم منها صراعا واآلخر ع ّدها حوارا‪ ،‬فخاض كالمها‬
‫يف تكشف القرائن والعوامل الثقافية واحلضارية اليت ميكن حتريكها واالستثمار يف خصائصها باالعتماد‬
‫على التقاطعات والتشاكالت اليت تؤديها من جانب‪ ،‬والنزوع إىل إقصاء القناعات والقيم اليت تؤول‬
‫إىل إحداث االختالف والفارق‪ ،‬فمفهوم الصراع واالحتدام مل يكن حمددا وواضح املعامل حىت يف‬
‫تصور مؤسسه السياسي األمريكي "صامويل هنتنجتون" عرب نظرية صراع احلضارات‪ ،‬اليت تعلن أن‬
‫الصراع بعد احلرب البارد لن يقتصر على اخلاصية السياسية واإلديوجلية وإمنا سيشمل كل مقوم‬
‫حضاري بني األمم‪ ،‬ردا على الطرح الذي جاء به فرانسيس فوكوياما اليت استشرف إىل سيادة‬
‫الدميقراطية الليربالية للعامل‪.‬‬
‫وعرب هذا املنطلق‪ ،‬فإن اللغة باعتبارها ظاهرة اجتماعية ووعاء فكريا‪ ،‬وأداة لتناقل احملموالت‬
‫الداللية اليت تفيد التواصل والتعبري‪ ،‬ستشكل هدفا ترومه العوملة‪ ،‬من خالل تعريته من خصيصتها‬
‫اللسانية والنظام التلفظي الذي يتعانق مع الكينونة القومية‪ ،‬والدفع هبا إىل مجلة املقاربات اليت جتعلها‬
‫منسجمة ومتناغمة شكال وتعبريا مع اللغة املهيمنة اليت تتوخاها العوملة‪ ،‬باالرهتان إىل ما تقدمه‬
‫املدارس اللسانية والفلسفية من تصورات تصب يف ذات املنحى‪ ،‬على غرار ما أسست له التوجهات‬
‫الفلسفة التحليلية ومدرسة أكسفورد اليت انتصرت إىل لغة االستعمال واللغة العادية‪ ،‬وكذا البنوية‬
‫الثانية لرائدها تشومسكي‪.‬‬
‫ويف ضوء هذا التحول الذي مس موضوع اللغة‪ ،‬بدأت تربز مالمح التأثري اليت طالت احلقول‬
‫املعرفية األخرى اليت تعضد لكافة أشكال املمارسة اللغوية يتصدرها الفعل الرتمجي‪ ،‬الذي ستزداد‬
‫مهمته تعقيدا‪ ،‬خباصة وأنه حقل لغوي إجرائي يُسلّم مببدئية االشتغال على اللغة يف احلفاظ على‬
‫طبيعتها وخصوصيتها شكال وتعبريا من وإىل اللغات األخرى‪ ،‬وأن أكرب مهومه تنصب يف إجياد السبل‬
‫واملناويل األنسب يف حتقيق هذه الغاية اجلوهرية‪ .‬ومن هنا‪ ،‬سنقف على طبيعة التعارض الذي سيصنع‬
‫مشهدية التقارب كما التنافر بني أهداف ومرامي الرتمجة‪ ،‬وما تتوجسه العوملة من ذات الغاية‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫مدخـ ـ ــل‬
‫الترجمة من حدود االشتغال إلى مستغرق التماهي‬
‫ال جدال أن العوملة‪ ،‬بإعالهنا هنج التعميم وصهر التمايزات يف األمنوذج األوحد‪ ،‬حيث‬
‫اختصرت الزمن‪ ،‬وألغت املسافة والبعد اجلعرايف‪ ،‬وقوضت من حضور املكان وخصوصيته‪ ،‬وأقصت‬
‫التعدد يف كل جتلياته‪ ،‬فإهنا بذلك ستُلز إىل تشويه العالقة احلضارية والبعد اهلويايت الذي يؤديه األنا‬
‫واآلخر‪ ،‬وذلك عرب تعزيز تشويه التعددية اللغوية اليت تنطوي على اخلصوصية الثقافية‪ ،‬معاكسة‬
‫للمعسى الذي تطاوله حقول الرتمجة حيث يتم حتقيق االحرتام املتبادل بني األنا واآلخر‪ ،‬ذلك أن‬
‫عملية التقريب يف ما بني اللغات اليت تتوخاها الرتمجة تتساوق مع خدمة الرتمجة ذاهتا‪ ،‬لكوهنا تشتغل‬
‫على تكشف مضامني احلموالت الداللية اللغات وتبياهنا‪ ،‬كما جندها تؤسس بالفعل ذاته إىل قاعدة‬
‫عدم العبث يف خصوصية الأللسن و جمانبة حماذير اخلوض يف االختالف احلاصل بني اللغات‪،‬‬
‫فليست الرتمجة خلقا للقرابة فحسب‪ ،‬وإمنا هي أيضا تكريس للغرابة‪ ،‬إهنا ليست وصال فحسب‪ ،‬وإمنا‬
‫هي انفصال وابتعاد كذلك‪ ،‬إهنا تقريب الذات من اآلخر‪ ،‬لكنها أيضا فصل بينهما‪ ،‬فاملسافة بني‬
‫الذات واآلخر ال ميكن أن تلغى هنائيا‪ ،‬إذ أهنا لو ألغيت ملا ظل هناك ال أنا وال اآلخر‪).‬‬
‫‪1‬‬

‫إن التجاذب والتشافع الذي تؤديه ثنائية األنا واآلخر والتفتت والذوبان يف الذات يف اآلخر‬
‫ينبثق عنها ما يصطلح عليه بالتمركز العرقي "‪ "Ethnocentrisme‬يعىن بإرجاع كل شيء إىل الثقافة‬
‫اخلاصة باملرتجم وإىل معايريها وقيمها واعتبار اخلارج عن إطار هذه األخرية –أي التغريب‪ -‬سلبيا‪،‬‬
‫يتعني أن يكون ملحقا ومهيأ للمسامهة يف إغناء هذه الثقافة" ‪ ،‬فالغريب‪ ،‬هنا هي هيوىل حتيط‬
‫‪2‬‬

‫باملرتجم قد ينغمس يف فلكها وفضائها تارة‪ ،‬وخيرج عنها تارات أخرى ‪ ،‬ليعيش بذلك حالة من‬
‫التنازع مع الذات‪ ،‬التنازع الذي تؤديه وضعيات االنغماس يف عوامل اللغة املصدر ‪ ،‬ووضعيات العودة‬
‫إىل األنا‪.‬‬
‫ومن هنا‪ ،‬فإن حماذير التغريب تتبدى حاضرة‪ ،‬حيث تتدخل مكنة املرتجم يف اختيار فواصل‬
‫االنعزال‪ ،‬ومدى اتقتداره على توظيف األدوات الفكرية الواعية‪ ،‬اليت تتيح له إمكانية املراوحة بني‬
‫بعدي األنا واآلخر‪ ،‬وجتعله قادرا على محاية مؤديات ألفاظ وصيغ ومصطلحات األنا واحلفاظ على‬
‫محولتها الداللية وتشكالهتا املعنوية وفق األسيقة اليت حتكمها بعيدا عن احملاذير احمليطة‪ .‬ومن هنا فإن‬

‫‪ -1‬عبد السالم بنعبد العال ‪:‬الرتمجة أداة للتحديث جملة فكر ونقد‪ ،‬عدد‪ 79.‬املغرب‪ ،‬ص‪34.‬‬
‫‪ -1‬أنطوان برمان‪ ،‬الرتمجة واحلرف أو مقام البعد‪ ،‬ترمجة وتقدمي عز الدين اخلطايب‪ ،‬ط‪ ،1‬بريوت‪ ،‬املنظمة العربية للرتمجة ‪2010‬‬
‫ص ‪48‬‬

‫‪5‬‬
‫مدخـ ـ ــل‬
‫الذود خبطاب األنا من التفريغ والتغريب يقتضي أن نتجاوز الفضاء اللغوي واجلغرايف الذايت إىل فضاء‬
‫اآلخر الذي ينتنج تلك املصطلحات وذلك برتمجة املطبوعات الورقية واإللكرتونية والندوات وبرامج‬
‫القنوات الفضائية اليت تتكفل بالرد على مصطلحات التشويه والتغريب‪ ،‬وكلما تعددت لغات الرتمجة‬
‫ازداد احنسار تلك املصطلحات‪ ،‬وضعف تأثريها‪ ،‬وفرتت حرارهتا اإلعالمية‪ ،‬وال خيفى أن جناح‬
‫خطاب الرتمجة املضاد لتلك املصطلحات يف احليز الثقايف واالجتماعي لآلخر يسهم يف إسقاط‬
‫املصطلح يف عقر داره‪ ،‬إذ أن اآلخر ال حياول تصدير مصطلحاته إال بعد تسويقها يف حميطه الثقايف‬
‫واالجتماعي‪.‬‬
‫وضمن ذات املسلك من التوصيف‪ ،‬جيدر بنا أن نشري إىل أن الواقع املعاش اليوم مبا يشهده من‬
‫حتول كبري يف عامل التناقل الثقايف والفكري‪ ،‬بفعل التطور الكبري لوسائل االتصال جتاوز تلك البصرية‬
‫اليت كانت تؤديها املخطوطات واملدونات‪ ،‬وأضحى أمام رخم هائل من الروافد اإللكرتونية يف وترية‬
‫زمنية متسارعة‪ ،‬فارضا حلضوره عنوة‪ ،‬وأصبحت فكرة وجود تنوع ثقايف داخل جمتمع واحد مشرعنة‬
‫من منطلق واقع احلال‪ .‬ومن هنا‪ ،‬بات مطلب اإلملام بلغة أو لغات اآلخر‪ ،‬ضرورة ملحة‪ ،‬باعتبارها‬
‫املسلك األوحد‪ ،‬الستقبال ومعرفة وإدراك ثقافته‪ ،‬وتكشف مقصديات خطابه الظاهري واملضمر‪.‬‬
‫ذلك أنه ال مكان اليوم ملتلقي مرتدد أومسترت أو منكمش‪ ،‬وينبغي أال تنفر املنظومة الثقافية من كل‬
‫قادم جديد قبل معاينته والوقوف على ماهيته‪ ،‬إذ أن الرفض املسبق يكشف عن رغبة باالنكماش أو‬
‫االنغالق الذي يفضي إىل الضمور الثقايف والتقهقر احلضاري‪ ،‬كما أن الرتحيب بكل ما هو قادم من‬
‫فكر وممارسة يعد أكثر خطرا من االنغالق‪ ،‬ألنه قد يفضي إىل االغرتاب والذوبان يف اآلخر‪ .‬لذا فإن‬
‫موقف املنظومة الثقافية من النصوص املرتمجة يقتضي وجود آلية مقارنة دائمة بني منظومة القيم‬
‫القائمة فعال ومنظومة القيم الوافدة اليت ال ينبغي أن تكون‪.‬‬
‫ومن هنا‪ ،‬فإن الرتمجة اليت تعد حقال فنيا وأدبيا ولغويا‪ ،‬ينهض على آلياته اإلجرائية ومناهجه‬
‫البحثية‪ ،‬اليت ُح ّددت من خالل طبيعة املوضوع واالشتغال‪ ،‬جتد نفسها اليوم أمام أكثر من حتدي‪،‬‬
‫بدءا بالدور املنوط هبا الذي جتاوز إسداء خدمة نقل املعارف والعلوم من لغة إىل أخرى‪ ،‬بغاية التعرف‬
‫على اآلخر‪ ،‬وحتولت إىل أداة جماهبة ومقارعة‪ ،‬لغربلة ما حيتويه اآلخر وتصفيه ما يقدمه مبا يتوافق مع‬
‫خصوصية األنا‪ ،‬ومبا يتساوق مع وظيفتها يف النقل األمني واحلفاظ على اخلصوصية‪ .‬وعليه‪ ،‬فهي‬
‫مدعوة أكثر من أي وقت مضى يف توفري العدد اإلجرائية اجلديدة واملتجددة يف ضوء املتغري الذي‬

‫‪6‬‬
‫مدخـ ـ ــل‬
‫تفرضه العوملة ‪-‬املتوحشة‪ -‬خباصة‪ ،‬وأالّ تقف عند حدود املناويل التقليدية أو احلدود الضابطة الذي‬
‫يلزمها هبا اإلجراء الرتمجي‪.‬‬
‫وضمن هذا املعطى‪ ،‬فإن الرتمجة تؤدي صدارة احلضور يف مسوؤلية توجيه اخلطاب الرافد الذي‬
‫تبسطه العوملة‪ ،‬ومن مثة فإن املهمة املوكلة على الرتمجة اليوم تعدت ملمحها الفين واألكادميي لتقفز‬
‫إىل مرتبة الرتشيد والقيادة يف هتذيب خطاب العوملة الذي يفضي إىل خلق ثقافة التشكيك يف ثوابت‬
‫اخلطاب الوطين والقومي والديين‪ ،‬وإىل شعور بالنفور من االنتماء للذات وازدواجية يف اهلوية‪،‬‬
‫فاإلنسان يشعر باالطمئنان والسالم الداخلي مهما تعددت واختلفت املكانات االجتماعية‪ ،‬ألنه‬
‫واثق من نفسه‪ ،‬ومعرتف به من طرف احمليط املادي واالجتماعي والثقايف احمللي واإلقليمي والدول‪.‬‬
‫"حني تشعر اجملتمعات بان خطرا يتهدد هويتها الثقافية والسياسية‪ ،‬فإهنا تنهض للدفاع عن لغتها‬
‫وتنشط للحفاظ عليها واالهتمام بإحيائها‪"1‬‬
‫ومما ال شك فيه‪ ،‬أن منظومة القيم االجتماعية تتسم بالثبات والتقديس‪ ،‬وخيضع سلوك األفراد‬
‫املرتبط بتلك القيم إىل عمليات مراقبة ومتابعة وتقييم من قبل عامة الناس واملؤسسات الرمسية واألهلية‬
‫وكذلك من النظام األسري‪ ،‬فإذا خالف سلوك ما منظومة القيم‪ ،‬أو ابتعدت مقولة فكرية عن الثوابت‬
‫أو ظهر خطاب يغرد خارج السرب الثقايف فإن تلك املخالفة ستفضي إىل النقد والرفض والتشهري‪،‬‬
‫وذلك أن كل جديد أو غريب أو دخيل حياول أن يغري أو يؤثر يف املوروث الثقايف أو املعتقد الديين أو‬
‫الثوابت االجتماعية‪ ،‬يستنهض مقومات اهلوية الثقافية وينظر إليه بالشك والريبة والرتقب‪ ).‬لذا وجب‬
‫‪2‬‬

‫التعامل مع النص املرتجم حبذر شديد؛ مراعني يف ذلك قيمنا االجتماعية وثقافتنا الوطنية‪.‬‬
‫ولو جنحت العوملة يف إذابة الثقافات الوطنية وإلغاء اخلصوصية انطالقا من جناحها يف تسويق‬
‫النصوص املرتمجة املنتخبة قد يفضي إىل عزل اللغات عن مركز املعادلة الدولية‪ ،‬ألدى بالضرورة إىل‬
‫تغريب اجملتمع املستهدف عن خمزونه الرتاثي وجذور تارخيه ومعامل هويته‪ ،‬وقد حيدث هذا ألي جمتمع‬
‫جتتاحه أعاصري سياسية ونكبات اجتماعية‪ .‬وال ريب أن هذا النجاح‪ ،‬يف إذابة الثقافة الوطنية تشرتك‬
‫فيه جهات سياسية ذات سلطة قرار نافذ يف بسط أمناط اجتماعية بالقوة‪ ،‬واهليمنة على الفكر‬
‫الرتبوي‪.‬‬

‫‪ -1‬كلري كرامش‪ ،‬اللغة والثقافة‪ ،‬ترمجة أمحد الشيمي‪ ،‬وزارة الثقافة والفنون‪ ،‬والرتاث‪ ،‬قطر‪ ،‬الطبعة العربية األوىل ‪ ، 2010‬ص‪126.‬‬
‫‪ -2‬ينظر‪ :‬ناصر مها خري بك‪ :‬اللغة العربية والعوملة يف ضوء النحو العريب واملنطق الرياضي ‪.‬جملة الرتاث العريب ‪ -‬جملة فصلية‬
‫تصدر عن احتاد الكتاب العرب ‪-‬دمشق العدد‪ .102‬نيسان ‪ .2006‬ص‪99‬‬

‫‪7‬‬
‫مدخـ ـ ــل‬
‫وللعلم فإ ّن حالة التغريب تستمر فرتة زمنية قد تطول أو تقصر‪ ،‬فهي ال تدوم إىل األبد‪ ،‬إذ‬
‫ينشأ جيل مشبع بالضجر واالحتقان والكراهية للوضع السائد‪ ،‬خصوصا يف عصر الوعي بالراهن‬
‫املعاش‪ ،‬يتلوه جيل يثور على احلالة ذاهتا‪ ،‬فيقوم بالثأر لرتاثه وتارخيه وهويته‪ ،‬ولو كلفه هذا التحول‬
‫تغيريا سياسيا أو مواجهة مع أطراف خارجية‪ ،‬لنالحظ ما يقع يف فلسطني يوميا‪ ،‬أصبح يُطلق عليه‬
‫سياسيا باالنتفاضة أو حركة العودة‪ ،‬وهي يف البداية عبارة عن خاليا فكرية وجيوب ثقافية تدافع عن‬
‫هويتها‪).‬‬ ‫‪1‬‬

‫الترجمة الدبلوماسية بين إجرائية الفعل الترجمي ورهانات العولمة‬


‫إ ّن ترمجة الدبلوماسي تقوم على عملية نقل النص من اللغة املصدر إىل لغة اهلدف‪ ،‬وبالتال‬
‫يكون مصحوبا مبوقفه الدبلوماسي؛ ألن اختيار النص املرتجم ذاته يكون مرتبطا بأجندة سياسية‪ ،‬هلا‬
‫أهدفها املبطنة‪ ،‬وهنا تتدخل الدبلوماسية لبلورة أي فكرة مؤدجلة ختص مؤسسة من مؤسسات العوملة‪،‬‬
‫ألهنا تقوم باإلشراف على دور النشر‪ ،‬وعلى اجلمعيات واملنظمات غري احلكومية‪ ،‬بل حىت على‬
‫توجهات بعض الدول‪ ،‬اليت تسري يف ركب العوملة دون أن تتفطن إىل ذلك‪.‬‬

‫ويف السياق نفسه‪ ،‬قد تلجأ بعض مؤسسات العوملة إىل تسويق النصوص األكثر تأثريا عرب‬
‫وسائل إعالمية‪ ،‬وذلك مبا يتناسب مع توجهاهتا‪ .‬وهذا ما مل يتقبله بعض املعارضني الذين حياولون‬
‫احلفاظ على الرتاث ومقومات األصالة‪ ،‬من خالل ترمجة النصوص املختارة بعناية اليت جتسد جانيا من‬
‫البناء الثقايف تراثا وأصالة‪ ،‬رافضني أي وجه من أوجه التغريب‪.‬‬
‫وللتوضيح أكثر‪ ،‬فإننا جنزم بالقول‪ :‬بأن املهارة اللغوية غري كافية وال تؤهل املرتجم للخوض يف‬
‫حتديات العوملة‪ ،‬ذلك أ ّن املرتجم يصطدم ببعض املصطلحات املرتمجة؛ اليت تسهم يف إثبات الوجود‬
‫الفعلي هلويات متعددة؛ قد تفسح اجملال أمام بروز هوية نشاز‪ ،‬مثل ما هي عليه اهلوية الصهيونية‬

‫‪ -1‬ينظر‪ :‬ناصر مها خري بك ‪:‬اللغة العربية والعوملة يف ضوء النحو العريب واملنطق الرياضي ‪.‬جملة الرتاث العريب ‪ -‬جملة فصلية‬
‫تصدر عن احتاد الكتاب العرب ‪-‬دمشق العدد‪ .102‬نيسان ‪ .2006‬ص‪115‬‬

‫‪8‬‬
‫مدخـ ـ ــل‬

‫داخل هويات عربية إسالمية متعددة‪ ،‬ذلك ألن هذا النشاز الظامل‪ ،‬ال عالقة هلا بواقع احلال‪.‬‬
‫وباألخص أل ّن اهلوية العربية أصيلة وضاربة جذورها يف عمق التاريخ‪.‬‬
‫ولعل أوضح مثال على ذلك‪ ،‬ما نعانيه يف تعامل السياسات الدولية مع بروز مصطلح مشروع‬
‫الشرق األوسط اجلديد الذي يدعو صراحة( إىل ثورة يف املفاهيم لتحقيق مشروعه اخلفي‪ ،‬وما الثورة‬
‫باملفاهيم إال اإلتيان على مفاهيم األمة العربية والوحدة العربية والثقافة العربية وتأكيد النشاز التارخيي‬
‫"إلسرائيل‪ ).‬احملتلة لألراضي العربية‪.‬‬‫‪1‬‬

‫وعليه فإ ّن الصراع بني العوملة واخلصوصية الثقافية يتأتى يف ثالثة أمور أساسية هي‪:‬‬
‫‪ -‬أوال ‪ :‬جناح العوملة يف إذابة اخلصوصية الثقافية‪ ،‬والقضاء على الذاتية ( األنا )‪ ،‬من خالل‬
‫خلق منظومة قيم إنسانية مشرتكة‪ ،‬ومنط تفكري مستمد من سياسات عليا للدول‬
‫االستعمارية املسيطرة واملروجة للعوملة‪ ،‬وكل ذلك يف ضوء دبلوماسية موجهة للعمل الرتمجي‪.‬‬
‫‪ -‬وثانيا‪ :‬جناح هذه اخلصوصية الثقافية يف صد تيار التغريب العوملي‪ ،‬ويف هذا يتحقق اهلدف‬
‫األمسى للثقافات الوطنية‪.‬‬
‫‪ -‬وثالثا‪ :‬جناح العوملة يف خلق خاليا فكرية ومتزيق البىن االجتماعية والثقافية يف جمتمع ما‪.‬‬
‫إن الرتمجة دون منازع؛ هي وسيلة وأداة رئيسة للعمل الدبلوماسي الذي يسهر على تنظيم‬
‫العالقات بني الدول واملنظمات الدولية‪ ،‬هبدف خدمة املصاحل العليا‪ ،‬والسياسات العامة‪ ،‬وللتوثيق‬
‫بني مصاحل الدول بواسطة االتصال والتبادل وإجراء املفاوضات السياسية وعقد االتفاقات واملعاهدات‬
‫الدولية‪ .‬فبالرتمجة تعمم هذه العملية‪ .‬األمر الذي يعىن أهنا (لتعزيز العالقات بني الدول وتطورها يف‬
‫اجملاالت املختلفة وبالدفاع عن مصاحل وأشخاص رعاياها يف اخلارج ومتثيل احلكومات يف املناسبات‬
‫واألحداث‪ ،‬كما وأن الرتمجة‪ ،‬يف زمن العوملة جتعل العملية تؤدي إىل مجع املعلومات عن أحوال الدول‬
‫واجلماعات اخلارجية‪ ،‬وتقييم مواقف احلكومات واجلماعات إزاء قضايا راهنة‪ ،‬أو تصري عبارة عن ردة‬
‫‪2‬‬
‫فعل حمتملة‪ ،‬حنو مواقف معينة‪).‬‬

‫‪ -1‬ينظر أمحد برقاوي‪ .‬األساس القومي لألمن الثقايف العريب ‪.‬جملة الفكر السياسي العدد الثامن السنة الثالثة شتاء ‪،2000‬‬
‫ص‪84‬‬
‫‪ -2‬ينظر‪ :‬د‪ .‬مسوحي فوق العادة‪ ،‬الدبلوماسية احلديثة‪ ،‬م‪.‬س ‪ /‬ص‪166‬‬

‫‪9‬‬
‫مدخـ ـ ــل‬
‫أما خبصوص النص املرتجم‪ ،‬فنجد رأيني؛ األول حيرص على ترمجة النصوص بشكل يتوافق‬
‫وينسجم مع الفضاء الثقايف واالجتماعي الدبلوماسي ومنظومته الفكرية‪ .‬والثان حيرص على ترمجة‬
‫النصوص املمانعة لفضاء العوملة العام؛ أي يعارضها‪ .‬وهذا راجع إىل اإليديولوجية الفكرية للمرتجم أو‬
‫التكوين اإليديولوجي له‪ .‬فثقافة وخلفية املرتجم اللغوية واأللسنية تتحكم يف رؤيته الدبلوماسية‬
‫للمواقف اإلنسانية‪.‬‬
‫إن املصطلح ‪ le terme‬ضمن النص السياسي املرتجم‪ ،‬رهني املناخ السياسي الدبلوماسي‪،‬‬
‫جيسد املعان السياسية والثقافية لكل أمة على حدا‪ ،‬وحينما يطرأ تغري يف داللته فإن ذلك التغري قد‬
‫يكشف عن هبوط يف مستوى االستحقاقات السياسية‪ .‬فهذا التغري التدرجيي للمصطلح‪ ،‬خيدم أهدافا‬
‫ثقافية وسياسية هلا عالقة باالستعمار‪ ،‬وهذا من أهم التحديات اليت تعاجلها الرتمجة يف ظل العوملة‪،‬‬
‫املصاحبة للدبلوماسية‪ ،‬فاملصطلح يبدأ بلفظ حمدد يستمر زمنا حمددا‪ ،‬مث يتحول إىل لفظ آخر بعد أن‬
‫يكون اللفظ األول قد استقر يف اخلطاب اإلعالمي‪.‬‬
‫إ ّن مصطلح الدبلوماسية حيمل مفهوما أعمق من كوهنا دالة على ذلك الشخص املبعوث من‬
‫دولته إىل دولة أخرى‪ ،‬فجوهرها يكمن يف الصفات اليت يتحلى هبا الدبلوماسي من هنج‪ ،‬ولباقة‪،‬‬
‫وكياسة‪ ،‬وفطنة ودهاء يف معاجلة القضايا السياسية بني البلدين؛ حبيث يقال‪( :‬إن هذه املعضلة الدولية‬
‫مفتقرة إىل حل دبلوماسي‪ .‬كما وقد تُستعمل لإلشارة إىل التاريخ الدبلوماسي لدولة من الدول أو‬
‫لفرتة زمنية أو مبعىن ضيق كصفة لبعض املصطلحات مثل املراسالت الدبلوماسية واحلصانات‬
‫واالمتيازات الدبلوماسية‪ ،‬وقد نشري لالسرتاتيجية‪ ،‬وللسياسة الدولية وللعالقات املتعلقة بالسياسة‬
‫اخلارجية‪ ،‬وللمفاوضة‪ ،‬والتمثيل واالتفاق ورعاية املصاحل‪ ،‬ولعل هذا املعىن قد يتجاوب مع املعىن‬
‫األصلي هلذه للفظة اليت تطلق عادة ويراد هبا الدبلوماسية‪ ،‬أي اإلجراء املنظم للعالقات بني مجاعة‬
‫ُ‬
‫بشرية معينة‪ ،‬ومجاعة بشرية أخرى أجنبية عنها‪ 1).‬ضمن ما يرمسه التشوف النفعي واالستشرايف لكل‬
‫مجاعة‪.‬‬
‫وملا كان العمل الدبلوماسي يتم وفق ضوابط معينة متتثل إىل أحكام وسنن األسيقة السياسية‪،‬‬
‫وال تعتد بالثابت‪ ،‬فإن جممل النصوص واخلطابات اليت تتم ضمنها‪ ،‬تعرض إىل أحكام التلفظ بكالم‬
‫حلظي وآن‪ ،‬يراعى فيه تزامن احملكي واملرتجم؛ ليس فقط على مستوى التلفظ‪ ،‬وإمنا أيضا اإلشارات‬

‫‪-1‬د‪.‬مسوحي فوق العادة الدبلوماسية والربوتوكول‪.‬م‪.‬س‪ .‬ص‪18‬‬

‫‪10‬‬
‫مدخـ ـ ــل‬

‫واإلمياءات وكل ذلك يتم يف وقت واحد‪ ،‬فإذا كان الدبلوماسي غري مقيد باألعراف والطقوس‬
‫الدبلوماسية‪ ،‬فإن املرتجم ملزم مبراعاهتا؛ ألن العملية الرتمجية مضبوطة ومقيدة بضرورات دبلوماسية؛‬
‫خاضعة حلسابات سياسية دقيقة‪ ،‬مرتبطة بالدول وأوضاعها بشكل مباشر‪ ،‬ومرتبطة أيضا باخلطاب‬
‫الدبلوماسي من حيث احلوار‪ ،‬واللغة‪ ،‬والكاتب‪ ،‬والنص املنتج‪ ،‬واملتلقي املستهدف؛ أي بعناصر‬
‫العملية التواصلية ككل‪ .‬لذا جيب ان تكون عملية الكتابة الرتمجية دقيقة يف كل تفاصيلها‪.‬‬
‫وعرب ذات املعطى ‪ ،‬فإن املرتمجة الذي توكل إليه مهام الرتمجة الدبلوماسية‪ ،‬ينبغي أال يغيب‬
‫عن أذهاننا‪ ،‬أنه سفريٌ ‪ Ambassador‬وعليه أن يكون عاملاً بالثقافة االجتماعية اليت تغطيها اللغة‪،‬‬
‫ألن اللغة ترمجان للفكر‪ ،‬فال يكفي يف الرتمجان الدبلوماسي الثنائية اللغوية لتأدية مهام حتويل املقاصد‬
‫السياسية ونقله؛ أي أن يكون ثنائي الثقافة كذلك؛ ألنه يف حالة غياب الكفاية الثقافية قد حيدث‬
‫إخالال وتصدعا ال يقف عند حدود سوء التعبري‪ ،‬وقد يقع املرتجم يف فخ ما يسميه ستيفان أملان‬
‫بفخ خماتلة اللغة فيزل يف تأويل املعىن وقد يرتتب على ذلك عواقب غري حممودة يف العادة‪ 1،‬وندلل‬
‫لذلك يف التاريخ املعاصر مبا حدث الواليات املتحدة اليت أجهزت على مدينة ناجازاكي وهريوشيما‬
‫‪métaphore culturelle‬‬ ‫بسبب ترمجان فوري عدل باملعىن موظفا ألنساق خطابية استعارية ثقافية‬
‫غري مالئمة ‪.‬‬

‫منظم‪ ،‬غري منوط‬


‫موسوعي ٌ‬
‫ي‬ ‫مثقف‪ ،‬يف حمموالته هر ٌج‬
‫رجل ٌ‬‫إذن‪ ،‬فاملرتجم (املؤول) الدبلوماسي ٌ‬
‫به توظيف تلك احملموالت بكل طاقاهتا ومؤدياهتا يف موقف و ٍ‬
‫احد‪ ،‬بقدر ما هو معىن حبسن استغالل‬
‫مكنته وبراعته حبسب السياق والظروف املصاحبة‪ ،‬ويقتضي ذلك أن يكون عاملاً باللغة األصلية واللغة‬
‫الثانية بوصفهما مؤسستني ثقافيتني قبل أن يكونا لغيت تواصل؛ فالثقافة‪ ،‬يف هذا املقام الدبلوماسي‪،‬‬
‫المكون األساس ‪ Principles Component‬الذي حيمل املقاصد السياسية يف الوحدات‬
‫ّ‬ ‫هي‬

‫‪- 1‬د‪ .‬نسيمة أزرو‪ ،‬الكفاءة النفسية املعرفية وأثرها على األداء اللفظي للمرتجم يف احلقل الدبلوماسي‪ ،‬جملة دفاتر الرتمجة‪ ،‬جامعة اجلزائر‪ ،2‬معهد الرتمجة‪،‬‬
‫اجمللد‪/25‬العدد‪ ،1‬ماي‪ ،22‬ص‪.244‬‬

‫‪11‬‬
‫مدخـ ـ ــل‬

‫اللغوية الرتكيبية‪ .‬إن ثقفنة اخلطاب وتعدديته وانفتاحه الدميقراطي املكثّف‪ ،‬إن صح هذا التعبريُ‪،‬‬
‫يشكل حضوراً يف حصد اجلوائز الدبلوماسية وحتقيق نقالت سياسية ناجعة‪.‬‬

‫مزدو ُج اللغة‪ ،‬ينهض على‬


‫خطاب َ‬
‫ٌ‬ ‫إن النص أو اخلطاب الذي يؤديه املرتجم الدبلوماسي‪ ،‬هو‬
‫بالغةً يتوجب إيصاهلا باملعىن السياسي املؤول فورياً إىل منتهاه‪ ،‬مبراعاه‪ ،‬أصلي املصلحة‪ /‬املفسدة‪،‬‬
‫تغري‬
‫هبدف التأثري يف أرضية التلقي وخلق بيئة بالغية ترقى بالنص املرتجم إىل معاهدات ومفاوضات ّ‬
‫جمرى التأريخ من احلسن إىل األحسن‪.‬‬

‫أحسن‬
‫َ‬ ‫من هذا املنظور‪ ،‬يسعى الرتمجان الدبلوماسي‪ ،‬إىل استخدام طاقات اللغة‪ ،‬حبيث إذا‬
‫صُّرفَ َها‪ ،‬مكنته من توفري لنفسه مساحةً كبريةً يف إنتاجية اللغة إجنازاً وترمجةً‪ ،‬كما توفر له اقتصاداً‬
‫تَ َ‬
‫لغوياً يف ضوء ثنائية اإلجياز واإلطناب‪ ،‬وقد فسرت البالغة‪ ،‬من هذه الوجهة التداولية‪ ،‬بوصفها تأدية‬
‫ب مع مراعاة مقتضى احلال واملخاطبني‪،‬‬ ‫أثر َخالَّ ٌ‬
‫املعىن اجلليل يف عبارة فصيحة بليغة هلا يف النفس ٌ‬
‫وعليه خنلص إىل أن المؤول الدبلوماسي ‪ Interperter diplomate‬براديغم ُمك َّو ٌن من حقول‬
‫من املعارف اللغوية والثقافية والسياسية ميتا ختصصية‪ ،‬نظراً للمهام املتنوعة ليس اليت يؤديها فحسب‬

‫اجأُ هبا أثناء األداء الفوري وهو ٌ‬


‫ملزم أن يكون على كفاية معرفية حللها واقرتاح إجابات‬ ‫وإمنا اليت يُ َف َ‬
‫منرية‪.‬‬

‫اليت يقوم هبا‬ ‫‪Translation‬‬ ‫ويف ضوء هذا املقرتب‪ ،‬ينبغي أن نفرق بني عملية الرتمجة‬
‫مرتجم النصوص األدبية األدبية ‪ Literary translator‬الذي يشتغل على ثبوتية النص وبني عملية‬
‫التأويل الفوري للنص الدبلوماسي من لغة إىل لغة ثانية فورياً وآنياً يؤديها المؤول ‪ Interpreter‬يف‬
‫وضيق من عدة زوايا‪ ،‬تتصدرها مسلمة أن اخلطأ غري‬
‫ِج ٌ‬ ‫احملافل الدولية‪ ،‬حيث يكون مدار اشتغاله َحر ٌ‬
‫املسموح به‪ ،‬وضغوط العوامل النفسية اليت تضع الرتمجان أو املؤول أمام حتديات لغوية‪ ،‬سياسية‪،‬‬

‫‪12‬‬
‫مدخـ ـ ــل‬

‫اقتصادية وغريها من التحديات اليت جتعل منه حلقة مفصلية‪ ،‬يف حتديد مسالك النص السياسي‬
‫مطالب برتكيز متناهي الدقة‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫املقصدية‪ ،‬كل ذلك حيدث يف برهة زمنية أسرع من ارتداد الطرف‪ ،‬فهو‬
‫املعريف احلافل باملفاهيم واملهول بالرتاكمات السياسية الفلسفية الذي حياول أن‬
‫ويف هذا السياق ّ‬
‫‪Danica‬‬ ‫ف للباحثة‬‫مفصلةً يف منصنّ ٍ‬
‫يؤصل ملفهوم الرتمجة الفورية الدبلوماسية‪ ،‬نلفي اإلجابةً َّ‬
‫افية ٍ‬
‫بليغة تتجاوز اللغة إىل ما وراء‬ ‫صادح‪ ،‬يرمي إىل تأسيس ترمجة احرت ٍ‬
‫ٍ‬ ‫‪ Seleskovitch‬يف عنوان‬
‫تبني‬
‫اللغة‪ ،‬يف ضوء االفرتاض القاطع بأن الرتمجة الفورية ضمن ثنائية االستماع والقول‪ .‬حيث ُّ‬
‫صوص الفورية الشفهية يقوم بعملية‬ ‫الباحثةُ‪ ،‬على حن ٍو و ٍ‬
‫اضح‪ ،‬أن الرتمجا َن الذي يشتغل على النّ ُ‬
‫ض مبوجب تفكيك شفرة اخلطاب‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫تتمح ُ‬
‫تصورات ‪ّ Concepts‬‬
‫اختزال الوحدات اللغويّة الرتكيبيّة يف ّ‬
‫املكون من صيغتني مها‪ :‬الرتمجة‪ ،‬والشفرة‪،‬‬
‫الدبلوماسي‪ ،‬حبيث جندها توظف مفهوم ‪Transcode‬؛ ّ‬
‫كل)‬
‫لتعين أن الرتمجة الفورية االحرتافية تنحاز حنو مفاهيم أساس تنجذب حنوها األكالل (مجع ّ‬
‫عقد املقاصد‬
‫املقاصدية‪ ،‬هذه الشفرات هي اليت حتوم حوهلا الداللة؛ أي ترمجة الشفرة اليت يتم هبا ُ‬
‫املضمرة الدبلوماسية؛ إذ املسألة ليست قضي نقل الكلمات من اللغة "أ" إىل اللغة "ب"‪ ،‬فرتمجة‬
‫خطاب فوري ال تفيد شيئاً إذا جردته وعرته املؤ َّسسةُ التُّر ُِ‬
‫مجيَّةُ بوصفها أنا عن مؤسسته الفكرية‬ ‫َُ َ‬
‫السياسية بوصفها آخر‪ ،‬هنا‪ ،‬تصبح املسألةُ عالئقيةً ميكن صياغتها يف عبارةٍ ٍ‬
‫ثنائية فلسفية‪ :‬كيف‬
‫آخر؟ مث‬ ‫ِ‬
‫الدبلوماسي بوصفه َ‬
‫َّ‬ ‫اخلطاب‬
‫َ‬ ‫الفوري‬
‫ُّ‬ ‫تصبح األنا الدبلوماسية آخراً؟‪ ،‬كيف حيوي التُر ُمجَا ُن‬

‫خطاب اآلخ ِر مع املؤسسة السياسية اليت ميثلها األنا عرب اللوغوس مبا خيدم مصاحلَ‬ ‫ُ‬ ‫س‬
‫كيف يَتَ َسيَّ ُ‬
‫َ‬
‫البلدين؟‪.‬‬
‫ويوحي فع ُل الرتمجة الفورية بأن ما مييّز ترمجة مصداقية دومنا سواها‪ ،‬هو االنصهار يف أعراف‬
‫اآلخر والثنقف بثقافته دون حد االنصهار والذوبان يف آخريته الذي يولد ضرباً من االستالب‬
‫الفكري‪ ،‬حىت إذا انربينا إىل اخلطاب نرتمجه أعدنا له ثقافته وأفكاره وهي قصد املخاطب يف لغة‬
‫النص غري املفهومة يف لغة مفهومة؛ فالرتمجان أمام حتديات لغوية‬
‫منقول إليها‪ ،‬قوامها إبراز دالالت ّ‬

‫‪13‬‬
‫مدخـ ـ ــل‬
‫تضليلية‪ ،‬حتتم عليه الضرورة السياسية‪ ،‬أن خيلق معىن منسجماً ولو اقتضى ذلك استعمال معىن يوحي‬
‫النص يف تلك الثقافة‪ ،‬وهنا تقول ‪ .Danica Seleskovitch‬تقول‬
‫مبضمون ّ‬
‫‪au- de là des mots puis exprimer un sens déverbalisé. La théorie‬‬
‫‪interprétative qui sous- tend les écrits réunis ici est théorie dans le sens ou‬‬
‫‪elle explique le phénomène de la traduction et révèle, à travers lui, les‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ .‬فالرتمجة هبذا املعىن‪ ،‬هي‬ ‫‪"aspects essentiels du fonctionnement du langage‬‬
‫إعادة إنتاج الداللة والتحكم يف السمعة املقصدية للمتكلم اليت تفك شفرة اخلطاب وتعيد عركه فتنتج‬
‫املتعلقة‬ ‫‪Stephen Ullmann‬‬ ‫وعود إىل إشكالية‬
‫متصوراً داللياً يف قالب لغوي من نوع آخر‪ٌ ،‬‬
‫بالتضليل اللغوي؛ فما مييز مالحظاته أنه عمم التضليل على مجيع أنواع املشاكل اليت حتول دون فهم‬
‫قصد املتكلم‪ ،‬وهذه املشاكل حتضر بكثافة يف ترمجة اخلطاب فورياً خباصة يف اخلطابات والنصوص‬
‫املأدجلة يف حنو اخلطاب السياسي الدبلوماسي‪ ،‬فلنتخيل مجلةً استعاريةً مثل‪ :‬انطلق رئيس اجللسة‬
‫تفهم يف حمفلها الذي‬
‫حيرث املناقشة؛ فما معناها القصدي‪ ،‬هل الغاية منه تضليل املستمع؟ هل ُ‬
‫كييب‪ ،‬ترمجة حرفيةٌ كهذه تزيد االحنراف ح ّدةً وتوتراً وبالتال حتشر املعىن‬
‫قيلت فيه؟‪ .‬فعلى الصعيد الرت ّ‬
‫املعريف‬
‫ِّ‬ ‫ط بالنظر يف السياق‬
‫فمدار الرتمجة هنا‪ ،‬منو ٌ‬
‫يف زاوية معتمة‪ ،‬وهذا ال خيدم الغرض السياسي؛ ُ‬
‫الثقايف الذي يُنَ ِّزُل التُر ُمجَا ُن فيه هذه البُ َىن املص ُفوفَةُ اِستِ َعا ِرياً مما يقتضي كفايةً ‪ Eduquacy‬تتجاوز‬
‫َ‬
‫اللغة‪ ،‬وهي كفاية الثقافة وامتالك ناصية التأويل الدالل بالنظر إىل ما يؤديه اخلطاب السياسي‬
‫بالضرورة‬
‫الدبلوماسي باعتبارها خطابا يتعلق باألفكار واملضامني على حساب األلفاظ‪ ،‬وهذا ال يعين ّ‬
‫الشكل واملضمون‪ ،‬وهو‬
‫إقصاء وإمهال دور األلفاظ‪ ،‬أل ّن التّأثري واإلقناع ال يتحقق ّإال بتكامل ّ‬
‫خطاب مشحون باملعان وال ّدالالت‪ ،‬فهو يعج بالعبارات اللّغوية اليت حتمل يف طياهتا ٍ‬
‫معان مسكوت‬
‫عنها‪.2‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Danica SELESKOVITCH – Marianne LEDERER, Interpréter Pour traduire, Publications De La Sorbonne,‬‬
‫‪Didier Erudition, 3ème Edition- Revue et corrigée, p5‬‬
‫‪ -2‬ينظر‪ :‬راضية بوبكري‪ ،‬اخلطاب السياسي‪ :‬اخلصائص واسرتاتيجيات التّأثري‪ ،‬جملة دراسات وأحباث‪ ،‬جامعة زيان عاشور اجللفة‪،‬‬
‫اجلزائر‪2013 ،‬م‪ ،‬ع‪ ،12 :‬مج‪،5 :‬ص‪،97 :‬‬

‫‪14‬‬
‫مدخـ ـ ــل‬
‫السياسي الدبلوماسي عبارة عن وضع (‪ )Code‬يتألف من شبكة من العناصر‬ ‫إ ّن اخلطاب ّ‬
‫اإلعالمية واإلجرائية اليت تعمل على تربير قوانني وقرارات معينة مت اختاذها يف جمال حمدد‪ .‬وهو ترميز‬
‫إيديولوجي يتخذ من العالمات (‪ )Sémiologie‬أداة بيانية له‪ ،‬باإلضافة إىل كونه يتأسس على ترسانة‬
‫قارة من املفاهيم واالستعماالت الثّقافية ذات االنتماء املرجعي احملدد والواضح‪.1‬‬
‫وما مييزه أيضا هو اختالفه عن غريه من اخلطابات كونه صنيع لغوي غري تلقائي‪ ،‬يتم إعداده‬
‫إعدادا متقنا ليؤثر يف اجلمهور املتلقي –بغض النظر عن طبيعته‪ ،-‬يضاف إىل ذلك أ ّن اخلطاب‬
‫السياسي‪ ،‬هو نص ذو مسات مركبة من اإلحياءات املعنوية هلا أبعادها‪ ،‬ومن مثّ فإ ّن له مميزات تفرقه‬ ‫ّ‬
‫عن غريه من اخلطب داخل اللّغة الواحدة‪ .2‬فكيف نتصور ملمح القبض عليه حني يتم إخضاعه إىل‬
‫أداء حمددة سلفا تراعى فيها أسيقة الكالم وطبيعة احلدث‪ .‬فاحلطاب‬ ‫سنن اللغة الثانية يف ظرفية ٍ‬

‫السياسي والدبلوماسي خباصة هو "جمموعة من اجلمل والعبارات اليت تنتج أفعاال هدفها التّأثري يف‬
‫‪3‬‬
‫الرموز‬
‫ّ‬ ‫استثارة‬ ‫إىل‬ ‫يعمد‬ ‫حبيث‬‫‪،‬‬ ‫املتلقي يف سياق اجتماعي ونفسي‪ ،‬ويف إطار زمين وجغرايف حمددين"‬
‫اللّغوية يف عقول ونفوس املخاطبني وذلك بغرض حتقيق هدفه وهو التّواصل مع األفراد وإقناعهم‬
‫وتوجيههم حنو سلوك معني‪ ،4‬تتوخاه األغراض السياسية واالسرتاتيجية اليت يؤديها ذات اخلطاب‪.‬‬
‫ومن مثة‪ ،‬تنربي الرتمجة إىل عملية النقل والتحويل حمافظة على ذات الغاية‪ ،‬عرب لغة ثانية تنهض على‬

‫‪ -1‬ينظر‪ :‬املنصف وناس‪ ،‬يف سوسيوجلية اخلطاب السياسي االرتكازات النظرية للخطاب السياسي العريب‪ ،‬جملة دراسات عربية‪،‬‬
‫‪ ،1982‬األعداد‪ ،12 -8 :‬ص‪. 31 :‬نقال عن‪ :‬إبرير بشري‪ ،‬مسات التداول يف اخلطاب السياسي خطاب الرئيس بوتفليقة‬
‫مبناسبة جائزة البابطني الثقافية منوذجا‪ ،‬جملة العلوم االجتماعية واالنسانية‪ ،‬جامعة باتنة‪ ،1‬اجلزائر‪2004 ،‬م‪ ،‬ع‪ ،10 :‬مج‪،5 :‬‬
‫ص‪.38 :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Voir: Jean-Jacques, Quelques problèmes théoriques et méthodologiques en analyse du discours, à propos du‬‬
‫‪discours communiste adressé aux chrétiens, In: Langages, Analyse du discours politique, 15 e année, n0 62,‬‬
‫‪1981.Www. Persee. Fr/doc/lgge-0458-726x-1981-num-15-62-1873,p: 65.‬‬
‫‪3‬‬
‫السياسي خطاب ترامب وامللك سلمان أمنوذجا‪ ،‬دار الفارايب‪،‬‬
‫‪ -‬سامي كليب‪ ،‬الرباغماتية (القولفعلية) يف حتليل أفعال اخلطاب ّ‬
‫بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪2017 ،1‬م‪ ،‬ص‪.178 :‬‬
‫‪4‬‬
‫السياسة يف عامل ما بعد ‪ 11‬سبتمرب‪ ،‬دار غريب للطّباعة والنشر والتّوزيع‪ ،‬القاهرة‪( ،‬د ط)‪،‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬حممد حممد داود‪ ،‬اللّغة و ّ‬
‫‪2003‬م‪ ،‬ص‪.26 :‬‬

‫‪15‬‬
‫مدخـ ـ ــل‬
‫منظمومة عالماتية غري األوىل‪ ،‬وعلى سياقات خمالفة تؤديها خصوصية الثقافة واهلوية وتؤطرها جتليات‬
‫البعد الرباغمايت والنفعي‪.‬‬
‫الرتكيب‪ ،‬عميق األثر يف املتلقني‪ ،‬متعدد املستويات‬
‫السياسي خطابا معقد البنية و ّ‬
‫يعترب اخلطاب ّ‬
‫السلطة‬
‫تتداخل فيه جمموعة من ال ّذوات الفاعلة‪ ،‬قصد خلق جو من التّأثري والتّأثر‪ ،‬ويراد به «خطاب ّ‬
‫احلاكمة يف شائع االستخدام‪ ،‬وهو اخلطاب املوجه عن قصد إىل متلق مقصود‪ ،‬بقصد التّأثري فيه‬
‫وإقناعه مبضمون اخلطاب‪ ،‬ويتضمن هذ ااملضمون أفكارا أساسية‪ ،‬أو يكون موضوع هذا اخلطاب‬
‫سياسيا»‪ ،1‬ما جيعله خطابا قصديا يف حماولته التّأثري على املتلقي واستمالته من أجل إقناعه مبضامني‬
‫وأفكار معينة تعترب جوهر اخلطاب املصنوع‪ .‬ما يؤدي ِ‬
‫باملرسل إىل االهتمام باألفكار اليت هي األساس‬
‫السياسي‪ ،‬عالوة على معاجلته قضايا احلياة اليومية‪.‬‬
‫يف اخلطاب ّ‬
‫فبالرغم من كوهنا لغة تواصلية واضحة‬
‫السياسي الدبلوماسي هو لغته التّواصلية ّ‬
‫وما مييز اخلطاب ّ‬
‫ّإال أ ّهنا حتتاج إىل تأمل وإمعان‪ ،‬من أجل فهم ما يتسم به اخلطاب من دالالت ٍ‬
‫ومعان‪ ،‬وذلك راجع‬
‫إىل ما حتتوي عليه هذه اللّغة من ٍ‬
‫معان ضمنية غري مباشرة‪ ،‬جتعل املتلقي يُعمل فكره حىت يصل إىل‬
‫السياق الذي أُلقي فيه اخلطاب‪.‬‬
‫املعىن املراد ويكون ذلك وقفا على ّ‬

‫‪1‬‬
‫السلطوي‪ ،‬تر‪ :‬مصطفى كمال‪ ،‬ضمن بيت احلكمة‪ ،‬ال ّدار البيضاء‪1987 ،‬م‪،‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬غولد شليغر آلن‪ ،‬حنو سيمياء اخلطاب ّ‬
‫السلطة‪ ،‬ص‪ 15 :‬وما بعدها‪ ،‬أفريقيا الشرق‪ ،‬املغرب‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫السنة الثّانية‪،‬ع‪،5 :‬ص‪ .134 :‬عمر أوكان‪ ،‬مدخل لدراسة النّص و ّ‬
‫ّ‬
‫‪1991‬م‪ .‬علي بنشويل القرىن‪ ،‬اخلطاب اإلعالمي العريب‪ ،‬اجمللة املصرية لبحوث اإلعالم‪ ،‬كلية اإلعالم‪ ،‬جامعة القاهرة‪،‬‬
‫‪1997‬م‪،‬ع‪ ،1:‬ص‪ .41 :‬حممود عكاشة‪ ،‬خطاب السلطة اإلعالمي‪ ،‬مكتبة النهضة املصرية‪( ،‬دط)‪2004 ،‬مص‪.4 -3 :‬‬
‫السياسي دراسة لغوية تطبيقية يف ضوء نظرية االتصال‪ ،‬دار النّشر للجامعات‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫نقال عن‪ :‬حممود عكاشة‪ ،‬لغة اخلطاب ّ‬
‫‪2005‬م‪ ،‬ص‪.45 :‬‬

‫‪16‬‬
‫مدخـ ـ ــل‬
‫السياسي‪:‬‬
‫‪ -2‬خصائص الخطاب ّ‬
‫السمات اليت جتعله ميتلك سلطة أقوى على‬
‫السياسي بالعديد من اخلصائص و ّ‬‫يتميز اخلطاب ّ‬
‫املتلقي وتأثريا أكرب‪ ،‬األمر الذي جعله يتبوأ مكانة مهمة من بني اخلطابات‪ ،‬وميكن رصد أهم مساته‬
‫‪1‬‬
‫يف النّقاط التّالية‪:‬‬
‫السياسي من أهم اخلطابات املعاصرة تأثريا‪ ،‬وأكثرها انتشارا بني خمتلف شرائح‬
‫‪ -‬يع ّد اخلطاب ّ‬
‫اجملتمع‪ ،‬باعتباره ميلك وسائال عديدة تساعد على انتشاره‪ ،‬ويرجع ذلك إىل اهتمامه مبعاجلة أهم‬
‫القضايا واملشاكل اليت يتطلع كل فرد إىل معاجلتها وإجياد حلول هلا‪.‬‬
‫السياسي بأهم القضايا اليت تسهم يف صنع القرارات‪ ،‬ما جيعله يرتبط ارتباطا‬
‫‪ -‬يهتم اخلطاب ّ‬
‫السائدة يف اجملتمع‪.‬‬
‫وثيقا باألحداث والظّروف ّ‬
‫السياسي هو خطاب مضمون يهتم بالفكرة اليت جتعله أكثر تأثريا وإقناعا للمتلقي‪،‬‬
‫‪ -‬اخلطاب ّ‬
‫لتصاغ بعدها هذه املضامني واألفكار يف خطاب متكامل جمسد يف شكل قوالب لغوية وصيغ‬
‫أسلوبية‪ ،‬ما جيعله خطابا حجاجيا شكال ومضمونا‪.‬‬
‫السياسي إىل اإلقناع عن قصد ونية‪ ،‬حىت حيقق وجهة نظر صاحبه وألجل‬
‫‪ -‬يهدف اخلطاب ّ‬
‫السهل والبسيط ليصل إىل أكرب قدر ممكن من اجلمهور‪ ،‬كما يعمد‬
‫ذلك يلجأ إىل األسلوب املباشر و ّ‬
‫إىل توظيف بعض األساليب النّاجحة والفعالة أثناء حماولة إقناع اجلمهور كالتّكرار مثال‪.‬‬
‫(الشعب‪ ،‬األمة)‪،‬‬
‫السياسي إىل إبراز ال ّذات املتكلمة املتمثلة يف اجلماعة "حنن" ّ‬
‫‪ -‬مييل اخلطاب ّ‬
‫ال ال ّذات الفردية "أنا"‪ ،‬حبيث حتاول هذه ال ّذات خلق مساحة مشرتكة بينها وبني املتلقي‪.‬‬
‫السياسي متغري‪ ،‬أي ليس له قيم ثابتة كاخلطاب ال ّديين‪ ،‬وإّمنا هو وليد الظّروف‬
‫‪ -‬اخلطاب ّ‬
‫السياسية‪ ،‬ما جيعل قيمه غري ثابتة ومتغرية وذات مفاهيم متعددة ختتلف من‬‫واملتغريات االجتماعية و ّ‬
‫مجاعة إىل أخرى‪.‬‬

‫‪ -1‬ينظر‪ :‬حممود عكاشة‪ ،‬لغة اخلطاب السياسي دراسة لغوية تطبيقية يف ضوء نظرية االتصال‪ ،‬ص‪.347 -346 :‬‬

‫‪17‬‬
‫مدخـ ـ ــل‬
‫الروابط اليت تفصل‬
‫السياسي على التّفاعل‪ ،‬الذي يتبدى من خالل احلدود و ّ‬
‫‪ -‬يقوم اخلطاب ّ‬
‫السياسية واألدوار اليت يؤديها‬
‫أو جتمع بني األنا واآلخر‪ ،‬وتتبدى كذلك من خالل املكانة االجتماعية ّ‬
‫كل طرف يف التّفاعل أو حوله‪.1‬‬
‫السياسي خطاب قصدي بعيد عن العفوية‪ ،‬حيث حيمل نواياه يف مضامينه‬ ‫‪ -‬اخلطاب ّ‬
‫السلطة‪ ،‬وبالتّال مصداقية اخلطاب رهينة مبا تفرضه‬
‫وأساليبه‪ ،‬ينظر لألمور ويعاجل القضايا من زاوية ّ‬
‫السلطة‪.‬‬
‫ّ‬
‫السياسي لغة احلياة اليومية‪ ،‬ملا تتضمنه من إحياءات إضافة إىل خلق التّفاعل‬
‫‪ -‬يوظف اخلطاب ّ‬
‫مع اجملتمع‪.‬‬
‫صنع من أجله‪ ،‬والظّروف‬‫السياسي خطاب موقفي أي يرتبط باملوقف الذي ُ‬ ‫‪ -‬اخلطاب ّ‬
‫والتّغريات اليت أسهمت يف وجوده ومبجرد أن ختتفي هذه الظّروف خيتفي هذا اخلطاب ويفقد قوته‪.‬‬
‫‪ -‬حيظى اخلطاب السياسي بأكرب مجهور‪ ،‬حيث يتعدد املتلقي هلذا اخلطاب وخيتلف من ٍ‬
‫متلق‬ ‫ّ‬
‫مقصود من اخلطاب أو مستمع للخطاب‪ ،‬مباشر أو غري مباشر‪ٍ ،‬‬
‫متلق داخلي أو خارجي حبسب‬
‫الشأن الذي قيل فيه اخلطاب‪.‬‬
‫ّ‬
‫الرتاكيب غري املعقدة‪ ،‬بوصفه‬
‫السياسي إىل البساطة واالختصار واستخدام ّ‬
‫‪ -‬يعمد اخلطاب ّ‬
‫خطابا إقناعيا مقصديا‪.2‬‬

‫‪ -1‬ينظر‪ :‬هباء الدين حممد يزيد‪ ،‬تبسيط التّداولية من أفعال اللّغة إىل بالغة اخلطاب السياسي‪ ،‬مشس للنّشر والتّوزيع‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫ط‪2010 ،1‬م‪ ،‬ص‪.127 :‬‬
‫‪2‬‬
‫السياسي دراسة لغوية تطبيقية يف ضوء نظرية االتصال‪ ،‬ص‪.348 ،347 :‬‬
‫‪ -‬ينظر‪:‬حممود عكاشة‪ ،‬لغة اخلطاب ّ‬

‫‪18‬‬
‫‪‬‬

‫‪ -‬ماهية مصطلـح دبلوماسية‬ ‫‪‬‬

‫‪ -‬الدبلوماسية ‪ :‬في حدود المفهوم‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ -‬محطات في تاريخ الدبلوماسية‬ ‫‪‬‬

‫‪ -‬مفهوم التمثيل الدبلوماسي‬ ‫‪‬‬

‫‪ -‬الدبلوماسية الحديثة في عصر العولمة‬ ‫‪‬‬


‫الدبلوماسي ـ ــة‪ :‬الماهية والخصائص‬ ‫الفصل األول‬

‫‪1‬‬
‫ماهية مصطلح ديبلوماسية‬
‫تنهض العالقات بني الدول على ما تؤديه طبيعة االلتزامات البينية االسرتاتيجية واالستشرافية‬
‫اليت تُرصد ضمن مدونات املراسيم واملعاهدات؛ ومن مثة‪ ،‬فهي مجلة من القوانني الداخلية واخلارجية‪،‬‬
‫ختضع إىل أحكام املشرتك العام أو اخلاص من األعراف اليت تؤطرها اهليئات الدولية‪ ،‬وتتوىل تنفيذها‬
‫هيئات داخلية تشرف عليها احلكومات عرب هياكلها من خالل املهام اليت توكل إىل الوزراء املخولني‬
‫أن السفراء الذي يعملون على تطوير الروابط القائمة بني الدول وتنفيذ االتفاقات املربمة بينهم‪.‬‬
‫ومن أهم هذه املناصب نذكر وزير اخلارجية‪ ،‬الذي يعد وسيلة اتصال دائم وفعلي بني دولته‬
‫القطرية‪ ،‬وبني خمتلف الدول املتبقية يف العامل؛ ما يسمى يف األعراف العاملية برئيس الدبلوماسية‪.‬وكذا‬
‫املهام اليت يشرف عليه السفري الذي يتوجب عليه أن يتقن فن متثيل احلكومة‪ ،‬ويتمرس على رعاية‬
‫مصاحل البالد لدى احلكومات األجنبية‪ ،‬ومن مث حيرتف مهمة السهر على أن تكون حقوق البالد‬
‫مصونة وكرامتها حمرتمة يف اخلارج‪ ،‬وإدارة األعمال الدولية بتوجيه املفاوضات السياسية‪ .‬لذا يتوجب‬
‫عليه أن حيسن متابعة مراحل العالقات وفقاً للتعليمات املرسومة من طرف دولته‪ ،‬ومن مث يقوم على‬
‫السعي احلثيث لتطبيق القانون يف العالقات الدولية لكي تصري املبادئ القانونية أساس التعامل مع‬
‫الشعوب واألمم‪.‬‬
‫إن الدبلوماسية هي جمموعة من القواعد واألعراف واملبادئ الدولية اليت هتتم بتنظيم العالقات‬
‫القائمة بني الدول واملنظمات الدولية‪ ،‬واألصول الواجب إتباعها يف تطبيق أحكام القانون الدول‪،‬‬
‫والتوفيق بني مصاحل الدول املتباينة‪ ،‬وفن إجراء املفاوضات واالجتماعات واملؤمترات الدولية‪ ،‬وعقد‬
‫االتفاقيات واملعاهدات‪ .‬ومبعىن آخر‪ ،‬هي علم وفن إدارة العالقات بني األشخاص الدوليني‪ ،‬أو‬
‫الوظيفة اليت ميارسها الدبلوماسيون احملرتفون‪ ،‬الذين تدرجوا يف مهامها‪ .‬موضوعها هو العالقات‬
‫اخلارجية للدول واألمم والشعوب‪ ،‬كما سنتعرف عليه يف املباحث الالحقة‪.‬‬

‫‪ 1‬الدبلوماسية من ضمن ما تعنيه‪ ،‬أهنا اإلجراء املنظم للعالقات بني مجاعة بشرية معينة ومجاعة بشرية أخرى أجنبية عنها وأن أقدم‬
‫السفراء هم املالئكة على حد تعبري الباحث نيكلسون هرولد‪ .‬الدبلوماسية‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص‪ 15‬وما بعدها‬

‫‪20‬‬
‫الدبلوماسي ـ ــة‪ :‬الماهية والخصائص‬ ‫الفصل األول‬

‫وقبل أن أتناول مجيع هذه املسائل اليت تبدو معقدة ومتماسكة‪ ،‬جيدر بنا حتديد املصطلح بدقة‪،‬‬
‫من خالل حتديد ماهيتها ونشأة مصطلحها يف لغتها الالتينية األصلية؛ ألن هذه اللفظة يتفق‬
‫الدارسون على أهنا مشتقه يف اللغة اليونانية من ( دبلوما ) ومعناها الوثيقة أو الشهادة الرمسية اليت‬
‫‪1‬‬
‫تطوى على نفسها ودبلوم أودبلون ومعناها طبق‪).‬‬
‫وقد كانت تذاكر املرور تسمى هكذا ( دبلومات) مث اتسعت كلمة دبلوما حىت مشلت وثائق‬
‫رمسية غري معدنية‪ ،‬من تلك اليت متنح املزايا أو حتتوي على اتفاقات مع مجاعات‪ ،‬أو قبائل أجنبية عن‬
‫‪2‬‬
‫ختول‬
‫الدولة‪ ،‬واليت كانت تصدر عن صاحب السلطة العليا يف البالد‪ ).‬مث ُوجدت هذه الوثيقة‪ ،‬اليت ّ‬
‫حلاملها امتيازات خاصة‪ ،‬وتتضمن صفة املبعوث واملهمة املوفد هبا‪ ،‬كما أطلقت على بعض التصاريح‬
‫اليت كان مينحها القاضي لبعض األفراد‪ ،‬مث اتسع مدلول هذه الكلمة فيما بعد ليشمل األوراق‪،‬‬
‫والوثائق الرمسية؛ املتضمنة لنصوص االتفاقيات‪ ،‬اليت أبرمتها اإلمرباطورية الرومانية مع اجملتمعات‬
‫والقبائل األجنبية‪ ،‬وأصبحت تعين دراسة الوثائق القدمية املتعلقة بالعالقات الدولية‪.‬‬
‫استعمل الرومان كلمة الدبلوماسية للداللة على طباع املبعوث‪ ،‬أو السفري‪ .‬وقصدت بالالتينية‬
‫(مبعىن الرجل املنافق ذي الوجهني)‪ 3‬جتدر اإلشارة إىل أن إدارة وتوجيه العالقات الدولية استخدمت‬
‫كلمة املفاوضة‪ ،‬واستخدم لفظ سفارة لإلشارة إىل اهليئة اليت تقوم هبذا العمل‪ ،‬كما سنعرف يف‬
‫‪4‬‬
‫اجلانب التارخيي‪.‬‬
‫فقد استعمله الرومان كذلك‪ ،‬وهو لكلمة دبلوماسية والذي من إفادته بعض طباع املبعوث أو‬
‫‪5‬‬
‫السفري وقصد بالالتينية مبعىن الرجل املنافق صاحب الوجهني)‬

‫‪1‬د‪.‬حممود خلف‪.‬النظرية واملمارسة الدبلوماسية‪ ،‬املركز الثقايف العريب‪ ،‬بريوت‪1989،‬م ص ‪195‬‬


‫‪2‬د‪ .‬على صادق أبوهيف‪ ،‬املرجع نفسه‪ .‬ص ‪12‬‬
‫‪ -3‬د‪ .‬مسوحي فوق العادة‪ ،‬الدبلوماسية احلديثة‪ .‬ن‪.‬م ص‪ – 1881‬د‪ .‬علي صادق أبو هيف‪ .‬القانون الدبلوماسي‪ .‬منشأة‬
‫املعارف‪ .‬اإلسكندرية‪ .‬ط‪ .1975.‬ص‪ 10‬وما بعدها‬
‫‪ –4‬د‪ .‬علي صادق أبو هيف‪ .‬القانون الدبلوماسي‪ .‬منشأة املعارف‪ .‬اإلسكندرية‪ .‬ط‪ .1975.‬ص‪ 10‬وما بعدها‬
‫‪ –5‬د‪ .‬حممد حافظ غامن‪ ،‬املنظمات الدولية‪ ،‬م‪ /‬هنضة مصر‪ ،‬القاهرة ‪ 1990‬ص‪95‬‬

‫‪21‬‬
‫الدبلوماسي ـ ــة‪ :‬الماهية والخصائص‬ ‫الفصل األول‬

‫لكن الدبلوماسية باملفهوم الفرنسي تذهب إىل معىن آخر فهي تعين مبعوث أو مفوض أي‬
‫الشخص الذي يرسل يف مهمة‪ ،‬أما كلمة سفري فتشتق من كليتيه‪ ،‬أي تابع خادم وهو لقب مينح‬
‫فقط ملمثلي امللوك‪ ،‬فقد كان اإلسبان أول من استخدم كلمة سفارة أو سفري بعد نقلها عن التعبري‬
‫الكنسي مبعىن اخلادم أو السفارة‪ ،‬فاتسع هذا املفهوم املتعلق بالدبلوماسية‪ ،‬فيما بعد وأصبحت‬
‫تستعمل يف عدة معان)‪ 1‬وقد تطور مدلول ( الدبلوماسية ) مع الزمن وأصبح يشري إىل معان خمتلفة‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫فهو يستعمل اليوم يف املعان التالية‪:‬‬
‫للداللة على النهج السياسي يف زمن معني‪ ،‬يقال‪ :‬لقد تطورت الدبلوماسية الروسية يف القرن‬ ‫‪.1‬‬
‫احلال‪ ،‬وأصبحت غري ما كانت عليه يف القرن املاضي مثال‪.‬‬
‫أو للداللة على اللباقة‪ ،‬ومعها الكياسة‪ ،‬وللداللة كذلك على الدهاء الصفة اليت جيب أن‬ ‫‪.2‬‬
‫يتحلى هبا الشخص الدبلوماسي‪ ،‬بل وكل شخص بالنسبة إىل عالقاته مع غريه‪ ،‬فيقال مثالً‪ :‬أن‬
‫‪3‬‬
‫فالناً يتحلى بدبلوماسية رفيعة‪ ،‬يقصد بذلك كياسة ودهاء يف التعامل)‬
‫وإما للداللة على املفاوضات وما يتبعها من مراسم‪ ،‬حبيث يقال‪( :‬إن هذه املعضلة الدولية‬ ‫‪.3‬‬
‫مفتقرة إىل حل دبلوماسي أو كقولنا‪ :‬حل املنازعات بالطرق السلمية أي عن طريق املفاوضات‬
‫الدبلوماسية‪ ،‬وما يتبعها من أعراف واتصاالت مبعىن عدم اللجوء إىل العنف‪.‬‬
‫‪ -4‬وتستعمل مبعناها لإلشارة إىل التاريخ الدبلوماسي لدولة ما أو لفرتة زمنية معينة لتعىن‬ ‫‪.4‬‬
‫التسلسل التارخيي للعالقات الرمسية بني الدول مثل قولنا‪((:‬تاريخ فرنسا الدبلوماسي ))‪.‬‬
‫‪ -5‬وتستعمل الدبلوماسية مبعىن ضيق كصفة لبعض املصطلحات مثل املراسالت الدبلوماسية‬ ‫‪.5‬‬
‫واحلصانات واالمتيازات الدبلوماسية‪ .‬وتستعمل خطأ كرديف لالسرتاتيجية‪ ،‬وتستعمل خطأ‬
‫كرديف للسياسة الدولية أو العالقات الدولية أو السياسة اخلارجية‪ .‬وتستعمل كرديف‬

‫‪1‬ينظر‪ :‬د‪.‬حممد عمر مدن‪ ،‬العالقات الدبلوماسية ‪،‬م‪.‬س ص‪ 244‬وما بعدها‬


‫‪ -2‬ينظر‪ :‬د‪ .‬حممد عمر مدن‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬ص‪ 246‬وما بعدها‬
‫‪ - 3‬د‪ .‬مسوحي فوق العادة‪ ،‬الدبلوماسية احلديثة‪ .‬ن‪.‬م ص‪188‬‬

‫‪22‬‬
‫الدبلوماسي ـ ــة‪ :‬الماهية والخصائص‬ ‫الفصل األول‬

‫للمفاوضة‪ ،‬حىت قيل يف تعريف الدبلوماسية أهنا فن املفاوضات‪ ،‬وهذا غري صحيح ألنه استثىن‬
‫الوظائف األخرى للدبلوماسية مثل التمثيل واالتفاق ورعاية املصاحل‪.‬‬
‫وتستعمل للداللة على مهنة املمثل الدبلوماسي الذي يقوم على حد تعبري األستاذ أرنست‬ ‫‪.6‬‬
‫ساتو‪ ،‬مبهمة ((التوفيق بني مصاحل بالده ومصاحل البالد املعتمد لديها والذود عن شرف وطنه‬
‫والسهر على تنمية الوعي الدول‪ )).‬ولعل هذا املعىن األخري للدبلوماسية هو الذي يتجاوب مع‬
‫املعىن األصلي هلذه للفظة اليت تطلق عادة ويراد هبا هذا املعىن‪ ((،‬الدبلوماسية )) وما ((الدبلوما))‬
‫إال (( كتاب االعتماد )) الصادر يف يومنا هذا عن رئيس الدولة‪ ،‬والذي يتسلح به املمثل‬
‫‪1‬‬
‫الدبلوماسي‪ ،‬وذلك حىت يتمكن من مباشرة مهامه لدى الدولة املضيفة)‬
‫أما الدبلوماسية يف اللغة العربية‪ ،‬فقد كانت تعىن فيما تعين كلمة (( كتاب ))‪ ،‬وذلك للتعبري‬
‫عن تلك (الوثيقة اليت يتبادهلا أصحاب السلطة بينهم)‪ 2‬وجند بأن هذه الوثيقة مهمة جدا‪ ،‬إلحداث‬
‫هذا التبادل احلاصل بني املبعوث الذي كانت له حصانة ومكانة مهمة عند املسلمني‪ ،‬واليت متنح‬
‫‪3‬‬
‫حاملها مزايا احلماية واألمان‪)).‬‬
‫وكلمة سفارة تستخدم عند العرب مبعىن الرسالة أي التوجه واالنطالق إىل القوم‪ ،‬بغية التفاوض‬
‫وتشتق (( كلمة سفارة من سفر )) أو (( أسفر بني القوم إذا أصلح )) (( كلمة سفري هو ميشي بني‬
‫‪4‬‬
‫القوم يف الصلح أو بني رجلني‪)).‬‬

‫‪ -1‬د‪.‬أمحد أبو الوفا‪ ،‬القانون الدبلوماسي‪ ،‬ص ص ‪.309–296‬‬


‫‪-2‬ينظر‪ :‬د‪.‬علي صادق أبو هيف‪ .‬القانون الدبلوماسيم‪.‬س‪ /.‬ص ‪ 11‬وما بعدها‬
‫‪ -3‬إضافة إىل ما تشتمل عليه كل بعثة دبلوماسية باخلارج من قسم قنصلي‪ ،‬إعماالً لنص املادة ‪ 2/3‬من اتفاقية فيينا للعالقات‬
‫الدبلوماسية‪ ،‬اليت جتيز للبعثة الدبلوماسية افتتاح قسم قنصلي هبا‪.‬ينظر‪:‬د‪ .‬مفيد حممود شهاب‪ ،‬القانون الدول العام‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية‪ ،‬القاهرة‪1985 ،‬م‪ ،‬ص ص ‪257–256‬؛ د‪ .‬علي حسني الشامي‪ ،‬الدبلوماسية‪ ،‬دار العلم للماليني‪ ،‬بريوت‪1990 ،‬م‪،‬‬
‫ص ص ‪200–185‬‬
‫‪4‬‬
‫;‪- Starke. G.J. Introduction to International Law, 8th ed. Butterworth,1977, pp 672 – 694‬‬
‫‪and- Bowett, W.D., The Law of International institutions. 4th Ed., London, Steven &Sons,‬‬
‫‪1982, pp. 23 – 67‬‬

‫‪23‬‬
‫الدبلوماسي ـ ــة‪ :‬الماهية والخصائص‬ ‫الفصل األول‬

‫إن الدبلوماسية باعتبارها مؤسسة بشرية‪ ،‬هي يف عملية ديناميكية متواصلة‪ ،‬تتعرض لتغيريات‬
‫الزمن وما يأيت به من قوى ومؤثرات جديدة‪ ،‬لذلك جند بأن كل عصر مير بتجديد جوهري يف أساليبه‬
‫وصيغه الدبلوماسية‪.‬‬
‫ولعله األمر الذي يتوقع معه بعض مؤرخي الدبلوماسية أن تكون صيغ اليوم من الفكرة‬
‫الدبلوماسية اليت صنفتها بأهنا جديدة‪ ،‬وميكن أن ختتلف عن تلك اليت سنجدها يف املستقبلني القريب‬
‫و املتوسط‪ ،‬وهو االجتاه الذي بدأ فعال حيث شرعت وزارات خارجية ‪ ،‬خاصة الدول الكربى ‪ ،‬يف‬
‫التخطيط إلعادة بناء هياكلها ونظمها وأساليب العمل فيها‪ ،‬ومن مث إعادة وإعداد دبلوماسييها لكي‬
‫تواجه متطلبات القرن اجلديد بأوضاعه وأدواته وعالقاته املتغرية‪ ،‬وجبميع أنواع التكنولوجيات اليت‬
‫‪1‬‬
‫ستؤثر على الفكر الدبلوماسي‪)).‬‬
‫‪.‬تعريف الدبلوماسية‪.‬‬
‫الدبلوماسية مبعناها العام هي‪ :‬جمموعة املفاهيم والقواعد واإلجراءات واملراسم واملؤسسات‬
‫واألعراف الدولية اليت تنظم العالقات بني الدول واملنظمات الدولية واملمثلني الدبلوماسيني))‪ 2‬ولعل‬
‫هذا التعريف يتماشى مع مفهوم القانون الدول‪ ،‬وهو من أمشل التعاريف اليت أعطيت هلا يهدف‬
‫خدمة املصاحل العليا ( األمنية واالقتصادية) والسياسات العامة‪ ،‬وللتوثيق بني مصاحل الدول بواسطة‬
‫االتصال والتبادل وإجراء املفاوضات السياسية وعقد االتفاقات واملعاهدات الدولية‪.‬‬
‫وتعترب الدبلوماسية أداة رئيسة من أدوات حتقيق أهداف السياسة اخلارجية؛ للتأثري على الدول‬
‫واجلماعات اخلارجية هبدف استمالتها‪ ،‬وكسب تأييدها بوسائل شىت‪ ،‬منها ما هو إقناعي وأخالقي‬

‫‪1‬‬
‫‪- willsswolfrrram (1977) ubersetzungsswissenschaft-probleme und methodenstuttgout.klett.‬‬
‫‪S145‬‬
‫‪ -2‬اكتشفت جمموعة من الرسائل الدبلوماسية بلغ عددها ‪ 360‬لوحاً من الصلصال وهي عبارة عن مراسالت دبلوماسية متبادلة‬
‫بني فراعنة األسرة الثامنة عشرة اليت حكمت مصر يف القرنني ‪ 14 /15‬وملوك بابل واحلثيني وسوريا وفلسطني معظمها كان‬
‫مكتوباً باللغة البابلية لغة العصر الدبلوماسية‪ ،‬هذا ما تؤكده معاهدة قادش بني الفراعنة واحلثيني سنة ‪ 1279‬ق‪.‬م اليت أتت‬
‫نتيجة يف القانون الدول والعالقات الدبلوماسية‪ ,‬ينظر‪:‬د‪ .‬م ص عفيفي‪ ،‬تطور التبادل الدبلوماسي يف اإلسالم‪ ،‬ص‪ 155‬وما‬
‫بعدها‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫الدبلوماسي ـ ــة‪ :‬الماهية والخصائص‬ ‫الفصل األول‬

‫ومنها ما هو ترهييب (( مبطن )) وغري أخالقي‪ .‬باإلضافة إىل توصيل املعلومات للحكومات‬
‫والتفاوض معها تعىن الدبلوماسية بتعزيز العالقات بني الدول وتطورها يف اجملاالت املختلفة وبالدفاع‬
‫عن مصاحل وأشخاص رعاياها يف اخلارج ومتثيل احلكومات يف املناسبات واألحداث‪ 1))..‬وكذا تقييم‬
‫مواقف احلكومات واجلماعات إزاء قضايا راهنة أو ردود أفعال حمتملة‪ ،‬إزاء مواقف مستقبلية‪ .‬وقد‬
‫أخذ تعريف الدبلوماسية عدة معان‪ ،‬بتطور الدبلوماسية ذاهتا وسأوجزها يف نقاط مركزة على النحو‬
‫التال‪:‬‬
‫عرف اهلنود الدبلوماسية منذ ثالثة أالف سنة بقوهلم‪ (( :‬إهنا القدرة على إثارة احلرب‬ ‫‪-1‬‬

‫وتأكيد السالم بني الدول‪.))..‬‬


‫الفيلسوف‪:‬شيشرون يف العام (( ‪ 43 -106‬ق‪.‬م )) استخدم كلمة دبلوما مبعىن التوصية‬ ‫‪-2‬‬

‫الرمسية اليت تعطي لألفراد الذين يأتون إىل بالد الرومانية وكانوا حيملوهنا معهم ليسمح هلم‬
‫باملرور وليكونوا موضع رعاية خاصة‪ ،‬انتقلت الدبلوماسية اليونانية إىل الالتينية وإىل اللغات‬
‫‪2‬‬
‫األوروبية مث إىل اللغة العربية‪)).‬‬
‫الدبلوماسية يف الالتينية‪ :‬تعين الشهادة الرمسية أو الوثيقة اليت تتضمن صفة املبعوث واملهمة‬ ‫‪-3‬‬

‫املوفد هبا‪ ،‬والتوصيات الصادرة بشأنه من احلاكم يقصد تقدميه و حسن استقباله أو تسري‬
‫انتقاله بني األقاليم املختلفة وكانت هذه الشهادات أو الوثائق عبارة عن أوراق متسكها قطع‬
‫‪3‬‬
‫من احلديد تسمى (( دبلوما ))‬
‫تعريف معاوية بن أيب سفيان‪ (( :‬لو أن بيين وبني الناس شعره ما انقطعت‪ ،‬إذا أرخوها‬ ‫‪-4‬‬

‫شددهتا وإن شدوها أرخيتها‪ ))..‬يتميز بأنه تعريف على غاية يف الرهافة الفكرية‪.‬‬
‫تعريف أرنست ساتو‪ (( :‬إن الدبلوماسية هي استعمال الذكاء والكياسة يف إدارة العالقات‬ ‫‪-5‬‬

‫الرمسية بني حكومات الدول املستقبلة )) وهنا اسرتجاع ملكانة الدولة املضيفة‪.‬‬

‫‪ -1‬د‪.‬أمحد أبو الوفا‪ ،‬القانون الدبلوماسي‪ ،‬ص ص ‪.309–296‬‬


‫‪ -2‬د‪ .‬على صادق أبوهيف‪ ،‬املرجع نفسه‪ .‬ص ‪39‬‬
‫‪ -3‬د‪ .‬مسوحي فوق العادة‪ ،‬الدبلوماسية احلديثة‪ .‬ن‪.‬م ص‪127‬‬

‫‪25‬‬
‫الدبلوماسي ـ ــة‪ :‬الماهية والخصائص‬ ‫الفصل األول‬

‫تعريف شارل دي مارتينس‪ (( :‬الدبلوماسية هي علم العالقات اخلارجية أو الشؤون اخلارجية‬ ‫‪-6‬‬

‫للدول‪ ،‬ومبعىن أخص هي معىن وفن املفاوضات ‪.)).‬‬


‫تعريف شارل كالفو‪ (( :‬هي علم العالقات القائمة بني خمتلف الدول الناجتة عن املصاحل‬ ‫‪-7‬‬

‫املتبادلة‪ ،‬وعن مبادئ القانون الدول العام ونصوص املعاهدات واالتفاقيات‪)).‬‬


‫تعريف ريفيه‪ (( :‬الدبلوماسية هي علم وفن متثيل الدول واملفاوضات‪.‬‬ ‫‪-8‬‬

‫تعريف فوديريه‪ (( :‬الدبلوماسية هي فن متثيل السلطات ومصاحل البالد لدى احلكومة والقوى‬ ‫‪-9‬‬

‫األجنبية‪ ،‬والعمل على أن حترتم‪ ،‬وال تنتهك وال يستهان حبقوق وهيبة الوطن يف اخلارج‪ ،‬وإدارة‬
‫‪1‬‬
‫الشؤون الدولية‪ ،‬وتوحيد ومتابعة املفاوضات السياسية حسب تعليمات احلكومة‪)).‬‬
‫تعريف انتولوليتز‪ (( :‬الدبلوماسية هي جمموعة املعرفة والفن الالزمني من أجل تسيري العالقات‬ ‫‪-10‬‬

‫اخلارجية للدول بشكل صائب ‪)).‬‬


‫تعريف هارولد نيكلسون‪ (( :‬الدبلوماسية هي توجيه العالقات الدولية عن طريق املفاوضات‪،‬‬ ‫‪-11‬‬

‫واألسلوب الذي به يدير السفراء واملبعوثون هذه العالقات‪ ،‬وعمل الرجل الدبلوماسي أو‬
‫فنه‪))..‬‬
‫تعريف كيسنجر‪ (( :‬الدبلوماسية هي تكييف االختالفات من خالل املفاوضات‪)).‬‬ ‫‪-12‬‬

‫تعريف جورج كينان‪ (( :‬الدبلوماسية عملية االتصال بني احلكومات ))‪.‬‬ ‫‪-13‬‬

‫تعريف دي إيرثى وأوسهيا‪ (( :‬الدبلوماسية هي فن تطبيق مبادئ القانون الدبلوماسي))‪.‬‬ ‫‪-14‬‬

‫تعريف فيليب كاييه‪ (( :‬الدبلوماسية هي الوسيلة اليت يتبعها أحد أشخاص القانون الدول‬ ‫‪-15‬‬

‫لتسيري الشؤون اخلارجية بالوسائل السلمية وخاصة من خالل املفاوضات‪)).‬‬


‫تعريف د‪ .‬عدنان البكري‪ (( :‬إن الدبلوماسية عملية سياسية تستخدمها الدولة يف تنفيذ‬ ‫‪-16‬‬

‫سياستها اخلارجية يف تعاملها مع الدول واألشخاص الدوليني األخريني‪ ،‬وإدارة عالقاهتا الرمسية‬
‫‪1‬‬
‫بعضها مع بعض ضمن النظام الدول‪)). .‬‬

‫‪ -1‬د‪.‬أمحد أبو الوفا‪ ،‬القانون الدبلوماسي اإلسالمي‪ ،‬ص ‪109‬‬

‫‪26‬‬
‫الدبلوماسي ـ ــة‪ :‬الماهية والخصائص‬ ‫الفصل األول‬

‫تعريف د‪ .‬مسوحي فوق العادة يف كتابه (( الدبلوماسية والربوتوكول )‪ :‬الدبلوماسية (( هي فن‬ ‫‪-17‬‬

‫متثيل احلكومة‪ ،‬ورعاية مصاحل البالد لدى احلكومات األجنبية‪ ،‬والسهر على أن تكون حقوق‬
‫البالد مصونة وكرامتها حمرتمة يف اخلارج‪ ،‬وإدارة األعمال الدولية بتوجيه املفوضات السياسية‪.‬‬
‫ومتابعة مراحلها وفقاً للتعليمات املرسومة‪ ،‬والسعي لتطبيق القانون يف العالقات الدولية كيما‬
‫تصبح املبادئ القانونية أساس التعامل مع الشعوب ‪)).‬‬
‫تعريف د‪.‬مسوحي فوق العادة يف كتابه ( الدبلوماسية احلديثة ‪ ((:2)).‬الدبلوماسية هي‬ ‫‪-18‬‬

‫جمموعة من القواعد واألعراف واملبادئ الدولية اليت هتتم بتنظيم العالقات القائمة بني الدول‬
‫واملنظمات الدولية‪ ،‬واألصول الواجب إتباعها يف تطبيق أحكام القانون الدول‪ ،‬والتوفيق بني‬
‫مصاحل الدول املتباينة‪ ،‬وفن إجراء املفاوضات واالجتماعات واملؤمترات الدولية‪ ،‬وعقد‬
‫االتفاقيات واملعاهدات‪))..‬‬
‫تعريف د‪ .‬علي حسني الشامي‪(( :‬الدبلوماسية هي علم وفن إدارة العالقات بني‬ ‫‪-19‬‬

‫األشخاص الدوليني‪ ،‬وهي مهنة املمثلني الدبلوماسيني‪ ،‬أو الوظيفة اليت ميارسها الدبلوماسيون‪،‬‬
‫وميدان هذه الوظيفة هو العالقات اخلارجية للدول واألمم والشعوب‪)).‬‬
‫تعريف مأمون احلموي‪ ((:‬إن الدبلوماسية هي ممارسة عملية لتسيري شؤون الدولة اخلارجية‬ ‫‪-20‬‬

‫وهي علم وفن‪ ،‬علم ملا تطلبه من دراسة عميقة للعالقات القائمة بني الدول ومصاحلها‬
‫املتبادلة ومنطوق توارخيها ومواثيق معاهداهتا من الوثائق الدولية يف املاضي واحلاضر‪ ،‬وهي فن‬
‫‪3‬‬
‫ألنه يرتكز على مواهب خاصة عمادها اللباقة والفراسة وقوة املالحظة ))‬
‫يقول نيوملن‪ :‬إن التاريخ يذكرنا بالقبائل البدائية واجلماعات البشرية األوىل قد عرفت احلرب‬ ‫‪-21‬‬

‫والسلم وإجراء الصلح ‪ ،‬وعرفت كذلك مراسم االحتفاالت الدينية والسياسية واالتصاالت‬

‫‪ -1‬د‪.‬مسوحي فوق العادة الدبلوماسية والربوتوكول‪.‬م‪.‬س‪ .‬ص‪18‬‬


‫‪ -2‬د‪ .‬مسوحي فوق العادة‪ ،‬الدبلوماسية احلديثة‪ ،‬م‪.‬س ‪ /‬ص‪166‬‬
‫‪ -3‬د‪ .‬مسوحي فوق العادة‪ ،‬الدبلوماسية والربوتوكول‪ ،‬م‪.‬س ‪ /‬ص‪75‬‬

‫‪27‬‬
‫الدبلوماسي ـ ــة‪ :‬الماهية والخصائص‬ ‫الفصل األول‬

‫التجارية و هذه اجلماعات كانت هلا مراسم خاصة عند وفاة الزعيم وعند تول زعيم جديد‬
‫للسلطة‪.‬‬
‫يقول دوليل‪ :‬بأن الدبلوماسية ظهرت أثارها على األلواح اآلشورية ويف التاريخ الصيين واهلندي‬ ‫‪-22‬‬

‫واإلغريقي و الرومان ولكن ال صلة مباشرة بني النظام احلديث وبني إرسال الكنيسة الرومانية‬
‫الوسطى للمبعوثني*تطور العالقات االجتماعية داخل اجملتمع القبلي أدى إىل بروز بعض‬
‫القواعد واألغراض أمهها‪:‬‬

‫أ – كانت البعثات الدبلوماسية تنشأ عن اإلعالن عن تول زعيم جديد للسلطة أو تتويج أحد‬
‫‪1‬‬
‫امللوك أو وفاة آخر أو إجراء انتخاب الختيار زعيم أو رئيس ‪))..‬‬

‫ب ‪ -‬كان إرسال البعثات والسفراء جيري هبدف القيام باالتصال والتباحث من أجل املصاهرة‬
‫والزواج‪.‬‬

‫ج ‪-‬كانت الدعوة إىل عقد االجتماعات اليت تضم القبائل القريبة والبعيدة هتدف إىل حبث‬
‫عدة شؤون منها الصيد واألعياد والشعائر الدينية‪.‬‬

‫د ‪ -‬كانت غاية البعثات تطوير العالقات الودية ونبذ احلروب والدعوة للمفاوضات وعقد‬
‫‪2‬‬
‫الصلح واالحتفال بإرساء قواعد السالم‪))..‬‬

‫ه ‪ -‬كانت هذه البعثات تشجع على قيام مجاعات سياسية من أجل التحالف واملساندة‬
‫كوسيلة لرعاية السالم (( مثل حلف الفضول ‪ ،‬وحلف الطيبني‬

‫و ‪ --‬كانت البعثات الدبلوماسية تقوم بدور يف إعالن احلرب أو التهديد هبا واألخطار اليت‬
‫ترتتب على وقوعها‪.‬‬

‫ز‪ -‬مبدأ تبادل الرسل واملبعوثني املؤقتني إقرار مبدأ احلصانات واالمتيازات‬

‫‪ -1‬ينظر‪ :‬د‪.‬علي صادق أبو هيف‪ .‬القانون الدبلوماسي م‪.‬س‪ /.‬ص ‪ 85‬وما بعدها‬
‫‪ -2‬د‪.‬أمحد أبو الوفا‪ ،‬القانون الدبلوماسي اإلسالمي‪ ،‬ص ص ‪.309–296‬‬

