حضارة مصر القديمة 1 ترخ 303

‫قسم التاريخ‬
‫حضارة مصر القديمة (‪)1‬‬

‫ترخ ‪303‬‬
‫دكتــــــــور‬
‫أ‪.‬د‪ /‬محمد محمود قاسم أ‪.‬د‪ /‬إبراهيم مهران‬
‫د‪/‬هاني عيسى‬
‫قسم التاريخ – كلية اآلداب‬
‫جامعة عين شمس‬
‫قسم التاريخ‬
‫عين شمس‬
‫‪2023‬‬‫جامعة‬ ‫كلية اآلداب –‬
‫القاهرة ‪-‬‬
‫قسم التاريخ – المستوى الثالث – ‪2023‬‬ ‫حضارة مصر القديمة (‪)1‬‬
‫اعداد‬
‫أ‪.‬د‪ /‬إبراهيم مهران‬ ‫أ‪.‬د‪ /‬محمد محمود قاسم‬
‫د‪/‬هاني عيسى‬
‫قسم التاريخ – كلية اآلداب – جامعة عين شمس‬
‫‪1‬‬ ‫د‪/‬هاني عيسى‬ ‫أ‪.‬د‪ /‬إبراهيم مهران‬ ‫أ‪.‬د‪ /‬محمد محمود قاسم‬
‫تحذير‬
‫حقوق الطبع و الملكية الفكرية محفوظة للمؤلف‪.‬‬

‫و يحظر طباعة أو تصوير أي جزء من هذا‬
‫الكتاب و إال تعرض المخالف للمساءلة القانونية‬
‫قـــــائمـــة المحتــــويـــات‪.‬‬
‫الصفحة‬ ‫الموضوع‬ ‫م‬
‫‪5‬‬ ‫‪.‬‬ ‫مقدمة‬
‫‪6‬‬ ‫الجيش المصري القديم‬ ‫الفصل األول‬
‫‪20‬‬ ‫المعبودات المصرية القديمة‬ ‫الفصل الثاني‬
‫‪42‬‬ ‫عقيدة البعث و الﺨلود‬ ‫الفصل الثالث‬
‫‪48‬‬ ‫تقدمة القرابين‬ ‫الفصل الرابع‬
‫الفصل‬
‫‪60‬‬ ‫الفن في مصر القديمة‬
‫الخامس‬
‫‪102‬‬ ‫الفلسفة في مصر القديمة‬ ‫الفصل السادس‬
‫‪119‬‬ ‫العلوم في مصر القديمة‬ ‫الفصل السابع‬
‫‪142‬‬ ‫قائمة المراجع‬
‫مـقـــدمــــــة‬
‫الحضارة هي كل ما أـنتجه اإلنسان من صنع جوارحه و له قيمة‬
‫تاريخية أو ثقافية‪ .‬وتعتبر الحضارتان المصرية والعراقية القديمتان‬
‫من أعظم الحضارات القديمة التي يمكن دراستها‪.‬‬
‫و يهدف محتوى ذلك الكت اب إلى عرض موضوعات متنوعة ما‬
‫بين الحضارة و اآلثار؛ لكي تعطي القارئ فكرة شاملة و متخصصة‬
‫في تفاصيلها‪ .‬و من أجل تحقيق هذا الهدف تم تزويد الكتاب‬
‫بمجموعة من الصور و األشكال و التخطيطات التوضيحية ليتم الربط‬
‫بين ما هو مكتوب و ما هو مصور أو مرسوم‪.‬‬
‫و سيتم تقديم اآلراء العلمية الموثوق فيها‪ ،‬باإلضافة إلى اآلراء‬
‫الحديثة المدعمة بالدالئل األثرية‪ ،‬هذا فضالً عن اإلعتماد على‬
‫المراجع العلمية المنتقاة و الواردة في نهاية الكتاب‪.‬‬
‫ُروعي عند إعداد اإللتزام بمتطلبات المنهج التاريخي‬
‫واألثري في عرض المادة العلمية الموجودة بالكتاب مع استخدام‬
‫اإلسلوب النقدي إلعادة تحقيق بعض المصادر األثرية و ما تحويه‬
‫من معلومات أثرية و حضارية‪ ،‬أمالً في الوصول بذلك الكتاب إلى‬
‫أفضل ما يكون بقدر المستطاع‪.‬‬
‫الفصل األول‬
‫اجليش املصري القديم‬
‫‪ 1-1‬بداية تأسيس الجيش المصري القديم‬

‫‪ 2-1‬عناصر الجيش المصري القديم‬
‫‪ 3-1‬الﺨطط العسكرية‬
‫‪ 4-1‬األسلحة المصرية القديمة‬
‫‪ 5-1‬مكا نة طبقة العسكريين في المجتمع المصري‬
‫ودورهم السياسي‪.‬‬
‫اجليش املصري القديم‬

‫‪ 1-1‬بداية تأسيس الجيش المصري القديم‪:‬‬
‫منذ بداية الخ ليقة وجب على اإلنسان أن يتعلم كيف يحمي‬
‫نفسه وأهله و ممتلكاته سواء من أخطار الحيوانات الضارية أو من‬
‫المعتدين عليه من بني جنسه‪ ،‬و لذلك فال غرابة أن يتم العثور على‬
‫األسلحة مع المتوفين ضمن أثاثهم الجنزي في مقابرهم لكي يدافعوا‬
‫عن أنفسهم في العالم اآلخر‪.‬‬
‫و المصري القديم لم يكن شديد الحرص على حماية ممتلكاته‬

‫الخاصة فقط‪ ،‬بل كذلك كان يتعاون مع غيره في حماية قريته ثم‬
‫إقليمه ثم مملكته و أخي اًر دولته الموحدة ضد تهديدات األعداء تجاه‬
‫حدوده الشمالية الشرقية و الجنوبية و الغربية‪.‬‬
‫و من المنطقي أنه كان لمصر جيش يحميها منذ بداية توحيدها‬

‫على يد الملك نعرمر ‪ ،‬لكنه كان فيما يبدو بصورة بدائية في شكل‬
‫وحدات لحماية مداخل الطرق المؤدية إلى مصر أو لصد هجمات‬
‫البدو و تأديبهم لمع تكرار عدوانهم على القرى الحدودية‪.‬‬
‫و كان يتم التعبير عن الجيش رمزياً منذ عصر األسرة األولى‬

‫على األقل ‪ -‬كما يتضح األمر من بطاقة عاجية من عهد الملك ِدن‬
‫و صالية نعر_مر ‪ -‬بصورة الملك الحاكم سواءاً بتصويره بحجم‬
‫ضخم و هو يمسك برأس العدو و يكاد يهوي عليه بالمقمعة أو في‬
‫هيئة أسد شرس أو ثور قوي يمزق أجساد هؤالء األعداء‪.‬‬
‫ثم ما لبث أن تم في عصر اإلنتقال األول و الدولة الوسطى‬

‫تصوير وحدات للجيش في صورة منحوتات صغيرة تُسمى "ماكيت"‬
‫و هي تحمل األسلحة الخاصة بها‪ ،‬و لعلها البدايات األولى لتكوين‬
‫جيش نظامي دائم‪.‬‬
‫أما في عصر الدولة الحديثة فمن المؤكد وجود جيش نظامي‬

‫كامل‪ ،‬و من المؤكد أنه األقوى حينئذ‪ ،‬و بالتالي فرض شخصيته إلى‬
‫جوار شخصية الملك‪ ،‬فتم تصوير أغلبية طبقات جنوده و نوعيات‬
‫أسلحته الجيش‪ ،‬و بخاصة على جدار المعابد للتباهي ببطوالته‬
‫وكفاءة تدريباته أمام المصريين‪ ،‬كما ُسمح لكبار الضباط بنقش‬
‫مآثرهم في مقابرهم تفاخ اًر‬
‫‪ 2-1‬عناصر الجيش المصري القديم‪:‬‬
‫كان الجيش المصري يتبع نظاماً محدداً يسمح بوجود طبقات‬

‫للجنود وفقاً للخبرة و الكفاءة‪ ،‬و كان من بين عناصره‪:‬‬
‫أوالً‪ ،‬قائد الجيش ‪" imy-rA mSa‬قائدالجيش" ونائبه‪.‬‬
‫ثانياً‪ ،‬األفراد‪:‬‬
‫‪ -1‬حملة األقواس و الرماح و المقامع‪.‬‬
‫‪ -2‬المشاة‪.‬‬
‫ثالثاً‪ ،‬سالح المركبات‪:‬‬
‫عرف الجيش المصري استخدام الخيول في الحروب منذ الدولة‬

‫الحديثة على يد الهكسوس الرعاة‪ ،‬و إن كانت معرفته بها مؤكدة منذ‬
‫عصر الدولة الوسطى على األقل‪ .‬و كان اإلستخدام البدائي لها عن‬
‫طريق ركوبها بواسطة جندي يمسك بالقوس‪ ،‬ثم شاع استخدامها في‬
‫جر المركبات الحربية ذات العجلتين‪ ،‬و ذلك نظ اًر لسرعتها و قدرتها‬
‫على السير في األرض الوعرة بحوافرها القوية‪.‬‬
‫و قد طور المصريون سالح المركبات عندما جعلوا لها حصانين‬

‫يقومان بجرها لمضاعفة سرعتها‪ ،‬فضالً عن تخصيص جندي لقيادتها‬
‫و مقاتل بالقوس و السهام إلى جواره‪ ،‬بل و وصل عدد جنودها إلى‬
‫ث الثة‪ .‬و كان المسؤول عن هذا السالح يأخذ لقب "المشرف على‬
‫اإلسطبالت الملكية"‪.‬‬
‫رابعاً‪ ،‬األسطول البحري‪:‬‬
‫كان سالح البحرية في مصر قوياً‪ ،‬نتيجة خبرة المصري في‬

‫صناعة المراكب النيلية من البردي للنقل النهري بين مدن مصر عبر‬
‫نهر النيل‪ ،‬فضالً عن خبرتهم في صناعة السفن الكبرى من أخشاب‬
‫األرز اللبنانية بكميات كبرى وفقاً لما ورد في حجر باليرمو من وجود‬
‫‪ 40‬سفينة أيام الملك سنفرو ‪ ،‬و لعلها كانت مخصصة آنذاك للتجارة‬
‫مع جيرانهم األجانب خاصة من اللبنانيين ثم اليونانيين فيما بعد‪.‬‬
‫و أقدم مثال على قدم السالح البحري هو ما ورد في إحدى مقابر‬

‫العصور المبكرة في هيراكونبوليس من وجود نوعيتين من السفن‪،‬‬
‫إحداهما مصرية و األخرى أجنبية في وضعية قتال‪ .‬و لعل أبرز‬
‫مثال على استمرار قوة و نجاح السالح البحري العسكري لمصر هو‬
‫ما حدث في معركة قادش من وصول السفن البحرية في موعدها‬
‫لدعم الجيش عند نقطة تالق محددة‪ ،‬ثم في معارك مصر البحرية‬
‫ضد شعوب البحر‪.‬‬
‫و وصلت القوة البحرية لمصر في عصر األسرة ‪ 26‬عندما أصبح‬
‫لها أسطولين أحدهما تجاري اكتشف طريق رأس الرجاء الصالح ألول‬
‫مرة‪ ،‬و اآلخر عسكري‪ ،‬و هو ذات األسطول الذي اقتنصه الفرس‬
‫بعد احتاللهم لمصر في عصر األسرة ‪ ،27‬بل و استعانوا بفرق‬
‫عسكرية بحرية مصرية ضد األسطول اإلغريقي‪.‬‬
‫خامساً‪ ،‬كتبة الجيش‪:‬‬
‫كان الجيش المصري يحوي من بين أفراده مجموعة من الكتبة‬

‫يقومون بتسجيل أحوال الجيش أثناء الحروب في هيئة حوليات مثل‬
‫التقارير العسكرية‪ ،‬و لعلها كانت تُرسل بصورة دائمة من قائد الجيش‬
‫إلى الملك في مصر إلطالعه على حال الجيش أوالً بأول‪ ،‬فضالً‬
‫عن تسجيل أسماء المتوفين أو المصابين أو األسرى لكل جندي وما‬
‫شابه من أعمال‪ .‬و حمل هؤالء الكتبة لقب "كاتب (في) الجيش"‪،‬‬
‫وكان لهم مشرفاً على أعمالهم‪ .‬و من أمثلة هؤالء الكتبة المدعو‬
‫تنيني الذ ي شغل وظيفة كاتب التجنيد في عهد الملك تحوتمس‬
‫الرابع‪ ،‬و الذي ذكر على جدران مقبرته أنه رافق جاللة الملك (في‬
‫حمالته)‪ ،‬و أنه قام بتسجيل كآفة جنود جيش جاللته بأسمائهم و‬
‫بخاصة المجندين الجدد مع ذكر مهام كل منهم‪.‬‬
‫‪ 3-1‬الخطط العسكرية‬
‫لعل أهم ما يميز أي جيش هو قدرته على التخطيط الجيد‬
‫للمعارك‪ ،‬و من خالل دراسة المناظر العسكرية و قراءة حولياتها‪،‬‬
‫فإننا نجد أن الجيش المصري تميز بخططه العسكرية المتنوعة‪ ،‬و‬
‫منها‪:‬‬
‫‪ -1‬كان الجيش المصري يقوم بالمهاجمة في بداية المعركة عن‬
‫طريق العربات الحربية؛ نظ اًر لسرعتها و قدرتها على المناورة‪ ،‬فضالً‬
‫عن وجود رامي السهام من أعالها الذي يقذفها تجاه األعداء‪ .‬و تلك‬
‫المهاجمة تفقد تركيز الجنود األعداء‪ ،‬و تجعلهم يركزون على هذه‬
‫العربات الحربية ويتناسون أمر المشاة المصريين الذين يباغتونهم‬
‫فجأة‪ ،‬فيتفرقون أمام المصريين و ليس هجومي‪.‬‬
‫‪ -2‬كانت العربات الحربي ة تحاصر جيش العدو من جوانبه الثالث‬
‫ليشل من حركته‪.‬‬
‫‪ -3‬كان الجيش المصري يجعل عرباته الحربية تحيط بفرق المشاة‬
‫المصرية من الجوانب لحمياتهم من أي هجوم مباغت أو كمين‪.‬‬
‫‪ -4‬يقوم حملة األقواس بإطالق السهام الجماعية على مركز تمركز‬
‫جيش العدو المحاصر‪.‬‬
‫‪ -5‬كان يستخدم ال جيش المزمار بصوته العالي إلصدار نغمات‬

‫معينة متفق عليها لتوجيه الجنود و كأنها كلمات سر‪.‬‬
‫‪ -6‬كان الجيش المصري يقوم باقتحام الحصون و القالع بواسطة‬
‫الساللم و هدم جدرانها و الوقاية من سهام مدافعيها بوسائل متعددة‪.‬‬
‫و من بين أمثلة تلك الخطط‪:‬‬

‫أ) خطة الملك تحوتمس الثال ث ضد الميتانيين عندما فاجئهم‬
‫بقيامه بسلوك ممر منحدر بين الجبال وصوالً إلى مجدو‪.‬‬
‫ب) عندما ُخدع الجيش المصري في معركة قادش أيام الملك‬
‫رمسيس الثاني‪ ،‬فإنه استطاع تعديل خطته و تم له النصر‬
‫أو على األقل عدم تلقي الهزيمة‪.‬‬
‫‪ 4 -1‬األسلحة املصرية القدمية‬

‫األقواس والسهام‬
‫يبدو أن األقواس كان يتم صناعتها من سيقان بعض النباتات‬
‫المرنة كالغاب‪ ،‬ثم وتر من الجلد المجدول لشده مع السهم ثم تركه‬
‫فينطلق بسرعة وبشدة نحو الهدف‪.‬‬
‫وهناك أسلوبين إلستخدام السهام‪:‬‬

‫أ) اسلوب جماعي الطالق السهام في بداية المعارك‪.‬‬
‫ب) اسلوب فردي الطالق السهام أ ثناء المعركة أو أثناء هروب‬
‫الجيش المهزوم‪ ،‬بانتقاء ال هدف والتصويب عليه بشكل مباشر‪.‬‬
‫المقلع‪:‬‬
‫المقالع مكون من سير جلدي به سلة لوضع الحجارة التي‬
‫يتم انتقائها بحيث تكون ذات ذوايا حادة مؤثرة‪ ،‬حيث يتم شد السير‬
‫الجلدي ثم إفالت أحدى طرفيه لتطلق الحجر نحو موقع العدو‪.‬‬
‫الرمح‪:‬‬
‫يصنع الرمح من أعواد خشبية خفيفة‪ ،‬ويوضع له رأس صلب‬
‫صغير من الحجر أو النحاس‪ ،‬ثم يُقذف بقوة نحو الهدف المعادي‬
‫من األشخاص أو الخيول أثناء االشتباكات القريبة‪.‬‬
‫المقمعة‪:‬‬
‫المقمعة هي سالح الملوك المصريين األقدمين‪ ،‬فقد ظهروا‬
‫النقوش الفرعونية قابضين على نواصي أعدائهم و رافعين المقمعة‬
‫إلى أعلى تمهيداً لتهشيم رؤوسهم بها لو قاوموا‪ .‬فقد كانت تستهدف‬
‫العظام وبخاصة الرأس‪ ،‬و بالتالي قادرة على تهشيم الجمجمة‪ ،‬وكذلك‬
‫الضلوع وعظام الصدر حيث ترتطم بها رأس المقمعة لتسبب كسو اًر‬
‫قاتلة‪ .‬و تعد المقمعة تطو ار عن الفأس الحجرية القديمة‪ ،‬حيث كان‬
‫لها مقبض خشبي ومثبت فيه من األعلى كتلة حجرية من الحجر‬
‫الجيري أو من النحاس المسنن‪.‬‬
‫الخنجر‪:‬‬
‫الخنجر كان من أسلحة الطعن المستخدمة في القتال المتالحم‬
‫من أجل الدفاع عن النفس‪ .‬و يُ صنع الخنجر من نصل نحاسي مدبب‬
‫ومقبض خشبي أو جلدي‪.‬‬
‫الدروع‪:‬‬
‫ارتدى الملك المصري القديم وفرق الجيش الممتازة دروعاً من‬
‫الجلد السميك‪ ،‬وكانت تغطي منطقة الصدر والبطن حتى الحوض‪،‬‬
‫ولها حمالتان جلديتان عريضات لألكتاف‪.‬‬
‫‪ 5-1‬مكانة طبقة العسكريين في المجتمع المصري ودورهم‬

‫السياسي‪:‬‬
‫يتضح من حجم مقابر الضباط العسكريين أنهم كانوا من األثرياء‪،‬‬

‫و بالتالي كانت الدولة تقدر جهودهم و تضحياتهم‪ ،‬و لربما كانت‬
‫تمنحهم اإلقطاعيات الزراعية لينفقوا منها على أسرهم أثناء تغيبهم أو‬
‫عند إصابتهم أو بعد مقتلهم في الحروب‪ .‬فيقول القائد أحمس بن‬
‫إبانا "لقد مُنحت خمسة من الرقيق و خمس أرورات من األرض الزراعية ‪..‬‬
‫و مركب جاهزة لإلستخدام"‪.‬‬
‫و كان الجندي أو الضابط الشجاع الذي يحقق نص اًر أو يقاتل‬

‫بشجاعة أو يأسر أسرى فإنه يتم مكافأته بإعطائه نوط الشجاعة الذي‬
‫كان يأخذ أحياناً شكل الذبابة و كان يصنع من الذهب‪.‬‬
‫و من دراسة التاريخ السياسي للملوك الفراعنة‪ ،‬نجد أن هناك قادة‬

‫للجيوش بعدما يتم تقاعدهم لكبر سنهم‪ ،‬فإن الملك كان يجعلهم في‬
‫خدمته الخاصة ليكونوا إلى جواره تكريماً لهم بمصاحبة الملك في‬
‫قصره‪ ،‬و كذلك ليكونوا تحت عينه لمراقبتهم خوفاً من اإلنقالب عليه‪،‬‬
‫فضالً عن اإلنعام عليهم بالمنح و األلقاب التشريفية حتى ال يخونوه‪.‬‬
‫و مع ذلك فكان بعضهم يتورط في عمليات إغتيال للملك‪ ،‬و من‬

‫بين أشهر األمثلة اإلتهام الواضح للوزير آي ذو الخلفية العسكرية‬
‫الذي شغل منصب "المشرف على اإلسطبالت الملكية" أيام الملك‬
‫إخناتون في التسبب بمقتل الملك توت_عنخ_آمون‪ ،‬بل و في‬
‫غموض مقتله هو أيضاً ربما على قائد جيشه حور_م_حب الذي‬
‫تولى العرش من بعده‪ ،‬لكنه هو اآلخر اختفى و تولى من بعده قائد‬
‫جيشه رمسيس الذي سيتولى العرش تحت إسم رمسيس األول‪.‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫املعبودات املصرية القدمية‬
‫‪ 1-2‬من حيث المهام‪:‬‬

