Professional Documents
Culture Documents
دور الرقمنة في تجويد الخدماتالإدارية
دور الرقمنة في تجويد الخدماتالإدارية
لجنة املناقشة:
.د.عبد الحفيظ إدمينو :أستاذ التعليم العالي بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية السويس ي..........رئيسا ومشرفا
د .رشيد بنعياش :أستاذ التعليم العالي بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية السويس ي................................عضوا
د .عبد النبي صبري :أستاذ التعليم العالي بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية السويس ي............................عضوا
واالتصاالت ،بحيث أصبح اإلنسان يعتمد على التكنولوجيا في كل جوانب حياته اليومية ،وذلك ملا تتميز به
هذه األخيرة من إيجابيات ومميزات زادت من أهميتها لدى اإلنسان داخل املجتمع ،وفي هذا السياق فقد
سارعت معظم دول العالم إلى التوجه نحو دمج وإدخال التكنولوجيا الحديثة في مختلف تدخالتها
االقتصادية واالجتماعية والسياسية وحتى اإلدارية ،على اعتبار أن اإلدارة هي الجهاز الذي من خالله تنفذ
ومع انتقال مفهوم الدولة وتطور وظائفها األساسية اهتم الفكر اإلداري املعاصر بالتطورات
التكنولوجية الحديثة ،وما نتج عنها من وسائل ساهمت في حل مشكالت اإلنسان وإشباع رغباته وسد
حاجاته ،وشملت جميع نواحي الحياة االجتماعية والثقافية واالقتصادية وغيرها ،من أجل تطوير العمل
اإلداري الحكومي من جهة ،ومن أجل إشباع رغبة املواطن الذي أصبح في حاجة إلى إدارة ذكية تراعي
احتياجاته بشكل سريع ومجدي من جهة أخرى .كما أن اإلدارة العمومية ليست بمعزل عن املجتمع وليست
بمعزل عن هذه التطورات واملستجدات التكنولوجية ،لذلك اهتم هذا الفكر من خالل دراسات ونظريات
بتطويع الوسائط التكنولوجية املتعددة واملتنوعة ،من أجل خدمة العملية اإلدارية ولصالحها فنتج عن ذلك
دخول الحواسيب واألجهزة الرقمية وغيرها إلى محيط اإلدارة بصفة عامة ،فظهرت ما يسمى بالخدمة
العمومية اإللكترونية واإلدارة اإللكترونية ،وغيرها من املسميات التي أفرتها التكنولوجية الحديثة املدمجة في
املجال اإلداري.1
-1محمد العيداني :اإلشكاالت القانونية العتماد الحكومة اإللكترونية في الجزائر ،أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام ،كلية الحقوق والعلوم
السياسية جلفة ،جامعة زان عاشور ،الجزائر ،سنة ،2019ص.2 :
1
وعليه فقد ظهرت اإلدارة الرقمية نتيجة لتطور مراحل متعددة طبعت تطور األساليب املعتمدة في
اإلدارة ،حيث أدت التطورات في مجال االتصاالت وابتكار تقنيات اتصال متطورة إلى التفكير الجدي من قبل
اإلدارة في االستفادة من منجزات الثورة املعلوماتية ،باستخدام الحاسوب وشبكات االنترنيت في إنجاز األعمال
وتقديم الخدمات للمرتفقين بطريقة رقمية ،تساهم بفعالية في تجاوز العديد من اإلكراهات اإلدارية سواء
داخل محيط املؤسسة أو خارجها ،باإلضافة إلى إيجابيات ومميزات اإلدارة الرقمية من سرعة في إنجاز
فاإلدارة اليوم لم تعد تقتصر وظيفتها على تقديم الخدمات فقط ،بل أصبحت مطالبة بتحقيق الجودة
في تلبية طلبات املرتفقين ،وبالتالي فإن االنتقال من الخدمات التقليدية في إطار اإلدارة التقليدية إلى الخدمات
الرقمية في ظل اإلدارة الرقمية ،من شأنه الرفع من فعالية ونجاعة وتحقيق الجودة في الخدمة املقدمة ،حيث
أصبحت الوسائل التكنولوجية جزء ال يتجزأ من عمل اإلدارة ،ملا تتيحه من إمكانات هائلة في مجال نقل
وحفظ املعلومات ومعالجتها ،وتسريع وثيرة العمل الش يء الذي يساعد على تجويد العمل اإلداري وهو ما لم
وكغيره من الدول فقد سارع املغرب إلى إدخال تكنولوجيا املعلومات واالتصال باإلدارة العمومية ،ففي
ظل عدم تحقيق برامج التأهيل واإلصالح اإلداري التي تقدمت بها الحكومات املغربية لألهداف املسطرة،
ونتيجة ملا أصبح يشهده العالم من تحديات كبرى في ظل القرن الواحد والعشرين وبغية تحسين العالقة مع
جمهور املرتفقين ،عمل صانع القرار في املغرب على وضع مجموعة من البرامج واملخططات واالستراتيجيات
الوطنية من أجل رقمنة العمل اإلداري ،في أفق خلق إدارة رقمية قائمة الذات ملواكبة التطورات السريعة
2
وفي هذا اإلطار أكدت الرسالة امللكية املوجهة إلى املشاركين في أشغال املناظرة الوطنية التي انعقدت
بالرباط في 2أبريل 2002حول االستراتيجية الوطنية إلدماج املغرب في مجتمع املعرفة واالعالم على أنه
"سيظل إصالح اإلدارة العمومية وعصرنتها من بين الرهانات الرئيسية التي يطرحها تقدم بالدنا ،إذ يتعين أن نوفر
ألجهزتنا ما يلزم من أدوات التكنولوجيا العصرية بما فيها االنترنيت بتمكينها من االنخراط في الشبكة العاملية وتوفير
وقد عرفت اإلدارة العمومية أزمة هيكلية في أدائها ناجمة عن االختالالت الوظيفية ألجهزتها إلى جانب
غياب رؤية مشتركة لتحديث اإلدارة ،حيث أدت هذه األزمة إلى تعقد املساطر اإلدارية وضعف األخالقيات
املهنية ،وهذا ما أشار إليه الخطاب امللكي السامي والذي جاء فيه "إن املر افق واإلدارات العمومية تعاني من عدة
نقائص تتعلق بالضعف في األداء وفي جودة الخدمات التي تقدمها للمواطنين ،كما تعاني من التضخم ومن قلة
الكفاءة.3"...
وقد واكب املغرب هذا التطور التكنولوجي منذ دخول شبكة االنترنيت حيث عمل على سن وبلورة
استراتيجيات مهمة "استراتيجية املغرب اإللكتروني سنة ،"2001واستراتيجية من أجل مجتمع املعلومات
واالقتصاد الرقمي والتي أطلق عليها استراتيجية املغرب الرقمي 2013التي امتدت من سنة 2009إلى سنة
، 2013والتي وضعت من بين أولوياتها الرئيسية برنامج الحكومة اإللكترونية ،الرامي إلى تمكين املواطنين
واملقاوالت املغربية من خدمات رقمية تضاهي تلك املعمول بها على الصعيد الدولي ،وذلك بهدف تقريب اإلدارة
العمومية من حاجيات روادها على مستوى الفعالية والجودة والشفافية ،4باإلضافة إلى استراتيجية املغرب
-2الرسالة امللكية السامية املوجهة للمشاركين في املناظرة املنظمة من لدن كتابة الدولة املكلفة بالبريد وتقنيات االتصال واالعالم ،يوم 23أبريل ،2001تحت
عنوان "االستراتيجية الوطنية إلدماج املغرب في مجتمع االعالم واملعرفة".
-3الخطاب امللكي في 14أكتوبر 2016بمناسبة افتتاح الدورة األولى من السنة التشريعية األولى من الوالية التشريعية العاشرة للبرملان.
-4عبد الحكيم زروق :املعلوميات ورهان تحقيق التحديث اإلداري والتنافسية االقتصادية باملغرب ،الطبعة األولى ،الشركة املغربية لتوزيع الكتاب ،الدار
البيضاء ،2014ص.36 :
3
الرقمي 2020التي لم ترى النور بعد ،هذا مع انخراط املغرب واملصادقة على مجموعة من االتفاقيات الدولية
ويشكل املرتفقين عنصرا أساسيا بالنسبة للمرفق العمومي إال أن طبيعة املنتفع الحالي الذي تأثر
بالتغيرات والتطورات التي عرفها املجتمع جعلته ينظر إلى املرفق العمومي من خالل الخدمات التي يقدمها
نوعيتها وجودتها ،ومن تم تغيرت طبيعة العالقة بين الطرفين ،وبالتالي لم يعد دورها مجرد اإلنتاج الكمي بل
وتعد الرقمنة من الوسائل األساسية في تحديث وعصرنة اإلدارة العمومية من خالل استخدام
تكنولوجيا املعلومات واالتصال في تقديم الخدمة العمومية ،وتنبع أهمية الرقمنة في أنها أصبحت ضرورة في
الظروف العادية ،كما أنها ضرورة ملحة في ظل الظروف االستثنائية ،وزادت أهميتها في ظل جائحة كورونا أمام
توقف أنشطة املرافق العمومية ،حيث شكلت جائحة كورونا نقطة تحول أساسية في إعادة النظر في االرتقاء
بالخدمة العمومية عن طريق رقمنتها ،وكذلك من أجل تطوير الجانب الرقمي في العمل اإلداري وفي الخدمة
4
▪ كيف تساهم الرقمنة في تجويد العمل اإلداري؟
▪ ما هي اإلكراهات التي تحد من تجويد الخدمات اإلدارية الرقمية؟ وما هي رهانات تطويرها؟
وملعالجة اإلشكالية الرئيسية واألسئلة الفرعية كان ال بد من االعتماد على مقاربة منهجية متعددة،
فموضوع الرقمنة وجودة الخدمات اإلدارية من املواضيع التي ال يسمح لإلحاطة بها الوقوف واالستعانة
وعليه فقد تم االستعانة باملنهج الوظيفي من أجل الكشف عن وظائف اإلدارة الرقمية ودورها في
تجويد الخدمات اإلدارية ،ثم أيضا االستعانة باملنهج الوصفي من خالل وصف الرقمنة ومبدأ الجودة ،وكذا
املنهج النسقي الذي يهتم بدارسة العالقات التي يربطها النسق مع املحيط ،وباعتبار اإلدارة ظاهرة اجتماعية
في املقام األول ،فهي تتأثر بعوامل الثورة التكنولوجية ،وكذا الكشف عن العالقة بين الرقمنة والجودة في
الخدمة املقدمة ،وقد تم االعتماد أيضا على املقاربة القانونية من خالل الوقوف على مختلف النصوص
القانونية املؤطرة لإلدارة الرقمية باملغرب ،ثم أيضا آلية تحليل املضمون من خالل تحليل مجموعة من
النصوص القانونية وتحليل مدى مساهمة الرقمنة في تجويد وتطوير الخدمات اإلدارية .باإلضافة إلى املنهج
املقارن من خالل مقارنة تجربة املغرب في مجال الرقمنة مع بعض التجارب املقارنة.
ومن أجل مقاربة املوضوع واإلجابة على اإلشكالية الرئيسية واالسئلة الفرعية ،سيتم تقسيم البحث إلى
فصلين كاآلتي:
5
الفصل األول :التحول الرقمي ودوره في تجويد الخدمات اإلدارية
أدى التقدم السريع والهائل في تكنولوجيا االتصال واملعلومات إلى إحداث نقلة نوعية في جميع مجاالت
الحياة ،حيث أصبح االعتماد على التقنيات الحديثة وعلى شبكة االنترنيت ضرورة حتمية تسعى الدول
لتحقيقها من خالل التحول إلى التدبير الرقمي بدل التدبير التقليدي للمعامالت ،وذلك إلرساء مجتمع يعتمد
ولقد أدت هذه التغيرات التكنولوجية إلى ظهور مفاهيم إلكترونية جديدة ،كالحكومة اإللكترونية
والتجارة اإللكترونية واإلدارة اإللكترونية...إلخ ،وهذه األخيرة من الركائز التي تقوم عليها الدول من أجل تسريع
عجلة التنمية عبر الخدمات التي تقدمها والتي من شأنها تسريع عملية إنجاز التعامالت بسهولة وإتقان ودون
بذل جهد.5
إن التطورات التكنولوجيا الحديثة لم تكن املرافق العمومية في معزل عنها ،فالتحول الرقمي أصبح
الوسيلة واألداة املهمة في تحديث وعصرنة اإلدارة العمومية من خالل االنتقال من اإلدارة التقليدية التي
تتسم بمجموعة من اإلكراهات إلى إدارة رقمية تقدم مختلف تعامالتها بشكل رقمي ،واالستفادة أكثر مما
تتيحه التكنولوجيا الحديثة نظرا ملا أصبح يواجه املرتفق في تحقيق حاجياته ،فكان ال بد أن تستند اإلدارة
الرقمية في تقديمها للخدمات على مبدأ الجودة كأحد املبادئ الحديثة الناظمة لنشاطات املرفق العمومي،
ولدوره في تدعيم اإلدارة الرقمية(املبحث األول) .ومع إدخال االنترنيت إلى املغرب سنة 1995والشروع في
تنزيل اإلدارة الرقمية فقد واكب املشرع املغربي هذه العملية بإصداره مجموعة من النصوص القانونية
--5طمين المية :اإلدارة اإللكترونية وعمليات اإلصالح اإلداري ،رسالة لنيل دبلوم شهادة املاستر في الحقوق ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة عبد
الرحمان ميرة بجاية ،السنة الجامعية ،2018-2017ص.7 :
6
والبرامج االستراتيجية الوطنية لرقمنة العمل اإلداري ،وبالتالي فاإلدارة اإللكترونية باملغرب تؤطرها مجموعة
من النصوص القانونية التي تشكل ترسانة مهمة في مختلف مجاالت الرقمنة (املبحث الثاني).
إن الثورة املعلوماتية واملعرفية املنبثقة في العصر الحاضر هي نتاج االندماج املثمر بين مجالي
الحاسوب واالتصاالت ،وتطورها الذي أحدث نقلة نوعية في جميع املجاالت وغير النظريات واملفاهيم
األساسية ،إن هذا التطور السريع لتقنيات املعلومات واالتصاالت يشكل تحديا لجميع املجاالت واألنشطة
واملمارسات في املجتمع وأهمها اإلدارة كونها البنية األساسية ألي نشاط إنساني.6
وتعتبر اإلدارة عصب كل عمل ناجح وهي امليزان الحساس الذي يرجع إليه عند قياس مدى تجاوب
العمل مع متطلبات العصر ،إذ ال يمكن مسايرة التقدم دون تطوير اإلدارة لتواكب التحديات التي هي سمة
إن التطور في الفكر اإلداري نتيجة تكنولوجيا املعلومات واالتصاالت كان له تأثير على مختلف جوانب
العمل اإلداري ،حيث أصبحت قواعد البيانات من الضروريات داخل املؤسسة وبدونها ال تستطيع املؤسسة
االستمرار في العمل ،لذا أصبح التغيير اإلداري من أهم سمات الوقت الحاضر والذي ينبغي التعامل معه
وتوظيفه بكفاءة عالية ،ألنه أصبح ضرورة حتمية حيث ظهر في العمل اإلداري ما يسمى باإلدارة الرقمية وهي
النمط الحديث في اإلدارة ،7وتؤدي ذات املهام لكنها تتمركز في الشبكات اإللكترونية وأنظمة املعلومات ،وتتميز
بتبادل الوثائق وإجراء مختلف التعامالت إلكترونيا بدال من اإلدارة التقليدية التي تتميز بكثرة األوراق،
-6أحمد الشرقاوي :اإلدارة اإللكترونية الواقع والتحديات اإلدارية والقانونية ،أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في الحقوق ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية سال ،جامعة محمد الخامس بالرباط ،السنة الجامعية ،2010-2009ص.9 :
-7طمين المية :اإلدارة اإللكترونية وعمليات اإلصالح اإلداري ،مرجع سابق ،ص.3 :
7
والروتين والتعقيدات البيروقراطية ،واالستفادة أكثر من مميزات وإيجابيات الرقمنة من أجل تجويد
الخدمات اإلدارية.
وعليه سيتم التطرق للتأصيل املعرفي لإلدارة الرقمية (املطلب األول) ،ثم بعد ذلك سيتم الحديث عن مقاربة
أدى التطور التكنولوجي في وسائل املعلومات واالتصاالت إلى بروز نموذج ونمط جديد للتدبير اإلداري،
األمر الذي تغير معه مفهوم اإلدارة من املفهوم التقليدي إلى املفهوم اإللكتروني ،وما تتميز به اإلدارة الرقمية
من خصائص (الفرع األول) ،باإلضافة إلى أن اإلدارة الرقمية تهدف إلى تحقيق مجموعة من األهداف من
تعتبر اإلدارة اإللكترونية اتجاها حديثا باإلدارة املعاصرة ورغم ذ لك فإن حداثة هذا املصطلح شكلت
مجاال خصبا من قبل الباحثين إلعطاء تعريف كل حسب زاويته (الفقرة األولى) ،باإلضافة إلى أن اإلدارة
8
الفقرة األولى :ماهية اإلدارة اإللكترونية
يعد مفهوم اإلدارة الرقمية "اإلدارة اإللكترونية" من املواضيع الحديثة التي تدخل ضمن مواضيع
العلوم اإلدارية ،فهي نتاج لتطور الفكر اإلداري املعاصر ،فقد كان ظهور اإلدارة الرقمية بصورة مصغرة
وبأساليب بسيطة في أواخر عام 1995بالواليات املتحدة األمريكية في هيئة البريد املركزي.8
وقبل التطرق ملختلف التعريفات التي أعطيت لإلدارة الرقمية ،تجدر اإلشارة إلى وجود العديد من
التسميات التي يمكن أن تستخدم للداللة على استخدام تكنولوجيا املعلومات واالتصال في العمل اإلداري
كالرقمنة ،اإلدارة الرقمية ،الحكومة اإللكترونية ،الحكومة الذكية...إلخ .ورغم شيوع مصطلح اإلدارة
اإللكترونية بشكل واسع في الوقت الحالي باعتبارها اتجاها حديثا في اإلدارة املعاصرة إال أنه ليس هناك إجماع
حول تعريف دقيق لهذا املصطلح ،وفيما يلي أهم وأبرز التعريفات التي أعطيت ملفهوم اإلدارة الرقمية:
تشير اإلدارة الرقمية إلى استخدام تكنولوجيا املعلومات واالتصاالت ،خاصة شبكة االنترنيت وشبكات
األعمال في العمليات اإلدارية ،بغية تحسين العملية اإلنتاجية ،وزيادة كفاءة وفعالية أداء اإلدارة.9وفي تعريف
آخر لإلدارة اإللكترونية أنها استخدام وسائل االتصال التكنولوجية املتنوعة واملعلومات في تيسير سبل أداء
اإلدارات لخدماتها العامة اإللكترونية ذات القيمة ،والتواصل مع طالبي االنتفاع من خدمات املرفق العام
بمزيد من الديمقراطية ،من خالل تمكينهم من استخدام وسائل االتصال اإللكترونية عبر بوابة واحدة.10
وفي نفس اإلطار فإن اإلدارة الرقمية تعني مكننة جميع مهام اإلدارة باالعتماد على تكنولوجيا املعلومات
للوصول أو لتحقيق أهداف اإلدارة وإنجاز الخدمات واملعامالت اإلدارية بطريقة رقمية ،كما تعبر عن قدرة
-8عشور عبد الكريم" ،دور اإلدارة اإللكترونية في ترشيد الخدمة العمومية في الواليات املتحدة األمريكية والجزائر" ،رسالة ماجستير ،كلية الحقوق والعلوم
السياسية قسنطينة جامعة منتوري ،الجزائر ،2010ص .13
-9محمد سمير أحمد ،اإلدارة اإللكترونية ،الطبعة األولى ،دار املسيرة للنشر والتوزيع ،األردن ،2009ص.42 :
-10هيم الفيلكاوي :الحكومة اإللكترونية ،مجلة الحرس الوطني ،العدد ،19نونبر ،2002الكويت ،ص.50 :
9
القطاعات الحكومية على تقديم الخدمات واملعلومات املطلوبة للمواطنين واملستفيدين بالوسائل
التكنولوجية الحديثة.
في حين ينظر البعض اآلخر لإلدارة اإللكترونية على أنها استراتيجية إدارية لعصر املعلومات ،تعمل على
تحقيق خدمات أفضل للمواطنين وللمؤسسات ،مع استغالل أمثل ملصادر املعلومات من خالل توظيف
املوارد اإلدارية والبشرية املتاحة ،في إطار حديث من أجل استغالل أمثل للوقت واملال والجهد تحقيقا
وقد عرف البنك الدولي اإلدارة اإللكترونية أنها "مصطلح حديث يشير إلى استخدام تكنولوجيا
املعلومات واالتصاالت ،من أجل زيادة كفاءة وفعالية وشفافية ومساءلة الحكومة فيما تقدمه من خدمات إلى
املواطن ومجتمع األعمال .12"...في حين عرفتها منظمة التعاون والتنمية االقتصادية OCEDب "استخدام
تكنولوجيا املعلومات واالتصاالت وال سيما االنترنيت من أجل تحسين إدارة املرافق العامة".13
وانطالقا مما سبق يمكن القول أن اإلدارة الرقمية ليست مجرد حواسيب وملحقاها يتم الزج بها داخل
اإلدارة ،بل هي استخدام تكنولوجيا املعلومات واالتصاالت وخاصة اإلنترنيت والبرامج املعلوماتية من طرف
اإلدارات العمومية واملؤسسات العمومية وحتى الجماعات الترابية ،وذلك من خالل االنتقال من إنجاز
املعامالت اإلدارية ،وتقديم الخدمات العامة من الطريقة اليدوية إلى الشكل اإللكتروني ،من أجل توظيف
أمثل للوقت واملال والجهد .وهذا ما يميز اإلدارة اإللكترونية عن اإلدارة التقليدية بمجموعة من الخصائص
والسمات.
-11ماجد راغب الحلو ،علم اإلدارة العامة ومبادئ الشريعة اإلسالمية ،الطبعة األخيرة ،دار الجامعة الجديدة للنشر ،اإلسكندرية ،2007ص.49-48 :
-12طمين المية :اإلدارة اإللكترونية وعمليات اإلصالح اإلداري ،مرجع سابق ،ص.10 :
13-OCDE, L’administration électronique: une impérative Principale conclusion. Edition OCDE Paris 2004.
10
الفقرة الثانية :خصائص اإلدارة اإللكترونية
إن اختالف نمط اإلدارة من الشكل التقليدي على نموذج اإلدارة الرقمية مبني أساسا على استخدام
تقنيات املعلومات واالتصاالت ،إضافة إلى ذلك تمثل اإلدارة الرقمية مدخال متكامال الستثمار الجهد والوقت،
مما يجعل هذه األخيرة تتميز بجملة من السمات والخصائص حددت فيما يلي:14
إن اإلدارة الرقمية آلية عصرية في عمليات تطوير العمل اإلداري ،والتغيير التنظيمي تمثل منعرجا
حاسما في شكل املهام واألنشطة اإلدارية التقليدية ،وتنطوي على مزايا أهمها املعالجة الفورية للطلبات
إذا كانت اإلدارة الرقمية تحتاج في البداية ملشاريع مالية معتبرة بهدف دفع عملية التحول فإن انتهاج
أمام الحاجة للتحديث والعصرنة اإلدارية عملت جل اإلدارات على إدخال املعلومات إلى مصالحها،
وحرصت على استخدامها االستخدام األمثل ،ملا لها من إمكانيات وقدرات في تلبية حاجات املواطنين بشكل
مبسط وسريع.
-14رأفت رضوان :اإلدارة اإللكترونية اإلدارة واملتغيرات العاملية الجديدة ،امللتقى اإلداري الثاني للجمعية السعودية لإلدارة ،القاهرة ،مركز املعلومات واالتخاذ
القرار ،مارس ،2004ص.4 :
11
رابعا :تحقيق الشفافية
تعتبر الشفافية الكاملة داخل املنظمات اإللكترونية هي محصلة لوجود الرقابة اإللكترونية ،التي
تضمن املحاسبة الدورية على كل ما يقدم من خدمات ،إذ تعرف الشفافية بأنها "الجسر الذي يربط بين
املواطن ومؤسسات املجتمع املدني من جهة ،والسلطات املسؤولة عن مهام الخدمة املقدمة من جهة أخرى،
خامسا :املرونة
اإلدارة اإللكترونية إدارة مرنة يمكنها بفعل التقنية وبفعل إمكاناتها االستجابة السريعة لألحداث
والتجاوب معها ،متجاوزة بذلك حدود الزمان واملكان وصعوبة االتصال ،مما يعين اإلدارة على تقديم كثير من
الخدمات التي لم تكن متاحة أبدا بفعل تلك العوائق في ظل اإلدارات التقليدية.16
من خصائص اإلدارة الرقمية إذا ما تم تعميمها وانتشارها في مختلف اإلدارات أنه باإلمكان مراجعتها
طوال ساعات اليوم ،فهي ال تتقيد في عملها بزمن معين فمواقع هذه اإلدارة متاحة عبر اإلنترنيت أو عبر
أجهزتها املنتشرة في الشوارع ،كما أن وصالت شبكاتها الداخلية أو وصالت شبكة اإلنترنيت ليست في حاجة إلى
-15محمد بومديان :اإلشكاليات القانونية العتماد اإلدارة اإللكترونية باملغرب ،الطبعة األولى ،مطبعة األمنية الرباط ،2020ص.24:
-16أحمد الشرقاوي :اإلدارة اإللكترونية الواقع والتحديات اإلدارية والقانونية ،مرجع سابق ،ص.72 :
-17مريم كريم :إشكالية الجودة في اإلدارة اإللكترونية دراسة مقارنة ،رسالة لنيل شهادة املاستر في القانون العام ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية أكدال ،جامعة محمد الخامس الرباط ،السنة الجامعية ،2014-2013 :ص.28 :
12
سابعا :السرية والخصوصية
فاملعلومات املهمة بما تملكه تلك اإلدارة من برامج تمكنها من حجب املعلومات والبيانات املهمة ،وعدم
إتاحتها إال لذوي الصالحية الذين يملكون كلمة املرور للنفاذ إلى تلك املعلومات ،إن تفوق اإلدارة الرقمية على
اإلدارة التقليدية إذ أن قدرتها على اإلخفاء والسرية أعلى ولديها أنظمة منع االختراق مما يجعل الوصول على
تشكل اإلدارة الرقمية بمختلف خصائصها تحوال هاما في طبيعة ونوعية الخدمات التي يقدمها املرفق
العام ،وهذا ما يميزها عن اإلدارة التقليدية ،إن أهمية اإلدارة الرقمية تنبع من خصائصها التي يمكن أن
تسعى اإلدارة اإللكترونية إلى تحقيق مجموعة من األهداف من أجل ضمان جودة عالية للخدمات
املقدمة (الفقرة األولى) ،وذلك من خالل الوظائف الرقمية الحديثة (الفقرة الثانية).
إن اإلدارة اإللكترونية لها من اإليجابيات أكثر على العمل اإلداري ،فتطوير الخدمات الرقمية هو
دعامة أساسية لتطوير جودة الخدمات وكذا تحديث الدولة ،واإلدارة الرقمية وسيلة لتحديث الدولة في
طريق اشتغالها وحكامتها ويمكن أن نعد من بين حسناتها تقريب املواطن من اإلدارة ،وكذا تسهيل عمل
-18مريم كريم :إشكالية الجودة في اإلدارة اإللكترونية دراسة مقارنة ،مرجع سابق ،ص.29 :
13
املقاوالت ،فاإلدارة الرقمية أو الحكومة اإللكترونية هي وسيلة فعالة من أجل تطوير أداء الدولة سواء على
مستوى تقديم الخدمات ،أو على مستوى شفافية الجهاز اإلداري والديمقراطية.19
وإذا كانت اإلدارة الرقمية تعد بالنسبة ملجموعة من الدول وسيلة للتسهيل والتبسيط بالنسبة
للمرتفقين ،وكذا الفعالية بالنسبة لإلدارات فإنها بالنسبة للدول السائرة في طريق النمو تمثل وسيلة أو
فرصة لعقلنة وتسيير اإلدارات ،وهي كذلك وسيلة لتطوير وتدعيم الشفافية بين اإلدارة واملواطن.
إن الفلسفة الرئيسية لإلدارة الرقمية هي نظرتها إلى اإلدارة كمصدر للخدمات للمواطنين والشركات
الذين يرغبون في االستفادة من هذه الخدمات ،لذلك فإن لإلدارة اإللكترونية اهداف كثيرة تسعى إلى تحقيقها
إن وسائل اإلعالم واالتصال تساهم في تسهيل مشاركة املواطنين في املسلسل السياس ي وكذا تشجيع
وضع إدارة سهلة الولوج ومسؤولة ،تساهم في القضاء على الرشوة كما تساهم تكنولوجيا اإلعالم واالتصال في
مساعدة الفرد على إسماع صوته في النقاش العمومي وتشجع املواطنين على التفكير بطريقة هادفة في
األسئلة املرتبطة باملصلحة العامة ،وباستعمال تكنولوجيا االعالم واالتصال يمكن أن يصبح املسلسل
السياس ي أكثر شفافية ،وذلك من خالل تبني سياسات حول جودة املعلومة واملسؤولية.21
إن تطوير طرق التواصل على الخط تساهم في تعزيز الشفافية باإلدارة وتعزز مشاكرة املواطنين في
مسلسل اتخاذ القرار ،الش يء الذي يساهم في التقليص من الحواجز بين السلطات العمومية واملواطنين،
-19خالد بوشمال :رهانات تحديث اإلدارة العمومية باملغرب من خالل نظام اإلدارة اإللكترونية ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية طنجة ،جامعة عبد املالك السعدي ،السنة الجامعية ،2014-2013ص.209 :
-20طمين المية :اإلدارة اإللكترونية وعمليات اإلصالح اإلداري ،مرجع سابق ،ص.12 :
-21خالد بوشمال :رهانات تحديث اإلدارة العمومية باملغرب من خالل نظام اإلدارة اإللكترونية ،مرجع سابق ،ص.213 :
14
فالتكنولوجيا تساهم في وضع حد لسيطرة اإلدارة على املعلومة بمنحها للمواطنين بطرق وآليات أخرى ملصادر
إن الرقمنة تمكن من معالجة وبطريقة فعالة مجموعة كبرى من امللفات واملهام املرتبطة باإلدارة،
باستعمال اإلنترنيت يمكن االقتصاد في تجميع وتوزيع املعلومات ،وإعطاء أولوية لتقديم املعلومة والتواصل
مع املرتفقين كما أن تبادل املعلومات املستمر بين اإلدارات وداخلها يساهم في تحسين الفعالية في املستقبل.22
إن التطور على مستوى وسائل االتصال يشكل فرصة بالنسبة للسلطات العمومية من أجل تحسين
جودة الخدمات واالستجابة النتظارات املواطنين ،كما أن تعدد وسائل التواصل بين اإلدارة واملواطنين يجب
أن يساعد السلطات العمومية على تحديد جيد لحاجياتهم ،وذلك من أجل االستجابة إليها ،ويساعد إدماج
امللفات بطريقة معلوماتية على االندماج في الخدمات ،وكذلك تقديم الشباك الوحيد للمواطنين من أجل
التواصل مع اإلدارة مما يسهل طرق التواصل بين اإلدارة واملواطن ،23هذا باإلضافة إلى أن التكنولوجيا
تساهم في الرفع من األداء الداخلي لإلدارة وتطوير نجاعتها ،وكذا فاعليتها وتساهم كذلك في الرفع من جودة
الخدمات ،كما أن التطورات على مستوى قدرة اإلدارة على تقديم خدمات معلوماتية تمكن من إعطاء اإلدارة
ثالثا :مراجعة طريقة العمل الحالية وتحقيق نتائج ذات طبيعة اقتصادية
إن تطوير الخدمات الرقمية هو دعامة أساسية لتطوير جودتها ،وكذا تحديث الدولة وهناك طلب
متزايد للمرتفقين من أجل تبسيط عالقتهم باإلدارة ،كما أن اإلجراءات على الخط تتيح إنتاجية أكثر وربح كبير
22-Etude de L’OCDE sur administration électronique: L’administration électronique un impératif ; publications OCDE ; 2004 ;p :39.
