Professional Documents
Culture Documents
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي
لجٌت الوٌبقشت
ررييا ممش قا الددكور عزع اللكت :أسكاذ الكعليم العالف بكلية الحقوق– سس
ضوا الددكور محمد كمنن :أسكاذ الكعليم العالف بكلية الحقوق– سس
ضوا الددكور سميش أ خليلقا :أسكاذ الكعليم العالف بكلية الحقوق– سس
يمذيخ:
( ،)1لـ إف التنظيـ الدقيؽ الذم يطبع المؤسسة القضائية كانفتاحيا في كجو الجميع
يشفع في بعض اﻷحياف مف اﻹستجابة لمتطمبات المتقاضيف بالشكؿ اﻷمثؿ ،بفعؿ اﻹجراءات
المتبعة كما يترتب عنيا مف طكؿ في مسطرة التقاضي ( ،)2كلما كاف الحاؿ كذلؾ فإف اﻷمر
اقتضى اﻹعتراؼ لممتقاضيف بالحؽ في حؿ نزاعاتيـ عف طريؽ كسائؿ بديمة أخرل يأتي
التحكيـ عمى رأسيا.
كيمكف تعريؼ التحكيـ بأنو " تسكية شخص أك أكثر نزاعا عيد بو إليو لمفصؿ فيو
باتفاؽ مشترؾ" ،أك أنو" اتفاؽ أطراؼ عالقة قانكنية معينة عقدية أك غير عقدية ,عمى أف يتـ
الفصؿ في المنازعة التي ثارت بينيـ عف طريؽ أشخاص يتـ اختيارىـ كمحكميف" (.)3
أما عف نشأتو التاريخية ,فميس ىناؾ مف شؾ في ككف التحكيـ كآلية لتسكية الخالفات
بيف اﻷفراد ،يضرب بجذكره في عمؽ تاريخ البشرية ،لو ذا فقد كصفو بعض الفقياء بأنو أصؿ
()4
لمقضاء نفسو.
- 1كىذا ما يفسر شمكؿ الدكلة المعاصرة لمقضاء بجؿ إىتماميا ،كاضعة بذلؾ القكاعد المنظمة لو ،كلكظائفو مف أجؿ إعطاء
اﻷفراد دكف التمييز بينيـ حؽ اﻹلتجاء إليو طمبا لحمايتو.
عبد الرحمان بن سالمة ،التحكيـ في الشريعة اﻹسالمية كالقانكف الكضعي ،مقاؿ منشكر في مجمة الممحؽ القضائي ،عدد ،33
سنة ،1998ص.15
-2كيمكف في ىذا السياؽ تسجيؿ بعض الدكافع الجكىرية التي ساىمت في العزكؼ عف طرؽ أبكاب القضاء ،في حيف دعمت
فكرة اﻹلتجاء إلى التحكيـ ،ك ىي كالتالي:
)1تعقد مسطرة التقاضي ،ك تعدد درجاتو الشيء الذم انعكس عمى المتقاضيف بالحرماف مف التمتع بالحؽ لمدة زمنية طكيمة.
)2التأخر في تسكية المنازعات التي تعرض عمى القضاء ﻹزدياد عدد القضايا نتيجة زيادة عدد السكاف كتضخـ معدؿ
المعامالت بيف اﻷشخاص ،ىذه الزيادة التي لـ يقابميا عمميا زيادة مكازية في عدد المحاكـ كالقضاة.
)3محدكدية ميزتي الخبرة كالكفاءة لدل بعض القضاة التي يفترض أف تساعدىـ في تقديـ حمكؿ عادلة لممنازعات التي تبمغ
درجة معينة مف التعقيد ،خاصة تمؾ المرتبطة بالتجارة الدكلية بفعؿ الطابع التقني الذم يغمب عمييا نتيجة لمكجة الثكرة
التكنكلكجية التي يشيدىا عالـ اليكـ.
- 3راجع د.مختار أحمد بريري,التحكيـ التجارم الدكلي,دراسة خاصة بالقانكف المصرم الجديد بشأف التحكيـ في المكاد المدنية ك
التجارية ,القاىرة ,دار النيضة العربية ,1995 ,ص . 5
- 4راجع د.أحمد عبد الكريم سـالمة ،التحكيـ التجارم الدكلي كالداخمي ،دار النيضة العربية ،ط ،2004ص.9
2
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
كما دفع ىذا التحكيـ ليحضى بمكانة متميزة لدل الحضارات العريقة التي تعاقبت عمى
العالـ القديـ ىك شمكلو لعدة خصكصيات إيجابية جعمتو يتبكأ مقدمة سبؿ فض نزاعات
اﻷفراد( .)1ك يقكؿ أرسطك في ىذا السياؽ قكلتو الشييرة "بأن أطراف النزاع يستطيعون تفضيل
التحكيم عن القضاء ،ذلك ألن المحكم يرى العدالة ،بينما ال يعتد القاضي إال بالتشريع " كمف
ىنا نرل أف التحكيـ كاف محطة اىتماـ منذ القدـ لدل كبار الفالسفة (.)2
كبالرغـ مف أف التحكيـ قد بدأ بسيطا بساطة المجتمعات البدائية ،فإنو تطكر كبالتالي
ظيرت لو صك ار متنكعة ازدادت تعقيدا بتعقد المجتمعات المعاصرة.
كجدير بالذكر أف أىمية التحكيـ سكاء عمى المستكل الداخمي أك الدكلي ال تكمف فقط
في تبسيطو ﻹجراءات الفصؿ في النزاع المعركض عميو ،كانما أيضا في التحرر مف الشكميات
المعقدة ،فبإعمالو يمكف اﻷطراؼ مف تفادم اختالؼ اﻹجراءات كالقكاعد التي تختمؼ مف دكلة
إلى أخرل ،إذ بغيابو قد يؤدم اﻷمر في بعض اﻷحكاؿ إلى إىدار حقكقيـ ،كما أنو مف شأف
المجكء إلى التحكيـ تحقيؽ التكازف بيف اعتبارات احتراـ سمطاف اﻹرادة كضركريات الخضكع
لمتنظيـ القانكني في مجتمع معيف.ىذا فضال مف أنو يقكـ عمى عنصرم السرعة كالتخصص،
فالسرعة تتحقؽ مف خالؿ اﻹستعانة بإجراءات تتسـ بالسيكلة كاليسر ،أما التخصص فإنو
يتجمى مف خالؿ اعتماد المحكميف أىؿ الخبرة كالمعرفة في مكضكع النزاع المعركض عمييـ (.)3
- 1كيقكؿ بعض الفقياء في ىذا الباب ما يمي... " :كلقد أقترف ازدىار التحكيـ كاتساع آفاقو بظكاىر أخرل ليا دكر كاضح في
ىذا اﻹزدىار كاﻹتساع .ظكاىر بعضيا يعكد بنا إلى صكرة المجتمعات القديمة التي كاف التحكيـ فييا ىك الكسيمة الكحيدة أك
الغالبة ﻹحقاؽ الحؽ كتجنب اﻹلتجاء إلى القكة ،كبعضيا اﻷخر ينقمنا إلى ما كصمت إليو البشرية مف تقدـ ." ....
د.مصطفى محمد الجمال ود.عكاشة محمد عبد العال ,التحكيـ في العالقات الخاصة الدكلية كالداخمية ،الجزء اﻷكؿ ،ط ،1998
ص.5
-2راجع أبو زيد رضوان ،اﻷسس العامة في التحكيـ التجارم الدكلي ،دار الفكر العربي ،طبعة ،1981ص.4
3
-Voir citation à cette question par Caprasse: ” ....Certains travaux récent en témoignent,
l’intérêt potentiel du recours à L’arbitrage dans les litiges issus de la vie des sociétés est de plus
en plus souvent souligné, justice confidentielle, au climat particulier, confiée a des spécialistes,
souvent plus rapide que la justice étatique, L'arbitrage pourrait rendre de nombreux services aux
parties impliquées dans de tels litiges”.
Olivier Caprasse, Les sociétés et L'arbitrage, Edition DELTA, 2002, p 1 et s.
3
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
ككعيا منو ﻷىمية التحكيـ فقد قاـ المشرع المغربي باﻹىتماـ بو ككاف ذلؾ منذ بدايات
القرف الماضي ،إيمانا منو في مساىمتو الفعالة في فض نزاعات اﻷفراد ,ﻹعتباره كاف راسخا في
ثقافة سكاف أغمب القبائؿ المغربية التي كانت تعيش تحت تنظيـ اﻷعراؼ كالعادات (.)1
إعماؿ مسطرة التحكيـ في مختمؼ كيمكف ترجمة ىذا اﻹىتماـ التشريعي مف خالؿ
المجاالت ( ،)2ككذا مف خالؿ التعديالت التي عرفتيا بعض النصكص المتعمقة بو مف أجؿ
مسايرتيا ؿلتطكرات التي طالت مختمؼ المياديف اﻹقتصادية ،إذ يأتي في مقدمة ىذه التعديالت
اؿقانكف رقـ 08-05الجديد.
أوال:التعريف بالموضوع:
تعد الجية التي يتـ المجكء إلييا لتسكية النزاع عف طريؽ التحكيـ ىي الييئة التحكمية،
ال يتصكر قيامو بدكنيا ،ذ اؾ أف طبيعتيا تختمؼ مف فيي الركف الجكىرم في التحكيـ إذ
تعمؽ اﻷمر خاصة إلى مؤسساتية ،كما أف تركيبتيا تتككف دائما مف أشخاص طبيعييف سكاء
ف اختيار ىذه الييئة أنو يتـ مبدئيا مف قبؿ بمحكـ فرد أك أكثر.كما يمكف مالحظتو ع
اﻷطراؼ( ،)3إما بصفة كجكبية إذا تعمؽ اﻷمر بعقد التحكيـ ،كاما بشكؿ جكازم إذا تعمؽ اﻷمر
- 1راجع د.عزيز الفتح ،تاريخ المؤسسات كالكقائع اﻹجتماعية في الحضارات القديمة ( الحضارة العربية اﻹسالمية – الحضارة
المغربية) ،ط ،2003-2002ص. 179
- 2كيظير اﻹىتماـ التشريعي بالتحكيـ مف خالؿ تناكؿ العديد مف القكانيف لو ،كىكذا فقد أشار إليو قانكف اﻹلتزامات كالعقكد
في الفصؿ 894بمناسبة التطرؽ لصالحيات ك إلتزامات الككيؿ.
كما تطرؽ إليو ظيير اﻹستثمار الصادر بتاريخ ،1958-7-21كالذم نص في الفصؿ 39منو عمى إمكانية المجكء إلى
1995-11-8 التحكيـ بخصكص النزاعات المتعمقة باﻹستثمار ،ك نفس المكقؼ نص عميو لما عدؿ ىذا الظيير بتاريخ
(ميثاؽ اﻹستثمار) ،إذ نص في المادة 17منو عمى إقرار أحقية المجكء إلى التحكيـ في كؿ الخالفات الناشئة بيف الدكلة
المغربية كالمستثمريف اﻷجانب.
كنشير إلى أف ظيائر أخرل قد اعتنت بالتحكيـ ،كمنيا ظيير 1942-4-18المتعمؽ بنظاـ المتعاطيف لمينة الصحافة
بالمغرب ،حيث جاء في الفصميف السادس كالسابع منو عمى أف اختصاص البت في النزاعات المتعمقة بفسخ عقد العمؿ في
الصحافة ك التعكيض عنو يرجع إلى ىيئات أك لجاف تحكيمية .كىناؾ أيضا ظيير 1946-11-16الممغى كالمتعمؽ بممكية
الطبقات المشتركة ،إذ أجاز الفصؿ الثامف منو حؿ الخالفات الناشئة بيف المالؾ عف طريؽ التحكيـ .كىناؾ أيضا ظيير -29
1970-12المتعمؽ باختصاص رجاؿ السمؾ الدبمكماسي كالقنا صؿة بالخارج ،كالذم ينص الفصؿ 32منو عمى أنو إذا كاف
اﻷطراؼ متفقيف كمف جنسية مغربية ،فإنيـ يستطيعكف مباشرة أم تحكيـ يدخؿ في اختصاصيـ ،كما نص القانكف رقـ 70-03
المتعمؽ بمدكنة اﻷسرة عمى التحكيـ ك كاف ذلؾ في المكاد (.)82,94,95,96,97
- 3فجميع التشريعات المقارنة تتفؽ عمى تخكيؿ الخصكـ الصالحية الكاممة في تعييف ىيئة التحكيـ ،عمى اعتبار أنيـ الجية
الكحيدة التي يمكنيا كضع الثقة في ىذه الييئة لخبرتيا ك استقالليتيا ،كمف تـ إعطائيا لمنزاع حال قانكنيا كعادال في نفس
الكقت.فقكاـ ىذه الثقة تتمثؿ في الشرؼ كاﻷمانة كالنزاىة كاليقظة.
4
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
()1
إذا تعذر اﻹتفاؽ عمى تعيينيا في حالة رفض أحد الخصكـ بمجرد شرط التحكيـ ،أك قضائي
( .)2فتعييف الييئة التحكيمية ال يكفي كحده تعييف المحكـ أك المحكميف اﻷعضاء مف جيتو
ﻷداء مياميا المتمثؿة في تسكية النزاع ،كانما يجب لذلؾ قبكليا مبدئيا بيذه المياـ.
كلإلشارة فإف جميع التشريعات التي تمكنا مف مراجعتيا لـ نعثر فييا عمى أم تعريؼ
لمييئة التحكيمية ،بؿ تكتفي بتنظـ كيفية تعييف ىذه اﻷخيرة ،كىذا ما لجأ إليو المشرع المغربي
327-2منو عمى ما يمي ":تتشكؿ الييئة أيضا في قانكف ،08-05إذ نص في الفصؿ
التحكيمية مف محكـ كاحد أك عدة محكميف ،تككف لألطراؼ حرية تحديد إجراءات تعيينيـ
كعددىـ إما في اﻹتفاؽ التحكيمي ،كاما باﻹستناد إلى نظاـ التحكيـ المكضكع لدل المؤسسة
التحكيمية المختارة"(.)3
اعتبارىا" تمك الجية المعينة كنظ ار لغياب تعريؼ قانكني ك فقيي ليذه الييئة فيمكف
إما من طرف الخصوم ،أو القضاء في حالة تعذر ذلك ،من أجل النظر في نزاع معين وفق
اتفاق األطراف وداخل مدة زمنية معينة” (.)4
كبخصكص صالحياتيا ،فإنيا تتمتع بسمطات كاسعة تيدؼ في مجمميا الدفع قدما
بمسطرة التحكيـ ،عف طريؽ إمدادىا بالقكة القانكنية الالزمة لفرض إرادتيا في بعض اﻷحياف
عمى أطراؼ التحكيـ ،ككذا بإعطائيا المركنة الضركرية لتمكينيا مف إدارة ىذه المسطرة في
جك تسكده الفعالية كالسرعة.
كفي مقابؿ ىذه السمطات ،فإنيا تخضع إلى مجمكعة مف اﻹلتزامات التي فجد أساس
أغمبيا في القكانيف المنظمة لمتحكيـ ,كعدـ تنحييا إال في حالة تحقؽ أسباب جدية تبرر ذلؾ،
كالتزاميا باﻹفصاح عف كجكد عالقات سابقة ليا مع أحد اﻷطراؼ ،كالتزاميا بالحياد التاـ،
-فعدـ إتفاؽ اﻷطراؼ عمى تعييف الييئة التحكيمية ال يعتبر مانعا مف إتماـ إجراءات التحكيـ ،كانما يتـ الحقا إحالؿ 1
5
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
كالتزاميا بعدـ إفشاء أسرار اﻷطراؼ ،كالتزاميا بالحفاظ عمى المستندات المسممة إلييا ،إلى غير
ذلؾ مف اﻹلتزامات الممقاة عمى عاتقيا(.)1
ت بمؤىالت لذا فإف الييئة التحكيمية تعد بمثابة النكاة في عممية التحكيـ ,فكمما تميز
صائبة في أداء أف تؤثر عمى عالقات اﻷطراؼ ،كمما كانت مينية تحسـ بيا النزاع دكف
مياميا.بحيث إف إلتزاميا الرئيسي ال ينحصر في حؿ الخالفات فقط كالقضاء ،كلكنو يتجاكز
ىذا الحد ؿيضمف المحافظة عمى الركابط اﻹقتصادية التي تجمع الخصكـ ؾذلؾ .بؿ كأبعد مف
إحكاـ تنظيـ ىا أف تمعب اﻷدكار الطالئعية ذلؾ ،يمكف القكؿ بأف ىذه الييئة يمكنيا في حالة
في تشجيع جمب اﻹستثمارات اﻷجنبية منيا عمى الخصكص.كىذا ما ينطبؽ فعال عمى الييئات
التحكيمية التي تتخذ مق ار ليا كؿ مف دكؿ أكربا الغربية كأمريكا الشمالية ،إذ أنيا تفصؿ سنكيا
في ا الالؼ مف القضايا اﻹستثمارية بفعؿ تنظيميا الدقيؽ كخبرتيا العريضة ،إضافة إلى تكفرىا
عمى المحكميف المؤىميف ذكم السمعة اؿ جيدة ،ىذا ما يحفز المتنازعيف عمى عرض نزاعاتيـ
عمى مثؿ ىذه الييئات(.)2
كبعد أف عمؿ المغرب عمى تكفير المناخ المالئـ لالستثمار ( ،)3كترسيخ دعائـ اﻷمف
القانكني في ميداف اﻷعماؿ ،خاصة بعد بركز فكرة عكلمة اﻹقتصاد ،كاتساع رقعة العالقات
- 3كيقكؿ اﻷستاذ د.محمد تكمنت في ىذا الباب "فكؿ دكؿ العالـ المتقدمة كالنامية بما فييا المغرب تتسابؽ عمى تقديـ الحكافز
كالمزايا كالتسييالت كاﻹعفاءات الضريبية كالجمركية مف جية ،كتثبيتيا لقكانيف كلكائح تتضمف قكانيف اﻹستثمار كالمعاىدات
المناخ المالئـ لتشجيع المستثمريف اﻷجانب عمى ىذا اﻹستثمار بيذه الثنائية مف جية أخرل ،كذلؾ مف أجؿ تكفير
الدكؿ".محمد تكمنت ،كاقع التحكيـ التجارم الدكلي كافاؽ اﻹستثمار ,قضايا اﻹستثمار كالتحكيـ مف خالؿ اجتيادات المجمس
اﻷعمى ،خمسكف سنة مف العمؿ القضائي ,الندكة الجيكية الرابعة 18ك 19أبريؿ ،2007ص. 114
6
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
الدكلية الخاصة ،كتشجيع المقاكال ت كتأىيميا حتى تستطيع خكض غمار المنافسة ،السيما مع
طرح آفاؽ إتفاقية الشراكة مع اﻹتحاد اﻷكربي ،كاتفاقية التبادؿ الحر مع الكاليات المتحدة
اﻷمريكية ،فكاف البد عمى المشرع مف أف يتخذ عدة إجراءات تيدؼ إلى إيجاد ىيئات تحكيمية
رفيعة المستكل ،قادرة عمى البت في النزاعات المرتبطة باﻷعماؿ ،مع ما يتطمبو ذلؾ مف تكفير
إطار قانكني ليا يكاكب اﻹىتماـ المتزايد الذم يكليو جميع الميتميف ليا ,كالذم يتجمى بصكرة
فعمية في إنتشار مراكز التحكيـ في بعض اﻷقطاب اﻹقتصادية المغربية الكبرل .كىذا ما جسده
فعال المشرع مف خالؿ فصكؿ القانكف الجديد الحامؿ لرقـ .08-05
أىمية دقة تنظيميا ،سيمكف مف لذلؾ ،فإف التحسيس بأىمية الييئة التحكيمية كمدل
تشجيع المتدخميف اﻹقتصادييف عمى طرؽ أبكابيا لتسكية نزاعاتيـ بدؿ المجكء إلى القضاء الذم
يتسـ في أغمب اﻷحياف ببطء إجراءاتو كتعقدىا.
يعد مكضكع كضعية الييئة التحكيمية مف أكثر المكاضيع دقة في قكانيف التحكيـ،
دكف ﻹرتباطو المصيؽ بجميع الفصكؿ القانكنية المنظمة لمتحكيـ ،فال يمكف تجاكز فصؿ
أك غير مباشر ( .)2لذا فإنو سيتعذر ()1
اﻹشارة إلى الييئة التحكيمية ،كذلؾ إما بشكؿ مباشر
عمى ىذه الدراسة المتكاضعة أف تحيط بجميع الجكانب القانكنية المتعمقة بالييئة التحكيمية ،نظ ار
لشساعة مجاالتيا كما أسمفنا الذكر.
- 1كالفصكؿ التي تتطرؽ مباشرة إلى كيفية تشكيؿ الييئة التحكيمية ،كانياء مياميا سكاء مف قبؿ اﻷطراؼ أك القضاء.
- 2كالفصكؿ التي تمنح اﻷطراؼ الحرية التامة في إختيار القانكف الكاجب التطبيؽ عمى النزاع ،إذ أف الييئة التحكيمية ىي التي
تسير عمى تنفيذ ىذا القانكف المختار بالرغـ مف عدـ ذكرىا.
7
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
فمكضكع ىذه الدراسة سكؼ لف يشمؿ جميع اﻹجراءات كالصالحيات التي تتمتع بيا
ىيئة التحكيـ منذ بداية العممية التحكيمية إلى نيايتيا ،كانما سيقتصر نطاقو عمى تمؾ التي
نجدىا تستحؽ الدراسة بشكؿ معمؽ عمى أساس أنيا لـ تكف مكضكع دراسة قانكنية مف قبؿ.
كحتى تككف دراستنا أكثر تركي از كفائدة ،فإننا سنقصي منيا بعض المكاضيع التي تـ
إستيالكيا في بحكث سابقة ،السيما ما يتعمؽ منيا بكيفية تعييف ىذه الييئة سكاء مف قبؿ
اﻷطراؼ ،أك القضاء ،كمكضكع مدل قابمية تعييف القضاة كمحكميف ضمنيا .ككذا كؿ ما
اتخاذ اﻹجراءات الكقتية يتعمؽ بإفتتاح إجراءات التحكيـ أماميا ،لنصؿ أخي ار لصالحياتيا في
كالتحفظية ،كاﻷتعاب التي تتقضاىا ىذه الييئة.
كبالمقابؿ ،فإننا سنركز في دراستنا عمى كؿ ما لو صمة كطيدة بالييئة التحكيمية سكاء
كاف ذلؾ في إطار التحكيم الداخمي أو الدولي ،خاصة ما يتعمؽ بالشركط الكاجب تكفرىا في
أعضاءىا ،ككذا مدل تنظيـ المشرع ليذ ق الييئة في إطار التحكيـ المؤسساتي ،لتشمؿ دراستنا
أيضا مدل مالئمة اختصاصاتيا أثناء مباشرتيا لمسطرة التحكيـ .ك نطاؽ المكاضيع التي تقبؿ
اﻹحالة عمى أنظارىا....
كجدير بالذكر أف اختيار مثؿ ىذه المكاضيع مف أجؿ دراستيا لـ يكف اعتباطيا ،كانما
كاف بعد عممية تقييـ متكاضعة شممت كؿ مف الفصكؿ المنظمة لمتحكيـ في ؽ.ـ.ـ ،كفي
قانكف 08-05الجديد ،كالتي أبانت عف مدل اﻷىمية التي تكتسييا في إنجاح عممية التحكيـ
بشكؿ عاـ ،ككذا في طرح بعض اﻹشكاليات المعقدة التي يمكنيا أف تحد مف فعالية مياـ
الييئة التحكيمية.
إف التحكيـ بصفة عامة قد ناؿ ـ فذ مدة اىتماـ المشرع ،كىذا ما يتضح مف خالؿ العدد
ؾذا مف خالؿ تنكع القكانيف الكبير مف اﻹتفاقيات الدكلية المتعمقة بو التي صادؽ عمييا ،ك
الصادرة عمى المستكل الكطني التي جاءت مف أجؿ تنظيمو في مياديف عدة ,منيا ما تعمؽ
بالمجاؿ الميني كالصحافة كنزاعات الشغؿ الجماعية ،كمنيا ما ارتبط بالجانب العقارم
كالممكية المشتركة لمطبقات كاﻷجزاء المشتركة ،كمنيا ما خص اﻷسرة ،كمنيا ما مس عالـ
8
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
الماؿ كاﻷعماؿ(.)1إال أف تنظيـ الييئة التحكيمية المنضكية تحت لكاء التحكيـ نفسو لـ يكف دقيقا
بالكفاية المتطمبة حتى ينسجـ مع العبء الممقى عمى عاتقيا بإعتبارىا حجر الزاكية في فض
النزاعات المعركضة عمى التحكيـ ،وبذلك فإذا كان المشرع المغربي قد أىتم بالتحكيم بإعتباره
استطاع أن يحيط الييئة التحكيمية آلية ناجعة لتسوية نزاعات األشخاص ،فإلى أي حد
بتنظيم قانوني دقيق ،عمى أساس أنيا المحور الجوىري في عممية التحكيم ,حتى تقوم بأداء
مياميا في أحسن الظروف دون تعرضيا أثناء ذلؾ إلى أية عراقيل تذكر؟
08-05قد أحاط الييئة وبعبارة أكثر دقة ,فإذا كان قانون التحكيم الجديد رقم
التحكيمية بتنظيم شامل وكامل بالرغم من بعض مظاىر المحدودية التي تسربت إليو (الفصل
الثاني) ،فماىية الوضعية القانونية التي كانت عمييا ىذه الييئة قبل صدور ىذا التعديل الذي
يعتبر نقطة تحول جدري في قانون التحكيم المغربي؟ (الفصل األول).
أ)اؿمنيج اؿتحميمي:
ذلؾ أف ىذه الدراسة ستعتمد عمى تحميؿ كنقذ كؿ جزئية ىامة مف جزئيات المكضكع
،التي بكؿ حياد كاستقاللية ,كصكال إلى كضع بعض المالحظات كاﻹستنتاجات كالتصكرات
سنحاكؿ ما أمكف تطعيميا في كؿ مناسبة ببعض الحمكؿ المتكاضعة لسد الثغرات التي تكتنؼ
مكضكع الدراسة.
كالى جانب عرض بعض اﻷراء الفقيية سكاء في القانكف المغربي أك المقارف ,فسكؼ
نحاكؿ بياف مكقؼ القضاء مف المغربي ك المقارف في بعض الجزئيات ك ذلؾ في حدكد المتاح
لنا مف اﻷحكاـ القضائية التي تتميز أصال بالندرة في ىذا المجاؿ.
كيرجع سبب اختيار المنيج أعاله إلى ما يزخر بو مكضكع البحث مف إشكاليات
متشعبة ،ال يمكف اﻹجابة عنيا إال باعتماده.
9
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
10
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
اﻷول: الفصل
اﻹطار القانوني للهيئة التحكيمية قبل صدور قانون08-05
مطمقة في إختيار مف استقرت معظـ القكانيف المقارنة عمى منح اﻷطراؼ الحرية اؿ
الضكابط اﻷساسية التي تضمف ليذه يركنو أىال لفض نزاعاتيـ ،مكتفية لنفسيا فقط بكضع
()1
الييئة أداء مياـ تسكية المنازعات بيف الخصكـ في جك تسكده اﻹطمئنانية
إف قذق المركنة الكبيرة في تشكيؿ ىيئة التحكيـ كالتي تكفميا معظـ اﻷنظمة القانكنية،
تقتضي مف اﻷطراؼ تكخي الحرس الشديد في تعييف المحكميف اعتبا ار لخطكرة المياـ المسندة
إلييـ ،ؿذلؾ ال مراء مف أف تكفر فييـ بعض الشركط ال سيما تمؾ المتعمقة ب ذكاتيـ كاﻷىمية
المدنية الكاممة ك حمميـ لمجنسية المتطمبة قانكنا...
كىذا ما جعؿ سائر التشريعات اﻷجنبية تتطرؽ لمثؿ ىذه الشركط بمناسبة تنظيميا
لمييئة التحكمية.
كحتى تتمكف ىيئة التحكيـ مف أداء مياميا بشكؿ سميـ كاف البد مف تمتيعيا
بصالحيات كاسعة في إدارتيا لمنزاع المعركض عمييا ,كذلؾ لتمكينيا مف إنياء ىذا النزاع في
ظركؼ مالئمة ،فكمما كانت تتحكـ في اﻹجراءات المتعمقة بتسيير مسطرة التحكيـ كمما تمكنت
مف تحقيؽ العدالة بيف الخصكـ في ظرؼ زمني كجيز .كىذا ما ذىبت إليو كثير مف التشريعات
بتنازليا لمييئة التحكيمية عف حؽ تنظيـ كتسيير خصكمة التحكيـ (.)2
-1كىذا ما نصت عميو الفقرة اﻷكلى مف المادة 15مف قانكف التحكيـ المصرم الجديد "تشكؿ ىيئة التحكيـ باتفاؽ الطرفيف،"..
ككذا الفقرة االكلى مف المادة 1493مف قانكف المرافعات الفرنسي لسنة ،1981كالمادتاف 15ك 16مف قانكف التحكيـ اﻹنجميزم
لسنة ،1996كالفقرة االكلى مف المادة 12مف قانكف التحكيـ السكيدم ،كالمادة 7مف قانكف التحكيـ التركي.
،2004 د.أحمد عبد الكريم سـالمة ،التحكيـ التجارم الدكلي كالداخمي,دار النيضة العربية ،ط -راجع في ىذا السياؽ: 2
ص. 574
11
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
كاذا كاف التشريع المغربي قد نظـ التحكيـ بدكره في ؽ.ـ.ـ منذ بداية القرف
الماضي( ،)1فكيؼ تعامؿ مع الشركط الكاجب تكفرىا في أعضاء الييئة التحكيمية؟ عمما أف
المغرب أصبح في اآلكنة اﻷخيرة كجية مفضمة لالستثمارات الدكلية التي تتطمع إلى رقي ىذه
الييئة إلى مستكل طمكحاتو ا ( الفرع األول ) .كعمى فرض أف المشرع المغربي قد نظـ بعض
اختصاصات ىذه الييئة ،فإلى أم حد كانت سمطاتيا في إدارة النزاع كافية لحسـ ىذا اﻷخير؟
(الفرع الثاني).
12
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
كاذا كاف التحكيـ ينقسـ عمكما إلى نكعيف أساسييف ،تحكيـ حر كتحكيـ مؤسساتي ،فإف
ىذه الشركط يجب أف تتحقؽ في كال النكعيف كىذا ما لـ يتطرؽ إليو المشرع المغربي أثناء
تنظيمو لمييئة التحكيمية,إذ أنو أغفؿ تنظيمو ليذه الشركط في إطار كؿ مف التحكيـ الحر
(المبحث األول) ،كالتحكيـ المؤسساتي (المبحث الثاني) عكس باقي التشريعات المقارنة (.)2
1
-E.Gaillard, Les manœuvres dilatoires des parties et des arbitres dans l'arbitrage commercial
international, Rev arb, 1990, p759.
- 2ككمثاؿ عمى ىذه التشريعات قانكف التحكيـ المصرم ،الذم نص في الفقرة االكلى مف مادتو الرابعة عمى ما يمي:
" ينصرؼ لفظ التحكيـ في حكـ ىذا القانكف إلى التحكيـ الذم يتفؽ عميو طرفا النزاع بإرادتيما الحرة ،سكاء كانت الجية التي
تتكلى إجراءات التحكيـ ،بمقتضى إتفاؽ الطرفيف ،منظمة أك مركز دائـ لمتحكيـ أك لـ يكف كذلؾ".
13
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
- 1أنظر في الطبيعة التعاقدية لمتحكيـ السيد عبد اهلل درميش ،التحكيـ في المكاد التجارية ،رسالة لنيؿ دبمكـ الدراسات العميا في
القانكف الخاص ،كمية العمكـ القانكنية كاﻹقتصادية كاﻹجتماعية بالدار البيضاء ،السنة الجامعية ،1983-1982ص .39كراجع
أيضا د.مأمون الكزبري ،شرح قانكف المسطرة المدنية المغربي ،الجزء الثالث ،ص .429
-2أنظر في التصرفات التي تدكر بيف النفع كالضرر د.زيد قدري الترجمان ،المكجز في القانكف المدني ،نظرية اﻹلتزاـ ،الجزء
اﻷكؿ مصادر اﻹلتزاـ ،شركة بابؿ لمطباعة كالنشر ،الرباط ،ط,1992ص 120ك .121
-3راجع د.ىدى محمد حمدي عبد الرحمان ،دكر المحكـ في خصكمة التحكيـ كحدكد سمطاتو ،دار النيضة العربية ،القاىرة ط
،1997ص .94
-4ككمثاؿ عمى ىذه القكانيف نذكر المادة 7مف قانكف التحكيـ السكيدم التي تنص:
""Toute personne qui dispose de sa pleine capacité et de ses biens peut être nommée arbitre
كنفس الشيء أشارت إليو المادة 40مف اتفاقية كاشنطف لسنة ،1965كالمادة 10مف نظاـ التكفيؽ كالتحكيـ التجارم لغرفة
التجارة ك الصناعة بدبي.
-5راجع د .مصطفى محمد الجمال ود.عكاشة محمد عبد العال ،التحكيـ في العالقات الخاصة الدكلية كالداخمية ،الجزء اﻷكؿ،
ط اﻷكلى ،1998 ،ص .606
14
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
أىمية شخص المحكـ كيالحظ أف التشريع المغربي لـ ينص عمى أم شرط يخص
حتى تسند إليو مياـ التحكيـ ( ،)1بؿ كحتى الفقو كالقضاء المغربييف لـ يعمال عمى ممئ ىذا
الفراغ التشريعي ،كلعؿ ذلؾ راجع أساسا إلى قمة الكتابات الفقيية في ىذا المكضكع ،ككذا إلى
ندرة اﻹجتيادات القضائية الصادرة في مادة التحكيـ(.)2
كقد ترتب عف ق ذا الفراغ تضارب اآلراء حكؿ مدل جكاز ككف المحكـ قاص ار مف
عدمو ،بحيث إف ىناؾ مف الفقو مف ينتقد ذلؾ اﻹتجاه الذم ال يجيز لمقاصر أف يمارس ميمة
التحكيـ ،عمى أساس أف معيار السف التقميدم قد أصبح في العصر الراىف معيا ار متجاكزا،
معمميف مكقفيـ ىذا بككف القاصر الذم يشتمؿ عمى مؤىالت عممية رفيعة المستكل قد تشفع لو
بأف يصبح محكما جيدا ،أك طبيبا ناجحا ،أك محاميا متمكنا ،أك ميندسا بارعا ...متفكقا بكثير
عف أكالئؾ الذيف يمتينكف نفس ىذه الميف كالبالغيف لسف الرشد القانكني (.)3
كبالرغـ مف الكجاىة النسبية ليذا اﻹتجاه فإنو ال يرقى إلى التأييد التاـ عمى اعتبار أف
ىذا القاصر الذم ال يستطيع أف يتعاقد بنفسو أك أف يتصرؼ في ممتمكاتو بدكف معكنة غيره
بت بمقتضى قانكنو الشخصي ،فكيؼ لو أف يقكـ بمباشرة حقكؽ غيره بما فييا تقمده لمياـ اؿ
-1أنظر في ىذا السياؽ د.أحمد شكري السباعي ،الكسيط في النظرية العامة في قانكف التجارة كالمقاكالت الػتجارية كالمدنية،
دراسة معمقة في قانكف التجارة المغربي الجديد كالمقارف ،التحكيـ الكطني كالدكلي كقانكف اﻷنستراؿ ،الجزء اﻷكؿ ،دار نشر
المعرفة ،ط اﻷكلى ،2001ص.276
-راجع رحال البوعناني ،التحكيـ االختيارم في القانكف المغربي الداخمي ،رسالة لنيؿ دبمكـ الدراسات العميا في القانكف 2
15
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
كالحسـ في شؤكنيـ ،عمما أف مزاكلة مثؿ قذق المياـ مف طرؼ القضاء يتطمب تكفر شركط
عامة في القاضي أىميا البمكغ كما بالنا بتحقؽ الشركط الخاصة كالكفاءة مثال(.)1
كىناؾ فقو آخر يرل أف القاصر الذم تـ ترشيده أك منحو اﻹذف لمقياـ باﻷعماؿ
التجارية يجكز لو أف م ككف محكما ( ,)2كيمكف القكؿ أف ىذا الفقو لـ يػصادؼ الصكاب ,عمى
اعتبار أف القاصر المأذكف لو أك المرشد لمقياـ باﻷعماؿ المذككرة يستحيؿ عميو إبراـ بعض
العقكد اﻷخرل بنفس الشركط التي يبرميا بيا اﻷشخاص الرشداء ،كمثالنا في ىذه الحالة إبرامو
لعقد الزكاج ()3إذ ال يمكنو ذلؾ إال بعد الحصكؿ عمى إذف خاص مف كليو أكمف القاضي ،في
حيف يجكز لو حسب ىذا الفقو القياـ بتسكية نزاعات غيره التي تككف في معظـ اﻷحياف نزاعات
ذات طبيعة خاصة بالنسبة ليـ يفضمكف استبعاد طرحيا عمى القضاء الرسمي ﻷىميتيا.
كما يكجد مف جية أخرل بعض الشراح القانكنييف الذيف يعتبركف أف المحكـ الذم تـ
تعيينو مف قبؿ أطراؼ التحكيـ ينزؿ منزلة الشخص العادم الشيء الذم يجعؿ معو اﻷىمية
المتطمبة فيو حسب نظرىـ ىي نفسيا المتطمبة في الككيؿ ،ىذا مع استحضارىـ ككف ىذا
اﻷخير ال يكجد في القانكف ما يمنع مف أف يككف قاص ار (.)4
كبذلؾ يجعؿ قذا اﻹتجاه اﻷىمية المتطمبة في المحكـ ىي نفسيا المتطمبة في الككيؿ
لككنيما يتحداف في استمداد سمطاتيما مف اتفاؽ اﻷطراؼ ،إال أنو لئف كاف المحكـ يتـ اختياره
مف قبؿ اﻷطراؼ مع ما ينتج عف ذلؾ مف استمداده لسمطاتو منيـ ،فإف الميمة التي يقكـ بيا
كالمتجمية في الفصؿ في نزاعاتيـ يككف مستقال بيا عنيـ ,حيث ال يككف ممزما بإتباع أكامرىـ
-1كيقكؿ د.عبد الحميد األحدب في مكسكعتو أف االتجاه الغالب في الفقو اﻹسالمي يؽ تضي أف يتمتع المحكـ بالمزايا نفسيا
التي يقتضي أف تككف في القاضي كأف يداكـ عمى التحمي بيا طيمة الدعكل التحكيمية ،كيجب أف يككف القاضي كبالتالي
المحكـ بالغا ،حكيما ،مسمما ،عادال ،راجع مكسكعة التحكيـ ،التحكيـ في البالد العربية ,الجزء اﻷكؿ ,بدكف سنة ،ص.43
كىناؾ في المغرب مف اشترط في المحكـ تكفره عمى نفس الشركط المتطمبة في القاضي ،ﻷف المحكـ منزؿ منزلة القاضي،
عبد الحفيظ األمراني " فالبد أف تككف أىمية القاضي متحققة فيو كقت التحكيـ ككقت الحكـ معا .أنظر في ىذا المكضكع
التحكيـ في الشريعة اﻹسالمية ,مقاؿ منشكر في مجمة القصر ،العدد الثالث ،شتنبر ،2002ص.56
-2راجع ،د.أحمد أبو الوفا ،ـ س ،ص .109
- 3راجع:
Thomas Clay : l’arbitre, nouvelle bibliothèque de thèses, Dalloz, édition 2001, p 382.
-أنظر في ىذا المعنى رحال البوعناني ،ـ س ،ص 110ك الذم تطرؽ في رسالتو إلى ىذا الفقو. 4
16
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
المحددة في العقد ،عكس الككيؿ الذم ال يمكنو الخركج عف الحدكد التي سطرىا لو المككؿ
عقدا إال بإجازتو ليا فيما بعد ( ,)1كىؾذا يتعيف استبعاد فرضية ككف المحكـ شبيو بالككيؿ
بخصكص اﻷىمية المدنية المتطمبة فيو ك بالتالي دحض فكرة جكاز ككف المحكـ قاص ار.
كأماـ ىذا الكضع فإف إمكانية حدكث اضطراب قانكني تبقى كاردة خاصة في الحالة
التي يعيد فييا اﻷطراؼ ميمة التحكيـ إلى ىيئة ثالثية اﻷعضاء ،بحيث يقكـ كؿ طرؼ
بإختيار عضك يمثمو عمى أف يمجأ العضكاف المعيناف مف قبؿ الخصكـ بتعييف العضك الثالث ،
ففي ىذه الحالة يككف العضك يف المنصبيف مف قبؿ الطرفيف شبيييف في أعماؿىما بمياـ النائب
(الممثؿ) ،كاﻹشكاؿ القانكني المطركح في ىذا الصدد ينصب حكؿ حقيقية الدكر الذم يؤديو
ىذيف العضكيف في عممية التحكيـ كما إذا كاف يشبو دكره ما دكر الككيؿ ( ،)2كذلؾ عمى إعتبار
أف صفة المحكـ الحقيقي تقتصر في ىذه الحالة عمى العضك الثالث فقط ( .)3لذا نخمص إلى أف
ىذا النائب يجكز لو أف يككف قاص ار بحسب ما آلت إليو ىاتو الفرضية!
كأماـ سككت المشرع المغربي عف بياف اﻷىمية المتطمبة في المحكـ ثار خالؼ فقيي
()4
حكؿ نكع قذق اﻷىمية كما إذا كاف اﻷمر يتعمؽ بأىمية الكجكب أـ بأىمية اﻷداء؟
كمع ذلؾ يمكف إيجاد جكاب قانكني عمى ىذا التساؤؿ مف خالؿ مدكنة اﻷسرة
المغربية( ،)5فالمادة 207منيا تنص عمى أف " أىمية الكجكب ىي صالحية الشخص ﻹكتساب
الحقكؽ كتحمؿ الكاجبات التي يحددىا القانكف ،كىي مالزمة لو طكؿ حياتو كال يمكف حرمانو
منيا".
فمف خالؿ ىذه المقتضيات يستنتج أف أعماؿ التحكيـ بمفيكـ المخالفة ال يمكف أف
يقكـ بيا الشخص الذم ال يتكفر سكل عمى أىمية الكجكب ,لككف ىذه اﻷخيرة تتعمؽ بتحمؿ
17
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
الكاجبات كالتمتع بالحقكؽ فقط دكف الكصكؿ إلى درجة التصرؼ فييا .كما نشير إلى أف مياـ
التحكيـ ال تدخؿ في ىذه الخانة نظ ار لتطمبيا أىمية خاصة.
أما المادة 208مف نفس اؿ مدكنة ,فإنيا تقضي بأف "أىمية اﻷداء ىي صالحية
الشخص لممارسة حقكقو الشخصية كالمالية كنفاذ تصرفاتو كيحدد القانكف شركط اكتسابيا
كأسباب نقصانيا أك انعداميا".
كنستطيع القكؿ مف خالؿ ىذه المادة أف الميمة التحكيمية تدخؿ في خانة الحقكؽ
الشخصية التي يمكف أف يمارسيا الشخص بعد أف يصبح راشدا طبقا لمقتضيات المادتيف 209
ك 210مف نفس اؿمدكنة أعاله ،كالمتاف تحدداف سف الرشد القانكني في 18سنة شمسية كاممة.
كعميو فإف المحكـ يتعذر عميو في ظؿ القانكف المغربي ممارسة أعماؿ التحكيـ إال بعد
أف يصبح راشدا كبدكف أف يتخمؿ ىذا الرشد عارض مف عكارض اﻷىمية يحد منو إعماال
لمقكاعد العامة ( ،)1إال أنو بفعؿ الغمكض الذم كاف يكتنؼ ىذا المكضكع فقد عمؿ المشرع في
()2
عمى التنصيص صراحة في الفصؿ 08-05 إطار تعديمو الجديد لؽ.ـ.ـ بمقتضى قانكف
320منو عمى أنو ال يمكف إسناد ميمة التحكيـ إال لشخص ذاتي كامؿ اﻷىمية ،أم راشدا
حسب مفيكـ المادة 210مف مدكنة اﻷسرة المغربية ( ،)3كمع ذلؾ فإف تطبيؽ مقتضيات ق ذا
الفصؿ قد يطرح إشكاال قانكنيا آخر ,يتعمؽ بنطاؽ سرياف مفيكـ الرشد مف حيث اﻷشخاص ,
؟ أـ أنو يقتصر فقط عمى المحكميف فيؿ يطبؽ عمى جميع المحكميف بما فييـ اﻷجانب
المغاربة ,خاصة أنو بعد استقراء مقتضيات اﻷحكاـ العامة مف الباب التمييدم لمدكنة اﻷسرة
نجدىا تنص بمفيكـ المخالفة عمى أف أحكاـ ىذه اﻷخيرة ال تطبؽ عمى اﻷجانب المعركفة
جنسيتيـ ،كتبعا ؿذلؾ فإ ذا ما افترضنا أف القانكف الشخصي لممحكـ اﻷجنبي اؿ ذم يريد مزاكلة
التحكيـ بالمغرب ينص عمى سف لمرشد أكبر مف ذلؾ المنصكص عميو في القانكف المغربي،
18
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
فيؿ في ىذه الحالة سيتـ اﻹكتفاء بالسف المذككر في القانكف المغربي دكف اﻷخذ بعيف اﻹعتبار
لمقانكف الشخصي لممحكـ اﻷجنبي؟ أـ أف ىذا اﻷخير تقدـ مقتضياتو عمى مقتضيات الفصؿ
320المذككرة أعاله ،كنفس اﻹشكاؿ يذكر في الحالة المعاكسة ,أم فيما إذا كاف القانكف
الشخصي لممحكـ اﻷجنبي يحدد سنا لمرشد أقؿ مف ذلؾ المنصكص عميو في القانكف المغربي ؟
ففي رأم المتكاضع أرل ضركرة إعماؿ سف الرشد المعمكؿ بو في القانكف المغربي عمى أساس
أف المحكـ اﻷجنبي سيمارس مياـ التحكيـ داخؿ التراب المغربي ،فضال عف أنيا تعد بطبيعتيا
مياما حساسة ،لتعمقيا بحقكؽ اﻷشخاص الذيف غالبا ما يككنكف مف المكاطنيف المغاربة (.)1
ككما أسمفنا الذكر فإ ذا كاف شرط ككف المحكـ راشدا يعد مف شركط أىميتو فإف ىناؾ
شركطا أخرل تدخؿ ىي اﻷخرل في كماؿ اﻷىمية ,ك ف ذكر مف بينيا شرط عدـ جكاز ككف
المحكـ محجك ار عميو ,فيؿ تطرؽ المشرع المغربي ليذا الشرط ؟ ىذا ما سكؼ نعالجو في الفقرة
المكالية.
-1كنرل أف المشرع المغربي كاف عميو تفاديا لمثؿ ىذه الثغرات القانكنية أف يقكـ بصياغة الفصؿ 320كالتالي:
"ال يمكف إسناد ميمة التحكيـ إال إلى شخص ذاتي كامؿ اﻷىمية كما نص عمييا القانون المغربي."...
كتجدر اﻹشارة إلى أف نفس اﻹشكاؿ القانكني قد كقع فيو المشرع المغربي حينما أراد إصدار مدكنة التجارة سنة ،1996ككاف
ذلؾ بمناسبة تطرقو لمكضكع ممارسة الشخص اﻷجنبي لمتجارة بالمغرب ,كتنص المادة 15مف ىذا القانكف عمى ما يمي:
"يعتبر اﻷجنبي كامؿ اﻷىمية لمزاكلة التجارة في المغرب ببمكغو 18سنة كاممة ،كلك كاف قانكف جنسيتو يفرض سنا أعمى مما
ىك منصكص عميو في القانكف المغربي"
أما المادة 16فقد نصت عمى ما يمي:
" ال يجكز لألجنبي غير البالغ سف الرشد المنصكص عميو في القانكف المغربي أف يتجر إال بإذف مف رئيس المحكمة التي ينكم
ممارسة التجارة بدائرتيا حتى كلك كاف قانكف جنسيتو يقضي بأنو راشد"...
كىكذا نرل أف المشرع المغربي قد أخذ بنظرية المصمحة الكطنية المرتبطة بالتجارة كالذم كاف عميو أف يأخذ بيا أيضا أثناء
صياغتو لمفصؿ 320نظ ار لخطكرة مياـ التحكيـ.
د.أحمد زوكاغي ،أحكاـ التنازع بيف القكانيف في التشريع لمتكسع أكثر حكؿ تاريخ إعماؿ نظرية المصمحة الكطنية أنظر
المغربي ،ط ،2002ص .144
-2راجع رحاؿ البكعناني ،ـ س ،ص .110
-3كىناؾ مف الفقو المغربي مف يحرـ عمى المحجكر عميو أعماؿ التحكيـ ،كلكنو لـ يبيف اﻷساس القانكني الذم اعتمد عميو
في ذلؾ ،عبد اهلل درميش ،ـ س ،ص .244
19
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
القانكنية التي اشترطت عدـ فرض ىذا الحجر عميو ( ،)1مما يعني ضركرة ككنو كامؿ اﻷىمية
المدنية ،ﻷف المحكـ الذم ال يممؾ التصرؼ في ذات حقكقو بعد فرض الحجر عميو ال يمكنو
التصرؼ في حقكؽ غيره بما فييا القياـ بمياـ التحكيـ .