‫‪ 2-2‬من حيث األشكال‪:‬‬
‫‪ 3-2‬من حيث مواطنها‪:‬‬
‫املعبودات املصرية القدمية‬
‫هناك صعوبة كبيرة عند دراسة اآللهة في مصر القديمة‪ ،‬و تتجسد‬
‫تلك الصعوبة في تداخل و امتزاج آلهة مع بعضها البعض‪ ،‬أو تغير‬
‫صفات بعض اآللهة‪ ،‬فضالً عن اختالف صور اآللهة من مكان‬
‫آلخر‪ ،‬بل و حتى عددها الذي قارب األلفين‪ .‬و سنقدم محاولة منا‬
‫لتصنيف تلك اآللهة في مجموعات إلتاحة الفرصة للدارسين المبتدئين‬
‫أو غير المتخصصين مع اإلشارة إلى تغير أو انتقال أحدها من‬
‫مجموعة إلى أخرى‪.‬‬
‫‪ 1-2‬أوالً‪ ،‬من حيث المهام‪:‬‬
‫اآللهة‬
‫الخالقة‬
‫اآللهة‬ ‫اآللهة‬
‫األرباب‬ ‫الحاكمة‬
‫المهام‬
‫اآللهة‬ ‫اآللهة‬
‫الحامية‬ ‫األخروية‬
‫التقسيمات المتعددة لآللهة‬
‫األلهة الخالقة‪:‬‬
‫ُيقصد باآللهة الخالقة أي التي ظهرت في األساطير و المعتقدات‬
‫المصرية القديمة على أنها اآللهة التي بدأت خلق الكون عامة واألرض‬
‫و ما فيها خاصة منذ األزل‪ ،‬و منها‪ :‬أتوم‪ ،‬رع‪ ،‬بتاح و آمون‪.‬‬
‫األلهة الحاكمة‪:‬‬
‫ُيقصد باآللهة الحاكمة أي التي اتُخذت آلهة رسمية للدولة و راعية‬
‫للملك و الملكية في عمومها‪ ،‬منها‪:‬‬
‫✓ رع الذي ساد سلطانه في عصر الدولة القديمة‪.‬‬
‫✓ آمون الذي ساد سلطانه في عصر الدولة الوسطى و الحديثة‪.‬‬
‫✓ آتون الذي ساد سلطانه في أواخر عصر األسرة ‪.18‬‬
‫✓ ِست الذي ساد سلطانه في عصر األسرة التاسعة عشرة‪.‬‬
‫✓ حور الذي ساد سلطانه في أغلب عصور الدولة المصرية‪.‬‬
‫✓ نيت التي ساد سلطانها في العصر المتأخر خاصة في‬
‫األسرتين ‪ 24‬و ‪.26‬‬
‫اآللهة الحامية‪:‬‬
‫ُيقصد باآللهة الحامية أي التي اتخذها المصريون حامية لهم‬
‫ولمدنهم من كل مكروه‪ ،‬و أرباباً لكل خير‪ ،‬منها‪ :‬حتحور‪ ،‬إيسة‪،‬‬
‫ِ‬
‫نبت_حت‪ ،‬نخبت‪ ،‬تاورت و واﭽيت‪.‬‬
‫اآللهة األرباب‪:‬‬
‫ُيقصد باآللهة األرباب أي التي اعتبرها المصريون أرباباً للمظاهر‬
‫الحسية المادية مثل‪:‬‬
‫▪ السماء التي كانت نوت ربتها الرئيسة‪.‬‬
‫▪ األرض التي كان ربها ِجب‪.‬‬
‫▪ الهواء الذي كان ربه شو‪.‬‬
‫▪ القمر الذي كان ربه خونسو‪.‬‬
‫▪ النيل الذي كان ربه حعبي‪.‬‬
‫و كذلك المظاهر المعنوية مثل‪:‬‬
‫‪ o‬المعرفة التي كان ربها ﭽحوتي‪.‬‬
‫‪ o‬الكتابة التي كانت ربها سشات‪.‬‬
‫‪ o‬الفنون التي كان ربها بتاح‪.‬‬

‫‪ o‬السحر الذي كانت ربته إيسة‪.‬‬
‫‪ o‬السعادة الذي كان ربها بس‪.‬‬
‫‪ o‬الحب و الخير الذان كانت ربتهما حتحور‪.‬‬
‫اآللهة األخروية‪:‬‬
‫ُيقصد باآللهة األخروية أي التي تقوم بحساب المتوفى في العالم‬

‫اآلخر‪ ،‬و مجازاته على أعماله‪ ،‬منها‪:‬‬
‫✓ أوسير الذي كان يحاكم الموتى و يحاسبهم على أعمالهم خي اًر‬
‫عملوا أم ش اًر‪.‬‬
‫✓ ﭽحوتي الذي اختص بتسجيل أقوال المتوفى و نتيجة تلك‬
‫المحاسبة بدخوله جنة اليارو أو إلقائه إلى الوحش المخيف‬
‫ليلتهمه و ينهي وجوده‪.‬‬
‫✓ أنوبيس ومهمته قيادة المتوفى عبر مراحل محاكمة الموتى‪.‬‬
‫‪ 2-2‬ثاني ًا‪ ،‬من حيث األشكال‪:‬‬
‫(‪)15‬‬
‫تقسيم اآللهة من حيث األشكال‬
‫* في الشكل البشري‪:‬‬
‫هناك آلهة بدأت منذ البداية بصورتها اآلدمية مثل المعبود‬
‫أوسير‪.‬‬ ‫بتاح و‬
‫* في الشكل الحيواني‪:‬‬
‫لم يتجسد كل إله في أي مظهر مادي بشري كان أم حيواني أو‬

‫غيره عفوياً‪ ،‬إنما جاء وفقاً لقاعدة‪ ،‬أال و هي وجود صفات مادية‬
‫ومعنوية تربط بين تلك اآللهة و تلك األشكال التي تتجسد فيها‪ ،‬فمثالً‪:‬‬
‫* تجسدت الربة حتحور في شكل البقرة؛ ألن تلك اإللهة كانت ربة‬
‫لألمومة و الحب‪ ،‬و هي صفات موجودة في البقرة التي تتميز بحنوها‬
‫على رضيعها و حبها و مسالمتها لإلنسان و الحيوان‪.‬‬
‫* كان اإلله حور الذي كان حامياً للملك‪ ،‬و من ثم يتطلب األمر قدرة‬
‫على رعاية الملك بالتحليق فوقه و حوله و اإلنقضاض على من يهدد‬
‫أمنه و سالمته من األعداء الطامعين في العرش‪ ،‬و تلك الصفات‬
‫توافرت في الصقر الذي يتصف بالقوة في الطيران و المناورة‬
‫واإلنقضاض السريع على فريسته‪.‬‬
‫و على الرغم من أن السواد األعظم من اآللهة المصرية بدأ‬

‫ظهورها بشكل حيواني‪ ،‬إال أن أغلبها تحولت إلى الشكل اإلنساني‪،‬‬
‫ليس ألنه الشكل األرقى‪ ،‬فأغلبية اآللهة التي تحولت إلى الهيئة البشرية‬
‫احتفظت بالرأس الحيوانية‪ ،‬و هي بالطبع الجزء األهم في الهيئات‪،‬‬
‫لكن في اعتقادي أنه لتسهيل التعامل معها‪ ،‬فتستطيع اآللهة تسليم‬
‫عالمات الحياة إلى عابديه و تتويج الملوك الذين حينها يستطيعون‬
‫مخاطبتها‪ ،‬لذا لم يكن من المنطقي أن يخاطب الملك الذي في صورٍة‬
‫بشر ٍ‬
‫ية هيئ ًة في صورة حيوانية لها لغتها الخاصة‪.‬‬
‫و تجسدت في الشكل البشري إما في صورة ذكرية أو أنثوية‪،‬‬

‫ومن بينها‪:‬‬
‫الصورة البشرية‬ ‫الصورة الحيوانية‬ ‫‪/‬‬ ‫إسم اإلله‬

‫اإللهة‬
‫الكبش‬ ‫آمون‬
‫حتحور‬
‫البقرة‬
‫ست‬
‫ِ‬
‫آكل النمل‬
‫سخمت‬
‫اللبؤة‬
‫أنوبيس‬
‫ابن آوى‬
‫سوبك‬
‫التمساح‬
‫* في شكل الطيور‪:‬‬
‫هناك أيضاً بعض اآللهة تجسدت في أشكال الطيور‪ ،‬وإن تحولت‬

‫إلى الشكل البشري بين الحين و اآلخر‪ ،‬و منها‪:‬‬
‫الشكل البشري‬ ‫الشكل الطيوري‬ ‫إسم اإلله ‪ /‬اإللهة‬

‫حور‬
‫الصقر‬
‫ﭽحوتي‬
‫أبو قردان‬
‫موت‬
‫الرخمة‬
‫* في شكل الحشرات والزواحف‪:‬‬

‫ظهرت بعض المعبودات على األخص متجسدة في شكل الحشرات‪،‬‬
‫و كانت تصور بشكل آدمي‪ ،‬أنثوي أو ذكوري‪ ،‬ثم يوضع شكلها‬
‫األصلي فوق الرأس اآلدمية‪ ،‬و منها‪:‬‬
‫الشكل البشري‬ ‫شكل الحشرة‬ ‫إسم اإلله ‪ /‬اإللهة‬
‫ِسرقت‬
‫العقرب‬
‫خبري‬
‫الجعران‬
‫واﭽيت‬
‫ثعبان الكوب ار‬
‫‪ 3-2‬ثالث ًا‪ ،‬من حيث مواطنها‪:‬‬
‫كان لكل مدينة كبرى ثالوثاً حامياً لها و ألهلها‪ ،‬و يتكون الثالوث‬
‫من ثالثة آلهة‪ ،‬أكبرهم مكان ًة يمثل دور األب في هذا الثالوث‪ ،‬واألنثى‬
‫تمثل دور الزوجة و األم‪ ،‬أما اإلله األصغر فيمثل دور اإلبن‪.‬‬
‫و فكرة الثالوث مقتبسة من فكرة األسرة المصرية‪ ،‬فكما أن‬

‫للبشر و الحيوان أسرة أضالعها األب‪ ،‬األم و اإلبن‪ ،‬فإن لآللهة أيضاً‬
‫أسر تتكون من األضالع ذاتها‪.‬‬
‫و إني ألعتقد بأن للثالوث مغزى فلسفي يتلخص في أن األب هو‬

‫الراعي و الضامن إلستمرار مقومات الحياة‪ ،‬و األم هي مصدر الحياة‬
‫ذاتها‪ ،‬و أما اإلبن فهو المستقبل السعيد الذي يمنح البشر األمل‬
‫لإلستمرار في الحياة‪.‬‬
‫و من أمثلة تلك الثواليث‪:‬‬
‫الثالوث اإللهي فيها‬ ‫إسم المدينة‬

‫بتاح – سخمت نفر_أتوم‬ ‫منف‬
‫أتوم – تفنوت ‪ -‬سوبك‬ ‫إيونو‬
‫آمون_رع – موت ‪ -‬خونسو‬ ‫طيبة‬
‫‪ -1‬سوبك – حتحور – خونسو‬ ‫كوم امبو‬
‫‪ -2‬حور_ور – تاسنت – بانب_تاوي‬
‫مونتو – ثنيت – حور_باغرد‬ ‫الطود‬
‫هذا و ُيالحظ أن هناك ثواليثاً لم تتبع القاعدة السابقة‪ ،‬و إنما‬

‫تكونت من زوج و زوجتين مثل ثالوث إلفانتين‪ :‬خنوم – ساتت –‬
‫عنقت‪.‬‬
‫كما هناك ثالوثاً كانت فيه الزوجة األم هي الشخصية األهم في هذا‬
‫الثالوث مثل ثالوث مدينة دندرة‪ :‬حتحور – حور_سماتاوي – إيحي‪.‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عقيدة البعث و اخللود‬
‫‪ 1-3‬نشأة اإلعتقاد يف احلياة بعد املوت‪:‬‬

‫‪ 2-3‬متطلبات عقيدة البعث و اخللود‬
‫‪ 3-3‬ثوابت و شعائر عقيدة البعث و اخللود‬
‫عقيدة البعث و اخللود‬
‫‪ 1-3‬نشأة اإلعتقاد في الحياة بعد الموت‪:‬‬
‫إن وجود الموت لم ينشأ منذ بدء الحياة ذاتها‪ ،‬بل قبلها‪ ،‬ألن‬
‫المخلوقات قبل أن تكون حية كانت في األصل ميتة‪ ،‬فالجنين قبل أن‬
‫يتكون هو في األصل ميت ثم تُبث فيه الروح فيصبح حياً‪.‬‬
‫و تلك العقيدة فهمها البشر منذ خلق آدم عليه السالم‪ ،‬و من‬
‫ثم فمن المنطقي أن يدرك المصريون األقدمون أن هناك موت البد‬
‫للبشر من أن يمروا به‪ .‬و لعلهم تساءلوا إن كان ذلك الموت هو نهاية‬
‫المطاف أم ال؟‬
‫و أعتقد في رأيي أن المصري القديم كان على قدر كبير من الفلسفة‪،‬‬

‫و من ثم فإن تفكيره لم يقتصر على الماديات فقط‪ ،‬بل إنه كان يبحث‬
‫فيما وراء تلك الطبيعة المادية التي تحيط به‪ ،‬و التي نطلق عليها‬
‫البيئة المصرية التي ساهمت – كما سيلي بيانه – في تأكيد فكرة البعث‬
‫و الحياة األخروية لديه‪ ،‬و لذا فمولد و نشأة تلك العقيدة لدى المصري‬
‫القديم كان منذ أن سكن و استقر وادي النيل و دلتاه‪ ،‬و حين بدأ وضع‬
‫قواعد المدنية لوطنه الوليد‪.‬‬
‫من أين تأكدت فكرة البعث عند المصري القديم؟‬
‫عندما نضع أنفسنا في قلب معيشة المصري القديم‪ ،‬فنرى بعينيه‬

‫ما كان يرى‪ ،‬و نفكر كيفما كان يفكر‪ ،‬فإننا سنتوصل إلى ما كان به‬
‫يؤمن و ما كان فيه يعتقد‪ .‬و حينئذ نجد أن البيئة و عناصرها كان‬
‫لها الدور المهم كما يلي‪:‬‬
‫أ) نوعيات أراضي مصر‪:‬‬
‫إن أراضي مصر كانت إما طينية سوداء خصبة أو رملية صفراء‬
‫جافة‪ ،‬و لعل ذلك دعاه إلى التدبر في أن األرض الطينية تمثل الحياة‬
‫بما تحويه من عناصر الخصوبة القادرة على إحياء النباتات و التي‬
‫يعيش عليها الحيوان ثم اإلنسان‪ ،‬فهي مصدر حياة‪ ،‬ومن ثم فيسكنها‬
‫األحياء‪.‬‬
‫أما األرض الرملية‪ ،‬فإنها تحوي عناصر الموت فال يمكن‬

‫زراعتها‪ ،‬لذا فهي خالية ال يسكنها سوى األموات‪ ،‬ألنها األرض القادرة‬
‫بخلوها من الماء على حفظ األجساد من التحلل الكامل‪ .‬و بما أن‬
‫مدن األحياء يتعايش فيها القوم و ينعمون‪ ،‬فالبد و أن مدن األموات‬
‫(الجبانات) يتعايش فيها هؤالء بعد انتقالهم إليها‪.‬‬
‫ب) سطوع الشمس و دورانها‪:‬‬
‫كان لصفاء سماء مصر أغلب شهور العام أثره في متابعة‬

‫المصري لتحركات األجرام فيها بما فيها من نجوم الليل وشمس النهار‬
‫التي راقبوها منذ شروقها حينما تكون ضعيفة األشعة و الح اررة‪ ،‬ثم ما‬
‫تلبث أن تصل إلى كبد السماء فتأخذ في التوهج فتقوى أشعتها و تزداد‬
‫ح اررتها‪ ،‬و بعد ذلك تأخذ في األفول و الضعف في ح اررتها كلما‬
‫اتجهت إلى الغرب حيثما تغيب‪ .‬لعل تلك الرحلة الشمسية جعلت‬
‫المفكر المصري يقارنها بمولد اإلنسان طفالً ضعيفاً‪ ،‬ثم يشب قوياً في‬
‫منتصف العمر‪ ،‬ثم يشيب فيضعف حتى يموت‪.‬‬
‫و كان لتكرار عودة الشمس في موعد محدد من المشرق بعد‬

‫غروبها من المغرب أن اعتقد أن اإلنسان بعد موته يعود من عالم‬
‫األموات‪ ،‬و أنه سيولد مرة أخرى ال محالة في موعد محدد‪.‬‬
‫و أن مرحلة الموت ما هي إال مرحلة زمنية مؤقتة يعيش فيها‬
‫اإلنسان ليناضل من أجل العودة إلى الحياة األخروية الخالدة‪.‬‬
‫ج) تتابع جريان نهر النيل بعد جفافه‪:‬‬
‫كان لنهر النيل دور مؤثر في تأكيد البعث بعد الموت‪ ،‬فالنيل يأتي‬
‫إلى مصر بمياهه الضعيفة عند بداية كل فيضان‪ ،‬ثم يزداد مقدارها‬
‫شيئاً فشيئاً حتى يصبح النيل في قمة عنفوانه و مياهه جارفة‪ ،‬ثم يهدأ‬
‫و يبدأ في اإلنحسار حتى يجف تماماً‪ ،‬و تختفي مياهه‪ ،‬و كأنه مات‬
‫و انتهى‪ .‬ثم ما تلبث أن تبدأ بشائر فيضانه الجديد مرة أخرى‪ ،‬بما‬
‫كان يعني في الفكر المصري عودة الحياة إليه‪.‬‬
‫د) دورة الحياة النباتية‪:‬‬
‫كانت المهنة الرئيسة للمصري القديم هي الزراعة‪ ،‬و من ثم مراقبته‬

‫ألحوال محصوله عندما يبدأ في النمو ضعيفاً ثم يقوى عوده‪ ،‬ثم يصفر‬
‫و بعدها يجف فيتساقط على األرض فتذروه الرياح‪ ،‬و بعدها يختفي‬
‫وجوده‪ .‬و بعد حين تعود األرض لسابق عهدها مخضرة بالمحصول‬
‫الجديد من جديد‪ .‬أي كانت األرض و النبات في مرحلة حياة ثم موت‬
‫ثم حياة‪.‬‬
‫ه) النوم و اإلستيقاظ‪:‬‬

‫كان لمالحظة المصري لحاله من نوم يغشاه دون رغبته‪ ،‬ثم‬
‫استيقاظ أيضاً دون رغبته‪ ،‬ثم عودة النوم إليه‪ ،‬و ما يتبع ذلك من‬
‫أفعال ففي حالة اإلستيقاظ يكون اإلنسان نشطاً و مدرك ًا ألحواله‬
‫ومتحكماً في جوارحه‪ ،‬أما قرب منامه فيكن في حالة تعب و إجهاد‬
‫تتصاعد حتى النوم‪ ،‬و حينها ليس لإلنسان من حراك مقصود‪ ،‬و كأنه‬
‫في حالة الموت‪ ،‬و بعدها يستيقظ ليعود إلى سابق عهده و نشاطه و‬
‫قوته‪.‬‬
‫و في أثناء نومه يقابل في أحالمه الموتى من معارفه و أقاربه‬

‫فيتعايش معهم كما و أنهم ما زالوا أحياءاً‪ ،‬و ما دام هذا األمر يحدث‬
‫في حالة الموت األصغر‪ ،‬إذاً في الموت األكبر حياة و تعايش مع‬
‫اآلخرين ثم تعقبه حياة أخرى تتصف بأنها األبدية‪.‬‬
‫فيقول خيتي إلبنه ناصحاً‪" :‬إن اإلنسان يُبعث بعد الموت‪ ،‬و توضع‬
‫أعماله إلى جانبه كالجبال‪ .‬إن الخلود مثواه هناك"‪ .‬أي هناك من اإلنس من‬
‫سيخلد بين جبال النعيم أو بين جبال الجحيم حسب أعماله كانت خي اًر‬
‫أو ش اًر‪.‬‬
‫‪ 2-3‬متطلبات عقيدة البعث و اخللود‬
‫كان اإلنسان في المعتقد المصري القديم خليطاً من الروحانية‬

‫المعنوية الغير مرئية و تمثله الروح التي ال تفنى‪ ،‬و من المادية الحسية‬
‫المرئية ويمثلها الجسد الذي يفنى‪ .‬و مع إيمان المصريين القدماء بأن‬
‫اإلنسان سيبعث ثانية بعد موته ليحيا حياة الخلود‪ ،‬و ذلك بعدما تصعد‬
‫إلى السماء روحه التي صوروها على شكل طائر و أسموها "با"‪ ،‬وأنها‬
‫"غت" قد‬‫ستعود إليه من السماء طالما أن الجسد الذي أطلقوا عليه ِ‬
‫ظل سليماً بعد الدفن‪.‬‬
‫فالموت فى نظر المصريين القدماء لم يكن هو النهاية‪ ،‬فبعده‬

‫يحيا اإلنسان الحياة الجديدة التي لها متطلبات عدة أهمها الحفاظ على‬
‫الجسد عن طريق‪:‬‬
‫التحنيط‬
‫متطلبات‬
‫البعث‬
‫نحت‬
‫بناء‬ ‫و اخللود‬
‫التماثيل‬
‫المقبرة‬ ‫و نقش‬
‫النقوش‬
‫‪ -1‬تحنيط جثة الموتى‪:‬‬

‫قال صامويل بيرش الذي ظل ‪ 19‬عاماً أميناً للقسم الشرقي‬
‫بالمتحف البريطاني عام ‪1878‬م أن المصريين حفظوا ‪ 420‬مليون‬
‫مومياء طوال ‪ 2700‬عاماً من التاريخ‪ .‬و إن كان آخرون قدروا عددها‬

‫بحوالي ‪ 731‬مليون مومياء‪.‬‬
‫و كانت المومياوات المصرية تُسحق و تباع دواءاً غالي الثمن‪،‬‬
‫وتُستعمل مع بعض زيوت النباتات لعالج االلتهابات‪ .‬و في عام‬
‫‪1777‬م حذرت دائرة المعارف البريطانية الناس من شراء بعض هذه‬
‫المساحيق لكونها مغشوشة‪ ،‬باعتبارها مسحوقة من جثامين مجرمين‬
‫تم الحكم عليهم باإلعدام‪.‬‬
‫فكرة التحنيط‪:‬‬
‫اعتمدت فكرة التحنيط على تجفيف جسم المتوفي تماماً من‬

‫المكونات المائية التي تشكل نسبة حوالي ‪ % 75‬من المكونات الكلية‬
‫لجسم اإلنسان‪ ،‬مع عزله عن أي مصدر خارجي للرطوبة المائية‪ .‬لذا‬
‫تعلم المحنط المصري في البداية التجفيف‪ ،‬فقد دفن المصريون جثث‬
‫موتاهم في رمال الصحراء ذات الشمس القوية‪ ،‬حتى تجففها من الماء‬
‫وتحفظها من التلف‪.‬‬
‫تحنيط األحشاء الداخلية‪:‬‬
‫تُستخرج األحشاء الرخوية الداخلية في البطن و هي الرئتين‪ ،‬المعدة‪،‬‬

‫الكبد و المعدة‪ .‬ثم تُطهر كل منها بالماء النقي‪ ،‬ثم يتم وضعها في‬
‫محلول الراتنج‪ .‬ثم توضع كل منها في إناء من آنية أربعة ُشكل غطاء‬
‫كل منها برأس و إسم من أسماء أحد أبناء اإلله حور األربعة‪ ،‬و ذلك‬
‫بغرض حمايتها من األرواح و المخلوقات الشريرة‪ ،‬و أسماء و أشكال‬
‫تلك اآللهة الحامية هي‪:‬‬
‫‪ ،‬و غالباً ما تُحفظ فيه الرئتان‪.‬‬ ‫‪-1‬حعبي‪ :‬برأس القرد‬
‫‪ ،‬و غالباً ما تُحفظ فيه الكبد‪.‬‬ ‫‪-2‬إمستي‪ :‬برأس بشرية‬
‫‪ ،‬و غالباً ما تُحفظ فيه المعدة‪.‬‬ ‫‪-3‬دوا_موت_إف‪ :‬برأس ابن آوى‬
‫‪ ،‬و غالباً ما تُحفظ فيه األمعاء‪.‬‬ ‫‪ِ -4‬قبح_سنو_إف‪ :‬برأس صقر‬

