You are on page 1of 11

‫اجلرمية الإلكرتونية و إاشاكلية الإختصاص القضائ‬

‫_ماكن إارتاكب اجلرمية منوذجا_‬

‫_ قراءة يف قرار حممكة النقض عدد ‪ 7/233‬يف امللف جنحي عدد‬


‫‪ 2017/7/6/14280‬الصادر بتارخي ‪.2018/02/14‬‬
‫_ املفهوم اجلديد ملاكن إارتاكب اجلرمية الإلكرتونية‪.‬‬
‫إجناز ‪ :‬ذ يوسف قجاج‬

‫جيمع خمتلف املهمتني عىل أن اجلرمية الإلكرتونية قلبت العديد من املفاهمي القانونية السائدة‬
‫سواء عىل مس توى القانون املوضوعي من حيث التجرمي و العقاب ‪ ،‬و ذكل بفعل‬
‫ازدواجية طبيعهتا بني جرمية اإلكرتونية حمضة تس هتدف النظمة و البياانت املعلوماتية يف‬
‫حد ذاهتا أو كجرمية عادية مرتكبة بواسطة تقنية املعلومات كآلية من أجل التواصل و‬
‫التخطيط لتنفيذ املشاريع الإجرامية ‪ ،‬أو عىل مس توى القانون الإجرائ بفعل تغلهبا عىل‬
‫القواعد املسطرية املقررة كصل عام للبحث و التحري و مالحقة مرتكيب اجلرامئ العادية و‬
‫ضبطهم و حمامكهتم ‪ ،‬مما يتعني القول معه بأن اجلرمية الإلكرتونية قد أحدث ثورة يف فلسفة‬
‫التجرمي و العقاب و الإجراءات اجلنائية‪.‬‬
‫فاإذا اكن البحث يف مسأةل مدى اإستيعاب قواعد الإختصاص التقليدية خلصوصية اجلرمية‬
‫الإلكرتونية أمرا صعبا ‪،‬فاإن الصعوبة تنطلق من اإعطاء مفهوم للجرمية الإلكرتونية ذاهتا ‪،‬‬
‫ذلكل يذهب معظم املهمتني اإىل القول بأن اجلرمية الإلكرتونية ابعتبارها مظهرا جديدا من‬
‫مظاهر السلوك الإجرايم ل ميكن تصورها اإل من خالل ثالث مظاهر ‪ ،‬اإما أن تتجسد‬
‫يف شلك جرمية تقليدية يمت اقرتافها بوسائل اإلكرتونية أو معلوماتية ‪ ،‬أو يف شلك‬
‫اس هتداف للوسائل املعلوماتية ذاهتا و عىل رأسها قاعدة املعطيات و البياانت أو الربامج‬
‫املعلوماتية ‪ ،‬أو أن يمت اقرتاف اجلرامئ العادية يف بيئة اإلكرتونية كام هو المر ابلنس بة جلرامئ‬
‫الصحافة‪.‬‬
‫فلام اكن الإختصاص القضائ هو سلطة احملمكة للحمك يف قضية معروضة علهيا ‪ ،‬أو الولية‬
‫اليت مينحها املرشع حملمكة ما للبت يف القضااي املعروضة علهيا ‪ ،‬فاإن طبيعة اجلرمية‬
‫الإلكرتونية و اخلصوصية اليت متتاز هبا ‪ ،‬أصبحت تشلك أبرز و أمه الإشاكليات و‬
‫التحدايت ‪ ،‬و اليت تثري التساؤل حول حتديد احملمكة صاحبة الإختصاص للنظر و البت‬
‫فهيا مىت مت ضبط مرتكبهيا و تقدميهم للعداةل‪.‬‬
‫مفن الصعوابت اليت تطرهحا اجلرمية الإلكرتونية و عالقهتا مبوضوع الإختصاص القضائ ‪ ،‬يه‬
‫احلالت اليت يتوزع فهيا السلوك املادي للجرمية يف أكرث من مدينة كن يقع السلوك‬
‫الإجرايم يف مدينة معينة ‪ ،‬يف حني تتحقق نتيجته الإجرامية يف مدينة أخرى ‪ ،‬ويكون‬
‫ابلتايل لك مدينة قد حتقق فهيا أحد عنارص الركن املادي للجرمية قابال للتطبيق ‪ ،‬كام يف‬
‫حاةل ارتاكب فعل الهتديد عرب الرسائل ا إللكرتونية حيث قد يرتكب الفعل املادي يف‬
‫مدينة ويتلقاه الضحية يف مدينة أخرى بعد أن متر يف كثري من الحيان بأكرث من مدينة ‪.‬‬