الميمة التحكيمية إلى كمع ذلؾ يكجد رأم فقيي في فرنسا ال يعارض فكرة إسناد
المحركـ مف حقكقو المدنية عمى اعتبار أف المحكـ ال يمارس كظائؼ عمكمية التي تقتضي منو
أف يككف كامؿ اﻷىمية(.)2
كفي اتجاه معاكس لو ذا الرأم ,في إطار ميمة قريبة مف مياـ المحكـ ك ىي ميمة
الخبير ىناؾ مف مذىب إلى أف ىذا اﻷخير ال يمكنو مزاكلة مياـ الخبرة إال بعد تمتعو بجميع
الحقكؽ المدنية بما فييا عدـ الحجر عميو لسبب مف اﻷسباب المتنكعة ،ىذا عمما أف أغمب
المحكميف يعتبركف خبراء المينة أصال ،كىكذا فإف الخبرة كبالرغـ مف عدـ اعتبارىا كظيفة
متطمب في الخبير اﻷىمية المدنية الكاممة السيما عدـ الحجر عامة كانما مينة حرة ،فإنو
عميو(.)3
ؿىذا الشرط فإف ذلؾ سيدفعنا مرة أخرل لمرجكع إلى كمع إغفاؿ المشرع التطرؽ
المقتضيات العامة المنصكص عمييا في مدكنة اﻷسرة خاصة المتعمقة منيا بتصرفات المحجكر
226كالتي عميو كما ينشئ عنيا مف إشكاليات قانكنية ترتبط بتطبيؽ الفقرة اﻷخيرة مف المادة
تنص عمى ما يمي "...يعتبر المحجكر كامؿ اﻷىمية فيما أذف لو كفي التقاضي فيو".
فيؿ مقتضيات قذق المادة تسمح لممحجكر عميو المؤذكف لو بإدارة أمكالو جزئيا أك كميا
ممارسة أعماؿ التحكيـ؟ أؿف يتعارض ذ لؾ مع الفمسفة العامة لمتحكيـ التي تجعؿ أىمية المحكـ
- 1فقد نصت المادة 16في فقرتيا اﻷكلى مف قانكف التحكيـ التجارم المصرم رقـ 27لسنة 1994عمى ىذا الشرط":ال يجكز
أف يككف المحكـ قاص ار أو محجو ار عميو"...
كنفس الشرط نصت عميو المادة 234مف قانكف المرافعات البحريني سنة ،1971ك المادة 741مف القانكف الميبي ،ك المادة
334مف قانكف اﻹجراءات المدنية ك الصكمالي الصػادر بتاريخ 28يكنيك .1974
لمتكسع أكثر أنظر د.ىدى محمد حمدي عبد الرحمان ،ـ س ،ص ،93ككذا د.مصطفى محمد الجمال ود.عكاشة محمد عبد
العال ،ـ س،ص.606
-2راجع د.أحمد أبو الوفا ،ـ س ,ص 120كما بعدىا.
- 3أنظر د.مصطفى محمد الجمال ود.عكاشة محمد عبد العال ،ـ س ،ص .28
20
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
الكاممة مف الشركط الجكىرية ﻷدائو المياـ التحكيمية ؟كىؿ تتعمؽ اﻷىمية الكاممة التي نصت
عمييا ىذه الفقرة في إدارة اﻷمكاؿ فقط؟ أـ أنيا تمتد إلى كؿ الحقكؽ التي يتمتع بيا عادة
الرشداء بما فييا مزاكلة أعماؿ التحكيـ؟
إنو لمف الصعب اﻹجابة عمى مثؿ ىذه التساؤالت لككف الممارسة القضائية المغربية لـ
تتح ليا الفرصة بعد لتقكؿ كممتيا بشأنيا ,كذلؾ لقمة عرض مثؿ ىذه القضايا عمى القضاء.
كعمى العمكـ فإف المشرع المغربي قد عمؿ عمى تجاكز ىذا اﻹشكاؿ بتعديمو
لممقتضيات المتعمقة بالتحكيـ بمقتضى قانكف , 08-05لينص في الفصؿ 320منو عمى أنو
"اليمكن إسناد ميمة المحكم إال إلى شخص ذاتي كامل األىمية ،)1(" ...ك بذلؾ يككف قد أقر
ضمنيا كﻷكؿ مرة عمى ضركرة ككف المحكـ غير محجك ار عميو.
كعمى افتراض تكفر المحكـ عمى اﻷىمية المدنية الكاممة ،فيؿ الحكـ عميو مف أجؿ
جنحة أك جناية تمس بشرفو يمكنيا الحد مف إمكانية أدائو لألعماؿ التحكيمية ؟ىذا ما سكؼ
نتطرؽ إليو في الفقرة التالية.
انفمزح انثبنثخ :شزؽ ػذو جٕاس كٌٕ انًحكى يحكٕيب ػه ّٛيٍ
أجم جزًٚخ يخهخ ثبنشزف أٔ ثسمٕؽ أْهٛتّ
انتجبرٚخ
لـ ينص المشرع المغربي صراحة عمى منع المحكـ الذم صدر في حقو حكـ مف أجؿ
ذلؾ في مرحمة ما قبؿ ارتكابو جنحة أك جناية مخمة بالشرؼ مف مزاكلة التحكيـ ،سكاء كاف
مباشرتو لمسطرة التحكيـ أك كاف أثناءىا(.)2
-1كفي نظرم المتكاضع كاف عمى المشرع المغربي أف يقكـ بصياغة مطمع ىذا الفصؿ كالتالي" :اليمكف إسناد ميمة المحكـ
إلى القاصر والمحجور عميو "...كذلؾ تالفيا ﻷم خمط يمكف الكقكع فيو عند تطبيؽ ىذا الفصؿ مع ما سينتج عنو مف آثار
غير محمكدة.
16مف قانكف التحكيـ المصرم " ...أك محركما مف حقكقو -2بخالؼ عدة تشريعات مقارنة نذكر منيا ما يمي :المادة
المدنية بسبب الحكـ عميو في جناية أك جنحة مخمة بالشرؼ أك بسبب شير إفالسو ما لـ يرد إليو اعتباره" ،كالفصؿ 1451مف
قانكف المسطرة المدنية الفرنسي.
21
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
فبالرجكع إلى الفصؿ 312مف ؽ.ـ.ـ (قبؿ التعديؿ الجديد) نجده ينص عمى أف
التحكيـ ينتيي في حالة تحقؽ كاحد مف أصؿ خمس فرضيات محددة عمى سبيؿ الحصر كىي
كالتالي:
-1بكفاة أحد المحكميف أك رفضو أك استقالتو أك حدكث عائؽ لو إال إذا نص العقد
عمى استمرار التحكيـ أك عمى أف تعكيض ىذه المحكمة يتـ باختيار اﻷطراؼ أك المحكـ أـ
المحكميف الباقيف؛
فمف خالؿ تحميؿ ىذا الفصؿ نرل أف المشرع لـ يذكر أية فرضية يستفاد منيا أف
مف مباشرة المحكـ الذم صدر في حقو حكـ بإدانتو مف أجؿ ارتكاب جريمة ما يمنع بعدىا
مياـ التحكيـ ،كىذا عكس العديد مف التشريعات المقارنة سكاء العربية منيا أك الغربية التي
()1
. جعمت ىذا اﻷمر سببا مف أسباب إبعاد المحكـ مف تقمد مياـ التحكيـ
لمتكسع أكثر أنظر طوماس كالي ( ،)thomas Clayـ س ،ص 380كما بعدىا ،كأيضا ىدى حمدي عبد الرحمان ،ـ.س ،
ص 93كما بعدىا.
كىذا ما أخذ بو أيضا المشرع اﻷردني في المادة 15حيث يقضي-1 ...":اليجكز أف يككف المحكـ قاص ار أك محجك ار عميو"...
قانكف التحكيـ اﻷردني رقـ 31الصادر سنة ،2001نشر ىذا القانكف في ج ر ،رقـ 4496الصادرة في 16تمكز ،2001
ص.2873-2821
-1أنظر ىامش ص13مف ىذا البحث.
-2ظيير شريؼ رقـ 1.59.413صادر في 28جمادل الثانية 26( 1382نكنبر )1962منشكر في ج ر عدد 2640مكرر
بتاريخ 5يكنيك1963ص ،1253المعدؿ بمقتضى القانكف رقـ ( )79-03الصادر بتاريخ 15شتنبر 2004ج ر عدد 5248
بتاريخ 16سبتمبر ،2004ص .3372
22
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
اﻹعداـ،
السجف المؤبد،
اﻹقامة اﻹجبارية،
عقوبة التجريد من الحقوق الوطنية ,فبربطيا إال أف ما ييمنا في ىذا الفصؿ ىي
بمقتضيات الفصؿ 26مف نفس القانكف سكؼ نرل أنيا تشتمؿ عمى التدابير التالية:
"-1عزؿ المحككـ عميو كطرده مف جميع الكظائؼ العمكمية ،ككؿ الخدمات واألعمال
العمومية.
....
"الخدمات واألعمال يطرح قذا الفصؿ إشكاال بخصكص تفسير ك تحديد دائرة عبارة
العمومية" ،حيث اكتنفيا الغمكض بشكؿ يصعب معو تحديد الخدمات ك اﻷعماؿ المقصكدة مف
طرؼ المشرع كىؿ تمتد لتستكعب حتى أعماؿ التحكيـ اعتبا ار لككنيا خدمات ك أعماؿ منظمة
بمقتضى القانكف ك أداة لتسكية ك فض المنازعات بيف اﻷشخاص الطبيعييف أك المعنكييف ؟ أـ
أنيا ال تجبيا بتقدير أف اﻷعماؿ المنصكص عمييا في ىذا الفصؿ ال يقكـ بيا سكل الفرد الذم
خبير "المذككرة في الفقرة تتكفر فيو معايير المكظؼ العمكمي ،كمف جية أخرل فيؿ عبارة "
الثالثة مف الفصؿ أعاله تمتد لتشمؿ حتى المحكـ تجسيدا لمرأم الذم يعتبر المحكـ خبي ار ()1؟
- 1كنشير في ىذا الصدد عمى أف القضاء المغربي قد أعتبر المحكـ خبيرا ،كذلؾ في قرار لممجمس اﻷعمى ،الغرفة المدنية
عدد 1765الصادر بتاريخ 07/07/1992منشكر بمجمة المحاكـ المغربية عدد 75إذ نص في إحدل حيثياتو عمى ما يمي:
"...إن مقرر التحكيم يختمف عن الحكم القضائي لكونو يصدر من خبراء يمارسون مينة حرة ويستمدون صالحيتيم من إرادة
األطراف."...
راجع مجمة القصر ،العدد الثاني ،مام ،2002ص .104
23
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
إف فرضية اعتبار المحكـ خبي ار كأف أعمالو تعد خدمات كأعماؿ عمكمية تؤدم بمجرد
صدكر حكـ جنحي أك جنائي بإدانتو إلى منعو مف أداء الميمة التحكيمية ,كما يعزز صحة ىذه
الفرضية ككف أعماؿ التحكيـ تدخؿ بدكرىا في اﻷعماؿ العمكمية ,لصدكرىا عف مكظفيف
عمكمييف كذلؾ طبقا لركح الفصؿ 248مف القانكف الجنائي الذم ينص عمى ما يمي:
" يعد مرتكبا لجريمة الرشكة ،كيعاقب بالحبس مف سنتيف إلى خمس ،كبغرامة مف ألفي
درىـ إلى خمسيف ألؼ درىـ مف طمب أك قبؿ عرضا أك كعدا أك طمب أك تسمـ ىبة أك ىدية أك
أية فائدة أخرل مف أجؿ:
-2إصدار قرار أك إبداء رأم لمصمحة شخص أك ضده ،وذلك بصفتو حكما أو خبي ار
عينتو السمطة اإلدارية أو القضائية أو اختاره األطراف."...
اعتبر المحكـ مكظفا عمكميا بمفيكـ كبذلؾ نخرج باستنتاج مفاده أف المشرع قد
قذا القكؿ ككف مقتضيات ىذا الفصؿ قد القانكف الجنائي يقكـ بأعماؿ عمكمية ،كما يعضد
جاءت ضمف الباب الثالث المتعمؽ بالجنايات كالجنح التي يرتكبيا الموظفون ضد النظام العام.
لممقتضيات المتعمقة بالتحكيـ حيث لـ يعد ق ذا النقاش مطركحا بعد تعديؿ المشرع
تدارؾ ىذا الفراغ لينص صراحة في الفصؿ 320منو عمى ما يمي:
لم يسبق أن صدر "ال يمكف إسناد ميمة المحكـ إال إلى شخص ذاتي كامؿ اﻷىمية
عميو حكم نيائي باإلدانة من أجل ارتكاب أفعال تخل بالشرف أو صفات اإلستقامة أو اآلداب
العامة أك بالحرماف مف أىمية ممارسة التجارة أك حؽ مف حقكقو المدنية".
كنكد أف نشير إلى أف مشركع قانكف 08-05كاف ينص في فصمو 320عمى نفس
ىذه المقتضيات ,باستثناء ما يتعمؽ بالحكـ بالحرماف مف أىمية التجارة أك مف حؽ مف الحقكؽ
المدنية التي تـ إضافتيا أثناء مناقشة المشركع أماـ مجمس النكاب (.)1
فبعد قراءتنا المتأنية لمفصؿ 320يمكننا الخركج بشرطاف يتعيف تحققيما لكي يمنع
عمى المحكـ مباشرة مياـ التحكيـ ,كىي كالتالي:
- 1مشركع قانكف رقـ 08-05القاضي بنسخ كتعكيض الباب الثامف بالقسـ الخامس مف قانكف المسطرة المدنية ,اﻷمانة العامة
لمحككمة (المطبعة الرسمية) ,الرباط ,السنة .2006-1426
24
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
- 1يجب أف يصدر عميو حكما باﻹدانة مف أجؿ ارتكابو ﻷفعاؿ تخؿ بالشرؼ أك صفات
اﻹستقامة أك اآلداب العامة.
- 2يجب أف يككف ىذا الحكـ باتا كنيائيا ،أم استنفذ جميع طرؽ الطعف العادية كغير
العادية.
ك ما يؤاخذ عمى قذا الفصؿ مف جية أكلى أنو لـ يذكر رد االعتبار ؾإستثناء مف ىذا
المنع بعد صدكر الحكـ باﻹدانة ،سيما في تمؾ الحاالت التي ترتكب فييا المحكمة أخطاء
قضائية إذ ال يتـ تصحيحيا إال في مرحمة عرض القضية عمى المحكمة اﻷعمى درجة،
كبالمقابؿ ق ذا ما تنبيت إليو بعض التشريعات المقارنة خالؿ صياغتيا لمثؿ ىذه
المقتضيات(.)1
كمف جية أخرل لكحظ عمى المشرع حصره لألفعاؿ الجرمية المرتكبة مف قبؿ
المحكميف التي بإدانتيـ مف أجميا يمتنع عمييـ تقمد المياـ التحكيمية في اﻹخالؿ بالشرؼ
كصفات االستقامة كاآلداب العامة فقط ،إذ كاف عميو تفاديا لسمبيات مثؿ ىذا الحصر أف ينص
ال عمى سبيؿ الحصر (مع مراعاة الجرائـ البسيطة) ( ،)3فبمفيكـ ()2
عمى الجرائـ بصفة عامة
مخالفة معنى ىذا الفصؿ م جكز لؿمحكـ الذم أ ديف مف أجؿ جريمة القتؿ العمد أك اﻹيذاء
العمدم ممارسة أعماؿ التحكيـ ،بينما سيتعذر عميو ذلؾ لك أديف مف أجؿ جريمة خيانة اﻷمانة
أك السرقة مثال !! .
أما فيما يتعمؽ بالحكـ عمى المحكـ بالحرماف مف أىمية ممارسة التجارة كالمنصكص
عمييا في الفقرة اﻷخيرة مف الفصؿ 320أعاله فإنو ىك اﻷخر سيؤدم إلى منعو مف أداء مياـ
التحكيـ ،كما ينبغي اﻹشارة إليو ىك أف ىذا الحرماف قد يتعارض مع المقتضيات القانكنية
- 1ك تنص المادة 16مف قانكف التحكيـ المصرم ،مرجع سابؽ عمى ما يمي..." :أك مجردا مف حقكقو المدينة بسبب الحكـ
عميو في جناية جنحية مخمة بالشرؼ أك بسبب شير إفالسو ما لم يرد إليو اعتباره".
كىناؾ مف التشريعات التي خالفت ىذا المبدأ كقضت عمى أف المحكـ بالرغـ مف رد اعتباره فال يمكنو أف يصبح محكما كىذا
ما جاءت بو المادة 15مف قانكف التحكيـ اﻷردني ،مرجع سابؽ.
أم " ال يجكز أف يككف المحكـ قاص ار أك محجك ار عميو أك محركما مف حقكقو المدنية بسبب الحكـ عميو بجناية أك بجنحة مخمة
بالشرؼ أك بسبب شير إفالسو ولو رد إليو اعتباره"...
-2د.ىدى محمد حمدي عبد الرحمان ،ـ س ،ص .93
-3كمثاؿ ذلؾ مخالفات السير ،كالغرامات الضئيمة ،لمتكسع أنظر توماس كالي ،ـ .س ،ص . 381
25
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
711كما يمييا مف مدكنة المتعمقة بسقكط اﻷىمية التجارية المنصكص عمييا في المكاد
التجارة(.)1
"يترتب عمى سقكط اﻷىمية التجارية منع اﻹدارة أك التدبير أك التسيير أك المراقبة بصفة
مباشرة أك غير مباشرة لكؿ مقاكلة تجارية أك حرفية كلكؿ شركة تجارية ذات نشاط اقتصادم".
كفي نفس السياؽ نشير إلى أف اؿفصؿ 320مف القانكف 08-05المشار إليو أعاله
حينما أكرد الحكـ بالحرماف مف اﻷىمية التجارية كمانع مف مزاكلة مياـ التحكيـ لـ ينص عمى
ضركرة مراعاة المادتيف 719ك 720مف مدكنة التجارة عند تطبيؽ الفصؿ أعاله ،سيما ك أف
ىاتاف المادتاف تنصاف مف جية عمى أف الحكـ بسقكط اﻷىمية التجارية ينتيي أثره بقكة القانكف
بمجرد انتياء اﻷجؿ المحدد لو دكف حاجة إلى انتظار صدكر حكـ قضائي آخر يقر ذلؾ .كمف
مساطر معالجة جية أخرل عمى أف قفؿ المسطرة بسبب انقضاء الخصكـ كإجراء في إطار
صعكبات المقاكلة يعيد اﻷىمية التجارية لرئيس المقاكلة أك لمسيرم الشركة بقكة القانكف ،ىذا مع
مراعاة أحكاـ المادة 720مف مدكنة التجارة التي رتبت جزاء رد االعتبار لممحككـ عميو بسقكط
أىميتو التجارية بعد إرجاعيا إليو مف قبؿ المحكمة المختصة.
320مف القانكف الجديد بشأف اﻷىمية التجارية لذا فإف تطبيؽ مقتضيات الفصؿ
تقتضي إعماؿ قذا المنع مف مزاكلة مياـ التحكيـ في حالة الحكـ عمى المحكـ بسقكط أىميتو
التجارية و لو تم رد اعتباره.
المغربي ىذا كاف فيو إجحاؼ كبير في حؽ المحكميف كال شؾ أف مكقؼ المشرع
المعنييف باﻷمر ،خاصة كأف مقتضيات الفصؿ 320أعاله تتمتع بأكلكية التطبيؽ عمى غيرىا
مف النصكص القانكنية ﻹعتبارىا قد جاءت ضمف المساطر الخاصة المنصكص عمييا في
ؽ.ـ.ـ ،فكيؼ يستساغ أف يحرـ المحكـ مف ممارسة أعماؿ التحكيـ كالذم تـ الحكـ الحقا برد
اعتباره بعدما برئ مف اﻷفعاؿ المنسكبة إليو؟
4418بتاريخ 19جمادل اﻷكلى 1407 -1القانكف رقـ 15.95المتعمؽ بمدكنة التجارة ،المنشكر بالجريدة الرسمية عدد
(3أكتكبر .)1996
26
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
أعماؿ التحكيـ يمكف ممارستيا بالمغرب مف كفي نفس اﻹطار نشير أخي ار إلى أف
في مكاجيتيا طرؼ المحكميف الكطنييف كاﻷجانب كلك كانت ىذه الفئة اﻷخيرة قد صدرت
أحكاما جنائية أك جنحية بسبب ارتكابيا ﻷعماؿ تمس بالشرؼ في دكلتيا اﻷصمية ،ما دامت
أنيا أفعاال غير مجرمة في القانكف الجنائي المغربي ،كىذا ما يستشؼ مف ركح المادة 719مف
قانكف المسطرة الجنائية ،كالتي تنص عمى ما يمي:
"ال يمكف أف يسمـ لدكلة أجنبية أم شخص إذا لـ يكف متابعا أك محككما عميو بعقكبة
من أجل أفعال ينص عمييا ىذا القانون".
كبعد معالجة ىذا المكضكع ننتقؿ إلى مقاربة الجنسية المتطمبة في الييئة التحكمية في
إطار القانكف المغربي ،كذلؾ في الفقرة التالية.
كالمشرع المغربي لما تطرؽ لتنظيـ التحكيـ في ؽ.ـ.ـ لـ يشر إلى الجنسية المتطمبة
في المحكـ ( ،)3كبذلؾ يككف قد فسح المجاؿ ضمنيا أماـ اﻷجانب ليزاكلكا مياـ التحكيـ بالتراب
المغربي ،تطبيقا لقاعدة أف اﻷصؿ في اﻷشياء اﻹباحة بينما الحظرىك االستثناء (.)4
-1كىذا ما نصت عميو الفقرة الثانية مف المادة 15مف قانكف التحكيـ اﻷردني المشار إليو سابقا إذ تنص عمى ما يمي:
"...ب -ال يشترط أف يككف المحكـ مف جنس محدد أك جنسية معينة ،إال إذا اتفؽ طرفا التحكيـ أك نص القانكف عمى خالؼ
ذلؾ ".
كنفس المقتضيات نص عمييا الفصؿ 11مف مرسكـ 14مام 1980الفرنسي المتعمؽ بالتحكيـ.
-2كىناؾ مف الفقو مف يجيز لألجنبي أف يقكـ بالتحكيـ ،إذ قاؿ"...كعمى ىذا يمكف أف تقكـ بالتحكيـ ىيئة ذات شخصية
اعتبارية كيمكف أف يقكـ بو شخص أجنبي .”.أحمد سعيد المومني,التحكيـ في التشريع اﻷردني كالمقارف ،مطبعة التكفيؽ بعماف،
ط اﻷكلى ،1983ص.218
-3أنظر رحال البوعناني ،مرجع سابؽ ،ص .112
- 4كمع ذلؾ فإف ىناؾ مف الفقو المغربي مف ال يجيز تعييف اﻷجنبي محكما في التحكيـ الداخمي ،إذ يقكؿ"...حيث نرل عدـ
جكاز تعييف المحكـ اﻷجنبي في التحكيـ الداخمي ال الخارجي أك الدكلي أك اﻷجنبي ،ال بدافع الكطنية الضيقة ،كانما بدافع
27
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
كىذا ما سارت عميو معظـ اﻷنظمة القانكنية ،إذ لـ تشترط ضركرة تكفر جنسية معينة
في المحكـ ،كانما تركت صالحية تحديدىا ﻹرادة اﻷطراؼ فقط (.)1
كبرجكعنا إلى القانكف الفرنسي الذم يعتبر مرجعا لمتشريع المغربي نجده كاف يحرـ
13مف مدكنة نابميكف ,إلى أف تـ اﻷجانب مف تكلي مياـ التحكيـ ،كذلؾ بمقتضى الفصؿ
()2
كذلؾ ابتداء مف تاريخ 3مارس ،1828 قبكليـ لتكلييا بصفة إستثنائية في التحكيـ اﻹختيارم
إال أنو كعمى إثر صدكر قرار عف محكمة االستئناؼ بشامبيرم بتاريخ 15مارس 1875أصبح
معو لألجانب الحؽ في تقمد مياـ التحكيـ بجميع أنكاعو(.)3
بوذا الخصكص ،اﻷكؿ كىك أما عمى مستكل الفقو الفرنسي فقد انقسـ إلى اتجاىيف
الراجح كاف ال يعارض إمكانية اختيار المحكـ مف بيف اﻷجانب مادامت إرادة اﻷطراؼ تسمح
بذلؾ ،كمف بيف ىذا الفقو نذكر الفقياء بوشي وارتوس برتران ،وديبون وكوبو ( ،)4أما اﻷتجاه
تعييف المحكميف مف اﻷجانب ككاف ذلؾ الثاني فكاف يمثؿ اﻷقمية التي تمسكت بعدـ إمكانية
إلى حدكد سنة ،1953مستنديف في ذلؾ عمى قرار قديـ كاف قد صدر عف محكمة النقض
()5
الفرنسية كالذم منع عمى اﻷجانب تكلي مياـ التحكيـ ،كذلؾ في قضية كانت تسمى بفموغيال
كمف ىذا الفقو نذكر الفقياء بونسرن وبوربو ،وكارسونيي(.)6
كقد أصبح ىذا المنع متجاك از في معظـ النظـ القانكنية المعاصرة بما فييا ذات الطابع
االتفاقي الدكلي ،إذ أضحت ال تعتبر جنسية المحكـ حاج از لممارسة كظائؼ التحكيـ.
الشرعية القانكنية ،مالـ يتغير القانكف التحكيمي كيفتح الباب صراحة لتحكيـ المحكـ اﻷجنبي في التحكيـ الداخمي! ذلؾ أف
القضاء بعد اﻹستقالؿ أسس عمى ثالثة مبادئ جكىرية:التكحيد(قانكف 26يناير ,)1965كالتعريب كالمغربة(قانكف ،)1965كىي
مبادئ تشمؿ في نظرنا إلى جانب القضاء التحكيـ باعتباره نظاما قضائيا اختياريا لمفصؿ بيف الناس كالجياز القضائي الرسمي
سكاء بسكاء" د.أحمد شكري السباعي,ـ س,ص.277
-1كىناؾ مف التشريعات مف سمح لمقانكف بتحديد ىذه الجنسية كالمادة 15مف قانكف التحكيـ اﻷردني.
-2بينما كاف أداء كظيفة التحكيـ اﻹجبارم حك ار عمى المكاطنيف الفرنسييف .
- 3راجع توماس كالي ( ،)Thomas clayـ س ،ص .442
- 4أسماؤىـ بالفرنسية:
P.B.boucher, Arthur- Bertrand, A.Dupont, J.F.Goubeau ,op.cit thomas clay p 442
- 5راجع ىذه اآلراء الفقيية مذككرة في المرجع نفسو طوماس كـال ي ,ص .442
-6أسماؤىـ بالفرنسية:
P.Boncernne, O.Bouchabeau, E.Garsonnet,Ch.Cézar-Br, op.cit thomas clay p 442
28
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
كىذا ما سارت عميو عدة اتفاقيات دكلية ،كمنيا اﻹتفاقية اﻷكربية لمتحكيـ التجارم
()2 ()1
المعتبرة قانكنا مكحدا في مادة كاﻹتفاقية اﻷمريكية الالتينية لمتحكيـ الدكلي الدكلي
()4
،كمشركع Unidroit التحكيـ(،)3كالقانكف النمكذجي ( )CNUDCIفي فصمو الكاحد كالعشريف
لمقانكف المكحد لمتحكيـ المقترح سنة 1938في فصمو الحادم عشر.
بؿ أكثر مف ذلؾ ىناؾ مف التشريعات مف يفضؿ تعيف المحكـ الثالث ضمف الييئة
التحكيمية مف جنسية غير تمؾ التي يحمميا اﻷطراؼ ،كىذا ما أخذ بو التشريع اﻷلماني الجديد
()5
. لمتحكيـ في فصمو 1035
كنفس اﻹتجاه سار عميو قانكف التحكيـ التجارم الدكلي لدكلة ككلكمبيا -البريطانية (
كندا )الصادر في سنة ,1986كذلؾ في الفقرة 9مف الفصؿ.)6( 11
بينما ىناؾ مف التشريعات اﻷجنبية مف ذىب عكس ىذا اﻹتجاه ,مضيقة بذلؾ مف
إمكانية اختيار المحكـ مف اﻷجانب,كمثالنا ىنا التشريع التشيككسمكفاكي (سابقا) كقكانيف بعض
الدكؿ اﻷمريكية الالتينية المعركفة بعدائيا الكبير لمتحكيـ ،كالشيمي كاﻹككاتكر كاليندكراس،
كفنزكيال ك ككلكمبيا( ،)7ككاف ذلؾ إلى حدكد سنكات الثمانينات مف القرف الماضي (.)8
29
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
كنفس المنحى اتبعتو بعض التشريعات اﻷكربية إلى زمف غير بعيد ,كمنيا التشريع
،1983كالتشريع البرتغالي اليكناني إلى حدكد سنة ،1971كالتشريع اﻹيطالي إلى غاية سنة
إلى متـ سنة ،1986بينما يكجد مف القكانيف مف تتشدد في ضركرة انتماء المحكـ إلى فئة
المكاطنيف ال سيما في إطار التحكيـ الداخمي ،كمنيا القانكف الككلكمبي ( ،)1كالقانكف السعكدم
في مادتو الرابعة مف الالئحة التنفيذية لنظاـ التحكيـ التي نصت عمى حصر أداء مياـ التحكيـ
عمى اﻷشخاص ذكم الجنسية السعكدية كمعتنقي الديانة اﻹسالمية (.)2
كبالنسبة لمتشريع المغربي ؼبالرغـ مف التعديؿ الذم طاؿ اؿمقتضيات المنظمة ؿلتحكيـ
بمقتضى قانكف 08-05فإنو لـ يأتي بفصؿ صريح يشير إلى إمكانية تعييف اﻷجنبي محكما
327 -24منو تكحي كلك بصكرة ضمنية ككؿ ما يمكف قكلو ىك أف تحميؿ مقتضيات الفصؿ
عمى أف المحكـ يجكز أف يعيف مف بيف اﻷجانب .
ما يعزز فرضية جكاز تعييف فباﻹضافة إلى إيراد كممة جنسيات بصيغة الجمع فإف
اﻷجنبي محكما ضمف الييئة التحكيمية ىك كضع المشرع ليذا الفصؿ ضمف الفرع اﻷكؿ
المنظـ لمتحكيـ الداخمي.
لذا نخمص مف خالؿ الفصؿ أعاله أف المشرع قد أعترؼ بإمكانية إسناد الميمة
، التحكيمية إلى اﻷجانب ،عكس القانكف القديـ الذم لـ يكف كاضحا بخصكص ىذا المكضكع
كلك أنو كاف بإمكاف المشرع في القانكف الجديد تالفيا ﻷم إلتباس أك خالؼ فقيي حكؿ ىذ ق
- 1راجع المرسوم الكولومبي عدد 2279المؤرخ في 7أكتكبر ( 1989الفصؿ , )8نفس المرجع ،ص.443
-2إال أنو " :فالنظاـ السعكدم يشترط في المحكميف أف يككنكا مسممكف ك ذككرا ،كلكف بانضماـ العربية السعكدية إلى اتفاقية
نيكيكرؾ أصبح باﻹمكاف القكؿ أف شرط الديف كالجنس يطبقاف عمى التحكيـ الداخمي كلـ يعد يطبقاف عمى التحكيـ الدكلي ".
-د .عبد الحميد األحدب ،ـ س .183,
30
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
()1
خاصة كأف مثؿ ق ذا التنصيص سيحقؽ ال محالة النقطة أف يعترؼ بذلؾ اعترافا صريحا.
لمراكز التحكيـ المغربية فرصة اﻹستفا ذة مف خبرة المحكميف اﻷجانب(.)2
بعد اﻹحاطة بالشركط القانكنية المرتبطة بشخص المحكـ ال مناص مف التساؤؿ حكؿ
الشركط المتعمقة بشخصيتو كما إ ذا كاف المشرع قد أغفميا أـ أحاط بيا ؟ ىذا ما سنتطرؽ إليو
مف خالؿ المطمب الثاني:
كاذا كاف المشرع المغربي قد سمح بمجكء الخصكـ ؿ ﻹ ستفادة مف خدمات المحكميف
عمى غرار باقي التشريعات المقارنة ،فيؿ اشترط مستكل تعميمي معيف في أعضاء ىيئة التحكيـ
تتسـ بدرجة مف كضمانة تحمي اﻷطراؼ المتنازعة ،سيما كأف الظركؼ االقتصادية الراىنة
التعقيد؟ (الفقرة اﻷكلى) ،ك إذا كانت الخبرة تمعب دك ار حاسما في فض النزاعات ،فإلى أم حد
استطاع المشرع فرضيا عمى المحكميف؟ (الفقرة الثانية).
- 1كذلؾ كما جاء في المادة 21مف القانكف النمكذجي لالكنستراؿ الصادر سنة .1985
- 2عمما أف أغمب المراكز التحكيمية المغربية الزالت في بداية مشكارىا كلـ تكتسب بعد الخبرة المرجكة مقارنة بتمؾ المراكز
المنتشرة في أكربا كغرفة التجارة الدكلية بباريس ( ، ) CCIلذا يجب عمييا أف تستعيف بذكم الخبرة الكبيرة في التحكيـ قصد
النيكض بيا.
-3كىذا ما تترجمو الفقرة اﻷكلى مف الفصؿ 309مف ؽ.ـ.ـ عمى ما يمي:
31
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
اﻹجتماعية كاﻹقتصادية التي يعرفيا المغرب في اآلكنة اﻷخيرة جعمت معظـ الفعاليات تستجيب
لمتطمبات ىذه الظرفية بما فييا الييئات التحكيمية ،فبعدما كاف دكرىا يقتصر عمى حؿ
بيف الشركاء في الشركات التجارية التي النزاعات الناشئة غالبا بيف نفس أصحاب المينة أك
،فإنيا أصبحت في الكقت الراىف بفعؿ العكلمة التي كانت إلى عيد قريب شركات عائمية
اكتسحت المغرب مؤىمة لمفصؿ في خالفات الشركات الكبرل ،كذلؾ لتعدد مزايا مؤسسة التحكيـ
التي تنفرد بيا عف مؤسسة القضاء(.)1
كلتسييؿ مأمكرية ىذه الييئات كاف البد عمى المشرع أف يضع ضكابط خاصة يحترميا
كؿ مف أراد أف يتقمد مياـ اؿمحكـ ،كمف بينيا عمى الخصكص كجكب حصكلو عمى تأىيؿ
(.)2 عممي كلغكم معيف حتى يتأقمـ مع محيطو الجديد الذم يغمب عميو طابع السرعة كالتعقيد
كلكي تفصؿ ىيئة التحكيـ في النزاع البد ك أف تككف ذات إطالع كاسع عمى القكانيف الكاجبة
ف التطبيؽ التي قد تككف في غالب اﻷحياف أجنبية عنيا ،كحتى تتحقؽ ىذه الغاية كاف البد أ
يككف أعضاء ىذه الييئة عمى درجة عالية مف التككيف المغكم كالعممي لكي يتسنى ليـ فيـ
معنى كركح ىذه القكانيف(.)3
كمف جية أخرل فإف تعدد الكثائؽ المتعمقة بالنزاع المعركض عمى أنظار ىذه الييئة
كالتي تككف غالبا محررة بمغات أجنبية نظ ار لطبيعة ىذا النزاع ،فإنو يضطر معو المحكـ أف
يتقف أكثر مف لغة لكي يتجاكب مع ىذه المستندات ،أما في حالة تعذر تمكنو مف ىذه المغات
فإف مصالح اﻷطراؼ تصبح في خطر كبير نتيجة جيؿ الييئة التحكيمية.
" يمكف لألطراؼ أف يتفقكا في كؿ عقد عمى عرض المنازعات التي قد تنشأ بصدد تنفيذ ىذا العقد عمى المحكميف."...
كبذلؾ فمـ ينص عمى أم شرط يتعمؽ بتحديد المستكل الدراسي لممحكميف.
كقد تركت أحكاـ قانكف التحكيـ المصرم أيضا الحرية لألطراؼ في اختيار المحكميف ك لـ تشترط فييـ أم كفاءة عممية ،حيث
نصت المادة 17في فقرتيا اﻷكلى عمى أنو" لطرفي التحكيـ االتفاؽ عمى اختيار المحكميف كعمى كيفية ككفؽ اختيارىـ".
راجع ،ىدىمحمد حمدي عبد الرحمان ،ـ س ،ص .112
-1كمف ىذا المزايا ،السرعة ،السرية ،الكفاءة ،التخصص...
- 2كىذا ما ينطبؽ عمى أعماؿ التجارة الدكلية التي أصبح فييا المغرب عضكا فاعال.
-3أنظر د.أحمد شكري السباعي ,ـ س ،ىامش ص.276
32
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
( ,)1مما يجعمو المالئمة لمفصؿ في النزاع عمى نحك يتحقؽ معو السير الطبيعي ليذه اﻷخيرة
يصؿ إلى القرار الحاسـ كالعادؿ بسيكلة كبمرة.
إف العديد مف التشريعات المقارنة تحدد مجمكعة مف الشركط يتعيف تكفرىا في المحكـ
حتى يستطيع مباشرة الميمة التحكيمية ،نذكر منيا القانكنيف االسباني كالككلكمبي لمتحكيـ ،إذ
أنيما يشترطاف في المحكـ أف يككف محاميا حتى يفصؿ في المنازعات ذات الطبيعة
القانكنية(.)2
كبالرغـ مف صدكر التعديؿ الجديد ,فمـ يذكر المشرع المغربي ما إذا كاف عمى المحكـ
أف يتكافر فيو تأىيؿ لغكم معيف أـ ال ،كىذا السككت قد يعرض حقكؽ اﻷطراؼ لمضياع نتيجة
احتماؿ كضعيا رىف إشارة محكميف أميمف.
كباﻹطالع عمى مقتضيات الفقرة اﻷخيرة مف الفصؿ 321مف قانكف 08-05ك التي
نصت عمى كجكب دراسة الككيؿ العاـ لمممؾ لكضعية المحكميف قبؿ إدراجيـ في المكائح المعدة
ؿذلؾ قد يتبادر إلى اؿذىف أف المشرع يقصد كضعيتيـ الدراسية أك كفاءاتيـ المينية أك العممية
لكركد كممة " وضعيتيم" بشكؿ مبيـ ,إال أننا نعتقد أف اﻷمر ليس ؾ ذلؾ فمادمنا أماـ مقتضيات
ذلؾ فإف اآلماؿ ستبقى كردت في إطار مساطر خاصة فال يجكز التكسع في تفسيرىا ,كمع
معمقة عمى الفقو المغربي مف أجؿ تكضيح مدلكؿ قذق العبارة مستقبال.
كمف كجية نظرم المتكاضعة فإنني أتفؽ مع ذلؾ الفقو الذم يعتبر أف الطابع الرضائي
لمتحكيـ كما يتمتع بو المحكـ مف سمطات كاسعة في إدارة النزاع يفترض معو إسناد ميامو إلى
شخص يتكفر عمى تأىيؿ عممي كلغكم مناسب (.)3
كما يجعمنا نتمسؾ بضركرة ككف المحكـ عمى جانب مف التعميـ ىك تنصيص بعض
التشريعات المقارنة عمى إلزاـ المحكميف بأف يصدركا مقرراتيـ التحكيمية بمغة الدكلة التي
-1ىذا مع العمـ أف أىـ مميزات المجكء إلى التحكيـ ىي تمؾ السرعة في فصؿ المنازعات ،فإذا لـ يتحقؽ ىذا المميز فإنو حينئذ
يفضؿ عرضيا عمى القضاء أصال.
-2أنظر الفقرة الثانية مف الفصؿ 12مف قانكف التحكيـ االسباني ،كنفس المقتضيات كاف ينص عمييا القانكف القديـ المؤرخ في
.1953
كأنظر أيضا المرسكـ الككلكمبي عدد 2279المؤرخ في 1989/10/07الفقرة الثانية الفصؿ .7
-3أنظر ،ىدى محمد حمدي عبد الرحمان ،ـ س ،ص .112
33
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
متخذكنيا مق ار ليـ ( ،)1مع العمـ أف الفصؿ 327-10مف قانكف 08.05قد أعطى لمييئة
التحكيمية الحؽ في اختيار مكاف إجراء التحكيـ كالذم قد يقع خارج المغرب ،كىذا ما سيجعؿ
تطبيؽ القكانيف الكاجبة التطبيؽ في محؾ حقيقي ،سيما إذا كاف ىؤالء المحكميف ال يتقنكف لغ ة
الدكؿ التي اتخ ذكىا مق ار لمتحكيـ كالتي سيككف قانكنيا كاجب التطبيؽ .
ة
كمف بيف الحجج المؤيدة لكجكب ككف المحكـ مؤىػال لغكيا ما نص عميو الفصؿ 319
مف قانكف 08-05حينما قضى بأف الييئة التحكيمية تتكفؿ بتنظيـ إجراءات التحكيـ الحر
كبتحديد المسطرة الكاجبة اﻹتباع ،فمثؿ ىذه المياـ ال يستقيـ كالمنطؽ أف يؤدييا سكل ذلؾ
المحكـ ذ م التككيف المغكم الكاسع ،اعتبا ار لككنيا تتصؼ عادة بالتعقيد الشديد ،فممتغمب عمى
كؿ ما مف شأنو التأثير عمى سيرىا العادم يفترض أف يتـ تعييف ىذا المحكـ مف فئة المحكميف
المشيكد ليـ بالكفاءة المغكية.
كبناء عمى ما سبؽ يتحتـ عمى المشرع المغربي أف ينص صراحة في أقرب تعديؿ
تشريعي عمى عدـ جكاز قبكؿ اﻷمي محكما ,حتى ال يدرج في القكائـ المينية لممحكميف سكل
مف تكافر ت فيو كؿ الشركط المكضكعية المتطمبة ليككف تبعا لذلؾ في مستكل النزاعات
المعركضة عؿل التحكيـ .
كفي حالة ما إذا كانت الييئة التحكيمية عمى درجة كافية مف التأىيؿ المغكم ،فيؿ
تكفرىا عمى خبرة معينة يعد شرطا ضركريا يالزميا طيمة المسطرة التحكيمية ؟عمما أف أغمب
يستمزـ ال محاؿ ىذه الخبرة، الييئات التحكيمية اﻷجنبية أصبحت تتجو نحك التخصص الذم
استطاع المشرع المغربي اﻹستجابة مثميا في ذلؾ مثؿ القضاء المتخصص .كالى أم مدل
لمتطمبات ىذا المكضكع ؟ ككيؼ تعامؿ معو أثناء إعداده لقانكف .08-05
-1أنظر القانكف الالككسي la loi Laotienneالفصؿ 9مف مرسكـ الكزير اﻷكؿ عدد PM/106المتعمؽ بفض النزاعات
االقتصادية ك المؤرخ في.1996/07/15
34
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
تقديسا لمطبيعة االتفاقية لمتحكيـ فإف اﻷطراؼ كحدىـ مف محدد الشركط المتطمبة في
تماش مع الظرفية
ت ا ( .)1كاذا ما اعتبرنا أف ىذه الفكرة كانت المحكـ بما فييا شرط الخبرة
اﻹقتصادية في مرحمة مف المراحؿ الماضية ،فإف تزايد حجـ القضايا المعركضة عمى التحكيـ ،
أضحت معو خبرة المحكـ في اآلكنة االخيرة ضركرة حتمية كممحة لتسكية النزاعات التقنية منيا
عمى الخصكص ,كلك لـ يتـ اشتراطيا فيو مف قبؿ اﻷطراؼ ،ىذا ما جعؿ الييئات التحكيمية
(.)2كما يؤكد أىمية تكافر تستقطب المحكميف الخبراء فقط تمبية لحاجيات فض ىذه النزاعات
الخبرة في المحكـ ىك استيداؼ اﻷطراؼ ليذا االخير لتمتعو بجميع اﻷدكات الفنية ا ؿالزمة التي
تمكنو مف حؿ نزاعاتيـ بكؿ نجاح ،كالتي في غيابيا سيتعذر عميو اﻹلماـ بجميع جزئيات ىذه
النزاع المعركض عميو (.)3
كبالرغـ مف الدكر الياـ الذم تؤديو خبرة المحكـ في تسكية النزاع ،فإف المشرع المغربي
كغيره مف جؿ القكانيف المقارنة لـ يتطمب تكفرىا في ىذا المحكـ ،كانما رفع يده عف ذلؾ تاركا
اختصاص اشتراطيا لفائدة أطراؼ النزاع (.)4رغـ أنو كاف عميو أف ينص عمى ضركرة تكفر
المحكـ عمى خبرة معينة ،كلك في مكضكع النزاع المعركض عميو فقط ،ﻷنو مف المفركض أال
يمجأ الخصكـ إلى طرح نزاعاتيـ المعقدة عمى محكميف ليسكا بخبراء في مكضكعيا ،ىذا فضال
اؿزاع عمى مثؿ ىؤالء المحكيمف كبعدىا يتـ إحالتو عمى أحد الخبراء
أنو ال مستساغ طرح ن
ﻹستشارتو في حميا ك ذلؾ تحت نفقة اﻷطراؼ كما ىك عميو الحاؿ بالنسبة لمقضاء ،كمف ىذا
المنطمؽ فإننا نتساءؿ عف إمكانية لجكء اﻷطراؼ مباشرة إلى الخبراء دكف المركر عف طريؽ
المحكميف أعػاله تكفي ار لممصاريؼ ك ربحا لمكقت؟
كاذا ما انطمقنا مف أف القاضي يستعيف عند بتو في القضايا بمساعدة دفاع اﻷطراؼ ك
،مما رأم الخبراء ،فإف المحكـ عكس ذلؾ ال تتاح لو مثؿ ىذه االمكانية في غالب االحكاؿ
الناشئة عنيا.
- 3كنريد االشارة ىنا إلى أف مبدأ اعتبار القاضي خبي ار لمخبراء بدأ يتالشى مع بركز العمكـ الحديثة كالمتنكعة ,إذ أصبح معيا
يحتاج ىك اﻷخر إلى غيره مف ذكم اﻹختصاص لتنكيره في اتخاذ القرار الصائب.
- 4راجع قانكف التحكيـ المصرم الجديد رقـ 27لسنة ،1994إذ لـ يكرد أم مقتضى ينص عمى ضركرة ككف المحكـ خبي ار.
35
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
يككف معو تمتعو بالخبرة الػالزمة السػالح الحاسـ الكحيد لتنكير مسمكو في إدارة الدعكل قصد
إصدار مقر ار تحكيميا عادال.
كأكثر مف ذلؾ فإف الفقو الراجح قد جعؿ مف شرط خبرة المحكـ الضمانة اﻷساسية
كالممحة ﻹستقالليتو ،فكمما أفتؽر إلييا كمما كاف أكثر عرضة لمتأثر باتجاىات كأراء اآلخريف بما
فييـ أطراؼ النزاع(.)1
كالغريب في اﻷمر أف كؿ ىذه المكاقؼ لمسناىػا لما أعدت اﻷمانة العامة لمحككمة سنة
2006لمشركع قانكف 08-05الذم يقضي بنسخ كتعكيض الباب الثامف مف القسـ الخامس
مف قانكف المسطرة المدنية ،إذ تطرؽ إؿمىا بشكؿ جمي في الفصؿ 320منو كالذم كاف ينص
عمى ما يمي:
"اليمكف إسناد ميمة المحكـ إال إلى شخص ذاتي ذي خبرة ,"...بؿ ك أكثر مف ذلؾ
القانكف كما كافؽ عميو مجمس المستشاريف فإف نفس ىذه المقتضيات نص عمييا مشركع
بالبرلماف(.)2
إال أنو بتكالي إنعقاد الندكات كالمؤتمرات القانكنية لمناقشة ىذا المشركع كالتي تمت
كانت مف بينيا المائدة المستديرة بمساىمة كؿ مف القطاع العاـ كالقطاع الخاص ،ك التي
المنظمة مف طرؼ كؿ مف الفريؽ االشتراكي بمجمس النكاب ك كحدة التككيف كالبحث "أنظمة
التحكيـ" بكمية الحقكؽ بسال ( )3التي حضرتيا مجمكعة مف فعاليات المجتمع المدني مف أساتذة
جامعييف ,كمينييف ,كقضاة ,ك باحثيف ،حيث تـ خالليا إثارة نقاش قانكني حاد حكؿ مدل
تطمب الخبرة المذككرة في الفصؿ أعاله لكحظ مف خاللو ك بكؿ أسؼ مياجمتيا بشراسة كبيرة
مف قبؿ العديد مف المتدخميف عمى اعتبار أف ىذه الخبرة قد جاءت في إطار غامض ،خاصة
36
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
فيما يتعمؽ بنكعيتيا كمعايير اعتمادىا أم ىؿ يتـ تحديدىا بكاسطة الشيادات المينية الصادرة
عف المعاىد العميا كالجامعات؟ أـ أنيا تقتصر فقط عمى تمؾ الخبرة التي تكتسب بفعؿ الممارسة
ك التجربة الشخصية؟
كنتيجة لمضغكط الممارسة عمى المشرع بفعؿ تحركات المكبيات المستفيدة مف إقبار
08-05دكف أف يشير في فصمو 320 شرط الخبرة ،صادؽ مجمس النكاب عمى القانكف رقـ
إلى أم مقتضى يستفاد منو اشتراط ككف المحكـ ذم خبرة ،متراجعا بذلؾ عف المكقؼ الذم
تبنتو الغرفة الثانية مف البرلماف
كارتباطا بذات المكضكع فإف ىناؾ مف يرل أف الخبرة الفنية كحدىا ال تكفي لجعؿ
المحكـ يحيط بكؿ جكانب النزاع ميما كانت درجة خبرتو ىاتو ،مؤكدا أنو يتعيف أف تكازييا خبرة
قانكنية( .)1فقد يقكـ أطراؼ النزاع باختيار المحكـ مف كسطيـ الميني الذم يككف في غالب
التحكيمية القضائية اﻷحياف ذم خبرة فنية عالية إال أنو كمع ذلؾ فال يستطيع أداء ميمتو
عمى أحسف كجو ,كاحترامو لحقكؽ الدفاع كالمكاجية كغيرىا مف اﻹجراءات إذا لـ يكف عمى
()2
. بيفة مف القكاعد القانكنية التي عادة ما تككف صعبة اﻹدراؾ كمعقدة التطبيؽ
كنعتقد أف الفقيو فكشار كاف عمى صكاب حينما أشار إلى أف اﻹستعانة برجاؿ القانكف
شيء طبيعي في مجاؿ التحكيـ ،لككف جؿ المنازعات التي تعرض عمى الييئة التحكيمية تبدأ
كتنتيي بتفسير نصكص ذات طبيعة قانكنية كىي ميمة ال يتقنيا مف حيث المبدأ سكل الضالع
في العمكـ القانكنية(.)3
كما يؤيد ىذا الرأم ىك عجز رجاؿ اﻷعماؿ ك الصناعة عف تجاكز التعقيدات القانكنية
التي تعترضيـ بمناسبة إبراميـ لمصفقات ،كذلؾ ﻹفتقارىـ لممؤىالت كالميارات القانكنية
الضركرية لحميا.