‫‪28‬‬
‫الدبلوماسي ـ ــة‪ :‬الماهية والخصائص‬ ‫الفصل األول‬

‫ح‪ -‬يف بعض اجملتمعات البدائية كانت تلقى عمل السفارة على النساء‪.‬‬
‫‪Diplomatie :‬‬ ‫((‬ ‫‪ist‬‬ ‫‪die‬‬ ‫‪kunst‬‬ ‫‪und‬‬ ‫‪praxis‬‬ ‫‪im‬‬ ‫‪luitem‬‬ ‫‪von‬‬
‫‪verhandlungenzuischenbevollmachtgtenreprasentantenvershiedener Gruppen oder nationen‬‬
‫‪(diplomaten) der begniffbezieht sich meist auf die international also die pflege‬‬
‫‪zwischenstaatlicher‬‬ ‫‪beziehungenderch‬‬ ‫‪absprachen‬‬ ‫‪uberangelegenheiten‬‬ ‫‪wie‬‬
‫‪friedenssicherungkulturwirtschafthandel und konflikte international vertrage werden‬‬
‫‪normalerweise von diplomaten im sinne von nationalen politikern ausgehandelt ))1‬‬

‫تبادل التمثيل الدبلوماسي‬


‫أوالً‪ :‬إنشاء العالقات الدبلوماسية‬

‫تقضي االتفاقيات على منح احلق يف تب ادل التمثيل الدبلوم اسي على الدول كاملة السيادة‪.‬‬
‫أم ا ال دول ناقصة السيادة كال دول احملمية أو التابعة أو املشمولة بالوصاية‪ ،‬فليس هلا – غالباً –‬
‫‪2‬‬
‫ممارسة هذا احلق‪ ،‬اللهم إال إذا كانت عالقتها بالدولة اليت تدير شؤوهنا ختوهلا هذا احلق‪.‬‬

‫وجتدر اإلشارة إىل أ ّن الوضع خيتلف بالنسبة للدول اليت تنضم إىل احتاد دول‪ .‬فإذا كان االحتاد‬
‫ال يؤثر على الشخصية الدولية للدول املنضمة إليه كاالحتاد الشخصي واالحتاد الكونفدرال‪ .‬فإنه يظل‬
‫هلذه الدول احلق يف تبادل التمثيل الدبلوماسي مع غريها من الدول‪.‬‬

‫أما إذا كان انضمام الدول إىل االحتاد الدول يؤدي إىل فناء شخصيتها الدولية كاالحتاد‬
‫الفيدرال واالحتاد الفعلي‪ ،‬فإن هذه الدول تفقد احلق يف تبادل التمثيل الدبلوماسي لصاحل دولة‬
‫االحتاد‪ ،‬اللهم إال إذا اتفق على أن يكون إلحدى هذه الدول أو بعضها احلق يف مباشرة التمثيل‬

‫‪ -1‬ترمجة النص السابق الدبلوماسية‪ :‬هي فن وتطبيق لتسيري حماضرات بني ممثلي فرق خمتلفة أوطان معرتف هبم دبلوماسيون‬
‫املصطلح يتعلق غالبا بالدبلوماسية الدولية محاية العالقات ما بني الدول وأخرى بواسطة اتفاقات عن األشغال كضمان للسلم‬
‫الثقافة االقتصاد التجارة واملواجهات عقود عاملية تقدم من املفروض من طرف دبلوماسيني مبعىن سياسيون وطنيو ينظر‪:‬‬
‫‪Auslandsvertretungen sind dauerhaft eingerchtetevolkerrechtlichevertungen eines staates im‬‬
‫‪ausland dazu zahlen auch seine standigenvertretungen bei internationalen organisationen.‬‬
‫‪2‬د‪ .‬مفيد حممود شهاب‪ ،‬القانون الدول العام‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪1985 ،‬م‪ ،‬ص ص ‪.257–256‬‬

‫‪29‬‬
‫الدبلوماسي ـ ــة‪ :‬الماهية والخصائص‬ ‫الفصل األول‬
‫‪1‬‬
‫الدبلوماسي بنفسها‬

‫وميكن لدولة أن تعهد لدولة أخرى بتمثيلها لدى الدولة املعتمد لديها‪ ،‬وذلك ألسباب تتعلق‬
‫بالرغبة يف خفض اإلنفاق‪ ،‬أو نتيجة لنشوب احلرب بني الدولتني املعتمدة واملعتمد لديها أو لتوتر‬
‫العالقات الدبلوماسية بينهما‪ .‬شرط أن تعهد كل دولة برعاية مصاحلها إىل بعثة دبلوماسية تابعة لدولة‬
‫صديقة‪ ،‬ومعتمدة لدى الدولة اليت قطعت العالقات الدبلوماسية معها‪ 2).‬ويستمر هذا الوضع حلني‬
‫عودة العالقات الدبلوماسية بينهما مرة أخرى‪.‬‬

‫ثانياً ( تكوين البعثة الدبلوماسية‪)..‬‬

‫متلك الدولة الصالحية املطلقة يف اختيار أعضاء بعثاهتا الدبلوماسية‪ ،‬وحتديد كل ما يتعلق‬
‫بوضعهم املهين؛ من حيث التعيني وشروطه‪ ،‬وحتديد أقدميتهم وترقياهتم‪ ،‬وكيفية تأهيلهم وإعدادهم‪.‬‬

‫ومن الطبيعي‪ ،‬أن يكون املبعوثني الدبلوماسيني من مواطين الدولة املعتمدة‪ ،‬ومع هذ اليس‬
‫هناك ما مينع اختيارهم من مواطين الدولة املضيفة أو دولة ثالثة‪ ،‬بشرط موافقة الدولة املضيفة‪ .‬وعلى‬
‫أساس حجم العالقات وأمهية املصاحل بني الدولة املوفدة والدولة املوفد إليها؛ تتكون البعثة‬
‫الدبلوماسية‪.‬‬

‫ويتوىل املبعوث متثيل الدولة املوفدة لدى الدولة املوفد إليها‪ .‬ويقوم باإلشراف على أعمال‬
‫احدا‪ ،‬لكي يرأس أكثر من بعثة دبلوماسية‪ ،‬أو لكي‬
‫شخصا و ً‬
‫ً‬ ‫البعثة‪ .‬وجيوز أن تعني إحدى الدول‬
‫‪3‬‬
‫ميثلها لدى أكثر من دولة‪ ،‬ما مل تقم إحدى الدول املعتمد لديها باالعرتاض على ذلك‪).‬‬

‫وللتنويه‪ ،‬فإنه ميكن لدولتني أو أكثر اعتماد شخص واحد لرئاسة بعثاهتا لدى دولة معينة‪،‬‬
‫مظهرا من مظاهر السيادة‪ ،‬فإن للدولة‬
‫شرط أن يكون باالتفاق عليه‪ .‬وملا كان التمثيل الدبلوماسي ً‬

‫‪1‬ود‪ .‬علي حسني الشامي‪ ،‬الدبلوماسية‪ ،‬دار العلم للماليني‪ ،‬بريوت‪1990 ،‬م‪ ،‬ص ص ‪.200–185‬‬
‫‪ -2‬د‪ .‬علي صادق أبو هيف‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.96‬‬
‫‪3-‬‬ ‫‪Do Nascimento, E. Silva; Diplomacy in International Law, Leidnsijthaff p51‬‬

‫‪30‬‬
‫الدبلوماسي ـ ــة‪ :‬الماهية والخصائص‬ ‫الفصل األول‬

‫املوفد إليها سلطة تقديرية كاملة يف قبول الشخص املرشح لرئاسة البعثة الدبلوماسية أو رفضه للدولة‬
‫‪1‬‬
‫املوفدة دون االلتزام بإبداء األسباب‪).‬‬

‫ويف املقابل‪ ،‬للدولة املوفدة إليها احلق يف فسخ العقد مع املبعوث يف أي وقت وجدته غري‬
‫مناسب ملهامه‪ ،Persona Non Grata ،‬وتطل ب من الدول ة اليت ميثله ا استدعاءه‪ ،‬أو أن تفرض‬
‫عليه مباشرة مبغادرة اإلقليم‪ .‬ويتحقق ذلك أثناء قيام رئيس البعثة الدبلوماسية بعمل يسيء إىل‬
‫العالقات الودية بني البلدين كأن يتدخل يف الشؤون الداخلية للدولة املضيفة‪2). .‬استعمال مقر البعثة‬
‫الدبلوماسية يف عمل يتعارض ووظائفها األساسية‪.‬وعليه‪ ،‬جيب على الدولة املوفدة‪ ،‬سحب مبعوثها‬
‫شخصا غري مرغوب فيه‪.‬‬
‫ً‬ ‫الدبلوماسي يف حالة أعترب‬

‫يبدأ مهام املبعوث من تاريخ اإلخطار بوصوله وتقدمي صورة رمسية من أوراق اعتماده إىل وزارة‬
‫تبعا للعرف املتبع يف الدولة املضيفة‪ .‬وبشرط‬
‫خارجية هذه الدولة‪ .‬أو من تاريخ تقدمي أوراق اعتماده ً‬
‫عدم التمييز بني رؤساء البعثات الدبلوماسية‪ .‬ويتوقف ترتيب تقدمي أوراق االعتماد أو صور تلك‬
‫‪3‬‬
‫األوراق على تاريخ وصول رئيس البعثة وساعته‪).‬‬

‫تتشكل البعثة الدبلوماسية من مبعوث رمسي وموظفني تعينهم الدولة املوفدة‪ ،‬ملعاونة رئيس البعثة‬
‫‪4‬‬
‫الدبلوماسية يف أداء مهام منصبه‪ .‬وينقسم هؤالء املوظفون إىل الفئات الثالث اآلتية‪:‬‬

‫أ – املوظفون الدبلوماسيون‪ ،‬وهم املوظفون الذين يشغلون درجات دبلوماسية‪ :‬كاملستشارين‬


‫متخصصا يف نشاط معني كاملستشار التجاري أو الثقايف‬
‫ً‬ ‫والسكرترييني وامللحقني‪ .‬وقد يكون بعضهم‬
‫أو الصحي أو امللحق العسكري‪.‬‬

‫ب – املوظفون اإلداريون والفنيون‪ ،‬وهم املوظفون الذين يعهد إليهم باألعمال اإلدارية‬

‫‪ -1‬د‪ .‬علي صادق أبو هيف‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.96‬‬


‫‪-2‬املادة ‪ 54‬من اتفاقية فيينا للعالقات الدبلوماسية‪.‬‬
‫‪ -3‬علي اهلادي محدي أمني‪ ،‬إدارة شؤون موظفي الدولة‪ ،‬أصوهلا وأساليبها‪ ،‬دار الفكر العريب‪1976 ،‬م‪ ،‬ص ص ‪.112–81‬‬
‫‪-4‬املادة ‪ 1/5‬من اتفاقية فيينا للعالقات الدبلوماسية‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫الدبلوماسي ـ ــة‪ :‬الماهية والخصائص‬ ‫الفصل األول‬

‫والفنيةالالزمة للبعثة كاحملاسبني واملرتمجني وأمناء احملفوظات والكتبة‪.‬‬

‫ج – مستخدمو البعثة‪ ،‬وهم األشخاص الذين يعملون يف خدمة البعثة الدبلوماسية‬


‫كاخلدموسائقي السيارات واحلرس‪ ،‬أو رئيسها‪ ،‬وتظهر أمهية التفرقة بني الفئات السابقة فيما يتعلق‬
‫بشروط التعيني والقبول يف الدول اليت يوفدون إليها‪ ،‬ومدى ما يتمتعون به من حصانات وامتيازات‬
‫‪1‬‬
‫حقوق ديبلوماسية‪.‬‬

‫أما بالنسبة لوظائف البعثة الدبلوماسية‪ ،‬فإهنا وف ًقا للمادة الثالثة من اتفاقية فيينا للعالقات‬
‫الدبلوماسية‪ ،‬تتمثل مهام البعثة الدبلوماسية يف ما يأيت‪:‬‬

‫‪ -‬متثيل الدولة املوفدة لدى الدولة املوفد إليها؛‬


‫‪ -‬محاية املصاحل اخلاصة بالدولة املعتمدة وبرعاياها يف الدولة املعتمد لديها ضمن احلدود اليت‬
‫يقررها القانون الدول‪.‬‬
‫‪ -‬التفاوض مع حكومة الدولة املعتمد لديها‪.‬‬
‫‪ -‬اإلحاطة بكل الوسائل املشروعة بأحوال الدولة املضيفة وبتطور األحداث هبا والتقرير‬
‫بذلكإىل الدولة املعتمدة‪.‬‬
‫‪ -‬تعزيز العالقات الودية وتدعيم الصالت االقتصادية والثقافية والعلمية بني الدولتني املعتمدة‬
‫‪2‬‬
‫واملعتمد لديها‪) .‬‬
‫إ ّن املتمعن يف هذه الوظائف يرى مدى اتفاقها وتناسبها مع أهداف الدبلوماسية؛ اليت تسعى‬
‫كل دولة إىل خلقها مع بقية الدول األخرى‪ ،‬وهو ما تتخذه أهم الدول الغربية على ‪-‬وجه‬
‫ودستورا تلتزم به يف مظاهر حياهتا السياسية واالقتصادية واالجتماعية كافة‪ ،‬على‬
‫ً‬ ‫منهجا‬
‫اخلصوص‪ً -‬‬
‫حنو ما أوضحناه ساب ًقا‪ .‬ولعل هذا هو السبب الذي من أجله انضمت األمم إىل اتفاقية فيينا‬

‫‪ -1‬املادة ‪ 13‬من اتفاقية فيينا للعالقات الدبلوماسية‪.‬‬


‫‪ -2‬املادة ‪ 4‬من اتفاقية فيينا للعالقات الدبلوماسية‪ .‬وينظر‪ :‬املادة ‪ 6‬من اتفاقية فيينا للعالقات الدبلوماسية‪ .‬واملادة ‪ 12‬من‬
‫اتفاقية فيينا للعالقات الدبلوماسية‪،‬ينظر‪ :‬د‪.‬مسوحي ‪ ،‬الدبلوماسية والربوتوكول‪ ،‬م‪.‬س ‪ /‬ص‪98‬‬

‫‪32‬‬
‫الدبلوماسي ـ ــة‪ :‬الماهية والخصائص‬ ‫الفصل األول‬

‫للعالقات الدبلوماسية واليت تنص على‪:‬‬


‫‪ )1‬احرتام قوانني الدولة املوفد إليها وأعرفها السائدة‪ ،‬مبا يتفق وأحكام القانون الدول‪.‬‬
‫‪ )2‬االمتناع عن أي عمل أو نشاط جتاري أو مهين شخصي‪.‬‬
‫‪ )3‬االبتعاد عن مواطن الشبهات‪ ،‬وعدم التورط يف عالقات خاصة تتنايف مع األخالق‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ )4‬استعمال االمتيازات الدبلوماسية لألغراض املمنوحة من أجلها‪). .‬‬
‫قيدا على مبدأ سيادة الدولة على إقليمها‪ .‬وال جيوز‬
‫إ ّن املزايا واحلصانات الدبلوماسية متثل ً‬
‫للدولة املضيفة اخلروج على مقتضاها عند التعامل مع البعثة الدبلوماسية وأعضائها‪ ،‬وإال عد ذلك‬
‫إهان ة موجهة للدولة املوفدة‪ ،‬األمر الذي قد يؤدي إىل تعكري صفو العالقات الودية بينهما‪ ،‬بل قد‬
‫ينتهي بإثارة دعوى املسؤولية ضد الدولة املضيفة‪2)..‬ووتتوزع هذه االمتيازات واحلصانات ما بني مزايا‬
‫مقررة للبعثة الدبلوماسية ذاهتا‪ ،‬وأخرى مقررة لصاحل املبعوثني الدبلوماسيني‪.‬‬

‫‪ -1‬د‪ .‬علي صادق أبو هيف‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.104‬‬


‫‪ -2‬د‪ .‬مسوحي فوق العادة‪ ،‬الدبلوماسية احلديثة‪،‬دار اليقظة العربية للتأليف والرتمجة والنشر‪،‬دمشق‪ 3،‬بريوت‪1973 ،‬م‪ ،‬ص ‪25‬‬

‫‪33‬‬
‫الدبلوماسي ـ ــة‪ :‬الماهية والخصائص‬ ‫الفصل األول‬

‫الدبلوماسية الحديثة خصوصيات العصر‬


‫إ ّن اهلدف العام للدبلوماسية القدمية هو االستقرار األورويب‪ ،‬وقد حتقق هذا من خالل االتفاق‬
‫األورويب عام ‪ 1815‬الذي حقق ألوروبا مائة عام تقريباً من السالم‪ ،‬وكان أبطال هذا اإلجناز هم‬
‫رجال الدولة ودبلوماسيني مثل بسمارك ومرتينخ وغريمها‪.‬‬

‫واملالحظ أن هذه املائة عام من السالم‪ ،‬واليت ستثري شجن وحنني الدبلوماسيني والساسة يف‬
‫‪balance of‬‬ ‫األجيال التالية؛ قد قامت يف ظروف استثنائية‪ ،‬ونتيجة لسياسة توازن القوى‬
‫‪power‬ووجود شبكة من املصاحل املتبادلة يف التجارة‪.1)).‬‬

‫قدم فرصة التفاعل السريع حيث‬


‫ولإلشارة أن عدد الفاعلني يف املسرح الدول قليل‪ ،‬وهذا ما ّ‬
‫زادت األلفة بني رجال الدولة والسفراء‪ ،‬واليت جتاوزت احلدود القومية‪ .‬ضف إىل ذلك أ ّن بالطهم‬
‫كون رجال الدولة والدبلوماسيون جمتمعاً‬
‫امللكي الذي كان نشطاً بشكل خاص يف الدبلوماسية ّ‬
‫ارستقراطياً؛ جتاوز القوميات‪ .‬وكان هذا هو ميزة عصرهم الذهيب‪ ،‬وبالتال خلق التقدم االقتصادي مع‬
‫استمرار السالم الذي جعل انعكس يف كتابات أدبائهم أمثال فيكتور هيجو الذي كتب عن (موت‬
‫الحرب‪).‬‬

‫ومع ذلك مل يستمر االستقرار والسالم؛ ألنه مع مطلع القرن العشرين بدأ النظام الدول يبشر‬
‫ببعض االضطرابات العنيفة‪ ،‬وانتهى زمن التناسق واالستقرار‪ ،‬فقد أزاحت احلرب األوىل أربع‬
‫‪2‬‬
‫إمرباطوريات كربى من القوى السبع اليت كانت على املسرح الدول‪). .‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Do Nascimento, E. Silva; Diplomacy in International Law, Leidnsijthaff p. .89‬‬
‫‪2-Denza.‬‬‫– ‪E. Diplomatic Law, New York, Ocean publications Inc, Dobbs Ferry, 1996, pp. 56‬‬
‫‪85; Oppenheim's International Law, Lauterpacht ,Vol. I, peace, 8th Ed., Longman, 1974,‬‬
‫‪pp793-794.‬‬

‫‪34‬‬
‫الدبلوماسي ـ ــة‪ :‬الماهية والخصائص‬ ‫الفصل األول‬

‫انعكس كل هذا على الدبلوماسية التقليدية ‪-‬يف جوهرها_ فكان عليها أن هتيئ نفسها للتأقلم‬
‫مع عصر ثوري جديد‪ .‬بدءا بإهناء االحتكار األورويب نتيجة لدخول الواليات املتحدة يف اجملموعة‬
‫الصغرية لألعضاء الكبار يف اجملتمع الدبلوماسي‪.‬‬

‫إن هذا التطور بدأ باالجتاه االنعزال الذي ساد الواليات املتحدة‪ ،‬الذي كان يود لو مل يكن‬
‫للعامل اجلديد سياسة خارجية على اإلطالق ابتعاداً عن مشاكل أوروبا وصراعاهتا وحروهبا‪ ،‬حيث أعلن‬
‫‪1906‬م‬ ‫جون آدمز أن عمل أمريكا مع أوروبا هو التجارة وليس السياسة أو احلرب ‪ ،‬وأنه حىت عام‬
‫كان للواليات املتحدة ست سفارات يف اخلارج والباقي مفوضيات‪.‬‬

‫ورغم كل ذلك‪ ،‬إال أن االجتاه االنعزال مل يصمد أمام التطورات اليت أرغمتها على أن تندمج‬
‫فيها وتصبح هي ودبلوماسيتها من العوامل املؤثرة يف توجيه احلياة والدبلوماسية الدولية إن مل تكن هي‬
‫‪1‬‬
‫العامل احلاسم فيها‪)). .‬‬

‫وعلى إثر هذا التطور‪ ،‬تعرضت الدبلوماسية القدمية أو التقليدية وأساليبها هلجوم مستمر منذ‬
‫احلرب العاملية األوىل‪ ،‬واستمر هذا اهلجوم الذي صحبته تطورات جذرية يف البيئة الدولية حىت كادت‬
‫الدبلوماسية القدمية أن تنبذ منذ هناية احلرب الثانية‪ .‬ويلخص هانز مورجانثو احلجج اليت استند عليها‬
‫اهلجوم على الدبلوماسية القدمية يف‪:‬‬

‫أهنا مسؤولة عن الكوارث السياسية اليت حاقت بالبشرية خالل احلقب اليت سيطرت‬ ‫‪-1‬‬
‫فيها أساليبها‪ ،‬واملنطق يقول إن األساليب اليت ثبت عدم صحتها جيب أن تستبدل‪.‬‬
‫إ ّن الدبلوماسية التقليدية إمنا تتعارض مع مبادئ الدميقراطية لذلك كان على‬ ‫‪-2‬‬
‫الدبلوماسية أن تكون مفتوحة ومعرضة للفحص يف كل عملياهتا‪.‬‬
‫إ ّن الدبلوماسية التقليدية بشكلياهتا غري ذات جدوى ومضيعة للوقت ومتعارضة‬ ‫‪-3‬‬
‫مبساوماهتا مع املبادئ األخالقية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Do Nascimento, E. Silva; Diplomacy in International Law, Leidnsijthaff p. .97‬‬

‫‪35‬‬
‫الدبلوماسي ـ ــة‪ :‬الماهية والخصائص‬ ‫الفصل األول‬

‫ّأما العوامل احلامسة اليت أدت إىل تراجع الدبلوماسية القدمية ونشوء الدبلوماسية اجلديدة‬
‫فكانت نتيجة لثالثة تطورات رئيسية هي‪:‬‬

‫التغيري الذي حلق بتكوين األسرة الدولية‪.‬‬ ‫أ‪-‬‬


‫طبيعة االهتمامات الدولية ومن مث أهداف العملية الدبلوماسية‪.‬‬ ‫ب‪-‬‬
‫ت‪ -‬مث ثورة تكنولوجيا املعلومات واالتصاالت‪.‬‬

‫فبالنسبة للعامل األول فقد كان عدد الدول اليت متارس العملية الدبلوماسية عند بداية نظام الدولة‬
‫احلديثة عند منتصف القرن السابع عشر اثنيت عشر دولة أوروبية‪ ،‬ومنذ هذا الوقت تضاعف هذا‬
‫العدد عدة مرات‪.‬‬

‫حدث حتول أساسي حيث حصلت الواليات املتحدة‬ ‫‪19‬‬ ‫وبداية القرن‬ ‫‪18‬‬ ‫ففي هناية القرن‬
‫ومخس عشرة دولة التينية على االستقالل‪ ،‬األمر الذي ضاعف من عدد الدول املكونة للمجتمع‬
‫الدول واتسعت الساحة الدولية‪ 1)..‬حبيث مشلت نصف الكرة الغريب‪ .‬مث حدث منو مفاجئ‪ -‬وإن‬
‫كان بطيئاً‪ -‬يف منتصف القرن التاسع عشر على اجملتمع الدول الصني واليابان‪ ،‬وعدد من دول‬
‫أمريكا الوسطى‪ ،‬وليبرييا‪.‬‬

‫ومنا هذا التوسع بشكل أكرب بعد احلرب العاملية األوىل‪ ،‬خباصة يف البلقان وجنوب شرق أوروبا‬
‫دولة‪ .‬غري أن اجملتمع الدول شهد أكرب‬ ‫‪65‬‬ ‫والشرق األوسط حيث بلغ عدد الدول ما يقرب من‬
‫توسع له نتيجة ملوجه االستقالل بعد احلرب العاملية الثان حيث انضم ‪ 75‬عضواً جديداً خاصة من‬
‫العامل العريب وأفريقيا وآسيا والباسيفيكي‪.2)..‬‬

‫‪ -1‬د‪.‬مسوحي فوق العادة‪ ،‬الدبلوماسية والربوتوكول‪ ،‬م‪.‬س ‪ /‬ص‪75‬‬


‫‪ –2‬د‪ .‬علي صادق أبو هيف‪ .‬القانون الدبلوماسي‪ .‬ص‪ 45‬وما بعدها‬

‫‪36‬‬
‫الدبلوماسي ـ ــة‪ :‬الماهية والخصائص‬ ‫الفصل األول‬

‫واستمر هذا التوسع حىت وصل عدد الدول اليت تتمتع بعضوية األمم املتحدة ‪ 185‬دولة‬
‫وبطبيعة احلال نتج عنه توسع كبري يف الصالت والعالقات الدبلوماسية واملفاوضات واألجهزة‬
‫الدبلوماسية يف اجملتمع الدول‪.‬‬

‫أما العامل الثان الذي خيتص نشوء الدبلوماسية احلديثة‪ ،‬فقد متثل يف التغيري النوعي الذي‬
‫جنم عن تقلص احلدود بني الدول والثورة الصناعية‪ ،‬وتزايد االعتماد على التجارة وتنوعها‬
‫واالكتشافات العلمية والتداخل املتزايد بني الدول يف الشؤون الثقافية واملالية واالجتماعية وتعامل‬
‫‪1‬‬
‫احلكومات مع نطاق واسع من القضايا واملشكالت‪)..‬‬

‫ففي القرن ‪ 19‬احنصر اهتمامات الدول ومن مث جهازها الدبلوماسي يف عدد حمدود من‬
‫القضايا مثل قضايا السالم واحلرب واالسرتاتيجية ومحاية املواطنني يف األراضي األجنبية وحقوق‬
‫‪lowpolitics‬‬ ‫املالحة والتجارة وتسليم اجملرمني‪ .‬وما عدا ذلك إال من قبيل االهتمامات األدىن‬
‫اليت إن أثارت االهتمام فهي ترتك للمستويات الوظيفية األقل‪.‬‬

‫أما اليوم فقد اتسع نطاق اهتمامات الدولة بشكل أصبح يشمل ‪ -‬إضافة إىل االهتمامات‬
‫التقليدية ‪ -‬قضايا مثل الطعام والطاقة واملياه والبيئة والسكان واهلجرة ومقاومة اإلرهاب والسكان‬
‫‪2‬‬
‫واالنتشار النووي واألمراض‪))..‬‬

‫ولعل العامل الثالث مثلته ثورة االتصاالت واملعلومات‪ ،‬اليت أحدثت تغيرياً نوعياً يف ظهور‬
‫الدبلوماسية احلديثة‪ .‬فالثورة التكنولوجية يف جمال النقل واالتصاالت سهلت األمور‪ ،‬واقتصرت اجلهد‬
‫والوقت‪ ،‬وأصبح من املمكن عقد مؤمترات وحوارات عرب االتصاالت السلكية والالسلكية واألقمار‬
‫الصناعية‪ ،‬لتتم من خالهلا إجراء اتصاالت طويلة ومشاورات بالربقيات والفاكس واخلط الساخن‬

‫‪1‬‬
‫‪- Strolzbirgit . konferenzdolmetschen ffertigkeit oder kunst ? kurz ingridroislangelahvsg‬‬
‫‪(1997) berufsbil der finubersetzer und dolmetscherwienuniversitatverlag.S.S 245 -278‬‬
‫‪ -2‬د‪ .‬مسوحي فوق العادة‪ ،‬الدبلوماسية احلديثة‪ ،‬ص‪.283‬‬

‫‪37‬‬
‫الدبلوماسي ـ ــة‪ :‬الماهية والخصائص‬ ‫الفصل األول‬

‫الذي يربط بني الرؤساء خاصة‪ ،‬هذا من جهة‪ .‬ومن جهة أخرى‪ ،‬مكن املتفاوضني وهم على مائدة‬
‫املفاوضات من االتصال بعواصم بالدهم واحلصول على التوجيهات من صناع القرار يف عواصمه‪.‬‬

‫إن لثورة املعلومات التكنولوجية‪ ،‬وما متيزت به من سرعة النقل واالتصال عرب الشبكات‬
‫والقنوات التلفزيونية‪ ،‬تأثري حاسم على عمل الدبلوماسي وكمية ما هو متاح له من أخبار ومعلومات‬
‫وتقييمات وجعله يف مركز األحداث العاملية وهو يف مكتبه وجعله هذا يف سباق مع الزمن لكي‬
‫‪1‬‬
‫يالحق هذه اإلحداث وال يتخلف عنها‪)).‬‬

‫إ ّن إدارة العالقات الدولية خالل عصر الدبلوماسية القدمية والتقليدية كانت توكل إىل صفوة من‬
‫الرجال املختارين‪ ،‬اليت تتفاوض وتقرر سياسات بالدها وعالقاهتا‪ .‬ولعل هذا هو السبب الرئيس يف‬
‫ظهور الدبلوماسية احلديثة‪ ،‬وبالتال بروز تصور أكثر دميقراطية للعالقات الدولية‪.‬‬

‫‪ ،democratized‬حيث أصبح‬ ‫دميقراطي‪diplomacy‬‬ ‫أصبحت الدبلوماسية ذات طابع‬


‫الرأي العام ذا تأثري بالغ على صانع السياسة ومنفذها من خالل وسائل اإلعالم‪ ،‬واألحزاب‪،‬‬
‫واالجتماعات الشعبية‪ ،‬والربملانات‪ ،‬واملظاهرات‪ ،‬وصناديق االقرتاع‪ .‬وهكذا األمر فرضته نظم احلكم‬
‫الدميقراطية‪ .‬وهذا ما اصطلح عليه أحياناً بالدبلوماسية الشعبية‪people diplomacy‬مبا يعين نفوذ‬
‫وتأثري األجهزة الشعبية والتمثيلية على العالقات اخلارجية وإداراهتا‪.‬‬

‫وعلى العموم ‪ ،‬كانت هذه هي العوامل الرئيسة يف التحول الذي حدث يف الدبلوماسية احلديثة‬
‫ونقلها من طبيعتها ومنهجها ومضموهنا التقليدي الكالسيكي إىل الدبلوماسية اجلديدة ذات املضمون‬
‫‪ -‬وإن ظل حمتفظاً بعناصر من مضمون الدبلوماسية القدمية ‪2)).‬فالديبلوماسية احلديثة طورت‬
‫مناهجها وادواهتا مبا يتناسب مع تنوع موضوعاهتا‪ .‬فإذا كان األمر كذلك فما هي أهم اخلصائص اليت‬
‫أصبحت متيز الدبلوماسية احلديثة واملعاصرة؟‬

‫‪1‬‬
‫‪- Do Nascimento, E. Silva; Diplomacy in International Law, Leidnsijthaff p. .91‬‬
‫‪ -2‬د‪ .‬مسوحي فوق العادة‪ ،‬الدبلوماسية احلديثة‪ ،‬ص‪.283‬‬

‫‪38‬‬
‫الدبلوماسي ـ ــة‪ :‬الماهية والخصائص‬ ‫الفصل األول‬

‫لقد أظهرت العوامل اليت كانت وراء هذا التحول عدداً من اخلصائص الدبلوماسية احلديثة‪ ،‬فقد‬
‫أصبحت تعمل يف بيئة دولية أكثر اتساعا وتعددا وتنوعا من اليت كانت تعمل فيها الدبلوماسية‬
‫القدمية‪ .‬واتسع نطاق القضايا واملوضوعات اليت تعاجلها وينشغل هبا الدبلوماسي وتشكل جدول‬
‫أعماله اليومي‪1)).‬هذا من ناحية‪.‬‬

‫ومن ناحية أخرى‪ ،‬أصبحت تعمل يف ضوء العالنية ومتابعة وسائل اإلعالم‪ ،‬وحتت تأثري‬
‫املؤسسات الدميقراطية ويقظة الرأي العام‪ .‬وباإلضافة إىل هذه اخلصائص املرتبطة بعوامل التغري اليت‬
‫طرأت على الدبلوماسية‪ ،‬مثة خصائص أصبحت من املعامل الرئيسية للدبلوماسية املعاصرة‪ .‬من أهم‬
‫هذه املعامل‪:‬‬

‫أوال‪ :‬إن الدبلوماسية اليوم أصبح يطلق عليها ما ميكن تسميته الدبلوماسية الشاملة أو الكاملة‬
‫‪.Total‬ذلك أ ّن الدبلوماسي اليوم هو الذي يدير وينسق نطاقا عريضا من‬ ‫‪Diplomacy‬‬

‫النشاطات واالهتمامات العريضة للبلد املعتمد فيه‪ ،‬فلم يعد كالسابق قانعا مبمارساته التقليدية من‬
‫حفالت ومآدب عشاء وغذاء واستقباالت أو بكتابة التقارير والتحليالت والتنبؤات‪.‬‬

‫وعيله‪ ،‬جيب على الديبلوماسي احلديث أن يتوقع معاجلة كل مظاهر احلياة البشرية‪ ،‬إذ أن كل‬
‫مظهر للوجود البشرى أصبح اليوم تقريبا له بعض األبعاد الدولية‪ ،‬األمر الذي نقل الدبلوماسية من‬
‫كوهنا عملية بسيطة إىل معقدة؛ وهذا نتيجة للعدد املتزايد من املشكالت‪ ،‬والقضايا املعقدة‬
‫واملتشابكة اليت تواجه الدول واجملتمع الدول؛ وأيضا نتيجة للعدد املتزايد من الدول‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬إ ّن الذي أصبح مييز الدبلوماسية املعاصرة وأصبحت معه تسمى الدبلوماسية الرتابطية‬
‫‪Associative‬هو النمو املستمر يف تكوين اجملموعات اإلقليمية والدولية‬ ‫‪Diplomacy‬‬

‫‪ Groupings‬وهو االجتاه الذي تشكل به هذه اجملموعات عالقات سياسية واقتصادية وثيقة الصلة‬
‫مع دول أخرى تربطها هبا روابط اسرتاتيجية وسياسية واقتصادية وجتارية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Do Nascimento, E. Silva; Diplomacy in International Law, Leaden sijthaff p. .99‬‬

‫‪39‬‬
‫الدبلوماسي ـ ــة‪ :‬الماهية والخصائص‬ ‫الفصل األول‬

‫ويبدو هذا االجتاه واضحا يف توسيع وتعميق جمموعات كانت قائمة مثل السوق األوروبية‬
‫املشرتكة ‪ EEC‬واليت توسعت لتصبح االحتاد األورويب ‪ EU‬وأصبحت تضم اليوم ‪ 15‬عضوا‪ ،‬ومل تتسع‬
‫يف العضوية فقط وإمنا كذلك يف طبيعة الروابط بينها حبيث أصبحت تتجه وفقا ملعاهدة ماستريخت‬
‫‪1‬‬
‫يف ديسمرب عام ‪ 1991‬اىل الوحدة النقدية والسياسية واالقتصادية‪))..‬‬

‫وعلى املستوى اآلسيوي جند رابطة دول جنوب شرقي آسيا‪ :‬اآلسيان ‪ ،ASIAN‬ومنتدى‬
‫التعاون االقتصادي لدول آسيا باسيفيك ‪ ،APEC‬مث جتمع ‪ NAFTA‬الذي يضم الواليات املتحدة‬
‫وكندا واملكسيك‪ .‬باإلضافة إىل جتمعات فرعية‪ Sub-groupings‬يف النطاق العريب‪ :‬جمموعة الدول‬
‫اخلليجية اليت جيمعها جملس التعاون اخلليجي ‪ GCC‬وجمموعة الدول املغاربية اليت جيمعها احتاد‬
‫املغرب العريب‪ 2)).‬ويف النطاق اإلفريقي جمموعة دول غرب إفريقيا‪ECAWAS‬وجمموعة اجلنوب‬
‫‪.SA-DAC‬‬ ‫اإلفريقي‬

‫ويف اإلطار الالتيين هناك جمموعة امليكروسول‪ Micro sole‬وهي اجملموعات الفرعية اليت تعمل‬
‫جبوار املنظمات اإلقليمية األوسع مثل منظمة الوحدة األفريقية‪ ،‬وجامعة الدول العربية‪ ،‬ومنظمة‬
‫‪3‬‬
‫الوحدة األمريكية‪))..‬‬

‫إ ّن املتتبع للحقبتني املاضيتني يلمس منوا ملحوظا يف تطور الدبلوماسية املعاصرة فيما يتعلق‬
‫بالقضايا االجتماعية واالقتصادية والفنية أو ما أصبح يعرف بالقضايا العاملية ‪ ،Global Issues‬هذه‬
‫القضايا اليت أصبحت عمليا تشكل جدول أعمال االهتمامات امللحة للمجتمع الدول وتفرض‬
‫طبيعتها املتشابكة وآثارها املمتدة اليت تتعدى حدود الدول بل والقارات‪ .‬وهلذا تتطلب جهدا وتنسيقا‬
‫مجاعيا‪ .‬ويصبح من الصعب على دولة واحدة مهما كانت إمكانياهتا أن تواجهها منفردة‪.‬‬

‫‪ –1‬د‪ .‬علي صادق أبو هيف‪ .‬القانون الدبلوماسي‪ .‬ص‪ 15‬وما بعدها‬
‫‪ -2‬د‪.‬حممودخلف‪.‬النظرية واملمارسة الدبلوماسية‪ ،‬ص ‪184‬‬
‫‪ -3‬د‪ .‬على صادق أبوهيف‪ ،‬املرجع نفسه‪ .‬ص ‪245‬‬

‫‪40‬‬
‫الدبلوماسي ـ ــة‪ :‬الماهية والخصائص‬ ‫الفصل األول‬

‫ومثل هذه القضايا هي اليت انعقدت حوهلا مؤمترات دولية مثل البيئة‪ ،‬والسكان‪ ،‬والتنمية‬
‫االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وحقوق اإلنسان واملرأة‪ ،‬إىل جانب قضايا عريضة أخرى تنتظر وتتطلب‬
‫جهدا دوليا مجاعيا مثل‪ :‬اإلرهاب الدول‪ ،‬واجلرمية‪ ،‬واهلجرة واألمراض والتلوث واالنتشار النووي ‪...‬‬
‫اخل‪ .‬كل حتت مسمى رعاية األمم املتحدة‪.‬‬

‫وطبقا هلذه املهام اجلديدة كان على األجهزة الدبلوماسية إعادة تنظيم هياكلها وأولوياهتا حبيث‬
‫أصبحت اإلدارات واألقسام اليت تعاجل هذه القضايا هلا األولوية على غريها من اإلدارات التقليدية اليت‬
‫‪1‬‬
‫تعاجل القضايا السياسية‪ ،‬وانسحب هذا على األفراد الذين يتولون هذه املهام‪)).‬‬

‫ولعل هذا ما خلق جوا تنافسيا بني أعضاء األجهزة الدبلوماسية على مستوى العمل‬
‫والتخصص يف هذه األنشطة اجلديدة‪ ،‬واليت أصبحت تتطلب ثقافة وتكوينا جديدا ‪ ،‬وأصبح ترتيب‬
‫حضور هذه املؤمترات وكذلك احتمال تنظيمها موضوعيا وإداريا وفنيا من أهم ما يشغل وزارات‬
‫اخلارجية واليت تتوىل مسؤولية هذه املؤمترات الدولية اليت تعقد يف بالدها‪2)).‬باإلضافة إلى معاجلتها‬
‫تعاجل قضايا بعيدة عن القضايا السياسية التقليدية سواء من حيث املشاركة الدولية فيها أو من الناحية‬
‫التنظيمية‪ ،‬وإعداد الكوادر الفنية الالزمة‪ :‬السكرتارية الرتمجة ومصاحبة الوفود الزائرة‪ ..‬اخل‪.‬‬

‫وبالرغم من األمهية اليت اكتسبتها الدبلوماسية املتعددة ‪Multilatéral Diplomacy‬يف مثل‬


‫هذه القضايا العاملية وتأثريها املتزايد على فرص استقرار السالم واألمن الدوليني‪ ،‬إال أن الدبلوماسية‬
‫املتعددة أصبحت متارس اآلن بشكل متزايد يف جمال هام آخر وهو العمل على حتقيق حلول‬
‫للصراعات ‪conflit Résolution‬وخباصة بعد أن تعقدت مثل هذه الصراعات وتعمقت بدخول‬
‫عوامل عرقية ودينية‪ ،‬وبعد أن بات من الصعب على دولة واحدة‪ ،‬حىت وإن كانت قوة كربى‪ ،‬أن‬
‫حتقق مبفردها حلوال ملثل هذه الصراعات‪.‬‬

‫‪ -1‬د‪ .‬مسوحي فوق العادة‪ ،‬الدبلوماسية احلديثة‪ .‬ن‪.‬م ص‪188‬‬


‫‪ –2‬د‪ .‬علي صادق أبو هيف‪ .‬املرجع نفسه ص‪ 19‬وما بعدها‬

‫‪41‬‬
‫الدبلوماسي ـ ــة‪ :‬الماهية والخصائص‬ ‫الفصل األول‬

‫غري أن اخلربة قد أظهرت أن فعالية الدبلوماسية املتعددة يف حتقيق حلول هلذه الصراعات يرد‬
‫عليها قيود عديدة‪ ،‬كما سوف تظل عاجزة طاملا أصرت أطراف النزاع على إدارته بالوسائل‬
‫العسكرية‪1)). .‬وهنا يبدأ الدور الفعال للدبلوماسية املتعددة‪ ،‬فبعد أن تستنفد أطراف الصراع جهودها‬
‫العسكرية وتصل املواجهة بينهم إىل مرحلة اجلمود ‪ Deadlock‬كما أظهرت خربات الصراعات يف‬
‫الشرق األوسط يف كمبوديا وأجنوال وأخريا يف البلقان‪ .‬هنا يأيت دورها لفك هذه النزاعات‪.‬‬

‫ولعل أهم ما أصبح مييز البيئة الدبلوماسية اجلديدة هو تأثرها بوسائل اإلعالم والعالنية اليت‬
‫تفرضها عليها‪ .‬ويسجل مؤرخو الدبلوماسية بدء تصدع نظام الدبلوماسية القدمية برتاجع طابع التكتم‬
‫والسرية واخلصوصية اليت كانت تتميز هبا العملية الدبلوماسية وخاصة يف أهم جوانبها وهي‬
‫‪2‬‬
‫املفاوضات‪)).‬‬

‫ال أحد ينكر مدى تأثري وسائل اإلعالم على االتصاالت الدبلوماسية وخاصة خالل األحداث‬
‫الدقيقة‪ ،‬ومثة أمثلة حديثة‪ ،‬تظهر مدى هذا التأثري‪ ،‬وقد بدأ هذا واضحاً خالل أزمة الرهائن‬
‫األمريكيني يف إيران‪3)).،‬حيث كانت االتصاالت حوهلا واجلانب األمريكي يقبع حتت ضغط إثارة‬
‫وسائل اإلعالم ومتابعتها لألزمة حلظة بلحظة‪.‬‬

‫كما بدأ ذلك أيضا خالل أزمة اخلليج اليت كانت فيها وسائل اإلعالم طرفا أساسيا ومؤثرا يف‬
‫اجتاه األزمة وتناوهلا‪ ،‬وخالل عملية التفاوض وجلساهتا يعمل املتفاوضون ويف أذهاهنم ماذا سيقولونه‬
‫‪1‬‬
‫– ‪-Denza. E. Diplomatic Law, New York, Ocean publications Inc, Dobbs Ferry, 1976, pp. 79‬‬
‫‪82; Oppenheim's International Law, Lauterpacht ,Vol. I, peace, 8th Ed., Longman, 1974,‬‬
‫‪pp793-794.‬‬
‫‪ -2‬د‪ .‬مسوحي فوق العادة‪ ،‬الدبلوماسية والربوتوكول ‪ .‬ن‪.‬م ص‪188‬‬
‫‪ -3‬ميثل العمل الدبلوماسي بالنسبة للمرتمجني تطلعات خاصة ومميزة جيمعها مع املعايري املنبثقة من ترمجة خمتلف السياسات‪،‬‬
‫ومقارنتها‪ ،‬بل ودراستها ومن مث حتديدها‪ ،‬واألخذ ببعضها وترتك البعض اآلخر‪ ،‬وإلثراء اللغتني‪ ،‬العربية واألملانية‪ ،‬ميكن إضافة‬
‫مفهوم لغوي جديد يضيف آفاقاً جديدة حلركة الرتمجة الدبلوماسية‪ ،‬فهذا املقسم اجلديد الذي يعد جائرا ألنه ينال من الرتمجة‬
‫الدقيقة األمينة‪ .‬لألصل‪ .‬لنأخذ مثالً على ذلك‪:‬‬

‫‪42‬‬
‫الدبلوماسي ـ ــة‪ :‬الماهية والخصائص‬ ‫الفصل األول‬

‫ألجهزة اإلعالم ومراسليها الذي يرتبصون هبم‪1). .‬وقد يالحقوهنم بعد انتهاء كل جلسة ويعلم كل‬
‫جانب أنه وهو خياطب أجهزة اإلعالم عن جمرى املفاوضات وما حققته من جناح أو فشل ‪ ،‬إمنا‬
‫‪2‬‬
‫خياطب الرأي العام يف بالده بكل اجتاهاته مواقفه من موضوع املفاوضات‪)..‬‬

‫ولعل إدراك تأثري ذلك على عملية التفاوض وإمكانات جناحها هو الذي يدفع إىل ترتيب‬
‫إجراء املفاوضات‪ ،‬خاصة حول القضايا املعقدة والشائكة‪ ،‬يف معزل تام عن عيون أجهزة اإلعالم وهو‬
‫‪3‬‬
‫ما رأيناه يف مفاوضات كامب ديفيد حول قضية الشرق األوسط‪).،‬‬

‫ونذكر أيضا جو العزلة والسرية املطلقة اليت أحاطت بالتفاوض بني إسرائيل ومنظمة التحرير‬
‫الفلسطينية؛ للتوصل إىل اتفاق إعالن املبادئ واختيارهم بلدا يف أقصى الشمال وهي النرويج لعقد‬
‫هذه املفاوضات‪ ،‬كما مت ترتيب نفس أجواء العزلة للمفاوضات اليت عقدت يف والية دايتون بوالية‬
‫أوهايو األمريكية بني األطراف املتنازعة حول البوسنة واهلرسك‪ .‬على أية حال‪ ،‬إذا كان التظلم‬
‫الدبلوماسي يعيش اآلن عصر الدبلوماسية احلديثة مبكوناهتا وخصائصها اليت أسلفناها‪ ،‬إال أن علينا‬
‫أن ندرك أنه من املنظور النظري والعلمي فإن الدبلوماسية كأي مؤسسة بشرية يف عملية ديناميكية‬
‫‪4‬‬
‫تتعرض لتغيريات الزمن وما يأيت به من قوى ومؤثرات جديدة‪). .‬‬

‫وعليه فالديبلوماسية غري ثابتة على مبدأ واتفاق بني مجيع الدول‪ ،‬فهي خاضعة للتغريات اليت‬
‫يشهدها كل عصر واحتياجات كل دولة‪ .‬لذلك جند أن كل عصر مير بتجديد جوهري يف أساليبه‬
‫وصيغه الدبلوماسية‪ ،‬األمر الذي يتوقع معه بعض مؤرخي الدبلوماسية أن صيغة اليوم من الدبلوماسية‬

‫‪1‬‬
‫‪- Joëlle Redouane, stylistique comparée du Français et de l’Anglais OPU 1996.p.162‬‬
‫‪ –2‬ينظر‪ :‬د‪.‬حممد عمر مدن‪ ،‬العالقات الدبلوماسية ‪ ،‬ص‪ 276‬وما بعدها‬
‫‪ –3‬د‪ .‬حممد عمر مدن‪ .‬مرجع سابق ‪.‬ص‪261‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- Do Nascimento, E. Silva; Diplomacy in International Law, Leidnsijthaff p. 51.‬‬

‫‪43‬‬
‫الدبلوماسي ـ ــة‪ :‬الماهية والخصائص‬ ‫الفصل األول‬

‫اليت نصفها بأهنا جديدة ميكن أن ختتلف عن تلك اليت سنجدها يف املستقبل‪ 1)). .‬وعلى إلثر هذا‬
‫االجتاه شرعت وزارات خارجية‪ ،‬خاصة الدول الكربى‪ ،‬يف التخطيط إلعادة بناء هياكلها ونظمها‬
‫وأساليب العمل فيها وإعادة تدريب وإعداد دبلوماسييها لكي تواجه متطلبات القرن اجلديد بأوضاعه‬
‫‪2‬‬
‫وأدواته وعالقاته املتغرية‪).‬‬

‫‪1‬‬
‫– ‪-Denza. E. Diplomatic Law, New York, Ocean publications Inc, Dobbs Ferry, 1976, pp. 79‬‬
‫‪82; Oppenheim's International Law, Lauterpacht ,Vol. I, peace, 8th Ed., Longman, 1974,‬‬
‫‪pp793-794.‬‬
‫‪ -2‬د‪ .‬مسوحي فوق العادة‪ ،‬الدبلوماسية احلديثة‪ ،‬مرجع سابق‪ .‬ص‪25‬‬

‫‪44‬‬
‫الترجمة المتخصصة والمصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ -1‬الترجمة المتخصصة׃‬

‫يندرج حتت لواء الرتمجة املتخصصة أنواع‪ ،‬منها ترمجة النصوص االقتصادية والنصوص القانونية‬

‫والطبية والتقنية وغريها من أنواع النصوص‪ .‬وقد يتوزع النوع الواحد على عدة ختصصات فرعية‪،‬‬

‫فالرتمجة الدبلوماسية مثال تتوزع على أنواع فرعية نذكر منها على سبيل املثال‪ :‬اإلحصائيات‪،‬‬

‫واالقتصاد الرياضي‪ ،‬واالقتصاد النقدي‪ ،‬واألسواق الدبلوماسية‪ ،‬والضرائب‪ ،‬والدبلوماسية العمومية‪،‬‬

‫والتجارة االلكرتونية‪ ،‬وقانون املنافسات‪ ،‬وقانون العقوبات يف جمال تبييض رؤوس األموال‪ ،‬والرشوة‪،‬‬

‫وغريها من النصوص‪.‬‬

‫‪ -2.1‬سمات الترجمة المتخصصة׃‬

‫أضحت الرتمجة املتخصصة ذات أمهية كربى غداة احلرب العاملية الكربى؛ أي مع انفتاح السوق‬

‫العاملية االقتصادية‪ .‬ويلخص شحادة اخلوري أهم مميزاهتا يف قوله ‪:‬‬

‫( تتميز هذه الترجمة بأنه ينبغي أن تتوافر لها الدقة‪ ،‬والوضوح في المعنى‪ ،‬مع صحة المصطلح‪،‬‬

‫وسالمة اللغة‪ ،‬وليس مطلوبا فيها حسن األسلوب‪ ،‬وجمال العبارة )‪ .1‬وهي بذلك تتميز عن غريها من‬

‫الرتمجة خبصوصية النصوص‪ ،‬واألسلوب التقين‪ ،‬الذي يشكل صعوبات ال يستطيع أن يتجاوزها‬

‫املرتجم غري املتخصص‪.‬‬

‫وترتبط صعوبة ترمجة النصوص املتخصصة بطبيعة هذه النصوص نفسها‪ ،‬وقد ال نأيت جبديد إذا‬

‫قلنا إن هذه الطبيعة هي اليت تفرض منهجية معينة على املرتجم‪.‬‬

‫‪ -1‬اخلوري (شحادة)‪ ،‬دراسة يف الرتمجة واملصطلح والتعريب‪ ،‬تونس‪،‬ص ‪.57‬‬

‫‪46‬‬
‫الترجمة المتخصصة والمصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثاني‬

‫فرتمجة النصوص القانونية مثاال ختتلف عن ترمجة اإلعالنات والدعاية‪ ،‬وترمجة النصوص الطبية‬

‫ختتلف عن ترمجة النصوص التقنية‪ ،‬وتعد هذه الظاهرة من أهم العوامل اليت تصعب إجناز معاجم‬

‫متخصصة‪.‬‬

‫ومن األمور اليت تفرض نفسها على املرتمجني‪:‬‬


‫‪1‬‬
‫احرتام مضمون النص األصلي وشكله أثناء نقله إىل اللغة املرتجم إليها‬

‫احرتام أسلوب النص األصلي أثناء عملية النقل أي االعتناء باجلانب اللغوي وذلك بسبب‬

‫اختالف أنواع النصوص‪ .‬فلغة النص الدبلوماسي مثال ختتلف عن لغة النص اإلشهاري‪.‬‬

‫‪ -3.1‬كفاءات المترجم المتخصص ׃‬

‫ويشرتط يف املرتجم املتخصص امتالكه ملؤهالت‪ ،‬ومهارات خاصة يذكرها إبراهيم بدوي‬

‫اجليالن بقوله‪" :‬إن أدوات املرتجم الناجح هي املعرفة الذاتية‪ ،‬وإتقان اللغتني‪ ،‬واقتناء املراجع اللغوية‬

‫والتخصصية‪ ،‬ومعاجلة مشكلة املنقول من لغات هلا خصائصها الرتكيبية اليت ختتلف جزئيا أو كليا عن‬

‫خصائص العربية واليت قد يؤدي عدم اكتشافها إىل معضالت داللية تشوه املعىن أو تعكسه"‪ 2‬وقد‬

‫سبق للجاحظ يف القرن الرابع أن حددها بشكل واضح عندما حتدث عن الرتمجان ‪.‬‬

‫وإذا كان بعض الباحثني يدعو ن إىل ضرورة ختصص املرتجم يف امليدان واحد (أو ختصص‬

‫دقيق)‪ ،‬فهم يرون أن النص الدبلوماسي مثال ال يرتمجه إال املتخصص يف اجملال الدبلوماسي و يف‬

‫‪ - 1‬يرى بعض الدارسني أن االهتمام باجلانب الشكلي يف الرتمجة املتخصصة يأيت يف مرتبة ثانية غري أنه يفضل أن يعتين به‬
‫املرتمجون قصد إنتاج ترمجة وافية شاملة‬
‫‪ -2‬اجليالن (إبراهيم بدوي) ‪ ،‬علم الرتمجة وفضل العربية على اللغات‪ ،‬املكتب العريب للمعارف‪ ،‬ط‪ ،1996 ،1‬ص‪.47‬‬

‫‪47‬‬
‫الترجمة المتخصصة والمصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الشؤون الدبلوماسية‪ ،‬وأن النص الطيب ال يرتمجه إال من كان خبريا يف امليدان الطيب‪ ،‬فإن تداخل‬

‫بعض اجملالت أو انسالهلا عن بعضها بعض جعل هذا التخصص الدقيق تشوبه العديد من‬

‫اإلشكاالت‪.‬‬

‫غري أن هذين العاملني األخريين ليسا الشرطني الوحيدين من أجل جناح الرتمجة املتخصصة‪،‬‬

‫فرمبا يتسىن للخبري مبيدان الدبلوماسية فهم النص وإدراكه بسهولة مقارنة باملرتجم‪ ،‬إال أنه لن يقدم لنا‬

‫نصا مفهوما يف آخر املطاف ذلك‪ ،‬ألنه سيلجأ إىل الرتمجة كلمة بكلمة دون إملامه بلغة اهلدف‪ ،‬وال‬

‫بتقنيات الرتمجة‪ ،‬فيؤول نصه مبهما غري مفهوم‪.‬‬

‫ال ميكن للمرتجم أن يكون موسوعة متنقلة‪ ،‬فمن املستحيل إدراكه كل املصطلحات الواردة يف‬

‫النص‪ .‬ويرجع هذا العسر يف الفهم إىل صعوبة املصطلحات التقنية اليت يتضمنها املوضوع املتناول‪.‬‬

‫ولكن التكوين اجليد للمرتجم يكفيه ملواجهة خمتلف النصوص مبا يف ذلك النصوص الدبلوماسية‪.‬‬

‫وهذا الكالم يعين أن املرتجم إذا تلقى تكوينا جيدا يستطيع أن يرتجم خمتلف النصوص‪ ،‬شريطة أن‬

‫يكون قادرا على القيام مبا يسمى بالبحث التوثيقي واملصطلحي‪.‬‬

‫وال بأس من اإلشارة إىل وجود عدة حلول تساعد املرتجم على جتاوز مشكلة املصطلحات‪،‬‬

‫مثل االستعانة باملعاجم املتخصصة املزدوجة اللغة‪ ،‬وكذلك أحادية اللغة اليت تسمح له بفهم املصطلح‬

‫يف لغة املصدر أوال‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫الترجمة المتخصصة والمصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ -4.1‬إبداع المترجم׃‬

‫إن عنصر اإلبداع ليس حكرا على الرتمجة األدبية‪ ،‬فهو عامل مهم يف جمال الرتمجة املتخصصة‬

‫أيضا‪ .‬وعلى الرغم من كون املرتجم مقيد بالنص األصل‪ ،‬إال أن هذا ال مينعه من اإلبداع الذي يكمن‬

‫يف خلق نفس تأثري النص األصل يف القارئ‪ ،‬وبالقوة نفسها‪ ،‬فما عليه إال استعمال املوارد اللغوية‬

‫املفيدة اجملدية اليت حتت يده‪.‬‬

‫ويكون األمر جليا عند مقارنة ترمجتني لنص واحد‪ ،‬ملرتمجني خمتلفني‪ ،‬فنجد أن إحدامها أحسن‬

‫من األخرى‪ ،‬والفرق يعود هنا إىل عامل "اإلبداع"‪ ،‬الذي ختتلف درجته من مرتجم إىل آخر‪.‬‬

‫وينعكس هذا حتما على الشكل‪ ،‬واملضمون اللذين يعتربان متكاملني حسب "فيكتور هيجو"‬

‫الذي يقول ׃ "ليس الشكل إال باملضمون الذي يصعد إىل سطح املاء"‪. 1‬‬

‫وعليه‪ ،‬فتقنية النص الدبلوماسي لن ختلو من حاجتها إىل إبداع املرتجم أثناء الرتمجة‪ ،‬ويكمن‬

‫اإلبداع إذا يف اختيار املقابل احلسن الصائب الذي تكون له قوة التأثري نفسها يف القارئ‪ ،‬مثل تلك‬

‫اليت جندها يف النص األصل‪ ،‬األمر الذي يتطلب من املرتجم املتخصص إدراكا تاما للغة األصل‪،‬‬

‫وتفكريا منطقيا سليما‪ ،‬حىت ال يبتعد عن معىن النص احلقيقي‪ ،‬ومنه عن هدفه‪.‬‬

‫ولرمبا تتضح أمهية إبداع املرتجم يف ترمجة هذا النوع من النصوص‪ ،‬عندما يتعذر عليه القيام‬

‫برتمجة مباشرة‪ ،‬أي إعطاء مقابالت مفرداتية وتركيبية‪ ،‬فيلجأ إىل إبداعه الشخصي‪ ،‬وذلك خبلق‬

‫‪1‬‬
‫‪- Delisle )Jean(, La Traduction Raisonnée, Presses de l’Université d’Ottawa,‬‬
‫(ترمجة الطالبة)‪1997, p152 .‬‬

‫‪49‬‬
‫الترجمة المتخصصة والمصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثاني‬

‫عبارات حتمل املعىن األصلي نفسه‪ ،‬ختدم املعىن يف اللغة اهلدف‪ ،‬كما هو احلال بالنسبة إىل النص‬

‫الدبلوماسي الذي حيمل العديد من االستعارات وضروب اجلناس‪.‬‬

‫وختتلف درجة اإلبداع من مرتجم إىل آخر ومن نص إىل آخر‪ ،‬ويف بعض األحيان من فقرة إىل‬

‫أخرى يف النص الواحد‪ ،‬إذ هناك فقرات تستدعي إبداعا أكثر من أخرى‪ ،‬فرتمجة مقال صحفي مال‬

‫–على سبيل املثال‪ -‬حتتاج إىل إبداع املرتجم حني يقوم الكاتب بوصف حال السوق الدول مثال‪،‬‬

‫فنجد الكثري من الكنايات‪ ،‬والتشبيهات ‪،‬واجلناس‪ ،‬وقد يستغين النص نفسه يف مرحلة ثانية عن هذه‬

‫املهارة حني يقوم برصد إحصائيات السوق اليت ال تتطلب ترمجتها أي نوع من اإلبداع‪ ،‬وهنا يربز لنا‬

‫بروزا واضحا‪ ،‬اختالف درجة اإلبداع لدى املرتجم نفسه‪ ،‬ويف ترمجة النص الواحد‪ ،‬وتتجلى لنا‬

‫الكيفية اليت يتحدى هبا املرتجم الصعوبات اليت تعرتضه يف عمله‪ ،‬اعرتاضا فائقا‪ ،‬وذلك باستعمال‬

‫طرق تعبريية خاصة باللغة اهلدف‪.1‬‬

‫كلما كان النص الدبلوماسي قريبا من اإلحصائيات واألرقام‪ ،‬قلت درجة اإلبداع يف النص‪،‬‬

‫وكلما اقرتب النص من املقال الصحفي الدبلوماسي‪ ،‬أو التعليق على حوصالت األعمال السنوية‬

‫مثال‪ ،‬زادت درجة اإلبداع فيه‪ ،‬وهنا نالحظ أن النص الدبلوماسي‪ ،‬وعلى الرغم من تقنيته إال أنه‬

‫حيتاج إىل إبداع املرتجم أثناء ترمجته‪ ،‬وميكن مرد ذلك إىل األسلوب اخلاص املستعمل يف ميدان‬

‫الدبلوماسية‪ ،‬وهذا ما رأيناه يف الفصل السابق‪.‬‬

‫‪ -5.1‬كفاءات المترجم׃‬

‫‪1‬‬
‫‪- Voir : Hallal (yamina), Les degrés et les variations de la créativité en traduction, 1982.‬‬
‫‪Université de la Sorbonne Nouvelle -Paris III. (Thèse de doctorat de 3eme cycle). P229‬‬

‫‪50‬‬
‫الترجمة المتخصصة والمصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثاني‬

‫إن املرتجم املتخصص احملرتف هو ذلك الذي ميتلك الكفاءات الالزمة للقيام بعمله‪ ،‬ويشرتط‬

‫منه مخسة أنواع من املعرفة‪ :‬معرفة لغة اهلدف‪ ،‬ومعرفة أمناط النصوص‪ ،‬ومعرفة لغة األصل‪ ،‬ومعرفة‬

‫موضوع البحث(معرفة حقيقية)‪ ،‬ومعرفة تقابلية‪ ،1‬إضافة إىل معرفة داللية(كيف ترتكب القضايا)‪،‬‬

‫ومعرفة تركيبية(كيف ميكن تركيب اجلميالت لتحمل حمتوى القضايا‪ ،‬وكيف حتلل السرتجاع احملتوى‬

‫اجملسد فيها)‪ ،‬ومعرفة براغماتية (كيف يتم حتقيق اجلميلة على هيئة نص حيمل املعىن‪ ،‬وكيف حيلل‬

‫النص إىل مجيلة)‪. 2‬‬

‫فعلى املرتجم أن يكون بارعا يف اللغتني‪ ،‬املصدر‪ ،‬واهلدف‪ ،‬مدركا هلما متام اإلدراك‪ .‬وبصيغة‬

‫أخرى‪ ،‬جيب أن يكون ثنائي اللغة‪ ،‬حىت يتسىن له التنقل من اللغة األوىل إىل الثانية والعكس‪ ،‬بسهولة‬

‫ومرونة‪ ،‬وإدراك خفايا النص األصل أي املعىن الباطين‪ ،‬والضمين‪ ،‬ومنه الفهم الصحيح حىت يتمكن‬

‫من القيام برتمجة دقيقة‪ ،‬صحيحة‪ ،‬مما يتطلب أيضا معرفة منط النص وموضوعه معرفة حبتة‪.‬‬

‫فبخصوص موضوع دراستنا هذه‪ ،‬جيب أن يكون املرتجم ملما مبجال الدبلوماسية املاما تاما‬

‫دقيقا‪ ،‬مطلعا على آخر األحداث‪ ،‬واألخبار‪ ،‬يقوم بتجديد دائم ملعلوماته‪ ،‬وهذا بالبحث‪ ،‬واملطالعة‪،‬‬

‫والتتبع املستمر لكل األخبار اليت متس ميدان الدبلوماسية من قريب أو من بعيد‪ ،‬ويتم هذا عن طريق‬

‫اجملالت املتخصصة‪ ،‬واجلرائد‪ ،‬والنشرات اإلذاعية والتلفزيونية‪ ،‬وشبكة اإلنرتنيت اليت تقدم خدمات‬

‫وفرية‪.‬‬

‫‪-1‬ينظر‪ :‬روجر(ت‪-‬بيل)‪ ،‬ترمجة د‪.‬محيدي(م‪.‬د)‪ ،‬الرتمجة وعملياهتا‪ ،‬النظرية والتطبيق‪ ،‬كتاب الرياض‪ ،‬العدد‪،63+62‬‬
‫ديسمرب‪. 1999‬ص‪.91‬‬
‫‪ - 2‬ينظر‪.‬م‪.‬ن‪ ،‬ص ‪.92‬‬

‫‪51‬‬
‫الترجمة المتخصصة والمصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثاني‬

‫وعالوة على هذه العوامل السابقة الذكر‪ ،‬نشري إىل أمهية توافر عامل "الذكاء" يف املرتجم فالعقل‬

‫يأيت إليضاح اإلهبام يف النص األصل‪ ،‬ويساعد املرتجم على التكيف مع طبيعة النص املرتجم‪.1‬‬

‫وهكذا‪ ،‬فاملرتجم املدرك لغة األصل إدراكا تاما يتمكن من فهم النص ظاهريا‪ ،‬وباطنيا‪،‬‬

‫باالستناد على معرفة موسوعية‪ ،‬خاصة بامليدان املرتجم له‪ ،‬ويف األخري ‪-‬وبطبيعة احلال‪ -‬إدراكه‬

‫الشامل‪ ،‬العام ‪ ،‬التام للغة اهلدف ميكنه من نقل مفاهيم دالالت النص األصل‪ ،‬مستعينا بذكائه يف‬

‫هذا العمل‪.‬‬

‫‪ -6.1‬دور المترجم ׃‬

‫قد يبدو للبعض أن عملية الرتمجة عملية سهلة‪ ،‬يسرية تتلخص يف استبدال لفظة بغريها من‬

‫اللغة األصل إىل اللغة اهلدف‪ ،‬غري أن األمر ليس هباته البساطة‪ ،‬فالرتمجة تتطلب عدة مؤهالت‪،‬‬

‫وكفاءات من أجل القيام هبا‪ ،‬إضافة إىل أن املرتجم يقوم بعدة أدوار يف الوقت نفسه‪ ،‬خاصة يف جمال‬

‫الرتمجة املتخصصة‪.‬‬

‫ولكونه مرتمجا‪ ،‬فكثريا ما تقتضي الضرورة إىل أن يكون مصطلحيا ومعجميا‪ ،‬فال يستطيع‬

‫االكتفاء باستهالك منتوج املصطلحيني‪ ،‬واملعجميني‪ ،‬ذلك أن عمله يضعه يف الواجهة األوىل ملن‬

‫يبحثون عن املقابالت املناسبة للمصطلحات اليت يراد ترمجتها‪ ،‬حىت قبل املصطلحي نفسه‪ ،‬فاملرتجم‬

‫هو أول من يصادف هذه املصطلحات‪ ،‬وكثريا ما تكون حديثة‪ ،‬قليلة التداول‪ ،‬وليس لديه متسع من‬

‫الوقت كي ينتظر املصطلحي‪ ،‬فيقوم هو بالبحث عن أحسن مقابل هلا‪.‬‬

‫‪ -1‬رضا أوتريان ‪ ،‬توليد املصطلحات يف ضوء مبدأ التعليل‪ ،‬جامعة اجلزائر‪( ،2004 ،‬أطروحة ماجستري)‪.‬ص‪137‬‬

‫‪52‬‬
‫الترجمة المتخصصة والمصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثاني‬

‫وقد يقوم املرتجم نفسه بدور الرقيب على ترمجته‪ ،‬حيث عليه أن׃ "يتأكد من صحة ترمجته‪ ،‬وال‬

‫حيس فيها بشيء تستغربه لغة املتلقي‪ ،‬أو يشعر بأهنا أضعف من األصل"‪ ،1‬فمهمته ‪-‬وعلى ِّ‬
‫حد‬

‫قول رئيس "الشركة الفرنسية للمرتمجني"‪ -‬تكمن يف׃ "إدراك النص العلمي‪ ،‬أو التقين املكتوب بلغة‬

‫أجنبية‪ ...‬وإعادة كتابته بطريقة جتعل املتخصص املتلقي للرتمجة يعتقد أن النص كتب بلغته الوطنية"‪،2‬‬

‫ويتطلب أن يكون إعداده׃ "إعدادا جيدا يف حقل داللة األلفاظ العربية‪ ،‬وكذلك يف النحو والصرف‬

‫واألساليب اللغوية القومية"‪.3‬‬

‫و يتجلى لنا دور املرتجم أكثر‪ ،‬إذا ما قارنا الرتمجة البشرية بالرتمجة اآللية‪ ،‬فهنا تتضح أمهية‬

‫الدور الذي يؤديه‪ ،‬ويتبني لنا أيضا أن الرتمجة ليست جمرد مقابالت ملفردات‪ ،‬بل هي أبعد من ذلك‪،‬‬

‫فكثريا ما جند أن الرتمجات اآللية ال تؤدي الغرض املطلوب‪ ،‬ويف أحيان كثرية تبتعد من معىن النص‬

‫األصلي‪ ،‬حيث تعجز هذه األخرية عن ترمجة معظم التعابري املصطلحية‪ ،‬وتقدم لنا مجال‪ ،‬أو مفردات‬

‫خارجة متاما عن سياق الكالم‪ .‬وهنا يربز دور املرتجم الذي يقوم حبل هذه املشكلة مستعينا مبعارفه‪،‬‬

‫وإبداعه‪ ،‬وقدراته الفكرية إلعطاء ترمجة سليمة‪ ،‬مفهومة‪ ،‬فالرتمجة اآللية ال ميكنها إال أن تكون عونا‬

‫للمرتجم ال أكثر‪.‬‬

‫‪ -1‬اجليالن (ابراهيم بدوي) ‪ ،‬م‪.‬س‪ .‬ص‪.37.‬‬


‫‪2‬‬
‫‪- Horguelin(Paul.A), La traduction technique, dans Meta, vol 11, mars 1966.,p16,‬‬
‫‪« d’assimiler un texte scientifique ou technique écrit dans une langue étrangère… et de le‬‬
‫‪réécrire de façon que le spécialiste auquel il est destiné ait l’impression qu’il a été écrit dans son‬‬
‫(ترمجة الطالبة)‪propre pays ».‬‬
‫‪ - 3‬اجليالن (ابراهيم بدوي) ‪ ،‬م‪.‬س ‪ ،‬ص ‪.36‬‬

‫‪53‬‬
‫الترجمة المتخصصة والمصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثاني‬

‫وهناك سؤال يفرض نفسه‪ :‬هل يعترب كل ثنائي‪ ،‬أو ثالثي اللغة مرتمجا؟ بطبيعة احلال‪ ،‬ال !‬

‫فهنا أيضا يربز دور املرتجم يف ربطه بني النص األصلي‪ ،‬والنص اهلدف‪ ،‬والتنقل من اللغة األصلية إىل‬

‫اللغة اهلدف مبرونة‪ ،‬وإجياد املقابالت املناسبة‪ ،‬وحسن التصرف يف املصطلحات‪ ،‬خاصة يف ميدان‬

‫الرتمجة املتخصصة‪.‬‬

‫إضافة إىل ذلك‪ ،‬على املرتجم مراعاة مستويات اللغة اليت استعملها كاتب النص‪ ،‬فإذا ترجم‬

‫ملبتدئ يف ميدان الدبلوماسية مثال‪ ،‬فال خيالف بساطة تعبري الكاتب‪ ،‬واألمر نفسه إذا ما ترجم خلبري‬

‫مال أو حملاسب مال‪ ،‬من الذين ميلكون زمام أمور الدبلوماسية‪ ،‬ويتميزون بأسلوب تقين خاص‬

‫حبت‪.‬‬

‫وعلى الرغم من الطابع التقين ألسلوب النص الدبلوماسي‪ ،‬إال أنه ال خيلو من ضروب اجملاز‬

‫واالستعارة‪ ،‬فإذا أراد املرتجم القيام بدوره على أمت وجه‪ ،‬فهو مطالب مبعرفة كيفية التعامل مع خمتلف‬

‫هذه الضروب‪ ،‬وذلك مبعرفة وافرة‪ ،‬وافية بلغي األصل واهلدف على حد سواء‪.‬‬

‫ويتحقق هذان العامالن بالبحث املستمر‪ ،‬والتعطش الدائم ملستجدات اختصاصه‪ ،‬ما يعطيه‬

‫كفاءة من أجل القيام بعمله‪ ،‬فيسعى املرتجم دائما إىل حتسني معارفه يف جمال اختصاصه بشىت‬

‫الطرق‪ ،‬والوسائل‪ ،‬وهبذا تصبح ترمجاته أفضل‪ ،‬وأخطاؤه أقل‪.‬‬

‫وال ننسى الدور الذي يؤديه تأثري املرتجم الشخصي يف النص اهلدف‪ ،‬فما نالحظه يف جمال‬

‫الرتمجة املتخصصة نقص هذا األخري‪ ،‬وميكن مرد ذلك إىل الطبيعة العلمية للمواضيع املعاجلة يف‬

‫‪54‬‬
‫الترجمة المتخصصة والمصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثاني‬

‫النصوص املقدمة للرتمجة وتقنيتها‪ ،‬واليت ال تستدعي عادة عامل ميول املتلقي (املرتجم)‪ ،‬فهي‬

‫معلومات واردة لتثري فكر قارئها‪ ،‬ال لتثري وجهة نظره‪.‬‬

‫إالّ أن هناك نوعا من التأثر من قبل املرتجم أحيانا‪ ،‬وانعكاسه يف النص اهلدف يرجع إىل مدى‬

‫تأثره بفكرة الكاتب وقبوهلا‪ ،‬فلذا يطلب منه االبتعاد قدر املستطاع عن إبداء تأثره من خالل ترمجته‪،‬‬

‫وأن يهدف دائما إىل املوضوعية‪ ،‬وأن يتماشى وروح النص األصل‪ ،‬وأن يكون يف مستوى هذا األخري‬

‫من ناحية األسلوب‪ ،‬والرتاكيب‪ ،‬وغريها‪ ،‬وبإمكانه اإلشارة إىل أي خطأ ورد عن الكاتب وذلك يف‬

‫اهلامش‪ ،‬مقدما الرباهني‪.‬‬

‫ينكب على مواضيع هو غري قادر على‬


‫ومن الضروري أن حيسن املرتجم اختيار موضوعه‪ ،‬وأالّ ّ‬
‫ترمجتها‪ .‬فحني نتكلم عن الرتمجة املتخصصة‪ ،‬فإننا نقصد من وراء ذلك االبتعاد التام عن الرتمجة‬

‫العامة‪ ،‬واملليئة باألخطاء‪ ،‬اجملردة من اجلودة‪ ،‬واإلتقان‪ ،‬بل هندف إىل ترمجة مفيدة قيّمة‪ ،‬تفي باهلدف‬

‫املنشود‪ ،‬وتكون يف صميم املوضوع‪ ،‬دقيقة وذات مستوى‪.‬‬

‫ويتجلى دور املرتجم أيضا‪ ،‬يف التزامه بواجباته‪ ،‬ونشري بوجه اخلصوص إىل األخالقية منها على‬

‫مستوى عمله‪ ،‬ونذكر أمهها و تتلخص يف أربع نقاط‪ 1‬هي׃‬

‫التزامه بالسر املهين‪ ،‬خاصة يف جمال الرتمجة املتخصصة‪ ،‬وعلى سبيل املثال نأخذ ميدان الرتمجة‬

‫الدبلوماسية‪ ،‬حيث يطلب من املرتجم ترمجة حوصالت سنوية لشركات‪ ،‬أو تقارير ختص الوضع‬

‫الدبلوماسي للشركة‪ ،‬وهذه األمور تفرض السرية التامة‪ ،‬إذ إن غريه‪ -‬وخاصة يف ميدان املنافسة‪-‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Voir : Joêlle Redouane, Encyclopédie de la traduction, OPU.03-1996, p77.‬‬

‫‪55‬‬
‫الترجمة المتخصصة والمصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ميكنه استعمال هذه املعلومات لغرض الضرر بتلك الشركة‪ ،‬أو إذا ما قام برتمجة أحباث علمية‪ ،‬حيث‬

‫تعترب السرية أيضا أمرا مطلوبا‪ ،‬كي ال تسلب جمهودات الباحث املعين‪ ،‬وعمله‪.‬‬

‫وهذا األمر ال مينع املرتجم من ذكر مصادره‪ ،‬حىت يعترب ذلك من واجباته أيضا‪ ،‬وهنا تكمن‬

‫النقطة الثانية‪ .‬فإذا ما أخذ معلومة‪ ،‬توجب عليه اإلشارة إىل صاحبها‪.‬‬

‫أما النقطة الثالثة تتمثل يف وجوب امتالك املرتجم املهارة الالزمة للقيام هبذا العمل‪ ،‬وإذا رأى أنه‬

‫غري قادر على إمتامه على أحسن وجه‪ ،‬فما عليه إال أن يعتذر عنه إذا ما كان ميهن‬

‫الرتمجة احلرة‪ ،‬أو أن جيهد نفسه يف البحث‪ ،‬واملعرفة واإلملام باملوضوع من كل النواحي‪ ،‬وال حرج‬

‫عليه إذا ما استعان باختصاصي يف امليدان الذي يرتجم فيه إذا ما لزم األمر‪ ،‬بل هذا يزيد من قيمة‬

‫عمله‪ ،‬وصحته‪ ،‬ودقته‪.‬‬

‫وتتلخص النقطة األخرية يف أمانة املرتجم‪ ،‬اليت هلا أمهية بالغة يف هذا امليدان‪ ،‬فعليه التأكد من‬

‫أن النص اهلدف يؤدي نفس معىن النص األصل وغرضه‪ ،‬وحيمل نفس املعلومات الظاهرة‪ ،‬والباطنة‪،‬‬

‫مع احرتام أسلوب الكاتب إذا ما كان بسيطا أو معقدا‪ ،‬حافال بالصور البيانية‪ ،‬أو عكس ذلك‪،‬‬

‫فاملرتجم ليس مفسرا النص األصل‪ ،‬بل مرتمجا له‪ ،‬أمينا عليه‪ ،‬غري خمل به ال بالنقص وال باإلضافة‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫الترجمة المتخصصة والمصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ -7.1‬تكوين المترجم ׃‬

‫يعد هذا العنصر من أهم العناصر اليت جيب توضيحها بالتفصيل‪ ،‬إذ هي أساس كل مرتجم‬

‫متخصص ناجح‪ .‬وإذا ما سلطنا الضوء على تكوين املرتجم العام واملتخصص‪ ،‬نالحظ أنه نفس‬

‫التكوين يف األساس‪ ،‬فكالمها يشرتط فيه إتقان اللغتني؛ األصل واهلدف‪ ،‬غري أن هذا غري كاف‬

‫بالنسبة إىل املرتجم املتخصص‪ ،‬فعلى الرغم من أمهية العنصر السابق‪ ،‬إال أنه ال يكفي إذا مل يدعم‬

‫مبعرفة اجملال املتخصص فيه وإدراكه إدراكا شامال‪.‬‬

‫ولعل رغبتنا يف العمل مبجال معني‪ ،‬جتعلنا كثريي االهتمام به‪ ،‬وراغبني يف اإلطالع على أدق‬

‫تفاصيله‪ ،‬فكلما زاد علم املرتجم وإدراكه جمال ختصصه‪ ،‬زادت نسبة جناحه يف عمله‪ .‬فزيادة على‬

‫كونه مرتمجا‪ ،‬جيب عليه أن يكون دقيق املعرفة باختصاصه‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬يضاف إىل كل من الرتمجة‪ ،‬واالختصاص املختار‪ ،‬امتالكه روح املبادرة والشغف‬

‫باملعرفة‪ ،‬مما حيفزه على حضور مؤمترات مبجال ختصصه‪ ،‬وتعترب هذه النقطة بالغة األمهية‪ ،‬إذ عليه أن‬

‫يصب كل تفكريه وتركيزه يف اختصاصه‪ ،‬وال أن يشتت معارفه باالنتقال من اختصاص إىل آخر‪.‬‬

‫وال بد من اإلشارة إىل أمهية القيام بتدريبات وسط الشركات‪ ،‬وغريها من املؤسسات اليت متكنه‬

‫من التمرن على مزاولة الرتمجة‪ ،‬إذ كلما زاد تدريب الفرد‪ ،‬زادت نتائجه‪ ،‬ومتكن من امتالك نواصي‬

‫الرتمجة‪ ،‬فال أحسن وال أنفع من ممارسة الرتمجة املتخصصة نفسها من أجل اإلملام بزمام أمورها‪.‬‬

‫وال بأس من التذكري بأن هناك فكرة شائعة يؤيدها بعضهم وخيالفها آخرون‪ ،‬وتتلخص يف كون‬

‫املرتجم املتخصص الناجح هو ذلك التقين الذي يتبىن الرتمجة بعد أن كان اختصاصيا مبيدان تقين‬

‫‪57‬‬
‫الترجمة المتخصصة والمصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثاني‬

‫معني‪ ،1‬فهو يتقن ويفهم ويدرك كل مصطلحات اللغة األصل دون أي جهد كبري‪ .‬غري أن هذا النوع‬

‫من املرتمجني كثريا ما يتعاملون مع النص عن طريق الرتمجة احلرفية التامة إلنتاج النص اهلدف‪ ،‬واليت ال‬

‫تؤدي املعىن يف الكثري من األحيان‪.‬‬

‫إن سهولة إدراك التقين النص األصل‪ ،‬جتعله يعتقد أن ترمجته صحيحة‪ ،‬غري أن هذه الرتمجة ال‬

‫تؤدي الغرض يف معظم الوقت‪ ،‬ألن التقين ليس ملما بالعديد من تقنيات الرتمجة‪ .‬فيمكن لرتمجته أن‬

‫تلقى صدى عند زمالئه التقنيني الذين يفضلون هذه الرتمجة احلرفية كوهنم يريدون املعلومات على‬

‫نفس الطريقة اليت وردت يف النص األصل‪ ،‬أي على الشكل اخلام‪ ،‬والرتمجة احلرفية تؤمن هلم ذلك‪،‬‬

‫ألن النص اهلدف حيوي كل املعلومات‪ ،‬واملصطلحات الواردة يف النص األصل‪ ،‬ولكن ترمجة "التقين‪-‬‬

‫املرتجم" لن تلقى صدى ورواجا لدى القارئ العادي الذي ختتلط عليه األمور ويتعذر عليه فهم هذا‬

‫التقين ونصه املرتجم‪ ،‬ويبقى دائما يف حاجة ماسة إىل مرتجم متخصص من أجل أن ينقل له‬

‫املعلومات بطريقة ميكنه استيعاهبا‪.‬‬

‫ال شك أن أحسن اخليارين هو املرتجم املتخصص‪ ،‬املدرك لتقنيات الرتمجة‪ ،‬وصاحب املعرفة‬

‫الكبرية بامليدان املرتجم له‪ ،‬احملب لإلطالع والتوثيق يف ميدان اختصاصه‪ ،‬كثري املداومة على التدريبات‬

‫املهنية واملؤمترات‪ ،‬وهذا ما مي ّكنه التعامل مع املصطلحات ومع األسلوب التقين بنوع من السهولة‬

‫واملرونة‪ ،‬األمر الذي يؤثر إجيابا يف ترمجاته‪ .‬فكلما زاد إدراكه مليدان اختصاصه‪ ،‬كانت ترمجاته أحسن‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Voir : Joêlle Redouane, La traductologie, science et philosophie de la traduction, op.cit, p‬‬
‫‪204.‬‬

‫‪58‬‬
‫الترجمة المتخصصة والمصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ -8.1‬عوامل نجاح المترجم المتخصص׃‬

‫يتحقق النجاح يف أي ميدان من امليادين بتوافر شروط وعوامل‪ ،‬والرتمجة كذلك هلا عوامل‬

‫وشروط لنجاحها‪ ،‬ومن مث فاملرتجم املتخصص ال ميكنه النجاح‪ ،‬والتميز يف مهمته ما مل تتوافر فيه‬

‫جمموعة من الشروط ميكن تلخيصها يف ما يأيت‪ 1‬׃‬

‫إدراك لغة األصل‪ ،‬ولغة اهلدف‪ ،‬ويعد هذا العنصر القاعدة األساسية اليت ينطلق منها كل‬

‫جل علماء الرتمجة على أن هذا أمر ممكن‪ ،‬وميسور إذا ما تعلق األمر ب"اللغة األم"‪،‬‬
‫مرتجم‪ ،‬ويتفق ّ‬
‫و"اللغة األجنبية األوىل" أو "اللغة الثانية"‪( ،‬بالنسبة إىل البلدان املزدوجة اللغة)‪ .‬حيث أن املرتجم‬

‫يتعلم "اللغة األم" منذ والدته‪ ،‬ويزداد تعمقه فيها خالل سنوات الدراسة‪ .‬أما اللغة الثانية‪ ،‬فيتم‬

‫تعلمها يف سن مبكر‪ ،‬والثابت علميا أن اإلنسان يسهل عليه تعلم لغة ثانية يف سنوات التعليم‬

‫االبتدائي حيث القابلية لالستيعاب‪ ،‬والتعلم أفضل منها يف سن الرشد‪ .2‬وبالنسبة إىل اجلزائر‪-‬على‬

‫سبيل املثال ‪ -‬فإن اللغة العربية هي "اللغة األم"‪ ،‬والفرنسية هي "اللغة األجنبية األوىل" أو"اللغة‬

‫الثانية"‪ ،‬وجند أن املرتمجني اجلزائريني تكون ترمجتهم أدق حني يتعلق األمر بالرتمجة بني "اللغة األم"‬

‫و"اللغة الثانية" من ترمجتهم بني "اللغة األم" و"اللغة األجنبية الثانية"؛ أي اللغة االجنليزية‪ ،‬وأدق أيضا‬

‫من ترمجتهم بني اللغة الفرنسية واالجنليزية‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد الرزاق إبراهيم (عبد اهلل )‪ ،‬و السيد منسي (عبد احلليم)‪ ،‬م‪.‬س ‪ ،‬ص‪.13 ،11 ،7‬‬
‫‪ - 2‬اجليالن (ابراهيم بدوي) ‪ ،‬م‪.‬س ‪ ،‬ص ‪.34‬‬

‫‪59‬‬
‫الترجمة المتخصصة والمصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ولذلك فإن علماء الرتمجة يفضلون أن يرتجم املرتجم بني "اللغة األم" و"اللغة األجنبية األوىل"‬

‫يف بلده على أن يرتجم بني "اللغة األم" و"اللغة األجنبية الثانية"‪ ،‬أو بني "اللغة األجنبية األوىل"‬

‫و"اللغة األجنبية الثانية"‪.‬‬

‫إملام املرتجم بالقواعد اللغوية‪ ،‬واملصطلحات‪ ،‬والتعابري‪ ،‬والرتاكيب لكلتا اللغتني‪ ،‬حىت يتسىن‬

‫للمرتجم النقل الصحيح األمني لألفكار األصلية إىل اللغة اهلدف‪ ،‬وهو األمر الذي جيعله يستعمل‬

‫التعابري الالئقة‪ ،‬املوافقة‪ ،‬املتماشية معها‪ ،‬مث إن الفهم الصحيح ملدلوالت املصطلحات جينب املرتجم‬

‫الوقوع يف متاهات الرتمجة احلرفية اليت تبتعد عن املعىن الصحيح ‪-‬يف كثري من األحيان‪ -‬وال تؤدي‬

‫الغرض املطلوب‪.‬‬

‫وال حرج على املرتجم أن يلجأ إىل استعمال املعاجم املتخصصة‪ ،‬وحيدة اللغة‪ ،‬أو ثنائية اللغة‪،‬‬

‫وهو أمر حمبذ مطلوب حني يعسر عليه فهم مصطلح ما‪ ،‬بل إن جلوءه واستعانته باملعاجم‪ ،‬والقواميس‬

‫املتخصصة يزيد يف إثرائه لقاموسه الشخصي‪ ،‬وينعكس ذلك إجيابا على عمله بطبيعة احلال‪.‬‬

‫حتري الوفاء يف ترمجته للنص األصل‪ ،‬ألنه كثريا ما يتهم باخليانة حني ال يؤدي يف ترمجته املعىن‬

‫املطلوب‪ ،‬وهذا األمر ليس خاصا بالرتمجة األدبية وحدها‪ ،‬بل هو مطلوب أيضا يف جمال الرتمجة‬

‫املتخصصة‪ ،‬ذلك أن عدم وفاء الرتمجة للنص األصل ال يغتفر وال يسمح به‪ ،‬ألن األمر يتعلق برتمجة‬

‫قرارات وابتكارات قد يرتكز عليها مصري شركات‪ ،‬أو حىت اقتصاد بلدان حباهلا إذا ما أخذنا الرتمجة‬

‫الدبلوماسية مثاال لتجسيد فكرتنا‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫الترجمة المتخصصة والمصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثاني‬

‫وعليه‪ ،‬فإن عنصر األمانة يصبح عامال بالغ األمهية‪ ،‬وخمالفته ينجر عنه نتائج سلبية ثقيلة‪،‬‬

‫فيكون املرتجم واضحا يف كالمه‪ ،‬متفاديا لكل أنواع االلتباس‪ ،‬متسلسال يف أفكاره ومجله‪ ،‬حىت ال‬

‫يرتك أي جمال للفهم اخلاطئ أو لتأويل القارئ‪.‬‬

‫احرتام املرتجم أسلوب الكاتب‪ ،‬فيتبىن األسلوب نفسه عند صياغته النص اهلدف‪ ،‬ولذلك‬

‫يفرتض أن يكون املرتجم حمكما يف قواعد اللغة وأساليب البالغة والبيان‪ ،‬حىت يسهل عليه اإلحاطة‬

‫وإدراك األساليب اليت يستعملها الكاتب‪ ،‬وحىت يفهم ما يرمي إليه‪ ،‬ويتقيد بالصور البالغية نفسها يف‬

‫ترمجته إىل أقصى حد ممكن حبيث ميكن القارئ أن مييز أسلوب الكاتب األصلي‪ .‬وقد ذكرنا –‬

‫سابقا‪ -‬أن الرتمجة املتخصصة تستهدف النصوص التقنية اليت ال ختلو هي أيضا من الصور البيانية‪،‬‬

‫والبالغية‪ ،‬واألساليب اللغوية اليت جيب أخذها بعني االعتبار يف عملية الرتمجة‪.‬‬

‫إدراك املرتجم حدود جمال ختصصه حبيث يكون واسع املعرفة بتقنيات ختصصه‪ ،‬متحكما يف‬

