You are on page 1of 164

‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫شعبت القبًىى الخبص‬ ‫جبهعت هحوذ الخبهس ‪-‬السىيسي‪-‬‬


‫وحذة التكىيي والبحث‬ ‫كليت العلىم القبًىًيت‬
‫أًظوت التحكين‬ ‫واالقتصبديت واالجتوبعيت سال‬

‫رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة ف الققااوو اللاا ف‬


‫موضوع‪:‬‬

‫وضعيت الهيئت التحكيويت في التشريع‬


‫الوغربي‬
‫‪ -‬دارست تحليليت في ضىء قبًىى ‪- 08-05‬‬

‫تحت إشراف األستبر ‪:‬‬


‫د‪.‬عزيز الفتح‬ ‫إعذاد الطبلب ‪:‬‬
‫ًبصر بلعيذ‬

‫لجٌت الوٌبقشت‬

‫ررييا ممش قا‬ ‫الددكور عزع اللكت ‪ :‬أسكاذ الكعليم العالف بكلية الحقوق– سس‬
‫ضوا‬ ‫الددكور محمد كمنن ‪ :‬أسكاذ الكعليم العالف بكلية الحقوق– سس‬
‫ضوا‬ ‫الددكور سميش أ خليلقا ‪ :‬أسكاذ الكعليم العالف بكلية الحقوق– سس‬

‫انسُخ انجبيؼ‪ٛ‬خ‪2008-2007 :‬‬


‫‪1‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫يمذيخ‪:‬‬
‫(‪ ،)1‬لـ‬ ‫إف التنظيـ الدقيؽ الذم يطبع المؤسسة القضائية كانفتاحيا في كجو الجميع‬
‫يشفع في بعض اﻷحياف مف اﻹستجابة لمتطمبات المتقاضيف بالشكؿ اﻷمثؿ‪ ،‬بفعؿ اﻹجراءات‬
‫المتبعة كما يترتب عنيا مف طكؿ في مسطرة التقاضي (‪ ،)2‬كلما كاف الحاؿ كذلؾ فإف اﻷمر‬
‫اقتضى اﻹعتراؼ لممتقاضيف بالحؽ في حؿ نزاعاتيـ عف طريؽ كسائؿ بديمة أخرل يأتي‬
‫التحكيـ عمى رأسيا‪.‬‬

‫كيمكف تعريؼ التحكيـ بأنو " تسكية شخص أك أكثر نزاعا عيد بو إليو لمفصؿ فيو‬
‫باتفاؽ مشترؾ"‪ ،‬أك أنو" اتفاؽ أطراؼ عالقة قانكنية معينة عقدية أك غير عقدية ‪,‬عمى أف يتـ‬
‫الفصؿ في المنازعة التي ثارت بينيـ عف طريؽ أشخاص يتـ اختيارىـ كمحكميف" (‪.)3‬‬

‫أما عف نشأتو التاريخية‪ ,‬فميس ىناؾ مف شؾ في ككف التحكيـ كآلية لتسكية الخالفات‬
‫بيف اﻷفراد‪ ،‬يضرب بجذكره في عمؽ تاريخ البشرية‪ ،‬لو ذا فقد كصفو بعض الفقياء بأنو أصؿ‬
‫(‪)4‬‬
‫لمقضاء نفسو‪.‬‬

‫‪ - 1‬كىذا ما يفسر شمكؿ الدكلة المعاصرة لمقضاء بجؿ إىتماميا‪ ،‬كاضعة بذلؾ القكاعد المنظمة لو‪ ،‬كلكظائفو مف أجؿ إعطاء‬
‫اﻷفراد دكف التمييز بينيـ حؽ اﻹلتجاء إليو طمبا لحمايتو‪.‬‬
‫عبد الرحمان بن سالمة ‪ ،‬التحكيـ في الشريعة اﻹسالمية كالقانكف الكضعي‪ ،‬مقاؿ منشكر في مجمة الممحؽ القضائي‪ ،‬عدد ‪،33‬‬
‫سنة ‪ ،1998‬ص‪.15‬‬
‫‪ -2‬كيمكف في ىذا السياؽ تسجيؿ بعض الدكافع الجكىرية التي ساىمت في العزكؼ عف طرؽ أبكاب القضاء‪ ،‬في حيف دعمت‬
‫فكرة اﻹلتجاء إلى التحكيـ‪ ،‬ك ىي كالتالي‪:‬‬
‫‪ )1‬تعقد مسطرة التقاضي‪ ،‬ك تعدد درجاتو الشيء الذم انعكس عمى المتقاضيف بالحرماف مف التمتع بالحؽ لمدة زمنية طكيمة‪.‬‬
‫‪ )2‬التأخر في تسكية المنازعات التي تعرض عمى القضاء ﻹزدياد عدد القضايا نتيجة زيادة عدد السكاف كتضخـ معدؿ‬
‫المعامالت بيف اﻷشخاص‪ ،‬ىذه الزيادة التي لـ يقابميا عمميا زيادة مكازية في عدد المحاكـ كالقضاة‪.‬‬
‫‪ )3‬محدكدية ميزتي الخبرة كالكفاءة لدل بعض القضاة التي يفترض أف تساعدىـ في تقديـ حمكؿ عادلة لممنازعات التي تبمغ‬
‫درجة معينة مف التعقيد‪ ،‬خاصة تمؾ المرتبطة بالتجارة الدكلية بفعؿ الطابع التقني الذم يغمب عمييا نتيجة لمكجة الثكرة‬
‫التكنكلكجية التي يشيدىا عالـ اليكـ‪.‬‬
‫‪- 3‬راجع د‪.‬مختار أحمد بريري‪,‬التحكيـ التجارم الدكلي‪,‬دراسة خاصة بالقانكف المصرم الجديد بشأف التحكيـ في المكاد المدنية ك‬
‫التجارية ‪,‬القاىرة ‪,‬دار النيضة العربية‪ ,1995 ,‬ص ‪. 5‬‬
‫‪- 4‬راجع د‪.‬أحمد عبد الكريم سـالمة‪ ،‬التحكيـ التجارم الدكلي كالداخمي‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬ط ‪ ،2004‬ص‪.9‬‬

‫‪2‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫كما دفع ىذا التحكيـ ليحضى بمكانة متميزة لدل الحضارات العريقة التي تعاقبت عمى‬
‫العالـ القديـ ىك شمكلو لعدة خصكصيات إيجابية جعمتو يتبكأ مقدمة سبؿ فض نزاعات‬
‫اﻷفراد(‪ .)1‬ك يقكؿ أرسطك في ىذا السياؽ قكلتو الشييرة "بأن أطراف النزاع يستطيعون تفضيل‬
‫التحكيم عن القضاء‪ ،‬ذلك ألن المحكم يرى العدالة‪ ،‬بينما ال يعتد القاضي إال بالتشريع " كمف‬
‫ىنا نرل أف التحكيـ كاف محطة اىتماـ منذ القدـ لدل كبار الفالسفة (‪.)2‬‬

‫كبالرغـ مف أف التحكيـ قد بدأ بسيطا بساطة المجتمعات البدائية‪ ،‬فإنو تطكر كبالتالي‬
‫ظيرت لو صك ار متنكعة ازدادت تعقيدا بتعقد المجتمعات المعاصرة‪.‬‬

‫كجدير بالذكر أف أىمية التحكيـ سكاء عمى المستكل الداخمي أك الدكلي ال تكمف فقط‬
‫في تبسيطو ﻹجراءات الفصؿ في النزاع المعركض عميو‪ ،‬كانما أيضا في التحرر مف الشكميات‬
‫المعقدة‪ ،‬فبإعمالو يمكف اﻷطراؼ مف تفادم اختالؼ اﻹجراءات كالقكاعد التي تختمؼ مف دكلة‬
‫إلى أخرل‪ ،‬إذ بغيابو قد يؤدم اﻷمر في بعض اﻷحكاؿ إلى إىدار حقكقيـ‪ ،‬كما أنو مف شأف‬
‫المجكء إلى التحكيـ تحقيؽ التكازف بيف اعتبارات احتراـ سمطاف اﻹرادة كضركريات الخضكع‬
‫لمتنظيـ القانكني في مجتمع معيف‪.‬ىذا فضال مف أنو يقكـ عمى عنصرم السرعة كالتخصص‪،‬‬
‫فالسرعة تتحقؽ مف خالؿ اﻹستعانة بإجراءات تتسـ بالسيكلة كاليسر‪ ،‬أما التخصص فإنو‬
‫يتجمى مف خالؿ اعتماد المحكميف أىؿ الخبرة كالمعرفة في مكضكع النزاع المعركض عمييـ (‪.)3‬‬

‫‪ - 1‬كيقكؿ بعض الفقياء في ىذا الباب ما يمي‪... " :‬كلقد أقترف ازدىار التحكيـ كاتساع آفاقو بظكاىر أخرل ليا دكر كاضح في‬
‫ىذا اﻹزدىار كاﻹتساع ‪.‬ظكاىر بعضيا يعكد بنا إلى صكرة المجتمعات القديمة التي كاف التحكيـ فييا ىك الكسيمة الكحيدة أك‬
‫الغالبة ﻹحقاؽ الحؽ كتجنب اﻹلتجاء إلى القكة‪ ،‬كبعضيا اﻷخر ينقمنا إلى ما كصمت إليو البشرية مف تقدـ ‪." ....‬‬
‫د‪.‬مصطفى محمد الجمال ود‪.‬عكاشة محمد عبد العال ‪,‬التحكيـ في العالقات الخاصة الدكلية كالداخمية‪ ،‬الجزء اﻷكؿ‪ ،‬ط ‪،1998‬‬
‫ص‪.5‬‬
‫‪ -2‬راجع أبو زيد رضوان‪ ،‬اﻷسس العامة في التحكيـ التجارم الدكلي‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬طبعة‪ ،1981‬ص‪.4‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Voir citation à cette question par Caprasse: ” ....Certains travaux récent en témoignent,‬‬
‫‪l’intérêt potentiel du recours à L’arbitrage dans les litiges issus de la vie des sociétés est de plus‬‬
‫‪en plus souvent souligné, justice confidentielle, au climat particulier, confiée a des spécialistes,‬‬
‫‪souvent plus rapide que la justice étatique, L'arbitrage pourrait rendre de nombreux services aux‬‬
‫‪parties impliquées dans de tels litiges”.‬‬
‫‪Olivier Caprasse, Les sociétés et L'arbitrage, Edition DELTA, 2002, p 1 et s.‬‬

‫‪3‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫ككعيا منو ﻷىمية التحكيـ فقد قاـ المشرع المغربي باﻹىتماـ بو ككاف ذلؾ منذ بدايات‬
‫القرف الماضي‪ ،‬إيمانا منو في مساىمتو الفعالة في فض نزاعات اﻷفراد ‪,‬ﻹعتباره كاف راسخا في‬
‫ثقافة سكاف أغمب القبائؿ المغربية التي كانت تعيش تحت تنظيـ اﻷعراؼ كالعادات (‪.)1‬‬

‫إعماؿ مسطرة التحكيـ في مختمؼ‬ ‫كيمكف ترجمة ىذا اﻹىتماـ التشريعي مف خالؿ‬
‫المجاالت (‪ ،)2‬ككذا مف خالؿ التعديالت التي عرفتيا بعض النصكص المتعمقة بو مف أجؿ‬
‫مسايرتيا ؿلتطكرات التي طالت مختمؼ المياديف اﻹقتصادية‪ ،‬إذ يأتي في مقدمة ىذه التعديالت‬
‫اؿقانكف رقـ ‪ 08-05‬الجديد‪.‬‬

‫أوال‪:‬التعريف بالموضوع‪:‬‬
‫تعد الجية التي يتـ المجكء إلييا لتسكية النزاع عف طريؽ التحكيـ ىي الييئة التحكمية‪،‬‬
‫ال يتصكر قيامو بدكنيا‪ ،‬ذ اؾ أف طبيعتيا تختمؼ مف‬ ‫فيي الركف الجكىرم في التحكيـ إذ‬
‫تعمؽ اﻷمر‬ ‫خاصة إلى مؤسساتية‪ ،‬كما أف تركيبتيا تتككف دائما مف أشخاص طبيعييف سكاء‬
‫ف اختيار ىذه الييئة أنو يتـ مبدئيا مف قبؿ‬ ‫بمحكـ فرد أك أكثر‪.‬كما يمكف مالحظتو ع‬
‫اﻷطراؼ(‪ ،)3‬إما بصفة كجكبية إذا تعمؽ اﻷمر بعقد التحكيـ‪ ،‬كاما بشكؿ جكازم إذا تعمؽ اﻷمر‬

‫‪ - 1‬راجع د‪.‬عزيز الفتح‪ ،‬تاريخ المؤسسات كالكقائع اﻹجتماعية في الحضارات القديمة ( الحضارة العربية اﻹسالمية – الحضارة‬
‫المغربية)‪ ،‬ط ‪ ،2003-2002‬ص‪. 179‬‬
‫‪ - 2‬كيظير اﻹىتماـ التشريعي بالتحكيـ مف خالؿ تناكؿ العديد مف القكانيف لو‪ ،‬كىكذا فقد أشار إليو قانكف اﻹلتزامات كالعقكد‬
‫في الفصؿ ‪ 894‬بمناسبة التطرؽ لصالحيات ك إلتزامات الككيؿ‪.‬‬
‫كما تطرؽ إليو ظيير اﻹستثمار الصادر بتاريخ ‪ ،1958-7-21‬كالذم نص في الفصؿ ‪ 39‬منو عمى إمكانية المجكء إلى‬
‫‪1995-11-8‬‬ ‫التحكيـ بخصكص النزاعات المتعمقة باﻹستثمار‪ ،‬ك نفس المكقؼ نص عميو لما عدؿ ىذا الظيير بتاريخ‬
‫(ميثاؽ اﻹستثمار)‪ ،‬إذ نص في المادة ‪ 17‬منو عمى إقرار أحقية المجكء إلى التحكيـ في كؿ الخالفات الناشئة بيف الدكلة‬
‫المغربية كالمستثمريف اﻷجانب‪.‬‬
‫كنشير إلى أف ظيائر أخرل قد اعتنت بالتحكيـ‪ ،‬كمنيا ظيير ‪ 1942-4-18‬المتعمؽ بنظاـ المتعاطيف لمينة الصحافة‬
‫بالمغرب‪ ،‬حيث جاء في الفصميف السادس كالسابع منو عمى أف اختصاص البت في النزاعات المتعمقة بفسخ عقد العمؿ في‬
‫الصحافة ك التعكيض عنو يرجع إلى ىيئات أك لجاف تحكيمية‪ .‬كىناؾ أيضا ظيير ‪ 1946-11-16‬الممغى كالمتعمؽ بممكية‬
‫الطبقات المشتركة‪ ،‬إذ أجاز الفصؿ الثامف منو حؿ الخالفات الناشئة بيف المالؾ عف طريؽ التحكيـ‪ .‬كىناؾ أيضا ظيير ‪-29‬‬
‫‪ 1970-12‬المتعمؽ باختصاص رجاؿ السمؾ الدبمكماسي كالقنا صؿة بالخارج‪ ،‬كالذم ينص الفصؿ ‪ 32‬منو عمى أنو إذا كاف‬
‫اﻷطراؼ متفقيف كمف جنسية مغربية‪ ،‬فإنيـ يستطيعكف مباشرة أم تحكيـ يدخؿ في اختصاصيـ‪ ،‬كما نص القانكف رقـ ‪70-03‬‬
‫المتعمؽ بمدكنة اﻷسرة عمى التحكيـ ك كاف ذلؾ في المكاد (‪.)82,94,95,96,97‬‬
‫‪ - 3‬فجميع التشريعات المقارنة تتفؽ عمى تخكيؿ الخصكـ الصالحية الكاممة في تعييف ىيئة التحكيـ‪ ،‬عمى اعتبار أنيـ الجية‬
‫الكحيدة التي يمكنيا كضع الثقة في ىذه الييئة لخبرتيا ك استقالليتيا‪ ،‬كمف تـ إعطائيا لمنزاع حال قانكنيا كعادال في نفس‬
‫الكقت‪.‬فقكاـ ىذه الثقة تتمثؿ في الشرؼ كاﻷمانة كالنزاىة كاليقظة‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫(‪)1‬‬
‫إذا تعذر اﻹتفاؽ عمى تعيينيا في حالة رفض أحد الخصكـ‬ ‫بمجرد شرط التحكيـ‪ ،‬أك قضائي‬
‫( ‪ .)2‬فتعييف الييئة التحكيمية ال يكفي كحده‬ ‫تعييف المحكـ أك المحكميف اﻷعضاء مف جيتو‬
‫ﻷداء مياميا المتمثؿة في تسكية النزاع‪ ،‬كانما يجب لذلؾ قبكليا مبدئيا بيذه المياـ‪.‬‬

‫كلإلشارة فإف جميع التشريعات التي تمكنا مف مراجعتيا لـ نعثر فييا عمى أم تعريؼ‬
‫لمييئة التحكيمية‪ ،‬بؿ تكتفي بتنظـ كيفية تعييف ىذه اﻷخيرة ‪ ،‬كىذا ما لجأ إليو المشرع المغربي‬
‫‪ 327-2‬منو عمى ما يمي ‪":‬تتشكؿ الييئة‬ ‫أيضا في قانكف ‪ ،08-05‬إذ نص في الفصؿ‬
‫التحكيمية مف محكـ كاحد أك عدة محكميف‪ ،‬تككف لألطراؼ حرية تحديد إجراءات تعيينيـ‬
‫كعددىـ إما في اﻹتفاؽ التحكيمي‪ ،‬كاما باﻹستناد إلى نظاـ التحكيـ المكضكع لدل المؤسسة‬
‫التحكيمية المختارة"(‪.)3‬‬

‫اعتبارىا" تمك الجية المعينة‬ ‫كنظ ار لغياب تعريؼ قانكني ك فقيي ليذه الييئة فيمكف‬
‫إما من طرف الخصوم‪ ،‬أو القضاء في حالة تعذر ذلك‪ ،‬من أجل النظر في نزاع معين وفق‬
‫اتفاق األطراف وداخل مدة زمنية معينة” (‪.)4‬‬

‫كبخصكص صالحياتيا‪ ،‬فإنيا تتمتع بسمطات كاسعة تيدؼ في مجمميا الدفع قدما‬
‫بمسطرة التحكيـ‪ ،‬عف طريؽ إمدادىا بالقكة القانكنية الالزمة لفرض إرادتيا في بعض اﻷحياف‬
‫عمى أطراؼ التحكيـ ‪ ،‬ككذا بإعطائيا المركنة الضركرية لتمكينيا مف إدارة ىذه المسطرة في‬
‫جك تسكده الفعالية كالسرعة‪.‬‬

‫كفي مقابؿ ىذه السمطات‪ ،‬فإنيا تخضع إلى مجمكعة مف اﻹلتزامات التي فجد أساس‬
‫أغمبيا في القكانيف المنظمة لمتحكيـ‪ ,‬كعدـ تنحييا إال في حالة تحقؽ أسباب جدية تبرر ذلؾ‪،‬‬
‫كالتزاميا باﻹفصاح عف كجكد عالقات سابقة ليا مع أحد اﻷطراؼ‪ ،‬كالتزاميا بالحياد التاـ‪،‬‬

‫‪ -‬فعدـ إتفاؽ اﻷطراؼ عمى تعييف الييئة التحكيمية ال يعتبر مانعا مف إتماـ إجراءات التحكيـ‪ ،‬كانما يتـ الحقا إحالؿ‬ ‫‪1‬‬

‫المحكمة المختصة محميما في ىذا التعييف‪.‬‬


‫‪ 08-05‬لمكساطة كالتحكيـ‪ ،‬مقاؿ منشكر بمجمة القانكف‬ ‫‪-‬راجع د‪.‬عزيز الفتح ‪ ،‬الييئة التحكيمية في ظؿ مشركع قانكف‬ ‫‪2‬‬

‫المغربي‪ ،‬العدد‪ ,)2008(12‬مطبعة دار السالـ‪.‬ص‪.157‬‬


‫‪ - 3‬أنظر قانكف ‪ 08-05‬القاضي بنسخ كتعكيض الباب الثامف بالقسـ الخامس مف قانكف المسطرة المدنية‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪5584‬‬
‫المنشكرة بتاريخ ‪ 6‬دجنبر المكافؽ لػ‪ 25‬ذك القعدة ‪ ،1428‬ص‪.3897‬‬
‫‪ - 4‬تعريؼ تقريبي فقط‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫كالتزاميا بعدـ إفشاء أسرار اﻷطراؼ‪ ،‬كالتزاميا بالحفاظ عمى المستندات المسممة إلييا‪ ،‬إلى غير‬
‫ذلؾ مف اﻹلتزامات الممقاة عمى عاتقيا(‪.)1‬‬

‫ثانيا‪ :‬أىمية الموضوع‪:‬‬


‫يكتسي مكضكع كضعية الييئة التحكيمية أىمية كبرل في قكانيف التحكيـ المقارنة‪ ،‬إذ‬
‫يظير ذلؾ جميا مف خالؿ التنظيـ الدقيؽ ك المعقمف الذم أح يطت بو مف طرؼ المشرع‪ ،‬إدراكا‬
‫منو لدكرىا الريادم في تسكية خالفات اﻷطراؼ المعركضة عمى أنظارىا‪.‬‬

‫ت بمؤىالت‬ ‫لذا فإف الييئة التحكيمية تعد بمثابة النكاة في عممية التحكيـ‪ ,‬فكمما تميز‬
‫صائبة في أداء‬ ‫أف تؤثر عمى عالقات اﻷطراؼ‪ ،‬كمما كانت‬ ‫مينية تحسـ بيا النزاع دكف‬
‫مياميا‪.‬بحيث إف إلتزاميا الرئيسي ال ينحصر في حؿ الخالفات فقط كالقضاء‪ ،‬كلكنو يتجاكز‬
‫ىذا الحد ؿيضمف المحافظة عمى الركابط اﻹقتصادية التي تجمع الخصكـ ؾذلؾ‪ .‬بؿ كأبعد مف‬
‫إحكاـ تنظيـ ىا أف تمعب اﻷدكار الطالئعية‬ ‫ذلؾ‪ ،‬يمكف القكؿ بأف ىذه الييئة يمكنيا في حالة‬
‫في تشجيع جمب اﻹستثمارات اﻷجنبية منيا عمى الخصكص‪.‬كىذا ما ينطبؽ فعال عمى الييئات‬
‫التحكيمية التي تتخذ مق ار ليا كؿ مف دكؿ أكربا الغربية كأمريكا الشمالية‪ ،‬إذ أنيا تفصؿ سنكيا‬
‫في ا الالؼ مف القضايا اﻹستثمارية بفعؿ تنظيميا الدقيؽ كخبرتيا العريضة‪ ،‬إضافة إلى تكفرىا‬
‫عمى المحكميف المؤىميف ذكم السمعة اؿ جيدة‪ ،‬ىذا ما يحفز المتنازعيف عمى عرض نزاعاتيـ‬
‫عمى مثؿ ىذه الييئات(‪.)2‬‬

‫كبعد أف عمؿ المغرب عمى تكفير المناخ المالئـ لالستثمار (‪ ،)3‬كترسيخ دعائـ اﻷمف‬
‫القانكني في ميداف اﻷعماؿ‪ ،‬خاصة بعد بركز فكرة عكلمة اﻹقتصاد‪ ،‬كاتساع رقعة العالقات‬

‫‪ -1‬راجع د‪.‬ىدى محمد مجدي عبد الرحمان‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص‪.150‬‬


‫‪ -2‬كمثالنا الييئات التحكيمية التابعة لغرفة التجارة الدكلية بباريس‪ ،‬كالييئات التحكيمية التابعة لجمعية التحكيـ اﻷمريكية‪.‬‬

‫‪- 3‬كيقكؿ اﻷستاذ د‪.‬محمد تكمنت في ىذا الباب "فكؿ دكؿ العالـ المتقدمة كالنامية بما فييا المغرب تتسابؽ عمى تقديـ الحكافز‬
‫كالمزايا كالتسييالت كاﻹعفاءات الضريبية كالجمركية مف جية ‪ ،‬كتثبيتيا لقكانيف كلكائح تتضمف قكانيف اﻹستثمار كالمعاىدات‬
‫المناخ المالئـ لتشجيع المستثمريف اﻷجانب عمى ىذا اﻹستثمار بيذه‬ ‫الثنائية مف جية أخرل ‪ ،‬كذلؾ مف أجؿ تكفير‬
‫الدكؿ"‪.‬محمد تكمنت‪ ،‬كاقع التحكيـ التجارم الدكلي كافاؽ اﻹستثمار‪ ,‬قضايا اﻹستثمار كالتحكيـ مف خالؿ اجتيادات المجمس‬
‫اﻷعمى‪ ،‬خمسكف سنة مف العمؿ القضائي ‪,‬الندكة الجيكية الرابعة ‪18‬ك‪ 19‬أبريؿ‪ ،2007‬ص‪. 114‬‬

‫‪6‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫الدكلية الخاصة‪ ،‬كتشجيع المقاكال ت كتأىيميا حتى تستطيع خكض غمار المنافسة‪ ،‬السيما مع‬
‫طرح آفاؽ إتفاقية الشراكة مع اﻹتحاد اﻷكربي‪ ،‬كاتفاقية التبادؿ الحر مع الكاليات المتحدة‬
‫اﻷمريكية‪ ،‬فكاف البد عمى المشرع مف أف يتخذ عدة إجراءات تيدؼ إلى إيجاد ىيئات تحكيمية‬
‫رفيعة المستكل‪ ،‬قادرة عمى البت في النزاعات المرتبطة باﻷعماؿ‪ ،‬مع ما يتطمبو ذلؾ مف تكفير‬
‫إطار قانكني ليا يكاكب اﻹىتماـ المتزايد الذم يكليو جميع الميتميف ليا‪ ,‬كالذم يتجمى بصكرة‬
‫فعمية في إنتشار مراكز التحكيـ في بعض اﻷقطاب اﻹقتصادية المغربية الكبرل‪ .‬كىذا ما جسده‬
‫فعال المشرع مف خالؿ فصكؿ القانكف الجديد الحامؿ لرقـ ‪.08-05‬‬

‫أىمية دقة تنظيميا‪ ،‬سيمكف مف‬ ‫لذلؾ‪ ،‬فإف التحسيس بأىمية الييئة التحكيمية كمدل‬
‫تشجيع المتدخميف اﻹقتصادييف عمى طرؽ أبكابيا لتسكية نزاعاتيـ بدؿ المجكء إلى القضاء الذم‬
‫يتسـ في أغمب اﻷحياف ببطء إجراءاتو كتعقدىا‪.‬‬

‫كما جعمنا نبحث في مكضكع الييئة التحكيمية ىك حداثتو في الساحة القانكنية‬


‫إرادة المساىمة في التنقيب عف‬ ‫المغربية‪ ،‬كقمة البحكث الجامعية التي تناكلتو‪ ،‬ىذا فضال عف‬
‫اﻹشكاليات القانكنية التي يمكنيا عرقمة عمؿ ىذه الييئة‪ ،‬كذلؾ مف أجؿ البحث عف حمكؿ‬
‫مالئمة لتجاكزىا حتى تؤدم مياميا في أحسف الظركؼ‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬نطاق الموضوع‪:‬‬

‫يعد مكضكع كضعية الييئة التحكيمية مف أكثر المكاضيع دقة في قكانيف التحكيـ‪،‬‬
‫دكف‬ ‫ﻹرتباطو المصيؽ بجميع الفصكؿ القانكنية المنظمة لمتحكيـ‪ ،‬فال يمكف تجاكز فصؿ‬
‫أك غير مباشر (‪ .)2‬لذا فإنو سيتعذر‬ ‫(‪)1‬‬
‫اﻹشارة إلى الييئة التحكيمية‪ ،‬كذلؾ إما بشكؿ مباشر‬
‫عمى ىذه الدراسة المتكاضعة أف تحيط بجميع الجكانب القانكنية المتعمقة بالييئة التحكيمية‪ ،‬نظ ار‬
‫لشساعة مجاالتيا كما أسمفنا الذكر‪.‬‬

‫‪- 1‬كالفصكؿ التي تتطرؽ مباشرة إلى كيفية تشكيؿ الييئة التحكيمية‪ ،‬كانياء مياميا سكاء مف قبؿ اﻷطراؼ أك القضاء‪.‬‬
‫‪ - 2‬كالفصكؿ التي تمنح اﻷطراؼ الحرية التامة في إختيار القانكف الكاجب التطبيؽ عمى النزاع‪ ،‬إذ أف الييئة التحكيمية ىي التي‬
‫تسير عمى تنفيذ ىذا القانكف المختار بالرغـ مف عدـ ذكرىا‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫فمكضكع ىذه الدراسة سكؼ لف يشمؿ جميع اﻹجراءات كالصالحيات التي تتمتع بيا‬
‫ىيئة التحكيـ منذ بداية العممية التحكيمية إلى نيايتيا‪ ،‬كانما سيقتصر نطاقو عمى تمؾ التي‬
‫نجدىا تستحؽ الدراسة بشكؿ معمؽ عمى أساس أنيا لـ تكف مكضكع دراسة قانكنية مف قبؿ‪.‬‬

‫كحتى تككف دراستنا أكثر تركي از كفائدة‪ ،‬فإننا سنقصي منيا بعض المكاضيع التي تـ‬
‫إستيالكيا في بحكث سابقة‪ ،‬السيما ما يتعمؽ منيا بكيفية تعييف ىذه الييئة سكاء مف قبؿ‬
‫اﻷطراؼ‪ ،‬أك القضاء‪ ،‬كمكضكع مدل قابمية تعييف القضاة كمحكميف ضمنيا‪ .‬ككذا كؿ ما‬
‫اتخاذ اﻹجراءات الكقتية‬ ‫يتعمؽ بإفتتاح إجراءات التحكيـ أماميا‪ ،‬لنصؿ أخي ار لصالحياتيا في‬
‫كالتحفظية‪ ،‬كاﻷتعاب التي تتقضاىا ىذه الييئة‪.‬‬

‫كبالمقابؿ‪ ،‬فإننا سنركز في دراستنا عمى كؿ ما لو صمة كطيدة بالييئة التحكيمية سكاء‬
‫كاف ذلؾ في إطار التحكيم الداخمي أو الدولي ‪ ،‬خاصة ما يتعمؽ بالشركط الكاجب تكفرىا في‬
‫أعضاءىا‪ ،‬ككذا مدل تنظيـ المشرع ليذ ق الييئة في إطار التحكيـ المؤسساتي‪ ،‬لتشمؿ دراستنا‬
‫أيضا مدل مالئمة اختصاصاتيا أثناء مباشرتيا لمسطرة التحكيـ‪ .‬ك نطاؽ المكاضيع التي تقبؿ‬
‫اﻹحالة عمى أنظارىا‪....‬‬

‫كجدير بالذكر أف اختيار مثؿ ىذه المكاضيع مف أجؿ دراستيا لـ يكف اعتباطيا‪ ،‬كانما‬
‫كاف بعد عممية تقييـ متكاضعة شممت كؿ مف الفصكؿ المنظمة لمتحكيـ في ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ‪ ،‬كفي‬
‫قانكف‪ 08-05‬الجديد‪ ،‬كالتي أبانت عف مدل اﻷىمية التي تكتسييا في إنجاح عممية التحكيـ‬
‫بشكؿ عاـ‪ ،‬ككذا في طرح بعض اﻹشكاليات المعقدة التي يمكنيا أف تحد مف فعالية مياـ‬
‫الييئة التحكيمية‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬إشكالية الموضوع‪:‬‬

‫إف التحكيـ بصفة عامة قد ناؿ ـ فذ مدة اىتماـ المشرع‪ ،‬كىذا ما يتضح مف خالؿ العدد‬
‫ؾذا مف خالؿ تنكع القكانيف‬ ‫الكبير مف اﻹتفاقيات الدكلية المتعمقة بو التي صادؽ عمييا‪ ،‬ك‬
‫الصادرة عمى المستكل الكطني التي جاءت مف أجؿ تنظيمو في مياديف عدة‪ ,‬منيا ما تعمؽ‬
‫بالمجاؿ الميني كالصحافة كنزاعات الشغؿ الجماعية‪ ،‬كمنيا ما ارتبط بالجانب العقارم‬
‫كالممكية المشتركة لمطبقات كاﻷجزاء المشتركة‪ ،‬كمنيا ما خص اﻷسرة‪ ،‬كمنيا ما مس عالـ‬

‫‪8‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫الماؿ كاﻷعماؿ(‪.)1‬إال أف تنظيـ الييئة التحكيمية المنضكية تحت لكاء التحكيـ نفسو لـ يكف دقيقا‬
‫بالكفاية المتطمبة حتى ينسجـ مع العبء الممقى عمى عاتقيا بإعتبارىا حجر الزاكية في فض‬
‫النزاعات المعركضة عمى التحكيـ‪ ،‬وبذلك فإذا كان المشرع المغربي قد أىتم بالتحكيم بإعتباره‬
‫استطاع أن يحيط الييئة التحكيمية‬ ‫آلية ناجعة لتسوية نزاعات األشخاص‪ ،‬فإلى أي حد‬
‫بتنظيم قانوني دقيق‪ ،‬عمى أساس أنيا المحور الجوىري في عممية التحكيم‪ ,‬حتى تقوم بأداء‬
‫مياميا في أحسن الظروف دون تعرضيا أثناء ذلؾ إلى أية عراقيل تذكر؟‬

‫‪ 08-05‬قد أحاط الييئة‬ ‫وبعبارة أكثر دقة‪ ,‬فإذا كان قانون التحكيم الجديد رقم‬
‫التحكيمية بتنظيم شامل وكامل بالرغم من بعض مظاىر المحدودية التي تسربت إليو (الفصل‬
‫الثاني)‪ ،‬فماىية الوضعية القانونية التي كانت عمييا ىذه الييئة قبل صدور ىذا التعديل الذي‬
‫يعتبر نقطة تحول جدري في قانون التحكيم المغربي؟ (الفصل األول)‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬منيجية و خطة بحث الموضوع‪:‬‬


‫‪ )1‬منهجية بحث الموضوع‪:‬‬
‫سكؼ ننتيج في دراستنا ؿىذا المكضكع المنيج التالي‪:‬‬

‫أ)اؿمنيج اؿتحميمي‪:‬‬
‫ذلؾ أف ىذه الدراسة ستعتمد عمى تحميؿ كنقذ كؿ جزئية ىامة مف جزئيات المكضكع‬
‫‪ ،‬التي‬ ‫بكؿ حياد كاستقاللية‪ ,‬كصكال إلى كضع بعض المالحظات كاﻹستنتاجات كالتصكرات‬
‫سنحاكؿ ما أمكف تطعيميا في كؿ مناسبة ببعض الحمكؿ المتكاضعة لسد الثغرات التي تكتنؼ‬
‫مكضكع الدراسة‪.‬‬

‫كالى جانب عرض بعض اﻷراء الفقيية سكاء في القانكف المغربي أك المقارف‪ ,‬فسكؼ‬
‫نحاكؿ بياف مكقؼ القضاء مف المغربي ك المقارف في بعض الجزئيات ك ذلؾ في حدكد المتاح‬
‫لنا مف اﻷحكاـ القضائية التي تتميز أصال بالندرة في ىذا المجاؿ‪.‬‬

‫كيرجع سبب اختيار المنيج أعاله إلى ما يزخر بو مكضكع البحث مف إشكاليات‬
‫متشعبة‪ ،‬ال يمكف اﻹجابة عنيا إال باعتماده‪.‬‬

‫‪- 1‬راجع ىامش الصفحة ‪ 3‬مف ىذا البحث‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫ب) اؿمنيج اؿمقارف‪:‬‬


‫ﻷف طبيعة البحث تقتضي ذلؾ‪ ،‬فمف نقتصر عمى تناكؿ مكضكع الييئة التحكيمية في‬
‫القانكف المغربي كحده‪ ،‬كانما سيتـ تناكلو في العديد مف القكانيف الكطنية التي تنتمي إلى أنظمة‬
‫قانكنية مختمفة‪ ،‬كالقانكف الفرنسي‪ ،‬كالمصرم‪ ،‬كقكانيف بعض الدكؿ العربية اﻷخرل‪...‬ككذا‬
‫القانكنيف اﻹنجميزم كاﻷمريكي التابعيف لمنظاـ اﻷنكمكسكسكني‪ .‬باﻹضافة إلى ذلؾ فمف نقتصر‬
‫عمى مقارنة المكضكع بيف القانكف المغربي كالقكانيف الكطنية المقارنة‪ ،‬كانما سنقارنو مع بعض‬
‫اﻹتفاقيات الدكلية الميتمة بالتحكيـ أيضا‪.‬‬

‫‪ )2‬خطة بحث الموضوع‪:‬‬


‫ارتأينا تماشيا مع مكضكع البحث أف نقسـ الخطة العامة لو إلى فصميف‪ ,‬نعالع في‬
‫‪-05‬‬ ‫الفصؿ اﻷكؿ اﻹطار القانكني العاـ الذم كانت عميو الييئة التحكيمية قبؿ صدكر قانكف‬
‫‪ ,08‬كلنبيف في الفصؿ الثاني مظاىر الفعالية ككذا تجميات المحدكدية التي أصبحت تحيط‬
‫بكضعية ىذه الييئة بعد صدكر القانكف أعاله‪.‬‬
‫كيرجع تفضيمنا تقسيـ الخطة عمى ىذا اؿنحك لتسييميا لنا مأمكرية عرض تفصيمي ﻷىـ‬
‫التغييرات التي عرفتيا الييئة التحكيمية في المرحمتيف معا‪ ،‬قبؿ كبعد دخكؿ قانكف ‪ 08-05‬حيز‬
‫التطبيؽ‪.‬‬
‫كترتيبا عمى ما سبؽ بيانو‪ ،‬فإننا سنقسـ ىذا البحث إلى فصميف عمى النحك التالي‪:‬‬
‫الفصل اﻷول‪ :‬اﻹطار القانوني للهيئة التحكيمية قبل صدور قانون‪.08-05‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الهيئـة التحكيمية بين الفعالية و المحدودية في ضوء قانون ‪.08-05‬‬

‫‪10‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫اﻷول‪:‬‬ ‫الفصل‬
‫اﻹطار القانوني للهيئة التحكيمية قبل صدور قانون‪08-05‬‬
‫مطمقة في إختيار مف‬ ‫استقرت معظـ القكانيف المقارنة عمى منح اﻷطراؼ الحرية اؿ‬
‫الضكابط اﻷساسية التي تضمف ليذه‬ ‫يركنو أىال لفض نزاعاتيـ‪ ،‬مكتفية لنفسيا فقط بكضع‬
‫(‪)1‬‬
‫الييئة أداء مياـ تسكية المنازعات بيف الخصكـ في جك تسكده اﻹطمئنانية‬

‫إف قذق المركنة الكبيرة في تشكيؿ ىيئة التحكيـ كالتي تكفميا معظـ اﻷنظمة القانكنية‪،‬‬
‫تقتضي مف اﻷطراؼ تكخي الحرس الشديد في تعييف المحكميف اعتبا ار لخطكرة المياـ المسندة‬
‫إلييـ‪ ،‬ؿذلؾ ال مراء مف أف تكفر فييـ بعض الشركط ال سيما تمؾ المتعمقة ب ذكاتيـ كاﻷىمية‬
‫المدنية الكاممة ك حمميـ لمجنسية المتطمبة قانكنا‪...‬‬

‫كىذا ما جعؿ سائر التشريعات اﻷجنبية تتطرؽ لمثؿ ىذه الشركط بمناسبة تنظيميا‬
‫لمييئة التحكمية‪.‬‬

‫كحتى تتمكف ىيئة التحكيـ مف أداء مياميا بشكؿ سميـ كاف البد مف تمتيعيا‬
‫بصالحيات كاسعة في إدارتيا لمنزاع المعركض عمييا‪ ,‬كذلؾ لتمكينيا مف إنياء ىذا النزاع في‬
‫ظركؼ مالئمة‪ ،‬فكمما كانت تتحكـ في اﻹجراءات المتعمقة بتسيير مسطرة التحكيـ كمما تمكنت‬
‫مف تحقيؽ العدالة بيف الخصكـ في ظرؼ زمني كجيز‪ .‬كىذا ما ذىبت إليو كثير مف التشريعات‬
‫بتنازليا لمييئة التحكيمية عف حؽ تنظيـ كتسيير خصكمة التحكيـ (‪.)2‬‬

‫‪ -1‬كىذا ما نصت عميو الفقرة اﻷكلى مف المادة ‪ 15‬مف قانكف التحكيـ المصرم الجديد "تشكؿ ىيئة التحكيـ باتفاؽ الطرفيف‪،"..‬‬
‫ككذا الفقرة االكلى مف المادة ‪ 1493‬مف قانكف المرافعات الفرنسي لسنة ‪ ،1981‬كالمادتاف ‪15‬ك‪ 16‬مف قانكف التحكيـ اﻹنجميزم‬
‫لسنة ‪ ،1996‬كالفقرة االكلى مف المادة ‪ 12‬مف قانكف التحكيـ السكيدم ‪ ،‬كالمادة ‪ 7‬مف قانكف التحكيـ التركي‪.‬‬
‫‪،2004‬‬ ‫د‪.‬أحمد عبد الكريم سـالمة ‪ ،‬التحكيـ التجارم الدكلي كالداخمي‪,‬دار النيضة العربية‪ ،‬ط‬ ‫‪-‬راجع في ىذا السياؽ‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫ص‪. 574‬‬

‫‪11‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫كاذا كاف التشريع المغربي قد نظـ التحكيـ بدكره في ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ منذ بداية القرف‬
‫الماضي(‪ ،)1‬فكيؼ تعامؿ مع الشركط الكاجب تكفرىا في أعضاء الييئة التحكيمية؟ عمما أف‬
‫المغرب أصبح في اآلكنة اﻷخيرة كجية مفضمة لالستثمارات الدكلية التي تتطمع إلى رقي ىذه‬
‫الييئة إلى مستكل طمكحاتو ا ( الفرع األول ) ‪ .‬كعمى فرض أف المشرع المغربي قد نظـ بعض‬
‫اختصاصات ىذه الييئة‪ ،‬فإلى أم حد كانت سمطاتيا في إدارة النزاع كافية لحسـ ىذا اﻷخير؟‬
‫(الفرع الثاني)‪.‬‬

‫‪-1‬ككاف ذلؾ في الفصكؿ مف ‪ 306‬إلى ‪ 327‬مف ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫الفرع اﻷول‪ :‬شروط تعيين الهيئة التحكمية‬


‫يفترض في الييئة التحكيمية أف تستجمع فييا بعض الشركط اﻷساسية التي تسمح ليا‬
‫بمباشرة مياـ التحكيـ في إطار يضمف ﻷعضائيا اﻹستقاللية التامة‪ ،‬الشيء الذم سيمكنيا مف‬
‫إصدار مقررات تحكيمية عادلة ترتاح ليا جميع أطراؼ النزاع (‪.)1‬‬

‫كاذا كاف التحكيـ ينقسـ عمكما إلى نكعيف أساسييف‪ ،‬تحكيـ حر كتحكيـ مؤسساتي‪ ،‬فإف‬
‫ىذه الشركط يجب أف تتحقؽ في كال النكعيف كىذا ما لـ يتطرؽ إليو المشرع المغربي أثناء‬
‫تنظيمو لمييئة التحكيمية‪,‬إذ أنو أغفؿ تنظيمو ليذه الشركط في إطار كؿ مف التحكيـ الحر‬
‫(المبحث األول)‪ ،‬كالتحكيـ المؤسساتي (المبحث الثاني) عكس باقي التشريعات المقارنة (‪.)2‬‬

‫المبحث اﻷول‪ :‬التحكيم الحر و شروط إختيار ىيئتو‬


‫بالرغـ مف اﻷىمية الخاصة التي تميز التحكيـ الحر لتأقممو مع البيئة المغربية فإف‬
‫المشرع المغربي لـ يعمؿ عمى تنظيمو بالشكؿ الكافي‪ ،‬يظير ىذا اؿتقصير في التنظيـ جميا مف‬
‫خالؿ عدـ تحديده لكؿ الشركط الكاجب تكفرىا في أعضاء الييئة التحكمية‪ ،‬كنخص بالذؾر تمؾ‬
‫المرتبطة بشخص المحكـ مف جية ( المطمب األول)‪ ,‬ثـ تمؾ المتعمقة بشخصيتو مف جية أخرل‬
‫(المطمب الثاني)‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-E.Gaillard, Les manœuvres dilatoires des parties et des arbitres dans l'arbitrage commercial‬‬
‫‪international, Rev arb, 1990, p759.‬‬
‫‪- 2‬ككمثاؿ عمى ىذه التشريعات قانكف التحكيـ المصرم‪ ،‬الذم نص في الفقرة االكلى مف مادتو الرابعة عمى ما يمي‪:‬‬
‫" ينصرؼ لفظ التحكيـ في حكـ ىذا القانكف إلى التحكيـ الذم يتفؽ عميو طرفا النزاع بإرادتيما الحرة‪ ،‬سكاء كانت الجية التي‬
‫تتكلى إجراءات التحكيـ‪ ،‬بمقتضى إتفاؽ الطرفيف‪ ،‬منظمة أك مركز دائـ لمتحكيـ أك لـ يكف كذلؾ"‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫انًطهت األٔل‪ :‬انشزٔؽ انًزتجطخ ثشخض انًحكى‬


‫تجد أساسيا في ككف نظاـ‬ ‫إذا كانت حرية اﻷطراؼ في اختيار الييئة التحكيمية‬
‫التحكيـ يعتبر نظاما إراديا قضائيا لتسكية اؿ نزاعات قكامو مبدأ سمطاف اﻹرادة (‪ ،)1‬فإف ذلؾ ال‬
‫يجب أف يغيب العنصر القانكني أثناء تشكيؿ الييئة التحكيمية‪ ,‬السيما تحقؽ بعض الشركط‬
‫الجكىرية التي بغيابيا يتعذر قانكنا عمى المحكميف ممارسة أعماؿ التحكيـ‪ ،‬لككنيا ترتبط مباشرة‬
‫بأىميتيـ الكاممة الالزمة ﻷداء أم تصرؼ قانكني‪ ،‬كتتحدد أىـ ىذه الشركط في كؿ مف شرط‬
‫ككف المحكـ راشدا ( الفقرة األولى)‪ ،‬كشرط عدـ ككنو محجك ار عميو ( الفقرة الثانية )‪ ،‬كشرط عدـ‬
‫الفقرة الثالثة )‪،‬‬ ‫ككنو محككما عميو مف أجؿ جريمة مخمة بالشرؼ أك بسقكط أىميتو التجارية (‬
‫لنصؿ أخي ار إلى الخالؼ القانكني الكارد عمى شرط ككنو ذم جنسية معينة ( الفقرة الرابعة)‪.‬‬

‫انفمزح األٔنٗ‪ :‬شزؽ كٌٕ انًحكى راشذا‬


‫إف أكؿ ما يجب أف يتحقؽ في الشخص أثناء ممارساتو التعاقدية بصفة عامة ىك‬
‫كماؿ أىميتو المدنية‪ ،‬فبدكنيا لف يتأتى لو إبراـ أم تصرؼ قانكني بما ؼم ذلؾ تعاقده مف أجؿ‬
‫أداء مياـ تحكيمية ‪ .‬كما مزكي ضركرة كماؿ اﻷىمية ﻷداء ىذه المياـ ىك انتماء ىا إلى فئة‬
‫(‪)2‬‬
‫التصرفات التي تدكر بيف النفع ك الضرر‪.‬‬
‫كلذلؾ أضحى شرط ككف المحكـ راشدا مف ضمف الشركط اﻷساسية المككنة ﻷىميتو‬
‫(‪)4‬‬
‫‪،‬‬ ‫المدنية الكاممة (‪ .)3‬كىذا ما أجمع عميو القانكف المقارف كغالبية لكائح المراكز التحكيمية‬
‫بينما الزاؿ الفقو في جداؿ مرير بو ذا الشأف (‪.)5‬‬

‫‪- 1‬أنظر في الطبيعة التعاقدية لمتحكيـ السيد عبد اهلل درميش ‪ ،‬التحكيـ في المكاد التجارية‪ ،‬رسالة لنيؿ دبمكـ الدراسات العميا في‬
‫القانكف الخاص‪ ،‬كمية العمكـ القانكنية كاﻹقتصادية كاﻹجتماعية بالدار البيضاء‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،1983-1982‬ص‪ .39‬كراجع‬
‫أيضا د‪.‬مأمون الكزبري ‪ ،‬شرح قانكف المسطرة المدنية المغربي‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬ص ‪.429‬‬
‫‪-2‬أنظر في التصرفات التي تدكر بيف النفع كالضرر د‪.‬زيد قدري الترجمان ‪ ،‬المكجز في القانكف المدني‪ ،‬نظرية اﻹلتزاـ‪ ،‬الجزء‬
‫اﻷكؿ مصادر اﻹلتزاـ‪ ،‬شركة بابؿ لمطباعة كالنشر‪ ،‬الرباط‪ ،‬ط‪,1992‬ص‪ 120‬ك ‪.121‬‬
‫‪ -3‬راجع د‪.‬ىدى محمد حمدي عبد الرحمان ‪ ،‬دكر المحكـ في خصكمة التحكيـ كحدكد سمطاتو‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة ط‬
‫‪ ،1997‬ص ‪.94‬‬
‫‪-4‬ككمثاؿ عمى ىذه القكانيف نذكر المادة ‪ 7‬مف قانكف التحكيـ السكيدم التي تنص‪:‬‬
‫"‪"Toute personne qui dispose de sa pleine capacité et de ses biens peut être nommée arbitre‬‬
‫كنفس الشيء أشارت إليو المادة ‪ 40‬مف اتفاقية كاشنطف لسنة ‪ ،1965‬كالمادة ‪10‬مف نظاـ التكفيؽ كالتحكيـ التجارم لغرفة‬
‫التجارة ك الصناعة بدبي‪.‬‬
‫‪-5‬راجع د ‪.‬مصطفى محمد الجمال ود‪.‬عكاشة محمد عبد العال‪ ،‬التحكيـ في العالقات الخاصة الدكلية كالداخمية‪ ،‬الجزء اﻷكؿ‪،‬‬
‫ط اﻷكلى‪ ،1998 ،‬ص ‪.606‬‬

‫‪14‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫أىمية شخص المحكـ‬ ‫كيالحظ أف التشريع المغربي لـ ينص عمى أم شرط يخص‬
‫حتى تسند إليو مياـ التحكيـ (‪ ،)1‬بؿ كحتى الفقو كالقضاء المغربييف لـ يعمال عمى ممئ ىذا‬
‫الفراغ التشريعي‪ ،‬كلعؿ ذلؾ راجع أساسا إلى قمة الكتابات الفقيية في ىذا المكضكع‪ ،‬ككذا إلى‬
‫ندرة اﻹجتيادات القضائية الصادرة في مادة التحكيـ(‪.)2‬‬

‫كقد ترتب عف ق ذا الفراغ تضارب اآلراء حكؿ مدل جكاز ككف المحكـ قاص ار مف‬
‫عدمو‪ ،‬بحيث إف ىناؾ مف الفقو مف ينتقد ذلؾ اﻹتجاه الذم ال يجيز لمقاصر أف يمارس ميمة‬
‫التحكيـ ‪ ،‬عمى أساس أف معيار السف التقميدم قد أصبح في العصر الراىف معيا ار متجاكزا‪،‬‬
‫معمميف مكقفيـ ىذا بككف القاصر الذم يشتمؿ عمى مؤىالت عممية رفيعة المستكل قد تشفع لو‬
‫بأف يصبح محكما جيدا ‪ ،‬أك طبيبا ناجحا ‪ ،‬أك محاميا متمكنا ‪ ،‬أك ميندسا بارعا‪ ...‬متفكقا بكثير‬
‫عف أكالئؾ الذيف يمتينكف نفس ىذه الميف كالبالغيف لسف الرشد القانكني (‪.)3‬‬

‫كبالرغـ مف الكجاىة النسبية ليذا اﻹتجاه فإنو ال يرقى إلى التأييد التاـ عمى اعتبار أف‬
‫ىذا القاصر الذم ال يستطيع أف يتعاقد بنفسو أك أف يتصرؼ في ممتمكاتو بدكف معكنة غيره‬
‫بت‬ ‫بمقتضى قانكنو الشخصي ‪ ،‬فكيؼ لو أف يقكـ بمباشرة حقكؽ غيره بما فييا تقمده لمياـ اؿ‬

‫‪ -1‬أنظر في ىذا السياؽ د‪.‬أحمد شكري السباعي ‪ ،‬الكسيط في النظرية العامة في قانكف التجارة كالمقاكالت الػتجارية كالمدنية‪،‬‬
‫دراسة معمقة في قانكف التجارة المغربي الجديد كالمقارف‪ ،‬التحكيـ الكطني كالدكلي كقانكف اﻷنستراؿ‪ ،‬الجزء اﻷكؿ‪ ،‬دار نشر‬
‫المعرفة‪ ،‬ط اﻷكلى‪ ،2001‬ص‪.276‬‬
‫‪-‬راجع رحال البوعناني ‪ ،‬التحكيـ االختيارم في القانكف المغربي الداخمي‪ ،‬رسالة لنيؿ دبمكـ الدراسات العميا في القانكف‬ ‫‪2‬‬

‫الخاص‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،1987-1986‬كمية الحقكؽ بالرباط (أكداؿ) ص ‪.110‬‬


‫كأيضا عبد اهلل درميش ‪ ،‬التحكيـ الدكلي في المكاد التجارية‪ ،‬رسالة لنيؿ دبمكـ الدراسات العميا في القانكف الخاص‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية ‪ ،1983-1982‬كمية الحقكؽ الدار البيضاء‪ ،‬ص ‪.243‬‬
‫كلإلشارة فإذا كاف المشرع المغربي لـ يتطرؽ إلى اﻷىمية المتطمبة في المحكـ‪ ،‬فإف المشرع الفرنسي عمى خالفو قد نص عمييا‬
‫ال تناط ميمة التحكيم إال‬ ‫‪ ,12/5/81‬حيث جاء فيو ما يمي‪":‬‬ ‫في الفصؿ ‪ 1451‬مف قانكف المرافعات المدنية المؤرخ في‬
‫لشخص ذاتي يتمتع بجميع حقوقو المدنية"‪.‬‬
‫‪ -3‬أنظر د‪.‬أحمد أبو الوفا‪ ،‬التحكيـ االختيارم كاﻹجبارم ‪ ،‬منشأة المعارؼ اﻹسكندرية‪ ،‬ط الخامسة‪ ،2001 ،‬ص‪.159‬‬

‫‪15‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫كالحسـ في شؤكنيـ‪ ،‬عمما أف مزاكلة مثؿ قذق المياـ مف طرؼ القضاء يتطمب تكفر شركط‬
‫عامة في القاضي أىميا البمكغ كما بالنا بتحقؽ الشركط الخاصة كالكفاءة مثال(‪.)1‬‬

‫كىناؾ فقو آخر يرل أف القاصر الذم تـ ترشيده أك منحو اﻹذف لمقياـ باﻷعماؿ‬
‫التجارية يجكز لو أف م ككف محكما ( ‪,)2‬كيمكف القكؿ أف ىذا الفقو لـ يػصادؼ الصكاب‪ ,‬عمى‬
‫اعتبار أف القاصر المأذكف لو أك المرشد لمقياـ باﻷعماؿ المذككرة يستحيؿ عميو إبراـ بعض‬
‫العقكد اﻷخرل بنفس الشركط التي يبرميا بيا اﻷشخاص الرشداء‪ ،‬كمثالنا في ىذه الحالة إبرامو‬
‫لعقد الزكاج (‪)3‬إذ ال يمكنو ذلؾ إال بعد الحصكؿ عمى إذف خاص مف كليو أكمف القاضي‪ ،‬في‬
‫حيف يجكز لو حسب ىذا الفقو القياـ بتسكية نزاعات غيره التي تككف في معظـ اﻷحياف نزاعات‬
‫ذات طبيعة خاصة بالنسبة ليـ يفضمكف استبعاد طرحيا عمى القضاء الرسمي ﻷىميتيا‪.‬‬

‫كما يكجد مف جية أخرل بعض الشراح القانكنييف الذيف يعتبركف أف المحكـ الذم تـ‬
‫تعيينو مف قبؿ أطراؼ التحكيـ ينزؿ منزلة الشخص العادم الشيء الذم يجعؿ معو اﻷىمية‬
‫المتطمبة فيو حسب نظرىـ ىي نفسيا المتطمبة في الككيؿ‪ ،‬ىذا مع استحضارىـ ككف ىذا‬
‫اﻷخير ال يكجد في القانكف ما يمنع مف أف يككف قاص ار (‪.)4‬‬

‫كبذلؾ يجعؿ قذا اﻹتجاه اﻷىمية المتطمبة في المحكـ ىي نفسيا المتطمبة في الككيؿ‬
‫لككنيما يتحداف في استمداد سمطاتيما مف اتفاؽ اﻷطراؼ‪ ،‬إال أنو لئف كاف المحكـ يتـ اختياره‬
‫مف قبؿ اﻷطراؼ مع ما ينتج عف ذلؾ مف استمداده لسمطاتو منيـ‪ ،‬فإف الميمة التي يقكـ بيا‬
‫كالمتجمية في الفصؿ في نزاعاتيـ يككف مستقال بيا عنيـ ‪,‬حيث ال يككف ممزما بإتباع أكامرىـ‬

‫‪ -1‬كيقكؿ د‪.‬عبد الحميد األحدب في مكسكعتو أف االتجاه الغالب في الفقو اﻹسالمي يؽ تضي أف يتمتع المحكـ بالمزايا نفسيا‬
‫التي يقتضي أف تككف في القاضي كأف يداكـ عمى التحمي بيا طيمة الدعكل التحكيمية‪ ،‬كيجب أف يككف القاضي كبالتالي‬
‫المحكـ بالغا‪ ،‬حكيما‪ ،‬مسمما‪ ،‬عادال‪ ،‬راجع مكسكعة التحكيـ‪ ،‬التحكيـ في البالد العربية‪ ,‬الجزء اﻷكؿ ‪,‬بدكف سنة‪ ،‬ص‪.43‬‬
‫كىناؾ في المغرب مف اشترط في المحكـ تكفره عمى نفس الشركط المتطمبة في القاضي‪ ،‬ﻷف المحكـ منزؿ منزلة القاضي‪،‬‬
‫عبد الحفيظ األمراني "‬ ‫فالبد أف تككف أىمية القاضي متحققة فيو كقت التحكيـ ككقت الحكـ معا‪ .‬أنظر في ىذا المكضكع‬
‫التحكيـ في الشريعة اﻹسالمية ‪,‬مقاؿ منشكر في مجمة القصر‪ ،‬العدد الثالث ‪ ،‬شتنبر ‪ ،2002‬ص‪.56‬‬
‫‪-2‬راجع‪ ،‬د‪.‬أحمد أبو الوفا‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص ‪.109‬‬
‫‪- 3‬راجع‪:‬‬
‫‪Thomas Clay : l’arbitre, nouvelle bibliothèque de thèses, Dalloz, édition 2001, p 382.‬‬
‫‪ -‬أنظر في ىذا المعنى رحال البوعناني‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص‪ 110‬ك الذم تطرؽ في رسالتو إلى ىذا الفقو‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪16‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫المحددة في العقد ‪،‬عكس الككيؿ الذم ال يمكنو الخركج عف الحدكد التي سطرىا لو المككؿ‬
‫عقدا إال بإجازتو ليا فيما بعد (‪ ,)1‬كىؾذا يتعيف استبعاد فرضية ككف المحكـ شبيو بالككيؿ‬
‫بخصكص اﻷىمية المدنية المتطمبة فيو ك بالتالي دحض فكرة جكاز ككف المحكـ قاص ار‪.‬‬

‫كأماـ ىذا الكضع فإف إمكانية حدكث اضطراب قانكني تبقى كاردة خاصة في الحالة‬
‫التي يعيد فييا اﻷطراؼ ميمة التحكيـ إلى ىيئة ثالثية اﻷعضاء‪ ،‬بحيث يقكـ كؿ طرؼ‬
‫بإختيار عضك يمثمو عمى أف يمجأ العضكاف المعيناف مف قبؿ الخصكـ بتعييف العضك الثالث ‪،‬‬
‫ففي ىذه الحالة يككف العضك يف المنصبيف مف قبؿ الطرفيف شبيييف في أعماؿىما بمياـ النائب‬
‫(الممثؿ) ‪ ،‬كاﻹشكاؿ القانكني المطركح في ىذا الصدد ينصب حكؿ حقيقية الدكر الذم يؤديو‬
‫ىذيف العضكيف في عممية التحكيـ كما إذا كاف يشبو دكره ما دكر الككيؿ (‪ ،)2‬كذلؾ عمى إعتبار‬
‫أف صفة المحكـ الحقيقي تقتصر في ىذه الحالة عمى العضك الثالث فقط (‪ .)3‬لذا نخمص إلى أف‬
‫ىذا النائب يجكز لو أف يككف قاص ار بحسب ما آلت إليو ىاتو الفرضية!‬

‫كأماـ سككت المشرع المغربي عف بياف اﻷىمية المتطمبة في المحكـ ثار خالؼ فقيي‬
‫(‪)4‬‬
‫حكؿ نكع قذق اﻷىمية كما إذا كاف اﻷمر يتعمؽ بأىمية الكجكب أـ بأىمية اﻷداء؟‬

‫كمع ذلؾ يمكف إيجاد جكاب قانكني عمى ىذا التساؤؿ مف خالؿ مدكنة اﻷسرة‬
‫المغربية(‪ ،)5‬فالمادة ‪ 207‬منيا تنص عمى أف " أىمية الكجكب ىي صالحية الشخص ﻹكتساب‬
‫الحقكؽ كتحمؿ الكاجبات التي يحددىا القانكف‪ ،‬كىي مالزمة لو طكؿ حياتو كال يمكف حرمانو‬
‫منيا"‪.‬‬

‫فمف خالؿ ىذه المقتضيات يستنتج أف أعماؿ التحكيـ بمفيكـ المخالفة ال يمكف أف‬
‫يقكـ بيا الشخص الذم ال يتكفر سكل عمى أىمية الكجكب‪ ,‬لككف ىذه اﻷخيرة تتعمؽ بتحمؿ‬

‫‪- 1‬راجع رحال البوعناني ‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص ‪.111‬‬


