You are on page 1of 5

‫تطبيق قاعدة عدم جواز الجمع بين دعوى الحيازة و دعوى الممكية‬

‫تطبيق القاعدة بالنسبة لممدعي‬


‫إذا كان القانون قد أقر الحماية القانونية لصاحب الحق‪ ،‬أي السيطرة الفعمية عمى العقار‪ ،‬أو أي حق‬
‫عيني آخر متفرع عنو‪ ،‬و االنتفاع منو دون عائق ‪ ،‬فان تمك الحماية‪ ،‬قد تكون عن طريق إحدى دعاوى‬
‫الحيازة ‪ ،‬أو عن طريق دعوى الممكية‪ ،‬أو دعوى أي حق عيني عقاري آخر متفرع عنو ‪ ،‬وأن صاحب‬
‫المصمحة قد يكتفي برفع دعوى الحيازة‪ ،‬أو دعوى الممكية ‪ ،‬وقد يرغب في استعماليما عمى التعاقب‪ ،‬أو‬
‫يعمد إلى الجمع بينيما في وقت واحد ‪ ،‬وىي كميا حاالت ‪ ،‬تؤدي إلى عدم قبول دعواه‪.‬‬
‫حالة االدعاء بالحيازة اوال‬
‫إذا كان صاحب الحق في إقامة الدعوى ‪ ،‬قد استند إلى الحيازة ‪ ،‬وىي حالة يفترض معيا ‪ ،‬وأنيا لم تكن‬
‫مسبوقة بدعوى الممكية‪ ،‬إلى غاية إثبات العكس‪ ،‬فال مجال لمتصريح بعدم قبوليا ‪ ،‬متى توافـرت شروطيا‬
‫‪ ،‬عمى أن تبقى طمبات المدعي فييا ‪ ،‬مقتصرة عمى المطالبة بحماية الحيازة ‪ ،‬بما يعني وأنو ال يحق لو‬
‫استعمال أية وسيمة من وسائل الدفاع ‪ ،‬التي قررىا القانون لحماية الممكية ‪ ،‬لتأييد دعوى الحيازة ‪ ،‬وفي‬
‫ذات الوقت ‪ ،‬فال حق لو في إقامة دعوى أخرى متعمقة بالممكية ‪ ،‬ما دامت دعوى الحيازة ال ازلت قامة ‪،‬‬
‫فان فعل اعتبر متنازال عن دعوى الحيازة ‪.‬‬
‫حالة االدعاء بالملكية أوال‬
‫قد يقع االعتداء عمى حيازة حق عيني عقاري ‪ ،‬فيبادر الحائز إلى إقامة دعوى الممكية أو أي حق عيني‬
‫عقاري متفرع عنو لحماية حيازتو ‪ ،‬بدال من دعوى الحيازة ‪ ،‬وفي المقابل فقد يقع االعتداء على الممكية أو‬
‫عمى أي حق عيني عقاري متفرع عنو ‪ ،‬فيرفع صاحب الحق دعوى ممكية ‪ ،‬ثم يقع اعتداء عمى الحيازة‬
‫بعد رفع دعوى الممكية ‪ ،‬فيبادر إلى التمسك بحماية الحيازة ‪ ،‬وىي حاالت من شأنيا أن تثير بعض‬
‫التساؤل حول مدى تأثير اإلدعاء بالممكية عمى الحيازة ؟‪.‬‬
‫إن اإلجابة عمى ذلك تكمن في تطبيق قاعدة عدم جواز الجمع ‪ ،‬بين الحيازة والممكية في ذات الوقت ‪،‬‬
‫بحيث يشكل اإلدعاء عمى أساس الممكية ‪،‬تنازال عن الحيازة ‪ ،‬والفكرة المحورية ىنا ‪،‬تتمثل في كون‬
‫المشرع حينما أراد حماية الحق ‪ ،‬إنما أقر ذلك من خالل طريقتين أحدىما أصمي وىو المتعلق بحماية‬
‫الممكية‪ ،‬وىو أصعب من حيث اإلثبات واآلخر استثنائي وىو المتعمق بحماية الحيازة‪ ،‬وىو األسيل ‪ ،‬لذلك‬
‫فان اختار صاحب الحق‪ ،‬الطريق األصعب بدال من األسيل ‪ ،‬فال حق لو في التمسك بيذا الطريق‬
‫األخير ‪ ،‬بعدما أضاع وقت القضاء ‪ ،‬في محاولة إثبات حقو بواسطة الطريق األصعب ‪.‬‬
‫حالة االدعاء بهما في وقت واحد‬
‫يفترض أن المدعي ىنا ‪ ،‬قد تمسك بالممكية والحيازة ‪ ،‬في نفس الوقت أمام نفس المحكمة ‪ ،‬وذلك إما من‬