‫‪ -2‬نحت التماثيل و نقش النقوش‪:‬‬
‫كان المصري يفترض أنه إذا استطاع أن الحفاظ على المومياء‬

‫ضد التحلل المومياء زمناً‪ ،‬فإنها قد تهلك بعد ده اًر‪،‬لذا افترض أن‬
‫يجعل لنفسه تمثاالً أو نقشاً يحمل هيئته و يحفظ له اسمه و يضمن‬

‫بقاءه‪ ،‬لذا صنع تلك التماثيل من األحجار الصلبة‪.‬‬
‫‪ -3‬بناء المقبرة‪:‬‬
‫كانت المقبرة بمثابة البيت األبدي للمتوفى‪ ،‬و من ثم كان البد أن‬
‫يقوم بتشييدها من الحجر‪ ،‬لتسطع تحمل توالي األزمان عليها‪ .‬و كان‬
‫يخفي دوماً مكان المومياء في عمق المقبرة ليسطيع الحفاظ عليها‪.‬‬
‫‪ 3-3‬ثوابت و شعائر عقيدة البعث و اخللود‬
‫‪ -1‬تقدمة القرابين‪:‬‬
‫كان المصريون يعتقدون أن روح المتوفى و قرينه المسمى عندهم‬

‫"كا" و هي شبيه اإلنسان و تتميز بوضع عالمة الذراعين المرفوعين‬
‫إلى أعلى‪ ،‬و كالهما يحتاجون إلى الطعام و الشراب أثناء الممات‪،‬‬
‫لذا كانوا يضعون تلك األطعمة لها أمام ما ُيسمى بالباب الوهمي في‬
‫المقبرة‪.‬‬
‫‪ -2‬إمداده باألثاث الجنزي‪:‬‬
‫كما أن المتوفى يحتاج إلى أدوات تتمثل فيما يسمى األثاث الجنزي‬
‫من المقاعد‪ ،‬األسرة‪ ،‬أدوات الكتابة‪ ،‬الصناديق و األواني‪ ،‬ليستعين بها‬
‫المتوفى في حياة الخلود‪ .‬و من الممكن أن يعوض ذلك بنقشه على‬
‫جدران المقابر‪.‬‬
‫‪ -3‬إلحاق الكتب الدينية بمومياء المتوفى للحفاظ عليه‪:‬‬
‫لعل "كتاب الموتى" هو أهم الكتب الدينية ذات الطبيعة الجنزية‪،‬‬

‫و قد أُطلق ذلك اإلسم على مجموعة كبيرة من النصوص الجنزية التي‬
‫تحتوي على صيغ سحرية وتراتيل وصلوات غرضها هو توجيه وحماية‬
‫الروح أثناء رحلتها في عالم الموتى من معوقات المخلوقات الشريرة‬
‫التي تحاول أن تُعرقل تقدمها‪ ،‬ومن شأنها أيض ًا مساعدة الروح على‬
‫إنجاح في الحصول على تأييد الـ ‪ 42‬قاضياً التابعين لإلله أوسير‬
‫أثناء محاكمة الموتى في العالم اآلخر‪.‬‬
‫و تظهر هيئة المحكمة المكلفة بمحاكمة المتوفى في بداية‬

‫الكتاب‪ ،‬حيث يرأس المحكمة اإلله أوسير وأعضاء المحكمة‬
‫وعددهم ‪ 42‬قاضياً‪ ،‬والذين يمثلون محافظات مصر القديمة (؟) أو‬
‫أن كل إله اختص بمحاسبة المتوفى عن عمل من أعمال الدنيا‪ ،‬ويقف‬
‫المتوفى أمام القضاة مرتالً‪":‬إني لم أسرق‪ ،‬لم أقتل‪ ،‬لم أكذب ولم ألعن‬
‫الفرعون يوماً"‪.‬‬
‫فهناك نصوص دينية كثيرة تحذر من سوء المنقلب يوم‬
‫الحساب‪ ،‬فورد النص التالي‪:‬‬
‫"ليس ألحد أن يقتل‪ ،‬و ال أن يعمل بما يخالف العدل؛ ألنه سوف يالقي حساباً‬
‫على أعماله‪ .‬إن القضاة المقدسين الذين يحاكمون المتوفى ال يتسامحون في‬
‫تطبيق الشريعة‪ ،‬فويل حينئذ للظالم‪ ،‬فال تغتر بامتداد السنين‪ ،‬فحياة اإلنسان‬
‫على األرض ليست في نظر القضاة المقدسين سوى لحظة"‪.‬‬
‫"إن الفضيلة التي يتحلى بها اإلنسان العادل أفضل في عين اإلله من الثور‬
‫الذي يذبحه الضال له قرباناً‪ .‬انظر‪ ،‬إن الناس قطيع اإلله‪ ،‬و هو يهديهم السبيل‬
‫‪ ..‬فخلق لهم األنعام و النبات و صيد البر و البحر ‪ ..‬و هو يسمعهم حينما‬
‫يبكون أو إليه يشكون"‪.‬‬
‫ثم يتم وزن قلبه مقابل ريشة العدالة‪ ،‬فإن خفت موازينه كان‬
‫فيساق إلى عذاب الجحيم‪ ،‬أما إذا ثُقلت‬
‫ذلك دليالً على أن قلبه آثم ُ‬
‫موازينه كان قلبه طاهر مليئ بالخيرات‪ ،‬فيكون مصيره الجنة‪.‬‬
‫و بعدها يعلن اإلله ﭼحوتي أن أفعاله وجدت صالحة في‬
‫الميزان األعظم و أن هذا المتوفى بالفعل لم يرتكب إثماً‪ ،‬و لم يصنع‬
‫ش اًر‪ .‬ثم يقوم الوحش بالتهام قلوب األموات الذين يرتكبون اآلثام أو‬
‫تعذيبهم‪ .‬و عن ذلك ورد النص التالي من تعاليم خيتي إلبنه‪:‬‬
‫وإن‬ ‫"من اتقى و عاش عيشة الفضيلة كان نصيبه في الحياة األخرى خلود ‪..‬‬
‫الذي يأتي بغير ذنوب سيحيا حياة األرباب‪ ،‬و من اجتاز الحساب أمام أوسير‪،‬‬
‫مضى إلى الحياة األخرى (منعماً) ‪ ..‬أما من تساهل مع نفسه في الدنيا‪ ،‬فال‬
‫مفر له من العدم"‪.‬‬
‫‪ -4‬إجراء الطقوس الجنزية للمومياء‪:‬‬

‫هناك طقوس دينية و شعائر دينية كان على أهل المتوفى القيام‬
‫بها قبل دفن المومياء‪ ،‬لعل أهمها طقسة أو شعيرة فتح الفم‪ ،‬حيث‬
‫يقوم الكاهن بتوجيه فخذ ثور حديث الذبح ما زالت رعشة خروج روحه‬
‫موجودة‪ ،‬ثم يسددها مع عالمة ‪ stp‬إلى أنف المومياء مرتالً بقوله‪:‬‬
‫"افتح فمك لتتكلم‪ ،‬و افتح عينيك لترى‪ ،‬و افتح أذنيك لتسمع‪."...‬‬
‫‪ -5‬دفن الجثمان وفقاً للتقاليد الجنزية‪:‬‬
‫كان المصري القديم يتبع العديد من الطقوس الجنزية الخاصة‬

‫بكيفية وضع الجثمان في المقبرة‪ ،‬فمثالً في العصور المبكرة كان البد‬
‫و أن يضعه متجهاً بوجهه إلى الشرق و رأسه إلى الجنوب‪ ،‬وإلى جواره‬
‫القرابين وفقاً لحالته المادية‪.‬‬
‫هناك مجموعة من الحقائق ينبغي أن نشير إليها عند الحديث‬

‫عن أقدم دفنة في مصر و هي ‪:‬‬
‫‪ -1‬تشير الترتيبات و التجهيزات الخاصة بحفرة الدفن و ما وضع‬
‫بجوار الهيكل العظمي من أدوات حجرية موستيرية و توجيه رأس‬
‫الطفل ناحية الشرق إلى أنها دفنة مقصودة و ليست عشوائية‪.‬‬
‫‪ –2‬يمكن أن نعتبر أن توجيه رأس الطفل ناحية الشرق هو إرهاصات‬
‫أولى لوجود بواكير معتقدات دينية جنائزية شمسية‪.‬‬
‫‪ -3‬يشير الهيكل العظمي لهذا الطفل بأنه ينتمي لجنس اإلنسان العاقل‬
‫القديم‪ ،‬مما يؤكد وصول اإلنسان العاقل القديم لوادي النيل بمصر منذ‬
‫العصر الحجري القديم األوسط قادماً من شرق أفريقيا‪.‬‬
‫الفصل الرابع‬
‫تقدمة القرابني‬
‫‪ 1-4‬أهمية تقديم القرابني و اهلدف منها‪:‬‬
‫‪ 2-4‬دور امللك يف طقوس تقدمة القرابني‪:‬‬

‫‪ 3-4‬أنواع القرابني‪:‬‬
‫‪ 1-4‬أهمية تقديم القرابين و الهدف منها‪:‬‬
‫اعتبر المصريون القدماء أن اآللهة هم المفوضون من إلههم األكبر‬

‫ل لتحكم في كآفة عناصر الحياة الدنيوية‪ ،‬مثل الهواء‪ ،‬الفيضان‪،‬‬
‫الشمس‪ ،‬األرض‪ ،‬السماء‪ ،‬بل وحتى عناصر الحياة األخروية مثل‬
‫محاكمة الموتى‪.‬‬
‫و كان هؤالء اآللهة تجسيداً للقوى الخفية التي تتحكم في تلك‬

‫العناصر و توجهها سواء إلى خير البشر أو إلى ضرهم؛ لذا احتاج‬
‫المصريون إلى ارضاء هؤالء اآللهة بكآفة السبل‪ ،‬و من بينها تقدمة‬
‫القرابين لها‪ ،‬و ذلك ألنهم اعتقدوا في أنهم يتجسدون في صورة‬
‫مخلوقات حية‪ ،‬و التي طبيعياً و منطقياً تحتاج إلى طعام و شراب‪،‬‬
‫و لكن ليس لبقائها على قيد الحياة‪ ،‬بل من أجل ارضائها‪.‬‬
‫و يبرز هدف آخر لتقدمة القرابين أن الذي يهدي قرباناً واحداً إلى‬
‫اآللهة يرغب في أن تعوضه اآللهة من ذات الهدي أو القربان المزيد‬
‫و المزيد من البركة و ضمان استمرار الخيرات‪ ،‬وذلك بدليل أن نص‬
‫بعض العطايا يرد فيه الرد كالتالي‪" :‬أهدي لك الخبز لتضمن لي الطعام"‪.‬‬
‫و في تقدمة القرابين الملكية كانت أحياناً التقدمة المادية بهدف‬

‫تلقي مقابالً معنوياً لها‪ ،‬و ذلك يتمثل في تقديم المشروبات الروحية‬
‫مقابل السعادة للملك‪ ،‬و تقديم نبات اللوتس و البردي مقابل اإلبقاء‬
‫على وحدة مصر‪ ،‬و إهداء األسرى مقابل النصر على األعداء‪.‬‬
‫و هناك تقديمات تدل على تمام القيام بالمهام التي أوكلتها اآللهة‬
‫للملك مثل إهداء رمز "ماعت" لإلشارة إلى تمام قيام الملك بتنفيذ‬
‫العدالة بين المصريين في مقابل الحصول على رضى اآللهة واستمرار‬
‫تأييدهم له و تدفق الخيرات على مصر‪.‬‬
‫و هناك غرض آخر هو األكثر أهمية لدى عامة الشعب‪ ،‬ويتمثل‬

‫في أن الروح بعد الموت تحتاج إلى الطعام و الشراب في العالم اآلخر؛‬
‫و بالتالي يجب أن يتم تقديم قرابين لها أمام الباب الوهمي على مائدة‬
‫خاصة بها تجويفات للمشروبات غالباً‪.‬‬
‫‪ 2-4‬دور الملك في طقوس تقدمة القرابين‪:‬‬
‫كان المعبد في المعتقدات المصرية القديمة هو مسكن اآللهة‬

‫على األرض‪ ،‬و من ثم كان على البشر خدمتهم فيها‪ ،‬و أسندوا إلى‬
‫الملك تلك المهمة‪ ،‬و من ثم فالملك في المعبد هو خادم يقوم بكل‬
‫مهام الخدمة و أداء الشعائر‪ ،‬و لذا من يقوم بتلك المهمة ُيسمى في‬
‫‪ Hm –nTr‬و معناها الحرفي "خادم اإلله"‬ ‫اللغة المصرية القديمة‬

‫أي "كاهن" بمفهومنا اآلن‪.‬‬
‫و كان الواقع أن ُينيب الملك عن نفسه كاهناً أكبر في كل معبد‬

‫من معابد مصر في القيام بتلك الخدمة و أداء تلك الشعائر الدينية‪،‬‬
‫و إن كان يقوم الملك فعلياً بأداء تلك المهام في قدس أقداس المعبد و‬
‫لتمثال اإلله فيه أثناء اإلحتفاالت الرسمية خاصة تلك المتعلقة بعملية‬
‫تتويجه من ذلك اآلله‪.‬‬
‫و كان يعاون ذلك الكاهن األكبر كهان أقل في الدرجة يقومون‬

‫بتنظيف المعبد و تلقي القرابين و غيرها من المهام األخرى‪.‬‬
‫الملحوظات العامة على طقوس تقدمة القرابين‪:‬‬
‫إن المصدر األساسي عن طقوس تقدمة القرابين هو المناظر‬

‫المنقوشة على جدران المعابد‪ ،‬و أغلب تلك القرابين كانت عبارة عن‬
‫أوعية غير محدد ما تحويه من سوائل‪ ،‬أو المغزى من تقدمة قرابين‬
‫في صورة حيوانات بعينها‪.‬‬
‫تُكتب النصوص المصاحبة للمناظر دائماً بالخط الهيروغليفي في‬

‫الشكل الرأسي أو العمودي‪ ،‬و كل تلك النصوص عامة تتجه إلى نحو‬
‫المنظر الرئيسي الذي يجمع الملك و اإلله معاً‪ .‬و أغلبها يصف ما‬
‫يقوم به الملك من طقوس مثل "يقدم اإلناء‪ ،‬يأتي بالقربان‪ ،‬يذبح قوى‬
‫الشر"‪.‬‬
‫‪ 3-4‬أنواع القرابين‪:‬‬
‫يصل عدد نوعيات القرابين إلى ما يقرب من المائتين‪ ،‬و يمكننا‬
‫تقسيمات نوعياتها تلك إلى مجموعات رئيسية منها‪:‬‬
‫األطعمة‬
‫أواني‬
‫الحيوانات‬
‫التطهير‬
‫نوعيات‬
‫النباتات و الزهور‬
‫القرابين‬ ‫المشروبات‬
‫الحلي و الزينة‬ ‫التماثيل و‬

‫الرموز‬
‫نوعيات القرابين المعتادة‬
‫تقدمة أباريق و مباخر التطهير‬

‫تعتبر عملية تطهير المكان سواء المعبد عامة أو قدس األقداس‬
‫خاصة من الطقوس الهامة التي تسبق تقدمة القرابين و ذلك لطرد‬
‫األرواح الشريرة و القوى المعادية لآللهة الطيبة المقربة لدى المصري‬
‫القديم‪ .‬و تتم عملية التطهير بنثر الماء المقدس الذي تتلى عليه التراتيل‬
‫الدينية ذات الصبغة السحرية في جنبات المكان أو بحرق البخور‬
‫لتطهير هواء المكان أيضاً‪.‬‬
‫و من أجل ذلك يحرص الملوك على القيام بتقدمة أباريق التطهير‬

‫الذهبية التي يصل عددها أربعة لتطهير أركان المكان األربعة أو‬
‫جوانب تمثال اإلله األربعة؛ و بذلك يكن اإلله هو أول من يتمتع‬
‫بالمباركة‪ .‬فيقول الملك لإلله عادة‪" :‬أقدم لك األباريق المملؤة بالماء‬
‫(الطاهر) و أصبه على وجهك لينضر"‪ ،‬أو "اإلبريق مملوء بالماء (الطاهر)‬
‫ليجدد شبابك و حيوتك‪.‬‬
‫و كان يقوم الملك أو الكاهن األكبر في كل معبد بتطهير تمثال‬

‫إله ذلك المعبد فيه فيقولوا عندما يقومون بذلك‪" :‬إنني أتيت ألطهر تمثالك‬
‫في مكانك (هذا) و أطهر جسدك"‪.‬‬
‫و حينها يرد عليه اإلله بقول يتناسب مع قدرات ذلك اإلله‪،‬‬
‫ال يقول خنوم حينها للملك‪" :‬من أجلك سيفيض النهر في أوانه و سيغطي‬
‫فمث ً‬
‫المزارع و الحقول في الوقت المناسب"‪.‬‬
‫و قد يقوم إله أو أكثر بتطهير جسد الملك لغرض سياسي غالباً‪.‬‬

‫أما عن تقدمة مباخر التطهير التي قد تأخذ شكل ذراع حور ألنها على‬
‫شكل ذراع بشري ينتهي برأس الصقر حور‪.‬‬
‫و يقول فيه الملك عادة‪" :‬خذ البخور الذي ينتشر فوق اللهب‪ ،‬لقد‬
‫وضعناه على ذراع اآللهة‪ ،‬و سيبتهج قلبك‪ ،‬أُحضر لك البخور لتقيم األعياد في‬
‫معبدك و ألبث الطمأنينة في جسدك‪ ،‬و لينتشر عطره في قدس أقداسك و يطهر‬
‫عرشك"‪.‬‬
‫و يرد عليه اإلله قائالً‪" :‬أهبك بالد بونت (حيث مصدر ذلك البخور)‬
‫و كل ما تحوي‪ ،‬و أنشر (لك) الذعر في كل البالد األجنبية (المعادية)"‪.‬‬
‫تقدمة المشروبات‬
‫كانت تقدمة الشراب من أكثر التقدمات تك ار اًر في المعابد‪ ،‬و من‬

‫أهمها‪:‬‬
‫تقدمة الجعة‪:‬‬
‫كان كأس الجعة يسمى "ديدت"‪ ،‬و يقول الملك فيها‪" :‬تقدمة الجعة‬
‫لوالدي المبجل لكي يستريح قلبه‪ ،‬و أصبه لتنتشر رائحته في معبدك‪ ،‬فعطره‬
‫بديع يمأل أنوف اآللهة"‪.‬‬
‫و يرد عليه اإلله بقوله‪" :‬أعطيك السعادة و النشوة دون أية تعاسة‪،‬‬
‫و حتى يسعد قلبك‪ ،‬فالشر ال يمكنه أن يصل إلى قلبك ‪ ..‬و سأهديك حقوالً‬
‫(وافرة) من الكروم‪ ،‬و أحمي لك مخازن الخمر"‪.‬‬
‫تقدمة اللبن‪:‬‬
‫إن المعنى الرمزي لتقدمة اللبن يمكن معرفته بسهولة فهو رمز‬
‫للبقاء و الصحة و القوة و الميالد و تجدد الحياة‪ ،‬و أجمل منظر‬
‫لتقدمة اللبن هو في بهو األعمدة بالكرنك حيث يجثو الملك على ركبتيه‬
‫مقدماً إلى أمون_رع إناءين من اللبن قائالً‪" :‬أقدم آلمون لبن عجول‬
‫المعابد"‪ ،‬و في نص آخر بمعبد إدفو يقول الملك‪" :‬أقدم لك هذا الشراب‬
‫الذي يمنح الحياة و الحماية التي ستهبك آالف األعياد"‪.‬‬
‫و ترد عليه اآللهة خاصة إيسة أو حتحور بقولها‪" :‬أمنحك‬

‫حظائر عديدة مكتظة باألبقار‪ ،‬و أعطيك قوة ذراعي مونتو و قوة ابن إيسة"‪.‬‬
‫تقدمة األطعمة‬
‫غالب ًا ما تصور مناظر تقدمة األطعمة في األماكن المكشوفة في‬

‫المعابد‪ ،‬و تتميز بموائدها بأنها عامرة بمختلف أنواع األطعمة‪ ،‬و ُيكتب‬
‫‪ xA‬أي "ألف" لتبيان ضخامة كمية القرابين‬ ‫أسفل كل نوعية العدد‬

‫المهداة إلى اآللهة‪ ،‬و عندها يقول الملك‪" :‬خذ الخبز و الحلوى و قطع‬
‫اللحم و العسل ‪ ...‬حتى ترضى"‪.‬‬
‫و يكن رد تلك التقدمة من اآللهة إلى الملك‪" :‬آلتينك بالفيضان‬
‫في موعده‪ ،‬و ألوفرن لك الطعام‪ ،‬و أهبك الحقول الخضراء المثمرة‪ ،‬و ألجعلن‬
‫مصر غنية بالخبز و اللحم ‪."...‬‬
‫تقدمة النباتات و الزهور‬
‫كانت مصر القديمة يقوم اقتصادها على الزراعة‪ ،‬و كلما‬

‫ازدادت تلك الرقعة الزراعي ة كلما عم الرخاء البالد؛ و هذا ما رغبه‬
‫في إشارة إلى‬ ‫الملك‪ ،‬فكان يقوم بتقديم رمز عالمة الحقول‬
‫مساحة مهداة لذلك اإلله لتكن وقفاً لإلنفاق من مواردها على كهانه‬
‫و أداء طقوسه‪ .‬و لذا يظهر اإلله خنوم في معبد إسنا و هو يمد يده‬
‫لكي يتلقى قائمة األراضي المهداة له‪.‬‬
‫و إن كنا نرى رأياً مكمالً لما سبق يتمثل في أن تقدمة الملك‬

‫لذلك الرمز إنما بمعنى أن الملك قام بتنمية الزراعة على أتم وجه؛‬
‫لذلك نراه يعلن في النصوص المصاحبة لمناظر تلك التقدمة بقوله‬
‫لآللهة‪" :‬الحقول مزدهرة و األودية غنية باألزهار‪ ،‬و ال ينمو فيها أي نبات‬
‫خبيث‪ ،‬و المحاصيل وفيرة"‪.‬‬
‫و عامة يكن رد اإلله على ذلك‪" :‬أهبك بساتين الفاكهة و الحقول في‬
‫جميع أركان البالد‪ ،‬و أمنحك موسم البذر بكل خيراته‪ ،‬و موسم الحصاد بكل‬
‫ما يخرج من الغالل‪ ،‬فلتسعد بهذا الحصاد"‪.‬‬
‫الفصل اخلامس‬
‫الفن املصري القديم‬
‫‪ 1-5‬مصطلح الفن‪:‬‬
‫‪ 2-5‬أهمية دراسة الفن املصري القديم‪:‬‬
‫‪ 3-5‬العوامل الرئيسة املؤثرة على الفن‬
‫املصري القديم‪:‬‬
‫‪ 4-5‬أنواع الفنون يف مصر القدمية‬
‫الفن املصري القديم‬
‫‪ 1-5‬مصطلح الفن‪:‬‬
‫الفن هو نتاج ما تعاون في إخراجه عقل الفنان و قلبه و عينه‬