‫‪ -2‬قذا عمما أف ىذا الككيؿ يمكف أف يككف شخصا قاص ار‪.‬‬
‫‪- 3‬راجع د‪ .‬مصطفى محمد الجمال‪ ،‬ود‪ .‬عكاشة محمد عبد العال ‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص ‪.31‬‬
‫‪- 4‬أنظر عبد اهلل درميش‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص ‪.244‬‬
‫‪-5‬ظيير شريؼ رقـ ‪ 22.04.1‬الصادر في ‪ 12‬مف ذم الحجة ‪ 1424‬المكافؽ لػ ‪3‬فبراير ‪ 2004‬بتنفيذ القانكف رقـ ‪70.03‬‬
‫بمثابة قانكف اﻷسرة‪ ،‬ج ر عدد ‪ 5184‬بتاريخ ‪ 14‬ذم الحجة ‪ 1424‬المكافؽ لػ ‪ 2‬فبراير ‪ ،2004‬ص ‪.418‬‬

‫‪17‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫الكاجبات كالتمتع بالحقكؽ فقط دكف الكصكؿ إلى درجة التصرؼ فييا‪ .‬كما نشير إلى أف مياـ‬
‫التحكيـ ال تدخؿ في ىذه الخانة نظ ار لتطمبيا أىمية خاصة‪.‬‬

‫أما المادة ‪ 208‬مف نفس اؿ مدكنة‪ ,‬فإنيا تقضي بأف "أىمية اﻷداء ىي صالحية‬
‫الشخص لممارسة حقكقو الشخصية كالمالية كنفاذ تصرفاتو كيحدد القانكف شركط اكتسابيا‬
‫كأسباب نقصانيا أك انعداميا"‪.‬‬

‫كنستطيع القكؿ مف خالؿ ىذه المادة أف الميمة التحكيمية تدخؿ في خانة الحقكؽ‬
‫الشخصية التي يمكف أف يمارسيا الشخص بعد أف يصبح راشدا طبقا لمقتضيات المادتيف ‪209‬‬
‫ك‪ 210‬مف نفس اؿمدكنة أعاله‪ ،‬كالمتاف تحدداف سف الرشد القانكني في ‪ 18‬سنة شمسية كاممة‪.‬‬

‫كعميو فإف المحكـ يتعذر عميو في ظؿ القانكف المغربي ممارسة أعماؿ التحكيـ إال بعد‬
‫أف يصبح راشدا كبدكف أف يتخمؿ ىذا الرشد عارض مف عكارض اﻷىمية يحد منو إعماال‬
‫لمقكاعد العامة (‪ ،)1‬إال أنو بفعؿ الغمكض الذم كاف يكتنؼ ىذا المكضكع فقد عمؿ المشرع في‬
‫(‪)2‬‬
‫عمى التنصيص صراحة في الفصؿ‬ ‫‪08-05‬‬ ‫إطار تعديمو الجديد لؽ‪.‬ـ‪.‬ـ بمقتضى قانكف‬
‫‪ 320‬منو عمى أنو ال يمكف إسناد ميمة التحكيـ إال لشخص ذاتي كامؿ اﻷىمية‪ ،‬أم راشدا‬
‫حسب مفيكـ المادة ‪ 210‬مف مدكنة اﻷسرة المغربية (‪ ،)3‬كمع ذلؾ فإف تطبيؽ مقتضيات ق ذا‬
‫الفصؿ قد يطرح إشكاال قانكنيا آخر‪ ,‬يتعمؽ بنطاؽ سرياف مفيكـ الرشد مف حيث اﻷشخاص ‪,‬‬
‫؟ أـ أنو يقتصر فقط عمى المحكميف‬ ‫فيؿ يطبؽ عمى جميع المحكميف بما فييـ اﻷجانب‬
‫المغاربة‪ ,‬خاصة أنو بعد استقراء مقتضيات اﻷحكاـ العامة مف الباب التمييدم لمدكنة اﻷسرة‬
‫نجدىا تنص بمفيكـ المخالفة عمى أف أحكاـ ىذه اﻷخيرة ال تطبؽ عمى اﻷجانب المعركفة‬
‫جنسيتيـ ‪ ،‬كتبعا ؿذلؾ فإ ذا ما افترضنا أف القانكف الشخصي لممحكـ اﻷجنبي اؿ ذم يريد مزاكلة‬
‫التحكيـ بالمغرب ينص عمى سف لمرشد أكبر مف ذلؾ المنصكص عميو في القانكف المغربي‪،‬‬

‫‪- 1‬كالجنكف كالسفو كالعتو‪.‬‬


‫‪ -2‬القانكف رقـ ‪ 08.05‬القاضي بنسخ كتعكيض الباب الثامػف بالقسـ الخامس مف قانكف المسطرة المدنية‪ ،‬منشكر ج ر عدد‬
‫‪ 5584‬بتاريخ‪ 25‬ذك القعدة ‪ 1428‬المكافؽ لػ ‪ 6‬دجنبر ‪.2007‬‬
‫‪ -3‬كنفس المقتضيات نصت عمييا مجمكعة مف التشريعات‪ ,‬نذكر منيا التشريع اﻹمارتي الذم نص في المادة ‪ 206‬مف القانكف‬
‫االتحادم رقـ ‪ 11/1992‬المنشكر في ج ر عدد ‪ 235‬كالصادر بتاريخ ‪ ،08/03/1992‬عمى أنو ال يجكز أف يككف المحكـ‬
‫د‪.‬عبد‬ ‫قاص ار أك محجك ار عميو أك محركما مف حقكقو المدنية بسبب عقكبة جنائية‪ ،‬أك مفمسا ما لـ يرد إليو اعتباره‪ .‬أنظر‬
‫الحميد األحدب ‪ ،‬ـ س ‪ ،‬ص ‪.130‬‬

‫‪18‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫فيؿ في ىذه الحالة سيتـ اﻹكتفاء بالسف المذككر في القانكف المغربي دكف اﻷخذ بعيف اﻹعتبار‬
‫لمقانكف الشخصي لممحكـ اﻷجنبي؟ أـ أف ىذا اﻷخير تقدـ مقتضياتو عمى مقتضيات الفصؿ‬
‫‪ 320‬المذككرة أعاله‪ ،‬كنفس اﻹشكاؿ يذكر في الحالة المعاكسة‪ ,‬أم فيما إذا كاف القانكف‬
‫الشخصي لممحكـ اﻷجنبي يحدد سنا لمرشد أقؿ مف ذلؾ المنصكص عميو في القانكف المغربي ؟‬
‫ففي رأم المتكاضع أرل ضركرة إعماؿ سف الرشد المعمكؿ بو في القانكف المغربي عمى أساس‬
‫أف المحكـ اﻷجنبي سيمارس مياـ التحكيـ داخؿ التراب المغربي‪ ،‬فضال عف أنيا تعد بطبيعتيا‬
‫مياما حساسة‪ ،‬لتعمقيا بحقكؽ اﻷشخاص الذيف غالبا ما يككنكف مف المكاطنيف المغاربة (‪.)1‬‬

‫ككما أسمفنا الذكر فإ ذا كاف شرط ككف المحكـ راشدا يعد مف شركط أىميتو فإف ىناؾ‬
‫شركطا أخرل تدخؿ ىي اﻷخرل في كماؿ اﻷىمية‪ ,‬ك ف ذكر مف بينيا شرط عدـ جكاز ككف‬
‫المحكـ محجك ار عميو‪ ,‬فيؿ تطرؽ المشرع المغربي ليذا الشرط ؟ ىذا ما سكؼ نعالجو في الفقرة‬
‫المكالية‪.‬‬

‫انفمزح انثبَ‪ٛ‬خ‪ :‬شزؽ ػذو جٕاس كٌٕ انًحكى يحجٕرا ػه‪ّٛ‬‬


‫لـ ينص المشرع المغربي في ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ عمى أم مقتضى يمنع مف خاللو المحكـ‬
‫(‪)2‬كذلؾ(‪)3‬عكس ما اتجيت إليو غالبية اﻷنظمة‬ ‫المحجكر عميو مف مباشرة مياـ التحكيـ‪،‬‬

‫‪-1‬كنرل أف المشرع المغربي كاف عميو تفاديا لمثؿ ىذه الثغرات القانكنية أف يقكـ بصياغة الفصؿ ‪ 320‬كالتالي‪:‬‬
‫"ال يمكف إسناد ميمة التحكيـ إال إلى شخص ذاتي كامؿ اﻷىمية كما نص عمييا القانون المغربي‪."...‬‬
‫كتجدر اﻹشارة إلى أف نفس اﻹشكاؿ القانكني قد كقع فيو المشرع المغربي حينما أراد إصدار مدكنة التجارة سنة ‪ ،1996‬ككاف‬
‫ذلؾ بمناسبة تطرقو لمكضكع ممارسة الشخص اﻷجنبي لمتجارة بالمغرب‪ ,‬كتنص المادة ‪ 15‬مف ىذا القانكف عمى ما يمي‪:‬‬
‫"يعتبر اﻷجنبي كامؿ اﻷىمية لمزاكلة التجارة في المغرب ببمكغو ‪ 18‬سنة كاممة‪ ،‬كلك كاف قانكف جنسيتو يفرض سنا أعمى مما‬
‫ىك منصكص عميو في القانكف المغربي"‬
‫أما المادة ‪ 16‬فقد نصت عمى ما يمي‪:‬‬
‫" ال يجكز لألجنبي غير البالغ سف الرشد المنصكص عميو في القانكف المغربي أف يتجر إال بإذف مف رئيس المحكمة التي ينكم‬
‫ممارسة التجارة بدائرتيا حتى كلك كاف قانكف جنسيتو يقضي بأنو راشد‪"...‬‬
‫كىكذا نرل أف المشرع المغربي قد أخذ بنظرية المصمحة الكطنية المرتبطة بالتجارة كالذم كاف عميو أف يأخذ بيا أيضا أثناء‬
‫صياغتو لمفصؿ ‪ 320‬نظ ار لخطكرة مياـ التحكيـ‪.‬‬
‫د‪.‬أحمد زوكاغي ‪ ،‬أحكاـ التنازع بيف القكانيف في التشريع‬ ‫لمتكسع أكثر حكؿ تاريخ إعماؿ نظرية المصمحة الكطنية أنظر‬
‫المغربي ‪ ،‬ط ‪،2002‬ص ‪.144‬‬
‫‪-2‬راجع رحاؿ البكعناني‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص ‪.110‬‬
‫‪ -3‬كىناؾ مف الفقو المغربي مف يحرـ عمى المحجكر عميو أعماؿ التحكيـ‪ ،‬كلكنو لـ يبيف اﻷساس القانكني الذم اعتمد عميو‬
‫في ذلؾ‪ ،‬عبد اهلل درميش‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص ‪.244‬‬

‫‪19‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫القانكنية التي اشترطت عدـ فرض ىذا الحجر عميو (‪ ،)1‬مما يعني ضركرة ككنو كامؿ اﻷىمية‬
‫المدنية‪ ،‬ﻷف المحكـ الذم ال يممؾ التصرؼ في ذات حقكقو بعد فرض الحجر عميو ال يمكنو‬
‫التصرؼ في حقكؽ غيره بما فييا القياـ بمياـ التحكيـ ‪.‬‬

‫الميمة التحكيمية إلى‬ ‫كمع ذلؾ يكجد رأم فقيي في فرنسا ال يعارض فكرة إسناد‬
‫المحركـ مف حقكقو المدنية عمى اعتبار أف المحكـ ال يمارس كظائؼ عمكمية التي تقتضي منو‬
‫أف يككف كامؿ اﻷىمية(‪.)2‬‬

‫كفي اتجاه معاكس لو ذا الرأم ‪ ,‬في إطار ميمة قريبة مف مياـ المحكـ ك ىي ميمة‬
‫الخبير ىناؾ مف مذىب إلى أف ىذا اﻷخير ال يمكنو مزاكلة مياـ الخبرة إال بعد تمتعو بجميع‬
‫الحقكؽ المدنية بما فييا عدـ الحجر عميو لسبب مف اﻷسباب المتنكعة‪ ،‬ىذا عمما أف أغمب‬
‫المحكميف يعتبركف خبراء المينة أصال‪ ،‬كىكذا فإف الخبرة كبالرغـ مف عدـ اعتبارىا كظيفة‬
‫متطمب في الخبير اﻷىمية المدنية الكاممة السيما عدـ الحجر‬ ‫عامة كانما مينة حرة‪ ،‬فإنو‬
‫عميو(‪.)3‬‬

‫ؿىذا الشرط فإف ذلؾ سيدفعنا مرة أخرل لمرجكع إلى‬ ‫كمع إغفاؿ المشرع التطرؽ‬
‫المقتضيات العامة المنصكص عمييا في مدكنة اﻷسرة خاصة المتعمقة منيا بتصرفات المحجكر‬
‫‪ 226‬كالتي‬ ‫عميو كما ينشئ عنيا مف إشكاليات قانكنية ترتبط بتطبيؽ الفقرة اﻷخيرة مف المادة‬
‫تنص عمى ما يمي "‪...‬يعتبر المحجكر كامؿ اﻷىمية فيما أذف لو كفي التقاضي فيو"‪.‬‬

‫فيؿ مقتضيات قذق المادة تسمح لممحجكر عميو المؤذكف لو بإدارة أمكالو جزئيا أك كميا‬
‫ممارسة أعماؿ التحكيـ؟ أؿف يتعارض ذ لؾ مع الفمسفة العامة لمتحكيـ التي تجعؿ أىمية المحكـ‬

‫‪ - 1‬فقد نصت المادة ‪ 16‬في فقرتيا اﻷكلى مف قانكف التحكيـ التجارم المصرم رقـ ‪ 27‬لسنة ‪ 1994‬عمى ىذا الشرط‪":‬ال يجكز‬
‫أف يككف المحكـ قاص ار أو محجو ار عميو‪"...‬‬
‫كنفس الشرط نصت عميو المادة ‪ 234‬مف قانكف المرافعات البحريني سنة ‪ ،1971‬ك المادة ‪ 741‬مف القانكف الميبي‪ ،‬ك المادة‬
‫‪ 334‬مف قانكف اﻹجراءات المدنية ك الصكمالي الصػادر بتاريخ ‪ 28‬يكنيك ‪.1974‬‬
‫لمتكسع أكثر أنظر د‪.‬ىدى محمد حمدي عبد الرحمان ‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص ‪ ،93‬ككذا د‪.‬مصطفى محمد الجمال ود‪.‬عكاشة محمد عبد‬
‫العال‪ ،‬ـ س‪،‬ص‪.606‬‬
‫‪ -2‬راجع د‪.‬أحمد أبو الوفا‪ ،‬ـ س‪ ,‬ص‪ 120‬كما بعدىا‪.‬‬
‫‪- 3‬أنظر د‪.‬مصطفى محمد الجمال ود‪.‬عكاشة محمد عبد العال ‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص ‪.28‬‬

‫‪20‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫الكاممة مف الشركط الجكىرية ﻷدائو المياـ التحكيمية ؟كىؿ تتعمؽ اﻷىمية الكاممة التي نصت‬
‫عمييا ىذه الفقرة في إدارة اﻷمكاؿ فقط؟ أـ أنيا تمتد إلى كؿ الحقكؽ التي يتمتع بيا عادة‬
‫الرشداء بما فييا مزاكلة أعماؿ التحكيـ؟‬

‫إنو لمف الصعب اﻹجابة عمى مثؿ ىذه التساؤالت لككف الممارسة القضائية المغربية لـ‬
‫تتح ليا الفرصة بعد لتقكؿ كممتيا بشأنيا‪ ,‬كذلؾ لقمة عرض مثؿ ىذه القضايا عمى القضاء‪.‬‬

‫كعمى العمكـ فإف المشرع المغربي قد عمؿ عمى تجاكز ىذا اﻹشكاؿ بتعديمو‬
‫لممقتضيات المتعمقة بالتحكيـ بمقتضى قانكف ‪ , 08-05‬لينص في الفصؿ ‪ 320‬منو عمى أنو‬
‫"اليمكن إسناد ميمة المحكم إال إلى شخص ذاتي كامل األىمية‪ ،)1(" ...‬ك بذلؾ يككف قد أقر‬
‫ضمنيا كﻷكؿ مرة عمى ضركرة ككف المحكـ غير محجك ار عميو‪.‬‬

‫كعمى افتراض تكفر المحكـ عمى اﻷىمية المدنية الكاممة‪ ،‬فيؿ الحكـ عميو مف أجؿ‬
‫جنحة أك جناية تمس بشرفو يمكنيا الحد مف إمكانية أدائو لألعماؿ التحكيمية ؟ىذا ما سكؼ‬
‫نتطرؽ إليو في الفقرة التالية‪.‬‬

‫انفمزح انثبنثخ‪ :‬شزؽ ػذو جٕاس كٌٕ انًحكى يحكٕيب ػه‪ ّٛ‬يٍ‬
‫أجم جز‪ًٚ‬خ يخهخ ثبنشزف أٔ ثسمٕؽ أْه‪ٛ‬تّ‬
‫انتجبر‪ٚ‬خ‬
‫لـ ينص المشرع المغربي صراحة عمى منع المحكـ الذم صدر في حقو حكـ مف أجؿ‬
‫ذلؾ في مرحمة ما قبؿ‬ ‫ارتكابو جنحة أك جناية مخمة بالشرؼ مف مزاكلة التحكيـ‪ ،‬سكاء كاف‬
‫مباشرتو لمسطرة التحكيـ أك كاف أثناءىا(‪.)2‬‬

‫‪-1‬كفي نظرم المتكاضع كاف عمى المشرع المغربي أف يقكـ بصياغة مطمع ىذا الفصؿ كالتالي‪" :‬اليمكف إسناد ميمة المحكـ‬
‫إلى القاصر والمحجور عميو ‪ "...‬كذلؾ تالفيا ﻷم خمط يمكف الكقكع فيو عند تطبيؽ ىذا الفصؿ مع ما سينتج عنو مف آثار‬
‫غير محمكدة‪.‬‬
‫‪ 16‬مف قانكف التحكيـ المصرم "‪ ...‬أك محركما مف حقكقو‬ ‫‪ -2‬بخالؼ عدة تشريعات مقارنة نذكر منيا ما يمي‪ :‬المادة‬
‫المدنية بسبب الحكـ عميو في جناية أك جنحة مخمة بالشرؼ أك بسبب شير إفالسو ما لـ يرد إليو اعتباره"‪ ،‬كالفصؿ ‪ 1451‬مف‬
‫قانكف المسطرة المدنية الفرنسي‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫فبالرجكع إلى الفصؿ ‪ 312‬مف ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ (قبؿ التعديؿ الجديد) نجده ينص عمى أف‬
‫التحكيـ ينتيي في حالة تحقؽ كاحد مف أصؿ خمس فرضيات محددة عمى سبيؿ الحصر كىي‬
‫كالتالي‪:‬‬

‫‪ -1‬بكفاة أحد المحكميف أك رفضو أك استقالتو أك حدكث عائؽ لو إال إذا نص العقد‬
‫عمى استمرار التحكيـ أك عمى أف تعكيض ىذه المحكمة يتـ باختيار اﻷطراؼ أك المحكـ أـ‬
‫المحكميف الباقيف؛‬

‫‪-2‬بانصراـ اﻷجؿ المشترط أك ثالثة أشير إذا لـ يحدد أجؿ خاص؛‬

‫‪-3‬بتساكم اﻷصكات إذا لـ تكف لممحكميف صالحية اختيار محكمة مف الغير؛‬

‫‪-4‬بكفاة أحد اﻷطراؼ إذا ترؾ كارثا قاص ار أك أكثر؛‬

‫‪ -5‬بصيركرة أحد اﻷطراؼ قبؿ صدكر حكـ المحكميف فاقدا لألىمية‪.‬‬

‫فمف خالؿ تحميؿ ىذا الفصؿ نرل أف المشرع لـ يذكر أية فرضية يستفاد منيا أف‬
‫مف مباشرة‬ ‫المحكـ الذم صدر في حقو حكـ بإدانتو مف أجؿ ارتكاب جريمة ما يمنع بعدىا‬
‫مياـ التحكيـ‪ ،‬كىذا عكس العديد مف التشريعات المقارنة سكاء العربية منيا أك الغربية التي‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫جعمت ىذا اﻷمر سببا مف أسباب إبعاد المحكـ مف تقمد مياـ التحكيـ‬

‫كاذا ما أطمعنا عمى المقتضيات العامة المنصكص عمييا في القانكف الجنائي‬


‫(‪)2‬‬
‫فإنو سيتبيف لنا مف خالؿ الفصؿ السادس عشر منو أنو قد حصر العقكبات الجنائية‬ ‫المغربي‬
‫اﻷصمية في ما يمي‪:‬‬

‫لمتكسع أكثر أنظر طوماس كالي (‪ ،)thomas Clay‬ـ س‪ ،‬ص ‪ 380‬كما بعدىا‪ ،‬كأيضا ىدى حمدي عبد الرحمان‪ ،‬ـ‪.‬س ‪،‬‬
‫ص ‪ 93‬كما بعدىا‪.‬‬
‫كىذا ما أخذ بو أيضا المشرع اﻷردني في المادة ‪ 15‬حيث يقضي‪-1 ...":‬اليجكز أف يككف المحكـ قاص ار أك محجك ار عميو‪"...‬‬
‫قانكف التحكيـ اﻷردني رقـ ‪ 31‬الصادر سنة ‪ ،2001‬نشر ىذا القانكف في ج ر‪ ،‬رقـ ‪ 4496‬الصادرة في ‪ 16‬تمكز ‪،2001‬‬
‫ص‪.2873-2821‬‬
‫‪ -1‬أنظر ىامش ص‪13‬مف ىذا البحث‪.‬‬
‫‪ -2‬ظيير شريؼ رقـ ‪ 1.59.413‬صادر في ‪ 28‬جمادل الثانية ‪ 26( 1382‬نكنبر‪ )1962‬منشكر في ج ر عدد ‪ 2640‬مكرر‬
‫بتاريخ ‪ 5‬يكنيك‪1963‬ص ‪ ،1253‬المعدؿ بمقتضى القانكف رقـ (‪ )79-03‬الصادر بتاريخ ‪ 15‬شتنبر ‪ 2004‬ج ر عدد ‪5248‬‬
‫بتاريخ ‪ 16‬سبتمبر‪ ،2004‬ص ‪.3372‬‬

‫‪22‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫‪ ‬اﻹعداـ‪،‬‬

‫‪ ‬السجف المؤبد‪،‬‬

‫السجف المؤقت مف خمس سنكات إلى ثالثيف سنة‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ ‬اﻹقامة اﻹجبارية‪،‬‬

‫‪ ‬التجريد مف الحقكؽ الكطنية‪،‬‬

‫عقوبة التجريد من الحقوق الوطنية ‪ ,‬فبربطيا‬ ‫إال أف ما ييمنا في ىذا الفصؿ ىي‬
‫بمقتضيات الفصؿ ‪ 26‬مف نفس القانكف سكؼ نرل أنيا تشتمؿ عمى التدابير التالية‪:‬‬

‫"‪-1‬عزؿ المحككـ عميو كطرده مف جميع الكظائؼ العمكمية‪ ،‬ككؿ الخدمات واألعمال‬
‫العمومية‪.‬‬

‫‪....‬‬

‫‪ -3‬عدـ اﻷىمية لمقياـ بميمة عضك محمؼ أك خبير‪"...‬‬

‫"الخدمات واألعمال‬ ‫يطرح قذا الفصؿ إشكاال بخصكص تفسير ك تحديد دائرة عبارة‬
‫العمومية"‪ ،‬حيث اكتنفيا الغمكض بشكؿ يصعب معو تحديد الخدمات ك اﻷعماؿ المقصكدة مف‬
‫طرؼ المشرع كىؿ تمتد لتستكعب حتى أعماؿ التحكيـ اعتبا ار لككنيا خدمات ك أعماؿ منظمة‬
‫بمقتضى القانكف ك أداة لتسكية ك فض المنازعات بيف اﻷشخاص الطبيعييف أك المعنكييف ؟ أـ‬
‫أنيا ال تجبيا بتقدير أف اﻷعماؿ المنصكص عمييا في ىذا الفصؿ ال يقكـ بيا سكل الفرد الذم‬
‫خبير "المذككرة في الفقرة‬ ‫تتكفر فيو معايير المكظؼ العمكمي‪ ،‬كمف جية أخرل فيؿ عبارة "‬
‫الثالثة مف الفصؿ أعاله تمتد لتشمؿ حتى المحكـ تجسيدا لمرأم الذم يعتبر المحكـ خبي ار (‪)1‬؟‬

‫‪ - 1‬كنشير في ىذا الصدد عمى أف القضاء المغربي قد أعتبر المحكـ خبيرا‪ ،‬كذلؾ في قرار لممجمس اﻷعمى‪ ،‬الغرفة المدنية‬
‫عدد ‪ 1765‬الصادر بتاريخ ‪ 07/07/1992‬منشكر بمجمة المحاكـ المغربية عدد ‪ 75‬إذ نص في إحدل حيثياتو عمى ما يمي‪:‬‬
‫"‪...‬إن مقرر التحكيم يختمف عن الحكم القضائي لكونو يصدر من خبراء يمارسون مينة حرة ويستمدون صالحيتيم من إرادة‬
‫األطراف‪."...‬‬
‫راجع مجمة القصر‪ ،‬العدد الثاني ‪ ،‬مام ‪ ،2002‬ص ‪.104‬‬

‫‪23‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫إف فرضية اعتبار المحكـ خبي ار كأف أعمالو تعد خدمات كأعماؿ عمكمية تؤدم بمجرد‬
‫صدكر حكـ جنحي أك جنائي بإدانتو إلى منعو مف أداء الميمة التحكيمية‪ ,‬كما يعزز صحة ىذه‬
‫الفرضية ككف أعماؿ التحكيـ تدخؿ بدكرىا في اﻷعماؿ العمكمية‪ ,‬لصدكرىا عف مكظفيف‬
‫عمكمييف كذلؾ طبقا لركح الفصؿ ‪ 248‬مف القانكف الجنائي الذم ينص عمى ما يمي‪:‬‬

‫" يعد مرتكبا لجريمة الرشكة‪ ،‬كيعاقب بالحبس مف سنتيف إلى خمس‪ ،‬كبغرامة مف ألفي‬
‫درىـ إلى خمسيف ألؼ درىـ مف طمب أك قبؿ عرضا أك كعدا أك طمب أك تسمـ ىبة أك ىدية أك‬
‫أية فائدة أخرل مف أجؿ‪:‬‬

‫‪ -2‬إصدار قرار أك إبداء رأم لمصمحة شخص أك ضده‪ ،‬وذلك بصفتو حكما أو خبي ار‬
‫عينتو السمطة اإلدارية أو القضائية أو اختاره األطراف‪."...‬‬

‫اعتبر المحكـ مكظفا عمكميا بمفيكـ‬ ‫كبذلؾ نخرج باستنتاج مفاده أف المشرع قد‬
‫قذا القكؿ ككف مقتضيات ىذا الفصؿ قد‬ ‫القانكف الجنائي يقكـ بأعماؿ عمكمية‪ ،‬كما يعضد‬
‫جاءت ضمف الباب الثالث المتعمؽ بالجنايات كالجنح التي يرتكبيا الموظفون ضد النظام العام‪.‬‬

‫لممقتضيات المتعمقة بالتحكيـ حيث‬ ‫لـ يعد ق ذا النقاش مطركحا بعد تعديؿ المشرع‬
‫تدارؾ ىذا الفراغ لينص صراحة في الفصؿ ‪ 320‬منو عمى ما يمي‪:‬‬

‫لم يسبق أن صدر‬ ‫"ال يمكف إسناد ميمة المحكـ إال إلى شخص ذاتي كامؿ اﻷىمية‬
‫عميو حكم نيائي باإلدانة من أجل ارتكاب أفعال تخل بالشرف أو صفات اإلستقامة أو اآلداب‬
‫العامة أك بالحرماف مف أىمية ممارسة التجارة أك حؽ مف حقكقو المدنية"‪.‬‬

‫كنكد أف نشير إلى أف مشركع قانكف ‪ 08-05‬كاف ينص في فصمو ‪ 320‬عمى نفس‬
‫ىذه المقتضيات‪ ,‬باستثناء ما يتعمؽ بالحكـ بالحرماف مف أىمية التجارة أك مف حؽ مف الحقكؽ‬
‫المدنية التي تـ إضافتيا أثناء مناقشة المشركع أماـ مجمس النكاب (‪.)1‬‬

‫فبعد قراءتنا المتأنية لمفصؿ ‪ 320‬يمكننا الخركج بشرطاف يتعيف تحققيما لكي يمنع‬
‫عمى المحكـ مباشرة مياـ التحكيـ‪ ,‬كىي كالتالي‪:‬‬

‫‪- 1‬مشركع قانكف رقـ ‪ 08-05‬القاضي بنسخ كتعكيض الباب الثامف بالقسـ الخامس مف قانكف المسطرة المدنية‪ ,‬اﻷمانة العامة‬
‫لمحككمة (المطبعة الرسمية)‪ ,‬الرباط‪ ,‬السنة ‪.2006-1426‬‬

‫‪24‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫‪- 1‬يجب أف يصدر عميو حكما باﻹدانة مف أجؿ ارتكابو ﻷفعاؿ تخؿ بالشرؼ أك صفات‬
‫اﻹستقامة أك اآلداب العامة‪.‬‬

‫‪- 2‬يجب أف يككف ىذا الحكـ باتا كنيائيا‪ ،‬أم استنفذ جميع طرؽ الطعف العادية كغير‬
‫العادية‪.‬‬

‫ك ما يؤاخذ عمى قذا الفصؿ مف جية أكلى أنو لـ يذكر رد االعتبار ؾإستثناء مف ىذا‬
‫المنع بعد صدكر الحكـ باﻹدانة‪ ،‬سيما في تمؾ الحاالت التي ترتكب فييا المحكمة أخطاء‬
‫قضائية إذ ال يتـ تصحيحيا إال في مرحمة عرض القضية عمى المحكمة اﻷعمى درجة‪،‬‬
‫كبالمقابؿ ق ذا ما تنبيت إليو بعض التشريعات المقارنة خالؿ صياغتيا لمثؿ ىذه‬
‫المقتضيات(‪.)1‬‬

‫كمف جية أخرل لكحظ عمى المشرع حصره لألفعاؿ الجرمية المرتكبة مف قبؿ‬
‫المحكميف التي بإدانتيـ مف أجميا يمتنع عمييـ تقمد المياـ التحكيمية في اﻹخالؿ بالشرؼ‬
‫كصفات االستقامة كاآلداب العامة فقط‪ ،‬إذ كاف عميو تفاديا لسمبيات مثؿ ىذا الحصر أف ينص‬
‫ال عمى سبيؿ الحصر (مع مراعاة الجرائـ البسيطة) (‪ ،)3‬فبمفيكـ‬ ‫(‪)2‬‬
‫عمى الجرائـ بصفة عامة‬
‫مخالفة معنى ىذا الفصؿ م جكز لؿمحكـ الذم أ ديف مف أجؿ جريمة القتؿ العمد أك اﻹيذاء‬
‫العمدم ممارسة أعماؿ التحكيـ‪ ،‬بينما سيتعذر عميو ذلؾ لك أديف مف أجؿ جريمة خيانة اﻷمانة‬
‫أك السرقة مثال !! ‪.‬‬

‫أما فيما يتعمؽ بالحكـ عمى المحكـ بالحرماف مف أىمية ممارسة التجارة كالمنصكص‬
‫عمييا في الفقرة اﻷخيرة مف الفصؿ ‪ 320‬أعاله فإنو ىك اﻷخر سيؤدم إلى منعو مف أداء مياـ‬
‫التحكيـ‪ ،‬كما ينبغي اﻹشارة إليو ىك أف ىذا الحرماف قد يتعارض مع المقتضيات القانكنية‬

‫‪- 1‬ك تنص المادة ‪ 16‬مف قانكف التحكيـ المصرم ‪ ،‬مرجع سابؽ عمى ما يمي‪..." :‬أك مجردا مف حقكقو المدينة بسبب الحكـ‬
‫عميو في جناية جنحية مخمة بالشرؼ أك بسبب شير إفالسو ما لم يرد إليو اعتباره"‪.‬‬
‫كىناؾ مف التشريعات التي خالفت ىذا المبدأ كقضت عمى أف المحكـ بالرغـ مف رد اعتباره فال يمكنو أف يصبح محكما كىذا‬
‫ما جاءت بو المادة ‪ 15‬مف قانكف التحكيـ اﻷردني‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬
‫أم " ال يجكز أف يككف المحكـ قاص ار أك محجك ار عميو أك محركما مف حقكقو المدنية بسبب الحكـ عميو بجناية أك بجنحة مخمة‬
‫بالشرؼ أك بسبب شير إفالسو ولو رد إليو اعتباره‪"...‬‬
‫‪-2‬د‪.‬ىدى محمد حمدي عبد الرحمان‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص ‪.93‬‬
‫‪ -3‬كمثاؿ ذلؾ مخالفات السير‪ ،‬كالغرامات الضئيمة‪ ،‬لمتكسع أنظر توماس كالي‪ ،‬ـ‪ .‬س‪ ،‬ص ‪. 381‬‬

‫‪25‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫‪ 711‬كما يمييا مف مدكنة‬ ‫المتعمقة بسقكط اﻷىمية التجارية المنصكص عمييا في المكاد‬
‫التجارة(‪.)1‬‬

‫كتنص المادة ‪ 711‬عمى أنو‪:‬‬

‫"يترتب عمى سقكط اﻷىمية التجارية منع اﻹدارة أك التدبير أك التسيير أك المراقبة بصفة‬
‫مباشرة أك غير مباشرة لكؿ مقاكلة تجارية أك حرفية كلكؿ شركة تجارية ذات نشاط اقتصادم"‪.‬‬

‫كفي نفس السياؽ نشير إلى أف اؿفصؿ ‪ 320‬مف القانكف ‪ 08-05‬المشار إليو أعاله‬
‫حينما أكرد الحكـ بالحرماف مف اﻷىمية التجارية كمانع مف مزاكلة مياـ التحكيـ لـ ينص عمى‬
‫ضركرة مراعاة المادتيف ‪ 719‬ك ‪ 720‬مف مدكنة التجارة عند تطبيؽ الفصؿ أعاله‪ ،‬سيما ك أف‬
‫ىاتاف المادتاف تنصاف مف جية عمى أف الحكـ بسقكط اﻷىمية التجارية ينتيي أثره بقكة القانكف‬
‫بمجرد انتياء اﻷجؿ المحدد لو دكف حاجة إلى انتظار صدكر حكـ قضائي آخر يقر ذلؾ‪ .‬كمف‬
‫مساطر معالجة‬ ‫جية أخرل عمى أف قفؿ المسطرة بسبب انقضاء الخصكـ كإجراء في إطار‬
‫صعكبات المقاكلة يعيد اﻷىمية التجارية لرئيس المقاكلة أك لمسيرم الشركة بقكة القانكف‪ ،‬ىذا مع‬
‫مراعاة أحكاـ المادة ‪ 720‬مف مدكنة التجارة التي رتبت جزاء رد االعتبار لممحككـ عميو بسقكط‬
‫أىميتو التجارية بعد إرجاعيا إليو مف قبؿ المحكمة المختصة‪.‬‬

‫‪ 320‬مف القانكف الجديد بشأف اﻷىمية التجارية‬ ‫لذا فإف تطبيؽ مقتضيات الفصؿ‬
‫تقتضي إعماؿ قذا المنع مف مزاكلة مياـ التحكيـ في حالة الحكـ عمى المحكـ بسقكط أىميتو‬
‫التجارية و لو تم رد اعتباره‪.‬‬

‫المغربي ىذا كاف فيو إجحاؼ كبير في حؽ المحكميف‬ ‫كال شؾ أف مكقؼ المشرع‬
‫المعنييف باﻷمر ‪ ،‬خاصة كأف مقتضيات الفصؿ ‪ 320‬أعاله تتمتع بأكلكية التطبيؽ عمى غيرىا‬
‫مف النصكص القانكنية ﻹعتبارىا قد جاءت ضمف المساطر الخاصة المنصكص عمييا في‬
‫ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ‪ ،‬فكيؼ يستساغ أف يحرـ المحكـ مف ممارسة أعماؿ التحكيـ كالذم تـ الحكـ الحقا برد‬
‫اعتباره بعدما برئ مف اﻷفعاؿ المنسكبة إليو؟‬

‫‪ 4418‬بتاريخ ‪ 19‬جمادل اﻷكلى ‪1407‬‬ ‫‪ -1‬القانكف رقـ ‪ 15.95‬المتعمؽ بمدكنة التجارة‪ ،‬المنشكر بالجريدة الرسمية عدد‬
‫(‪3‬أكتكبر ‪.)1996‬‬

‫‪26‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫أعماؿ التحكيـ يمكف ممارستيا بالمغرب مف‬ ‫كفي نفس اﻹطار نشير أخي ار إلى أف‬
‫في مكاجيتيا‬ ‫طرؼ المحكميف الكطنييف كاﻷجانب كلك كانت ىذه الفئة اﻷخيرة قد صدرت‬
‫أحكاما جنائية أك جنحية بسبب ارتكابيا ﻷعماؿ تمس بالشرؼ في دكلتيا اﻷصمية ‪ ،‬ما دامت‬
‫أنيا أفعاال غير مجرمة في القانكف الجنائي المغربي‪ ،‬كىذا ما يستشؼ مف ركح المادة ‪ 719‬مف‬
‫قانكف المسطرة الجنائية‪ ،‬كالتي تنص عمى ما يمي‪:‬‬

‫"ال يمكف أف يسمـ لدكلة أجنبية أم شخص إذا لـ يكف متابعا أك محككما عميو بعقكبة‬
‫من أجل أفعال ينص عمييا ىذا القانون"‪.‬‬

‫كبعد معالجة ىذا المكضكع ننتقؿ إلى مقاربة الجنسية المتطمبة في الييئة التحكمية في‬
‫إطار القانكف المغربي‪ ،‬كذلؾ في الفقرة التالية‪.‬‬

‫انفمزح انزاثؼخ‪ :‬شزؽ جُس‪ٛ‬خ انًحكى‬


‫(‪ ،)1‬كذلؾ تجسيدا‬ ‫إف اﻷصؿ في اختيار المحكـ يعكد أساسا ﻹدارة أطراؼ التحكيـ‬
‫لمبدأ سمطاف اﻹرادة‪ ،‬لذا يمكف أف يتـ تعينو مف بيف المكاطنيف أك مف بيف اﻷجانب ذكم‬
‫الجنسيات المغايرة لجنسية أطراؼ التحكيـ(‪.)2‬‬

‫كالمشرع المغربي لما تطرؽ لتنظيـ التحكيـ في ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ لـ يشر إلى الجنسية المتطمبة‬
‫في المحكـ (‪ ،)3‬كبذلؾ يككف قد فسح المجاؿ ضمنيا أماـ اﻷجانب ليزاكلكا مياـ التحكيـ بالتراب‬
‫المغربي‪ ،‬تطبيقا لقاعدة أف اﻷصؿ في اﻷشياء اﻹباحة بينما الحظرىك االستثناء (‪.)4‬‬

‫‪ -1‬كىذا ما نصت عميو الفقرة الثانية مف المادة ‪ 15‬مف قانكف التحكيـ اﻷردني المشار إليو سابقا إذ تنص عمى ما يمي‪:‬‬
‫"‪...‬ب‪ -‬ال يشترط أف يككف المحكـ مف جنس محدد أك جنسية معينة‪ ،‬إال إذا اتفؽ طرفا التحكيـ أك نص القانكف عمى خالؼ‬
‫ذلؾ "‪.‬‬
‫كنفس المقتضيات نص عمييا الفصؿ ‪ 11‬مف مرسكـ ‪ 14‬مام ‪ 1980‬الفرنسي المتعمؽ بالتحكيـ‪.‬‬
‫‪-2‬كىناؾ مف الفقو مف يجيز لألجنبي أف يقكـ بالتحكيـ‪ ،‬إذ قاؿ"‪...‬كعمى ىذا يمكف أف تقكـ بالتحكيـ ىيئة ذات شخصية‬
‫اعتبارية كيمكف أف يقكـ بو شخص أجنبي‪ .”.‬أحمد سعيد المومني‪,‬التحكيـ في التشريع اﻷردني كالمقارف‪ ،‬مطبعة التكفيؽ بعماف‪،‬‬
‫ط اﻷكلى‪ ،1983‬ص‪.218‬‬
‫‪-3‬أنظر رحال البوعناني‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.112‬‬
‫‪- 4‬كمع ذلؾ فإف ىناؾ مف الفقو المغربي مف ال يجيز تعييف اﻷجنبي محكما في التحكيـ الداخمي‪ ،‬إذ يقكؿ"‪...‬حيث نرل عدـ‬
‫جكاز تعييف المحكـ اﻷجنبي في التحكيـ الداخمي ال الخارجي أك الدكلي أك اﻷجنبي‪ ،‬ال بدافع الكطنية الضيقة‪ ،‬كانما بدافع‬

‫‪27‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫كىذا ما سارت عميو معظـ اﻷنظمة القانكنية ‪ ،‬إذ لـ تشترط ضركرة تكفر جنسية معينة‬
‫في المحكـ‪ ،‬كانما تركت صالحية تحديدىا ﻹرادة اﻷطراؼ فقط (‪.)1‬‬

‫كبرجكعنا إلى القانكف الفرنسي الذم يعتبر مرجعا لمتشريع المغربي نجده كاف يحرـ‬
‫‪ 13‬مف مدكنة نابميكف‪ ,‬إلى أف تـ‬ ‫اﻷجانب مف تكلي مياـ التحكيـ‪ ،‬كذلؾ بمقتضى الفصؿ‬
‫(‪)2‬‬
‫كذلؾ ابتداء مف تاريخ ‪ 3‬مارس ‪،1828‬‬ ‫قبكليـ لتكلييا بصفة إستثنائية في التحكيـ اﻹختيارم‬
‫إال أنو كعمى إثر صدكر قرار عف محكمة االستئناؼ بشامبيرم بتاريخ ‪ 15‬مارس ‪ 1875‬أصبح‬
‫معو لألجانب الحؽ في تقمد مياـ التحكيـ بجميع أنكاعو(‪.)3‬‬

‫بوذا الخصكص ‪ ،‬اﻷكؿ كىك‬ ‫أما عمى مستكل الفقو الفرنسي فقد انقسـ إلى اتجاىيف‬
‫الراجح كاف ال يعارض إمكانية اختيار المحكـ مف بيف اﻷجانب مادامت إرادة اﻷطراؼ تسمح‬
‫بذلؾ‪ ،‬كمف بيف ىذا الفقو نذكر الفقياء بوشي وارتوس برتران‪ ،‬وديبون وكوبو (‪ ،)4‬أما اﻷتجاه‬
‫تعييف المحكميف مف اﻷجانب ككاف ذلؾ‬ ‫الثاني فكاف يمثؿ اﻷقمية التي تمسكت بعدـ إمكانية‬
‫إلى حدكد سنة ‪ ،1953‬مستنديف في ذلؾ عمى قرار قديـ كاف قد صدر عف محكمة النقض‬
‫(‪)5‬‬
‫الفرنسية كالذم منع عمى اﻷجانب تكلي مياـ التحكيـ‪ ،‬كذلؾ في قضية كانت تسمى بفموغيال‬
‫كمف ىذا الفقو نذكر الفقياء بونسرن وبوربو‪ ،‬وكارسونيي(‪.)6‬‬

‫كقد أصبح ىذا المنع متجاك از في معظـ النظـ القانكنية المعاصرة بما فييا ذات الطابع‬
‫االتفاقي الدكلي‪ ،‬إذ أضحت ال تعتبر جنسية المحكـ حاج از لممارسة كظائؼ التحكيـ‪.‬‬

‫الشرعية القانكنية‪ ،‬مالـ يتغير القانكف التحكيمي كيفتح الباب صراحة لتحكيـ المحكـ اﻷجنبي في التحكيـ الداخمي! ذلؾ أف‬
‫القضاء بعد اﻹستقالؿ أسس عمى ثالثة مبادئ جكىرية‪:‬التكحيد(قانكف ‪ 26‬يناير ‪,)1965‬كالتعريب كالمغربة(قانكف ‪ ،)1965‬كىي‬
‫مبادئ تشمؿ في نظرنا إلى جانب القضاء التحكيـ باعتباره نظاما قضائيا اختياريا لمفصؿ بيف الناس كالجياز القضائي الرسمي‬
‫سكاء بسكاء" د‪.‬أحمد شكري السباعي‪,‬ـ س‪,‬ص‪.277‬‬
‫‪-1‬كىناؾ مف التشريعات مف سمح لمقانكف بتحديد ىذه الجنسية كالمادة ‪ 15‬مف قانكف التحكيـ اﻷردني‪.‬‬
‫‪-2‬بينما كاف أداء كظيفة التحكيـ اﻹجبارم حك ار عمى المكاطنيف الفرنسييف ‪.‬‬
‫‪- 3‬راجع توماس كالي (‪ ،)Thomas clay‬ـ س‪ ،‬ص ‪.442‬‬
‫‪ - 4‬أسماؤىـ بالفرنسية‪:‬‬
‫‪P.B.boucher, Arthur- Bertrand, A.Dupont, J.F.Goubeau ,op.cit thomas clay p 442‬‬
‫‪ - 5‬راجع ىذه اآلراء الفقيية مذككرة في المرجع نفسو طوماس كـال ي‪ ,‬ص ‪.442‬‬
‫‪ -6‬أسماؤىـ بالفرنسية‪:‬‬
‫‪P.Boncernne, O.Bouchabeau, E.Garsonnet,Ch.Cézar-Br, op.cit thomas clay p 442‬‬

‫‪28‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫كىذا ما سارت عميو عدة اتفاقيات دكلية‪ ،‬كمنيا اﻹتفاقية اﻷكربية لمتحكيـ التجارم‬
‫(‪)2‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫المعتبرة قانكنا مكحدا في مادة‬ ‫كاﻹتفاقية اﻷمريكية الالتينية لمتحكيـ الدكلي‬ ‫الدكلي‬
‫(‪)4‬‬
‫‪ ،‬كمشركع ‪Unidroit‬‬ ‫التحكيـ(‪،)3‬كالقانكف النمكذجي ( ‪ )CNUDCI‬في فصمو الكاحد كالعشريف‬
‫لمقانكف المكحد لمتحكيـ المقترح سنة ‪ 1938‬في فصمو الحادم عشر‪.‬‬

‫بؿ أكثر مف ذلؾ ىناؾ مف التشريعات مف يفضؿ تعيف المحكـ الثالث ضمف الييئة‬
‫التحكيمية مف جنسية غير تمؾ التي يحمميا اﻷطراؼ‪ ،‬كىذا ما أخذ بو التشريع اﻷلماني الجديد‬
‫(‪)5‬‬
‫‪.‬‬ ‫لمتحكيـ في فصمو ‪1035‬‬

‫كنفس اﻹتجاه سار عميو قانكف التحكيـ التجارم الدكلي لدكلة ككلكمبيا ‪-‬البريطانية (‬
‫كندا )الصادر في سنة ‪ ,1986‬كذلؾ في الفقرة ‪ 9‬مف الفصؿ‪.)6( 11‬‬

‫بينما ىناؾ مف التشريعات اﻷجنبية مف ذىب عكس ىذا اﻹتجاه‪ ,‬مضيقة بذلؾ مف‬
‫إمكانية اختيار المحكـ مف اﻷجانب‪,‬كمثالنا ىنا التشريع التشيككسمكفاكي (سابقا) كقكانيف بعض‬
‫الدكؿ اﻷمريكية الالتينية المعركفة بعدائيا الكبير لمتحكيـ ‪ ،‬كالشيمي كاﻹككاتكر كاليندكراس‪،‬‬
‫كفنزكيال ك ككلكمبيا(‪ ،)7‬ككاف ذلؾ إلى حدكد سنكات الثمانينات مف القرف الماضي (‪.)8‬‬

‫‪- 1‬المكقعة بمدينة جنيؼ السكيسرية بتاريخ ‪ 21‬أبريؿ ‪( 1961‬الفصؿ الثالث)‪.‬‬


‫‪ -2‬المكقعة في باناما بتاريخ ‪ 30‬يناير ‪( 1975‬الفصؿ الثالث)‪.‬‬
‫‪- 3‬المكقعة بمدينة ستراسبكرغ الفرنسية بتاريخ ‪ 20‬يناير ‪( 1966‬الفصؿ الثاني)‪.‬‬
‫‪ -4‬كتنص ىذه المادة عمى مايمي‪:‬‬
‫‪« Nul ne peut en raison de sa nationalité être empêche d’exercer, des fonctions d’arbitre sauf‬‬
‫‪convention contraire des parties ».‬‬
‫‪-5‬ك ينص قذا الفصؿ عمى ما يمي‪:‬‬
‫‪« ...Il peut être souhaitable de nommer un arbitre d’une nationalité différente de celle des‬‬
‫» ‪parties‬‬

‫" مف المفضؿ أف يعيف المحكـ مف جنسية مغايرة لجنسية اﻷطراؼ"‪.‬‬


‫‪ - 6‬كذات المنحى ذىب عميو نظاـ محكمة لندف لمتحكيـ التجارم( ‪ )London Court of International Arbitration‬ك‬
‫ذلؾ في المادة ‪ 6‬منو‪ ،‬إذ نصت عمى ما يمي‪:‬‬
‫" ‪ : 1-2‬عندما يككف اﻷطراؼ مف جنسيات مختمفة ‪ ,‬ال يجكز أف يككف المحكـ الفرد أك رئيس المحكمة التحكيمية مف جنسية‬
‫أحد اﻷطراؼ‪ ،‬إال إذا اتفؽ اﻷطراؼ الذيف ال يحممكف نفس جنسية المحكـ المقترح تعيينو كتابػة عمى عكس ذلؾ‪. " ...‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬عبد الحميد األحدب‪ ،‬مكسكعة التحكيـ‪ ،‬التحكيـ الدكلي‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬دار المعارؼ‪ ،‬ص ‪.584‬‬
‫‪-7‬د‪ .‬عبد الحميد األحدب ‪ ،‬ـ س ‪.183 ،‬‬
‫‪- 8‬أنظر طوماس كالي‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.443‬‬

‫‪29‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫كنفس المنحى اتبعتو بعض التشريعات اﻷكربية إلى زمف غير بعيد‪ ,‬كمنيا التشريع‬
‫‪ ،1983‬كالتشريع البرتغالي‬ ‫اليكناني إلى حدكد سنة ‪ ،1971‬كالتشريع اﻹيطالي إلى غاية سنة‬
‫إلى متـ سنة ‪ ،1986‬بينما يكجد مف القكانيف مف تتشدد في ضركرة انتماء المحكـ إلى فئة‬
‫المكاطنيف ال سيما في إطار التحكيـ الداخمي‪ ،‬كمنيا القانكف الككلكمبي (‪ ،)1‬كالقانكف السعكدم‬
‫في مادتو الرابعة مف الالئحة التنفيذية لنظاـ التحكيـ التي نصت عمى حصر أداء مياـ التحكيـ‬
‫عمى اﻷشخاص ذكم الجنسية السعكدية كمعتنقي الديانة اﻹسالمية (‪.)2‬‬

‫كبالنسبة لمتشريع المغربي ؼبالرغـ مف التعديؿ الذم طاؿ اؿمقتضيات المنظمة ؿلتحكيـ‬
‫بمقتضى قانكف ‪ 08-05‬فإنو لـ يأتي بفصؿ صريح يشير إلى إمكانية تعييف اﻷجنبي محكما‬
‫‪327 -24‬منو تكحي كلك بصكرة ضمنية‬ ‫ككؿ ما يمكف قكلو ىك أف تحميؿ مقتضيات الفصؿ‬
‫عمى أف المحكـ يجكز أف يعيف مف بيف اﻷجانب ‪.‬‬

‫كينص ىذا الفصؿ عمى مايمي‪:‬‬

‫"يجب أف يتضمف الحكـ التحكيمي بياف ما يمي‪:‬‬

‫‪-‬أسماء المحكميف الذيف أصدركه كجنسياتيم كصفاتيـ كعناكينيـ‪. "...‬‬

‫ما يعزز فرضية جكاز تعييف‬ ‫فباﻹضافة إلى إيراد كممة جنسيات بصيغة الجمع فإف‬
‫اﻷجنبي محكما ضمف الييئة التحكيمية ىك كضع المشرع ليذا الفصؿ ضمف الفرع اﻷكؿ‬
‫المنظـ لمتحكيـ الداخمي‪.‬‬

‫لذا نخمص مف خالؿ الفصؿ أعاله أف المشرع قد أعترؼ بإمكانية إسناد الميمة‬
‫‪،‬‬ ‫التحكيمية إلى اﻷجانب‪ ،‬عكس القانكف القديـ الذم لـ يكف كاضحا بخصكص ىذا المكضكع‬
‫كلك أنو كاف بإمكاف المشرع في القانكف الجديد تالفيا ﻷم إلتباس أك خالؼ فقيي حكؿ ىذ ق‬

‫‪ - 1‬راجع المرسوم الكولومبي عدد ‪ 2279‬المؤرخ في ‪ 7‬أكتكبر ‪( 1989‬الفصؿ ‪ , )8‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.443‬‬
‫‪ -2‬إال أنو ‪ " :‬فالنظاـ السعكدم يشترط في المحكميف أف يككنكا مسممكف ك ذككرا‪ ،‬كلكف بانضماـ العربية السعكدية إلى اتفاقية‬
‫نيكيكرؾ أصبح باﻹمكاف القكؿ أف شرط الديف كالجنس يطبقاف عمى التحكيـ الداخمي كلـ يعد يطبقاف عمى التحكيـ الدكلي "‪.‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬عبد الحميد األحدب‪ ،‬ـ س ‪.183,‬‬

‫‪30‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫(‪)1‬‬
‫خاصة كأف مثؿ ق ذا التنصيص سيحقؽ ال محالة‬ ‫النقطة أف يعترؼ بذلؾ اعترافا صريحا‪.‬‬
‫لمراكز التحكيـ المغربية فرصة اﻹستفا ذة مف خبرة المحكميف اﻷجانب(‪.)2‬‬

‫بعد اﻹحاطة بالشركط القانكنية المرتبطة بشخص المحكـ ال مناص مف التساؤؿ حكؿ‬
‫الشركط المتعمقة بشخصيتو كما إ ذا كاف المشرع قد أغفميا أـ أحاط بيا ؟ ىذا ما سنتطرؽ إليو‬
‫مف خالؿ المطمب الثاني‪:‬‬

‫انًطهت انثبَ‪ :ٙ‬انشزٔؽ انًتؼهمخ ثشخظ‪ٛ‬خ انًحكى‬


‫بإقداـ غالبية دكؿ المعمكر عمى رفع حكاجزىا الجمركية دخمت مختمؼ السمع كالخدمات‬
‫الدكلية إلى أسكاقيا الداخمية‪ ،‬مما نتج عنو نشكء قضايا عديدة كمتنكعة أضحت تتزاحـ أماـ‬
‫الييئات التحكيمية مف اجؿ تسكيتيا‪ .‬فباكتشاؼ أسكاؽ عالمية جديدة مع ما صاحب ذلؾ مف‬
‫تزايد في حجـ المبادالت التجارية العالمية جعؿ ىذه القضايا تصبح أكثر تعقدا‪ ،‬الشيء الذم‬
‫اضطرت معو ىذه الييئات إلى استقطاب شريحة معينة مف المحكميف تتكافر فييـ الكفاءات‬
‫العالية يستطيعكف بيا حؿ نزاعات اﻷطراؼ ‪.‬‬

‫كاذا كاف المشرع المغربي قد سمح بمجكء الخصكـ ؿ ﻹ ستفادة مف خدمات المحكميف‬
‫عمى غرار باقي التشريعات المقارنة‪ ،‬فيؿ اشترط مستكل تعميمي معيف في أعضاء ىيئة التحكيـ‬
‫تتسـ بدرجة مف‬ ‫كضمانة تحمي اﻷطراؼ المتنازعة ‪ ،‬سيما كأف الظركؼ االقتصادية الراىنة‬
‫التعقيد؟ (الفقرة اﻷكلى)‪ ،‬ك إذا كانت الخبرة تمعب دك ار حاسما في فض النزاعات‪ ،‬فإلى أم حد‬
‫استطاع المشرع فرضيا عمى المحكميف؟ (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫انفمزح األٔنٗ‪ :‬انتكٕ‪ ٍٚ‬انذراس‪ ٙ‬نهًحكى‬


‫لـ ينص المشرع المغربي في ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ عمى أم بند يستفاد منو ضركرة ككف المحكـ‬
‫(‪,)3‬إال أف التحكالت‬ ‫يعرؼ القراءة ك الكتابة‪ ،‬كانما ترؾ ذلؾ إلى اﻹرادة الحرة لألطراؼ‬

‫‪- 1‬كذلؾ كما جاء في المادة ‪ 21‬مف القانكف النمكذجي لالكنستراؿ الصادر سنة ‪.1985‬‬
‫‪ - 2‬عمما أف أغمب المراكز التحكيمية المغربية الزالت في بداية مشكارىا كلـ تكتسب بعد الخبرة المرجكة مقارنة بتمؾ المراكز‬
‫المنتشرة في أكربا كغرفة التجارة الدكلية بباريس (‪ ، ) CCI‬لذا يجب عمييا أف تستعيف بذكم الخبرة الكبيرة في التحكيـ قصد‬
‫النيكض بيا‪.‬‬
‫‪-3‬كىذا ما تترجمو الفقرة اﻷكلى مف الفصؿ ‪ 309‬مف ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ عمى ما يمي‪:‬‬

‫‪31‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫اﻹجتماعية كاﻹقتصادية التي يعرفيا المغرب في اآلكنة اﻷخيرة جعمت معظـ الفعاليات تستجيب‬
‫لمتطمبات ىذه الظرفية بما فييا الييئات التحكيمية‪ ،‬فبعدما كاف دكرىا يقتصر عمى حؿ‬
‫بيف الشركاء في الشركات التجارية التي‬ ‫النزاعات الناشئة غالبا بيف نفس أصحاب المينة أك‬
‫‪ ،‬فإنيا أصبحت في الكقت الراىف بفعؿ العكلمة التي‬ ‫كانت إلى عيد قريب شركات عائمية‬
‫اكتسحت المغرب مؤىمة لمفصؿ في خالفات الشركات الكبرل‪ ،‬كذلؾ لتعدد مزايا مؤسسة التحكيـ‬
‫التي تنفرد بيا عف مؤسسة القضاء(‪.)1‬‬

‫كلتسييؿ مأمكرية ىذه الييئات كاف البد عمى المشرع أف يضع ضكابط خاصة يحترميا‬
‫كؿ مف أراد أف يتقمد مياـ اؿمحكـ‪ ،‬كمف بينيا عمى الخصكص كجكب حصكلو عمى تأىيؿ‬
‫(‪.)2‬‬ ‫عممي كلغكم معيف حتى يتأقمـ مع محيطو الجديد الذم يغمب عميو طابع السرعة كالتعقيد‬
‫كلكي تفصؿ ىيئة التحكيـ في النزاع البد ك أف تككف ذات إطالع كاسع عمى القكانيف الكاجبة‬
‫ف‬ ‫التطبيؽ التي قد تككف في غالب اﻷحياف أجنبية عنيا‪ ،‬كحتى تتحقؽ ىذه الغاية كاف البد أ‬
‫يككف أعضاء ىذه الييئة عمى درجة عالية مف التككيف المغكم كالعممي لكي يتسنى ليـ فيـ‬
‫معنى كركح ىذه القكانيف(‪.)3‬‬

‫كمف جية أخرل فإف تعدد الكثائؽ المتعمقة بالنزاع المعركض عمى أنظار ىذه الييئة‬
‫كالتي تككف غالبا محررة بمغات أجنبية نظ ار لطبيعة ىذا النزاع‪ ،‬فإنو يضطر معو المحكـ أف‬
‫يتقف أكثر مف لغة لكي يتجاكب مع ىذه المستندات‪ ،‬أما في حالة تعذر تمكنو مف ىذه المغات‬
‫فإف مصالح اﻷطراؼ تصبح في خطر كبير نتيجة جيؿ الييئة التحكيمية‪.‬‬

‫نستحضر ؾذلؾ أف المحكـ ذم التككيف المغكم تككف لو مف القدرة ما يكفي ﻹدارة‬


‫مسطرة التحكيـ بسرعة كبيرة ك فاعمية عالية‪ ،‬ك ىذا ما يؤىمو إلى تحديد الخطة اﻹجرائية‬

‫" يمكف لألطراؼ أف يتفقكا في كؿ عقد عمى عرض المنازعات التي قد تنشأ بصدد تنفيذ ىذا العقد عمى المحكميف‪."...‬‬
‫كبذلؾ فمـ ينص عمى أم شرط يتعمؽ بتحديد المستكل الدراسي لممحكميف‪.‬‬
‫كقد تركت أحكاـ قانكف التحكيـ المصرم أيضا الحرية لألطراؼ في اختيار المحكميف ك لـ تشترط فييـ أم كفاءة عممية‪ ،‬حيث‬
‫نصت المادة ‪ 17‬في فقرتيا اﻷكلى عمى أنو" لطرفي التحكيـ االتفاؽ عمى اختيار المحكميف كعمى كيفية ككفؽ اختيارىـ"‪.‬‬
‫راجع‪ ،‬ىدىمحمد حمدي عبد الرحمان‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص ‪.112‬‬
‫‪ -1‬كمف ىذا المزايا‪ ،‬السرعة‪ ،‬السرية‪ ،‬الكفاءة‪ ،‬التخصص‪...‬‬
‫‪ - 2‬كىذا ما ينطبؽ عمى أعماؿ التجارة الدكلية التي أصبح فييا المغرب عضكا فاعال‪.‬‬
‫‪ -3‬أنظر د‪.‬أحمد شكري السباعي‪ ,‬ـ س‪ ،‬ىامش ص‪.276‬‬

‫‪32‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫(‪ ,)1‬مما يجعمو‬ ‫المالئمة لمفصؿ في النزاع عمى نحك يتحقؽ معو السير الطبيعي ليذه اﻷخيرة‬
‫يصؿ إلى القرار الحاسـ كالعادؿ بسيكلة كبمرة‪.‬‬

‫إف العديد مف التشريعات المقارنة تحدد مجمكعة مف الشركط يتعيف تكفرىا في المحكـ‬
‫حتى يستطيع مباشرة الميمة التحكيمية‪ ،‬نذكر منيا القانكنيف االسباني كالككلكمبي لمتحكيـ‪ ،‬إذ‬
‫أنيما يشترطاف في المحكـ أف يككف محاميا حتى يفصؿ في المنازعات ذات الطبيعة‬
‫القانكنية(‪.)2‬‬

‫كبالرغـ مف صدكر التعديؿ الجديد‪ ,‬فمـ يذكر المشرع المغربي ما إذا كاف عمى المحكـ‬
‫أف يتكافر فيو تأىيؿ لغكم معيف أـ ال‪ ،‬كىذا السككت قد يعرض حقكؽ اﻷطراؼ لمضياع نتيجة‬
‫احتماؿ كضعيا رىف إشارة محكميف أميمف‪.‬‬

