You are on page 1of 5

‫اجلمهورية اجلزائرية الدميقراطية الشعبية‬

‫وزارة التعليم العايل والبحث العلمي‬


‫جامعة مصطفى اسطمبويل معسكر‬
‫كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية‬
‫قسم علم النفس وعلوم التربية‬
‫المقياس‪ :‬علم النفس المرضي‬
‫الحصة‪ :‬رقم ‪ 11‬التاريخ ‪7474/40/72‬‬
‫عنوان المحاضرة‪ :‬الحاالت البينية (الحدية) )‪(états limite‬‬
‫د‪.‬بوزار يوسف‬
‫أستاذ مساعد"ب"‬
‫‪youcef.bouzar@univ-mascara.dz‬‬

‫مدخل إلى الحاالت الحدية )‪:(les états limites‬‬


‫تعتبر الحاالت الحدية أو البينية مركز تتجمع حوله كل اإلختالالت ذات البناء النفسي غير المنتظم وغير‬
‫المتماسك‪ ،‬فهو مصطلح يتناسب جيدا مع مفهوم "الحيز البيني" )‪ (aire intermédiaire‬أو االنتقالي‬
‫)‪ (transitionnelle‬الذي اقتراحه وينيكوت )‪ ،(Winnicott‬لهذا تعتبر أفكار وينيكوت األكثر استثما ار من‬
‫قبل محللي الحاالت الحدية‪ ،‬وذلك بسبب تطويره لمفهوم الموضوع االنتقالي )‪(objet transitionnelle‬‬
‫الذي له مكانة رئيسية في فهم التشكيالت الحدية‪ ،‬يؤسس ذلك الموضوع حسب وينيكوت (‪ )1591‬وظائف‬
‫هامة لدى الشخص في فترة تكوينه (نموه)‪ ،‬فإضافة إلى كونه مرحلة من النمو العاطفي العادي للطفل‪،‬‬
‫فإنه دفاع ضد قلق االنفصال وأيضا يعتبر كفضاء نفسي وحقل حيادي (أي ال ينتمي لعالم الطفل الداخلي‬
‫وال لعالمه الخارجي) يساعده على بناء تجربة اللعب والوهم الذي يكتشف فيها المنطقة والمساحة الوسيطة‬
‫بين عالمه الداخلي الخاص والعالم الخارجي المشترك‪ ،‬وهي التي تسمح له بتعويض جدلية الحضور‬
‫والغياب للموضوع األمومي‪.‬‬
‫عدة أشكال يضمها القطب البيني (الحاالت الحدية) هو األشكال الجسدية )‪(Psychosomatique‬‬
‫هناك ّ‬
‫واالنحرافية (االنحرافات) )‪ )Perversion‬حاالت اإلدمان )‪ ،(Toxicomane‬وفي هذه المحاضرة سوف‬
‫يتم عرض نماذج عن الحاالت الحدية (البينية)‪.‬‬
‫‪ -1‬الحاالت الحدية (البينية)‪:‬‬
‫تعرف الحاالت الحدية من الناحية التصنيفية والبنيوية كوسيط بين البنية العصابية والبنية الذهانية‪.‬‬
‫اجلمهورية اجلزائرية الدميقراطية الشعبية‬
‫وزارة التعليم العايل والبحث العلمي‬
‫جامعة مصطفى اسطمبويل معسكر‬
‫تحدد هذا المفهوم من خالل األعمال على بنية الشخصية‪ ،‬وذلك مع أعمال ‪ Kernberg‬و ‪ Kohut‬في‬
‫الواليات المتحدة‪ ،‬وأعمال ‪ Bergeret‬في فرنسا‪ .‬حيث وجد هؤالء الباحثون صعوبات للقيام بعالج‬
‫تحليلي مع بعض المفحوصين‪ ،‬حيث يظهر هؤالء عدم أمن داخلي كبير‪ ،‬وعدم تحمل لإلحباط‪ ،‬وحساسية‬
‫شديدة إزاء المالحظات‪ .‬وهم يظهرون نكوصا غير متعود عليه في التحويل‪ ،‬كل هذا يجعل المحلل‬
