You are on page 1of 121

‫ماستر العلوم اإلدا رية واملالية‬

‫رسالة لنيل دبلوم املاستر في القانون العام‬


‫تخصص العلوم اإلدا رية واملالية‬
‫في موضوع‪:‬‬

‫دورالرقمنة في تجويد الخدمات اإلدارية‬

‫▪ تحت إشراف الدكتور‪:‬‬ ‫▪ من إعداد الطالب الباحث‪:‬‬


‫عبد الحفيظ إدمينو‬ ‫نورالدين وعدود‬

‫لجنة املناقشة‪:‬‬

‫‪.‬د‪.‬عبد الحفيظ إدمينو‪ :‬أستاذ التعليم العالي بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية السويس ي‪..........‬رئيسا ومشرفا‬
‫د‪ .‬رشيد بنعياش‪ :‬أستاذ التعليم العالي بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية السويس ي‪................................‬عضوا‬
‫د‪ .‬عبد النبي صبري‪ :‬أستاذ التعليم العالي بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية السويس ي‪............................‬عضوا‬

‫السنة الجامعية ‪2021/2020‬‬


‫مقدمة‪:‬‬
‫عرف العالم في اآلونة األخيرة ثورة تكنولوجية هائلة بفعل التطورات التي عرفتها تقنيات املعلوميات‬

‫واالتصاالت‪ ،‬بحيث أصبح اإلنسان يعتمد على التكنولوجيا في كل جوانب حياته اليومية‪ ،‬وذلك ملا تتميز به‬

‫هذه األخيرة من إيجابيات ومميزات زادت من أهميتها لدى اإلنسان داخل املجتمع‪ ،‬وفي هذا السياق فقد‬

‫سارعت معظم دول العالم إلى التوجه نحو دمج وإدخال التكنولوجيا الحديثة في مختلف تدخالتها‬

‫االقتصادية واالجتماعية والسياسية وحتى اإلدارية‪ ،‬على اعتبار أن اإلدارة هي الجهاز الذي من خالله تنفذ‬

‫الدولة مختلف سياساتها في كافة املجاالت‪.‬‬

‫ومع انتقال مفهوم الدولة وتطور وظائفها األساسية اهتم الفكر اإلداري املعاصر بالتطورات‬

‫التكنولوجية الحديثة‪ ،‬وما نتج عنها من وسائل ساهمت في حل مشكالت اإلنسان وإشباع رغباته وسد‬

‫حاجاته‪ ،‬وشملت جميع نواحي الحياة االجتماعية والثقافية واالقتصادية وغيرها‪ ،‬من أجل تطوير العمل‬

‫اإلداري الحكومي من جهة‪ ،‬ومن أجل إشباع رغبة املواطن الذي أصبح في حاجة إلى إدارة ذكية تراعي‬

‫احتياجاته بشكل سريع ومجدي من جهة أخرى‪ .‬كما أن اإلدارة العمومية ليست بمعزل عن املجتمع وليست‬

‫بمعزل عن هذه التطورات واملستجدات التكنولوجية‪ ،‬لذلك اهتم هذا الفكر من خالل دراسات ونظريات‬

‫بتطويع الوسائط التكنولوجية املتعددة واملتنوعة‪ ،‬من أجل خدمة العملية اإلدارية ولصالحها فنتج عن ذلك‬

‫دخول الحواسيب واألجهزة الرقمية وغيرها إلى محيط اإلدارة بصفة عامة‪ ،‬فظهرت ما يسمى بالخدمة‬

‫العمومية اإللكترونية واإلدارة اإللكترونية‪ ،‬وغيرها من املسميات التي أفرتها التكنولوجية الحديثة املدمجة في‬

‫املجال اإلداري‪.1‬‬

‫‪-1‬محمد العيداني‪ :‬اإلشكاالت القانونية العتماد الحكومة اإللكترونية في الجزائر‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم‬
‫السياسية جلفة‪ ،‬جامعة زان عاشور‪ ،‬الجزائر‪ ،‬سنة ‪ ،2019‬ص‪.2 :‬‬

‫‪1‬‬
‫وعليه فقد ظهرت اإلدارة الرقمية نتيجة لتطور مراحل متعددة طبعت تطور األساليب املعتمدة في‬

‫اإلدارة‪ ،‬حيث أدت التطورات في مجال االتصاالت وابتكار تقنيات اتصال متطورة إلى التفكير الجدي من قبل‬

‫اإلدارة في االستفادة من منجزات الثورة املعلوماتية‪ ،‬باستخدام الحاسوب وشبكات االنترنيت في إنجاز األعمال‬

‫وتقديم الخدمات للمرتفقين بطريقة رقمية‪ ،‬تساهم بفعالية في تجاوز العديد من اإلكراهات اإلدارية سواء‬

‫داخل محيط املؤسسة أو خارجها‪ ،‬باإلضافة إلى إيجابيات ومميزات اإلدارة الرقمية من سرعة في إنجاز‬

‫األعمال وتوفير الوقت والجهد والتكلفة‪.‬‬

‫فاإلدارة اليوم لم تعد تقتصر وظيفتها على تقديم الخدمات فقط‪ ،‬بل أصبحت مطالبة بتحقيق الجودة‬

‫في تلبية طلبات املرتفقين‪ ،‬وبالتالي فإن االنتقال من الخدمات التقليدية في إطار اإلدارة التقليدية إلى الخدمات‬

‫الرقمية في ظل اإلدارة الرقمية‪ ،‬من شأنه الرفع من فعالية ونجاعة وتحقيق الجودة في الخدمة املقدمة‪ ،‬حيث‬

‫أصبحت الوسائل التكنولوجية جزء ال يتجزأ من عمل اإلدارة‪ ،‬ملا تتيحه من إمكانات هائلة في مجال نقل‬

‫وحفظ املعلومات ومعالجتها‪ ،‬وتسريع وثيرة العمل الش يء الذي يساعد على تجويد العمل اإلداري وهو ما لم‬

‫يكن ممكنا في ظل اإلدارة التقليدية‪.‬‬

‫وكغيره من الدول فقد سارع املغرب إلى إدخال تكنولوجيا املعلومات واالتصال باإلدارة العمومية‪ ،‬ففي‬

‫ظل عدم تحقيق برامج التأهيل واإلصالح اإلداري التي تقدمت بها الحكومات املغربية لألهداف املسطرة‪،‬‬

‫ونتيجة ملا أصبح يشهده العالم من تحديات كبرى في ظل القرن الواحد والعشرين وبغية تحسين العالقة مع‬

‫جمهور املرتفقين‪ ،‬عمل صانع القرار في املغرب على وضع مجموعة من البرامج واملخططات واالستراتيجيات‬

‫الوطنية من أجل رقمنة العمل اإلداري‪ ،‬في أفق خلق إدارة رقمية قائمة الذات ملواكبة التطورات السريعة‬

‫واملتالحقة التي يشهدها العالم حاليا‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫وفي هذا اإلطار أكدت الرسالة امللكية املوجهة إلى املشاركين في أشغال املناظرة الوطنية التي انعقدت‬

‫بالرباط في ‪ 2‬أبريل ‪ 2002‬حول االستراتيجية الوطنية إلدماج املغرب في مجتمع املعرفة واالعالم على أنه‬
‫"سيظل إصالح اإلدارة العمومية وعصرنتها من بين الرهانات الرئيسية التي يطرحها تقدم بالدنا‪ ،‬إذ يتعين أن نوفر‬

‫ألجهزتنا ما يلزم من أدوات التكنولوجيا العصرية بما فيها االنترنيت بتمكينها من االنخراط في الشبكة العاملية وتوفير‬

‫خدمات أكثرجودة ملتطلبات األفراد واملقاوالت‪."2‬‬

‫وقد عرفت اإلدارة العمومية أزمة هيكلية في أدائها ناجمة عن االختالالت الوظيفية ألجهزتها إلى جانب‬

‫غياب رؤية مشتركة لتحديث اإلدارة‪ ،‬حيث أدت هذه األزمة إلى تعقد املساطر اإلدارية وضعف األخالقيات‬

‫املهنية‪ ،‬وهذا ما أشار إليه الخطاب امللكي السامي والذي جاء فيه "إن املر افق واإلدارات العمومية تعاني من عدة‬

‫نقائص تتعلق بالضعف في األداء وفي جودة الخدمات التي تقدمها للمواطنين‪ ،‬كما تعاني من التضخم ومن قلة‬

‫الكفاءة‪.3"...‬‬

‫وقد واكب املغرب هذا التطور التكنولوجي منذ دخول شبكة االنترنيت حيث عمل على سن وبلورة‬

‫استراتيجيات مهمة "استراتيجية املغرب اإللكتروني سنة ‪ ،"2001‬واستراتيجية من أجل مجتمع املعلومات‬

‫واالقتصاد الرقمي والتي أطلق عليها استراتيجية املغرب الرقمي ‪ 2013‬التي امتدت من سنة ‪ 2009‬إلى سنة‬

‫‪ ، 2013‬والتي وضعت من بين أولوياتها الرئيسية برنامج الحكومة اإللكترونية‪ ،‬الرامي إلى تمكين املواطنين‬

‫واملقاوالت املغربية من خدمات رقمية تضاهي تلك املعمول بها على الصعيد الدولي‪ ،‬وذلك بهدف تقريب اإلدارة‬

‫العمومية من حاجيات روادها على مستوى الفعالية والجودة والشفافية‪ ،4‬باإلضافة إلى استراتيجية املغرب‬

‫‪ -2‬الرسالة امللكية السامية املوجهة للمشاركين في املناظرة املنظمة من لدن كتابة الدولة املكلفة بالبريد وتقنيات االتصال واالعالم‪ ،‬يوم ‪ 23‬أبريل ‪ ،2001‬تحت‬
‫عنوان "االستراتيجية الوطنية إلدماج املغرب في مجتمع االعالم واملعرفة"‪.‬‬
‫‪-3‬الخطاب امللكي في ‪ 14‬أكتوبر ‪ 2016‬بمناسبة افتتاح الدورة األولى من السنة التشريعية األولى من الوالية التشريعية العاشرة للبرملان‪.‬‬
‫‪-4‬عبد الحكيم زروق‪ :‬املعلوميات ورهان تحقيق التحديث اإلداري والتنافسية االقتصادية باملغرب‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬الشركة املغربية لتوزيع الكتاب‪ ،‬الدار‬
‫البيضاء ‪ ،2014‬ص‪.36 :‬‬

‫‪3‬‬
‫الرقمي ‪ 2020‬التي لم ترى النور بعد‪ ،‬هذا مع انخراط املغرب واملصادقة على مجموعة من االتفاقيات الدولية‬

‫في املجال الرقمي‪.‬‬

‫ويشكل املرتفقين عنصرا أساسيا بالنسبة للمرفق العمومي إال أن طبيعة املنتفع الحالي الذي تأثر‬

‫بالتغيرات والتطورات التي عرفها املجتمع جعلته ينظر إلى املرفق العمومي من خالل الخدمات التي يقدمها‬

‫نوعيتها وجودتها‪ ،‬ومن تم تغيرت طبيعة العالقة بين الطرفين‪ ،‬وبالتالي لم يعد دورها مجرد اإلنتاج الكمي بل‬

‫االستجابة النوعية أيضا‪ ،‬من خالل تحقيق جودة الخدمة املقدمة‪.‬‬

‫وتعد الرقمنة من الوسائل األساسية في تحديث وعصرنة اإلدارة العمومية من خالل استخدام‬

‫تكنولوجيا املعلومات واالتصال في تقديم الخدمة العمومية‪ ،‬وتنبع أهمية الرقمنة في أنها أصبحت ضرورة في‬

‫الظروف العادية‪ ،‬كما أنها ضرورة ملحة في ظل الظروف االستثنائية‪ ،‬وزادت أهميتها في ظل جائحة كورونا أمام‬

‫توقف أنشطة املرافق العمومية‪ ،‬حيث شكلت جائحة كورونا نقطة تحول أساسية في إعادة النظر في االرتقاء‬

‫بالخدمة العمومية عن طريق رقمنتها‪ ،‬وكذلك من أجل تطوير الجانب الرقمي في العمل اإلداري وفي الخدمة‬

‫العمومية قصد الرفع من األداء العمومي لإلدارات العمومية‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬فاإلشكالية الرئيسية للموضوع هي كالتالي‪:‬‬

‫أي دور للرقمنة في تجويد الخدمات اإلدا رية ؟‬

‫وتتفرع عن هذه اإلشكالية مجموعة من األسئلة الفرعية‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫▪ ما مفهوم الرقمنة أو اإلدارة الرقمية؟ وما هي خائصها وأهميتها ووظائفها؟‬

‫▪ كيف تساهم اإلدارة الرقمية في تدعيم مقاربة جودة الخدمة اإلدارية؟‬

‫▪ ما هو مفهوم جودة الخدمة؟ وما هو إطارها القانوني؟ وما هي أسسها ومكنوناتها؟‬

‫▪ ما هي مكانة اإلدارة الرقمية في التشريع املغربي؟‬

‫‪4‬‬
‫▪ كيف تساهم الرقمنة في تجويد العمل اإلداري؟‬

‫▪ ما مكانة الخدمات الرقمية في ظل جائحة كورونا وإكراهات تفعيلها؟‬

‫▪ ما هي اإلكراهات التي تحد من تجويد الخدمات اإلدارية الرقمية؟ وما هي رهانات تطويرها؟‬

‫وملعالجة اإلشكالية الرئيسية واألسئلة الفرعية كان ال بد من االعتماد على مقاربة منهجية متعددة‪،‬‬

‫فموضوع الرقمنة وجودة الخدمات اإلدارية من املواضيع التي ال يسمح لإلحاطة بها الوقوف واالستعانة‬

‫بمقاربة منهجية واحدة بل مناهج متعددة‪.‬‬

‫وعليه فقد تم االستعانة باملنهج الوظيفي من أجل الكشف عن وظائف اإلدارة الرقمية ودورها في‬

‫تجويد الخدمات اإلدارية‪ ،‬ثم أيضا االستعانة باملنهج الوصفي من خالل وصف الرقمنة ومبدأ الجودة‪ ،‬وكذا‬

‫املنهج النسقي الذي يهتم بدارسة العالقات التي يربطها النسق مع املحيط‪ ،‬وباعتبار اإلدارة ظاهرة اجتماعية‬

‫في املقام األول‪ ،‬فهي تتأثر بعوامل الثورة التكنولوجية‪ ،‬وكذا الكشف عن العالقة بين الرقمنة والجودة في‬

‫الخدمة املقدمة‪ ،‬وقد تم االعتماد أيضا على املقاربة القانونية من خالل الوقوف على مختلف النصوص‬

‫القانونية املؤطرة لإلدارة الرقمية باملغرب‪ ،‬ثم أيضا آلية تحليل املضمون من خالل تحليل مجموعة من‬

‫النصوص القانونية وتحليل مدى مساهمة الرقمنة في تجويد وتطوير الخدمات اإلدارية‪ .‬باإلضافة إلى املنهج‬

‫املقارن من خالل مقارنة تجربة املغرب في مجال الرقمنة مع بعض التجارب املقارنة‪.‬‬

‫ومن أجل مقاربة املوضوع واإلجابة على اإلشكالية الرئيسية واالسئلة الفرعية‪ ،‬سيتم تقسيم البحث إلى‬
‫فصلين كاآلتي‪:‬‬

‫▪ الفصل األول‪ :‬التحول الرقمي ودوره في تجويد الخدمات اإلدارية‬


‫▪ الفصل الثاني‪ :‬تقييم الخدمات اإلدارية في ظل اإلدارة الرقمية‬

‫‪5‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التحول الرقمي ودوره في تجويد الخدمات اإلدارية‬
‫أدى التقدم السريع والهائل في تكنولوجيا االتصال واملعلومات إلى إحداث نقلة نوعية في جميع مجاالت‬

‫الحياة‪ ،‬حيث أصبح االعتماد على التقنيات الحديثة وعلى شبكة االنترنيت ضرورة حتمية تسعى الدول‬

‫لتحقيقها من خالل التحول إلى التدبير الرقمي بدل التدبير التقليدي للمعامالت‪ ،‬وذلك إلرساء مجتمع يعتمد‬

‫على التقنيات الجديدة ويواكب كل التطورات العاملية الحاصلة‪.‬‬

‫ولقد أدت هذه التغيرات التكنولوجية إلى ظهور مفاهيم إلكترونية جديدة‪ ،‬كالحكومة اإللكترونية‬

‫والتجارة اإللكترونية واإلدارة اإللكترونية‪...‬إلخ‪ ،‬وهذه األخيرة من الركائز التي تقوم عليها الدول من أجل تسريع‬

‫عجلة التنمية عبر الخدمات التي تقدمها والتي من شأنها تسريع عملية إنجاز التعامالت بسهولة وإتقان ودون‬

‫بذل جهد‪.5‬‬

‫إن التطورات التكنولوجيا الحديثة لم تكن املرافق العمومية في معزل عنها‪ ،‬فالتحول الرقمي أصبح‬

‫الوسيلة واألداة املهمة في تحديث وعصرنة اإلدارة العمومية من خالل االنتقال من اإلدارة التقليدية التي‬

‫تتسم بمجموعة من اإلكراهات إلى إدارة رقمية تقدم مختلف تعامالتها بشكل رقمي‪ ،‬واالستفادة أكثر مما‬

‫تتيحه التكنولوجيا الحديثة نظرا ملا أصبح يواجه املرتفق في تحقيق حاجياته‪ ،‬فكان ال بد أن تستند اإلدارة‬

‫الرقمية في تقديمها للخدمات على مبدأ الجودة كأحد املبادئ الحديثة الناظمة لنشاطات املرفق العمومي‪،‬‬

‫ولدوره في تدعيم اإلدارة الرقمية(املبحث األول)‪ .‬ومع إدخال االنترنيت إلى املغرب سنة ‪ 1995‬والشروع في‬

‫تنزيل اإلدارة الرقمية فقد واكب املشرع املغربي هذه العملية بإصداره مجموعة من النصوص القانونية‬

‫‪--5‬طمين المية‪ :‬اإلدارة اإللكترونية وعمليات اإلصالح اإلداري‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم شهادة املاستر في الحقوق‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة عبد‬
‫الرحمان ميرة بجاية‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2018-2017‬ص‪.7 :‬‬

‫‪6‬‬
‫والبرامج االستراتيجية الوطنية لرقمنة العمل اإلداري‪ ،‬وبالتالي فاإلدارة اإللكترونية باملغرب تؤطرها مجموعة‬

‫من النصوص القانونية التي تشكل ترسانة مهمة في مختلف مجاالت الرقمنة (املبحث الثاني)‪.‬‬

‫املبحث األول‪ :‬دورالرقمنة في تدعيم جودة الخدمات اإلدارية‬

‫إن الثورة املعلوماتية واملعرفية املنبثقة في العصر الحاضر هي نتاج االندماج املثمر بين مجالي‬

‫الحاسوب واالتصاالت‪ ،‬وتطورها الذي أحدث نقلة نوعية في جميع املجاالت وغير النظريات واملفاهيم‬

‫األساسية‪ ،‬إن هذا التطور السريع لتقنيات املعلومات واالتصاالت يشكل تحديا لجميع املجاالت واألنشطة‬

‫واملمارسات في املجتمع وأهمها اإلدارة كونها البنية األساسية ألي نشاط إنساني‪.6‬‬

‫وتعتبر اإلدارة عصب كل عمل ناجح وهي امليزان الحساس الذي يرجع إليه عند قياس مدى تجاوب‬

‫العمل مع متطلبات العصر‪ ،‬إذ ال يمكن مسايرة التقدم دون تطوير اإلدارة لتواكب التحديات التي هي سمة‬

‫القرن الواحد والعشرين‪.‬‬

‫إن التطور في الفكر اإلداري نتيجة تكنولوجيا املعلومات واالتصاالت كان له تأثير على مختلف جوانب‬

‫العمل اإلداري‪ ،‬حيث أصبحت قواعد البيانات من الضروريات داخل املؤسسة وبدونها ال تستطيع املؤسسة‬

‫االستمرار في العمل‪ ،‬لذا أصبح التغيير اإلداري من أهم سمات الوقت الحاضر والذي ينبغي التعامل معه‬

‫وتوظيفه بكفاءة عالية‪ ،‬ألنه أصبح ضرورة حتمية حيث ظهر في العمل اإلداري ما يسمى باإلدارة الرقمية وهي‬

‫النمط الحديث في اإلدارة‪ ،7‬وتؤدي ذات املهام لكنها تتمركز في الشبكات اإللكترونية وأنظمة املعلومات‪ ،‬وتتميز‬

‫بتبادل الوثائق وإجراء مختلف التعامالت إلكترونيا بدال من اإلدارة التقليدية التي تتميز بكثرة األوراق‪،‬‬

‫‪-6‬أحمد الشرقاوي‪ :‬اإلدارة اإللكترونية الواقع والتحديات اإلدارية والقانونية‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في الحقوق‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية سال‪ ،‬جامعة محمد الخامس بالرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2010-2009‬ص‪.9 :‬‬
‫‪-7‬طمين المية‪ :‬اإلدارة اإللكترونية وعمليات اإلصالح اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.3 :‬‬

‫‪7‬‬
‫والروتين والتعقيدات البيروقراطية‪ ،‬واالستفادة أكثر من مميزات وإيجابيات الرقمنة من أجل تجويد‬

‫الخدمات اإلدارية‪.‬‬

‫وعليه سيتم التطرق للتأصيل املعرفي لإلدارة الرقمية (املطلب األول)‪ ،‬ثم بعد ذلك سيتم الحديث عن مقاربة‬

‫الجودة كدعامة لإلدارة الرقمية (املطلب الثاني)‪.‬‬

‫املطلب األول‪ :‬التأصيل املعرفي لإلدارة اإللكترونية‬

‫أدى التطور التكنولوجي في وسائل املعلومات واالتصاالت إلى بروز نموذج ونمط جديد للتدبير اإلداري‪،‬‬

‫األمر الذي تغير معه مفهوم اإلدارة من املفهوم التقليدي إلى املفهوم اإللكتروني‪ ،‬وما تتميز به اإلدارة الرقمية‬

‫من خصائص (الفرع األول)‪ ،‬باإلضافة إلى أن اإلدارة الرقمية تهدف إلى تحقيق مجموعة من األهداف من‬

‫خالل وظائفها اإللكترونية (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬مفهوم اإلدارة اإللكترونية وخصائصها‬

‫تعتبر اإلدارة اإللكترونية اتجاها حديثا باإلدارة املعاصرة ورغم ذ لك فإن حداثة هذا املصطلح شكلت‬

‫مجاال خصبا من قبل الباحثين إلعطاء تعريف كل حسب زاويته (الفقرة األولى)‪ ،‬باإلضافة إلى أن اإلدارة‬

‫الرقمية لها من الخصائص ما يميزها عن اإلدارة التقليدية (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬ماهية اإلدارة اإللكترونية‬

‫يعد مفهوم اإلدارة الرقمية "اإلدارة اإللكترونية" من املواضيع الحديثة التي تدخل ضمن مواضيع‬

‫العلوم اإلدارية‪ ،‬فهي نتاج لتطور الفكر اإلداري املعاصر‪ ،‬فقد كان ظهور اإلدارة الرقمية بصورة مصغرة‬

‫وبأساليب بسيطة في أواخر عام ‪ 1995‬بالواليات املتحدة األمريكية في هيئة البريد املركزي‪.8‬‬

‫وقبل التطرق ملختلف التعريفات التي أعطيت لإلدارة الرقمية‪ ،‬تجدر اإلشارة إلى وجود العديد من‬

‫التسميات التي يمكن أن تستخدم للداللة على استخدام تكنولوجيا املعلومات واالتصال في العمل اإلداري‬

‫كالرقمنة‪ ،‬اإلدارة الرقمية‪ ،‬الحكومة اإللكترونية‪ ،‬الحكومة الذكية‪...‬إلخ‪ .‬ورغم شيوع مصطلح اإلدارة‬

‫اإللكترونية بشكل واسع في الوقت الحالي باعتبارها اتجاها حديثا في اإلدارة املعاصرة إال أنه ليس هناك إجماع‬

‫حول تعريف دقيق لهذا املصطلح‪ ،‬وفيما يلي أهم وأبرز التعريفات التي أعطيت ملفهوم اإلدارة الرقمية‪:‬‬

‫تشير اإلدارة الرقمية إلى استخدام تكنولوجيا املعلومات واالتصاالت‪ ،‬خاصة شبكة االنترنيت وشبكات‬

‫األعمال في العمليات اإلدارية‪ ،‬بغية تحسين العملية اإلنتاجية‪ ،‬وزيادة كفاءة وفعالية أداء اإلدارة‪.9‬وفي تعريف‬

‫آخر لإلدارة اإللكترونية أنها استخدام وسائل االتصال التكنولوجية املتنوعة واملعلومات في تيسير سبل أداء‬

‫اإلدارات لخدماتها العامة اإللكترونية ذات القيمة‪ ،‬والتواصل مع طالبي االنتفاع من خدمات املرفق العام‬

‫بمزيد من الديمقراطية‪ ،‬من خالل تمكينهم من استخدام وسائل االتصال اإللكترونية عبر بوابة واحدة‪.10‬‬

‫وفي نفس اإلطار فإن اإلدارة الرقمية تعني مكننة جميع مهام اإلدارة باالعتماد على تكنولوجيا املعلومات‬

‫للوصول أو لتحقيق أهداف اإلدارة وإنجاز الخدمات واملعامالت اإلدارية بطريقة رقمية‪ ،‬كما تعبر عن قدرة‬

‫‪-8‬عشور عبد الكريم‪" ،‬دور اإلدارة اإللكترونية في ترشيد الخدمة العمومية في الواليات املتحدة األمريكية والجزائر"‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم‬
‫السياسية قسنطينة جامعة منتوري‪ ،‬الجزائر ‪ ،2010‬ص ‪.13‬‬
‫‪-9‬محمد سمير أحمد‪ ،‬اإلدارة اإللكترونية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار املسيرة للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪ ،2009‬ص‪.42 :‬‬
‫‪-10‬هيم الفيلكاوي‪ :‬الحكومة اإللكترونية‪ ،‬مجلة الحرس الوطني‪ ،‬العدد ‪ ،19‬نونبر ‪ ،2002‬الكويت‪ ،‬ص‪.50 :‬‬

‫‪9‬‬
‫القطاعات الحكومية على تقديم الخدمات واملعلومات املطلوبة للمواطنين واملستفيدين بالوسائل‬

‫التكنولوجية الحديثة‪.‬‬

‫في حين ينظر البعض اآلخر لإلدارة اإللكترونية على أنها استراتيجية إدارية لعصر املعلومات‪ ،‬تعمل على‬

‫تحقيق خدمات أفضل للمواطنين وللمؤسسات‪ ،‬مع استغالل أمثل ملصادر املعلومات من خالل توظيف‬

‫املوارد اإلدارية والبشرية املتاحة‪ ،‬في إطار حديث من أجل استغالل أمثل للوقت واملال والجهد تحقيقا‬

‫ألهداف اإلدارة وبالجودة املطلوبة‪.11‬‬

‫وقد عرف البنك الدولي اإلدارة اإللكترونية أنها "مصطلح حديث يشير إلى استخدام تكنولوجيا‬

‫املعلومات واالتصاالت‪ ،‬من أجل زيادة كفاءة وفعالية وشفافية ومساءلة الحكومة فيما تقدمه من خدمات إلى‬

‫املواطن ومجتمع األعمال‪ .12"...‬في حين عرفتها منظمة التعاون والتنمية االقتصادية ‪ OCED‬ب "استخدام‬

‫تكنولوجيا املعلومات واالتصاالت وال سيما االنترنيت من أجل تحسين إدارة املرافق العامة"‪.13‬‬

‫وانطالقا مما سبق يمكن القول أن اإلدارة الرقمية ليست مجرد حواسيب وملحقاها يتم الزج بها داخل‬

‫اإلدارة‪ ،‬بل هي استخدام تكنولوجيا املعلومات واالتصاالت وخاصة اإلنترنيت والبرامج املعلوماتية من طرف‬

‫اإلدارات العمومية واملؤسسات العمومية وحتى الجماعات الترابية‪ ،‬وذلك من خالل االنتقال من إنجاز‬

‫املعامالت اإلدارية‪ ،‬وتقديم الخدمات العامة من الطريقة اليدوية إلى الشكل اإللكتروني‪ ،‬من أجل توظيف‬

‫أمثل للوقت واملال والجهد‪ .‬وهذا ما يميز اإلدارة اإللكترونية عن اإلدارة التقليدية بمجموعة من الخصائص‬

‫والسمات‪.‬‬

‫‪-11‬ماجد راغب الحلو‪ ،‬علم اإلدارة العامة ومبادئ الشريعة اإلسالمية‪ ،‬الطبعة األخيرة‪ ،‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪ ،‬اإلسكندرية ‪ ،2007‬ص‪.49-48 :‬‬
‫‪-12‬طمين المية‪ :‬اإلدارة اإللكترونية وعمليات اإلصالح اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.10 :‬‬
‫‪13-OCDE, L’administration électronique: une impérative Principale conclusion. Edition OCDE Paris 2004.‬‬

‫‪10‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬خصائص اإلدارة اإللكترونية‬

‫إن اختالف نمط اإلدارة من الشكل التقليدي على نموذج اإلدارة الرقمية مبني أساسا على استخدام‬

‫تقنيات املعلومات واالتصاالت‪ ،‬إضافة إلى ذلك تمثل اإلدارة الرقمية مدخال متكامال الستثمار الجهد والوقت‪،‬‬

‫مما يجعل هذه األخيرة تتميز بجملة من السمات والخصائص حددت فيما يلي‪:14‬‬

‫أوال‪ :‬زيادة اإلتقان‬

‫إن اإلدارة الرقمية آلية عصرية في عمليات تطوير العمل اإلداري‪ ،‬والتغيير التنظيمي تمثل منعرجا‬

‫حاسما في شكل املهام واألنشطة اإلدارية التقليدية‪ ،‬وتنطوي على مزايا أهمها املعالجة الفورية للطلبات‬

‫والدقة والوضوح التام في إنجاز املعامالت‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬تخفيض التكاليف‬

‫إذا كانت اإلدارة الرقمية تحتاج في البداية ملشاريع مالية معتبرة بهدف دفع عملية التحول فإن انتهاج‬

‫نموذج املنظمات اإللكترونية بعد ذلك سيوفر ميزانيات مالية ضخمة‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬تبسيط اإلجراءات‬

‫أمام الحاجة للتحديث والعصرنة اإلدارية عملت جل اإلدارات على إدخال املعلومات إلى مصالحها‪،‬‬

‫وحرصت على استخدامها االستخدام األمثل‪ ،‬ملا لها من إمكانيات وقدرات في تلبية حاجات املواطنين بشكل‬

‫مبسط وسريع‪.‬‬

‫‪ -14‬رأفت رضوان‪ :‬اإلدارة اإللكترونية اإلدارة واملتغيرات العاملية الجديدة‪ ،‬امللتقى اإلداري الثاني للجمعية السعودية لإلدارة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مركز املعلومات واالتخاذ‬
‫القرار‪ ،‬مارس ‪ ،2004‬ص‪.4 :‬‬

‫‪11‬‬
‫رابعا‪ :‬تحقيق الشفافية‬

‫تعتبر الشفافية الكاملة داخل املنظمات اإللكترونية هي محصلة لوجود الرقابة اإللكترونية‪ ،‬التي‬

‫تضمن املحاسبة الدورية على كل ما يقدم من خدمات‪ ،‬إذ تعرف الشفافية بأنها "الجسر الذي يربط بين‬

‫املواطن ومؤسسات املجتمع املدني من جهة‪ ،‬والسلطات املسؤولة عن مهام الخدمة املقدمة من جهة أخرى‪،‬‬

‫فهي تتيح مشاركة املجتمع بأكمله في الرؤية"‪.15‬‬

‫خامسا‪ :‬املرونة‬

‫اإلدارة اإللكترونية إدارة مرنة يمكنها بفعل التقنية وبفعل إمكاناتها االستجابة السريعة لألحداث‬

‫والتجاوب معها‪ ،‬متجاوزة بذلك حدود الزمان واملكان وصعوبة االتصال‪ ،‬مما يعين اإلدارة على تقديم كثير من‬

‫الخدمات التي لم تكن متاحة أبدا بفعل تلك العوائق في ظل اإلدارات التقليدية‪.16‬‬

‫سادسا‪ :‬عدم التقيد بالزمان واملكان‬

‫من خصائص اإلدارة الرقمية إذا ما تم تعميمها وانتشارها في مختلف اإلدارات أنه باإلمكان مراجعتها‬

‫طوال ساعات اليوم‪ ،‬فهي ال تتقيد في عملها بزمن معين فمواقع هذه اإلدارة متاحة عبر اإلنترنيت أو عبر‬

‫أجهزتها املنتشرة في الشوارع‪ ،‬كما أن وصالت شبكاتها الداخلية أو وصالت شبكة اإلنترنيت ليست في حاجة إلى‬

‫مباني ضخمة الستيعاب موظفيها ومكاتبها الكثيرة‪.17‬‬

‫‪-15‬محمد بومديان‪ :‬اإلشكاليات القانونية العتماد اإلدارة اإللكترونية باملغرب‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مطبعة األمنية الرباط ‪ ،2020‬ص‪.24:‬‬
‫‪-16‬أحمد الشرقاوي‪ :‬اإلدارة اإللكترونية الواقع والتحديات اإلدارية والقانونية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.72 :‬‬
‫‪-17‬مريم كريم‪ :‬إشكالية الجودة في اإلدارة اإللكترونية دراسة مقارنة‪ ،‬رسالة لنيل شهادة املاستر في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية أكدال‪ ،‬جامعة محمد الخامس الرباط‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،2014-2013 :‬ص‪.28 :‬‬

‫‪12‬‬
‫سابعا‪ :‬السرية والخصوصية‬

‫فاملعلومات املهمة بما تملكه تلك اإلدارة من برامج تمكنها من حجب املعلومات والبيانات املهمة‪ ،‬وعدم‬

‫إتاحتها إال لذوي الصالحية الذين يملكون كلمة املرور للنفاذ إلى تلك املعلومات‪ ،‬إن تفوق اإلدارة الرقمية على‬

‫اإلدارة التقليدية إذ أن قدرتها على اإلخفاء والسرية أعلى ولديها أنظمة منع االختراق مما يجعل الوصول على‬

‫أسرارها وملفاتها املحجوبة أمرا بالغ الصعوبة‪.18‬‬

‫تشكل اإلدارة الرقمية بمختلف خصائصها تحوال هاما في طبيعة ونوعية الخدمات التي يقدمها املرفق‬

‫العام‪ ،‬وهذا ما يميزها عن اإلدارة التقليدية‪ ،‬إن أهمية اإلدارة الرقمية تنبع من خصائصها التي يمكن أن‬

‫تشكل نمطا جديدا في نشاطات اإلدارة ووظائفها‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬أهداف اإلدارة الرقمية ووظائفها‬

‫تسعى اإلدارة اإللكترونية إلى تحقيق مجموعة من األهداف من أجل ضمان جودة عالية للخدمات‬

‫املقدمة (الفقرة األولى)‪ ،‬وذلك من خالل الوظائف الرقمية الحديثة (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬أهداف اإلدارة الرقمية‬

‫إن اإلدارة اإللكترونية لها من اإليجابيات أكثر على العمل اإلداري‪ ،‬فتطوير الخدمات الرقمية هو‬

‫دعامة أساسية لتطوير جودة الخدمات وكذا تحديث الدولة‪ ،‬واإلدارة الرقمية وسيلة لتحديث الدولة في‬

‫طريق اشتغالها وحكامتها ويمكن أن نعد من بين حسناتها تقريب املواطن من اإلدارة‪ ،‬وكذا تسهيل عمل‬

‫‪ -18‬مريم كريم‪ :‬إشكالية الجودة في اإلدارة اإللكترونية دراسة مقارنة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.29 :‬‬

‫‪13‬‬
‫املقاوالت‪ ،‬فاإلدارة الرقمية أو الحكومة اإللكترونية هي وسيلة فعالة من أجل تطوير أداء الدولة سواء على‬

‫مستوى تقديم الخدمات‪ ،‬أو على مستوى شفافية الجهاز اإلداري والديمقراطية‪.19‬‬

‫وإذا كانت اإلدارة الرقمية تعد بالنسبة ملجموعة من الدول وسيلة للتسهيل والتبسيط بالنسبة‬

‫للمرتفقين‪ ،‬وكذا الفعالية بالنسبة لإلدارات فإنها بالنسبة للدول السائرة في طريق النمو تمثل وسيلة أو‬

‫فرصة لعقلنة وتسيير اإلدارات‪ ،‬وهي كذلك وسيلة لتطوير وتدعيم الشفافية بين اإلدارة واملواطن‪.‬‬

‫إن الفلسفة الرئيسية لإلدارة الرقمية هي نظرتها إلى اإلدارة كمصدر للخدمات للمواطنين والشركات‬

‫الذين يرغبون في االستفادة من هذه الخدمات‪ ،‬لذلك فإن لإلدارة اإللكترونية اهداف كثيرة تسعى إلى تحقيقها‬

‫في إطار تعاملها مع مختلف املتعاملين معها‪.20‬‬

‫أوال‪ :‬تحسين عالقة اإلدارة باملتعاملين معها‬

‫إن وسائل اإلعالم واالتصال تساهم في تسهيل مشاركة املواطنين في املسلسل السياس ي وكذا تشجيع‬

‫وضع إدارة سهلة الولوج ومسؤولة‪ ،‬تساهم في القضاء على الرشوة كما تساهم تكنولوجيا اإلعالم واالتصال في‬

‫مساعدة الفرد على إسماع صوته في النقاش العمومي وتشجع املواطنين على التفكير بطريقة هادفة في‬

‫األسئلة املرتبطة باملصلحة العامة‪ ،‬وباستعمال تكنولوجيا االعالم واالتصال يمكن أن يصبح املسلسل‬

‫السياس ي أكثر شفافية‪ ،‬وذلك من خالل تبني سياسات حول جودة املعلومة واملسؤولية‪.21‬‬

‫إن تطوير طرق التواصل على الخط تساهم في تعزيز الشفافية باإلدارة وتعزز مشاكرة املواطنين في‬

‫مسلسل اتخاذ القرار‪ ،‬الش يء الذي يساهم في التقليص من الحواجز بين السلطات العمومية واملواطنين‪،‬‬

‫‪-19‬خالد بوشمال‪ :‬رهانات تحديث اإلدارة العمومية باملغرب من خالل نظام اإلدارة اإللكترونية‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية طنجة‪ ،‬جامعة عبد املالك السعدي‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2014-2013‬ص‪.209 :‬‬
‫‪-20‬طمين المية‪ :‬اإلدارة اإللكترونية وعمليات اإلصالح اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.12 :‬‬
‫‪ -21‬خالد بوشمال‪ :‬رهانات تحديث اإلدارة العمومية باملغرب من خالل نظام اإلدارة اإللكترونية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.213 :‬‬

‫‪14‬‬
‫فالتكنولوجيا تساهم في وضع حد لسيطرة اإلدارة على املعلومة بمنحها للمواطنين بطرق وآليات أخرى ملصادر‬

‫املعلومة وتمكن من تنظيم ونشر املعلومة بأقل تكلفة معينة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬تحسين الفعالية وتعزيزالشفافية والديمقراطية‬

‫إن الرقمنة تمكن من معالجة وبطريقة فعالة مجموعة كبرى من امللفات واملهام املرتبطة باإلدارة‪،‬‬

‫باستعمال اإلنترنيت يمكن االقتصاد في تجميع وتوزيع املعلومات‪ ،‬وإعطاء أولوية لتقديم املعلومة والتواصل‬

‫مع املرتفقين كما أن تبادل املعلومات املستمر بين اإلدارات وداخلها يساهم في تحسين الفعالية في املستقبل‪.22‬‬

‫إن التطور على مستوى وسائل االتصال يشكل فرصة بالنسبة للسلطات العمومية من أجل تحسين‬

‫جودة الخدمات واالستجابة النتظارات املواطنين‪ ،‬كما أن تعدد وسائل التواصل بين اإلدارة واملواطنين يجب‬

‫أن يساعد السلطات العمومية على تحديد جيد لحاجياتهم‪ ،‬وذلك من أجل االستجابة إليها‪ ،‬ويساعد إدماج‬

‫امللفات بطريقة معلوماتية على االندماج في الخدمات‪ ،‬وكذلك تقديم الشباك الوحيد للمواطنين من أجل‬

‫التواصل مع اإلدارة مما يسهل طرق التواصل بين اإلدارة واملواطن‪ ،23‬هذا باإلضافة إلى أن التكنولوجيا‬

‫تساهم في الرفع من األداء الداخلي لإلدارة وتطوير نجاعتها‪ ،‬وكذا فاعليتها وتساهم كذلك في الرفع من جودة‬

‫الخدمات‪ ،‬كما أن التطورات على مستوى قدرة اإلدارة على تقديم خدمات معلوماتية تمكن من إعطاء اإلدارة‬

‫إمكانية التدخل وتطوير خدماتها من أجل االستجابة للحاجيات الجديدة‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬مراجعة طريقة العمل الحالية وتحقيق نتائج ذات طبيعة اقتصادية‬

‫إن تطوير الخدمات الرقمية هو دعامة أساسية لتطوير جودتها‪ ،‬وكذا تحديث الدولة وهناك طلب‬

‫متزايد للمرتفقين من أجل تبسيط عالقتهم باإلدارة‪ ،‬كما أن اإلجراءات على الخط تتيح إنتاجية أكثر وربح كبير‬

