Professional Documents
Culture Documents
التكوين المهني وتلبية الاحتياجات الوظيفية لسوق العمل في الجزائر
التكوين المهني وتلبية الاحتياجات الوظيفية لسوق العمل في الجزائر
التكوين المهني وتلبية الاحتياجات الوظيفية لسوق العمل في الجزائر
ملخص :يهدف هذا المقال إلى دراسة أداء قطاع التكوين المهني ومساهمته في تلبية
االحتياجات الوظيفية بما يتطلبه سوق العمل في الجزائر ،وذلك من خالل معايير ومؤشرات
تحسين الوصول للتكوين المهني ،توسيع عروض التكوين ،آليات التوجيه ،واألداء الداخلي لهذا
النظام ،باإلضافة إلى تحليل واقع خريجي التكوين المهني في سوق العمل ومدى قابليتهم
للتشغيل.خلصت الدراسة إلى ان هناك تحديين رئيسيين يواجههما اليوم هذا القطاع ،يتمثل
األول في تعزيز جاذبية التكوين والتعليم المهنيين ودمجهما كمسار واعد في النظام التعليمي
الوطني ،أما التحدي الثاني فيتمثل في تعزيز التعاون بين معاهد التكوين والتعليم المهنيين
والصناعات بما يتماشى مع متطلبات التنمية المحلية.
الكلمات المفتاحية :التكوين المهني؛ سوق العمل ؛ البطالة؛
تصنيف j20,j21,j24,j64 : JEL
Abstract: The purpose of this paper is to explore the performane of
the professional training and its contribution to respond to the
professional needs of labor market in Algeria. The study concluded that
there are two main challenges facing this sector, the first is to enhance
the attractivness of professional training and learning and to integrate
them as a promising path in the education system, the second challenge
is to strengthen cooperation between professional training and learning
institutes and industries in line with local development requirement .
;keyword: professional training; labor market; unemployment
JEL classification code : j20,j21,j24,j64.
المؤلف المرسل˸رنان نزيهة ،اإليميل ˸rennane.naziha@univ-alger3.dz
التكوين المهني وتلبية االحتياجات الوظيفية لسوق رنان نزيهة ،جاب الله شافية.
العمل في الجزائر
.4مقدمة:
يتطّلب بناء قاعدة ومنظومة ذات مهارات لقوة العمل في أي بلد وجود أنظمة تعليمية
وفعالية ،وتنتج هذه األنظمة من تضافر كافة مؤسسات المجتمع، وتكوينية ذات كفاءة ّ
وباألخص مؤسسات التعليم والتكوين ،إضافة إلى جهود أعوان سوق العمل ومنظماته ،وكذا
التشجيع والتحفيز من أصحاب األعمال والمؤسسات.
في هذا اإلطار ،عملت الجزائر منذ استقاللها على إنشاء مؤسسات للتكوين المهني ،والتي
كان هدفها احتواء المتسربين من النظام التعليمي وتكوين فئات مؤهلة للدخول إلى سوق
العمل ،لكن مع ازدياد معدالت البطالة ،وخاصة بطالة المتخرجين ،كان لزاما على مختلف
تبني سياسات وبرامج تخص قطاع التعليم والتكوين المهنيين لتتماشى مع
الحكومات المتعاقبة ّ
التطورات المستمرة في سوق العمل ومتطلباته من حيث االحتياجات الوظيفية.
وتبقى أهمية قطاع التكوين والتعليم المهنيين تزداد من سنة إلى أخرى بالنسبة لجميع
أن
الجهات االجتماعية الفاعلة ،الحكومة ،المتعاملين االقتصاديين ،والمنظمات النقابية ،حيث ّ
له هدف مزدوج وهو:
-تكوين قوة عاملة تستجيب لمتطلبات واحتياجات سوق العمل ،والسيما من خالل التدريب
اإلقامي والتكوين عن طريق التمهين.
-تكوين وتحسين مهارات العمال عن طريق التدريب المتواصل وفقا لمستلزمات سوق
العمل.