‫معطى ل بد منه ‪ ،‬جاء يف قرار حممكة النقض عدد ‪ 7/233‬يف امللف جنحي عدد‬
‫‪ 2017/7/6/14280‬الصادر بتارخي ‪ "2018/02/14‬حيث اإن احملمك املؤيد حمكها ابلقرار‬
‫املطعون فيه عندما ردت ادلفع بعدم الإختصاص املاكين و عللت قرارها ابلقول ‪ '' :‬حيث‬
‫لنئ اكن الثابت فعال أن حمل اإقامة الظناء و ماكن اإلقاء القبض علهيم مبدينة واد زم فاإن‬
‫ماكن اإقرتاف اجلرامئ موضوع املتابعة و يه الإبزتاز و املشاركة فيه طبقا للفصلني ‪ 538‬و‬
‫‪ 129‬من القانون اجلنائ يه جرامئ تقليدية فاإن الوسائل اليت إاعمتدها الظناء و املمتثةل يف‬
‫التصالت الهاتفية و الرسائل النصية و ش بكة النرتنيت و تسلمي و تسمل املقابل املادي‬
‫لعدم اإفشاء المر الشائن ‪ ،‬نقلت ماكن اجلرمية من اإطار مادي حمدود جغرافيا اإىل بيئة‬
‫اإفرتاضية غري ملموسة ‪ ،‬و أنه ملا اكن من العنارص التكوينية للجرمية موضوع املتابعة‬
‫احلصول عىل مبالغ مالية أو تسلمي ورقة‪ ...‬بواسطة "الهتديد ابإفشاء أو نس بة أمور شائنة‬
‫‪"....‬و اكن الهتديد قد مت عرب وسائل اإتصال عن بعد و اليت رفعته (أي الهتديد) من نطاق‬
‫جغرايف حمدد من مدينة واد زم اإىل بيئة اإفرتاضية غري ملموسة فمت سامع الهتديد هاتفيا و‬
‫مشاهدته نصيا اإلكرتونيا من طرف الضحية و هو مبدينة سال كام أن هذا الخري قد أرسل‬
‫املقابل املادي من مدينة سال من خالل تعبئات هاتفية عرب رسائل نصية ‪ ،‬المر اذلي‬
‫يفهم منه أن الركن املادي للجرمية ‪-‬و اذلي يعترب معيارا للقول مباكن إارتاكب الفعل‪-‬قد‬
‫إارتكب يف نطاق اإفرتايض و يف ظروف أنية وحدا مدينة واد زم و سال يف ماكن واحد ‪،‬‬
‫مما جيعل احملمكة الإبتدائية بسال صاحبة ولية يه الخرى ماكنيا للنظر يف اجلرامئ موضوع‬
‫املتابعة ‪ ،‬تكون احملمكة قد خرقت اإجراء من الإجراءات املسطرية و فرست املادة ‪259‬‬
‫أعاله اليت حددت نطاق اإختصاص احملمكة للنظر يف مثل انزةل احلال تفسريا خاطئا و‬
‫عرضت بذكل قرارها للنقض‪".‬‬
‫نظرة عن الوقائع املرتبطة ابلقرار ‪ :‬يظهر من خالل القرار موضوع ادلراسة أن المر يتعلق‬
‫ابلهتديد ابإفشاء أو نرش أمور شائنة (الإبزتاز) ‪ ،‬عرض عىل احملمكة الإبتدائية بسال ‪،‬‬
‫إارتكبت من طرف املهتمون موضوع املتابعة و اذلي ينحدرون من مدينة واد زم يف حق‬
‫الضحية اذلي يقطن مبدينة سال ‪ ،‬و أن وسائل أداة إارتاكب اجلرمية اإحنرصت يف وسائل‬
‫التواصل و الإتصال‪ ،‬و املمتثةل يف التصالت الهاتفية و الرسائل النصية و ش بكة النرتنيت‬
‫‪ ،‬مما تكون معه اجلرمية قد اإنتقلت من جرمية عادية تقليدية اإىل جرمية اإلكرتونية مت اقرتافها‬
‫بوسائل اإلكرتونية و هو ما يامتىش مع مفهوم اجلرمية الإلكرتونية كام أرشان اإليه سابقا‪ ،‬كام‬
‫يستشف أيضا من خالل وقائع القضية عىل أن السلوك املادي للجرمية توزع بني مدينتني‬
‫واد زم و سال ‪ ،‬ويكون ابلتايل لك مدينة قد حتقق فهيا أحد عنارص الركن املادي للجرمية‬