‫خالل عريضة افتتاح دعوى واحدة ‪ ،‬و إما من خالل عريضتين افتتاحيتين لمدعوى ‪ ،‬أحدىما متعمقة‬
‫بالممكية واألخرى بالحيازة ‪ ،‬سواء أقاميما أمام نفس المحكمة أو أقاميما أمام محكمتين مستقمتين ‪ ،‬وىي‬
‫حاالت قد ميز الفقو القانوني بشأنيا بين ثالثة فروض ‪:‬‬
‫الفرض األول ‪ :‬يتعمق بممارسة كل من دعوى الممكية ودعوى الحيازة بطمبين أصميين‪ ،‬وما دامت القاعدة‬
‫المشار إلييا أعاله‪ ،‬تقضي بعدم إمكانية الجمع بينىما‪ ،‬فالجزاء الذي يترتب عن ذلك ىو سقوط دعوى‬
‫الحيازة‪ ،‬بحكم أنيا دعوى استثنائية‪ ،‬وبالنتيجة اعتبار الدعوى متعمقة بالممكية ‪ ،‬ويتعين الفصل فييا عمى‬
‫ىذا األساس ‪.‬‬
‫الفرض الثاني ‪ :‬يتعمق بإقامة دعوى الحيازة في صورة طمب احتياطي‪ ،‬مع الطمب األصمي المنصب عمى‬
‫الممكية‪ ،‬وتكون المحكمة ىنا ‪ ،‬ممزمة بالفصل في الطمب األصمي المتعمق بالممكية‪ ،‬من دون تعرضيا‬
‫لمطمب االحتياطي المتعمق بالحيازة ‪ ،‬ألن ذلك يعد في حكم من أقام دعوى الممكية ‪ ،‬وبعد أن خسرىا‪،‬‬
‫صل‬
‫عاد لممارسة دعوى الحيازة ‪ ،‬فضال عن كون الفصل في دعوى الممكية ‪ ،‬يغني في حد ذاتو عن الف‬
‫في دعوى الحيازة ‪.‬‬
‫الفرض الثالث ‪ :‬ويتعمق بإقامة دعوى الحيازة في صورة طمب أصمي‪ ،‬مع طمب احتياطي بشأن الممكية ‪،‬‬
‫ويتعين عمى المحكمة ىنا قبول الطمبين معا‪ ،‬عمى أن ال تفحص المحكمة الطمب االحتياطي المتعمق‬
‫بالممكية ‪ ،‬إال بعد فحص الطمب المتعمق بالحيازة ‪ ،‬فان صرحت برفضو ‪ ،‬وجب عمييا الفصل في‬
‫الطمب االحتياطي المنصب عمى الممكية ‪.‬‬
‫لكنو وميما كانت رجاحة ىذا الرأي‪ ،‬فان المشرع وبموجب المادتين ‪ 527‬و‪ 529‬من قانون اإلجراءات‬
‫المدنية واإلدارية‪ ،‬المقابمتين لممادتين ‪ 416‬و‪ 418‬من قانون اإلجراءات المدنية ‪ ،‬قد ألزم المحكمة‬
‫المعروضة عمييا دعوى الحيازة بأال تفصل في دعوى الممكية ‪ ،‬وفي المقابل فقد ألزميا بعدم قبول دعوى‬
‫الحيازة ‪ ،‬ممن سمك طريق الممكية ‪ ،‬بما يعني وأنو ال مجال ىنا لمثل ىذه االفتراضات‪.‬‬
‫التساؤل حول مدى تأثير اإلدعاء بالممكية عمى الحيازة ؟‪.‬‬
‫تطبيق القاعدة بالنسبة لممدعى عميه‬

‫قد ترفع ضد المدعى ليو إما دعوى الممكية ‪ ،‬و إما دعوى الحيازة ‪ ،‬وبالتالي فما ىي القيود التي أراد‬
‫المشرع بإلزامو بيا في الحالتين ‪:‬‬
‫بالنسبة للمدعى عليه في دعوى الحيازة‬
‫تطبيقا لقاعدة عدم جواز الجمع ‪ ،‬بين دعوى الحيازة‪ ،‬ودعوى الممكية‪ ،‬فانو ال يحق لممدعى عميو في‬
‫دعوى الحيازة‪ ،‬أن يتمسك بالممكية‪ ،‬ال في صورة دفع‪ ،‬وال في صورة طمب بما يعني وأنو ال يجوز لو إثارة‬
‫أي دفع مستمد من أسباب الممكية‪ ،‬من أجل رد دعوى الحيازة‪ ،‬وتحديدا فان األدلة التي يسوقيا‪ ،‬ال ينبغي‬