تقدم نظام التكوين المهني في تحقيق هذا الهدف ،يمكن طرح اإلشكالية
ولمعرفة مدى ّ
التالية:
ما مدى مساهمة نظام التكوين المهني في تلبية االحتياجات الوظيفية لمتطّلبات سوق
العمل بالجزائر؟
أهداف الدراسة˸ نهدف من خالل معالجة هذا الموضوع إلى˸
-رصد التطور الذي عرفه قطاع التكوين المهني منذ نشأته ،
-إبراز واقع سوق العمل في الجزائر ،
-تحليل العالقة بين مخرجات التكوين المهني واحتياجات سوق العمل في الجزائر.
280
المجلد ،41العـــدد ،24:السنة ،0202:ص400 -381 مجلة أبحاث اقتصادية وإدارية
منهجية الدراسة ˸ اعتمدنا في بحثنا على المنهج الوصفي من خالل تبيان أهم المفاهيم
الخاصة بنظام لتكوين المهني وأهميته ،كما استعملنا المنهج التحليلي لعرض أهم المعطيات
والبيانات الخاصة بقطاع التكوين المهني والتشغيل في الجزائر.
تتطلب اإلجابة على اإلشكالية تحليلها من خالل المحاور التالية:
التكوين المهني وعالقته بالتعليم في الحياة الوظيفية؛
واقع نظام التكوين المهني في الجزائر؛
التكوين المهني وسوق العمل في الجزائر.
ونتيجة لتحليل هذه المحاور ،تتضمن خاتمة الدراسة رصداً ألهم التحديات التي تواجه
قطاع التكوين والتعليم المهنيين في الجزائر ،مع اقتراح بعض التدابير من أجل كسب هذه
التحديات.
.0التكوين المهني وعالقته بالتعليم في الحياة الوظيفية:
يمكنها من مواجهة
أن توفير موارد بشرية تتمتع بالمهارة والكفاءة العالية ّ
من المعلوم ّ
وتوضح
ّ التغيرات السريعة وتحقيق قيمة مضافة القتصاد البلد ،كسبيل القتصاد منتج وتنافسي،
الرؤية الشاملة لعالقة منظومة التكوين المهني والتعليم بعالم الحياة الوظيفية للفرد األبعاد
األساسية لتأثير عملية التكوين على السلوك المهني لقوة العمل ،وكيف يمكن رفع مهارات قوة
العمل بهدف تحسين مستويات األداء واإلنتاجية سواء على مستوى الفرد أو على مستوى
المؤسسات.
282
التكوين المهني وتلبية االحتياجات الوظيفية لسوق رنان نزيهة ،جاب الله شافية.
العمل في الجزائر
"التكوين هو نشاط مخطط يهدف إلى تزويد األفراد بمجموعة من المعلومات والمهارات
التي تؤدي إلى زيادة معدالت أداء األفراد في عملهم"( .عشماوي ،0333 ،صفحة )300
بأنه" :مجموعة من النشاطات التي تهدف إلى ضمان الحصول علىوعّرف التكوين أيضا ُّ
المعارف والمهارات واالحتياجات الضرورية ألداء مهمة أو مجموعة من الوظائف ،مع القدرة
والفعالية في فرع أو مجال من النشاطات االقتصادية المهنية"(.غياث)0330 ،
عرف موقع النشر األكاديمي الدولي (" )IGI Globalالتكوين المهني" على ّأنه: كما ُي ّ
"عملية تطوير للموارد البشرية من أجل رفع جودة العمل ،الكفاءة والفعالية ،ولتحفيز العاملين
بالتطور مع المنظمة وزيادة اإلنتاجية"(IGI global ).
ّ في الوقت نفسه على التعهد
رغم تعدد التعاريف السابقة ،فإنها تشير في مجملها إلى اتجاه واحد وتتفق في العناصر
التالية:
.ماهيته :التكوين هو نشاط أو عملية يقوم بها الفرد.
.هدفه على مستوى الفرد :تأهيل العامل باكتساب مهارات وتطوير معارف.