‫‪،‬ذكل أن الفعل املادي إارتكب يف بيئة اإفرتاضية غري ملموسة ‪ ،‬وتلقاه الضحية يف مدينة‬
‫سال‪.‬‬
‫هذا ‪ ،‬فالربجوع اإىل مقتضيات قانون املسطرة اجلنائية جند أن املرشع الإجرائ قد عاجل‬
‫مسأةل الإختصاص يف مواد عدة من خالل القاعدة الثالثية ‪:‬ماكن ارتاكب اجلرمية ‪ ،‬حمل‬
‫اإقامة أحد الشخاص املشتبه يف مشاركته يف ارتاكهبا ‪ ،‬ماكن اإلقاء القبض عىل أحد هؤلء‬
‫الشخاص ولو مت هذا القبض لسبب أخر ‪-‬املواد ‪ 44‬و ‪ 55‬و ‪ 259‬ابإختالف اجلهة‬
‫القضائية ‪ ،‬نيابة عامة ‪ ،‬قايض حتقيق ‪ ،‬حممكة ‪.-‬‬
‫فالثابت من خالل القرار أعاله موضوع ادلراسة ‪ ،‬أنه تأثر بغياب اإطار قانوين اإجرائ حيمك‬
‫و ينظم موضوع الإختصاص يف اجلرمية الإلكرتونية ‪ ،‬المر اذلي حيمت اإعامل قواعد‬
‫الإختصاص احمليل اليت أرشان اإلهيا و هذا ما يطرح مجةل من الصعوابت ‪ ،‬خصوصا أن‬
‫ماكن ارتاكب اجلرمية الإلكرتونية و اذلي يكون دامئا يف البيئة الإفرتاضية غري امللموسة‬
‫خيتلف عن ماكن ارتاكب ابيق اجلرامئ التقليدية الخرى يف العامل املادي امللموس ‪ ،‬و هو‬
‫المر اذلي فطنت اإليه حممكة ادلرجة الوىل و اليت مت تأييد حمكها القايض برد ادلفع بعدم‬
‫الإختصاص املاكين من طرف حممكة ا إلس تئناف موضوع الطعن ابلنقض ‪ ،‬و ذكل عندما‬
‫اإعترب أن اجلرامئ موضوع املتابعة و يه الإبزتاز و املشاركة فيه طبقا للفصلني ‪ 538‬و ‪129‬‬
‫من القانون اجلنائ يه جرامئ تقليدية ‪ ،‬و أن الوسائل اليت إاعمتدها املهتمون و املمتثةل يف‬
‫التصالت الهاتفية و الرسائل النصية و ش بكة النرتنيت و تسلمي و تسمل املقابل املادي‬
‫لعدم اإفشاء المر الشائن ‪ ،‬قد نقلت ماكن اجلرمية من اإطار مادي حمدود جغرافيا اإىل بيئة‬
‫اإفرتاضية غري ملموسة ‪ ،‬و أنه ملا اكن من العنارص التكوينية للجرمية موضوع املتابعة احلصول‬
‫عىل مبالغ مالية بواسطة الهتديد ابإفشاء أو نس بة أمور شائنة ‪ ،‬و اكن هذا الهتديد قد مت‬
‫عرب وسائل اإتصال عن بعد و اليت رفعته من نطاق جغرايف حمدد من مدينة واد زم اإىل بيئة‬
‫اإفرتاضية غري ملموسة فمت سامع الهتديد هاتفيا و مشاهدته نصيا اإلكرتونيا من طرف‬
‫الضحية و هو مبدينة سال ‪ ،‬مما جيعل احملمكة الإبتدائية بسال صاحبة ولية يه الخرى‬
‫ماكنيا للنظر يف اجلرامئ موضوع املتابعة ‪.‬‬
‫و عليه ‪ ،‬فاإن تطبيق قاعدة ماكن إارتاكب اجلرمية مبفهوهما التقليدي ل تتالءم مع طبيعة‬
‫اجلرمية الإلكرتونية و خصوصيهتا حيث يصعب حتديد ماكن وقوع الفعل اجلريم يف هذه‬
‫اجلرامئ‪ ،‬و عىل اإعتبار أن هذه القاعدة صيغت ليك حتدد الإختصاص املتعلق جبرامئ قابةل‬
‫للتحديد املاكين و ابلتايل ل ينبغي اإعاملها بشأن اجلرمية الإلكرتونية و اليت ترتكب يف فضاء‬
‫مادي غري ملموس يبقى معه أمر حتديد ماكن ارتاكب اجلرمية يف غاية الصعوبة ‪ ،‬و جيعلها‬
‫تس تعيص عىل اخلضوع للقوالب القانونية اليت حتمك مسأةل الإختصاص املاكين‪.‬‬