-1أنظر د.أحمد شكري السباعي ،ـ س ،ىامش ص ,276كأيضا ىدل محمد حمدم عبد الرحماف ،ـ س ،ص .110راجع كذلؾ
حساـ عيسى ،دارسات في اآلليات القانكنية لمتبعية الدكلية " :التحكيـ التجارم الدكلي" ،ط ،1990ص .16
-2كىذا ما دافع عنو الفقيو الفرنسي فيميب فوشار (،)ph.fouchardالذم أكد ضركرة اﻹستعانة برجاؿ القانكف في فصؿ ىيئة
التحكيـ في النزاع ،المرجع فيميب فكشار ،الشركط التحكيمية في االتفاقات الصناعية الدكلية ،باريس ،ط ،1975ص.1
-3راجع فميب فوشار( ،)ph.fouchardـ س ،ص .1
37
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
كأكثر أنكاع التحكيـ التي يتعيف فيما عمى المحكـ أف يككف ممما بقكاعد القانكف ىي
التحكيـ بالصمح ،لككف العدالة المنشكدة مف كراءه ال يستطيع المحكـ تحقيقيا إال إذا كاف عارفا
لمقكاعد القانكنية التي تقكده إلييا ،كىك ما سيجعمو في اﻷخير يحتاج إلى خبرة قانكنية سميمة
تنضاؼ إلى خبرتو الفنية .كمف مزايا ككف المحكـ عمى دراية بالمسائؿ القانكنية سيكلة قيامو
بمراقبة كتقييـ تقارير الخبراء المنجزة بمناسبة النزاع المعركض عميو ،سيما في تمؾ الحالة التي
ال ينتمي فييا إلى فئة اﻷشخاص ذكم الخبرة الفنية.
كحقيقة فإنو يعتبر مف النادر في عصرنا الحالي أف نعثر عمى محكـ مزدكج التككيف-
قانكني فني -يفصؿ في النزاعات،إال أنو لمتغمب عمى ىذه الندرة فال مناص مف تعييف اﻷطراؼ
لخبير قانكني بيف أعضاء الييئة التحكيمية ،كذلؾ مف أجؿ االستفادة مف ميارات ق القانكنية في
تسيير خصكمة التحكيـ كفي صياغة المقررات التحكيمية.
(،)1 كلإلشارة فإف خيار ككف المحكـ خبي ار قد سارت عميو بعض التشريعات المقارنة
كمنيا نظاـ التحكيـ السعكدم الذم نص في مادتو الرابعة عمى ما يمي ":يشترط في المحكـ أف
سكتت عف يككف مف ذوي الخبرة حسف السير كالسمكؾ" ،في حيف أغفمت جؿ التشريعات ك
27الصادر تحديد ىذا الشرط كىذا ما سمكو المشرع المصرم في قانكف الجديد لمتحكيـ رقـ
سنة .1994
أما بالنسبة لمتحكيـ المؤسساتي ،فإف معظـ المكائح التحكيمية التابعة لمراكز التحكيـ
المنتشرة في مختمؼ بقاع العالـ قد اشترطت تكافر الخبرة في محكمييا ،كمف بيف ىذه اﻷنظمة
نذكر نظاـ المركز الدكلي لمتكفيؽ كالتحكيـ بالرباط التابع إداريا لغرفة التجارة كالصناعة
كالخدمات ،إذ أنو نص في مادتو الثامنة كالعشركف ( )28عمى أف الييئة التحكيمية يجب أف
-1أنظرد.مصطفى محمد الجمال وعكاشة محمد عبد العال ،ـ س ،ص .613
كأنظر أيضا نجيب أحمد عبد اهلل ثابت الحبيمي ،اختالؼ الفقياء المسمميف حكؿ جكاز تحكيـ الجاىؿ في الشريعة ،ص 559
كما بعدىا .كنشير أيضا إلى أف المادة 14مف اﻹتفاقية العربية لمتحكيـ التجارم قد سنت شركطا ىامة يجب تكفرىا في مف
يريد أف يككف محكما كمنيا الثقافة القانكنية الجيدة,راجع د.أحمد شكري السباعي,ـ س,ص.278
38
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
تتككف مف رجاؿ القانكف كالقضاء ومن ذوي الخبرة والتخصص واإلطالع في ميادين التجارة
والصناعة والخدمات واليندسة واإلعالم والصحة إلى غيرىا من العموم (.)1
وخبرة كبيرة من المسائل القانونية "إف المحكميف يجب أف يككنكا عمى درجة عالية
واالقتصادية وفي جميع الميادين المتعمقة بالنزاع "(.)2
ككخالصة لما سبؽ نرل أف مكضكع "خبرة المحكـ" لـ يتمتع بالحيز الزمني الكافي
لمناقشتو أثناء إعداد قانكف ،08-05نظ ار لدكره الياـ في إنياء نزاعات الخصكـ ،ليذا السبب
ك ينص صراحة فإننا نناشد المشرع المغربي مف أجؿ إعادة النظر في مكقفو مف ىذه الخبرة
عمى ضركرة ككف المحكـ مف ذكم الخبرة.
-1أنظر شمس الدين عبداتي ،التحكيـ المؤسسي بالمغرب ،مقاؿ منشكر في مجمة خمسكف سنة مف العمؿ القضائي"
الصمح كالتحكيـ كالكسائؿ البديمة لحؿ النزاعات مف خالؿ اجتيادات المجمس اﻷعمى" سنة ،2007ص .238
- 2راجع طوماس كالي ،ـ س ،ص .439
39
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
كقد ارتبط تاريخيا قياـ ىذا النكع مف التحكيـ بأنشطة اتحادات الغرؼ التجارية
كالصناعية المتكاجدة بالدكؿ المتقدمة ،كأيضا بالتجمعات المينية المتخصصة في التعامؿ
بالسمع كالمكاد اﻷكلية المتداكلة باﻷسكاؽ العالمية .ك تستقر أىـ مؤسساتو بأكربا كأمريكا الشمالية
- 1د.أحمد عبد الكريم سالمة ،التحكيـ التجارم الدكلي كالداخمي ،دار النيضة العربية ،طبعة ،2004ص مف 162إلى.175
راجع أيضا إبراىيم كمال ،التحكيـ التجارم الدكلي ،دار الفكر العربي ،ط اﻷكلى ،1991ص .99
40
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
كمنيا محكمة التحكيـ التابعة لغرفة التجارة الدكلية بباريس ،كجمعية التحكيـ اﻷمريكية ،كمحكمة
التحكيـ التابعة لرابطة الدكؿ اﻷمريكية(.)1
كبعد استقالؿ معظـ دكؿ العالـ الثالث في مطمع منتصؼ القرف الماضي بدأت ىي
اﻷخرل تدرؾ مدل أىمية الدكر الذم تؤديو مثؿ ىذه المؤسسات التحؾ ممية ،كبشكؿ أساسي في
جمب اﻹستثمارات اﻷجنبية إلييا مما جعميا تفكر في تأسيس العديد مف المراكز التحكيمية
()2
لكي تعمؿ عمى تحقيؽ التكازف بيف كؿ مف مصالح الدكؿ المتقدمة مف جية، اﻹقميمية
(.)3
كحاجيات الدكؿ النامية مف جية ثانية
كالمغرب باعتباره جزء ال يتج أز مف ىذه الدكؿ فإنو ىك اﻷخر قد أكلى اىتماما مبك ار
ﻹقتصادية الدكليػة فقط بالتحكيـ المؤسساتي,إال أنو حصر مفعكلو عمى مستكل المؤسسات ا
كمركز تسكية المنازعات الناشئة عف االستثمار الذم صادؽ عمى االتفاقية المنشئة لو سنة
،1965عمما أف أكؿ قضية طرحت عميو كاف المغرب أحد أطرافيا (.)4
كبذلؾ لـ يتـ تنظيـ التحكيـ المؤسساتي عمى المستكل الداخمي ،كىذا ما يظير مف
خػالؿ قراءة المقتضيات المتعمقة بالتحكيـ سكاء في ؽ.ـ.ـ الصادر في 12غشت ،1913أك
في قانكف سنة ،1974عكس مجمكعة مف التشريعات المقارنة التي اىتمت بو كنظمتو تنظيما
شامال(.)5
كبالرغـ مف عدـ تطرؽ المشرع لمتحكيـ المؤسساتي فإف الكاقع شيد ميالد العديد مف
المراكز التحكيمية كاف لـ يكف ذلؾ عمى مستكل جميع المدف المغربية ،فإنيا عمى اﻷقؿ تأسست
41
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
()1
1981 باﻷقطاب االقتصادية الكبرل كغرفة التحكيـ البحرم المؤسسة بالدار البيضاء سنة
كمركز التحكيـ التجارم الدكلي التابع لغرفة التجارة كالصناعة كالخدمات بالرباط كالمنشئ سنة
،)2(1999كغرفة التحكيـ التابعة لغرفة التجارة كالصناعة كالخدمات بمراكش المؤسسة بتاريخ 30
يكليكز ،)3(1999كغرفة التجارة الدكلية بالدار البيضاء ،كغيرىا مف المؤسسات التحكيمية الفتية
التي تـ إنشاؤىا مؤخ ار بتعاكف مع دكؿ صديقة لممغرب (.)4
كما تنبغي اﻹشارة إليو في ىذا الصدد ىك أف الكجكد القانكني ليذه المراكز لـ يسايره
مع اﻷسؼ الكجكد الفعمي ،إذ أف معظـ أجيزتيا اﻹدارية غير مفعمة بالشكؿ المتطمب مما أثر
عمى عمؿ الييئات التحكيمية التابعة ليا .كيمكف إرجاع ذلؾ إلى عدة أسباب أىميا ما يمي:
1
-Abdellah Boudahrain , l’arbitrage commercial interne et international au regard du Maroc,
édition Al Madariss, 1999, p 34.
الدكتور محمد أخياط مايمي: كمف بيت الصعكبات التي تعكؽ عمؿ كنشاط غرفة التحكيـ التي ذكرىا
" أف ما يعرض عمى ىذه الغرفة مف ممفات ال يتناسب مع ما يبرـ مف تصرفات كمعامالت تجارية بحرية كما يحدث
مف حكادث بحرية كعمميات اﻹنفاذ كالقطر كغيرىا في المياه البحرية المغربية ،كما يبرـ مف عقكد تأميف كاصالح كانشاء السفف
كغيرىا في المناطؽ البحرية بالمغرب كىي جد ىامة كمتعددة ،كالشؾ أنيا أفرزت العديد مف المنازعات فإلى أيف يتـ المجكء
لحميا .
-عدـ حصكؿ الغرفة عمى ثقة رجاؿ اﻷعماؿ خصكصا المستثمريف منيـ في مجاؿ البحر ،كىذا ما يفيد أف الغرفة لـ
تستطع بعد أف تجد ليا طريقا لجمب انتباىيـ ككسب ميكليـ إلى التحكيـ لتضميف عقكدىـ المجكء إلى الغرفة مف خالؿ كضع
شرط أك اتفاؽ التحكيـ.
-معاناة غرفة التحكيـ البحرم بالمغرب كأم جمعية ذات غرض غير تجارم مف مشكؿ التمكيؿ حيث تتمثؿ مصادر تمكيؿ
الغرفة باالساس مف مساىمات أعضائيا.
لمتكسع في ىذا المكضكع راجع د.محمد أخياط " ،التحكيـ البحرم " (غرفة التحكيـ البحرم بالمغرب) ،مجمة القصر ،العدد
اﻷكؿ يناير ،2002ص .24-23
-أنظر في ىذا السياؽ شمس الدين عبداتي ،التحكيـ المؤسسي بالمغرب ،مقاؿ منشكر بمجمة خمسكف سنة مف العمؿ 2
القضائي " الصمح كالتحكيـ كالكسائؿ البديمة لحؿ النزاعات مف خالؿ إجتيادات المجمس اﻷعمى ،سنة ،2007ص .235
-3فقد تمت المصادقة عمى قانكنو كانتخاب مجمسو اﻹدارم بتاريخ 16يكليكز ،2000لمتكسع أكثر حكؿ تنظيـ ىذا المركز
راجع بشرى العاصمي ،كرقة عف مركز التكفيؽ كالتحكيـ التجارم بمراكش ،مجمة المنتدل ،العدد ،2السنة ،2000ص 81كما
بعدىا.
- 4كفي إطار التعاكف االقتصادم بيف المغرب كاسبانيا فقد تـ إحداث المركز اﻷطمسي لمتحكيـ بيف الغرؼ التجارية ﻷكاد ير
15 كالس بالماس كتنفيرم ييدؼ إلى تشجيع االستثمار في ىذه المناطؽ ,راجع كممة السيد كزير العدؿ التي ألقاىا بتاريخ
يناير 2007بمناسبة التكقيع عمى بركتكككؿ التعاكف القضائي المتعمؽ بالمرحمة الثالثة مف برنامج إدخاؿ الكسائؿ البديمة لحؿ
المنازعات بالمغرب بيف ك ازرة العدؿ كمنظمة البحث عف أرضية مشتركة كالسفارة البريطانية بالرباط ،المكقع اﻹلكتركني لك ازرة
العدؿ ،/http://www.justice.gov.ma/fr/Actualitesتاريخ الزيارة 29يناير .2007
42
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
أوال :غياب طاقـ إدارم لو مف المؤىالت القانكنية في ميداف التحكيـ ما يجعمو قاد ار
عمى تحمؿ مسؤكلية تسيير ىذه المراكز ،حيث إف أغمب اﻷطر العاممة بيذه اﻷخيرة يبدك ليا
تككيف عممي ال يتناسب في غالب اﻷحياف ك ما يتطمبو التحكيـ مف معارؼ قانكنية خاصة،
باستثناء البعض منيا الذم أباف عف حنكة ككفاءة عاليتاف في ىذا الميداف.
ثانيا :عدـ ا ﻷخذ بمبدأ كضع الشخص المناسب في المكاف المناسب ،فبعض ىذه
المراكز تسند مياـ إدارتيا إلى جيات ال تيميا مصمحة المركز بقدر ما ييميا الجمع بيف
المناصب ،كىذا ما سيؤدم إلى التأثير سمبا كبشكؿ مباشر عمى مركدية ىذه المراكز.ك يظير
ىذا التأثير أكال مف خالؿ اﻷنشطة العممية التي تشرؼ عمييا مف أجؿ نشر ثقافة التحكيـ كالتي
تتميز في معظـ الحاالت بضآلة العدد كضعؼ الفحكل ،ك ؾذلؾ مف خالؿ تقاعسيا في تشجيع
المقاكالت عمى المجكء إلييا قصد تسكية نزاعاتيا.
ثالثا :عدـ تخصيص الدكلة لميزانيات مالية كافية تمنح لفائدة ىذه المراكز قصد
النيكض بيا مينيا ك إعػالميا ،كالتي يستحب أف يصرؼ جزء منيا في كؿ ما سيساىـ في
التعريؼ بيا عمى المستكييف الكطني ك الدكلي كإصدارىا لكتب كمجالت كدكريات متخصصة
في أعماؿ التحكيـ ،كأيضا بإحداثيا لمكاقع الكتركنية عمى شبكة االنترنت تيتـ بنشر كؿ ما
يتعمؽ بمستجدات التحكيـ عمى المستكييف الكطني كالعالمي ،إضافة لعقدىا المؤتمرات كالندكات
بشكؿ دكرم ك منظـ ال فقط في إطار المناسبات التشريعية المتباعدة (كما حدث أثناء صدكر
قانكف رقـ .)08-05كلما ال تنظيـ دكرات تككينية لممحكميف التابعيف ليا (.)1
رابعا :سمبية إدماج أغمب ىذه المراكز في غرؼ التجارة كالصناعة كالخدمات ،الشيء
الذم انعكس سمبا عمى صكف استقالليتيا في كضع البرامج كاالستراتيجيات المالئمة ليا بسبب
كىؾذا كاف يجب تأسيس ىذه المراكز بشكؿ التعقيد اﻹدارم الذم ينتج عف مثؿ ىذه التبعية.
الوكالة األمريكية لمتنمية الدولية ( )USAIDبتعاكف مع -كىذا ما تطرؽ لو محكر الندكة المنظمة بالرباط بمبادرة مف 1
المركز الدولي لموساطة والتحكيم بالرباط( ،)CIMARإذ أعرب رئيس ىذا المركز أنو بمقتضى برنامج “ تأىيؿ الجك المالئـ
لألعماؿ بالمغرب« ،» Amélioration du climat des affaires au Marocسكؼ يتـ تككيف حكالي 50شخصا مف
مختمؼ الطبقات السكسيكمينية مف رجاؿ اﻷعماؿ كاﻹقتصادييف في ميداف الكساطة كالتحكيـ التجارييف ،المرجع مكقعيف
إلكتركنييف ,تاريخ الزيارة.2008-9-08 :
http://rabat.usembassy.gov/french_press_releases/communiqus-de-presse/13-mars-2009.html
http://www.marocinfo.net/to/index.php/Economie/Seminaire-L-arbitrage-commercial-au-Maroc.cfm
43
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
مستقؿ في تدبيرىا كادارتيا عمى غرار ما ىك متبع لدل المؤسسات العمكمية التابعة لمدكلة،
حتى تستفيد مف إيجابيات اﻹدارة الشبو الحرة مف أجؿ النيكض بيا إداريا.
خامسا :عدـ إقداـ الجامعات المغربية عمى فتح كحدات لمتككيف كالبحث يعكؿ عمييا
في تخريج أفكاج مف الباحثيف المتخصصيف في قانكف التحكيـ ,كذلؾ أسكة ببعض الجامعات
اﻷجنبية( ،)1مف أجؿ تطعيـ ىذه المراكز حتى تستفيد عمى اﻷقؿ مف معارفيا النظرية ،كمف ىنا
نجد أف الجامعات ليا ىي اﻷخرل دكر فعاؿ في الدفع قدما بيذه المراكز كلك كاف ذلؾ بشكؿ
غير مباشر(.)2
كفي ىذا السياؽ يجب التأكيد عمى أف كفاءة أطر كمحكمي مراكز التحكيـ المغربية
ؿتعد مف القادريف عمى جمب المقاكالت الكطنية كاﻷجنبية لتسكية نزاعاتيا القابمة لمتحكيـ لدل
ىذه المراكز ،إال أف ىذه النتيجة متكقفة أساسا عمى تدخؿ مختمؼ الفاعميف االقتصادييف مف
أجؿ تكفير الدعـ المالي ك المعنكم لتككف ق ذق المراكز في مستكل تطمعات ىاتو المقاكالت
عمما أف المشرع قد سبؽ ك التزـ بتنفيذ كعده لما نظـ عمؿ ىذه المراكز بمقتضى قانكف رقـ
.08-05
كيظير تأثير عدـ تفعيؿ مراكز التحكـ جميا عمى عدد القضايا المعركضة عمى بعض
ىذه المراكز ،كالذم ال يتجاكز في أحسف اﻷحكاؿ عتبة عشر قضايا ،ىذا ما سكؼ نممسو في
الفقرة اآلتية.
-1كحسب ما كصؿ إلى عممنا فال تكجد عمى مستكل جميع الجامعات المغربية سكل كحدة تككينية يتيمة تيتـ بميداف التحكيـ
بشكؿ معمؽ كالتي تكجد بكمية العمكـ القانكنية كاالقتصادية ك اﻹجتماعية بسال.
كما تجدر اﻹشارة إلى أف كمية الحقكؽ بمدينة حمب السكرية قد أحدثت دبمكما لمدراسات العميا متخصص في التحكيـ ،كذلؾ
حسب المعمكمة التي أكردتيا صحيفة الثورة التي تصدر عف مؤسسة الكحدة لمصحافة كالطباع كالنشر (جريدة إلكتركنية) ,تاريخ
الزيارة ,12/1/2008العنكاف:
http://thawra.alwehda.gov.sy/__asearch.asp
-2كبالرغـ مف ذلؾ فإف بعض الجامعات المغربية قد تعيدت باالنخراط في ىذا المسمسؿ,راجع كممة د.توفيق الوزاني شيدي ،
رئيس جامعة سيدم محمد بف عبد اهلل بفاس ,الطرؽ البديمة لتسكية المنازعات,ـ.س ،ص.10
إذ يقكؿ...." :اﻹستعداد التاـ لجامعة سيدم محمد بف عبد اهلل-بفضؿ الميارات كالكفاءات التي تتكفر لدل مكاردىا البشرية
المختصة في المياديف القانكنية ك اﻹقتصادية ك اﻹجتماعية – عمى التعاكف التاـ مع ىياكؿ ك ازرة(العدؿ) مف أجؿ خمؽ
تككينات قضائية جديدة تستجيب لمحاجيات الممحة لممجتمع المغربي. "....
44
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
كلعؿ ما يشجع المجكء إلى ىذه المراكز ىي التجربة الطكيمة التي اكتسبتيا نتيجة
تعاقب قضايا متنكعة عمييا ،كبشكؿ خاص تمؾ المرتبطة منيا بمصالح التجارة الدكلية (.)4
كلألسؼ فمـ يحالؼ ىذا النجاح مراكز التحكيـ العربية عمكما كالمغربية خصكصا
بسبب حداثة بركزىا في الساحة الكطنية كالدكلية .كمف أجؿ الكشؼ عف كضعيتيا البأس مف
أخذ المركز الدكلي لمتكفيؽ كالتحكيـ بالرباط المحدث سنة 1999كنمكذج يعطي صكرة تقريبية
يتعدل سقؼ ثمانية عشر عنيا ،بحيث نجد أف عدد القضايا التي تـ عرضيا أماـ أنظاره لـ
()5
مكزعة عمى الشكؿ التالي: قضية،
-قضية كحيدة ( )1تتعمؽ بالنزاعات فيما بيف اﻷشخاص الذاتييف خاصة منيـ التجار؛
-1لمتكسع أكثر في ىذا المكضكع ،أنظر د.أحمد عبد الكريم سالمة ،ـ س ،ص .79
كلإلشارة فإف ىذه الجمعية قد أنشئت سنة 1962إذ اشتيرت في جذب ثقة المتعامميف في مجاؿ التجارة الدكلية ،كخاصة منيا
ﻷنجمك أمريكية.
2
)-Chambre du commerce international de paris (CCI
- 3ثـ إنشاء ىذه الغرفة سنة 1923كتعتبر ىيئة غير حككمية يكجد مقرىا الرئيسي بباريس ،كتضـ اتحادا يتككف مف شعبا كطنية
لغرؼ التجارة كالصناعة مف مختمؼ دكؿ العالـ بما فييا غرفة الدار البيضاء.
-4ككمثاؿ عنيا قضية مدينة الدار البيضاء ضد شركة ديكريمك ،dégermentنفس المرجع ،ص .422
- 5أنظر مقاؿ شمس الدين عبداتي ،ـ س ،ص 242ك.243
45
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
أما طبيعة ىذه النزاعات فإنيا كانت تتكزع عمى الشكؿ التالي:
-ثماف ( )8قضايا ليا طبيعة مالية ،أم بنسبة %45مف مجمكع القضايا المعركضة
عمى ىذا المركز,
-ست ( )6قضايا ليا طبيعة تجارية ،أم ما نسبتو %33مف مجمكع القضايا المدرجة
أماـ المركز،
-قضيتمف ( )2عقاريتمف فقط ،كالتي تحكز نسبة %11مف عدد ىذه القضايا,
-النزاعات الناشئة بيف أطراؼ مغربية ،كعددىا عشرة قضايا ( ،)10أم بنسبة %56مف
مجمكع القضايا.
،كعددىا قضية كاحدة -النزاعات الناشئة بيف اﻷجانب (مف جزيرة الرأس اﻷخضر)
( )01بنسبة %05مف مجمكع القضايا(.)1
أما عف المبالغ المتنازع بشأنيا في ىذه القضايا فكانت مكزعة عمى الشكؿ اآلتي:
-النزاعات المقدرة بأقؿ مف مائة ألؼ درىـ كعددىا ست قضايا ،بنسبة ثالثة كثالثكف في
المائة ()%33مف مجمكع القضايا.
- 1أنظر مقاؿ شمس الدين عبداتي ،ـ س ،ص 242ك ،243إذ تطرؽ في مقالو إلى مجمكعة مف اﻹحصائيات تعطي صكرة
عف عمؿ ىذا المركز .
46
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
-نزاعات أخرل ذات قيمة غير مالية كخالفات الخصكـ حكؿ عدـ احتراـ أحدىـ الجؿ
اؿزاع حكؿ بقعة أرضية،
ن تنفيذ بنكد العقد لعدـ التكصؿ بالمنتكج في الكقت المناسب ،أك ؾ
كعددىا خمس قضايا ( )05بنسبة (.)%28
كلإلشارة فإف ىذه القضايا لـ يتـ الفصؿ فييا جميعيا ،بؿ الزاؿ بعضيا قيد الدراسة مف
طرؼ ىذا المركز ،كلمتكضيح أكثر نقترح التطكر الكركنكلكجي ليا عمى الشكؿ التالي:
-تسع ( )9قضايا تمت تسكيتيا بصفة نيائيا ،أم بنسبة %50مف مجمكع النزاع.
-ثالث ( )3قضايا الزالت رىف الدراسة ،أم بنسبة %33مف مجمكع القضايا(.)1
كبعد إحصاء عدد القضايا المدرجة أماـ ىذا المركز كالذم ال تبعد عنو كثي ار باقي
المراكز التحكيمية المنتشرة بالمغرب مف حيث ضآلة عدد القضايا المعركضة عمييا ,نستنتج
عف استقطاب اﻷطراؼ المتنازعة مف أجؿ كبمغة اﻷرقاـ ىذه المرة مدل عجز ىذه المراكز
عرض خدماتيا عمييـ.
كقد أعتبر البعض أف اﻹقباؿ المحتشـ عمى ىذه المراكز يرجع إلى جممة مف اﻷسباب،
أىميا تمؾ المشاكؿ التي يعاني منيا الفاعمكف االقتصاديكف خاصة في مكاجية مصالح اﻹدارة
الضريبية ،إذ أف ىذه االخيرة ال تضفي عمى المقرر التحكيمي نفس قيمة الحكـ القضائي
الصادر عف المحاكـ الرسمية(.)2
كىذا ما تعاني منو خاصة الق اررات التحكيمية الصادرة في إطار نزاعات الشغؿ (في
66مف قانكف الضريبة العامة عمى الدخؿ يعفي قضايا الطرد التعسفي) ،ذلؾ أف الفصؿ
التعكيضات الممنكحة عف اﻷضرار المحككـ بيا بمقتضى حكـ قضائي مف الخضكع إلى ىذه
الضريبة ،في حيف ال يسرم ىذا اﻹعفاء عمى المقررات التحكيمية التي تتعمؽ بنفس المكضكع
47
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
كىذا ما يعتبر حاج از قانكنيا ال يشجع المتنازعيف عمى المجكء لمتحكيـ المؤسساتي بكجو خاص.
لذا حبذا لك نص المشرع صراحة في ىذا الفصؿ ( )66عمى أف المقرر التحكيمي يتمتع ىك
اآلخر بنفس مزايا الحكـ القضائي ،حتى يتـ تجاكز مثؿ ىذه التعقيدات التي تحد مف المجكء إلى
التحكيـ في ىذا المجاؿ ،بؿ أكثر مف ذلؾ يتعيف عميو أف يقكـ بتحفيز اﻷطراؼ عمى المجكء
إلى الكسائؿ البديمة لتسكية اؿمنازعات ,كاشتراطو مثال عرض بعض أنكاع المنازعات التجارية
كمرحمة أكلية عمى ىيئة تحكيمية كفي حالة فشؿ تكصؿ ىذه اﻷخيرة إلى حؿ مالئـ ،آنذاؾ يتـ
عرضيا عمى المحكمة المختصة ،كبذلؾ سكؼ تتحقؽ معو مجمكعة مف اﻹيجابيات تتمثؿ
بالخصكص في تقميص الضغط عمى المحاكـ مف جية ،ك في تشجيع المراكز التحكيمية عمى
تحسيف جكدة خدماتيا مف جية أخرل.
كبعد كقكفنا عمى الكضع الذم تعيشو مراكز التحكيـ المغربية ،ننتقؿ إلى المطمب
المكالي لرصد أىـ اﻷسباب التي جعمت المشرع المغربي ييمؿ تنظيـ التحكيـ المؤسساتي.
- 1بحيث جاءت ىذه المرحمة في ظرفية تاريخية ىامة كاف فييا المغرب منشغال بإعادة ترميـ مؤسساتو ،كقد تميزت
بمصادقة أكؿ برلماف مغربي بعد استقاللو عمى قانكف تاريخي كحاسـ عرؼ بقانكف المغربة كالتعريب كالتكحيد ككاف ذلؾ
48
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
ىذا ما دفعو إلى جعؿ كظائؼ القضاء حك ار عمى المكاطنيف المغاربة فقط ,بعدما كاف
قد أراد المشرع في ظؿ الحماية أغمب القضاة الممارسيف بالمغرب مف جنسيات أجنبية .ك
المنازعات لمقضاء المغربي مف خالؿ مثؿ ىذه القكانيف التكحيدية جعؿ اختصاص الفصؿ في
المغربي بشكؿ حصرم .كنتيجة ؿذلؾ أصبح كؿ ما مف شأنو المس بالعدالة العامة لمدكلة
مكضكع احتراز ك حذر مف طرفيا.
كما يدعـ ىذا المكقؼ ىك تراجع المجكء إلى التحكيـ بعدما كاف الكجية المفضمة
لتسكية المنازعات في فترة الحماية ،فالعديد مف القضايا تـ حميا عبر آلياتو دكف طرؽ أبكاب
القضاء الرسمي ،كىذا ما لـ يتـ استرسالو بعد استقالؿ المغرب لككف أغمب مرتاديو كانكا مف
االجانب(.)2
العبء اﻷكفر في تسكية نزاعات كيظير ىذا التراجع جميا مف خالؿ تحميؿ القضاء
اﻷشخاص( ،)3كىذا ما تترجمو عدد القضايا المعركضة عمى محاكمو ،إذ انتقمت تدريجيا مف
307.627قضية سنة 1957إلى أكثر مف ثالثة مالييف قضية سنة 2004أم بزيادة تقارب
بتاريخ ،1965/26/01لممزيد مف التكسع راجع د.عبد الوىاب المريني ،دركس في القانكف القضائي الخاص المغربي ،مكتبة
دار السالـ ،الرباط ،ط اﻷكلى ،2001ص 13
كأنظر أيضا:
Abdellah Bodahrain, droit judiciaire privé au Maroc, édition Al Madariss, 4éme édition 2003, p
33, et s.
- 1راجع كممة نقيب ىيئة المحاميف بفأس اﻷستاذ عز الدين بنكيران ،الطرؽ البديمة لتسكية المنازعات,أشغاؿ الندكة العممية
التي نظمتيا شعبة القانكف الخاص بكمية العمكـ القانكنية كاﻹقتصادية ك اﻹجتماعية بفاس,بشراكة مع ك ازرة العدؿ كىيئة
المحاميف بمدينة فاس ،يكمي 4ك 5أبريؿ ,2003ـ.ج.ف.ـ.ؽ.ؽ,العدد,2004-2,ط اﻷكلى,ص.12
-2لممزيد مف التكسع راجع رحال البوعناني ،ـ س ،ص 46كالذم يقكؿ في إحدل الفقرات ما يمي:
" ...كالتحكيـ لدل ىذه المحاكـ كاف يمجأ إليو بكثرة كيتبيف ذلؾ مف خالؿ اﻷحكاـ الكثيرة الصادرة في مكضكع التحكيـ كالمنشكرة
في مجمة المحاكـ المغربية ،كمف الق اررات الصادرعف محكمة االستئناؼ بالرباط عمى كجو الخصكص ،كىذا االىتماـ يرجع إلى
تفيـ كثير مف اﻷفراد كىـ مف اﻷجانب بأىمية التحكيـ كدكره في حؿ الخالفات خصكصا التجارية منيا سكاء عمى المستكل
الداخمي أك الدكلي ،كىذا التصكر أخذ مختؿ بعد رحيؿ اﻷجانب عف المغرب."...
-3كذلؾ بالرغـ مف المشاكؿ التي يعاني منيا القضاء المغربي,إذ يقكؿ د.محمد اإلدريسي العممي في ىذا الباب مايمي..." :أقؿ
المؤسسات تطك ار مع ركح العصر...ال نممس كثير التغيير في طرؽ عممو كتفتحو عمى التجديد،أك باﻷحرل يكاد يككف القضاء
,6سنة الباب اﻷكثر جمكدا ،" ...دراسة تحت عنكاف "استقالؿ القضاء كفصؿ السمط" ،مجمة القانكف ك اﻹقتصاد ،العدد
,1990ص.48
49
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
2003ما يمثؿ نسبة كقد سجمت المحكمة التجارية بالدارالبيضاء كحدىا سنة
%61.20مف مجمكع القضايا المسجمة عمى صعيد المحاكـ التجارية المغربية ،بينما ال نكاد
نسمع بتسكية قضية ما عف طريؽ إحدل المراكز التحكيمية التي تأخذ مف العاصمة االقتصادية
مق ار ليا كغرفة التحكيـ البحرم مثال (.)3
كىناؾ مف الفقو المغربي مف يرجع سبب انتكاسة التحكيـ بصفة عامة إلى نيج المشرع
لمسياسات التيميشية ضده ،بتعميؿ ككف كؿ ما يرتبط بالتحكيـ يككف عادة خارج عف رقابة
()4
في أحياف كثيرة كما جعؿ كسيطرة القكانيف الكطنية ،نظ ار لتبعية قكانينو كىيئاتو لدكؿ أجنبية
أيضا المشرع ال ييتـ بالتحكيـ المؤسساتي عدـ تكاجد مراكز تحكيمية قكية تضغط عميو مف
أجؿ تدخمو بتنظيمو تشريعيا إ سكة بتمؾ اﻷعماؿ العرفية التي تتعامؿ بيا اﻷبناؾ المغربية كالتي
ﻹعتماد يتدخؿ المشرع في مرحمة الحقة مضط ار مف أجؿ ضبطيا كتقنينيا تشريعيا (كا
المستندم مثال).
- 1راجع د .إدريس الضحاك ،عرض تقديمي لندكة التحكيـ التجارم الداخمي كالدكلي ،دفاتر المجمس اﻷعمى ،ـ س ،ص.24
-2أنظر د.ادريس الضحاك ،نفس المرجع ،ص.14
-3أنظر د.ادريس الضحاك ،نفس المرجع ،ص.14
أنظر أيضا كممة كزير العدؿ بمناسبة ا لندوة المنظمـة في إطار إحيــاء الذكرة الخمسينية لتأسيس المجمـــس األعمى"قضايا
اإلستثمار و التحكيم" ،محكمة اﻹستئناؼ التجارية بالدار البيضاء 18 ,أبريؿ . 2007كالذم قاؿ مايمي:
" كقد سجمت المحكمة التجارية بالدار البيضاء لكحدىا سنة 2006ما مجمكعو 70411قضية ,أم ما نسبتو 60.90في
المائة مف مجمكع القضايا المسجمة عمى صعيد المحاكـ التجارية المغربية" ،المرجع المكقع اﻹلكتركني لك ازرة العدؿ ،تاريخ
الزيارة .2008 -1-15
http://www.justice.gov.ma/ar/Actualites/Actualite.aspx?actualite=200&_=0
Maroc, p7
50
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
الالزمة لتسييرىا كقمة البرامج التحسيسية التي تبرز أىمية لجكئيا إلى ىذا النكع مف التحكيـ
(أكال) ،كما يعزز ىذا السبب ىك إحجاـ باقي المقاكالت اﻷجنبية المقيمة بالمغرب عف المجكء
إلى ىذا التحكيـ (ثانيا).
كاذا كاف ىؤالء المقاكلكف ال يثقكف في نجاعة ىذه الطرؽ العممية في تدبير مقاكالتيـ،
فكيؼ ليـ أف يدرككا مدل أىمية المجكء إلى مراكز التحكيـ مف أجؿ تسكية النزاعات الناشئة
لمفصؿ في مثؿ عف معامالتو ـ التجارية ؟ عمما أف أغمبيـ يكاد يجيؿ حتى كجكد آليات بديمة
ىذه الخالفات ،ىذا فضال عف أنيـ يجعمكف مف القضاء الجية الكحيدة المفضمة التي يمكنيا
النظر في قضاياىـ لما مطبع أحكامو مف شرعية ،ك انفرادقبكسائؿ التنفيذ الجبرم.
كىذا في نظرم مكقؼ غير صحيح عمى أساس أف المقررات التحكيمية تصبح ىي
اﻷخرل بعد تذييميا بالصيغة التنفيذية مثميا في اآلثار مثؿ اﻷحكاـ القضائية ،كمنيا عمى
الخصكص إمكانية تنفيذىا بكاسطة القكة العمكمية.
لذا نعتقد أنو نتيجة لمكضعية اليشة التي كانت تعيشيا أغمب ىذه المقاكالت فإنيا لـ
ترقى إلى المستكل المطمكب الذم يسمح لممشرع بالتدخؿ مف أجؿ تنظيـ التحكيـ المؤسساتي
1
- Abdellah Bodahrain, op.cit, p27.
-2راجع ،رحال البوعناني ،ـ س ،ص.40
3
-Abdellah Bodahrain,op.cit ,p 30.
51
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
باعتباره كسيمة مف الكسائؿ الحضارية في حؿ نزاعاتيا ،كىذا ما يفسر غياب فرض أية ضغكط
()1
. معنكية مف قبميا عمى المشرع لدفعو مف أجؿ تقنينيا
إال أنو ك بفعؿ التغير الجدرم الذم عرفتو ىذه المقاكالت في مطمع ىذا القرف النفتاح
ؿعدد المغرب عمى االقتصاد العالمي كتدشينو لمعديد مف المناطؽ االقتصادية الحرة بعد إبرامو
ال يستياف بو مف ا ﻹتفاقيات الدكلية في المجاؿ التجارم كالصناعي ،فإف مشرعو أدرؾ أىمية
تنظيـ التحكيـ المؤسساتي لتأقممو مع الظرفية الجديدة التي أصبح عمييا ا ﻹقتصاد المغربي كىذا
()2
ما أقدـ عميو فعال لما أصدر قانكف رقـ08-05
كنرجح أف ىذا اﻹحجاـ كاف إراديا مف قبميا ،كما يدعـ ىذا الطرح ككف أغمب العقكد
التي تبرميا مع الفاعميف ا ﻹقتصادييف المحمييف منيـ كالدكلييف تعمؿ جاىدة عمى تضمينيا
لشركط أك لمشارطات تحكيمية ،حتى تجعؿ الجية المختصة في فض النزاع المحتمؿ النشكء
عنيا ىي إحدل المراكز التحكيمية اﻷجنبية (كغرفة التجارة الدكلية بباريس ،أك مركز كاشنطف
()3
كقد ينصرؼ تبريرىا في لتسكية نزاعات الدكؿ كرعايا الدكؿ اﻷخرل أك غيرىا مف المراكز)
-1فكمما كانت المقاكالت عمى درجة عالية مف التنظيـ كالتماسؾ كاالحترافية اال كأصبح ليا كزف ثقيؿ في الحياة السياسية،
يجعميا تمارس مجمكعة مف الضغكط عمى المشرع تخدـ مصالحيا المشتركة.
-2فبالرجكع إلى الفصؿ 319مف ىذا القانكف نجد المشرع قد نص عمى أف التحكيـ يككف إما خاصا أك مؤسساتيا:
"يككف التحكيـ إما خاصا أك مؤسساتيا".
كبذلؾ يككف قد أعترؼ ﻷكؿ مرة بأحقية ىذه المراكز التحكيمية في تنظيـ عممية التحكيـ ,كىذا ما نصت عميو الفقرة اﻷخيرة
مف الفصؿ 309أعاله..." :عندما يعرض التحكيـ عمى مؤسسة تحكيمية ،فإف ىذه اﻷخيرة تتكلى تنظيمو كضماف حسف سيره
طبقا لنظاميا".
كمع ذلؾ ،فإف ىذه المراكز ال يمكنيا في جميع اﻷحكاؿ أف تقكـ بالعممية التحكيمية مباشرة ،كانما يعيد بمياـ الفصؿ في النزاع
إلى الييئة التحكيمية التابعة ليا ،كالتي يجب أف تتككف تحت طائمة البطالف مف أشخاص طبيعييف ،كىذا ما أكدتو الفقرة اﻷخيرة
مف الفصؿ 320مف القانكف أعاله عمى غرار سائر التشريعات المقارنة ،بحيث نصت عمى مايمي:
" ...إذا عيف في االتفاؽ شخص معنكم ،فإف ىذا الشخص ال يتمتع سكل بصالحية تنظيـ التحكيـ ،كضماف حسف سيره"
-3أنظر في ىذا السياؽ ،د.أحمد عبد الكريم سالمة ،ـ س ،ص.81
52
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
ذلؾ إلى ككف التحكيـ المغربي لـ يتكفر بعد عمى التجربة الالزمة كاﻷشخاص المؤىميف لتكلي
مياـ التحكيـ كما ىك عميو الحاؿ في الدكؿ المتقدمة في ىذا المجاؿ.
كعميو كاف ليذا السبب دك ار جزئيا في تيميش المشرع لمتحكيـ المؤسساتي إلى حيف
إصداره التعديؿ الجديد.
53
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
كمف أجؿ تعميـ إمكانية المجكء إلى خدمات الييئات التحكيمية المغربية سكاء مف حيث
المكاضيع القابمة لمتحكيـ أك النزاعات ذات الطابع الدكلي ،فكاف يتعيف معو عمى المشرع أف
يتجاكز ذلؾ الحصار التشريعي المضركب عمييا في ىذه المجاالت كما فعمت العديد مف
التشريعات المقارنة(المبحث األول).
54
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
لذلؾ فقد سميت بالدكلة الدركية عمى اعتبار أف ميمتيا تنحصر في الرقابة كالحراسة
فقط دكف التدخؿ في الشؤكف اﻹقتصادية التي تبقى حك ار عمى الخكاص ( .)2كىذا ما أستقر عميو
التاريخ التشريعي لعدة دكؿ ،فمـ يكف مف المتصكر مثػال إباف كضع التقنينات الفرنسية في
بداية القرف التاسع عشر بعد استكماؿ ىيمنة الدكلة عمى السمطات الثػالث أف تتدخؿ ىذه الدكلة
كمؤسساتيا في اتفاؽ التحكيـ اؿذم يجمعيا بالخكاص(.)3
كما نستحضر أف أغمب المنازعات الناشئة عف العقكد التي تبرميا الدكلة تتعمؽ بأعماؿ
صادرة عنيا بصفتيا سمطة سياسة عامة ،لذا فإنيا تبقى منازعات تخضع بطبيعتيا ىاتو
لمحصانة القضائية المطمقة ،كىذا ما سارت عميو محكمة االستئناؼ الباريسية في قرارىا الصادر
بتاريخ 7نكنبر ،1983كالذم نص عمى ما يمي:
«...Le tribunal à bon droit soulevé d’office son incompétence d’ordre public pour
connaître de la demande dirigée contre la République démocratique du Laos dont
la responsabilité est recherchée a l’occasion d’une mesure de nationalisation qui,
55
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
كاستثناء مف القاعدة العامة فقد اعتبر قبكؿ الدكلة لمتحكيـ بمثابة امتياز ممنكح مف
قبميا لمشخص المتعاقد معيا ،كذلؾ مف أجؿ تشجيعو عمى االستثمار داخؿ حدكدىا (.)2
كتجدر اﻹشارة في ىذا الصدد إلى أف القانكف الفرنسي باعتباره المرجع التاريخي
لممشرع المغربي ،فقد كاف مستق ار عمى مبدأ عدـ جكاز اتفاؽ أشخاص القانكف العاـ مع
1004مف قانكف الـ سطرة أشخاص القانكف الخاص عمى المجكء لمتحكيـ كذلؾ طبقا لممادة
المدنية ،مبر ار ذلؾ في عدـ إمكانية حضكر النيابة العامة في جمسات الييئة التحكيمية كالتي
ملزـ عمييا ىذا الحضكر كمما كانت الدكلة أك اﻷشخاص العامة المتفرعة عنيا طرفا في الدعكل
كذلؾ حسب المادة 830مف نفس القانكف حماية لمصالحيا.
قذا مصد ار بذلؾ عدة كما أف مجمس الدكلة الفرنسي قد ساير التشريع في اتجاىو
ق اررات تمنع صراحة اﻷشخاص المعنكية العامة مف المجكء إلى التحكيـ ،كعميو فقد جاء في
إحدل ق ارراتو ما يمي:
1004ك 83مف قانكف المرافعات المدنية ،ب أف " ...يستنتج مف الرجكع إلى الفصميف
الدكلة كاﻷشخاص المعنكية ال يمكنيا المجكء إلى التحكيـ في حؿ نزاعاتيا.)4( "...
13 كقد عمؿ مجمس الدكلة عمى تكريس اجتياده في قرار أخر صادرعنو بتاريخ
دجنبر ،1957إذ مقضي فيو مايمي:
-1أنظر المجمة اﻹنتقادية ،1984ص ,344تعميؽ الفقيو الكارد ( . )la gardeىذا القرار مذككر في مرجع د .حفيظة السيد
الحداد ،العقكد المبرمة بيف الدكؿ كاﻷشخاص اﻷجنبية ،ـ س ،ص .285
- 2أنظر د.مصطفى محمد الجمال و د.عكاشة محمد عبد العال ,ـ س ،ص .287
-3راجع مصطفى محمد الجمال و عكاشة محمد عبد العال ،ـ س،ص139ك.140
أنظر أيضا نصار جابر جاد نصار ،التحكيـ في العقكد اﻹدارية ،القاىرة ،دار النيضة العربية .1998
راجع كذلؾ ،جعفر كريشان ،التحكيـ في العقكد اﻹدارية ،بحث لنيؿ الدبمكـ الجامعي العالي ،كمية الحقكؽ السكيسي الرباط،
السنة الجامعية ، 2007-2006ص 52كما بعدىا.
-4قرار مجمس الدكلة الفرنسي صادر بتاريخ 24يكليكز .1956
56
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
"...يترتب عمى تطبيؽ مقتضيات الفصميف 1004ك 83مف قانكف المسطرة المدنية بأف
المؤسسات العامة ال يمكنيا قبكؿ التحكيـ ،إال في حالة كجكد مقتضيات تشريعية تمنح ليا ىذا
الحؽ بصفة خاصة.)1("...
قاـ المشرع المغربي بالتنصيص عمى نفس المبدأ في كبتأثر مف المشرع الفرنسي,
قانكف المسطرة المدنية المعدؿ سنة .1974ك نص في الفصؿ 306منو عمى المقتضيات
التالية:
" يمكف لألشخاص الذيف يتمتعكف باﻷىمية أف يكافقكا عمى التحكيـ في الحقكؽ التي
يممككف التصرؼ فييا...
كيمكف القكؿ مف خالؿ تحميؿ ىذا الفصؿ أف الييئة التحكيمية ال يمكنيا القياـ بالفصؿ
في نزاعات يككف أحد أطرافيا شخصا معنكيا عاما ،كمع ذلؾ فػال يعد ىذا المنع مطمقا فكمما
إال كانت ىذه اﻷشخاص تؤدم أعماال ليا طبيعة اقتصادية أك تجارية عمى المستكل الدكلي
ككاف لجكؤىا إلى التحكيـ جائ از ﻹشتباه تصرفاتيا مف حيث اآلثار القانكنية بتمؾ التي تقكـ بيا
الخكاص(.)3
57
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
بالتالي تصبح شركط أك مشارطات التحكيـ التي اتفقت عمييا مع الغير صحيحة
كممزمة ليا بغض النظر عف المنع المذككر أعػاله (.)1
كىناؾ مف الفقو المغربي مف يؤيد ىذا المنع عمى اعتبار أف النزاعات التي تككف إحدل
اﻷشخاص المعنكية العامة طرفا فييا يستكجب فييا إدخاؿ النيابة العامة في دعاكييا كطرؼ
رئيسي ،كىذا ما يتعذر حصكلو في مثؿ ىذه النزاعات لغياب ىذا الجياز في عضكية الييئة
التحكيمية(.)2
أما عمى مستكل ا ﻹجتياد القضائي المغربي فمـ يخرج عف اﻹتجاه الذم تبناه المشرع
بخصكص ىذا المكضكع ( ،)3ككاف ذلؾ في إحدل الق اررات الصادرة عنو إباف عيد الحماية ،إذ
جاء في بعض حيثياتو ما يمي:
"...كحيث إنو في الحقيقة ال يمكف لمدكلة أف تسحب النزاعات التي تككف طرفا فيما مف
أنظار قضاة قامت ىي بنفسيا بتعيينيـ...