-23خالد بوشمال :رهانات تحديث اإلدارة العمومية باملغرب من خالل نظام اإلدارة اإللكترونية ،مرجع سابق ،ص.210 :
15
بالنسبة لإلدارات ،فاملعامالت اإلدارية التي تتطلب ثالث أو أربعة أيام من التنقل باإلضافة إلى تكاليف
املواصالت والتأخر عن العمل توفرها اإلدارة الرقمية ،حيث يكفي بضع دقائق في حالة االلتجاء إليها ،كما أن
تأمين الخدمات للمواطن بأسهل السبل يجعل تركيزه على عمله أكثر.
ولإلدارة الرقمية هدف استراتيجي يتحدد في استخدام اإلمكانات الهائلة لتكنولوجيا املعلومات في زيادة
قدرة الحكومة على توفير املعلومات والخدمات للمواطنين ورجال األعمال بسهولة ويسر ،أما أهدافها الفرعية
انطالقا مما سبق يمكن القول إن للرقمنة مجموعة من األهداف التي تم الوقوف على البعض منها،
وإن من شأن هذه األهداف واملرامي التي تسعى إليها اإلدارة الرقمية أن تساهم في تجاوز التعقيدات والبطء
والروتين والبيروقراطية وغيرها من اإلكراهات ،هذه السمات التي أصبحت الطابع الغالب لإلدارة التقليدية،
وإن الرقمنة تهدف إلى تحقيق خدمات عجزت عن تحقيقها اإلدارة التقليدية وبجودة عالية ،وذلك من خالل
وظائفها الرقمية.
-24خالد بوشمال :رهانات تحديث اإلدارة العمومية باملغرب من خالل نظام اإلدارة اإللكترونية ،مرجع سابق ،ص.225 :
16
الفقرة الثانية :وظائف اإلدارة الرقمية
تؤدي اإلدارة الرقمية عددا من الوظائف األساسية مثلت مرتكزات هامة في سياسة التحديث واإلصالح
اإلداري ،وتغييرا جذريا في أساليب اإلدارة التقليدية ،25وقد تغيرت الوظائف اإلدارية في إطار اإلدارة الرقمية،
من وظائف تعتمد على نظم املعلومات املستقلة إلى وظائف تعتمد على نظم معلومات مندمجة العمل من
يعتبر التخطيط حسب فايل "التنبؤ بما سيكون عليه املستقبل مع االستعداد لهذا املستقبل"،26
ويعتمد التخطيط اإللكتروني على التركيز بصفة أساسية على استخدام التخطيط اإلستراتيجي والسعي نحو
تحقيق األهداف اإلستراتيجية ،حيث تتم القرارات التي تستخدم النظم اإللكترونية في تخطيط أعمالها
بالشمولية لخدمة مختلف أقسام املنظمة وإدارتها ،ويعتمد التخطيط اإللكتروني أيضا في ظل الثورة الرقمية
على استخدام نظم جديدة للمعرفة كنظم دعم القرار والنظم الخبيرة ونظم الشبكات االصطناعية ،كما
▪ أن التخطيط اإللكتروني يمثل عملية دينامية في اتجاه األهداف الواسعة واملرنة واآلنية ،وقصيرة
-25عشور عبد الكريم" ،دور اإلدارة اإللكترونية في ترشيد الخدمة العمومية في الواليات املتحدة األمريكية والجزائر" ،مرجع سابق ،ص.30 :
-26أحمد الشرقاوي :اإلدارة اإللكترونية الواقع والتحديات اإلدارية والقانونية ،مرجع سابق ،ص.49 :
-27مريم كريم :إشكالية الجودة في اإلدارة اإللكترونية دراسة مقارنة ،مرجع سابق ،ص.32 :
-28عشور عبد الكريم" ،دور اإلدارة اإللكترونية في ترشيد الخدمة العمومية في الواليات املتحدة األمريكية والجزائر" ،مرجع سابق ،ص.30 :
17
▪ أنه يتجاوز فكرة تقسيم العمل التقليدية بين اإلدارة وأعمال التنفيذ ،فجميع العاملين يمكنهم
وتعطي البيئة الرقمية قوة للتخطيط اإللكتروني انطالقا مما يميزها من التغير بسرعة عبر الشبكات
املحلية والعاملية ،ما يحقق قدرة على الوصول إلى الجديد من األفكار ،األسواق واملنتجات والخدمات غير
املوجودة ،وهذا ما يعطي ميزة وأفضلية لعملية التخطيط اإللكتروني على حساب الشكل التقليدي.
يعتبر التنظيم اإللكتروني "ترتيب األنشطة بطريقة تسهم في تحقيق أهداف املنظمة ،وهو الذي يعطي
شخصيتها ومميزاتها اإلدارية ،ويعزز من وزنها وقدرتها على االستجابة للتغيرات في بيئتها الداخلية والخارجية".29
▪ الهيكل التنظيمي الذي يحدد كيفية تقسيم املهام واملوارد وتجميعها في إدارات وأقسام ،ويقوم
بالتنسيق بينها.
▪ التقسيم اإلداري الذي يجمع املراكز واألنشطة والوظائف في إدارات وأقسام ،ويتم التجميع على
▪ وحدة األمر ويمثل خط السلطة الذي يمتد من مستويات التنظيم األعلى إلى املستويات األدنى،
-29مريم كريم :إشكالية الجودة في اإلدارة اإللكترونية دراسة مقارنة ،مرجع سابق ،ص.33 :
-30املرجع نفسه ،ص.34 :
18
ويعد الهيكل التنظيمي اإللكتروني أحد أهم مستلزمات التحول من اإلدارة التقليدية إلى اإلدارة
الرقمية ،وقد يحمل الهيكل اإللكتروني في مضمونه النظري ذات االختصاص الهيكلية التقليدية من وظائف
رئيسية ،وأخرى مساندة وثالثة فنية فضال عن توزيع األدوار واملسؤوليات والصالحيات ونحوها ،إال أن السمة
الغالبة في الهيكل اإللكتروني هي االستخدام املكثف واملناسب لتقنية املعلومات بأركانها الرئيسية ،وألجل
تحويل الهيكل التقليدي إلى هيكل إلكتروني ال بد من دراسة عالقات العمل وطبيعة الهيكل التقليدي
للمؤسسة.
تعتبر الرقابة تلك األداة الفعالة للتحقق من الوصول إلى األهداف ،وتعتبر أيضا تلك املهمة من
الوظيفة اإلدارية التي يتم بموجبها مراجعة املهام واألهداف املنجزة للتعرف على تنفيذها ،باملقارنة مع ما
خطط له ،في ظل الرؤيا واإلستراتيجيات املرسومة مسبقا واتخاذ اإلجراءات الالزمة في حال وجود فجوة أو
اختالف.31
إن من سمات الرقابة التقليدية أنها تركز على املاض ي ألنها تأتي بعد التخطيط والتنفيذ ،غير أنه ما
يميز الرقابة اإللكترونية أنها تسمح باملراقبة اآلنية من خالل شبكة املؤسسة ،مما يعطي إمكانية تقليص
الفجوة الزمنية بين عملية اكتشاف االنحراف أو الخطأ ،وعملية تصحيحه ،كما تعتبر الرقابة اإللكترونية
عملية مستمرة ومتجددة تكشف عن االنحراف أول بأول ،من خالل تدفق املعلومات والتشبيك بين املديرين
واملوظفين واملرتفقين ،وهو ما يؤدي إلى زيادة تحقيق الثقة اإللكترونية والوالء اإللكتروني بين اإلدارة واملرتفق،
مما يعني أن الرقابة اإللكترونية تكون أكثر اقترابا من الرقابة القائمة على الثقة.32
-31أحمد علي الصباب وآخرون :أساسيات اإلدارة الحديثة ،الطبعة الثانية ،خورزم العملية للنشر والتوزيع ،جدة ،2005ص.50 :
-32عشور عبد الكريم" ،دور اإلدارة اإللكترونية في ترشيد الخدمة العمومية في الواليات املتحدة األمريكية والجزائر" ،مرجع سابق ،ص.31 :
19
رابعا :القيادة اإللكترونية
أدت الثورة التكنولوجية في بيئة األعمال اإللكترونية ،والتحول في املفاهيم اإلدارية إلى إحداث نقلة
نوعية في العملية اإلدارية ،وكان من نتائجها االنتقال إلى نمط القيادة اإللكترونية في ظل اإلدارة الرقمية.
ويعتمد التوجيه اإللكتروني باملنظمات املعاصرة على وجود القيادات اإللكترونية ،والتي تسعى إلى
تفعيل دور األهداف الديناميكية والعمل على تحقيقها ،كما يعتمد أيضا على وجود قيادات قادرة على
التعامل الفعال بطريقة إلكترونية مع األفراد اآلخرين ،والقدرة على تحفيزهم وتعاونهم إلنجاز األعمال
املطلوبة ،كما يعتمد التطبيق الكفء للتوجيه اإللكتروني على استخدام شبكات االتصاالت اإللكترونية
املقدمة ،كشبكة االنترنيت بحيث يتم إنجاز وتنفيذ كل عمليات التوجيه من خاللها.33
إن اإلشكال الذي يمكن أن ينتج عن التحول في وظائف اإلدارة الرقمية على حساب الوظائف التقليدية
لإلدارة ،وبالرغم من إيجابيات هذا التحول فإنه يؤدي إلى القضاء على إبداعات الفرد داخل املؤسسة،
باإلضافة إلى التخلي عن روح العمل الجماعي ،الذي ينتج عن االتصال املباشر بين املرتفقين واألجهزة اإلدارية،
بحيث ال بد أن تتم مراعاة هذا الجانب داخل اإلدارة ،في ظل الحديث اليوم عن جودة الخدمة وما يمثله هذا
يعتبر مدخل تدبير الجودة من االتجاهات الحديثة التي القت استحسانا في مجال اإلدارة ،وعامال
لتطوير إدارة املنظمات عن طريق بناء ثقافة عميقة عن الجودة بمعناها الشامل ،فهو أسلوب شامل للتطوير
-33مريم كريم :إشكالية الجودة في اإلدارة اإللكترونية دراسة مقارنة ،مرجع سابق ،ص.36 :
20
التنظيمي ،لذا فإن هناك من يرى أن الجودة عبارة عن خلق وتطوير قاعدة من القيم واملعتقدات ،التي تجعل
كل فرد في املنظمة يعلم أن الجودة في خدمة املرتفق وتشكل الهدف األساس ي لها.34
إن جودة الخدمات تقاس بمدى كفاءة املرفق في االستجابة للمتطلبات وحاجيات املستهدفين
بإشباعها ،وإن التحول الرقمي ملن شأنه أن يعزز من جودة الخدمات التي تقدمها اإلدارة ،وتكريس مقاربة
وعليه سيتم التطرق ملفهوم الجودة واالعتراف القانوني بها (الفرع األول) ،ثم بعد ذلك سيتم التطرق
تعد الجودة من املفاهيم املتطورة باستمرار في مجال تدبير املنظمات ،إذ تتغير حسب طبيعة هذه األخيرة
وحسب تطور نشاطها والظروف البيئية املحيطة بها ،األمر الذي يجعل من الصعب حصر تعريف موحد
لها ،35وعليه سيتم التطرق ملفهوم الجودة (الفقرة األولى) ،ثم االعتراف القانوني بمبدأ الجودة وأهميته كمبدأ
يعتمد املرفق العام في تدبيره على قيم ومناهج تختلف بطبيعتها عن تلك التي تطورت في ظل القطاع
الخاص ،والتي أثبتت نجاعتها مما دفع بالقطاع العمومي إلى ترحيلها بهدف عقلنة التدبير وتحقيق جودة
الخدمات العمومية .وقبل الوقوف على مفهوم جودة الخدمة ال بد من التعرف أوال على مفهوم الجودة ،حيث
-34فريد عبد الفتاح زين الدين :املنهج العلمي لتطبيق إدارة الجودة الشاملة في املؤسسات العربية ،دار الكتب ،القاهرة ،1996ص.9 :
-35نوال الهناوي :تدبير الجودة الكلية بالقطاع العام ،بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا املعمقة ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية أكدال،
جامعة محمد الخامس الرباط ،السنة الجامعية ،2001-2000ص.10:
21
أن االهتمام بموضوع الجودة كان نتيجة منطقية بعد أن تنبهت إلى أهميته كافة املؤسسات والشركات
ولقد تعددت وتباينت التعريفات التي أعطيت ملفهوم الجودة ،حيث أنه من الصعب وجود تعريف بسيط
وشامال لها وذلك بسبب تعدد جوانبها ،ويعرفها P. CROSPYبأنها "التوافق مع املتطلبات" ،أما E. DEMING
فقد اعتبرها "إشباع حاجات املستهلك الحالية واملستقبلية" ،أما بالنسبة ل FEIGEN BAUNفهي املكونات
الكلية للمنتوج أو الخدمة التي تشبع متطلبات الزبون ،سواء كانت تلك املتطلبات ظاهرة أو ضمنية ،مجردة
ويقصد بالجودة باملرافق العمومية توافر مجموعة من الخصائص الداخلية والضرورية التي تؤدي في
النهاية إلى رضا املرتفق ،وذلك يقتض ي تحسين مستوى تواصل املرفق العام مع محيطه الخارجي وتطوير كفاءة
املوظفين الساهرين على سيره.37وتعبر مقاربة الجودة أيضا على مجموع األنشطة واملساطر واملناهج واألدوات
التي تمكن من توجيه املنظمات فيما يتعلق بتحقيق الجودة املتمثلة في إشباع حاجيات ومتطلبات املرتفقين
ومراقبتها في أفق منحها شهادة ايزو ،ISOأي االعتراف بفعالية نظام الجودة ،38وعلى هذا األساس فإن مقاربة
الجودة ترتكز على وظيفة شاملة لكل املفاهيم املتعلقة بحسن االستقبال ،واإلنصات واإلرشاد والتواصل
والشفافية والنزاهة واملردودية ،وقد أضحى إرساء أسس مقاربة الجودة رهانا أساسيا لكل قطاع إداري ،مما
يستلزم إعادة النظر في عالقة اإلدارة باملرتفق وفق إطارات تحدد االلتزامات املفروضة على الطرفين.39
-36نوال الهناوي :تدبير الجودة الكلية بالقطاع العام ،مرجع سابق ،ص.10 :
-37محمد بومديان :اإلشكاليات القانونية العتماد اإلدارة اإللكترونية ،مرجع سابق ،ص.31 :
-38مريم كريم :إشكالية الجودة في اإلدارة اإللكترونية دراسة مقارنة ،مرجع سابق ،ص.87 :
-39أسامة املنير :اإلدارة اإللكترونية ومتطلبات الجودة -إدارة الجمارك والضرائب غير املباشرة نموذجا ،بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا املعمقة في القانون
العام ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية السويس ي ،جامعة محمد الخامس الرباط ،السنة الجامعية ،2008-2007 :ص.71 :
22
فالجودة قبل كل ش يء هي مسألة عقليات وثقافة تنبني على السعي الدائم لتحقيق األفضل وتقبل كل ما
من شأنه املساهمة في تحسين األداء وتقييمه .وبالتالي فجودة الخدمة هي ذلك الرفق بين الجودة املدركة من
قبل املرتفق والجودة املتوقعة وهي تتعلق بذلك التفاعل بين املرتفق واإلدارة ،وهي أيضا مدى مطابقة األداء
ونظرا ألهمية الجودة في تقديم الخدمات كان ال بد من البحث عن مدى االعتراف القانوني بها.
تشكل مبادئ الجودة ،االستمرارية واملساواة والتكيف قواعد أساسية للمرافق العمومية ،وبوجود عناصر
املصلحة العامة فهي بمثابة خصائص مشتركة لجميع املرافق ،فهذه املبادئ لم تعد محط إجماع من طرف
الفقه لتترك املجال مفتوحا أمام التنوع واالختالف ،هذا األخير تضاعف مع اعتماد سياسة لتحسين عالقة
اإلدارة مع املتعاملين معها ،40وبجانب املبادئ التقليدية أصبح الحديث عن مبادئ الشفافية والتبسيط
واملسؤولية والجودة ،فهل يمكن اعتبار الجودة بمثابة مبدأ سير املرفق العمومي؟
تشكل مبادئ املرفق العمومي روابط ضرورية ناتجة عن طبيعة األشياء ،ليست بقوانين وضعية وإنما هي
عبارة عن بنى فكرية انطالقا من القانون الوضعي ،تمكن القاض ي واملشرع التنظيمي أو البرملاني من وضع
قواعد جديدة تتناسب مع سابقاتها ،ولكي ترتقي إلى مستوى مبدأ للمرفق العمومي يجب أن تكون ضرورية
ضرورة وجوده ،ومستقلة عن باقي املبادئ ،فإذا كان املقصود بالجودة القدرة على إشباع حاجيات املرتفقين،
-40مريم كريم :إشكالية الجودة في اإلدارة اإللكترونية دراسة مقارنة ،مرجع سابق ،ص.96 :
23
وباعتبارها وسيلة املرفق العمومي وغايته فإن قبولها كمبدأ يتطلب ترتيبها آلثار قانونية واستهدافها تحقيق
إن التنصيص على مصطلح الجودة على مستوى العديد من النصوص القانونية ،مؤشر على نية
السلطات العمومية في إخضاع املرفق العام ملتطلبات الجودة ،وجعل املرتفق في صلب اهتماماتها وتوفير
وبالرجوع للفقرة الثانية من الفصل 154من دستور ،422011نجد أن املشرع املغربي قد نص على عدة معايير
تخضع لها املرافق العمومية ،معيار الشفافية والديمقراطية ومعيار ربط املسؤولية باملحاسبة باإلضافة إلى
معيار الجودة ،ولقد أصبحت هذه األخيرة تنفذ إلى قانون املرفق العمومي وبالرغم من أنها لم ترق بعد إلى
مستوى مبدأ عام للقانون ،فهي تشكل على األقل مبدئا موجها لنشاط املرفق ،وبدأت تلقى االعتراف التدريجي
من طرف املشرع البرملاني والتنظيمي واالجتهاد القضائي ،لكن إدماج هذا املبدأ في نظام املرفق العمومي
يتحقق في ضوء القانون اإلداري ،كما لو أن علم التدبير هو الوحيد القادر على تجديد املرفق العمومي
خصوصا وأن هذا األخير أصبح يستورد القيم والتقنيات التدبيرية ،ويخضع للقوى االقتصادية الخاصة في
املعايير التي تضعها ،فاالعتماد أو االشهاد على معايير الجودة املوضوعة من طرف إيزو بالنسبة للمرفق
العمومي مثال ،يتم من طرف منظمات القطاع الخاص ،وذلك بقدرتها على تقييم جودة الخدمات اإلدارية،
وبالتالي لم تعد املرافق العمومية مطالبة بمطابقة نشاطها للقانون فقط بل ومع مرجع الجودة أيضا ،هذا
-41أسامة املنير :اإلدارة اإللكترونية ومتطلبات الجودة -إدارة الجمارك والضرائب غير املباشرة نموذجا ،مرجع سابق ،ص.87 :
-42الدستور الجديد للمملكة املغربية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91بتاريخ 29يوليو ،2011الجريدة الرسمية عدد 5964مكرر بتاريخ 30
يوليوز ،2011ص.3600 :
24
األمر ترجم بتطور املعايير السلوكية للمرفق (الشفافية ،السرعة )..إلشباع حاجيات املرتفقين ودمقرطة
العالقة اإلدارية.43
وعليه فإن الرقمنة تساهم في دعم جودة الخدمات اإلدارية وذلك باستهدافها تحقيق الفعالية واالقتصاد
في الكلفة وضمان الشفافية والنجاعة ،عن طريق انتقال العديد من الخدمات املادية (ورقية) إلى خدمات
رقمية في إطار اإلدارة اإللكترونية ،هذا مع إخضاع الخدمات اإللكترونية بدورها ملقاربة الجودة وذلك بالعمل
على مالءمتها مع معايير الجودة اإللكترونية بهدف تحقيق الحكامة اإللكترونية وتدعيم الثقة الرقمية ،األمر
تعتبر مقاربة الجودة من األهمية بما كان في االرتقاء بجودة الخدمات الرقمية ،حيث أصبحت اليوم تفرض
نفسها في ظل اإلكراهات التي تعترض نشاط املرفق العام ،وقد شكلت الرقمنة كآلية وهدف في سبيل تحسين
جودة الخدمات املقدمة للمرتفقين ،وعليه ال بد من الحديث عن أسس الجودة الرقمية (الفقرة األولى) ،ثم
لقد أصبح اعتماد مقاربة الجودة باإلدارة مطلبا أساسيا للرفع من فعالية التدبير العمومي ،كأساس لجودة
الخدمات اإللكترونية وذلك إلبراز قدرة اإلدارة في ظل مناخ تنافس ي على أداء خدماتها للمرتفقين ،هذا الوعي
بضرورة تطوير الجودة باملرفق العمومي ،راجع باألساس إلى تزايد وعي املواطن بمتطلباته اتجاه اإلدارة أو
-43مريم كريم :إشكالية الجودة في اإلدارة اإللكترونية دراسة مقارنة ،مرجع سابق ،ص.98 :
25
القطاع الخاص على حد سواء .إن هذه املقاربة تهدف إلى وضع املرتفق في صلب اهتمامات املرفق العمومي،
ويعتمد املبدأ التدبيري للجودة على نوعين من املقاربات ،مقاربات تأمين الجودة والتي تهدف إلى اعتبار
أن املنتوج أو الخدمة أو التنظيم يستجيب ملعايير الجودة ،ومقاربات التدبير التشاركي والتي تطورت في القطاع
الخاص وعرفت بعض التكيفات مع القطاع العام ،بإرسائها لتجديد في أساليب التدبير املتمثلة في تقنيات
ترتكز هذه املقاربات على منطق تأمين الجودة الذي يفرض حصول املرتفق على خدمة مطابقة ملرجع
الجودة املعتمد (املرجع العام ايزو ،اإلشهاد ،االعتماد ،تدقيق الجودة ،املراقبة الداخلية ،التقييم الذاتي،)...
وتعرف ايزو تأمين الجودة بأنه "مجموع األنشطة املوضوعة مسبقا بطريقة نسقية في نظام للجودة بهدف
ضمان الثقة وبأن الهيئة أو املنظمة تلبي متطلبات الجودة" ،ويخضع ملعايير موضوعة من طرف القطاع
الخاص يتطلب ترحيها نحو القطاع العام بعد التكيفات والتعديالت ،لكي يعيد املرفق العمومي إنتاج نفس
وتهدف مقاربات تأمين الجودة إلى ضبط املساطر وتساهم في ضمان الثقة في املنتوج والخدمة ،وترتكز
مقاربات تأمين الجودة على معايير الجودة واملوضوعة من طرف ايزو منذ سنة ،1987هذا التطور جعل
باإلمكان اعتمادها بالنسبة للمرافق العمومية ،هذا باإلضافة إلى االشهاد والذي يعتبر مسطرة لتأمين الجودة
44-FrancoisCaby, Virginie Louise, Sylvie Rolland, La qualité au xx1 siècle, vers le management de la confiance, Economica, 2002, p: 61.
45-Lucie Cluzel- Métayer: le service public et l’exigence de qualité, Dalloz, collection Nouvelle Bibliothèque de thèses, 2006, p,p : 537-574.
-46أسامة املنير :اإلدارة اإللكترونية ومتطلبات الجودة -إدارة الجمارك والضرائب غير املباشرة نموذجا ،مرجع سابق ،ص.73 :
26
تتبعها املنظمة من أجل منح الثقة للمرتفقين ،ثم االعتماد ويتميز عن االشهاد بكونه ال يمنح فقط الثقة
والحجة ،وإنما يشهد أيضا بكفاءة املوظفين أو املستخدمين في تحقيق الخدمة ،وباعتباره اعترافا بالكفاءة
وهذا االعتراف يتطلب أن يرتكز االعتماد على مرجع للجودة (تدبير الجودة الكلية .47)TQM
تتميز مقاربات التدبير التشاركي كونها نتيجة لنشر ثقافة التدبير العمومي الجديد ،NPMإذ تقوم على
تقنيات تدبيرية تهدف إلى تطوير كفاءة املرفق العمومي من خالل تقييم الخدمات ومساءلة الفاعلين وااللتزام
اتجاه املرتفقين ،وتمكين املرفق من أداء خدماته عبر إرساء عالقات من الثقة على املستوى املالي بالتحكم في
النفقات ،وعلى املستوى البشري بتوضيح األدوار وتحفيز املوارد البشرية ،فهي كمقاربات منظماتية تعمل على
وترتكز مقاربات التدبير التشاركي على بناء مؤشرات تساعد في إثبات فعالية الخدمات املقدمة للمرتفقين،
فهي بمثابة معلومات مركبة تمكن من القياس الدوري لحقيقة الخدمات باملقارنة مع املعايير املرجعية
املحددة مسبقا ،حيث تجمع بين التقييم واملراقبة .وفي هذا الصدد يمكن التفرقة بين ثالث أنواع من
باإلضافة إلى تدعيم املساءلة وذلك بتفويض أكبر قدر من املسؤوليات ،مع تحديدها بدقة بهدف تدعيم
املسؤولية القانونية للفاعلين واملساهمة في تقنين متطلبات الجودة ،ثم االلتزام تجاه املرتفقين حيث جاءت
-47مريم كريم :إشكالية الجودة في اإلدارة اإللكترونية دراسة مقارنة ،مرجع سابق ،ص.90 :
-48أسامة املنير :اإلدارة اإللكترونية ومتطلبات الجودة -إدارة الجمارك والضرائب غير املباشرة نموذجا ،مرجع سابق ،ص.77 :
27
فكرة إنشاء مواثيق للمرافق العمومية كآلية لتحسين عالقة اإلدارة باملتعاملين معها ،وهي عبارة عن آلية
وعليه فإنه يجب أن تتضمن مواثيق املرفق العام أو مواثيق الجودة املبادئ األساسية املوجهة لتحسين عالقة
اإلدارة باملتعاملين معها ،كالولوجية والسرعة والتبسيط والشفافية والوساطة واملسؤولية واملشاركة وبالتالي
فإن إدخال البعد الرقمي في هذه املواثيق يساهم في تدعيم وتجويد الخدمات التي تقدمها املرافق العمومية،
ملا توفره الرقمنة من سالسة ومرونة في تقديم مختلف املعامالت اإلدارية تعزيزا للجودة الرقمية بمختلف
مكوناتها.
تختلف مكونات الجودة الرقمية في املرفق العمومي نظرا لخصوصيتها عن تلك املعتمدة في املجال
التدبيري ،ويمكن الحديث عن ظهور الجودة الرقمية اإلدارية في قلب مسار تطوير العالقة بين املرفق
العمومي واملرتفقين ،وذلك باالعتراف لهم بمجموعة من الحقوق والتعامل معهم كمواطنين وليس فقط
كمستهلكين وزبناء ،وترتكز اإلصالحات الهادفة إلى دعم جودة الخدمات اإلدارية على توجهين أساسيين :تيسير
إن من مميزات اإلدارة الرقمية املرونة في التجاوب مع مختلف حاجيات املرتفقين ،وتساهم أكثر في دعم
الولوجية إلى الخدمات اإلدارية الرقمية ،وتعتبر هذه األخيرة أحد عناصر إشباع حاجات املرتفقين ومكونا
أساسيا لجودة الخدمة املقدمة ،وتتمركز حول الوظائف األساسية للمرفق واملتمثلة في الحفاظ على التناسق
االجتماعي ،فهي كتقنية تهدف إلى تطوير العالقة اإلدارية وتقريب املرافق من املواطن.
-49مريم كريم :إشكالية الجودة في اإلدارة اإللكترونية دراسة مقارنة ،مرجع سابق ،ص.92 :
-50املرجع نفسه ،ص.93 :
28
باإلضافة إلى أن الرقمنة تساهم في دعم مبدأ املساواة وذلك من خالل سهولة ولوج كافة املرتفقين إلى
الخدمات الرقمية للمرافق العمومية ،وتمكين األشخاص ذوي االحتياجات الخاصة واملهمشين من خدمات
عمومية مالئمة لوضعهم االجتماعي ،في أفق االنتقال من مبدأ املساواة إلى مبدأ االنصاف وينظر إلى الجودة
الرقمية كعامل لتحقيق التناسق االجتماعي ألنها تفرض املساواة في ولوج عادل للمرافق العمومية ،بتخليق
اإلدارة ودمقرطتها وتكسير طوق البيروقراطية وردود الفعل السلطوية بإقامة عالقات خارجية مع املرتفقين
أكثر مرونة وانفتاحا وإنسانية51.
باإلضافة إلى تدعيم الولوجية ،تتطلب الجودة املرفقية تطوير الشفافية والوضوح في العمل اإلداري إذ
ال يجب أن تقتصر اإلدارة فقط على التقرب املادي من املرتفقين ،بل وأن تقترب من الناحية املعنوية وتنفتح
على املتعاملين معها ،وأن تتميز بالوضوح في أدائها وتعمل على تغيير عالقتها مع املرتفقين استجابة
النتقاداتهم ،خصوصا تلك املتعلقة بالتعقيد في املساطر اإلدارية وتدعيم االعالم والشفافية ،ويشكل
الوضوح خاصية أساسية للجودة اإلدارية وجزء ال يتجزأ من التدبير الشامل للجودة.
ويرتكز الوضوح على عنصرين أساسيين 52:تطوير االعالم والشفافية في العمل اإلداري وتبسيط
غالبا ما يشكل إلزام املوظفين بالحفاظ على السر املنهي عائقا أمام تواصل اإلدارة مع محيطها ،هذا األمر
يتطلب االستجابة النتظارات املرتفقين الذين أصبحوا ال يتحملون غموض املرفق العمومي ،فتواصل هذا
األخير وانفتاحه يعتبر أحد عناصر جودة أدائها ،ونشر املعلومات اإلدارية مثال يمكن للمرتفقين من الحصول
-51أسامة املنير :اإلدارة اإللكترونية ومتطلبات الجودة -إدارة الجمارك والضرائب غير املباشرة نموذجا ،مرجع سابق ،ص.94 :
-52املرجع نفسه ،ص.95 :
29
على املعلومات دون التنقل نحو املكاتب واإلدارات ،كما سيمكن من إعادة الثقة للمواطن في اإلدارة ،وقد
ساهم استعمال تكنولوجيا املعلومات واالتصال في التيهيء العملي لشفافية العمل اإلداري ،من خالل
التواصل مع املرتفقين من أجل إعالمهم باملساطر اإلدارية والخدمات املقترحة من جهة ،ومن جهة أخرى وضع
تتميز منظومة املساطر اإلدارية في وضعها الحالي بالتعقيد والتشعب وعدم التوحيد على مستوى التراب
الوطني ،هذا الوضع ينعكس بشكل سلبي على التطور االقتصادي واالجتماعي ذلك أن املساطر املعقدة وكثرة
الوثائق املطلوبة وتعدد املسالك والقنوات التي يتطلبها إنتاج الوثيقة وطول اآلجال التي يستغرقها ذلك ،كلها
عوامل أدت لعدم فعالية وضعف إنتاجية ومردودية اإلدارات العمومية وعدم جودة الخدمات التي تقدمها
للمواطن واملقاولة ،ومن ثمة كانت الضرورة ملحة لصدور القانون رقم 55.19املتعلق بتبسيط املساطر
واإلجراءات اإلدارية( 53سيتم الرجوع إليه بالتحليل والدراسة فيما بعد من هذا البحث) ،من أجل محاربة
مظاهر التعقيد اإلداري والتقليص من عدد الوثائق املطلوبة ،وتعريف املواطن باملسالك املتبعة للولوج إلى
الخدمات العمومية وبغية الرفع من وثيرة التنمية وتشجيع االستثمار الداخلي واألجنبي ،إذ يهدف التبسيط إلى
التخفيف من املساطر واملسالك واإلجراءات اإلدارية غير املجدية ،وذلك لتحقيق هدفين أساسيين :تسهيل
الحياة اليومية للمواطن وتيسير نشاط املقاوالت وتمكينها من املساهمة في تحقيق التنمية االقتصادية .وبناء
عليه فاألمر يدعو إلى التساؤل عن اإلطار القانوني والتنظيمي لإلدارة الرقمية باملغرب.