‫النفساني يغير أو يعدل اإلجراء العالجي‪.‬‬
‫عرض ب‪.‬بروسي تطور األعمال حول الحاالت الحدية وانتهى إلى أن أهم ما يميز التوظيف الحدي‬
‫هو مرض السريرة والتوظيف بالمظهر‪ ،‬ويقصد بمرض السريرة ضعف استثمار الفضاء النفسي الداخلي‬
‫الذي يتجلى في مظاهر مثل‪ :‬العجز عن البقاء وحيدا‪ ،‬التبعية‪ ،‬الشراهة اإلدمانية‪ ،‬االندفاعية واالنتقال إلى‬
‫الفعل (المرور إلى الفعل) )‪ ،(le passage a l’acte‬عالقة الموضوع االعتمادية‪ ،‬حاجة األنا إلى‬
‫السند‪ ،‬أو حاجة التوظيف النفسي إلى ذلك اعتمادا على توظيف اآلخر‪ .‬وغالبا ما يلجأ الشخص في هذه‬
‫الحاالت إلى التوظيف المظهري تحت غطاء القطاع التكيفي بذات مزيفة كي يسقط نشاطا هواميا فجا‬
‫(عنيفا) ذي طابع قبل تناسلي يكثف فيه المراحل الفمية والشرجية والتناسلية المبكرة‪ ،‬أو متمركز حول‬
‫مشهد بدائي مرعب مع بروزات نزوية مباشرة و قوية‪.‬‬
‫ويصر المحللون كثي ار على النزعة النزوية التدميرية التي تسوي استمرار االرتباط بالموضوع وفق‬
‫صيغة يقترحها بروسي على الشكل التالي‪ :‬غياب الموضوع = فقدان الموضوع = تخريب الموضوع =‬
‫تأنيب = إصالح أو انهيار‪ ،‬لذلك يخلص بروسي إلى أن ما يؤسس إشكالية التنظيم النفسي الحدي يتمثل‬
‫من جهة في الطابع الالاندماجي لالزدواج النزوي الذي يجعل إرصان الحداد األصلي للموضوع أم ار‬
‫مستحيال‪ ،‬وكذا الضيق األولي أو حتى اإلخصاء األولي‪ ،‬مما يفسح المجال آلليات دفاعية متقهقرة‪:‬‬
‫كالنفي‪ ،‬واالنشطار‪ ،‬واإلسقاط‪ ،‬والمثلنة البدائية‪ ،‬والتقمص اإلسقاطي‪ ،‬من جهة أخرى فشل تشكيل الجنسية‬
‫التناسلية والبناء األوديبي لالختالف بين الجنسين وبين األجيال‪ ،‬وذلك ما يجعل العالقات بالمواضيع‬
‫وبالذات كتهديد نرجسي ال يطاق‪.‬‬
‫‪ -2‬األشكال االنحرافية)‪:(Les Formes Perverses‬‬
‫تناقش ف‪.‬نو (‪ )4002‬عالقة االنحراف بالتوظيف الحدي لتطرح إشكالية اعتبار االنحراف كسياق‬
‫سيكومرضي متعدد األشكال‪ ،‬خاصة إذا علمنا أن فرويد جعله من جهة كتشكيل سوي لدى الطفل ناجم‬
‫عن االستعداد الفطري‪ ،‬ومن جهة أخرى اعتبره كوجه خفي للعصاب‪ ،‬ألن هذا األخير يمثل صورته‬
‫اجلمهورية اجلزائرية الدميقراطية الشعبية‬
‫وزارة التعليم العايل والبحث العلمي‬
‫جامعة مصطفى اسطمبويل معسكر‬
‫السلبية‪ ،‬بحيث "تتشكل األعراض العصابية جزئيا حسب تعبير فرويد‪ ،‬على حساب جنسية ال سوية‪،‬‬
‫وبذلك يمكننا القول أن العصاب هو نقيض (صورة سلبية) لالنحراف"‪.‬‬
‫تذكر ف‪.‬نو أن مفهوم التنظيم االنحرافي قد اختفى لدى العديد من الكتّاب لصالح التنظيمات الحدية‬