58
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
...كحيث إنو طبقا لمظيائر السارية كخصكصا الصادر منيا بتاريخ 9يكنيك 1917المتعمؽ
بالمحاسبة العامة ،ال مككف لمديرم كرؤساء مصالح الدكلة الشريفة كخصكصا مدير اﻷشغاؿ
العمكمية حرية التصرؼ في حقكؽ الدكلة المناط بيـ إدارتيا إال في حدكد ضيقة كبصكرة
محدكدة...
...كحيث إنو مف جية أخرل كتطبيقا لمفصؿ 186مف ظيير المسطرة المدنية يجب
عمى النيابة العامة كبصكرة إلزامية تقديـ مستنتجاتيا في كؿ النزاعات التي تتعمؽ باﻹدارات
العمكمية. ...
...كحيث إف ىذا البطالف مطمؽ ،يمكف التمسؾ بو مف طرؼ المستأنفيف كمف طرؼ
اﻹدارة كذلؾ"(.)1
كىكذا نككف قد خمصنا إلى بياف أسباب استبعاد القانكف المغربي في مرحمة ما
.قذا كيمكف إبداء لمنزاعات التي يككف أحد أطرافيا شخصا معنكيا عاما مف القابمية لمتحكيـ
ضرر التي قد تتكبدىا الدكلة في حاؿ
بعض المالحظات التي نكد مف خالليا إظيار مدل ا ﻷ ا
استبعاد مثؿ ىذه النزاعات مف اَلية التحكيـ ،ك ذلؾ عمى الشكؿ اؿتاؿم:
المالحظة األولى:
بالرغـ مف الخصكصية التي يتميز بيا التحكيـ في إطار العقكد اﻹدارية الكطنية فإف
أىمية المجكء إليو تزداد بشكؿ كبير كمما تعمؽ اﻷمر بعقكد إدارية دكلية ،كذلؾ عمى اعتبار أف
تسكية مثؿ ىذه العقكد بكاسطة التحكيـ يمكف أف يككف مف الشركط التي يفرضيا الطرؼ
المتعاقد اﻷجنبي عمى الدكلة ،لذا ؼإف كؿ محاكلة ﻹبعاده إال كستتسبب في آثار كخيمة عمى
اقتصاديات الدكلة.
- 1قرار صادر عف محكمة االستئناؼ بالرباط بتاريخ 26يكنيك , 1923منشكر بمجمكعة ق اررات محكمة االستئناؼ ( سنة
-II 1923ص ،)131مذككر بمرجع رحاؿ البكعناني ،ـ س ،ص . 79
د.محمد الوكيمي "،تحكيـ البنؾ الدكلي لتسكية نزاعات االستثمار الناشئة بيف دكلة أنظر أيضا في ىذا المكضكع تعميؽ
كشخص أجنبي خاصا" ،أطركحة لنيؿ درجة الدكتكراه ،قدمت لممناقشة بكمية الحقكؽ بالرباط ،ص 101كما بعدىا.
59
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
المالحظة الثانية:
إف مسألة جمب ا ﻹستثمارات إلى المغرب في الظرفية ا ﻹقتصادية الحالية التي تتميز
بمنافسة شرسة في ىذا المجاؿ بيف كافة دكؿ العالـ كال سيما النامية منيا ،تقتضي منو
إلى التحكيـ عمى أساس أف معظـ التضحية بحصانة أشخاصو المعنكية العامة في لجكئيا
المستثمريف أصبحكا يشترطكف ﻹبراـ عقكدىـ مع المغرب أف تتـ تسكية نزاعاتيـ المحتممة عف
طريؽ التحكيـ ،نظ ار ﻹستيعابيـ ؿلمشاكؿ التي يعاني منيا القضاء المغربي خاصة فيما يتعمؽ
ببطء مساطر التقاضي أماـ محاكمو.
المالحظة الثالثة:
إف اﻷطراؼ يتمسككف عادة عند تعاقدىـ مع الدكلة بالمجكء إلى الييئات التحكيمية
كحؿ بديؿ عف القضاء الكطني ( ،)1لعدـ كجكد ىيئة قضائية ذات اختصاص دكلي لفض
نزاعات العقكد اﻹدارية الدكلية (.)2
المالحظة الرابعة:
ال مانع مف عرض نزاعات اﻷشخاص المعنكية العامة ذات الطابع اﻹقتصادم عمى
الييئة التحكيمية ،لعدـ مساسيا بالسير العادم لممرافؽ العامة السيادية ،التي تقتضي اﻹستم اررية
لطبيعتيا اﻹدارية.
-1ىذا إضافة إلى أف القاضي الكطني يحتمؿ تحيزه لفائدة الدكلة التي ينتمي إلييا.
أنظر حكؿ ىذا المكضكع د.جالل وفاء محمدين " التحكيـ تحت مظمة المركز الدكلي لتسكية منازعات االستثمار ،دار الجامعة
الجديدة لمنشر,ط ،1995ص .12
2
- Sur cette question voir O.Caprasse, écrit que,
«...En outre, nombre de litiges en la matière peuvent mettre en présence des intervenant de pays
différents l'absence de juridiction privée internationale rend alors parfois l'arbitrage
indispensable aux yeux des parties soucieuses de -jouer en terrain neutre-».
O.Caprasse, op.cit, p 148.
60
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
كلعؿ ىذا ما جعؿ الدكلة كالييآت التابعة ليا تتعامؿ مع محيطيا اﻹقتصادم بكاسطة
أدكات غريبة عنيا كالتي تجد أساسيا في القانكف الخاص،إذ بدخكليا عالـ الماؿ كاﻷعماؿ
أصبحت مف المرتاديف عمى الييئات التحكيمية مف أجؿ تسكية المنازعات الناشئة عف
معامالتيا ،متنازلة بذلؾ عف حصانتيا القضائية (.)2
المعنكية كىناؾ مف ينتقض ذلؾ الفقو الذم يعارض فكرة طرح نزاعات اﻷشخاص
العامة عمى التحكيـ،عمى اعتبار أف الدكلة أصبحت في نطاؽ عالقتيا ا ﻹقتصادية مخيرة في
التنازؿ عف حصانتيا القضائية بمناسبة تعامميا مع غيرىا مف الدكؿ اﻷخرل أك الشركات
المتعددة الجنسيات ،فتنازليا ىذا حسب تعبيره ليس فيو ما يتعارض مع سيادتيا ،كانما العكس
-أنظر عبد اهلل درميش ،التحكيـ الدكلي في المكاد التجارية ،ممخص رسالتو المقدمة بجامعة الحسف الثاني بكمية العمكـ 1
القانكنية كاالقتصادية كاالجتماعية بالدار البيضاء ،مجمة القضاء كالقانكف ،السنة الخامسة كالعشركف ،العدد ,137السنة 1987
ص.109-108
راجع أيضا في ىذا الباب د.عبد اهلل حداد ,صفقات االشغاؿ العمكمية كدكرىا في التنمية,منشكرات عكاظ,ط,2002ص .3
-2راجع د.حفيظة السيد الحداد ،ـ س،ص .112
"ىوليداي إنز" ( )Holiday innsضد المغرب ،فنظ ار لقد تمت اﻹشارة في ىذا المرجع إلى كقائع النزاع المتعمؽ بقضية
لرغبة حككمة ىذا اﻷخير في تطكير قطاع السياحة قامت بالتعاقد مع ىذه الشركة ( )Holiday innsكذلؾ مف أجؿ بناء عدة
فنادؽ ،كقد تـ التنصيص عمى شرط التحكيـ في عقدىـ الحالة النزاعات المحتممة النشكء عمى التحكيـ ،كفعال عند نشكء
النزاع بينيما كقع االختالؼ حكؿ تفسير الفقرة الثانية مف المادة 25مف معاىدة كاشنطف مما تـ معو عرض النزاع عمى المركز
الدكلي لفض النزاعات الناشئة بيف الدكؿ ك رعايا الدكؿ اﻷخرل،إال أنو في اﻷخير تـ حؿ ىذا النزاع كديا بعيدا عف ىذا
المركز.
61
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
ىك الصحيح ،حيث إف ىذا التنازؿ سيمثؿ تعبي ار مف طرؼ الدكلة عف سيادتيا إذ سيمكنيا
االختيار بيف كضعيتيف في تعامالتيا فإما أف تختار كضعية الدكلة صاحبة السيادة التي تعمؿ
عمى فرض حصانتيا عمى المتعاقديف معيا ،كاما أف تختار كضعية الشخص المتعاقد الخاضع
قؿكاعد القانكف الخاص مثؿ أم شخص معنكم خاص كبالتالي جكاز لجكئيا إلى آلية
التحكيـ(.)1
كاذا كاف المشرع المغربي قد منع مبدئيا اﻷشخاص المعنكية العامة بمقتضى الفصؿ
إلى الييئات التحكيمية عمى اعتبار أف النزاعات الناتجة عف 306مف ؽ.ـ .ـ مف المجكء
عقكدىا كأمكاليا ىي نزاعات مف النظاـ العاـ ،فإنو بالمقابؿ قد رفع ىذا المنع في إطار قانكف
08-05الجديد .كقد تبدك مقتضيات الفصؿ 310مف القانكف الجديد تنص عمى غير ذلؾ,
بحيث أنيا استيمت بما يمي:
"اليجوز أف تككف محؿ تحكيـ النزاعات المتعمقة بالتصرفات االحادية لمدكلة أك
الجماعات المحمية أك غيرىا مف الييئات المتمتعة باختصاصات السمطة العمكمية."...
إال أننا نستنتج مف خالؿ الفقرة الثانية مف ىذا الفصؿ أنيا تمنع التحكيـ في النزاعات
المتعمقة بالتصرفات اﻷحادية لمدكلة فقط ( ،)2بحيث ال يسرم ىذا المنع عمى تصرفاتيا الثنائية
التي تبرميا مع غيرىا مف الخكاص سكاء كانكا أشخاصا معنكية أك طبيعية (.)3
كاذا كاف يجكز التحكيـ في إطار النزاعات المالية الناتجة عف التصرفات الثنائية فقط
(باستثناء تمؾ المتعمقة بتطبيؽ اؿقانكف اؿجبائي) ،فإنو عمى اﻷقؿ تـ ا ﻹعتراؼ كﻷكؿ مرة في
تاريخ التشريع المغربم بأحقية ىذه اﻷشخاص في المجكء إلى التحكيـ مف أجؿ تسكية نزاعاتيا
الناشئة عف تعامالتيا مع اﻷشخاص اﻷجنبية كالكطنية.
-راجع د.الحبيب سميم " ،المؤسسات العمكمية كالتحكيـ" ،مجمة القضاء كالتشريع تصدرىا ك ازرة العدؿ بالجميكرية التكنسية، 1
62
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
كىكذا نرل أف المشرع المغربي قد نيج تدريجيا سياسة تحرير اﻷشخاص المعنكية
إمكانية المجكء إلى الييئات التحكيمية .كمع العامة مف الحظر الذم كاف مفركضا عمييا في
ذلؾ يبقى إستثناء النزاعات المتعمقة بتطبيؽ القكانيف الجبائية منطقيا ,كذلؾ الرتباطيا القكم
بالنظاـ العاـ مف جية ،كالعتبارىا تتعمؽ بالتزامات منصكص عمييا دستكريا مف جية ثانية
,الشيء الذم يجعؿ الجية كالتي يتعيف أف يتحمميا كؿ مكاطف مغربي حسب استطاعتو
القضائية المالئمة لصكنيا ىي القضاء االدارم لما يتمتع بو مف احترافية عالية في ىذا
المجاؿ.
كتجدر اﻹشارة إلى أف ىناؾ مف الفقو مف عاتب المشرع عمى مكقفو المتشدد مف
ضركرة تقييد الدكلة كالجماعات المحمية كالييئات العامة بالمقتضيات الخاصة بالمراقبة ك
الكصاية المنصكص عمييما في القكانيف التشريعية كالمكائح التنظيمية السارية المفعكؿ ( ،)1إذ أنو
تساءؿ عف نكعية ىذه المراقبة أك الكصاية التي يمكف أف تخضع ليا الدكلة أك الجماعات
المحمية في لجكئيا إلى الييئات التحؾ ممية لحؿ نزاعاتيا ؟ كما أنو تساءؿ أيضا عف مدل
ضركرة حصكليا عمى ترخيص مسبؽ مف جيات معينة حتى تستطيع مباشرة مسطرة التحكيـ؟
اَخر حكؿ تحديد طبيعة ىذا كفي حالة ما إذا كاف ىذا الترخيص ضركريا فإنو طرح سؤاال
ال الترخيص ،أم ىؿ يعتبر ترخيصا عاما يدرج ضمف اختصاصات االدارة المعنية كبالتالي
تحتاج إلى إصدار ترخيص كمما أرادت المجكء إلى التحكيـ ,أـ أنو يعد ترخيصا خاصا يمنح
بمناسبة كؿ نزاع عمى حدل كمما ارتأت االدارة تسكيتو عف طريؽ التحكيـ؟
- 1كيظير مكقؼ المشرع ىذا في الفقرة اﻷخيرة مف الفصؿ 310ك الذم ينص عمى ما يمي:
" ...يمكف أف تككف النزاعات المتعمقة بالعقكد التي تبرميا الدكلة أك الجماعات الممحية محؿ اتفاؽ التحكيـ في دائرة التقييد
بالمقتضيات الخاصة بالمراقبة أك الكصاية المنصكص عمييما في النصكص التشريعية أك التنظيمية الجارم بيا العمؿ فيما
يخص العقكد المعينة."...
63
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
ىذا باﻹضافة إلى استحضاره لممشاكؿ المتكلدة عف تعييف الجية المكككؿ ليا
اختصاص منح مثؿ ىذه التراخيص ،فيؿ تعيد إلى السمطات المحمية أـ إلى سمطات الكصاية
المركزية؟(.)1
كبرجكعنا لمقانكف المقارف نجده ذىب كذلؾ تدريجيا نحك الرفع الكامؿ لمحظر المفركض
،ككمثاؿ عميو نأخذ مجمة التحكيـ عمى الدكلة كىيئاتيا مف المجكء إلى الييئات التحكمية
التكنسية الجديدة التي قضت كبشكؿ كاضح بحؽ الدكلة كىيئاتيا في اؿلجكء إلى التحكيـ كذلؾ
عمى المستكييف الكطني كالدكلي ،حيث نصت في الفقرة الخامسة مف الفصؿ السابع مف ىذه
إذا كاف المبدأ ىك عدـ جكاز التحكيـ في
المجمة عمى ىذا المبدأ في حيف أكردت عميو استثناء ؼ
النزاعات المتعمقة بالدكلة كالمؤسسات العمكمية ذات الصبغة اإلدارية كالجماعات المحمية ،فإف
االستثناء ىك جكاز ىذا التحكيـ كؿ ـ ا كانت النزاعات ناتجة عن عالقات دولية اقتصادية أك
تجارية أك مالية .كبذلؾ يتبيف أف مجمة التحكيـ التكنسية تفصؿ بصكرة كاضحة بيف التحكيـ
الداخمي كالتحكيـ الدكلي(.)2
كما جاء قانكف التحكيـ المصرم الجديد رقـ 27الصادر سنة 1994متكجا ليذا التكجو
أيضا ،إذ نص في المادة اﻷكلى منو عمى المقتضيات التالية:
"مع عدـ اﻹخالؿ بأحكاـ االتفاقيات الدكلية المعمكؿ بيا في جميكرية مصر العربية
تسرم أحكاـ ىذا القانكف عمى كؿ تحكيـ بيف أطراؼ مف أشخاص القانكف العاـ أك القانكف
الخاص أيا كانت طبيعة العالقة القانكنية التي يدكر حكليا النزاع ،إذا كاف ىذا التحكيـ يجرم
في مصر ،أك كاف تحكيما تجاريا دكليا يجرم في الخارج كأتفؽ أطرافو عمى إخضاعو لنظاـ
ىذا القانكف".
، 08-05الندكة الجيكية الحادية عشر مف سمسمة ندكات -راجع د .رياض فخري " ،قكاعد التحكيـ قراءة في القانكف رقـ 1
المجمس اﻷعمى المنظمة بمناسبة االحتفاؿ بالذكرل الخمسينية لتأسيسو ،الناشر جمعية التكافؿ االجتماعي لقضاة كمكظفي
المجمس اﻷعمى نكنبر ،2007ص 429كما بعدىا.
-راجع سميم الحبيب " ،المؤسسات العمكمية كالتحكيـ" ،مجمة القضاء كالتشريع ،مجمة تصدرىا ك ازرة العدؿ بالجميكرية 2
64
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
كبذلؾ أصبحت النزاعات اﻹدارية بمصر قابمة لمتحكيـ حتى كلك كاف اﻷمر يتعمؽ
بعقكد إدارية تخص معامالت محمية.
كتالفيا لمتفسيرات الفقيية المتعددة ليذه المادة تدخؿ المشرع المصرم بمقتضى القانكف
رقـ 9لسنة 1997ك قاـ بتعديؿ بعض أحكاـ قانكف التحكيـ المشار إليو أعاله ,مضيفا فقرة
ثانية لممادة اﻷكلى نص فييا عمى مايمي:
"بالنسبة إلى المنازعات اﻹدارية يككف االتفاؽ عمى التحكيـ بمكافقة الكزير المختص أك
مف يتكلى اختصاصو بالنسبة لألشخاص االعتبارية ،كال يجكز التفكيض في ذلؾ" (.)1
كنفس المسار قد ذىب عميو القضاء المصرم بعد نفاذ القانكف رقـ 27لسنة 1994
أعاله ،إذ أجاز القضاء االدارم لجكء ىذه ا ﻷشخاص إلى التحكيـ لتسكية المنازعات الناشئة
عف عقكدىا اﻹدارية كذلؾ مف خالؿ حكمو الصادر في الدعكل المقامة مف قبؿ كزير اﻷشغاؿ
بصفتو ىذه ضد الممثؿ القانكني لمجمكعة الشركات اﻷكربية التي كمفت بإنجاز مشركع قناطر
إسنا الجديدة ،حيث رفض ىذا القضاء طمب المدعي ببطالف حكـ ىيئة التحكيـ في الدعكل
م يرجع لعدـ اختصاص تمؾ الييئة بالنظر فييا ،عمى اعتبار أف النزاع يتعمؽ بعقد إدار
اﻹختصاص لمنظر فيق إلى مجمس الدكلة كحده فقط(.)2
كلمعمـ فإف المحكمة الدستكرية العميا بمصر قد أيدت ىي اﻷخرل ىذا القضاء (.)3
أما عف القضاء الفرنسي ،فإنو كاف السباؽ إلى رفع سرياف الحظر الكارد في القانكف
الداخمي عمى قابمية العقكد اﻹدارية الدكلية لمتحكيـ ،ككاف ىذا االجتياد قد صدر عمى مستكل
أعمى ىيئة قضائية كالمتمثمة في محكمة النقض كذلؾ بمناسبة عرض القضية المعركفة بإسـ
كاالكيس Galakisعميو(.)4
-1راجع ،د.محمد الجمال و د.عكاشة عبد العال ،ـ س ،ص 146كما يمييا.
- 2راجع ىذا الحكـ ،القضاء اﻹدارم ،قضية رقـ 4188لسنة 48جمسة ،18/1/1986مذككر في مرجع د.محمد الجمال و
د.عكاشة عبد العال .ـ س ،ص .94
-3راجع نفس المرجع،ص .95
- 4حكـ محكمة النقض الفرنسية صادر في مام , 1966مذككر في مرجع د .حفيظة السيد الحداد ،العقكد المبرمة بيف الدكؿ
كاﻷشخاص اﻷجنبية ،ـ س ،ص ، 299كقد تـ التطرؽ فيو إلى ىذه القضية بشكؿ مفصؿ=
65
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
= كنفس المكقؼ أتبعو القضاء الفرنسي في قرار حديث لمحكمة اﻹستئناؼ الباريسية كالذم قضى أف أيا ما كاف أساس الحظر
المفركض عمى الدكلة ﻹبراـ اتفاؽ التحكيـ فإف مثؿ ىذا الحظر يبقى ساريا عمى العقكد التي تتـ كفقا لمنظاـ الداخمي فقط،
كبذلؾ نص عمى ما يمي:
«…quel qu’en soit le fondement, la prohibition pour un État de compromettre est limitée aux
contrats d’ordre interne et n’est pas opérateur public de se prévaloir des dispositions de son droit
national au de la loi du contrat pour se soustraire a posteriori à l’arbitrage convenu...».
Cour d’appel de paris, 13 juin 1996, rev arb, 1997, p 251, note E.Gaillard.
- 1كنقصد بيذا التشريع ؽ.ـ.ـ قبؿ صدكر قانكف .08-05
- 2كأىـ ما يدفع الدكؿ لإلنضماـ إلى مثؿ ىذه االتفاقيات ىك تشجيع ىا في جمب اﻹستثمار إلييا ،إذ غالبا ما تتضمف قكانينيا
نصكصا صريحة تقضي بقبكؿ التحكيـ .
أنظر في ىذا المعنى:
د.محمد ثكمنت ،إذ يقكؿ في ىذا المعنى”...أصبحت الدكؿ النامية في اﻷكنة اﻷخيرة تنيج سياسة جمب اﻹستثمار اﻷجنبي
بتكفير مجمكعة مف الضمانات القانكنية بمقتضى قكانيف اﻹستثمار الداخمية لمدكلة التي يرغب في التعامؿ معيا .لكف تمؾ
الضمانات تبقى غير كافية في نظره لتأميف استثماره ضد المخاطر غير التجارية ما لـ تقرف بكسيمة قضائية بديمة عف القضاء
الرسمي في التحكيـ التجارم الدكلي التي تكفره لو باﻹضافة إلى الضمانات العامة التي يستفيد منيا كؿ تاجر دكلي أك
مستثمر أجنبي سكاء تعاقد مع الدكلة المضيفة لإلستثمار أك إحدل المؤسسات التابعة ليا أـ مع شخص آخر يخضع لمقانكف
الخاص ,ضمانات أخرل خاصة يستفيد منيا المستثمر اﻷجنبي كمما تعاقد مع الدكلة أك إحدل مؤسساتيا العامة ك المتمثمة في
إمكانية مخاصمة الدكلة ك التمثيؿ ضدىا “ د.محمد ثكمنت,ـ.س,ص135ك.136
أيض:
ا أنظر
Jean-Pierre, contrats d état et arbitrage entre états et personnes privées, étude suisse de droit
international, volume 33, Genève 1983, p3
«En ce qui concerne l'institution de l’arbitrage, elle ne doit plus des lors être
seulement d'encourager les investissements, mais devra prendre en considération les intérêts
légitimes deux parties».
66
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
الدكلية تجعؿ ىاتو اﻷخيرة تتميز بمجمكعة مف إف طبيعة المعامالت التجارية
الخصكصيات أىميا البحث الدائـ عف اﻷسكاؽ الجديدة الذم يتطمب السرعة في إبراـ الصفقات
كالعقكد ،نتيجة تكسع دائرة التنافس بيف الفاعميف االقتصادييف (.)1
()2
كنظ ار الرتفاع أرقاـ معامالت اﻷطراؼ كتعدد أنشطتيا عمى صعيد التجارة الدكلية
فإنيا أصبحت بمركر الزماف كاعية بأىمية حؿ خالفاتيا في مدة زمنية قصيرة حتى ال تفكت
عمييا فرص جديدة لمتعاقد مف أجؿ تحقيؽ المزيد مف الربح .مما جعؿ الييئات التحكيمية الجية
الكحيدة التي يمكنيا اﻹستجابة ليذه الغاية لتميزىا بالقدرة الفنية المالئمة لحسـ ىذه الخالفات
عكس أغمبية النظـ القضائية العالمية التي يعاني جميا مف البطء الشديد.)3( .
لذا يككف التحكيـ الدكلي قد لعب بكاسطة ىذه الييئات دك ار كبي ار في تشجيعو لمتجارة
بعتبار المغرب كاحدا مف بيف الدكؿ ا ﻷكلى التي اىتمت بو عمى صعيد االتفاقيات
الدكلية ،إ
الدكلية( ،)4فإنو كمع ذلؾ لـ يتمكف مف معالجتو في إطار قانكنو الداخمي (.)5
-1راجع محمد عبد اهلل محمد المؤيد ،منيج القكاعد المكضكعية في فض المنازعات الخاصة ذات الطابع الدكلي -دراسة
تأصيمية ،-رسالة لنيؿ درجة الدكتكراه في الحقكؽ مقدمة بجامعة القاىر ،سنة ،1998ص.117
-2راجع كمال ابراىيم ،التحكيـ التجارم الدكلي ،دار الفكر العربي ,ط,1991ص.70
- 3منير عبد المجيد ،التنظيـ القانكني لمتحكيـ الدكلي كالداخمي ،منشأة المعارؼ,االسكندرية ،ط ،1997ص.7
- 4كقد كانت أكؿ اتفاقية تتعمؽ بالتحكيـ الدكلي قد أبرميا المغرب سنة 1693مع فرنسا بيف كؿ مف السمطاف المكلى إسماعيؿ
المقيميف كالممؾ لكيس الرابع عشر ،ك تسمى ىذه االتفاقية بمعاىدة سان جرمان ،إذ كاف مكضكعيا ينظـ حالة اﻷجانب
بالمغرب.
راجع في ىذا السياؽ عبد اهلل درميش " ،التحكيـ الدكلي في المكاد التجارية " ،رسالة لنيؿ دبمكـ الدراسات العميا في القانكف
الخاص ،السنة الجامعية ،1983-1982كمية الحقكؽ الدار البيضاء ،ص .130
5
-Voir Abdellah Bodahrain,op.cit, p139.
« …ayant au début de nos propos abordé les définitions de l’arbitrage commercial international,
il y a lieu de mettre ici l’accent sur les difficultés pour l’étude de cette matière et des
dispositions prises pour leur trouver une solution convenable.
Ces difficultés tiennent en générale a l'absence d'une législation marocaine sur l’arbitrage
international dans le domaine commercial à un ordre juridique interne ou international dans le
domaine commercial car le problème essentiel est celui du rattachement de l’arbitrage à un
ordre juridique interne ou international cohérent et adaptable à la situation particulière au
Maroc. ».
67
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
فباﻹطالع عمى الفصكؿ مف 306إلى 327مف قانكف المسطرة المدنية لسنة 1974
قبؿ التعديؿ ،نجدىا لـ تتطرؽ إلى مسألة ما إذا كاف نطاؽ التحكيـ يخص التحكيـ الدكلي ،أـ
أنو ينظـ بالتحكيـ الداخمي فقط؟
كاذا كاف المشرع لـ ينظـ التحكيـ التجارم الدكلي في فصكؿ ؽ.ـ.ـ ،فإنو بالمقابؿ قد
خصص لو مادة فريدة في القانكف رقـ 18-95المتعمؽ بميثاؽ االستثمار الصادر سنة ،1995
كيتعمؽ االمر بالمادة 17منو كالتي نصت عمى إمكانية تضـ مف عقكد االستثمار بنكد تقضي
بتسكية كؿ نزاع قد ينشا بيف الدكلة المغربية كالمستثمريف اﻷجانب كفقا ؿ ﻹ تفاقيات الدكلية التي
صادؽ عمييا المغرب في ميداف التحكيـ.
كجدير بالذكر أف التحكيـ الدكلي قد حصؿ عمى الدعـ الكافي كيتضح ذلؾ مف خالؿ
ما تضمنتو الرسالة الممكية المكجية إلى الكزير اﻷكؿ بخصكص التدابير الالمتمركزة ؿ ﻹ ستثمار
محمد السادس الحككمة المغربية عمى القياـ بالتدابير الكفيمة كالتي حث فييا جاللة الممؾ
بتحديث إدارة القضاء كمراجعة مساطر معالجة النزاعات بيف المستثمريف عف طريؽ التحكيـ.
كقد جاء في الفقرة الثانية مف المقطع الخامس مف ىذه الرسالة ما يمي :
ومراجعة مساطر التسوية "...كالكاجب كذلؾ مكاصمة جيكد تحديث إدارة القضاء
الحبية لمنزاعات بين المستثمرين بواسطة التحكيم.)1( "...
كفي مستيؿ سنة 2003تـ تجسيد أكؿ ـ بادرة قامت بيا اﻷمانة العامة لمحككمة مف
أجؿ إخراج مشركع قانكف يتعمؽ بالتحكيـ حمؿ اسـ " مشركع مدكنة التحكيـ" ،إال أنو كلألسؼ
تـ التراجع عنو في آخر المطاؼ ليتـ تعكيضو بمشركع قانكف آخر يقضي بتعديؿ مقتضيات
الباب الثامف مف القسـ الخامس مف قانكف المسطرة المدنية ،كالذم خرج فيما بعد إلى الكجكد
بعد المصادقة عميو مف طرؼ البرلماف .
كعمى العمكـ فإف ىذه المدكنة الممغاة قد عالجت التحكيـ الدكلي ككاف ذلؾ في المكاد
مف 47إلى 62منيا.
-1راجع الرسالة الممكية المؤرخة في 24شكاؿ 1422المكافؽ لػ 9يناير 2002المكجية إلى الكزير اﻷكؿ بمناسبة القياـ
بالتدابير الالمتمركزة لالستثمار ،ج ,ر الصادرة بتاريخ 17يناير.2002
68
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
إال أنو بصدكر القانكف رقـ 08-05سنة ،2007كالذم أصبح بمقتضاه تـ تنظيـ ىذا
النكع مف التحكيـ تنظيما دقيقا (.)1كالمالحظ أف المشرع المغربي خصص لمتحكيـ الدكلي ستة
عشر فصال ( )16ضـ فىا في الفرع الثاني مف ىذا القانكف (.)2
كلإلشارة فإف ىذه الفصكؿ لـ تط أر عمييا مقارنة لما كرد بمشركع مدكنة التحكيـ الممغاة
تغييرات ىامة ،باستثناء بعض التنقيحات التي طالت المكضكعاف التالياف:
الموضوع األول :التنظيم الدقيق لمعايير اعتبار التحكيم دولي
عندما تطرؽ مشركع مدكنة التحكيـ الممغاة إلى المعايير التي تجعؿ التحكيـ دكليا
48التي نصت عمى فإنو لـ يقـ بالتكسع في تفصيميا ،كانما اكتفى بمادة يتيمة كىي المادة
معيار كاحد يككف معو التحكيـ دكليا كمما كاف نزاع اﻷطراؼ يرتبط بمصالح التجارة الدكلية،
بينما عمد المشرع في القانكف رقـ 08-05إلى تعديد المعايير ،فمنيا ما يتعمؽ بمكطف كمحؿ
التحكيـ ،كمنيا ما يرتبط بمكاف تنفيذ المقرر التحكيمي ( ،)3متأث ار في ذلؾ بالمادة اﻷكلى مف
القانكف النمكذجي لمألكنستراؿ المتعمؽ بالتحكيـ التجارم الدكلي.
الموضوع الثاني :التنصيص عمى النظام العام المغربي:
تمت إضافة حالة خرؽ النظاـ العاـ المغربي إلى الئحة مكانع اﻹعتراؼ بمقررات
()4
كذلؾ بعدما كاف اﻷمر في المدكنة التحكيـ اﻷجنبية المنصكص عمييا في القانكف الجديد
الممغاة يقتصر عمى حالة كجكب عدـ اﻹخالؿ بالنظاـ العاـ الدكلي فقط.
كنستنتج تبعا لذلؾ أنو مف شأف إعماؿ فحكل المكضكع االخير الزيادة في عدد حاالت
عدـ اﻹعتراؼ بمقررات التحكيـ اﻷجنبية ،خصكصا مع بقاء مفيكـ النظاـ العاـ المغربي دكف
ناحي الزمافية كالمكافية(.)5
تحديد ،نظ ار لتميزه بالمركنة مف اؿ ة
كغني عف البياف أف عدـ التنصيص عمى المقتضيات المنظمة لمتحكيـ الدكلي قبؿ
صدكر قانكف 08-05كاف كاحد مف بيف اﻷسباب الرئيسية التي جعمت ىيئات التحكيـ المغربية
- 1أنظر الجريدة الرسمية المغربية عدد 5584الصادرة بتاريخ 25ذك القعدة 1428المكافؽ لػ 6دجنبر ( 2007الصفحة
المتعمقة بالتحكيـ الدكلي رؽميا.)3903
الغايتف ,بينما كاف ينظمو المشركع اﻷكلي لقانكف 08-05مفا - 2أم مف الفصؿ 327.39إلى الفصؿ 327.54مع إدخاؿ
الفصكؿ 327،36إلى الفصؿ . 327،51
- 3أنظر الفصؿ 327.40مف ىذا القانكف.
- 4أنظر الفصؿ 327.46مف ىذا القانكف.
- 5أنظر في مكضكع مركنة النظاـ العاـ ،د.أحمد زوكاغي ,أحكاـ التنازع بيف القكانيف في التشريع المغربي ،ط،2002
ص.99راجع أيضا د.عز الدين عبد اهلل ،القانكف الدكلي الخاص,الجزء الثاني ،الييئة المصرية العامة لمكتاب ،ط التاسعة،
القاىرة ،1986 ،ص.537
69
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
ال تقكـ بمبادرات مف أجؿ تسكية النزاعات ذات الطبيعة الدكلية ،بؿ أكثر مف ذلؾ فإف غياب
الضمانات التشريعية التي تكفؿ إنجاح مياـ ىذه الييئات في ىذا النكع مف التحكيـ ىك الذم
يفسر عزكؼ المتعامميف االقتصادييف عمى المستكل الدكلي بما فييـ المغاربة عف طرح نزاعاتيـ
عمييا.
كىذا ما حاكؿ القانكف الجديد تداركو بتنظيمو ليذا الفرع مف التحكيـ كبالتالي أضاؼ
نفسا جديدا ليذه الييئات كالمراكز التحكيمية.
كاذا كاف المشرع المغربي لـ ينظـ التحكيـ الدكلي في القانكف الداخمي قبؿ التعديؿ
الجديد ،فيؿ استطاع تنظيمو مف خالؿ االتفاقيات الدكلية التي صادؽ عمييا؟ ىذا ما سكؼ
نحاكؿ اﻹجابة عفق في الفقرة المكالية.
كالبد مف التذكير أف المغرب كاف دائما مف الدكؿ السباقة إلى المصادقة عمى مثؿ
ىذه ا ﻹتفاقيات ﻹستيعابو المبكر ﻷىمية تنظيمو لمتحكيـ التجارم الدكلي الذم غالبا ما يرعى
مصالح التجارة الدكلية ( .)4ﻷجمو فإنو عمؿ عمى اﻹنضماـ إلى أغمب اﻹتفاقيات الدكلية التي
كذا ذات النطاؽ ليا صمة بيذا المكضكع ،منيا تمؾ المنعقدة عمى الصعيد الدكلي (أكال) ،ك
اﻹقميمي (ثانيا) ،لييتـ أيضا بتمؾ المبرمة في إطار ثنائي مع غيره مف الدكؿ (ثالثا).
- 1أنظر د.عبد اهلل بوظيرين ،ـ س ،ص 142إلى ص ، 159كالذم تطرؽ بتفصيؿ إلى أغمب االتفاقيات الدكلية المتعمقة
بالتحكيـ المصادؽ عمييا مف قبؿ المغرب مع تحميمو لمقتضياتيا.
- 2كذلؾ قبؿ صدكر قانكف .08- 05
- 3أنظر عبد اهلل درميش ،اىتماـ المغرب بالتحكيـ إلى أم حد؟ مقاؿ منشكر بمجمة المحاكـ المغربية،عدد ،73ص.11
-4أنظر د.أبو زيد رضوان ،االسس العامة لمتحكيـ التجارم الدكلي ،دار الفكر العربي ،ط ،1981ص.9
70
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
1954مف أىـ اﻹتفاقيات المتعمقة كتعتبر اتفاقية الىام المؤرخة في فاتح مارس
بؽ.ـ.ـ ،انضـ إلييا المغرب بمقتضى الظيير الشريؼ عدد 645.67كذلؾ بتاريخ 18رجب
()2
م أحكاميا إلى مسطرة
ؼ ،كقد أشارت ىذه اﻹتفاقية 1389المكاؼؽ لػ 1969.9.30
التحكيـ.
ج -اتفاقية البنك الدولي لتسوية المنازعات اإلستثمارية بين الدول ورعايا الدول
األخرى:
كتعد ىذه اﻹتفاقية اﻷكلى مف نكعيا التي تنظـ طريقة حؿ المنازعات الناشئة بيف الدكؿ
كرعايا الدكؿ اﻷخرل ،كيقصد بيذه الفئة اﻷخيرة المستثمريف اﻷجانب الذيف يقكمكف بإستثمار
أمكاليـ داخؿ حدكد الدكؿ المتعاقدة ،تـ إبراـ ىذه اﻹتفاقية بتارمخ 1965.3.18بمدينة كاشنطف
اﻷمريكية ،لذلؾ سميت بإتفاقية كاشنطف كاختصا ار بػ " ."B.I.R.D
71
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
كنظ ار ﻷىمية ىذه اﻹتفاقية في جمب اﻹستثمارات إلى الدكؿ السائرة في طريؽ النمك لما
تمنح لممستثمريف مف ضمانات قضائية ،فإف المغرب قد صادؽ عمييا بمقتضى المرسكـ الممكي
م.)1( 1966.10.31كتنظـ أحكاـ ىذه االتفاقية التحكيـ التجارم الدكلي في الباب الرابع
المؤرخ ؼ
منيا مف المكاد 36إلى.66
()2
: ثانيا :اﻹتفاقيات اﻹقليمية
لحضكر في المناسبات أما عمى المستكل اﻹقميمي العربي فإف المغرب كاف دائـ ا
التشريعية المنعقدة في ىذا المجاؿ ،إذ نجده منخرطا في العديد مف اﻹتفاقيات العربية بما فييا
تمؾ المتعمقة بالتجارة اﻹقميمية كفض منازعاتيا(.)3
72
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
ج -اتفاقية تيسير و تنمية التبادل التجاري بين الدول العربية :
انظـ إلييا المغرب يخ 1981.2.27ك التي كتـ تكقيع ىذه اﻹتفاقية بتكنس بتار
بمقتضى القانكف رقـ 11.82قاضي بالمكافقة عمى مبدأ المصادقة عمييا (.)2
أبرمت معظـ الدكؿ العربية ىذه اﻹتفاقية بمدينة جدة ،ككاف ذلؾ في شير رجب مف
سنة 1394المكافؽ لػ شير غشت ،1974صادؽ عمييا المغرب بمقتضى الظيير الشريؼ
المؤرخ في 5شكاؿ 1397المكاؼؽ لػ 1977.9.19كينص الفصؿ 67منيا عمى تسكية
خالفات ىذا البنؾ كغيره مف الدكؿ اﻷعضاء عف طريؽ آلية التحكيـ.
-1كلقد كاف المغرب ممثال في المجنة الفنية التي أعدت ىذه االتفاقية في شخص الدكتكر أحمد شكرم السباعي ،اﻷستاذ
المتخصص في مادة القانكف التجارم.
-2ج .ر عدد 3668منشكرة بتاريخ 16فبراير .1983
73
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
نصت العديد مف اﻹتفاقيات الثنائية التي أبرميا المغرب مع غيره مف الدكؿ في مجاؿ
التجارة الدكلية عمى التحكيـ كآلية لمفصؿ في الخالفات الناشئة عف معامالتيـ ،كمف أىميا
نذكر مايمي:
كقد نصت قذق اﻹتفاقية عمى التحكيـ التجارم الدكلي ضمف القسـ الرابع منيا ،كذلؾ
في إطار المقتضيات العامة.كيستفاد مف ىذه اﻹتفاقية أف مسطرة التحكيـ ال يمكف مباشرتيا إال
بعد استنفاذ ثالثة مراحؿ مف أجؿ فض النزاع بيف الطرفيف ك ذلؾ عف طريؽ مجمكعة مف
اﻷجيزة اﻹدارية عمى النحك اآلتي:
-المرحمة االولى:
-1كىناؾ العديد مف اﻹتفاقيات الثنائية التي أبرميا المغرب لحماية وتشجيع االستثمار ،منيا ما يمي :
-مع الدول العربية:
لبنان بتاريخ 3يكليكز 1997بالرباط(،ج.ر بتاريخ.)2001-11-05 *اﻹتفاقية الثنائية المبرمة مع
ليبيا بتاريخ 25يناير 1984بالرباط( ،ج.ر بتاريخ .)2001-6-14 *اﻹتفاقية الثنائية المبرمة مع
البحرين بتاريخ 7أبريؿ 2000بالرباط( ،ج.ر بتاريخ .)2001-11-19 *اﻹتفاقية الثنائية المبرمة مع
الكويت بتاريخ 16فبراير 1999بالككيت( ,ج.ر بتاريخ .)2001-11-5 *اﻹتفاقية الثنائية المبرمة مع
األردن بتاريخ 16يكنيك 1998بالرباط، *اﻹتفاقية الثنائية المبرمة مع
مصر بتاريخ 22مارس 1989بالرباط، *اﻹتفاقية الثنائية المبرمة مع
-مع الدول الغربية:
اليونان بتاريخ 16فبراير 1994بأثينا( ,ج.ر بتاريخ.)2001-3-15 *اﻹتفاقية الثنائية المبرمة مع
.) 2001-10-25 1999بالرباط( ,ج.ر بتاريخ كوريا الجنوبية بتاريخ 27يناير *اﻹتفاقية الثنائية المبرمة مع
*اﻹتفاقية الثنائية المبرمة مع بولونيا بتاريخ 24أكتكبر 1994بالرباط( ,ج.ر بتاريخ . )1999-10-21
اليند بتاريخ 18فبراير 1999بالرباط( ,ج.ر بتاريخ.)2001-7-30 *اﻹتفاقية الثنائية المبرمة مع
كمع ذلؾ فاف ىذه اﻹتفاقيات لـ تتطرؽ لمتحكيـ التجارم الدكلي بشكؿ معمؽ,إذ أف المقتضيات المنظمة ليا جاءت
متشابية فيما بينيا كلـ تتجاكز الفصكؿ المنظمة ليا الفصميف عمى االكثر.
74
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
كيتـ في إطارىا عرض النزاع عمى مجمس الشراكة طبقا لممادة 78مف اتفاقية الشراكة
آنذاؾ يتـ عرضو عمى لجنة لكي يبت فيو ،كفي حالة ما إذا فشؿ ىذا الجياز في حؿ النزاع
خاصة تسمى بمجنة المشاركة.
82مف ىذه اﻹتفاقية ،كتضـ كيعرض خالليا النزاع عمى لجنة الشراكة طبقا لممادة
ىذه المجنة مكظفيف فنييف تابعيف لمجانبيف المغربي كاﻹتحاد اﻷكربي ،كفي حالة عدـ
استطاعتيا تسكية النزاع يحاؿ بعد ذلؾ عمى لجنة أخرل تدعى مجمكعة العمؿ.
-المرحمة الثالثة:
حيث ينشر النزاع عمى مجمكعة العمؿ طبقا لمقتضيات المادة 84مف نفس اﻹتفاقية
،كفي حالة تعذر الكصكؿ إلى حؿ ينيي النزاع العالؽ بيف الطرفيف حينيا يحاؿ عمى ىيئة
التحكيـ.
-المرحمة الرابعة:
كىي آخر مرحمة ،إذ يقكـ عادة أحد اﻷطراؼ بإشعار الطرؼ اﻷخر برغبتو في عرض
النزاع عمى ىيئة تحكيمية بحيث يقكـ مف طرفو بتعييف محكـ يمثمو ،بينما يمنح لمطرؼ اﻷخر
أجؿ شيريف قصد تعييف محكمو ،أما المحكـ الثالث فيتـ تعيينو مف قبؿ لجنة الشراكة.
كتقكـ بعد ذلؾ ىيئة التحكيـ بإتخاذ قرارىا الحاسـ في النزاع بعد استغراقو المراحؿ
معا مع ضركرة اتخاذىا لإلجراءات أعاله باﻷغمبية ،كعميو يعتبر قرارىا ىذا ممزما لمجانبيف
الكفيمة كالالزمة لتنفيذه.
كؾآخر مالحظة يمكف إبدائيا بصدد ىذه اﻹتفاقية ىي أف أطرافيا قد اختا ار التحكيـ
الحر لما يتمتع بو مف ـ ميزات خاصة ( ،)1مستبعدة بذلؾ إمكانية عرضو عمى ىيئة تحكيمية
تابعة إلى إحدل المراكز الشييرة كمركز« »C.I.R.D.Iمثال.
،خاصة في مجاؿ النظـ المعمكميات -1كيعد التحكيـ الحر أكثر انتشا ار في فصؿ المسائؿ الفنية مف التحكيـ المؤسساتي
كالتجارة االلكتركنية ككذا فيما يتعمؽ بعقكد نقؿ التكنكلكجية كعقكد اﻹنشاءات اليندسية كصفقات اﻷسمحة ،كذلؾ لما يشمؿ عميو
75
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
كتنص المادة 17مف اﻹتفاقية أعػ ال ق عمى الترتيبات القانكنية التي يجب إتباعيا مف
فالطرؼ المتضرر ممزـ قبؿ أحد الطرفيف حتى تتـ المكافقة عمى إحالة النزاع عمى التحكيـ.
بتقديـ طمب المجكء إلى التحكيـ داخؿ أجؿ ثػالث سنكات مف تاريخ خرؽ الطرؼ اﻷخر ﻷحكاـ
اﻷتفاقية أعػاله ،أك مف تاريخ كقكع الضرر كفي غير ىذه الحاالت فإنو يتعذر قانكنا المجكء إلى
التحكيـ .أما فيما يخص تعييف الييئة التحكيمية فإف المادة 18مف ىذه اﻹتفاقية قد تطرقت إلى
فيما يقكـ كيفية تشكيميا ,ذلؾ أنيا تتككف مف ثالث محكميف يقكـ كؿ طرؼ بتعييف محكـ
بتعيف المحكـ الثالث الطرفيف معا كيتكلى ىذا اﻷخير رئاسة ىذه الييئة .
75يكما مف تاريخ تقديـ الطرؼ المتضرر كتسرم كؿ ىذه اﻹجراءات داخؿ أجؿ
لطمب التحكيـ ،أما في حالة تقديمو خارج ىذا اﻷجؿ فحينئذ يتـ تعييف المحكميف مف طرؼ
د.أحمد عبد الكريم سـالمة ،ـ س، مف إيجابيات كثيرة كالسرية التامة كالتخصص الفائؽ...أنظر في أىمػية التحكيـ الحر
ص 75كما بعدىا.
-1كتـ التكقيع عمى ىذه اﻹتفاقية بكاشنطف بتاريخ 15مارس 2005بيف كؿ مف المغرب الكاليات المتحدة اﻷمريكية كنشرت
بالجريدة الرسمية المغربية بتاريخ 25رجب 1420المكافؽ لػ 4نكنبر .2005
-2راجع الفرع « باء »مف ىذه اﻹتفاقية .
- 3كتنص المادة 16مف ىذه اﻹتفاقية عمى شرط الكتابة في طمب التحكيـ كفقا لمقتضيات الفصؿ الثاني مف اتفاقية المركز
1958المتعمقة بتنفيذ المقررات 2مف اتفاقية نيكيكرؾ لسنة الدكلي لتسكية المنازعات المرتبطة باﻹستثمار ،ككذا المادة
التحكيمية كتنفيذىا.
76
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
مف اﻷطراؼ كذلؾ بطمب اﻷميف العاـ لممركز الدكلي لتسكية المنازعات المتعمقة باﻹستثمار
اﻷطراؼ (.)1
كفي جميع اﻷحكاؿ ،فال يمكف الحكـ عمى مدل نجاح المقتضيات المتعمقة بالتحكيـ
المنصكص عمييا في ىذه اﻹتفاقية ،إال بعد العمؿ عمى تطبيقيا عمى أرض الكاقع.
19ك 20مف ىذه اﻹتفاقية قد عالجت كيفيات تسيير العممية التحكيمية ككذا تحديد -1كتنبغي االشارة الى أف المادتيف
إختصاصات الييئة التحكيمية .
77
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
كبالرغـ مف اﻷىمية التي تحضي بيا ىذه الصػالحيات ،فإف المشرع المغربي لما عمؿ
عمى تنظيميا فإنو تعرض إلى كؿ مف اﻹختصاصات المعتبرة قضائية ( المطمب االول ) ،كتمؾ
التي تكصؼ بالذاتية (المطمب الثاني).
" يتبع اﻷطراؼ كالمحكمكف في المسطرة اآلجاؿ ك اﻹجراءات المقررة بالنسبة لممحاكـ
اﻹبتدائية ،إال إذا اتفؽ اﻷطراؼ عمى خالؼ ذلؾ" ...
فإذا ما افترضنا أف اﻷطراؼ لـ يتفقكا عمى خالؼ ما جاءت بو المسطرة المتبعة أماـ
المحاكـ اﻹبتدائية ،فاف ىيئة التحكيـ ستككف تبعا لذلؾ مرغمة قانكنا عمى تطبيقيا الشيء الذم
سيجعميا تكاجو جممة مف التعقيدات اﻹجرائية ،عمما أف البعض مف ىذه اﻹجراءات قد تركيا
المشرع حك ار عمى المحاكـ الرسمية لتعمقيا بالنظاـ العاـ.
