You are on page 1of 4

‫د‪ .

‬محمد آدم سليمان‬

‫السلم الخماسي النظرية والتطبيق‬


‫فى‬
‫غناء البجة التبداوية‪ ،‬والغناء الحديث في ملتقى النيلين‬
‫)م‪(1950-1980‬‬

‫‪Penta tonic Scale, Application and Theoretical‬‬


‫‪In‬‬
‫‪Beja Tubdawait Songs and the Modern Sons at the Niles Abutment‬‬

‫الخرطوم ‪2016‬م‬

‫‪1‬‬
2
‫مقدمة‬

‫يتميز السودان بتعدد قبائله وثقافاته‪ ،‬وذلك لموقعه الجغرافي المتميز في القارة اإلفريقي ة‪ .‬والغن اء والموس يقى إح دى العناص ر‬
‫الثقافية من انتاج االفراد‪ ،‬أو القبيل ة أو مجموع ة القبائ ل ال تي تعيش في مج ال ثق افي واح د مت أثرة ببيئته ا‪ ،‬وإن تن وعت تل ك‬
‫الثقافات‪ ،‬إال أنها ال تخرج من الُمكون العام للثقافات والمعارف السودانية‪ .‬وبالرغم من وجود التنوع في مجال الغناء واأللح ان‬
‫السودانية‪ ،‬إال إنها تكاد تتفق أغلبها في عددية األصوات التي تكون أبنيتها اللحنية سواء كانت خمسة او اربعة‪ .‬نقدم هذا الكتاب‬
‫والذي هو فى االصل اطروحة ن ال به ا الك اتب درج ة ال دكتوراة فى الع ام ‪2006‬م‪ .‬وق د قمن ا بإع داده مرجع ًا نأم ل أن يفي‬
‫بغرض ه فى تق ديم الع ون لطالب الموس يقى والع املين فى المهن الموس يقية من ملح نين وم ؤلفين او موس يقيين(ع ازفين) فى‬
‫التعرف على السلم الخماسي (‪ )Penta-tonic Scale‬من حيث جوانبه النظرية والتطبيقية فى اطار الخصوصية الثقافية‪ .‬ولما‬
‫تقدم آنفًا وألهمية الموسيقى في الحياة الثقافية واإلجتماعية ولما تنشرها من منظومة قيم تؤثر فى المحيط اإلجتماعي بكامله م ع‬
‫األخذ في اإلعتبار قدرة الموسيقى التي تعتبر الوعاء الحامل لهذا الغناء على تجاوز األطر واألبنية اإلجتماعي ة والثقافي ة‪ ,‬فإنن ا‬
‫نعم د من خالل ه ذا الكت اب إلى وض ع مرج ع يهتم بالس لم الخماس ي النظري ة والتط بيق من خالل المقارن ة بين غن اء البج ة‬
‫الناطقين بالتبداوية متخذين منه مرجعية ثقافية وطنية لم تتأثر بالثقافات الوافدة‪ ,‬والغناء الحديث في م دن ملتقى ال نيلين ‪ -‬مدين ة‬
‫أم درمان – المكان الثقافي‪ ،‬أنموذجًا في إط ار زم ني يتم دد بين ‪1950‬م‪1980-‬م قاص دين به ا مجم وع التس جيالت الغنائي ة‬
‫الحديثة الموثقة من قبل اإلذاعة السودانية‪.‬‬

