Professional Documents
Culture Documents
توازي الدعويين صيغة نهائية
توازي الدعويين صيغة نهائية
لجنة المناقشة
الدكتور :عبد الحميد أخريف .........................................مشرفا ورئيسا
الدكتور :موحى ولحسن الميموني .................................................عضوا
الـسـنـة الـجـامـعـيـة:
9191-9102م
1
2
3
4
الئحة فك الرموز
:ظهير التحفيظ العقاري ظ.ت.ع
:مدونة الحقوق العينية م.ح.ع
:قانون المسطرة المدنية ق.م.م
:مدونة األوقاف م.أ
:قانون االلتزامات والعقود ق.ل.ع.
:الصفحة ص
:مرجع سابق مس
:الجريدة الرسمية جر
:الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية و.و.م.ع.م.ع.خ
والمسح العقاري والخرائطية
5
مـقــدمة
ال أحد يمكن أن ينكر ما للملكية العقارية من أهمية في حياة اإلنسان ،إذ تعتبر رمزا
الستقراره داخل المجتمع لدرجة أن المشرع المغربي أنزلها منزلة التقديس ،ومعنى مقدسة
أنها محمية بموجب أسمى قانون في بالدنا ،وهو الدستور المغربي لسنة 2011الذي نص
في الفصل 35منه على أن القانون يضمن حق الملكية....
ونفس هذا المقتضى الحمائي كرسه في المادة 23من م.ح.ع التي نصت بشكل صريح
على أنه ":ال يحرم أحد من ملكه إال في األحوال التي يقررها القانون.
ال تنزع ملكية أحد إال ألجل المنفعة العامة ووفق اإلجراءات التي ينص عليها القانون
ومقابل تعويض مناسب".
وهنا يتضح لنا أن حق الملكية هو حق دستوري ،ال يجوز المساس به إال بالقانون ،وفي
حالة المساس به دون موجب قانوني فإن هناك إجراءات قانونية من أجل استرداده ،تختلف
حسب ما إذا كان العقار محفظا أو غير محفظ أو في طور التحفيظ.
إذا كان العقار محفظا فإن حماية حق الملكية يكون عن طريق رفع دعوى استعجالية
طبقا لمقتضيات الفصل 149من ق.م.م تقضي بطرد المدعى عليه من العقار بصفته محتال
له بدون سند قانوني مالم يتمسك بوجود عالقة كرائية ،السيما إذا كان الكراء سكنيا ،حيث
إنه في هذا النوع من األكرية رغم انتهاء مدته يبقى سند احتالل المكتري هو التجديد
الضمني للعقد ،ألنه ال ينتهي بانتهاء مدته وإنما بتحقق السبب ،فالمشرع في إطار القانون
67-12المتعلق بكراء المحالت المعدة للسكنى واالستعمال المهني راعى البعد االجتماعي
للمكتري حتى ال يشعر هذا األخير أنه مهدد باإلفراغ في كل لحظة مادام يؤدي الوجيبة
الكرائية ،وبالتالي تحقيق نوع من االستقرار االجتماعي للمكتري في هذا النوع من األكرية،
عكس ما إذا تعلق األمر بكراء وقفي أو فالحي ،حيث في هذين النوعين من األكرية ال يحق
لقاضي المستعجالت أن يدفع بعدم االختصاص ألنها تنتهي بانتهاء مدتها استنادا إلى المادة
92من م.أ بالنسبة للكراء الوقفي ،والفصل 714من ق.ل.ع.م بالنسبة للكراء الفالحي
الذي ال تتجاوز مدته أربعين سنة ،أي ينتهي بانتهاء مدته بقوة القانون.
أما إذا كان العقارغير محفظ فإن حماية حق الملكية يكون عن طريق رفع دعوى في
الموضوع تسمى بدعوى االستحقاق ،وهي دعوى يرفعها القائم ضد الحائز لالعتراف له
بالملكية ،لذلك تسمى أيضا بالدعوى التقريرية ،أي تقرر الملكية لمن هي ،وال شيء آخر
غير الملكية ،بمعنى أن الدعوى التي تهدف إلى االعتراف بحق عيني آخر غير حق الملكية
كحق االنتفاع أو حق السطحية...ليست دعوى استحقاق بالمعنى الذي أشرنا إليه أعاله،
وإنما هي دعوى استحقاق في معناها اللغوي ،وإن صح التعبير هي دعوى اإلقرار بحق
عيني ،ألن دعوى االستحقاق ترفع من طرف المالك وال يمكن تصورها إال على العقار
غير المحفظ ،بينما دعوى اإلقرار بحق عيني آخر غير حق الملكية ترفع ضد المالك أي
ضد صاحب حق الرقبة لالعتراف بالحق العيني الذي رتبه على ملكه ،ويمكن تصورها
6
حتى على العقار المحفظ ،فدعوى االستحقاق هي من دعاوى الملكية كما عبر عن ذلك
المشرع في الفصل 169من ق.م.م الذي نص على قاعدة عدم الجمع بين دعوى الملكية
ودعوى الحيازة ،حيث جاء فيه " :من قدم دعوى الملكية ال تقبل منه بعد ذلك دعوى
الحيازة إال إذا وقع إخالل بحيازته بعد تقديم دعوى الملكية".
بمعنى من لجأ إلى دعوى اإلستحقاق أوال فإنه يعتبر تنازال منه عن دعوى الحيازة ،وإذا
لجأ إلى دعوى الحيازة في األول فإنه يجب أن ال يدفع بالملكية ولو كان هو المالك الحقيقي،
أي يجب البقاء في منطق الحيازة ،وهو منطق سليم يحقق العدالة ،ألن قاضي الحيازة ال
يقضي بالملكية وإنما يبت في ظاهر الحال ويحكم بالحيازة ال أقل وال أكثر ،لذلك إذا خسر
المدعي دعوى الحيازة يمكن أن يرفع دعوى الملكية و يربح من قضي له بالحيازة بعد ذلك،
وهذا ما يستشف من الفصل 168من ق.م.م حيث جاء فيه":إذا وقع إنكار الحيازة أو
التعرض لها ،فإن البحث الذي يؤمر به ال يمكن أن يتعلق بموضوع الحق الذي ال يمكن أن
يكون إال محل دعوى الملكية تستهدف االعتراف بحق عيني عقاري".
فالفصل 168أعاله يؤكد بدوره على أن دعوى االستحقاق هي من دعاوى الملكية،
وبالتالي فإن الفصلين 168و 169معا ،يمكن اعتمادهما كسند قانوني للقول بأن دعوى
االستحقاق تستهدف االعتراف بحق الملكية دون غيره من الحقوق العينية األخرى ،ويمكن
أن نضيف إليهما أيضا المادة 22من م.ح.ع حيث جاء فيها " :لمالك العقار أن يطلب
استحقاق ملكه ممن يكون قد استولى عليه دون حق ،وله أن يطالب من تعرض له فيه
بالكف عن تعرضه ،كما له أن يطالب برفع ما قد يحصل له فيه من تشويش".
أما إذا كان العقار في طور التحفيظ فإن حماية حق الملكية يكون عن طريق دعوى
التعرض على مطلب التحفيظ التي حظيت بتنظيم قانوني خاص من طرف المشرع
المغربي ،أي تسري عليها مقتضيات الفصول من 24إلى 51من ظ.ت.ع كما وقع تغييره
وتتميمه بالقانون رقم ،14-07وهي الوسيلة الوحيدة لدحض قرينة الملكية لطالب التحفيظ
حتى ال يسري على المتعرض األثر التطهيري للرسم العقاري ،من خصوصيتها أنها بمثابة
دعوى استحقاق معكوسة ،وكلمة بمثابة تعني بأن دعوى التعرض على مطلب التحفيظ
ليست دعوى استحقاق بالمعنى الذي أشرنا إليه أعاله ،وإنما هي فقط بمثابة دعوى استحقاق
وإن صح القول هو استحقاق في معناه اللغوي ال أقل وال أكثر ،السيما وأن بين الدعويين
العديد من الفروقات المسطرية والموضوعية والتي سنأتي على ذكرها بعد قليل ،أما كلمة
معكوسة فتفيد اإلثبات أي معكوسة على مستوى اإلثبات ،بحيث تقلب فيها المراكز القانونية
لألطراف ،لذلك أحيانا نصطدم بدعويين متوازيين ،دعوى استحقاق رائجة أمام القضاء
العادي ودعوى التعرض على مطلب التحفيظ رائجة أمام محكمة التحفيظ ،وهذا فقط شق
من موضوع دراستنا.
ونتصور هذه الفرضية عندما تكون دعوى استحقاق رائجة أمام القضاء العادي ،ويلجأ أحد
طرفي النزاع إلى تقديم طلب لتحفيظ العقار موضوع دعوى االستحقاق ،وغالبا يقدم هذا
الطلب من طرف القائم ،أي مدعي االستحقاق حتى يكتسب صفة المدعى عليه ويعفى من
7
اإلثبات لكون المطلب أصبح قرينة على الملك ،وإذا تعرض الطرف اآلخر وأحيل الملف
على محكمة التحفيظ استنادا إلى الفقرة األخيرة من الفصل 32من ظ.ت.ع كما وقع تغييره
وتتميمه بالقانون رقم ،14-07يصبح المتعرض مدعيا ومكلفا باإلثبات بعدما كان طرفا
مدعى عليه في دعوى االستحقاق ال يكلف ببيان وجه مدخله إال إذا أدلى القائم بحجة أقوى
استنادا إلى المادة 242من م.ح.ع ،وبالتالي نصبح إزاء دعويين متوازيين ،دعوى
استحقاق رائجة أمام القضاء العادي ودعوى التعرض على مطلب التحفيظ رائجة أمام
قضاء التحفيظ ،األمر الذي ينتج عنه ازدواجية القضاء وأحيانا صدور أحكام متناقضة ،بل
أكثر من ذلك قد نصبح إزاء حكم قضائي نهائي صادر خارج نطاق مسطرة التحفيظ ليس له
أي قيمة قانونية أمام قرار إداري بتأسيس رسم عقاري له حجية مطلقة وغير قابل للطعن
كما ينص على ذلك الفصل 62ظ.ت.ع ،ونتصور هذه الفرضية أيضا في حالة تقديم طلب
التحفيظ من طرف خاسر دعوى اإلستحقاق ،وقبول إدراجه من طرف السيد المحافظ على
األمالك العقارية ،وعدم قيام رابح الدعوى بالتعرض على المطلب ،وحتى لو افترضنا تم
التعرض بناء على هذا الحكم القضائي النهائي القاضي باالستحقاق فإنه يطرح إشكال آخر
أمام السيد المحافظ على األمالك العقارية حول ما إذا كان هذا الحكم باإلمكان أن ينهض
حجة التخاذ قرار التحفيظ في اسم المتعرض أم أنه يتعين عليه أن يحيله على محكمة
التحفيظ ،وحتى إذا أحاله يطرح اإلشكال حول حجيته أمام محكمة التحفيظ ،كما قد يطرح
بشأنه اشكال آخر أمام السيد المحافظ على األمالك العقارية بخصوص نوعية الرقابة التي
سيجريها عليه في حالة ما إذا كان مطلب التحفيظ مدعم به.
وجدير بالذكر إلى أن المتأمل في عنوان موضوعنا سيالحظ أننا تركنا بعض المصطلحات
عامة ،وفي الحقيقة قد تعمدنا ذلك للعلة التالية :
بالنسبة لدعوى االستحقاق تعمدنا أن ال نضيف إليها وصف "العادية" ألن دعوى
االستحقاق هي دعوى واحدة ،وكل دعوى لها مسمياتها ،وذلك حتى يفتح لنا المجال للحديث
عن دعوى االستحقاق الفرعية وإشكالية توازيها أو تداخلها مع دعوى التعرض على مطلب
التحفيظ ،ونتصور هذه الفرضية عندما يكون العقار في طور التحفيظ ولم تنتهي بشأنه آجال
التعرضات ،وفي نفس الوقت جارية بشأنه مسطرة التنفيذ ،ثم يأتي شخص من الغير ويدعي
أن العقار موضوع مسطرتي التحفيظ والتنفيذ في ملكيته ،فيقف في حيرة من أمره حول
الدعوى التي ستكون في صالحه ،هل هي دعوى االستحقاق الفرعية المشار إليها في
الفصلين 482و 483من ق.م.م أم دعوى التعرض على مطلب التحفيظ أم هما معا.
ونفس الشيء بالنسبة لدعوى التعرض ،حيث تعمدنا أن ال نضيف إليها عبارة "على مطلب
التحفيظ" ،وذلك حتى يفتح لنا المجال للحديث عن دعوى التعرض على إيداع حق وقع
االعالن عنه طبقا لمقتضيات الفصل 84من ظ.ت.ع أو ما يسمى اختصارا بالتعرض على
اإليداع الذي يكيف على أنه دعوى استحقاق عادية يتم البت فيها من طرف القضاء العادي،
ألن المشرع عندما أجاز التعرض على اإليداع وكرسه في الفقرة األخيرة من الفصل 24
من ظ.ت.ع لم يالئم هذا المستجد مع خصوصيات المرحلة القضائية للبت في التعرضات ،
بحيث ليس هناك أي نص قانوني يلزم السيد المحافظ على األمالك العقارية بإحالة التعرض
8
ضد اإليداع على محكمة التحفيظ ،كما أن هذه األخيرة ال تبت بين المتعرض والمودع ألن
هذا األخير ليس له صفة طالب التحفيظ أو صفة متعرض ،بل إن محكمة التحفيظ تبت بين
المتعرض وطالب التحفيظ استنادا إلى الفصل 37من ظ.ت.ع ،كما أن السيد المحافظ على
األمالك العقارية يحيل التعرض على مطلب التحفيظ عمال بالفقرة األخيرة من الفصل 32
من ظ.ت.ع ،وبالتالي إذا وقع التعرض على اإليداع وتعرض على مطلب التحفيظ نصبح
إزاء دعويين متوازيين ،األمر الذي قد يؤثر سلبا على حقوق المتقاضين.
ويرجع موضوع توازي الدعويين من حيث إطاره التاريخي إلى فترة الحماية ،السيما
بالنسبة لتوازي دعوى االستحقاق ودعوى التعرض على مطلب التحفيظ ومازالت تطرح
بشأنه إشكاالت عملية وقانونية إلى يومنا هذا ،أي أنه رغم التعديالت المهمة التي أدخلها
المشرع على ظ.ت.ع في سنة 2011بمقتضى القانون رقم 14-07لم ينتبه إلى هذه
اإلشكاالت التي يثيرها ،مما يعني أنه موضوع دقيق ويطرح إشكاالت دقيقة جداً.
ومن هنا يتضح لنا أن األهمية النظرية لموضوعنا تتمثل في دقته ،لذلك لم يتم االنتباه إليه
من طرف الباحثين والمهتمين رغم ارتباطه بأسمى حق من الحقوق العينية وهو حق
الملكية ،األمر الذي نتج عنه قلة الكتابات الفقهية والبحوث الجامعية التي تناولته بشكل
مباشر ومفصل ،أما أهميته العملية فتتمثل في ارتباطه بجهازين مختلفين ،جهاز إداري
مستقل يتمثل في المحافظة العقارية في شخص السيد المحافظ على األمالك العقارية كسلطة
إدارية مستقلة ،وجهاز قضائي تولد عنه نظامين مختلفين للبت ،قضاء عادي يبت وفق
مقتضيات ق.م.م باعتبارها الشريعة العامة للتقاضي وقضاء للتحفيظ يبت وفق مقتضيات
ظ.ت.ع باعتبارها مقتضيات خاصة وال يطبق مقتضيات ق.م.م إال في حاالت جد ضيقة،
أي في حالة وجود إحالة صريحة من ظ.ت.ع األمر الذي قد ينعكس سلباعلى حقوق
المتقاضين السيما على مستوى اإلثبات.
لذلك فإن اإلشكالية الجوهرية التي يثيرها موضوعنا يمكن صياغتها على الشكل التالي :
ما هي االنعكاسات السلبية لتوازي الدعويين ـ دعوى االستحقاق ودعوى التعرض ـ على
حقوق المتقاضين؟
وتتفرع عن هذه اإلشكالية الجوهرية العديد من التساؤالت الفرعية والتي ال داعي لذكرها،
نظرا ألن معظمها يمكن أن يستشف من التصور العام حول موضوعنا والذي أشرنا إليه
أعاله ومن العناوين التي ستظهر في خطة البحث أو التصميم.
لكن قبل اإلعالن عن خطة البحث البد أن نشير إلى المنهج الذي سنتبعه للوصول إلى حل
لالشكالية المطروحة ،ألنه كما هو معلوم اإلشكالية ال تحتاج إلى جواب مباشركما هو الشأن
بالنسبة للتساؤالت الفرعية ،وإنما إلى حل لها من أجل إشباعها ،لذلك فقد ارتأينا أن نتبع
المنهج المقارن للمقارنة بين دعوى التعرض على مطلب التحفيظ وباقي الدعاوى األخرى
كدعوى االستحقاق ودعوى اإلستحقاق الفرعية ودعوى التعرض على اإليداع ،وذلك حتى
نتمكن من الوقوف على أهم الخصوصيات التي تميز مقتضيات ظ.ت.ع على مقتضيات
ق.م.م ،كما سنتبع أيضا المنهج التحليلي والنقدي وذلك حتى نتمكن من الوقوف على
9
اآلراء الفقهية والتوجهات القضائية من أجل تحليلها لمعرفة ما إذا كانت التوجهات الحالية
لمحكمة النقض تخدم مصالح األطراف ،ومحاولة إيجاد حلول بديلة من شأنها اإلسهام في
تجاوز اإلشكاالت القانونية والعملية التي يطرحها موضوعنا.
وهكذا سنعمل على تقسيم موضوعنا حسب منهجية التصميم التنائي إلى فصلين على الشكل
التالي :
10
الفصل األول
اآلثار السلبية لتوازي دعوى االستحقاق ودعوى التعرض على
حقوق المتقاضين
11
الفصل األول :اآلثار السلبية لتوازي دعوى االستحقاق ودعوى التعرض على
حقوق المتقاضين
إن المتأمل في عنوان هذا الفصل سيتضح له أننا تعمدنا عدم وصف دعوى االستحقاق
باألصلية وعدم إضافة عبارة " على مطلب التحفيظ " لدعوى التعرض حتى يفتح لنا المجال
للحديث عن دعوى االستحقاق الفرعية ودعوى التعرض على اإليداع في عالقتهما بدعوى
التعرض على مطلب التحفيظ ،وهي مسألة أشرنا إليها في المقدمة وفقط أردنا أن نؤكد
عليها للتوضيح بأننا سنعمل على تقسيم هذا الفصل إلى مبحثين ،نتطرق في (المبحث األول)
إلى توازي دعوى االستحقاق و دعوى التعرض على مطلب التحفيظ ،على أن نتطرق في
(المبحث الثاني) لتوازي دعوى التعرض على اإليداع ودعوى التعرض على مطلب
التحفيظ وعالقة هذه األخيرة بدعوى االستحقاق الفرعية.
المبحث األول :توازي دعوى االستحقاق ودعوى التعرض على مطلب التحفيظ
للوقوف على أهم الخصوصيات التي تميز مقتضيات ظ.ت.ع على مقتضيات ق.م.م
ارتأينا أن نقسم هذا المبحث بدوره إلى مطلبين ،نتطرق في (المطلب األول) ألهم الفروقات
بين دعوى االستحقاق ودعوى التعرض على مطلب التحفيظ ،على أن نتطرق في (المطلب
التاني) إلى األثرالسلبي لتوازي دعوى االستحقاق ودعوى التعرض على مطلب التحفيظ
على حقوق المتقاضين.
المطلب األول :أهم الفرو قات بين دعوى االستحقاق ودعوى التعرض على
مطلب التحفيظ
في الحقيقة هناك العديد من الفروقات بين الدعويين ،ولمحاولة اإلحاطة بها فقد ارتأينا
أن نتطرق إليها من زاويتين ،من زاوية افتتاحهما وهو سنخصص له (الفقرة األولى) ثم من
زاوية األحكام القضائية الصادرة بشأنهما وهو ما سنخصص له (الفقرة التانية).
الفـقـرة األولـــى :أهم الفرو قات بين دعوى االستحقاق ودعوى التعرض على
مطلب التحفيظ من زاوية افتتا حهما
إذا كانت دعوى االستحقاق مجالها العقار غير المحفظ ،وتخضع من حيث اإلجراءات
الشكلية إلى مقتضيات ق.م.م باعتباره الشريعة العامة للتقاضي ،وبالتالي يستوجب رفعها
أمام جهة قضائية وهي المحكمة اإلبتدائية المختصة ،وذلك بموجب مقال افتتاحي للدعوى
موقع من طرف المدعي أو وكيله أو بتصريح يدلي به المدعي شخصيا ويحرر به أحد
أعوان كتابة الضبط المحلفين محضرا يوقع من طرف المدعي أو يشار في المحضر إلى أنه
ال يمكن له التوقيع كما نص على ذلك الفصل 31من ق.م.م وأن يتضمن البيانات المحددة
في الفصل 32من نفس القانون ،فإن دعوى التعرض على مطلب التحفيظ مجالها العقار في
طور التحفيظ ،وتخضع لمقتضيات ظ.ت.ع باعتباره قانون شكل وموضوع في نفس الوقت،
12
وبالتالي كاستثناء من األصل ترفع بدون مقال افتتاحي 1أمام جهة إدارية تتمثل إما في
المحافظ على األمالك العقارية وإما في المهندس المساح الطبوغرافي المنتذب أثناء إنجاز
عملية التحديد استنادا إلى الفصل 25من ظ.ت.ع ،أو التقني الطبوغرافي المكلف بإنجاز
عملية التحديد من طرف المهندس المساح الطبوغرافي المنتمي لمصلحة المسح العقاري
بناء على القانون رقم 257-12المعدل لمقتضيات الفصل 25من ظ.ت.ع ،هذا إذا تعلق
األمر بالتعرض العادي ،ألنه إذا تعلق األمر بتعرض استثنائي فإنه ال يقدم إال للسيد المحافظ
على األمالك العقارية بصريح الفصل 29من ظ.ت.ع كما وقع تغييره وتتميمه بالقانون
رقم ،14.07وهذه النقطة من المستجدات ألنه قبل القانون 14.07كان التعرض
اإلستثنائي يقدم أيضا إلى السيد وكيل الملك ،األمر الذي كان يؤدي إلى بطء مسطرة
التحفيظ ،ألن السيد وكيل الملك عندما كان يقبل التعرض اإلستثنائي كان يحيله على السيد
المحافظ على األمالك العقارية لتضمينه بسجل التعرضات والسيد المحافظ يحيله من جديد
على محكمة التحفيظ ،3وبالتالي تمديد عمر مسطرة التحفيظ.
أما اآلن مع هذا المستجد الذي حصر قبول التعرضات االستثنائية في السيد المحافظ
العقاري فإنه ال شك سيخدم فلسفة التسريع من وثيرة مسطرة التحفيظ ،ونفس الشيء بالنسبة
للتعرضات العادية التي كان باالمكان قبولها قبل القانون 14.07من طرف المحكمة
االبتدائية وقاضي التوثيق والسلطة المحلية وبطبيعة الحال أيضا من طرف المحافظة
العقارية ،والمشرع أحسن صنعا عندما حصرها في جهة إدارية ألن هذه األخيرة هي
المختصة بتلقي التعرضات ،ألن التعرضات التي كانت تقدم إلى ممثلين السلطة المحلية
كانت تضيع بسببها العديد من الحقوق نظرا لعدم إلمامهم بالجانب العقاري وكثرة انشغاالتهم
بأمور أخرى وبالتالي صياغتها بشكل معيب السيما إذا كانت شفوية والتأخر في إرسالها
للسيد المحافظ العقاري قصد تقييدها بسجل التعرضات في الوقت المناسب ،وقد كان هذا
األمريؤدي إلى بطء مسطرة التحفيظ وتعثرها عن تحقيق الحماية الكافية لمختلف المراكز
4
القانونية ذات الصلة بها
1ـ زكرياء الموذن ،القواعد اإلجرائية لدعوى التحفيظ العقارية ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون
الخاص ،مسلك الدراسات العقارية ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة عبد المالك
2ـ القانون رقم 57-12صادر بتاريخ 30ديسمبر ، 2013نشر بالجريدة الرسمية عدد 6224بتاريخ
23يناير ،2014تمم مقتضيات الفصول 19و 20و 21و 25و 34و 43و 54من ظ.ت.ع.
هذا القانون جاء من أجل تمكين التقنيين الطبوغرافيين من إنجاز عملية التحديد ،تفاديا لإلشكال الذي كان
يطرح سابقا على مستوى المحافظات العقارية المتعلق بقلة المهندسين الطبوغرافيين المؤهلين إلنجاز هذه
العملية بالمقارنة مع فئة التقنيين الطبوغرافيين ،األمر الذي كان يؤدي إلى تراكم ملفات التحفيظ عليها.
3ـ ادريس الفاخوري ،نظام التحفيظ العقاري وفق مستجدات القانون ،14.07مطبعة المعارف الجديدة
الرباط ،طبعة ،2013ص .48
4ـ عمر السكتاني ،خصوصيات الجوانب اإلجرائية لممارسة التعرض في نظام التحفيظ العقاري الجديد،
دراسة في تطور اإلجتهاد القضائي المغربي ،مجلة القضاء المدني ،سلسلة المنازعات العقارية دراسات
وأبحاث في ضوء نظام التحفيظ العقاري ومدونة الحقوق العينية والمستجدات التشريعية في المادة
13
إذا كانت الرسوم القضائية بالنسبة لدعوى اإلستحقاق تؤدى بصندوق المحكمة ،والوثائق
والمستندات يتم إرفاقها بالمقال اإلفتتاحي للدعوى ،والبد من تنصيب محامي تحت طائلة
الحكم بعدم قبول الدعوى شكال ألن الفصل 32من قانون المحاماة الجديد 5ينص على
إجبارية تنصيب محامي وال يستثني القضايا العقارية ،فإنه بالنسبة لدعوى التعرض على
مطلب التحفيظ تؤدى عنها الرسوم القضائية وحقوق المرافعة بالمحافظة العقارية التي
تستخلصها لفائدة كتابة ضبط محكمة التحفيظ عن كل واحد من التعرضات المتعلقة بالمطلب
الواحد ،اللهم إذا تعلق األمر بتعرض متبادل 6وهذا ما أكدته الفقرتين التانية والتالتة من
الفصل 32من ظ.ت.ع ،ونفس الشيء بالنسبة للوثائق والمستندات المدعمة للتعرض
بحيث هي األخرى يتم اإلدالء بها للمحافظة العقارية قبل انصرام أجل شهر الموالي النتهاء
أجل التعرض طبقا لمقتضيات الفقرة التالتة من الفصل 25من ظ.ت.ع وذلك تحت طائلة
إلغاء التعرض استنادا إلى مقتضيات الفقرة األولى من الفصل 32من ظ.ت.ع التي نصت
على أنه " :يعتبر التعرض الغيا وكأن لم يكن ،إذا لم يقدم المتعرض خالل األجل
المنصوص عليه في الفصل 25من هذا القانون ،الرسوم والوثائق المؤيدة لتعرضه ،ولم
يؤد الرسوم القضائية وحقوق المرافعة أو لم يثبت حصوله على المساعدة القضائية ".
والمالحظ من خالل نص هذه الفقرة من الفصل 32أعاله أن المشرع استعمل ما بين
الوثائق المؤيدة للتعرض والرسوم القضائية ،حرف الواو ،أي واو العطف ،مما يعني أن
إلغاء التعرض مقترن بتحقق الحالتين معا ،وبالتالي فإن أداء الرسوم القضائية وحقوق
المرافعة من شأنه التليين من صرامة هذه المقتضيات واعتبار التعرض قائما السيما إذا كان
المتعرض يستند فقط على الحيازة الفعلية بحيث قد ال يستطيع أن يثبت تعرضه أمام المحافظ
على األمالك العقارية ،7وهو ما يالحظ أيضا من الناحية العملية حيث إن بعض السادة
المحافظين على األمالك العقارية ال يعملون على إلغاء التعرض رغم عدم أداء الرسوم
القضائية وحقوق المرافعة مادام أنهم فقط ينوبون عن كتابة ضبط محكمة التحفيظ في
14
استخالصها ،فيحيلونه على هذه األخيرة مع اإلشارة في شهادة التعرض إلى عدم
استخالص الرسم القضائي.8
وتجدر اإلشارة إلى أنه رغم سكوت المشرع عن مدى قابلية قرار إلغاء التعرض للطعن،
فإنه يبقى قرار إداري قابل للطعن فيه أمام المحكمة اإلدارية داخل أجل شهرين من تاريخ
تبليغه للمتعرض ،بعد أن كان أجل الطعن لمخاصمة هذا القرار أمام القضاء العادي هو
خمسة عشر يوما وهو أجل كان غير كافي إلعداد ملف الطعن.9
ونشير أيضا إلى أنه إذا كان للمحكمة العادية صالحية الحكم بعدم قبول الدعوى شكال
في حالة وجود عيب شكلي ،فإن محكمة التحفيظ ليس لها هذه الصالحية ألن المحافظ وحده
الذي له صالحية التصدي للعيوب الشكلية وهو ما أكدته اسئنافية وجدة 10في قرار لها جاء
فيه ":أن المحكمة ال تملك سلطة مراقبة شكليات التعرض من حيث أداء الرسوم القضائية
أو احترام آجال تقديمه ،إذ أنه حتى وإن كان هناك إخالل شكلي في تقديمه ،فعلى القاضي
تجاهله ،إذا قبل من طرف المحافظ الذي يملك وحده سلطة التصدي للعيوب الشكلية خالل
المرحلة اإلدارية للتحفيظ."...
وهذا يتماشى مع خصوصية دعوى التعرض على مطلب التحفيظ ،ألنه إذا كانت القضايا
العادية ومنها دعوى االستحقاق على وجه الخصوص تخول للطرف الذي لم تقبل دعواه
إعادة رفعها من جديد بعد تصحيحها فإن المتعرض ال تبقى له صالحية تقديم دعوى
التعرض على المطلب بعد تصحيحها ألن السيد المحافظ العقاري سيواجهه بفوات أجلها،
كما ال يمكن لها أن تحكم بعدم قبول الدعوى شكال في حالة عدم تنصيب محام ألن
مقتضيات ظ.ت.ع تعطي للمتعرض إمكانية متابعة دعواه بصفة شخصية ،وبالتالي تفيد
اإلختيارية وليس اإلجبارية وهو ما يستشف من الفصل 37من ظ.ت.ع بالنسبة للمرحلة
االبتدائية حيث جاء فيه ":عند افتتاح المناقشات يعرض القاضي المقرر القضية ويعين
المسائل التي تتطلب حال دون أن يبدي أي رأي ثم يقع االستماع إلى األطراف."...
ونفس الشيء بالنسبة للمرحلة اإلستئنافية حيث نص الفصل 45من ظ.ت.ع على أنه ":
تفتتح المناقشات ،...................ثم يستمع إلى األطراف إما شخصيا وإما بواسطة
محاميهم."...،
8ـ عادل صبير ،خصوصيات مسطرة التحفيظ العقاري في ضوء القانون ،14-07رسالة لنيل دبلوم
الماستر في القانون الخاص ،مسلك المعامالت العقارية ،الكلية المتعددة التخصصات تازة ،جامعة سيدي
محمد بن عبد هللا ،السنة الجامعية ،2018-2017ص. 26:
9ـ عبد الرزاق عريش ،مستجدات الطعون القضائية ضد قرارات المحافظ العقاري في ضوء القانون
14-07ومقتضيات الدستور الجديد ،مجلة القضاء المدني ،سلسلة المنازعات العقارية ،م س،
ص137و.138
10ـ قرار عدد 412صادر بتاريخ 1997-03-04في الملف العقاري عدد ، 56-450أشار إليه عادل
صبير ،م س ،ص.26 :
15
وهذاما زكاه المجلس األعلى في قرار له صادر سنة 111982جاء فيه ":حيث إنه
بمقتضى الفصل 42من ظهير 12غشت 1913فإنه بمجرد توصل كتابة ضبط محكمة
االستئناف بالملف يعين الرئيس األول مستشارا مقررا ويأمر هذا األخير المستأنف باإلدالء
بأسباب استئنافه ووسائل دفاعه في ظرف أجل ال يتعدى خمسة عشر يوما يضاف إليها أجل
بعد المسافة ثم يستدعي األطراف المعنية باألمر لإلطالع على ما أدلى به المستأنف
واإلدالء بمنازعاتهم ووسائل دفاعهم في أجل آخر مماثل ،فإن القرار المطعون فيه عندما
قضى بعدم قبول االستئناف بعلة أن المستأنف لم يقم باإلجراءات المنصوص عليها في
الفصل 34من قانون المحاماة مع أن القضية تتعلق بالتحفيظ وأن الفصل المذكور ال يلزم
المستأنف بتنصيب مدافع عنه أو طلب الترخيص بالمرافعة شخصيا فإن المحكمة عندما بتت
على النحو المذكور تكون قد خرقت الفصل المشار إليه أعاله وعرضت قرارها للنقض".