.هدفه على مستوى المنظمة :ضمان الكفاءة في العمل لتحسين األداء ورفع
اإلنتاجية.
281
المجلد ،41العـــدد ،24:السنة ،0202:ص400 -381 مجلة أبحاث اقتصادية وإدارية
أما على مستوى المؤسسة فتتلخص أهمية التكوين فيما يلي( :توفيق ،0333 ،صفحة
ّ
)303
المكون يعتبر استثما اًر
َّ -يزيد التكوين من إنتاجية ومردودية المؤسسة ،حيث أن الفرد
طويل األجل في المؤسسة؛
283
التكوين المهني وتلبية االحتياجات الوظيفية لسوق رنان نزيهة ،جاب الله شافية.
العمل في الجزائر
المصدر :فهد الفضالة" ،التدريب وبناء السلوك المهني" ،سلسلة جسر التنمية ،العدد ،300المعهد
العربي للتخطيط ،الكويت ،0330 ،ص.0 :
تكون قاعدة الهرم في المستوى األول الخاص بتكوين القدرات األساسية من مسؤولية
أنظمة التعليم النظامية (محو األمية – مرحلة االبتدائي) ،بينما يكون المستوى الثاني وهو
مستوى المهارات األساسية من مسؤولية مراكز التكوين المهني األساسية ،أو المدارس
الصناعية أو اإلعدادية لمن يتابعون تعليمهم النظامي ،أما المستوى الثالث وهو مستوى
نمى عبر التعليم المهني الثانوي أو الصناعي ومعاهد
فإنها تُطور وتُ ّ
المهارات المهنية العامة ّ
التدريب والتقنية المتقدمة ،وهناك عدة تسميات مختلفة لهذه المعاهد المتخصصة في العديد من
أن المستوى الرابع وهو مستوى المهارات
الدول باختالف أنظمتها ومناهجها التعليمية ،في حين ّ
التقنية والمهنية المتقدمة عادة ما تقوم به منظمات العمل ،حيث ّأنها مهارات ذات طبيعة
خاصة ومحددة لكل منظمة ،وعلى األخص العاملة بالقطاع الصناعي والفني والمهني ،تتوافق
مع طبيعة ومجال عملها النوعي والتقنية والتكنولوجيا المستخدمة بها والخبرة المطلوبة من الفرد
ألداء الوظائف والمهام المكلف بها ،ويناط التدريب وتنظيمه وتمويله لهذا المستوى بالمنظمة
ذاتها( .الفضالة ،0330 ،صفحة )30
أن المستوى األول لبناء المهارات (القاعدية) هو جزء كما يجب التفريق هنا من حيث ّ
أساسي وموكل إلى خطط التنمية البشرية للمجتمع ،في حين أن المستوى الرابع يمثل احتياج ًا
وظيفياً لمتطلبات سوق العمل ومجريات تنافسية األعمال وتعزيز النمو االقتصادي.
283
المجلد ،41العـــدد ،24:السنة ،0202:ص400 -381 مجلة أبحاث اقتصادية وإدارية
283
التكوين المهني وتلبية االحتياجات الوظيفية لسوق رنان نزيهة ،جاب الله شافية.