‫نظرة عن بعض الحاكم القضائية ‪ :‬اإن تأثر القضاء املغريب يف تعامهل مع اجلرمية الإلكرتونية‬
‫و اذلي نلمسه من خالل العديد من الحاكم القضائية‪ ،‬و اإحتاكمه لقاعدة ماكن إارتاكب‬
‫اجلرمية مبفهوهما التقليدي يف تعاملها معها‪ ،‬راجع ل حماةل اإىل غياب قواعد اإجرائية خاصة‬
‫تنظم معايري انعقاد الإختصاص يف اجلرمية الإلكرتونية ‪ ،‬فالبأس أن نستشهد ببعض‬
‫الحاكم القضائية اليت جتسد هذا املعطى ‪ ،‬و نذكر مهنا ما جاء يف احلمك الصادر عن احملمكة‬
‫الإبتدائية ابلرابط يف احلمك عدد ‪ ، 640‬ملف جنحي اعتقال رمق ‪، 14-2105-660‬‬
‫بتارخي ‪ 2014-04-25‬غري منشور ‪ ،‬و اذلي توبع من خالهل املهتمون من أجل احلصول‬
‫عىل مبالغ مالية عن طريق الهتديد ابإفشاء أمور شائنة و ادلخول عن طريق الإحتيال اإىل‬
‫نظام املعاجلة الآلية للمعطيات و تزييف واثئق معلوماتية تزييفا أحلق رضرا ابلغري و‬
‫اس تعاملها و التقدمي لنظار العموم عن طريق العرض لفالم خليعة و صور شائنة للخالق‬
‫و الداب العامة للول و الثاين و الثالث و الرابع ‪ ،‬حيث جاء فيه " و حيث إان احملمكة‬
‫بعد متحيصها لوقائع النازةل و أطوارها اتضح لها جبالء أن ادلفع املثار جاء مرتكزا و مؤسسا‬
‫و مؤصال تأصيال قانونيا و رصفا ذكل أن لك مقومات الإختصاص احمليل الثاليث الواردة‬
‫حتديدا يف املادة ‪ 259‬من قانون املسطرة اجلنائية تنطبق برمهتا عىل وقائع هذه النازةل‬
‫ذكل أن حمل ارتاكب الفعل اجلريم حمل املتابعة يعود اإىل دائرة نفوذ احملمكة الإبتدائية‬
‫بوادي زم وحمل سكىن املهتمني هو نفس احملمكة املذكورة هذا فضال عىل أن ماكن اإيقاف‬
‫املهتمني هو دائرة نفوذ تكل احملمكة و عليه تكون احملمكة اخملتصة قانوان للبت يف هذه القضية‬
‫يه احملمكة الإبتدائية بوادي زم حبمك و بعةل ما سلف بيانه و ابلتايل يبقى الإختصاص‬
‫املذكور منعقدا اإلهيا مما يتعني معه الترصحي بعدم الإختصاص احمليل و ابإحاةل امللف برمته‬
‫عىل احملمكة الإبتدائية املشار اإلهيا‪".‬‬
‫و أيضا احلمك الصادر عن نفس احملمكة عدد ‪ ، 1967‬ملف جنحي تلبيس رمق ‪2103-‬‬
‫‪ ، 2105-1866‬بتارخي ‪ 2013/12/09‬غري منشور ‪ ،‬و اذلي مت من خالل متابعة املهتم‬
‫من أجل الرسقة و احلصول عىل مبالغ مالية عن طريق الهتديد ابإفشاء أمور شائنة و‬
‫ادلخول عن طريق الإحتيال اإىل نظام املعاجلة الآلية للمعطيات و تزييف واثئق معلوماتية‬
‫تزييفا أحلق رضرا ابلغري و اس تعاملها و التقدمي لنظار العموم عن طريق العرض لفالم‬
‫خليعة و صور منافية للخالق و الداب العامة ‪ ،‬و اذلي جاء فيه " و حيث اإن الثابت‬
‫من وقائع امللف ‪ ،‬أن الظنني ألقي عليه القبض مبدينة واد زم و سكنه بنفس املدينة كام أن‬
‫الفعال املنسوبة اإليه ارتكبت مبدينة خريبكة ‪ ،‬وحيث تأسيسا عىل قاعدة الإختصاص‬
‫الثاليث املنصوص علهيا مضن مقتضيات املادة ‪ 259‬من قانون املسطرة اجلنائية ‪ ،‬و اليت‬