من وجهة نظرنا المتواضعة يستحسن إعادة النظر في مقتضيات ظ.ت.ع بشكل يحقق
اإلنسجام مع مقتضيات الفصل 32من القانون 28-08المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة،
بالتنصيص صراحة على إجبارية تنصيب محام ألن دعوى التعرض على مطلب التحفيظ
هي دعوى متشعبة ومعقدة ويصعب على المتعرض متابعتها بنفسه دون االستعانة بمحام،
كما أن اإلجبارية ستخفف العناء حتى على القضاء مما سيؤدي إلى الرفع من مستوى
التقاضي.
كذلك من الفروقات بين الدعويين هو أن دعوى اإلستحقاق غير مقيدة بأجل معين من
الناحية المبدئية ،ولكن استثناء يمكن أن تتقادم عن طريق الحيازة المكسبة للملك المنظمة في
المواد من 239إلى 263من م.ح.ع ،وبالتالي إذا حاز المدعى عليه العقار موضوع
النزاع حيازة مستوفية لشروطها القانونية ال تسمع دعوى القائم ألن المدعى عليه اكتسبه
بالتقادم وهو ما أكده المجلس األعلى في قرار له جاء فيه ":دعوى استحقاق عقار ال يمكن
سماعها وال قبول البينة المؤيدة لها بعد مرور عشر سنين عن حوز وتصرف األجنبي
غيرالشريك ،وحضور القائم بها ،12"...وذلك عكس دعوى التعرض على مطلب التحفيظ
بحيث ال يمكن للشخص أن يرفعها في أي وقت شاء ،ألن المشرع قيدها بأجل شهرين من
تاريخ نشر اإلعالن عن انتهاء التحديد بالجريدة الرسمية كما تنص على ذلك الفقرة األولى
من الفصل 24من ظ.ت.ع ،وتضيف هذه الفقرة عبارة "إن لم يكن قد قام بذلك من قبل" ،
مما يعني أن أجل التعرض على المطلب يبتدئ من يوم إدراج مطلب التحفيظ وينتهي
بانتهاء أجل الشهرين المشار إليه أعاله ،وهو أجل كامل استنادا إلى الفصل 512من ق.م.م
المحال عليه بموجب الفصل 107من ظ.ت.ع ،أي ال يدخل في احتسابه اليوم األول
واألخير ،بحيث إذا صادف اليوم األخير يوم عطلة امتد األجل إلى أول يوم عمل بعده.
11ـ قرار عدد 655صادر بتاريخ 3نوفمبر ،1982في الملف المدني عدد 90621منشور بمجلة
رابطة القضاة عدد 16و 17ص 149و.150
12ـ قرار عدد ،11صادر بتاريخ 26أكتوبر ،1966أورده عبدالعزيز توفيق ،قضاء المجلس األعلى
في األحوال الشخصية والعقار من سنة 1957إلى سنة ،2002مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء،
الطبعة األولى ،2002 ،ص.35
16
ويترتب عن عدم رفع دعوى التعرض على المطلب داخل هذا األجل ،فتح أجل استثنائي
طبقا لمقتضيات الفصل 29من ظ.ت.ع ،ورغم عدم تحديده بنص قانوني صريح فإنه
يستشف ضمنيا من الفقرة األخيرة من الفصل 32من ظ.ت.ع والفصل 30من نفس
الظهير ،ويتحدد في ثالثة أشهر من تاريخ انتهاء أجل التعرض العادي ألنه هو األجل الذي
منحه المشرع للسيد المحافظ على األمالك العقارية من أجل البت في مآل طلبات التحفيظ
إما باإلحالة على محكمة التحفيظ في حالة وقوع تعرضات سابقة على المطلب تطبيقا للفقرة
األخيرة من الفصل 32من ظ.ت.ع ،وإما باتخاد قرار التحفيظ في حالة عدم وقوع أي
تعرض تطبيقا للفصل 30من نفس الظهير.13
وإذا كان التعرض اإلستثنائي حسب الفصل 29من ظ.ت.ع مقرون بشرط عدم إحالة
الملف على محكمة التحفيظ ،فإنه من وجهة نظرنا المتواضعة يمكن قبوله بعد إحالته على
المحكمة في حالتين :الحالة األولى إذا لم يتم تعيين أول جلسة للبت في التعرضات ،بحيث
يمكن للمحافظ أن يطلب من كتابة الضبط أن ترجع له الملف لتضمين هذا التعرض وإحالته
عليها من جديد ،والحالة التانية هي حالة التعرض على اإليداع عند القيام باإليداع طبقا
لمقتضيات الفصل 84من ظ.ت.ع والملف وصل إلى محكمة التحفيظ لوجود تعرضات
سابقة على مطلب التحفيظ ،وذلك نظرا إلشكالية أجل التعرض على اإليداع والتي سوف
نتطرق إليها بعد قليل.
إذا كان موضوع دعوى االستحقاق هو المطالبة بحق الملكية ،وال شيء آخر غير الملكية،
وهو ما تؤكده أيضا التعريفات الفقهية لدعوى االستحقاق ،حيث عرفتها األستاذة حليمة بنت
المحجوب بن حفو بأنها تلك الدعوى التي يرفعها مدعي ملكية عقار في مواجهة الحائز
يرمي من خاللها إلى الحكم باستحقاقه العقار بإسناد ملكيته إليه ،14وهو ما أكده أيضا الفقيه
عبدالرزاق السنهوري ،حيث عرفها بأنه دعوى عينية يطالب فيه المدعي بالملكية ،15كما
عرفها آخرون بأنها القيام على الملك والحكم برفع اليد عليه للقائم ،16ـ وهي كلها تعريفات
تؤكد ما قلناه سابقا في المقدمة ،لم نود اإلشارة إليها في المقدمة نظرا ألن هذه األخيرة
مجهود شخصي للباحث ،ويستحسن أن تظل خالية من الهوامش ـ فإن دعوى التعرض على
مطلب التحفيظ قد يكون موضوعها المطالبة بحق الملكية أو باستحقاق حق عيني آخر غير
13ـ كنزة الغنام ،مسطرة التعرض في ضوء القانون العقاري والمساطر الخاصة ،أطروحة لنيل
الدكتوراه في القانون الخاص ،وحدة التكوين والبحث في القانون المدني ،كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة القاضي عياض ،مراكش ،السنة الجامعية ،2016-2015 :ص.60:
14ـ حليمة بنت المحجوب بن حفو ،نظرية االستحقاق في القانون المغربي ،دراسة مقارنة مدعمة بآراء
الفقه واجتهادات القضاء ،مطبعة األمنية ،الرباط ،طبعة 2010ص.25
15ـ عبدالرزاق السنهوري ،الوسيط في شرح القانون المدني الجديد ،حق الملكية ،المجلد ،8مطبعة دار
النهضة العربية القاهرة ،دون ذكر سنة الطبع ،ص .593
16ـ امحمد برادة اغزيول ،الدليل العملي للعقار غير المحفظ ،مطبعة فضالة ،طبعة ،2007ص .14
نقل عن حميد البشيري ،دعوى استحقاق العقار غير المحفظ بين الفقه المالكي واإلجتهاد القضائي ،رسالة
لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ،مسلك قانون العقود والعقار ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية ،جامعة محمد األول ،وجدة ،السنة الجامعية ،2010-2009 :ص.11 :
17
حق الملكية ،كحق االنتفاع أو حق السطحية ...ويسمى هذا النوع من التعرضات التعرض
باستحقاق حق عيني قابل للتقييد بالرسم العقاري الذي سيقع تأسيسه ،وهي الحالة التانية من
حاالت التعرض المنصوص عليها في الفصل 24من ظ.ت.ع ،بل أكثر من ذلك قد يكون
موضوعها المطالبة بحق شخصي ،كالتعرض المقدم من طرف الموعود له في إطار الوعد
بالبيع ،فالوعد بالبيع وإن كان يخول حقا شخصيا فإنه يعطي للموعود له حق التعرض على
مطلب التحفيظ ألن التعرض هو الوسيلة الوحيدة لمنازعة الواعد حتى اليسري عليه األثر
التطهيري للرسم العقاري ،بحيث ال يحق له سلوك دعوى إتمام إجراءات البيع وحدها ألن
هذه الدعوى ال يترتب عنها وقف مسطرة التحفيظ ،وحتى لو صدر حكم قضائي نهائي في
هذه الدعوى لن يفيد المحكوم له أمام قرار المحافظ بتأسيس الرسم العقاري المشمول بقاعدة
التطهير ،وكذلك ال يحق له طلب إجراء تقييد احتياطي ألن هذا األخير ال يمكن تصوره إال
على العقار المحفظ استنادا إلى الفصل 85من ظ.ت.ع ،وال يحق له أن يطلب اإليداع في
إطار الفصل 84من ظ.ت.ع ألن الحقوق القابلة لإليداع هي الحقوق القابلة للتقييد النهائي
وال يمكن إيداع حق شخصي إال بنص قانوني صريح ،وبالتالي تبقى الوسيلة الوحيدة لحماية
الموعود له هي دعوى التعرض على مطلب التحفيظ ألنه يترتب عنها وقف مسطرة
التحفيظ ،وهو ما أكدته محكمة النقض في آخر قرار لها صادر في سنة ،201717حيث
ذهبت إلى أن الوعد بالبيع يبتدئ حقا شخصيا وينتهي حقا عينيا ،وبالتالي ال شيء يمنع
الموعود له من التعرض على مطلب التحفيظ مادام أنه الوسيلة الوحيدة لمنازعة الواعد حتى
ال يسري عليه األثر التطهيري للرسم العقاري ،وإذا أحيل الملف على محكمة التحفيظ فإنه
يتعين على هذه األخيرة أن توقف البت إلى أن يبت القضاء العادي في دعوى إتمام
إجراءات البيع ،وذلك حتى ال تتجاوز صالحياتها المخولة لها بمقتضى الفصل 37من
ظ.ت.ع.
دون الوعد بالبيع ال يجوز رفع دعوى التعرض على مطلب التحفيظ موضوعها المطالبة
بحق شخصي ،ولو كان هذا الحق سيصبح حقا عينيا بالمآل كما هو الشأن بالنسبة للغارس
في إطار عقد المغارسة ،ألن الغارس ال يكتسب حقا عينيا إال إذا تحقق اإلطعام وتم اإلشهاد
عليه في محرر رسمي أو تم إثباته بموجب خبرة قضائية مصادق عليها من طرف
المحكمة ،18ونفس الشيء بالنسبة للمكتري كراء عاديا ،والدائن ألن هذا األخير له حق
شخصي تجاه طالب التحفيظ وبالتالي يمكنه سلوك مسطرة الحجز العقاري طبقا لمقتضيات
ق.م.م ،وكذلك التعرض من طرف المنزوعة ملكيته ألجل المنفعة العامة حيث حقه العيني
ينتقل في هذه الحالة إلى حق شخصي أي إلى تعويض نزع الملكية ،لكن هل يمكن للزوجة
أن تتعرض على مطلب التحفيظ بناء على عقد الزواج؟ في نظرنا يمكنها التعرض في حالة
واحدة ،وهي الحالة التي يكون صداق الزوجة عقار ولم يم ِّكنها منه زوجها ثم يعمد إلى
17ـ عمر أزوكار ،أهم قرارات محكمة النقض الصادرة سنة 2017بشأن مسطرة التحفيظ ،محاضرة
ألقيت على طلبة كلية الحقوق سلوان بالناظور ،منشورة على الموقع اإللكتروني
،www .youtube.comتاريخ االطالع ،2020-06-25 :على الساعة.19h10min :
18ـ عبد القادربوبكري ،توثيق التصرفات العقارية في المحررات الرسمية وإشكاالته القانونية والعملية،
مقال منشور بمجلة القانون المدني ،العدد األول ،سنة ،2014ص.89
18
تقديم طلب التحفيظ ،هنا يجوز للزوجة تقديم تعرض ضد زوجها طالب التحفيظ حتى ال
تسري عليها قاعدة التطهيرالمكرسة في الفصلين 1و 62من ظ.ت.ع.
كذلك هناك حاالت أخرى لرفض التعرض 19تنضاف إلى حالة المطالبة بحق شخصي،
كرفض التعرض لسبقية البت ،كما في حالة تقديم التعرض من طرف طالب التحفيظ أو
المودع في إطار الفصل 84من ظ.ت.ع بعد الحكم بصحة التعرض وقيام المحافظ بتحويل
المحكوم له إلى طالب التحفيظ طبقا للفصل 83من نفس القانون ،أو رفض التعرض المقدم
من طرف المتعرض الذي حكم القضاء بعدم صحة تعرضه ألن من شأن ذلك تأبيد النزاع،
كما قد يحصل أن يرفض التعرض في حالة تقديمه من طرف ابن أو حفيد المنتفع المتوفي
ألن حق االنتفاع ينتهي لزوما بموت المنتفع استنادا إلى الفصل 79من م.ح.ع أو لتقديمه
بناء على سند باطل كالتعرض المقدم من طرف صاحب حق العمرى بناء على محرر
عرفي والحال أن المشرع اشترط الرسمية طبقا للمادة 106من م.ح.ع ،كل هذه الحاالت
تعطي للسيد المحافظ العقاري صالحية رفض التعرض رغم عدم التنصيص عليها صراحة،
وبالتالي تنضاف إلى حالة رفض التعرض المقدم خارج األجل التي نص عليها المشرع
بشكل صريح في الفصل 29من ظ.ت.ع.
وإذا كان الصلح في دعوى اإلستحقاق يتم من طرف القضاء كما أشرنا إلى ذلك سابقا،
فإن الصلح في دعوى التعرض على مطلب التحفيظ يتم أمام جهة إدارية ،أي يقوم به السيد
المحافظ على األمالك العقارية تطبيقا لمقتضيات الفقرة الرابعة من الفصل 31من ظ.ت.ع
التي نصت على أنه ":يمكن للمحافظ على األمالك العقارية أثناء جريان المسطرة وقبل
توجيه الملف إلى المحكمة االبتدائية ،أن يعمل على تصالح األطراف ويحرر محضرا
بالصلح يوقع من قبلهم.
وتكون التفاقات األطراف المدرجة بهذا المحضر قوة االلتزام العرفي".
ورغم أهمية الصلح في نزاعات التحفيظ المتمثلة في التخفيف من كثرة الملفات المعروضة
على القضاء والتسريع من وثيرة مسطرة التحفيظ واالقتصاد في المصاريف ،فإن المشرع
جعله مجرد إمكانية ،وبالتالي عدم القيام به ال يرتب أية مسؤولية على السيد المحافظ
العقاري ،20لذلك ناذرا ما سيتم اللجوء إليه من الناحية العملية إما لكترث انشغاالت السيد
المحافظ على األمالك العقارية ،وإما لتشبت كل من طالب التحفيظ والمتعرض بمزاعمه
وانتظار كل واحد منهم لحظة الفوز على اآلخر.
19ـ للتنبيه فقط ،فإن رفض التعرض ليس هو إلغاء التعرض ،حيث إن إلغاء التعرض معناه أن السيد المحافظ يقبل
التعرض ويضمنه بسجل التعرضات ولكن المتعرض ال يقوم ببعض اإلجراءات الشكلية ،هنا المحافظ يلغي التعرض ،ويتم
إلغاؤه في حالة واحدة نصت عليها الفقرة األولى من الفصل 32من ظ.ت.ع وهي حالة عدم قيام المتعرض خالل أجل
شهر الموالي النصرام اجل التعرض باإلدالء بالوثائق المدعمة له وعدم أداء الرسوم القضائية وحقوق المرافعة أو عدم
إثبات حصوله على المساعدة القضائية ،أما رفض التعرض معناه أن المحافظ العقاري لم يقبله منذ البداية ،وهناك مجموعة
من الحاالت التي يرفض من خاللها المحافظ التعرض رغم عدم التنصيص عليها صراحة أشرنا إليها في المتن.
20ـ أمال جداوي ،المؤسسات المتدخلة في مسطرة التحفيظ العقاري ،توزيع االختصاص بين المحافظ والقضاء على ضوء
القانون ،14-07أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص ،وحدة التكوين والبحث في قانون العقود والعقار ،كلية العلوم
القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة محمد األول وجدة ،السنة الجامعية ،2013-2012 ،ص.59:
19
وإذا كان التدخل الهجومي يجوز في دعوى االستحقاق ،21فإنه ال يجوز في دعوى
التعرض على مطلب التحفيظ ،ألن المتدخل في مركز هجومي يرمي من وراء طلبه إلى
طرح منازعة جديدة ،أي يطالب بالملك موضوع مسطرة التحفيظ لنفسه ،فقاضي التحفيظ
يرفض التدخل الهجومي بعلة أن أطراف النزاع محددون مسبقا أمام المحافظ العقاري وأن
أية مطالبة بالملك موضوع مسطرة التحفيظ ال يمكن أن تأتي إال في شكل تعرض طبقا
للفصول من 24إلى 29من ظ.ت.ع وهو ما أكده المجلس األعلى 22في قرارصادر عنه
سنة 2000جاء فيه... ":أن القرار حين علل بأن التدخل أمام محكمة التحفيظ للمطالبة بحق
عيني على عقار في طور التحفيظ يعتبر غير مقبوال إال في شكل تعرض طبقا لمقتضيات
الفصول من 24إلى 29من ظهير 1913-08-12بحكم أنها مرتبطة بما يحال عليها من
طرف المحافظة فإنه يعتبر قرارا معلال وغير خارق لمقتضيات الفصول المستدل بها من
قبل الطاعنة أعاله ،"...لكن بالنسبة للتدخل االنضمامي يجوز أمام محكمة التحفيظ ألنه
المتدخل يرمي إلى تأييد مزاعم أحد األطراف ،وهو ما سبق و أكدته محكمة االستئناف
بوجدة 23في قرارصادرعنها سنة 1989جاء فيه":وحيث إن مقاالت التدخل ال تقبل أمام
هذه المحكمة إال إذا كانت ترمي إلى تأييد مزاعم الخصوم أو ذوي الحقوق أو خلف
الخصوم ،أو المشترين أو الدائنين ،والمرتهنين كما ينص على ذلك الفصل 42من ظهير
التحفيظ ،وبما أن السيد( )...ال يرمي إلى تأييد مزاعم أي متعرض هنا أو طالب التحفيظ
فإن تدخله ال يكون مقبوال ألنه يطالب لنفسه بكافة الملك حسب مقال التدخل ،"...وإلى
جانب التدخل اإلنضمامي يجوز أيضا التدخل من أجل تصحيح المسطرة في حالة وفاة أحد
طرفي النزاع ،إذ ال يعقل أن تتابع مسطرة التحفيظ في مواجهة شخص ميت ،وهو ما أكده
المجلس األعلى في قرار له صادر سنة 241997جاء فيه ":بمقتضى الفصل األول من
ق.م.م يتعين على المحكمة أن تنذر الطرف بتصحيح المسطرة داخل أجل تحدده له ،وحيث
إن المحكمة ردت استئناف الورثة الذين لم يدلوا برسم االراثة دون أن تنذرهم بذلك تكون قد
خرقت الفصل المذكور وعرضت قرارها للنقض".
21ـ عبد هللا بلمعلم ،ازدواجية دعوى االستحقاق بين مسطرة التحفيظ ودعوى االستحقاق العادية ،رسالة
لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ،مسلك القانون العقاري والحقوق العينية ،كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة سيدي محمد بن عبد هللا ،فاس ،السنة الجامعية ،2019-2018:ص
.13
22ـ قرار عدد ،12صادر بتاريخ ،2000-01-04في الملف المدني عدد ،99-1-1-423أوردته
سمرة محدوب ،االزدواجية االجرائية أمام قضاء التحفيظ العقاري على ضوء االجتهاد القضائي
ومستجدات القانون رقم ،14-07أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص ،وحدة البحث والتكوين في
قانون العقود والعقار ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة محمد االول ،وجدة ،السنة
الجامعية ،2013-2012:ص.155 :
23ـ قرارمحكمة االستئناف بوجدة عدد 32في الملف عدد ،87/1802صادر بتاريخ ،1989-02-07
أشار إليه ادريس الفاخوري ،م س ،ص 85:و.86
24ـ قرار عدد ،5299صادر بتاريخ ( 1997-09-10لم تتم اإلشارة إلى رقم الملف) ،اورده عبد
العزيز حضري ،تطبيق قواعد المسطرة المدنية أمام قضاء التحفيظ ،مجلة رسالة دفاع ،العدد التاني ،سنة
،2001ص.18-17:
20
الفقرة التانية :أهم الفروقات بين الدعويين من حيث االثبات واألحكام القضائية
الصادرة في كل منهما
إذا كان االثبات في دعوى االستحقاق يقع على عاتق القائم باعتباره طرفا مدعي ،وأن
الحائزيعتبر طرفا مدعى عليه معفى من االثبات إلى أن يدلي القائم بحجة أقوى استنادا إلى
المادة 242من م.ح.ع ،وبالتالي يكفي أن يتمسك بقوله حوزي وملكي ،25فإنه في إطار
دعوى التعرض على مطلب التحفيظ يقع عبء االثبات على عاتق المتعرض ولو كان حائزا
ألنه يعتبر طرفا مدعي ،بينما طالب التحفيظ يبقى في مركز المدعى عليه المعفى من
االثبات ،وهي قاعدة استقر عليها اإلجتهاد القضائي منذ فترة الحماية ،ومن وجهة نظرنا هي
قاعدة تخالف القواعد العامة لإلثبات لذلك سبق وأشرنا بأن دعوى التعرض هي دعوى
استحقاق معكوسة ،أي يقلب فيها عبء االثبات ،وبالتالي تخالف قواعد الفقه االسالمي التي
تقضي بأن المدعي هو الذي يدعي خالف األصل أو الظاهر ،ألن المتعرض هنا حائزا وهو
الذي يظهر بمظهر المالك ،أما طالب التحفيظ فهو يدعي خالف األصل والظاهرلذلك
المفروض أن يكون هو المدعي الملزم باالثبات ،السيما وأن بعض طالبي التحفيظ قد يرون
بأن رفعهم لدعوى االستحقاق سيجعلهم في مركز المدعي الملزم باالدالء بالبينة على
دعواه ،فيعمدون إلى تقديم طلب التحفيظ للتهرب من االثبات وقلبه على الطرف اآلخر،
ولهذا السبب بعض الفقه يرى أن هذه القاعدة مجرد سلبية تاريخية احتفظ بها المغرب إلى
يومنا هذا ألنه في فترة االستعمار كان يتم تغليب مركز طالب التحفيظ الذي كان في غالب
األحوال شخصا فرنسيا أو من المتعاونين مع االستعمار على مركز المتعرض من أجل
تحفيظ أكبر عدد ممكن من العقارات في اسم المعمر الفرنسي وفي أسرع وقت ممكن
لضمان استقرارهم بالمغرب ،وتمكنيهم من الحصول على أراضي خصبة تكون مجاال
مغريا الستثماراتهم وحمايتهم من كل نزاع أو تعرض يعرقل طريق اكتسابهم ،26كما يرى
أحد الباحثين أيضا أنه ":يجب إعفاء المتعرض من االثبات عندما يكون حائزا ،وذلك لعدة
أسباب لعل أبرزها هو مسايرته للمنطق السليم وتماشيه مع الفكر القويم ،إذ كيف يعقل أن
نلزم الحائز باالثبات وهو من يتصرف في العقار ويدير شؤونه بعلة أن أحدهم قدم مطلبا
للتحفيظ ،أال يشكل ذلك خلال في منظومة االثبات المدنية ،وبالتالي تبقى هذه القاعدة هي
قاعدة ظالمة ومتحيزة ال منطق لها وال تستند إلى عدل وال عدالة ،بل في حقيقة األمر تبقى
25ـ عبد العزيز بلغزال ،تأمالت في ضابط الترجيح بذكر سبب الملك :قراءة في ضوء مدونة الحقوق
العينية والفقه المالكي ،مقال منشور بالمجلة المغربية للدراسات العقارية والطبوغرافية ،العدد التاني ،سنة
،2019ص.173:
26ـ فاطمة الحروف ،حجية القيد في السجل العقاري ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ،كلية
العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة محمد الخامس ،الرباط ،السنة الجامعية1994-:
،1993ص.153:
21
مجرد قاعدة استقر عليها قضائنا إبان فترة االستعمار وبعدها وحظيت باحترام أكثر من
الالزم حيث أصبح الخارج عنها من القضاء بمثابة العاق".27
ومحاولة للتلطيف من قساوة هذه القاعدة فقد قضت محكمة النقض في قرار حديث لها
صادر في سنة 2017بأن ":ثبوت الحيازة للمتعرض يقلب فقط عبء االثبات على طالب
التحفيظ الذي عليه أن يدلي بما يفيد الملك.
إدالء طالب التحفيظ بملكية ثبت انطباقها على عقار النزاع ،يلزم الحائز بأن يبين وجه
حيازته ويدلي بحجة مضاهية للملكية ليقع الترجيح بينهما أو بما يثبت السبب الناقل للملك له
من طالب التحفيظ.
رسم التركة ال حجة له إال بالنسبة لمن حضر إنشاءه وأقر به وال يتعدى ذلك إلى الغير،
إلزام المحكمة طالب التحفيظ بإثبات وجه مدخل الحائز للعقار وبأنه على سبيل البر
واإلحسان يعتبر خرقا لقواعد اإلثبات في العقار غير المحفظ".28
ومن خالل هذا القرار يتضح لنا أن حيازة المتعرض للعقار موضوع النزاع ال تغير من
مركزه القانوني ،بل فقط تعزز منه ،بمعنى متعرض وحائز ليس هو متعرض وغير حائز،
وبالتالي يبقى المتعرض مدعيا وملزما باالثبات سواء كان حائز أو غير حائز ،وحيازته
ماهي إال وسيلة لمناقشة حجج طالب التحفيظ ،حيث إن القاضي المقرر يبحث أوال في حجج
المتعرض وإذا ثبتت حيازته إما عن طريق الخروج إلى مكان العقار والقيام بالمعاينة وإما
بناء على وثائق...آنذاك يبحث على ما يدحض هذه الحيازة فيما لطالب التحفيظ من حجج.
وفي قرار آخر حديث صدر في سنة 2017عن محكمة النقض جاء فيه أنه إذا قامت
محكمة التحفيظ بالترجيح بين حجج المتعرض وحجج طالب التحفيظ ورجع الملف إلى
السيد المحافظ على االمالك العقارية فإنه يتعين على هذا األخير أن ال يمتنع عن تأسيس
الرسم العقاري بعلة أنه سيدرس الملف ويتخد ما يراه مناسبا استنادا إلى قاعدة أن مسطرة
التحفيظ هي مسطرة إدارية من بدايتها إلى نهايتها ،بل عليه أن يمتثل للحكم القضائي السيما
إذا قضى بعدم صحة التعرض وأن يؤسس الرسم العقاري ،بمعنى هناك استثناء وحيد يكون
معه السيد المحافظ على األمالك العقارية ملزما بتأسيس الرسم العقاري وهو حالة االنتقال
الى تقدير حجج طالب التحفيظ من طرف محكمة التحفيظ عندما تكون حجة المتعرض ترقى
إلى درجة االعتبار بحيث لم يعد للسيد المحافظ العقاري أن يقدر ما سبق للقضاء أن قدره
وإال سنصبح أمام نزاع أبدي ،بحيث إذا قدر من جديد حجة طالب التحفيظ فإنه سيرفض،
وإذا رفض سيطعن في قراره وسنرجع من جديد للمحكمة وبالتالي سنطيل من أمد مسطرة
27ـ عادل الزبيري ،تضارب قرارات محكمة النقض وآثاره على األمن القضائي ـ المادة العقارية
نموذجا ـ رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ،مسلك القانون المدني المعمق ،كلية العلوم
القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة ابن زهر ،أكادير ،السنة الجامعية ،2018-2017:ص.93 :
28ـ قرار عدد ،8/367صادر بتاريخ 4يوليوز ،2017ملف مدني عدد ،2016/8/1/7006الغرفة
المدنية (القسم الثامن) بمحكمة النقض ،منشوربالمجلة المغربية للدراسات العقارية والطبوغرافية ،م س،
ص.202:
22
التحفيظ 29والقرار الذي يمكن أن يتخده السيد المحافظ العقاري هو قرار رفض إتمام
إجراءات التحفيظ.30
إذا كان تبليغ الحكم الصادر في إطار دعوى االستحقاق يتم بناء على طلب استنادا إلى
الفصل 53من ق.م.م ،31فإن الحكم الصادر في إطار دعوى التعرض على مطلب التحفيظ
يتم تبليغه تلقائيا وهو ما يستشف من الفصل 40من ظ.ت.ع الذي نص على أنه ":بمجرد
صدور الحكم وقبل انصرام ثمانية أيام ،يبلغ ملخصه إلى طالب التحفيظ وإلى جميع
المتعرضين وفق الشكل المقرر في قانون المسطرة المدنية ،يمكن استئناف هذا الحكم داخل
األجل المحدد في نفس القانون".
ويستشف من نص الفصل 40أعاله أنه ال يبلغ إال ملخص من الحكم ،عكس الحكم
الصادر في إطار دعوى االستحقاق الذي يبلغ بنصه الكامل ،ويلتقيان في أن كالهما يبلغان
وفق طرق التبليغ المقررة في ق.م.م السيما الفصل 54منه الذي يحيلنا بدوره على
مقتضيات الفصول 37و38و 39من نفس القانون ،ولكن يختلفان في حالة عدم العثور على
المبلغ إليه ،حيث إنه في إطار دعوى االستحقاق يتم التبليغ إلى القيم استنادا إلى مقتضيات
الفصلين 39و 441من ق.م.م ،لكن في إطار دعوى التعرض على المطلب يتم تبليغ
النيابة العامة فقط ،استنادا إلى الفصل 26من القرار الوزيري 3يونيو 1915المتعلق
بتفاصيل تطبيق النظام العقاري 32الذي نص على أنه":كل طالب وكل متدخل أو متعرض
29ـ حسن فتوخ ،مداخلة بعنوان ":األمن العقاري من خالل توجهات قرارت محكمة النقض" ،ندوة
وطنية من تنظيم المركز المغربي للدراسات العقارية تكريما للدكتور محمد بنيعيش ،حول موضوع:
"المنازعات العقارية على ضوء آخر قرارات محكمة النقض" ،يوم 2نونبر ،2018بالمركب الثقافي
أحمد بوكماخ بطنجة ،غير منشورة.
30ـ قرار رفض إتمام إجراءات التحفيظ هو قرار أفرزته الممارسة العملية يتخده السيد المحافظ على
األمالك العقارية بعد رجوع الملف من المحكمة ليتخد ما يراه مناسبا ،قابل للطعن فيه أمام المحاكم
االدارية تطبيقا لقاعدة كل قرار لم يشر إليه بنص صريح إلى المحكمة االبتدائية للطعن فيه يبقى قرار
إداري قابل للطعن أمام المحاكم االدارية.
31ـ ينص الفصل 53من ق.م.م على أنه ":تسلم نسخة مصادق على مطابقتها لألصل من جميع األحكام
بواسطة كاتب الضبط بمجرد طلبها.
تضاف نسخة منه إلى الملف بمجرد إمضائه".
32ـ القرار الوزيري 3يونيو 1915المتعلق بتفاصيل تطبيق النظام العقاري نسخت بعض مقتضياته
بمقتضى مرسوم 2.13.18صادر في 16رمضان14(1435يوليوز )2014المتعلق بإجراءات
التحفيظ العقاري،باستثناء الفصل 26المشار إليه أعاله ،والفصول 1-10-23-29-30-31-34-36-
.37-38
كما نسخ هذا المرسوم ،القرار الوزيري 4يونيو 1915المنظم لمصلحة المحافظة العقارية باستثناء
الفصول 1و4و5و6و18و53و56و57و58و59و60و61و62و63و64و65و.66
23
وكل شخص يطلب في اسمه القيام بتسجيل أو تقييد في السجالت العقارية يجب عليه لزوما
تعيين موطن للمخابرة بمقر المحافظة إذا لم يكن موطنه الفعلي بدائرة المحافظة المذكورة.
فإذا لم يقم بذلك فإن جميع اإلعالنات والتبليغات توجه له إلى النيابة العامة ويكفي ذلك
العتبارها صحيحة".