‫ومفهوم اإلعدادات االنحرافية‪ .‬تمثل هذه األخيرة عند بارجوري أحد الفرعين الذي يسمح بتطور الحاالت‬
‫الحدية‪ ،‬بحيث يشكل اإلعداد الطباعي الفرع الثاني‪.‬‬
‫وقد حدد فرويد المعايير التي تدخل الراشد في االنحراف تتمثل في‪:‬‬
‫‪ -‬تجاوز الحاجز القائم بين األجناس (توجيه النزوة الجنسية إلى الحيوانات مثال)‪.‬‬
‫‪ -‬انتهاك الحاجز القائم على مانع المحارم (قرب المحارم)‪.‬‬
‫‪ -‬انتهاك الحاجز الموجود بين األشخاص من نفس الجنس (اإلشباع الجنسي المثلي)‪.‬‬
‫‪ -‬تحويل الدور التناسلي إلى أعضاء و مساحات جسدية أخرى (المازوشية‪ ،‬التيمية وغيرها)‪.‬‬
‫‪ -3‬األشكال الجسدية )‪:(Les Formes Somatiques‬‬
‫تطرح هذه األشكال مسألة تصنيفها ضمن التنظيمات الحدية أو انتمائها إلى االضطرابات السيكو‬
‫جسدية‪ ،‬ألن األعراض الجسدية لها مكانتها في التوظيف النفسي لدى فئة األشخاص المصابين بهذا النوع‬
‫من االضطرابات‪.‬‬
‫تتأكد صعوبة إدراج هذه األشكال ضمن التنظيمات الحدية خاصة إذا علمنا إصرار أصحاب المدرسة‬
‫السيكو جسدية الحديثة في باريس وعلى رأسهم ب‪.‬مارتي )‪ (P. Marty‬على استقالل الحقل‬
‫السيكوسوماتي في تناوله لطرق التنظيم النفسي‪ ،‬إذ يقترحون تصنيفا مرضيا جديدا يضم كل التوظيفات‬
‫النفسية الممكنة‪ ،‬وال يقتصر فقط على األشخاص الذين يستشيرون الطب العقلي أو التحليل النفسي‪،‬‬
‫وتقصد بهم ر‪.‬دوبراي مجموعة األفراد الذين ُيستقبلون في الهياكل الصحية "العادية" من أجل اختالالت‬
‫جسدية عابرة أو مزمنة‪.‬‬
‫تحدث غرين عن مصطلح "عته الجسد" ليعني به عجز الجسد عن احتواء االختالالت السيكو جسدية‬
‫خالل النكوصات السيكو جسدية‪ ،‬وقد يوافق ذلك عدم الكفاءة في االقتصاد السيكوسوماتي لدى مارتي‪،‬‬
‫باعتبار أن الجسد يستمد قوته من مكسبه في التعقيل‪ ،‬أي من اقتصاده السيكو جسدي الذي تطور عبر‬
‫النمو‪.‬‬
‫اجلمهورية اجلزائرية الدميقراطية الشعبية‬
‫وزارة التعليم العايل والبحث العلمي‬
‫جامعة مصطفى اسطمبويل معسكر‬
‫تميل بعض التناوالت التحليلية إلى تقريب العصابات الراهنة التي تحدث عنها فرويد من التصنيف‬
‫السيكوسوماتي‪ ،‬معتبرين إياها من العصابات سيئة التعقيل‪ ،‬نظ ار النتقال الطاقة النزوية مباشرة من النفس‬
‫إلى الوظائف الجسدية دون وساطة رمزية‪ ،‬أي دون عمل للتعقيل الذي يميز عصابات الدفاع‪.‬‬
‫لكنه من المهم معرفة نظرة المنظور السيكوسوماتي التي ال تتوقف عند هذا التناول الذي يبدو بسيطا‪،‬‬
‫فقد انتهى رأي ر‪.‬دوبراي (‪ )4009‬إلى أن "كل ما يمس الجسد وليس له طابع تحول هستيري يدخل في‬
‫إطار ما سميته التعبير الجسدي‪ ،‬يتراوح هذا األخير من العرض المألوف جدا إلى اإلصابات الجسدية‬