‫‪22-Etude de L’OCDE sur administration électronique: L’administration électronique un impératif ; publications OCDE ; 2004 ;p :39.‬‬

‫‪ -23‬خالد بوشمال‪ :‬رهانات تحديث اإلدارة العمومية باملغرب من خالل نظام اإلدارة اإللكترونية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.210 :‬‬

‫‪15‬‬
‫بالنسبة لإلدارات‪ ،‬فاملعامالت اإلدارية التي تتطلب ثالث أو أربعة أيام من التنقل باإلضافة إلى تكاليف‬

‫املواصالت والتأخر عن العمل توفرها اإلدارة الرقمية‪ ،‬حيث يكفي بضع دقائق في حالة االلتجاء إليها‪ ،‬كما أن‬

‫تأمين الخدمات للمواطن بأسهل السبل يجعل تركيزه على عمله أكثر‪.‬‬

‫ولإلدارة الرقمية هدف استراتيجي يتحدد في استخدام اإلمكانات الهائلة لتكنولوجيا املعلومات في زيادة‬

‫قدرة الحكومة على توفير املعلومات والخدمات للمواطنين ورجال األعمال بسهولة ويسر‪ ،‬أما أهدافها الفرعية‬

‫فيمكن إجمالها في‪:24‬‬

‫▪ التركيز على عامل الجودة في تقديم الخدمات‬

‫▪ تقليل زمن الحصول على الخدمة‬

‫▪ سهولة إدارة ومتابعة اإلدارات املختلفة للمنظمة وكأنها وحدة مركزية‬

‫▪ تبسيط اإلجراءات وسرعة اإلنجاز ورفع مستوى أداء الخدمات‬

‫▪ السرعة في اتخاذ القرارات املناسبة املبنية على معلومات دقيقة ومباشرة‬

‫انطالقا مما سبق يمكن القول إن للرقمنة مجموعة من األهداف التي تم الوقوف على البعض منها‪،‬‬

‫وإن من شأن هذه األهداف واملرامي التي تسعى إليها اإلدارة الرقمية أن تساهم في تجاوز التعقيدات والبطء‬

‫والروتين والبيروقراطية وغيرها من اإلكراهات‪ ،‬هذه السمات التي أصبحت الطابع الغالب لإلدارة التقليدية‪،‬‬

‫وإن الرقمنة تهدف إلى تحقيق خدمات عجزت عن تحقيقها اإلدارة التقليدية وبجودة عالية‪ ،‬وذلك من خالل‬

‫وظائفها الرقمية‪.‬‬

‫‪ -24‬خالد بوشمال‪ :‬رهانات تحديث اإلدارة العمومية باملغرب من خالل نظام اإلدارة اإللكترونية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.225 :‬‬

‫‪16‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬وظائف اإلدارة الرقمية‬

‫تؤدي اإلدارة الرقمية عددا من الوظائف األساسية مثلت مرتكزات هامة في سياسة التحديث واإلصالح‬

‫اإلداري‪ ،‬وتغييرا جذريا في أساليب اإلدارة التقليدية‪ ،25‬وقد تغيرت الوظائف اإلدارية في إطار اإلدارة الرقمية‪،‬‬

‫من وظائف تعتمد على نظم املعلومات املستقلة إلى وظائف تعتمد على نظم معلومات مندمجة العمل من‬

‫خالل اإلنترنيت‪ ،‬وتشمل هذه الوظائف ما يلي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬التخطيط اإللكتروني‬

‫يعتبر التخطيط حسب فايل "التنبؤ بما سيكون عليه املستقبل مع االستعداد لهذا املستقبل"‪،26‬‬

‫ويعتمد التخطيط اإللكتروني على التركيز بصفة أساسية على استخدام التخطيط اإلستراتيجي والسعي نحو‬

‫تحقيق األهداف اإلستراتيجية‪ ،‬حيث تتم القرارات التي تستخدم النظم اإللكترونية في تخطيط أعمالها‬

‫بالشمولية لخدمة مختلف أقسام املنظمة وإدارتها‪ ،‬ويعتمد التخطيط اإللكتروني أيضا في ظل الثورة الرقمية‬

‫على استخدام نظم جديدة للمعرفة كنظم دعم القرار والنظم الخبيرة ونظم الشبكات االصطناعية‪ ،‬كما‬

‫يعتمد أيضا على تبسيط نظم وإجراءات العمل اإلداري‪.27‬‬

‫ويتميز التخطيط اإللكتروني عن التخطيط التقليدي بمجموعة من السمات‪ ،‬وهي كاآلتي‪:28‬‬

‫▪ أن التخطيط اإللكتروني يمثل عملية دينامية في اتجاه األهداف الواسعة واملرنة واآلنية‪ ،‬وقصيرة‬

‫األمد والقابلة للتجديد والتطوير املستمر واملتواصل‬

‫▪ أنه عملية مستمرة بفضل املعلومات الرقمية دائمة التدفق‬

‫‪ -25‬عشور عبد الكريم‪" ،‬دور اإلدارة اإللكترونية في ترشيد الخدمة العمومية في الواليات املتحدة األمريكية والجزائر"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.30 :‬‬
‫‪-26‬أحمد الشرقاوي‪ :‬اإلدارة اإللكترونية الواقع والتحديات اإلدارية والقانونية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.49 :‬‬
‫‪-27‬مريم كريم‪ :‬إشكالية الجودة في اإلدارة اإللكترونية دراسة مقارنة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.32 :‬‬
‫‪-28‬عشور عبد الكريم‪" ،‬دور اإلدارة اإللكترونية في ترشيد الخدمة العمومية في الواليات املتحدة األمريكية والجزائر"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.30 :‬‬

‫‪17‬‬
‫▪ أنه يتجاوز فكرة تقسيم العمل التقليدية بين اإلدارة وأعمال التنفيذ‪ ،‬فجميع العاملين يمكنهم‬

‫املساهمة في التخطيط اإللكتروني في كل مكان وزمان‬

‫وتعطي البيئة الرقمية قوة للتخطيط اإللكتروني انطالقا مما يميزها من التغير بسرعة عبر الشبكات‬

‫املحلية والعاملية‪ ،‬ما يحقق قدرة على الوصول إلى الجديد من األفكار‪ ،‬األسواق واملنتجات والخدمات غير‬

‫املوجودة‪ ،‬وهذا ما يعطي ميزة وأفضلية لعملية التخطيط اإللكتروني على حساب الشكل التقليدي‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬التنظيم اإللكتروني‬

‫يعتبر التنظيم اإللكتروني "ترتيب األنشطة بطريقة تسهم في تحقيق أهداف املنظمة‪ ،‬وهو الذي يعطي‬

‫شخصيتها ومميزاتها اإلدارية‪ ،‬ويعزز من وزنها وقدرتها على االستجابة للتغيرات في بيئتها الداخلية والخارجية"‪.29‬‬

‫وتتشكل املكونات األساسية للتنظيم في الفكر اإلداري من‪:30‬‬

‫▪ الهيكل التنظيمي الذي يحدد كيفية تقسيم املهام واملوارد وتجميعها في إدارات وأقسام‪ ،‬ويقوم‬

‫بالتنسيق بينها‪.‬‬

‫▪ التقسيم اإلداري الذي يجمع املراكز واألنشطة والوظائف في إدارات وأقسام‪ ،‬ويتم التجميع على‬

‫أساس الوظيفة أو املنتج والخدمة أو املنطقة الجغرافية‪.‬‬

‫▪ وحدة األمر ويمثل خط السلطة الذي يمتد من مستويات التنظيم األعلى إلى املستويات األدنى‪،‬‬

‫ويحدد العالقة االشرافية أو االشرافية أو االستشارية أو التبعية لإلدارة املختلفة‪.‬‬

‫‪-29‬مريم كريم‪ :‬إشكالية الجودة في اإلدارة اإللكترونية دراسة مقارنة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.33 :‬‬
‫‪-30‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.34 :‬‬

‫‪18‬‬
‫ويعد الهيكل التنظيمي اإللكتروني أحد أهم مستلزمات التحول من اإلدارة التقليدية إلى اإلدارة‬

‫الرقمية‪ ،‬وقد يحمل الهيكل اإللكتروني في مضمونه النظري ذات االختصاص الهيكلية التقليدية من وظائف‬

‫رئيسية‪ ،‬وأخرى مساندة وثالثة فنية فضال عن توزيع األدوار واملسؤوليات والصالحيات ونحوها‪ ،‬إال أن السمة‬

‫الغالبة في الهيكل اإللكتروني هي االستخدام املكثف واملناسب لتقنية املعلومات بأركانها الرئيسية‪ ،‬وألجل‬

‫تحويل الهيكل التقليدي إلى هيكل إلكتروني ال بد من دراسة عالقات العمل وطبيعة الهيكل التقليدي‬

‫للمؤسسة‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬الرقابة اإللكترونية‬

‫تعتبر الرقابة تلك األداة الفعالة للتحقق من الوصول إلى األهداف‪ ،‬وتعتبر أيضا تلك املهمة من‬

‫الوظيفة اإلدارية التي يتم بموجبها مراجعة املهام واألهداف املنجزة للتعرف على تنفيذها‪ ،‬باملقارنة مع ما‬

‫خطط له‪ ،‬في ظل الرؤيا واإلستراتيجيات املرسومة مسبقا واتخاذ اإلجراءات الالزمة في حال وجود فجوة أو‬

‫اختالف‪.31‬‬

‫إن من سمات الرقابة التقليدية أنها تركز على املاض ي ألنها تأتي بعد التخطيط والتنفيذ‪ ،‬غير أنه ما‬

‫يميز الرقابة اإللكترونية أنها تسمح باملراقبة اآلنية من خالل شبكة املؤسسة‪ ،‬مما يعطي إمكانية تقليص‬

‫الفجوة الزمنية بين عملية اكتشاف االنحراف أو الخطأ‪ ،‬وعملية تصحيحه‪ ،‬كما تعتبر الرقابة اإللكترونية‬

‫عملية مستمرة ومتجددة تكشف عن االنحراف أول بأول‪ ،‬من خالل تدفق املعلومات والتشبيك بين املديرين‬

‫واملوظفين واملرتفقين‪ ،‬وهو ما يؤدي إلى زيادة تحقيق الثقة اإللكترونية والوالء اإللكتروني بين اإلدارة واملرتفق‪،‬‬

‫مما يعني أن الرقابة اإللكترونية تكون أكثر اقترابا من الرقابة القائمة على الثقة‪.32‬‬

‫‪-31‬أحمد علي الصباب وآخرون‪ :‬أساسيات اإلدارة الحديثة‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬خورزم العملية للنشر والتوزيع‪ ،‬جدة ‪ ،2005‬ص‪.50 :‬‬
‫‪-32‬عشور عبد الكريم‪" ،‬دور اإلدارة اإللكترونية في ترشيد الخدمة العمومية في الواليات املتحدة األمريكية والجزائر"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.31 :‬‬

‫‪19‬‬
‫رابعا‪ :‬القيادة اإللكترونية‬

‫أدت الثورة التكنولوجية في بيئة األعمال اإللكترونية‪ ،‬والتحول في املفاهيم اإلدارية إلى إحداث نقلة‬

‫نوعية في العملية اإلدارية‪ ،‬وكان من نتائجها االنتقال إلى نمط القيادة اإللكترونية في ظل اإلدارة الرقمية‪.‬‬

‫ويعتمد التوجيه اإللكتروني باملنظمات املعاصرة على وجود القيادات اإللكترونية‪ ،‬والتي تسعى إلى‬

‫تفعيل دور األهداف الديناميكية والعمل على تحقيقها‪ ،‬كما يعتمد أيضا على وجود قيادات قادرة على‬

‫التعامل الفعال بطريقة إلكترونية مع األفراد اآلخرين‪ ،‬والقدرة على تحفيزهم وتعاونهم إلنجاز األعمال‬

‫املطلوبة‪ ،‬كما يعتمد التطبيق الكفء للتوجيه اإللكتروني على استخدام شبكات االتصاالت اإللكترونية‬

‫املقدمة‪ ،‬كشبكة االنترنيت بحيث يتم إنجاز وتنفيذ كل عمليات التوجيه من خاللها‪.33‬‬

‫إن اإلشكال الذي يمكن أن ينتج عن التحول في وظائف اإلدارة الرقمية على حساب الوظائف التقليدية‬

‫لإلدارة‪ ،‬وبالرغم من إيجابيات هذا التحول فإنه يؤدي إلى القضاء على إبداعات الفرد داخل املؤسسة‪،‬‬

‫باإلضافة إلى التخلي عن روح العمل الجماعي‪ ،‬الذي ينتج عن االتصال املباشر بين املرتفقين واألجهزة اإلدارية‪،‬‬

‫بحيث ال بد أن تتم مراعاة هذا الجانب داخل اإلدارة‪ ،‬في ظل الحديث اليوم عن جودة الخدمة وما يمثله هذا‬

‫املبدأ التدبيري كدعامة لإلدارة الرقمية‪.‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬الرقمنة دعامة ملقاربة جودة الخدمات اإلدارية‬

‫يعتبر مدخل تدبير الجودة من االتجاهات الحديثة التي القت استحسانا في مجال اإلدارة‪ ،‬وعامال‬

‫لتطوير إدارة املنظمات عن طريق بناء ثقافة عميقة عن الجودة بمعناها الشامل‪ ،‬فهو أسلوب شامل للتطوير‬

‫‪-33‬مريم كريم‪ :‬إشكالية الجودة في اإلدارة اإللكترونية دراسة مقارنة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.36 :‬‬

‫‪20‬‬
‫التنظيمي‪ ،‬لذا فإن هناك من يرى أن الجودة عبارة عن خلق وتطوير قاعدة من القيم واملعتقدات‪ ،‬التي تجعل‬

‫كل فرد في املنظمة يعلم أن الجودة في خدمة املرتفق وتشكل الهدف األساس ي لها‪.34‬‬

‫إن جودة الخدمات تقاس بمدى كفاءة املرفق في االستجابة للمتطلبات وحاجيات املستهدفين‬

‫بإشباعها‪ ،‬وإن التحول الرقمي ملن شأنه أن يعزز من جودة الخدمات التي تقدمها اإلدارة‪ ،‬وتكريس مقاربة‬

‫الجودة كدعامة لإلدارة الرقمية‪.‬‬

‫وعليه سيتم التطرق ملفهوم الجودة واالعتراف القانوني بها (الفرع األول)‪ ،‬ثم بعد ذلك سيتم التطرق‬

‫ألسس ومكونات الجودة الرقمية (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬مفهوم الجودة وإطارها القانوني‬

‫تعد الجودة من املفاهيم املتطورة باستمرار في مجال تدبير املنظمات‪ ،‬إذ تتغير حسب طبيعة هذه األخيرة‬

‫وحسب تطور نشاطها والظروف البيئية املحيطة بها‪ ،‬األمر الذي يجعل من الصعب حصر تعريف موحد‬

‫لها‪ ،35‬وعليه سيتم التطرق ملفهوم الجودة (الفقرة األولى)‪ ،‬ثم االعتراف القانوني بمبدأ الجودة وأهميته كمبدأ‬

‫أساس ي وجوهري في تقديم املرفق العمومي لخدماته للمرتفقين (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مفهوم جودة الخدمة‬

‫يعتمد املرفق العام في تدبيره على قيم ومناهج تختلف بطبيعتها عن تلك التي تطورت في ظل القطاع‬

‫الخاص‪ ،‬والتي أثبتت نجاعتها مما دفع بالقطاع العمومي إلى ترحيلها بهدف عقلنة التدبير وتحقيق جودة‬

‫الخدمات العمومية‪ .‬وقبل الوقوف على مفهوم جودة الخدمة ال بد من التعرف أوال على مفهوم الجودة‪ ،‬حيث‬

‫‪-34‬فريد عبد الفتاح زين الدين‪ :‬املنهج العلمي لتطبيق إدارة الجودة الشاملة في املؤسسات العربية‪ ،‬دار الكتب‪ ،‬القاهرة ‪ ،1996‬ص‪.9 :‬‬
‫‪-35‬نوال الهناوي‪ :‬تدبير الجودة الكلية بالقطاع العام‪ ،‬بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا املعمقة‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية أكدال‪،‬‬
‫جامعة محمد الخامس الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2001-2000‬ص‪.10:‬‬

‫‪21‬‬
‫أن االهتمام بموضوع الجودة كان نتيجة منطقية بعد أن تنبهت إلى أهميته كافة املؤسسات والشركات‬

‫واألجهزة‪ ،‬سواء داخل القطاع العام أو الخاص‪.‬‬

‫ولقد تعددت وتباينت التعريفات التي أعطيت ملفهوم الجودة‪ ،‬حيث أنه من الصعب وجود تعريف بسيط‬

‫وشامال لها وذلك بسبب تعدد جوانبها‪ ،‬ويعرفها ‪ P. CROSPY‬بأنها "التوافق مع املتطلبات"‪ ،‬أما ‪E. DEMING‬‬

‫فقد اعتبرها "إشباع حاجات املستهلك الحالية واملستقبلية"‪ ،‬أما بالنسبة ل ‪ FEIGEN BAUN‬فهي املكونات‬

‫الكلية للمنتوج أو الخدمة التي تشبع متطلبات الزبون‪ ،‬سواء كانت تلك املتطلبات ظاهرة أو ضمنية‪ ،‬مجردة‬

‫أو غير مجردة‪.36‬‬

‫ويقصد بالجودة باملرافق العمومية توافر مجموعة من الخصائص الداخلية والضرورية التي تؤدي في‬

‫النهاية إلى رضا املرتفق‪ ،‬وذلك يقتض ي تحسين مستوى تواصل املرفق العام مع محيطه الخارجي وتطوير كفاءة‬

‫املوظفين الساهرين على سيره‪.37‬وتعبر مقاربة الجودة أيضا على مجموع األنشطة واملساطر واملناهج واألدوات‬

‫التي تمكن من توجيه املنظمات فيما يتعلق بتحقيق الجودة املتمثلة في إشباع حاجيات ومتطلبات املرتفقين‬

‫ومراقبتها في أفق منحها شهادة ايزو ‪ ،ISO‬أي االعتراف بفعالية نظام الجودة‪ ،38‬وعلى هذا األساس فإن مقاربة‬

‫الجودة ترتكز على وظيفة شاملة لكل املفاهيم املتعلقة بحسن االستقبال‪ ،‬واإلنصات واإلرشاد والتواصل‬

‫والشفافية والنزاهة واملردودية‪ ،‬وقد أضحى إرساء أسس مقاربة الجودة رهانا أساسيا لكل قطاع إداري‪ ،‬مما‬

‫يستلزم إعادة النظر في عالقة اإلدارة باملرتفق وفق إطارات تحدد االلتزامات املفروضة على الطرفين‪.39‬‬

‫‪ -36‬نوال الهناوي‪ :‬تدبير الجودة الكلية بالقطاع العام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.10 :‬‬
‫‪-37‬محمد بومديان‪ :‬اإلشكاليات القانونية العتماد اإلدارة اإللكترونية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.31 :‬‬
‫‪ -38‬مريم كريم‪ :‬إشكالية الجودة في اإلدارة اإللكترونية دراسة مقارنة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.87 :‬‬
‫‪-39‬أسامة املنير‪ :‬اإلدارة اإللكترونية ومتطلبات الجودة‪ -‬إدارة الجمارك والضرائب غير املباشرة نموذجا‪ ،‬بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا املعمقة في القانون‬
‫العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية السويس ي‪ ،‬جامعة محمد الخامس الرباط‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،2008-2007 :‬ص‪.71 :‬‬

‫‪22‬‬
‫فالجودة قبل كل ش يء هي مسألة عقليات وثقافة تنبني على السعي الدائم لتحقيق األفضل وتقبل كل ما‬

‫من شأنه املساهمة في تحسين األداء وتقييمه‪ .‬وبالتالي فجودة الخدمة هي ذلك الرفق بين الجودة املدركة من‬

‫قبل املرتفق والجودة املتوقعة وهي تتعلق بذلك التفاعل بين املرتفق واإلدارة‪ ،‬وهي أيضا مدى مطابقة األداء‬

‫الفعلي للخدمة بجودة أفضل مع توقعات املرتفقين وكذا رضاهم عليها‪.‬‬

‫ونظرا ألهمية الجودة في تقديم الخدمات كان ال بد من البحث عن مدى االعتراف القانوني بها‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬االعتراف القانوني بمبدأ الجودة‬

‫تشكل مبادئ الجودة‪ ،‬االستمرارية واملساواة والتكيف قواعد أساسية للمرافق العمومية‪ ،‬وبوجود عناصر‬

‫املصلحة العامة فهي بمثابة خصائص مشتركة لجميع املرافق‪ ،‬فهذه املبادئ لم تعد محط إجماع من طرف‬

‫الفقه لتترك املجال مفتوحا أمام التنوع واالختالف‪ ،‬هذا األخير تضاعف مع اعتماد سياسة لتحسين عالقة‬

‫اإلدارة مع املتعاملين معها‪ ،40‬وبجانب املبادئ التقليدية أصبح الحديث عن مبادئ الشفافية والتبسيط‬

‫واملسؤولية والجودة‪ ،‬فهل يمكن اعتبار الجودة بمثابة مبدأ سير املرفق العمومي؟‬

‫تشكل مبادئ املرفق العمومي روابط ضرورية ناتجة عن طبيعة األشياء‪ ،‬ليست بقوانين وضعية وإنما هي‬

‫عبارة عن بنى فكرية انطالقا من القانون الوضعي‪ ،‬تمكن القاض ي واملشرع التنظيمي أو البرملاني من وضع‬

‫قواعد جديدة تتناسب مع سابقاتها‪ ،‬ولكي ترتقي إلى مستوى مبدأ للمرفق العمومي يجب أن تكون ضرورية‬

‫ضرورة وجوده‪ ،‬ومستقلة عن باقي املبادئ‪ ،‬فإذا كان املقصود بالجودة القدرة على إشباع حاجيات املرتفقين‪،‬‬

‫‪-40‬مريم كريم‪ :‬إشكالية الجودة في اإلدارة اإللكترونية دراسة مقارنة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.96 :‬‬

‫‪23‬‬
‫وباعتبارها وسيلة املرفق العمومي وغايته فإن قبولها كمبدأ يتطلب ترتيبها آلثار قانونية واستهدافها تحقيق‬

‫املصلحة العامة‪ ،‬وحضورها في النصوص القانونية واالجتهاد القضائي‪.41‬‬

‫إن التنصيص على مصطلح الجودة على مستوى العديد من النصوص القانونية‪ ،‬مؤشر على نية‬

‫السلطات العمومية في إخضاع املرفق العام ملتطلبات الجودة‪ ،‬وجعل املرتفق في صلب اهتماماتها وتوفير‬

‫حماية قصوى له من تعسفات اإلدارة كمستهلك وزبون للمرفق العمومي‪.‬‬

‫وبالرجوع للفقرة الثانية من الفصل ‪ 154‬من دستور‪ ،422011‬نجد أن املشرع املغربي قد نص على عدة معايير‬

‫تخضع لها املرافق العمومية‪ ،‬معيار الشفافية والديمقراطية ومعيار ربط املسؤولية باملحاسبة باإلضافة إلى‬

‫معيار الجودة‪ ،‬ولقد أصبحت هذه األخيرة تنفذ إلى قانون املرفق العمومي وبالرغم من أنها لم ترق بعد إلى‬

‫مستوى مبدأ عام للقانون‪ ،‬فهي تشكل على األقل مبدئا موجها لنشاط املرفق‪ ،‬وبدأت تلقى االعتراف التدريجي‬

‫من طرف املشرع البرملاني والتنظيمي واالجتهاد القضائي‪ ،‬لكن إدماج هذا املبدأ في نظام املرفق العمومي‬

‫يتحقق في ضوء القانون اإلداري‪ ،‬كما لو أن علم التدبير هو الوحيد القادر على تجديد املرفق العمومي‬

‫خصوصا وأن هذا األخير أصبح يستورد القيم والتقنيات التدبيرية‪ ،‬ويخضع للقوى االقتصادية الخاصة في‬

‫املعايير التي تضعها‪ ،‬فاالعتماد أو االشهاد على معايير الجودة املوضوعة من طرف إيزو بالنسبة للمرفق‬

‫العمومي مثال‪ ،‬يتم من طرف منظمات القطاع الخاص‪ ،‬وذلك بقدرتها على تقييم جودة الخدمات اإلدارية‪،‬‬

‫وبالتالي لم تعد املرافق العمومية مطالبة بمطابقة نشاطها للقانون فقط بل ومع مرجع الجودة أيضا‪ ،‬هذا‬

‫‪-41‬أسامة املنير‪ :‬اإلدارة اإللكترونية ومتطلبات الجودة‪ -‬إدارة الجمارك والضرائب غير املباشرة نموذجا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.87 :‬‬
‫‪ -42‬الدستور الجديد للمملكة املغربية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.11.91‬بتاريخ ‪ 29‬يوليو ‪ ،2011‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 5964‬مكرر بتاريخ ‪30‬‬
‫يوليوز ‪ ،2011‬ص‪.3600 :‬‬

‫‪24‬‬
‫األمر ترجم بتطور املعايير السلوكية للمرفق (الشفافية‪ ،‬السرعة‪ )..‬إلشباع حاجيات املرتفقين ودمقرطة‬

‫العالقة اإلدارية‪.43‬‬

‫وعليه فإن الرقمنة تساهم في دعم جودة الخدمات اإلدارية وذلك باستهدافها تحقيق الفعالية واالقتصاد‬

‫في الكلفة وضمان الشفافية والنجاعة‪ ،‬عن طريق انتقال العديد من الخدمات املادية (ورقية) إلى خدمات‬

‫رقمية في إطار اإلدارة اإللكترونية‪ ،‬هذا مع إخضاع الخدمات اإللكترونية بدورها ملقاربة الجودة وذلك بالعمل‬

‫على مالءمتها مع معايير الجودة اإللكترونية بهدف تحقيق الحكامة اإللكترونية وتدعيم الثقة الرقمية‪ ،‬األمر‬

‫الذي يدعو إلى التساؤل عن أسس ومكونات الجودة اإللكترونية‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬أسس ومكونات الجودة الرقمية‬

‫تعتبر مقاربة الجودة من األهمية بما كان في االرتقاء بجودة الخدمات الرقمية‪ ،‬حيث أصبحت اليوم تفرض‬

‫نفسها في ظل اإلكراهات التي تعترض نشاط املرفق العام‪ ،‬وقد شكلت الرقمنة كآلية وهدف في سبيل تحسين‬

‫جودة الخدمات املقدمة للمرتفقين‪ ،‬وعليه ال بد من الحديث عن أسس الجودة الرقمية (الفقرة األولى)‪ ،‬ثم‬

‫مكوناتها (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬أسس جودة الخدمات الرقمية‬

‫لقد أصبح اعتماد مقاربة الجودة باإلدارة مطلبا أساسيا للرفع من فعالية التدبير العمومي‪ ،‬كأساس لجودة‬

‫الخدمات اإللكترونية وذلك إلبراز قدرة اإلدارة في ظل مناخ تنافس ي على أداء خدماتها للمرتفقين‪ ،‬هذا الوعي‬

‫بضرورة تطوير الجودة باملرفق العمومي‪ ،‬راجع باألساس إلى تزايد وعي املواطن بمتطلباته اتجاه اإلدارة أو‬

‫‪-43‬مريم كريم‪ :‬إشكالية الجودة في اإلدارة اإللكترونية دراسة مقارنة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.98 :‬‬

‫‪25‬‬
‫القطاع الخاص على حد سواء‪ .‬إن هذه املقاربة تهدف إلى وضع املرتفق في صلب اهتمامات املرفق العمومي‪،‬‬

‫مع التأكيد على اقتصار الدولة على وظائفها اإلستراتيجية‪.44‬‬

‫ويعتمد املبدأ التدبيري للجودة على نوعين من املقاربات‪ ،‬مقاربات تأمين الجودة والتي تهدف إلى اعتبار‬

‫أن املنتوج أو الخدمة أو التنظيم يستجيب ملعايير الجودة‪ ،‬ومقاربات التدبير التشاركي والتي تطورت في القطاع‬

‫الخاص وعرفت بعض التكيفات مع القطاع العام‪ ،‬بإرسائها لتجديد في أساليب التدبير املتمثلة في تقنيات‬

‫املساءلة وااللتزام بجودة الخدمة‪.45‬‬

‫أوال‪ :‬مقاربات تأمين الجودة‬

‫ترتكز هذه املقاربات على منطق تأمين الجودة الذي يفرض حصول املرتفق على خدمة مطابقة ملرجع‬

‫الجودة املعتمد (املرجع العام ايزو‪ ،‬اإلشهاد‪ ،‬االعتماد‪ ،‬تدقيق الجودة‪ ،‬املراقبة الداخلية‪ ،‬التقييم الذاتي‪،)...‬‬

‫وتعرف ايزو تأمين الجودة بأنه "مجموع األنشطة املوضوعة مسبقا بطريقة نسقية في نظام للجودة بهدف‬

‫ضمان الثقة وبأن الهيئة أو املنظمة تلبي متطلبات الجودة"‪ ،‬ويخضع ملعايير موضوعة من طرف القطاع‬

‫الخاص يتطلب ترحيها نحو القطاع العام بعد التكيفات والتعديالت‪ ،‬لكي يعيد املرفق العمومي إنتاج نفس‬

‫املقاربات مع االحتفاظ باملفاهيم املعتمدة في القطاع الخاص‪.46‬‬

‫وتهدف مقاربات تأمين الجودة إلى ضبط املساطر وتساهم في ضمان الثقة في املنتوج والخدمة‪ ،‬وترتكز‬

‫مقاربات تأمين الجودة على معايير الجودة واملوضوعة من طرف ايزو منذ سنة ‪ ،1987‬هذا التطور جعل‬

‫باإلمكان اعتمادها بالنسبة للمرافق العمومية‪ ،‬هذا باإلضافة إلى االشهاد والذي يعتبر مسطرة لتأمين الجودة‬

‫‪44-FrancoisCaby, Virginie Louise, Sylvie Rolland, La qualité au xx1 siècle, vers le management de la confiance, Economica, 2002, p: 61.‬‬

‫‪45-Lucie Cluzel- Métayer: le service public et l’exigence de qualité, Dalloz, collection Nouvelle Bibliothèque de thèses, 2006, p,p : 537-574.‬‬

‫‪ -46‬أسامة املنير‪ :‬اإلدارة اإللكترونية ومتطلبات الجودة‪ -‬إدارة الجمارك والضرائب غير املباشرة نموذجا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.73 :‬‬

‫‪26‬‬
‫تتبعها املنظمة من أجل منح الثقة للمرتفقين‪ ،‬ثم االعتماد ويتميز عن االشهاد بكونه ال يمنح فقط الثقة‬

‫والحجة‪ ،‬وإنما يشهد أيضا بكفاءة املوظفين أو املستخدمين في تحقيق الخدمة‪ ،‬وباعتباره اعترافا بالكفاءة‬

‫وهذا االعتراف يتطلب أن يرتكز االعتماد على مرجع للجودة (تدبير الجودة الكلية ‪.47)TQM‬‬

‫ثانيا‪ :‬مقاربات التدبيرالتشاركي‬

‫تتميز مقاربات التدبير التشاركي كونها نتيجة لنشر ثقافة التدبير العمومي الجديد ‪ ،NPM‬إذ تقوم على‬

‫تقنيات تدبيرية تهدف إلى تطوير كفاءة املرفق العمومي من خالل تقييم الخدمات ومساءلة الفاعلين وااللتزام‬

‫اتجاه املرتفقين‪ ،‬وتمكين املرفق من أداء خدماته عبر إرساء عالقات من الثقة على املستوى املالي بالتحكم في‬

‫النفقات‪ ،‬وعلى املستوى البشري بتوضيح األدوار وتحفيز املوارد البشرية‪ ،‬فهي كمقاربات منظماتية تعمل على‬

‫التطوير الدائم لحلول الالجودة‪.48‬‬

‫وترتكز مقاربات التدبير التشاركي على بناء مؤشرات تساعد في إثبات فعالية الخدمات املقدمة للمرتفقين‪،‬‬

‫فهي بمثابة معلومات مركبة تمكن من القياس الدوري لحقيقة الخدمات باملقارنة مع املعايير املرجعية‬

‫املحددة مسبقا‪ ،‬حيث تجمع بين التقييم واملراقبة‪ .‬وفي هذا الصدد يمكن التفرقة بين ثالث أنواع من‬

‫املؤشرات‪ :‬مؤشرات الفعالية والنجاعة والجودة‪.‬‬

‫باإلضافة إلى تدعيم املساءلة وذلك بتفويض أكبر قدر من املسؤوليات‪ ،‬مع تحديدها بدقة بهدف تدعيم‬

‫املسؤولية القانونية للفاعلين واملساهمة في تقنين متطلبات الجودة‪ ،‬ثم االلتزام تجاه املرتفقين حيث جاءت‬

‫‪-47‬مريم كريم‪ :‬إشكالية الجودة في اإلدارة اإللكترونية دراسة مقارنة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.90 :‬‬
‫‪ -48‬أسامة املنير‪ :‬اإلدارة اإللكترونية ومتطلبات الجودة‪ -‬إدارة الجمارك والضرائب غير املباشرة نموذجا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.77 :‬‬

‫‪27‬‬
‫فكرة إنشاء مواثيق للمرافق العمومية كآلية لتحسين عالقة اإلدارة باملتعاملين معها‪ ،‬وهي عبارة عن آلية‬

‫مكتوبة ذات دالالت أخالقية ورمزية‪.49‬‬

‫وعليه فإنه يجب أن تتضمن مواثيق املرفق العام أو مواثيق الجودة املبادئ األساسية املوجهة لتحسين عالقة‬

‫اإلدارة باملتعاملين معها‪ ،‬كالولوجية والسرعة والتبسيط والشفافية والوساطة واملسؤولية واملشاركة وبالتالي‬

‫فإن إدخال البعد الرقمي في هذه املواثيق يساهم في تدعيم وتجويد الخدمات التي تقدمها املرافق العمومية‪،‬‬

‫ملا توفره الرقمنة من سالسة ومرونة في تقديم مختلف املعامالت اإلدارية تعزيزا للجودة الرقمية بمختلف‬

‫مكوناتها‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬مكونات الجودة الرقمية‬

‫تختلف مكونات الجودة الرقمية في املرفق العمومي نظرا لخصوصيتها عن تلك املعتمدة في املجال‬

‫التدبيري‪ ،‬ويمكن الحديث عن ظهور الجودة الرقمية اإلدارية في قلب مسار تطوير العالقة بين املرفق‬

‫العمومي واملرتفقين‪ ،‬وذلك باالعتراف لهم بمجموعة من الحقوق والتعامل معهم كمواطنين وليس فقط‬

‫كمستهلكين وزبناء‪ ،‬وترتكز اإلصالحات الهادفة إلى دعم جودة الخدمات اإلدارية على توجهين أساسيين‪ :‬تيسير‬

‫ولوج املرفق العمومي وتحسين خدماته‪.50‬‬

‫إن من مميزات اإلدارة الرقمية املرونة في التجاوب مع مختلف حاجيات املرتفقين‪ ،‬وتساهم أكثر في دعم‬

‫الولوجية إلى الخدمات اإلدارية الرقمية‪ ،‬وتعتبر هذه األخيرة أحد عناصر إشباع حاجات املرتفقين ومكونا‬

‫أساسيا لجودة الخدمة املقدمة‪ ،‬وتتمركز حول الوظائف األساسية للمرفق واملتمثلة في الحفاظ على التناسق‬

‫االجتماعي‪ ،‬فهي كتقنية تهدف إلى تطوير العالقة اإلدارية وتقريب املرافق من املواطن‪.‬‬

‫‪-49‬مريم كريم‪ :‬إشكالية الجودة في اإلدارة اإللكترونية دراسة مقارنة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.92 :‬‬
‫‪ -50‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.93 :‬‬

‫‪28‬‬
‫باإلضافة إلى أن الرقمنة تساهم في دعم مبدأ املساواة وذلك من خالل سهولة ولوج كافة املرتفقين إلى‬

‫الخدمات الرقمية للمرافق العمومية‪ ،‬وتمكين األشخاص ذوي االحتياجات الخاصة واملهمشين من خدمات‬

‫عمومية مالئمة لوضعهم االجتماعي‪ ،‬في أفق االنتقال من مبدأ املساواة إلى مبدأ االنصاف وينظر إلى الجودة‬

‫الرقمية كعامل لتحقيق التناسق االجتماعي ألنها تفرض املساواة في ولوج عادل للمرافق العمومية‪ ،‬بتخليق‬

‫اإلدارة ودمقرطتها وتكسير طوق البيروقراطية وردود الفعل السلطوية بإقامة عالقات خارجية مع املرتفقين‬
‫أكثر مرونة وانفتاحا وإنسانية‪51.‬‬

‫باإلضافة إلى تدعيم الولوجية‪ ،‬تتطلب الجودة املرفقية تطوير الشفافية والوضوح في العمل اإلداري إذ‬

‫ال يجب أن تقتصر اإلدارة فقط على التقرب املادي من املرتفقين‪ ،‬بل وأن تقترب من الناحية املعنوية وتنفتح‬

‫على املتعاملين معها‪ ،‬وأن تتميز بالوضوح في أدائها وتعمل على تغيير عالقتها مع املرتفقين استجابة‬

‫النتقاداتهم‪ ،‬خصوصا تلك املتعلقة بالتعقيد في املساطر اإلدارية وتدعيم االعالم والشفافية‪ ،‬ويشكل‬

‫الوضوح خاصية أساسية للجودة اإلدارية وجزء ال يتجزأ من التدبير الشامل للجودة‪.‬‬

‫ويرتكز الوضوح على عنصرين أساسيين‪ 52:‬تطوير االعالم والشفافية في العمل اإلداري وتبسيط‬

‫اإلجراءات والشكليات اإلدارية‬

‫أوال‪ :‬تطويراالعالم والشفافية في العمل اإلداري‬

‫غالبا ما يشكل إلزام املوظفين بالحفاظ على السر املنهي عائقا أمام تواصل اإلدارة مع محيطها‪ ،‬هذا األمر‬

‫يتطلب االستجابة النتظارات املرتفقين الذين أصبحوا ال يتحملون غموض املرفق العمومي‪ ،‬فتواصل هذا‬

‫األخير وانفتاحه يعتبر أحد عناصر جودة أدائها‪ ،‬ونشر املعلومات اإلدارية مثال يمكن للمرتفقين من الحصول‬

‫‪-51‬أسامة املنير‪ :‬اإلدارة اإللكترونية ومتطلبات الجودة‪ -‬إدارة الجمارك والضرائب غير املباشرة نموذجا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.94 :‬‬
‫‪-52‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.95 :‬‬

‫‪29‬‬
‫على املعلومات دون التنقل نحو املكاتب واإلدارات‪ ،‬كما سيمكن من إعادة الثقة للمواطن في اإلدارة‪ ،‬وقد‬

‫ساهم استعمال تكنولوجيا املعلومات واالتصال في التيهيء العملي لشفافية العمل اإلداري‪ ،‬من خالل‬

‫التواصل مع املرتفقين من أجل إعالمهم باملساطر اإلدارية والخدمات املقترحة من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى وضع‬

‫املعلومة القانونية رهن إشارتهم‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬تبسيط اإلجراءات واملساطراإلدارية‬

‫تتميز منظومة املساطر اإلدارية في وضعها الحالي بالتعقيد والتشعب وعدم التوحيد على مستوى التراب‬

‫الوطني‪ ،‬هذا الوضع ينعكس بشكل سلبي على التطور االقتصادي واالجتماعي ذلك أن املساطر املعقدة وكثرة‬

‫الوثائق املطلوبة وتعدد املسالك والقنوات التي يتطلبها إنتاج الوثيقة وطول اآلجال التي يستغرقها ذلك‪ ،‬كلها‬

‫عوامل أدت لعدم فعالية وضعف إنتاجية ومردودية اإلدارات العمومية وعدم جودة الخدمات التي تقدمها‬

‫للمواطن واملقاولة‪ ،‬ومن ثمة كانت الضرورة ملحة لصدور القانون رقم ‪ 55.19‬املتعلق بتبسيط املساطر‬

‫واإلجراءات اإلدارية‪( 53‬سيتم الرجوع إليه بالتحليل والدراسة فيما بعد من هذا البحث)‪ ،‬من أجل محاربة‬

‫مظاهر التعقيد اإلداري والتقليص من عدد الوثائق املطلوبة‪ ،‬وتعريف املواطن باملسالك املتبعة للولوج إلى‬

‫الخدمات العمومية وبغية الرفع من وثيرة التنمية وتشجيع االستثمار الداخلي واألجنبي‪ ،‬إذ يهدف التبسيط إلى‬

‫التخفيف من املساطر واملسالك واإلجراءات اإلدارية غير املجدية‪ ،‬وذلك لتحقيق هدفين أساسيين‪ :‬تسهيل‬

‫الحياة اليومية للمواطن وتيسير نشاط املقاوالت وتمكينها من املساهمة في تحقيق التنمية االقتصادية‪ .‬وبناء‬

‫عليه فاألمر يدعو إلى التساؤل عن اإلطار القانوني والتنظيمي لإلدارة الرقمية باملغرب‪.‬‬

‫‪-53‬القانون رقم ‪ 55.19‬املتعلق بتبسيط املساطر واإلجراءات اإلدارية‪ ،‬الصادر في ‪ 19‬مارس ‪ 2020‬املوافق ل ‪ 24‬رجب ‪1441‬ه‪ ،‬والصادر بتنفيذه الظهير‬
‫الشريف رقم ‪ 1.20.06‬الصادر في ‪ 11‬من رجب ‪1441‬ه املوافق ل ‪ 6‬مارس ‪ ،2020‬جريمة رسمية عدد ‪.6866‬‬