‫وجدنا أن للبجه نظرية وقواعد وفلسفة خاصة بالس اللم الخماس ية وتطبيقاته ا "ش فاهة"‪ .‬وذل ك على عكس م ا ه و ك ائن في أم‬
‫درمان‪ ،‬إذ ظل أهل صناعة الغناء الحديث يعانون في تعريف الساللم الخماسية مما جعل الخالف قائمًا بين النظرية والتط بيق‪،‬‬
‫وذلك لغياب مرجعية سودانية يستندون عليها في النظرية فصاروا يستلفون األسماء والمصطلحات الخاصة بالساللم الموس يقية‬
‫األوربية‪ ,‬والشرقية المصرية‪ .‬س وى أن هن اك مرجعي ة س ودانية يمكن أن يس تفاد منه ا؛ ألنه ا واح دة من الثقاف ات الموس يقية‬
‫الغنائية الشعبية ذات الجذور الممتدة في عمق التاريخ السوداني‪ ،‬باإلضافة إلى أنه ا يمكن أن تكش ف بعض الرم وز وال دالالت‬
‫الخاصة بالساللم الخماسية وطبيعتها‪ ،‬والفلسفة التي تقوم عليها‪ .‬أهمها؛ اهتمامهم بالساللم الخماسية التي اعتمدت على نظريات‬
‫وقواعد مرتبطة بأسس تطبيق خاصة‪ .‬أما اختيار الغناء الحديث في مدن ملتقى ال نيلين خاص ًة أم درم ان ك أنموذج في اإلط ار‬
‫الزمني ما بين ‪1980 –1950‬م؛ ذلك ألن مدينة أم درمان‪ ,‬مدينة امتزجت وتث اقفت فيه ا العدي د من الثقاف ات الغنائي ة ال تي‬
‫قدمت من مختلف بقاع السودان‪ ،‬والتي ساهمت في بلورة هذا الش كل من الغن اء المتمث ل في اُألغني ة الحديث ة (ُأغني ة المدين ة)‬
‫الناطقة بالعربية‪ .‬غير أنه من المالحظ أن تلك الثقافات التي ساهمت في بل ورة الغن اء الح ديث لم تكن ل ديها نظري ات وقواع د‬
‫خاصة بعملية تطبيق الساللم الموسيقية‪ .‬حيث ظهرت المش كلة بع د أن اس تخدمت اآلل ة الموس يقية الش رقية (الع ود) والغربي ة‬
‫(كمان) وآالت النفخ الخشبية والنحاسية‪ ،‬وذلك بخالف البجة في شرق السودان‪ ،‬إذ لم يتأثروا بالثقافات الواف دة كم ا ه و الح ال‬
‫في أم درمان مركز العديد من القبائل السودانية‪ .‬أما بالنسبة للمادة الغنائية المسجلة من قبل اإلذاعة في اإلطار الزمني ال ذي تم‬
‫تحديده فال تزال محافظة على جودتها‪.‬‬

‫ظهر الخالف حول النظرية والتطبيق منذ فجر بث االغانى عبر اثير اإلذاعة السودانية إبان ف ترة االس تعمار‪ ،‬وخاص ة عن دما‬
‫أنضم مجموعة من الدارسين للموسيقى من موسيقى قوة دفاع السودان لفرقة اإلذاعة السودانية ( ‪1953‬م)‪ ،‬حيث صحبوا معهم‬
‫النظرية والقاعدة الغربية الخاصة بالسلم الدياتوني (‪ ،)Diatonic Scale‬ودرجوا على مقارنتها وتثبيت مسمياتها بكل تفاصيلها‬
‫على السلم الخماسي عند التطبيق‪ .‬ب الرغم من أن الف رق بينهم ا شاس عًا‪ .1‬وق د أش ار إلى ذل ك جمع ة ج ابر‪ :‬ب دأ ت أثير عل وم‬
‫الموسيقى في ممارسة مفعوله من خالل ضبط اآلالت الموسيقية مما حسن األداء عزفًا وغناًء ‪.2‬‬

‫بناًءا على ما تقدم وللخروج من دائ رة االلتف اف واالعتم اد على النظري ة الموس يقية الغربي ة برمته ا في التط بيق‪ ،‬خاص ة في‬
‫مقارنة الساللم الخماسية في الغناء الحديث (ُأغني ة المدين ة) بالس لم الموس يقي الغ ربي ال دياتوني ذو الطبيع ة الخاص ة‪ ،‬وال تي‬
‫تختلف عن السلم الخماسي كمًا وكيفًا‪ ،‬ومعنى ومبنًا‪ ،‬رأينا أن نس اهم بتق ديم حل وًال وف ق فلس فة ورؤى واض حة اعتم ادًا على‬

‫‪ 1‬موسي محمد إبراهيم‪ :‬مقابلة شخصية ‪11/11/2005‬م‪ ،‬إتحاد الفنانين أم درمان ‪.‬‬
‫‪ 2‬جمعة جابر ‪ -‬الموسيقى السودانية "تاريخ‪ ،‬تراث‪ ،‬نقد‪ ،‬هوية" ‪ .‬الفارابي للنشر – الخرطوم ‪1987‬م – ص‪.99‬‬