‫يس ند مبوجهبا الإختصاص للمحامك اجلنحية عىل أساس ماكن ازدايد الظنني أو ماكن اإلقاء‬
‫القبض عليه أو ماكن اإقرتاف الفعل ‪ ،‬فاإن احملمكة تكون غري خمتصة ماكنيا للبت يف انزةل‬
‫احلال ‪ ،‬وحيث تبعا للتفصيل املشار اإليه فاإنه يتعني اإحاةل امللف عىل احملمكة الإبتدائية بواد‬
‫زم‪".‬‬
‫املفهوم اجلديد ملاكن إارتاكب اجلرمية الإلكرتونية ‪:‬لقد أصبح احلديث عن الإحتاكم اإىل معيار‬
‫ماكن إارتاكب اجلرمية مبفهومه التقليدي متجاوزا أمام الطبيعة اخلاصة اليت تمتزي هبا اجلرامئ‬
‫الإلكرتونية ‪ ،‬و ذكل يف ظل ظهور معايري أخرى مرتبطة ببعض الفئات املس هتدفة من‬
‫اجلرمية الإلكرتونية كام هو احلال يف جرامئ الصحافة و اجلرامئ املتعلقة حبقوق امللكية الفكرية‬
‫و اجلرامئ املتعلق حبقوق املؤلف و اجلرامئ املتعلقة ابلحداث و املرتكبة بوسائل اإلكرتونية‬
‫عرب ش بكة النرتنيت‪.‬‬
‫حيث إانه من بني املعايري اليت ظهرت اإىل الوجود ‪ ،‬نذكر املعيار اذلي يعطي الإختصاص‬
‫حملل متركز املوقع اذلي نرشت القوال أو املعلومات بواسطته لكام تعلق المر جبرامئ‬
‫الصحافة املرتكبة عرب ش بكة الإنرتنيت‪ ،‬و كذا املعيار اذلي يرجع الإختصاص اإما حملمكة‬
‫املاكن اذلي ارتكب فيه التقليد و اإما ملاكن نرشه ‪ ،‬لكام تعلق المر جبرمية التقليد املرتبطة‬
‫ابمللكية الفكرية ‪ ،‬أو معيار اإماكنية الوصول للموقع كساس إلختصاص احملمكة يف حاةل‬
‫الإعتداء عىل حق من حقوق املؤلف عرب النرتنيت‪.1‬‬
‫ابلإضافة اإىل هذه املعايري مت اإجياد معايري أخرى مرتبطة أيضا ابجلرامئ املرتكبة ضد‬
‫الحداث حيث أن الإختصاص يف هذا النوع من اجلرامئ ينعقد ملاكن ارتاكب اجلرمية ‪ ،‬و‬
‫ماكن ارتاكب اجلرمية هذا يأخذ املعايري التالية و اليت يمت تقدميها ابلس بقية ويه ‪:2‬‬

‫‪ -‬املاكن اذلي شوهد فيه وجود املوقع غري املرشوع أو اذلي مت فيه مشاهدة الصور‬
‫و النصوص ذات الطبيعة غري املرشوعة‪.‬‬
‫‪ -‬املاكن اذلي يوجد فيه خادم الإيواء اإذا ظهر بعد املعاينات الوىل أن املوقع ميكن‬
‫حتديده من خالل الرتاب ا إلقلميي‪.‬‬
‫نظرة عن بعض الحاكم القضائية املقارنة‪:‬فباإلقاء نظرة عىل الحاكم الصادرة عن القضاء‬
‫املقارن ‪ ،‬و نذكر ابخلصوص القضاء الفرنيس جنده قد أوجد معايري أخرى ل إالختصاص‬
‫احمليل و ملاكن ارتاكب اجلرمية عندما يتعلق المر ابجلرامئ الإلكرتونية و اإن اكنت هذه‬
‫الحاكم ذات طبيعة دولية ‪ ،‬اإل أنه إارتأينا ا إلس تدلل هبا عىل سبيل ا إلس تئناس عىل‬
‫اإعتبار أنه أعطت مفهوما جديدا ملاكن إارتاكب اجلرمية يامتىش و ينسجم مع طبيعة و‬
‫خصوصية اجلرمية الإلكرتونية ‪ ،‬حيث صدرت عن حممكة النقض الفرنس ية مجموعة من‬
‫الإجهتادات القضائية و اليت تبنت تصورا واسعا حملل ارتاكب اجلرمية عندما يتعلق المر‬
‫ابجلرامئ الإلكرتونية املرتبطة ابلصحافة و يف هذا الصدد صدر قرار عن الغرفة اجلنائية‬