‫أن تكون متعمقة بممكيتو لمحقوق العقارية المتنازع عمييا‪.‬‬
‫وتأسيسا عمى ذلك‪ ،‬فال يجوز لو كذلك أيضا‪ ،‬إقامة دعوى قضائية لممطالبة بالممكية قبل إزالة التعدي‬
‫الصادر منو بشأن الحيازة ‪ ،‬ما دامت الدعوى المتعمقة بيذه األخيرة ال زالت قائمة ‪ ،‬وفي ذات الوقت فال‬
‫حق لو في تقديم طمب مقابل في دعوى الحيازة ذاتيا ‪ ،‬يرمي إلى الحكم لو بالممكية ‪ ،‬وذلك إلى غاية‬
‫الفصل نيائيا في دعوى الحيازة ‪ ،‬وقيامو بتنفيذ الحكم الصادر فييا ‪ ،‬ومع ذلك فان تقاعس المدعي ‪ ،‬في‬
‫تنفيذ الحكم الصادر في دعوى الحيازة ‪ ،‬جاز لممحكمة أن تحدد آجاال لتنفيذه‪ ،‬فان لم يتم كان ليا أن‬
‫تقبل دعوى الممكية حسب متطمبات نص المادة ‪ 02/530‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬المقابمة‬
‫لممادة ‪ 419‬من قانون اإلجراءات المدنية القديم‪.‬‬
‫بالنسبة للمدعى عليه في دعوى الملكية‬
‫ترمي ىذه القيود المفروضة عمى المدعى عميو إلى حماية الحيازة ‪ ،‬وفي ضوء تمك القاعدة ‪ ،‬فما ىو‬
‫الحل فيما لو أقدم شخص عمى االعتداء عمى حيازة عقار ‪ ،‬ثم بادر بعد ذلك ‪ ،‬وأقام دعوى ممكية عمى‬
‫حائزه ‪ ،‬فيل يعني ذلك حرمان الحائز – وىو المعتدى عميو في ىذه الصورة – من حماية حيازتو ‪ ،‬وذلك‬
‫عن طريق تمكينو من رفع دعوى حيازة‪.‬‬
‫لإلجابة عمى ىذا التساؤل‪ ،‬يميل جانب من الفقو ‪ ،‬إلى أن دعوى الحيازة ىنا تكون مقبولة‪ ،‬ألن دعوى‬
‫الممكية لم ترفع من الحائز ‪ ،‬وال تقوم نتيجة ذلك في حقو قرينة التنازل عن طريق السيل‪ ،‬أي طريق‬
‫دعوى الحيازة ‪ ،‬وأن القول بذلك ‪ ،‬يدفعنا إلى التسميم بإعطاء الحق لممعتدي‪ ،‬في رفع دعوى الممكية‪ ،‬لمنع‬
‫الحائز من دفع االعتداء الواقع عمى حيازتو‪ ،‬عن طريق رفعو لدعوى الحيازة ‪،‬وىو حرما ال يمكن تبريره ‪،‬‬
‫بل أنو يتناقض وأحكام دعوى الحيازة في حد ذاتيا ‪.‬‬
‫تطبيق القاعدة بالنسبة للمحكمة‬

‫إذا كنا أشرنا فيما تقدم ‪ ،‬إلى أن المحكمة المعروضة عمييا دعوى الحيازة ‪ ،‬ال يجوز ليا النظر في‬
‫الممكية‪ ،‬فان تطبيق قاعدة عدم جواز الجمع بين دعوى الحيازة ودعوى الممكية ‪ ،‬في واقع األمر بالنسبة‬
‫لممحكمة ‪ ،‬يتوقف عند الفصل في الدعوى ‪ ،‬أي عند منطوق الحكم ‪ ،‬بل أنو يمتد ليطال حتى أسباب‬
‫الحكم ‪ ،‬التي تناقش المحكمة من خالليا ‪ ،‬دفوع وطمبات األطراف بما يعني أنو ال يجوز ليا أن تحكم‬
‫لممدعي بالحيازة ‪ ،‬وتبرر في ذات الوقت أسباب ذلك الحكم بالممكية‪ ،‬كالقول وأن المدعي أي الحائز ىو‬
‫نفسو المالك ‪،‬كما ال يجوز ليا أن ترفض دعوى الحيازة ‪ ،‬بالقول وأن المدعي غير مالك ‪،‬السيما عند‬
‫االعتماد عمى سندات الممكية ‪ ،‬بحكم أنيا تكون في ىذه الحالة ‪ ،‬قد فصمت في دعوى الممكية ‪ ،‬وىي‬
‫مسالة لم يطمب منيا الفصل فييا وىكذا‪.‬‬