‫و يده بهدف التعبير عن الطبيعة أو ما يجوب في تفكيره و يشعر به‬
‫في وجدانه بأسلوب ذاتي سواء عن الفرد أو الجماعة بما يجعل عين‬
‫المشاهد متمتعة‪ ،‬و نفسه مثارة‪ ،‬و حواسه متذوق ًة و عقله مفك اًر‪ ،‬وقلبه‬
‫متدب اًر من أجل تقدير القيمة و إستيعاب الرمزية التي يحملها العمل‬
‫الفني‪.‬‬
‫تذوق الفن‪:‬‬
‫الكثير من األعمال الفنية يقتصر أمر تذوقها على مشاهدتها دون‬
‫التعمق في رمزيتها و التدبر في معانيها و تقييم قيمتها‪ .‬و هكذا فليس‬
‫من المستغرب أال يترك العمل الفني أث اًر في نفس المشاهد فال يمر إال‬
‫القليل من الوقت إال و تنساه العين و تمحى مالمحه من الوجدان شيئ ًا‬
‫فشيئاً‪.‬‬
‫و من أبرز العوامل التي تمنع المشاهد من تذوق العمل الفني هو‬

‫اإلعتقاد بأن العمل الفني البد و أن يكون بالضرورة جميالً‪ ،‬لذا فينعت‬
‫أصحاب هذا الرأي الفنو َن "بالجميلة"‪ .‬و إننا لنرى من جانبنا أن ذلك‬
‫الرأي إنما يتسم بالقصور؛ و ذلك لما يأتي‪:‬‬
‫أ) ليس ضرورياً أن يكون العمل الفني جميل الشكل‪ ،‬تام الدقة‬
‫في إبداعه‪ ،‬ثمين في مادة صناعته‪ ،‬بل قد يحوي نقصاً في‬
‫أساسيات أو مقاييس الجمال لكن له من القيمة التاريخية‬
‫والحضارية ما يجعل قيمته قد ال تُقدر بثمن‪.‬‬
‫ب) الجمال سمة نسبية‪ ،‬بمعنى أن تقديرها ال يخضع للموضوعية‬

‫بل للوجدان من شخص آلخر‪ ،‬و لذا ما يراه شخص فناً جميالً‪،‬‬
‫قد ال يتفق معه آخر على ذلك الجمال‪ ،‬أو يختلف معه في‬
‫تقدير مدى نسبة الجمال فيه‪ .‬و من ثم فليس روعة شكل‬
‫العمل الفني فقط التي ُيعتمد عليها في تذوق العمل الفني‪.‬‬
‫ج) يجب أال نحدد مقاييس تذوق الفنون بمعاييرنا المعاصرة لفنون‬
‫عتيقة في القدم أبدعها فنانوها في مرحلة زمنية ما لها مفاهيمها‬
‫لديه و معاييرها الفنية الناشئة من تقاليد عصره و مستوحاة‬
‫من عناصر بيئته المعاصرة و مخرجة وفق ما توافر له من‬
‫أدوات قد تكون بدائية في عالمنا المعاصر‪.‬‬
‫د) يجب أن يضع المشاهد للعمل الفني القديم في حسبانه أن‬

‫الفن كغيره من عناصر علومنا تمر بمراحل تطور‪ ،‬تبدأ بمرحلة‬
‫البدائية ثم مرحلة النمو ثم اإلرتقاء‪ ،‬فليس من المنطقي أن‬
‫نقارن بين عمل فني خرج في مرحلة البدائية بعمل فني آخر‬
‫خرج في مرحلة الرقي‪.‬‬
‫ه) يجب أن ُيقاس مدى قيمة العمل الفني وفقاً لمدى تحقيق‬
‫الغرض من إبداعه‪ ،‬و ذلك ما نطلق عليه "الجمال الموضوعي" ال‬
‫الشكلي‪.‬‬
‫‪ 2-5‬أهمية دراسة الفن المصري القديم‪:‬‬
‫كان الفن في كل مكان و زمان و حتى اآلن يمثل المرآة التي‬

‫ت عكس مدى تطور و تحضر أهل هذا المكان و ذلك الزمان‪ ،‬ألنه كلما‬
‫ارتقى مجتمع في تحضره كلما عال شأن أحاسيس و روحانيات أهل‬
‫هذا المجتمع‪ ،‬و من ثم يتعلمون و يكتسبون معرفة التعبير عن ذاته‪،‬‬
‫و ال أرفع من التعبير بالفن‪.‬‬
‫و في مصر القديمة عبر الفن عما جال في أفكار المصري القديم‪،‬‬

‫ما اعتقده‪ ،‬ما عبده‪ ،‬ما تخيله‪ ،‬ما آمن به‪ ،‬ما تأثر به من عناصر‬
‫بيئته‪ ،‬ما مر عليه من أحداث سياسية‪ ،‬و ما ط أر عليه من تغيرات‬
‫حضارية‪ .‬و من هنا تبرز أهمية دراسة الفن المصري القديم باعتباره‬
‫المصدر و المفسر و الشاهد الرئيسي على تطور الحضارة المصرية‬
‫القديمة‪.‬‬
‫‪ 3-5‬العوامل الرئيسة المؤثرة على الفن المصري القديم‪:‬‬
‫أوالً‪ ،‬اإلنسان‪:‬‬
‫كان اإلنسان المصري القديم متمي اًز بعقله الراجح‪ ،‬فكره المتدبر‪،‬‬
‫حسه المرهف‪ ،‬قدرته على التعبير عما يجول في خلده و اكتشافه‬
‫لعناصر الطبيعة التي تساعده على اإلبداع الراقي‪ ،‬و ال أرقى من الفن‬
‫وسيلة للتعبير عن تفاعل كل تلك العناصر معاً‪.‬‬
‫ثانياً‪ ،‬الدين‪:‬‬
‫من المعروف أن المصري متدين بطبيعته منذ قديم الزمان نتيجة‬

‫تعلقه باآللهة المتحكمة في عناصر الطبيعة التي يتمنى أن تكون على‬
‫أفضل حال؛ و من ثم فكان المصري حريصاً على التقرب إلى تلك‬
‫اآللهة سواء بتقديم القرابين و بناء المقاصير و المعابد أو بطاعة‬
‫أوامرها‪.‬‬
‫و هكذا تأثر بذلك األمر و حاول تجسيده فنياً‪ ،‬و هذا ما يفسر وجود‬
‫العدد الهائل من األعمال الفنية المتنوعة ذات الصبغة و التأثر الديني‬
‫مثل مناظر تقديم القرابين‪ ،‬والتعبد لآللهة‪ ،‬و تصور لما هو موجود في‬
‫العالم اآلخر‪.‬‬
‫ثالثاً‪ ،‬البيئة‪:‬‬
‫تميزت البيئة المصرية بغناها بكآفة عناصر الطبيعة و موادها‬

‫التي يحتاجها العمال الفني مثل الطمي‪ ،‬األحجار‪ ،‬المعادن و غيرهم‪.‬‬
‫‪ 4-5‬أنواع الفنون يف مصر القدمية‬
‫الرسم‬
‫النقش‬ ‫الفن‬ ‫النحت‬
‫التصوير‬
‫أوالً‪ ،‬فن الرسم‬
‫المقصود بفن الرسم هو التعبير عما يجول بخلد الرسام أو التعبير‬

‫عن عناصر الطبيعة بتحديد المالمح الرئيسة لألشكال المطلوب رسمها‬
‫عن طريق الخطوط‪.‬‬
‫ثاني ًا‪ ،‬فن التصوير‬

‫المقصود بفن التصوير هو تحديد مالمح أحد عناصر الحياة عن‬
‫طريق رسمها ثم تلوينها لمحاكاتها بأقرب ما يكون للواقع‪.‬‬
‫ثالثاً‪ ،‬فن النحت‬

‫ال‬
‫فن النحت هو فن التعبير من خالل الكتلة الصماء‪ ،‬بابداع أشكا ً‬
‫مجسمة ذات أبعاد ثالثية‪ ،‬بمعنى أنها تُرى من األمام‪ ،‬الخلف والجوانب‬
‫كالتماثيل‪.‬‬
‫أسلوب نحت التماثيل‪:‬‬

‫* يتم إحضار كتلة من الحجر‪.‬‬
‫* يحدد على كآفة أسطح الكتلة شبكة من المربعات‪.‬‬
‫* يحدد عليها بالرسم المالمح الرئيسة للهيئة المراد نحتها من جميع‬
‫الجوانب سواء من األمام و الخلف و الجوانب‪.‬‬
‫* يبدأ بالنحت في جميع الجوانب ليسهل على النحات الوصول للشكل‬
‫المراد نحته تدريجياً‪.‬‬
‫الخصائص العامة لفن النحت المصري‪:‬‬
‫‪ -1‬إظهار الهيئة المنحوتة بشيىء من الجمود ألن الهدف من تلك‬

‫األعمال النحتية أنه في حالة فناء المومياء‪ ،‬ستكون تلك الهيئة‬
‫المنحوتة هي البديل لها‪ ،‬و التي ستعود إليها الروح‪ ،‬و ذلك في حضرة‬
‫اإلله األكبر أوسير‪ ،‬بدليل أنها كانت توضع في المقابر‪ ،‬أو بهدف‬
‫تعبدي إن ُوضعت في المعابد؛ و من ثم فيجب أن تكون الهيئة في‬
‫وقار و إت ازن تامين‪.‬‬
‫‪ -2‬ثبات أوضاع الهيئات المنحوتة‪ ،‬فأغلب التماثيل الذكورية من‬

‫البشر كانت إما في وضع الجلوس على مقعد أو راكعة أو في وضع‬
‫الوقوف مع تقديم القدم لألمام‪ ،‬لما يأتي‪:‬‬
‫* كان تقديم القدم إليجاد مساحة على سطح القاعدة لتسجيل إسم‬
‫الشخص و ألقابه‪.‬‬
‫* للرمزية بأن الرجل هو الذي يسعى بالعمل لكسب الرزق؛ لذا ُنحتت‬
‫تماثيل السيدات و أقدامهن بال تقديم‪.‬‬
‫و جاء تقديم القدم اليسرى غالباً لألمام‪ ،‬لما يأتي‪:‬‬
‫أ) رغبة النحات في التيمن أي البدء بيمين العمل الفني باعتباره أم اًر‬
‫يرضي آلهته فتحل البركات و يكتمل العمل الفني بأجود ما يكون‪.‬‬
‫ويمين المثال هو يسار التمثال‪ ،‬و من هنا بدأت عملية النحت‪ ،‬فتصبح‬
‫القدم اليسرى هي األمامية‪.‬‬
‫ب) كان كبار القوم من المصريين يمسكون بعصا الشرف في يدهم‬
‫اليمنى‪ ،‬و من ثم عند نحت تماثيل هؤالء القوم كان على النحات‬
‫استغالل ذلك األمر في عمل توازن بين العصا في اليد اليمنى المرتكزة‬
‫على قاعدة التمثال و بين القدم اليسرى المتحركة لألمام‪.‬‬
‫‪ -3‬إضفاء الكمال في تجسيد مالمح الهيئة مخالفاً للواقع؛ باعتبار أن‬

‫تلك المنحوتات ألغراض تعبدية أو جنزية‪.‬‬
‫أما عن التماثيل األنثوية من البشر فكانت أوضاعهم ثابتة أيضاً‪،‬‬

‫فهن إما جلوساً على مقعد أو واقفة إلى جوار زوجها أو إلهة إلى جوار‬
‫ابنها الملك الذي تؤيد حكمه لمصر‪ ،‬و غالباً ما كانت الهيئة األنثوية‬
‫تنحت ضامة القدمين‪ ،‬لما يأتي‪:‬‬
‫* ربما رمزية عن قلة خروج المرأة من المنزل‪ ،‬فهي غير مكلفة بالسعي‬
‫على الرزق مثل الرجل‪.‬‬
‫* دائماً ما كانت المرأة تظهر مرتدية رداءاً حابكاً‪ ،‬و الذي لعله عاق‬
‫من حركتها‪ ،‬فضطر النحات إلى ضم سيقانها‪.‬‬
‫* كان المجتمع المصري محافظاً في تقاليده‪ ،‬و من ثم يجب إظهار‬
‫المرأة في حالة إحتشام و وقار‪ ،‬و قد عبر النحات عن ذلك بضم‬
‫القدمين‪.‬‬
‫‪ -4‬كانت مالبس الذكور من البشر تقتصر على التيجان للملوك‬

‫واآللهة‪ ،‬و على شعر مستعار (باروكة) فوق الرأس لباقي القوم‪ ،‬ثم‬
‫المئزر (النقبة) فوق منطقة وسط الجسم‪.‬‬
‫في حين اقتصرت مالبس اإلناث من البشر على باروكة الشعر‬

‫فوق الرأس‪ ،‬ثم رداءاً أبيضاً ‪ -‬يحاكي الكتان‪ -‬حابكاً أي ضيقاً يلف‬
‫كل أجزاء الجسم و يبرز أجزاءه‪.‬‬
‫رابعاً‪ ،‬فن النقش‬

‫فن النقش هو فن التعبير من خالل األسطح المستوية‪ ،‬بإبداع‬
‫أشكاالً ملتصقة من جانبها بذلك السطح أو ما نطلق عليه أرضية‬
‫النقش‪ ،‬و لهذا النقش أنواع‪:‬‬
‫‪ )1‬النقش البارز‪:‬‬
‫المقصود بالنقش البارز أي الذي تبدو فيه األشكال المحددة بارزة‬
‫عن مستوى سطح األرضية‪.‬‬
‫‪ )2‬النقش الغائر‪:‬‬
‫المقصود بالنقش الغائر أي الذي تبدو فيه األشكال المحددة غائرة‬
‫عن مستوى سطح األرضية‪.‬‬
‫‪ )3‬النقش المستوي‪:‬‬
‫المقصود بالنقش المستوي أي الذي تبدو فيه األشكال المحددة‬
‫ٍ‬
‫مساو لسطح األرضية‪.‬‬ ‫غائرة لكنها تبرز لتصبح في مستوى‬
‫‪ )4‬النقش المطعم‪:‬‬
‫المقصود بالنقش المطعم أي الذي يتم فيه ملىء األشكال الغائرة‬
‫عن مستوى سطح األرضية بعجينة من الطمي المخلوط بالجير‬
‫الملون‪.‬‬
‫أسلوب إعداد األسطح للرسم و النقش و التصوير‪:‬‬
‫‪ -1‬إعداد األسطح التي تختلف طريقة إعدادها وفقاً لنوعية الفن التي‬
‫ال كان يتم تهذيب‬
‫ستنفذ به‪ ،‬و لنوعية الحجر الذي سينفذ عليه‪ ،‬فمث ً‬
‫السطح بدقة إذا كان المنظر سينفذ بفني النقش و التصوير‪ ،‬أو إذا‬
‫كان الحجر أكثر صالبة كما في اللوحات‪.‬‬
‫‪ -2‬يتم ملىء العيوب في أسطح األحجار أو الفواصل بين أحجار‬

‫الجدار الواحد عن طريق طبقة من مالط الجص الخشن ثم أخرى من‬
‫الناعم‪.‬‬
‫‪ -3‬يحدد الفنان مساحة السطح بواسطة شبكة من الخطوط المتقاطعة‬

‫في صورة مربعات‪ ،‬و ذلك للمحافظة على تنسيق و تنظيم أحجام‬
‫عناصر المنظر و ما بينها من مسافات‪.‬‬
‫‪ -4‬يرسم الفنان المالمح العامة لعناصر المنظر المطلوب باللون‬

‫األسود مع تصحيحها باللون األحمر أو العكس‪.‬‬
‫‪ -5‬يشرع الفنان في نقش المنظر سواء أكان بار اًز أم غائ اًر أو تصوي اًر‪.‬‬
‫الخصائص العامة لفن النقش المصري‪:‬‬
‫‪ -1‬مخالفة قواعد المنظور التي تجبر الفنان على رسم أو نقش أو‬
‫تصوير األشكال كما تراها العين سواءاً من األمام أو من الجانب‪ ،‬لكن‬
‫الفنان المصري كان يرسم األشكال من أكثر من زاوية في وقت واحد‪،‬‬
‫و ذلك بهدف إبراز المالمح الرئيسة لكل عنصر على حده من‬
‫الشخصية المرسومة‪ ،‬بمعنى آخر كان يصور الرجل برأس ذات منظور‬
‫جانبي (بروفيل)‪ ،‬أما صدره و بطنه فمن منظور أمامي‪ ،‬في حين عاد‬
‫في رسم الساقين و القدمين من منظور جانبي‪.‬‬
‫و تلك المخالفة ليست عن ضعف أو تشوش من الفنان‪ ،‬لكنها‬

‫بغرض إبراز و إيضاح كل عناصر جسم الشخصية المرسومة ألن‬
‫الروح ستعود إليه‪ ،‬فالمصري تمنى أن نقوشه عندما تُعاد إليها الروح‬
‫يجب أن تكن كاملة ليعود الجسد كامالً في العالم اآلخر؛ و من ثم‬
‫فالمخالفة هنا مقصودة لغرض ديني‪.‬‬
‫أما عند تصوير الحيوانات و الحشرات و الطيور فإن الفنان كان‬

‫يصورها من المنظور األكثر مالئمة إلبراز المالمح الرئيسة لها‪ ،‬سواء‬
‫من منظور جانبي كاألسود و األبقار‪ ،‬أو من منظور علوي أي من‬
‫مسقط عمودي مثل العقارب و الجعارين‪.‬‬
‫في حين كان يقوم بالمزج بين أكثر من منظور إلبراز عناصر‬
‫رئيسة من الحيوان هي عناصر مميزة له عن غيره‪ ،‬فمثالً يصور جسد‬
‫الكبش من الجانب دون قرونه من األمام ألن تصويرها من الجانب‬
‫سيؤدي إلى إختفائها‪ ،‬و مثل حية الكوب ار التي صور جسدها و رأسها‬
‫من الجانب دون منطقة الرقبة التي صورها من األمام‪ ،‬ألن ما يميز‬
‫الكوب ار رقبتها المنتفخة‪ ،‬و هذا اإلنتفاخ لن يمكن تصويره إال من منظور‬
‫رؤية أمامي‪.‬‬
‫كما خالف الفنان المصري قواعد المنظور ليس من ناحية الرؤية‬

‫فقط‪ ،‬بل كذلك من ناحية التناسق في األحجام‪ ،‬فعلى الرغم من تصوير‬
‫أكثر من شخص معاً إال أن الفنان لم يلتزم بتناسق األحجام‪ ،‬فكان‬
‫يعطي حجماً أكبر لآللهة و للملوك دون كبار القوم‪ ،‬و للرجال دون‬
‫النساء و األطفال و الخدم‪.‬‬
‫و أيضاً لم يلتزم الفنان المصري بقواعد المنظور من ناحية العمق‪،‬‬

‫بمعنى التوالي‪ ،‬أي األقرب الذي يجب أن يبدو أكبر حجماً من األبعد‬
‫الذي يجب أن يبدو بحجم أصغر‪ .‬فقد اقتصر األمر على رسم خطوط‬
‫أفقية تحمل كل منها منظ اًر‪ ،‬بما يعبر عن توالي المناظر و تعاقبها‪.‬‬
‫‪ -2‬إلتزم الفنان في فن النقش بتصوير العظماء من القوم في صورة‬

‫شبابية بجسد متناسق أقرب ما يكون للمثالية‪ ،‬إال أنه في حاالت قليلة‬
‫كان يخالف ذلك األمر فيصور بعضهم في مظهر يماثل المظهر‬
‫الحقيقي لهم حتى إن كان في جسدهم عيوباً‪.‬‬
‫‪ -3‬تحرر الفنان في تصوير األفراد األقل شأناً في المجتمع كالحرفيين‬

‫من الزراع‪ ،‬الصناع‪ ،‬الكتبة و الخدم‪ ،‬فأكثر من تغيير األوضاع‪ ،‬حتى‬
‫و فكأنه إلتقط صورة واحدة في لحظة واحدة‪ ،‬و مع ذلك فهي متحركة‪،‬‬
‫فالجميع في حركة و نشاط‪ ،‬و كل منهم يمثل لقطة صغيرة تتجانس‬
‫وتتكامل مع حركة األشخاص المجاورين‪ ،‬بل و تتجانس مع غيرها من‬
‫المناظر المجاورة كمنظر الزراعة الذي يلتقط فيه الفنان منظر الحرث‬
‫ثم منظر بذر البذور ثم منظر الحصاد‪ ،‬ثم منظر جمع المحاصيل‪،‬‬
‫ثم منظر تذرية الحبوب ثم كيلها‪ ،‬تخزينها و نقلها‪.‬‬
‫ففي كل منظر مناظر أخرى أصغر لكل فالح يقوم بمهمة ما حتى‬
‫تكتمل جميع مالمح المنظر‪ ،‬فيشعر المشاهد و كأن المنظر متحرك‬
‫و مليء بالنشاط و الحيوية و الحياة‪.‬‬
‫‪ 5-5‬تاريخ الفن في مصر القديمة‬
‫الفن في عصر الدولة القديمة‬
‫فن النحت في عصر الدولة القديمة‪:‬‬
‫السمات العامة للنحت في عصر الدولة القديمة‪:‬‬
‫* في الغالب استخدام مواد الخشب‪ ،‬الحجر الجيري و األلبستر‪.‬‬

‫* تلوين التماثيل الحجرية‪.‬‬
‫* استخدام الكتلية بالتصاق اليدين و الساقين مع الجسد للحفاظ على‬
‫صالبة التماثيل و عدم تحطمهم‪.‬‬
‫* انغراس الرأس في الجسد دون ظهور الرقبة بوضوح‪.‬‬
‫* عدم الدقة في نحت تفاصيل الوجه‪.‬‬
‫* غالباً تظهر الشخصيات المنحوتة في الوضع التعبدي بوضع إحدى‬
‫اليدين أسفل الصدر و األخرى منبسطة على الفخذ‪.‬‬
‫أمثلة من فن النحت في عصر الدولة القديمة‪:‬‬
‫النحت الملكي‪:‬‬
‫* تمثال للملك زوسر‪:‬‬