‫كباﻹطالع عمى مقتضيات الفقرة اﻷخيرة مف الفصؿ ‪ 321‬مف قانكف ‪ 08-05‬ك التي‬
‫نصت عمى كجكب دراسة الككيؿ العاـ لمممؾ لكضعية المحكميف قبؿ إدراجيـ في المكائح المعدة‬
‫ؿذلؾ قد يتبادر إلى اؿذىف أف المشرع يقصد كضعيتيـ الدراسية أك كفاءاتيـ المينية أك العممية‬
‫لكركد كممة " وضعيتيم" بشكؿ مبيـ ‪,‬إال أننا نعتقد أف اﻷمر ليس ؾ ذلؾ فمادمنا أماـ مقتضيات‬
‫ذلؾ فإف اآلماؿ ستبقى‬ ‫كردت في إطار مساطر خاصة فال يجكز التكسع في تفسيرىا‪ ,‬كمع‬
‫معمقة عمى الفقو المغربي مف أجؿ تكضيح مدلكؿ قذق العبارة مستقبال‪.‬‬

‫كمف كجية نظرم المتكاضعة فإنني أتفؽ مع ذلؾ الفقو الذم يعتبر أف الطابع الرضائي‬
‫لمتحكيـ كما يتمتع بو المحكـ مف سمطات كاسعة في إدارة النزاع يفترض معو إسناد ميامو إلى‬
‫شخص يتكفر عمى تأىيؿ عممي كلغكم مناسب (‪.)3‬‬

‫كما يجعمنا نتمسؾ بضركرة ككف المحكـ عمى جانب مف التعميـ ىك تنصيص بعض‬
‫التشريعات المقارنة عمى إلزاـ المحكميف بأف يصدركا مقرراتيـ التحكيمية بمغة الدكلة التي‬

‫‪ -1‬ىذا مع العمـ أف أىـ مميزات المجكء إلى التحكيـ ىي تمؾ السرعة في فصؿ المنازعات‪ ،‬فإذا لـ يتحقؽ ىذا المميز فإنو حينئذ‬
‫يفضؿ عرضيا عمى القضاء أصال‪.‬‬
‫‪ -2‬أنظر الفقرة الثانية مف الفصؿ ‪ 12‬مف قانكف التحكيـ االسباني‪ ،‬كنفس المقتضيات كاف ينص عمييا القانكف القديـ المؤرخ في‬
‫‪.1953‬‬
‫كأنظر أيضا المرسكـ الككلكمبي عدد ‪ 2279‬المؤرخ في ‪ 1989/10/07‬الفقرة الثانية الفصؿ ‪.7‬‬
‫‪ -3‬أنظر‪ ،‬ىدى محمد حمدي عبد الرحمان‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص ‪.112‬‬

‫‪33‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫متخذكنيا مق ار ليـ (‪ ،)1‬مع العمـ أف الفصؿ ‪ 327-10‬مف قانكف ‪ 08.05‬قد أعطى لمييئة‬
‫التحكيمية الحؽ في اختيار مكاف إجراء التحكيـ كالذم قد يقع خارج المغرب‪ ،‬كىذا ما سيجعؿ‬
‫تطبيؽ القكانيف الكاجبة التطبيؽ في محؾ حقيقي‪ ،‬سيما إذا كاف ىؤالء المحكميف ال يتقنكف لغ ة‬
‫الدكؿ التي اتخ ذكىا مق ار لمتحكيـ كالتي سيككف قانكنيا كاجب التطبيؽ ‪.‬‬
‫ة‬

‫كمف بيف الحجج المؤيدة لكجكب ككف المحكـ مؤىػال لغكيا ما نص عميو الفصؿ ‪319‬‬
‫مف قانكف ‪ 08-05‬حينما قضى بأف الييئة التحكيمية تتكفؿ بتنظيـ إجراءات التحكيـ الحر‬
‫كبتحديد المسطرة الكاجبة اﻹتباع‪ ،‬فمثؿ ىذه المياـ ال يستقيـ كالمنطؽ أف يؤدييا سكل ذلؾ‬
‫المحكـ ذ م التككيف المغكم الكاسع ‪ ،‬اعتبا ار لككنيا تتصؼ عادة بالتعقيد الشديد‪ ،‬فممتغمب عمى‬
‫كؿ ما مف شأنو التأثير عمى سيرىا العادم يفترض أف يتـ تعييف ىذا المحكـ مف فئة المحكميف‬
‫المشيكد ليـ بالكفاءة المغكية‪.‬‬

‫كبناء عمى ما سبؽ يتحتـ عمى المشرع المغربي أف ينص صراحة في أقرب تعديؿ‬
‫تشريعي عمى عدـ جكاز قبكؿ اﻷمي محكما ‪,‬حتى ال يدرج في القكائـ المينية لممحكميف سكل‬
‫مف تكافر ت فيو كؿ الشركط المكضكعية المتطمبة ليككف تبعا لذلؾ في مستكل النزاعات‬
‫المعركضة عؿل التحكيـ ‪.‬‬

‫كفي حالة ما إذا كانت الييئة التحكيمية عمى درجة كافية مف التأىيؿ المغكم‪ ،‬فيؿ‬
‫تكفرىا عمى خبرة معينة يعد شرطا ضركريا يالزميا طيمة المسطرة التحكيمية ؟عمما أف أغمب‬
‫يستمزـ ال محاؿ ىذه الخبرة‪،‬‬ ‫الييئات التحكيمية اﻷجنبية أصبحت تتجو نحك التخصص الذم‬
‫استطاع المشرع المغربي اﻹستجابة‬ ‫مثميا في ذلؾ مثؿ القضاء المتخصص‪ .‬كالى أم مدل‬
‫لمتطمبات ىذا المكضكع ؟ ككيؼ تعامؿ معو أثناء إعداده لقانكف ‪.08-05‬‬

‫سوف نحاول اإلجابة عن ىذه التساؤالت من خالل المطمب الموالي ‪.‬‬

‫انفمزح انثبَ‪ٛ‬خ‪ :‬خجزح انًحكى‬

‫‪ -1‬أنظر القانكف الالككسي ‪ la loi Laotienne‬الفصؿ ‪ 9‬مف مرسكـ الكزير اﻷكؿ عدد ‪ PM/106‬المتعمؽ بفض النزاعات‬
‫االقتصادية ك المؤرخ في‪.1996/07/15‬‬

‫‪34‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫تقديسا لمطبيعة االتفاقية لمتحكيـ فإف اﻷطراؼ كحدىـ مف محدد الشركط المتطمبة في‬
‫تماش مع الظرفية‬
‫ت ا‬ ‫(‪ .)1‬كاذا ما اعتبرنا أف ىذه الفكرة كانت‬ ‫المحكـ بما فييا شرط الخبرة‬
‫اﻹقتصادية في مرحمة مف المراحؿ الماضية‪ ،‬فإف تزايد حجـ القضايا المعركضة عمى التحكيـ ‪،‬‬
‫أضحت معو خبرة المحكـ في اآلكنة االخيرة ضركرة حتمية كممحة لتسكية النزاعات التقنية منيا‬
‫عمى الخصكص‪ ,‬كلك لـ يتـ اشتراطيا فيو مف قبؿ اﻷطراؼ‪ ،‬ىذا ما جعؿ الييئات التحكيمية‬
‫(‪.)2‬كما يؤكد أىمية تكافر‬ ‫تستقطب المحكميف الخبراء فقط تمبية لحاجيات فض ىذه النزاعات‬
‫الخبرة في المحكـ ىك استيداؼ اﻷطراؼ ليذا االخير لتمتعو بجميع اﻷدكات الفنية ا ؿالزمة التي‬
‫تمكنو مف حؿ نزاعاتيـ بكؿ نجاح‪ ،‬كالتي في غيابيا سيتعذر عميو اﻹلماـ بجميع جزئيات ىذه‬
‫النزاع المعركض عميو (‪.)3‬‬

‫كبالرغـ مف الدكر الياـ الذم تؤديو خبرة المحكـ في تسكية النزاع‪ ،‬فإف المشرع المغربي‬
‫كغيره مف جؿ القكانيف المقارنة لـ يتطمب تكفرىا في ىذا المحكـ ‪ ،‬كانما رفع يده عف ذلؾ تاركا‬
‫اختصاص اشتراطيا لفائدة أطراؼ النزاع (‪.)4‬رغـ أنو كاف عميو أف ينص عمى ضركرة تكفر‬
‫المحكـ عمى خبرة معينة‪ ،‬كلك في مكضكع النزاع المعركض عميو فقط‪ ،‬ﻷنو مف المفركض أال‬
‫يمجأ الخصكـ إلى طرح نزاعاتيـ المعقدة عمى محكميف ليسكا بخبراء في مكضكعيا‪ ،‬ىذا فضال‬
‫اؿزاع عمى مثؿ ىؤالء المحكيمف كبعدىا يتـ إحالتو عمى أحد الخبراء‬
‫أنو ال مستساغ طرح ن‬
‫ﻹستشارتو في حميا ك ذلؾ تحت نفقة اﻷطراؼ كما ىك عميو الحاؿ بالنسبة لمقضاء‪ ،‬كمف ىذا‬
‫المنطمؽ فإننا نتساءؿ عف إمكانية لجكء اﻷطراؼ مباشرة إلى الخبراء دكف المركر عف طريؽ‬
‫المحكميف أعػاله تكفي ار لممصاريؼ ك ربحا لمكقت؟‬

‫كاذا ما انطمقنا مف أف القاضي يستعيف عند بتو في القضايا بمساعدة دفاع اﻷطراؼ ك‬
‫‪ ،‬مما‬ ‫رأم الخبراء ‪ ،‬فإف المحكـ عكس ذلؾ ال تتاح لو مثؿ ىذه االمكانية في غالب االحكاؿ‬

‫‪-1‬راجع‪ ،‬ىدى محمد حمدي عبد الرحمان‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص ‪.108‬‬


‫اﻹقتصادية محكميف ليـ مف الخبرة ما يكفي لفض النزاعات‬ ‫‪-‬كيمكف القكؿ أنو أصبح في جميع المياديف كالتخصصات‬ ‫‪2‬‬

‫الناشئة عنيا‪.‬‬
‫‪ - 3‬كنريد االشارة ىنا إلى أف مبدأ اعتبار القاضي خبي ار لمخبراء بدأ يتالشى مع بركز العمكـ الحديثة كالمتنكعة ‪,‬إذ أصبح معيا‬
‫يحتاج ىك اﻷخر إلى غيره مف ذكم اﻹختصاص لتنكيره في اتخاذ القرار الصائب‪.‬‬
‫‪ - 4‬راجع قانكف التحكيـ المصرم الجديد رقـ ‪27‬لسنة‪ ،1994‬إذ لـ يكرد أم مقتضى ينص عمى ضركرة ككف المحكـ خبي ار‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫يككف معو تمتعو بالخبرة الػالزمة السػالح الحاسـ الكحيد لتنكير مسمكو في إدارة الدعكل قصد‬
‫إصدار مقر ار تحكيميا عادال‪.‬‬

‫كأكثر مف ذلؾ فإف الفقو الراجح قد جعؿ مف شرط خبرة المحكـ الضمانة اﻷساسية‬
‫كالممحة ﻹستقالليتو‪ ،‬فكمما أفتؽر إلييا كمما كاف أكثر عرضة لمتأثر باتجاىات كأراء اآلخريف بما‬
‫فييـ أطراؼ النزاع(‪.)1‬‬

‫كالغريب في اﻷمر أف كؿ ىذه المكاقؼ لمسناىػا لما أعدت اﻷمانة العامة لمحككمة سنة‬
‫‪ 2006‬لمشركع قانكف ‪ 08-05‬الذم يقضي بنسخ كتعكيض الباب الثامف مف القسـ الخامس‬
‫مف قانكف المسطرة المدنية‪ ،‬إذ تطرؽ إؿمىا بشكؿ جمي في الفصؿ ‪ 320‬منو كالذم كاف ينص‬
‫عمى ما يمي‪:‬‬

‫"اليمكف إسناد ميمة المحكـ إال إلى شخص ذاتي ذي خبرة ‪ ,"...‬بؿ ك أكثر مف ذلؾ‬
‫القانكف كما كافؽ عميو مجمس المستشاريف‬ ‫فإف نفس ىذه المقتضيات نص عمييا مشركع‬
‫بالبرلماف(‪.)2‬‬

‫إال أنو بتكالي إنعقاد الندكات كالمؤتمرات القانكنية لمناقشة ىذا المشركع كالتي تمت‬
‫كانت مف بينيا المائدة المستديرة‬ ‫بمساىمة كؿ مف القطاع العاـ كالقطاع الخاص‪ ،‬ك التي‬
‫المنظمة مف طرؼ كؿ مف الفريؽ االشتراكي بمجمس النكاب ك كحدة التككيف كالبحث "أنظمة‬
‫التحكيـ" بكمية الحقكؽ بسال (‪ )3‬التي حضرتيا مجمكعة مف فعاليات المجتمع المدني مف أساتذة‬
‫جامعييف‪ ,‬كمينييف‪ ,‬كقضاة‪ ,‬ك باحثيف‪ ،‬حيث تـ خالليا إثارة نقاش قانكني حاد حكؿ مدل‬
‫تطمب الخبرة المذككرة في الفصؿ أعاله لكحظ مف خاللو ك بكؿ أسؼ مياجمتيا بشراسة كبيرة‬
‫مف قبؿ العديد مف المتدخميف عمى اعتبار أف ىذه الخبرة قد جاءت في إطار غامض‪ ،‬خاصة‬

‫‪ -1‬راجع ىدى محمد حمدي عبد الرحمان ‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص‪.108‬‬


‫‪ - 2‬حيث كافقت لجنة العدؿ لدل مجمس المستشاريف باﻹجماع عمى ىذا المشركع القانكف بتاريخ ‪ ,2007-5- 07‬أنظر المكقع‬
‫اﻹلكتركني ليذا المجمس ‪ ،‬تاريخ الزيارة ‪.2008-4-18‬‬
‫‪http://www.chambredesconseillers.org/_mj6ar3.php?filename=200705091757040‬‬
‫‪5‬جمادل اﻷكلى ‪ 1428‬المكافؽ لػ‪. 2007.05.22‬‬ ‫كتـ نشره مف طرؼ اﻷمانة العامة لمحككمة بتاريخ‬
‫‪-3‬ككاف ذلؾ بمقر البرلماف بتاريخ ‪ 27‬يكنيك ‪ ،2007‬كالتي ألقى خالليا اﻷستاذ الدكتكر عزيز الفتح عرضا تفصيميا حكؿ‬
‫كضعية الييئة التحكيمية في ظؿ القانكف الجديد‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫فيما يتعمؽ بنكعيتيا كمعايير اعتمادىا أم ىؿ يتـ تحديدىا بكاسطة الشيادات المينية الصادرة‬
‫عف المعاىد العميا كالجامعات؟ أـ أنيا تقتصر فقط عمى تمؾ الخبرة التي تكتسب بفعؿ الممارسة‬
‫ك التجربة الشخصية؟‬

‫كنتيجة لمضغكط الممارسة عمى المشرع بفعؿ تحركات المكبيات المستفيدة مف إقبار‬
‫‪ 08-05‬دكف أف يشير في فصمو ‪320‬‬ ‫شرط الخبرة‪ ،‬صادؽ مجمس النكاب عمى القانكف رقـ‬
‫إلى أم مقتضى يستفاد منو اشتراط ككف المحكـ ذم خبرة‪ ،‬متراجعا بذلؾ عف المكقؼ الذم‬
‫تبنتو الغرفة الثانية مف البرلماف‬

‫كارتباطا بذات المكضكع فإف ىناؾ مف يرل أف الخبرة الفنية كحدىا ال تكفي لجعؿ‬
‫المحكـ يحيط بكؿ جكانب النزاع ميما كانت درجة خبرتو ىاتو‪ ،‬مؤكدا أنو يتعيف أف تكازييا خبرة‬
‫قانكنية(‪ .)1‬فقد يقكـ أطراؼ النزاع باختيار المحكـ مف كسطيـ الميني الذم يككف في غالب‬
‫التحكيمية القضائية‬ ‫اﻷحياف ذم خبرة فنية عالية إال أنو كمع ذلؾ فال يستطيع أداء ميمتو‬
‫عمى أحسف كجو ‪ ,‬كاحترامو لحقكؽ الدفاع كالمكاجية كغيرىا مف اﻹجراءات إذا لـ يكف عمى‬
‫(‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫بيفة مف القكاعد القانكنية التي عادة ما تككف صعبة اﻹدراؾ كمعقدة التطبيؽ‬

‫كنعتقد أف الفقيو فكشار كاف عمى صكاب حينما أشار إلى أف اﻹستعانة برجاؿ القانكف‬
‫شيء طبيعي في مجاؿ التحكيـ‪ ،‬لككف جؿ المنازعات التي تعرض عمى الييئة التحكيمية تبدأ‬
‫كتنتيي بتفسير نصكص ذات طبيعة قانكنية كىي ميمة ال يتقنيا مف حيث المبدأ سكل الضالع‬
‫في العمكـ القانكنية(‪.)3‬‬

‫كما يؤيد ىذا الرأم ىك عجز رجاؿ اﻷعماؿ ك الصناعة عف تجاكز التعقيدات القانكنية‬
‫التي تعترضيـ بمناسبة إبراميـ لمصفقات‪ ،‬كذلؾ ﻹفتقارىـ لممؤىالت كالميارات القانكنية‬
‫الضركرية لحميا‪.‬‬

‫‪-1‬أنظر د‪.‬أحمد شكري السباعي ‪،‬ـ س‪ ،‬ىامش ص ‪ ,276‬كأيضا ىدل محمد حمدم عبد الرحماف‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص ‪.110‬راجع كذلؾ‬
‫حساـ عيسى‪ ،‬دارسات في اآلليات القانكنية لمتبعية الدكلية‪ " :‬التحكيـ التجارم الدكلي"‪ ،‬ط ‪ ،1990‬ص ‪.16‬‬
‫‪-2‬كىذا ما دافع عنو الفقيو الفرنسي فيميب فوشار (‪،)ph.fouchard‬الذم أكد ضركرة اﻹستعانة برجاؿ القانكف في فصؿ ىيئة‬
‫التحكيـ في النزاع‪ ،‬المرجع فيميب فكشار‪ ،‬الشركط التحكيمية في االتفاقات الصناعية الدكلية‪ ،‬باريس‪ ،‬ط‪ ،1975‬ص‪.1‬‬
‫‪ -3‬راجع فميب فوشار(‪ ،)ph.fouchard‬ـ س‪ ،‬ص ‪.1‬‬

‫‪37‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫كأكثر أنكاع التحكيـ التي يتعيف فيما عمى المحكـ أف يككف ممما بقكاعد القانكف ىي‬
‫التحكيـ بالصمح‪ ،‬لككف العدالة المنشكدة مف كراءه ال يستطيع المحكـ تحقيقيا إال إذا كاف عارفا‬
‫لمقكاعد القانكنية التي تقكده إلييا‪ ،‬كىك ما سيجعمو في اﻷخير يحتاج إلى خبرة قانكنية سميمة‬
‫تنضاؼ إلى خبرتو الفنية‪ .‬كمف مزايا ككف المحكـ عمى دراية بالمسائؿ القانكنية سيكلة قيامو‬
‫بمراقبة كتقييـ تقارير الخبراء المنجزة بمناسبة النزاع المعركض عميو‪ ،‬سيما في تمؾ الحالة التي‬
‫ال ينتمي فييا إلى فئة اﻷشخاص ذكم الخبرة الفنية‪.‬‬

‫كحقيقة فإنو يعتبر مف النادر في عصرنا الحالي أف نعثر عمى محكـ مزدكج التككيف‪-‬‬
‫قانكني فني‪ -‬يفصؿ في النزاعات‪،‬إال أنو لمتغمب عمى ىذه الندرة فال مناص مف تعييف اﻷطراؼ‬
‫لخبير قانكني بيف أعضاء الييئة التحكيمية‪ ،‬كذلؾ مف أجؿ االستفادة مف ميارات ق القانكنية في‬
‫تسيير خصكمة التحكيـ كفي صياغة المقررات التحكيمية‪.‬‬

‫(‪،)1‬‬ ‫كلإلشارة فإف خيار ككف المحكـ خبي ار قد سارت عميو بعض التشريعات المقارنة‬
‫كمنيا نظاـ التحكيـ السعكدم الذم نص في مادتو الرابعة عمى ما يمي‪ ":‬يشترط في المحكـ أف‬
‫سكتت عف‬ ‫يككف مف ذوي الخبرة حسف السير كالسمكؾ"‪ ،‬في حيف أغفمت جؿ التشريعات ك‬
‫‪ 27‬الصادر‬ ‫تحديد ىذا الشرط كىذا ما سمكو المشرع المصرم في قانكف الجديد لمتحكيـ رقـ‬
‫سنة ‪.1994‬‬

‫أما بالنسبة لمتحكيـ المؤسساتي‪ ،‬فإف معظـ المكائح التحكيمية التابعة لمراكز التحكيـ‬
‫المنتشرة في مختمؼ بقاع العالـ قد اشترطت تكافر الخبرة في محكمييا ‪ ،‬كمف بيف ىذه اﻷنظمة‬
‫نذكر نظاـ المركز الدكلي لمتكفيؽ كالتحكيـ بالرباط التابع إداريا لغرفة التجارة كالصناعة‬
‫كالخدمات‪ ،‬إذ أنو نص في مادتو الثامنة كالعشركف ( ‪ )28‬عمى أف الييئة التحكيمية يجب أف‬

‫‪ -1‬أنظرد‪.‬مصطفى محمد الجمال وعكاشة محمد عبد العال‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص ‪.613‬‬
‫كأنظر أيضا نجيب أحمد عبد اهلل ثابت الحبيمي ‪ ،‬اختالؼ الفقياء المسمميف حكؿ جكاز تحكيـ الجاىؿ في الشريعة‪ ،‬ص ‪559‬‬
‫كما بعدىا ‪.‬كنشير أيضا إلى أف المادة ‪ 14‬مف اﻹتفاقية العربية لمتحكيـ التجارم قد سنت شركطا ىامة يجب تكفرىا في مف‬
‫يريد أف يككف محكما كمنيا الثقافة القانكنية الجيدة‪,‬راجع د‪.‬أحمد شكري السباعي‪,‬ـ س‪,‬ص‪.278‬‬

‫‪38‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫تتككف مف رجاؿ القانكف كالقضاء ومن ذوي الخبرة والتخصص واإلطالع في ميادين التجارة‬
‫والصناعة والخدمات واليندسة واإلعالم والصحة إلى غيرىا من العموم (‪.)1‬‬

‫‪ 14‬مف اتفاقية كاشنطف المنشئة‬ ‫كنفس ىذه المقتضيات نص عمييا كؿ مف الفصؿ‬


‫لمركز فض نزاعات ا ﻹستثمار المؤرخة في ‪ 18‬مارس ‪ ،1965‬كالفصؿ الخامس( ‪ )5‬مف نظاـ‬
‫المركز الدكلي لمتحكيـ التابع لمغرفة اﻹقتصادية الفدرالية لفيينا كالذم نص عمى ما يمي‪:‬‬

‫وخبرة كبيرة من المسائل القانونية‬ ‫"إف المحكميف يجب أف يككنكا عمى درجة عالية‬
‫واالقتصادية وفي جميع الميادين المتعمقة بالنزاع "(‪.)2‬‬

‫ككخالصة لما سبؽ نرل أف مكضكع "خبرة المحكـ" لـ يتمتع بالحيز الزمني الكافي‬
‫لمناقشتو أثناء إعداد قانكف ‪ ،08-05‬نظ ار لدكره الياـ في إنياء نزاعات الخصكـ‪ ،‬ليذا السبب‬
‫ك ينص صراحة‬ ‫فإننا نناشد المشرع المغربي مف أجؿ إعادة النظر في مكقفو مف ىذه الخبرة‬
‫عمى ضركرة ككف المحكـ مف ذكم الخبرة‪.‬‬

‫‪-1‬أنظر شمس الدين عبداتي ‪ ،‬التحكيـ المؤسسي بالمغرب‪ ،‬مقاؿ منشكر في مجمة خمسكف سنة مف العمؿ القضائي"‬
‫الصمح كالتحكيـ كالكسائؿ البديمة لحؿ النزاعات مف خالؿ اجتيادات المجمس اﻷعمى" سنة ‪ ،2007‬ص ‪.238‬‬
‫‪- 2‬راجع طوماس كالي‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص ‪.439‬‬

‫‪39‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬التحكيم المؤسساتي و تنظيم ىيئتو‬


‫لما نظـ المشرع المغربي التحكيـ في ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ قبؿ التعديؿ الجديد فإنو حصر مجالو فيما‬
‫يخص التحكيـ الحر فقط‪ ،‬دكف أف يمدده ليشمؿ التحكيـ المؤسساتي‪ ،‬كنتيجة ليذا اﻹغفاؿ تعذر‬
‫معو الكشؼ عف الشركط المتطمبة في الييئة التحكيمية التي تزاكؿ مياميا تحت مظمة ىذا النكع‬
‫كلعؿ سبب ق ذا‬ ‫مف التحكيـ‪ .‬مما جعؿ مصير ا ﻷعمؿ التي تقكـ بيا ىذه الييئة غامضا‪.‬‬
‫اﻹغفاؿ يرجع أصال إلى الكاقع المتردم الذم يعيش عميو التحكيـ المؤسساتي بالمغرب ( المطمب‬
‫األول)‪ ،‬بفعؿ تضافر قائمة مف اﻷسباب انتيت بإحجاـ التشريع عف تنظيمو ( المطمب الثاني)‪.‬‬

‫انًطهت األٔل‪ٔ :‬الغ انتحك‪ٛ‬ى انًؤسسبت‪ ٙ‬ثبنًغزة‬


‫عميىا مراكز التحكيـ المغربية إلى‬ ‫يمكف إرجاع أسباب اﻷزمة الخانقة التي تعيش‬
‫غياب تفعيؿ خدماتيا اﻷساسية بسبب عدـ تقنينيا تشريعيا (الفقرة اﻷكلى)‪ ،‬الشيء الذم أثر‬
‫سمبا عمى عدد القضايا المعركضة عمى أنظارىا (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫انفمزح األٔنٗ‪ :‬ػذو تفؼ‪ٛ‬م خذيبد يزاكش انتحك‪ٛ‬ى‬


‫يتربع التحكيـ المؤسساتي عمى قمة جميع أنكاع التحكيـ مف حيث ا ﻷىمية ‪,‬اعتبا ار إلى‬
‫تنكع مميزاتو مقارنة مع التحكيـ الحر‪،‬كىذا ما يترجـ انتشاره الكاسع عبر العالـ إذ أنو يضع‬
‫كؼء المحكميف في شتى المياديف االقتصادية‬ ‫عادة رىف إشارة المحتكميف لكائح تضـ أ‬
‫كالقانكنية‪ ،‬إضافة إلى استعداده الدائـ إلى تقديـ خدماتو القانكنية اﻹستشارية سكاء كاف ذلؾ‬
‫عمى الصعيد الداخمي أك الدكلي(‪.)1‬‬

‫كقد ارتبط تاريخيا قياـ ىذا النكع مف التحكيـ بأنشطة اتحادات الغرؼ التجارية‬
‫كالصناعية المتكاجدة بالدكؿ المتقدمة‪ ،‬كأيضا بالتجمعات المينية المتخصصة في التعامؿ‬
‫بالسمع كالمكاد اﻷكلية المتداكلة باﻷسكاؽ العالمية‪ .‬ك تستقر أىـ مؤسساتو بأكربا كأمريكا الشمالية‬

‫‪ - 1‬د‪.‬أحمد عبد الكريم سالمة‪ ،‬التحكيـ التجارم الدكلي كالداخمي‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬طبعة ‪ ،2004‬ص مف ‪ 162‬إلى‪.175‬‬
‫راجع أيضا إبراىيم كمال‪ ،‬التحكيـ التجارم الدكلي‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬ط اﻷكلى ‪ ،1991‬ص ‪.99‬‬

‫‪40‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫كمنيا محكمة التحكيـ التابعة لغرفة التجارة الدكلية بباريس‪ ،‬كجمعية التحكيـ اﻷمريكية‪ ،‬كمحكمة‬
‫التحكيـ التابعة لرابطة الدكؿ اﻷمريكية(‪.)1‬‬

‫كبعد استقالؿ معظـ دكؿ العالـ الثالث في مطمع منتصؼ القرف الماضي بدأت ىي‬
‫اﻷخرل تدرؾ مدل أىمية الدكر الذم تؤديو مثؿ ىذه المؤسسات التحؾ ممية‪ ،‬كبشكؿ أساسي في‬
‫جمب اﻹستثمارات اﻷجنبية إلييا مما جعميا تفكر في تأسيس العديد مف المراكز التحكيمية‬
‫(‪)2‬‬
‫لكي تعمؿ عمى تحقيؽ التكازف بيف كؿ مف مصالح الدكؿ المتقدمة مف جية‪،‬‬ ‫اﻹقميمية‬
‫(‪.)3‬‬
‫كحاجيات الدكؿ النامية مف جية ثانية‬

‫كالمغرب باعتباره جزء ال يتج أز مف ىذه الدكؿ فإنو ىك اﻷخر قد أكلى اىتماما مبك ار‬
‫ﻹقتصادية الدكليػة فقط‬ ‫بالتحكيـ المؤسساتي‪,‬إال أنو حصر مفعكلو عمى مستكل المؤسسات ا‬
‫كمركز تسكية المنازعات الناشئة عف االستثمار الذم صادؽ عمى االتفاقية المنشئة لو سنة‬
‫‪ ،1965‬عمما أف أكؿ قضية طرحت عميو كاف المغرب أحد أطرافيا (‪.)4‬‬

‫كبذلؾ لـ يتـ تنظيـ التحكيـ المؤسساتي عمى المستكل الداخمي‪ ،‬كىذا ما يظير مف‬
‫خػالؿ قراءة المقتضيات المتعمقة بالتحكيـ سكاء في ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ الصادر في ‪ 12‬غشت ‪ ،1913‬أك‬
‫في قانكف سنة ‪ ،1974‬عكس مجمكعة مف التشريعات المقارنة التي اىتمت بو كنظمتو تنظيما‬
‫شامال(‪.)5‬‬

‫كبالرغـ مف عدـ تطرؽ المشرع لمتحكيـ المؤسساتي فإف الكاقع شيد ميالد العديد مف‬
‫المراكز التحكيمية كاف لـ يكف ذلؾ عمى مستكل جميع المدف المغربية‪ ،‬فإنيا عمى اﻷقؿ تأسست‬

‫‪-1‬راجع فميبب فوشار(‪ ،)ph.fouchard‬ـ س‪ ،‬البند ‪ ،283‬ص ‪ 171‬كبعدىا‪.‬‬


‫‪-‬ككمثاؿ عمى ىذه المراكز نذكر كؿ مف مركزم ككااللمبكر كالقاىرة المنشأيف بمقتضى اتفاقية المجنة القانكنية االستشارية‬ ‫‪2‬‬

‫اﻷفركأسيكية التابعة لمنظمة اﻷمـ المتحدة‪.‬‬


‫‪-3‬راجع‪ ،‬مصطفى محمد الجمال وعكاشة محمد عبد العال‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص ‪.130‬‬
‫‪- 4‬أنظر حفيظة السيد حداد ‪ ،‬العقكد المبرمة بيف الدكؿ كاﻷشخاص اﻷجنبية‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬ط ‪ ،1996‬ص‪.113‬‬
‫‪-5‬كنذكر مف بيف ىذه التشريعات القانكف الفرنسي لسنة ‪ 1981‬في المادتاف ‪ 1496‬كما بعدىا‪ ،‬القانكف النمساكم لسنة ‪1983‬‬
‫في المكاد ‪ 775‬كما بعدىا مف قانكف اﻹجراءات المدنية‪ ،‬القانكف السكيسرم لعاـ ‪ 1987‬في المكاد ‪ 176‬كما بعدىا مف مجمكعة‬
‫القانكف الدكلي الخاص‪ ،‬القانكف االنجميزم لسنة ‪ 1996‬في المادة ‪ ،...110‬القانكف اﻹماراتي لسنة ‪ 1992‬في المكاد ‪ 203‬كما‬
‫بعدىا مف قانكف اﻹجراءات المدنية‪ ،‬ىذه القكانيف مذككرة في مرجع د‪.‬عبد الكريـ سالمة‪ ،‬ـ‪.‬س‪ ،‬ص ‪.148‬‬

‫‪41‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫(‪)1‬‬
‫‪1981‬‬ ‫باﻷقطاب االقتصادية الكبرل كغرفة التحكيـ البحرم المؤسسة بالدار البيضاء سنة‬
‫كمركز التحكيـ التجارم الدكلي التابع لغرفة التجارة كالصناعة كالخدمات بالرباط كالمنشئ سنة‬
‫‪ ،)2(1999‬كغرفة التحكيـ التابعة لغرفة التجارة كالصناعة كالخدمات بمراكش المؤسسة بتاريخ ‪30‬‬
‫يكليكز ‪ ،)3(1999‬كغرفة التجارة الدكلية بالدار البيضاء‪ ،‬كغيرىا مف المؤسسات التحكيمية الفتية‬
‫التي تـ إنشاؤىا مؤخ ار بتعاكف مع دكؿ صديقة لممغرب (‪.)4‬‬

‫كما تنبغي اﻹشارة إليو في ىذا الصدد ىك أف الكجكد القانكني ليذه المراكز لـ يسايره‬
‫مع اﻷسؼ الكجكد الفعمي‪ ،‬إذ أف معظـ أجيزتيا اﻹدارية غير مفعمة بالشكؿ المتطمب مما أثر‬
‫عمى عمؿ الييئات التحكيمية التابعة ليا‪ .‬كيمكف إرجاع ذلؾ إلى عدة أسباب أىميا ما يمي‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Abdellah Boudahrain , l’arbitrage commercial interne et international au regard du Maroc,‬‬
‫‪édition Al Madariss, 1999, p 34.‬‬
‫الدكتور محمد أخياط مايمي‪:‬‬ ‫كمف بيت الصعكبات التي تعكؽ عمؿ كنشاط غرفة التحكيـ التي ذكرىا‬
‫" أف ما يعرض عمى ىذه الغرفة مف ممفات ال يتناسب مع ما يبرـ مف تصرفات كمعامالت تجارية بحرية كما يحدث‬
‫مف حكادث بحرية كعمميات اﻹنفاذ كالقطر كغيرىا في المياه البحرية المغربية‪ ،‬كما يبرـ مف عقكد تأميف كاصالح كانشاء السفف‬
‫كغيرىا في المناطؽ البحرية بالمغرب كىي جد ىامة كمتعددة‪ ،‬كالشؾ أنيا أفرزت العديد مف المنازعات فإلى أيف يتـ المجكء‬
‫لحميا ‪.‬‬
‫‪ -‬عدـ حصكؿ الغرفة عمى ثقة رجاؿ اﻷعماؿ خصكصا المستثمريف منيـ في مجاؿ البحر‪ ،‬كىذا ما يفيد أف الغرفة لـ‬
‫تستطع بعد أف تجد ليا طريقا لجمب انتباىيـ ككسب ميكليـ إلى التحكيـ لتضميف عقكدىـ المجكء إلى الغرفة مف خالؿ كضع‬
‫شرط أك اتفاؽ التحكيـ‪.‬‬
‫‪ -‬معاناة غرفة التحكيـ البحرم بالمغرب كأم جمعية ذات غرض غير تجارم مف مشكؿ التمكيؿ حيث تتمثؿ مصادر تمكيؿ‬
‫الغرفة باالساس مف مساىمات أعضائيا‪.‬‬
‫لمتكسع في ىذا المكضكع راجع د‪.‬محمد أخياط ‪ " ،‬التحكيـ البحرم " (غرفة التحكيـ البحرم بالمغرب)‪ ،‬مجمة القصر‪ ،‬العدد‬
‫اﻷكؿ يناير ‪ ،2002‬ص ‪.24-23‬‬
‫‪ -‬أنظر في ىذا السياؽ شمس الدين عبداتي ‪ ،‬التحكيـ المؤسسي بالمغرب‪ ،‬مقاؿ منشكر بمجمة خمسكف سنة مف العمؿ‬ ‫‪2‬‬

‫القضائي " الصمح كالتحكيـ كالكسائؿ البديمة لحؿ النزاعات مف خالؿ إجتيادات المجمس اﻷعمى‪ ،‬سنة ‪ ،2007‬ص ‪.235‬‬
‫‪ -3‬فقد تمت المصادقة عمى قانكنو كانتخاب مجمسو اﻹدارم بتاريخ ‪ 16‬يكليكز ‪ ،2000‬لمتكسع أكثر حكؿ تنظيـ ىذا المركز‬
‫راجع بشرى العاصمي ‪ ،‬كرقة عف مركز التكفيؽ كالتحكيـ التجارم بمراكش‪ ،‬مجمة المنتدل‪ ،‬العدد ‪ ،2‬السنة ‪ ،2000‬ص ‪ 81‬كما‬
‫بعدىا‪.‬‬
‫‪ - 4‬كفي إطار التعاكف االقتصادم بيف المغرب كاسبانيا فقد تـ إحداث المركز اﻷطمسي لمتحكيـ بيف الغرؼ التجارية ﻷكاد ير‬
‫‪15‬‬ ‫كالس بالماس كتنفيرم ييدؼ إلى تشجيع االستثمار في ىذه المناطؽ‪ ,‬راجع كممة السيد كزير العدؿ التي ألقاىا بتاريخ‬
‫يناير ‪ 2007‬بمناسبة التكقيع عمى بركتكككؿ التعاكف القضائي المتعمؽ بالمرحمة الثالثة مف برنامج إدخاؿ الكسائؿ البديمة لحؿ‬
‫المنازعات بالمغرب بيف ك ازرة العدؿ كمنظمة البحث عف أرضية مشتركة كالسفارة البريطانية بالرباط‪ ،‬المكقع اﻹلكتركني لك ازرة‬
‫العدؿ ‪ ،/http://www.justice.gov.ma/fr/Actualites‬تاريخ الزيارة‪ 29‬يناير ‪.2007‬‬

‫‪42‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫أوال‪ :‬غياب طاقـ إدارم لو مف المؤىالت القانكنية في ميداف التحكيـ ما يجعمو قاد ار‬
‫عمى تحمؿ مسؤكلية تسيير ىذه المراكز‪ ،‬حيث إف أغمب اﻷطر العاممة بيذه اﻷخيرة يبدك ليا‬
‫تككيف عممي ال يتناسب في غالب اﻷحياف ك ما يتطمبو التحكيـ مف معارؼ قانكنية خاصة‪،‬‬
‫باستثناء البعض منيا الذم أباف عف حنكة ككفاءة عاليتاف في ىذا الميداف‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬عدـ ا ﻷخذ بمبدأ كضع الشخص المناسب في المكاف المناسب‪ ،‬فبعض ىذه‬
‫المراكز تسند مياـ إدارتيا إلى جيات ال تيميا مصمحة المركز بقدر ما ييميا الجمع بيف‬
‫المناصب‪ ،‬كىذا ما سيؤدم إلى التأثير سمبا كبشكؿ مباشر عمى مركدية ىذه المراكز‪.‬ك يظير‬
‫ىذا التأثير أكال مف خالؿ اﻷنشطة العممية التي تشرؼ عمييا مف أجؿ نشر ثقافة التحكيـ كالتي‬
‫تتميز في معظـ الحاالت بضآلة العدد كضعؼ الفحكل‪ ،‬ك ؾذلؾ مف خالؿ تقاعسيا في تشجيع‬
‫المقاكالت عمى المجكء إلييا قصد تسكية نزاعاتيا‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬عدـ تخصيص الدكلة لميزانيات مالية كافية تمنح لفائدة ىذه المراكز قصد‬
‫النيكض بيا مينيا ك إعػالميا‪ ،‬كالتي يستحب أف يصرؼ جزء منيا في كؿ ما سيساىـ في‬
‫التعريؼ بيا عمى المستكييف الكطني ك الدكلي كإصدارىا لكتب كمجالت كدكريات متخصصة‬
‫في أعماؿ التحكيـ‪ ،‬كأيضا بإحداثيا لمكاقع الكتركنية عمى شبكة االنترنت تيتـ بنشر كؿ ما‬
‫يتعمؽ بمستجدات التحكيـ عمى المستكييف الكطني كالعالمي‪ ،‬إضافة لعقدىا المؤتمرات كالندكات‬
‫بشكؿ دكرم ك منظـ ال فقط في إطار المناسبات التشريعية المتباعدة (كما حدث أثناء صدكر‬
‫قانكف رقـ ‪ .)08-05‬كلما ال تنظيـ دكرات تككينية لممحكميف التابعيف ليا (‪.)1‬‬

‫رابعا‪ :‬سمبية إدماج أغمب ىذه المراكز في غرؼ التجارة كالصناعة كالخدمات‪ ،‬الشيء‬
‫الذم انعكس سمبا عمى صكف استقالليتيا في كضع البرامج كاالستراتيجيات المالئمة ليا بسبب‬
‫كىؾذا كاف يجب تأسيس ىذه المراكز بشكؿ‬ ‫التعقيد اﻹدارم الذم ينتج عف مثؿ ىذه التبعية‪.‬‬

‫الوكالة األمريكية لمتنمية الدولية ( ‪ )USAID‬بتعاكف مع‬ ‫‪-‬كىذا ما تطرؽ لو محكر الندكة المنظمة بالرباط بمبادرة مف‬ ‫‪1‬‬

‫المركز الدولي لموساطة والتحكيم بالرباط( ‪ ،)CIMAR‬إذ أعرب رئيس ىذا المركز أنو بمقتضى برنامج “ تأىيؿ الجك المالئـ‬
‫لألعماؿ بالمغرب« ‪ ،» Amélioration du climat des affaires au Maroc‬سكؼ يتـ تككيف حكالي ‪ 50‬شخصا مف‬
‫مختمؼ الطبقات السكسيكمينية مف رجاؿ اﻷعماؿ كاﻹقتصادييف في ميداف الكساطة كالتحكيـ التجارييف‪ ،‬المرجع مكقعيف‬
‫إلكتركنييف‪ ,‬تاريخ الزيارة‪.2008-9-08 :‬‬
‫‪http://rabat.usembassy.gov/french_press_releases/communiqus-de-presse/13-mars-2009.html‬‬
‫‪http://www.marocinfo.net/to/index.php/Economie/Seminaire-L-arbitrage-commercial-au-Maroc.cfm‬‬

‫‪43‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫مستقؿ في تدبيرىا كادارتيا عمى غرار ما ىك متبع لدل المؤسسات العمكمية التابعة لمدكلة‪،‬‬
‫حتى تستفيد مف إيجابيات اﻹدارة الشبو الحرة مف أجؿ النيكض بيا إداريا‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬عدـ إقداـ الجامعات المغربية عمى فتح كحدات لمتككيف كالبحث يعكؿ عمييا‬
‫في تخريج أفكاج مف الباحثيف المتخصصيف في قانكف التحكيـ ‪,‬كذلؾ أسكة ببعض الجامعات‬
‫اﻷجنبية(‪ ،)1‬مف أجؿ تطعيـ ىذه المراكز حتى تستفيد عمى اﻷقؿ مف معارفيا النظرية‪ ،‬كمف ىنا‬
‫نجد أف الجامعات ليا ىي اﻷخرل دكر فعاؿ في الدفع قدما بيذه المراكز كلك كاف ذلؾ بشكؿ‬
‫غير مباشر(‪.)2‬‬

‫كفي ىذا السياؽ يجب التأكيد عمى أف كفاءة أطر كمحكمي مراكز التحكيـ المغربية‬
‫ؿتعد مف القادريف عمى جمب المقاكالت الكطنية كاﻷجنبية لتسكية نزاعاتيا القابمة لمتحكيـ لدل‬
‫ىذه المراكز‪ ،‬إال أف ىذه النتيجة متكقفة أساسا عمى تدخؿ مختمؼ الفاعميف االقتصادييف مف‬
‫أجؿ تكفير الدعـ المالي ك المعنكم لتككف ق ذق المراكز في مستكل تطمعات ىاتو المقاكالت‬
‫عمما أف المشرع قد سبؽ ك التزـ بتنفيذ كعده لما نظـ عمؿ ىذه المراكز بمقتضى قانكف رقـ‬
‫‪.08-05‬‬

‫كيظير تأثير عدـ تفعيؿ مراكز التحكـ جميا عمى عدد القضايا المعركضة عمى بعض‬
‫ىذه المراكز‪ ،‬كالذم ال يتجاكز في أحسف اﻷحكاؿ عتبة عشر قضايا‪ ،‬ىذا ما سكؼ نممسو في‬
‫الفقرة اآلتية‪.‬‬

‫‪-1‬كحسب ما كصؿ إلى عممنا فال تكجد عمى مستكل جميع الجامعات المغربية سكل كحدة تككينية يتيمة تيتـ بميداف التحكيـ‬
‫بشكؿ معمؽ كالتي تكجد بكمية العمكـ القانكنية كاالقتصادية ك اﻹجتماعية بسال‪.‬‬
‫كما تجدر اﻹشارة إلى أف كمية الحقكؽ بمدينة حمب السكرية قد أحدثت دبمكما لمدراسات العميا متخصص في التحكيـ‪ ،‬كذلؾ‬
‫حسب المعمكمة التي أكردتيا صحيفة الثورة التي تصدر عف مؤسسة الكحدة لمصحافة كالطباع كالنشر (جريدة إلكتركنية)‪ ,‬تاريخ‬
‫الزيارة ‪ ,12/1/2008‬العنكاف‪:‬‬
‫‪http://thawra.alwehda.gov.sy/__asearch.asp‬‬
‫‪-2‬كبالرغـ مف ذلؾ فإف بعض الجامعات المغربية قد تعيدت باالنخراط في ىذا المسمسؿ‪,‬راجع كممة د‪.‬توفيق الوزاني شيدي ‪،‬‬
‫رئيس جامعة سيدم محمد بف عبد اهلل بفاس‪ ,‬الطرؽ البديمة لتسكية المنازعات‪,‬ـ‪.‬س‪ ،‬ص‪.10‬‬
‫إذ يقكؿ‪...." :‬اﻹستعداد التاـ لجامعة سيدم محمد بف عبد اهلل‪-‬بفضؿ الميارات كالكفاءات التي تتكفر لدل مكاردىا البشرية‬
‫المختصة في المياديف القانكنية ك اﻹقتصادية ك اﻹجتماعية – عمى التعاكف التاـ مع ىياكؿ ك ازرة(العدؿ) مف أجؿ خمؽ‬
‫تككينات قضائية جديدة تستجيب لمحاجيات الممحة لممجتمع المغربي‪. "....‬‬

‫‪44‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫انفمزح انثبَ‪ٛ‬خ‪ :‬لهخ انمؼب‪ٚ‬ب انًؼزٔػخ ػهٗ يزاكش انتحك‪ٛ‬ى‬


‫يتـ عادة قياس درجة نجاح مؤسسات التحكيـ بعدد القضايا المعركضة عمى ىيئاتيا‬
‫التحكيمية‪ ،‬كىناؾ منيا مف ذىبت أبعد مف ذلؾ متجاكزة ىذا المعيار لتستبدلو بآخر يعتمد‬
‫أساسا عمى عدد القضايا المحككمة فعال‪ ،‬كمنيا عمى سبيؿ المثاؿ جمعية التحكيـ اﻷمريكية‬
‫‪ American Arbitration Association‬إذ يصؿ عدد القضايا التي قد تفصؿ فييا إلى ما بيف‬
‫(‪)2‬‬
‫التجارة الدكلية‬ ‫ستكف ألؼ كثمانكف ألؼ قضية سنكيا (‪.)1‬كنفس المالحظة تسجؿ عمى غرفة‬
‫بباريس(‪ ،)3‬بفعؿ انتشار سمعتيا اؿجيدة في مختمؼ أرجاء العالـ‪.‬‬

‫كلعؿ ما يشجع المجكء إلى ىذه المراكز ىي التجربة الطكيمة التي اكتسبتيا نتيجة‬
‫تعاقب قضايا متنكعة عمييا‪ ،‬كبشكؿ خاص تمؾ المرتبطة منيا بمصالح التجارة الدكلية (‪.)4‬‬

‫كلألسؼ فمـ يحالؼ ىذا النجاح مراكز التحكيـ العربية عمكما كالمغربية خصكصا‬
‫بسبب حداثة بركزىا في الساحة الكطنية كالدكلية‪ .‬كمف أجؿ الكشؼ عف كضعيتيا البأس مف‬
‫أخذ المركز الدكلي لمتكفيؽ كالتحكيـ بالرباط المحدث سنة ‪ 1999‬كنمكذج يعطي صكرة تقريبية‬
‫يتعدل سقؼ ثمانية عشر‬ ‫عنيا‪ ،‬بحيث نجد أف عدد القضايا التي تـ عرضيا أماـ أنظاره لـ‬
‫(‪)5‬‬
‫مكزعة عمى الشكؿ التالي‪:‬‬ ‫قضية‪،‬‬

‫‪-‬سبع (‪ )7‬قضايا تخص النزاعات فيما بيف الشركاء؛‬

‫‪ -‬قضية كحيدة (‪ )1‬تتعمؽ بالنزاعات فيما بيف اﻷشخاص الذاتييف خاصة منيـ التجار؛‬

‫‪ -‬أربع (‪ )4‬قضايا تخص النزاعات بيف اﻷشخاص الذاتييف كالشركات؛‬

‫‪-1‬لمتكسع أكثر في ىذا المكضكع ‪ ،‬أنظر د‪.‬أحمد عبد الكريم سالمة‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص ‪.79‬‬
‫كلإلشارة فإف ىذه الجمعية قد أنشئت سنة ‪ 1962‬إذ اشتيرت في جذب ثقة المتعامميف في مجاؿ التجارة الدكلية‪ ،‬كخاصة منيا‬
‫ﻷنجمك أمريكية‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫)‪-Chambre du commerce international de paris (CCI‬‬
‫‪- 3‬ثـ إنشاء ىذه الغرفة سنة ‪1923‬كتعتبر ىيئة غير حككمية يكجد مقرىا الرئيسي بباريس‪ ،‬كتضـ اتحادا يتككف مف شعبا كطنية‬
‫لغرؼ التجارة كالصناعة مف مختمؼ دكؿ العالـ بما فييا غرفة الدار البيضاء‪.‬‬
‫‪-4‬ككمثاؿ عنيا قضية مدينة الدار البيضاء ضد شركة ديكريمك ‪ ،dégerment‬نفس المرجع ‪ ،‬ص ‪.422‬‬
‫‪ - 5‬أنظر مقاؿ شمس الدين عبداتي‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص ‪242‬ك‪.243‬‬

‫‪45‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫‪ -‬ثالث (‪ )3‬قضايا تخص النزاعات بيف اﻷشخاص الذاتييف كالمؤسسات العمكمية ؛‬

‫‪ -‬ثالثة(‪ )3‬قضايا تتعمؽ بنزاعات مختمفة؛‬

‫أما طبيعة ىذه النزاعات فإنيا كانت تتكزع عمى الشكؿ التالي‪:‬‬

‫‪-‬ثماف ( ‪ )8‬قضايا ليا طبيعة مالية ‪ ،‬أم بنسبة ‪ %45‬مف مجمكع القضايا المعركضة‬
‫عمى ىذا المركز‪,‬‬

‫‪ -‬ست ( ‪ )6‬قضايا ليا طبيعة تجارية ‪ ،‬أم ما نسبتو ‪ %33‬مف مجمكع القضايا المدرجة‬
‫أماـ المركز‪،‬‬

‫‪ -‬قضيتمف (‪ )2‬عقاريتمف فقط‪ ،‬كالتي تحكز نسبة ‪ %11‬مف عدد ىذه القضايا‪,‬‬

‫كيمكف تصنيؼ ىذه القضايا حسب جنسية اﻷطراؼ كالتالي‪:‬‬

‫‪-‬النزاعات الناشئة بيف أطراؼ مغربية‪ ،‬كعددىا عشرة قضايا ( ‪ ،)10‬أم بنسبة ‪ %56‬مف‬
‫مجمكع القضايا‪.‬‬

‫‪ -‬النزاعات الناشئة بيف مغاربة كأجانب(مف فرنسا‪-‬ىكلندا‪-‬إسبانيا‪ -‬السعكدية‪ -‬السكيد‪-‬‬


‫كينيا)‪ ،‬كعددىا سبع (‪ )07‬قضايا‪ ،‬بنسبة ‪ %39‬مف مجمكع ىذه القضايا‪.‬‬

‫‪ ،‬كعددىا قضية كاحدة‬ ‫‪ -‬النزاعات الناشئة بيف اﻷجانب (مف جزيرة الرأس اﻷخضر)‬
‫(‪ )01‬بنسبة ‪ %05‬مف مجمكع القضايا(‪.)1‬‬

‫أما عف المبالغ المتنازع بشأنيا في ىذه القضايا فكانت مكزعة عمى الشكؿ اآلتي‪:‬‬

‫‪-‬النزاعات المقدرة بأقؿ مف مائة ألؼ درىـ كعددىا ست قضايا ‪ ،‬بنسبة ثالثة كثالثكف في‬
‫المائة (‪)%33‬مف مجمكع القضايا‪.‬‬

‫‪ -‬النزاعات المقدرة بيف ‪ 100.000‬درىـ ك ‪ 500.000‬درىـ كعددىا خمس قضايا‪ ،‬أم‬


‫بنسبة ثماني كعشركف في المائة ( ‪.)%28‬‬

‫‪ -‬النزاعات المقدرة مف ‪ 500.000‬إلى ‪ 1.000.000‬درىـ (منعدمة)‪.‬‬

‫‪- 1‬أنظر مقاؿ شمس الدين عبداتي ‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص ‪242‬ك‪ ،243‬إذ تطرؽ في مقالو إلى مجمكعة مف اﻹحصائيات تعطي صكرة‬
‫عف عمؿ ىذا المركز ‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫‪-‬النزاعات المقدرة بأكثر مف ‪ 1.000.000‬درىـ‪ ،‬قضيتيف (‪ ،)02‬أم بنسبة (‪)%11‬‬

‫‪ -‬نزاعات أخرل ذات قيمة غير مالية كخالفات الخصكـ حكؿ عدـ احتراـ أحدىـ الجؿ‬
‫اؿزاع حكؿ بقعة أرضية‪،‬‬
‫ن‬ ‫تنفيذ بنكد العقد لعدـ التكصؿ بالمنتكج في الكقت المناسب‪ ،‬أك ؾ‬
‫كعددىا خمس قضايا (‪ )05‬بنسبة (‪.)%28‬‬

‫كلإلشارة فإف ىذه القضايا لـ يتـ الفصؿ فييا جميعيا‪ ،‬بؿ الزاؿ بعضيا قيد الدراسة مف‬
‫طرؼ ىذا المركز‪ ،‬كلمتكضيح أكثر نقترح التطكر الكركنكلكجي ليا عمى الشكؿ التالي‪:‬‬

‫‪-‬تسع (‪ )9‬قضايا تمت تسكيتيا بصفة نيائيا‪ ،‬أم بنسبة ‪ %50‬مف مجمكع النزاع‪.‬‬

‫‪-‬ثالث (‪ )3‬قضايا الزالت رىف الدراسة‪ ،‬أم بنسبة ‪ %33‬مف مجمكع القضايا(‪.)1‬‬

‫‪ -‬ست (‪ )6‬قضايا تعذر تسكيتيا‪ ،‬أم بنسبة ‪ %33‬مف مجمكع القضايا‪.‬‬

‫كبعد إحصاء عدد القضايا المدرجة أماـ ىذا المركز كالذم ال تبعد عنو كثي ار باقي‬
‫المراكز التحكيمية المنتشرة بالمغرب مف حيث ضآلة عدد القضايا المعركضة عمييا‪ ,‬نستنتج‬
‫عف استقطاب اﻷطراؼ المتنازعة مف أجؿ‬ ‫كبمغة اﻷرقاـ ىذه المرة مدل عجز ىذه المراكز‬
‫عرض خدماتيا عمييـ‪.‬‬

‫كقد أعتبر البعض أف اﻹقباؿ المحتشـ عمى ىذه المراكز يرجع إلى جممة مف اﻷسباب‪،‬‬
‫أىميا تمؾ المشاكؿ التي يعاني منيا الفاعمكف االقتصاديكف خاصة في مكاجية مصالح اﻹدارة‬
‫الضريبية‪ ،‬إذ أف ىذه االخيرة ال تضفي عمى المقرر التحكيمي نفس قيمة الحكـ القضائي‬
‫الصادر عف المحاكـ الرسمية(‪.)2‬‬

‫كىذا ما تعاني منو خاصة الق اررات التحكيمية الصادرة في إطار نزاعات الشغؿ (في‬
‫‪ 66‬مف قانكف الضريبة العامة عمى الدخؿ يعفي‬ ‫قضايا الطرد التعسفي)‪ ،‬ذلؾ أف الفصؿ‬
‫التعكيضات الممنكحة عف اﻷضرار المحككـ بيا بمقتضى حكـ قضائي مف الخضكع إلى ىذه‬
‫الضريبة‪ ،‬في حيف ال يسرم ىذا اﻹعفاء عمى المقررات التحكيمية التي تتعمؽ بنفس المكضكع‬

‫‪-1‬أنظر نفس المرجع السابؽ‪ ,‬ص ‪.242‬‬


‫‪-‬راجع د‪.‬عز الدين كتاني ‪ « ،‬التحكيـ التجارم كالكاقع المغربي"‪ ،‬مقاؿ منشكر في سمسمة دفاتر المجمس اﻷعمى مكضكع‬ ‫‪2‬‬

‫التحكيـ التجارم الداخمي كالدكلي‪ ،‬العدد ‪ ،6/2005‬ص ‪.49‬‬

‫‪47‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫كىذا ما يعتبر حاج از قانكنيا ال يشجع المتنازعيف عمى المجكء لمتحكيـ المؤسساتي بكجو خاص‪.‬‬
‫لذا حبذا لك نص المشرع صراحة في ىذا الفصؿ ( ‪ )66‬عمى أف المقرر التحكيمي يتمتع ىك‬
‫اآلخر بنفس مزايا الحكـ القضائي‪ ،‬حتى يتـ تجاكز مثؿ ىذه التعقيدات التي تحد مف المجكء إلى‬
‫التحكيـ في ىذا المجاؿ‪ ،‬بؿ أكثر مف ذلؾ يتعيف عميو أف يقكـ بتحفيز اﻷطراؼ عمى المجكء‬
‫إلى الكسائؿ البديمة لتسكية اؿمنازعات ‪,‬كاشتراطو مثال عرض بعض أنكاع المنازعات التجارية‬
‫كمرحمة أكلية عمى ىيئة تحكيمية كفي حالة فشؿ تكصؿ ىذه اﻷخيرة إلى حؿ مالئـ‪ ،‬آنذاؾ يتـ‬
‫عرضيا عمى المحكمة المختصة‪ ،‬كبذلؾ سكؼ تتحقؽ معو مجمكعة مف اﻹيجابيات تتمثؿ‬
‫بالخصكص في تقميص الضغط عمى المحاكـ مف جية‪ ،‬ك في تشجيع المراكز التحكيمية عمى‬
‫تحسيف جكدة خدماتيا مف جية أخرل‪.‬‬

‫كبعد كقكفنا عمى الكضع الذم تعيشو مراكز التحكيـ المغربية‪ ،‬ننتقؿ إلى المطمب‬
‫المكالي لرصد أىـ اﻷسباب التي جعمت المشرع المغربي ييمؿ تنظيـ التحكيـ المؤسساتي‪.‬‬

‫انًطهت انثبَ‪ :ٙ‬أسجبة اإلًْبل انتشز‪ٚ‬ؼ‪ٙ‬‬


‫يمكف إرجاع إىماؿ التشريع المغربي لتنظيـ التحكيـ المؤسساتي إلى مجمكعة مف‬
‫ﻹعتبارات‬ ‫العكامؿ‪ ،‬أىميا دعمو القكم لجعؿ القضاء الجياز الرائد في تسكية المنازعات كذلؾ‬
‫سياسية(الفقرة األولى )‪ ،‬كما أدل إلى ترسيخ ىذا اﻹىماؿ مف ناحية أخرل ىك عدـ إقباؿ أغمب‬
‫المقاكالت المغربية كاﻷجنبية عمى المجكء إلى ىذا النكع مف التحكيـ مف أجؿ فض النزاعات‬
‫الناشئة عف معامالتيا (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫انفمزح األٔنٗ‪ًُْٛ :‬خ انمؼبء ػهٗ تسٕ‪ٚ‬خ انًُبسػبد‬


‫أدل استقالؿ المغرب إلى حدكث مكجة ىامة مف التحكالت الجذرية طالت عدة‬
‫قطاعات بما فييا قطاع العدؿ ‪ ,‬فمف أجؿ تثبيت معالـ السيادة الكطنية بعد حقبة الحماية قاـ‬
‫‪ 1965‬لقانكف المغربة‬ ‫فأكؿ ما لجأ إليو ىك إصداره سنة‬ ‫المشرع بإعادة ىيكمتو كتنظيمو‪.‬‬
‫مف شأنو خدش رمكز سيادة‬ ‫كالتعريب كالتكحيد (‪ ،)1‬كالذم جاء مف أجؿ القضاء عمى كؿ ما‬
‫المغرب كترابو كأبنائو‪ ،‬كالتي يكجد عمى رأسيا ىذا القطاع‪.‬‬

‫‪ - 1‬بحيث جاءت ىذه المرحمة في ظرفية تاريخية ىامة كاف فييا المغرب منشغال بإعادة ترميـ مؤسساتو ‪ ،‬كقد تميزت‬
‫بمصادقة أكؿ برلماف مغربي بعد استقاللو عمى قانكف تاريخي كحاسـ عرؼ بقانكف المغربة كالتعريب كالتكحيد ككاف ذلؾ‬

‫‪48‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫ىذا ما دفعو إلى جعؿ كظائؼ القضاء حك ار عمى المكاطنيف المغاربة فقط‪ ,‬بعدما كاف‬
‫قد أراد المشرع‬ ‫في ظؿ الحماية أغمب القضاة الممارسيف بالمغرب مف جنسيات أجنبية‪ .‬ك‬
‫المنازعات لمقضاء‬ ‫المغربي مف خالؿ مثؿ ىذه القكانيف التكحيدية جعؿ اختصاص الفصؿ في‬
‫المغربي بشكؿ حصرم‪ .‬كنتيجة ؿذلؾ أصبح كؿ ما مف شأنو المس بالعدالة العامة لمدكلة‬
‫مكضكع احتراز ك حذر مف طرفيا‪.‬‬