‫‪30‬‬
‫املبحث الثاني‪ :‬اإلطارالقانوني والتنظيمي لإلدارة اإللكترونية باملغرب‬

‫أدت التطورات التكنولوجية في العصر الحديث إلى التغيير في نمط تقديم الخدمات العمومية‪ ،‬وقد‬

‫ظهرت اإلدارة اإللكترونية كنتيجة لالرتقاء بهذه الخدمات من الطابع اليدوي التقليدي إلى التدبير الرقمي‬

‫لكافة الخدمات العمومية‪ ،‬وبالتالي فالفكرة الجوهرية للرقمنة هي نظرتها لإلدارة كمصدر للخدمات وإلى‬

‫املرتفق كمستقبل لهذه الخدمات من أجل تقديمها بجودة عالية وذلك باالستفادة من املميزات التي توفرها‬

‫تكنولوجيا املعلومات واالتصال كالسرعة في األداء‪ ،‬واملرونة وربح الوقت والجهد واملال‪.‬‬

‫ومن هذا املنطلق‪ ،‬فإن مشروع اإلدارة اإللكترونية يجب أن يراعي عدة متطلبات منها البنية التحتية‬

‫التكنولوجية‪ ،‬وضرورة وجود إطار قانوني لإلدارة الرقمية بهدف تسهيل عملها (املطلب األول)‪ ،‬باإلضافة إلى‬

‫تنزيل االستراتيجيات الوطنية الرقمية لرقمنة العمل اإلداري مع تعزيز اإلطار املؤسساتي لإلدارة اإللكترونية‬

‫بغية ضبط املجال الرقمي باملغرب (املطلب الثاني)‪.‬‬

‫املطلب األول‪ :‬اإلطارالقانوني لإلدارة اإللكترونية‬

‫إن إدخال تكنولوجيا املعلومات واالتصاالت لإلدارة العمومية من شأنه الرفع من جودة ومردودية‬

‫الخدمات املرفقية التي تقدمها‪ ،‬وذلك من خالل االنتقال من تقديم الخدمات اإلدارية التقليدية في ظل اإلدارة‬

‫التقليدية‪ ،‬إلى التدبير الرقمي للخدمات في ظل اإلدارة الرقمية‪.‬‬

‫وبالتالي فإن إرساء إدارة إلكترونية يستلزم إعداد إطار قانوني مناسب يحمي ويستوجب ثقة املواطنين‬

‫واإلدارات واملقاوالت في املناخ الرقمي السائد‪ .‬ومن هذا املنطلق كان لزاما على اإلطار التشريعي املغربي أن‬

‫يتطور بنفس وثيرة التطور التكنولوجي‪ ،‬وأن يقدم أفضل حماية لحقوق األفراد في أن يبحروا في عالم رقمي‬

‫‪31‬‬
‫آمن ومحصن‪ ،54‬ألن تعميم اإلدارة الرقمية يرتبط بمدى قدرة املشرع على سن قوانين تواكب مختلف جوانبها‬

‫ومستجداتها‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬فإن الترسانة القانونية في مجال اإلدارة اإللكترونية قد تعززت بإصدار املشرع املغربي مجموعة من‬

‫النصوص القانونية ذات البعد الرقمي (منها ما لم يصدر بعد)‪ ،‬وتجدر اإلشارة إلى أن القوانين املؤطرة لإلدارة‬

‫اإللكترونية باملغرب يصعب حصرها بحيث هناك قوانين لها صلة مباشرة باإلدارة اإللكترونية‪ ،‬ومنها نصوص‬

‫أخرى تحتوي فقط على دالالت تشير إليها‪.‬‬

‫ومن هذا املنطلق سيتم تقسيم اإلطار القانوني إلى القوانين املتعلقة بتحسين جودة الخدمات اإلدارية‬

‫(الفرع األول)‪ ،‬ثم القوانين املتعلقة بالتبادل اإللكتروني للمعطيات (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬القوانين املتعلقة بتحسين جودة الخدمات اإلدارية‬

‫إن تحسين جودة الخدمات اإلدارية من األهداف التي يسعى املشرع املغربي إلى تحقيقها‪ ،‬من أجل الرقي‬

‫باإلطار القانوني للرقمنة في العمل اإلداري وتلبية مختلف متطلبات املرتفقين للولوج إلى الخدمات الرقمية‪،‬‬

‫مما حدى باملشرع بإصدار مجموعة من القوانين التي لها ارتباط بجودة الخدمة‪ ،‬منها القانون رقم ‪55.19‬‬

‫املتعلق بتبسيط املساطر واإلجراءات اإلدارية (الفقرة األولى)‪ ،‬ثم القانون رقم ‪ 31.13‬املتعلق بالحق في‬

‫الحصول على املعلومة (الفقرة الثانية)‪ ،‬والقانون رقم ‪ 20.05‬املتعلق باألمن السيبراني (الفقرة الثالثة)‪،‬‬

‫ومشروع قانون رقم ‪ 54.19‬بمثابة ميثاق للمرافق العمومية (الفقرة الرابعة)‪ ،‬باإلضافة إلى مشروع قانون رقم‬

‫‪ 41.19‬املتعلق باإلدارة الرقمية (الفقرة الخامسة)‪.‬‬

‫‪-54‬محمد بومديان‪ :‬اإلشكاليات القانونية العتماد اإلدارة اإللكترونية باملغرب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.51 :‬‬

‫‪32‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬القانون رقم ‪ 55.19‬املتعلق بتبسيط املساطرواإلجراءات اإلدارية‬

‫لقد شكلت الثورة املعلوماتية نقطة تحول وتغيير في نمط ومفهوم اإلدارة‪ ،‬وكذا في نوعية الخدمات‬

‫املقدمة من التدبير التقليدي إلى االنتقال للمفهوم الرقمي للخدمة‪ ،‬وبذلك فقد جعلت اإلجراءات واملساطر‬

‫التقليدية غير ذات معنى في ظل بروز مفاهيم جديدة كالتواصل والفعالية والنجاعة واملشاركة والجودة‪...‬إلخ‪،‬‬

‫ملا توفره من فرص إحالل وترسيخ الديمقراطية اإلدارية‪.55‬‬

‫واملساطر اإلدارية هي مجموعة من القواعد والشكليات التي يتعين على السلطات اإلدارية مراعاتها‪ ،‬قبل اتخاذ‬

‫أي قرار حماية لحقوق وحريات األفراد‪ .56‬وإن ما يطبع واقع املساطر واإلجراءات اإلدارية اليوم القصور‬

‫والتعقيد‪ ،‬بحيث أصبحت متجاوزة نظرا ملجموعة من التطورات التي عرفتها مختلف املجاالت‪ ،‬وأن شفافية‬

‫وتبسيط العمل اإلداري تقتض ي إعادة النظر في طريقة نشر املعلومات واملشاركة في اتخاذ وتعليل القرارات‬

‫اإلدارية وتبسيط املساطر وتقديم املعلومات في لغة واضحة وفي متناول الجميع‪ ،‬والبحث عن تأسيس حوار‬

‫بين اإلدارة واملرتفق‪.57‬‬

‫ومن هذا املنطلق‪ ،‬يمكن القول إن رقمنة العمل اإلداري بإدخال تقنيات حديثة وعصرنة مجال‬

‫التسيير‪ ،‬يمكن أن يلعب دورا حاسما في تبسيط املساطر واإلجراءات اإلدارية التي تتميز بالتصلب والتحكم‪،‬‬

‫وتحويلها من أداة ضبط وتحكم بيد الدولة إلى وسيلة يحمي بها املرتفق حقوقه وحرياته تحقيقا للجودة في‬

‫الخدمات املقدمة‪.58‬‬

‫‪-55‬عبد القادر البوفي‪ :‬تكنولوجيا املعلوميات وتأثيرها على العنصر البشري‪ :‬اإلدارة العمومية املغربية نموذجا‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬كلية‬
‫العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية أكدال‪ ،‬جامعة محمد الخامس الرباط‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،2003-2002 :‬ص‪.53 :‬‬
‫ن‬
‫‪-56‬خالد نوحي‪ :‬دور املساطر اإلدارية في حل إشكالية التسيير والعالقات مع املرتفق‪ ،‬بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا املعمقة في القانو العام‪ ،‬كلية العلوم‬
‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية أكدال‪ ،‬جامعة محمد الخامس الرباط‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،1997-1996 :‬ص‪.9 :‬‬
‫‪-57‬خالد بوشمال‪ :‬رهانات تحديث اإلدارة العمومية باملغرب من خالل نظام اإلدارة اإللكترونية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.86 :‬‬
‫‪ -58‬عبد القادر البوفي‪ :‬تكنولوجيا املعلوميات وتأثيرها على العنصر البشري‪ :‬اإلدارة العمومية املغربية نموذجا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.53 :‬‬

‫‪33‬‬
‫وفي هذا اإلطار صدر القانون رقم ‪ 55.19‬املتعلق بتبسيط املساطر واإلجراءات اإلدارية الذي يعد رافعة‬

‫أساسية لتحسين جودة الخدمات املقدمة للمواطن واملقاولة‪ ،‬ولتعزيز الثقة بين اإلدارة واملرتفق‪ ،‬ويحدد هذا‬

‫القانون املبادئ العامة املنظمة للعالقة الجديدة التي يجب أن تجمع اإلدارة باملرتفق‪ ،‬بغية خلق مناخ من‬

‫الثقة بينهما‪ ،‬وذلك اعتمادا على مبادئ الحكامة الجيدة والتدبير العصري‪ ،‬وتسخير التقنيات املبتكرة في‬

‫مجال املعلومات واالتصال‪.59‬‬

‫ومن املستجدات التي جاء بها القانون ‪ 55.19‬إقرار التبادل البيني للمعلومات والوثائق واملستندات بين‬

‫اإلدارات العمومية‪ ،‬عن طريق إحداث بوابة وطنية موحدة لتبسيط املساطر اإلدارية (‪ ،(PNA‬تضع رهن‬

‫إشارة املرتفق كل املعلومات الالزمة حول املساطر واإلجراءات املتعلقة بالقرارات اإلدارية هذا من جهة‪ ،‬ومن‬

‫جهة أخرى توفر هذه البوابة خاصية التبادل البيني للمستندات والوثائق والبيانات بين اإلدارات العمومية‪.60‬‬

‫ويلزم هذا القانون اإلدارات العمومية بجرد وتصنيف وتوثيق جميع القرارات اإلدارية التي تدخل في‬

‫مجال اختصاصها ونشرها بالبوابة الوطنية للمساطر واإلجراءات اإلدارية‪ ،‬بمنحها مهلة ‪ 5‬سنوات ابتداء من‬

‫تاريخ دخول القانون ‪ 55.19‬املتعلق بتبسيط املساطر واإلجراءات اإلدارية حيز التنفيذ‪ ،‬لرقمنة املساطر‬

‫واإلجراءات املتعلقة ب معالجة وتسليم القرارات اإلدارية التي تدخل في مجال اختصاصها‪ ،‬ووضعها بالبوابة‬

‫الوطنية لتبسيط املساطر واإلجراءات اإلدارية (‪.)PNA‬‬

‫وللسهر على تطبيق هذا القانون تحدث لجنة وطنية لتبسيط املساطر واإلجراءات اإلدارية تحت رئاسة‬

‫رئيس الحكومة‪ ،‬والتي تتألف من وزير الداخلية ووزير االقتصاد واملالية وإصالح اإلدارة‪ ،‬واألمين العام‬

‫‪-59‬وزارة االقتصاد واملالية وإصالح اإلدارة‪ ،‬قطاع إصالح اإلدارة‪ ،‬برنامج تبسيط املنشور باملوقع اإللكتروني للوزارة‬
‫‪ https://www.finances.gov.ma/Publication/daag/2021/Depliant%20simplification%20_AR.pdf‬تاريخ االطالع عليه‪ 8 :‬يونيو ‪ ،2021‬الساعة‪:‬‬
‫‪.17:22‬‬
‫‪ -60‬املوقع نفسه‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫للحكومة باإلضافة إلى السلطة الحكومية املكلفة باالقتصاد الرقمي‪ ،‬ويتولى قطاع إصالح اإلدارة كتابة هذه‬

‫اللجنة‪.61‬‬

‫إن تعزيز اإلطار القانوني لتبسيط املساطر واإلجراءات اإلدارية وإدخال البعد الرقمي بالقانون ‪55.19‬‬

‫يؤكد على توجه املشرع املغربي إلى إدخال البعد الرقمي في الترسانة القانونية املنظمة لتبسيط العمل اإلداري‪،‬‬

‫وهذا من شأنه القضاء على مختلف اإلكراهات التي تطبع العالقة ما بين املرتفق واإلدارة‪ ،‬وقد شكل هذا‬

‫القانون محطة أساسية في مسار تحديث وإصالح اإلدارة العمومية‪ ،‬وذلك بتسخير تقنيات التكنولوجيا‬

‫الحديثة ضمانا للجودة في خدمات املرفق العام‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬القانون رقم‪ 31.13‬املتعلق بالحق في الحصول على املعلومة‪62‬‬

‫يعتبر الحق في الحصول على املعلومة من الحقوق األساسية التي ضمنتها مختلف املواثيق الدولية (املادة‬

‫‪ 19‬من اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان‪ ،‬املادة ‪ 19‬من العهد الدولي الخاص بالحقوق املدنية والسياسية‪،‬‬

‫املادتان ‪10‬و‪ 13‬من االتفاقية األممية ملكافحة الفساد‪ ،‬توصيات مجلس منظمة التعاون والتنمية االقتصادية‬

‫بشأن الحكومة املنفتحة)‪ ،63‬والتي ألزمت مختلف اإلدارات العمومية بضرورة تمكين املواطن من الحصول‬

‫على املعلومات‪ ،‬واتخاذ كل التدابير واإلجراءات الكفيلة بممارسة هذا الحق والتمتع به‪.‬‬

‫وقد كرس دستور ‪ 2011‬هذا الحق في فصله السابع والعشرين بتنصيصه على أنه‪“ :‬للمواطنات واملواطنين‬

‫حق الحصول على املعلومات املوجودة في حوزة اإلدارات العمومية واملؤسسات املنتخبة والهيئات املكلفة‬

‫بمهام املرفق العام"‪.‬‬

‫‪ -61‬الموقع نفسه‪.‬‬
‫‪ -62‬القانون رقم ‪ 13.31‬املتعلق بالحق في الحصول على املعلومات الصادر في ‪ 23‬جمادى اآلخرة ‪ ،1439‬املوافق ل ‪ 12‬مارس ‪ ،2018‬الصادر بتنفيذه الظهير‬
‫الشريف رقم ‪ 1.18.15‬بتاريخ ‪ 5‬جمادى اآلخرة ‪ ،1439‬املوافق ل ‪ 22‬فبراير ‪ ،2018‬عدد ‪ ،6655‬ص‪.1438 :‬‬
‫‪-63‬وزارة االقتصاد واملالية وإصالح اإلدارة ‪-‬قطاع إصالح اإلدارة‪ -‬دليل حول القانون رقم ‪ 31.13‬املتعلق بالحق في الحصول على املعلومة‪ ،‬ص‪.6:‬‬

‫‪35‬‬
‫وتأكيدا لهذا التوجه الدستوري‪ ،‬صدر القانون رقم ‪ 31.13‬املتعلق بالحق في الحصول على املعلومة‪،‬‬

‫واملقصود باملعلومات حسب املادة الثانية منه "املعطيات واإلحصائيات املعبر عنها في شكل أرقام أو أحرف أو‬

‫رسوم أو صور أو تسجيل سمعي بصري أو أي شكل آخر‪ ،‬واملضمنة في وثائق ومستندات وتقارير ودراسات‬

‫ودوريات ومناشير ومذكرات وقواعد البيانات وغيرها من الوثائق ذات الطابع العام‪ ،‬التي تنتجها أو تتوصل بها‬

‫الهيئات املعنية في إطار مهام املرفق العام‪ ،‬كيفما كانت الدعامة املوجودة فيها‪ ،‬ورقية أو إلكترونية أو غيرها"‪.‬‬

‫إن إبراز البعد الرقمي في القانون ‪ 31.13‬يتجلى من خالل تدابير النشر االستباقي‪ ،‬ثم في إجراءات الحصول‬

‫على املعلومات‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تدابيرالنشراالستباقي‬

‫جاء في املادة العاشرة من القانون رقم ‪ 31.13‬على أن "الهيئات املعنية في حدود اختصاصها‪ ،‬أن تقوم في‬

‫حدود اإلمكان‪ ،‬بنشر الحد األقص ى من املعلومات التي بحوزتها والتي ال تندرج ضمن االستثناءات في هذا‬

‫القانون‪ ،‬بواسطة جميع وسائل النشر املتاحة خاصة اإللكترونية منها‪ ،‬منها البوابات الوطنية للهيئات‬

‫العمومية"‪.‬‬

‫باستقراء هذه املادة يتبين أن املشرع ألزم اإلدارات والهيئات العمومية بضرورة النشر االستباقي‬

‫للمعلومات‪ ،‬كما أكد على إتاحتها بجميع الوسائل املمكنة‪ ،‬باإلضافة إلى التنصيص على الوسائل الرقمية‬

‫وهذا يدل على األهمية التي أوالها املشرع املغربي للبعد الرقمي في شأن حصول املرتفق على املعلومات‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫ثانيا‪ :‬إجراءات الحصول على املعلومات‪64‬‬

‫أدرج املشرع في القانون ‪ 31.13‬املتعلق بالحق في الحصول على املعلومة باب خاص بإجراءات الحصول‬

‫على املعلومات‪ ،‬حيث يحتوي على مراحل حصول املرتفق على املعلومة واآلجال املوضوعة لذلك‪ ،‬واملساطر‬

‫املتبعة في حالة رفض اإلدارة للطلب أو عدم التجاوب‪.‬‬

‫لكن املالحظ أن القانون ‪ 31.13‬في هذا الباب تطرق بشكل قوي للجانب اإللكتروني‪ ،‬فاملادة الرابعة من‬

‫نفس القانون‪ ،‬نصت على ضرورة تضمين البريد اإللكتروني في الطلب الذي يقدمه املعني باألمر للحصول على‬

‫املعلومات‪ ،‬كما أنه يمكنه من توجيه الطلب إلى رئيس الهيئة املعنية بواسطة البريد اإللكتروني‪.‬‬

‫أما املادة الخامسة عشر فقد نصت على أنه‪" ،‬يتم الحصول على املعلومات‪ ،‬إما باالطالع املباشر عليها‬

‫بمقر الهيئة املعنية خالل أوقات العمل الرسمية‪ ،‬وإما عن طريق البريد اإللكتروني عندما يكون املستند أو‬

‫الوثيقة املتضمنة للمعلومات املطلوبة متاحة على حامل إلكتروني‪ ،‬وإما على أي حامل آخر متوفر لدى الهيئة‬

‫املعنية"‪.‬‬

‫إن هذا اإلجراء األخير من شأنه تسريع وثيرة الحصول على املعلومات‪ ،‬وتجنب املشاكل الزمكانية التي يمكن‬

‫الوقوع فيها عند القيام باالطالع املباشر‪ .‬وعموما فإن املشرع املغربي انتصر للتوجه الوطني املنصب على‬

‫تطوير تكنولوجيا املعلومات واالتصال‪ ،‬خاصة فيما يتعلق باإلدارة الرقمية‪ ،‬وهذا ما يمكن مالحظته من‬

‫خالل القانون رقم ‪ 31.13‬املتعلق بالحق في الحصول على املعلومة‪.‬‬

‫‪-64‬عزالدين الغوساني‪ :‬اإلدارة اإللكترونية املعيقات ورهان التطوير‪ ،‬مقال منشور بمجلة املمارس للدراسات القانونية والقضائية‪ ،‬العدد األول‪ -‬أكتوبر ‪،2018‬‬
‫ص‪.35 :‬‬

‫‪37‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬القانون رقم ‪ 20.05‬املتعلق باألمن السيبراني‪65‬‬

‫أمام التطور التكنولوجي الكبير الذي عرفته معظم الدول‪ ،‬أصبحت هذه األخيرة تواجه تحديات كبرى أمام‬

‫مختلف الهجمات اإللكترونية بكافة أشكالها‪ ،‬نظرا ملا يعرفه الفضاء املعلوماتي من أهمية في توفيره ملجموعة‬

‫من املميزات كالبنوك املعلوماتية‪ ،‬والتي تكون معرضة لهذا النوع من الهجمات‪.‬‬

‫إن تطوير الجانب األمني في اإلدارة الرقمية يعتبر من الرهانات التي والبد وأن تؤطر بنص قانوني خاص‪،‬‬

‫ووعيا من املشرع املغربي بخطورة هذا النوع من الهجمات اإللكترونية‪ ،‬ومن أجل تحقيق األمن السيبراني كان‬

‫من الضروري وضع استراتيجية وطنية لألمن السيبراني‪ ،‬من أجل حماية نظم املعلومات اإلستراتيجية من‬

‫الهجمات السيبرانية‪.‬‬

‫وتهدف هذ اإلستراتيجية الوطنية لألمن السيبراني إلى وضع اآلليات املؤسساتية والقانونية‪ ،‬من أجل‬

‫حماية والدفاع عن نظم املعلومات الحساسة والبنيات التحتية ذات األهمية الحيوية‪ .‬وتسعى هذه‬

‫االستراتيجية إلى تحقيق ثالثة أهداف وهي سرية وسالمة وإتاحة املعلومات التي تحتويها النظم والشبكات‪.66‬‬

‫وفي نفس السياق‪ ،‬فقد جاء القانون رقم ‪ 20.05‬املتعلق باألمن السيبراني الصادر في ‪ 25‬يوليوز ‪،2020‬‬

‫والذي دخل حيز التنفيذ‪ ،‬وعيا من املشرع املغربي بخطورة الهجمات اإللكترونية التي قد تستهدف نظم‬

‫املعلومات‪ ،‬ويمس الوظائف الحيوية للمجتمع أو الصحة أو السالمة أو األمن‪ ،‬أو التقدم االقتصادي أو‬

‫االجتماعي‪.67‬‬

‫‪-65‬القانون رقم ‪ 20.05‬املتعلق باألمن السيبراني الصادر في ‪ 9‬ذو الحجة ‪1441‬ه‪ ،‬املوافق ل ‪ 30‬يوليوز ‪ ،2020‬والصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪1.20.69‬‬
‫الصادر في ‪ 4‬ذي الحجة ‪1441‬ه‪ ،‬املوافق ل ‪ 25‬يوليوز ‪ ،2020‬الجريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪ ،6904‬ص‪.4160 :‬‬
‫‪-66‬فؤاذ بنصغير‪ :‬األمن السيبراني في املغرب؟‪ ،‬مقال منشور بالجريدة اإللكترونية هسبريس‪ ،https://www.hespress.com‬تاريخ االطالع‪ 10 :‬يونيو ‪،2021‬‬
‫الساعة‪.20:30 :‬‬
‫‪-67‬محمد بومديان‪ :‬اإلشكاليات القانونية العتماد اإلدارة اإللكترونية باملغرب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.91 :‬‬

‫‪38‬‬
‫وقد عرف املشرع املغربي من خالل املادة األولى من نفس القانون األمن السيبراني بأنه‪ :‬مجموعة من التدابير‬

‫واإلجراءات ومفاهيم األمن وطرق إدارة املخاطر واألعمال والتكوينات وأفضل املمارسات والتكنولوجيا التي‬

‫تسمح لنظام معلومات بأن يقاوم أحداثا مرتبطة بالفضاء السيبراني من أن تمس بتوافر وسالمة وسرية‬

‫املعطيات املخزنة أو املعالجة أو املرسلة"‪.‬‬

‫كما يحدد هذا القانون اإلطار الوطني لحكامة األمن السيبراني‪ ،‬بحيث بموجب مقتضيات هذا القانون‬

‫على إدارات الدولة واملؤسسات العمومية‪ ،‬أن تقوم بتصنيف أصولها املعلوماتية ونظم معلوماتها حسب‬

‫مستوى حساسيتها‪ ،‬من حيث السرية والسالمة والتوافر‪ ،‬كما يتعين أن تكون تدابير حماية األصول والنظام‬

‫متناسبة مع مستوى التصنيف املخصص لها‪.68‬‬

‫وبمقتض ى املادة السادسة والثالثون من نفس القانون ستحدث لجنة لألمن السيبراني‪ ،‬ولجنة تابعة لها‬

‫إلدارة األزمات واألحداث السيبرانية الجسيمة‪ ،‬إضافة إلى السلطة الوطنية لألمن السيبراني‪ .‬وتكمن مهام هذه‬

‫اللجنة االستراتيجية لألمن السيبراني في إعداد التوجهات االستراتيجية للدولة في هذا املجال‪ ،‬مع السهر على‬

‫ضمان صمود نظم معلومات الهيئات والبنيات التحتية ذات األهمية الحيوية‪.‬‬

‫ولم يغفل هذا القانون الجانب املتعلق باملخالفات والعقوبات‪ ،‬حيث أنه بموجب املادة الثامنة واألربعون‬

‫خول ألعوان السلطة الوطنية لألمن السيبراني املنتدبين لهذا الغرض‪ ،‬باإلضافة لضباط الشرطة القضائية‪،‬‬

‫البحث عن املخالفات هذا القانون‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬فإن وعي املشرع بضرورة تطوير الجانب األمني في اإلدارة الرقمية ملن شأنه أن يسد الفراغ‬

‫التشريعي في هذا املجال‪ ،‬باإلضافة إلى حماية مختلف نظم معلومات اإلدارات العمومية‪ ،‬وبذلك فقد شكل‬

‫‪ -68‬محمد بومديان‪ :‬اإلشكاليات القانونية العتماد اإلدارة اإللكترونية باملغرب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.92 :‬‬

‫‪39‬‬
‫هذا القانون إطارا تشريعيا لحماية الجانب األمني في اإلدارة الرقمية أمام الهجمات التي قد تعترض نشاطها‬

‫بصفة عامة‪.‬‬

‫الفقرة الرابعة‪ :‬القانون رقم ‪ 54.19‬بمثابة ميثاق للمر افق العمومية‪69‬‬

‫جاءت فكرة إنشاء مواثيق للمرفق العمومي كآلية لتحسين عالقة اإلدارة باملتعاملين معها‪ ،‬وهي عبارة‬

‫عن آلية مكتوبة ذات دالالت أخالقية ورمزية‪ ،‬ويمكن تقسيمها إلى نوعين‪ :‬مواثيق تحدد نظام املرتفقين‪،‬‬

‫وتمزج بين مبدأ الجودة وباقي املبادئ‪ ،‬ومواثيق للجودة ويتم تبنيها من طرف اإلدارات وتتضمن التزامات‬

‫محددة وقابلة للقياس والتقييم‪ ،‬وتنشر مواثيق الجودة في العديد من الدول تحت اسم "التزامات املرفق‬

‫العمومي"‪.70‬‬

‫ويأتي القانون رقم ‪ 54.19‬بمثابة ميثاق للمرافق العمومية‪ ،‬في إطار تفعيل املقتضيات الدستورية‬

‫خصوصا الفصل السابع والخمسون بعد املائة من دستور اململكة لسنة ‪ ،2011‬والذي ينص على إعداد‬

‫ميثاق للمرافق العمومية‪ ،‬يحدد قواعد الحكامة الجيدة املتعلقة بتسيير اإلدارات العمومية‪ ،‬والجهات‬

‫والجماعات الترابية األخرى واألجهزة العمومية‪ .‬كما يمثل إطارا مرجعيا موحدا يستوعب أسس النهوض‬

‫بحكامة املرافق العمومية وقواعد الحكامة الجيدة‪.‬‬

‫ويهدف امليثاق إلى تأهيل عمل املرفق العمومي وجعل مختلف العاملين في هذا املرفق‪ ،‬ملتزمين بمبادئ‬

‫املرفق العام واملساطر سواء أثناء أداء مهامهم اإلدارية‪ ،‬أو في عالقتهم باملرتفقين‪ .‬وتهم أهداف ومساطر‬

‫الحكامة لهذا املشروع تحقيق األهداف االستراتيجية‪ ،‬وتحسين منظومة تدبير املرافق لعمومية باإلضافة إلى‬

‫‪-69‬القانون رقم ‪ 54.19‬بمثابة ميثاق املرافق العمومية الصادر في ‪ 11‬ذو الحجة ‪ 1442‬املوافق ل ‪ 22‬يوليوز ‪ ،2021‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم‬
‫‪ 1.21.58‬الصادر في ‪ 3‬ذي الحجة ‪ 1442‬املوافق ل ‪ 14‬يوليوز ‪ ،2021‬الجريدة الرسمية عدد‪ ،7006‬ص‪.5661 :‬‬
‫‪-70‬أسامة املنير‪ :‬اإلدارة اإللكترونية ومتطلبات الجودة‪ -‬إدارة الجمارك والضرائب الغير مباشرة نموذجا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.80 :‬‬

‫‪40‬‬
‫دعم جودة الخدمات العمومية‪ ،‬وتسهيل الولوج إليها وترسيخ األداء الفعال للمرفق العمومي في تدبير املوارد‪،‬‬

‫مع انفتاح املرفق العمومي على املستوى املحلي والخارجي وإشراك مختلف الفاعلين في تحسين الخدمات‬

‫وتجويدها وترسيخ قيم االخالق‪.71‬‬

‫ويتضمن هذا القانون ستة أبواب‪ ،‬تتعلق بالتعاريف ومجال التطبيق‪ ،‬حيث عرف بمدلول بعض‬

‫املصطلحات املرافق العمومية واملرتفق والخدمة العمومية‪ ،‬باإلضافة إلى تحديد الهيئات التي يشملها هذا‬

‫امليثاق‪ ،‬وأهداف وقواعد الحكامة الجيدة ومبادئها املتمثلة في احترام القانون‪ ،‬واملساواة واالستمرارية في أداء‬

‫الخدمات‪ ،‬والجودة واإلنصاف في تغطية التراب الوطني والشفافية وربط املسؤولية باملحاسبة‪ ،‬والنزاهة‬

‫واالنفتاح‪ ،‬ويحدد القواعد املتعلقة بنجاعة املرافق العمومية على مستوى التنظيم والتدبير‪.‬‬

‫أما فيما يخص العالقة بين املرافق العمومية واملرتفقين‪ ،‬يضع امليثاق املساطر املتعلقة باالنفتاح‬

‫والتواصل وتحسين ظروف االستقبال‪ ،‬والحصول على الخدمات املقدمة عن طريق تبسيط وإزالة الطابع‬

‫املادي لإلجراءات اإلدارية‪ .‬وينص امليثاق أيضا على متابعة الشكايات واللجوء إلى طرق التوافر في حل‬

‫املنازعات‪ ،‬وقياس مدى ارتياح املرتفقين فيما يخص الخدمات املقدمة‪ .‬أما فيما يتعلق بتخليق املرافق‬

‫العمومية يضع امليثاق مقتضيات تهم مساطر السلوك والتي يجب على املوارد البشرية مراقبتها‪ ،‬كما يعتمد‬

‫على برامج لترسيخ قيم النزاهة ومنع ومكافحة جميع أشكال الفساد‪ .‬ومن شأن هذا امليثاق أن يعزز من جودة‬

‫الخدمات التي تقدمها املرافق العمومية وذلك باالعتماد على البعد الرقمي في تلبية حاجيات املرتفقين‪.‬‬

‫‪-71‬وزارة االقتصاد واملالية وإصالح اإلدارة ‪ ، https://www.finances.gov.ma‬تاريخ االطالع‪ 11 :‬يونيو ‪ ،2021‬الساعة‪.13:30 :‬‬

‫‪41‬‬
‫الفقرة الخامسة‪ :‬مشروع قانون رقم ‪ 41.19‬املتعلق باإلدارة الرقمية‬

‫أكدت الخطب امللكية السامية في عدة مناسبات على ضرورة انخراط اإلدارة العمومية في ورش التحول‬

‫الرقمي لتحقيق الفعالية والشفافية والجودة في تقديم الخدمات العمومية‪ ،‬كما أن املجلس االقتصادي‬

‫واالجتماعي والبيئي قد أكد في عدة تقاريره على ضرورة التسريع في ورش رقمنة املرافق العمومية‪ ،‬وكذلك‬

‫الشأن بالنسبة للمجلس األعلى للحسابات والذي سجل تأخرا ملحوظا في ولوج اإلدارة العمومية ملجال‬

‫الرقمنة‪.‬‬

‫ويأتي مشروع هذا القانون رقم ‪ 41.19‬املتعلق باإلدارة الرقمية والذي يندرج ضمن املشاريع األساسية‬

‫للخطة الوطنية إلصالح اإلدارة ‪ ،2021-2018‬بهدف إرساء إطار تشريعي لتقنين وتسريع التحول الرقمي‬

‫لإلدارة العمومية‪ ،‬مما يتيح تفعيال متناسقا ملسار الرقمنة والتدبير الالمادي للخدمات اإلدارية‪ .‬ويتوخى املشرع‬

‫من هذا القانون أيضا توفير قاعدة قانونية ملزمة لتحقيق التكامل الرقمي بين اإلدارات بما يتيح لها إمكانية‬

‫الولوج املتبادل إلى البيانات‪ ،‬وبالتالي إعفاء املواطن من اإلدالء بوثيقة إلدارة معينة‪ ،‬توجد في حوزة إدارة‬

‫أخرى‪.72‬‬

‫ويقصد باإلدارة الرقمية حسب مدلول مشروع هذا القانون‪ ،‬حيث ورد املادة الثالثة أن اإلدارة الرقمية‬

‫هي استخدام تكنولوجيا املعلومات واالتصال من قبل اإلدارة بهدف تحسين أدائها الداخلي‪ ،‬وتيسير تقديم‬

‫خدماتها وجعلها في متناول املرتفقين‪ ،‬أما املرتفق فينص مشروع القانون على أنه كل شخص ذاتي أو اعتباري‬

‫يستفيد من خدمات اإلدارة‪ ،‬في حين عرف الخدمة الرقمية بأنها كل خدمة تقدمها اإلدارة للمرتفقين كليا أو‬

‫جزئيا بطريقة رقمية‪.‬‬

‫‪-72‬الجريدة اإللكترونية "العاصمة" ‪ https://alassima24.ma/?p=36103‬تاريخ االطالع‪ 12 :‬يونيو ‪ ،2021‬الساعة‪.12:50 :‬‬

‫‪42‬‬
‫ويتضمن هذا مشروع هذا القانون‪ ،‬محاور تتعلق بوضع القواعد الالزمة التي تمكن اإلدارات املعنية من‬

‫القيام بالتشغيل البيني لألنظمة املعلوماتية‪ ،‬وإدراج إدارات الدولة والجماعات الترابية وتجمعاتها ومحاكم‬

‫اململكة‪ ،‬واملؤسسات واملقاوالت العمومية في نطاق تطبيق هذا القانون‪ ،‬باإلضافة إلى بعض الهيئات املكلفة‬

‫بمهام املصلحة العامة‪.‬‬

‫كما يتضمن املشروع تحديد قواعد متعلقة بالبيانات املفتوحة املتاحة للعموم‪ ،‬وتلك املتعلقة بالبيانات‬

‫املشتركة بين املصالح العمومية‪ ،‬مع إلزام اإلدارات باعتماد التبادل اإللكتروني للبيانات فيما بينها‪ ،‬وعدم‬

‫مطالبة املرتفقين باإلدالء بالوثائق أو املستندات في قواعد بيانات أخرى‪ ،‬وإسناد رقم تعريفي موحد للمرتفق‬

‫يمكنه من التسجيل وتحديد هويته للولوج إلى الخدمات عبر االنترنيت‪ ،‬باإلضافة إلى إحداث منصة حكومية‬

‫تسمح لإلدارات بتبادل البيانات واملعلومات الرقمية بين اإلدارات واملرتفق‪ ،‬وبين اإلدارات فيما بينها‪.‬‬

‫إن من شأن اعتماد هذا املشروع تدارك التأخر الحاصل في خروج اإلدارة املغربية من العصر الورقي‬

‫وانتقالها إلى العصر الرقمي‪ ،‬حيث يصبح التدبير الالمادي للخدمة العمومية اإلدارية رافعة مزدوجة للفعالية‬

‫والشفافية‪.73‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬القوانين املتعلقة بالتبادل اإللكتروني للمعطيات‬

‫أدى التطور الذي عرفته مختلف املعامالت الرقمية إلى تدخل املشرع املغربي ملالئمة الترسانة القانونية مع‬

‫التطور التكنولوجي‪ ،‬وذلك من أجل تعزيز الثقة الرقمية وتحقيق األمن الرقمي للمعامالت اإللكترونية‪،‬‬

‫وبالتالي حماية األفراد من كل أشكال الجرائم املعلوماتية التي قد تستهدف بياناتهم‪ .‬وعليه سيتم التطرق إلى‬

‫القانون رقم ‪ 53.05‬املتعلق بالتبادل اإللكتروني للمعطيات القانونية (الفقرة األولى)‪ ،‬ثم القانون رقم ‪09.08‬‬

‫‪ -73‬تصريح وزير العدل للجريدة اإللكترونية "املحطة ‪ https://mahata24.com/mahata/67382.html "24‬تاريخ االطالع‪ 12 :‬يونيو ‪ ،2021‬الساعة‪.13:30 :‬‬

‫‪43‬‬
‫املتعلق بحماية األشخاص الذاتيين اتجاه معالجة املعطيات ذات الطابع الشخص ي (الفقرة الثانية)‪،‬‬

‫باإلضافة إلى القانون رقم ‪ 07.03‬املتعلق باملخالفات املرتبطة بأنظمة املعالجة اآللية للمعطيات (الفقرة‬

‫الثالثة)‪ ،‬والقانون رقم ‪ 31.08‬القاض ي بتحديد تدابير لحماية املستهلك (الفقرة الرابعة)‪ ،‬ثم مشروع قانون‬

‫املدونة الرقمية (الفقرة الخامسة)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬القانون رقم ‪ 53.05‬املتعلق بالتبادل اإللكتروني للمعطيات القانونية‪74‬‬

‫أدى إدخال تكنولوجيا املعلوميات واالتصال لإلدارة العمومية إلى تحول جوهري في العالقات القانونية‪ ،‬وفي‬

‫القانون اإلداري عموما‪ ،‬هذا التغير في طبيعة العالقة اإلدارية يتطلب تأطير املعلوميات بالقانون‪ ،‬فاملعلومة ال‬

‫تتحرك دائما كما ينبغي وبالتالي يجب اإلبقاء على االنترنيت كفضاء للحرية في مناخ من الثقة‪ ،‬وفي حدود‬

‫احترام الكرامة اإلنسانية وامللكية والحفاظ على النظام العام‪ ،‬والدفاع الوطني ومتطلبات املرفق العام‪.75‬‬

‫إن اشتغال اإلدارة اإللكترونية يقتض ي وضع إطار قانوني متكامل للمساطر عن بعد‪ ،‬والتوقيع اإللكتروني‬

‫واإلثبات الرقمي‪ ،‬وحماية املعطيات الشخصية وتدبير امللفات اإلدارية واألرشفة اإللكترونية للمعطيات‬

‫واملعلومات اإلدارية‪ ،‬وتحديد مسؤولية الفاعلين وحماية أمن األنظمة املعلوماتية‪ ،‬كما يتطلب األمر وضع‬

‫إطار لحل املنازعات القانونية التي قد تنشأ في ظل اإلدارة الرقمية‪.76‬‬

‫وتمثل التجارة اإللكترونية واحدا من املواضيع التي يعرفها االقتصاد الرقمي‪ ،‬حيث يقوم هذا األخير على‬

‫عنصرين وهما التجارة اإللكترونية وتقنية املعلومات‪ ،‬وتشير التجارة اإللكترونية إلى تنفيذ وإدارة األنشطة‬

‫التجارية املتعلقة باملنتجات والخدمات بواسطة تحويل معطيات عبر شبكة االنترنيت أو األنظمة التقنية‬

‫‪-74‬القانون رقم ‪ 53.05‬املتعلق بالتبادل اإللكتروني للمعطيات القانونية الصادر في ‪ 25‬ذو القعدة ‪ 1428‬املوافق ل ‪ 6‬دجنبر ‪ ،2007‬الصادر بتنفيذه الظهير‬
‫الشريف رقم ‪ 1.07.129‬الصادر في ‪ 19‬ذي القعدة ‪ 1428‬املوافق ل ‪ 30‬نونبر ‪ ،2007‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،5584‬ص‪.3879 :‬‬
‫‪-75‬أسامة املنير‪ :‬اإلدارة اإللكترونية ومتطلبات الجودة ‪-‬إدارة الجمارك والضرائب غير املباشرة نموذجا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.14 :‬‬
‫‪76-Georges Chatillon, Bertrand Du Marais, L’administration électronique au service des citoyens, Bruxelles Bruylant, 2003, p: 4.‬‬

‫‪44‬‬
‫املماثلة‪ .‬هكذا يرتبط مصطلح التجارة اإللكترونية بتقنية املعلومات واالتصاالت‪ ،‬على اعتبار أنها تقوم على‬

‫تبادل البيانات التجارية ألغراض شتى‪ ،‬باستخدام الوسائط واألوعية اإللكترونية والتي تدخل االنترنيت‬

‫كواحدة من أهم هذه الوسائط‪.77‬‬

‫وقد كثفت األجهزة الدولية املختصة‪ ،‬جهودها ملعالجة القواعد املنظمة للتجارة اإللكترونية مما تمخض‬