وهنا يتضح لنا أن التبليغ عن طريق القيم أكثر ضمانة من تبليغ النيابة العامة ألن هذه
األخيرة عندما تتوصل باالستدعاء التقم بتسخير الضابطة القضائية للبحث عن الطرف،
عكس التبليغ عن طريق القيِّم حيث نص الفصل 441من ق.م.م على أنه":ال تسري آجال
االستئناف أو النقض ،في تبليغ األحكام أو القرارات المبلغة إلى القيم ،إال بعد تعليقها في
لوحة معدة لهذا الغرض بالمحكمة التي أصدرت الحكم أو القرار مدة ثالثين يوما وإشهارها
مقابل ا لمصاريف المسبقة من المستفيد من الحكم أو القرار بكل وسائل اإلشهار حسب أهمية
القضية.
يضفي قيام كاتب الضبط بهذه اإلجراءات وشهادته بها على الحكم الصبغة النهائية التي
تسمح بتنفيذه".
إذا كانت الطعون غير واردة على سبيل الحصر في األحكام الصادرة في دعوى
اإلستحقاق ،33فإنها واردة على سبيل الحصر بالنسبة لألحكام الصادرة في دعوى التعرض
على مطلب التحفيظ ،بحيث ال تقبل الطعن إال باالستئناف والنقض استنادا إلى الفصل
109من ظ.ت.ع ،أي ال يجوز الطعن فيها بالتعرض ألن هذا األخير ال يقبل إال في
األحكام الغيابية والقابلة لإلستئناف داخل أجل عشرة أيام من تارخ التبليغ استنادا إلى الفصل
130من ق.م.م ،بينما األحكام الصادرة في دعوى التعرض على مطلب التحفيظ هي دائما
حضورية استنادا إلى الفصل 45من ظ.ت.ع حيث نص على أنه":تفتتح المناقشات...وتبت
محكمة االستئناف إما في الحين أو بعد المداولة سواء حضر األطراف أو تخلفوا دون أن
يقبل أي تعرض ضد القرار الصادر" ،وإلى جانب أنها حضورية ،قابلة لإلستئناف بصريح
الفقرة األولى من الفصل 41من ظ.ت.ع حيث نصت على أنه ":يقبل االستئناف في
موضوع التحفيظ مهما كانت قيمة العقار المطلوب تحفيظه".
ويتميز التعرض عن االستئناف في كون األول يرفع أمام نفس المحكمة مصدرة الحكم،
بينما يرفع االستئناف أمام محكمة أعلى درجة.34
كما تم استبعاد أيضا الطعن بتعرض الغير الخارج عن الخصومة والطعن بإعادة
النظرالتي تصنف ضمن طرق الطعن غير العادية ،ألن األول يقترب كثيرا من التدخل
الهجومي في الدعوى بحيث يضيف مركزا إدعائيا جديدا ال تتضمنه مسطرة التحفيظ وال
33
ـ عبد هللا بلمعلم ،م س ،ص. 16
34ـ عبد الحميد أخريف ،محاضرات في قانون المسطرة المدنية ،محينة وفق إصالحات ،2011موجهة
لطلبة السداسي السادس ،مسلك اإلجازة في القانون الخاص ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية ،جامعة سيدي محمد بن عبد هللا ،فاس ،السنة الجامعية،2013/2012:ص.71
24
يتماشى مع آليات المنازعة طبقا لقواعد وإجراءات التحفيظ الخاصة ،وبالتالي فإن منع
ممارسة هذا النوع من الطعن ال يحتاج إلى نص خاص ،مادامت خصوصيات المسطرة
كفيلة بذلك ،35أما التاني فعلة منعه تتمثل في الفصل 402من ق.م.م الذي اشترط أن يكون
الحكم قابل للطعن بالتعرض أو االستئناف ،وبالتالي مادام أن الحكم الصادر في دعوى
التعرض على مطلب التحفيظ قابل للطعن باالستئناف بصريح الفقرة األولى من الفصل 41
من ظ.ت.ع السابقة الذكر فإنه ال يقبل الطعن بإعادة النظرالذي من خصوصياته أنه يمارس
أمام نفس المحكمة مصدرة الحكم المطعون فيه.
ويحدد أجل الطعن باالستئناف بالنسبة للحكم الصادر في دعوى التعرض على مطلب
التحفيظ في ثالثين يوما من تاريخ تبليغ الحكم إلى الشخص نفسه أو في موطنه الحقيقي أو
المختار ،وذلك استنادا إلى الفصل 134من ق.م.م المحال عليه بموجب الفصل 40من
ظ.ت.ع ،وهذه اإلحالة الصريحة على مقتضيات ق.م.م تفيد أن أجل ثالثين يوما المشار إليه
أعاله هو نفسه أجل الطعن باالستئناف في الحكم الصادر في دعوى االستحقاق ،وهو أجل
كامل أي ال يدخل في احتسابه اليوم واألخير وإذا صادف اليوم األخير يوم عطلة امتد األجل
إلى أول يوم عمل بعده ،وهو ما أكده الفصل 512من ق.م.م المحال عليه بموجب الفصل
107من ظ.ت.ع ومن خصوصية اإلستئناف في دعوى التعرض على مطلب التحفيظ هو
أنه يجوز مهما كانت قيمة العقار موضوع النزاع وهي قاعدة كرسها المشرع في الفقرة
األولى من الفصل 41من ظ.ت.ع ،وحسب الفقرة التانية من نفس الفصل يكتفى فيه بطلب
يقدم وفق الكيفية المبينة في الفصل 141من ق.م.م ،أي يقدم إلى كتابة ضبط المحكمة
اإلبتدائية مصدرة الحكم المطعون فيه ،ثم يوجه بدون مصاريف مع نسخة الحكم المطعون
فيه إلى كتابة الضبط بمحكمة اإلستئناف ،وليس ضروريا أن يتضمن هذا الطلب بيانات
الفصل 142من ق.م.م طالما أن ظ.ت.ع باعتباره نص خاص لم يحل عليه وهو ما أكده
المجلس األعلى في قرار له صادر سنة 36 1991جاء فيه ":إن ظهير 12غشت 1913
المعتبر بمثابة قانون التحفيظ العقاري سن قواعد خاصة للطعن باالستئناف تضمنها الفصل
42منه ،ومع وجود هاته القواعد الخاصة ال يمكن تطبيق القواعد العامة المنصوص عليها
في الفصل 142من ق.م.م".كما كرس المجلس األعلى 37في قرار له أن الطعن ال يكون
من متعرض ضد متعرض ،وجاء في قرار آخرلمحكمة النقض صادر في سنة 2017أن
":الطعن كالدعوى ال يمكن رفعه ضد ميت.
42ـ الكبير اسماعيني ،خصوصية المسطرة في قضايا التحفيظ العقاري على ضوء العمل القضائي ،بحث
نهاية تكوين الملحقين القضائيين بالمعهد العالي للقضاء بالرباط ،فوج ،39:فترة التدريب2015-2013 :
،ص.79:
27
التنفيذ إحدى صور الحماية القضائية ،43وبالتالي إذا كان تنفيذ الحكم القضائي الصادر في
دعوى االستحقاق يتم أمام جهة قضائية وهذا هو األصل ،أي يتم من طرف كتابة ضبط
المحكمة المصدرة له بناء على طلب من المستفيد أو من ينوب عنه استنادا إلى الفصل
429من ق.م.م ،فإن تنفيذ الحكم القضائي الصادر في دعوى التعرض على مطلب التحفيظ
يتم أمام جهة إدارية كاستثناء ،أي يتم تنفيذه من طرف السيد المحافظ على األمالك العقارية
باعتباره موظف إداري ،وفي الحقيقة السيد المحافظ العقاري ال ينفذ الحكم القضائي ألنه
ليس جهة تنفيذية ،وإنما يعمل على تطبيقه استنادا إلى الفقرة األخيرة من الفصل 37من
ظ.ت.ع حيث نصت على أنه ":يقوم المحافظ على األمالك العقارية باإلعالن عن الحقوق
المحكوم بها ،وفق الشروط والشكليات المنصوص عليها في الفصل ."83
استثناء يقوم السيد المحافظ على االمالك العقارية بتنفيذ الحكم القضائي في حالتين :الحالة
األولى إذا كان طرفا في الحكم كما في حالة الطعن في قراره ،والحالة التانية إذا ناقشت
محكمة التحفيظ حجة طالب التحفيظ عندما تكون حجة المتعرض ترقى إلى درجة اإلعتبار،
حيث يتعين عليه أن يمتثل للحكم القضائي ألنه لم يعد بإمكانه أن يقدر ما سبق للمحكمة أن
قدرته وإال سنصبح أمام نزاع ال ينتهي.44
المطلب الثاني :األثر السلبي لتوازي دعوى االستحقاق ودعوى التعرض على
مطلب التحفيظ على حقوق المتقاضين
بالنسبة لفرضية توازي دعوى االستحقاق ودعوى التعرض على مطلب التحفيظ قد تسبقها
فرضية أخرى وهي فرضية إيداع مطلب التحفيظ والحال أن هناك دعوى استحقاق جارية
أمام القضاء العادي ،فيطرح اإلشكال حول أثر إيداع مطلب التحفيظ على اختصاص القضاء
العادي وهذا ما سنخصص له (الفقرة األولى) ،أما إذا تعرض الطرف اآلخر أي المدعى
عليه في دعوى االستحقاق على مطلب التحفيظ وأحيل الملف على محكمة التحفيظ آنذاك
نتحدث عن مسألة توازي الدعويين وأثرها السلبي على المراكز القانونية للمتقاضين السيما
على مستوى قلب عبء اإلثبات وهذا ما سنتطرق إليه في (الفقرة التانية).
43ـ حسن زرداني ،صعوبة التنفيذ الوقتية في القانون المغربي والمقارن ،أطروحة لنيل الدكتوراه في
القانون الخاص،وحدة البحث والتكوين في القانون المدني ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية ،جامعة الحسن الثاني عين الشق ،الدار البيضاء ،السنة الجامعية ،2006-2005 :ص.2:
44ـ سبق التطرق لهذه النقطة في الصفحتين 22و .23
28
الفقرة األولى :أثر إيداع مطلب التحفيظ على اختصاص القضاء العادي
نشير في البداية إلى أنه ال يمكن تصور هذه الفرضية إال إذا كان العقار غير المحفظ
وجارية بشأنه دعوى االستحقاق أمام القضاء العادي وعمد المدعي إلى تقديم طلب التحفيظ
حتى يصبح في مركز المدعى عليه المعفى من اإلثبات باعتبار مطلب التحفيظ قرينة على
الملك ،ويصبح المدعى عليه في دعوى االستحقاق في مركز المدعي إن هو تعرض على
مطلب التحفيظ وملزم باإلثبات ولو كان حائزا كما رأينا سابقا.
وقد ذهب المجلس األعلى في قرار له إلى أنه يمكن تصور هذه الفرضية حتى وإن كان
العقار في طور التحفيظ إذ ال يوجد ما يمنع طالب التحفيظ من رفع دعوى استحقاق أمام
القضاء العادي مادام الملف لم يحل على محكمة التحفيظ حيث جاء فيه ":إن جريان
المسطرة اإلدارية لتحفيظ العقار ال تمنع طالب التحفيظ من إقامة أية دعوى لحماية ملكه أو
ا لمطالبة باستحقاقه في مواجهة الغير ،مادام المحافظ على األمالك العقارية لم يحل ملف
التعرض على المحكمة".45
لكن من وجهة نظرنا المتواضعة ما ذهب إليه المجلس األعلى جدير بالتأييد ،إال أنه ال
يمكن تصورذلك عمليا ،ألنه ليس في مصلحة طالب التحفيظ اللجوء إلى دعوى االستحقاق
بعد إدراج مطلب التحفيظ ،بعلة أنه في إطار مسطرة التحفيظ هو في مركز المدعى عليه
المعفى من اإلثبات لكون المطلب قرينة على الملك ،وبالتالي إذا رفع دعوى االستحقاق
سيصبح في مركز المدعي وعليه أن يدلي بالبينة على دعواه.
كذلك ال يمكن تصور هذه الفرضية والعقار في طور التحفيظ وأن الذي لجأ إلى دعوى
االستحقاق أمام القضاء العادي شخص آخرغير طالب التحفيظ ،ألن أي مطالبة بحق على
عقار قدم بشأنه طلب للتحفيظ يجب أن تصاغ في شكل تعرض طبقا لمقتضيات الفصول من
24إلى 29من ظ.ت.ع وهو ما استقرت عليه محكمة النقض في العديد من القرارت نذكر
منها قرارصادر سنة 2001حيث جاء فيه ":كل دعوى بحق عيني على مطلب يجب أن
تمر وفق مسطرة التحفيظ المنصوص عليها في الفصل 24من ظهير التحفيظ.
تكون المحكمة قد خرقت مقتضيات ظهير التحفيظ العقاري التي هي مسطرة خاصة ،لما
قضت بتنفيذ التزام متعلق بحق عيني على عقار في طور التحفيظ خارج مسطرة التحفيظ
وعرضت قرارها للنقض".46
و نفس التوجه أكدته المحكمة االبتدائية ببني مالل في حكم حديث صادر عنها سنة2017
جاء فيه":حيث إن العمل القضائي مستقر على أن كل دعوى أو منازعة أو مطالبة بحق
45ـ قرار المجلس األعلى عدد ،2946صادر بتاريخ ،11-06-21في الملف عدد ،10/3801منشور
بمجلة ملفات عقارية ،العدد األول ،ص 67 :وما يليها.
46ـ قرارعدد ،164صادر بتاريخ ،01-1-10في الملف المدني عدد ،99/2/1/1671أورده عبد
الرحيم الطهيري ،اإلجتهاد القضائي في مسطرة التحفيظ ،بحث نهاية تكوين الملحقين القضائيين ،المعهد
العالي للقضاء بالرباط ،فوج ،41فترة التكوين ،2017-2015:ص.67:
29
عقاري أو ترتيب حق عيني على عقار في طور التحفيظ يجب أن يمر بمسطرة التحفيظ
وأنه ال تقبل أية دعوى ترفع باستقالل عن مسطرة التحفيظ التي هي مسطرة خاصة تخضع
في مجملها لقواعد خاصة وال تخضع للقواعد العامة في التقاضي ،وهو ما أكده المجلس
األعلى في قراره عدد164الصادر بتاريخ 2001/01/10في الملف المدني عدد
،99/2/1/1671مما يبقى معه مآل الدعوى هو عدم القبول".47
وهنا يتضح لنا أن ما استقر عليه العمل القضائي بخصوص المنع من إقامة أي دعوى
استحقاق خارج نطاق مسطرة التحفيظ من طرف شخص غير طالب التحفيظ هو توجه
جدير بالتأييد ويتماشى مع خصوصية مسطرة التحفيظ ،السيما الفصل 24من ظ.ت.ع
الذي نص على أنه يمكن لكل شخص يدعي حقا على عقار قدم بشأنه طلب للتحفيظ أن
يتدخل في مسطرة التحفيظ عن طريق التعرض ،...ويتماشى أيضا مع خصوصية دعوى
االستحقاق التي سبق وقلنا بأنه ال يمكن تصورها إال على العقار غير المحفظ ،كما أنه توجه
يرمي إلى حماية الحقوق من األثر التطهيري للرسم العقاري ،ألنه لو افترضنا تم اللجوء
إلى دعوى االستحقاق والحال أن هناك مطلب جارية بشأنه مسطرة للتحفيظ وحكم القضاء
العادي لفائدة مدعي االستحقاق فإن هذا الحكم لن يفيده في شيء إذا ما تم تأسيس رسم
عقاري دون أية تعرضات ،ألن الرسم العقاري يطهر العقار من كل النزاعات السابقة التي
لم تظهر أثناء جريان مسطرة التحفيظ في شكل تعرض ،وال يبقى للمحكوم له إال الحق في
التعويض إذا أتبث التدليس طبقا لمقتضيات الفصل 64من ظ.ت.ع ،وهذا ما أكدته محكمة
االستئناف بالرباط في قرار صادر سنة 1998جاء فيه ":صدور قرار بتحفيظ عقار في
اسم شخص يمنحه صفة مالك األرض موضوع النزاع وال أثر لألحكام القضائية فيما بعده
بخصوص حق الملكية ألن التحفيظ يطهر العقار من جميع الحقوق السابقة وال يبقى من حق
المتضررين منه سوى اللجوء إلى المساطر الخاصة بالتعويض إن كان لها محل".48
هذا التوضيح ،فقط من أجل التأكيد على أن فرضية":أثر إيداع مطلب التحفيظ على
اختصاص القضاء العادي" ،ال يمكن تصورها إال إذا كان العقارغير محفظ وأن الذي قدم
مطلب التحفيظ هو القائم(مدعي االستحقاق) ،وذلك حتى يصبح في مركز المدعى عليه
المعفى من اإلثبات بعلة أن مطلب التحفيظ هو قرينة على الملك ،لكن ماهو أثر إيداع مطلب
التحفيظ على اختصاص القضاء العادي؟ هل إيداع مطلب التحفيظ يوقف اختصاص القضاء
العادي أم ماذا؟
أمام عدم وجود نص قانوني صريح يجيب عن هذا اإلشكال ،نجد الفقه والقضاء انقسم
بشأنه إلى اتجاهين:
47ـ حكم صادر عن المحكمة اإلبتدائية ببني مالل ،صادر بتاريخ ،2017-02-27ملف عقاري رقم
،2015/1401/91غير منشور.
48ـ قرار صادر عن محكمة االستئناف بالرباط بتاريخ ،98-12-30عدد ،8837ملف مدني عدد
،95/11منشور بمجلة رسالة المحاماة ،عدد ،16ص 67:وما يليها.
30
بالنسبة للموقف الفقهي هناك من يرى أن مجرد إيداع مطلب التحفيظ يؤثر
على اختصاص القضاء العادي ،ويجعل هذا األخير يوقف البت في دعوى االستحقاق
على اعتبار أن قاضي التحفيظ هو المختص في كل القضايا المتعلقة بالعقار في طور
التحفيظ ،وتوقيف البت من طرف القضاء العادي ال يكون تلقائيا بل يتعين على
األطراف إثارته أمامه بعلة أن قاضي االستحقاق غير ملزم باإلطالع على الوضعية
القانونية الجديدة للعقار المتنازع عليه.49
وفي نفس االتجاه يرى جانب آخر من الفقه أن بداية اختصاص محكمة التحفيظ يتقرر
بمجرد وضع مطلب التحفيظ أمام المحافظ على األمالك العقارية ،50ودعم رأيه بموقف
لألستاذ " ،"Bergeالذي أكد بأنه من اآلثار التي ينبغي أن تترتب على وضع مطلب
التحفيظ لدى المحافظة العقارية تلك المتعلقة بإيقاف البت من قبل القضاء العادي للدعاوى
المنصبة على العقار موضوع طلب التحفيظ.51
بمعنى حسب هذا االتجاه كلما كانت هناك دعوى استحقاق جارية أمام القضاء العادي،
وعمد القائم إلى تقديم مطلب التحفيظ ،تعين على القضاء العادي أن يوقف البت في دعوى
االستحقاق عن طريق الحكم بعدم قبول الدعوى شكال تفاديا لصدور حكم باالستحقاق عن
القضاء العادي وبقائه غير مفعل إذا ما مرت مسطرة التحفيظ بدون أية تعرضات.
وفي مقابل هذا االتجاه ،هناك اتجاه فقهي آخر يذهب إلى أن مجرد إيداع مطلب التحفيظ ال
يؤثر على اختصاص العادي مادام الملف في المرحلة اإلدارية للتحفيظ ،وأن الذي يوقف
البت هو وقوع تعرض على مطلب التحفيظ وإحالته على محكمة التحفيظ.52
أما بالنسبة للموقف القضائي فنالحظ أنه في السنوات األولى بعد االستقالل
كان القضاء يكرس الموقف الفقهي األول ،ويذهب إلى أن مجرد إيداع مطلب التحفيظ
وحده كاف لمنح االختصاص لمحكمة التحفيظ.53
لكن التوجه المكرس حاليا على مستوى محكمة النقض يأخد بالموقف الفقهي التاني،
بحيث تذهب إلى أن مجرد إيداع مطلب التحفيظ ال يوقف البت من طرف القضاء العادي
مادام أن مسطرة التحفيظ في مرحلتها اإلدارية ،وأن الذي يوقف البت هو وقوع تعرض
49ـ بوجمعة زفو ،أثر نظام التحفيظ العقاري على تداول الملكية العقاريةـ مقاربة قانونية عملية على
ضوء قانوني 14-07و39-08ـ مطبعة دار القلم بالرباط ،الطبعة األولى ،2013:ص 113:و.114
50ـ المصطفى الكيلة ،خصوصيات المسطرة في قضايا التحفيظ العقاري ،أطروحة لنيل الدكتوراه في
القانون الخاص ،وحدة التكوين والبحث في قانون العقود والعقار ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية ،جامعة محمد األول ،وجدة ،السنة الجامعية ،2010-2009 :ص.152:
51
Berge stephanie , la justice française au maroc, 1917 , p167.ـ
52ـ محمد المنتصر الداودي ،مقارنة بين اختصاصات المحافظ على الملكية العقارية وقاضي التحفيظ
العقاري على ضوء النصوص القانونية واالجتهادات القضائية ،ندوة ثمانون سنة من التحفيظ العقاري،
حصيلة وآفاق ،1993مديرية المحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية ،ص.63 :
53ـ عبدهللا بلمعلم ،م س ،ص.39:
31
على مطلب التحفيظ وإحالته على محكمة التحفيظ ،وهو ما أكده المجلس األعلى في
العديد من القرارات ،نذكرمنها قراره الصادر سنة 1985حيث جاء فيه...":حقا حيث إن
الدعوى الجارية أثيرت في 15مارس 1978حسب مقالها االبتدائي ،وأن المطلوب لم
يثر إيداع مطلب التحفيظ وتعرض الطاعنين عليه إال في المرحلة االستئنافية أثناء جريان
هذه الدعوى ،وأن مسطرة التحفيظ لم تتجاوز مرحلتها االدارية ولم يثبت من خالل
إجراءات القضية إحالة ملفها على قضاء التحفيظ ،وأن مجرد إيداع مطلب التحفيظ
والتعرض عليه ال يحول دون نظر الدعوى الحالية والبت فيها من طرف المحكمة ،إذ ال
يوجود أي نص يمنع القضاء العادي من تمام الدعوى المعروضة عليه بناء على إيداع
المطلب ووجود التعرض عليه ،وقبل عرض ملفه على قضاء التحفيظ ،مما يكون معه
صنيع المحكمة بإلغاء الدعوى على حالتها العتبارها مكررة مع المطلب والتعرض عليه
ال أساس له من القانون يستوجب نقض قرارها المطعون فيه".54
ويفهم من هذا القرار أنه ولو وصلت دعوى االستحقاق إلى المرحلة االستئنافية يتعين على
القضاء العادي أن يوقف البت إذا أحيل ملف التحفيظ المتقل بالتعرض على محكمة التحفيظ.
كماجاء في قرار آخرصادرعن المجلس األعلى سنة ...":2004لكن من جهة حيث إن
العمل القضائي استقر على أن المحكمة العادية تبقى مختصة في النزاع الذي تجري بشأنه
مسطرة التحفيظ إلى أن تنتهي المرحلة االدارية بإحالة الملف على محكمة التحفيظ ،حيث
تصبح هذه األخيرة مختصة للبت في التعرضات المعروضة عليها.55"...
وهذا ما تم تكريسه أيضا في قرار لمحكمة النقض صادر سنة 2012جاء فيه ":بأنه قد
صدر عن محكمة النقض عدة قرارات حول النقطة القانونية التي اعتمدتها المحكمة في
إصدار حكمها والتي أجمعت على أنه طالما أن ملف التحفيظ مازال في مرحلته اإلدارية
فإن المحكمة ال يقيدها كون الملف معروضا على المحافظة العقارية ويتعين عليها أن تبت
في دعوى االستحقاق أو غيرها من الدعاوى المعروضة عليها...والمحكمة لما قضت بعدم
قبول الدعوى بعلة وجود مسطرة التحفيظ جارية في المدعى فيه ووجود تعرضات ضدها
بين نفس االطراف وأن دعوى االستحقاق ال تكون مقبولة مادام ملف التحفيظ موجودا
ويجب انتظار إحالته على المحكمة تكون قد عللت قرارها تعليال ناقصا وهو بمثابة
انعدامه".56
من وجهة نظرنا المتواضعة فإن ما استقرت عليه محكمة النقض بخصوص عدم إيقاف
البت من طرف القضاء العادي طالما أن مسطرة التحفيظ مازالت في مرحلتها االدارية هو
54ـ قرارعدد ،341صادر بتاريخ ،1985-03-12ملف عقاري عدد ،94534منشور بمجلة قضاء
المجلس األعلى ،العدد ،39نونبر ،1986ص 115 :وما يليها.
55ـ قرار عدد ،464صادر بتاريخ ،2004-09-29الملف الشرعي عدد ،2004/1/2/154أورده
ادريس الفاخوري ،قضايا المنازعات العقارية ،سلسلة المعارف القانونية والقضائية ،مطبعة المعارف
الجديدة،الرباط ،طبعة ،2014:ص.7:
56ـ قرار محكمة النقض عدد ،67صادر بتاريخ ،2012-1-24ملف عدد ،10/1/2/225منشور
بمجلة ملفات عقارية ،العدد ،03السنة ،2013:ص.145-144 :
32
توجه جدير بالتأييد ،ألنه يعاقب القائم على سوء نيته المتمثلة في الهروب من االثبات عن
طريق اكتسابه صفة مدعى عليه لكون مطلب التحفيظ قرينة على الملك ،وقلب عبء
االثباث على المدعى عليه في دعوى االستحقاق الذي سيصبح في مركز المدعي في إطار
مسطرة التحفيظ ،وبالتالي عدم إيقاف البت من طرف القضاء العادي يفيد عدم تغيير
المراكز القانونية لألطراف ،بحيث سيبقى طالب التحفيظ في مركز المدعي في إطار دعوى
االستحقاق وعليه أن يدلي بالبينة على دعواه ،والمدعى عليه الحائز يكفيه التمسك بقوله
حوزي وملكي إلى أن يدلي القائم بحجة أقوى استنادا إلى المادة 242من م.ح.ع ،أما إذا
قلنا بإيقاف البت من طرف القضاء العادي والحال أن مسطرة التحفيظ مازالت في مرحلتها
االدارية فكأننا نجازي القائم على سوء نيته ونجعل الطرف اآلخر في وضعية أشد سيكون
مضطرا معها إلى تقديم تعرض على مطلب التحفيظ حتى ال يسري عليه األثر التطهيري
للرسم العقاري ،وبالتالي فإن إيقاف البت من طرف القضاء العادي رهين بوقوع تعرض
على المطلب وإحالته على محكمة التحفيظ ولو وصلت دعوى االستحقاق إلى مرحلتها
االستئنافية ،لكن هل إيقاف البت من طرف القضاء العادي في هذه الحالة يخدم مصلحة
المتقاضين أم ال؟ هذا ما سنتطرق إليه في (الفقرة التانية).
الفقرة التانية :األثر السلبي إليقاف البت من طرف القضاء العادي على
حقوق المتقاضين
نتحدث عن فرضية إيقاف البت من طرف القضاء العادي في حالة وقوع تعرض على
مطلب التحفيظ وإحالته على محكمة التحفيظ والحال أن هناك دعوى استحقاق رائجة أمام
القضاء العادي ،فنصبح والحالة هاته أمام دعويين متوازيين ،دعوى استحقاق رائجة أمام
المحكمة العادية ودعوى التعرض على مطلب التحفيظ رائجة أمام محكمة التحفيظ ،57وكما
هو معلوم وجود دعويين متوازيين معناه وجود ازدواجية القضاء األمر الذي قد ينتج عنه
صدور أحكام متناقضة نظرا الختالف طرق البت في كل منهما ،ألن القضاءالعادي يبت
وفق مقتضيات ق.م.م باعتبارها الشريعة العامة للتقاضي ،وقضاء التحفيظ يبت وفق
مقتضيات خاصة أي يبت وفق مقتضيات ق.ت.ع وال يطبق مقتضيات ق.م.م إال في حدود
جد ضيقة ،أي في حالة وجود إحالة صريحة من ظ.ت.ع ،األمر الذي قد ينعكس سلبا على
حقوق المتقاضين.
ولتفادي إشكالية ازدواجية الدعويين يرى أحد الباحثين أنه يجب القيام بعملية الضم والبت
فيهما بحكم واحد من طرف محكمة التحفيظ مادام أن األمر يتعلق بوحدة األطراف
والموضوع والسبب ،ويضيف الباحث أن الضم هو حل مسطري سليم من شأنه عدم إطالة
57ـ للتنيه فقط ليس لدينا محكمة التحفيظ ،حيث إن المحكمة التي تبت في دعوى االستحقاق هي نفسها
التي تبت في دعوى التعرض على مطلب التحفيظ وهي المحكمة االبتدائية التي يقع بدائرتها العقار
موضوع النزاع ،نقول محكمة التحفيظ فقط من أجل التمييز بين الدعويين وذلك حسب طبيعة النزاع ،أي
أن القاضي يأخد صفته من طبيعة النزاع ،إذا كان النزاع يتعلق بالتحفيظ نصفه بقاضي التحفيظ ،إذا كان
سيبت في دعوى االستحقاق نقول قاضي االستحقاق أو المحكمة العادية ،وإذا كان كان سيبت في الحيازة
نقول قاضي الحيازة وهكذا...
33
أمد النزاع ويتعين على أحد األطراف أن يتقدم بملتمس ضم الملفين حتى تتمكن محكمة
التحفيظ من البت في الدعويين والفصل فيهما بحكم واحد ،ألن محكمة التحفيظ ليس لها
اإلمكانية لمعرفة بأن هناك دعوى استحقاق رائجة أمام القضاء العادي ،58وهناك أيضا من
علل رأيه بكون عملية ضم ملفي الدعويين إلى محكمة التحفيظ ستؤدي إلى تجنب صدور
حكمين متناقضين ،حكم صادر في إطار دعوى االستحقاق يقضي مثال باالستحقاق لفائدة
المتعرض وآخر صادر في دعوى التحفيظ يقضي بعدم صحة التعرض ،وبالتالي سيساعد
هذا األمر على تجنب الوجود أمام وضعيات شادة قد يصعب معالجتها.59
وهذا الحل المسطري القائل بضم الدعويين إلى محكمة التحفيظ والبت فيهما بحكم واحد
مادامتا مترابطتين تم تبنيه أيضا على مستوى المجلس األعلى ـ محكمة النقض حاليا ـ حيث
ذهب في قرارله إلى أنه...":وبعد ضم الملفين عدد 98/43و 94/150قضت المحكمة
االبتدائية في حكمها عدد 2630بتاريخ 2001-11-26بعدم صحة التعرض ،وفي دعوى
االستحقاق ومقال إدخال الغير في الدعوى والمقال اإلضافي بإلزام المدعى عليهم ...بالتخلي
عن المدعى فيه استحقاقا لفائدة المدعية ،...وذلك بمقتضى قرارها المطعون فيه بالنقض من
طرفه أعاله في الوسيلة الوحيدة بنقصان وفساد التعليل المنزل منزلة انعدامه ،ذلك أنه من
الثابت من المقال االستئنافي للطاعن أنه أثار وبشكل صحيح أن الحكم المستأنف صدر في
قضيتين إحداهما قضية عادية واألخرى تتعلق بمطلب التحفيظ والحال أن المسطرة التي
تخضع لها القضايا العادية مغايرة للمسطرة التي تخضع لها قضايا التحفيظ من عدة أوجه
منها االجراءات المسطرية ،وطرق الطعن وآجالها...وأن القرار المطعون لم يجب عن
الدفع المذكور ال تصريحا وال تلميحا مما يجعله ماسا بحقوق الدفاع ...لكن ردا على
الوسيلة ،فليس هناك ما يمنع المحكمة من البت في دعوى االستحقاق والدعوى الناتجة عن
التحفيظ في حكم واحد مادامتا مرتبطتين ،وأنه ال مجال في النازلة لالستدالل بالحيازة
المكسبة إذ ال يستفاد من وثائق الملف أن الطاعن أدلى بما يفيد حيازته وال حيازة سلفه ،مما
يبقى معه القرار معلال تعليال كافيا والوسيلة بالتالي غير جديرة باالعتبار".60
من وجهة نظرنا المتواضعة ماهو مستقر عليه على مستوى محكمة النقض وما ذهب إليه
الباحث أعاله بخصوص ضم الدعويين هو حل مسطري جدير بالتأييد لكونه سيؤدي إلى
تفادي إشكالية ازدواجية الدعويين وبالتالي صدور حكمين متناقضين ،لكن ما ال نتفق معه
هو لماذا المحكمة العادية هي التي يجب أن توقف البت وأن يتم البت في الدعويين من
طرف محكمة التحفيظ؟
المبحث الثاني :توازي دعوى التعرض على االيداع ودعوى التعرض على
مطلب التحفيظ وتداخل هذه االخيرة مع دعوى االستحقاق الفرعية
إلى جانب توازي دعوى االستحقاق ودعوى التعرض على مطلب التحفيظ ،قد تطرح أيضا
إشكالية توازي دعوى التعرض على اإليداع ودعوى التعرض على مطلب التحفيظ(المطلب
األول) ،وأيضا إشكالية مدى إمكانية الجمع بين دعوى التعرض على مطلب التحفيظ
ودعوى اإلستحقاق الفرعية(المطلب التاني).