‫الوصف األثري‪ :‬حجر جيري‪ ،‬ع ‪140‬سم‪ ،‬من حجرة السرداب‬
‫بمجموعته الجنزية بسقارة‪ ،‬بالمتحف المصري‪.‬‬
‫هيئة التمثال تُظهر الملك زوسر جالساً على مقعد ذو مسند على‬
‫قاعدة تحمل ألقاب الملك‪ ،‬واضعاً يده اليمنى أسفل صدره‪ ،‬و يده‬
‫اليسرى منبسطة على فخذه‪ .‬و ُيالحظ وجود شارب له‪ .‬و مرتدياً رداء‬
‫ال "نمس" فوق رأسه‪ ،‬و لحية مستعارة في ذقنه‪ ،‬و عباءة حابكة تظهر‬
‫تفاصيل الجسم حول جسده‪.‬‬
‫التعليق الفني‪:‬‬
‫• من سمات عصر الدولة القديمة الموجودة بالتمثال استخدام الحجر‬

‫الجيري‪ ،‬الكتلية‪ ،‬التلوين‪.‬‬
‫• من مميزات التمثال أنه جيد النحت بما يتناسب و عصر التقدم في‬
‫قطع األحجار لتشييد المباني الضخمة‪ ،‬و نجاح الفنان في إبراز‬
‫الوجنتين‪ ،‬فضالً عن تطعيم العينين لكنه مفقود‪.‬‬
‫• من عيوب التمثال الفنية إال أنه يعاب عليه عدم تساوي الكتفان‪.‬‬
‫التعليق الحضاري‪:‬‬
‫✓ ظهوره في الهيئة الملكية التقليدية متمثلة في النمس؛ للداللة على‬
‫أنه الحاكم الفعلي لمصر‪.‬‬
‫✓ ظهوره في الوضع التعبدي؛ للداللة على أنه متدين و يطيع اآللهة‪.‬‬
‫* تمثال الملك خوفو‪:‬‬
‫الوصف األثري‪ :‬عاج‪7,5 ،‬سم‪ ،‬من معبد اإلله أوسير في أبيدوس‪،‬‬

‫ُيؤرخ باألسرة الرابعة (؟) أو األسرة السادسة و العشرين‪ ،‬بالمتحف‬
‫المصري‪.‬‬
‫تظهر هيئة التمثال الملك جالساً على كرسي عرش بسيط يحمل‬
‫اسم الملك خوفو‪ ،‬واضعاً يده اليمنى على الصدر ممسكة بالمذبة‬
‫واليسرى منبسطة على فخذه‪ ،‬متوجاً بالتاج األحمر المكسور‪.‬‬
‫الوصف الفني‪:‬‬
‫• من السمات الفنية لذلك العصر وجود الكتلية‪ ،‬نحت التمثال من‬
‫العاج‪.‬‬
‫• من مميزات ذلك التمثال قدرة الفنان على إظهار الملك في جالل‬
‫و إحترام‪.‬‬
‫• من عيوب التمثال الفنية عدم الدقة في الصقل‪ ،‬رداءة أسلوب نقش‬
‫الخط الهيروغليفي‪.‬‬
‫التعليق الحضاري‪:‬‬
‫✓ ظهوره في الهيئة الملكية من إمساكه بالمذبة‪.‬‬
‫✓ إرتداؤه للتاج األحمر إشارة إلى حكمه للوجه البحري‪.‬‬
‫النحت الشعبي‪:‬‬
‫تجس د النحت الشعبي في تماثيل األفراد سواء الجماعية منها أو‬

‫الفردية‪ ،‬و منها‪:‬‬
‫* تمثال لسيدة مجهولة اإلسم‪:‬‬
‫الوصف األثري‪ :‬حجر جيري‪80 ،‬سم‪ ،‬بمتحف بروكسل (بلجيكا)‪.‬‬
‫يمثل التمثال سيدة واقفة في وضع تعبدي‪ ،‬مرتدية رداء حابك‪،‬‬

‫ضامة الساقين‪ ،‬و تزين رأسها بباروكة شعر تنتهي بحزوز من أسفل‪،‬‬
‫ُنقشت بعض الحلي على صدرها‪.‬‬
‫التعليق الفني‪ :‬انغراس الرقبة‪ ،‬عدم تناسق أجزاء الجسم فالذراعين‬

‫والساقين غير متناسبين في طولهما بالنسبة لطول الجسم مع كبر حجم‬
‫الرأس‪ ،‬و الكتلية‪ُ .‬يؤرخ بعصر األسرة الثالثة‪ ،‬و لعلها أميرة‪.‬‬
‫فن النقش في عصر الدولة القديمة‪:‬‬

‫السمات العامة لفن النقش في عصر الدولة القديمة‪:‬‬
‫* إظهار الشخصيات بأجسام متناسقة األجزاء‪.‬‬

‫* الدقة في نقش تفاصيل الوجه‪.‬‬
‫النقش الملكي‪:‬‬
‫* نقش للملك زوسر في حجرة الدفن بالمقبرة الجنوبية و بالهرم المدرج‬

‫في مجموعته الجنزية بسقارة‪.‬‬
‫الوصف‪ :‬يظهر الملك زوسر في نقش بارز ساعياً أثناء احتفاالت‬

‫"سد" بين عالمتين على شكل ‪ ،B‬يرتدي التاج األبيض مرة‬‫عيد ال ِ‬
‫وبالتاج األحمر مرة‪ ،‬اللحية المستعارة‪ ،‬و المئزر الملكي‪ ،‬ممسكاً‬

‫بالمذبة في يده اليمنى و قابضاً يده اليسرى على صدره‪ .‬و الصقر‬
‫ناش اًر جناحيه و مسدداً بمخالبه عالمة ال "عنخ" نحو الملك‪.‬‬
‫التعليق‪ :‬أجزاء الجسد متناسقة‪ ،‬حركة المنظر تعطي احساساً برشاقة‬

‫الملك التي تكاد قدماه أن تلمس األرض من سرعته‪ ،‬مما يدل على‬
‫شبابه و حيوته التي يريد أن يؤكدها في ذلك اإلحتفال‪.‬‬
‫النقش الشعبي‪:‬‬
‫لعل أفضل أمثلته لوحات طبيب األسنان المدعو ِحسي_رع الخشبية‬

‫من عصر األسرة الثالثة‪ ،‬أفضلهم ثالث لوحات‪ ،‬بالمتحف المصري‪:‬‬
‫الوصف األثري‪ :‬هناك أكثر من لوحة تمثل ِحسي_رع جالساً على‬

‫مقعد بسيط بأرجل ثور‪ ،‬يرتدي باروكة شعر و مئزر حابك ذو ثنيات‬
‫متموجة‪ ،‬واضعاً أدوات الكتابة على كتفه‪ ،‬و يمد يده اليمنى نحو مائدة‬
‫القرابين‪ ،‬و يمسك بشارات الشرف‪.‬‬
‫التعليق الفني‪ :‬يالحظ الدقة في نقش تفاصيل الباروكة‪ ،‬الجسد و الوجه‬

‫التي تختلف من منظر آلخر‪ ،‬لعل كل منها يمثل ِحسي_رع في مراحل‬
‫عمره المختلفة‪ ،‬ابراز العضالت‪ ،‬روعة نقش العالمات الهيروغليفية‪.‬‬
‫كما أنه ال يمكن إغفال نقوش مصاطب عصر الدولة القديمة مثل‬
‫مقبرة رع_حوتب من األسرة الرابعة‪ ،‬بتاح_حوتب من األسرة الخامسة‪،‬‬
‫مري_روكا من األسرة السادسة‪ ،‬و الالتي يحتوين في موضوعاتهم‬
‫األعمال التي كان يزاولها كل منهم في حياته الدنيا و استعراض لثرواته‬
‫بكل تفاصيلها و عالقاته بعائلته أو جلوسهم إلى موائد القرابين‪.‬‬
‫الفن في عصر الدولة الوسطى‬
‫فن النحت في عصر الدولة الوسطى‪:‬‬
‫السمات العامة للنحت في عصر الدولة الوسطى‪:‬‬
‫عاد الفن المصري القديم إلى حالة الرقي و الحرفية و الدقة مع‬
‫أواسط عصر الدولة الوسطى بعد مرحلة ُوصفت بالممهدة مع أوائل‬
‫عصر الدولة الوسطى التي تأثرت بمرحلة اإلضمحالل السياسي؛ ومن‬
‫ثم الفني في عصر اإلنتقال األول‪ .‬هذا و قد تجسدت السمات العامة‬
‫للنحت آنذاك في ثالث مدارس فنية‪:‬‬
‫األولى‪ ،‬المدرسة النمطية‪:‬‬
‫تميزت تلك المدرسة الفنية بالنمطية أي النحت بهدف إبراز‬

‫العناصر الرئيسة للجسد البشري‪ ،‬نظ اًر ألنها لم تجد في عصر‬
‫اإلضمحالل سوى هبوط المستوى الفني‪ ،‬و من ثم بدأ الفنان في تعلم‬
‫الدقة في نحته شيئاً فشيئاً‪ ،‬و من أمثلة منحوتاتها‪:‬‬
‫* تمثال الملك منتوحتب_نب_حبت_رع الثاني‪:‬‬

‫الوصف األثري‪ :‬تمثال للملك منتوحتب‪ ،‬حجر رملي‪ ،‬ع ‪183‬سم‪ ،‬من‬
‫مقبرة باب الحصان بالقرب من معبده الجنزي بغرب طيبة‪ ،‬بالمتحف‬
‫تظهر هيئة الملك في وضع الجلوس في وضع أوسيري على‬
‫كرسي عرش ذو مسند طويل‪ ،‬واضعاً يديه متقاطعة على صدره‪،‬‬
‫"حب‪-‬‬‫ويرتدي التاج األحمر الملون و الذقن المعقوفة‪ ،‬و كذلك رداء ال ِ‬
‫ِسد" األبيض حتى ركبتيه‪.‬‬
‫التعليق الفني‪ :‬يالحظ عدم تناسق أجزاء الجسم‪ ،‬ضخامة الساقين‬

‫والقدمين‪ ،‬و مالمح الوجه نمطية عادية ال تميز صاحبها عن غيره في‬
‫الواقع‪.‬‬
‫التعليق الحضاري‪ :‬يريد الفنان أن يؤكد على فكرة أن الملك أصبح‬
‫ملكاً متوفياً في العالم مثل أوسير؛ لذا لون وجهه باللون األسود وجعل‬
‫يديه متقاطعتين‪.‬‬
‫* تمثال إلمرأة مجهولة اإلسم‪:‬‬
‫الوصف‪ :‬تمثال‪ ،‬من الخشب‪ ،‬ع ‪22,8‬سم‪ ،‬من منطقة شيخ عبد القرنة‬
‫بغرب طيبة‪ ،‬بمتحف اآلثار الوطني بإيطاليا‪.‬‬
‫يظهر التمثال سيدة واقفة مادة ذراعيها بجوار الجسم‪ ،‬و عارية دون‬
‫مالبس‪ ،‬و تحلي أرسها بباروكة و صدرها بقالدة بسيطة بما يدل على‬
‫كونها خادمة‪.‬‬
‫التعليق‪ :‬التمثال سييء النحت على الرغم من سهولة النقش في‬
‫الخشب‪ ،‬كما أن الفنان اهتم بابراز المالمح العامة للجسم دون‬
‫التفاصيل‪.‬‬
‫ثانياً‪ ،‬المدرسة الميثالية‪:‬‬
‫سادت تلك المدرسة في النصف األول من عصر األسرة ‪.12‬‬

‫وكانت متأثرة في سماتها بالتقاليد الفنية األصيلة التي كانت سائدة في‬
‫عصر الدولة القديمة‪ ،‬و من أهم تلك السمات‪:‬‬
‫* تصوير الملوك بجسد متناسق األجزاء و مالمح شبابية و ابتسامة‬

‫بسيطة تضفي جماالً هادئاً على وجوه تلك التماثيل‪ .‬ربما أرادوا من‬
‫وجهة نظرنا أن يبعثوا في العالم اآلخر على تلك الهيئة الرشيقة‬
‫والميثالية‪.‬‬
‫* ابراز عضالت الصدر و الذراعين‪.‬‬
‫* لم يكن في أحجام التماثيل أي مبالغة في الضخامة‪ ،‬بل كان الحجم‬
‫أقرب ما يكون للواقع؛ و ذلك حتى يعطي الفنان إحساساً للمشاهد‬
‫بواقعية تلك التماثيل‪ ،‬و كأن الملك حياً أمام المشاهد في صورة تلك‬
‫التماثيل‪.‬‬
‫و من بين أهم النماذج الفنية التي تبرز سمات تلك المدرسة المثالية‪:‬‬
‫الفن الملكي‪:‬‬
‫* تماثيل الملك سنوسرت األول‪:‬‬

‫الوصف األثري‪ :‬تماثيل فردية عشرة شبه متشابهة للملك سنوسرت‬
‫األول‪ ،‬ع ‪194‬سم‪ ،‬حجر جيري‪ُ ،‬عثر عليها في منطقة اللشت قرب‬
‫الفيوم‪ ،‬بالمتحف المصري‪.‬‬
‫تمثل تلك التماثيل الملك سنوسرت جالساً في هيئة تقليدية جالساً‬
‫على كرسي عرش ذو مسند قصير و تزين جوانبه نقوش بارزة تظهر‬
‫كبار آلهة مصر يحتفلون بعمل ما يسمى بال "سما – تاوي" أي "توحيد‬
‫األرضين" تحت زعامة الملك الجالس على ذلك الكرسي من أعلى‪،‬‬
‫والذي يرتدي رداء النمس المزين بالصل الملكي في صورة أفعى الكوب ار‬
‫التي تنتفخ لمواجهة أي عدو لهذا الملك يريد به سوءاً‪ .‬ثم يضع ذقن ًا‬
‫ملكية مستعارة‪ ،‬و نقبة أو مئز اًر ملكياً مزين حزامه بإسم الملك‪ ،‬ويمسك‬
‫بيده اليمنى منديل الوالدة أو رمز البعث في العالم اآلخر‪ ،‬و بسط يده‬
‫اليسرى على فخذه‪.‬‬
‫التعليق‪ :‬تعتبر تلك التماثيل أفضل مثال على المثالية و التقليدية في‬
‫الهيئة الملكية على مر العصور المصرية القديمة‪.‬‬
‫ثالثاً‪ ،‬المدرسة الواقعية‪:‬‬

‫سادت تلك المدرسة في النصف الثاني من عصر األسرة ‪.12‬‬
‫وتمثلت أهم سماتها في‪:‬‬
‫* تأثر الفنان و الفن المصري آنذاك بحالة الحرب التي أشعلها الملك‬
‫سنوسرت الثالث و خلفاؤه لضم بعض مناطق الجنوب في النوبة إلى‬
‫مصر‪ ،‬مما جعل المصريين يشعرون بقوة و حكمة هؤالء الملوك‪ ،‬ومن‬
‫ثم ظهروا في التماثيل بمالمح القوة و الصرامة‪ ،‬فكان خدا الوجه‬
‫غائرين و عيناه صغيرتين و جفناه مثقلتين بما يوحي بالجهد و التفكير‪.‬‬
‫* اظهار التجاعيد المتعددة في وجه التماثيل‪ ،‬بما يوحي للمشاهد بكبر‬
‫سن هؤالء الملوك وبالتالي لديهم من الخبرة الكثير لرعاية مصالح‬
‫وشئوون الشعب‪.‬‬
‫* غابت اإلبتسامة عن مالمح وجوه هؤالء الملوك في تماثيلهم لتوحي‬
‫للمشاهد بالتجهم مما يعانيه هؤالء القادة من أعباء الحرب‪ ،‬أو الحزم‬
‫في اتخاذ ما يلزم من ق اررات حاسمة‪.‬‬
‫* كبر حجم األذن‪ ،‬للداللة على االنصات لمطالب الشعب‪.‬‬
‫و هكذا فقد قدمت تلك المدرسة مالمح تعكس حالة الواقع الذي‬
‫يعيشه الفنان‪ .‬و من أمثلة تلك المدرسة‪:‬‬
‫* تمثال الملك سنوسرت الثالث‪:‬‬
‫الوصف األثري‪ :‬تمثال للملك سنوسرت الثالث‪ ،‬جرانيت‪ ،‬ع ‪150‬سم‪،‬‬

‫بالمتحف المصري‪.‬‬
‫يظهر الملك سنوسرت الثالث واقفاً في هيئة تعبدية بوضع ذراعيه‬
‫ممدوتان بطول الجسد على فخذيه‪ ،‬يرتدي رداء النمس المحلى بالصل‬
‫الملكي و قالدة متدلية على صدره ثم النقبة الملكية المزركشة‪ ،‬والقدمان‬

‫مكسورتان‪.‬‬
‫التعليق‪ :‬المالمح تمتاز بالتجهم‪ ،‬و أجزاء الجسم عضالتها مفتولة‪.‬‬
‫ويعاب على الفنان طول الذراعين بالنسبة لطول الجسم‪.‬‬
‫الماكيتات الخشبية‪:‬‬
‫الماكيت عبارة عن نموذج منحوت أو مصنوع من الخشب‪ ،‬ويمثل‬
‫مجموعة من الحرفيين يقومون بتأدية إحدى مهامهم أو وظائفهم الموكلة‬
‫إليهم‪ ،‬مثل أعمال الغزل و النسيج‪ ،‬و صائدي األسماك‪ ،‬أو الرعاة‬
‫أثناء استعراضهم للماشية‪ .‬و هناك أمثلة أخرى منها ما يظهر‬
‫المحاربين من الجنود و الضباط‪.‬‬
‫التماثيل المكعبة‪:‬‬
‫هي مجموعة تماثيل كانت تُوضع غالباً في المعابد‪ ،‬و تسمى أحياناً‬
‫بالتماثيل المحبية أو الكتلة‪.‬‬
‫فن النقش في عصر الدولة الوسطى‪:‬‬
‫السمات العامة للنقش في عصر الدولة الوسطى‪:‬‬
‫بلغت النقوش في عصر الدولة الوسطى درجة كبيرة من الرقي من‬

‫حيث دقة النقش في أصعب أنواعه و هو الغائر‪ ،‬كما اهتم الفنان‬
‫آنذاك بتسجيل موضوعات غير تقليدية تتميز بالحيوية و محاولة‬
‫اظهار المشاعر اإلنسانية‪ .‬و لعل من أهمها‪:‬‬
‫* نقوش تابوت األميرة كاويت‪:‬‬
‫الوصف‪ :‬النقوش المنفذة هي من النوع الثالث أي "النقش المستوي" أو‬

‫المزدوج الذي يجمع بين البارز و الغائر معاً فستوي األرضية مع‬
‫مستوى النقوش‪.‬‬
‫يظهر في أحد المناظر الواردة على التابوت األميرة كاويت جالسة‬

‫على كرسي لها‪ ،‬بينما تتناول قدحاً من الشراب بيدها اليمنى‪ ،‬و تمسك‬
‫بالمرآة بيدها اليسرى‪ ،‬و يقف أمامها خادمها الذي يناولها شراب اللبن‪،‬‬
‫في حين تقف ماشطة الشعر خلفها و تقوم بتزيين باروكتها‪.‬‬
‫التعليق‪ :‬يالحظ روعة اظهار تفاصيل الباروكة‪ ،‬و عدم اإللتزام بنسب‬
‫األحجام بين األميرة و خدمها‪.‬‬
‫الفن في عصر الدولة الحديثة‬
‫تميز الفن في عصر الدولة الحديثة بعودته إلى سابق عهده من‬
‫الرقي و التزام الدقة في اخراج العمل الفني؛ و كان ذلك نتيجة توافر‬
‫الرخاء الذي عم مصر بعد توافد الجزى على مصر من البلدان‬
‫الخاضعة لمصر عسكري ًا‪.‬‬
‫فن النحت في عصر الدولة الحديثة‪:‬‬
‫السمات العامة لفن النحت في عصر الدولة الحديثة‪:‬‬
‫* استخدام أشد األحجار مثل الديورايت‪ ،‬الجرانيت و البازلت‪.‬‬

‫* صقل التماثيل في روعة واضحة‪.‬‬
‫* تنوع أوضاع التماثيل ما بين التعبد أو إظهار القوة في الجسد‪.‬‬
‫* مالمح الوجه هيروغليفية الشكل‪ ،‬بمعنى أن العيون مثالً لم تكن‬
‫واقعية‪ ،‬و إنما نحتها الفنان لتكن على أعلى درجة من المثالية في‬
‫‪.‬‬ ‫الشكل‬
‫* ابداء المالمح الشبابية و غلبة ابتسامة رقيقة على وجوههم تشف‬

‫عن مدى اإلرتياح و الرضى عما أنجزه ملوك الدولة الحديثة من‬
‫امبراطورية واسعة‪.‬‬
‫و من أمثلة النحت الملكي ما يلي‪:‬‬
‫* تمثال الملك تحوتمس الثالث‪:‬‬
‫الوصف‪ :‬تمثال للملك تحوتمس الثالث‪ ،‬شست‪ ،‬ع‪200‬سم‪ ،‬المتحف‬

‫يظهر التمثال الملك تحوتمس الثالث واقفاً‪ ،‬بجسد رياضي رشيق‬
‫يطأ بقدمه األقواس التسعة التي ترمز ألعداء مصر‪ ،‬و يرتدي التاج‬
‫األبيض المحلى بالصل الملكي و نقبة ملكية قصيرة‪.‬‬
‫التعليق‪ :‬يالحظ أن التمثال ذو أجزاء متناسقة‪ ،‬و الصقل جيد‪ ،‬ويعطي‬

‫انطباعاً واضحاً بشبابية الملك‪ ،‬و لذا قدرته على حكم مصر‬
‫وامبراطوريتها الخارجية‪.‬‬
‫المدرسة الفنية اآلتونية‪:‬‬
‫و من سمات تلك المدرسة الفنية‪:‬‬
‫* إبراز ضخامة أو نحافة غير مبررة في أعضاء بعينها دون أخرى‪،‬‬

‫فالبطن و الفخذين غليظتان أما الصدر و الوجه و الذراعين فنحيفة‪.‬‬
‫* طول الرأس للخلف‪ ،‬و العيون النصف مغلقة توحي بالعمق والتدبر‪،‬‬
‫و أما الشفاة الغليظة فتوحي بطالقة صاحبها في الحديث و التبليغ‬
‫عن آتون‪.‬‬
‫* استخدام الحجر الرملي و الجيري دون أحجار أخرى كانت متوافرة‬