‫عنها إصدار قوانين نموذجية وتوصيات عن لجنة األمم املتحدة‪ ،‬وقد كانت لها وقفة مبكرة في هذا املجال‬

‫للقانون التجاري الدولي‪ ،‬وهما القانون النموذجي للتجارة اإللكترونية لسنة ‪ ،1996‬والقانون النموذجي‬

‫للتوقيعات اإللكترونية ‪ .2001‬ومن هذا املنطلق ووعيا من املشرع املغربي باإلتجار املعتمد على الوسائل‬

‫اإللكترونية‪ ،‬وما يجب أن يصاحبه من تحوالت تهم العديد من املجاالت ومنها على الخصوص املجال القانوني‪،‬‬

‫فأصدر القانون رقم ‪ 53.05‬الخاص بالتبادل اإللكتروني للمعطيات القانونية‪ ،‬كأول تشريع مغربي يهتم بصفة‬

‫خاصة باملعامالت اإللكترونية‪.78‬‬

‫فبصدور القانون رقم ‪ 53.05‬املتعلق بالتبادل اإللكتروني للمعطيات القانونية‪ ،‬يكون املشرع املغربي قد‬

‫أدرج تكنولوجيا املعلومات في املعامالت القانونية‪ ،‬وبذلك سمح للجميع باستعمالها وفق شكل قانوني‪ .‬ويوحي‬

‫هذا القانون بدخول املغرب العهد الرقمي‪ ،‬ويندرج في إطار مسعى سياس ي عام يتمثل في التوجه نحو اعتماد‬

‫الرقمنة في كافة املعامالت‪ ،‬باإلضافة إلى تشجيع ولوج املغرب إلى تكنولوجيا اإلعالم واالتصال‪ ،‬وذلك‬

‫لالستجابة لتطلعات املتعاملين املتعطشين للفعالية والسرعة والجودة في املعامالت القانونية‪.‬‬

‫ويتضمن هذا القانون ‪ 43‬مادة قسمت إلى باب تمهيدي وقسمين‪ ،‬القسم األول بعنوان صحة املحررات‬

‫املعدة بشكل إلكتروني أو املوجهة بطريقة إلكترونية‪ ،‬والقسم الثاني بعنوان النظام القانوني املطبق على‬

‫‪-77‬أبا خليل‪ :‬التعاقد اإللكتروني في ضوء القانون رقم ‪ 53.05‬املتعلق بالتبادل اإللكتروني للمعطيات القانونية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مطبعة األمنية الرباط‪،2020 ،‬‬
‫ص‪.6-5 :‬‬
‫‪-78‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.7 :‬‬

‫‪45‬‬
‫التوقيع اإللكتروني املؤمن‪ ،‬والتشفير واملصادقة اإللكترونية‪ .‬هذا ما يؤكد على اعتراف املشرع بالتوقيع‬

‫اإللكتروني وتحديد نظامه القانوني‪ ،‬واآلليات القانونية لضمان فعاليته لتيسير التعامل بين األفراد‪ ،‬مما‬

‫انعكس إيجابا على جميع الجوانب خصوصا املجال االقتصادي‪ ،‬وعلى مستوى املعامالت اإللكترونية والتجارة‬

‫اإللكترونية‪ ،‬التي تعددت وتطورت بتعدد املتعاملين في إطارها أفرادا كانوا أو جماعات‪.79‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬القانون رقم ‪ 09.08‬املتعلق بحماية األشخاص الذاتيين تجاه معالجة املعطيات ذات‬
‫ي ‪80‬‬ ‫الطابع الشخص‬

‫يعتبر الحق في حماية املعطيات الشخصية واملعترف به في العديد من التشريعات الدولية‪ ،‬جزء ال يتجزأ من‬

‫الحق في الحياة الخاصة لألفراد‪ ،‬فكل معلومة تحدد هوية أو تمكن من التعرف على شخص معين يمكن أن‬

‫تشكل انتهاكا لحياته الخاصة‪ ،‬كاسمه أو رقم هاتفه أو بطاقته االئتمانية أو بريده اإللكتروني‪ ،‬إذ يجب على‬

‫املعلوميات أال تنتهك هوية اإلنسان وال حقوقه وحياته الخاصة‪ ،‬وال حريته الفردية أو الجماعية‪.81‬‬

‫ومن هذا املنطلق‪ ،‬تحتاج العديد من املعامالت اإللكترونية‪ ،‬كالخدمات اإلدارية الرقمية‪ ،‬خدمات‬

‫الصحة على اإلنترنيت‪ ،‬التجارة اإللكترونية‪...‬إلخ‪ ،‬إلى جمع ومعالجة البيانات الشخصية للمواطنين‪ ،‬وبالتالي‬

‫وجب حماية الحياة الشخصية لألفراد في مواجهة أي تدخل سافر في خصوصيتهم‪.‬‬

‫ويعتبر حق حماية الحياة الخاصة بمثابة ضمانة دستورية لحماية املعطيات الشخصية لألفراد‪ ،‬وقد‬

‫شكل دستور ‪ 2011‬مرحلة جديدة في مجال حماية املعطيات الشخصية‪ ،‬إذ نص الفصل ‪ 24‬على أنه لكل‬

‫‪-79‬بالل الشرقاوي‪ :‬قراءة حول القانون رقم ‪ 53.05‬املتعلق بالتبادل اإللكتروني للمعطيات القانونية‪ ،‬مقال منشور باملوقع اإللكتروني‬
‫‪ https://alkanounia.info/?p=9295‬تاريخ االطالع‪ 14 :‬يونيو ‪ ،2021‬الساعة‪.15:10 :‬‬
‫‪ -80‬القانون رقم ‪ 09.08‬املتعلق بحماية األشخاص الذاتيين تجاه معالجة املعطيات ذات الطابع الشخص ي‪ ،‬الصادر في ‪ 27‬صفر ‪ 1430‬املوافق ل ‪ 23‬فبراير‬
‫‪ ،2009‬والصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.09.15‬الصادر في ‪ 22‬صفر ‪ ،1430‬املوافق ل ‪ 18‬فبراير ‪ ،2009‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،5711‬ص‪.552 :‬‬

‫‪-81‬محمد بومديان‪ :‬اإلشكاليات القانونية العتماد اإلدارة اإللكترونية باملغرب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.52-51 :‬‬

‫‪46‬‬
‫شخص الحق في حماية حياته الخاصة باإلضافة إلى الفصل ‪ ،27‬وبالتالي ارتقى هذا االلتزام القانوني إلى درجة‬

‫القاعدة الدستورية‪ .‬وهذا االستحضار يوضح مدى مكانة الحياة الخاصة في املقتضيات الدستورية‪ ،‬وقد تعزز‬

‫بإقرار سمو االلتزامات الدولية للمغرب على التشريعات الوطنية‪ ،‬وهذه القاعدة القانونية تعززت بإدراجها في‬

‫نهاية ديباجة الدستور‪ ،‬والتي تعتبر جزءا من الوثيقة الدستورية‪.82‬‬

‫وقد سار املشرع املغربي مع التوجه التشريعي للعديد من الدول التي تهدف إلى تحقيق حماية فعالة‬

‫للبيانات الشخصية لألفراد‪ ،‬فأصدر القانون رقم ‪ 09.08‬املتعلق بحماية األشخاص الذاتيين تجاه معالجة‬

‫املعطيات ذات الطابع الشخص ي‪ ،‬مماثال لنظيره الفرنس ي القانون ‪ 78.17‬ل ‪ 6‬يناير ‪ 1978‬واملتعلق‬

‫باملعلوميات وامللفات والحريات‪ ،83‬والذي يعتبر األساس في املادة املتعلقة بحماية املعطيات الشخصية‪ ،‬إذ‬

‫جاء استجابة للضرورة امللحة التي يتطلبها مجال الحفاظ على السيادة الرقمية للدولة وحماية حقوق وحريات‬

‫األفراد‪.‬‬

‫ويتضمن القانون رقم ‪ 09.08‬املتعلق بحماية األشخاص الذاتيين تجاه معالجة املعطيات ذات الطابع‬

‫الشخص ي ‪ 51‬مادة موزعة على ثمانية أبواب‪ ،‬وقد أوضح املشرع في املادة األولى تعاريف لبعض املصطلحات‬

‫ذات العالقة بهذا القانون‪ ،‬ومنها معطيات ذات طابع شخص ي ومصطلح معالجة نظرا ألهميتهما في التطبيق‬

‫األمثل للقانون‪ .‬فيما يخص املصطلح األول قد تم تعريفه بكونه كل معلومة كيفما كان نوعها بغض النظر عن‬

‫دعامتها‪ ،‬بما في ذلك الصوت والصورة واملتعلقة بشخص ذاتي معرف أو قابل للتعرف عليه‪ .‬أما مصطلح‬

‫معالجة فقد أوضح املشرع مضمونه في نفس املادة بأنه كل عملية أو مجموعة من العمليات تنجز بمساعدة‬

‫‪-82‬علي ارجدال‪ :‬حماية املعطيات الشخصية باملغرب ‪-‬دراسة تحليلية ومقارنة‪ ،‬رسالة لنيل شهادة املاستر في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية السويس ي‪ ،‬جامعة محمد الخامس بالرباط‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،2019-2018 :‬ص‪.72-71 :‬‬
‫‪-83‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.77 :‬‬

‫‪47‬‬
‫طرق آلية أو بدونها‪ ،‬وتطبق على معطيات ذات طابع شخص ي مثل التجميع أو التسجيل أو الحفظ أو املالئمة‬

‫أو التغيير أو االستخراج أو االطالع‪.‬‬

‫دوليا‪ ،‬تعتبر كل من اتفاقية بودابست ملكافحة الجرائم املعلوماتية واالتفاقية األوروبية ‪ 108‬املتعلقة‬

‫بحماية املعطيات الشخصية‪ ،‬اتفاقيات مفتوحة ضمن دول مجلس أوروبا وقد عزز املغرب بهما إطاره‬

‫التشريعي في املادة املتعلقة بحماية املعطيات الشخصية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬اتفاقية بودابست‪84‬‬

‫تعد من أهم االتفاقيات التي أبرمت ملكافحة الجرائم املعلوماتية‪ ،‬وتعتبر االتفاقية الوحيدة واملعروفة‬

‫باالتفاقية الدولية ملكافحة الجرائم التي ترتكب عبر االنترنيت‪ ،‬وتأسست هذه االتفاقية في العاصمة الهنغارية‬

‫بودابست بتاريخ ‪ 22‬نونبر ‪ ،2001‬وكان الهدف منها مكافحة جرائم االنترنيت من خالل تقوية الجهود الدولية‬

‫من أجل التعاون والتضامن في محاربة هذه الجرائم‪ ،‬وصادق عليها املغرب في ‪ 12‬ماي ‪ 2014‬باإلضافة إلى‬

‫بروتوكولها اإلضافي‪ ،‬وتم إيداع وثائق هذه املصادقة لدى أمانة مجلس أوروبا بتاريخ ‪ 29‬يونيو ‪ ،2018‬ليبدأ‬

‫العد العكس ي لدخولها حيز التنفيذ بعد ثالثة أشهر من ذلك‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬االتفاقية األوروبية رقم ‪ 108‬املتعلقة بحماية األشخاص الذاتيين اتجاه املعالجة اآللية للمعطيات‬
‫ي‪85‬‬ ‫ذات الطابع الشخص‬

‫تعد هذه االتفاقية من أهم التدابير التي جاء بها مجلس أوروبا واملتعلقة بحماية األشخاص الذاتيين‬

‫اتجاه املعالجة لآللية للمعطيات ذات الطابع الشخص ي‪ ،‬وقد تمت املصادقة على هذه االتفاقية بستراسبورغ‬

‫يوم ‪ 28‬يناير ‪ ،1981‬و اقترح مجلس أوروبا انضمام املغرب بشكل تدريجي لعدد من اتفاقيات املجلس‬

‫‪-84‬علي ارجدال‪ :‬حماية املعطيات الشخصية باملغرب ‪-‬دراسة تحليلية ومقارنة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.68-67 :‬‬
‫‪--85‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.70-69 :‬‬

‫‪48‬‬
‫املفتوحة في وجه الدول غير األعضاء في االتحاد‪ ،‬وألجل هذا وافق املغرب على هذه االتفاقية في ‪ 22‬غشت‬

‫‪ 2014‬بعد أن دخل القانون ‪ 09.08‬حيز التنفيذ سنة ‪ 2008‬وتم بموجبه تأسيس اللجنة الوطنية ملراقبة‬

‫حماية املعطيات ذات الطابع الشخص ي‪ ،‬وهو يعتبر مالئمة لالتفاقية األوروبية ‪ 108‬باعتبار هذا القانون‬

‫واحد من الشروط األساسية لكي تنضم الدول لالتفاقية املذكورة‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬القانون ‪ 07.03‬املتعلق باملخالفات املرتبطة بأنظمة املعالجة اآللية للمعطيات‪86‬‬

‫بالرغم من املزايا الهائلة التي تحققت وتتحقق كل يوم بفضل تقنية املعلوميات على جميع األصعدة وفي‬

‫شتى ميادين الحياة املعاصرة‪ ،‬فإن هذه الثورة التكنولوجية املتنامية صاحبتها في املقابل جملة من‬

‫االنعكاسات السلبية الخطيرة جراء سواء استخدام هذه التقنية املتطورة‪ ،‬واالنحراف عن األغراض املتوخاة‬

‫منها‪ ،‬وقد تبدت في تفش ي طائفة من الظواهر اإلجرامية املستحدثة‪ ،‬أال وهي ظاهرة الجرائم املعلوماتية‪ .‬ليس‬

‫هذا فحسب بل سهلت هذه التقنية ارتكاب بعض الجرائم التقليدية‪ ،‬وشكلت أرضا خصبة لكثير من‬

‫األنشطة غير املشروعة املرتبطة بالحاسبات اآللية‪ ،‬هذه الحاسبات التي أصبحت توفر للجناة وسيلة هامة‬

‫الرتكاب العديد من الجرائم املرتبطة باملعلوماتية‪ ،‬ما كانت لتظهر لو ال وجود هذه الحاسبات اآللية وارتباطها‬

‫بالتقنية املعلوماتية‪.87‬‬

‫وتعتبر الجريمة املعلوماتية من املستجدات اإلجرامية‪ ،‬حيث تستهدف االعتداء على البيانات واملعلومات‬

‫والبرامج‪ ،‬وتوجه للنيل من أجهزة الحواسيب وشبكات االتصاالت وقواعد البيانات والبرمجيات ونظم‬

‫التشغيل‪ ،‬ومما يظهر خطورة الجرائم املعلوماتية أيضا‪ ،‬هو أنها تمس الحياة الخاصة لألفراد وتهدد األعمال‬

‫‪-86‬القانون رقم ‪ 07.03‬املتعلق بالجرائم املتعلقة بنظم املعالجة اآللية للمعطيات‪ ،‬الصادر في ‪ 27‬شوال ‪ 1424‬املوافق ل ‪ 22‬دجنبر ‪ ،2003‬والصادر بتنفيذه‬
‫الظهير الشريف رقم ‪ 1.03.197‬الصادر في ‪ 16‬رمضان ‪ 1424‬املوافق ل ‪ 11‬نونبر ‪ ،2003‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،5171‬ص‪.4284 :‬‬
‫‪-87‬سعيداني نعيم‪ :‬آليات البحث والتحري عن الجريمة املعلوماتية في القانون الجزائري‪ ،‬مذكرة مقدمة لنيل شهادة املاجستير في العلوم القانونية‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة الحاج لخضر ‪-‬باتنة‪ -‬السنة الجامعية‪ ،2013.2012 :‬ص‪.10 :‬‬

‫‪49‬‬
‫التجارية بخسائر فادحة‪ ،‬كما قد تنال من األمن العام والسيادة الوطنية للدول وتشجيع فقدان الثقة في‬

‫املعامالت اإللكترونية‪.88‬‬

‫وفي هذا اإلطار جاء القانون رقم ‪ 07.03‬املتمم ملجموعة القانون الجنائي‪ 89‬واملتعلق بجرائم املس بنظم‬

‫املعالجة اآللية للمعطيات‪ ،‬لسد الفراغ التشريعي في مجال مكافحة الجرائم اإللكترونية واالخالل بسير نظم‬

‫املعالجة اآللية للمعطيات‪ ،‬ويحتوي هذا القانون على تسعة فصول وجاء من أجل مواكبة ومسايرة التشريع‬

‫الدولي واملقارن في مجال الجريمة املعلوماتية‪.‬‬

‫وقد اتخذت الجريمة املعلوماتية في املغرب خالل العقود األخيرة صورا متعددة‪ ،‬مما دفع باملشرع إلى سن‬

‫هذا التشريع املهم لكونه صدر لسد الفراغ التشريعي في مجال مكافحة الجرائم املعلوماتية‪ ،‬وأول ما يالحظ‬

‫هو عدم قيام املشرع املغربي بوضع تعريف لنظام املعالجة اآللية للمعطيات‪ ،‬ويعزى ذلك إلى أن املجال‬

‫املعلوماتي هو مجال حديث ومتجدد باستمرار‪ ،‬وبالتالي فإن أي تعريف يتم وضعه قد يصبح متجاوزا فيما‬

‫بعد في ضوء التطور املذهل لقطاع تكنولوجيا االتصاالت واملعلومات‪ ،‬وعليه فقد أحسن املشرع املغربي عند‬

‫عدم وضعه لتعريف خاص بنظام املعالجة اآللية للمعطيات‪ .‬وبالرجوع للقانون الفرنس ي بشأن الغش‬

‫املعلوماتي لسنة ‪ ،1988‬فاملالحظ أن هذا التشريع كذلك لم يحدد مفهوم نظام املعالجة اآللية للمعطيات‪،‬‬

‫بل اقتصر على بيان أوجه االنتهاكات املتعلقة بهذا النظام وعقوبتها‪.90‬‬

‫‪ -88‬صابر كمال‪ :‬الجريمة املعلوماتية في التشريع املغربي ‪-‬دراسة في ضوء العمل القضائي‪ ،‬مقال منشور بموقع املعلومة القانونية‬
‫‪ https://alkanounia.info/?p=9283‬تاريخ االطالع‪ 16 :‬يونيو ‪ ،2021‬الساعة‪.12:30 :‬‬
‫‪-89‬ويندرج هذا القانون في الباب العاشر من الجزء األول من الكتاب الثالث من مجموعة القانون الجنائي الصادرة في ‪ 12‬محرم ‪ 1383‬املوافق ل ‪ 5‬يونيو ‪،1963‬‬
‫الصادر بتنفيذها الظهير الشريف رقم ‪ 1.59.413‬الصادر في ‪ 28‬جمادى الثانية ‪ 1382‬املوافق ل ‪ 26‬نونبر ‪ ،1962‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 2640‬مكرر‪ ،‬ص‪:‬‬
‫‪.1253‬‬
‫‪-90‬حسن الحافظي‪ :‬الحماية القانونية للمعطيات ذات الطابع الشخص ي بين التشريع الوطني واالتفاقيات الدولية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم املاستر‪ ،‬كلية العلوم‬
‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة موالي إسماعيل مكناس‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،2018-2017 :‬ص‪.147-146:‬‬

‫‪50‬‬
‫وبعد القراءة الشمولية لهذا القانون يتبين أن املشرع املغربي حصر األفعال املجرمة وعقوبتها في شكلها‬

‫ا لتام أو في شكل محاولة‪ ،‬واملرتبطة بالولوج للمعطيات الشخصية ومعالجتها عن طريق تعديلها أو مسحها‪ ،‬أو‬

‫نقلها أو غيرها من األفعال املكونة للمعالجة حسب مقتضيات القانون رقم ‪ ،09.08‬وهذه األفعال حددها‬

‫املشرع من الفصل ‪ 03-607‬إلى ‪ 6-607‬من القانون الجنائي‪.‬‬

‫الفقرة الخامسة‪ :‬مسودة مشروع قانون املتعلق باملدونة الرقمية‪91‬‬

‫جاء في ديباجة هذا املشروع على أنه أصبح تعزيز الترسانة القانونية املتعلقة بمجال التكنولوجيا‬

‫املعلومات واالتصال‪ ،‬وموائمتها مع االتفاقيات الدولية املصادق عليها في هذا املجال من طرف املغرب‪ ،‬ضرورة‬

‫ملحة من أجل إرساء مناخ الثقة الرقمية‪ ،‬ويشكل ولوج املواطنين إلى املعلومة التي تحوزها اإلدارة العمومية‬

‫وإلى الفضاء الرقمي آمن تقدما اجتماعيا للبالد‪.‬‬

‫ويهدف تطوير اإلدارة اإللكترونية واالقتصاد الرقمي إلى تحسين الرفاهية االجتماعية للمواطنين‪،‬‬

‫ويشكل أولوية من أجل ضمان تنمية مستدامة وقدرة تنافسية البالد‪.‬‬

‫ويندرج هذا املشروع ضمن الجانب األمني ألنظمة املعلومات‪ ،‬حيث أن األمن يشكل حقا أساسيا وأحد‬

‫شروط ممارسة الحريات الفردية والجماعية‪ ،‬ولهذه الغاية تم إعداد مشروع املدونة الرقمية التي تأخد بعين‬

‫االعتبار مكتسبات املغرب في مجال تكنولوجيا املعلومات والثقة الرقمية‪ ،‬بحيث تتمم هذه املدونة النصوص‬

‫القائمة في هذا املجال وتسن عند الضرورة مجموعة من املقتضيات الجديدة التي صيغت بطريقة تضمن‬

‫استدامتها ومالئمتها مع هذا التطور‪.‬‬

‫‪-91‬اململكة املغربية‪ ،‬وزارة الصناعة والتجارة واالستثمار واالقتصاد الرقمي‪ :‬مشروع قانون بشأن املدونة الرقمية ‪.2013‬‬

‫‪51‬‬
‫ويتألف مشروع قانون املدونة الرقمية من ثمانية أقسام موزعة على ‪ 114‬مادة‪ ،‬وقد قدم هذا املشروع في‬

‫املادة األولى تعريفا ملجموعة من املصطلحات‪ ،‬حيث عرف اإلدارة اإللكترونية بأنها مجموعة التكنولوجيا‬

‫واالستعماالت املرتبطة باإلمكانية املتاحة أمام املستعمل‪ ،‬سواء كان شخصا ذاتيا أو معنويا من أجل اخباره‬

‫وتوجيهه ولتمكينه من مباشرة املساطر اإلدارية بواسطة الخدمات عبر الخط‪ ،‬وكذا بإمكانية اإلدارة من‬

‫التواصل مع املستعمل عبر نفس الخدمات‪ .‬وتعد كذلك إدارة إلكترونية مجموعة العالقات بين خدمات‬

‫اإلدارة املنجزة بطريقة إلكترونية‪.‬‬

‫وقد أثارت مسودة مشروع قانون املدونة الرقمية جدال واسعا داخل أوساط العاملين في قطاع النشر‬

‫اإللكتروني واملدافعين عن حرية الرأي في املغرب‪.92‬‬

‫وانطالقا مما سبق يمكن القول إن اإلطار القانوني لإلدارة الرقمية ال ينحصر في هذه النصوص القانونية التي‬

‫تمت مناقشتها وتحليلها‪ ،‬بل يتعداه إلى مختلف النصوص القانونية التي تؤطر اإلدارة الرقمية من كل‬

‫الجوانب على اعتبار أن مجاالت تكنولوجيا املعلومات واالتصال عديدة ومختلفة‪ .‬هذا فيما يخص اإلطار‬

‫القانوني لإلدارة اإللكترونية‪ ،‬فماذا عن إطارها التنظيمي؟‬

‫املطلب الثاني‪ :‬اإلطارالتنظيمي لإلدارة اإللكترونية‬

‫نتيجة للتطور التكنولوجي الذي عرفه العالم‪ ،‬فاملغرب بدوره انخرط في عالم الثورة الرقمية في أواخر‬

‫القرن العشرين‪ ،‬بحيث أصبح من أولوياته إدماج تكنولوجيا املعلومات في مختلف اإلدارات العمومية‪ ،‬فمنذ‬

‫إدخال االنترنيت إلى املغرب شهد مجال الرقمنة باملغرب وضع عدة برامج واستراتيجيات وطنية ملواكبة التنزيل‬

‫‪ -92‬هسبريس‪ https://www.hespress.com‬تاريخ االطالع‪ 18 :‬يونيو ‪ ،2021‬الساعة‪.12:30 :‬‬

‫‪52‬‬
‫السليم لإلدارة اإللكترونية (الفرع األول)‪ ،‬باإلضافة إلى تعزيز اإلطار املؤسساتي بإحداث مؤسسات تسهر على‬

‫تنظيم قطاع تكنولوجيا املعلومات واالتصال (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬البرامج واالستراتيجيات الوطنية لرقمنة العمل اإلداري‬

‫منذ إدخال االنترنيت إلى املغرب سنة ‪ ،1995‬شرع املغرب في تنزيل عدة استراتيجيات وطنية قصد تعميم‬

‫استعمال تكنولوجيا املعلومات واالتصال‪ ،‬سعيا منه إلى االنتقال من مجتمع تقليدي نحو مجتمع رقمي أكثر‬

‫حداثة‪ ،‬وتشكل االستراتيجيات الوطنية لرقمنة العمل اإلداري أساس انطالق مسلسل اإلصالح والتحديث‬

‫اإلداري برمته‪ ،‬فهي كخيار تدبيري أصبحت تفتح الباب أمام إعادة هيكلة املنظومة اإلدارية وتطوير عمل‬

‫املؤسسات واملرافق العمومية‪ ،‬بهدف كسب ثقة املرتفقين والتمكن من رقمنة كافة النشاطات واإلجراءات‬

‫واملعامالت اإلدارية‪ ،‬وتبسيطها ونقلها من اإلطار اليدوي إلى اإلطار التقني اإللكتروني‪.93‬‬

‫وتبقى االستراتيجيات وطنية لرقمنة العمل اإلداري القناة األساسية في مجال تطوير الخدمات العمومية‬

‫عبر الخط‪ ،‬وتثمين املجهودات التي تبدلها اإلدارات العمومية لتطوير املنظومة املعلوماتية الخاصة باإلدارة‪،‬‬

‫وجعلها تستجيب لطموحات املرتفقين‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬سيتم الوقوف على أبرز البرامج واالستراتيجيات الوطنية لرقمنة العمل اإلداري‪ ،‬ومنها البرنامج‬

‫الوطني لإلدارة اإللكترونية ‪"2010‬إدارتي" (الفقرة األولى)‪ ،‬ثم االستراتيجية الوطنية ‪( E. Maroc 2010‬الفقرة‬

‫الثانية)‪ ،‬واالستراتيجية الوطنية ملجتمع املعلومات واالقتصاد الرقمي "مخطط املغرب الرقمي ‪( "2013‬الفقرة‬

‫الثالثة)‪.‬‬

‫‪-93‬جفري مراد ومعنصري مريم‪ :‬اإلدارة اإللكترونية باملغرب بين األبعاد االستراتيجية ورهان التنمية‪ ،‬مقال منشور باملجلة األكاديمية للبحوث القانونية‬
‫والسياسية‪ ،‬املجلد الثالث‪ ،‬العدد األول ‪ ،2019‬ص‪.373 :‬‬

‫‪53‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬البرنامج الوطني لإلدارة اإللكترونية ‪(2010‬إدارتي)‬

‫وقد جاء برنامج إدارتي في سياق املجهودات املبذولة من أجل تطوير اإلدارة وتقريبها من املواطنين‪ ،‬وأيضا‬

‫بغاية تسهيل ولوج املرتفقين إلى املرافق العمومية عن طريق تبسيط املساطر اإلدارية‪ ،‬وتطوير الخدمة‬

‫العمومية بتبني مناهج تعتمد تكنولوجيا املعلومات واالتصاالت‪ .‬حيث تم في سياق تنزيل هذا البرنامج وضع‬

‫آلية لالستقبال اإللكتروني‪ ،‬تتكون من بوابة الخدمات العمومية ‪ www.servicepublic.ma‬والتي تشتمل على‬

‫املعلومات املتعلقة باملساطر واإلجراءات اإلدارية‪ ،‬باإلضافة إلى ذلك إحداث مركز لالتصال والتوجيه اإلداري‬

‫يعنى باستقبال ومعالجة تساؤالت املرتفقين‪ ،‬وعموم املواطنين املرتبطة باملساطر واإلجراءات اإلدارية‪ ،‬كما تم‬

‫تخصيص جائزة سنوية لإلدارة اإللكترونية‪.94‬‬

‫وقد جاء برنامج إدارتي في السياق العام لتطوير وبناء مجتمع املعرفة واالعالم وأيضا في إطار تحديث‬

‫وعصرنة القطاعات اإلنتاجية‪ ،‬خصوصا اإلدارات واملؤسسات العمومية‪ ،‬وقد هدف هذا البرنامج إلى‪:95‬‬

‫▪ سد الهوة الرقمية جهويا واجتماعيا بتطوير املحتوى املالئم وتعميم الولوج إلى خدمات االنترنيت‬

‫وخدمات االتصال بصفة عامة‪ ،‬وتكوين الكفاءات املهنية التي يحتاجها اقتصاد املعرفة‪.‬‬

‫▪ تحسين تموقع املغرب في الساحة الدولية في مجال صناعات التكنولوجيا املرتبطة باملعلومات‬

‫واالتصال‬

‫▪ تنمية اإلدارة الرقمية‬

‫▪ تعميم استعمال تكنولوجيا املعلومات‬

‫‪-94‬جفري مراد ومعنصري مريم‪ :‬اإلدارة اإللكترونية باملغرب بين األبعاد االستراتيجية ورهان التنمية‪ ،‬مرجع سابق‪.374 :‬‬
‫‪-95‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.374 :‬‬

‫‪54‬‬
‫حيث شكل هذا البرنامج خطوة أولية نحو تكريس مبادئ القرب والشفافية اإلدارية والحكامة الجيدة‪،‬‬

‫لتحسين جودة الخدمات العمومية التي تقدم للمواطنين‪ ،‬وأيضا تحسين عالقة اإلدارة باملرتفقين‪ .‬كما قام‬

‫هذا البرنامج على تشجيع استعمال تكنولوجيا املعلومات واالتصاالت في مجال التسيير اإلداري‪ ،‬وعلى‬

‫الخصوص إدخال املعلومات إلى اإلدارة وربطها بالشبكة باستعمال تكنولوجيا املعلومات‪.96‬‬

‫إال أن هذا البرنامج عرف مجموعة من االختالالت على أرض الواقع‪ ،‬بداية بالتأخر في اإلنجاز وغياب‬

‫استراتيجية واضحة املعالم وضعف في الحكامة‪ ،‬مما دفع إلى تبني استراتيجية جديدة " االستراتيجية الوطنية‬

‫‪."E. Maroc 2010‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬االستراتيجية الوطنية ‪E. Maroc 2010‬‬

‫في إطار عصرنة القطاعات اإلنتاجية باملغرب حملت االستراتيجية الوطنية‪ ،E. Maroc 2010‬على عاتقها سد‬

‫الفجوة الرقمية وتعميم الولوج إلى خدمات االنترنيت وخدمات االتصال بصفة عامة‪ ،‬حيث اعتمدت‬

‫االستراتيجية على أربع محاور تتعلق بتنمية اإلدارة اإللكترونية وتعميم وسائل تكنولوجيا االتصال‪ ،‬إضافة‬

‫للتكوين في مجال تكنولوجيا االعالم واالتصال‪ ،‬وأخيرا تطوير الصناعات املرتبطة بتكنولوجيا املعلومات‪.‬‬

‫كما أنه في إطار االستراتيجية الوطنية إلدماج املغرب في مجتمع املعلومات واملعرفة‪ ،‬تم وضع مجموعة‬

‫من املشاريع والتي هدفت إلى تعميم تقنيات املعلومات لفائدة عموم املواطنين واإلدارات واملقاوالت‪ ،‬منها ما‬

‫يتعلق أساسا باإلدارة اإللكترونية وكذا املصدر الوطني لتقنيات املعلومات‪.97‬‬

‫‪-96‬ياسين األخشيدي‪ :‬اإلدارة اإللكترونية للجماعات املحلية باملغرب‪ ،‬بحث لنيل دبلوم املاستر في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية السويس ي‪ ،‬جامعة محمد الخامس بالرباط‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،2009.2008 :‬ص‪.28 :‬‬
‫‪-97‬هشام البخفاوي‪ :‬الحكومة اإللكترونية في املغرب‪ ،‬مقال منشور بمجلة قانون وأعمال العدد الرابع ‪ ،2011‬ص‪.203 :‬‬

‫‪55‬‬
‫وفي إطار تفعيل اإلدارة اإللكترونية تم إطالق بوابة وطنية ‪ www.maroc.ma‬التي ضمت أكثر من ‪600‬‬

‫مسطرة إدارية وعدة بوابات خاصة باإلدارات‪ ،‬حيث ساهمت هذه البوابة في تقليص كافة الخدمات املقدمة‪،‬‬

‫والحد من عناء التنقل والحصول على املعلومات املطلوبة وكذا تحسين نوعية الخدمات التي يتيحها توحيد‬

‫املساطر اإلدارية على املستوى الوطني‪.98‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬االستراتيجية الوطنية ملجتمع املعلومات واالقتصاد الرقمي (مخطط املغرب الرقمي‬

‫‪)2013‬‬

‫وقد بنيت استراتيجية املغرب الرقمي ‪ 2013‬على جعل تكنولوجيا املعلومات مصدرا لإلنتاجية والقيمة‬

‫املضافة بالنسبة لباقي القطاعات واإلدارات العمومية‪ ،‬وكذا تمكين املواطنين من الولوج إلى االنترنيت ذي‬

‫الصبيب العالي وتقريب اإلدارة من حاجيات املتعاملين معها‪ ،‬من حيث الفعالية والجودة والشفافية بواسطة‬

‫اإلدارة اإللكترونية‪ ،‬إضافة إلى تشجيع املقاوالت الصغرى واملتوسطة على اعتماد املعلومات للرفع من‬

‫إنتاجيتها وقد امتدت خالل الفترة بين الفترة بين ‪.992013.2009‬‬

‫وقد تأسست هذه االستراتيجية على مجموعة من املبادئ وانصبت على تحقيق العديد من الرهانات‬

‫واألهداف‪ ،‬وتتمثل الرهانات الكبرى الستراتيجية املغرب الرقمي ‪ 2013‬في تحويل املجتمع املغربي إلى مجتمع‬

‫املعلومات‪ ،‬بهدف خلق قيمة مضافة داخل املجتمع وتحسين مستويات العيش والرفاهية االجتماعية‬

‫للمواطنين‪ ،‬وهدفت هذه االستراتيجية تطوير االستخدام األمثل لتكنولوجيا املعلومات واالتصاالت في جميع‬

‫امليادين سواء االقتصادية واملالية أو اإلدارية‪.100‬‬

‫‪https://www.maroc.ma -98‬‬
‫‪-99‬اململكة املغربية‪ ،‬وزارة الصناعة والتجارة والتكنولوجيا الحديثة‪ ،‬االستراتيجية الوطنية ملجتمع املعلومات واالقتصاد الرقمي (املغرب الرقمي)‪ ،‬ص‪.15 :‬‬
‫‪ -100‬جفري مراد ومعنصري مريم‪ :‬اإلدارة اإللكترونية باملغرب بين األبعاد االستراتيجية ورهان التنمية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.376 :‬‬

‫‪56‬‬
‫وعند نهاية سنة ‪ 2013‬وصلت استراتيجية املغرب الرقمي إلى نهايتها‪ ،‬بتحقيق ما يقارب ‪ %55‬من‬

‫األهداف املسطرة عند إعطاء االنطالقة لهذه االستراتيجية سنة ‪ ،2009‬إذ تم خالل السنوات املاضية ربط‬

‫حوالي ‪ 2957‬مؤسسة تعليمية بشبكة االنترنيت‪ ،‬واعتماد ‪ 35‬خدمة على االنترنيت في مجال اإلدارة‬

‫اإللكترونية‪ ،‬من أصل ‪ 89‬خدمة التزمت االستراتيجية باعتمادها مع حلول سنة ‪ ،2013‬زيادة على دعم حوالي‬

‫‪ 301‬مقاولة صغرى ومتوسطة في إطار برنامج مساندة تكنولوجيا االعالم‪ ،‬وهو ما يعادل ما يعادل ‪ 75‬من‬

‫مجموع األهداف املسطرة‪ .‬ومع ذلك فإن نتائج مخطط املغرب الرقمي ‪ 2013‬عرفت العديد من التعثرات حيث‬

‫لم يتم الشروع في إنجاز بعض البرامج املوضوعة داخل اآلجال‪ ،‬كما أن العديد من البرامج لم تنجز في الفترات‬

‫املحددة لها سلفا‪ ،‬وهذا ما أشار إليه تقرير املجلس األعلى للحسابات بشأن تقييم استراتيجية املغرب الرقمي‬

‫‪.1012013‬‬

‫أمام االختالالت التي واجهت مخطط املغرب الرقمي ‪ 2013‬كان ال بد من وضع استراتيجية جديدة وهي‬

‫استراتيجية املغرب الرقمي ‪ 2020‬التي عرفت بدورها تأخرا في صياغة محطاتها ومراحلها‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬اإلطاراملؤسساتي لإلدارة اإللكترونية‬

‫عرف قطاع تكنولوجيا املعلومات واالتصال نقلة نوعية على الصعيد الوطني‪ ،‬وذلك بالنظر ملختلف‬

‫البرامج واالستراتيجيات الرقمية التي عملت على تنزيل اإلدارة الرقمية باملغرب‪ ،‬وقد واكب التطور التكنولوجي‬

‫إحداث مؤسسات وطنية تعنى بضبط املجال الرقمي باملغرب‪ ،‬ومن أبرزها الوكالة الوطنية لتقنين املواصالت‬

‫)‪( (ANRT‬الفقرة األولى)‪ ،‬ثم وكالة التنمية الرقمية )‪ (ADD‬املحدثة بموجب القانون ‪( 61.16‬الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫‪-101‬املجلس األعلى للحسابات‪ ،‬تقرير بشأن تقييم استراتيجية املغرب الرقمي ‪ ،2013‬تقرير خاص تحت عدد ‪ ،05/13/CH4‬فبراير ‪ ،2014‬ص‪ 125 :‬وما يليها‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬الوكالة الوطنية لتقنين املواصالت )‪(ANRT‬‬

‫تعتبر الوكالة مؤسسة عمومية مكلفة بتنظيم وتقنين قطاع املواصالت باملغرب‪ ،‬وتتمتع بالشخصية‬

‫املعنوية واالستقالل املالي‪ ،‬وقد أحدثت الوكالة الوطنية لتقنين املواصالت سنة ‪ 1998‬طبقا للقانون رقم‬

‫‪ 24.96102‬املتعلق بإعادة هيكلة قطاع البريد واالتصاالت باملغرب املتمم واملغير بمقتض ى القانون رقم‬

‫‪ ،103121.12‬والذي كرس نهاية احتكار الدولة لقطاع االتصاالت حيث أقر انقسام املكتب الوطني للبريد‬

‫واالتصال إلى ثالث وحداث من خالل الفصل بين البريد‪ ،‬والذي أصبح يسمى حاليا بريد املغرب واالتصاالت‬

‫السلكية والالسلكية (اتصاالت املغرب حاليا)‪ ،‬وكذا إنشاء سلطة تنظيمية تحت مسمى الوكالة الوطنية‬

‫لتقنين املواصالت‪.104‬‬

‫حسب مقتضيات القانون رقم ‪ 24.96‬املغير واملتمم بمقتض ى القانون رقم ‪ 121.12‬تتحدد اختصاصات‬

‫الوكالة في‪:105‬‬

‫أوال‪ :‬اختصاصات قانونية‬

‫من خالل إعداد اإلطار القانوني املنظم لقطاع االتصال عن طريق إعداد مشاريع قوانين واملراسيم‬

‫والقرارات اإلدارية‪ ،‬واإلشراف كذلك على مساطر التدقيق ومنح التراخيص ملمارسة مهام االتصاالت‪ ،‬وتتولى‬

‫الوكالة إعداد وتنفيذ مساطر املصادقة اإللكترونية‪.‬‬

‫‪-102‬القانون رقم ‪ 24.96‬املتعلق بالبريد واملواصالت الصادر في ‪ 18‬شتنبر ‪ ،1997‬والصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.97.162‬الصادر في ‪ 2‬ربيع اآلخر ‪1418‬‬
‫املوافق ل ‪ 7‬غشت ‪ ،1997‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،4518‬ص‪.3721 :‬‬
‫‪-103‬القانون رقم ‪ 121.12‬القاض ي بتغيير وتتميم القانون رقم ‪ 24.96‬الصادر في ‪ 12‬جمادى اآلخرة ‪ 1440‬املوافق ل ‪ 18‬فبراير ‪ ،2019‬الصادر بتنفيذه الظهير‬
‫الشريف رقم ‪ 1.19.08‬الصادر في ‪ 18‬جمادى األولى ‪ 1440‬املوافق ل ‪ 25‬يناير ‪ ،2019‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،6753‬ص‪.775 :‬‬
‫‪-104‬خالد مسكور‪ :‬تكنولوجيا املعلوميات واالتصال وتحديث اإلدارة العمومية ‪-‬الحكومة اإللكترونية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم املاستر في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم‬
‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة القاض ي عياض مراكش‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،2014.2013 :‬ص‪.59-58 :‬‬
‫‪ -105‬املوقع الرسمي للوكالة الوطنية لتقنين املواصالت ‪ www.anrt.ma‬تاريخ االطالع‪ 20 :‬يونيو ‪ ،2021‬الساعة‪.16:03 :‬‬