‫اجلانب املصطلحي لعمله‪ ،‬فاملصطلحات كثريا ما يتغري معناها بتغري استعماهلا من جمال إىل آخر‪.‬‬

‫ومن األمثلة على ذلك كلمة ‪ « commerce »1‬اليت تتغري ترمجتها من سياق إىل آخر؛ فهي تعين‬

‫(‪ )1‬جتارة تارة‪ )2( ،‬وتبادل فكري تارة أخرى‪ )3( ،‬وتعين صالت اجتماعية(علوم اجتماعية)‪)4( ،‬‬

‫وتعين أيضا اتصال جنسي׃ غري شرعي(قانون)‪.‬‬

‫ومعرفة املرتجم وإدراكه املعان املختلفة للمصطلح الواحد يف ضمن السياق والتخصص‬

‫املستعمل فيه‪ ،‬جينبه االلتباس‪ ،‬وجيعله يتحكم يف معان املفردات املرتمجة الصحيحة‪ ،‬وتلك املعرفة‬

‫‪ - 1‬ينظر‪ :‬عبد الرزاق إبراهيم (عبد اهلل )‪ ،‬و السيد منسي (عبد احلليم)‪ ،‬م‪.‬س ‪ ،‬ص‪.8‬‬

‫‪61‬‬
‫الترجمة المتخصصة والمصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثاني‬

‫تتوافر له من خالل املمارسة املكثفة‪ ،‬والقراءة العميقة لكل ما ميت بصلة جملال ختصصه فيكتسب‬

‫اخلربة‪ ،‬واملعرفة‪.‬‬

‫‪ -2‬المصطلح الدبلوماسي في النص الدبلوماسي‪:‬‬

‫‪ -1.2‬المصطلح الدبلوماسي‪:‬‬

‫املصطلح هو اللفظ أو العبارة أو الرمز الذي يعني مفهوما‪ ،‬جمردا أو حمسوسا‪ ،‬داخل جمال من‬

‫جماالت املعرفة‪ ،‬وهو أمناط‪ ، 1‬فهناك‪:‬‬

‫مصطلحات عامة يتداوهلا عامة الناس يف حياهتم اليومية‪.‬‬

‫مصطلحات حضارية ترتبط بفكر أمة من األمم وحضارات وخصوصيات الثقافية كالشورى‬

‫واإلمامة واخلالفة…‬

‫مصطلحات تقنية تعني ذوات مادية موجودة أو مستحدثة كاهلاتف واحلاسوب واألقمار‬

‫االصطناعية وغريها…‬

‫مصطلحات علمية ومعرفية تعني مفاهيم جمردة – يف الغالب ‪ -‬ال ميكن قيام علم أو معرفة‬

‫دون وجودها‪.‬‬

‫واعتمدت املنظمة الدولية للتقييس (إيزو)‪ ،‬يف توصيتها رقم ‪ 1087‬الصادرة عن اللجنة التقنية‬

‫‪ 37‬التعريف التال‪:‬‬

‫‪ - 1‬الكتاب الطيب اجلامعي‪ ،‬علم املصطلح لطلبة العلوم الصحية والطبية‪ ،‬أعضاء شبكة تعريب العلوم الصحية‪ -‬املكتب االقليمي‬
‫لشرق املتوسط ومعهد الدراسات املصطلحية –فاس‪ -‬اململكة املغربية‪ ،2005 ،‬ص ‪27‬‬

‫‪62‬‬
‫الترجمة المتخصصة والمصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثاني‬

‫املصطلح "هو أي رمز يتفق عليه للداللة على مفهوم‪ ،‬ويتكون من أصوات مرتابطة أو من‬

‫صورها الكتايب (احلروف)‪ .‬وقد يكون املصطلح كلمة أو عبارة"‪ .‬و "املصطلح التقين هو مصطلح‬

‫يقتصر استعماله أو مضمونه على املختصني يف حقل معني "‪.1‬‬

‫ومنه نطبق مفهوم املصطلح التقين على املصطلح الدبلوماسي الذي يُستعمل يف ميدان‬

‫الدبلوماسية وما جياورها كاالقتصاد واحملاسبة‪ ،‬إالّ أ ّن اللغة الدبلوماسية تزخر باأللفاظ املقرتضة مباشرة‬

‫(صراف)‪( Cash flow ،‬تدفّق‬


‫من اللغة اإلجنليزية‪ ،‬مثل‪( Swap :‬مقايضة)‪ّ Broker ،‬‬
‫نقدي)‪...‬اخل‪ ،‬وهذا ما‬

‫يدل على أن الواليات املتحدة األمريكية تتصدر الساحة االقتصادية العاملية‪ .2‬وتبقى اللغة‬

‫الدبلوماسية مولِّدة للعديد من املصطلحات‪ ،‬اليت تنقل حقائقها املتطورة باستمرار‪ ،‬وهي تقرتض من‬

‫سجالت عديدة؛ نذكر منها على سبيل املثال‪:‬‬

‫السجل احلريب‪( "veillée d’armes" :‬ليلة ما قبل القتال)‪camper sur ses " ،‬‬

‫‪( "positions‬متسك مبوقفه)‪( "percée sur le front du chômage" ،‬فتحة على جبهة‬

‫البطالة(‪.‬‬

‫‪ - 1‬جملة اللسان العريب‪ ،‬معجم مفردات علم املصطلح‪ ،‬املادتان ‪ 31‬و‪ ،32‬مؤسسة إيزو‪ ،‬التوصية ‪ .1087‬عدد اجمللة ‪،32‬‬
‫‪.1983‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Voir : Ibid. p02.‬‬

‫‪63‬‬
‫الترجمة المتخصصة والمصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ومن السجل الطيب نسوق املثل اآليت‪:‬‬

‫"‪( "rechute des cours‬انتكاس األسعار)‪( "traitement de choc" ،‬عالج‬

‫الصدمة)‪( "marché en plein convalescence" ،‬سوق يف صدر النّقاهة)‪.‬‬

‫و حىت من السجل اخلاص باألحوال اجلوية ومنه ‪:‬‬

‫"‪( "Raz de marée‬موجة غامرة)‪"Avis de tempête sur les marchés" ،‬‬

‫(اإلعالن عن عاصفة يف السوق)‪( "Chute du baromètre" ،‬هبوط البارومرت)‪.‬‬

‫ومن السجل البحري نذكر ‪:‬‬

‫"‪( "prendre l’eau croisière‬إتباع املياه اجلارفة)‪( "perdre le nord" ،‬أضاع الطريق)‪،‬‬

‫"‪( "Coup de tabac‬عاصفة)‪.‬‬

‫‪ -2.2‬خصائص النص الدبلوماسي‬

‫عرف العلم‪ ،‬واملعرفة يف الوقت احلاضر نوعا من التفرع‪ ،‬والتعقيد لتشعب مكامنهما يف‬

‫اجملتمعات املختلفة‪ ،‬فاستحدثت اختصاصات؛ وانقسمت العلوم من خالهلا إىل فروع‪ ،‬وعرف ما‬

‫يسمى "بلغة االختصاص" وأصبحت هذه اللغة متيز كل اختصاص فنتج عن ذلك لغة الدبلوماسية‪،‬‬

‫ولغة االقتصاد‪ ،‬ولغة اجلغرافيا ولغة الرياضيات‪ ،‬ولغة الكيمياء وهلم جرا‪ ،‬ولكل لغته اخلاصة‪ ،‬ولكل‬

‫معجم ألفاظه اخلاصة به‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫الترجمة المتخصصة والمصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ -3.2‬خصوصيات اللغة الدبلوماسية‪:‬‬

‫تكفي قراءة بعض املقاالت الصحفية من أجل إدراك أن لغة الدبلوماسية تعترب يف الوقت نفسه‬

‫"لغة حية" من جهة و"تقنية جدا" من جهة أخرى‪ .‬فهي "لغة حركية" ملا حتويه من عبارات جتسد‬

‫حيويتها‪ ،‬ونذكر على سبيل املثال عبارة‪:‬‬

‫"‪( "le marché joue au yo-yo‬يلعب السوق لعبة "يويو"*)‪ ،1‬إمنا السوق ال يلعب‪،‬‬

‫فقد شبه بالشخص الذي يلعب على سبيل االستعارة‪.‬‬

‫باإلضافة إىل ذلك‪ ،‬فإننا عند قراءة عبارة‪:‬‬


‫‪2‬‬
‫(الدوالر ينتصب‪ ،‬يقوم‪،‬‬ ‫"‪" dégringole، se relève،Le dollar se redresse‬‬

‫يتدهور)‪ ،‬واليت حتتوي ألفاظا تدل على احلركة والفاعلية مثل (‪ )se redresse‬و(‪)se relève‬‬

‫و(‪ )dégringole‬وكأننا نتحدث عن كائن حي‪ ،‬فإهنا استعملت من قبيل اجملاز إذ شبه الدوالر‬

‫بالكائن احلي الذي أسندت إليه وظائف يقوم هبا على سبيل االستعارة‪.‬وميكن قياس ذلك على كم‬

‫هائل من العبارات اليت تزخر هبا اللغة الدبلوماسية يف تشخيصها ميادين الدبلوماسية ‪ ،‬واليت جتعلك‬

‫تظن أننا نتكلم عن شخص يقوم بأفعال‪ ،‬وحركات‪ ،‬حيب‪ ،‬ويكره ‪،‬يأمر وينهي‪ ،‬وميكننا أن نسوق‬

‫مثال لذلك‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Frédéric Houbert, Problématique de la Traduction Economique et Financière, Dans :‬‬
‫‪( .‬ترمجة الطالبة)‪journal des Finances N°16, 19/03/2004, p02.‬‬
‫* لعبة قوامها أسطوانة مفرغة تصعد وتنزل ملتفة حول خيط‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫(ترمجة الطالبة) ‪- Frédéric Houbert, op.cit., p02.‬‬

‫‪65‬‬
‫الترجمة المتخصصة والمصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثاني‬

‫" ‪( " le marché spécule sur un mariage d’amour‬السوق يفرتض زواج حب)‪la " ،‬‬

‫مجاال)‪le titre a tout "،‬‬ ‫‪( "future mariée est de plus en plus belle‬العروس املستقبلية تزداد‬

‫‪( 1"pour séduire‬العنوان مغري)‪.‬‬

‫‪ -4.2‬المختصرات والشعارات‪:‬‬

‫إن لغة الدبلوماسية هي لغة تقنية‪ ،‬ذات معجم خاص‪ ،‬تستعمل الكثري من الرموز‪ ،‬فهدفها نقل‬

‫املعلومات بسرعة ومن دون تكلف‪ ،‬حيث تنتقى مصطلحاهتا بعناية‪ ،‬ودقة متناهيتني‪ ،‬فتميل إىل‬

‫االختصار الشديد‪ ،‬وتعترب املختصرات‪ ،‬والشعارات ميزة من ميزات اللغة الدبلوماسية‪.‬‬

‫وغالبا ما تتكون املختصرات من احلروف األوىل للكلمات؛ مثال‪( :‬ش‪.‬ذ‪.‬م‪.‬م) الذي يعين‬

‫"شركة ذات مسؤوليات حمدودة"‪ ،‬ويف بعض األحيان‪ ،‬تكون اختصارا للكلمة يف حد ذاهتا؛ حبذف‬

‫احلروف الصوامت فيما خيص اللغة الفرنسية واإلجنليزية‪ ،‬وإليك هذا املثال يف اللغة الفرنسية‪svt : " :‬‬

‫‪ ، "suivant‬ومثال آخر يف اللغة اإلجنليزية ‪."ex : example" :‬‬

‫وتنقسم املختصرات‪ ،‬والشعارات إىل نوعني‪:‬‬

‫شعارات املنظمات واهليئات الوطنية‪ ،‬ونذكر على سبيل املثال ما يلي‪:‬‬

‫‪، Banque du Développement Local) BDL -‬بنك التنمية احمللية)‪.‬‬

‫‪، Crédit Populaire d’Algérie) CPA -‬القرض الشعيب الوطين)‪.‬‬

‫‪ ، Banque Extérieure d’Algérie) BEA -‬البنك اخلارجي اجلزائري)‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫(ترمجة الطالبة) ‪- Ibid. P02.‬‬

‫‪66‬‬
‫الترجمة المتخصصة والمصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثاني‬

‫واألمثلة اليت تدور يف النطاق الوطين اجلزائري كثرية متنوعة‪ ،‬فهذه الشعارات معروفة ومتداولة من‬

‫قبل املواطنني يف الرتاب اجلزائري‪ ،‬وذلك ال يشري بالضرورة إىل أن األجانب املوجودين باجلزائر يدركون‬

‫معناها حتما‪.‬‬

‫ما خيتص باملنظمات واهليئات الدولية؛ ونأخذ على سبيل املثال‪:‬‬

‫‪ ، 1 ( International Organization for Standardization) ISO‬إن هذا الشعار‬

‫يستعمل على هذا النحو نفسه يف اللغات كلها‪ ،‬حىت إن وجد له مقابل يف لغة أخرى‪ ،‬إال أن اهلدف‬

‫من وراء استعمال هذا الشعار على هذا النحو يف خمتلف اللغات‪ ،‬يكمن يف إعطاء هذه املنظمة‬

‫املعرتف هبا دوليا تسمية موحدة‪.‬‬

‫والشيء نفسه يقال على هيئة‪Scientific and ،(United Nations Educational‬‬

‫)‪ ،2 Cultural Organisation‬اليت حتمل شعار حروفها األوىل فتصبح (‪ )UNESCO‬وتتخذ‬

‫بذلك طابع الشعار العاملي‪ ،‬وإننا يف اللغة العربية حنتفظ بالشعار نفسه وإن اختلف رمسه من احلروف‬

‫الالتينية (‪ ،)UNESCO‬إىل احلروف العربية (اليونسكو)‪ ،‬يبقى الشعار واحدا‪ .‬هذا ال يعين أنه من‬

‫غري املمكن ترمجته‪ ،‬بل اهلدف –كما سبق الذكر‪ -‬يكمن يف األمهية البالغة هلذا النوع من املنظمات‪،‬‬

‫وللشعارات اليت عرفت هبا على املستوى العاملي‪ ،‬وتوحيد تسميتها يف خمتلف اللغات‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Jean Maillot, La Traduction Scientifique Et Technique, édition Eyrolles, 61 Boul Saint‬‬
‫‪Germain, ParisVe 1969, p207‬‬
‫‪2 - Ibid. p210.‬‬

‫‪67‬‬
‫الترجمة المتخصصة والمصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ -5.2‬درجة التقنية‪:‬‬

‫إن ما مييز اللغة الدبلوماسية عن غريها هو ما تتمتع به من درجة تقنية عالية‪ ،‬فهي لغة‬

‫اختصاص‪ ،‬ذلك ما يدل على أن النص الدبلوماسي حيفل باملصطلحات اخلاصة باجملال الدبلوماسي‪،‬‬

‫وأن هذه النصوص ليست موجهة إىل عامة الناس‪ ،‬بل هلا متلقيها من رجال االقتصاد‪ ،‬والدبلوماسية‪،‬‬

‫الذين ال يصعب عليهم فهم اللغة الدبلوماسية العالية التقنية؛ ألهنم تعودوا على هذه املصطلحات‬

‫وألفوها‪.‬‬

‫وبقدر ما يسهل‪ ،‬ويتيسر أمر فهم (النص الدبلوماسي) لدى القراء‪ ،‬الذين هلم صلة مبيدان‬

‫الدبلوماسية‪ ،‬فإن األمر يكون عسريا على القارئ العادي الذي ‪-‬وإن أدرك املصطلحات التقنية‪-‬‬

‫يدرك شيئا قليال ال يؤدي إىل فهمه للنص‪ .‬إن النصوص الدبلوماسية تكتسي درجة عالية من التقنية‪،‬‬

‫شأهنا شأن النصوص املتخصصة‪ ،‬اليت تستعمل لغة مكتوبة متخصصة‪ ،‬تتطلب أشخاصا يشتغلون يف‬

‫امليدان املذكور‪ ،‬ويدركون املصطلحات املستعملة يف النص‪.‬‬

‫غري أن تطورات شبكة اإلنرتنيت الباهرة‪ ،‬والبورصة عرب اخلط (أو املباشرة)؛ مكنت اجلمهور‬

‫العادي من اإلدراك احلسن للمصطلحات األكثر رواجا يف اللغة الدبلوماسية‪.‬‬

‫وهناك عدة مواقع على اإلنرتنيت تقوم بتعميم اللغة الدبلوماسية ملصلحة املستثمر الصغري‪،‬‬

‫لتمكينه من إدراك حقائق عامل الدبلوماسية يف يومنا هذا‪.1‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Voir : Frédéric Houbert, op.cit, p02‬‬

‫‪68‬‬
‫الترجمة المتخصصة والمصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ومنه فإن القارئ العادي للنص الدبلوماسي العادي أصبح متمكنا من إدراك أفضل للنص؛‬

‫حىت وإن بقي لديه بعض الصعوبات يف إدراك كل معان النص الدبلوماسي واالقتصادي وأبعادمها إذا‬

‫مل تكن لديه معرفة عميقة باملوضوع‪.‬‬

‫‪ -6.2‬أسلوب النص الدبلوماسي‪:‬‬

‫لقد سبق وذكرنا أن املهم يف النص الدبلوماسي هو نقل املعلومة ال تزيني النص وجتميله‪ ،‬ولكن‬

‫هذا ال مينع من أن يكون له أسلوب خاص به‪ " ،‬يتميز بطبيعة خاصة‪ ،‬فهو يتسم باألرقام‪،‬‬

‫والتحليل‪ ،‬والرتكيز على اهلدف"‪ ،1‬والسبب يف ذلك يرجع إىل اللغة الدبلوماسية اليت تزخر‬

‫باملصطلحات التقنية‪ ،‬والرموز‪ ،‬واملختصرات‪ ،‬والعبارات الدبلوماسية‪ ،‬واالقتصادية البحتة‪ ،‬نذكر على‬

‫سبيل املثال‪:‬‬

‫‪(A/V=Ad Valoren‬حسب القيمة)‪( Avg= Average ،‬متوسط)‪.2‬‬

‫وما مييز أسلوب النص الدبلوماسي أيضا ميله إىل استعمال االستعارات واجملاز‪ ،‬والتالعب‬

‫باأللفاظ‪ ،‬مما يتطلب ثقافة واسعة لفهم هذه األخرية‪ ،‬وعلى حد قول (جريارد إيلڤ) إن"‬

‫االقتصاديني‪ ،‬والصريفيني حيبون استعمال اجملاز‪ ،‬واالستعارات"‪ .3‬وجند هذه العناصر الثالثة بكثرة يف‬

‫املقاالت الصحفية الدبلوماسية‪ .‬أما فيما خيص التقارير الرمسية‪ ،‬فنالحظ أن الرجوع إىل هذه‬

‫‪ - 1‬عبد الرزاق إبراهيم (عبد اهلل )‪ ،‬والسيد منسي (عبد احلليم)‪ ،‬الرتمجة‪ ،‬أصوهلا مبادئها وتطبيقاهتا‪ ،‬ط‪،1995 ،1‬‬
‫د‪.‬ن‪.‬ج‪.‬م‪.‬ص‪223‬‬
‫‪ - 2‬عبد الرزاق إبراهيم (عبد اهلل )‪ ،‬و السيد منسي (عبد احلليم)‪ ،‬م‪.‬ن ‪ ،‬ص‪.223 ،222‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Ilg (Gérard), Le Traducteur de Langue Française à la Tâche, Parallèle N°16,1994 p79. « Les‬‬
‫ت‪.‬الطالبة‪économistes et les banquiers adorent filer les métaphores ».‬‬

‫‪69‬‬
‫الترجمة المتخصصة والمصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثاني‬

‫األساليب ليس أمرا معتادا‪ ،‬ذلك أن حمرري الوثائق والتقارير الدبلوماسية الرمسية‪ ،‬غري ملزمني بتعميم‬

‫اللغة الدبلوماسية اليت يكتبون هبا‪ ،‬بل إهنم يفضلون استعمال أسلوب أكثر أكادميية وتلقائية؛‬

‫فيهدفون من وراء ذلك إىل إعطاء نتائج دراساهتم وحتاليلهم بطريقة أكثر شفافية‪ ،‬وموضوعية‪ ،‬حيث‬

‫ال يسمح هلم بأي احنياز‪.‬‬

‫وإذا كانت الصحافة اخلاصة مبيدان الدبلوماسية تقرتب من اجلمهور الكبري عن طريق اجلناس*‪،‬‬

‫وتشخيص قضايا الدبلوماسية‪ ،‬فهذا ال حيل مشكلة القارئ العادي أمام تقارير البنك املركزي األورويب‬

‫على سبيل املثال‪ ،‬وغريه من املؤسسات الكبرية‪ ،‬حيث تكون النصوص يف هذه احلالة تقنية جدا‪ ،‬مما‬

‫يفلت أمر إدراكها من قبضة القارئ غري املتخصص‪ ،‬ونذكر املثال التال ‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫(عملية ضبط هناية‬ ‫"‪"Opération de réglage fin de retrait de liquidités‬‬

‫سحب السيولة)‪.‬‬

‫‪ -3‬التنقيط‪:‬‬

‫للتنقيط أمهية كبرية خاصة يف النصوص ذات الطابع االختصاصي؛ كما هو احلال بالنسبة إىل‬

‫النص الدبلوماسي‪ .‬فإذا كانت مهمة التنقيط يف النص األديب تكمن يف تسهيل القراءة‪ ،‬من أجل‬

‫احلصول على إيقاع صويت لدى املستمع للنص‪ ،‬فمهمة التنقيط يف النص الدبلوماسي تتجاوز هذا‬

‫الدور السهل إىل أهم من ذلك؛ حيث تعترب كل نقطة‪ ،‬أو فاصلة‪ ،‬أو أي عالمة من عالمات التنقيط‬

‫* التالعب باأللفاظ‬
‫‪1‬‬
‫‪- Voir : Frédéric Houbert, op.cit, p03‬‬

‫‪70‬‬
‫الترجمة المتخصصة والمصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ذات أمهية خاصة ومعىن خاص‪ .‬ويتغري معناها حسب اللغة املستعملة لكتابة النص الدبلوماسي؛‬

‫فاللغة الفرنسية مثال متيل أكثر إىل استعمال عالمات التنقيط باملقارنة مع اللغة اإلجنليزية‪.‬‬

‫إن لغة النص الدبلوماسي لغة اختصاص زاخرة بالرموز واملصطلحات والشعارات‪ ،‬فالتنقيط‬

‫يصبح هنا أمرا ال ميكن االستغناء عنه عند كتابة النص الدبلوماسي؛ حيث يبسط األمور‪ ،‬ويفصل‬

‫بني األفكار‪ ،‬ويسهل الفهم تسهيال كبريا‪ ،‬وبدونه ختتلط املفاهيم‪ ،‬ويصبح من غري املمكن إدراك‬

‫النص‪ ،‬وقد يؤدي عدم تواجد التنقيط إىل خلط يف املفاهيم بالنسبة للمتلقي‪ ،‬حىت وإن كان خمتصا‬

‫بامليدان الذي يدرسه النص‪.‬‬

‫‪ -4‬الطباعة ومختلف الرموز‪:‬‬

‫للطباعة أمهية كبرية يف النص الدبلوماسي؛ ألهنا تساعد على إبراز النقاط املفيدة واملصطلحات‬

‫اليت جيب الرتكيز عليها‪ .‬فيتخذ الكاتب من الطباعة وسيلة لش ّد انتباه القارئ حنو اجلمل أو‬

‫املصطلحات اليت يعتربها مفاتيح للنص أو نظرا لألمهية اليت تكتسبها من خالل النص‪.‬‬

‫لقد سبقت اإلشارة إىل أن اللغة الدبلوماسية هي لغة اختصاص‪ ،‬تستعمل فيها كثريا من الرموز‪.‬‬

‫كما أهنا متيل إىل االختصار الشديد‪ ،‬ألن هدفها نقل املعلومة‪ .‬وذلك ما أعطى لرموزها صبغة‬

‫العاملية‪ ،‬فعبارة التيار املتناوب –مثال‪ -‬ميكن االستغناء عنها وتعويضها بالرمز( ~)‪ ،‬والشيء نفسه‬

‫بالنسبة إىل التيار املباشر الذي يرمز له ب(―)‪ .1‬أما إذا اقرتبنا من ميدان العملة فإننا جند‬

‫‪1‬‬
‫‪-Jean Maillot, op.cit., p215.‬‬

‫‪71‬‬
‫الترجمة المتخصصة والمصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثاني‬

‫كلمة "دوالر" يشار إليها بالرمز (‪ ،)$‬و"اليورو" بالرمز (‪ ،)€‬وينطبق ذلك على كثري من‬

‫العمالت العاملية‪.‬‬

‫وما يكثر استعماله أيضا يف اللغة الدبلوماسية‪ ،‬الرموز الرياضية؛ حيث يزخر امليدان الدبلوماسي‬

‫باإلحصاءات والتقارير اليت هي أرقام ورموز رياضية خمتلفة مثل‪:‬‬

‫( ‪ ،)√ ،≠ ،± ،< ،> ،‰ ،%‬وغريها من الرموز اليت تعترب جزء ال يتجزأ من اللغة‬

‫الدبلوماسية‪ ،‬اليت تكثر من استعمال هذه األخرية بغرض االختصار‪ ،‬والوصول إىل درجة التقنية اليت‬

‫ختتص هبا اللغة الدبلوماسية واالقتصادية‪.‬‬

‫كفاءات املرتجم‬

‫يقصد بالكفاءة اللغوية‪ ،‬وهي تسمية أدخلها نعوم تشومسكي‪ ،‬قدرة متحدثي لغة ما على فهم‬

‫النصوص وإنتاجها‪ .‬وتتمثل هذه الكفاءة يف معرفة علم املعان‪ ،‬والصوتيات‪ ،‬وعلم النحو‪ ،‬واملعجم‬

‫اللغوي للغة من اللغات‪ .‬ويف هذا الصدد‪ ،‬تصبح معرفة لغة ما تساوي معرفة القواعد اليت حتكمها‪.‬‬

‫غري أنه جيب أيضا عدم إغفال أمهية املعجم‪ ،‬الذي يعد جزءا ال يتجزأ من قواعد اللغة‪ ،‬باعتباره ُخمتَ ِزال‬

‫للمفاهيم اليت تُ َك ِّون البنية املعرفية للمتحدثني‪.‬‬

‫منذ أوائل القرن املاضي‪ ،‬بدأ اللسانيون‪ ،‬أمثال فرانز بواس )‪ ،(1911‬صاحب املثال الشهري‬

‫املتعلق باملصطلحات املتعددة اليت يستعملها اإلسكيمو للتعبري عن الثلج‪ ،‬يدركون العالقات املعقدة‬

‫بني الفكر‪ ،‬واملفاهيم‪ ،‬واللغة لكوهنا تعبريا عن هذين العنصرين‪ .‬ويف سنة ‪ ،1956‬خلص بينيامني ل‬

‫هورف‪ ،‬عند حتليل خمتلف عمليات التفكري لدى اهلنود احلمر واألوربيني‪ ،‬حول الزمان واملكان‬

‫‪72‬‬
‫الترجمة المتخصصة والمصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثاني‬

‫والظواهر الطبيعية‪ ،‬إىل أن تلك الطرق املختلفة من أجل فهم العامل ظلت منعكسة يف املعجم (إل‬

‫هينكل‪).1999 ،‬لقد طرح غياب التشاكل املعجمي بني اللغات مشكل قابلية ترمجة الفراغات‬

‫املعجمية‪ .‬فمن وجهة نظر علم النفس املعريف‪ ،‬تطرق ليف سيميونوفيتش فيجوتسكي )‪(1986‬إىل‬

‫أمهية املعجم يف تكوين الفكر املفاهيمي الفردي‪ ،‬اخلاص بعقول الكبار ‪.‬بينما ظلت الصلة الوثيقة‪ ،‬يف‬

‫اجملال األكادميي‪ ،‬بني املعجم واألدب قائمة وال ميكن احلياد عنها (جياماتيو وباسوالدو‪.)2003 ،‬‬

‫ويف خمتلف ميادين التخصصات‪ ،‬اكتست الوحدات املعجمية للغة الطبيعية طابعا مصطلحيا بسبب‬

‫شروطها التداولية‪ .‬حبيث إن النظام الدالل للمعجم املتخصص يعكس البنية املفاهيمية جملال‬

‫التخصص (إيناس كوغيل‪2004). ،‬ومنذ أن ابتكر ديل هاثاواي هيمس (‪ )1972 ،1967‬تسمية‬

‫الكفاءة التواصلية‪ ،‬داخل التيار األنكلوساكسون إلثنوغرافية الكالم‪ ،‬فإن العديد من النماذج املقرتحة‬

‫السنَن‪ ،‬أي الكفاءة اللغوية‪ ،‬ضرورية إال أهنا ليست كافية‪ .‬بل ال بد من‬
‫تلتقي عند فكرة أن معرفة َّ‬

‫املعرفة واملهارة من أجل استعمال اصطالحات خطابية‪ ،‬ولسانية اجتماعية‪ ،‬وثقافية‪ ،‬وإسرتاتيجية‪.‬‬

‫نقول اصطالحات ألهنا تظهر وتبقى صاحلة داخل إطار اجملتمع الذي تولد فيه النصوص‪.‬‬

‫ومع تطور اللسانيات الوظيفية النظمية‪( ،‬ميشيل أليكساندر كريكوود هاليداي‪ ،‬وآخرون)‬

‫واللسانيات النصية (فان ديخ وآخرون) أواخر الستينيات تقريبا‪ ،‬استوعبت اللغة يف ظل وظيفتها‬

‫التواصلية‪ ،‬ويف إطار سياق اجتماعي ‪.‬كما انتقلت وحدة التحليل من اجلملة إىل النص‪ ،‬لكون هذا‬

‫األخري وحدة معىن‪ .‬وبذلك تصبح الكفاءة اللغوية غري كافية من أجل فهم النصوص وإنتاجها‪ .‬لذا‬

‫جيب على مستعمل لغة ما أن يتوفر على املعرفة واملهارة من أجل فهم واستعمال األشكال اليت‬

‫‪73‬‬
‫الترجمة المتخصصة والمصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثاني‬

‫يعكس فيها نص ما االتساق من حيث املعىن‪ ،‬والتناسق من حيث الشكل‪ ،‬ويتأقلم مع بنية نصية ما‬

‫أو بنية فوقية حمددة‪.‬‬

‫وقد اقرتح ليل بايشمان (‪ )1990‬تسمية الكفاءة التنظيمية‪ ،‬اليت تتكون من الكفاءة النحوية‬

‫والكفاءة النصية‪ ،‬لإلشارة إىل إتقان البنية الشكلية للغة ما‪ ،‬بينما داخل الكفاءة التداولية ميكن متييز‬

‫الكفاءة اللغوية االجتماعية والكفاءة املقاصدية‪ .‬وهذه األخرية تعين القدرة على تنظيم نص حسب‬

‫الغاية التواصلية املنشودة‪ .‬وترتبط اإلشارة إىل التنظيم البالغي للنصوص مبفهوم األجناس (ميخائيل‬

‫باختني ‪ ،1982‬وهباتيا ‪ ،1993‬وسوايلس ‪ ،)1989‬واليت تتحدد باملقصد التواصلي الذي مييزها‪.‬‬

‫وميكن أن تكون االصطالحات اخلاصة باألجناس مرتبطة بالثقافة‪ ،‬وغري كونية (أنا تروسبورغ ‪)1997‬‬

‫وهو ما يتعني معه أن تصبح مظاهر الثقافة اخلارجية املتعلقة بالكفاءة النصية للمرتمجني أساسية‪ .‬ومن‬

‫وجهة نظر أكثر مشوال‪ ،‬فإن الكفاءة النصية تقتضي ثالث مهارات وهي‪ :‬إنشاء النصوص‪ ،‬وحتويلها‪،‬‬

‫وتصنيفها (ميشيل شارول ‪). 1984‬وتستلزم املهارة التحويلية‪ ،‬على سبيل املثال‪ ،‬التبسيط (التلخيص‪،‬‬

‫الرتكيب‪ ،‬وتلخيص كتاب) وإعادة الصياغة‪ .‬بينما تشمل القدرة التصنيفية معرفة وترمجة وتقييم‬

‫(إصدار أحكام حول) خمتلف أنواع النصوص‪.‬‬

‫ومبا أن النصوص ليست ذوات ضائعة يف الزمان وال يف املكان‪ ،‬وإمنا هي عمليات تواصلية‬

‫قائمة من وجهة نظر اجتماعية‪ ،‬فإنه جيب على مستعملي لغة ما األخذ بعني االعتبار مدى مالءمة‬

‫املعىن واملبىن لنصوصهم مع السياق اللغوي االجتماعي‪ .‬وهذا األخري يشمل على حد تعبري كنال‬

‫(‪ )1983:7‬وضع املشاركني‪ ،‬وأهداف التفاعل‪ ،‬وقواعد أو اصطالحات التفاعل‪ .‬وجيب تقييم مدى‬

‫‪74‬‬
‫الترجمة المتخصصة والمصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثاني‬

‫توافق وظائف تواصلية معينة‪ ،‬واملواقف‪ ،‬واألفكار‪ ،‬وكذا الشكل الذي نسجت فيه‪ ،‬مع وضعية من‬

‫الوضعيات‪ .‬إذ يكشف‪ ،‬على سبيل املثال ال احلصر‪ ،‬تسجيل عبارة "أحسن بقليل من البارحة" يف‬

‫تقرير طيب عن حالة املريض‪ ،‬عن غياب كفاءة لغوية اجتماعية (كنال وسوين ‪1980‬؛ كنال ‪1980‬؛‬

‫سيلس مورثيا‪ ،‬دورجني وتوريل ‪ .)1995‬لذلك عندما قال هاليداي (‪ )1978:2‬إن اللغة هي‬

‫"سيميوطيقا اجتماعية"‪ ،‬فإنه يقصد أهنا تفهم "داخل سياق اجتماعي ثقايف‪ .‬حبيث إن الثقافة نفسها‬

‫تفسر بواسطة مفاهيم سيميائية‪".‬‬

‫وقد أضاف بيري بورديو (‪ ،)1980‬يف إطار علم االجتماع الفرنسي‪ ،‬مفهوم السوق اللغوية‬

‫حيث يصبح اخلطاب منتوجا ذا قيمة‪ ،‬حسب الرأمسال الرمزي أو اللغوي‪-‬الكفاءة التواصلية‪ -‬الذي‬

‫ميلكه املتكلم‪ .‬ويف اجملال التعليمي‪ ،‬يصبح للغتنا مثن‪ ،‬أال وهو التصنيف على حد تعبري بورديو‬

‫)‪.(1990‬‬

‫ويعترب سايفيل ترويك (‪ )1982‬أن الكفاءة التواصلية‪ ،‬باعتبارها هيمنة نظام رمزي ما‪ ،‬جيب أن‬

‫تفهم كجزء من شبكة األنظمة الرمزية اليت تشكل الكفاءة الثقافية أو املوسوعاتية‪ .‬وقد بني إدوارد‬

‫سابري‪ ،‬سنة ‪ ،1920‬أن اللغة جيب أن تفهم باعتبارها ظاهرة اجتماعية وثقافية‪ ،‬ألهنا تصف وجتسد‬

‫الطريقة اليت يبين املتحدثون هبا العامل‪ .‬وهذه الفكرة كانت وراء إبراز الوجه احلقيق لفرضية سايرب‪-‬‬

‫وورف‪ ،‬واليت مفادها أننا حينما نفكر‪ ،‬فإننا نفعل ذلك "حسب األمناط واالختالفات املنظمة يف‬

‫اللغة" (ليون ‪ .)1984:264‬وباعتبار اللغة نظاما رمزيا‪ ،‬فهي تنظم تصورنا للواقع‪ .‬ومبا أن مفهوم‬

‫الثقافة متعدد املعان‪ ،‬فإننا نكتفي باختيار تعريف برونايت ومينديفيل )‪ ،(2005:11‬اللذين يؤكدان‬

‫‪75‬‬
‫الترجمة المتخصصة والمصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثاني‬

‫على أنه ميكن أن نعترب الثقافة معرفة اجتماعية مكتسبة‪ ،‬أي أهنا جمموعة من املمارسات الرمزية‪،‬‬

‫والقواعد‪ ،‬والقيم‪ ،‬اليت متيز اجلماعات البشرية وحتدد فضاءات التفاعل االجتماعي الغاصة باملعان‬

‫املشرتكة بني الذوات"‪ .‬من أجل ذلك‪ ،‬جيب أن يكون طالب اللغات األجنبية واعني باالختالفات‬

‫الثقافية‪ ،‬حبيث إهنا "تشكل صنف العوامل األكثر مشوال واليت تؤثر يف التعلم بلغة أجنبية‪/‬باللغة الثانية"‬

‫(ريتشارد‪1997:28). ،‬إن تعليم اللغات األجنبية يعين حتما‪ ،‬حسب كلري كرامش (‪،1991‬‬

‫‪ ،)1993‬تعلم ثقافة متحدثيها‪ ،‬سواء أكان هذا التعلم ظاهريا أم باطنيا‪ .‬وتطرح اللغة االجنليزية حتديا‬

‫خاصا بالنسبة لألساتذة‪ ،‬نظرا لالنتشار الكاسح هلذه اللغة وكذا جتزئها احلال إىل العديد من أنواع‬

‫اإلجنليزية‪ .‬ولقد أصبحت فكرة وجود تنوع معياري‪ ،‬اشتقت منه اللهجات‪ ،‬مثارا للجدل يف السنوات‬

‫األخرية‪ .‬إن تصنيف التنوع اللغوي (لنأخذ على سبيل املثال االجنليزية الربيطانية أو األمريكية أو اللغة‬

‫اإلسبانية لشبه اجلزيرة اإليبريية) باعتباره قاعدة‪ ،‬مثلما مت القيام بذلك منذ سنوات‪ ،‬ليعكس منوذج‬

‫االستعالء العرقي الذي حتاول اللسانيات احلالية جتازوه‪ .‬ويشكل تأييد االستعالء العرقي أو خمتلف‬

‫التنوعات اللغوية وثقافاهتا خيارا جيب على أساتذة اللغات التفكري فيه واستيعابه‪ ،‬حىت أولئك الذين‬

‫يبدؤون يف تعليم اإلسبانية باعتبارها لغة أجنبية‪ .‬أما يف الرتمجة‪ ،‬فيوضح اجلدل حول طرق التغريب‬

‫(احلفاظ على املرجعيات الثقافية للنص األصلي) والتقريب (تكييف املرجعيات الثقافية مع ثقافة‬

‫اهلدف) أمهية الكفاءة الثقافية عند املرتمجني‪ .‬وكما يؤكد روبري أالن بوغراند‪،)1978:98( ،‬‬

‫قائال‪...":‬جيب على املرتجم أال يكون ثنائي اللغة فقط‪ ،‬بل جيب عليه أيضا أن يكون كليا ثنائي‬

‫الثقافة"‪ .‬ويف اإلطار نفسه‪ ،‬يؤكد جيين بروم قائال إنه "جيب أال نفهم من كلمة "مرتجم" أنه مهزة‬

‫‪76‬‬
‫الترجمة المتخصصة والمصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثاني‬

‫وصل بني لغتني‪ ،‬بل متخصصا بني ثقافتني أو متعدد الثقافات‪ ،‬جيب عليه أن يعيد‪ ،‬يف وضع حمدد‪،‬‬

‫من أجل الثقافة اهلدف‪ ،‬إنتاج نص مشبع بثقافة األصل‪".‬‬

‫ولقد دافع إيوجني نيدا (‪ ،)1982‬رائد الدراسة اللسانية االجتماعية واملدافع عن التقريب‪ ،‬على‬
‫كون الرتمجة تتجاوز ما هو لغوي حمض‪ ،‬وميوضعها داخل جمال السيميائيات األنثروبولوجيا‪ .‬بينما‬
‫يعرف لورنس فينويت (‪ )1995:19‬الرتمجة بأهنا "ممارسة سياسية ثقافية تبين أو تنتقد هويات متميزة‬
‫إيديولوجيا لصاحل ثقافات أجنبية‪ ،‬وتتخطى قيما خطابية وحدودا مؤسساتية يف ثقافة لغة اهلدف أو‬
‫تلتزم هبا"‪ .‬ويؤكد فينويت‪ ،‬املدافع عن التغريب‪ ،‬أن الرتمجة "مكان اختالف" (املصدر السابق‪،‬‬
‫ص‪ )42.‬ويضيف أن التقريب‪ ،‬املهيمن على الرتاث اإلجنليزي األمريكي‪ ،‬ميارس "عنفا استعالئيا "‬
‫على النص املصدر‪ ،‬وخيفي يف إطار التكافؤ الدالل ما يشكل يف الواقع اختالفا جيب أن حتتفظ به‬
‫الرتمجة (املصدر السابق نفسه‪ ،‬ص‪ .)21 .‬وهذا العنف االستعالئي إن دل على شيء فإمنا يدل على‬
‫ممارسة "اهليمنة واإلقصاء الثقايف" (املصدر السابق نفسه‪ ،‬ص‪) 40 .‬عندما يصبح مسخرا خلدمة‬
‫اهليمنة الثقافية األجنلو أمريكية‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫ترجمة المصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫صعوبات ترجمة النص الدبلوماسي׃‬

‫ال خيفى على املتتبع طريق املرتجم الدبلوماسي أن عمليته هذه حمفوفة بصعاب مجة‪ ،‬وذلك أثناء‬

‫ترمجته النصوص الدبلوماسية‪ ،‬وما يدور حوهلا‪ ،‬إذ على الرغم من استناده على وسائل وطرائق عديدة‬

‫إال أن ذلك ال مينع صعوبات كثرية من اعرتاض طريقه ‪ ،‬ومن هذا املنطلق وجب اإلشارة إىل بعض‬

‫هذه الصعاب‪ ،‬حىت نتبني اجلهد الشاق الذي يبذله املرتجم أثناء تأدية مهامه‪ ،‬فقراءته النص اهلدف‪،‬‬

‫واستفادته من الضروريات‪ ،‬إال أن الالفت لالنتباه هو تلك املعوقات اليت تستدعي منا الوقوف عندها‬

‫حىت نثمن جهد املرتجم الدبلوماسي‪ ،‬وندلل يف الوقت نفسه من حدة هذه الصعوبات‪ ،‬وذلك‬

‫بتحليلها‪ ،‬ألن إدراكها يساهم يف إجياد طرائق التعامل املناسبة معها‪ ،‬والتمكن من اجتيازها‪.‬‬

‫الفروق اللغوية‪:‬‬

‫نقصد هبا الفروق املوجودة بني النص يف اللغة األصل‪ ،‬واللغة اهلدف‪ ،‬ألن لكل لغة خصائص‬

‫متيزها‪ ،‬منها ما تتعلق باملستوى النحوي‪ ،‬واملستوى الصريف‪ ،‬واملستوى البالغي‪ ،‬إذ أن اللغة العربية –‬

‫مثال‪ -‬هلا آلياهتا اليت متيزها عن لغات أخرى فهي تفرق بوضوح تام بني املذكر واملؤنث وما يظهر‬

‫ذلك هو كتابة (التاء) املربوطة يف‪ :‬خبري‪/‬خبرية‪ ،‬مال‪/‬مالية‪ ،‬حماسب‪/‬حماسبة‪.‬‬

‫إالّ أن اللغة الفرنسية –مثال‪ -‬تفتقد هذه اخلاصية‪ ،‬فال جتعل فروقا بني املذكر واملؤنث‪ ،‬فكلمة‬

‫« ‪( ،»comptable‬حماسب) اليت تستعمل لنعت احملاسب‪ ،‬رجال كان أو امرأة جيوز فيها التذكري‪،‬‬

‫والتأنيث‪ ،‬إال أننا جند ما يفرق يف اللغة الفرنسية بني املذكر‪ ،‬واملؤنث مثلما هو احلال يف اللغة العربية‬

‫‪79‬‬
‫ترجمة المصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫يف مسألة (التاء) املربوطة املشار إليها آنفا‪ ،‬وعالمة املؤنث يف اللغة الفرنسية تكمن يف حرف "‪،"e‬‬

‫وهي عالمة التأنيث مثل‪( .expert/experte :‬خبري‪/‬خبرية)‬

‫وهذه ليست بقاعدة عامة‪ ،‬فإذا أخذنا مثال كلمة ‪( industriel‬صناعي) فمؤنثها هو‬

‫‪ ،industrielle‬وهنا قمنا بإضافة حرفني‪ ،« le » :‬إلعطاء صيغة املؤنث‪.‬‬

‫أما بالنسبة إىل اللغة اإلجنليزية‪ ،‬جتتمع فيها قاعدة عامة‪ ،‬حيث هي فاقدة متاما هلذه اخلاصية‪،‬‬

‫فال تستعمل أي إضافة‪ ،‬أو عالمة لتوضح الفرق بني املذكر‪ ،‬واملؤنث‪ .‬فإذا أخذنا املثال املوال‪:‬‬

‫» ‪( ،« He spoke to the accountant‬إنه يتكلم مع احملاسب) فال ميكننا هنا معرفة إذا ما‬

‫كان » ‪ ،« accountant‬يرمز إىل املؤنث أو املذكر‪ ،‬فنواصل قراءة اجلملة املوالية لعلنا جند فيها ما‬

‫يبني لنا اجلنس الذي يقصده الكاتب األصل‪ .‬وإذا مل حنظ هبذا‪ ،‬فنرتجم على أساس املذكر ألن‬

‫النص ال يدلنا على اجلنس النحوي لكلمة » ‪.« accountant‬‬

‫أما عدد الضمائر يف اللغة اإلجنليزية فهو ستة ‪ ،‬مع استعمال نفس الضمري » ‪ « you‬بالنسبة‬

‫إىل املخاطب املفرد املذكر‪ ،‬واملؤنث‪ ،‬واجلمع املذكر‪ ،‬واجلمع املؤنث‪ ،‬غري أن اللغة العربية تعترب دقيقة‬

‫جدا يف هذا امليدان‪ ،‬إذ تزخر باثين عشر ضمريا‪ ،‬وهذا يعين أن الضمري » ‪ « you‬يقابله يف اللغة‬
‫العربية أربعة ضمائر‪ :‬أنت‪ِ ،‬‬
‫أنت‪ ،‬أنتم‪ ،‬أننت‪ .‬فكيف ميكن املرتجم اختيار الضمري احلسن املناسب‪،‬‬ ‫َ‬
‫وهذا كثريا ما يكون عائقا يف عمل املرتجم‪ ،‬وميكن أن يدل به يف اخلطأ‪ ،‬إذا مل حيسن اختيار الضمري‬

‫املناسب‪.1‬‬

‫‪ -1‬ينظر‪ :‬هشيمي(كامي)‪ ،‬الرتمجة بالنصوص‪ ،‬ط‪ ،2003 ،‬دار املشرق‪ ،‬بريوت‪ ،‬ص‪.04‬‬

‫‪80‬‬
‫ترجمة المصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫هناك صعوبة أخرى تعرتض طريق املرتجم يف ترمجة الضمري » ‪ .« it‬فهو يستعمل لنعت‬

‫األشياء أو بعبارة أخرى‪ ،‬فهو يستعمل لغري اإلنسان‪ .‬إال أن يف اللغة العربية لن جند مقابال هلذا‬

‫الضمري‪ ،‬وإليك املثال التال‪:‬‬

‫‪It is creditor‬‬ ‫هو دائن =‬

‫هو دائن = ‪He is creditor‬‬

‫ما نالحظه يف املثال السابق هو أن ترمجة عبارتني خمتلفيت القصد تعطينا نفس النتيجة‪ ،‬ويصعب‬

‫علينا القيام بالرتمجة العكسية‪ ،‬اليت هي مرحلة ال مفر منها من أجل التأكد من صحة الرتمجة‪.‬‬

‫ونقصد باجلملة األوىل بنك (دائن)‪ ،‬والثانية شخص (دائن)‪ ،‬إالّ أن الرتمجة إىل اللغة العربية‬

‫أعطت اجلملة ذاهتا على الرغم من أن اجلملتني األصليتني ذات ضمريين خمتلفني يف اللغة األصل؛‬

‫ومن هنا يستحيل علينا ترمجة الضمري » ‪ ،« it‬وبالتال صعوبة ترمجة اجلمل ذات ضمري مسترت من‬

‫العربية إىل اإلجنليزية‪ ،‬حيث جند أنفسنا أمام اختيارين‪ ،« it » :‬أو » ‪ ،« she/he‬فإذا استعنا‬

‫بالفقرة التالية من أجل معرفة إىل من يعود الضمري املسترت‪ ،‬فسوف نقع يف اخلطأ بدون شك‪ .‬وما‬

‫تلك إالّ أمثلة سهلة جدا لتجسيد صعوبة ترمجة اجلنس النحوي‪ ،‬والضمائر املختلفة‪ ،‬حني تتعذر‬

‫معرفتهما بالنص األصلي‪.‬‬

‫ومن خصوصيات اللغة العربية أيضا‪ ،‬أهنا تقسم العدد إىل مفرد‪ ،‬ومثىن‪ ،‬ومجع‪ .‬أما بالنسبة إىل‬

‫اللغة الفرنسية واإلجنليزية‪ ،‬فهما يكتفيان باملفرد واجلمع فقط‪ ،‬مما جيعل هاتني اللغتني أقل دقة مقارنة‬

‫باللغة العربية‪ ،‬وهذا ما ينتج نوعا من الصعوبة يف ترمجة بعض الكلمات حني تكون على صيغة اجلمع‬

‫‪81‬‬
‫ترجمة المصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫يف اللغة الفرنسية أو اإلجنليزية‪ .‬فيتساءل املرتجم هنا عما إذا يقوم بالرتمجة مستعمال صيغة املثىن أو‬

‫اجلمع‪ ،‬خاصة إذا مل جيد بالنص األصل ما يدله على العدد بدقة‪ ،‬فيلجأ إىل صيغة اجلمع‪ ،‬حىت‬

‫يتفادى الوقوع يف اخلطأ‪ ،‬بالرغم من أن اللغة العربية هلا من الدقة ما يفوق كل اللغات يف هذا الباب‪.‬‬

‫ونذكر أيضا صعوبة ترمجة املركبات االمسية الوصفية املعطوفة ب"الواو"‪ ،‬و"أو"‪ ،‬حيث أنه‪ ،‬كما‬

‫نعلم أن الصفة يف اللغة العربية تتبع املوصوف‪ .‬أما يف اللغة اإلجنليزية‪ ،‬فيشرتط أن تكون الصفة قبل‬

‫االسم املوصوف‪ ،‬ونأخذ على سبيل املثال‪:‬‬

‫الفائدة احملتسبة = ‪.The imputed interest‬‬

‫وهذا ما يطرح غموضا إذا ما تبع الصفة امسني‪ ،‬فهل تكون الصفة لإلسم األول فقط أو‬

‫لالمسني معا؟ فمثال اجلملة‪ ،Primary factors or conditions :‬واليت ميكننا أن نرتمجها‬

‫بطريقتني يف هاته احلال‪:‬‬

‫عوامل أو شروط أولية‪.‬‬

‫عوامل أولية أو شروط‪.‬‬

‫معنامها خمتلف بغري معىن النص األصلي‪ ،‬وهنا تكمن الصعوبة يف اختيار الرتمجة املناسبة‪ ،‬وجيب‬

‫العودة إىل السياق‪ ،‬عله يساعد املرتجم على القيام باختيار صائب‪.‬‬

‫وال بأس من اإلشارة إىل صعوبة أخرى ال يستهان هبا تواجه طريق املرتجم‪ ،‬وكما أسلفنا الذكر‪،‬‬

‫فالنص الدبلوماسي‪ ،‬زيادة على أنه نص تقين جدا‪ ،‬فهو يعتمد كثريا على الصور البيانية‪ ،‬ومن بينها‬

‫االستعارة‪ ،‬اليت ال تعترب ترمجتها سهلة‪ .‬فهي تتجدد بفعل السياق‪ ،‬وما على املرتجم القيام به هو‬

‫‪82‬‬
‫ترجمة المصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫إعطاء البديل‪ ،‬ال تفسريها‪ ،‬وكثريا ما ترتبط االستعارة بثقافة الكاتب األصل‪ ،‬ويصعب على من ال‬

‫يشاطره نفس الثقافة أن يفهم معناها‪ ،‬كي يستطيع إعطاء البديل‪.‬‬

‫فلذا‪ ،‬يكون املرتجم واسع الثقافة حىت يستطيع إدراك هذه األخرية يف النص األصل‪ ،‬ومنه‬

‫حسن التعامل معها‪ ،‬وميكنه إبدال هذه االستعارة باستعارة أخرى يف لغة اهلدف‪ ،‬كنحو قولك‪:‬‬

‫"يعمالن جنبا إىل جنب" واليت تقابلها يف الفرنسية » ‪.« travailler main dans la main‬‬

‫أو ميكنه لدى تعذر املقابل يف لغة اهلدف حتليل هذه االستعارة إىل معناها‪ ،‬وإجياد صيغة ميكن‬

‫إلباسها هذا املعىن‪ ،‬أو االستغناء عنها إذا تعذرت ترمجتها‪ ،‬خاصة االستعارات احلديثة‪ ،‬اليت تظهر‬

‫متاشيا مع التطور االقتصادي والدبلوماسي‪ ،‬فتصعب ترمجتها‪ .‬فيحذفها املرتجم إذا مل تزد يف معىن‬

‫النص‪ ،‬أو إذا ما كانت تشكل تكرارا ممال‪ ،‬وال تستجيب لألولويات اليت وضعها املرتجم يف‬

‫اسرتاتيجية ترمجة النص الدبلوماسي الذي بني يديه‪.‬‬

‫ضف إىل كل هذا‪ ،‬اختالف األسلوب الذي تستعمله كل لغة على حدا‪ ،‬فيمكن نفس الظاهرة‬

‫أن يعرب عنها بأسلوبني خمتلفني حسب خصوصيات كليهما‪ .‬وعلى املرتجم أن حيسن التعامل مع هذا‬

‫العامل احلساس‪ ،‬مدركا أمهيته‪ ،‬مستعمال األسلوب الالئق الالزم‪ ،‬وأالّ ينقاد وراء استعمال األسلوب‬

‫نفسه الذي ورد به النص األصل‪ ،‬ألن ما يعرب عنه بأسلوب معني يف اللغة االجنليزية‪ ،‬يعرب عنه يف‬

‫اللغة العربية بأسلوب آخر يف الكثري من اجلمل‪.‬‬

‫وتتميز اللغة االجنليزية باالختصار الشديد‪ ،‬واجلمل القصرية‪ ،‬خبالف اللغة العربية‪ ،‬اليت تعترب لغة‬

‫ثرية جدا‪ ،‬يرتكز أسلوهبا على اإلدغام‪ ،‬والتكرار املفيد‪ ،‬واجلمل الطويلة املفسرة‪ ،‬مما يوصل الفكرة إىل‬

‫‪83‬‬
‫ترجمة المصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫القارئ يف أسهل شكل ممكن‪ ،‬وذلك لتحليلها وتكرارها الفكرة‪ ،‬حىت تصل كاملة‪ ،‬مبسطة إىل‬

‫القارئ‪.‬‬

‫ومن خصوصيات اللغة اإلجنليزية يف كتابة النص الدبلوماسي‪ ،‬كثرة استعمال أدوات الوصل‬

‫مثل‪ "with" :‬و "‪ ،"as‬اليت ال تتوقف وظيفتها يف هذه احلال عند الربط بني اجلمل‪ ،‬واألفكار‪،‬‬

‫فيبقى معناها مرتبطا بالسياق الذي وردت فيه‪ .1‬وهنا‪ ،‬على املرتجم الدبلوماسي الرتكيز‪ ،‬واالنتباه‪،‬‬

‫حىت ال يكتفي دائما برتمجتها بصفتها أدوات وصل‪ ،‬وبالتال لن حيصل على ترمجة وفية بالغرض‪ ،‬بل‬

‫سيحصل على نص هدف غري واضح‪ ،‬بل غامض‪ ،‬ضاعت منه نصف املعلومات الواردة يف النص‬

‫األصل‪ ،‬وهذا إذا ما استهان املرتجم هباتني الكلمتني‪ ،‬وحدد وظيفتهما يف الربط بني اجلمل‪ ،‬واألفكار‬

‫فقط‪.‬‬

‫إذا ما أخذنا اللغة الفرنسية مقارنة باللغة العربية مثال‪ ،‬فسنالحظ أنه حني تستعمل اللغة‬

‫الفرنسية الصفة؛ تفضل اللغة العربية استعمال احلال‪ ،‬أو املفعول املطلق‪ ،‬وإليك املثال التال‪ - :‬كان‬

‫حيلّله متمهال (حال) = ‪Il l’analysait lentement‬‬

‫لقد تغريت قيمة األوراق النقدية كل التغير (مفعول مطلق) =‬

‫‪La valeur du billet monétaire a beaucoup changé 2‬‬

‫ضف إىل ذلك ميول اللغة العربية إىل التكرار املفيد‪ ،‬الشيء الذي هو غري مقبول على اإلطالق‬

‫يف اللغة الفرنسية‪ ،‬حيث يعترب ضعفا يف األسلوب‪ .‬إن كل من اللغة الفرنسية واإلجنليزية متيالن إىل‬

‫‪1‬‬
‫‪-Voir : Frédéric Houbert, op.cit., p07.‬‬
‫‪ - 2‬ينظر‪ :‬كامي هشيمي‪ ،‬م س‪،‬ص‪06‬‬

‫‪84‬‬
‫ترجمة المصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫تعويض أدوات الوصل بالفاصلة‪ ،‬عكس اللغة العربية اليت تدعم عالمات التنقيط بأدوات الوصل‪،‬‬

‫وغريها‪ .‬وهنا تتضح لنا بعض الفروق بني اللغات‪ ،‬والصعوبات الناجتة عن هذه األخرية اليت تعرتض‬

‫طريق املرتجم‪.‬‬

‫ترجمة العناوين‪:‬‬

‫مشكلة أخرى تعرتض طريق املرتجم الدبلوماسي؛ وهي ترمجة العناوين خاصة عند ترمجته‬

‫مقاالت صحفية حيث يستدل بعناوين اجملالت‪ ،‬وكتب متخصصة مبيدان االقتصاد والدبلوماسي‪ ،‬أو‬

‫مبجاالت أخرى متس املوضوع املدروس‪.‬‬

‫عادة‪ ،‬يصاغ العنوان يف عبارة قصرية هلا داللة شاملة‪ ،‬وال يتسىن اإلملام بأبعاد العنوان إال بعد‬

‫قراءة الكتاب أو اجمللة يف معظم األحيان‪.‬‬

‫فلذا جيد املرتجم نفسه أمام عنوان‪ ،‬ال يعلم ‪-‬هو نفسه‪ -‬عما يتحدث‪ ،‬فكيف له أن يرتمجه‪،‬‬

‫مع العلم أنه من غري املمكن أن يذهب لقراءة كل كتاب جيد عنوانه بالنص األصل الذي هو بصدد‬

‫ترمجته‪.‬‬

‫فأمام هذا الوضع‪ ،‬يلزم املرتجم الرتكيز يف املوضوع الذي يعاجله النص األصل‪ ،‬وإقامة عالقة بني‬

‫هذا األخري‪ ،‬والعناوين الواردة بالنص‪ ،‬إضافة إىل االستعانة خبلفيته الثقافية حىت يستطيع ترمجة هذه‬

‫العناوين ترمجة صحيحة‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫ترجمة المصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫الصعوبات الناجمة عن اللغة الدبلوماسية‪:‬‬

‫تبقى هناك مشكالت أخرى تعرتض طريق املرتجم الدبلوماسي‪ ،‬اليت ترجع مباشرة إىل اللغة‬

‫الدبلوماسية يف حد ذاهتا‪ ،‬مثل درجة تقنية النص‪ ،‬واختالف املعاجم املفرداتية املتنوعة اليت تستعملها‬

‫هذه اللغة‪ ،‬ضف إىل ذلك مشكلة األلفاظ‪ ،‬واملصطلحات املتعددة املعىن ‪ .‬ونبدأ مبا خيصص هذه‬

‫اللغة عن غريها‪ ،‬وهو االختصارات؛ فمنها الدولية واحمللية‪ ،‬وهذا ما يزيد من صعوبة إدراكها‪،‬‬

‫باإلضافة إىل كون هذه األخرية تتغري من لغة إىل أخرى‪ ،‬ونأخذ مثال ‪ OTAN‬يف اللغة الفرنسية‪،‬‬

‫اليت تعين "منظمة حلف الشمال األطلسي"‪ ،‬ويقابلها يف اللغة اإلجنليزية ‪ .NATO‬فعلى الرغم‬

‫من هذه الصعوبات‪ ،‬فاملرتجم يتعامل أفضل مع االختصارات والشعارات الدولية مقارنة بلك احمللية‪،‬‬

‫وذلك ألن هذه األخرية متداولة يف البلد األصلي هلا فقط‪.‬‬

‫وما يزيد من تعقيد األمور بالنسبة إىل املرتجم الدبلوماسي‪ ،‬وجود عدة معان لنفس االختصار‪،‬‬

‫واملثال التال جيسد ذلك بوضوح‪:‬‬


‫‪ASA :‬‬
‫‪Acoustical Society of America.‬‬
‫‪Amateur Swimming Association.‬‬
‫‪American Society of Agronomy.‬‬
‫‪American Society of Anaesthesiologists.‬‬
‫‪American Standards Association.‬‬
‫‪American Statistical Association.‬‬
‫‪Army Security Agency.‬‬
‫‪Army Service Area.‬‬
‫‪Assistant Scientific Adviser.‬‬

‫‪86‬‬
‫ترجمة المصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫‪Atomic Scientists Association.‬‬


‫‪Avicultural Society of America.1‬‬

‫نالحظ هنا أن » ‪ « ASA‬أعطتنا أحد عشر شعارا‪ ،‬فكيف للمرتجم أن يعرف أي شعار‬

‫يقصد به يف النص األصل‪ .‬ويف هذه احلالة‪ ،‬فإن السياق هو الذي سيساعده يف اختياره‪ ،‬حىت يتمكن‬

‫من الرتمجة‪.‬‬

‫وال ب ّد أن نشري يف هذا املقام إىل مشكلة تنوع املفردات اللغوية اليت تستعملها اللغة‬

‫الدبلوماسية‪ ،‬فهي تلجأ إىل مفردات لغوية خمتلفة‪ ،‬فمنها البحرية‪ ،‬واحلربية‪ ،‬والطبية‪ ،‬واجلوية‪ ،‬وما إىل‬

‫غري ذلك‪ .‬وتكمن الصعوبة هنا يف حتديد معىن املصطلح‪ ،‬وكما نعلم‪ ،‬فهذا األخري يستمد معناه من‬

‫السياق‪ ،‬واملوضوع‪ ،‬وامليدان الذي ورد فيه‪ .‬ولنأخذ على سبيل املثال كلمة» ‪ « câble‬من اللغة‬

‫الفرنسية‪ ،‬اليت تقابلها يف اللغة اإلجنليزية يف ميدان الكهرباء "‪ ،"cable‬و"‪ ،"flex‬و"‪ ،"cord‬ويف‬

‫ميدان البحرية تقابلها "‪ ،"line‬و"‪ ،"tow‬و"‪ ،2"ropeway‬وعدة مصطلحات أخرى يف ميادين‬

‫أخرى‪ ،‬وهذا بالنسبة إىل مصطلح واحد فقط‪ .‬إن مهمة املرتجم الدبلوماسي ليست سهلة‪ ،‬حيث جيد‬

‫نفسه أمام مصطلحات مأخوذة من سجالت لغوية خمتلفة‪ ،‬فقبل الشروع يف ترمجتها‪ ،‬وجب عليه ‪-‬‬

‫قبل كل شيء‪ ،-‬حتديد السجل اللغوي الذي تنتمي إليه هذه املصطلحات‪.‬‬

‫وتعترب هذه العملية صعبة جدا‪ ،‬ألنه إذا ما أخطأ يف حتديد السجل اللغوي الذي أخذ منه‬

‫املصطلح‪ ،‬وجد نفسه يرتجم ضمن سجل لغوي آخر‪ ،‬وبالتال فلن يفي باملعىن األصلي‪ .‬فاختالف‬

‫املفردات اللغوية اليت تستعملها اللغة الدبلوماسية ميثل عائقا صعب التجاوز بالنسبة إىل املرتجم‬
‫‪1‬‬
‫‪- Jean Maillot, op.cit., p213.‬‬
‫‪2‬‬ ‫‪- Joêlle Redouane, op.cit., p 206.‬‬

‫‪87‬‬
‫ترجمة المصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫الدبلوماسي‪ ،‬ويتطلب منه تركيز كبري‪ ،‬ودراسة كاملة للنص مسبقا‪ ،‬وفهم املوضوع املدروس‪ ،‬واإلحاطة‬

‫به‪ ،‬حىت يذهب بعد ذلك إىل تصنيف خمتلف سجالت املفردات اللغوية املستعملة يف النص األصل‪.‬‬

‫باستعمال وسائل الرتمجة الالزمة‪ ،‬ميكن للمرتجم أن يتجاوز هذه الصعوبة‪ ،‬فاملرتجم غري ملزم‬

‫بالتوقف عند املصطلحات نفسها على اإلطالق‪ ،‬بل عليه أن يذهب إىل أبعد من ذلك‪ ،‬فيبلغ‬

‫مصدرها؛ وهذا يعين الرجوع إىل القاموس اللغوي الذي تنتمي إليه‪ ،‬والسياق الذي وردت فيه حىت‬

‫يتسىن له حتديد معناها وترمجتها‪.‬‬

‫وتعترب تقنية النص الدبلوماسي أيضا من الصعاب اليت تواجه طريق املرتجم‪ ،‬حيث أن اللغة‬

‫الدبلوماسية مكونة من التساوق‪ ،1‬والتصنيف‪ ، 2‬فالتعبري عن ظاهرة واحدة باستعمال عدة مفردات‬

‫خمتلفة من حيث درجتها املعنوية هو التساوق‪ ،‬وترتيب هذه املفردات حسب درجتها املعنوية هو‬

‫التصنيف‪.‬‬

‫فمثال لدينا يف ما خيص العملة يف اللغة الفرنسية عدة مفردات من أجل نعت املراحل اليت متر‬

‫هبا‪ ،‬والفرق بني هذه املفردات على الرغم من أهنا تصف نفس الظاهرة يبقى يف درجتها املعنوية‪:‬‬

‫‪(، raffermissement، bonne tenue،fermeté‬تساوق)‪ ،‬وهنا نالحظ بوضوح فرق الدرجة‬

‫املعنوية لكل هذه املفردات‪ ،‬حيث أن هذه الدرجات متر هبا العملة يف حتسنها‪ ،‬وعندما يكون املرتجم‬

‫على دراية بالفرق الذي بينها‪ ،‬حيسن إدراكها يف النص األصل‪ ،‬ويتمكن من ترتيبها حسب درجتها‪،‬‬

‫‪ - 1‬تصادف عدة وحدات لغوية معينة يف سياق واحد‬


‫‪ - 2‬يتمثل يف الدرجات اللغوية املختلفة للظاهرة الواحدة حسب ترتيب معني‬

‫‪88‬‬
‫ترجمة المصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫ومنه يستعمل املفردة ذات الدرجة املعنوية املناسبة من أجل نعت ظاهرة حتسن العملة يف هذا‬

‫املثال(التصنيف)‪ ،‬وهكذا فدرايته بالتساوق‪ ،‬والتصنيف متكنه من إعطاء ترمجة مناسبة دقيقة‪.‬‬

‫أما إذا كان جاهال هذين العاملني‪ ،‬فلن حيسن الرتمجة‪ ،‬وما نعلمه هو أن الرتمجة الدبلوماسية‬

‫حتتاج إىل دقة كبرية‪ ،‬فإذا ترجم ظاهرة ما‪ ،‬ذات درجة معنوية معينة مستعمال مصطلحا ذا درجة‬

‫معنوية خمالفة لألصل‪ ،‬فستكون ترمجته خاطئة‪ .‬ولذا‪ ،‬معرفة التساوق‪ ،‬والتصنيف أمر ضروري جدا‬

‫بالنسبة إىل املرتجم الدبلوماسي حىت يستطيع التغلب على الصعوبات اليت ترجع إىل هذين العاملني يف‬

‫ترمجة النص الدبلوماسي‪.‬‬

‫وما يساعده يف اكتساب هذه املعرفة‪ ،‬هو البحث التوثيقي‪ ،‬فيداوم قراءة اجلرائد املتخصصة‬

‫بالدبلوماسية‪ ،‬ألهنا تزخر بالكثري من التساوق والتصنيف‪ ،‬ومنه يركز انتباهه على كل املصطلحات اليت‬

‫تصف ظاهرة معينة‪ ،‬والدرجات اليت متر هبا‪ ،‬حىت يتمكن ‪-‬ومل ال؟‪ -‬من وضع جذاذات جيمع فيها‬

‫كل ما اكتسبه من قراءاته‪ ،‬وهذا ما سيساعده يف ترمجاته الالحقة ‪-‬دون شك‪ -‬ويوفر له وقتا كبريا‪.‬‬

‫وإليك مثال آخر عن التساوق والتصنيف‪:‬‬

‫‪Les hausses et les baisses observées sur les marchés : fléchissement، recul،‬‬

‫‪repli، chute libre، effondrement، implosion، progression، montée en flèche1..‬‬

‫وغريها من املفردات‪ ،‬فنالحظ يف هذه احلال أن هناك العديد من املفردات اليت تستعمل من‬

‫أجل ظاهرة واحدة‪ ،‬والفرق الوحيد بني هذه املفردات يكمن يف درجتها املعنوية‪ ،‬فلكل مفردة درجة‬

‫معينة‪ ،‬وعلى املرتجم اختيار املصطلح الذي له درجة املصطلح األصل نفسها‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Voir : Frédéric Houbet, op.cit., p 13.‬‬

‫‪89‬‬
‫ترجمة المصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫وهبذا يكون املرتجم قد أعطى الظواهر الواردة يف النص األصل ووصفها بنفس الدقة والدرجة‬

‫اليت وردت هبا‪ ،‬ويعد هذا العامل مهما جدا يف ميدان الدبلوماسية‪ ،‬نظرا إىل كون هذا امليدان حساسا‬

‫جدا لتقلب األوضاع‪ ،‬ولو بدرجات متقاربة اقرتابا ملحوظا‪.‬‬

‫وجيد املرتجم نفسه أيضا أمام إشكال آخر؛ يكمن يف املصطلحات املتعددة االستعمال‪ ،‬حيث‬

‫ميكنه أن يستعمل املصطلح نفسه يف الكثري من احلاالت‪ ،‬ولكن املشكلة تربز يف تغري معىن هذه‬

‫املصطلحات تغيريا تاما حسب املوضوع أو السياق الذي ترد فيه مثل‪:‬‬

‫‪ 1، scenario، universe، environment، sentiment، outlook،Price‬ولتوضيح ما سبق‬

‫ذكره‪ ،‬نأخذ املثال التال‪"price" :‬؛ الذي ميكن ترمجته ب‪ "prix" :‬إذا ما قصدنا حتديد مثن شيء‬

‫ما‪ ،‬ونرتمجه ب‪ "cours" :‬عندما نتكلم عن البرتول يف البورصة ‪ ،‬فنرتمجه ب‪:‬‬

‫» ‪ ،« Les cours du pétrole‬وال ب‪ .« les prix du pétrole »2 :‬والشيء نفسه‬

‫بالنسبة إىل كلمة ‪ ،year‬اليت ترتجم ب‪ ، année:‬عندما نريد اإلشارة إىل التاريخ مثال‪ ،‬وب‪:‬‬

‫‪ ،exercice‬عندما نتحدث عن النتائج الدبلوماسية إلحدى الشركات خالل السنة الدبلوماسية‬

‫‪.2006‬‬

‫إن تقنية لغة النص الدبلوماسي تطرح الكثري من املشكالت بالنسبة إىل املرتجم‪ ،‬غري أن‬

‫ختصصه بامليدان‪ ،‬واحتكاكه بعامل الدبلوماسية سيساعده يف عمله‪ ،‬ويف إصابة اهلدف‪ ،‬بإنتاج نص‬

‫مرتجم يفي بالغرض مقارنة بالنص األصل‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Voir : op cit. p 13‬‬
‫‪2‬‬ ‫‪- Voir: Ibid p 15.‬‬

‫‪90‬‬
‫ترجمة المصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫ويف الوقت نفسه‪ ،‬يواجه فهو يواجه مشكلة تعدد املعان لبعض املفردات‪ ،‬فمثال كلمة‬

‫» ‪ « equity‬تعين غالبا » ‪( « valeurs‬قيم)‪( « action » ،‬أسهم)‪ .‬ولكنها تأخذ معىن‬

‫» ‪( « capitale‬رأس مال)‪ ،‬إذا ما وضعت يف سياق آخر‪ ،‬وعلى سبيل املثال اجلملة املوالية‪:‬‬

‫‪« Foreing investor’s equity inflows have moderated »1.‬‬

‫هذا مثال بسيط عن مشكلة تعدد املعان اليت كثريا ما يواجهها املرتجم الدبلوماسي أثناء عمله‪،‬‬

‫ويف هذه احلالة‪ ،‬فإن السياق هو الذي حيدد املعىن الذي تكتسبه الكلمة‪ ،‬وليست الكلمة نفسها هي‬

‫اليت حتدد معناها‪ ،‬وعلى حد قول (بول ريكور)‪ " :‬إمنا مهمة السياق يف غربلة املتغريات الداللية‬

‫اخلاصة وجعل األلفاظ املتعددة املعىن خطابا يصل أحادي املعىن نسبيا‪ ،‬أي إنه ال يفسح جماال إال‬

‫لتأويل واحد‪ ،‬وهو التأويل الذي قصده املتكلم يف ألفاظه"‪. 2‬‬

‫ويقول حسن غزالة‪ " :‬ميكن للسياق أن يكون حامسا يف ختمني املعىن احملتمل للفظ املتعدد‬

‫املعىن‪ .‬ويعين السياق أن ننظر إىل اجلمل والعبارات السابقة والالحقة"‪.3‬‬

‫ومن هنا نعود إىل القول إن السياق اللسان هو أهم ما حيدد معىن اللفظ إذا كان متعدد املعىن‪،‬‬

‫حيث يقوم بإظهار املعىن املقصود يف النص‪ .‬فاملهمة الواقعة على عاتق املرتجم ليست بالسهلة‪ ،‬حيث‬

‫أنه بإجياد نفسها‪ ،‬واملقصود من قبل كاتب النص األصل‪ ،‬إذ خبالف ذلك‪ ،‬فهو مل يف بأفكار النص‬

‫‪1‬‬
‫‪- Voir : Frédéric Houbert, op.cit., p 16.‬‬
‫‪ - 2‬بول ريكور(‪ ،)1975‬مذكور من طرف عمار بوقريقة‪ ،‬م س‪ ،‬ت عمار بوقريقة‪.‬‬
‫‪ - 3‬حسن غزالة(‪ ،)1995‬عمار بوقريقة‪ ،‬ن م‪ ،‬ص‪.100‬‬

‫‪91‬‬
‫ترجمة المصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫األصل‪ ،‬وعليه تكون ترمجته فاشلة‪ ،‬خاصة وأننا سبق وأشرنا إىل أن األلفاظ املتعددة املعىن كثرية يف‬

‫اللغة الدبلوماسية‪.‬‬

‫إن املرتجم الدبلوماسي يصيب اهلدف حني القيام بعملية الرتمجة‪ ،‬وهذا أمر يرتكز ارتكازا مهما‬

‫وبليغا على حسن إدراكه األلفاظ املتعددة املعىن‪ ،‬وحسن ترمجتها‪ ،‬مستعينا يف ذلك بكل الوسائل اليت‬

‫بني يديه‪ ،‬فالسياق اللسان هو حتما ما حيدد معىن األلفاظ‪ ،‬ولكنه ليس الوحيد‪ .‬زيادة على هذا‪،‬‬

‫يتوجب على املرتجم إدراك هذه األلفاظ يف هذا السياق اللسان احملدد‪ ،‬حىت ولو رجع إىل القواميس‬

‫من أجل ذلك‪ ،‬أو إىل االختصاصي ملساعدته‪ ،‬ذلك ألن ألفاظا كثرية تسند إليها معان حديثة؛‬

‫فنحن بعامل الدبلوماسية‪ ،‬عامل املستجدات‪ ،‬فال نستعجب إن وجدنا ألفاظا قدمية محلت معان‬

‫جديدة‪ ،‬األمر الذي يتطلب من املرتجم أن يكون يف الواجهة‪ ،‬دا ٍر بكل التطورات اليت حتدث يف‬

‫اللغة الدبلوماسية‪ ،‬حىت يتمكن من ترمجة النصوص بسهولة‪ ،‬ومرونة أكرب‪.‬‬

‫‪92‬‬
‫ترجمة المصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫ترجمة النص الدبلوماسي‪ :‬مراحل الترجمة الدبلوماسية وكيفيتها ׃‬

‫‪-1‬البحث التوثيقي‪:‬‬

‫يعترب البحث التوثيقي من أهم مراحل الرتمجة املتخصصة‪ ،‬فضال عن البحث املصطلحي؛ حيث‬

‫إن هذا البحث مي ّكن املرتجم من اإلملام مبوضوع النص‪ ،‬وإدراك العبارات‪ ،‬واألساليب املستعملة يف لغة‬

‫االختصاص هذه‪ ،1‬فهدف البحث التوثيقي إجياد مقابالت املصطلحات يف اللغة اهلدف‪ ،‬ورصد‬

‫املعلومات رصدا منهجيا‪ ،‬غري عشوائي كي يكون جمديا‪.‬‬

‫يبدأ املرتجم بتحديد ميدان النص‪ ،‬مث يقوم جبمع املعطيات الواردة فيه وحتليلها‪ ،‬كما متكنه هذه‬

‫العملية من حتديد طبيعة النص ونوعه ووظيفته‪ ،‬وال خيفى عن املرتجم أن قراءة النص املتكررة املتأنية‬

‫ٌجتلي املبهمات‪ ،‬وجتعلها قريبة املنال‪ ،‬وٌمت ّكنه بذلك من فهم ما صعب عليه يف قراءة النص األولية‪.‬‬

‫تع ّد عملية البحث التوثيقي مرحلة أساسية يف الرتمجة املتخصصة‪ ،‬حيث أن اهلدف املنشود من‬

‫الرتمجة هو إحداث نفس األثر يف متلقي النص اهلدف‪ .‬ومن أجل الوصول إىل هذه النتيجة‪ ،‬يتوجب‬

‫على املرتجم التوثق باللغتني؛ األصل واهلدف‪ ،‬حىت يتقرب أكثر من موضوعه‪ ،‬ويتسىن له فهم النص‬

‫األصل فهما أفضل‪ ،‬ومنه يكتسب القدرة على ترمجته ترمجة صحيحة‪.‬‬

‫و املرتجم مطالب بأن يكون منهجيا ‪ ،‬فيبدأ يوثق باللغة اهلدف‪ 2‬حىت جيد املصطلحات املقابلة‬

‫فيها‪ ،‬فما يعسر عليه فهمه من أفكار‪ ،‬ومصطلحات يف اللغة األصل‪ ،‬يسهل عليه لدى قراءته نفس‬

‫‪1‬‬
‫‪-Voir : Christine Durieux, Fondement Didactique de la Traduction Technique, Collection‬‬
‫‪traductologie, Didier érudition, 6 Rue de la Sorbonne 75005, 1988, p 24.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Voir : op cit .P.45‬‬

‫‪93‬‬
‫ترجمة المصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫الوثائق تقريبا باللغة اهلدف مما يسمح له أيضا بربح الوقت‪ ،‬فكلما زاد رصيده املعلومايت‪ ،‬كانت‬

‫ترمجته أفضل‪ ،‬وأدق‪ ،‬وأصح‪.‬‬

‫والوسيلة األوىل هي املوسوعة‪ ،‬فيطلع على املقاالت اليت متت بصلة مباشرة مع موضوعه‪ ،‬مث‬

‫يرجع إىل النص األصل كي يقيس درجة وضوح النص بعد ذلك وإن كان بطريقة كافية أو وجب عليه‬
‫‪1‬‬
‫مواصلة البحث التوثيقي‪.‬‬

‫مث مير إىل الكتب املتخصصة‪ ،‬ويهتم مبا له صلة مباشرة مبوضوعه فقط حىت ال تتشتت أفكاره‪،‬‬

‫إىل أن يتسىن له فهم النص الذي سيرتمجه‪ ،2‬وينتقل إىل اجملالت املتخصصة‪ ،‬ويقوم بإنشاء جذاذات‬

‫مصطلحية‪ ،‬وتوثيقية‪ ،3‬فالتوثيق الثنائي اللغة ينتج مقابالت مصطلحية تساعد املرتجم كثريا ‪ ،4‬مما‬

‫يسمح له باستعمال نفس املعلومات اليت اكتسبها يف ترمجة نص آخر ميس نفس املوضوع‪.‬‬

‫وإن أكرب فائدة تعود على املرتجم من التوثيق الثنائي اللغة‪ ،‬هي إجياده مقابل املصطلح األصل‬

‫يف اللغة اهلدف دون الرجوع إىل املعاجم املتخصصة اليت تكمن أمهيتها وفائدهتا يف حسن إنتقاء‬

‫املرتجم املصطلح اهلدف‪ ،‬حيث تقرتح عدة مكافئات للمصطلح الواحد‪ ،‬وعلى املرتجم اختيار‬

‫األنسب منها‪ .‬وال يتسىن له هذا األمر إالّ إذا فهم‪ ،‬وأدرك املصطلح األصل يف السياق الذي ورد فيه‪،‬‬

‫إدراكا واضحا صحيحا‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Voir :Christine Durieux, op.cit., p 46.‬‬
‫‪2‬‬ ‫‪-Voir : Ibid. P 46.‬‬
‫‪3‬‬ ‫‪-Voir: Christine Durieux, op.cit., P 47.‬‬
‫‪4 - Ibid. P 63.‬‬

‫‪94‬‬
‫ترجمة المصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫ويبقى التوثيق نسبيا‪ ،‬فإذا متكن املرتجم من فهم النص ومصطلحاته‪ ،‬فال بأس أن يكتفي‬

‫مبعلوماته السابقة‪ ،‬وإذا مل يتسىن له إدراك النص إدراكا تاما‪ ،‬فعليه أالّ يكتفي مبعلوماته التقريبية‪ ،‬وأن‬

‫يباشر التوثيق فورا‪ ،‬والتجديد املستمر لقاعدته املعلوماتية والوثائقية‪ ،‬جيعله يبقى يف الواجهة من حيث‬

‫مستجدات اختصاصه‪ .‬فهو مطالب جب ّدة الوثائق اليت يرجع إليها عند احلاجة‪ ،‬ألن يف جمال‬

‫االختصاص‪ ،‬كلما كانت معلوماته حول املوضوع قليلة يكون حبثه التوثيقي واسعا من أجل إدراك‬
‫‪1‬‬
‫املوضوع‪ ،‬وجيب أن يكون هذا البحث متعمقا أيضا كي يبلغ املرتجم فهما حقيقيا للنص األصل‪.‬‬

‫إن املوسوعات‪ ،‬واجملالت ‪-‬حىت اجلديدة منها‪ -‬هي غري كافية ألهنا ال تتطرق إىل املواضيع‬

‫تطرقا دقيقا‪ ،‬فلذا جيب أن تكون وثائق املرتجم جديدة حىت يكون على علم باملستجدات‪ ،‬وتكون‬

‫أيضا يف صميم موضوع نصه‪ ،‬ليتمكن من إدراك النصوص اليت يقوم برتمجتها‪.‬‬

‫وتساعد شبكة اإلنرتنيت املرتجم على توثيقه أيضا؛ فيجد هبا كل املقاالت‪ ،‬والبحوث الصادرة‬

‫حديثا‪ ،‬حيث يسهل عليه اختيار الوثائق اليت يود اإلطالع عليها حىت ال يضيع الوقت‪ ،‬فالوقت‬

‫عامل ال ينبغي هتميشه على اإلطالق يف جمال الرتمجة عموما‪ ،‬واملتخصصة على وجه اخلصوص‪.‬‬

‫كلما زادت خربة املرتجم زادت معها معلوماته الشخصية‪ ،‬وقاعدة معطياته الذاتية‪ ،‬فإدراك‬

‫املرتجم ملوضوعه ينعكس على النص اهلدف‪ ،‬فتقل حاجته إىل التوثيق قبل مباشرة الرتمجة‪ ،‬وهذا ال‬

‫يعين إلغاء البحث التوثيقي بالضرورة‪ ،‬بل يعين أن املرتجم املتخصص اخلبري قد يتوثق أقل من املرتجم‬

‫‪1‬‬ ‫‪- op cit. P 42.‬‬

‫‪95‬‬
‫ترجمة المصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫املتخصص املبتدئ‪ ،‬فخربته متده بالكثري من املعلومات‪ ،‬وتكسبه إدراكا ملعظم املصطلحات‪ ،‬ألنه‬

‫ألف قراءهتا وترمجتها‪.‬‬

‫‪ -2‬فهم النص ׃‬

‫إن مفتاح الرتمجة عامة يكمن يف خطوة املرتجم األوىل ‪ ،‬واليت تتمثل يف فهم النص الذي يعد‬

‫الركيزة األساس إلجناز عمله‪ ،‬وذلك ما ينطبق على الرتمجة الدبلوماسية بل يضاف إىل ذلك عدم‬

‫االكتفاء بالفهم التقرييب‪ ،‬واالبتعاد عن التأويالت اليت تتفرع إىل مفاهيم ال يريدها املرتجم إمنا الفهم‬

‫يبدأ من خارج النص‪ ،‬مث ينتقل إىل داخله أو باألحرى أن يفهم املرتجم املضمون والشكل حىت يتسىن‬

‫له اإلملام بكل جزئيات النص‪.1‬‬

‫هذا ما حيتاج اإلملام باملعارف اللسانية وآليات تطبيقها قبل الولوج يف ميدان الرتمجة‪ ،‬باإلضافة‬

‫إىل ذلك‪ ،‬فإن األمر يستدعي من املرتجم أن ميتلك رصيد معريف غزير يربطه بصلب ختصصه‪ ،‬وهذا‬

‫يف ‪-‬اعتقادنا‪ -‬ال يتحقق إال باملمارسة املستمرة‪ ،‬والتوثيق الدائم‪ ،‬حيث إن البحث التوثيقي هو‬

‫العامل األساس من أجل إدراك النص‪.‬‬

‫فالنصوص املتخصصة غالبا ما تكون موجهة للمتخصصني أنفسهم‪ ،‬األمر الذي يستدعي‬

‫االعتناء مبضمون النص والكشف عن خفاياه أكثر من االهتمام بظاهره‪ ،‬كما يتطلب تركيز وانتباه‬

‫املرتجم املتخصص‪ ،‬ومعارفه كي ال يقع يف متاهات الفهم الباطين‪ ،‬ويكتفي باملعىن الظاهر‪ ،‬وال‬

‫يتمكن من إدراك النص كامال‪ ،‬إذ أن فهم النص يعطي الرتمجة مرونة وتيسريا‪ ،‬ومي ّكنه من تصحيح‬

‫‪1‬‬
‫‪-Voir : Frédéric Houbert, op.cit., p 02.‬‬

‫‪96‬‬
‫ترجمة المصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫بعض األخطاء الرتكيبية الواردة يف النص األصل‪ .‬فلهذا جيب أن يتساءل دائما عن معىن هذه اجلملة‬

‫أو تلك الفقرة‪ ،‬فال جيدر به أن مير مرور الكرام حني يعسر الفهم عليه‪ ،‬ولعل الطريقة اليت تبسط له‬

‫األمور هي البحث التوثيقي الذي أجنزه من أجل إيضاح األمور حىت ينجح يف عمله‪.‬‬

‫ويتمثل عمل املرتجم يف إعادة تركيب النص بعد تفكيكه‪ ،‬وإذا وضعنا يف احلسبان أن اللغة‬

‫االجنليزية ‪-‬مثال‪ -‬لغة اختصار فهي تعين تقصري اجلمل‪ ،‬واملالحظ أن نفس الفاعل ‪-‬مثال‪ -‬يتكرر يف‬

‫الفقرة ذاهتا‪ ،‬فيقوم املرتجم يف هذا الباب بإعادة تركيب النص‪ ،‬وجيعل هذه اجلمل القصرية ذات نفس‬

‫الفاعل‪ ،‬مجلة واحدة‪ ،‬وهبذا تكون الفقرة أوضح ويتم التخلص من ظاهرة التكرار‪ ،‬وقد يكون العكس‬

‫هم برتمجة مجل طويلة معقدة‪ ،‬ميكن أن يقسمها عند ترمجتها إىل مجلتني مثال‪ ،‬وهذا من أجل‬
‫إذا َّ‬

‫تبسيط الفهم إذا لزم األمر‪.‬‬

‫ولعل األمر الذي جيب أن يقتنع ويعمل به كل مرتجم متخصص هو االلتزام مبا ورد على لسان‬

‫كريستني ديريو‪ :‬״ ال نرتجم من أجل الفهم‪ ،‬بل نفهم لنرتجم ״‪.1‬‬

‫وعليه؛ فاملرتجم مطالب ببذل قصارى جهده‪ ،‬واالستعانة بكل الوسائل املوجودة حتت يده من‬

‫أجل فهم النص‪ ،‬حىت يتمكن من ترمجته ترمجة حسنة‪ ،‬وال يلجأ إىل الرتقنة‪ ،‬فيعطي كل كلمة يف‬

‫النص األصلي مقابلها يف اللغة اهلدف‪ ،‬وهذا أكرب دليل على أن املرتجم مل يفهم النص األصلي‪،‬‬

‫وحياول فهمه عن طريق الرتمجة‪ ،‬الشيء الذي يعترب خطأ‪ ،‬حيث إن عملية فهم النص هي أمر سابق‬

‫للرتمجة‪ ،‬ال الحقا هلا‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Christine Durieux, op.cit., p39, « on ne traduit pas pour comprendre, mais on comprend‬‬
‫ت‪ .‬الطالبة‪pour traduire »,‬‬

‫‪97‬‬
‫ترجمة المصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫وال بد من اإلشارة إىل استحالة ميكن ترمجة مفردات النص مبعزل عن السياق الذي وردت فيه‪،‬‬

‫وإذا قام املرتجم بذلك‪ ،‬فإن نصه يولد مشوها بعيدا من املضمون الذي كتب ألجله أول مرة بلغته‬

‫األصلية‪ ،‬ألن الرتمجة تقتضي االهتمام باملفردة داخل السياق الذي كتبت ألجله‪ ،‬كما أنه خيضع‬

‫العملية إىل مبدأ املنطق‪ ،‬ويأيت تنسيق كل ذلك باألسلوب املناسب لطبيعة النص املرتجم‪.‬‬

‫ويهدف –ما سبق ذكره‪ -‬إىل الكشف عن الصعوبات واملعوقات الواردة يف ثنايا النص‪ ،‬ولن‬

‫يتسىن للمرتجم عمل ذلك إال بالفهم الصحيح والتحليل الدقيق‪ ،‬واإلحاطة بكل املعلومات‪،‬‬