العمل في الجزائر
شهد عام 3223صدور المخطط التوجيهي الذي أكد على ضرورة االهتمام بقطاع التكوين
المهني وربطه باألهداف اإلنمائية واإلصالحات االقتصادية ،وشملت التوصيات األساسية
التي انبثقت عن المخطط العناصر التالية:
ضرورة إنشاء مجلس وطني استشاري للتكوين المهني للتحاور بين القطاعات المكونة -
والمستخدمة الفاعلة في القطاع؛
إنشاء مجالس محلية استشارية للتكوين المهني على مستوى المؤسسة والوالية وحسب -
النشاطات؛
إلغاء مركزية التسيير اإلداري والمالي لقطاع التكوين المهني( .غياث،0330 ، -
الصفحات )30-0
عرفت نهاية التسعينيات فترة ركود طالت جميع القطاعات ومنها قطاع التكوين المهني
بسبب األوضاع األمنية التي مرت بها البالد آنذاك ،إال انه ومع بداية األلفية الجديدة التي
شهدت استق ار ار امنيا واقتصاديا ،ومع ارتفاع أسعار البترول عاد االهتمام بقطاع التكوين
المهني الذي شهد تطو ار كميا في مختلف الجوانب .وفي إطار إصالح المنظومة الوطنية
للتربية والتكوين في الجزائر ،جاء التعليم المهني سنة ،0330وذلك قصد استقطاب ما يقارب
من %03إلى %03من تعداد التالميذ الناجحين للطور ما بعد اإلجباري ،وكان من أهداف
استحداث مسار التعليم المهني هو التحضير لولوج عالم الشغل ،كهدف أول ،كما يسمح
بااللتحاق بمستويات أعلى امتداداً للفرع المتبع ،ولتحقيق هذه األهداف يستفيد تالميذ التعليم
المهني من تعليم تكنولوجي ومهني يسمح لهم بممارسة نشاط مهني ،وكذا تعليم عام يمنح لهم
ثقافة عامة ومعارف قاعدية ضرورية لتكوينهم مدى الحياة ،كما يتابعون فترات للتكوين في
الوسط المهني(.مديرية التعليم المهني ،0330 ،صفحة )30
وفي هذا اإلطار ،فقد تم إنشاء هيئات دعم بموجب القانون رقم 31/30بتاريخ 00فيفري
0330المتضمن القانون التوجيهي للتكوين والتعليم المهنيين ،وذلك من أجل ضمان الحوار
والتشاور بطريقة منتظمة ودائمة بين جميع الجهات الفاعلة والشركاء في هذا المجال ،ومنها:
)(CNES, 2016, pp. 64-65
288
المجلد ،41العـــدد ،24:السنة ،0202:ص400 -381 مجلة أبحاث اقتصادية وإدارية
-هيئة مسماة "المؤتمر الوطني للتكوين والتعليم المهنيين" ،وهيئات جهوية تسمى
"المؤتمرات الجهوية للتكوين والتعليم المهنيين"؛
-مرصد للتكوين والتعليم المهنيين مكّلف بأنشطة االستشراف من حيث االحتياجات
الكمية والنوعية للتأهيل؛
-مجلس شراكة للتكوين والتعليم المهنيين؛
-لجنة والئية للشراكة مكلفة خاصة بتطوير التشاور بين القطاعات من خالل تكييف
عروض التكوين وفقا لالحتياجات في اليد العاملة المؤهلة للمؤسسات العاملة في الوالية.
2.3مستويات التأهيل وأنماط التكوين المهني في الجزائر:
يوفر نظام التكوين المهني في الجزائر خمسة مستويات من التأهيل ،من العامل المؤهل
إلى التقني السامي ،يتم تدريسها تحت أربعة أشكال :التدريب اإلقامي ،التكوين المهني،
الدروس المسائية والتعلم عن بعد ،تتماشى هذه األنماط مع ظروف وحاالت المتكونين(مديرية
التعليم المهني.)0330 ،
هذه األنماط تؤدي إلى إعداد قوى بشرية مؤهلة في مختلف التخصصات ،حيث يتم
تصنيف المتخرجين حسب التخصص والمستوى العلمي إلى خمسة مستويات ،وهي بالترتيب
من المستوى األول إلى المستوى الخامس :عامل متخصص ،عامل مؤهل ،عامل ذو تأهيل
عالي ،تقني أو عون اإلشراف ،تقني سامي.
تشرف و ازرة التكوين المهني على عدة هياكل للتكوين تتمثل في( :و ازرة التكوين والتعليم
المهنيين)0330 ،
-مراكز التكوين المهني والتمهين ( )CFPAوهي خاصة بالمستويات من 3إلى 0؛
-المعاهد الوطنية المتخصصة للتكوين المهني ( )INSEPالخاصة بالمستويات 0و0؛
-معاهد التكوين المهني ( )IFPالتي تقوم بتكوين أساتذة التكوين المهني وإعداد البرامج.