كانطالقا مف ىذه الفرضية فإنو سيتبيف لنا اﻹرتباؾ الذم كقع فيو المشرع أثناء صياغتو
ليذا الفصؿ تاركا بذلؾ إمكانية طرح أكثر مف عالمة استفياـ تتعمؽ خصكصا بحدكد السمطات
القضائية التي تتمتع بيا ىيئة التحكيـ كىي تنظر في النزاع المعركض عمييا.
78
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
كيمكف حصر أىـ ىذه الثغرات الناتجة عف تطبيؽ الفصؿ أعػاله فيما يمي:
أوال :ضركرة رفع الدعكل إلى الييئة التحكيمية بكاسطة مقاؿ مكتكب مكقع مف قبؿ
الطرؼ المدعي ،أك بتصريح يدلي بو شخصيا أماـ كتابة الضبط ،كذلؾ طبقا لما نص عميو
()1
.فمف اﻷكيد أف الييئات التحكيمية ال تتكفر عمى أعكاف محمفيف كال الفصؿ 31مف ؽ.ـ.ـ
عمى كتابات لمضبط كما ىك عميو الحاؿ بالنسبة لممحاكـ اﻹبتدائية ،فكؿ ما في اﻷمر أف ىذه
الييئات يمكنيا قبكؿ طمبات التحكيـ المرفكعة إلييا مباشرة إما بكاسطة مقاؿ مكتكب ،أك عف
الذم يعمؿ عمى تحريره في طريؽ تصريح يدلي بو أحد اﻷطراؼ أماـ المحكـ ىذا اﻷخير
محضر قانكني .
ثانيا :الرجكع إلى الفصؿ 45مف ؽ.ـ.ـ المعدؿ بمقتضى الظيير الشريؼ بمثابة
()2
نجده ينص عمى أنو تطبؽ أماـ المحاكـ اﻹبتدائية قكاعد المسطرة قانكف رقـ 1-93-206
الكتابية المطبقة أماـ محاكـ اﻹستئناؼ ,ليككف بذلؾ قد جعؿ ىذا المبدأ ىك القاعدة بينما
اﻹستثناء ىك المسطرة الشفكية ( )3كالتي تـ تحدد نطاقيا في بعض القضايا عمى سبيؿ الحصر
كالتالي:
القضايا اﻹجتماعية؛
79
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
فتطبيقا لمفصؿ 311مف ؽ.ـ.ـ ستككف المسطرة الكاجبة اﻹتباع أماـ الييئة التحكيمية
ىي المسطرة الكتابية ،بإستثناء بعض الحاالت التي تخرج عف كاليتيا أصال ﻹرتباطيا بالنظاـ
العاـ ،مما سيؤدم في رأينا إلى تقميص الشريحة المستفيدة مف خدمات التحكيـ ﻹعتبار نسبة
كبيرة مف المغاربة أشخاص أميمف ,لذا سيتعذر عمييـ سمكؾ ىذه المسطرة (.)1
ثالثا :حيث ينص الفصؿ 50مف ؽ.ـ.ـ عمى أف اﻷحكاـ يجب أف تستيؿ بالعنكاف التالي:
المممكة المغربية
ال يستقيـ مع كنحف نعمـ أف تطبيؽ مثؿ ىذا المقتضى عمى المقررات التحكيمية أمر
القانكف لككف المحكـ مف ليسكا بقضاة معيفمف بظيائر ممكية ،لذا كاف عمى المشرع أف منتبق ؿذلؾ
قبؿ إحالتو ىيئة التحكيـ عمى مقتضيات الفصؿ 311مف ؽ.ـ.ـ .
رابعا :استحالة تحريؾ مسطرة الزكر الفرعي المنصكص عمييا في الفصكؿ مف 92إلى
102مف ؽ.ـ.ـ ،أماـ الييئة التحكيمية ك ذلؾ لألسباب التالية:
-1الفتقارىا ؿكسائؿ الجبر التي تعتمد عمييا في اﻷمر بإحضار المستندات قصد
مقارنتيا بتمؾ المطعكف فييا بالزكر...
-2لعدـ كجكد جياز النيابة العامة ضمف الييئة التحكيمية يسير عمى التأشير عمى
المحاضر المنجزة بخصكص ىذه المسطرة.
-4لتعذر إمكانية إحالة المستندات التي تبثت زكريتيا عمى النيابة العامة طبقا
لمقتضيات ؽ.ـ.ج ،لعدـ كجكد نص قانكني يسمح بذلؾ ,كلككف الييئة التحكيمية ليست بجية
قضائية رسمية.
80
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
مف بيف أىـ اﻹختصاصات الذاتية التي تتمتع بيا ىيئة التحكيـ نذكر تفكيضيا بالصمح
()1
فإذا ما كذلؾ بعد إعتراؼ اﻷطراؼ بتنازليـ في اتفاؽ خاص عف تطبيؽ القانكف الذم ارتضكه
ـ ليا فميس ىناؾ ما يمنع مف تفكيضيا بيذا اكتسبت ىذه الييئة ثقة اﻷطراؼ كاحترامو
()2
اﻹختصاص
"...إال إذا قرر اﻷطراؼ في عقد التحكيـ أك في شرطو الفصؿ بإنصاؼ ككسطاء
بالتراضي دكف التقيد بالقكاعد القانكنية أك كانت السمطات التي خكليا اﻷطراؼ لممحكميف تسمح
بتأكيد أف ذلؾ ىك إرادة قطعا.
كاذا كانت لممحكميف المعنييف سمطة البت ككسطاء بالتراضي تقيد بذلؾ مف يحكـ مف
()3
الغير» .
بقكاعد القانكف تككف ممزمة بالتقيد بلؾ فإف الييئة التحكيمية المصالحة ال
كذ
المكضكعي قذا فضال عف جكاز استبعادىا لمقكاعد المسطرية كاستبداليا بأخرل( ،)4كنتيجة لذلؾ
الجزاءات المقررة في القانكف ا لمسطرم ,فاﻹتفاؽ عمى ىذا ا لتحكيـ تسرم عمى تصرفاتيا
تفي فيو اﻹشارة بالصمح ال يشترط فيو شكال معينا كال استعماؿ عبارات بالذات ،كانما تؾ
الكاضحة التي تعبر عمى إرادة اﻷطراؼ بابتغائو.
إال أف الخطير في اﻷمر أف ىذه الييئة م جكز إعفاءىا حتى مف تمؾ اﻹجراءات التي
فييا مساس بالنظاـ العاـ ك بحقكؽ الدفاع ,كيرجع سبب ذلؾ إلى عدـ تنصيص الفصؿ أعػاله
عمى ضركرة احتراـ قذق الييئة ؿمثؿ ىذه المقتضيات ،عمى غرار ما سار عميو المشرع العراقي
في الفصؿ 265مف ؽ.ـ.ـ ،كالذم نص عمى أنو إذا كاف المحكمكف مفكضكف بالصمح فإنيـ
يعفكف مف التقييد بإجراءات المرافعة كقكاعد القانكف إال ما يتعمق بالنظام العام .
81
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
احتراـ المقتضيات القانكنية المنصكص عمييا في باب كما يتعيف عمى ىذه الييئة
التحكيـ كمنيا ضركرة ككف عقد التحكيـ مكتكبا ،ك ضركرة إشارة المقرر التحكيمي إلى كامؿ
البيانات اﻹلزامية .
كمف جية ثالثة فإف تفكيض الييئة التحكيمية بالصمح اليعني أنيا ستقكـ باؿحكـ لفائدة
طرؼ دكف اﻷخر كما ىك عميو الحاؿ بالنسبة لمتحكيـ بالقضاء,بؿ إف الحقيقة تفرض عمييا أف
تراعي في ذلؾ مصمحة الطرفيف معا ,ﻷف فمسفة ىذا النكع مف التحكيـ تنبني أساسا عمى فكرة
إبقاء العػالقات قائمة بيف اﻷطراؼ(. )1
كميما يكف مف أمر فإف احتراـ حقكؽ الدفاع يع تبر مف المسائؿ التي تدخؿ في النظاـ
العاـ ك إف كانت ىيئة التحكيـ مفكضة بالصمح ،كىذا ما ذىب عميو القضاء الفرنسي في قرار
صادر عف إستئنافية باريس إذ جاء بما يمي:
" إف حقكؽ الدفاع قد تـ خرقيا مف قبؿ المحكـ باالنصاؼ الذم بنى حكمو عمى قرار
(.)2
خبرة غير حضكرم بالنسبة ﻷحد االطراؼ"
ككخالصة لما سبؽ ،فإف اﻷزمة التي عرفتيا الييئة التحكيمية في ظؿ ؽ.ـ.ـ (قبؿ
صدكر القانكف رقـ ) 08-05قد طالت عدة مكاضيع كاف أىميا إغفاؿ المشرع تحديد الشركط
الجكىرية الكاجب تكافرىا في أعضاءىا ،التي تخص أىميتيـ المدنية الكاممة.
ىذا فضال عف غياب ما يمزـ تكفر المحكميف عمى خبرة معينة تسمح ليـ بتسكية نزاع
الخصكـ في إطار درجة عالية مف الكفاءة ,إذ حاكلنا بياف أىميتيا في ىذا المجاؿ.
كما الحظنا في ىذا الفصؿ أف ىذا القانكف لـ ينظـ كضعية ىذه الييئة في التحكيـ
المؤسساتي كذلؾ بالرغـ مف انتشاره الكاسع ،حيث حاكلنا رصد اﻷسباب التي دفعت إلى ىذا
التيميش مبديف في نفس الكقت مكقفنا مف ذلؾ .
82
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
كحاكلنا ؾذلؾ معالجة بؤر المحدكدية التي تعاني منيا ىذه الييئة مف خالؿ التطرؽ
,ككذا تساؤلنا عف مدل إمكانية عرض النزاعات إلى مدل قابمية بعض المكاضيع لمتحكيـ
الناشئة عف عقكد التجارة الدكلية عمى الييئات التحكيمية المغربية ،إذ خمصنا إلى نتائج إيجابية
تدعـ ىذه المكنة.
كأخي ار فإننا كقفنا ع ند بعض ا ﻹشكاليات المسطرية التي تعاني منيا ىيئة التحكيـ أثناء
مباشرتيا لمسطرة التحكيـ الناتجة كما بينا سالفا عف عدـ تنظيـ المشرع المغربي الختصاصاتيا
بالشكؿ اؿدقيؽ.
كتجدر اﻹشارة ؾذلؾ إلى محاكلتنا المتكاضعة ؿتالفي العيكب التي سقط فييا القانكف
القديـ أثناء تنظيمو لمييئة التحكيمية معتمديف أساسا في ذلؾ عمى ما جاء بو القانكف الجديد رقـ
08-05مف حمكؿ ،بالرغـ مف بعض القصكر اؿ ذم شابو ىك اﻷخر.ىذا إضافة إلى إستعانتنا
بالقانكف كالقضاء المقارنيف ككذا بما نصت عميو بعض االتفاقيات الدكلية الميتمة بالتحكيـ.
83
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
الفصـل الثاني:
قانون 08-05 الهيئة التحكيمية بين الفعالية و المحدودية في ضوء
لقد نالت الييئة التحكيمية اىتماما كبي ار مف قبؿ المشرع المغربي ،كيظير ذلؾ جميا مف
خالؿ التنظيـ الشامؿ ليا الذم جاءت بو المقتضيات المنصكص عمييا في قانكف .08-05
كيشمؿ ىذا التنظيـ عدة مستكيات ،بد ءا بما يتعمؽ بتككيف ىذه الييئة ،ك مرك ار بما
يخص حقكقيا كالتزاماتيا ،كانتياء بالمقررات الصادرة عنيا(.)1
كاذا كاف قذا اؿتدخؿ قد عزز مف خاللو المشرع الييكمة القانكنية الـ تضعضعة التي
ؿذلؾ كانت تعيش عمييا الييئة التحكيمية في ظؿ القانكف القديـ ،فإنيا أصبحت اليكـ نتيجة
تتسمح بكؿ الميكانيزمات القانكنية الضركرية ﻹنجاح مياميا التحكيمية.
كجدير بالذكر أف درجة فعالية عمؿ ىيئات التحكيـ تقاس عادة مف خالؿ مدل كفاية
تنظيميا القانكني ،ككذا بما يتمتع بو اﻷطراؼ مف ضمانات في مكاجيتيا ( الفرع األول) .إال أنو
ميما كانت درجة تنظيـ ىذه الييئات ،فإنيا ال تسمـ مف بعض الثغرات التي قد تحد مف دكرىا
في تسكية النزاع كىذا ما ينطبؽ عمى قانكف التحكيـ المغربي الجديد( الفرع الثاني).
- 1حيث إف ىدا االىتماـ التشريعي لـ تكف تحضى بو الييئة التحكيمية في إطار القانكف القديـ.
84
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
كلـ تقؼ ىذه الكفاية عند ىذا الحد ،ك إنما طالت صالحيات ىذه الييئة في تذليؿ
الصعكبات التي تعترض المقررات الصادرة عنيا أيضا (الفقرة الثالثة).
كحتى يتـ إصدار مقررات تحكيمية سميمة كمبنية عمى حجج قانكنية صحيحة فقد متع
المشرع المغربي الييئة التحكيمية بالصالحيات الكاممة في اتخاذ ما تراه مناسبا مف إجراءات
التحقيؽ ( الفقرة الخامسة ) دكف أف يغفؿ منحيا سمطة اختيار مكاف انعقاد جمسات التحكيـ
(الفقرة الرابعة).
- 1ك تككف ىذه الحرية في حالة عدـ اتفاؽ أطراؼ التحكيـ عمى المسطرة اﻹجرائية الكاجبة اﻹتباع.
85
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
كىذا ما كاف ينص عميو المشرع المغربي في الفصؿ 311مف ؽ.ـ.ـ قبؿ التعديؿ:
كبذلؾ يتعيف عمى ىيئة التحكيـ الفصؿ في النزاع بإتباع اﻹجراءات المحددة مف قبؿ
اﻷطراؼ كفي حالة غيابيا يتـ تطبيؽ اﻹجراءات المتبعة أماـ المحاكـ اﻹبتدائية.
كما مف شؾ أنو في حالة سككت اﻷطراؼ عف تحديد ىذه اﻹجراءات ستصبح ىذه
الييئة تبعا لذلؾ مقيدة بتمؾ اﻹجراءات المتبعة لدل المحاكـ اﻹبتدائية ،كالتي غالبا ما تككف
غير مالئمة ليا.
08 .05حيز التنفيذ أصبح معو إختصاص تحديد إال أنو كبدخكؿ القانكف رقـ
المسطرة اﻹجرائية يعكد إلى الييئة التحيكيمية ما لـ يتفؽ الخصكـ عمى خالفيا ،كىذا ما يستفاد
مف الفقرة اﻷكلى مف الفصؿ 327 .10مف القانكف أعاله كالتي نصت عمى أنو:
"تضبط الييئة التحكيمية إجراءات مسطرة التحكيـ التي تراىا مناسبة مع مراعاة أحكاـ
ىذا القانكف دكف أف تككف ممزمة بتطبيؽ القكاعد المتبعة لدل المحاكـ ،ما لـ يتفؽ اﻷطراؼ
عمى خالؼ ذلؾ في إتفاؽ التحكيـ . )1( "...
-1كقد نصت المادة 24مف مشركع مدكنة التحكيـ الممغى في ىذا الباب عمى ما يمي:
" تنظـ الييأة التحكيمية مسطرة التحكيـ دكف أف تككف ممزمة بأف تطبؽ القكاعد المتبعة لدل المحاكـ ،ما لـ يتفؽ اﻷطراؼ عمى
خالؼ ذلؾ في إتفاؽ التحكيـ".
كما نصت المادة 12مف نفس المشركع عمى المقتضيات التالية:
86
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
المالحظة األولى:
كتتعمؽ بمنح المشرع لمييئة التحكيمية صالحية إختيار المسطرة اﻹجرائية المالئمة
311قبؿ لمفصؿ في النزاع ،متراجعا بذلؾ عف مكقفو السابؽ المنصكص عميو في الفصؿ
التعديؿ ،الذم كاف يشترط عمييا في حالة عدـ إتفاؽ أطراؼ النزاع عمى اﻹجراءات إتباع تمؾ
المقررة بالنسبة لممحاكـ اﻹبتدائية .
ﻹطار ،مما أصبح معو بإمكانيا لذا تـ تمتيع ىذه الييئة بسمطات كاسعة في ىذا ا
اعتماد ما شاءت مف اؿمساطر اﻹجرائية سكاء كانت كطنية أـ أجنبية .كما يحؽ ليا تطبيؽ أم
نظاـ إجرائي تابع ﻹحدل المؤسسات التحكيمية تراه مناسبا طالما ال يكجد أم مقتضى تشريعي
في الفصؿ أعاله يمنعيا مف ذلؾ ،ما عدا اتفاؽ اﻷطراؼ المضمف في عقد التحكيـ.
المالحظة الثانية:
كتتعمؽ بالشرط الذم تمسؾ بو المشرع في حالة إتباع الييئة التحكيمية ﻹجراءات
مسطرية غير تمؾ المنصكص عمييا في القانكف المغربي ،كالذم يقضي بكجكب مراعاتيا
ﻷحكاـ ؽ ـ.ـ خاصة منيا تمؾ المتعمقة بإحتراـ حقكؽ الدفاع كالتكاجيية كالمساكاة ﻹرتباطيا
بالنظاـ العاـ .كقد جعؿ المشرع مف خرقيا سببا مف أسباب مباشرة الطرؼ المتضرر لدعكل
327-36مف القانكف أعاله ،إذ تنص البطالف المنصكص عمييا كعمى أسبابيا في الفصؿ
الحالة الخامسة منو عمى ما يمي:
-5...إذا تعذر عمى أم مف طرفي التحكيـ تقديـ دفاعو بسبب عدـ تبميغو تبميغا
ألي سبب آخر يتعمق بواجب إحترام حقوق صحيحا بتع ميف محكـ أك إجراءات التحكيـ أك
الدفاع.1"...
" في التحكيـ الخاص يككف عمى الييئة التحكيمية أف تنظـ إجراءات التحكيـ كالمسطرة المتبعة أماميا ،ما عدا إذا أتفؽ
اﻷطراؼ عمى خالؼ ذلؾ أك اختاركا نظاـ تحكيـ معيف عندما يفرض التحكيـ عمى مؤسسة تحكيمية ،فإف ىذه اﻷخيرة تقكـ
بتنظيمو كاﻹشراؼ عميو طبقا لنظاميا ".
-1كتنص المادة 57مف مشركع مدكنة التحكيـ الممغى عمى ما يمي:
87
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
صالحية كبعد معالجتنا ليذا المكضكع ننتقؿ إلى الفقرة المكالية لمكقكؼ عمى مدل
الييئة التحكيمية في النظر في إختصاصيا.
كيتـ لجكء ىيئة التحكيـ إلى إعماؿ مبدأ اﻹختصاص باﻹختصاص كمما كاف إتفاؽ
التحكيـ باطال ،أك غير مكجكد أصال ،أك غير شامؿ لمكضكع النزاع ،أك لتنازؿ أطراؼ النزاع
عنو .كيباشر ىذا المبدأ إما بصفة تمقائية مف قبؿ الييئة التحكيمية ،أك بناء عمى دفع أحد
اﻷطراؼ قبؿ البدء في إجراءات التحكيـ.
كقد تـ اعتماد ىذا المبدأ القانكني بدافع عدة اعتبارات تكصؼ بعضيا بالقانكنية كأخرل
بالعممية.
"ال يمكف الطعف باﻹستئناؼ في اﻷمر القاضي بمنح اﻹعتراؼ أك الصيغة التنفيذية إال في الحاالت اآلتية:
-4...إذا لـ يتـ إحتراـ حقكؽ الدفاع".
أنظر د.عبد المجيد غميجة "قراءة في مشركع مدكنة التحكيـ" ،مقاؿ منشكر في أشغاؿ الندكة العممية التي نظمتيا شعبة القانكف
الخاص بكمية العمكـ القانكنية كاﻹقتصادية كاﻹجتماعية بفاس بشراكة مع ك ازرة العدؿ كىيئة المحاميف بفاس يكمي 4ك 5أبريؿ
، 2004 -2الطبعة ، 2005منشكرات جمعية نشر المعمكمة القانكنية كالقضائية ،سمسمة الندكات كاﻷياـ الدراسية ،العدد
اﻷكلى ،ص .127
-1أنظر:
ANTOINIDS DIMOLITSA, ''autonomie et Kompetenz –Kempetenz'' , Rev arb année 1998 N°
Avril –Juin , p 321.
كىناؾ مف الفقو مف عمؿ عمى تمييف الصفة اﻹنتيائية لقرار الييئة التحكيمية في النظر في إختصاصيا جاعال إياه قابال
لالستئناؼ أماـ درجة قضائية أعمى ،أنظر ىذا المكضكع.
L.V.CSHMITHOFF, the Juridiction of the arbitrator in the art of arbitration, Ersays on
international arbitration, liber Amicorum Pieter Sanders LJ Shulty A.J Van denbery. Kluwer
1982, p 293.
كالذيف يقكلكف في إحدل فقرات ىذا المرجع ما يمي:
» … « …the parties ….must a fortiori be able to asclude his Own jurisdiction
« The courts should respect the contract of the parties, provided that the arbitrator exercises this
power in good faith ».
88
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
فاﻹختصاص باﻹختصاص يساعد عمى محاربة الغش كالتحايؿ الذم يتبعو الطرؼ
السيء النية ،إذ غالبا ما يرغب في التأثير سمبا عمى السير العادم لعممية التحكيـ كمما أستشعر
إذ برفعو النزاع أماـ القضاء مف أجؿ النظر في مسألة أف ىذه اﻷخيرة ليست في صالحو،
إختصاص الييئة التحكيمية سيستفيد مف إمكانية إثارة اﻹختصاص القضائي بصفة تمقائية ليذا
القضاء كخاصة إذا كاف ىذا اﻷخير مف النظـ القضائية التي تعتبر التحكيـ قضاء استثنائيا عف
قضاء الدكلة ،إذ مف ىذا المنطمؽ سيتمسؾ (القضاء) بككف النزاع المعركض عمى الييئة
التحكيمية يدخؿ في اختصاصو الحصرم.
حيث الكقت كمف جية أخرل ،فإف ىذا المبدأ يمعب دك ار ىاما في اﻹقتصاد مف
كاﻹجراءات ،فكمما تـ اﻹعتراؼ بو مف قبؿ اﻷنظمة القانكنية إال كتـ اﻹستغناء عف المجكء الحقا
لقضاء الدكلة قصد البت في مسألة إختصاص ىيئة التحكيـ ،كىكذا سيتـ تفادم طكؿ
اﻹجراءات أماـ القضاء كالتي تتصؼ عادة بالتعقيد بفعؿ تراكـ القضايا المتنكعة عميو.
كمف ناحية ثالثة ،فالثقة التي م ربط اﻷطراؼ بالييئة التحكيمية أثناء إصدارىا لممقرر
أيضا إلى اﻷحكاـ التمييدية التي تصدرىا قبؿ الفصؿ في التحكيمي يتعيف أف تنصرؼ
المكضكع أيضا ،حيث تدخؿ ضمنيا اﻷحكاـ المتعمقة باﻹختصاص مف عدمو ,السيما كأف ىذه
اﻷخيرة ليست بأحكاـ نيائية كانما تخضع في نياية المطاؼ لرقابة قضاء الدكلة عندما يتـ
المجكء إليو مف أجؿ طمب بطالف حكـ التحكيـ أك ﻹلتماس اﻷمر بتنفيذه (.)1
كبالرغـ مف اﻹيجابيات العديدة التي يتحمى بيا ىذا المبدأ (االختصاص باالختصاص)
،فإف المشرع المغربي لـ يتطرؽ إليو في إطار ؽ .ـ.ـ قبؿ التعديؿ ،عكس العديد مف القكانيف
المقارنة ،كربما يرجع ذلؾ أساسا إلى عدـ إىتمامو بتنظيـ التحكيـ عمكما.
إال أف المشرع تدارؾ ىذا الفراغ التشريعي بمناسبة إصداره لمقانكف الجديد رقـ 08 -05
,مخصصا بذلؾ فصال كامال ينظـ ىذا المبدأ ( .)2فقد أقرت الفقرة اﻷكلى مف الفصؿ 327 -9
مف ىذا القانكف أنو:
89
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
" عمى الييئة التحكيمية قبؿ النظر في المكضكع أف تبت إما تمقائيا أك بطمب مف أحد
اﻷطراؼ ،في صحة أك حدكد إختصاصاتيا أك في صحة إتفاؽ التحكيـ كذلؾ بأمر غير قابؿ
لمطعف ،إال كفؽ نفس شركط النظر في المكضكع كفي نفس الكقت "...
كيمكف إبداء بعض المالحظات حكؿ ىذه الفقرة ،لتأثيرىا المباشر عمى صالحيات
الييئة التحكيمية ،نجمميا في ما يمي:
المالحظة األولى:
كتيـ أساسا حرماف الييئة التحكيمية مف إمكانية التخيير في مباشرتيا لمسطرة النظر
في إختصاصيا ،ك يرجع السبب في ذلؾ إلى صيغة الكجكب التي استيؿ بيا المشرع الفصؿ
، 327-9إذ ستككف ىذه الييئة مجبرة قبؿ كؿ شيء عمى اؿنظر في مدل إختصاصيا في
فض النزاع المعركض عمييا .كفي حالة ثبكت إختصاصيا عندىا سيككف بإمكانيا كضع يدىا
عمى مسطرة التحكيـ.
08 -05كاف متأث ار إلى حد ما بالقانكف كاﻷكيد أف المشرع لما قاـ بصياغة قانكف
النمكذجي لمجنة اﻷمـ المتحدة ،إال أنو خالفو فيما يتعمؽ بحرية الييئة التحكيمية في النظر
تمقائيا في إختصاصيا ,إذ أف المادة 16مف ىذا القانكف النمكذجي تعطي ليذه الييئة الخيار
التاـ في سمكؾ ىذه المسطرة مف عدمو ،بينما المشرع المغربي -كما أسمفنا الذكر -ألزميا بالبت
انفرد بيذا المكقؼ اؿ فريد خالفا لبقية تمقائيا في مدل تكفر إختصاصيا ،مما يككف معو قد
القكانيف المقارنة.
كتفاديا لنشكء صعكبات قانكنية تكاجو أعماؿ الييئة التحكيمة منذ بداية مسطرة التحكيـ
نرل في اعتقادنا المتكاضع أف المشرع كاف عميو أف يستيؿ الفصؿ 327 -9بالصياغة التالية:
"يمكن لمييئة التحكيمية قبؿ النظر في المكضكع أف تبت تمقائيا في صحة أك حدكد
إختصاصاتيا ،كيجب عمييا ىذا البت كمما طمبو أحد اﻷطراؼ ."...
كنعتقد أنو باعتماد ىذه الصيغة سيتـ إحتراـ إرادة أطراؼ النزاع كمما أرادكا ممارسة
حقيـ في إثارة ىذا الدفع (المتعمؽ باختصاص ىيئة التحكيـ),كما ستتمتع الييئة التحكيمية
بيامش مف الحرية في استعماؿ حقيا لمنظر في مدل إختصاصيا كمما تبيف ليا ضركرة ذلؾ.
90
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
المالحظة الثانية:
كنخمص فييا بعد أف معنا النظر في مقتضيات قذه الفقرة إلى كجكد تناقض صارخ بيف
مقتضياتيا الشيء الذم سيؤدم إلى ترتيب نتائج خطيرة ال تخدـ مصالح التحكيـ.كيظير ىذا
التناقض بشكؿ كاضح مف خالؿ نص المشرع في بداية الفصؿ 327 -9عمى ما يمي:
"عمى الييئة التحكيمية قبل النظر في الموضوع أن تبت ،إما تمقائيا أك بطمب مف أحد
اﻷطراؼ ."...
كبصيغة أخرل يجب عمى الييئة التحكيمية البت بحكـ مستقؿ قبؿ النظر في مكضكع
النزاع ،كالذم تقر ر مف خاللو مدل تكافر إختصاصيا في نظر النزاع المعركض عمييا مف
عدمو.
كالغريب في اﻷمر أف المشرع رجع في اؿشؽ اﻷخير مف الفقرة اﻷكلى مف ىذا الفصؿ
لينص عمى ما يمي:
" ...كذلؾ بأمر غير قابل لمطعن إال وفق نفس شروط النظر في الموضوع وفي
نفس الوقت ."....
كبعبارة أخرل أنو حتى تتمكف الييئة التحكيمية مف النظر في إختصاصيا يجب عمييا
اﻹنتظار إلى حيف البت في المكضكع ،أم كجكب ضـ البت في اﻹختصاص إلى الحكـ في
المكضكع.
كنعتقد أف ىذا الحؿ الذم تكصؿ إليو المشرع في اؿشؽ اﻷخير مف الفقرة أعاله سيككف
مفيدا في حالة ما إذا قررت الييئة التحكيمية ثبكت إختصاصيا في نظر النزاع ﻷنو سيقتصد
مف الكقت كاﻹجراءات ،أما في الحالة المعاكسة كالتي تتكصؿ فييا ىذه الييئة إلى ككنيا غير
مختصة منذ الكىمة اﻷكلى ،فإنيا بإعماليا ليذا المؽ تضى ستضر بمصالح اﻷطراؼ نتيجة
مسبقا ىدرىا لكقتيـ كتكبيدىـ مصاريؼ إضافية،عمما أنو بإمكانيا تفادم ذلؾ لك تـ اﻹعالف
بحكـ مستقؿ تصرح ككنيا غير مختصة .
كلتجاكز ىذه العيكب نرل ضركرة إعادة صياغة ىذه الفقرة عمى الشكؿ التالي:
91
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
كبفضؿ ىذه الصياغة سيصبح لمييئة التحكيمية الخيار بأف تبت في إختصاصيا إما
قبؿ الدخكؿ في مناقشة مكضكع النزاع إذا ما تبيف ليا أنيا غير مختصة ،أك أف تعمؿ عمى
ضـ ىذا البت إلى المكضكع إذا ما أعتبرت نفسيا مختصة في فض النزاع.
المالحظة الثالثة:
كتخص ىذه المالحظة ذلؾ الكصؼ الذم منحو المشرع ﻷمر ىيئة التحكيـ المتعمؽ
بإختصاصيا ،إذ ج علو غير قابؿ ﻷم طعف أماـ القضاء سكاء بإعتبار نفسيا مختصة أـ ال.
كينص المشرع في ذلؾ عمى ما يمي ..." :وذلك بأمر غير قابل لمطعن ."...
فتطبيؽ ىذا الـ قتضى سيؤدم ىك اﻷخر إلى بركز بعض اﻹشكاالت اؿ عممية كالتي
يمكف إجماليا في المسألتيف التاليتيف:
المسألة األولى:
ففي حالة صدكر أمر الييئة التحكيمية بإختصاصيا خطأ بالرغـ مف كجكد مانع قانكني
يحكؿ دكف ذلؾ ،فإف اﻷطراؼ ال يمكنيـ طبقا لوذا المقتضى الطعف في ىذا اﻷمر إال بمناسبة
الطعف فيو مع المكضكع كفي نفس الكقت ،كىذا فيو ضياع لحقكؽ اﻷطراؼ المتنازعة.
المسألة الثانية:
كتخص الحالة المعاكسة ،كالتي ت قرر فييا الييئة التحكيمية عدـ إختصاصيا خطأ
بالرغـ مف كجكد إتفاؽ تحكيـ سميـ ،فإف الطرؼ المتضرر سيتعذر عميو الطعف نيائيا في ىذا
-26 اؿمقرر نظ ار لعدـ كركد ىذه الحالة ضمف الحاالت المنصكص عمييا حص ار في الفصؿ
327كالتي يقبؿ بتكفر إحداىا الطعف في المقرر التحكيمي بالبطالف .
كليذا كاف عمى المشرع أال ينص عمى مسألة الطعف ىاتو تفاديا لكقكع مثؿ ىذه
التعقيدات القانكنية.
92
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
كيتعمؽ اﻷمر بعدـ تحديد المشرع آلجاؿ يمتزـ اﻷطراؼ بإحتراميا كمما أراد أحدىـ تقديـ
دفع يتعمؽ بإختصاص ىيئة التحكيـ ،فبالرجكع إلى ىذه الفقرة يتبيف لنا أف اﻷطراؼ يستطيعك ف
إثارة ىذا الدفع في جميع مراحؿ مسطرة التحكيـ مما سيؤدم في نظرنا إلى إستغالؿ الطرؼ
السيئ النية ليذه اﻹمكانية مف أجؿ تطكيؿ ىذه المسطرة ،لذا كاف عمى المشرع أف يربط
ممارسة ىذا الدفع بأجؿ معيف كإثارتو في الجمسة اﻷكلى قبؿ الدخكؿ في مناقشة الجكىر مثال،
أك أف يتـ التمسؾ بو في ميعاد ال يتجاكز في جميع الحاالت ميعاد تقديـ مطالب المدعى
عميو(.)1
كبعد دراسة سمطة الييئة التحكيمية في النظر في إختصاصيا ،ننتقؿ إلى الفقرة
المكالية لمعالجة صالحياتيا بعد إصدارىا لممقررات التحكيمية.
93
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
بؿ كأىـ مف ذلؾ ,فإنيا تستطيع مباشرة ىذه المسطرة مف تمقاء نفسيا دكف التكقؼ عمى
طمب يقدمو أحد اﻷطراؼ (.)3إال أف ىذه الصالحية تبقى مع ذلؾ مقيدة في الزماف إذ يجب
مباشرتيا داخؿ أجؿ ثالثيف يكما مف تاريخ صدكر المقرر التحكيمي.
كاذا كاف ال يمزـ تحديد جمسة يحضرىا أطر اؼ النزاع حسب ما يستشؼ مف ركح ىذا
الفصؿ ،عند تصحيح الييئة ليذه اﻷخطاء ،فإف تبميغ المقرر المصحح لألطراؼ يككف مفترضا
لكي يتمكنكا مف االستفادة منو في كقت سريع كقبؿ أف يمجؤكا ىـ لطمبو ،إذ كيؼ يعقؿ أف تقكـ
ىذه الييئة بتصحيح المقرر دكف تبميغو لألطراؼ؟
لذا فحتى يتـ تفعيؿ ىذا التصحيح التمقائي لمييئة التحكيمية يجب عمى المشرع أف يعيد
صياغة الفقرة الثانية مف الفصؿ ،327 -28ضمانا ﻹنجاح تسكية الخالؼ في كقت قصير
كذلؾ عمى الشكؿ التالي:
أ -أف تقكـ تمقائيا داخؿ أجؿ ثالثيف يكما التالية لمنطؽ بالحكـ التحكيمي بإصالح كؿ
خطأ مادم أك خطأ في الحساب أك الكتابة أك أم خطأ مف نفس القبيؿ كارد في الحكـ ،ويتعين
()4
عمييا تبميغ الحكم المصحح لألطراف داخل أجل 3أيام من تاريخ التصحيح "...
-1كمع ذلؾ تبقى ىذه الييئة مخيرة في ىذا التصحيح مف عدمو طبقا لمفقرة الثانية مف الفصؿ 327 -28كالتي استيمت بعبارة
« ...غير أن لمييئة التحكيمية "...
-2كتنص الفقرة الثانية مف الفصؿ 327 -28عمى ما يمي ... ":غير أف لمييئة التحكيمية:
-1أن تقوم تمقائيا داخل أجل ثالثين يوما التالية لمنطق بالحكم التحكيمي بإصالح كل خطأ مادي أو خطأ في الحساب أو
الكتابة ،أو أي خطأ من نفس القبيل وارد في الحكم ."....
-3كمع ذلؾ يجب أف يككف ىذا التصحيح صاد ار عف أغمبية أعضاء الييئة التحكيمية ،إذ يسرم عمى المقرر التحكيمي
المصحح ما يسرم عمى إصدار المقرر التحكيمي اﻷصمي.
-4كلمعمـ فإف الييئة التحكيمية تقكـ بيذا التصحيح تمقائيا في اﻷخطاء المادية فقط ،دكف أف تنصرؼ ىذه التمقائية إلى تأكيؿ
جزء معيف مف الحكـ أك إصدار حكـ تكميمي ،إذ أف ىذه الحاالت تبقى متكقفة عمى طمب مف أحد اﻷطراؼ .
94
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
كبيذه الصيغة نعتقد أف صالحية الييئة في ىذا الباب ستككف أكثر فعالية .كبالرغـ مف
عدـ قياـ الييئة بيذا التصحيح تمقائيا ،فإنو بإمكاف أحد اﻷطراؼ التقدـ بطمب مف أجؿ ذلؾ ،إذ
يتعيف عمييا ك الحالة ىاتو القياـ بيذا التصحيح داخؿ أجؿ 30يكما التالية لتاريخ تبميغ المقرر
التحكيمي(.)1
كمف بيف العيكب التي يعاني منيا ىذا الفصؿ عدـ كضعو لحؿ قانكني في حالة تجاكز
ىيئة التحكيـ لسمطاتيا في ىذا التصحيح ،فيؿ سيتـ الطعف في المقرر التحكيمي المصحح
بالبطالف ( ،)2أـ أف اﻷمر يبقى عمى حالو ،الشيء الذم قد تتضرر معو مصالح أحد اﻷطراؼ
أك ىما معا؟
ككجكاب عف ىذا التساؤؿ ،نرل أف اﻹبقاء عمى المقرر التحكيمي المصحح عمى حالو
ىك الحؿ الكحيد المطركح لعدـ إدراج المشرع لحالة تجاكز الييئة التحكيمية لسمطتيا في
تصحيح مقرراتيا ضمف الحاالت التي يجكز فييا الطعف بالبطالف كالتي جاءت عمى سبيؿ
الحصر في الفصؿ .327 -26
كأخي ار نكد اﻹشارة إلى أف الييئة التحكيمية تصدر مقرراتيا المصححة خالؿ أجؿ 30
يكما مف تاريخ رفع الطمب إلييا.
95
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
فصالحية التفسير ىذه ليس فييا ما يمس بمبدأ إستنفاذ كالية ىذه الييئة المرتبطة
باتفاؽ التحكيـ ،ﻷنيا في الحقيقة تقتصر فقط عمى تحديد مضمكف المقرر الغامض ليس إال،
كبعبارة أخرل فإنيا تقكـ بتكضيح اؿغمكض العالؽ بيذا المقرر دكف المساس بما قضى بو.
كبذلؾ فال يجكز أف يتضمف ىذا التفسير تعديال لممقرر التحكيمي ،أك معاكدة النظر
فيو ،ككمما تعرض لمثؿ ىذه التغييرات إال كأصبح ميددا بعدـ التنفيذ.
كما أف ىذا التفسير يجب أف يرد عمى الغمكض الذم يكتنؼ منطكؽ المقرر
التحكيمي ،ﻷف العبرة بو أثناء مباشرة مسطرة التنفيذ.
كنظ ار ﻷىمية ىذه الصالحية فقد أضافيا المشرع المغربي لصالحيات الييئة التحكيمية
كىذا ما تنص عميو الفقرة الخامسة مف الفصؿ : 327 -28
" ...
....
-2أف تقكـ داخؿ أجؿ ثالثيف يكما التالية لتبميغ الحكـ التحكيمي بناء عمى طمب أحد
اﻷطراؼ كدكف فتح أم نقاش جديد بما يمي:
....
كيمكف أف نستنتج مف ىذا الفصؿ أنو ال يمكف لييئة التحكيـ تفسير مقرراتيا بصفة
تمقائية كانما يتكقؼ ذلؾ عمى طمب أحد اﻷطراؼ ,عكس مسطرة تصحيح اﻷخطاء المادية
المتسربة ليذه المقررات التي يمكنيا مباشرتيا تمقائيا .كما منح المشرع ليذه الييئة أثناء نظرىا
لمسطرة التفسير نفس اآلجاؿ القانكنية التي منحيا إياىا في مسطرة تصحيح أخطاء المقررات
التحكيمية ،أم كجكب إصدارىا لممقرر التفسيرم أك التأكيمي خالؿ ثالثيف يكما التالية لتقديـ
الطمب إلييا.
-1راجع في ىذا السياؽ منير عبد المجيد " ،التنظيـ القانكني لمتحكيـ الدكلي كالداخمي في ضكء الفقو كقضاء التحكيـ" ،منشأة
المعارؼ ،طبعة ،1997ص .276
96
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
كنعتقد في رأينا المتكاضع أف ىذه اآلجاؿ قد جاءت مالئمة حتى تتمكف ىيئة التحكيـ
مف إصدار حكـ تفسيرم مكضح بالشكؿ السميـ لمنقاط التي اكتنفيا الغمكض.
تجيز مختمؼ القكانيف المقارنة لألطراؼ العكدة إلى الييئة التحكيمية المصدرة لممقرر
التحكيمي مف أجؿ الفصؿ في الطمبات التي أغفمتيا ،ما داـ أنيا تدخؿ في نطاؽ إتفاؽ
التحكيـ( .)1كذلؾ عمى اعتبار أف ىذه الييئة لـ تستنفذ كاليتيا الكاممة بعد في شأف ىذه
الطمبات.
كيتـ عادة إخضاع المقرر التحكيمي التكميمي إلى نفس المقتضيات القانكنية الكاجبة
التطبيؽ عمى المقرر التحكيمي اﻷصمي ،كما أنو ال يتـ اﻹعتراؼ بحجيتو إال كفقا لمساطر
التنفيذ السارية عمى المقرر اﻷصمي .كما أنو ال يعتبر إغفاال لمطمب ذلؾ الذم تـ رفضو ضمنيا
مف قبؿ الييئة التحكيمية.
لذلؾ فإف المشرع المغربي كغيره مف التشريعات المقارنة قد سير عمى تنظيـ ىذه
الصالحية كذلؾ في الفصؿ ،327 -28إذ جاء بالفقرة السادسة منو بما يمي:
" ...ج -إصدار حكم تكميمي بشأن طمب وقع إغفال البت فيو ما لم يتفق األطراف
عمى خالف ذلك."...
كما يمكف مالحظتو عمى ىذه الفقرة أنيا جعمت صالحية ىيئة التحكيـ متكقفة عمى
إرادة اﻷطراؼ فإذا لـ يكافقكا عمييا امتنع عمييا النظر في اؿطمب .كما يجب اﻹنتباه إليو أف ىذه
الييئة يتعيف عمييا إصدار المقرر التحكيمي خالؿ أجؿ ستيف يكما يبتدئ مف تاريخ تقديـ
الطمب إلييا ،كبذلؾ نالحظ أف المشرع قد ضاعؼ ىذا اﻷجؿ مقارنة مع صالحية نفس الييئة
كىي تبت في تصحيح اﻷخطاء أك تفسير المقررات الصادرة عنيا.
كاذا كاف رئيس المحكمة الصادر بدائرتيا المقرر التحكيمي ىك المختص بالبت في
طمب التصحيح أك التفسير في تمؾ الحالة التي يتعذر فييا اجتماع الييئة التحكيمية مف أجؿ
ذلؾ ،فإنو بالمقابؿ ال يسكغ لو البت في الطمبات المغفمة مف قبميا ،عمى أساس أف ىذه
97
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
اﻹمكانية لـ يتطرؽ إلييا المشرع في الفصؿ 327 – 29الذم أشار لمصالحيات التي يقكـ بيا
ىذا الرئيس في حالة غياب ىيئة التحكيـ(.)1
كنرل أف سبب منع رئيس المحكمة مف النظر في ىذا النكع مف الطمبات يرجع إلى
كجكد إتفاؽ اؿتحكيـ الذم يحجب عميو ىذا اﻹختصاص .كمع ذلؾ فإف التساؤؿ حكؿ الجية
المختصة بالبت فييا يبقى مطركحا ،فيؿ تتـ العكدة إلى الجية القضائية الطبيعية أم
المحكـ ة ( ،)2أـ أف اﻷطراؼ سكؼ يقكمكف بتعييف ىيئة تحكيـ جديدة تنظر في ىذه الطمبات
المغفمة ؟
ككجكاب عف ىذا التساؤؿ ،فإننا نرجح إمكانية المجكء إلى القضاء لككنو يتميز
ا قيمة ثانكية بالنسبة باﻹستم اررية كالدكاـ كﻹعتبار الطمب المغفؿ يككف في غالب اﻷحكاؿ ذ
لمطمب اﻷصمي الذم تـ البت فيو مف طرؼ الييئة التحكيمية قبؿ انحالليا.
عديؿ المقررات كاذا كانت الييئة التحكيمية ليا مف الصالحيات ما يجعميا تقكـ بت
الصادرة عنيا ،فيؿ ليا مثؿ قذق الصالحية في تعييف مكاف إجراء جمسات التحكيـ؟ ىذا ما
سكؼ نعالجو في الفقرة اؿمكالية:
-1كلمعمـ فإف رئيس المحكمة يمتزـ ىك اﻷخر بالبت في طمبات التفسير كالتصحيح داخؿ أجؿ ثالثيف يكما بأمر ال يقبؿ
الطعف.
-2ىذا عمما أف المحكمة تبقى مختصة في ىذا البت إلى حيف تمسؾ أحد اﻷطراؼ بكجكد إتفاؽ التحكيـ ،الشيء الذم يجعميا
تصدر حكما يقضي بعدـ قبكؿ الدعكل .
-3أنظر أحمد عبد الكريم سالمة ،ـ س ،ص .781
راجع أيضا د.مصطفى محمد الجمال ود.عكاشة محمد عبد العال ,ـ س ،ص .655
98
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
فتعييف ىذه الييئة لمكاف إجراء التحكيـ تترتب عنو مباشرة عدة نتائج خطيرة ت ؤثر في
مجرل مسطرة التحكيـ (أكال) ،ك إذا كاف التشريع المغربي كاحدا مف التشريعات التي اىتمت
بالتحكيـ فإلى أم حد أعترؼ بيذه السمطة لمييئة التحكيمية؟ (ثانيا).
-1إف تعييف دكلة ما كمقر ﻹجراء التحكيـ يعطي بصفة تمقائية لمحاكـ ىذه الدكلة
صالحية مساعدة ىذه الييئة في تسيير مسطرة التحكيـ ،إذ تتـ اﻹستعانة بسمطات قضاء دكلة
مقر التحكيـ ،كمثاؿ ذلؾ الحكـ عمى أحد اﻷطراؼ الممتنع عف تقديـ مستندات تعتبرىا ىيئة
التحكيـ حاسمة في النزاع ،أك الحكـ عمى الشاىد الذم تخمؼ عف الحضكر أماـ ىذه الييئة مف
أجؿ اﻹدالء بشيادتو في النزاع ،أك الفصؿ في بعض المسائؿ اﻷكلية ،أك اﻷمر ببعض التدابير
الكقتية أك التحفظية (.)1
-2إف تعييف الييئة لمكاف إجراء التحكيـ سيساعد فيما بعد عمى تحديد طبيعة ىذا
التحكيـ ،أم اعتباره كطنيا أـ دكليا ،فإذا أخدنا مثاؿ التحكيـ الذم ينعقد بالمغرب كيصدر مقرره
داخمو أيضا ،فإنو يعد تحكيما كطنيا مغربيا ،أما في حالة إنعقاده بالخارج ككاف مكضكعو يرتبط
بأكثر مف دكلة بما فييا المغرب ك صدر مقرره بالخارج أيضا ,فإنو يعد آنذاؾ تحكيما دكليا.
-3في حالة تعييف ىذه الييئة لدكلة مف ضمة إلى اتفاقية نيكيكرؾ المتعمقة بتنفيذ
المقررات التحكيمية كاﻹعتراؼ بيا كمقر لمتحكيـ ,فإف صدكر المقرر التحكيمي داخميا سيبسط
ميمة اﻷمر بتنفيذه في دكلة أخرل منضكية ىي اﻷخرل تحت لكاء نفس االتفاقية.
-4في حالة تعييف ىيئة التحكيـ لدكلة ما كمقر لمتحكيـ فإف الجياز القضائي ليذه
اﻷخيرة يمكنو التدخؿ مف أجؿ تمديد أجؿ النظر في مسطرة التحكيـ ،بؿ أكثر مف ذلؾ فمو أف
يأمر بكضع نياية ﻹجراءات التحكيـ بناء عمى طمب أحد اﻷطراؼ
99
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
-5إف مخالفة القكاعد المكضكعية أك المسطرية لدكلة مقر التحكيـ قد يعد سببا مف
أسباب رفض اﻹعتراؼ بالمقرر التحكيمي ،كبالتالي عدـ تنفيذه .1
-6في حالة عدـ إتفاؽ أطراؼ التحكيـ عمى تحديد القكاعد المسطرية الكاجبة التطبيؽ،
فإف القكاعد المسطرية النافذة في دكلة مقر التحكيـ ىي التي تطبؽ كذلؾ تيسي ار لعممية التحكيـ.
كانطالقا مف ىذه النتائج سكؼ نقؼ عمى مدل تنظيـ المشرع المغربي لصالحية تعيمف
الييئة التحكيمية لمقر التحكيـ .