المطلب األول :توازي دعوى التعرض على اإليداع ودعوى التعرض على مطلب
التحفيظ
التعرض على اإليداع هو تعرض جديد بدأنا نتحدث عنه ابتداء من سنة ،2011حيث
كرسه المشرع في الفقرة األخيرة من الفصل 24من ظ.ت.ع كما وقع تغييره وتتميمه
بالقانون رقم 14-07 61وعبر عنه بالتعرض على إيداع حق وقع االعالن عنه طبقا
لمقتضيات الفصل 84من نفس القانون ،وهو منازعة إما من طالب التحفيظ نفسه 62وإما
من طرف الغير ضد المودع على اعتبار أن المتعرض هو الذي له الحق فيما تم إيداعه
61ـ القانون رقم 14-07صادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1 .11.177بتاريخ 22نونبر.2011
منشور بالجريدة الرسمية عدد 5998بتاريخ 24نونبر .2011ص5575 :
62ـ كحالة هبة عقار من طرف طالب التحفيظ ،فيعمد الموهوب له إلى إيداع عقد الهبة طبقا للفصل ،84
حيث يمكن لطالب التحفيظ إذا ما أراد االعتصار وتوافرت شروطه وانتفت موانعه أن يتعرض على هذا
االيداع للحكم بفسخ الهبة،وذلك مالم يوافق الموهوب له على هذا االعتصار ،ألنه في حالة موافقته يتم
التشطيب على الهبة من سجل التعرضات ،ويتم تقييد عقد االعتصار دونما حاجة للتعرض.
35
طبقا لمقتضيات الفصل 84من ظ.ت.ع ،وبالتالي هو وسيلة لحماية المتعرض من
اإليداعات غير المشروعة وتجاوز إشكالية االيداعات المتعارضة ،حيث إن القاعدة على
مستوى المحافظات العقارية هي أن إيداع على إيداع ال يجوزولكن يجوز التعرض على
االيداع ،وهكذا يكون المشرع قد حقق نوع من التوازن في الحماية بين من اكتسب حقا على
عقار في طور التحفيظ عن طريق تمكينه من فرصة حفظ رتبة حقه طبقا للفصل 84من
ظ.ت.ع وتقييده في الرتبة التي عينت له كتقييد مصاحب عند تأسيس الرسم العقاري ،وبين
من يدعي أن الحق المودع في إطار الفصل 84من ظ.ت.ع يعود إليه بإعطائه مكنة
التعرض عليه ،ألنه قبل القانون 14-07كانت الحقوق المودعة تبقى محصنة من أية
منازعة ،بعلة أن التعرض كان فقط ضد طالب التحفيظ وحتى إذا تمت المطالبة بها استنادا
إلى دعاوى أخرى خارج مؤسسة التعرض فإن هذه الدعاوى يصعب إيداعها في مطالب
التحفيظ لعدم وجود أساس قانوني لذلك.63
ورغم إيجابية هذا المستجد التشريعي ،إال أنه يعاب على المشرع عدم مالءمته مع
خصوصيات المرحلة القضائية للبت في التعرضات ،بحيث يبقى مجرد دعوى استحقاق
عادية يتم البت فيها من طرف القضاء العادي وفق مقتضيات ق.م.م والدليل على ذلك أنه ال
يحال على محكمة التحفيظ ألنه ليس هناك أي نص قانوني صريح يلزم السيد المحافظ على
األمالك العقارية بإحالة التعرض على اإليداع على محكمة التحفيظ ،فالسيد المحافظ العقاري
يحيل التعرض على مطلب التحفيظ خالل الثالثة أشهر الموالية النصرام أجل التعرض
استنادا إلى الفقرة األخيرة من الفصل 32من ظ.ت.ع ،وحتى لو افترضنا أحاله على
محكمة التحفيظ فإن هذه األخيرة تبت بين المتعرض وطالب التحفيظ طبقا للفصل 37من
ظ.ت.ع وليس بين المتعرض والمودع ألن هذا األخير ليس له صفة طالب التحفيظ وال
حتى صفة متعرض وهو ما أكدته محكمة النقض في قرار لها جاء فيه":إن طرفي النزاع
في قضايا التحفيظ العقاري هما طالب التحفيظ والمتعرض ،وأن من انتقلت إليه ملكية العقار
بإحدى التصرفات الناقلة للملكية من قبل طالب التحفيظ ال يعتبر طرفا في مسطرة التحفيظ
إال إذا أنشأ مطلبا إصالحيا حل بموجبه محل طالب التحفيظ ،أما المودع الذي يكتفي بإيداع
السند الذي بموجبه انتقلت إليه ملكية العقار في إطار الفصل 84من ظهير التحفيظ
العقاري ،فإنه ال يعتبر طرفا في مسطرة التحفيظ ،وإنما يحل محل سلفه بالمآل الذي انتهى
إليه النزاع".64
وإذا كان المشرع قد أوضح للسيد المحافظ على األمالك العقارية كيفية تطبيق الحكم
القضائي الصادر في دعوى التعرض على مطلب التحفيظ في الفقرة األخيرة من الفصل
37من ظ.ت.ع فإنه سكت عن ذلك بالنسبة لدعوى التعرض على اإليداع.
63ـ هشام عليوي ،التعرض على الحقوق المودعة في إطار الفصل 84من ظهير التحفيظ العقاري في
ضوء مستجدات القانون رقم ،14-07مجلة القضاء المدني ،سلسلة المنازعات العقارية ،م س ،ص .156
64ـ قرار عدد ،170صادر بتاريخ 17مارس ،2015في الملف المدني عدد ،2014/8/1/2921منشور
بمجلة قضاء محكمة النقض عدد ،80قرارات الغرفة المدنية ،ص 120:وما يليها.
36
كل هذه المبررات تؤكد لنا بأن دعوى التعرض على اإليداع هي دعوى استحقاق عادية يتم
البت فيها وفق مقتضيات ق.م.م وبالتالي إذا وقع تعرض على مطلب التحفيظ وأحاله السيد
المحافظ على األمالك العقارية على محكمة التحفيظ والحال أن هناك تعرض على االيداع
نصبح إزاء دعويين متوازيين ،دعوى التعرض على مطلب التحفيظ رائجة أمام محكمة
التحفيظ ودعوى التعرض على االيداع رائجة أمام المحكمة العادية ،فنتسائل عن مآل دعوى
التعرض على اإليداع في حالة الحكم بصحة أو عدم صحة التعرض على مطلب التحفيظ
وهو ما سنتطرق إليه في (الفقرة التانية) ،لكن قبل ذلك نود أن نتوقف في (الفقرة األولى)
على أهم الفروقات بين دعوى التعرض على االيداع ودعوى التعرض على مطلب التحفيظ.
الفقرة األولى :أهم الفروقات بين دعوى التعرض على اإليداع ودعوى
التعرض على مطلب التحفيظ
رغم أن كال الدعويين يرميان إلى حماية حق جارية بشأنه مسطرة التحفيظ إال أن بينهما
العديد من الفروقات الجوهرية منها:
ـ دعوى التعرض على اإليداع لم تحظى بتنظيم قانوني خاص من طرف المشرع ،بل فقط
أشار إليها في الفقرة األخيرة من الفصل 24من ظ.ت.ع ،أطرافها المودع والمتعرض،
وتقدم فقط إلى السيد المحافظ على األمالك العقاري ،عكس دعوى التعرض على مطلب
التحفيظ التي حظيت بتنظيم قانوني خاص من طرف المشرع ،حيث خصها بعدد ال يستهان
به من النصوص القانونية ،بدءا من الفصل 24إلى الفصل 51من ظ.ت.ع ،أطرافها
طالب التحفيظ والمتعرض ويمكن أن تقدم إما إلى السيد المحافظ على األمالك العقارية وإما
إلى المهندس المساح الطبوغرافي المنتذب أثناء إنجاز عملية التحديد أو إلى التقني
الطبوغرافي المكلف بإنجاز التحديد من قبل المهندس المساح الطبوغرافي المنتمي لمصلحة
المسح العقاري بناء على القانون 57-12السابق الذكر ،أو فقط إلى المحافظ العقاري إذا
تعلق األمر بتعرض استثنائي وهنا يلتقي التعرض على مطلب التحفيظ مع التعرض على
االيداع.
ـ إذا كان أجل التعرض على مطلب التحفيظ المحدد في شهرين من تاريخ نشر اإلعالن
عن انتهاء التحديد بالجريدة الرسمية المنصوص عليه في الفقرة األولى من الفصل 24من
ظ.ت.ع هو أجل سليم ومنطقي وال يطرح بشأنه أي إشكال ،فإن أجل التعرض على اإليداع
بدوره ال يطرح بشأنه أي إشكال إذا تم اإليداع داخل أجل الشهرين المشار إليه أعاله ،أما
إذا تم االيداع خارج هذا األجل فإنه يبقى أجل غير منطقي ألن المشرع عندما أجاز
التعرض على االيداع وأحال على أجل الشهرين أعاله غاب عنه أن االيداع يمكن أن يتم في
جميع مراحل مسطرة التحفيظ مع مراعاة الفصل 62من ظ.ت.ع المتعلق بقاعدة التطهير
بطبيعة الحال.65
65ـ شكيب حيمود ،وسائل حماية الحقوق الناشئة خالل مسطرة التحفيظ العقاري ،مقال منشور بالندوة
الوطنية حول موضوع األمن العقاري ،م س ،ص.537 :
37
وبالتالي إذا تم االيداع بعد انصرام أجل الشهرين فإن الحقوق المودعة في إطار الفصل
84من ظ.ت.ع تصبح محصنة من أية منازعة ونرجع إلى وضعية ما قبل القانون رقم14-
،07األمر الذي قد يفتح الباب للتواطؤات وأكل أموال الناس بالباطل ،بحيث يصبح هذا
المستجد التشريعي بدون أية قيمة قانونية ،لكن حماية لحقوق الغير وتفعيال لهذا المستجد
الذي له من األهمية بمكان ،يرى أحد الباحثين بأنه إذا تم اإليداع خارج أجل الشهرين
المشار إليه أعاله فإن السيد المحافظ على األمالك العقارية يقبل التعرض الواقع عليه
كتعرض استثنائي طبقا للفصل 29من ظ.ت.ع شريطة أن ال يكون الملف قد أحاله المحافظ
العقاري على محكمة التحفيظ للبت في تعرضات سابقة على مطلب التحفيظ ،أما إذا كان
الملف قد وصل إلى المحكمة فإن المحافظ العقاري يقبله بعد رجوع الملف من المحكمة
وإحالته من جديد على المحكمة للبت فيه ويستند في رأيه األخير على مقابالت مع بعض
السادة المحافظين على األمالك العقارية.66
من وجهة نظرنا المتواضعة ما ذهب إليه الباحث أعاله جدير بالتأييد ألنه يرمي إلى تفعيل
مستجد التعرض على االيداع من أجل صيانة الحقوق من الضياع ،لكن قبوله كتعرض
استثنائي يبقى مجرد حل ترقيعي ،ألن التعرض االستثنائي يكون على مطلب التحفيظ
بصريح الفصل 29من ظ.ت.ع ،وفي التعرض االستثنائي يكون الحق في التعرض قائما
منذ إيداع مطلب التحفيظ والمتعرض هو الذي لم يقدم تعرضه داخل األجل المقرر قانونا،
بينما في التعرض على االيداع لم يصبح للمتعرض الحق في التعرض اال بعد االيداع الذي
تم خارج اجل الشهرين المشار إليه أعاله ،كما أن قبوله بعد رجوع الملف من المحكمة ال
يخدم خصوصية مسطرة التحفيظ ألن من شأن ذلك تأبيد النزاع ثم إن السيد المحافظ على
األمالك العقارية ليس له صالحية إحالة التعرض على االيداع على المحكمة ،لذلك كحل
للخروج من إشكالية أجل التعرض على االيداع البد من تعديل مقتضيات ظ.ت.ع من جديد
والتنصيص صراحة على أن أجل التعرض على اإليداع هو شهرين من تاريخ االيداع
وليس من تاريخ نشر االعالن عن انتهاء التحديد بالجريدة الرسمية أو االبقاء على نفس أجل
الفصل 24من ظ.ت.ع شريطة تقييد التفويتات بالتنصيص صراحة على عدم القيام بأي
تفويت بعد انصرام أجل التعرض المنصوص عليه في الفصل 24أعاله ،ألنه لو كان
المشرع قد نص على ذلك لكان محقا في توحيده ألجل التعرض بين التعرض على االيداع
والتعرض على مطلب التحفيظ في شهرين من تاريخ نشر اإلعالن عن انتهاء التحديد
بالجريدة الرسمية.
كذلك من أهم الفروقات بين الدعويين والتي قد تؤثر بشكل سلبي على من له الحق في
التعرض على اإليداع ،هو أن الحق المودع ال يخضع لإلشهار بل يقيد بسجل التعرضات
66ـ محمد العلمي ،اإلشكاالت العملية للتعرض اإلستثنائي على مطالب التحفيظ ،قراءة في الفصل 29من
القانون ،14-07اشغال الندوة الوطنية المنظمة يومي 25و 26نونبر 2016تحت عنوان العقار والتعمير
واالستثمار ،مطبعة المعارف الجديدة ،الرباط ،الطبعة األولى ،2017:ص.328:
38
دون أن يعلم الغير بوجوده 67وهذا يضرب في مبدأ العلنية الذي يعد من أهم أعمدة نظام
التحفيظ العقاري ،والمفارقة العجيبة هو أن الحقوق المودعة في إطار الفصل 84تستفيد من
األثر التطهيري للرسم العقاري عند تحويلها إلى تقييدات مصاحبة رغم عدم خضوعها
لإلشهار ،حيث يرى أحد الباحثين أنه مادام المشرع أجاز التعرض على الحقوق المودعة
طبقا للفصل 84فإنه ضمنيا افترض مسبقا بعد تحفيظ العقار وتقييدها بالرسم العقاري لن
تقبل بشأنها أية مخاصمة ،وبالتالي تنزل منزلة الرسم العقاري وتكتسي حجية نهائية ومطلقة
ال تقبل أي طعن ،68وهناك من الباحثين من علل رأيه بمقتضيات الفصل 62من ظ.ت.ع
حيث اعتبر أن نهائية الرسم العقاري تسري على جميع الحقوق سواء تعلق األمر بالحقوق
التي تضمنها المطلب أو الحقوق المكتسبة أثناء جريان مسطرة التحفيظ وتم إيداعها طبقا
لمقتضيات الفصل 84من ظ.ت.ع .69
لكن من وجهة نظرنا المتواضعة ال يمكن أن تستفيد التقييدات المصاحبة من
األثرالتطهيري للرسم العقاري مادام أنها ال تخضع لإلشهار ،وبالتالي تبقى مجرد تقييدات
عادية قابلة للتشطيب عليها ،وذلك عكس الحق المدعى به في إطار دعوى التعرض على
مطلب التحفيظ الذي يخضع لعمليات إشهار واسعة ،بحيث يتم إشهار ملخص مطلب التحفيظ
بالجريدة الرسمية وأيضا بالبوابة اإللكترونية للمحافظة العقارية تفعيال لخدمة اإلشهار
العقاري الرقمي التي تعتبر من أبرز المستجدات التي جاءت في إطار التدابير التشريعية
للتصدي لظاهرة االستيالء على عقارات الغير ،تفاعال مع الرسالة الملكية السامية الموجهة
للسيد وزير والعدل والحريات بتاريخ 30دجنبر ،2016فهذه الخدمة تم تكريسها في
المادتين 18و 19من مرسوم 10ديسمبر ،201870وتخول لكل من له مصلحة إمكانية
االطالع على جميع االعالنات التي تنشر بالجريدة الرسمية ومازالت اآلجال سارية بشأنها
عن بعد ،ودون تحمل عناء البحث عن هذه الجريدة ،دون أن ننسى االشهار عن طريق
التعليق لدى ممثل السلطة المحلية ورئيس المجلس الجماعي ورئيس المحكمة اإلبتدائية،
ولإلشارة فإن عملية التحديد رغم عدم التنصيص عليها صراحة ضمن وسائل االشهار فقد
أبان الواقع العملي على أنها من أهم وسائل االشهار ويتمثل ذلك من خالل التجمع الذي
يحدث في عين المكان ،وبالتالي اكتساب الرسم العقاري األثر التطهيري له ما يبرره عن
طريق خضوع العقار موضوع مسطرة التحفيظ لعمليات إشهار واسعة.
67ـ نبيلة الراصفي ،مسطرة اإليداع في ظهير التحفيظ العقاري ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون
الخاص ،مسلك الدراسات القانونية والعقارية ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة
القاضي عياض ،مراكش ،السنة الجامعية ،2019-2018 :ص.98 :
68ـ عمر أزوكار ،مستجدات التحفيظ العقاري في ضوء القانون 14-07ومدونة الحقوق العينية ،مطبعة
النجاح الدار البيضاء ،الطبعة األولى ،2012:ص.157 :
69ـ خير الدين الطاوس ،إشهار الحقوق المكتسبة خالل مسطرة التحفيظ وآثارها في ضوء مستجدات
القانون ،14-07دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع ،الطبعة األولى ،2015:ص157:و.158
70ـ مرسوم ،2.18.181صادر بتاريخ 2ربيع اآلخر 10 (1440ديسمبر ،)2018يتعلق بتحديد شروط
وكيفيات التدبير اإللكتروني لعمليات التحفيظ العقاري والخدمات المرتبطة بها ،نشر بالجريدة الرسمية عدد
6737بتاريخ 16ربيع اآلخر 24 (1440ديسمبر.)2018
39
ـ وإذا كان المتعرض على مطلب التحفيظ مخاطب بغرامة الفصل 48من ظ.ت.ع إذا ثبت
للمحكمة أن تعرضه كيدي أو بسوء نية ،فإن المتعرض على االيداع غير مخاطب بذلك
حيث جاء في الفصل 48أنه ":كل طلب للتحفيظ أو تعرض عليه ثبت للمحكمة صدوره
عن تعسف أو كيد أو سوء نية يوجب ضد صاحبه غرامة لفائدة الوكالة الوطنية للمحافظة
العقارية والمسح العقاري والخرائطية ال يقل مبلغها عن عشرة في المائة من قيمة العقار أو
الحق المدعى به .والكل دون مساس بحق األطراف المتضررة في التعويض."...
ـ كذلك أهم فرق بين الدعويين هو أنه إذا كان التعرض على مطلب التحفيظ يتم البت فيه
من طرف محكمة التحفيظ ،فإن التعرض على اإليداع كما قلنا سابقا هو مجرد دعوى
استحقاق عادية يتم البت فيها من طرف المحكمة العادية مع ما يترتب عن ذلك من آثار
غاية في األهمية ،منها أن المحكمة العادية يمكن أن تحكم بعدم قبول التعرض على اإليداع
في حالة عدم القيام به أمام المحافظ على األمالك العقارية ،ثم إجبارية تنصيب محامي
وجواز التدخل الهجومي ،والطعون غير محددة على سبيل الحصر ،وأهم أثر هو أن
التعرض على االيداع ال يترتب عنه وقف مسطرة التحفيظ ،أو منع التعرض على مطلب
التحفيظ األمر الذي قد يجعلنا إزاء دعويين متوازيين ،دعوى التعرض على االيداع رائجة
أمام القضاء العادي ودعوى التعرض على مطلب التحفيظ رائجة أمام محكمة التحفيظ،
فماهو مآل دعوى التعرض على االيداع في حالة الحكم بصحة أو عدم صحة التعرض على
مطلب التحفيظ؟ هذا ما سنتطرق إليه في (الفقرة التانية).
الفقرة التانية :مآل دعوى التعرض على االيداع في حالة الحكم بصحة أو
عدم صحة التعرض على مطلب التحفيظ
نتحدث عن مآل دعوى التعرض على اإليداع عند توازي هذه األخيرة مع دعوى
التعرض على مطلب التحفيظ ،ولتوضيح ذلك نفترض أن السيد(أ) باع عقاره غير المحفظ
للسيد (ب) وعمد إلى تقديم مطلب التحفيظ من أجل الضغط مثال على المشتري ليزيده في
الثمن ،وأثناء جريان مسطرة التحفيظ قام السيد (أ) ببيعه للسيد (ج) ووهبه للسيد (د) ،فقام
السيد (ج) بطلب إيداع عقد شرائه طبقا لمقتضيات الفصل 84من ظ.ت.ع وعند توجه
السيد (د) للمحافظة العقارية من أجل طلب إيداع عقد الهبة واجهه السيد المحافظ على
األمالك العقارية بأن هناك إيداع سابق ،والقاعدة على مستوى المحافظة العقارية ،إيداع
على إيداع ال يجوز ،فقدم تعرض على اإليداع ،وأثناء جريان دعوى التعرض على اإليداع
أمام القضاء العادي ،قام السيد (ب) بالتعرض على مطلب التحفيظ وعند إحالته على محكمة
التحفيظ ،أصبحنا أمام دعويين متوازيين ،دعوى التعرض على االيداع رائجة أمام القضاء
العادي وهي تعرض السيد(د) على السيد(ج) ،ودعوى التعرض على مطلب التحفيظ رائجة
أمام محكمة التحفيظ وهي تعرض السيد(ب) على السيد(أ) ،ومادام أن دعوى التعرض على
اإليداع سيتم إيقافها إلى أن يتم البت في دعوى التعرض على مطلب التحفيظ طرح اإلشكال
حول مآل دعوى التعرض على اإليداع في حالة الحكم بصحة أو عدم صحة التعرض على
مطلب التحفيظ؟
40
ما دام أن حق المودع في إطار الفصل 84من ظ.ت.ع مرتبط بمصير مطلب التحفيظ
باعتباره فرع وطالب التحفيظ أصل فإن حتى التعرض عليه يبقى مرتبط بما سيؤول إليه
اإليداع أو بما ستؤول إليه مسطرة التحفيظ ككل ،وبالتالي إذا تم الحكم بصحة التعرض على
مطلب التحفيظ وقام السيد المحافظ على األمالك العقارية بتحويل المتعرض إلى طالب
التحفيظ عن طريق إجراء خالصة إصالحية طبقا للفصل 83من ظ.ت.ع المحال عليه
بموجب الفقرة األخيرة من الفصل 37من نفس القانون ،فإن دعوى التعرض على اإليداع
تصبح غير ذات موضوع ألن اإليداع تم التشطيب عليه من سجل التعرضات ،وهنا تتجلى
خطورة الفصل 84بحيث تبقى الحقوق المودعة مهددة إلى أن يتم تأسيس الرسم العقاري
بحيث إذا ضاعت حقوق المودع تضيع حقوق المتعرض عليه بالتبعية.
أما إذا تم الحكم بعدم صحة التعرض على مطلب التحفيظ فإن القضاء العادي يستأنف البت
في دعوى التعرض على اإليداع وال يمكن لهذه األخيرة أن تمنع السيد المحافظ على
األمالك العقارية من تأسيس الرسم العقاري ،ألن التعرض الذي يوقف مسطرة التحفيظ هو
التعرض على مطلب التحفيظ ،وهذا ما أكدته محكمة النقض في قرارها الصادر سنة 2016
جاء فيه":التعرض المشار إليه في الفصل 30من ظهير 1913-08-12المتعلق بالتحفيظ
العقاري والذي يمنع المحافظ من اتخاد قرار بالتحفيظ إال بعد استنفاذ جميع طرق الطعن
بشأنه يهم فقط الحالتين األولى والثانية من الفصل 24من نفس القانون واللتان تتعلقان بحالة
المنازعة في وجود حق الملكية لطالب التحفيظ أو في مدى هذا الحق أو بشأن حدود العقار،
وبحالة االدعاء باستحقاق حق عيني قابل للتقييد بالرسم العقاري الذي سيقع تأسيسه ،ألنهما
وحدهما تمسان حقوق الملكية التي يدعيها طالب التحفيظ ،أما حالة المنازعة في حق وقع
اإلعالن عنه طبقا للفصل 84من هذا القانون ،فال تأثير لها على هذا الحق وتهم فقط
العالقة بين المودع والمتعرض على اإليداع ،وألن ما قد يصدر بشأنها من قرارات قضائية
يمكن تقييده بالرسم العقاري بعد إنشائه".71
من وجهة نظرنا المتواضعة ما ذهبت إليه محكمة النقض هو جدير بالتأييد ألنه إذا قلنا بأن
التعرض على اإليداع يمنع من تأسيس الرسم العقاري سيكون عرقلة للتحفيظ أكثر منه
حماية للحقوق وتكون مسطرة التحفيظ مسطرة بطيئة السيما أن الدعوى أمام القضاء العادي
قد تستغرق عدة سنوات حتى يصدر بشأنها حكم نهائي ،وهذا ال يتالءم مع فلسفة القانون
14-07المغير والمتمم ل ظ.ت.ع التي ترمي إلى التسريع من وثيرة مسطرة التحفيظ،
وبالتالي في حالة الحكم بعدم صحة التعرض يستأنف القضاء العادي البت في التعرض على
اإليداع ويقوم المحافظ بتأسيس الرسم العقاري ويحول اإليداع إلى تقييد والتعرض إلى تقييد
احتياطي وهو ما عبرت عنه محكمة النقض بعبارة ":وألن ما قد يصدر بشأنها من قرارات
قضائية يمكن تقييده بالرسم العقاري بعد إنشائه" ،وهو قرار يستشف منه ضمنيا أن دعوى
التعرض على اإليداع يتم البت فيها خارج نطاق مسطرة التحفيظ.
71ـ قرار(دون ذكر العدد) ،صادر بتاريخ ،2016-11-01في الملف عدد ،2015/8/1/7163أورده
محمد ناجي شعيب ،تحليل وتعليق على ضوء القرار عدد 78الصادربتاريخ ،2015-02-03في الملف
عدد ،2014/8/1/5341نشرة قرارات محكمة النقض ،الغرفة المدنية ،العدد ،27ص.126 :
41
وتجدر اإلشارة إلى مسألة أساسية تهم بشكل كبير محرري العقود وهي وجوب اإلنتباه إلى
التعرض على اإليداع عند تحرير أي معاملة تتعلق بعقار في طور التحفيظ ،ألنه تبين من
الناحية العملية أن بعضهم على علم فقط بالتعرض على مطلب التحفيظ وكأن التعرض على
اإليداع ال قيمة له ،وبالتالي إذا قام المودع بتفويت الحق المودع تعين على محرر العقد أن
ينصح المفوت له بأن هناك تعرض على اإليداع تحت طائلة إثارة مسؤوليته الشخصية ،ألنه
إذا حكم القضاء لصالح المتعرض سيضيع العقارمن المفوت له.72
72ـ حسن فتوخ ،مداخلة بعنوان ":األمن العقاري من خالل توجهات قرارت محكمة النقض" ،ندوة
وطنية من تنظيم المركز المغربي للدراسات العقارية تكريما للدكتور محمد بنيعيش ،حول
موضوع":المنازعات العقارية على ضوء آخر قرارات محكمة النقض" ،يوم 2نونبر ،2018بالمركب
الثقافي أحمد بوكماخ بطنجة ،غير منشورة.
42
المطلب التاني :مدى إمكانية الجمع بين دعوى التعرض على مطلب التحفيظ
ودعوى االستحقاق الفرعية
نتصور هذه الفرضية عندما يكون العقار في طور التحفيظ ولم تنتهي بشأنه آجال
التعرضات ،وفي نفس الوقت جارية بشأنه مسطرة الحجز التنفيذي بوشرت من طرف
الدائن في حالة عدم أداء طالب التحفيظ المدين ما بذمته من دين ،فيأتي شخص من الغير
ويدعي بأن العقار موضوع مسطرتي التحفيظ والتنفيذ في ملكيته.
فهل سيلجأ إلى دعوى التعرض على مطلب التحفيظ أم أنه يتعين عليه سلوك دعوى
االستحقاق الفرعية ،أم أنه يتعين عليه الجمع بينهما السيما وأن االستحقاق الفرعي
والتعرض كالهما يهدفان إلى الحكم بملكية كل أو جزء من العقار الذي تجري بشأنه
مسطرتا التحفيظ والتنفيذ معا.73
لمحاولة اإلجابة عن هذه اإلشكاالت فقد ارتأينا أن نتوقف في (الفقرة األولى) على أهم
الفروقات بين الدعويين السيما من حيث اآلثار المترتبة عن سلوك دعوى دون األخرى،
ألن من خالل هذه الفروقات سيتضح لنا ما إذا كان باإلمكان الجمع بينهما أم أن سلوك
إحداهما كاف لحماية صاحب الحق وهذا ما سنتطرق له في (الفقرة التانية).
الفقرة األولى :أهم الفروقات بين دعوى التعرض على مطلب التحفيظ
ودعوى اإلستحقاق الفرعية
إذا كانت دعوى االستحقاق الفرعية لم تحظى بتنظيم قانوني خاص من طرف المشرع
المغربي ،بل فقط أشار إليها في الفصلين 482و 483من ق.م.م التي يستشف منها بأنها
دعوى يرفعها الغير الذي يدعي ملكية العقار الجارية بشأنه مسطرة الحجز التنفيذي أمام
قضاء الموضوع للحكم له بالملكية وبطالن إجراءات التنفيذ ،ويمكن تصورها على العقار
سواء كان غير محفظ أو في طور التحفيظ أو محفظ ،فإن دعوى التعرض على مطلب
التحفيظ حظيت بتنظيم قانوني خاص من طرف المشرع المغربي ،حيث خصها بعدد ال
يستهان به من النصوص القانونية ،بدءا من الفصل 24إلى الفصل 51من ظ.ت.ع وتعني
منازعة طالب التحفيظ في ملكية العقار المطلوب تحفيظه كليا أو جزئيا أو فقط في حدود
العقار أو في حق عيني آخر غير حق الملكية قابل للتقييد بالرسم العقاري الذي سيقع
تأسيسه ،وتقدم أمام جهة إدارية تتمثل إما في المحافظ على األمالك العقارية وإما في
المهندس المساح الطبوغرافي المنتذب أثناء إنجاز عملية التحديد أوإلى التقني الطبوغرافي
المكلف بإنجاز هذه العملية بتفويض من المهندس المساح الطبوغرافي المنتمي لمصلحة
المسح العقاري بناء على القانون 57-12وال يمكن تصورها إال على العقار في طور
التحفيظ.
73ـ يوسف مختري ،حماية الحقوق الواردة على العقار في طور التحفيظ ،سلسلة األعمال الجامعية،
مطبعة المعارف الجديدة ،الرباط ،الطبعة األولى ،ص 314:و .315
43
إذا كانت دعوى االستحقاق الفرعية يترتب عن رفعها وقف إجراءات التنفيذ وأن الحكم
الصادر بشأنها يقضي بالملكية وبطالن إجراءات التنفيذ ،إذ ال يتصور الحكم برفض
االستحقاق وقبول بطالن اإلجراءات أو العكس الحكم باالستحقاق وعدم بطالن إجراءات
التنفيذ ،وبالتالي إذا تم الحكم باالستحقاق فإنه يترتب عليه إلغاء ما تم من إجراءات التنفيذ،
إذ إن صفة الفرعية التي تميز هذه الدعوى هي التي تجعل موضوعها مكون من شقين
متالزمين والحكم الصادر إما بقبولهما معا أو رفضهما معا.74
كذلك في دعوى االستحقاق الفرعية ال تكون الطعون واردة على سبيل الحصر ،والطعن
بالنقض ال يوقف التنفيذ،عكس دعوى التعرض على مطلب التحفيظ التي يترتب عن رفعها
وقف مسطرة التحفيظ ومحكمة التحفيظ ال تقول إال كلمتين إما صحة أو عدم صحة
التعرض ،والطعون واردة على سبيل الحصر ،والطعن بالنقض يوقف التنفيذ استنادا إلى
الفصل 361من ق.م.م .
كذلك من أهم الفروقات بين الدعويين ما يتعلق بأجل رفعهما ،بحيث إذا كان أجل رفع
دعوى اإلستحقاق الفرعية يبتدئ من يوم البدء في التنفيذ وينتهي بإرساء المزايدة النهائية
استنادا إلى الفصل 482من ق.م.م ،فإن أجل رفع دعوى التعرض على مطلب التحفيظ
يبتدئ من يوم إيداع مطلب التحفيظ وينتهي بانتهاء أجل الشهرين الموالية لنشر االعالن عن
انتهاء التحديد بالجريدة الرسمية استنادا إلى الفصل 24من ظ.ت.ع مالم يتم فتح أجل
استثنائي إذا توفرت شروطه المنصوص عليها في الفصل 29من نفس القانون.