3.2تقييم أداء قطاع التكوين المهني في الجزائر:
من أجل إجراء عملية اختبار وفحص لمدى االستثمار في إمكانيات الشباب بواسطة
التكوين المهني ،يمكن استخدام أربعة معايير وهي :تحسين الوصول للتكوين المهني ،توسيع
عروض التكوين ،آلية التوجيه ،وأخي ار األداء الداخلي لهذا النظام.
283
التكوين المهني وتلبية االحتياجات الوظيفية لسوق رنان نزيهة ،جاب الله شافية.
العمل في الجزائر
أن قطاع التكوين المهني يشهد تطورات ملحوظة ،ففي سنة 2018
تشير اإلحصائيات إلى ّ
وصل عدد المتدربين في التكوين في القطاع العام إل ، 587691ويمكن مالحظة هذه
التطورات الكمية في جميع أنماط التكوين المتوفرة ،كما هو موضح في الجدول التالي:
الجدول ( :)4تطور عدد المسجلين في الفترة 0248 -0222حسب نمط التكوين
232
المجلد ،41العـــدد ،24:السنة ،0202:ص400 -381 مجلة أبحاث اقتصادية وإدارية
من حيث البنية التحتية ،فقد تزايد اهتمام الدولة بقطاع التكوين المهني لما له من أهمية في
تأهيل اليد العاملة ودورها في مسيرة التنمية ،حيث يتبين التزايد المستمر في إنشاء هياكل
التكوين المهني حيث زاد عددها بنسبة %03.23من سنة 0333إلى سنة 0330وهذا
المتكونين كل سنة.
ّ لمواكبة التزايد المطرد في عدد
المعدل العام الستغالل القدرات البيداغوجية في المكان هي حوالي %03في التكوين
تعززها 000منشأة خاصة تتمتع بقدرة نظرية قدرها 00010مكانا
اإلقامي ،هذه اإلمكانيات ّ
بيداغوجيا ،ويتم تسجيل استخدام مرضي للقدرات البيداغوجية بمعدل يتجاوز %23في بعض
أما
الواليات مثل؛ الشلف ،األغواط ،البليدة ،تبسة ،الجزائر ،سطيف ،جيجل ،وهران ،وتيبازةّ .
مقارن ًة بمجموع السكان في سنة ،0330فقد بلغت قدرة التكوين المهني المرتبطة بالسكان ما
بين 30و 00سنة معدل 3333/30نسمة(CNES, 2016, p. 66).
يادة في عدد األساتذة بنسبة
من حيث اإلشراف البيداغوجي ،رافق ارتفاع عدد الهياكل ز ً
%48,34من سنة 0333إلى سنة ،2018وهذا مواكب ًة لزيادة أعداد المتدربين ،حيث أن
متوسط عدد المتكونين بالنسبة لكل أستاذ لم تشهد تغي ار ملحوظا في هذه الفترة مثلما يبينه
الجدول التالي:
الجدول ( :)2تطور التأطير البيداغوجي في مراكز ومعاهد التكوين المهني
المصدر˸ من إعداد الباحثين بناءا على معطيات الديوان الوطني لإلحصائيات ،سنوات
مختلفة.
234
التكوين المهني وتلبية االحتياجات الوظيفية لسوق رنان نزيهة ،جاب الله شافية.
العمل في الجزائر
230
المجلد ،41العـــدد ،24:السنة ،0202:ص400 -381 مجلة أبحاث اقتصادية وإدارية
ميزانية التسيير لسنة ،0331حيث قدرت حصتها بأكثر من 00,0مليار دج ،إال أن الجهود
كماً ونوعاً ،حيث أن توفير المرافق والهياكل البد أن
ما زالت متواصلة لالرتقاء بهذا القطاع ّ
يواكبه ضمان جودة المخرجات التي يحتاجها سوق العمل.