ثانيا :تنظيم المشرع المغربي لصالحية الهيئة التحكيمية في اختيار مقر التحكيم:
إف المشرع المغربي لـ ينظـ في ؽ.ـ.ـ صالحية ىيئة التحكيـ في تعييف مكاف إجراء
التحكيـ إال أنو تدارؾ ىذا اﻹغفاؿ بمقتضى قانكف .)2(08-05
327-10كالتي فقد تطرؼ إلى ىذا المكضكع مف خالؿ الفقرة الثانية مف الفصؿ
تقضي بما يمي:
" ...كلطرفي التحكيـ اﻹتفاؽ عمى مكاف التحكيـ في المممكة المغربية أك خارجيا ،فإذا
لـ يكجد إتفاؽ عينت ىيئة التحكيـ مكانا مالئما لمتحكيـ ،مع مراعاة ظركؼ الدعكل كمحؿ
إقامة اﻷطراؼ ،كال يحكؿ ذلؾ دكف أف تجتمع ىيئة التحكيـ في أم مكاف تراه مناسبا لمقياـ
5مف اتفاقية نيكيكرؾ المتعمقة بتنفيذ المقررات التحكيمية كاالعتراؼ بيا -1كىذا ما نصت عميو الفقرة اﻷكلى مف المادة
الصادرة سنة ، 1958ككذا المادة /1ب مف اتفاقية جنيؼ الخاصة بتنفيذ أحكاـ التحكيـ اﻷجنبية الصادرة سنة .1927
-2كقد تطرؽ المشرع المصرم إلى مكضكع تع ميف مكاف التحكيـ في المادة 28مف قانكف التحكيـ الجديد بحيث نص عمى ما
يمي:
" لطرفي التحكيـ اﻹتفاؽ عمى مكاف التحكيـ في مصر أك خارجيا فإذا لـ يكجد إتفاؽ عينت ىيئة التحكيـ مكاف التحكيـ مع
مراعاة ظركؼ الدعكل كمالئمة المكاف ﻷطرافيا كال يخؿ ذلؾ بسمطة ىيئة التحكيـ في أف تجمتع في أم مكاف تراه مناسبا لمقياـ
بإجراء مف إجراءات التحكيـ كسماع أطراؼ النزاع أك الشيكد أك الخبراء أك اﻹطالع عمى مستندات أك معاينة بضاعة أك
أمكاؿ أك إجراء مداكلة بيف أعضائيا أك غير ذلؾ"
كلإلشارة فقد نص المشرع المغربي عمى نفس ىذه المقتضيات إلى حد أنيا كادت أف تككف حرفية ،كلعؿ ذلؾ راجع إلى كحدة
المصدر الذم تأثر بو كنقػصد ىنا القانكف النمكذجي لػﻷ نستراؿ.
100
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
بإجراءات التحكيـ كسماع أطراؼ النزاع أك الشيكد أك الخبراء أك اﻹطالع عمى الػمستندات أك
معاينة بضاعة أك أمكاؿ أك إجراء مداكلة بيف أعضائيا أك غير ذلؾ.)1( "...
أوال :إف المشرع لـ يعطي لييئة التحكيـ صالحية تع ميف مكاف التحكيـ بصفة أصمية
كانما سمح ليا بذلؾ بصفة احتياطية فقط ،أم كمما أغفؿ اﻷطراؼ تنظيميـ ليذه المسألة،
ىما لما كتشمؿ صالحيتيا ىاتو كؿ مف التحكيـ الداخمي كالدكلي نظ ار لعدـ تمييز المشرع بيف
عالج ىذا المكضكع.
ثانيا :أنو في حالة غياب إتفاؽ بيف اﻷطراؼ لتعييف مكاف التحكيـ فإف الييئة
التحكيمية ىي مف يتكلى ىذا التعييف ،إال أنيا تككف في ذلؾ مقيدة بضركرة مراعاتيا لظركؼ
الدعكل كمالءمة المكاف الذم يختاره أطراؼ التحكيـ ،كىذا ما مكضح أف سمطة ىذه الييئة غير
مطمقة في ىذا التعييف ,إضافة إلى ذلؾ فيذه الفقرة لـ تأخد بالمكقؼ الذم يرل بأف يككف محؿ
التحكيـ مطابقا لمكاف انعقاد إتفاؽ التحكيـ (.)2
ثالثا :إف تحديد اﻷطراؼ لمكاف التحكيـ ال يؤثر حسب ىذه الفقرة عمى سمطة ىيئة
التحكيـ في تعيينيا لمكاف آخر تراه مالئما ﻹجتماعيا ،أك ﻹتخاد أم إجراء مف إجراءات
التحكيـ.كجدير بالذكر أف المشرع قد حدد ىذه اﻹجراءات عمى سبيؿ المثاؿ ( ،)3كمنيا سماع
أطراؼ النزاع أك الشيكد أك الخبراء ،ك اﻹطالع عمى المستندات ،كمعاينة البضاعة أك
اﻷمكاؿ ،ك إجراء المداكلة بيف أعضاء الييئة.
-1كلمعمـ فإف ىذه الفقرة لـ يكف ليا كجكد في المشركع اﻷكلي لقانكف ،08 -05كانما الذم أضافيا إليو ىك مجمس المستشاريف
في إطار مناقشتو ليذا القانكف.
أنظر مشروع قانون 08-05كما كافؽ عميو مجمس المستشاريف بتاريخ 5جمادل اﻷكلى 1428المكافؽ ؿ 22مام .2007
-2أنظر أحمد أبو الوفا ،التحكيـ االختيارم كاﻹجبارم ،ـ س ،ص .227
-3كما يعزز ذلؾ نص المشرع في أخر ىذه الفقرة عمى " ...أو غير ذلك "....
101
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
رابعا :كمثكر ىنا تساؤؿ حكؿ اﻷثر القانكني عما إذا تـ التحكيـ في مكاف غير ذلؾ
الذم تـ اﻹتفاؽ عميو مف قبؿ اﻷطراؼ ،فيؿ سيترتب ع ف ذلؾ بطالف كؿ اﻹجراءات التي تمت
خالؿ مسطرة التحكيـ؟ أـ أف ذلؾ ال يؤثر عمى ىذه المسطرة.
كنعتقد أف ىذا اﻹشكاؿ ال يرتب أم بطالف يمحؽ ىذه اﻹجراءات لككف المشرع لـ
يفرد أم جزاء قانكني في حالة اﻹخالؿ بإتفاؽ الطرفيف أعاله ،ىذا مف جية.
كمف جية أخرل ,فإف ىذه اﻹجراءات ال يتسرب إلييا البطالف إال في حالة إقتراف ذلؾ
بإخالؿ قد يطاؿ حقا مف حقكؽ الدفاع .
إذف يتبيف لنا مف خالؿ ىذه المالحظات أف المشرع قد كسع مف سمطات ىيئات
التحكيـ فيما يتعمؽ بتع ميف مكاف التحكيـ ،كذلؾ تدعيما منو لممركنة التي تتميز بيا مسطرة
التحكيـ.
كنذكر مف بيف ىذه اﻹجراءات اﻹستماع إلى أطراؼ النزاع ،كتكجيو اليميف إلييـ سكاء
المكممة أك الحاسمة ،كسماع شيادة الشيكد ،كالقياـ بالمعاينات الضركرية لمكقكؼ عمى حقيقة
النزاع ،إلى غير ذلؾ.
كيتعيف عمى الييئة القياـ باﻹجراءات السالفة الذكر كىي متركبة مف جميع أعضائيا ما
()2( )1
القاعدة أيضا أف ك لـ يتـ إعفا ءىا مف ذلؾ بإتفاؽ اﻷطراؼ كذلؾ تحت طائمة البطالف.
-1كىذا ما نصت عميو الفقرة اﻷكلى مف المادة 24مف قكاعد اﻷنستراؿ الصادرة سنة .1976
-2كيتعيف أف نستحضر في ىذه الحالة أف ىذه الييئة قد تككف مككنة مف محكـ فرد ,فبتحقؽ ىذه الفرضية فإف ىذا اﻷخير
يقكـ بإجراءات التحقيؽ بمفرده .أما فيما يتعمؽ بكجكب ككف الييئة التحكيمية متركبة مف جميع أعضائيا = لمباشرتيا إجراءات
327 – 16التي تقضي بما يمي":يجب عمى المحكميف في حالة التحقيؽ ،كأساسنا في ذلؾ ىي الفقرة اﻷكلى مف الفصؿ
تعددىـ أف يقكمكا بالمشاركة جميعا في كؿ اﻷشغاؿ كالعمميات كفي تحرير جميع المحاضر إال إذا أذف ليـ اﻷطراؼ في انتداب
أحدىـ لمقياـ بعمؿ معيف ،"...كنحف نعمـ أف إجراءات التحقيؽ تدخؿ ضمف العمميات كاﻷشغاؿ التي تقكـ بيا ىذه الييئة.
102
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
لمييئة التحكيمية اﻷمر تمقائيا بإتخاذ ما تراه مناسبا مف إجراءات التحقيؽ قصد الكصكؿ إلى
ر لكائح المؤسسات التحكيمية عبر حؿ عادؿ لمنزاع المعركض عمييا ،كىذا ما أجازتو سائ
العالـ(.)1
كعمميا يمكف إعتبار الخبرة أىـ إجراء ضمف إجراءات التحقيؽ التي تمجأ إلييا ىذه
الييئات ،كذلؾ مف أجؿ اﻹستعانة بأىؿ العمـ ﻹستجالء العناصر التقنية الغامضة مف النزاع.
كبالرغـ مف اﻷىمية القصكل التي تتميز بيا ىذه الخبرة فإف الخصكـ في بعض اﻷحياف تحظر
عمى ىذه الييئات اﻹستعانة بيا ،أما في حالة عدـ إتفاقيـ عمى ذلؾ فإف الييئة التحكيمية تبقى
ليا الحرية التامة في تقرير مدل مالءمة ىذه الخبرة مف عدميا(.)2
مقكلة أف الخبرة ال أىمية ليا في مجاؿ التحكيـ كيذىب رأم في الفقو إلى انتقاد
لتخصص الييئة التحكيمية في مكضكع النزاع المعركض عمييا ،معتمدا في ذلؾ عمى كجكد
()3
بعض الجكانب التقنية في ذات النزاع التي يستعصى اﻹلماـ بيا مف طرؼ ىذه الييئة.
327-11 أما عف اىتماـ المشرع المغربي بيذا المكضكع فقد تطرؽ إليو في الفصكؿ
ك 327-12مف قانكف ،08-05حيث متع ىيئة التحكيـ بالحرية الكاممة في القياـ بجميع
فذكر عمى سبيؿ المثاؿ إجراءات التحقيؽ المالئمة لمكصكؿ إلى فض النزاع .كمف بينيا
ككف ىذه اﻹجراءات جاءت عمى سبيؿ اﻹستماع إلى الشيكد ،كتعييف الخبراء ،...كما يؤكد
المثاؿ ختـ المشرع لمفقرة اﻷكلى مف الفصؿ 327-11بالتنصيص عمى قياـ ىذه الييئة بأم
إجراء مناسب آخر.
كما أنو أجاز لمييئة التحكيمية أف تطالب اﻷطراؼ أك أحدىـ باﻹدالء بكسائؿ اﻹثبات
()4
إال أف ما يالحظ عمى المشرع في ىذا السياؽ أنو لـ يعمؿ عمى إمداد المكضكعة تحت يده،
إال أف التساؤؿ الذم يطرح نفسو ىنا ىك ماىية اﻷثر القانكني المترتب في حالة عدـ قياـ جميع أعضاء الييئة بيذه اﻹجراءات
؟ عمما أف الفقرة أعاله لـ ترتب عمى ىذه النتيجة بطالف اﻹجراءات.
-1راجع ،د.ىدى حمدي عبد الرحمان ،ـ س ،ص 228
-2راجع ،د.ىدى حمدي عبد الرحمان ،ـ س ،ص 233
-3راجع د.أحمد عبد الكريم سالمة ،ـ س ،ص .923
-4راجع د.عزيز الفتح ،ـ س ،ص .166
103
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
ىذه الييئة بسمطة الردع ﻹجبار الطرؼ الرافض لإلدالء بمثؿ ىذه الكسائؿ ( ،)1كمع ذلؾ فإننا
نعتقد أف باب القضاء اﻹستعجالي سيبقى مفتكحا في كجييا ﻹستصدار أمر يقضي برفع
الطرؼ المخؿ يده عف ىذه الكسائؿ أك الكثائؽ كذلؾ تحت طائمة الغرامة التيديدية مثال.
كينص الفصؿ 327 -11أيضا عمى جكاز استماع ىيئة التحكيـ ؿكؿ شخص إذا
رأت أف في ذلؾ فائدة لمكصكؿ إلى حؿ النزاع ،كنرل أف عبارة "الشخص" المذككرة في ىذا
الفصؿ تحتمؿ الشخص الطبيعي ك المعنكم عف طريؽ ممثمو القانكني ,خاصة إذا ما تعمؽ
اﻷمر بنزاع تجارم بيف مقاكلتيف أك أكثر.
كالتساؤؿ الذم يبقى مطركحا ىنا بإلحاح ىك مدل إلزامية الشيكد بأداء ىذه اليميف ؟
ىذا عمما أف أدا ءىا أماـ ىذه الييئة يختمؼ عف أدائيا أماـ المحاكـ لككنيا إجبارية في الحالة
اﻷخيرة فقط!!
كنحف نتفؽ مع اﻹتجاه الفقوم الذم ال يحبذ تحميؼ الشيكد باليميف القانكنية ،لعمة أنو
يتضمف نكع مف اﻹجبار ك اﻹكراه الذم ال تضمنو إال سمطة اﻷمر التي ينفرد بيا القضاء،
إضافة إلى ذلؾ فإف أداء ىذه اليميف يفترض في مؤدييا الصدؽ في شيادتو ،إال أنو في حالة
-1كنشير ىنا إلى أف المشرع قد غير صياغة الفقرة الثانية مف الفصؿ 327 -11التي جاءت في إطار المشركع كما صادؽ
عميو مجمس المستشاريف بتاريخ 22مام ، 2007إذ كانت تنص عمى المقتضيات التالية:
" ...إذا كانت بيد أحد اﻷطراؼ كسيمة إثبات جاز لمييئة التحكيمية أف تأمره باﻹدالء بيا".
كبذلؾ عكضيا بالصياغة التالية مغي ار عبارة "تأمره " بعبارة "تطمب منو" ,كذلؾ تماشيا مع طبيعة عمؿ ىذه الييئة التي ال تتميز
بسمطة اﻹجبار التي تبقى حك ار عمى القضاء .كىكذا جاءت ىذه الفقرة كالتالي:
" ..إذا كانت بيد أحد اﻷطراؼ كسيمة إثبات جاز لمييئة التحكيمية أف تطمب منو اﻹدالء بيا ".
1992في المادة 211مف -2كىناؾ مف القكانيف المقارنة التي تمزـ تحميؼ الشيكد باليميف ،كمنيا القانكف اﻹماراتي لسنة
قانكف اﻹجراءات المدنية ،كالتي تنص عمى ما يمي:
" عمى المحكمين أن يحمفوا الشيود باليمين ،ككؿ مف أدل شيادة كاذبة أماـ المحكميف يعتبر مرتكبا لجريمة شيادة الزكر".
.1983كىناؾ مف كنفس المقتضيات أشارت إلييا المادة 31مف الالئحة التنفيذية لنظاـ التحكيـ السعكدم الصادرة سنة
التشريعات التي تخير ىيئة التحكيـ في تحميؼ الشيكد كمثاؿ ذلؾ الفقرة الخامسة مف المادة 38مف قانكف التحكيـ اﻹنجميزم
لسنة ،1996كالتي تنص عمى ما يمي:
"...لييئة التحكيم سمطة سماع أي طرف أو شاىد بدون أو بعد حمف اليمين كىي التي تقكـ بتكجيو اليميف كليس الخصـ".
104
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
إكتشاؼ كذبو سيككف مرتكبا لجريمة أداء شيادة الزكر التي يعاقب عمييا القانكف الجنائي،
الشيء الذم سيتعذر معو عمى الييئة التحكيمية تكقيع عقكبات جزائية عميو ﻹنتفاء
إختصاصيا في ذلؾ(.)1
كفي إطار اﻹستماع إلى الشيكد تقكـ الييئة التحكيمية إحتراما منيا لمبدأ المكاجية
بتمقي الشيادة بمحضر جميع اﻷطراؼ ،كىذا ما يمكنيـ مف مناقشة الشيكد في شيادتيـ مع ما
يتطمبو ذلؾ مف طرحيـ ﻷسئمة حكليا.
بينما يبقى العب ء في الحالة التي يغيب فييا إختيارىـ ليذا القانكف عمى عاتؽ الييئة
التحكيمية التي تككف ممزمة بالبحث عف القانكف المكضكعي المناسب ،إذ أنيا تبحث عف رابطة
105
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
مكضكعية تحدد ىذا القانكف ،كالتي تتنكع بيف كؿ مف قانكف محؿ إبراـ العقد ,ك قانكف محؿ
()1
التنفيذ ،ك قانكف محؿ إقامة المتعاقديف ،كقانكف مكاف إجراء التحكيـ ...
أما عف اﻷساس القانكني لسمطة ىذه الييئة في إختيار ىذا القانكف ،أم تحديد ما إذا
كانت ذات إختصاص أصمي أـ أنيا تمارس ىذه السمطة نيابة عف الخصكـ فقط.فإف ىناؾ مف
الفقو مف أرجع ذلؾ إلى سمطتيا المتعمقة باستكماؿ العقد ،2بينما عزاه جانب آخر مف الفقو إلى
الدكر اﻹيجابي الذم أصبحت تمارسو ىذه الييئة باعتبارىا محكمة تنظر في النزاع ،كلككف
قذقالمسألة أكلية إذ يتعيف حميا قبؿ التصدم لمنزاع(.)3
إضافة لما سبؽ ،فإف المحكمكف يتمتعكف بخالؼ القضاة بسمطة كاسعة في البحث عف
القانكف الذم سيحكـ مكضكع النزاع ( ،)4عمى شرط أف يككف مناسبا لفض النزاع ,بؿ كيمكنيـ
أيضا اﻹىتداء إليو مف خالؿ إعماليـ سكاء لممبادئ العامة لمقانكف ،أك لقكاعد القانكف الدكلي
الخاص المعمكؿ بيا في مختمؼ النظـ القانكنية العالمية ،أك لقكاعد القانكف الخاص الدكلي
(القكاعد المادية أك المكضكعية)(.)5
كما يالحظ عمى المشرع المغربي في ىذا اؿصدد أنو أخذ بمعظـ ىذه المقتضيات أثناء
صياغتو لمفصؿ 327 -18مف قانكف ,08 -05إذ نص عمى أنو:
"تطبؽ ىيئة التحكيـ عمى مكضكع النزاع القكاعد القانكنية التي يتفؽ عمييا الطرفاف.
إذا لـ يتفؽ الطرفاف عمى القكاعد القانكنية الكاجبة التطبيؽ عمى مكضكع النزاع طبقت
ىيئة التحكيم القواعد الموضوعية في القانون التي ترى أنو األكثر إتصاال بالنزاع ،كعمييا في
جميع اﻷحكاؿ أف تراعي شركط العقد مكضكع النزاع كتأخذ بعيف اﻹعتبار اﻷعراؼ التجارية
106
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
كالعادات كما جرل عميو التعامؿ بيف الطرفيف ،كاذا اتفؽ طرفا التحكيـ صراحة عمى تفكيض
ىيئة التحكيـ صفة كسطاء بالتراضي تفصؿ الييئة في ىذه الحالة في مكضكع النزاع بناء عمى
قكاعد العدالة كاﻹنصاؼ دكف التقيد بالقانكف".
في أف لمييئة كيمكف إبداء جممة مف المالحظات عمى ىذا الفصؿ تصب كميا
التحكيمية الحرية الكاممة في إختيارالقانكف الكاجب التطبيؽ عمى المكضكع ،كالتي نكردىا عمى
الشكؿ التالي:
فأول ىذه المالحظات ،أف ىيئة التحكيـ تحضى بيذه الصالحيات في كؿ مف التحكيـ
الداخمي كالتحكيـ الدكلي ,لككف ىذا الفصؿ قد جاء بصيغة عامة.
ثاناي ،أف ىذا الفصؿ ذكر عبارة "القكاعد القانكنية" كليس عبارة "النصكص القانكنية"،
بحيث إف اﻷكلى أشمؿ كأكسع مف الثانية ،لذا فإف ىذه الييئة ال تتقيد بإختيار النصكص
القانكنية فقط ،كانما يسرم إختيارىا عمى المكائح التحكيمية لمراكز التحكيـ كاﻷعراؼ كالعادات
التجارية كالسكابؽ التحكيمية أيضا.
ثالثا ،أف المشرع قيد حرية الييئة التحكيمية عند إختيارىا لمقانكف الكاجب التطبيؽ
بضركرة إعتمادىا لمقكاعد المكضكعية اﻷكثر إتصاال بالنزاع ،كىذا ما يتكقؼ بالدرجة اﻷكلى
عمى كفاءة ىذه الييئة كخبرتيا ,كيعد معيار تحديد القكاعد المكضكعية اﻷكثر إتصاال بالنزاع
معيا ار مكضكعيا ال شخصيا ،إذ يعتمد في ذلؾ عمى تعييف الييئة التحكيمية لما تراه قكاعد ليا
إرتباط بالنزاع حسب طبيعة ىذا اﻷخير ،ىذا عمما أف ىذه القكاعد قد تختمؼ بإختالؼ النظـ
القانكنية(.)1
رابعا ،كجكب مراعاة ىيئة التحكيـ لشركط العقد مكضكع النزاع ،ككذا لألعراؼ التجارية
كالعادات كما جرل عميو التعامؿ بيف الطرفيف ،ىذا فضال عف منع الييئة التحكيمية مف الفصؿ
في النزاع بناء عمى قكاعد العدالة كاﻹنصاؼ إال إذا أتفؽ اﻷطراؼ عمى ذلؾ.
-1كىذا ما ذىب إليو المشرع الفرنسي أيضا في المادة 1496مف قانكف المرافعات.
107
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
لقد أفرد قانكف 08 -05فصال خاصا يقضي بمنح ىيئة التحكيـ صالحية إنياء
مسطرة التحكيـ ،كيتحقؽ ذلؾ في حالتاف اثنتاف ،أكليما ترجع ﻹرادة اﻷطراؼ بينما تبقى الحالة
الثانية مف اختصاص الييئة التي يمكف أف تأمر بيا مف تمقاء نفسيا .كيتعمؽ اﻷمر ىنا بالفصؿ
327 – 19الذم نص عمى أنو " :تنيي الييئة التحكيمية مسطرة التحكيـ إذا اتفؽ اﻷطراؼ
خالليا عمى حؿ النزاع كديا.
كىؾذا ؼبناء عمى طمب مف اﻷطراؼ تثبت الييئة التحكيمية إنتياء المسطرة بكاسطة
حكـ تحكيمي يصدر بإتفاؽ اﻷطراؼ ،كيككف ليذا الحكـ نفس اﻷثر المترتب عمى أم حكـ
تحكيمي آخر صادر في جكىر النزاع.
كقد تأمر الييئة التحكيمية بإنياء المسطرة عندما يتبيف ليا أف متابعة مسطرة التحكيـ
أصبحت ﻷم سبب مف اﻷسباب غير جدية أك غير ممكنة".
إال أف اﻹشكاؿ القانكني الذم يبرز في ىذا الصدد ىك الكيفية التي سيصاغ فييا ىذا
الحؿ الكدم؟ ﻷف المشرع لـ ينص في الفصؿ أعاله عمى قالب معيف ليذا الحؿ ,كالصمح مثال.
لذلؾ فإف الفقرة الثانية مف الفصؿ 327-19لـ تعالج ىذا اﻹشكاؿ ,كانما اكتفت بتنظيـ الكيفية
التي يجب أف تسمكيا ىيئة التحكيـ مف أجؿ إنياء المسطرة فقط (.)1
فبعد تحميؿ ىذه الفقرة يتضح لنا أف المشرع لـ ينص عمى ضركرة تثبيت الييئة
التحكيمية لمحؿ الكدم في الحكـ التحكيمي لكنو اقتصر فقط عمى كجكب بياف أسباب إنتياء
اﻷمر بشكؿ دقيؽ بمقتضى مسطرة التحكيـ ،كذلؾ بخالؼ المشرع المصرم الذم عالج ىذا
108
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
المادة 41مف قانكف التحكيـ لسنة ،1994إذ ألزـ ىذه اؿىيئة بتضميف حكميا شركط التسكية
الكدية ال فقط اﻹشارة إلى إنياء اﻹجراءات(.)1
327-19أعاله، كيمكف القكؿ أنو بالرغـ مف القصكر القانكني الذم يكتنؼ الفصؿ
فإف إرادة المشرع كانت تتجو ىي اﻷخرل إلى تضميف الحكـ التحكمي شركط التسكية الكدية
لمنزاع التي اتفؽ عمييا اﻷطراؼ سابقا ،كما يعزز ىذا المكقؼ ىك تمتيع المشرع ىذا الحكـ
بنفس اﻷثر القانكني المترتب عمى أم حكـ تحكيمي صادر في مكضكع النزاع ،بما في ذلؾ
الطعف بالبطالف(.)2
أما عف المرحمة التي يتـ فييا إصدار مثؿ ىذا الحكـ التحكيمي فإنيا تبقى خاضعة
ﻹرادة اﻷطراؼ في أم مرحمة كصمت إلييا مسطرة التحكيـ إلى حيف إدخاؿ القضية في
المداكالت( .)3كبخصكص السمطة التقديرية لمييئة التحكيمية في مدل قبكليا ﻹتفاؽ اﻷطراؼ
المتعمؽ بإنياء النزاع كديا مف عدمو ،فنرل ككنيا ممزمة دائما بو حفاظا عمى إستم اررية التعامؿ
فيما بيف ىؤالء اﻷطراؼ.
109
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
كما تجدر اﻹشارة إلى أف المشرع المغربي قد أجبر الييئة التحكيمية عمى إنياء
مسطرة التحكيـ كمما أصبحت ىذه اﻷخيرة غير مجدية أك غير ممكنة.كىذا ما نصت عميو الفقرة
اﻷخيرة مف الفصؿ :327-19
" ...تأمر الييئة التحكيمية بإنياء المسطرة عندما يتبيف ليا أف متابعة مسطرة التحكيـ
أصبحت ألي سبب من األسباب غير مجدية أو غير ممكنة".
بينما قضت بعض التشريعات المقارنة بإخضاع ىذا اﻷمر إلى السمطة التقديرية لمييئة
التحكيمية ،كىذا ما سار عميو المشرع المصرم في الفقرة اﻷكلى مف المادة :48
" تنتيي إجراءات التحكيـ ...بصدكر قرار مف ىيئة التحكيـ بإنتياء اﻹجراءات في
اﻷحكاؿ اآلتية:
ج -إذا رأت ىيئة الحكيـ ﻷم سبب آخر عدـ جدكل إستمرار إجراءات التحكيـ أك
إستحالتو"(.)1
كلقياـ الييئة التحكيمية بإصدار أمرىا بإنياء مسطرة التحكيـ يجب تحقؽ اﻷسباب التي
تجعؿ اﻹستمرار في ىذه المسطرة غير مجدم أك غير ممكف ،كمثاؿ ذلؾ أف يتبيف لييئة
التحكيـ أف النزاع المعركض عمى أنظارىا ال يدخؿ في إختصاصيا ،أك أف إتفاؽ التحكيـ
أصبح باطال لسبب مف اﻷسباب.
اَستشارة اﻷطراؼ قبؿ كما يعاب عمى المشرع المغربي أنو لـ يمزـ ىيئة التحكيـ ب
إصدارىا ليذا اﻷمر)2( ،ﻷف منحيـ فرصة اﻹدالء بمستنتجاتيـ قد يغير مجرل مسطرة التحكيـ.
خر إلى أف إصدار الييئة التحكيمية ﻷمر إنياء المسطرة سيؤدم منذ ذلؾ
كنشير أ ا
الحيف إلى منعيا مف إتخاذ أم إجراء أك قبكؿ ﻷم طمب مقدـ مف قبؿ اﻷطراؼ ،ما عدا تمؾ
الطمبات المرتبطة بتفسير أك تصحيح ىذا اﻷمر.
-1كقد نصت الفقرة الثانية مف المادة 32مف القانكف النمكذجي لمتحكيـ التجارم الدكلي عمى نفس المقتضيات.
-2كىذا ما ذىبت عميو قكاعد اﻷكنستراؿ لسنة ،1976حيث جاء في الفقرة الثانية مف المادة 34عمى ما يمي:
" إذا حدث قبؿ صدكر قرار التحكيـ أف صار اﻹستمرار في إجراءات التحكيـ عديـ الجدكل أك مستحيال ﻷم سبب غير ما ذكر
في الفقرة ( )1كجب أف تخطر ىيئة التحكيـ الطرفيف ،تخبرىما عمى إصدار قرار بإنياء اإلجراءات ،كلييئة التحكيـ سمطة
إصدار مثؿ ىذا القرار إال إذا اعترض عمى إصداره أحد الطرفيف ﻷسباب جدية".
110
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
كاذا كاف المشرع المغربي قد نص في ؽ.ـ.ـ عمى جكاز تجريح الييئة التحكيمية في
،08 -05 حالة عدـ إحتراميا ليذا المبدأ ،فإنو زاد مف تدعيـ ىذه الضمانة في إطار قانكف
بحيث نظـ ﻷكؿ مرة المسطرة القانكنية المتبعة لتجريحيا ,كذلؾ تفعيال لحماية اﻷطراؼ مف
التجاكزات التي قد تصدر عنيا ( المطمب األول ) ،كادراكا منو ﻷىمية حقكؽ ىؤالء اﻷطراؼ
اتجاه ىذه الييئة بما فييا حقيـ في المجكء إلى محكميف ذك كا كفاءة عالية ،فإنو أقر في ىذا
المطمب القانكف أيضا أحقيتيـ في إقالة كؿ محكـ لـ تتكافر فيو الشركط المتفؽ عمييا مسبقا (
الثاني).
كيقصد بتجريح ىذه الييئة ،أف يعبر أحد اﻷطراؼ في خصكمة التحكيـ عف إرادتو في
عدـ اﻹمثتاؿ أماـ محكـ معيف في قضية معينة لتكافر إحدل أسباب التجريح التي ذكرىا
القانكف ،كطبقا لمشركط كاﻹجراءات المحددة قانكنا ( .)2لذا فإف تفعيؿ ىذه الضمانة يتطمب تكفر
111
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
ضكابط محددة ،السيما المتعمقة منيا بإجراءات تقديـ طمب التجريح (الفقرة اﻷكلى)،التي عالجيا
المشرع في قانكف ( 08 -05الفقرة الثانية).
كيحؽ لممحكـ أف يستغؿ ىذا النظاـ تمقائيا لحماية نفسو كذلؾ كمما أستشعر كجكد ما
يمكف أف يمس نزاىتو ككرامتو،عمى إعتبار أنيما الميزتاف الكحيدتاف المتاف تككناف رصيده
المعنكم الذم يعكؿ عميو في أداء ميامو التحكيمية بكؿ حياد.
كمف اَثار تجريح المحكـ إبعاده عف اؿنظر في مكضكع النزاع ،كيتطمب تحريؾ مسطرة
تجريحو ىاتو البحث أكال عف القانكف الكاجب التطبيؽ عمى ىذه المسطرة،ك الذم غالبا ما يككف
ىك نفس القانكف المطبؽ عمى إجراءات التحكيـ.
كتظير أىمية ىذا القانكف في تحديد أسباب التجريح ك كذا النطاؽ الشخصي ليذا
التجريح أم مف لو حؽ ممارستو .كما أنو يعيف أيضا الجية القضائية المختصة في نظر ىذا
التجريح ،ليقكـ أخي ار بحصر اآلثار القانكنية المترتبة عف قبكؿ طمب التجريح مف عدمو.
كتضع القكانيف عادة عدة ضكابط لتقديـ طمب التجريح ( )4لكي ال يتخذ أحد اﻷطراؼ
مف ىذه الضمانة كسيمة لتعطيؿ مسطرة التحكيـ ،أك لمرغبة في المماطمة كالضغط عمى الطرؼ
اآلخر في الخصكمة( ،)5كليذا السبب قضى المشرع المغربي في الفصؿ 322مف قانكف – 05
08عمى ما يمي:
112
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
" ال يجكز ﻷم مف طرفي التحكيـ تجريح محكـ إال لسبب ط أر أك اكتشؼ بعد
تعيينو"(.)1
كبذلؾ فإذا كاف أحد اﻷطراؼ عالما بكجكد سبب مف أسباب تجريح المحكـ قبؿ تعييف
ىذا اﻷخير ،فإنو ال مستفيد مف مسطرة التجريح ،ﻷف فرضية سكء نيتو كاردة فمك أراد أف يجرح
ىذا المحكـ لكاف قد فعؿ ذلؾ قبؿ البد ء في مسطرة التحكيـ .كبيذه المقتضيات يككف المشرع قد
أقفؿ ىذه الثغرة حتى ال تستغؿ مف أجؿ تطكيؿ إجراءات التحكيـ .كنفس اﻹتجاه سمكو كؿ مف
القانكف الفرنسي في المادة 1642مف قانكف المرافعات الجديد ،كالقانكف السعكدم في المادة
،13كالقانكف السكيسرم في الفقرة الثانية مف المادة ،180إذ أف ىذه القكانيف لـ تجز تجريح
المحكـ إال لسبب ظير بعد تعييف ىذا اﻷخير.
كىكذا فإف مشاركة أحد الخصكـ في تعييف المحكـ ال يحكؿ دكف إمكانية طمب تجريحو
الحقا ﻷسباب لـ يعمـ بيا في حينو ،أك ﻷنيا لـ تحدث إال في كقت الحؽ عمى ىذا التع ميف.
أما فيما يتعمؽ بأسباب تجريح المحكـ ،فإف ىناؾ مف الفقو مف يستحسف تمؾ القكانيف
كالمكائح التحكيمية التي لـ تعمؿ عمى تحديدىا ( ،)2مفضال ترؾ ىذه الصالحية ﻹرادة أطراؼ
النزاع( ،)3كذلؾ تحت الرقابة الفعمية لمقضاء.كقد بنى مكقفو ىذا عمى عدة أسباب أىميا ما يمي:
كنفس المكقؼ تشبثت بو محكمة اﻹستئناؼ بباريس في حكميا الصادر في 12غشت , 1981إذ رفضت تجريح المحكـ رغـ
كجكد سبب لمتجريح.
راجع مجمة التحكيـ ،,1981ص .83
ىذه اﻷحكاـ مذككرة في مرجع ىدى محمد مجدي عبد الرحمان ،ـ س ،ص .186
18مف قانكف التحكيـ الجديد ،كالتي جاءت -1كنفس المقتضيات نص عمييا المشرع المصرم في الفقرة الثانية مف المادة
كالتالي:
" اليجكز ﻷم مف طرفي التحكيـ رد المحكـ الذم عينو أك اشترؾ في تعيينو إال لسبب تبين بعد أن يتم ىذا التعيين".
كتطبيقا ليذا النص القانكني قضت محكمة النقض المصرية أفق:
" رد المحكـ كجكب تقديـ طمب بو سكاء في الحاالت التي يجكز فيىا رده أك تمؾ التي يعتبر بسببيا غير صالح لمحكـ ...أن
1736لسنة 51قضائية ،جمسة " ممؼ نقض مدني ،الطعف رقـ يكون بسبب حدث أو ظير بعد إبرام وثيقة التحكيم
،1985/4/23مجمكعة النقض أحكاـ سنة ،1985طبعة ،1990القاعدة رقـ ،136ص ،653مذككر في مرجع د .ميند
الصانوري ،ـ.س ،ص .204
-2راجع د.أحمد عبد الكريم سالمة ،ـ.س ،ص .727
-3ىناؾ مف التشريعات المقارنة مف اعتبر عدـ تكافر المحكـ عمى المؤىالت التي يتطمبيا اﻷطراؼ سببا لتجريحو ,كىذا ما
نصت عميو المادة 180الفقرة اﻷكلى مف القانكف السكيسرم (القانكف الدكلي الخاص
113
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
أوال :تعذر حصر أسباب تجريح المحكميف بخالؼ القضاة الذيف يمكف تحديد أسباب
تجريحيـ لككنيـ يتقمدكف كظيفة عامة دائمة ،كﻹعتبار ككف القانكف الذم يخضعكف إليو يحظر
عمييـ ممارسة أم نشاط آخر يمكف أف تنشأ معو مصالح أك عالقات تتعارض أك تتكافؽ مع
مصالح الغير ،بينما المحكمكف يعتبركف أشخاصا عاديكف ليـ أعماليـ كمصالحيـ المينية
الخاصة بما فييا ارتباطاتيـ المالية كالتجارية مع الغير ،كبالتالي فال يمكف أف يتـ حصر أكجو
الضعؼ التي يمكف أف تتسرب إلى نفكسيـ.
ثانيا :احتماؿ سكء تقدير الطرؼ المتنازع في إختيار محكمو ،بحيث أنو قد يختار
محكما ال يعمـ أنو كاف في كقت سابؽ مقربا مف خصمو كذلؾ بصفتو مستشاره القانكني أك
ككيمو ...كفي ىذه الحالة يجب تمكينو مف تصحيح اختياره الخاطئ .
ثالثا :ككف نظاـ التجريح ال يعد مف النظاـ العاـ ،كبالتالي فإف القانكف بتحديده ﻷسباب
ىذا التجريح سيككف قد تطاكؿ عمى حؽ مف حقكؽ اﻷطراؼ الذم يحميو مبدأ سمطاف اﻹرادة
كال سيما الطرؼ طالب التجريح ،فإف شاء تمسؾ بحقو في التجريح ،كاف شاء امتنع عف ذلؾ(.)1
كيمكف القكؿ أف ىناؾ اختالفا تاما بيف اﻷنظمة القانكنية في كضعيا لضكابط مكحدة
إذا كاف أغمبيا عمى العمكـ قد أعترؼ لألطراؼ بضمانة
لتقديـ طمب تجريح الييئة التحكيمية .ؼ
08 -05؟ ىذا ما سكؼ تجريح المحكميف ،فكيؼ عالجيا المشرع المغربي في إطػار قانكف
ندرسو في الفقرة الثانية مف ىذا المطمب.
كاذا كانت التشريعات المقارنة لـ تتكسع في النص عمى أسباب تجريح المحكميف ،فإف
المشرع المغربي بالمقابؿ قد تعامؿ مع مسطرة تجريحيـ بنفس الصرامة التي نيجيا في مسطرة
« A -…. If he does not meet the qualifications a greed up on by the parties ».
« B-…If groud for challenge sexists under the rules of arbitration a greed upon by the panties ».
-1راجع نفس المرجع ،ص .728
114
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
كاف أكثر قساكة في تحديده لحاالت تجريح تجريح القضاة ،بؿ نجده في بعض اﻷحياف
المحكميف بعكس بعض القكانيف المقارنة -كما قمنا -كالتي ضيقت مف ىاتو الحاالت بحسباف
أف اﻷمر يتعمؽ بقضاء خاص يختار أطرافو قانكنو كقضاتو ،كأيضا لككف التشريعات الميتمة
بالتحكيـ تتجو في العالـ بأسره عمى المنيج اﻷنجمكسكسكني الذم يتكخى النتائج دكف الكقكؼ
كثي ار عند اﻹجراءات كالضمانات(.)1
كىكذا فإف المشرع المغربي قد حدد تسعة حاالت يمكف بتحقؽ إحداىا أف يحرؾ أحد
اﻷطراؼ مسطرة التجريح ضد المحكـ المعني باﻷمر ( .)2كقد أشار إلييا في الفصؿ 323مف
قانكف , 08-05كذلؾ عمى النحك التالي:
-1صدر في حقو حكـ نيائي باﻹدانة مف أجؿ إرتكاب أحد اﻷفعاؿ المبينة في
الفصؿ 320أعاله؛
-3كانت قرابة أك مصاىرة تجمع بينو أك زكجو كبيف أحد اﻷطراؼ إلى درجة أبناء
العمكمة اﻷشقاء؛
-4كانت ىناؾ دعكل جارية أك دعكل منتيية في أقؿ مف سنتيف بيف أحد اﻷطراؼ
كالمحكـ أك زكجو أك أحد اﻷصكؿ أك الفركع،
-1ﻷ ف المتقاضيف أماـ القضاء يمكف أف يتخذكا مف مسطرة تجريح القضاة كسيمة مف كسائؿ الكيد في الدعكل قصد تعطيؿ
الفصؿ في النزاع كذلؾ في حالة ما إذا استشعر أحدىـ أف الحكـ المرتقب لف يصدر لصالحو.أما قضاء التحكيـ فإنو غالبا ما
يككف خصكمو مف نكع خاص معظميـ مف اﻷشخاص المعنكية الخاصة أذ ما ييميـ في المقاـ اﻷكؿ ىك حؿ النزاع المعركض
عمى ىيئة التحكيـ,فضال عمى أف الدفاع الذم ينتصب أماـ ىذه الييئات يككف عادة مف كبار المحاميف ،كالذيف يفضمكف
استبعاد مسألة تجريح المحكميف لتأثيرىا عمى النزاع ،باستثناء بعض الحاالت اؿنادرة.
-2كقد منح المشرع إمكانية التجريح لممحكـ أيضا كذلؾ مف أجؿ تجريح نفسو ،حيث نص في الفصؿ 327 -7مف القانكف
رقـ 08 -05عمى ما يمي:
" يتعيف عمى المحكـ الذم يعمـ بكجكد أحد أسباب التجريح في نفسو أف يشعر اﻷطراؼ بذلؾ ،كفي ىذه الحالة ال يجكز لو
قبكؿ ميمتو إال بعد مكافقة اﻷطراؼ".
ال يمكف ﻷحدىـ بعدىا أف لذا فإف قبكؿ اﻷطراؼ لميمة المحكـ بالرغـ مف كجكد سبب مف أسباب تجريحو يعممكنو مسبقا ،ؼ
يسمؾ مسطرة التجريح لنفس السبب .
115
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
-8كانت تكجد عالقة تبعية بيف المحكـ أك زكجة أك أصكلو أك فركعو كبيف أحد
اﻷطراؼ أك زكجو أك أصكلو أك فركعو.
اَستيؿ كنعتقد أف ىذه الحاالت قد جاءت عمى سبيؿ الحصر بدليؿ أف ىذا الفصؿ قد
بعبارة "يمكن تجريح المحكم إذا .)1(" ..:كذلؾ تعزي از لفرص نجاح مسطرة التحكيـ ،كاضعافا لكؿ
المحاكالت الكيدية التي قد تيدؼ إلى زعزعة عمؿ الييئة التحكيمية (.)2كعميو فإف ىذه الحاالت
اليجكز التكسع فييا أك القياس عمييا.
كاذا كاف المشرع قد إتبع أسمكب التحديد الحصرم لحاالت تجريح المحكـ ،فإف المادة
()3
10مف قكاعد التحكيـ التي كضعتيا لجنة اﻷمـ المتحدة لمقانكف التجارم الدكلي« »Uncitral
لـ تنيج ىذا التحديد كانما أشارت فقط إلى جكاز تجريح المحكـ كمما قامت ظركؼ تثير شكككا
جدية حكؿ حياده كاستقاللو ،كنفس المكقؼ سار عميو كؿ مف القانكف النمكذجي لمتحكيـ
التجارم " "Loi-typeفي مادتو الثانية عشر ( )12كالذم اعتمدتو لجنة اﻷمـ المتحدة بتاريخ
,1985 /6 /21ككذا المشرع المصرم في المادة 18مف قانكف التحكيـ رقـ 27الصادر سنة
.1994
"من بين األسباب التي -1فإذا أراد المشرع أف يذكر ىذه اﻷسباب عمى سبيؿ المثاؿ ﻷستيؿ ىذا الفصؿ بالصيغة التالية:
يمكف تجريح المحكـ إذا."...:أما عف التخيير الذم ذكره في بداية الفصؿ "يمكف" فإنو يخص إرادة الخصكـ في إعماؿ مسطرة
التجريح مف عدمو فقط ،كال عالقة لو بمسألة التخيير في أسباب التجريح.
-8 /327 -7 ( ،) 326 -325 – 324 -323 -2كالمالحظ أيضا أف اﻷحكاـ المتعمقة بالتجريح قد جاءت متفرقة ( ؼ
)327لذا فقد طالب بعض الفقو تجميعيا في تسمسؿ كاحد.أنظر د.عزيز الفتح ،ـ.س ،ص .163
-3كالتي صدرت بتاريخ .1976 /12 /5
116
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
ىذا عف أسباب التجريح ،أما فيما يتعمؽ بالجية المختصة التي يقدـ ليا طمب ىذا
التجريح فقد حصرىا المشرع في مؤسسة رئيس المحكمة المختصة (.)1كحسنا فعؿ المشرع بتعيينو
ليذه الجية كذلؾ تفاديا لبعض اﻹشكاليات القانكنية التي سقطت فييا تشريعات أخرل ،ككمثاؿ
عمييا نأخذ التشريع المصرم الذم نص في المادة 19مف قانكف التحكيـ الجديد عمى أف ىيئة
التحكيـ ىي التي تنظر في مسألة تجريح المحكـ ،إال أنو لـ يتطرؽ إلى الحؿ في حالة تجريح
جميع المحكميف إضافة إلى إغفالو لكيفية نظر طمب التجريح فيما إذا كانت ىذه الييئة تتشكؿ
مف محكـ كاحد بعد مطالبة اﻷطراؼ بتجريحو ،ىذا فضال عف عدـ تنظيمو لتمؾ الحالة التي
تككف فييا الييئة مشكمة مف ثالثة محكميف كتمت مطالبة تجريح كاحد منيـ ،فإف ىذا اﻷخير ال
يمكنو مشاركة الييئة في إتخاذ القرار ،مما تككف معو ىذه اﻷخيرة غير محترمة لقاعدة كترية
عدد المحكميف.
كنتيجة لذلؾ ,فقد تدخمت المحكمة الدستكرية العميا المصرية لتحسـ ىذه الخالفات
بكاسطة حكميا الصادر في ،)2(1999 /5/11كالتي قضت فيو بعدـ دستكرية الفقرة اﻷكلى مف
8لسنة 2000 المادة 19المذككرة أعاله .ىكذا تـ تعديؿ ىذه المادة بمكجب القانكف رقـ
كأصبح االختصاص بالفصؿ في طمب التجريح لممحكمة ،إذ نصت عمى ما يمي:
" ...فإذا لـ يتنح المحكـ المطمكب رده خالؿ خمسة عشر يكما مف تاريخ تقديـ الطمب
يحاؿ بغير رسكـ إلى المحكمة المشار إلييا في المادة ( )9مف ىذا القانكف لمفصؿ فيو بحكـ
غير قابؿ لمطعف".
ككما سبؽ القكؿ فإف المشرع المغربي قد أفرط في تحديد حاالت تجريح المحكميف،
كيظير ذلؾ مف خالؿ قيامو بالتكسع في بعضيا مقارنة بتمؾ المتعمقة بتجريح القضاة.
كلتكضيح ذلؾ نأخذ عمى سبيؿ المثاؿ الحالة الثانية المذككرة في الفصؿ 323كالتي تقضي بما
يمي:
-1كىك ما أتبعو المشرع الفرنسي أيضا في الفقرة الثانية مف المادة 1463مف قانكف المرافعات المدنية ،كذلؾ تأكيدا منو لمطابع
القضائي ليذه المسألة التي يختص القضاء كحده في بحثيا كحميا.
-2الدعكل رقـ 84لسنة ،1999قضية دستكرية.
117
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
...
بحيث إف المشرع قد أضاؼ عدة أشخاص إلى خانة أقارب المحكـ الممكف تجريحو
مف أجؿ إحتماؿ إستفادتيـ مف النزاع المعركض عميو .كمف ىؤالء اﻷشخاص نذكر أصكلو
295مف ؽ.ـ.ـ المتعمؽ كفركعو( ،)2بخالؼ الحالة المماثمة التي ذكرىا المشرع في الفصؿ
()3
بحاالت تجريح القضاة،إذ لـ يذكر أصكؿ كفركع القاضي المراد تجريحو.
كنرل أف المشرع كاف عميو أف ينيج عكس ىذا المكقؼ،ﻷف المحكميف يمكف اﻹتفاؽ
عمى تغييرىـ بإرادة اﻷطراؼ ،بينما القضاة فال يجكز استبداليـ بإرادة المتقاضيف لككنيـ تابعيف
لمسمطة العامة لمدكلة .كبذلؾ كاف عميو أف يتكسع أكثر في حاالت تجريح القضاة ال المحكميف.
كقد حدد المشرع أجال يتعيف عمى الطرؼ الذم يريد تجريح المحكـ أف يرفع خاللو
طمبو لرئيس المحكمة المختصة قصد النظر فيو ،كذلؾ داخؿ أجؿ ثمانية أياـ ،إما مف تاريخ
يح.)4
(
عممو بتشكيؿ ىيئة التحكيـ أك مف تاريخ عؿـ ق بالظركؼ المبررة لمتجر
كبذلؾ كاف المشرع مكفقا في تحديده ليذا اﻷجؿ حتى ال تبقى الييئة التحكيمية ميددة
بالتجريح طيمة مسطرة التحكيـ ،كمع ذلؾ كاف عميو أف يمزـ رئيس المحكمة بالبت في طمب ىذا
-1كنثير اﻹنتباه إلى أف ىذه الحالة لـ يتـ التكسع فييا في ذات الفصؿ عندما صادؽ عميو مجمس المستشاريف بتاريخ 22مام
،2007كانما كاف ىذا التكسع لما عرض عمى مجمس النكاب ،كدليمنا في ذلؾ ما كاف ينص عميو ىذا الفصؿ قبؿ عرضو عمى
ىذا المجمس:
:323 الفصؿ
"يمكف تجريح المحكـ إذا:
....
-2كانت لو أو لزوجو مصمحة شخصية مباشرة أك غير مباشرة في النزاع "...
-2كنفس المكقؼ أتبعو في الحالة الثامنة مف ىذا الفصؿ.