الفقرة التانية :مدى إمكانية الجمع بين دعوى التعرض على مطلب
التحفيظ ودعوى االستحقاق الفرعية
انطالقا من الفروقات بين الدعويين التي ذكرناها أعاله ،السيما الفرق على مستوى األجل
يتضح لنا أن دعوى التعرض على مطلب التحفيظ هي األفيد بالنسبة لمدعي ملكية عقار
جارية بشأنه مسطرتي التحفيظ والتنفيذ ،ألنه إذا سلك دعوى اإلستحقاق الفرعية ومرت
مسطرة التحفيظ بشكل سريع نتج عنها تأسيس رسم عقاري فإنه يسقط حق مدعي
االستحقاق الفرعي في المطالبة العينية وال يبقى له إال الحق في التعويض في حالة التدليس
فقط استنادا إلى الفصل 64من ظ.ت.ع ألن الرسم العقاري الناتج عن التحفيظ يطهر العقار
من كل النزاعات التي لم تظهر أثناء جريان مسطرة التحفيظ في شكل التعرض ،بل أكثر
من ذلك ولو صدر حكم عن القضاء العادي يقضي باإلستحقاق وبطالن إجراءات الحجز
فإن هذا الحكم ال تكون له أية قيمة قانونية أمام قرار المحافظ على األمالك العقارية بتحفيظ
العقار وتأسيس رسم عقاري لفائدة المدين طالب التحفيظ ألنه قرار إداري مشمول بقاعدة
التطهير المكرسة في الفصلين 1و 62من ظ.ت.ع .
74ـ لال لطيفة العلوي الشريفي ،الحماية القانونية للغير في ظل مسطرة الحجز التنفيذي العقاري ،رسالة
لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ،مسلك قانون العقود والعقار ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية ،جامعة محمد األول ،وجدة ،السنة الجامعية ،2015-2014ص.134 :
44
إذن خطورة قاعدة التطهير تقتضي من الغير سلوك دعوى التعرض على مطلب التحفيظ،
والحرص على عدم فوات أجلها ،ألن فوات أجل التعرض العادي وعدم فتح أجل استثنائي
طبقا للفصل 29من ظ.ت.ع يترتب عنه عدم قبول فتح أجل آخر بعد رجوع الملف من
جديد للسيد المحافظ على األمالك العقارية ،هذا باإلضافة إلى أن إمكانية التدخل في الدعوى
غير متاحة في ظل ظ.ت.ع ،و تزداد الخطورة في الحالة التي ال تحكم فيها المحكمة بصحة
التعرضات إذا كانت قدمت من شخص آخر ويكون مدعي اإلستحقاق لم يمارس تعرضه
مما ينفي إمكانية نشر إعالنات جديدة ،ألن فتح أجل جديد للتعرضات بناء على األحكام
الصادرة يعطي لطالب االستحقاق الفرعي مبدئيا التصريح بتعرضه ،وذلك على عكس
دعوى االستحقاق الفرعية بحيث ال يترتب عن عدم رفعها داخل أجلها المقرر في الفصل
482من ق.م.م سقوط الحق في المطالبة العينية ،كل ما هنالك أن الدعوى تتحول من
دعوى استحقاق فرعية إلى دعوى استحقاق أصلية.
فالمنطق القانوني السليم يقتضي أن تصاغ جميع الدعاوى المتعلقة بعقار في طور التحفيظ
ومنها دعوى االستحقاق الفرعية في شكل تعرض ،وبعبارة أخرى فالدعوى المالئمة
لحماية مدعي االستحقاق بشأن عقار محجوز قدم بشأنه مطلب التحفيظ هي دعوى
التعرض ،وهذا ال يعني أن دعوى االستحقاق الفرعية ال تحقق الحماية لصاحب الحق وإنما
كل ما هنالك أن فلسفة التحفيظ تقتضي من أي شخص يدعي حق على عقار في طور
التحفيظ أن يصيغ دعواه على شكل تعرض تفاديا لمواجهته باألثر التطهيري الناتج عن
قرار التحفيظ.75
لكن اإلشكال الذي قد يطرح ،هو هل دعوى التعرض على مطلب التحفيظ ترتب نفس أثر
دعوى االستحقاق الفرعية على مستوى إيقاف التنفيذ؟ أم أنه البد من الجمع بين الدعويين
حتى تتحقق الحماية الكافية لصاحب الحق؟
بطبيعة الحال سلوك دعوى التعرض على مطلب التحفيظ ال يترتب عنها وقف إجراءات
التنفيذ وإال ستكون محكمة التحفيظ قد تجاوزت صالحيتها المحددة في الفصل 37من
ظ.ت.ع الذي حصر سلطة محكمة التحفيظ في نطاق ضيق جدا ،فهي ال تنظرإال في إطار
العالقة بين المتعرض بصفته مدعي وطالب التحفيظ بصفته مدعى عليه ،أما في إطار
دعوى االستحقاق الفرعية فطالب االستحقاق مجبر بتقديم دعواه في مواجهة المدين طالب
التحفيظ وكذا في مواجهة الدائن الحاجز.
وإذا كانت دعوى التعرض على مطلب التحفيظ ال يترتب عنها وقف إجراءات التنفيذ فهل
يبقى المتعرض ملزم برفع دعوى االستحقاق الفرعية من أجل إيقاف التنفيذ؟ أم أن دعوى
التعرض وحدها كافية لحماية المتعرض على عقار جارية بشأنه مسطرتي التحفيظ والتنفيذ؟
75ـ عثمان العالوي ،دعوى االستحقاق الفرعية العقارية ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص،
مسلك القانون العقاري والحقوق العينية ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة سيدي
محمد بن عبدهللا ،فاس ،السنة الجامعية ،2019-2018:ص56:و.57
45
يرى أحد الباحثين 76أن دعوى التعرض على مطلب تحفيظ عقار محجوز وحدها ال
تكفي ،بل البد من رجوع المتعرض لدى قاضي المستعجالت للمطالبة بإيقاف التنفيذ بناء
على وجود صعوبة قانونية تعترض التنفيذ ،أو أن يسلك المسطرة المقررة في الفصلين
482و 483من ق.م.م.
إذن حسب الباحث حماية الغير الذي يدعي ملكية عقار جارية بشأنه مسطرة التحفيظ
والتنفيذ تقتضي منه الجمع بين دعوى التعرض على مطلب التحفيظ ودعوى االستحقاق
الفرعية.
لكن من وجهة نظرنا المتواضعة ،دعوى التعرض على مطلب التحفيظ وحدها كافية
لحماية مدعي ملكية عقار في طور التحفيظ وجارية بشأنه مسطرة التنفيذ،ألن الحقوق تبقى
متوقفة على مآل مسطرة التحفيظ ،وبالتالي ال نرى ضرورة رفع دعوى االستحقاق الفرعية
موازاة مع دعوى التعرض من أجل إيقاف التنفيذ ،ألن إيقاف التنفيذ من عدم إيقافه ال يؤثر
على من اختار دعوى التعرض على مطلب التحفيظ مادام أن الحكم بصحة التعرض قد
يؤدي إلى إلغاء الحجز الوارد على العقار إذا لم يتم بيعه قبل تأسيس الرسم العقاري ،وحتى
إذا تم بيعه قبل اتخاد قرار التحفيظ فإن حق الراسي عليه المزاد يبقى معلقا على عدم الحكم
بصحة التعرض ،وبالتالي إذا حكمت المحكمة بصحة التعرض يتم التشطيب على محضر
ارساء المزايدة المودع في إطار الفصل 84من ظ.ت.ع ألن حقوق المودع مرتبطة بمصير
مطلب التحفيظ ،إذا ضاعت حقوق طالب التحفيظ تضيع حقوق المودع بالتبعية.
إذن دعوى التعرض على مطلب التحفيظ في هذه الفرضية وحدها كافية لحماية مدعي
ملكية عقار جارية بشأنه مسطرتي التحفيظ والتنفيذ مادام أن األمر يتوقف على مآل مسطرة
التحفيظ ،وبالتالي تبقى األفيد له حتى ال يواجه باألثر التطهيري للرسم العقاري.
76ـ عبد العالي حفيظ ،إجراءات البيع الجبري للعقار المحجوز في القانون المغربي ـ مقاربة في الوظيفة
اإلئتمانية للقاعدة االجرائية على ضوء العمل القضائي ـ مطبعة دار القلم بالرباط ،الطبعة األولى ،2012
ص 416 :و.417
46
الفصل التاني
القيمة القانونية للحكم القضائي الصادر خارج نطاق مسطرة التحفيظ
خالل المرحلة االدارية للتحفيظ والمرحلة القضائية للبت في التعرضات
47
الفصل التاني :القيمة القانونية للحكم القضائي الصادر خارج نطاق
مسطرة التحفيظ خالل المرحلة اإلدارية للتحفيظ والمرحلة القضائية للبت
في التعرضات
بطبيعة الحال كان باإلمكان الجمع بين عبارة المرحلة االدارية للتحفيظ والمرحلة القضائية
للبت في التعرضات في عبارة واحدة وهي":مسطرة التحفيظ" ،إال أنه فضلنا تفكيكها إلى
هاتين العبارتين حتى ال نسقط في صياغة ركيكة ،ألنه إذا قلنا القيمة القانونية للحكم
القضائي الصادر خارج نطاق مسطرة التحفيظ أمام مسطرة التحفيظ سنكون أمام تكرار
عبارة مسطرة التحفيظ مرتين متتاليتين ،وهذا سيجعل عنوان الفصل التاني معيبا من حيث
الصياغة.
ومن أجل توخي الدقة في المصطلحات البد أن نميز بين عبارة مسطرة التحفيظ وعبارة
إجراءات التحفيظ.
مسطرة التحفيظ هي مسطرة إدارية من بدايتها إلى نهايتها ،تبتدئ إدارية وتنتهي إدارية
ولو تخللته ا مرحلة قضائية ،ألن المرحلة القضائية ليست مرحلة للتحفيظ وإنما هي مرحلة
للبت في التعرضات ليس إال ،بحيث إن السيد المحافظ على األمالك العقارية هو الذي ترجع
إليه الكلمة األولى واألخيرة بشأن التحفيظ أو عدم التحفيظ ،فهو عندما يرجع إليه الملف من
المحكمة ال يكون ملزما بالتحفيظ بل يتخد ما يراه مناسبا.
أما إجراءات التحفيظ فيمكن أن تشمل أيضا مرحلة التقييدات والتشطيبات ،أي تشمل
مرحلة ما قبل تأسيس الرسم العقاري ومرحلة الحقة له ،ألن المشرع حسم االشكال الذي
كان يطرح قبل القانون 14-07بخصوص المقصود بقضايا التحفيظ في إطار الفصل 361
من ق.م.م بموجب الفصل 1من ظ.ت.ع كما وقع تغييره وتتميمه بالقانون 14-07بحيث
أضاف إليه الفقرة األخيرة التي يستشف منها أن التحفيظ يشمل مسطرتين ،مسطرة للتحفيظ
وهي المرحلة السابقة على تأسيس الرسم العقاري ،ومسطرة للتقييد والتشطيب وهي
المرحلة الالحقة له.
وهذا ما يستشف أيضا من المادة 2من مرسوم 10ديسمبر 2018المتعلق بالتدبير
اإللكتروني لعمليات التحفيظ العقاري والخدمات المرتبطة بها ،حيث نصت على أنه ":يقصد
بعمليات التحفيظ العقاري والخدمات المرتبطة بها التي يمكن تدبيرها بطريقة إلكترونية وفق
أحكام هذا المرسوم ،اإلجراءات والمساطر المتعلقة بالتحفيظ العقاري والمسح العقاري
والخرائطية المنصوص عليها في المقتضيات التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل،
والسيما منها:
ـ تلقي مطالب التحفيظ والتعرضات والقيام بجميع اإلجراءات المتعلقة بمسطرة التحفيظ
العقاري وباقي المساطر األخرى الخاصة بالتحفيظ ؛
ـ تأسيس الرسوم العقارية ونظائرها؛
48
ـ إشهار الحقوق العينية والتحمالت العقارية المنصبة على العقارات المحفظة أو التي في
طور التحفيظ."...
وهذا ما يستشف أيضا من مرسوم 14يوليوز 2014بشأن إجراءات التحفيظ العقاري،
حيث تضمن ستة أقسام ،وما يهمنا منها قسمين فقط ،القسم األول المعنون ب ":اإلجراءات
السابقة لتحفيظ العقارات" ،والقسم التاني تمت عنونته ب":العمليات واإلجراءات الالحقة
للتحفيظ العقاري".
لكن ما يهمنا نحن فقط مسطرة التحفيظ ،وبشكل دقيق القيمة القانونية للحكم القضائي
الصادر خارج نطاق مسطرة التحفيظ خالل المرحلة االدارية للتحفيظ والمرحلة القضائية
للبت في التعرضات.
وبعد دراسة متأنية ومعمقة لهذا الفصل اتضح لنا أنه يشمل على ست أو سبع فرضيات
أساسية ،يمكن أن نجمعها في مبحثين ،نتطرق في (المبحث األول) إلى القيمة القانونية للحكم
القضائي النهائي الصادر خارج نطاق مسطرة التحفيظ في مرحلتها اإلدارية ،ثم نتطرق في
(المبحث التاني) إلى القيمة القانونية لهذا الحكم في المرحلة القضائية للبت في التعرضات.
49
المبحث األول :القيمة القانونية للحكم القضائي النهائي الصادر خارج نطاق
مسطرة التحفيظ أمام المحافظ على األمالك العقارية
نقصد بالمرحلة اإلدارية للتحفيظ أن الملف مازال بيد المحافظ على األمالك العقارية ولو
وقعت تعرضات على مطلب التحفيظ ،ألن الذي يجعل مسطرة التحفيظ تتحول من مرحلتها
اإلدارية إلى المرحلة القضائية هو وقوع تعرض على مطلب التحفيظ وقيام السيد المحافظ
على األمالك العقارية بإحالته على محكمة التحفيظ خالل الثالثة أشهر الموالية النصرام
أجل التعرض طبقا للفقرة األخيرة من الفصل 32من ظ.ت.ع.
وكما هو معلوم ال يقوم السيد المحافظ العقاري بإحالته على المحكمة إال في حالة عدم
استطاعة طالب التحفيظ رفع التعرض أو عدم التصريح بقبوله ،وعدم تنازل المتعرض عن
تعرضه وعدم توصل المحافظ العقاري إلى صلح بين األطراف وهو ما يستشف من الفصل
31من ظ.ت.ع ،آنذاك يتم إحالته على محكمة التحفيظ.
وفي هذا المبحث سوف نتطرق إلى أربع فرضيات أساسية.
الفرضية األولى هي فرضية تقديم طلب التحفيظ من قبل رابح دعوى االستحقاق ،فنتساءل
عن رقابة السيد المحافظ على االمالك العقارية للحكم القضائي المدعم لمطلب التحفيظ
حول ما إذا كانت رقابة شكلية فقط ،أم رقابة شكلية وموضوعية.
أما الفرضية التانية فهي فرضية تقديم مطلب التحفيظ من طرف خاسر دعوى االستحقاق
وقيام رابح الدعوى بالتعرض عليه فنتساءل عن ما إذا كان باإلمكان أن ينهض الحكم
القضائي المدعم للتعرض على مطلب التحفيظ حجة التخاد قرار التحفيظ في اسم المتعرض
باعتبار األحكام القضائية النهائية عنوانا للحقيقة أم ال؟
ثم ماذا لو لم يقم رابح الدعوى بالتعرض على مطلب التحفيظ ومرت مسطرة التحفيظ
بدون أية تعرضات فنتساءل عن القيمة القانونية لهذا الحكم أمام قرار المحافظ العقاري
بتأسيس الرسم العقاري (الفرضية التالتة).
أما الفرضية الرابعة واألخيرة فتتعلق بااليداع طبقا للفصل 84من ظ.ت.ع ،فنفترض أنه
قد صدر في دعوى التعرض على اإليداع حكم عن القضاء العادي يقضي بعدم أحقية
المودع فيما تم إيدعه ،فنتساءل عن مدى إمكانية إيداع هذا الحكم في إطار الفصل 84من
ظ.ت.ع وهل سيجري عليه المحافظ على األمالك العقارية رقابة شكلية وموضوعية أم
ماذا؟
كل هذه الفرضيات سنحاول جمعها في مطلبين ،نتطرق في (المطلب األول) إلى القيمة
القانونية للحكم القضائي النهائي الصادر خارج نطاق مسطرة التحفيظ والمدعم لمطلب
التحفيظ والمطلوب إيداعه في إطار الفصل 84من ظ.ت.ع ،على أن نتطرق في (المطلب
التاني) للقيمة القانونية للحكم القضائي الصادر خارج نطاق مسطرة التحفيظ و المدعم
للتعرض على مطلب التحفيظ.
50
المطلب االول :القيمة القانونية للحكم القضائي النهائي المدعم لمطلب
التحفيظ والمطلوب إيداعه في إطار الفصل 84من ظ.ت.ع
إن المتأمل لعنوان هذا المطلب سيتضح له أنه يشتمل على فرضيتين ،لذلك سنعمل على
تقسيمه إلى فقرتين ،نتطرق في (الفقرة األولى) إلى القيمة القانونية للحكم القضائي النهائي
الصادر خارج نطاق مسطرة التحفيظ والمدعم لمطلب التحفيظ ،على أن نتطرق في (الفقرة
التانية) إلى القيمة القانونية للحكم القضائي المطلوب إيداعه في إطار الفصل 84من
ظ.ت.ع.
77ـ ادريس الفاخوري ،نظام التحفيظ العقاري وفق مستجدات القانون ،14-07م س ،ص.80:
51
...وبناء على ما ذكر أطلب منكم أن تحرصوا على تضمين مطالب التحفيظ البيانات
الواردة في الفصل 13المذكور بكل دقة وتفصيل ،وأن تولوا كفاية العقود والمستندات
المدعمة للمطالب المذكورة أهمية قصوى ال تقل في شيء عن األهمية التي تولونها لنفس
هذه العقود وأنتم بصدد إصدار قرار التحفيظ.
وعلى هذا األساس يجب الحرص على :
أن تتوفر في السندات المدعمة لمطالب التحفيظ الشروط الشكلية
والجوهرية المتطلبة قانونا؛
إيالء أهمية خاصة الرتباط العقود المذكورة بالعقار المطلوب تحفيظه؛
االقتصار على السندات التي تفيد التملك كرسم استمرار الملك ،وعقود
التفويت التي مرت عليها مدة الحيازة المعتبرة شرعا...؛
تنصيص هذه السندات على مساحة وحدود العقار المطلوب تحفيظه؛
عدم التساهل في قبول إيداع مطلب تحفيظ بسندات أبعد ما تكون عن
إثبات التملك...،
تكامل السندات المدلى بها وعدم تناقضها؛
تفادي قبول التزام طالب التحفيظ باإلدالء ببعض السندات
مستقبال.78"...
المالحظ من خالل هذه المذكرة أن الواقع العملي تجاوز الفصل 14ويعتبر أن اإللزامية
قائمة ضمنيا رغم عدم التنصيص عليها صراحة ،بحيث يتم تفسيره على ضوء الفصل30
من ظ.ت.ع ،ألن السيد المحافظ على األمالك العقارية ال يتخد قرار التحفيظ إال بعد التحقق
من الحجج المدلى بها شكال وجوهرا ،لكن هل يجري نفس الرقابة الشكلية والجوهرية على
الحكم القضائي النهائي الصادر خارج نطاق مسطرة التحفيظ والمدعم لمطلب التحفيظ؟
أمام عدم وجود نص قانوني يجيب عن هذا اإلشكال نجد الفقه قد انقسم بشأنه إلى اتجاهين:
اتجاه أول 79يرى أن األحكام القضائية هي مجرد وثائق رسمية وبالتالي يتعين على
المحافظ على األمالك العقارية أن يجري عليها نفس الرقابة التي يجريها على الوثائق
الرسمية ،أي رقابة شكلية وجوهرية.80
78ـ لإلطالع على هذه المذكرة يمكن الرجوع إلى مجلة القضاء المدني ،سلسلة المنازعات العقارية،م
س ،ص403:و.404
79ـ حدومعسو ،حماية الحقوق الواردة على مطلب التحفيظ عن طريق مسطرتي النشر وااليداع طبقا
للفصلين 83و 84من ظهير التحفيظ العقاري ،رسالة لنيل دلوم الماستر في القانون الخاص ،مسلك قانون
52
وهناك اتجاه آخر ذهب إلى أن المحافظ على األمالك العقاري ليس بدرجة قضائية ،وإنما
هو مجرد موظف إداري له سلطة إدارية ،وبالتالي يتعين عليه مراقبة الحكم القضائي
الصادر خارج نطاق مسطرة التحفيظ من الناحية الشكلية فقط ،احتراما لمبدأ الفصل بين
السلطات ،81الذي يعد مبدأ دستوريا اعتنقه المغرب كما هو حال جميع الدول
الديمقراطية.82
ويضيف أحد الباحثين 83أنه ":ال يمكن التعامل مع األحكام القضائية كأنها مستندات رسمية
عادية ،احتراما بداية لقاعدة حجية الشيء المقضي به ،ولكون المحكمة ثانيا ال تنظر وتحكم
في دعاوى االستحقاق العادية أو الدعاوى العقارية بشكل عام إال إذا كانت مبنية على وثائق
رسمية وحجج دامغة تثبت ملكية طالب التحفيظ للعقار موضوع مسطرة التحفيظ ،وبالتالي
ال وجود لمسؤولية المحافظ في هذه الحالة".
ومن وجهة نظرنا المتواضعة فإن االتجاه التاني هو الجدير بالتأييد ،وبالتالي يتعين على
السيد المحافظ على االمالك العقارية أن يراقب الحكم القضائي القاضي باالستحقاق فقط من
الناحية الشكلية ألنه مجرد موظف إداري له سلطة إدارية ،وال يمكن لسلطة إدارية أن
تراقب سلطة قضائية احتراما لمبدأ الفصل بين السلطات الذي يعد مبدأ دستوريا ،وعليه فإن
الجهة الوحيدة التي يمكن لها أن تراقب جوهر الحكم القضائي هي فقط محكمة النقض
باعتبارها محكمة قانون من الناحية المبدئية وتتربع هرمية التنظيم القضائي ببالدنا.
وهذا ما يجري به العمل حتى على مستوى المحافظات العقارية عمال بدورية السيد
المحافظ العام عدد 286الصادرة سنة 1983والتي جاء فيها ":من بين األسئلة التي
طرحت خالل اإلجتماع السنوي لرؤساء المصالح يومي 11و 12يناير 1983سؤال حول
ما إذا كان من حق المحافظ على األمالك العقارية التدقيق في صحة األحكام القضائية من
حيث المضمون ،وأنه بعد استشارة رئيس الحكومة حول ذلك ،أجاب بعد استشارته لوزير
العدل في رسالة رقم 156بتاريخ 13يناير ،1983بأنه نظرا لفصل السلطة اإلدارية عن
العقار والتعمير،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة موالي اسماعيل ،مكناس ،السنة
الجامعية ،2015-2014:ص.81:
80ـ يقصد بالرقابة الجوهرية مراقبة حيثيات الحكم القضائي عن طريق التحقق من ما إذا كانت المحكمة
المصدرة له محقة في حكمها بتطبيقها للقانون تطبيقا سليما ،والتأكد من صحة األسباب التي استند إليها
منطوق الحكم.
81ـ فاطمة الحروف ،الدور المقيد للقضاء بشأن التعرضات على طلب التحفيظ العقاري ،أطروحة لنيل
الدكتوراه في القانون الخاص ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة سيدي محمد بن
عبدهللا ،فاس ،السنة الجامعية ،2010-2009 :ص.416 :
82ـ أحمد العيادي ،المنازعات القضائية في مادة التحفيظ العقاري ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في
المنازعات العمومية ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة سيدي محمد بن عبدهللا،
فاس ،السنة الجامعية ،2008-2007 :ص.63 :
83ـ عبد هللا بلمعلم ،م س ،ص 30 :و.31
53
السلطة القضائية ،فال يمكن للمحافظ بأي وجه كان أن يتحقق من صحة األحكام
جوهرا.84"...
وهذا ما تم تأكيده بعد ذلك في الدورية عدد 327الصادرة سنة 1996والتي نصت في
مضامينها على أنه ليس للمحافظ على األمالك العقارية أن يتدخل في مضمون الحكم
القضائي عن طريق مناقشته أو التعليق عليه.85
وتتمثل المراقبة الشكلية للحكم القضائي في التحقق من كون البيانات المضمنة به هي نفسها
المصرح بها من قبل طالب التحفيظ ومن أن األمر يتعلق بنفس العقار وأن نسخة الحكم
مشهود بمطابقتها لألصل وتحمل توقيع كاتب الضبط وخاتم المحكمة ،واألهم مراقبة نهائية
الحكم القضائي ،أي التحقق من كون الحكم المدعم لمطلب التحفيظ قد استنفد جميع طرق
الطعن ،العادية وغير العادية ،وفي هذا اإلطارأصدر السيد المحافظ العام دورية عدد 290
بتاريخ 1984-03-29أكد من خاللها على كفاية شهادة عدم الطعن باالستئناف أو النقض
الصادرة عن المحكمة مصدرة الحكم وال مجال الستلزام التأشير المزدوج حتى من الجهة
المختصة بتلقي الطعن لما في ذلك من ضياع للوقت ليس إال ،وبالتالي يكون السيد المحافظ
العام قد تراجع عن الدورية عدد 267المؤرخة في 10فبراير 1975التي كانت تستلزم
االدالء بشهادتين ،شهادة من المحكمة مصدرة الحكم يشهد من خاللها كاتب الضبط بأن
الحكم قد بلغ إلى جميع األطراف ولم يقع فيه أي طعن ،وشهادة أخرى صادرة عن المحكمة
المختصة بتلقي الطعن تثبت بأن الحكم لم يقع فيه أي طعن.
ومن جانبنا نرى بأنه حماية لألطراف يتعين على السيد المحافظ على األمالك العقارية أن
ال يكتفي بمراقبة شواهد عدم الطعن الصادرة عن المحكمة مصدرة الحكم للتحقق من نهائية
الحكم القضائي ،بل البد أن تمتد هذه الرقابة لتشمل شواهد التسليم المقرونة بالتبليغ لمعرفة
ما إذا كان التوصل قانونيا وأن التبليغ بدوره كان قانونيا ،وإن كان هناك من انتقد هذه
المسألة وذهب إلى أن شواهد عدم الطعن كافية للتحقق من نهائية الحكم القضائي بعلة أن
رئيس كتابة الضبط يفترض فيه أنه لم يقدم على منح شهادة عدم الطعن إال بعد التأكد من
صحة التبليغات وسالمة إجراءاتها ومن مرور أجل الطعن.86
88ـ لإلطالع على هذه الدورية يمكن الرجوع إلى مجلة القضاء المدني ،سلسلة المنازعات العقارية ،م س،
ص.371 :
56
مؤقتا ،"...وذلك عكس اإليداع الذي يتعلق بالعقار في طور التحفيظ ،كما أن التقييد
اإلحتياطي له طبيعة تنازعية وهو ما أكده المجلس األعلى في قرار له جاء فيه ":التقييد
اإلحتياطي هو بمثابة إنذار بوجود نزاع في الملك وإقدام المشتري التاني على تقييد شرائه
دليل على سوء نيته" ،89لكن بالنسبة لإليداع فله طبيعة توافقية ألن المودع ال ينازع طالب
التحفيظ في الحق المودع.
وبالرجوع إلى الفصل 84من ظ.ت.ع نجده ينص على أنه":إذا نشأ على عقار في طور
التحفيظ حق خاضع لإلشهار أمكن لصاحبه ،من أجل ترتيبه والتمسك به في مواجهة الغير،
أن يودع بالمحافظة العقارية الوثائق الالزمة لذلك ،ويقيد هذا اإليداع بسجل التعرضات،"...
ونسطر على عبارة الوثائق الالزمة لذلك ،مما يعني أنها جاءت عامة وبالتالي يمكن أن
تشمل األحكام القضائية ،لكن هل يجري عليها المحافظ على األمالك العقارية نفس الرقابة
الشكلية التي يجريها على الحكم القضائي النهائي الصادر خارج نطاق مسطرة التحفيظ
والمدعم لمطلب التحفيظ؟ أم البد من رقابة شكلية وجوهرية؟
أمام عدم وجود نص قانوني صريح يجيب عن هذا اإلشكال ،ذهبت إحدى الباحثات إلى
أن ":صالحيات المحافظ بشأن مراقبته لألحكام المؤيدة لإليداع مراقبة قبلية يلفها الغموض
وعدم الدقة والوضوح على المستوى التشريعي وكذا التنظيمي وتجاوزا لهذا الوضع نرى
أن تتم معالجته بالنص بشكل صريح في إطار ظهير التحفيظ العقاري بإخضاع األحكام
القضائية على غرار باقي المستندات المؤيدة لإليداع للرقابة القبلية شكال وجوهرا".90
وهنا يتضح لنا أن الباحثة قد أسست رأيها على مقتضيات الفصل 72من ظ.ت.ع المتعلق
بالتقييدات بتفسيره تفسيرا واسعا ،أي اعتبرت كلمة الوثائق تشمل األحكام القضائية وهذه
األخيرة تبقى كغيرها من الوثائق األخرى البد من مراقبتها من قبل المحافظ على األمالك
العقارية شكال وجوهرا تحت طائلة إثارة مسؤوليته الشخصية ،إال أننا ال نؤيد ما ذهبت إليه
الباحثة على اعتبار أن المحافظ على األمالك العقارية مجرد موظف إداري له سلطة
إدارية ،أي تبقى لها فقط صالحية مراقبته من الناحية الشكلية احتراما لمبدأ الفصل بين
السلطات الذي يعد مبدأ دستوريا اعتنقه المغرب كغيره من الدول الديمقراطية ،وذلك تطبيقا
لدورية السيد المحافظ العام عدد 286الصادرة سنة 1983السابقة الذكر.
91ـ تنص الفقرة التالتة من الفصل 25من ظ.ت.ع على أنه ":يجب على المتعرضين أن يودعوا
السندات والوثائق المثبتة لهويتهم والمدعمة لتعرضهم ويؤدوا الرسوم القضائية وحقوق المرافعة أو أن
يدلوا بما يفيد حصولهم على المساعدة القضائية وذلك قبل انصرام الشهر الموالي النتهاء أجل التعرض".
92ـ بوجمعة زفو ،م س ،ص.117:
58
30من ظ.ت.ع باعتباره مبني على وثائق غير شرعية ،لكن شريطة عدم وجود تعرضات
سابقة وذلك تطبيقا لقاعدة نسبية األحكام.
بمعنى في حالة تقديم تعرض آخر من قبل شخص غير المدعي والمدعى عليه في دعوى
االستحقاق ،آنذاك يتعين على السيد المحافظ على األمالك العقارية إحالة التعرض المدعم
بحكم قضائي على محكمة التحفيظ استنادا لقاعدة نسبية األحكام.
فحسب هذا االتجاه،إذا كان التعرض على مطلب التحفيظ مدعم بحكم قضائي نهائي يقضي
باالستحقاق ولم توجد تعرضات سابقة على نفس المطلب فإنه يتعين على السيد المحافظ
على األمالك العقارية أن يتخد قرار التحفيظ في اسم المتعرض المحكوم له ويرفض مطلب
التحفيظ لعدم الشرعية طبقا للفصل 30من ظ.ت.ع.
وفي اتجاه مخالف ،هناك من يرى أن الحكم القضائي النهائي الصادر خارج نطاق مسطرة
التحفيظ ال يمكن أن ينهض حجة التخاد قرار التحفيظ في اسم المتعرض وعلى
السيدالمحافظ على األمالك العقارية في هذه الحالة أن يحيل الملف على محكمة التحفيظ ألن
هذه األخيرة هي التي لها صالحية الحكم بصحة أو عدم صحة التعرض ،أما المحافظ
العقاري فهو مجرد موظف إداري وال يعتبر سلطة قضائية حتى يقوم بفحص حجج
المتعرض والموازنة بينها وبين حجج طالب التحفيظ ،93ويضيف أحد الباحثين أن
خصوصية مسطرة التحفيظ وطبيعتها تقتضي من المحافظ على األمالك العقارية أن يحيل
ملف النزاع على المحكمة للبت في صحة التعرضات من عدم صحتها.94
الموقف القضائي :
بالنسبة لموقف القضاء المغربي هو أيضا متدبدب حول هذه اإلشكالية ،بحيث هناك اتجاه
قضائي يذهب إلى ضرورة اتخاد قرار التحفيظ في اسم المتعرض كلما كان تعرضه مدعم
بحكم قضائي نهائي صادر خارج نطاق مسطرة التحفيظ يقضي باالستحقاق ،من ذلك قرار
المجلس األعلى الصادرسنة 2010جاء فيه...":األحكام هي عنوان للحقيقة...ومن تم تخول
حجية هذا الحكم اعتماد نفس الدليل.95"...