.4التكوين المهني وسوق العمل في الجزائر:
تعتبر العالقة بين التكوين والتشغيل عالقة مترابطة ،فسوق العمل في العصر الحديث
يحتاج إلى اليد العاملة المؤهلة والمكونة وفق المعايير الحالية للعمل نظ ار للتطور المستمر
والسريع في أساليب اإلنتاج وتنوع مناصب العمل وكفاءتها وكذا المنافسة الدولية القائمة.
1.4توزيع القوى البشرية وخصائص سوق العمل في الجزائر:
حسب بيانات الديوان الوطني لإلحصائيات لسنة ،0332فقد بلغ عدد السكان النشطين
في الجزائر12,7مليون شخصاً خالل شهر ماي من عام 0332منهم حوالي 0,0امرأة ،أي
بنسبة %03,0من إجمالي الفئة النشطة ،حيث قدر حجم القوى العاملة في نفس الفترة بحوالي
33,0مليون شخصا بتسجيل ارتفاع بنسبة %2,06مقارنة بسنة ،0330كما تمثل الفئة
العمرية من ( )00-30سنة الفئة األكثر مساهمة في النشاط االقتصادي من مجموع القوى
العاملة بنسبة ،%61,7مما يدل على أن المجتمع الجزائري مجتمع فتي حيث يتعين على
الدولة االهتمام أكثر بفئة الشباب وتوفير مناصب شغل مناسبة الحتواء التراكم المتزايد لليد
العاملة الفتية.
بالنسبة لتوزيع العمالة حسب القطاعات ،يحتل قطاع التجارة والخدمات الحصة األكبر من
توزيع العمالة في الجزائر وذلك بنسبة ،%61,2يليه قطاع البناء واألشغال العمومية بنسبة
%16,8ثم الصناعة بنسبة %12,9وأخي ار قطاع الفالحة بنسبة .%9,6
يشغل
يمتص القطاع الخاص النسبة األكبر من اليد العاملة وذلك بنسبة %62,62حيث ّ
حوالي 7,01مليون شخص من إجمالي اليد العاملة ،مع تسجيل نسبة %38,09للقطاع
العام الذي يشهد انخفاضا مستم ار في امتصاص اليد العاملة ،وهذا راجع لسياسة الخوصصة
والتوجه نحو اقتصاد السوق التي انتهجتها الحكومة ،وكذا انخفاض سعر البترول الذي أدى
إلى انخفاض اإليرادات وبالتالي نفقات الدولة ،كما تجدر اإلشارة إلى ّأنه يغلب على القطاع
العام تشغيل الفئة النسوية بنسبة %00,2حيث يتصدرن مناصب قطاع التجارة والخدمات.
232
التكوين المهني وتلبية االحتياجات الوظيفية لسوق رنان نزيهة ،جاب الله شافية.
العمل في الجزائر
ُسجل عدد البطالين في ماي 0332حوالي 3,00مليون بطال ،بمعدل قدر بـ %11,4
مقارنة بعدد 1,33مليون بطال ُسجلوا سنة 0330بنسبة قدرت بـ ،%33,0حيث تشكل
البطالة في الجزائر تحديا كبي ار للحكومة الجزائرية نظ ار للزيادة الكبيرة في الفئة النشطة ،خاصة
فئة الشباب التي تتوافد بقوة إلى سوق العمل ،وكذا زيادة عدد حاملي الشهادات الجامعية الذي
يرتفع من سنة ألخرى ،فحسب اإلحصاءات فان البطالة في الجزائر هي بطالة حاملي
يؤكده الشكل الموالي:
الشهادات بالدرجة األولى ،وهذا ما ّ
الشكل ( :)0تطور معدل البطالة حسب الشهادة المتحصل عليها خالل الفترة -0242
2019
231
المجلد ،41العـــدد ،24:السنة ،0202:ص400 -381 مجلة أبحاث اقتصادية وإدارية
233
التكوين المهني وتلبية االحتياجات الوظيفية لسوق رنان نزيهة ،جاب الله شافية.