‫و معتاد استخدامها‪.‬‬
‫و بالتالي فالتعليق السابق على سمات تلك المدرسة الفنية يهدم‬

‫نظرية انتشار وباء معدي بين الشعب زمن إخناتون‪ ،‬و لكنها سمات‬
‫عابدي آتون‪.‬‬
‫* تمثال الملك أمنحوتب الرابع (اخناتون)‪:‬‬
‫الوصف األثري‪ :‬تمثال الملك اخناتون‪ ،‬بالمتحف المصري‪ ،‬يظهره‬

‫واقفاً في وضع أوسيري‪ ،‬يرتدي التاج المزدوج المرتكز على النمس‬
‫المحلى بالصل‪ ،‬ثم الذقن الملكية و النقبة الملكية الحابكة‪ .‬و يمسك‬
‫عالمتي الحكم و هما المذبة و ال ِ‬
‫"حقا" و األساور المنقوش عليها‬
‫أسماءه‪.‬‬
‫التعليق الفني‪ُ :‬يالحظ أن تماثيل عهد الملك اخناتون قد سادتها سمات‬

‫المدرسة اآلتونية‪ ،‬و قد استمرت طوال عهد ذلك الملك حتى بدايات‬
‫عهد الملك توت_عنخ_آتون حينما غير اسمه إلى توت_عنخ_آمون‪.‬‬
‫و يالحظ أنه مع تولي حورمحب فقد إختفت المالمح اآلتونية من‬

‫تماثيله وعادت معه سمات المدرسة الميثالية بوجود المالمح الشبابية‬
‫لكن مع تحجيم اإلبتسامة و غياب العيون الواسعة الهيروغليفة‪.‬‬
‫عصر الرعامسة‪:‬‬
‫عادت مع بدايات عصر األسرة ‪ 19‬المالمح الفنية الميثالية‬
‫للمنح وتات من التماثيل‪ ،‬باإلضافة إلى الضخامة المفرطة فيها‪ ،‬مع‬
‫صرامة في المالمح رغم شبابيتها‪.‬‬
‫تميزت تماثيل األفراد آنذاك بالدقة في النحت و التنوع في األوضاع‪،‬‬
‫فمنها تماثيل الكتبة مثل تماثيل أمنحوتب بن حابو‪ ،‬أو كبار رجال‬
‫الدولة مثل عمدة طيبة سنفر‪ ،‬أو رئيس الحظائر الملكية ثاي‪.‬‬
‫فن النقش في عصر الدولة الحديثة‪:‬‬
‫النقش الملكي‪:‬‬
‫تميز فن النقش بكل أنواعه في عصر الدولة الحديثة بجمال‬

‫تفاصيله الدقيقة‪ ،‬و من المؤكد أن الملوك كانوا ينفقون بسخاء على‬
‫الفن و الفنانين‪ ،‬لذا كانوا يصبرون على مشقة نقش تلك األعمال الفنية‬
‫حتى تخرج في صورة ابداعية‪.‬‬
‫و كان من سمات النقش الملكي آنذاك التزام المثالية في اظهار‬

‫الشخصيات حتى الخدم‪ ،‬إال أنه في عصر العمارنة ساد فن النقش‬
‫مالمح المدرسة الفنية اآلتونية مثلما حدث في فن النحت‪.‬‬
‫النقش الشعبي‪:‬‬
‫تعددت الموضوعات الفنية التي ُنفذت بفني النقش و التصوير‬

‫سواء أكانت موضوعات تخص حياتهم الدنيا و ما مارسوه من وظائف‬
‫أو ما امتلكوه من ثروات و ضياع واسعة و اإلشراف على ما يجري‬
‫فيها من أعمال حرفية‪ ،‬أو اإلستمتاع بالحفالت العائلية‪ ،‬أو موضوعات‬
‫تخص حياتهم اآلخرة مثل المواكب الجنزية أو الجلوس إلى موائد‬
‫القرابين‪ ،‬أو محاكمة الموتى و غيرها‪.‬‬
‫الفن في العصر المتأخر‪:‬‬

‫نتيجة اإلختالط في األجناس بين المصريين و اإلغريق فإن المالمح العامة‬
‫تأثرت فنياً بذلك األمر‪ ،‬فظهرت األعين المحدبة و الحواجب المستقيمة‪ ،‬فضالً‬
‫عن الشفاة ذات النغز غير التقليدية‪.‬‬
‫الفصل السادس‬
‫الفلسفة يف مصر القدمية‬
‫‪ 1-6‬الفلسفة و أهميتها‪:‬‬
‫‪ 2-6‬الفلسفة و اإلغريق‬
‫‪ 3-6‬الفلسفة و املصريون‬
‫الفلسفة يف مصر القدمية‬
‫‪ 1-6‬الفلسفة و أهميتها‪:‬‬
‫بداية فإنه من األهمية بمكان معرفة ماهية مصطلح الفلسفة الذي‬

‫يعني "محب المعرفة"‪ ،‬أما علم الفلسفة فيهتم بالبحث في ماهية‬
‫األشياء و أصولها‪ ،‬و في حقيقة كل الظواهر‪ ،‬خاصة الكبرى منها‬
‫واأل ساسية في كل مناحي الحياة‪ .‬و من بين تلك األشياء‪ :‬العلوم‪،‬‬
‫األخالق‪ ،‬القانون‪ ،‬و الظواهر اإلجتماعية‪ ،‬و تقديم حلول واقعية‬
‫لمشكالت مجتمعاتهم‪.‬‬
‫و قد يرد في تفكير أي دارس للحضارة المصرية القديمة‪ ،‬تساؤل‬

‫طبيعي هو ما هي فلسفة تلك الحضارة العريقة بمعنى ماذا كان يهدف‬
‫المصري القديم من تطويرها‪ ،‬و ما هو دور و فضل تلك الحضارة‬
‫على غيرها من األمم؟‬
‫ربما تبدو اإلجابة على هذا التساؤل فيها صعوبة التي مرجعها‬
‫بداية هو انقطاع الصلة بيننا و بين تلك الحضارة‪ ،‬بسبب إحتالل‬
‫أجنبي أو تهاون في متابعة علوم تلك الحضارة العريقة‪ ،‬أو محاولة‬
‫من ورثوا ثمار دورها من األمم األخرى أن يغفلوا عن جهل حيناً أو‬
‫عن قصد أحياناً تلك األسس األ ولى لكآفة العلوم التي وضعتها‬
‫وأبدعتها حينما كانوا في ظلمات الجهل‪.‬‬
‫و من هؤالء أهل الفلسفة اإلغريقية في اليونان من المحدثين‬

‫الذين انقسموا بين ناكر للدور الرياد ي للحضارات الشرقية القديمة‪،‬‬
‫وبين معترف لتلك الحضارات بأفضالها على فلسفتهم في كآفة العلوم‪.‬‬
‫و هذا الجدل بين الفئتين كان ال أساس له‪ ،‬فالرواد األوائل للفلسفة‬
‫اإلغريقية لم ينشأ بينهم مثل هذ ا الجدل العقيم إلعترافهم وإقرارهم‬
‫بدور فالسفة الحضارات الشرقية عليهم‪ ،‬فقد تعلموا على أيديهم‪،‬‬
‫ونهلوا من حكمتهم الفلسفية الكثير و الكثير‪ ،‬و لذا فمثل هذا الجدل‬
‫هو أمر محسوم‪ ،‬إال أننا نعرضه هنا ليكون على غير المطلعين‬
‫معرفته بطريقة محددة العناصر و متعددة اآلراء بكآفة الدالئل مع‬
‫نقدها‪.‬‬
‫‪ 2-6‬الفلسفة و اإلغريق‬
‫كما سبق ذكره‪ ،‬فهناك فريقا ن من العلماء تجادال حول كيفية نشأة‬
‫الفلسفة‪ ،‬و َمن هم أربابها و روادها كما يلي‪:‬‬
‫أوالً‪ ،‬المنكرون‪:‬‬
‫تزعم هذا الرأي زيلر و برنيت‪ ،‬و نادى أصحابه بأن الفلسفة نشأت‬
‫بين أيدي الحكماء اإلغريق في بالد اليونان‪ ،‬و الذين تباهوا بأنهم‬
‫الذين ابتكروا األدب و أوصلوه إلى حد الكمال‪ ،‬و أن علوم التاريخ‪،‬‬
‫اإلقتصاد‪ ،‬الرياضيات و الفلسفة بكل فروعها تبدأ من اإلغريق‬
‫ومعهم‪ ،‬حتى أنهم صدقوا خيالهم بما أسموه "المعجزة اليونانية" التي‬
‫تقضي بأن اإلغريق هم أبو و أم العلوم‪.‬‬
‫و أيدوا رأيهم هذا بأن الفلسفة عند أهل الحضارات الشرقية القديمة‬
‫كانت أفكار مختلطة بعقائد الدين و األساطير دون استقالل‪ ،‬أما‬
‫اإلغريق فقد قدموا للعالم الفلسفة الخالصة و المستقلة تماماً عن‬
‫الدين‪ ،‬و كذلك بقية العلوم األخرى‪.‬‬
‫ثانياً‪ ،‬المؤيدون‪:‬‬
‫تزعم هذا الرأي برنال‪ ،‬و ينادي أصحابه بأن الفلسفة قد نشأت‬
‫مرتبطة بالدين عند أهل ا لحضارات الشرقية القديمة مثل الحضارة‬
‫المصرية‪ ،‬البابلية‪ ،‬الفارسية‪ ،‬الهندية و الصينية‪ .‬و أن الحكماء‬
‫اإلغريق قد تعلموا و ورثوا الفلسفة عن تلك الحضارات ثم أضافوا‬
‫إليها الكثير من المباديء التي أرست دعائم الفلسفة الحديثة‪ .‬وتأكيداً‬
‫لهذا الرأي أصدر المفكر برنال كتاباً قيماً هاجم فيه المنكرين‪ ،‬واتخذ‬
‫‪ ،Bernal, M., Black Athena‬و يشير إسم هذا‬ ‫له عنوان ‪:‬‬
‫الكتاب "أثينا السوداء " إلى أن أثينا ليست بيضاء بمعنى أن مصدر‬
‫حضارتها في كآفة العلوم ليس الحضارة الغربية في أوربا‪ ،‬و إنما‬
‫أفريقيا السوداء‪ ،‬و ذكر أمثلة كثيرة في ثالثة مجلدات لهذا الكتاب‬
‫كلها تشيد بفضل الحضارات األخرى على أثينا و الغرب‪.‬‬
‫ٍ‬
‫لبعض من تلك األدلة لتبيان فضل الحضارة‬ ‫و سنعرض اآلن‬
‫المصرية على الحضارة اإلغريقية فيما يخص علم الفلسفة‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬إعترف حكماء الفلسفة اليونانيين األوائل بفضل الحضارة‬

‫المصرية على الفلسفة و الفالسفة اليونانيين في علومهم؛ فمثالً‪:‬‬
‫* أقر أرسطو بفضل المصريين في العلوم النظرية المجردة‪.‬‬
‫* قال سارتون بأنه إذا كان هيبوكراتيس أباً للطب عند اإلغريق فإنه‬
‫يجيء في منتصف المسافة الزمنية بين إيمحتب و بيننا نحن اإلغريق‬
‫في علم الطب‪.‬‬
‫* معلوم بأن فيثاغورس جاء إلى مصر في القرن ‪6‬ق‪.‬م و عمره حينها‬
‫‪ 18‬عاماً ليتعلم علم الهندسة على أيدي علماء جامعة عين شمس‬
‫(إيونو)‪.‬‬
‫* نعلم أن أفالطون ‪ -‬تلميذ سقراط أبو الفلسفة اليونانية – قد زار‬
‫مصر عام ‪390‬ق‪.‬م‪ ،‬و بعد عودته إلى أثينا لُوحظ حدوث تغير وتطور‬
‫أساسي في فكره‪ ،‬فأصبح يناقش قضايا فلسفية إجتماعية‪ ،‬والتي إهتم‬
‫بها سقراط‪ ،‬لعل ذلك لتأثره بفكر علماء و كهان مصر‪ .‬فمثالً تحدث‬
‫أفالطون عن مسألة "الجمهورية" حيث حاول تقسيم نظام العمل في‬
‫مجتمعها إلى ثالث طبقات‪:‬‬
‫الطبقة‬
‫الحاكمة‬
‫الطبقة‬
‫الحامية‬
‫الطبقة العاملة‬
‫هرم يبين نظام الجمهورية عند أفالطون‬
‫‪ -1‬الطبقة العاملة ‪ :‬تمثل تلك الطبقة األغلبية العاملة في المجتمع‪،‬‬

‫مثل أصحاب الحرف و الصناعات‪ ،‬و يجب أن يتصفوا بالطاعة‬
‫لولي األمر‪.‬‬
‫‪ -2‬الطبقة الحامية ‪ :‬تمثل تلك الطبقة المتوسطة العاملين في مجال‬

‫األمن و الحماية مثل الجنود‪ ،‬و يجب أن يتصفوا بالشجاعة‪.‬‬
‫‪ -3‬الطبقة الحاكمة ‪ :‬تمثل تلك الطبقة الحكام و كبار الموظفين في‬

‫تلك الجمهورية‪ ،‬و يجب أن يتميزوا بالحكمة في إصدار الق اررات‪.‬‬
‫وأضاف إلى تلك الطبقات فئة الكهنة الذين يشرفون على القيام‬
‫بطقوس العبادة و تلقي العلم‪ .‬و في رأيه كذلك أن هناك رباط العدالة‬
‫الذي يربط بين كآفة الطبقات معاً لتوزيع الحقوق و الواجبات على‬
‫كل طبقة على حده‪.‬‬
‫و ال نرى في هذا التقسيم سوى إقتباساً من الهيكل الوظيفي في‬
‫التنظيم اإلداري المصري الذي كان يتكون من الطبقات ذاتها إال أنه‬
‫حوى طبقة أخرى هي طبقة الخدم التي كانت هي األساس القوي‬
‫الذي إعتمد عليه المجتمع في إنجاز معظم أعماله‪ ،‬فقد تميزت‬
‫جمهورية أفالطون بأن أعطت تلك الطبقة الكثير من الحقوق مثل‬
‫حق تملك األراضي و الشهادة في المحكمة بحرية؛ ولذلك كان‬
‫معاصرو أفالطون يسخرون من نظريته‪ ،‬و يقولون أنه ليس من ابتكر‬
‫جمهوريته بل إقتبسها من المصريين القدماء‪ .‬كما أن ماركس في‬
‫كتابه "رأس المال" قال إن جمهورية أفالطون في مبدأها ما هي إال‬
‫تقسيم تخيلي لنظام العمل في أي مجتمع‪ ،‬و أنه على األغلب مأخوذ‬
‫عن نظام طبقات العمل في المجتمع المصري القديم‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬إعتبر الفالسفة اإلغريق أن طاليس هو مؤسس الفلسفة‬

‫الطبيعية؛ باعتباره أول من نادى بأن الماء هو أصل الكون الذي‬
‫ُخلق منه كل ش يء‪ .‬إال أنهم تناسوا أن المصريين عندما تفكروا في‬
‫خلق الكون أخرجوا لنا أربع نظريات‪ ،‬منها نظرية الخلق عند علماء‬
‫مدينة إيونو (حالياً حي عين شمس – المطرية) فنادوا أن الكون في‬
‫بدايته كان عبارة عن محيط من المياه األزلية‪ ،‬أي القديمة جداً‪،‬‬
‫أسموه نون الذي حوى في داخ له كل مقومات الحياة التي اتحدت‬
‫وأخرجت اإلله األكبر أتوم الذي خلق نفسه بنفسه ثم خلق الكون‪،‬‬
‫اآللهة‪ ،‬البشر‪ ،‬الحيوانات و النبات‪ .‬فالمصريون إذاً هم أول الفالسفة‬
‫بمقياس الفالسفة اإلغريق؛ ألنهم األسبق باآلف السنوات في معرفة‬
‫و وضع هذا المبدأ الفلسفي الرئيسي‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬إذا كان األمر عند الفالسفة اإلغريق يخضع لمعيار التجريد‬
‫في الفلسفة‪ ،‬باعتبار أنهم هم الذين جردوا الفلسفة من األساطير‬
‫والدين‪ ،‬فهنا يطرح علينا تساؤالن هامان هما‪:‬‬
‫‪ -1‬هل كان المصريون فالسفة مثل اإلغريق أم ال ؟‬
‫و لإلجابة على هذا التساؤل يجب معرفة ما المقصود بمسمى‬

‫"العلم"‪ .‬فمن المعاني المقبولة له أنه هو األسلوب أو المنهج الذي‬
‫يتناول دراسة مشكلة ما بتحديدها و تقديم حل لها‪ ،‬و يرتكز هذا‬
‫المنهج على أساسيات و يعتمد على التجريب و المالحظة‪.‬‬
‫و بهذا المفهوم نجد أن المصريين وضعوا أسساً لدراسة مشكالتهم‬

‫و حلها سواء في أنفسهم مثل علم الطب‪ ،‬أو حولهم مثل علم الفلك‪،‬‬
‫أو فيما بينهم مثل علم القانون‪ .‬بل و أكبر دليل على مدى تنظيم‬
‫شئون علومهم المتنوعة أن جعلوا لها جامعة تدرس أساسيات‬
‫وعناصر تلك العلوم‪ ،‬و تلك الجامعة هي المسماة ‪ِ pr – anx‬بر‬
‫‪ -‬عنخ أي "بيت الحياة"‪.‬‬
‫‪ -2‬هل مبدع العلم و إن كان متعلقاً بأمور أخرى هو المؤسس له‪،‬‬

‫أم الذي يطوره ؟‬
‫أو بمعنى آخر أكثر تبسيطاً‪ ،‬من هو مبدع علم الحساب ؟ هل‬
‫هو الذي جعل العدد مرتبطاً بالمعدود مثل القول‪:‬‬
‫‪ 3‬حيوانات ‪ 4 +‬حيوانات = ‪ 7‬حيوانات‪ .‬أم الذي جرد علم الحساب‬
‫بمعنى أنه جرد العدد من معدوده في الحساب‪ ،‬أي القول‪= 4 + 3 :‬‬
‫‪ ،7‬أياً كان المعدود‪ ،‬أم الذي طور علم الحساب أكثر بأن ابتكر مثالً‬
‫جدول الضرب المعروف ؟‬
‫فالمصريين في علم الحساب هذا قد جردوه‪ ،‬فمثالً سجلوا المعدود‬
‫أعداداً‪ ،‬فعندما أراد التعبير عن سبع بقرات لم يرسم سبع بقرات‪ ،‬وإنما‬
‫كتب رقم سبعة ثم صورة بقرة واحدة للتعبير عن نوعية المعدود‪ .‬إذن‬
‫فالمصريين هنا أبدعوا في علم الحساب و جردوه من الطبيعة المادية‬
‫إلى الطبيعة النظرية‪.‬‬
‫‪ 3-6‬الفلسفة و المصريون‬
‫عبرت النصوص األدبية المصرية عن الكثير من المبادىء‬

‫الفلسفية و كان بعضها مختلطاً بالفكر الديني‪ .‬و هذا األمر ليس بذم‬
‫للفلسفة المصرية فمثالً ال أهمية للروح من غير الجسد‪ ،‬و ال قيمة‬
‫للجسد من غير الروح‪ ،‬و هكذا فالروح و الجسد كالهما مرتبط‬

‫باآلخر‪ ،‬بل و تتجلى قيمتهما في اختالطهما‪ ،‬فالدين أسلوبه دوماً‬
‫فلسفياً‪ ،‬و يدعو إلى التأمل في الكون و قدرة الخالق و روعة الخلق‪.‬‬
‫و حتى القول بأن الفلسفة الصينية كان من أسمى أهدافها هو‬

‫تحقيق تناغم المرء مع نفسه ثم تناغمه مع من حوله من البشر‪ ،‬أو‬
‫أن اليوجا الهندية هدفها ترويض النفس البشرية و التحكم في مَلكاتها‬
‫و ملذاتها بما يحقق إجبار النفس البشرية على حسن المعاملة مع‬
‫اآلخرين‪ ،‬فالدين في جوهره يهدف إلى حسن المعاملة مع اآلخرين‬
‫وإلى ترويض النفس على فعل الخيرات‪ ،‬فقد أفلح من زكاها و قد‬
‫خاب من دساها و أخفاها وراء الشرور‪.‬‬
‫و ال أدل على ذلك من أن المصريين منذ عصورهم المبكرة‬

‫اعتقدوا في البعث و الخلود في العالم اآلخر؛ فدفنوا موتاهم في قبور‬
‫لحفظ رفاتهم لتعود إليه الروح عند البعث لتحاسب على كل ما فعلوه‬
‫في الدنيا‪ ،‬سواء من خيرات أو آثام و شرور‪.‬‬
‫كما أن المصريين من ناحية أخرى إستطاعوا في فلسفتهم وضع‬

‫األسس األولى لها‪ ،‬فمثالً فرقوا بين الخير و الشر‪ ،‬و عبروا عن‬
‫الضمير الذي يعد بمثابة ا لميزان لكل ما هو شر أو خير‪ ،‬فكلمة ‪nfr‬‬
‫تدل على الخير أو األشياء الطيبة بعكس كلمة ‪ bin‬أي "الردىء ‪/‬‬
‫الشر"‪ ،‬في حين عبروا بكلمة ‪ mAat‬ماعت أي "الحق ‪ /‬العدل" عن‬
‫معيار األخالق‪.‬‬
‫كما كان على المتوفى عند حسابه في محاكمة الموتى أن يعلن‬

‫أمام آلهته إلتزامه بمبادىء الماعت‪ ،‬نافياً عن نفسه إقتراف أي من‬
‫اآلثام األخالقية مثل السرقة و الكذب و أكل حق خدمه‪:‬‬
‫كنت في حياتي رجل ورع‪ ،‬فأحبني الناس‪ ،‬و دعت لي أمهاتهم‬
‫"لقد ُ‬
‫كنت أرعى عجائزهم‪ ،‬و أُطعم الجائع و أكسي العاري‪،"..‬‬
‫بالخير‪ ،‬فقد ُ‬
‫"لم أستعمل القوة مع أية ابنة من بنات األهالي‪ ،‬و لم أظلم أية أرملة‪،‬‬
‫و لم أطرد راعياً من أرضه"‪" ،‬لم يكن يوجد تعس في مجتمعي ‪..‬‬
‫وعندما حلت سنوات المجاعة حرثت كل حقول اإلقليم‪ ،‬و حافظت‬
‫على حياة الناس"‪.‬‬
‫حتى كبار رجال الدولة تحروا العدل بين الرعية‪:‬‬