‫‪58‬‬
‫ثانيا‪ :‬اختصاصات تقنية‬

‫تتولى الوكالة تحديد القواعد اإلدارية للموافقة على التجهيزات واملعدات املرصودة للربط بشبكة عامة‬

‫لالتصاالت‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬اختصاصات اقتصادية‬

‫تتولى الوكالة التقنين االقتصادي للقطاع من خالل املصادقة على عروض الربط البيني للمتعهدين‪،‬‬

‫والسهر على احترام قواعد املنافسة الشريفة‪ ،‬والبت في النزاعات املرتبطة بها متى دعت الضرورة إلى ذلك‪.‬‬

‫وتعد مهام اليقظة من بين االختصاصات التي تتوالها الوكالة لحساب الدولة‪ ،‬وتتجلى هذه املهام في التقارير‬

‫التي تعدها حول تطور قطاع تكنولوجيا املعلومات واالتصال‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬وكالة التنمية الرقمية )‪(ADD‬‬

‫إن تعزيز اإلطار املؤسساتي لإلدارة اإللكترونية كان ال بد أن يواكبه املشرع املغربي بإحداث مؤسسات‬

‫وطنية تسهر على ضبط املجال الرقمي‪ ،‬وفي هذا السياق تم إحداث وكالة التنمية الرقمية بموجب القانون‬

‫رقم ‪ ،10661.16‬وحسب املادة األولى من نفس القانون فإن وكالة التنمية الرقمية تعتبر مؤسسة عمومية تتمتع‬

‫بالشخصية االعتبارية واالستقالل املالي وتخضع لوصاية الدولة‪.‬‬

‫ويتضمن هذا القانون ‪ 21‬مادة وستة أبواب تحدد مهام الوكالة والغرض من إنشائها‪ ،‬وكذا أجهزة اإلدارة‬

‫والتسيير والتنظيم املالي للوكالة الرقمية‪ ،‬وقد حددت املادة الثالثة املهام املسندة للوكالة في تنفيذ استراتيجية‬

‫‪-106‬القانون رقم ‪ 61.16‬املحدث بموجبه وكالة التنمية الرقمية الصادر في ‪ 23‬ذي الحجة ‪ 1438‬املوافق ل ‪ 14‬شتنبر ‪ ،2017‬والصادر بتنفيذه الظهير الشريف‬
‫رقم ‪ 1.17.27‬الصادر في ‪ 8‬ذي الحجة ‪ 1438‬املوافق ل ‪ 30‬غشت ‪ ،2017‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،6604‬ص‪.5057 :‬‬

‫‪59‬‬
‫الدولة في مجال التنمية الرقمية‪ ،‬وكذا تشجيع نشر الوسائل الرقمية وتطوير استخدامها بين املواطنين‪،‬‬

‫وللوكالة كذلك دور استشاري وتمثل قوة اقتراحية لدى الحكومة‪.‬‬

‫وقد أكد كاتب الدولة لدى وزير الصناعة واالستثمار والتجارة واالقتصاد الرقمي املكلف باالستثمار‪،‬‬

‫أمام لجنة الفالحة والقطاعات اإلنتاجية بمجلس املستشارين أثناء تقديم مشروع القانون رقم ‪ ،61.16‬إلى أن‬

‫تفعيل استراتيجية املغرب الرقمي ‪ 2020‬سيتم إسناده إلى وكالة التنمية الرقمية‪ ،‬بغية جعل املغرب ضمن‬

‫البلدان املنتجة للتكنولوجيا الرقمية على املدى املتوسط‪ ،‬إلضفاء قيمة على االقتصاد الوطني عالوة على‬

‫تحسين جاذبية املغرب لالستثمار في املجال الرقمي‪.107‬‬

‫وبالتالي فإن تطوير تكنولوجيا املعلومات واالتصال من خالل االستراتيجية املقبلة للمغرب الرقمي‬

‫‪ ،2020‬رهين بتفعيل وكالة التنمية الرقمية وقيامها باملهام املوكولة إليها‪ ،‬سواء على مستوى تنمية القطاع أو‬

‫تقديم االقتراحات والبرامج املرتبطة بالتكنولوجيا الرقمية‪.‬‬

‫‪-107‬اململكة املغربية‪ :‬البرملان‪ ،‬مجلس املستشارين‪ ،‬لجنة الفالحة والقطاعات اإلنتاجية‪ ،‬تقرير حول مشروع القانون رقم ‪ 61.16‬املحدث لوكالة التنمية الرقمية‪،‬‬
‫السنة التشريعية‪ ،2017.2016 :‬ص‪.2:‬‬

‫‪60‬‬
‫خاتمة الفصل األول‪:‬‬
‫إن التحول التكنولوجي الذي عرفه العالم في اآلونة األخيرة كان له األثر البالغ على نمط التدبير داخل‬

‫الدولة‪ ،‬فظهور مصطلح اإلدارة اإللكترونية أو الرقمنة وغيرها من املسميات جاء نتيجة لتطور الفكر اإلداري‬

‫املعاصر بفعل التكنولوجيا الحديثة‪ ،‬التي امتدت إلى مختلف مجاالت تدخل اإلدارة‪ .‬فالتحول الرقمي أصبح‬

‫اليوم خيارا ال محيد عنه وذلك من أجل االستفادة من إيجابيات الرقمنة في تحسين جودة الخدمات‬

‫العمومية‪ ،‬واالنتقال من التدبير التقليدي في إطار اإلدارة التقليدية إلى التدبير الرقمي لكافة نشاطاتها‪.‬‬

‫فاإلكراهات التي أصبحت تطبع النظم اإلدارية التقليدية جعلت منها متجاوزة في تدبير العمل اإلداري‪،‬‬

‫وبالتالي فإدخال الوسائل التكنولوجية في صلب العمل اإلداري من شأنه املساهمة في تجويد وتحسين‬

‫الخدمات اإلدارية املقدمة للمرتفق‪ ،‬وهذا لن يتأتى بدون األخذ بمبدأ الجودة كأحد املبادئ الحديثة‬

‫واألساسية في تقديم الخدمات العمومية‪ ،‬والذي نص عليه املشرع الدستوري بموجب دستور ‪ 2011‬مع‬

‫التنصيص عليه في بعض النصوص القانونية األخرى‪ ،‬وبذلك فالجودة تشكل دعامة أساسية لإلدارة الرقمية‬

‫في الوقت الراهن‪.‬‬

‫ومنذ دخول االنترنيت إلى املغرب‪ ،‬سارع املشرع املغربي إلى مواكبة وتنزيل مشروع الرقمنة من خالل‬

‫مجموعة من النصوص القانونية املؤطرة لها‪ ،‬باإلضافة إلى البرامج واالستراتيجيات الوطنية التي كان هدفها‬

‫رقمنة العمل اإلداري‪ ،‬من أجل تحسين جودة الخدمات التي تقدمها املرافق العمومية‪ ،‬غير أن ما يجب‬

‫اإلشارة إليه أن اإلطار القانوني لإلدارة الرقمية متعدد بتعدد مختلف مجاالت تدخل اإلدارة‪ ،‬وإن من شأن‬

‫تعزيز اإلطار القانوني ووضع وتفعيل البرامج واالستراتيجيات في هذا الشأن أن تسرع من وثيرة التحول الرقمي‬

‫باملغرب بغية تحسين وتجويد الخدمات اإلدارية تحقيقا للشفافية والديمقراطية اإلدارية‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تقييم الخدمات اإلدارية في ظل اإلدارة الرقمية‬

‫إن اإلدارة العمومية اليوم ليست في معزل عن التطورات التكنولوجية الحديثة‪ ،‬فاالنتقال من اإلدارة‬

‫التقليدية إلى اإلدارة الرقمية‪ ،‬أدى إلى تحول في كافة األعمال والخدمات اإلدارية التقليدية من طول اإلجراءات‬

‫إلى أعمال وخدمات رقمية تنفذ بسرعة ودقة عالية‪ ،‬من أجل تزويد املواطن بإدارة فعالة وسريعة وخدمات‬

‫ذات مستوى عال تمكنه من الحصول على طلباته اإلدارية بصفة شفافة ومنتظمة‪ ،‬وذلك ملا تتوفر عليه‬

‫املعلوميات من إمكانية تدبير جيد للوقت‪ ،‬واختزال مراحل عديدة وجمع وتصنيف املعلومات بشكل يجعل‬

‫أمر مراجعتها سهال وسريعا‪ ،‬الش يء الذي سينعكس ال محالة على األداء واملردودية وبالتالي تحسين عالقة‬

‫اإلدارة بمرتفقيها‪.108‬‬

‫وقد شكلت جائحة كورونا تحديا كبير أمام ضرورة توفير الخدمات الرقمية في ظل اإلغالق التام أو الجزئي ال‬

‫سيما في ظل توقف معظم املرافق العمومية‪ ،‬وبالتالي فتحقيق اآلثار والنتائج املنتظرة من الرقمنة ال يتحقق‬

‫في إدارة تشوبها اختالالت بحيث وجب استعمال التكنولوجيا الحديثة كآلية للتجديد والتطوير‪ ،‬وعليه سيتم‬

‫في التطرق لإلدارة الرقمية بين تجويد الخدمات اإلدارية وتحدي جائحة كوفيد ‪( 19‬املبحث األول)‪ ،‬ثم‬

‫إكراهات تجويد الخدمات اإلدارية الرقمية ورهان تطويرها (املبحث الثاني)‪.‬‬

‫املبحث األول‪ :‬اإلدارة الرقمية بين تجويد الخدمات اإلدارية وتحدي جائحة كوفيد‬

‫‪19‬‬

‫باتت اإلدارة الرقمية حديث العالم في القرن الواحد والعشرين‪ ،‬ملا ينتظر منها من تسهيل معامالت‬

‫األفراد بشكل يخفف عنهم االنتقال بين اإلدارات‪ ،‬بهدف تحقيق الشفافية اإلدارية واملساعدة في القضاء على‬

‫‪-108‬فتح هللا مجاد‪ :‬اإلدارة الرقمية في ظل جائحة كورونا‪ ،‬مقال منشور بمجلة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية‪ ،‬عدد خاص ‪ ،2020‬ص‪.176-175 :‬‬

‫‪62‬‬
‫الفساد اإلداري واالقتصاد في النفقات بشكل عام‪ ،‬ويعد موضوع اإلدارة اإللكترونية من أبرز التطبيقات‬

‫اإلدارية الحديثة التي ظهرت خالل السنوات القليلة املاضية‪ ،‬إذ أصبح يحظى بأهمية بالغة في مختلف دول‬

‫العالم مما دفع إلى املناداة باعتماد التكنولوجيا الحديثة للرفع من مردودية التدبير والتسيير اإلداري‪ ،‬وكذلك‬

‫الرفع من كفاءة عمل اإلدارة‪.109‬‬

‫لقد أصبح موضوع تحديث املرافق العمومية من أجل جودة أفضل في الخدمات اإلدارية يفرض نفسه‬

‫بقوة كضرورة تاريخية‪ ،‬فالقواعد التقليدية في التسيير اإلداري لم تعد تتكيف مع املتطلبات الجديدة للعصر‬

‫الحديث‪ ،‬إذ برزت الحاجة إلى مبادرات تنموية لدعم الدينامية اإلدارية بتوظيف التقنيات الحديثة‬

‫للمعلومات كآلية جديدة لتطوير اإلدارة العمومية‪ ،‬وتبسيط املساطر وتسهيل العالقة بين املواطن واإلدارة‪،‬‬

‫وقد شكلت جائحة كورونا أكبر تحديات اإلدارة الرقمية ملا فرضته الظرفية من ضرورة التدبير الرقمي ملختلف‬

‫املعامالت اإلدارية وبجودة عالية‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬سيتم التطرق ملساهمة اإلدارة الرقمية في تحسين جودة الخدمات اإلدارية (املطلب األول)‪ ،‬ثم‬

‫اإلدارة الرقمية في ظل جائحة كوفيد ‪( 19‬املطلب الثاني)‪.‬‬

‫املطلب األول‪ :‬مساهمة اإلدارة الرقمية في تحسين جودة الخدمات اإلدارية‬

‫تعتبر اإلدارة الرقمية رافعة أساسية للعصرنة والتحديث اإلداري‪ ،‬بحيث أنها تشكل نظاما متكامال أكثر‬

‫مما هي عملية تقنية‪ ،‬فهي منهج تفكير إداري جديد جاء نتيجة إلدخال تكنولوجيا املعلومات واالتصال في‬

‫صلب عمل اإلدارة العمومية من أجل خدمات إدارية ذات جودة عالية‪ ،‬عن طريق تحقيق النجاعة والفعالية‬

‫‪-109‬علي سعدي عبد الزهرة جبير‪ :‬التحول الرقمي في ظل جائحة كورونا‪ ،‬مقال منشور باملجلة األكاديمية للبحوث القانونية والسياسية‪ ،‬املجلد الخامس العدد‬
‫األول ‪ ،2021‬ص‪.385 :‬‬

‫‪63‬‬
‫والتبسيط في العمل اإلداري‪ .‬ومن هذا املنطلق سيتم التطرق لدور الرقمنة في تجويد العمل اإلداري (الفرع‬

‫األول)‪ ،‬باإلضافة إلى تأثير اإلدارة الرقمية على البنيات والهياكل اإلدارية وعلى القرار اإلداري (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬دورالرقمنة في تجويد العمل اإلداري‬

‫إن للرقمنة دور أساس ي ومحوري في التحديث واإلصالح اإلداري بالنظر ملا تتميز به من مزايا‪ ،‬شكلت في‬

‫معظمها نمطا بارزا في التدبير الرقمي للعمل اإلداري‪ ،‬متجاوزة بذلك التدبير التقليدي في ظل اإلدارة التقليدية‬

‫التي تتسم بالتعقيد والبيروقراطية والبطء في إنجاز مختلف املعامالت اإلدارية‪ ،‬ومن هذا املنطق تعزز اإلدارة‬

‫الرقمية التواصل اإلداري مع محيطها (الفقرة األولى)‪ ،‬باإلضافة إلى أنها تلعب دورا أساس ي في عقلنة وتبسيط‬

‫املساطر اإلدارية (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬تأثيرالرقمنة على التواصل اإلداري‬

‫تشكل تكنولوجيا املعلومات واالتصال داخل اإلدارة أساس عملها باستعمالها عدة أشكال ووسائل‬

‫مختلفة أجزاء الوحدة اإلدارية‪ ،‬وبين هذه الوحدة والوحدات املماثلة التي تدخل معها في عالقات متعددة‬

‫قصد تسهيل وضمان عملية التواصل واالستجابة اآلنية لالحتياجات اإلدارية‪ ،‬وتوفر الرقمنة إمكانات هائلة‬

‫لتحقيق انفتاح اإلدارة على محيطها الخارجي والقرب من املرتفقين‪ ،‬في إطار بيئة إدارية تطبعها املساواة‬

‫والشفافية بشكل يعزز ويقوي ثقة املتعاملين مع اإلدارة‪.‬‬

‫فالتواصل اإلداري هو عبارة عن عملية انسياب وتبادل املعلومات والبيانات في اتجاه عمودي وأفقي بين‬

‫مرسل ومرسل إليه داخل اإلدارة أو خارجها‪ ،‬فتكنولوجيا املعلومات واالتصال تضمن للمواطنين حق‬

‫االتصال والتواصل مع اإلدارة‪ ،‬بمعنى أن اإلدارة الرقمية تلغي الحواجز وعوائق االتصال التي يمكن أن تقوم‬

‫بين اإلدارة واملرتفقين‪ ،‬إال أن ذلك يبقى رهينا بمدى تشبع اإلدارات العمومية بثقافة االنفتاح والتواصل‬

‫‪64‬‬
‫اإليجابي مع املحيط كضمانة إلعطاء األهمية الالزمة للمراسالت اإللكترونية للمواطنين‪ ،‬والرد عليها في الوقت‬

‫املناسب بشكل ال يضيع القيمة املضافة لتكنولوجيا املعلومات والتواصل والكامنة في ربح الوقت والرفع من‬

‫جودة الخدمات اإلدارية‪.110‬‬

‫ومن هذا املنطلق تساهم الرقمنة في انفتاح اإلدارة على متطلبات املرتفقين (أوال)‪ ،‬باإلضافة على تقديم‬

‫خدمات إدارية ذات جودة عالية باعتبارها من أولويات مشروع اإلدارة اإللكترونية باملغرب (ثانيا)‬

‫أوال‪ :‬انفتاح اإلدارة الرقمية على متطلبات املرتفقين‬

‫تلعب اإلدارة الرقمية دورا أساسيا في انفتاح اإلدارة على املجتمع‪ ،‬حيث يمكن للمرتفق أن يطلع على‬

‫املعلومات والوثائق اإلدارية انطالقا من املوقع اإللكتروني لإلدارة‪ ،‬وأن يبعث إلى هذه األخيرة أو املسؤولين‬

‫اإلداريين بالتساؤالت واالستفسارات والتظلمات أو الشكايات عبر البريد اإللكتروني دون االرتباط بالزمان أو‬

‫املكان‪ ،‬فاعتماد اإلدارة الرقمية على وسائل االتصال الحديثة يعزز من مبدأ املساواة بين املرتفقين في‬

‫االستفادة من الخدمات العمومية ويقوي من مبدأ استمرارية املرفق العام‪ ،‬ليجعل اإلدارة أكثر قربا وانفتاحا‬

‫على املواطنين‪ ،‬وهي إحدى أهم أسس اإلدارة الحديثة واملواطنة‪ ،‬ويعتبر الشابك الوحيد املتضمن للروابط‬

‫فوق النصية ملجموع اإلدارات العمومية التي قد يحتاجها املواطن إلجراء عمليات إدارية متكاملة حال نموذجيا‬

‫لتوجيه املرتفق‪ ،‬وتمكينه من االستفادة من الخدمات العمومية بفاعلية أكبر وبسهولة اكثر‪ ،‬وهذا من شأنه‬

‫خلق جو من الثقة بين اإلدارات واملواطنين واملقاوالت‪.111‬‬

‫‪-110‬بدرية الطريبق‪ :‬دور اإلدارة الرقمية في تحديث وعصرنة اإلدارة العمومية باملغرب‪ ،‬مقال منشور بمجلة استشراف للدراسات واألبحاث القانونية عدد ‪3‬و‪4‬‬
‫أبريل ‪ ،2019‬ص‪.55 :‬‬
‫‪-111‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.56 :‬‬

‫‪65‬‬
‫تجعل سياسة التحديث اإلداري اإلدارة أكثر قربا من املرتفقين وإرضاء املتعاملين معها بصفة عامة‪،‬‬

‫واملستثمرين بصفة خاصة سواء املغاربة أو األجانب الذين يصطدمون بعدة عراقيل‪ ،‬فتحديث اإلدارة عن‬

‫طريق إدخال مجموعة من الوسائل التقنية واملعلوماتية أدى إلى االستجابة الفعلية لرغبات املرتفقين من‬

‫خالل اختصار اإلجراءات وربح الوقت‪.‬‬

‫أ‪-‬اختصاراإلجراءات‬

‫إن اقحام التكنولوجيا الحديثة داخل اإلدارة سيساعد ال محالة على تجاوز تأزم العالقة بينها وبين‬

‫مرتفقيها‪ ،‬وذلك من خالل االستفادة القصوى من اإلمكانيات التي تتيحها التقنيات الحديثة لتكنولوجيا‬

‫االعالم واالتصال واملتجسدة على وجه الخصوص في‪:112‬‬

‫▪ حق املرتفقين في االعالم واالطالع على الوثائق اإلدارية وبثها على شبكات االتصال الذي يعطي بعدا‬

‫جديدا ملفهوم الشفافية اإلدارية وتمهيدا لدمقرطة اإلدارة ومواطنيها‪.‬‬

‫▪ تلقي استفسارات وتساؤالت املواطنين عبر البريد اإللكتروني وكذلك تلقي تظلمات وشكايات املرتفقين‬

‫على االنترنيت‪ ،‬األمر الذي ينتج عنه القضاء على ضغوط املكان واملسافة‪ ،‬ومن تصور مفاهيم إعداد‬

‫التراب الوطني والجهوية والالمركزية‪ ،‬وتقريب اإلدارة من املواطنين بكفية مغايرة ليصبح املرتفق‬

‫مستفيدا من مبدأ استمرارية املرفق العام‪.‬‬

‫▪ مكننة املساطر اإلدارية األساسية‪ ،‬سيؤدي إلى العمل بتقنية املساطر عن بعد التي توضع رهن إشارة‬

‫العموم مجموعة من املطبوعات ورسائل االلتزام ونماذج الطلبات وذلك عبر شبكة االنترنيت‪.‬‬

‫‪ -112‬حسن أهروش‪ :‬اإلدارة اإللكترونية في املغرب بين األبعاد االستراتيجية وهاجس الثقة الرقمية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم املاستر في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم‬
‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية سال‪ ،‬جامعة محمد الخامس بالرباط‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،2015-2014 :‬ص‪.22 :‬‬

‫‪66‬‬
‫فوعي اإلدارة العمومية بأهمية فتح مواقع إلكترونية عن بعد وإنجاز عمليات إدارية عبر الخط على‬

‫مستوى تحسين بيئة تواصلية فعالة‪ ،‬والوصول إلى الهدف األسمى أال وهو إرضاء املرتفق‪.‬‬

‫ب‪ -‬ربح الوقت‬

‫لقد أحدثت تكنولوجيا املعلومات واالتصال طفرة نوعية حقيقية في أساليب العمل وفي سرعة ودقة‬

‫اإلنجاز‪ ،‬الش يء الذي يساهم في تحقيق التنمية الشاملة حيث ينجز في دقائق ما كان يتحقق في أيام‪ .‬لذلك‬

‫فاألهداف العامة املسطرة في مجال استعمال تكنولوجيا املعلوميات واالتصال ترمي إلى تزويد املواطن املغربي‬

‫بإدارة فعالة وسريعة‪ ،‬وخدمات ذات مستوى عال وتمكنه من الحصول على طلباته اإلدارية بسرعة تجعله‬

‫يتفادى اتساع ضياع الوقت‪ ،‬حيث أن ربح الوقت جاء كنتيجة لالنتقال من التدبير الورقي إلى التدبير‬

‫املعلوماتي‪ ،‬أي التحرر من العمليات الحسابية ومن بعض األعمال املتكررة وتقليص عدد املطبوعات‬

‫والتسجيالت التي كانت تأخذ من اإلدارة وقتا طويال‪.113‬‬

‫ثانيا‪ :‬تقديم خدمات إدارية ذات جودة عالية‪114‬‬

‫إن العالقة القائمة بين املنفعة العامة واملرفق العام من الضروري أن تفرض على هذا األخير التكييف‬

‫املستمر مع الظروف املتغيرة‪ ،‬وال سيما الحاجات املتطورة للمرتفقين ومن ثم يجب أن تكون لإلدارة القدرة‬

‫على التكييف مع املتغيرات التي يقتضيها الصالح العام‪ ،‬وتطوير الحاجات الجماعية على اعتبار أن الرفع من‬

‫مستوى التواصل اإلداري يعمل على خلق نوع من التقارب سواء داخل املؤسسات اإلدارية (تواصل داخلي) أو‬

‫في عالقتها بمحيطها (تواصل خارجي)‪ ،‬مما يفرض ضرورة التنسيق بين مكونات اإلدارة لتساعد على تقديم‬

‫الخدمات بمستوى أفضل‪ ،‬وكذا تسيير الرقابة على الخدمات اإلدارية املقدمة للعموم منعا ألية أخطاء أو‬

‫‪ -113‬حسنأهروش‪ :‬اإلدارة اإللكترونية في املغرب بين األبعاد االستراتيجية وهاجس الثقة الرقمية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.24-23 :‬‬
‫‪ -114‬بدريةالطريبق‪ :‬دور اإلدارة الرقمية في تحديث وعصرنة اإلدارة العمومية باملغرب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.58-57 :‬‬

‫‪67‬‬
‫هفوات يمكن أن تشوب تلك الخدمات‪ ،‬وقد أكدت الرسالة امللكية أنه "سيظل إصالح اإلدارة العمومية‬

‫وعصرنتها من بين الرهانات الرئيسية التي يطرحها تقدم بالدنا‪ ،‬إذ يتعين أن نوفر ألجهزتنا اإلدارية ما يلزم من‬

‫أدوات تكنولوجية عصرية بما فيها اإلنترنيت لتمكينها من االنخراط في الشبكة العاملية‪ ،‬وتوفير خدمات أكثر‬

‫جودة ملتطلبات األفراد واملقاوالت"‪.‬‬

‫يتبين أن املغرب قد وضع تقديم خدمات إدارية ذات جودة عالية من أولويات مشروع إلدارة الرقمية‪،‬‬

‫وهذا ما يحتم ضرورة التنسيق بين مكونات اإلدارة‪ ،‬وذلك من خالل إتاحة املجال لتبادل البيانات واملعلومات‬

‫بين العاملين في نفس املنظمة أو فروعها األخرى عبر ربط البرامج وقواعد البيانات املستخدمة بالشبكات‬

‫الداخلية والخارجية‪ .‬ورغم أن التواصل الداخلي لإلدارة غالبا ما يكون عبارة عن توجيهات أو أوامر لتطبيق‬

‫خطط معينة‪ ،‬إال أنه يعتبر من األمور األساسية والحيوية لنجاح العملية اإلدارية خصوصا وأنه يمثل‬

‫جوهرها موازاة مع التواصل الخارجي الذي ال يقل أهمية عن التواصل الداخلي‪ ،‬خاصة وأن التحديات‬

‫الراهنة تفرض على اإلدارة االنفتاح على املحيط الخارجي‪ ،‬وخلق شراكة دائمة معه من أجل لعب الدور‬

‫األساس ي املنوط بها‪ ،‬وتحسين نوعية وجودة الخدمات املقدمة للجمهور في ظروف جيدة وإنسانية من أجل‬

‫خلق تنمية اقتصادية واجتماعية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬دورالرقمنة في عقلنة وتبسيط املساطراإلدارية‬

‫تعتبر املسطرة اإلدارية ذلك املوجه والضابط للعالقات بين اإلدارة ومحيطها‪ ،‬ومع التطور التكنولوجي‬

‫أصبحت املساطر اإلدارية تواجه واقعا جديدا ومطالبة بالتكيف واالنسجام مع التحوالت التي تعرفها طبيعة‬

‫هذه العالقات‪ ،‬الش يء الذي سمح بخلق هوة بين اإلدارة املبنية على الهرمية واملركزية وبين واقع مجتمعي‬

‫كرستها ظاهرة التعقيد والشكالنية املفرطة التي تطغى على اإلدارات العمومية‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫وفي خضم هذه التحوالت‪ ،‬فإن مسايرة التطور التكنولوجي ودمقرطة اإلدارة تجعل هذه األخيرة مضطرة‬

‫لالنفتاح على محيطها بالنظر لضرورة وحتمية عنصر املشاركة‪ ،‬فإذا كانت شرعية التسيير الداخلي لإلدارة‬

‫إحدى أسس املفهوم التقليدي للمسطرة اإلدارية‪ ،‬فإن الفعالية وجودة التسيير وتحسين نوعية العالقة مع‬

‫املرتفق هي ضمن أولويات املفهوم الحالي للمسطرة اإلدارية‪ ،‬سيما وأن الشرعية لم تعد لوحدها كافية بأن‬

‫تكون أساس املسطرة اإلدارية بالرغم من أهميتها‪ ،‬وإنما يجب أن تأخذ باملبادئ الجديدة في مجال التسيير‬

‫والعالقات مع املرتفق‪.115‬‬

‫وبالتالي فإدخال أساليب حديثة لإلدارة واستخدام مفاهيم مثل الفعالية واملردودية والجودة والتواصل‪،‬‬
‫املشاركة‪ ..‬الخ إلى جانب الشرعية ستساعد اإلدارة على تحقيق أهدافها والتخفيف من حدة البيروقراطية‪116‬‬

‫وإرضاء الجمهور‪ ،‬فهذا املفهوم جاء ليتجاوز عيوب املسطرة التقليدية عن طريق استيعاب مختلف التحوالت‬

‫التكنولوجية واملجتمعية التي يعرفها محيط اإلدارة‪ ،‬وليساهم في التقليل من نفور املواطنين بسبب اإلفراط‬

‫في الشكليات واملراقبة القبلية‪ ،‬وما يترتب عنها من تأخير في اإلنجاز وعبئ على كاهل املواطن واملستثمر‪.‬‬

‫وفي خضم هذه املستجدات أصبح التنسيق وتبادل املعلومات بين مختلف الوحدات اإلدارية التي تقدم‬

‫خدمات متقاربة أو متشابهة للجمهور‪ ،‬إحدى السبل املهمة واألساسية لتبسيط املساطر واإلجراءات بهدف‬

‫تجاوز التكرار وضياع الوقت عبر توحيدها باستعمال املعلوميات في مختلف املسالك اإلدارية‪ ،‬والتقليل من‬

‫النماذج والوثائق عن طريق تنميطها ليسهل استعمالها وتبني مساطر نموذجية‪ ،‬يمكن استعمالها في العديد‬

‫‪-115‬عبد القادر البوفي‪ :‬تكنولوجيا املعلوميات وتأثيرها على العنصر البشري ‪-‬اإلدارة العمومية املغربية نموذجا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.56 :‬‬
‫‪-116‬تعتبر البيروقراطية أحد أشكال التنظيم االجتماعي الذي يفرز إجراءات ومساطر تؤطر وتهيكل النظام االجتماعي والنشاط السياس ي انطالقا من قنوات‬
‫معينة‪ ،‬وتعتبر أيضا تلك الفئة املكونة من املوظفين داخل األجهزة اإلدارية‪ ،‬راجع في هذا الخصوص أطروحة الدكتور عبد الحفيظ إدمينو‪ ،‬نظام البيروقراطية‬
‫اإلدارية باملغرب‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية أكدال‪ ،‬جامعة محمد الخامس بالرباط‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية‪ ،2002-2001 :‬ص‪ 2 :‬وما يليها‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫من املعامالت اإلدارية لذا يتوجب إلغاء غير الضروري منها‪ ،‬ودمج املتشابه اختصارا لوقت املستفيد من‬

‫الخدمة العامة‪ ،‬لجعلها أكثر مرونة ومالئمة ملتطلبات املناهج العصرية للتدبير‪.117‬‬

‫تسعى الرقمنة إلى خلق ديناميكية جديدة داخل اإلدارة العمومية مبنية على الشفافية والسرعة‬

‫واملردودية‪ ،‬نظرا ملا تتوفر عليه من إمكانية تدبير جيد للوقت واختزال مراحل عديدة وجمع وتصنيف‬

‫املعلومات بشكل يجعل أمر مراجعتها سهال وسريعا‪ ،‬الش يء الذي سينعكس ال محالة باإليجاب على األداء‬

‫واملردودية وجودة الخدمات اإلدارية‪ ،‬وبالتالي تحسين عالقة اإلدارة بمحيطها‪.‬‬

‫وتعتبر املعلوميات من أنجع الوسائل التكنولوجية الحديثة التي بإمكانها تبسيط اإلجراءات واملساطر‬

‫اإلدارية‪ ،‬إال أن هذا االستعمال ال ينبغي أن ينظر إليه كتقنية محايدة بل التعامل معه كظاهرة ثقافية‪ ،‬ألنه‬

‫سيحدث طفرة كبرى على أساليب التسيير البيروقراطي ويساهم بشكل فعال في تنظيم اإلدارة التقليدية‪،‬‬

‫وإعادة االنتشار بشكل مغاير للمنطق البيروقراطي‪ .118‬فاعتماد التكنولوجيا الحديثة في التدبير اإلداري‬

‫سيساهم في االنتقال من التدبير الورقي إلى التدبير الرقمي‪ ،‬وذلك من خالل تطوير نظم املعلوميات في مجال‬

‫التسيير اإلداري باإلضافة إلى إحداث بنوك للمعطيات ومواقع الويب على شبكة االنترنيت للتعريف بالخدمات‬

‫والوثائق اإلدارية ذات الطابع العمومي‪ ،‬ثم أيضا تقديم الخدمات من خالل مواقعها الرقمية وذلك استعدادا‬

‫لالنتقال إلى ما أصبح يعرف بالخدمات عن بعد‪.‬‬

‫ال شك أن إشكالية تبسيط اإلجراءات واملساطر اإلدارية باعتبارها إحدى صور الحداثة‪ ،‬أضحت ورشا‬

‫قائما بذاته يتعين إنجازه بكامل الدقة والفعالية والحذر أحيانا للوصول إلى إدارة حديثة وعصرية‪ ،‬إذ بدون‬

‫ذلك تبقى كل املحاوالت واملجهودات املبذولة الرامية إلى تحسين صورة اإلدارة لدى مختلف املتدخلين بال‬

‫‪ -117‬عبد القادر البوفي‪ :‬تكنولوجيا املعلوميات وتأثيرها على العنصر البشري ‪-‬اإلدارة العمومية املغربية نموذجا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.57:‬‬
‫‪-118‬خالد نونوحي‪ :‬إشكالية املساطر اإلدارية داخل اإلدارة املغربية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.240 :‬‬

‫‪70‬‬
‫فعالية‪ ،‬سيما وأن البالد مجبرة على االنخراط في مسلسل الرهانات الوطنية والدولية اقتصاديا واجتماعيا‬

‫وسياسيا وإداريا‪.119‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تأثيرالرقمنة على العمل اإلداري‬

‫إن التطورات التي عرفتها التكنولوجيا الحديثة أحدثت تغيرات جدرية في طرق ممارسة العمل اإلداري‪،‬‬

‫وذلك من خالل املزايا التي توفرها الرقمنة للمعامالت اإلدارية لبلوغ جودة هاته الخدمات‪ ،‬وعليه فقد تعددت‬

‫تأثيرات اإلدارة الرقمية في مخلف أوجه نشاطها‪ ،‬سواء على مستوى البنيات والهياكل اإلدارية (الفقرة األولى)‪،‬‬

‫ثم على مستوى مسلسل اتخاذ القرار اإلداري (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬على مستوى الهياكل اإلدارية‬

‫إن إدخال املعلوميات لإلدارة العمومية عملية معقدة ومتشابكة تتأثر بها جميع مكونات املنظمة‪،‬‬

‫فتعديل أي فرع من فروعها ال بد أن يؤثر على اإلدارة ككل‪ ،‬وهذا التعديل قد يحدث بصورة غير رسمية أي‬

‫فعلية دون أن تتبعه تعديالت في النصوص القانونية‪ ،‬فمثال قد تتغير املهام واالختصاصات بفعل التطور دون‬

‫أن يتم تعديل الهيكل رسميا‪ ،‬وهذا ما يؤدي إلى تغيرات فعلية على أرض الواقع فهناك العديد من الوحدات‬

‫اإلدارية تعمل بصورة فعلية دون أن توجد في الهيكل التنظيمي لإلدارة‪.120‬‬

‫فالرقمنة باعتبارها إحدى وسائل تحديث وعصرنة اإلدارة العمومية يراهن عليها في إعادة ترتيب البنيات‬

‫والهياكل اإلدارية وترسيخ الديمقراطية اإلدارية‪ ،‬خصوصا في ظل التحديات الجديدة التي أصبحت مطروحة‬

‫بحدة أمام اإلدارة باعتبارها قاطرة تقود مسلسل التنمية االقتصادية واالجتماعية والسياسية إلى جانب‬

‫القطاع الخاص‪ ،‬فرغبة اإلدارة في تحديث أدوات اشتغالها ملواكبة التطورات التي يعرفها املحيط سارعت هذه‬

‫‪ -119‬عبد القادر البوفي‪ :‬تكنولوجيا املعلوميات وتأثيرها على العنصر البشري ‪-‬اإلدارة العمومية املغربية نموذجا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.60 :‬‬
‫‪ -120‬حسنأهروش‪ :‬اإلدارة اإللكترونية في املغرب بين األبعاد االستراتيجية وهاجس الثقة الرقمية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.16 :‬‬

‫‪71‬‬
‫األخيرة بوثيرة مرتفعة في امتالك التكنولوجيا‪ ،‬وخصوصا املعلوميات للتخلص من طرق النظام التقليدي‬

‫املتسم بالبيروقراطية واالنغالق‪.121‬‬

‫وتعتبر البنيات أو الهياكل اإلدارية إطار تنظيمي محدد للوظائف والسلط وطرق تقسيمها بين املوظفين‪،‬‬

‫وكذلك تأطير العالقات وتنسيقها بين الوحدات اإلدارية‪ ،‬فهذا اإلطار بمثابة موجه وضابط للعالقات داخل‬

‫اإلدارة وخارجها‪ .122‬وإذا كانت الهياكل اإلدارية مجموعة أجزاء متناسقة على مستوى الوظائف ومتكاملة على‬

‫مستوى املهام‪ ،‬بفضل العالقات املنظمة بينها فإن الرقمنة تقف عاجزة عن فهم طبيعة هذه العالقات‬

‫ونوعية تصنيفها‪ ،‬نظرا لسبب رئيس ي يتلخص في أنها تدخل نظاما مغلقا ملعلومات ويرجع ذلك لتسلسل‬

‫اإلداري الذي طبع لفترة طويلة نظام اإلدارة‪.123‬‬

‫وبالتالي فاملالحظ أنه بتطور وظائف اإلدارة وتعدد وتنوع احتياجات املرتفقين‪ ،‬باتت تظهر العديد من‬

‫اإلشكاليات على مستوى بنية اإلدارة وأهمها تضخم الهياكل وصعوبة التنسيق بينها‪ ،‬وكذلك تداخل‬

‫اختصاصاتها مما يثقل كاهل اإلدارة ويخفض من مردوديتها ويرفع من تكاليفها‪ ،‬فالرقمنة يمكن أن تشكل آلية‬

‫لتجاوز هذه املشاكل وخاصة بإعادة توزيع االختصاصات واملسؤوليات وتنظيم العالقات التسلسلية داخل‬

‫اإلدارة‪ .‬هذه التغيرات قد تكون بشكل رسمي معد له مسبقا أو عن طريق املمارسة والتطبيق‪ .‬فالتكنولوجيا‬

‫يمكن أن ترسم عالقات أفقية بدل العمومية بين مختلف أجزاء املنظمة‪ ،‬بشكل تداخلي دون حواجز أو‬

‫عوائق‪ ،‬كما أنها ترفع من درجة التنسيق بين الوحدات اإلدارية‪ ،‬وذلك من خالل وضع أبناك للمعلومات‬

‫املشتركة يتم تبادلها بشكل سلس دون اتباع اإلجراءات الورقية املعقدة وهذا ما يضفي الطابع املرن والفعال‬

‫‪ -121‬حسن أهروش‪ :‬اإلدارة اإللكترونية في املغرب بين األبعاد االستراتيجية وهاجس الثقة الرقمية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.16 :‬‬
‫‪ -122‬آدم خابا‪ :‬دور اإلدارة اإللكترونية في إصالح اإلدارة وتجديد املرفق العام‪ ،‬مقال منشور على موقع املعلومة القانونية ‪https://alkanounia.info/?p=5632‬‬
‫تاريخ االطالع‪ 24 :‬يونيو ‪ ،2021‬الساعة‪.14:52 :‬‬
‫‪-123‬ناجي كمال‪ :‬استعمال تكنولوجيا املعلومات واالتصال باإلدارة العمومية املغربية ‪-‬واقع وآفاق‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا املعمقة‪ ،‬كلية العلوم‬
‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية أكدال‪ ،‬جامعة محمد الخامس بالرباط‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،2003.2002 :‬ص‪.14 :‬‬

‫‪72‬‬
‫لإلدارة الرقمية‪ .124‬وهكذا فتأسيس أبناك املعلومات يمكن أن يهم العديد من اإلدارات التي هي في حاجة إلى‬

‫معلومات أو اللجوء إلى خدماتها‪ ،‬فمثال في فرنسا هناك بنك للمعلومات املدنية الذي تشترك فيه عدة إدارات‬

‫كوزارة املالية ووزارة االشغال العمومية والجماعات‪.125‬‬

‫باإلضافة إلى أن الرقمنة تساعد على تبني سياسة علمية حديثة تتجاوز أساليب العمل التقليدية ثم‬

‫الكشف عن الفائض في املوارد البشرية بالنسبة للوحدات اإلدارية‪ ،‬وتيسر عملية إحصائهم وتحديد أماكنهم‬

‫ومؤهالتهم‪ ،‬ما يسهل توزيعهم‪ ،‬كما أن الفعالية واملرونة والسرعة التي طبع املعامالت الرقمية سهلت إمكانية‬

‫تجاوز مركزية القرار اإلداري‪ ،‬حيث مكنت الوحدات اإلدارية من حرية أكبر في التعامل مع اإلبقاء على روابط‬

‫االخبار والتفاعل مع املركز وفقا للوحة قيادة تتضمن توجيهات وتوصيات ممارسة ذلك النشاط اإلداري‬

‫وكذلك تؤمن تتبع مساره‪.126‬‬

‫وإجماال يمكن القول إن للرقمنة دور أساس ي ومحوري في إصالح وإعادة هيكلة الوحدات اإلدارية‬

‫باإلضافة إلى إعادة انتشار املوظفين‪ ،‬وبالتالي تقليص الهياكل اإلدارية مما جعلها محط مقاومة من املوظفين‬

‫أنفسهم الذين ينظرون إليها كمهدد لوضعياتهم الوظيفية‪ ،‬وتناسوا أن إدخال التكنولوجيا الحديثة في صلب‬

‫العمل اإلداري إنما من أجل تحسين جودة الخدمات وتيسير عملهم باالستفادة من مزاياها العديدة‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬على مستوى اتخاذ القراراإلداري‬