وهو ما سبق تأكيده في سنوات التسعينات في قرار آخر صادر عن المجلس األعلى سنة
1995جاء فيه...":لألحكام حجيتها وقولها فصل فيما قضت به...وأن المشرع نظم وسائل
للطعن فيها ،وليس من بينها الدفع بمخالفة حيثياتها للقانون ،وعلى من يحتج بها ضده أن
يثبت طعنه فيها بالطرق القانونية ،وأن لألحكام حجيتها سواء كانت نهائية أم ال.96"...
104ـ محمد خيري ،العقار وقضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي ،م س ،ص.224 :
105ـ عبد العالي دقوقي ،اإللغاء والتشطيب في التشريع العقاري المغربي ،أطروحة لنيل الدكتوراه في
القانون الخاص ،وحدة تكوين والبحث في القانون المدني ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية،
جامعة محمد الخامس ،أكدال الرباط ،السنة الجامعية ،2002-2001 :ص.127:
106ـ قرار عدد ،2698صادر بتاريخ ،1944-12-15مجموعة قرارات محكمة االستئناف بالرباط،
،1945-1944،1932-1930أورده عبد العالي دقوقي ،م س ،ص.127:
63
وبالتالي ال يمكن لهذه األحكام الصادرة خارج نطاق مسطرة التحفيظ أن تسترجع حجيتها
بين أطراف النزاع والعمل على تنفيذها من طرف الشخص المحكوم له بواسطة مختلف
وسائل التنفيذ إال في حالة واحدة وهي حالة إلغاء مطلب التحفيظ بحيث يرجع العقار إلى
وضعيته ما قبل تقديم مطلب التحفيظ وهي وضعية العقار غير المحفظ ،لكن ماهي القيمة
القانونية للحكم القضائي الصادر خارج نطاق مسطرة التحفيظ أمام محكمة التحفيظ؟ هذا ما
سنتطرق إليه في (المبحث التاني).
64
المبحث التاني :القيمة القانونية للحكم القضائي النهائي أمام محكمة التحفيظ
وبعد تأسيس الرسم العقاري
إن المتأمل في عنوان هذا المبحث سيتضح له أن هناك فرضيتين وليس فرضية واحدة،
الفرضية األولى مرتبطة بحجية الحكم القضائي النهائي الصادر خارج نطاق مسطرة
التحفيظ أمام محكمة التحفيظ ،وهذا ما سنتطرق له في (المطلب األول) ،أما الفرضية التانية
فهي تتعلق بمصير الحكم القضائي الصادر في دعوى التعرض على االيداع خالل مسطرة
التحفيظ وبعد تأسيس الرسم العقاري ،وهذا ما سنخصص له (المطلب التاني).
المطلب األول :القيمة القانونية للحكم القضائي النهائي المدعم للتعرض أمام
محكمة التحفيظ
هذه الفرضية لها ارتباط وثيق بالفرضية السابقة المتعلقة بالقيمة القانونية للحكم القضائي
الصادر خارج نطاق مسطرة التحفيظ المدعم للتعرض أمام المحافظ على األمالك العقارية،
فهي متممة لها ،حيث سبق وخلصنا إلى أن هذا الحكم ال يمكن أن ينهض حجة التخاد قرار
التحفيظ في اسم المتعرض وإنما يتعين على السيد المحافظ على األمالك العقارية أن يحيله
على محكمة التحفيظ ،وبالتالي إذا أحاله يطرح اإلشكال حول حجيته أمام محكمة التحفيظ؟
بمعنى هل الحكم القضائي النهائي الصادر خارج نطاق مسطرة التحفيظ ملزم لمحكمة
التحفيظ وبالتالي يتعين عليها أن تصدر حكم تأكيدي له ،أم أنه ال يلزمها وبالتالي بإمكانها
استبعاده وإصدار حكم مخالف له؟
أمام عدم وجود نص قانوني صريح يجيب عن هذا اإلشكال نجد الفقه والقضاء قد انقسم
بشأنه إلى اتجاهين مختلفين ،نتطرق في (الفقرة األولى) إلى موقف الفقه من حجية الحكم
القضائي النهائي الصادر خارج نطاق مسطرة التحفيظ أمام محكمة التحفيظ ،ثم نخصص
(الفقرة التانية) إلى موقف القضاء من هذه الحجية محاولين إبداء رأينا الشخصي من ذلك.
65
الفقرة األولى :موقف الفقه من حجية الحكم القضائي النهائي المدعم للتعرض
أمام محكمة التحفيظ
بالنسبة لموقف الفقه فقد انقسم بشأنه إلى اتجاهين مختلفين:
ـ االتجاه األول يرى أن الحكم القضائي النهائي الصادر خارج نطاق مسطرة التحفيظ
والقاضي باالستحقاق غير ملزم لمحكمة التحفيظ وبإمكان هذه األخيرة أن تستبعده وتصدر
حكما جديدا مخالفا له ،حيث تعتبره مجرد وثيقة رسمية عادية تخضعها للمراقبة والمناقشة،
وقد عزز موقفه بكون القواعد التي تحكم قضاء التحفيظ تختلف عن تلك التي تحكم القضاء
العادي ،وبالتالي حسب هذا االتجاه ال يمكن للمتعرض رابح دعوى االستحقاق أن يدفع
بسبقية البت.107
ـ أما اإلتجاه التاني فيرى أن محكمة التحفيظ ملزمة باالعتراف بحجية الحكم الصادر
خارج نطاق مسطرة التحفيظ بالنظر إلى حجية األمر المقضي به المستقاة من الحكم النهائي
القاضي باالستحقاق لفائدة طالب التحفيظ أو المتعرض ،108ويضيف أحد الباحثين إلى أنه
يجب على محكمة التحفيظ أن تصدر أحكام تأكيدية لألحكام الصادرة عن القضاء العادي
بمجرد التأكد من وحدة األطراف والموضوع والسبب تبعا لما ينص عليه الفصل 451من
ق.ل.ع معلال رأيه بأن من شأن استبعاد الحكم القضائي القاضي باالستحقاق أن يفرغ هذا
األخير من محتواه وخلق بعض الوضعيات الشادة الناتجة بصورة أساسية عن فراغ النص
القانوني.109
وهذا ما ما أكدته إحدى الباحثات بصدد تعليقها عن اإلتجاه األول حيث ذهبت إلى أن
االتجاه القائل بأن الحكم القضائي النهائي الصادر خارج نطاق مسطرة التحفيظ والقاضي
باالستحقاق مجرد وثيقة رسمية عادية وبالتالي باالمكان استبعاده من طرف محكمة التحفيظ
من شأنه إفراغ هذا الحكم من محتواه ،وأن وقف تنفيذها على المصير الذي ستؤول إليه
مسطرة التحفيظ ،سيلحق أضرارا كبيرة بالمستفيد من الحكم.110
ونفس الشيء أكده باحث آخر حيث ذهب إلى أن االتجاه األول ":يركزعلى خصوصيات
مسطرة التحفيظ العقاري لكن ال ينبغي أن تكون هذه الخصوصيات اإلجرائية سببا في
اختالف األحكام حول جوهر الحق ،ألن األمر ال محالة سيؤدي إلى فقدان الثقة في القضاء،
إذ ال يعقل صدور حكمين متناقضين أحدهما عن القضاء العادي واآلخر عن قضاء التحفيظ،
107
Leris (Pierre) : « chraà et immatriculation »RLJM , Penant , 1925-ـ
1926 , P 14-15.
نقل عن عبد العالي دقوقي ،م س ،ص.128 :
108ـ محمد المنتصر الداودي ،م س ،ص.63 :
109ـ عبد العالي دقوقي ،م س ،ص.130 :
110ـ سمرة محدوب ،م س ،ص.30 :
66
له قوة أكبر من الحكم األول الذي ال يسترجع قوته إال بعد إلغاء مطلب التحفيظ ،مادام العقار
سيرجع إلى وضعيته السابقة".111
الفقرة التانية :موقف القضاء المغربي من حجية الحكم القضائي النهائي
المدعم للتعرض أمام محكمة التحفيظ
بالنسبة لموقف القضاء بدوره كان ينتصر للموقف الفقهي األول القائل بعدم االعتراف
بالحكم القضائي النهائي الصادر خارج نطاق مسطرة التحفيظ السيما على مستوى محاكم
الموضوع ،حيث سبق لمحكمة االستئناف بالرباط 112أن كرست توجها يقضي بعدم تكريس
قوة الشيء المقضي به لحكم صدر خارج مسطرة التحفيظ.
ويتضح أن هذا التوجه القضائي قديم جدا حيث صدر في فترة الحماية ،وكما ال يخفى علينا
أنه في هذه الفترة كان يتم تغليب مركز طالب التحفيظ الذي كان شخصا فرنسيا من أجل
االستيالء على أكبر عدد ممكن من العقارات التي تعود لفائدة المغاربة.
وبالتالي يتم استبعاد الحكم القضائي الصادر عن القضاء العادي واعتباره مجرد وثيقة
رسمية تخضع للمراقبة والمناقشة ومن تم إمكانية اصدار حكم جديد مخالف له يخدم مصلحة
المعمر الفرنسي ،لهذا السبب أصبحت محكمة النقض تتبنى اتجاه قضائي حديث يذهب نحو
تكريس حجية األحكام القضائية الصادرة خارج نطاق مسطرة التحفيظ واإلعتداد بها،
شريطة أن يكون الحكم قد صدر بشأن دعوى استحقاقية وليست حيازية ،ألن قاضي الحيازة
ال يبت في جوهر الحق وإنما يبت في ظاهر الحال ،وأن تتأكد محكمة التحفيظ من وحدة
الموضوع والسبب واألطراف استنادا إلى الفصل 451من ق.ل.ع ،وهذا ما أكده المجلس
األعلى في قرار له صادر سنة 2001جاء فيه...":فإنه بمقتضى الفصلين 450و 452
من ق.ل.ع فإن األحكام الحائزة لقوة األمر المقضي به ،تعتبر عنوانا للحقيقة ،وقرينة على
صحة ما فصلت فيه ،فال يجوز قبول دليل ينقضها ،...وأن المجلس األعلى سبق له أن حسم
بمقتضى قراره...بشأن موضوع الدعوى الحالية بأنها استحقاقية وليس حيازية".113
وهنا يتضح لنا أن المجلس األعلى وإن كان قد أكد على أن االحكام الصادرة عن القضاء
العادي لها قوة األمر المقضي به ،وال يجوز قبول دليل آخر ينقضها ،فإنه بالمقابل اقتصر
على الحكم الصادر في الدعوى االستحقاقية فقط ،مما يستنتج بمفهوم المخالفة ،أن الحكم
الصادر في دعوى الحيازة ال يلزم محكمة التحفيظ ،وبإمكان هذه األخيرة أن تستبعده عند
النظر في النزاع ،لكونها غير مفيدة في إثبات االستحقاق ،وإنما تهدف إلى حماية الوضع
الظاهر فقط وإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه ،وال أثر لها على أصل الحق ،وهذا ما أكدته
114ـ قرار عدد ،1/34صادر بتاريخ ،2013-1-22ملف مدني عدد ،2012/1/1/3443أورده عادل
صبير ،م س ،ص 51 :و.52
115ـ قرار عدد ،20صادر بتاريخ ،2004-1-7ملف مدني عدد ،2003/1/1/2651غير منشور.
116ـ قرار عدد ،3572صادر بتاريخ ،2007-10-31ملف مدني عدد ،2006/1/1/4481غير
منشور.
68
الحكم المذكور هو وال سلفه وال البائع لهذا األخير ،...ولذلك فإن القرار المطعون فيه حين
علل قضاءه بأن المستأنفين بوصفهم متعرضين على مطلب التحفيظ لم يثبتوا حقهم فيه
بمقبول منتج في اإلثبات ،ذلك أن الحكم عدد 74/409ليس بحجة على المستأنف
عليه...والبائع لهذا األخير ،حيث أن هؤالء جميعهم ليسوا طرفا في الحكم المذكور،
وتصرفاتهم سابقة على تاريخ صدوره ،وبالتالي فال ينتج شيئا بحقهم ،وأن مقتضى الفصل
451من قانون االلتزامات والعقود بخصوص نفاد الحكم على الخلف أن تكون مخاصمة
السلف سبقت الواقعة أو التصرف الناشئ فيها صفة الخلف وليس العكس ،...فإنه نتيجة لما
ذكر كله يكون القرار مرتكزا على أساس قانوني ومعلال تعليال كافيا والسبب بالتالي غير
جدير باالعتبار".117
ويستشف من هذا القرار أنه ال يكون الحكم الصادر خارج نطاق مسطرة التحفيظ القاضي
باالستحقاق ملزم لمحكمة التحفيظ إذا كان قد صدر في مواجهة شخص آخر غير طالب
التحفيظ ،بل البد أن يتعلق بنفس األطراف أي طالب التحفيظ والمتعرض وهما المدعي
والمدعى عليه في دعوى االستحقاق حتى يكون ملزم لمحكمة التحفيظ.
وفي نفس االتجاه جاء في قرارحديث لمحكمة النقض صادر في سنة 2014أنه...":لكن
ردا على الوسيلة أعاله...وأنه ولئن كانت الدعوى الحالية تتعلق بالتعرض على التحفيظ،
فإنها والدعوى التي صدر فيها القرار عدد 3755تعتبران معا دعويين استحقاقيتين وأنه
يتجلى من مذكرتها المدلى بها ابتدائيا بتاريخ 2010-05-04أنها تقر بكون العقار الذي
صدربشأنه الحكم المستدل به من قبلها هو نفسه العقار موضوع النزاع الحالي ،وأن القرار
لم يعتمد ال حيازة المطلوب وال حججه المدلى بها بملف المطلب وإنما اعتمد وباألساس
سبقية الفصل في النزاع بين الطرفين ،ولذلك ولما للمحكمة من سلطة في تقييم األدلة
واستخالص قضائها منها فإنها حين عللت قضاءها بأنه... »:فإن من بين ما دفع به
المستأنف عليه في مذكرته المؤرخة في 2012-04-23هو أن العقار موضوع مطلب
التحفيظ كان محل دعوى االستحقاق بينه وبين المتعرضة ،وأن محكمة االستئناف قضت
باستحقاقه له بمقتضى القرار عدد عدد 3755الصادر بتاريخ 2003-12-22وأنه
باالطالع على القرار المذكور تبين أنه يتعلق باستئناف الحكم االبتدائي الصادر بتاريخ
1992-02-24في الملف عدد 91/1794والذي أشارت إليه المستأنفة في مذكرتها
المقدمة ابتدائيا والمؤرخة في ،2010-05-04والتي أوضحت فيها أنه سبق لها أن تقدمت
بدعوى في مواجهة المستأنف عليه بسبب تراميه على العقار موضوع مطلب التحفيظ،
انتهت بعدم قبول الدعوى ،وأنه يستفاد من القرار المذكور أنه بعد عدة مساطر قضائية بين
المستأنفة والمستأنف عليه أدى هذا األخير ومن معه في القرار المذكور اليمين على المدعى
فيه حوزه وملكه وال شيئ فيه للمستأنفة ،وأن النزاع قد حسم ،وأن المستأنفة لم تعقب على
القرار االستئنافي المذكور مع أنه صدر ضدها عندما حسم في ملكية العقار واستحقه طالب
التحفيظ بعد أدائه اليمين ،وأمام صدور قرار نهائي له حجيته القانونية فيما تضمنه ،يكون
التعرض غير مبني على أساس بغض النظر عما أدلت به المستأنفة من حجج وما قام به
117ـ قرار عدد ،2778صادر بتاريخ ،2006-9-27ملف مدني عدد ،2005/1/1/2156غير منشور.
69
الخبيران في تقريرهما « ،فإنه نتيجة لكل ما ذكر يكون القرار مرتكزا على أساس قانوني
والسبب بالتالي غير جدير باالعتبار".118
إذن التوجه الحالي لمحكمة النقض هو أن قوة الشيء المقضي به ملزمة لمحكمة التحفيظ
وبالتالي كلما كان هناك حكم صادر خارج نطاق مسطرة التحفيظ وبت في دعوى استحقاقية
تعين على محكمة التحفيظ أن تأخد به بعد تأكدها من وحدة األطراف والموضوع والسبب
استنادا إلى الفصل 451من ق.ل.ع 119وإصدار حكم تأكيدي لهذا الحكم الصادر عن
القضاء العادي تفاديا لصدور حكمين متناقضين وإفراغ الحكم األول من محتواه.
ومن وجهة نظرنا المتواضعة هو توجه جدير بالتأييد ألنه يعاقب طالب التحفيظ خاسر
دعوى االستحقاق بنقيض قصده ،حيث أحيانا قد يكون الحكم القاضي باالستحقاق صادر قبل
إيداع مطلب التحفيظ ،ويعمد خاسر الدعوى إلى تقديم مطلب التحفيظ هروبا من قوة الشيء
المقضي به ومواجهة رابح دعوى االستحقاق باألثر التطهيري للرسم العقاري إن لم
يتعرض على مطلب التحفيظ وبالتالي إفراغ الحكم القضائي النهائي من محتواه كما رأينا
سابقا ،إال أنه تحقيقا للتوازن في الحماية بين األطراف ،يستحسن عدم األخد بقوة الشيء
المقضي به على إطالقها ،حيث يتعين على محكمة التحفيظ استبعاد الحكم القاضي
باالستحقاق والصادر عن القضاء العادي كلما ظهرت معطيات جديدة غيرت من مضمونه،
والبت من جديد وفق هذه المعطيات الجديدة ،كأن يدلي أحد طرفي النزاع بحكم جنحي يثبت
زورية وثيقة اعتمد عليها في دعوى االستحقاق ،وفي هذه الحالة إذا قلنا بأن قوة الشيء
المقضي به ملزمة لمحكمة التحفيظ وحكمت بصحة التعرض ،فإن السيد المحافظ على
األمالك العقارية قد يتخد بناء على هذا الحكم قرار التحفيظ وبالتالي ينتج عنه تأسيس رسم
عقاري له قوة تطهيرية وال يبقى للمتضرر من هذا القرار إال الحق في التعويض في حالة
التدليس طبقا للفصل 64من ظ.ت.ع.120
118ـ قرار عدد ،8/37صادر بتاريخ ،2014-01-28في الملف المدني عدد ،2013/8/1/3443
أورده عادل صبير ،م س ،ص 50:و .51
119ـ ينص الفصل 451من ق.ل.ع على أنه ":قوة الشيء المقضي به ال تثبت إال لمنطوق الحكم ،وال
تقوم إال بالنسبة إلى ما جاء فيه أو ما يعتبر نتيجة حتمية ومباشرة له ،ويلزم:
)1أن يكون الشيء المطلوب هو نفس ما سبق طلبه.
)2أن تؤسس الدعوى على نفس السبب.
)3أن تكون الدعوى قائمة بين نفس الخصوم ومرفوعة منهم وعليهم بنفس الصفة.
ويعتبر في حكم الخصوم الذين كانوا أطرافا في الدعوى وورثتهم وخالفاؤهم حين يباشرون حقوق
من انتقلت إليهم باستثناء حالة التدليس والتواطؤ".
120ـ ينص الفصل 64من ظ.ت.ع على أنه":ال يمكن إقامة أي دعوى في العقار بسبب حق وقع
اإلضرار به من جراء التحفيظ.
يمكن للمتضررين في حالة التدليس فقط أن يقيموا على مرتكب التدليس دعوى شخصية بأداء
التعويضات.
في حالة إعسار المدلس تؤدى التعويضات من صندوق التأمينات المحدث بمقتضى الفصل 100من هذا
القانون".
70
إذن محكمة التحفيظ ليست مغلولة اليد بخصوص قوة الشيء المقضي به ،وبالتالي كلما
ظهرت معطيات جديدة غيرت من نتيجة الحكم السابق ،تعين عليها أن تبت من جديد وفق
هذه المعطيات الجديدة تحقيقا للتوازن في الحماية بين طرفي النزاع.
هذا إذن بخصوص القيمة القانونية للحكم القضائي القاضي باالستحقاق أمام محكمة
التحفيظ ،فماذا عن القيمة القانونية للحكم القضائي الصادر في دعوى التعرض على اإليداع
خالل مسطرة التحفيظ وبعد تأسيس الرسم العقاري؟
هذا ما سيكون موضوع (المطلب التاني).
المطلب التاني :القيمة القانونية للحكم القضائي النهائي الصادر في دعوى
التعرض على اإليداع خالل مسطرة التحفيظ وبعد تأسيس الرسم العقاري
إن المتأمل في عنوان هذا المطلب ،سيتضح له أن هناك فرضيتين ،فرضية القيمة القانونية
للحكم القضائي الصادر في دعوى التعرض على االيداع والمودع في إطار الفصل 84من
ظ.ت.ع خالل مسطرة التحفيظ ،وهو ما سنتطرق له في (الفقرة األولى) ،ثم فرضية قيمته
القانونية بعد تأسيس الرسم العقاري ،وهو ما سنتطرق له في (الفقرة التانية).
الفقرة األولى :القيمة القانونية للحكم القضائي المودع في إطار الفصل 84من
ظ.ت.ع خالل مسطرة التحفيظ
كما هو معلوم ليس ضروريا أن تنتهي مسطرة التحفيظ بتأسيس الرسم العقاري في اسم
مقدم طلب التحفيظ ،ألن تحفيظ العقار ليس نتيجة حتمية تفضي إليها اإلجراءات المسطرية،
بل إن مآل المطلب يكون رهينا بتالزم شرطان أساسيان :سالمة اإلجراءات وصحة
السندات والعقود ،121مما يعني أن الحق المودع في إطار الفصل 84من ظ.ت.ع يبقى
معلقا على شرط اتخاد قرار التحفيظ في اسم طالب التحفيظ ،بحيث إذا تم تأسيس الرسم
العقاري ال تتأثر حقوق المودع في إطار الفصل المذكورألنه يتم تقييد الحق المودع كتقييد
مصاحب في الرتبة التي عينت له ،أما إذا لم تنتهي بتأسيس الرسم العقاري عن طريق
اعتراض مسطرة التحفيظ بعض العوارض ،فإن حقوق المودع تتأثر بشكل سلبي ،ومن بين
هذه العوارض نجد حالة إلغاء مطلب التحفيظ ورفض مطلب التحفيظ.
ومن أجل التنبيه فإن إلغاء مطلب التحفيظ ليس هو رفض مطلب التحفيظ ،ثم إن رفض
مطلب التحفيظ ليس هو رفض إدراج مطلب التحفيظ ،فهذه مصطلحات جد دقيقة في
مسطرة التحفيظ.
121ـ عبد اإلله المرابط ،التمييز بين رفض التحفيظ وإلغاء المطالب في قانون التحفيظ العقاري ،سلسلة
األنظمة والمنازعات العقارية تحت عنوان نظام التحفيظ العقاري ،مقال منشور بمجلة الحقوق ،العدد
الخامس ،2012 ،ص .73
71
رفض مطلب التحفيظ ورفض إدراج مطلب التحفيظ كالهما قرارين يتخدهما السيد
المحافظ على األمالك العقارية بشأن مطلب التحفيظ ،إال أنه بينهما اختالفات مهمة من حيث
وقت اتخاذهما و اآلثار المترتبة عليهما.
بالنسبة لرفض إدارج مطلب التحفيظ معناه أن السيد المحافظ على األمالك العقارية لم يقبله
منذ البداية ،أي يكون قبل استخالص وجيبات المحافظات العقارية والبدء في مسطرة
التحفيظ بحيث لم يصبح طلب التحفيظ عبارة عن مطلب للتحفيظ وكلمة مطلب نستعملها
عندما تعطى لمقدم الطلب صفة طالب التحفيظ لذلك فإن قرار رفض إدراج مطلب التحفيظ
هو نفسه قرار رفض طلب التحفيظ ،ويترتب عن هذا القرار:
ـ استدعاء صاحب الطلب قصد سحب الوثائق المودعة من طرفه
ـ الطعن في هذا القرار يكون أمام المحكمة اإلدارية تطبيقا لقاعدة كل قرار لم يشر بشأنه
إلى المحكمة االبتدائية للطعن فيه ،يبقى قرار إداري قابل للطعن أمام المحكمة اإلدارية،
وهو ما أكدته محكمة النقض في آخر قرار لها حيث ذهبت إلى أن قرار المحافظ برفض
إدراج مطلب التحفيظ هو قرار إداري قابل للطعن أمام المحكمة اإلدارية على اعتبار أن
الفصل 37مكررمن ظ.ت.ع حدد نطاق ما يدخل في اختصاص القضاء العادي في رفض
مطلب التحفيظ ليس إال.122
أما بالنسبة لقرار رفض مطلب التحفيظ معناه أن السيد المحافظ على األمالك العقارية قبل
طلب التحفيظ ولم يعد مجرد طلب ،واكتسب مقدمه صفة طالب التحفيظ ،وبالتالي تم التأشير
عليه بهذف استخالص عنه وجيبات المحافظة العقارية كما هي محددة في مرسوم 18
يوليوز 2016وأعطي له رقم ترتيبي خاص به يسمى رقم مطلب التحفيظ ،وانطلقت بشأنه
إجراءات مسطرة التحفيظ من وضع ملخص مطلب التحفيظ وشهره ( عن طريق نشره
بالجريدة الرسمية والموقع اإلشهاري الذي تعتمده الوكالة في بوابتها اإللكترونية ،ثم التعليق
لدى الجهات الثالث :المحكمة اإلبتدائية ،الجماعة ،القيادة) وتحديده ،وفتح آجال التعرضات
بشأنه ،وبعد انصرام آجال التعرضات يتخد المحافظ قرار رفض مطلب التحفيظ ،بمعنى
قرار رفض مطلب التحفيظ يتخد عندما تكون مسطرة التحفيظ على وشك اإلنتهاء ،وحاالته
تستشف من مفهوم المخالفة للفصل 30من ظ.ت.ع وهي حالتين :إما عدم شرعية الطلب
وإما عدم كفاية الحجج المدلى بها ،ويترتب عن قرار رفض مطلب التحفيظ :
)4استدعاء طالب التحفيظ من أجل سحب الوثائق المودعة من طرفه.
)2محو آثار التحديد عمال بالفصل 38من ظ.ت.ع حيث نص على أنه ":في
حالة رفض مطلب التحفيظ ألي سبب كان وفي أي مرحلة من مراحل المسطرة
122ـ عمر أزوكار ،أهم قرارات محكمة النقض الصادرة سنة 2017بشأن مسطرة التحفيظ ،محاضرة
ألقيت على طلبة كلية الحقوق سلوان بالناظور سنة ،2018منشورة بالموقع االلكتروني:
،www.youtube.comتاريخ االطالع يوم ،2020-07-20الساعة .21h:30min
72
يكون التحديد الغيا ،ويلزم طالب التحفيظ بمحو آثاره .وإن لم يستجب بعد إنذار
يوجه إليه ،فإن ذلك المحو يباشرعلى نفقته ولو استلزم األمر تسخير القوة العمومية.
يستدعي المحافظ على األمالك العقارية االطراف لسحب الوثائق المودعة من
طرفهم بعد التحقق من هويتهم.
تتخد نفس اإلجراءات في حالة رفض جزئي ،بالنسبة ألجزاء العقار التي أخرجت
من التحفيظ ويصحح التحديد وفقا لهذا اإلخراج.
إن رفض مطلب التحفيظ كال أو بعضا من شأنه أن يرد طالب التحفيظ وجميع
المعنيين باألمر بالنسبة لكل العقار أو أجزائه المخرجة إلى الوضع الذي كانوا عليه
قبل الطلب ،غير أن األحكام الصادرة في شأن التعرضات يكون لها فيما بين
األطراف قوة الشيء المقضي به".
ومن خالل نص الفصل 38أعاله يتضح لنا أن المشرع يؤكد لنا أن رفض مطلب
التحفيظ يكون بعد قبول وفي أي مرحلة من مراحل المسطرة ومن شأن ذلك إرجاع
طالب التحفيظ إلى الوضع ما قبل تقديم الطلب.
)3الطعن في قرار رفض مطلب التحفيظ يكون أمام القضاء العادي وهو ما نص
عليه المشرع بشكل صريح في الفصل 37مكرر من ظ.ت.ع حيث جاء فيه":يجب
على المحافظ على األمالك العقارية في جميع الحاالت التي يرفض فيها طلبا للتحفيظ
أن يعلل قراره ويبلغه لطالب التحفيظ.
يكون هذا القرار قابال للطعن أمام المحكمة االبتدائية التي تبت فيه مع الحق في
االستئناف وتكون القرارات االستينافية قابلة للطعن بالنقض".
وهنا يتضح لنا أنه إذا كان قرار رفض إدراج مطلب التحفيظ أو رفض طلب التحفيظ قابل
للطعن فيه أمام المحكمة اإلدارية ،فإن قرار رفض مطلب التحفيظ أو رفض التحفيظ قابل
للطعن أمام المحكمة االبتدائية التي يقع العقار بدائرتها ،غير أن ماال نتفق معه هو أن
المشرع استعمل في الفصل 37مكرر أعاله عبارة "رفض طلب التحفيظ" ،والحال أنه كان
عليه أن يستعمل "رفض مطلب التحفيظ" ،ألن المطلب كما سبق وأوضحنا يكون بعد
القبول ،والطلب يكون قبل القبول.
وبناء على هذه التفرقة بين رفض إدراج مطلب التحفيظ ورفض مطلب التحفيظ يتضح لنا
أن ما يهمنا هو رفض مطلب التحفيظ ألنه ال يمكن الحديث عن اإليداع في إطار الفصل
84من ظ.ت.ع إال إذا كان العقار قد فتحت بشأنه مسطرة للتحفيظ ،ويهمنا أيضا قرار إلغاء
مطلب التحفيظ ،ألن هذا األخير بدوره يكون بعد قبول إدراج مطلب التحفيظ،إال أن طالب
التحفيظ لم يقم ببعض اإلجراءات الشكلية التي يستوجبها التحفيظ ،ويكون في أربع حاالت،
ثالثة حاالت تضمنها الفصل 23من ظ.ت.ع وحالة واحدة تضمنها الفصل 50من نفس
القانون ،وهي كالتالي:
73
)4عدم حضور طالب التحفيظ أو من ينوب عنه بوكالة صحيحة عملية
التحديد
)2عدم قيام طالب التحفيظ أو من ينوب عنه بوكالة صحيحة بما يلزم
إلنجاز عملية التحديد ،كعدم إحضاره األنصاب أو الصباغة الحمراء أو
الساللم بالنسبة لألماكن العالية ...عموما كل ما يلزم إلنجاز العملية.
هاتين الحالتين منصوص عليهما في الفقرة األولى من الفصل 23من
ظ.ت.ع حيث نصت على أنه":دون المساس بأحكام الفصل 6من هذا
القانون ،إذا نص المحضر على تغيب طالب التحفيظ أو من ينوب عنه أو
على عدم قيامه بما يلزم إلجراء عملية التحديد ،فإن مطلب التحفيظ يعتبر
الغيا وكأن لم يكن إذا لم يدل بعذر مقبول داخل أجل شهر من تاريخ توصله
باإلنذار".
فالمحافظ على األمالك العقارية بمجرد توصله بمحضر التحديد الذي يثبت
تغيب طالب التحفيظ أو من ينوب عنه أو عدم قيامه بما يلزم إلجراء عملية
التحديد يتعين عليه اتباع اإلجراءات التالية:123
توجيه إنذار مع إشعار بالتوصل إلى طالب التحفيظ أو من
ينوب عنه بواسطة كل وسائل التبليغ المتاحة وذلك من أجل بيان
األسباب التي حالت دون حضوره عملية التحديد أو عدم قيامه بما
يلزم إلجرائها.
تنبيه طالب التحفيظ في اإلنذار المذكور إلى أنه في حالة عدم
تقديم طلب إجراء عملية التحديد وأداء وجيبات المحافظة العقارية
المتعلقة به داخل أجل شهر من يوم تبليغه ،سيتم إلغاء مطلب التحفيظ
طبقا لمقتضيات الفصل 23المذكور.
)3تعذر إنجاز عملية التحديد لمرتين متتاليتين بسبب نزاع حول
الملك(الفقرة التانية من الفصل 23من ظ.ت.ع).
)4عدم قيام طالب التحفيظ بأي إجراء لمتابعة مسطرة التحفيظ ،كأن
يكون مثال الملف قد أرسل للمحكمة من أجل البت في التعرضات وأعيد
إلى المحافظة العقارية ولكن تنقصه بعض الوثائق كشهادة بعدم الطعن،
ففي هذه الحالة ينذر طالب التحفيظ قصد متابعة مسطرة التحفيظ وإذا لم
يستجب يتم داخل أجل ثالثة أشهر من يوم تبليغه إلغاء مطلب التحفيظ،
وهذه الحالة أوردها المشرع في الفصل 50من هذا القانون.