‫قضاء خاصا يمكف أف يتقمد ميامو غير القضاة بما فييـ‬


‫ن‬ ‫كالتحكيـ عمكما بكصفو‬
‫اﻷجانب لعدـ كجكد نص قانكني يمنع ىـ مف ذلؾ ‪ ,‬فمـ يمقى الدعـ الكافي مف قبؿ المشرع‬
‫بسبب اجتياز المغرب لفترة زمنية انتقالية كانت تتطمب منو إعادة ىيبة مرافقو السيادية‪ ,‬كلذلؾ‬
‫لـ يجد اﻷرضية المالئمة لتعميمو ك جعمو آلية مساعدة لمقضاء ال منافسة لو (‪.)1‬‬

‫كما يدعـ ىذا المكقؼ ىك تراجع المجكء إلى التحكيـ بعدما كاف الكجية المفضمة‬
‫لتسكية المنازعات في فترة الحماية‪ ،‬فالعديد مف القضايا تـ حميا عبر آلياتو دكف طرؽ أبكاب‬
‫القضاء الرسمي‪ ،‬كىذا ما لـ يتـ استرسالو بعد استقالؿ المغرب لككف أغمب مرتاديو كانكا مف‬
‫االجانب(‪.)2‬‬

‫العبء اﻷكفر في تسكية نزاعات‬ ‫كيظير ىذا التراجع جميا مف خالؿ تحميؿ القضاء‬
‫اﻷشخاص(‪ ،)3‬كىذا ما تترجمو عدد القضايا المعركضة عمى محاكمو‪ ،‬إذ انتقمت تدريجيا مف‬
‫‪ 307.627‬قضية سنة ‪ 1957‬إلى أكثر مف ثالثة مالييف قضية سنة ‪ 2004‬أم بزيادة تقارب‬

‫بتاريخ‪ ،1965/26/01‬لممزيد مف التكسع راجع د‪.‬عبد الوىاب المريني ‪ ،‬دركس في القانكف القضائي الخاص المغربي‪ ،‬مكتبة‬
‫دار السالـ ‪ ،‬الرباط‪ ،‬ط اﻷكلى ‪ ،2001‬ص ‪13‬‬
‫كأنظر أيضا‪:‬‬
‫‪Abdellah Bodahrain, droit judiciaire privé au Maroc, édition Al Madariss, 4éme édition 2003, p‬‬
‫‪33, et s.‬‬
‫‪ - 1‬راجع كممة نقيب ىيئة المحاميف بفأس اﻷستاذ عز الدين بنكيران ‪ ،‬الطرؽ البديمة لتسكية المنازعات‪,‬أشغاؿ الندكة العممية‬
‫التي نظمتيا شعبة القانكف الخاص بكمية العمكـ القانكنية كاﻹقتصادية ك اﻹجتماعية بفاس‪,‬بشراكة مع ك ازرة العدؿ كىيئة‬
‫المحاميف بمدينة فاس‪ ،‬يكمي ‪4‬ك‪ 5‬أبريؿ ‪,2003‬ـ‪.‬ج‪.‬ف‪.‬ـ‪.‬ؽ‪.‬ؽ‪,‬العدد‪,2004-2,‬ط اﻷكلى‪,‬ص‪.12‬‬
‫‪ -2‬لممزيد مف التكسع راجع رحال البوعناني‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص ‪ 46‬كالذم يقكؿ في إحدل الفقرات ما يمي‪:‬‬
‫"‪ ...‬كالتحكيـ لدل ىذه المحاكـ كاف يمجأ إليو بكثرة كيتبيف ذلؾ مف خالؿ اﻷحكاـ الكثيرة الصادرة في مكضكع التحكيـ كالمنشكرة‬
‫في مجمة المحاكـ المغربية‪ ،‬كمف الق اررات الصادرعف محكمة االستئناؼ بالرباط عمى كجو الخصكص‪ ،‬كىذا االىتماـ يرجع إلى‬
‫تفيـ كثير مف اﻷفراد كىـ مف اﻷجانب بأىمية التحكيـ كدكره في حؿ الخالفات خصكصا التجارية منيا سكاء عمى المستكل‬
‫الداخمي أك الدكلي‪ ،‬كىذا التصكر أخذ مختؿ بعد رحيؿ اﻷجانب عف المغرب‪."...‬‬
‫‪-3‬كذلؾ بالرغـ مف المشاكؿ التي يعاني منيا القضاء المغربي‪,‬إذ يقكؿ د‪.‬محمد اإلدريسي العممي في ىذا الباب مايمي‪..." :‬أقؿ‬
‫المؤسسات تطك ار مع ركح العصر‪...‬ال نممس كثير التغيير في طرؽ عممو كتفتحو عمى التجديد‪،‬أك باﻷحرل يكاد يككف القضاء‬
‫‪,6‬سنة‬ ‫الباب اﻷكثر جمكدا‪ ،" ...‬دراسة تحت عنكاف "استقالؿ القضاء كفصؿ السمط"‪ ،‬مجمة القانكف ك اﻹقتصاد‪ ،‬العدد‬
‫‪,1990‬ص‪.48‬‬

‫‪49‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫‪ ،)1(%3000‬بينما يبقى عدد المقررات التحكيمية الصادرة بالمغرب ال يتجاكز في أحسف‬


‫اﻷحكاؿ نسبة ‪ %0.5‬مف مجمكع القضايا المطركحة عمى ىذه المحاكـ‪ ،‬كاذا كانت ىذه‬
‫اﻹحصائيات تيـ القضايا بشكؿ عاـ دكف التمييز فيما بينيا ( فيما إذا كانت مدنية أك تجارية‬
‫أك عقارية‪ ،)...‬فإف القضايا ذات الطابع التجارم المعركضة عمى القضاء كاف عددىا خالؿ‬
‫سنة ‪ 2003‬يناىز ‪ 96716‬قضية جديدة ك ‪ 98943‬قضية محككمة(‪.)2‬‬

‫‪ 2003‬ما يمثؿ نسبة‬ ‫كقد سجمت المحكمة التجارية بالدارالبيضاء كحدىا سنة‬
‫‪ %61.20‬مف مجمكع القضايا المسجمة عمى صعيد المحاكـ التجارية المغربية‪ ،‬بينما ال نكاد‬
‫نسمع بتسكية قضية ما عف طريؽ إحدل المراكز التحكيمية التي تأخذ مف العاصمة االقتصادية‬
‫مق ار ليا كغرفة التحكيـ البحرم مثال (‪.)3‬‬

‫كىناؾ مف الفقو المغربي مف يرجع سبب انتكاسة التحكيـ بصفة عامة إلى نيج المشرع‬
‫لمسياسات التيميشية ضده‪ ،‬بتعميؿ ككف كؿ ما يرتبط بالتحكيـ يككف عادة خارج عف رقابة‬
‫(‪)4‬‬
‫في أحياف كثيرة كما جعؿ‬ ‫كسيطرة القكانيف الكطنية‪ ،‬نظ ار لتبعية قكانينو كىيئاتو لدكؿ أجنبية‬
‫أيضا المشرع ال ييتـ بالتحكيـ المؤسساتي عدـ تكاجد مراكز تحكيمية قكية تضغط عميو مف‬
‫أجؿ تدخمو بتنظيمو تشريعيا إ سكة بتمؾ اﻷعماؿ العرفية التي تتعامؿ بيا اﻷبناؾ المغربية كالتي‬
‫ﻹعتماد‬ ‫يتدخؿ المشرع في مرحمة الحقة مضط ار مف أجؿ ضبطيا كتقنينيا تشريعيا (كا‬
‫المستندم مثال)‪.‬‬

‫انفمزح انثبَ‪ٛ‬خ‪ :‬ػؼف نجٕء انًمبٔالد إنٗ انتحك‪ٛ‬ى انًؤسسبت‪ٙ‬‬


‫مف بيف اﻷسباب التي أدت إلى عدـ تشجيع المشرع عمى تنظيـ التحكيـ المؤسساتي‪،‬‬
‫نذكر الكضعية االقتصادية المتدىكرة التي مرت منيا المقاكلة المغربية‪ ,‬بسبب غياب ا ﻹحترافية‬

‫‪- 1‬راجع د‪ .‬إدريس الضحاك‪ ،‬عرض تقديمي لندكة التحكيـ التجارم الداخمي كالدكلي‪ ،‬دفاتر المجمس اﻷعمى‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص‪.24‬‬
‫‪ -2‬أنظر د‪.‬ادريس الضحاك‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.14‬‬
‫‪ -3‬أنظر د‪.‬ادريس الضحاك‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.14‬‬
‫أنظر أيضا كممة كزير العدؿ بمناسبة ا لندوة المنظمـة في إطار إحيــاء الذكرة الخمسينية لتأسيس المجمـــس األعمى"قضايا‬
‫اإلستثمار و التحكيم"‪ ،‬محكمة اﻹستئناؼ التجارية بالدار البيضاء ‪ 18 ,‬أبريؿ ‪. 2007‬كالذم قاؿ مايمي‪:‬‬
‫" كقد سجمت المحكمة التجارية بالدار البيضاء لكحدىا سنة ‪ 2006‬ما مجمكعو ‪ 70411‬قضية ‪ ,‬أم ما نسبتو ‪ 60.90‬في‬
‫المائة مف مجمكع القضايا المسجمة عمى صعيد المحاكـ التجارية المغربية" ‪ ،‬المرجع المكقع اﻹلكتركني لك ازرة العدؿ ‪ ،‬تاريخ‬
‫الزيارة ‪.2008 -1-15‬‬
‫‪http://www.justice.gov.ma/ar/Actualites/Actualite.aspx?actualite=200&_=0‬‬

‫‪-Abdellah Bodahrain, op.cit, l’arbitrage commercial interne et international au regard du‬‬


‫‪4‬‬

‫‪Maroc, p7‬‬

‫‪50‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫الالزمة لتسييرىا كقمة البرامج التحسيسية التي تبرز أىمية لجكئيا إلى ىذا النكع مف التحكيـ‬
‫(أكال)‪ ،‬كما يعزز ىذا السبب ىك إحجاـ باقي المقاكالت اﻷجنبية المقيمة بالمغرب عف المجكء‬
‫إلى ىذا التحكيـ (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬دور المقاوالت المغربية‬


‫كانت ثقافة التحكيـ جزء ال يتج أز مف التراث المغربي اﻷصيؿ (‪ ،)1‬كىذا ما أستقر منذ‬
‫احتميا‬ ‫قركف غابرة مرك ار بعيد الفتكحات اﻹسالمية (‪ ،)2‬كبالرغـ مف ىذه المكانة البارزة التي‬
‫(‪،)3‬‬ ‫التحكيـ في مجتمعنا فانو لـ يتمكف مف أخذ حيز محترـ بيف أبجديات المقاكلة المغربية‬
‫كربما يرجع السبب في ذلؾ إلى ككف معظـ المقاكالت كاف يغمب عميو الطابع العائمي الصرؼ‬
‫نتيجة لظركؼ تأسيسيا الخاصة‪.‬كىذا ما جعؿ أصحابيا مف المقاكليف ال يتبعكف المنيج‬
‫االحترافي المتطمب في إدارتيا‪ ،‬خاصة فيما يتعمؽ بإ حتراـ الميكانيزمات العممية اﻷساسية التي‬
‫تساىـ في تطكيرىا كمنيا عمى الخصكص طرؽ اﻹنتاج كالتسكيؽ كالمحاسبة كاﻹشيار…‬

‫كاذا كاف ىؤالء المقاكلكف ال يثقكف في نجاعة ىذه الطرؽ العممية في تدبير مقاكالتيـ‪،‬‬
‫فكيؼ ليـ أف يدرككا مدل أىمية المجكء إلى مراكز التحكيـ مف أجؿ تسكية النزاعات الناشئة‬
‫لمفصؿ في مثؿ‬ ‫عف معامالتو ـ التجارية ؟ عمما أف أغمبيـ يكاد يجيؿ حتى كجكد آليات بديمة‬
‫ىذه الخالفات‪ ،‬ىذا فضال عف أنيـ يجعمكف مف القضاء الجية الكحيدة المفضمة التي يمكنيا‬
‫النظر في قضاياىـ لما مطبع أحكامو مف شرعية ‪ ،‬ك انفرادقبكسائؿ التنفيذ الجبرم‪.‬‬

‫كىذا في نظرم مكقؼ غير صحيح عمى أساس أف المقررات التحكيمية تصبح ىي‬
‫اﻷخرل بعد تذييميا بالصيغة التنفيذية مثميا في اآلثار مثؿ اﻷحكاـ القضائية‪ ،‬كمنيا عمى‬
‫الخصكص إمكانية تنفيذىا بكاسطة القكة العمكمية‪.‬‬

‫لذا نعتقد أنو نتيجة لمكضعية اليشة التي كانت تعيشيا أغمب ىذه المقاكالت فإنيا لـ‬
‫ترقى إلى المستكل المطمكب الذم يسمح لممشرع بالتدخؿ مف أجؿ تنظيـ التحكيـ المؤسساتي‬

‫‪1‬‬
‫‪- Abdellah‬‬ ‫‪Bodahrain, op.cit, p27.‬‬
‫‪ -2‬راجع‪ ،‬رحال البوعناني‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص‪.40‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Abdellah Bodahrain,op.cit ,p 30.‬‬

‫‪51‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫باعتباره كسيمة مف الكسائؿ الحضارية في حؿ نزاعاتيا‪ ،‬كىذا ما يفسر غياب فرض أية ضغكط‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫معنكية مف قبميا عمى المشرع لدفعو مف أجؿ تقنينيا‬

‫إال أنو ك بفعؿ التغير الجدرم الذم عرفتو ىذه المقاكالت في مطمع ىذا القرف النفتاح‬
‫ؿعدد‬ ‫المغرب عمى االقتصاد العالمي كتدشينو لمعديد مف المناطؽ االقتصادية الحرة بعد إبرامو‬
‫ال يستياف بو مف ا ﻹتفاقيات الدكلية في المجاؿ التجارم كالصناعي‪ ،‬فإف مشرعو أدرؾ أىمية‬
‫تنظيـ التحكيـ المؤسساتي لتأقممو مع الظرفية الجديدة التي أصبح عمييا ا ﻹقتصاد المغربي كىذا‬
‫(‪)2‬‬
‫ما أقدـ عميو فعال لما أصدر قانكف رقـ‪08-05‬‬

‫ثانيا‪ :‬دور المقاوالت اﻷجنبية المقيمة بالمغرب‬


‫إذا كانت المقاكالت المغربية تتردد في المجكء إلى التحكيـ المؤسساتي نتيجة عدة دكافع‬
‫سبؽ بيانيا‪ ،‬فإف المقاكالت اﻷجنبية المتخذة مف المغرب مق ار لبعض فركعيا لـ تعمؿ بدكرىا‬
‫عمى ارتياد ىذه الجية قصد حؿ النزاعات الناشئة عف معامالتيا ‪.‬‬

‫كنرجح أف ىذا اﻹحجاـ كاف إراديا مف قبميا‪ ،‬كما يدعـ ىذا الطرح ككف أغمب العقكد‬
‫التي تبرميا مع الفاعميف ا ﻹقتصادييف المحمييف منيـ كالدكلييف تعمؿ جاىدة عمى تضمينيا‬
‫لشركط أك لمشارطات تحكيمية‪ ،‬حتى تجعؿ الجية المختصة في فض النزاع المحتمؿ النشكء‬
‫عنيا ىي إحدل المراكز التحكيمية اﻷجنبية (كغرفة التجارة الدكلية بباريس‪ ،‬أك مركز كاشنطف‬
‫(‪)3‬‬
‫كقد ينصرؼ تبريرىا في‬ ‫لتسكية نزاعات الدكؿ كرعايا الدكؿ اﻷخرل أك غيرىا مف المراكز)‬

‫‪ -1‬فكمما كانت المقاكالت عمى درجة عالية مف التنظيـ كالتماسؾ كاالحترافية اال كأصبح ليا كزف ثقيؿ في الحياة السياسية‪،‬‬
‫يجعميا تمارس مجمكعة مف الضغكط عمى المشرع تخدـ مصالحيا المشتركة‪.‬‬
‫‪ -2‬فبالرجكع إلى الفصؿ ‪ 319‬مف ىذا القانكف نجد المشرع قد نص عمى أف التحكيـ يككف إما خاصا أك مؤسساتيا‪:‬‬
‫"يككف التحكيـ إما خاصا أك مؤسساتيا"‪.‬‬
‫كبذلؾ يككف قد أعترؼ ﻷكؿ مرة بأحقية ىذه المراكز التحكيمية في تنظيـ عممية التحكيـ‪ ,‬كىذا ما نصت عميو الفقرة اﻷخيرة‬
‫مف الفصؿ ‪ 309‬أعاله‪..." :‬عندما يعرض التحكيـ عمى مؤسسة تحكيمية‪ ،‬فإف ىذه اﻷخيرة تتكلى تنظيمو كضماف حسف سيره‬
‫طبقا لنظاميا"‪.‬‬
‫كمع ذلؾ‪ ،‬فإف ىذه المراكز ال يمكنيا في جميع اﻷحكاؿ أف تقكـ بالعممية التحكيمية مباشرة ‪ ،‬كانما يعيد بمياـ الفصؿ في النزاع‬
‫إلى الييئة التحكيمية التابعة ليا‪ ،‬كالتي يجب أف تتككف تحت طائمة البطالف مف أشخاص طبيعييف‪ ،‬كىذا ما أكدتو الفقرة اﻷخيرة‬
‫مف الفصؿ ‪ 320‬مف القانكف أعاله عمى غرار سائر التشريعات المقارنة‪ ،‬بحيث نصت عمى مايمي‪:‬‬
‫"‪ ...‬إذا عيف في االتفاؽ شخص معنكم‪ ،‬فإف ىذا الشخص ال يتمتع سكل بصالحية تنظيـ التحكيـ‪ ،‬كضماف حسف سيره"‬
‫‪ -3‬أنظر في ىذا السياؽ‪ ،‬د‪.‬أحمد عبد الكريم سالمة‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص‪.81‬‬

‫‪52‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫ذلؾ إلى ككف التحكيـ المغربي لـ يتكفر بعد عمى التجربة الالزمة كاﻷشخاص المؤىميف لتكلي‬
‫مياـ التحكيـ كما ىك عميو الحاؿ في الدكؿ المتقدمة في ىذا المجاؿ‪.‬‬

‫كعميو كاف ليذا السبب دك ار جزئيا في تيميش المشرع لمتحكيـ المؤسساتي إلى حيف‬
‫إصداره التعديؿ الجديد‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬قصور صالحيات الهيئة التحكيمية‬


‫يتكقؼ نجاح الييئة التحكيمية في تسكيتيا لقضايا المحتكميف عمى تمتعيا بمجمكعة‬
‫مف الصالحيات تسيؿ عمييا مباشرة مسطرة التحكيـ‪ .‬كحتى يتـ استغالليا في إدارة النزاع‬
‫بالشكؿ الجيد مف قبؿ ىذه الييئة‪ ،‬فإنيا يجب أف تتميز بالدقة كالكضكح لكي ال تدع مجاال‬
‫لمشؾ حكؿ إعماليا (المبحث الثاني)‪.‬‬

‫كمف أجؿ تعميـ إمكانية المجكء إلى خدمات الييئات التحكيمية المغربية سكاء مف حيث‬
‫المكاضيع القابمة لمتحكيـ أك النزاعات ذات الطابع الدكلي‪ ،‬فكاف يتعيف معو عمى المشرع أف‬
‫يتجاكز ذلؾ الحصار التشريعي المضركب عمييا في ىذه المجاالت كما فعمت العديد مف‬
‫التشريعات المقارنة(المبحث األول)‪.‬‬

‫المبحث اﻷول‪ :‬محدودية مجال إختصاص الهيئة التحكيمية‬


‫تتجمى أىـ صكر محدكدية مجاؿ إختصاص الييئة التحكيمية في قصكر اختصاصيا‬
‫المكضكعي ‪ ،‬كيظير ذلؾ جميا مف خالؿ منعيا مف النظر في النزاعات الناشئة عف‬
‫ة‬ ‫مف الناحية‬
‫تصرفات ا ﻷشخاص المعنكية العامة ( المطمب األول )‪ ،‬كما تظير معالـ ىذه المحدكدية مف‬
‫خػالؿ عدـ التنصيص عمى صالحية ىذه الييئة في حؿ الخالفات ذات الطابع الدكلي( المطمب‬
‫الثاني)‪.‬‬

‫انًطهت األٔل‪ :‬يحذٔد‪ٚ‬خ إختظبص ْ‪ٛ‬ئخ انتحك‪ٛ‬ى يٍ‬


‫انُبح‪ٛ‬خ انًٕػٕػ‪ٛ‬خ‬
‫لقد أثار مكضكع إختصاص الييئة التحكيمية مف الناحية المكضكعية نقاشا فقييا حادا‬
‫عف معامالت اﻷشخاص‬ ‫تمركز بشكؿ خاص حكؿ مدل قابمية إخضاع النزاعات الناشئة‬
‫المعنكية العامة إلى التحكيـ‪.‬‬

‫اثفف متعارضاف‪ ،‬أكليما تمسؾ برفض‬


‫كقد نتج عف ىذا الجدؿ القانكني بركز تيار اف ا‬
‫عرض ىذه النزاعات عمى التحكيـ ( الفقرة األولى ) ‪ ,‬بينما ثانييما أيد فكرة إمكانية إحالتيا عميو‬
‫(الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫انفمزح األٔنٗ‪:‬انت‪ٛ‬بر انزافغ نؼزع َشاػبد األشخبص‬


‫انًؼُٕ‪ٚ‬خ انؼبيخ ػهٗ انتحك‪ٛ‬ى‬
‫تتحدد عادة كظائؼ الدكلة اﻷساسية في كؿ مف المحافظة عمى اﻷمف العاـ‪ ،‬كالدفاع‬
‫عف حكزة الكطف‪ ،‬إضافة إلى إقامة العدؿ بيف مكاطنييا بكاسطة المحاكـ المتنكعة التابعة‬
‫ليا(‪.)1‬‬

‫لذلؾ فقد سميت بالدكلة الدركية عمى اعتبار أف ميمتيا تنحصر في الرقابة كالحراسة‬
‫فقط دكف التدخؿ في الشؤكف اﻹقتصادية التي تبقى حك ار عمى الخكاص (‪ .)2‬كىذا ما أستقر عميو‬
‫التاريخ التشريعي لعدة دكؿ ‪ ،‬فمـ يكف مف المتصكر مثػال إباف كضع التقنينات الفرنسية في‬
‫بداية القرف التاسع عشر بعد استكماؿ ىيمنة الدكلة عمى السمطات الثػالث أف تتدخؿ ىذه الدكلة‬
‫كمؤسساتيا في اتفاؽ التحكيـ اؿذم يجمعيا بالخكاص(‪.)3‬‬

‫كما نستحضر أف أغمب المنازعات الناشئة عف العقكد التي تبرميا الدكلة تتعمؽ بأعماؿ‬
‫صادرة عنيا بصفتيا سمطة سياسة عامة‪ ،‬لذا فإنيا تبقى منازعات تخضع بطبيعتيا ىاتو‬
‫لمحصانة القضائية المطمقة‪ ،‬كىذا ما سارت عميو محكمة االستئناؼ الباريسية في قرارىا الصادر‬
‫بتاريخ ‪ 7‬نكنبر‪ ،1983‬كالذم نص عمى ما يمي‪:‬‬
‫‪«...Le tribunal à bon droit soulevé d’office son incompétence d’ordre public pour‬‬
‫‪connaître de la demande dirigée contre la République démocratique du Laos dont‬‬
‫‪la responsabilité est recherchée a l’occasion d’une mesure de nationalisation qui,‬‬

‫‪ - 1‬لممزيد مف التكسع راجع‪ ،‬رحال البوعناني‪ ،‬ـ س ‪,‬ص ‪.70‬‬


‫انظر أيضا د‪.‬عبد الحق عقمة‪ ،‬القانكف االدارم‪ ،‬الجزء الثاني نشاط االدارة ككسائميا‪ ،‬دار القمـ الرباط‪ ،‬ط ‪ ،2002‬ص‪8‬‬
‫‪ - 2‬كيقكؿ األستاذ ثكمنت في ىذا الصدد ما يمي” إف أغمب التشريعات في البمداف النامية ذىبت إلى حرماف الدكلة ك مؤسساتيا‬
‫الحككمية مف إمكانية المجكء لمتحكيـ ﻷنيا تكد الحفاظ عمى سمطة الفصؿ في النزاع الذم ينشأعنيا بكاسطة قطاعيا الكطني ‪.‬‬
‫كلقد ساد االعتقاد لمدة طكيمة بأف التحكيـ الدكلي ليس إال آلية مف آليات النظاـ الرأسماؿم ييدؼ إلى منع القضاء الكطني في‬
‫الدكلة المضيفة لإلستثمار مف الفصؿ في ىذه المنازعات”‪ ,‬د‪.‬محمد ثكمنت‪,‬ـ‪.‬س‪,‬ص‪. 137‬‬
‫‪-3‬راجع د‪.‬مصطفى محمد الجمال و د‪.‬عكاشة محمد عبد العال‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص ‪.137‬‬

‫‪55‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫‪en dépit de son incidence de nature commerciale ou économique, constitue un acte‬‬


‫‪de souveraineté»(1).‬‬

‫كاستثناء مف القاعدة العامة فقد اعتبر قبكؿ الدكلة لمتحكيـ بمثابة امتياز ممنكح مف‬
‫قبميا لمشخص المتعاقد معيا‪ ،‬كذلؾ مف أجؿ تشجيعو عمى االستثمار داخؿ حدكدىا (‪.)2‬‬

‫كتجدر اﻹشارة في ىذا الصدد إلى أف القانكف الفرنسي باعتباره المرجع التاريخي‬
‫لممشرع المغربي‪ ،‬فقد كاف مستق ار عمى مبدأ عدـ جكاز اتفاؽ أشخاص القانكف العاـ مع‬
‫‪ 1004‬مف قانكف الـ سطرة‬ ‫أشخاص القانكف الخاص عمى المجكء لمتحكيـ كذلؾ طبقا لممادة‬
‫المدنية‪ ،‬مبر ار ذلؾ في عدـ إمكانية حضكر النيابة العامة في جمسات الييئة التحكيمية كالتي‬
‫ملزـ عمييا ىذا الحضكر كمما كانت الدكلة أك اﻷشخاص العامة المتفرعة عنيا طرفا في الدعكل‬
‫كذلؾ حسب المادة ‪ 830‬مف نفس القانكف حماية لمصالحيا‪.‬‬

‫‪ 72-626‬لسنة ‪ 1972‬في‬ ‫كنفس المنع نص عميو المشرع الفرنسي في المرسكـ رقـ‬


‫المادة ‪ 2060‬مف القانكف المدني(‪.)3‬‬

‫قذا مصد ار بذلؾ عدة‬ ‫كما أف مجمس الدكلة الفرنسي قد ساير التشريع في اتجاىو‬
‫ق اررات تمنع صراحة اﻷشخاص المعنكية العامة مف المجكء إلى التحكيـ‪ ،‬كعميو فقد جاء في‬
‫إحدل ق ارراتو ما يمي‪:‬‬

‫‪1004‬ك‪ 83‬مف قانكف المرافعات المدنية‪ ،‬ب أف‬ ‫"‪ ...‬يستنتج مف الرجكع إلى الفصميف‬
‫الدكلة كاﻷشخاص المعنكية ال يمكنيا المجكء إلى التحكيـ في حؿ نزاعاتيا‪.)4( "...‬‬

‫‪13‬‬ ‫كقد عمؿ مجمس الدكلة عمى تكريس اجتياده في قرار أخر صادرعنو بتاريخ‬
‫دجنبر‪ ،1957‬إذ مقضي فيو مايمي‪:‬‬

‫‪ -1‬أنظر المجمة اﻹنتقادية ‪ ،1984‬ص ‪,344‬تعميؽ الفقيو الكارد ( ‪. )la garde‬ىذا القرار مذككر في مرجع د‪ .‬حفيظة السيد‬
‫الحداد‪ ،‬العقكد المبرمة بيف الدكؿ كاﻷشخاص اﻷجنبية‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص ‪.285‬‬
‫‪- 2‬أنظر د‪.‬مصطفى محمد الجمال و د‪.‬عكاشة محمد عبد العال‪ ,‬ـ س‪ ،‬ص ‪.287‬‬
‫‪-3‬راجع مصطفى محمد الجمال و عكاشة محمد عبد العال‪ ،‬ـ س‪،‬ص‪139‬ك‪.140‬‬
‫أنظر أيضا نصار جابر جاد نصار ‪ ،‬التحكيـ في العقكد اﻹدارية‪ ،‬القاىرة‪ ،‬دار النيضة العربية ‪.1998‬‬
‫راجع كذلؾ‪ ،‬جعفر كريشان ‪ ،‬التحكيـ في العقكد اﻹدارية‪ ،‬بحث لنيؿ الدبمكـ الجامعي العالي‪ ،‬كمية الحقكؽ السكيسي الرباط‪،‬‬
‫السنة الجامعية ‪ ، 2007-2006‬ص ‪ 52‬كما بعدىا‪.‬‬
‫‪ -4‬قرار مجمس الدكلة الفرنسي صادر بتاريخ ‪ 24‬يكليكز ‪.1956‬‬

‫‪56‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫"‪...‬يترتب عمى تطبيؽ مقتضيات الفصميف ‪1004‬ك‪ 83‬مف قانكف المسطرة المدنية بأف‬
‫المؤسسات العامة ال يمكنيا قبكؿ التحكيـ‪ ،‬إال في حالة كجكد مقتضيات تشريعية تمنح ليا ىذا‬
‫الحؽ بصفة خاصة‪.)1("...‬‬

‫قاـ المشرع المغربي بالتنصيص عمى نفس المبدأ في‬ ‫كبتأثر مف المشرع الفرنسي‪,‬‬
‫قانكف المسطرة المدنية المعدؿ سنة ‪ .1974‬ك نص في الفصؿ ‪ 306‬منو عمى المقتضيات‬
‫التالية‪:‬‬

‫" يمكف لألشخاص الذيف يتمتعكف باﻷىمية أف يكافقكا عمى التحكيـ في الحقكؽ التي‬
‫يممككف التصرؼ فييا‪...‬‬

‫غير أنو ال يمكف االتفاؽ عميو‪:‬‬


‫(‪)2‬‬
‫في النزاعات المتعمقة بعقكد أك أمكاؿ خاضعة لنظاـ يحكمو القانكف العاـ‪"...‬‬ ‫‪‬‬

‫كيمكف القكؿ مف خالؿ تحميؿ ىذا الفصؿ أف الييئة التحكيمية ال يمكنيا القياـ بالفصؿ‬
‫في نزاعات يككف أحد أطرافيا شخصا معنكيا عاما‪ ،‬كمع ذلؾ فػال يعد ىذا المنع مطمقا فكمما‬
‫إال‬ ‫كانت ىذه اﻷشخاص تؤدم أعماال ليا طبيعة اقتصادية أك تجارية عمى المستكل الدكلي‬
‫ككاف لجكؤىا إلى التحكيـ جائ از ﻹشتباه تصرفاتيا مف حيث اآلثار القانكنية بتمؾ التي تقكـ بيا‬
‫الخكاص(‪.)3‬‬

‫‪-1‬راجع رحال البوعناني‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص ‪.73‬‬


‫‪-2‬راجع ىذا الفصؿ في المنشكرات المغربية لإلدارة المحمية كالتنمية‪ ،‬سمسمة " نصكص ككثائؽ" العدد‪ ،101‬ص ‪.80‬‬
‫‪ -3‬ك كمثاؿ عف ىذه اﻷشخاص المعنكية نذكر بعض المكاتب الكطنية كالتي تنص المقتضيات القانكنية المنظمة ليا عمى أف‬
‫أم دعكل قضائية (كمف بينيا التحكيـ) تريد مباشرتيا يجب عمى مدرائيا الحصكؿ مسبقا عمى ترخيص مف أجؿ ذلؾ‪ ،‬تمنحيا‬
‫ليـ مجالسيا اﻹدارية‪ ،‬كمف بيف ىذه المقتضيات ما يمي‪:‬‬
‫‪ -‬المرسكـ رقـ ‪ 2-80-501‬المؤرخ في ‪ 20/11/1982‬المطبؽ لمقانكف رقـ ‪ 25-80‬المتعمؽ بالمكتب الكطني لألبحاث‬
‫كاﻹستغالالت البتركلية (الفصؿ‪ )7‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 3657‬المنشكرة بتاريخ فاتح دجنبر ‪ ،1982‬ص ‪.599‬‬
‫‪ -‬المرسكـ رقـ ‪ 2-84-20‬المؤرخ في ‪ 11/1/1984‬المتعمؽ بكيفية تطبيؽ الظيير الحامؿ لقانكف رقـ ‪ 8-84-1‬كالمؤرخ في‬
‫‪ ،)8‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 3715‬المنشكرة بتاريخ‬ ‫‪ 10/1/1986‬المؤسس لممكتب الكطني لمبريد كالمكاصالت (الفصؿ‬
‫‪ 01/1/1984‬ص ‪.36‬‬
‫‪ -‬المرسكـ عدد ‪ 2-84-844‬الصادر بتاريخ فاتح أبريؿ ‪ 1985‬المتعمؽ بتطبيؽ القانكف رقـ ‪ 6-84‬المؤسس لمكتب‬
‫استغالالت المكانئ (الفصؿ‪ ،)10‬ج‪ .‬ر عدد ‪ 3781‬المنشكرة بتاريخ ‪ 1985 .17.4‬ص ‪.188‬‬

‫‪57‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫بالتالي تصبح شركط أك مشارطات التحكيـ التي اتفقت عمييا مع الغير صحيحة‬
‫كممزمة ليا بغض النظر عف المنع المذككر أعػاله (‪.)1‬‬

‫كىناؾ مف الفقو المغربي مف يؤيد ىذا المنع عمى اعتبار أف النزاعات التي تككف إحدل‬
‫اﻷشخاص المعنكية العامة طرفا فييا يستكجب فييا إدخاؿ النيابة العامة في دعاكييا كطرؼ‬
‫رئيسي‪ ،‬كىذا ما يتعذر حصكلو في مثؿ ىذه النزاعات لغياب ىذا الجياز في عضكية الييئة‬
‫التحكيمية(‪.)2‬‬

‫أما عمى مستكل ا ﻹجتياد القضائي المغربي فمـ يخرج عف اﻹتجاه الذم تبناه المشرع‬
‫بخصكص ىذا المكضكع (‪ ،)3‬ككاف ذلؾ في إحدل الق اررات الصادرة عنو إباف عيد الحماية ‪ ،‬إذ‬
‫جاء في بعض حيثياتو ما يمي‪:‬‬

‫"‪...‬كحيث إنو في الحقيقة ال يمكف لمدكلة أف تسحب النزاعات التي تككف طرفا فيما مف‬
‫أنظار قضاة قامت ىي بنفسيا بتعيينيـ‪...‬‬

‫‪- 1‬راجع رحال البوعناني‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص ‪.78‬‬


‫‪2‬‬
‫‪- Voir Abdellah Boudahrain,op.cit p43.‬‬
‫‪« En principe, l’administration central et local, les collectivités territoriales, les offices, les‬‬
‫‪entreprises ou établissement publics ne peuvent compromettre les litiges intéressant la plupart‬‬
‫‪d’entre eux sont d’ailleurs soumis à communication au ministère public.‬‬
‫‪En effet en vertu de l’article 9 CPC on notera parmi les causes de communication l’égale « celles‬‬
‫‪concernant l’ordre public, l'état, les collectivités locales, les établissements publics».‬‬
‫د‪ .‬محمد األعرج تحت عنكاف‪" :‬مشركعية التحكيـ في المنازعات اﻹدارية " المجمة المغربية‬ ‫راجع أيضا مقاؿ‬
‫لإلدارة المحمية كالتنمية عدد ‪ ،54-55‬يناير‪ -‬أبريؿ ‪ ،2004‬ص‪.11‬‬
‫كيقكؿ في ىذا الصدد ما يمي‪:‬‬
‫"‪ ...‬إال أف اﻹشكالية قد تطرح في مجاؿ تطبيؽ التحكيـ عمى أحكاـ القانكف اﻹدارم‪ ،‬فاالعتراؼ بمشركعية التحكيـ ككسيمة‬
‫لحسـ المنازعات اﻹدارية مف شأنو أف يؤدم إلى طمس معالـ كأحكاـ المنازعات اﻹدارية كالى خضكع اﻹدارة لمقانكف العادم‬
‫كالقضاء العادم خصكصا في الدكؿ التي تأخذ بازدكاجية القانكف ك تنص بعض أحكاـ قكانينيا عمى حظر المجكء إلى التحكيـ‬
‫كما ىك الشأف بالنسبة لممغرب‪"...‬‬
‫كلمتكسع أكثر راجع د‪.‬جان بول رازون ‪" ,‬التحكيـ في القانكف المغربي" المجمة المغربية لمقانكف ‪,‬السمسمة الجديدة ‪,‬العدد ‪1‬سنة‬
‫‪ ،1985‬ص ‪ ،7‬راجع كذلؾ مقتضيات الفصؿ ‪ 260‬مف قانكف المسطرة المدنية التكنسي القديـ الذم كاف يمنع التحكيـ في‬
‫المنازعات التي يستمزـ إحالتيا عمى النيابة العامة لإلطالع عمييا كالتي تدخؿ ضمنيا قضايا الدكلة كالمؤسسات العمكمية‪ ،‬كذلؾ‬
‫طبقا لمفصؿ ‪ 251‬مف نفس القانكف‪.‬‬
‫‪ - 3‬ككاف ذلؾ في إطار الفصؿ ‪ 227‬مف قانكف المسطرة المدنية القديـ الصادر سنة‪.1913‬‬

‫‪58‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫‪...‬كحيث إنو طبقا لمظيائر السارية كخصكصا الصادر منيا بتاريخ ‪ 9‬يكنيك ‪ 1917‬المتعمؽ‬
‫بالمحاسبة العامة‪ ،‬ال مككف لمديرم كرؤساء مصالح الدكلة الشريفة كخصكصا مدير اﻷشغاؿ‬
‫العمكمية حرية التصرؼ في حقكؽ الدكلة المناط بيـ إدارتيا إال في حدكد ضيقة كبصكرة‬
‫محدكدة‪...‬‬

‫‪...‬كحيث إنو مف جية أخرل كتطبيقا لمفصؿ ‪ 186‬مف ظيير المسطرة المدنية يجب‬
‫عمى النيابة العامة كبصكرة إلزامية تقديـ مستنتجاتيا في كؿ النزاعات التي تتعمؽ باﻹدارات‬
‫العمكمية‪. ...‬‬

‫‪...‬كحيث إف ىذا البطالف مطمؽ‪ ،‬يمكف التمسؾ بو مف طرؼ المستأنفيف كمف طرؼ‬
‫اﻹدارة كذلؾ"(‪.)1‬‬

‫كىكذا نككف قد خمصنا إلى بياف أسباب استبعاد القانكف المغربي في مرحمة ما‬
‫‪ .‬قذا كيمكف إبداء‬ ‫لمنزاعات التي يككف أحد أطرافيا شخصا معنكيا عاما مف القابمية لمتحكيـ‬
‫ضرر التي قد تتكبدىا الدكلة في حاؿ‬
‫بعض المالحظات التي نكد مف خالليا إظيار مدل ا ﻷ ا‬
‫استبعاد مثؿ ىذه النزاعات مف اَلية التحكيـ‪ ،‬ك ذلؾ عمى الشكؿ اؿتاؿم‪:‬‬

‫المالحظة األولى‪:‬‬

‫بالرغـ مف الخصكصية التي يتميز بيا التحكيـ في إطار العقكد اﻹدارية الكطنية فإف‬
‫أىمية المجكء إليو تزداد بشكؿ كبير كمما تعمؽ اﻷمر بعقكد إدارية دكلية‪ ،‬كذلؾ عمى اعتبار أف‬
‫تسكية مثؿ ىذه العقكد بكاسطة التحكيـ يمكف أف يككف مف الشركط التي يفرضيا الطرؼ‬
‫المتعاقد اﻷجنبي عمى الدكلة‪ ،‬لذا ؼإف كؿ محاكلة ﻹبعاده إال كستتسبب في آثار كخيمة عمى‬
‫اقتصاديات الدكلة‪.‬‬

‫‪ - 1‬قرار صادر عف محكمة االستئناؼ بالرباط بتاريخ ‪ 26‬يكنيك ‪ , 1923‬منشكر بمجمكعة ق اررات محكمة االستئناؼ ( سنة‬
‫‪ -II 1923‬ص ‪ ،)131‬مذككر بمرجع رحاؿ البكعناني‪ ،‬ـ س ‪ ،‬ص ‪. 79‬‬
‫د‪.‬محمد الوكيمي ‪ "،‬تحكيـ البنؾ الدكلي لتسكية نزاعات االستثمار الناشئة بيف دكلة‬ ‫أنظر أيضا في ىذا المكضكع تعميؽ‬
‫كشخص أجنبي خاصا"‪ ،‬أطركحة لنيؿ درجة الدكتكراه‪ ،‬قدمت لممناقشة بكمية الحقكؽ بالرباط‪ ،‬ص ‪101‬كما بعدىا‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫المالحظة الثانية‪:‬‬

‫إف مسألة جمب ا ﻹستثمارات إلى المغرب في الظرفية ا ﻹقتصادية الحالية التي تتميز‬
‫بمنافسة شرسة في ىذا المجاؿ بيف كافة دكؿ العالـ كال سيما النامية منيا‪ ،‬تقتضي منو‬
‫إلى التحكيـ عمى أساس أف معظـ‬ ‫التضحية بحصانة أشخاصو المعنكية العامة في لجكئيا‬
‫المستثمريف أصبحكا يشترطكف ﻹبراـ عقكدىـ مع المغرب أف تتـ تسكية نزاعاتيـ المحتممة عف‬
‫طريؽ التحكيـ‪ ،‬نظ ار ﻹستيعابيـ ؿلمشاكؿ التي يعاني منيا القضاء المغربي خاصة فيما يتعمؽ‬
‫ببطء مساطر التقاضي أماـ محاكمو‪.‬‬

‫المالحظة الثالثة‪:‬‬

‫إف اﻷطراؼ يتمسككف عادة عند تعاقدىـ مع الدكلة بالمجكء إلى الييئات التحكيمية‬
‫كحؿ بديؿ عف القضاء الكطني (‪ ،)1‬لعدـ كجكد ىيئة قضائية ذات اختصاص دكلي لفض‬
‫نزاعات العقكد اﻹدارية الدكلية (‪.)2‬‬

‫المالحظة الرابعة‪:‬‬

‫ال مانع مف عرض نزاعات اﻷشخاص المعنكية العامة ذات الطابع اﻹقتصادم عمى‬
‫الييئة التحكيمية‪ ،‬لعدـ مساسيا بالسير العادم لممرافؽ العامة السيادية‪ ،‬التي تقتضي اﻹستم اررية‬
‫لطبيعتيا اﻹدارية‪.‬‬

‫كىؾذا ال مناص مف التساؤؿ حكؿ ما إ ذا استطاع التشريع المغربي الجديد مف خالؿ‬


‫قانكف ‪ 08-05‬رفع حظر عرض نزاعات اﻷشخاص المعنكية العامة عمى الييئات التحكيمية ؟‬
‫ىذا ما سنعالجو في الفقرة المكالية مف ىذا المطمب‪.‬‬

‫‪ -1‬ىذا إضافة إلى أف القاضي الكطني يحتمؿ تحيزه لفائدة الدكلة التي ينتمي إلييا‪.‬‬
‫أنظر حكؿ ىذا المكضكع د‪.‬جالل وفاء محمدين " التحكيـ تحت مظمة المركز الدكلي لتسكية منازعات االستثمار‪ ،‬دار الجامعة‬
‫الجديدة لمنشر‪,‬ط ‪ ،1995‬ص ‪.12‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Sur cette question voir O.Caprasse, écrit que,‬‬
‫‪«...En outre, nombre de litiges en la matière peuvent mettre en présence des intervenant de pays‬‬
‫‪différents l'absence de juridiction privée internationale rend alors parfois l'arbitrage‬‬
‫‪indispensable aux yeux des parties soucieuses de -jouer en terrain neutre-».‬‬
‫‪O.Caprasse, op.cit, p 148.‬‬

‫‪60‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫انفمزح انثبَ‪ٛ‬خ ‪:‬انت‪ٛ‬بر انًؤ‪ٚ‬ذ نؼزع َشاػبد األشخبص انًؼُٕ‪ٚ‬خ‬


‫انؼبيخ ػهٗ انتحك‪ٛ‬ى‬
‫أضحت الدكلة كالقطاعات التابعة ليا مف بيف الفاعميف اﻷساسييف المؤثريف في‬
‫اﻹقتصاد سكاء المحمي أك العالمي‪ ،‬ك يظير ذلؾ جميا مف خالؿ تزايد تدخميا في شتى المياديف‬
‫التي كانت في كقت قريب حك ار عمى الخكاص (‪ ،)1‬إذ ساىمت بتدخميا ىذا في كضع حد لعجز‬
‫ميزانيا التجارم نتيجة ارتفاع مستكل صادراتيا إلى الخارج‪ ،‬كما لعبت دك ار ىاما في سد‬
‫حاجيات المكاطنيف مف بعض المكاد التي ال يقبؿ الخكاص ا ﻹستثمار فييا لعدـ تحقيقيا ﻷرباح‬
‫كافية‪.‬‬

‫كلعؿ ىذا ما جعؿ الدكلة كالييآت التابعة ليا تتعامؿ مع محيطيا اﻹقتصادم بكاسطة‬
‫أدكات غريبة عنيا كالتي تجد أساسيا في القانكف الخاص‪،‬إذ بدخكليا عالـ الماؿ كاﻷعماؿ‬
‫أصبحت مف المرتاديف عمى الييئات التحكيمية مف أجؿ تسكية المنازعات الناشئة عف‬
‫معامالتيا‪ ،‬متنازلة بذلؾ عف حصانتيا القضائية (‪.)2‬‬

‫المعنكية‬ ‫كىناؾ مف ينتقض ذلؾ الفقو الذم يعارض فكرة طرح نزاعات اﻷشخاص‬
‫العامة عمى التحكيـ‪،‬عمى اعتبار أف الدكلة أصبحت في نطاؽ عالقتيا ا ﻹقتصادية مخيرة في‬
‫التنازؿ عف حصانتيا القضائية بمناسبة تعامميا مع غيرىا مف الدكؿ اﻷخرل أك الشركات‬
‫المتعددة الجنسيات‪ ،‬فتنازليا ىذا حسب تعبيره ليس فيو ما يتعارض مع سيادتيا‪ ،‬كانما العكس‬

‫‪ -‬أنظر عبد اهلل درميش ‪ ،‬التحكيـ الدكلي في المكاد التجارية ‪ ،‬ممخص رسالتو المقدمة بجامعة الحسف الثاني بكمية العمكـ‬ ‫‪1‬‬

‫القانكنية كاالقتصادية كاالجتماعية بالدار البيضاء‪ ،‬مجمة القضاء كالقانكف‪ ،‬السنة الخامسة كالعشركف‪ ،‬العدد ‪ ,137‬السنة ‪1987‬‬
‫ص‪.109-108‬‬
‫راجع أيضا في ىذا الباب د‪.‬عبد اهلل حداد ‪,‬صفقات االشغاؿ العمكمية كدكرىا في التنمية‪,‬منشكرات عكاظ‪,‬ط‪,2002‬ص ‪.3‬‬
‫‪-2‬راجع د‪.‬حفيظة السيد الحداد‪ ،‬ـ س‪،‬ص ‪.112‬‬
‫"ىوليداي إنز" (‪ )Holiday inns‬ضد المغرب‪ ،‬فنظ ار‬ ‫لقد تمت اﻹشارة في ىذا المرجع إلى كقائع النزاع المتعمؽ بقضية‬
‫لرغبة حككمة ىذا اﻷخير في تطكير قطاع السياحة قامت بالتعاقد مع ىذه الشركة ( ‪ )Holiday inns‬كذلؾ مف أجؿ بناء عدة‬
‫فنادؽ‪ ،‬كقد تـ التنصيص عمى شرط التحكيـ في عقدىـ الحالة النزاعات المحتممة النشكء عمى التحكيـ ‪ ،‬كفعال عند نشكء‬
‫النزاع بينيما كقع االختالؼ حكؿ تفسير الفقرة الثانية مف المادة ‪ 25‬مف معاىدة كاشنطف مما تـ معو عرض النزاع عمى المركز‬
‫الدكلي لفض النزاعات الناشئة بيف الدكؿ ك رعايا الدكؿ اﻷخرل‪،‬إال أنو في اﻷخير تـ حؿ ىذا النزاع كديا بعيدا عف ىذا‬
‫المركز‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫ىك الصحيح‪ ،‬حيث إف ىذا التنازؿ سيمثؿ تعبي ار مف طرؼ الدكلة عف سيادتيا إذ سيمكنيا‬
‫االختيار بيف كضعيتيف في تعامالتيا فإما أف تختار كضعية الدكلة صاحبة السيادة التي تعمؿ‬
‫عمى فرض حصانتيا عمى المتعاقديف معيا‪ ،‬كاما أف تختار كضعية الشخص المتعاقد الخاضع‬
‫قؿكاعد القانكف الخاص مثؿ أم شخص معنكم خاص كبالتالي جكاز لجكئيا إلى آلية‬
‫التحكيـ(‪.)1‬‬

‫كاذا كاف المشرع المغربي قد منع مبدئيا اﻷشخاص المعنكية العامة بمقتضى الفصؿ‬
‫إلى الييئات التحكيمية عمى اعتبار أف النزاعات الناتجة عف‬ ‫‪ 306‬مف ؽ‪.‬ـ ‪.‬ـ مف المجكء‬
‫عقكدىا كأمكاليا ىي نزاعات مف النظاـ العاـ‪ ،‬فإنو بالمقابؿ قد رفع ىذا المنع في إطار قانكف‬
‫‪ 08-05‬الجديد‪ .‬كقد تبدك مقتضيات الفصؿ ‪ 310‬مف القانكف الجديد تنص عمى غير ذلؾ‪,‬‬
‫بحيث أنيا استيمت بما يمي‪:‬‬

‫"اليجوز أف تككف محؿ تحكيـ النزاعات المتعمقة بالتصرفات االحادية لمدكلة أك‬
‫الجماعات المحمية أك غيرىا مف الييئات المتمتعة باختصاصات السمطة العمكمية‪."...‬‬

‫إال أننا نستنتج مف خالؿ الفقرة الثانية مف ىذا الفصؿ أنيا تمنع التحكيـ في النزاعات‬
‫المتعمقة بالتصرفات اﻷحادية لمدكلة فقط (‪ ،)2‬بحيث ال يسرم ىذا المنع عمى تصرفاتيا الثنائية‬
‫التي تبرميا مع غيرىا مف الخكاص سكاء كانكا أشخاصا معنكية أك طبيعية (‪.)3‬‬

‫كاذا كاف يجكز التحكيـ في إطار النزاعات المالية الناتجة عف التصرفات الثنائية فقط‬
‫(باستثناء تمؾ المتعمقة بتطبيؽ اؿقانكف اؿجبائي)‪ ،‬فإنو عمى اﻷقؿ تـ ا ﻹعتراؼ كﻷكؿ مرة في‬
‫تاريخ التشريع المغربم بأحقية ىذه اﻷشخاص في المجكء إلى التحكيـ مف أجؿ تسكية نزاعاتيا‬
‫الناشئة عف تعامالتيا مع اﻷشخاص اﻷجنبية كالكطنية‪.‬‬

‫‪-‬راجع د‪.‬الحبيب سميم ‪" ،‬المؤسسات العمكمية كالتحكيـ"‪ ،‬مجمة القضاء كالتشريع تصدرىا ك ازرة العدؿ بالجميكرية التكنسية‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫عدد خاص بالتحكيـ بدكف سنة‪ ،‬ص ‪.27‬‬


‫‪- 2‬كتنص ىذه الفقرة عمى ما يمي‪:‬‬
‫"‪ ...‬غير أف النزاعات المالية الناتجة عنيا‪ ،‬يمكف أف تككف محؿ عقد تحكيـ ما عدا المتعمقة بتطبيؽ قانكف جبائي"‪.‬‬
‫‪- 3‬كىذا ما نصت عميو صراحة الفقرة الثالثة مف الفصؿ ‪ 310‬أعاله‪ ،‬إذ جاء فييا مايمي‪:‬‬
‫"‪...‬بالرغـ مف أحكاـ الفقرة الثانية مف الفصؿ ‪ 317‬أدناه‪ ،‬يمكف أف تككف النزاعات المتعمقة بالعقكد التي تبرميا الدكلة أك‬
‫الجماعات المحمية محؿ اتفاؽ تحيكـ‪"...‬‬

‫‪62‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫كىكذا نرل أف المشرع المغربي قد نيج تدريجيا سياسة تحرير اﻷشخاص المعنكية‬
‫إمكانية المجكء إلى الييئات التحكيمية‪ .‬كمع‬ ‫العامة مف الحظر الذم كاف مفركضا عمييا في‬
‫ذلؾ يبقى إستثناء النزاعات المتعمقة بتطبيؽ القكانيف الجبائية منطقيا ‪ ,‬كذلؾ الرتباطيا القكم‬
‫بالنظاـ العاـ مف جية‪ ،‬كالعتبارىا تتعمؽ بالتزامات منصكص عمييا دستكريا مف جية ثانية‬
‫‪ ,‬الشيء الذم يجعؿ الجية‬ ‫كالتي يتعيف أف يتحمميا كؿ مكاطف مغربي حسب استطاعتو‬
‫القضائية المالئمة لصكنيا ىي القضاء االدارم لما يتمتع بو مف احترافية عالية في ىذا‬
‫المجاؿ‪.‬‬

‫كتجدر اﻹشارة إلى أف ىناؾ مف الفقو مف عاتب المشرع عمى مكقفو المتشدد مف‬
‫ضركرة تقييد الدكلة كالجماعات المحمية كالييئات العامة بالمقتضيات الخاصة بالمراقبة ك‬
‫الكصاية المنصكص عمييما في القكانيف التشريعية كالمكائح التنظيمية السارية المفعكؿ (‪ ،)1‬إذ أنو‬
‫تساءؿ عف نكعية ىذه المراقبة أك الكصاية التي يمكف أف تخضع ليا الدكلة أك الجماعات‬
‫المحمية في لجكئيا إلى الييئات التحؾ ممية لحؿ نزاعاتيا ؟ كما أنو تساءؿ أيضا عف مدل‬
‫ضركرة حصكليا عمى ترخيص مسبؽ مف جيات معينة حتى تستطيع مباشرة مسطرة التحكيـ؟‬
‫اَخر حكؿ تحديد طبيعة ىذا‬ ‫كفي حالة ما إذا كاف ىذا الترخيص ضركريا فإنو طرح سؤاال‬
‫ال‬ ‫الترخيص‪ ،‬أم ىؿ يعتبر ترخيصا عاما يدرج ضمف اختصاصات االدارة المعنية كبالتالي‬
‫تحتاج إلى إصدار ترخيص كمما أرادت المجكء إلى التحكيـ ‪ ,‬أـ أنو يعد ترخيصا خاصا يمنح‬
‫بمناسبة كؿ نزاع عمى حدل كمما ارتأت االدارة تسكيتو عف طريؽ التحكيـ؟‬

‫‪- 1‬كيظير مكقؼ المشرع ىذا في الفقرة اﻷخيرة مف الفصؿ ‪ 310‬ك الذم ينص عمى ما يمي‪:‬‬
‫"‪ ...‬يمكف أف تككف النزاعات المتعمقة بالعقكد التي تبرميا الدكلة أك الجماعات الممحية محؿ اتفاؽ التحكيـ في دائرة التقييد‬
‫بالمقتضيات الخاصة بالمراقبة أك الكصاية المنصكص عمييما في النصكص التشريعية أك التنظيمية الجارم بيا العمؿ فيما‬
‫يخص العقكد المعينة‪."...‬‬

‫‪63‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫ىذا باﻹضافة إلى استحضاره لممشاكؿ المتكلدة عف تعييف الجية المكككؿ ليا‬
‫اختصاص منح مثؿ ىذه التراخيص‪ ،‬فيؿ تعيد إلى السمطات المحمية أـ إلى سمطات الكصاية‬
‫المركزية؟(‪.)1‬‬

‫ؿتنكير‬ ‫كلعؿ التطبيقات القضائية ىي الكفيمة باﻹجابة عف ىذه التساؤالت اليامة‪،‬‬


‫كمساعدة الفقو القانكني المغربي ‪.‬‬

‫كبرجكعنا لمقانكف المقارف نجده ذىب كذلؾ تدريجيا نحك الرفع الكامؿ لمحظر المفركض‬
‫‪ ،‬ككمثاؿ عميو نأخذ مجمة التحكيـ‬ ‫عمى الدكلة كىيئاتيا مف المجكء إلى الييئات التحكمية‬
‫التكنسية الجديدة التي قضت كبشكؿ كاضح بحؽ الدكلة كىيئاتيا في اؿلجكء إلى التحكيـ كذلؾ‬
‫عمى المستكييف الكطني كالدكلي ‪ ،‬حيث نصت في الفقرة الخامسة مف الفصؿ السابع مف ىذه‬
‫إذا كاف المبدأ ىك عدـ جكاز التحكيـ في‬
‫المجمة عمى ىذا المبدأ في حيف أكردت عميو استثناء ؼ‬
‫النزاعات المتعمقة بالدكلة كالمؤسسات العمكمية ذات الصبغة اإلدارية كالجماعات المحمية ‪ ،‬فإف‬
‫االستثناء ىك جكاز ىذا التحكيـ كؿ ـ ا كانت النزاعات ناتجة عن عالقات دولية اقتصادية أك‬
‫تجارية أك مالية‪ .‬كبذلؾ يتبيف أف مجمة التحكيـ التكنسية تفصؿ بصكرة كاضحة بيف التحكيـ‬
‫الداخمي كالتحكيـ الدكلي(‪.)2‬‬

‫كما جاء قانكف التحكيـ المصرم الجديد رقـ ‪ 27‬الصادر سنة ‪ 1994‬متكجا ليذا التكجو‬
‫أيضا‪ ،‬إذ نص في المادة اﻷكلى منو عمى المقتضيات التالية‪:‬‬

‫"مع عدـ اﻹخالؿ بأحكاـ االتفاقيات الدكلية المعمكؿ بيا في جميكرية مصر العربية‬
‫تسرم أحكاـ ىذا القانكف عمى كؿ تحكيـ بيف أطراؼ مف أشخاص القانكف العاـ أك القانكف‬
‫الخاص أيا كانت طبيعة العالقة القانكنية التي يدكر حكليا النزاع‪ ،‬إذا كاف ىذا التحكيـ يجرم‬
‫في مصر ‪ ،‬أك كاف تحكيما تجاريا دكليا يجرم في الخارج كأتفؽ أطرافو عمى إخضاعو لنظاـ‬
‫ىذا القانكف"‪.‬‬

‫‪ ، 08-05‬الندكة الجيكية الحادية عشر مف سمسمة ندكات‬ ‫‪ -‬راجع د‪ .‬رياض فخري ‪" ،‬قكاعد التحكيـ قراءة في القانكف رقـ‬ ‫‪1‬‬

‫المجمس اﻷعمى المنظمة بمناسبة االحتفاؿ بالذكرل الخمسينية لتأسيسو‪ ،‬الناشر جمعية التكافؿ االجتماعي لقضاة كمكظفي‬
‫المجمس اﻷعمى نكنبر‪ ،2007‬ص ‪ 429‬كما بعدىا‪.‬‬
‫‪-‬راجع سميم الحبيب ‪" ،‬المؤسسات العمكمية كالتحكيـ"‪ ،‬مجمة القضاء كالتشريع‪ ،‬مجمة تصدرىا ك ازرة العدؿ بالجميكرية‬ ‫‪2‬‬

‫التكنسية‪ ،‬عدد خاص بالتحكيـ بدكف سنة‪ ،‬ص‪.33‬‬

‫‪64‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫كبذلؾ أصبحت النزاعات اﻹدارية بمصر قابمة لمتحكيـ حتى كلك كاف اﻷمر يتعمؽ‬
‫بعقكد إدارية تخص معامالت محمية‪.‬‬

‫كتالفيا لمتفسيرات الفقيية المتعددة ليذه المادة تدخؿ المشرع المصرم بمقتضى القانكف‬
‫رقـ ‪ 9‬لسنة ‪ 1997‬ك قاـ بتعديؿ بعض أحكاـ قانكف التحكيـ المشار إليو أعاله‪ ,‬مضيفا فقرة‬
‫ثانية لممادة اﻷكلى نص فييا عمى مايمي‪:‬‬

‫"بالنسبة إلى المنازعات اﻹدارية يككف االتفاؽ عمى التحكيـ بمكافقة الكزير المختص أك‬
‫مف يتكلى اختصاصو بالنسبة لألشخاص االعتبارية‪ ،‬كال يجكز التفكيض في ذلؾ" (‪.)1‬‬

‫كنفس المسار قد ذىب عميو القضاء المصرم بعد نفاذ القانكف رقـ ‪ 27‬لسنة ‪1994‬‬
‫أعاله‪ ،‬إذ أجاز القضاء االدارم لجكء ىذه ا ﻷشخاص إلى التحكيـ لتسكية المنازعات الناشئة‬
‫عف عقكدىا اﻹدارية كذلؾ مف خالؿ حكمو الصادر في الدعكل المقامة مف قبؿ كزير اﻷشغاؿ‬
‫بصفتو ىذه ضد الممثؿ القانكني لمجمكعة الشركات اﻷكربية التي كمفت بإنجاز مشركع قناطر‬
‫إسنا الجديدة‪ ،‬حيث رفض ىذا القضاء طمب المدعي ببطالف حكـ ىيئة التحكيـ في الدعكل‬
‫م يرجع‬ ‫لعدـ اختصاص تمؾ الييئة بالنظر فييا‪ ،‬عمى اعتبار أف النزاع يتعمؽ بعقد إدار‬
‫اﻹختصاص لمنظر فيق إلى مجمس الدكلة كحده فقط(‪.)2‬‬

‫كلمعمـ فإف المحكمة الدستكرية العميا بمصر قد أيدت ىي اﻷخرل ىذا القضاء (‪.)3‬‬

‫أما عف القضاء الفرنسي‪ ،‬فإنو كاف السباؽ إلى رفع سرياف الحظر الكارد في القانكف‬
‫الداخمي عمى قابمية العقكد اﻹدارية الدكلية لمتحكيـ‪ ،‬ككاف ىذا االجتياد قد صدر عمى مستكل‬
‫أعمى ىيئة قضائية كالمتمثمة في محكمة النقض كذلؾ بمناسبة عرض القضية المعركفة بإسـ‬
‫كاالكيس ‪ Galakis‬عميو(‪.)4‬‬