-53القانون رقم 55.19املتعلق بتبسيط املساطر واإلجراءات اإلدارية ،الصادر في 19مارس 2020املوافق ل 24رجب 1441ه ،والصادر بتنفيذه الظهير
الشريف رقم 1.20.06الصادر في 11من رجب 1441ه املوافق ل 6مارس ،2020جريمة رسمية عدد .6866
30
املبحث الثاني :اإلطارالقانوني والتنظيمي لإلدارة اإللكترونية باملغرب
أدت التطورات التكنولوجية في العصر الحديث إلى التغيير في نمط تقديم الخدمات العمومية ،وقد
ظهرت اإلدارة اإللكترونية كنتيجة لالرتقاء بهذه الخدمات من الطابع اليدوي التقليدي إلى التدبير الرقمي
لكافة الخدمات العمومية ،وبالتالي فالفكرة الجوهرية للرقمنة هي نظرتها لإلدارة كمصدر للخدمات وإلى
املرتفق كمستقبل لهذه الخدمات من أجل تقديمها بجودة عالية وذلك باالستفادة من املميزات التي توفرها
تكنولوجيا املعلومات واالتصال كالسرعة في األداء ،واملرونة وربح الوقت والجهد واملال.
ومن هذا املنطلق ،فإن مشروع اإلدارة اإللكترونية يجب أن يراعي عدة متطلبات منها البنية التحتية
التكنولوجية ،وضرورة وجود إطار قانوني لإلدارة الرقمية بهدف تسهيل عملها (املطلب األول) ،باإلضافة إلى
تنزيل االستراتيجيات الوطنية الرقمية لرقمنة العمل اإلداري مع تعزيز اإلطار املؤسساتي لإلدارة اإللكترونية
إن إدخال تكنولوجيا املعلومات واالتصاالت لإلدارة العمومية من شأنه الرفع من جودة ومردودية
الخدمات املرفقية التي تقدمها ،وذلك من خالل االنتقال من تقديم الخدمات اإلدارية التقليدية في ظل اإلدارة
وبالتالي فإن إرساء إدارة إلكترونية يستلزم إعداد إطار قانوني مناسب يحمي ويستوجب ثقة املواطنين
واإلدارات واملقاوالت في املناخ الرقمي السائد .ومن هذا املنطلق كان لزاما على اإلطار التشريعي املغربي أن
يتطور بنفس وثيرة التطور التكنولوجي ،وأن يقدم أفضل حماية لحقوق األفراد في أن يبحروا في عالم رقمي
31
آمن ومحصن ،54ألن تعميم اإلدارة الرقمية يرتبط بمدى قدرة املشرع على سن قوانين تواكب مختلف جوانبها
ومستجداتها.
وعليه ،فإن الترسانة القانونية في مجال اإلدارة اإللكترونية قد تعززت بإصدار املشرع املغربي مجموعة من
النصوص القانونية ذات البعد الرقمي (منها ما لم يصدر بعد) ،وتجدر اإلشارة إلى أن القوانين املؤطرة لإلدارة
اإللكترونية باملغرب يصعب حصرها بحيث هناك قوانين لها صلة مباشرة باإلدارة اإللكترونية ،ومنها نصوص
ومن هذا املنطلق سيتم تقسيم اإلطار القانوني إلى القوانين املتعلقة بتحسين جودة الخدمات اإلدارية
(الفرع األول) ،ثم القوانين املتعلقة بالتبادل اإللكتروني للمعطيات (الفرع الثاني).
إن تحسين جودة الخدمات اإلدارية من األهداف التي يسعى املشرع املغربي إلى تحقيقها ،من أجل الرقي
باإلطار القانوني للرقمنة في العمل اإلداري وتلبية مختلف متطلبات املرتفقين للولوج إلى الخدمات الرقمية،
مما حدى باملشرع بإصدار مجموعة من القوانين التي لها ارتباط بجودة الخدمة ،منها القانون رقم 55.19
املتعلق بتبسيط املساطر واإلجراءات اإلدارية (الفقرة األولى) ،ثم القانون رقم 31.13املتعلق بالحق في
الحصول على املعلومة (الفقرة الثانية) ،والقانون رقم 20.05املتعلق باألمن السيبراني (الفقرة الثالثة)،
ومشروع قانون رقم 54.19بمثابة ميثاق للمرافق العمومية (الفقرة الرابعة) ،باإلضافة إلى مشروع قانون رقم
-54محمد بومديان :اإلشكاليات القانونية العتماد اإلدارة اإللكترونية باملغرب ،مرجع سابق ،ص.51 :
32
الفقرة األولى :القانون رقم 55.19املتعلق بتبسيط املساطرواإلجراءات اإلدارية
لقد شكلت الثورة املعلوماتية نقطة تحول وتغيير في نمط ومفهوم اإلدارة ،وكذا في نوعية الخدمات
املقدمة من التدبير التقليدي إلى االنتقال للمفهوم الرقمي للخدمة ،وبذلك فقد جعلت اإلجراءات واملساطر
التقليدية غير ذات معنى في ظل بروز مفاهيم جديدة كالتواصل والفعالية والنجاعة واملشاركة والجودة...إلخ،
واملساطر اإلدارية هي مجموعة من القواعد والشكليات التي يتعين على السلطات اإلدارية مراعاتها ،قبل اتخاذ
أي قرار حماية لحقوق وحريات األفراد .56وإن ما يطبع واقع املساطر واإلجراءات اإلدارية اليوم القصور
والتعقيد ،بحيث أصبحت متجاوزة نظرا ملجموعة من التطورات التي عرفتها مختلف املجاالت ،وأن شفافية
وتبسيط العمل اإلداري تقتض ي إعادة النظر في طريقة نشر املعلومات واملشاركة في اتخاذ وتعليل القرارات
اإلدارية وتبسيط املساطر وتقديم املعلومات في لغة واضحة وفي متناول الجميع ،والبحث عن تأسيس حوار
ومن هذا املنطلق ،يمكن القول إن رقمنة العمل اإلداري بإدخال تقنيات حديثة وعصرنة مجال
التسيير ،يمكن أن يلعب دورا حاسما في تبسيط املساطر واإلجراءات اإلدارية التي تتميز بالتصلب والتحكم،
وتحويلها من أداة ضبط وتحكم بيد الدولة إلى وسيلة يحمي بها املرتفق حقوقه وحرياته تحقيقا للجودة في
الخدمات املقدمة.58
-55عبد القادر البوفي :تكنولوجيا املعلوميات وتأثيرها على العنصر البشري :اإلدارة العمومية املغربية نموذجا ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،كلية
العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية أكدال ،جامعة محمد الخامس الرباط ،السنة الجامعية ،2003-2002 :ص.53 :
ن
-56خالد نوحي :دور املساطر اإلدارية في حل إشكالية التسيير والعالقات مع املرتفق ،بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا املعمقة في القانو العام ،كلية العلوم
القانونية واالقتصادية واالجتماعية أكدال ،جامعة محمد الخامس الرباط ،السنة الجامعية ،1997-1996 :ص.9 :
-57خالد بوشمال :رهانات تحديث اإلدارة العمومية باملغرب من خالل نظام اإلدارة اإللكترونية ،مرجع سابق ،ص.86 :
-58عبد القادر البوفي :تكنولوجيا املعلوميات وتأثيرها على العنصر البشري :اإلدارة العمومية املغربية نموذجا ،مرجع سابق ،ص.53 :
33
وفي هذا اإلطار صدر القانون رقم 55.19املتعلق بتبسيط املساطر واإلجراءات اإلدارية الذي يعد رافعة
أساسية لتحسين جودة الخدمات املقدمة للمواطن واملقاولة ،ولتعزيز الثقة بين اإلدارة واملرتفق ،ويحدد هذا
القانون املبادئ العامة املنظمة للعالقة الجديدة التي يجب أن تجمع اإلدارة باملرتفق ،بغية خلق مناخ من
الثقة بينهما ،وذلك اعتمادا على مبادئ الحكامة الجيدة والتدبير العصري ،وتسخير التقنيات املبتكرة في
ومن املستجدات التي جاء بها القانون 55.19إقرار التبادل البيني للمعلومات والوثائق واملستندات بين
اإلدارات العمومية ،عن طريق إحداث بوابة وطنية موحدة لتبسيط املساطر اإلدارية ( ،(PNAتضع رهن
إشارة املرتفق كل املعلومات الالزمة حول املساطر واإلجراءات املتعلقة بالقرارات اإلدارية هذا من جهة ،ومن
جهة أخرى توفر هذه البوابة خاصية التبادل البيني للمستندات والوثائق والبيانات بين اإلدارات العمومية.60
ويلزم هذا القانون اإلدارات العمومية بجرد وتصنيف وتوثيق جميع القرارات اإلدارية التي تدخل في
مجال اختصاصها ونشرها بالبوابة الوطنية للمساطر واإلجراءات اإلدارية ،بمنحها مهلة 5سنوات ابتداء من
تاريخ دخول القانون 55.19املتعلق بتبسيط املساطر واإلجراءات اإلدارية حيز التنفيذ ،لرقمنة املساطر
واإلجراءات املتعلقة ب معالجة وتسليم القرارات اإلدارية التي تدخل في مجال اختصاصها ،ووضعها بالبوابة
وللسهر على تطبيق هذا القانون تحدث لجنة وطنية لتبسيط املساطر واإلجراءات اإلدارية تحت رئاسة
رئيس الحكومة ،والتي تتألف من وزير الداخلية ووزير االقتصاد واملالية وإصالح اإلدارة ،واألمين العام
-59وزارة االقتصاد واملالية وإصالح اإلدارة ،قطاع إصالح اإلدارة ،برنامج تبسيط املنشور باملوقع اإللكتروني للوزارة
https://www.finances.gov.ma/Publication/daag/2021/Depliant%20simplification%20_AR.pdfتاريخ االطالع عليه 8 :يونيو ،2021الساعة:
.17:22
-60املوقع نفسه.
34
للحكومة باإلضافة إلى السلطة الحكومية املكلفة باالقتصاد الرقمي ،ويتولى قطاع إصالح اإلدارة كتابة هذه
اللجنة.61
إن تعزيز اإلطار القانوني لتبسيط املساطر واإلجراءات اإلدارية وإدخال البعد الرقمي بالقانون 55.19
يؤكد على توجه املشرع املغربي إلى إدخال البعد الرقمي في الترسانة القانونية املنظمة لتبسيط العمل اإلداري،
وهذا من شأنه القضاء على مختلف اإلكراهات التي تطبع العالقة ما بين املرتفق واإلدارة ،وقد شكل هذا
القانون محطة أساسية في مسار تحديث وإصالح اإلدارة العمومية ،وذلك بتسخير تقنيات التكنولوجيا
يعتبر الحق في الحصول على املعلومة من الحقوق األساسية التي ضمنتها مختلف املواثيق الدولية (املادة
19من اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان ،املادة 19من العهد الدولي الخاص بالحقوق املدنية والسياسية،
املادتان 10و 13من االتفاقية األممية ملكافحة الفساد ،توصيات مجلس منظمة التعاون والتنمية االقتصادية
بشأن الحكومة املنفتحة) ،63والتي ألزمت مختلف اإلدارات العمومية بضرورة تمكين املواطن من الحصول
على املعلومات ،واتخاذ كل التدابير واإلجراءات الكفيلة بممارسة هذا الحق والتمتع به.
وقد كرس دستور 2011هذا الحق في فصله السابع والعشرين بتنصيصه على أنه“ :للمواطنات واملواطنين
حق الحصول على املعلومات املوجودة في حوزة اإلدارات العمومية واملؤسسات املنتخبة والهيئات املكلفة
-61الموقع نفسه.
-62القانون رقم 13.31املتعلق بالحق في الحصول على املعلومات الصادر في 23جمادى اآلخرة ،1439املوافق ل 12مارس ،2018الصادر بتنفيذه الظهير
الشريف رقم 1.18.15بتاريخ 5جمادى اآلخرة ،1439املوافق ل 22فبراير ،2018عدد ،6655ص.1438 :
-63وزارة االقتصاد واملالية وإصالح اإلدارة -قطاع إصالح اإلدارة -دليل حول القانون رقم 31.13املتعلق بالحق في الحصول على املعلومة ،ص.6:
35
وتأكيدا لهذا التوجه الدستوري ،صدر القانون رقم 31.13املتعلق بالحق في الحصول على املعلومة،
واملقصود باملعلومات حسب املادة الثانية منه "املعطيات واإلحصائيات املعبر عنها في شكل أرقام أو أحرف أو
رسوم أو صور أو تسجيل سمعي بصري أو أي شكل آخر ،واملضمنة في وثائق ومستندات وتقارير ودراسات
ودوريات ومناشير ومذكرات وقواعد البيانات وغيرها من الوثائق ذات الطابع العام ،التي تنتجها أو تتوصل بها
الهيئات املعنية في إطار مهام املرفق العام ،كيفما كانت الدعامة املوجودة فيها ،ورقية أو إلكترونية أو غيرها".
إن إبراز البعد الرقمي في القانون 31.13يتجلى من خالل تدابير النشر االستباقي ،ثم في إجراءات الحصول
على املعلومات.
أوال :تدابيرالنشراالستباقي
جاء في املادة العاشرة من القانون رقم 31.13على أن "الهيئات املعنية في حدود اختصاصها ،أن تقوم في
حدود اإلمكان ،بنشر الحد األقص ى من املعلومات التي بحوزتها والتي ال تندرج ضمن االستثناءات في هذا
القانون ،بواسطة جميع وسائل النشر املتاحة خاصة اإللكترونية منها ،منها البوابات الوطنية للهيئات
العمومية".
باستقراء هذه املادة يتبين أن املشرع ألزم اإلدارات والهيئات العمومية بضرورة النشر االستباقي
للمعلومات ،كما أكد على إتاحتها بجميع الوسائل املمكنة ،باإلضافة إلى التنصيص على الوسائل الرقمية
وهذا يدل على األهمية التي أوالها املشرع املغربي للبعد الرقمي في شأن حصول املرتفق على املعلومات.
36
ثانيا :إجراءات الحصول على املعلومات64
أدرج املشرع في القانون 31.13املتعلق بالحق في الحصول على املعلومة باب خاص بإجراءات الحصول
على املعلومات ،حيث يحتوي على مراحل حصول املرتفق على املعلومة واآلجال املوضوعة لذلك ،واملساطر
لكن املالحظ أن القانون 31.13في هذا الباب تطرق بشكل قوي للجانب اإللكتروني ،فاملادة الرابعة من
نفس القانون ،نصت على ضرورة تضمين البريد اإللكتروني في الطلب الذي يقدمه املعني باألمر للحصول على
املعلومات ،كما أنه يمكنه من توجيه الطلب إلى رئيس الهيئة املعنية بواسطة البريد اإللكتروني.
أما املادة الخامسة عشر فقد نصت على أنه" ،يتم الحصول على املعلومات ،إما باالطالع املباشر عليها
بمقر الهيئة املعنية خالل أوقات العمل الرسمية ،وإما عن طريق البريد اإللكتروني عندما يكون املستند أو
الوثيقة املتضمنة للمعلومات املطلوبة متاحة على حامل إلكتروني ،وإما على أي حامل آخر متوفر لدى الهيئة
املعنية".
إن هذا اإلجراء األخير من شأنه تسريع وثيرة الحصول على املعلومات ،وتجنب املشاكل الزمكانية التي يمكن
الوقوع فيها عند القيام باالطالع املباشر .وعموما فإن املشرع املغربي انتصر للتوجه الوطني املنصب على
تطوير تكنولوجيا املعلومات واالتصال ،خاصة فيما يتعلق باإلدارة الرقمية ،وهذا ما يمكن مالحظته من
-64عزالدين الغوساني :اإلدارة اإللكترونية املعيقات ورهان التطوير ،مقال منشور بمجلة املمارس للدراسات القانونية والقضائية ،العدد األول -أكتوبر ،2018
ص.35 :
37
الفقرة الثالثة :القانون رقم 20.05املتعلق باألمن السيبراني65
أمام التطور التكنولوجي الكبير الذي عرفته معظم الدول ،أصبحت هذه األخيرة تواجه تحديات كبرى أمام
مختلف الهجمات اإللكترونية بكافة أشكالها ،نظرا ملا يعرفه الفضاء املعلوماتي من أهمية في توفيره ملجموعة
من املميزات كالبنوك املعلوماتية ،والتي تكون معرضة لهذا النوع من الهجمات.
إن تطوير الجانب األمني في اإلدارة الرقمية يعتبر من الرهانات التي والبد وأن تؤطر بنص قانوني خاص،
ووعيا من املشرع املغربي بخطورة هذا النوع من الهجمات اإللكترونية ،ومن أجل تحقيق األمن السيبراني كان
من الضروري وضع استراتيجية وطنية لألمن السيبراني ،من أجل حماية نظم املعلومات اإلستراتيجية من
الهجمات السيبرانية.
وتهدف هذ اإلستراتيجية الوطنية لألمن السيبراني إلى وضع اآلليات املؤسساتية والقانونية ،من أجل
حماية والدفاع عن نظم املعلومات الحساسة والبنيات التحتية ذات األهمية الحيوية .وتسعى هذه
االستراتيجية إلى تحقيق ثالثة أهداف وهي سرية وسالمة وإتاحة املعلومات التي تحتويها النظم والشبكات.66
وفي نفس السياق ،فقد جاء القانون رقم 20.05املتعلق باألمن السيبراني الصادر في 25يوليوز ،2020
والذي دخل حيز التنفيذ ،وعيا من املشرع املغربي بخطورة الهجمات اإللكترونية التي قد تستهدف نظم
املعلومات ،ويمس الوظائف الحيوية للمجتمع أو الصحة أو السالمة أو األمن ،أو التقدم االقتصادي أو
االجتماعي.67
-65القانون رقم 20.05املتعلق باألمن السيبراني الصادر في 9ذو الحجة 1441ه ،املوافق ل 30يوليوز ،2020والصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.20.69
الصادر في 4ذي الحجة 1441ه ،املوافق ل 25يوليوز ،2020الجريدة الرسمية ،عدد ،6904ص.4160 :
-66فؤاذ بنصغير :األمن السيبراني في املغرب؟ ،مقال منشور بالجريدة اإللكترونية هسبريس ،https://www.hespress.comتاريخ االطالع 10 :يونيو ،2021
الساعة.20:30 :
-67محمد بومديان :اإلشكاليات القانونية العتماد اإلدارة اإللكترونية باملغرب ،مرجع سابق ،ص.91 :
38
وقد عرف املشرع املغربي من خالل املادة األولى من نفس القانون األمن السيبراني بأنه :مجموعة من التدابير
واإلجراءات ومفاهيم األمن وطرق إدارة املخاطر واألعمال والتكوينات وأفضل املمارسات والتكنولوجيا التي
تسمح لنظام معلومات بأن يقاوم أحداثا مرتبطة بالفضاء السيبراني من أن تمس بتوافر وسالمة وسرية
كما يحدد هذا القانون اإلطار الوطني لحكامة األمن السيبراني ،بحيث بموجب مقتضيات هذا القانون
على إدارات الدولة واملؤسسات العمومية ،أن تقوم بتصنيف أصولها املعلوماتية ونظم معلوماتها حسب
مستوى حساسيتها ،من حيث السرية والسالمة والتوافر ،كما يتعين أن تكون تدابير حماية األصول والنظام
وبمقتض ى املادة السادسة والثالثون من نفس القانون ستحدث لجنة لألمن السيبراني ،ولجنة تابعة لها
إلدارة األزمات واألحداث السيبرانية الجسيمة ،إضافة إلى السلطة الوطنية لألمن السيبراني .وتكمن مهام هذه
اللجنة االستراتيجية لألمن السيبراني في إعداد التوجهات االستراتيجية للدولة في هذا املجال ،مع السهر على
ضمان صمود نظم معلومات الهيئات والبنيات التحتية ذات األهمية الحيوية.
ولم يغفل هذا القانون الجانب املتعلق باملخالفات والعقوبات ،حيث أنه بموجب املادة الثامنة واألربعون
خول ألعوان السلطة الوطنية لألمن السيبراني املنتدبين لهذا الغرض ،باإلضافة لضباط الشرطة القضائية،
وعليه ،فإن وعي املشرع بضرورة تطوير الجانب األمني في اإلدارة الرقمية ملن شأنه أن يسد الفراغ
التشريعي في هذا املجال ،باإلضافة إلى حماية مختلف نظم معلومات اإلدارات العمومية ،وبذلك فقد شكل
-68محمد بومديان :اإلشكاليات القانونية العتماد اإلدارة اإللكترونية باملغرب ،مرجع سابق ،ص.92 :
39
هذا القانون إطارا تشريعيا لحماية الجانب األمني في اإلدارة الرقمية أمام الهجمات التي قد تعترض نشاطها
بصفة عامة.
جاءت فكرة إنشاء مواثيق للمرفق العمومي كآلية لتحسين عالقة اإلدارة باملتعاملين معها ،وهي عبارة
عن آلية مكتوبة ذات دالالت أخالقية ورمزية ،ويمكن تقسيمها إلى نوعين :مواثيق تحدد نظام املرتفقين،
وتمزج بين مبدأ الجودة وباقي املبادئ ،ومواثيق للجودة ويتم تبنيها من طرف اإلدارات وتتضمن التزامات
محددة وقابلة للقياس والتقييم ،وتنشر مواثيق الجودة في العديد من الدول تحت اسم "التزامات املرفق
العمومي".70
ويأتي القانون رقم 54.19بمثابة ميثاق للمرافق العمومية ،في إطار تفعيل املقتضيات الدستورية
خصوصا الفصل السابع والخمسون بعد املائة من دستور اململكة لسنة ،2011والذي ينص على إعداد
ميثاق للمرافق العمومية ،يحدد قواعد الحكامة الجيدة املتعلقة بتسيير اإلدارات العمومية ،والجهات
والجماعات الترابية األخرى واألجهزة العمومية .كما يمثل إطارا مرجعيا موحدا يستوعب أسس النهوض
ويهدف امليثاق إلى تأهيل عمل املرفق العمومي وجعل مختلف العاملين في هذا املرفق ،ملتزمين بمبادئ
املرفق العام واملساطر سواء أثناء أداء مهامهم اإلدارية ،أو في عالقتهم باملرتفقين .وتهم أهداف ومساطر
الحكامة لهذا املشروع تحقيق األهداف االستراتيجية ،وتحسين منظومة تدبير املرافق لعمومية باإلضافة إلى
-69القانون رقم 54.19بمثابة ميثاق املرافق العمومية الصادر في 11ذو الحجة 1442املوافق ل 22يوليوز ،2021الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم
1.21.58الصادر في 3ذي الحجة 1442املوافق ل 14يوليوز ،2021الجريدة الرسمية عدد ،7006ص.5661 :
-70أسامة املنير :اإلدارة اإللكترونية ومتطلبات الجودة -إدارة الجمارك والضرائب الغير مباشرة نموذجا ،مرجع سابق ،ص.80 :
40
دعم جودة الخدمات العمومية ،وتسهيل الولوج إليها وترسيخ األداء الفعال للمرفق العمومي في تدبير املوارد،
مع انفتاح املرفق العمومي على املستوى املحلي والخارجي وإشراك مختلف الفاعلين في تحسين الخدمات
ويتضمن هذا القانون ستة أبواب ،تتعلق بالتعاريف ومجال التطبيق ،حيث عرف بمدلول بعض
املصطلحات املرافق العمومية واملرتفق والخدمة العمومية ،باإلضافة إلى تحديد الهيئات التي يشملها هذا
امليثاق ،وأهداف وقواعد الحكامة الجيدة ومبادئها املتمثلة في احترام القانون ،واملساواة واالستمرارية في أداء
الخدمات ،والجودة واإلنصاف في تغطية التراب الوطني والشفافية وربط املسؤولية باملحاسبة ،والنزاهة
واالنفتاح ،ويحدد القواعد املتعلقة بنجاعة املرافق العمومية على مستوى التنظيم والتدبير.
أما فيما يخص العالقة بين املرافق العمومية واملرتفقين ،يضع امليثاق املساطر املتعلقة باالنفتاح
والتواصل وتحسين ظروف االستقبال ،والحصول على الخدمات املقدمة عن طريق تبسيط وإزالة الطابع
املادي لإلجراءات اإلدارية .وينص امليثاق أيضا على متابعة الشكايات واللجوء إلى طرق التوافر في حل
املنازعات ،وقياس مدى ارتياح املرتفقين فيما يخص الخدمات املقدمة .أما فيما يتعلق بتخليق املرافق
العمومية يضع امليثاق مقتضيات تهم مساطر السلوك والتي يجب على املوارد البشرية مراقبتها ،كما يعتمد
على برامج لترسيخ قيم النزاهة ومنع ومكافحة جميع أشكال الفساد .ومن شأن هذا امليثاق أن يعزز من جودة
الخدمات التي تقدمها املرافق العمومية وذلك باالعتماد على البعد الرقمي في تلبية حاجيات املرتفقين.
-71وزارة االقتصاد واملالية وإصالح اإلدارة ، https://www.finances.gov.maتاريخ االطالع 11 :يونيو ،2021الساعة.13:30 :
41
الفقرة الخامسة :مشروع قانون رقم 41.19املتعلق باإلدارة الرقمية
أكدت الخطب امللكية السامية في عدة مناسبات على ضرورة انخراط اإلدارة العمومية في ورش التحول
الرقمي لتحقيق الفعالية والشفافية والجودة في تقديم الخدمات العمومية ،كما أن املجلس االقتصادي
واالجتماعي والبيئي قد أكد في عدة تقاريره على ضرورة التسريع في ورش رقمنة املرافق العمومية ،وكذلك
الشأن بالنسبة للمجلس األعلى للحسابات والذي سجل تأخرا ملحوظا في ولوج اإلدارة العمومية ملجال
الرقمنة.
ويأتي مشروع هذا القانون رقم 41.19املتعلق باإلدارة الرقمية والذي يندرج ضمن املشاريع األساسية
للخطة الوطنية إلصالح اإلدارة ،2021-2018بهدف إرساء إطار تشريعي لتقنين وتسريع التحول الرقمي
لإلدارة العمومية ،مما يتيح تفعيال متناسقا ملسار الرقمنة والتدبير الالمادي للخدمات اإلدارية .ويتوخى املشرع
من هذا القانون أيضا توفير قاعدة قانونية ملزمة لتحقيق التكامل الرقمي بين اإلدارات بما يتيح لها إمكانية
الولوج املتبادل إلى البيانات ،وبالتالي إعفاء املواطن من اإلدالء بوثيقة إلدارة معينة ،توجد في حوزة إدارة
أخرى.72
ويقصد باإلدارة الرقمية حسب مدلول مشروع هذا القانون ،حيث ورد املادة الثالثة أن اإلدارة الرقمية
هي استخدام تكنولوجيا املعلومات واالتصال من قبل اإلدارة بهدف تحسين أدائها الداخلي ،وتيسير تقديم
خدماتها وجعلها في متناول املرتفقين ،أما املرتفق فينص مشروع القانون على أنه كل شخص ذاتي أو اعتباري
يستفيد من خدمات اإلدارة ،في حين عرف الخدمة الرقمية بأنها كل خدمة تقدمها اإلدارة للمرتفقين كليا أو
42
ويتضمن هذا مشروع هذا القانون ،محاور تتعلق بوضع القواعد الالزمة التي تمكن اإلدارات املعنية من
القيام بالتشغيل البيني لألنظمة املعلوماتية ،وإدراج إدارات الدولة والجماعات الترابية وتجمعاتها ومحاكم
اململكة ،واملؤسسات واملقاوالت العمومية في نطاق تطبيق هذا القانون ،باإلضافة إلى بعض الهيئات املكلفة
كما يتضمن املشروع تحديد قواعد متعلقة بالبيانات املفتوحة املتاحة للعموم ،وتلك املتعلقة بالبيانات
املشتركة بين املصالح العمومية ،مع إلزام اإلدارات باعتماد التبادل اإللكتروني للبيانات فيما بينها ،وعدم
مطالبة املرتفقين باإلدالء بالوثائق أو املستندات في قواعد بيانات أخرى ،وإسناد رقم تعريفي موحد للمرتفق
يمكنه من التسجيل وتحديد هويته للولوج إلى الخدمات عبر االنترنيت ،باإلضافة إلى إحداث منصة حكومية
تسمح لإلدارات بتبادل البيانات واملعلومات الرقمية بين اإلدارات واملرتفق ،وبين اإلدارات فيما بينها.
إن من شأن اعتماد هذا املشروع تدارك التأخر الحاصل في خروج اإلدارة املغربية من العصر الورقي
وانتقالها إلى العصر الرقمي ،حيث يصبح التدبير الالمادي للخدمة العمومية اإلدارية رافعة مزدوجة للفعالية
والشفافية.73
أدى التطور الذي عرفته مختلف املعامالت الرقمية إلى تدخل املشرع املغربي ملالئمة الترسانة القانونية مع
التطور التكنولوجي ،وذلك من أجل تعزيز الثقة الرقمية وتحقيق األمن الرقمي للمعامالت اإللكترونية،
وبالتالي حماية األفراد من كل أشكال الجرائم املعلوماتية التي قد تستهدف بياناتهم .وعليه سيتم التطرق إلى
القانون رقم 53.05املتعلق بالتبادل اإللكتروني للمعطيات القانونية (الفقرة األولى) ،ثم القانون رقم 09.08
-73تصريح وزير العدل للجريدة اإللكترونية "املحطة https://mahata24.com/mahata/67382.html "24تاريخ االطالع 12 :يونيو ،2021الساعة.13:30 :
43
املتعلق بحماية األشخاص الذاتيين اتجاه معالجة املعطيات ذات الطابع الشخص ي (الفقرة الثانية)،
باإلضافة إلى القانون رقم 07.03املتعلق باملخالفات املرتبطة بأنظمة املعالجة اآللية للمعطيات (الفقرة
الثالثة) ،والقانون رقم 31.08القاض ي بتحديد تدابير لحماية املستهلك (الفقرة الرابعة) ،ثم مشروع قانون
أدى إدخال تكنولوجيا املعلوميات واالتصال لإلدارة العمومية إلى تحول جوهري في العالقات القانونية ،وفي
القانون اإلداري عموما ،هذا التغير في طبيعة العالقة اإلدارية يتطلب تأطير املعلوميات بالقانون ،فاملعلومة ال
تتحرك دائما كما ينبغي وبالتالي يجب اإلبقاء على االنترنيت كفضاء للحرية في مناخ من الثقة ،وفي حدود
احترام الكرامة اإلنسانية وامللكية والحفاظ على النظام العام ،والدفاع الوطني ومتطلبات املرفق العام.75
إن اشتغال اإلدارة اإللكترونية يقتض ي وضع إطار قانوني متكامل للمساطر عن بعد ،والتوقيع اإللكتروني
واإلثبات الرقمي ،وحماية املعطيات الشخصية وتدبير امللفات اإلدارية واألرشفة اإللكترونية للمعطيات
واملعلومات اإلدارية ،وتحديد مسؤولية الفاعلين وحماية أمن األنظمة املعلوماتية ،كما يتطلب األمر وضع
وتمثل التجارة اإللكترونية واحدا من املواضيع التي يعرفها االقتصاد الرقمي ،حيث يقوم هذا األخير على
عنصرين وهما التجارة اإللكترونية وتقنية املعلومات ،وتشير التجارة اإللكترونية إلى تنفيذ وإدارة األنشطة
التجارية املتعلقة باملنتجات والخدمات بواسطة تحويل معطيات عبر شبكة االنترنيت أو األنظمة التقنية
-74القانون رقم 53.05املتعلق بالتبادل اإللكتروني للمعطيات القانونية الصادر في 25ذو القعدة 1428املوافق ل 6دجنبر ،2007الصادر بتنفيذه الظهير
الشريف رقم 1.07.129الصادر في 19ذي القعدة 1428املوافق ل 30نونبر ،2007الجريدة الرسمية عدد ،5584ص.3879 :
-75أسامة املنير :اإلدارة اإللكترونية ومتطلبات الجودة -إدارة الجمارك والضرائب غير املباشرة نموذجا ،مرجع سابق ،ص.14 :
76-Georges Chatillon, Bertrand Du Marais, L’administration électronique au service des citoyens, Bruxelles Bruylant, 2003, p: 4.