العمل في الجزائر
فإن أجر الموظف بشهادة جامعية،من حيث متوسط األجر الصافي حسب الشهادةّ ،
سواء كان دائماً أو غير دائم ،يفوق أجر الموظف بشهادة التكوين المهني بحوالي 3,30مرة،
233
المجلد ،41العـــدد ،24:السنة ،0202:ص400 -381 مجلة أبحاث اقتصادية وإدارية
بالنسبة للبطالة اإلجمالية لخريجي التكوين المهني فقد ارتفعت بـنقطة سنة 0332لتصبح
% 30,0مقارنة بسنة 0333أين كانت نسبتها اإلجمالية تقدر بـ ،%30,0كما ارتفعت نسبة
البطالة بـ 0,5نقاط عند اإلناث بنسبة %03,0سنة 0333لتصبح %20,7سنة ، 2019
و بزيادة عند الذكور قدرت بـنقطة بعدما كانت 33,0%سنة 0333لتصبح 11,5%سنة
.2019
يرجع التفاوت في نسب بطالة خريجي التكوين المهني بين اإلناث والذكور إلى أن اإلناث
هدفهن من التكوين ليس التوظيف دائما ،فقد ترغب الفتاة في تعلم حرفة أو مهنة إلثراء
معارفها وقدراتها في تخصص ما ،أما الذكور فعلى األغلب هدفهم العمل والبحث عن وظيفة.
وعموماً ترجع بطالة خريجي التكوين المهني إلى عدة أسباب منها:
ضعف المواءمة بين مخرجات التكوين المهني ومتطلبات سوق العمل حيث نجد -
تخصصات فيها فائض في عرض اليد العاملة المؤهلة في حين نجد تخصصات تشكو نقصا
كبي ار في التوظيف أو ضعف في التكوين في تخصصات أخرى؛ (غياث ،0330 ،الصفحات
)03-02
تراكم مخرجات التعليم العالي والتكوين المهني والذي عمق الفجوة في سوق العمل -
بخلق فائض في عرض العمل خاصة مع ضعف فكر المقاوالتية لدى الشباب؛
تفضيل بعض المؤسسات لتوظيف خريجي التعليم العالي في بعض التخصصات -
المشتركة على توظيف خريجي التكوين المهني وهذا لضعف تكوينهم حسبهم؛
صعوبة إيجاد منصب عمل دائم وقار لدى خريجي التكوين المهني أدى إلى توجههم -
إلى قطاع التشغيل غير الرسمي الذي يتميز بسهولة االنخراط فيه وغياب العوائق اإلدارية.
.3تحليل النتائج˸
على ضوء دراسة واقع قطاع التكوين المهني في الجزائر وعالقته بسوق العمل ،يمكن
رصد تحديين رئيسيين يواجههما اليوم هذا القطاع وهما:
. تعزيز جاذبية التكوين والتعليم المهنيين ودمجهما كمسار واعد في النظام التعليمي
الوطني؛
233
التكوين المهني وتلبية االحتياجات الوظيفية لسوق رنان نزيهة ،جاب الله شافية.
العمل في الجزائر
. تعزيز التعاون بين معاهد التكوين والتعليم المهنيين والصناعات بما يتماشى مع
متطلبات التنمية المحلية.
يشكل رهانا كبيرا ،وذلك الجتماع
فبالنسبة للتحدي الرئيسي األول ،فقد أصبح التكوين ّ
العديد من التحديات األخرى ذات العالقة ومنها؛ النمو السريع للسكان الشباب ،معدالت
التسرب المرتفعة نسبياً في التعليم اإلجباري ،وارتفاع معدل البطالة لدى الشباب.