‫مبحمكة النقض الفرنس ية بتارخي ‪ 8‬ديسمرب ‪ 2009‬اعترب فيه " أن ماكن ارتاكب اجلرمية هو‬
‫املاكن اذلي مت فيه التلفظ ابلهتديد (توجيه الهتديد) و ليس يف ادلول اليت نقل اخلرب فهيا‬
‫عرب التلفاز أو الصحافة املكتوبة أو الإلكرتونية و اليت من خاللها عمل الشخص "‪3‬‬

‫أو فامي خيص الإختصاص يف اجلرامئ املرتبطة حبقوق امللكية الفكرية حيث صدر قرارين عن‬
‫حممكة النقض الفرنس ية الول بتارخي ‪ 9‬ديسمرب ‪ 2003‬قبلت من خالهل اختصاص حممكة‬
‫فرنس ية للنظر يف اإصالح الرضر الناجت عن جرمية تقليد عالمة جتارية يف موقع اإس باين و‬
‫لكنه قابل للوصول اإليه من فرنسا و رفضت ادلفع املثار من أجل عدم اإختصاص القضاء‬
‫الفرنيس"‪ ، 4‬و الثاين بتارخي ‪ 5‬أبريل ‪ 2012‬اعتربت فيه أن التقليد املتنازع بشأنه مت نرشه‬
‫عىل موقع للنرتنيت ميكن الوصول اإليه من فرنسا و ابلتايل فاإن القضاء الفرنيس هو‬
‫صاحب الإختصاص يف النازةل "‪ ، 5‬و يف نفس الإجتاه ذهبت حممكة ا إلس تئناف بباريس‬
‫من خالل القرار الصادر عهنا بتارخي ‪ 25‬ش تنرب ‪ 2007‬اإىل القول " بأن القانون اجلنائ‬
‫الفرنيس هو املطبق و القضاء الفرنيس هو اخملتص يف واقعة التقليد اليت قام هبا موقع اإيطايل‬
‫و رفضت ادلفع املثار بعد اإختصاص احملامك الفرنس ية عىل اعتبار غياب أي فعل مكون‬
‫للجرمية حتقق يف الرايض الفرنس ية و أن الطرف املدين الوحيد هو من جنس ية اإيطالية"‪.6‬‬
‫كام اعتربت حممكة ابريس يف اإحدى أحاكهما الصادرة بتارخي ‪ 13‬نونرب‪ 1998‬أهنا صاحبة‬
‫الإختصاص يف اإحدى اجلرامئ املرتبطة ابلصحافة و املرتكبة عرب الإنرتنيت حيث جاء "‬
‫وحيث اإن النص اخملالف قد مت نرشه عىل موقع أجنيب ميكن الوصول اإليه و رؤيته من‬
‫خالل الولية ا إلقلميية حملمكة ابريس و ابلتايل فهيي من لها الولية يف التحقيق و املتابعة "‪7‬‬

‫إاس تنتاج عام‪ :‬وتأسيسا عىل هذا لكه ميكن القول أن خمتلف هذه الإجهتادات القضائية قد‬
‫أوجدت معايري جديدة ل إالختصاص القضائ يف اجلرمية الإلكرتونية تتجاوز خمتلف املعايري‬
‫الالكس يكية ‪ ،‬و اليت وضعت أساسا لتنظمي ضوابط الإختصاص يف جرامئ تقليدية ترتكب‬
‫يف العامل املادي ‪ ،‬و أعطت مفهوم جديد لقاعدة ماكن إارتاكب اجلرمية الإلكرتونية‪.‬‬
‫و عليه ‪ ،‬ف إان اإشاكلية الإختصاص القضائ يف اجلرمية الإلكرتونية قد أدت اإىل الوعي‬
‫برضورة اإجياد احللول الكفيةل لها و بشلك يضمن ضبط هذا المنط املس تحدث من اجلرامئ‬
‫‪ ،‬فلام اكنت هذه اجلرامئ ذات خصوصية و ذاتية متزيها عن ابيق اجلرامئ التقليدية اكن من‬
‫الرضوري اإعادة النظر يف بعض املفاهمي القانونية و الآليات الإجرائية ‪ ،‬لضامن الفعالية يف‬
‫حماربة هذا النوع من اجلرامئ ‪ ،‬و حملاوةل تعزيز هذه الآليات حىت ل يس تفيد اجملرمون من‬
‫جعز و قصور الترشيعات ادلاخلية ‪.‬‬
‫و ابلتايل ‪ ،‬فاإنه ل ميكن لي دوةل جماهبة اجلرمية الإلكرتونية و اإشاكلية الإختصاص اليت‬