44
املماثلة .هكذا يرتبط مصطلح التجارة اإللكترونية بتقنية املعلومات واالتصاالت ،على اعتبار أنها تقوم على
تبادل البيانات التجارية ألغراض شتى ،باستخدام الوسائط واألوعية اإللكترونية والتي تدخل االنترنيت
وقد كثفت األجهزة الدولية املختصة ،جهودها ملعالجة القواعد املنظمة للتجارة اإللكترونية مما تمخض
عنها إصدار قوانين نموذجية وتوصيات عن لجنة األمم املتحدة ،وقد كانت لها وقفة مبكرة في هذا املجال
للقانون التجاري الدولي ،وهما القانون النموذجي للتجارة اإللكترونية لسنة ،1996والقانون النموذجي
للتوقيعات اإللكترونية .2001ومن هذا املنطلق ووعيا من املشرع املغربي باإلتجار املعتمد على الوسائل
اإللكترونية ،وما يجب أن يصاحبه من تحوالت تهم العديد من املجاالت ومنها على الخصوص املجال القانوني،
فأصدر القانون رقم 53.05الخاص بالتبادل اإللكتروني للمعطيات القانونية ،كأول تشريع مغربي يهتم بصفة
فبصدور القانون رقم 53.05املتعلق بالتبادل اإللكتروني للمعطيات القانونية ،يكون املشرع املغربي قد
أدرج تكنولوجيا املعلومات في املعامالت القانونية ،وبذلك سمح للجميع باستعمالها وفق شكل قانوني .ويوحي
هذا القانون بدخول املغرب العهد الرقمي ،ويندرج في إطار مسعى سياس ي عام يتمثل في التوجه نحو اعتماد
الرقمنة في كافة املعامالت ،باإلضافة إلى تشجيع ولوج املغرب إلى تكنولوجيا اإلعالم واالتصال ،وذلك
ويتضمن هذا القانون 43مادة قسمت إلى باب تمهيدي وقسمين ،القسم األول بعنوان صحة املحررات
املعدة بشكل إلكتروني أو املوجهة بطريقة إلكترونية ،والقسم الثاني بعنوان النظام القانوني املطبق على
-77أبا خليل :التعاقد اإللكتروني في ضوء القانون رقم 53.05املتعلق بالتبادل اإللكتروني للمعطيات القانونية ،الطبعة األولى ،مطبعة األمنية الرباط،2020 ،
ص.6-5 :
-78املرجع نفسه ،ص.7 :
45
التوقيع اإللكتروني املؤمن ،والتشفير واملصادقة اإللكترونية .هذا ما يؤكد على اعتراف املشرع بالتوقيع
اإللكتروني وتحديد نظامه القانوني ،واآلليات القانونية لضمان فعاليته لتيسير التعامل بين األفراد ،مما
انعكس إيجابا على جميع الجوانب خصوصا املجال االقتصادي ،وعلى مستوى املعامالت اإللكترونية والتجارة
اإللكترونية ،التي تعددت وتطورت بتعدد املتعاملين في إطارها أفرادا كانوا أو جماعات.79
الفقرة الثانية :القانون رقم 09.08املتعلق بحماية األشخاص الذاتيين تجاه معالجة املعطيات ذات
ي 80 الطابع الشخص
يعتبر الحق في حماية املعطيات الشخصية واملعترف به في العديد من التشريعات الدولية ،جزء ال يتجزأ من
الحق في الحياة الخاصة لألفراد ،فكل معلومة تحدد هوية أو تمكن من التعرف على شخص معين يمكن أن
تشكل انتهاكا لحياته الخاصة ،كاسمه أو رقم هاتفه أو بطاقته االئتمانية أو بريده اإللكتروني ،إذ يجب على
املعلوميات أال تنتهك هوية اإلنسان وال حقوقه وحياته الخاصة ،وال حريته الفردية أو الجماعية.81
ومن هذا املنطلق ،تحتاج العديد من املعامالت اإللكترونية ،كالخدمات اإلدارية الرقمية ،خدمات
الصحة على اإلنترنيت ،التجارة اإللكترونية...إلخ ،إلى جمع ومعالجة البيانات الشخصية للمواطنين ،وبالتالي
ويعتبر حق حماية الحياة الخاصة بمثابة ضمانة دستورية لحماية املعطيات الشخصية لألفراد ،وقد
شكل دستور 2011مرحلة جديدة في مجال حماية املعطيات الشخصية ،إذ نص الفصل 24على أنه لكل
-79بالل الشرقاوي :قراءة حول القانون رقم 53.05املتعلق بالتبادل اإللكتروني للمعطيات القانونية ،مقال منشور باملوقع اإللكتروني
https://alkanounia.info/?p=9295تاريخ االطالع 14 :يونيو ،2021الساعة.15:10 :
-80القانون رقم 09.08املتعلق بحماية األشخاص الذاتيين تجاه معالجة املعطيات ذات الطابع الشخص ي ،الصادر في 27صفر 1430املوافق ل 23فبراير
،2009والصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.09.15الصادر في 22صفر ،1430املوافق ل 18فبراير ،2009الجريدة الرسمية عدد ،5711ص.552 :
-81محمد بومديان :اإلشكاليات القانونية العتماد اإلدارة اإللكترونية باملغرب ،مرجع سابق ،ص.52-51 :
46
شخص الحق في حماية حياته الخاصة باإلضافة إلى الفصل ،27وبالتالي ارتقى هذا االلتزام القانوني إلى درجة
القاعدة الدستورية .وهذا االستحضار يوضح مدى مكانة الحياة الخاصة في املقتضيات الدستورية ،وقد تعزز
بإقرار سمو االلتزامات الدولية للمغرب على التشريعات الوطنية ،وهذه القاعدة القانونية تعززت بإدراجها في
وقد سار املشرع املغربي مع التوجه التشريعي للعديد من الدول التي تهدف إلى تحقيق حماية فعالة
للبيانات الشخصية لألفراد ،فأصدر القانون رقم 09.08املتعلق بحماية األشخاص الذاتيين تجاه معالجة
املعطيات ذات الطابع الشخص ي ،مماثال لنظيره الفرنس ي القانون 78.17ل 6يناير 1978واملتعلق
باملعلوميات وامللفات والحريات ،83والذي يعتبر األساس في املادة املتعلقة بحماية املعطيات الشخصية ،إذ
جاء استجابة للضرورة امللحة التي يتطلبها مجال الحفاظ على السيادة الرقمية للدولة وحماية حقوق وحريات
األفراد.
ويتضمن القانون رقم 09.08املتعلق بحماية األشخاص الذاتيين تجاه معالجة املعطيات ذات الطابع
الشخص ي 51مادة موزعة على ثمانية أبواب ،وقد أوضح املشرع في املادة األولى تعاريف لبعض املصطلحات
ذات العالقة بهذا القانون ،ومنها معطيات ذات طابع شخص ي ومصطلح معالجة نظرا ألهميتهما في التطبيق
األمثل للقانون .فيما يخص املصطلح األول قد تم تعريفه بكونه كل معلومة كيفما كان نوعها بغض النظر عن
دعامتها ،بما في ذلك الصوت والصورة واملتعلقة بشخص ذاتي معرف أو قابل للتعرف عليه .أما مصطلح
معالجة فقد أوضح املشرع مضمونه في نفس املادة بأنه كل عملية أو مجموعة من العمليات تنجز بمساعدة
-82علي ارجدال :حماية املعطيات الشخصية باملغرب -دراسة تحليلية ومقارنة ،رسالة لنيل شهادة املاستر في القانون العام ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية السويس ي ،جامعة محمد الخامس بالرباط ،السنة الجامعية ،2019-2018 :ص.72-71 :
-83املرجع نفسه ،ص.77 :
47
طرق آلية أو بدونها ،وتطبق على معطيات ذات طابع شخص ي مثل التجميع أو التسجيل أو الحفظ أو املالئمة
دوليا ،تعتبر كل من اتفاقية بودابست ملكافحة الجرائم املعلوماتية واالتفاقية األوروبية 108املتعلقة
بحماية املعطيات الشخصية ،اتفاقيات مفتوحة ضمن دول مجلس أوروبا وقد عزز املغرب بهما إطاره
تعد من أهم االتفاقيات التي أبرمت ملكافحة الجرائم املعلوماتية ،وتعتبر االتفاقية الوحيدة واملعروفة
باالتفاقية الدولية ملكافحة الجرائم التي ترتكب عبر االنترنيت ،وتأسست هذه االتفاقية في العاصمة الهنغارية
بودابست بتاريخ 22نونبر ،2001وكان الهدف منها مكافحة جرائم االنترنيت من خالل تقوية الجهود الدولية
من أجل التعاون والتضامن في محاربة هذه الجرائم ،وصادق عليها املغرب في 12ماي 2014باإلضافة إلى
بروتوكولها اإلضافي ،وتم إيداع وثائق هذه املصادقة لدى أمانة مجلس أوروبا بتاريخ 29يونيو ،2018ليبدأ
ثانيا :االتفاقية األوروبية رقم 108املتعلقة بحماية األشخاص الذاتيين اتجاه املعالجة اآللية للمعطيات
ي85 ذات الطابع الشخص
تعد هذه االتفاقية من أهم التدابير التي جاء بها مجلس أوروبا واملتعلقة بحماية األشخاص الذاتيين
اتجاه املعالجة لآللية للمعطيات ذات الطابع الشخص ي ،وقد تمت املصادقة على هذه االتفاقية بستراسبورغ
يوم 28يناير ،1981و اقترح مجلس أوروبا انضمام املغرب بشكل تدريجي لعدد من اتفاقيات املجلس
-84علي ارجدال :حماية املعطيات الشخصية باملغرب -دراسة تحليلية ومقارنة ،مرجع سابق ،ص.68-67 :
--85املرجع نفسه ،ص.70-69 :
48
املفتوحة في وجه الدول غير األعضاء في االتحاد ،وألجل هذا وافق املغرب على هذه االتفاقية في 22غشت
2014بعد أن دخل القانون 09.08حيز التنفيذ سنة 2008وتم بموجبه تأسيس اللجنة الوطنية ملراقبة
حماية املعطيات ذات الطابع الشخص ي ،وهو يعتبر مالئمة لالتفاقية األوروبية 108باعتبار هذا القانون
الفقرة الثالثة :القانون 07.03املتعلق باملخالفات املرتبطة بأنظمة املعالجة اآللية للمعطيات86
بالرغم من املزايا الهائلة التي تحققت وتتحقق كل يوم بفضل تقنية املعلوميات على جميع األصعدة وفي
شتى ميادين الحياة املعاصرة ،فإن هذه الثورة التكنولوجية املتنامية صاحبتها في املقابل جملة من
االنعكاسات السلبية الخطيرة جراء سواء استخدام هذه التقنية املتطورة ،واالنحراف عن األغراض املتوخاة
منها ،وقد تبدت في تفش ي طائفة من الظواهر اإلجرامية املستحدثة ،أال وهي ظاهرة الجرائم املعلوماتية .ليس
هذا فحسب بل سهلت هذه التقنية ارتكاب بعض الجرائم التقليدية ،وشكلت أرضا خصبة لكثير من
األنشطة غير املشروعة املرتبطة بالحاسبات اآللية ،هذه الحاسبات التي أصبحت توفر للجناة وسيلة هامة
الرتكاب العديد من الجرائم املرتبطة باملعلوماتية ،ما كانت لتظهر لو ال وجود هذه الحاسبات اآللية وارتباطها
بالتقنية املعلوماتية.87
وتعتبر الجريمة املعلوماتية من املستجدات اإلجرامية ،حيث تستهدف االعتداء على البيانات واملعلومات
والبرامج ،وتوجه للنيل من أجهزة الحواسيب وشبكات االتصاالت وقواعد البيانات والبرمجيات ونظم
التشغيل ،ومما يظهر خطورة الجرائم املعلوماتية أيضا ،هو أنها تمس الحياة الخاصة لألفراد وتهدد األعمال
-86القانون رقم 07.03املتعلق بالجرائم املتعلقة بنظم املعالجة اآللية للمعطيات ،الصادر في 27شوال 1424املوافق ل 22دجنبر ،2003والصادر بتنفيذه
الظهير الشريف رقم 1.03.197الصادر في 16رمضان 1424املوافق ل 11نونبر ،2003الجريدة الرسمية عدد ،5171ص.4284 :
-87سعيداني نعيم :آليات البحث والتحري عن الجريمة املعلوماتية في القانون الجزائري ،مذكرة مقدمة لنيل شهادة املاجستير في العلوم القانونية ،كلية
الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة الحاج لخضر -باتنة -السنة الجامعية ،2013.2012 :ص.10 :
49
التجارية بخسائر فادحة ،كما قد تنال من األمن العام والسيادة الوطنية للدول وتشجيع فقدان الثقة في
املعامالت اإللكترونية.88
وفي هذا اإلطار جاء القانون رقم 07.03املتمم ملجموعة القانون الجنائي 89واملتعلق بجرائم املس بنظم
املعالجة اآللية للمعطيات ،لسد الفراغ التشريعي في مجال مكافحة الجرائم اإللكترونية واالخالل بسير نظم
املعالجة اآللية للمعطيات ،ويحتوي هذا القانون على تسعة فصول وجاء من أجل مواكبة ومسايرة التشريع
وقد اتخذت الجريمة املعلوماتية في املغرب خالل العقود األخيرة صورا متعددة ،مما دفع باملشرع إلى سن
هذا التشريع املهم لكونه صدر لسد الفراغ التشريعي في مجال مكافحة الجرائم املعلوماتية ،وأول ما يالحظ
هو عدم قيام املشرع املغربي بوضع تعريف لنظام املعالجة اآللية للمعطيات ،ويعزى ذلك إلى أن املجال
املعلوماتي هو مجال حديث ومتجدد باستمرار ،وبالتالي فإن أي تعريف يتم وضعه قد يصبح متجاوزا فيما
بعد في ضوء التطور املذهل لقطاع تكنولوجيا االتصاالت واملعلومات ،وعليه فقد أحسن املشرع املغربي عند
عدم وضعه لتعريف خاص بنظام املعالجة اآللية للمعطيات .وبالرجوع للقانون الفرنس ي بشأن الغش
املعلوماتي لسنة ،1988فاملالحظ أن هذا التشريع كذلك لم يحدد مفهوم نظام املعالجة اآللية للمعطيات،
بل اقتصر على بيان أوجه االنتهاكات املتعلقة بهذا النظام وعقوبتها.90
-88صابر كمال :الجريمة املعلوماتية في التشريع املغربي -دراسة في ضوء العمل القضائي ،مقال منشور بموقع املعلومة القانونية
https://alkanounia.info/?p=9283تاريخ االطالع 16 :يونيو ،2021الساعة.12:30 :
-89ويندرج هذا القانون في الباب العاشر من الجزء األول من الكتاب الثالث من مجموعة القانون الجنائي الصادرة في 12محرم 1383املوافق ل 5يونيو ،1963
الصادر بتنفيذها الظهير الشريف رقم 1.59.413الصادر في 28جمادى الثانية 1382املوافق ل 26نونبر ،1962الجريدة الرسمية عدد 2640مكرر ،ص:
.1253
-90حسن الحافظي :الحماية القانونية للمعطيات ذات الطابع الشخص ي بين التشريع الوطني واالتفاقيات الدولية ،رسالة لنيل دبلوم املاستر ،كلية العلوم
القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة موالي إسماعيل مكناس ،السنة الجامعية ،2018-2017 :ص.147-146:
50
وبعد القراءة الشمولية لهذا القانون يتبين أن املشرع املغربي حصر األفعال املجرمة وعقوبتها في شكلها
ا لتام أو في شكل محاولة ،واملرتبطة بالولوج للمعطيات الشخصية ومعالجتها عن طريق تعديلها أو مسحها ،أو
نقلها أو غيرها من األفعال املكونة للمعالجة حسب مقتضيات القانون رقم ،09.08وهذه األفعال حددها
جاء في ديباجة هذا املشروع على أنه أصبح تعزيز الترسانة القانونية املتعلقة بمجال التكنولوجيا
املعلومات واالتصال ،وموائمتها مع االتفاقيات الدولية املصادق عليها في هذا املجال من طرف املغرب ،ضرورة
ملحة من أجل إرساء مناخ الثقة الرقمية ،ويشكل ولوج املواطنين إلى املعلومة التي تحوزها اإلدارة العمومية
ويهدف تطوير اإلدارة اإللكترونية واالقتصاد الرقمي إلى تحسين الرفاهية االجتماعية للمواطنين،
ويندرج هذا املشروع ضمن الجانب األمني ألنظمة املعلومات ،حيث أن األمن يشكل حقا أساسيا وأحد
شروط ممارسة الحريات الفردية والجماعية ،ولهذه الغاية تم إعداد مشروع املدونة الرقمية التي تأخد بعين
االعتبار مكتسبات املغرب في مجال تكنولوجيا املعلومات والثقة الرقمية ،بحيث تتمم هذه املدونة النصوص
القائمة في هذا املجال وتسن عند الضرورة مجموعة من املقتضيات الجديدة التي صيغت بطريقة تضمن
-91اململكة املغربية ،وزارة الصناعة والتجارة واالستثمار واالقتصاد الرقمي :مشروع قانون بشأن املدونة الرقمية .2013
51
ويتألف مشروع قانون املدونة الرقمية من ثمانية أقسام موزعة على 114مادة ،وقد قدم هذا املشروع في
املادة األولى تعريفا ملجموعة من املصطلحات ،حيث عرف اإلدارة اإللكترونية بأنها مجموعة التكنولوجيا
واالستعماالت املرتبطة باإلمكانية املتاحة أمام املستعمل ،سواء كان شخصا ذاتيا أو معنويا من أجل اخباره
وتوجيهه ولتمكينه من مباشرة املساطر اإلدارية بواسطة الخدمات عبر الخط ،وكذا بإمكانية اإلدارة من
التواصل مع املستعمل عبر نفس الخدمات .وتعد كذلك إدارة إلكترونية مجموعة العالقات بين خدمات
وقد أثارت مسودة مشروع قانون املدونة الرقمية جدال واسعا داخل أوساط العاملين في قطاع النشر
وانطالقا مما سبق يمكن القول إن اإلطار القانوني لإلدارة الرقمية ال ينحصر في هذه النصوص القانونية التي
تمت مناقشتها وتحليلها ،بل يتعداه إلى مختلف النصوص القانونية التي تؤطر اإلدارة الرقمية من كل
الجوانب على اعتبار أن مجاالت تكنولوجيا املعلومات واالتصال عديدة ومختلفة .هذا فيما يخص اإلطار
نتيجة للتطور التكنولوجي الذي عرفه العالم ،فاملغرب بدوره انخرط في عالم الثورة الرقمية في أواخر
القرن العشرين ،بحيث أصبح من أولوياته إدماج تكنولوجيا املعلومات في مختلف اإلدارات العمومية ،فمنذ
إدخال االنترنيت إلى املغرب شهد مجال الرقمنة باملغرب وضع عدة برامج واستراتيجيات وطنية ملواكبة التنزيل
52
السليم لإلدارة اإللكترونية (الفرع األول) ،باإلضافة إلى تعزيز اإلطار املؤسساتي بإحداث مؤسسات تسهر على
منذ إدخال االنترنيت إلى املغرب سنة ،1995شرع املغرب في تنزيل عدة استراتيجيات وطنية قصد تعميم
استعمال تكنولوجيا املعلومات واالتصال ،سعيا منه إلى االنتقال من مجتمع تقليدي نحو مجتمع رقمي أكثر
حداثة ،وتشكل االستراتيجيات الوطنية لرقمنة العمل اإلداري أساس انطالق مسلسل اإلصالح والتحديث
اإلداري برمته ،فهي كخيار تدبيري أصبحت تفتح الباب أمام إعادة هيكلة املنظومة اإلدارية وتطوير عمل
املؤسسات واملرافق العمومية ،بهدف كسب ثقة املرتفقين والتمكن من رقمنة كافة النشاطات واإلجراءات
واملعامالت اإلدارية ،وتبسيطها ونقلها من اإلطار اليدوي إلى اإلطار التقني اإللكتروني.93
وتبقى االستراتيجيات وطنية لرقمنة العمل اإلداري القناة األساسية في مجال تطوير الخدمات العمومية
عبر الخط ،وتثمين املجهودات التي تبدلها اإلدارات العمومية لتطوير املنظومة املعلوماتية الخاصة باإلدارة،
وعليه ،سيتم الوقوف على أبرز البرامج واالستراتيجيات الوطنية لرقمنة العمل اإلداري ،ومنها البرنامج
الوطني لإلدارة اإللكترونية "2010إدارتي" (الفقرة األولى) ،ثم االستراتيجية الوطنية ( E. Maroc 2010الفقرة
الثانية) ،واالستراتيجية الوطنية ملجتمع املعلومات واالقتصاد الرقمي "مخطط املغرب الرقمي ( "2013الفقرة
الثالثة).
-93جفري مراد ومعنصري مريم :اإلدارة اإللكترونية باملغرب بين األبعاد االستراتيجية ورهان التنمية ،مقال منشور باملجلة األكاديمية للبحوث القانونية
والسياسية ،املجلد الثالث ،العدد األول ،2019ص.373 :
53
الفقرة األولى :البرنامج الوطني لإلدارة اإللكترونية (2010إدارتي)
وقد جاء برنامج إدارتي في سياق املجهودات املبذولة من أجل تطوير اإلدارة وتقريبها من املواطنين ،وأيضا
بغاية تسهيل ولوج املرتفقين إلى املرافق العمومية عن طريق تبسيط املساطر اإلدارية ،وتطوير الخدمة
العمومية بتبني مناهج تعتمد تكنولوجيا املعلومات واالتصاالت .حيث تم في سياق تنزيل هذا البرنامج وضع
آلية لالستقبال اإللكتروني ،تتكون من بوابة الخدمات العمومية www.servicepublic.maوالتي تشتمل على
املعلومات املتعلقة باملساطر واإلجراءات اإلدارية ،باإلضافة إلى ذلك إحداث مركز لالتصال والتوجيه اإلداري
يعنى باستقبال ومعالجة تساؤالت املرتفقين ،وعموم املواطنين املرتبطة باملساطر واإلجراءات اإلدارية ،كما تم
وقد جاء برنامج إدارتي في السياق العام لتطوير وبناء مجتمع املعرفة واالعالم وأيضا في إطار تحديث
وعصرنة القطاعات اإلنتاجية ،خصوصا اإلدارات واملؤسسات العمومية ،وقد هدف هذا البرنامج إلى:95
▪ سد الهوة الرقمية جهويا واجتماعيا بتطوير املحتوى املالئم وتعميم الولوج إلى خدمات االنترنيت
وخدمات االتصال بصفة عامة ،وتكوين الكفاءات املهنية التي يحتاجها اقتصاد املعرفة.
▪ تحسين تموقع املغرب في الساحة الدولية في مجال صناعات التكنولوجيا املرتبطة باملعلومات
واالتصال
-94جفري مراد ومعنصري مريم :اإلدارة اإللكترونية باملغرب بين األبعاد االستراتيجية ورهان التنمية ،مرجع سابق.374 :
-95املرجع نفسه ،ص.374 :
54
حيث شكل هذا البرنامج خطوة أولية نحو تكريس مبادئ القرب والشفافية اإلدارية والحكامة الجيدة،
لتحسين جودة الخدمات العمومية التي تقدم للمواطنين ،وأيضا تحسين عالقة اإلدارة باملرتفقين .كما قام
هذا البرنامج على تشجيع استعمال تكنولوجيا املعلومات واالتصاالت في مجال التسيير اإلداري ،وعلى
الخصوص إدخال املعلومات إلى اإلدارة وربطها بالشبكة باستعمال تكنولوجيا املعلومات.96
إال أن هذا البرنامج عرف مجموعة من االختالالت على أرض الواقع ،بداية بالتأخر في اإلنجاز وغياب
استراتيجية واضحة املعالم وضعف في الحكامة ،مما دفع إلى تبني استراتيجية جديدة " االستراتيجية الوطنية
في إطار عصرنة القطاعات اإلنتاجية باملغرب حملت االستراتيجية الوطنية ،E. Maroc 2010على عاتقها سد
الفجوة الرقمية وتعميم الولوج إلى خدمات االنترنيت وخدمات االتصال بصفة عامة ،حيث اعتمدت
االستراتيجية على أربع محاور تتعلق بتنمية اإلدارة اإللكترونية وتعميم وسائل تكنولوجيا االتصال ،إضافة
للتكوين في مجال تكنولوجيا االعالم واالتصال ،وأخيرا تطوير الصناعات املرتبطة بتكنولوجيا املعلومات.
كما أنه في إطار االستراتيجية الوطنية إلدماج املغرب في مجتمع املعلومات واملعرفة ،تم وضع مجموعة
من املشاريع والتي هدفت إلى تعميم تقنيات املعلومات لفائدة عموم املواطنين واإلدارات واملقاوالت ،منها ما
-96ياسين األخشيدي :اإلدارة اإللكترونية للجماعات املحلية باملغرب ،بحث لنيل دبلوم املاستر في القانون العام ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية السويس ي ،جامعة محمد الخامس بالرباط ،السنة الجامعية ،2009.2008 :ص.28 :
-97هشام البخفاوي :الحكومة اإللكترونية في املغرب ،مقال منشور بمجلة قانون وأعمال العدد الرابع ،2011ص.203 :
55
وفي إطار تفعيل اإلدارة اإللكترونية تم إطالق بوابة وطنية www.maroc.maالتي ضمت أكثر من 600
مسطرة إدارية وعدة بوابات خاصة باإلدارات ،حيث ساهمت هذه البوابة في تقليص كافة الخدمات املقدمة،
والحد من عناء التنقل والحصول على املعلومات املطلوبة وكذا تحسين نوعية الخدمات التي يتيحها توحيد
الفقرة الثالثة :االستراتيجية الوطنية ملجتمع املعلومات واالقتصاد الرقمي (مخطط املغرب الرقمي
)2013
وقد بنيت استراتيجية املغرب الرقمي 2013على جعل تكنولوجيا املعلومات مصدرا لإلنتاجية والقيمة
املضافة بالنسبة لباقي القطاعات واإلدارات العمومية ،وكذا تمكين املواطنين من الولوج إلى االنترنيت ذي
الصبيب العالي وتقريب اإلدارة من حاجيات املتعاملين معها ،من حيث الفعالية والجودة والشفافية بواسطة
اإلدارة اإللكترونية ،إضافة إلى تشجيع املقاوالت الصغرى واملتوسطة على اعتماد املعلومات للرفع من
وقد تأسست هذه االستراتيجية على مجموعة من املبادئ وانصبت على تحقيق العديد من الرهانات
واألهداف ،وتتمثل الرهانات الكبرى الستراتيجية املغرب الرقمي 2013في تحويل املجتمع املغربي إلى مجتمع
املعلومات ،بهدف خلق قيمة مضافة داخل املجتمع وتحسين مستويات العيش والرفاهية االجتماعية
للمواطنين ،وهدفت هذه االستراتيجية تطوير االستخدام األمثل لتكنولوجيا املعلومات واالتصاالت في جميع
https://www.maroc.ma -98
-99اململكة املغربية ،وزارة الصناعة والتجارة والتكنولوجيا الحديثة ،االستراتيجية الوطنية ملجتمع املعلومات واالقتصاد الرقمي (املغرب الرقمي) ،ص.15 :
-100جفري مراد ومعنصري مريم :اإلدارة اإللكترونية باملغرب بين األبعاد االستراتيجية ورهان التنمية ،مرجع سابق ،ص.376 :
56
وعند نهاية سنة 2013وصلت استراتيجية املغرب الرقمي إلى نهايتها ،بتحقيق ما يقارب %55من
األهداف املسطرة عند إعطاء االنطالقة لهذه االستراتيجية سنة ،2009إذ تم خالل السنوات املاضية ربط
حوالي 2957مؤسسة تعليمية بشبكة االنترنيت ،واعتماد 35خدمة على االنترنيت في مجال اإلدارة
اإللكترونية ،من أصل 89خدمة التزمت االستراتيجية باعتمادها مع حلول سنة ،2013زيادة على دعم حوالي
301مقاولة صغرى ومتوسطة في إطار برنامج مساندة تكنولوجيا االعالم ،وهو ما يعادل ما يعادل 75من
مجموع األهداف املسطرة .ومع ذلك فإن نتائج مخطط املغرب الرقمي 2013عرفت العديد من التعثرات حيث
لم يتم الشروع في إنجاز بعض البرامج املوضوعة داخل اآلجال ،كما أن العديد من البرامج لم تنجز في الفترات
املحددة لها سلفا ،وهذا ما أشار إليه تقرير املجلس األعلى للحسابات بشأن تقييم استراتيجية املغرب الرقمي
.1012013
أمام االختالالت التي واجهت مخطط املغرب الرقمي 2013كان ال بد من وضع استراتيجية جديدة وهي
استراتيجية املغرب الرقمي 2020التي عرفت بدورها تأخرا في صياغة محطاتها ومراحلها.
عرف قطاع تكنولوجيا املعلومات واالتصال نقلة نوعية على الصعيد الوطني ،وذلك بالنظر ملختلف
البرامج واالستراتيجيات الرقمية التي عملت على تنزيل اإلدارة الرقمية باملغرب ،وقد واكب التطور التكنولوجي
إحداث مؤسسات وطنية تعنى بضبط املجال الرقمي باملغرب ،ومن أبرزها الوكالة الوطنية لتقنين املواصالت
)( (ANRTالفقرة األولى) ،ثم وكالة التنمية الرقمية ) (ADDاملحدثة بموجب القانون ( 61.16الفقرة الثانية).
-101املجلس األعلى للحسابات ،تقرير بشأن تقييم استراتيجية املغرب الرقمي ،2013تقرير خاص تحت عدد ،05/13/CH4فبراير ،2014ص 125 :وما يليها.