‫"لم أرفع العظيم فوق الوضيع"‪.‬‬
‫و مع ما سبق ذكره فالمصريين لم يُغرقوا أنفسهم في التأمالت‬

‫النظرية عن الخير المعنوي دون الواقعي‪ ،‬بل أعلن حكماؤهم الفالسفة‬
‫مثل إيبو_ور من أواخر عصر الدولة القديمة‪ ،‬و الذي وصف أوالً‬
‫حال مصر بصورة تحليلية بقوله‪:‬‬
‫"لقد حدثت أشياء لم تحدث من قبل‪ ،‬لقد سرق عامة الناس (مومياء)‬
‫الملك و أخذوها‪ ،‬و أصبح الهرم خالياً مما فيه ‪ ..‬لم يعد الفالح‬
‫يستطيع حرث أرضه دون أن يحمي نفسه من قطاع الطرق ‪ ..‬من‬
‫كان يرتدي أحسن الثياب أصبح اآلن يرتدي ثياباً بالية ‪ ..‬انظر‪ ،‬إن‬
‫النبيالت أصبحن يتضورن جوعاً"‪.‬‬
‫ثم فند أسباب إضمحالل مصر حضارياً في عصره‪:‬‬

‫" لم يعد هناك وجوداً للدواوين (الحكومية) ‪ ..‬انظر‪ ،‬لقد أُهين‬
‫الموظف‪ ،‬و توقف إبحار السفن (للتجارة) ‪ ..‬و أصبح رجال الشرطة‬
‫في مقدمة الناهبين"‪.‬‬
‫فانتقد حتى ملك مصر و اتهمه باإلهمال في رعاية شئون‬

‫المصريين‪" :‬لديك الحكمة و البصيرة و العدل ‪ ..‬و مع ذلك تترك‬
‫اإلضطرابات تنتش ر البالد ‪ ..‬لقد كذبوا عليك‪ ،‬فالبالد تشتعل كالقش‪،‬‬
‫و الناس على شفا الهالك‪ ،‬فالرجل يُقتل على سطح منزله‪ ،‬و لكنه‬
‫إن كان قوياً فسينجي نفسه بنفسه‪ ،‬و حينئذ يبقى حياً ‪ ..‬فليتك تتذوق‬
‫بعض هذا البؤس بنفسك"‪.‬‬
‫كما لم يتردد في لوم نفسه و المثقفين من أمثاله في أنهم لم يقدموا‬

‫النصح ألولياء األمور‪ .‬و من حينها أدرك الحكماء المصريين من‬
‫الفالسفة أهمية تقديم النصح و اإلرشاد لكل إنسان محكوماً أو حاكماً‪،‬‬
‫فيقول الحكيم بتاح_حوتب‪:‬‬
‫"أيها القاضي ال تجلس أمام الميزان لتحكم بين الناس إال و أنت‬
‫سليم القلب و مطمئن النفس و صحيح الجسد و مستريح الضمير"‪.‬‬
‫بل ظهر من بين الملوك من درس الفلسفة و قدم مثل تلك‬

‫النصائح لخليفته و ولي عهده‪ ،‬مثل تعاليم الملك خيتي الثالث البنه‬
‫مري_كا_رع‪ ،‬والتي يحذره فيها من األتباع المنافقين الذين يزينون‬

‫للحكام فعل السيئات‪ ،‬فيقول له عن كل منافق‪:‬‬
‫"اطرده‪ ،‬اقتله‪ ،‬امح ذكراه هو و أتباعه"‪ ،‬و يحذره كذلك من الظلم‬
‫قائالً‪" :‬احذر أن تعاقب الناس دون خطأ جنوه‪ ،‬ال تقتل فإن ذلك ال‬
‫يجديك شيئاً‪ ،‬و لكن عاقب بالضرب و السجن‪ ،‬فتصلح األحوال في‬
‫البالد‪ ،‬و لتكن عادالً نحو مواطني بلدك‪ ،‬فأنت عنهم مسئول"‪.‬‬
‫و قدمت الفلسفة المصرية المتعقلة الكثير من المبادئ و األسس‬
‫التي تبنى عليها الحياة األسرية السعيدة في المجتمع‪ ،‬ليصبح مجتمعاً‬
‫متعاوناً و يتجنب المشكالت التي تجعله ينهار شيئاً فشيئاً‪ ،‬فيقول‬
‫الفالسفة المصريون‪:‬‬
‫"إذا قررت الزواج فاختر المرأة التي يشير إليها عقلك و قلبك قبل‬
‫عينيك‪ .‬المراة الصا لحة منحة من السماء لمن يستحقها‪ .‬إن المرأة‬
‫مسكن الرجل‪ ،‬فالمرأة الصالحة تجعل من المسكن (المتواضع) قص ارً‪،‬‬
‫أما المرأة الخبيثة تحوله إلى قبر‪ ،‬المرأة الجميلة ليست دائماً فاضلة‪،‬‬
‫و المرأة الفاضلة دائماً جميلة‪ .‬المراة التي تشتريها بنقودك‪ ،‬فإنها تبيعك‬
‫بنقود غيرك"‪.‬‬
‫الفصل السابع‬
‫العلوم يف مصر القدمية‬

‫ً‬
‫‪ 1-7‬أوال ‪ :‬علم الطب‬
‫ً‬
‫‪ 2-7‬ثانيا‪ ،‬علم التشريح‬
‫ً‬
‫‪ 3-7‬ثالثا‪ ،‬علم الصيدلة‬
‫ً‬
‫‪ 4-7‬رابعا‪ :‬علم القياس‬
‫العلوم يف مصر القدمية‬
‫تكمن أهمية أية حضارة في مقدار ما تحصل عليه أهلها من‬

‫العلوم بمختلف تخصصاتها‪ ،‬و بالنسبة للحضارة المصرية القديمة فقد‬
‫تميزت بتوصلها إلى العلوم المجردة حتى و إن اختلطت حيناً‬
‫بالمعتقدات الغيبية‪ ،‬فضالً عن نجاحها في إرتقاء سلم التقدم في كآفة‬
‫العلوم‪ ،‬و منها‪:‬‬
‫ً‬
‫‪ 1-7‬أوال ‪ :‬علم الطب‬
‫‪" swnw‬سونو"‪ .‬وقد‬ ‫ُعرفت وظيفة "الطبيب" بمسمى‬

‫وصل الطب المصري إلى قمته‪ ،‬و ال أدل على ذلك من تخصص‬
‫أطباء كهنة سرقت فى عالج عضات الثعابين و لدغات العقارب‪ ،‬كما‬
‫و تخصص آخرون في األمراض التناسلية ‪ aw Hmwt StAt‬و أمراض‬
‫الشرج ‪ nrw pHw.t‬و األسنان ‪. ibHy‬‬
‫و ال أدل على عراقة الطب المصري من وجود عدة بطاقات من‬
‫عصر األسرتين األولى و الثانية‪ ،‬بل و من عهد الملك حور_عحا‬
‫أول ملوك مصر أي منذ أكثر من ‪ 5000‬عامق‪.‬م جميعها تظهر صو اًر‬

‫ألطباء يعالجون مرضى‪.‬‬
‫بل إن وصفات هؤالء األطباء أثبتت فعاليتها‪ ،‬فقد تبركت األميرة‬

‫مريت_نيت ابنة الملك بسماتيك األول في عصر األسرة ‪ 26‬بالطبيب‬
‫الشهير أمنحوتب بن حابو من األسرة ‪ 18‬لعالجها‪ ،‬واصفة إياه (على‬
‫لوحة حجرية من العام ‪ 37‬من عهد أبيها =‪626‬ق‪.‬م) بأنه ‪pA swnw nfr‬‬
‫"الطبيب الماهر"‪ ،‬ربما ُوصفت لها إحدى وصفاته الطبية فشفيت‪.‬‬
‫و هناك مثال آخر يدل على إمتداد شهرة طب العيون المصرى‬

‫عبر الممالك البعيدة في الشرق األدنى زمن العصر المتأخر في‬
‫مصر‪ ،‬فقد أرسل الملك الفارسي قورش األكبر ‪ -‬وفقاً لرواية‬
‫هيرودوت‪ -‬يطلب من الملك أحمس الثانى في األسرة ‪ 26‬إرسال‬
‫طبيباً فى الرمد‪ ،‬فأرسل إليه األمهر وﭽا_حور_رسنت‪ .‬و يبدو أنه‬
‫نال إعجاب أبناء قورش‪ ،‬لذا فبمجرد غزو الفرس لمصر واستقرارهم‬
‫فيها‪ ،‬نجد أن الملك قمبيز بن قورش عيَّن وﭽا_حور_رسنت كبي اًر‬
‫لألطباء و رئيساً ل "بيت الحياة" الطبي‪:‬‬
‫‪" wD.n (w)i Hm.f iAwt wr swnw‬عينني‬

‫جاللته (قمبيز‪ ،‬في) وظيفة كبير األطباء"‪.‬‬
‫و أبقى عليه الملك دا ار األول في مناصبه تلك‪ ،‬بل و استعان به‬

‫في تشييد بيت للحياة في إيران وفق تقديرنا أثناء زيارته إلى بالد فارس‪.‬‬
‫و يبدو أنه أنجز ما أُسند إليه من تطوير فى بيت الحياة‪ ،‬فمنحه ملوكه‬
‫كل األلقاب الشرفية التقليدية‪.‬‬
‫و كان من مدى ثقة المصريين في الطب المصري على شفاء‬

‫أمراضهم أن تخلدت ذكرى الطبيب وﭽا_حور_رسنت لحوالي ‪177‬‬
‫عاماً الحقاً عندما كان يتبرك الناس بمقبرته رقم ‪ 27‬بأبو صير‪ ،‬للعثور‬
‫حولها على عدد كبير من األواني‪ ،‬موائد القرابين و كتابات عدة‬
‫بالديموطي بإسمه و وظيفته‪.‬‬
‫و كان للمصري القديم خبرته أيضاً في مجال الطب البيطري‪ ،‬ففي‬

‫منظر من مقبرة تي بسقارة نجد منظر لخبير يقوم بإرشاد مساعد‬
‫للمعاونة في توليد بقرة‪.‬‬
‫مكانة األطباء المصريين‪:‬‬
‫كان للطبيب المصري القديم مكانة رفيعة سواء عند الملوك‬

‫المصريين الوطنيين‪ ،‬فمثالً كان كبير األطباء ناي من األسرة ‪،18‬‬
‫والذى ورد في مقبرته بطيبة أنه كان سمير الملك و حامل المروحة‬
‫على يمين الملك‪ ،‬بل و أشرف على األشغال و مقر المغنيين الكبير‪،‬‬
‫أى أنه كان من أهل المشورة و اإلدارة في البالط الملكي‪.‬‬
‫و ظل األمر كذلك طوال العصور المصرية القديمة حتى في‬

‫العصر المتأخر‪ ،‬فمثالً كان كبير األطباء وﭽا_حور_رسنت من‬
‫المقربين ألواخر ملوك األسرة ‪ ،26‬حتى أنهم وهبوه جميع األلقاب‬
‫الشرفية المعروفة‪ ،‬بل و أسندوا إليه مهاماً عسكرية عليا مثل اإلشراف‬
‫على األسطول البحري‪.‬‬
‫كما كان لألطباء مكانة مرموقة أيضاً عند ملوك مصر األجانب‬
‫الطبيب‬ ‫من‬ ‫اتخذوا‬ ‫أنهم‬ ‫حتى‬ ‫الفرس‪،‬‬ ‫اإلخمينيين‬ ‫مثل‬
‫وﭽا_حور_رسنت مستشا اًر في البالط الملكي‪ ،‬فهناك إشارة لسفر هذا‬
‫الطبيب إلى مدينة سوسه الفارسية للتشاور في شئون مصر الداخلية‬
‫أو لتأسيس "بر‪-‬عنخ" أي "بيت الحياة" الطبي في فارس (؟)‪ .‬كما أشرف‬
‫على القصر (الملكي) بمنف؛ لذا ُعهد إليه بتأليف بمهمة ألقاب قمبيز‬
‫و دا ار األول‪.‬‬
‫و نرى من جانبنا أن هذا التالزم بين األطباء و القصر الملكي قد‬

‫يعود لكون كبير األطباء هو الطبيب هو األمهر‪ ،‬و من ثم يعالج‬
‫الملك‪ ،‬فتنشأ بينهما ثقة و عالقة طيبة‪ ،‬و ثقافة الطبيب قد تؤهله أن‬
‫يكون من أهل المشورة في البالط الملكي‪ ،‬بل و قد ُيعهد إليه بوظائف‬
‫إدارية بعيدة أحياناً عن تخصصه‪ ،‬و ذلك حتى و لو كان حكام البلد‬
‫من األجانب‪ ،‬فكان األطباء يجيدون لغات أجنبية معاصرة‪ ،‬تساعدهم‬
‫دون غيرهم على التفاهم و التعاون معهم‪.‬‬
‫إكتشافات األطباء المصريين‪:‬‬

‫توصل األطباء المصريون إلى علة أغلب األمراض‪ ،‬أال و هي‬
‫اإلسراف في الطعام‪ ،‬مما يؤدي ذلك إلى انسداد الشرايين‪ .‬و لم يكتفوا‬
‫بذلك بل توصلوا إلى حوالي ‪ 250‬مرضاً باطنياً مختلفاً‪.‬‬
‫األمراض التي أصابت المصريين‪:‬‬

‫هناك أمراض تم اكتشافها من إجراء مسح باألشعة أو تحاليل‬
‫وفحوصات للمومياوات‪ ،‬أو من دراسة التماثيل و النقوش التي تظهر‬
‫حاالت مرضية‪ ،‬و من هذه األمراض األكثر انتشا اًر بين المصريين‬
‫األقدمين‪ :‬الحصوات البولية و الكلوية‪ ،‬تقوس العمود الفقري‪ ،‬إلتهاب‬
‫المفاصل و الزائدة الدودية‪ ،‬هذا باإلضافة إلى الكسور الناتجة عن‬
‫العمل‪.‬‬
‫و ال أدل على مدى إهتمام الدولة بموظفيها حتى عمالها من‬
‫الرعاية الطبية أثناء مزاولتهم أعمالهم لعالج ما يط أر عليهم من أمراض‬
‫أو عالج إصاباتهم‪ ،‬فمثالً ظهرت على هياكل بعض عمال بناء هرم‬
‫خوفو ما يفيد قيام أطباء بإجراء عمليات جراحية و تجبير لكسور‬
‫عظمية‪ ،‬بل إن مناظر أظهرت عناية حتى بعيون العمال أثناء عملهم‪.‬‬
‫التخصصات التي برع فيها األطباء المصريون‪:‬‬

‫الجراحة‪:‬‬
‫هناك نقشان متشابهان من أبيدوس و سقارة ُوجد فيهما ما يفيد‬
‫قيام جراح بإجراء عملية فتح القصبة الهوائية‪ .‬و لربما عرفوا استعمال‬
‫التخدير باستخدام بعض النباتات مثل الماندراجورا‪.‬‬
‫الكسور‪:‬‬
‫ُعرف الكثير عن عمليات تجبير الكسور في العظام منذ عصور‬
‫ما قبل األسرات‪ ،‬و سند السيقان بقطع طولية من الخشب مع لفها‬
‫بالكتان‪ ،‬كما برعوا في رد الخلوع في الذراعين أو الساقين‪.‬‬
‫األورام‪:‬‬
‫فرقت البرديات الطبية في وصفها بين األورام الدهنية الحميدة التي‬
‫عالجها األطباء المصريون بفتحها بالمشارط أو كيها بالنار؛ لتطهيرها‬
‫من العصارات الميكروباتية مع تجنب األوعية الدموية لمنع النزيف‪،‬‬
‫في حين حددوا أعراض األورام الخبيثة مثل السرطان و الجمرة الخبيثة‬
‫بظهور البثرات و اإلحساس باأللم الشديد‪ ،‬و أسموا هذا المرض بمرض‬
‫اإلله خونسو‪ ،‬و قالوا أنه ال يمكن فعل شيء حياله فال عالج له‪.‬‬
‫أمثلة من البرديات الطبية‪:‬‬
‫بردية ايبرس‪:‬‬
‫اكتُشفت هذه البردية عام ‪1862‬م في األقصر‪ ،‬ثم بيعت إلى‬
‫األلماني ﭽورﭺ ايبرس‪ ،‬و ُعرفت باسمه حتى اآلن‪ ،‬ط ‪20‬م‪ُ ،‬كتبت‬
‫بالمداد األسود بالخط الهيراطي‪ ،‬في حين ُسجلت رؤوس موضوعاتها‬
‫بالمداد األحمر‪ ،‬و أعمدتها ‪ ،108‬و كل عمود من ‪ 22-20‬سط اًر‪،‬‬
‫تُؤرخ بعصر األسرة ‪ ،18‬محفوظة بمكتبة جامعة ليبزج األلمانية‪.‬‬
‫تبدأ تلك البردية بثالثة أدعية تبركاً و تعوذاً‪ ،‬ثم تصف ‪ 877‬وصفة‬
‫طبية مرتبة‪ ،‬و يصاحب كل وصفة منها األعراض المرضية‪.‬‬
‫بردية إدوين ِسميث‪:‬‬
‫اكتُشفت هذه البردية عام ‪1862‬م في األقصر بنفس الجرة الي ُعثر‬
‫فيها على البردية السابقة‪ ،‬ثم بيعت إلى األمريكي إدوين سميث‪،‬‬
‫وعرفت باسمه حتى اآلن‪ ،‬ط ‪4,68‬م‪ُ ،‬كتبت بالخط الهيراطي‪ ،‬وأعمدتها‬
‫ُ‬
‫‪ ،17‬تُؤرخ بعصر األسرة ‪ ،18‬محفوظة بمكتبة الجمعية التاريخية في‬

‫نيويورك‪.‬‬
‫تناولت ‪ 48‬حالة مرضية مع تقديم تشخيص مفصل مع العالج‬
‫المقترح لكل منها‪ ،‬ثم تناول لبعض العمليات الجراحية‪.‬‬
‫بردية هيرست‪:‬‬
‫اكتُشفت هذه البردية عام ‪1901‬م‪ ،‬و عثر عليها رايزنر بتمويل‬
‫لبعثته األثرية من السيدة فيبي هيرست التي ُسميت البردية باسمها‪.‬‬
‫تحتوي البردية على ‪ 18‬عموداً‪ ،‬تُؤرخ بالدولة الحديثة‪ ،‬محفوظة‬
‫بمتحف كاليفورنيا‪.‬‬
‫تتناول ذكر ‪ 660‬وصفة طبية لتحضير بعض التركيبات الصيدلية‬

‫مثل الكريمات و المراهم و المساحيق‪ ،‬مع ذكر بعض األطعمة المغذية‬
‫للمرضى‪.‬‬
‫عالقة الطب بالدين و األساطير‪:‬‬
‫ساد لدى المصريين األقدمين إعتقاد بأن النباتات الطبية و ما بها‬

‫من عصارة شافية لهي هبة و جزء من روح اإلله‪ ،‬ربما ألنها تعيد‬
‫الحيوية إلى الجسد المريض الضعيف‪.‬‬
‫و اعتقد المصريون بأن المرض لهو ناتج من روح شريرة تسكن‬

‫جسد المريض‪ ،‬لذا كان الطبيب يتلو تعاوي اًز لطردها ببركة آلهة الشفاء‬
‫مثل أوسير‪ ،‬إيسة‪ِ ،‬سرقت‪ ،‬وذلك قبل إعطاء المريض جرعة العقار‪.‬‬
‫و هكذا فارتباط الدين بالعلم مثل علم الطب ليس عيباً‪ ،‬فالبرديات‬
‫الطبية التي تحوي تعاوي اًز لهي من قبيل تهيئة المريض نفسياً لتقبل‬
‫العالج و لتصبيره باألمل على تحمل آالم المرض حتى إتمام الشفاء‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ 2-7‬ثانيا‪ ،‬علم التشريح‬
‫وصل علم التشريح في مصر إلى ذروة تطوره في العالم القديم‬

‫آنذاك‪ ،‬و هذا على الرغم من محاوالت التنقيص من مقدار ما وصل‬
‫إليه المصريون في مضمار هذا العلم‪ ،‬فهناك رأي بأن المشرح المصري‬
‫كان متخصصاً في تشريح أجساد الحيوانات دون أجسام البشر؛ ودليله‬
‫على ذلك أن العالمات الهيروغليفية مقتبسة معظمها من األجزاء‬
‫الداخلية ألجساد الحيوانات مثل‪:‬‬
‫دون مثيالتها في أجسام البشر‪ ،‬مما‬

‫يعني ضعف خبرة المشرح في التخصص البشري‪.‬‬
‫إال أننا نعارض الرأي السابق بشدة‪ ،‬و ذلك لما يأتي‪:‬‬
‫‪ -1‬تم إتخاذ العالمات الهيروغليفية منذ ما قبل العصور المبكرة ذاتها‪،‬‬

‫و مع ثبات تلك العالمات نتيجة ارتباطها بالمقاطع الصوتية‪ ،‬فقد كان‬
‫من الصعب إضافة أو إلغاء تلك العالمات‪ ،‬خاصة و أنها ُعوملت‬
‫حروفاً مجردة ال مجرد صور‪ ،‬فقد تناسى قارئها ما تصوره تلك‬

‫العالمات‪ ،‬و من ثم تجاهل تغييرها‪.‬‬
‫‪ -2‬استخدم عالمات من األجزاء الداخلية ألجساد الحيوانات نتيجة‬
‫معرفته بتقطيع أجزاءها التي كان يضحي بها كثي ًار إلى آلهته‪.‬‬
‫‪ُ -3‬عثر على العديد من األدوات الجراحية‪ ،‬فضالً عما ورد من بعض‬
‫قوائمها منقوشة على جدران بعض المعابد مثل كوم امبو‪.‬‬
‫‪ -4‬تشهد براعة التحنيط للمومياوات المصرية بخبرة المشرح المصري‬

‫في إخراج األحشاء و األجزاء الرخوية بدقة متناهية‪.‬‬
‫‪ -5‬تدل دقة إبراز العضالت و السواعد و أعضاء الجسم البشري‬

‫والحيواني في النقوش و التماثيل على مدى الخبرة الكبيرة للمصري في‬
‫مجال علم التشريح‪.‬‬
‫‪ -6‬ورد في البرديات الطبية حوالي ‪ 200‬مصطلح تشريحي في اللغة‬

‫المصرية القديمة‪ ،‬مما يثبت إستطاعة المشرح المصري على التفرقة‬
‫بين مختلف األجزاء الداخلية للجسم البشري‪.‬‬
‫‪ -7‬ورد في العديد من البرديات الطبية الكثير من المعلومات عن‬