-3كتنص الحالة اﻷكلى مف الفصؿ 295مف ؽ.ـ.ـ عمى ما يمي:
"يمكف تجريح كؿ قاض لألحكاـ-1:إذا كانت لو أك لزكجو مصمحة شخصية مباشرة أك غير مباشرة في النزاع"....
-4كقد نص المشرع عمى ىذه المقتضيات في الفصؿ 323مف قانكف .08-05
118
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
10 التجريح داخؿ مدة زمنية معقكلة إحتراما لعنصر السرعة الذم يتطمبو التحكيـ ،ﻷف أجؿ
أياـ المنصكص عميو في الفصؿ 323يبدك طكيال(.)1
327 -8مف قانكف -05 كما نجد أف المشرع كاف حكيما حينما صرح في الفصؿ
08عمى أف طمب تجريح أحد المحكميف يجب أف يكازيو كقؼ مسطرة التحكيـ إلى حيف البت
في ىذا الطمب مف طرؼ رئيس المحكمة المختصة ،باستثناء حالة قبكؿ المحكـ المعني باﻷمر
التخمي عف ميمتو(.)2
كمف محاسف ىذا المكقؼ اﻹقتصاد مف الكقت كالنفقات ،ﻷف اﻹجراءات التحكيمية
الالحقة عمى طمب التجريح ستككف كأف لـ تكف في حالة قبكؿ ىذا الطمب مف طرؼ رئيس
المحكمة ،مما ستتضرر معو المصالح المالية كالمينية ﻷحد اﻷطراؼ.
كيكصؼ قرار رئيس المحكمة المتعمؽ بالنظر في طمب التجريح بالقرار غير القابؿ
ﻷم طعف ،كذلؾ بمقتضى نفس الفصؿ المشار إليو أعاله.ك بذلؾ نجد أف المشرع كاف حكيما
بستئنافو ليذا
مرة أخرل لما قطع الطريؽ أماـ الطرؼ السيئ النية الذم ينكم تطكيؿ اﻹجراءات اَ
القرار قصد منع الفصؿ في النزاع.
كفي نفس اﻹطار ،فإنو ال يقبؿ طمب التجريح ممف سبؽ لو أف تقدـ بطمب تجريح نفس
المحكـ ك في ذات مكضكع التحكيـ ك لنفس السبب المثار.
مكمية التي شارؾ كمف بيف الضمانات التي يتمتع بيا اﻷطراؼ ككف اﻹجراءات التح
فييا المحكـ الذم تـ الحكـ بتجريحو كأنيا لـ تكف كنفس ىذا اﻷثر القانكني يمتد إلى المقرر
التحكيمي الصادر في مكضكع النزاع(.)3
457مف ؽ.ـ.ـ عمى ضركرة نظر الجية القضائية -1كىذا ما تجنبو المشرع الفرنسي لما نص في الفقرة اﻷكلى مف المادة
المختصة في مسألة التجريح عمى وجو اإلستعجال ،أم بمجرد طرح النزاع عمييا.
-2راجع عزيز الفتح ،ـ س ،ص .163
-3أنظر الصفحة 3مف المشركع اﻷكلي لقانكف التحكيـ .إذ أف الفصؿ 324لـ ينص عمى مثؿ ىذه اﻷثار بالمرة.
119
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
كجدير بالذكر أف المشرع المغربي قد نظـ مسطرة إقالة ىيئة التحكيـ في ظؿ قانكف
،08-05إحتراما منو لمطابع اﻹرادم الذم يتميز بو التحكيـ ( الفقرة الثانية ) .كنشير إلى أف
الفقرة ىذه اﻹقالة تقؼ مف كرائيا مجمكعة مف المبررات غايتيا حماية مصالح اﻷطراؼ (
األولى).
كمف بيف المبررات التي تجعؿ اﻷطراؼ يجمعكف عمى عزؿ المحكـ إمتناع ىذا اﻷخير
عف أداء ميمتو المتجمية في تسكية النزاع كذلؾ بدكف مبرر مشركع ,أك لتقاعسو في القياـ
بكاجباتو الشيء الذم قد يؤدم إلى التأخير في حؿ النزاع المعركض عميو مما سيجعؿ المقرر
التحكيمي قد يصدر بعد مضي المدة المحددة في إتفاؽ التحكيـ.
120
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
كﻹقالة المحكـ يجب تكافر إتفاؽ أطراؼ النزاع جميعا إذا تعددكا عمى عزلو ،كلك كاف
ىذا المحكـ قد أختاره أحدىـ فقط ،كىذا ما قررتو مقتضيات التحكيـ المنصكص عمييا في الفقرة
()1
: الثانية مف المادة 1462مف قانكف المرافعات المدنية الفرنسي كالذم ينص عمى ما يمي
« Un arbitre ne peut être révoqué que de consentement unanime des parties ».
كنفس اﻹتجاه ذىب إليو كؿ مف قانكف التحكيـ اﻹماراتي لسنة 1992في مادتو ،207
كقانكف التحكيـ اﻹنجميزم لسنة 1996في الفقرة الثانية مف المادة .23كبمفيكـ المخالفة فإف
اﻹقالة المبنية عمى اﻹرادة المنفردة ﻷحد اﻷطراؼ تككف غير منتجة ،كبالتالي فال تتكقؼ معيا
مياـ ىيئة التحكيـ في مباشرة المسطرة.
لذا فإف عدـ إتفاؽ اﻷطراؼ عمى ىذه اﻹقالة لف يبقى معو لمطرؼ المتضرر إال سمكؾ
مسطرة التجريح كذلؾ في حالة ما إذا تكافرت إحدل الحاالت التي تجيزىا .كىناؾ بعض
اﻹستثناءات التشريعية التي تجيز إقالة المحكـ مف قبؿ القضاء بناء عمى طمب أحد ىؤالء
اﻷطراؼ فقط ،كتتحقؽ ىذه الفرضية عند تباطئو في إدارة التحكيـ أك رفضو اﻷخذ بكسائؿ
اﻹثبات(.)2
أما فيما يتعمؽ بمرحمة اﻹتفاؽ عمى عزؿ المحكـ فإنيا تككف جائزة في جميع المراحؿ
التي تككف عمييا مسطرة التحكيـ دكف التقيد بأية آجاؿ في ذلؾ ،غير أنو يجب أف يككف ىذا
العزؿ قبؿ إصدار المقرر التحكيمي ,ﻷنو بصدكره سيصبح صحيحا مف حيث أثاره القانكنية
كبالتالي فال يمكف إىداره إال بإتفاؽ اﻷطراؼ جميعا .بينما في الحالة التي يصدر فييا المحكـ
ىذا المقرر كىك عالـ بقرار عزلو مف قبؿ اﻷطراؼ ،فإف ىذا المقرر يككف باطال لصدكره مف
شخص غير ذم إختصاص.
كجدير بالذكر أف إقالة المحكـ ال يتكقؼ معيا سرياف اتفاؽ التحكيـ ،كانما يظؿ قائما،
كقد يتفؽ اﻷطراؼ عمى العكدة إلى سمطة القضاء لمحسـ في نزاعاتيـ(.)3
-1كتجيز المادة 14مف قكاعد نظاـ محكمة التحكيـ التابعة لغرفة التجارة الدكلية بباريس طمب عزؿ المحكـ في حالة عدـ
التزامو بالقكاعد كالمكاعيد المحددة باتفاؽ اﻷطراؼ أك تمؾ المشار إلييا في ىذا النظاـ.
-2كقد اتبع المشرع االنجميزم نفس ىذا المنحى.
-3راجع في ىذا السياؽ د .ىدى حمدي عبد الرحمان ،ـ س ،ص .185
121
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
كبعد تطرقنا لمبررات إقالة الييئة التحكيمية سننتقؿ إلى كشؼ مدل تنظيـ المشرع
المغربي ليذه اﻹقالة في قانكف رقـ 08-05؟
"ال يمكف عزؿ المحكميف خالؿ مدة التحكيـ إال إذا أجمع اﻷطراؼ عمى ذلؾ ،كيمكف
أف يخص ىذا العزؿ أحد المحكميف فقط.
يضع العزؿ حدا لسمطات المحكميف فيككف كؿ حكـ قد يصدركنو بعد ذلؾ باطال كلك
لـ يخطركا مقدما بالعزؿ".
كيتبيف مف خالؿ ىذا الفصؿ أف أطراؼ التحكيـ يتمتعكف بسمطة كاسعة في عزؿ
المحكميف ،إذ يمكف أف يككف ذلؾ في أية مرحمة مف مراحؿ المسطرة التحكيمية كبدكف تقييدىـ
بأم سبب إحتراما لسمطاف إرادتيـ الذم تنبني عميو فمسفة التحكيـ (.)1
كمف الشركط اﻷساسية التي سطرىا المشرع لمباشرة مسطرة إقالة أحد المحكميف
ضركرة إجماع اﻷطراؼ عمى ىذا العزؿ (،)2إذ يستنتج مف الفصؿ أعاله أف المقررات التحكيمية
التي تصدر عف المحكميف المعزكليف تككف عديمة اﻷثر كلك كاف ىؤالء المحكميف غير عالميف
بقرار عزليـ ( ،)3كىذا فيو تغميب لإلرادة الحرة لألطراؼ عمى إجراءات المسطرة التحكيمية كاف
كانت ىذه اﻷخيرة في كضعية قانكنية سميمة.
-1كيجكز عزؿ المحكـ بشرط تراضي اﻷطراؼ جميعا عمى ذلؾ سكاء أكاف قد تـ تعيينو بكاسطة اتفاقيـ ،أـ بكاسطة القضاء
.كقد يتـ ىذا العزؿ إما بصكرة صريحة أك بصكرة ضمنية كتع ميف محكـ جديد.لمتكسع في ىذا المكضكع ,راجع التعميؽ عمى
المغاربة بدكف ذكر مجموعة من رجال الفقو والقضاء قانكف المسطرة المدنية المغربي في ضكء الفقو كالقضاء مف قبؿ
أسمائيـ ،الجزء الثاني ،طبعة ،1983 ،1الدار العربية لممكسكعات ،القاىرة ،ص .151
كىناؾ مف يقكؿ بأف القانكف لـ يتطمب شكال معينا ﻹجراء العزؿ ،فمف الجائز أف يتـ شفاىة أك أف يتـ كتابة بعقد عرفي أك 2
122
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
كنعتقد أف مكقؼ المشرع ىذا كاف محمكدا عمى إعتبار أف أطراؼ التحكيـ كحدىـ
الذيف يستطيعكف معرفة المحكميف الذيف يمكنيـ إشباع مصالحيـ المشتركة مف أجؿ الكصكؿ
إلى مقرر تحكيمي عادؿ كمنصؼ (.)1
كبصدكر القانكف الجديد رقـ 08 -05تـ تكريس ىذه الضمانة في الفصؿ 324منو،
كالذم نص عمى المقتضيات التالية:
320 "ال يجكز عزؿ محكـ ما إال بمكافقة اﻷطراؼ مع مراعاة مقتضيات الفصؿ
أعاله ،كتنتيي بالعزؿ المذككر ميمة المحكـ بمجرد إعالمو باﻷمر".
كنرل أف المشرع كاف عميو تخصيص أكثر مف فصؿ كاحد ليذا الغرض لكي يتمكف
مف اﻹحاطة بجميع الجكانب القانكنية التي تنجح ىذه اﻹقالة.فبدراستنا ليذا الفصؿ يمكننا
ﻷية أىميتو كانما يستحسف اﻷخذ بيا تالفيا الخركج ببعض المالحظات التي ال تنقص مف
صعكبات يمكف أف تكاجو اﻷطراؼ أثناء مباشرتيـ لعممية إقالة المحكميف ،كذلؾ عمى الشكؿ
المكالي:
فقد أستيؿ المشرع ىذا الفصؿ بالنص عمى إمكانية عزؿ اﻷطراؼ لممحكـ بعد مكافقتيـ
جميعا عمى ذلؾ إال أنو لـ يشر إلى الشكؿ المتطمب في ىذه المكافقة ،كبعبارة أخرل فيؿ تتـ
بالشكؿ الكتابي أك بالشكؿ الشفيي فقط؟ أـ بطريقة أخرل؟
كنعتقد مف جيتنا أف شكؿ ىذه المكافقة يجب أف يككف كتابة عمى أساس أف ما يتـ
اﻹتفاؽ عميو بطريقة معينة يجب تعديمو بنفس ىذه الطريقة تطبيقا لممبادئ العامة
لمقانكف.فبالرجكع إلى الفصؿ 313مف نفس القانكف المذككر أعاله نجده يقضي بأف إتفاؽ
التحكيـ يجب أف يبرـ كتابة محددا ذلؾ في عدة صكر ،ىذا مع العمـ أف ىذه الكتابة تعد شرط
إنعقاد كليس شرط إثبات ،كنظ ار لصيغة الكجكب التي استيؿ بيا المشرع الفصؿ أعاله ،فإف أم
ك ينبغي إيراده بكاسطة الكتابة بما في ذلؾ تعديؿ أراد اﻷطراؼ إتيانو عمى ىذا اﻹتفاؽ إال
مسطرة إقالة أحد المحكميف.
-1كىناؾ مف الفقو مف ال يجيز عزؿ اﻷطراؼ لممحكميف خاصة إذا كاف التحكيـ بمقابؿ.راجع نفس المرجع ،ص.151
123
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
كارتباطا بذات المكضكع يمكننا التساؤؿ أيضا عف القيمة القانكنية لقرار العزؿ المتخذ
مف قبؿ اﻷطراؼ شفييا ،فيؿ يجعؿ حدا لميمة المحكميف نزكال عند حرفية تطبيؽ الفصؿ 324
الذم لـ يشترط أم شكؿ معيف ليذا القرار ؟ أـ أف اﻷطراؼ يجب عمييـ اﻷخذ باالعتبار
بمقتضيات الفصؿ 313كبالتالي إصدارىـ ليذا القرار كتابة؟
يمكف القكؿ أف اﻹتجاه الثاني ىك الحرم بالتأييد ،ﻹنو سكؼ لف يترؾ مف كراء تطبيقو
أية ثغرة يمكف إستغالليا مف قبؿ المحكميف بعد إصدارىـ لممقرر التحكيمي ،خاصة في حالة
تمسكيـ بالمطالبة بأتعابيـ المستحقة عف إدارة النزاع ،إذ أف قرار العزؿ المتخذ بالشكؿ الشفيي
قبؿ صدكر ىذا المقرر يستحيؿ عمميا إثباتو في غياب كسائؿ إثبات أخرل تدعمو (.)1
كتجدر اﻹشارة في ىذا الصدد إلى أف ىذا الفصؿ قد جاء معاكسا لما جاء بو الفصؿ
310الذم كاف سارم المفعكؿ قبؿ التعديؿ .حيث إنو جعؿ مسألة إنياء ميمة المحكـ المعزكؿ
متكقفة عمى ضركرة إعالمو بقرار العزؿ ،إذ كاف ينص عمى ما يمي:
" ...كتنتيي بالعزؿ المذككر ميمة المحكـ بمجرد إعالمو باألمر ".
كىنا مرة أخرل أغفؿ المشرع اﻹشارة إلى طريقة ىذا اﻹعالـ ،فيؿ يجب أف يككف
كتابة ،أـ شفييا فقط ،كىؿ يجكز ىذا اﻹعالـ عبر الياتؼ كالكسائؿ اﻹلكتركنية ...أـ ال ؟ فيذه
كميا إشكاالت يمكنيا التأثير عمى السير العادم لمسطرة إقالة المحكـ أك المحكميف.
كيبدك لنا أف أفضؿ كسيمة يتـ بيا إعالـ المحكـ بقرار عزلو ىي البريد المضمكف مع
اﻹشعار بالتكصؿ ،فبإتباع ىذه الطريقة ستتحقؽ الغاية مف إعالـ المحكـ بإقالتو ،كارتياح
اﻷطراؼ بعد عمميـ بكصكؿ ىذا اﻹعالـ لممحكـ المعزكؿ.كما ستمعب ىذه الكسيمة دك ار أساسيا
في اﻹثبات تحاشيا لمحاكالت المحكـ المعزكؿ السيئ النية بالمطالبة بأتعابو المفترضة.
124
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
كما نريد اﻹشارة إليو ىنا ىك أف القرار المتخذ مف قبؿ اﻷطراؼ كالقاضي بعزؿ المحكـ
أك المحكميف يعد ق ار ار نيائيا أم أنو ال يقبؿ أم نكع مف أنكاع الطعكف ،كذلؾ بالرغـ مف عدـ
نص المشرع عمى ذلؾ.كيمكف إرجاع ىذا المكقؼ إلى سببيف إثنيف:
أوليما :ككف اﻷطراؼ ليسكا بجية إدارية أك قضائية لكي تتـ عممية الطعف في قرارىـ
بالعزؿ.
وثانييما :إعتبار قرار العزؿ ىذا نابعا مف إرادة اﻷطراؼ ،كالذم يغمب عميو الطابع
االتفاقي لتعمقو بمصالحيـ الشخصية مما تككف معو إمكانية الطعف فيو غير مرتكزة عمى أم
أساس قانكني.
125
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
كاذا كاف النطاؽ المكضكعي لمتحكيـ ينصرؼ إلى جميع المكاضيع ,ما عدا تمؾ
المتعمقة بالنظاـ العاـ ،فإف مقتضيات القانكف أعاله قد أقصت مف جيتيا البعض منيا مف
إمكانية عرضيا عمى التحكيـ ،كنخص بالذكر ىنا تمؾ التي يرجح حميا عف طريؽ ىذه اآللية
لطبيعتيا الخاصة ،كما يدخؿ ضمف ىذه الثغرات أيضا تدبدب تنظيـ المشرع المغربي لمسؤكلية
ىذه الييئة (المبحث الثاني).
-1ﻷف مقكلة ككف التحكيـ نظاـ منافس لمقضاء قد تـ تجاكزىا في الكقت المعاصر ،إذ أصبح نظاما مساعدا كمكمال لو
كالعكس صحيح.
126
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
تبرز معالـ رقابة النيابة العامة عمى الييئة التحكمية عمى مستكييف إثنييف ،أكليما قبؿ
مباشرتيا لممياـ التحكيمية ( الفقرة األولى ) ،بينما يتجمى ثانييما فيما بعد بد ء مسطرة التحكيـ
(الفقرة الثانية).
كبالرغـ مف إستقرار ىذا المبدأ فإف المشرع المغربي قد تجاىمو بصياغتو لمفصؿ ،321
مخضعا بمقتضياتو ىيئة التحكيـ لمرقابة القبمية لمقضاء كالمتجسدة في جياز النيابة العامة لدل
محاكـ االستئناؼ.1
" يجب عمى اﻷشخاص الطبيعييف الذيف يقكمكف اعتياديا أك في إطار المينة بمياـ
المحكـ ،إما بصكرة منفردة أك في حظيرة شخص معنكم يعتبر التحكيـ أحد أغراضو اﻹجتماعية
أف يصرحكا بذلؾ إلى الككيؿ العاـ لدل محكمة اﻹستئناؼ الكاقع في دائرة نفكذىا محؿ إقامة
اﻷشخاص الطبيعييف المذككريف ،أك المقر االجتماعي لمشخص المعنكم.
يسمـ الككيؿ العاـ كصال بالتصريح كيقيد المعني باﻷمر في قائمة المحكميف لدل
محكمة االستئناؼ المعنية كذلؾ بعد دراسة كضعيتيـ".
فبتنصيص المشرع عمى مثؿ ىذه المقتضيات يككف قد قيد حرية اﻷطراؼ كلك بشكؿ
غير مباشر في إختيار الييئة التحكيمية المناسبة ليـ ،كبالمقابؿ فإنو قد قمص مف إمكانية
مزاكلة المحكميف ﻷعماؿ التحكيـ بصفة مباشرة.
-1كذلؾ بالرغـ مف بعد ىذا الجياز عف المسائؿ المتعمقة بالتحكيـ لطبيعة اختصاصاتو القضائية.
127
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
كمف بيف اﻹلتزامات التي كضعيا المشرع عمى عاتؽ المحكميف حتى يتـ قبكؿ مزاكلتيـ
لمتحكيـ ،ضركرة تصريحيـ بذلؾ لمككيؿ العاـ لمممؾ لدل محكمة اﻹستئناؼ ،إما الكاقعة بدائرة
نفكذىا محؿ إقامتيـ ،أك تمؾ التابع ليا مقر مؤسسة التحكيـ إذا كانكا منضكييف تحت لكاءىا.
كفي نظرنا المتكاضع ،فإف قذا الفصؿ بدكره لـ يخؿ مف ثغرات استكجبت إبداء العديد
مف المالحظات ك التي يمكف إجماليا فيما يمي :
المالحظة األولى:
كنشير مف خالليا إلى أف المشرع لـ يمزـ جميع المحكميف بالتصريح لدل الككيؿ العاـ
لمممؾ بقياميـ بأعماؿ التحكيـ ،إذ بقراءتنا المتأنية لمفقرة اﻷكلى مف الفصؿ 321سنستشؼ أف
اﻷمر يتعمؽ بالمحكميف الذيف يقكمكف بيذه اﻷعماؿ بصفة إعتيادية فقط ،1كبعبارة أخرل فإف
ىذا اﻹلتزاـ بالتصريح ينحصر مفعكلو في تمؾ الفئة التي تزاكؿ أعماؿ التحكيـ ﻷكثر مف مرة
كاحدة .كىكذا فالمحكـ الذم يدير مياـ التحكيـ في قضية كاحدة كﻷكؿ مرة ال يككف ممزما
بمقتضى الفقرة أعاله بيذا التصريح.
المالحظة الثانية:
إال أف المشرع لـ يحدد طبيعة ىذه الكضعية المراد دراستيا فيؿ كاف يقصد بيا
الكضعية القانكنية ،كمراقبة تكفر ركف اﻷىمية المدنية ك تحقؽ شرط المركءة كحسف السمكؾ؟ أـ
أف اﻷمر يقتصر عمى الكضعية المينية لممحكـ كضركرة حصكلو عمى شكاىد عممية معينة
مثال؟ أـ أنو تجاكز ذلؾ لتنصب إرادتو عمى الكضعية اﻹجتماعية ،مثؿ ضركرة إنتماء
المحكميف إلى طبقة إجتماعية معينة ؟
كيمكننا التأكيد عمى أف ىذه الفرضية اﻷخيرة مستبعدة تماما ،لتعارضيا الصارخ مع
المبدأ الدستكرم القاضي بمساكاة جميع المكاطنيف أماـ القانكف ،خاصة في تقمد الكظائؼ
-1كينص ىذا الفصؿ عمى مايمي" :يجب عمى اﻷشخاص الطبيعييف الذيف يقكمكف اعتياديا "...
128
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
كالمياـ.كعمى افتراض تكصمنا إلى معرفة الكضعية المقصكدة في الفصؿ أعاله ،فإف المشرع لـ
يحدد المعايير المكضكعية التي عمى أساسيا سيتـ قبكؿ أك رفض تقييد المحكميف في المكائح
المعدة لذلؾ ،إذ بغيابيا ستصعب ميمة دراسة الككيؿ العاـ لطمباتيـ.
كمف ىذا المنطمؽ نتمنى أف يقكـ المشرع مستقبال بتعديؿ تشريعي يكضح بمقتضاه
طبيعة "الكضعية" الكاردة في ىذا الفصؿ كالتي نحبذ أف تقتصر عمى الكضعية القانكنية دكف
غيرىا احتراما ﻹرادة اﻷطراؼ.
المالحظة الثالثة:
كتخص الكصؼ القانكني الممنكح لقرار الككيؿ العاـ القاضي بتقييد المحكميف بالمكائح
المعدة لذلؾ ،فيؿ يعد ق ارره بالتقييد مف عدمو ق ار ار إداريا كبالتالي جكاز قياـ المحكـ المتضرر
بالطعف فيو باﻹلغاء أماـ المحاكـ اﻹدارية المختصة؟ أـ أنو يعد ق ار ار قضائيا ال يقبؿ سكل
الطعف أماـ محاكـ المكضكع العادية ؟ ىذا مع العمـ أف المشرع في ىذا الفصؿ لـ ينص حتى
عمى إمكانية الطعف في قرار الككيؿ العاـ السالؼ الذكر.1
المالحظة الرابعة:
كتتعمؽ بالحالة التي يصدر فييا المحكـ أك المحكميف القرار التحكيمي دكف قياميـ
بالتقييد المسبؽ بالالئحة الممسككة مف قبؿ الككيؿ العاـ المختص ،فاﻹشكاؿ القانكني المطركح
ىنا ىك مصير ىذا المقرر ،بمعنى ىؿ يككف باطال منذ صدكره ،أـ أنو يقبؿ اﻹبطاؿ بعد ذلؾ ؟
أـ أنو يككف صحيحا ،ىذا مع العمـ أف المشرع بمقتضى الفصؿ 321لـ ينص عمى أم جزاء
327 -36ك بمناسبة تطرقو قانكني في حالة عدـ إحتراـ مقتضياتو ،فضال عمى أف الفصؿ
ﻷسباب الطعف بالبطالف لـ يذكر ضمنيا حالة قياـ المحكـ بإصدار المقرر التحكيمي دكف
تقييده المسبؽ بالالئحة السالفة الذكر.
كنكد اﻹشارة أيضا في إطار ىذه المالحظة إلى أف المشرع لـ ينص عمى ما إذا كانت
كحبذا لك الالئحة المحصكرة مف قبؿ الككيؿ العاـ دائمة أـ أنيا مؤقتة فقط كقابمة لمتعديؿ؟
-1كحفاظا عمى حقكؽ المحكميف المعنييف باﻷمر في مكاجية جياز النيابة العامة كاف عمى المشرع المغربي أف ينظـ طرؽ
الطعف في ق ارراتيا الصادرة ضد ىؤالء المحكميف.
129
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
عميو بالنسبة يتدخؿ لينص صراحة عمى إعتبارىا مؤقتة تقبؿ التحييف سنكيا ،كما ىك الحاؿ
لمكائح الخاصة بالخبراء القضائييف المكضكعة مف طرؼ مديرية الشؤكف المدنية بك ازرة العدؿ،
كذلؾ حتى يتـ اﻹحتفاظ بالمحكميف المتكفرة فييـ الشركط المتطمبة قانكنا فقط.
327-9مف نفس القانكف كقد تـ تنظيـ ىذه اﻹستشارة في الفقرة الثانية مف الفصؿ
كالتي تقتضي بما يمي:
" ...يمكف لمييئة التحكيمية قبؿ إتخاذ أم قرار في المكضكع أف تطمب مف الككيؿ
308 العاـ لدل محكمة اﻹستئناؼ ذات اﻹختصاص المكاني بالنظر إلى مقتضيات الفصؿ
أعاله ،كيجب عمى الككيؿ العاـ أف يكافييا بذلؾ داخؿ الخمسة عشر يكما التالية لرفع الطمب
إليو كاال نظرت في الممؼ عمى حالتو".
كنرل أف المشرع كاف عميو أف ينظـ طريقة تقديـ ىذا الطمب كالذم نرجح أف يتـ
بكاسطة البريد المضمكف ،نظ ار لما يتميز بو مف ضمانات التكصؿ كالدقة في إحتساب اآلجاؿ
القانكنية.كما أف إسناد المشرع لمككيؿ العاـ ميمة اﻹستشارة لـ يبيف فييا ما إذا كاف يجب أف
يقكـ بيا بصفة شخصية ،أـ أف ذلؾ يمكف أف يقتصر عمى أحد نكابو فقط ؟
130
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
كنعتقد أف تقديـ ىذه اﻹستشارة مف قبؿ نائب الككيؿ العاـ ليس فيو أم ضرر عمى
مسطرة التحكيـ ،ﻷنو قبؿ كؿ شيء يقكـ مقاـ الككيؿ العاـ في أداء ميامو إما بأمر منو ,أك في
حالة ما إذا كقع لو مانع يمنعو مف أداء ميامو ،ىذا فضال عمى أف ىذه اﻹستشارة ليست
بالحاسمة في النزاع المعركض عمى ىيئة التحكيـ .
أف يجيب عنو كاذا ما تـ بعث ىذا الطمب إلى الككيؿ العاـ فإف ىذا اﻷخير يجب
داخؿ أجؿ خمسة عشر يكما التالية لتكصمو بو ،كفي حالة عدـ قيامو بذلؾ فإف الييئة يمكنيا
اﻹسترساؿ في نظر الممؼ عمى حالتو.
08-05كاف ينص في فصمو -9 كنريد اﻹشارة ىنا إلى أف المشركع اﻷكلي لقانكف
327عمى أف عدـ جكاب الككيؿ العاـ خالؿ اﻷجؿ المحدد يعد بمثابة مكافقة عمى صحة إتفاؽ
()1
التحكيـ ،أك إق ار ار منو بإختصاص الييئة التحكيمية.
إال أف مثؿ ىذا اﻷثر القانكني لـ ينص عميو المشرع في الفصؿ المقابؿ المنصكص
عميو في قانكف ،08-05مما مثكر معو التساؤؿ حكؿ طبيعة ىذا السكك ت ،أم ىؿ ىك بمثابة
مكافقة عمى اﻹجراءات التي اتخذتيا ىيئة التحكيـ ؟ أـ أنو رفض ليا؟كفي حالة ما إذا اعتبرنا
أف ىذا السككت يعد مكافقة عمى اﻹجراءات التي اتبعتيا ىذه الييئة فيؿ المقرر التحكيمي
الصادر بصددىا سيككف صحيحا ،كبالتالي عدـ إمكانية الطعف فيو بالبطالف الذم يجيزه
الفصؿ 327-36؟
إف الجكاب المنطقي عمى ىذا التساؤؿ سيككف بالنفي طبعا ،ﻷف الجية القضائية
الكحيدة المختصة في نظر مدل صحة ىذا المقرر التحكيمي ىي محكمة المكضكع كليست
النيابة العامة ،إضافة إلى أف ىذه اﻷخيرة ال تصدر أحكاما في الجكىر كانما إستشارات قانكنية
فقط حسب الفصؿ 327-9أعاله.
131
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
" إذا كاف التحكيـ يحتاج إلى القضاء في بداية طريقو ،فإنو يظؿ بحاجة إليو خالؿ
مساره لسبب بسيط ك ىك أف المحكميف ال يممككف السمطة التي يممكيا القاضي عمى أم
()1
شخص غير مرتبط بعقد تحكيـ"
ليذا فإف تجميات حرماف الييئة التحكيمية مف المساعدة القضائية في التشريع الجديد،
الفقرة األولى ) ،كاﻹنابات القضائية ( الفقرة تظير عمى مستكل كؿ مف إجراءات التحقيؽ (
الثانية).
كمف العقبات التي تعرقؿ السير العادم لمسطرة التحكيـ نذكر تمؾ الناشئة أثناء مباشرة
الييئة التحكيمية ﻹجراءات التحقيؽ،كنخص بالذكر ىنا حالة عدـ إستجابة أحد اﻷطراؼ ﻷمر
الييئة القاضي برفع يده عف كثيقة أك مستند يعد ضركريا في حسـ الخالؼ.فالتشريع المغربي
حينما أجاز ليذه الييئة بمقتضى الفصؿ 327-11أف تطمب مف أحد اﻷطراؼ اﻹدالء بكسيمة
إثبات تككف في حكزتو ،فإنو لـ ينص في حالة رفضو عمى إمكانية المجكء لمقضاء مف أجؿ
استصدار أمر قضائي يقضي بإرغامو عمى ىذا اﻹدالء ،كنفس المالحظة تسجؿ عندما تككف
مثؿ ىذه الكسيمة تحت يد الغير.
كاذا ما قارنا ىذا الفصؿ بنص المادة 28مف القانكف النمكذجي لمتحكيـ الصادر سنة
1985عف لجنة اﻷمـ المتحدة لمقانكف التجارم الدكلي ،كالذم يفترض أف يككف المشرع قد تأثر
بو فإننا نجده ينص عمى ما يمي:
132
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
" يجكز لمحكمة التحكيـ أك ﻷم مف الطرفيف بمكافقة محكمة التحكيـ أف تطمب مف
المحكمة المختصة في الدكلة المساعدة في الحصكؿ عمى اﻷدلة ،كيجكز ليذه المحكمة أف تنفذ
ىذا الطمب في حدكد إختصاصاتيا كطبقا لقكاعدىا المتعمقة بالحصكؿ عمى اﻷدلة" (.)1
أما عف إصدار ىيئة التحكيـ ﻷمر بإحضار شاىد ما مف أجؿ سماع شيادتو في النزاع
فإف المشرع لـ يقرف تخمفو عف أداء ىذه الشيادة بأم جزاء قانكني رادع ،بخالؼ المشرع
المصرم الذم عالج ىذه الحالة بتنصيصو عمى إمكانية المجكء إلى رئيس المحكمة المختصة
مف أجؿ إجبار ىذا الشاىد عمى أداء الشيادة المتطمبة ،كقد جاءت ىذه المقتضيات في المادة
37مف قانكف التحكيـ المصرم كالتي نصت عمى ما يمي:
9مف ىذا القانكف بناء عمى طمب " يختص رئيس المحكمة المشار إلييا في المادة
ىيئة التحكيـ بما يمي:
-1كنفس الحؿ نص عميو قانكف اﻹجراءات المدنية اﻹماراتي لسنة ، 1992كذلؾ في فصمو 209الذم يقضي بما يمي:
" يكقؼ المحكـ عممو لمرجكع إلى رئيس المحكمة المختصة ﻹجراء ما يأتي=:
=
....
ب -الحكم بتكميف الغير بإبراز مستند في حوزتو ضروري لمحكم في التحكيم " ...
,1987-12-18بالمادة كفي نفس اﻹطار جاء القانكف الفدرالي السكيسرم المتعمؽ بالقانكف الدكلي الخاص الصادر بتاريخ
،185التي نصت عمى مقتضيات عامة كما يمي:
"(د) حاالت أخرى لمساعدة القاضي:
إذا كانت مساعدة السمطات القضائية ضركرية في حاالت أخرل يمكف المجكء إلى مساعدة قاضي مكاف التحكيـ".
أنظر ،د .عبد الحميد األحدب ،ـ س ،ص.457
133
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
1992ك كنفس ىذا المكقؼ التشريعي أخذ بو القانكف اﻹماراتي أيضا الصادر سنة
ذلؾ في مادتو 209بحيث جاءت بما يمي:
" يكقؼ المحكـ عممو لمرجكع إلى رئيس المحكمة المختصة ﻹجراء ما يأتي:
أ -الحكـ بالجزاء المقرر قانكنا عمى مف يتخمؼ مف الشيكد عف الحضكر ,أك يمتنع
عف اﻹجابة"...
فمف ىذا المنطمؽ يمكف القكؿ أنو يتعيف عمى المشرع المغربي أف يشير إلى مثؿ ىذه
الحمكؿ تعزي از منو لفرص إستم اررية الييئة في مباشرة مسطرة التحكيـ كذلؾ في أكؿ تعديؿ
لقانكف . 08-05
كتتـ اﻹستعانة باﻹنابة القضائية في عدة مجاالت أىميا تمؾ المتعمقة بإجراءات تحقيؽ
الدعكل ،كاﻹستماع إلى الشيكد مف طرؼ المحكمة المنابة مثال.
كيمكف القكؿ أف ىذه اﻹنابات القضائية ال ت قتصر اﻹستفادة منيا عمى المحاكـ فقط،
كانما يمكنيا أف تخدـ حتى مصالح الييئات التحكيمية كالتي تككف في بعض اﻷحياف أكثر
حاجة ليا مف المحاكـ نظ ار لطبيعتيا الخاصة,إذ تظير ىذه الحاجة جميا في حالة عدـ قدرة
الييئة التحكيمية عمى اﻹنتقاؿ إلى مكاف آخر لمباشرة بعض اﻹجراءات المسطرية المؤثرة في
النزاع ،فال يبقى ليذه الييئة ىنا سكل المجكء إلى إستعماؿ اﻹنابة القضائية التي تسير المحاكـ
الرسمية عمى إنجازىا كفقا لمقانكف المسطرم الجارم بو العمؿ.
" إذا كمؼ الشاىد بالحضكر تكميفا صحيحا كلـ يحضر حكمت عميو المحكمة أك القاضي المنتدب بغرامة مقدارىا أربعيف جنييا
كيثبت الحكـ كال يككف قابال لمطعف كفي أحكاؿ اﻹستعجاؿ الشديد يجكز أف تصدر المحكمة أك القاضي أم ار بإحضار الشاىد
"...
ىذا الفصؿ مذككر في مرجع د .أحمد عبد الكريم سالمة ،ـ س ،ص .544
134
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
كنظ ار ﻷىمية ىذه اﻹنابات القضائية في تسييؿ مأمكرية الييئة التحكيمية،فإنو كاف
عمى المشرع المغربي أف يشير إلييا في البنذ المتعمؽ باﻹجراءات كالطمبات العارضة كما فعمت
العديد مف التشريعات المقارنة ،كالتي نذكر مف بينيا القانكف المصرم الذم أشار إلييا في
المادة 37مف قانكف التحكيـ ،حيث نصت عمى ما يمي:
9مف ىذا القانكف بناء عمى طمب " يختص رئيس المحكمة المشار إلييا في المادة
ىيئة التحكيـ بما يأتي:
....
()1
ب -اﻷمر باﻹنابة القضائية"
إذف فاﻹنابة القضائية ىي كسيمة ضركرية يساعد بيا القضاء عمؿ الييئة التحكيمية،
كليذا نرجك مف المشرع أف يتبناىا في تعديؿ قريب لقانكف .08 -05
-1كمثؿ ىذه المقتضيات أشارت إلييا المادة 209مف القانكف اﻹماراتي لمتحكيـ كالتي جاء بيا ما يمي:
" ...يكقؼ المحكـ عممو لمرجكع إلى رئيس المحكمة المختصة ﻹجراء ما يأتي:
.....
ج -التقرير باإلنابة القضائية".
135
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
إخضاعيا لمتحكيـ استثناء مف المبدأ العاـ كيعد إستبعاد بعض المكاضيع مف قابمية
القاضي بجكاز المجكء إليو ،إذ يجد ىذا اﻹستثناء تبريره في رغبة الدكلة في الحفاظ لمحاكميا
بإحتكار بعض القضايا لتعمقيا بالنظاـ العاـ.ليذا فكؿ دكلة تعمؿ عادة عمى تحديد نطاؽ
-1كىناؾ مف يعرؼ قابمية المنازعات لمتحكيـ ( )Arbitrabiliy/Arbitraliteبأنيا إصطالح يستعمؿ لمداللة عمى بياف أم
طكائؼ مف المنازعات الممكف حسميا بكاسطة التحكيـ لتمييزىا عف تمؾ المنازعات التي يككف اﻹختصاص بتسكيتيا لمحاكـ
الدكلة فقط.
أنظر في ىذا السياؽ د.محمد أبو العينين ،قابمية المنازعات لمتحكيـ ،مقاؿ منشكر في أعماؿ ندكة التحكيـ التجارم الداخمي
كالدكلي ،سمسمة دفاتر المجمس اﻷعمى ،اﻷياـ 3ك 4مارس ،2004العدد ،2005 /6ص .85
136
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
النزاعات التي يجكز حسميا عف طريؽ التحكيـ ،كذلؾ في ضكء اﻹعتبارات السياسية
()1
كاﻹقتصادية كاﻹجتماعية السائدة لدييا.
إال أنو مف جية أخرل كاف أكثر تشددا في حصره لممكاضيع التي ال يجكز حميا
بكاسطة التحكيـ مانعا بذلؾ الييئة التحكيمية مف النظر في بعضيا.كيتعمؽ اﻷمر خصكصا
حيث قرر إبعادىا مف المجاؿ التعاقدم بالحقوق الشخصية التي ال تكون موضوع تجارة،
ﻹتفاقات التحكيـ ،كىذا ما يترجمو الفصؿ 309بنصو عمى ما يمي:
"مع مراعاة مقتضيات الفصؿ 308أعاله,ال يجكز أف يبرـ اتفاؽ التحكيـ بشأف تسكية
الحقوق الشخصية التي ال تكون موضوع النزاعات التي تيـ حالة اﻷشخاص ك أىميتيـ أك
تجارة".
كبيذا المنع سيتعذر إخضاع المنازعات ذات الطابع المدني– حسب الفصؿ أعاله-
لمتحكيـ ،مع العمـ أف ىذا اﻷخير يمعب دك ار بار از في تصفية أغمبيا,كما يزيد المكضكع لبسا ىك
عدـ تحديد المشرع لطبيعة ىذه الحقكؽ الشخصية ،كمع ذلؾ فإف بعض الفقو المغربي قد سبؽ
كحدد مفيكميا معرفا إياىا بأنيا نكع مف الحقكؽ المالية التي ترادؼ سمطة قانكنية تثبت لفائدة
شخص ما تجاه آخر ،بحيث تمكف اﻷكؿ مف إلزاـ الثاني بأداء شيء أك عمؿ أك خدمة ،أك
اﻹمتناع عف ذلؾ بيدؼ تحقيؽ مصمحة مشركعة (.)3
137
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
كتجدر اﻹشارة إلى أف صكر الحقكؽ الشخصية متنكعة ال يمكف حصرىا ،فيي
تتضمف اﻹلتزامات اﻹيجابية كعقكد الشغؿ ،كعقكد التطبيب ،كعقكد التمكيف كعقكد التأميف،
كعقكد النقؿ ،كعقكد الكراء ،إلى غيرىا مف العقكد المشابية ليا.كما أنيا تشمؿ اﻹلتزامات
السمبية أيضا كاﻹمتناع عف القياـ بعمؿ مثؿ إلتزاـ عدـ إفشاء أسرار الصنعة الممقى عمى عاتؽ
اﻷخير اتجاه المشغؿ.
إذف فمثؿ ىذه اﻹلتزامات كالحقكؽ التي تدخؿ في خانة الحقكؽ الشخصية المدنية ال
يجكز حسب الفقرة اﻷخيرة مف الفصؿ 309أعاله أف تككف مكضكع تحكيـ .كتبعا لذلؾ نستنتج
أف المشرع قد ضيؽ مف نطاؽ النزاعات القابمة لمتحكيـ بعدما كانت تقبؿ ذلؾ في فترة ما قبؿ
التعديؿ لعدـ كجكد ما يمنع ذلؾ قانكنا.
-1الفصميف 309ك 322مف قانكف المسطرة المدنية المغربي قبؿ التعديؿ الجديد
-حيث عرفت ىذه الظرفية صدكر عدة قكانيف تيتـ باﻹقتصاد كاﻹستثمار ،كذلؾ مف أجؿ جعؿ المغرب مف بيف أىـ الدكؿ 2
138
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
كلعؿ اﻹستثناء الكحيد الكارد عمى حصرية ىذا اﻹختصاص قد جاء بو المشرع لما
تناكؿ كؿ مف إختصاص المحاكـ اﻹدارية المنتشرة عبر التراب الكطني ككذا المحكمة اﻹدارية
( )1
بالرباط ،ك الذم يتعمؽ بالنظر في طمب تذييؿ الحكـ التحكيمي.
كما يعزز ىذا اﻹستثناء ىك أف اﻷطراؼ أك الييئة التحكيمية التي تنظر في النزاعات
اﻹدارية القابمة لمتحكيـ كفقا لمفقرة الثانية مف الفصؿ 310مف قانكف 08 -05يمكنيـ المجكء
()2
كمما صادفوما عائؽ في أداء مياـ التحكيـ ،كتقديـ إلى رئيس المحكمة اﻹدارية المختصة
طمب تجريح أحد المحكميف,أك طمب إصدار أمر بإجراء كقتي أك تحفظي ( ،)3أك مف أجؿ تعييف
()4
أحد المحكميف في حالة تخمؼ اﻷطراؼ عف ذلؾ.
كبناء عمى ما سبؽ ذكره نستنتج أف جانبا ىاما مف القضايا المدنية التي يجكز حميا
عف طريؽ التحكيـ أصبحت مع صدكر القانكف الجديد حك ار عمى القضاء ،كىذا ما يبعث عمى
القمؽ في رأينا ﻷف مثؿ ىذه القضايا التي تتميز غالبا بالبساطة ستزيد مف العبء الممقى عمى
القضاء.
139
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
إعتبا ار لمطبيعة الخاصة التي تتميز بيا أعماؿ التحكيـ،فقد ظير تيار فقيي دافع عف
حماية المحكميف مف أية مساءلة سكاء الجنائية منيا ،أك المدنية .كيعكد إرتكاز مكقفيـ ىذا إلى
عدة مبررات ،جاء عمى رأسيا ضركرة تكفير المناخ المالئـ لمييئة التحكيمية لكي تستطيع أداء
مياميا في جك تسكده الطمأنينة كاﻹستقرار (.)3
-1كمف أمثمة أخطاء الييئة التحكيمية التي ترتب مسؤكليتيا إمتناعيا عف إصدار المقرارت التحكيمية بدكف أم عذر مقبكؿ،
كتجاكزىا لمميعاد المقرر ليا ﻹصدار ىذه المقررات ،أك تسببيا في بطالف أحكاميا ﻷسباب ترجع إلى إىماليا أك خطئيا ،كمف
اﻷمثمة عمى ذلؾ أيضا قياميا بصرؼ مبالغ كبيرة عند إجراء التحقيؽ كالتي ال تتناسب مع قيمة النزاع ،كما تدخؿ فييا إخفاءىا
لعالقتيا السابقة بأحد اﻷطراؼ.
- 2حيث انقسمت قكانيف التحكيـ في بعض الدكؿ إلى اتجاىات عديدة ،منيا مف تبنى قاعدة حصانة المحكـ بشكؿ مطمؽ
كقانكف الكاليات المتحدة اﻷمريكية ،كمنيا مف متعت ىذا المحكـ بالحصانة ضد الخطأ لكف ليست حصانة مطمؽ ة ،كالقانكف
اﻷلماني ،كالنمساكم ،كاﻹنجميزم ،كالنركيجي .كمنيا مف سمح بمالحقتو بالمسؤكلية ،كالقانكف الفرنسي ،كاﻹسباني ،ك السكيدم.
في حيف ىناؾ مف الدكؿ مف لـ يتضح مكقؼ مشرعييا كال اﻹجتياد القضائي فييا بشكؿ كاضح عف مكضكع مسؤكلية المحكـ
ك الدكؿ العربية منيا.
د .عبد الحميد األحدب ،ـ س ،ص .234
- 3كيقكؿ الفقيو الليف :lalive
« .....Elle s'explique certes en quelque mesure par la peur, non dénuée de fondement, de voir se
multiplier à l'avenir, outre les cas de récusation plus ou moins téméraires et les recours contre les
sentences, les mises en cause directes de la responsabilité de l'arbitre. Tous les observateurs ou
presque de la "scène arbitrale" s'accordent à constater le climat de confrontation toujours plus
marqué de nombreuses procédures arbitrales.... ».
Pierre Lalive, Études de Procédure et d'arbitrage en l'honneur de J.-F. Poudret, Faculté
de Droit de l'université de Lausanne, 1999, Sur l'irresponsabilité arbitral, p 2, site web, date de
visite 13-5-2008.
http://www.lalive.ch/f/publications/detail.php?id=202
34مف الالئحة التنظيمية الجديدة لمتحكيم التابعة لغرفة التجارة الدولية عمى ما يمي: كينص الفصؿ
"Ni les arbitres, ni la Cour ou ses membres, ni la Chambre de commerce internationale ou son
personnel, ni les Comités nationaux de la Chambre de commerce internationale, ne sont
140
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
كمف ىذه المبررات أيضا ،تدعيـ ىيبة نظاـ التحكيـ التي يستمدىا مف طبيعتو
القضائية( ،)1ككذلؾ ما ينبغي أف يتكافر ليذه الييئة مف إحتراـ كفاعمية تضمف ليا سرعة تسكية
المنازعات ،ىذا فضال عف إشكالية صعكبة إثبات اﻷخطاء المينية التي يرتكبيا المحكمكف نظ ار
لمطابع السرم الذم يطبع أعماليـ التحكيمية.
كفي ىذا اﻹطار أكد الفقيو دومكي " "Domkeأف إخضاع المحكميف لممسؤكلية سكؼ
يؤدم إلى إحجاميـ عف قبكؿ مياـ التحكيـ ،إضافة إلى تأثير ذلؾ عمى جكدة المقررات
الصادرة عنيـ نتيجة تكزيع مجيكداتيـ بيف أدائيـ ﻷعماؿ التحكيـ كبيف التصدم لدعاكل
المسؤكلية المرفكعة ضدىـ(.)2
كقد سايرت ىذا الفقو العديد مف المكائح التحكيمية في كؿ مف أكربا ك أمريكا الشمالية ،
إال أنيا في المقابؿ تطمبت أف تككف أخطاء ىؤالء المحكميف مقصكدة (.)3
"responsables envers quiconque de tout fait, acte ou omission en relation avec un arbitrage
=.
= كنفس المقتضيات نصت عمييا المادة 77مف نظام المكتب العالمي لمممكية الفكرية ،إال أنيا استثنت حالة الخطأ المرتكب
قصدا مف طرؼ المحكـ أك المحكميف أك الييئة.
« Sauf en cas de faute délibérée, la responsabilité de l'arbitre ou des arbitres, de l'OMPI ou du
Centre n'est engagée à l'égard d'aucune partie pour aucun acte ou omission lié à l'arbitrage ».
القانون التحكيمي اإلنجميزي لسنة 1998قد نص عمى مقتضيات مماثمة تحصف أما في المجاؿ التشريعي فإف
المحكميف مف كؿ متابعة ممكنة ،كىذا ما نص عميو الفصؿ 29منو .