57
الفقرة األولى :الوكالة الوطنية لتقنين املواصالت )(ANRT
تعتبر الوكالة مؤسسة عمومية مكلفة بتنظيم وتقنين قطاع املواصالت باملغرب ،وتتمتع بالشخصية
املعنوية واالستقالل املالي ،وقد أحدثت الوكالة الوطنية لتقنين املواصالت سنة 1998طبقا للقانون رقم
24.96102املتعلق بإعادة هيكلة قطاع البريد واالتصاالت باملغرب املتمم واملغير بمقتض ى القانون رقم
،103121.12والذي كرس نهاية احتكار الدولة لقطاع االتصاالت حيث أقر انقسام املكتب الوطني للبريد
واالتصال إلى ثالث وحداث من خالل الفصل بين البريد ،والذي أصبح يسمى حاليا بريد املغرب واالتصاالت
السلكية والالسلكية (اتصاالت املغرب حاليا) ،وكذا إنشاء سلطة تنظيمية تحت مسمى الوكالة الوطنية
لتقنين املواصالت.104
حسب مقتضيات القانون رقم 24.96املغير واملتمم بمقتض ى القانون رقم 121.12تتحدد اختصاصات
الوكالة في:105
من خالل إعداد اإلطار القانوني املنظم لقطاع االتصال عن طريق إعداد مشاريع قوانين واملراسيم
والقرارات اإلدارية ،واإلشراف كذلك على مساطر التدقيق ومنح التراخيص ملمارسة مهام االتصاالت ،وتتولى
-102القانون رقم 24.96املتعلق بالبريد واملواصالت الصادر في 18شتنبر ،1997والصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.97.162الصادر في 2ربيع اآلخر 1418
املوافق ل 7غشت ،1997الجريدة الرسمية عدد ،4518ص.3721 :
-103القانون رقم 121.12القاض ي بتغيير وتتميم القانون رقم 24.96الصادر في 12جمادى اآلخرة 1440املوافق ل 18فبراير ،2019الصادر بتنفيذه الظهير
الشريف رقم 1.19.08الصادر في 18جمادى األولى 1440املوافق ل 25يناير ،2019الجريدة الرسمية عدد ،6753ص.775 :
-104خالد مسكور :تكنولوجيا املعلوميات واالتصال وتحديث اإلدارة العمومية -الحكومة اإللكترونية ،رسالة لنيل دبلوم املاستر في القانون العام ،كلية العلوم
القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة القاض ي عياض مراكش ،السنة الجامعية ،2014.2013 :ص.59-58 :
-105املوقع الرسمي للوكالة الوطنية لتقنين املواصالت www.anrt.maتاريخ االطالع 20 :يونيو ،2021الساعة.16:03 :
58
ثانيا :اختصاصات تقنية
تتولى الوكالة تحديد القواعد اإلدارية للموافقة على التجهيزات واملعدات املرصودة للربط بشبكة عامة
لالتصاالت.
تتولى الوكالة التقنين االقتصادي للقطاع من خالل املصادقة على عروض الربط البيني للمتعهدين،
والسهر على احترام قواعد املنافسة الشريفة ،والبت في النزاعات املرتبطة بها متى دعت الضرورة إلى ذلك.
وتعد مهام اليقظة من بين االختصاصات التي تتوالها الوكالة لحساب الدولة ،وتتجلى هذه املهام في التقارير
إن تعزيز اإلطار املؤسساتي لإلدارة اإللكترونية كان ال بد أن يواكبه املشرع املغربي بإحداث مؤسسات
وطنية تسهر على ضبط املجال الرقمي ،وفي هذا السياق تم إحداث وكالة التنمية الرقمية بموجب القانون
رقم ،10661.16وحسب املادة األولى من نفس القانون فإن وكالة التنمية الرقمية تعتبر مؤسسة عمومية تتمتع
ويتضمن هذا القانون 21مادة وستة أبواب تحدد مهام الوكالة والغرض من إنشائها ،وكذا أجهزة اإلدارة
والتسيير والتنظيم املالي للوكالة الرقمية ،وقد حددت املادة الثالثة املهام املسندة للوكالة في تنفيذ استراتيجية
-106القانون رقم 61.16املحدث بموجبه وكالة التنمية الرقمية الصادر في 23ذي الحجة 1438املوافق ل 14شتنبر ،2017والصادر بتنفيذه الظهير الشريف
رقم 1.17.27الصادر في 8ذي الحجة 1438املوافق ل 30غشت ،2017الجريدة الرسمية عدد ،6604ص.5057 :
59
الدولة في مجال التنمية الرقمية ،وكذا تشجيع نشر الوسائل الرقمية وتطوير استخدامها بين املواطنين،
وقد أكد كاتب الدولة لدى وزير الصناعة واالستثمار والتجارة واالقتصاد الرقمي املكلف باالستثمار،
أمام لجنة الفالحة والقطاعات اإلنتاجية بمجلس املستشارين أثناء تقديم مشروع القانون رقم ،61.16إلى أن
تفعيل استراتيجية املغرب الرقمي 2020سيتم إسناده إلى وكالة التنمية الرقمية ،بغية جعل املغرب ضمن
البلدان املنتجة للتكنولوجيا الرقمية على املدى املتوسط ،إلضفاء قيمة على االقتصاد الوطني عالوة على
وبالتالي فإن تطوير تكنولوجيا املعلومات واالتصال من خالل االستراتيجية املقبلة للمغرب الرقمي
،2020رهين بتفعيل وكالة التنمية الرقمية وقيامها باملهام املوكولة إليها ،سواء على مستوى تنمية القطاع أو
-107اململكة املغربية :البرملان ،مجلس املستشارين ،لجنة الفالحة والقطاعات اإلنتاجية ،تقرير حول مشروع القانون رقم 61.16املحدث لوكالة التنمية الرقمية،
السنة التشريعية ،2017.2016 :ص.2:
60
خاتمة الفصل األول:
إن التحول التكنولوجي الذي عرفه العالم في اآلونة األخيرة كان له األثر البالغ على نمط التدبير داخل
الدولة ،فظهور مصطلح اإلدارة اإللكترونية أو الرقمنة وغيرها من املسميات جاء نتيجة لتطور الفكر اإلداري
املعاصر بفعل التكنولوجيا الحديثة ،التي امتدت إلى مختلف مجاالت تدخل اإلدارة .فالتحول الرقمي أصبح
اليوم خيارا ال محيد عنه وذلك من أجل االستفادة من إيجابيات الرقمنة في تحسين جودة الخدمات
العمومية ،واالنتقال من التدبير التقليدي في إطار اإلدارة التقليدية إلى التدبير الرقمي لكافة نشاطاتها.
فاإلكراهات التي أصبحت تطبع النظم اإلدارية التقليدية جعلت منها متجاوزة في تدبير العمل اإلداري،
وبالتالي فإدخال الوسائل التكنولوجية في صلب العمل اإلداري من شأنه املساهمة في تجويد وتحسين
الخدمات اإلدارية املقدمة للمرتفق ،وهذا لن يتأتى بدون األخذ بمبدأ الجودة كأحد املبادئ الحديثة
واألساسية في تقديم الخدمات العمومية ،والذي نص عليه املشرع الدستوري بموجب دستور 2011مع
التنصيص عليه في بعض النصوص القانونية األخرى ،وبذلك فالجودة تشكل دعامة أساسية لإلدارة الرقمية
ومنذ دخول االنترنيت إلى املغرب ،سارع املشرع املغربي إلى مواكبة وتنزيل مشروع الرقمنة من خالل
مجموعة من النصوص القانونية املؤطرة لها ،باإلضافة إلى البرامج واالستراتيجيات الوطنية التي كان هدفها
رقمنة العمل اإلداري ،من أجل تحسين جودة الخدمات التي تقدمها املرافق العمومية ،غير أن ما يجب
اإلشارة إليه أن اإلطار القانوني لإلدارة الرقمية متعدد بتعدد مختلف مجاالت تدخل اإلدارة ،وإن من شأن
تعزيز اإلطار القانوني ووضع وتفعيل البرامج واالستراتيجيات في هذا الشأن أن تسرع من وثيرة التحول الرقمي
باملغرب بغية تحسين وتجويد الخدمات اإلدارية تحقيقا للشفافية والديمقراطية اإلدارية.
61
الفصل الثاني :تقييم الخدمات اإلدارية في ظل اإلدارة الرقمية
إن اإلدارة العمومية اليوم ليست في معزل عن التطورات التكنولوجية الحديثة ،فاالنتقال من اإلدارة
التقليدية إلى اإلدارة الرقمية ،أدى إلى تحول في كافة األعمال والخدمات اإلدارية التقليدية من طول اإلجراءات
إلى أعمال وخدمات رقمية تنفذ بسرعة ودقة عالية ،من أجل تزويد املواطن بإدارة فعالة وسريعة وخدمات
ذات مستوى عال تمكنه من الحصول على طلباته اإلدارية بصفة شفافة ومنتظمة ،وذلك ملا تتوفر عليه
املعلوميات من إمكانية تدبير جيد للوقت ،واختزال مراحل عديدة وجمع وتصنيف املعلومات بشكل يجعل
أمر مراجعتها سهال وسريعا ،الش يء الذي سينعكس ال محالة على األداء واملردودية وبالتالي تحسين عالقة
اإلدارة بمرتفقيها.108
وقد شكلت جائحة كورونا تحديا كبير أمام ضرورة توفير الخدمات الرقمية في ظل اإلغالق التام أو الجزئي ال
سيما في ظل توقف معظم املرافق العمومية ،وبالتالي فتحقيق اآلثار والنتائج املنتظرة من الرقمنة ال يتحقق
في إدارة تشوبها اختالالت بحيث وجب استعمال التكنولوجيا الحديثة كآلية للتجديد والتطوير ،وعليه سيتم
في التطرق لإلدارة الرقمية بين تجويد الخدمات اإلدارية وتحدي جائحة كوفيد ( 19املبحث األول) ،ثم
املبحث األول :اإلدارة الرقمية بين تجويد الخدمات اإلدارية وتحدي جائحة كوفيد
19
باتت اإلدارة الرقمية حديث العالم في القرن الواحد والعشرين ،ملا ينتظر منها من تسهيل معامالت
األفراد بشكل يخفف عنهم االنتقال بين اإلدارات ،بهدف تحقيق الشفافية اإلدارية واملساعدة في القضاء على
-108فتح هللا مجاد :اإلدارة الرقمية في ظل جائحة كورونا ،مقال منشور بمجلة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية ،عدد خاص ،2020ص.176-175 :
62
الفساد اإلداري واالقتصاد في النفقات بشكل عام ،ويعد موضوع اإلدارة اإللكترونية من أبرز التطبيقات
اإلدارية الحديثة التي ظهرت خالل السنوات القليلة املاضية ،إذ أصبح يحظى بأهمية بالغة في مختلف دول
العالم مما دفع إلى املناداة باعتماد التكنولوجيا الحديثة للرفع من مردودية التدبير والتسيير اإلداري ،وكذلك
لقد أصبح موضوع تحديث املرافق العمومية من أجل جودة أفضل في الخدمات اإلدارية يفرض نفسه
بقوة كضرورة تاريخية ،فالقواعد التقليدية في التسيير اإلداري لم تعد تتكيف مع املتطلبات الجديدة للعصر
الحديث ،إذ برزت الحاجة إلى مبادرات تنموية لدعم الدينامية اإلدارية بتوظيف التقنيات الحديثة
للمعلومات كآلية جديدة لتطوير اإلدارة العمومية ،وتبسيط املساطر وتسهيل العالقة بين املواطن واإلدارة،
وقد شكلت جائحة كورونا أكبر تحديات اإلدارة الرقمية ملا فرضته الظرفية من ضرورة التدبير الرقمي ملختلف
وعليه ،سيتم التطرق ملساهمة اإلدارة الرقمية في تحسين جودة الخدمات اإلدارية (املطلب األول) ،ثم
تعتبر اإلدارة الرقمية رافعة أساسية للعصرنة والتحديث اإلداري ،بحيث أنها تشكل نظاما متكامال أكثر
مما هي عملية تقنية ،فهي منهج تفكير إداري جديد جاء نتيجة إلدخال تكنولوجيا املعلومات واالتصال في
صلب عمل اإلدارة العمومية من أجل خدمات إدارية ذات جودة عالية ،عن طريق تحقيق النجاعة والفعالية
-109علي سعدي عبد الزهرة جبير :التحول الرقمي في ظل جائحة كورونا ،مقال منشور باملجلة األكاديمية للبحوث القانونية والسياسية ،املجلد الخامس العدد
األول ،2021ص.385 :
63
والتبسيط في العمل اإلداري .ومن هذا املنطلق سيتم التطرق لدور الرقمنة في تجويد العمل اإلداري (الفرع
األول) ،باإلضافة إلى تأثير اإلدارة الرقمية على البنيات والهياكل اإلدارية وعلى القرار اإلداري (الفرع الثاني).
إن للرقمنة دور أساس ي ومحوري في التحديث واإلصالح اإلداري بالنظر ملا تتميز به من مزايا ،شكلت في
معظمها نمطا بارزا في التدبير الرقمي للعمل اإلداري ،متجاوزة بذلك التدبير التقليدي في ظل اإلدارة التقليدية
التي تتسم بالتعقيد والبيروقراطية والبطء في إنجاز مختلف املعامالت اإلدارية ،ومن هذا املنطق تعزز اإلدارة
الرقمية التواصل اإلداري مع محيطها (الفقرة األولى) ،باإلضافة إلى أنها تلعب دورا أساس ي في عقلنة وتبسيط
تشكل تكنولوجيا املعلومات واالتصال داخل اإلدارة أساس عملها باستعمالها عدة أشكال ووسائل
مختلفة أجزاء الوحدة اإلدارية ،وبين هذه الوحدة والوحدات املماثلة التي تدخل معها في عالقات متعددة
قصد تسهيل وضمان عملية التواصل واالستجابة اآلنية لالحتياجات اإلدارية ،وتوفر الرقمنة إمكانات هائلة
لتحقيق انفتاح اإلدارة على محيطها الخارجي والقرب من املرتفقين ،في إطار بيئة إدارية تطبعها املساواة
فالتواصل اإلداري هو عبارة عن عملية انسياب وتبادل املعلومات والبيانات في اتجاه عمودي وأفقي بين
مرسل ومرسل إليه داخل اإلدارة أو خارجها ،فتكنولوجيا املعلومات واالتصال تضمن للمواطنين حق
االتصال والتواصل مع اإلدارة ،بمعنى أن اإلدارة الرقمية تلغي الحواجز وعوائق االتصال التي يمكن أن تقوم
بين اإلدارة واملرتفقين ،إال أن ذلك يبقى رهينا بمدى تشبع اإلدارات العمومية بثقافة االنفتاح والتواصل
64
اإليجابي مع املحيط كضمانة إلعطاء األهمية الالزمة للمراسالت اإللكترونية للمواطنين ،والرد عليها في الوقت
املناسب بشكل ال يضيع القيمة املضافة لتكنولوجيا املعلومات والتواصل والكامنة في ربح الوقت والرفع من
ومن هذا املنطلق تساهم الرقمنة في انفتاح اإلدارة على متطلبات املرتفقين (أوال) ،باإلضافة على تقديم
خدمات إدارية ذات جودة عالية باعتبارها من أولويات مشروع اإلدارة اإللكترونية باملغرب (ثانيا)
تلعب اإلدارة الرقمية دورا أساسيا في انفتاح اإلدارة على املجتمع ،حيث يمكن للمرتفق أن يطلع على
املعلومات والوثائق اإلدارية انطالقا من املوقع اإللكتروني لإلدارة ،وأن يبعث إلى هذه األخيرة أو املسؤولين
اإلداريين بالتساؤالت واالستفسارات والتظلمات أو الشكايات عبر البريد اإللكتروني دون االرتباط بالزمان أو
املكان ،فاعتماد اإلدارة الرقمية على وسائل االتصال الحديثة يعزز من مبدأ املساواة بين املرتفقين في
االستفادة من الخدمات العمومية ويقوي من مبدأ استمرارية املرفق العام ،ليجعل اإلدارة أكثر قربا وانفتاحا
على املواطنين ،وهي إحدى أهم أسس اإلدارة الحديثة واملواطنة ،ويعتبر الشابك الوحيد املتضمن للروابط
فوق النصية ملجموع اإلدارات العمومية التي قد يحتاجها املواطن إلجراء عمليات إدارية متكاملة حال نموذجيا
لتوجيه املرتفق ،وتمكينه من االستفادة من الخدمات العمومية بفاعلية أكبر وبسهولة اكثر ،وهذا من شأنه
-110بدرية الطريبق :دور اإلدارة الرقمية في تحديث وعصرنة اإلدارة العمومية باملغرب ،مقال منشور بمجلة استشراف للدراسات واألبحاث القانونية عدد 3و4
أبريل ،2019ص.55 :
-111املرجع نفسه ،ص.56 :
65
تجعل سياسة التحديث اإلداري اإلدارة أكثر قربا من املرتفقين وإرضاء املتعاملين معها بصفة عامة،
واملستثمرين بصفة خاصة سواء املغاربة أو األجانب الذين يصطدمون بعدة عراقيل ،فتحديث اإلدارة عن
طريق إدخال مجموعة من الوسائل التقنية واملعلوماتية أدى إلى االستجابة الفعلية لرغبات املرتفقين من
أ-اختصاراإلجراءات
إن اقحام التكنولوجيا الحديثة داخل اإلدارة سيساعد ال محالة على تجاوز تأزم العالقة بينها وبين
مرتفقيها ،وذلك من خالل االستفادة القصوى من اإلمكانيات التي تتيحها التقنيات الحديثة لتكنولوجيا
▪ حق املرتفقين في االعالم واالطالع على الوثائق اإلدارية وبثها على شبكات االتصال الذي يعطي بعدا
▪ تلقي استفسارات وتساؤالت املواطنين عبر البريد اإللكتروني وكذلك تلقي تظلمات وشكايات املرتفقين
على االنترنيت ،األمر الذي ينتج عنه القضاء على ضغوط املكان واملسافة ،ومن تصور مفاهيم إعداد
التراب الوطني والجهوية والالمركزية ،وتقريب اإلدارة من املواطنين بكفية مغايرة ليصبح املرتفق
▪ مكننة املساطر اإلدارية األساسية ،سيؤدي إلى العمل بتقنية املساطر عن بعد التي توضع رهن إشارة
العموم مجموعة من املطبوعات ورسائل االلتزام ونماذج الطلبات وذلك عبر شبكة االنترنيت.
-112حسن أهروش :اإلدارة اإللكترونية في املغرب بين األبعاد االستراتيجية وهاجس الثقة الرقمية ،رسالة لنيل دبلوم املاستر في القانون العام ،كلية العلوم
القانونية واالقتصادية واالجتماعية سال ،جامعة محمد الخامس بالرباط ،السنة الجامعية ،2015-2014 :ص.22 :
66
فوعي اإلدارة العمومية بأهمية فتح مواقع إلكترونية عن بعد وإنجاز عمليات إدارية عبر الخط على
مستوى تحسين بيئة تواصلية فعالة ،والوصول إلى الهدف األسمى أال وهو إرضاء املرتفق.
لقد أحدثت تكنولوجيا املعلومات واالتصال طفرة نوعية حقيقية في أساليب العمل وفي سرعة ودقة
اإلنجاز ،الش يء الذي يساهم في تحقيق التنمية الشاملة حيث ينجز في دقائق ما كان يتحقق في أيام .لذلك
فاألهداف العامة املسطرة في مجال استعمال تكنولوجيا املعلوميات واالتصال ترمي إلى تزويد املواطن املغربي
بإدارة فعالة وسريعة ،وخدمات ذات مستوى عال وتمكنه من الحصول على طلباته اإلدارية بسرعة تجعله
يتفادى اتساع ضياع الوقت ،حيث أن ربح الوقت جاء كنتيجة لالنتقال من التدبير الورقي إلى التدبير
املعلوماتي ،أي التحرر من العمليات الحسابية ومن بعض األعمال املتكررة وتقليص عدد املطبوعات
إن العالقة القائمة بين املنفعة العامة واملرفق العام من الضروري أن تفرض على هذا األخير التكييف
املستمر مع الظروف املتغيرة ،وال سيما الحاجات املتطورة للمرتفقين ومن ثم يجب أن تكون لإلدارة القدرة
على التكييف مع املتغيرات التي يقتضيها الصالح العام ،وتطوير الحاجات الجماعية على اعتبار أن الرفع من
مستوى التواصل اإلداري يعمل على خلق نوع من التقارب سواء داخل املؤسسات اإلدارية (تواصل داخلي) أو
في عالقتها بمحيطها (تواصل خارجي) ،مما يفرض ضرورة التنسيق بين مكونات اإلدارة لتساعد على تقديم
الخدمات بمستوى أفضل ،وكذا تسيير الرقابة على الخدمات اإلدارية املقدمة للعموم منعا ألية أخطاء أو
-113حسنأهروش :اإلدارة اإللكترونية في املغرب بين األبعاد االستراتيجية وهاجس الثقة الرقمية ،مرجع سابق ،ص.24-23 :
-114بدريةالطريبق :دور اإلدارة الرقمية في تحديث وعصرنة اإلدارة العمومية باملغرب ،مرجع سابق ،ص.58-57 :
67
هفوات يمكن أن تشوب تلك الخدمات ،وقد أكدت الرسالة امللكية أنه "سيظل إصالح اإلدارة العمومية
وعصرنتها من بين الرهانات الرئيسية التي يطرحها تقدم بالدنا ،إذ يتعين أن نوفر ألجهزتنا اإلدارية ما يلزم من
أدوات تكنولوجية عصرية بما فيها اإلنترنيت لتمكينها من االنخراط في الشبكة العاملية ،وتوفير خدمات أكثر
يتبين أن املغرب قد وضع تقديم خدمات إدارية ذات جودة عالية من أولويات مشروع إلدارة الرقمية،
وهذا ما يحتم ضرورة التنسيق بين مكونات اإلدارة ،وذلك من خالل إتاحة املجال لتبادل البيانات واملعلومات
بين العاملين في نفس املنظمة أو فروعها األخرى عبر ربط البرامج وقواعد البيانات املستخدمة بالشبكات
الداخلية والخارجية .ورغم أن التواصل الداخلي لإلدارة غالبا ما يكون عبارة عن توجيهات أو أوامر لتطبيق
خطط معينة ،إال أنه يعتبر من األمور األساسية والحيوية لنجاح العملية اإلدارية خصوصا وأنه يمثل
جوهرها موازاة مع التواصل الخارجي الذي ال يقل أهمية عن التواصل الداخلي ،خاصة وأن التحديات
الراهنة تفرض على اإلدارة االنفتاح على املحيط الخارجي ،وخلق شراكة دائمة معه من أجل لعب الدور
األساس ي املنوط بها ،وتحسين نوعية وجودة الخدمات املقدمة للجمهور في ظروف جيدة وإنسانية من أجل
تعتبر املسطرة اإلدارية ذلك املوجه والضابط للعالقات بين اإلدارة ومحيطها ،ومع التطور التكنولوجي
أصبحت املساطر اإلدارية تواجه واقعا جديدا ومطالبة بالتكيف واالنسجام مع التحوالت التي تعرفها طبيعة
هذه العالقات ،الش يء الذي سمح بخلق هوة بين اإلدارة املبنية على الهرمية واملركزية وبين واقع مجتمعي
كرستها ظاهرة التعقيد والشكالنية املفرطة التي تطغى على اإلدارات العمومية.
68
وفي خضم هذه التحوالت ،فإن مسايرة التطور التكنولوجي ودمقرطة اإلدارة تجعل هذه األخيرة مضطرة
لالنفتاح على محيطها بالنظر لضرورة وحتمية عنصر املشاركة ،فإذا كانت شرعية التسيير الداخلي لإلدارة
إحدى أسس املفهوم التقليدي للمسطرة اإلدارية ،فإن الفعالية وجودة التسيير وتحسين نوعية العالقة مع
املرتفق هي ضمن أولويات املفهوم الحالي للمسطرة اإلدارية ،سيما وأن الشرعية لم تعد لوحدها كافية بأن
تكون أساس املسطرة اإلدارية بالرغم من أهميتها ،وإنما يجب أن تأخذ باملبادئ الجديدة في مجال التسيير
والعالقات مع املرتفق.115
وبالتالي فإدخال أساليب حديثة لإلدارة واستخدام مفاهيم مثل الفعالية واملردودية والجودة والتواصل،
املشاركة ..الخ إلى جانب الشرعية ستساعد اإلدارة على تحقيق أهدافها والتخفيف من حدة البيروقراطية116
وإرضاء الجمهور ،فهذا املفهوم جاء ليتجاوز عيوب املسطرة التقليدية عن طريق استيعاب مختلف التحوالت
التكنولوجية واملجتمعية التي يعرفها محيط اإلدارة ،وليساهم في التقليل من نفور املواطنين بسبب اإلفراط
في الشكليات واملراقبة القبلية ،وما يترتب عنها من تأخير في اإلنجاز وعبئ على كاهل املواطن واملستثمر.
وفي خضم هذه املستجدات أصبح التنسيق وتبادل املعلومات بين مختلف الوحدات اإلدارية التي تقدم
خدمات متقاربة أو متشابهة للجمهور ،إحدى السبل املهمة واألساسية لتبسيط املساطر واإلجراءات بهدف
تجاوز التكرار وضياع الوقت عبر توحيدها باستعمال املعلوميات في مختلف املسالك اإلدارية ،والتقليل من
النماذج والوثائق عن طريق تنميطها ليسهل استعمالها وتبني مساطر نموذجية ،يمكن استعمالها في العديد
-115عبد القادر البوفي :تكنولوجيا املعلوميات وتأثيرها على العنصر البشري -اإلدارة العمومية املغربية نموذجا ،مرجع سابق ،ص.56 :
-116تعتبر البيروقراطية أحد أشكال التنظيم االجتماعي الذي يفرز إجراءات ومساطر تؤطر وتهيكل النظام االجتماعي والنشاط السياس ي انطالقا من قنوات
معينة ،وتعتبر أيضا تلك الفئة املكونة من املوظفين داخل األجهزة اإلدارية ،راجع في هذا الخصوص أطروحة الدكتور عبد الحفيظ إدمينو ،نظام البيروقراطية
اإلدارية باملغرب ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية أكدال ،جامعة محمد الخامس بالرباط ،السنة
الجامعية ،2002-2001 :ص 2 :وما يليها.
69
من املعامالت اإلدارية لذا يتوجب إلغاء غير الضروري منها ،ودمج املتشابه اختصارا لوقت املستفيد من
الخدمة العامة ،لجعلها أكثر مرونة ومالئمة ملتطلبات املناهج العصرية للتدبير.117
تسعى الرقمنة إلى خلق ديناميكية جديدة داخل اإلدارة العمومية مبنية على الشفافية والسرعة
واملردودية ،نظرا ملا تتوفر عليه من إمكانية تدبير جيد للوقت واختزال مراحل عديدة وجمع وتصنيف
املعلومات بشكل يجعل أمر مراجعتها سهال وسريعا ،الش يء الذي سينعكس ال محالة باإليجاب على األداء
وتعتبر املعلوميات من أنجع الوسائل التكنولوجية الحديثة التي بإمكانها تبسيط اإلجراءات واملساطر
اإلدارية ،إال أن هذا االستعمال ال ينبغي أن ينظر إليه كتقنية محايدة بل التعامل معه كظاهرة ثقافية ،ألنه
سيحدث طفرة كبرى على أساليب التسيير البيروقراطي ويساهم بشكل فعال في تنظيم اإلدارة التقليدية،
وإعادة االنتشار بشكل مغاير للمنطق البيروقراطي .118فاعتماد التكنولوجيا الحديثة في التدبير اإلداري
سيساهم في االنتقال من التدبير الورقي إلى التدبير الرقمي ،وذلك من خالل تطوير نظم املعلوميات في مجال
التسيير اإلداري باإلضافة إلى إحداث بنوك للمعطيات ومواقع الويب على شبكة االنترنيت للتعريف بالخدمات
والوثائق اإلدارية ذات الطابع العمومي ،ثم أيضا تقديم الخدمات من خالل مواقعها الرقمية وذلك استعدادا
ال شك أن إشكالية تبسيط اإلجراءات واملساطر اإلدارية باعتبارها إحدى صور الحداثة ،أضحت ورشا
قائما بذاته يتعين إنجازه بكامل الدقة والفعالية والحذر أحيانا للوصول إلى إدارة حديثة وعصرية ،إذ بدون
ذلك تبقى كل املحاوالت واملجهودات املبذولة الرامية إلى تحسين صورة اإلدارة لدى مختلف املتدخلين بال
-117عبد القادر البوفي :تكنولوجيا املعلوميات وتأثيرها على العنصر البشري -اإلدارة العمومية املغربية نموذجا ،مرجع سابق ،ص.57:
-118خالد نونوحي :إشكالية املساطر اإلدارية داخل اإلدارة املغربية ،مرجع سابق ،ص.240 :
70
فعالية ،سيما وأن البالد مجبرة على االنخراط في مسلسل الرهانات الوطنية والدولية اقتصاديا واجتماعيا
وسياسيا وإداريا.119
إن التطورات التي عرفتها التكنولوجيا الحديثة أحدثت تغيرات جدرية في طرق ممارسة العمل اإلداري،
وذلك من خالل املزايا التي توفرها الرقمنة للمعامالت اإلدارية لبلوغ جودة هاته الخدمات ،وعليه فقد تعددت
تأثيرات اإلدارة الرقمية في مخلف أوجه نشاطها ،سواء على مستوى البنيات والهياكل اإلدارية (الفقرة األولى)،
إن إدخال املعلوميات لإلدارة العمومية عملية معقدة ومتشابكة تتأثر بها جميع مكونات املنظمة،
فتعديل أي فرع من فروعها ال بد أن يؤثر على اإلدارة ككل ،وهذا التعديل قد يحدث بصورة غير رسمية أي
فعلية دون أن تتبعه تعديالت في النصوص القانونية ،فمثال قد تتغير املهام واالختصاصات بفعل التطور دون
أن يتم تعديل الهيكل رسميا ،وهذا ما يؤدي إلى تغيرات فعلية على أرض الواقع فهناك العديد من الوحدات
فالرقمنة باعتبارها إحدى وسائل تحديث وعصرنة اإلدارة العمومية يراهن عليها في إعادة ترتيب البنيات
والهياكل اإلدارية وترسيخ الديمقراطية اإلدارية ،خصوصا في ظل التحديات الجديدة التي أصبحت مطروحة
بحدة أمام اإلدارة باعتبارها قاطرة تقود مسلسل التنمية االقتصادية واالجتماعية والسياسية إلى جانب
القطاع الخاص ،فرغبة اإلدارة في تحديث أدوات اشتغالها ملواكبة التطورات التي يعرفها املحيط سارعت هذه
-119عبد القادر البوفي :تكنولوجيا املعلوميات وتأثيرها على العنصر البشري -اإلدارة العمومية املغربية نموذجا ،مرجع سابق ،ص.60 :
-120حسنأهروش :اإلدارة اإللكترونية في املغرب بين األبعاد االستراتيجية وهاجس الثقة الرقمية ،مرجع سابق ،ص.16 :
71
األخيرة بوثيرة مرتفعة في امتالك التكنولوجيا ،وخصوصا املعلوميات للتخلص من طرق النظام التقليدي
وتعتبر البنيات أو الهياكل اإلدارية إطار تنظيمي محدد للوظائف والسلط وطرق تقسيمها بين املوظفين،
وكذلك تأطير العالقات وتنسيقها بين الوحدات اإلدارية ،فهذا اإلطار بمثابة موجه وضابط للعالقات داخل
اإلدارة وخارجها .122وإذا كانت الهياكل اإلدارية مجموعة أجزاء متناسقة على مستوى الوظائف ومتكاملة على
مستوى املهام ،بفضل العالقات املنظمة بينها فإن الرقمنة تقف عاجزة عن فهم طبيعة هذه العالقات
ونوعية تصنيفها ،نظرا لسبب رئيس ي يتلخص في أنها تدخل نظاما مغلقا ملعلومات ويرجع ذلك لتسلسل
وبالتالي فاملالحظ أنه بتطور وظائف اإلدارة وتعدد وتنوع احتياجات املرتفقين ،باتت تظهر العديد من
اإلشكاليات على مستوى بنية اإلدارة وأهمها تضخم الهياكل وصعوبة التنسيق بينها ،وكذلك تداخل
اختصاصاتها مما يثقل كاهل اإلدارة ويخفض من مردوديتها ويرفع من تكاليفها ،فالرقمنة يمكن أن تشكل آلية
لتجاوز هذه املشاكل وخاصة بإعادة توزيع االختصاصات واملسؤوليات وتنظيم العالقات التسلسلية داخل
اإلدارة .هذه التغيرات قد تكون بشكل رسمي معد له مسبقا أو عن طريق املمارسة والتطبيق .فالتكنولوجيا
يمكن أن ترسم عالقات أفقية بدل العمومية بين مختلف أجزاء املنظمة ،بشكل تداخلي دون حواجز أو
عوائق ،كما أنها ترفع من درجة التنسيق بين الوحدات اإلدارية ،وذلك من خالل وضع أبناك للمعلومات
املشتركة يتم تبادلها بشكل سلس دون اتباع اإلجراءات الورقية املعقدة وهذا ما يضفي الطابع املرن والفعال
-121حسن أهروش :اإلدارة اإللكترونية في املغرب بين األبعاد االستراتيجية وهاجس الثقة الرقمية ،مرجع سابق ،ص.16 :
-122آدم خابا :دور اإلدارة اإللكترونية في إصالح اإلدارة وتجديد املرفق العام ،مقال منشور على موقع املعلومة القانونية https://alkanounia.info/?p=5632
تاريخ االطالع 24 :يونيو ،2021الساعة.14:52 :
-123ناجي كمال :استعمال تكنولوجيا املعلومات واالتصال باإلدارة العمومية املغربية -واقع وآفاق ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا املعمقة ،كلية العلوم
القانونية واالقتصادية واالجتماعية أكدال ،جامعة محمد الخامس بالرباط ،السنة الجامعية ،2003.2002 :ص.14 :
72
لإلدارة الرقمية .124وهكذا فتأسيس أبناك املعلومات يمكن أن يهم العديد من اإلدارات التي هي في حاجة إلى
معلومات أو اللجوء إلى خدماتها ،فمثال في فرنسا هناك بنك للمعلومات املدنية الذي تشترك فيه عدة إدارات
باإلضافة إلى أن الرقمنة تساعد على تبني سياسة علمية حديثة تتجاوز أساليب العمل التقليدية ثم
الكشف عن الفائض في املوارد البشرية بالنسبة للوحدات اإلدارية ،وتيسر عملية إحصائهم وتحديد أماكنهم
ومؤهالتهم ،ما يسهل توزيعهم ،كما أن الفعالية واملرونة والسرعة التي طبع املعامالت الرقمية سهلت إمكانية
تجاوز مركزية القرار اإلداري ،حيث مكنت الوحدات اإلدارية من حرية أكبر في التعامل مع اإلبقاء على روابط
االخبار والتفاعل مع املركز وفقا للوحة قيادة تتضمن توجيهات وتوصيات ممارسة ذلك النشاط اإلداري
وإجماال يمكن القول إن للرقمنة دور أساس ي ومحوري في إصالح وإعادة هيكلة الوحدات اإلدارية
باإلضافة إلى إعادة انتشار املوظفين ،وبالتالي تقليص الهياكل اإلدارية مما جعلها محط مقاومة من املوظفين
أنفسهم الذين ينظرون إليها كمهدد لوضعياتهم الوظيفية ،وتناسوا أن إدخال التكنولوجيا الحديثة في صلب
العمل اإلداري إنما من أجل تحسين جودة الخدمات وتيسير عملهم باالستفادة من مزاياها العديدة.