‫واملعطيات الواردة يف النص‪ ،‬ومن مث ميكنه التغلب على هذه الصعاب‪.‬‬

‫ومن الضروري أن يكون املرتجم أن يكون يف املستوى املطلوب‪ ،‬وذلك بالقيام بعمله على أمت‬

‫وجه‪ ،‬حمرتما اخلطوات الالزم إتباعها قبل الوصول إىل النتيجة النهائية‪ ،‬مع إعطاء كل مرحلة االهتمام‬

‫حد قول "دوليل"‪ " :‬حنسن ترمجة ما حنسن فهمه"‪،1‬‬


‫الالزم‪ ،‬إذ إن فهم النص هو جناح الرتمجة‪ ،‬وعلى ِّ‬

‫ويكمن مفتاح هذه املرحلة يف البحث التوثيقي الذي قام به أوال‪ ،‬وكلما تقرب املرتجم من معىن النص‬

‫احلقيقي‪ ،‬كانت ترمجته صائبة‪ .‬وإن أراد االبتعاد عن الوقوع يف أخطاء الفهم‪ ،‬عليه أن يتسلح ״‬

‫بالشك املنهجي״‪ ،2‬وهذا يعين أن يتأكد من كل معلومة تصدر عن فهمه‪ ،‬والتحقق منها‪ ،‬وبعد هذه‬

‫املرحلة‪ ،‬يتسىن له فهم كل متفردات النص الذي هو بصدد ترمجته‪ ،‬وهبذا يكون قد جتاوز أصعب‬

‫مرحلة يف عملية الرتمجة‪ ،‬اليت يرتكز عليها جناح هذه األخرية أو فشلها‪.‬‬

‫‪-3‬البحث المصطلحي‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫ت‪.‬الطالبة ‪- Delisle (Jean), Op.cit, p85, « on ne traduit bien que ce que l’on comprend bien ».‬‬
‫‪2‬‬ ‫‪- Voir: Gérard Hardin & Cynthia Picot, Translate, Donod, Paris, 1969, p 11.‬‬

‫‪98‬‬
‫ترجمة المصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫يبقى البحث التوثيقي غري كاف من أجل إدراك املرتجم كل املصطلحات الواردة يف النص‬

‫األصل‪ ،‬ومنه ترمجتها‪ ،‬فلذا‪ ،‬لزم على املرتجم القيام ببحث مصطلحي‪ ،‬األمر الذي سيمكنه من‬

‫التقرب أكثر من النص األصل‪ ،‬وإدراك املصطلحات الواردة فيه‪ ،‬كي يقدم ترمجة صحيحة‪.‬‬

‫يبدأ املرتجم باستخراج كل املصطلحات اليت يصعب عليه فهمها‪ ،‬كي يقوم ببحثه املصطلحي‪،‬‬

‫وأسهل طريق بالنسبة إليه هو الرجوع إىل املعاجم الثنائية اللغة‪ ،‬خمتارا معاجم متخصصة بالدبلوماسية‬

‫ألن املصطلح يف حد ذاته حيمل عدة معان (ظاهرة تعدد املعان بالنسبة إىل املصطلح الواحد)‪ ،‬وما‬
‫‪1‬‬
‫حيدد معناه هو السياق‪ ،‬واملوضوع‪ ،‬واجملال الذي ورد فيه‪.‬‬

‫وهذا ال يعين أن ينقاد وراء املعىن األول أو املقابل األول الذي يصادفه‪ ،‬فريجع إىل السياق‬

‫الذي وضع فيه هذا املصطلح‪ ،‬وموضوع النص‪ ،‬وهذا ما سيساعده على إدراك هذا األخري‪ ،‬واإلملام‬

‫به‪ ،‬فيقوم بإقصاء املقابالت اليت ال عالقة هلا بسياق موضوع النص‪ ،‬وإن مل يتمكن من إدراك كل‬

‫املقابالت باللغة اهلدف‪ ،‬يستعني بقاموس أحادي اللغة (باللغة اهلدف) حىت يتمكن من فهم كل‬

‫دون املقابالت اليت‬


‫املقابالت املطروحة‪ ،‬والتأكد من معناها إن مل تكن مألوفة بالنسبة إليه‪ ،‬وهكذا يُ ِّ‬

‫يراها مناسبة أمام املصطلح األصل ليختار األنسب منها‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Voir : Christine Durieux, Op.cit., p91.‬‬

‫‪99‬‬
‫ترجمة المصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫يزخم البحث املصطلحي الديبلوماسي بالعبارات االصطالحية‪ ،‬إذ يش ّكل ظاهرة تستدعي‬

‫الدراسة والبحث ولفت خصوصا يف ختلّقها‪ ،‬إذ إن األحداث املختلفة داخل اجملتمع هي أكثر العوامل‬

‫الفاعلة واملؤدية إىل تكلّس العبارة اللّسانية"‪.1‬‬

‫باإلضافة إىل أن العبارات االصطالحية وحدة داللية متكاملة ال ميكن جتزئتها‪ ،‬وهي‬

‫مرتبطة أشد لالرتباط بالزاد الثقايف و احلضاري لناطقي لغة ما‪ ،‬ومتثل ترمجتها امتحانا حقيقيا‬

‫للمرتجم‪ ،‬فهو حياول عالوة على نقل املعىن‪...،‬كما يشكل املصطلح حتديا إضافيا لعملية ترمجة‬

‫العبارات االصطالحية املتنوعة‪ ،‬فهو حيد من حرية املرتجم خاصة أن الديبلوماسي يف معظم األحيان‬

‫مييل إىل الغموض واللّبس يف خطابه وبذلك جيد نفسه أحيانا أمام ضرورة التصرف يف الرتمجة وحتمية‬

‫التقيد خبصوصيات املوقف يف الوقت ذاته‪.‬‬

‫وهنا تزداد صعوبة ترمجة العبارات االصطالحية‪ ،‬إذ تتعارض بعض طرق ترمجتها كالتصرف‬

‫أو التكافؤ مثال مع خصائص اخلطاب الديبلوماسي خاصة تلك املتعلقة بالغموض وعدم اإلفصاح‬

‫املباشر‪ ،‬إذ يقول أحد الدارسني للرتمجة بأن‪ ":‬ليس من وظيفة املرتجم أن يعلق على اخلطاب‬

‫الديبلوماسي وال التدخل فيه وال االجتهاد به و تفسري معانيه"‪.2‬‬

‫وأضاف قائال ‪ (:‬الديبلوماسي يف خطابه غالبا ما مييل إىل عدم إلزام نفسه بالتزامات صرحية‬

‫و إىل عدم توريط نفسه )‪ 3‬ففي ظل القيود اليت تفرضها ترمجة العبارات االصطالحية يف اخلطاب‬

‫‪-1‬الجمعي بولعراس ‪،‬ناصر الغالي‪ ،‬التعبير الاصطالحي في لغة الخطاب الديبلوماس ي العربي ومواجهة ألاحداث الدولية قراءة سوسيوثقافية‬
‫‪ ،‬العددالثاني ‪،‬ص‪.74‬‬
‫‪-2‬حديد‪ ،‬ح‪.‬إ‪ ،.‬أصول الترجمة‪ ،‬دار الكتب العلمية‪،‬بيروت‪،‬ص‪.299‬‬
‫‪ -3‬املرجع السابق‪،‬ص‪.300‬‬

‫‪100‬‬
‫ترجمة المصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫الديبلوماسي جيد املرتجم نفسه يف مفرتق بني التصرف يف الرتمجة و بني هذه القيود فاملرتجم يضطلع‬

‫أوجها عندا يتعلق‬


‫مبسؤوليات جسيمة أثناء قيامه بعملية الرتمجة العامة‪ ،‬إال أن هذه املسؤوليات تبلغ ّ‬
‫األمر برتمجة اخلطاب الديبلوماسي‪ ،‬فعلى املرتجم اختاذ قرارات صعبة و مصريية واسرتاتيجية‪ ،‬ويف هذه‬

‫احلالة يكون املرتجم دور يف غاية األمهية"‪ .‬يعترب املصطلح الديبلوماسي منظومة من األفكار تشكلت‬

‫عرب تراكم معريف نابع من استقراء للواقع بكل مكوناته الثقافية واالجتماعية والسيكولوجية‪ ،‬هذا ما‬

‫جيعل من ترمجة اخلطاب الديبلوماسي أصعب الرتمجات حيث يُلزم املرتجم على الوقوف على حيثيات‬

‫اخلطاب اللغوية والديبلوماسية مبا فيها الباث‪ ،‬كي حيدد إمكانية التصرف وضبط درجة تدخله يف‬

‫النص‪ ،‬إما االلتزام احلريف وإما إتباع منهج احلذف والشرح واإلضافة‪.‬‬

‫ومن أجل ذلك‪ ،‬يفضل أن خيتار أيسرها و أسهلها من حيث النطق‪ ،‬واملفهوم‪ ،‬حىت يبتعد عن‬

‫االلتباس‪ ،‬وأن يكون املصطلح متداول االستعمال‪ ،‬شرط أن يتوافق وقواعد اللغة العربية‪ ،‬وأن يكون‬

‫قابال لالشتقاق‪ ،‬مع إعطاء األسبقية للمصطلح العريب على املصطلح املعرب‪.‬‬

‫واملرتجم ملزم باختيار املقابالت اجلديدة عن القدمية‪ ،‬مع أخذ مستوى اللغة اهلدف اليت يرتجم‬
‫‪1‬‬
‫هلا بعني االعتبار‪ ،‬ويرجع حتديد مستواها إىل مستوى القارئ املتلقي للرتمجة‪.‬‬

‫ويف بعض األحيان جيد املرتجم مقابال واحدا فقط باملعاجم‪ ،‬فيتأكد من معناه باللجوء إىل‬

‫قاموس أحادي اللغة باللغة اهلدف‪ ،‬ومناسبته للسياق الذي ورد فيه‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- voir : Samia Barrada&Yousif Elias, Traduire Le Discours Economique, Université‬‬
‫‪Abdelmalek Essaâdi, Publications de ESRFT, Tanger, 1992, p25‬‬

‫‪101‬‬
‫ترجمة المصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫إن البحث التوثيقي وسيلة تساعد املرتجم بالدرجة األوىل على اختياره املقابالت‪ ،‬وتبقى هذه‬

‫الطريقة ‪-‬أي العودة إىل املعاجم املتخصصة الثنائية اللغة‪ -‬أسرع طريق للمرتجم من أجل الوصول إىل‬

‫ترمجة املصطلحات‪ ،‬شرط إتباع اخلطوات املذكورة سابقا‪ ،‬وشرط وجود املصطلح باملعاجم‪.‬‬

‫أما بالنسبة إىل املصطلحات اليت ال توجد باملعاجم الثنائية اللغة – كوهنا من املستجدات‪-‬‬

‫يقوم املرتجم ببحث مصطلحي دقيق من أجل الوصول إىل ترمجتها‪ ،‬ونأخذ على سبيل املثال‬

‫املصطلحات احملددة من لدن الشركات‪ ،‬وختص عامة منتجات هذه الشركات‪ ،‬ونضرب مثال الربنامج‬

‫املعلومايت » ‪ ، « VisiCalc‬الذي أنتجته شركة » ‪ ،1 « Apple‬فيمكن املرتجم أن يصادف هذه‬

‫التسمية يف إحدى ترمجاته‪ ،‬ولن جيد هلا مقابال يف أي قاموس‪.‬‬

‫فيحدد من السياق بعد قراءة أولية أن النص يتعلق بربنامج معلومايت‪ ،‬كي يتمكن من ترمجة هذا‬

‫املصطلح‪ ،‬عليه معرفة خصوصيات هذا الربنامج‪ ،‬وأقصر طريق له هو التوجه إىل نقطة بيع لشركة‬

‫» ‪ ،« Apple‬واالستفسار عن هذا الربنامج‪ ،‬ويقوم جبمع املعلومات اليت يقدمها له البائع‪ ،‬ويتضح‬

‫له أن األمر يتعلق بربنامج حساب لوحات مالية عن طريق احملاكاة‪ ،‬وبإمكانه أيضا أن يسأل عن‬

‫التسمية احمللية (بلغة اهلدف) املتداولة بني االختصاصيني يف هذا اجملال‪ ،‬وهنا إما أن جيد التسمية‬

‫االجنليزية نفسها املستعملة (اقرتاض) أو تسمية مرتمجة باللغة اهلدف‪ ،‬واليت ميكنه استعماهلا يف‬

‫ترمجته‪.2‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Voir : Christine Durieux, op.cit., p99‬‬
‫‪2‬‬ ‫‪- Voir :Christine Durieux, op.cit., P100.‬‬

‫‪102‬‬
‫ترجمة المصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫ويف هذه احلالة‪ ،‬يطّلع من حني إىل آخر على مواضيع تتعلق باملوضوع ذاته يف لغة اهلدف حىت‬

‫يرى إذا احتفظ هذا الربنامج بنفس املصطلح املرتجم الذي استعمله أو مت تداول مصطلح آخر‪.‬‬

‫فاملصطلحات اجلديدة متر مبرحلة انتقالية‪ ،1‬وكثريا ما يعطيها عدة مقابالت قبل أن تصدر باملعاجم‬

‫الثنائية اللغة‪ ،‬وهنا تتضح أمهية التجديد الدائم جلذاذة املرتجم‪ ،‬فالتوثيق الدائم يسمح له مبعرفة إن‬

‫كان املصطلح الذي استعمله وسجله يف جذاذته مازال يستعمل على نفس احلال أو مت تداول‬

‫مصطلح آخر يف اللغة اهلدف‪ ،‬ومنه يقوم مبقارنة املعلومات اليت جبذاذته‪ ،‬وجيددها كلما أتيحت له‬

‫الفرصة للعثور على مقابل جديد من خالل توثيقه وإضافته إىل جذاذته كي يستعمله يف ترمجاته‬

‫املستقبلية وال يبقى على مصطلح قدمي‪ ،‬وهذا ما يسمح له بإثراء قاعدة معطياته املصطلحية‪ ،‬لكن‬

‫األمر ال خيص كل املصطلحات اجلديدة‪ ،‬وإمنا خيص تلك اليت تتعلق باجملاالت الواقعة يف أقصى‬

‫درجات التقدم التكنولوجي‪.‬‬

‫ويرى كل من سامية برادة‪ ،‬ويوسف إلياس يف كتاهبما " ‪Traduire Le Discours‬‬

‫‪ ،"Economique‬أن هناك ثالثة أسباب لعدم وجود مقابل للمصطلح يف اللغة اهلدف وهي‪:‬‬

‫أما أن يكون هذا املصطلح اجلديد معروفا من قبل االختصاصيني على صيغته األصلية (اقرتاض‬

‫املصطلح)‪ ،‬ذلك كون املصطلح ال يرتجم مباشرة عند ظهوره‪ ،‬بل تأيت ترمجته الحقا‪.‬‬

‫‪ -‬أو أن يكون املصطلح غري مستعمل يف بلد لغة اهلدف‪ ،‬وذلك لعدم وجود الوظيفة اليت‬

‫يعنيها‪ ،‬وهذا راجع إىل اختالف مستوى االقتصاد‪ ،‬والدبلوماسية من بلد إىل آخر‬

‫‪1‬‬
‫‪- Voir :Ibid., p106‬‬

‫‪103‬‬
‫ترجمة المصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫ونذكر على سبيل املثال‪( Bourse :‬بورصة)‪( Raider ،‬مضارب قنّاص)‪.‬‬

‫أما السبب الثالث‪ ،‬فهو راجع إىل كون بعض املصطلحات خاصة باقتصاد ومالية بلد معني‬

‫مثل ‪ 1 RMI:‬يف فرنسا‪.2‬‬

‫وألجل ذلك يلجأ املرتجم إىل البحث املصطلحي من أجل ترمجة هذه املصطلحات بلغة‬

‫اهلدف‪ ،‬فريجع إىل املعاجم األحادية اللغة املتخصصة بالدبلوماسية يف اللغة األصل ‪ ،‬األمر الذي‬

‫ميكنه من فهم املصطلح فهما عميقا يف بادئ األمر‪ ،‬مث إجياد مقابل له يف اللغة األصل نفسها‪ ،‬ومنه‬

‫الرجوع‪- ،‬ومل ال؟‪ -‬إىل املعجم الثنائي اللغة للبحث عن مقابل للمصطلح الذي أعطاه ‪-‬هو بنفسه‪-‬‬

‫املصطلح األصل يف اللغة األصل نفسها‪ ،‬وهذه املرة يف لغة اهلدف‪ .‬فيقوم بتحليل املصطلح يف لغة‬

‫النص األصل؛ حىت يتمكن من إدراك معناه‪ ،‬مث يذهب إىل ترمجته‪ ،‬مع مراعاة السياق الذي ٌوضع‬

‫فيه‪ ،‬فلكل مصطلح معان كثرية ومتعددة‪.‬‬

‫لقد بيّنت الدراسات الرتمجية احلديثة اليت عنيت باجلانب املوضوعي يف الرتمجة أهنا تعيد كتابة‬

‫نص ما من لغة إىل أخرى بتكييفه وفق اخلصوصيات وحىت الثقافية واإليديولوجية والديبلوماسية‬

‫للمجتمع املرتجم له‪ ،‬فهو ال يهدف إىل تطويع النص لغويا و ثقافيا ليناسب النواميس املتعارف عليها‬

‫يف اللغة اهلدف‪ ،‬بل إنه يهدف إىل التدخل الفكري يف حمتوى النص‪ ،‬وحتوير ذلك احملتوى ليتفق مع‬
‫‪3‬‬
‫أغراض املرتجم أو اجلهة اليت أوكلت له عملية الرتمجة"‬

‫‪1‬‬
‫الدخل األدىن لإلدماج ‪- Revenu minimum d’insertion :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Voir : Samia Barrada&Yousif Elias, op.cit. p28.‬‬
‫‪-3‬أ‪.‬د‪ .‬محمد فرغل‪ ،‬التصرف إلايديولوجي في الترجمة‪ :‬مصطلحا و مفهوما‪ ،‬مجلة نقد وتنوير العدد الثالث‪ ،‬شتاء ‪،2015‬ص‪.146‬‬

‫‪104‬‬
‫ترجمة المصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫ومبعزل عن مدح أو ذم هذه العملية فإن التدخل الفكري يف النص املرتجم هو ممارسة شائعة‬

‫وتستدعي تسليط الضوء عليها وسرب أغوارها ونقتبس من باسنت قوهلا‪ ( :‬إن الرتمجة اليت كانت تعد‬

‫يف املاضي خامة وانعكاسا شفافا للنص األصلي قد أضحت اآلن عملية يُعد التدخل فيها ضروريا‪.‬‬

‫( جاء هذا عكس ما يراه نيومارك يف أحد آرائه الصارمة أن مهمة املرتجم هي أن ينقل النص‬

‫األصلي ألعلى درجة من املوضوعي كابتا مشاعره الشخصية و متعامال مع نص يتفق معه اتفاقا تاما‪،‬‬

‫متاما كما يتعامل مع نص خيتلف معه اختالفا تاما‪ .‬ومع ذلك فالصورة احلقيقية يف الرتمجة ليست‬

‫بدرجة الوضوح اليت يتحدث عنها نيومارك إذ أن الدراسات احلديثة بدأت مؤخرا يف اجتاه منحى تبين‬

‫مذاهب سياسية‪ :‬مذاهب تربط املمارسة الرتمجية بإيديولوجية املرتجم و مواقفه الديبلوماسية و قوانني‬
‫‪1‬‬
‫و قواعد جمتمعه‪ ،‬و الثقافة السائدة به من جهة أخرى"‪.‬‬

‫ومن هنا نستنتج أن الرتمجة ليست عملية تأويلية بقدر ماهية عمل أدائي يصبح املرتجم مشاركا‬

‫فاعال يف التواصل بني لغتني‪ ،‬ومن جهة أخرى فإن الرتمجة الديبلوماسية تأخذ على وجه اخلصوص‬

‫أبعادا اجتماعيا وثقافية بل وحىت إيديولوجية‪ ،‬حبيث جتعل من الصعب األخذ بعني االعتبار "األمانة"‬

‫و"املطابقة" ألهنا تشكل يف عمقها ممارسة اجتماعية‪ ،‬تظهر عن طريق العالقة الكامنة بني النص و‬

‫إيديولوجية املرتجم و القواعد السائدة يف اجملتمع املستقبل للرتمجة و السياق اجملتمعي اجملرب‪ ،‬إذ أن‬

‫املرتجم خيضع أساسا إىل الثقافة املرتجم إليها‪ :‬فغالبا ما جيد نفسه مقيدا يف تأويله للنص األصلي‪.‬‬

‫‪-1‬بيوض انعام ‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص‪.37‬‬

‫‪105‬‬
‫ترجمة المصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫وعليه‪ ،‬جيدر بنا –أوال‪ -‬حتديد اجملال الذي ورد فيه املصطلح‪ ،‬مث حتديد السياق الذي وضع‬

‫فيه‪ ،‬ومن مث نذهب إىل البحث عن معناه‪ ،‬مبراعاة هذين العاملني األساسيني‪ ،‬ونقوم برتمجته أيضا يف‬

‫حدود هذين العاملني‪ ،‬حىت ال نتيه يف مغارات معان املصطلح املختلفة‪.‬‬

‫ويكمن البحث املصطلحي أيضا يف استعانة املرتجم مبعلوماته السابقة من أجل إدراك‬

‫املصطلحات اجلديدة‪ ،‬وما يساعده يف ذلك هو امتالكه خلفية معلومات كافية‪ ،‬حىت يستطيع دراسة‬

‫املصطلحات اليت مل يسبق له التعامل معها‪ ،‬خاصة أن النص الدبلوماسي يزخر باملصطلحات‬

‫يدون فيها املراجع اليت ميكنه‬


‫اجلديدة‪ ،‬فاجلذاذات تعترب وسيلة مفيدة جدا يف هذا اجملال ‪ ،‬حيث ّ‬
‫االطالع عليها‪ ،‬وكل املصطلحات الصعبة وحىت العبارات اجلاهزة مع ترمجتها اليت سبق له أن صادفها‬

‫يف ترمجاته السابقة‪ ،‬وهذا ما يوفر عليه الكثري من الوقت أثناء عمله‪ ،‬ويٌسهل عليه ترمجاته املستقبلية‪،‬‬

‫ويزيد من رصيده الوثائقي‪ ،‬وقاعدته املعلوماتية‪ .‬كما متكنه هذه اجلذاذات من إعطاء نفس الرتمجة‬

‫لنفس املصطلح يف نفس امليدان‪ ،‬والسياق‪ .‬ويرجع املرتجم يف حبثه هذا أيضا إىل االختصاصي؛ إن مل‬

‫يتسن له فهم بعض املصطلحات بالطرق اليت ذكرناها سابقا ‪ ،‬كي يوضح له ما عسر عليه من‬

‫املصطلحات‪ ،‬وما نالحظه يف ميدان الرتمجة الدبلوماسية أن׃ "التعاون بني املرتجم‪ ،‬واخلبري أمر ال‬

‫يُستغىن عنه"‪.1‬‬

‫فقد يوفر اخلبري‪ ،‬واالختصاصي على املرتجم مشقة ساعات من البحث دون أن تكون النتيجة‬

‫مضمونة‪ ،‬فعند االلتباس‪ ،‬يتصل باخلبري‪ ،‬أو االختصاصي كي يوضحا له ما عسر عليه إدراكه‪ ،‬ولكن‬

‫‪1‬‬
‫‪- Paul A.Horguelin, op.cit., p18 « En traduction technique, la collaboration entre traducteur‬‬
‫‪ .‬ت‪.‬الطالبة‪et expert est indispensable »,‬‬

‫‪106‬‬
‫ترجمة المصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫ال يليق أن ينتظر منه تزويده برتمجة تلك املصطلحات‪ ،‬فمهمة االختصاصي تنتهي عند توضيح ما‬

‫عسر على املرتجم فهمه وإدراكه‪ ،‬حىت إن استعان بالطرق اليت ذكرناها سابقا فيما خيص البحث‬

‫املصطلحي‪ .‬ولذلك يركز على املعلومات اليت مجعها‪ ،‬حىت يستطيع استعماهلا بطريقة إجيابية من أجل‬

‫ترمجة تلك املصطلحات‪.‬‬

‫ولتلخيص ما ذكرناه سابقا؛ فالبحث املصطلحي هو طريقة متكن املرتجم من التقرب أكثر من‬

‫املصطلحات التقنية الواردة يف النص األصل‪ ،‬حىت يتمكن من ترمجتها‪ ،‬وألجل ذلك يعود إىل املعاجم‬

‫الدبلوماسية الثنائية اللغة‪ ،‬واألحادية اللغة‪ ،‬إضافة إىل جذاذته وما استخرجه من مقابالت من خالل‬

‫البحث التوثيقي باللغة األصل واهلدف‪ ،‬آخذا بعني االعتبار املوضوع‪ ،‬والسياق الذي وردت فيه‬

‫املصطلحات‪ .‬وميكنه طلب مساعدة االختصاصي كي يوضح ويبسط له ما تعسر عليه فهمه‪،‬‬

‫فيزوده باملعلومات اليت كانت تنقصه من أجل إدراك هذه املصطلحات‪ ،‬والقدرة على ترمجتها‪.1‬‬

‫وهكذا ذكرنا أهم النقاط اخلاصة بالبحث املصطلحي‪ ،‬إضافة إىل البحث التوثيقي‪ ،‬الذي ميكن‬

‫املرتجم من إدراك النص األصل إدراكا تاما‪ ،‬ومن مث ترمجته‪ .‬إن املرتجم املتخصص مطالب بتخزين كل‬

‫املعلومات اليت اكتسبها يف جذاذته كي يستعملها إذا ما لزم األمر يف ترمجة نصوص أخرى‪ ،‬وإذا ما‬

‫صادفته نفس املصطلحات يف ترمجات الحقة‪ ،‬حيث تعترب كل ترمجة جتربة‪ ،‬والتجارب تكسب‬

‫املهارة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Voir : Christine Durieux, op.cit., p112‬‬

‫‪107‬‬
‫ترجمة المصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫‪-4‬ترجمة المصطلح الدبلوماسي‪:‬‬

‫تعد ترمجة املصطلح الدبلوماسي من أهم مراحل الرتمجة الدبلوماسية‪ ،‬حيث يرتكز فشل الرتمجة‪،‬‬

‫أو جناحها على نقل املصطلحات املوجودة بالنص األصل نقال صحيحا‪ ،‬ألن املصطلحات هي‬

‫مفتاح النص الدبلوماسي‪ .‬فزيادة على البحث املصطلحي الذي يقوم به املرتجم ميكنه االستعانة‬

‫بإحدى الطرق اليت سوف نذكرها أدناه‪.‬‬

‫إذ حيتاج املرتجم يف استحضار معرفته بثقافتني خمتلفتني والتقريب الثقافة األجنبية ليسهل‬

‫التعرف إليها من قبل املتلقي العريب مثال‪ ،‬والرتمجة ليست متاسا بني لغتني فقط‪ ،‬بل هي أيضا متاس‬

‫بني ثقافتني خمتلفتني و ميكن القول هنا بأن املرتجم وسيط بني ثقافتني خمتلفتني‪:‬‬

‫‪« It is also well-known that a translator is bicultural as well asbilingual. That‬‬

‫‪means he / she is the bridge not only betweentwo languages but also between two‬‬

‫‪cultures. In otherwords, a translator must take into his / her account the targettext‬‬

‫‪culture as well as the target text structure1‬‬

‫حبيث يعترب السياق الثقايف األوسع ذا أمهية قصوى يف فهم نعىن أي رسالة‪ ،‬ألن الكلمات ال‬

‫متلك معان هلا إال إذا وردت يف إطار ثقايف كلي‪ ،‬وجيب أن يرتبط أي حديث جبو أوسع من العمل‬

‫‪1‬‬
‫‪-Dr.Tareq‬‬
‫‪Ali EadaroosAssaqaf,(2014),Adaptation as a Means of Translation,Internatinal‬‬
‫‪Journal of Science and Research(IJSR),2319,P.784.‬‬

‫‪108‬‬
‫ترجمة المصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫أو التفكري اإلنسان‪ ،‬كذلك فعند حتديد تفسري رسالة جيب أن ننتبه إىل السياق الثقايف األوسع لغرض‬

‫احلصول على مفاتيح مهمة لتفسري معىن السياق"‪.1‬‬

‫‪ -1-4‬آليات ترجمة المصطلح الدبلوماسي׃‬

‫يؤدي التطور االقتصادي يف ميدان الدبلوماسية إىل توليد الكثري من املصطلحات‪ ،‬األمر الذي‬

‫يتطلب جمهودا كبريا من املرتجم الدبلوماسي حىت يتمكن من ترمجة كل هذه املصطلحات‪ ،‬فهو ال‬

‫يتوقف عمله عند ترمجة هذه األخرية فقط‪ ،‬بل يتعداه إىل تكوين بنك معلومات خاص به‪ ،‬يقوم‬

‫بتزويده باملصطلحات اجلديدة بعد كل ترمجة‪ ،‬مما يسهل عليه ترمجاته الالحقة‪ ،‬ويكسبه وقتا مثينا؛‬

‫فعامل الوقت يف الرتمجة الدبلوماسية مهم جدا‪ ،‬ألن هذا امليدان يزخر باملستجدات يوميا‪ ،‬وال يسمح‬

‫للمرتجم بتضييع الوقت‪ ،‬ويُل ِزُمه على بذل كل جمهوده يف إهناء الرتمجة اليت توجد بني يديه يف أقل‬

‫وقت ممكن‪.‬‬

‫ومن بني الطرق اليت يلجأ إليها املرتجم من أجل ترمجة املصطلحات‪ ،‬نذكر أيضا ما يأيت׃‬

‫أ ‪ -‬توليد المصطلحات‬

‫ميكن املرتجم أن يرجع إىل مبدأ التوليد يف توليد املصطلحات إلبراز اجلهد الذي قام به أثناء‬

‫الرتمجة؛ فالتوليد يبني العالقة التكافؤية اليت أقامها املرتجم بني املصطلح الدبلوماسي األصل‪،‬‬

‫‪-1‬نيدا يوجين‪،‬ترجمة ماجد النجار‪،‬نحو علم الترجمة‪،‬مطبوعات وزارة إلاعالم‪،‬الجمهورية العراقية ‪،1976‬ص‪.471‬‬

‫‪109‬‬
‫ترجمة المصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫واملصطلح اهلدف من أجل توليد هذا األخري‪ .‬ويقوم التوليد أيضا بإيضاح اإلهبام ما مل يدرك القارئ‬

‫املعىن الكامل للمصطلح اهلدف‪.1‬‬

‫ويلجأ املرتجم الدبلوماسي إىل التوليد يف توليد املصطلحات‪ ،‬ألنه سيصادف الكثري من‬

‫املصطلحات اجلديدة يف ميدان الدبلوماسية‪ ،‬وكما يقوم بالتوليد أيضا حني خيشى أالّ يدرك القارئ‬

‫ترمجته لبعض املصطلحات‪ ،‬فيكون وسيلته الناجعة حلل هذا اإلشكال‪" ،‬فهو يساعد القارئ على فهم‬
‫‪2‬‬
‫مدلول املصطلحات اجلديدة اليت مل يسبق له أن صادفها‪ ،‬وذلك دون اللجوء إىل القاموس"‬

‫و تتطلب عملية التوليد الشروط اآلتية ‪:‬‬

‫مهارات المترجم‪:‬‬

‫تكمن مهارات املرتجم يف اإلملام بقواعد اللغة املصدر واهلدف‪ ،‬واملعرفة املوسوعية‪ ،‬والذكاء من‬

‫أجل فهم مدلول النص األصل‪ ،‬والقدرة على إعادة صياغة ما فهمه يف اللغة اهلدف حمافظا على معىن‬

‫النص األصل‪ ،3‬فإذا كان املرتجم يتمتع باملهارات اليت ذكرناها أعاله‪ ،‬فهذا سيمكنه من فهم‬

‫املصطلح األصل‪ ،‬وإدراكه السياق الذي ورد فيه‪ ،‬مث توليد مصطلح جديد يف اللغة اهلدف‪ ،‬بالرجوع‬

‫إىل إحدى طرق التوليد اعتمادا على خمزون ذاكرته‪ ،‬فال يكون أسريا للقواميس‪ ،‬ومما يسهل عليه ترمجة‬

‫املصطلحات اليت يبحث عنها حىت وإن كانت غري موجودة يف القاموس‪ ،‬وذلك حلداثتها‪.‬‬

‫‪ - 1‬ينظر‪ :‬رضا أوتريان ‪ ،‬م‪.‬س‪ .‬ص‪137‬‬


‫‪ - 2‬م‪.‬ن‪ ،‬ص‪143‬‬
‫‪ - 3‬ينظر‪ :‬م‪.‬ن‪ ،‬ص ‪137‬‬

‫‪110‬‬
‫ترجمة المصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫فال ميكن بأي حال من األحوال اعتبار النصوص تركيبا للكلمات فقط بل إهنا نتاج وعصارة‬

‫موروث ونسيج ثقايف ضخم‪ ،‬وثقافة موسوعية عمل املرتجم كثريا على اكتساهبا‪ ،‬ومن هذا املنظور‬

‫بالذات ميكن اعتبار الرتمجة نقطة تالقي لثقافات خمتلفة يُوضح ادموند كاري هنا‪ ( :‬أن الرتمجة ليست‬

‫عملية لسانية بل إهنا عملية حول األفعال و األحداث املرتبطة بسياق ثقايف كامل‪ ،‬وهنا بالذات‬

‫تكمن أمهية السياق الثقايف للغة ما واإلملام بكل ما حييه من خالل هذه الثقافة إلعادة نقلة إىل لغة‬

‫أخرى أي "لفهم وترمجة امللفوظات يف هذه اللغة بأكرب قدر ممكن‪ ،‬جيب أن نكون أوال باحثني يف‬

‫خصائص الشعوب‪ ،‬وكل مرتجم ال يستطيع أن جيعل من نفسه بألف طريقة جتريبية متخصصا يف‬

‫خصائص اجملتمع الذي يرتجم له‪ ،‬فهو بذلك ال يعترب مرتمجا كامال"‬

‫من هذا املنظور بالذات ميكن اعتبار الرتمجة نقطة تالقي لثقافات خمتلفة بعضها ببعض حيث‬

‫ترى املدرسة التأويلية على أن العملية الرتمجية احتكاك لثقافتني متباينتني أكثر منها عملية لسانية‪ ،‬أو‬

‫بعبارة أخرى "فأن األمر ال يتعلق أبدا برتمجة العالمة اليت ترتبط مبرجع من خالل رابط اعتباطي‪ ،‬بل‬

‫اكتشاف املفهوم الذي يصوره يف نظام كل لغة )‪.1‬‬

‫أي أنه ال جيب علينا بتاتا النظر إىل الرتمجة على أهنا نص موازي‪ ،‬ألنه ( عندما ينظر إليها‬

‫بتلك الرؤية‪ ،‬فإهنا تعمل يف خدمة األصل ليس إال‪ ،‬وليس مجهور القراء املستهدف الذي سيستمتع‬
‫‪2‬‬
‫هبا )‬

‫‪1‬‬
‫‪-Joelle, Redouane: La traductologie science et philosophie de la traduction, Office des‬‬
‫‪publications universitaires, Alger, 1985, P 40.‬‬
‫‪-2‬ثيو‪،‬ھرمانز‪ ،‬ترمجة قنديل‪ ،‬بيومي ‪:‬جوھر الرتمجة‪ ،‬عبور احلدود الثقافية‪ ،‬اجمللس األعلى للثقافة‪ ،‬القاھرة‪،2005 ،‬ص‪93‬‬

‫‪111‬‬
‫ترجمة المصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫‪ -2‬والء المترجم لجهات مختلفة‪:‬‬

‫للمرتجم والءات ثالث‪ :‬األول للمؤلف‪ ،‬والثان للنص‪ ،‬والثالث للقارئ‪ ،‬ولكل أمهيته اخلاصة‪.‬‬

‫فعندما يتعلق األمر بالتوليد يف توليد املصطلح‪ ،‬يكون الوالء األكثر أمهية هو والء املرتجم للقارئ‪،‬‬

‫حيث يؤدي دورا مهما يف كيفية تعليل املرتجم عند توليده املصطلح‪.‬‬

‫إن القارئ – باملفهوم الواسع‪ -‬هو اجلمهور الذي يستهدفه النص الدبلوماسي من رجال‬

‫األعمال والدبلوماسية‪ ،‬والطلبة املتخصصني يف هذا امليدان‪ ،‬وغريهم ممن يهمهم ميدان الدبلوماسية‪،‬‬

‫وهم األشخاص الذين سيلجئون الحقا إىل استعمال هذه املصطلحات املولدة‪ ،‬يف دراساهتم أو يف‬

‫تقاريرهم‪ ،‬وكتاباهتم‪.1‬‬

‫والتوليد يف توليد املصطلح هو طريقة مفيدة جدا يف ميدان الرتمجة الدبلوماسية‪ ،‬مع مراعاة‬

‫بعض النقاط املهمة‪ ،‬واليت تشمل التوليد املقيد‪ ،‬حيث يستكشف املرتجم املصطلح األصل يف السياق‬

‫الذي ورد فيه أوال‪ ،‬ويقوم بالتوليد يف نفس السياق أيضا ‪-‬وكما نعلم‪ -‬فللمصطلح الواحد معان‬

‫عديدة‪ ،‬ختتلف باختالف امليدان‪ ،‬واملوضوع‪ ،‬والسياق‪.‬‬

‫إن والء املرتجم للقارئ جيعله يأخذ ‪ -‬بعني االعتبار‪ -‬عدة نقاط عندما يُل ِزمه األمر إىل توليد‬

‫املصطلح؛ ففي أحيان كثرية ال ميكن للمرتجم أن ينتظر املصطلحي ألن املستجدات تظهر يوميا‪،‬‬

‫فبذلك ميكنه أن يقوم بتوليد مصطلحات جديدة تساعده عند قيامه بالرتمجة‪ .‬فالقارئ ال يكتفي‬

‫بقراءة هذه املصطلحات املولّدة‪ ،‬بل سيستعملها حتما يف كثري من املرات‪ ،‬فلذا يشرتط يف توليد‬

‫‪ - 1‬ينظر‪:‬رضا أوتريان‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪154‬‬

‫‪112‬‬
‫ترجمة المصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫يتسىن للقارئ توظيفه يف تقاريره‪ ،‬ودراساته‪ ...‬فإذا ما‬


‫املصطلح سهولة النطق‪ ،‬والتذكر‪ ،‬واملفهوم‪ ،‬كي ّ‬
‫أتى املرتجم الدبلوماسي مبصطلح ثقيل النطق‪ ،‬صعب التذكر‪ ،‬ومعقد املفهوم‪ ،‬فمن املؤكد أن هذا‬

‫املصطلح املولّد لن خيرج من نطاق الرتمجة اليت ورد فيها‪ ،‬ولن يُتداول استعماله يف املستقبل‪ ،‬األمر‬

‫الذي يعاكس مفهوم التوليد الذي يهدف إىل قدرة املرتجم على توفري ترمجة للمصطلحات األصل‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫وتزويد اللغة اهلدف مبصطلحات جديدة تزيد من غناها وثرائها‪.‬‬

‫وخالصة ما سبق تقدميه أن مبدأ التوليد يف توليد املصطلحات هو طريقة متكن املرتجم‬

‫الدبلوماسي من إعطاء مصطلحات يف لغة اهلدف‪ ،‬عندما ال توفرها له القواميس‪ ،‬حىت املتخصصة‬

‫منها‪ ،‬الشيء الذي يرتكز جناحه على مهارات املرتجم‪ ،‬حيث متكنه هذه األخرية من إدراك املصطلح‬

‫يف لغة األصل‪ ،‬مستعينا مبعارفه اخلاصة‪ ،‬أو بالرجوع إىل االختصاصي كي يوضح له أكثر مفهوم هذا‬

‫املصطلح يف السياق الذي وضع فيه بطبيعة احلال‪ ،‬مث يلجأ إىل التوليد من أجل وضع مصطلح‬

‫جديد‪.‬‬

‫ويشرتط يف هذا األخري سهولة النطق‪ ،‬واملفهوم‪ ،‬والتذكر‪ ،‬كي يتيسر للقارئ املستقبل للنص‬

‫اهلدف استعمال هذا املصطلح املولد مستقبال‪ ،‬ذلك ألن والء املرتجم للقارئ يف غاية األمهية‪ ،‬ألن‬

‫هذا املصطلح متّ استحداثه حىت يتمكن املتلقي من استعماله الحقا‪ .‬ويف الوقت نفسه تزيد هذه‬

‫املصطلحات املولدة من ثراء اللغة اهلدف وغناها‪ ،‬وهبذا يكون املرتجم الدبلوماسي قد أصاب هدفني‬

‫يف الوقت نفسه‪.‬‬

‫‪.- 1‬ينظر م‪.‬ن‪ ،‬ص ‪.155‬‬

‫‪113‬‬
‫ترجمة المصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫لعل الرتمجة الديبلوماسية‪ ،‬ونظرا ألمهيتها يف حياة األمم والشعوب‪ ،‬فإن املرتجم جيد نفسه أمام‬

‫معضلة حقيقية‪ ،‬ومسؤولية عظيمة‪ ،‬األمر الذي يضعه أمام خيارين‪ :‬إما ترمجة املعىن بتفصيالته‬

‫الداللية املضمنة‪ ،‬وإما الرتمجة بأساليب مقابلة يف اللغة املرتجم إليها‪ ،‬خاصة إذا علمنا بأن‬

‫املصطلحات الديبلوماسية خمتارة بدقة ولكل مصطلح داللة وغاية من استعماله‪ ،‬ويف هذا السياق‬

‫حاولت الوقوف على خيارات املرتجم إزاء مواجهة اإلشكال املطروح يف أهم مستوياته املتعلقة برتمجة‬

‫اللغة الديبلوماسية‪ ،‬وعلى وجه اخلصوص من اللغتني اإلجنليزية واألملانية إىل اللغة العربية وذلك من‬

‫خالل حتليل وتقييم بعض مناهج مستويات التصرف اليت قد يعتمدها املرتجم يف عملياته الرتمجية‬

‫وألنين أحاول الرتكيز على سياق اخلطابات الديبلوماسية‪ ،‬حبيث أجد املرتجم يعتىن بفهم‬

‫جل الوحدات الداللية واليت عادة ما تتوزع على أغلب هذه املستويات اليت ختص العديد من اجملاالت‬

‫الديبلوماسية وكذا الرتمجية‪ ،‬فمن هذا املنطلق تبني لنا مدى حرص املرتجم على نقل هذه الوحدات‬

‫الداللية‪ ،‬وكذا املعان املقصودة من اخلاطب جتاه مجهور متلقيه وذلك من خالل دراسة أساليبه‬

‫وتقنياته يف الرتمجة ومستويات التصرف اليت اعتمدها يف الرتمجة وهي على النحو التال‪:‬‬

‫تبني لنا يف املستوى البالغي‪ :‬تنوع يف األساليب البيانية والبالغية يف النص املصدر وذلك‬
‫‪ّ -‬‬
‫لتأديتها ألغراض بيانية وتأثريية ومجالية‪ ،‬وقد يتفطن املرتجم جلل مقاصد ومعان هذه األمناط يف‬

‫التعبري‪ ،‬وبالتال فقد اختار نقل املعىن وايضاحه يف أغلب مواضع األساليب البالغية وذلك لتعذر نقل‬

‫الشكل واملعىن يف آن واحد إال يف مواضع قليلة‪.‬‬

‫‪114‬‬
‫ترجمة المصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫‪-‬أما على املستوى الرتكييب فقد تبني لنا اعتماد املرتجم على التصرف يف ترمجة أغلب تراكيب‬

‫النص املصدر من حيث اخلصائص اللغوية يف اللغة العربية‪ ،‬حرصا منه على احلفاظ على املعىن‬

‫املقصود منه‬

‫‪-‬أما خبصوص املستوى املعجمي فقد تبني اختيار املرتجم يف معظم املواضع للرتمجة احلرفية هذا‬

‫ما أوقعه يف حفرة اخلطأ يف احلاالت اليت خترج فيها األلفاظ عن معانيها احلقيقية إىل معان ودالالت‬

‫ثانوية ومن هذا املنطلق مل ينجح دائما بتبليغ ونقل مقاصد النص املصدر إىل اجلمهور متلقي الرتمجة‬

‫باللغة العربية‪.‬‬

‫‪-‬أما على املستوى الثقايف فقد يعتمد املرتجم على الرتمجة احلرفية لرتمجة بعض الطقوس‬

‫واملصطلحات الدينية‪ ،‬حيث يضع املتلقي يف حالة حرية يف فهم هذه املصطلحات الدخيلة على‬

‫الدين اإلسالمي باعتبار أن متلقي هذه الرتمجة من البلدان العربية‪ ،‬إذ البد من أن يضع املرتجم‬

‫اسرتاتيجية واضحة قائمة على اخللفية الثقافية والدينية‪ ،‬من خالل البحث عن وضعيات مكافئة يف‬

‫اللغة املستهدفة‪.‬‬

‫إن الرتمجة مهما بلغت قدرا كبريا من الدقة واملوضوعية واحلزم واجلدية يف العمل‪ ،‬إال أهنا ال ميكن‬

‫أن تؤدي إىل إحداث تكافؤ تام ومطلق بينها وبني اللغة الديبلوماسية األصلية‪ ،‬ذلك لكوهنا عملية‬

‫ابداعية‪ ،‬وفنية‪ ،‬وال تتقيد بقواعد وأساليب منهجية خاصة صارمة‪ ،‬إذ لوال ذلك العتمدنا على‬

‫التكنولوجيا واآللة يف ترمجة خمتلف اللغات‪.‬‬

‫‪115‬‬
‫ترجمة المصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫ب‪ -‬التعريب‪:‬‬

‫وعرب منطقه‬
‫عرب ّ‬
‫يعرفُه معجم لسان العرب بأنه مصدر ّ‬
‫التعريب لفظ مشرتك متعدد املعان ِّ‬

‫أي ه ّذبه من اللحن‪ ،‬وتعريب االسم األعجمي هو أن تتفوه به العرب على منهاجها ويف املعجم‬

‫الوسيط التعريب يعين صبغ الكلمة بصبغة عربية عند نقلها بلفظها األجنيب إىل اللغة العربية‪. 1‬‬

‫وغالبا ما تزود عملية التعريب اللغة العربية مبصطلحات حديثة تتماشى وتطور امليدان‬

‫الدبلوماسي املزدهر الذي يشهده العامل‪ ،‬وال جيدي التعريب نفعا إال إذا قمنا بعملية التنسيق لظاهرة‬

‫املصطلح وتوحيده‪ ،‬ألن عملية توحيد املصطلح بني دول العامل العريب بعيدة املنال يف وقتنا احلال‪،‬‬

‫وهذا راجع إىل انعدام التنسيق‪ ،‬ألسباب عديدة نذكر منها مثال‪ :‬تأثري األجنلوساكسونية‬

‫والفرونكوفونية يف دول املنطقة العربية‪ ،‬مما يعرقل منو اللغة العربية‪ ،‬وازدهارها وغناها‪ ،‬وعلى الرغم من‬

‫وجود منظمات‪ ،‬وهيئات يف الدول العربية تعمل يف هذا اجملال‪ ،‬يبقى املصطلح العريب غري مضبوط‪.‬‬

‫وميكن للمرتجم الدبلوماسي اللجوء إىل التعريب باعتباره حل أخري دون اإلفراط يف استعماله‬

‫حىت ال يشوه النظام اللغوي للغة العربية‪ ،‬حيث يفضل استعمال اللفظة العربية على تلك املعربة‪ ،‬وهذا‬

‫يف حالة عدم قدرته على ترمجة املصطلح بالطرق اليت ذكرناها سابقا‪ ،‬أو عند استحالة توليد مصطلح‬
‫‪2‬‬
‫جديد‪ ،‬مثال‪ --- Holding :‬هولدنغ‬

‫‪1‬‬ ‫‪-Voir : http://www.islammemo.cc/2003/01/14/2048.html‬‬


‫‪2 -Voir : Samia Barrada&Yousif Elias, op.cit. p 32‬‬

‫‪116‬‬
‫ترجمة المصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫ج‪ -‬االشتقاق׃‬

‫هو أن يؤخذ من لفظة ما كلمة‪ ،‬أو أكثر مع التناسب يف املعىن بني اللفظة املشتقة وما أخذ‬

‫منها‪ ،‬واالختالف يف اللفظ‪ .‬واالشتقاق يف األصل هو أخذ صيغة من صيغة أخرى‪ ،‬وهو أنواع‪:‬‬

‫االشتقاق األصغر‪ :‬وهو األكثر شيوعاً‪ ،1‬فلو أخذنا مادة (ضرب) مثالً‪ ،‬فإننا نستطيع أن‬

‫حنصل من مشتقاهتا‪ ،‬وتصاريفها‪ ،‬ومصادرها‪ ،‬وتصغري أمسائها على كلمات كثرية جداً‪ ،‬فأنت تأخذ‬

‫من املادة األصلية "ض ر ب" كلمات مثل‪ :‬ضارب‪ ،‬مضروب‪ ،‬ضربة‪ ،‬ضربات‪ ،‬ضريبة‪ ،‬ضرائب‪،‬‬

‫ضراب‪ ،‬وإضراب‪ ،‬وقد تصل إىل كلمات مهملة غري مستعملة من املادة ذاهتا إىل أن يأيت يوم حيتاج‬

‫إليها املستخدمون فيجدوهنا‪ ،‬ولعل أهم ما يف االشتقاق األصغر هو ارتداد كل الكلمات اجلديدة إىل‬

‫معىن جامع مشرتك‪.‬‬

‫االشتقاق األكرب‪ :‬وهو أن تأخذ أصالً من األصول الثالثية‪ ،‬فتعقد عليه‪ ،‬وعلى تقاليبه الستة‬

‫معىن واحداً جتتمع الرتاكيب الستة وما يتصرف من كل واحد منها عليه‪ ،‬كأن تأخذ مادة "ق و ل"‬

‫وتقلبها إىل ستة تقاليب‪ :‬ق و ل‪ ،‬ق ل و‪ ،‬و ل ق‪ ،‬ل و ق‪ ،‬ل ق و‪ ،‬و ق ل‪ .‬فلكل كلمة معناها‬

‫اخلاص‪ ،‬وجتتمع الكلمات الست على معىن جامع هلا‪.‬‬

‫د‪ -‬األسلوبية املقارنة وإسهامها يف ترمجة مييز (فيين وداربيلين) بني ثالثة أساليب للرتمجة‬

‫املباشرة‪ ،‬وأربعة غري مباشرة‪.‬‬

‫‪1-Voir‬‬ ‫‪: http://simolive.yoo7.com/t226-topic‬‬

‫‪117‬‬
‫ترجمة المصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫د‪ -1-‬أساليب الترجمة المباشـ ـ ـ ـ ــرة׃‬

‫االقتراض‬

‫هو استعمال الكلمة األصل نفسها يف النص اهلدف دون ترمجته‪ .1‬ويلجأ إليه املرتجم حني‬

‫يعجز أحيانا عن إجياد مصطلح مقابل يف لغة اهلدف‪ ،‬وكثريا ما يرجع هذا إىل الفروق اللغوية اليت‬

‫تعترب عائقا‪ ،‬وحاجزا أيضا يف طريق املرتجم الدبلوماسي‪ ،‬خاصة أن ميدان الدبلوماسية ال يقتصر‬

‫على بلد معني‪ ،‬أو منطقة معينة‪ ،‬ونذكر على سبيل املثال كلمة (جات) املقرتضة أصال من االختصار‬

‫االجنليزي إلسم إتفاقية (‪.2)GATT‬‬

‫المحاكاة‬

‫احملاكاة هي نقل العبارات اجلاهزة‪ ،‬أو الكلمات املركبة من اللغة األصل إىل اللغة اهلدف‪ ،‬على‬

‫نفس الشكل الذي صدرت به‪ ،‬وذلك برتمجة كل عناصرها حرفيا‪ ،3‬مثال׃‬

‫" فالن لعب دورا مهما يف جملس احملاسبة "‬

‫» ‪-« Il a joué un rôle important à la cour des comptes‬‬

‫من املعلوم أن اللغة الدبلوماسية تزخر بالكلمات املركبة وكذا بالعبارات اجلاهزة‪ ،‬ومن هنا ميكننا‬

‫اللجوء إىل احملاكاة يف بعض األحيان من أجل الوصول إىل نتيجة عندما جند أنفسنا أمام عبارات ال‬

‫متلك مقابال يف اللغة اهلدف‪ ،‬ومن أجل مجالية النص اهلدف‪ ،‬غري أن اإلفراط يف احملاكاة يوقع املرتجم‬

‫‪1‬‬
‫‪-Voir : J.-P. Vinay et J. Darbelnet, Stylistique comparée du français et de l'anglais, Didier,‬‬
‫‪Paris, 1967, p05.‬‬
‫‪2‬‬ ‫( االتفاقية العامة عن التعريفات اجلمركية والتجارة) ‪- General Agreement on Tariffs and Trade‬‬
‫‪3‬‬ ‫‪- J.-P. Vinay et J. Darbelnet, op. cit., p06.‬‬

‫‪118‬‬
‫ترجمة المصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫يف اخلطأ‪ ،‬فالعبارات اجلاهزة هلا تأثريها يف لغتها األصلية‪ ،‬فإذا زال تأثريها عند حماكاهتا‪ ،‬يستحسن‬

‫ترمجتها من حماكاهتا‪.‬‬

‫الترجمة الحرفية‬

‫هي ترمجة النص األصل كلمة بكلمة للحصول على نص صحيح من الناحية الرتكيبية‬

‫والداللية‪ ،1‬و ذلك باستبدال كل عنصر من األصل مبا يقابله يف النص اهلدف‪ 2‬وتعترب حال يف بعض‬

‫األحيان عند صعوبة الرتمجة بشرط احرتام مظهر النص األصل ومضمونه‪ ،‬مثل‪:‬‬

‫‪le climat des affaires est resté stable ،«Dans l'industrie comme dans les services‬‬

‫‪، tandis que la production industrielle a reculé de 09% en mars »،entre mars et avril‬‬

‫" يف الصناعة واخلدمات‪ ،‬ال يزال مناخ األعمال مستقرا بني مارس وأبريل‪ ،‬بينما اخنفض اإلنتاج‬

‫الصناعي ‪ ٪0.9‬يف شهر مارس "‬

‫لكن علينا أالّ نفرط يف اللجوء إليها حىت ال حنصل على نص قد يكون غري مفهوم‪ ،‬ومن مثّ‬
‫ستكون الرتمجة فاشلة‪.‬‬

‫وهذا ال يعين أن الرتمجة احلرفية أمر جيب نبذه‪ ،‬إالّ أهنا ال تستجيب للغرض يف الكثري من‬

‫األحيان‪ ،‬وخاصة يف ميدان الرتمجة الدبلوماسية؛ ألن لغة الدبلوماسية تستعني بالكثري من اجملاز‪،‬‬

‫واالستعارات‪ ،‬والكنايات‪ ،‬بالرغم من الطابع التقين لنصوصها‪ .‬ويف هاته احلال تضحى الرتمجة احلرفية‬

‫عائقا‪ ،‬ال حال‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Voir : J.-P. Vinay et J. Darbelnet, op. cit., pp 48-50.‬‬
‫‪2‬‬ ‫‪-Voir : forum.univbiskra, op.cit., p01.‬‬

‫‪119‬‬
‫ترجمة المصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫د‪ -2-‬أساليب الترجمة المباشرة׃‬

‫اإلبدال׃‬

‫هو أول األساليب غري املباشرة‪ ،‬ويكمن يف حتويالت على مستوى الصيغة النحوية للجملة‬

‫األصل يف النص اهلدف‪ ،‬دون أن نغري معىن الرسالة‪ 1‬ويسمى إبداال ألنه يتم باستبدال فئة حنوية من‬

‫النص األصل بفئة حنوية أخرى يف النص اهلدف‪ ،‬ومن أمثلة ذلك ‪:‬‬

‫إبدال فعل بإسم ‪:‬‬

‫» ‪....................... « Avant qu’il ne perde sa valeur monétaire‬قبل‬

‫فقدانه لقيمته الدبلوماسية‪.‬‬

‫التصرف׃‬
‫ّ‬
‫هو ترمجة الوضعيات الثقافية‪ ،‬واحلضارية املوجودة مبجتمع لغة النص األصل إىل وضعيات‬

‫ثقافية‪ ،‬وحضارية موجودة مبجتمع لغة النص اهلدف‪ ،2‬وذلك إذا كانت لغة النص األصل واهلدف ال‬

‫تتكافآن ثقافيا‪ ،‬وحضاريا‪ ،‬واهلدف منه تالءم القارئ مع الوضعيات املذكورة يف النص اهلدف‪ ،‬مثال‪:‬‬

‫"‪ ،"l’augmentation du tôt de bénéfice leur a réchauffé le cœur‬ترتجم يف اللغة العربية ب‪:‬‬

‫الربح أثلج قلبهم"‪ ،‬حبكم أن العرب كانوا يسكنون الصحراء ويشتاقون إىل شيء‬
‫" نبأ زيادة مع ّدل ّ‬

‫‪1‬‬
‫‪-Voir : J.-P. Vinay et J. Darbelnet, op. cit., p 50‬‬
‫‪2-Voir‬‬ ‫‪J.-P. Vinay et J. Darbelnet, op. cit., pp52-54.‬‬

‫‪120‬‬
‫ترجمة المصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫من الربودة‪ ،‬والثلج حيميهم من احلر الشديد‪ ،‬و باملقابل جند الفرنسي على عكس العريب جيد احلرارة‬
‫‪1‬‬
‫متنفسا له من الربد القارس الذي خييم يف طبيعتهم‪.‬‬

‫ويقول حممد عبد الغين حسن يف هذا الشأن ما يأيت ‪" :‬إن املرتجم قد يلجأ إىل البرت واحلذف‪،‬‬

‫وإمهال بعض العبارات املذكورة يف النص األصل العتبارات خاصة لديه‪ ،‬كأن ال يؤذي شؤون قومه‬

‫كرتمجة مطاعن يف الدين وجهها املؤلف األجنيب سواء كانت مطاعن يف الدين‪ ،‬أو يف رسول هذا‬
‫‪2‬‬
‫الدين ‪،‬أو يف الكتاب املنزل عليه‪ ،‬أو أوحي به إليه‪ ،‬أو عادات القوم و تقاليدهم و أخالقهم‪".‬‬

‫التطويع‪:‬‬

‫هي أن نعرب عن احلقيقة اللسانية نفسها باستعمال وسائل أسلوبية خمتلفة خاصة بلغة املتلقي‪،3‬‬

‫أي إجياد عبارة يف اللغة اهلدف‪ ،‬تعطي املعىن األصل نفسه‪ ،‬والتأثري نفسه‪ ،‬حىت إن كانت اجلملتان‬

‫األصل‪ ،‬واهلدف خمتلفتني من حيث الرتكيب أو الشكل‪ ،‬ويف املثال التال توضيح هلذا األمر وجتسيده‬

‫׃ »‪"......« il n’est pas difficile de frauder en Bourse‬من السهل االحتيال يف البورصة"‪،‬‬

‫فعوضنا النفي باإلجياب‪ ،‬وحافظنا على معىن اجلملة‪.‬‬

‫التكافؤ׃‬

‫‪1‬‬
‫‪- forum.univbiskra, op.cit., p01.‬‬
‫‪2-‬‬ ‫‪Ibid, p01.‬‬
‫‪3 -Voir : J.-P. Vinay et J. Darbelnet, op. cit., p51.‬‬

‫‪121‬‬
‫ترجمة المصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫هو نقل العبارة األصل إىل لغة اهلدف باستعمال كلمات خمتلفة‪ ،1‬واهلدف منه هو نقل املعلومة‬

‫األصل إىل النص اهلدف بإعطاء اجلمل‪ ،‬أو العبارات األصلية مكافئات ‪ ،‬وذلك بأخذ املضمون بعني‬

‫االعتبار دون اإلساءة إىل الشكل‪ ،‬وغالبا ما يتعلق األمر بالكالم املأثور‪ ،‬والتعابري‬

‫االصطالحية(الكليشيهات)‪ ،‬والتعابري اجلامدة‪ ،‬ويف املثال اآليت توضيح هلذا األمر׃‬

‫‪« la‬‬ ‫‪nouvelle‬‬ ‫‪réglementation‬‬ ‫‪financière‬‬ ‫‪est‬‬ ‫‪restée‬‬ ‫‪lettre‬‬

‫» ‪ .........morte‬بقي التنظيم الدبلوماسي اجلديد حربا على ورق‪.‬‬

‫ه‪-‬الكناية‪:‬‬

‫يكمن اهلدف من استعمال الكناية يف الرتمجة الدبلوماسية يف االبتعاد عن التكرار‪ .‬فهناك لغات‬

‫تتميز بالتكرار مثل اإلجنليزية دون أن يؤثر ذلك على األسلوب ‪ ،‬إال أن هذه املسألة غري مستحبة يف‬

‫لغات أخرى مثل الفرنسية‪ .‬فيلجأ املرتجم أثناء ترمجته من اللغة اإلجنليزية إىل الفرنسية أو العربية‪ ،‬إىل‬

‫استعمال الكناية؛ فعوض أن يذكر نفس الكلمة مرتني‪ ،‬أو ثالث يف نفس اجلملة‪ ،‬على النحو الذي‬

‫صدرت به يف النص األصل‪،‬يذهب إىل تعويضها بكلمة‪ ،‬أو بعبارة متداولة تشري إليها‪ ،‬حىت يفهم‬

‫القارئ املعىن؛ وهذا ما يوضحه املثال التال‪:‬‬


‫‪« The US dollar should continue to perform well as the domestic economy‬‬
‫‪is robust. However، Federal Reserve action to tighten monetary policy will‬‬
‫‪impact the direction of the US dollar»2‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Voir: Ibid. pp 8-9 et p52.‬‬
‫‪2‬‬ ‫‪- Frédéric Houbert, op.cit., p11.‬‬

‫‪122‬‬
‫ترجمة المصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫هنا نالحظ ‪-‬يف ترمجة هذه الفقرة إىل اللغة الفرنسية‪ -‬أن املرتجم جلأ إىل استعمال ا الكناية من‬

‫أجل جتنب تكرار عبارة » ‪ ، « the US dollar‬وقام بالرتمجة على النحو التال‪:‬‬
‫‪« Le dollar américain devrait continuer à bien se comporter compte tenu‬‬
‫‪du dynamisme de l’économie nationale. L’évolution à plus long terme du billet‬‬
‫‪vert dépendra toutefois du tour de vis que la Réserve Fédérale décidera ou non‬‬
‫‪de donner à sa politique monétaire »1‬‬

‫لقد قام املرتجم بنقل » ‪ ، « the US dollar‬اليت وردت مرتني يف نفس اجلملة‪ ،‬بطريقتني‬

‫خمتلفتني الجتناب التكرار؛ فرتمجها يف املرة األوىل ب‪:‬‬

‫ويف املرة الثانية جلأ للكناية وترمجها بعبارة‪« le dollar américain »:‬‬

‫» ‪ ،« le billet vert‬وهي كثرية التداول يف امليدان الدبلوماسي لنعت "الدوالر األمريكي"‪.‬‬

‫وتعترب الكناية من أهم التقنيات اليت يلجأ إليها املرتجم الدبلوماسي أثناء عمله‪ ،‬حيث يستعمل‬

‫عبارات‪ ،‬وكلمات متداولة لنعت منظمات أو بنوك‪...‬اخل‪ ،‬مما يعطي النص طابعا مجاليا من جهة‪،‬‬

‫ويسمح للمرتجم بتفادي التكرار من جهة أخرى‪.‬‬

‫ن‪ -‬ترجمة الصفة باالسم‪:‬‬

‫هناك تقنية أخرى‪ ،‬كثريا ما يلجأ إليها املرتجم الدبلوماسي يف عمله‪ ،‬وتكمن يف ترمجة الصفة‬

‫باالسم‪ ،‬من أجل إنتاج نص هدف أكثر مرونة وتناسق‪ ،‬ففي الكثري من األحيان ترمز الصفة إىل‬

‫شيء آخر غري ما ترمز إليه عامة‪ ،‬إذا ما أخرجت من السياق الذي وضعت فيه‪ ،‬فيلجأ املرتجم إىل‬

‫‪1‬‬
‫‪- Ibid., p11.‬‬

‫‪123‬‬
‫ترجمة المصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫ترمجة الصفة باالسم ‪ ،‬ألن ذلك يعطي معىن أدق وأصح من أن ترتجم الصفة بصفة أخرى ‪ ،‬واملثال‬

‫التال يوضح ذلك‪:‬‬


‫‪« Buoyant consumer confidence and improving employment prospects‬‬
‫‪suggest that robust economic growth will continue throughout Europe. »1‬‬

‫نالحظ يف الرتمجة املوالية أن املرتجم قام برتمجة الصفتني » ‪ « improving‬و » ‪« robust‬‬

‫بامسني عوض صفتني‪ ،‬وجاءت الرتمجة على النحو التال‪:‬‬


‫‪« La grande confiance affichée par les consommateurs et l’amélioration‬‬
‫‪des perspectives en matière d’emploi donnent à penser que la croissance‬‬
‫‪économique va se poursuivre avec la même vigueur dans toute l’Europe. »2‬‬

‫فلقد ترجم كلمة » ‪ « improving‬اليت هي صفة بكلمة « ‪ »amélioration‬اليت هي اسم‬

‫» ‪ « robust‬اليت ترمجها‬ ‫الصفة السابق ذكرها‪ .‬والشيء نفسه بالنسبة إىل كلمة‬

‫ب‪ ،"croissance":‬فرتجم الصفة بامسها‪.‬‬

‫وهكذا حنصل على ترمجة تويف بالغرض ومرنة ومتناسقة‪ ،‬ألنه لو قام برتمجة الصفة بصفة أخرى‪،‬‬

‫لكانت النتيجة نصا غري واضحا‪.‬‬

‫ومن القاموس الدبلوماسي‪ ،‬واالقتصادي ل(مارسيل ويزر)‪ ،‬الذي يرتجم فيه العديد من‬

‫الصفات بأمسائها‪ ،‬نعرض األمثلة اآلتية ‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Frédéric Houbert, op.cit., p11.‬‬
‫‪2‬‬ ‫‪- Ibid., p15.‬‬

‫‪124‬‬
‫ترجمة المصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫» ‪« buoyant equity markets » = « dynamisme des marchés boursiers‬‬


‫‪« sluggish investment activity » = « stagnation de l’activité d’investissement »1‬‬

‫وهذا ما يوضح لنا أكثر أن تقنية ترمجة الصفة باالسم‪ ،‬هي تقنية معتمدة يف الرتمجة‬

‫الدبلوماسية‪ ،‬وذلك ملزاياها‪ ،‬وتوصيلها للهدف املرغوب فيه‪.‬‬

‫إعادة التعبير׃‬

‫تتمثل يف إبقاء املرتجم على األثر نفسه يف املتلقي دون االهتمام بعدد كلمات النص ومفرداته‪،‬‬
‫باإلضافة إىل حتري الدقة‪ ،‬واملوضوعية يف عملية إعادة التعبري‪ ،‬والتقيد بالنص األصلي دون إضفاء‬
‫النتاج نصا موازيا للنص املقصود‪ .‬وعليه‪ ،‬فإن املرتجم يتقيد مببدأ إظهار ما‬
‫الذاتية عليه حىت يكون ُ‬
‫ويُسهم الفهم يف جتليات املعان وإيضاحها‪ ،‬حىت يرِّكب املرتجم نصه اجلديد بالصياغة اليت يراها‬
‫األسلوب‪،‬إال أن الشرط الذي جيب‬
‫ّ‬ ‫مناسبة‪ ،‬وختتلف هذه الصياغة باختالف األشخاص‪ ،‬شأهنا شأن‬
‫احرتامه هو عدم االبتعاد عن رؤية كاتب النص األصل حىت حيافظ املرتجم على وقع التأثري األصلي‬
‫لدى املتلقي‪.2‬‬
‫لعل صياغة النص‪ ،‬أو إعادة تركيبه بأسلوب آخر لن تظهر نتائجه ما مل يبدأ املرتجم صياغته‬
‫و ّ‬
‫بأسلوب موحد من بداية النص إىل هنايته‪ ،‬فالرتمجة الناجحة هي اليت جتعل متلقي النص املرتجم حيس‬

‫كأنه بصدد قراءة نص أصلي حبيث إذا انتقل عرب مفرداته‪ ،‬ومجله‪ ،‬وفقراته من خالل القراءة ال‬

‫تعرتضه أخطاء وال يشق عليه الفهم‪ ،‬وعند انتهائه من قراءة النص‪ ،‬فإنه خيرج باالنطباع نفسه‪ ،‬والتأثري‬

‫ذاته كأنه قرأ النص بلغة املصدر‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Wieser (Marcel), Glossaire économique et Financier, 1993, cité par Frédéric Houbert,‬‬
‫‪op.cit., p 16‬‬
‫‪2‬‬
‫‪– Voir:Gérard Hardin & Cynthia Picot, op.cit., p 12‬‬

‫‪125‬‬
‫ترجمة المصطلح الدبلوماسي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫وهنا تكمن أمهية عملية إعادة التعبري‪ ،‬فالنص هو أوال وأخريا موجه إىل اآلخر‪ ،‬ذلك ما‬

‫يستدعي االهتمام بالقارئ‪ ،‬ومنه بات على املرتجم االهتمام بإثارته‪ ،‬وإشباع فضوله‪ ،‬وخماطبة مستواه‬

‫الثقايف‪ ،‬واالجتماعي‪ ،‬ومراعاة الفوارق العلمية بني طبقات اجملتمع املختلفة‪ ،‬فالقارئ عامل من العوامل‬

‫املهمة جدا يف جناح عملية الرتمجة‪ ،‬أو فشلها‪.‬‬

‫‪126‬‬
‫توطئة‬

‫‪ - 1‬الرتمجة اآللية‬

‫‪ - 2‬الرتمجة الفورية‬

‫‪ - 3‬الرتمجة احلرفية‬

‫‪ - 4‬ترمجة املعن ى‬

‫‪ – 5‬ترمجة املختصرات‬

‫‪ – 6‬الرتمجة التقنية‪ ،‬يف املؤمترات والندوات‬

‫‪ - 7‬ترمجة النصوص التقنية‬

‫‪ - 8‬أمساء املنظمات والشعارات واالختصارات‬

‫‪ - 9‬شبه الرتمجة‬
‫أنواع الترجمات وكيفيتها في المؤتمرات الدولية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫تمهيد منهجي‪.‬‬

‫وألنه قد صار لكل جمال من جماالت الرتمجة يف احلياة السياسية العامة ظروفه املوضوعية‬

‫اخلاصة‪ ،‬حبيث أصبح لكل نوع من هذه الرتمجات قوانينه اخلاصة به‪ ،‬بل أن لكل لغة من لغات العامل‬

‫خصوصياهتا وبنياهتا وظروفها كما الحظناه سابقا‪ ،‬مث وألن وظيفة العمل الرتمجي املعاصر من املهام‬

‫الشاقة والعسرية فهي يف عصرنا من الصعوبة مبكان‪ ،‬باعتبارها عملية حمفوفة باملخاطر‪ ،‬ولكون العوملة‬

‫قد طغت على خمتلف مراحل متام الرتمجة الناجحة‪.‬‬

‫وألنين يف هذا الفصل ال أريد أن أتعرض ألنواع الرتمجات كما تتحدث عنها النظريات الرتمجية‬

‫اجلديدة‪ ،‬بل سأعرض بالتحليل والتوسع ملا يتناسب مع موضوعي الرئيس‪ ،‬ذلك ألن املرتجم يف‬

‫املؤسسات الدبلوماسية املختلفة‪ ،‬قد جيد نفسه معرضا إىل تساؤل يتعلق حبقيقته الوجودية‪ ،‬يف هذه‬

‫املهام الصعبة‪ ،‬والدقيقة التعامل‪ ،‬حبيث جيعلنا أحيانا نشفق على ظروفه املوضوعية‪ ،‬وحاالته املزرية‪،‬‬

‫كوهنا مشروطة دائما مبا هو أفضل‪ .‬إذ ال ميكن أن تكون العملية الرتمجة مسألة لغوية فحسب‪ ،‬بقدر‬

‫ما هي أعمق من ذلك‪ ،‬لكوهنا حمفوفة مبفهوم عناصرها الدبلوماسية)‪ 1‬املتبقية كما رأينا يف‬

‫خصوصيات النص املرتجم‪.‬‬

‫وإذا كانت املعايري اللغوية واأللسنية‪ ،‬تسيطر على بقية املعايري مع ما هلا من أمهية كربى‪ ،‬وإذا‬

‫كانت الرتمجة يف حد ذاهتا ال تشكل سوى احتماالً ثانوياً تابعاً حبيث ال ترقى إىل الطبيعة الكاملة‬

‫للنص املرتجم يف حد ذاته‪.‬‬

‫‪ - 1‬ينظر‪ :‬أالن بالنيت‪ .‬مبادئ يف الدبلوماسية‪ .‬الفصل األول‪ .‬الدبلوماسية والثقافة‪.‬ترمجة‪ :‬نور الدين خدودي‪ .‬دار األمة‬
‫للطباعة والنشر‪ .‬ط‪ .1998/.1‬ص‪151‬‬

‫‪128‬‬
‫أنواع الترجمات وكيفيتها في المؤتمرات الدولية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫من املتعارف عليه أن النص قد يتم حتويله من لغة إىل أخرى‪ ،‬حبيث تربز عالقات جديدة‪ ،‬قد‬

‫كان هلا وجودها الفعلي غري الظاهر أصالً يف اللغتني فمثالً‪ :‬عليه أن يتحدث بطالقة وأن حيسن‬

‫اخلطابة‪ ،‬وأن يكون له حضور من حيث اهليئة‪ ،‬فالبد أن يكون صاحب مطلع حسن‪ ،‬مع قابلية‬

‫استقبال جذابة‪ ،‬وفوق كل ذلك أن يكون قابالً لالقتداء بالشخص الذي يتحدث عنه‪ 1)..‬وبناء‬

‫على ذلك فإن الدارسني مل حيددوا الفروق بني عملييت الرتمجة األمينة‬

‫يف احلياة الدبلوماسية وبني أنواع الرتمجات الفورية على وجه اخلصوص‪ ،‬بالنسبة للكتابة األدبية‬

‫مثال‪ ،‬هي نفسها عملية ضرورية‪ ،‬أما خبصوص األدب والفن يف عمومه‪ ،‬وبشكل واضح‪ ،‬فإن القضية‬

‫ال تزال ( مصطلحية )‪ 1‬معقدة‪ ،‬ولعل اخلطر يف كيفية إصدار احلكم على وضع تلك التوصيفات‬

‫الواقعية‪ ،‬خصوصا مببدأ املنطق القاطع‪ ،‬ألننا جند أنفسنا منساقني وراء حقيقة العمل األديب اجلاد‪،‬‬

‫الذي يؤدي إىل متعة فنية‪.‬‬

‫ففي أيامنا هذه‪ ،‬تبدو ترمجة املؤلفات يف احملافل الدولية حمظوظة جدا‪ ،‬ذلك ألن امليزانيات‬

‫املالية اليت تصرف من أجلها‪ ،‬جد حمرتمة‪ .‬أما التعليم فعلى العموم يتطلب استخدام الرتمجات‬

‫املتخصصة‪ ،‬أو اللجوء إىل النقل على نطاق واسع‪ .‬وعن طريق تلك التمارين كان التعليم يسعى إىل‬

‫تعريف اللغة والثقافة‪ ،‬واهلدف األول ليس تعليم فن الرتمجة‪ ،‬بل لنقل أن التعليم ميكن بلوغه بواسطة‬

‫الرتمجة احملرتفة‪ ،‬ولكنه مل يزعم أبداً أنه استخدمها‪.‬‬

‫لن يكون األمر عبثاً إذا كان التعلم على الرتمجة قد تضمنت مترينات تعطى بنفس األسلوب‬

‫‪1‬‬
‫مصطفى الشهايب‪ .‬املصطلحات العلمية‪ .‬ص ‪124‬‬

‫‪129‬‬
‫أنواع الترجمات وكيفيتها في المؤتمرات الدولية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫واملبادئ عشر ترمجات خمتلفة ذات فائدة‪ .‬أما الرتمجة التصورية املنتقاة بصورة تعسفية من قبل املدرب‪،‬‬

‫فمردها حسن معلوماته واهتماماته‪.‬‬

‫إن هذا املبدأ يف الرتمجة يبدو مقبوالً من الناحية املنهجية‪ ،‬حىت أنه ميتد دون تردد يف ممارسة مثل‬

‫هذا النوع من الرتمجات‪ ،‬وبشكل عام‪ ،‬فقد اضطر هذا املرتجم املعلم‪ ،‬أمام تالميذه إىل نقد مجيع‬

‫القواعد املتعلقة بالصرف‪ ،‬وبان برصد قيمة كل كلمة وكل معىن للنص‪ ،‬فهذه التفاصيل هي اليت ترتبط‬

‫بإيقاظ الشعور اإلنسان لدى الفرد احملب للثقافة‪ .‬كما وأنه ومبنتهى احملبة واإلرادة الفوالذية‪ ،‬حنو ذلك‬

‫املبدأ األصيل‪ ،‬فإن املرتجم اجلامعي جنده دوماً معرض خلطر العرقلة وإثقال ما هو خفيف غري‬
‫‪1‬‬
‫متزن‪.‬ميكن أن يؤدي إىل فقد نواة اإلهلام اإلبداعية عنده‪).‬‬

‫‪ - 1‬أهم تعريف للمصطلح كونه جمموع املفردات اليت تنقلها لغة ما عن لغة أخرى‪ ،‬وغالباً‬

‫ما تكون ألفاظاً ملعان أو أمساء ملسميات اشتهرت هبا هذه اللغة املنقول عنها‪ ،‬أو انفردت هبا أو‬

‫امتازت بإنتاجها أو خلقها على ضوء تقنيتها وحضارهتا‪.‬‬

‫لدى املؤلف فما بالنا باملرتجم الذي قد يكون أكثر عرضة لذلك‪ ،‬ولكن مبوازاة هذه اللغة احلية‬

‫الغزيرة يظهر لنا فجأة مشكل عويص‪ ،‬يتمثل يف منتظم قدمي يعود إىل مسألة أمجل الرتمجات‬

‫مبجموعها‪ ،‬فإن اللحاق واملطاردة وراء التفصيل لغاية التفصيل فقط يقود إىل انقطاع النغمة اليت ال‬

‫تتحمل أية مسودة مكثفة مهملة‪ ،‬عليك قبل أن تباشر بتأدية النقل من لغة إىل أخرى‪ ،‬أن تتفهم‬

‫‪1‬‬
‫جوزيف هنوم حجال‪ .‬دراسة يف أصول الرتمجة‪ .‬دار املشرق‪.‬ط‪ .2002./ 7‬ص‪131‬‬

‫‪130‬‬
‫أنواع الترجمات وكيفيتها في المؤتمرات الدولية‬ ‫الفصل الرابع‬
‫‪1‬‬
‫النص على حد تعبري جوزيف هنوم‪) .‬‬

‫غري أن مثل هذه الطريقة يف الرتمجة حسب امليكروسكوب الذي استخدم مبنهجية كمثل‬

‫للطالب‪ ،‬واليت تستخدم على العموم لتوطيد معايري الرتمجة‪ ،‬حبيث جند فيها أن أي خرق ملثل هذه‬

‫اهلواية يف التحليل تثار بسخط‪ ،‬وعليه علينا أن نتمتع ببعد النظر‪ ،‬فعلى املرتجم الذي ينتظر النجاح‬

‫الباهر يف ترمجته‪ ،‬أن ال يقدم على خيانة مضمون نص املؤلف يف كل ما يتعلق باألعمال اليت هلا‬

‫عالقة بالعموم‪ ،‬ألن كل تفسري معكوس يساعد على مترير كل صواب‪ ،‬وكل إشارة خاطئة توشك أن‬

‫تعمل من قطعة اخلبز فرناً‪.‬‬

‫أما بالنسبة للرتمجان يف املؤمترات مثال فقد يالقي الصعوبة ليس من الناحية اللغوية‪ ،‬بل من‬

‫الناحية الثقافية واألدبية‪ ،‬ومثل تلك امللتقيات واملؤمترات اليت تتوافق مع اهتمامات العامة‪ ،‬ميكن أن‬

‫تصادف آراء أو لقاءات خميفة يف دول أخرى فال يتعلق األمر بالنجاح الباهر‪ ،‬صدفة‪ ،‬بل يتعلق‬

‫بالتفهم احلقيقي وبالقدرة الفعلية على الرتمجة الصحيحة‪ ،‬ومن خالل تتابع األعمال‪ ،‬تبني بأن بعض‬

‫املرتمجني‪ ،‬قد افتتنوا بلغة بعضهم‪ ،‬خاصة فيما يتعلق باللغة األملانية‪ ،‬ليس ألن اللغتني العربية واألملانية‬
‫‪2‬‬
‫متقاربتني ميكنان من الرتمجة‪ ،‬ولكن ألن تقارهبما يوحي بتقارب احلضارتني من جهة ما‪).‬‬

‫وألن الرتمجة الفورية‪ :‬هي أكثر الرتمجات صعوبة‪ ،‬كما يصرح غالبية املرتمجني احملرتفني‪ ،‬وهي‬

‫كذلك أخطر من الرتمجة العادية يف كثري من احلاالت‪ ،‬ألهنا بالضرورة تستهدف قضايا يف املشهد‬

‫الواقعي باجتاه أناس من حلم ودم‪ ،‬كما أهنا تستهدف مواقف سياسية عن بعض الوقائع يف تاريخ معني‬

‫‪ - 1‬جوزيف هنوم حجال‪ .‬دراسة يف أصول الرتمجة‪ .‬دار املشرق‪ .‬ط‪ .2002./ 7‬ص‪135‬‬
‫‪ - 2‬شحادة خوري‪ .‬الرتمجة قدمياً وحديثاً – مرجع سابق‪ .‬ص‪123‬‬

‫‪131‬‬
‫أنواع الترجمات وكيفيتها في المؤتمرات الدولية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫ويف مكان نعرفه‪.‬‬

‫كما أن هذا العمل قد يكون ناجحاً تبعا لذلك إذ يفضل أن يطلق على هذه الرتمجة صفة‬

‫التكيف وبالرغم من االعتقاد بضرورة القيام بالرتمجة النبيلة اليت قد حترتم النصوص الواردة يف املصدر‬

‫األصل‪ ،‬إال أن املرتجم‪ ،‬بالغريزة يتبىن مسلكاً معاكساً إىل حد ما لرتمجة املرتجم اجلامعي للنصوص‬

‫املختلفة عن موضوعات الساعة ذلك ألهنا ذات فائدة مرجوة‪.‬‬

‫وميكن أن ميثل هذا التكيف الذي سبق ذكره طابعاً جديداً يستخدم يف ترمجة الدبلوماسية‬

‫خاصة‪ ،‬عندما توفرت املصطلحات يف اللغة وتوالدت االشتقاقات الناجتة عن خمتلف النصوص‬

‫وغريها‪ ،‬كما ميثل العمل الدبلوماسي بالنسبة للمرتمجني تطلعات خاصة ومميزة جيمعها مع املعايري‬

‫املنبثقة من ترمجة خمتلف السياسات‪ ،‬ومقارنتها‪ ،‬بل ودراستها ومن مث حتديدها‪ ،‬واألخذ لبعضها وترك‬

‫البعض اآلخر‪ ،‬ألهنا تكون يف هذا اإلطار عبارة عن مهمة مقدسة حنو الوطن واألمة قاطبة‪ ،‬وال تعين‬

‫الفرد الواحد‪ ،‬مهما كانت الفائدة خاصة‪..‬‬

‫وإلثراء اللغتني‪ ،‬العربية واألملانية‪ ،‬ميكن إضافة مفهوم لغوي جديد يضيف آفاقاً جديدة حلركة‬
‫الرتمجة الدبلوماسية‪ ،‬فهذا املقسم اجلديد الذي يعد جائرا ألنه ينال من الرتمجة الدقيقة األمينة لألصل‬
‫ولنأخذ مثالً على ذلك هبذا ميكن القول بأننا أمام مجلة غري دقيقة‪ ،‬يصادف املرتجم الكثري من أمثاهلا‬
‫عندما يتوخى الرتمجة احلرفية الدقيقة‪ ،‬وقد سبق أن ُدرس هذا املفهوم العابر الذي كثرياً ما يعرتض‬
‫‪1‬‬
‫سبيل املرتمجني‪) .‬‬

‫‪ - 1‬الرتمجة املتعاقبة‪ :‬يراد هبا‪ ،‬أنك ما أن تنتهي حىت يبدأ املرتجم برتمجتها وهي قريبة من مفهوم الرتمجة الفورية ولكن هذه تفرتض‬
‫أن تنطق ترمجته يف الوقت نفسه الذي فيه املتحدث‪ ،‬ينظر‪ :‬د‪ .‬حممد رشاد احلمزاوي‪ -‬املنهجية العامة لرتمجة املصطلحات‬
‫وتوحيدها وتنميطها م‪.‬س‪.‬ص‪.873‬‬

‫‪132‬‬
‫أنواع الترجمات وكيفيتها في المؤتمرات الدولية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫ولكن احللول اليت توصلوا إليها مل تساعد على إجياد مفهوم موحد جلوهر ( الرتمجة‪ 1).‬اليت تسري‬

‫قدماً باطراد بكل فاعلية واستبشارا‪ ،‬متخطية مجيع الصعوبات اليت تنال حركة الرتمجة بصورهتا‬

‫الشاملة‪ 2).‬ألن العامل الضار الذي يبطئ حركتها هو حماولة حصرها ضمن نطاق املمارسة اللغوية‬

‫اجلافة واملتحجرة‪ ،‬اليت تنتهي هبا إىل الركود وعدم مواكبة التقنيات احلديثة املتدفقة‪ ،‬ذلك ألهنا متتاز‬

‫باحليوية والتدفق عرب مسارات احلضارة البشرية وكل كبح هو يف حقيقته نيل من دفقها‪ ،‬إن الرتمجة ولو‬

‫أقيمت على مفهوم املعادلة الرياضية فهي ليست بالعلم الرياضي إال على مستوى اجلوهر‪ ،‬أي‬

‫الفكرة‪ .3).‬وعليه فإن مسألة الرتكيز يف الرتمجة أساسية جدا ألن قراءة املنت هبدوء وروية وتذوق حىت‬

‫يتم االستيعاب‪ ،‬وتتم معه مسألة تسلسل األفكار لكي تتأثر بروعة الصور اليت تؤدي إىل الشعور‬

‫باحليوية‪.‬‬

‫أنواع الترجمات وكيفيتها في المؤتمرات الدولية‪:‬‬

‫لقد أصبح حلركة الرتمجة يف املؤمترات‪ ،‬ويف الندوات العاملية‪ ،‬واللقاءات الدولية مهنة سائدة‬

‫ومتدرجة‪ .‬فقد ابتكرت هلا منهجيات متجددة‪ ،‬ومهمات تدريبية وما يستوجب على مرتجم املؤمترات‬

‫أن يدونه هي األفكار الرئيسية‪ ،‬مث عليه باالهتمام بعملية‪ ،‬نطق الكالم‬ ‫‪Kinds of Translation‬‬

‫‪ – 1‬انطوان شكري مطر‪ .‬التمارين التطبيقية لكتابة الرتمجة العلمية‪ .‬دار املشرق‪ .‬ط‪.2003‬ص ‪19‬‬
‫‪ - 2‬على املرتجم أن ال يفقد األمل أو أن ينكمش جملرد عارض مفاجئ‪ ،‬فإن الرتدد والتلعثم يف الصوت بعد نطق كلمات‪ ،‬مث‬
‫الصمت مث مساع كلمة وأخرياً الصمت األخري قبل التفوه بكلمة‪ ,‬سبق ذكرها‪ ,‬كل ذلك مل يؤثر باملرتجم اجليد كما مل يُغيّب حدة‬
‫الذهن‪.‬ينظر‪ :‬جوزيف هنوم حجال‪ .‬دراسة يف أصول الرتمجة‪..‬م‪.‬س‪.‬ص‪28‬‬
‫‪ -3‬من قرارات جممع اللغة العربية يف مصر ترمجة الكلمات األعجمية املنتهية بالكاسعة‪ ،‬والكاسعة‪ ،‬بالفعل املضارع للمجهول‬
‫فيقال ‪ eau potable‬يشرب ويف ‪ Digestible‬طعام يهضم‪ -‬ينظر‪ -:‬شحادة خوري الرتمجة قدمياً وحديثاً‪ .‬ص‪164 .‬‬

‫‪133‬‬
‫أنواع الترجمات وكيفيتها في المؤتمرات الدولية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫وتسلسل األفكار‪ ،‬وعليه كذلك باحلذر من العرقلة احملتملة وبالرتابط الذي له أمهية كربى يف تلك‬

‫العملية السريعة‪.‬‬

‫خصوصا عندما تكون مقاطع كلمات اجلملة طويلة‪ .‬ألن االختصارات وأنواع االختزاالت اليت‬

‫يقوم هبا هلا وشائج تربطها ببعضها مث إهنا هي نفسها جديرة بتقصري األنغام الصوتية مع االحتفاظ‬

‫برمزية املعان‪ .‬مثل‪ :‬مفهوم الشدة يف الصوت‪ ،‬النقص‪ ،‬التفسري والشرح‪ ،‬املكاملة وغريها‪ ،‬مجيع هذه‬

‫األساليب والطرق جند بأهنا جديرة باملالحظة‪ ،‬ذلك ألهنا جديدة وتألفت بشأهنا الكتب النظرية‬

‫اخلاصة اليت اهتمت هبذا النوع من الرتمجات‪.‬‬

‫أما خبصوص بعض التدوينات املبعثرة بشح على الورق من قبل مرتمجي املؤمترات‪ ،‬يف حال كالم‬

‫املندوب ال متثل األصوات بل األفكار اليت جيب اعتبارها مبدأً أساسياً بدونه ال ميكن الوصول إىل‬

‫ترمجة حقيقية‪ ،‬ويف حال إتباع نفس الطريقة‪ ،‬ميكن أيضاً ترمجة النص إىل عدة لغات‪ ،‬مثلما قام به‬

‫الصيين عند قراءة اخلط العريب على مسامعه‪.‬‬

‫فعندما جيد املرتجم نفسه بعيداً عن االختزال‪ ،‬وبعيدا عن أنواع االختصارات‪ ،‬عليه أن يتمتع‬

‫بالرياضة الفكرية اليت تساعده على النقد الصحيح لطريقته‪ ،‬وأن يبتكر الكالم الذي قد يدوم نصف‬

‫ساعة أو ساعة أو ساعتني حبيث ميكن تكراره أدبياً ولغوياً بلغة أخرى‪ ،‬ألن مثل تلك املبادرات تشبه‬

‫العمل املنشط الذي يبعث حيوية يف املتلقي‪.‬‬

‫أن‬ ‫ومن هذا املنطلق فأن يُظهر نفسه أهالً لتصويب وتصحيح ما هو واجب‪ .‬فمثالً‪ :‬عليه‬

‫يتحدث بطالقة وأن حيسن اخلطابة‪ ،‬وأن يظهر بعض املواقف الكوميدية‪ ،‬وبنفس املعىن‪ ،‬أن يكون له‬