‫‪-1‬راجع‪ ،‬د‪.‬محمد الجمال و د‪.‬عكاشة عبد العال‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص ‪ 146‬كما يمييا‪.‬‬
‫‪- 2‬راجع ىذا الحكـ‪ ،‬القضاء اﻹدارم‪ ،‬قضية رقـ ‪ 4188‬لسنة ‪ 48‬جمسة ‪ ،18/1/1986‬مذككر في مرجع د‪.‬محمد الجمال و‬
‫د‪.‬عكاشة عبد العال ‪.‬ـ س‪ ،‬ص ‪.94‬‬
‫‪-3‬راجع نفس المرجع‪،‬ص ‪.95‬‬
‫‪- 4‬حكـ محكمة النقض الفرنسية صادر في مام ‪, 1966‬مذككر في مرجع د‪ .‬حفيظة السيد الحداد ‪ ،‬العقكد المبرمة بيف الدكؿ‬
‫كاﻷشخاص اﻷجنبية‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص‪ ، 299‬كقد تـ التطرؽ فيو إلى ىذه القضية بشكؿ مفصؿ=‬

‫‪65‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫انًطهت انثبَ‪ :ٙ‬دٔن‪ٛ‬خ انُشاع ٔيحذٔد‪ٚ‬خ إختظبص انٓ‪ٛ‬ئخ‬


‫انتحك‪ًٛٛ‬خ‬
‫ظؿ اختصاص الييئة التحكيمية في تسكية النزاعات ذات الطابع الدكلي غامضا‪ ،‬ك‬
‫(‪)1‬لمتحكيـ التجارم‬ ‫يعكد سبب ذلؾ بالدرجة اﻷكلى إلى عدـ تنظيـ التشريع المغربي الداخمي‬
‫الدكلي ( الفقرة األولى)‪ ،‬كبالرغـ مف ىذا الفراغ التشريعي فإف الكاقع العممي شيد تردد دائـ‬
‫لممغرب عمى مجمكعة مف الييئات التحكيمية اﻷجنبية بفعؿ انضمامو المبكر لمعديد مف‬
‫(‪)2‬‬
‫(الفقرة الثانية)‪.‬‬ ‫االتفاقيات الدكلية الميتمة بالتحكيـ التجارم الدكلي‬

‫انفمزح األٔنٗ‪ :‬ػذو تُظ‪ٛ‬ى انتشز‪ٚ‬غ انذاخه‪ ٙ‬نهتحك‪ٛ‬ى انذٔن‪ٙ‬‬

‫= كنفس المكقؼ أتبعو القضاء الفرنسي في قرار حديث لمحكمة اﻹستئناؼ الباريسية كالذم قضى أف أيا ما كاف أساس الحظر‬
‫المفركض عمى الدكلة ﻹبراـ اتفاؽ التحكيـ فإف مثؿ ىذا الحظر يبقى ساريا عمى العقكد التي تتـ كفقا لمنظاـ الداخمي فقط‪،‬‬
‫كبذلؾ نص عمى ما يمي‪:‬‬
‫‪«…quel qu’en soit le fondement, la prohibition pour un État de compromettre est limitée aux‬‬
‫‪contrats d’ordre interne et n’est pas opérateur public de se prévaloir des dispositions de son droit‬‬
‫‪national au de la loi du contrat pour se soustraire a posteriori à l’arbitrage convenu...».‬‬
‫‪Cour d’appel de paris, 13 juin 1996, rev arb, 1997, p 251, note E.Gaillard.‬‬
‫‪- 1‬كنقصد بيذا التشريع ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ قبؿ صدكر قانكف ‪.08-05‬‬
‫‪- 2‬كأىـ ما يدفع الدكؿ لإلنضماـ إلى مثؿ ىذه االتفاقيات ىك تشجيع ىا في جمب اﻹستثمار إلييا‪ ،‬إذ غالبا ما تتضمف قكانينيا‬
‫نصكصا صريحة تقضي بقبكؿ التحكيـ ‪.‬‬
‫أنظر في ىذا المعنى‪:‬‬
‫د‪.‬محمد ثكمنت ‪ ،‬إذ يقكؿ في ىذا المعنى”‪...‬أصبحت الدكؿ النامية في اﻷكنة اﻷخيرة تنيج سياسة جمب اﻹستثمار اﻷجنبي‬
‫بتكفير مجمكعة مف الضمانات القانكنية بمقتضى قكانيف اﻹستثمار الداخمية لمدكلة التي يرغب في التعامؿ معيا‪ .‬لكف تمؾ‬
‫الضمانات تبقى غير كافية في نظره لتأميف استثماره ضد المخاطر غير التجارية ما لـ تقرف بكسيمة قضائية بديمة عف القضاء‬
‫الرسمي في التحكيـ التجارم الدكلي التي تكفره لو باﻹضافة إلى الضمانات العامة التي يستفيد منيا كؿ تاجر دكلي أك‬
‫مستثمر أجنبي سكاء تعاقد مع الدكلة المضيفة لإلستثمار أك إحدل المؤسسات التابعة ليا أـ مع شخص آخر يخضع لمقانكف‬
‫الخاص ‪ ,‬ضمانات أخرل خاصة يستفيد منيا المستثمر اﻷجنبي كمما تعاقد مع الدكلة أك إحدل مؤسساتيا العامة ك المتمثمة في‬
‫إمكانية مخاصمة الدكلة ك التمثيؿ ضدىا “ د‪.‬محمد ثكمنت‪,‬ـ‪.‬س‪,‬ص‪135‬ك‪.136‬‬
‫أيض‪:‬‬
‫ا‬ ‫أنظر‬
‫‪Jean-Pierre, contrats d état et arbitrage entre états et personnes privées, étude suisse de droit‬‬
‫‪international, volume 33, Genève 1983, p3‬‬
‫‪«En ce qui concerne l'institution de l’arbitrage, elle ne doit plus des lors être‬‬
‫‪seulement d'encourager les investissements, mais devra prendre en considération les intérêts‬‬
‫‪légitimes deux parties».‬‬

‫‪66‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫الدكلية تجعؿ ىاتو اﻷخيرة تتميز بمجمكعة مف‬ ‫إف طبيعة المعامالت التجارية‬
‫الخصكصيات أىميا البحث الدائـ عف اﻷسكاؽ الجديدة الذم يتطمب السرعة في إبراـ الصفقات‬
‫كالعقكد‪ ،‬نتيجة تكسع دائرة التنافس بيف الفاعميف االقتصادييف (‪.)1‬‬
‫(‪)2‬‬
‫كنظ ار الرتفاع أرقاـ معامالت اﻷطراؼ كتعدد أنشطتيا عمى صعيد التجارة الدكلية‬
‫فإنيا أصبحت بمركر الزماف كاعية بأىمية حؿ خالفاتيا في مدة زمنية قصيرة حتى ال تفكت‬
‫عمييا فرص جديدة لمتعاقد مف أجؿ تحقيؽ المزيد مف الربح‪ .‬مما جعؿ الييئات التحكيمية الجية‬
‫الكحيدة التي يمكنيا اﻹستجابة ليذه الغاية لتميزىا بالقدرة الفنية المالئمة لحسـ ىذه الخالفات‬
‫عكس أغمبية النظـ القضائية العالمية التي يعاني جميا مف البطء الشديد‪.)3( .‬‬

‫لذا يككف التحكيـ الدكلي قد لعب بكاسطة ىذه الييئات دك ار كبي ار في تشجيعو لمتجارة‬
‫بعتبار المغرب كاحدا مف بيف الدكؿ ا ﻷكلى التي اىتمت بو عمى صعيد االتفاقيات‬
‫الدكلية‪ ،‬إ‬
‫الدكلية(‪ ،)4‬فإنو كمع ذلؾ لـ يتمكف مف معالجتو في إطار قانكنو الداخمي (‪.)5‬‬

‫‪-1‬راجع محمد عبد اهلل محمد المؤيد ‪ ،‬منيج القكاعد المكضكعية في فض المنازعات الخاصة ذات الطابع الدكلي ‪-‬دراسة‬
‫تأصيمية‪ ،-‬رسالة لنيؿ درجة الدكتكراه في الحقكؽ مقدمة بجامعة القاىر‪ ،‬سنة ‪ ،1998‬ص‪.117‬‬
‫‪-2‬راجع كمال ابراىيم‪ ،‬التحكيـ التجارم الدكلي‪ ،‬دار الفكر العربي ‪,‬ط‪,1991‬ص‪.70‬‬
‫‪- 3‬منير عبد المجيد‪ ،‬التنظيـ القانكني لمتحكيـ الدكلي كالداخمي‪ ،‬منشأة المعارؼ‪,‬االسكندرية‪ ،‬ط‪ ،1997‬ص‪.7‬‬
‫‪- 4‬كقد كانت أكؿ اتفاقية تتعمؽ بالتحكيـ الدكلي قد أبرميا المغرب سنة ‪ 1693‬مع فرنسا بيف كؿ مف السمطاف المكلى إسماعيؿ‬
‫المقيميف‬ ‫كالممؾ لكيس الرابع عشر‪ ،‬ك تسمى ىذه االتفاقية بمعاىدة سان جرمان ‪ ،‬إذ كاف مكضكعيا ينظـ حالة اﻷجانب‬
‫بالمغرب‪.‬‬
‫راجع في ىذا السياؽ عبد اهلل درميش ‪ " ،‬التحكيـ الدكلي في المكاد التجارية "‪ ،‬رسالة لنيؿ دبمكـ الدراسات العميا في القانكف‬
‫الخاص‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،1983-1982‬كمية الحقكؽ الدار البيضاء‪ ،‬ص ‪.130‬‬
‫‪5‬‬
‫‪-Voir Abdellah Bodahrain,op.cit, p139.‬‬
‫‪« …ayant au début de nos propos abordé les définitions de l’arbitrage commercial international,‬‬
‫‪il y a lieu de mettre ici l’accent sur les difficultés pour l’étude de cette matière et des‬‬
‫‪dispositions prises pour leur trouver une solution convenable.‬‬
‫‪Ces difficultés tiennent en générale a l'absence d'une législation marocaine sur l’arbitrage‬‬
‫‪international dans le domaine commercial à un ordre juridique interne ou international dans le‬‬
‫‪domaine commercial car le problème essentiel est celui du rattachement de l’arbitrage à un‬‬
‫‪ordre juridique interne ou international cohérent et adaptable à la situation particulière au‬‬
‫‪Maroc. ».‬‬

‫‪67‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫فباﻹطالع عمى الفصكؿ مف ‪ 306‬إلى ‪ 327‬مف قانكف المسطرة المدنية لسنة ‪1974‬‬
‫قبؿ التعديؿ‪ ،‬نجدىا لـ تتطرؽ إلى مسألة ما إذا كاف نطاؽ التحكيـ يخص التحكيـ الدكلي‪ ،‬أـ‬
‫أنو ينظـ بالتحكيـ الداخمي فقط؟‬

‫كاذا كاف المشرع لـ ينظـ التحكيـ التجارم الدكلي في فصكؿ ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ‪ ،‬فإنو بالمقابؿ قد‬
‫خصص لو مادة فريدة في القانكف رقـ ‪ 18-95‬المتعمؽ بميثاؽ االستثمار الصادر سنة ‪،1995‬‬
‫كيتعمؽ االمر بالمادة ‪ 17‬منو كالتي نصت عمى إمكانية تضـ مف عقكد االستثمار بنكد تقضي‬
‫بتسكية كؿ نزاع قد ينشا بيف الدكلة المغربية كالمستثمريف اﻷجانب كفقا ؿ ﻹ تفاقيات الدكلية التي‬
‫صادؽ عمييا المغرب في ميداف التحكيـ‪.‬‬

‫كجدير بالذكر أف التحكيـ الدكلي قد حصؿ عمى الدعـ الكافي كيتضح ذلؾ مف خالؿ‬
‫ما تضمنتو الرسالة الممكية المكجية إلى الكزير اﻷكؿ بخصكص التدابير الالمتمركزة ؿ ﻹ ستثمار‬
‫محمد السادس الحككمة المغربية عمى القياـ بالتدابير الكفيمة‬ ‫كالتي حث فييا جاللة الممؾ‬
‫بتحديث إدارة القضاء كمراجعة مساطر معالجة النزاعات بيف المستثمريف عف طريؽ التحكيـ‪.‬‬

‫كقد جاء في الفقرة الثانية مف المقطع الخامس مف ىذه الرسالة ما يمي ‪:‬‬

‫ومراجعة مساطر التسوية‬ ‫"‪...‬كالكاجب كذلؾ مكاصمة جيكد تحديث إدارة القضاء‬
‫الحبية لمنزاعات بين المستثمرين بواسطة التحكيم‪.)1( "...‬‬

‫كفي مستيؿ سنة ‪ 2003‬تـ تجسيد أكؿ ـ بادرة قامت بيا اﻷمانة العامة لمحككمة مف‬
‫أجؿ إخراج مشركع قانكف يتعمؽ بالتحكيـ حمؿ اسـ " مشركع مدكنة التحكيـ"‪ ،‬إال أنو كلألسؼ‬
‫تـ التراجع عنو في آخر المطاؼ ليتـ تعكيضو بمشركع قانكف آخر يقضي بتعديؿ مقتضيات‬
‫الباب الثامف مف القسـ الخامس مف قانكف المسطرة المدنية‪ ،‬كالذم خرج فيما بعد إلى الكجكد‬
‫بعد المصادقة عميو مف طرؼ البرلماف ‪.‬‬

‫كعمى العمكـ فإف ىذه المدكنة الممغاة قد عالجت التحكيـ الدكلي ككاف ذلؾ في المكاد‬
‫مف ‪ 47‬إلى ‪ 62‬منيا‪.‬‬

‫‪ -1‬راجع الرسالة الممكية المؤرخة في ‪ 24‬شكاؿ ‪ 1422‬المكافؽ لػ ‪ 9‬يناير ‪ 2002‬المكجية إلى الكزير اﻷكؿ بمناسبة القياـ‬
‫بالتدابير الالمتمركزة لالستثمار‪ ،‬ج‪ ,‬ر الصادرة بتاريخ ‪ 17‬يناير‪.2002‬‬

‫‪68‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫إال أنو بصدكر القانكف رقـ ‪ 08-05‬سنة ‪ ،2007‬كالذم أصبح بمقتضاه تـ تنظيـ ىذا‬
‫النكع مف التحكيـ تنظيما دقيقا (‪.)1‬كالمالحظ أف المشرع المغربي خصص لمتحكيـ الدكلي ستة‬
‫عشر فصال (‪ )16‬ضـ فىا في الفرع الثاني مف ىذا القانكف (‪.)2‬‬
‫كلإلشارة فإف ىذه الفصكؿ لـ تط أر عمييا مقارنة لما كرد بمشركع مدكنة التحكيـ الممغاة‬
‫تغييرات ىامة‪ ،‬باستثناء بعض التنقيحات التي طالت المكضكعاف التالياف‪:‬‬
‫الموضوع األول‪ :‬التنظيم الدقيق لمعايير اعتبار التحكيم دولي‬
‫عندما تطرؽ مشركع مدكنة التحكيـ الممغاة إلى المعايير التي تجعؿ التحكيـ دكليا‬
‫‪ 48‬التي نصت عمى‬ ‫فإنو لـ يقـ بالتكسع في تفصيميا‪ ،‬كانما اكتفى بمادة يتيمة كىي المادة‬
‫معيار كاحد يككف معو التحكيـ دكليا كمما كاف نزاع اﻷطراؼ يرتبط بمصالح التجارة الدكلية‪،‬‬
‫بينما عمد المشرع في القانكف رقـ ‪ 08-05‬إلى تعديد المعايير‪ ،‬فمنيا ما يتعمؽ بمكطف كمحؿ‬
‫التحكيـ ‪ ،‬كمنيا ما يرتبط بمكاف تنفيذ المقرر التحكيمي (‪ ،)3‬متأث ار في ذلؾ بالمادة اﻷكلى مف‬
‫القانكف النمكذجي لمألكنستراؿ المتعمؽ بالتحكيـ التجارم الدكلي‪.‬‬
‫الموضوع الثاني‪ :‬التنصيص عمى النظام العام المغربي‪:‬‬
‫تمت إضافة حالة خرؽ النظاـ العاـ المغربي إلى الئحة مكانع اﻹعتراؼ بمقررات‬
‫(‪)4‬‬
‫كذلؾ بعدما كاف اﻷمر في المدكنة‬ ‫التحكيـ اﻷجنبية المنصكص عمييا في القانكف الجديد‬
‫الممغاة يقتصر عمى حالة كجكب عدـ اﻹخالؿ بالنظاـ العاـ الدكلي فقط‪.‬‬
‫كنستنتج تبعا لذلؾ أنو مف شأف إعماؿ فحكل المكضكع االخير الزيادة في عدد حاالت‬
‫عدـ اﻹعتراؼ بمقررات التحكيـ اﻷجنبية‪ ،‬خصكصا مع بقاء مفيكـ النظاـ العاـ المغربي دكف‬
‫ناحي الزمافية كالمكافية(‪.)5‬‬
‫تحديد‪ ،‬نظ ار لتميزه بالمركنة مف اؿ ة‬
‫كغني عف البياف أف عدـ التنصيص عمى المقتضيات المنظمة لمتحكيـ الدكلي قبؿ‬
‫صدكر قانكف ‪ 08-05‬كاف كاحد مف بيف اﻷسباب الرئيسية التي جعمت ىيئات التحكيـ المغربية‬

‫‪ - 1‬أنظر الجريدة الرسمية المغربية عدد ‪ 5584‬الصادرة بتاريخ ‪ 25‬ذك القعدة ‪ 1428‬المكافؽ لػ ‪ 6‬دجنبر ‪( 2007‬الصفحة‬
‫المتعمقة بالتحكيـ الدكلي رؽميا‪.)3903‬‬
‫الغايتف‪ ,‬بينما كاف ينظمو المشركع اﻷكلي لقانكف ‪ 08-05‬مف‬‫ا‬ ‫‪- 2‬أم مف الفصؿ ‪ 327.39‬إلى الفصؿ ‪ 327.54‬مع إدخاؿ‬
‫الفصكؿ‪ 327،36‬إلى الفصؿ ‪. 327،51‬‬
‫‪ - 3‬أنظر الفصؿ ‪ 327.40‬مف ىذا القانكف‪.‬‬
‫‪ - 4‬أنظر الفصؿ ‪ 327.46‬مف ىذا القانكف‪.‬‬
‫‪ - 5‬أنظر في مكضكع مركنة النظاـ العاـ ‪ ،‬د‪.‬أحمد زوكاغي ‪,‬أحكاـ التنازع بيف القكانيف في التشريع المغربي ‪ ،‬ط‪،2002‬‬
‫ص‪.99‬راجع أيضا د‪.‬عز الدين عبد اهلل‪ ،‬القانكف الدكلي الخاص‪,‬الجزء الثاني‪ ،‬الييئة المصرية العامة لمكتاب‪ ،‬ط التاسعة‪،‬‬
‫القاىرة‪ ،1986 ،‬ص‪.537‬‬

‫‪69‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫ال تقكـ بمبادرات مف أجؿ تسكية النزاعات ذات الطبيعة الدكلية‪ ،‬بؿ أكثر مف ذلؾ فإف غياب‬
‫الضمانات التشريعية التي تكفؿ إنجاح مياـ ىذه الييئات في ىذا النكع مف التحكيـ ىك الذم‬
‫يفسر عزكؼ المتعامميف االقتصادييف عمى المستكل الدكلي بما فييـ المغاربة عف طرح نزاعاتيـ‬
‫عمييا‪.‬‬

‫كىذا ما حاكؿ القانكف الجديد تداركو بتنظيمو ليذا الفرع مف التحكيـ كبالتالي أضاؼ‬
‫نفسا جديدا ليذه الييئات كالمراكز التحكيمية‪.‬‬

‫كاذا كاف المشرع المغربي لـ ينظـ التحكيـ الدكلي في القانكف الداخمي قبؿ التعديؿ‬
‫الجديد‪ ،‬فيؿ استطاع تنظيمو مف خالؿ االتفاقيات الدكلية التي صادؽ عمييا؟ ىذا ما سكؼ‬
‫نحاكؿ اﻹجابة عفق في الفقرة المكالية‪.‬‬

‫انفمزح انثبَ‪ٛ‬خ‪ :‬تُظ‪ٛ‬ى اإلتفبل‪ٛ‬بد انذٔن‪ٛ‬خ انًظبدق ػه‪ٓٛ‬ب يٍ لجم‬


‫(‪)1‬‬
‫انًغزة نهتحك‪ٛ‬ى انذٔن‪ٙ‬‬
‫مف المالحظ أف المشرع المغربي لـ يشر إلى التحكيـ التجارم الدكلي في قانكنو‬
‫تاركا مجاؿ تنظيمو ؿ ﻹ تفاقيات‬ ‫الداخمي(‪ ،)2‬كىذا ما فسره بعض الفقو بككف المشرع تعمد ذلؾ‬
‫الدكلية المصادؽ عمييا مف قبؿ المغرب‪ ،‬ـ ستنديف في ذلؾ عمى ككف منازعات التجارة الدكلية‬
‫ال يمكف حميا إال بكاسطة التحكيـ ﻹعتباره القضاء اﻷصيؿ بيذا الخصكص(‪.)3‬‬

‫كالبد مف التذكير أف المغرب كاف دائما مف الدكؿ السباقة إلى المصادقة عمى مثؿ‬
‫ىذه ا ﻹتفاقيات ﻹستيعابو المبكر ﻷىمية تنظيمو لمتحكيـ التجارم الدكلي الذم غالبا ما يرعى‬
‫مصالح التجارة الدكلية (‪ .)4‬ﻷجمو فإنو عمؿ عمى اﻹنضماـ إلى أغمب اﻹتفاقيات الدكلية التي‬
‫كذا ذات النطاؽ‬ ‫ليا صمة بيذا المكضكع‪ ،‬منيا تمؾ المنعقدة عمى الصعيد الدكلي (أكال)‪ ،‬ك‬
‫اﻹقميمي (ثانيا)‪ ،‬لييتـ أيضا بتمؾ المبرمة في إطار ثنائي مع غيره مف الدكؿ (ثالثا)‪.‬‬

‫‪ - 1‬أنظر د‪.‬عبد اهلل بوظيرين ‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص ‪ 142‬إلى ص ‪ ، 159‬كالذم تطرؽ بتفصيؿ إلى أغمب االتفاقيات الدكلية المتعمقة‬
‫بالتحكيـ المصادؽ عمييا مف قبؿ المغرب مع تحميمو لمقتضياتيا‪.‬‬
‫‪- 2‬كذلؾ قبؿ صدكر قانكف ‪.08- 05‬‬
‫‪ - 3‬أنظر عبد اهلل درميش‪ ،‬اىتماـ المغرب بالتحكيـ إلى أم حد؟ مقاؿ منشكر بمجمة المحاكـ المغربية‪،‬عدد ‪ ،73‬ص‪.11‬‬
‫‪ -4‬أنظر د‪.‬أبو زيد رضوان ‪ ،‬االسس العامة لمتحكيـ التجارم الدكلي‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬ط‪ ،1981‬ص‪.9‬‬

‫‪70‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫أوال‪ :‬اﻹتفاقيات الدولية الجماعية‬


‫سنكرد في ىذا الصدد أىـ االتفاقيات الدكلية الجماعية التي أنظـ إلييا المغرب‪ ,‬كذلؾ‬
‫عمى الشكؿ التالي‪:‬‬

‫أ‪ -‬اتفاقية نيويورك‪:‬‬

‫بتاريخ ‪ 1958.6.10‬كالمتعمقة باﻹعتراؼ‬ ‫كيتعمؽ اﻷمر بإتفاقية نيكيكرؾ المبرمة‬


‫بالمقررات التحكيمية اﻷجنبية كتنفيذىا‪ ،‬إذ تـ اعتمادىا تحت رعاية المجنة اﻹقتصادية‬
‫كاﻹجتماعية التابعة لييئة اﻷمـ المتحدة‪.‬كقد صادؽ المغرب عمى ىذه االتفاقية بمقتضى‬
‫الظيير الشريؼ رقـ ‪ 1.59.865‬بتاريخ ‪ 21‬شعباف ‪ 1379‬كالمكافؽ لػ ‪ 19‬يناير ‪ ،)1(1960‬ليككف‬
‫بذلؾ مف بيف الدكؿ اﻷكلى التي تقيدت بأحكاميا‪.‬‬

‫ب‪ -‬اتفاقية الىاي‪:‬‬

‫‪ 1954‬مف أىـ اﻹتفاقيات المتعمقة‬ ‫كتعتبر اتفاقية الىام المؤرخة في فاتح مارس‬
‫بؽ‪.‬ـ‪.‬ـ‪ ،‬انضـ إلييا المغرب بمقتضى الظيير الشريؼ عدد ‪ 645.67‬كذلؾ بتاريخ ‪ 18‬رجب‬
‫(‪)2‬‬
‫م أحكاميا إلى مسطرة‬
‫ؼ‬ ‫‪ ،‬كقد أشارت ىذه اﻹتفاقية‬ ‫‪ 1389‬المكاؼؽ لػ ‪1969.9.30‬‬
‫التحكيـ‪.‬‬

‫ج‪ -‬اتفاقية البنك الدولي لتسوية المنازعات اإلستثمارية بين الدول ورعايا الدول‬
‫األخرى‪:‬‬
‫كتعد ىذه اﻹتفاقية اﻷكلى مف نكعيا التي تنظـ طريقة حؿ المنازعات الناشئة بيف الدكؿ‬
‫كرعايا الدكؿ اﻷخرل‪ ،‬كيقصد بيذه الفئة اﻷخيرة المستثمريف اﻷجانب الذيف يقكمكف بإستثمار‬
‫أمكاليـ داخؿ حدكد الدكؿ المتعاقدة ‪ ،‬تـ إبراـ ىذه اﻹتفاقية بتارمخ ‪ 1965.3.18‬بمدينة كاشنطف‬
‫اﻷمريكية‪ ،‬لذلؾ سميت بإتفاقية كاشنطف كاختصا ار بػ " ‪."B.I.R.D‬‬

‫‪-1‬راجع مجمة القضاء كالقانكف‪ ،‬عدد ‪ ، 29‬ص‪.3‬‬


‫‪ - 2‬ج‪ ,‬ر‪ ،‬عدد ‪ 3011‬منشكرة بتاريخ ‪.05/07/1970‬‬

‫‪71‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫كنظ ار ﻷىمية ىذه اﻹتفاقية في جمب اﻹستثمارات إلى الدكؿ السائرة في طريؽ النمك لما‬
‫تمنح لممستثمريف مف ضمانات قضائية ‪ ،‬فإف المغرب قد صادؽ عمييا بمقتضى المرسكـ الممكي‬
‫م‪.)1( 1966.10.31‬كتنظـ أحكاـ ىذه االتفاقية التحكيـ التجارم الدكلي في الباب الرابع‬
‫المؤرخ ؼ‬
‫منيا مف المكاد ‪ 36‬إلى‪.66‬‬
‫(‪)2‬‬
‫‪:‬‬ ‫ثانيا‪ :‬اﻹتفاقيات اﻹقليمية‬
‫لحضكر في المناسبات‬ ‫أما عمى المستكل اﻹقميمي العربي فإف المغرب كاف دائـ ا‬
‫التشريعية المنعقدة في ىذا المجاؿ‪ ،‬إذ نجده منخرطا في العديد مف اﻹتفاقيات العربية بما فييا‬
‫تمؾ المتعمقة بالتجارة اﻹقميمية كفض منازعاتيا(‪.)3‬‬

‫ككمثاؿ عمى ىذه اﻹتفاقيات نذكر ما يمي‪:‬‬

‫أ‪ -‬اتفاقية الكويت المتعمقة بإنشاء المؤسسة العربية لضمان اإلستثمار‬


‫فيذه اﻹتفاقية تـ التكقيع عمييا بدكلة الككيت بتاريخ ‪ 1971.5.27‬لـ ينظـ إلييا المغرب‬
‫إال بتار يخ ‪ ,1975.11.15‬كينص الممحؽ اﻷكؿ منيا عمى مسطرة المفاكضات كالتكفيؽ‬
‫كالتحكيـ كذلؾ في المكاد ‪2‬ك‪3‬ك‪ 4‬منو(‪.)4‬‬

‫‪ - 1‬ج‪ .‬ر‪،‬عدد ‪ 2820‬منشكرة بتاريخ ‪.16/11/1966‬‬


‫‪ - 2‬كمف اﻹتفاقيات الثنائية التي اىتمت بالتحكيـ نذكر اتفاقية الرياض العربية لمتعاون القضائي كالتي كانػػت ثمرة تكطيد‬
‫عالقات التعاكف القائمة بيف الدكؿ العربية في المجاالت القضائية‪ ،‬تنفيذا لإلعالف الصادر عف المؤتمر العربػػي اﻷكؿ لكزراء‬
‫العدؿ المنعقد بالرباط في الػفترة مف ‪ 14‬إلى‪ 16‬دجنبر‪ .1997‬فقد تـ عقد ىذه اﻹتفاقية بمدينة الرياض عاصمة المممكة العربية‬
‫السعكدية يكـ اﻷربعاء ‪ 23‬مف شير جمادل الثانية عاـ ‪1403‬ىػ المكافؽ لػ السادس مف شير أبريؿ ‪ ،1983‬كتجدر اﻹشارة إلى‬
‫أف المغرب قد كاف طرفا في ىذه اﻹتفاقية الجماعية اﻹقميمية‪.‬‬
‫كتنص المادة ‪ 37‬مف ىذه اﻹتفاقية عمى مجمكعة مف المقتضيات تخص تنظيـ أحكاـ المحكميف كاﻹعتراؼ بيا في الدكؿ‬
‫العربية المتعاقدة‪.‬‬
‫لممزيد مف التعمؽ راجع " اتفاقية الرياض العربية لمتعاون القضائي" ‪ ،‬المجمة العربية لمفقو كالقضاء‪ ,‬تصػدرىا اﻷمانة العامة‬
‫لمجمس كزراء العدؿ العرب‪ ،‬العدد اﻷكؿ‪ ,‬أبريؿ ‪ ,1984‬ص مف ‪ 411‬إلى‪.428‬‬
‫‪- 3‬كمف بيف اﻹتفاقيات التي صادؽ عمييا المغرب في ىذا المجاؿ أيضا ‪ ،‬نذكر اتفاقية عمان العربـية لمتحكيم التجاري ك‬
‫المنعقدة بمدينة عماف اﻷردنية ‪.‬كقد تطرقت إلى مجمكعة مف المقتضيات القانكنية المنظمة لممركز العربي لمتحكيـ التجارم‪,‬‬
‫كما أنيا خصصت الفصػؿ الثالث منيا إلى تنظيـ ىيئة التػحكيـ التابعة إلى ىذا المركز‪.‬‬
‫أنظر نص ىذه اﻹتفاقية في المجمة العربية لمفقو كالقانكف تصدرىا اﻷمانة العامة لمجمػس كزراء العدؿ العرب‪ ،‬العدد السادس‪،‬‬
‫أكتكبر ‪ ،1987‬ص مف ‪341‬إلى‪.347‬‬
‫‪ - 4‬أنظر عبد اهلل درميش ‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص ‪.12‬‬

‫‪72‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫ب‪ -‬اإلتفاقية الموحدة إلستثمار رؤوس األموال العربية‪:‬‬


‫‪ 26‬نكنبر ‪ 1980‬كأنخرط‬ ‫تـ التكقيع عمى ىذه اﻹتفاقية بمدينة عماف اﻷردنية بتاريخ‬
‫فييا المغرب بنفس التاريخ (‪.)1‬كتنص المادة ‪ 25‬منيا عمى تسكية المنازعات الناشئة عف‬
‫اﻹستثمار بكاسطة التكفيؽ كالتحكيـ أك بالمجكء إلى محكمة اﻹستثمار العربية‪.‬‬

‫ج‪ -‬اتفاقية تيسير و تنمية التبادل التجاري بين الدول العربية ‪:‬‬

‫انظـ إلييا المغرب‬ ‫يخ ‪ 1981.2.27‬ك التي‬ ‫كتـ تكقيع ىذه اﻹتفاقية بتكنس بتار‬
‫بمقتضى القانكف رقـ ‪ 11.82‬قاضي بالمكافقة عمى مبدأ المصادقة عمييا (‪.)2‬‬

‫د‪ -‬اتفاقية إنشاء البنك اإلسالمي لمتنمية ‪:‬‬

‫أبرمت معظـ الدكؿ العربية ىذه اﻹتفاقية بمدينة جدة ‪ ،‬ككاف ذلؾ في شير رجب مف‬
‫سنة ‪ 1394‬المكافؽ لػ شير غشت ‪ ،1974‬صادؽ عمييا المغرب بمقتضى الظيير الشريؼ‬
‫المؤرخ في ‪ 5‬شكاؿ ‪ 1397‬المكاؼؽ لػ ‪ 1977.9.19‬كينص الفصؿ ‪ 67‬منيا عمى تسكية‬
‫خالفات ىذا البنؾ كغيره مف الدكؿ اﻷعضاء عف طريؽ آلية التحكيـ‪.‬‬

‫‪ -1‬كلقد كاف المغرب ممثال في المجنة الفنية التي أعدت ىذه االتفاقية في شخص الدكتكر أحمد شكرم السباعي‪ ،‬اﻷستاذ‬
‫المتخصص في مادة القانكف التجارم‪.‬‬
‫‪ -2‬ج‪ .‬ر عدد ‪ 3668‬منشكرة بتاريخ ‪ 16‬فبراير ‪.1983‬‬

‫‪73‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫ثالثا‪ :‬اﻹتفاقيات الثنائية(‪:)1‬‬

‫نصت العديد مف اﻹتفاقيات الثنائية التي أبرميا المغرب مع غيره مف الدكؿ في مجاؿ‬
‫التجارة الدكلية عمى التحكيـ كآلية لمفصؿ في الخالفات الناشئة عف معامالتيـ‪ ،‬كمف أىميا‬
‫نذكر مايمي‪:‬‬

‫أ‪ -‬اتفاقية الشراكة المبرمة بين المغرب واإلتحاد األوروبي‪:‬‬


‫تجدر اﻹشارة إلى أف ىذه اﻹتفاقية تـ التكقيع عمييا بالعاصمة البمجيكية برككسيؿ ككاف‬
‫ذلؾ بتاريخ ‪ 16‬فبراير ‪ 1996‬بعد قطع مراحؿ طكيمة كعسيرة مف المفاكضات بيف الطرفيف‪.‬‬

‫كقد نصت قذق اﻹتفاقية عمى التحكيـ التجارم الدكلي ضمف القسـ الرابع منيا‪ ،‬كذلؾ‬
‫في إطار المقتضيات العامة‪.‬كيستفاد مف ىذه اﻹتفاقية أف مسطرة التحكيـ ال يمكف مباشرتيا إال‬
‫بعد استنفاذ ثالثة مراحؿ مف أجؿ فض النزاع بيف الطرفيف ك ذلؾ عف طريؽ مجمكعة مف‬
‫اﻷجيزة اﻹدارية عمى النحك اآلتي‪:‬‬

‫‪ -‬المرحمة االولى‪:‬‬

‫‪ -1‬كىناؾ العديد مف اﻹتفاقيات الثنائية التي أبرميا المغرب لحماية وتشجيع االستثمار ‪ ،‬منيا ما يمي ‪:‬‬
‫‪ -‬مع الدول العربية‪:‬‬
‫لبنان بتاريخ ‪ 3‬يكليكز ‪ 1997‬بالرباط‪(،‬ج‪.‬ر بتاريخ‪.)2001-11-05‬‬ ‫*اﻹتفاقية الثنائية المبرمة مع‬
‫ليبيا بتاريخ ‪ 25‬يناير ‪ 1984‬بالرباط‪( ،‬ج‪.‬ر بتاريخ ‪.)2001-6-14‬‬ ‫*اﻹتفاقية الثنائية المبرمة مع‬
‫البحرين بتاريخ ‪ 7‬أبريؿ ‪ 2000‬بالرباط‪( ،‬ج‪.‬ر بتاريخ ‪.)2001-11-19‬‬ ‫*اﻹتفاقية الثنائية المبرمة مع‬
‫الكويت بتاريخ ‪ 16‬فبراير ‪ 1999‬بالككيت‪( ,‬ج‪.‬ر بتاريخ ‪.)2001-11-5‬‬ ‫*اﻹتفاقية الثنائية المبرمة مع‬
‫األردن بتاريخ ‪ 16‬يكنيك ‪ 1998‬بالرباط‪،‬‬ ‫*اﻹتفاقية الثنائية المبرمة مع‬
‫مصر بتاريخ ‪ 22‬مارس ‪ 1989‬بالرباط‪،‬‬ ‫*اﻹتفاقية الثنائية المبرمة مع‬
‫‪-‬مع الدول الغربية‪:‬‬
‫اليونان بتاريخ ‪ 16‬فبراير ‪ 1994‬بأثينا‪( ,‬ج‪.‬ر بتاريخ‪.)2001-3-15‬‬ ‫*اﻹتفاقية الثنائية المبرمة مع‬
‫‪.) 2001-10-25‬‬ ‫‪ 1999‬بالرباط‪( ,‬ج‪.‬ر بتاريخ‬ ‫كوريا الجنوبية بتاريخ ‪ 27‬يناير‬ ‫*اﻹتفاقية الثنائية المبرمة مع‬
‫*اﻹتفاقية الثنائية المبرمة مع بولونيا بتاريخ ‪ 24‬أكتكبر ‪ 1994‬بالرباط‪( ,‬ج‪.‬ر بتاريخ ‪. )1999-10-21‬‬
‫اليند بتاريخ‪ 18‬فبراير ‪ 1999‬بالرباط‪( ,‬ج‪.‬ر بتاريخ‪.)2001-7-30‬‬ ‫*اﻹتفاقية الثنائية المبرمة مع‬
‫كمع ذلؾ فاف ىذه اﻹتفاقيات لـ تتطرؽ لمتحكيـ التجارم الدكلي بشكؿ معمؽ‪,‬إذ أف المقتضيات المنظمة ليا جاءت‬
‫متشابية فيما بينيا كلـ تتجاكز الفصكؿ المنظمة ليا الفصميف عمى االكثر‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫كيتـ في إطارىا عرض النزاع عمى مجمس الشراكة طبقا لممادة ‪ 78‬مف اتفاقية الشراكة‬
‫آنذاؾ يتـ عرضو عمى لجنة‬ ‫لكي يبت فيو‪ ،‬كفي حالة ما إذا فشؿ ىذا الجياز في حؿ النزاع‬
‫خاصة تسمى بمجنة المشاركة‪.‬‬

‫‪ -‬المرحمة الثانية ‪:‬‬

‫‪ 82‬مف ىذه اﻹتفاقية‪ ،‬كتضـ‬ ‫كيعرض خالليا النزاع عمى لجنة الشراكة طبقا لممادة‬
‫ىذه المجنة مكظفيف فنييف تابعيف لمجانبيف المغربي كاﻹتحاد اﻷكربي‪ ،‬كفي حالة عدـ‬
‫استطاعتيا تسكية النزاع يحاؿ بعد ذلؾ عمى لجنة أخرل تدعى مجمكعة العمؿ‪.‬‬

‫‪ -‬المرحمة الثالثة‪:‬‬

‫حيث ينشر النزاع عمى مجمكعة العمؿ طبقا لمقتضيات المادة ‪ 84‬مف نفس اﻹتفاقية‬
‫‪ ،‬كفي حالة تعذر الكصكؿ إلى حؿ ينيي النزاع العالؽ بيف الطرفيف حينيا يحاؿ عمى ىيئة‬
‫التحكيـ‪.‬‬

‫‪ -‬المرحمة الرابعة‪:‬‬

‫كىي آخر مرحمة‪ ،‬إذ يقكـ عادة أحد اﻷطراؼ بإشعار الطرؼ اﻷخر برغبتو في عرض‬
‫النزاع عمى ىيئة تحكيمية بحيث يقكـ مف طرفو بتعييف محكـ يمثمو‪ ،‬بينما يمنح لمطرؼ اﻷخر‬
‫أجؿ شيريف قصد تعييف محكمو‪ ،‬أما المحكـ الثالث فيتـ تعيينو مف قبؿ لجنة الشراكة‪.‬‬

‫كتقكـ بعد ذلؾ ىيئة التحكيـ بإتخاذ قرارىا الحاسـ في النزاع بعد استغراقو المراحؿ‬
‫معا مع ضركرة اتخاذىا لإلجراءات‬ ‫أعاله باﻷغمبية‪ ،‬كعميو يعتبر قرارىا ىذا ممزما لمجانبيف‬
‫الكفيمة كالالزمة لتنفيذه‪.‬‬

‫كؾآخر مالحظة يمكف إبدائيا بصدد ىذه اﻹتفاقية ىي أف أطرافيا قد اختا ار التحكيـ‬
‫الحر لما يتمتع بو مف ـ ميزات خاصة (‪ ،)1‬مستبعدة بذلؾ إمكانية عرضو عمى ىيئة تحكيمية‬
‫تابعة إلى إحدل المراكز الشييرة كمركز«‪ »C.I.R.D.I‬مثال‪.‬‬

‫‪ ،‬خاصة في مجاؿ النظـ المعمكميات‬ ‫‪ -1‬كيعد التحكيـ الحر أكثر انتشا ار في فصؿ المسائؿ الفنية مف التحكيـ المؤسساتي‬
‫كالتجارة االلكتركنية ككذا فيما يتعمؽ بعقكد نقؿ التكنكلكجية كعقكد اﻹنشاءات اليندسية كصفقات اﻷسمحة‪ ،‬كذلؾ لما يشمؿ عميو‬

‫‪75‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫ب‪ -‬إتفاقية الشراكة بين المغرب و الواليات المتحدة االمريكية‬


‫لقد تكجت المفاكضات الثنائية بيف كؿ مف المغرب كالكاليات المتحدة اﻷمريكية بإبراـ‬
‫اتفاقية التبادؿ الحر الشييرة سنة ‪ ،)1(2005‬كالتي تطرقت إلى مجمكعة مف المياديف اﻹقتصادية‬
‫مشيرة في أحكاميا إلى سبؿ تسكية المنازعات بيف المستثمريف المنتميف إلى الدكلتيف‬
‫نصت المادة ‪ 15‬مف‬ ‫المتعاقدتيف(‪)2‬خاصة في الفصؿ العاشر منيا المتعمؽ باﻹستثمار‪ .‬كما‬
‫نفس اﻹتفاقية عمى إمكانية المجكء إلى مسطرة التحكيـ مف أجؿ التصدم لمنزاع ‪,‬إال أف ذلؾ‬
‫متكقؼ عمى ضركرة استغراؽ جميع مراحؿ المفاكضات المتعمقة بحؿ النزاع اﻹستثمارم (‪.)3‬‬

‫كتنص المادة ‪ 17‬مف اﻹتفاقية أعػ ال ق عمى الترتيبات القانكنية التي يجب إتباعيا مف‬
‫فالطرؼ المتضرر ممزـ‬ ‫قبؿ أحد الطرفيف حتى تتـ المكافقة عمى إحالة النزاع عمى التحكيـ‪.‬‬
‫بتقديـ طمب المجكء إلى التحكيـ داخؿ أجؿ ثػالث سنكات مف تاريخ خرؽ الطرؼ اﻷخر ﻷحكاـ‬
‫اﻷتفاقية أعػاله‪ ،‬أك مف تاريخ كقكع الضرر كفي غير ىذه الحاالت فإنو يتعذر قانكنا المجكء إلى‬
‫التحكيـ‪ .‬أما فيما يخص تعييف الييئة التحكيمية فإف المادة ‪ 18‬مف ىذه اﻹتفاقية قد تطرقت إلى‬
‫فيما يقكـ‬ ‫كيفية تشكيميا ‪ ,‬ذلؾ أنيا تتككف مف ثالث محكميف يقكـ كؿ طرؼ بتعييف محكـ‬
‫بتعيف المحكـ الثالث الطرفيف معا كيتكلى ىذا اﻷخير رئاسة ىذه الييئة ‪.‬‬

‫‪ 75‬يكما مف تاريخ تقديـ الطرؼ المتضرر‬ ‫كتسرم كؿ ىذه اﻹجراءات داخؿ أجؿ‬
‫لطمب التحكيـ ‪،‬أما في حالة تقديمو خارج ىذا اﻷجؿ فحينئذ يتـ تعييف المحكميف مف طرؼ‬

‫د‪.‬أحمد عبد الكريم سـالمة ‪ ،‬ـ س‪،‬‬ ‫مف إيجابيات كثيرة كالسرية التامة كالتخصص الفائؽ‪...‬أنظر في أىمػية التحكيـ الحر‬
‫ص‪ 75‬كما بعدىا‪.‬‬
‫‪ -1‬كتـ التكقيع عمى ىذه اﻹتفاقية بكاشنطف بتاريخ ‪ 15‬مارس ‪ 2005‬بيف كؿ مف المغرب الكاليات المتحدة اﻷمريكية كنشرت‬
‫بالجريدة الرسمية المغربية بتاريخ ‪ 25‬رجب ‪ 1420‬المكافؽ لػ‪ 4‬نكنبر ‪.2005‬‬
‫‪ -2‬راجع الفرع « باء »مف ىذه اﻹتفاقية ‪.‬‬
‫‪- 3‬كتنص المادة ‪ 16‬مف ىذه اﻹتفاقية عمى شرط الكتابة في طمب التحكيـ كفقا لمقتضيات الفصؿ الثاني مف اتفاقية المركز‬
‫‪ 1958‬المتعمقة بتنفيذ المقررات‬ ‫‪ 2‬مف اتفاقية نيكيكرؾ لسنة‬ ‫الدكلي لتسكية المنازعات المرتبطة باﻹستثمار‪ ،‬ككذا المادة‬
‫التحكيمية كتنفيذىا‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫مف اﻷطراؼ كذلؾ بطمب‬ ‫اﻷميف العاـ لممركز الدكلي لتسكية المنازعات المتعمقة باﻹستثمار‬
‫اﻷطراؼ (‪.)1‬‬

‫كفي جميع اﻷحكاؿ‪ ،‬فال يمكف الحكـ عمى مدل نجاح المقتضيات المتعمقة بالتحكيـ‬
‫المنصكص عمييا في ىذه اﻹتفاقية‪ ،‬إال بعد العمؿ عمى تطبيقيا عمى أرض الكاقع‪.‬‬

‫‪ 19‬ك ‪ 20‬مف ىذه اﻹتفاقية قد عالجت كيفيات تسيير العممية التحكيمية ككذا تحديد‬ ‫‪ -1‬كتنبغي االشارة الى أف المادتيف‬
‫إختصاصات الييئة التحكيمية ‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬ضبابية إختصاص الهيئة التحكيمية في إدارة النزاع‬


‫اؿزاع بيف الخصكـ‪ ،‬كذلؾ لما تتمتع بو مف‬
‫ن‬ ‫تمعب ىيئة التحكيـ دك ار بار از في إنياء‬
‫صالحيات‪ ،‬لذا يتعيف أف تحاط القكاعد المنظمة ليا بالدقة كالكضكح الكافييف حتى تتمكف ىذه‬
‫الييئة مف أداء مياميا في جك سميـ خاؿ مف أم تعقيد إجرائي‪.‬‬

‫كبالرغـ مف اﻷىمية التي تحضي بيا ىذه الصػالحيات‪ ،‬فإف المشرع المغربي لما عمؿ‬
‫عمى تنظيميا فإنو تعرض إلى كؿ مف اﻹختصاصات المعتبرة قضائية ( المطمب االول )‪ ،‬كتمؾ‬
‫التي تكصؼ بالذاتية (المطمب الثاني)‪.‬‬

‫انًطهت األٔل‪ :‬اإلختظبطبد انمؼبئ‪ٛ‬خ نهٓ‪ٛ‬ئخ انتحك‪ًٛٛ‬خ‬


‫تعد الييئة التحكيمية الجية المعينة مف قبؿ اﻷطراؼ لمفصؿ في نزاعاتيـ ‪,‬كذلؾ كفقا‬
‫لما جاءت بو الفقرة االكلى مف الفصؿ ‪ 309‬مف ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ قبؿ التعديؿ (‪ . )1‬كمف المعمكـ أف ىذه‬
‫الييئة تتمتع بمجمكعة مف السمطات القضائية مثميا في ذلؾ مثؿ المحاكـ اﻹبتدائية حسب‬
‫الفصؿ ‪ 311‬مف القانكف أعػال ق‪,‬كالذم ينص عمى ما يمي‪:‬‬

‫" يتبع اﻷطراؼ كالمحكمكف في المسطرة اآلجاؿ ك اﻹجراءات المقررة بالنسبة لممحاكـ‬
‫اﻹبتدائية‪ ،‬إال إذا اتفؽ اﻷطراؼ عمى خالؼ ذلؾ‪" ...‬‬

‫فإذا ما افترضنا أف اﻷطراؼ لـ يتفقكا عمى خالؼ ما جاءت بو المسطرة المتبعة أماـ‬
‫المحاكـ اﻹبتدائية‪ ،‬فاف ىيئة التحكيـ ستككف تبعا لذلؾ مرغمة قانكنا عمى تطبيقيا الشيء الذم‬
‫سيجعميا تكاجو جممة مف التعقيدات اﻹجرائية‪ ،‬عمما أف البعض مف ىذه اﻹجراءات قد تركيا‬
‫المشرع حك ار عمى المحاكـ الرسمية لتعمقيا بالنظاـ العاـ‪.‬‬

‫كانطالقا مف ىذه الفرضية فإنو سيتبيف لنا اﻹرتباؾ الذم كقع فيو المشرع أثناء صياغتو‬
‫ليذا الفصؿ تاركا بذلؾ إمكانية طرح أكثر مف عالمة استفياـ تتعمؽ خصكصا بحدكد السمطات‬
‫القضائية التي تتمتع بيا ىيئة التحكيـ كىي تنظر في النزاع المعركض عمييا‪.‬‬

‫‪ - 1‬كتنص ىذه الفقرة في ىذا الصدد عمى ما يمي‪:‬‬


‫" يمكف لألطراؼ أف يتفقكا في كؿ عقد عمى عرض المنازعات التي قد تنشأ بصدد تنفيذ ىذا العقد عمى المحكميف‪." ...‬‬

‫‪78‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫كيمكف حصر أىـ ىذه الثغرات الناتجة عف تطبيؽ الفصؿ أعػاله فيما يمي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬ضركرة رفع الدعكل إلى الييئة التحكيمية بكاسطة مقاؿ مكتكب مكقع مف قبؿ‬
‫الطرؼ المدعي ‪ ،‬أك بتصريح يدلي بو شخصيا أماـ كتابة الضبط ‪ ،‬كذلؾ طبقا لما نص عميو‬
‫(‪)1‬‬
‫‪ .‬فمف اﻷكيد أف الييئات التحكيمية ال تتكفر عمى أعكاف محمفيف كال‬ ‫الفصؿ ‪ 31‬مف ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ‬
‫عمى كتابات لمضبط كما ىك عميو الحاؿ بالنسبة لممحاكـ اﻹبتدائية‪ ،‬فكؿ ما في اﻷمر أف ىذه‬
‫الييئات يمكنيا قبكؿ طمبات التحكيـ المرفكعة إلييا مباشرة إما بكاسطة مقاؿ مكتكب‪ ،‬أك عف‬
‫الذم يعمؿ عمى تحريره في‬ ‫طريؽ تصريح يدلي بو أحد اﻷطراؼ أماـ المحكـ ىذا اﻷخير‬
‫محضر قانكني ‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الرجكع إلى الفصؿ ‪ 45‬مف ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ المعدؿ بمقتضى الظيير الشريؼ بمثابة‬
‫(‪)2‬‬
‫نجده ينص عمى أنو تطبؽ أماـ المحاكـ اﻹبتدائية قكاعد المسطرة‬ ‫قانكف رقـ ‪1-93-206‬‬
‫الكتابية المطبقة أماـ محاكـ اﻹستئناؼ‪ ,‬ليككف بذلؾ قد جعؿ ىذا المبدأ ىك القاعدة بينما‬
‫اﻹستثناء ىك المسطرة الشفكية (‪ )3‬كالتي تـ تحدد نطاقيا في بعض القضايا عمى سبيؿ الحصر‬
‫كالتالي‪:‬‬

‫‪ ‬القضايا التي تختص المحاكـ اﻹبتدائية فييا إبتدائيا كانتيائيا؛‬

‫‪ ‬قضايا النفقة كالطالؽ كالتطميؽ؛‬

‫‪ ‬القضايا اﻹجتماعية؛‬

‫‪ ‬قضايا استيفاء ك مراجعة كجيبة الكراء؛‬

‫‪ ‬قضايا الحالة المدنية‪.‬‬

‫‪ -1‬كينص ىذا الفصؿ عمى ما يمي ‪:‬‬


‫" ترفع الدعكل إلى المحكمة اﻹبتدائية بمقاؿ مػكتكب مكقع مف طرؼ الػمدعي أك ككيمو أك بتصريح يدلي بو المدعي شخصيا‪،‬‬
‫كيحرر لو أحد أعكاف كتابة الضبط المحمفيف محض ار يكقػع مف طرؼ المدعي أك يشار في المحضر أنو ال يمكف لو‬
‫التكقيع‪." ...‬‬
‫‪ -‬كالصادر بتاريخ ‪ 22‬ربيع اﻷكؿ ‪ 1414‬المكافؽ لػ ‪ 10‬شتنبر ‪ ،1993‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 4220‬المنشكرة بتاريخ ‪15‬‬ ‫‪2‬‬

‫شتنبر ‪, 1993‬ص‪. 1619,‬‬


‫‪-‬كلمعمـ أف الفصؿ ‪ 45‬مف ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ قبػؿ تعديمو كاف يعتبر أف القاعدة ىي شفػكية المسطرة ‪,‬بينما اﻹستثناء ىي المسطرة‬ ‫‪3‬‬

‫الكتابية‪ ،‬لمتكسع أكثر راجع رحال البوعناني ‪ ،‬ـ‪ .‬س ص‪.166‬‬

‫‪79‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫فتطبيقا لمفصؿ ‪ 311‬مف ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ ستككف المسطرة الكاجبة اﻹتباع أماـ الييئة التحكيمية‬
‫ىي المسطرة الكتابية‪ ،‬بإستثناء بعض الحاالت التي تخرج عف كاليتيا أصال ﻹرتباطيا بالنظاـ‬
‫العاـ‪ ،‬مما سيؤدم في رأينا إلى تقميص الشريحة المستفيدة مف خدمات التحكيـ ﻹعتبار نسبة‬
‫كبيرة مف المغاربة أشخاص أميمف‪ ,‬لذا سيتعذر عمييـ سمكؾ ىذه المسطرة (‪.)1‬‬

‫ثالثا‪ :‬حيث ينص الفصؿ ‪ 50‬مف ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ عمى أف اﻷحكاـ يجب أف تستيؿ بالعنكاف التالي‪:‬‬

‫المممكة المغربية‬

‫باسم جاللة الممك‬

‫ال يستقيـ مع‬ ‫كنحف نعمـ أف تطبيؽ مثؿ ىذا المقتضى عمى المقررات التحكيمية أمر‬
‫القانكف لككف المحكـ مف ليسكا بقضاة معيفمف بظيائر ممكية‪ ،‬لذا كاف عمى المشرع أف منتبق ؿذلؾ‬
‫قبؿ إحالتو ىيئة التحكيـ عمى مقتضيات الفصؿ ‪ 311‬مف ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ ‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬استحالة تحريؾ مسطرة الزكر الفرعي المنصكص عمييا في الفصكؿ مف ‪ 92‬إلى‬
‫‪ 102‬مف ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ‪ ،‬أماـ الييئة التحكيمية ك ذلؾ لألسباب التالية‪:‬‬

‫‪ -1‬الفتقارىا ؿكسائؿ الجبر التي تعتمد عمييا في اﻷمر بإحضار المستندات قصد‬
‫مقارنتيا بتمؾ المطعكف فييا بالزكر‪...‬‬

‫‪ -2‬لعدـ كجكد جياز النيابة العامة ضمف الييئة التحكيمية يسير عمى التأشير عمى‬
‫المحاضر المنجزة بخصكص ىذه المسطرة‪.‬‬

‫‪ -3‬لغياب كتابة ضبط تكدع لدييا المستندات المطعكف فييا بالزكر‪.‬‬

‫‪ -4‬لتعذر إمكانية إحالة المستندات التي تبثت زكريتيا عمى النيابة العامة طبقا‬
‫لمقتضيات ؽ‪.‬ـ‪.‬ج‪ ،‬لعدـ كجكد نص قانكني يسمح بذلؾ ‪ ,‬كلككف الييئة التحكيمية ليست بجية‬
‫قضائية رسمية‪.‬‬

‫انًطهت انثبَ‪ :ٙ‬اإلختظبطبد انذات‪ٛ‬خ نهٓ‪ٛ‬ئخ انتحك‪ًٛٛ‬خ‬


‫‪- 1‬أما في حالة مساعدتيـ مف طرؼ المحامكف في مباشرة ىذه المسطرة فإف ذلؾ سيزيد مف اؿتكاليؼ المالية لؿتحكيـ‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫مف بيف أىـ اﻹختصاصات الذاتية التي تتمتع بيا ىيئة التحكيـ نذكر تفكيضيا بالصمح‬
‫(‪)1‬‬
‫فإذا ما‬ ‫كذلؾ بعد إعتراؼ اﻷطراؼ بتنازليـ في اتفاؽ خاص عف تطبيؽ القانكف الذم ارتضكه‬
‫ـ ليا فميس ىناؾ ما يمنع مف تفكيضيا بيذا‬ ‫اكتسبت ىذه الييئة ثقة اﻷطراؼ كاحترامو‬
‫(‪)2‬‬
‫اﻹختصاص‬

‫كىذا ما يتضمو إليو الفصؿ ‪ 317‬مف ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ ‪,‬إذ نص عمى ما يمي‪:‬‬

‫"‪...‬إال إذا قرر اﻷطراؼ في عقد التحكيـ أك في شرطو الفصؿ بإنصاؼ ككسطاء‬
‫بالتراضي دكف التقيد بالقكاعد القانكنية أك كانت السمطات التي خكليا اﻷطراؼ لممحكميف تسمح‬
‫بتأكيد أف ذلؾ ىك إرادة قطعا‪.‬‬

‫كاذا كانت لممحكميف المعنييف سمطة البت ككسطاء بالتراضي تقيد بذلؾ مف يحكـ مف‬
‫(‪)3‬‬
‫الغير‪» .‬‬

‫بقكاعد القانكف‬ ‫تككف ممزمة بالتقيد‬ ‫بلؾ فإف الييئة التحكيمية المصالحة ال‬
‫كذ‬
‫المكضكعي قذا فضال عف جكاز استبعادىا لمقكاعد المسطرية كاستبداليا بأخرل(‪ ،)4‬كنتيجة لذلؾ‬
‫الجزاءات المقررة في القانكف ا لمسطرم‪ ,‬فاﻹتفاؽ عمى ىذا ا لتحكيـ‬ ‫تسرم عمى تصرفاتيا‬
‫تفي فيو اﻹشارة‬ ‫بالصمح ال يشترط فيو شكال معينا كال استعماؿ عبارات بالذات‪ ،‬كانما تؾ‬
‫الكاضحة التي تعبر عمى إرادة اﻷطراؼ بابتغائو‪.‬‬

‫إال أف الخطير في اﻷمر أف ىذه الييئة م جكز إعفاءىا حتى مف تمؾ اﻹجراءات التي‬
‫فييا مساس بالنظاـ العاـ ك بحقكؽ الدفاع‪ ,‬كيرجع سبب ذلؾ إلى عدـ تنصيص الفصؿ أعػاله‬
‫عمى ضركرة احتراـ قذق الييئة ؿمثؿ ىذه المقتضيات ‪ ،‬عمى غرار ما سار عميو المشرع العراقي‬
‫في الفصؿ ‪ 265‬مف ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ ‪ ،‬كالذم نص عمى أنو إذا كاف المحكمكف مفكضكف بالصمح فإنيـ‬
‫يعفكف مف التقييد بإجراءات المرافعة كقكاعد القانكف إال ما يتعمق بالنظام العام ‪.‬‬

‫‪ -1‬راجع رحال بوعناني‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص‪.175 ،‬‬


‫‪ -2‬أنظر أحمد أبو الوفا‪ ،‬التحكيـ اﻹختيارم كاﻹجبارم‪ ،‬منشأة المعارؼ‪ ،‬اﻹسكندرية‪ ،‬ط الخامسة‪ ،2001،‬ص‪.189‬‬
‫‪ - 3‬كنفس ىذه المقتضيات نصت عمييا المادة ‪ 848‬مف قانكف أصكؿ المرافعات المبناني ‪.‬‬
‫‪ -4‬كمف شأف إستبعاد القكاعد المسطرية إعفاء ىيئة التحكيـ مف مراعاة اآلجاؿ القانكنية التي تتعمؽ في معظـ اﻷحكاؿ بحقكؽ‬
‫الدفاع‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫احتراـ المقتضيات القانكنية المنصكص عمييا في باب‬ ‫كما يتعيف عمى ىذه الييئة‬
‫التحكيـ كمنيا ضركرة ككف عقد التحكيـ مكتكبا‪ ،‬ك ضركرة إشارة المقرر التحكيمي إلى كامؿ‬
‫البيانات اﻹلزامية ‪.‬‬

‫كمف جية ثالثة فإف تفكيض الييئة التحكيمية بالصمح اليعني أنيا ستقكـ باؿحكـ لفائدة‬
‫طرؼ دكف اﻷخر كما ىك عميو الحاؿ بالنسبة لمتحكيـ بالقضاء‪,‬بؿ إف الحقيقة تفرض عمييا أف‬
‫تراعي في ذلؾ مصمحة الطرفيف معا ‪,‬ﻷف فمسفة ىذا النكع مف التحكيـ تنبني أساسا عمى فكرة‬
‫إبقاء العػالقات قائمة بيف اﻷطراؼ(‪. )1‬‬

‫كميما يكف مف أمر فإف احتراـ حقكؽ الدفاع يع تبر مف المسائؿ التي تدخؿ في النظاـ‬
‫العاـ ك إف كانت ىيئة التحكيـ مفكضة بالصمح‪ ،‬كىذا ما ذىب عميو القضاء الفرنسي في قرار‬
‫صادر عف إستئنافية باريس إذ جاء بما يمي‪:‬‬

‫" إف حقكؽ الدفاع قد تـ خرقيا مف قبؿ المحكـ باالنصاؼ الذم بنى حكمو عمى قرار‬
‫(‪.)2‬‬
‫خبرة غير حضكرم بالنسبة ﻷحد االطراؼ"‬

