You are on page 1of 3

‫‪-‬المحاضرة السادسة‬

‫‪-‬مناهج البحث العممي في الظواهر المعرفية‬


‫تتعدد مناىج البحث العممي المستخدمة في دراسة الظواىر النفسية من المنيج الوصفي إلى‬
‫المنيج التجريبي‪ ،‬وتختمف فروع عمم النفس من حيث خصوصياتيا فيما يتعمق بالمناىج التي‬
‫تصمح لدراسة ظواىرىا‪ ،‬والظواىر المعرفية ال يمكن دراستيا غالبا بالطرق المباشرة‪ ،‬ألنيا غير‬
‫قابمة لممالحظة الخارجية‪ ،‬بل تعتمد غالبا عمى التقارير الذاتية لممفحوصين لوصف أو تقدير‬
‫التغيرات التي تحدث عمى سموكيم بعد المرور بخبرة معرفية محددة‪ ،‬ىذه المحددات جعمت من‬
‫البحث العممي عممية شاقة وصعبة‪ ،‬وخصوصا اننا نتعامل مع عمميات عقمية متطورة وعمى‬
‫درجة عالية من التعقيد‪.‬‬

‫ومن ىنا فقد لجا عمماء النفس المعرفيون األوائل أمثال فونت إلى استخدام االستبطان كمنيج‬
‫عممي لدراسة الخبرة الشعورية‪ ،‬ولجا آخرون إلى التجريب عمى ظواىر معرفية أمثال ابنكهاوس‬
‫في دراساتو عمى الذاكرة‪ ،‬كما استخدم آخرون مزيج من أساليب ومناىج متعددة مثل أساليب‬
‫المحاكاة مع نظم معالجة المعمومات أو مناىج الدراسات الفسيولوجية من خالل التشريح‬
‫واإلصابات الدماغية‪.‬‬

‫ويرتكز البحث النفسي المعرفي عمى عدة مسممات أو افتراضات بحثية‪ ،‬ال بد العالم النفس‬
‫المعرفي من إدراكيا وىي ‪:‬‬

‫‪ .1‬إن العمميات المعرفية حقيقة ال بد من التعامل معيا‪ ،‬وىي عمميات منظمة تتطمب البحث في‬
‫طبيعتيا وأىميتيا وخصائصيا وتفاعميا مع العمميات األخرى‪ ،‬وربطيا مع مكونات الشخصية‬
‫األخرى كالمكونات االنفعالية واالجتماعية والجسدية‪ ،‬وأن تعقيد العقل البشري ميما بمغ ال يمنع‬
‫البحث والدراسة العممية المستفيضة لمعمميات المعرفية‪.‬‬

‫‪ .2‬ضرورة اعتماد البحث النفسي المعرفي عمى التقارير الذاتية لممفحوصين من خالل وسائل‬
‫االختبارات والمقاييس النفسية والمالحظات الفردية الذاتية لممفحوصين‪.‬‬

‫‪.3‬ضرورة أن تحقق المعرفة العممية خالل دراسة العمميات المعرفية فوائد تنعكس عمى حياة الفرد‬
‫والمجتمع والتفاعل القائم بين أعضاء المجتمع‪.‬‬
‫‪ .4‬عدم االعتماد الكمي عمى المواقف المخبرية البحثية‪ ،‬وذلك لعدم تشابييا مع المواقف‬
‫الطبيعية في الحياة العامة‪.‬‬

‫‪ .5‬يمكن دراسة الظاىر المعرفية بطريقة نفسية بحتة أو من خالل دراسة اسسيا البيولوجية‪.‬‬

‫‪-‬عممية عمم النفس المعرفي‬

‫يجب عمى عمم النفس المعرفي كغيره من العموم أن يحقق شرطين أساسيين ليصبح عمما قائما‬
‫بذاتو‪ ،‬وىما‪:‬‬

‫‪ -‬أن يطبق مناىج البحث العممي ليصل إلى المبادئ والنظريات العممية التي تحقق فيم‬
‫العمميات المعرفية‪ ،‬وتسمح ممارسة التنبؤ والضبط كأىداف لمعمم‪.‬‬