‫‪134‬‬
‫أنواع الترجمات وكيفيتها في المؤتمرات الدولية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫حضور ذو مطلع حسن مع قابلية استقبال جذابة‪ ،‬وفوق كل ذلك أن يكون قابالً لالقتداء بالشخص‬

‫الذي يتحدث عنه‪.‬‬

‫ويف املؤمتر التقين تتابع الندوات‪ ،‬ويف كل اجتماع ندوة يتتابع املندوبون إللقاء احملاضرات‪،‬‬

‫للسؤال واجلواب‪ ،‬وللنقاش‪ ،‬فاملوضوع إذاً ال يقتصر على طرح واحد وال على شخص واحد‪ ،‬لذلك‬

‫واخلاصة األوىل اليت جيب أن يتميز هبا املرتجم هي جاهزية الفكر والفاعلية يف إمكانية السيطرة على‬

‫لب املوضوع وأهليته‪.‬‬

‫ليس نادراً أن نشاهد بعض املرتمجني يرددون أقواهلم أو خطاباهتم دون إلقاء نظرة جدية على‬

‫فحواها‪ ،‬حىت أننا نلمس لدى البعض من فحوى تلك اخلطب املواربة والظالل والتفرد جبميع‬

‫االنثناءات الصوتية حىت خمتلف التلعثمات اليت تؤثر على صياغة الفكرة والضرب على الوتر‪ ،‬أما كل‬

‫خطوة خاطئة ومغلوطة يسلكها املرتجم تنايف األثر األديب تعترب مميتة وتضر باملسار الكوميدي ويف‬

‫املوضوع القصصي‪ .‬وإذا أردنا احلديث عن تقنية الرتمجة وعن البحوث املتوازنة فيها نلمس واحدة من‬

‫اخلصائص اليت يتمتع فيها هذا الفن‪ ،‬أال وهي االنتقال من لغة إىل أخرى‪ ،‬الذي جيب أن يكون هو‬

‫االنتقال طبيعياً وقد ال يكون ذلك سهالً عندما تكون الرتمجة سريعة‪.‬‬

‫أنواع الترجمة ‪Kinds of Translation‬‬

‫وقبل الشروع يف تقسيم الرتمجة إىل أنواعها وأصنافها‪ ،‬سأبدأ هبذا التقسيم الذي اقرتحه العامل‬

‫أأللسين الكبري‪ Jakobson:‬وذلك ألنه يتميز مبنهجية حمكمة تعمل على إلغاء سواها‪ ،‬لقد أورد‬

‫ثالثة تقسيمات للرتمجة‪ ،‬نوردها فيما يلي‪:‬‬

‫‪135‬‬
‫أنواع الترجمات وكيفيتها في المؤتمرات الدولية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫النوع األول‪ :‬ويسمى بالرتمجة ضمن اللغة الواحدة ‪ .intralingual translation‬وتعين هذه‬

‫الرتمجة إعادة صياغة مفردات رسالة ما يف إطار اللغة نفسها‪ ،‬ووفقا هلذه العملية‪ ،‬ميكن ترمجة‬

‫اإلشارات اللفظية بواسطة إشارات أخرى يف تلك اللغة املعنية بالرتمجة‪ ،‬وهي تعترب عملية أساسية حنو‬

‫وضع نظرية وافية للمعىن‪ ،‬مثل عمليات تفسري القرآن الكرمي‪.‬‬

‫النوع الثاني‪ :‬وهو الرتمجة من لغة إىل أخرى ‪ .interlingual translation‬وتعين هذه‬

‫الرتمجة ترمجة اإلشارات اللفظية إلحدى اللغات عن طريق اإلشارات اللفظية للغة أخرى‪ .‬وهذا هو‬

‫النوع الذي نركز عليه‪ ،‬وحناول أن ننطاق فيه بالبحث‪ ،‬وما يهم يف هذا النوع من الرتمجة ليس جمرد‬

‫معادلة الرموز (( مبعىن مقارنة الكلمات ببعضها فحسب‪ ،‬بل تكافؤ رموز كلتا اللغتني وترتيبها‪ .‬أي‬

‫جيب معرفة معىن التعبري بأكمله‪.‬‬

‫‪intersemiotic‬‬ ‫النوع الثالث‪ ،‬وميكن أن نطلق عليه الرتمجة من عالمة إىل أخرى‬

‫‪ .translation‬وتعين هذه الرتمجة نقل رسالة من نوع معني من النظم الرمزية إىل نوع آخر دون أن‬

‫تصاحبها إشارات لفظية‪ ،‬وحبيث يفهمها اجلميع‪ .‬ففي البحرية األمريكية على سبيل املثال‪ ،‬ميكن‬
‫‪1‬‬
‫حتويل رسالة لفظية إىل رسالة يتم إبالغها باألعالم‪ ،‬عن طريق رفع األعالم املناسبة‪) .‬‬

‫‪ ‬ويف إطار الرتمجة من لغة إىل أخرى ‪ ،interlingual translation‬ميكن التمييز بصفة‬
‫‪3‬‬
‫عامة بني قسمني أساسيني يف العملية الرتمجية‪) :‬‬

‫‪ - 1‬ينظر‪ -:‬شحادة خوري الرتمجة قدمياً وحديثاً‪ .‬ص‪.‬ص ‪.166-165-164‬‬

‫‪136‬‬
‫أنواع الترجمات وكيفيتها في المؤتمرات الدولية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫‪ ‬الرتمجة التحريرية ‪ :Written Translation‬وهي اليت تتم كتابة‪ .‬وعلى الرغم مما يعتربه‬

‫الكثريون من أهنا أسهل نوعي الرتمجة‪ ،‬إذ ال تتقيد بزمن معني جيب أن تتم خالله‪ ،‬إال أهنا تعد يف‬

‫نفس الوقت من أكثر أنواع الرتمجة صعوبة‪ ،‬حيث جيب على املرتجم أن يلتزم‬

‫‪ ‬التزاما دقيقا وتاما بأسلوب النص األصلي‪ ،‬وإال تعرض لالنتقاد الشديد يف حالة الوقوع‬

‫يف خطأ ما‪ ،‬ذلك ألهنا ترمجة تتميز بالدقة األكادميية‪ ،‬وليست ارجتالية‪.‬‬

‫الترجمة الشفهية ‪Oral Interpretation‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ ‬وترتكز صعوبتها يف أهنا تتقيد بزمن معني‪ ،‬وهو الزمن الذي تقال فيه الرسالة األصلية‪ .‬إذ يبدأ‬

‫دور املرتجم بعد االنتهاء من إلقاء هذه الرسالة أو أثناء اإللقاء‪ ،‬ولكنها ال تلتزم بالدقة نفسها‪،‬‬

‫ومبحاولة االلتزام بأسلوب النص األصلي نفسه ‪ ،‬بل يكون على املرتجم االكتفاء بنقل فحوى أو‬

‫حمتوى هذه الرسالة فقط‪ ،‬وتنقسم الرتمجة الشفهية إىل عدة أنواع أذكرها خمتصرة‪:‬‬

‫أوال‪ :‬الترجمة المنظورة ‪:At-Sight Interpreting‬‬

‫أو الرتمجة مبجرد النظر‪ .‬وتتم بأن يقرأ املرتجم نص الرسالة املكتوبة باللغة املصدر ‪ SL‬بعينيه‪ ،‬مث‬

‫يرتمجها يف عقله‪ ،‬ليبدأ بعد ذلك يف ترمجتها إىل اللغة املنقول إليها ‪ TL‬بشفتيه‪.‬‬

‫‪Consecutive Interpreting‬‬ ‫ثانيا‪ :‬الترجمة التتابعية‬

‫وحتدث بأن يكون هناك اجتماعا بني جمموعتني تتحدث كل جمموعة بلغة خمتلفة عن لغة‬

‫اجملموعة األخرى‪ .‬ويبدأ أحد أفراد اجملموعة األوىل يف إلقاء رسالة معينة‪ ،‬مث ينقلها املرتجم إىل لغة‬

‫‪137‬‬
‫أنواع الترجمات وكيفيتها في المؤتمرات الدولية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫اجملموعة األخرى لكي ترد عليها اجملموعة األخرية برسالة أخرى‪ ،‬مث ينقلها املرتجم إىل اجملموعة األوىل‬

‫وهكذا‪.‬‬

‫ومن الصعوبات اليت جيب التغلب عليها يف الرتمجة التتابعية‪ ،‬مشكلة االستماع مث الفهم‬

‫اجليد للنص من منظور اللغة املصدر نفسها‪ ،‬ولذلك جيب العمل على تنشيط الذاكرة السرتجاع أكرب‬

‫قدر ممكن من الرسالة اليت مت االستماع إليها‪.‬‬

‫‪Simultaneous Interpreting‬‬ ‫ثالثا‪ :‬الترجمة الفورية‬

‫وحتدث يف بعض املؤمترات الدولية‪ ،‬حيث يكون هناك متحدث أو جمموعة من املتحدثني بلغة‬

‫أخرى عن لغة احلضور‪ ،‬ويبدأ املتحدث يف إلقاء رسالته بلغته املصدر ‪ SL‬ليقوم املرتجم برتمجتها يف‬
‫‪1‬‬
‫نفس الوقت إىل لغة احلضور ‪) .TL‬‬

‫وقد حتدثنا فيما سبق عن دور املرتجم الذي يلعبه أثناء ممارسته للرتمجة التحريرية‪ .‬وميكننا هنا أن‬

‫نلقي بعض الضوء على املتطلبات الواجب توافرها يف املرتمجني الذين يقومون هبذه األنواع اخلطرية من‬

‫الرتمجة الفورية‪.‬‬

‫ولكون الرتمجة من الفنون اجلميلة‪ ،‬ألهنا ختضع ملعايري حمددة ويضفي كل مرتجم على النص‬

‫املرتجم ملساته الشخصية فنية كانت أو مجالية‪ ،‬لكنها يف مجيع احلاالت تفيد الرتمجة‪ ،‬مع ذلك فإن‬

‫اآللة تقدم ترمجة قياسية متكن املرتجم مراجعتها وحتسينها وإعادة صياغتها‪ ،‬وألهنا آلة بكماء‪ ،‬ستوفر‬

‫لنا قاموساً آلياً سهل االسرتجاع‪.‬‬

‫‪ – - 1‬ينظر‪ :‬أنطون مطر‪ .‬الرتمجة العملية‪ 1971 :‬ص ص ‪16‬‬

‫‪138‬‬
‫أنواع الترجمات وكيفيتها في المؤتمرات الدولية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫كما تتوقف نسبة صحة الرتمجة على النص وعلى ما إذا كان املستخدم سيستعمل القاموس‬

‫املتخصص والقاموس العام املتوفرين يف نظام املرتجم اآلل‪ ،‬كما تتوقف دقة الرتمجة العربية على دقة‬

‫النص اإلنكليزي الذي جتري ترمجته‪ ،‬وقد أثار بعض ملرتمجني العرب االهتمام بقدرة اآللة على الرتمجة‬

‫بني لغتني خمتلفتني متاماً كاإلنكليزية والعربية‪ ،‬وقد أثارت سرعته القياسية اهتماما كبريا‪.‬‬

‫والرتمجة ( اآللية )‪ 1‬ال تزال غري صحيحة مائة يف املائة حىت بني لغات من أصول واحدة‪ ،‬ولكن‬

‫هذا مل مينع انتشار استخدامها على نطاق واسع‪ ،‬واإلمكانات اليت توفرها الرتمجة اآللية كبرية يف جمال‬

‫العلوم والتكنولوجيا واألعمال‪.‬‬

‫واملالحظ هو أن أنظمة الرتمجة اآللية ال تستخدم حالياً على نطاق واسع يف العامل العريب‪،‬‬

‫ألسباب عديدة‪ ،‬لعل أمهها أهنا قدمت لألسواق يف املدة األخرية‪ ،‬وهي ترمجة ال تزال تواجه‬

‫انطباعات خمتلفة‪ ،‬وقد نصفها باملسبقة‪ ،‬ذلك ألهنا ترتاوح ما بني االعتقاد بأهنا قادرة على ترمجة كل‬
‫‪2‬‬
‫شيء‪ ،‬وبطريقة أفضل من املرتمجني البشر‪ ،‬أو اعتبارها لعبة غري جدية وهي جمرد تسلية‪) .‬‬

‫والعملية نفسها قد تنسحب على الرتمجة األدبية‪ ،‬أنه ال يستطيع أن يرتجم الشعر الذي يواجه‬

‫حىت املرتمجني أنفسهم يف صعوبة ترمجته‪ ،‬ألن اآلالت ترتجم اجلمل وليس املعان‪ ،‬ولكنها قد تفعل‬

‫ذلك يف املستقبل مع تقدم تقنيات الذكاء االصطناعي‪ 3) .‬لكننا نعتقد بأن وجهيت النظر يف حاجة‬

‫‪ – - 1‬ينظر‪ :‬أنطون مطر‪ .‬الرتمجة العملية‪ 1971 :‬ص ‪16‬‬


‫‪ - - 2‬يعتقد الكثري بأن أنظمة الرتمجة اآللية‪ ,‬قد حققت إجنازات مهمة خصوصا‪ ,‬بالنسبة للغة العربية‪ ,‬وهذا اإلجناز التقين‬
‫الكبري‪ ,‬سيساهم مستقبال يف تطور احلركة الرتمجية من وإىل العربية‪ ,‬وبذلك هي ال تلغي دور املرتجم بل تضاعف إنتاجيته‪ .‬ينظر‪-:‬‬
‫شحادة خوري الرتمجة قدمياً وحديثاً‪..‬ص ‪.166‬ينظر‪ :‬نبيل علي‪ .‬الثقافة العربية م‪.‬س‪.‬ص ‪15‬‬
‫‪ - 3‬ينظر‪ :‬د‪ .‬حممد مجيل اخلان‪ .‬املصطلحات العلمية‪.‬م‪.‬س‪ / .‬ص‪77‬‬

‫‪139‬‬
‫أنواع الترجمات وكيفيتها في المؤتمرات الدولية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫إىل تصحيح‪ ،‬ذلك ألن اآللة ال ميكنها يف نظري أن تتفوق على القدرة البشرية‪ ،‬ألهنا جمرد آلة صماء‪،‬‬

‫غري ذكية‪ ،‬أما خبصوص الرأي الثان والذي حياول أن يسقط من قيمتها هنائيا‪ ،‬فال أعتقد بأنه موفق‪،‬‬

‫ألن هذه اآللة هي يف حقيقة املر إضافة نوعية للجهود البشرية‪.‬‬

‫يستخدم املرتجم العريب برناجمني خمتلفني يف هذه الرتمجة اآللية‪ ،‬يدعى أحدمها‪( :‬الطريقة‬

‫املباشرة) ‪ .Direct mode‬وفيها يقوم ملف الرتمجة برتمجة النص وعرض عدد الكلمات املرتمجة يف‬

‫الثانية الواحدة ألن سعة ملف الرتمجة بشكل غري حمدود ومتوقف على جهاز احلاسوب الذي‬

‫يستخدمه‪ ،‬وُميكن للمستخدم حفظ النص املرتجم واستخدامه يف أية معاجلة للنصوص‪.‬‬

‫ويناسب املرتجم حاجات املرتمجني احملرتفني‪ ،‬يف حني يصلح الوايف لالستخدامات املنزلية من‬

‫قبل الطالب مثالً‪ .‬ولكن يبقى نطاق الرتمجة متماثالً يف االثنني معا‪ ،‬على الرغم من أن الوايف حيتوي‬

‫على مائة ألف مدخل إنكليزي ونصف مليون كلمة‪ ،‬بينما حيتوي املرتجم على مليون كلمة إضافية‬

‫إىل قاموس متخصص‪ 1)).‬كما يضم اإلصدار اجلديد قاموساً خاصاً ميكن للمستخدم إنشاءه وتطويره‬

‫وفق احلجم واملواصفات اليت يرغب فيها‪ .‬ويتيح القاموس اخلاص للمستخدمني اختيار الكلمات‬

‫املفضل‪ ،‬واألكثر شيوعاً يف البلدان العربية املختلفة‪.‬‬

‫ويعمل (( املرتجم العريب‪ )).‬على احلاسبات الشخصية‪ ،‬وقد جهز بطريقة تتناسب مع نظام‬

‫((وندوز العريب‪ )).‬لكن النص اإلنكليزي ميكن أن يُعد يف أي معاجل للنصوص‪ .‬وتتم عملية الرتمجة‬

‫فورياً بعد إدخال النص اإلنكليزي املطلوب ترمجته إىل الكومبيوتر بالوسيلة اليت يستخدمها املستعمل‪.‬‬

‫‪ - 1‬مصطفى الشهايب‪.‬نفس ه‪ .‬ص ‪ 87‬ينظر‪:‬أالن بالنيت‪ .‬الدبلوماسية والثقافة‪ .‬م‪.‬س‪ /.‬ص ‪ 182‬ينظر‪ :‬شحادة خوري الرتمجة‬
‫قدمياً وحديثاً‪ .‬ص‪.‬ص ‪166-165-164‬‬

‫‪140‬‬
‫أنواع الترجمات وكيفيتها في المؤتمرات الدولية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫وسواء عن طريق تنضيد الكلمات على لوح املفاتيح أو عرب جهاز املسح أو أجهزة اتصاالت‬

‫(( املودم )) أو الصوت املباشر باستخدام تقنيات التعرف الصويت‪ .‬وبعرض النص اإلنكليزي وترمجته‬

‫العربية يف نصفي الشاشة العلوي والسفلي‪ 1)).‬إهنا تقنيات عالية ستجعل من الرتمجة اآللية وسيلة‬

‫لإلبداع الفين‪.‬‬

‫ولعل امليزة األساسية للربنامج هي يف قدرته على الرتمجة بني لغتني خمتلفتني كلية حيث يساعده‬

‫ذكاؤه على سبيل املثال‪ ،‬يف اإلدراك أن ‪ ،Bbc‬أي (( الببس )) تعين‪ ((:‬يب يب سي‪ )).‬وليس حروف‬

‫األجبدية املعروفة‪ ،‬وعندما يفرق بني أشياء كهذه‪ ،‬فإنه قد أحرز تقدما مهما يف جمال اآللية‪.‬‬

‫وأن كلمة (( كتاب‪ )).‬اسم مذكر يف اللغة العربية‪ ،‬ويف حال اخلطأ يف هتجئة الكلمة اإلنكليزية‬
‫ميتنع الربنامج عن الرتمجة وخيرب املستخدم بوجود اخلطأ‪ .‬واملالحظ هو أن املرتجم العريب قد جنح عند‬
‫فرتمجها إىل العربية السيد‪ ((:‬بوكس حبجز‬ ‫اإلنكليزية‪Bookd his book،Mr :‬‬ ‫اختباره يف ترمجة العبارة‬
‫‪2‬‬
‫كتبه‪))..‬‬
‫ونظراً ملا تؤديه الرتمجة من دور فعال يف خلق احلوار بني اآلداب املختلفة ومن حماولة تضييق‬

‫الفجوة بني خمتلف احلضارات والثقافات العاملية‪ ،‬ونظرا لكوهنا هتيئ الظروف لتوسيع انتشار األدب‬

‫العاملي‪ ،‬فإهنا أصبحت مبثابة القنطرة اليت يتوصل من خالهلا إىل باقي اجملتمعات العاملية‪ ،‬خصوصا‬

‫‪ - 1‬يف تقدير صاحب الشركة‪ (( ,‬خمتار هامشي)) الذي أعاد إىل األذهان املوقف املرتدد للجمهور يف أول طرح معاجلات النصوص‬
‫العربية‪ ،‬مل يكن معظم الناس آنذاك يتصور أهنا ستحل حمل اآللة الكاتبة‪ .‬ويف رأيه شيء مماثل‪ ،‬مبرور الوقت‪ ،‬ستالقي التكنولوجيا‬
‫اجلديدة االنتشار الواسع‪ .‬فاملسألة تتصل بتقبل اجلمهور‪ .‬ينظر‪:‬د‪ .‬أنور اخلطيب‪ .‬منهجية بناء املصطلح‪ .‬جملة اللسان العريب‪.‬م‪.‬س‬
‫‪ /‬ص ‪100 -99‬‬
‫‪ – 2‬ينظر‪ :‬د‪ .‬ممدوح خساة‪ .‬التعريب والتنمية اللغوية‪.‬م‪.‬س‪ /‬ص‪.‬ص‪ 123-117‬ينظر نبيل علي‪ .‬الثقافة العربية وعصر‬
‫املعلومات‪ .‬عامل املعرفة‪ 2001.‬ص‪.248‬‬

‫‪141‬‬
‫أنواع الترجمات وكيفيتها في المؤتمرات الدولية‬ ‫الفصل الرابع‬
‫‪1‬‬
‫يف زمننا احلال‪))..‬‬

‫وسيحدث ذلك يف العامل بأكمله‪ ،‬دون أي جواز سفر‪ ،‬وهذا املوضوع جيرنا إىل التساؤل عن‬

‫العالقة بني املؤلف واملرتجم ومن مث إىل احلديث عن الرتمجة كعملية إبداعية‪ ،‬ومما ال شك فيه أنه ال‬

‫فرق بني الكتابة والرتمجة فكالمها عمل إبداعي‪ ،‬ألن املرتجم حسب العادة ال ينتج نصه دفعة واحدة‬

‫وإمنا يعيد صياغته مرات ومرات قبل أن يصل إىل يد القارئ‪.‬‬

‫إن إبداعه ومهارته يظهران خاصة على مستوى النص األديب الذي يكتب عادة بلغة بعيدة عن‬

‫مستوى اللغة العادية وأشكال الصياغة املألوفة‪ .‬بالوقت الذي فيه يكون املرتجم حباجة إىل كفاءة‬

‫عالية وحس أديب وفين مرهف‪.‬‬

‫والصور بأقل‬ ‫وإىل انسجام كبري مع مؤلفه حىت يتمكن من نقل األصوات والكلمات واجلمل‬

‫ما ميكن من األخطاء أو عدم الوفاء‪ ،‬ويف هذا الصدد يقول كوانرتيو‪ (( :‬إن الرتمجة األدبية عملية‬

‫تعاون عاطفي وهذا يعين أنه ال يكفي أن يكون املرتجم مرتمجاً ممتازاً حىت يوفق يف ترمجة األعمال‬

‫األدبية وغريها إىل لغة أخرى على أحسن صورة‪ ،.‬بل البد من أن يكون يف أعماقه فناناً مبدعاً يف‬
‫‪2‬‬
‫جمال اختصاصه‪))..‬‬

‫ومن هنا ذهب الكثريون إىل اعتبار الرتمجة فناً صعباً بل هو أصعب من فن الكتابة ذاهتا‬

‫وإبداعاً حقيقياً يفرتض أن يتمتع صاحبه خبيال خصب وواسع‪ ،‬وإذا كنا قد ركزنا على مرتجم‬

‫املقبل يف مدينة ديب‬ ‫‪ - 1‬وسيضم اإلصدار القادم من‪ ((:‬املرتجم العريب‪ )).‬الذي سيعرض يف معرض (جيتكس ‪)Gitex‬‬
‫اإلماراتية مخسة قواميس متخصصة للتجارة والشؤون العسكرية والعلوم والطب‪.‬‬
‫‪ - 2‬ينظر‪:‬أالن بالنيت‪ .‬الدبلوماسية والثقافة‪.‬م‪.‬س‪ /.‬ص ‪121‬‬

‫‪142‬‬
‫أنواع الترجمات وكيفيتها في المؤتمرات الدولية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫النصوص األدبية ووضعناه على قدم املساواة مع املؤلف‪ ،‬فهذا ال يعين أننا هنمل أو نضع كل من‬

‫املرتجم التقين والفوري على اهلامش‪ ،‬ذلك ألن أمهية هؤالء تزداد يوماً بعد يوم وتزداد مهمتهم صعوبة‬

‫أكثر مما كانت عليه يف السابق‪ ،‬وذلك بالنظر إىل التقدم العلمي اهلائل الذي يثري اللغة كل يوم‬

‫مبفردات ومصطلحات جديدة‪.‬‬

‫وكل ذلك يتطلب الدقة واإلتقان واإلبداع‪ 1)..‬انطالقاً من هذه النظرية وبالنظر أيضاً إىل اتفاقية‬

‫(( برين )) اليت تعترب املرتجم مؤلفاً يف األصل‪ ،‬فإن أية إشارة حلقوق املؤلف هي بدون منازع‪.‬‬

‫وهنا إشارة لصعوبة العملية الرتمجية‪ ،‬كوهنا تأيت يف مرتبة متقدمة‪ ،‬حىت على كاتب النص يف حد‬

‫ذاته‪ ،‬ذلك ألن املرتجم له مهمة األمانة العلمية‪ ،‬ومن ناحية أخرى كونه كاتبا‪ ،‬جيب أن حترتم‬

‫إبداعاته‪ ،‬مث إنه ميتلك أحقية التوقيع‪ ،‬علماً بأن هذا احلق سبق وأن استعمله مرتمجون وكتاب منذ عدة‬
‫‪2‬‬
‫سنوات‪))..‬‬

‫وبصدد هذا احلق يف التأليف‪ ،‬البد من ذكر فكرة (امللكية الفكرية) والعمل على محايتها‪ ،‬وهي‬

‫املهمة اليت جعلتها املنظمة العاملية للملكية الفكرية على عاتقها واليت مقرها ( جبنيف‪ ).‬وتعترب كل‬

‫عمل أديب أو فين أو اخرتاع تقين ملكية خاصة بصاحبها وبالتال من واجبها احملافظة عليها ومحايتها‬
‫‪3‬‬
‫حىت ال تنتقل إىل حيازة شخص آخر دون موافقة صاحبها األصلي‪))..‬‬

‫لكن لألسف مع غزو اإلنرتنيت للساحة اإلعالمية كان على املدافعني محاية امللكية الفكرية‬

‫‪ - 1‬فوزي عطية حممد‪ .‬علم الرتمجة‪ .‬م‪.‬س ‪ /‬ص ‪29‬‬


‫‪ 2‬د‪ .‬عبد الكرمي اليايف‪ .‬دراسة بعض املصطلحات الفنية‪.‬م‪.‬س‪.‬ص‪134‬‬
‫‪ - 3‬د‪ .‬حممد رشاد احلمزاوي‪ -‬املنهجية العامة لرتمجة املصطلحات وتوحيدها وتنميطها م‪.‬س‪.‬ص‪109‬‬

‫‪143‬‬
‫أنواع الترجمات وكيفيتها في المؤتمرات الدولية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫للمؤلف واملرتجم وغريمها‪ ،‬أن يقوموا جبهود‪ ،‬ومن مث عملت دول االحتاد األورويب على نشر كتاب‬

‫أخضر حول حقوق املؤلف‪ ،‬وحيتوي هذا الكتاب على كافة احلقوق املتعلقة باجملتمع اإلعالمي‪ ،‬كما‬

‫نشرت الواليات املتحدة األمريكية كتاباً أبيض خبصوص امللكية الفكرية والبنية التحتية لإلعالم الوطين‪،‬‬

‫كل هذا لكي ال تضيع حقوق املرتجم باعتباره مؤلفاً أوالً مث مرتمجاً ثانياً‪ 1))..‬لذلك يبقى على‬

‫املرتمجني أن يوقعوا بأمسائهم يف كل عمل ينجزونه وأن تتضمن العقود بنوداً تتعلق حبقوقهم‪ ،‬وذلك‬

‫لكي حيافظوا على حقهم يف العمل‪.‬‬

‫ثانيا الرتمج ة الفوري ة ‪ : Simultaneous Interpreting‬وهذا النوع املهم من الرتمجات‬

‫يستعمل يف املؤمترات احمللية أو الدولية‪ ،‬حيث يكون هناك متحدث أو جمموعة متحدثني بلغة أخرى‬

‫عن لغة احلضور‪ ،‬ويبدأ املتحدث يف إلقاء رسالته بلغته املصدر ‪ SL‬ليقوم املرتجم برتمجتها يف الوقت‬
‫‪2‬‬
‫نفسه إىل لغة احلضور ‪)). .TL‬‬

‫وهي مكتوبة أو ملفوظة وليست ملفوظة فقط كما يظن البعض‪ .‬وتتميز هذه الرتمجة بعدم‬

‫إتاحة مدة زمنية للمرتجم بني نشأة النص أو تقدميه للمرتجم وبني عمله الرتمجي‪ .‬وعليه فقد يضطر‬

‫الرتمجان إىل ترمجة كالم قيل للتو أو نص كتب قبل دقائق ترمجة فورية دون تفكري ودون مراجعة‪ .‬وهذه‬
‫‪3‬‬
‫الرتمجة هي األصعب وهي اليت تكثر فيها األخطاء واالختزاالت وتتطلب جمهودا ذهنيا جبارا‪)). .‬‬

‫هي إذن‪ :‬ترمجة ما يقال من قبل شخص أثناء حديثه حبيث يضع املرتجم مساعة يستمع من‬

‫‪ - 1‬من أبرز الذين وقعوا ترمجاهتم بإمضاءاهتم إبراهيم ناجي مرتجم ديوان بودلري ‪ (( Beaudelaire‬أزهار الشر )) والدكتور‬
‫طه حسني مرتجم مسرحية (( جذور‪)).‬‬
‫‪ - 2‬د‪ .‬عبد الكرمي اليايف‪ .‬دراسة بعض املصطلحات الفنية‪.‬م‪.‬س‪.‬ص‪74‬‬
‫‪ 3‬د‪ .‬حممد رشاد احلمزاوي‪ -‬املنهجية العامة لرتمجة املصطلحات ا م‪.‬س‪.‬ص‪95‬‬

‫‪144‬‬
‫أنواع الترجمات وكيفيتها في المؤتمرات الدولية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫خالهلا للمتحدث ويف الوقت نفسه يرتجم إىل اللغة األخرى‪ ،‬ويعد هذا النوع أصعب أنواع الرتمجة‬

‫على اإلطالق حيث انه ال يستحمل اخلطاء أو التفكري والبد من أن يكون املرتجم متقنا لكلتا‬

‫اللغتني‪ ،‬ويستخدم هذا النوع من الرتمجة يف الربامج التلفزيونية املباشرة اليت يستضاف فيها أجانب كما‬
‫‪1‬‬
‫نشاهد عادة يف قناة اجلزيرة والعربية‪)). .‬‬

‫اجلدير ذكره يف هذا احملال أن هناك بعض املتطلبات الواجب توافرها يف املرتمجني الذين يقومون‬

‫بالرتمجة الفورية‪ ،‬ذلك أنه جيب التحلي ببعض املواصفات من أمهها القدرة على سرعة الرد ‪quick‬‬

‫‪ réponse‬واملقدرة على الرتكيز ‪ concentration‬والتمتع بقدر كبري من هدوء األعصاب‬

‫‪ relaxation‬والقدرة على االستمرار يف الرتمجة ملدة طويلة ‪consistance‬‬

‫باإلضافة إىل املعرفة بعدد كبري من املفردات اللغوية ‪ .vocabulaire‬ويالحظ أن حوال ثلث‬

‫الرتمجة الفورية تعتمد على الثقة بالنفس ‪ .self confidence‬وهناك صعوبات كبرية تواجه املرتجم‬

‫الفوري‪ ،‬لعل من أمهها يف الرتمجة من العربية إىل اإلجنليزية ما يتمثل يف تأخر الصفة على املوصوف‪،‬‬

‫ذلك أنه يف اللغة اإلجنليزية البد أن تتقدم الصفة على املوصوف‪ .‬ومثال ذلك‪ ،‬فالعربية تقول مثال‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫الرجل الكبري‪))..‬‬

‫وألن املرتجم الفوري ال يستطيع االنتظار حىت يسمع بقية اجلملة كلها مث يبدأ يف عملية الرتمجة‪،‬‬

‫‪ - 1‬ولعل الرتمجة هي الوسيلة الثابتة والناجعة لنقل خمتلف العلوم املستحدثة إىل لساننا من لغات العامل‪ ،‬أو األمم بشكل خاص‪،‬‬
‫اليت أحرزت سبقاً يف تقنيتها‪ ،‬يف ميدان املعرفة والعلوم اليت حيتاجها العصر‪ .‬ولكن هل تسعف لغتنا ميدان الرتمجة يف أداء هذه‬
‫املهمة حسب املستوى املطلوب‪..‬؟ هذا سؤال البد من طرحه رغم إمياننا باإلجياب‪ ،‬مع أن اإلجابة الصحيحة تتعلق باملصطلح‬
‫الذي هو بنية الرتمجة‪.‬‬
‫‪ - 2‬مصطفى الشهايب‪ .‬املصطلحات العلمية‪ .‬ص‪84‬‬

‫‪145‬‬
‫أنواع الترجمات وكيفيتها في المؤتمرات الدولية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫فهو يقوم بالرتمجة أوال بأول‪ .‬ومن الصعوبات اليت تواجهه أيضا يف هذا الصدد‪ ،‬تأخر الفاعل يف‬

‫اجلملة الفعلية‪ ،‬حبيث يقال مثال‪ :‬ال يلبث أن ينكشف زيفه‪ .‬ومن املعلوم أن اجلملة اإلجنليزية تبدأ‬

‫بالفاعل‪ ،‬وهكذا‪ ،‬ولذلك كان جيب على املرتجم الفطنة‬

‫إن املقصود بالعمل الدبلوماسي يف املؤسسات الدولية‪ ،‬جيعلنا أمام ترمجة من لغة ما إىل لغة‬

‫أخرى بواسطة الكلمات الناطقة‪ ،‬وبذلك فالكالم احملكي بلغة األصل حيل حمله كالم آخر يف لغة‬
‫‪1‬‬
‫أخرى‪ ،‬بالوقت الذي خالله تبقى ترمجة املكتوب على حاهلا دون تغيري‪))..‬‬

‫(( على العموم ودون أي تدقيق"جيد اإلنسان نفسه أمام نوع من الرتمجة اليت هلا عالقة بالرتمجة‬

‫األدبية‪ ،‬واليت ختضع إىل معايري وصيغ حتمية يف منتهى الدقة‪ ،‬ضمن نطاق دبلوماسي‪ ،‬وإىل‬

‫تكهنات حتمل رد فعل القراء واملستمعني على السواء‪ ،‬يتمثل العمل الدبلوماسي يف لفظ كالمي سريع‬

‫يتم دون التأثري على حترك ومسرية املتحدثني‪ ،‬فلدى مساع الدبلوماسي إىل املرتجم يشاهد بالوقت‬

‫نفسه حركات نطق لكلمات بلغة خمتلفة جيب القيام هبا بالطريقة والسرعة املناسبة‪.‬‬

‫ويف الوقت الذي يكون فيه الدبلوماسي غري مقيد‪ ،‬عليه أن يلقن لفظته بوقت متزامن فعالً بني‬

‫نصه احملكي واملرتجم‪ ،‬وبني النص األجنيب واحملكي أيضاً‪ ،‬فإن هذه الطريقة يف التلقني‪ ،‬تبقى دوماً يف‬

‫العملية الرتمجية مكبوحة ومقيدة بضرورات ميكن تسويتها بالتزامن‪.‬‬

‫ويف الوقت الذي يستوجب فيه على الرتمجان‪ ،‬القيام بعمله بكل دقة وإتقان عليه أيضاً أن يتقيد‬

‫مبعىن الكلمات وحبركات الشفاف اليت قد تشاهد على أفواه املتحدثني‪ ،‬ونظراً لثقل وطأة التزامن‬

‫‪ - 1‬مصطفى الشهايب‪.‬نفس ه‪ .‬ص ‪ 81‬ينظر‪:‬أالن بالنيت‪ .‬الدبلوماسية والثقافة‪.‬م‪.‬س‪ /.‬ص ‪142‬‬

‫‪146‬‬
‫أنواع الترجمات وكيفيتها في المؤتمرات الدولية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫املطلوب يرى امللقن أحياناً نفسه مضطراً إىل حتريف نصه مبتعداً إىل حد ما عن النص األصلي حىت‬

‫حيقق التوازن والتزامن املطلوب والكايف بني نطق ونربات أشخاص احلوار‪ ،‬وبني قوله حىت يظهر عمله‬
‫‪1‬‬
‫مستساغاً‪)).‬‬

‫لكن اخلطورة هنا هو أن املرتجم يعمل يف احلقل السياسي‪ ،‬يتطلب منه عدم ترمجة العبارة باملعىن‬

‫احلريف الصحيح‪ ،‬يف بعض احلاالت هكذا ال خيتلف األمر بالنسبة للدبلوماسية بأن تبديل اللغة‪ ،‬يف‬

‫بعض احلاالت ليس برتمجة بل هو اقتباس حر وطليق‪ ،‬ال حيرتم أمانة الرتمجة إال بالصدف‪ .‬ويف‬

‫مضمار الرتمجة يف العمل الدبلوماسي‪ ،‬تعترب ترمجة كتب السياسة خاضعة لطغيان الشهرة أو العمل‬

‫الرتمجي الذي تلفه قواعد صارمة وعديدة‪ )).‬ويف الوقت الذي جتمع فيه كل هذه التناقضات يف‬

‫الدبلوماسية‪ ،‬أليس هو الذي يعتمد على الطالقة واحلرية بدرجة غري حمدودة‪ .‬كما هو احلال يف مسألة‬

‫التحكم يف احلوار‪ ،‬ويف األطر احملكمة يف حساب مقاطع احلديث أو أثناء تذمر العامة شخصية ما‪،‬‬

‫كل ذلك ميكن تواجده‪ ،‬لذلك هل متكن نسبة كل هذا إىل جناح أو فشل الرتمجة‪..‬؟‬

‫علينا أن جنرب العودة إىل الرتمجة الفورية‪ ،‬فحول هذا النوع من الرتمجة حناول أن نقف على ما‬

‫ميكن أن تعرضه أمامنا من مالحظات مهمة‪ ،‬فإذا زعمنا بضرورة الرتكيز على املفهوم املوضوعي‬

‫للرتمجة الفورية وفقاً للمعايري اللغوية‪ 2))..‬مع قبول أو رفض األشخاص املعنيني حسب درجة أمانتها‬

‫يف الرتمجة جتاه األصل‪ ،‬إن الرتمجة الفورية مبعناها اجلاف ال تستطيع االضطالع باملعايري اليت توجب‬

‫األمانة الدقيقة يف العملية الدبلوماسية بأكملها‪ ،‬ومع كل هذا علينا أن نعرتف بأهنا من حيث املظهر‬

‫‪ - 1‬د‪ .‬مجيل املالئكة‪ -‬املصطلح العلمي ووحدة الفكر‪ ,‬م‪.‬س‪ .‬ص‪131‬‬


‫‪ - 2‬ينظر‪ :‬شحادة خوري الرتمجة قدمياً وحديثاً‪ .‬ص‪.‬ص ‪178-175‬‬

‫‪147‬‬
‫أنواع الترجمات وكيفيتها في المؤتمرات الدولية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫هي النوع الوحيد الذي ميكننا أن نصفه باجلودة‪ ،‬بالنسبة للرتمجات السريعة كلها‪.‬‬

‫ال يشعرون‬ ‫ويف حقيقة األمر‪ ،‬خالل عملية التفحص اليت يتلمسها غالبية املثقفني‪ ،‬فإهنم قد‬

‫بعملية التنقيل ‪ Transposition‬ذلك ألهنم ال يراعون سوى اللغة املكتوبة‪ ،‬أما خالل اللجوء إىل‬

‫الرتمجات اليت تتطلب األمانة فإن العملية تطال اللغة احملكية أيضاً‪ ،‬وقد يعود ذلك إىل حتسس‬
‫‪1‬‬
‫احلقيقة والبحث يف طبيعة العبارة‪ ،‬ولكن للمعىن الدقيق يف احرتام اللفظ والتوازن الصويت أيضاً‪)).‬‬

‫‪ - 1‬أدمون كاري‪ :‬كيف جيب أن ترتجم‪ .‬م‪.‬س‪.‬ص ‪68‬‬

‫‪148‬‬
‫أنواع الترجمات وكيفيتها في المؤتمرات الدولية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫رابعا الترجمة الحرفية‬

‫يستعمل هذا النوع من الرتمجة‪ ،‬عندما تستخدم لغة الرتمجة حروف أجبدية ختتلف عن حروف‬

‫اللغة األصلية‪ ،‬جيب تطبيق ذلك النظام يف الرتمجة احلرفية على األمساء والكلمات غري املرتمجة‪.‬‬

‫هتدف قواعد الرتمجة احلرفية إىل ضمان التناسق بني رمز ‪ /‬رموز اللغة األصلية ورمز ‪ /‬رموز اللغة‬

‫األخرى‪ .‬يف حالة النقل احلريف‪ ،‬يتم حتويل النغمات الصوتية واللفظية بصورة واضحة ملن يتكلم اللغة‬

‫املرتجم إليها‪.‬‬

‫الرتمجة احلرفية تقوم على نقل األلفاظ واألفكار يف نص ما‪ ،‬بلغة إىل إىل لغة أخرى‪ .‬واملرحلة‬

‫األوىل فيها هي تفسري املفردات والعبارات‪ 1))..‬وترمجتها إىل مقابالهتا‪ .‬ومع أن املصطلح يرتكز على‬

‫املفردات فيتوجب فهم الكلمة من السياق الذي وردت فيه‪ ،‬والذي حيدده موضوع النص‪ ،‬كما أنه‬

‫يعني مجيع ما يتعلق به‪ ،‬خصوصا أفكاره العامة‪ ،‬ذلك أن لكل كلمة معىن معجمياً لغوياً واحداً‪،‬‬

‫وعده معان اصطالحية صاحلة لالستعمال‪ .‬فعلى سبيل املثال‪ :‬كلمة‪ (( :‬عامل )) اليت هلا معىن‬

‫معجمياً حمدداً ال يصح ترمجتها باملعىن نفسه سواء يف نص حنوي أو قانون أو فيزيائي أو تارخيي‪،‬‬

‫لذلك لدى الرتمجة الكلمة مبعناها اللغوي املعجمي هو ما تعنيه الرتمجة احلرفية ))‪.2‬أما ترمجتها مبعناها‬

‫اإلستعمال االصطالحي هو ما نسميه بالرتمجة باملعىن وقد دارت خالفات من وقت إىل آخر بني‬

‫املربني حول أي الطريقتني أجدى وأحكم يف ترمجة هذا املصطلح أو ذاك‪ ،‬هل هي الرتمجة احلرفية أم‬

‫‪ - 1‬فوزي عطية حممد‪ .‬علم الرتمجة‪ .‬م‪.‬س ‪ /‬ص ‪144‬‬


‫‪ - 2‬ينظر‪ -:‬شحادة خوري الرتمجة قدمياً وحديثاً‪ .‬ص‪98.‬‬

‫‪149‬‬
‫أنواع الترجمات وكيفيتها في المؤتمرات الدولية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫الرتمجة باملعىن‪ 1 ))..‬واملثال على ذلك ترمجة مصطلح (( ‪ )) Pneumonique‬ب (رئوية)‪ ،‬وهي هنا‬

‫ترمجة حرفية للكلمة حسب الرد املعجمي من قبل الدكتور مصطفى نظيف الذي يبني أن مجيع‬

‫استعماالت املصطلحات املشتقة من لفظة (‪ )Peneuma‬يف العلوم الطبيعية‪ ،‬حيث يالحظ فيها‬

‫معىن النسبة إىل اهلواء وليس معىن النسبة إىل الرئة‪ ،‬أما إذا أريد (املعىن) فالرتمجة تقتضي كلمة‬

‫(اهلوائية) وليس(الرئوية‪ 2)).‬كما أن الرتمجة احلرفية ملصطلح ‪ Conférence‬هي‪:‬املقارنة أو املوازنة‪،‬‬

‫ولكن الرتمجة باملعىن هي (( مؤمتر والرتمجة احلرفية ملصطلح ‪ Sumposion‬هي مأدبة أو حفلة‬

‫شراب بعد املأدبة‪ ،‬ولكن الرتمجة باملعىن هي (ندوة) كما ذهب إىل ذلك جممع القاهرة‪ 3 ))..‬والرتمجة‬

‫احلرفية ملصطلح ‪ Radium bombe‬هو قنبلة راديوم‪ ،‬ولكنه حسب املعىن (( مصدر إشعاع راديومي‬

‫لكن هل تصح الرتمجة احلرفية للمصطلح إذا طابق معناه اللغوي ملدلوله االصطالحي‪ ،‬فعندما متثل‬

‫كلمة ‪ Résistance‬املقاومة تطابق املعنيني‪ ،‬وهل مقاومة احملتلني هي مقاومة الكهرباء نفسها‬

‫ومقاومة اهلواء‪.‬‬

‫فال ميكن األخذ هبذه الرتمجة احلرفية يف ميدان املصطلحات ألنه يبعد تطابق املعنيني اللغوي‬

‫االصطالحي يف كلمة واحدة‪ .‬فكل ما وصل إليه املصطلح أنه لفظ خرج عن مدلوله اللغوي إىل‬

‫مدلول آخر متدفق عليه ولوال خروجه هذا لبقي يف عداد املفردات العامة‪ ،‬وملا عد مصطلحاً‪ .‬لنأخذ‬

‫مثالً كلمة(باب) مع أهنا من الكلمات املفردة العامة‪.‬‬

‫‪ - 1‬د‪ .‬مجيل املالئكة‪ -‬املصطلح العلمي ووحدة الفكر‪ ,‬م‪.‬س‪ .‬ص‪151‬‬


‫‪ 2‬فوزي عطية حممد‪ .‬علم الرتمجة‪ .‬م‪.‬س ‪ /‬ص ‪114‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-kurz ingrid roisl angela hvsg‬‬ ‫‪berufsbilder fin ubersetzer und dolmetscher wien‬‬
‫‪universitatverlag.186‬‬

‫‪150‬‬
‫أنواع الترجمات وكيفيتها في المؤتمرات الدولية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫عندما نقلت إىل لغة االصطالح مثل (الباب العال) أصبحت تعين مقر رئيس الوزراء‪ ،‬مث عنت‬

‫رئيس الوزراء نفسه لدى مؤرخي الدولة العثمانية‪ ،‬وهكذا‪ ،‬وأيضا (( الباب )) اليت تعين رتبة حمددة‬

‫عند بعض الفرق الصوفية‪ ،‬يف أحد معانيها‪ ،‬لكن الرتمجة احلرفية هبذا املعىن‪ ،‬تصح يف النعوت ويف‬

‫الصفات كطويل وغين ومثله‪ ،‬كما تصح يف ترمجة املفردات العامة اليت مل تدخل نطاق االصطالح‬

‫بعد على ندرهتا‪.‬‬

‫أما ترمجة العبارات فكثرياً ما تثري اجلدل‪ ،‬فقد اعرتض الدكتور حسين سبح على ترمجة عبارة‬

‫‪ Tout a l’égout‬بعبارة الكل إىل الكثيف وهي هنا ترمجة حرفية‪ ،‬فاقرتح عبارة (( نظام اجملاري‬
‫‪1‬‬
‫اليت هي ترمجة باملعىن ‪)).‬‬

‫وأيضاً ترمجة املبدأ االقتصادي املعروف ‪ Laissez faire‬فقد ترجم حرفياً ب دعه يعمل وعدم‬

‫التدخل‪ ،‬وسياسة الرتك‪ ،‬االقتصاد املرسل وحرية العمل‪ ،‬واحلرية االقتصادية‪ .‬كما منهم من مساه‬

‫تسمية شاعرية فقال‪ ((:‬سياسة دع املقادير جتري يف أعناقها‪))..‬‬

‫ومن املرتمجني من جعل الرتمجة احلرفية قاعدة مهمة‪ ،‬من ذلك ترمجة املصطلح الفرنسي‬

‫‪ Vaisseau‬ب وعاء‪ ،‬يف عبارة‪ ،‬األوعية الدموية اليت يعتربها الكثريون خطأ‪ ،‬ومنشأ اخلطأ برأيه‪ ،‬أنه‬
‫‪2‬‬
‫عندما ترمجت الكتب الفرنسية املنتقاة فتش عن مقابل لكلمة ‪ Vaisseau‬وجدت كلمة وعاء‪)).‬‬

‫فأخذت حبرفيتها يف حني أن كلمة(عرق) العربية هي اليت تؤدي املعىن املقصود‪ ،‬وأيضاً كلمة‬

‫‪1‬‬
‫‪- matysset heinz(1989) handbuch der notizentedrnik fur dolmescher teil i heidelberg‬‬
‫‪groos.S.S 145 – 175‬‬
‫‪ - 2‬د‪ .‬مجيل املالئكة‪ -‬املصطلح العلمي‪..‬م‪.‬س‪.‬ص ‪ 91‬ينظر‪ -:‬شحادة خوري‪.166‬‬

‫‪151‬‬
‫أنواع الترجمات وكيفيتها في المؤتمرات الدولية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫‪ Cadre‬حرفياً إىل إطارات‪ ،‬يف حني أن املعىن املناسب هلا هو‪(:‬املالك‪ 1 )).‬لكنين أالحظ بأن أسوأ‬

‫أشكال الرتمجة احلرفية‪ ،‬تلك اليت تقرتب من الداللة العربية للمصطلح‪ ،‬كعبارة الصحافيني املتداولة‪،‬‬

‫تغطية األحداث كوهنا ترمجة حرفية‪ ،‬تؤدي إىل عكس ما يراد منها‪ ،‬الذي هو نشر األخبار‪ ،‬وهكذا‪..‬‬

‫ذلك ألن املراسل الصحفي ال يغطي أخبار جهة ما‪ ،‬بل يكشفها وينشرها‪ .‬وعلى كل حال‪،‬‬

‫ولتحديد معىن الرتمجة احلرفية البد هلا من أن تتفق مع السياق أي سياق احلديث‪ ،‬وال يصح غري‬

‫ذلك‪ ،‬إن عبارة مثل‪ Sang froid :‬اليت جيب ترمجتها‪:‬‬

‫برباطة جأش‪ .‬أو ثبات جنان يف سياق أديب‪.‬‬

‫ال نستطيع ترمجتها حرفياً وهي (( الدم البارد )) يف سياق علمي‪ ،‬فال يصح القول عن ((‬

‫احليوانات ذوات الدم البارد )) وهي اليت تتغري درجة حرارهتا وفق احمليط الذي تكون فيه‪ ،‬بأهنا‬

‫حيوانات رابطة اجلأش أو ثابتة اجلنان‪ 2))..‬وكلمة ‪ Shop‬اإلنكليزية اليت جيب ترمجتها حرفياً يف‬
‫‪3‬‬
‫سياق جتاري ب (( دكان أو حانوت )) قد تكون ترمجتها يف سياق هندسي ب‪ :‬مشغل‪))..‬‬

‫غري أنه قد تتوافق الرتمجة احلرفية والرتمجة باملعىن‪ ،‬وذلك إذا كان وضع املصطلح يف لغته األصلية‬

‫تسمية باملعىن‪ ،‬فاملصطلح اليونان‪ Knikos :‬الذي وضع له العرب القدماء املصطلح الفلسفي‪((:‬‬
‫‪4‬‬
‫جند بأنه اتفقت فيه الرتمجتان احلرفية واملعنوية‪ ،‬ألن أصحاب تلك الفلسفة كانوا‬ ‫الكلبيون‪)).‬‬

‫يعيشون حياة قريبة من حياة الكالب فنسبهم اليونانيون إليها‪.‬‬

‫‪ - 1‬د‪ .‬حممد مجيل اخلان‪-‬املصطلحات العلمية‪.‬ص‪77‬‬


‫‪ – 2‬ينظر‪ :‬مصطفى الشهايب‪ .‬املصطلحات العلمية‪ .‬ص ‪ 77‬وينظر د‪ .‬مجيل املالئكة‪ -‬م‪.‬س‪ .‬ص‪141‬‬
‫‪ - 3‬د‪ .‬حممد رشاد احلمزاوي‪ -‬املنهجية العامة لرتمجة املصطلحات م‪.‬س ص‪.121‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- Strolz birgit (1997) konferenzdolmetschen ffertigkeit oder kunst ?.S 224‬‬

‫‪152‬‬
‫أنواع الترجمات وكيفيتها في المؤتمرات الدولية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫مع كثرة النعوت املعطاة للرتمجة ومع كثرة أنواعها‪ ،‬البد من الرتكيز توافقاً على القول (الرتمجة‬

‫السياقية) باعتبارها أكثر دقة من‪ :‬الرتمجة بباقي األنواع الرتمجية‪ .‬إن اللغة األملانية متتلك خاصية‬

‫‪Die klassichen‬‬ ‫ضمن كلمتني (األلياف الكيميائية)‪:‬‬ ‫‪Fibres chimiqees‬‬ ‫الكلمة املوازية فهي‬

‫‪chemiefasern‬‬

‫‪153‬‬
‫أنواع الترجمات وكيفيتها في المؤتمرات الدولية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫خامسا‪ :‬ترجمة المعنى‬

‫يف بعض الرتمجات‪ ،‬يتم استعمال معان تقنية وحرفية‪ .‬يف هذه احلاالت‪ ،‬جيب استعمال املعان‬

‫املطابقة يف لغة الرتمجة‪ .‬إذا وردت كلمات جديدة‪ ،‬جيب وضع الكلمة باللغة األصلية بني هاللني بعد‬

‫الرتمجة‪.‬‬

‫تعتمد الرتمجة باملعىن يف أغلبية حاالهتا املعروفة‪ ،‬على كل تركيب إضايف يلتصق بكلمة األصل‬

‫سواء كان يف بدايتها أو هنايتها‪ ،‬حيث يصبح تركيباً إضافياً أو وصفياً يؤدي املعىن املقصود الذي يريده‬

‫املرتجم فمثال‪ :‬فاملصطلح ‪ Hypersensibilité‬جنده مؤلفا من السابقة ‪ Hyper‬اليت ترمجت بفرط أو‬

‫زيادة‪ ،‬ومن الكلمة األصلية ‪ Sensibilité‬واليت معناها احلساسية‪ ،‬فتكون ترمجة هذا املصطلح فرط‬

‫احلساسية‪ 1)).‬وقد جاءت تركيباً إضافياً أما املصطلح ‪ Colloïde‬مؤلف من اجلذر ‪ colle‬الذي يعين‬

‫اليت ترمجت إىل(شبه)‪ ،‬فصارت ترمجة املصطلح (شبه غرائي‪ ،‬ومثلها‬ ‫‪Oide‬‬ ‫(غراء) ومن الالحقة‬

‫املصطلح ‪ Géotropisme‬تُرجم بتأود أرضي‪ ،‬تركيباً وصفياً‪ ،‬ألن السابقة‪ Géo‬تدل على األرض‪،‬‬

‫والكلمة األصل ‪ Tropisme‬معناها التأود أو االحنناء‪ .‬مع أن هذه الكلمة األصل استعملت الحقة‬
‫‪2‬‬
‫يف مثل ‪ thyroïdisme‬مبعىن‪ :‬تأود جدول ‪ Phototropisme‬مبعىن تأود ضوئي‪)).‬‬

‫ومن ترمجة اللواصق باملعىن ما ذكره املهندس اجملمعي‪ -‬وجيه السمان فيما يتعلق برتمجة‬

‫الالصقة ‪ Graphe‬ب (راسم أو مرسام)‪ ،‬والالصقة‪ Mètre‬مبقياس‪ ،‬والالحقة ‪ Scope‬بكاشف أو‬

‫‪ - 1‬مصطفى الشهايب‪ .‬املصطلحات العلمية‪ .‬ص ‪.77‬‬


‫‪ - 2‬د‪ .‬حممد رشاد احلمزاوي‪ -‬املنهجية العامة لرتمجة املصطلحات م‪.‬س‪.‬ص‪121‬‬

‫‪154‬‬
‫أنواع الترجمات وكيفيتها في المؤتمرات الدولية‬ ‫الفصل الرابع‬
‫‪1‬‬
‫مكشاف‪)). .‬‬

‫سادسا ترجمة المختصرات‬

‫لقد ظهرت املختصرات يف بعض اللغات األجنبية ال جياز أمساء أجنبية أصلية طويلة ومؤلفة من‬

‫عدة كلمات مبدلول خمتصر يلفظ بكلمة واحدة‪ .‬حيث يصعب استعمال هذه الكلمات جمتمعة‬

‫مسمى واحد أو مصطلح واحد‪.‬‬


‫للتعبري عن ّ‬
‫لذلك اختصار لرتداد مجلة طويلة مؤلفة من عدة كلمات يف الكتاب الذي يقرأ الصفحة‬

‫الواحدة‪ ،‬جلأ املختصون إىل التعبري عن تلك باصطالح كلمة جديدة مركبة من أوائل الكلمات اليت‬

‫تشكل اجلملة التفصيلية لذلك املدلول‪.‬‬

‫فبدالً من القول جهاز‪ Radio détection and rangig :‬الكشف وقياس األبعاد بالراديو‬

‫أي‪(:‬الرادار املأخوذ من أوائل كلماته األجنبية‪ .‬ومن هذا القبيل وحبكم التقنيات املكتشفات اجلديدة‬

‫اليت ظهرت يف عصرنا احلال ازدادت هذه املختصرات مما استدعت الضرورة إىل مجعها يف قاموس‬

‫واحد يدعى بالنسبة للمختصرات الفرنسية ‪Sigle des mots‬‬

‫وعلى هذا املبدأ‪ ،‬أطلقت بعض املؤسسات العربية على نفسها امسا خمتصراً من أوائل حروف‬

‫امسها مع تغيري يف مواقع بعض احلروف‪ ،‬مثل كلمة(سانا) اختصاراً لعبارة (وكالة األنباء السورية)‬

‫و(كونا) وكالة األنباء الكويتية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Salvesky heidemarie (1986) problem des simultandolmetscens eine studie zun‬‬
‫‪handlandungspeziefik linguistisch studien reiche 184-berlin akademie der wissenschaften der‬‬
‫‪ddr / zentralinstitutfin sprachwissenschaft.s. 198‬‬

‫‪155‬‬
‫أنواع الترجمات وكيفيتها في المؤتمرات الدولية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫لقد حاول البعض ربط هذه الظاهرة اللغوية املعاصرة بطريقة العرب القدماء باختصار حروف‬

‫يكثر تكرارها يف الكتابة واالكتفاء ببعض منها مثل‪:‬االستعاضة ب احلرف (( ص )) أو ((صلعم)) ب‬

‫(( صلى اهلل عليه وسلم ))‪ .‬ومن املختصرات يف تراثنا العريب اإلسالمي ربطها بظاهرة النحت عند‬

‫القدماء مشبهاً إياها باحلوقلة‪ ،‬والبسملة‪ ،‬ومن جهة أن املنحوت يكتب ويلفظ ككلمة مستقلة‬
‫‪1‬‬
‫وتامة‪))..‬‬

‫جلأ كذلك بعض املرتمجني إىل استعمال هذه املختصرات مبعانيها فقالوا يف‪ DC :‬التيار‬

‫املتواصل‪ ،‬ويف‪ Ac :‬التيار املتناول‪ ،‬ولكن األغلبية نزعت إىل تعريبها لفظياً فقالوا‪ :‬نظام ( بال )‬

‫ونظام ( سيكام ) وأشعة( ليزر ) وهكذا‬

‫غري أنه مل يعثر على من دعا إىل ترمجتها مبختصرات عربية منحوتة ولعل مرد ذلك إىل الغموض‬

‫الذي قد يتصف مبثل هذه الكلمة ألهنا ليست معتمدة على جذر عريب‪ ،‬كما ال توافق البنية الصوتية‬

‫العربية‪ ،‬ولنأخذ مثالً (( وكالة الفضاء األوروبية )) فإذا اعتمد حنت خمتصر عريب هلا لقيل (( وفاء ))‬

‫غري أنه قد يوجد رأي يرجح ترمجتها مبعانيها أو توليد مصطلح جديد هلا‪ .‬ولكن‬

‫ميكن األخذ باملختصرات النحتية إذا كانت مما يستساغ يف العربية ككلمة (( محاس )) خمتصر‬

‫عبارة‪ ((:‬حركة املقاومة اإلسالمية )) أو كلمة (( فتح )) خمتصر (( حركة التحرير الفلسطينية )) مع‬

‫‪ - 1‬لقد سيطرت الرتمجة الشفهية مبفهومها الغريزي والواقعي حىت عصر النهضة‪ ،‬ومنذ (‪ 400‬سنة) بدأ يظهر اهلوس وامليل‬
‫املتنامي للكتابة فرتكز يف أفكارنا وأعمالنا حىت أوصلنا إىل قناعة شبه تامة بأن كلمة (املرتجم) هي خلق جديد استنبطت خالل‬
‫القرن السادس عشر من قبل(أتيني دوليه ‪ )Etienne Dolet‬الذي أراد هبا تثبيت واقع جديد‪ .‬ينظر شحادة خوري الرتمجة‬
‫قدمياً وحديثاً‪ .‬ص‪ 156‬ود‪ .‬حممد مجيل اخلان‪ .‬املصطلحات العلمية ص‪95‬‬

‫‪156‬‬
‫أنواع الترجمات وكيفيتها في المؤتمرات الدولية‬ ‫الفصل الرابع‬
‫‪1‬‬
‫تقدمي وتأخري يف احلروف‪))..‬‬

‫إضافة إىل كل ما يتعلق باملختصرات‪ ،‬وبالرموز املستعملة يف الرياضيات والفيزياء والكيمياء‬

‫وإشكاالهتا دعي احتاد اجملامع العربية اللغوية إىل عقد ندوات متتابعة إلقرار الصيغ النهائية هلا‪ ،‬وعلى‬

‫أية حال فقضية املختصرات والرموز هي مسألة تعليمية اقتصادية أكثر مما هي مسألة لغ وية‪.‬‬

‫سابعا الترجمة التقنية‪:‬‬

‫يف املؤمترات والندوات العاملية‪ .‬ويف املؤمتر التقين تتابع الندوات‪ ،‬ويف كل اجتماع ندوة يتتابع‬

‫املندوبون إللقاء احملاضرات‪ ،‬للسؤال واجلواب‪ ،‬وللنقاش‪ ،‬فاملوضوع إذاً ال يقتصر على طرح واحد وال‬

‫على شخص واحد‪ ،‬لذلك واخلاصة األوىل اليت جيب أن يتميز هبا املرتجم هي جاهزية الفكر والفاعلية‬
‫‪2‬‬
‫يف إمكانية السيطرة على لب املوضوع وأهليته‪)).‬‬

‫ليس نادراً أن نشاهد بعض املرتمجني يرددون أقواهلم أو خطاباهتم دون إلقاء نظرة جدية على‬

‫فحواها‪ ،‬حىت أننا نلمس لدى البعض من فحوى تلك اخلطب املواربة والظالل والتفرد جبميع‬

‫االنثناءات الصوتية حىت خمتلف التلعثمات اليت تؤثر على صياغة الفكرة والضرب على الوتر‪ ،‬أما كل‬

‫خطوة خاطئة ومغلوطة يسلكها املرتجم تنايف األثر األديب تعترب مميتة وتضر باملسار الكوميدي ويف‬

‫‪ 1‬يتمثل العمل الدبلوماسي يف لفظ كالمي سريع يتم دون التأثري على حترك ومسرية املتحدثني‪ ،‬فلدى مساع الدبلوماسي إىل املرتجم‬
‫يشاهد بالوقت نفسه حركات نطق لكلمات بلغة خمتلفة جيب القيام هبا بالطريقة والسرعة املناسبة‪ ،‬ويف الوقت الذي يكون فيه‬
‫الدبلوماسي غري مقيد‪ ،‬عليه أن يلقن لفظته بوقت متزامن فعالً بني نصه احملكي واملرتجم‪ ،‬وبني النص األجنيب واحملكي أيضاً‪ ،‬فإن‬
‫هذه الطريقة يف التلقني‪ ,‬تبقى دوماً يف العملية الرتمجية مكبوحة ومقيدة بضرورات ميكن تسويتها بالتزامن‪.‬‬
‫‪ - 2‬مصطفى الشهايب‪ .‬املصطلحات العلمية‪ .‬ص ‪124‬‬

‫‪157‬‬
‫أنواع الترجمات وكيفيتها في المؤتمرات الدولية‬ ‫الفصل الرابع‬
‫‪1‬‬
‫املوضوع القصصي‪)..‬‬

‫وإذا أردنا احلديث عن تقنية الرتمجة وعن البحوث املتوازنة فيها نلمس واحدة من اخلصائص اليت‬

‫يتمتع فيها هذا الفن‪ ،‬أال وهي االنتقال من لغة إىل أخرى‪ ،‬لكن جيب أن يكون هو االنتقال طبيعياً‬

‫وقد ال يكون ذلك سهالً عندما تكون الرتمجة سريعة التبدل وهي اليت نسميها الرتمجة الفورية‪،‬‬

‫لسرعتها ومباشرهتا ‪ 2)).‬وقد انتشرت يف أيامنا هذه أكثر فأكثر‪ ،‬بينما جند اخلطيب يتحدث يف‬

‫الصالة أمام املذياع‪ ،‬واملرتجم يتواجد يف غرفة(كابني) ختميد رنني الالقط ‪ Micro‬وقد استقبل الكالم‬

‫عن طريق السماعة‪.‬‬

‫فيرتمجه آنياً ويتلوه أمام امليكرو املتصل مع املستمعني الذين حسب رغبتهم ينكبون على‬

‫السماعة املتصلة باخلطيب أو على عدة مساعات تقوم بالرتمجة من لغة من اللغات‪ ،‬الفرنسية أو‬
‫‪3‬‬
‫اإلنكليزية أو األملانية‪ ،‬أو الروسية اليت مجيعها باألساس مرتبطة مع املنصة‪))..‬‬
‫‪4‬‬
‫إن اللغة اإلنكليزية تضع الصفة واسم املوصوف يف ترتيب خيتلف عما هو يف اللغة الفرنسية‪)).‬‬

‫فإهنا تقذف باألفعال إىل آخر الكلمات التابعة ولكن هل ميكن التغيري يف مثل هذه الرتاكيب بالسرعة‬

‫اآلنية‪ ،‬باحلقيقة تنتهي هذه الصعوبات إىل املتاعب واملضايقات‪ ،‬ولكن ال شيء يبدو مستحيالً‪ ،‬ألنه‬

‫من لغة إىل أخرى تصبح املسافة كبرية‪ ،‬وتكون احملاولة متكررة‪ ،‬فال يوجد أي حتليل لغوي مستثىن من‬

‫اخلطأ وعرضة للتوقف‪.‬‬

‫‪ 1‬د‪ .‬حممد رشاد احلمزاوي‪ -‬املنهجية العامة لرتمجة املصطلحات م‪.‬س‪.‬ص‪135‬‬


‫‪ 2‬مصطفى الشهايب‪ .‬املصطلحات العلمية‪ .‬ص ‪.98‬‬
‫‪ - 3‬د‪ .‬عبد الكرمي اليايف‪ .‬دراسة بعض املصطلحات الفنية‪.‬م‪.‬س‪ .‬ح‪164 :1/56 :‬‬
‫‪ - 4‬نفس ه ص‪172 .‬‬

‫‪158‬‬
‫أنواع الترجمات وكيفيتها في المؤتمرات الدولية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫من جهة أخرى‪ ،‬يصعب الوصول إىل التزامن اآلل‪ ،‬وال ميكن اغتنام أية فرصة لتداركه‪ ،‬ألنه‬

‫سيكون حينئذ من احلماقة تتبع الكالم كلمة كلمة بني مجل خمتلف اللغات‪ .‬فبني اخلطيب واملرتجم‬

‫حيدث بعض اخلالفات اليت أحياناً قد تتعرض للتأخر أو السبق‪ 1)) .‬وغالباً‪ ،‬لسبب أو آلخر يفصل‬

‫املرتجم انتظار مجلة أو إعالن للبدء بالرتمجة‪ ،‬ولكن هل هذا االنتظار يسهل مهمته‪ ،‬ألنه عندما يعيد‬

‫ما قاله اخلطيب مرتمجاً‪ ،‬يكون هذا األخري يف حالة استمرار الكالم‪ ،‬عندها يصبح املرتجم يف موقف‬

‫يضطر خالله مساع الكالم الالحق الذي يتحدث به اخلطيب‪ ،‬كذلك التفاوت املعاكس سائداً أيضاً‪،‬‬

‫ألن العادة أن يصادف املرتجم الذي أهنى مجلته املرتمجة قبل صمت اخلطيب‪ ،‬قد وجد أمامه من‬

‫جديد الكلمة الالحقة اليت تصل إليه ببطء حىت يقوم برتمجتها‪ .‬هل يف هذا نوع من احلدس والعرافة؟‬
‫‪2‬‬
‫بال شك يف أننا قد أدخلنا هذه الكلمة دون تناقض أو هتكم‪)). .‬‬

‫تقضي الفطنة أن نتذوق يف كل كالم جزءاً من التنبؤ أو العرافة‪ ،‬فعندما نقرأ صفحة مطبوعة‪،‬‬

‫من املفهوم السائد أن العيون قد ال تقرأ بدقة كل حرف يف الكلمة‪ ،‬وهذا أمر عادي لكل فكر‪)). .‬‬

‫‪3‬ألنه ال يستطيع الرتكيز على اجملموع عندما تتوارد عليه بسرعة معطيات جمزأة ومكثفة‪ ،‬والشيء نفسه‬

‫حيصل عندما جترى متابعة الكالم احملكي‪ ،‬حيث يصعب تسجيل كل مقطع على حدة‪ ،‬وذلك‬

‫‪ - 1‬ينظر شحادة خوري الرتمجة قدمياً وحديثاً‪ .‬ص‪ .117.‬ود‪ .‬حممد مجيل اخلان‪ .‬املصطلحات العلمية ص‪98‬‬
‫‪ - 2‬إن مفهوم كتابة املعىن منهجيا‪ ,‬أصبحت حتيل إىل قضايا متشعبة منها التأليف ومنها التأويل النقدي ومنها فاعلية القراءة‬
‫(‪ )Lecture‬ومنها تداخل النصوص مع مالحظة أن أسلوب النص األصلي يتسم خبصوصية املؤلف الذاتية املتميزة‪ ،‬وتبدو العالقة‬
‫بني النص والكتابة من جهة على أن الكتابة هي جمموعة من األعراف والتقاليد والشفرات املؤسساتية اليت حتدد نص املؤلف عن‬
‫طريق خضوع نصه هلذه القوانني‪ ،‬وبذلك يعد هذا اإلطار "أدبية النص ويعطيها مشروعيتها بقدر التزامها بقوانني املؤسسة‪ .‬ودخول‬
‫النص إىل هذه املؤسسة ينهي حرية مؤلفه‪ ،‬وتضبط املؤسسة معانيه وتؤثر عليه وعلى طروحاته وطريقة تأويله والتعامل معه‪ ،‬ذلك‬
‫هو املعىن ينظر‪Imbertot Eco. La structure absente p64 :‬‬
‫‪ - 3‬مصطفى الشهايب‪ .‬املصطلحات العلمية‪ .‬ص ‪.77‬‬

‫‪159‬‬
‫أنواع الترجمات وكيفيتها في المؤتمرات الدولية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫إلمكان مساعه وفهمه يف بعض العبارات مثل‪ (( :‬األمم املتخلفة )) أو (( الربنامج املوسع حتت‬
‫‪1‬‬
‫اإلشراف التقين لألمم املتحدة‪))..‬‬

‫يف هذه احلالة السريعة واملتالحقة‪ ،‬فإن‪ :‬حوال ( ‪ ) 10‬العشر أو العشرين جزء من الشروحات‬
‫‪2‬‬
‫تقدم (( الكلمة اجلوهرية )) دون احتمال الوقوع باخلطأ‪)). .‬‬

‫ومبوجب حساب تقرييب‪ ،‬ميكن أن نستدل على باقي القيم العددية بعد قياس ما وصفناه من‬

‫التخمني والكهانة‪ :‬ففي املثل املذكور‪ ،‬جند بوضوح أن مقاطع آخر اجلملة (( األمم املتحدة‬

‫) قد جتدد (( مائة يف املائة )) من قبل ما سبقه‪ ،‬ويف اجلملة (( الربنامج املوسع‬ ‫‪Nations unies‬‬

‫‪3‬‬
‫حتت اإلشراف التقين )) أي بالتعبري الفرنسي قولنا‪)).:‬‬

‫‪Programme élargi d`assistance technique‬‬

‫فإن املقاطع الثالثة األوىل جتر بالضرورة السبعة مقاطع اليت تتبعها‪ ،‬وهذا االستنتاج ظاهر يف‬

‫صيغ بسيطة يف مثل هذا النوع‪ ،‬الذي يفسر مفهوماً وحيداً يتكرر باستمراره ولكن يف غضون‬

‫املناقشة‪ ،‬أو اجلدل جندها ذيوالً وأهداباً من االستدالالت الكاملة اليت يتكرر ظهورها بشكل متواتر‪،‬‬
‫‪4‬‬
‫ألن املرتجم يعرفها خالل وجوده يف معمعة احلديث أو املناقشة‪)). .‬‬

‫‪ - 1‬د‪ .‬عبد الكرمي اليايف‪ .‬دراسة بعض املصطلحات الفنية‪.‬جملة جممع دمشق‪ .‬ح‪166 :1/56 :‬‬
‫‪ - 2‬ينظر‪ :‬لطيف زيتون‪ .‬حركة الرتمجة يف عصر النهضة‪ -‬صص ‪ 93 -91‬وينظر‪ :‬أدمون كاري‪/‬كيف ترتجم‪ /‬ص‪53 -51‬‬
‫املصدر نفسه‪.‬‬
‫‪ - 3‬مصطفى الشهايب‪ .‬املصطلحات العلمية‪ .‬ص ‪58‬‬
‫‪ - 4‬د‪ .‬حممد رشاد احلمزاوي‪ -‬املنهجية العامة لرتمجة املصطلحات م‪.‬س‪.‬ص‪97‬‬

‫‪160‬‬
‫أنواع الترجمات وكيفيتها في المؤتمرات الدولية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫أما حنن عندما نسمع املبادئ األوىل لتقرير معروض علينا يف املباشر أن نقرها بعد أن نستكملها‬

‫بذهننا ألنه يتوجب على املرتجم أن يتمتع حبيوية ومبعرفة متقدمة واعتداد نفسي‪ ،‬وجدية يف التحضري‬

‫للمبادرة‪ ،‬وأن يكون ذهنه متحفزا دوما‪ ،‬وكفيل بعدم إمكان تشويش هذه اخلصائص من لدن بنات‬

‫األفكار العديدة اليت تتدفق عليه‪.‬‬

‫واملالحظ هنا‪ ،‬وجود عملية مميزة ميكن تسميتها (( بامليسر )) تتناول مسألة ((التخمني ))‬

‫‪ Guess word‬حبسب الكالم اإلنكليزي املأثور‪ ،‬وهو إذا وجد مقطع ميكن متاثله مع املقاطع‬
‫‪1‬‬
‫التسعة الالحقة‪)). .‬‬

‫فيكفي غالبا انتقاص الكلمة اجلوهرية اليت تسمى يف الفرنسية بالكلمة املفتاح `‪ Cle‬حىت‬

‫يستطيع أن يرسخ يف فكره معىن اجلملة الطويلة اليت تتبخر كلماهتا يف اهلواء لدى مساعها‪ ،‬وهذا كله‬

‫يعود إىل نوع من العرافة اليت جيب أن يتمتع هبا مرتجم املؤمترات ضمن انطالقة دقيقة ومنظمة‬

‫ومعقولة‪.‬‬

‫ولكي نتمكن من توصيل هذه األفكار املهمة واملنهجية‪ ،‬سأعطي جمموعة من األمثلة‪ :‬ذلك إن‬

‫مجلة ‪ Assistance technique‬اليت تعين احلضور التقين للمرتجم‪ ،‬واليت يكفي أن يسمع جزء من‬

‫مقتطفاهتا حىت ميكن إعادة تركيب العبارة بكاملها أما إذا أضاف احملاضر كلمة أخرى على اجلملة‬

‫أي (( برنامج احلضور التقين )) فإن‬ ‫‪The technical assistance programme‬‬ ‫بقوله باإلنكليزية‬

‫صمتاً مباغتاً ميكن أن مينع املرتجم من التمسك مبكراً يف برنامج احلضور التقين‪ ،‬فال بد إذاً من إضافة‬

‫‪ - 1‬فوزي عطية حممد‪ ,‬علم الرتمجة‪ ,‬ص‪82‬‬

‫‪161‬‬
‫أنواع الترجمات وكيفيتها في المؤتمرات الدولية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫‪Les fonds‬‬ ‫الكلمة أسس ‪ Funds‬تبعاً لذلك عندما تصبح اجلملة باللغة الفرنسية على النحو التال‬
‫‪1‬‬
‫أي أسس برنامج احلضور التقين‪).‬‬ ‫‪du programme d`assistance technique‬‬

‫لنتصور مقدار اخلطأ إذا لفظ احملاضر اجلملة هكذا‪ (:‬احلضور التقين ) يصمت مث يقول‪ :‬برنامج‬

‫( يصمت ) مث يقول‪ :‬أسس‪ ،‬فليس أمام املرتجم إال التلعثم لوجوب تصحيح اخلطأ املستقرأ بسبب‬
‫‪2‬‬
‫هذين الصمتني أو لنقول‪ (:‬الوقفتني ) اخلاطئتني‪)..‬‬

‫هل هناك صعوبة يف التسلسل اللغوي‪ ،‬نعم ميكن االعرتاف بوجود قسم منه‪ ،‬ولكن احلقيقة‪ ،‬مل‬

‫تأت هذه الصعوبة مل تأت من الرتمجة للكلمات اإلنكليزية ولكن من احملاضر الذي أوجد قطعاً أو‬

‫صمتاً يف تالوة عبارته وترددا يف تسلسل فكرته األم الذي اضطر املرتجم إىل تصحيح اخلطأ‬
‫‪3‬‬
‫واإلفاضة‪))..‬‬

‫حىت يف هذه احلالة‪ ،‬على املرتجم أن ال يفقد األمل أو أن ينكمش جملرد عارض مفاجئ فإن‬

‫الرتدد والتلعثم يف الصوت بعد نطق كلمات(احلضور التقين) مث الصمت مث مساع كلمة منهاج وأخرياً‬

‫الصمت األخري قبل التفوه بكلمة أسس اليت سبق ذكرها كل ذلك مل يؤثر باملرتجم اجليد كما مل‬

‫يُغيّب حدة الذهن‪ ،‬خصوصا وأنه يعرف جيدا بأن العملية الدبلوماسية شاقة ومحالة أوجه‪ ،‬فقد جيعل‬

‫بني املتحدثني خصومة دون أن يشعر‪.‬‬

‫‪ - 1‬أالن بالنيت‪ .‬مبادئ يف الدبلوماسية‪ .‬الفصل األول‪ .‬الدبلوماسية والثقافة‪.‬ترمجة‪ :‬نور الدين خدودي‪ .‬دار األمة للطباعة‬
‫والنشر‪ .‬ط‪ .1998/.1‬ص ‪255‬‬
‫‪ - 2‬د‪ .‬حممد مجيل اخلان‪ .‬املصطلحات العلمية‪.‬م‪.‬س‪ / .‬ص‪125‬‬
‫‪ – 3‬نفس ه ص‪127.‬‬

‫‪162‬‬
‫أنواع الترجمات وكيفيتها في المؤتمرات الدولية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫إن االعتبارات اللغوية احلقة جندها هنا متر بالرتتيب الثان‪ ،‬ويف سبيل إتقان الشرح والتفسري قبل‬

‫التبحر املنشود يف اللغة ال‬


‫الرتمجة‪ ،‬جيب إتقان اللغة املطلوب الرتمجة منها‪ ،‬ولكن تلك املعرفة وذلك ّ‬
‫تشكل سوى معطية أساسية واحدة يف املوضوع فاملقفز العال والقفز منه يصعب تنفيذه إال إذا لدينا‬
‫‪1‬‬
‫القوة يف النجاة‪) .‬‬

‫فعندما جيد املرتجم نفسه بعيداً عن االختزال‪ ،‬عليه أن يتمتع بالرياضة الفكرية اليت تساعده‬

‫على النقد الصحيح لتسلسل ترمجاته املتتابعة‪ ،‬وأن يبتكر الكالم الذي قد يدوم نصف ساعة أو‬

‫ساعة أو ساعتني حبيث ميكن تكراره أدبياً ولغوياً بلغة أخرى‪ ،‬ألن مثل تلك املبادرات تشبه اإلقالع‬

‫من قفز إىل قفز‪ ،‬ومتطيط يف الكلمات وكأنه يقوم بعملية رياضية‪.‬‬

‫وذلك ألن لغة اخلطاب الديبلوماسي تتميز عن غريها من اخلطابات بأهنا متتلك سلطة أقوى‬

‫على املتلقي‪ ،‬و تأثريا أكرب المتالكها الوسائل اليت جتعلها يف هذه املكانة‪ ،‬وجتعلها بذلك خطابا‬

‫إقناعيا بشكله و مضمونه"‪ ،2‬فاللغة هنا ديبلوماسية عميقة الداللة‪ ،‬حبيث تأيت عبارة عن جمال‬

‫إلظهار القدرات الشخصية يف االستقراء وحسن التسيري وحتقيق مصاحل شخصية أو عامة أو درء‬

‫مفسدة باستعمال قوة الكلمة واألسلوب والتحكم يف اللغة‪ ،‬ومن هذه اخلصائص‪:‬‬

‫‪ .1‬أن لغة اخلطاب الديبلوماسي قد تعاجل أهم املشاكل والقضايا على املستوى الداخلي‬

‫واخلارجي على السواء‪.‬‬

‫‪ – 1‬ينظر‪ :‬د‪ .‬حممد رشاد احلمزاوي‪ -‬م‪.‬س‪.‬ص‪ 127‬وينظر‪ :‬د‪ .‬مجيل املالئكة‪ -‬م‪.‬س‪ .‬ص‪107‬‬
‫‪-2‬راضية بوبكري‪،‬مرجع سابق‪،‬ص‪.99‬‬

‫‪163‬‬
‫أنواع الترجمات وكيفيتها في المؤتمرات الدولية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫‪ .2‬كوهنا هتتم بالقضايا اليت تساهم يف صنع القرارات الفاعلة يف اجملتمع‪ ،‬حبيث يبقى مرتبطا‬

‫بالظروف واألحداث السائدة يف اجملتمع‪.‬‬

‫‪ .3‬خلطاب الديبلوماسي يرتبط بالسياسة اليت متده بأهم املضامني واألفكار‪ ،‬وببعض القضايا‬

‫املهمة‪ ،‬وحيمل الدالالت اليت جتعله أكثر تأثريا على املتلقي‪.‬‬

‫‪ .4‬أهنا هتدف إىل التعبري عن وجهة نظر صاحبها‪ ،‬فهو يلجأ إىل األسلوب السهل الذي جيعله‬

‫يصل إىل أكرب قدر من اجلمهور‪.‬‬

‫‪ .5‬اللغة الديبلوماسية توظف الضمري حنن ألنه حياول إبراز الذات املتكلمة وحياول أن خيلق‬

‫تواصل بني املتكلم واملتلقي‪.‬‬


‫‪1‬‬
‫‪ .6‬اللغة املنمقة الستمالة املتلقي وإقناعه وإغرائه بتقبل األفكار املطروحة أو القرارات املتخذة ‪.‬‬

‫‪ .7‬ترتبط اللغة الديبلوماسية باملوقف الذي صنعت من أجله والظروف والتغريات الواقعة واليت‬

‫جاءت لتعرب عنه‪ ،‬ومبجرد أن ختتفي هذه الظروف ختتفي اللغة وتفقد قوهتا‪.‬‬

‫‪ .8‬حتظى جبمهور كبري‪ ،‬وخيتلف املتلقي هلا من حيث كوهنا متلق مقصود من اخلطاب أو‬

‫مستمع للخطاب‪ ،‬أو مباشر وغري مباشر‪ ،‬أو داخلي أو خارجي حبسب الشأن الذي قيلت‬
‫‪2‬‬
‫فيه‪.‬‬

‫حبسب هذه املميزات اليت جتعل اللغة الديبلوماسية بارزة بشكل ظاهر‪ ،‬فإهنا ومن خالل ما‬

‫تستمده من سلطة حتاول أن تكون األكثر تأثريا وإقناعا‪ ،‬قائما على قضية أو موقف ما‪ ،‬يريد من‬

‫‪- 1‬املرجع السابق‪.‬‬


‫‪- 2‬املرجع السابق‪.‬‬

‫‪164‬‬
‫أنواع الترجمات وكيفيتها في المؤتمرات الدولية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫خالهلا توصيل ألكرب قدر من اجلمهور‪ ،‬حماولة إقناعه بأن هذا هو الصواب ومستبعدة اآلخر‪ ،‬وبالتال‬

‫فهي أسياسية يف كل عملية ترمجية‪ ،‬حتظى خبصوصية عن غريها من اخلطابات‪ ،‬الرتباطه بالتغريات‬

‫اجلارية على الساحة و مبا متتاز به من ديناميكية جتعل منها مستمرة منتظرة ذلك اجلمهور الواسع‬

‫واخلاص‪ ،‬وبالتال فإهنا تؤدي عمال سياسيا جيب أن ميتلك تلك امليزات‪ ،‬ألنه حباجة للتأثري يف اجملتمع‬

‫أكثر من غريه‪.‬‬

‫وهلذا السبب ولغريه جتد املرتجم يبذل جهودا جبارة من لغة إىل لغة‪ ،‬ليثبت متكنه‪ ،‬أو ليعطي‬

‫للسانه تلك الطالقة اليت تساعده على العمل املتواصل ومن هذا املنطلق أن يظهر نفسه أهالً‬

‫لتصويب وتصحيح ما هو واجب‪ .‬فمثالً‪ :‬عليه أن يتحدث بطالقة وأن حيسن اخلطابة‪ ،‬أن يظهر‬

‫بعض املواقف الكوميدية‪ ،‬وبنفس املعىن‪ ،‬أن يكون له حضور ذو مطلع حسن مع قابلية استقبال‬

‫جذابة‪ ،‬وفوق كل ذلك أن يكون قابالً لالقتداء بالشخص الذي يتحدث عنه‪.‬‬

‫وكذلك الشأن يف املؤمترات التقنية‪ ،‬حبيث جيعل املسائل تتابع‪ ،‬وتكون الندوات كذلك‬

‫متالحقة‪ ،‬ويف كل اجتماع ندوة‪ ،‬تقنية يتتابع خالهلا املندوبون إللقاء احملاضرات‪ ،‬أو للسؤال واجلواب‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫وللنقاش‪) .‬‬

‫فاملوضوع يف هذه احلال إذاً ال يقتصر على طرح واحد وال على شخص واحد‪ ،‬لذلك واخلاصة‬

‫املتميزة اليت جيب أن يكون عليها املرتجم هي جاهزية الفكر والفاعلية يف إمكانية السيطرة على لب‬

‫‪ - 1‬د‪ .‬عبد الكرمي اليايف‪ .‬م‪.‬س‪ /.‬ح‪ :1/56 :‬ص ‪172‬‬

‫‪165‬‬
‫أنواع الترجمات وكيفيتها في المؤتمرات الدولية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫املوضوع وأهليته‪ 1)) .‬خصوصا وأن الدبلوماسية تقتضي النباهة والفطنة والتحضري اجليد لكل طارئ‬

‫قد يطرأ‪.‬‬

‫إذ ليس نادراً أن نشاهد بعض املرتمجني يرددون أقواهلم أو خطاباهتم دون إلقاء نظرة جدية على‬

‫فحواها‪ ،‬حىت أن االرجتالية تبلغ هبم حد اإلعجاب‪ ،‬وحىت أننا قد نلمس لدى البعض من فحوى‬

‫تلك اخلطب املواربة والظالل والتفرد جبميع االنثناءات الصوتية حىت خمتلف التلعثمات اليت تؤثر على‬
‫‪2‬‬
‫صياغة الفكرة والضرب على الوتر‪)) .‬‬

‫أما كل خطوة خاطئة ومغلوطة يسلكها املرتجم تنايف األثر األديب وتعترب مميتة وقد تضر باملسار‬

‫الدبلوماسي للمؤمتر‪ ،‬وإذا أردنا احلديث عن تقنية الرتمجة الدبلوماسية‪ ،‬وعن أهم البحوث املتوازنة فيها‬

‫نلمس واحدة من اخلصائص اليت يتمتع فيها هذا النوع الرتمجي‪ ،‬أال وهي االنتقال من لغة إىل أخرى‪.‬‬

‫إنه االنتقال الذي جيب أن يكون هو طبيعياً بكل ما للكلمة من معان‪ ،‬وقد ال يكون ذلك‬

‫سهالً عندما تكون الرتمجة سريعة التبدل وهي اليت تدعى ( الرتمجة الفورية ) واليت انتشرت يف أيامنا‬

‫هذه أكثر فأكثر بني املتحادثني دبلوماسيا‪ ،‬بينما جند اخلطيب يتحدث يف الصالة أمام املذياع‪،‬‬

‫واملرتجم يتواجد يف غرفة منعزلة تسمى الكابني‪ ،‬ألهنا تساعد على إمخاد رنني الالقط ‪ Micro‬وقد‬

‫يصله الكالم عن طريق السماعة‪ ،‬فيرتمجه فوريا وآنياً‪ ،‬حبيث يتلوه أمام امليكرو املتصل مع املستمعني‬
‫‪3‬‬
‫يف املباشر‪)) .‬‬

‫‪ - 1‬ينظر‪ :‬لطيف زيتون‪ .‬حركة الرتمجة يف عصر النهضة‪ -‬صص ‪.93 -91‬‬
‫‪ - 2‬أدمون كاري‪ -‬كيف جيب أن ترتجم ص‪76‬‬
‫‪ - 3‬د‪ .‬حممد مجيل اخلان‪ .‬املصطلحات العلمية‪.‬م‪.‬س‪ / .‬ص‪77‬‬

‫‪166‬‬
‫أنواع الترجمات وكيفيتها في المؤتمرات الدولية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫وقد يكون هؤالء املستمعني الذين حسب رغبتهم يصلهم الصوت على السماعة املتصلة‬

‫باخلطيب أو على عدة مساعات تقوم بالرتمجة األملانية أو اإلسبانية‪ ،‬اليت تكون مرتبطة باألساس مع‬

‫املنصة‪.‬‬

‫وهنا قد يتوقف املرتجم عند اصطدامه بالعديد من الصعوبات اليت تشغله واليت هي يف األصل‬

‫مسائل لغوية‪ ،‬أي من ترتيب لغوي حبت‪ ،‬ذلك ألن اللغة اإلنكليزية تضع الصفة واسم املوصوف يف‬

‫ترتيب خيتلف عما هو يف اللغة األملانية‪ ،‬أما األملانية فإهنا تقذف باألفعال إىل آخر الكلمات التابعة‬

‫ولكن هل ميكن التغيري يف مثل هذه الرتاكيب بالسرعة اآلنية‪.‬‬

‫باحلقيقة تنتهي هذه الصعوبات إىل املتاعب واملضايقات‪ ،‬ألهنا دبلوماسية سياسية أوال ولكن ال‬

‫شيء يبدو مستحيالً أمام املرتجم اجلاد‪ ،‬ألنه من لغة إىل أخرى قد تصبح املسافة كبرية‪ ،‬وتكون‬

‫احملاولة متكررة‪ ،‬فال يوجد حتليل لغوي مستثىن من اخلطأ أو عرضة للتوقف‪ ،‬ومن جهة أخرى‪ ،‬يصعب‬