123ـ دورية السيد المحافظ العام موجهة إلى السادة المحافظين على االمالك العقارية والسادة المحافظين
المكلفين بالتحفيظ ،عدد ،401مؤرخة في 26نونبر .2014
74
وبالتالي إذا تحققت حالة من حاالت اإللغاء المشار إليها أعاله فإن السيد المحافظ على
األمالك العقارية يلغي مطلب التحفيظ وبالتبعية يتم التشطيب على الحقوق المودعة في إطار
الفصل 84من ظ.ت.ع ،أي يصبح الحكم القضائي المودع في إطار الفصل المذكور مجرد
من أي قيمة قانونية ،وكأن المودع يبقى تحت رحمة طالب التحفيظ مادام بمقدوره تعطيل
مطلب التحفيظ بإرغام المحافظ على اتخاد قرار اإللغاء وهو ما يؤثر بشكل سلبي على
اإليداعات سواء تعلق األمر بحكم قضائي أو غيره ،ويؤثر حتى على مستجد المادة 165
من م.ح.ع التي أجازت الرهن الرسمي على العقار في طور التحفيظ األمر الذي يجعل
المؤسسات البنكية تحجم عن تقديم قروض عقارية على مجرد مطالب التحفيظ في العقارات
في طور التحفيظ لغياب عنصر األمان وتهربا من المعامالت المشكوك فيها.124
فإذا تم إلغاء مطلب التحفيظ تلغى الحقوق المودعة في إطار الفصل 84من ظ.ت.ع
بالتبعية ،ألن حقوق المودع مرتبطة بمصير مطلب التحفيظ إعماال لقاعدة الفرع يتبع األصل
ويأخد حكمه ،حيث إن المودع فرع وطالب التحفيظ أصل ،وبالتالي ال يحق للمودع أو
المستفيد من الحكم القضائي المودع في إطار الفصل 84السابق الذكر والمشطب عليه تبعا
إللغاء مطلب التحفيظ أن يطعن في قرار اإللغاء ،ألن ليس له صفة طالب التحفيظ.125
فالذي يحق له الطعن في قرار إلغاء مطلب التحفيظ هو طالب التحفيظ ،وذلك أمام المحكمة
اإلدارية إعماال لقاعدة كل قرار صادر عن المحافظ على األمالك العقارية لم يشر إليه بنص
صريح إلى المحكمة اإلبتدائية يبقى قرار إداري قابل للطعن فيه أمام الجهة اإلدارية
المختصة استنادا إلى الفصل 118من الدستور المغربي لسنة 2011الذي يعد أسمى
قانون في بالدنا ،وهذا ما أكدته محكمة النقض في آخر قرار لها صادر في سنة 2017
جاء فيه":قرار رفض مطلب التحفيظ يطعن فيه أمام االبتدائية طبقا لمقتضيات الفصل 37
مكرر من ظهير التحفيظ العقاري ،أما قرار إلغاء مطلب التحفيظ المتخد في إطار الفصلين
23و 50من نفس القانون والذي لم يشر بشأنه إلى الجهة المختصة للطعن فيه ،فيطعن فيه
أمام المحكمة اإلدارية".126
إذا كان ال يحق للمودع أن يطعن في قرار إلغاء مطلب التحفيظ ،فهل يمكن له أن يتجنب
األثر السلبي لهذا اإللغاء على حقوقه؟
بخصوص اإلجابة عن هذا اإلشكال ،يرى أحد الباحثين أنه بإمكان المودع أن يتجنب األثر
السلبي إللغاء المطلب ،بتقديم مطلب تحفيظ جديد ،ويبرر رأيه أن األحكام الصادرة هي
124ـ فيصل الحجيوي ،الرهن الرسمي المنصب على العقار في طور التحفيظ ،رسالة لنيل دبلوم الماستر
في القانون الخاص ،مسلك قانون العقود والعقار ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة
محمد األول ،وجدة ،السنة الجامعية ،2013-2012:ص.47 :
125ـ خير الدين الطاوس ،م س ،ص141:
126ـ قرار عدد ،8/667صادر بتاريخ ،2017-12-19في الملف عدد ،2016/8/1/1977منشور
بالموقع اإللكتروني ،www .mahkamty.com:تاريخ الولوج ،2020-05-31 :على الساعة
.11H44MIN
75
وسيلة إلثبات حق الملكية ووثائق يتم اإلعتماد عليها إليداع المطلب ،ويضيف الباحث أن
الرقابة التي يمارسها المحافظ من الناحية العملية تبقى محدودة في هذا اإلطار ،ليس من
شأنها أن تمكنه من معرفة أن العقار الذي يطلب تحفيظه سبق إلغاؤه بسبب عدم استكمال
اإلجراءات ،وحتى إذا تمكن من ذلك ،فإن الوثائق التي يتم تقديمها هذه المرة تختلف عن
سابقتها.127
كما يرى جانب آخر أنه لتجنب األثر السلبي إللغاء مطلب التحفيظ ،يتعين على المودع أن
يقدم طلب إحياء مطلب التحفيظ واستئناف اإلجراءات السابقة.128
من وجهة نظرنا المتواضعة ما ذهب إليه الباحث بخصوص تقديم مطلب تحفيظ جديد بناء
على الحكم الصادر لفائدة صاحبه هو الجدير بالتأييد ،ألنه يترتب على إلغاء مطلب التحفيظ
بمقتضى قرار نهائي محو آثاره بصفة كلية ،وال تبقى هناك أية فرصة إلعادة إحيائه من
جديد ،وبالتالي ال يمكن أن تستأنف اإلجراءات السابقة وال أن تبعث الحقوق المكتسبة عليه.
لذلك يتعين عدم الخلط بين إحياء مطلب التحفيظ وتجديده ،فاإلحياء معناه استئناف عمليات
التحفيظ على أساس المطلب الملغى واإلحتفاظ بالرقم المخصص له سلفا ،واستكمال باقي
اإلجراءات مع االلتفات إلى حقوق المتعرضين والحقوق التي كانت محل إيداع ،أما التجديد
فيقتضي تقديم مطلب جديد حيث تعاد مسطرة التحفيظ من الصفر.
وجدير بالذكر إلى انه إذا كان بإمكان المودع تجنب األثر السلبي إللغاء مطلب التحفيظ عن
طريق تقديم مطلب تحفيظ جديد ،فإنه ال يمكنه ذلك في حالة رفض مطلب التحفيظ ،ألن
الرفض مرتبط بعدم شرعية مطلب التحفيظ ،وبالتالي ال يبقى له إال الرجوع على المتسبب
فيه في إطاردعوى الضمان.129
الفقرة التانية :القيمة القانونية للحكم القضائي الصادر في دعوى التعرض على
اإليداع بعد تأسيس الرسم العقاري
كما هو معلوم الرسم العقاري هو مصطلح بدأ يستعمله المشرع المغربي بعد سنة ،2011
أي بعد تعديل ظهير 12غشت 1913المتعلق بالتحفيظ العقاري بمقتضى القانون رقم
،14-07وذلك حتى ال يختلط برسم الملكية الذي كان يستعمل قبل التعديل المذكور ،والذي
يحرر من طرف السادة العدول إلثبات ملكية العقارات غير المحفظة ،وهو الغاية الكبرى
التي كان يسعى من ورائها طالب التحفيظ من أجل تثبيت ملكيته وتطهيرها من كل نزاع لم
يظهر أثناء جريان مسطرة التحفيظ.
141ـ قرار محكمة االستئناف بالرباط صادر بتاريخ 2مارس ،1935أشار إليه محمد الكشبور،
التطهير الناتج عن تحفيظ العقار،تطور القضاء المغربي ،قراءة في قرار المجلس األعلى بتاريخ 29
ذجنبر ،1999سلسلة الدراسات القانونية المعاصرة ،العدد ،8الطبعة األولى ،2015ص.23 :
142ـ قرارالمجلس األعلى عدد ،72صادر بتاريخ 21أبريل ،1972ملف إداري عدد ،18271مجلة
قضاء المجلس األعلى ،عدد ،26ص.22 :
143ـ قرار عدد ،2605صادر بتاريخ 28أكتوبر ،1992ملف مدني عدد 1186و ،91-987منشور
بمجلة قضاء المجلس األعلى ،العدد ،1992 ،46ص.58 :
144ـ قرار محكمة االستئناف بالرباط عدد ،1711صادر بتاريخ ،1996-3-19منشور بمجلة
اإلشعاع ،العدد ،26دجنبر ،2002ص 244 :وما يليها.
82
األخير لم يمكنه من الوثائق التي تسمح له بإدراج بيعه ضمن ذلك المطلب وقد فوجئ
بتحفيظ العقار كله باسم المدعى عليه البائع ،حيث التمس من المحكمة( المحكمة اإلبتدائية
بسيدي بنور) الحكم له بإتمام البيع وذلك بإلزام البائع بتسليمه رخصة إدارية وتحرير ملحق
للعقد من أجل إتمام اإلجراءات المتعلقة بالبيع المذكور وبأمر المحافظ على األمالك العقارية
بتقييد البيع محل النزاع بالرسم العقاري ،فتمسك المدعى عليه بمقتضيات الفصلين 2و 62
من ظ.ت.ع.
فأصدرت المحكمة االبتدائية حكما قضت من خالله على المدعى عليه بإتمام البيع مع
المدعي ،وبالتالي تمكينه من تقييده بالرسم العقاري ،إال أن المدعى عليه استأنف الحكم أمام
محكمة اإلستئناف بالجديدة ،التي ألغت الحكم المستأنف بعلة أن المستأنف عليه يقر بشرائه
للعقار وهو في طور التحفيظ وقد أصبح مطلب التحفيظ رسما عقاريا ،وهذا من شأنه أن
يطهر العقار من كل الحقوق السابقة على التحفيظ.
تم الطعن بالنقض قي قرار محكمة اإلستئناف بالجديدة ،فقضت محكمة النقض بنقض
القرار المطعون وعدم مواجهة المشتري بقاعدة التطهير من خالل قرارها الشهير 29
دجنبر 1999حيث جاء فيه ":حيث يعيب الطاعن القرار المذكور بانعدام التعليل وبعدم
االرتكاز على أساس ذلك أن المطلوب ظل يماطله في إحضار الرخصة اإلدارية لتسجيل
الشراء بالمحافظة العقارية ،وأنه ال يمكن مواجهة الطاعن الذي حل محل البائع في ملكية
العقار بمقتضيات الفصل 62من ظهير التحفيظ العقاري بدعوى عدم إيداعه للشراء
بالمحافظة العقارية ألن حقه ثابت وآل إليه من مالك العقار ،ال من غيره ،وأن التعليل الذي
أورده القرار المطعون فيه من أن الطاعن أقر لدى المحافظة على االمالك العقارية قبل
إنشاء الرسم العقاري هو تعليل ال ينسجم مع المنطق ومبادئ العدالة ألنه ال يعقل أن يحرم
المشتري من حقه بعلة عدم اإليداع مادام المالك هو نفسه البائع ومادام العقار هو نفسه اسما
وحدودا ومساحة.
حيث ثبت صحة ما عابه الطاعن المذكور ذلك ان الطالب بصفته مشتريا( خلفا خاصا) من
نفس طالب التحفيظ المطلوب الذي تحول مطلبه إلى رسم عقاري ال يواجه كالخلف العام
(الورثة) بمقتضيات الفصل 62من ظهير التحفيظ العقاري لذلك فإن القرار المطعون فيه
عندما واجهه بالفصل المذكور يكون غير مرتكز على أساس سليم ومعرضا بالتالي للنقض
واإلبطال".145
ولقد أكد ذلك المجلس األعلى في قرار مشابه سنة 2003جاء فيه ":البائع ملزم بنقل
الملكية ،وأن هذا النقل يستلزم تسجيل الشراء على الرسم العقاري ،وال يؤثر هذا اإللتزام
على مجرد تحفيظ العقار في اسم البائع".146
145ـ قرار عدد ،5925صادر بتاريخ 29دجنبر ،1999ملف مدني عدد ،94/151منشور بمجلة
قضاء المجلس األعلى ،عدد ،62ص 451 :وما يليها.
146ـ قرار عدد ،2319صادر بتاريخ ،2003-07-23أورده يسين اكبيري علوي ،م س ،ص.9:
83
لكن سرعان ما تراجع عن هذا اإلستثناء في سنة 2004في قرارله ،حيث جاء فيه ":حق
المشتري في إقامة دعوى المطالبة بملكية العقار المبيع يكون قد سقط يوم تأسيس رسم
عقاري لهذا العقار بتاريخ 14أبريل 1983وال يبقى للمتضرر إال الحق في
التعويض".147
وأيضا في سنة 2006حيث جاء في قرار آخر ":إن المشتري لعقار في طور التحفيظ أو
خلفه الذي لم يقم بالتعرض على مطلب التحفيظ وال بااليداع المنصوص عليه في الفصل
84من ظهير التحفيظ العقاري يواجه بقاعدة التطهير المنصوص عليها في الفصلين 2و62
من نفس القانون،148"...وأكد نفس األمر في سنة 2007حيث جاء في قرار له ...":ولما
كان الثابت من وقائع القضية المعروضة على قضاة الموضوع أن الطالبين ادعوا شراء
مورثهم من مورث المطلوبين للعقار موضوع الدعوى أثناء مسطرة التحفيظ ،ولم يودع
وثائق شرائه أثناء التحفيظ لتقييده وإعمال أثره عند التحفيظ إلى أن تم هذا التحفيظ وغير
المسجل في الرسم العقاري يبقى غير مؤسس ،والمحكمة لما صرحت أن تحفيظ العقار
المدعى فيه ،وإنشاء رسم عقاري له ترتب عنه بطالن ما عداه من الرسوم األخرى وتطهير
الملك من أي حق غير مضمن به ،ركزت قضاءها على أساس وعللت قرارها وما
بالوسيلتين غير مؤسس".149
إال أنه في سنة 2011عاد المجلس األعلى من جديد الستثناء الخلف الخاص من قاعدة
التطهير ،حيث جاء في قرار له":قاعدة التطهير المنصوص عليها في الفصلين 2و 62من
ظهير 12غشت 1913المتعلق بالتحفيظ العقاري قاصرة على الحقوق واالتفاقات العينية
المحتج بها من طرف الغير ...وال ينصرف إلى ما ينشأ أثناء مسطرة التحفيظ من حقوق
بتصرف من طالب التحفيظ الذي أصبح مالكا حيث يحق للمستفيد منها مطالبته بتنفيذها عينا
وليس في ذلك أي مساس أو إهدار لحجية الرسم العقاري ،ألن إنشاء هذا الرسم لم يزد
ملكية صاحبه إال تثبيتا وتدعيما وال يسوغ له أن يتحلل من تصرفاته واتفاقاته التي أنشأها
على هذا الرسم قبل إقامته".150
وهذا ما أكدته محكمة النقض أيضا في سنة 2013حيث جاء في قرار لها ":حيث ينعى
الطالب على القرار المطعون فيه خرقه لمقتضيات الفصلين 2و 62من ظهير التحفيظ
147ـ قرار عدد ،3587صادر بتاريخ 15دجنبر ،2004ملف مدني عدد ،2003/5/1/2527أورده
زكرياء العماري ،نهائية الرسم العقاري بين اإلطالق والتقييد ،دراسة مركزة في االستثناءات الواردة
على قاعدة التطهير ،منشورات مجلة القضاء المدني ،سلسلة المنازعات العقاري ،م س ،ص.100 :
148ـ قرار(دون ذكر العدد) ،صادر بتاريخ ،2006-07-12أورده عبد الحميد بكوري ،المنازعات
القضائية في قرارات المحافظ العقاري ،دراسة على ضوء القانون 14-07والعمل القضائي ،نشر وطبع
سليكي أخوين ،طنجة ،الطبعة األولى ،يونيو ،2017ص.53 :
149ـ قرار عدد ،3134صادربتاريخ ،2007-10-03ملف مدني عدد ،2006/3/1/2748غير
منشور.
150ـ قرار عدد ،1576صادر بتاريخ 5أبريل ،2011ملف مدني عدد ،2009/17/2301منشور
بمجلة قضاء محكمة النقض ،ص 83و .84
84
العقاري...لكن حيث إن قاعدة التطهير المنصوص عليها في ظهير التحفيظ العقاري قاصرة
على الحقوق واالتفاقات المحتج بها من طرف الغير ،حيث يتعين على هذا األخير أن يعلن
عنها أثناء مسطرة التحفيظ طبقا للفصل 84من هذا القانون ،وال يحتج بها على الخلف
الخاص الذي اشترى العقار من طالب التحفيظ الذي أصبح مالكا للرسم العقاري والذي لم
يزده هذا الرسم العقاري إال تدعيما وتثبيتا لملكيته ويبقى ملزما بتنفيذ التزاماته التي أنشأها
على هذا العقار ومن حق الخلف الخاص أن يطالبه بتنفيذها رضاء أو قضاء ،ومن هذه
االلتزامات نقل ملكية المبيع وتسجيل العقد بالرسم العقاري والحصول على حكم قابل
للتسجيل يقوم مقام العقد والمحكمة لما قضت بذلك تكون قد جعلت لقضائها أساسا صحيحا
مما يجعل الوسيلتين بدون أساس" ،151وتم تأكيد ذلك في قرار آخر صادر سنة 2014ال
داعي لذكره ألنه شبيه لقرار 2013السابق الذكر حيث استند على نفس العلة الستثناء
الخلف الخاص من قاعدة التطهير.
لكن سرعان ما تراجعت محكمة النقض عن هذا االستثناء في سنة 2015بموجب قرار
لها جاء فيه":حيث صح ما عابه الطاعنون على القرار ذلك أنه علل قضاءه بالتعليل المنتقد
أعاله ،في حين أنه طبقا لمقتضيات الفصلين 1و 62من ظهير التحفيظ العقاري فإن
تحفيظ العقار يترتب عنه تأسيس رسم عقاري وبطالن ما عداه من الرسوم وتطهير الملك
من جميع الحقوق السالفة غير المضمنة به ،وذلك ألن الرسم العقاري نهائي وال يقبل أي
طعن ويعتبر نقطة االنطالق الوحيدة للحقوق العينية والتحمالت العقارية المترتبة على
العقار وقت تحفيظه دون ما عداها من الحقوق العينية ،وقاعدة التطهير هذه هي قاعدة عامة
وآمرة .وال مجال معها إلعمال االستثناء الذي اعتمده القرار المطعون فيه (الذي استثنى
المشتري من طالب التحفيظ من قاعدة التطهير) ،وذلك لعدم وجود نص قانوني يقضي به،
األمر الذي يكون معه القرار خارقا للمقتضيات المعمول بها ،وعرضه بالتالي للنقض
واإلبطال". 152
وهو ما أكدته محكمة النقض في سنة 2017حيث جاء في قرار لها أن ":التطهير الذي
ينتج عن تأسيس الرسم العقاري مطلق وليس فيه أي تمييز بين الغير والخلف الخاص
لطالب التحفيظ.
المشتري الذي لم يبادر إلى إشهار مشتراه أثناء جريان مسطرة التحفيظ بإيداع عقد شرائه
أو التعرض على مطلب التحفيظ ال يملك سوى الحق في إقامة دعوى شخصية ضد طالب
التحفيظ أو ورثته من أجل المطالبة بالتعويض عن حرمانه من الحق الذي طاله التطهير،
وال يحق له بعد تأسيس الرسم العقاري في اسم البائع له ،أن يطلب تقييد رسم شرائه بالرسم
87
خاتمة
من خالل كل ما سبق اتضح لنا أن دعوى التعرض على مطلب التحفيظ تتميزعن دعوى
االستحقاق العقارية أو القضايا العادية عموما بالعديد من الخصوصيات ،منها أنها ترفع
بدون مقال افتتاحي وأمام جهة إدارية تتمثل إما في السيد المحافظ على األمالك العقارية
وإما في السيد المهندس المساح الطبوغرافي المنتذب أثناء إنجاز عملية التحديد أو إلى
التقني الطبوغرافي بناء على القانون 57-12المعدل لبعض مقتضيات ظ.ت.ع والمنشور
بالجريدة الرسمية بتاريخ 23يناير .2014
وحتى الوثائق والمستندات التي تعرف بهوية المتعرض والمؤيدة لتعرضه وأيضا الرسوم
القضائية وحقوق المرافعة يتم اإلدالء بها أو أداؤها بالمحافظة العقارية قبل انصرام أجل
شهر الموالي النتهاء أجل التعرض وهو ما أكدته الفقرة التالتة من الفصل 25من ظ.ت.ع
تحت طائلة إلغاء التعرض طبقا للفقرة األولى من الفصل 32من نفس القانون.
كذلك من خصوصيات دعوى التعرض على مطلب التحفيظ أن المتعرض يمكنه متابعة
دعواه بصفة شخصية دون اإلستعانة بمحامي نظرا ألن مقتضيات ظ.ت.ع تفيد اإلختيارية
وليس اإلجبارية كما تطرقنا إلى ذلك سابقا.
وعند إحالة الملف على محكمة التحفيظ فإنه ال يمكن لقاضي التحفيظ قبول تدخل طرف
آخر في الدعوى غير طالب التحفيظ والمتعرض المحددان مسبقا أمام السيد المحافظ على
األمالك العقارية السيما إذا كان التدخل هجوميا،ألن المتدخل في مركز هجومي يطالب
بالملك موضوع النزاع لنفسه ،وبالتالي كان عليه أن يصيغ دعواه في شكل تعرض على
مطلب التحفيظ طبقا لمقتضيات الفصول من 24إلى 29من ظ.ت.ع ،اللهم إذا تعلق األمر
بتدخل انضمامي ،حيث إن هذا النوع من التدخل يجوز في دعوى التحفيظ ،ألن المتدخل
يهدف من وراء طلبه إلى تأييد مزاعم أحد طرفي النزاع.
ونفس الشيء بالنسبة للتدخل من أجل تصحيح المسطرة وذلك حتى ال تتابع مسطرة
التحفيظ في مواجهة شخص ميت.
فأطراف النزاع في دعوى التعرض على مطلب التحفيظ يحددون مسبقا كما قلنا أمام السيد
المحافظ على األمالك العقارية ،ونفس الشيء بالنسبة لموضوع الدعوى والذي يجب أن
يكون المطالبة بحق عيني عقاري وليس حق شخصي إال إذا تعلق األمر بالوعد بالبيع ،حيث
إن محكمة النقض في آخر قرار لها أجازت للموعود له التعرض على مطلب التحفيظ بعلة
أن الوعد بالبيع يبدأ حقا شخصيا وينتهي حقا عينيا ،والتعرض هو الوسيلة الوحيدة لحماية
الموعود له من األثر التطهيري للرسم العقاري السيما إذا كان العقار يساوي ماليير
الدراهم.
كذلك من خصوصيات دعوى التعرض على مطلب التحفيظ أن الصلح يتم أمام جهاز
إداري يتمثل في السيد المحافظ على األمالك العقارية عمال بمقتضيات الفقرة الرابعة من
88
الفصل 31من ظ.ت.ع ،لكن في حالة عدم توصله إلى صلح بين األطراف ويحيل الملف
على محكمة التحفيظ فإن هذه األخيرة تصدر حكمها اإلبتدائي ال يبلغ إال ملخص منه داخل
أجل ال يتعدى ثمانية أيام من تاريخ صدوره ،والتبليغ يكون تلقائيا وليس بناء على طلب من
المعني باألمر وهو ما يستشف من الفصل 40من نفس القانون.
وفي حالة عدم العثور على المبلغ إليه يتم تبليغ النيابة العامة ويكون التبليغ صحيحا طبقا
للفصل 26من القرار الوزيري 3يونيو 1915المتعلق بتفاصيل تطبيق النظام العقاري،
أي ال يتم تطبيق مسطرة القيم المكرسة في الفصلين 39و 441من ق.م.م ألن الفصل 26
نص خاص ،وكما هو معلوم ال يمكن تطبيق مقتضيات ق.م.م إال في حالة اإلحالة الصريحة
من ظ.ت.ع.
كما أن الطعون واردة على سبيل الحصر ،بحيث ال يتم الطعن في الحكم الصادر في
دعوى التعرض على مطلب التحفيظ إال باإلستئناف والنقض عمال بمقتضيات الفصل 109
من ظ.ت.ع.
والطعن بالنقض يوقف التنفيذ استنادا إلى الفصل 361من ق.م.م ،ثم إن التنفيذ ال يكون
من طرف كتابة ضبط المحكمة المصدرة للحكم وإنما من طرف السيد المحافظ على
األمالك العقارية كجهة إدارية.
وتبقى أهم خصوصية تميز دعوى التعرض على مطلب التحفيظ هو أنها بمثابة دعوى
استحقاق معكوسة ،أي معكوسة على مستوى اإلثبات ،بحيث تقلب فيها المراكز القانونية
لألطراف ،فالمدعي في دعوى االستحقاق(القائم) إذا قدم مطلب التحفيظ وقبل السيد المحافظ
على األمالك العقارية إدراج هذا المطلب يصبح في مركز المدعى عليه المعفى من اإلثبات
لكون مطلب التحفيظ قرينة على الملك ،أما المدعى عليه في دعوى االستحقاق والذي من
المفروض أن يكتفي بتمسكه بحوزي وملكي إذا تعرض على المطلب يصبح في مركز
المدعي الملزم باإلثبات ولو كان حائزا ،ألن حيازته ال تغير من مركزه القانوني وإنما هي
فقط وسيلة لمناقشة حجج طالب التحفيظ.
وارتباطا بخصوصية اإلثبات في دعوى التعرض على مطلب التحفيظ ،كنا قد تطرقنا إلى
فرضية أثر إيداع مطلب التحفيظ على اختصاص القضاء العادي ،والتي ال يمكن تصورها
إال إذا كان العقار غير محفظ وجارية بشأنه دعوى االستحقاق أمام القضاء العادي وقيام
مدعي االستحقاق بتقديم مطلب التحفيظ ليصبح في مركز المدعى عليه وقلب عبء االثبات
على الطرف الطرف اآلخر ،فالتوجه الحالي لمحكمة النقض يذهب إلى أن مجرد إيداع
مطلب التحفيظ ال يؤثر على اختصاص القضاء العادي مادام أن مسطرة التحفيظ مازالت في
مرحلتها االدارية ،وأن الذي يوقف البت من طرف القضاء العادي هو وقوع تعرض على
المطلب وإحالته على محكمة التحفيظ ،آنذاك يتم توقيف البت من طرف القضاء العادي عن
طريق الحكم بعدم قبول الدعوى شكال ولو وصلت إلى مرحلتها االستئنافية.
89
وبالتالي يرجع اختصاص البت في الدعويين لمحكمة التحفيظ عن طريق ضمهما في ملف
واحد تفاديا الزدواجية القضاء وصدور حكمين متناقضين.
فالتوجه الحالي لمحكمة النقض في حالة توازي دعوى االستحقاق ودعوى التعرض على
مطلب التحفيظ هو القائل بضم الدعويين والبت فيهما من طرف محكمة التحفيظ بحكم واحد
مادامتا مترابطتين.
كذلك هناك مجموعة من الخصوصيات تميز دعوى التعرض على االيداع عن دعوى
التعرض على مطلب التحفيظ خاصة على مستوى األجل واإلحالة على محكمة التحفيظ.
فأجل التعرض على االيداع هو أجل غير منطقي السيما إذا تم االيداع خارج أجل الشهرين
من تاريخ نشر االعالن عن انتهاء التحديد بالجريدة الرسمية المنصوص عليه في الفصل
24من ظ.ت.ع ،ألن المشرع عندما أجاز التعرض على االيداع وأحال على أجل الشهرين
أعاله غاب عنه أن االيداع يمكن أن يتم في جميع مراحل مسطرة التحفيظ.
ثم إن عدم وجود نص قانوني صريح يلزم السيد المحافظ على األمالك العقارية بإحالة
التعرض على االيداع على محكمة التحفيظ جعل العديد من الباحثين والمهتمين يكيفون هذا
النوع الجديد من التعرضات بأنه دعوى استحقاق عادية يتم البت فيها وفق مقتضيات
ق.م.م ،وبالتالي إذا وقع تعرض على مطلب التحفيظ نصبح إزاء دعويين متوازيين ،دعوى
التعرض على االيداع رائجة أمام القضاء العادي ودعوى التعرض على مطلب التحفيظ
رائجة أمام محكمة التحفيظ ،األمر الذي جعلنا نتطرق إلى فرضية مآل دعوى التعرض على
االيداع في حالة الحكم بصحة أو عدم صحة التعرض على مطلب التحفيظ.
وخلصنا إلى أنه في حالة الحكم بصحة التعرض على مطلب التحفيظ تصبح دعوى
التعرض على االيداع غير ذات موضوع عمال بقاعدة الفرع يتبع األصل ويأخد حكمه ،أما
إذا تم الحكم بعدم صحة التعرض على مطلب التحفيظ فإن القضاء العادي يستأنف البت في
دعوى التعرض على االيداع والسيد المحافظ على األمالك العقارية يمكنه أن يؤسس الرسم
العقاري ويحول االيداع إلى تقييد والتعرض إلى تقييد احتياطي ،وهو ما أكدته محكمة
النقض في قرارها الصادر سنة 2016حيث جاء فيه أن التعرض على مطلب التحفيظ هو
الذي يمنع المحافظ على األمالك العقارية من تأسيس الرسم العقاري وليس التعرض على
االيداع حيث إن ما قد يصدر بشأن هذا األخير من قرارات يمكن تقييده بالرسم العقاري بعد
إنشائه.
كما تطرقنا أيضا إلى فرضية مدى إمكانية الجمع بين دعوى التعرض على مطلب التحفيظ
ودعوى االستحقاق الفرعية ،وخلصنا إلى أنه ليس ضروريا الجمع بين الدعويين مادام أن
إيقاف التنفيذ من عدم إيقافه ال يؤثر على من اختار دعوى التعرض على مطلب التحفيظ
ألن الحكم بصحة التعرض يؤدي إلى إلغاء الحجز الوارد على العقار إذا لم يتم بيعه بالمزاد
العلني قبل تأسيس الرسم العقاري وحتى لو افترضنا بيعه قبل اتخاد قرار التحفيظ فإن حق
الراسي عليه المزاد يبقى متوقفا على عدم الحكم بصحة التعرض ،وبالتالي فإن الدعوى
90
األفيد هي دعوى التعرض على مطلب التحفيظ مادام أن األمر متوقف على مآل مسطرة
التحفيظ.
أحيانا قد يصدر حكم قضائي نهائي يقضي باالستحقاق قبل إيداع مطلب التحفيظ فيعمد
رابح دعوى االستحقاق إلى تقديم مطلب التحفيظ بناء على هذا الحكم ،فخلصنا إلى أن السيد
المحافظ على األمالك العقارية يجري عليه رقابة شكلية فقط باعتباره مجرد موظف إداري
وال يمكن لسلطة إدارية أن تراقب أعمال سلطة قضائية احتراما لمبدأ الفصل بين السلطات
الذي يعتبر مبدأ دستوريا اعتنقه المغرب كما هو حال باقي الدول الديمقراطية ،وبالتالي تبقى
الجهة الوحيدة التي لها صالحية مراقبة مدى التطبيق السليم للقانون هي محكمة النقض
باعتبارها محكمة قانون تتربع هرمية التنظيم القضائي ببالدنا.
ويجري نفس هذه الرقابة الشكلية إذا كان الحكم القضائي الصادر خارج نطاق مسطرة
التحفيظ يطلب إيداعه في إطار الفصل 84من ظ.ت.ع.
غير أنه أحيانا قد نتفاجئ بأن الذي قدم مطلب التحفيظ هو خاسر دعوى االستحقاق فنصبح
إزاء فرضيتين ،إما قيام رابح الدعوى بالتعرض على مطلب التحفيظ أو عدم قيامه بذلك.
إذا تعرض على مطلب التحفيظ فإنه ال يمكن للحكم القضائي الصادر خارج نطاق مسطرة
التحفيظ أن ينهض حجة التخاد قرار التحفيظ في اسم المتعرض ،بحيث يتعين على السيد
المحافظ على األمالك العقارية أن يحيله على محكمة التحفيظ التي وحدها لها صالحية
الحكم بصحة التعرض من عدم صحته.
وإذا أحيل على محكمة التحفيظ فإن التوجه الحالي لمحكمة النقض يقضي بأن محكمة
التحفيظ ملزمة باألخد بالحكم الصادر خارج نطاق مسطرة التحفيظ وإصدار حكم تأكيدي له
لتوفر وحدة األطراف والموضوع والسبب السيما إذا كان الحكم قد بت في دعوى استحقاقية
وليس حيازية ،وذلك تفاديا لصدور حكمين متناقضين وإفراغ الحكم األول من محتواه ،ألن
الحكم الصادر خارج نطاق مسطرة التحفيظ قد يفرغ من محتواه ويصبح مجرد من أية قيمة
قانونية إذا لم يقم رابح دعوى االستحقاق بالتعرض على مطلب التحفيظ ،حيث يصبح مجرد
قرار إداري بتأسيس الرسم العقاري أقوى من حكم قضائي حائز لقوة الشيء المقضي به.