‫ككخالصة لما سبؽ ‪ ،‬فإف اﻷزمة التي عرفتيا الييئة التحكيمية في ظؿ ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ (قبؿ‬
‫صدكر القانكف رقـ ‪ ) 08-05‬قد طالت عدة مكاضيع كاف أىميا إغفاؿ المشرع تحديد الشركط‬
‫الجكىرية الكاجب تكافرىا في أعضاءىا‪ ،‬التي تخص أىميتيـ المدنية الكاممة‪.‬‬

‫ىذا فضال عف غياب ما يمزـ تكفر المحكميف عمى خبرة معينة تسمح ليـ بتسكية نزاع‬
‫الخصكـ في إطار درجة عالية مف الكفاءة‪ ,‬إذ حاكلنا بياف أىميتيا في ىذا المجاؿ‪.‬‬

‫كما الحظنا في ىذا الفصؿ أف ىذا القانكف لـ ينظـ كضعية ىذه الييئة في التحكيـ‬
‫المؤسساتي كذلؾ بالرغـ مف انتشاره الكاسع‪ ،‬حيث حاكلنا رصد اﻷسباب التي دفعت إلى ىذا‬
‫التيميش مبديف في نفس الكقت مكقفنا مف ذلؾ ‪.‬‬

‫‪ - 1‬خاصة في المجاؿ اﻹقتصادم الذم ينبني عمى عنصر اﻹئتماف‪.‬‬


‫‪Eric loquin, l'amiable composition en droit compare et international, contribution a‬‬
‫‪l'étude de droit dans l'arbitrage commercial, volume 7, Paris, 1980, p361.‬‬
‫‪ - 2‬قرار محكمة اﻹستئناؼ الباريسية الصادر بتاريخ ‪ 13‬مارس ‪ ، 1973‬مجمة التحكيـ‪ ،‬سنة ‪,1973‬ص‪ ،176‬مذككر برسالة‬
‫رحال البوعناني ‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص‪.182‬‬

‫‪82‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫كحاكلنا ؾذلؾ معالجة بؤر المحدكدية التي تعاني منيا ىذه الييئة مف خالؿ التطرؽ‬
‫‪,‬ككذا تساؤلنا عف مدل إمكانية عرض النزاعات‬ ‫إلى مدل قابمية بعض المكاضيع لمتحكيـ‬
‫الناشئة عف عقكد التجارة الدكلية عمى الييئات التحكيمية المغربية ‪ ،‬إذ خمصنا إلى نتائج إيجابية‬
‫تدعـ ىذه المكنة‪.‬‬

‫كأخي ار فإننا كقفنا ع ند بعض ا ﻹشكاليات المسطرية التي تعاني منيا ىيئة التحكيـ أثناء‬
‫مباشرتيا لمسطرة التحكيـ الناتجة كما بينا سالفا عف عدـ تنظيـ المشرع المغربي الختصاصاتيا‬
‫بالشكؿ اؿدقيؽ‪.‬‬

‫كتجدر اﻹشارة ؾذلؾ إلى محاكلتنا المتكاضعة ؿتالفي العيكب التي سقط فييا القانكف‬
‫القديـ أثناء تنظيمو لمييئة التحكيمية معتمديف أساسا في ذلؾ عمى ما جاء بو القانكف الجديد رقـ‬
‫‪ 08-05‬مف حمكؿ‪ ،‬بالرغـ مف بعض القصكر اؿ ذم شابو ىك اﻷخر‪.‬ىذا إضافة إلى إستعانتنا‬
‫بالقانكف كالقضاء المقارنيف ككذا بما نصت عميو بعض االتفاقيات الدكلية الميتمة بالتحكيـ‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫الفصـل الثاني‪:‬‬
‫قانون ‪08-05‬‬ ‫الهيئة التحكيمية بين الفعالية و المحدودية في ضوء‬
‫لقد نالت الييئة التحكيمية اىتماما كبي ار مف قبؿ المشرع المغربي‪ ،‬كيظير ذلؾ جميا مف‬
‫خالؿ التنظيـ الشامؿ ليا الذم جاءت بو المقتضيات المنصكص عمييا في قانكف ‪.08-05‬‬

‫كيشمؿ ىذا التنظيـ عدة مستكيات‪ ،‬بد ءا بما يتعمؽ بتككيف ىذه الييئة‪ ،‬ك مرك ار بما‬
‫يخص حقكقيا كالتزاماتيا‪ ،‬كانتياء بالمقررات الصادرة عنيا(‪.)1‬‬

‫كاذا كاف قذا اؿتدخؿ قد عزز مف خاللو المشرع الييكمة القانكنية الـ تضعضعة التي‬
‫ؿذلؾ‬ ‫كانت تعيش عمييا الييئة التحكيمية في ظؿ القانكف القديـ‪ ،‬فإنيا أصبحت اليكـ نتيجة‬
‫تتسمح بكؿ الميكانيزمات القانكنية الضركرية ﻹنجاح مياميا التحكيمية‪.‬‬

‫كجدير بالذكر أف درجة فعالية عمؿ ىيئات التحكيـ تقاس عادة مف خالؿ مدل كفاية‬
‫تنظيميا القانكني‪ ،‬ككذا بما يتمتع بو اﻷطراؼ مف ضمانات في مكاجيتيا ( الفرع األول)‪ .‬إال أنو‬
‫ميما كانت درجة تنظيـ ىذه الييئات‪ ،‬فإنيا ال تسمـ مف بعض الثغرات التي قد تحد مف دكرىا‬
‫في تسكية النزاع كىذا ما ينطبؽ عمى قانكف التحكيـ المغربي الجديد( الفرع الثاني)‪.‬‬

‫‪ - 1‬حيث إف ىدا االىتماـ التشريعي لـ تكف تحضى بو الييئة التحكيمية في إطار القانكف القديـ‪.‬‬

‫‪84‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫الفرع اﻷول‪ :‬مظاىر الفعالية بين كفاية النظام القانوني والضمانات‬


‫المخولة ﻷطراف التحكيم‬
‫أف يساىـ في النيكض بميداف‬ ‫لعؿ مف شأف التنظيـ القانكني الجيد لمييئة التحكيمية‬
‫التحكيـ بالمغرب‪ ،‬كىذا ما ذىب إليو المشرع في ظؿ قانكف ‪ 08-05‬الجديد‪ ،‬مبر از ذلؾ مف‬
‫خالؿ إحا طتيا بالكفاية القانكنية الالزمة لعمميا ( المبحث األول )‪ ،‬كالى جانب ذلؾ فإنو قاـ‬
‫الضمانات القانكنية التي تحمي أطراؼ التحكيـ اتجاه ىذه الييئة‪ ،‬كذلؾ بعدما كاف تنظيميا غير‬
‫كاؼ قبؿ التعديؿ الجديد ( المبحث الثاني)‬

‫المبحث اﻷول‪ :‬كفاية النظام القانوني للهيئة التحكيمية‬


‫تقكـ الييئة التحكيمية بمجمكعة مف المياـ تتكزع بشكؿ عاـ بيف كؿ مف اﻹجراءات‬
‫المسطرية ك المكضكعية‪ ،‬كلكي يتـ أدا ؤىا في أحسف اﻷحكاؿ كاف مف الالزـ إحاطتيا بالكفاية‬
‫القانكنية‪ ،‬كىذا ما أقدـ عميو المشرع المغربي في إطار القانكف الجديد ‪,‬إذ طالت ىذه الكفاية‬
‫الجانب اﻹجرائي (المطمب األول)‪ ،‬كالجانب المكضكعي أيضا (المطمب الثاني)‪.‬‬

‫انًطهت األٔل‪ :‬انكفب‪ٚ‬خ انمبََٕ‪ٛ‬خ يٍ انُبح‪ٛ‬خ اإلجزائ‪ٛ‬خ‬


‫لقد ىمت الكفاية القانكنية مجاالت عديدة‪ ،‬جاء عمى رأسيا اﻹعتراؼ لييئة التحكيـ‬
‫(‪)1‬‬
‫( الفقرة األولى )‪ ،‬كما تـ‬ ‫بحرية كاسعة في إختيار المسطرة اﻹجرائية المالئمة لتسكية النزاع‬
‫منحيا صالحية النظر في مدل اختصاصيا مف عدمو ( الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫كلـ تقؼ ىذه الكفاية عند ىذا الحد‪ ،‬ك إنما طالت صالحيات ىذه الييئة في تذليؿ‬
‫الصعكبات التي تعترض المقررات الصادرة عنيا أيضا (الفقرة الثالثة)‪.‬‬

‫كحتى يتـ إصدار مقررات تحكيمية سميمة كمبنية عمى حجج قانكنية صحيحة فقد متع‬
‫المشرع المغربي الييئة التحكيمية بالصالحيات الكاممة في اتخاذ ما تراه مناسبا مف إجراءات‬
‫التحقيؽ ( الفقرة الخامسة ) دكف أف يغفؿ منحيا سمطة اختيار مكاف انعقاد جمسات التحكيـ‬
‫(الفقرة الرابعة)‪.‬‬

‫‪ - 1‬ك تككف ىذه الحرية في حالة عدـ اتفاؽ أطراؼ التحكيـ عمى المسطرة اﻹجرائية الكاجبة اﻹتباع‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫انفمزح األٔنٗ‪ :‬إلزار حز‪ٚ‬خ اإلخت‪ٛ‬بر لنٓ‪ٛ‬ئخ انتحك‪ًٛٛ‬خ ػهٗ‬


‫٘‬
‫يستٕٖ اإلجزاءاد انًسطز ح‬
‫يعد تطبيؽ ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ أماـ القضاء الرسمي مف المسائؿ المتعمقة بالنظاـ العاـ فال يجكز‬
‫استبعاده بإرادة الخصكـ‪ ،‬بينما ال يكجد ليذه القاعدة محؿ في قضاء التحكيـ‪ ،‬ﻹف إرادة أطراؼ‬
‫النزاع ىي عادة مف تعيف المسطرة اﻹجرائية التي ينبغي عمى الييئة التحكيمية إتباعيا كذلؾ‬
‫استنادا لما ارتضكه في إتفاؽ التحكيـ‪.‬‬

‫كىذا ما كاف ينص عميو المشرع المغربي في الفصؿ ‪ 311‬مف ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ قبؿ التعديؿ‪:‬‬

‫"يتبع اﻷطراؼ كالمحكمكف في المسطرة اآلجاؿ كاﻹجراءات المقررة بالنسبة لممحاكـ‬


‫اﻹبتدائية إال إذا أتفؽ اﻷطراؼ عمى خالؼ ذلؾ"‪.‬‬

‫كبذلؾ يتعيف عمى ىيئة التحكيـ الفصؿ في النزاع بإتباع اﻹجراءات المحددة مف قبؿ‬
‫اﻷطراؼ كفي حالة غيابيا يتـ تطبيؽ اﻹجراءات المتبعة أماـ المحاكـ اﻹبتدائية‪.‬‬

‫كما مف شؾ أنو في حالة سككت اﻷطراؼ عف تحديد ىذه اﻹجراءات ستصبح ىذه‬
‫الييئة تبعا لذلؾ مقيدة بتمؾ اﻹجراءات المتبعة لدل المحاكـ اﻹبتدائية‪ ،‬كالتي غالبا ما تككف‬
‫غير مالئمة ليا‪.‬‬

‫‪ 08 .05‬حيز التنفيذ أصبح معو إختصاص تحديد‬ ‫إال أنو كبدخكؿ القانكف رقـ‬
‫المسطرة اﻹجرائية يعكد إلى الييئة التحيكيمية ما لـ يتفؽ الخصكـ عمى خالفيا‪ ،‬كىذا ما يستفاد‬
‫مف الفقرة اﻷكلى مف الفصؿ ‪ 327 .10‬مف القانكف أعاله كالتي نصت عمى أنو‪:‬‬

‫"تضبط الييئة التحكيمية إجراءات مسطرة التحكيـ التي تراىا مناسبة مع مراعاة أحكاـ‬
‫ىذا القانكف دكف أف تككف ممزمة بتطبيؽ القكاعد المتبعة لدل المحاكـ‪ ،‬ما لـ يتفؽ اﻷطراؼ‬
‫عمى خالؼ ذلؾ في إتفاؽ التحكيـ ‪. )1( "...‬‬

‫‪ -1‬كقد نصت المادة ‪ 24‬مف مشركع مدكنة التحكيـ الممغى في ىذا الباب عمى ما يمي‪:‬‬
‫" تنظـ الييأة التحكيمية مسطرة التحكيـ دكف أف تككف ممزمة بأف تطبؽ القكاعد المتبعة لدل المحاكـ‪ ،‬ما لـ يتفؽ اﻷطراؼ عمى‬
‫خالؼ ذلؾ في إتفاؽ التحكيـ"‪.‬‬
‫كما نصت المادة ‪ 12‬مف نفس المشركع عمى المقتضيات التالية‪:‬‬

‫‪86‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫كيمكف استخالص مالحظتاف أساسيتاف مف ىذه الفقرة عمى الشكؿ التالي‪:‬‬

‫المالحظة األولى‪:‬‬

‫كتتعمؽ بمنح المشرع لمييئة التحكيمية صالحية إختيار المسطرة اﻹجرائية المالئمة‬
‫‪ 311‬قبؿ‬ ‫لمفصؿ في النزاع‪ ،‬متراجعا بذلؾ عف مكقفو السابؽ المنصكص عميو في الفصؿ‬
‫التعديؿ‪ ،‬الذم كاف يشترط عمييا في حالة عدـ إتفاؽ أطراؼ النزاع عمى اﻹجراءات إتباع تمؾ‬
‫المقررة بالنسبة لممحاكـ اﻹبتدائية ‪.‬‬

‫ﻹطار‪ ،‬مما أصبح معو بإمكانيا‬ ‫لذا تـ تمتيع ىذه الييئة بسمطات كاسعة في ىذا ا‬
‫اعتماد ما شاءت مف اؿمساطر اﻹجرائية سكاء كانت كطنية أـ أجنبية‪ .‬كما يحؽ ليا تطبيؽ أم‬
‫نظاـ إجرائي تابع ﻹحدل المؤسسات التحكيمية تراه مناسبا طالما ال يكجد أم مقتضى تشريعي‬
‫في الفصؿ أعاله يمنعيا مف ذلؾ‪ ،‬ما عدا اتفاؽ اﻷطراؼ المضمف في عقد التحكيـ‪.‬‬

‫المالحظة الثانية‪:‬‬

‫كتتعمؽ بالشرط الذم تمسؾ بو المشرع في حالة إتباع الييئة التحكيمية ﻹجراءات‬
‫مسطرية غير تمؾ المنصكص عمييا في القانكف المغربي‪ ،‬كالذم يقضي بكجكب مراعاتيا‬
‫ﻷحكاـ ؽ ـ‪.‬ـ خاصة منيا تمؾ المتعمقة بإحتراـ حقكؽ الدفاع كالتكاجيية كالمساكاة ﻹرتباطيا‬
‫بالنظاـ العاـ‪ .‬كقد جعؿ المشرع مف خرقيا سببا مف أسباب مباشرة الطرؼ المتضرر لدعكل‬
‫‪ 327-36‬مف القانكف أعاله‪ ،‬إذ تنص‬ ‫البطالف المنصكص عمييا كعمى أسبابيا في الفصؿ‬
‫الحالة الخامسة منو عمى ما يمي‪:‬‬

‫" ‪ ...‬ال يككف الطعف بالبطالف ممكنا إال في الحاالت اﻷتية‪:‬‬

‫‪-5...‬إذا تعذر عمى أم مف طرفي التحكيـ تقديـ دفاعو بسبب عدـ تبميغو تبميغا‬
‫ألي سبب آخر يتعمق بواجب إحترام حقوق‬ ‫صحيحا بتع ميف محكـ أك إجراءات التحكيـ أك‬
‫الدفاع‪.1"...‬‬

‫" في التحكيـ الخاص يككف عمى الييئة التحكيمية أف تنظـ إجراءات التحكيـ كالمسطرة المتبعة أماميا ‪ ،‬ما عدا إذا أتفؽ‬
‫اﻷطراؼ عمى خالؼ ذلؾ أك اختاركا نظاـ تحكيـ معيف عندما يفرض التحكيـ عمى مؤسسة تحكيمية‪ ،‬فإف ىذه اﻷخيرة تقكـ‬
‫بتنظيمو كاﻹشراؼ عميو طبقا لنظاميا "‪.‬‬
‫‪ -1‬كتنص المادة ‪ 57‬مف مشركع مدكنة التحكيـ الممغى عمى ما يمي‪:‬‬

‫‪87‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫صالحية‬ ‫كبعد معالجتنا ليذا المكضكع ننتقؿ إلى الفقرة المكالية لمكقكؼ عمى مدل‬
‫الييئة التحكيمية في النظر في إختصاصيا‪.‬‬

‫انفمزح انثبَ‪ٛ‬خ‪ :‬سهطخ انٓ‪ٛ‬ئخ انتحك‪ًٙٛ‬ح لنُظز ف‪ ٙ‬اختظبطٓب‬


‫اﻷلماني''‪Kompetenz-‬‬ ‫لقد ظير مبدأ اﻹختصاص باﻹختصاص ﻷكؿ مرة في القانكف‬
‫ئ التحكيمية الحؽ في النظر في إختصاصيا قبؿ عرض‬
‫‪ ،''Kompetenz‬إذ يعني أف لميي ة‬
‫المكضكع عمى القضاء مثميا في ذلؾ مثؿ القاضي الكطني‪ ،‬كما يالحظ عمى قرارىا في ىذا‬
‫مف الطعكف ‪ ،‬ك قد كاف ىذا المبدأ يجد أساسو في‬ ‫الشأف أنو كاف إنتيائيا ال يقبؿ أم طعف‬
‫إتفاؽ التحكيـ المبرـ بيف اﻷطراؼ(‪.)1‬‬

‫كيتـ لجكء ىيئة التحكيـ إلى إعماؿ مبدأ اﻹختصاص باﻹختصاص كمما كاف إتفاؽ‬
‫التحكيـ باطال‪ ،‬أك غير مكجكد أصال‪ ،‬أك غير شامؿ لمكضكع النزاع‪ ،‬أك لتنازؿ أطراؼ النزاع‬
‫عنو‪ .‬كيباشر ىذا المبدأ إما بصفة تمقائية مف قبؿ الييئة التحكيمية‪ ،‬أك بناء عمى دفع أحد‬
‫اﻷطراؼ قبؿ البدء في إجراءات التحكيـ‪.‬‬

‫كقد تـ اعتماد ىذا المبدأ القانكني بدافع عدة اعتبارات تكصؼ بعضيا بالقانكنية كأخرل‬
‫بالعممية‪.‬‬

‫"ال يمكف الطعف باﻹستئناؼ في اﻷمر القاضي بمنح اﻹعتراؼ أك الصيغة التنفيذية إال في الحاالت اآلتية‪:‬‬
‫‪-4...‬إذا لـ يتـ إحتراـ حقكؽ الدفاع"‪.‬‬
‫أنظر د‪.‬عبد المجيد غميجة "قراءة في مشركع مدكنة التحكيـ"‪ ،‬مقاؿ منشكر في أشغاؿ الندكة العممية التي نظمتيا شعبة القانكف‬
‫الخاص بكمية العمكـ القانكنية كاﻹقتصادية كاﻹجتماعية بفاس بشراكة مع ك ازرة العدؿ كىيئة المحاميف بفاس يكمي ‪ 4‬ك ‪ 5‬أبريؿ‬
‫‪ ، 2004 -2‬الطبعة‬ ‫‪ ، 2005‬منشكرات جمعية نشر المعمكمة القانكنية كالقضائية‪ ،‬سمسمة الندكات كاﻷياـ الدراسية‪ ،‬العدد‬
‫اﻷكلى ‪ ،‬ص ‪.127‬‬
‫‪ -1‬أنظر‪:‬‬
‫‪ANTOINIDS DIMOLITSA, ''autonomie et Kompetenz –Kempetenz'' , Rev arb année 1998 N°‬‬
‫‪Avril –Juin , p 321.‬‬
‫كىناؾ مف الفقو مف عمؿ عمى تمييف الصفة اﻹنتيائية لقرار الييئة التحكيمية في النظر في إختصاصيا جاعال إياه قابال‬
‫لالستئناؼ أماـ درجة قضائية أعمى ‪ ،‬أنظر ىذا المكضكع‪.‬‬
‫‪L.V.CSHMITHOFF, the Juridiction of the arbitrator in the art of arbitration, Ersays on‬‬
‫‪international arbitration, liber Amicorum Pieter Sanders LJ Shulty A.J Van denbery. Kluwer‬‬
‫‪1982, p 293.‬‬
‫كالذيف يقكلكف في إحدل فقرات ىذا المرجع ما يمي‪:‬‬
‫» … ‪« …the parties ….must a fortiori be able to asclude his Own jurisdiction‬‬
‫‪« The courts should respect the contract of the parties, provided that the arbitrator exercises this‬‬
‫‪power in good faith ».‬‬

‫‪88‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫فاﻹختصاص باﻹختصاص يساعد عمى محاربة الغش كالتحايؿ الذم يتبعو الطرؼ‬
‫السيء النية‪ ،‬إذ غالبا ما يرغب في التأثير سمبا عمى السير العادم لعممية التحكيـ كمما أستشعر‬
‫إذ برفعو النزاع أماـ القضاء مف أجؿ النظر في مسألة‬ ‫أف ىذه اﻷخيرة ليست في صالحو‪،‬‬
‫إختصاص الييئة التحكيمية سيستفيد مف إمكانية إثارة اﻹختصاص القضائي بصفة تمقائية ليذا‬
‫القضاء كخاصة إذا كاف ىذا اﻷخير مف النظـ القضائية التي تعتبر التحكيـ قضاء استثنائيا عف‬
‫قضاء الدكلة‪ ،‬إذ مف ىذا المنطمؽ سيتمسؾ (القضاء) بككف النزاع المعركض عمى الييئة‬
‫التحكيمية يدخؿ في اختصاصو الحصرم‪.‬‬

‫حيث الكقت‬ ‫كمف جية أخرل‪ ،‬فإف ىذا المبدأ يمعب دك ار ىاما في اﻹقتصاد مف‬
‫كاﻹجراءات‪ ،‬فكمما تـ اﻹعتراؼ بو مف قبؿ اﻷنظمة القانكنية إال كتـ اﻹستغناء عف المجكء الحقا‬
‫لقضاء الدكلة قصد البت في مسألة إختصاص ىيئة التحكيـ‪ ،‬كىكذا سيتـ تفادم طكؿ‬
‫اﻹجراءات أماـ القضاء كالتي تتصؼ عادة بالتعقيد بفعؿ تراكـ القضايا المتنكعة عميو‪.‬‬

‫كمف ناحية ثالثة‪ ،‬فالثقة التي م ربط اﻷطراؼ بالييئة التحكيمية أثناء إصدارىا لممقرر‬
‫أيضا إلى اﻷحكاـ التمييدية التي تصدرىا قبؿ الفصؿ في‬ ‫التحكيمي يتعيف أف تنصرؼ‬
‫المكضكع أيضا‪ ،‬حيث تدخؿ ضمنيا اﻷحكاـ المتعمقة باﻹختصاص مف عدمو ‪,‬السيما كأف ىذه‬
‫اﻷخيرة ليست بأحكاـ نيائية كانما تخضع في نياية المطاؼ لرقابة قضاء الدكلة عندما يتـ‬
‫المجكء إليو مف أجؿ طمب بطالف حكـ التحكيـ أك ﻹلتماس اﻷمر بتنفيذه (‪.)1‬‬

‫كبالرغـ مف اﻹيجابيات العديدة التي يتحمى بيا ىذا المبدأ (االختصاص باالختصاص)‬
‫‪ ،‬فإف المشرع المغربي لـ يتطرؽ إليو في إطار ؽ‪ .‬ـ‪.‬ـ قبؿ التعديؿ ‪ ،‬عكس العديد مف القكانيف‬
‫المقارنة‪ ،‬كربما يرجع ذلؾ أساسا إلى عدـ إىتمامو بتنظيـ التحكيـ عمكما‪.‬‬

‫إال أف المشرع تدارؾ ىذا الفراغ التشريعي بمناسبة إصداره لمقانكف الجديد رقـ ‪08 -05‬‬
‫‪,‬مخصصا بذلؾ فصال كامال ينظـ ىذا المبدأ (‪ .)2‬فقد أقرت الفقرة اﻷكلى مف الفصؿ ‪327 -9‬‬
‫مف ىذا القانكف أنو‪:‬‬

‫‪ -1‬راجع د‪.‬أحمد عبد الكريم سالمة ‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص ‪.530‬‬


‫‪ -2‬راجع د‪.‬عزيز الفتح ‪ ،‬الييئة التحكيمية في ظؿ مشركع قانكف ‪ 08 -05‬لمكساطة كالتحكيـ‪ ،‬مجمة القانكف المغربي‪ ،‬مطبعة‬
‫دار السالـ‪ ،‬العدد ‪ ،12‬سنة ‪ ،2008‬ص ‪.165‬‬

‫‪89‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫" عمى الييئة التحكيمية قبؿ النظر في المكضكع أف تبت إما تمقائيا أك بطمب مف أحد‬
‫اﻷطراؼ‪ ،‬في صحة أك حدكد إختصاصاتيا أك في صحة إتفاؽ التحكيـ كذلؾ بأمر غير قابؿ‬
‫لمطعف‪ ،‬إال كفؽ نفس شركط النظر في المكضكع كفي نفس الكقت ‪"...‬‬

‫كيمكف إبداء بعض المالحظات حكؿ ىذه الفقرة‪ ،‬لتأثيرىا المباشر عمى صالحيات‬
‫الييئة التحكيمية‪ ،‬نجمميا في ما يمي‪:‬‬

‫المالحظة األولى‪:‬‬

‫كتيـ أساسا حرماف الييئة التحكيمية مف إمكانية التخيير في مباشرتيا لمسطرة النظر‬
‫في إختصاصيا ‪ ،‬ك يرجع السبب في ذلؾ إلى صيغة الكجكب التي استيؿ بيا المشرع الفصؿ‬
‫‪ ، 327-9‬إذ ستككف ىذه الييئة مجبرة قبؿ كؿ شيء عمى اؿنظر في مدل إختصاصيا في‬
‫فض النزاع المعركض عمييا‪ .‬كفي حالة ثبكت إختصاصيا عندىا سيككف بإمكانيا كضع يدىا‬
‫عمى مسطرة التحكيـ‪.‬‬

‫‪ 08 -05‬كاف متأث ار إلى حد ما بالقانكف‬ ‫كاﻷكيد أف المشرع لما قاـ بصياغة قانكف‬
‫النمكذجي لمجنة اﻷمـ المتحدة‪ ،‬إال أنو خالفو فيما يتعمؽ بحرية الييئة التحكيمية في النظر‬
‫تمقائيا في إختصاصيا ‪,‬إذ أف المادة ‪ 16‬مف ىذا القانكف النمكذجي تعطي ليذه الييئة الخيار‬
‫التاـ في سمكؾ ىذه المسطرة مف عدمو‪ ،‬بينما المشرع المغربي ‪ -‬كما أسمفنا الذكر‪ -‬ألزميا بالبت‬
‫انفرد بيذا المكقؼ اؿ فريد خالفا لبقية‬ ‫تمقائيا في مدل تكفر إختصاصيا‪ ،‬مما يككف معو قد‬
‫القكانيف المقارنة‪.‬‬

‫كتفاديا لنشكء صعكبات قانكنية تكاجو أعماؿ الييئة التحكيمة منذ بداية مسطرة التحكيـ‬
‫نرل في اعتقادنا المتكاضع أف المشرع كاف عميو أف يستيؿ الفصؿ ‪ 327 -9‬بالصياغة التالية‪:‬‬

‫"يمكن لمييئة التحكيمية قبؿ النظر في المكضكع أف تبت تمقائيا في صحة أك حدكد‬
‫إختصاصاتيا‪ ،‬كيجب عمييا ىذا البت كمما طمبو أحد اﻷطراؼ ‪."...‬‬

‫كنعتقد أنو باعتماد ىذه الصيغة سيتـ إحتراـ إرادة أطراؼ النزاع كمما أرادكا ممارسة‬
‫حقيـ في إثارة ىذا الدفع (المتعمؽ باختصاص ىيئة التحكيـ)‪,‬كما ستتمتع الييئة التحكيمية‬
‫بيامش مف الحرية في استعماؿ حقيا لمنظر في مدل إختصاصيا كمما تبيف ليا ضركرة ذلؾ‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫المالحظة الثانية‪:‬‬

‫كنخمص فييا بعد أف معنا النظر في مقتضيات قذه الفقرة إلى كجكد تناقض صارخ بيف‬
‫مقتضياتيا الشيء الذم سيؤدم إلى ترتيب نتائج خطيرة ال تخدـ مصالح التحكيـ‪.‬كيظير ىذا‬
‫التناقض بشكؿ كاضح مف خالؿ نص المشرع في بداية الفصؿ ‪ 327 -9‬عمى ما يمي‪:‬‬

‫"عمى الييئة التحكيمية قبل النظر في الموضوع أن تبت ‪ ،‬إما تمقائيا أك بطمب مف أحد‬
‫اﻷطراؼ ‪."...‬‬

‫كبصيغة أخرل يجب عمى الييئة التحكيمية البت بحكـ مستقؿ قبؿ النظر في مكضكع‬
‫النزاع‪ ،‬كالذم تقر ر مف خاللو مدل تكافر إختصاصيا في نظر النزاع المعركض عمييا مف‬
‫عدمو‪.‬‬

‫كالغريب في اﻷمر أف المشرع رجع في اؿشؽ اﻷخير مف الفقرة اﻷكلى مف ىذا الفصؿ‬
‫لينص عمى ما يمي‪:‬‬

‫" ‪ ...‬كذلؾ بأمر غير قابل لمطعن إال وفق نفس شروط النظر في الموضوع وفي‬
‫نفس الوقت ‪."....‬‬

‫كبعبارة أخرل أنو حتى تتمكف الييئة التحكيمية مف النظر في إختصاصيا يجب عمييا‬
‫اﻹنتظار إلى حيف البت في المكضكع‪ ،‬أم كجكب ضـ البت في اﻹختصاص إلى الحكـ في‬
‫المكضكع‪.‬‬

‫كنعتقد أف ىذا الحؿ الذم تكصؿ إليو المشرع في اؿشؽ اﻷخير مف الفقرة أعاله سيككف‬
‫مفيدا في حالة ما إذا قررت الييئة التحكيمية ثبكت إختصاصيا في نظر النزاع ﻷنو سيقتصد‬
‫مف الكقت كاﻹجراءات‪ ،‬أما في الحالة المعاكسة كالتي تتكصؿ فييا ىذه الييئة إلى ككنيا غير‬
‫مختصة منذ الكىمة اﻷكلى‪ ،‬فإنيا بإعماليا ليذا المؽ تضى ستضر بمصالح اﻷطراؼ نتيجة‬
‫مسبقا‬ ‫ىدرىا لكقتيـ كتكبيدىـ مصاريؼ إضافية‪،‬عمما أنو بإمكانيا تفادم ذلؾ لك تـ اﻹعالف‬
‫بحكـ مستقؿ تصرح ككنيا غير مختصة ‪.‬‬

‫كلتجاكز ىذه العيكب نرل ضركرة إعادة صياغة ىذه الفقرة عمى الشكؿ التالي‪:‬‬

‫‪91‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫"يمكف لمييئة التحكيمية أف تبت تمقائيا في صحة أك حدكد إختصاصيا أك في صحة‬


‫إتفاؽ التحكيـ كيجب عمييا ىذا البت كمما طمبو أحد اﻷطراؼ‪ ،‬ويتم ىذا البت إما قبل الفصل‬
‫في الموضوع بواسطة حكم مستقل أو بعد ضمو لمموضوع و في نفس الحكم ‪"..‬‬

‫كبفضؿ ىذه الصياغة سيصبح لمييئة التحكيمية الخيار بأف تبت في إختصاصيا إما‬
‫قبؿ الدخكؿ في مناقشة مكضكع النزاع إذا ما تبيف ليا أنيا غير مختصة‪ ،‬أك أف تعمؿ عمى‬
‫ضـ ىذا البت إلى المكضكع إذا ما أعتبرت نفسيا مختصة في فض النزاع‪.‬‬

‫المالحظة الثالثة‪:‬‬

‫كتخص ىذه المالحظة ذلؾ الكصؼ الذم منحو المشرع ﻷمر ىيئة التحكيـ المتعمؽ‬
‫بإختصاصيا‪ ،‬إذ ج علو غير قابؿ ﻷم طعف أماـ القضاء سكاء بإعتبار نفسيا مختصة أـ ال‪.‬‬
‫كينص المشرع في ذلؾ عمى ما يمي‪ ..." :‬وذلك بأمر غير قابل لمطعن ‪."...‬‬

‫فتطبيؽ ىذا الـ قتضى سيؤدم ىك اﻷخر إلى بركز بعض اﻹشكاالت اؿ عممية كالتي‬
‫يمكف إجماليا في المسألتيف التاليتيف‪:‬‬

‫المسألة األولى‪:‬‬

‫ففي حالة صدكر أمر الييئة التحكيمية بإختصاصيا خطأ بالرغـ مف كجكد مانع قانكني‬
‫يحكؿ دكف ذلؾ‪ ،‬فإف اﻷطراؼ ال يمكنيـ طبقا لوذا المقتضى الطعف في ىذا اﻷمر إال بمناسبة‬
‫الطعف فيو مع المكضكع كفي نفس الكقت‪ ،‬كىذا فيو ضياع لحقكؽ اﻷطراؼ المتنازعة‪.‬‬

‫المسألة الثانية‪:‬‬

‫كتخص الحالة المعاكسة‪ ،‬كالتي ت قرر فييا الييئة التحكيمية عدـ إختصاصيا خطأ‬
‫بالرغـ مف كجكد إتفاؽ تحكيـ سميـ‪ ،‬فإف الطرؼ المتضرر سيتعذر عميو الطعف نيائيا في ىذا‬
‫‪-26‬‬ ‫اؿمقرر نظ ار لعدـ كركد ىذه الحالة ضمف الحاالت المنصكص عمييا حص ار في الفصؿ‬
‫‪ 327‬كالتي يقبؿ بتكفر إحداىا الطعف في المقرر التحكيمي بالبطالف ‪.‬‬

‫كليذا كاف عمى المشرع أال ينص عمى مسألة الطعف ىاتو تفاديا لكقكع مثؿ ىذه‬
‫التعقيدات القانكنية‪.‬‬

‫المالحظة الرابعة ‪:‬‬

‫‪92‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫كيتعمؽ اﻷمر بعدـ تحديد المشرع آلجاؿ يمتزـ اﻷطراؼ بإحتراميا كمما أراد أحدىـ تقديـ‬
‫دفع يتعمؽ بإختصاص ىيئة التحكيـ‪ ،‬فبالرجكع إلى ىذه الفقرة يتبيف لنا أف اﻷطراؼ يستطيعك ف‬
‫إثارة ىذا الدفع في جميع مراحؿ مسطرة التحكيـ مما سيؤدم في نظرنا إلى إستغالؿ الطرؼ‬
‫السيئ النية ليذه اﻹمكانية مف أجؿ تطكيؿ ىذه المسطرة‪ ،‬لذا كاف عمى المشرع أف يربط‬
‫ممارسة ىذا الدفع بأجؿ معيف كإثارتو في الجمسة اﻷكلى قبؿ الدخكؿ في مناقشة الجكىر مثال‪،‬‬
‫أك أف يتـ التمسؾ بو في ميعاد ال يتجاكز في جميع الحاالت ميعاد تقديـ مطالب المدعى‬
‫عميو(‪.)1‬‬

‫كبعد دراسة سمطة الييئة التحكيمية في النظر في إختصاصيا ‪ ،‬ننتقؿ إلى الفقرة‬
‫المكالية لمعالجة صالحياتيا بعد إصدارىا لممقررات التحكيمية‪.‬‬

‫انفمزح انثبنثخ‪ :‬طالح‪ٛ‬بد انٓ‪ٛ‬ئخ انتحك‪ًٛٛ‬خ ثؼذ إطذارْب نهًمزر‬


‫انتحك‪ًٙٛ‬‬
‫سنتناكؿ في ىذا المكضكع صالحية الييئة التحكيمية في إصالح اﻷخطاء المادية‬
‫المتسربة لمقرراتيا التحكيمية (أكال)‪ ،‬ثـ صالحيتيا في تفسيرىا (ثانيا)‪ ،‬كلنصؿ أخي ار إلى إبراز‬
‫(‪2‬‬
‫صالحيتيا في إصدار مقررات تحكيمية تكميمية (ثالثا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬صالحية الهيئة التحكيمية في إصالح اﻷخطاء المادية‬

‫‪ -1‬انظر في ىذا اؿػصدد‪:‬‬


‫‪-‬د‪ .‬أحمد عبد الكريم سالمة‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص ‪.533‬‬
‫‪-‬د‪ .‬رياض فخري‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص ‪.436‬‬
‫‪ -2‬كتجدر اﻹشارة إلى أنو مف اﻷنظمة المقارنة التي تطرقت إلى صالحيات الييئة التحكيمية بعد إصدارىا لممقرر التحكيمي‪ ،‬نذكر‬
‫نظام الجمعية األمريكية لمتحكيم (بعد تعديمو كدخكلو حيز التنفيذ بتاريخ ‪ ،)1992-5-01‬ك التي جاءت المادة ‪ 31‬منو عمى ما يمي‪:‬‬
‫" ‪ -1‬يجكز لكؿ مف اﻷطراؼ أف يتقدـ مف المحكمة التحكيمية خالؿ ثالثيف يكما مف تاريخ تسممو الحكـ التحكيمي ك بشرط إخبار‬
‫اﻷطراؼ اﻷخرل بطمب تفسير الحكـ التحكيمي‪ ،‬أك تصحيح أم خطأ مادم ‪ ،‬أك مطبعي أك حسابي أك يطمب البت بطمبات تقدـ بيا ك‬
‫أغفميا حكـ التحكيـ‪.‬‬
‫‪ -2‬إذا رأت محكمة التحكيـ بعد دراسة حجج اﻷطراؼ أف الطمب لو ما يبرره تستجيب ليذا الطمب خالؿ ميمة ثالثيف يكما "‬
‫كنفس المقتضيات نص عمييا نظام محكمة تحكيم لندن لمتحكيم الدولي(‪ )L.C.I.A‬في المادة ‪ 27‬منو‪.‬‬
‫‪ -‬د‪.‬عبد الحميد األحدب‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص ‪.577‬‬

‫‪93‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫أصبحت لمييئة التحكيمية بمقتضى الفصؿ ‪ 327 -28‬مف قانكف ‪ 08-05‬الصالحية‬


‫التامة ﻹصالح اﻷخطاء المادية المتسربة لمقرراتيا التحكيمية (‪ ،)1‬كذلؾ سكاء كانت في الكتابة‪،‬‬
‫أك الحساب‪ ،‬أك غيرىا(‪.)2‬‬

‫بؿ كأىـ مف ذلؾ‪ ,‬فإنيا تستطيع مباشرة ىذه المسطرة مف تمقاء نفسيا دكف التكقؼ عمى‬
‫طمب يقدمو أحد اﻷطراؼ (‪.)3‬إال أف ىذه الصالحية تبقى مع ذلؾ مقيدة في الزماف إذ يجب‬
‫مباشرتيا داخؿ أجؿ ثالثيف يكما مف تاريخ صدكر المقرر التحكيمي‪.‬‬

‫كاذا كاف ال يمزـ تحديد جمسة يحضرىا أطر اؼ النزاع حسب ما يستشؼ مف ركح ىذا‬
‫الفصؿ‪ ،‬عند تصحيح الييئة ليذه اﻷخطاء ‪ ،‬فإف تبميغ المقرر المصحح لألطراؼ يككف مفترضا‬
‫لكي يتمكنكا مف االستفادة منو في كقت سريع كقبؿ أف يمجؤكا ىـ لطمبو ‪ ،‬إذ كيؼ يعقؿ أف تقكـ‬
‫ىذه الييئة بتصحيح المقرر دكف تبميغو لألطراؼ؟‬

‫لذا فحتى يتـ تفعيؿ ىذا التصحيح التمقائي لمييئة التحكيمية يجب عمى المشرع أف يعيد‬
‫صياغة الفقرة الثانية مف الفصؿ ‪ ،327 -28‬ضمانا ﻹنجاح تسكية الخالؼ في كقت قصير‬
‫كذلؾ عمى الشكؿ التالي‪:‬‬

‫" غير أف لمييئة التحكيمية‪:‬‬

‫أ‪ -‬أف تقكـ تمقائيا داخؿ أجؿ ثالثيف يكما التالية لمنطؽ بالحكـ التحكيمي بإصالح كؿ‬
‫خطأ مادم أك خطأ في الحساب أك الكتابة أك أم خطأ مف نفس القبيؿ كارد في الحكـ‪ ،‬ويتعين‬
‫(‪)4‬‬
‫عمييا تبميغ الحكم المصحح لألطراف داخل أجل ‪ 3‬أيام من تاريخ التصحيح ‪"...‬‬

‫‪ -1‬كمع ذلؾ تبقى ىذه الييئة مخيرة في ىذا التصحيح مف عدمو طبقا لمفقرة الثانية مف الفصؿ ‪ 327 -28‬كالتي استيمت بعبارة‬
‫« ‪...‬غير أن لمييئة التحكيمية ‪"...‬‬
‫‪ -2‬كتنص الفقرة الثانية مف الفصؿ ‪ 327 -28‬عمى ما يمي‪ ... ":‬غير أف لمييئة التحكيمية‪:‬‬
‫‪ -1‬أن تقوم تمقائيا داخل أجل ثالثين يوما التالية لمنطق بالحكم التحكيمي بإصالح كل خطأ مادي أو خطأ في الحساب أو‬
‫الكتابة‪ ،‬أو أي خطأ من نفس القبيل وارد في الحكم ‪."....‬‬
‫‪ -3‬كمع ذلؾ يجب أف يككف ىذا التصحيح صاد ار عف أغمبية أعضاء الييئة التحكيمية‪ ،‬إذ يسرم عمى المقرر التحكيمي‬
‫المصحح ما يسرم عمى إصدار المقرر التحكيمي اﻷصمي‪.‬‬
‫‪ -4‬كلمعمـ فإف الييئة التحكيمية تقكـ بيذا التصحيح تمقائيا في اﻷخطاء المادية فقط‪ ،‬دكف أف تنصرؼ ىذه التمقائية إلى تأكيؿ‬
‫جزء معيف مف الحكـ أك إصدار حكـ تكميمي‪ ،‬إذ أف ىذه الحاالت تبقى متكقفة عمى طمب مف أحد اﻷطراؼ ‪.‬‬

‫‪94‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫كبيذه الصيغة نعتقد أف صالحية الييئة في ىذا الباب ستككف أكثر فعالية‪ .‬كبالرغـ مف‬
‫عدـ قياـ الييئة بيذا التصحيح تمقائيا‪ ،‬فإنو بإمكاف أحد اﻷطراؼ التقدـ بطمب مف أجؿ ذلؾ‪ ،‬إذ‬
‫يتعيف عمييا ك الحالة ىاتو القياـ بيذا التصحيح داخؿ أجؿ ‪ 30‬يكما التالية لتاريخ تبميغ المقرر‬
‫التحكيمي(‪.)1‬‬

‫كمف بيف العيكب التي يعاني منيا ىذا الفصؿ عدـ كضعو لحؿ قانكني في حالة تجاكز‬
‫ىيئة التحكيـ لسمطاتيا في ىذا التصحيح‪ ،‬فيؿ سيتـ الطعف في المقرر التحكيمي المصحح‬
‫بالبطالف (‪ ،)2‬أـ أف اﻷمر يبقى عمى حالو‪ ،‬الشيء الذم قد تتضرر معو مصالح أحد اﻷطراؼ‬
‫أك ىما معا؟‬

‫ككجكاب عف ىذا التساؤؿ‪ ،‬نرل أف اﻹبقاء عمى المقرر التحكيمي المصحح عمى حالو‬
‫ىك الحؿ الكحيد المطركح لعدـ إدراج المشرع لحالة تجاكز الييئة التحكيمية لسمطتيا في‬
‫تصحيح مقرراتيا ضمف الحاالت التي يجكز فييا الطعف بالبطالف كالتي جاءت عمى سبيؿ‬
‫الحصر في الفصؿ ‪.327 -26‬‬

‫كأخي ار نكد اﻹشارة إلى أف الييئة التحكيمية تصدر مقرراتيا المصححة خالؿ أجؿ ‪30‬‬
‫يكما مف تاريخ رفع الطمب إلييا‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬صالحية الهيئة التحكيمية في تفسير المقررات الصادرة عنها‪:‬‬


‫مف الصالحيات الجديدة التي أصبحت تتمتع بيا ىيئة التحكيـ صالحية تفسير‬
‫المقررات التحكيمية الصادرة عنيا(‪ ،)3‬كذلؾ إما بشكؿ جزئي أك كمي (‪.)1‬‬

‫‪ -1‬كىذا ما نصت عميو الفقرة الثالثة مف الفصؿ ‪:327 -28‬‬


‫" ‪...‬‬
‫‪ -2‬أف تقكـ داخؿ أجؿ الثالثيف مكما التالية لتبميغ الحكـ التحكيمي بناء عمى طمب أحد اﻷطراؼ كدكف فتح أم نقاش جديد بما‬
‫يمي‪:‬‬
‫أ‪ -‬تصحيح كل خطأ مادي في الحساب أو الكتابة أو أي خطأ من نفس القبيل وارد عمى الحكم ‪."....‬‬
‫‪ -2‬كما نص عمى ذلؾ المشرع المصرم في الفقرة الثانية مف المادة ‪ 50‬مف قانكف التحكيـ الجديد‪.‬‬
‫‪ -3‬كقد أجازت في ىذا المكضكع المادة ‪( 1 /33‬ب) مف القانكف النمكذجي لكؿ طرؼ في النزاع أف يطمب مف ىيئة التحكيـ‬
‫تفسير أم غمكض في الحكـ‪ ،‬كذلؾ خالؿ ثالثيف يكما مف تاريخ عممو بيذا الغمكض عمى شرط إعالـ خصمو بيذا الطمب‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫فصالحية التفسير ىذه ليس فييا ما يمس بمبدأ إستنفاذ كالية ىذه الييئة المرتبطة‬
‫باتفاؽ التحكيـ‪ ،‬ﻷنيا في الحقيقة تقتصر فقط عمى تحديد مضمكف المقرر الغامض ليس إال‪،‬‬
‫كبعبارة أخرل فإنيا تقكـ بتكضيح اؿغمكض العالؽ بيذا المقرر دكف المساس بما قضى بو‪.‬‬

‫كبذلؾ فال يجكز أف يتضمف ىذا التفسير تعديال لممقرر التحكيمي‪ ،‬أك معاكدة النظر‬
‫فيو‪ ،‬ككمما تعرض لمثؿ ىذه التغييرات إال كأصبح ميددا بعدـ التنفيذ‪.‬‬

‫كما أف ىذا التفسير يجب أف يرد عمى الغمكض الذم يكتنؼ منطكؽ المقرر‬
‫التحكيمي‪ ،‬ﻷف العبرة بو أثناء مباشرة مسطرة التنفيذ‪.‬‬

‫كنظ ار ﻷىمية ىذه الصالحية فقد أضافيا المشرع المغربي لصالحيات الييئة التحكيمية‬
‫كىذا ما تنص عميو الفقرة الخامسة مف الفصؿ ‪: 327 -28‬‬

‫" ‪...‬‬

‫غير أف لمييئة التحكيمية‪:‬‬

‫‪....‬‬

‫‪ -2‬أف تقكـ داخؿ أجؿ ثالثيف يكما التالية لتبميغ الحكـ التحكيمي بناء عمى طمب أحد‬
‫اﻷطراؼ كدكف فتح أم نقاش جديد بما يمي‪:‬‬

‫‪....‬‬

‫ب‪ -‬تأويل جزء معين من الحكم ‪"...‬‬

‫كيمكف أف نستنتج مف ىذا الفصؿ أنو ال يمكف لييئة التحكيـ تفسير مقرراتيا بصفة‬
‫تمقائية كانما يتكقؼ ذلؾ عمى طمب أحد اﻷطراؼ‪ ,‬عكس مسطرة تصحيح اﻷخطاء المادية‬
‫المتسربة ليذه المقررات التي يمكنيا مباشرتيا تمقائيا‪ .‬كما منح المشرع ليذه الييئة أثناء نظرىا‬
‫لمسطرة التفسير نفس اآلجاؿ القانكنية التي منحيا إياىا في مسطرة تصحيح أخطاء المقررات‬
‫التحكيمية‪ ،‬أم كجكب إصدارىا لممقرر التفسيرم أك التأكيمي خالؿ ثالثيف يكما التالية لتقديـ‬
‫الطمب إلييا‪.‬‬

‫‪ -1‬راجع في ىذا السياؽ منير عبد المجيد ‪" ،‬التنظيـ القانكني لمتحكيـ الدكلي كالداخمي في ضكء الفقو كقضاء التحكيـ"‪ ،‬منشأة‬
‫المعارؼ‪ ،‬طبعة ‪ ،1997‬ص ‪.276‬‬

‫‪96‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫كنعتقد في رأينا المتكاضع أف ىذه اآلجاؿ قد جاءت مالئمة حتى تتمكف ىيئة التحكيـ‬
‫مف إصدار حكـ تفسيرم مكضح بالشكؿ السميـ لمنقاط التي اكتنفيا الغمكض‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬صالحية الهيئة التحكيمية في إصدار مقرر تحكيمي تكميلي‪:‬‬

‫تجيز مختمؼ القكانيف المقارنة لألطراؼ العكدة إلى الييئة التحكيمية المصدرة لممقرر‬
‫التحكيمي مف أجؿ الفصؿ في الطمبات التي أغفمتيا‪ ،‬ما داـ أنيا تدخؿ في نطاؽ إتفاؽ‬
‫التحكيـ(‪ .)1‬كذلؾ عمى اعتبار أف ىذه الييئة لـ تستنفذ كاليتيا الكاممة بعد في شأف ىذه‬
‫الطمبات‪.‬‬

‫كيتـ عادة إخضاع المقرر التحكيمي التكميمي إلى نفس المقتضيات القانكنية الكاجبة‬
‫التطبيؽ عمى المقرر التحكيمي اﻷصمي‪ ،‬كما أنو ال يتـ اﻹعتراؼ بحجيتو إال كفقا لمساطر‬
‫التنفيذ السارية عمى المقرر اﻷصمي‪ .‬كما أنو ال يعتبر إغفاال لمطمب ذلؾ الذم تـ رفضو ضمنيا‬
‫مف قبؿ الييئة التحكيمية‪.‬‬

‫لذلؾ فإف المشرع المغربي كغيره مف التشريعات المقارنة قد سير عمى تنظيـ ىذه‬
‫الصالحية كذلؾ في الفصؿ ‪ ،327 -28‬إذ جاء بالفقرة السادسة منو بما يمي‪:‬‬

‫" ‪...‬ج‪ -‬إصدار حكم تكميمي بشأن طمب وقع إغفال البت فيو ما لم يتفق األطراف‬
‫عمى خالف ذلك‪."...‬‬

‫كما يمكف مالحظتو عمى ىذه الفقرة أنيا جعمت صالحية ىيئة التحكيـ متكقفة عمى‬
‫إرادة اﻷطراؼ فإذا لـ يكافقكا عمييا امتنع عمييا النظر في اؿطمب‪ .‬كما يجب اﻹنتباه إليو أف ىذه‬
‫الييئة يتعيف عمييا إصدار المقرر التحكيمي خالؿ أجؿ ستيف يكما يبتدئ مف تاريخ تقديـ‬
‫الطمب إلييا‪ ،‬كبذلؾ نالحظ أف المشرع قد ضاعؼ ىذا اﻷجؿ مقارنة مع صالحية نفس الييئة‬
‫كىي تبت في تصحيح اﻷخطاء أك تفسير المقررات الصادرة عنيا‪.‬‬

‫كاذا كاف رئيس المحكمة الصادر بدائرتيا المقرر التحكيمي ىك المختص بالبت في‬
‫طمب التصحيح أك التفسير في تمؾ الحالة التي يتعذر فييا اجتماع الييئة التحكيمية مف أجؿ‬
‫ذلؾ‪ ،‬فإنو بالمقابؿ ال يسكغ لو البت في الطمبات المغفمة مف قبميا‪ ،‬عمى أساس أف ىذه‬

‫‪ -1‬راجع في ىذا المكضكع منير عبد المجيد‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص ‪.278‬‬

‫‪97‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫اﻹمكانية لـ يتطرؽ إلييا المشرع في الفصؿ ‪ 327 – 29‬الذم أشار لمصالحيات التي يقكـ بيا‬
‫ىذا الرئيس في حالة غياب ىيئة التحكيـ(‪.)1‬‬

‫كنرل أف سبب منع رئيس المحكمة مف النظر في ىذا النكع مف الطمبات يرجع إلى‬
‫كجكد إتفاؽ اؿتحكيـ الذم يحجب عميو ىذا اﻹختصاص‪ .‬كمع ذلؾ فإف التساؤؿ حكؿ الجية‬
‫المختصة بالبت فييا يبقى مطركحا‪ ،‬فيؿ تتـ العكدة إلى الجية القضائية الطبيعية أم‬
‫المحكـ ة (‪ ،)2‬أـ أف اﻷطراؼ سكؼ يقكمكف بتعييف ىيئة تحكيـ جديدة تنظر في ىذه الطمبات‬
‫المغفمة ؟‬

‫ككجكاب عف ىذا التساؤؿ‪ ،‬فإننا نرجح إمكانية المجكء إلى القضاء لككنو يتميز‬
‫ا قيمة ثانكية بالنسبة‬ ‫باﻹستم اررية كالدكاـ كﻹعتبار الطمب المغفؿ يككف في غالب اﻷحكاؿ ذ‬
‫لمطمب اﻷصمي الذم تـ البت فيو مف طرؼ الييئة التحكيمية قبؿ انحالليا‪.‬‬

‫عديؿ المقررات‬ ‫كاذا كانت الييئة التحكيمية ليا مف الصالحيات ما يجعميا تقكـ بت‬
‫الصادرة عنيا‪ ،‬فيؿ ليا مثؿ قذق الصالحية في تعييف مكاف إجراء جمسات التحكيـ؟ ىذا ما‬
‫سكؼ نعالجو في الفقرة اؿمكالية‪:‬‬

‫انفمزح انزاثؼخ‪ :‬سهطخ انٓ‪ٛ‬ئخ انتحك‪ًٛٛ‬خ ف‪ ٙ‬تؼ‪ ٍٛٛ‬يكبٌ‬


‫انتحك‪ٛ‬ى‬
‫غالبا ما تترؾ التشريعات المقارنة صالحية تعييف مكاف إجراء التحكيـ لألطراؼ نزكال‬
‫عند إرادتيـ الحرة‪ ،‬إال أنيـ قد يتقاعسكا عف ىذا التحديد كفي ىذه الحالة فإف الييئة التحكيمية‬
‫تككف ممزمة بتحديده(‪.)3‬‬

‫‪ -1‬كلمعمـ فإف رئيس المحكمة يمتزـ ىك اﻷخر بالبت في طمبات التفسير كالتصحيح داخؿ أجؿ ثالثيف يكما بأمر ال يقبؿ‬
‫الطعف‪.‬‬
‫‪ -2‬ىذا عمما أف المحكمة تبقى مختصة في ىذا البت إلى حيف تمسؾ أحد اﻷطراؼ بكجكد إتفاؽ التحكيـ‪ ،‬الشيء الذم يجعميا‬
‫تصدر حكما يقضي بعدـ قبكؿ الدعكل ‪.‬‬
‫‪ -3‬أنظر أحمد عبد الكريم سالمة‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص ‪.781‬‬
‫راجع أيضا د‪.‬مصطفى محمد الجمال ود‪.‬عكاشة محمد عبد العال ‪,‬ـ س‪ ،‬ص ‪.655‬‬

‫‪98‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫فتعييف ىذه الييئة لمكاف إجراء التحكيـ تترتب عنو مباشرة عدة نتائج خطيرة ت ؤثر في‬
‫مجرل مسطرة التحكيـ (أكال)‪ ،‬ك إذا كاف التشريع المغربي كاحدا مف التشريعات التي اىتمت‬
‫بالتحكيـ فإلى أم حد أعترؼ بيذه السمطة لمييئة التحكيمية؟ (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬نتائج تحديد مكان إجراء التحكيم‬


‫إف مف نتائج قياـ الييئة التحكيمية بتحديد مكاف إجراء التحكيـ ما يمي‪:‬‬

‫‪ -1‬إف تعييف دكلة ما كمقر ﻹجراء التحكيـ يعطي بصفة تمقائية لمحاكـ ىذه الدكلة‬
‫صالحية مساعدة ىذه الييئة في تسيير مسطرة التحكيـ‪ ،‬إذ تتـ اﻹستعانة بسمطات قضاء دكلة‬
‫مقر التحكيـ ‪ ،‬كمثاؿ ذلؾ الحكـ عمى أحد اﻷطراؼ الممتنع عف تقديـ مستندات تعتبرىا ىيئة‬
‫التحكيـ حاسمة في النزاع‪ ،‬أك الحكـ عمى الشاىد الذم تخمؼ عف الحضكر أماـ ىذه الييئة مف‬
‫أجؿ اﻹدالء بشيادتو في النزاع‪ ،‬أك الفصؿ في بعض المسائؿ اﻷكلية‪ ،‬أك اﻷمر ببعض التدابير‬
‫الكقتية أك التحفظية (‪.)1‬‬

‫‪ -2‬إف تعييف الييئة لمكاف إجراء التحكيـ سيساعد فيما بعد عمى تحديد طبيعة ىذا‬
‫التحكيـ‪ ،‬أم اعتباره كطنيا أـ دكليا‪ ،‬فإذا أخدنا مثاؿ التحكيـ الذم ينعقد بالمغرب كيصدر مقرره‬
‫داخمو أيضا‪ ،‬فإنو يعد تحكيما كطنيا مغربيا‪ ،‬أما في حالة إنعقاده بالخارج ككاف مكضكعو يرتبط‬
‫بأكثر مف دكلة بما فييا المغرب ك صدر مقرره بالخارج أيضا‪ ,‬فإنو يعد آنذاؾ تحكيما دكليا‪.‬‬

‫‪ -3‬في حالة تعييف ىذه الييئة لدكلة مف ضمة إلى اتفاقية نيكيكرؾ المتعمقة بتنفيذ‬
‫المقررات التحكيمية كاﻹعتراؼ بيا كمقر لمتحكيـ‪ ,‬فإف صدكر المقرر التحكيمي داخميا سيبسط‬
‫ميمة اﻷمر بتنفيذه في دكلة أخرل منضكية ىي اﻷخرل تحت لكاء نفس االتفاقية‪.‬‬

‫‪ -4‬في حالة تعييف ىيئة التحكيـ لدكلة ما كمقر لمتحكيـ فإف الجياز القضائي ليذه‬
‫اﻷخيرة يمكنو التدخؿ مف أجؿ تمديد أجؿ النظر في مسطرة التحكيـ‪ ،‬بؿ أكثر مف ذلؾ فمو أف‬
‫يأمر بكضع نياية ﻹجراءات التحكيـ بناء عمى طمب أحد اﻷطراؼ‬

‫‪ -1‬أنظر أحمد عبد الكريم سالمة‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص ‪.776‬‬

‫‪99‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫‪ -5‬إف مخالفة القكاعد المكضكعية أك المسطرية لدكلة مقر التحكيـ قد يعد سببا مف‬
‫أسباب رفض اﻹعتراؼ بالمقرر التحكيمي‪ ،‬كبالتالي عدـ تنفيذه ‪.1‬‬

‫‪ -6‬في حالة عدـ إتفاؽ أطراؼ التحكيـ عمى تحديد القكاعد المسطرية الكاجبة التطبيؽ‪،‬‬
‫فإف القكاعد المسطرية النافذة في دكلة مقر التحكيـ ىي التي تطبؽ كذلؾ تيسي ار لعممية التحكيـ‪.‬‬

‫كانطالقا مف ىذه النتائج سكؼ نقؼ عمى مدل تنظيـ المشرع المغربي لصالحية تعيمف‬
‫الييئة التحكيمية لمقر التحكيـ ‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬تنظيم المشرع المغربي لصالحية الهيئة التحكيمية في اختيار مقر التحكيم‪:‬‬

‫إف المشرع المغربي لـ ينظـ في ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ صالحية ىيئة التحكيـ في تعييف مكاف إجراء‬
‫التحكيـ إال أنو تدارؾ ىذا اﻹغفاؿ بمقتضى قانكف ‪.)2(08-05‬‬

‫‪ 327-10‬كالتي‬ ‫فقد تطرؼ إلى ىذا المكضكع مف خالؿ الفقرة الثانية مف الفصؿ‬
‫تقضي بما يمي‪:‬‬

‫" ‪ ...‬كلطرفي التحكيـ اﻹتفاؽ عمى مكاف التحكيـ في المممكة المغربية أك خارجيا‪ ،‬فإذا‬
‫لـ يكجد إتفاؽ عينت ىيئة التحكيـ مكانا مالئما لمتحكيـ‪ ،‬مع مراعاة ظركؼ الدعكل كمحؿ‬
‫إقامة اﻷطراؼ‪ ،‬كال يحكؿ ذلؾ دكف أف تجتمع ىيئة التحكيـ في أم مكاف تراه مناسبا لمقياـ‬

‫‪ 5‬مف اتفاقية نيكيكرؾ المتعمقة بتنفيذ المقررات التحكيمية كاالعتراؼ بيا‬ ‫‪ -1‬كىذا ما نصت عميو الفقرة اﻷكلى مف المادة‬
‫الصادرة سنة ‪، 1958‬ككذا المادة ‪/1‬ب مف اتفاقية جنيؼ الخاصة بتنفيذ أحكاـ التحكيـ اﻷجنبية الصادرة سنة ‪.1927‬‬
‫‪ -2‬كقد تطرؽ المشرع المصرم إلى مكضكع تع ميف مكاف التحكيـ في المادة ‪ 28‬مف قانكف التحكيـ الجديد بحيث نص عمى ما‬
‫يمي‪:‬‬
‫" لطرفي التحكيـ اﻹتفاؽ عمى مكاف التحكيـ في مصر أك خارجيا فإذا لـ يكجد إتفاؽ عينت ىيئة التحكيـ مكاف التحكيـ مع‬
‫مراعاة ظركؼ الدعكل كمالئمة المكاف ﻷطرافيا كال يخؿ ذلؾ بسمطة ىيئة التحكيـ في أف تجمتع في أم مكاف تراه مناسبا لمقياـ‬
‫بإجراء مف إجراءات التحكيـ كسماع أطراؼ النزاع أك الشيكد أك الخبراء أك اﻹطالع عمى مستندات أك معاينة بضاعة أك‬
‫أمكاؿ أك إجراء مداكلة بيف أعضائيا أك غير ذلؾ"‬
‫كلإلشارة فقد نص المشرع المغربي عمى نفس ىذه المقتضيات إلى حد أنيا كادت أف تككف حرفية‪ ،‬كلعؿ ذلؾ راجع إلى كحدة‬
‫المصدر الذم تأثر بو كنقػصد ىنا القانكف النمكذجي لػﻷ نستراؿ‪.‬‬