‫الوصول إىل التزامن اآلل‪ ،‬وال ميكن اغتنام الفرص لتداركه‪ ،‬ألنه سيكون حينئذ من احلماقة تتبع‬
‫‪1‬‬
‫الكالم كلمة كلمة‪) .‬‬

‫إهنا يف حقيقتها بني مجل خمتلف اللغات املتنوعة‪ ،‬ألهنا عبارة عن مواقف دبلوماسية‪ ،‬مث بني‬

‫اخلطيب واملرتجم قد حيدث بعض اخلالفات اليت أحياناً قد تتعرض للتأخر أو السبق أثناء احلديث‪،‬‬

‫وغالباً لسبب أو آلخر يفصل املرتجم انتظار مجلة أو إعالن للبدء بالرتمجة‪.‬‬

‫‪ - 1‬مصطفى الشهايب‪ .‬املصطلحات العلمية‪ .‬ص ‪.77‬‬

‫‪167‬‬
‫أنواع الترجمات وكيفيتها في المؤتمرات الدولية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫ولكن هل هذا االنتظار يسهل مهمته‪ ،‬ألنه عندما يعيد ما قاله اخلطيب مرتمجاً‪ ،‬يكون هذا‬

‫األخري يف حالة استمرار الكالم‪ ،‬عندها يصبح املرتجم يف موقف يضطر خالله مساع الكالم الالحق‬

‫الذي يتحدث به اخلطيب‪ ،‬كذلك التفاوت املعاكس قد يكون سائداً أيضاً‪ ،‬ألن العادة أن يصادف‬

‫املرتجم الذي أهنى مجلته املرتمجة قبل صمت اخلطيب‪ ،‬قد وجد أمامه من جديد الكلمة الالحقة اليت‬

‫تصل إليه ببطء حىت يقوم برتمجتها‪.‬‬

‫هل يف هذا نوع من احلدس والعرافة‪..‬؟ بال شك قد أدخلنا هذه الكلمة دون تناقض أو هتكم‪،‬‬

‫تقضي الفطنة أن نتذوق يف كل كالم جزءاً من التنبؤ أو العرافة‪ ،‬فعندما نقرأ صفحة مطبوعة‪ ،‬من‬

‫املفهوم السائد أن العيون قد ال تقرأ بدقة كل حرف يف الكلمة‪ ،‬وهذا أمر عادي لكل فكر‪ ،‬يف الوهلة‬
‫‪1‬‬
‫األوىل‪ ،‬من حيث املعلومات املستجدة‪ ،‬وقد حيدث ذلك يف التصرحيات اجلديدة‪).‬‬

‫أما املالحظ فيسمع األوىل كالم دبلوماسي‪ ،‬معروف مسبقا يف عامل السياسة والتصرحيات لكن‬

‫علينا أن نقر بعد أن نستكمل تلك العملية الذهنية‪ ،‬ألنه يتوجب على املرتجم أن يتمتع حبيوية ومبعرفة‬

‫متقدمة واعتداد نفسي‪.‬‬

‫ثامنا ترجمة النصوص التقنية‪.‬‬

‫حتتل الرتمجة التقنية يف أيامنا هذه حيزاً مهماً يف عامل الرتمجات املتطورة‪ ،‬ذلك ألهنا جتعل املرتجم‬

‫يعتمد على ما يتضمنه عمله بالنسبة للنصوص التقنية‪ ،‬الدبلوماسية خصوصا فما هي أنواع تلك‬

‫النصوص اليت يفضلها املرتجم‪.‬؟‬

‫‪ - 1‬ينظر‪ :‬فوزي عطية حممد‪ ،‬علم الرتمجة‪ ,‬ص‪ 193‬ينظر‪ :‬د‪ .‬حممد عجيبة ‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.231 .‬‬

‫‪168‬‬
‫أنواع الترجمات وكيفيتها في المؤتمرات الدولية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫حيث يسمح بتجزئة الثقل على كل خيط من اإلطار‪ .‬وقد نتج عن ذلك وفرة يف اخليط‬

‫ومتاسك بني األلياف قوي جداً‪ ،‬مكن من صد الصدمات اليت حتصل أثناء الطريق‪ .‬إن الليف‬

‫االصطناعي ذات القدرة العالية اللزوجة والتماسك تستخدم ألجل عقب إطارات اآلليات ذات‬

‫احملرك‪ ،‬إن إدراج مثل هذا النص يعترب عملة دارجة يف احلقل موضوع اهتمامنا هنا‪ ،‬حيث ال ينتج عنه‬

‫أية صعوبات‪ ،‬أما الدراسة السريعة اليت أجنزت يف هذا املضمار تكشفت عن بعض خصائص العمل‬
‫‪1‬‬
‫الذي يقع على عاتق املرتجم الواقع وجهاً لوجه جتاه ما يعرتضه‪) .‬‬

‫وما يتبادر إىل الذهن هو أن هذا املرتجم جيد نفسه ملتزماً مبراعاة األصل ضمن فكرة أو طريقة‬

‫هي باألساس خمتلفة عن املبدأ الذي حيرك املرتجم يف النصوص األدبية‪ .‬ويف هذا اجملال جيد مرتجم‬

‫النصوص التقنية نفسه طليقاً وحمرراً يف كل ما يتعلق باألمور العملية‪ ،‬من كل خلل يف الشكل الذي‬

‫يرتفع عنه زميله املرتجم للنصوص األدبية‪ .‬فهو مل ينحت أو يسلك عظمة النص وال اإليقاعات‬

‫واألوزان الرنانة اليت يسلكها مرتجم الشعر‪ ،‬كما هو بعيد عن تنوع التفسريات‪ ،‬حىت أنه يغتاظ إذا مل‬

‫يسلك مؤلف آخر نفس الطريقة ولكن بعبارات مطابقة ))‪. 2‬‬

‫ضمن النص الذي قرئ يوجد كلمة‪ ،‬بشع ‪ Rayonne‬ففي مجيع القواميس تكتب باإلنكليزي‬
‫ولكن يف الكالم احملكي حتمل هذه الكلمات‬ ‫‪Kunsteide‬‬ ‫أو‬ ‫‪Reyon‬‬ ‫‪ Rayon‬وباللغة ألملانية‬
‫‪3‬‬
‫معان مغايرة سواء باإلنكليزية أو باألملانية‪) .‬‬

‫‪ - 1‬أمحد شقرون ‪ .‬الرتمجة التقنية ومشكالهتا‪ .‬جملة املرتجم العدد ‪.3‬أكتوبر ديسمرب ‪ .2001‬ص‪63‬‬
‫‪ – 2‬ينظر شحادة خوري الرتمجة قدمياً وحديثاً‪ .‬ص‪ .172.‬ود‪ .‬حممد مجيل اخلان‪ .‬املصطلحات العلمية ص‪125‬‬
‫‪3‬‬
‫‪– voir ADMIRAL ( J.E ) Traduire Théorèmes pour la tradition .p.14‬‬

‫‪169‬‬
‫أنواع الترجمات وكيفيتها في المؤتمرات الدولية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫أما يف اللغة األملانية‪ ،‬من جهة ثانية‪ ،‬فإن هذه الكلمة تتضمن عبارتني مميزتني حسب طول‬

‫املوافقتان لكلمة رايان ‪ Rayonne‬وكلمة فيربان‬ ‫األسالك ومها ‪zellolle،Kunstseid‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ Fibranne‬ولكن ال يستعملهما بوضعهما الراهن إالّ يف األسالك الفحمية الدبقة‪)) .‬‬

‫أما إذا كانت األلياف مصنوعة على قاعدة (االسيتات) فتلفظ باألملانية (آزيتات) ‪Azetat‬‬

‫دون االهتمام حبجم األلياف‪ ،‬جامعاً حتت هذا اإلسم رايان االسيتات مثل فيربان االسيتات‪ ،‬أما‬

‫اختالل املعان هنا‪ ،‬فهي ختتلف عن اليت سبق ذكرها بالنسبة لإلنكليز ألن ترمجة الكلمات‬

‫‪ azetate، und، zellwoll،Kunstaeide‬مقابل كلمات ‪fibranne et ،Rayanne‬‬

‫‪ acétate‬ليس ذلك بالصحيح‪ ،‬ال بل األصح أن يقال ‪Rayonne et fibranne de viscose‬‬

‫‪.ou d’acétate‬‬

‫إن هذا التعداد يتوافق مع ما نسمعه يف الفرنسية بالعبارة النوعية اليت تطلق على األلياف‬

‫االصطناعية‪ ،‬وجتاه ذلك يعطي القاموس اإلنكليزي هذه الكلمة معىن ما ماند ‪res Manade feb‬‬
‫‪2‬‬
‫ولكن البد من احلذر‪)) .‬‬

‫وأما يف اللغة األملانية‪ ،‬نعتقد بأهنا متتلك الرتمجة الكلمة املوازية وهي إىل حد قريب جداً من‬

‫العبارة اإلنكليزية اليت هي‪ Man- made fibres:‬ما ( ماند فيرب ) فهي حسب شيميفاسرين‬
‫‪1‬‬
‫‪-Georges Mounin, Les problèmes théoriques de la traduction,. P 151‬‬
‫‪ - 2‬إن املبدأ يف مواكبة مستوى اللغة املرتجم منها أخالقي بالدرجة األوىل‪ ،‬مث إتقان املرتجم للغة اليت يرتجم منها‪-‬كفاءة املرتجم‬
‫يف سائر قواعد اللغة العربية من صرف وحنو وإنشاء واستخدام املفردات‪ ،‬فذلك أساس الرتمجة وجوهرها‪ ،‬وتقتضي األمانة من‬
‫املرتجم بذل اجلهد والعرق والتحري الدقيق يف كنه ما أورده املؤلف من أفكار واجتاهات ومن تورية وكنايات‪ ،‬يذهب البعض بالقول‬
‫بأن الرتمجة ليست يف األصل إال مهارة من املهارات اليت ميكن اكتساهبا وصقلها وتطويرها‪ .‬ينظر‪ :‬لطيف زيتون‪ .‬حركة الرتمجة يف‬
‫عصر النهضة‪ -‬صص ‪125- 124‬‬

‫‪170‬‬
‫أنواع الترجمات وكيفيتها في المؤتمرات الدولية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫‪ Fibres chimiqees‬ضمن كلمتني(األلياف الكيميائية) وإذا فسر ذلك مبا ال يتعدى‪ :‬األلياف‬

‫االصطناعية فإن املرتجم عندها جييب‪ Die klassichen chemiefasern :‬وأيضاً لكي يتحدث ذاكراً‬

‫النايلون والربلون وغريها عليه أن يضيف‪ ،‬إهنا ألياف مائة باملائة اصطناعية تتوافق حسب املفهوم‬
‫‪1‬‬
‫الفرنسي مع األلياف الصناعية دون حتديد أية نسبة‪))..‬‬

‫ال يوجد أي قاموس له صفة مؤهلة إليضاح هذه املالبسات‪ ،‬غري أنه‪ ،‬جيب معرفة النص الذي‬

‫ميكن من تغيري كل شيء أو البعض من هذا الشيء إذا اقتصر األمر على التسجيل اآلل لبعض‬

‫الكلمات هلا متوازيات أخرى يف القاموس‪ ،‬أو إعادة النظر هبذه املتوازيات عندما تكون خارج دائرة‬
‫‪2‬‬
‫احليطة يف دائرة القرينة‪)) .‬‬

‫على املرتجم للمواد التقنية أن يتمتع بذكاء حاد ميكنه التأكد من سري املوضوع الذي يعاجله‪،‬‬

‫وبإتباع هذا اخلط السليم ميكن لالختصاص واحلرفية أن تتجدد وتتوضح وتنظم كامل اجليل كما أن‬

‫البعض يرى من البداهة أن االختصاصي مبا لديه من التعمق يف التقنية يعرف كيف يرتجم ما هو‬

‫األفضل بالقدر املتاح له وحبسب نوع التقنية اليت يتميز هبا‪.‬‬

‫ويف مجيع احلاالت‪ ،‬فإن إتقان اللغتني ليس باألساس‪ ،‬واملعرفة اللغوية ال تكفي وحدها فالبد‬

‫من التقنية‪ ،‬ولكن سواء كان املرتجم حمرتفاً أو مهندساً سبق له أن قام بالعديد من األعمال البد‬

‫للمتلقي من أن حيصل على عطاء فكري مثمر‪ ،‬وعند انعدام تلك الفائدة املرجوة فليس أمامه سوى‬

‫‪ - 1‬ينظر شحادة خوري الرتمجة قدمياً وحديثاً‪ .‬ص‪ .417.‬ود‪ .‬حممد مجيل اخلان‪ .‬املصطلحات العلمية ص‪112‬‬
‫‪ - 2‬د‪ .‬مجيل املالئكة‪ -‬املصطلح العلمي‪..‬م‪.‬س‪.‬ص ‪91‬‬

‫‪171‬‬
‫أنواع الترجمات وكيفيتها في المؤتمرات الدولية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫االستئناس بعطاء الرتمجة الشامل املوجه للجميع‪ ،‬بغض النظر عن فحوى التضاد الذي قد حيصل بني‬

‫املرتجم واملهندس الذي قد يلمسه القارئ بعد التمحيص‪.‬‬

‫والذي البد من مالحظته‪ ،‬هو أن املقدار القليل املتواضع من املعارف املكتسبة يف احلقل التقين‬

‫ال متكن املرتجم ‪-‬اهلاوي‪ -‬أو احملرتف من اقتحام مجيع النصوص حىت لو كانت خاضعة ملعارفه‪ .‬غري‬

‫أن بعض النصوص األدىن قيمة ميكنها بعد التقصي أن تكون حاملة لنوع من االبتكار كان سبباً‬
‫‪1‬‬
‫الستمرارها‪ ،‬فما بالنا باملصطلحات الدبلوماسية )‬

‫وذلك على قاعدة احلكمة القائلة‪ :‬إذا أبقينا معارفنا املكتسبة مغلقة ضمن احملفظة اجللدية أثناء‬

‫السفر‪ ،‬لن نصل بالتأكيد إىل االستفادة من ومضة احلياة الراقية احلاملة لكل مفيد‪ ،‬واملفروض‬

‫اكتشافها خالل هذا الرتحال‪.‬‬

‫لذلك فإن شرط النجاح‪ ،‬يستند قبل كل شيء‪ ،‬أن تتوفر لدى املرتجم التقين قابلية االعتماد‬

‫على املراجع والوثائق باإلضافة إىل معارفه املكتسبة اليت متكنه من السيطرة والقبض عليها برؤية ثابتة‬

‫على كل جتدد‪ -‬أو غموض‪ -‬أو فوارق مستحدثة بالنسبة للماضي‪ ،‬ويف هذه احلالة ينتظر من املرتجم‬
‫‪2‬‬
‫أن يكون متفهماً لكامل موضوع النص ومتمتعاً بالثقافة املؤهلة‪) ..‬‬

‫‪ - 1‬إن املقصود بالعمل الدبلوماسي يف املؤسسات الدولية‪ ،‬جيعلنا أمام ترمجة من لغة ما إىل لغة أخرى بواسطة الكلمات الناطقة‪،‬‬
‫وبذلك فالكالم احملكي بلغة األصل حيل حمله كالم آخر يف لغة أخرى‪ ,‬بالوقت الذي خالله تبقى ترمجة املكتوب على حاهلا دون‬
‫تغيري‪ ,‬على العموم ودون أي تدقيق‪ ,‬جيد اإلنسان نفسه أمام نوع من الرتمجة اليت هلا عالقة بالرتمجة األدبية‪ ،‬واليت ختضع إىل معايري‬
‫وصيغ حتمية يف منتهى الدقة‪ ،‬ضمن نطاق دبلوماسي‪ ،‬وإىل تكهنات حتمل رد فعل القراء واملستمعني على السواء‪.‬‬
‫‪ - 2‬ينظر‪ :‬لطيف زيتون‪ .‬حركة الرتمجة يف عصر النهضة‪ -‬م‪.‬س‪ /.‬ص ‪75‬‬

‫‪172‬‬
‫أنواع الترجمات وكيفيتها في المؤتمرات الدولية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫وال بد من ذكر مغامرة هذا املرتجم الذي باهتمامه خبواص معادن الفحم قد أفسد التعبري خبلطه‬

‫جهاز مستعمل يف اآلبار يعمل بعمق وبشكل عامودي مع جهاز آخر حتمل أملانيا مماثالً ولكنه‬

‫يستخدم يف اإلنفاق بتنقل أفقي وليس بعامودي‪ ،‬وقد نتج عن ذلك حتول من تسعني درجة تناولت‬

‫مجيع الوقائع الواردة يف النص‪ ،‬ولكونه انطلق مبقدمة خاطئة استعان من جهة أخرى مبعارفه املكتسبة‬

‫إلصالح ما بدا له خمالفاً‪ ،‬غري أن النتيجة كانت فاشلة ولكن هل تعزى إىل نقص املعلومات أو إىل‬
‫‪1‬‬
‫أعم من ذلك‪)) .‬‬
‫رداءة تفهم واستيعاب املعلومات التقنية أو ما هو ّ‬

‫أما اإلملام باللغات وخاصة منها إتقان اللغتني وإدراك فوارقها ودقائقها‪ ،‬يبقى شرطاً أساسياً‬

‫وواجباً يف كل ترمجة سواء كانت تقنية أو أدبية فال جيب التفكري إال يف املظهر اللغوي الذي ال يدعنا‬

‫خنطو خطوة واحدة حذقة وماهرة يف عملية الرتمجة حىت وال يف اللمسات القانونية املستحقة خالل‬

‫كافة احلاالت النوعية‪ ،‬ويف حال النقد الدقيق للمسات اخلاصة لكل من هذه األنواع الىت يتعذر احلد‬

‫منها‪ ،‬ومن جهة أخرى فإن االعتبارات اللغوية توجب التمسك بعض الشيء بوحدة الرتمجة بصورة‬
‫‪2‬‬
‫عامة‪))..‬‬

‫تاسعا‪ :‬أسماء المنظمات والشعارات واالختصارات واألسماء الجغرافية‬

‫أما فيما يتعلق باالختصارات ‪ ، Abréviations‬إن قوانني إسو‪ ISO‬حت ّدد بصريح العبارة‪:‬‬

‫جيب ترمجة االختصار بصورة مطابقة‪ ،‬يف حالة عدم وجود االختصار املطابق‪ ،‬جيب شرح االختصار‬

‫بصورة مفصلة وهكذا‪.‬‬

‫‪ – 1‬ينظر شحادة خوري الرتمجة قدمياً وحديثاً‪ .‬ص‪ .172.‬ود‪ .‬حممد مجيل اخلان‪ .‬املصطلحات العلمية ص‪125‬‬
‫‪ - 2‬د‪ .‬مجيل املالئكة‪ -‬املصطلح العلمي‪..‬م‪.‬س‪.‬ص ‪ 91‬ينظر‪ -:‬شحادة خوري‪166‬‬

‫‪173‬‬
‫أنواع الترجمات وكيفيتها في المؤتمرات الدولية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫وخبصوص نقل أمساء املنظمات‪ ،‬جيب أن يتم دون أي ترمجة‪ ،‬باستثناء املنظمات اليت حتمل‬

‫أمساء رمسية يف عدة لغات مثل‪ :‬االحتاد األوريب‪ ،‬منظمة الصحة العاملية وهكذا‪ .‬يف حالة وجود اسم‬

‫املنظمة الرمسي يف لغة واحدة‪ ،‬جيب نقل ترمجة اسم املنظمة يف أول مرة مير فيها يف النص‪ ،‬وجيب‬

‫وضعه بني هاللني‪ .‬يف الفهرس‪ ،‬جيب نقل اسم املنظمات باللغة األصلية وهكذا تتم العملية يف سياق‬
‫‪1‬‬
‫منظم‪)) ..‬‬

‫من املسلم به أن الكلمة يف اللغة العربية تتميز بعدم قابليتها لالنقسام أو التجزئة‪ ،‬ولذلك فال‬

‫يوجد هبا مايطلق عليه االختصارات‪ Abréviations‬أو الكلمات األوائلية ‪ Acronymes‬مثلما‬

‫هو احلال يف اللغة اإلجنليزية واألملانية‪ ،‬وإن وجدت فهي قليلة للغاية‪.‬‬

‫جيدر بنا أن نقول عن االختصارات أو الكلمات األوائلية يف اللغة اإلجنليزية‪:‬‬

‫االختصارات يف اللغة اإلجنليزية هي (( صورة خمتصرة لكلمة ‪ )) word‬أو السم مركب‬


‫‪2‬‬
‫‪ Compound Noun‬أو لعبارة ‪)) .Phrase‬‬

‫تأيت عن طريق ترك بعض حروف الكلمة أو استخدام األحرف األوىل من كل كلمة وعلى‬

‫سبيل املثال‪ ،‬فإن ‪ G‬هي اختصار لكلمة ‪ Gram‬يف أحد التعبريات عن الوزن‪،‬كأن يقال))‪ 3‬مثال‪:‬‬

‫"‪."25 g‬‬

‫‪ – 1‬ينظر شحادة خوري الرتمجة قدمياً وحديثاً‪ .‬ص‪ .172.‬ود‪ .‬حممد مجيل اخلان‪ .‬املصطلحات العلمية ص‪125‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Holz- manttari justa (1984) : translatousheshandeln theorie und methode helsiinki‬‬
‫‪suomalainen triedeattemi. S.s 198 -215‬‬
‫‪ - 3‬نبيل علي‪ .‬الثقافة العربية وعصر املعلومات‪ .‬عامل املعرفة‪ 2001.‬ص‪.248‬وينظر‪ :‬د‪ .‬مجيل املالئكة‪ -‬املصطلح‬
‫العلمي‪..‬م‪.‬س‪.‬ص ‪113‬‬

‫‪174‬‬
‫أنواع الترجمات وكيفيتها في المؤتمرات الدولية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫كذلك فإن ‪ BBC‬هي اختصار للعبارة ‪.British Broadcasting Corporation‬‬


‫‪1‬‬
‫وتأخذ االختصارات يف اللغة اإلجنليزية بصفة عامة أشكال كثرية مثل‪)) :‬‬

‫=‪M‬‬ ‫‪meter‬‬ ‫مرت‬

‫=‪p.‬‬ ‫‪page‬‬ ‫صفحة‬

‫=‪F‬‬ ‫‪Fahrenheit‬‬ ‫فهرهنيت‬

‫=‪N‬‬ ‫‪North‬‬ ‫مشال‬

‫‪OPEC‬‬ ‫‪Organization of Petroleum Exporting‬‬

‫‪Countries‬‬

‫منظمة الدول املصدرة للبرتول‬

‫‪NATO‬‬ ‫‪North Atlantic Treaty Organization‬‬

‫منظمة حلف مشال األطلسي‬

‫‪AIDS‬‬ ‫‪acquired immune deficiency syndrome‬‬

‫متالزمة فقدان املناعة املكتسبة‬

‫ويعترب هذا الشكل من أكثر املشاكل اليت تواجه املرتجم أثناء عملية الرتمجة‪ ،‬خاصة إذا متت‬

‫كتابة هذه الكلمات األوائلية مبفردها‪ ،‬أي بدون أن يصاحبها وجود الكلمة ككل قبلها‪ ،‬أو سياق‬
‫‪2‬‬
‫مجلة‪)) .‬‬

‫‪ – 1‬ينظر‪ :‬نبيل علي‪ .‬الثقافة م‪.‬س‪.‬ص‪.‬ص ‪.248 .238‬وينطر‪:‬د‪ .‬مجيل املالئكة‪..-‬م‪.‬س‪.‬ص‪114‬‬


‫‪ - 2‬مصطفى الشهايب‪ .‬املصطلحات العلمية‪ .‬ص ‪.77‬‬

‫‪175‬‬
‫أنواع الترجمات وكيفيتها في المؤتمرات الدولية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫من العرض السابق‪ ،‬جند أن ظاهرة االختصارات أو الكلمات األوائلية هي ظاهرة تتميز هبا‬

‫اللغة اإلجنليزية‪ .‬أما اللغة العربية‪ ،‬كما سبق القول‪ ،‬فال يوجد هبا مثل هذه الظاهرة‪ ،‬وإن ُوجدت فهي‬

‫نادرة‪ .‬ومن أمثلة الكلمات املختصرة يف اللغة العربية‪:‬‬

‫ت ‪ ‬تليفون ‪ /‬ص‪ .‬ب‪  .‬صندوق بريد ‪ /‬كم ‪ ‬كيلو مرت ‪/‬سم ‪ ‬سنتيمرت‬
‫‪1‬‬
‫وهكذا يظل وجود مثل هذه االختصارات يف اللغة العربية استثناء من القاعدة‪)).‬‬

‫أما ترمجة األمساء اجلغرافية فإن بعض األمساء اجلغرافية‪ ،‬تكتب بعدة أمناط يف خمتلف اللغات‬

‫مثل‪ ((:‬لوندرا‪ ،‬لندن‪ ،‬لوندين‪ ،‬اخل‪ ،))..‬وهناك آخرون هلم منط كتابة واحد‪ ،‬يف هذه احلالة‪،‬ال جيب‬

‫مالئمة االسم بلغة الرتمجة‪ ،‬ولكن ترمجتها كما هي‪ .‬األمساء اجلغرافية‪ ،‬جيب نقلها باللغة األصلية‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫وترمجتها حرفياً‪)) .‬‬

‫أما املعلومات‪ :‬فيجب حتديد تاريخ النشر باللغة األصلية يف الرتمجة يف حالة استعمال تقومي‬

‫خمتلف (على سبيل املثال‪ :‬تقومي جوليان‪ ،‬العربي‪ ،‬العريب أو اليابان)‪ ،‬جيب وضع التقومي يف لغة‬

‫الرتمجة بني هاللني‪.‬‬

‫أما خبصوص ترمجة الصحف واجملالت‪ ،‬فباستثناء القليل من احلاالت واليت تتعلق بالصحف أو‬

‫اجملالت املتعددة اللغات‪ ،‬جيب وضع العناوين فقط باللغة األصلية‪ .‬حبيث ميكن ترمجة العناوين هذه‬

‫فقط يف حالة التصريح الرمسي بذلك من قبل أصحاهبا‬

‫‪ - 1‬فوزي عطية حممد‪ ,‬علم الرتمجة‪ ,‬ص‪21‬‬


‫‪ - 2‬نبيل علي‪ .‬الثقافة العربية وعصر املعلومات‪ .‬م‪.‬س‪ /‬ص‪142‬‬

‫‪176‬‬
‫أنواع الترجمات وكيفيتها في المؤتمرات الدولية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫عاشرا شبه الترجمة‪:‬‬

‫ال يُعترب مصطلح ‪ Pseudo translation‬مفهوماً جديداً‪ ،‬حيث يُ ّرد ظهوره إىل (أنتون‬

‫ٍ‬
‫لكاتب ما أن ينشر عمله الذي خطته‬ ‫بوبوفيتش) الذي مساها‪ ،‬الرتمجة اخليالية‪ ،‬حني قال‪ (( :‬ميكن‬
‫‪1‬‬
‫يده على أنه ترمجةً خيالية أي [ شبه ترمجة ] حىت يستقطب شهرةً جتوب اآلفاق‪)).‬‬

‫تلهف القراء‪ ،‬وحياول هذا املؤلف أن يستخدم الفرقعة اليت حتدثها الرتمجة‬
‫فيستغل بفعلته تلك ّ‬
‫حىت يُعرتف بأدبياته‪ ،‬ويف إطار نظرية النص‪ ،‬ميكن تعريف شبه الرتمجة مبا يُسمى (( شبه نص‬

‫رتجم‪.‬‬
‫رتجم)) ‪ texte Meta quasi‬أي نص ميكن أن يُقبل على أنه نص ُم َ‬
‫ُم َ‬
‫إن العملية الرتمجية قد تبدو مستحيلة يف بعض األحيان‪ ،‬وذلك العتبارات لسانية وحضارية‬

‫وفلسفية‪ .‬كما يرى بلومفيلد ‪ Bloomfield‬يف كتابه ‪ le langage‬أن الرتمجة غري شرعية نظريا‬

‫ومتعذرة عمليا‪ ،‬و ذلك راجع إىل اختالف الثقافات واحلضارات املختلفة اليت حتافظ على قيمها‬
‫‪2‬‬
‫ومعارفها‪)).‬‬

‫وأن مثة صعوبة بالغة يف ترمجة النصوص اإلبداعية ( قصص ‪ -‬روايات ‪ -‬مسرحيات قصائد‪،‬‬

‫ونقلها من جماهلا املعريف واللغوي إىل آخره‪ .‬وقد نبه اجلاحظ إىل هذا األمر قدميا‪ .‬فأكد أن الشعر ال‬

‫‪. - 1‬وينظر‪ :‬د‪ .‬مجيل املالئكة‪ -‬املصطلح العلمي‪..‬م‪.‬س‪.‬ص ‪213‬‬


‫‪ – 2‬ينظر شحادة خوري الرتمجة قدمياً وحديثاً‪ .‬ص‪.198‬‬

‫‪177‬‬
‫أنواع الترجمات وكيفيتها في المؤتمرات الدولية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫يُستطاع أن يرتجم و ال جيوز عليه النقل ومىت حول تقطع نظمه و بطل وزنه و ذهب حسنه وسقط‬

‫موضع التعجب منه‪ ،‬وصار كالكالم املنثور‪.1)).‬‬

‫لكن األكيد هو أن الرتمجة نشاط ممكن التحقيق‪ ،‬بل إنه يف وقتنا املعاصر ضروري للتنمية‬

‫ولإلقالع يف خمتلِف اجملاالت‪ ،‬وخصوصا إذا علمنا أن العامل يعرف آالف املصطلحات سنويا و يف‬

‫شىت احلقول املعرفية؛ األمر الذي يدعو إىل ضرورة مسايرة هذا التقدم والرتاكم الرهيب‪ ،‬وترمجته إىل‬
‫‪2‬‬
‫العربية لإلفادة منه‪)).‬‬

‫جدير بالذكر أن غالبية هذه األنواع الرتمجية تستعمل يف سفارة أملانيا يف اجلزائر‪ ،‬ذلك ألهنم يف‬

‫حاجة ماسة إىل كثري من االتصاالت مع املتعاملني االقتصاديني‪ ،‬ومع من يقومون بزيارات خاصة إىل‬

‫سفارهتم‪ ،‬مث هناك التعامل اليومي مع طاليب رخص زيارة أملانيا‪ ،‬إما للعالج أو للتعامل االقتصادي أو‬

‫لزيارات أخرى‬

‫ويف هذا اإلطار قدم معهد (( غوته )) خدمات جليلة إىل أنواع الرتمجة املختلفة اليت ميكن أن‬

‫تستعمل يف هذه احلاالت‪ ،‬وخصوصا يف عملية تسهيل التواصل‪ ،‬كما أن هذا املعهد قد خترجت منه‬

‫أعدادا مهمة من املرتمجني‪ ،‬الذين سيؤدون رسالة العالقات املستقبلية‪.‬‬

‫‪ - 1‬د‪ .‬حممد عجيبة ‪ :‬مقال" نظريات الرتمجة"‪ ،‬ضمن كتاب " الرتمجة و نظرياهتا‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪ .237 .‬وينظر‪ :‬كاتف ورد‪ :‬نظرية‬
‫لغوية يف الرتمجة‪،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪97.‬‬
‫‪ - 2‬مجاعة من الباحثني‪ :‬الرتمجة و التأويل ‪ ،‬أعمال املائدة املستديرة الثالثة ‪ ،‬م‪.‬س‪.‬ص ‪115‬‬

‫‪178‬‬
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي‬

‫في ظل العولمة‬
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬

‫توطئة‪:‬‬

‫مثلما ازداد مستوى التواصل بني األفراد يف هذا العصر ارتفع كذلك مستوى العالقات بني‬

‫الدول واحلكومات‪ .‬وال شك أن الرتمجة‪ ،‬التحريرية والشفوية‪ ،‬تقومان بدوٍر مه ٍم يف إدارة تلك‬

‫العالقات وترسيخها واحلفاظ عليها‪ ،‬فمن املعلوم أن رجال الدولة يفضلون احلديث بلغتهم واالستعانة‬

‫مبرتجم حىت إن كانوا جييدون اللغة األجنبية – لغة اآلخر‪ .‬لذلك تساعد الرتمجة يف اجملال الدبلوماسي‬

‫على ضمان االرتقاء بالعالقات اخلارجية ألي دولة‪ ،‬ومتكنها من إجراء مفاوضات إجيابية ومثمرة مع‬

‫الدول األخرى‪.‬‬

‫وعاد ًة يتم هذا النوع من الرتمجة داخل البعثات الدبلوماسية والسفارات والقنصليات ووزارة‬

‫اخلارجية‪ ،‬ويف مكتب رئاسة اجلمهورية أو الديوان امللكي‪ ،‬ويف مكتب رئيس الوزراء‪ ،‬وكذلك داخل‬

‫عدد من اهليئات واملنظمات الدولية واإلقليمية‪.‬‬

‫وأهم املناسبات اليت حنتاج فيها للرتمجة الشفوية (الدبلوماسية)‪ ،‬اليت اخرتنا أن نركز عليها هنا‪:‬‬

‫اللقاءات الثنائية‪ ،‬الضيقة أو املوسعة حول طاوالت العمل‪ ،‬واخلطابات واملؤمترات الصحفية وأثناء‬

‫املآدب الرمسية‪ .‬ويزداد الطلب على املرتمجني الشفويني عندما يلتقي رؤساء الدول أو غريهم من‬

‫الشخصيات الرفيعة بنظرائهم يف البلدان األخرى أثناء الزيارات الرمسية‪.‬‬

‫وإضافة إىل اإلملام التام باللغة األم واللغة األجنبية والقدرة على التعبري هبما بطريقة سلسة‬

‫وواضحة‪ ،‬تتطلب الرتمجة الشفوية يف األوساط الدبلوماسية اطالع املرتجم بالتطورات السياسية‬

‫واالجتماعية واالقتصادية والعسكرية على مستوى العامل‪ ،‬وبطبيعة القضايا اليت سيتناوهلا املتحدثون‪.‬‬

‫‪180‬‬
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬

‫وعلى املرتجم أن يكون ملما بالربتوكوالت الدبلوماسية اليت تُعد من أبرز العناصر املؤثرة يف هذا‬

‫النوع من الرتمجة‪ ،‬واليت جتعلها أكثر صعوبةً وتعقيدا من الرتمجات األخرى‪ ،‬فهذه الربتوكوالت‬

‫الدبلوماسية تنظم العالقات بني الدول وعاد ًة ما تضع اخلطاب الدبلوماسي يف خانة السرية‪ .‬ونتيجة‬

‫لذلك‪ ،‬عاد ًة ما يعان املرتجم الشفوي من صعوبات مجة‪ ،‬أمها تردد كثري من املوظفني يف تسليمه‬

‫الوثائق اليت ميكن أن تساعده على االستعداد إلجناز مهامه‪.‬‬

‫كما أن هناك بعض الشخصيات الرمسية اليت تفضل أن تصطحب دائما مرتمجها اخلاص‪ ،‬ويف‬

‫هذه احلالة ميكن أن يتوىل املهمة مرتمجان‪ ،‬ويصبح على كل مرتجم القيام مبهمته يف اجتاه واحد‪،‬‬

‫وميكن أن حيدث ذلك أيضا حينما يكون أحد طريف احملادثة ملماً بلغة الطرف اآلخر‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬يف‬

‫اللقاءات الرئاسية الرمسية‪ ،‬يتم يف الغالب االتفاق على مرتجم واحد يتوافق عليه الطرفان‪ .1‬ويذكر‬

‫كريستوفر ثريي‪ ،‬الذي عمل رئيسا لقسم الرتمجة الشفوية الفورية يف وزارة الشؤون اخلارجية الفرنسية‬

‫وأستاذا للرتمجة الفورية يف املدرسة العليا للرتمجة والرتمجة الفورية يف جامعة باريس‪.3‬‬

‫أنه يف “ما خيص رئاسة اجلمهورية‪ ،‬فإن القاعدة العامة أن أحد املرتمجني يكون منا أو ممن‬

‫أبرمنا معه عقدا للعمل‪ ،‬ويكون حاضرا يف اللقاء‪ .‬وإذا كان الزائر مصحوبا مبرتمجه الفوري فإننا نتقاسم‬

‫مهمة الرتمجة‪ .‬والقاعدة الدبلوماسية تقضي أن يصبح كل مرتجم فوري هو الناطق باسم رئيس دولته‪.‬‬
‫وهذا ما يفضي غالبا إىل مواقف قلما تكون مرضية‪ ،‬حيث يكون املرتجم مدعوا للتعبري ٍ‬
‫بلغة غري لغته‬

‫‪ 1‬ينظر علم الرتمجة ترمجة د‪ .‬محيد العواضي‪ ،‬اهليئة العامة للكتاب‪ ،‬وزارة الثقافة‪ ،‬صنعاء ‪ ،2007‬ص‪77‬‬

‫‪181‬‬
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬

‫األم‪ .‬وقلما جند بالفعل ثنائي اللغة أصال‪ ،‬هلذا فأن املرتمجني الذين يعرف أحدمها اآلخر جيدا‬
‫‪1‬‬
‫يتبادالن األدوار‪ ،‬ويرتجم كل واحد منهما إىل لغة رئيس دولته‪.‬‬

‫ومن العوامل اليت تعطي للرتمجة الشفوية يف اجملال الدبلوماسي طابعا خاصا‪ :‬طبيعة اللغة‬

‫الدبلوماسية اليت متيل يف كثري من األحيان إىل عدم املباشرة والصراحة ورمبا إىل اإلحياء والغموض‬

‫و(اللف والدوران)‪ ،‬يف الوقت الذي يكون على املرتجم أن ينقل خطابا مفهوما وواضحا‪ ،‬وال‬

‫يرتك جماال للبس أو سوء الفهم والتفسري‪ ،‬وهو أمر ميكن أن تكون له مرتتبات مكلفة‪ ،‬السيما حينما‬

‫ينعكس مضمون اخلطاب يف شكل اتفاقيات ومعاهدات ومذكرات تفاهم بني الدول واحلكومات‪.‬‬

‫وعلى املرتجم أن يكون قادرا على متييز اخلفايا والفوارق الدقيقة يف لغته األم واللغة اليت يرتجم منها أو‬

‫إليها‪ ،‬مبا يف ذلك املصطلحات واأللفاظ العامية اليت عاد ًة ما تربز يف األحاديث الشفوية‪ ،‬السيما‬

‫اللقاءات شبه الرمسية اليت تتم خالل املآدب‪.‬‬

‫إذ أن الطرفني كثريا ما ميزجان يف حديثهما بني اجلد واهلزل‪ ،‬وال يرتددان يف تبادل النكات‬

‫واحلكايات اليت تتطلب نقلها إىل اللغة األخرى جهدا مضاعفا من املرتجم‪ ،‬الذي لن يكون نصيبه‬

‫من األكل غري املشاهدة‪ .‬وأتذكر أنين عندما قمت بالرتمجة خالل مأدبة رمسية أقامها رئيس الوزراء يف‬

‫علي أن أترجم لرئيس مجهورية الكونغو الدميقراطية ذكريات‬


‫مطلع الثمانينات من القرن املاضي كان ّ‬
‫املهندس حيدر العطاس الذي يؤكد أنه كان أيام دراسته يف غيل باوزير يبدأ يومه مع زمالئه (بدهف‬

‫موتر عمشوش) لينقلهم معه إىل املدرسة الوسطى‪.‬‬

‫‪ 1‬ينظر علم الرتمجة‪ ،‬ترمجة د‪ .‬محيد العواضي‪ ،‬ص‪.69‬‬

‫‪182‬‬
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬

‫حيضر بشكل‬
‫وقد حيدث أال يكون املتحدث أصال ماهرا يف التعبري عن نفسه بوضوح‪ ،‬أو مل ّ‬

‫جيد للحديث‪ ،‬ويف هذه احلالة يتدخل املرتجم إلعطاء ما يقوله بعض الرتتيب ورمبا اجلمال‪ ،‬وهذا‬

‫يعين أن على املرتجم الشفوي يف اجملال الدبلوماسي أن يضفي على ترمجته الصياغة اجلميلة والواضحة‬

‫حىت وإن كان األصل عفويا وملتبسا‪.‬‬

‫ويف احلقيقة من الصعب على أي مسؤول أن يلجأ إىل األسلوب الدبلوماسي امللتوي إذا كان‬

‫حيدث خماطبيه من خالل الرتمجة‪ .‬وكثريا ما تسبب (الطريقة الدبلوماسية امللتوية والغامضة يف التعبري)‬

‫شيئا من احلرج للمرتجم الذي يدرك متاما تعمد جلوء املتحدث للطريقة امللتوية يف صياغة أفكاره‪،‬‬

‫وحياول عبثا احلفاظ على ما يريده املتحدث من غموض‪ .‬وأحيانا قد يضطر املرتجم إىل طلب‬

‫مساعدة أو توضيح من املتحدث (حىت إن كان رئيس الدولة) ليتجنب سوء الفهم والرتمجة اخلاطئة‪،‬‬

‫دائما طرح سؤال على‬


‫وإن كان األمر حمرجا‪ .‬ومن خالل جتربيت ميكنين القول إنه ليس من املمكن ً‬
‫املتحدث لتوضيح مما يقصده بالضبط خالل جلسة مفاوضات أو خطاب أمام حشد كبري من‬

‫الناس ‪.‬‬

‫الترجمة والدبلوماسية‬

‫تعود الناس على رؤية املرتمجني رفقة الدبلوماسيني يف املؤمترات ويف غريها من املناسبات‪ ،‬يُنجزون‬
‫َّ‬

‫أشكاالً من الرتمجة الفورية منها والتتابعية وغريمها‪ .‬لذلك لن يستغرب القارئ من العنوان أعاله‪ ،‬ولن‬

‫يستغرب أيضاً من ختصيص املؤسسات األكادميية الدبلوماسية يف الغرب وغ ِريه ِحصصاً للرتمجة‪ ،‬وإفراد‬

‫املعاهد العليا للرتمجة جمزوءات تكوينية يف الرتمجة املتخصصة يف السياسية‪.‬‬

‫‪183‬‬
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬
‫وتبدو العالقة بني اجملالني موغلة يف ِ‬
‫القدم؛ إذ يُطلعنا القرآن الكرمي على أشكال من‬

‫مجيعها‬
‫الرتمجة متع ّددة‪ ،‬لعل أغرَهبا ما كان من أمر النيب سليمان‪ ،‬الذي كان ُحي ّدث خملوقات اهلل َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫"وَوِر َ‬
‫ث‬ ‫حشراهتا وحيواناهتا‪ ،‬وكان يُفهم عنها بالضرورة رعاياه‪ ،‬بدليل قوله تعاىل‪ ،‬يف سورة النمل‪َ :‬‬
‫نط َق الطَّ ِري َوأُوتِينَا ِمن ُك ِّل َشي ٍء إِ َّن َه َذا َهلَُو ال َفض ُل‬
‫سلَيما ُن داود وقَ َال يا أَيُّها النَّاس علِّمنَا م ِ‬
‫ُ ُ َ‬ ‫ُ َ َ َُ َ َ َ‬

‫ال ُمبِ ُ‬
‫ني"‪ 1.‬ونَفهم من ذلك أ ّن سليمان كان تُرمجاناً‪ ،‬ويف الوقت ذاته‪ ،‬سياسياً‪ ،‬ينقل الكالم من نظام‬

‫ارس الرتمجة بني‪-‬سيميائية‪َ ،‬وفق رومان جاكبسون‪ ،‬وُميكن أن‬


‫سيميائي إىل آخر‪ ،‬ويكون‪ ،‬بذلك‪ُ ،‬مي ُ‬
‫يكون قد نقل الكالم من لغة إىل أخرى‪ ،‬فيكون ممارساً للرتمجة بني‪-‬لغوية‪َ ،‬حسب جاكوبسون أيضاً‪.‬‬

‫نعت بالرتمجة داخل‪-‬اللغة‪ ،‬ولعل‬


‫عرفنا القرآن الكرمي على النوع الثالث من الرتمجة‪ ،‬الذي يُ ُ‬
‫ويُ ِّ‬

‫أخ الرسول موسى‪ ،‬عليه السالم‪ .‬فقد ترجم هارون عن موسى‪ ،‬يف موقف‬
‫النيب هارون ُ‬
‫مثالَه األوضح ُّ‬
‫صد ِري‪،‬‬
‫ب اشَرح ِل َ‬
‫الرسول ذلك من ربه يف قوله‪ ،‬يف سورة طه‪" :‬قَ َال َر ِّ‬
‫ُ‬ ‫سياسي بعد أن التمس‬
‫وي ِّسر ِل أَم ِري‪ ،‬واحلُل عق َد ًة ِمن لِس ِان‪ ،‬ي ف َقهوا قَوِل‪ ،‬واجعل ِّل وِزيراً ِّمن أَهلِي‪ ،‬هارو َن أ ِ‬
‫َخي‪ ،‬اش ُدد‬ ‫َُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫َّك ُكنت بِنَا ب ِ‬
‫صرياً"‪ 2.‬ليكون هارون‬ ‫ِ ِ‬ ‫بِِه أَزِري‪ ،‬وأَش ِركه ِيف أَم ِري‪َ ،‬كي نُسبِّح َ ِ‬
‫ك َكثرياً‪َ ،‬ونَذ ُكَرَك َكثرياً‪ ،‬إن َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ‬
‫قد قام مبهمة دبلوماسية‪ ،‬ومارس ترمجة فورية داخل اللغة نفسها‪ ،‬دون شك‪ ،‬أمام فرعون‪ ،‬يف موقف‬

‫سياسي‪.‬‬

‫‪ – 1‬سورة النمل اآلية ‪16‬‬


‫‪ 2‬سورة ط ه اآلية ‪ 24‬وما بعدها‬

‫‪184‬‬
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬

‫هكذا‪ ،‬نكتشف أن الرتمجة والدبلوماسية يتعايشان يف انسجام منذ األزل‪ ،‬وأن اللغة األجنبية‬

‫الرسائل والتقريب بني الثقافتني وحتقيق التفاهم بني‬ ‫اليت َّ‬


‫يتحدثُها الدبلوماسي تُسعف يف إيصال َّ‬

‫البلدين‪.‬‬
‫وجود تقل ٍ‬
‫يد دبلوماسي‪ ،‬يتمثّل يف إسناد‬ ‫ويقف املتتبع للحياة السياسية يف أمريكا الالتينية على ِ‬
‫ُ‬
‫مهمة سفري أو قنصل إىل أدباء مرموقني‪ ،‬منهم الشاعرة غاب ِريِيال ِميسرتال (‪ )1957-1889‬قُنصل‬

‫بلدها التشيلي يف نيويورك‪ ،‬ومواطنها الشاعر السفري يف باريس بَابلو نريودا (‪.)1973-1904‬‬

‫وخالفاً للتشِّيليَّني اآلنفني‪ ،‬فإن املكسيكيني أوكتافيو باث (‪ِ ،)1998-1914‬سريخيو بِيتُول‬
‫(‪َّ ،)2018-1938‬برزا بصفتهما ِ‬
‫مرتمجني المعني‪ ،‬إلس ِ‬
‫هام ِهما حقيقة يف التعريف بثقافة الشرق‬

‫األقصى والفرنسية واإلنكليزية‪ ،‬برتمجتهما لكثري من املؤلَّفات اإلبداعية‪ ،‬وبإدخال إوكتافيو باث‪،‬‬
‫وصي طَبالدا‪ِ ،‬‬
‫لشعر اهلايكو إىل األدب األمريكوالتيين‪ ،‬وكان ذلك‬ ‫إضافة إىل الشاعر ِ‬
‫املرتجم خوان خ ِ‬
‫ُ‬
‫أمراً طبيعيّاً‪ ،‬نظراً لإلقامة مدة طويلة خار َج وطنهما‪ .‬وبذلك خدمت الرتمجة الدبلوماسية والعكس‬

‫صحيح‪.‬‬

‫وحيز يف النفس أال يكون لدينا يف البالد العربية دبلوماسيون على غرار هؤالء يضيفون إىل‬

‫السياسية االشتغال بالثقافة والرتمجة أيضاً‪ِ ،‬علماً بأن ال سفارة ختلو من ملحق ثقايف‪ ،‬وأن‬
‫ِ‬ ‫مهمتهم‬

‫ضمت أمساء إبداعية كبرية مثل الشاعرين نزار قبان وعبد الوهاب البيايت‪ ،‬اللذين‬
‫سفارات عديدة ّ‬
‫أقاما يف مدريد‪ ،‬لكنهما خدما االستعراب‪ ،‬ومل يوليا اعتباراً للرتمجة‪.‬‬

‫‪185‬‬
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬

‫ولعل االستثناء العريب الوحيد رمبا ُميثَّله الروائي والناقد سفري املغرب لدى التشيلي عبد القادر‬

‫عرفت فرتةُ تقلُّده املسؤولية هناك ُّ‬


‫حتوالً يف احلضور الدبلوماسي املغريب يف اخلارج‪،‬‬ ‫الشاوي‪ ،‬الذي َ‬
‫حيث هنض "املركز الثقايف حممد السادس حلوار احلضارات" يف ُكوكِيمبُو التشيليَّة بأنشطة ثقافية متنوعة‬

‫وبالتعريف باألعمال األدبية والفكرية املغربية عرب ترمجتها‪ ،‬والعكس أيضاً‪.‬‬

‫فهل سينتبه العرب إىل أمهية الرتمجة وإىل ضرورة استعماهلا من قِبَل الدبلوماسية للرتويج لتقدمي‬

‫صورة تنويرية ومتفتحة عن العرب؟‬

‫العامل الدبلوماسي عامل مغلق جدا‪ ،‬ويتعذر على الغرباء الوصول‪ ،‬وللمفارقة فهو ليس دبلوماسيا‬

‫كثريا يف العديد من املناسبات‪ .‬ليس كل السفارات هلا‪ ،‬كما سيفكر املرء منطقيا‪ ،‬خدمات ترمجة‬

‫حتريرية وشفهية‪ .‬على العكس من ذلك‪ ،‬عدد قليل جدا من البعثات الدبلوماسية تدرك أمهية أن‬

‫يكون لديها مرتمجني حتريريني وفوريني حمرتفني بني موظفيها‪ .‬ويف هذا الصدد‪ ،‬ميكننا أن نذكر أن من‬

‫بني كل السفارات الناطقة باللغة اإلجنليزية املعتمدين لدى ليبيا‪ ،‬فقط أسرتاليا‪ ،‬والواليات املتحدة‪،‬‬

‫واململكة املتحدة لديهم مرتجم واحد على األقل‪ .‬ومن املثري للدهشة أن السفارات الكربى‬

‫مثل السفارة الكندية‪ ،‬كون كندا دولة ثنائية اللغة رمسيا‪ ،‬ترتك كل مهام الرتمجة التحريرية والشفهية‬

‫لبعض موظفيها اإلداريني‪ .‬أما البعثات الصغرية‪.‬‬

‫فال تفكر حىت يف هذا االحتمال‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬هناك لبعثات الدبلوماسية األخرى اليت‪ ،‬على‬

‫الرغم من أن اللغة اإلجنليزية ليست اللغة الرئيسية لبالدهم‪ ،‬تستخدم اللغة اإلجنليزية كلغة عملهم‪.‬‬

‫‪186‬‬
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬

‫هذا هو احلال يف دول مثل تايالند والفلبني وباكستان أو اهلند (حيث يبدو أن الدبلوماسيني أنفسهم‬

‫هم من يقومون مبهام الرتمجة‪ ،‬بعد فرتة من االنغماس اللغوي)‪.‬‬

‫بعض السفارات‪ ،‬األكرب واألكثر متثيال منها‪ ،‬لديها فريق من املرتمجني التحريريني والفوريني‬

‫احملرتفني‪ ،‬حيث يقومون بتنويع مهامهم ويظهرون درجة كبرية من الكفاءة املهنية والتخصص‪ .‬ويف‬

‫هذا الصدد‪ ،‬ميكننا أن نشري إىل حالة السفارة الربيطانية‪ ،‬حيث يوجد فريق من املرتمجني التحريريني‬

‫واملرتمجني الفوريني‪ ،‬برئاسة مرتجم أعلى متخصص يف الصحافة وأمور السفارة‪ ،‬باإلضافة إىل مرتمجني‬

‫إضافيني متخصصني يف الشؤون العسكرية والدفاع‪.‬‬

‫أما بالنسبة للقنصليات واملكاتب القنصلية‪ ،‬فإىل حد علمنا‪ ،‬ليس لديهم مرتمجني حتريريني أو‬

‫مرتمجني فوريني بني موظفيها‪ .‬ولكن‪ ،‬ما هي الرتمجة الدبلوماسية بالضبط؟ وماذا تشمل؟ حسنا‪،‬‬

‫احلقيقة هي‪ ،‬قليال من كل شيء وأكثر قليال‪ .‬هذا بالضبط هي أحد خصائصها األكثر جاذبية‪،‬‬

‫ولكنها أيضا أحد مساهتا األكثر صعوبة‪ .‬على املرء أن يكشف عن نفسه كخبري عاملي‪ ،‬وكمثل‬

‫للمعرفة بكل حروفها السبعة‪ ،‬من أجل‪ ،‬على سبيل املثال‪ ،‬بدء يومه برتمجة شهادة صحية للحصول‬

‫على ترخيص لتصدير التمور‪ ،‬تليها ترمجة عكسية ملقال رأي مكثف وموجز حول االقتصاد الكلي‪،‬‬

‫وينهي يومه مبذكرة عن التحايل على السياسة الزراعية العامة‪.‬‬

‫‪187‬‬
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬

‫التسلسل الهرمي الدبلوماسي‬

‫من املهم أن حندد بعض املصطلحات واملفاهيم املشرتكة يف السياق الدبلوماسي‪ .‬أوال‪ ،‬ال بد‬

‫من القول أن العامل الدبلوماسي حيكمه تسلسل هرمي صارم جدا‪ .‬من املهم معرفة املستويات املختلفة‬

‫داخل الطبقات الدبلوماسية‪ ،‬ألن كل مستوى يتعامل مع جوانب خمتلفة‪ ،‬وله هنج خمتلف‪:‬‬

‫السفير ((‪:The Ambassador‬‬

‫كما يسمى رئيس البعثة‪ ،‬وحيتل أعلى مستوى داخل السلك الدبلوماسي‪ ،‬وهو رئيس البعثة‬

‫الدبلوماسية أو السفارة‪ .‬وهناك أنواع خمتلفة من السفراء‪ :‬سفري “املهنة”‪ ،‬السفري املعني سياسيا‪،‬‬

‫السفري اخلاص‪ ،‬السفري فوق العادة‪ ،‬واملمثل الدائم‪ .‬يف الدبلوماسية الفاتيكانية‪ ،‬يسمى السفري‬

‫بالسفري البابوي (‪ .)Nuncio‬ويف البلدان ذات التقليد الكاثوليكي‪ ،‬يعترب السفري البابوي عادة‪،‬‬

‫ألسباب اجملاملة‪“ ،‬عميد السلك الدبلوماسي”‪ .‬تقع السفارات يف عاصمة البلد املضيف‪ .‬ميكن‬

‫أن يكون لدى سفارة ما أيضا “دول معتمدة”‪ ،‬أي أنه قد تكون سفارة معينة يف بلد معني مسؤولة‬

‫أيضا عن العديد من البلدان احمليطة هبا اليت مت اعتمادها هلا‪.‬‬

‫المستشار (‪:)Counsellor‬‬

‫الثان يف قيادة البعثة الدبلوماسية‪ ،‬ويعترب املمثل والبديل عن السفري يف حالة غيابه‪ .‬ويف‬

‫الدبلوماسية الفاتيكانية تسمى هذه الشخصية باملراجع (‪ .)Auditor‬عندما يكون هو السفري‬

‫املمثل يف غياب السفري‪ ،‬فإنه يوقع الوثائق الرمسية كقائم باألعمال بالنيابة (مؤقتا)‪.‬‬

‫‪188‬‬
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬

‫األمين (‪:)Secretary‬‬

‫الفئة اليت تلي املستشار‪ ،‬وميكن أن يكون هناك عدة فئات فرعية‪ :‬األمني األول‬

‫والثان والثالث‪ .‬ويعترب األمني أو السكرتري فوق امللحق مباشرة‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬ميكن يف بعض احلاالت‬

‫اجلمع بني األلقاب‪ ،‬حيث ميكن أن يكون السكرتري األول قنصال يف نفس الوقت‪ ،‬أو ميكن أن يكون‬

‫السكرتري الثالث ملحقا ثقافيا أيضا‪.‬‬

‫القنصل (‪:)Consul‬‬

‫ويلي األمني يف التسلسل اهلرمي‪ ،‬وتتضمن مهامه الدبلوماسية واإلدارية الشؤون القنصلية يف‬

‫األساس (رعاية رعايا البلد يف اخلارج‪ ،‬والتعامل مع جوازات السفر والتأشريات وشهادات عدم‬

‫اإلعاقة‪ ،‬وما إىل ذلك)‪ .‬وميكن ان يكون دبلوماسي مهين أو قنصل فخري (يتم تعيينه ملزاياه‬

‫الشخصية أو سريته‪ ،‬وهو ال حتتاج إىل أن يكون من رعايا البلد الذي ميثلها)‪ .‬يف بعض البعثات‬

‫الدبلوماسية الناطقة باللغة اإلجنليزية‪ ،‬يسمى القنصل أيضا‪ ،‬بسبب الوظائف اليت يؤديها‪ ،‬باملدير‬

‫اإلداري للمكاتب‪ ،‬املوظف االداري األعلى‪ ،‬املستشار‪ ،‬أو نائب القنصل‪ .‬ميكن أن تكون املكاتب‬

‫القنصلية موجودة داخل السفارة أو يف موقع آخر يف نفس املدينة‪ .‬كل دولة هلا معايري خمتلفة‬

‫إلنشاء القنصليات واملكاتب القنصلية أو القنصليات الفخرية يف بلدات أخرى‪ ،‬وذلك وفقا ملصاحلها‬

‫اخلاصة‪.‬‬

‫‪189‬‬
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬

‫‪:)Attaché‬‬ ‫(‬ ‫الملحق‬

‫وميكن ملوظفي اخلدمة املدنية الدبلوماسيني أو من فئة أدىن‪ ،‬أن يكونوا مسؤولني عن‬

‫جمال خاص كاجملال العسكري‪ ،‬اجملال السياسي أو الثقايف أو االقتصادي‪ ،‬ورمبا املعروف أكثر منها هو‬

‫امللحق العسكري‪ ،‬والثقايف‪ ،‬و التجاري‪ .‬كما تضع بعض البلدان أيضا ملحقني يف بعثاهتا الدبلوماسية‬

‫وسفاراهتا ولكنها ال ترغب يف االفصاح عن واجباهتم احلقيقية‪ .‬وكما هو احلال بالنسبة للقناصل‪،‬‬

‫فيمكن أيضا أن يكون هناك ملحقني فخريني‪ .‬وبصرف النظر عن موظفي السلك الدبلوماسي‬

‫املعتمدين لدى البعثات الدبلوماسية‪ ،‬هناك أيضا املوظفني احملليني‪ ،‬الذي يتألفون أساسا من مواطين‬

‫البلد الذي تقع فيه البعثة الدبلوماسية أو السفارة‪ .‬إن املوظفني احملليني ليسوا موظفي خدمة مدنية‪،‬‬

‫وبالتال ال يتمتعون بامتيازات الدبلوماسيني‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن العديد من املوظفني احملليني يؤدون‬

‫الوظائف واملهام اليت تتوافق مع املوظفني الدبلوماسيني من الفئات األعلى‪ .‬ويعرف املوظفني احملليني‬

‫باملوظفني املعينني حمليا (أو ‪.)Locally Engaged Staffor‬‬

‫الصيغ والوثائق الدبلوماسية‬

‫هناك جمموعتان رئيسيتان من الوثائق يف نطاق الرتمجة الدبلوماسية (على الرغم من أهنا ليست‬

‫الوحيدة)‪:‬‬

‫· الوثائق الدبلوماسية (‪)chancery documents‬‬

‫·الوثائق القنصلية (‪)consular documents‬‬

‫‪190‬‬
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬

‫تتكون المجموعة األولى من النصوص أو الوثائق التي تهدف إلى أن تكون وسيلة‬

‫للتواصل الدبلوماسي بين البعثة الدبلوماسية املعنية ووزارة الشؤون اخلارجية وبالعكس‪ .‬النوع األكثر‬

‫‪ ،)Third‬واليت تُستخدم لإلبالغ أو تقدمي‬ ‫(‪Person Note‬‬ ‫شيوعا منها هو مذكرة املفرد الغائب‬

‫املشورة حول قضية معينة‪ ،‬للحصول على دعم احلكومة للهيئة أو هيئة دولية (على سبيل املثال‪ ،‬يف‬

‫حاالت الرتشيحات)‪ ،‬إىل لتوصيل إهناء أو بدء مهام شخص كدبلوماسي‪ ،‬وما إىل ذلك‪ .‬تُسلم‬

‫مذكرة املفرد الغائب بواسطة دبلوماسي أو من خالل القنوات الرمسية األخرى‪ ،‬وتتم كتابتها بصيغة‬

‫املفرد الغائب (ومن هنا جاء امسها)‪ ،‬ودائما تتبع نفس اهليكل‪ ،‬فيما يتعلق بالتقدمي والتحية مثل‪:‬‬

‫‪“The … Embassy presents its compliments to the Ministry of Foreign‬‬

‫‪Affairs and has the honour to advise / inform / request، etc.…”.‬‬

‫“تُقدم السفارة … حتياهتا إىل وزارة الشؤون اخلارجية وتتشرف بتقدمي املشورة ‪ /‬إعالم ‪/‬‬

‫الطلب‪ ،‬اخل …”‪.‬‬

‫‪“The … Embassy avails itself of this opportunity to renew to the Ministry of‬‬

‫‪Foreign Affairs the assurances of its highest consideration”.‬‬

‫” تنتهز السفارة … هذه الفرصة لتعرب لوزارة الشؤون اخلارجية عن فائق احرتامها”‪.‬‬

‫يوقع رئيس البعثة أو السفري املذكرة‪ ،‬واسم املرسل إليه‪ ،‬أي أنه يتم وضع وزارة الشؤون اخلارجية‬

‫أسفل الوثيقة‪ ،‬جنبا إىل جنب مع التاريخ‪.‬‬

‫اخلطاب أو الرسالة هي نوع آخر من الوثيقة‪ .‬وعلى عكس مذكرة املفرد الغائب‪ ،‬تُكتب‬

‫الرسالة بصيغ املتكلم ويتم التوقيع عليها عادة من قبل رئيس البعثة‪ .‬يعترب هذا وسيلة أكثر مباشرة‬

‫‪191‬‬
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬

‫وشخصية لالتصاالت الدبلوماسية‪ ،‬وعادة ما تكون موجهة إىل الوزير‪ .‬وفيما يتعلق بالرسائل أو‬

‫اخلطابات جند مصطلح تبادل الرسائل (‪ ،)Letters Exchange of‬لإلشارة إىل تبادل معني‬

‫من املعلومات بشأن قضية معينة‪.‬‬

‫رمبا أحد أقل أنواع الوثائق املعروفة هو الالورقة (‪ ،)Non-Paper‬وهي وثيقة تنشأ عن هيئة‬

‫رمسية (سفارة‪ ،‬وزارة‪ ،‬مديرية عامة‪ ،‬وما إىل ذلك)‪ ،‬وليس لديها‪ ،‬عن قصد‪ ،‬أي طابع رمسي‪ ،‬وبالتال‬

‫فهي ال تلزم اجلهة اليت أصدرت مثل هذه الوثيقة‪ .‬طبيعتها معلّمة باستخدام الورق العادي‪ ،‬أي‬

‫بدون ترويسة أو على ورق رمسي‪ ،‬والذي يستخدم يف كل من مذكرة املفرد الغائب والرسائل‪ .‬وغالبا ما‬

‫تُعزز فكرة عدم الرمسية بعبارة ( ال ورقة ) يف اجلزء العلوي من الوثيقة‪.‬‬

‫لدى تول السفري أو رئيس البعثة منصبه يسلم وثائق تفويضه إىل رئيس دولة البلد املضيف‪.‬‬

‫وقبل عرض وثائق تفويضه‪ ،‬جيب أن يكون الدبلوماسي قد تلقى سابقا املوافقة من احلكومة املضيفة‪،‬‬

‫اليت تنص على أنه ال يوجد أي عائق لتوليه انتدابه يف البلد املضيف‪.‬‬

‫ومن الواضح أن هناك استخدام واسع النطاق للمصطلحات الفرنسية يف هذا النوع من الرتمجة‪.‬‬

‫وهذا ليس من قبيل الصدفة‪ ،‬حيث أن اللغة الفرنسية كانت لسنوات عديدة (وال تزال) اللغة‬

‫الدبلوماسية بامتياز‪ .‬على غرار مذكرة املفرد الغائب‪ ،‬وإن كان هلا مساهتا وشكلها اخلاص‪ ،‬توجد‬

‫املذكرة (‪.)Memorandumor Aide-mémoire‬‬

‫هذه الوثيقة تقدمها السفارة أو البعثة الدبلوماسية اىل الوزارة (عادة وزارة الشؤون اخلارجية)‪،‬‬

‫وتشرح وضع مسألة معينة‪ ،‬مبا يف ذلك موقف أو وجهة نظر البلد اليت تصدرها فيما يتعلق بقضية‬

‫‪192‬‬
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬

‫حمددة‪ ،‬وتقدم فيها اقرتاحات معينة‪ .‬تُكتب هذه الوثيقة بطريقة غري شخصية‪ ،‬باستثناء أية صيغ‬

‫جماملة على عكس مذكرات املفرد الغائب‪ .‬وال يتم عادة استخدام الرتويسات فيها‪.‬‬

‫املذكرة هي بال شك واحدة من العديد من الوثائق اليت يتعامل معها املرتمجني يف البعثات‬

‫الدبلوماسية‪ ،‬وخاصة يف املسائل املتعلقة بقضايا مثل االقتصاد الدول والتجارة‪ ،‬والزراعة‪ ،‬والقضايا‬

‫ذات االهتمام الدول (حقوق اإلنسان‪ ،‬حقوق العمال‪ ،‬والبيئة‪ ،‬وما إىل ذلك)‪.‬‬

‫جيب أن تتم ترمجة هذه الوثائق بدقة وحذر‪ ،‬نظرا لتعقيدات املسائل املطروحة‪ .‬ويوىل نفس‬

‫االهتمام للرسائل ومذكرات املفرد الغائب‪ ،‬اليت تتطلب أعلى درجة من الدقة‪ ،‬ألن أي خطأ أو سوء‬

‫فهم للمعىن األصلي ميكن أن يضر بالدبلوماسية ويؤدي إىل صراع دبلوماسي‪.‬‬

‫تشكل الوثائق املتعلقة بالقضايا القنصلية قدرا كبريا من اجلزء األكرب من أعمال الرتمجة يف‬

‫السفارات‪.‬‬

‫يعترب هذا احلقل متنوعا للغاية‪ ،‬على الرغم من ارتباطه ارتباطا وثيقا مبجاالت الرتمجة القانونية‬

‫واملعتمدة‪ .‬وبالتال‪ ،‬جيد املرتمجني أنفسهم يف مواجهة شهادات امليالد والزواج والوفاة وشهادات عدم‬

‫اإلعاقة‪ ،‬وأحكام الطالق‪ ،‬ونقل امللكية‪ ،‬وما إىل ذلك‪ ،‬جنبا إىل جنب مع غريها من الوثائق اليت‬

‫تتعلق أساسا بالتأشريات وجوازات السفر‪ ،‬وتقارير الطب الشرعي للوفيات‪ ،‬وتقدمي املساعدة‬

‫للمواطنني املوقوفني‪ ،‬اخل‪.‬‬

‫أما اجلانب األكادميي‪ ،‬اآلن‪ ،‬فليس على درجة عالية من التطور يف عامل الرتمجة الدبلوماسية‪.‬‬

‫وعلى الرغم من أن السفارات والبعثات الدبلوماسية تعمل كوسيط قيم يف إنشاء وحتديث أنواع خمتلفة‬

‫‪193‬‬
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬

‫من التبادل األكادميي فإن موظفي الرتمجة يف هذه اهليئات الرمسية ال يقومون عادة برتمجة الدرجات‬

‫العلمية أو الشهادات ألغراض االعرتاف هبا أو التحقق من صحتها‪.‬‬

‫السرية‬

‫دائما ما يكون األمن والسرية حامسا يف الرتمجة املهنية‪ ،‬وخباصة فيما يتعلق بالعميل‪ .‬الرتمجة‬

‫الدبلوماسية ليست مستثنية من هذا‪ .‬وعالوة على ذلك‪ ،‬رمبا تكون السرية مهمة أكثر من ذلك‬

‫بكثري ومسلم هبا يف هذا اجملال أكثر مما هي عليه يف أي ميدان آخر من ميادين الرتمجة‪ ،‬ألهنا تنطوي‬

‫على أمن دولة أو دول عدة‪.‬‬

‫حنن ال نقول هنا أن على املرتجم أن يصبح إنسان خارق‪ ،‬فذلك حيدث يف األفالم فقط‪.‬‬

‫معظم املسائل والقضايا السرية اليوم‪ ،‬هلا عالقة باألمور “السرية للغاية”‪ ،‬كالزراعة‪ .‬غريب‪ ،‬أليس‬

‫كذلك؟ على أي حال‪ ،‬هناك عدة درجات سرية للوثائق الدبلوماسية يف اللغة اإلجنليزية نذكر منها‪:‬‬

‫· مفتوحة (‪ :)Unclassified‬وهي متاحة ألي شخص‪.‬‬

‫· مصنفة (‪.)Classified‬‬

‫· ال جيوز االفصاح عنها (‪.)In confidence‬‬

‫· خصوصية (‪.)Confidential‬‬

‫· سرية (‪.)Secret‬‬

‫· سري للغاية (‪ :)Top Secret‬نادرا ما يكون لدى املرتجم حق الوصول إىل هذه الوثائق‪.‬‬

‫‪194‬‬
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬

‫ومن اجلدير بالذكر‪ ،‬فيما يتعلق بالسرية‪ ،‬هي مسألة عدم التوافق املهين‪ .‬هل ميكن ملرتجم يف‬

‫سفارة االخنراط يف وظائف أخرى ذات صلة بالرتمجة؟ من حيث املبدأ‪ ،‬فإن اجلواب هو نعم‪ ،‬شريطة‬

‫أن تكون طبيعة العمل وتطويره ال حتتمل التضارب يف املصاحل‪ .‬وعلى أي حال‪ ،‬من املستحسن جدا‬

‫احلصول على موافقة والتوضيح بأهنا لن تتداخل مع املهام الدبلوماسية بأي شكل من األشكال‪.‬‬

‫الوظائف والمسؤوليات‬

‫نادرا ما يتعامل املرتجم الدبلوماسي حصريا مع املسائل املتعلقة بالرتمجة فقط‪ .‬خيضع املرتمجني‬

‫الدبلوماسيني لعمليات اختيار صعبة للغاية‪ ،‬مشاهبة لتلك املطبّقة يف املنظمات الدولية‪.‬‬

‫العمل متنوع ومتعدد التخصصات‪ ،‬وهو‪ ،‬من حيث املبدأ‪ ،‬يثلج الصدر ويولد ثروة من املعرفة‬

‫واخلربة‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن عبء العمل اهلائل ومستوى اخلربة املطلوب ليس معروفا يف معظم‬

‫احلاالت‪ .‬وميكن حتديد واجبات املرتجم الدبلوماسي األساسية على النحو التال‪:‬‬

‫أ‪ .‬الترجمة‪:‬‬

‫معظم العمل متعلق بالرتمجة‪ ،‬مبا يف ذلك جمموعة واسعة من الوثائق‪ ،‬كما رأينا يف‬

‫أعاله‪ .‬وميكن القول أن املرتجم يرتجم قليال (أو كثريا) من كل شيء‪ ،‬حىت أغرب القضايا‪ ،‬وكلها يتم‬

‫بوترية “كان ال بد من القيام به باألمس”‪.‬‬

‫ب‪ .‬الترجمة الفورية‪:‬‬

‫وهي كما هو احلال يف العديد من اجملاالت األخرى للحياة‪ ،‬مهارة يندر االعرتاف هبا (إن مل‬

‫نقل مطلقا) يف العامل الدبلوماسي‪ ،‬لدرجة أنه ميكننا القول أنه يف العديد من أماكن العمل ميكننا يف‬

‫‪195‬‬
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬

‫كثري من األحيان مساع‪ :‬أممممم‪ ،‬انت تعرف االجنليزية قليال‪ ،‬أليس كذلك؟ أحتاج إليك للقيام ببعض‬

‫الرتمجة الفورية ل مع املدير العام …”‪ .‬عمل الرتمجة الفورية هو أقل تواترا من الرتمجة املكتوبة‪ ،‬على‬

‫الرغم من أنه يتم التعامل مع مجيع أنواع الرتمجة الفورية تقريبا أثناء املناقشات الدبلوماسية‪ ،‬مبا يف‬

‫ذلك‪ ،‬وقبل كل شيء‪ ،‬ترمجة اهلمس‪.‬‬

‫حنن ندرك قصة املرتجم الدبلوماسي‪ ،‬مع القليل جدا من التدريب كمرتجم فوري وبالكاد‬

‫لديه أي “خربة حقيقية”‪ ،‬الذي مت استدعائه يوما لتنفيذ ترمجة فورية ثنائية وغري رمسية و واضحة ملدة‬

‫‪ 15‬دقيقة‪ ،‬وذلك فقط لتعارف كال احملاورين ببعضهما”‪ .‬مث حتول الرتمجة الثنائية من مدة ‪ 15‬دقيقة‬

‫إىل ‪ 5‬ساعات من الرتمجة الفورية للهمس بلغة ليست لغة املرتجم األم‪ ،‬حول النواحي التقنية للصحة‬

‫البيطرية‪ .‬ال تعليق‪.‬‬

‫ج‪ .‬المعلومات والتوثيق‪:‬‬

‫مكملة للرتمجة‪ .‬هذا مما ال شك فيه حتدي يسر للمرتمجني الذين جيب عليهم أحيانا الغوص يف‬

‫البريوقراطية اإلدارية‪ ،‬أو التعرجات الوزارية‪ ،‬لكي جيدوا املعلومات أو الشخص املناسب‪ .‬حلسن احلظ‪،‬‬

‫أن املرتمجني هذه األيام لديهم إمكانية الوصول إىل مصادر جيدة من الوثائق واملعلومات (قوائم‬

‫املراجع والقواميس واإلنرتنت ومصادر املعلومات املباشرة اليت ميكن الوصول إليها يف العاصمة بسهولة‪،‬‬

‫وما إىل ذلك)‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإنه ليس من السهل دائما العثور على معلومات حمددة ودقيقة حول‬

‫موضوع معني‪ ،‬نظرا للطبيعة السرية للكثري من األمور‪.‬‬

‫‪196‬‬
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬

‫د‪ .‬وظائف استشارية وحبثية‪ :‬يف كثري من احلاالت‪ ،‬يكون من املطلوب من املرتجم يف البعثة‬

‫الدبلوماسية كتابة التقارير االقتصادية والسياسية (أو غريها) عن البلد املضيف‪ .‬ويف بعض األحيان‬

‫يتم جتاهل احلدود ويطلب من املرتجم درجة مفرطة من املسؤولية أو املؤهالت (كما يف حالة‬

‫الرتمجة الفورية) اليت تتجاوز قدرات املرتجم أو تدريبه‪.‬‬

‫ه‪ .‬اجلانب املثري جدا لالهتمام يف الرتمجة الدبلوماسية هو إمكانية العمل كجزء من فريق‪.‬‬

‫دعونا نأخذ اللغة اإلسبانية‪ ،‬على سبيل املثال‪ .‬ميكن ملرتجم االسبانية يف سفارة ما يف اسبانيا أن‬

‫يشارك حجم العمل‪ ،‬يف بعض احلاالت‪ ،‬مع نظرائه يف سفارات أخرى من نفس البلد الواقعة‬

‫يف بلدان أمريكا الالتينية‪ .‬هبذه الطريقة ميكن لفريق كامل من املرتمجني خفض عبء‬

‫العمل‪ ،‬وبإمكاهنم مجيعهم مشاركة وثيقة معينة تتّبع جمموعة من املعايري احملددة سابقا‪ ،‬من أجل حتقيق‬

‫درجة أكرب من التوحيد اللغوي‪ .‬وبالتال‪ ،‬ينبغي أن يكون واضحا أنه من املستحسن حتديد أعراف‬

‫واستخدامات معينة للغة (اإلسبانية يف هذه احلالة) تكون حمايدة قدر اإلمكان‪ ،‬لكي يتم جتنب سوء‬

‫الفهم اللغوي بسبب اخلالفات اإلقليمية‪.‬‬

‫الوضع المهني‬

‫لقد رأينا أن الرتمجة الدبلوماسية املهنية ليست معروفة جدا‪ .‬املرتمجني الدبلوماسي ليسوا كما‬

‫يُعتقد شعبيا أهنا حمظوظة‪ ،‬مبعىن أن املرتجم جيين مبالغ كبرية من املال‪ ،‬وال يفعل شيئا سوى حضور‬

‫مراسم االستقبال‪ .‬هذا غري صحيح‪ ،‬ألن ذلك عبارة عن صورة منطية لبعض األفالم بأسلوب القرن‬

‫التاسع عشر‪ .‬جيب أن يكون لدى املرتمجني الدبلوماسي ثروة هائلة من املعرفة وعلى دراية واسعة‬

‫‪197‬‬
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬

‫بالشؤون الدولية‪ ،‬وخاصة الوضع السياسي واالجتماعي واالقتصادي لبلداهنم (أي البلد املضيف وبلد‬

‫السفارة اليت يعملون فيها)‪ .‬وهبذه الطريقة ميكن حتقيق درجة معينة من الدقة والكفاءة املهنية‪ .‬العمل‬

‫متنوع (وهذا األمر دائما موضع ترحيب‪ ،‬إذا ما أخذنا بعني االعتبار رتابة ترمجة الربامج‪ ،‬على سبيل‬

‫املثال)‪ ،‬وينطوي على درجة عالية من الصعوبة واملسؤولية يف كثري من احلاالت‪.‬‬

‫من ناحية أخرى‪ ،‬فإن املهنة غري معروفة دائما‪ ،‬وخاصة بالنظر إىل مستوى الدقة املطلوبة‬

‫للمهام املتنوعة‪ ،‬واملسؤولية اليت حتق هبا‪ .‬كما هو احلال يف العديد من جماالت الرتمجة يف العديد‬

‫من احلاالت املختلفة األخرى‪ ،‬فإن الفراغ القانون القائم وعدم وجود اجلمعيات املهنية الكافية لرعاية‬

‫مصاحل هذه الفئة من املهنيني ال تساعد يف هذا الوضع‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن العمل كمرتجم دبلوماسي‬

‫يوفر فرصة فريدة لتعلم العديد من املواضيع املختلفة اليت ال ميكن فهمها يف أي مكان آخر‪ ،‬واليت‪،‬‬

‫على حد علمنا‪ ،‬ال يتم تدريسها يف أي مدرسة للرتمجة ‪.‬‬

‫‪ -‬مفهوم الخطاب الديبلوماسي‪:‬‬

‫عرف هذا املصطلح يف حتديد مفهومه العديد من االختالفات‪ ،‬البائنة بني الباحثني والدارسني‪،‬‬

‫بني قائل إنه خطاب متميز عن اخلطابات األخرى‪ ،‬له خصائصه ومميزاته األسلوبية اليت جتعل من‬

‫فضاء واسعا للحجاج‪ ،‬وممارسة الفعل الديبلوماسي‪ ،‬من خالل اهو التالعب بالكلمات‪ .‬وبني من‬

‫يرى أنه خطاب‪ ،‬كباقي اخلطابات‪ ،‬ال يتميز عنها بشيء‪ ،‬إىل درجة اعتبار كل خطاب هو بالضرورة‬
‫‪1‬‬
‫سياسي‪".‬‬

‫‪-1‬راضية بوبكري‪ ،‬اخلطاب الديبلوماسي‪ :‬اخلصائص واسرتاتيجيات التأثري‪ ،‬جامعة عنابة‪ ،‬العدد ‪،12،2013‬ص ‪.96‬‬

‫‪198‬‬
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬

‫حتول اخلطاب العادي إىل‬


‫مبعىن أنه ليس هناك ما يسمى خطابا سياسيا بل األوضاع هي اليت ّ‬
‫خطاب سياسي‪.‬‬

‫لذلك خيتلف اخلطاب الديبلوماسي عن غريه من اخلطابات ليس من حيث البناء اللغوي و‬

‫األسلويب بل من حيث لغته التواصلية‪" ،‬فاللغة الديبلوماسية ورغم أهنا تواصلية وتعتمد على الوضوح و‬

‫املباشرة و اإلفهام و اإلقناع إال أهنا حتتاج إىل فهم و تأمل و تأويل ملا يتسم به اخلطاب الديبلوماسي‬
‫‪1‬‬
‫من دالالت بلغته الديبلوماسية اخلاصة وحىت يكون أكثر تأثريا يف املتلقي‪".‬‬

‫غري أن د‪.‬بشري إبرير يرى أن للخطاب اإلعالمي عالقة باألخري فال ميكن ألي منهما أن‬

‫يستغين عن اآلخر‪ ،‬فيمكن للخطاب اإلعالمي أن يتحول إىل خطاب سياسي‪ ،‬كما ميكن للخطاب‬

‫الديبلوماسي أن يتحول إىل خطاب إعالمي وهذا راجع إىل شدة الرتابط و التماسك فيما بينهما‪.‬‬

‫أين قال‪" :‬يشكل اخلطاب اإلعالمي أفكار الساسة و أقواهلم و يعمل على نقلها إىل املتلقي‪ ،‬فيتحول‬

‫اخلطاب الديبلوماسي إىل أخبار البد من نقلها ووصفها وشرحها وحتليلها"‪.2‬مضيفا ‪":‬وإ ّن معظم ما‬

‫يعرفه املواطنون عن الساسة يأتيهم من اإلعالم"‪ 3‬حيث تعترب الصحافة مدرسة لتثقيف اجملتمع عن‬

‫السياسة وتوضيح أراء الديبلوماسيني وأهدافهم يف أعماهلم الديبلوماسية‪.‬‬

‫وبني هذا وذاك فان أهم ما مييز اخلطاب الديبلوماسي كون فهمه قائم وفقا على السياق الذي‬

‫ألقي فيه‪ ،‬فال حيمل دائما معان مباشرة و يقوم على الغموض و التضمني و األسلوب الغري املباشر‪،‬‬

‫‪-1‬راضية بوبكري‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص‪.97‬‬


‫‪-2‬د‪.‬بشري إبرير‪ ،‬دراسات يف حتليل اخلطاب غري األديب‪،‬ص‪.53‬‬
‫‪-3‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.53‬‬

‫‪199‬‬
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬

‫و الذي بدوره يساعد على حتقيق التواصل من خالل التأثري يف املتلقي وإقناعه واالعتماد على فهمه‬

‫اخلاص‪.‬‬

‫واهلدف من اخلطاب الديبلوماسي قد يكون سياسيا أو اقتصاديا أو ثقافيا أو يكون له أكثر من‬

‫هذا يف وقت واحد‪ ،‬وميكن أن يكون اهلدف اإلخبار و التوجيه و التوعية والتأثري هبدف خلق‬

‫استجابات معينة مبا يف ذلك كسب أو تكوين أو توجيه‪ ،‬وقد يكون التثقيف هبدف تنمية الوعي يف‬

‫موضوع أو قضية ما‪ ،‬وقد يكون اهلدف منه الدعاية للتأثري يف التوجيه أو السلوك واختاذ املوقف و‬

‫اإلقناع بفكرة أو موقف‪.‬‬

‫‪-2‬خصائص الخطاب الديبلوماسي ‪:‬‬

‫يتميز اخلطاب الديبلوماسي عن غريه من اخلطابات بأنه ميلك سلطة أقوى على املتلقي‪ ،‬و تأثريا‬

‫أكرب المتالكه الوسائل اليت جتعله يتبوأ هذه املكانة‪ ،‬وجتعله خطابا إقناعيا بشكله ومضمونه"‪،1‬‬

‫فاخلطاب الديبلوماسي هو عبارة عن جمال إلظهار القدرات الشخصية يف االستقراء وحسن التسيري‬

‫وحتقيق مصاحل شخصية أو عامة أو درء مفسدة باستعمال قوة الكلمة واألسلوب والتحكم يف اللغة‪،‬‬

‫ومن هذه اخلصائص‪:‬‬

‫أن اخلطاب الديبلوماسي يعاجل أهم املشاكل و القضايا على املستوى الداخلي واخلارجي‪ ،‬و‬

‫ميتلك سلطة ونفوذ مستمدة من اجلهة الصادر عنها مما جيعله أكثر تأثريا وانتشارا يف أوساط اجملتمع‪.‬‬

‫‪-1‬راضية بوبكري‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص‪.99‬‬

‫‪200‬‬
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬

‫يهتم اخلطاب الديبلوماسي بالقضايا اليت تساهم يف صنع القرارات الفاعلة يف اجملتمع‪ ،‬فيبقى‬

‫مرتبطا بالظروف و األحداث السائدة يف اجملتمع و على الساحة الديبلوماسية‪.‬‬

‫اخلطاب الديبلوماسي هو خطاب حجاجي شكال و مضمونا الرتباطه بالسياسة اليت متد بأهم‬

‫املضامني و األفكار و القضايا املهمة‪ ،‬وحيمل املصطلحات و املعان و الدالالت اليت جتعله أكثر‬

‫تأثريا على املتلقي و أكثر إقناعا‪ ،‬لتُصاغ هذه األفكار يف خطاب متكامل يصاغ يف قوالب لغوية و‬

‫صيغ أسلوبية‪ ،‬ليزيد األفكار قوة و تأثريا‪.‬‬

‫يهدف اخلطاب الديبلوماسي إىل التعبري عن وجهة نظر صاحبه وبسطها‪ ،‬فهو يبع أسلوب‬

‫اإلقناع عن قصد ونية‪ ،‬فيلجأ إىل األسلوب السهل الذي من املمكن أن يصل إىل أكرب قدر من‬

‫اجلمهور‪.‬‬

‫يكثر اخلطاب الديبلوماسي من املصطلحات الشعب واألمة والوطن واملصري املشرتك‪ ،‬ويوظف‬

‫الضمري حنن فهو حياول إبراز الذات املتكلمة وحياول أن خيلق تواصل بني املتكلم واملتلقي‪.‬‬

‫ميثل اخلطاب الديبلوماسي بنية متماسكة ذات طابع إيديولوجي مستمد من إيديولوجية النظام‬

‫الديبلوماسي‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫اللغة املنمقة الستمالة املتلقي وإقناعه وإغرائه بتقبل األفكار املطروحة أو القرارات املتخذة‪.‬‬

‫‪- 1‬املرجع السابق‪.‬‬

‫‪201‬‬
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬

‫اخلطاب الديبلوماسي متغري حبسب الظروف واملتغريات االجتماعية والديبلوماسية وختتلف‬

‫مفاهيمه من مجاعة إىل أخرى‪ ،‬كما أنه حياول أن يستخدم اللغة اليومية للتفاعل مع ما يعيشه الفرد يف‬

‫اجملتمع‪ ،‬وذلك لالقرتاب من األحداث اليت حتكم اجملتمع‪.‬‬

‫اخلطاب الديبلوماسي قصدي وحيمل مضامني يريد إيصاهلا للجمهور وإقناعه هبا‪ ،‬فهو غري‬

‫عفوي وينظر لألمور ويعاجل القضايا ويطرحها من زاوية السلطة‪ ،‬وبالتال فمصداقية اخلطاب رهينة مبا‬

‫تفرضه السلطة‪ ،‬والصواب واحلقيقة يف اخلطاب حتددمها السلطة كما أن اخلطاب الديبلوماسي خال‬

‫من املشاعر وال يعرب عن ذاته الفطرية أو ذات قائله وميارس عن تدريب و توجيه و تلقني‪.‬‬

‫يرتبط اخلطاب الديبلوماسي باملوقف الذي صنع من أجله والظروف و التغريات الواقعة واليت‬

‫جاء اخلطاب ليعرب عنها‪ ،‬وجبرد أن ختتفي هذه الظروف خيتفي اخلطاب ويفقد قوته‪.‬‬

‫حيقق اخلطاب الديبلوماسي هدفه املنشود من خالل ما يكتسبه من الرمسية يستمدها من‬

‫السلطة اليت ينتمي إليها مما جيعله يفرض مصداقية لتحقيق هدفه‪ ،‬وهو أحادي النظرة يقوم على‬

‫االستفراد بالرأي العام من خالل استبعاده الرأي اآلخر‪ ،‬بكم ما يتمتع به من سلطة‪.‬‬

‫حيظى جبمهور كبري‪ ،‬وخيتلف املتلقي هلذا اخلطاب ‪،‬من حيث كونه متلق مقصود من اخلطاب‬
‫أو مستمع للخطاب‪ ،‬أو مباشر وغري مباشر‪ ،‬أو داخلي أو خارجي حبسب الشأن الذي قيل فيه‬
‫‪1‬‬
‫اخلطاب‪.‬‬
‫حبسب هذه املميزات اليت يتميز فيها اخلطاب الديبلوماسي‪ ،‬فإنه ومن خالل ما يسمده من‬

‫سلطته حياول أن يكون األكثر تأثريا و إقناعا‪ ،‬قائما على قضية أو موقف ما‪ ،‬يريد من خالل‬

‫‪- 1‬املرجع السابق‪.‬‬

‫‪202‬‬
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬

‫اخلطاب توصيله ألكرب قدر من اجلمهور‪ ،‬حماوال إقناعه بأن هذا هو الصواب مستبعدا اآلخر‪ ،‬وبالتال‬

‫فاخلطاب أسياسي حيظى خبصوصي عن غريه من اخلطابات‪ ،‬الرتباطه بالتغريات اجلارية على الساحة‬

‫و مبا ميتاز به من ديناميكية جتعل منه مستمرا منتظرا ذا مجهور واسع‪ ،‬وبالتال فإن اخلطاب حىت‬

‫يكون سياسيا جيب أن ميتلك تلك امليزات‪ ،‬ألنه حباجة للتأثري يف اجملتمع أكثر من غريه‪.‬‬

‫‪-3‬استراتيجيات الخطاب الديبلوماسي‪:‬‬

‫يصدر اخلطاب الديبلوماسي بطبيعته إىل خطاب سياسي من خارج السلطة ليقوم بدور‬

‫الوصول إىل السلطة مثال من خالل الرتشيح لالنتخابات‪ ،‬ومن داخل السلطة حني يصدر عمن يف‬

‫احلكم مستخدما اسرتاتيجيات خمتلفة للتعبري و ال تأثري‪ ،‬منها كالم الوعود‪ ،‬و كالم القرار‪ ،‬وكالم‬

‫التربير‪ ،‬وكالم اخلداع‪.‬‬

‫كالم الوعود‪ :‬يكون كالم اخلطاب مثاليا وواقعيا أي يوفق بني املتناقضات ‪،‬وعليه يف نفس‬

‫الوقت أن يكون مقنعا يف نظر املواطنني‪ ،‬وبذلك جيب على املتحدث أن يكون صادقا ليبين شخصية‬