‫تعتمد كفاءة اإلدارة على جودة القرارات اإلدارية التي تتخذها والعملية اإلدارية بوظائفها املختلفة‬

‫كالتنبؤ‪ ،‬والتخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة هي في النهاية سلسلة من عمليات اتخاذ القرارات‪ ،‬والتي‬

‫‪ -124‬آدم خابا‪ :‬دور اإلدارة اإللكترونية في إصالح اإلدارة وتجديد املرفق العام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬نفس املوقع‪.‬‬
‫‪ -125‬حسن أهروش‪ :‬اإلدارة اإللكترونية في املغرب بين األبعاد االستراتيجية وهاجس الثقة الرقمية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.16 :‬‬
‫‪-126‬آدم خابا‪ :‬دور اإلدارة اإللكترونية في إصالح اإلدارة وتجديد املرفق العام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬نفس املوقع‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫يتوقف نجاحها على توفر املعلومات الكافية وباملواصفات الكمية والنوعية‪ .‬وقد أدركت املجتمعات املتقدمة‬

‫أهمية املعلوميات ودورها في ترشيد القرارات‪ ،‬فسارعت إلى تطور الوسائل والتقنيات الالزمة التي عملت على‬

‫إحداث تغيير جدري في وسائل وأساليب تجميع وتخزين ومعالجة واسترجاع وتبادل املعلومات‪.127‬‬

‫ويمثل القرار اإلداري أكثر األعمال القانونية التي تستعملها اإلدارة لالضطالع بمسؤوليتها‪ ،‬ويبقى وسيلة‬

‫اإلدارة املفضلة في القيام بوظيفتها ملا يحققه من سرعة وفاعلية العمل اإلداري‪ ،‬كما يعتبر القلب النابض‬

‫لإلدارة باعتباره الترجمة الفعلية واملظهر الخارجي للعمل اإلداري‪ ،‬فاملمارسة اإلدارية تتطلب مواجهة مجموعة‬

‫كبيرة من املواقف التي تستدعي االختيار املستمر للبدائل املختلفة‪ ،‬لذلك فاتخاذ القرارات اإلدارية عملية‬

‫مستمرة وترجمة واقعية للوظائف اإلدارية من تخطيط وتنظيم ورقابة‪.128‬‬

‫إن اتخاذ القرار اإلداري ينبني في غالب األحيان على قاعدة من البيانات التي يمكن أن يكون حجمها‬

‫كبيرا‪ ،‬مما يستدعي إجراء التحليل الرياض ي واملتكامل للوصول إلى النتائج املستهدفة‪ ،‬التي يمكن االعتماد عليها‬

‫عند اتخاذ القرارات اإلدارية‪ ،‬وملا كان هذا التحليل الرياض ي يتطلب عمليات حسابية ليس من السهل إنجازها‬

‫يدويا في وقت وجيز ودون جهد ومشقة‪ ،‬أضحى من الضروري االستعانة بخدمات الحاسوب‪ .‬وإن عملية اتخاذ‬

‫القرارات اإلدارية داخل اإلدارة العمومية املغربية اعتمادا أو توظيف الحاسوب الزالت في مرحلتها الجينية‬

‫لدى أغلب اإلدارات‪ ،‬مع وجود بعض االستثناءات لدى اإلدارات التقنية التي قطعت أشواط مهمة في مجال‬

‫تحديث وعصرنة دواليبها اعتمادا على تكنولوجيا املعلوميات‪.129‬‬

‫‪-127‬سعيدة برنوص ي‪ :‬دور املعلوميات في رفع املردودية اإلدارية‪ ،‬بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا املعمقة في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية أكدال‪ ،‬جامعة محمد الخامس بالرباط‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،2000-1999 :‬ص‪.47:‬‬
‫‪-128‬بدرية الطريبق‪ :‬دور اإلدارة الرقمية في تحديث وعصرنة اإلدارة العمومية باملغرب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.51 :‬‬
‫‪ -129‬عبد القادر البوفي‪ :‬تكنولوجيا املعلوميات وتأثيرها على العنصر البشري ‪-‬اإلدارة العمومية املغربية نموذجا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.174 :‬‬

‫‪74‬‬
‫فاملعلومات التي يتطلب االعتماد عليها في عملية صنع واتخاذ القرار أو يكون بمقدورها االستجابة‬

‫الكاملة الحتياجات منفذ القرار‪ ،‬هي تلك التي تتحقق من خالل نظام معلوماتي مبني على أسس علمية ويجري‬

‫تحضيرها عن طريق استخدام هذا النظام‪ ،‬والتعامل مع مخرجاته من قبل أطر مختصين ولكي تشمل هذه‬

‫املعلومات املرجعية‪ ،‬واالسناد الكامل لصانع القرار ال بد أن تكون مستوفية لكافة املتطلبات املعلوماتية‬

‫الالزمة لدراسة املوضوع محل البحث والتحضير التخاذ القرار‪ ،‬والحقيقة أن الحاجة إلى املعلومات وضرورتها‬

‫بالنسبة لصانع القرار تتزايد بصورة مطردة كلما اتسعت وتعقدت مجاالت وغايات القرارات املطلوبة‬

‫اتخاذها‪.130‬‬

‫وعليه فإن الرقمنة هي األداة لكل عمل إداري من خالل ما توفره من معلومات ملتخذ القرار وبالتالي‬

‫تتوقف جودة القرار اإلداري على مدى قدرة اإلدارة على الحصول على املعلومات‪ ،‬وحسن استخدامها في‬

‫خالل وظائفها اإللكترونية‪.‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬اإلدارة الرقمية في ظل جائحة كورونا‬

‫منذ ظهور فيروس كورونا وانتشاره عبر أرجاء املعمور‪ ،‬عرف العالم مجموعة من التحوالت التي كان لها‬

‫األثر البالغ على كافة املستويات االقتصادية واالجتماعية والسياسية‪ ،‬وبذلك فقد وجدت الدول نفسها أمام‬

‫تحديات كبرى فرضتها الجائحة أمام غياب لقاح فعال‪ ،‬وكغيره من الدول بادر املغرب إلى اتخاذ مجموعة من‬

‫التدابير االحترازية والوقائية حفاظا على الصحة العامة للمواطنين واألمن العام‪ ،‬وقد تم الدخول في الحجر‬

‫الصحي وتوقيف العمل بمجموعة من املرافق العامة باستثناء املرافق الحيوية (األمن‪ ،‬الصحة‪ ،)..،‬وفرض‬

‫حالة الطوارئ الصحية‪ ،‬وفي هذا الشأن فقد أصدرت الحكومة مرسوم بقانون رقم ‪ 2.20.292‬واملتعلق بسن‬

‫‪-130‬ماجد أحمد عبد العزيز بشر‪ :‬أنظمة املعلومات ودورها في دعم القرارات اإلدارية‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية أكدال‪ ،‬جامعة محمد الخامس بالرباط‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،2013-2012 :‬ص‪.241-240 :‬‬

‫‪75‬‬
‫أحكام خاصة بحاالت الطوارئ الصحية وإجراءات اإلعالن عنها‪ ،131‬ثم املرسوم رقم ‪ 2.20.293‬املتعلق بإعالن‬

‫حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني ملواجهة تفش ي فيروس كورونا‪.132‬‬

‫ومن هذا املنطلق‪ ،‬أصبح التساؤل يطرح حول البدائل املتاحة والتدابير املتخذة لديمومة العمل اإلداري‬

‫خالل هذه الجائحة (الفرع األول)‪ ،‬ثم حول واقع الخدمات الرقمية في ظل أزمة كرورنا وحدود تفعيلها (الفرع‬

‫الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬التدابيراملتخذة الستمرارية العمل اإلداري خالل الجائحة‬

‫أمام االنتشار السريع لفيروس كورونا لم تجد الدول حال غير فرض الحجر الصحي وإعالن حالة‬

‫الطوارئ الصحية‪ ،‬وبدوره سارع املغرب في اتخاذ مجموعة من التدابير االحترازية والوقائية حماية للصحة‬

‫العامة واألمن العام‪ ،‬مما توقفت معه معظم أنشطة املرافق العمومية باستثناء املرافق الحيوية‪ ،‬وفي هذا‬

‫الصدد شكلت الرقمنة إحدى أهم اآلليات والوسائل لضمان استمرارية خدماتها الرقمية (الفقرة األولى)‪،‬‬

‫باإلضافة إلى العمل عن بعد باإلدارات العمومية كإجراء من شأنه ضمان ديمومة اشتغال اإلدارة وتقديم‬

‫خدماتها للمرتفقين (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬أهمية الرقمنة في ضمان استمرارية املرفق العام‬

‫يعتبر ضمان استمرارية املرفق العام بانتظام واطراد من أهم واجبات السلطة اإلدارية‪ ،‬بحيث يجد‬

‫املنتفع الخدمة املطلوبة متوفرة في الزمان واملكان املحدد ألدائها‪ ،‬ويعتبر مبدأ االستمرارية من املبادئ‬

‫األساسية التي تحكم وتضبط سير املرافق العامة‪ ،‬تحقيقا للصالح العام الذي يرمي إلى توفير الحاجيات‬

‫‪-131‬مرسوم بقانون رقم ‪ 2.20.292‬املتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات اإلعالن عنها‪ ،‬الصادر في ‪ 28‬من رجب ‪ 1441‬املوافق ل ‪23‬‬
‫مارس ‪ ،2020‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 6867‬مكرر‪ ،‬ص‪.1782 :‬‬
‫‪-132‬مرسوم رقم ‪ 2.20.293‬املتعلق بإعالن حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني ملواجهة تفش ي فيروس كورونا‪ ،‬الصادر في ‪ 29‬من رجب ‪1441‬‬
‫املوافق ل ‪ 24‬مارس‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 6867‬مكرر‪ ،‬ص‪.1783 :‬‬

‫‪76‬‬
‫األساسية للمنتفعين من خدمات املرافق العمومية‪ .‬وتنبع أهمية هذا املبدأ من طبيعة املرفق ذاته وما يعول‬

‫عليه جمهور املنتفعين لالستفادة من خدمات املرفق العام وتلبية احتياجاتهم وقضاء مصالحهم‪.133‬‬

‫ويشكل هذا املبدأ شريان املرافق العمومية‪ ،‬ومن أجل ضمان تطبيق هذا املبدأ من طرف الدولة فقد تم‬

‫تكريسه بموجب دستور ‪ 2011‬الذي جاء بمقتضيات مهمة وأساسية في هذا املجال‪ ،‬حيث نص الفصل ‪154‬‬

‫على أن يتم تنظيم املرافق العمومية على أساس املساواة بين املواطنين واملواطنات في الولوج إليها واإلنصاف في‬

‫تغطية التراب الوطني واالستمرارية في أداء الخدمات‪.‬‬

‫ومع ظهور فيروس كورونا املستجد وفرض حالة الطوارئ الصحية فرضت هذه األزمة التحول الرقمي‬

‫من أجل ضمان استمرارية املرفق العام‪ ،‬حيث تم الوقوف على ضرورة االنتقال إلى عالم الخدمات واملعامالت‬

‫الرقمية وعقد االجتماعات واللقاءات التواصلية والتأطيرية عن بعد‪ ،‬والعمل بالتدابير االحترازية والوقائية‬

‫التي اتخذتها الحكومة لتفادي انتشار فيروس كورونا بين العاملين باملرافق العمومية‪ ،‬وال سيما تلك املتعلقة‬

‫بحالة الطوارئ الصحية ولكون التعامالت والتبدالت الورقية تمثل عامل خطر النتشار عدوى هذا الوباء‪ ،‬وتم‬

‫اتخاذ مجموعة من التدابير في إطار دعم التحول الرقمي باإلدارات العمومية‪ ،‬إذ أصبح اعتماد الحلول‬

‫الرقمية من الوسائل التي ال غنى عنها لضمان استمرارية العمل اإلداري وتقليص تبادل املراسالت والوثائق‬

‫الورقية‪ ،‬كما مكنت اإلدارات في تعاملها فيما بينها من تدبير وتتبع املراسالت الواردة والصادرة منها‪ ،‬وكذلك‬

‫املراسالت ما بين مصالحها الداخلية‪ ،‬على الصعيد املركزي ومعالجتها آليا من شأنها تيسير التواصل داخليا‬

‫وخارجيا في الوقت املناسب وبدقة عالية‪.134‬‬

‫‪-133‬كوثر التاقي‪ :‬املرفق العمومي في زمن كورونا ‪-‬آليات االستمرارية وإكراهات التنزيل‪ ،‬مقال منشور باملجلة املغاربية للرصد القانوني والقضائي‪ ،‬العدد الثاني‬
‫‪ ،2020‬ص‪.95 :‬‬
‫‪-134‬علي سعدي عبد الزهرة جبير‪ :‬التحول الرقمي في ظل جائحة كورونا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.387-386 :‬‬

‫‪77‬‬
‫وقد حقق املغرب منذ بداية جائحة كورونا قفزة نوعية من خالل االرتقاء باملحتوى الرقمي باإلدارة‬

‫العمومية وتطوير خدماتها عن بعد‪ ،‬للحد من التجمعات تفاديا النتشار الفيروس عن طريق التقليل من‬

‫التعامالت الورقية املادية التي تشكل خطرا في نقل العدوى‪ ،‬وأصبح التحول الرقمي من الضروريات بالنسبة‬

‫لكافة املؤسسات والهيئات التي تسعى إلى تطوير وتحسين خدماتها وتسهيل وصولها للمستفيدين‪ ،‬فهو ال يعني‬

‫فقط تطبيق التكنولوجيا داخل اإلدارة بل برنامجا شامال يمس طريقة وأسلوب عملها داخليا بشكل رئيس ي‪،‬‬

‫ولقد أصبحت الرقمنة تشكل رهانا أمنيا واستراتيجيا للتعامل مع األوقات االستثنائية التي تمر بها املجتمعات‬

‫ال سيما في ظل جائحة كورونا‪.‬‬

‫ومع البدء في التخفيف من إجراءات الحجر الصحي واستئناف املرافق العمومية لنشاطها‪ ،‬ومن أجل ضمان‬

‫استمرارية خدمات املرافق العمومية في ظل الجائحة وحفاظا على سالمة وصحة العاملين واملرتفقين‪ ،‬اتخذت‬

‫الدولة مجموعة من اإلجراءات والتدابير واملتعلقة بكل من اإلدارة واملوظف واملرتفق‪ ،‬وذلك من خالل إصدار‬

‫دليل عملي للتدابير واإلجراءات الوقائية باملرافق العمومية‪.135‬‬

‫أوال‪ :‬اإلجراءات املتعلقة باإلدارة‬

‫عملت اإلدارة على االعتماد على مجموعة من اإلجراءات للحفاظ على صحة املوظفين واملرتفقين من خالل‬

‫وضع أجهزة قياس الحرارة مع مراعاة التباعد الجسدي‪ ،‬وتخصيص قاعة االنتظار والتعقيم وتأهيل املكلفين‬

‫باالستقبال بالتدابير الوقائية في عالقتهم مع الوافدين على اإلدارة‪ ،‬تسجيل بيانات املرتفقين والعاملين‬

‫باإلدارة مع عزل املوظفون الذين تتجاوز درجة حرارتهم ‪ 37.3‬بصورة مؤقتة‪ ،‬واالتصال عند الحاجة برقم‬

‫املساعدة الطبية أو خدمة ألو يقظة الوبائية من أجل تقديم معلومات حول فيروس كورونا كوفيد ‪.13619‬‬

‫‪ -135‬اململكة املغربية‪ ،‬وزارة االقتصاد واملالية وإصالح اإلدارة ‪-‬قطاع إصالح اإلدارة‪ ،‬دليل عملي للتدابير واإلجراءات الوقائية باملرافق العمومية‪.‬‬
‫‪-136‬الدليل العملي للتدابير واإلجراءات الوقائية باملرافق العمومية‪ ،‬ص‪ 19 :‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫باإلضافة إلى التحسيس والتوعية الصحية مع إنجاز املهام باعتماد العمل عن بعد كقاعدة أساسية بالنسبة‬

‫للموظفين الذين ال تقتض ي طبيعة عملهم ضرورة حضورهم‪ ،‬وعدم إغالق الهاتف واالطالع بشكل مستمر‬

‫على البريد اإللكتروني‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬اإلجراءات املتعلقة باملوظف‬

‫من بين اإلجراءات االحترازية املتعلقة باملوظف ضرورة قياس درجة الحرارة والتأكد من عدم ظهور أي‬

‫أعراض‪ ،‬وفي حالة الشك يجب عدم الحضور وإخبار اإلدارة بذلك‪ ،‬مع ارتداء الكمامة الطبية واالعتماد على‬

‫التباعد الجسدي‪ ،‬وتهوية املكاتب أمر ضروري للحفاظ على حركة الهواء مع املحافظة على نظافة اليدين‬

‫وتجنب االختالط والتجمعات غير الضرورية‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬اإلجراءات املتعلقة باملرتفق‬

‫لتسهيل الخدمات وفرت اإلدارة مجموعة من الوسائل لتبسيط املساطر اإلدارية من خالل الخدمة عن‬

‫بعد باالعتماد على وسائل التواصل املوضوعة رهن إشارة املرتفق (الهاتف‪-‬مراكز االتصال‪-‬البريد اإللكتروني‪-‬‬

‫البوابة اإللكترونية)‪ ،‬ثم احترام املواعيد لتجنب االكتظاظ مع تجنب الذهاب إلى اإلدارة في حالة ظهور أحد‬

‫أعراض كوفيد ‪ ،19‬مع إلزامية وضع الكمامة واحترام اإلجراءات الوقائية وخاصة التباعد الجسدي‪.137‬‬

‫إن جائحة كرورنا قد عززت الحاجة في اللجوء إلى التكنولوجيا الحديثة بالنسبة لإلدارات العمومية في‬

‫أدائها لخدماتها‪ ،‬وقد شكلت فرصة مهمة لصانع القرار من أجل التنزيل الفعلي ملختلف اإلستراتيجيات‬

‫الرقمية‪ ،‬وسرعة التحول الرقمي داخل اإلدارة من خالل االنتقال من التدبير التقليدي للخدمات إلى التدبير‬

‫الرقمي ملختلف املعامالت اإلدارية‪ ،‬حيث اعتمدت العديد من القطاعات خالل الجائحة العمل بالخدمات‬

‫‪ -137‬الدليل العملي للتدابير واإلجراءات الوقائية باملرافق العمومية‪ ،‬ص‪ 43 :‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫الرقمية هدفها تقريب اإلدارة من املرتفق تجنبا النتشار عدوى فيروس كورونا‪ ،‬ومن هذه الخدمات الرقمية‬

‫التعليم عن ثم العمل عن بعد باإلدارات العمومية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬العمل عن بعد باإلدارات العمومية‬

‫يعتبر العمل عن بعد أحد آليات التدبير العمومي الحديث املرتبط باإلدارة الرقمية في تقديمها للخدمات‬

‫العمومية‪ ،‬ويتأسس مفهوم نظام العمل عن بعد على منح املوظف أو املستخدم إمكانية تأدية واجباته‬

‫الوظيفية سواء بشكل جزئي أو بشكل كامل‪ ،‬من مواقع مختلفة وبعيدة عن مقرات عملهم املعتادة‪ ،‬وهو‬

‫بذلك يعتبر أحد خيارات العمل البديلة التي تضمن استمرارية املرفق العام خالل الظروف االستثنائية‪ ،‬عن‬

‫طريق تأدية األعمال واملهام املرتبطة بتقديم الخدمات العمومية‪ ،‬ويمكن اعتماده من طرف اإلدارة في الحاالت‬

‫التي تتطلب تأدية األعمال وإنجاز املهام من خارج مقر العمل‪ ،‬عوضا عن التواجد كليا أو جزئيا في مقرات‬

‫العمل دون أن يعتبر ذلك نوعا من أنواع اإلجازات‪.138‬‬

‫ولقد عملت الحكومة على إقرار مرسوم رقم ‪ 2.20.343‬املتعلق بالعمل عن بعد بإدارات الدولة‪ ،‬وذلك‬

‫بعد اعتماد العمل عن بعد تزامنا مع فرض املغرب لحالة الطوارئ الصحية‪ ،‬حرصا على سالمة وصحة‬

‫املوظفين واملرتفقين في ظل الظروف االستثنائية واملتمثلة في انتشار وباء كورونا كإجراء احترازي للحد من‬

‫تفشيه‪ .139‬ويأتي هذا املرسوم بناء على الفصل ‪ 90‬من الدستور‪ ،‬حيث نصت مذكرته التقديمية على أنه جاء‬

‫في إطار الجهود املتواصلة للحكومة في مجال إصالح اإلدارة‪ ،‬وال سيما عبر تطوير أساليب العمل باملرافق‬

‫العمومية وتشجيع رقمنة املساطر وأدوات االشتغال بهذه املرافق‪.‬‬

‫‪-138‬اململكة املغربية‪ ،‬وزارة االقتصاد واملالية وإصالح اإلدارة ‪-‬قطاع إصالح اإلدارة‪ ،‬دليل العمل عن بعد باإلدارات العمومية‪ ،‬أبريل ‪ ،2020‬ص‪.4 :‬‬
‫‪-139‬محمد بومديان‪ :‬اإلشكاليات القانونية العتماد اإلدارة اإللكترونية باملغرب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.59 :‬‬

‫‪80‬‬
‫وبالتالي فإن اعتماد إمكانية العمل عن بعد باإلدارات العمومية تساهم في توفير بيئة عمل مناسبة‬

‫للموظفين‪ ،‬بما من شأنه الرفع من نجاعة اإلدارة وتحسين مردودية املوظف‪ ،‬من أجل تقديم خدمات ذات‬

‫جودة للمرتفقين‪ .‬وقد تضمن هذا املرسوم ‪ 16‬مادة‪ ،‬وقد وفق املشرع من خالله بين ضرورات استمرار املرفق‬

‫العام وتلبية حاجيات املرتفقين‪ ،‬واتخاذ الحيطة والحذر من جائحة كورونا باستخدام اآلليات الحديثة في‬

‫ممارسة األنشطة واملهام اإلدارية بما يضمن الجودة والنجاعة والفعالية في األداء‪.‬‬

‫وقد حدد املشرع من املادة األولى إلى املادة الرابعة مفهوم وتبيان خصائص ومميزات العمل عن بعد‬

‫بإدارات الدولة‪ ،‬كما حدد كيفية وطريقة العمل بهذا النمط الذي يمكن أن يكون في مقر سكنى املوظف‪ ،‬أو في‬

‫مقرات تابعة لإلدارة يتم تحديدها عند االقتضاء‪ ،‬فيما أحالت املادة الخامسة على قرار للسلطة الحكومية‬

‫املعنية يتم اتخاذه مع تأشيرة السلطة الحكومية املكلفة بالوظيفة العمومية‪ ،‬يحدد الئحة الوظائف‬

‫واألنشطة واألماكن املوضوعة رهن إشارة اإلدارة للقيام بالعمل عن بعد‪ ،‬وقواعد أمن املعلومات وحماية‬

‫البيانات وشروط وقواعد احتساب توقيت عمل املوظفين ومدتهم‪ ،‬مع إمكانية تقييم أداء املوظف خالل مدة‬

‫أقصاها ثالثة أشهر‪.‬‬

‫فيما تطرقت باقي املواد إلى واجبات املوظف وحقوقه خالل عمله عن بعد‪ ،‬كرخص املرض واالستفادة‬

‫من التعويض عن حوادث الشغل املرتبط بعمله عن بعد فقط‪ .‬وأخيرا نصت املادة الخامسة عشر على‬

‫إحداث لجنة تحت إشراف السلطة الحكومية املكلفة بالوظيفة العمومية‪ ،‬تتولى تتبع وتقييم العمل عن بعد‬

‫لهذه اإلدارات‪ ،‬وإعداد البرامج التكوينية ذات الصلة للموظفين بما يغني رصيدهم التدبيري‪ ،‬وإعداد تقارير‬

‫سنوية تعرض على رئاسة الحكومة‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫وأطلقت وكالة التنمية الرقمية في إطار الحد من التأثيرات السلبية لجائحة كورونا‪ ،‬مبادرات رقمية‬

‫ملواكبة اإلدارات العمومية لتسهيل العمل عن بعد تهم أوال إرساء بوابة مكتب الضبط الرقمي يعمل على‬

‫تدبير املراسالت بشكل إلكتروني‪ ،‬وتتعلق ثانيا بإحداث الشباك اإللكتروني للمراسلة يسمح برقمنة مسطرة‬

‫معالجة البريد باإلدارات بشكل إلكتروني من طرف مستخدمي اإلدارات‪ ،‬وترتبط أخيرا بالخدمة اإللكترونية‬

‫(الحامل اإللكتروني) التي ستمكن اإلدارات من التجريد املادي ملختلف الوثائق اإلدارية‪ ،‬وكذلك التوقيع‬

‫اإللكتروني على الوثائق اإلدارية وإدارة سير العمل‪ ،‬في سياق ترسيخ ثقافة املعامالت اإللكترونية على كل‬

‫املستويات واالرتقاء بالخدمة العمومية املوجهة للمواطن‪ ،‬بهدف تقليص تبادل املراسالت والوثائق اإلدارية‬

‫بما ينعكس إيجابا على جودة الخدمات العمومية‪.140‬‬

‫وتكملة ملرسوم العمل عن بعد‪ ،‬عملت وزارة االقتصاد واملالية وإصالح اإلدارة على إصدار منشورين رقم‬

‫‪ 2020/01‬و‪ 2020/02‬املؤرخين على التوالي في ‪ 16‬مارس وفاتح أبريل ‪ .2020‬ومن هذا املنطلق فإن جائحة‬

‫كورونا قد كشفت عن الحاجة امللحة إلى إدخال التكنولوجيا الحديثة لإلدارة العمومية‪ ،‬وكذا توظيفها‬

‫واستخدامها بشكل يخدم ويسهل الخدمات الرقمية للمرتفقين‪.141‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الخدمات الرقمية في ظل الجائحة و إكراهات تنزيلها‬

‫ساهمت الخدمات الرقمية في ظل جائحة كرورنا إلى تقريب اإلدارة من املرتفق وتلبية متطلباته أمام‬

‫االغالق التام ملعظم املرافق العمومية‪ ،‬حماية للصحة العامة للمواطنات واملواطنين وقد ازدادت أهمية‬

‫الرقمنة في تقديم الخدمات العمومية املوجهة للمواطن واملقاولة (الفقرة األولى)‪ ،‬غير أن تفعيل هذه‬

‫الخدمات الرقمية قد عرف مجموعة من اإلكراهات (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫‪-140‬خليل اللواح‪ :‬التحول الرقمي في زمن الجائحة‪ ،‬مقال منشور بمجلة البوغاز للدراسات القانونية والقضائية‪ ،‬العدد السابع ‪ ،2020‬ص‪.227 :‬‬
‫‪ -141‬محمدبومديان‪ :‬اإلشكاليات القانونية العتماد اإلدارة اإللكترونية باملغرب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.60 :‬‬

‫‪82‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬الخدمات الرقمية املوجهة للمواطن واملقاولة‬

‫مثلت التكنولوجيا خالل أزمة كورونا الخط الرفيع الذي يضمن البقاء في املنزل واستمرارية العمل‪ ،‬إذ‬

‫مكنت من تحقيق الحد األدنى لسيرورة املرافق العامة دور االضطرار لخرق الحظر األمر الذي يحول الرقمنة‬

‫إلى منزلة أكبر وأشمل‪ ،‬إذ لن تعود هدفا في حد ذاتها بل أداة محورية لتحقيق كافة األهداف االقتصادية‬

‫واالجتماعية‪.‬‬

‫وباعتبارها واجهة النظام السياس ي وأداة تنفيذ السياسة العامة وترجمتها إلى إجراءات وأعمال تنفيذية‪،‬‬

‫تهدف اإلدارة الرقمية بالدرجة األولى إلى توفير الخدمات الضرورية للمواطن وإشباع حاجاته األساسية‪.142‬‬

‫وقد أصبح التحول الرقمي من الضروريات بالنسبة لكافة املؤسسات والهيئات التي تسعى إلى تطوير وتحسين‬

‫خدماتها وتسهيل وصولها للمستفيدين‪ ،‬فهو ال يعني فقط تطبيق التكنولوجيا داخل املؤسسة بل برنامجا‬

‫شامال يمس طريقة وأسلوب عملها داخليا بشكل رئيس ي‪ ،‬وخارجيا أيضا من خالل تقديم خدمات مبتكرة‬

‫بعيدا عن الطرق التقليدية‪ .‬وتظهر ضرورته أيضا في الحد من انتشار فيروس كورونا املستجد عن طريق‬

‫التقليل من التعامالت الورقية املادية التي تشكل خطرا في نقل العدوى‪.143‬‬

‫وقد اعتمدت العديد من القطاعات العمل بالخدمات الرقمية مقدمة للمواطن واملقاولة هدفها تقريب اإلدارة‬

‫منهم والحد من توافد املرتفقين على مصالحها‪ ،‬ومنها على سبيل املثال‪:144‬‬

‫▪ خدمة التعليم عن بعد التي أطلقتها وزارة التربية الوطنية والتكوين املنهي والتعليم العالي والبحث‬

‫العلمي‪ ،‬لضمان االستمرارية البيداغوجية وإرساء مداومة تربوية ينخرط فيها جميع األطر اإلدارية‬

‫‪-142‬عمران نزيهة‪ :‬اإلدارة العمومية واملواطن أية عالقة تشخيص االختالالت وسبل اإلصالح ‪-‬التجربة الجزائرية‪ ،‬مقال منشور بمجلة الفكر العدد الثاني عشر‪،‬‬
‫دون ذكر السنة‪ ،‬ص‪.476 :‬‬
‫‪143‬رحاب اروياح‪ :‬دور تكنولوجيا املعلومات واالتصال في رفع أداء اإلدارة العمومية خالل جائحة كورونا‪ ،‬مقال منشور باملجلة اإللكترونية القانون واألعمال‬
‫‪ /https://www.droitetentreprise.com/19230‬تاريخ االطالع‪ 26 :‬يونيو ‪ ،2021‬الساعة ‪.13:07‬‬
‫‪-144‬املوقع نفسه‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫والتربوية بناء على قرار توقيف الدراسة بجميع املؤسسات‪ ،‬عبر بوابة ‪ Telmid TICE‬التي توفر‬

‫مضامين مصنفة حسب األسالك واملستويات التعليمية واملواد الدراسية‪ ،‬وبخصوص قطاع التعليم‬

‫العالي‪ ،‬عملت الجامعات باملغرب على فتح منصات رقمية توضع فيها محاضرات ودروس رهن إشارة‬

‫الطلبة‪ ،‬كما يمكنهم متابعة هذه الدروس عبر املوقع االلكتروني للوزارة‪ ،‬وعلى مستوى التكوين املنهي‬

‫أعطت الوزارة ومكتب التكوين املنهي وإنعاش الشغل االنطالقة الرسمية لبوابة التعليم عن بعد عبر‬

‫الخدمة املشتركة ‪،TEAMS‬كما أن الوزارة أطلقت بتاريخ ‪ 8‬ابريل ‪ 2020‬رقم أخضر بشراكة مع‬

‫جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية بنجرير‪ ،‬وكذا مدرسة ‪1337‬للبرمجة‬

‫واالبتكار ومدرسة يوكود لإلجابة عن جميع التساؤالت واالستفسارات بخصوص املنصات التي‬

‫وضعها‪.‬‬

‫▪ خدمة وضع التبرعات عبر االنترنيت لفائدة الصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس كورونا‪ ،‬وضعته‬

‫الخزينة العامة للمملكة رهن إشارة املواطنين والفاعلين االقتصاديين ملساهمتهم عبر املنصة‬

‫االلكترونية‪.‬‬

‫▪ في إطار مواكبة املقاوالت التي توجد في وضعية صعبة بسبب تفش ي الفيروس اتخذت لجنة اليقظة‬

‫االقتصادية مجموعة من التدابير من شأنها الحفاظ على القدرة الشرائية لألجراء بصرف تعويض‬

‫لشهور “أبريل – ماي – يونيو” ابتداء من ‪ 15‬من مارس لألجراء املتوقفين عن العمل واملصرح بهم‬

‫لدى الصندوق الوطني للضمان االجتماعي‪ ،‬مع احتفاظهم بحق االستفادة من التعويضات العائلية‬

‫والتأمين اإلجباري عن املرض‪ ،‬وذلك عبر التصريح بالتوقف عن العمل في املوقع‬

‫االلكتروني ‪www.cnss.ma‬دون التنقل إلى أي وكالة‪.‬‬

‫‪84‬‬
‫▪ اعتمدت إدارة الجمارك والضرائب غير املباشرة استعمال العديد من الخدمات مباشرة عبر االنترنيت‬

‫(إجراءات التخليص الجمركي للبضائع‪ ،‬املقابالت مع املفتشين املعالجين للتصاريح‪ ،‬طلب شهادة‬

‫املنشأ‪ ،‬أداء املستحقات الجمركية)‪ ،‬كذلك توجيه طلبات املعلومات والشكايات بشكل مباشر عبر‬

‫املوقع االلكتروني‪http://www.douane.gov.ma/requetes‬أو عن طريق الهاتف‪ ،‬من أجل حصر‬

‫الولوج إلى مكاتب الجمارك واملساهمة في كبح الوباء‪.‬‬

‫▪ برنامج لدعم املقاوالت الصغرى واملتوسطة والصغيرة جدا‪ ،‬التي تستثمر في مجال تصنيع املنتجات‬

‫واملعدات املستعملة في مواجهة الجائحة أطلقته وزارة الصناعة والتجارة واالقتصاد األخضر‬

‫والرقمي‪ ،‬عبر ملئ استمارة يمكن تحميلها انطالقا من موقع الوكالة الوطنية إلنعاش املقاوالت‬

‫الصغرى واملتوسطة‪http://candidature.marocpme.ma/covid19‬‬

‫▪ وبخصوص دعم العاملين في القطاع غير املهيكل وغير املسجلين في خدمة راميد واملتضررة من‬

‫التدابير االحترازية في حالة الطوارئ الصحية‪ ،‬يمكنهم اإلدالء بتصريحاتهم في املوقع‬

‫االلكتروني‪http://www.tadamoncovid.ma‬عن طريق الحاسوب أو الهاتف املحمول‪.‬‬

‫غير أن تفعيل هذه الخدمات الرقمية خالل الجائحة قد عرف مجموعة من اإلكراهات‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬إكراهات تفعيل الخدمات الرقمية خالل الجائحة‬

‫واجهت الخدمات الرقمية خالل جائحة كورونا مجموعة من اإلكراهات واالختالالت البنيوية‪ ،‬وقد‬

‫شكلت اإلدارة إحدى هذه الصعوبات إذ لم تعد رغم كل املحاوالت اإلصالحية تساير وثيرة التغيرات‬

‫املجتمعية‪ ،‬وقد ظلت في الكثير من الحاالت مفتقدة للكفاءة واالبتكار والحكامة الجيدة‪ ،‬مما قد يجعل من‬

‫‪85‬‬
‫تفعيل اإلدارة الرقمية وتنزيلها على أرض الواقع خاصة في ظل أزمة كورونا أمرا يصطدم بعدة معيقات‬

‫وتحديات‪.‬‬

‫إن التحديات التي عرفتها الخدمات الرقمية خالل جائحة كورونا مرتبطة باألساس بالتدبير والتسيير‬

‫داخل اإلدارة‪ ،‬وتتجلى في ضعف البنية التحتية والرسمال البشري فال يمكن تصور خدمات رقمية في ظل‬

‫اإلدارة الرقمية دون بنية تكنولوجية حديثة‪ ،‬تؤمن التواصل والتبادل الرقمي للمعلومات والذي أوضحت‬

‫الجائحة الحاجة الضرورية إلى تعزيز وتحديث اإلدارة العمومية من خالل دعم التكنولوجيا الحديثة والتدبير‬

‫الرقمي ملختلف معامالت اإلدارة‪.145‬‬

‫إضافة إلى ذلك‪ ،‬فرضت التغيرات الجوهرية للتكنولوجيات الحديثة باإلدارات‪ ،‬واقعا جديدا على املوظفين‬

‫العموميين الذين صعب عليهم التأقلم واالندماج في البيئة الرقمية‪ ،‬نتيجة عدم توفرهم على الكفاءة الالزمة‬

‫والتكوين الكافي‪ .‬ذلك أن التعامل مع نظم املعلومات يتطلب إحداث تغيرات جذرية في طبيعة األعمال اإلدارية‬

‫وكيفية تقديم الخدمة العمومية كما يتطلب نوعية من املوظفين اإلداريين القادرين على التعامل مع‬

‫التطورات التقنية‪ .‬فاإلدارة الرقمية في حاجة ماسة إلى تعزيز األمن الرقمي‪ ،‬وبهذا قد نبهت إدارة الدفاع‬

‫الوطني باقي اإلدارات التي اضطرت العمل عن بعد في ظل حالة الطوارئ الصحية إلى وجود مخاطر أمنية تهدد‬

‫أعمالهم ونظم املعلومات‪ ،‬السيما مع تنامي وثيرة الجريمة االلكترونية خالل السنوات األخيرة‪ .‬األمر الذي‬

‫يتطلب مهارات وآ ليات لضمان أمن وسرية املعلومات ومعايير األمن السيبراني التي تحدده املديرية العامة ألمن‬

‫نظم املعلومات‪.146‬‬

‫‪-145‬محمد نبيل السريفي‪ :‬اإلدارة اإللكترونية ورهانات التنمية‪ ،‬بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا املعمقة في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬جامعة عبد املالك السعدي طنجة‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،2007.2006 :‬ص‪.69 :‬‬
‫‪-146‬رحاب اروياح‪ :‬دور تكنولوجيا املعلومات واالتصال في رفع أداء اإلدارة العمومية خالل جائحة كورونا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬املوقع نفسه‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫شكلت أزمة كورونا محطة جوهرية في إعادة النظر في واقع التكنولوجيا الحديثة داخل اإلدارة‬

‫العمومية‪ ،‬وتعزيز االنتقال من التدبير اليدوي للمعامالت إلى التدبير الرقمي لها وذلك من أجل تقديمها بجودة‬

‫عالية‪ ،‬بالرغم من اإلكراهات التي تحد من تطبيقها مما يطرح معه رهانات الخدمات اإلدارية في ظل اإلدارة‬

‫الرقمية‪.‬‬

‫املبحث الثاني‪ :‬إكراهات و آفاق تجويد الخدمات اإلدارية الرقمية‬

‫تشكل اإلدارة الرقمية األداة املهمة في مسار تحديث وإصالح اإلدارة العمومية‪ ،‬من خالل العمل على‬

‫تطوير مختلف القطاعات اإلدارية لتحقيق النجاعة والجودة في الخدمات‪ ،‬باإلضافة إلى تعزيز الشفافية‬

‫اإلدارية وتجاوز سلبيات النظم اإلدارية التقليدية هذا من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى تعرف الخدمات العمومية‬

‫الرقمية مجموعة من اإلكراهات واملعيقات التي تحول دون تحقيق األهداف واملبادئ التي تسعى إليها اإلدارة‬

‫العمومية ومن أهمها الجودة في تقديم الخدمات العمومية‪.‬‬

‫وقد تنوعت اإلكراهات التي تعيق نجاح مختلف املبادرات اإلصالحية التي هدفت إلى مراجعة البناء‬

‫اإلداري املغربي‪ ،‬منها ما يرتبط بالنظرة التي حكمت اإلصالحات اإلدارية والتي تدخل وفق منطق املحافظة على‬

‫الوضع القائم‪ ،‬وهيمنة الدولة على مختلف املحاوالت اإلصالحية‪ .147‬وبالتالي فإن تجويد الخدمات اإلدارية‬

‫الرقمية واجه مجموعة من اإلكراهات املختلفة (املطلب األول)‪ ،‬مما يدعو إلى التساؤل عن رهاناتها من أجل‬

‫تحسين وتطوير الخدمات اإلدارية وتجويدها (املطلب الثاني)‪.‬‬

‫‪-147‬عبد الحفيظ ادمينو‪ :‬نظام البيروقراطية اإلدارية باملغرب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.260 :‬‬

‫‪87‬‬
‫املطلب األول‪ :‬إكراهات الرقمنة في تجويد الخدمات اإلدارية‬

‫إن رقمنة العمل اإلداري وما تتوفر عليه من مزايا عديدة‪ ،‬ليست بتلك العملية السهلة فاإلدارة‬

‫العمومية عرفت خالل العقدين األخيرين مجموعة من التحديات التي جعلت منها جهازا جامدا يطبعه‬

‫التعقيد والبطء والروتين في مختلف تعامالتها‪ ،‬فكان خيار الرقمنة مشروعا استراتيجيا لتجويد الخدمات‬

‫العمومية وتحقيق متطلبات املرتفقين‪ ،‬من خالل االنتقال من التدبير التقليدي إلى التدبير الرقمي ملختلف‬

‫الخدمات التي تقدمها اإلدارة العمومية‪ ،‬فالتطورات التي عرفها املرفق العمومي لم تكن في معزل عن‬

‫التطورات التي عرفها مجال التكنولوجيا الحديثة‪ ،‬إن مساهمة اإلدارة الرقمية في تجويد الخدمات اإلدارية‬

‫عرفت مجموعة من التحديات واإلكراهات‪ ،‬منها ما يرتبط بواقع اإلدارة العمومية (الفرع األول)‪ ،‬ومنها ما يعود‬

‫إلى املخاطر املرتبطة بأمن املعلومة وتحديات الفجوة الرقمية (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬اإلكراهات الداخلية املرتبطة باإلدارة‬