تعتمد كفاءة اإلدارة على جودة القرارات اإلدارية التي تتخذها والعملية اإلدارية بوظائفها املختلفة
كالتنبؤ ،والتخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة هي في النهاية سلسلة من عمليات اتخاذ القرارات ،والتي
-124آدم خابا :دور اإلدارة اإللكترونية في إصالح اإلدارة وتجديد املرفق العام ،مرجع سابق ،نفس املوقع.
-125حسن أهروش :اإلدارة اإللكترونية في املغرب بين األبعاد االستراتيجية وهاجس الثقة الرقمية ،مرجع سابق ،ص.16 :
-126آدم خابا :دور اإلدارة اإللكترونية في إصالح اإلدارة وتجديد املرفق العام ،مرجع سابق ،نفس املوقع.
73
يتوقف نجاحها على توفر املعلومات الكافية وباملواصفات الكمية والنوعية .وقد أدركت املجتمعات املتقدمة
أهمية املعلوميات ودورها في ترشيد القرارات ،فسارعت إلى تطور الوسائل والتقنيات الالزمة التي عملت على
إحداث تغيير جدري في وسائل وأساليب تجميع وتخزين ومعالجة واسترجاع وتبادل املعلومات.127
ويمثل القرار اإلداري أكثر األعمال القانونية التي تستعملها اإلدارة لالضطالع بمسؤوليتها ،ويبقى وسيلة
اإلدارة املفضلة في القيام بوظيفتها ملا يحققه من سرعة وفاعلية العمل اإلداري ،كما يعتبر القلب النابض
لإلدارة باعتباره الترجمة الفعلية واملظهر الخارجي للعمل اإلداري ،فاملمارسة اإلدارية تتطلب مواجهة مجموعة
كبيرة من املواقف التي تستدعي االختيار املستمر للبدائل املختلفة ،لذلك فاتخاذ القرارات اإلدارية عملية
إن اتخاذ القرار اإلداري ينبني في غالب األحيان على قاعدة من البيانات التي يمكن أن يكون حجمها
كبيرا ،مما يستدعي إجراء التحليل الرياض ي واملتكامل للوصول إلى النتائج املستهدفة ،التي يمكن االعتماد عليها
عند اتخاذ القرارات اإلدارية ،وملا كان هذا التحليل الرياض ي يتطلب عمليات حسابية ليس من السهل إنجازها
يدويا في وقت وجيز ودون جهد ومشقة ،أضحى من الضروري االستعانة بخدمات الحاسوب .وإن عملية اتخاذ
القرارات اإلدارية داخل اإلدارة العمومية املغربية اعتمادا أو توظيف الحاسوب الزالت في مرحلتها الجينية
لدى أغلب اإلدارات ،مع وجود بعض االستثناءات لدى اإلدارات التقنية التي قطعت أشواط مهمة في مجال
-127سعيدة برنوص ي :دور املعلوميات في رفع املردودية اإلدارية ،بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا املعمقة في القانون العام ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية أكدال ،جامعة محمد الخامس بالرباط ،السنة الجامعية ،2000-1999 :ص.47:
-128بدرية الطريبق :دور اإلدارة الرقمية في تحديث وعصرنة اإلدارة العمومية باملغرب ،مرجع سابق ،ص.51 :
-129عبد القادر البوفي :تكنولوجيا املعلوميات وتأثيرها على العنصر البشري -اإلدارة العمومية املغربية نموذجا ،مرجع سابق ،ص.174 :
74
فاملعلومات التي يتطلب االعتماد عليها في عملية صنع واتخاذ القرار أو يكون بمقدورها االستجابة
الكاملة الحتياجات منفذ القرار ،هي تلك التي تتحقق من خالل نظام معلوماتي مبني على أسس علمية ويجري
تحضيرها عن طريق استخدام هذا النظام ،والتعامل مع مخرجاته من قبل أطر مختصين ولكي تشمل هذه
املعلومات املرجعية ،واالسناد الكامل لصانع القرار ال بد أن تكون مستوفية لكافة املتطلبات املعلوماتية
الالزمة لدراسة املوضوع محل البحث والتحضير التخاذ القرار ،والحقيقة أن الحاجة إلى املعلومات وضرورتها
بالنسبة لصانع القرار تتزايد بصورة مطردة كلما اتسعت وتعقدت مجاالت وغايات القرارات املطلوبة
اتخاذها.130
وعليه فإن الرقمنة هي األداة لكل عمل إداري من خالل ما توفره من معلومات ملتخذ القرار وبالتالي
تتوقف جودة القرار اإلداري على مدى قدرة اإلدارة على الحصول على املعلومات ،وحسن استخدامها في
منذ ظهور فيروس كورونا وانتشاره عبر أرجاء املعمور ،عرف العالم مجموعة من التحوالت التي كان لها
األثر البالغ على كافة املستويات االقتصادية واالجتماعية والسياسية ،وبذلك فقد وجدت الدول نفسها أمام
تحديات كبرى فرضتها الجائحة أمام غياب لقاح فعال ،وكغيره من الدول بادر املغرب إلى اتخاذ مجموعة من
التدابير االحترازية والوقائية حفاظا على الصحة العامة للمواطنين واألمن العام ،وقد تم الدخول في الحجر
الصحي وتوقيف العمل بمجموعة من املرافق العامة باستثناء املرافق الحيوية (األمن ،الصحة ،)..،وفرض
حالة الطوارئ الصحية ،وفي هذا الشأن فقد أصدرت الحكومة مرسوم بقانون رقم 2.20.292واملتعلق بسن
-130ماجد أحمد عبد العزيز بشر :أنظمة املعلومات ودورها في دعم القرارات اإلدارية ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية أكدال ،جامعة محمد الخامس بالرباط ،السنة الجامعية ،2013-2012 :ص.241-240 :
75
أحكام خاصة بحاالت الطوارئ الصحية وإجراءات اإلعالن عنها ،131ثم املرسوم رقم 2.20.293املتعلق بإعالن
حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني ملواجهة تفش ي فيروس كورونا.132
ومن هذا املنطلق ،أصبح التساؤل يطرح حول البدائل املتاحة والتدابير املتخذة لديمومة العمل اإلداري
خالل هذه الجائحة (الفرع األول) ،ثم حول واقع الخدمات الرقمية في ظل أزمة كرورنا وحدود تفعيلها (الفرع
الثاني).
أمام االنتشار السريع لفيروس كورونا لم تجد الدول حال غير فرض الحجر الصحي وإعالن حالة
الطوارئ الصحية ،وبدوره سارع املغرب في اتخاذ مجموعة من التدابير االحترازية والوقائية حماية للصحة
العامة واألمن العام ،مما توقفت معه معظم أنشطة املرافق العمومية باستثناء املرافق الحيوية ،وفي هذا
الصدد شكلت الرقمنة إحدى أهم اآلليات والوسائل لضمان استمرارية خدماتها الرقمية (الفقرة األولى)،
باإلضافة إلى العمل عن بعد باإلدارات العمومية كإجراء من شأنه ضمان ديمومة اشتغال اإلدارة وتقديم
يعتبر ضمان استمرارية املرفق العام بانتظام واطراد من أهم واجبات السلطة اإلدارية ،بحيث يجد
املنتفع الخدمة املطلوبة متوفرة في الزمان واملكان املحدد ألدائها ،ويعتبر مبدأ االستمرارية من املبادئ
األساسية التي تحكم وتضبط سير املرافق العامة ،تحقيقا للصالح العام الذي يرمي إلى توفير الحاجيات
-131مرسوم بقانون رقم 2.20.292املتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات اإلعالن عنها ،الصادر في 28من رجب 1441املوافق ل 23
مارس ،2020الجريدة الرسمية عدد 6867مكرر ،ص.1782 :
-132مرسوم رقم 2.20.293املتعلق بإعالن حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني ملواجهة تفش ي فيروس كورونا ،الصادر في 29من رجب 1441
املوافق ل 24مارس ،الجريدة الرسمية عدد 6867مكرر ،ص.1783 :
76
األساسية للمنتفعين من خدمات املرافق العمومية .وتنبع أهمية هذا املبدأ من طبيعة املرفق ذاته وما يعول
عليه جمهور املنتفعين لالستفادة من خدمات املرفق العام وتلبية احتياجاتهم وقضاء مصالحهم.133
ويشكل هذا املبدأ شريان املرافق العمومية ،ومن أجل ضمان تطبيق هذا املبدأ من طرف الدولة فقد تم
تكريسه بموجب دستور 2011الذي جاء بمقتضيات مهمة وأساسية في هذا املجال ،حيث نص الفصل 154
على أن يتم تنظيم املرافق العمومية على أساس املساواة بين املواطنين واملواطنات في الولوج إليها واإلنصاف في
ومع ظهور فيروس كورونا املستجد وفرض حالة الطوارئ الصحية فرضت هذه األزمة التحول الرقمي
من أجل ضمان استمرارية املرفق العام ،حيث تم الوقوف على ضرورة االنتقال إلى عالم الخدمات واملعامالت
الرقمية وعقد االجتماعات واللقاءات التواصلية والتأطيرية عن بعد ،والعمل بالتدابير االحترازية والوقائية
التي اتخذتها الحكومة لتفادي انتشار فيروس كورونا بين العاملين باملرافق العمومية ،وال سيما تلك املتعلقة
بحالة الطوارئ الصحية ولكون التعامالت والتبدالت الورقية تمثل عامل خطر النتشار عدوى هذا الوباء ،وتم
اتخاذ مجموعة من التدابير في إطار دعم التحول الرقمي باإلدارات العمومية ،إذ أصبح اعتماد الحلول
الرقمية من الوسائل التي ال غنى عنها لضمان استمرارية العمل اإلداري وتقليص تبادل املراسالت والوثائق
الورقية ،كما مكنت اإلدارات في تعاملها فيما بينها من تدبير وتتبع املراسالت الواردة والصادرة منها ،وكذلك
املراسالت ما بين مصالحها الداخلية ،على الصعيد املركزي ومعالجتها آليا من شأنها تيسير التواصل داخليا
-133كوثر التاقي :املرفق العمومي في زمن كورونا -آليات االستمرارية وإكراهات التنزيل ،مقال منشور باملجلة املغاربية للرصد القانوني والقضائي ،العدد الثاني
،2020ص.95 :
-134علي سعدي عبد الزهرة جبير :التحول الرقمي في ظل جائحة كورونا ،مرجع سابق ،ص.387-386 :
77
وقد حقق املغرب منذ بداية جائحة كورونا قفزة نوعية من خالل االرتقاء باملحتوى الرقمي باإلدارة
العمومية وتطوير خدماتها عن بعد ،للحد من التجمعات تفاديا النتشار الفيروس عن طريق التقليل من
التعامالت الورقية املادية التي تشكل خطرا في نقل العدوى ،وأصبح التحول الرقمي من الضروريات بالنسبة
لكافة املؤسسات والهيئات التي تسعى إلى تطوير وتحسين خدماتها وتسهيل وصولها للمستفيدين ،فهو ال يعني
فقط تطبيق التكنولوجيا داخل اإلدارة بل برنامجا شامال يمس طريقة وأسلوب عملها داخليا بشكل رئيس ي،
ولقد أصبحت الرقمنة تشكل رهانا أمنيا واستراتيجيا للتعامل مع األوقات االستثنائية التي تمر بها املجتمعات
ومع البدء في التخفيف من إجراءات الحجر الصحي واستئناف املرافق العمومية لنشاطها ،ومن أجل ضمان
استمرارية خدمات املرافق العمومية في ظل الجائحة وحفاظا على سالمة وصحة العاملين واملرتفقين ،اتخذت
الدولة مجموعة من اإلجراءات والتدابير واملتعلقة بكل من اإلدارة واملوظف واملرتفق ،وذلك من خالل إصدار
عملت اإلدارة على االعتماد على مجموعة من اإلجراءات للحفاظ على صحة املوظفين واملرتفقين من خالل
وضع أجهزة قياس الحرارة مع مراعاة التباعد الجسدي ،وتخصيص قاعة االنتظار والتعقيم وتأهيل املكلفين
باالستقبال بالتدابير الوقائية في عالقتهم مع الوافدين على اإلدارة ،تسجيل بيانات املرتفقين والعاملين
باإلدارة مع عزل املوظفون الذين تتجاوز درجة حرارتهم 37.3بصورة مؤقتة ،واالتصال عند الحاجة برقم
املساعدة الطبية أو خدمة ألو يقظة الوبائية من أجل تقديم معلومات حول فيروس كورونا كوفيد .13619
-135اململكة املغربية ،وزارة االقتصاد واملالية وإصالح اإلدارة -قطاع إصالح اإلدارة ،دليل عملي للتدابير واإلجراءات الوقائية باملرافق العمومية.
-136الدليل العملي للتدابير واإلجراءات الوقائية باملرافق العمومية ،ص 19 :وما بعدها.
78
باإلضافة إلى التحسيس والتوعية الصحية مع إنجاز املهام باعتماد العمل عن بعد كقاعدة أساسية بالنسبة
للموظفين الذين ال تقتض ي طبيعة عملهم ضرورة حضورهم ،وعدم إغالق الهاتف واالطالع بشكل مستمر
من بين اإلجراءات االحترازية املتعلقة باملوظف ضرورة قياس درجة الحرارة والتأكد من عدم ظهور أي
أعراض ،وفي حالة الشك يجب عدم الحضور وإخبار اإلدارة بذلك ،مع ارتداء الكمامة الطبية واالعتماد على
التباعد الجسدي ،وتهوية املكاتب أمر ضروري للحفاظ على حركة الهواء مع املحافظة على نظافة اليدين
لتسهيل الخدمات وفرت اإلدارة مجموعة من الوسائل لتبسيط املساطر اإلدارية من خالل الخدمة عن
بعد باالعتماد على وسائل التواصل املوضوعة رهن إشارة املرتفق (الهاتف-مراكز االتصال-البريد اإللكتروني-
البوابة اإللكترونية) ،ثم احترام املواعيد لتجنب االكتظاظ مع تجنب الذهاب إلى اإلدارة في حالة ظهور أحد
أعراض كوفيد ،19مع إلزامية وضع الكمامة واحترام اإلجراءات الوقائية وخاصة التباعد الجسدي.137
إن جائحة كرورنا قد عززت الحاجة في اللجوء إلى التكنولوجيا الحديثة بالنسبة لإلدارات العمومية في
أدائها لخدماتها ،وقد شكلت فرصة مهمة لصانع القرار من أجل التنزيل الفعلي ملختلف اإلستراتيجيات
الرقمية ،وسرعة التحول الرقمي داخل اإلدارة من خالل االنتقال من التدبير التقليدي للخدمات إلى التدبير
الرقمي ملختلف املعامالت اإلدارية ،حيث اعتمدت العديد من القطاعات خالل الجائحة العمل بالخدمات
-137الدليل العملي للتدابير واإلجراءات الوقائية باملرافق العمومية ،ص 43 :وما بعدها.
79
الرقمية هدفها تقريب اإلدارة من املرتفق تجنبا النتشار عدوى فيروس كورونا ،ومن هذه الخدمات الرقمية
يعتبر العمل عن بعد أحد آليات التدبير العمومي الحديث املرتبط باإلدارة الرقمية في تقديمها للخدمات
العمومية ،ويتأسس مفهوم نظام العمل عن بعد على منح املوظف أو املستخدم إمكانية تأدية واجباته
الوظيفية سواء بشكل جزئي أو بشكل كامل ،من مواقع مختلفة وبعيدة عن مقرات عملهم املعتادة ،وهو
بذلك يعتبر أحد خيارات العمل البديلة التي تضمن استمرارية املرفق العام خالل الظروف االستثنائية ،عن
طريق تأدية األعمال واملهام املرتبطة بتقديم الخدمات العمومية ،ويمكن اعتماده من طرف اإلدارة في الحاالت
التي تتطلب تأدية األعمال وإنجاز املهام من خارج مقر العمل ،عوضا عن التواجد كليا أو جزئيا في مقرات
ولقد عملت الحكومة على إقرار مرسوم رقم 2.20.343املتعلق بالعمل عن بعد بإدارات الدولة ،وذلك
بعد اعتماد العمل عن بعد تزامنا مع فرض املغرب لحالة الطوارئ الصحية ،حرصا على سالمة وصحة
املوظفين واملرتفقين في ظل الظروف االستثنائية واملتمثلة في انتشار وباء كورونا كإجراء احترازي للحد من
تفشيه .139ويأتي هذا املرسوم بناء على الفصل 90من الدستور ،حيث نصت مذكرته التقديمية على أنه جاء
في إطار الجهود املتواصلة للحكومة في مجال إصالح اإلدارة ،وال سيما عبر تطوير أساليب العمل باملرافق
-138اململكة املغربية ،وزارة االقتصاد واملالية وإصالح اإلدارة -قطاع إصالح اإلدارة ،دليل العمل عن بعد باإلدارات العمومية ،أبريل ،2020ص.4 :
-139محمد بومديان :اإلشكاليات القانونية العتماد اإلدارة اإللكترونية باملغرب ،مرجع سابق ،ص.59 :
80
وبالتالي فإن اعتماد إمكانية العمل عن بعد باإلدارات العمومية تساهم في توفير بيئة عمل مناسبة
للموظفين ،بما من شأنه الرفع من نجاعة اإلدارة وتحسين مردودية املوظف ،من أجل تقديم خدمات ذات
جودة للمرتفقين .وقد تضمن هذا املرسوم 16مادة ،وقد وفق املشرع من خالله بين ضرورات استمرار املرفق
العام وتلبية حاجيات املرتفقين ،واتخاذ الحيطة والحذر من جائحة كورونا باستخدام اآلليات الحديثة في
ممارسة األنشطة واملهام اإلدارية بما يضمن الجودة والنجاعة والفعالية في األداء.
وقد حدد املشرع من املادة األولى إلى املادة الرابعة مفهوم وتبيان خصائص ومميزات العمل عن بعد
بإدارات الدولة ،كما حدد كيفية وطريقة العمل بهذا النمط الذي يمكن أن يكون في مقر سكنى املوظف ،أو في
مقرات تابعة لإلدارة يتم تحديدها عند االقتضاء ،فيما أحالت املادة الخامسة على قرار للسلطة الحكومية
املعنية يتم اتخاذه مع تأشيرة السلطة الحكومية املكلفة بالوظيفة العمومية ،يحدد الئحة الوظائف
واألنشطة واألماكن املوضوعة رهن إشارة اإلدارة للقيام بالعمل عن بعد ،وقواعد أمن املعلومات وحماية
البيانات وشروط وقواعد احتساب توقيت عمل املوظفين ومدتهم ،مع إمكانية تقييم أداء املوظف خالل مدة
فيما تطرقت باقي املواد إلى واجبات املوظف وحقوقه خالل عمله عن بعد ،كرخص املرض واالستفادة
من التعويض عن حوادث الشغل املرتبط بعمله عن بعد فقط .وأخيرا نصت املادة الخامسة عشر على
إحداث لجنة تحت إشراف السلطة الحكومية املكلفة بالوظيفة العمومية ،تتولى تتبع وتقييم العمل عن بعد
لهذه اإلدارات ،وإعداد البرامج التكوينية ذات الصلة للموظفين بما يغني رصيدهم التدبيري ،وإعداد تقارير
81
وأطلقت وكالة التنمية الرقمية في إطار الحد من التأثيرات السلبية لجائحة كورونا ،مبادرات رقمية
ملواكبة اإلدارات العمومية لتسهيل العمل عن بعد تهم أوال إرساء بوابة مكتب الضبط الرقمي يعمل على
تدبير املراسالت بشكل إلكتروني ،وتتعلق ثانيا بإحداث الشباك اإللكتروني للمراسلة يسمح برقمنة مسطرة
معالجة البريد باإلدارات بشكل إلكتروني من طرف مستخدمي اإلدارات ،وترتبط أخيرا بالخدمة اإللكترونية
(الحامل اإللكتروني) التي ستمكن اإلدارات من التجريد املادي ملختلف الوثائق اإلدارية ،وكذلك التوقيع
اإللكتروني على الوثائق اإلدارية وإدارة سير العمل ،في سياق ترسيخ ثقافة املعامالت اإللكترونية على كل
املستويات واالرتقاء بالخدمة العمومية املوجهة للمواطن ،بهدف تقليص تبادل املراسالت والوثائق اإلدارية
وتكملة ملرسوم العمل عن بعد ،عملت وزارة االقتصاد واملالية وإصالح اإلدارة على إصدار منشورين رقم
2020/01و 2020/02املؤرخين على التوالي في 16مارس وفاتح أبريل .2020ومن هذا املنطلق فإن جائحة
كورونا قد كشفت عن الحاجة امللحة إلى إدخال التكنولوجيا الحديثة لإلدارة العمومية ،وكذا توظيفها
ساهمت الخدمات الرقمية في ظل جائحة كرورنا إلى تقريب اإلدارة من املرتفق وتلبية متطلباته أمام
االغالق التام ملعظم املرافق العمومية ،حماية للصحة العامة للمواطنات واملواطنين وقد ازدادت أهمية
الرقمنة في تقديم الخدمات العمومية املوجهة للمواطن واملقاولة (الفقرة األولى) ،غير أن تفعيل هذه
-140خليل اللواح :التحول الرقمي في زمن الجائحة ،مقال منشور بمجلة البوغاز للدراسات القانونية والقضائية ،العدد السابع ،2020ص.227 :
-141محمدبومديان :اإلشكاليات القانونية العتماد اإلدارة اإللكترونية باملغرب ،مرجع سابق ،ص.60 :
82
الفقرة األولى :الخدمات الرقمية املوجهة للمواطن واملقاولة
مثلت التكنولوجيا خالل أزمة كورونا الخط الرفيع الذي يضمن البقاء في املنزل واستمرارية العمل ،إذ
مكنت من تحقيق الحد األدنى لسيرورة املرافق العامة دور االضطرار لخرق الحظر األمر الذي يحول الرقمنة
إلى منزلة أكبر وأشمل ،إذ لن تعود هدفا في حد ذاتها بل أداة محورية لتحقيق كافة األهداف االقتصادية
واالجتماعية.
وباعتبارها واجهة النظام السياس ي وأداة تنفيذ السياسة العامة وترجمتها إلى إجراءات وأعمال تنفيذية،
تهدف اإلدارة الرقمية بالدرجة األولى إلى توفير الخدمات الضرورية للمواطن وإشباع حاجاته األساسية.142
وقد أصبح التحول الرقمي من الضروريات بالنسبة لكافة املؤسسات والهيئات التي تسعى إلى تطوير وتحسين
خدماتها وتسهيل وصولها للمستفيدين ،فهو ال يعني فقط تطبيق التكنولوجيا داخل املؤسسة بل برنامجا
شامال يمس طريقة وأسلوب عملها داخليا بشكل رئيس ي ،وخارجيا أيضا من خالل تقديم خدمات مبتكرة
بعيدا عن الطرق التقليدية .وتظهر ضرورته أيضا في الحد من انتشار فيروس كورونا املستجد عن طريق
وقد اعتمدت العديد من القطاعات العمل بالخدمات الرقمية مقدمة للمواطن واملقاولة هدفها تقريب اإلدارة
منهم والحد من توافد املرتفقين على مصالحها ،ومنها على سبيل املثال:144
▪ خدمة التعليم عن بعد التي أطلقتها وزارة التربية الوطنية والتكوين املنهي والتعليم العالي والبحث
العلمي ،لضمان االستمرارية البيداغوجية وإرساء مداومة تربوية ينخرط فيها جميع األطر اإلدارية
-142عمران نزيهة :اإلدارة العمومية واملواطن أية عالقة تشخيص االختالالت وسبل اإلصالح -التجربة الجزائرية ،مقال منشور بمجلة الفكر العدد الثاني عشر،
دون ذكر السنة ،ص.476 :
143رحاب اروياح :دور تكنولوجيا املعلومات واالتصال في رفع أداء اإلدارة العمومية خالل جائحة كورونا ،مقال منشور باملجلة اإللكترونية القانون واألعمال
/https://www.droitetentreprise.com/19230تاريخ االطالع 26 :يونيو ،2021الساعة .13:07
-144املوقع نفسه.
83
والتربوية بناء على قرار توقيف الدراسة بجميع املؤسسات ،عبر بوابة Telmid TICEالتي توفر
مضامين مصنفة حسب األسالك واملستويات التعليمية واملواد الدراسية ،وبخصوص قطاع التعليم
العالي ،عملت الجامعات باملغرب على فتح منصات رقمية توضع فيها محاضرات ودروس رهن إشارة
الطلبة ،كما يمكنهم متابعة هذه الدروس عبر املوقع االلكتروني للوزارة ،وعلى مستوى التكوين املنهي
أعطت الوزارة ومكتب التكوين املنهي وإنعاش الشغل االنطالقة الرسمية لبوابة التعليم عن بعد عبر
الخدمة املشتركة ،TEAMSكما أن الوزارة أطلقت بتاريخ 8ابريل 2020رقم أخضر بشراكة مع
جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية بنجرير ،وكذا مدرسة 1337للبرمجة
واالبتكار ومدرسة يوكود لإلجابة عن جميع التساؤالت واالستفسارات بخصوص املنصات التي
وضعها.
▪ خدمة وضع التبرعات عبر االنترنيت لفائدة الصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس كورونا ،وضعته
الخزينة العامة للمملكة رهن إشارة املواطنين والفاعلين االقتصاديين ملساهمتهم عبر املنصة
االلكترونية.
▪ في إطار مواكبة املقاوالت التي توجد في وضعية صعبة بسبب تفش ي الفيروس اتخذت لجنة اليقظة
االقتصادية مجموعة من التدابير من شأنها الحفاظ على القدرة الشرائية لألجراء بصرف تعويض
لشهور “أبريل – ماي – يونيو” ابتداء من 15من مارس لألجراء املتوقفين عن العمل واملصرح بهم
لدى الصندوق الوطني للضمان االجتماعي ،مع احتفاظهم بحق االستفادة من التعويضات العائلية
84
▪ اعتمدت إدارة الجمارك والضرائب غير املباشرة استعمال العديد من الخدمات مباشرة عبر االنترنيت
(إجراءات التخليص الجمركي للبضائع ،املقابالت مع املفتشين املعالجين للتصاريح ،طلب شهادة
املنشأ ،أداء املستحقات الجمركية) ،كذلك توجيه طلبات املعلومات والشكايات بشكل مباشر عبر
▪ برنامج لدعم املقاوالت الصغرى واملتوسطة والصغيرة جدا ،التي تستثمر في مجال تصنيع املنتجات
واملعدات املستعملة في مواجهة الجائحة أطلقته وزارة الصناعة والتجارة واالقتصاد األخضر
والرقمي ،عبر ملئ استمارة يمكن تحميلها انطالقا من موقع الوكالة الوطنية إلنعاش املقاوالت
الصغرى واملتوسطةhttp://candidature.marocpme.ma/covid19
▪ وبخصوص دعم العاملين في القطاع غير املهيكل وغير املسجلين في خدمة راميد واملتضررة من
غير أن تفعيل هذه الخدمات الرقمية خالل الجائحة قد عرف مجموعة من اإلكراهات.
واجهت الخدمات الرقمية خالل جائحة كورونا مجموعة من اإلكراهات واالختالالت البنيوية ،وقد
شكلت اإلدارة إحدى هذه الصعوبات إذ لم تعد رغم كل املحاوالت اإلصالحية تساير وثيرة التغيرات
املجتمعية ،وقد ظلت في الكثير من الحاالت مفتقدة للكفاءة واالبتكار والحكامة الجيدة ،مما قد يجعل من
85
تفعيل اإلدارة الرقمية وتنزيلها على أرض الواقع خاصة في ظل أزمة كورونا أمرا يصطدم بعدة معيقات
وتحديات.