‫ميكن من خالهلا إقناع أكرب عدد ممكن مبشروعها‪ ،‬وأن تصل إىل مجهورها من خالل استخدام العقل‬

‫تارة و االنفعال تارة أخرى‪.‬‬

‫كالم القرار‪ :‬كالم فعل يف جوهره يقوم على موقف شرعي‪ ،‬ويشري إىل ثالثة أمور يف احلقل‬

‫الديبلوماسي‪ :‬إما أن هناك حالة فوضى اجتماعية أو موقفا أو حالة غري مقبولة‪ ،‬ويصدر عن هذا‬

‫‪203‬‬
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬

‫الكالم تأكيدا مثل "مل تعد األمور صاحلة"‪ ،‬أو الختاذ قرار حلل املشكلة يف نظام جديد ويقال مثال"‬
‫‪1‬‬
‫علينا أن نصلح"‪ ،‬كما يظهر املوقف املتخذ لتنفيذه كقرار التدخل أو عدم التدخل يف نزاع ما‪.‬‬

‫كالم التربير‪ :‬ويظهر عندما حيتاج اختاذ قرار ما إىل تربير‪ ،‬أو جتديد للشرعية‪ ،‬بسبب تعرض‬

‫القرار النتقاد أو عدم رضا أو تساؤالت من قبل اجلمهور أو اخلصوم الديبلوماسيني‪ ،‬مما يتطلب‬

‫خطابا سياسيا لتربير املوقف أو التذكري بسبب وجودة‪ ،‬و ملنع أي احتجاجات ‪،‬وذلك ملواجهة ما قد‬

‫يواجهه من انتقادات خصومها و تأثريات اإلعالم أو احلركات االجتماعية‪.‬‬

‫العبارات االصطالحية‪:‬‬ ‫‪-1‬‬

‫‪-1-4‬تعريف العبارات االصطالحية‪:‬‬

‫عرف أمحد أبو سعد العبارات االصطالحية "كل عبارة تتألف من لفظني أو أكثر‪ ،‬وتُنظم معا‬
‫ّ‬
‫يف الوضع الذي يقتضيه علم النحو‪ ،‬ولكنها يف النهاية تؤدي إىل داللة ختتلف عما يقتضيه ظاهر‬

‫الرتكيب أو هو عبارة تتجاوز معناها الدالة عليه يف اللغة أو يف ظاهر الرتكيب إىل معىن آخر بالغي‬

‫يتحصل بطريق اجملاز أو بأسلوب التعبري الكنائي مثل جير النار إىل قرصه"‪ .2‬مبعىن أن‬
‫ّ‬ ‫اصطالحي‬

‫العبارات االصطالحية جتتاز معناها اللغوي إىل معىن اصطالحي آخر‪.‬‬

‫ولعل اإلشكال األكرب املطروح يف العبارات االصطالحية هو قدرة التعرف عليها أي إدراك أن‬

‫تركيبا معينا هو عبارة اصطالحية‪ ،‬حيث جيد الناطقون بلغة ليست بلغتهم األم صعوبة كبرية يف حتديد‬

‫‪- 1‬شارودو‪ ،‬باتريك‪ ،‬اخلطاب الديبلوماسي أو سلطة النقد‪ ،‬الفكر الديبلوماسي‪ ،‬ص‪.129‬‬
‫‪-2‬أمحد أبوسعد‪،‬معجم الرتاكيب والعبارات االصطالحية القدمي منها واملولود‪ ،‬الطبعة األوىل‪،‬دار العلم للماليني‪،‬بريوت‪1987،‬‬
‫ص‪.6-5‬‬

‫‪204‬‬
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬

‫العبارات االصطالحية‪ ،‬هذا ما جاء يف تعريف رمزي منري بعلبكي‪ ":‬هو تعبري له معىن خاص خيتلف‬

‫عن جمموع معان كلماته حبيث يصعب إدراك املقصود به عند مساعه للمرة األوىل لغري أبناء اللغة"‪. 1‬‬

‫ويرى بعض اللغويني الغرب ككاسياري كريستينا أن‪:‬‬

‫‪« Idiomatic expressions belong to the vast family of fixed phrases ،clichés،‬‬

‫‪proverbs، indirect speech acts ،speech formulas، and so forth، that shares some‬‬

‫‪degree of conventionalization of meaning yet at the same time differs in semantic‬‬

‫‪as well as syntactic properties »2‬‬

‫تنتمي العبارات االصطالحية إىل عائلة الكبرية للعبارات اجلاهزة كالكليشيهات‪ ،‬األمثال‪ ،‬صيغ‬

‫اجملهول وصيغ اجملهول‪...‬واليت تتقاسم شيئا من االصطالحية يف املعىن بالرغم من أهنا ختتلف يف‬

‫اخلصائص الداللية و النحوية‪(.‬ترمجتنا)‬

‫‪-2-4‬العبارات االصطالحية في الخطاب الديبلوماسي‪:‬‬

‫يزخم اخلطاب الديبلوماسي بالعبارات االصطالحية‪ ،‬إذ ش ّكل ظاهرة تستدعي الدراسة‬

‫والبحث ولفت االنتباه يف تعلق انبجاسها منه وش ّكل السبب األول يف ختلّقها‪ ،‬إذ إن األحداث‬

‫الديبلوماسية االجتماعية هي أكثر العوامل الفاعلة واملؤدية إىل تكلّس العبارة اللّسانية"‪.3‬‬

‫‪-1‬رمزي منري بعلبكي‪ ،‬معجم املصطلحات اللغوية ‪:‬إجنليزي عريب‪،‬الطبعة األوىل‪ ،‬دار العلم للماليني‪،‬بريوت ‪، ،1991‬ص‪.235‬‬
‫‪2:Cacciari‬‬‫‪cristina –PatriziaTabossi « Idioms processing, structure, and interpretation » 02nd‬‬
‫‪edition ,New York,psycologie press, 2014, P27.‬‬
‫‪-3‬اجلمعي بولعراس ‪،‬ناصر الغال‪ ،‬التعبري االصطالحي يف لغة اخلطاب الديبلوماسي العريب ومواجهة األحداث الدولية قراءة‬
‫سوسيوثقافية ‪ ،‬العدد الثان ‪،‬ص‪.74‬‬

‫‪205‬‬
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬

‫باإلضافة إىل أن العبارات االصطالحية وحدة داللية متكاملة ال ميكن جتزئتها‪ ،‬وهي مرتبطة أشد‬

‫لالرتباط بالزاد الثقايف و احلضاري لناطقي لغة ما‪ ،‬ومتثل ترمجتها امتحانا حقيقيا للمرتجم‪ ،‬فهو حياول‬

‫عالوة على نقل املعىن‪...،‬كما يشكل اخلطاب الديبلوماسي حتديا إضافيا لعملية ترمجة العبارات‬

‫االصطالحية‪.‬‬

‫فهو حيد من حرية املرتجم خاصة أن الديبلوماسي يف معظم األحيان مييل إىل الغموض و‬

‫اللّبس يف خطابه وبذلك جيد املرتجم نفسه أحيانا أمام ضرورة التصرف يف الرتمجة وحتمية التقيد‬

‫خبصوصيات اخلطاب الديبلوماسي يف الوقت ذاته‪ .‬هنا تزداد صعوبة ترمجة العبارات االصطالحية يف‬

‫اخلطاب الديبلوماسي‪ ،‬إذ تتعارض بعض طرق ترمجتها كالتصرف أو التكافؤ مثال مع خصائص‬

‫اخلطاب الديبلوماسي‪.‬‬

‫خاصة تلك املتعلقة بالغموض وعدم اإلفصاح املباشر‪ ،‬إذ يقول الدكتور حسيب إلياس حديد‬

‫يف ترمجة اخلطاب الديبلوماسي أن‪ ":‬ليس من وظيفة املرتجم أن يعلق على اخلطاب الديبلوماسي وال‬

‫التدخل فيه وال االجتهاد به و تفسري معانيه"‪.1‬و أضاف "الديبلوماسي يف خطابه غالبا ما مييل إىل‬

‫عدم إلزام نفسه بالتزامات صرحية و إىل عدم توريط نفسه‪."2‬ففي ظل القيود اليت تفرضها ترمجة‬

‫العبارات االصطالحية يف اخلطاب الديبلوماسي جيد املرتجم نفسه يف مفرتق بني التصرف يف الرتمجة‬

‫وبني هذه القيود" فاملرتجم يضطلع مبسؤوليات جسيمة أثناء قيامه بعملية الرتمجة العامة‪ ،‬إال أن هذه‬

‫‪-1‬حديد‪ ،‬ح‪.‬إ‪ ،.‬أصول الرتمجة‪ ،‬دار الكتب العلمية‪،‬بريوت‪،‬ص‪.299‬‬


‫‪-3‬حديد‪،‬ح‪.‬إ‪ .‬املرجع نفسه‪،‬ص‪.299‬‬

‫‪206‬‬
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬

‫أوجها عندا يتعلق األمر برتمجة اخلطاب الديبلوماسي‪ ،‬فعلى املرتجم اختاذ قرارات‬
‫املسؤوليات تبلغ ّ‬
‫‪.1‬‬
‫صعبة ومصريية واسرتاتيجية‪ ،‬ويف هذه احلالة يكون املرتجم دور يف غاية األمهية"‬

‫يعترب اخلطاب الديبلوماسي منظومة من األفكار تشكلت عرب تراكم معريف نابع من استقراء‬

‫للواقع بكل مكوناته الثقافية و االجتماعية و السيكولوجية‪ ،‬هذا ما جيعل من ترمجة اخلطاب‬

‫الديبلوماسي أصعب الرتمجات حيث يُلزم املرتجم على الوقوف على حيثيات اخلطاب اللغوية‬

‫والديبلوماسية مبا فيها الباث‪ ،‬كي حيدد إمكانية التصرف وضبط درجة تدخله يف النص‪ ،‬إما االلتزام‬

‫احلريف إما إتباع منهج احلذف و الشرح و اإلضافة وغريها من آليات التصرف‪.‬‬

‫عملت العوملة على إعادة تعريف بعض املفاهيم السائدة يف حقل العلوم الدبلوماسية وظهور‬

‫مفاهيم جديدة فرضت استخدامها يف علم الدبلوماسية‪ ،‬فمن املفاهيم اجلديدة اليت برزت يف ظل‬

‫العوملة على سبيل املثال ال احلصر‪ ،‬التشبيك‪ ،‬التعصب اإلقليمي ‪ ،‬اجملتمع املدن العاملي‪ ،‬االنفراج‬

‫الدول ‪ ،‬التنظيم الدبلوماسي الواحد ‪ ،‬احلجم الطبيعي للحكومة‪ ،‬السيادة املقيدة‪ :‬أي الدولة مل تعد‬

‫هي الفاعل الوحيد على الساحة الدولية مع بروز فاعلني جدد‪ .‬ومن املفاهيم اليت أعاد تعريفها‪ ،‬الدولة‬

‫والسيادة ‪.‬‬

‫أهمية ترجمة المصطلحات الدبلوماسية في الخطابات الدبلوماسية‪:‬‬

‫تؤدي السياسة دورا هاما يف حياة الناس‪ ،‬حيث إهنا ترتبط حبياهتم بشكل فوري وحمسوس‬

‫األمر الذي أدى إىل بروز امهية ترمجة املصطلحات الدبلوماسية حيث اهنا تتحكم كثريا مبصائر‬

‫‪- 1‬املرجع السابق‪،‬ص‪.300‬‬

‫‪207‬‬
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬

‫الشعوب‪ ،‬السياسة على وجه اخلصوص‪ ،‬إذ ليست جزءا من حياة الدبلوماسيني فحسب‪ ،‬ولكن هي‬

‫جزء من حياة اإلنسان حيث نرى أن هناك األغلبية الساحقة تفضل قراءة النصوص ومشاهدة برامج‬

‫سياسية تصدر بلغات عديدة ومتنوعة‪،‬‬

‫ومن هنا حيتاج الناس اىل ترمجة هذه النصوص من اللغات األخرى إىل العربية ‪.‬اطالع الناس‬

‫على هذه النصوص الدبلوماسية سواء كانت يف شكل كتب او رسائل خترج ‪..‬اخل ميكنهم معرفة ما‬

‫جيري من حوهلم يف الدوائر الدبلوماسية فهذا ايضا يبني امهية ترمجة الكتب الدبلوماسية اىل اللغات‬

‫املختلفة ‪.‬‬

‫ففي القرن العشرين شاهد العامل الكثري من األحداث الدبلوماسية ولعله أكثر قرن شهد‬

‫أحداث إجرامية و مؤثرة يف تاريخ البشرية تطور األحداث لسياسية وتغريت لغات بعض الشعوب يف‬

‫املاضي كانت السياسة غري معقدة هبذا الشكل فكان املرتمجون جيدون صعوبة يف ترمجة النصوص‬

‫الدبلوماسية من لغة األجنبية إىل اللغة العربية و العكس صحيح‪.‬‬

‫تعقد املصطلحات الدبلوماسية يسبب مشكلة للمرتمجني يف النصوص السياسية دائما هناك‬

‫فجوة بني النص و بني املتلقي و املرتجم احد وظائفه اذ استطاع بني النص و بني املتلقي لكي يصل‬

‫املعىن كامال للمتلقي جيب على املرتجم ان ينزع احلواجز بني نص االصلي و املتلقي كلما كانت‬

‫احلواجز هذه معقدة نتيجة تباعد الثقافة ميكانيكيا تزداد صعوبة الرتمجة‪.‬‬

‫‪208‬‬
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬

‫التطورات التي طرأت على المصطلح الدبلوماسي في ظل العولمة ‪:‬‬

‫لقد كانت الرتمجة على الدوام عنصرا متمما للعوملة ألهنا تعمل على ربط ثقافات خمتلفة‪ .‬ومع‬

‫التقدم التكنلوجي اهلائل تزايدت امهية العوملة بشكل مل يسبق له مثيل‪ ،‬لذا نرى العوملة اليوم يف اوج‬

‫تسارعها وال يبدو اهنا سوف تبطئ خطاها يف املستقبل املنظور مما جيعل عملية تضمني املزيد من‬

‫العناصر الثقافية فاللغة يف نصوص اللغة املرتجم اليها امرا ال حميد عنه‪.‬‬

‫"ال يتفق الباحثون النظريون للعوملة دوما على مدلول مصطلح العوملة فعند روالند روبرستون‬

‫‪ Roland Robreston‬تشري العوملة اىل كل من انضغاط العامل و اشتداد وعي العامل بوصفه‬

‫كال واحدا ويزعم جوناثان فريدمن ‪ Jonathan friedman‬من جهته ان العوملة ترتبط‬

‫بعمليات اسناد املعىن اليت هلا طبيعة عاملية ان البىن املؤسساتية املعوملة هي احد التعابري عن العوملة‬

‫‪.‬و هي يف حد ذاهتا جمموعة فرعية للنظام العاملي الذي يصف‪ ،‬يف سياق كون ‪،‬تشكل بىن‬

‫مركز‪/‬اطراف ‪ ،‬وامتدادها و تقلَصها‪ ،‬وتفك َكها ‪ ،‬واعادة تأسيسها عرب دورات تناوب الزعامة و مزية‬

‫املقاربة النظامية العاملية هي اهنا تقدم ما هو عرضي‪ ،‬وتتحشى النموذج االنتشاري للثقافة حيث‬

‫تصبح العوملة مرادفة للحداثة و للغرب –اي لألفكار الغربية اليت تنتشر تدرجييا يف بقية العامل غري‬

‫ان مقاربة احلداثة ‪/‬العوملة هي نظرية‬ ‫‪Jan Nedervran Pieterse‬‬ ‫الغريب و حتاجج جان ندرفني بيرتز‬
‫‪1‬‬
‫يف التغريب باسم آخر‪".‬‬

‫‪1‬‬
‫حممد منقذ اهلامشي ‪،‬عبد الودود بن عامر العمران ‪ ،‬ط‪ ، 1‬الرتمجة و العوملة ‪،‬دار العربية للعلوم ‪،‬بريوت ‪ 2010‬ص ‪.114‬‬

‫‪209‬‬
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬

‫ونستنتج من خالل هذه املقولة أن العوملة هي االنتشار الواسع املدى يف كل أحناء العامل‬

‫ويشري هذا التعريف العوملة الدبلوماسية هي العملية اليت من خالهلا تصبح شعوب العامل متصلة‬

‫ببعضها يف كل أوجه حياهتا ثقافيا اقتصاديا وسياسيا وبيئيا أسباب العوملة الدبلوماسية هناك عدة‬

‫أسباب أدت إىل حتفيز واتساع العوملة ا الدبلوماسية فمنها االقتصادي الدبلوماسي الثقايف‬

‫االجتماعي‪.‬‬

‫"إذا كانت الرتمجة نافذة املتخلّف اليت تنفتح على عامل اآلخر املتق ّدم حىت مطلع عصر النهضة‪،‬‬

‫ظل العوملة اليت نعيشها على كل املستويات جمال رحب للتواصل والتثاقف‪.‬‬
‫فإهنا اليوم يف ّ‬
‫والعوملة‪ ،‬على خالف ما يعتقد بعض املثقفني‪ ،‬هي ثالث عوملات‪ :‬سياسية‪ ،‬وهي بدأت منذ‬

‫هناية احلرب العاملية الثانية وإنشاء األمم املتحدة‪ ،‬واقتصادية بدأت مع عملية انفتاح االقتصادات‬

‫الوطنية على سوق أصبح كونياً يف هناية القرن العشرين‪ ،‬والثالثة هي عوملة ثقافية نعيشها اليوم يف إطار‬

‫مصطلحات كحوار احلضارات‪ ،‬وحوار الثقافات‪ ،‬والتع ّددية اللغوية‪ .‬وطرحت العوملة مبجاالهتا الثالثة‬

‫حتديّات على شعوب العامل املتق ّدم واملتخلّف على السواء‪ ،‬والرتمجة هي واحدة من بني هذه‬

‫وتقرب‬
‫تسهل سبل التواصل بني البشر‪ ،‬وتساعد يف نقل املعارف والتقنيات واألفكار‪ّ ،‬‬
‫التحديّات اليت ّ‬
‫‪2‬‬
‫بني عادات خمتلف شعوب العامل‪".‬‬

‫‪ 2‬موريس ابو ناضر‪.‬جملة احلياة ‪.‬عدد ‪ 18539‬عمان ‪.‬سنة ‪ .2014‬ص ‪ 18‬اداب و فنون‪.‬‬

‫‪210‬‬
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬

‫للرتمجة أمهية كبرية شأهنا شأن العلوم األخرى اليت هلا تأثري مباشر يف احلياة اإلنسانية واجملتمعية‬

‫وكذلك يف حياة الفرد بصورة مباشرة‪ .‬كان للعوملة تأثريا كبرياً ومباشراً على املصطلح بصورة عامة‬

‫والدبلوماسي منها على وجه التحديد بصورة خاصة‪.‬‬

‫فنالحظ أنه ومبرور الوقت استحدثت مصطلحات جديدة وانتشرت بسرعة مذهلة كانتشار‬

‫النار يف اهلشيم وهذا االنتشار نابعا يف األصل للحاجة امللحة هلذا املصطلح او ذاك وكذلك التأثري‬

‫املباشر لسياسة العوملة حيث يكون املصطلح الذي وقع عليه تأثري العوملة مفهوماً بصورة دقيقة يف‬

‫مجيع احناء العامل ومتداول بشكل كبري‪ .‬فلو قمنا بدراسة املصطلحات املستخدمة حاليا يف لغة‬

‫السياسة لوجدنا بأن اغلب هذه املصطلحات مل تكن موجودة فقبل عدة أعوام بل مل تكن مفهومة‬

‫اصالً‪ ،‬واألمثلة على ذلك كثريٌ جدا قد ال يسعنا تناوهلا بالبحث والتحليل يف سياق هذا البحث‪،‬‬

‫ولكننا سوف نكتفي ببعض األمثلة للداللة على ما ذهبنا اليه‪.‬‬

‫‪211‬‬
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬

‫مفهوم العولمة ‪:‬‬

‫العوملة لغة ‪ :‬تعددت تعريفات العوملة وتباينت ‪ ،‬ومل يتم االتفاق عليها (بوصفها مصطلحاً‬

‫حديثاً)؛ وفقاً لتعدد زوايا النظر إليها وتنوع ختصص املعرفني هلا واملهتمني بدراستها‪ .‬وأضحى هذا‬
‫‪1‬‬
‫املصطلح العوملة (‪(Globalization‬أو( ‪ (Modularization‬من أكثر املصطلحات إثارة للجدل ‪.‬‬

‫وإذا نظرنا إىل معاجم اللغة العربية ؛ كلسان العرب البن منظور‪ ،‬والصحاح يف اللغة‬

‫للجوهري‪ ،‬والقاموس احمليط للفريوز آبادي‪ ،‬ومقاييس اللغة ألمحد بن فارس‪ ،‬والعباب الزاخر للحسن‬

‫بن حممد الصغان‪ ،‬وغريها؛ فسوف جند َّ‬


‫أن كلمة العوملة ليست معروفة فيها؛ فجذرها من اجلذور‬

‫اجلديدة املستحدثة اليت كانت قدمياً على سبيل توهم األصالة؛ فهي من باب ال ملحقات اليت تدرس‬

‫مع توهم األصالة؛ و(العوملة) ك ( احلوقلة )‪ .‬أم يف العصر احلديث؛‬

‫فجذر الكلمة من اجلذور املقبولة؛ ف (عوَمل ( على وزن (فعلَ َل) مثل (دحرج ‪(،‬ومصدره هو‬

‫(العوملة)‪ ،‬مثل (الدحرجة ‪).‬ويرى الدكتور أمحد صدقي الدجان أ ّن العوملة مشتقة من الفعل عومل على‬

‫صيغة فوعل واستخدام هذا االشتقاق يفيد أن الفعل حيتاج لوجود فاعل يفعل‪ ،‬أي أ ّن العوملة حتتاج‬
‫‪1‬‬
‫ملن يعممها على العامل‬

‫إن الغموض الذي يكتنف العوملة الدبلوماسية أكرب‪ ،‬قياساً إىل عوملة االقتصاد‪ .‬تشري آراء‬

‫املف ّكرين املختلفة إىل وجود تشتت وعدم انسجام‪ ،‬وفيما يعترب البعض أهنا حتققت أو ستتح ّقق‪ ،‬يراها‬

‫‪ 1‬ينظر‪ :‬عبدالقادر بن حممد عطا صويف ‪:‬آثار العوملة على عقيدة الشباب‪ ،‬رابطة العامل اإلسالمي‪ ،‬إدارة الدعوة والتعليم‪ ،‬سلسلة‬
‫دعوة احلق‪ ،‬السنة الثالثة والعشرون‪ ،‬العدد ‪1427، 215‬ه ‪ ،‬ص ‪.20، 19‬‬
‫‪ 1‬الدجان‪ ،‬أمحدصدقي‪ :‬مفهوم العوملة وقراءة تارخيية للظاهرة‪ ،‬صحيفة القدس‪1998/2/6 ،‬م‪ ،‬ص‪.13‬‬

‫‪212‬‬
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬

‫حد ما‪ ،‬وتركت آثاراً ملموسة‪ ،‬ولكن مثّة‬


‫البعض مستحيلة احلدوث‪ ،‬وتعتقد فئة أخرى أهنا نُ ّفذت إىل ٍّ‬

‫اعرتاضات عليها‪ ،‬حبيث ال ميكن توقع حتققها‪.‬‬

‫اسي‪ ،‬وإمنا يعتربون أ ّهنا‬


‫ويوجد فريق آخر ال يعتقد أ ّن العوملة الدبلوماسية تسبّبت يف اندماج سي ّ‬
‫قد أثارت حساسية الدول‪ ،‬ومنّت الشعور القومي وتسبّبت يف معاداهتا‪.‬‬

‫وذهب البعض إىل أ ّن العوملة الدبلوماسية تعين نقالً لسلطة الدولة واختصاصاهتا إىل مؤسسات‬

‫حمل الدولة وهتيمن عليها‪.‬‬


‫حتل ّ‬
‫عاملية تتوىل تسيري العامل وتوجيهه‪ ،‬وهي بذلك ّ‬
‫"العوملة يف املنظور الدبلوماسي تعين أن الدولة ال تكون هي الفاعل الوحيد على املسرح‬

‫الدبلوماسي العاملي‪ ،‬ولكن توجد إىل جانبها هيئات متعددة اجلنسيات ومنظمات عاملية ومجاعات‬

‫دولية‪ ،‬وغريها من التنظيمات الفاعلة اليت تسعى إىل حتقيق مزيد من الرتابط والتداخل والتعاون‬

‫واالندماج الدول‪ …،‬مما يعين أن السيادة ال تكون هلا األمهية نفسها من الناحية الفعلية‪ ،‬فالدول قد‬

‫تكون ذات سيادة من الناحية القانونية‪ ،‬ولكن من الناحية العملية قد تضطر إىل التفاوض مع مجيع‬
‫‪1‬‬
‫الفعاليات الدولية‪ ،‬مما ينتج منه أن حريتها يف التصرف حبسب مشيئتها تصبح ناقصة ومقيدة"‬

‫هنا نأخذ بعني االعتبار رأي املنظر الربيطان ديفيد هيلد‪ ،‬خبري العلوم الدبلوماسية‪ ،‬عن كيفية‬

‫حتقق العوملة الدبلوماسية‪ .‬يبدأ هيلد من مستوى العالقات غري الدبلوماسية بني اجملتمعات‪ ،‬إلدراك‬

‫يوجه حبوثه خطوة خطوة إىل إضعاف الدولة القومية‪ ،‬ويف النهاية استقرار احلكومة‬
‫هذا األمر‪ ،‬ومن مثّ ّ‬
‫العاملية بديالً عن احلكومة القومية‪ ،‬ويشرح هذه املراحل على هذا املنوال‪:‬‬

‫‪ 1‬أمحد مصطفى عمر‪ "،‬اعالم العوملة وتأثريه يف املستهلك ‪",‬يف سلسلة كتب املستقبل العريب (‪ ,)24‬ط‪,2‬عمان‪،2004 ،‬‬
‫ص‪.162‬‬

‫‪213‬‬
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬

‫ازدياد العالقات االقتصادية والثقافية من قدرة احلكومات ونفعها يف مستوى الدولة‬


‫‪ 1‬يُضعف ُ‬
‫القومية‪ .‬فلم تعد للدول السيطرة على نفوذ البضائع االقتصادية وورودها من حدودها القومية‪.‬‬

‫‪ 2‬يُضعف ظهور الشركات ما فوق القومية‪ ،‬واملؤسسات غري احلكومية )‪ (NGO‬من قدرة‬

‫احلكومات يوماً بعد يوم‪ ،‬ويُقلّص من خياراهتا‪.‬‬

‫‪ 3‬جيب أن تنسجم أغلب النطاقات التقليدية ملسؤولية احلكومة واألعمال اخلاصة للدول‬

‫الوطنية مع املعايري واملناهج الدولية‪ ،‬وأن يتم تعريفها ( قضايا مثل ‪ :‬األمن القومي‪ ،‬املصاحل القومية‪،‬‬

‫والتهديدات)‪.‬‬

‫إن الدول مضطرة أن تعرف حاكميتها يف إطار وحدة سياسية أكرب‪ ،‬مثل االحتاد األوريب‪،‬‬

‫آسيان‪ ،‬أوبك‪ ،‬نفتا و… وأخرياً تتقلص السيادة القومية للبلدان يف داخل مؤسسات دولية وإقليمية‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫وتضعف سيطرة الدول يف حوادث سياسية‪ ،‬قومية‪ ،‬وإقليمية‬

‫تأثير العولمة على سرعة تدفق المصطلحات الدبلوماسية ‪:‬‬

‫يصف مفهوم العوملة تلك التغريات السريعة اليت سادت العامل منذ عقدين وال يوجد موضوع‬

‫مهم يف جمال االقتصاد و السياسة و الثقافة يف ايامنا هذه اال و فيه جدل و نقاش بشان ابعاده‬
‫ِ‬
‫لدرجة أن‬ ‫العاملية الواسعة كانت آثار العوملة شاملة للغاية‪ ،‬وغري متبلورة‪ ،‬ومتغرية الشكل‪ ،‬وفوضويةً‬

‫مصدرا لإلحباط فأن العوملة قربت بني اللغات‬


‫ً‬ ‫جمرد التفكري يف حتديد منطقها أو اجتاهاهتا أصبح‬

‫‪. 1 Held، D. Democracy and Global order : from modern state to cosmopolitan Governance.‬‬
‫‪polity press. Cambridge. 1995، P. 126‬‬

‫‪214‬‬
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬

‫االجنبية حيث اصبحت املصطلحات اللغوية متشاهبة وبسبب العوملة اصبح عدد هائل من الكلمات‬

‫االنكليزية يتم استخدامها باللغة العربية بنفس النطق واللفظ للغة االنكليزية يبقى هناك تساؤل هل‬

‫هذا يساعد املرتجم ؟!!‪ . .‬وذهبت (نيفني مسعد)إىل أن الدولة يف عصر العوملة قد أفرغت من‬

‫مفهومها األساسي من دولة رعوية إىل دولة تسعى لتحقيق املصاحل االقتصادية والدبلوماسية‪ ،‬وتنفيذ‬
‫‪1‬‬
‫السياسات العاملية للحاق بركب احلضارة‬

‫إذن فالدولة انتقلت من املفهوم الكالسيكي هلا إىل املفهوم احلديث‪ ،‬حيث أصبحت الدولة‬

‫وفق هذا املفهوم متثل معىن جديد بأولوياهتا وأهدافها‪ ،‬وعالقاهتا مع الدول‪ ،‬ووضعها ومكانتها يف‬

‫املنظومة الدولية‪ ،‬إىل قدرهتا على البقاء والسيطرة على مكوناهتا الداخلية‪ ،‬وعناصرها واحلفاظ على‬

‫سيادهتا على أرضها وعلى مصادر بقائها‪.‬‬

‫ينجم عن املنظومات الثقافية والعلمية سيل من املصطلحات يف شىت مناحي احلياة‪ ،‬ويشكل‬

‫هذا السيل املتدفق حتديا حلركة الرتمجة من حيث القدرة على مواكبة التسارع من خالل تغطية‬

‫املصطلحات الوافدة عرب تيارات العوملة ثقافيا وعلميا ‪ ،‬والكفاءة يف إجياد املصطلح املكافئ أو املناظر‬

‫للمصطلح الوافد ‪ .‬وهو ليس لفظا قادما من لغة مصدر إىل لغة هدف فحسب ‪ ،‬بل إن املصطلح‬

‫حيمل يف حناياه جينات ثقافية مستمدة من الوسط الثقايف الذي أجنبه من جهة ‪ ،‬وحيمل أبعادا فكرية‬

‫مستمدة من املرجعية الفكرية اليت سعت إىل صنعه وفق أهداف عليا مضمرة‪ .‬وما دام املصطلح‬

‫املرتجم ليس بريئا من مرجعيات فكرية وارتباطات ثقافية فإن أبرز التحديات اليت تواجه املرتجم يف‬

‫‪ 1‬نيفن مسعد ‪،‬رؤية الشباب العريب للعوملة ‪ ،‬معهد البحوث و الدرسات العربية ‪ 2000 ،‬القدس ص ‪. 104‬‬

‫‪215‬‬
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬

‫سياق العوملة هي التخصص الذي يضمن كشف القناع الثقايف للمصطلح املرتجم ‪ ،‬وال ميكن أن‬

‫يتحقق هذا الضمان من خالل قدرة املرتجم على خلق عالقة لغوية تناظرية بني املصطلح الوافد وما‬

‫يناظره يف لغة اهلدف ‪ ،‬ألن التناظرةاللغوي يقتصر على البنية اللغوية السطحية وال يصل إىل البنية‬

‫اللغوية العميقة اليت حتوي األبعاد الفكرية والثقافية للمصطلح املرتجم‪.‬‬

‫وال يسعفنا حيز الدراسة لرصد املستوى الكمي للمصطلحات املرتمجة اليت حيمل بعضها جينات‬

‫ثقافية غريبة عن اجلسم الثقايف الوطين والقومي ‪ ،‬وينطوي بعضها اآلخر على حتديات ثقافية يف غاية‬

‫اخلطورة ؛ ألن هذا الرصد حيتاج إىل لقاء خاص يبحث يف تأثري املصطلح املرتجم على املنظومة‬

‫الثقافية ‪ ،‬هلذا نقتصر على التمثيل هبدف إضاءة فكرة احلاجة إىل إجياد املرتجم املتخصص الذي‬

‫يتجاوز دوره نقل املصطلح من لغة اهلدف إىل لغة املصدر‪.‬‬

‫إن ما مييز العوملة عموما والعوملة يف بعدها الدبلوماسي خصوصا توسلها بالثورة احلاسوبية‪،‬‬

‫والثورة يف وسائل االتصال واملواصالت‪ ،‬مقتحمة جمال الوعي واإلدراك والثقافة‪ ،‬ومعممة أمناط‬

‫االستهالك املباشر من اخلارج قبل أن متر اجملتمعات بعملية تطور سياسي اجتماعي متدرج يتالءم‬

‫معها بشكل عضوي‪ ،‬فضال عن اقتحامها جماالت الثقافة‪ ،‬مما صورها كعملية أيديولوجية جارية على‬

‫األرض وتؤسس نوعا من" االمربيالية الثقافية ‪"1‬‬

‫ومن النافل القول أن جمتمع املعلومات يأيت بعد مراحل متعددة مر هبا التاريخ اإلنسان‪ ،‬ومتيزت‬

‫كل مرحلة خبصائص وميزات‪ ،‬حيث شهدت اإلنسانية من قبل تكنولوجيا الصيد مث تكنولوجيا الزراعة‬

‫‪1‬قاسم احلجاج ‪ ،‬فجرالعوملة اجلديدة ‪ ،‬دار نزهة االلباب للنشر و التوزيع ج‪ ،1‬غرداية –اجلزائر‪ 2013، ،‬ص‪99‬‬

‫‪216‬‬
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬

‫وبعدها تكنولوجيا املعلومات‪ ،‬اليت رمست املالمح األوىل جملتمع املعلومات ‪ ،‬ولعله من النافل القول‬

‫كذلك أن مفهوم جمتمع املعلومات مل يتبلور متاما يف الفكر العاملي للعديد من الباحثني إال أهنم اتفقوا‬

‫على اعتباره نتيجة للتحوالت الغري مسبوقة الذي مرت به البشرية منذ الستينات مبناسبة وانعكس‬

‫ذلك بربوز اجتاه جديد حنو" الدميقراطية االلكرتونية "عرب االنتخاب االلكرتون‪ ،‬وتزايد دور االنرتنيت‬

‫وخاصة مواقع التواصل االجتماعي يف احلركة االجتماعية والدبلوماسية العابرة للحدود‪.‬‬

‫وهذا ما أكدته ثورات( الربيع العريب)‪ ،‬يضاف إىل ذلك اهتزاز اليوطوبيات اليت طاملا ّروج هلا‬

‫خالل القرنني السابقني أنصار األيديولوجيات احلداثية( الليربالية والشيوعية )وتنامي االجتاهات‬

‫األيديولوجية الدبلوماسية األقل مغاالة يف يقينيتها الوضعية‪ ،‬يف مقابل تنامي التيارات الفكرية ال" ما‬

‫بعد حداثية" املتطلعة لبناء منوذج أعلى وأكمل هو جمتمع( دميقراطية السوق احلر ة )بالتزامن م ع‬

‫تصاعد اليوطوبيات اجلديدة – القدمية عرب ‪:‬اليسار اجلديد‪ ،‬واإلسالم اجلديد‪ ،‬والكونفشيوسية‬
‫‪1‬‬
‫اجلديدة‪ ،‬أو البحث عن مناذج ما بني حداثية‬

‫وبناء على ما سبق فقد صار االنشغال واجلهود منصبة حول‪:‬‬

‫إعادة تعريف مفاهيم سياسية كالسيكية مرتبطة بالظروف التارخيية احلضارية لظهور الدولة‬

‫الوطنية احلديثة مثل ‪:‬السيادة الوطنية‪ ،‬احلدود الوطنية‪ ،‬االقتصاد الوطين‪ ،‬السوق الوطنية‪ ،‬اهلوية‬

‫الوطنية‪ ،‬اللغة الوطنية ‪...‬حبيث تنسجم مع التحوالت اليت تدفع إليها ديناميكية العوملة االتصالية‬

‫واالقتصادية والدبلوماسية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ .‬قاسم حجاج ‪ ,‬املرجع السابق ‪ ,‬ص‪. 121‬‬ ‫‪.‬‬

‫‪217‬‬
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬

‫ومن التحديات اليت ينبغي أن تعاجلها الرتمجة يف ظل العوملة التغري التدرجيي للمصطلح ‪ ،‬وهو‬

‫تغري مقصود خيدم أهدافا ثقافية وسياسية مضمرة ‪ ،‬إذ يبدأ املصطلح بلفظ حمدد يستمر زمنا حمددا ‪،‬‬

‫مث يتحول إىل لفظ آخر بعد أن يكون اللفظ األول قد استقر يف اخلطاب اإلعالمي ‪ ،‬وال خيفى أن‬

‫املصطلح ال حييا خارج املناخ الدبلوماسي‪.‬‬

‫إذ أن املصطلح جيسد املعطيات الدبلوماسية والثقافية ‪ ،‬وحينما يطرأ تغري يف داللته فإن التغري‬

‫يكشف عن هبوط يف مستوى االستحقاقات الدبلوماسية‪ .‬ولنضرب مثال مبصطلح ( القضية‬

‫الفلسطينية ) الذي أصابه تغري جذري عرب مراحل زمنية خمتلفة ‪ ،،‬فقد حتول مصطلح ( القضية‬

‫الفلسطينية ) إىل مصطلح (املشكلة الفلسطينية ) وبني القضية واملشكلة فرق دالل شاسع‪،‬‬

‫إذ تتحول قضية األرض املسلوبة والشعب النازح إىل مشكلة قابلة للحل بني ( طرفني ) بعد‬

‫أن كان مصطلح القضية يؤكد على حق الطرف الوحيد يف فلسطني ‪ ،‬وحتول مصطلح (املشكلة‬

‫الفلسطينية ) إىل مصطلح ( املسألة الفلسطينية)‬

‫وبني املشكلة واملسألة مزيد من التنازل يف االستحقاقات الدبلوماسية ‪ ،‬إذ أضحت القضية‬

‫الفلسطينية مسألة تبحث عن إجابة على طاولة املفاوضات ‪ ،‬وهي مسألة ال حل هلا إال بوساطة‬

‫احلوار بني ( الطرفني – ) كما يفيد املصطلح ‪ ، -‬وحتول مصطلح املسألة إىل مصطلح (الصراع‬

‫العريب اإلسرائيلي ) الذي اختزل القضية الفلسطينية بالصراع على احلدود وأراض عربية حمتلة عام‬

‫‪ ، 1967‬مث حول مصطلح الصراع إىل نزاع ‪ ،‬وال خيفى الفرق الدالل بني الصراع والنزاع الذي‬

‫يكتسب بعدا قضائيا ميكن تسويته باحلوار واملفاوضات‪ .‬وهبذا حتاول ترمجة املصطلحات تفريغ القضية‬

‫‪218‬‬
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬

‫الفلسطينية من حمتواها الوطين واإلنسان والقومي ‪ .‬وتقتضي مواجهة اإلفرازات السلبية للرتمجة العمل‬
‫‪1‬‬
‫على إجياد مؤسسات رمسية تعتين ب ( نقد الرتمجة)‬

‫من كتاب ‪ :‬لمحة عن العالقات األلمانية العربية‬

‫مقدمة ‪:‬‬

‫تتميز العالقات السياسية والثقافية واالقتصادية بني أملانيا والعامل العريب بتقليد طويل وتنوع مذهل‪،‬‬

‫تقدم املكاتب الفرعية ملعهد غوته مسامهة مهمة يف تنمية اللغة األملانية يف العامل العريب وتعزيز التعاون‬

‫الثقايف‪ .‬تتمتع املدارس األملانية يف هذه املنطقة بسمعة ممتازة وبالتال تساهم بشكل كبري يف تكثيف‬

‫العالقات الثقافية األملانية العربية‪ ،‬هناك أيضا عدد كبري من اتفاقيات التعاون والشراكات بني‬

‫اجلامعات األملانية والعربية‪ ،‬تلعب غرف التجارة الثنائية دورا مهما بشكل خاص يف تعزيز العالقات‬

‫االقتصادية الوثيقة‪ ،‬عززت أيضا شراكات املدن والبلديات واملقاطعات كحلقة وصل مهمة بني اجملالني‬

‫الثقافيني ‪.‬‬

‫‪1‬عبود ‪ ،‬عبده ‪ :‬األدب املقارن ‪ -‬مشكالت وآفاق ‪ .‬احتاد الكتاب العرب ‪ ،‬دمشق ‪ 1999 ،‬ص‪185‬‬

‫‪219‬‬
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬

‫تتلقى وزارة اخلارجة الفيدرالية العديد من االستفسارات من املواطنني املهتمني باملؤسسات‬

‫واملنظمات العاملة يف هذا اجملال ال حيتوي التعاون عن بعد على دفرت عناوين شامل حول هذه‬

‫التسهيالت ‪.‬‬

‫يود املنشور األخري جمللة العالقات األملانية العربية أن يسد الفجوة وأن يعمل كأداة مفيدة‬

‫لتكثيف االتصاالت بني الدائرة الكبري من األطراف املهتمة‪.‬‬

‫بقلم‪ :‬هيلموت شيفر‪ :‬وزير الدولة يف الوزارة اخلارجية األملانية‪.‬‬

‫متهيد‪ :‬تتسم العالقات السياسية والثقافية واالقتصادية القائمة بني أملانيا وبني العامل العريب‬

‫بطابع تقليد عريب وبتنوع كبري للغاية‪ .‬ففروع معهد غوته تقدم مسامهة قيمة يف االهتمام باللغة األملانية‬

‫يف املنطقة العربية ويف دعم التعاون الثقايف بني الطرفني‪.‬‬

‫وتتمتع املدارس األملانية يف هذه املنطقة بسمعة رائعة كما تساهم بشكل حاسم يف تكثيف‬

‫العالقات الثقافية األملانية العربية‪ ،‬وتقوم معاهد أحباث أملانية عديدة بنشاطات علمية هامة يف خمتلف‬

‫اجملاالت يف املنطقة العربية‪ .‬وتوجد جبانب ذلك عدة اتفاقيات للتعاون والزمالة بني اجلامعات العربية‬

‫واألملانية‪ .‬يف إطار تعزيز العالقات االقتصادية املتينة تلعب الغرف التجارية الثنائية دورا مرموقا‪ ،‬وهذا‬

‫لقد اتسعت حلسن الظن يف السنوات األخرية عالقات الزمالة بني املدن واملقاطعات األملانية العربية‬

‫وهي مبثابة حلقة وصل هامة بني حضاريت املنطقتني املعنيتني‪.‬‬

‫‪220‬‬
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬

‫وكثريا ما يوجه املواطنون املهتمون استفساراهتم إىل وزارة اخلارجية األملانية خبصوص عناوين‬

‫ فبالرغم من حجم التعاون العريب األملان الواسع‬.‫املؤسسات واملنظمات اليت تعمل يف هذه امليادين‬

‫ والنشرة الصادرة اآلن حتت عنوان "حملة‬.‫فإنه ال يوجد حىت جمرد دليل شامل لعناوين هذه املؤسسات‬

‫عن العالقات األملانية العربية" يراد هبا أن تسد هذه الثغرة وأن تكون مبثابة أداة مفيدة جملموعة كبرية‬

.‫من املهتمني بتكثيف االتصاالت العربية األملانية‬

Einleitung

Die Beziehungen politischer, kultureller und wirtschaftlicher Art zwischen


Deutschland und der arabischen welt Sind durch eine lange Tradition und durch
eine liche Vielfaltigkeit gepragt. Die Zweigstellen des Goethe-Instituts leisten
einen wichti- gen Beitrag zur Pflege der deutschen Sprache im arabischen Raum
und zur Fôrderung der kulturellen Zusanimenarbeit.. Die deutschen Schuien in
dieser Region genie8en einen hervorragenden Ruf und tragen damit zur
Intensivierung der deutsch-arabischen Kulturbeziehungen maBgeblich bei.
Zahireiche Forschungsinstitute in Deutschland leisten wichtige
wissenschaftiiche Arbeit über die verschiedenen Aspekte der arabischen Region.
Daneben existieren eine Vieizahl von Kooperationsvereinbàrungen und
Partnerschaften zwischen deutschen und arabisehen Hochschulen Bei der
Fôrderung der engen Wirtschaftsbeziehungen spielen die bilateralen
Handeiskammem eine besonders wichtige Roue. Verstirkt haben sich
erfreuiicherweise in den letzten Jahren auch Stidte-, Gemeinde- und

221
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬
Kreispartnerschaften als wichtiges Bindeglied zwischen den beiden
Kuiturriumen gebildet

Das Auswrtige Amt erhalt zahlreiche Anfragen interessierter Burger nach


Adressen von Institutionen und Organisationen, die in diesem Bereich tatig sind.
Trotz der umfangreichen deutsch-arabischen Zusammenarbeit iiegt bishr kein
umfassendes AdreBbuch über diese Einrichtungen vor. Das jetzt erschienene
,,Kompendium der deutsch-arabischen Beziehungen" môchte diese Lticke
schiieBen und dem groBen Kreis der Interessierten ais ein niitziiches Werkzeug
bei der Intensivierung der Kontakte dienen.

Helmut Schafer

Staatsminister im Auswartigen Amt

: ‫التعليق‬

‫ وهي كيفية إجياد معان‬،‫هناك مشكلة يواجهها املرتجم يف بعض النصوص اليت يتعامل معها‬ -1

.‫بعض الكلمات اليت ال وجود هلا يف ثقافة أو بيئة معينة‬

‫( من لغة املصدر إىل‬untranslatability) ‫وترتبط هذه االختالفات مبشكلة عدم قابلية الرتمجة‬ -2

.‫اللغة األخرى املنقول إليها‬

‫ومن املفارقات اللغوية أيضاً استخدام صيغة املاضي يف اللغة العربية للداللة على حتمية وقوع‬ -3

‫ وهي من ألوان البالغة‬،‫حدث معني يف املستقبل‬

‫وهي ظاهرة غري موجودة يف اللغة العربية اليت يُعرب فيها عن املفرد بصيغة املفرد وعن اجلمع‬ -4

.‫بصيغة اجلمع‬

222
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬

‫قد ترتجم من اللغة األملانية عبارة مثبتة تنقل إىل اللغة العربية بصورة النفي دون أن يكون‬ ‫‪-5‬‬

‫القصد هو النفي يف حد ذاته وإمنا اإلثبات بأداة نفي زائدة مثل "ما" بغرض إضفاء املزيد من البالغة‬

‫على العبارة املرتمجة‪ ،‬مثل عبارة "إذا ما زرتين أكرمتك" مبعىن "إذا زرتين"‪ .‬وبالطبع فإنه عند الرتمجة يف‬

‫االجتاه اآلخر تنقل تلك العبارة إىل األملانية بصورة اإلثبات وليس النفي على اعتبار أن أداة النفي هنا‬

‫زائدة كما ذكرنا‪.‬‬

‫وإىل جانب األبعاد اللغوية جند أن البعد البيئي والثقايف يلعب أيضاً دوراً رئيسياً يف عملية‬ ‫‪-6‬‬

‫الرتمجة‪ ،‬فالكلمات اليت هلا أكثر من داللة يف إحدى اللغات قد ال تكون هلا نفس االنعكاسات‬

‫املؤثرة يف لغة أخرى‪..‬‬

‫وحىت عند ترمجة بعض األلفاظ الصرحية البعيدة عن التشبيهات والكنايات واالستعارات‪ ،‬فإن‬ ‫‪-7‬‬

‫األمر قد يتطلب تدخل املرتجم بتعليقات أو مجل إضافية لتوضيح األبعاد الثقافية والبيئية الىت تكمن‬

‫وراء تلك األلفاظ حىت مع وجود مقابل هلا ىف اللغة اهلدف‪.‬‬

‫‪ .‬وقد ال تقف آثار الرتمجة احلرفية عند قبول املادة املرتمجة أو عدم قبوهلا لدى القارئ‬ ‫‪-8‬‬

‫األجنيب‪ ،‬بل قد ترتتب عليها أيضاً عواقب سيئة ووخيمة‪ ،‬خاصة يف اجملاالت القضائية والقانونية‪.‬و‬

‫الدبلوماسية والسياسية‪ .‬ومن هنا إن الرتمجة ‪ -‬سواء كانت حتريرية أم فورية ‪ -‬ال جيب أن تكون حرفية‬

‫وإمنا جيب تطويعها أحياناً لتناسب الثقافات واألعراف األخرى لتكون أكثر قبوالً‪.‬‬

‫ويسري أيضاً مفهوم التطويع واالستبدال على بعض النصوص الدبلوماسية اليت قد حتتوي‬ ‫‪-9‬‬

‫أحياناً على عبارات غري مقبولة من حيث الذوق العام لدى القارئ العريب‬

‫‪223‬‬
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬

‫اخلالصة أن للجوانب اللغوية والثقافية دوراً هاماً يف عمليات التواصل ونقل املعلومات واألفكار من‬

‫بيئة إىل أخرى‪ ،‬وعلى اجلميع مراعاة تلك اجلوانب واإلملام هبا يف مواقف الرتمجة والكتابة والتحدث‬

‫حىت ال يكون هناك خطأ أو التباس يثري يف بعض احلاالت استياء القارئ أو املستمع وعدم قبوله‬

‫للمادة املنقولة إليه‪.‬‬

‫من كتاب‪ :‬الغرب والعالم اإلسالمي ‪:‬‬

‫تمهيد‪:‬‬

‫منذ سنوات طويلة واحلوار مع تلك البقاع من العامل ذات السمة اإلسالمية من املقومات الثابتة‬

‫للسياسة الثقافية والتعليمية اخلارجية األملانية‪ ،‬وبه فإنه من املهام اليت يلتزم معهد العالقات اخلارجية‬

‫‪ ،IFA‬حيث ساهم مسامهة فعالة يف هذا اجملال بالذات يف العقد املاضي عن طريق منتديات احلوار‬

‫العريب‪ -‬األملانية بني ممثلي ووسائل اإلعالم ومؤمترات الصحافيني واخلرباء يف آسيا الوسطى‪ ،‬ومعارض‬

‫الفنون التشكيلية األملانية ‪.‬‬

‫‪224‬‬
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬

‫بعد احلادي عشر من سبتمرب ‪ 2001‬برزت ضرورة تعريف أسس هذا احلوار مرة أخرى‪ ،‬فدعا‬

‫املعهد يف شهر أكتوبر من عام ‪ 2002‬باحثني وكتابا وصحافيني وممثلني ملنظمات غرب حكومية من‬

‫العامل اإلسالمي وأملانيا إىل مؤمتر يف قصر نويهار دنربغ‪.‬‬

‫وأوصى املؤمتر _كخطوة أوىل _ بتكليف جمموعة من املثقفني من البلدان ذات السمة‬

‫اإلسالمية بأن يصيغوا رؤيتهم للمشاكل اجلوهرية يف العالقات مع الغرب على شكل مراجعة لوضعها‬

‫اآلن‪ ،‬وتُعرض حصيلة عملهم يف هذا الكتاب ويف رأيي أن انطالقة جديدة للحوار الندي لن تتاح‬

‫غال لو كان الغرب مستعد لإلطالع على مثل هذه املراجعة‪ ،‬والتأمل يف النقد والتوصيات بروح بناءة‪،‬‬

‫وظهر من اللقاء يف نويهار دنربغ أن مسار احلوار يتطلب أن نتعلم أشياء كثرية ومتنوعة‪ ،‬مما‬

‫يتجاوز شعائر احلوار املتعارف عليها‪ ،‬سواء الدبلوماسية منها أو غريها وأمتىن أن ينجح املعهد يف أن‬

‫يطور هذا املنطلق إهلام الرفيع املستوى مبا يتخطى أفق هذه املراجعة‪ ،‬ليحوله إىل عمل مشرتك‪.‬‬

‫فليساهم التصور الكامن وراء منتدى املعهد ‪ IFA‬للحوار والتفاهم كأن خيفف من األزمات اليت‬

‫تنتاب التعايش بني الثقافات يف عاملنا هذا‪.‬‬

‫‪-‬هنا جيب توضيح أسلوب النص‪-‬أسلوب دبلوماسي (إقناعي) مصطلحات دبلوماسية‪.‬‬

‫‪-‬اقرتاح ترمجة أخرى للنص بأسلوب آخر مل تعطنا نفس أسلوب الرسالة اليت يتوخاه النص‬

‫والكتاب الذي يوضح العالقات بني الدول العربية الغربية خاصة احلوار الثقايف بني الغرب‬
‫والعامل اإلسالمي‪.‬‬

‫‪-‬وهذا ما يوضح جليا صعوبة ترمجة النص الدبلوماسي‬

‫‪225‬‬
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬

‫‪Note in the margin‬‬ ‫مالحظة على اهلامش‬ ‫‪200‬‬

‫‪Axis of evil‬‬ ‫حمور الشر‬ ‫‪20‬‬

‫‪Lame duck‬‬ ‫البطة العرجاء‬ ‫‪29‬‬

‫‪The policy of carrot and stick‬‬ ‫سياسة العصا واجلزرة‬ ‫‪32‬‬

‫‪The clash of civilizations‬‬ ‫اصطدام احلضارات‬ ‫‪17‬‬

‫‪Persona non grata‬‬ ‫شخص غري مرغوب به‬ ‫‪124‬‬

‫تعليق ‪:‬‬

‫كانت احلوارات مع املناطق اإلسالمية يف العامل جزءا ال يتجزأ من السياسة الثقافية والتعليمية‬

‫اخلارجية األملانية لسنوات عديدة‪ ،‬لديهم تفويض والتزام ملعهد العالقات اخلارجية ‪ ، IFA‬يف العقد‬

‫املاضي على وجه اخلصوص‪ ،‬كان له حوارات مع وسائل اإلعالم األملانية العربية ومؤمترات الصحافة‬

‫واخلرباء يف آسيا الوسطى ومعارضه يف الفن األملان قدمت مسامهة خاصة‪.‬‬

‫بعد‪ 11‬سبتمرب ‪ ،2001‬بدا من الضروري إعادة حتديد أسس هذا احلوار يف أكتوبر ‪، 2002‬‬

‫دعا معهد العلماء والكتاب والصحافيني وممثلي املنظمات غري احلكومية من العامل اإلسالمي وأملانيا‬

‫حلضور مؤمتر يف قصر نويهار دينبريدج‪.‬‬

‫‪226‬‬
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬

‫كخطوة أوىل‪ ،‬أوصى املؤمتر جمموعة من املثقفني من الدول اإلسالمية بصياغة نظرهم للمشاكل‬

‫اجلوهري للعالقات مع الغرب يف نوع من التقييم والنتيجة معروضة يف هذا الكتاب‪.‬‬

‫أعتقد أن بداية جديدة على قدم املساواة يف احلوار ممكنة فقط إذا كان الغرب مستعدا لتقييم‬

‫هذا املوقف والتفكري يف النقد واالقرتاحات باملعىن البناء‪.‬‬

‫كشف االجتماع الذي عقد يف نويهار دينبريدج أيضا أن عملية احلوار بني الثقافات ال تزال‬

‫تتطلب تعلمك أشياء متنوعة من التعلم تتجاوز طقوس احلوار الدبلوماسية وغريها من الطقوس اليت‬

‫أثبتت جدواها‪.‬‬

‫آمل أن تتمكن ‪ IFA‬من تطوير هذا النهج املثري والتحدي إىل ما هو أبعد من املخزون احلال‬

‫إىل أنشطة مشرتكة أخرى‪ .‬أمتىن أن يساهم منتدى معهد ‪ IFA‬للحوار والتفاهم يف ختفيف أزمات‬

‫التعايش بني الثقافات يف عاملنا‪.‬‬

‫(ترمجة ثانية للنص وهي بأسلوب بسيط وأظن أهنا ال توصل الرسالة واملعىن بشكل واضح مثل‬

‫الرتمجة األوىل)‪.‬‬
‫‪Geleitwort‬‬
‫‪Dialoge mit den islamisch geprgten Weltregionen sind seit Jahren fèster‬‬
‫‪Bestandteil der deutschen Auswrtigen Kultur- und Bildungspolitik. 51e sind‬‬
‫‪damit auch Auftrag und Verpflichtung fur das Institut fur Auslandsbeziehungen‬‬
‫‪(ifa); es hat besonders 1m zuruckIiegenden Jahrzehnt mit seinen deutsch-‬‬
‫‪arabischen‬‬ ‫‪Mediendialogen,‬‬ ‫‪mit‬‬ ‫‪.Journalisten-Experten-Konferenzen‬‬ ‫‪in‬‬
‫‪Zentralasien und auch mit seinen Ausstellungen deutscher Kunst einen‬‬
‫‪besondere,n Beitrag geleistet.‬‬

‫‪227‬‬
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬
Nach dem 11. September 2001 erschien es notig, die Grundiagen eines
solchen Dialogs neu zu bestimmen. So Iud das ifa 1m Oktober 2002
Wissenschaftler, Schriftsteller, Journalisten und Vertreter von Nicht-
Regierungsorganisationen aus dèr -islamischen Welt und aus Deutschland zu
einer Konferenz nach Schloss Neuhardenberg ein.
Als ersten schritt empfahl die konferenz geprgten Lndern zu beauftragen,
ihre Sicht der Kernprobleme der Beziehungen zum Westen in einer Art
Bestandsaufnahme zu formulieren. Das Ergebnis wird in diesem Buch
vorgelegt. Ich bin der Melnung, dass ein neuer Anfang auf gleicher Augenhôhe
1m Dialog nur môglich ist, wennder Westen bereit ist, eine soiche
Bestandsaufnahme zur Kenntnis zu nehmen und über die Kritik wie auch über
die Vorschlàge in einem konstruktiven Sinne nachzudenken.
Das Treffen in Neuhardenberg hat auch offenbart, dass der Prozess des
Dialogs zwischen den Kulturen noch vieIfItigen Lernens jenseits scheinbar
bewâhrter diplomatischer und anderer DiaIogRituaIe bedarf. lch hoffe, dass es
dem ifa gelingt, diesen spannenden und anspruchsvollen Ansatz über die
vorliegende Bestandsaufnahme hinaus in welteren gemeinsamen Aktivitaten
fortzuentwickeln. Moge die dem ifa-Forum Dialog und Verstdndigung zugrunde
liegende Dialogauffassung erfolgreich zu einem weniger krisenhaften
Zusammenleben der Kulturen unserer Welt beitragen!

"‫ المعنى العام والمعنى الخاص "الدبلوماسي‬:‫تعليق حول الترجمة‬-

‫ و‬، ‫ بالفقرة و تعرف أيضا بالرتمجة باملعىن وهي الطريقة املتداولة‬/‫بالوحدة‬/ ‫الرتمجة باجلملة‬-1

‫فيها ينقل معىن مجلة أو فقرة أو وحدة بصفة عامة من اللغة األصل إىل ما يكافئه يف اللغة اهلدف‬

.‫منها‬ ‫املنقول‬ ‫اللغة‬ ‫يف‬ ‫النحوية‬ ‫اجلملة‬ ‫لبنية‬ ‫حرفية‬ ‫مراعاة‬ ‫دومنا‬

228
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬

‫ومبا أن أسلوب املؤلف يعتمد على اإلقناع بالدليل فقد ضرب مثال مجيل يف عبارة وهي‪:‬‬

‫‪Er nahm kein Blatt vor dem Mund‬‬

‫ترمجها املؤلف حرفياً ‪ :‬مل يضع ورقة أمام الفم‬

‫وترمجها املؤلف معنوياً ‪ :‬لقد تكلم مبنتهى الصراحة‪.‬‬

‫‪ -2‬يربز من خالل مقارنة خصائص اللغة األملانية أن هناك اختالفا حنويا وبنيويا بني األملانية والعربية‬

‫جيب أن يأخذ بعني االعتبار يف الرتمجة ويبدو ذلك جليا يف عدد الضمائر األملانية وتقسيم األزمنة‬

‫النحوية وأنواع األفعال ‪.‬‬

‫وهلذا نؤكد على أمهية إجياد حلول ترمجية للظواهر النحوية و الرتكيبية اليت ال توجد يف اللغة العربية‬

‫واالبتعاد عن احلرفية يف الرتمجة ‪ ،‬وميكن أن نضرب مثاال باجلنس احملايد والكلمات املركبة من أكثر من‬

‫كلمتني واألفعال املنقسمة‪.‬‬

‫‪ -3‬تستعمل صيغة املبين للمجهول يف األملانية يف مجل ونصوص تكون فيها األحداث والوقائع أكثر‬

‫أمهية من الفاعل‪ ،‬وهلذا جند هذه الصيغة تتكرر كثريا يف نصوص ختصصية سواء أكانت تقنية أو‬

‫دبلوماسية أو علمية أو اقتصادية تشرح فيها ظواهر أو عمليات معينة ‪ ،‬أيضا يف النصوص اإلدارية و‬

‫القانونية جندها تستعمل من أجل سرد جمموعة من القواعد أو الشروط وغريها‪.‬‬

‫‪229‬‬
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬

‫توضيح السياق‪ :‬مالحظات عامة حول العالقة بين العالم اإلسالمي والغرب‬

‫‪ - 1‬لقد ركزت أغلب الندوات واملؤمترات والبحوث السياسية ‪ ،‬خالل العقود اخلمسة املاضية‬

‫أكثر ما ركزت ‪ ،‬على العداء بني الشرق والغرب والنزاع بني الشمال واجلنوب‪ ،‬ومع ذلك‪ ،‬بل وحىت‬

‫قبل احلادية عشر من سبتمرب ‪ ،2001‬نشأ تصور آخر حول التناقضات السياسية والثقافية‬

‫األساسية‪-‬وضع لعامل اإلسالمي مقابل للغرب‪ ،‬نعين به التصور "صدام احلضارات"‪ .‬إن خلفية هذا‬

‫النزاع‪ ،‬الذي يرتكز على معايري دينية وثقافية‪ ،‬ليست فقط معقدة‪ ،‬وإمنا تعب عن إشكاليته‪ .‬وتكمن‬

‫إحدى األسباب وراء ذلك يف استخدام املصطلحات امللتبسة‪.‬‬

‫جتدر اإلشارة‪ ،‬أوال وقبل كل شيء‪ ،‬إىل أن وضع العاملني اإلسالمي والعريب‪ ،‬بوصفه قطبني‬

‫متعارضني ومتناقضني‪ ،‬يطرح تفسريا ثنائيا للعالقة‪ ،‬يطمس الفوارق الدقيقة أو االستثناءات‪ ،‬بل‬

‫يتجاهل يف األساس التغاير الداخلي على اجلانبني‪ ،‬كما يهمل احلقيقة األساسية اليت تقول "إن‬

‫‪230‬‬
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬

‫الثقافات" واجملتمعات ليست كيانات ثابتة ودائمة‪ ،‬بلكنها يف حالة تغيري دائم‪ ،‬وعالوة على ذلك ‪،‬‬

‫ال يضع حسبانه ذلك املزيج كلي الوجود‪-‬أي التداخل الدائم واخلليط بني الثقافات‪.‬‬

‫‪ -‬ما هو الغرب؟ هل يفرتض انه عامل ال يسكنه سوى األوروبيني الذين ينتمون إىل الرتاث املسيحي‪،‬‬

‫مبا يتعارض مع اإلسالمي املختلف دينيا وعرقيا؟ مادامت بلدان الغرب هي موطن ماليني عديدة من‬

‫املهاجرين املسلمني من آسيا وإفريقيا‪-‬وميتلك الكثريون مهنهم حق اجلنسية‪-‬يفقد إذا هذا التقسيم‬

‫بريقه‪ .‬لقد استوعب منط احلياة الغربية كثريا من هؤالء املهاجرين وأصبحوا جزء منه‪ ،‬وعالوة على‬

‫تقاليدهم وفنوهنم وأنواع طعامهم تدرجييا من العناصر الثقافية يف احلياة اليومية بأوروبا والواليات‬

‫املتحدة‪ .‬وجيدر أيضا عدم نسيان العوامل اإلسالمية املؤثرة يف الثقافة الغربية خالل العصور السابقة يف‬

‫خمتلف اجملاالت‪.‬‬

‫فلم تكن جماالت مثل العلم والطب والفلسفة يف أوروبا لتصبح على ما هي عليه اآلن بدون‬

‫الدفعات العربية املساعدة عرب القرون‪ .‬بل وحىت الفلسفة اليونانية أحد رموز "الثقافة الغربية" –تلقته‬

‫أوروبا من خالل أعمال العلماء املسلمني‪ .‬ماذا ميثل الغرب بالنسبة لنا؟‬

‫هل ميثل املسيحية أم العلمانية أم اإلحلاد؟ هل يرمز إىل القوة أو الكفاءة االقتصادية؟ هل ميثله‬

‫التنوير أم حقوق اإلنسان‪ ،‬أو متثله الفاشية أو العنصرية أو احملرقة‪-‬أم يتمثل عرب ذلك؟ هل ميكن‬

‫تعريفه من خالل الفن والثقافة‪ ،‬أم من خالل االستهالك أو التكنولوجيا؟ إن الغرب ال يوجد ككيان‬

‫بل هو مفهوم ضبايب مليء بالتناقضات‪.‬‬

‫‪231‬‬
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬

‫وباملثل‪ ،‬ال ميكننا أن نتحدث عن جمتمع إسالمي نقي وواضح وخيلو من أي تأثري للثقافة‬

‫واحلضارة الغربيتني‪ .‬لقد أدت وسائل االتصال احلديثة إىل دخول التأثري الغريب حىت إىل اجملتمعات‬

‫اإلسالمية احملافظة مثل السعودية‪ .‬وينبغي أن ال ننسى أن العامل اإلسالمي غري متجانس وميوج‬

‫بالتناقضات الداخلية بنفس القدر مثل الغرب‪.‬‬

‫هل هناك خط واضح مييز العامل الغريب الصناعي عن البلدان اإلسالمية النامية؟ يف واقع األمر‪،‬‬

‫عندما جتري كثري من وسائل اإلعالم الدولية مقارنة بني الغرب وبني العامل اإلسالمي‪ ،‬فإن صورة العامل‬

‫اإلسالمي اليت تتبادر إىل الذهن عادة ما تكون صورة التخلف والتعصب الديين والقمع وغياب احلرية‬

‫وحقوق اإلنسان‪ ،‬وخاصة بالنسبة للمراءة‪ .‬وتزداد سلبية الصورة العامة مع إضافة االقرتان احلال بني‬

‫اإلسالم واإلرهاب‪ ،‬وينمو يف الغرب تصوير املسلمني كمهج‪ ،‬مما يسفر عن جتاهل لدور املهم الذي‬

‫لعبته حضارهتم يف تطور البشرية‪.‬‬

‫وعلى الرغم من أن هذا التجاهل الغريب قد يضم جوانب صحيحة أحيانا‪ ،‬فإنه يتحول إىل‬

‫تصورات منطية وحتيزات ضارة‪ .‬وهو األمر الذي يؤجج املشاعر العنصرية والعدائية حنو كل من ينتمون‬

‫إىل العامل اإلسالمي‪ ،‬دون متييز بني من يتعمدون تبين أسلوب لعنف وبني من يعانون من عواقبه على‬

‫ملستوى احمللي‪.‬‬

‫ال يوجد تعريف واضح للعامل اإلسالمي‪ .‬وتقود حماولة تعريفه إىل تعميمات ضبابية تتجاهل‬

‫التنوع والتناقضات والنزاعات الداخلية‪ .‬إن الدعوات الرامية إىل إنشاء "أمة إسالمية" مل تتجاوز جتمع‬

‫‪232‬‬
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬

‫البلدان اإلسالمية "منظمة املؤمتر اإلسالمي" وبالتال‪ ،‬ال ميكننا أن نزعم بوجود قوة مرتاصة تسمى‬

‫"العامل اإلسالمي" ميكن اعتبارها خطرا يتهدد الغرب الذي ميتلك قوة أكرب كثريا‪.‬‬

‫كما أن "العامل اإلسالمي" ال يشكل أيضا كيانا حمددا جغرافيا‪ ،‬وإمنا هو نوع من التكوين‬

‫الفضفاض يشبه التجمعات األخرى اليت جرى تأسيسها بني بلدان عدم االحنياز أو العامل الثالث‪.‬‬

‫وميكننا جدال بأن رابطة القومية أقوى وأكثر انتشارا يف العامل اإلسالمي من رابطة الدين‪.‬‬

‫وميكن التأكيد على هذه النقطة يف حالة بلدان مثل العراق وإيران‪ ،‬فهما بلدان إسالميان‪ ،‬لكن‬

‫كال منهما لديه مصاحلة الوطنية اخلاصة‪ ،‬بل قد دارت بينهما حرب دموية لفرتة طويلة ويتجلى مثال‬

‫آخر يف املوقف الذي اختذته إيران إىل جانب باكستان وهو بلد إسالمي أيضا‪.‬‬

‫ويوضح العديد من األمثلة أن الروابط السياسية واإليديولوجية ميكن أن تطغى على األرضية‬

‫الدينية املشرتكة‪.‬‬

‫وحقيقة أن العالقة بني العامل اإلسالمي والغرب تقع على جمرى تصادمي‪ ،‬كما يثبت ذلك‬

‫العنف واحلروب اليت شهدهتا السنتان األخريتان‪ .‬لكن املوقف السياسي واالقتصادي أكثر تعقيدا‪ ،‬إذ‬

‫جيري احلفاظ على العالقات التجارية املكثفة بني بلدان العامل اإلسالمي وأوروبا والواليات املتحدة‬

‫األمريكية‪ .‬بل وحىت البلدان اإلسالمية املعروفة مبوقفها احملافظ ومشروعيتها املأسسة على الدين‪ ،‬مثل‬

‫السعودية‪ ،‬ال يوجد لديها أي مشكلة يف استثمار أمواهلا يف الغرب والتعاون مع البلدان الغربية‪ ،‬بل‬

‫وحىت دعوة جنود الواليات املتحدة األمريكية إىل أراضيها‪ ،‬وهو األمر الذي يشري إىل أن العالقات‬

‫الغربية‪-‬اإلسالمية ال تقوم يف األساس على الدين أو اإليديولوجيا‪ ،‬وإمنا تدفعها املصاحل الذاتية‪.‬‬

‫‪233‬‬
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬

Europäisch-islamischer Kulturdialog
Der Westen und die Islamische Welt
Kapitel Eins
Den Kontext klären
Allgemeine Bemerkungen über die Beziehungen zwischen der
muslimischen Welt und dem Westen
1 In den vergangenen fünf Jahrzehnten haben sich Seminare, Konferenzen
und die politikwissenschaftliche Forschung in der Regel mit dem Ost-West-oder
dem Nord-Süd-Konflikt befasst. Aber noch vor dem 11 September 2001 bildete
sich eine andere Wahrnehmung grundlegender politischer und kultureller
Widersprüche heraus: Die muslimische Welt wurde dem Westen
gegenübergestellt, ein »clash of civilizations» postuliert. Der Hintergrund dieses
Konflikts, der auf religiösen und kulturellen Kriterien beruht, ist nicht nur
kompliziert, sondern auch problematisch. Einer der Gründe dafür ist der
Gebrauch einer mehrdeutigen Terminologie.
Zuallererst: Die Beschreibung der muslimischen und der westlichen Welt
als zwei einander gegenüberstehender und widersprechender Pole erzeugt eine

234
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬
dualistische Interpretation der Beziehung, die viele Facetten oder Ausnahmen
außer Acht lässt. 1m Grunde ignoriert sie die innere Heterogenität auf beiden
Seiten. Sie missachtet aber auch die grundlegende Tatsache, dass »Kulturen«
und Gesellschaften keine festen, dauerhaften Gebilde sind, sondern sich in
einem Zustand permanenter Veränderung befinden. Auch berücksichtigt diese
Beschreibung nicht die allgegenwärtige Vermischung, die ständigen
Überschneidungen und Gemengelagen zwischen den Kulturen.
Was ist der Westen? Handelt es sich um eine Welt, in der nur reine
Europäer in der gemeinsamen christlichen Tradition leben, im Gegensatz zu
einer ethnisch und religiös anderen muslimischen Welt? Da die westlichen
Länder die Heimat von Millionen von muslimischen Migranten aus Asien und
Afrika sind - viele von ihnen besitzen eine europäische Staatsbürgerschaft -
verliert die Aufteilung ihre Trennschärfe. Viele dieser Einwanderer haben sich
die westliche Lebensart angeeignet, sich assimiliert und sind ein Teil von ihr
geworden. Zudem haben die muslimischen Migranten die westlichen
Gesellschaften beeinflusst. ihre Traditionen, ihre Kunst und ihre Küche wurden
allmählich zu kulturellen Elementen im Alltag in Europa und in den Vereinigten
Staaten. Wir sollten auch nicht die Einflüsse der islamischen Zivilisation auf die
westliche Kultur in früheren Jahrhunderten vergessen: Naturwissenschaften,
Medizin und Philosophie in Europa wären nicht auf ihrem heutigen Stand ohne
die arabischen Anregungen im Laufe der Jahrhunderte. Sogar die antike
Philosophie, ein Symbol der »Westlichen Kultur » , wurde in Europa nur über
die Werke muslimischer Gelehrter aufgenommen. Was ist der Westen für uns?
Ist es das Christentum? lst es Säkularisierung oder Atheismus? ist es ein Symbol
der Macht oder der ökonomischen Effizienz? Steht der Westen für die
Aufklärung und die Menschenrechte, für Faschismus, Rassismus und den
Holocaust - oder für all das zusammen? Definieren wir den Westen über seine
Kunst und Kultur, sein Konsumdenken oder seine Technologie? Als homogene

235
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬
Einheit existiert der Westen nicht; er ist eine vage Vorstellung voller
Widersprüche.
Aus demselben Grund können wir nicht von einer reinen, klar definierten
muslimischen Gemeinschaft sprechen, die von der westlichen Zivilisation und
Kultur nicht beeinflusst wäre. Die modernen Kommunikationsmittel haben
westliche Einflüsse sogar bis in solch konservative muslimische Gesellschaften
wie Saudi Arabien hineingetragen. Und wir sollten auch nicht vergessen, dass
die muslimische Welt in sich genauso heterogen und von inneren
Widersprüchen gekennzeichnet ist wie der Westen.
Gibt es eine eindeutige Trennungslinie, die zwischen der industrialisierten
westlichen Welt und den sich entwickelnden muslimischen Ländern gezogen
werden kann? Wenn die Medien den Westen der muslimischen Welt
gegenüberstellen, dann sind die Bilder häufig von Rückständigkeit, von
religiösem Fanatismus, Unterdrückung, fehlenden Freiheiten und dem Mangel
an Menschenrechten, vor allem für Frauen, geprägt. Das öffentliche Bild wird
sogar noch negativer, wenn die gängige Assoziation zwischen Islam und
Terrorismus hinzugefügt wird. 1m Westen werden die Muslime zunehmend als
Barbaren gezeichnet, wobei die wichtige Rolle, die ihre Zivilisation für die
Entwicklung der Menschheit gespielt hat, ignoriert wird.
Auch wenn diese westliche Wahrnehmung in bestimmter Hinsicht. einen
Kern von Wahrheit beinhalten mag, so bleibt sie dennoch eine ungerechte
Verallgemeinerung. Wenn sie tagtäglich von den Medien und konservativen
politischen Führern und intellektuellen verbreitet wird, dann mutiert sie zu
Stereotypen und Vorurteilen. Rassismus und Feindseligkeit gegen all diejenigen,
die der muslimischen Welt angehören, werden geschürt, ohne dass
unterschieden würde zwischen solchen, die bewusst gewalttätige Haltungen
einnehmen, und jenen, die vor Ort unter den Folgen zu leiden haben.
Es gibt keine klar definierte muslimische Welt. Der Versuch, sie zu
definieren, fϋhrt zu vagen Verallgemeinerungen und vernachIässigt die

236
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬
Unterschiede, Widersprϋche und inneren Konflikte. Der Ruf zur
Wiedererrichtung der islamischen »Umma», wie sie einmal war, hat lediglich
die »Konferenz lslamischer Staaten» hervorgebracht. lnsofern können wir nicht
von der Existenz einer monolithischen Kraft namens »muslimische Welt»
ausgehen, die man als Bedrohung fϋr den viel stärkeren Westen betrachten
könnte.
Die muslimische Welt ist auch keine geographisch definierbare Einheit.
Vielmehr handelt es sich um eine lose Gruppierung wie andere auch, die sich
innerhalb der blockfreien Länder oder aus der Dritten Welt herausgebildet
haben. Wir würden sogar behaupten, dass das Band des Nationalismus in der
muslimischen Welt stärker und weiter verbreitet ist als das der Religion.
Gerade dieser Gesichtspunkt muss in Bezug auf Länder wie Irak und den
Iran betont werden. Beide sind muslimische Länder, haben aber ihre eigenen
nationalen Interessen, die sie durch einen langen, blutigen Krieg durchzusetzen
versuchten. Ein weiteres Beispiel: Iran hat sich im Kaschmirkonflikt auf die
Seite Indiens geschlagen, statt das muslimische Pakistan zu unterstützten. Es
gibt viele Beispiele, die zeigen, dass politische Bindungen und Ideologien sich
über religiöse Gemeinsamkeiten hinwegsetzen.
Es ist wahr - die Beziehung zwischen den Muslimen und dem Westen
scheint auf Kollisionskurs zu sein, wie die Gewalt und die Kriege der Letzten
zwei Jahre belegen. Aber die tatsächlichen politischen und ökonomischen
Beziehungen sind viel komplexer. Zwischen verschiedenen Ländern der
muslimischen Welt und Europa und den Vereinigten Staaten besteht ein
intensiver Handelsaustausch. Sogar sehr konservative muslimische Länder wie
Saudi Arabien haben keine Vorbehalte, ihr Geld im Westen zu investieren, mit
westlichen Ländern zu kooperieren und sogar US-Soldaten bei sich
aufzunehmen. Das zeigt, dass die westlich-muslimischen Beziehungen nicht
zuallererst durch Religion oder Ideologie bestimmt werden, sondern durch die
Eigeninteressen

237
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬

‫تعليــق‬
‫‪ - 2‬المواجهة الراهنة ‪:‬‬
‫إن العداء الغريب الظاهر جتاه البلدان اإلسالمية ال يرجع إىل توجهاهتا الدينية ‪ ،‬وجند أن أسباب‬

‫رفض دخول تركيا إىل االحتاد األورويب هي أسباب اقتصادية‪ ،‬مبا يف ذلك مشكلة اهلجرة وعدم اتساق‬

‫القوانني مع املعايري الدميقراطية ألوروبا‪ .‬وال ميثل دين تركيا‪ ،‬أي اإلسالم‪ ،‬سوى عامل شديد احملدودية‬

‫يف هذا املقام‪ ،‬وحىت الواليات املتحدة األمريكية اليت يبدو اآلن موقفها عدائيا إىل حد ما اجتاه‬

‫املسلمني‪ ،‬تقوم يف واقع األمر بتعديل سياستها اجتاه األمم واجملموعات العرقية واألديان األخرى مبا‬

‫يتفق مع مصاحلها االسرتاتيجية‪ .‬فقد تدخلت الواليات املتحدة األمريكية‪ ،‬على سبيل املثال‪ ،‬تدخال‬

‫عسكريا لصاحل مسلمي البوسنة ضد الصرب املسيحيني‪ ،‬وعندما أعلنت احلرب ضد أفغانستان‪ ،‬مل‬

‫يكن ذلك بسبب االسالم أو املسلمني وإمنا ألسباب جغرافية‪-‬سياسية‪ ،‬وباسم حماربة االرهاب‪.‬‬

‫كما ساندت الواليات املتحدة يف السابق "اجملاهدين" األفغان وحرب "اجلهاد" اليت قادوها‬
‫ضد االحتاد السوفيايت‪ ،‬وال يُعد العراق استثناء‪ ،‬ذلك أن الواليات املتحدة هددت العراق أكثر من مرة‬
‫وقامت بغزوه مؤخرا على الرغم من أن العراق دولة علمانية‪ ،‬ومل يكن ذلك بسبب وجود أغلبية‬
‫مسلمة ف العراق وإمنا ألسباب سياسية‪.‬‬
‫لقد نشأت أحدى عناصر النزاع بني العاملني اإلسالمي والغريب من ثنائية الذهنيات بني‬

‫املتعصبني واملتنورين على اجلانبني‪ ،‬إن الصراع الذي خيوضه التعصب والتفتح ال يقتصر على العامل‬

‫اإلسالمي‪ ،‬بل يوجد يف أغلب األديان‪ .‬وجند أن عدم التسامح الذي متثله احلركات االسالمية‬

‫األصولية يتوازى مع تعصب مماثل لدى الكنائس األصولية يف الواليات املتحدة األمريكية أو املتطرفني‬

‫‪238‬‬
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬

‫ وميكننا أن نشهد اليوم كيف تؤثر املواقف الدينية الدوغمائية على‬.‫اليهود داخل إسرائيل وخارجها‬

‫ كما نالحظ أيضا كيف تؤد هذه املواقف إىل تأجيج هذه الكراهية بني األديان‬.‫العالقات الدولية‬

‫ ويصعب كبح مجاح هذه‬.‫والناس داخل األمة الواحدة وعلى الصعيد العاملي بني شعوب العامل‬

‫ حيث جيري النظر إىل اآلخر‬،‫املشاعر احلاقدة ما دامت تضم شكال من أشكال الرفض املطلق لآلخر‬

‫ إهنا مشكلة خطرية توجد يف اجملتمعات اإلسالمية والغربية على‬،‫بوصفه عدوا ينبغي القضاء عليه‬

. ‫السواء‬

2 - Die jetzige Konfrontation


Die offensichtliche westliche Feindseligkeit gegenüber den muslimischen
Ländern ist nicht Ergebnis ihrer religiösen Orientierung. Die Gründe zur
Ablehnung eines Beitritts der Türkei zur EU sind vor allem wirtschaftlicher Art.
Sie haben auch mit der Migrationsproblematik zu tun. Zudem erfüllen die
nationalen Gesetze der Türkei noch nicht die demokratischen Kriterien Europas.
Nur in geringem Maße ist die Religion der Türkei, der Islam, ein Faktor. Sogar
die Vereinigten Staaten, die heutzutage den Muslimen ziemlich feindlich
gesonnen sind, richten ihre Politik gegenüber anderen Nationen, ethnischen
Gruppen und Religionen vor allem nach ihren strategischen Interessen, nicht
nach religiöser Zugehörigkeit aus. So haben die USA etwa zugunsten der
muslimischen Bosnier gegen die christlichen Serben interveniert. Die Ursachen
für den Angriff der USA auf Afghanistan waren weder der Islam noch die
Muslime, sondern sie waren geopolitischer Natur, und der Einsatz erfolgte im
Namen des Kampfes gegen den Terrorismus. Früher hatten die USA sogar die
islamischen »Mujaheddin» und ihren Djihad gegen die Sowjetunion unterstützt.
Irak bildet hier keine Ausnahme, denn die USA haben das Land wiederholt

239
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬
bedroht und sind sogar dort einmarschiert, obwohl es ein säkularer Staat ist -
also nicht wegen der muslimischen Bevölkerung, sondern aus politischen
Gründen.
Ein Element des Konflikts zwischen der muslimischen und der westlichen
Welt entspringt einer Dichotomie in der Denkweise zwischen Fanatikern und
Aufklärern auf beiden Seiten. Dieser Konflikt zwischen Offenheit und
Intoleranz ist nicht auf die muslimische Welt beschränkt. Er existiert in fast
allen Religionen. Die Intoleranz, die die islamistischen, fundamentalistischen
Bewegungen vertreten, ist durchaus vergleichbar mit einem ganz ähnlichen
Fanatismus unter den fundamentalistischen Kirchen in den Vereinigten Staaten
oder bei jüdischen Extremisten innerhalb und außerhalb Israels. Wir können
zurzeit beobachten, wie dogmatische religiöse Positionen die internationalen
Beziehungen beeinflussen. Wir sehen auch, dass sie Hass unter den Religionen
und in der Bevölkerung innerhalb von Nationen säen sowie auf globaler Ebene
unter den Völkern in der ganzen Welt. Solche bösartigen Gefühle sind nicht
leicht einzudämmen, da sie eine Form absoluter Ablehnung des Anderen
beinhalten, der als Feind betrachtet wird und den es gilt auszurotten. Dies stellt
ein gravierendes Problem sowohl für die muslimischen als auch für die
westlichen Gemeinschaften dar.

‫تعليـق‬

:‫ القضايا الدالة‬- 3

‫ترتبط العالقات بني العامل اإلسالمي والعرب ارتباطا جوهريا بالقضايا السياسية الدالة اليت تضم‬

: ‫يف األساس ما يلي‬

.‫*القضية الفلسطينية واملواقف اليت يتخذها الغرب جتاه الصراع العريب اإلسرائيلي‬

.‫ احلرب واحتالل العراق من جانب قوات الواليات املتحدة وبريطانيا‬،‫*القضية العراقية‬

240
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬

‫*السيناريوهات اخلطرية احملتملة اليت يناقشها عالنية املسؤولون يف الواليا املتحدة وتضم اخلطط‬

‫الرامية إىل إحداث مزيد من التغريات اجلذرية يف املنطقة‪ ،‬مبا يف ذلك التهديدات املوجهة ضد سوريا‬

‫وإيران ‪.‬‬

‫*مشكالت أخرى تؤثر يف املناطق اإلسالمية مثل ‪ :‬الصراع الداخلي من أجل اإلصالح يف‬

‫إيران‪ ،‬وضع البلقان (قضية كوسوفا والنزاع األلبان املقدون)‪ ،‬الشيشان‪ ،‬كشمري‪ ،‬أفغانستان‪ ،‬وضع‬

‫املسلمني يف الصني وأخريا احملاوالت اليت قامت هبا تركيا والدول االسالمية يف البلقان لالنضمام إىل‬

‫االحتاد األورويب‪.‬‬

‫ومن أجل فهم العالقات االسالمية‪-‬الغربية بصورة واقعية‪ ،‬من الضروري االشارة إىل اخلالفات‬

‫القائمة بني خمتلف القوى الغربية‪ .‬علينا أن نفرق بني الواليات املتحدة وبلدان االحتاد األورويب‪،‬‬

‫واإلقرار باالختالفات القائمة داخل أوروبا‪ ،‬فهناك من يؤكد ارتباطه القوي بسياسات الواليات‬

‫املتحدة ويتبع قيادهتا يف العراق‪ ،‬وهناك من يوصفون بأهنم "أوروبا القدمية" وال يرغبون يف اتباع‬

‫اسرتاتيجية واشنطن‪ .‬فالسياسات اخلارجية اليت أعلنتها فرنسا وأملانيا وبلجيكا كانت تعارض احلرب‬

‫اليت تقودها الواليات املتحدة األمريكية ضد العراق مع اصرار تلك البلدان على دور الواليات املتحدة‬

‫احلاسم‪ ،‬لقد تعارضت هذه السياسات مع املواقف املتطرفة اليت أرادت الواليات املتحدة من أوروبا‬

‫اتباعها‪ ،‬فالصراع السياسي الرئيسي فيما يتعلق بالعراق مل يكن بني البلدان االسالمية والغرب‪ ،‬وإمنا‬

‫كان بني البلدان الغربية نفسها ‪.‬‬

‫‪241‬‬
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬

‫ ويرى‬،‫إن التوازن الدول بني خمتلف القوى والكتل مضطرب منذ اهنيار االحتاد السوفيايت‬

‫ ينبغي أن حتاول أوروبا استعادة‬،‫الكثريون يف العال م اإلسالمي (ويف العامل الغريب أيضا) أن جانبها‬

‫ هناك حاجة إىل الثقة من أجل اختاذ قرارات سياسية بناءة يف اجملاالت‬،‫نوع ما من التوازن الدول‬

‫ قرارات تتجاوز جمرد مقاومة هيمنة الواليات‬،‫الغربية‬-‫األساسية اليت تؤثر على العالقات االسالمية‬

.‫املتحدة‬

3 - Wichtige Fragen
Die Beziehungen zwischen der muslimischen Weit und dem Westen
korrelieren heute grundlegend mit bedeutsamen politischen Fragen, die primär
Folgendes umfassen:
Die Palästinafrage und die Haltung des Westens im arabisch-israelischen
Konflikt;
Die irakfrage - der Krieg und die Besetzung Iraks durch amerikanische und
britische Truppen;
• Die potentiell gefährlichen Szenarien, die in den USA öffentlich diskutiert
werden und Plane für weitere radikale Veränderungen in der Region enthalten,
einschließlich Drohungen gegen Syrien und den Iran;
• Weitere Probleme, die muslimische Regionen betreffen: der innere
Kampf um Reformen im Iran, die Situation auf dem Balkan (die Kosovofrage
und der mazedonisch- albanische Konflikt), Tschetschenien, Kaschmir,
Afghanistan, die Lage der Muslime in China, und schließlich die Bemühungen

242
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬
der Türkei und der muslimischen Staaten auf dem Balkan, Mitglieder der EU zu
werden.
Um die muslimisch-westlichen Beziehungen realistisch beurteilen zu
können, ist es unabdingbar, die Unterschiede zwischen den verschiedenen
westlichen Mächten zu beachten. Wir müssen zwischen den USA und den
Ländern der EU differenzieren und die Unterschiede innerhalb Europas
anerkennen, so z.B. zwischen denen, die ihre engen Bindungen zu den USA
betonen und den USA in ihrer Position gegenüber Irak folgen, und den Ländern,
die als »das alte Europa» bezeichnet wurden und die gezögert haben, die
Strategie Washingtons zu unterstützen. Die erklärte Außenpolitik Frankreichs,
Deutschlands und Belgiens War gegen den Krieg der USA in Irak und bestand
auf einer entscheidenden Rolle der Vereinten Nationen. Diese Politik geriet in
Konflikt mit den extremen Positionen, die die USA von Europa verlangten. Der
Hauptkonflikt in der Politik gegenüber Irak verlief nicht zwischen den
muslimischen Ländern und dem Westen, sondern vielmehr zwischen den
westlichen Ländern.
Das internationale Gleichgewicht zwischen den verschiedenen Mächten
und Machtblöcken ist durch den Zusammenbruch der Sowjetunion gestört
worden. Viele in der islamischen Welt (aber auch in der westlichen Welt)
betrachten die Politik dieser US-Administration als unilateral, provozierend,
widersprüchlich und ungerecht. Europa sollte seinerseits versuchen, eine Art
internationales Gleichgewicht wiederherzustellen. Benötigt wird das Vertrauen,
um konstruktive Entscheidungen in den Schlüsselbereichen, die die westlich-
muslimischen Beziehungen beeinflussen, tatsächlich zu treffen. Dies wäre mehr
als sich lediglich gegen die Vorherrschaft der USA zu wehre n.