‫إن املجهودات املبذولة من أجل رقمنة العمل اإلداري وتقديم الخدمات اإلدارية بجودة عالية‪ ،‬بغية‬

‫تحقيق متطلبات املرتفق لم تخلو من إكراهات طبعت تجربة اإلدارة الرقمية وبالتالي انعكست سلبا على‬

‫جودة الخدمات املقدمة‪ ،‬فواقع اإلدارة العمومية يعرف مجموعة من اإلكراهات التي تقف عائقا أمام تجويد‬

‫الخدمات العمومية‪ ،‬ومنها ما يرتبط بضعف وقلة املوارد البشرية والتحديات املرتبطة بعالقة اإلدارة باملرتفق‬

‫(الفقرة األولى)‪ ،‬ثم أيضا محدودية التجهيز املعلوماتي وضعف امليزانية املرصودة لرقمنة الخدمات العمومية‬

‫في إطار اإلدارة الرقمية (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬اإلكراهات املرتبطة بضعف األطراإلدارية والتحديات املرتبطة بعالقة اإلدارة باملرتفق‬

‫يمثل العنصر البشري املؤهل األهمية القصوى بالنسبة لإلدارة العمومية‪ ،‬لكونه يساعد على استخدام‬

‫املوارد املعلوماتية بشكل جيد‪ ،‬وتزودها بمعلومات توظف في تحليل ودراسة املشكالت اإلدارية واالقتصادية‬

‫واالجتماعية املختلفة‪ ،‬واالستفادة القصوى من إمكانياتها يتوقف بالدرجة األولى على القوى البشرية املؤهلة‬

‫واملدربة في مجال التكنولوجيا الحديثة‪ ،‬ألن اإلدارة هي مجموعة من البنيات البشرية التي أنيطت بها مجموعة‬

‫من األدوار والوظائف‪.148‬‬

‫أوال‪ :‬قلة وضعف األطرالبشرية املختصة في املجال املعلوماتي‬

‫تقوم اإلدارة من خالل شبكتها الداخلية بربط العاملين واملجاالت الوظيفية بشبكة من االتصاالت‬

‫اإللكترونية لتسريع إنجاز وتحسين اإلنتاجية وجودة الخدمات‪ ،‬وخفض التكلفة وتسهيل تبادل املعلومات‬

‫وتنفيذ العمليات‪ ،‬ومن هنا تتضح إلزامية العمل على إيالء عناية خاصة لتدبير املوارد البشرية في ظل اإلدارة‬

‫الرقمية‪ ،‬من حيث توظيف الكفاءات التقنية أو تدريب املوظفين باستمرار فيما يرتبط بتكنولوجيا املعلومات‬

‫وتطبيقات االنترنيت املختلفة‪.149‬‬

‫وقد شكل العنصر البشري إحدى اإلجراءات املواكبة التي تبنتها استراتيجية املغرب الرقمي ‪،2013‬‬

‫فالرهان على الرأسمال البشري باعتباره عنصرا أساسيا لتطوير قطاع تكنولوجيا املعلومات واالتصال‪ ،‬حيث‬

‫أن توفر الكفاءات واملوارد البشرية كما ونوعا يعد شرطا أساسيا لتنفيذ االستراتيجية الوطنية لتكنولوجيا‬

‫املعلومات‪ ،‬ويستلزم االستباق الفعال للحاجيات فيما يتعلق باملوارد البشرية املكونة واملؤهلة‪.‬‬

‫‪-148‬عبد الحق عقلة‪ :‬مدخل لدراسة القانون اإلداري وعلم اإلدارة‪ ،‬طبعة ‪ ،2002‬دار القلم للنشر الرباط‪ ،‬ص‪.75 :‬‬
‫‪-149‬بدرية الطريبق‪ :‬دور اإلدارة الرقمية في تحديث وعصرنة اإلدارة العمومية باملغرب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.62 :‬‬

‫‪89‬‬
‫وقد أثبتت بعض الدراسات التي همت تقييم االختصاص التقني للموارد البشرية باإلدارات العمومية‬

‫باملغرب‪ ،‬أن نسبة املوظفين املتخصصين في املعلوميات موزعة بين مهندسين وتقنيين نسبة ضئيلة مقارنة مع‬

‫الدول األخرى‪ ،‬إذ بلغت هذه النسبة ‪ %3,0‬فقط من عدد املوظفين أي حوالي ‪ 1200‬موظف متخصص في‬

‫املعلوميات‪ ،‬ويرجع هذا النقص أساسا إلى تدني األجور املخصصة لهذه الفئة بالقطاع العام مقارنة مع األجور‬

‫التي يوفرها القطاع الخاص‪.150‬‬

‫إن إشكالية قلة املوارد البشرية املتخصصة في املجال املعلوماتي‪ ،‬يجعل تدبير وإدارة مشاريع تطوير‬

‫تكنولوجيا املعلومات واالتصال يتم وفق مقاربة مركزية في معظم اإلدارات‪ ،‬وهو ما يتعارض مع فلسفة اإلدارة‬

‫الرقمية وأسس التدبير اإلداري الحديث‪ ،‬كما يطرح عدم توفر الكفاءات املتخصصة في حالة التدبير‬

‫املعلوماتي الالمركزي الذي يمكن مختلف الوحدات من تدبير وتنظيم وظيفتها املعلوماتية‪ ،‬تبعا الختصاصاتها‬

‫وحاجياتها واملعطيات التي تتوفر عليها‪ ،‬يطرح إشكاليات مرتبطة بالتداخل وغياب التنسيق بين هذه الوحدات‬

‫رغم ارتباطها بنفس اإلدارة‪ ،‬وهو ما يخلق نوعا من عدم التجانس واالزدواجية على مستوى التدبير املعلوماتي‬

‫داخل نفس اإلدارة‪.151‬‬

‫ثانيا‪ :‬اإلكراهات التي تواجه املرتفقين في عالقتهم باإلدارة‬

‫تعتبر اإلدارة األداة التي من خاللها تسير الدولة أمور املجتمع وتلبية حاجيات املواطنين‪ ،‬لذلك فوجود‬

‫مشاكل تعيق هذه العالقة تؤثر سلبا على جودة الخدمات املقدمة للمرتفق‪ .‬وتتعدد املعيقات التي تواجه‬

‫املرتفق في عالقته باإلدارة بدءا بضعف االستقبال والتوجيه وتمتد إلى نقص في معالجة متطلباته‪ ،‬باإلضافة‬

‫إلى ذلك فاملواطنين يصطدمون بصعوبة الولوج إلى الخدمات العمومية الرقمية‪ ،‬وطول آجال الرد على‬

‫‪-150‬عماد يعقوبي‪ :‬إسهام تقنيات االعالم واالتصال في تحسين عالقة اإلدارة باملواطنين‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة محمد األول وجدة‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،2006.2005 :‬ص‪.204 :‬‬
‫‪ -151‬بدرية الطريبق‪ :‬دور اإلدارة الرقمية في تحديث وعصرنة اإلدارة العمومية باملغرب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.63:‬‬

‫‪90‬‬
‫طلباتهم إلى جانب إشكالية تعقد املساطر اإلدارية والتي تؤثر على مصالح املرتفقين‪ .‬وكذلك إشكالية عدم‬

‫تنفيذ األحكام القضائية الصادرة في مواجهة اإلدارة‪.152‬‬

‫وانطالقا من كل ما سبق فإن التحديات التي تواجهها الخدمات الرقمية في ظل اإلدارة الرقمية تتعدد‬

‫وتختلف باختالف مجاالت تدخل الرقمنة‪ ،‬وإن من شأن تطبيق مشروع اإلدارة الرقمية دفعة واحدة أن يؤدي‬

‫إلى شلل في وظائف اإلدارة الرقمية‪ ،‬حيث أن تطبيق الرقمنة في مختلف تدخالت اإلدارة ينبغي أن يتم‬

‫بالتدريج‪ ،‬باإلضافة إلى ضرورة إشراك األطر اإلدارية في عملية رقمنة اإلدارة‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬محدودية التجهيزاملعلوماتي واملالي ملشروع اإلدارة الرقمية‬

‫إذا كان املغرب يمتلك بنية تحتية لالتصاالت حديثة نسبيا فإنها تبقى مع ذلك غير قابلة للولوج بالنسبة‬

‫لجميع مناطقه من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى فإن نسبة التجهيز املعلوماتي يبقى ضعيف لدى األسر بسبب‬

‫األسعار املرتفعة‪ ،‬وتتمثل رافعات العمل التي حددتها استراتيجية املغرب الرقمي ‪ 2013‬في تعميم التغطية‬

‫االتصاالتية‪ ،‬وتأمين وتبادل البنيات التحتية‪ ،‬فضال عن تغطية التراب الوطني بالصبيب العالي عبر األقمار‬

‫االصطناعية ونشر التقنية الساتلتية‪ ،‬خصوصا في املناطق املعزولة‪.153‬‬

‫تنتظم اإلدارة تقليديا حسب مبدأ التجزئة بين مختلف املصالح اإلدارية‪ ،‬ويرتكز التنظيم الكالسيكي‬

‫للخدمة العمومية على التقسيم بين املهام‪ ،‬وبالتالي فإن مختلف املصالح تجد نفسها معزولة فيما بينها يمارس‬

‫كل منها مهام نوعية‪ ،‬ومثل هذا النظام يمنع تبادل املعلومات من مصلحة إلى أخرى مما يحد من فعالية اإلدارة‬

‫الرقمية وبالتالي جودة الخدمة املقدمة‪.‬‬

‫‪ -152‬بدرية الطريبق‪ :‬دور اإلدارة الرقمية في تحديث وعصرنة اإلدارة العمومية باملغرب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.26 :‬‬
‫‪ -153‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.64 :‬‬

‫‪91‬‬
‫وإذا كانت تكنولوجيا املعلومات واالتصال قد دخلت إلى مختلف القطاعات اإلدارية منذ أكثر من‬

‫عشرين سنة‪ ،‬لتكون بذلك قاسما مشتركا نحو التطوير والتحديث وأصبحت محطة اهتمام اإلداريين‬

‫واملدرسين والخبراء لالرتقاء بها‪ ،‬فإن االستثمار الفعلي لهذا املجال لم يرقى بعد إلى مصاف الدول التي تعتمد‬

‫التقنيات الحديثة للتواصل‪ ،‬كوسيلة لتقديم خدمات ذات قيمة مضافة إلى املرتفقين‪ ،‬حيث ال زال توظيف‬

‫تكنولوجيا املعلومات واالتصال يتسم بالضعف واملحدودية على مستوى التجهيز الشبكي‪ 154‬لإلدارات وضعف‬

‫الربط بينها‪ .‬باإلضافة إلى ضعف آليات تتبع جودة الخدمات التي تقدمها اإلدارة كما أشار إلى ذلك املجلس‬

‫األعلى للحسابات في خالصة التقرير حول تقييم الخدمات على االنترنيت املوجهة للمتعاملين مع اإلدارة‪.155‬‬

‫أما بخصوص ضعف امليزانية املرصودة ملشروع اإلدارة الرقمية‪ ،‬بحيث تتطلب عملية تحديث وعصرنة‬

‫اإلدارة ميزانية ضخمة للمعدات التكنولوجية الحديثة‪ ،‬وهذا ما يشكل األمر غير الهين خاصة بالنسبة للدول‬

‫النامية والتي ال تسمح ميزانيتها العامة بتخصيص اعتمادات مالية ضخمة لهذا املشروع‪ .‬وفيما يتعلق باإلدارة‬

‫العمومية املغربية وبشكل خاص تمويل املشاريع املدرجة ضمن البرنامج الوطني لإلدارة اإللكترونية‪ ،‬املالحظ‬

‫أن هناك ضعفا كبيرا في املصاريف املخصصة ملجال تكنولوجيا املعلومات‪ ،‬ويتمثل في تخصيص ‪ 550‬مليون‬

‫درهم في السنة ومعدل املصاريف املخصصة لتكنولوجيا املعلومات في القطاعات الوزارية يقل عن ‪ %1‬من‬

‫امليزانية االجمالية‪.156‬‬

‫إن ما يثقل عبء امليزانية املخصصة ملشروع رقمنة العمل اإلداري‪ ،‬سرعة استخدام املعدات‬

‫والتجهيزات الرقمية في مجال املعلوميات‪ ،‬بحيث هذا املجال يتطلب متابعة مستمرة للتطورات التي قد تحدث‬

‫‪-154‬ويقصد بالربط الشبكي لإلدارة تلك العملية التي يتم من خاللها ربط مختلف مكونات اإلدارة رقميا عن طريق شبكة االنترنيت‪.‬‬
‫‪-155‬املجلس األعلى للحسابات‪ ،‬خالصة التقرير حول تقييم الخدمات على االنترنيت املوجهة للمتعاملين مع اإلدارة‪ ،‬ص‪.8 :‬‬
‫‪-156‬بدرية الطريبق‪ :‬دور اإلدارة الرقمية في تحديث وعصرنة اإلدارة العمومية باملغرب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.65 :‬‬

‫‪92‬‬
‫في هذه التجهيزات‪ ،‬باإلضافة إلى تقادم األجهزة بسرعة كبيرة الش ي الذي يفرض على اإلدارة تغييرها خاصة‬

‫بالنسبة لإلدارات التي تستعمل املعلوميات بشكل كبير هذا ما يستلزم موارد مالية قد ال تتوفر دائما لإلدارة‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬اإلكراهات املرتبطة بأمن املعلومة وتحديات الفجوة الرقمية‬

‫إن التدبير الرقمي للمختلف املعامالت اإلدارية ال يخلو من إكراهات على مستوى الجانب األمني لإلدارة‬

‫الرقمية‪ ،‬وبالتالي تشكل اإلكراهات املرتبطة بأمن املعلومة إحدى أبرز املعيقات التي تحد من جودة الخدمات‬

‫املقدمة (الفقرة األولى)‪ ،‬ثم أيضا التحديات املرتبطة بالفجوة الرقمية (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬اإلكراهات املرتبطة بأمن املعلومة‬

‫شهد العالم ثورة رقمية منذ نهاية القرن العشرين وهذا ما نتج عنه اجتياح شامل لألجهزة اإللكترونية‬

‫وكذلك استخدام الشبكة العنكبوتية‪ ،‬لكن رافق هذه الثورة انتشار الجرائم اإللكترونية التي تمارس بواسطة‬

‫النظم املعلوماتية واملعدات اإللكترونية‪ ،‬وقد شكلت الجرائم تحديا ضخما أمام الدول واملجتمعات نظرا‬

‫لصعوبة كشف هذه الجرائم وما تتميز به من سرية وسرعة في الفعل‪.157‬‬

‫كل هذه األمور جعلت من التشريعات الدولية تسن قوانين ونصوص ملكافحة الجريمة اإللكترونية‪ ،‬وهذا‬

‫هو التوجه الذي سلكه املشرع املغربي بدوره حيث سن القانون رقم ‪ 09.08‬املتعلق بحماية املعطيات املعالجة‬

‫إلكترونيا واملعطيات الشخصية‪ ،‬باإلضافة للقانون رقم ‪ 07.03‬املتمم للفصل ‪ 607‬من مجموعة القانون‬

‫الجنائي‪ ،‬وقد شكلت هذه القوانين وغيرها الركيزة األساسية واملنطلق الذي سيمكن الدولة من معاقبة وزجر‬

‫الجرائم اإللكترونية‪.‬‬

‫‪-157‬عزالدين الغوساني‪ :‬اإلدارة اإللكترونية املعيقات ورهان التطوير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.29 :‬‬

‫‪93‬‬
‫إن أهم اإلشكاالت التي تعيق تطبيق اإلدارة الرقمية هو انتشار الجرائم اإللكترونية التي تعيق تقديم‬

‫الخدمات اإلدارية بجودة عالية‪ ،‬التي قد تتسبب في نتائج خطيرة على اإلدارة كتخريب البيانات أو اختراقها‪،‬‬

‫وكذلك التجسس على املعطيات اإللكترونية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬اختراق نظم املعلومات أو تخريبها‬

‫تدخل املشرع املغربي ليستجيب ملتطلبات تطور مجال أمن نظم املعلومات اإللكترونية‪ ،‬وذلك للحد من‬

‫مظاهر االختراق أو التخريب‪ ،‬حيث ومن أمثلة ذلك القانون رقم ‪ 07.03‬املتعلق باإلخالل بسير نظم املعالجة‬

‫اآللية للمعطيات‪.‬‬

‫وقد نص الفصل ‪ 607-3‬على أنه "يعاقب بالحبس من شهر إلى ثالثة أشهر وبالغرامة من ‪ 200‬إلى‬

‫‪ 10000‬درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط كل من دخل إلى مجموع أو بعض نظام املعالجة اآللية‬

‫للمعطيات عن طريق االحتيال‪ ،...‬وتضاعف تلك العقوبة في حال حذف أو تغيير للمعطيات أو اضطراب في‬

‫سيره"‪.‬‬

‫يتبين من خالل هذه املادة أن املشرع تدخل لحماية نظم املعلومات بداية باملعاقبة على الدخول عن‬

‫طريق االحتيال وغيره‪ ،‬وتشديد العقوبة إذا نتج عن االختراق تغيير أو حذف لتلك املعطيات‪ .‬وقد شددت‬

‫املادة ‪ 607-4‬العقوبة إذا تعلق األمر باملعطيات التي تخص األمن الداخلي أو الخارجي للدولة‪ ،‬أو تعلق األمر‬

‫كذلك بمعطيات سرية تهم االقتصاد الوطني‪.‬‬

‫وقد عاقب املشرع كذلك على عرقلة سير نظام املعالجة األولية للمعطيات‪ ،‬وكذا إدخال معطيات غير‬

‫مدرجة أو اإلتالف أو الحذف‪ ،‬وكل من صنع تجهيزات أو أدوات أو أعد برامج للمعلوميات اعتمدت الرتكاب‬

‫جرائم اختراق نظم املعلومات (الفصل ‪ 607-5‬و‪ 607-6‬من القانون ‪.)07.03‬‬

‫‪94‬‬
‫ثانيا‪ :‬التجسس على املعطيات اإللكترونية‬

‫إن عمليات التجسس هي عمليات قديمة قدم البشرية‪ ،‬فمنذ قدم العصور كان اإلنسان يتجسس على‬

‫أعدائه ملعرفة أخبارهم والخطط التي يعدونها ملواجهته‪ ،‬لهذا كان للتجسس أهميته الكبيرة على كافة‬

‫مستويات النزاعات اإلنسانية التي مر بها البشر منذ بداية الخليقة‪ .158‬وتتطور طرق االختراق بتطور نظم‬

‫الحماية‪ ،‬حيث تجاوز التجسس اإللكتروني األفراد واملؤسسات املحلية إلى ما هو دولي وأضحى من أهم‬

‫الوسائل املستعملة في الصراعات الدولية‪.‬‬

‫حيث يعاقب املشرع املغربي جريمة التجسس اإللكتروني في إطار التكييف القانوني لجريمة التجسس‬

‫املنصوص عليها في الفصل ‪ 185‬من مجموعة القانون الجنائي‪ ،‬حيث تنص على أنه "يعد مرتكبا لجناية‬

‫التجسس ويعاقب باإلعدام كل أجنبي ارتكب أحد األفعال املبينة في الفصل ‪ 181‬فقرة ‪ 2‬و‪3‬و‪4‬و‪5‬‬

‫والفصل‪."182‬‬

‫واملالحظ على أن املشرع املغربي عاقب جريمة التجسس اإللكتروني بنفس عقوبة جريمة التجسس‬

‫التقليدية‪ ،‬وهذ ما يوضح خطورة هذه الجريمة على أمن وحماية املعطيات والبيانات الخاصة بالدولة‪ ،‬وتجدر‬

‫اإلشارة أن اختراق نظم املعلومات والتجسس اإللكتروني قد تم ذكرهما على سبيل املثال ال الحصر‪ ،‬حيث‬

‫تتعدد املخاطر املرتبطة بأمن املعلومات اإللكترونية‪ ،‬وبالتالي على املشرع مواكبة هذه املخاطر وإعطاء‬

‫ضمانات قانونية لحماية املعطيات الرقمية‪ ،‬وهذا من شأنه زيادة الثقة والتعاطي مع تكنولوجيا االتصال‬

‫واملعلومات وبالتالي تحقيق جودة للخدمة العمومية‪.159‬‬

‫‪-158‬حسن أهروش‪ :‬اإلدارة اإللكترونية في املغرب بين األبعاد االستراتيجية وهاجس الثقة الرقمية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.73 :‬‬
‫‪ -159‬عزالدين الغوساني‪ :‬اإلدارة اإللكترونية املعيقات ورهان التطوير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.31 :‬‬

‫‪95‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬تحديات الفجوة الرقمية‬

‫يعبر مفهوم الفجوة أو الهوة الرقمية عن الفارق في حيازة تكنولوجيا املعلومات واالتصاالت بشكلها‬

‫الحديث‪ ،‬وحيازة املهارات التي يتطلبها التعامل معها بين الدول املتقدمة املنتجة لهذه التكنولوجيا ولبرامجها‬

‫ومحتوياتها‪ ،‬وبين الدول النامية التي ال تساهم في إنتاج هذه التكنولوجيا وفي صياغة محتوياتها‪ ،‬وهي أيضا‬

‫الفارق في توزيع هذه التكنولوجيا على األفراد بين الدول املتقدمة والدول النامية‪ ،‬وكذا بمدى النفاذ إلى‬

‫املعرفة من حيث توفر البنية التحتية الالزمة للحصول على موارد املعلومات واملعرفة بالوسائل اآللية أساسا‪،‬‬

‫دون إغفال الوسائل غير اآللية من خالل التواصل البشري‪ ،‬حيث يركز على الحد الفاصل بين مدى توافر‬

‫الشبكات االتصاالتية ووسائل النفاذ إليها وعناصر ربطها بشبكة االنترنيت‪.160‬‬

‫ويرجع ظهور مصطلح الفجوة الرقمية إلى الواليات املتحدة األمريكية سنة ‪ ،1995‬بصدور تقرير لوزارة‬

‫التجارة األمريكية تحت عنوان السقوط من فتحات الشبكة‪ ،‬هذا التقرير لفت األنظار إلى الفارق الكبير بين‬

‫فئات املجتمع األمريكي على مستوى استخدام الكمبيوتر واالنترنيت‪ .161‬وسرعان ما تسع مفهوم الفجوة‬

‫الرقمية على املستوى العاملي‪ ،‬حيث أصبح بديال جامعا من منظور معلوماتي للفوارق بين العالم املتقدم‬

‫والعالم النامي‪ ،‬ويحيل كذلك على مدى توفر شبكة االنترنيت واالتصاالت ووسائل النفاذ إليها‪.‬‬

‫وفي املغرب‪ ،‬تتولى الوكالة الوطنية لتقنين املواصالت عدة مهام لها عالقة بالفجوة الرقمية أهمها تعميم‬

‫الولوج إلى خدمات االتصاالت‪ ،‬باإلضافة لإلشراف ومراقبة هذا القطاع حيث تصدر عن الوكالة تقارير سنوية‬

‫وكان أخرها التقرير السنوي ‪ ،2017‬تستعرض من خالله لتطور أسواق االتصاالت وقد قامت الوكالة بأبحاث‬

‫‪ -160‬حسن أهروش‪ :‬اإلدارة اإللكترونية في املغرب بين األبعاد االستراتيجية وهاجس الثقة الرقمية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.45 :‬‬
‫‪-161‬نبيل علي ونادية حجازي‪ :‬الفجوة الرقمية رؤية عربية ملجتمع املعرفة‪ ،‬مقال منشور بمجلة سلسلة عالم املعرفة‪ ،‬عدد ‪ ،318‬غشت ‪ ،2015‬ص‪.26 :‬‬

‫‪96‬‬
‫ميدانية حول قياس الفجوة الرقمية من خالل استعمال تكنولوجيا االعالم واالتصال‪ ،‬حيث استهدفت‬

‫الدراسة األسر املقيمة بالوسطين الحضري والقروي‪.162‬‬

‫وبنيت الدراسة على مؤشرات رئيسية توزعت بين التجهيز وولوج واستعمال األسر واألفراد لتكنولوجيا‬

‫اإلعالم واالتصال‪ ،‬إضافة إلى استعمال الشبكات االجتماعية والتسوق عبر االنترنيت والتطبيقات املتنقلة‪.‬‬

‫وباستقراء التقرير السنوي األخير ‪ 2017‬فيما يخص مؤشر تجهيز واستعمال الهاتف النقال والثابت‪ ،‬بلغت‬

‫نسبة تجهيز األفراد بالهاتف النقال ‪ %99.8‬سواء تعلق األمر بالوسط الحضري أو الوسط القروي‪ ،‬كما بلغ‬

‫العدد املتوسط لألفراد الذين يتوفرون على هاتف متنقل داخل األسر ‪ 3.9‬فرد‪.163‬‬

‫إن ما يمكن مالحظته من األرقام أعاله أن املجتمع املغربي ال يعاني خصاصا على مستوى تجهيز‬

‫واستعمال الهاتف النقال‪ ،‬فهناك تعميم لدى غالبية األسر واألفراد‪ ،‬لكن اإلشكالية أن نسبة أقل هي من‬

‫تمتلك هاتف ذكي‪ ،‬وبالتالي محدودية األفراد في النفاذ إلى االنترنيت والتي تعتبر ضرورية لتطبيق اإلدارة‬

‫الرقمية وبالتالي الولوج إلى الخدمات الرقمية‪.‬‬

‫عموما فإن الفجوة الرقمية ال زالت تشكل عائقا أمام تجويد الخدمات اإلدارية على اعتبار أنها تقف‬

‫عائقا أمام ولوج الجميع إلى الخدمة الرقمية‪ ،‬وبالتالي فهناك رهانات كبرى من أجل الرفع من مستوى‬

‫تكنولوجيا املعلومات واالتصال في املجتمع وتقليص الفجوة الرقمية‪.‬‬

‫‪ -162‬عزالدين الغوساني‪ :‬اإلدارة اإللكترونية املعيقات ورهان التطوير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.26 :‬‬
‫‪-163‬اململكة املغربية‪ ،‬الوكالة الوطنين لتقنين املواصالت‪ ،‬التقرير السنوي برسم سنة ‪ ،2017‬ص‪.17 :‬‬

‫‪97‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬رهانات و آفاق تطويرالخدمات اإلدارية الرقمية‬

‫إن عصرنة وتحديث اإلدارة وتجويد الخدمات العمومية ال يمكن أن يتم بدون االعتماد على البعد‬

‫الرقمي في سياسة اإلصالح اإلداري‪ ،‬لذلك فتطور اإلدارة الرقمية وتحسين جودة الخدمات اإلدارية ال يتأتى إال‬

‫من خالل االستمرار في تصحيح األخطاء السابقة‪ ،‬باإلضافة إلى بلورة مخططات واستراتيجيات وطنية من أجل‬

‫تجاوز كل التحديات املطروحة‪ ،‬وبالتالي فإن من الرهانات األساسية لتطوير الخدمات اإلدارية الرقمية سيتم‬

‫التطرق للرهان األول املتعلق بمخطط اإلصالح اإلداري ‪( 2021-2017‬الفرع األول)‪ ،‬ثم الرهان الثاني واملتمثل‬

‫في استراتيجية املغرب الرقمي ‪( 2020‬الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬مخطط اإلصالح اإلداري ‪2021-2017‬‬

‫إن الحديث عن اإلصالح اإلداري هو حديث آني ومستقبلي ألنه يتعلق بتطوير اإلدارة كأداة للتنمية من جهة‪،‬‬

‫وبرصد آفاق املستقبل انطالقا من الوضعية الراهنة من جهة أخرى‪ .‬ومن هذا املنطلق يستند مخطط‬

‫اإلصالح اإلداري ‪ 2021-2017‬على ثالث مرجعيات أساسية‪ ،‬منها مضامين الدستور والتي تدعو لدعم‬

‫الحكامة الجيدة وإخضاع املرفق العام ملبادئ اإلنصاف والجودة واالستمرارية والحياد والشفافية والنزاهة‪.‬‬

‫وثاني هذه املرجعيات تتعلق بالتوجهات العامة للبرنامج الحكومي والتي تؤكد على ضرورة إصالح اإلدارة‪،‬‬

‫وتحسين عالقة اإلدارة باملواطنين‪ ،‬وأخيرا هي مضامين الخطاب امللكي ل ‪ 14‬أكتوبر ‪ 2016‬والتي شخصت‬

‫واقع اإلدارة ودعت إلى تدبير شؤون املواطنين وخدمة مصالحهم‪ ،‬واعتبارها مسؤولية وأمانة جسيمة ال تقبل‬

‫التهاون أو التأخير‪.164‬‬

‫‪ -18‬اململكة املغربية‪ ،‬وزارة إصالح اإلدارة والوظيفة العمومية‪ ،‬مخطط اإلصالح اإلداري ‪ ،2021-2017‬ص‪.4 :‬‬

‫‪98‬‬
‫وعليه سيتم التطرق للمحاور الرئيسية للمخطط (الفقرة األولى) باإلضافة إلى البعد الرقمي للمخطط‬

‫(الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬املحاورالرئيسية للمخطط‬

‫يعتمد مخطط اإلصالح اإلداري ‪ 2021-2017‬على ثالث محاور رئيسية تتمثل في‪:165‬‬

‫أوال‪ :‬تحسين عالقة اإلدارة باملواطن‬

‫وذلك بجعل املواطن واملقاولة في صلب انشغاالت اإلدارة وتعزيز روابط الثقة بين اإلدارة واملواطن عبر‬

‫تطوير جودة الخدمات‪ ،‬وهذا سيتأتى من خالل تحسين االستقبال وتبسيط املساطر ورقمنتها باإلضافة‬

‫ملعالجة الشكايات والتظلمات‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬تثمين الرأسمال البشري‬

‫يعتبر الرأسمال البشري عنصر أساس ي إلنجاح أي إصالح باإلدارة وترسيخ ثقافة املرفق العام‪ ،‬بهدف‬

‫تطوير منظومة تدبير املوارد البشرية‪ ،‬وكذا تحسين تدبير هذه املوارد‪ ،‬وأخيرا تقوية الحماية االجتماعية‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬تطويرآليات الحكامة والتنظيم‬

‫من خالل وضع اآلليات الكفيلة بتكريس املبادئ العامة للحكامة الجيدة‪ ،‬انطالقا من املمارسات الدولية‬

‫الناجحة من أجل مواكبة الجهوية وتقوية فعالية وتسيير اإلدارة‪ ،‬من خالل تعزيز النزاهة والشفافية ومواكبة‬

‫التنظيم والالتمركز‪ ،‬إضافة لتحديث أساليب وطرق تدبير اإلدارة العمومية‪.‬‬

‫‪-165‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.10 :‬‬

‫‪99‬‬
‫وتمتد البرمجة الزمنية ملخطط اإلصالح اإلداري على أربع سنوات من سنة ‪ 2017‬إلى سنة ‪ 2021‬وذلك‬

‫وفق برنامج محدد‪.166‬‬

‫بعد التطرق ألهم محاور مخطط اإلصالح اإلداري ‪ 2021-2017‬وكذا البرمجة الزمنية لتنزيله‪ ،‬سيتم اآلن‬

‫الوقوف على البعد الرقمي للمخطط‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬البعد الرقمي للمخطط‬

‫يتجلى البعد الرقمي ملخطط اإلصالح اإلداري من خالل تبسيط املساطر ورقمنتها‪ ،‬ثم تحسين تدبير املوارد‬

‫البشرية عبر دعم استعمال تكنولوجيا املعلومات‪ ،‬وأخيرا تطوير آليات الحكامة والتنظيم‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تبسيط املساطر ورقمنتها‪167‬‬

‫يشير مخطط اإلصالح اإلداري إلى أن الوضعية الحالية لإلدارة تعرف صعوبة على مستوى تدوين‬

‫املساطر والنشر املنتظم لها‪ ،‬وعن بطء تفعيل التدابير واإلجراءات وهذا ما يؤثر سلبا على املرتفقين وكذا‬

‫البيئة املالئمة لالستثمار‪ .‬وعليه فإن مضامين إصالح هذا الجانب تأخذ بعدين أساسيين‪:‬‬

‫▪ بوابة مساطراملقاولة ‪www.busines.procedurr.ma‬‬

‫ستعنى هذه البوابة اإللكترونية بعرض املساطر اإلدارية املتعلقة باملقاولة مرحلة بمرحلة‪ ،‬وبشكل مدقق‬

‫وكذلك سيتم إلزام اإلدارة باحترام املساطر املتعلقة باملقاولة‪ ،‬ومعالجتها في مدة ال تتجاوز ‪ 48‬ساعة‪.168‬‬

‫‪-166‬عزالدين الغوساني‪ ،‬اإلدارة اإللكترونية باملغرب املعيقات ورهان التطوير‪ ،‬مقال منشور بمجلة القانون واألعمال ‪https://www.droitetentreprise.com‬‬
‫تاريخ االطالع‪ 30 :‬يونيو ‪ ،2021‬الساعة‪.17:20 :‬‬
‫‪ -167‬املوقع نفسه‪.‬‬
‫‪-168‬مخطط اإلصالح اإلداري ‪ ،2021-2017‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.20 :‬‬

‫‪100‬‬
‫ويذكر أن هذا اإلجراء من شأنه تمكين املقاولة من الحصول على املعلومات املتعلقة باملساطر اإلدارية دون‬

‫الحاجة لالنتقال لإلدارة‪.‬‬

‫▪ اعتماد املنصة الحكومية ‪Getaway Government‬‬

‫حسب مخطط اإلصالح اإلداري‪ ،‬فإن اعتماد هذه املنصة سيمكن من حفظ املعلومات املتبادلة من‬

‫خالل قاعدة بيانات مشتركة‪ ،‬وكذا استعمالها كأداء للتبادل البيني بين أنظمة معلومات اإلدارة‪ .169‬وعليه فإن‬

‫هذه املنصة ستهدف لربح الوقت وسهولة التحقق من صحة املعلومات‪ ،‬إضافة إلى تقليص تكاليف إنجاز‬

‫الخدمات اإلدارية بالنسبة للمواطن واإلدارة‪ ،‬وهذا ما سينتج عنه تقليص عدد الوثائق اإلدارية املطلوبة‬

‫وتقليص اآلجال‪ ،‬وتخفيف عبئ تنقالت املواطن نحو اإلدارة‪ ،‬وهذا كله سيؤدي لتحسين جودة الخدمات‬

‫العمومية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬دعم استعمال تكنولوجيا املعلومات واالتصال في تحسين تدبيراملوارد البشرية‬

‫إن تأهيل العنصر البشري من أهم األهداف التي يسعى إليها مخطط اإلصالح اإلداري‪ ،‬حيث تم العمل‬

‫على إدماج تكنولوجيا املعلومات واالتصال لتحسين تدبير املوارد البشرية من خالل عدة نقاط‪ ،‬أهمها‪:170‬‬

‫▪ العمل على وضع برنامج معلوماتي مشترك لتدبير املوارد البشرية باإلدارات العمومية )‪ ،(SIRH‬والذي‬

‫يهدف لتكريس التدبير التوقعي للموارد البشرية وعقلنة وضبط النفقات املالية املرتبطة بتدبير هذه‬

‫املوارد‪ ،‬وذلك لتجاوز الوضعية الحالية والتي تتميز بتعدد األنظمة وعدم تجانسها‪ ،‬وصعوبة‬

‫الحصول على إحصائيات شاملة للموارد البشرية‪.‬‬

‫‪ -169‬مخطط اإلصالح اإلداري ‪ ،2021-2017‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.21 :‬‬


‫‪ -170‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.41-40 :‬‬

‫‪101‬‬
‫▪ إنجاز التقارير الدورية التي تضم املؤشرات والبيانات اإلحصائية حول املوارد البشرية باإلدارات‬

‫العمومية عن طريق استغالل القاعدة املعلوماتية املركزية للموارد البشرية ‪.Info Centre RH‬‬

‫▪ صيانة وتطوير القاعدة املعلوماتية املركزية ‪Info Centre RH‬‬

‫▪ مواصلة تطوير بوابة التشغيل العمومي وتطبيقه الذكي‬

‫ثالثا‪ :‬تطويرآليات الحكامة والتنظيم‬

‫اعتمد مخطط اإلصالح اإلداري على عدة توجهات من أجل تطوير آليات الحكامة والتنظيم‪ ،‬سواء تعلق‬

‫األمر بتعزيز النزاهة والشفافية وذلك بواسطة االستراتيجية الوطنية ملكافحة الفساد‪ ،‬والتي من أهم إجراءاتها‬

‫الشروع في مراجعة نظام التصريح اإلجباري باملمتلكات وتحديد قائمة الوظائف واملناصب املعنية‪ ،‬وذلك‬

‫باعتماد نظام إلكتروني للتصريح والنشر‪.171‬‬

‫ومن التوجهات كذلك‪ ،‬تحديث أساليب وطرق التدبير باإلدارات العمومية وذلك بواسطة التعاضد‬

‫والتبادل بين اإلدارات على مستوى أفضل التجارب واملمارسات‪ ،‬حيث أن في مجال اإلدارة الرقمية يبنى‬

‫مخطط اإلصالح على تعاضد األنظمة املعلوماتية لإلدارات العمومية‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬استراتيجية املغرب الرقمي ‪2020‬‬

‫في إطار تطوير تكنولوجيا املعلومات واالتصال‪ ،‬درج املغرب على وضع برامج واستراتيجيات وطنية لتنزيل‬

‫القطاع الرقمي وخلق مجتمع املعلومات كان أخرها استراتيجية املغرب الرقمي ‪ .2013‬حيث تشرف وزارة‬

‫الصناعة والتجارة واالستثمار واالقتصاد الرقمي على تنزيل مخطط املغرب الرقمي ‪.2020‬‬

‫‪ -171‬مخطط اإلصالح اإلداري ‪ ،2021-2017‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.48 :‬‬

‫‪102‬‬
‫وعليه‪ ،‬سيتم التطرق لألركان األساسية لإلستراتيجية املغرب الرقمي ‪( 2020‬الفقرة األولى)‪ ،‬باإلضافة إلى‬

‫األهداف والنتائج املنتظرة منها (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬األركان األساسية لإلستراتيجية‬

‫تنبني هذه اإلستراتيجية على ثالثة أركان أساسية‪ ،‬هذه األركان تعتبر املوجه لوضعها حيث تتعلق األولى‬

‫بالتحول الرقمي لالقتصاد الوطني ثم السعي نحو إقامة قطب رقمي جهوي ثم العمل على تعزيز املرقع الرقمي‬

‫للمغرب‪.172‬‬

‫أوال‪ :‬التحول الرقمي لالقتصاد الوطني‬

‫وذلك بتعزيز اإلدارة اإللكترونية من خالل القيام بإعادة هيكلة اإلدارات‪ ،‬إضافة إلى ترشيد وتحديث‬

‫املنصات املعلوماتية والعمل على تقليص الفجوة الرقمية في املجتمع‪ ،‬وهذا ما سيتم اإلشراف عليه من خالل‬

‫وضع منصة خاصة بمعالجة الفوارق وتأثيراتها على املواطن‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬قطب رقمي جهوي‬

‫ستنكب اإلستراتيجية الجيدة على جعل املغرب قطبا رقميا في املنطقة‪ ،‬من خالل إنشاء قطب رقمي مع‬

‫الدول اإلفريقية خاصة الناطقة باللغة الفرنسية‪ ،‬وكذلك تطوير املنظومة الرقمية الوطنية‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬املوقع الرقمي للمغرب‬

‫وذلك من خالل ثالث نقط رئيسية‪ ،‬تتعلق األولى باستهداف بنيات تحتية للبيانات حيث سيتم العمل‬

‫على إنشاء ست محطات لتقديم خدمة االتصاالت الالسلكية‪ ،‬باإلضافة لتعزيز الشركات ملركز البيانات‬

‫‪-172‬تقرير لجنة الفالحة والقطاعات اإلنتاجية حول مشروع القانون رقم ‪ 61.16‬املحدث بموجبه وكالة التنمية الرقمية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.22-21 :‬‬

‫‪103‬‬
‫الرئيسية لالتصاالت مراكز تخزين البيانات‪ .‬أما النقطة الثانية فهي جعل املغرب قوة ضاربة للموارد البشرية‬

‫على املستوى اإلفريقي‪ ،‬وأخيرا العمل على تنظيم املجال الرقمي ومجال األعمال‪.173‬‬

‫واملالحظ من هذه األركان أنها توزعت بين ما هو داخلي عبر استهداف البينات التحتية وتطوير قطاع‬

‫تكنولوجيا املعلومات‪ ،‬وكذلك االنفتاح على املحيط الخارجي خاصة على املستوى اإلفريقي‪ ،‬والذي يعتبر‬

‫شريكا مهما للمغرب في السنوات القليلة األخيرة‪.174‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬األهداف الكبرى لإلستراتيجية وحدود تنزيلها‬

‫من خالل الحديث عن األركان الرئيسية ملخطط املغرب الرقمي ‪ 2020‬يمكن استخالص أهم األهداف‬

‫التي تسعى اإلستراتيجية لتحقيقها‪ ،‬حيث يتبين أن تطوير اإلدارة اإللكترونية من أولويات هذا املخطط‪،‬‬

‫ويعتبر ذلك سيرا على نهج املخططات السابقة‪ .‬كما ينتظر من املخطط الرقمي الجديد أن يعزز من مكانة‬

‫املغرب‪ ،‬كمركز إقليمي إضافة إلى مواصلة العمل على تقليص الفجوة الرقمية في املجتمع‪ ،‬وذلك بتعميم‬