‫‪3‬‬
‫الدراسة المعملية المقارنة ما بين الساللم الخماس ية في غن اء البج ة التبداوي ة والس اللم الخماس ية في الغن اء الح ديث في ملتقى‬
‫النيلين‪ ,‬في الفترة ما بين (‪ 1980 – 1950‬م) خاصة األغاني التي تم توثيقها من قبل اإلذاعة السودانية‪ .‬وما ذلك إال لسيطرة‬
‫السلم الخماسي على أغلب إنتاج تلك الفترة الزمنية‪ ،‬مع إن هناك إشكاليات مازالت قائمة فيما يختص بالنظرية وقواعد التطبيق‬
‫– لغياب المرجعية النظرية السودانية‪ ،‬بالرغم من أن دراسة الموس يقى ب دأت من ذ وقت ليس بالقص ير ولم تص احبها دراس ات‬
‫ميدانية خاصة بالموسيقى السودانية إال في وقت متأخر‪ .‬ويحمد لها إنها فتحت الباب أمام الدارسين للكشف عن المشكالت ال تي‬
‫صاحبت التطبيق‪ .‬وقد ظهرت أهم المشكالت في التعام ل م ع النظري ة الغربي ة عن د تطبيقه ا على الس لم الخماس ي في إض افة‬
‫مفردات مثل كب ير(‪ )Major‬وص غير (‪ )Minor‬لتعري ف الس اللم‪ .‬باإلض افة لبع د الثالث ة الص غيرة (‪ )Minor third‬وبع د‬
‫السابعة (‪ )Sevens‬والسادسة" وعب ارات مث ل؛ ح ذف بعض ال درجات من الس لم ال دياتوني ليتح ول إلى س لم خماس ي‪ .‬وه ذه‬
‫المفردات خاصة بالسلم الدياتوني "الس باعي" مم ا أوج د تن اقض واض ح في الف رق بين النظري ة والتط بيق‪ .‬وتل ك هي أح دى‬
‫الجوانب ال تي س يتناولها الكت اب‪.‬وق د الزمت ه ذه المش كلة ال ذين درس وا الموس يقى الش رقية المص رية في وض ع المقارن ات‬
‫معتمدين على نظريات الموسيقى الشرقية المصرية‪ .‬وللخروج من دوام ة إس تالف المص طلح ال ذى اليتف ق والثقاف ة الخماس ية‬
‫رأينا إجراء دراسة مقارنة لمنهج نظرية الساللم الخماسية وتطبيقاتها في غناء البجة التبداوية والتط بيق الق ائم في التعام ل م ع‬
‫الساللم الخماسية في الغناء الحديث في وسط السودان‪ ،‬لتثبيت وتوحيد النظري ة والمص طلح‪ ,‬لكى يخ رج طالبن ا والع املين فى‬
‫ميدان المهن الموسيقية من دائرة استعارة المصطلحات واألس ماء ال تي ال تتف ق والنم وذج الس وداني الخماس ي‪ .‬اال أن ذل ك ال‬
‫ينفي االستفادة من المنهج الغربي في معرفة األصوات وتحليلها وفق طبيعة السلم الخماسي السوداني ال خصمًا منه‪.‬‬
‫يقوم هذا الكتاب على مناقشة محاور و فرضيات رئيسة وهى؛‬
‫* يعتمد البجة على نظريات وقواعد تحكم أسس تطبيق الساللم الخماسية في الغناء‪.‬‬
‫* للسلم الخماسي في غناء البجة رئيس وفرعي‪.‬‬
‫* المفردات مثل كبير(‪ ,)Major‬وصغير(‪ )Minor‬التتفق عند التطبيق مع السلم الخماسى فى غناء البجة‪ ,‬او اُألغنية الحديثة‪.‬‬
‫* تأثر بعض ملحني الغناء الحديث بالمدارس الموسيقية الغربية‪ ،‬قاد إلى اعتماد تلك النظريات وتطبيقها على السلم الخماسي‪.‬‬
‫يسعى الكتاب إليجاد مادة علمية وفق فلسفة تستند على نظرية سودانية يمكن تطبيقه ا بس هولة ويس ر مم ا يس اعد على دراس ة‬
‫وتحليل الساللم الخماسية في اُألغنية الحديثة‪ .‬وهذا يق دم نوع ًا جدي دًا في التن اول‪ ،‬خاص ة فيم ا يختص بالمقارن ة في النظري ة‬
‫والتطبيق بين نوعين من المنتج الغنائي السوداني (غناء البجة التبداوية واُألغنية الحديث ة في ملتقى ال نيلين) من خالل الع رض‬
‫والتحليل ومعرفة األبعاد والبناء األساسي لهذه الساللم والمطابقة بينها‪ .‬والفرق بينها وبين النظرية الغربية الدياتونية‪ .‬ودراستها‬
‫كثقافة تتميز عن غيرها من خالل اللون الصوتي والطابع لتقديم نظرية موحدة يس هل تطبيقه ا ومرجع ًا وطني ًا دون االس تعارة‬
‫من النظرية الغربية الخاصة بالثقافة الدياتونية (‪ )Diatonic Scale‬السباعية‪.‬‬

‫‪4‬‬

You might also like