‫األشد خطورة‪ .‬ليس للتعبير الجسدي‪ ،‬مهما تكن طبيعته أو شكله أو شدته‪ ،‬معنى بالمفهوم التحليلي‪ ،‬أي‬
‫أن االضطراب الجسدي ال يمكن أن يزول بزوال الكبت‪ ،‬ألن هذا األخير غير موجود مثلما نجده في‬
‫نموذج التحول الهستيري"‪.‬‬
‫وبذلك تخلص دوبراي إلى أن التعبير الجسدي‪ ،‬مثله مثل األعراض العقلية اإليجابية‪ ،‬يمكن اعتباره‬
‫ثراء عوض أن يكون هشاشة‪ .‬ألنه في حالة تراكم وفيض االقتصاد السيكو جسدي‪ ،‬تكون اإلجابة‬
‫بالتجسيد عابرة‪ ،‬في حين يتطلب العمل النفسي وقتا غير محدود لإلرصان‪ ،‬وبذلك يمكن أن يشجع‬
‫التجسيد العابر والمفاجئ على التوقف في نقاط التثبيت‪-‬النكوص من أجل إعداد فترة متدرجة بعد ذلك‬
‫إلعادة التنظيم‪ ،‬وبالتالي المساهمة في المحافظة على الحياة‪.‬‬
‫يمكن تلخيص بعض الخصائص التي تميز الشخصيات الجسدية في النقاط التالية‪:‬‬
‫‪ -‬عدم استقرار التوظيف النفسي في بنية محددة نظ ار لغياب نقاط التثبيت عند مرحلة محددة من النمو‬
‫النفسي‪ ،‬بسبب صعوبات اإلدخال واالحتفاظ بالمواضيع‪.‬‬
‫‪ -‬في حالة فشل الدفاعات الطبعية في حد ذاتها نظ ار لضعفها‪ ،‬تلجأ بعض الشخصيات الجسدية إلى‬
‫التصرفات العملية الواقعية‪ ،‬وهي محدودة في التكيف اآللي (أي في عمل وحركة مستمرة)‪ ،‬لذلك فهي‬
‫أكثر عرضة من غيرها لالختالالت الجسدية‪ ،‬كما نجد لدى هذه الفئة فقر في العالقات العاطفية والجنسية‬
‫وفقر في االتصاالت التي يطبعها الحياد‪.‬‬
‫‪ -‬أسئلة عن المحاضرة‪:‬‬
‫‪ -‬ماذا يقصد وينيكوت )‪ (Winnicott‬بمفهوم الموضوع االنتقالي )‪(objet transitionnelle‬؟‪.‬‬
‫‪-‬أبحث عن اضطرابات أخرى صنفت ضمن األشكال الحدية (الحاالت الحدية)؟‪.‬‬
‫‪ -‬حدد أهم اآلليات (الميكانيزمات) الدفاعية التي نجدها في التنظيم الحدي؟‪.‬‬
‫‪ -‬مراجع للمساعدة‪:‬‬
‫اجلمهورية اجلزائرية الدميقراطية الشعبية‬
‫وزارة التعليم العايل والبحث العلمي‬
‫جامعة مصطفى اسطمبويل معسكر‬
‫‪ -‬معتصم ميموني بدرة‪ .)4009( .‬االضطرابات النفسية والعقلية عند الطفل والمراهق‪ ،‬الجزائر‪ :‬ديوان‬
‫المطبوعات الجامعية‪.‬‬
‫‪-‬البالنش وبونتاليس‪ .)1599( .‬معجم مصطلحات التحليل النفسي (ترجمة‪ :‬حجازي مصطفى)‪ ،‬الجزائر‪.‬‬
‫‪ -‬سي موسي عبد الرحمان‪ ،‬بن خليفة محمود‪ .)4010( .‬علم النفس المرضي التحليلي واإلسقاطي‪،‬‬
‫الجزائر‪ :‬ديوان المطبوعات الجامعية‪.‬‬
‫‪-Ajuriaguerra,(1978). Manuel de Psychiatrie de l’enfant, Masson.‬‬
‫‪- Winnicott, D (1958). La capacité d’être seul, in de la pédiatrie à la‬‬
‫‪psychanalyse, paris, payot.‬‬

You might also like