‫‪-‬توفر مجال خاص من الظواىر ‪ Subject Matter‬التي يبحث فييا وال يشارك العموم األخرى‬
‫بيا‪.‬‬

‫وسوف نتعرف عمى طبيعة النظرية المعرفية‪ ،‬وطريقة تحقيقيا وفق أساليب البحث العممي لتحقيق‬
‫الشرط األول‪ ،‬ثم أصبح من الواضح أن لعمم النفس المعرفي مجاالتو وموضوعاتو الخاصة بو ‪-‬‬
‫وىي العمميات المعرفية ‪ -‬مما يعني أنو يحقق الشرط الثاني‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن تداخل العموم المختمفة في دراسة بعض الظواىر المعرفية كالمغة والذكاء‬
‫االصطناعي وغيرىا ال يفسد استقاللية العمم‪ ،‬ألن ىذا ىو واقع جميع العموم اإلنسانية‬
‫واالجتماعية واألساسية والطبيعية‪.‬‬

‫‪ -‬طبيعة النظرية عمم النفس المعرفي‬

‫يجمع عمماء النفس المعرفي عمى أن النظرية في دراسات عمم النفس المعرفي ىي نسق أو نظام‬
‫يسعى إلى تحقيق فيم لمختمف الظواىر المعرفية‪ ،‬ويسمح لنا باختبار التنبؤات حوليا‪ ،‬وفي نفس‬
‫الوقت‪ ،‬فالنظرية ليست حدسا تأمميا أو حقيقة مطمقة يسعى الباحث إلى إثباتيا‪ ،‬ومن ىنا فإن‬
‫عمماء النفس المعرفيون يحاولون جمع أكبر قدر من المعمومات حول ظاىرة ما‪ ،‬ثم تقودىم ىذه‬
‫المعمومات إلى وضع تنبؤات حول الظاىرة‪ ،‬ثم يتم اختيار أفضل الطرق لمتأكد من صحة ىذه‬
‫التنبؤات حتى نصل إلى النظرية أو القانون أو المبدأ‪ ،‬كما ىو موضح في الشكل ‪-1‬‬
‫المصدر‪ :‬العتوم‪ ،2102 ،‬ص‪01‬‬

‫ويشير ستيرنبرغ (‪ )Sternberg, 2003‬إلى أن عمماء النفس المعرفي غالبا ما يمجؤون إلى‬
‫جمع اكبر حجم من المعمومات‪ ،‬وبكل الطرق المتاحة‪ ،‬حول ظاىرة معينة دون معرفتيم المسبقة‬
‫بطبيعة النتائج التي يمكن التوصل إلييا‪ ،‬ويمجا العمماء إلى وضع فرضيات حول ىذه الظاىرة‪،‬‬
‫ثم يستخدمون الطرق اإلحصائية المناسبة لمتعرف عمى داللة ىذه البيانات وتفنيد الفرضيات‬
‫لمتوصل إلى تفسير عممي لمظواىر المعرفي‪.‬‬

‫وفي ضوء ما سبق‪ ،‬يمكن استخالص خصائص النظرية في عمم النفس المعرفي باالتية‪:‬‬

‫‪ .1‬النظرية ىي نسق أو نظام يسمح لنا باختبار التنبؤات‪.‬‬

‫‪ .2‬النظرية يتم التوصل إلييا من خالل جمع البيانات واختبارىا بالطرق اإلحصائية المناسبة‬

‫‪ .3‬النظرية المعرفية تبني عمى أساس السموك الظاىري لمفرد أو تقريره الذاتي عما يجري داخمو‪.‬‬

‫‪ .4‬ال توجد طريقة الختبار ما إذا كانت النظرية تصف ما يجري داخل الفرد عمى وجو اليقين‬
‫المطمق‪ ،‬حتى مع صحة التنبؤ‪.‬‬

‫‪ .5‬النظرية المعرفية بحاجة إلى تعديل وتكرار لمتأكد من صدقيا التنبؤي‪ ،‬وإلزالة اثر الصدفة في‬
‫تفسير البيانات أو جمعيا‪.‬‬

You might also like