-ىذا مع استثناء بعض اﻷمكر التي تقتضي إخضاع ىيئة التحكيـ ﻷحكاـ المسؤكلية كإرتكاب أحد أعضائيا لجرائـ الرشكة 1
" -31-1ال تككف محكمة لندف لمتحكيـ الدكلي ( ك تشمؿ ىذه العبارة الرئيس ،كنكابو ،كاﻷعضاء) ،كال الكاتب ،أك نائب
الكاتب ،أك أم محكـ أك خبير عينتو أم محكمة تحكيمية مسؤكليف تجاه أم طرؼ عف أم عمؿ أك إغفاؿ يتعمؽ بأم تحكيـ
حاصؿ كفقا ليذا النظاـ ،بإستثناء إذا أثبت الطرف المعني أن العمل أو اإلغفال جاء نتيجة لتصرف خاطئ من قبل أحد
األشخاص المذكورين وذلك بعممو وادراكو فيكون عندىا مسؤوال عن ىذا العمل تجاه الطرف المعني "...
د .عبد الحميد األحدب ،ـ س ،ص 596ك597
كفي نفس اﻹطار جاءت المادة 36مف نظاـ جمعية التحكيـ اﻷمريكية بما يمي:
" ال يجكز ﻷحد اﻷطراؼ مالحقة الييئة اﻷمريكية لمتحكيـ أك المحكميف عف نتائج اﻷعماؿ أك اﻹغفاالت المرتكبة خالؿ
إجراءات تحكيمية جرل التحقيؽ فييا كفقا ليذا النظاـ مع مراعاة أنو يمكن أن تكون الييئة األمريكية لمتحكيم أو المحكمين
مسؤولين تجاه األطراف عن نتائج األخطاء المتعمدة أو المقصودة " .
141
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
كفي مقابؿ ىذا التيار ظير اتجاه آخر يؤيد فرضية إخضاع المحكميف ﻷحكاـ
المسؤكلية ،فماىي المبررات التي يستند عمييا ىذا التيار ؟
ؿقد أنطمؽ ىذا اﻹتجاه مف ككف مبررات التيار أعاله غير مقنعة ,معتب ار في نفس
الكقت أف أخطاء الييئة التحكيمية تعد بمثابة تقصير بإلتزاـ قانكني كالذم بكقكعو متكبد أطراؼ
الدعكل التحكيمية أض ار ار مادية كمعنكية مختمفة ،الشيء الذم يؤدم حتما إلى قياـ المسؤكلية
في حقيا.
كيبني ىذا التيار مكقفو عمى حشد مف المبررات التي تؤيد حسب رأيو مسألة إقرار
مسؤكلية ىيئة التحكيـ ،كأبرزىا ما يمي:
-1أف القاعدة العامة في المسؤكلية المدنية ترتب عمى كؿ خطأ سبب ضر ار لمغير
قياـ المسؤكلية لمرتكبو ،كبالتالي كجكب تعكيض الـ تضرر عما لحقو مف ضرر (.)1
-2أف المقررات الصادرة عف الييئات التحكمية ال يتصكر الطعف فييا إال في حاالت
ضيقة جدا حصرىا القانكف مسبقا ،عمما أف ىذا الطعف غالبا ما يككف مآلو الرفض .كما أنو في
حالة إبطاؿ ىذه المقررات فإنو ال يكفؿ جبر اﻷضرار الجسيمة التي لحقت اﻷطراؼ كانما يعد
في ذاتو ضر ار أخر يتعيف تعكيضو.
ا ما قد -3أف مياـ التحكيـ تدير عمى المحكميف أرباحا خيالية لذا يتعيف أف يتحممك
يمحقكنو مف غرـ نتيجة لما اقترؼكه مف أخطاء ،فكمما كانكا ذ كم كفاءة عالية كأخالؽ حميدة إال
المسلة القانكنية.
أ ك سيبقكف بعيديف عف شبح
-4أف لجكء اﻷطراؼ إلى التحكيـ تحفزه عادة الثقة الزائدة التي يضعكنيا في الييئة
التحكيمية ،فبدكف كجكد قكاعد لممسؤكلية فال يمكف ضماف عدالة ىذه الييئة التي قد تككف
متحيزة ﻷحد المتخاصميف مثال (.)2
142
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
كنحف مف جيتنا فإننا نرجح ىذا التيار ،بحيث نرل أف إخضاع الييئة التحكيمية
ﻷحكاـ المسؤكلية أمر حتمي لكي ال يبقى في لكائح مينة التحكيـ سكل أكالئؾ الذيف تجتمع
()1
فييـ الشركط النمكذجية المتطمبة ،كمنيا عمى الخصكص الكفاءة كالنزاىة كالحنكة....
سنتناكؿ في ىذا المكضكع بعد تقسيمو إلى شقيف ،طبيعة التزاـ المحكـ ،أم ىؿ
بتحقيؽ غاية أـ فقط ببذؿ عناية (أ) ،ثـ تحديد نكع مسؤكلية ىذا المحكـ ،ىؿ ىي مسؤكلية
عقدية أـ أنيا مسؤكلية تقصيرية (ب) :
أما عف اﻹلتزاـ الممقى عمى عاتؽ المحكـ (الييئة التحكيمية) ،فمئف كاف في أصمو
داخؿ أجؿ محدد ، إلتزاما بتحقيؽ نتيجة ينصب في كجكب تسكيتو لمنزاع القائـ بيف الخصكـ
فإنو يصبح مف حيث محؿ اﻹلتزاـ إلتزاما ببذؿ عناية ,كذلؾ أثناء مباشرتو لمسطرة التحكيـ كاال
اعتبر مقص ار في أداء المياـ الممقاة عميو طبقا ﻷصكؿ كقكاعد مينة التحكيـ.
كاﻷصؿ أف المحكـ كاف كاف يتمتع بإستقالؿ تاـ في تسيير مسطرة التحكيـ لما يتطمبو
ذلؾ مف القياـ باﻹجراءات الضركرية التي تممييا عميو قكانيف التحكيـ ،فإنو مع ذلؾ يككف مجب ار
عمى إتخاذ كؿ ماىك ضركرم لحسف سير مسطرة التحكيـ.
- 1كمف التشريعات التي استبعدت مبدأ حصانة المحكـ ،التشريع اﻹسباني لمتحكيـ الصادر بتاريخ ,1988-12-05في المادة
.)1( 16
د .عبد الحميد األحدب ،ـ س ،ص .235
-2ككمثاؿ عمى ىذه الحالة ،فإف اﻹلتزاـ بنقؿ ممكية دار في أجؿ محدد ،كعدـ الكفاء بوذا اﻹلتزاـ داخؿ قذا اﻷجؿ المتفؽ عميو
بيف اﻷطراؼ يككف في حد ذاتو إخالال باﻹلتزاـ المكجب لمتعكيض طبقا ﻷحكاـ المسؤكلية.
143
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
كبذلؾ فإف قياـ خطأ المحكـ نتيجة تقصيره القانكني الذم سبب ﻷحد اﻷطراؼ أك
لمركز التحكيـ التابع لو أك لمغير ضر ار ماديا كاف أك معنكيا ،فسيؤدم إلى ترتيب المسؤكلية في
حقو.كفي ىذا الصدد يرل بعض الفقو أنو ال يمكف تقرير ىذه اﻷخيرة إستنادا إلى معيار
الشخص العادم ،كانما يتـ ذلؾ بإعتماد معيار الشخص الميني المحترؼ ﻷف طبيعة مينتو
تقتضي التشديد عميو ،بحيث إف كؿ إىماؿ يعد خطأ بسيطا بالنسبة لمشخص العادم ،بينما
يعتبر خطأ جسيما بالنسبة لمشخص الميني (.)1
كنكد أف نشير في ىذا السياؽ إلى أف تحقؽ خطأ المحكـ كحده غير كاؼ لقياـ
مسؤكليتو في مكاجية أطراؼ التحكيـ أك الغير ،كلكف ينبغي إضافة إلى ذلؾ أف ينتج عف ىذا
الخطأ ضرر حقيقي يمحؽ بيـ حتى تقبؿ دعكل التعكيض أماـ القضاء كذلؾ طبقا لمقاعدة التي
تقكؿ " ال دعكل بغير مصمحة" (.)2
كؾاَستنتاج لما سبؽ ،نرل أف إلتزاـ المحكـ أثناء سرياف مسطرة التحكيـ قد ينقمب مف
إلتزاـ ببذؿ عناية إلى إلتزاـ بتحقيؽ نتيجة ،إال ك نحبذ أف يككف ىذا اﻹلتزاـ مف النكع اﻷخير
دائما حتى يتـ تعزيز فرص تسكية نزاع اﻷطراؼ.
يعد المحكـ في نظر بعض الفقو مجرد شخص عاد يستمد كاليتو في حؿ النزاع مف
إتفاؽ التحكيـ عمى أساس أف تعيينو لـ يتـ مف قبؿ الدكلة ،كمف ىذا المنطمؽ فال يمكف
إخضاعو لمسطرة مخاصمة القضاة(.)3
كتبعا لذلؾ فالرأم الغالب لدل الفقو يرل أف الرابطة التي تجمع المحكميف بالمحتكميف
ىي رابطة تعاقدية ينظـ أحكاميا القانكف الخاص ،فقد تككف إما رابطة مباشرة أك غير
()2( )1
مباشرة.
-أنظر في ىذا المكضكع د .محمد جمال الدين زكي الكجيز في نظرية اﻹلتزاـ ،الطبعة الثانية ،1976 ،ص .462 1
كد.حسن عامر ،المسؤكلية المدنية التقصيرية كالعقدية ،الطبعة الثانية ،1989ص .193
-2كتظير أىمية الخطأ الجسيـ في المبمغ الذم سيحكـ بو ،كفي ىذا المعنى ينص الفصؿ 261مف ؽ.ؿ ع " أن اإللتزام بعمل
يتحول عند عدم الوفاء إلى تعويض".
-راجع د.أحمد أبو الوفا ،التحكيـ اﻹختيارم كاﻹجبارم ،ـ س ،ص .86 3
144
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
كىكذا فإف حصر نكع ىذه الرابطة سيترتب عميو تحديد المسؤكلية ,كذلؾ لمتمييز فيما
إذا كانت عقدية أـ تقصيرية ،فأساس المسؤكلية العقدية ىك الخطأ العقدم ،أم اﻹخالؿ بإلتزاـ
تعاقدم ،بينما تقكـ المسؤكلية التقصيرية عمى اﻹخالؿ بإلتزاـ قانكني(.)3
كلمعمـ فإف الخطأ الكاحد قد يرتب مسؤكلية دكف اﻷخرل ،إال أنو في بعض اﻷحياف
قد يترتب عميو المسؤكليتاف معا ،بحيث إف مسؤكلية المحكـ اتجاه اﻷطراؼ ىي مسؤكلية
كعقدية تتحدد كفقا لمقكاعد العامة( ،)4تتطمب بدكرىا تكافر أركانيا طبقا لمقكاعد العامة .
كمف خالؿ ما سبؽ يمكف القكؿ أف نكع المسؤكلية المترتبة عمى عاتؽ المحكميف تتغير
مف مسؤكلية عقدية إلى مسؤكلية تقصيرية بحسب طبيعة الشخص المتضرر مف أخطائيـ
المينية ،أم فيما إذا كاف طرفا في عممية التحكيـ أك مجرد غير (.)5
كمع ذلؾ فإف المجكء إلى ىذه المراكز عادة ما يككف محفكفا بعدة مخاطر أىميما عدـ
تكافرىا عمى ضمانات العدالة ،كأيضا لتكاليفيا الباىظة التي ترىؽ ميزانية اﻷطراؼ(.)6
-كتككف غير مباشرة في تمؾ الحالة التي يقكـ مركز التحكيـ بتعييف ىؤالء المحكميف. 1
-راجع عادل محمد خير ،حصانة المحكميف مقارنة بحصانة القضاء في الفقو اﻹسالمي كالتشريعات المصرية كالقانكف 2
145
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
كما أنو بقدر ما تمارس ىذه المراكز العديد مف اؿمياـ اؿتحكيمية كالمتجمية خاصة في
,بقدر ما يجب تحميميا مسؤكلية ىذا الرقابة كاﻹشراؼ عمى المحكميف التابعيف ليا إداريا
اﻹشراؼ ،كذلؾ في الحدكد التي تكفؿ حماية حقكؽ اﻷطراؼ.
إال أف الفقو كالقضاء قد اختمفا حكؿ اﻷساس القانكني لتحميميا ىذه المسؤكلية ،فمنيـ
مف يرجعو إلى قكاعد الككالة( ،)2في حيف أرجعو بعض القضاء إلى قكاعد المقاكلة(.)3
كيربطيا الفقو الراجح بالتبعية االقتصادية ،عمى اعتبار أف التابع (مراكز التحكيـ)
يتحمؿ مسؤكلية أخطاء المتبكع (المحكميف) ،لككنو يتقاضى اﻷتعاب مباشرة مف اﻷطراؼ ،ليقكـ
بعد ذلؾ بمنح المحكـ نصيبو منيا ،كمف ىنا يتضح أف مسؤكلية ىذه المراكز عف أخطاء
محكمييا تنبني عمى قاعدة الغرـ بالغنـ (.)4
كبتحقؽ مسؤكلية ىذه المراكز كما سبؽ الذكر يمكف لممتضرر سكاء أكاف مف
اﻷطراؼ أنفسيـ ،أك مف الغير أف يرفع دعكاه ضدىا أماـ المحكمة المختصة (.)5
كلككف الرابطة التي تجمع اﻷطراؼ بيذه المراكز ىي رابطة تعاقدية ،فإف المسؤكلية
العقدية الناشئة عنيا ال يفترض فييا التضامف في اﻷداء بيف ىاتو المراكز كالمحكميف
()6
التابعيف ليا ،إال بمقتضى اتفاؽ صريح عمى ذلؾ طبقا لمقتضيات الفصؿ 164مف ؽ.ؿ.ع
كنفس الشيء يقاؿ عف تمؾ االلتزامات الناشئة عف المسؤكلية التقصيرية في مكاجية الغير.
- 1كىذا ما نصت عميو الفقرة الثانية مف المادة اﻷكلى مف اتفاقية نيويورك ،لسنة .1958
- 2كيمثؿ ىذا الفقو ىنتر ، Hunterمذككر في المرجع السابؽ ،ص .405
،1987ص - 3كىذا ما ذىب إليو حكـ صادر عف محكمة الدرجة الكبرل الباريسية ،منشكر في مجمة التحكيـ لسنة
.367
- 4كىذا ما أشارت إليو د .ىدى حمدي عبد الرحمان ،ـ س ،ص .405
- 5راجع ،د.عادل محمد خير ،ـ س ،ص .102
- 6كيقضي ىذا الفصؿ بما يمي ":التضامن بين المدينين ال يفترض كيمزـ أف ينتج صراحة عف السند المنشئ لإللتزاـ أك مف
القانكف أك أف يككف النتيجة الحتمية لطبيعة المعاممة".
146
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
كبذلؾ فإف المسؤكلية المدنية لييئة التحكيـ تظير جميا في النقاط التالية:
"...يجب عمى كؿ محكـ أف يستمر في القياـ بميمتو إلى نيايتيا كال يجكز ؿ ق تحت
طائمة دفع تعكيضات أف يتخمى عنيا دكف سبب مشركع بعد قبكليا كذلؾ بعد إرسالو إشعا ار
يذكر فيو أسباب تخميو".
كيستنتج مف ىذا الفصؿ أنو ينبغي لقياـ مسؤكلية المحكميف المدنية تكفر ثالث شركط
أساسية كىي:
- ضركرة قبكؿ المحكميف القياـ بالميمة ،كذلؾ عف طريؽ التزاـ كتابي صادر عنيـ،
()1
كالتكقيع عمى اتفاؽ التحكيـ مثال
- 1كيتضح ىنا أف المشرع قد تشدد نكعا ما في مسؤكلية الييئة التحكيمية كما جعميا تثكر بمجرد قبكليا لمميمة التحكيمية ال
مف تاريخ الشركع في مسطرة التحكيـ كما جاء في الفصؿ 31مف ؽ.ـ.ـ قبؿ التعديؿ ،كىذا اتجاه محمكد سيمنع مف حدكث
التراجعات التعسفية التي قد تمحؽ أض ار ار كثيرة كمتنكعة في حؽ الخصكـ.
147
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
- ضركرة التكقؼ عف أداء ىذه الميمة أم عدـ االستمرار فييا أيا كانت المرحمة التي
كصمت إلييا القضية ،سكاء عند مرحمة اتخاذ اﻹجراءات الالزمة لمنطؽ بالمقرر ،أك عند رفض
التكقيع عمى ىذا اﻷخير.
- ضركرة عدـ كجكد مبرر مشركع يسمح لمييئة بالتخمي عف ميمتيا ،كنعتقد أف اﻷمر
يتعمؽ بتحقؽ إحدل الحاالت المنصكص عمييا في الفصؿ 327-19مف نفس القانكف.
كليذا فإف مسؤكلية الييئة التحكيمية تنعقد بمجرد تجاىميا لإلجراءات السابؽ ذكرىا.
كما أف التزاـ المحكميف بالعمؿ بضمير ميني يكجب عمييـ أف يتقيدكا بالميمة
المحددة اتفاقا أك قانكنا ﻹصدار الحكـ التحكيمي ،كذلؾ تحت طائمة قياـ مسؤكليتيـ ،كلك تـ
،327-20إذ كاف كاف تأخر تمديد ىذه الميمة بطمبيـ طبقا لمفقرة الثانية مف الفصؿ
بقكف مسؤكليف مدنيا أماـ المحكميف في إصدار مقررىـ ال ينطكم عمى سكء نية ،فإنيـ م
اﻷطراؼ لتأخرىـ في إصدار ىذا المقرر في اآلجاؿ المحدد سمفا.
يرجع أساس السمطات التي تتمتع بيا الييئة التحكيمية إلى اتفاؽ التحكيـ ،لذا فإف
كؿ خركج عف نطاؽ ىذا االتفاؽ يعرض ىذه الييئة إلى المساءلة القانكنية المدنية ،كما لك
أغفمت أك تغافمت الفصؿ في جزء مف النزاع ،أك امتنعت عف القياـ بإجراء مف اﻹجراءات
الضركرية...
كنحف نعمـ حجـ اﻷضرار المادية كالمعنكية التي قد تمحؽ أحد اﻷطراؼ أك ىما معا
في حالة إبطاؿ المقرر التحكيمي نتيجة ىذا اﻹىماؿ ،الشيء الذم يجعمنا نؤيد قياـ المسؤكلية
في حؽ ىؤالء المحكميف الميمميف.
148
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
كفي ىذا السياؽ تعرض المشرع المغربي إلى مسؤكلية المحكـ الذم أفشى سره الميني
في الفصؿ 326مف قانكف 08-05إال أنو تناكؿ ىذه المسؤكلية مف الناحية الجنائية فقط ،كمع
ذلؾ فال يكجد ما يمنع مف ترتيبيا حتى عمى المستكل المدني تطبيقا لمقكاعد العامة المنظمة
لممسؤكلية العقدية.
كنشير أيضا أف غالبية المؤسسات التحكيمية قد نصت لكائحيا صراحة عمى كجكب
7مف نظاـ احتراـ المحكميف التابعيف ليا لسرية إجراءات التحكيـ ،ككنمكذج منيا نذكر المادة
مركز القاىرة لمتحكيـ كالذم نص عمى ما يمي:
"ال يجكز لممحكـ االستفادة مف المعمكمات التي حصؿ عمييا أثناء إجراءات التحكيـ
لتحقيؽ أم غنـ لنفسو أك لمغير لممساس بمصالح اآلخريف".
" يتعيف عمى المحكـ الذم يعمـ بكجكد أحد أسباب التجريح في نفسو أف يشعر
اﻷطراؼ بذلؾ ،كفي ىذه الحالة ،ال يجكز قبكؿ ميمتو إال بعد مكافقة اﻷطراؼ".
فيذا الفصؿ كاف لـ ينص عمى إمكانية قياـ مسؤكلية المحكـ الذم لـ يفصح عف
عالقاتو بأحد اﻷطراؼ ،فإنيا تجد تبريرىا في القكاعد العامة لممسؤكلية ،كما تنطبؽ ىذه
القاعدة أيضا عمى مسؤكلية المحكـ المترتبة في حالة تحايمو أك تدليسو ،كاختياره لمكاف
149
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
التحكيـ غير المتفؽ عميو مف قبؿ اﻷطراؼ ،أك تعمده اختيار قانكف معيف بغية تحقيؽ مصمحة
أحد الخصكـ عمى حساب اآلخر(.)1
كىكذا نستنتج أف المسؤكلية المدنية لمييئة التحكيمية يمكف أف تثار في جميع المراحؿ
التي تمر منيا مسطرة التحكيـ ،بؿ تستمر حتى بعد إصدار المقرر التحكيمي ،كذلؾ حماية
لمصالح اﻷطراؼ التي يمكف أف تتضرر مف بعض التصرفات غير القانكنية الصادرة عف ىذه
الييئة.
كبعد تطرقنا ؿلمسؤكلية المدنية ،ننتقؿ إلى الفقرة الثانية مف أجؿ تناكؿ المسؤكلية
الجنائية لمييئة التحكيمية.
كبفعؿ اﻷخطار المحتممة التي تيدد مصالح اﻷطراؼ ،أخضع المشرع المغربي الييئة
التحكيمية إلى إمكانية المساءلة الجنائية كمما اقترفت جرما في حؽ الخصكـ أضر بسمعتيـ،
كيظير ىذا االىتماـ التشريعي عمى الخصكص في مسألتاف اثنتاف:
- 1كفي ىذا المكضكع أصدرت لجنة اﻷمـ المتحدة لمقانكف التجارم الدكلي مدكنة سميت بػ" :سموكيات المحكم" ،كالتي نصت
عمى مجمكعة مف المبادئ منيا ما يمي:
-ال يجكز لممحكـ االتصاؿ بأطراؼ التحكيـ لمسعي نحك التعييف أك االختيار كمحكـ.
-ال يجكز لممحكـ قبكلو التعييف أك االختيار كمحكـ إال بعد التأكد مف القدرة كالصالحية ﻷداء ىذه الميمة دكف ما
تميز كمف إمكاف تخصيص الكقت كاالىتماـ الالزميف لذلؾ.
-يجب عمى مف يرشح ليككف محكما أف يصرح لمف يتصؿ بو في أمر ىذا الترشح بكؿ الظركؼ التي مف
شأنيا احتماؿ إثارة شككؾ ال يبرر حياده أك استقاللو ،كعمى المحكـ بمجرد تعيينو أك اختياره التصريح بيذه الظركؼ ﻷطراؼ
النزاع ،إال إذا كاف قد سبؽ إحاطتيـ عمما بذلؾ.
150
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
تتجمى الحماية الجنائية ﻷسرار اﻷطراؼ في مقتضيات الفصؿ 326مف قانكف -05
08كالتي تنص عمى ما يمي:
" يمزـ المحكمكف بكتماف السر الميني طبقا لما ىك منصكص عميو في القانكف الجنائي".
كىكذا نرل أف الييئة التحكيمية تخضع ىي اﻷخرل إلى ضكابط كثماف السر الميني،
مثميا في ذلؾ مثؿ باقي الميف التي تأتمف عمى أسرار اﻷشخاص(.)1
446منو قد حدد اﻷشخاص كبرجكعنا إلى القانكف الجنائي المغربي نجد الفصؿ
اﻷمناء عمى اﻷسرار ،كما نص عمى العقكبات المقررة ضدىـ في حالة إفشائيـ ليا(.)2
ؿتضمنو لعبارة عامة كبتحميمنا لمفصؿ أعاله نجده ييـ حتى الييئة التحكيمية ،ذلؾ
تقضي بإخضاع كؿ شخص بحكـ مينتو لضكابط حماية السر الميني "...ككؿ شخص يعتبر
مف اﻷمناء عمى اﻷسرار ،بحكـ مينتو أك كظيفتو الدائمة أك المؤقتة إذا أفشى س ار أكدع لديو،
كذلؾ في غير اﻷحكاؿ التي يجيز لو فييا القانكف أك يكجب عميو فييا التبميغ عنو."...
كيعاقب طبقا لمفصؿ أعاله كؿ مف أفشى س ار ائتمف عميو بالحبس مف شير إلى ستة
أشير حبسا كغرامة مالية مف ألؼ كمائتيف إلى عشريف ألؼ درىـ.
-2فيما يتعمؽ بارتكاب الييئة التحكيمية لجريمة الرشكة
يساءؿ المحكـ أيضا عما يرتكبو مف جرائـ الرشكة طبقا لمقتضيات الفصؿ 248مف
القانكف الجنائي ،كالذم ينص عمى المقتضيات التالية:
" يعد مرتكبا لجريمة الرشكة ،كيعاقب بالحبس مف سنتيف إلى خمس كبغرامة مف ألفي
درىـ إلى خمسيف ألؼ درىـ مف طمب أك قبؿ عرضا أك كعدا أك تسمـ ىبة أك أية فائدة أخرل
مف أجؿ.
........-1
-2إصدار قرار أك إبداء رأم لمصمحة شخص أك ضده كذلؾ بصفتو حكما أك خبي ار
عينتو السمطة اﻹدارية أك القضائية أك اختاره اﻷطراؼ."...
151
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
كمىدؼ ىذا التجريـ إلى الحفاظ عمى دعائـ النزاىة كالحياد التي يجب أف تتحمى بيا
الييئة التحكيمية طكاؿ مسطرة التحكيـ (.)1
ككخالصة ليذا الفصؿ فإننا حاكلنا الكقكؼ عمى نقاط الفعالية ك بؤر المحدكدية التي
جاء بيا قانكف 08-05في مكضكع الييئة التحكيمية ،محاكليف في ذات الكقت البحث عف
حمكؿ قانكنية لسد الثغرات التشريعية التي تسربت إليو.
- 1كنشير في ىذا الصدد إلى إمكانية متابعة المحكميف في حالة ثبكت ارتكابيـ لجرائـ أخرل ،كجنح اﻹختالس كالتزكير
كالغدر.
152
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
خبتًخ:
لقد تناكلنا في ىذا البحث العديد مف المكضكعات القانكنية المتعمقة بالييئة التحكيمية،
بدأناىا بمقدمة ال غنى لمباحث عنيا مف أجؿ تحديد اتجاه البحث كاطاره مع ما يترتب عف
ذلؾ مف حصر ﻹشكاليتو العامة .لنقكـ بعد ذلؾ بتقسيمو إلى فصميف اثنيف ،اﻷكؿ تطرقنا فيو
،08-05كالذم إلى دراسة اﻹطار القانكني لمييئة التحكيمية كذلؾ قبؿ صدكر القانكف رقـ
كقفنا فيو عمى بحث مجمكعة مف الشركط الجكىرية الكاجب تكفرىا في أعضاء ىذه الييئة عمى
اعتبار أف المشرع المغربي قد أغفؿ اﻹشارة إلييا.
كبعد ذلؾ انتقمنا إلى معالجة الكضعية القانكنية التي كانت عمييا الييئة التحكيمية في
إطار التحكيـ المؤسساتي ،حيث خمصنا مف ذلؾ إلى أنيا كانت تعاني مف التيميش التشريعي
المطمؽ ،مبيينيف في نفس الكقت اﻷسباب الرئيسية التي ساىمت في ذلؾ ،دكف أف نغفؿ اﻹشارة
إلى المعكقات التشريعية التي أثر ت سمبيا في صالحيات ىذه الييئة أثناء أداء مياميا .كما
حاكلنا في ىذا المكضكع بياف أىـ بؤر ىذه المعكقات التي شممت عدة مستكيات كاف في
مقدمتيا اختصاص ىذه الييئة الذم تبيفت لنا محدكديتو ،كذلؾ سكاء مف الناحية المكضكعية
أك اﻹجرائية.
كتجدر اﻹشارة إلى أننا قد عممنا في ىذا الفصؿ أثناء تحميمنا لمكضكعاتو عمى
استحضار كؿ ما جاء بو التعديؿ الجديد في ىذا السياؽ ،دكف أف ننسى االستشياد ببعض
المكاقؼ التشريعية كالفقيية المقارنة التي ليا ذات الصمة بيذه المكضكعات.
قلبحث الكضعية القانكنية لمييئة أما الفصؿ الثاني مف ىذه الدراسة ،فقد خصصنا
التحكيمية بعد نفاذ القانكف ،08-05مركزيف في ذلؾ عمى تحديد كتحميؿ مظاىر الفعالية التي
أصبحت تحيط بيذه الييئة ،كالمتجمية بكجو خاص في تمتيعيا بنظاـ قانكني متكازف إلى حد
ما ،إال أنو بالرغـ مف تزايد االىتماـ التشريعي بالييئة التحكيمية ،فإف ىذه اﻷخيرة لـ تسمـ مف
بعض تجميات المحدكدية ،كالتي تظير بشكؿ جمي مف خالؿ عدـ تكازف الدكر الذم يؤديو
القضاء في مكاجيتيا ،ككذا مف خالؿ عجز المشرع المغربي عف تخصيص نظاـ قانكني دقيؽ
كمتكامؿ يعنى بتنظيـ مسؤكليتيا في مكاجية اﻷطراؼ كالغير.
153
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
كنكد لفت االنتباه في ىذه الخالصة أيضا إلى أف اليدؼ مف ىذه الدراسة لـ يكف مجرد
طرح إشكاليات قانكنية فقط ،كانما كضع تصكر شمكلي نعالج فيو مدل أىمية إحاطة الييئة
التحكيمية بتنظيـ قانكني مناسب كفعاؿ ،حتى تتمكف مف تسكية النزاعات المعركضة عمييا
دكف تعرضيا في ذلؾ ﻷم صعكبات تذكر.
كما أننا حرصنا في كؿ مناسبة عمى اﻹشارة إلى نصكص مجمكعة مف اﻷنظمة
المؤسساتية المتعمقة بالتحكيـ ،حتى ال نغيب الدكر الفعاؿ الذم تمعبو ىذه اﻷنظمة في تقنيف
عمؿ الييئات التحكيمية التابعة لمراكز التحكيـ.
كعمى ىذا اﻷساس ،فإنو ينبغي أف نضع في االعتبار أف ىناؾ العديد مف اﻷسباب
التي تؤثر في فاعمية مياـ الييئة التحكيمية ،كعمى تحقيؽ اﻷىداؼ التي عينت مف أجميا،
فمف ىذه اﻷسباب ما يعكد أساسا إلى السياسة التشريعية التي تبناىا المشرع المغربي سكاء كاف
ذلؾ قبؿ صدكر قانكف 08-05أك بعده اﻷمر الذم يتعيف معو مكاجية سمبيات ىذه السياسة
ببعض المقترحات المتكاضعة التي نييب بالمشرع مف أجؿ اﻷخذ بيا فيما قد يط أر عمى ىذا
القانكف مف تعديالت مستقبمية.
-كجكب تحديد الشركط المطمكب تكفرىا في أعضاء الييئة التحكيمية بدقة عالية
كمتناىية لتفادم كؿ غمكض قد يؤثر في أداء مياميا أثناء تسكيتيا لممنازعات.
-ضركرة كضع معايير مكضكعية يتعيف عمى اﻷطراؼ احتراميا ،كذلؾ بمناسبة
اختيارىـ لمييئة التحكيمية ،السيما معيار تكفر أعضائيا عمى خبرة معينة كمستكل تعميمي
متكسط عمى اﻷقؿ ،فيذا التدبير الكقائي ال يعني مساسا بمبدأ حرية سمطاف اﻹرادة ،كانما ىك
بمثابة تدعيـ لفرص نجاح العممية كالتحكيمية.
-حتمية تخصيص تنظيـ قانكني أكثر تنظمما كضبطا لمسمطات التي تتمتع بيا الييئة
التحكيمية.
-ضركرة العمؿ عمى تكسيع النطاؽ المكضكعي لمتحكيـ ،ال العمؿ عمى التضييؽ
منو.
154
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
-ضركرة تدعيـ دكر القضاء في المشاركة اﻹيجابية في تسيير مسطرة التحكيـ مف
بالتنصيص صراحة عمى إمكانية أجؿ تجاكز الصعكبات التي تعترض سيرىا الطبيعي ،كذلؾ
قياـ القضاء بمساعدة الييئة التحكيمية في إجراءات التحقيؽ استغالال لسمطة الجبر التي يتمتع
بيا ،ككذا كضعو رىف إشارتيا لإلنابات القضائية التي تسير المحاكـ عمى تنفيذىا.
-التنصيص عمى أحكاـ متكاممة تسير عمى تنظيـ مسؤكلية الييئة التحكيمية ،مف
أجؿ تحصيف كحماية حقكؽ اﻷطراؼ كالغير في مكاجيتيا.
-تبني إجراءات قانكنية كاضحة في سمكؾ مسطرتي تجريح كاقالة المحكميف مف قبؿ
اﻷطراؼ ،لضماف عدـ تعرضيما ﻷية عراقيؿ.
-نيج سياسة ضريبية مشجعة تقضي بإعفاء التعكيضات المحككـ بيا في المقررات
التحكيمية ،مف أجؿ تحفيز اﻷشخاص عمى المجكء إلى خدمات الييئات التحكيمية.
كما نكصي في ىذه الخالصة بأف يقكـ القطاع الخاص بتشجيع جميع الفعاليات
االقتصادية عمى ارتياد الييئات التحكيمية التابعة لمراكز التحكيـ المنتشرة بالمغرب ،مف أجؿ
تفعيؿ مياميا المتجسدة في حؿ النزاعات ،مما سيخرجيا مف الرككد الذم تعيشو حاليا.
كنرل أف ىذا التشجيع يمكف أف يككف في صكرة تنظيـ الييئات المينية الكطنية
كاالتحاد العاـ لممقاكالت المغربية أياـ ا دراسية كندكات عممية تعقد عمى مستكل جميع جيات
المممكة بتنسيؽ مع غرؼ الصناعة كالتجارة كالخدمات المحمية ،كذلؾ ﻹبراز أىمية الفكائد
العممية ك العممية التي تظير عف احتكاـ المقاكالت إلى الييئات التحكيمية.
155
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
كما أف ىذا التشجيع قد يرد بطريقة غير مباشرة كاعتماد المراكز التحكيمية ﻷطر
حتى مينية ليا مف الكفاءة ما يكفي لسد حاجياتيا في قانكف التحكيـ ،كذلؾ تعزي از لمصداقيتيا
تجعؿ المقاكالت الكطنية ك اﻷجنبية تضع فييا ثقتيا الكاممة.
كارتباطا بالمكضكع فإف عممية النيكض بالييئات التحكيمية ال يرجع إلى ضركرة
ؾذلؾ ،التي كضع تعديالت تشريعية فقط ،كانما يتـ ذلؾ مف خالؿ االنفتاح عمى الجامعات
قصد يعكؿ عمييا في تخريج باحثيف مسمحيف بالمعارؼ العممية الالزمة في ميداف التحكيـ
بإشباع متطمبات مراكز التحكيـ في ىذا الـ يداف.
كفي نياية مقترحاتنا نرل أف التنظيـ القانكني الدقيؽ المسبؽ لمييئة التحكيمية سيجنبيا
عناء العديد مف المشكالت التي قد ال تظير إال بعد التنفيذ.
156
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
أحمد زوكاغي ،تنازع القكانيف في الزماف دراسة في القانكف الدكلي الخاص المغربي،
منشكرات جمعية التنمية البحكث كالدراسات القضائية ،ط .1993
أحمد زوكاغي ،أحكاـ التنازع بيف القكانيف في التشريع المغربي ،طبعة .2002
رجاء الناجي مكاوي ،الحؽ ماىيتو عناصره ،كحدكده ،مدخؿ العمكـ القانكنية ،الجزء الثاني،
شركة بابؿ لمطباعة كالنشر كالتكزيع ،طبعة .2001
زيد قدري الترجمان ،المكجز في القانكف المدني ،نظرية االلتزاـ ،الجزء اﻷكؿ ،مصادر
االلتزاـ ،شركة بابؿ لمطباعة كالنشر ،الرباط ،ط .1992
عبد اهلل حداد ،صفقات اﻷشغاؿ العمكمية كدكرىا في التنمية ،منشكرات عكاظ ،ط .2002
عبد الحق عقمة ،القانكف اﻹدارم ،الجزء الثاني ،اﻹدارة كسائميا ،دار القمـ ،الرباط ،طبعة
.2002
عبد الوىاب المريني ،دركس في القانكف القضائي الخاص المغربي ،القضاء المغربي،
مكتبة دار السالـ ،الرباط ،الطبعة اﻷكلى .2001
عز الدين عبد اهلل ،القانكف الدكلي الخاص ،الجزء الثاني ،الييئة المصرية العامة لمكتاب،
الطبعة التاسعة ،القاىرة .1986
عزيز الفتح ،تاريخ المؤسسات كالكقائع اﻹجتماعية في الحضارات القديمة (الحضارة العربية
اﻹسالمية – الحضارة المغربية) ،ط .2003-2002
مامون الكزبري ،شركح في قانكف المسطرة المدنية المغربي ،الجزء الثالث ،بدكف طبعة.
157
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
محمد جمال الدين زكي ،الكجيز في نظرية االلتزاـ ،الطبعة الثانية.1976 ،
-2المراجع المتخصصة
أبو زيد رضوان ،اﻷسس العامة لمتحكيـ التجارم الدكلي ،دار الفكر العربي ،بدكف طبعة.
أحمد أبو الوفا ،التحكيـ االختيارم كاﻹجبارم ،منشاة المعارؼ اﻹسكندرية ،الطبعة
الخامسة.2001 ،
أحمد سعيد المومني ،التحكيـ في التشريع اﻷردني كالمقارف ،مطبعة التكفيؽ بعماف ،الطبعة
اﻷكلى .1983
أحمد عبد الكريم سالمة ،التحكيـ التجارم الدكلي كالداخمي ،دار النيضة العربية ،الطبعة
.2004
أحمد شكري السباعي ،الكسيط في النظرية العامة في قانكف التجارة كالمقاكالت التجارية
كالمدنية ،دراسة معمقة في قانكف التجارة المغربي الجديد كالمقارف ،التحكيـ الكطني كالدكلي
كقانكف االكنستراؿ ،الجزء اﻷكؿ ،دار النشر الطبعة اﻷكلى .2001
إبراىيم كمال ،التحكيـ التجارم الدكلي ،دار الفكر العربي ،الطبعة األولى.1991 ،
جالل وفاء محمدين ،التحكيـ تحت مظمة المركز الدكلي لتسكية منازعات االستثمار ،دار
الجامعة الجديدة لمنشر ،طبعة .1995
حفيظة السيد حداد ،العقكد المبرمة بيف الدكؿ كاﻷشخاص اﻷجنبية ،دار النيضة العربية،
ط .1996
حسام عيسى ،دراسات في اآلليات القانكنية لمتبعية الدكلية :التحكيـ التجارم الدكلي ،ط
.1990
عادل محمد خير ،حصانة المحكميف مقارنة بحصانة القضاء في الفقو اﻹسالمي،
كالتشريعات المصرية كالقانكف المقارف ،دار النيضة العربية ،القاىرة ،الطبعة اﻷكلى ،مام
.1996
عبد الحميد األحدب ،مكسكعة التحكيـ ،التحكيـ في البالد العربية ،الجزء اﻷكؿ ،بدكف سنة.
158
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
عبد الحميد األحدب ،مكسكعة التحكيـ ،التحكيـ الدكلي ،الجزء الثاني ،دار المعارؼ ،بدكف
سنة.
سامية راشد ،التحكيـ في إطار المركز اﻹقميمي بالقاىرة ،منشأة المعارؼ ،طبعة .1981
مصطفى محمد الجمال وعكاشة محمد عبد العال ،التحكيـ في العالقات الخاصة الدكلية
كالداخمية ،الجزء اﻷكؿ ،ط .1998
منير عبد المجيد ،التنظيـ القانكني لمتحكيـ الدكلي كالداخمي ،منشأة المعارؼ اﻹسكندرية،
طبعة .1997
ميند أحمد المنصوري ،دكر المحكـ في خصكمة التحكيـ الدكلي الخاص ،دراسة مقارنة
ﻷحكاـ التحكيـ التجارم الدكلي في غالبية التشريعات العربية كاﻷجنبية كاالتفاقات كالمراكز
الدكلية ،دار الثقافة لمنشر كالتكزيع ،ط .2005
مختار أحمد بريري ،التحكيـ التجارم الدكلي,دراسة خاصة بالقانكف المصرم الجديد بشأف
التحكيـ في المكاد المدنية ك التجارية ,القاىرة ,دار النيضة العربية1995 ,
نصار جابر جاد نصار ،التحكيـ في العقكد اﻹدارية ،القاىرة ،دار النيضة العربية.1998 ،
نجيب أحمد عبد اهلل الحبيمي ،اختالؼ الفقياء المسمميف حكؿ جكاز تحكيـ الجاىؿ في
الشريعة ،بدكف طبعة.
ىدى محمد حمدي عبد الرحمان ،دكر المحكـ في خصكمة التحكيـ كحدكد سمطاتو ،دار
النيضة العربية ،القاىرة ،طبعة .1997
-3البحوث الجامعية
أ -أؽزٔحبد انذكتٕراِ :
محمد الوكيمي ،تحكيـ البنؾ الدكلي لتسكية نزاعات االستثمار الناشئة بيف دكلة كشخص
أجنبي خاص ،أطركحة لنيؿ الدكتكراه في القانكف الخاص ،كمية الحقكؽ بالرباط (أكداؿ).
159
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
محمد عبد اهلل محمد المؤيد ،منيج القكاعد المكضكعية في فض المنازعات الخاصة ذات
الطابع الدكلي -دراسة تأصيمية -رسالة لنيؿ درجة الدكتكراه في الحقكؽ ،جامعة القاىرة ،سنة
1998
ة -انزسبئم:
جعفر كريشان ،التحكيـ في العقكد اﻹدارية ،بحث لنيؿ الدبمكـ الجامعي العالي ،كمية
الحقكؽ السكيسي ،الرباط ،السنة الجامعية .2007-2006
رحال البوعناني ،التحكيـ االختيارم في القانكف المغربي الداخمي ،رسالة لنيؿ دبمكـ
،1987-1986كمية الحقكؽ الرباط الدراسات العميا في القانكف الخاص ،السنة الجامعية
(أكداؿ).
عبد اهلل درميش ،التحكيـ في المكاد التجارية ،رسالة لنيؿ دبمكـ الدراسات العميا في القانكف
الخاص ،كمية العمكـ القانكنية كاالقتصادية كاالجتماعية بالدار البيضاء ،السنة الجامعية
.1983-1982
-4المقاالت:
إدريس الضحاك ،عرض تقديمي لندكة التحكيـ التجارم الداخمي كالدكلي ،دفاتر المجمس
اﻷعمى ،مكضكع التحكيـ التجارم الداخمي كالدكلي ،العدد .2005/6
الحبيب سميم ،المؤسسات العمكمية كالتحكيـ ،مجمة القضاء كالتشريع ،مجمة تصدرىا ك ازرة
العدؿ بالجميكرية التكنسية ،عدد خاص بالتحكيـ ،بدكف طبعة.
بشرى العاصمي ،كرقة عف مركز التكفيؽ كالتحكيـ التجارم بمراكش ،مجمة المنتدل ،العدد
،2السنة .2000
توفيق الوزاني شيدي ،الكممة التي ألقاىا بمناسبة الندكة العممية كالمنظمة بفاس بيف كؿ
مف ك ازرة العدؿ ،كىيئة المحاميف بفاس ،كشعبة القانكف الخاص بكمية الحقكؽ بفاس ،تحت
مكضكع الطرؽ البديمة لتسكية المنازعات ج.ت.ـ.ؽ.ؽ ،العدد ،2004 ،2الطبعة اﻷكلى.
جان بول رازون ،التحكيـ في القانكف المغربي ،المجمة المغربية لمقانكف ،السمسمة الجديدة ،
العدد ،1سنة .1985
160
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
رياض فخري ،قكاعد التحكيـ قراءة في القانكف رقـ ،08-05الندكة الجيكية 11مف سمسمة
ندكات المجمس اﻷعمى المنظمة بمناسبة االحتفاؿ بالذكرل الخمسينية لتأسيسو ،الناشر جمعية
التكافؿ االجتماعي لقضاة كمكظفي المجمس اﻷعمى ،نكنبر .2007
شمس الدين عبداتي ،التحكيـ المؤسسي بالمغرب ،مقاؿ منشكر في مجمة خمسكف سنة
مف العمؿ القضائي ،الصمح كالتحكيـ كالكسائؿ البديمة لحؿ النزاعات مف خالؿ اجتيادات
المجمس اﻷعمى ،سنة .2007
عبد الحفيظ األمراني ،التحكيـ في الشريعة اﻹسالمية ،مقاؿ منشكر بمجمة القصر ،العدد
الثالث شتنبر .2002
عبد الرحمان بن سالمة ،التحكيـ في الشريعة اﻹسالمية كالقانكف الكضعي ،مقاؿ منشكر
في مجمة الممحؽ القضائي ،عدد ،33سنة ،1998
عبد اهلل درميش ،التحيكـ الدكلي في المكاد التجارية ،مجمة القضاء كالقانكف ،السنة
الخامسة كالعشركف ،العدد ،137السنة .1987
عبد اهلل درميش ،اىتماـ المغرب بالتحكيـ إلى أم حد؟ منشكر بمجمة المحاكـ المغربية،
عدد .73
عبد المجيد غميجة ،قراءة في مشركع مدكنة التحكيـ ،مقاؿ منشكر في أشغاؿ الندكة
العممية المنظمة بفاس ،منشكرات جمعية نشر المعمكمة القانكنية كالقضائية ،سمسمة الندكات
كاﻷياـ الدراسية ،العدد ،2004-2الطبعة اﻷكلى.
عز الدين كتاني ،التحكيـ التجارم كالكاقع المغربي ،مقاؿ منشكر في سمسمة دفاتر المجمس
اﻷعمى ،مكضكع التحكيـ التجارم الداخمي كالدكلي ،العدد .2005/6
عز الدين بنكيران ،الكممة التي ألقاىا بمناسبة افتتاح أشغاؿ الندكة العممية التي نظمتيا
ك ازرة العدؿ بتعاكف مع شعبة القانكف الخاص بكمية الحقكؽ بفاس ،كىيئة المحاميف بفاس ،تحت
مكضكع الطرؽ البديمة لتسكية المنازعات:ج-ت-ؽ-ؽ ،العدد ،2004-2الطبعة اﻷكلى.
161
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
محمد أخياط ،التحكيـ البحرم (غرفة التحكيـ البحرم بالمغرب) ،مجمة القصر ،العدد
اﻷكؿ ،يناير .2002
محمد اإلدريسي العممي ،استقالؿ القضاء كفصؿ السمط ،مجمة القانكف كاالقتصاد ،العدد
.1990 ،6
محمد األعرج ،مقاؿ تحت عنكاف ،مشركعية التحكيـ في المنازعات اﻹدارية ،المجمة
المغربية لإلدارة المحمية كالتنمية عدد ،54-55يناير-أبريؿ .2004
محمد أبو العينين ،قابمية المنازعات لمتحكيـ ،مقاؿ منشكر في أعماؿ لندكة التحكيـ
3ك 4مارس ،2004العدد التجارم كالداخمي كالدكلي ،سمسمة دفاتر المجمس اﻷعمى ،اﻷياـ
.6/2005
كاقع التحكيـ التجارم الدكلي كاَفاؽ اﻹستثمار ,قضايا اﻹستثمار كالتحكيـ ، محمد ثكمنت
مف خالؿ اجتيادات المجمس اﻷعمى ,خمسكف سنة مف العمؿ القضائي ,الندكة الجيكية الرابعة
18ك 19أبريؿ. ,2007
تعميؽ عمى قانكف المسطرة المدنية المغربية في ضكء الفقو كالقضاء مف قبؿ مجمكعة مف
،1983 ،1الدار رجاؿ الفقو كالقضاء المغاربة (بدكف ذكر أسماؤىـ) ،الجزء الثاني ،طبعة
العربية لممكسكعات ،القاىرة.
المجمة العربية لمفقو كالقضاء تصدرىا اﻷمانة العامة لمجمس كزراء العدؿ العرب ،العدد
اﻷكؿ ،أبريؿ ،1984ككذا العدد السادس ،أكتكبر.1987
162
08-05 دراسة تحليلة في ضوء قانون:وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي
163
وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي :دراسة تحليلة في ضوء قانون 08-05
مالحق
اﻷول :المشركع اﻷكلي لقانكف رقـ 08.05المكدع لدل اﻷمانة العامة لمحككمة الملحق
الذم يقضي بنسخ كتعكيض الباب الثامف بالقسـ الخامس مف قانكف المسطرة المدنية ،ص
.167
08.05يقضي ينسخ كتعكيض الباب الثامف الثاني :مشركع قانكف رقـ المحلق
5 بالقسـ الخامس مف قانكف المسطرة المدنية كما كافؽ عميو مجمس المستشاريف بتاريخ
جمادل اﻷكلى 1428المكافؽ لػ 22مام ،2007ص .178
الثالث :قانكف رقـ 08.05بقضي بنسخ كتعكيض الباب الثامف بالقسـ الخامس الملحق
مف قانكف المسطرة المدنية كما كافؽ عميو مجمس النكاب المنشكر بالجريدة الرسمية عدد 5584
بتاريخ 25ذك القعدة 1428المكافؽ لػ 6ديسمبر ،2007ص.192
الرابع :نمكذج عممي لمسطرة تحكيـ أماـ ىيئة تحكيمية (محكـ فرد) منذ الملحق
مرحمة اتفاؽ التحكيـ ،إلى مرحمة طمب منح الصيغة التنفيذية لممقرر التحكيمي الصادر
بصددىا (مع التزامنا بعدـ ذكر اﻷسماء) ،ص .204
164