‫استعمال التكنولوجيا الحديثة‪.175‬‬

‫وعلى غرار اإلستراتيجيات السابقة وما نتج عنها من ضعف على مستوى الوصول إلى األهداف املنتظرة‪،‬‬

‫فمن النتائج املنتظرة من املخطط الرقمي ‪ ،2020‬تتمثل أساسا في املواكبة املستمرة لهذا املخطط خاصة فيما‬

‫يتعلق بتحسين فرص الولوج إلى الخدمات الرقمية وتقليص الفجوة الرقمية‪ ،‬كما أن العنصر البشري يمثل‬

‫‪ -173‬تقرير لجنة الفالحة والقطاعات اإلنتاجية حول مشروع القانون رقم ‪ 61.16‬املحدث بموجبه وكالة التنمية الرقمية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.29 :‬‬
‫‪ -174‬عزالدين الغوساني‪ :‬اإلدارة اإللكترونية باملغرب املعيقات ورهانات التطوير‪ ،‬مجلة املمارس للدراسات القانونية والقضائية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.41 :‬‬
‫‪-175‬محمد بومديان‪ :‬اإلشكاليات القانونية العتماد اإلدارة اإللكترونية باملغرب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.50-49 :‬‬

‫‪104‬‬
‫تحديا أمام املخطط وذلك من خالل تأهيل الكفاءات والخبرات العالية في املجال الرقمي‪ ،‬وأخيرا ينتظر تجاوز‬

‫سلبيات اإلدارة والعمل على تنزيل وتفعيل اإلدارة اإللكترونية‪.176‬‬

‫وستتولى وكالة التنمية الرقمية تنفيذ مخطط املغرب الرقمي ‪ ،2020‬وإلى حدود كتابة هذا البحث لم يتم‬

‫اإلعالن الكامل عن هذه اإلستراتيجية‪ .‬وبالتالي هناك تأخر في تنزيلها سيرا على نهج اإلستراتيجيات السابقة‪،‬‬

‫وهذا ما يشكل عائق أمام تطور اإلدارة الرقمية باملغرب‪.‬‬

‫‪ -176‬عزالدين الغوساني‪ :‬اإلدارة اإللكترونية باملغرب املعيقات ورهانات التطوير‪ ،‬مجلة املمارس للدراسات القانونية والقضائية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.42 :‬‬

‫‪105‬‬
‫خاتمة الفصل الثاني‪:‬‬

‫إن الخدمات اإلدارية في ظل اإلدارة الرقمية تتم بطريقة سلسلة وسهلة‪ ،‬متجاوزة بذلك البطء والروتين‬

‫والبيروقراطية وغيرها من السلوكيات التي تطبع اإلدارة العمومية‪ ،‬فقد شكلت الرقمنة أداة وهدف في نفس‬

‫الوقت من أجل تحسين وتجويد الخدمات اإلدارية الرقمية‪ .‬فإدخال الرقمنة على النظم اإلدارية التقليدية‬

‫كان له انعكاس إيجابي على العمل اإلداري‪ ،‬بحيث أنها تشكل آلية مهمة للتواصل اإلداري من خالل فتح‬

‫قنوات للتواصل مع املرتفق بكافة الوسائل الرقمية‪ ،‬باإلضافة إلى أنها تساهم في عقلنة وتبسيط املساطر‬

‫اإلدارية‪ ،‬أما على مستوى الهياكل اإلدارية فإنها تقلص من تضخم البنيات اإلدارية‪ ،‬وتوفر بنوك للمعلومات‬

‫من أجل اتخاذ القرار اإلداري بشكل أكثر دقة‪.‬‬

‫وقد شكلت جائحة كورونا أكبر تحدي لإلدارة العمومية من أجل التحول في أساليب تقديم الخدمات‬

‫العمومية‪ ،‬وتسريع وثيرة التحول الرقمي‪ ،‬بحيث شكلت الرقمنة آلية مهمة في ضمان استمرارية الخدمات التي‬

‫تقدمها املرافق العمومية بشكل رقمي في ظل الجائحة‪ ،‬بحيث اعتبرت الخدمات الرقمية ذلك الخط الرفيع‬

‫الذي يربط اإلدارة بمرتفقيها‪ ،‬على الرغم من كل اإلكراهات التي تواجه تحسين وتجويد الخدمات اإلدارية‬

‫بشكل رقمي‪ ،‬مما يدعو إلى ضرورة تفعيل الرهانات الكبرى لتنزيل ورش اإلدارة الرقمية‪ ،‬وبالتالي فإن تجويد‬

‫الخدمات اإلدارية الرقمية من خالل مخطط اإلصالح اإلداري ‪ 2021-2017‬واستراتيجية املغرب الرقمي‬

‫‪ ،2020‬تعتبر أحد أهم الرهانات الكبرى لالرتقاء بالعمل اإلداري‪.‬‬

‫‪106‬‬
‫خاتمة عامة‪:‬‬
‫وعلى سبيل الختم‪ ،‬فإن الرقمنة أو اإلدارة الرقمية هي النمط الحديث لإلدارة‪ ،‬وقد عرف هذا املصطلح‬

‫تطورات عدة منذ ظهوره أول مرة وقد تعدد التعاريف التي أعطيت لهذا املفهوم كل حسب زاوية رؤيته لإلدارة‬

‫الرقمية لكن ما يجمع عليه أن اإلدارة الرقمية هي توظيف الوسائل التكنولوجية الحديثة في صلب العمل‬

‫اإلداري‪ ،‬وفي قيام اإلدارة العمومية بوظائفها من تخطيط وتوجيه وتنظيم ورقابة وقيادة‪ ،‬وانتقال هذه‬

‫الوظائف من الطابع التقليدي في إطار اإلدارة التقليدية إلى الطابع اإللكتروني‪ ،‬وما أصبحت تشكله الرقمنة‬

‫من أهمية في أداء الخدمات العمومية بجودة عالية‪.‬‬

‫فاإلدارة الرقمية تتميز بعدة مزايا من مرونة وسرعة في األداء والتقليص من التكاليف سواء بالنسبة‬

‫للمرتفق أو اإلدارة‪ ،‬باإلضافة إلى ربح الوقت وتتميز أيضا بكونها إدارة بدون زمان وال مكان حيث يمكن لطالب‬

‫الخدمة الولوج إليها في أي وقت شاء وأينما كان‪ ،‬على عكس اإلدارة التقليدية التي تعرف اليوم تضخم في‬

‫عملها‪ ،‬وبالتالي فاإلدارة الرقمية لم تعد خيارا وإنما أصبحت ضرورة ملحة تفرضها املتغيرات العاملية‬

‫واملجتمعية والتقنية من أجل تقديم الخدمات العمومية بجودة عالية للمرتفق‪.‬‬

‫وإن التدبير العمومي الحديث للمرافق العمومية قد جاء بمجموعة من املبادئ واألسس التي ينبغي أن‬

‫يقوم عليها تقديم الخدمة‪ ،‬بفعالية ونجاعة أكبر ومردودية وجودة عالية‪ ،‬فالجودة هي من أبرز املبادئ‬

‫الحديثة التي ينبغي على اإلدارة أن تستند عليها في تقديم الخدمات‪ ،‬وبذلك فاإلدارة اإللكترونية هي السبيل‬

‫والكفيلة بتحقيق الجودة في الخدمات املقدمة‪ ،‬ومنها اإلدارية على الخصوص‪ .‬ووعيا من املشرع املغربي‬

‫بأهمية الجودة فقد نص عليه دستور ‪ 2011‬بموجب الفقرة لثانية من الفصل ‪ 154‬إلى جانب املبادئ األخرى‬

‫الناظمة للمرفق العمومي‪ ،‬باإلضافة إلى التنصيص عليه في مجموعة من القوانين األخرى‪ ،‬وهذا ما يوضح‬

‫رغبة املشرع في االرتقاء بأداء الخدمات العمومية بجودة عالية‪.‬‬

‫‪107‬‬
‫ومنذ دخول اإلنترنيت إلى املغرب سنة ‪ 1995‬فقد سارع املشرع املغربي إلى وضع مجموعة من البرامج‬

‫واملخططات واالستراتيجيات الوطنية برقمنة العمل اإلداري‪ ،‬ومواكبة للتطورات التكنولوجي الذي يعرفه‬

‫العالم غير أنها عرفت مجموعة من االختالالت واالكراهات التي جاءت في تقارير املجلس األعلى للحسابات‬

‫ومنها التأخر في التنزيل باإلضافة إلى واقع اإلدارة العمومية الذي يطبعه التضخم والتعقيد والبطء وتعقد‬

‫املساطر اإلدارية وغيرها‪.‬‬

‫وقد عزز املشرع املغربي مشروع اإلدارة اإللكترونية بترسانة قانونية مهمة منها ما يرتبط بتحسين وتجويد‬

‫الخدمات اإلدارية‪ ،‬ومنها ما يتعلق بالتبادل اإللكتروني وبالتالي فمجاالت اإلدارة تتعدد وتتطور حسب التطور‬

‫التكنولوجي مما يجب على املشرع املغربي أن يواكب هذا التطور بغاية سد الفراغ التشريعي الذي قد تعرفه‬

‫اإلدارة الرقمية‪ ،‬غير أن املالحظ أن تطبيق وتفعيل الرقمنة باإلدارات العمومية يتم بشكل قطاعي‪ ،‬بحيث‬

‫هناك بعض اإلدارات قد قطعت أشواط متقدمة في رقمنة خدماتها‪ ،‬وأخرى ال زالت تعرف تأخرا كبيرا في‬

‫تطبيق الرقمنة في صلب العمل اإلداري‪.‬‬

‫فضرورة التحول الرقمي في العمل اإلداري زادت من أهميته األزمة التي عرفها العالم‪ ،‬واملتمثلة في جائحة‬

‫كورونا حيث أمام اإلغالق التام أو الجزئي شكلت الرقمنة إحدى أهم البدائل لديمومة نشاط املرفق العمومي‬

‫خالل هذه الجائحة‪ ،‬وبالتالي أصبحت الرقمنة ضرورة ال محيد عنها في االرتقاء بالعمل اإلداري وتجويد‬

‫الخدمات اإلدارية الرقمية بالرغم من اإلكراهات املرتبطة بها‪ ،‬لذلك فالرهانات املطروحة اليوم وجب‬

‫استغاللها وتدارك معيقات املخططات السابقة بغية تحقيق خدمات إدارية رقمية بجودة عالية وتعزيز‬

‫الشفافية والديمقراطية اإلدارية على اعتبار أن اإلدارة هي مرآة للدولة والتي من خاللها تنفذ سياساتها في‬

‫مختلف املجاالت‪.‬‬

‫‪108‬‬
‫الئحة املراجع‬

‫املراجع باللغة العربية‬

‫الكتب‪:‬‬

‫▪ محمد بومديان‪ :‬اإلشكاليات القانونية العتماد اإلدارة اإللكترونية باملغرب‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مطبعة األمنية الرباط‬
‫‪.2020،‬‬

‫▪ أبا خليل‪ :‬التعاقد اإللكتروني في ضوء القانون رقم ‪ 53.05‬املتعلق بالتبادل اإللكتروني للمعطيات القانونية‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪ ،‬مطبعة األمنية الرباط‪.2020 ،‬‬
‫عبد الحكيم زروق‪ :‬املعلوميات ورهان تحقيق التحديث اإلداري والتنافسية االقتصادية باملغرب‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬ ‫▪‬
‫الشركة املغربية لتوزيع الكتاب‪ ،‬الدار البيضاء ‪.2014‬‬
‫▪ محمد سمير أحمد‪ ،‬اإلدارة اإللكترونية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار املسيرة للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪.2009،‬‬
‫▪ ماجد راغب الحلو‪ ،‬علم اإلدارة العامة ومبادئ الشريعة اإلسالمية‪ ،‬الطبعة األخيرة‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‬
‫للنشر‪ ،‬اإلسكندرية ‪.2007‬‬
‫▪ أحمد علي الصباب وآخرون‪ :‬أساسيات اإلدارة الحديثة‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬خورزم العملية للنشر والتوزيع‪ ،‬جدة‬
‫‪.2005‬‬
‫▪ عبد الحق عقلة‪ :‬مدخل لدراسة القانون اإلداري وعلم اإلدارة‪ ،‬طبعة ‪ ،2002‬دار القلم للنشر الرباط‪.‬‬
‫▪ فريد عبد الفتاح زين الدين‪ :‬املنهج العلمي لتطبيق إدارة الجودة الشاملة في املؤسسات العربية‪ ،‬دار الكتب‪،‬‬
‫القاهرة ‪.1996‬‬

‫األطروحات الجامعية‪:‬‬

‫▪ خالد بوشمال‪ :‬رهانات تحديث اإلدارة العمومية باملغرب من خالل نظام اإلدارة اإللكترونية‪ ،‬أطروحة لنيل‬
‫الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية طنجة‪ ،‬جامعة عبد املالك‬
‫السعدي‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2014-2013‬‬
‫▪ ماجد أحمد عبد العزيز بشر‪ :‬أنظمة املعلومات ودورها في دعم القرارات اإلدارية‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في‬
‫القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية أكدال‪ ،‬جامعة محمد الخامس بالرباط‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية‪.2013-2012 :‬‬

‫‪109‬‬
‫▪ أحمد الشرقاوي‪ :‬اإلدارة اإللكترونية الواقع والتحديات اإلدارية والقانونية‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في‬
‫الحقوق‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية سال‪ ،‬جامعة محمد الخامس بالرباط‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية ‪.2010-2009‬‬
‫▪ عماد يعقوبي‪ :‬إسهام تقنيات االعالم واالتصال في تحسين عالقة اإلدارة باملواطنين‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في‬
‫القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة محمد األول وجدة‪ ،‬السنة الجامعية‪:‬‬
‫‪.2006.2005‬‬
‫▪ عبد القادر البوفي‪ :‬تكنولوجيا املعلوميات وتأثيرها على العنصر البشري‪ :‬اإلدارة العمومية املغربية نموذجا‪،‬‬
‫أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية أكدال‪ ،‬جامعة محمد‬
‫الخامس الرباط‪ ،‬السنة الجامعية‪.2003-2002 :‬‬
‫▪ أطروحة الدكتور عبد الحافظ إدمينو‪ ،‬نظام البيروقراطية اإلدارية باملغرب‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون‬
‫العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية أكدال‪ ،‬جامعة محمد الخامس بالرباط‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية‪.2002-2001 :‬‬
‫▪ محمد العيداني‪ :‬اإلشكاالت القانونية العتماد الحكومة اإللكترونية في الجزائر‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في‬
‫القانون العام‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية جلفة‪ ،‬جامعة زان عاشور‪ ،‬الجزائر‪ ،‬سنة ‪.2019‬‬

‫الرسائل الجامعية‪:‬‬
‫▪ علي ارجدال‪ :‬حماية املعطيات الشخصية باملغرب ‪-‬دراسة تحليلية ومقارنة‪ ،‬رسالة لنيل شهادة املاستر في القانون‬
‫العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية السويس ي‪ ،‬جامعة محمد الخامس بالرباط‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية‪.2019-2018 :‬‬
‫▪ حسن الحافظي‪ :‬الحماية القانونية للمعطيات ذات الطابع الشخص ي بين التشريع الوطني واالتفاقيات الدولية‪،‬‬
‫رسالة لنيل دبلوم املاستر‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة موالي إسماعيل مكناس‪،‬‬
‫السنة الجامعية‪.2018-2017 :‬‬
‫▪ طمين المية‪ :‬اإلدارة اإللكترونية وعمليات اإلصالح اإلداري‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم شهادة املاستر في الحقوق‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة عبد الرحمان ميرة بجاية‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2018-2017‬‬
‫▪ حسن أهروش‪ :‬اإلدارة اإللكترونية في املغرب بين األبعاد االستراتيجية وهاجس الثقة الرقمية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم‬
‫املاستر في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية سال‪ ،‬جامعة محمد الخامس بالرباط‪،‬‬
‫السنة الجامعية‪.2015-2014 :‬‬

‫‪110‬‬
‫▪ خالد مسكور‪ :‬تكنولوجيا املعلوميات واالتصال وتحديث اإلدارة العمومية ‪-‬الحكومة اإللكترونية‪ ،‬رسالة لنيل‬
‫دبلوم املاستر في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة القاض ي عياض مراكش‪،‬‬
‫السنة الجامعية‪.2014.2013 :‬‬
‫▪ مريم كريم‪ :‬إشكالية الجودة في اإلدارة اإللكترونية دراسة مقارنة‪ ،‬رسالة لنيل شهادة املاستر في القانون العام‪ ،‬كلية‬
‫العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية أكدال‪ ،‬جامعة محمد الخامس الرباط‪ ،‬السنة الجامعية‪-2013 :‬‬
‫‪.2014‬‬
‫▪ سعيداني نعيم‪ :‬آليات البحث والتحري عن الجريمة املعلوماتية في القانون الجزائري‪ ،‬مذكرة مقدمة لنيل شهادة‬
‫املاجستير في العلوم القانونية‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة الحاج لخضر ‪-‬باتنة‪ -‬السنة الجامعية‪:‬‬
‫‪.2013.2012‬‬
‫▪ عشور عبد الكريم‪" ،‬دور اإلدارة اإللكترونية في ترشيد الخدمة العمومية في الواليات املتحدة األمريكية والجزائر"‪،‬‬
‫رسالة ماجستير‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية قسنطينة جامعة منتوري‪ ،‬الجزائر ‪.2010‬‬
‫▪ ياسين األخشيدي‪ :‬اإلدارة اإللكترونية للجماعات املحلية باملغرب‪ ،‬بحث لنيل دبلوم املاستر في القانون العام‪ ،‬كلية‬
‫العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية السويس ي‪ ،‬جامعة محمد الخامس بالرباط‪ ،‬السنة الجامعية‪:‬‬
‫‪.2009.2008‬‬
‫▪ أسامة املنير‪ :‬اإلدارة اإللكترونية ومتطلبات الجودة‪ -‬إدارة الجمارك والضرائب غير املباشرة نموذجا‪ ،‬بحث لنيل‬
‫دبلوم الدراسات العليا املعمقة في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية السويس ي‪،‬‬
‫جامعة محمد الخامس الرباط‪ ،‬السنة الجامعية‪.2008-2007 :‬‬

‫▪ محمد نبيل السريفي‪ :‬اإلدارة اإللكترونية ورهانات التنمية‪ ،‬بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا املعمقة في القانون‬
‫العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة عبد املالك السعدي طنجة‪ ،‬السنة الجامعية‪:‬‬
‫‪.2007.2006‬‬
‫▪ ناجي كمال‪ :‬استعمال تكنولوجيا املعلومات واالتصال باإلدارة العمومية املغربية ‪-‬واقع وآفاق‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم‬
‫الدراسات العليا املعمقة‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية أكدال‪ ،‬جامعة محمد الخامس‬
‫بالرباط‪ ،‬السنة الجامعية‪.2003.2002 :‬‬
‫▪ نوال الهناوي‪ :‬تدبير الجودة الكلية بالقطاع العام‪ ،‬بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا املعمقة‪ ،‬كلية العلوم‬
‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية أكدال‪ ،‬جامعة محمد الخامس الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2001-2000‬‬
‫▪ سعيدة برنوص ي‪ :‬دور املعلوميات في رفع املردودية اإلدارية‪ ،‬بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا املعمقة في القانون‬
‫العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية أكدال‪ ،‬جامعة محمد الخامس بالرباط‪ ،‬السنة الجامعية‪:‬‬
‫‪.1999-2000‬‬

‫‪111‬‬
‫▪ خالد نوحي‪ :‬دور املساطر اإلدارية في حل إشكالية التسيير والعالقات مع املرتفق‪ ،‬بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا‬
‫املعمقة في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية أكدال‪ ،‬جامعة محمد الخامس الرباط‪،‬‬
‫السنة الجامعية‪.1997-1996 :‬‬

‫املقاالت‪:‬‬

‫▪ علي سعدي عبد الزهرة جبير‪ :‬التحول الرقمي في ظل جائحة كورونا‪ ،‬املجلة األكاديمية للبحوث القانونية‬
‫والسياسية‪ ،‬املجلد الخامس العدد األول ‪.2021‬‬
‫▪ فتح هللا مجاد‪ :‬اإلدارة الرقمية في ظل جائحة كورونا‪ ،‬مجلة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية‪ ،‬عدد خاص ‪.2020‬‬
‫▪ كوثر التاقي‪ :‬املرفق العمومي في زمن كورونا ‪-‬آليات االستمرارية وإكراهات التنزيل‪ ،‬مقال منشور باملجلة املغاربية‬
‫للرصد القانوني والقضائي‪ ،‬العدد الثاني ‪.2020‬‬
‫▪ خليل اللواح‪ :‬التحول الرقمي في زمن الجائحة‪ ،‬مقال منشور بمجلة البوغاز للدراسات القانونية والقضائية‪ ،‬العدد‬
‫السابع ‪.2020‬‬
‫▪ بدرية الطريبق‪ :‬دور اإلدارة الرقمية في تحديث وعصرنة اإلدارة العمومية باملغرب‪ ،‬مقال منشور بمجلة استشراف‬
‫للدراسات واألبحاث القانونية عدد ‪3‬و‪ 4‬أبريل ‪.2019‬‬
‫▪ جفري مراد ومعنصري مريم‪ :‬اإلدارة اإللكترونية باملغرب بين األبعاد االستراتيجية ورهان التنمية‪ ،‬املجلة األكاديمية‬
‫للبحوث القانونية والسياسية‪ ،‬املجلد الثالث‪ ،‬العدد األول ‪.2019‬‬
‫▪ عزالدين الغوساني‪ :‬اإلدارة اإللكترونية املعيقات ورهان التطوير‪ ،‬مقال منشور بمجلة املمارس للدراسات القانونية‬
‫والقضائية‪ ،‬العدد األول‪ -‬أكتوبر ‪.2018‬‬
‫▪ نبيل علي ونادية حجازي‪ :‬الفجوة الرقمية رؤية عربية ملجتمع املعرفة‪ ،‬مقال منشور بمجلة سلسلة عالم املعرفة‪،‬‬
‫عدد ‪ ،318‬غشت ‪.2015‬‬
‫▪ آدم خابا‪ :‬دور اإلدارة اإللكترونية في إصالح اإلدارة وتجديد املرفق العام‪ ،‬مقال منشور على موقع املعلومة القانونية‬
‫‪https://alkanounia.info/?p=5632‬‬
‫▪ بالل الشرقاوي‪ :‬قراءة حول القانون رقم ‪ 53.05‬املتعلق بالتبادل اإللكتروني للمعطيات القانونية‪ ،‬مقال منشور‬
‫باملوقع اإللكتروني ‪https://alkanounia.info/?p=9295‬‬
‫▪ رحاب اروياح‪ :‬دور تكنولوجيا املعلومات واالتصال في رفع أداء اإلدارة العمومية خالل جائحة كورونا‪ ،‬املجلة‬
‫اإللكترونية القانون واألعمال ‪/https://www.droitetentreprise.com/19230‬‬
‫▪ صابر كمال‪ :‬الجريمة املعلوماتية في التشريع املغربي ‪-‬دراسة في ضوء العمل القضائي‪ ،‬مقال منشور بموقع املعلومة‬
‫القانونية ‪https://alkanounia.info/?p=9283‬‬

‫‪112‬‬
‫▪ عزالدين الغوساني‪ ،‬اإلدارة اإللكترونية باملغرب املعيقات ورهان التطوير‪ ،‬مجلة القانون واألعمال‬
‫‪https://www.droitetentreprise.com‬‬
‫اإللكترونية‬ ‫بالجريدة‬ ‫منشور‬ ‫مقال‬ ‫املغرب؟‪،‬‬ ‫في‬ ‫السيبراني‬ ‫األمن‬ ‫بنصغير‪:‬‬ ‫▪ فؤاذ‬
‫هسبريس‪،https://www.hespress.com‬‬
‫▪ هيم الفيلكاوي‪ :‬الحكومة اإللكترونية‪ ،‬مجلة الحرس الوطني‪ ،‬العدد ‪ ،19‬نونبر ‪ ،2002‬الكويت‪.‬‬
‫▪ عمران نزيهة‪ :‬اإلدارة العمومية واملواطن أية عالقة تشخيص االختالالت وسبل اإلصالح ‪-‬التجربة الجزائرية‪ ،‬مجلة‬
‫الفكر العدد الثاني عشر‪ ،‬دون ذكر السنة‪.‬‬
‫▪ هشام البخفاوي‪ :‬الحكومة اإللكترونية في املغرب‪ ،‬مقال منشور بمجلة قانون وأعمال العدد الرابع ‪.2011‬‬
‫رأفت رضوان‪ :‬اإلدارة اإللكترونية اإلدارة واملتغيرات العاملية الجديدة‪ ،‬امللتقى اإلداري الثاني للجمعية السعودية‬ ‫▪‬
‫لإلدارة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مركز املعلومات واالتخاذ القرار‪ ،‬مارس ‪.2004‬‬

‫النصوص القانونية‪:‬‬

‫▪ الدستور الجديد للمملكة املغربية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.11.91‬بتاريخ ‪ 29‬يوليو ‪ ،2011‬الجريدة‬
‫الرسمية عدد ‪ 5964‬مكرر بتاريخ ‪ 30‬يوليوز ‪.2011‬‬
‫▪ القانون رقم ‪ 55.19‬املتعلق بتبسيط املساطر واإلجراءات اإلدارية‪ ،‬الصادر في ‪ 19‬مارس ‪ 2020‬املوافق ل ‪ 24‬رجب‬
‫‪1441‬ه‪ ،‬والصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.20.06‬الصادر في ‪ 11‬من رجب ‪1441‬ه املوافق ل ‪ 6‬مارس‬
‫‪ ،2020‬جريمة رسمية عدد ‪.6866‬‬
‫▪ القانون رقم ‪ 20.05‬املتعلق باألمن السيبراني الصادر في ‪ 9‬ذو الحجة ‪1441‬ه‪ ،‬املوافق ل ‪ 30‬يوليوز ‪ ،2020‬والصادر‬
‫بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.20.69‬الصادر في ‪ 4‬ذي الحجة ‪1441‬ه‪ ،‬املوافق ل ‪ 25‬يوليوز ‪ ،2020‬الجريدة‬
‫الرسمية‪ ،‬عدد ‪.6904‬‬
‫القانون رقم ‪ 54.19‬بمثابة ميثاق املرافق العمومية الصادر في ‪ 11‬ذو الحجة ‪ 1442‬املوافق ل ‪ 22‬يوليوز ‪،2021‬‬ ‫▪‬
‫الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.21.58‬الصادر في ‪ 3‬ذي الحجة ‪ 1442‬املوافق ل ‪ 14‬يوليوز ‪ ،2021‬الجريدة‬
‫الرسمية عدد‪.7006‬‬
‫▪ القانون رقم ‪ 121.12‬القاض ي بتغيير وتتميم القانون رقم ‪ 24.96‬الصادر في ‪ 12‬جمادى اآلخرة ‪ 1440‬املوافق ل ‪18‬‬
‫فبراير ‪ ،2019‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.19.08‬الصادر في ‪ 18‬جمادى األولى ‪ 1440‬املوافق ل ‪ 25‬يناير‬
‫‪ ،2019‬الجريدة الرسمية عدد ‪.6753‬‬

‫‪113‬‬
‫▪ القانون رقم ‪ 13.31‬املتعلق بالحق في الحصول على املعلومات الصادر في ‪ 23‬جمادى اآلخرة ‪ ،1439‬املوافق ل ‪12‬‬
‫مارس ‪ ،2018‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.18.15‬بتاريخ ‪ 5‬جمادى اآلخرة ‪ ،1439‬املوافق ل ‪ 22‬فبراير‬
‫‪ ،2018‬عدد ‪.6655‬‬
‫▪ القانون رقم ‪ 61.16‬املحدث بموجبه وكالة التنمية الرقمية الصادر في ‪ 23‬ذي الحجة ‪ 1438‬املوافق ل ‪ 14‬شتنبر‬
‫‪ ،2017‬والصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.17.27‬الصادر في ‪ 8‬ذي الحجة ‪ 1438‬املوافق ل ‪ 30‬غشت ‪،2017‬‬
‫الجريدة الرسمية عدد ‪.6604‬‬
‫▪ القانون رقم ‪ 09.08‬املتعلق بحماية األشخاص الذاتيين تجاه معالجة املعطيات ذات الطابع الشخص ي‪ ،‬الصادر في‬
‫‪ 27‬صفر ‪ 1430‬املوافق ل ‪ 23‬فبراير ‪ ،2009‬والصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.09.15‬الصادر في ‪ 22‬صفر‬
‫‪ ،1430‬املوافق ل ‪ 18‬فبراير ‪ ،2009‬الجريدة الرسمية عدد ‪.5711‬‬
‫▪ القانون رقم ‪ 53.05‬املتعلق بالتبادل اإللكتروني للمعطيات القانونية الصادر في ‪ 25‬ذو القعدة ‪ 1428‬املوافق ل ‪6‬‬
‫دجنبر ‪ ،2007‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.07.129‬الصادر في ‪ 19‬ذي القعدة ‪ 1428‬املوافق ل ‪ 30‬نونبر‬
‫‪ ،2007‬الجريدة الرسمية عدد ‪.5584‬‬
‫▪ القانون رقم ‪ 07.03‬املتعلق بالجرائم املتعلقة بنظم املعالجة اآللية للمعطيات‪ ،‬الصادر في ‪ 27‬شوال ‪ 1424‬املوافق‬
‫ل ‪ 22‬دجنبر ‪ ،2003‬والصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.03.197‬الصادر في ‪ 16‬رمضان ‪ 1424‬املوافق ل ‪11‬‬
‫نونبر ‪ ،2003‬الجريدة الرسمية عدد ‪.5171‬‬
‫▪ القانون رقم ‪ 24.96‬املتعلق بالبريد واملواصالت الصادر في ‪ 18‬شتنبر ‪ ،1997‬والصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم‬
‫‪ 1.97.162‬الصادر في ‪ 2‬ربيع اآلخر ‪ 1418‬املوافق ل ‪ 7‬غشت ‪ ،1997‬الجريدة الرسمية عدد ‪.4518‬‬
‫▪ مرسوم بقانون رقم ‪ 2.20.292‬املتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات اإلعالن عنها‪ ،‬الصادر‬
‫في ‪ 28‬من رجب ‪ 1441‬املوافق ل ‪ 23‬مارس ‪ ،2020‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 6867‬مكرر‪.‬‬
‫▪ مرسوم رقم ‪ 2.20.293‬املتعلق بإعالن حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني ملواجهة تفش ي فيروس‬
‫كورونا‪ ،‬الصادر في ‪ 29‬من رجب ‪ 1441‬املوافق ل ‪ 24‬مارس‪ ،2020‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 6867‬مكرر‪.‬‬
‫▪ مشروع قانون بشأن املدونة الرقمية ‪.2013‬‬

‫الخطب والرسائل امللكية‪:‬‬

‫▪ الرسالة امللكية السامية املوجهة للمشاركين في املناظرة املنظمة من لدن كتابة الدولة املكلفة بالبريد وتقنيات‬
‫االتصال واالعالم‪ ،‬يوم ‪ 23‬أبريل ‪ ،2001‬تحت عنوان "االستراتيجية الوطنية إلدماج املغرب في مجتمع االعالم‬
‫واملعرفة"‪.‬‬

‫‪114‬‬
‫▪ الخطاب امللكي في ‪ 14‬أكتوبر ‪ 2016‬بمناسبة افتتاح الدورة األولى من السنة التشريعية األولى من الوالية التشريعية‬
‫العاشرة للبرملان‪.‬‬
‫التقاريروالبرامج والدالئل‪:‬‬

‫▪ تقرير املجلس األعلى للحسابات بشأن تقييم استراتيجية املغرب الرقمي ‪ ،2013‬تقرير خاص تحت عدد‬
‫‪ ،05/13/CH4‬فبراير ‪.2014‬‬
‫▪ تقرير لجنة الفالحة والقطاعات اإلنتاجية حول مشروع القانون رقم ‪ 61.16‬املحدث لوكالة التنمية الرقمية‪ ،‬السنة‬
‫التشريعية‪.2017.2016 :‬‬
‫▪ التقرير السنوي للوكالة الوطنية لتقنين املواصالت برسم سنة ‪.2017‬‬
‫▪ خالصة تقرير املجلس األعلى للحسابات حول تقييم الخدمات على اإلنترنيت املوجهة للمتعاملين مع اإلدارة ‪.2019‬‬
‫▪ مخطط اإلصالح اإلداري ‪2021-2017‬‬
‫▪ االستراتيجية الوطنية ملجتمع املعلومات واالقتصاد الرقمي (املغرب الرقمي ‪)2013‬‬
‫▪ الدليل عملي للتدابير واإلجراءات الوقائية باملرافق العمومية‬
‫▪ دليل العمل عن بعد باإلدارات العمومية‪ ،‬أبريل ‪2020‬‬
‫▪ دليل حول القانون رقم ‪ 31.13‬املتعلق بالحق في الحصول على املعلومة‬

‫مداخلة‪:‬‬

‫▪ مداخلة الدكتور عبد الحافظ ادمينو في موضوع التدابير املتخذة لتسهيل الخدمات اإلدارية أمام املرتفقين في‬
‫برنامج كوفيد ‪ 19‬عندي سؤال‪ ،‬على قناة األولى بتاريخ ‪.2020.06.04‬‬

‫املو اقع اإللكترونية‪:‬‬

‫‪▪ https://www.finances.gov.ma/Publication/daag/2021/Depliant%20simplification%20_AR.pd‬‬
‫‪▪ https://www.finances.gov.ma‬‬
‫‪▪ https://alassima24.ma/?p=36103‬‬
‫‪▪ https://mahata24.com/mahata/67382.html‬‬
‫‪▪ https://www.hespress.com‬‬
‫‪▪ https://www.maroc.ma‬‬
‫‪▪ www.anrt.ma‬‬

‫‪115‬‬
‫املراجع باللغة الفرنسية‬

▪ Georges Chatillon, Bertrand Du Marais, L’administration électronique au service des citoyens,


Bruxelles Bruylant, 2003.

▪ FrancoisCaby, Virginie Louise, Sylvie Rolland, La qualité au xx1 siècle, vers le management de la
confiance, Economica, 2002.
▪ Lucie Cluzel- Métayer : le service public et l’exigence de qualité, Dalloz, collection Nouvelle
Bibliothèque de thèses, 2006.
▪ OCDE, L’administration électronique : une impérative Principale conclusion. Edition OCDE Paris
2004, www.oecd.org/publication.

116
‫الفهرس‬
‫مقدم ة‪1.........................................................................................................................................‬‬

‫الفصل األول‪ :‬التحول الرقمي ودوره في تجويد الخدمات اإلدارية‪6.........................................................‬‬

‫املبحث األول‪ :‬دورالجودة في تدعيم اإلدارة الرقمية‪7...........................................................................‬‬

‫املطلب األول‪ :‬التأصيل املعرفي اإلدارة الرقمية‪8.................................................................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬مفهوم اإلدارة الرقمية وخصائصها‪8................................................................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬ماهية اإلدارة الرقمية‪9................................................................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬خصائص اإلدارة الرقمية‪11.......................................................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬أهداف اإلدارة الرقمية ووظائفها‪13................................................................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬أهداف اإلدارة الرقمية‪13.............................................................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬وظائف اإلدارة الرقمية‪17..........................................................................................‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬الرقمنة دعامة ملقاربة جودة الخدمات اإلدارية‪21.........................................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬مفهوم الجودة وإطارها القانوني ‪21.................................................................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مفهوم جودة الخدمة‪22...............................................................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬االعتراف القانوني بمبدأ الجودة‪23..............................................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬أسس ومكونات الجودة الرقمية‪25.................................................................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬أسس جودة الخدمات الرقمية‪25.................................................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬مكونات الجودة الرقمية‪28........................................................................................‬‬

‫املبحث الثاني‪ :‬اإلطارالقانوني والتنظيمي لإلدارة اإللكترونية باملغرب‪31................................................‬‬

‫‪117‬‬
‫املطلب األول‪ :‬اإلطارالقانوني لإلدارة اإللكترونية‪31............................................................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬القوانين املتعلقة بتحسين جودة الخدمات اإلدارية‪32......................................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬القانون رقم ‪ 55.19‬املتعلق بتبسيط املساطرواإلجراءات اإلدارية‪33.................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬القانون رقم‪ 31.13‬املتعلق بالحق في الحصول على املعلومة‪35.......................................‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬القانون رقم ‪ 20.05‬املتعلق باألمن السيبراني‪38............................................................‬‬

‫الفقرة الرابعة‪ :‬القانون رقم ‪ 54.19‬بمثابة ميثاق للمر افق العمومية‪40...............................................‬‬

‫الفقرة الخامسة‪ :‬مشروع قانون رقم ‪ 41.19‬املتعلق باإلدارة الرقمية‪42.................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬القوانين املتعلقة بالتبادل اإللكتروني للمعطيات‪43........................................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬القانون رقم ‪ 53.05‬املتعلق بالتبادل اإللكتروني للمعطيات القانونية‪44............................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬القانون رقم ‪ 09.08‬املتعلق بحماية األشخاص الذاتيين تجاه معالجة املعطيات ذات‬
‫الطابع الشخص ي‪46........................................................................................................................‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬القانون ‪ 07.03‬املتعلق باملخالفات املرتبطة بأنظمة املعالجة اآللية‬
‫للمعطيات‪49..................................................................................................................................‬‬
‫الفقرة الرابعة‪ :‬مشروع قانون املتعلق باملدونة الرقمية‪51...................................................................‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬اإلطارالتنظيمي لإلدارة اإللكترونية‪52..........................................................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬البرامج واالستراتيجيات الوطنية لرقمنة العمل اإلداري‪53................................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬البرنامج الوطني لإلدارة اإللكترونية ‪(2010‬إدارتي)‪54.......................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬االستراتيجية الوطنية ‪55...................................................................E. Maroc 2010‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬االستراتيجية الوطنية ملجتمع املعلومات واالقتصاد الرقمي (مخطط املغرب الرقمي‬
‫‪56....................................................................................................................................... )2013‬‬

‫‪118‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬اإلطاراملؤسساتي لإلدارة اإللكترونية‪57..........................................................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬الوكالة الوطنية لتقنين املواصالت )‪58..............................................................(ANRT‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬وكالة التنمية الرقمية )‪59.................................................................................(ADD‬‬

‫خاتمة الفصل األول‪61....................................................................................................................‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬تقييم الخدمات اإلدارية في ظل اإلدارة الرقمية‪62.........................................................‬‬

‫املبحث األول‪ :‬اإلدارة الرقمية بين تجويد الخدمات اإلدارية وتحدي جائحة كوفيد ‪62.........................19‬‬

‫املطلب األول‪ :‬مساهمة اإلدارة الرقمية في تحسين جودة الخدمات اإلدارية‪63........................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬دورالرقمنة في تجويد العمل اإلداري‪64............................................................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬تأثيرالرقمنة على التواصل اإلداري‪64............................................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬دورالرقمنة في عقلنة وتبسيط املساطراإلدارية‪68........................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تأثيرالرقمنة على العمل اإلداري‪71.................................................................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬على مستوى الهياكل اإلدارية‪71....................................................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬على مستوى اتخاذ القراراإلداري‪73.............................................................................‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬اإلدارة الرقمية في ظل جائحة كورونا‪75........................................................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬التدابيراملتخذة الستمرارية العمل اإلداري خالل الجائحة‪76.............................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬أهمية الرقمنة في ضمان استمرارية املرفق العام‪76........................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬العمل عن بعد باإلدارات العمومية‪80.........................................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الخدمات الرقمية في ظل الجائحة و إكراهات تنزيلها‪82.....................................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬الخدمات الرقمية املوجهة للمواطن واملقاولة‪83............................................................‬‬

‫‪119‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬إكراهات تفعيل الخدمات الرقمية خالل الجائحة‪85.....................................................‬‬

‫املبحث الثاني‪ :‬إكراهات و آفاق تجويد الخدمات اإلدارية الرقمية ‪87....................................................‬‬

‫املطلب األول‪ :‬إكراهات الرقمنة في تجويد الخدمات اإلدارية‪88.............................................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬اإلكراهات الداخلية املرتبطة باإلدارة‪88..........................................................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬اإلكراهات املرتبطة بضعف األطر اإلدارية والتحديات املرتبطة بعالقة اإلدارة‬
‫باملرتفق‪89......................................................................................................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬محدودية التجهيزاملعلوماتي واملالي ملشروع اإلدارة الرقمية‪91.........................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬اإلكراهات املرتبطة بأمن املعلومة وتحديات الفجوة الرقمية‪93........................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬اإلكراهات املرتبطة بأمن املعلومة‪93.............................................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬تحديات الفجوة الرقمية‪96........................................................................................‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬رهانات و آفاق تطويرالخدمات اإلدارية الرقمية‪98........................................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬مخطط اإلصالح اإلداري ‪98..........................................................................2021-2017‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬املحاورالرئيسية للمخطط‪99.......................................................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬البعد الرقمي للمخطط‪100........................................................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬استراتيجية املغرب الرقمي ‪102.............................................................................2020‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬األركان األساسية لإلستراتيجية‪103..............................................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬األهداف الكبرى لإلستراتيجية وحدود تنزيلها‪104..........................................................‬‬


‫خاتمة الفصل الثاني‪106.................................................................................................................‬‬
‫خاتمة عامة‪107..............................................................................................................................‬‬
‫الئحة املراجع‪109............................................................................................................................‬‬
‫الفهرس‪118...................................................................................................................................‬‬

‫‪120‬‬

You might also like