إن التحديات التي عرفتها الخدمات الرقمية خالل جائحة كورونا مرتبطة باألساس بالتدبير والتسيير
داخل اإلدارة ،وتتجلى في ضعف البنية التحتية والرسمال البشري فال يمكن تصور خدمات رقمية في ظل
اإلدارة الرقمية دون بنية تكنولوجية حديثة ،تؤمن التواصل والتبادل الرقمي للمعلومات والذي أوضحت
الجائحة الحاجة الضرورية إلى تعزيز وتحديث اإلدارة العمومية من خالل دعم التكنولوجيا الحديثة والتدبير
إضافة إلى ذلك ،فرضت التغيرات الجوهرية للتكنولوجيات الحديثة باإلدارات ،واقعا جديدا على املوظفين
العموميين الذين صعب عليهم التأقلم واالندماج في البيئة الرقمية ،نتيجة عدم توفرهم على الكفاءة الالزمة
والتكوين الكافي .ذلك أن التعامل مع نظم املعلومات يتطلب إحداث تغيرات جذرية في طبيعة األعمال اإلدارية
وكيفية تقديم الخدمة العمومية كما يتطلب نوعية من املوظفين اإلداريين القادرين على التعامل مع
التطورات التقنية .فاإلدارة الرقمية في حاجة ماسة إلى تعزيز األمن الرقمي ،وبهذا قد نبهت إدارة الدفاع
الوطني باقي اإلدارات التي اضطرت العمل عن بعد في ظل حالة الطوارئ الصحية إلى وجود مخاطر أمنية تهدد
أعمالهم ونظم املعلومات ،السيما مع تنامي وثيرة الجريمة االلكترونية خالل السنوات األخيرة .األمر الذي
يتطلب مهارات وآ ليات لضمان أمن وسرية املعلومات ومعايير األمن السيبراني التي تحدده املديرية العامة ألمن
نظم املعلومات.146
-145محمد نبيل السريفي :اإلدارة اإللكترونية ورهانات التنمية ،بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا املعمقة في القانون العام ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية ،جامعة عبد املالك السعدي طنجة ،السنة الجامعية ،2007.2006 :ص.69 :
-146رحاب اروياح :دور تكنولوجيا املعلومات واالتصال في رفع أداء اإلدارة العمومية خالل جائحة كورونا ،مرجع سابق ،املوقع نفسه.
86
شكلت أزمة كورونا محطة جوهرية في إعادة النظر في واقع التكنولوجيا الحديثة داخل اإلدارة
العمومية ،وتعزيز االنتقال من التدبير اليدوي للمعامالت إلى التدبير الرقمي لها وذلك من أجل تقديمها بجودة
عالية ،بالرغم من اإلكراهات التي تحد من تطبيقها مما يطرح معه رهانات الخدمات اإلدارية في ظل اإلدارة
الرقمية.
تشكل اإلدارة الرقمية األداة املهمة في مسار تحديث وإصالح اإلدارة العمومية ،من خالل العمل على
تطوير مختلف القطاعات اإلدارية لتحقيق النجاعة والجودة في الخدمات ،باإلضافة إلى تعزيز الشفافية
اإلدارية وتجاوز سلبيات النظم اإلدارية التقليدية هذا من جهة ،ومن جهة أخرى تعرف الخدمات العمومية
الرقمية مجموعة من اإلكراهات واملعيقات التي تحول دون تحقيق األهداف واملبادئ التي تسعى إليها اإلدارة
وقد تنوعت اإلكراهات التي تعيق نجاح مختلف املبادرات اإلصالحية التي هدفت إلى مراجعة البناء
اإلداري املغربي ،منها ما يرتبط بالنظرة التي حكمت اإلصالحات اإلدارية والتي تدخل وفق منطق املحافظة على
الوضع القائم ،وهيمنة الدولة على مختلف املحاوالت اإلصالحية .147وبالتالي فإن تجويد الخدمات اإلدارية
الرقمية واجه مجموعة من اإلكراهات املختلفة (املطلب األول) ،مما يدعو إلى التساؤل عن رهاناتها من أجل
-147عبد الحفيظ ادمينو :نظام البيروقراطية اإلدارية باملغرب ،مرجع سابق ،ص.260 :
87
املطلب األول :إكراهات الرقمنة في تجويد الخدمات اإلدارية
إن رقمنة العمل اإلداري وما تتوفر عليه من مزايا عديدة ،ليست بتلك العملية السهلة فاإلدارة
العمومية عرفت خالل العقدين األخيرين مجموعة من التحديات التي جعلت منها جهازا جامدا يطبعه
التعقيد والبطء والروتين في مختلف تعامالتها ،فكان خيار الرقمنة مشروعا استراتيجيا لتجويد الخدمات
العمومية وتحقيق متطلبات املرتفقين ،من خالل االنتقال من التدبير التقليدي إلى التدبير الرقمي ملختلف
الخدمات التي تقدمها اإلدارة العمومية ،فالتطورات التي عرفها املرفق العمومي لم تكن في معزل عن
التطورات التي عرفها مجال التكنولوجيا الحديثة ،إن مساهمة اإلدارة الرقمية في تجويد الخدمات اإلدارية
عرفت مجموعة من التحديات واإلكراهات ،منها ما يرتبط بواقع اإلدارة العمومية (الفرع األول) ،ومنها ما يعود
إلى املخاطر املرتبطة بأمن املعلومة وتحديات الفجوة الرقمية (الفرع الثاني).
إن املجهودات املبذولة من أجل رقمنة العمل اإلداري وتقديم الخدمات اإلدارية بجودة عالية ،بغية
تحقيق متطلبات املرتفق لم تخلو من إكراهات طبعت تجربة اإلدارة الرقمية وبالتالي انعكست سلبا على
جودة الخدمات املقدمة ،فواقع اإلدارة العمومية يعرف مجموعة من اإلكراهات التي تقف عائقا أمام تجويد
الخدمات العمومية ،ومنها ما يرتبط بضعف وقلة املوارد البشرية والتحديات املرتبطة بعالقة اإلدارة باملرتفق
(الفقرة األولى) ،ثم أيضا محدودية التجهيز املعلوماتي وضعف امليزانية املرصودة لرقمنة الخدمات العمومية
88
الفقرة األولى :اإلكراهات املرتبطة بضعف األطراإلدارية والتحديات املرتبطة بعالقة اإلدارة باملرتفق
يمثل العنصر البشري املؤهل األهمية القصوى بالنسبة لإلدارة العمومية ،لكونه يساعد على استخدام
املوارد املعلوماتية بشكل جيد ،وتزودها بمعلومات توظف في تحليل ودراسة املشكالت اإلدارية واالقتصادية
واالجتماعية املختلفة ،واالستفادة القصوى من إمكانياتها يتوقف بالدرجة األولى على القوى البشرية املؤهلة
واملدربة في مجال التكنولوجيا الحديثة ،ألن اإلدارة هي مجموعة من البنيات البشرية التي أنيطت بها مجموعة
تقوم اإلدارة من خالل شبكتها الداخلية بربط العاملين واملجاالت الوظيفية بشبكة من االتصاالت
اإللكترونية لتسريع إنجاز وتحسين اإلنتاجية وجودة الخدمات ،وخفض التكلفة وتسهيل تبادل املعلومات
وتنفيذ العمليات ،ومن هنا تتضح إلزامية العمل على إيالء عناية خاصة لتدبير املوارد البشرية في ظل اإلدارة
الرقمية ،من حيث توظيف الكفاءات التقنية أو تدريب املوظفين باستمرار فيما يرتبط بتكنولوجيا املعلومات
وقد شكل العنصر البشري إحدى اإلجراءات املواكبة التي تبنتها استراتيجية املغرب الرقمي ،2013
فالرهان على الرأسمال البشري باعتباره عنصرا أساسيا لتطوير قطاع تكنولوجيا املعلومات واالتصال ،حيث
أن توفر الكفاءات واملوارد البشرية كما ونوعا يعد شرطا أساسيا لتنفيذ االستراتيجية الوطنية لتكنولوجيا
املعلومات ،ويستلزم االستباق الفعال للحاجيات فيما يتعلق باملوارد البشرية املكونة واملؤهلة.
-148عبد الحق عقلة :مدخل لدراسة القانون اإلداري وعلم اإلدارة ،طبعة ،2002دار القلم للنشر الرباط ،ص.75 :
-149بدرية الطريبق :دور اإلدارة الرقمية في تحديث وعصرنة اإلدارة العمومية باملغرب ،مرجع سابق ،ص.62 :
89
وقد أثبتت بعض الدراسات التي همت تقييم االختصاص التقني للموارد البشرية باإلدارات العمومية
باملغرب ،أن نسبة املوظفين املتخصصين في املعلوميات موزعة بين مهندسين وتقنيين نسبة ضئيلة مقارنة مع
الدول األخرى ،إذ بلغت هذه النسبة %3,0فقط من عدد املوظفين أي حوالي 1200موظف متخصص في
املعلوميات ،ويرجع هذا النقص أساسا إلى تدني األجور املخصصة لهذه الفئة بالقطاع العام مقارنة مع األجور
إن إشكالية قلة املوارد البشرية املتخصصة في املجال املعلوماتي ،يجعل تدبير وإدارة مشاريع تطوير
تكنولوجيا املعلومات واالتصال يتم وفق مقاربة مركزية في معظم اإلدارات ،وهو ما يتعارض مع فلسفة اإلدارة
الرقمية وأسس التدبير اإلداري الحديث ،كما يطرح عدم توفر الكفاءات املتخصصة في حالة التدبير
املعلوماتي الالمركزي الذي يمكن مختلف الوحدات من تدبير وتنظيم وظيفتها املعلوماتية ،تبعا الختصاصاتها
وحاجياتها واملعطيات التي تتوفر عليها ،يطرح إشكاليات مرتبطة بالتداخل وغياب التنسيق بين هذه الوحدات
رغم ارتباطها بنفس اإلدارة ،وهو ما يخلق نوعا من عدم التجانس واالزدواجية على مستوى التدبير املعلوماتي
تعتبر اإلدارة األداة التي من خاللها تسير الدولة أمور املجتمع وتلبية حاجيات املواطنين ،لذلك فوجود
مشاكل تعيق هذه العالقة تؤثر سلبا على جودة الخدمات املقدمة للمرتفق .وتتعدد املعيقات التي تواجه
املرتفق في عالقته باإلدارة بدءا بضعف االستقبال والتوجيه وتمتد إلى نقص في معالجة متطلباته ،باإلضافة
إلى ذلك فاملواطنين يصطدمون بصعوبة الولوج إلى الخدمات العمومية الرقمية ،وطول آجال الرد على
-150عماد يعقوبي :إسهام تقنيات االعالم واالتصال في تحسين عالقة اإلدارة باملواطنين ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة محمد األول وجدة ،السنة الجامعية ،2006.2005 :ص.204 :
-151بدرية الطريبق :دور اإلدارة الرقمية في تحديث وعصرنة اإلدارة العمومية باملغرب ،مرجع سابق ،ص.63:
90
طلباتهم إلى جانب إشكالية تعقد املساطر اإلدارية والتي تؤثر على مصالح املرتفقين .وكذلك إشكالية عدم
وانطالقا من كل ما سبق فإن التحديات التي تواجهها الخدمات الرقمية في ظل اإلدارة الرقمية تتعدد
وتختلف باختالف مجاالت تدخل الرقمنة ،وإن من شأن تطبيق مشروع اإلدارة الرقمية دفعة واحدة أن يؤدي
إلى شلل في وظائف اإلدارة الرقمية ،حيث أن تطبيق الرقمنة في مختلف تدخالت اإلدارة ينبغي أن يتم
بالتدريج ،باإلضافة إلى ضرورة إشراك األطر اإلدارية في عملية رقمنة اإلدارة.
إذا كان املغرب يمتلك بنية تحتية لالتصاالت حديثة نسبيا فإنها تبقى مع ذلك غير قابلة للولوج بالنسبة
لجميع مناطقه من جهة ،ومن جهة أخرى فإن نسبة التجهيز املعلوماتي يبقى ضعيف لدى األسر بسبب
األسعار املرتفعة ،وتتمثل رافعات العمل التي حددتها استراتيجية املغرب الرقمي 2013في تعميم التغطية
االتصاالتية ،وتأمين وتبادل البنيات التحتية ،فضال عن تغطية التراب الوطني بالصبيب العالي عبر األقمار
تنتظم اإلدارة تقليديا حسب مبدأ التجزئة بين مختلف املصالح اإلدارية ،ويرتكز التنظيم الكالسيكي
للخدمة العمومية على التقسيم بين املهام ،وبالتالي فإن مختلف املصالح تجد نفسها معزولة فيما بينها يمارس
كل منها مهام نوعية ،ومثل هذا النظام يمنع تبادل املعلومات من مصلحة إلى أخرى مما يحد من فعالية اإلدارة
-152بدرية الطريبق :دور اإلدارة الرقمية في تحديث وعصرنة اإلدارة العمومية باملغرب ،مرجع سابق ،ص.26 :
-153املرجع نفسه ،ص.64 :
91
وإذا كانت تكنولوجيا املعلومات واالتصال قد دخلت إلى مختلف القطاعات اإلدارية منذ أكثر من
عشرين سنة ،لتكون بذلك قاسما مشتركا نحو التطوير والتحديث وأصبحت محطة اهتمام اإلداريين
واملدرسين والخبراء لالرتقاء بها ،فإن االستثمار الفعلي لهذا املجال لم يرقى بعد إلى مصاف الدول التي تعتمد
التقنيات الحديثة للتواصل ،كوسيلة لتقديم خدمات ذات قيمة مضافة إلى املرتفقين ،حيث ال زال توظيف
تكنولوجيا املعلومات واالتصال يتسم بالضعف واملحدودية على مستوى التجهيز الشبكي 154لإلدارات وضعف
الربط بينها .باإلضافة إلى ضعف آليات تتبع جودة الخدمات التي تقدمها اإلدارة كما أشار إلى ذلك املجلس
األعلى للحسابات في خالصة التقرير حول تقييم الخدمات على االنترنيت املوجهة للمتعاملين مع اإلدارة.155
أما بخصوص ضعف امليزانية املرصودة ملشروع اإلدارة الرقمية ،بحيث تتطلب عملية تحديث وعصرنة
اإلدارة ميزانية ضخمة للمعدات التكنولوجية الحديثة ،وهذا ما يشكل األمر غير الهين خاصة بالنسبة للدول
النامية والتي ال تسمح ميزانيتها العامة بتخصيص اعتمادات مالية ضخمة لهذا املشروع .وفيما يتعلق باإلدارة
العمومية املغربية وبشكل خاص تمويل املشاريع املدرجة ضمن البرنامج الوطني لإلدارة اإللكترونية ،املالحظ
أن هناك ضعفا كبيرا في املصاريف املخصصة ملجال تكنولوجيا املعلومات ،ويتمثل في تخصيص 550مليون
درهم في السنة ومعدل املصاريف املخصصة لتكنولوجيا املعلومات في القطاعات الوزارية يقل عن %1من
امليزانية االجمالية.156
إن ما يثقل عبء امليزانية املخصصة ملشروع رقمنة العمل اإلداري ،سرعة استخدام املعدات
والتجهيزات الرقمية في مجال املعلوميات ،بحيث هذا املجال يتطلب متابعة مستمرة للتطورات التي قد تحدث
-154ويقصد بالربط الشبكي لإلدارة تلك العملية التي يتم من خاللها ربط مختلف مكونات اإلدارة رقميا عن طريق شبكة االنترنيت.
-155املجلس األعلى للحسابات ،خالصة التقرير حول تقييم الخدمات على االنترنيت املوجهة للمتعاملين مع اإلدارة ،ص.8 :
-156بدرية الطريبق :دور اإلدارة الرقمية في تحديث وعصرنة اإلدارة العمومية باملغرب ،مرجع سابق ،ص.65 :
92
في هذه التجهيزات ،باإلضافة إلى تقادم األجهزة بسرعة كبيرة الش ي الذي يفرض على اإلدارة تغييرها خاصة
بالنسبة لإلدارات التي تستعمل املعلوميات بشكل كبير هذا ما يستلزم موارد مالية قد ال تتوفر دائما لإلدارة.
إن التدبير الرقمي للمختلف املعامالت اإلدارية ال يخلو من إكراهات على مستوى الجانب األمني لإلدارة
الرقمية ،وبالتالي تشكل اإلكراهات املرتبطة بأمن املعلومة إحدى أبرز املعيقات التي تحد من جودة الخدمات
املقدمة (الفقرة األولى) ،ثم أيضا التحديات املرتبطة بالفجوة الرقمية (الفقرة الثانية).
شهد العالم ثورة رقمية منذ نهاية القرن العشرين وهذا ما نتج عنه اجتياح شامل لألجهزة اإللكترونية
وكذلك استخدام الشبكة العنكبوتية ،لكن رافق هذه الثورة انتشار الجرائم اإللكترونية التي تمارس بواسطة
النظم املعلوماتية واملعدات اإللكترونية ،وقد شكلت الجرائم تحديا ضخما أمام الدول واملجتمعات نظرا
كل هذه األمور جعلت من التشريعات الدولية تسن قوانين ونصوص ملكافحة الجريمة اإللكترونية ،وهذا
هو التوجه الذي سلكه املشرع املغربي بدوره حيث سن القانون رقم 09.08املتعلق بحماية املعطيات املعالجة
إلكترونيا واملعطيات الشخصية ،باإلضافة للقانون رقم 07.03املتمم للفصل 607من مجموعة القانون
الجنائي ،وقد شكلت هذه القوانين وغيرها الركيزة األساسية واملنطلق الذي سيمكن الدولة من معاقبة وزجر
الجرائم اإللكترونية.
-157عزالدين الغوساني :اإلدارة اإللكترونية املعيقات ورهان التطوير ،مرجع سابق ،ص.29 :
93
إن أهم اإلشكاالت التي تعيق تطبيق اإلدارة الرقمية هو انتشار الجرائم اإللكترونية التي تعيق تقديم
الخدمات اإلدارية بجودة عالية ،التي قد تتسبب في نتائج خطيرة على اإلدارة كتخريب البيانات أو اختراقها،
تدخل املشرع املغربي ليستجيب ملتطلبات تطور مجال أمن نظم املعلومات اإللكترونية ،وذلك للحد من
مظاهر االختراق أو التخريب ،حيث ومن أمثلة ذلك القانون رقم 07.03املتعلق باإلخالل بسير نظم املعالجة
اآللية للمعطيات.
وقد نص الفصل 607-3على أنه "يعاقب بالحبس من شهر إلى ثالثة أشهر وبالغرامة من 200إلى
10000درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط كل من دخل إلى مجموع أو بعض نظام املعالجة اآللية
للمعطيات عن طريق االحتيال ،...وتضاعف تلك العقوبة في حال حذف أو تغيير للمعطيات أو اضطراب في
سيره".
يتبين من خالل هذه املادة أن املشرع تدخل لحماية نظم املعلومات بداية باملعاقبة على الدخول عن
طريق االحتيال وغيره ،وتشديد العقوبة إذا نتج عن االختراق تغيير أو حذف لتلك املعطيات .وقد شددت
املادة 607-4العقوبة إذا تعلق األمر باملعطيات التي تخص األمن الداخلي أو الخارجي للدولة ،أو تعلق األمر
وقد عاقب املشرع كذلك على عرقلة سير نظام املعالجة األولية للمعطيات ،وكذا إدخال معطيات غير
مدرجة أو اإلتالف أو الحذف ،وكل من صنع تجهيزات أو أدوات أو أعد برامج للمعلوميات اعتمدت الرتكاب
94
ثانيا :التجسس على املعطيات اإللكترونية
إن عمليات التجسس هي عمليات قديمة قدم البشرية ،فمنذ قدم العصور كان اإلنسان يتجسس على
أعدائه ملعرفة أخبارهم والخطط التي يعدونها ملواجهته ،لهذا كان للتجسس أهميته الكبيرة على كافة
مستويات النزاعات اإلنسانية التي مر بها البشر منذ بداية الخليقة .158وتتطور طرق االختراق بتطور نظم
الحماية ،حيث تجاوز التجسس اإللكتروني األفراد واملؤسسات املحلية إلى ما هو دولي وأضحى من أهم
حيث يعاقب املشرع املغربي جريمة التجسس اإللكتروني في إطار التكييف القانوني لجريمة التجسس
املنصوص عليها في الفصل 185من مجموعة القانون الجنائي ،حيث تنص على أنه "يعد مرتكبا لجناية
التجسس ويعاقب باإلعدام كل أجنبي ارتكب أحد األفعال املبينة في الفصل 181فقرة 2و3و4و5
والفصل."182
واملالحظ على أن املشرع املغربي عاقب جريمة التجسس اإللكتروني بنفس عقوبة جريمة التجسس
التقليدية ،وهذ ما يوضح خطورة هذه الجريمة على أمن وحماية املعطيات والبيانات الخاصة بالدولة ،وتجدر
اإلشارة أن اختراق نظم املعلومات والتجسس اإللكتروني قد تم ذكرهما على سبيل املثال ال الحصر ،حيث
تتعدد املخاطر املرتبطة بأمن املعلومات اإللكترونية ،وبالتالي على املشرع مواكبة هذه املخاطر وإعطاء
ضمانات قانونية لحماية املعطيات الرقمية ،وهذا من شأنه زيادة الثقة والتعاطي مع تكنولوجيا االتصال
-158حسن أهروش :اإلدارة اإللكترونية في املغرب بين األبعاد االستراتيجية وهاجس الثقة الرقمية ،مرجع سابق ،ص.73 :
-159عزالدين الغوساني :اإلدارة اإللكترونية املعيقات ورهان التطوير ،مرجع سابق ،ص.31 :
95
الفقرة الثانية :تحديات الفجوة الرقمية
يعبر مفهوم الفجوة أو الهوة الرقمية عن الفارق في حيازة تكنولوجيا املعلومات واالتصاالت بشكلها
الحديث ،وحيازة املهارات التي يتطلبها التعامل معها بين الدول املتقدمة املنتجة لهذه التكنولوجيا ولبرامجها
ومحتوياتها ،وبين الدول النامية التي ال تساهم في إنتاج هذه التكنولوجيا وفي صياغة محتوياتها ،وهي أيضا
الفارق في توزيع هذه التكنولوجيا على األفراد بين الدول املتقدمة والدول النامية ،وكذا بمدى النفاذ إلى
املعرفة من حيث توفر البنية التحتية الالزمة للحصول على موارد املعلومات واملعرفة بالوسائل اآللية أساسا،
دون إغفال الوسائل غير اآللية من خالل التواصل البشري ،حيث يركز على الحد الفاصل بين مدى توافر
ويرجع ظهور مصطلح الفجوة الرقمية إلى الواليات املتحدة األمريكية سنة ،1995بصدور تقرير لوزارة
التجارة األمريكية تحت عنوان السقوط من فتحات الشبكة ،هذا التقرير لفت األنظار إلى الفارق الكبير بين
فئات املجتمع األمريكي على مستوى استخدام الكمبيوتر واالنترنيت .161وسرعان ما تسع مفهوم الفجوة
الرقمية على املستوى العاملي ،حيث أصبح بديال جامعا من منظور معلوماتي للفوارق بين العالم املتقدم
والعالم النامي ،ويحيل كذلك على مدى توفر شبكة االنترنيت واالتصاالت ووسائل النفاذ إليها.
وفي املغرب ،تتولى الوكالة الوطنية لتقنين املواصالت عدة مهام لها عالقة بالفجوة الرقمية أهمها تعميم
الولوج إلى خدمات االتصاالت ،باإلضافة لإلشراف ومراقبة هذا القطاع حيث تصدر عن الوكالة تقارير سنوية
وكان أخرها التقرير السنوي ،2017تستعرض من خالله لتطور أسواق االتصاالت وقد قامت الوكالة بأبحاث
-160حسن أهروش :اإلدارة اإللكترونية في املغرب بين األبعاد االستراتيجية وهاجس الثقة الرقمية ،مرجع سابق ،ص.45 :
-161نبيل علي ونادية حجازي :الفجوة الرقمية رؤية عربية ملجتمع املعرفة ،مقال منشور بمجلة سلسلة عالم املعرفة ،عدد ،318غشت ،2015ص.26 :
96
ميدانية حول قياس الفجوة الرقمية من خالل استعمال تكنولوجيا االعالم واالتصال ،حيث استهدفت
وبنيت الدراسة على مؤشرات رئيسية توزعت بين التجهيز وولوج واستعمال األسر واألفراد لتكنولوجيا
اإلعالم واالتصال ،إضافة إلى استعمال الشبكات االجتماعية والتسوق عبر االنترنيت والتطبيقات املتنقلة.
وباستقراء التقرير السنوي األخير 2017فيما يخص مؤشر تجهيز واستعمال الهاتف النقال والثابت ،بلغت
نسبة تجهيز األفراد بالهاتف النقال %99.8سواء تعلق األمر بالوسط الحضري أو الوسط القروي ،كما بلغ
العدد املتوسط لألفراد الذين يتوفرون على هاتف متنقل داخل األسر 3.9فرد.163
إن ما يمكن مالحظته من األرقام أعاله أن املجتمع املغربي ال يعاني خصاصا على مستوى تجهيز
واستعمال الهاتف النقال ،فهناك تعميم لدى غالبية األسر واألفراد ،لكن اإلشكالية أن نسبة أقل هي من
تمتلك هاتف ذكي ،وبالتالي محدودية األفراد في النفاذ إلى االنترنيت والتي تعتبر ضرورية لتطبيق اإلدارة
عموما فإن الفجوة الرقمية ال زالت تشكل عائقا أمام تجويد الخدمات اإلدارية على اعتبار أنها تقف
عائقا أمام ولوج الجميع إلى الخدمة الرقمية ،وبالتالي فهناك رهانات كبرى من أجل الرفع من مستوى
-162عزالدين الغوساني :اإلدارة اإللكترونية املعيقات ورهان التطوير ،مرجع سابق ،ص.26 :
-163اململكة املغربية ،الوكالة الوطنين لتقنين املواصالت ،التقرير السنوي برسم سنة ،2017ص.17 :
97
املطلب الثاني :رهانات و آفاق تطويرالخدمات اإلدارية الرقمية
إن عصرنة وتحديث اإلدارة وتجويد الخدمات العمومية ال يمكن أن يتم بدون االعتماد على البعد
الرقمي في سياسة اإلصالح اإلداري ،لذلك فتطور اإلدارة الرقمية وتحسين جودة الخدمات اإلدارية ال يتأتى إال
من خالل االستمرار في تصحيح األخطاء السابقة ،باإلضافة إلى بلورة مخططات واستراتيجيات وطنية من أجل
تجاوز كل التحديات املطروحة ،وبالتالي فإن من الرهانات األساسية لتطوير الخدمات اإلدارية الرقمية سيتم
التطرق للرهان األول املتعلق بمخطط اإلصالح اإلداري ( 2021-2017الفرع األول) ،ثم الرهان الثاني واملتمثل
إن الحديث عن اإلصالح اإلداري هو حديث آني ومستقبلي ألنه يتعلق بتطوير اإلدارة كأداة للتنمية من جهة،
وبرصد آفاق املستقبل انطالقا من الوضعية الراهنة من جهة أخرى .ومن هذا املنطلق يستند مخطط
اإلصالح اإلداري 2021-2017على ثالث مرجعيات أساسية ،منها مضامين الدستور والتي تدعو لدعم
الحكامة الجيدة وإخضاع املرفق العام ملبادئ اإلنصاف والجودة واالستمرارية والحياد والشفافية والنزاهة.
وثاني هذه املرجعيات تتعلق بالتوجهات العامة للبرنامج الحكومي والتي تؤكد على ضرورة إصالح اإلدارة،
وتحسين عالقة اإلدارة باملواطنين ،وأخيرا هي مضامين الخطاب امللكي ل 14أكتوبر 2016والتي شخصت
واقع اإلدارة ودعت إلى تدبير شؤون املواطنين وخدمة مصالحهم ،واعتبارها مسؤولية وأمانة جسيمة ال تقبل
التهاون أو التأخير.164
-18اململكة املغربية ،وزارة إصالح اإلدارة والوظيفة العمومية ،مخطط اإلصالح اإلداري ،2021-2017ص.4 :
98
وعليه سيتم التطرق للمحاور الرئيسية للمخطط (الفقرة األولى) باإلضافة إلى البعد الرقمي للمخطط
(الفقرة الثانية).
يعتمد مخطط اإلصالح اإلداري 2021-2017على ثالث محاور رئيسية تتمثل في:165
وذلك بجعل املواطن واملقاولة في صلب انشغاالت اإلدارة وتعزيز روابط الثقة بين اإلدارة واملواطن عبر
تطوير جودة الخدمات ،وهذا سيتأتى من خالل تحسين االستقبال وتبسيط املساطر ورقمنتها باإلضافة
يعتبر الرأسمال البشري عنصر أساس ي إلنجاح أي إصالح باإلدارة وترسيخ ثقافة املرفق العام ،بهدف
تطوير منظومة تدبير املوارد البشرية ،وكذا تحسين تدبير هذه املوارد ،وأخيرا تقوية الحماية االجتماعية.
من خالل وضع اآلليات الكفيلة بتكريس املبادئ العامة للحكامة الجيدة ،انطالقا من املمارسات الدولية
الناجحة من أجل مواكبة الجهوية وتقوية فعالية وتسيير اإلدارة ،من خالل تعزيز النزاهة والشفافية ومواكبة
99
وتمتد البرمجة الزمنية ملخطط اإلصالح اإلداري على أربع سنوات من سنة 2017إلى سنة 2021وذلك
بعد التطرق ألهم محاور مخطط اإلصالح اإلداري 2021-2017وكذا البرمجة الزمنية لتنزيله ،سيتم اآلن
يتجلى البعد الرقمي ملخطط اإلصالح اإلداري من خالل تبسيط املساطر ورقمنتها ،ثم تحسين تدبير املوارد
البشرية عبر دعم استعمال تكنولوجيا املعلومات ،وأخيرا تطوير آليات الحكامة والتنظيم.
يشير مخطط اإلصالح اإلداري إلى أن الوضعية الحالية لإلدارة تعرف صعوبة على مستوى تدوين
املساطر والنشر املنتظم لها ،وعن بطء تفعيل التدابير واإلجراءات وهذا ما يؤثر سلبا على املرتفقين وكذا
البيئة املالئمة لالستثمار .وعليه فإن مضامين إصالح هذا الجانب تأخذ بعدين أساسيين:
ستعنى هذه البوابة اإللكترونية بعرض املساطر اإلدارية املتعلقة باملقاولة مرحلة بمرحلة ،وبشكل مدقق
وكذلك سيتم إلزام اإلدارة باحترام املساطر املتعلقة باملقاولة ،ومعالجتها في مدة ال تتجاوز 48ساعة.168
-166عزالدين الغوساني ،اإلدارة اإللكترونية باملغرب املعيقات ورهان التطوير ،مقال منشور بمجلة القانون واألعمال https://www.droitetentreprise.com
تاريخ االطالع 30 :يونيو ،2021الساعة.17:20 :
-167املوقع نفسه.
-168مخطط اإلصالح اإلداري ،2021-2017مرجع سابق ،ص.20 :
100
ويذكر أن هذا اإلجراء من شأنه تمكين املقاولة من الحصول على املعلومات املتعلقة باملساطر اإلدارية دون
حسب مخطط اإلصالح اإلداري ،فإن اعتماد هذه املنصة سيمكن من حفظ املعلومات املتبادلة من
خالل قاعدة بيانات مشتركة ،وكذا استعمالها كأداء للتبادل البيني بين أنظمة معلومات اإلدارة .169وعليه فإن
هذه املنصة ستهدف لربح الوقت وسهولة التحقق من صحة املعلومات ،إضافة إلى تقليص تكاليف إنجاز
الخدمات اإلدارية بالنسبة للمواطن واإلدارة ،وهذا ما سينتج عنه تقليص عدد الوثائق اإلدارية املطلوبة
وتقليص اآلجال ،وتخفيف عبئ تنقالت املواطن نحو اإلدارة ،وهذا كله سيؤدي لتحسين جودة الخدمات
العمومية.