‫‪100‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫بإجراءات التحكيـ كسماع أطراؼ النزاع أك الشيكد أك الخبراء أك اﻹطالع عمى الػمستندات أك‬
‫معاينة بضاعة أك أمكاؿ أك إجراء مداكلة بيف أعضائيا أك غير ذلؾ‪.)1( "...‬‬

‫فبقراءتنا لمقتضيات ق ذق الفقرة يمكننا الخركج بمجمكعة مف المالحظات التي ف جمؿىا‬


‫فيما يمي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬إف المشرع لـ يعطي لييئة التحكيـ صالحية تع ميف مكاف التحكيـ بصفة أصمية‬
‫كانما سمح ليا بذلؾ بصفة احتياطية فقط‪ ،‬أم كمما أغفؿ اﻷطراؼ تنظيميـ ليذه المسألة‪،‬‬
‫ىما لما‬ ‫كتشمؿ صالحيتيا ىاتو كؿ مف التحكيـ الداخمي كالدكلي نظ ار لعدـ تمييز المشرع بيف‬
‫عالج ىذا المكضكع‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬أنو في حالة غياب إتفاؽ بيف اﻷطراؼ لتعييف مكاف التحكيـ فإف الييئة‬
‫التحكيمية ىي مف يتكلى ىذا التعييف‪ ،‬إال أنيا تككف في ذلؾ مقيدة بضركرة مراعاتيا لظركؼ‬
‫الدعكل كمالءمة المكاف الذم يختاره أطراؼ التحكيـ‪ ،‬كىذا ما مكضح أف سمطة ىذه الييئة غير‬
‫مطمقة في ىذا التعييف ‪,‬إضافة إلى ذلؾ فيذه الفقرة لـ تأخد بالمكقؼ الذم يرل بأف يككف محؿ‬
‫التحكيـ مطابقا لمكاف انعقاد إتفاؽ التحكيـ (‪.)2‬‬

‫ثالثا‪ :‬إف تحديد اﻷطراؼ لمكاف التحكيـ ال يؤثر حسب ىذه الفقرة عمى سمطة ىيئة‬
‫التحكيـ في تعيينيا لمكاف آخر تراه مالئما ﻹجتماعيا‪ ،‬أك ﻹتخاد أم إجراء مف إجراءات‬
‫التحكيـ‪.‬كجدير بالذكر أف المشرع قد حدد ىذه اﻹجراءات عمى سبيؿ المثاؿ (‪ ،)3‬كمنيا سماع‬
‫أطراؼ النزاع أك الشيكد أك الخبراء‪ ،‬ك اﻹطالع عمى المستندات ‪ ،‬كمعاينة البضاعة أك‬
‫اﻷمكاؿ‪ ،‬ك إجراء المداكلة بيف أعضاء الييئة‪.‬‬

‫‪ -1‬كلمعمـ فإف ىذه الفقرة لـ يكف ليا كجكد في المشركع اﻷكلي لقانكف ‪ ،08 -05‬كانما الذم أضافيا إليو ىك مجمس المستشاريف‬
‫في إطار مناقشتو ليذا القانكف‪.‬‬
‫أنظر مشروع قانون ‪ 08-05‬كما كافؽ عميو مجمس المستشاريف بتاريخ ‪ 5‬جمادل اﻷكلى ‪ 1428‬المكافؽ ؿ ‪ 22‬مام ‪.2007‬‬
‫‪ -2‬أنظر أحمد أبو الوفا‪ ،‬التحكيـ االختيارم كاﻹجبارم ‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص ‪.227‬‬
‫‪ -3‬كما يعزز ذلؾ نص المشرع في أخر ىذه الفقرة عمى " ‪ ...‬أو غير ذلك ‪"....‬‬

‫‪101‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫رابعا‪ :‬كمثكر ىنا تساؤؿ حكؿ اﻷثر القانكني عما إذا تـ التحكيـ في مكاف غير ذلؾ‬
‫الذم تـ اﻹتفاؽ عميو مف قبؿ اﻷطراؼ‪ ،‬فيؿ سيترتب ع ف ذلؾ بطالف كؿ اﻹجراءات التي تمت‬
‫خالؿ مسطرة التحكيـ؟ أـ أف ذلؾ ال يؤثر عمى ىذه المسطرة‪.‬‬

‫كنعتقد أف ىذا اﻹشكاؿ ال يرتب أم بطالف يمحؽ ىذه اﻹجراءات لككف المشرع لـ‬
‫يفرد أم جزاء قانكني في حالة اﻹخالؿ بإتفاؽ الطرفيف أعاله‪ ،‬ىذا مف جية‪.‬‬

‫كمف جية أخرل‪ ,‬فإف ىذه اﻹجراءات ال يتسرب إلييا البطالف إال في حالة إقتراف ذلؾ‬
‫بإخالؿ قد يطاؿ حقا مف حقكؽ الدفاع ‪.‬‬

‫إذف يتبيف لنا مف خالؿ ىذه المالحظات أف المشرع قد كسع مف سمطات ىيئات‬
‫التحكيـ فيما يتعمؽ بتع ميف مكاف التحكيـ‪ ،‬كذلؾ تدعيما منو لممركنة التي تتميز بيا مسطرة‬
‫التحكيـ‪.‬‬

‫انفمزح انخبيسخ‪ :‬طالح‪ٛ‬بد انٓ‪ٛ‬ئخ انتح‪ٛ‬ك‪ًٛ‬خ ف‪ ٙ‬إجزاءاد‬


‫انتحم‪ٛ‬ك‬
‫لقد نصت العديد مف التشريعات المقارنة عمى جكاز قياـ الييئة التحكيمية بإجراءات‬
‫التحقيؽ أثناء سرياف التحكيـ ‪ ،‬مثميا في ذلؾ مثؿ اؿقضاء‪.‬‬

‫كنذكر مف بيف ىذه اﻹجراءات اﻹستماع إلى أطراؼ النزاع ‪ ،‬كتكجيو اليميف إلييـ سكاء‬
‫المكممة أك الحاسمة‪ ،‬كسماع شيادة الشيكد‪ ،‬كالقياـ بالمعاينات الضركرية لمكقكؼ عمى حقيقة‬
‫النزاع‪ ،‬إلى غير ذلؾ‪.‬‬

‫كيتعيف عمى الييئة القياـ باﻹجراءات السالفة الذكر كىي متركبة مف جميع أعضائيا ما‬
‫(‪)2( )1‬‬
‫القاعدة أيضا أف‬ ‫ك‬ ‫لـ يتـ إعفا ءىا مف ذلؾ بإتفاؽ اﻷطراؼ كذلؾ تحت طائمة البطالف‪.‬‬

‫‪ -1‬كىذا ما نصت عميو الفقرة اﻷكلى مف المادة ‪ 24‬مف قكاعد اﻷنستراؿ الصادرة سنة ‪.1976‬‬
‫‪ -2‬كيتعيف أف نستحضر في ىذه الحالة أف ىذه الييئة قد تككف مككنة مف محكـ فرد‪ ,‬فبتحقؽ ىذه الفرضية فإف ىذا اﻷخير‬
‫يقكـ بإجراءات التحقيؽ بمفرده ‪.‬أما فيما يتعمؽ بكجكب ككف الييئة التحكيمية متركبة مف جميع أعضائيا = لمباشرتيا إجراءات‬
‫‪ 327 – 16‬التي تقضي بما يمي‪":‬يجب عمى المحكميف في حالة‬ ‫التحقيؽ‪ ،‬كأساسنا في ذلؾ ىي الفقرة اﻷكلى مف الفصؿ‬
‫تعددىـ أف يقكمكا بالمشاركة جميعا في كؿ اﻷشغاؿ كالعمميات كفي تحرير جميع المحاضر إال إذا أذف ليـ اﻷطراؼ في انتداب‬
‫أحدىـ لمقياـ بعمؿ معيف ‪ ،"...‬كنحف نعمـ أف إجراءات التحقيؽ تدخؿ ضمف العمميات كاﻷشغاؿ التي تقكـ بيا ىذه الييئة‪.‬‬

‫‪102‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫لمييئة التحكيمية اﻷمر تمقائيا بإتخاذ ما تراه مناسبا مف إجراءات التحقيؽ قصد الكصكؿ إلى‬
‫ر لكائح المؤسسات التحكيمية عبر‬ ‫حؿ عادؿ لمنزاع المعركض عمييا‪ ،‬كىذا ما أجازتو سائ‬
‫العالـ(‪.)1‬‬

‫كعمميا يمكف إعتبار الخبرة أىـ إجراء ضمف إجراءات التحقيؽ التي تمجأ إلييا ىذه‬
‫الييئات‪ ،‬كذلؾ مف أجؿ اﻹستعانة بأىؿ العمـ ﻹستجالء العناصر التقنية الغامضة مف النزاع‪.‬‬
‫كبالرغـ مف اﻷىمية القصكل التي تتميز بيا ىذه الخبرة فإف الخصكـ في بعض اﻷحياف تحظر‬
‫عمى ىذه الييئات اﻹستعانة بيا‪ ،‬أما في حالة عدـ إتفاقيـ عمى ذلؾ فإف الييئة التحكيمية تبقى‬
‫ليا الحرية التامة في تقرير مدل مالءمة ىذه الخبرة مف عدميا(‪.)2‬‬

‫مقكلة أف الخبرة ال أىمية ليا في مجاؿ التحكيـ‬ ‫كيذىب رأم في الفقو إلى انتقاد‬
‫لتخصص الييئة التحكيمية في مكضكع النزاع المعركض عمييا‪ ،‬معتمدا في ذلؾ عمى كجكد‬
‫(‪)3‬‬
‫بعض الجكانب التقنية في ذات النزاع التي يستعصى اﻹلماـ بيا مف طرؼ ىذه الييئة‪.‬‬

‫‪327-11‬‬ ‫أما عف اىتماـ المشرع المغربي بيذا المكضكع فقد تطرؽ إليو في الفصكؿ‬
‫ك ‪ 327-12‬مف قانكف ‪ ،08-05‬حيث متع ىيئة التحكيـ بالحرية الكاممة في القياـ بجميع‬
‫فذكر عمى سبيؿ المثاؿ‬ ‫إجراءات التحقيؽ المالئمة لمكصكؿ إلى فض النزاع‪ .‬كمف بينيا‬
‫ككف ىذه اﻹجراءات جاءت عمى سبيؿ‬ ‫اﻹستماع إلى الشيكد ‪ ،‬كتعييف الخبراء‪ ،...‬كما يؤكد‬
‫المثاؿ ختـ المشرع لمفقرة اﻷكلى مف الفصؿ ‪ 327-11‬بالتنصيص عمى قياـ ىذه الييئة بأم‬
‫إجراء مناسب آخر‪.‬‬

‫كما أنو أجاز لمييئة التحكيمية أف تطالب اﻷطراؼ أك أحدىـ باﻹدالء بكسائؿ اﻹثبات‬
‫(‪)4‬‬
‫إال أف ما يالحظ عمى المشرع في ىذا السياؽ أنو لـ يعمؿ عمى إمداد‬ ‫المكضكعة تحت يده‪،‬‬

‫إال أف التساؤؿ الذم يطرح نفسو ىنا ىك ماىية اﻷثر القانكني المترتب في حالة عدـ قياـ جميع أعضاء الييئة بيذه اﻹجراءات‬
‫؟ عمما أف الفقرة أعاله لـ ترتب عمى ىذه النتيجة بطالف اﻹجراءات‪.‬‬
‫‪ -1‬راجع‪ ،‬د‪.‬ىدى حمدي عبد الرحمان‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص ‪228‬‬
‫‪ -2‬راجع‪ ،‬د‪.‬ىدى حمدي عبد الرحمان‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص ‪233‬‬
‫‪ -3‬راجع د‪.‬أحمد عبد الكريم سالمة‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص ‪.923‬‬
‫‪ -4‬راجع د‪.‬عزيز الفتح‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص ‪.166‬‬

‫‪103‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫ىذه الييئة بسمطة الردع ﻹجبار الطرؼ الرافض لإلدالء بمثؿ ىذه الكسائؿ (‪ ،)1‬كمع ذلؾ فإننا‬
‫نعتقد أف باب القضاء اﻹستعجالي سيبقى مفتكحا في كجييا ﻹستصدار أمر يقضي برفع‬
‫الطرؼ المخؿ يده عف ىذه الكسائؿ أك الكثائؽ كذلؾ تحت طائمة الغرامة التيديدية مثال‪.‬‬

‫كينص الفصؿ ‪ 327 -11‬أيضا عمى جكاز استماع ىيئة التحكيـ ؿكؿ شخص إذا‬
‫رأت أف في ذلؾ فائدة لمكصكؿ إلى حؿ النزاع‪ ،‬كنرل أف عبارة "الشخص" المذككرة في ىذا‬
‫الفصؿ تحتمؿ الشخص الطبيعي ك المعنكم عف طريؽ ممثمو القانكني ‪,‬خاصة إذا ما تعمؽ‬
‫اﻷمر بنزاع تجارم بيف مقاكلتيف أك أكثر‪.‬‬

‫أما عف الفصؿ ‪ ،327-12‬فإنو نص عمى عدـ إمكانية إستماع الييئة التحكيمية‬


‫لممستمع إليو إال بعد أدائو لميميف القانكنية(‪.)2‬‬

‫كالتساؤؿ الذم يبقى مطركحا ىنا بإلحاح ىك مدل إلزامية الشيكد بأداء ىذه اليميف ؟‬
‫ىذا عمما أف أدا ءىا أماـ ىذه الييئة يختمؼ عف أدائيا أماـ المحاكـ لككنيا إجبارية في الحالة‬
‫اﻷخيرة فقط!!‬

‫كنحف نتفؽ مع اﻹتجاه الفقوم الذم ال يحبذ تحميؼ الشيكد باليميف القانكنية ‪ ،‬لعمة أنو‬
‫يتضمف نكع مف اﻹجبار ك اﻹكراه الذم ال تضمنو إال سمطة اﻷمر التي ينفرد بيا القضاء‪،‬‬
‫إضافة إلى ذلؾ فإف أداء ىذه اليميف يفترض في مؤدييا الصدؽ في شيادتو‪ ،‬إال أنو في حالة‬

‫‪ -1‬كنشير ىنا إلى أف المشرع قد غير صياغة الفقرة الثانية مف الفصؿ ‪ 327 -11‬التي جاءت في إطار المشركع كما صادؽ‬
‫عميو مجمس المستشاريف بتاريخ ‪ 22‬مام ‪ ، 2007‬إذ كانت تنص عمى المقتضيات التالية‪:‬‬
‫" ‪ ...‬إذا كانت بيد أحد اﻷطراؼ كسيمة إثبات جاز لمييئة التحكيمية أف تأمره باﻹدالء بيا"‪.‬‬
‫كبذلؾ عكضيا بالصياغة التالية مغي ار عبارة "تأمره " بعبارة "تطمب منو"‪ ,‬كذلؾ تماشيا مع طبيعة عمؿ ىذه الييئة التي ال تتميز‬
‫بسمطة اﻹجبار التي تبقى حك ار عمى القضاء‪ .‬كىكذا جاءت ىذه الفقرة كالتالي‪:‬‬
‫" ‪ ..‬إذا كانت بيد أحد اﻷطراؼ كسيمة إثبات جاز لمييئة التحكيمية أف تطمب منو اﻹدالء بيا "‪.‬‬
‫‪ 1992‬في المادة ‪ 211‬مف‬ ‫‪ -2‬كىناؾ مف القكانيف المقارنة التي تمزـ تحميؼ الشيكد باليميف‪ ،‬كمنيا القانكف اﻹماراتي لسنة‬
‫قانكف اﻹجراءات المدنية ‪ ،‬كالتي تنص عمى ما يمي‪:‬‬
‫" عمى المحكمين أن يحمفوا الشيود باليمين‪ ،‬ككؿ مف أدل شيادة كاذبة أماـ المحكميف يعتبر مرتكبا لجريمة شيادة الزكر"‪.‬‬
‫‪ .1983‬كىناؾ مف‬ ‫كنفس المقتضيات أشارت إلييا المادة ‪ 31‬مف الالئحة التنفيذية لنظاـ التحكيـ السعكدم الصادرة سنة‬
‫التشريعات التي تخير ىيئة التحكيـ في تحميؼ الشيكد كمثاؿ ذلؾ الفقرة الخامسة مف المادة ‪ 38‬مف قانكف التحكيـ اﻹنجميزم‬
‫لسنة ‪ ،1996‬كالتي تنص عمى ما يمي‪:‬‬
‫"‪...‬لييئة التحكيم سمطة سماع أي طرف أو شاىد بدون أو بعد حمف اليمين كىي التي تقكـ بتكجيو اليميف كليس الخصـ"‪.‬‬

‫‪104‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫إكتشاؼ كذبو سيككف مرتكبا لجريمة أداء شيادة الزكر التي يعاقب عمييا القانكف الجنائي‪،‬‬
‫الشيء الذم سيتعذر معو عمى الييئة التحكيمية تكقيع عقكبات جزائية عميو ﻹنتفاء‬
‫إختصاصيا في ذلؾ(‪.)1‬‬

‫كفي إطار اﻹستماع إلى الشيكد تقكـ الييئة التحكيمية إحتراما منيا لمبدأ المكاجية‬
‫بتمقي الشيادة بمحضر جميع اﻷطراؼ‪ ،‬كىذا ما يمكنيـ مف مناقشة الشيكد في شيادتيـ مع ما‬
‫يتطمبو ذلؾ مف طرحيـ ﻷسئمة حكليا‪.‬‬

‫انًطهت انثبَ‪ :ٙ‬انكفب‪ٚ‬خ انمبََٕ‪ٛ‬خ يٍ انُبح‪ٛ‬خ انًٕػٕػ‪ٛ‬خ‬


‫تظير بكجو خاص ىذه الكفاية القانكنية مف خالؿ تمتيع الييئة التحكيمية بسمطة‬
‫(‪)2‬‬
‫(الفقرة اﻷكلى)‪ ،‬ككذا بصالحيتيا في إنياء‬ ‫إختيار القانكف الكاجب التطبيؽ عمى المكضكع‬
‫مسطرة التحكيـ التي سبؽ أف باشرتيا (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫انفمزح األٔنٗ‪:‬سهطخ اخت‪ٛ‬بر انمبٌَٕ انٕاجت انتطج‪ٛ‬ك ػهٗ‬


‫انًٕػٕع‬
‫إف اﻷصؿ في تحديد القانكف الكاجب التطبيؽ عمى المكضكع يبقى مف إختصاص‬
‫أطراؼ النزاع كذلؾ إما بشكؿ صريح أك ضمني (‪ ،)3‬إذ يككف بناء عمى إحدل بنكد العقد الذم‬
‫سبؽ إبرامو بينيـ‪ ،‬كىذا ما أقرتو سائر القكانيف المقارنة (‪ ،)4‬بإستثناء تمؾ الحالة التي يككف فييا‬
‫إختيار ىذا القانكف مخالفا لمضكابط المتعمقة بالنظاـ العاـ‪.‬‬

‫بينما يبقى العب ء في الحالة التي يغيب فييا إختيارىـ ليذا القانكف عمى عاتؽ الييئة‬
‫التحكيمية التي تككف ممزمة بالبحث عف القانكف المكضكعي المناسب‪ ،‬إذ أنيا تبحث عف رابطة‬

‫‪ -1‬راجع د‪.‬أحمد عبد الكريم سالمة‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص ‪.918‬‬


‫‪ -2‬كذلؾ في حالة إغفاؿ أطراؼ التحكيـ لتعييف ىذا القانكف‪.‬‬
‫‪ - 3‬راجع د‪.‬محمد ثكمنت‪ ،‬ـ‪.‬س‪ ،‬ص ‪ 123‬كمابعدىا‪.‬‬
‫انظر أيضا د‪.‬عبد الحق عقمة‪ ،‬القانكف االدارم‪ ،‬الجزء الثاني نشاط االدارة ككسائميا‪ ،‬دار القمـ الرباط‪ ،‬ط ‪ ،2002‬ص‪8‬‬
‫‪ -4‬أنظر في ذلؾ د‪ .‬كمال إبراىيم ‪ ،‬التحكيـ التجارم الدكلي حتمية التحكيـ كحتمية قانكف التجارة الدكلي‪ ،‬دار الفكر العربي‪،‬‬
‫الطبعة اﻷكلى ‪ ،1991‬ص ‪.141‬‬

‫‪105‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫مكضكعية تحدد ىذا القانكف‪ ،‬كالتي تتنكع بيف كؿ مف قانكف محؿ إبراـ العقد ‪,‬ك قانكف محؿ‬
‫(‪)1‬‬
‫التنفيذ‪ ،‬ك قانكف محؿ إقامة المتعاقديف‪ ،‬كقانكف مكاف إجراء التحكيـ ‪...‬‬

‫أما عف اﻷساس القانكني لسمطة ىذه الييئة في إختيار ىذا القانكف‪ ،‬أم تحديد ما إذا‬
‫كانت ذات إختصاص أصمي أـ أنيا تمارس ىذه السمطة نيابة عف الخصكـ فقط‪.‬فإف ىناؾ مف‬
‫الفقو مف أرجع ذلؾ إلى سمطتيا المتعمقة باستكماؿ العقد ‪ ،2‬بينما عزاه جانب آخر مف الفقو إلى‬
‫الدكر اﻹيجابي الذم أصبحت تمارسو ىذه الييئة باعتبارىا محكمة تنظر في النزاع‪ ،‬كلككف‬
‫قذقالمسألة أكلية إذ يتعيف حميا قبؿ التصدم لمنزاع(‪.)3‬‬

‫إضافة لما سبؽ‪ ،‬فإف المحكمكف يتمتعكف بخالؼ القضاة بسمطة كاسعة في البحث عف‬
‫القانكف الذم سيحكـ مكضكع النزاع (‪ ،)4‬عمى شرط أف يككف مناسبا لفض النزاع ‪,‬بؿ كيمكنيـ‬
‫أيضا اﻹىتداء إليو مف خالؿ إعماليـ سكاء لممبادئ العامة لمقانكف‪ ،‬أك لقكاعد القانكف الدكلي‬
‫الخاص المعمكؿ بيا في مختمؼ النظـ القانكنية العالمية‪ ،‬أك لقكاعد القانكف الخاص الدكلي‬
‫(القكاعد المادية أك المكضكعية)(‪.)5‬‬

‫كما يالحظ عمى المشرع المغربي في ىذا اؿصدد أنو أخذ بمعظـ ىذه المقتضيات أثناء‬
‫صياغتو لمفصؿ ‪ 327 -18‬مف قانكف ‪ ,08 -05‬إذ نص عمى أنو‪:‬‬

‫"تطبؽ ىيئة التحكيـ عمى مكضكع النزاع القكاعد القانكنية التي يتفؽ عمييا الطرفاف‪.‬‬

‫إذا لـ يتفؽ الطرفاف عمى القكاعد القانكنية الكاجبة التطبيؽ عمى مكضكع النزاع طبقت‬
‫ىيئة التحكيم القواعد الموضوعية في القانون التي ترى أنو األكثر إتصاال بالنزاع ‪ ،‬كعمييا في‬
‫جميع اﻷحكاؿ أف تراعي شركط العقد مكضكع النزاع كتأخذ بعيف اﻹعتبار اﻷعراؼ التجارية‬

‫‪ -1‬راجع د‪.‬أبو زيد رضوان‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص ‪136‬‬


‫‪ -2‬راجع د‪.‬محمد نور شحاتة‪ ،‬اﻷساس اﻹتفاقي لمسمطة القضائية لممحكميف‪ ،‬طبعة ‪ ،1993‬ص ‪.422‬‬
‫‪ -3‬أنظر في ىذا السياؽ د‪.‬ىدى حمدي عبد الرحمان‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص ‪.270‬‬
‫( ‪)Inter-American‬‬ ‫‪-4‬كىذا ما أكدتو بعض اﻹتفاقيات الدكلية نذكر مف بينيا المادة الثالثة مف إتفاقية أنتر –أمريكاف‬
‫المبرمة بباناما سنة ‪ ،1975‬كالفقرة اﻷكلى مف المادة السابعة مف اﻹتفاقية اﻷكربية لمتحكيـ التجارم الدكلي المبرمة بجنيؼ سنة‬
‫‪ ،1961‬كىناؾ أيضا المادة ‪ 38‬مف الئحة التحكيـ الخاصة بالمجنة االقتصادية اﻷكربية التابعة لألمـ المتحدة المؤرخة في يناير‬
‫مف سنة ‪.1966‬‬
‫‪ -5‬راجع نفس المرجع ‪ ،‬ص ‪.163‬‬

‫‪106‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫كالعادات كما جرل عميو التعامؿ بيف الطرفيف‪ ،‬كاذا اتفؽ طرفا التحكيـ صراحة عمى تفكيض‬
‫ىيئة التحكيـ صفة كسطاء بالتراضي تفصؿ الييئة في ىذه الحالة في مكضكع النزاع بناء عمى‬
‫قكاعد العدالة كاﻹنصاؼ دكف التقيد بالقانكف"‪.‬‬

‫في أف لمييئة‬ ‫كيمكف إبداء جممة مف المالحظات عمى ىذا الفصؿ تصب كميا‬
‫التحكيمية الحرية الكاممة في إختيارالقانكف الكاجب التطبيؽ عمى المكضكع‪ ،‬كالتي نكردىا عمى‬
‫الشكؿ التالي‪:‬‬

‫فأول ىذه المالحظات‪ ،‬أف ىيئة التحكيـ تحضى بيذه الصالحيات في كؿ مف التحكيـ‬
‫الداخمي كالتحكيـ الدكلي ‪,‬لككف ىذا الفصؿ قد جاء بصيغة عامة‪.‬‬

‫ثاناي‪ ،‬أف ىذا الفصؿ ذكر عبارة "القكاعد القانكنية" كليس عبارة "النصكص القانكنية"‪،‬‬
‫بحيث إف اﻷكلى أشمؿ كأكسع مف الثانية‪ ،‬لذا فإف ىذه الييئة ال تتقيد بإختيار النصكص‬
‫القانكنية فقط‪ ،‬كانما يسرم إختيارىا عمى المكائح التحكيمية لمراكز التحكيـ كاﻷعراؼ كالعادات‬
‫التجارية كالسكابؽ التحكيمية أيضا‪.‬‬

‫ثالثا‪ ،‬أف المشرع قيد حرية الييئة التحكيمية عند إختيارىا لمقانكف الكاجب التطبيؽ‬
‫بضركرة إعتمادىا لمقكاعد المكضكعية اﻷكثر إتصاال بالنزاع‪ ،‬كىذا ما يتكقؼ بالدرجة اﻷكلى‬
‫عمى كفاءة ىذه الييئة كخبرتيا ‪ ,‬كيعد معيار تحديد القكاعد المكضكعية اﻷكثر إتصاال بالنزاع‬
‫معيا ار مكضكعيا ال شخصيا‪ ،‬إذ يعتمد في ذلؾ عمى تعييف الييئة التحكيمية لما تراه قكاعد ليا‬
‫إرتباط بالنزاع حسب طبيعة ىذا اﻷخير‪ ،‬ىذا عمما أف ىذه القكاعد قد تختمؼ بإختالؼ النظـ‬
‫القانكنية(‪.)1‬‬

‫رابعا‪ ،‬كجكب مراعاة ىيئة التحكيـ لشركط العقد مكضكع النزاع‪ ،‬ككذا لألعراؼ التجارية‬
‫كالعادات كما جرل عميو التعامؿ بيف الطرفيف‪ ،‬ىذا فضال عف منع الييئة التحكيمية مف الفصؿ‬
‫في النزاع بناء عمى قكاعد العدالة كاﻹنصاؼ إال إذا أتفؽ اﻷطراؼ عمى ذلؾ‪.‬‬

‫انفمزح انثبَ‪ٛ‬خ‪ :‬طالح‪ٛ‬خ إَٓبء يسطزح انتحك‪ٛ‬ى‬

‫‪ -1‬كىذا ما ذىب إليو المشرع الفرنسي أيضا في المادة ‪ 1496‬مف قانكف المرافعات‪.‬‬

‫‪107‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫لقد أفرد قانكف ‪ 08 -05‬فصال خاصا يقضي بمنح ىيئة التحكيـ صالحية إنياء‬
‫مسطرة التحكيـ‪ ،‬كيتحقؽ ذلؾ في حالتاف اثنتاف‪ ،‬أكليما ترجع ﻹرادة اﻷطراؼ بينما تبقى الحالة‬
‫الثانية مف اختصاص الييئة التي يمكف أف تأمر بيا مف تمقاء نفسيا ‪ .‬كيتعمؽ اﻷمر ىنا بالفصؿ‬
‫‪ 327 – 19‬الذم نص عمى أنو‪ " :‬تنيي الييئة التحكيمية مسطرة التحكيـ إذا اتفؽ اﻷطراؼ‬
‫خالليا عمى حؿ النزاع كديا‪.‬‬

‫كىؾذا ؼبناء عمى طمب مف اﻷطراؼ تثبت الييئة التحكيمية إنتياء المسطرة بكاسطة‬
‫حكـ تحكيمي يصدر بإتفاؽ اﻷطراؼ‪ ،‬كيككف ليذا الحكـ نفس اﻷثر المترتب عمى أم حكـ‬
‫تحكيمي آخر صادر في جكىر النزاع‪.‬‬

‫كقد تأمر الييئة التحكيمية بإنياء المسطرة عندما يتبيف ليا أف متابعة مسطرة التحكيـ‬
‫أصبحت ﻷم سبب مف اﻷسباب غير جدية أك غير ممكنة"‪.‬‬

‫كأىـ ما يمكف إبدا ءق في ىذا المكضكع ىك أف لألطراؼ اﻹتفاؽ عمى حؿ نزاعاتيـ‬


‫بشكؿ كدم دكف اﻹسترساؿ في مسطرة التحكيـ‪ ،‬كذلؾ إحتراما لمبدأ العقد شريعة المتعاقديف‪،‬‬
‫كىذا ما يجعؿ ىيئة التحكيـ ممزمة باﻹعالف عف إنتياء مسطرة التحكيـ الجارية أماميا‪.‬‬

‫إال أف اﻹشكاؿ القانكني الذم يبرز في ىذا الصدد ىك الكيفية التي سيصاغ فييا ىذا‬
‫الحؿ الكدم؟ ﻷف المشرع لـ ينص في الفصؿ أعاله عمى قالب معيف ليذا الحؿ‪ ,‬كالصمح مثال‪.‬‬
‫لذلؾ فإف الفقرة الثانية مف الفصؿ ‪ 327-19‬لـ تعالج ىذا اﻹشكاؿ‪ ,‬كانما اكتفت بتنظيـ الكيفية‬
‫التي يجب أف تسمكيا ىيئة التحكيـ مف أجؿ إنياء المسطرة فقط (‪.)1‬‬

‫فبعد تحميؿ ىذه الفقرة يتضح لنا أف المشرع لـ ينص عمى ضركرة تثبيت الييئة‬
‫التحكيمية لمحؿ الكدم في الحكـ التحكيمي لكنو اقتصر فقط عمى كجكب بياف أسباب إنتياء‬
‫اﻷمر بشكؿ دقيؽ بمقتضى‬ ‫مسطرة التحكيـ‪ ،‬كذلؾ بخالؼ المشرع المصرم الذم عالج ىذا‬

‫‪ -1‬كيرجع أساسنا في ذلؾ إلى تنصيص المشرع عمى المقتضيات التالية‪:‬‬


‫" ‪ ...‬بناء عمى طمب مف أحد اﻷطراؼ تثبت الييئة التحكيمية إنتياء المسطرة بواسطة حكم تحكيمي يصدر بإتفاؽ اﻷطراؼ‬
‫‪."....‬‬

‫‪108‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫المادة ‪ 41‬مف قانكف التحكيـ لسنة ‪ ،1994‬إذ ألزـ ىذه اؿىيئة بتضميف حكميا شركط التسكية‬
‫الكدية ال فقط اﻹشارة إلى إنياء اﻹجراءات(‪.)1‬‬

‫‪ 327-19‬أعاله‪،‬‬ ‫كيمكف القكؿ أنو بالرغـ مف القصكر القانكني الذم يكتنؼ الفصؿ‬
‫فإف إرادة المشرع كانت تتجو ىي اﻷخرل إلى تضميف الحكـ التحكمي شركط التسكية الكدية‬
‫لمنزاع التي اتفؽ عمييا اﻷطراؼ سابقا‪ ،‬كما يعزز ىذا المكقؼ ىك تمتيع المشرع ىذا الحكـ‬
‫بنفس اﻷثر القانكني المترتب عمى أم حكـ تحكيمي صادر في مكضكع النزاع‪ ،‬بما في ذلؾ‬
‫الطعف بالبطالف(‪.)2‬‬

‫أما عف المرحمة التي يتـ فييا إصدار مثؿ ىذا الحكـ التحكيمي فإنيا تبقى خاضعة‬
‫ﻹرادة اﻷطراؼ في أم مرحمة كصمت إلييا مسطرة التحكيـ إلى حيف إدخاؿ القضية في‬
‫المداكالت(‪ .)3‬كبخصكص السمطة التقديرية لمييئة التحكيمية في مدل قبكليا ﻹتفاؽ اﻷطراؼ‬
‫المتعمؽ بإنياء النزاع كديا مف عدمو‪ ،‬فنرل ككنيا ممزمة دائما بو حفاظا عمى إستم اررية التعامؿ‬
‫فيما بيف ىؤالء اﻷطراؼ‪.‬‬

‫‪ -1‬كتنص المادة ‪ 41‬عمى ما يمي‪:‬‬


‫"إذا أتفؽ الطرفاف خالؿ إجراءات التحكيـ عمى تسكية النزاع كاف ليما أف يطمبا إثبات شروط التسوية أمام ىيئة التحكيم التي‬
‫يجب عمييا في ىذه الحالة أن تصدر ق ار ار يتضمن شروط التسوية وينيي اإلجراءات كيككف ليذا القرار ما ﻷحكاـ المحكميف‬
‫مف قكة بالنسبة لمتنفيذ"‪.‬‬
‫‪1985‬كالتي استمد منيا الفصؿ ‪-19‬‬ ‫‪ -2‬كىذا ما جاءت بو المادة ‪ 20‬مف القانكف النمكذجي لمتحكيـ التجارم الدكلي لسنة‬
‫‪ ،327‬إذ تقضي بما يمي‪:‬‬
‫" ‪ -1‬إذا اتفؽ الطرفاف مف خالؿ إجراءات التحكيـ عمى تسكية النزاع فيما بينيما كاف عمى ىيئة التحكيـ أف تنيي اﻹجراءات‬
‫كأف تثبت التسكية بناء عمى طمب الطرفيف كعدـ اعتراضيما في صكرة قرار تحكيـ بشركط متفؽ عمييا‪.‬‬
‫‪ -2‬إف قرار التحكيـ بشركط متفؽ عمييا يجب أف يصدر كفقا ﻷحكاـ المادة ‪ ،21‬كينص فيو عمى أنو قرار تحكيـ‪ ،‬كيككف ليذا‬
‫القرار نفس الصفة كنفس اﻷثر الذم ﻷم قرار تحكيـ آخر يصدر في مكضكع الدعكل"‪.‬‬
‫كنفس المقتضيات نصت عمييا مجمكعة مف لكائح مؤسسات التحكيـ المنتشرة عبر العالـ‪ ،‬نذكر منيا الئحة التحكيـ الدكلي‬
‫لجمعية التحكيـ اﻷمريكية ( ‪ )A.A.A‬في الفقرة اﻷكلى مف المادة ‪ ،30‬كالئحة تحكيـ غرفة التجارة الدكلية بباريس المعدلة سنة‬
‫‪ ،1998‬إذ نصت المادة ‪ 26‬أنو‪ " :‬إذا تكصؿ اﻷطراؼ إلى إتفاؽ‪ ،‬بعد استالـ محكمة التحكيـ بالممؼ كفقا لممادة ‪ 13‬فإنو بناء‬
‫عمى طمب اﻷطراؼ كمكافقة محكمة التحكيـ يتـ إثبات ذلؾ في حكـ يصدر بإتفاؽ اﻷطراؼ"‪.‬‬
‫‪ -3‬أنظر في ىذا الصدد أحمد عبد الكريم سالمة‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص ‪.977‬‬

‫‪109‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫كما تجدر اﻹشارة إلى أف المشرع المغربي قد أجبر الييئة التحكيمية عمى إنياء‬
‫مسطرة التحكيـ كمما أصبحت ىذه اﻷخيرة غير مجدية أك غير ممكنة‪.‬كىذا ما نصت عميو الفقرة‬
‫اﻷخيرة مف الفصؿ ‪:327-19‬‬

‫" ‪ ...‬تأمر الييئة التحكيمية بإنياء المسطرة عندما يتبيف ليا أف متابعة مسطرة التحكيـ‬
‫أصبحت ألي سبب من األسباب غير مجدية أو غير ممكنة"‪.‬‬

‫بينما قضت بعض التشريعات المقارنة بإخضاع ىذا اﻷمر إلى السمطة التقديرية لمييئة‬
‫التحكيمية‪ ،‬كىذا ما سار عميو المشرع المصرم في الفقرة اﻷكلى مف المادة ‪:48‬‬

‫" تنتيي إجراءات التحكيـ‪ ...‬بصدكر قرار مف ىيئة التحكيـ بإنتياء اﻹجراءات في‬
‫اﻷحكاؿ اآلتية‪:‬‬

‫ج‪ -‬إذا رأت ىيئة الحكيـ ﻷم سبب آخر عدـ جدكل إستمرار إجراءات التحكيـ أك‬
‫إستحالتو"(‪.)1‬‬

‫كلقياـ الييئة التحكيمية بإصدار أمرىا بإنياء مسطرة التحكيـ يجب تحقؽ اﻷسباب التي‬
‫تجعؿ اﻹستمرار في ىذه المسطرة غير مجدم أك غير ممكف‪ ،‬كمثاؿ ذلؾ أف يتبيف لييئة‬
‫التحكيـ أف النزاع المعركض عمى أنظارىا ال يدخؿ في إختصاصيا‪ ،‬أك أف إتفاؽ التحكيـ‬
‫أصبح باطال لسبب مف اﻷسباب‪.‬‬

‫اَستشارة اﻷطراؼ قبؿ‬ ‫كما يعاب عمى المشرع المغربي أنو لـ يمزـ ىيئة التحكيـ ب‬
‫إصدارىا ليذا اﻷمر‪)2( ،‬ﻷف منحيـ فرصة اﻹدالء بمستنتجاتيـ قد يغير مجرل مسطرة التحكيـ‪.‬‬

‫خر إلى أف إصدار الييئة التحكيمية ﻷمر إنياء المسطرة سيؤدم منذ ذلؾ‬
‫كنشير أ ا‬
‫الحيف إلى منعيا مف إتخاذ أم إجراء أك قبكؿ ﻷم طمب مقدـ مف قبؿ اﻷطراؼ‪ ،‬ما عدا تمؾ‬
‫الطمبات المرتبطة بتفسير أك تصحيح ىذا اﻷمر‪.‬‬

‫‪ -1‬كقد نصت الفقرة الثانية مف المادة ‪ 32‬مف القانكف النمكذجي لمتحكيـ التجارم الدكلي عمى نفس المقتضيات‪.‬‬
‫‪ -2‬كىذا ما ذىبت عميو قكاعد اﻷكنستراؿ لسنة ‪ ،1976‬حيث جاء في الفقرة الثانية مف المادة ‪ 34‬عمى ما يمي‪:‬‬
‫" إذا حدث قبؿ صدكر قرار التحكيـ أف صار اﻹستمرار في إجراءات التحكيـ عديـ الجدكل أك مستحيال ﻷم سبب غير ما ذكر‬
‫في الفقرة ( ‪ )1‬كجب أف تخطر ىيئة التحكيـ الطرفيف ‪ ،‬تخبرىما عمى إصدار قرار بإنياء اإلجراءات ‪ ،‬كلييئة التحكيـ سمطة‬
‫إصدار مثؿ ىذا القرار إال إذا اعترض عمى إصداره أحد الطرفيف ﻷسباب جدية"‪.‬‬

‫‪110‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬تدعيم ضمانات اﻷطراف في مواجهة الهيئة التحكيمية‬


‫يعد الحياد كاحد مف بيف أىـ اﻹلتزامات الممقاة عمى عاتؽ أعضاء الييئة التحكيمية (‪،)1‬‬
‫فكؿ إخالؿ بو سيؤدم إلى مطالبة الطرؼ المتضرر ببطالف المقرر التحكيمي الصادر عنيـ‪.‬‬

‫كاذا كاف المشرع المغربي قد نص في ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ عمى جكاز تجريح الييئة التحكيمية في‬
‫‪،08 -05‬‬ ‫حالة عدـ إحتراميا ليذا المبدأ‪ ،‬فإنو زاد مف تدعيـ ىذه الضمانة في إطار قانكف‬
‫بحيث نظـ ﻷكؿ مرة المسطرة القانكنية المتبعة لتجريحيا ‪,‬كذلؾ تفعيال لحماية اﻷطراؼ مف‬
‫التجاكزات التي قد تصدر عنيا ( المطمب األول )‪ ،‬كادراكا منو ﻷىمية حقكؽ ىؤالء اﻷطراؼ‬
‫اتجاه ىذه الييئة بما فييا حقيـ في المجكء إلى محكميف ذك كا كفاءة عالية‪ ،‬فإنو أقر في ىذا‬
‫المطمب‬ ‫القانكف أيضا أحقيتيـ في إقالة كؿ محكـ لـ تتكافر فيو الشركط المتفؽ عمييا مسبقا (‬
‫الثاني)‪.‬‬

‫انًطهت األٔل‪ :‬ػًبَخ تجز‪ٚ‬ح انٓ‪ٛ‬ئخ انتحك‪ًٛٛ‬خ‬


‫تعد إمكانية تجريح الييئة التحكيمية إحدل الضمانات اﻷساسية المخكلة لمخصكـ مف‬
‫أجؿ تفادم تجاكزاتيا المحتممة‪ ،‬فال يجكز إفتراض تنازؿ المحتكميف عنيا‪.‬‬

‫كيقصد بتجريح ىذه الييئة‪ ،‬أف يعبر أحد اﻷطراؼ في خصكمة التحكيـ عف إرادتو في‬
‫عدـ اﻹمثتاؿ أماـ محكـ معيف في قضية معينة لتكافر إحدل أسباب التجريح التي ذكرىا‬
‫القانكف‪ ،‬كطبقا لمشركط كاﻹجراءات المحددة قانكنا (‪ .)2‬لذا فإف تفعيؿ ىذه الضمانة يتطمب تكفر‬

‫‪ -1‬راجع د‪.‬عزيز الفتح‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص ‪.162‬‬


‫‪ -2‬أنظر د‪.‬ميند أحمد الصنوري ‪ ،‬دكر المحكـ في خصكمة التحكيـ الدكلي الخاص‪ ،‬دراسة مقارنة ﻷحكاـ التحكيـ التجارم‬
‫الدكلي في غالبية التشريعات العربية كاﻷجنبية كاﻹتفاقيات كالمراكز الدكلية‪ ،‬دار الثقافة لمنشر كالتكزيع‪ ،‬طبعة ‪ ،2005‬ص‪201‬‬
‫كما بعدىا‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫ضكابط محددة‪ ،‬السيما المتعمقة منيا بإجراءات تقديـ طمب التجريح (الفقرة اﻷكلى)‪،‬التي عالجيا‬
‫المشرع في قانكف ‪( 08 -05‬الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫انفمزح األٔنٗ‪ :‬ػٕاثؾ تمذ‪ٚ‬ى ؽهت تجز‪ٚ‬ح ْ‪ٛ‬ئخ انتحك‪ٛ‬ى‬


‫(‪)1‬‬
‫كجو مف كجكه ممارسة حؽ التقاضي‪ ،‬بؿ أكثر مف ذلؾ‬ ‫يعتبر نظاـ تجريح المحكـ‬
‫فيناؾ مف يعتبره مف الضمانات الجكىرية التي يتعيف تكفرىا ﻷطراؼ النزاع (‪ ،)2‬في حيف اعتبره‬
‫آخركف حقا مف حقكؽ الدفاع(‪.)3‬‬

‫كيحؽ لممحكـ أف يستغؿ ىذا النظاـ تمقائيا لحماية نفسو كذلؾ كمما أستشعر كجكد ما‬
‫يمكف أف يمس نزاىتو ككرامتو‪،‬عمى إعتبار أنيما الميزتاف الكحيدتاف المتاف تككناف رصيده‬
‫المعنكم الذم يعكؿ عميو في أداء ميامو التحكيمية بكؿ حياد‪.‬‬

‫كمف اَثار تجريح المحكـ إبعاده عف اؿنظر في مكضكع النزاع‪ ،‬كيتطمب تحريؾ مسطرة‬
‫تجريحو ىاتو البحث أكال عف القانكف الكاجب التطبيؽ عمى ىذه المسطرة‪،‬ك الذم غالبا ما يككف‬
‫ىك نفس القانكف المطبؽ عمى إجراءات التحكيـ‪.‬‬

‫كتظير أىمية ىذا القانكف في تحديد أسباب التجريح ك كذا النطاؽ الشخصي ليذا‬
‫التجريح أم مف لو حؽ ممارستو‪ .‬كما أنو يعيف أيضا الجية القضائية المختصة في نظر ىذا‬
‫التجريح‪ ،‬ليقكـ أخي ار بحصر اآلثار القانكنية المترتبة عف قبكؿ طمب التجريح مف عدمو‪.‬‬
‫كتضع القكانيف عادة عدة ضكابط لتقديـ طمب التجريح ( ‪ )4‬لكي ال يتخذ أحد اﻷطراؼ‬
‫مف ىذه الضمانة كسيمة لتعطيؿ مسطرة التحكيـ‪ ،‬أك لمرغبة في المماطمة كالضغط عمى الطرؼ‬
‫اآلخر في الخصكمة(‪ ،)5‬كليذا السبب قضى المشرع المغربي في الفصؿ ‪ 322‬مف قانكف ‪– 05‬‬
‫‪ 08‬عمى ما يمي‪:‬‬

‫‪ -1‬بالفرنسية‪Récusation de l’arbitre :‬‬


‫‪ -2‬راجع في ىذا الصدد د‪.‬أحمد عبد الكريم سالمة‪ ،‬ـ‪.‬س‪ ،‬ص ‪.724‬‬
‫‪ -3‬أنظر في ىذا الباب د‪.‬ىدى حمدي عبد الرحمان‪ ،‬ـ‪.‬س ‪ ،‬ص ‪186‬‬
‫‪ -4‬كيقابؿ مصطمح "التجريح" في اﻷنظمة القانكنية العربية المشرقية مصطمح "الرد"‪.‬‬
‫‪ -5‬كتجدر اﻹشارة إلى أف القضاء المقارف يتشدد جدا في اﻹستجابة لطمبات تجريح المحكميف‪ ،‬كمثاؿ ذلؾ القضاء اﻷمريكي‬
‫الذم تكاثر عمى رفض طمبات التجريح بالرغـ مف كجكد اﻷسباب التي تجيزه كىذا ما أنتيت إليو محكمة االستئناؼ اﻷمريكية‬
‫مف رفض رد أك تجريح المحكـ رغـ ثبكت أنو كاف محاميا ﻷحد الخصكـ كلـ يفصح عف ذلؾ‪.‬‬
‫راجع ىذه القضية‪:‬‬
‫‪Sonkos LTDVV . cook industries inc, 495 F. 2 d 1206.2D.‬‬
‫‪Sirc 1973 <Mrerit Insurance cov leatherly insurance‬‬
‫‪Co, 417 F 2 d 673, 1983‬‬

‫‪112‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫" ال يجكز ﻷم مف طرفي التحكيـ تجريح محكـ إال لسبب ط أر أك اكتشؼ بعد‬
‫تعيينو"(‪.)1‬‬

‫كبذلؾ فإذا كاف أحد اﻷطراؼ عالما بكجكد سبب مف أسباب تجريح المحكـ قبؿ تعييف‬
‫ىذا اﻷخير‪ ،‬فإنو ال مستفيد مف مسطرة التجريح‪ ،‬ﻷف فرضية سكء نيتو كاردة فمك أراد أف يجرح‬
‫ىذا المحكـ لكاف قد فعؿ ذلؾ قبؿ البد ء في مسطرة التحكيـ‪ .‬كبيذه المقتضيات يككف المشرع قد‬
‫أقفؿ ىذه الثغرة حتى ال تستغؿ مف أجؿ تطكيؿ إجراءات التحكيـ‪ .‬كنفس اﻹتجاه سمكو كؿ مف‬
‫القانكف الفرنسي في المادة ‪ 1642‬مف قانكف المرافعات الجديد‪ ،‬كالقانكف السعكدم في المادة‬
‫‪ ،13‬كالقانكف السكيسرم في الفقرة الثانية مف المادة ‪ ،180‬إذ أف ىذه القكانيف لـ تجز تجريح‬
‫المحكـ إال لسبب ظير بعد تعييف ىذا اﻷخير‪.‬‬

‫كىكذا فإف مشاركة أحد الخصكـ في تعييف المحكـ ال يحكؿ دكف إمكانية طمب تجريحو‬
‫الحقا ﻷسباب لـ يعمـ بيا في حينو‪ ،‬أك ﻷنيا لـ تحدث إال في كقت الحؽ عمى ىذا التع ميف‪.‬‬

‫أما فيما يتعمؽ بأسباب تجريح المحكـ‪ ،‬فإف ىناؾ مف الفقو مف يستحسف تمؾ القكانيف‬
‫كالمكائح التحكيمية التي لـ تعمؿ عمى تحديدىا (‪ ،)2‬مفضال ترؾ ىذه الصالحية ﻹرادة أطراؼ‬
‫النزاع(‪ ،)3‬كذلؾ تحت الرقابة الفعمية لمقضاء‪.‬كقد بنى مكقفو ىذا عمى عدة أسباب أىميا ما يمي‪:‬‬

‫كنفس المكقؼ تشبثت بو محكمة اﻹستئناؼ بباريس في حكميا الصادر في ‪ 12‬غشت ‪, 1981‬إذ رفضت تجريح المحكـ رغـ‬
‫كجكد سبب لمتجريح‪.‬‬
‫راجع مجمة التحكيـ ‪ ،,1981‬ص ‪.83‬‬
‫ىذه اﻷحكاـ مذككرة في مرجع ىدى محمد مجدي عبد الرحمان‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص ‪.186‬‬
‫‪ 18‬مف قانكف التحكيـ الجديد‪ ،‬كالتي جاءت‬ ‫‪-1‬كنفس المقتضيات نص عمييا المشرع المصرم في الفقرة الثانية مف المادة‬
‫كالتالي‪:‬‬
‫" اليجكز ﻷم مف طرفي التحكيـ رد المحكـ الذم عينو أك اشترؾ في تعيينو إال لسبب تبين بعد أن يتم ىذا التعيين"‪.‬‬
‫كتطبيقا ليذا النص القانكني قضت محكمة النقض المصرية أفق‪:‬‬
‫" رد المحكـ كجكب تقديـ طمب بو سكاء في الحاالت التي يجكز فيىا رده أك تمؾ التي يعتبر بسببيا غير صالح لمحكـ‪ ...‬أن‬
‫‪ 1736‬لسنة ‪ 51‬قضائية‪ ،‬جمسة‬ ‫" ممؼ نقض مدني‪ ،‬الطعف رقـ‬ ‫يكون بسبب حدث أو ظير بعد إبرام وثيقة التحكيم‬
‫‪ ،1985/4/23‬مجمكعة النقض أحكاـ سنة ‪ ،1985‬طبعة ‪ ،1990‬القاعدة رقـ ‪ ،136‬ص ‪ ،653‬مذككر في مرجع د‪ .‬ميند‬
‫الصانوري‪ ،‬ـ‪.‬س‪ ،‬ص ‪.204‬‬
‫‪ -2‬راجع د‪.‬أحمد عبد الكريم سالمة‪ ،‬ـ‪.‬س‪ ،‬ص ‪.727‬‬
‫‪ -3‬ىناؾ مف التشريعات المقارنة مف اعتبر عدـ تكافر المحكـ عمى المؤىالت التي يتطمبيا اﻷطراؼ سببا لتجريحو‪ ,‬كىذا ما‬
‫نصت عميو المادة ‪ 180‬الفقرة اﻷكلى مف القانكف السكيسرم (القانكف الدكلي الخاص‬

‫‪113‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫أوال‪ :‬تعذر حصر أسباب تجريح المحكميف بخالؼ القضاة الذيف يمكف تحديد أسباب‬
‫تجريحيـ لككنيـ يتقمدكف كظيفة عامة دائمة‪ ،‬كﻹعتبار ككف القانكف الذم يخضعكف إليو يحظر‬
‫عمييـ ممارسة أم نشاط آخر يمكف أف تنشأ معو مصالح أك عالقات تتعارض أك تتكافؽ مع‬
‫مصالح الغير‪ ،‬بينما المحكمكف يعتبركف أشخاصا عاديكف ليـ أعماليـ كمصالحيـ المينية‬
‫الخاصة بما فييا ارتباطاتيـ المالية كالتجارية مع الغير‪ ،‬كبالتالي فال يمكف أف يتـ حصر أكجو‬
‫الضعؼ التي يمكف أف تتسرب إلى نفكسيـ‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬احتماؿ سكء تقدير الطرؼ المتنازع في إختيار محكمو‪ ،‬بحيث أنو قد يختار‬
‫محكما ال يعمـ أنو كاف في كقت سابؽ مقربا مف خصمو كذلؾ بصفتو مستشاره القانكني أك‬
‫ككيمو ‪ ...‬كفي ىذه الحالة يجب تمكينو مف تصحيح اختياره الخاطئ ‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬ككف نظاـ التجريح ال يعد مف النظاـ العاـ‪ ،‬كبالتالي فإف القانكف بتحديده ﻷسباب‬
‫ىذا التجريح سيككف قد تطاكؿ عمى حؽ مف حقكؽ اﻷطراؼ الذم يحميو مبدأ سمطاف اﻹرادة‬
‫كال سيما الطرؼ طالب التجريح‪ ،‬فإف شاء تمسؾ بحقو في التجريح‪ ،‬كاف شاء امتنع عف ذلؾ(‪.)1‬‬

‫كيمكف القكؿ أف ىناؾ اختالفا تاما بيف اﻷنظمة القانكنية في كضعيا لضكابط مكحدة‬
‫إذا كاف أغمبيا عمى العمكـ قد أعترؼ لألطراؼ بضمانة‬
‫لتقديـ طمب تجريح الييئة التحكيمية‪ .‬ؼ‬
‫‪ 08 -05‬؟ ىذا ما سكؼ‬ ‫تجريح المحكميف‪ ،‬فكيؼ عالجيا المشرع المغربي في إطػار قانكف‬
‫ندرسو في الفقرة الثانية مف ىذا المطمب‪.‬‬

‫انفمزح انثبَ‪ٛ‬خ‪ :‬تُظ‪ٛ‬ى انًشزع انًغزث‪ ٙ‬إلجزاءاد تجز‪ٚ‬ح انٓ‪ٛ‬ئخ‬


‫انتحك‪ًٛٛ‬خ‪:‬‬
‫لقد خصص المشرع المغربي في القانكف الجديد عدة مقتضيات تيـ تنظيـ مسطرة‬
‫تجريح المحكميف‪ ،‬كيتعمؽ اﻷمر بالفصكؿ ‪ 322‬ك ‪ 323‬ك ‪ 327 -7‬ك ‪.327 -8‬‬

‫كاذا كانت التشريعات المقارنة لـ تتكسع في النص عمى أسباب تجريح المحكميف‪ ،‬فإف‬
‫المشرع المغربي بالمقابؿ قد تعامؿ مع مسطرة تجريحيـ بنفس الصرامة التي نيجيا في مسطرة‬

‫‪« A -…. If he does not meet the qualifications a greed up on by the parties ».‬‬
‫‪« B-…If groud for challenge sexists under the rules of arbitration a greed upon by the panties ».‬‬
‫‪ -1‬راجع نفس المرجع ‪ ،‬ص ‪.728‬‬

‫‪114‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫كاف أكثر قساكة في تحديده لحاالت تجريح‬ ‫تجريح القضاة‪ ،‬بؿ نجده في بعض اﻷحياف‬
‫المحكميف بعكس بعض القكانيف المقارنة‪ -‬كما قمنا‪ -‬كالتي ضيقت مف ىاتو الحاالت بحسباف‬
‫أف اﻷمر يتعمؽ بقضاء خاص يختار أطرافو قانكنو كقضاتو‪ ،‬كأيضا لككف التشريعات الميتمة‬
‫بالتحكيـ تتجو في العالـ بأسره عمى المنيج اﻷنجمكسكسكني الذم يتكخى النتائج دكف الكقكؼ‬
‫كثي ار عند اﻹجراءات كالضمانات(‪.)1‬‬

‫كىكذا فإف المشرع المغربي قد حدد تسعة حاالت يمكف بتحقؽ إحداىا أف يحرؾ أحد‬
‫اﻷطراؼ مسطرة التجريح ضد المحكـ المعني باﻷمر (‪ .)2‬كقد أشار إلييا في الفصؿ ‪ 323‬مف‬
‫قانكف ‪, 08-05‬كذلؾ عمى النحك التالي‪:‬‬

‫"يمكف تجريح المحكـ إذا‪:‬‬

‫‪ -1‬صدر في حقو حكـ نيائي باﻹدانة مف أجؿ إرتكاب أحد اﻷفعاؿ المبينة في‬
‫الفصؿ ‪ 320‬أعاله؛‬

‫‪ -2‬كانت لو أك لزكجو أك ﻷصكلو أك لفركعو مصمحة شخصية مباشرة أك غير مباشرة‬


‫في النزاع؛‬

‫‪ -3‬كانت قرابة أك مصاىرة تجمع بينو أك زكجو كبيف أحد اﻷطراؼ إلى درجة أبناء‬
‫العمكمة اﻷشقاء؛‬

‫‪ -4‬كانت ىناؾ دعكل جارية أك دعكل منتيية في أقؿ مف سنتيف بيف أحد اﻷطراؼ‬
‫كالمحكـ أك زكجو أك أحد اﻷصكؿ أك الفركع‪،‬‬

‫‪ -1‬ﻷ ف المتقاضيف أماـ القضاء يمكف أف يتخذكا مف مسطرة تجريح القضاة كسيمة مف كسائؿ الكيد في الدعكل قصد تعطيؿ‬
‫الفصؿ في النزاع كذلؾ في حالة ما إذا استشعر أحدىـ أف الحكـ المرتقب لف يصدر لصالحو‪.‬أما قضاء التحكيـ فإنو غالبا ما‬
‫يككف خصكمو مف نكع خاص معظميـ مف اﻷشخاص المعنكية الخاصة أذ ما ييميـ في المقاـ اﻷكؿ ىك حؿ النزاع المعركض‬
‫عمى ىيئة التحكيـ‪,‬فضال عمى أف الدفاع الذم ينتصب أماـ ىذه الييئات يككف عادة مف كبار المحاميف‪ ،‬كالذيف يفضمكف‬
‫استبعاد مسألة تجريح المحكميف لتأثيرىا عمى النزاع‪ ،‬باستثناء بعض الحاالت اؿنادرة‪.‬‬
‫‪ -2‬كقد منح المشرع إمكانية التجريح لممحكـ أيضا كذلؾ مف أجؿ تجريح نفسو‪ ،‬حيث نص في الفصؿ ‪ 327 -7‬مف القانكف‬
‫رقـ ‪ 08 -05‬عمى ما يمي‪:‬‬
‫" يتعيف عمى المحكـ الذم يعمـ بكجكد أحد أسباب التجريح في نفسو أف يشعر اﻷطراؼ بذلؾ‪ ،‬كفي ىذه الحالة ال يجكز لو‬
‫قبكؿ ميمتو إال بعد مكافقة اﻷطراؼ"‪.‬‬
‫ال يمكف ﻷحدىـ بعدىا أف‬ ‫لذا فإف قبكؿ اﻷطراؼ لميمة المحكـ بالرغـ مف كجكد سبب مف أسباب تجريحو يعممكنو مسبقا ‪ ،‬ؼ‬
‫يسمؾ مسطرة التجريح لنفس السبب ‪.‬‬

‫‪115‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫‪ -5‬كاف المحكـ دائنا أك مدينا ﻷحد اﻷطراؼ؛‬

‫‪ -6‬سبؽ أف خاصـ أك مثؿ غيره أك حضر كشاىد في النزاع‪,‬‬

‫‪ -7‬تصرؼ بكصفو الممثؿ الشرعي ﻷحد اﻷطراؼ‪,‬‬

‫‪ -8‬كانت تكجد عالقة تبعية بيف المحكـ أك زكجة أك أصكلو أك فركعو كبيف أحد‬
‫اﻷطراؼ أك زكجو أك أصكلو أك فركعو‪.‬‬

‫‪ -9‬كانت صداقة أك عداكة بادية بينو كبيف أحد اﻷطراؼ‪"... .‬‬

‫اَستيؿ‬ ‫كنعتقد أف ىذه الحاالت قد جاءت عمى سبيؿ الحصر بدليؿ أف ىذا الفصؿ قد‬
‫بعبارة "يمكن تجريح المحكم إذا‪ .)1(" ..:‬كذلؾ تعزي از لفرص نجاح مسطرة التحكيـ‪ ،‬كاضعافا لكؿ‬
‫المحاكالت الكيدية التي قد تيدؼ إلى زعزعة عمؿ الييئة التحكيمية (‪.)2‬كعميو فإف ىذه الحاالت‬
‫اليجكز التكسع فييا أك القياس عمييا‪.‬‬

‫كاذا كاف المشرع قد إتبع أسمكب التحديد الحصرم لحاالت تجريح المحكـ‪ ،‬فإف المادة‬
‫(‪)3‬‬
‫‪ 10‬مف قكاعد التحكيـ التي كضعتيا لجنة اﻷمـ المتحدة لمقانكف التجارم الدكلي« ‪»Uncitral‬‬
‫لـ تنيج ىذا التحديد كانما أشارت فقط إلى جكاز تجريح المحكـ كمما قامت ظركؼ تثير شكككا‬
‫جدية حكؿ حياده كاستقاللو‪ ،‬كنفس المكقؼ سار عميو كؿ مف القانكف النمكذجي لمتحكيـ‬
‫التجارم " ‪ "Loi-type‬في مادتو الثانية عشر ( ‪ )12‬كالذم اعتمدتو لجنة اﻷمـ المتحدة بتاريخ‬
‫‪,1985 /6 /21‬ككذا المشرع المصرم في المادة ‪ 18‬مف قانكف التحكيـ رقـ ‪ 27‬الصادر سنة‬
‫‪.1994‬‬