‫تطرهحا و اليت تتخطى اإماكنياهتا القضائية دون وضع أآليات اإجرائية فعاةل من أجل إازاةل‬
‫خمتلف هذه الإشاكليات ‪ ،‬المر اذلي أصبح يفرض عىل الترشيعات الوطنية البحث عن‬
‫وسائل أكرث مالءمة لطبيعهتا و تضييق الثغرات القانونية اليت برع مرتكبوها يف اس تغاللها‬
‫للهترب من العقاب و لنرش نشاطهم يف مناطق خمتلفة من أحناء العامل‪ ،‬ذلكل أصبح من‬
‫الرضوري العمل عىل تبين حلول أكرث مرونة تأخذ يف احلس بان النطاق اجلغرايف لهذه‬
‫ و سهوةل ارتاكهبا و التخلص من أاثرها و ما اإىل ذكل من اعتبارات يفرضها الطابع‬، ‫اجلرامئ‬
.‫التقين املتطور لها‬

: ‫الهوامش‬
: ‫ ل إالطالع عليه عرب املوقع التايل‬، ‫ هذا املعيار تبناه رجال القانون يف فرنسا انطالقا من مجموعة من الإجهتادات القضائية الفرنس ية‬- 1
http://www.lepetitjuriste.fr/propriete-intellectuelle/laccessibilite-du-site-internet-comme-fondement-de-la-competence-du-
juge-dans-le-cas-datteinte-au-droit-dauteur-par-le-biais-dinternet
2 -Myriam Quéméner &Yves charpenel , cybercriminalité – droit pénal appliqué- Economica paris France , 2010, p .161
3- Attendu que, pour confirmer l’ordonnance de refus d’informer rendue par le juge d’instruction, au motif de l’absence
de réalisation d’un élément constitutif du délit sur le territoire français, les juges retiennent que le lieu de commission de
l’infraction est celui où les menaces ont été proférées et non pas les pays où elles ont ensuite été rapportées par la voie
télévisée ou de presse écrite ou électronique et par lesquelles l’intéressé a pu en prendre connaissance
http://www.courdecassation.fr/jurisprudence_2/chambre_criminelle_578/6960_8_14734.html
4 - Attendu que la société Champagne Louis Roederer, s’estimant victime de contrefaçon du fait des agissements de la
société espagnole Castellblanch qui présentait sur son site internet situé en Espagne la promotion de vins mousseux sous
la marque "Cristal", a fait constater par acte d’huissier de justice du 12 juin 1998 que ce site était, en France, accessible
aux internautes qui en connaissaient l’adresse, puis, a fait assigner la société Castellblanch devant le tribunal de grande
instance de Reims pour obtenir la cessation de cette diffusion et la réparation du préjudice subi ; que l’arrêt attaqué
)Reims, 22 novembre 2000( a rejeté l’exception d’incompétence des juridictions françaises opposée par la société
Castellblanch et a renvoyé l’affaire devant le tribunal http://www.legalis.net/spip.php?page=jurisprudence-
decision&id_article=1017