إن تأهيل العنصر البشري من أهم األهداف التي يسعى إليها مخطط اإلصالح اإلداري ،حيث تم العمل
على إدماج تكنولوجيا املعلومات واالتصال لتحسين تدبير املوارد البشرية من خالل عدة نقاط ،أهمها:170
▪ العمل على وضع برنامج معلوماتي مشترك لتدبير املوارد البشرية باإلدارات العمومية ) ،(SIRHوالذي
يهدف لتكريس التدبير التوقعي للموارد البشرية وعقلنة وضبط النفقات املالية املرتبطة بتدبير هذه
املوارد ،وذلك لتجاوز الوضعية الحالية والتي تتميز بتعدد األنظمة وعدم تجانسها ،وصعوبة
101
▪ إنجاز التقارير الدورية التي تضم املؤشرات والبيانات اإلحصائية حول املوارد البشرية باإلدارات
العمومية عن طريق استغالل القاعدة املعلوماتية املركزية للموارد البشرية .Info Centre RH
اعتمد مخطط اإلصالح اإلداري على عدة توجهات من أجل تطوير آليات الحكامة والتنظيم ،سواء تعلق
األمر بتعزيز النزاهة والشفافية وذلك بواسطة االستراتيجية الوطنية ملكافحة الفساد ،والتي من أهم إجراءاتها
الشروع في مراجعة نظام التصريح اإلجباري باملمتلكات وتحديد قائمة الوظائف واملناصب املعنية ،وذلك
ومن التوجهات كذلك ،تحديث أساليب وطرق التدبير باإلدارات العمومية وذلك بواسطة التعاضد
والتبادل بين اإلدارات على مستوى أفضل التجارب واملمارسات ،حيث أن في مجال اإلدارة الرقمية يبنى
في إطار تطوير تكنولوجيا املعلومات واالتصال ،درج املغرب على وضع برامج واستراتيجيات وطنية لتنزيل
القطاع الرقمي وخلق مجتمع املعلومات كان أخرها استراتيجية املغرب الرقمي .2013حيث تشرف وزارة
الصناعة والتجارة واالستثمار واالقتصاد الرقمي على تنزيل مخطط املغرب الرقمي .2020
102
وعليه ،سيتم التطرق لألركان األساسية لإلستراتيجية املغرب الرقمي ( 2020الفقرة األولى) ،باإلضافة إلى
تنبني هذه اإلستراتيجية على ثالثة أركان أساسية ،هذه األركان تعتبر املوجه لوضعها حيث تتعلق األولى
بالتحول الرقمي لالقتصاد الوطني ثم السعي نحو إقامة قطب رقمي جهوي ثم العمل على تعزيز املرقع الرقمي
للمغرب.172
وذلك بتعزيز اإلدارة اإللكترونية من خالل القيام بإعادة هيكلة اإلدارات ،إضافة إلى ترشيد وتحديث
املنصات املعلوماتية والعمل على تقليص الفجوة الرقمية في املجتمع ،وهذا ما سيتم اإلشراف عليه من خالل
ستنكب اإلستراتيجية الجيدة على جعل املغرب قطبا رقميا في املنطقة ،من خالل إنشاء قطب رقمي مع
الدول اإلفريقية خاصة الناطقة باللغة الفرنسية ،وكذلك تطوير املنظومة الرقمية الوطنية.
وذلك من خالل ثالث نقط رئيسية ،تتعلق األولى باستهداف بنيات تحتية للبيانات حيث سيتم العمل
على إنشاء ست محطات لتقديم خدمة االتصاالت الالسلكية ،باإلضافة لتعزيز الشركات ملركز البيانات
-172تقرير لجنة الفالحة والقطاعات اإلنتاجية حول مشروع القانون رقم 61.16املحدث بموجبه وكالة التنمية الرقمية ،مرجع سابق ،ص.22-21 :
103
الرئيسية لالتصاالت مراكز تخزين البيانات .أما النقطة الثانية فهي جعل املغرب قوة ضاربة للموارد البشرية
على املستوى اإلفريقي ،وأخيرا العمل على تنظيم املجال الرقمي ومجال األعمال.173
واملالحظ من هذه األركان أنها توزعت بين ما هو داخلي عبر استهداف البينات التحتية وتطوير قطاع
تكنولوجيا املعلومات ،وكذلك االنفتاح على املحيط الخارجي خاصة على املستوى اإلفريقي ،والذي يعتبر
من خالل الحديث عن األركان الرئيسية ملخطط املغرب الرقمي 2020يمكن استخالص أهم األهداف
التي تسعى اإلستراتيجية لتحقيقها ،حيث يتبين أن تطوير اإلدارة اإللكترونية من أولويات هذا املخطط،
ويعتبر ذلك سيرا على نهج املخططات السابقة .كما ينتظر من املخطط الرقمي الجديد أن يعزز من مكانة
املغرب ،كمركز إقليمي إضافة إلى مواصلة العمل على تقليص الفجوة الرقمية في املجتمع ،وذلك بتعميم
وعلى غرار اإلستراتيجيات السابقة وما نتج عنها من ضعف على مستوى الوصول إلى األهداف املنتظرة،
فمن النتائج املنتظرة من املخطط الرقمي ،2020تتمثل أساسا في املواكبة املستمرة لهذا املخطط خاصة فيما
يتعلق بتحسين فرص الولوج إلى الخدمات الرقمية وتقليص الفجوة الرقمية ،كما أن العنصر البشري يمثل
-173تقرير لجنة الفالحة والقطاعات اإلنتاجية حول مشروع القانون رقم 61.16املحدث بموجبه وكالة التنمية الرقمية ،مرجع سابق ،ص.29 :
-174عزالدين الغوساني :اإلدارة اإللكترونية باملغرب املعيقات ورهانات التطوير ،مجلة املمارس للدراسات القانونية والقضائية ،مرجع سابق ،ص.41 :
-175محمد بومديان :اإلشكاليات القانونية العتماد اإلدارة اإللكترونية باملغرب ،مرجع سابق ،ص.50-49 :
104
تحديا أمام املخطط وذلك من خالل تأهيل الكفاءات والخبرات العالية في املجال الرقمي ،وأخيرا ينتظر تجاوز
وستتولى وكالة التنمية الرقمية تنفيذ مخطط املغرب الرقمي ،2020وإلى حدود كتابة هذا البحث لم يتم
اإلعالن الكامل عن هذه اإلستراتيجية .وبالتالي هناك تأخر في تنزيلها سيرا على نهج اإلستراتيجيات السابقة،
-176عزالدين الغوساني :اإلدارة اإللكترونية باملغرب املعيقات ورهانات التطوير ،مجلة املمارس للدراسات القانونية والقضائية ،مرجع سابق ،ص.42 :
105
خاتمة الفصل الثاني:
إن الخدمات اإلدارية في ظل اإلدارة الرقمية تتم بطريقة سلسلة وسهلة ،متجاوزة بذلك البطء والروتين
والبيروقراطية وغيرها من السلوكيات التي تطبع اإلدارة العمومية ،فقد شكلت الرقمنة أداة وهدف في نفس
الوقت من أجل تحسين وتجويد الخدمات اإلدارية الرقمية .فإدخال الرقمنة على النظم اإلدارية التقليدية
كان له انعكاس إيجابي على العمل اإلداري ،بحيث أنها تشكل آلية مهمة للتواصل اإلداري من خالل فتح
قنوات للتواصل مع املرتفق بكافة الوسائل الرقمية ،باإلضافة إلى أنها تساهم في عقلنة وتبسيط املساطر
اإلدارية ،أما على مستوى الهياكل اإلدارية فإنها تقلص من تضخم البنيات اإلدارية ،وتوفر بنوك للمعلومات
وقد شكلت جائحة كورونا أكبر تحدي لإلدارة العمومية من أجل التحول في أساليب تقديم الخدمات
العمومية ،وتسريع وثيرة التحول الرقمي ،بحيث شكلت الرقمنة آلية مهمة في ضمان استمرارية الخدمات التي
تقدمها املرافق العمومية بشكل رقمي في ظل الجائحة ،بحيث اعتبرت الخدمات الرقمية ذلك الخط الرفيع
الذي يربط اإلدارة بمرتفقيها ،على الرغم من كل اإلكراهات التي تواجه تحسين وتجويد الخدمات اإلدارية
بشكل رقمي ،مما يدعو إلى ضرورة تفعيل الرهانات الكبرى لتنزيل ورش اإلدارة الرقمية ،وبالتالي فإن تجويد
الخدمات اإلدارية الرقمية من خالل مخطط اإلصالح اإلداري 2021-2017واستراتيجية املغرب الرقمي
106
خاتمة عامة:
وعلى سبيل الختم ،فإن الرقمنة أو اإلدارة الرقمية هي النمط الحديث لإلدارة ،وقد عرف هذا املصطلح
تطورات عدة منذ ظهوره أول مرة وقد تعدد التعاريف التي أعطيت لهذا املفهوم كل حسب زاوية رؤيته لإلدارة
الرقمية لكن ما يجمع عليه أن اإلدارة الرقمية هي توظيف الوسائل التكنولوجية الحديثة في صلب العمل
اإلداري ،وفي قيام اإلدارة العمومية بوظائفها من تخطيط وتوجيه وتنظيم ورقابة وقيادة ،وانتقال هذه
الوظائف من الطابع التقليدي في إطار اإلدارة التقليدية إلى الطابع اإللكتروني ،وما أصبحت تشكله الرقمنة
فاإلدارة الرقمية تتميز بعدة مزايا من مرونة وسرعة في األداء والتقليص من التكاليف سواء بالنسبة
للمرتفق أو اإلدارة ،باإلضافة إلى ربح الوقت وتتميز أيضا بكونها إدارة بدون زمان وال مكان حيث يمكن لطالب
الخدمة الولوج إليها في أي وقت شاء وأينما كان ،على عكس اإلدارة التقليدية التي تعرف اليوم تضخم في
عملها ،وبالتالي فاإلدارة الرقمية لم تعد خيارا وإنما أصبحت ضرورة ملحة تفرضها املتغيرات العاملية
وإن التدبير العمومي الحديث للمرافق العمومية قد جاء بمجموعة من املبادئ واألسس التي ينبغي أن
يقوم عليها تقديم الخدمة ،بفعالية ونجاعة أكبر ومردودية وجودة عالية ،فالجودة هي من أبرز املبادئ
الحديثة التي ينبغي على اإلدارة أن تستند عليها في تقديم الخدمات ،وبذلك فاإلدارة اإللكترونية هي السبيل
والكفيلة بتحقيق الجودة في الخدمات املقدمة ،ومنها اإلدارية على الخصوص .ووعيا من املشرع املغربي
بأهمية الجودة فقد نص عليه دستور 2011بموجب الفقرة لثانية من الفصل 154إلى جانب املبادئ األخرى
الناظمة للمرفق العمومي ،باإلضافة إلى التنصيص عليه في مجموعة من القوانين األخرى ،وهذا ما يوضح
107
ومنذ دخول اإلنترنيت إلى املغرب سنة 1995فقد سارع املشرع املغربي إلى وضع مجموعة من البرامج
واملخططات واالستراتيجيات الوطنية برقمنة العمل اإلداري ،ومواكبة للتطورات التكنولوجي الذي يعرفه
العالم غير أنها عرفت مجموعة من االختالالت واالكراهات التي جاءت في تقارير املجلس األعلى للحسابات
ومنها التأخر في التنزيل باإلضافة إلى واقع اإلدارة العمومية الذي يطبعه التضخم والتعقيد والبطء وتعقد
وقد عزز املشرع املغربي مشروع اإلدارة اإللكترونية بترسانة قانونية مهمة منها ما يرتبط بتحسين وتجويد
الخدمات اإلدارية ،ومنها ما يتعلق بالتبادل اإللكتروني وبالتالي فمجاالت اإلدارة تتعدد وتتطور حسب التطور
التكنولوجي مما يجب على املشرع املغربي أن يواكب هذا التطور بغاية سد الفراغ التشريعي الذي قد تعرفه
اإلدارة الرقمية ،غير أن املالحظ أن تطبيق وتفعيل الرقمنة باإلدارات العمومية يتم بشكل قطاعي ،بحيث
هناك بعض اإلدارات قد قطعت أشواط متقدمة في رقمنة خدماتها ،وأخرى ال زالت تعرف تأخرا كبيرا في
فضرورة التحول الرقمي في العمل اإلداري زادت من أهميته األزمة التي عرفها العالم ،واملتمثلة في جائحة
كورونا حيث أمام اإلغالق التام أو الجزئي شكلت الرقمنة إحدى أهم البدائل لديمومة نشاط املرفق العمومي
خالل هذه الجائحة ،وبالتالي أصبحت الرقمنة ضرورة ال محيد عنها في االرتقاء بالعمل اإلداري وتجويد
الخدمات اإلدارية الرقمية بالرغم من اإلكراهات املرتبطة بها ،لذلك فالرهانات املطروحة اليوم وجب
استغاللها وتدارك معيقات املخططات السابقة بغية تحقيق خدمات إدارية رقمية بجودة عالية وتعزيز
الشفافية والديمقراطية اإلدارية على اعتبار أن اإلدارة هي مرآة للدولة والتي من خاللها تنفذ سياساتها في
مختلف املجاالت.
108
الئحة املراجع
الكتب:
▪ محمد بومديان :اإلشكاليات القانونية العتماد اإلدارة اإللكترونية باملغرب ،الطبعة األولى ،مطبعة األمنية الرباط
.2020،
▪ أبا خليل :التعاقد اإللكتروني في ضوء القانون رقم 53.05املتعلق بالتبادل اإللكتروني للمعطيات القانونية،
الطبعة األولى ،مطبعة األمنية الرباط.2020 ،
عبد الحكيم زروق :املعلوميات ورهان تحقيق التحديث اإلداري والتنافسية االقتصادية باملغرب ،الطبعة األولى، ▪
الشركة املغربية لتوزيع الكتاب ،الدار البيضاء .2014
▪ محمد سمير أحمد ،اإلدارة اإللكترونية ،الطبعة األولى ،دار املسيرة للنشر والتوزيع ،األردن.2009،
▪ ماجد راغب الحلو ،علم اإلدارة العامة ومبادئ الشريعة اإلسالمية ،الطبعة األخيرة ،دار الجامعة الجديدة
للنشر ،اإلسكندرية .2007
▪ أحمد علي الصباب وآخرون :أساسيات اإلدارة الحديثة ،الطبعة الثانية ،خورزم العملية للنشر والتوزيع ،جدة
.2005
▪ عبد الحق عقلة :مدخل لدراسة القانون اإلداري وعلم اإلدارة ،طبعة ،2002دار القلم للنشر الرباط.
▪ فريد عبد الفتاح زين الدين :املنهج العلمي لتطبيق إدارة الجودة الشاملة في املؤسسات العربية ،دار الكتب،
القاهرة .1996
األطروحات الجامعية:
▪ خالد بوشمال :رهانات تحديث اإلدارة العمومية باملغرب من خالل نظام اإلدارة اإللكترونية ،أطروحة لنيل
الدكتوراه في القانون العام ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية طنجة ،جامعة عبد املالك
السعدي ،السنة الجامعية .2014-2013
▪ ماجد أحمد عبد العزيز بشر :أنظمة املعلومات ودورها في دعم القرارات اإلدارية ،أطروحة لنيل الدكتوراه في
القانون العام ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية أكدال ،جامعة محمد الخامس بالرباط ،السنة
الجامعية.2013-2012 :
109
▪ أحمد الشرقاوي :اإلدارة اإللكترونية الواقع والتحديات اإلدارية والقانونية ،أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في
الحقوق ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية سال ،جامعة محمد الخامس بالرباط ،السنة
الجامعية .2010-2009
▪ عماد يعقوبي :إسهام تقنيات االعالم واالتصال في تحسين عالقة اإلدارة باملواطنين ،أطروحة لنيل الدكتوراه في
القانون العام ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة محمد األول وجدة ،السنة الجامعية:
.2006.2005
▪ عبد القادر البوفي :تكنولوجيا املعلوميات وتأثيرها على العنصر البشري :اإلدارة العمومية املغربية نموذجا،
أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية أكدال ،جامعة محمد
الخامس الرباط ،السنة الجامعية.2003-2002 :
▪ أطروحة الدكتور عبد الحافظ إدمينو ،نظام البيروقراطية اإلدارية باملغرب ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون
العام ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية أكدال ،جامعة محمد الخامس بالرباط ،السنة
الجامعية.2002-2001 :
▪ محمد العيداني :اإلشكاالت القانونية العتماد الحكومة اإللكترونية في الجزائر ،أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في
القانون العام ،كلية الحقوق والعلوم السياسية جلفة ،جامعة زان عاشور ،الجزائر ،سنة .2019
الرسائل الجامعية:
▪ علي ارجدال :حماية املعطيات الشخصية باملغرب -دراسة تحليلية ومقارنة ،رسالة لنيل شهادة املاستر في القانون
العام ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية السويس ي ،جامعة محمد الخامس بالرباط ،السنة
الجامعية.2019-2018 :
▪ حسن الحافظي :الحماية القانونية للمعطيات ذات الطابع الشخص ي بين التشريع الوطني واالتفاقيات الدولية،
رسالة لنيل دبلوم املاستر ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة موالي إسماعيل مكناس،
السنة الجامعية.2018-2017 :
▪ طمين المية :اإلدارة اإللكترونية وعمليات اإلصالح اإلداري ،رسالة لنيل دبلوم شهادة املاستر في الحقوق ،كلية
الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة عبد الرحمان ميرة بجاية ،السنة الجامعية .2018-2017
▪ حسن أهروش :اإلدارة اإللكترونية في املغرب بين األبعاد االستراتيجية وهاجس الثقة الرقمية ،رسالة لنيل دبلوم
املاستر في القانون العام ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية سال ،جامعة محمد الخامس بالرباط،
السنة الجامعية.2015-2014 :
110
▪ خالد مسكور :تكنولوجيا املعلوميات واالتصال وتحديث اإلدارة العمومية -الحكومة اإللكترونية ،رسالة لنيل
دبلوم املاستر في القانون العام ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة القاض ي عياض مراكش،
السنة الجامعية.2014.2013 :
▪ مريم كريم :إشكالية الجودة في اإلدارة اإللكترونية دراسة مقارنة ،رسالة لنيل شهادة املاستر في القانون العام ،كلية
العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية أكدال ،جامعة محمد الخامس الرباط ،السنة الجامعية-2013 :
.2014
▪ سعيداني نعيم :آليات البحث والتحري عن الجريمة املعلوماتية في القانون الجزائري ،مذكرة مقدمة لنيل شهادة
املاجستير في العلوم القانونية ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة الحاج لخضر -باتنة -السنة الجامعية:
.2013.2012
▪ عشور عبد الكريم" ،دور اإلدارة اإللكترونية في ترشيد الخدمة العمومية في الواليات املتحدة األمريكية والجزائر"،
رسالة ماجستير ،كلية الحقوق والعلوم السياسية قسنطينة جامعة منتوري ،الجزائر .2010
▪ ياسين األخشيدي :اإلدارة اإللكترونية للجماعات املحلية باملغرب ،بحث لنيل دبلوم املاستر في القانون العام ،كلية
العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية السويس ي ،جامعة محمد الخامس بالرباط ،السنة الجامعية:
.2009.2008
▪ أسامة املنير :اإلدارة اإللكترونية ومتطلبات الجودة -إدارة الجمارك والضرائب غير املباشرة نموذجا ،بحث لنيل
دبلوم الدراسات العليا املعمقة في القانون العام ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية السويس ي،
جامعة محمد الخامس الرباط ،السنة الجامعية.2008-2007 :
▪ محمد نبيل السريفي :اإلدارة اإللكترونية ورهانات التنمية ،بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا املعمقة في القانون
العام ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة عبد املالك السعدي طنجة ،السنة الجامعية:
.2007.2006
▪ ناجي كمال :استعمال تكنولوجيا املعلومات واالتصال باإلدارة العمومية املغربية -واقع وآفاق ،رسالة لنيل دبلوم
الدراسات العليا املعمقة ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية أكدال ،جامعة محمد الخامس
بالرباط ،السنة الجامعية.2003.2002 :
▪ نوال الهناوي :تدبير الجودة الكلية بالقطاع العام ،بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا املعمقة ،كلية العلوم
القانونية واالقتصادية واالجتماعية أكدال ،جامعة محمد الخامس الرباط ،السنة الجامعية .2001-2000
▪ سعيدة برنوص ي :دور املعلوميات في رفع املردودية اإلدارية ،بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا املعمقة في القانون
العام ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية أكدال ،جامعة محمد الخامس بالرباط ،السنة الجامعية:
.1999-2000
111
▪ خالد نوحي :دور املساطر اإلدارية في حل إشكالية التسيير والعالقات مع املرتفق ،بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا
املعمقة في القانون العام ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية أكدال ،جامعة محمد الخامس الرباط،
السنة الجامعية.1997-1996 :
املقاالت:
▪ علي سعدي عبد الزهرة جبير :التحول الرقمي في ظل جائحة كورونا ،املجلة األكاديمية للبحوث القانونية
والسياسية ،املجلد الخامس العدد األول .2021
▪ فتح هللا مجاد :اإلدارة الرقمية في ظل جائحة كورونا ،مجلة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية ،عدد خاص .2020
▪ كوثر التاقي :املرفق العمومي في زمن كورونا -آليات االستمرارية وإكراهات التنزيل ،مقال منشور باملجلة املغاربية
للرصد القانوني والقضائي ،العدد الثاني .2020
▪ خليل اللواح :التحول الرقمي في زمن الجائحة ،مقال منشور بمجلة البوغاز للدراسات القانونية والقضائية ،العدد
السابع .2020
▪ بدرية الطريبق :دور اإلدارة الرقمية في تحديث وعصرنة اإلدارة العمومية باملغرب ،مقال منشور بمجلة استشراف
للدراسات واألبحاث القانونية عدد 3و 4أبريل .2019
▪ جفري مراد ومعنصري مريم :اإلدارة اإللكترونية باملغرب بين األبعاد االستراتيجية ورهان التنمية ،املجلة األكاديمية
للبحوث القانونية والسياسية ،املجلد الثالث ،العدد األول .2019
▪ عزالدين الغوساني :اإلدارة اإللكترونية املعيقات ورهان التطوير ،مقال منشور بمجلة املمارس للدراسات القانونية
والقضائية ،العدد األول -أكتوبر .2018
▪ نبيل علي ونادية حجازي :الفجوة الرقمية رؤية عربية ملجتمع املعرفة ،مقال منشور بمجلة سلسلة عالم املعرفة،
عدد ،318غشت .2015
▪ آدم خابا :دور اإلدارة اإللكترونية في إصالح اإلدارة وتجديد املرفق العام ،مقال منشور على موقع املعلومة القانونية
https://alkanounia.info/?p=5632
▪ بالل الشرقاوي :قراءة حول القانون رقم 53.05املتعلق بالتبادل اإللكتروني للمعطيات القانونية ،مقال منشور
باملوقع اإللكتروني https://alkanounia.info/?p=9295
▪ رحاب اروياح :دور تكنولوجيا املعلومات واالتصال في رفع أداء اإلدارة العمومية خالل جائحة كورونا ،املجلة
اإللكترونية القانون واألعمال /https://www.droitetentreprise.com/19230
▪ صابر كمال :الجريمة املعلوماتية في التشريع املغربي -دراسة في ضوء العمل القضائي ،مقال منشور بموقع املعلومة
القانونية https://alkanounia.info/?p=9283
112
▪ عزالدين الغوساني ،اإلدارة اإللكترونية باملغرب املعيقات ورهان التطوير ،مجلة القانون واألعمال
https://www.droitetentreprise.com
اإللكترونية بالجريدة منشور مقال املغرب؟، في السيبراني األمن بنصغير: ▪ فؤاذ
هسبريس،https://www.hespress.com
▪ هيم الفيلكاوي :الحكومة اإللكترونية ،مجلة الحرس الوطني ،العدد ،19نونبر ،2002الكويت.
▪ عمران نزيهة :اإلدارة العمومية واملواطن أية عالقة تشخيص االختالالت وسبل اإلصالح -التجربة الجزائرية ،مجلة
الفكر العدد الثاني عشر ،دون ذكر السنة.
▪ هشام البخفاوي :الحكومة اإللكترونية في املغرب ،مقال منشور بمجلة قانون وأعمال العدد الرابع .2011
رأفت رضوان :اإلدارة اإللكترونية اإلدارة واملتغيرات العاملية الجديدة ،امللتقى اإلداري الثاني للجمعية السعودية ▪
لإلدارة ،القاهرة ،مركز املعلومات واالتخاذ القرار ،مارس .2004
النصوص القانونية:
▪ الدستور الجديد للمملكة املغربية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91بتاريخ 29يوليو ،2011الجريدة
الرسمية عدد 5964مكرر بتاريخ 30يوليوز .2011
▪ القانون رقم 55.19املتعلق بتبسيط املساطر واإلجراءات اإلدارية ،الصادر في 19مارس 2020املوافق ل 24رجب
1441ه ،والصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.20.06الصادر في 11من رجب 1441ه املوافق ل 6مارس
،2020جريمة رسمية عدد .6866
▪ القانون رقم 20.05املتعلق باألمن السيبراني الصادر في 9ذو الحجة 1441ه ،املوافق ل 30يوليوز ،2020والصادر
بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.20.69الصادر في 4ذي الحجة 1441ه ،املوافق ل 25يوليوز ،2020الجريدة
الرسمية ،عدد .6904
القانون رقم 54.19بمثابة ميثاق املرافق العمومية الصادر في 11ذو الحجة 1442املوافق ل 22يوليوز ،2021 ▪
الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.21.58الصادر في 3ذي الحجة 1442املوافق ل 14يوليوز ،2021الجريدة
الرسمية عدد.7006
▪ القانون رقم 121.12القاض ي بتغيير وتتميم القانون رقم 24.96الصادر في 12جمادى اآلخرة 1440املوافق ل 18
فبراير ،2019الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.19.08الصادر في 18جمادى األولى 1440املوافق ل 25يناير
،2019الجريدة الرسمية عدد .6753
113
▪ القانون رقم 13.31املتعلق بالحق في الحصول على املعلومات الصادر في 23جمادى اآلخرة ،1439املوافق ل 12
مارس ،2018الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.18.15بتاريخ 5جمادى اآلخرة ،1439املوافق ل 22فبراير
،2018عدد .6655
▪ القانون رقم 61.16املحدث بموجبه وكالة التنمية الرقمية الصادر في 23ذي الحجة 1438املوافق ل 14شتنبر
،2017والصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.17.27الصادر في 8ذي الحجة 1438املوافق ل 30غشت ،2017
الجريدة الرسمية عدد .6604
▪ القانون رقم 09.08املتعلق بحماية األشخاص الذاتيين تجاه معالجة املعطيات ذات الطابع الشخص ي ،الصادر في
27صفر 1430املوافق ل 23فبراير ،2009والصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.09.15الصادر في 22صفر
،1430املوافق ل 18فبراير ،2009الجريدة الرسمية عدد .5711
▪ القانون رقم 53.05املتعلق بالتبادل اإللكتروني للمعطيات القانونية الصادر في 25ذو القعدة 1428املوافق ل 6
دجنبر ،2007الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.07.129الصادر في 19ذي القعدة 1428املوافق ل 30نونبر
،2007الجريدة الرسمية عدد .5584
▪ القانون رقم 07.03املتعلق بالجرائم املتعلقة بنظم املعالجة اآللية للمعطيات ،الصادر في 27شوال 1424املوافق
ل 22دجنبر ،2003والصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.03.197الصادر في 16رمضان 1424املوافق ل 11
نونبر ،2003الجريدة الرسمية عدد .5171
▪ القانون رقم 24.96املتعلق بالبريد واملواصالت الصادر في 18شتنبر ،1997والصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم
1.97.162الصادر في 2ربيع اآلخر 1418املوافق ل 7غشت ،1997الجريدة الرسمية عدد .4518
▪ مرسوم بقانون رقم 2.20.292املتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات اإلعالن عنها ،الصادر
في 28من رجب 1441املوافق ل 23مارس ،2020الجريدة الرسمية عدد 6867مكرر.
▪ مرسوم رقم 2.20.293املتعلق بإعالن حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني ملواجهة تفش ي فيروس
كورونا ،الصادر في 29من رجب 1441املوافق ل 24مارس ،2020الجريدة الرسمية عدد 6867مكرر.
▪ مشروع قانون بشأن املدونة الرقمية .2013
▪ الرسالة امللكية السامية املوجهة للمشاركين في املناظرة املنظمة من لدن كتابة الدولة املكلفة بالبريد وتقنيات
االتصال واالعالم ،يوم 23أبريل ،2001تحت عنوان "االستراتيجية الوطنية إلدماج املغرب في مجتمع االعالم
واملعرفة".
114
▪ الخطاب امللكي في 14أكتوبر 2016بمناسبة افتتاح الدورة األولى من السنة التشريعية األولى من الوالية التشريعية
العاشرة للبرملان.
التقاريروالبرامج والدالئل:
▪ تقرير املجلس األعلى للحسابات بشأن تقييم استراتيجية املغرب الرقمي ،2013تقرير خاص تحت عدد
،05/13/CH4فبراير .2014
▪ تقرير لجنة الفالحة والقطاعات اإلنتاجية حول مشروع القانون رقم 61.16املحدث لوكالة التنمية الرقمية ،السنة
التشريعية.2017.2016 :
▪ التقرير السنوي للوكالة الوطنية لتقنين املواصالت برسم سنة .2017
▪ خالصة تقرير املجلس األعلى للحسابات حول تقييم الخدمات على اإلنترنيت املوجهة للمتعاملين مع اإلدارة .2019
▪ مخطط اإلصالح اإلداري 2021-2017
▪ االستراتيجية الوطنية ملجتمع املعلومات واالقتصاد الرقمي (املغرب الرقمي )2013
▪ الدليل عملي للتدابير واإلجراءات الوقائية باملرافق العمومية
▪ دليل العمل عن بعد باإلدارات العمومية ،أبريل 2020
▪ دليل حول القانون رقم 31.13املتعلق بالحق في الحصول على املعلومة
مداخلة:
▪ مداخلة الدكتور عبد الحافظ ادمينو في موضوع التدابير املتخذة لتسهيل الخدمات اإلدارية أمام املرتفقين في
برنامج كوفيد 19عندي سؤال ،على قناة األولى بتاريخ .2020.06.04
▪ https://www.finances.gov.ma/Publication/daag/2021/Depliant%20simplification%20_AR.pd
▪ https://www.finances.gov.ma
▪ https://alassima24.ma/?p=36103
▪ https://mahata24.com/mahata/67382.html
▪ https://www.hespress.com
▪ https://www.maroc.ma
▪ www.anrt.ma
115
املراجع باللغة الفرنسية
▪ FrancoisCaby, Virginie Louise, Sylvie Rolland, La qualité au xx1 siècle, vers le management de la
confiance, Economica, 2002.
▪ Lucie Cluzel- Métayer : le service public et l’exigence de qualité, Dalloz, collection Nouvelle
Bibliothèque de thèses, 2006.
▪ OCDE, L’administration électronique : une impérative Principale conclusion. Edition OCDE Paris
2004, www.oecd.org/publication.
116
الفهرس
مقدم ة1.........................................................................................................................................
117
املطلب األول :اإلطارالقانوني لإلدارة اإللكترونية31............................................................................
الفقرة الثانية :القانون رقم 09.08املتعلق بحماية األشخاص الذاتيين تجاه معالجة املعطيات ذات
الطابع الشخص ي46........................................................................................................................
الفقرة الثالثة :القانون 07.03املتعلق باملخالفات املرتبطة بأنظمة املعالجة اآللية
للمعطيات49..................................................................................................................................
الفقرة الرابعة :مشروع قانون املتعلق باملدونة الرقمية51...................................................................
الفقرة الثالثة :االستراتيجية الوطنية ملجتمع املعلومات واالقتصاد الرقمي (مخطط املغرب الرقمي
56....................................................................................................................................... )2013
118
الفرع الثاني :اإلطاراملؤسساتي لإلدارة اإللكترونية57..........................................................................
املبحث األول :اإلدارة الرقمية بين تجويد الخدمات اإلدارية وتحدي جائحة كوفيد 62.........................19
119
الفقرة الثانية :إكراهات تفعيل الخدمات الرقمية خالل الجائحة85.....................................................
الفقرة األولى :اإلكراهات املرتبطة بضعف األطر اإلدارية والتحديات املرتبطة بعالقة اإلدارة
باملرتفق89......................................................................................................................................
120