كما أن إيداع حكم قضائي نهائي في إطار الفصل 84من ظ.ت.ع قد يجعل حقوق المودع
تتأثر بشكل سلبي في حالة رفض أو إلغاء مطلب التحفيظ ،بحيث يتم التشطيب على الحقوق
المودعة بالتبعية ألن حقوق المودع مرتبطة بمصير مطلب التحفيظ.
وقد خلصنا بخصوص هذه الفرضية إلى إمكانية تقديم مطلب تحفيظ جديد لتجنب األثر
السلبي إللغاء مطلب التحفيظ على حقوق المودع ،لكن ال يمكنه ذلك في حالة رفض مطلب
التحفيظ طالما أن الرفض مرتبط بعدم الشرعية وبالتالي ال يبقى له إال الرجوع على
المتسبب فيه في إطار دعوى الضمان.
91
أما إذا تم تأسيس الرسم العقاري فإن الحق المودع في إطار الفصل 84من ظ.ت.ع يقيد
يهذا الرسم في الرتبة التي عينت له كتقييد مصاحب ،وخلصنا إلى أن التقييدات المصاحبة ال
يمكن أن تستفيد من األثر التطهيري للرسم العقاري طالما أن الحقوق المودعة في إطار
الفصل المذكور ال تخضع لإلشهار الذي يعتبر من أهم أعمدة نظام التحفيظ العقاري،
وبالتالي ال حجية مطلقة لحق لم يخضع لإلشهار.
أما إذا لم يتم سلوك مسطرة االيداع طبقا للفصل 84من ظ.ت.ع فإنه ال يمكن لمن أسس
الرسم العقاري في اسمه أن يواجه مكتسب الحق على عقار في طور التحفيظ باألثر
التطهيري للرسم العقاري حيث إن محكمة النقض في آخر قرار لها صادر سنة 2020
ذهبت الستثناء الخلف الخاص من قاعدة التطهير وكرست لنا قاعدة مفادها أن البائع ليس
غيرا بالنسبة للمشتري ومن تم بإمكان المشتري أن يقيد شراءه إذا سمحت وضعية الرسم
العقاري بذلك.
وبناء على زبدة ما توصلنا إليه أعاله فإنه لم يبقى لنا إال الخروج ببعض المقترحات التي
نرى بأنها ستساهم في تجاوز االشكاالت القانونية والعملية التي يطرحها موضوع توازي
الدعويين ،ونوردها كما يلي:
التنصيص على إجبارية تنصيب محام في دعوى التعرض على مطلب
التحفيظ رفعا للتناقض الحاصل بين مقتضيات ظ.ت.ع والقانون 28-08المتعلق
بتنظيم مهنة المحاماة الذي نص في مادته 32على إجبارية تنصيب محامي دون
استثاء القضايا العقارية ،السيما وأن دعوى التعرض على مطلب التحفيظ يلفها
الغموض والتعقيد وبالتالي يصعب على المتعرض متابعتها بصفة شخصية.
تبني موقف محكمة النقض الحديث بنص قانوني صريح يجيز التعرض على
مطلب التحفيظ بناء على مجرد الوعد بالبيع ،ألن التعرض هو الوسيلة الوحيدة
لحماية حقوق الموعود له من الضياع ،فالوعد بالبيع وإن كان يخول حقا شخصيا في
الحال فهو يخول حقا عينيا بالمآل ،لذلك يمكن أن نسميه حقا عينيا قريب االكتمال.
تعديل الفقرة الرابعة من الفصل 31من ظ.ت.ع بالتنصيص على إجبارية
إجراء صلح بين األطراف من قبل المحافظ على األمالك العقارية وعدم تركه مجرد
إمكانية ،نظرا ألهميته في فض النزاعات خالل المرحلة االدارية للتحفيظ واألطراف
يكونون قابلين للصلح قبل الوصول إلى المحكمة ،وهذا من شأنه التخفيف من
الملفات المتراكمة على القضاء ،وتوفير المصاريف والصوائر المتعلقة بالمرافعة
القضائية وأتعاب المحامين وتسهيل الحصول على رسم عقاري نهائي.
نسخ الفصل 26من القرار الوزيري 3يونيو 1915المتعلق بتفاصيل
تطبيق النظام العقاري ألن مجرد تبليغ النيابة العامة في حالة عدم العثور على المبلغ
إليه واعتبار التبليغ صحيحا ال يوفر ضمانات للمبلغ إليه كما هو بالنسبة للضمانات
التي توفرها مسطرة القيم ذلك أن الفصل المذكور يقتصر على تسلم النيابة العامة
92
االستدعاء دون أن تقوم هذه األخيرة بتحريات من أجل العثور على المبلغ إليه ،كما
أنه لم يحدد األجل من أجل تبليغ النيابة العامة أو األجل الذي يجب أن يظل ساريا
حتى يعتبر التبليغ صحيحا ،لذلك نرى تعديل مقتضيات ظ.ت.ع بالتنصيص صراحة
على تطبيق مقتضيات ق.م.م بخصوص مسطرة القيم في حالة عدم العثور على
المبلغ إليه السيما الفصل 441من ق.م.م.
تعديل مقتضيات ظ.ت.ع بالتنصيص صراحة على تطبيق مقتضيات ق.م.م
في حالة توازي دعوى االستحقاق ودعوى التعرض على مطلب التحفيظ وذلك بالبت
في الدعويين من طرف القضاء العادي وليس من طرف محكمة التحفيظ الختالف
طرق البت في كل منهما.
فالبت في الدعويين من طرف محكمة التحفيظ مجرد سلبية تاريخية من مخلفات االستعمار
حان الوقت لتجاوزها بعدم إيقاف البت من طرف القضاء العادي أو التنصيص صراحة
على إلغاء مطلب التحفيظ كلما تبين بأن هناك دعوى استحقاق رائجة أمام القضاء العادي،
وذلك عن طريق التصريح بالشرف ضمن بيانات مطلب التحفيظ بعدم وجود دعوى
استحقاق أمام القضاء العادي.
هذا من شأنه تفادي إشكالية توازي الدعويين التي ينتج عنها ازدوجية القضاء والتأثير
بشكل سلبي على المراكز القانونية للمتقاضين السيما على مستوى االثبات.
تعديل مقتضيات ظ.ت.ع لتجاوز إشكالية أجل التعرض على اإليداع
بالتنصيص صراحة على أن أجل التعرض على اإليداع هو شهرين من يوم االيداع
وليس من تاريخ نشر االعالن عن انتهاء التحديد بالجريدة الرسمية ،أو االبقاء على
نفس أجل الفصل 24من ظ.ت.ع وتاريخ انطالق احتسابه شريطة تقييد التفويتات
بالتنصيص صراحة على عدم القيام بأي تفويت بعد انصرام أجل الفصل 24من
نفس الظهيرألنه لو كان المشرع قد نص على ذلك لكان محقا في توحيده ألجل
التعرض بين التعرض على مطلب التحفيظ والتعرض على االيداع في شهرين من
تاريخ نشر االعالن عن انتهاء التحديد بالجريدة الرسمية.
مالءمة مستجد التعرض على االيداع مع خصوصية المرحلة القضائية للبت
في التعرضات بالتنصيص صراحة على إلزامية إحالة هذا النوع الجديد من
التعرضات على محكمة التحفيظ مع التوسيع من صالحية هذه األخيرة لتبت أيضا
في صحة من عدم صحة التعرض على االيداع وذلك من أجل تجاوز إشكالية
توازي دعوى التعرض على االيداع ودعوى التعرض على مطلب التحفيظ األمر
الذي ينتج عنه ازدواجية القضاء والتأثير بشكل سلبي على حقوق المتقاضين.
التنصيص صراحة على أن دعوى التعرض على مطلب التحفيظ وحدها
كافية لحماية مصلحة مدعي ملكية عقار جارية بشأنه مسطرتي التحفيظ والتنفيذ معا
وأن إيقاف التنفيذ من عدم إيقافه متوقف على مآل مسطرة التحفيظ.
93
التنصيص صراحة على المراقبة الشكلية فقط للحكم القضائي النهائي الصادر
خارج نطاق مسطرة التحفيظ احتراما لمبدأ الحجية ،واحتراما لمبدأ الفصل بين
السلط واستقاللية القضاء( فرضية تقديم مطلب التحفيظ من طرف رابح دعوى
االستحقاق).
التنصيص صراحة على وجوب إحالة الملف على محكمة التحفيظ كلما كان
التعرض مدعم بحكم قضائي نهائي صادر خارج نطاق مسطرة التحفيظ (فرضية
التعرض المقدم من طرف رابح دعوى االستحقاق).
التنصيص صراحة على أن الحكم القضائي النهائي الصادر خارج نطاق
مسطرة التحفيظ والمدعم للتعرض ال يلزم محكمة التحفيظ بشكل مطلق وأن هذه
األخيرة بإمكانها استبعاده وإصدار حكم مخالف له كلما ظهرت معطيات جديدة
غيرت من مضمون الحكم السابق( فرضية حجية الحكم القضائي النهائي الصادر
خارج نطاق مسطرة التحفيظ أمام محكمة التحفيظ).
التنصيص على ضمانات كافية لتجنب األثر السلبي إللغاء مطلب التحفيظ من
قبل المودع في إطار الفصل 84من ظ.ت.ع.
استفادة التقييدات المصاحبة من نفس األثر التطهيري للرسم العقاري شريطة
إخضاع الحقوق المودعة في إطار الفصل 84من ظ.ت.ع لإلشهار عن طريق
النشر بالجريدة الرسمية حتى يعلم الغير بوجودها من أجل التعرض عليها( نحن
لسنا ضد استفادتها من نفس األثر التطهيري للرسم العقاري ولكن حتى تستفيد من
ذلك البد من خضوعها لالشهار الذي يعتبر من أهم أعمدة نظام التحفيظ العقاري
وذلك حتى يعلم الغير بوجودها ويتعرض عليها طبقا للفقرة األخيرة من الفصل 24
من ظ.ت.ع).
استثناء الخلف الخاص بنص قانوني صريح عن طريق تبني القرار الحديث
لمحكمة النقض الصادر في سنة 2020من أجل وضع حد لتضارب االجتهادات
القضائية ألن وضوح القاعدة القانونية وعدالتها أبرز مظهر من مظاهر األمن
القانوني وعندما يتحقق هذا الوضوح سيتحقق بالتبعية األمن القضائي ذلك أن هذا
األخير ماهو إال تعبير عن األمن القانوني.
94
الئحة المراعع المعتمدة في البحث
أوال :الكتب
ادريس الفاخوري ،نظام التحفيظ العقاري وفق مستجدات القانون ،14-07مطبعة
المعارف الجديدة ،الرباط ،طبعة .2013
ادريس الفاخوري ،قضايا المنازعات العقارية ،سلسلة المعارف القانونية
والقضائية ،مطبعة المعارف الجديدة ،الرباط ،طبعة .2014
محمد خيري ،العقار وقضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي من خالل
القانون الجديد رقم 14-07المتعلق بالتحفيظ العقاري ومرسوم 14يوليوز 2014
بشأن إجراءات التحفيظ العقاري ،مطبعة المعارف الجديدة ،الرباط ،طبعة .2018
محمد خيري ،مستجدات قضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي ،المساطر
اإلدارية والقضائية ،مطبعة المعارف الجديدة ،الرباط ،طبعة .2013
محمد خيري ،حماية الملكية العقارية ونظام التحفيظ العقاري بالمغرب ،دار نشر
المعرفة ،طبعة .2001
عبد العزيز توفيق ،قضاء المجلس األعلى في األحوال الشخصية والعقار من سنة
1957إلى سنة ،2002مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،الطبعة األولى
.2002
عبد العزيز توفيق ،قضاء المجلس األعلى في التحفيظ خالل أربعين سنة ،مطبعة
النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،الطبعة األولى .1999
عبد الحميد أخريف ،محاضرات في قانون المسطرة المدنية ،محينة وفق إصالحات
،2011موجهة لطلبة السداسي السادس ،مسلك اإلجازة في القانون الخاص ،كلية
العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة سيدي محمد بن عبد هللا ،فاس،
السنة الجامعية .2013-2012
عبد الحميد بكوري ،المنازعات القضائية في قرارات المحافظ العقاري ،دراسة
على ضوء القانون 14-07والعمل القضائي ،نشر وطبع سليكي أخوين ،طنجة،
الطبعة األولى يونيو .2017
حليمة بنت المحجوب بن حفو ،نظرية االستحقاق في القانون المغربي ،دراسة
مقارنة مدعمة بآراء الفقه واجتهادات القضاء ،مطبعة األمنية ،الرباط ،طبعة
.2010
عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط في شرح القانون المدني الجديد ،حق الملكية،
المجلد ،8مطبعة دار النهضة العربية ،القاهرة(دون ذكر سنة الطبع).
خالد سعيد ،اإلثبات في المنازعات المدنية ،دراسة علمية وعملية على ضوء
القانون المغربي واالجتهاد القضائي لمحكمة النقض ،دار السالم للطباعة والنشر
والتوزيع ،الرباط ،الطبعة األولى . 2014
عمر أزوكار ،مستجدات التحفيظ العقاري في ضوء القانون 14-07ومدونة
الحقوق العينية ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء الطبعة األولى .2012
95
ـ خير الدين الطاوس ،إشهار الحقوق المكتسبة خالل مسطرة التحفيظ وآثارها في
ضوء مستجدات القانون ،14-07دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع ،الرباط،
الطبعة األولى .2015
بوجمعة زفو ،أثر نظام التحفيظ العقاري على تداول الملكية العقارية ،مقاربة
قانونية عملية على ضوء قانوني 14-07و ،39-08مطبعة دار العلم ،الرباط
الطبعة األولى .2013
يوسف مختري ،حماية الحقوق الواردة على العقار في طور التحفيظ ،سلسلة
األعمال الجامعية ،مطبعة المعارف الجديدة ،الرباط.
عبد العالي حفيظ ،إجراءات البيع الجبري للعقار المحجوز في القانون المغربي،
مقاربة في الوظيفة االئتمانية للقاعدة االجرائية على ضوء العمل القضائي ،مطبعة
دار القلم ،الرباط ،الطبعة األولى .2012
محمد مهدي الجم ،التحفيظ العقاري في المغرب ،دار الثقافة للنشر بالبيضاء،
الطبعة التالتة .1996
ثانيا :األبحاث الجامعية
1ـ األطاريح
كنزة الغنام ،مسطرة التعرض في ضوء القانون العقاري والمساطر الخاصة،
أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص ،وحدة التكوين والبحث في القانون
المدني ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة القاضي عياض،
مراكش ،السنة الجامعية.2016-2015:
أمال جداوي ،المؤسسات المتدخلة في مسطرة التحفيظ العقاري ،توزيع
االختصاص بين المحافظ والقضاء على ضوء القانون ،14-07أطروحة لنيل
الدكتوراه في القانون الخاص ،وحدة التكوين والبحث في قانون العقود والعقار ،كلية
العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة محمد االول ،وجدة ،السنة
الجامعية.2013-2012 :
سمرة محدوب ،االزدواجية االجرائية أمام قضاء التحفيظ العقاري على ضوء
االجتهاد القضائي ومستجدات القانون ،14-07أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون
الخاص ،وحدة التكوين والبحث في قانون العقود والعقار ،كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة محمد االول ،وجدة ،السنة الجامعية2013- :
.2012
ـ حسن زرداني ،صعوبة التنفيذ الوقتية في القانون المغربي والمقارن ،أطروحة
لنيل الدكتوراه في القانون الخاص ،وحدة البحث والتكوين في القانون المدني ،كلية
العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة الحسن التاني عين الشق ،الدار
البيضاء ،السنة الجامعية.2006-2005:
ـ المصطفى الكيلة ،خصوصيات المسطرة في قضايا التحفيظ العقاري ،أطروحة
لنيل الدكتوراه في القانون الخاص ،وحدة التكوين والبحث في قانون العقود والعقار،
96
كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة محمد االول ،وجدة ،السنة
الجامعية. 2010-2009:
فاطمة الحروف ،الدور المقيد للقضاء بشأن التعرضات على طلب التحفيظ
العقاري ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص ،كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة سيدي محمد بن عبد هللا ،فاس ،السنة الجامعية:
.2010-2009
عبد العالي دقوقي ،اإللغاء والتشطيب في التشريع العقاري المغربي ،أطروحة لنيل
الدكتوراه في القانون الخاص ،وحدة التكوين والبحث في القانون المدني ،كلية
العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة محمد الخامس أكدال ،الرباط،
السنة الجامعية.2002-2001:
2ـ الرسائل
زكرياء الموذن ،القواعد اإلجرائية لدعوى التحفيظ العقارية ،رسالة لنيل دبلوم
الماستر في القانون الخاص ،مسلك الدراسات العقارية ،كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة عبد المالك السعدي ،طنجة ،السنة
الجامعية.2016-2015:
عادل صبير ،خصوصيات مسطرة التحفيظ العقاري في ضوء القانون ،14-07
رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ،مسلك المعامالت العقارية ،الكلية
المتعددة التخصصات ،جامعة سيدي محمد بن عبد هللا ،تازة ،السنة الجامعية:
.2018-2017
حميد البشيري ،دعوى استحقاق العقار غير المحفظ بين الفقه المالكي واالجتهاد
القضائي ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ،مسلك قانون العقود
والعقار ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة محمد األول،
وجدة ،السنة الجامعية.2010-2009 :
عبدهللا بلمعلم ،ازدواجية دعوى االستحقاق بين مسطرة التحفيظ ودعوى االستحقاق
العادية ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ،مسلك القانون العقاري
والحقوق العينية ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة سيدي
محمد بن عبدهللا ،فاس ،السنة الجامعية.2019-2018:
فاطمة الحروف ،حجية القيد في السجل العقاري ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في
القانون الخاص ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة محمد
الخامس ،الرباط ،السنة الجامعية.1994-1993 :
عادل الزبيري ،تضارب قرارات محكمة النقض وآثاره على األمن القضائي ــ
المادة العقارية نموذجا ــ رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ،مسلك
القانون المدني المعمق ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة ابن
زهر ،أكادير ،السنة الجامعية.2018-2017 :
97
نبيلة الراصفي ،مسطرة االيداع في ظهير التحفيظ العقاري ،رسالة لنيل دبلوم
الماستر في القانون الخاص ،مسلك الدراسات القانونية والعقارية ،كلية العلوم
القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة القاضي عياض ،مراكش ،السنة
الجامعية.2019-2018 :
لال لطيفة العلوي الشريفي ،الحماية القانونية للغير في ظل مسطرة الحجز التنفيذي
العقاري ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ،مسلك قانون العقود
والعقار ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة محمد االول،
وجدة ،السنة الجامعية.2015-2014 :
عثمان العالوي ،دعوى االستحقاق الفرعية العقارية ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في
القانون الخاص ،مسلك القانون العقاري والحقوق العينية ،كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة سيدي محمد بن عبدهللا ،فاس ،السنة الجامعية:
.2019-2018
حدو معسو ،حماية الحقوق الواردة على مطلب التحفيظ عن طريق مسطرتي النشر
وااليداع طبقا للفصلين ـ حدو معسو ،حماية الحقوق الواردة على مطلب التحفيظ
عن طريق مسطرتي النشر وااليداع طبقا للفصلين 83و 84من ظهير التحفيظ
العقاري ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ،مسلك قانون العقار
والتعمير ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة موالي اسماعيل،
مكناس ،السنة الجامعية.2015-2014 :
أحمد العيادي ،المنازعات القضائية في مادة التحفيظ العقاري ،رسالة لنيل دبلوم
الماستر في المنازعات العمومية ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية،
جامعة سيدي محمد بن عبدهللا ،فاس ،السنة الجامعية.2008-2007 :
غزالن شبالوي ،إشكاالت التعرض في التحفيظ العقاري ،دراسة على ضوء العمل
االداري والقضائي ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ،الدراسة
الميتودولوجية لاللتزام التعاقدي والعقار ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية ،جامعة سيدي محمد بن عبد هللا ،فاس ،السنة الجامعية2011- :
.2010
فيصل الحجيوي ،الرهن الرسمي المنصب على عقار في طور التحفيظ ،رسالة
لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ،مسلك قانون العقود والعقار ،كلية العلوم
القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة محمد األول ،وجدة ،السنة الجامعية:
.2013-2012
محمد حمدون ،حماية الحقوق الناشئة على مطلب التحفيظ عن طريق مسطرتي
الخالصة االصالحية وااليداع ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص،
مسلك التوثيق والمنازعات العقارية ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية،
جامعة الحسن التاني ،الدار البيضاء ،السنة الجامعية.2019-2018 :
ثالثا :أبحاث نهاية تكوين الملحقين القضائيين والمقاالت
98
1ـ أبحاث نهاية تكوين الملحقين القضائيين
ـ الكبير اسماعيني ،خصوصية المسرة في قضايا التحفيظ العقاري على ضوء
العمل القضائي ،بحث نهاية تكوين الملحقين القضائيين ،المعهد العالي للقضاء
بالرباط ،فوج ،39فترة التدريب.2015-2013 :
عبد الرحيم الطهيري ،االجتهاد القضائي في مسطرة التحفيظ ،بحث نهاية تكوين
الملحقين القضائيين ،المعهد العالي للقضاء بالرباط ،فوج ،41فترة التدريب:
.2017-2015
2ـ المقاالت
عمر السكتاني ،خصوصيات الجوانب اإلجرائية لممارسة التعرض في نظام
التحفيظ العقاري الجديد ،دراسة في تطور االجتهاد القضائي المغربي،منشورات
مجلة القضاء المدني،سلسلة المنازعات العقارية ،دراسات وأبحاث في ضوء نظام
التحفيظ العقاري ومدونة الحقوق العينية والمستجدات التشريعية في المادة العقارية،
العدد الخامس ،سنة .2013
عبد الرزاق عريش ،مستجدات الطعون القضائية ضد قرارات قرارات المحافظ
العقاري في ضوء القانون 14-07ومقتضيات الدستور الجديد ،منشورات مجلة
القضاء المدني ،سلسلة المنازعات العقارية ،دراسات وأبحاث في ضوء نظام
التحفيظ العقاري ومدونة الحقوق العينية والمستجدات التشريعية في المادة العقارية،
العدد الخامس ،سنة .2013
هشام عليوي ،التعرض على الحقوق المودعة في إطار الفصل 84من ظهير
التحفيظ العقاري في ضوء مستجدات القانون رقم ،14-07منشورات مجلة القضاء
المدني ،سلسلة المنازعات العقارية ،دراسات وأبحاث في ضوء نظام التحفيظ
العقاري ومدونة الحقوق العينية والمستجدات التشريعية في المادة العقارية ،العدد
الخامس ،سنة .2013
زكرياء العماري ،نهائية الرسم العقاري بين اإلطالق والتقييد ،دراسة مركزة في
االستثناءات الواردة على قاعدة التطهير،منشورات مجلة القضاء المدني،سلسلة
المنازعات العقارية ،دراسات وأبحاث في ضوء نظام التحفيظ العقاري ومدونة
الحقوق العينية والمستجدات التشريعية في المادة العقارية ،العدد الخامس ،سنة
.2013
آيت احمد الغازي ،التعرضات في المسطرة العادية والمساطر الخاصة للتحفيظ
العقاري ،الندوة الوطنية حول موضوع األمن العقاري ،دفاتر محكمة النقض عدد
،26سنة .2015
شكيب حيمود ،وسائل حماية الحقوق الناشئة خالل مسطرة التحفيظ العقاري ،الندوة
الوطنية حول موضوع األمن العقاري ،دفاتر محكمة النقض عدد ،26سنة
.2015
99
عبد القادر بوبكري ،توثيق التصرفات العقارية في المحررات الرسمية وإشكاالته
القانونية والعملية ،مجلة القانون المدني ،العدد األول ،سنة .2014
عبد العزيز بلغزال ،تأمالت في ضابط الترجيح بذكر سبب الملك ،قراءة في ضوء
مدونة الحقوق العينية والفقه المالكي ،المجلة المغربية للدراسات العقارية
والطبوغرافية ،العدد الثاني ،سنة .2019
محمد العلمي ،االشكاالت العملية للتعرض االستثنائي على مطالب التحفيظ ،قراءة
في الفصل 29من القانون ،14-07أشغال الندوة الوطنية المنظمة يومي 25
و 26نونبر 2016تحت عنوان العقار والتعمير واالستثمار ،مطبعة المعارف
الجديدة الرباط ،الطبعة االولى .2017
فاتحة الطلحاوي ،أي حماية قانونية للمقيد حسن النية في ظل القانون العقاري(
14-07و ،)39-08أشغال الندوة الوطنية المنظمة يومي 25و 26نونبر 2016
تحت عنوان العقار والتعمير واالستثمار ،مطبعة المعارف الجديدة الرباط ،الطبعة
االولى .2017
محمد شنان ،خصوصية الرقابة القضائية على مشروعية أعمال المحافظ ،المجلة
المغربية للقانون واقتصاد التنمية ،العدد .21
عبد اإلله المرابط ،التمييز بين رفض التحفيظ وإلغاء المطالب في قانون التحفيظ
العقاري ،سلسلة األنظمة والمنازعات العقارية تحت عنوان نظام التحفيظ العقاري،
مقال منشور بمجلة الحقوق ،العدد الخامس.2012 ،
هشام المراكشي ،دور مسطرة إشهار العقار في طور التحفيظ والتصرفات الواردة
عليه في حماية األغيار ،مجلة القانون المغربي.2014 ،
محمد الكشبور ،التطهير الناتج عن تحفيظ العقار ،تطور القضاء المغربي ،قراءة
في قرار المجلس األعلى بتاريخ 29ذجنبر ،1999سلسلة الدراسات القانونية
المعاصرة ،العدد الثامن ،الطبعة األولى .2015
يسين اكبيري علوي ،استثناء الخلف الخاص من قاعدة التطهير ،مقال حديث كتب
في يوليوز ،2020لم ينشر بعد في أي مجلة.
عبد العزيز حضري ،تطبيق قواعد المسطرة المدنية أمام قضاء التحفيظ ،مجلة
رسالة دفاع ،العدد الثاني ،سنة.2001
محمد المنتصر الداودي ،مقاربة بين اختصاصات المحافظ على الملكية العقارية
وقاضي التحفيظ العقاري على ضوء النصوص القانونية واالجتهادات القضائية،
ندوة ثمانون سنة من التحفيظ العقاري ،حصيلة وآفاق ،1993مديرية المحافظة
العقارية والمسح العقاري والخارائطية.
حسن فتوخ ،مداخلة بعنوان األمن العقاري من خالل توجهات محكمة النقض ،ندوة
وطنية من تنظيم المركز المغربي للدراسات العقارية تكريما للدكتور محمد بنيعيش
حول موضوع المنازعات العقارية على ضوء آخر قرارات محكمة النقض ،يوم 2
نونبر 2018بالمركب الثقافي أحمد بوكماخ بطنجة ،غير منشورة.
100
محمد ناجي شعيب ،تحليل وتعليق على ضوء القرار عدد 78الصادر بتاريخ
،2015-02-03في الملف عدد ، 2014/8/1/5341نشرة قرارات محكمة
النقض ،الغرفة المدنية ،العدد .27
عمر أزوكار ،أهم قرارات محكمة النقض الصادرة سنة 2017بشأن مسطرة
التحفيظ ،محاضرة ألقيت على طلبة كلية الحقوق بسلوان ،الناظور.
رابعا :مراعع باللغة الفرنسية والمواقع االلكترونية
1ـ مراعع باللغة الفرنسية:
Berge stephanie , la justice francaise au maroc,
1917 .
Paul decroux , droit foncier marocain , Rabat , 1977 .
Leris (Pierre) : « chraà et immatriculation »RLJM , Penant ,
1925-1926 , P 14-15.
2ـ المواقع االلكترونية:
www.youtube.com
www.mahkamaty.com
101
الفهرس
مقدمة6..........................................................................................
الفصل األول :اآلثار السلبية لتوازي دعوى االستحقاق ودعوى التعرض على حقوق
المتقاضين11......................................................................................
المبحث األول :توازي دعوى االستحقاق ودعوى التعرض على مطلب
التحفيظ12.........................................................................................
المطلب األول :أهم الفروقات بين دعوى االستحقاق ودعوى التعرض على مطلب
التحفيظ12.........................................................................................
الفقرة األولى :أهم الفروقات بين دعوى االستحقاق ودعوى التعرض على مطلب التحفيظ
من حيث افتتاحهما12............................................................................
الفقرة التانية :أهم الفروقات بين الدعويين من حيث االثبات واألحكام القضائية الصادرة في
كل منهما21.......................................................................................
المطلب التاني :األثر السلبي لتوازي دعوى االستحقاق ودعوى التعرض على مطلب
التحفيظ على حقوق المتقاضين28................................................................
الفقرة األولى :أثر إيداع مطلب التحفيظ على اختصاص القضاء العادي29..................
الفقرة التانية :األثر السلبي إليقاف البت من طرف القضاء العادي على حقوق
المتقاضين33......................................................................................
المبحث التاني :توازي دعوى التعرض على االيداع ودعوى التعرض على مطلب التحفيظ
وتداخل هذه األخيرة مع دعوى االستحقاق الفرعية35..........................................
المطلب األول :توازي دعوى التعرض على االيداع ودعوى التعرض على مطلب
التحفيظ35.........................................................................................
الفقرة األولى :أهم الفروقات بين دعوى التعرض على االيداع ودعوى التعرض على
مطلب التحفيظ37.................................................................................
الفقرة التانية :مآل دعوى التعرض على االيداع في حالة الحكم بصحة أو عدم صحة
التعرض على مطلب التحفيظ40............................................................…..
المطلب التاني :مدى إمكانية الجمع بين دعوى التعرض على مطلب التحفيظ ودعوى
االستحقاق الفرعية43.............................................................................
102
الفقرة األولى :أهم الفروقات بين دعوى التعرض على مطلب التحفيظ ودعوى االستحقاق
الفرعية43.........................................................................................
الفقرة التانية :مدى إمكانية الجمع بين دعوى التعرض على مطلب التحفيظ ودعوى
االستحقاق الفرعية44............................................................................
الفصل التاني :القيمة القانونية للحكم القضائي النهائي الصادر خارج نطاق مسطرة التحفيظ
خالل المرحلة االدارية للتحفيظ والمرحلة القضائية للبت في التعرضات47..................
المبحث األول :القيمة القانونية للحكم القضائي النهائي الصادر خارج نطاق مسطرة التحفيظ
أمام المحافظ على األمالك العقارية50.................................................……..
المطلب األول:القيمة القانونية للحكم القضائي النهائي المدعم لمطلب التحفيظ والمطلوب
إيداعه في إطار الفصل 84من ظ.ت.ع51.....................................................
الفقرة األولى :القيمة القانونية للحكم القضائي النهائي المدعم لمطلب التحفيظ51............
الفقرة التانية :القيمة القانونية للحكم القضائي النهائي المطلوب إيداعه في إطار الفصل 84
من ظ.ت.ع55....................................................................................
المطلب التاني :القيمة القانونية للحكم القضائي النهائي المدعم للتعرض على مطلب
التحفيظ58.........................................................................................
الفقرة األولى :القيمة القانونية للحكم القضائي النهائي المدعم للتعرض على مطلب التحفيظ
أمام المحافظ على االمالك العقارية58...........................................................
الفقرة التانية :القيمة القانونية للحكم القضائي النهائي القاضي باالستحقاق أمام قرار
المحافظ على األمالك العقارية بتأسيس الرسم العقاري61......................................
المبحث التاني :القيمة القانونية للحكم القضائي النهائي أمام محكمة التحفيظ وبعد تأسيس
الرسم العقاري…65..............................................................................
المطلب األول :القيمة القانونية للحكم القضائي النهائي المدعم للتعرض أمام محكمة
التحفيظ65.......................................................................................
الفقرة األولى :موقف الفقه من حجية الحكم القضائي النهائي المدعم للتعرض أمام محكمة
التحفيظ66.........................................................................................
الفقرة التانية :موقف القضاء المغربي من حجية الحكم القضائي النهائي المدعم للتعرض
أمام محكمة التحفيظ67............................................................................
المطلب التاني :القيمة القانونية للحكم القضائي النهائي الصادر في دعوى التعرض على
االيداع خالل مسطرة التحفيظ وبعد تأسيس الرسم العقاري71.................................
103
الفقرة األولى :القيمة القانونية للحكم القضائي المودع في إطار الفصل 84من ظ.ت.ع
خالل مسطرة التحفيظ71.........................................................................
الفقرة التانية :القيمة القانونية للحكم القضائي النهائي الصادر في دعوى التعرض على
االيداع بعد تأسيس الرسم العقاري76...........................................................
خاتمة88..........................................................................................
الئحة المراجع المعتمدة في البحث95..........................................................
الفهرس102......................................................................................
104