5 -Attendu que M. X... fait grief à l'arrêt de déclarer le tribunal de grande instance de Toulouse incompétent pour
connaître de ses demandes alors, selon le moyen, qu'en matière de contrefaçon, le demandeur peut saisir les tribunaux de
l'Etat dans lequel le défendeur a son domicile ou le tribunal du lieu où le fait dommageable s'est produit ou risque de se
produire, ce dernier lieu étant soit celui où l'auteur de la contrefaçon est établi, soit celui où l'objet de la contrefaçon se
trouve diffusé ; qu'en relevant, pour juger que la contrefaçon invoquée par M. X... ne relevait pas de la compétence du
tribunal de grande instance de Toulouse, qu'il était indifférent que les contrefaçons aient pu être achetées sur Internet en
France et que cette juridiction était celle du domicile du demandeur, quand il était essentiel de déterminer, pour statuer
sur la compétence des juridictions françaises, si les objets litigieux étaient diffusés sur un site Internet accessible en France
et avaient pu être vendus dans ce pays, de sorte que le dommage était susceptible de s'y réaliser, voire s'y était d'ores et
déjà réalisé.
http://www.legifrance.gouv.fr/affichJuriJudi.do?oldAction=rechJuriJudi&idTexte=JURITEXT000025662199&fastReqId=134
247145&fastPos=1
6- soulevé l'incompétence des juridictions françaises au motif qu'aucun élément constitutif du délit de contrefaçon qui lui
est reproché n’a été réalisé en France et que la seule partie civile est de nationalité italienne
Contrairement à ce qui est soutenu par le prévenu en matière de contrefaçon sur le réseau internet est compétente la
juridiction dans le ressort de laquelle il est possible d’avoir accès au site litigieux.
En conséquence, la loi pénale française est applicable et les juridictions françaises compétentes, il y a lieu dès lors de
confirmer le jugement en ce qu’il a rejeté l’exception d’incompétence soulevée par le
prévenu.http://www.legalis.net/spip.php?page=jurisprudence-decision&id_article=2465
7 en matière de presse, il est constant que le délit est réputé commis partout où l'écrit a été diffusé, l'émission entendue ou
vue. En l'espèce, dès lors que le texte incriminé, diffusé depuis un site étranger, a été reçu et vu dans le ressort territorial
du Tribunal de Paris, ainsi qu'il ressort de l'enquête, celui-ci est compétent pour connaître de la poursuite
http://www.vho.org/aaargh/fran/polpen/justice/1998/rf981113a.html

You might also like