‫أصول الجراحة التي تتطلب خبرة كبيرة بعلم التشريح‪.‬‬
‫‪ -8‬أبلغ إشارة على خبرتهم الجيدة بالتشريح أنهم توصلوا إلى أن‬
‫الجهاز الدوري‪ ،‬فالقلب عندهم كان هو مركز األوعية الدموية التي‬
‫تخرج منه متفرعة إلى سائر أجزاء الجسم‪ ،‬و عرفوا كذلك النبض الذي‬
‫أسموه "كالم القلب"‪ ،‬بل و حاولوا عالج األمراض الناتجة عن األوعية‬
‫بتبريدها لتهدئتها و اإلبطاء من دورتها‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ 3-7‬ثالثا‪ ،‬علم الصيدلة‬
‫اشتق العرب مسمى "الصيدلة" من إسم خشب عطري يسمى‬

‫"صندل" كان يستخدم رم اًز لمهنة َّ‬
‫العشاب أي الخبير في نوعيات‬
‫األعشاب و منها الطبية و العطرية‪ ،‬ثم تحورت الكلمة إلى "صيدلة"‬
‫عند اهل الشام‪ ،‬و اقتبسها منهم بقية الشعوب المجاورة‪ ،‬و ظلت‬
‫تُستعمل حتى اآلن‪.‬‬
‫أما كلمة "فارمسي" في اللغات األجنبية فمأخوذة من الكلمة‬

‫المصرية القديمة "فارماكا" التي تعني "مانح الشفاء" (وردت على قاعدة‬
‫و حوروها‬ ‫تمثال لإلله ﭽحوتي من منف)‪ ،‬و قد اقتبسها اإلغريق‬
‫بلفظ "فارماكي" لإلشارة إلى فن الصيدلة‪ ،‬و اشتقوا منها مسمى‬
‫"فارماكون" لإلشارة إلى "العقاقير"‪ .‬و انتشرت تلك المسميات في اللغات‬
‫األوربية المعروفة‪.‬‬
‫هذا و مما هو معلوم بأن عالمة ‪ R‬التي ترد إختصا اًر لكلمة‬
‫‪ Report‬في تقرير أي طبيب من العصر الحديث لهي مقتبسة من‬
‫التي كانت رم اًز لمقدار كل عقار أو دواء يقترحه الطبيب‬ ‫عالمة‬
‫المصري ألعراض بعينها يقوم بوصفها في بردياته الطبية‪.‬‬
‫و جاء ارتباط العقاقير بالنباتات في بدايات علم الصيدلة نتيجة‬

‫توافر تلك األعشاب في البيئة المجاورة و المتنوعة في طبيعتها ما بين‬
‫الزراعية أو الصحراوية أو الجبلية‪ ،‬بل و كذلك ما استوردته مصر من‬
‫أعشاب و نباتات من مناطق أجنبية‪ ،‬مثلما فعلت الملكة حتشبسوت‬
‫بأن استجلبت مع بعثتها إلى بالد بونت كميات من تلك األعشاب‪ ،‬لذا‬
‫تعددت مصادر تلك النباتات مما ساعد الصيدلي المصري على‬

‫اكتشاف المزيد من موادها العالجية‪.‬‬
‫و لربما أن َّ‬
‫العشاب أو الصيدلي األول قد الحظ أن بعض‬
‫حيواناته المريضة بعدما تتناول أعشاباً بعينها تتماثل للشفاء‪ ،‬و من‬
‫هنا حدد مثل تلك األعشاب و بدأ في تناولها أو إعطائها آلخرين‪،‬‬
‫وكلما كان لها تأثي اًر في حاالت بعينها كلما ارتبطت شيئاً فشيئاً بداء‬
‫معين و هكذا‪.‬‬
‫إكتشافات الصيدلي المصري القديم‪:‬‬
‫كان للصيدلي المصري اكتشافات عدة في مجال علم الصيدلة‪ ،‬وما‬

‫زال لها أهميتها حتى اآلن‪ ،‬و منها‪:‬‬
‫‪ )1‬أول من صنع لبخة تحتوي على اكسيد الرصاص‪.‬‬
‫‪ )2‬أول من استخدم المراهم العطرية في إزالة الروائح الكريهة من‬

‫جلد اإلنسان‪.‬‬
‫‪ )3‬قام بتحضير أنواع متعددة من اللعوقات و الغرغرات لعالج‬

‫إلتهاب الحلق و اللسان‪.‬‬
‫‪ )4‬برع الصيادلة في صناعة العطور غير السائلة مثل الكريمات‪،‬‬

‫و صناعة زيوت الشعر لتنعيمه و لعالج الصلع وتساقط‬
‫الشعر‪.‬‬
‫‪ )5‬معرفة الفطريات التي تنمو على الماء الراكد أو على الخبز‬

‫المتعفن واللحم‪ ،‬و وضعها على الموضع المصاب أو الجروح‬
‫و القروح كنوع من المضاد الحيوي‪.‬‬
‫‪ )6‬أول من ابتكر النشادر بسحق أو حرق قرون الحيوانات‪.‬‬
‫‪ )7‬أول من عرف أهمية قشور الثمار مثل قشرة الرمان التي‬

‫استخدمها للقضاء على الديدان المعوية‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ 4-7‬رابعا‪ :‬علم القياس‬
‫نظ اًر لتعدد نوعيات األشياء‪ ،‬فقد تنوعت األدوات و المعايير‬

‫المساعدة على تحديد قياس متعارف عليه بين الناس‪ .‬و من المعلوم‬
‫أنه كلما تعددت تلك األدوات و تطورت كلما أشار ذلك إلى مدى‬
‫تطور حضارة تلك الدولة عن غيرها‪ .‬و دل على إشراف الدولة آنذاك‬
‫على مثل هذه المقاييس أن ورد عليها عبارات مثل اسم الملك المعاصر‬
‫أحياناً خاصة في العصر المتأخر‪.‬‬
‫األوزان‪:‬‬
‫ُعرفت صنج األوزان في مصر منذ العصور المبكرة‪ ،‬فقد ُعثر‬
‫على ‪ 6‬آالف صنجة أو يزيد‪ ،‬معظمها من حفائر ‪ F. Petrie‬في دفنة‬
‫و نقراطيس حيث األسواق التجارية الكبرى بين مصر و الدول المجاورة‬
‫خاصة اليونان‪ .‬هذا و عثرت بعثة المتحف البريطانى ‪ -‬في حفائرها‬
‫في األشمونين بالموقع ‪ W‬ذو الطابع السكنى في محيط معبد ﭽحوتى‪-‬‬
‫على العديد من صنج األوزان‪ ،‬و األوانى المعيارية من الحجر الجيرى‬
‫المؤرخة بالعصر الفارسى‪ .‬و كان من أهمها "دبن" الذي يزن ‪91‬جم‪.‬‬
‫ُ‬
‫و بعضها اآلخر من أنواع أخرى من الحجر مثل الجرانيت‪ ،‬و من‬

‫أمثلتها‪:‬‬
‫✓ صنجة من الجرانيت األسود‪ ،‬مثقالها ‪ 12‬دبناً‪ ،‬عليها اسم‬
‫الملك ﭽد_حور‪ ،‬و هذا نصه‪:‬‬
‫‪ntr nfr Ir-mAat-n-Ra dpn 12‬‬

‫"اإلله الطيب إير_ماعت_ى_رع‪ 12 ،‬دبناً"‪.‬‬
‫✓ صنجة من الجرانيت األسود‪ ،‬وزنها ‪32‬كجم‪ ،‬عليها إسم الملك‬
‫نخت_نبف‪.‬‬
‫المكاييل‪:‬‬
‫أقدم وحدة كيل للحبوب كانت تسمى ‪ HqAt‬و ورد إسمها ألول مرة‬
‫على لوحة قرابين ألمير يدعى سحفن ‪( %Hfn‬األسرة ‪ ،)2‬و أقدم‬
‫تصوير ألواني كيل حبوب ورد في مقبرة حسي_رع (األسرة ‪.)3‬‬
‫و قد ظهرت بعض المكاييل الحجرية التى استمدت أسماءها من أسماء‬

‫من الشست المجلوب من محاجر وادي‬ ‫محاجرها‪ ،‬مثل ‪Hnw‬‬
‫الحمامات التي كان أقدم أسمائها ‪.Ra-Hnw‬‬
‫و ال أدل على تطور علم القياس المصري القديم من قيام مملكة‬

‫من اقتباس العديد من‬ ‫ق‪.‬م‬
‫فارس األقوى و األكبر في القرن الخامس‬
‫أدوات و مكاييل المصريين‪.‬‬
‫ففي األسرة ‪ 27‬ساوى الفرس بين ‪( rtb‬بالديموطية) "األردب"‬

‫المصرى و ‪( irtiba / rdb‬باآلرامية) "األردب" الفارسى‪ ،‬و أُقترح أنه وازى‬
‫‪ 30‬كيلة‪ ،‬و ذلك بدليل أن اإلغريق عرفوا هذا المسمى تحت اإلسم‬
‫ذاته‪ artabē :‬وفقاً لرواية عن هيرودوت‪ ،‬و من ثم احتفظ اإلغريق‬
‫بهذا المكيال إسماً و وزناً حتى حكموا مصر في عهد البطالمة‪.‬‬
‫و استمر استخدام بعض المكاييل المصرية األخرى الخاصة بكيل‬

‫الحبوب‪ ،‬و المعروفة من ذى قبل مثل ‪" Xar‬الجوال" من الجلد‪ ،‬و يوازى‬
‫اختلف في تقسيمه إلى وحدات أصغر ما بين المصريين‬ ‫‪ ، 40‬و إن ُ‬

‫كجم‪1‬‬
‫الذين قسموه إلى ‪ِ 160‬هناً ‪ ، hin‬و يوازى ‪250‬جم‪ ،2‬و بين اآلراميين‬
‫الفرس الذين قسموه إلى ‪ 3‬وحدات تُسمى ‪ griw‬أو إلى ‪.hpn 30‬‬
‫و كانت تلك المكاييل المصرية يتم إعتمادها تحت إشراف السلطة‬

‫اإل دارية الفارسية؛ فهناك مكيال في صورة إناء إسطواني الشكل من‬
‫المرمر‪ ،‬ورد عليه إسم الملك دا ار األول ُملقب ب "محبوب أبيس العائش"‪،‬‬
‫و العام ‪ 34‬من عهده‪ ،‬و مسجل عليه سعته ‪ 72‬هناً‪.3‬‬
‫المعايير‪:‬‬
‫ر للسوائل في مصر القديمة‪ ،‬و أقدمهم ‪Spnt‬‬

‫كان يوجد ‪ 41‬معيا اً‬
‫منذ عصر ما قبل األسرات على األقل (؟)‪ ،‬و يوازي ‪ 25,1‬لت اًر‪،‬‬
‫في‬ ‫‪ 1‬تختلف قيم المكاييل من عصر آلخر‪ ،‬فقد كان مقدار هذا الجوال يوازى ‪ 73,6‬لت اًر‬
‫(؟)‬
‫الدولة الوسطى و الحديثة‪ .‬انظر‪ ،‬محمد صالح الخولي‪ :‬المكاييل و الموازين في مصر‬
‫القديمة‪ ،‬ماجستير‪ ،‬كلية اآلثار ‪ -‬جامعة القاهرة‪ ،1980 ،‬ص ‪.51 ،46‬‬
‫يقدره البعض ب ‪ 500‬لت اًر في حالة السوائل في الدولة الحديثة‪:‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪cf. Ahituv, S., "The‬‬ ‫‪measure", JEA 58, 1972, p.302.‬‬

‫ع‪31,5‬سم‪ ،‬بالمتحف المصري برقم (‪ .)JE 86754‬محمد صالح الخولي‪ :‬المرجع السابق‪،‬‬ ‫‪3‬‬
‫ص‪.147‬‬
‫وأكبرهم يسمى ‪ mDqty‬و يوازي ‪ 88,35‬لت اًر‪ .‬و كان للجعة و مشتقاتها‬
‫معيا اًر مصرياً شهي اًر هو ‪ ds‬و يوازى ‪ 3‬لترا‪.‬‬
‫األطوال‪:‬‬
‫كان لدى المصريين مقياس للطول يسمى ‪" a‬الذراع" على شكلين‪،‬‬
‫أحدهما يوصف بأنه "ملكي" و كان يوازي ‪52,3‬سم‪ ،‬و اآلخر "شعبي"‬
‫و يوازي ‪45‬سم‪.‬‬
‫قائمة المراجع‬
‫قائمة المراجع المستخدمة باإلضافة إلى ما ذكر في حواشي الكتاب‬
‫• أدولف إرمان & هرمان رانكة‪ :‬مصر و الحياة المصرية في‬

‫العصور القديمة‪ ،‬ت & م‪ :‬عبد المنعم أبو بكر‪،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪.1953‬‬
‫• أدولف إرمان‪ :‬ديانة مصـ ـ ـ ــر القديمة‪ ،‬ت‪ :‬عبد المنعم أبو بكر‬
‫& محمد أنور شكري‪ ،‬القاهرة‪.1995 ،‬‬
‫• ب‪.‬ج‪ .‬تريجر & آخرون‪ :‬مصر القديمة‪ .‬التاريخ االجتماعى‪،‬‬

‫ت‪ :‬لويس بقطر‪ ،‬القاهرة‪.2000 ،‬‬
‫• ت‪.‬ج‪.‬هـ‪ .‬جيمز‪ :‬الحياة أيام الفراعنة‪ ،‬ت‪ :‬أحمد زهير أمين‪ ،‬م‪:‬‬
‫محمود ماهر طه‪ ،‬القاهرة‪.1998 ،‬‬
‫• ‪ :---------‬كنوز الفراعن ــة‪ ،‬ت‪ :‬أحم ــد زهير أمين‪ ،‬م‪:‬‬

‫محمود ماهر طه‪ ،‬القاهرة‪.1999 ،‬‬
‫• جونيفييف هوسون & دومينيك فالبيل‪ :‬الدولة و المؤسسات فى‬

‫مصر‪ ،‬ت‪ :‬فؤاد الدهان‪ ،‬م‪ :‬زكية طبوزادة‪ ،‬القاهرة‪.1995 ،‬‬
‫• حسن كمال‪ :‬الطب المصري القديم‪ ،‬جزءان‪ ،‬القاهرة‪.1964 ،‬‬
‫• حسن محمد السعدى‪ :‬حكام االقاليم فى مصر الفرعونية‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪.1992 ،‬‬
‫• سيلفي كوفيل‪ :‬قرابين اآللهة في مصر القديمة‪ ،‬ت‪ :‬سهير‬
‫لطف هللا‪ ،‬القاهرة‪.2010 ،‬‬
‫• عبد العزيز صالح‪ :‬التربية و التعليم فى مصر القديمة‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪.1966‬‬
‫• ‪ : ----------‬الشرق األدنى القديم‪ ،‬ج ‪ :1‬مصر‪،‬‬

‫القاهرة‪.1973 ،‬‬
‫• فوزي مكاوي‪ :‬الناس في مصر القديمة‪ ،‬القاهرة‪.1995 ،‬‬
‫• محمد محمود قاسم‪ :‬التنظيم اإلداري في مصر في عصر‬
‫األسرة السادسة و العشرين‪ ،‬كلية اآلداب – جامعة عين شمس‪،‬‬
‫‪.2004‬‬
‫• محمد محمود قاسم‪ :‬اإلدارة في مصر من األسرة السابعة‬

‫والعشرين حتى نهاية األسرة الثالثين‪ ،‬دكتوراة‪ ،‬كلية اآلداب –‬
‫جامعة عين شمس‪.2009 ،‬‬
‫• نبيل عبيد‪ :‬الطب المصري في عصر الفراعنة‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪.2004‬‬
‫• ياروسالف تشرني‪ :‬الديانة المصرية القديمة‪ ،‬ت‪ :‬أحمد قدري‪،‬‬
‫م‪ :‬محمود ماهر طه‪ ،‬القاهرة‪.1987 ،‬‬
‫‪• Bianchi, R.S., Splendors of Ancient Egypt‬‬

‫‪From the Egyptian Museum Cairo, London,‬‬
‫‪1996.‬‬
‫‪• Boase, W., Ancient Egypt, New York, 1978.‬‬
2023 – ‫قسم التاريخ – المستوى الثالث‬ )1( ‫حضارة مصر القديمة‬
• Hayes, W. C., “Daily Life in Ancient Egypt”, in:

Everyday Life in Ancient Times. Highlights of
the Beginnings of Western Civilization in
Mesopotamia, Egypt, Greece, and Rome,
Washington, 1951.
• James, E.O., The Ancient Gods. The History

and Diffusion of Religion in the Ancient Near
East and the Eastern Mediterranean, London,
1960.
145 ‫هاني عيسى‬/‫د‬ ‫ إبراهيم مهران‬/‫د‬.‫أ‬ ‫ محمد محمود قاسم‬/‫د‬.‫أ‬

حضارة مصر القديمة 1 ترخ 303

Uploaded by

Document Information

Copyright

Available Formats

Share this document

Share or Embed Document

Sharing Options

Did you find this document useful?

Is this content inappropriate?

Copyright:

Available Formats

حضارة مصر القديمة 1 ترخ 303

Uploaded by

Copyright:

Available Formats

‫قسم التاريخ‬

‫حضارة مصر القديمة (‪)1‬‬

‫حقوق الطبع و الملكية الفكرية محفوظة للمؤلف‪.‬‬

‫الصفحة‬ ‫الموضوع‬ ‫م‬

‫‪5‬‬ ‫‪.‬‬ ‫مقدمة‬

‫‪6‬‬ ‫الجيش المصري القديم‬ ‫الفصل األول‬

‫‪20‬‬ ‫المعبودات المصرية القديمة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪42‬‬ ‫عقيدة البعث و الﺨلود‬ ‫الفصل الثالث‬

‫‪48‬‬ ‫تقدمة القرابين‬ ‫الفصل الرابع‬

‫‪102‬‬ ‫الفلسفة في مصر القديمة‬ ‫الفصل السادس‬

‫‪119‬‬ ‫العلوم في مصر القديمة‬ ‫الفصل السابع‬

‫‪142‬‬ ‫قائمة المراجع‬

‫‪ 1-1‬بداية تأسيس الجيش المصري القديم‬

‫اجليش املصري القديم‬

‫و المصري القديم لم يكن شديد الحرص على حماية ممتلكاته‬

‫و من المنطقي أنه كان لمصر جيش يحميها منذ بداية توحيدها‬

‫و كان يتم التعبير عن الجيش رمزياً منذ عصر األسرة األولى‬

‫ثم ما لبث أن تم في عصر اإلنتقال األول و الدولة الوسطى‬

‫أما في عصر الدولة الحديثة فمن المؤكد وجود جيش نظامي‬

‫‪ 2-1‬عناصر الجيش المصري القديم‪:‬‬

‫كان الجيش المصري يتبع نظاماً محدداً يسمح بوجود طبقات‬

‫أوالً‪ ،‬قائد الجيش ‪" imy-rA mSa‬قائدالجيش" ونائبه‪.‬‬

‫ثالثاً‪ ،‬سالح المركبات‪:‬‬

‫عرف الجيش المصري استخدام الخيول في الحروب منذ الدولة‬

‫و قد طور المصريون سالح المركبات عندما جعلوا لها حصانين‬

‫رابعاً‪ ،‬األسطول البحري‪:‬‬

‫كان سالح البحرية في مصر قوياً‪ ،‬نتيجة خبرة المصري في‬

‫و أقدم مثال على قدم السالح البحري هو ما ورد في إحدى مقابر‬

‫خامساً‪ ،‬كتبة الجيش‪:‬‬

‫كان الجيش المصري يحوي من بين أفراده مجموعة من الكتبة‬

‫‪ -5‬كان يستخدم ال جيش المزمار بصوته العالي إلصدار نغمات‬

‫و من بين أمثلة تلك الخطط‪:‬‬

‫‪ 4 -1‬األسلحة املصرية القدمية‬

‫وهناك أسلوبين إلستخدام السهام‪:‬‬

‫‪ 5-1‬مكانة طبقة العسكريين في المجتمع المصري ودورهم‬

‫يتضح من حجم مقابر الضباط العسكريين أنهم كانوا من األثرياء‪،‬‬

‫و كان الجندي أو الضابط الشجاع الذي يحقق نص اًر أو يقاتل‬

‫و من دراسة التاريخ السياسي للملوك الفراعنة‪ ،‬نجد أن هناك قادة‬

‫و مع ذلك فكان بعضهم يتورط في عمليات إغتيال للملك‪ ،‬و من‬

‫املعبودات املصرية القدمية‬

‫‪ 1-2‬من حيث المهام‪:‬‬

‫املعبودات املصرية القدمية‬

‫التقسيمات المتعددة لآللهة‬

‫‪ o‬الفنون التي كان ربها بتاح‪.‬‬

‫ُيقصد باآللهة األخروية أي التي تقوم بحساب المتوفى في العالم‬

‫‪ 2-2‬ثاني ًا‪ ،‬من حيث األشكال‪:‬‬

‫هناك آلهة بدأت منذ البداية بصورتها اآلدمية مثل المعبود‬

‫لم يتجسد كل إله في أي مظهر مادي بشري كان أم حيواني أو‬

‫و على الرغم من أن السواد األعظم من اآللهة المصرية بدأ‬

‫و تجسدت في الشكل البشري إما في صورة ذكرية أو أنثوية‪،‬‬

‫الصورة البشرية‬ ‫الصورة الحيوانية‬ ‫‪/‬‬ ‫إسم اإلله‬

‫هناك أيضاً بعض اآللهة تجسدت في أشكال الطيور‪ ،‬وإن تحولت‬

‫الشكل البشري‬ ‫الشكل الطيوري‬ ‫إسم اإلله ‪ /‬اإللهة‬

‫* في شكل الحشرات والزواحف‪:‬‬

‫الشكل البشري‬ ‫شكل الحشرة‬ ‫إسم اإلله ‪ /‬اإللهة‬

‫‪ 3-2‬ثالث ًا‪ ،‬من حيث مواطنها‪:‬‬

‫و فكرة الثالوث مقتبسة من فكرة األسرة المصرية‪ ،‬فكما أن‬

‫و إني ألعتقد بأن للثالوث مغزى فلسفي يتلخص في أن األب هو‬

‫و من أمثلة تلك الثواليث‪:‬‬

‫الثالوث اإللهي فيها‬ ‫إسم المدينة‬

‫هذا و ُيالحظ أن هناك ثواليثاً لم تتبع القاعدة السابقة‪ ،‬و إنما‬

‫عقيدة البعث و اخللود‬

‫‪ 1-3‬نشأة اإلعتقاد يف احلياة بعد املوت‪:‬‬

‫عقيدة البعث و اخللود‬