‫تعليـ ـ ـ ـ ــق‬

: ‫ كيف يمكن اختراق الحلقة المفرغة‬- 4

243
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬

‫يبدو أننا قد دخلنا يف حلقة مفرغة من العنف املتبادل‪ ،‬وال ميكننا اخرتاقها إال إذا حدث تغيري‬

‫أساسي يف السياسة اخلارجية الغربية‪ ،‬توجد ضرورة ملحة إىل بذل حماوالت جادة من أجل إحياء‬

‫القانون الدول الذي تعرض للخرق واالنتهاك الشديد من جانب الواليات املتحدة قبل حرب العراق‬

‫وخالهلا‪ ،‬وينبغي أن ميثل القانون الدول املبدأ املفتاح املنظم للعالقات بني الدول‪ ،‬وأن يرتكز تغيري‬

‫السياسة هذا على إحياء دور هيئة األمم املتحدة ووكاالهتا‪.‬‬

‫وميكن أن توفر هذه التعبريات نقطة انطالق لإلصالح يف الشرق األوسط والبلدان االسالمية‬

‫بشكل عام‪ ،‬وهو األمر الذي جيب أن يساعد على املدى البعيد‪ ،‬على تطوير ثقافة نبذ العنف‪ ،‬وعلى‬

‫الرغم من أن مثل هذا التحول قد يكون بطيئا عسريا يف حتقيقه‪ ،‬فهو ميثل حتوال جوهريا‪ ،‬ومع ذلك‬

‫يعتمد جناح هذا التحول على وقف التوترات يف املنطقة أوال من خالل تقليص القمع الداخلي‪.‬‬

‫فهناك ضرورة ملنح مزيد من الدميقراطية واحلرية لتلك الشعوب اليت عانت طويال من القمع واإلمهال‬

‫ألسباب داخلية‪ ،‬فضال عن ضرورة توسيع فضاء التعاون بني الثقافات‪.‬‬

‫وعلى الصعيد السياسي‪ ،‬ينبغي أن تضطلع املنظمات واملؤسسات املدنية بدور أكرب وجيدر أن‬

‫تعمل هذه اهليئات كرقيب على السلطات احلاكمة وقراراهتا السياسية‪ .‬كما ميكنها أيضا املساعدة‬

‫على تعضيد جهود جيل الشباب من أجل تطوير جمتمعاته سياسيا واقتصاديا‪ ،‬مما يؤدي بالتال إىل‬

‫تقليص مشكالته‪ ،‬إن تقوية مشاركة ومسؤولية املواطنني واجملتمع املدن ميكن أن متأل أيضا الفراغ‬

‫األيديولوجي الذي نشأ بعد سقوط أو نزع شرعية النظم السياسية التقليدية اليت قادت إىل صعود‬

‫التعصب‪.‬‬

‫‪244‬‬
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬

‫وعالوة على ذلك‪ ،‬ينبغي أن يكافح املثقفون والصحفيون واملدرسون وصناع القرار‪ ،‬سواء يف‬

‫العرب أو يف البلدان االسالمية‪ ،‬من أجل تقوية الفهم والشعور بالرتاث البشري املشرتك‪ .‬وبإمكاهنم‬

‫املساعدة على نشر وتعميق القيم املشرتكة حول التسامح وقبول االختالف واحرتام خصوصية كل‬

‫حضارة وكل دين وثقافة‪.‬‬

‫عليهم أيضا أن يثمنوا احلاجة اىل احلوار والتعبري احلر‪ ،‬وذلك من خالل عقد لقاءات للشباب‬

‫واملثقفني‪ ،‬وإنشاء مراكز حوار مؤسس للتخلص من التحيزات والتصورات النمطية لدى املتطرفني‪.‬‬

‫ينبغي أن نعي أن جتارب احلادي عشر من سبتمرب ‪ 2001‬واحلروب ضد أفغانستان والعراق قد‬

‫أدت إىل زيادة التوتر بني العاملني االسالمي والغريب‪ .‬إن تقوية الفهم املتبادل قد أصبح أكثر صعوبة‪،‬‬

‫ويبدو أن قد أضحى سبيال مقبوال على نطاق واسع للتعامل مع بعضنا البعض‪ .‬ومن الناحية األخرى‪،‬‬

‫جند أن هذه األحداث الكارثية قد حفزت أيضا على إعادة تقييم عالقتنا مع بعض قطاعات‬

‫جمتمعاتنا املختلفة‪.‬‬

‫لقد بدأنا اليوم نشهد انفتاحا يف سلوكيات االنغالق والرجعية يف العامل االسالمي اجتاه األديان‬

‫واحلضارات األخرى‪ .‬وجتدر االشارة يف هذا الصدد إىل العديد من التصرحيات واملطبوعات اليت‬

‫يصدرها رجال الدين‪ .‬كما أن املؤمترات تقود يف هناية املطاف إىل فهم أفضل‪ .‬ونذكر يف هذا السياق‬

‫االجتاه املشجع الذي ميثله موقف البابا املتميز اجتاه احلرب ضد العراق‪ .‬فضال عن ردود األفعال‬

‫اإلجيابية اليت حصل عليها يف العامل العريب ‪.‬‬

‫‪245‬‬
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬

‫ يف‬2001 ‫إننا نأمل أن تتمثل إحدى النتائج اجلانبية احلسنة ألحداث احلادي عشر سبتمرب‬

‫ إىل‬،‫ قد أدت إىل إعادة التفكري واملراجعة يف قيمنا ومفاهيمنا‬،‫ نظرا لطبيعتها الصادمة االنفعالية‬، ‫أهنا‬

‫التحقق من الدور الذي تلعبه يف امليدان السياسي وهو األمر الذي من شأنه إحياء دور الثقافة‬

‫بوصفها عامال ذا داللة يؤثر على الساسة الدولية بعد أن ظلت متباطئة يف سريا خلف االقتصاد‬

.‫واالسرتاتيجية لفرتة طويلة‬

‫إننا نشهد اليوم يف عديد من البالن تشكل حركات شبابية تتابع باهتمام شديد ما حيدث يف‬

،‫ وحتاول هذه احلركات باطراد تشكيل رأي عام دول هبدف التأثري يف قرارات السياسية الدولية‬،‫العامل‬

.‫ونأمل أن نشهد جناح هذا اجليل اجلديد يف حتقيق احلوار والفهم املتبادل بني احلضارات يف املستقبل‬
4 -Wie kann man den Teufelskreis durchbrechen?
Wir scheinen in einen Teufelskreis aus gegenseitiger Gewalt geraten zu
sein, der nur durch eine grundlegende Änderung der westlichen Außenpolitik
durchbrochen werden kann. Dazu brauchen wir dringend ernsthafte Versuche,
das Völkerrecht wieder zu stärken, das von den USA vor und während des
Irakkrieges missachtet und ernsthaft beschädigt. worden ist. Es muss wieder
zum leitenden Grundprinzip in den zwischenstaatlichen Beziehungen werden.
Ein solcher Politikwechsel sollte auf einer Wiederbelebung der Rolle der
Vereinten Nationen und ihrer Unterorganisationen beruhen.
Diese Änderungen in der internationalen Politik könnten Reformen im
Nahen Osten und in den muslimischen Ländern allgemein möglich machen und
auf lange Sicht eine Kultur der Gewaltlosigkeit entwickeln helfen. Ein solcher
Wandel wird sicher Zeit benötigen und schwer durchzusetzen sein, er würde
jedoch eine dringend notwendige, grundlegende Wende darstellen. Der Erfolg
einer solchen Transformation hängt von einer Reduzierung der Spannungen in

246
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬
der Region ab, die durch die Verminderung der Unterdrückung in den dortigen
Ländern erreicht werden kann. Mehr Demokratie und Freiheit sind für die
dortigen Völker nötig, die seit langem an Unterdrückung und Missachtung ihrer
Interessen leiden. Das ist aus innenpoiitischen Gründen notwendig und würde
zugleich den Raum für interkulturelle Kooperation erweitern.
Auf der politischen Ebene sollte den Organisationen und Institutionen der
Zivilgesellschaft eine größere Solche eingeräumt werden. Solche Institutionen
könnten als moralische Kontrollinstanz über die Herrschenden und ihre
politischen Entscheidungen dienen. Sie könnten die Bemühungen der jüngeren
Generationen stärken, ihre Gemeinschaften politisch und sozial zu entwickeln.
Die Stärkung der zivilgesellschaftlichen Beteiligung und Verantwortung
könnten das ideologische Vakuum füllen, das nach dem Sturz der traditionellen
politischen Systeme oder deren Verlust an Legitimation eingetreten ist und zur
Entstehung des Fanatismus geführt hat.
intellektuelle, Journalisten, Lehrer und Entscheidungsträger im Westen wie
in den muslimischen Ländern sollten sich verstärkt bemühen, das Verständnis
und Gefühl für ein gemeinsames menschliches Erbe zu stärken. Sie könnten
helfen, die gemeinsamen Werte wie Toleranz, Anerkennung der Differenzen
und Respekt für das Spezifische in jeder Zivilisation, Kultur und Religion zu
verbreiten und zu vertiefen. Sie sollten auch die Notwendigkeit des Dialogs und
der Meinungsfreiheit betonen, indem sie Begegnungen junger Leute und
intellektueller organisieren und die Schaffung von Dialogzentren anstreben, um
die beiderseitigen Vorurteile und Stereotypen zu beseitigen.
Wir sollten uns bewusst sein, dass die Ereignisse vom 11. September 2001
und die Kriege gegen Afghanistan und Irak die Spannungen zwischen der
muslimischen Weit und dem Westen erhöht haben. Die Stärkung des
gegenseitigen Verstehens ist schwieriger geworden. Gewalt als Mittel des
Umgangs miteinander scheint auf breitere Zustimmung zu stoßen. Andererseits

247
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬
haben diese katastrophalen Geschehnisse eine Neubewertung unserer Beziehung
in einigen Teilen unserer Gemeinschaften in Gang gesetzt.
Wir dürfen hoffen, dass ein positiver Nebeneffekt des 11. September 2001
darin besteht, dass er - gerade wegen seines erschreckenden und
hochemotionalen Charakters - zu einer Revision unserer Werte und
Vorstellungen und einer Neubestimmung ihrer Rolle im politischen Raum
führen wird. Das könnte zu einer Erneuerung der Rolle der Kultur als
signifikantem Faktor in der Beeinflussung der internationalen Politik führen,
nachdem sie lange genug im Vergleich zur Wirtschaft und strategischen Fragen
benachteiligt wurde.
In mehreren Ländern sind wir heute Zeuge einer Entstehung von
Jugendbewegungen, die ein starkes Interesse für das hegen, was in der Welt
passiert. Solche Bewegungen zeigen ein starkes Bestreben, die internationale
öffentliche Meinung zu beeinflussen, um politische Entscheidungen auf globaler
Ebene mitbestimmen zu können. Wir hoffen, dass diese junge Generation den
Dialog und das gegenseitige Verständnis zwischen den Zivilisationen in Zukunft
erfolgreich führen wird.

‫تعليـ ــق عام‬

‫ميكننا أن نسجل جمموعة من املالحظات يف هذا التعليق‬

‫ والصواب‬." ‫ " احتدام واشتداد القتال‬:‫ كالقول‬.‫ إضافة أكثر من مضاف إىل مضاف إليه واحد‬:‫أوال‬

‫ وإضافة‬،‫ وهذا يعين إضافة مضاف واحد إىل املضاف إليه‬،" ‫ " احتدام القتال واشتداده‬:‫يف ذلك‬

.‫املضاف اآلخر إىل ضمري يعود على املضاف إليه األول‬

248
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬

‫ثانيا‪ :‬تأخري الفاعل وتقدمي ضمريه عليه‪ .‬كالقول‪ " :‬يف تصريح له عن األحوال األمنية يف اخلليج‪ ،‬قال‬

‫وزير الدفاع األمريكي ‪ ." ...‬والصواب يف مثل هذه احلالة أن يقال‪ " :‬قال وزير الدفاع األمريكي يف‬

‫تصريح له عن األحوال األمنية يف اخلليج إن ‪." ...‬‬

‫ثالثا‪ :‬مجع عدد من األمساء املعطوفة يف مجلة واحدة‪ ،‬وذلك دون أن يتبع كال منها حبرف العطف " و‬

‫"‪ ،‬كالقول‪ " :‬ذهب أمحد إىل املكتبة واشرتى كتبا‪ ،‬أقالما‪ ،‬صورا‪ ،‬دفاتر "! وهذا أسلوب ال يصح‬

‫األخذ به يف العربية ملا يف من فجاجة وعجمة‪ ،‬حىت ولو أخذت به لغة أخرى كاألملانية‪ .‬إذن‬

‫فالصواب يف املثال السابق أن نقول‪ " :‬ذهب أمحد إىل املكتبة واشرتى كتبا وأقالما وصورا ودفاتر"‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬التخفف من استعمال املفعول املطلق يف الرتمجة‪ ،‬ليحل حمل كلمات أو عبارات أخرى مرتمجة‪،‬‬

‫مثل‪ " :‬بصورة – بشكل – لدرجة – على حنو "‪ ،‬كالقول‪ " :‬مشيت بصورة جيدة "‪ ،‬و"سار بشكل‬

‫حسن "‪ ،‬و " إن قامته طويلة لدرجة أهنا تسد الباب "‪ ،‬و" ظهر على حنو واضح "‪ .‬وهذه كلها‬

‫استعماالت بعيدة عن العربية‪ ،‬واألصح منها أن يقال‪ " :‬مشيت مشيا جيدا "‪ ،‬و" سار سريا حسنا‬

‫"‪ ،‬و " إن قامته طويلة طوال يسد الباب "‪ ،‬و " ظهر ظهورا واضحا "‪ .‬أي استعمال املفعول املطلق‬

‫للداللة على احلاالت اليت ذُكرت‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬تصبح الرتمجة يف مقدمة األسباب اليت تعمل على إشاعة أخطاء إذا قام هبا من يرتجم ترمجة‬

‫حرفية‪:‬‬

‫( أ ) فمثال يستعمل البعض كلمة " ضد " وهي ترمجة حرفية لكلمة ‪ gegen‬يف اللغة األملانية‪.‬‬

‫فيقال‪ " :‬حارب ضد االستعمار "‪ ،‬و " ينبغي أن يسعى اآلباء لتلقيح أبنائهم ضد اجلدري "‪،‬‬

‫‪249‬‬
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬

‫و"صدر حكم ضد فالن "‪ ،‬وغري ذلك‪ .‬وينصب االعرتاض على أن األسلوب الذي يلجأ إىل‬

‫استعمال هذه الكلمة‪ ،‬هو أسلوب خيالف طرق التعبري العربية‪ .‬فالقول أن " فالن حيارب ضد‬

‫االستعمار " يُفهم منه أن هذا احملارب خمالف لالستعمار‪ ،‬أي أنه حيارب يف جبهة أخرى غري اجلبهة‬

‫املعادية لالستعمار‪ .‬والصواب يف ذلك القول‪ " :‬شن حربا على االستعمار "‪ .‬وبالنسبة لبقية األمثلة‪:‬‬

‫" جيب تلقيح األطفال من اجلدري "‪ ،‬و " صدر حكم حبق فالن أو عليه "‪.‬‬

‫( ب ) ومن الكلمات اليت تتداوهلا أجهزة اإلعالم األجنبية‪ ،‬كلمة ‪ berichten‬األملانية‪ .‬فيضع هلا‬

‫املرتجم الكلمة اليت حيددها القاموس‪ ،‬وهي " يغطي "‪ .‬ولكن يف العربية ال يفيد هذا الفعل معىن نقل‬

‫اخلرب‪ .‬ففي القول‪ " :‬قام مراسل جريدة األهرام بتغطية أنباء القتال الدائر يف منطقة اخلليج "‪ .‬ليس‬

‫هناك عالقة بني الغطاء أو التغطية وبني األخبار‪ .‬وتضع معاجم اللغة أفعاال غري هذا الفعل لداللة‬

‫نقل اخلرب‪ ،‬فتقول‪ " :‬نقل اخلرب أو أبلغه أو سرده "‪.‬‬

‫( ج ) ومن الكلمات اليت يساء استخدام ترمجتها‪ ،‬كلمة ‪ kommen‬مبعىن يصل‪ .‬فعند وصف‬

‫حدث وصول إحدى الشخصيات الرمسية‪ ،‬يقال‪ " :‬وصل مصر مساء أمس وزير االقتصاد يف دولة‬
‫الكويت "‪ .‬وهذا االستعمال خاطئ‪ ،‬ألن الفعل " وصل " باألملانية ٍ‬
‫متعد‪ ،‬أي حيتاج إىل مفعول به‪.‬‬

‫ولكنه يف العربية الزم‪ ،‬ال يتعدى‪ .‬فهو بذلك ليس حباجة إىل مفعول‪ ،‬بل إىل حرف اجلر " إىل "‪.‬‬

‫فنقول‪ " :‬وصل إىل مصر مساء أمس ‪." ...‬‬

‫د ) ومن تلك الكلمات‪ ،‬كلمة ‪ durch‬مبعىن َعب َر‪ ،‬فيقال‪ " :‬عرب أجهزة االتصال "‪.‬‬

‫واألكثر صوابا من ذلك أن تقول‪ " :‬بأجهزة االتصال " أو " بواسطة االتصال "‪.‬‬

‫‪250‬‬
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬

‫( ه ) ومنها أيضا كلمة " طبقا " املرتمجة عن كلمة ‪ ، gmäß‬فهي ترد يف أمثلة كثرية‪ .‬ومن ذلك‬

‫مثال القول‪ " :‬سيتم نقل األسرى يوم األحد طبقا لوكاالت األنباء "‪ .‬أما اللغة العربية فال ترضى‬

‫باستعمال " طبقا " يف مثل هذا املوضع‪ ،‬وإمنا تتطلب استعمال الكلمة الصحيحة هلذا الوضع‪ ،‬وهي‬

‫" وفقا " أو " وفاقا " أو " على وفق "‪ .‬فنقول‪ " :‬سيتم نقل األسرى يوم األحد القادم وفقا ملا ذكرته‬

‫وكاالت األنباء "‪ ،‬هذا إذا أردنا التمسك حبرفية الرتمجة‪ .‬ولكننا نستطيع ذكر عدة مجل تؤدي املعىن‬

‫بصورة سهلة واضحة‪ ،‬فنقول مثال‪ " :‬ذكرت وكاالت األنباء أن األسرى سيُنقلون يوم األحد القادم "‪.‬‬

‫سادسا‪ :‬ترمجة كلمة ‪ kündigen‬بكلمة " الغيا "‪ ،‬كالقول‪ " :‬يعد االتفاق الغيا منذ مساء اليوم‬

‫"‪ .‬وينصب االعرتاض على كلمة " الغيا "‪ ،‬فهي اسم فاعل من الفعل " لغا – يلغو "‪ ،‬أي كثر‬

‫كالمه‪ .‬ولكن السياق الذي تُذكر فيه كلمة " الغيا " ال شأن له بكثرة الكالم أو قلته‪ ،‬بل بإبطال‬

‫اتفاق مسبق‪ .‬ولذلك فيجب استعمال كلمة " ملغي "‪ ،‬وهي اسم املفعول من الفعل " ألغى – يلغي‬

‫"‪ .‬فالصحيح إذن أن يقال‪ " :‬يعد االتفاق ملغيا منذ مساء اليوم "‪.‬‬

‫سابعا‪ :‬والبعض يرتجم كلمة ‪ immer noch‬بكلمة " ال زال "‪ .‬فيقول‪ " :‬الزالت االجتماعات‬

‫منعقدة يف جملس األمن "‪ ،‬ويقول‪ " :‬الزالت اجلهود تبذل إلصالح الوضع يف لبنان "‪ .‬وهذا استعمال‬

‫خاطئ لكلمة " ال زال "‪ ،‬فهي تفيد الدعاء ال االستمرار‪ .‬يصح أن يقال‪ " :‬ال زالت الديار قوية‬

‫عزيزة بأهلها "‪ ،‬فهو دعاء للديار بدوام القوم والعز‪ .‬أما ما يفيد االستمرار فهو " ما زال "‪ ،‬كأن‬

‫نقول‪ " :‬ما زالت االجتماعات مستمرة "‪ ،‬و " ما زالت اجلهود مبذولة "‪ .‬وكثريا ما خيتلط األمر على‬

‫من يقومون بالكتابة العربية‪ ،‬فيأخذون باالستعمال األول للداللة على الثان‪.‬‬

‫‪251‬‬
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬

‫ثامنا‪ :‬وهناك كلمة ‪ von‬اليت يرتمجها البعض " ِمن قِبَل "‪ ،‬ويدخلوهنا يف اجلمل دون استئذان‪ ،‬على‬

‫الرغم من عدم صحتها‪ .‬فيقال‪ُ " :‬دونت املالحظات ِمن قِبَل اللجنة "‪ .‬وليس يف استعمال " ِمن قِبَل‬

‫" أي ضرورة يف هذا السياق‪ ،‬ذلك أنه ميكن القول‪ " :‬دونت اللجنة املالحظات "‪.‬‬

‫تاسعا‪ :‬وهناك كلمة شاع استعماهلا شيوعا خاطئا‪ ،‬فال تكاد ختلو منها مجلة‪ ،‬وهي كلمة " بالنسبة "‪،‬‬

‫اليت ميكن التخلي عنها دون حدوث أي إخالل يف اجلملة‪ ،‬فضال عن أن استعماهلا خيالف‬

‫االستعمال العريب السليم‪ .‬فيقال مثال‪ " :‬اخنفضت أسعار العمالت‪ ،‬وبالنسبة للمارك األملان فقد‬

‫اخنفض مقابل الدوالر "‪ .‬وهذا تركيب غري صحيح للجملة‪ ،‬فأي نظرة للقاموس تدلنا على أن "‬

‫النسبة " هي القرابة أو ما تعلق هبا‪ .‬ومن هنا فالصواب أن يقال‪ " :‬اخنفضت أسعار العمالت‪ ،‬أما‬

‫املارك األملان فقد اخنفض مقابل الدوالر "‪.‬‬

‫عاشرا‪ :‬أما عن اخللط بني حريف اجلر " إىل " و " الالم " ‪ -‬عند ترمجة حرف اجلر يف األملانية ‪ -‬فهو‬

‫كثري‪،‬على الرغم من أن لكل منهما معىن خاصا واستعماال خمتلفا‪ .‬أما عن املعىن‪ ،‬فهو أن " إىل "‬

‫تعين انتهاء الغاية‪ ،‬يف حني تستعمل " الالم " للداللة على امللكية والتخصيص‪ ،‬ويتحدد استعمال كل‬

‫منهما تبعا للمعىن الذي تدل عليه‪ .‬يقال مثال‪ " :‬سلمت امللف كامال إىل رئيس جملس اإلدارة "‪،‬‬

‫وهذا غري صحيح‪ ،‬وصوابه‪ " :‬سلمت امللف كامال لرئيس جملس اإلدارة "‪ .‬والسبب أن امللف‬

‫سيوضع حتت تصرفه‪ ،‬كأنه ملك من أمالكه‪ ،‬ومل يكن الغرض سفر امللف من مكان معني ابتداء إىل‬

‫مكان آخر انتهاء‪ .‬ويقال أيضا‪ " :‬سافرت صباح اجلمعة املاضي لإلسكندرية "‪ ،‬وهذا غري صحيح‬

‫‪252‬‬
‫استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬ ‫الفصل الخامس‬

‫أيضا‪ .‬والصواب القول‪ " :‬سافرت صباح اجلمعة املاضي إىل اإلسكندرية "‪ ،‬ألن حرف اجلر " إىل "‬

‫يف هذه اجلملة حيدد انتهاء الغاية من السفر‪.‬‬

‫حادي عشر‪ :‬اإلصرار على ترمجة بعض الكلمات األملانية بكلمة واحدة مقابلة يف اللغة العربية‪." ،‬‬

‫وهذه كلها ترمجات غري دقيقة للكلمة‪ ،‬ذلك أن اللغة األملانية متيل دائما الستخدام الزوائد سواء‬

‫كانت بادئة أم الحقة – إىل الكلمة األصلية حىت يتم مواءمة استخدامها يف موقعها من اجلملة‪.‬‬

‫ولذلك فهي تعترب أكثر من كلمة واحدة‪ ،‬وإن بدت يف ظاهرها كلمة واحدة‪ .‬ومن هنا فال داعي‬

‫لإلصرار على ترمجتها بكلمة واحدة مرادفة يف اللغة العربية‪.‬‬

‫ثان عشر‪ :‬استخدام نفس املفاهيم اليت يريد الغرب تروجيها وشيوعها عند الرتمجة‬

‫‪253‬‬
‫خـ ــاتمة‬

‫خاتمة‬

‫وبعد مراحل البحث واملعاناة مع املصادر واملراجع‪ ،‬ومع كثري من الرتمجات من عدة لغات‬

‫عاملية‪ ،‬تأكد لدي بأن موضوعي الرئيس املتعلق بالرتمجة الدبلوماسية‪ :‬هلو من أصعب‪ ،‬وأعقد‬

‫فصلُت بدقة‬
‫املوضوعات الرتمجية على اإلطالق‪ ،‬وذلك ألسباب ال أستطيع أن أسهب فيها‪ ،‬وقد ّ‬
‫متناهية‪ ،‬يف فصول حبثي‪ ،‬ذلك ألهنا‬

‫وصفوة القول‪ :‬تعترب الرتمجة الدبلوماسية من أنواع الرتمجات السريعة والفجائية‪ ،‬اليت ترتبط مبا‬

‫قبلها من املواقف السياسية الطارئة‪ ،‬ومع ذلك أعتربها شخصيا من أوضح أساليب اخلطاب‬

‫السياسي العاملي‪ ،‬وأدقه شفافية‪ ،‬ولعل جتليات هذه اإلشكال املتنوعة للرتمجة الدبلوماسية‪ ،‬خصوصا‬

‫تلك اليت تعتمد الصيغ السياسية‪ ،‬واألساليب املعقدة ‪ ،‬وغري املباشرة‪ ،‬مث هناك مسألة األمهية البالغة‪،‬‬

‫اليت يكتسبها اخلطاب السياسي‪ ،‬عندما يرتبط مبوضوعنا احلال‪ ،‬كون املواقف قد تتبدل‪ ،‬وتتغري من‬

‫حني إىل آخر‪ ،‬ألن املواقف الدبلوماسية وآلياهتا‪ ،‬سريعة التبدل‪ ،‬سواء تعلق األمر مبا هو حملي‪ ،‬أو مبا‬

‫يكتسي صبغة دولية‪ ،‬لعاملية األحداث اليت تتعلق بالعالقات بني األمم والشعوب‪.‬‬

‫ومهما كان األمر فإن املرتجم جيد نفسه أمام معضلة حقيقية‪ ،‬بالرغم من شفافيتها‪ ،‬ذلك ألنه‬

‫جيد نفسه على املباشر‪ ،‬وأمام وقائع‪ ،‬ال يتمكن من العودة إىل وثائقه اإلجرائية عندما تكون املباشرة‪،‬‬

‫والسرعة‪ ،‬والتنقالت املفاجئة‪ ،‬األمر الذي يضعه أمام خيارين كبريين‪:‬‬

‫إما يعتمد ترمجة املعىن بتفصيالته الداللية املضمنة داخل اخلطاب الذي يسعى إىل نقله إىل‬

‫املتلقي العاملي‪ ،‬كما فصلنا يف حتليل ذلك أو أنه يلجأ إىل الرتمجة بأساليب مقابلة يف اللغة املرتجم‬

‫‪255‬‬
‫خـ ــاتمة‬

‫إليها‪ ،‬خاصة إذا علمنا أن املصطلحات الدبلوماسية‪ ،‬تكون خمتارة بدقة متناهية‪ ،‬وتكون قد خضعت‬

‫لعملية تنقية جوهرية‪ ،‬ألن التأويل يف هذا امليدان يؤدي إىل تبديل يف املواقف ذاهتا‪ ،‬وال يستطيع‬

‫املرتجم أن يكون أمينا‪.‬‬

‫ويف هذا التوجه اإلطار‪ ،‬جاءت هذه الدراسة املتخصصة‪ ،‬اليت حاولت من خالهلا‪ ،‬أن أقف‬

‫على بعض خيارات املرتجم إزاء مواجهة اإلشكال املطروح يف هذا البحث‪ ،‬ومن مث سأقف على بعض‬

‫املستويات اليت ختص العديد من اجملاالت السياسية والدبلوماسية‪ ،‬فمن هذا املنطلق تبني ل مدى‬

‫وفاء املرتجم وحرصه على نقل غالبية هذه الدقائق الداللية‪ ،‬وكذا املعان املقصودة من املخاطب جتاه‬

‫اللغة اليت يرتجم إليها‪ ،‬وميكن مجع النتائج اليت خلصت إليها يف النقاط اآلتية‪:‬‬

‫‪-1‬متتاز اللغة الدبلوماسية باللباقة والدقة يف اختيار ألفاظها ومصطلحاهتا حىت ال تنزاح عن القصد‬
‫من توظيفها‪.‬‬

‫‪-2‬تعد اللغة الدبلوماسية لغة التخاطب بني األمم والدول وفق ما يعرف بالعرف الدبلوماسي‪ ،‬وهبذا‬

‫يكون أسلوهبا إنشائيا‪ ،‬قد خيلو من التنميق والبيان ألن لغة اخلطاب لغة حذرة تستخدم فيها ألفاظ‬

‫شبيهة بالشفرات اليت يفهم كنهها املشتغلون يف هذا اجملال وبالتال جيب على املرتجم توخي احلذر كي‬

‫ال يؤدي املعىن معكوسا أو مبهما أو غري مفهوم‪.‬‬

‫‪-3‬تطغى على اللغة الدبلوماسية تعدد معىن األلفاظ املستخدمة مما يرتك للدبلوماسي حيزا من احلرية‬

‫واحلركية يف التأويل وهذا األمر يرتك املرتجم يف حرية من أمره‪ ،‬كيف يستطيع اقتناص املعىن املراد‬

‫إيصاله وما هي حدود هذا التأويل؟‬

‫‪256‬‬
‫خـ ــاتمة‬

‫‪-4‬مما الحظناه على املدونة املنتقاة للجانب التطبيقي‪ ،‬جلوء املرتجم إىل توليد كلمات مت استنباطها‬

‫من سياقات غري مألوفة أو غري موجودة يف الثقافة العربية‪.‬‬

‫‪-5‬يؤدي السياق الدور الفاصل يف فعل االختيار يف مسار الفعل الرتمجي‪ ،‬فهو األداة اليت حتسم هذا‬

‫األمر خباصة يف األلفاظ ذات الشحنة الثقافية اليت تتطلب اطالع على خمتلف العناصر اليت أسهمت‬

‫يف تشكيلها لنقلها بأقل ضرر ممكن‪.‬‬

‫‪-6‬ال ميكن فصل اخلطاب الدبلوماسي عن اخلطاب السياسي وبالتال فالرهان األمسى للخطاب‬

‫السياسي ولرتمجته ليس كما قد يتبادر إىل األذهان هو محل رسالة أو نشر أيديولوجية أو تفعيل حركة‬

‫أو اجتاه‪ ،‬وإمنا اهلدف احلقيقي هو تأكيد هوية خطيب من أجل تسهيل اخنراط مستمع‪ ،‬وبفعل‬

‫االخنراط هذا يضمن انتشارا واسعا ألفكاره وآرائه‪.‬‬

‫‪-7‬إن إدراك املرتجم لكافة وظائف السلك الدبلوماسي تسهل عليه مهمة حتديد األدوار‪ ،‬وبالتال‬

‫إجياد املقابالت‪ .‬وقد توكل إليه مهاما أخرى قد تندرج حتت لواء العمل اإلداري لكنها نشاط مكمل‬

‫لنشاط الرتمجة مثل البحث والتوثيق جلمع املعلومات قبل اخلوض إعداد تقرير أو ما شابه ذلك‪.‬‬

‫‪ -8‬تعد املذكرات الدبلوماسية النوع األكثر تداوال‪ ،‬يستخدم فيها إما صيغة الغائب أو املتكلم‪ ،‬مما‬

‫يضطر املرتجم إىل البحث عن صيغتني قريبتني من هاتني الصيغتني يف لغة الوصول حفاظا على شكل‬

‫اخلطاب‪.‬‬

‫‪ -9‬إن عملية الرتمجة عملية ذهنية عقلية‪ ،‬يسعى فيها املرتجم إىل حتقيق املوازنة بني ما هو ذايت و ما‬

‫هو موضوعي‪ ،‬يستخدم أساليب التفكري املختلفة الختاذ القرار الصائب يف انتقاء املقابالت اللغوية‬

‫‪257‬‬
‫خـ ــاتمة‬

‫والبدائل األقرب إىل نص االنطالق‪ ،‬وقد استفاد من املخزون املعريف الذي تراكم يف الذاكرة وادخر يف‬

‫احلاسب الشخصي مشكال بذلك ذاكرة املرتجم‪.‬‬

‫‪-10‬تبني لنا على مستوى األلفاظ اختيار املرتجم لنهج الرتمجة باملقابل االعتيادي يف غالبية ترمجة‬

‫ذلك ألغراض براغماتية‪ ،‬باستعمال األلفاظ املعروفة واملعمولة هبا عادة‪ ،‬كما اختار الرتمجة بإجياد‬

‫املكافئ األقرب يف احلاالت اليت خترج فيها األلفاظ عن معانيها احلقيقية إىل جمرد معان ثانوية‪.‬‬

‫‪-11‬أما على مستوى الرتاكيب فقد تبني ل بعد الدراسة والتحليل اعتماد املرتجم على ترمجة‬

‫العبارات والرتاكيب املكافئة هلا يف لغة اهلدف‪ ،‬وذلك حلرصه على أمانة النقل الصحيح‪ ،‬أما على‬

‫مستوى األساليب البالغية فقد الحظت تنوعا يف استعمال األساليب البيانية‪ ،‬وذلك لتأدية بعض‬

‫األهداف املتعلقة بالبيان جلماليتها‪.‬‬

‫إضافة إىل أن النص املصدر األصلي‪ ،‬يضم أدق وأصح األوجه املمكن طرحها‪ ،‬لكوهنا معان‬

‫سياقية ختص اخلطابات الدبلوماسية‪ ،‬اليت تتميز بطابع براغمايت املساعد على الفهم واإلفهام يف عملية‬

‫الرتمجة‪.‬‬

‫لقد حاولت أن أتوقف عند أهم احملطات اليت جتعلنا نتابعها بتمعن وتفحص كبريين‪ ،‬نظرا‬

‫ألمهيتها فيما يتصل مبا ذكرناه فيما تعلق بالرتمجة الدبلوماسية‪ ،‬وعالقتها بالسياسية احملرتفة اليت تعمل‬

‫على إبراز األنواع الرتمجية اليت ميكن اعتمادها‪ ،‬حبيث جند أنفسنا قد جتاوزنا بعض املسائل املكونة‬

‫لعاملية املسألة‪ ،‬حبيث استنتجنا جمموعة من األفكار األساسية‪ ،‬بنتيجة تلك االختالفات والتنوعات‬

‫واألصالة املعقدة‪.‬‬

‫‪258‬‬
‫خـ ــاتمة‬

‫فقد اتبعت أهم احملطات األساسية لرتمجة الدبلوماسية يف املؤمترات‪ ،‬واحللقات السياسية‪،‬‬

‫خبصائصها األخاذة‪ ،‬وألجل إعطاء هذا املوضوع حقه يف البحث‪ ،‬جيب علينا يف البداية أن نتذكر‬

‫مسألة مشول ماهية الرتمجة‪ ،‬ليس ألهنا يف زمننا احلال قد اكتسبت ذلك التنوع املذهل الذي يتخذه‬

‫املرتجم الدبلوماسي‪ ،‬نتيجة ما يعرتض طريقه يف عمليته‪.‬‬

‫كما وأن الرتمجة بأنواعها تقنية كانت أو فورية حمرتفة‪ ،‬هي كلها تتميز جافة‪ ،‬األمر الذي أدى‬

‫إىل السيطرة التامة هلذه األصناف باعتبارها ترمجة شفهية سريعة‪ .‬إذاً البد من تشجيع الدراسات‬

‫العلمية اهلادفة‪ ،‬وبذل اجلهود الثابتة إلحياء الدراسات العلمية واألكادميية‪ ،‬لتكون ركيزة لتطور مستقبل‬

‫العالقات بني األمم‪ ،‬أما الذي أنكره املنظرون يف الغالب‪ ،‬هو أن اللسانيات واملواضيع اللغوية ال متتزج‬

‫أو تتوافق دائماً مع عطاءات الرتمجة‪ ،‬وجودها‪ ،‬ألهنا تقف حائالً ضد كل حماولة جتهد ألن تكون‬

‫احلارس األمني للوقوف جبانب الرتمجة ومساندهتا على حتقيق الفعالية يف نتاج األسس اإلجيابية املكونة‬

‫لعمل الرتمجة‪.‬‬

‫التزال الرتمجة الدبلوماسية مل تصل إىل مرحلة فرض وجودها على األفكار األخرى‪ ،‬ألن العوملة‬

‫قد تصطدم بكل ما يريده املرتجم‪ ،‬فتصري العملية الرتمجية جمرد جهد فارغ‪ ،‬حيث جندها حتاول أن‬

‫تتمكن من إثبات وجودها بشكل قانون‪ ،‬وأساسي‪ ،‬أمام عوملة األفكار وإلغاء الذاتية واألنا الفكري‬

‫لكل قطر على حدا‪ ،‬فالعامل اليوم هو عامل متحرك‪ ،‬ومتنوع‪ ،‬وسريع التبدل والتغري‪ ،‬والرتمجة هي‬

‫إحدى املكونات املهمة واألساسية يف حياتنا اليومية‪ ،‬نتيجة التدفق اهلائل لكل ما هو عوملي‪ ،‬ألننا‬

‫‪259‬‬
‫خـ ــاتمة‬

‫نعيش عصر الرتمجة السريعة‪ ،‬وقد أصبحنا بوضع ال غىن عنها الستكمال مجيع الفعاليات اإلنسانية‪،‬‬

‫سعياً إىل إتقان أدوات احلضارة الطاغية على وجودنا‪.‬‬

‫كما أن الرتمجة الدبلوماسية متتلك أيضاً بعدا أساسياً‪ ،‬علينا أن أال نفرط فيه‪ ،‬ألنه موجود يف‬

‫كافة األنواع اليت تفحصناها‪ ،‬من تلك املتعلقة بالسياسة يف خمتلف مراحلها‪ ،‬زادت لدينا الفكرة‬

‫الناضجة والواعية جداً عن رسالتها وعن املتطلبات اليت جيب مواجهتها واألخذ هبا‪ ،‬ألن النص‬

‫غري املعىن كلياً‪ ،‬حىت لو كانت اللغة مل تتغري‪ ،‬ألن الفكرة يف‬
‫الدبلوماسي املرتجم يف اللغة نفسها‪ ،‬قد يُ ّ‬
‫علم الرتمجة تنطلق من مقولة بسيطة فحواها‪ :‬أن الرتمجة األدبية تنبثق من األدب‪ ،‬بينما الرتمجة‬

‫الشعرية‪ ،‬فتنطلق من الشعر‪ ،‬والدبلجة من السينما وهكذا‪...‬دون أن يستطيع املرتجم اللغوي إمهال‬

‫أي نوع من هذه األنواع لذلك تبقى الدراسة اللغوية الشاملة هي املفضلة‪ ،‬وال ميكن ألي شرح‬

‫سطحي ومستنفد أن يتغلغل يف أعماق أية عملية‪.‬‬

‫وعلينا أن نقتنع منهجيا بأننا يف هذا الوضع قد نصل إىل وضع أخطر‪ ،‬ألن نظريات الرتمجة‬

‫املتواجدة بكميات كبرية منذ مدة طويلة‪ ،‬قد نقول بأهنا أُعيبت بسبب متجيد اللغة املكتوبة‪ ،‬ألننا‬

‫نعيش ضمن مدنية الكتاب‪ ،‬حبيث يصعب علينا تقبل فكرة خمتلفة عن هذه‪ ،‬ألننا أصبحنا نعتمد‬

‫اللغة اليت أحدثت بعثاً جديداً‪ ،‬بفضل وسائل اإلعالم املختلفة‪ ،‬واملؤمترات الدولية‪ ،‬مث بفضل التوجه‬

‫العام حنو الرتمجة العملية‪ ،‬واليت نقصد هبا الدبلوماسية‪.‬‬

‫قد نسجل بعض التحفظ حول مسألة الرتمجة الدبلوماسية‪ ،‬حبيث ال ميكن جتاهل املظاهر‬

‫األساسية هلذا النوع من األلسنيات اجلديدة‪ ،‬وباألخص الوظيفية‪ ،‬اليت يبدو وأهنا جديدة بالنسبة هلذا‬

‫‪260‬‬
‫خـ ــاتمة‬

‫العصر‪ ،‬ففي الواقع نالحظ تذبذبا يف التعامالت الدبلوماسية‪ ،‬اليت تستلزم املرونة القصوى يف التعبري‬

‫سواء من حيث تواتر التزامن أو لألسباب األخرى اليت ذكرناها‪.‬‬

‫إن ما جيب العمل به أثناء ترمجة النص الدبلوماسي أو احلوار املباشر يف ظروفه السياسية‪ ،‬لتظهر‬

‫العملية الرتمجية خصوصا ما تعلق باخلطاب السياسي الدبلوماسي‪ ،‬الذي يتميز بالصور البالغية‬

‫املتنوعة‪ ،‬ونظرا ألمهية الرتمجة الدبلوماسية‪ ،‬ودقتها‪ ،‬كان لزاما على املرتجم التحلي بقدر كبري من روح‬

‫االجتهاد واملثابرة‪.‬‬

‫أتوجه بشكر جزيل إىل أستاذي املشرف‪ ،‬الدكتور أمحد عباد على ما بذله من جهد‪ ،‬وعلى كرم‬

‫معلوماته القيمة‪ ،‬كما وأجزل شكر وتقدير إىل أساتذيت األفاضل‪ ،‬الذين ساعدون يف إجناز هذا‬

‫البحث‪.‬‬

‫جيدة وجديرة باالحرتام‪ ،‬نعتقد بأنه يتوجب اإلملام باللغتني بشكل ظاهر وسوي‪ ،‬للتمتع مبقدرة‬

‫تكون نقطة انطالق باجتاه مجيع أنواع الرتمجة‪ ،‬وال ميكن التغاضي عن هذا املستوى ليتسىن الولوج إىل‬

‫مضامني لغة األصل‪ ،‬ألمهيتها وصعوبتها‪ ،‬ولكوهنا أساسية بالنسبة لعصرنا‪.‬‬

‫ويف اخلتام أخلص إىل أن الرتمجة مهما بلغت قدرا كبريا من الدقة واملوضوعية‪ ،‬إال أهنا ال ميكن‬

‫أن تؤدي إىل إحداث ذلك التكافؤ التام والنهائي‪.‬‬

‫الطالبة‪ :‬بوفريوة حاجة‬

‫‪261‬‬
‫الملحق‬

‫الرقم‬ ‫المصطلح باللغة العربية‬ ‫المصطلح باللغة اإلنجليزية‬ ‫المصطلح باللغة األلمانية‬

1 ‫الحقيبة الدبلوماسية‬ Diplomatic pouch Diplomatentasche

2 ‫المصطلحات الدبلوماسية‬ Diplomatic Diplomatische

terminology Terminologie

3 ‫الممثل الدبلوماسي‬ Diplomatic Diplomatischer Vertreter

representative

4 ‫الحصانة الدبلوماسية‬ Diplomatic immunity Diplomatische Immunität

5 ‫السلك الدبلوماسي‬ Diplomatic corps Diplomatisches Korps

6 ‫الموظفون الدبلوماسيون‬ Diplomatic personnel Diplomatisches Personal

7 ‫المؤسسة الدبلوماسية‬ Diplomatic institution Institution Diplomatische

8 ‫الهيئة الدبلوماسية‬ Diplomatic mien Diplomatische mien

9 ‫المهمة الدبلوماسية‬ Diplomatic mission Diplomatische Mission

10 ‫الوفد الدبلوماسي‬ Diplomatic delegation Diplomatische Delegation

11 ‫التبادل الدبلوماسي‬ Diplomatic exchange Diplomatischer Austausch

12 ‫الدبلوماسية الشعبية‬ Diplomatic popularity Popularität Diplomatische

13 ‫الدبلوماسية الوقائية‬ Preventive diplomacy Präventive Diplomatie

14 ‫المراسم الدبلوماسية‬ Diplomatic ceremony Diplomatische Zeremonie

15 ‫المراسالت الدبلوماسية‬ Diplomatic Diplomatische

correspondences Korrespondenz

16 ‫سفير‬ ambassador Botschafter

263
‫الملحق‬

17 ‫سفارة‬ embassy Botschaft

18 ‫حكومة‬ government Regierung

19 ‫صدام الحضارات‬ The clash of Der Zusammenprall der

civilizations Zivilisationen

20 ‫األرهاب‬ Terrorism Terrorismus

21 ‫حكومة ليبرالية‬ Liberal government Liberale Regierung

22 ‫حكومة أشتراكية‬ Socialist government Sozialistische Regierung

23 ‫الشيوعية‬ Communism Kommunismus

24 ‫الماركسية‬ Marxism Marxismus

25 ‫أتـفــاقية‬ Convention Konvention

26 ‫القانون الدولي العام‬ Public International Öffentliches

Law internationales Gesetz

27 ‫األمم المتحدة‬ United nations Vereinte Nationen

28 ‫محور الشر‬ Axis of evil Achse des Bösen

29 ‫البطة العرجاء‬ Lame duck Lahme Ente

30 ‫القانون الدولي الخاص‬ Private International Internationales

Law Privatrecht

31 ‫المعايير المزدوجة‬ Double standards Doppelmoral

32 ‫سياسة العصا والجزرة‬ The policy of carrot Die Politik von

stick and Zuckerbrot und Peitsche

33 ‫سياسة القطب الواحد‬ Unipolar policy Unipolare Politik

34 ‫قانون الجرائم‬ Criminal Law Strafrecht

264
‫الملحق‬

35 ‫القانون اإلداري‬ Administrative Law Verwaltungsrecht

36 ‫الدستور‬ Constitution Verfassung

37 ‫القانون الدستوري‬ Constitutional Law Verfassungsrecht

38 ‫القانون المدني‬ Civil Law Zivilrecht

39 ‫القانون التجاري‬ Commercial Law Handelsrecht

40 ‫قانون الملكية‬ Property Eigentumsrecht

Law

41 ‫منظمة‬ organization Organisation

42
Treaty North Atlantic
‫منظمة حلف شمال األطلسي‬ Organisation des
Organization
Nordatlantikvertrags

43 ‫منظمة الصحة العالمية‬ World Health Weltgesundheitsorganisati

) Organization ( w.h.o )w.h.o( on

44 ‫منظمة األغذية والزراعة‬ Food and Agriculture Ernährungs- und

) Organization ( f.a.o Landwirtschaftsorganisation

)(f.a.o

45 ‫محكمة الجنايات الدولية‬ International Criminal Internationaler

Court Strafgerichtshof

46 ‫محكمة العدل الدولية‬ International Court of Internationaler

Justice Gerichtshof

47 ‫مجلس األمن‬ Security Council Sicherheitsrat

48 ‫الجمعية العامة‬ General Assembly Generalversammlung

265
‫الملحق‬

49 ‫حقوق األنسان‬ Human rights Menschenrechte

50 ‫منظمة الوحدة األفريقية‬ Organization of Organisation der

Unity African afrikanischen Einheit

51 ‫العرف الدولي‬ international custom internationaler Brauch

52 ‫إجراءات قضائية‬ judicial proceedings Gerichtsverfahren

53 ‫أستقالل‬ independence Unabhängigkeit

54 ‫المفاوضات المباشرة‬ Direct negotiations Direkte Verhandlungen

55 ‫المساعي الحميدة‬ Good Offices Gutes Büros

56 ‫الوساطة‬ Mediation Vermittlung

57 ‫لجنة التحقيق‬ Commission of Untersuchungskommissio

inquiry n

58 ‫المصالحة‬ Conciliation Vermittlung

59 ‫إبادة جماعية‬ Genocide Völkermord

60 ‫جريمة منظمة‬ Organized crime Organisiertes Verbrechen

61 ‫جرائم دولية‬ International crimes Internationale

Verbrechen

62 ‫جرائم حرب‬ War crimes Kriegsverbrechen

63 ‫السلطة التشريعية‬ Legislative authority Legislative

64 ‫السلطة القضائية‬ Judicial authority Justizbehörde

65 ‫السلطة التنفيذية‬ Executive authority Ausführende Behörde

66 ‫السيادة السياسية‬ Political sovereignty Politische Souveränität

266
‫الملحق‬

67 ‫مهمة أستراتيجية‬ Strategy mission Strategie-Mission

68 ‫التخطيط األستراتيجي‬ Strategic planning Strategische Planung

69 ‫معاهدات‬ Treaties Verträge

70 ‫دولة‬ State Zustand

71 ‫منظمة دولية‬ International Internationale

organization Organisation

72 ‫السالم العالمي‬ International peace Internationaler Frieden

73 ‫تقرير المصير‬ Self determination Selbstbestimmung

74 ‫عمل عدواني‬ Act of aggression Akt der Aggression

75 ‫الجنسية‬ Nationality Staatsangehörigkeit

76 ‫نزاع دولي‬ International dispute Internationaler Streit

77 ‫نزاع حدودي‬ Boundary dispute Grenzstreit

78 ‫منظمة األمم المتحدة للتربية‬ United Nations Organisation der

Scientific and ،Educational Vereinten Nationen für


‫والعلم والثقافة‬
Cultural Organization ( Wissenschaft und ،Erziehung

) UNESCO )Kultur (UNESCO

79 ‫العالقات الدولية‬ International Internationale

Relations Beziehungen

80 ‫الحلول الدبلوماسية‬ Diplomatic solutions Diplomatische Lösungen

81 ‫القانون الدولي األنساني‬ International Das humanitäre

humanitarian law Völkerrecht

82 ‫القانون الجنائي الدولي‬ International criminal Strafrecht Internationales

law

267
‫الملحق‬

83 ‫جامعة الدول العربية‬ League of Arab States Liga der arabischen

Staaten

84 ‫المجتمع الدولي‬ The international Die internationale

community Gemeinschaft

85 ‫جرائم ضد األنسانية‬ Crimes against Verbrechen gegen die

humanity Menschheit

86 ‫األتحاد األوروبي‬ European union Europäische Union

87 ‫منظمة عدم األنحياز‬ nonalignment Nichtausrichtungsorganisa

Organization tion

88 ‫الحرب العالمية األولى‬ First world war Erster Weltkrieg

89 ‫التمييز العنصري‬ Racial Discrimination Rassendiskriminierung

90 ‫الميز العنصري‬ Apartheid Apartheid

91 ‫الطابور الخامس‬ Fifth column Fünfte Spalte

92 ‫عصبة األمم‬ League of Nations Liga der Nationen

93 ‫حرب اإلستنزاف‬ War of Attrition Zermürbungskrieg

94 ‫سياسة اإلحتواء‬ Containment policy Einschließungspolitik

95 ‫سياسة التحالفات‬ Policy of alliances Politik der Allianzen

96 ‫إحتالل‬ Occupation Besetzung

97 ‫أستعمار‬ Colonization Kolonisation

98 ‫المندوب الدائم‬ Permanent Ständiger Vertreter

Representative

99 ‫وزير الخارجية‬ Foreign Minister Außenminister

268
‫الملحق‬

100 ‫وزارة الخارجية‬ Ministry of Foreign Ministerium für

Affairs Auswärtige Angelegenheiten

101 ‫رئيس الوزراء‬ ) Prime Minister ( p.m ).Premierminister (p.m

102 ‫رئاسة الوزراء‬ Presidency of Präsidentschaft der

Ministers Minister

103 ‫رئاسة الجمهورية‬ Presidency of the Präsidentschaft der

Republic Republik

104 ‫الشؤون الخارجية‬ Foreign Affairs Auswärtige

Angelegenheiten

105 ‫وكالة األستخبارات المركزية‬ Central Intelligence central Intelligence

) Agency ( c.i.a )Agency (c.i.a

106 ‫منظمة األمم المتحدة‬ Organization of the Organisation der

United Nations Vereinten Nationen

107 ‫منظمة التجارة العالمية‬ World Trade Welthandelsorganisation

Organization

108 ‫ البنك الدولي لإلنشاء والتعمير‬International Bank for Internationale Bank für

Reconstruction and Wiederaufbau und Entwicklung

Development

109 ‫المنظمة الدولية للطيران‬


International Civil Internationale
‫المدني‬ Aviation Organization Zivilluftfahrt-Organisation

110 ‫مجلس الوحدة األقتصادية‬ Economic Unity Rat für wirtschaftliche

Council Einheit

111 ‫منظمة التعاون األقتصادية‬ Economic Organisation für

Organization Cooperation wirtschaftliche Zusammenarbeit

269
‫الملحق‬

112 ‫الصليب األحمر‬ Red Cross Rotes Kreuz

113 ‫منظمة العفو الدولية‬ Amnesty International Amnesty International

Organization Organization

114 ‫صندوق النقد الدولي‬ International Internationaler

Fund Monetary Währungsfonds

115 ‫الوكالة الدولية للطاقة الذرية‬ International Atomic Internationale

Energy Agency Atomenergiebehörde

116 ‫أتحاد المغرب العربي‬ The Arab Maghreb Die Arabische Maghreb

Union Union

117 ‫األمبريالية‬ Imperial Kaiserliche

118 ‫الدبلوماسية‬ Diplomatic Diplomatisch

119 ‫الحرب الباردة‬ Cold War Kalter Krieg

120 ‫أعالي البحار‬ The high seas Die hohe See

121 ‫المياه األقليمية‬ Regional water Regionales Wasser

122 ‫الشرق األوسط والشرق‬ Middle East and Far Naher Osten und Fernost

East
‫األقصى‬

123 ‫القومية‬ National National

124 ‫األستراتيجية‬ Strategic Strategisch

125 ‫الحريات الخمس‬ Five freedoms Fünf Freiheiten

126 ‫الديكتاتورية‬ Dictatorship Diktatur

127 ‫الفاشية‬ Fascism Faschismus

128 ‫البيروقراطية‬ Bureaucracy Bürokratie

270
‫الملحق‬

129 ‫الديمقراطية‬ Democratic Demokratisch

130 ‫حرب العصابات‬ Guerrilla Guerilla

131 ‫الصهيونية‬ Zionism Zionismus

132 ‫النازية‬ Nazi -Nazi

133 ‫أغتيال‬ Assassination Ermordung

134 ‫العلم األبيض‬ White flag weiße Flagge

135 ‫توسع أستعماري‬ Expansion kolonialistisch Expansion

Colonialistic

136 ‫الحلفاء‬ Allies Alliierte

137 ‫الطابور الخامس‬ Fifth column Fünfte Spalte

138 ‫نزع السالح‬ Disarmament Abrüstung

139 ‫الجئ سياسي‬ Political refugees Politische Flüchtlinge

140 ‫األستدعاء‬ Summoning Einberufung

141 ‫البورجوازية‬ Bourgeois Bourgeois

142 ‫الحرية الدولية‬ International Liberty freiheit International

143 ‫األستفتاء‬ Referendum Referendum

144 ‫المعارضة‬ Opposition Opposition

145 ‫األحتجاج‬ Protest Protest

146 ‫أنتخابات‬ Elections Wahlen

147 ‫التطهير العرقي‬ ethnic cleansing ethnische Säuberung

148 ‫المحاسبة‬ accounting Buchhaltung

271
‫الملحق‬

149 ‫المسؤولية‬ responsibility Verantwortung

150 ‫قرار‬ resolution Auflösung

151 ‫العملية‬ operation Operation

152 ‫الجيش‬ military -Militär

153 ‫الدليل‬ guide Führen

154 ‫إعادة الحياة‬ relife wieder leben

155 ‫غير مقسم‬ undivided Ungeteilt

156 ‫المنطق‬ logic Logik

157 ‫منع النزاعات العنيفة‬ preventing violent gewaltsame Konflikte

conflicts verhindern

158 ‫أسلحة الدمار الشامل‬ Weapons of mass Massenvernichtungswaffe

destruction n

159 ‫تقرير‬ Report Bericht

160 ‫التعويضات‬ Compensation Vergütung

161 ‫أنتهاك حقوق األنسان‬ The violation of Die Verletzung der

rights human Menschenrechte

162 ‫المجاعة‬ Famine Hungersnot

163 ‫األمن الغذائي‬ Food security Lebensmittelkontrolle

164 ‫األحتباس الحراري‬ Global warming Erderwärmung

165 ‫إدارة المراسم العامة‬ Protocol Department Protokollabteilung des

General of Allgemeinen

272
‫الملحق‬

166 ‫قوات حفظ السالم‬ Peacekeeping forces Kräfte Friedenserhaltende

167 ‫التحكيم الدولي‬ International Internationale

Arbitration Schiedsgerichtsbarkeit

168 ‫المواطنة‬ Citizenship Staatsbürgerschaft

169 ‫قائم باألعمال‬ ) Chargé d'affaires ( a.i ).Geschäftsträger (a.i

170 ‫عميد السلك الدبلوماسي‬ Dean of the Dekan des

Corps Diplomatic Korps Diplomatischen

171 ‫سفير فوق العادة‬ Ambassador Außerordentlicher

Extraordinary Botschafter

172 ‫وزير مفوض‬ Minister Minister Bevollmächtigter

Plenipotentiary

173 ‫قنصل فخري‬ Honorary Consul Honorarkonsul

174 ‫شخص غير مرغوب به‬ Persona non grata Unerwünschte Person

175 ‫صاحب السعادة‬ ) His Excellency ( h.i )Seine Exzellenz (h.i

176 ‫مراكز األبحاث المتخصصة‬ Specialized research Spezialisierte

centers Forschungszentren

177 ‫تحالف دولي‬ An international Eine internationale

coalition Koalition

178 ‫ أتفاقية تفادي اإلزدواج الضريبي‬Convention on the Übereinkommen zur

avoidance of double Vermeidung der

taxation Doppelbesteuerung

179 ‫ اللجنة الشعبية العامة لإلتصال‬General People's Allgemeines

Committee for Foreign für Volkskomitee


‫الخارجي والتعاون الدولي‬
Liaison and International Auslandsbeziehungen und

273
‫الملحق‬
Cooperation internationale Zusammenarbeit

180 ‫مقر إقامة السفير‬ Ambassador's Botschafters Residenz des

residence

181 ‫الصياغة‬ Formulation Formulierung

182 ‫التنفيذ – التطبيق‬ Implementation Implementierung

183 ‫التصديق‬ Ratification Ratifizierung

184 ‫يعتمد‬ Depends Hängt davon ab

185 ‫معتمد‬ Certified Zertifiziert

186 ‫إعتماد‬ - Accrditation Akkreditierung -

Adoption Annahme

187 ‫أوراق إعتماد‬ Adoption papers Adoptionspapiere

188 ‫يقدم أوراق إعتماده‬ Submit the credentials Senden Sie die

of Anmeldeinformationen von

189 ‫مذكرة شفوية‬ Note verbale Hinweis verbale

190 ‫الهجرة‬ Immigration Einwanderung

191 ‫الهجرة غير الشرعية‬ Illegal immigration Illegale Einwanderung

192 ‫تفادي‬ Avoid Vermeiden

193 ‫زيارة رسمية‬ State visit Staatsbesuch

194 ‫نظرية‬ Theory Theorie

195 ‫تاريخ الفكر السياسي‬ The history of Die Geschichte des

thought political politischen Denkens

274
‫الملحق‬

196 ‫المنهجية العلمية‬ Scientific Wissenschaftliche

methodology Methodik

197 ‫مذكرة تعميم‬ Circulated a Zirkulierte ein

memorandum Memorandum

198 ‫مذكرة سالم‬ Peace Note Friedensnotiz

199 ‫مذكرة دبلوماسية‬ A diplomatic note Eine diplomatische Note

200 ‫مالحظة على الهامش‬ Note in the margin Beachten Sie am Rand

201 ‫مذكرة أحتجاج‬ Protest note Protestnote

202 ‫تبادل المذكرات‬ Exchange of notes Notenaustausch

203 ‫إشعار مسبق‬ Notice Beachten

204 ‫إخطار باإلنتهاء‬ Notice of completion Fertigstellungsbescheid

205 ‫بدون سابق إنذار‬ Without warning Ohne Warnung

206 ‫األنظمة – األخطارات‬ Systems - - Systems

Notifications Benachrichtigungen

207 ‫الطاقة الذرية‬ Atomic Energy Atomenergie

208 ‫فكرة المساواة‬ The idea of equality Die Idee der Gleichheit

209 Experimental nuclear Experimentelle nukleare


‫اإلنفجارات النووية التجريبية‬
explosions Explosionen

210 ‫الحرب النووية‬ Nuclear war Atomkrieg

211 ‫المراسم والتشريفات‬ Protocol and Protocol Protokoll und Protokoll

212 ‫القانون الدولي والعالقات‬ International Law and Völkerrecht und

International Relations internationale Beziehungen


‫الدولية‬

275
‫الملحق‬

213 ‫المنظمات الدولية والغير‬ International Internationale

organizations and non- Organisationen und


‫حكومية‬
governmental Nichtregierungsorganisationen

214 ‫تنازل عن الجنسية‬ Waiver of the Verzicht auf die

nationality Staatsangehörigkeit

215 ‫األعتماد الدبلوماسي‬ Diplomatic Diplomatische

accreditation Akkreditierung

216 ‫القنصلية‬ Consulate Konsulat

217 ‫الملحق الثقافي‬ Cultural attache Kulturattaché

218 ‫الملحق الصحفي‬ Press Attaché Presseattache

219 ‫الملحق العسكري‬ Military attache Militärattache

220 ‫الملحق األعالمي‬ Supplement Ergänzungsinformationen

Information

221 ‫القنصل‬ Consul Konsul

222 ‫النائب‬ Deputy Stellvertreter

223 ‫العولمة‬ Globalization Globalisierung

224 ‫التكتالت الدولية‬ International cartels Internationale Kartelle

225 ‫برنامج ثقافة السالم‬ Culture of Peace Programm für Kultur des

Program Friedens

226 ‫ مؤتمر السالم في عقول البشر‬Peace in the minds of Frieden in den Köpfen

Men der Menschen

227 ً‫غير صحيح علميا‬ Incorrect Scientifically Wissenschaftlich falsch

228 ‫صناعة السالم‬ Peace Making Friedensstiftung

276
‫الملحق‬

229 ‫أجندة السالم‬ An Agenda for peace Eine Agenda für den

Frieden

230 ‫دبلوماسية القمة‬ Diplomacy Summit Gipfeldiplomatie

231 ‫دبلوماسية األزمات‬ Crisis Diplomacy Krisendiplomatie

232 ‫دبلوماسية التحالفات‬ Diplomacy Alliance Bündnisdiplomatie

233 ‫أستراتيجية الحقيقة‬ Strategy of Truth Strategie der Wahrheit

234 ‫أستراتيجية الكذبة الكبرى‬ Strategy of Big Lie Lüge Strategie der großen

235 ‫الـدعـايـة‬ Propaganda Propaganda

236 ‫المـقـاطـعـة‬ Boycott Boykott

237 ‫المساعدات الخارجية‬ Foreign Aids Auslandshilfen

277
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫قائم ــة المصــادر والم ـراجع‬

‫‪ -‬القـرآن الكري ــم برواية اإلمام ورش‬

‫المراجـع العربيـة‬

‫القمرتي‪ .‬في الترجمة العلمية والتقنية‪ ،‬ضمن كتاب (الرتمجة ونظرياهتا)‬


‫‪ .1‬الباجي ْ‬
‫‪ .2‬ج‪.‬س‪.‬كاتفورد‪ :‬نظرية لغوية يف الرتمجة‪ ،‬ترجمة‪ :‬د‪.‬خليفة الغرابي ود‪.‬محيي الدين حميدي‪ ،‬مراجعة‪:‬‬

‫د‪.‬عيسى العاكوب‪ ،‬معهد اإلمناء العريب (بريوت)‪ ،‬ط‪)1991( 1‬‬

‫‪ .3‬جماعة من الباحثين‪ :‬الترجمة والتأويل‪ ،‬أعمال املائدة املستديرة الثالثة‪ ،‬منشورات كلية اآلداب (الرباط)‪،‬‬

‫سلسلة ندوات ومناظرات رقم‪1995 ،47 :‬‬

‫‪ .4‬د ‪.‬العيسوي‪ ،‬بشري ‪:‬الترجمة إلى العربية‪ ،‬قضايا وأراء‪ ،‬دار الفكر العريب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الطبعة الثانية‪. 2001،‬‬

‫‪ .5‬د‪ .‬جعفر عبد السالم‪ ،‬المنظمات الدولية‪ ،‬دار النهضة للطبع والنشر‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ب‪.‬ت‪.‬‬

‫‪ .6‬د‪ .‬سموحي فوق العادة‪ ،‬الدبلوماسية الحديثة‪ ،‬دار اليقظة العربية للتأليف والرتمجة والنشر‪ ،‬دمشق‪،‬‬

‫بريوت‪1973 ،‬م‪.‬‬

‫‪ .7‬د‪ .‬صبحي المحمصاني‪ ،‬القانون والعالقات الدولية في اإلسالم‪ ،‬دار العلم للماليني‪ ،‬بريوت‪1972 ،‬م‪.‬‬

‫‪ .8‬د‪ .‬علي القاسمي‪ :‬مقدمة في علم المصطلح‪ ،‬مكتبة النهضة املصرية (القاهرة)‪ ،‬ط‪1987 2‬‬

‫‪ .9‬د‪ .‬علي حسين الشامي‪ ،‬الدبلوماسية‪ ،‬دار العلم للماليني‪ ،‬بريوت‪1990 ،‬م‪.‬‬

‫‪ .10‬د‪ .‬علي صادق أبو هيف‪ ،‬القانون الدبلوماسي‪ ،‬منشأة املعارف باإلسكندرية‪1975 ،‬م‪.‬‬

‫‪279‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ .11‬د ‪.‬عناني‪ ،‬محمد ‪:‬نظرية الترجمة الحديثة‪ ،‬الشركة املصرية العاملية للنشر ‪.‬لوجنمان‪ ،‬القاهرة‪2003.،‬‬

‫‪ .12‬د‪ .‬محمد الحسـيني مصيلحي‪ ،‬المنظمات الدولية‪ ،‬دار النهضة العربية القاهرة‪1989،‬‬

‫‪ .13‬د‪ .‬محمد الصادق عفيفي‪ ،‬تطور التبادل الدبلوماسي‪ ،‬مكتبة األجنلو املصرية ‪1986‬‬

‫‪ .14‬د‪ .‬محمد حافظ غانم‪ ،‬المنظمات الدولية‪ ،‬مطبعة هنضة مصر‪ ،‬القاهرة ‪1960‬م‪.‬‬

‫‪ .15‬د‪ .‬محمود خلف‪ ،‬النظرية والممارسة الدبلوماسية‪ ،‬املركز الثقايف العريب‪ ،‬بريوت‪1989 ،‬‬

‫‪ .16‬د‪ .‬مـفي ــد محمـود شهاب‪ ،‬المنظمــات الدولية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاه رة‪1990 ،‬‬

‫‪ .17‬د ‪.‬موسى صاحل‪ ،‬بشرى ‪:‬نظرية التلقي‪ ،‬املركز الثقايف العريب‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬الدار البيضاء املغرب‪2001 ،‬‬

‫‪ .18‬عبد الرؤوف‪ ،‬محمد عوني ‪:‬تاريخ الترجمة العربية بين الشرق العربي والغرب األوروبي‪ ،‬مكتبة اآلداب‪،‬‬

‫القاهرة‪2008.،‬‬

‫‪ .19‬علي الهادي حمدي أمين‪ ،‬إدارة شؤون موظفي الدولة‪ ،‬أصوهلا وأساليبها‪ ،‬دار الفكر ‪1976‬‬

‫‪ .20‬كمال قحة‪ :‬مقال الترجمة في العصر الحديث‪ :‬تاريخها وقضاياها‪ ،‬ضمن كتاب الرتمجة ونظرياهتا‪ ،‬بيت‬

‫احلكمة‪ ،‬قرطاج‪ ،‬ط ‪1989‬‬

‫‪ .21‬محمد الديداوي‪ .‬مفاهيم الترجمة‪ ،‬املركز الثقايف العريب‪ ،‬الرباط‪2007‬‬

‫‪ .22‬محمد الديداوي‪ ،‬محمد ‪:‬منهج المترجم‪ ،‬املركز الثقايف العريب‪ ،‬الدا البيضاء‪ ،‬املغرب ‪. 2005.‬‬

‫‪ .23‬محمد ديداوي‪:‬علم الترجمة بين النظرية والتطبيق‪ ،‬دار املعارف للطباعة ط‪1992 – 1‬‬

‫‪ .24‬محمد رشاد الحمزاوي‪ :‬المنهجية العامة لترجمة المصطلحات وتوحيدها وتنميطها (امليدان العريب)‪ ،‬دار‬

‫الغرب اإلسالمي (بريوت)‪ ،‬ط‪1986 1‬‬

‫‪ .25‬مفيد محمود شهاب‪ ،‬القانون الدولي العام‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة ‪1985‬‬

‫‪ .26‬مؤمن‪ ،‬أكرم ‪:‬أصول الترجمة للمحترفين‪ ،‬الدار املصرية للعلوم‪ ،‬القاهرة‪2006.،‬‬

‫‪280‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫المراجع المعربة‪:‬‬

‫‪ .1‬نيدا‪ ،‬يوجني ‪.‬ترمجة ماجد النجار‪ ،‬نحو علم الترجمة‪ ،‬مطبوعات وزارة اإلعالم‪ ،‬اجلمهورية العراقية ‪1976.‬‬

‫‪ .2‬أورتادو ألبري‪ ،‬أمبارو‪ ،‬ترمجة املنويف‪ ،‬على إبراهيم ‪:‬الترجمة ونظرياتها‪ ،‬الناشر ‪:‬املركز القومي للرتمجة – القاهرة‬

‫‪2008.‬‬

‫‪ .3‬ثيو‪ ،‬هرمانز‪ ،‬ترمجة قنديل‪ ،‬بيومي ‪:‬جوهر الترجمة‪ ،‬عبور الحدود الثقافية‪ ،‬اجمللس األعلى للثقافة‪ ،‬القاهرة‪،‬‬

‫‪2005‬‬

‫‪ .4‬الديداوي‪ ،‬حممد ‪:‬مفاهيم الترجمة ‪ ،‬املركز الثقايف العريب‪ ،‬الرباط ‪2007‬‬

‫‪ .5‬روي‪ ،‬سنيثاب‪ ،‬ترمجة عليوي‪ ،‬مهدي حسني‪ ،‬الترجمة عملية خطابية‪ ،‬دار الفكر ‪.‬الطبعة األوىل ‪.‬القاهرة‪،‬‬

‫‪2007‬‬

‫‪ .6‬شارل ثاير‪ ،‬الدبلوماسي‪ ،‬ترجمة خيري حماد‪ ،‬دار العلم للماليني‪ ،‬بريوت‪.‬‬

‫‪ .7‬شافنر‪ ،‬كريستينا‪ ،‬ترمجة محيدي‪ ،‬حمي الدين ‪:‬دور تحليل الخطاب في الترجمة‬

‫‪ .8‬ميلز‪ ،‬سارة ‪:‬ترمجة ‪:‬بغلول‪ ،‬يوسف ‪:‬الخطاب‪ ،‬منشورات خمرب الرتمجة يف األدب واللسانيات‪ ،‬جامعة منتوري‪،‬‬

‫قسنطينة‪2004،‬‬

‫‪ .9‬وتدريب المترجم‪ ،‬النشر العلمي واملطابع‪ ،‬جامعة امللك سعود‪ ،‬الرياض‪2007. ،‬‬

‫ثانيا المراجع باللغات األجنبية‪:‬‬

‫‪1.‬‬ ‫‪Actes du colloque international organise par l’association Européennes des‬‬

‫‪linguistes et professeur des langues : La traduction littéraire، scientifique et‬‬

‫‪technique، les 21 et 22 mars 1991، La Tilv ،Paris، P11.‬‬

‫‪281‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

2. Ballard، Michel: La traduction، contact de langues et du cultures،Artois

Presses Université، Paris، 2005، P147.

3. Charaudeau, Patrick : Le discours politique, Vuibert, Paris, 2007.

4. Didier Erudition, 2eme Edition, Paris, 2002, P 247.

5. Garcia Negroni, Maria Marta: Gradualité et Réinterprétation

L’Harmattan, Paris, 2003.

6. Guidere, Mathieu: La traduction arabe méthodes et applications,

Edition: Ellipses, Lyon, 2005, P 11.

7. Hellal, Yamina: La théorie de la traduction, Approche thématique et

pluridisciplinaire, Office des publications universitaires, Alger, 1986

8. Joelle, Redouane: La traductologie science et philosophie de la

traduction, Office des publications universitaires, Alger, 1985،

9. Ladmiral, Jean-René: Traduire théorème pour la traduction،Edition

Gallimard, France, janvier 2002, P130.

10. Lederer، Mariane: La traduction aujourd’hui, Hachette, PARIS, 1994.

11. Lolisse, Jean: La communication, De boeck Universite, 1 ère Edition،

Bruxelles, 2001.

12. Meschonnic, Henri : Ethique et politique du traduire, Verdier, Paris,

octobre2007.

13. Mounin, Georges: Les problèmes théoriques de la traduction,

Gallimard, France, 2004.

282
‫قائمة المصادر والمراجع‬

14. Munday, Jeremy: Translation studies, Edition; Routlege, London،2009,

London.

15. Oustinoff، Michel: La traduction, 2eme Edition mise à jour 5 mille, Paris,

janvier 2007.

16. Plassard, Freddie: Lire pour traduire, Presses Sorbonne Nouvelle, Avril

2007.

17. Reiss, Katharina: La critique des traductions, ses possibilites est ses

limites, Traduit de l’allemand par Catherine Bocquet. Artois press

Universitaire، Paris .2002.

18. Robert-demontrond، philippe: L’interprétation du discours, Edition

Apogée, Paris, 2006.

19. Seleskovitch, Danica, et Lederer, Marianne: Interpréter pour traduire,

Didier Erudition, Paris،2001.

20. Seleskovitch, Danica: Pédagogie raisonnée de l’interprétation،

‫المعاجم‬
1. Dépierres Ibid. 865 claire: le jeu des figures énonciatives: Interrogation et

Argumentation, SEMEN, v15، 2000.

2. Dictionnaire Larousse, 2009.

3. Dictionnaire Larousse, Mai 2005.

283
‫قائمة المصادر والمراجع‬

:‫األنترنت‬ ‫مواقع‬
1. faculty.kfupm.edu.sa/IAS/howsawi/system/khotba/upload/503.doc.

2. http://www.baheth.info/all.jsp?term= . ‫فساد‬

3. http://www.enterweb.org/know-f.htm.

4. http://www.furat.alwehda.gov.sy/_archive.asp?FileName=72876967720060

726014812

5. http://www.le-dictionnaire.com/definition.php?mot=dirigisme.

6. http://www.le-dictionnaire.com/definition.php?mot=embryon.

7. http://www.le-dictionnaire.com/definition.php?mot=gabegie.

8. http://www.le-dictionnaire.com/definition.php?mot=macro-%E9conomie.

9. http://www.le-dictionnaire.com/resultats.php?mot=%droit_de Lhomme.

10. http://www.le-dictionnaire.com/resultats.php?mot=%E9tat+de+droit

11. http://www.mokarabat.com/mo10-21.htm.

12. http://www.perspective.usherbrooke.ca/bilan/servlet/BMDictionnaire?iddic

tionnaire=1551

13. www.google.com/search?q=define:Société+du+savoir&btnG=Rechercher&

hl=fr&lr=&sa=2.

14. www.le-dictionnaire.com/definition. php? mot=g%E9o %E9 conomie

15. www.le-dictionnaire. com/definition. php?mot=g%E9o politique.

284
‫الف ـهــرس‬

‫فهـ ـ ـرس الموضـوعــات‬

‫البسملة‬
‫كلمة شكر‬
‫اإلهداء‬
‫مقدمة ‪ ............................................................................‬أ‬
‫مدخل ‪01 ...........................................................................‬‬
‫الفصل األول‪ :‬الدبلوماسي ـ ــة‪ :‬الماهية والخصائص‬
‫ماهية مصطل ح دبلوماسية ‪20 ...........................................................‬‬
‫تعريف الدبلوماسية ‪27 ................................................................‬‬
‫الدبلوماسية يف العصر اإلغريقي والرومان ‪39 .............................................‬‬
‫تبادل التمثيل الدبلوماسي ‪43 ..........................................................‬‬
‫‪-1‬انشاء العالقات الدبلوماسية ‪44 .....................................................‬‬
‫‪ -2‬تكوين البعثة الدبلوماسية ‪45 .......................................................‬‬
‫الدبلوماسية احلديثة خصوصيات العصر ‪49 .............................................‬‬
‫الفصل الثاني ‪«:‬الترجمة المتخصصة والمصطلح الدبلوماسي‬
‫الرتمجة املتخصصة׃ ‪64 .................................................................‬‬
‫مسات الرتمجة املتخصصة׃ ‪64 ...........................................................‬‬
‫كفاءات املرتجم املتخصص ׃ ‪65 ......................................................‬‬
‫إبداع املرتجم׃ ‪67 ......................................................................‬‬
‫كفاءات املرتجم׃ ‪69 ...................................................................‬‬
‫ج‪ -‬دور املرتجم ׃ ‪70 ..................................................................‬‬

‫‪286‬‬
‫الف ـهــرس‬

‫د‪ -‬تكوين املرتجم ׃ ‪75 ................................................................‬‬


‫عوامل جناح املرتجم املتخصص׃ ‪77 ..................................................‬‬
‫املصطلح الدبلوماسي يف النص الدبلوماسي‪80 .......................................... :‬‬
‫املصطلح الدبلوماسي‪80 .............................................................. :‬‬
‫خصائص النص الدبلوماسي ‪82 ......................................................‬‬
‫‪ -1-2‬خصوصيات اللغة الدبلوماسية‪83 ............................................. :‬‬
‫املختصرات والشعارات‪84 ............................................................. :‬‬
‫ب‪ -‬درجة التقنية‪86 ................................................................. :‬‬
‫‪-2-2‬أسلوب النص الدبلوماسي‪87:‬‬
‫‪-3-2‬التنقيط‪88 .................................................................... :‬‬
‫‪ -4-2‬الطباعة وخمتلف الرموز‪89 ..................................................... :‬‬

‫الفصل الثالث‪ :‬صعوبات ترجمة النص الدبلوماسي‬


‫صعوبات ترمجة النص الدبلوماسي ‪97 ....................................................‬‬
‫الفروق اللغوية ‪97 ......................................................................‬‬
‫ترمجة العناوين ‪103 .....................................................................‬‬
‫الصعوبات النامجة عن اللغة الدبلوماسية ‪104 ..............................................‬‬
‫ترمجة النص الدبلوماسي‪ :‬مراحل الرتمجة الدبلوماسية وكيفيتها ‪112 ...........................‬‬
‫‪-1‬البحث التوثيقي‪112 ................................................................‬‬
‫فهم النص ‪115 .......................................................................‬‬
‫‪-3‬البحث املصطلحي ‪118 ............................................................‬‬
‫‪-4‬ترمجة املصطلح الدبلوماسي ‪127 ......................................................‬‬

‫‪287‬‬
‫الف ـهــرس‬

‫‪ -1-4‬آليات ترمجة املصطلح الدبلوماسي ‪128 ..........................................‬‬


‫أ ‪ -‬توليد املصطلحات ‪129 .............................................................‬‬
‫مهارات املرتجم‪130 ................................................................. :‬‬
‫‪-2‬والء املرتجم جلهات خمتلفة ‪131 .................................................... :‬‬
‫ب‪ -‬التعريب‪135 .................................................................... :‬‬
‫ج‪ -‬االشتقاق׃ ‪136 ...................................................................‬‬
‫د‪ -1-‬أساليب الرتمجة املباش رة׃ ‪138 ...................................................‬‬
‫االقرتاض احملاكاة ‪138 ..................................................................‬‬
‫الرتمجة احلرفية ‪139 .....................................................................‬‬
‫د‪ -2-‬أساليب الرتمجة املباشرة׃ ‪140 .....................................................‬‬
‫التصرف׃ ‪140 .......................................................................‬‬
‫ّ‬
‫التطويع‪141 ......................................................................... :‬‬
‫التكافؤ׃ ‪142 ..........................................................................‬‬
‫ه‪-‬الكناية‪142 ....................................................................... :‬‬
‫ن‪ -‬ترمجة الصفة باالسم‪144 .......................................................... :‬‬
‫إعادة التعبري׃ ‪145 .....................................................................‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬أنواع الترجمات وكيفيتها في المؤتمرات الدولية‬
‫متهيد منهجي ‪148............................................... ................................ ................................‬‬
‫أنواع الرتمجات وكيفيتها يف املؤمترات الدولية ‪154..................................... ................................‬‬
‫أنواع الرتمجة ‪156................................................. ................................ ................................‬‬
‫الرتمجة الشفهية ‪157............................................. ................................ ................................‬‬
‫‪ -1‬الرتمجة املنظورة ‪157....................................... ................................ ................................‬‬

‫‪288‬‬
‫الف ـهــرس‬

‫‪ -2‬الرتمجة التتابعية ‪158...................................... ................................ ................................‬‬


‫‪ -3‬الرتمجة الفورية ‪158........................................ ................................ ................................‬‬
‫‪ - 4‬الرتمجة احلرفية ‪169 ...............................................................‬‬
‫‪ -5‬ترمجة املعن ى ‪173 .................................................................‬‬
‫‪ –6‬ترمجة املختصرات ‪174 .............................................................‬‬
‫‪ -7‬الرتمجة التقنية ‪176 ................................................................‬‬
‫‪ - 8‬ترمجة النصوص التقنية ‪188 .........................................................‬‬
‫‪ - 9‬أمساء املنظمات والشعارات واالختصارات ‪193 ......................................‬‬
‫‪ -10‬شبه الرتمجة‪196 ................................................................ .‬‬
‫الفصل الخامس ‪ :‬الجانب التطبيقي‪ :‬استراتيجيات الترجمة الديبلوماسي في ظل العولمة‬

‫متهيد منهجي ‪200 ........................................................................‬‬


‫الرتمجة والدبلوماسية ‪203 ..................................................................‬‬
‫التسلسل اهلرمي الدبلوماسي ‪208 ...........................................................‬‬
‫السفري ((‪208 .................................................. :The Ambassador‬‬
‫املستشار (‪208 ........................................................ :)Counsellor‬‬
‫األمني (‪209 ............................................................. :)Secretary‬‬
‫القنصل (‪209 ............................................................... :)Consul‬‬
‫امللحق ( ‪210 .............................................................:)Attaché‬‬
‫الصيغ والوثائق الدبلوماسية ‪210 ............................................................‬‬
‫السرية ‪214 ..............................................................................‬‬
‫الوظائف واملسؤوليات ‪215 ................................................................‬‬

‫‪289‬‬
‫الف ـهــرس‬

‫أ‪ .‬الرتمجة‪215 ........................................................................... :‬‬


‫ب‪ .‬الرتمجة الفورية‪216 .................................................................. :‬‬
‫ج‪ .‬املعلومات والتوثيق‪216 ............................................................... :‬‬
‫الوضع املهين‪217 .........................................................................‬‬
‫‪-‬مفهوم اخلطاب الديبلوماسي‪218 ........................................................ :‬‬
‫‪-2‬خصائص اخلطاب الديبلوماسي ‪220 .................................................. :‬‬
‫‪-3‬اسرتاتيجيات اخلطاب الديبلوماسي‪223 ................................................ :‬‬
‫‪-4‬العبارات االصطالحية‪224 ............................................................ :‬‬
‫‪-1-4‬تعريف العبارات االصطالحية‪224 .................................................. :‬‬
‫‪-2-4‬العبارات االصطالحية يف اخلطاب الديبلوماسي‪226 .................................. :‬‬
‫أمهية ترمجة املصطلحات الدبلوماسية يف اخلطابات الدبلوماسية‪228 ............................ :‬‬
‫التطورات اليت طرأت على املصطلح الدبلوماسي يف ظل العوملة ‪229 .............................‬‬
‫مفهوم العوملة ‪232 ........................................................................‬‬
‫تأثري العوملة على سرعة تدفق املصطلحات الدبلوماسية ‪235 .................................. :‬‬
‫من كتاب حملة يف العالقات األملانية العربية ‪240 .................................................‬‬
‫مقدمة ‪240 ................................................................................‬‬
‫متهيد ‪241 ..................................................................................‬‬
‫التعليق ‪243 ................................................................................‬‬
‫من كتاب الغرب والعامل اإلسالمي ‪245 .......................................................‬‬
‫متهيد ‪245 .................................................................................‬‬
‫تعليق ‪247 .................................................................................‬‬
‫توضيح السياق ‪251 ........................................................................‬‬

‫‪290‬‬
‫الف ـهــرس‬

‫‪ -2‬تعليق املواجهة الراهنة ‪258 ...............................................................‬‬


‫‪ -3‬تعليق القضايا الدالة ‪261 ................................................................‬‬
‫‪ -4‬تعليق كيف ميكن إخرتاق احللقة املفرغة ‪264 ...............................................‬‬
‫تعليق عام ‪269 .............................................................................‬‬
‫خاتمة ‪275 .................................................................................‬‬
‫مسرد المصطلحات ‪284 ...................................................................‬‬
‫قائم ــة المصــادر والمــراجع ‪300 .............................................................‬‬
‫فهـ ـ ـرس الموضـوعــات ‪307 ..................................................................‬‬

‫‪291‬‬
‫ﻣﻠﺨﺺ ‪:‬‬
‫ﺗﺘﺄﺳﺲ ﻓﻜﺮة ﻣﻘﺎﻟﺘﻲ ﺣﻮل دراﺳﺔ‪ ،‬وﺗﺤﻠﯿﻞ‪ ،‬وﺗﺒﺴﯿﻂ اﻟﺘﺮﺟﻤﺔ اﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﯿﺔ أﻧﻮاﻋﮭﺎ‪،‬‬
‫وﺧﺼﻮﺻﯿﺎﺗﮭﺎ‪ ،‬وﺗﺘﺒﻊ آﻟﯿﺎﺗﮭﺎ‪ ،‬ورﺳﻢ اﻷﺳﺎﺳﯿﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺸﻜﻞ ﻓﺮﺿﯿﺔ اﻟﺨﻄﺎب اﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻲ‪،‬‬
‫وﻷن اﻟﺘﺮﺟﻤﺔ ﻗﺪ ظﮭﺮت ﻟﺘﻤﻜﻦ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ اﻟﺘﻌﺮف ﻋﻠﻰ ﻧﺼﻔﮫ اﻵﺧﺮ‪ ،‬وﻟﻼطﻼع ﻋﻠﻰ‬
‫اﻧﺠﺎزات اﻷﻣﻢ اﻷﺧﺮى‪ ،‬ﻛﻤﺎ وأﻧﻨﻲ ﺣﺎوﻟﺖ ﺗﺘﺒﻊ اﻟﻔﻮﺿﻰ اﻟﻤﺼﻄﻠﺤﯿﺔ اﻟﺘﻲ راﻓﻘﺖ اﻟﻌﻮﻟﻤﺔ‬
‫ﻓﻲ ﺷﻤﻮﻟﯿﺘﮭﺎ‪ ،‬إذ ﻣﻤﺎ ﻻﺷﻚ ﻓﯿﮫ أن اﻟﺤﺎﺟﺔ أﺻﺒﺤﺖ ﻣﻠﺤﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﻮاﻓﺮ ﻋﻤﻠﯿﺔ ﺗﺮﺟﻤﯿﺔ‬
‫ﻣﺘﺨﺼﺼﺔ ﺗﻀﻤﻦ وﺻﻮل رﺳﺎﻟﺔ ﺻﺤﯿﺤﺔ‪ ،‬وﺗﺆﺳﺲ ﻋﻼﻗﺔ ودﯾﺔ ﺑﯿﻦ طﺮﻓﯿﻦ ﻋﻦ طﺮﯾﻖ‬
‫ﺗﺮﺟﻤﺔ ﻣﺘﺨﺼﺼﺔ‪ ،‬وﻷن اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻲ ﺑﯿﻦ اﻷﻣﻢ واﻟﺸﻌﻮب‪ ،‬ﯾﺴﮭﻢ ﻓﻲ ﺑﻨﺎء‬
‫اﻟﺤﻀﺎرات‪ ،‬ﻓﻘﺪ رﻛﺰت ﻋﻠﻰ إﺿﺎﻓﺎت اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ إﻟﻰ اﻟﻤﺼﻄﻠﺤﯿﺔ اﻟﺠﺪدة‪ ،‬ﻓﺬﻛﺮت‬
‫اﻻﺷﺘﻘﺎق‪ ،‬ﺛﻢ رﻛﺰت ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻌﺮﯾﺐ‪ ،‬واﻟﻤﺠﺎز‪ ،‬وﻏﯿﺮھﺎ ﻣﻦ اﻵﻟﯿﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺴﮭﻢ ﻓﻲ ﺻﻨﺎﻋﺔ‬
‫اﻟﻤﺼﻄﻠﺢ‪ ،‬وﻷن اﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﯿﺔ ﺗﺘﺄﺳﺲ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻮار وﻟﯿﺲ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻮاﺟﮭﺔ‪ ،‬وﻋﻠﻰ وﺟﮫ أﺧﺺ‬
‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺘﻢ ﺗﺮﺟﻤﺔ اﻟﻨﻮاﯾﺎ ﺑﺸﻜﻞ دﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻲ ﺻﺤﯿﺢ‪ ،‬ﺑﺤﯿﺚ ﺗﻈﮭﺮ اﻟﻨﻮاﯾﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﻘﯿﻘﺘﮭﺎ‪ ،‬ﻓﻲ ﻧﻘﺎش‬
‫واﺿﺢ وﺷﻔﺎف‪ ،‬ﻓﺎﻟﺘﺮﺟﻤﺔ ھﻨﺎ ﺗﺒﺪو ﻋﺎﻣﺔ‪ ،‬ﺷﺎﻣﻠﺔ ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ ﻧﻘﻞ ﻛﻞ ﻣﺎ ﯾﻘﺎل ﻓﻲ ﻟﻘﺎءات ﺗﺠﻤﻊ‬
‫اﻷطﺮاف اﻟﻤﺘﺼﺎرﻋﺔ‪.‬‬

‫ﻛﻠﻤﺎت ﻣﻔﺘﺎﺣﯿﺔ ‪:‬‬

‫ﺗﺮﺟﻤﺔ؛ اﻟﺪﯾﺒﻠﻮﻣﺎﺳﯿﺔ؛ اﻟﺘﻮاﺻﻞ؛ اﻟﺨﻄﺎب؛ اﻟﻌﻼﻗﺎت؛ اﻟﻨﺺ؛ اﻟﺮھﺎن؛ اﺳﺘﺮاﺗﯿﺠﯿﺎت؛ اﻟﻠﻐﺔ؛‬


‫اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻲ؛ إﺿﺎﻓﺎت اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ؛ اﻟﻔﻮﺿﻰ اﻟﻤﺼﻄﻠﺤﯿﺔ؛ اﻟﺘﺮﺟﻤﺔ اﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﯿﺔ؛‬
‫اﻟﺘﻌﺮﯾﺐ؛ اﻟﻤﺠﺎز‪.‬‬

‫ﻧﻮﻗﺸﺖ ﯾﻮم‪2021/07/08 :‬‬


‫ﺑﺘﻘﺪﯾﺮ‪ :‬ﻣﺸﺮف ﺟﺪا‬

You might also like