‫الحكم في دعوى الحيازة وحجيته‬
‫ال تثار المسألة ىنا ‪،‬سوى بالنسبة لمضمـون الحكـم الصادر في دعـوى الحيازة‪ ،‬وحجيتو‪.‬‬
‫مضمون الحكم‬
‫إذا تحققت المحكمة – وىي ىنا كل محكمة من محاكم القضاء العادي ال اإلداري – المعروضة عمييا‬
‫الدعوى ‪ ،‬من قيام شروط الحيازة ‪ ،‬حكمت لممدعي بحكم يختمف مضمونو ‪ ،‬باختالف االعتداء ‪،‬‬
‫واختالف نوع الدعوى ‪ ،‬فإذا كانت الدعوى متعمقة بوقف األعمال الجديدة ‪ ،‬أمرت بوقف ىذه األعمال ‪،‬‬
‫ي تكون قد أنجزت ‪،‬‬
‫وىي بذلك تتوقف عن ذلك الطمب بحيث ال يكون ليا أن تأمر بإزالة األعمال الت‬
‫ألن األمر بإزالتيا ‪ ،‬يعني وأنيا تكون قد تمت فوق العقار محل االعتداء ‪ ،‬ودعوى وقف األشغال الجديدة‬
‫ىنا ‪ ،‬تكون غير مقبولة النعدام موضوعيا‪،‬بل أن دعوى منع التعرض ‪ ،‬ىي التي تكون مقبولة لألمر‬
‫بإزالتيا ‪،‬ألنيا عبارة عن تعرض مادي ‪ ،‬مع إلزام المدعى عميو ‪ ،‬بعدم التعرض لممدعي مستقبال في‬
‫االنتفاع بالعقاري‪ ،‬إن كان التعرض قانونيا ‪،‬و إذا كانت‬
‫الدعوى ‪ ،‬ىي دعوى استرداد الحيازة ‪ ،‬أمرت المحكمة برد العقار ‪ ،‬محل الحيازة إلى المدعي‪.‬‬
‫حجية الحكم‬
‫يتمتع الحكم الصادر في دعوى الحيازة ‪ ،‬بحجية األمر المقضي فيو‪ ،‬شأنو في ذلك شأن أي حكم قضائي‬
‫فاصل في الحقوق ‪ ،‬أو المراكز القانونية المتنازع عمييا ‪ ،‬وباعتباره حكما فاصال في الحيازة‪ ،‬التي تعني‬
‫وضع اليد ‪ ،‬وليس فاصال في أصل الحق‪ ،‬وباعتبار أن االعتداء عمى الحيازة ‪ ،‬قد يأخذ صو ار ودرجات‬
‫الية ‪:‬‬
‫متعددة ‪ ،‬فيي كميا مسائل تترتب عنيا النتائج الت‬
‫‪ -‬النتيجة األولى ‪:‬‬
‫أن الحكم الصادر في إحدى دعاوى الحيازة‪ ،‬من أجل وضع حد إلحدى درجات االعتداء‪ ،‬ال يمنع من‬
‫رفع دعوى جديدة ‪ ،‬من أجل وضع حد ‪ ،‬ألي اعتداء جديد عمى الحيازة عند عدم اتحاد الخصوم واتحاد‬
‫السبب‪ ،‬ألن المحكمة لم يسبق ليا الفصل فيو ‪ ،‬ومن ذلك أن الحكم الفاصل في دعوى منع التعرض‪ ،‬ال‬
‫يحول دون رفع دعوى االسترداد‪.‬‬
‫‪ -‬النتيجة الثانية ‪:‬‬
‫أن الحكم الصادر في دعوى الحيازة ‪ ،‬ال يمكنو في أي حال من األحوال ‪ ،‬أن يشكل قيدا بالنسبة‬
‫لممحكمة‪ ،‬لمفصل في دعوى الممكية‪ ،‬مع مراعاة أحكام المادة ‪ 530‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪،‬‬
‫المقابمة لممادة ‪ 419‬من قانون اإلجراءات المدنية القديم‪.‬‬
‫‪ -‬النتيجة الثالثة ‪:‬‬
‫أن الحكم الصادر في دعوى وقف األعمال الجديدة‪ ،‬تبقى حجيتو مرىونة ‪ ،‬ببقاء الظروف التي صدر‬
‫فييا من دون تغيير ‪ ،‬وبذلك فيو حكم وقتي ‪ ،‬فيما أن الحكم الصادر في دعوى منع التعرض ‪ ،‬ودعوى‬
‫االسترداد ‪ ،‬يتمتع بحجية الشيء المقضي فيو ‪ ،‬بالنسبة لمحقوق التي فصل فييا‪.‬‬

You might also like