ويظل توجيه الشباب نحو التكوين المهني بسبب فشلهم الدراسي هو العامل المساعد على
أن غالبية الشباب الذين عانوا من الفشل
اإلشكالية العامة المطروحة في التكوين ،حيث ّ
المدرسي "مجبرون" على الذهاب للتكوين المهني بدون دافع من الطموح ،أو أنهم يوجهون
للتكوين دون تقييم دقيق لقدراتهم ،ونتيجة لذلك ،يبقى القطاع غير قادر على جذب التالميذ
ألن التلميذ الناجح دائما ينظر إليه من زاوية
النجباء الذين لم يعانوا من صدمة الفشلّ ،
االلتحاق بمقاعد الجامعة ،يضاف إلى ذلك حقيقة عدم وجود مسارات داخلية بين مستويات
التكوين ،لذلك ليس هناك إمكانية للتقدم في هذه الدراسات.
أما بالنسبة للتحدي الثاني ،فهو مرتبط بمدى استجابة التكوين المهني لمتطلبات االقتصاد
ّ
الوطني ،وباألخص قطاعه الصناعي ،وذلك من خالل توفير قوة عاملة ماهرة متكيفة مع
التطور التكنولوجي المتزايد باستمرار .ونتيجة لتركيز عرض التكوين حول عدد من المجاالت
في معظم معاهد التكوين المهني ،فمن الطبيعي أن يحد من نطاق هذا القطاع من النظام
التعليمي ،وبالتالي سيكون من الضروري إثراء قائمة التكوينات وفقا الحتياجات مختلف
مهتمون بها.
المناطق وضمان أن السكان المحليين ّ
.3خاتمة˸
وبناء على هذه النتائج والتحديات في مجال التعليم والتكوين المهنيين في الجزائر ،يمكن
ً
اقتراح التدابير التالية:
-دمج مواد في برامج التعليم من أجل توعية التالميذ بالمهن ،وهو ما سيبعث
باالهتمام المبكر للتلميذ بالتكوين المهني والتثمين الجيد والمشترك بين قطاع التعليم الوطني
وقطاع التكوين المهني؛
-وضع آلية لتسهيل االنتقال من التعليم النظامي نحو التكوين المهني؛
238
المجلد ،41العـــدد ،24:السنة ،0202:ص400 -381 مجلة أبحاث اقتصادية وإدارية
-القيام بحمالت اتصال قبل إطالق التخصصات وتنويعها من أجل ضمان دمج أشمل
للشباب؛
-العمل على تحديد التموقع الجغرافي للتخصصات وجعلها أكثر مالءمة للمهن الخاصة
بالمناطق اإلقليمية من أجل تحفيز الطلب المحلي؛
-زيادة مشاركة المتعاملين االقتصاديين في رسم ووضع برامج التكوين؛
مد المؤسسات بالوسائل التقنية والبيداغوجية بما يستجيب للتكنولوجيات الجديدة
-تعزيز ّ
من أجل تلبية متطلبات المؤسسات االقتصادية؛
-التوقع بشكل كاف لالحتياجات المستقبلية لالقتصاد الوطني عن طريق دمج عروض
تكوين للمهن الجديدة بصفة دورية؛
-تشجيع المؤسسات االقتصادية على استضافة المتكونين مهنيا في إطار التكوينات
لعمالها في القطاع ،أو مقابل تشجيع ضريبي لهذه
التطبيقية ،في مقابل تكوين متقدم ّ
المؤسسات؛
-وضع برامج تكوين موجهة لمهن التعاقد من الباطن في المشاريع الكبرى للتنمية
الصناعية في الوطن.
.3قائمة المراجع˸
المؤلفات˸
-احمد طرطار .)3220( .الترشيد االقتصادي للطاقات االنتاجية في المؤسسة .الجزائر:
ديوان المطبوعات الجامعية.
-بوفلجة غياث .)0330( .التكوين المهني والتشغيل في الجزائر (اإلصدار الطبعة االولى ).
وهران :دار العرب للنشر والتوزيع.
-عبد الرحمان توفيق .)0333( .تنمية الموارد البشرية .القاهرة :مركز الخبرات المهنية
لالدارة.
-فهد الفضالة .)0330( .التدريب وبناء السلوك المهني .سلسلة جسر التنمية (،)300
صفحة .30
233
التكوين المهني وتلبية االحتياجات الوظيفية لسوق رنان نزيهة ،جاب الله شافية.
العمل في الجزائر
122