‫"من بين األسباب التي‬ ‫‪ -1‬فإذا أراد المشرع أف يذكر ىذه اﻷسباب عمى سبيؿ المثاؿ ﻷستيؿ ىذا الفصؿ بالصيغة التالية‪:‬‬
‫يمكف تجريح المحكـ إذا‪."...:‬أما عف التخيير الذم ذكره في بداية الفصؿ "يمكف" فإنو يخص إرادة الخصكـ في إعماؿ مسطرة‬
‫التجريح مف عدمو فقط‪ ،‬كال عالقة لو بمسألة التخيير في أسباب التجريح‪.‬‬
‫‪-8 /327 -7 ( ،) 326 -325 – 324 -323‬‬ ‫‪ -2‬كالمالحظ أيضا أف اﻷحكاـ المتعمقة بالتجريح قد جاءت متفرقة ( ؼ‬
‫‪ )327‬لذا فقد طالب بعض الفقو تجميعيا في تسمسؿ كاحد‪.‬أنظر د‪.‬عزيز الفتح‪ ،‬ـ‪.‬س‪ ،‬ص ‪.163‬‬
‫‪ -3‬كالتي صدرت بتاريخ ‪.1976 /12 /5‬‬

‫‪116‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫ىذا عف أسباب التجريح‪ ،‬أما فيما يتعمؽ بالجية المختصة التي يقدـ ليا طمب ىذا‬
‫التجريح فقد حصرىا المشرع في مؤسسة رئيس المحكمة المختصة (‪.)1‬كحسنا فعؿ المشرع بتعيينو‬
‫ليذه الجية كذلؾ تفاديا لبعض اﻹشكاليات القانكنية التي سقطت فييا تشريعات أخرل‪ ،‬ككمثاؿ‬
‫عمييا نأخذ التشريع المصرم الذم نص في المادة ‪ 19‬مف قانكف التحكيـ الجديد عمى أف ىيئة‬
‫التحكيـ ىي التي تنظر في مسألة تجريح المحكـ‪ ،‬إال أنو لـ يتطرؽ إلى الحؿ في حالة تجريح‬
‫جميع المحكميف إضافة إلى إغفالو لكيفية نظر طمب التجريح فيما إذا كانت ىذه الييئة تتشكؿ‬
‫مف محكـ كاحد بعد مطالبة اﻷطراؼ بتجريحو‪ ،‬ىذا فضال عف عدـ تنظيمو لتمؾ الحالة التي‬
‫تككف فييا الييئة مشكمة مف ثالثة محكميف كتمت مطالبة تجريح كاحد منيـ‪ ،‬فإف ىذا اﻷخير ال‬
‫يمكنو مشاركة الييئة في إتخاذ القرار‪ ،‬مما تككف معو ىذه اﻷخيرة غير محترمة لقاعدة كترية‬
‫عدد المحكميف‪.‬‬

‫كنتيجة لذلؾ ‪,‬فقد تدخمت المحكمة الدستكرية العميا المصرية لتحسـ ىذه الخالفات‬
‫بكاسطة حكميا الصادر في ‪ ،)2(1999 /5/11‬كالتي قضت فيو بعدـ دستكرية الفقرة اﻷكلى مف‬
‫‪ 8‬لسنة ‪2000‬‬ ‫المادة ‪ 19‬المذككرة أعاله‪ .‬ىكذا تـ تعديؿ ىذه المادة بمكجب القانكف رقـ‬
‫كأصبح االختصاص بالفصؿ في طمب التجريح لممحكمة‪ ،‬إذ نصت عمى ما يمي‪:‬‬

‫" ‪ ...‬فإذا لـ يتنح المحكـ المطمكب رده خالؿ خمسة عشر يكما مف تاريخ تقديـ الطمب‬
‫يحاؿ بغير رسكـ إلى المحكمة المشار إلييا في المادة ( ‪ )9‬مف ىذا القانكف لمفصؿ فيو بحكـ‬
‫غير قابؿ لمطعف"‪.‬‬

‫ككما سبؽ القكؿ فإف المشرع المغربي قد أفرط في تحديد حاالت تجريح المحكميف‪،‬‬
‫كيظير ذلؾ مف خالؿ قيامو بالتكسع في بعضيا مقارنة بتمؾ المتعمقة بتجريح القضاة‪.‬‬
‫كلتكضيح ذلؾ نأخذ عمى سبيؿ المثاؿ الحالة الثانية المذككرة في الفصؿ ‪ 323‬كالتي تقضي بما‬
‫يمي‪:‬‬

‫" يمكف تجريح المحكـ إذا‪:‬‬

‫‪ -1‬كىك ما أتبعو المشرع الفرنسي أيضا في الفقرة الثانية مف المادة ‪ 1463‬مف قانكف المرافعات المدنية‪ ،‬كذلؾ تأكيدا منو لمطابع‬
‫القضائي ليذه المسألة التي يختص القضاء كحده في بحثيا كحميا‪.‬‬
‫‪ -2‬الدعكل رقـ ‪ 84‬لسنة ‪ ،1999‬قضية دستكرية‪.‬‬

‫‪117‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫‪...‬‬

‫‪ -2‬كانت لو أك لزكجو أك ألصولو أو لفروعو مصمحة شخصية مباشرة أك غير مباشرة‬


‫(‪)1‬‬
‫في النزاع ‪"...‬‬

‫بحيث إف المشرع قد أضاؼ عدة أشخاص إلى خانة أقارب المحكـ الممكف تجريحو‬
‫مف أجؿ إحتماؿ إستفادتيـ مف النزاع المعركض عميو‪ .‬كمف ىؤالء اﻷشخاص نذكر أصكلو‬
‫‪ 295‬مف ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ المتعمؽ‬ ‫كفركعو(‪ ،)2‬بخالؼ الحالة المماثمة التي ذكرىا المشرع في الفصؿ‬
‫(‪)3‬‬
‫بحاالت تجريح القضاة‪،‬إذ لـ يذكر أصكؿ كفركع القاضي المراد تجريحو‪.‬‬

‫كنرل أف المشرع كاف عميو أف ينيج عكس ىذا المكقؼ‪،‬ﻷف المحكميف يمكف اﻹتفاؽ‬
‫عمى تغييرىـ بإرادة اﻷطراؼ‪ ،‬بينما القضاة فال يجكز استبداليـ بإرادة المتقاضيف لككنيـ تابعيف‬
‫لمسمطة العامة لمدكلة‪ .‬كبذلؾ كاف عميو أف يتكسع أكثر في حاالت تجريح القضاة ال المحكميف‪.‬‬

‫كقد حدد المشرع أجال يتعيف عمى الطرؼ الذم يريد تجريح المحكـ أف يرفع خاللو‬
‫طمبو لرئيس المحكمة المختصة قصد النظر فيو‪ ،‬كذلؾ داخؿ أجؿ ثمانية أياـ‪ ،‬إما مف تاريخ‬
‫يح‪.)4‬‬
‫(‬
‫عممو بتشكيؿ ىيئة التحكيـ أك مف تاريخ عؿـ ق بالظركؼ المبررة لمتجر‬

‫كبذلؾ كاف المشرع مكفقا في تحديده ليذا اﻷجؿ حتى ال تبقى الييئة التحكيمية ميددة‬
‫بالتجريح طيمة مسطرة التحكيـ‪ ،‬كمع ذلؾ كاف عميو أف يمزـ رئيس المحكمة بالبت في طمب ىذا‬

‫‪ -1‬كنثير اﻹنتباه إلى أف ىذه الحالة لـ يتـ التكسع فييا في ذات الفصؿ عندما صادؽ عميو مجمس المستشاريف بتاريخ ‪ 22‬مام‬
‫‪ ،2007‬كانما كاف ىذا التكسع لما عرض عمى مجمس النكاب‪ ،‬كدليمنا في ذلؾ ما كاف ينص عميو ىذا الفصؿ قبؿ عرضو عمى‬
‫ىذا المجمس‪:‬‬
‫‪:323‬‬ ‫الفصؿ‬
‫"يمكف تجريح المحكـ إذا‪:‬‬
‫‪....‬‬
‫‪ -2‬كانت لو أو لزوجو مصمحة شخصية مباشرة أك غير مباشرة في النزاع ‪"...‬‬
‫‪ -2‬كنفس المكقؼ أتبعو في الحالة الثامنة مف ىذا الفصؿ‪.‬‬
‫‪ -3‬كتنص الحالة اﻷكلى مف الفصؿ ‪ 295‬مف ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ عمى ما يمي‪:‬‬
‫"يمكف تجريح كؿ قاض لألحكاـ‪-1:‬إذا كانت لو أك لزكجو مصمحة شخصية مباشرة أك غير مباشرة في النزاع‪"....‬‬
‫‪ -4‬كقد نص المشرع عمى ىذه المقتضيات في الفصؿ ‪ 323‬مف قانكف ‪.08-05‬‬

‫‪118‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫‪10‬‬ ‫التجريح داخؿ مدة زمنية معقكلة إحتراما لعنصر السرعة الذم يتطمبو التحكيـ‪ ،‬ﻷف أجؿ‬
‫أياـ المنصكص عميو في الفصؿ ‪ 323‬يبدك طكيال(‪.)1‬‬

‫‪ 327 -8‬مف قانكف ‪-05‬‬ ‫كما نجد أف المشرع كاف حكيما حينما صرح في الفصؿ‬
‫‪ 08‬عمى أف طمب تجريح أحد المحكميف يجب أف يكازيو كقؼ مسطرة التحكيـ إلى حيف البت‬
‫في ىذا الطمب مف طرؼ رئيس المحكمة المختصة‪ ،‬باستثناء حالة قبكؿ المحكـ المعني باﻷمر‬
‫التخمي عف ميمتو(‪.)2‬‬

‫كمف محاسف ىذا المكقؼ اﻹقتصاد مف الكقت كالنفقات‪ ،‬ﻷف اﻹجراءات التحكيمية‬
‫الالحقة عمى طمب التجريح ستككف كأف لـ تكف في حالة قبكؿ ىذا الطمب مف طرؼ رئيس‬
‫المحكمة‪ ،‬مما ستتضرر معو المصالح المالية كالمينية ﻷحد اﻷطراؼ‪.‬‬

‫كيكصؼ قرار رئيس المحكمة المتعمؽ بالنظر في طمب التجريح بالقرار غير القابؿ‬
‫ﻷم طعف‪ ،‬كذلؾ بمقتضى نفس الفصؿ المشار إليو أعاله‪.‬ك بذلؾ نجد أف المشرع كاف حكيما‬
‫بستئنافو ليذا‬
‫مرة أخرل لما قطع الطريؽ أماـ الطرؼ السيئ النية الذم ينكم تطكيؿ اﻹجراءات اَ‬
‫القرار قصد منع الفصؿ في النزاع‪.‬‬

‫كفي نفس اﻹطار‪ ،‬فإنو ال يقبؿ طمب التجريح ممف سبؽ لو أف تقدـ بطمب تجريح نفس‬
‫المحكـ ك في ذات مكضكع التحكيـ ك لنفس السبب المثار‪.‬‬

‫مكمية التي شارؾ‬ ‫كمف بيف الضمانات التي يتمتع بيا اﻷطراؼ ككف اﻹجراءات التح‬
‫فييا المحكـ الذم تـ الحكـ بتجريحو كأنيا لـ تكف كنفس ىذا اﻷثر القانكني يمتد إلى المقرر‬
‫التحكيمي الصادر في مكضكع النزاع(‪.)3‬‬

‫‪ 457‬مف ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ عمى ضركرة نظر الجية القضائية‬ ‫‪-1‬كىذا ما تجنبو المشرع الفرنسي لما نص في الفقرة اﻷكلى مف المادة‬
‫المختصة في مسألة التجريح عمى وجو اإلستعجال‪ ،‬أم بمجرد طرح النزاع عمييا‪.‬‬
‫‪ -2‬راجع عزيز الفتح‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص ‪.163‬‬
‫‪ -3‬أنظر الصفحة ‪ 3‬مف المشركع اﻷكلي لقانكف التحكيـ‪ .‬إذ أف الفصؿ ‪ 324‬لـ ينص عمى مثؿ ىذه اﻷثار بالمرة‪.‬‬

‫‪119‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫انًطهت انثبَ‪ :ٙ‬ػًبَخ إلبنخ انٓ‪ٛ‬ئخ انتحك‪ًٛٛ‬خ‬


‫تكمف أىمية ىذه الضمانة في إمكانية إبعاد اﻷطراؼ لكؿ محكـ ظير أنو لـ تستجمع‬
‫فيو الشركط أك المعايير التي سبؽ إتفاقيـ عمييا‪ ،‬ك تتـ مباشر ة ىذا اﻹبعاد مف خالؿ سمكؾ‬
‫مسطرة اﻹقالة بعد مكافقة اﻷطراؼ جميعا(‪.)1‬‬

‫كجدير بالذكر أف المشرع المغربي قد نظـ مسطرة إقالة ىيئة التحكيـ في ظؿ قانكف‬
‫‪ ،08-05‬إحتراما منو لمطابع اﻹرادم الذم يتميز بو التحكيـ ( الفقرة الثانية )‪ .‬كنشير إلى أف‬
‫الفقرة‬ ‫ىذه اﻹقالة تقؼ مف كرائيا مجمكعة مف المبررات غايتيا حماية مصالح اﻷطراؼ (‬
‫األولى)‪.‬‬

‫انفمزح األٔنٗ‪ :‬يجزراد إلبنخ انٓ‪ٛ‬ئخ انتحك‪ًٛٛ‬خ‪:‬‬


‫إف إمكانية إتفاؽ أطراؼ التحكيـ عمى عزؿ المحكـ أك المحكميف لتعتبر مف بيف‬
‫الضمانات اليامة التي تفردىا ليـ اﻷنظمة القانكنية‪ )2( .‬فإقالة الييئة التحكيمية قد تنصب عمى‬
‫عضك كاحد منيا‪ ،‬أك عمى جميع أعضائيا (‪ ،)3‬كيتمحكر ىدؼ ىذه الضمانة أساسا في إبعاد‬
‫المحكميف مف الييئة التحكيمية كمما تكافرت فييـ مكجبات العزؿ (‪.)4‬‬

‫كمف بيف المبررات التي تجعؿ اﻷطراؼ يجمعكف عمى عزؿ المحكـ إمتناع ىذا اﻷخير‬
‫عف أداء ميمتو المتجمية في تسكية النزاع كذلؾ بدكف مبرر مشركع‪ ,‬أك لتقاعسو في القياـ‬
‫بكاجباتو الشيء الذم قد يؤدم إلى التأخير في حؿ النزاع المعركض عميو مما سيجعؿ المقرر‬
‫التحكيمي قد يصدر بعد مضي المدة المحددة في إتفاؽ التحكيـ‪.‬‬

‫‪ -1‬كيصطمح عمى اﻹقالة بالفرنسية (‪)la révocation‬‬


‫‪ -2‬راجع د‪ .‬سامية راشد‪ ،‬التحكيـ في إطار المركز اﻹقميمي بالقاىرة‪ ،‬منشأة المعارؼ‪ ،‬طبعة ‪ ،1986‬ص ‪.120‬‬
‫حيث اعتبرت أف مبدأ إقالة المحكـ بتراضي جميع أطراؼ خصكمة التحكيـ‪ ,‬مبدأ مسمما بو عالميا‪.‬‬
‫‪ -3‬كلممقارنة فإف أطراؼ النزاع المعركض عمى الجيات القضائية الرسمية ال يتمتعكف بمثؿ ىذه الضمانة‪ ،‬عمى أساس أف‬
‫مختمؼ اﻷنظمة القانكنية تحظر إقالة القضاة مف قبؿ اﻷطراؼ المتنازعة‪.‬‬
‫‪ -4‬لمتكسع في ىذا المكضكع راجع د‪.‬أحمد عبد الكريم سالمة‪ ،‬ـ‪.‬س‪ ،‬ص ‪.759‬‬

‫‪120‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫كﻹقالة المحكـ يجب تكافر إتفاؽ أطراؼ النزاع جميعا إذا تعددكا عمى عزلو‪ ،‬كلك كاف‬
‫ىذا المحكـ قد أختاره أحدىـ فقط‪ ،‬كىذا ما قررتو مقتضيات التحكيـ المنصكص عمييا في الفقرة‬
‫(‪)1‬‬
‫‪:‬‬ ‫الثانية مف المادة ‪ 1462‬مف قانكف المرافعات المدنية الفرنسي كالذم ينص عمى ما يمي‬
‫‪« Un arbitre ne peut être révoqué que de consentement unanime des parties ».‬‬
‫كنفس اﻹتجاه ذىب إليو كؿ مف قانكف التحكيـ اﻹماراتي لسنة ‪ 1992‬في مادتو ‪،207‬‬
‫كقانكف التحكيـ اﻹنجميزم لسنة ‪ 1996‬في الفقرة الثانية مف المادة ‪ .23‬كبمفيكـ المخالفة فإف‬
‫اﻹقالة المبنية عمى اﻹرادة المنفردة ﻷحد اﻷطراؼ تككف غير منتجة‪ ،‬كبالتالي فال تتكقؼ معيا‬
‫مياـ ىيئة التحكيـ في مباشرة المسطرة‪.‬‬

‫لذا فإف عدـ إتفاؽ اﻷطراؼ عمى ىذه اﻹقالة لف يبقى معو لمطرؼ المتضرر إال سمكؾ‬
‫مسطرة التجريح كذلؾ في حالة ما إذا تكافرت إحدل الحاالت التي تجيزىا‪ .‬كىناؾ بعض‬
‫اﻹستثناءات التشريعية التي تجيز إقالة المحكـ مف قبؿ القضاء بناء عمى طمب أحد ىؤالء‬
‫اﻷطراؼ فقط‪ ،‬كتتحقؽ ىذه الفرضية عند تباطئو في إدارة التحكيـ أك رفضو اﻷخذ بكسائؿ‬
‫اﻹثبات(‪.)2‬‬

‫أما فيما يتعمؽ بمرحمة اﻹتفاؽ عمى عزؿ المحكـ فإنيا تككف جائزة في جميع المراحؿ‬
‫التي تككف عمييا مسطرة التحكيـ دكف التقيد بأية آجاؿ في ذلؾ‪ ،‬غير أنو يجب أف يككف ىذا‬
‫العزؿ قبؿ إصدار المقرر التحكيمي ‪,‬ﻷنو بصدكره سيصبح صحيحا مف حيث أثاره القانكنية‬
‫كبالتالي فال يمكف إىداره إال بإتفاؽ اﻷطراؼ جميعا‪ .‬بينما في الحالة التي يصدر فييا المحكـ‬
‫ىذا المقرر كىك عالـ بقرار عزلو مف قبؿ اﻷطراؼ‪ ،‬فإف ىذا المقرر يككف باطال لصدكره مف‬
‫شخص غير ذم إختصاص‪.‬‬

‫كجدير بالذكر أف إقالة المحكـ ال يتكقؼ معيا سرياف اتفاؽ التحكيـ‪ ،‬كانما يظؿ قائما‪،‬‬
‫كقد يتفؽ اﻷطراؼ عمى العكدة إلى سمطة القضاء لمحسـ في نزاعاتيـ(‪.)3‬‬

‫‪ -1‬كتجيز المادة ‪ 14‬مف قكاعد نظاـ محكمة التحكيـ التابعة لغرفة التجارة الدكلية بباريس طمب عزؿ المحكـ في حالة عدـ‬
‫التزامو بالقكاعد كالمكاعيد المحددة باتفاؽ اﻷطراؼ أك تمؾ المشار إلييا في ىذا النظاـ‪.‬‬
‫‪ -2‬كقد اتبع المشرع االنجميزم نفس ىذا المنحى‪.‬‬
‫‪ -3‬راجع في ىذا السياؽ د‪ .‬ىدى حمدي عبد الرحمان ‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص ‪.185‬‬

‫‪121‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫كبعد تطرقنا لمبررات إقالة الييئة التحكيمية سننتقؿ إلى كشؼ مدل تنظيـ المشرع‬
‫المغربي ليذه اﻹقالة في قانكف رقـ ‪ 08-05‬؟‬

‫انفمزح انثبَ‪ٛ‬خ‪ :‬تُظ‪ٛ‬ى انًشزع انًغزث‪ ٙ‬إللبنخ انٓ‪ٛ‬ئخ انتحك‪ًٛٛ‬خ‬


‫لقد كاف المشرع المغربي يشير إلى ضمانة إقالة المحكميف في الفصؿ ‪ 310‬مف ؽ‪ .‬ـ‪.‬‬
‫ـ قبؿ التعديؿ‪ ،‬إذ نص ىذا اﻷخير عمى ما يمي‪:‬‬

‫"ال يمكف عزؿ المحكميف خالؿ مدة التحكيـ إال إذا أجمع اﻷطراؼ عمى ذلؾ‪ ،‬كيمكف‬
‫أف يخص ىذا العزؿ أحد المحكميف فقط‪.‬‬

‫يضع العزؿ حدا لسمطات المحكميف فيككف كؿ حكـ قد يصدركنو بعد ذلؾ باطال كلك‬
‫لـ يخطركا مقدما بالعزؿ"‪.‬‬

‫كيتبيف مف خالؿ ىذا الفصؿ أف أطراؼ التحكيـ يتمتعكف بسمطة كاسعة في عزؿ‬
‫المحكميف‪ ،‬إذ يمكف أف يككف ذلؾ في أية مرحمة مف مراحؿ المسطرة التحكيمية كبدكف تقييدىـ‬
‫بأم سبب إحتراما لسمطاف إرادتيـ الذم تنبني عميو فمسفة التحكيـ (‪.)1‬‬

‫كمف الشركط اﻷساسية التي سطرىا المشرع لمباشرة مسطرة إقالة أحد المحكميف‬
‫ضركرة إجماع اﻷطراؼ عمى ىذا العزؿ (‪،)2‬إذ يستنتج مف الفصؿ أعاله أف المقررات التحكيمية‬
‫التي تصدر عف المحكميف المعزكليف تككف عديمة اﻷثر كلك كاف ىؤالء المحكميف غير عالميف‬
‫بقرار عزليـ (‪ ،)3‬كىذا فيو تغميب لإلرادة الحرة لألطراؼ عمى إجراءات المسطرة التحكيمية كاف‬
‫كانت ىذه اﻷخيرة في كضعية قانكنية سميمة‪.‬‬

‫‪ -1‬كيجكز عزؿ المحكـ بشرط تراضي اﻷطراؼ جميعا عمى ذلؾ سكاء أكاف قد تـ تعيينو بكاسطة اتفاقيـ‪ ،‬أـ بكاسطة القضاء‬
‫‪.‬كقد يتـ ىذا العزؿ إما بصكرة صريحة أك بصكرة ضمنية كتع ميف محكـ جديد‪.‬لمتكسع في ىذا المكضكع‪ ,‬راجع التعميؽ عمى‬
‫المغاربة بدكف ذكر‬ ‫مجموعة من رجال الفقو والقضاء‬ ‫قانكف المسطرة المدنية المغربي في ضكء الفقو كالقضاء مف قبؿ‬
‫أسمائيـ‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬طبعة ‪ ،1983 ،1‬الدار العربية لممكسكعات‪ ،‬القاىرة‪ ،‬ص ‪.151‬‬
‫كىناؾ مف يقكؿ بأف القانكف لـ يتطمب شكال معينا ﻹجراء العزؿ‪ ،‬فمف الجائز أف يتـ شفاىة أك أف يتـ كتابة بعقد عرفي أك‬ ‫‪2‬‬

‫بمجرد خطاب مف اﻷطراؼ عميو ‪.‬راجع نفس المرجع ‪ ،‬ص ‪.151‬‬


‫‪ -3‬كال يعتد باﻹعفاء إذا تـ بعد صدكر حكـ المحكـ أك المحكميف لككنو أصبح صحيحا‪ ،‬ما لـ يتفؽ اﻷطراؼ عمى إعتباره كأف‬
‫لـ يكف‪.‬‬

‫‪122‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫كنعتقد أف مكقؼ المشرع ىذا كاف محمكدا عمى إعتبار أف أطراؼ التحكيـ كحدىـ‬
‫الذيف يستطيعكف معرفة المحكميف الذيف يمكنيـ إشباع مصالحيـ المشتركة مف أجؿ الكصكؿ‬
‫إلى مقرر تحكيمي عادؿ كمنصؼ (‪.)1‬‬

‫كبصدكر القانكف الجديد رقـ ‪ 08 -05‬تـ تكريس ىذه الضمانة في الفصؿ ‪ 324‬منو‪،‬‬
‫كالذم نص عمى المقتضيات التالية‪:‬‬

‫‪320‬‬ ‫"ال يجكز عزؿ محكـ ما إال بمكافقة اﻷطراؼ مع مراعاة مقتضيات الفصؿ‬
‫أعاله‪ ،‬كتنتيي بالعزؿ المذككر ميمة المحكـ بمجرد إعالمو باﻷمر"‪.‬‬

‫كنرل أف المشرع كاف عميو تخصيص أكثر مف فصؿ كاحد ليذا الغرض لكي يتمكف‬
‫مف اﻹحاطة بجميع الجكانب القانكنية التي تنجح ىذه اﻹقالة‪.‬فبدراستنا ليذا الفصؿ يمكننا‬
‫ﻷية‬ ‫أىميتو كانما يستحسف اﻷخذ بيا تالفيا‬ ‫الخركج ببعض المالحظات التي ال تنقص مف‬
‫صعكبات يمكف أف تكاجو اﻷطراؼ أثناء مباشرتيـ لعممية إقالة المحكميف ‪ ،‬كذلؾ عمى الشكؿ‬
‫المكالي‪:‬‬

‫المالحظة األولى‪ :‬حول شكل الموافقة عمى إقالة المحكمين‪:‬‬

‫فقد أستيؿ المشرع ىذا الفصؿ بالنص عمى إمكانية عزؿ اﻷطراؼ لممحكـ بعد مكافقتيـ‬
‫جميعا عمى ذلؾ إال أنو لـ يشر إلى الشكؿ المتطمب في ىذه المكافقة‪ ،‬كبعبارة أخرل فيؿ تتـ‬
‫بالشكؿ الكتابي أك بالشكؿ الشفيي فقط؟ أـ بطريقة أخرل؟‬

‫كنعتقد مف جيتنا أف شكؿ ىذه المكافقة يجب أف يككف كتابة عمى أساس أف ما يتـ‬
‫اﻹتفاؽ عميو بطريقة معينة يجب تعديمو بنفس ىذه الطريقة تطبيقا لممبادئ العامة‬
‫لمقانكف‪.‬فبالرجكع إلى الفصؿ ‪ 313‬مف نفس القانكف المذككر أعاله نجده يقضي بأف إتفاؽ‬
‫التحكيـ يجب أف يبرـ كتابة محددا ذلؾ في عدة صكر‪ ،‬ىذا مع العمـ أف ىذه الكتابة تعد شرط‬
‫إنعقاد كليس شرط إثبات‪ ،‬كنظ ار لصيغة الكجكب التي استيؿ بيا المشرع الفصؿ أعاله‪ ،‬فإف أم‬
‫ك ينبغي إيراده بكاسطة الكتابة بما في ذلؾ‬ ‫تعديؿ أراد اﻷطراؼ إتيانو عمى ىذا اﻹتفاؽ إال‬
‫مسطرة إقالة أحد المحكميف‪.‬‬

‫‪ -1‬كىناؾ مف الفقو مف ال يجيز عزؿ اﻷطراؼ لممحكميف خاصة إذا كاف التحكيـ بمقابؿ‪.‬راجع نفس المرجع ‪ ،‬ص‪.151‬‬

‫‪123‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫كارتباطا بذات المكضكع يمكننا التساؤؿ أيضا عف القيمة القانكنية لقرار العزؿ المتخذ‬
‫مف قبؿ اﻷطراؼ شفييا‪ ،‬فيؿ يجعؿ حدا لميمة المحكميف نزكال عند حرفية تطبيؽ الفصؿ ‪324‬‬
‫الذم لـ يشترط أم شكؿ معيف ليذا القرار ؟ أـ أف اﻷطراؼ يجب عمييـ اﻷخذ باالعتبار‬
‫بمقتضيات الفصؿ ‪ 313‬كبالتالي إصدارىـ ليذا القرار كتابة؟‬

‫يمكف القكؿ أف اﻹتجاه الثاني ىك الحرم بالتأييد‪ ،‬ﻹنو سكؼ لف يترؾ مف كراء تطبيقو‬
‫أية ثغرة يمكف إستغالليا مف قبؿ المحكميف بعد إصدارىـ لممقرر التحكيمي‪ ،‬خاصة في حالة‬
‫تمسكيـ بالمطالبة بأتعابيـ المستحقة عف إدارة النزاع‪ ،‬إذ أف قرار العزؿ المتخذ بالشكؿ الشفيي‬
‫قبؿ صدكر ىذا المقرر يستحيؿ عمميا إثباتو في غياب كسائؿ إثبات أخرل تدعمو (‪.)1‬‬

‫المالحظة الثانية‪ :‬حول إعالم المحكم بقرار عزلو‪:‬‬

‫كتجدر اﻹشارة في ىذا الصدد إلى أف ىذا الفصؿ قد جاء معاكسا لما جاء بو الفصؿ‬
‫‪ 310‬الذم كاف سارم المفعكؿ قبؿ التعديؿ‪ .‬حيث إنو جعؿ مسألة إنياء ميمة المحكـ المعزكؿ‬
‫متكقفة عمى ضركرة إعالمو بقرار العزؿ‪ ،‬إذ كاف ينص عمى ما يمي‪:‬‬

‫" ‪ ...‬كتنتيي بالعزؿ المذككر ميمة المحكـ بمجرد إعالمو باألمر "‪.‬‬

‫كىنا مرة أخرل أغفؿ المشرع اﻹشارة إلى طريقة ىذا اﻹعالـ‪ ،‬فيؿ يجب أف يككف‬
‫كتابة‪ ،‬أـ شفييا فقط‪ ،‬كىؿ يجكز ىذا اﻹعالـ عبر الياتؼ كالكسائؿ اﻹلكتركنية‪ ...‬أـ ال ؟ فيذه‬
‫كميا إشكاالت يمكنيا التأثير عمى السير العادم لمسطرة إقالة المحكـ أك المحكميف‪.‬‬

‫كيبدك لنا أف أفضؿ كسيمة يتـ بيا إعالـ المحكـ بقرار عزلو ىي البريد المضمكف مع‬
‫اﻹشعار بالتكصؿ‪ ،‬فبإتباع ىذه الطريقة ستتحقؽ الغاية مف إعالـ المحكـ بإقالتو‪ ،‬كارتياح‬
‫اﻷطراؼ بعد عمميـ بكصكؿ ىذا اﻹعالـ لممحكـ المعزكؿ‪.‬كما ستمعب ىذه الكسيمة دك ار أساسيا‬
‫في اﻹثبات تحاشيا لمحاكالت المحكـ المعزكؿ السيئ النية بالمطالبة بأتعابو المفترضة‪.‬‬

‫المالحظة الثالثة‪:‬وصف قرار األطراف القاضي بعزل المحكم‪:‬‬

‫‪ -1‬كشيادة الشيكد أك القرائف‪....‬‬

‫‪124‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫كما نريد اﻹشارة إليو ىنا ىك أف القرار المتخذ مف قبؿ اﻷطراؼ كالقاضي بعزؿ المحكـ‬
‫أك المحكميف يعد ق ار ار نيائيا أم أنو ال يقبؿ أم نكع مف أنكاع الطعكف‪ ،‬كذلؾ بالرغـ مف عدـ‬
‫نص المشرع عمى ذلؾ‪.‬كيمكف إرجاع ىذا المكقؼ إلى سببيف إثنيف‪:‬‬

‫أوليما‪ :‬ككف اﻷطراؼ ليسكا بجية إدارية أك قضائية لكي تتـ عممية الطعف في قرارىـ‬
‫بالعزؿ‪.‬‬

‫وثانييما‪ :‬إعتبار قرار العزؿ ىذا نابعا مف إرادة اﻷطراؼ‪ ،‬كالذم يغمب عميو الطابع‬
‫االتفاقي لتعمقو بمصالحيـ الشخصية مما تككف معو إمكانية الطعف فيو غير مرتكزة عمى أم‬
‫أساس قانكني‪.‬‬

‫‪125‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تجليات محدودية دور الهيئة التحكيمية في تسوية النزاع‬


‫بالرغـ مف التعديالت الج ذرية التي جاء بيا القانكف رقـ ‪ 08-05‬كالتي شممت مختمؼ‬
‫النكاحي المتعمقة بدكر الييئة التحكيمية في تسكية النزاعات‪ ،‬فإف قذق اﻷخيرةلـ تسمـ مف بعض‬
‫الثغرات القانكنية المرشحة لممساىمة في تدني جكدة أداء ىا ؿمياميا‪ ،‬كتظير أثارىا خصكصا‬
‫في عالقات ىذه الييئة بالجياز القضائي (المبحث األول)‪.‬‬

‫كاذا كاف النطاؽ المكضكعي لمتحكيـ ينصرؼ إلى جميع المكاضيع‪ ,‬ما عدا تمؾ‬
‫المتعمقة بالنظاـ العاـ‪ ،‬فإف مقتضيات القانكف أعاله قد أقصت مف جيتيا البعض منيا مف‬
‫إمكانية عرضيا عمى التحكيـ ‪ ،‬كنخص بالذكر ىنا تمؾ التي يرجح حميا عف طريؽ ىذه اآللية‬
‫لطبيعتيا الخاصة‪ ،‬كما يدخؿ ضمف ىذه الثغرات أيضا تدبدب تنظيـ المشرع المغربي لمسؤكلية‬
‫ىذه الييئة (المبحث الثاني)‪.‬‬

‫المبحث اﻷول‪ :‬دور القضاء اتجاه الهيئة التحكيمية‬


‫‪1‬‬
‫إذ بمدىا ستتكج‬ ‫مف المفترض أف تكجد جسكر التعاكف بيف كؿ مف القضاء كالتحكيـ‬
‫أعماؿ ىذا اﻷخير بالنجاح‪ ،‬كىذا ما جسده المشرع المغربي أثناء صياغتو لفصكؿ قانكف ‪-05‬‬
‫‪ ،08‬إال أنو تجاكز في بعض الحاالت المستكل المتطمب مف ىذا التعاكف السيما لما كضع‬
‫ىيئة التحكيـ تحت رقابة جياز النيابة العامة ( المطمب األول )‪ ،‬كفي مقابؿ ذلؾ فإنو حرـ ىذه‬
‫الييئة مف إمكانية مساعدتيا مف طرؼ القضاء في بعض اﻹجراءات أثناء سرياف مسطرة‬
‫التحكيـ ( المطمب الثاني)‪.‬‬

‫انًطهت األٔل‪ :‬خؼٕع انٓ‪ٛ‬ئخ انتحك‪ًٛٛ‬خ لرلبثخ انُ‪ٛ‬بثخ‬


‫انؼبيخ‬

‫‪ -1‬ﻷف مقكلة ككف التحكيـ نظاـ منافس لمقضاء قد تـ تجاكزىا في الكقت المعاصر‪ ،‬إذ أصبح نظاما مساعدا كمكمال لو‬
‫كالعكس صحيح‪.‬‬

‫‪126‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫تبرز معالـ رقابة النيابة العامة عمى الييئة التحكمية عمى مستكييف إثنييف‪ ،‬أكليما قبؿ‬
‫مباشرتيا لممياـ التحكيمية ( الفقرة األولى ) ‪ ،‬بينما يتجمى ثانييما فيما بعد بد ء مسطرة التحكيـ‬
‫(الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫انفمزح األٔنٗ‪ :‬انزلبثخ انمجه‪ٛ‬خ نهُ‪ٛ‬بثخ انؼبيخ ػهٗ انٓ‪ٛ‬ئخ‬


‫انتحكً‪ٛ‬خ‬
‫مف المفترض أف تخضع الشركط الكاجب تكفرىا في الييئة التحكيمية ﻹرادة اﻷطراؼ‪،‬‬
‫لككنيـ اﻷكثر حرصا عمى حماية مصالحيـ مف غيرىـ‪ ،‬كىذا ما كرستو معظـ التشريعات‬
‫المقارنة‪.‬كفي المقابؿ فال يخضع إختيار القضاة لمثؿ ىذه اﻹرادة كانما الدكلة ىي التي تحدد‬
‫معايير معينة لتعيينيـ‪.‬‬

‫كبالرغـ مف إستقرار ىذا المبدأ فإف المشرع المغربي قد تجاىمو بصياغتو لمفصؿ ‪،321‬‬
‫مخضعا بمقتضياتو ىيئة التحكيـ لمرقابة القبمية لمقضاء كالمتجسدة في جياز النيابة العامة لدل‬
‫محاكـ االستئناؼ‪.1‬‬

‫كلحصر سمبيات ىذا الفصؿ ال بأس مف ذكره عمى الشكؿ التالي‪:‬‬

‫" يجب عمى اﻷشخاص الطبيعييف الذيف يقكمكف اعتياديا أك في إطار المينة بمياـ‬
‫المحكـ‪ ،‬إما بصكرة منفردة أك في حظيرة شخص معنكم يعتبر التحكيـ أحد أغراضو اﻹجتماعية‬
‫أف يصرحكا بذلؾ إلى الككيؿ العاـ لدل محكمة اﻹستئناؼ الكاقع في دائرة نفكذىا محؿ إقامة‬
‫اﻷشخاص الطبيعييف المذككريف‪ ،‬أك المقر االجتماعي لمشخص المعنكم‪.‬‬

‫يسمـ الككيؿ العاـ كصال بالتصريح كيقيد المعني باﻷمر في قائمة المحكميف لدل‬
‫محكمة االستئناؼ المعنية كذلؾ بعد دراسة كضعيتيـ"‪.‬‬

‫فبتنصيص المشرع عمى مثؿ ىذه المقتضيات يككف قد قيد حرية اﻷطراؼ كلك بشكؿ‬
‫غير مباشر في إختيار الييئة التحكيمية المناسبة ليـ‪ ،‬كبالمقابؿ فإنو قد قمص مف إمكانية‬
‫مزاكلة المحكميف ﻷعماؿ التحكيـ بصفة مباشرة‪.‬‬

‫‪-1‬كذلؾ بالرغـ مف بعد ىذا الجياز عف المسائؿ المتعمقة بالتحكيـ لطبيعة اختصاصاتو القضائية‪.‬‬

‫‪127‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫كمف بيف اﻹلتزامات التي كضعيا المشرع عمى عاتؽ المحكميف حتى يتـ قبكؿ مزاكلتيـ‬
‫لمتحكيـ‪ ،‬ضركرة تصريحيـ بذلؾ لمككيؿ العاـ لمممؾ لدل محكمة اﻹستئناؼ‪ ،‬إما الكاقعة بدائرة‬
‫نفكذىا محؿ إقامتيـ‪ ،‬أك تمؾ التابع ليا مقر مؤسسة التحكيـ إذا كانكا منضكييف تحت لكاءىا‪.‬‬

‫كفي نظرنا المتكاضع‪ ،‬فإف قذا الفصؿ بدكره لـ يخؿ مف ثغرات استكجبت إبداء العديد‬
‫مف المالحظات ك التي يمكف إجماليا فيما يمي ‪:‬‬

‫المالحظة األولى‪:‬‬

‫كنشير مف خالليا إلى أف المشرع لـ يمزـ جميع المحكميف بالتصريح لدل الككيؿ العاـ‬
‫لمممؾ بقياميـ بأعماؿ التحكيـ‪ ،‬إذ بقراءتنا المتأنية لمفقرة اﻷكلى مف الفصؿ ‪ 321‬سنستشؼ أف‬
‫اﻷمر يتعمؽ بالمحكميف الذيف يقكمكف بيذه اﻷعماؿ بصفة إعتيادية فقط ‪ ،1‬كبعبارة أخرل فإف‬
‫ىذا اﻹلتزاـ بالتصريح ينحصر مفعكلو في تمؾ الفئة التي تزاكؿ أعماؿ التحكيـ ﻷكثر مف مرة‬
‫كاحدة‪ .‬كىكذا فالمحكـ الذم يدير مياـ التحكيـ في قضية كاحدة كﻷكؿ مرة ال يككف ممزما‬
‫بمقتضى الفقرة أعاله بيذا التصريح‪.‬‬

‫المالحظة الثانية‪:‬‬

‫كتتجمى في إشتراط المشرع ﻹدراج المحكميف في المكائح الممسككة مف قبؿ الككالء‬


‫العاميف كجكب دراسة كضعيتيـ قبؿ ذلؾ‪ ،‬مثميـ مثؿ الخبراء مساعدم القضاء كاﻷطباء‪،‬‬
‫كالميندسيف‪ ،‬كالمحاسبيف‪.‬‬

‫إال أف المشرع لـ يحدد طبيعة ىذه الكضعية المراد دراستيا فيؿ كاف يقصد بيا‬
‫الكضعية القانكنية‪ ،‬كمراقبة تكفر ركف اﻷىمية المدنية ك تحقؽ شرط المركءة كحسف السمكؾ؟ أـ‬
‫أف اﻷمر يقتصر عمى الكضعية المينية لممحكـ كضركرة حصكلو عمى شكاىد عممية معينة‬
‫مثال؟ أـ أنو تجاكز ذلؾ لتنصب إرادتو عمى الكضعية اﻹجتماعية‪ ،‬مثؿ ضركرة إنتماء‬
‫المحكميف إلى طبقة إجتماعية معينة ؟‬

‫كيمكننا التأكيد عمى أف ىذه الفرضية اﻷخيرة مستبعدة تماما‪ ،‬لتعارضيا الصارخ مع‬
‫المبدأ الدستكرم القاضي بمساكاة جميع المكاطنيف أماـ القانكف‪ ،‬خاصة في تقمد الكظائؼ‬

‫‪-1‬كينص ىذا الفصؿ عمى مايمي‪" :‬يجب عمى اﻷشخاص الطبيعييف الذيف يقكمكف اعتياديا ‪"...‬‬

‫‪128‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫كالمياـ‪.‬كعمى افتراض تكصمنا إلى معرفة الكضعية المقصكدة في الفصؿ أعاله‪ ،‬فإف المشرع لـ‬
‫يحدد المعايير المكضكعية التي عمى أساسيا سيتـ قبكؿ أك رفض تقييد المحكميف في المكائح‬
‫المعدة لذلؾ‪ ،‬إذ بغيابيا ستصعب ميمة دراسة الككيؿ العاـ لطمباتيـ‪.‬‬

‫كمف ىذا المنطمؽ نتمنى أف يقكـ المشرع مستقبال بتعديؿ تشريعي يكضح بمقتضاه‬
‫طبيعة "الكضعية" الكاردة في ىذا الفصؿ كالتي نحبذ أف تقتصر عمى الكضعية القانكنية دكف‬
‫غيرىا احتراما ﻹرادة اﻷطراؼ‪.‬‬

‫المالحظة الثالثة‪:‬‬

‫كتخص الكصؼ القانكني الممنكح لقرار الككيؿ العاـ القاضي بتقييد المحكميف بالمكائح‬
‫المعدة لذلؾ‪ ،‬فيؿ يعد ق ارره بالتقييد مف عدمو ق ار ار إداريا كبالتالي جكاز قياـ المحكـ المتضرر‬
‫بالطعف فيو باﻹلغاء أماـ المحاكـ اﻹدارية المختصة؟ أـ أنو يعد ق ار ار قضائيا ال يقبؿ سكل‬
‫الطعف أماـ محاكـ المكضكع العادية ؟ ىذا مع العمـ أف المشرع في ىذا الفصؿ لـ ينص حتى‬
‫عمى إمكانية الطعف في قرار الككيؿ العاـ السالؼ الذكر‪.1‬‬

‫المالحظة الرابعة‪:‬‬

‫كتتعمؽ بالحالة التي يصدر فييا المحكـ أك المحكميف القرار التحكيمي دكف قياميـ‬
‫بالتقييد المسبؽ بالالئحة الممسككة مف قبؿ الككيؿ العاـ المختص‪ ،‬فاﻹشكاؿ القانكني المطركح‬
‫ىنا ىك مصير ىذا المقرر‪ ،‬بمعنى ىؿ يككف باطال منذ صدكره‪ ،‬أـ أنو يقبؿ اﻹبطاؿ بعد ذلؾ ؟‬
‫أـ أنو يككف صحيحا ‪ ،‬ىذا مع العمـ أف المشرع بمقتضى الفصؿ ‪ 321‬لـ ينص عمى أم جزاء‬
‫‪ 327 -36‬ك بمناسبة تطرقو‬ ‫قانكني في حالة عدـ إحتراـ مقتضياتو‪ ،‬فضال عمى أف الفصؿ‬
‫ﻷسباب الطعف بالبطالف لـ يذكر ضمنيا حالة قياـ المحكـ بإصدار المقرر التحكيمي دكف‬
‫تقييده المسبؽ بالالئحة السالفة الذكر‪.‬‬

‫كنكد اﻹشارة أيضا في إطار ىذه المالحظة إلى أف المشرع لـ ينص عمى ما إذا كانت‬
‫كحبذا لك‬ ‫الالئحة المحصكرة مف قبؿ الككيؿ العاـ دائمة أـ أنيا مؤقتة فقط كقابمة لمتعديؿ؟‬

‫‪-1‬كحفاظا عمى حقكؽ المحكميف المعنييف باﻷمر في مكاجية جياز النيابة العامة كاف عمى المشرع المغربي أف ينظـ طرؽ‬
‫الطعف في ق ارراتيا الصادرة ضد ىؤالء المحكميف‪.‬‬

‫‪129‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫عميو بالنسبة‬ ‫يتدخؿ لينص صراحة عمى إعتبارىا مؤقتة تقبؿ التحييف سنكيا‪ ،‬كما ىك الحاؿ‬
‫لمكائح الخاصة بالخبراء القضائييف المكضكعة مف طرؼ مديرية الشؤكف المدنية بك ازرة العدؿ‪،‬‬
‫كذلؾ حتى يتـ اﻹحتفاظ بالمحكميف المتكفرة فييـ الشركط المتطمبة قانكنا فقط‪.‬‬

‫انفكرح انثبَ‪ٛ‬خ‪ :‬انزلبثخ انجؼذ‪ٚ‬خ نهُ‪ٛ‬بثخ انؼبيخ ػهٗ انٓ‪ٛ‬ئخ‬


‫انتحك‪ًٛٛ‬خ‬
‫لـ يكتفي المشرع بتكميؼ النيابة العامة بالرقابة القبيمة عمى الييئة التحكيمية‪ ،‬كلكنو‬
‫ذىب إلى أبعد مف ذلؾ بمنحو ىذا الجياز سمطة الرقابة البعدية عمييا أيضا كاف كانت في‬
‫حقيقة اﻷمر تبقى رقابة جكازية تتكقؼ عمى اﻹرادة الصريحة ليذه الييئة‪ ,‬كتتجمى ىذه الرقابة‬
‫في إمكانية لجكء ىيئة التحكيـ ﻹستشارة الككيؿ العاـ لمممؾ مف أجؿ إفادتيا بكؿ ما مف شأنو‬
‫تذليؿ العقبات التي تضعيا مقتضيات الفصؿ ‪ 308‬مف قانكف ‪ 08 -05‬في طريقيا‪.‬‬

‫‪ 327-9‬مف نفس القانكف‬ ‫كقد تـ تنظيـ ىذه اﻹستشارة في الفقرة الثانية مف الفصؿ‬
‫كالتي تقتضي بما يمي‪:‬‬

‫" ‪...‬يمكف لمييئة التحكيمية قبؿ إتخاذ أم قرار في المكضكع أف تطمب مف الككيؿ‬
‫‪308‬‬ ‫العاـ لدل محكمة اﻹستئناؼ ذات اﻹختصاص المكاني بالنظر إلى مقتضيات الفصؿ‬
‫أعاله‪ ،‬كيجب عمى الككيؿ العاـ أف يكافييا بذلؾ داخؿ الخمسة عشر يكما التالية لرفع الطمب‬
‫إليو كاال نظرت في الممؼ عمى حالتو"‪.‬‬

‫كنستخمص مف ىذه المقتضيات أف الييئة التحكيمية لكي تتمكف مف اﻹستفادة مف‬


‫‪ ،308‬يجب عمييا أف تط ؿب منو ذلؾ قبؿ‬ ‫المعمكمات التي يبدييا الككيؿ العاـ حكؿ الفصؿ‬
‫مباشرتيا لمبت في مكضكع النزاع‪.‬‬

‫كنرل أف المشرع كاف عميو أف ينظـ طريقة تقديـ ىذا الطمب كالذم نرجح أف يتـ‬
‫بكاسطة البريد المضمكف‪ ،‬نظ ار لما يتميز بو مف ضمانات التكصؿ كالدقة في إحتساب اآلجاؿ‬
‫القانكنية‪.‬كما أف إسناد المشرع لمككيؿ العاـ ميمة اﻹستشارة لـ يبيف فييا ما إذا كاف يجب أف‬
‫يقكـ بيا بصفة شخصية ‪ ،‬أـ أف ذلؾ يمكف أف يقتصر عمى أحد نكابو فقط ؟‬

‫‪130‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫كنعتقد أف تقديـ ىذه اﻹستشارة مف قبؿ نائب الككيؿ العاـ ليس فيو أم ضرر عمى‬
‫مسطرة التحكيـ‪ ،‬ﻷنو قبؿ كؿ شيء يقكـ مقاـ الككيؿ العاـ في أداء ميامو إما بأمر منو‪ ,‬أك في‬
‫حالة ما إذا كقع لو مانع يمنعو مف أداء ميامو‪ ،‬ىذا فضال عمى أف ىذه اﻹستشارة ليست‬
‫بالحاسمة في النزاع المعركض عمى ىيئة التحكيـ ‪.‬‬

‫أف يجيب عنو‬ ‫كاذا ما تـ بعث ىذا الطمب إلى الككيؿ العاـ فإف ىذا اﻷخير يجب‬
‫داخؿ أجؿ خمسة عشر يكما التالية لتكصمو بو‪ ،‬كفي حالة عدـ قيامو بذلؾ فإف الييئة يمكنيا‬
‫اﻹسترساؿ في نظر الممؼ عمى حالتو‪.‬‬

‫‪ 08-05‬كاف ينص في فصمو ‪-9‬‬ ‫كنريد اﻹشارة ىنا إلى أف المشركع اﻷكلي لقانكف‬
‫‪ 327‬عمى أف عدـ جكاب الككيؿ العاـ خالؿ اﻷجؿ المحدد يعد بمثابة مكافقة عمى صحة إتفاؽ‬
‫(‪)1‬‬
‫التحكيـ‪ ،‬أك إق ار ار منو بإختصاص الييئة التحكيمية‪.‬‬

‫إال أف مثؿ ىذا اﻷثر القانكني لـ ينص عميو المشرع في الفصؿ المقابؿ المنصكص‬
‫عميو في قانكف ‪ ،08-05‬مما مثكر معو التساؤؿ حكؿ طبيعة ىذا السكك ت‪ ،‬أم ىؿ ىك بمثابة‬
‫مكافقة عمى اﻹجراءات التي اتخذتيا ىيئة التحكيـ ؟ أـ أنو رفض ليا؟كفي حالة ما إذا اعتبرنا‬
‫أف ىذا السككت يعد مكافقة عمى اﻹجراءات التي اتبعتيا ىذه الييئة فيؿ المقرر التحكيمي‬
‫الصادر بصددىا سيككف صحيحا‪ ،‬كبالتالي عدـ إمكانية الطعف فيو بالبطالف الذم يجيزه‬
‫الفصؿ ‪327-36‬؟‬

‫إف الجكاب المنطقي عمى ىذا التساؤؿ سيككف بالنفي طبعا‪ ،‬ﻷف الجية القضائية‬
‫الكحيدة المختصة في نظر مدل صحة ىذا المقرر التحكيمي ىي محكمة المكضكع كليست‬
‫النيابة العامة‪ ،‬إضافة إلى أف ىذه اﻷخيرة ال تصدر أحكاما في الجكىر كانما إستشارات قانكنية‬
‫فقط حسب الفصؿ ‪ 327-9‬أعاله‪.‬‬

‫انًطهت انثبَ‪ :ٙ‬حزيبٌ ْ‪ٛ‬ئخ انتحك‪ٛ‬ى يٍ يسبػذح انمؼبء‬

‫‪ -1‬أنظر المشركع اﻷكلي لقانكف ‪ ، 08-05‬ـ س‪.‬‬

‫‪131‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫" إذا كاف التحكيـ يحتاج إلى القضاء في بداية طريقو‪ ،‬فإنو يظؿ بحاجة إليو خالؿ‬
‫مساره لسبب بسيط ك ىك أف المحكميف ال يممككف السمطة التي يممكيا القاضي عمى أم‬
‫(‪)1‬‬
‫شخص غير مرتبط بعقد تحكيـ"‬

‫ليذا فإف تجميات حرماف الييئة التحكيمية مف المساعدة القضائية في التشريع الجديد‪،‬‬
‫الفقرة األولى )‪ ،‬كاﻹنابات القضائية ( الفقرة‬ ‫تظير عمى مستكل كؿ مف إجراءات التحقيؽ (‬
‫الثانية)‪.‬‬

‫انفمزح األٔنٗ‪ :‬تجه‪ٛ‬بد انحزيبٌ ػهٗ يستٕٖ إجزاءاد‬


‫انتحم‪ٛ‬ك‬
‫يتعيف مبدئيا عمى ىيئة التحكيـ بعد تشكيميا أف تنظر في مكضكع النزاع المطركح‬
‫عمييا‪ ،‬كيتـ ذلؾ عف طريؽ إعماليا لمكسائؿ كاﻹجراءات المتاحة ليا إما إتفاقا أك قانكنا‪ ،‬كذلؾ‬
‫مف أجؿ الكصكؿ إلى حؿ عادؿ كدائـ ليذا النزاع ‪,‬إال أف مسيرتيا ىاتو قد تعترضيا بعض‬
‫العقبات التي ال يمكف تجاكزىا في بعض اﻷحياف إال بتدخؿ القضاء نظ ار لما لو مف كسائؿ‬
‫الجبر التي يستمدىا مف السمطة العامة (‪.)2‬‬

‫كمف العقبات التي تعرقؿ السير العادم لمسطرة التحكيـ نذكر تمؾ الناشئة أثناء مباشرة‬
‫الييئة التحكيمية ﻹجراءات التحقيؽ‪،‬كنخص بالذكر ىنا حالة عدـ إستجابة أحد اﻷطراؼ ﻷمر‬
‫الييئة القاضي برفع يده عف كثيقة أك مستند يعد ضركريا في حسـ الخالؼ‪.‬فالتشريع المغربي‬
‫حينما أجاز ليذه الييئة بمقتضى الفصؿ ‪ 327-11‬أف تطمب مف أحد اﻷطراؼ اﻹدالء بكسيمة‬
‫إثبات تككف في حكزتو‪ ،‬فإنو لـ ينص في حالة رفضو عمى إمكانية المجكء لمقضاء مف أجؿ‬
‫استصدار أمر قضائي يقضي بإرغامو عمى ىذا اﻹدالء ‪ ،‬كنفس المالحظة تسجؿ عندما تككف‬
‫مثؿ ىذه الكسيمة تحت يد الغير‪.‬‬

‫كاذا ما قارنا ىذا الفصؿ بنص المادة ‪ 28‬مف القانكف النمكذجي لمتحكيـ الصادر سنة‬
‫‪1985‬عف لجنة اﻷمـ المتحدة لمقانكف التجارم الدكلي‪ ،‬كالذم يفترض أف يككف المشرع قد تأثر‬
‫بو فإننا نجده ينص عمى ما يمي‪:‬‬

‫‪ -1‬أنظر‪ ,‬د‪ .‬عبد الحميد األحدب ‪ ،‬ـ س‪ ,‬ص‪.293‬‬


‫‪ -2‬راجع أحمد عبد الكريم سالمة‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص ‪.543‬‬

‫‪132‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫" يجكز لمحكمة التحكيـ أك ﻷم مف الطرفيف بمكافقة محكمة التحكيـ أف تطمب مف‬
‫المحكمة المختصة في الدكلة المساعدة في الحصكؿ عمى اﻷدلة‪ ،‬كيجكز ليذه المحكمة أف تنفذ‬
‫ىذا الطمب في حدكد إختصاصاتيا كطبقا لقكاعدىا المتعمقة بالحصكؿ عمى اﻷدلة" (‪.)1‬‬

‫فبإعماؿ مقتضيات ىذه المادة ستتجنب الييئة التحكيمية كؿ ما مف شأنو أف يعرض‬


‫إجراءاتيا لمبطء ك التعطيؿ‪ ،‬كىذا ما أغفمو المشرع المغربي حيث لـ ينص عمى التدخؿ‬
‫اﻹحتياطي لمقضاء في مثؿ ىذه التعقيدات قصد تسريع مسطرة التحكيـ لكي تتمكف ىذه الييئة‬
‫مف الكصكؿ إلى الحؿ داخؿ اآلجاؿ المحددة قانكنا أك إتفاقا‪.‬‬

‫أما عف إصدار ىيئة التحكيـ ﻷمر بإحضار شاىد ما مف أجؿ سماع شيادتو في النزاع‬
‫فإف المشرع لـ يقرف تخمفو عف أداء ىذه الشيادة بأم جزاء قانكني رادع‪ ،‬بخالؼ المشرع‬
‫المصرم الذم عالج ىذه الحالة بتنصيصو عمى إمكانية المجكء إلى رئيس المحكمة المختصة‬
‫مف أجؿ إجبار ىذا الشاىد عمى أداء الشيادة المتطمبة‪ ،‬كقد جاءت ىذه المقتضيات في المادة‬
‫‪ 37‬مف قانكف التحكيـ المصرم كالتي نصت عمى ما يمي‪:‬‬

‫‪ 9‬مف ىذا القانكف بناء عمى طمب‬ ‫" يختص رئيس المحكمة المشار إلييا في المادة‬
‫ىيئة التحكيـ بما يمي‪:‬‬

‫أ‪ -‬الحكـ عمى مف يتخمؼ مف الشيكد عف الحضكر أك يمتنع عف اﻹجابة بالجزاءات‬


‫المنصكص عمييا في المادتيف ‪ 78‬ك ‪ 80‬مف قانكف اﻹثبات في المكاد المدنية كالتجارية ‪.)2( "...‬‬

‫‪ -1‬كنفس الحؿ نص عميو قانكف اﻹجراءات المدنية اﻹماراتي لسنة ‪ ، 1992‬كذلؾ في فصمو ‪ 209‬الذم يقضي بما يمي‪:‬‬
‫" يكقؼ المحكـ عممو لمرجكع إلى رئيس المحكمة المختصة ﻹجراء ما يأتي‪=:‬‬

‫=‬
‫‪....‬‬
‫ب‪ -‬الحكم بتكميف الغير بإبراز مستند في حوزتو ضروري لمحكم في التحكيم ‪" ...‬‬
‫‪ ,1987-12-18‬بالمادة‬ ‫كفي نفس اﻹطار جاء القانكف الفدرالي السكيسرم المتعمؽ بالقانكف الدكلي الخاص الصادر بتاريخ‬
‫‪ ،185‬التي نصت عمى مقتضيات عامة كما يمي‪:‬‬
‫"(د) حاالت أخرى لمساعدة القاضي‪:‬‬
‫إذا كانت مساعدة السمطات القضائية ضركرية في حاالت أخرل يمكف المجكء إلى مساعدة قاضي مكاف التحكيـ"‪.‬‬
‫أنظر‪ ،‬د‪ .‬عبد الحميد األحدب ‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص‪.457‬‬

‫‪ -2‬كتقضي المادة ‪ 78‬المذككرة في المادة أعاله عمى أنو‪:‬‬

‫‪133‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫‪ 1992‬ك‬ ‫كنفس ىذا المكقؼ التشريعي أخذ بو القانكف اﻹماراتي أيضا الصادر سنة‬
‫ذلؾ في مادتو ‪ 209‬بحيث جاءت بما يمي‪:‬‬

‫" يكقؼ المحكـ عممو لمرجكع إلى رئيس المحكمة المختصة ﻹجراء ما يأتي‪:‬‬

‫أ‪ -‬الحكـ بالجزاء المقرر قانكنا عمى مف يتخمؼ مف الشيكد عف الحضكر‪ ,‬أك يمتنع‬
‫عف اﻹجابة‪"...‬‬

‫فمف ىذا المنطمؽ يمكف القكؿ أنو يتعيف عمى المشرع المغربي أف يشير إلى مثؿ ىذه‬
‫الحمكؿ تعزي از منو لفرص إستم اررية الييئة في مباشرة مسطرة التحكيـ كذلؾ في أكؿ تعديؿ‬
‫لقانكف ‪. 08-05‬‬

‫انفمزح انثبَ‪ٛ‬خ‪ :‬تجه‪ٛ‬بد ْذا انحزيبٌ ػهٗ يستٕٖ اإلَبثبد‬


‫انمؼبئ‪ٛ‬خ‬
‫تعتبر اﻹنابة القضائية مف بيف أىـ اآلليات المسطرية التي تمجأ إلييا المحاكـ كذلؾ‬
‫كمما تعمؽ اﻷمر بقضية ما تخرج إحدل عناصرىا عف نفكذ المحكمة المختصة‪ ،‬إذ تتجمى‬
‫أىميتيا في تسريع المسطرة القضائية مف جية‪ ،‬كفي إحتراميا لقكاعد اﻹختصاص المحمي مف‬
‫جية ثانية‪.‬‬

‫كتتـ اﻹستعانة باﻹنابة القضائية في عدة مجاالت أىميا تمؾ المتعمقة بإجراءات تحقيؽ‬
‫الدعكل‪ ،‬كاﻹستماع إلى الشيكد مف طرؼ المحكمة المنابة مثال‪.‬‬

‫كيمكف القكؿ أف ىذه اﻹنابات القضائية ال ت قتصر اﻹستفادة منيا عمى المحاكـ فقط‪،‬‬
‫كانما يمكنيا أف تخدـ حتى مصالح الييئات التحكيمية كالتي تككف في بعض اﻷحياف أكثر‬
‫حاجة ليا مف المحاكـ نظ ار لطبيعتيا الخاصة‪,‬إذ تظير ىذه الحاجة جميا في حالة عدـ قدرة‬
‫الييئة التحكيمية عمى اﻹنتقاؿ إلى مكاف آخر لمباشرة بعض اﻹجراءات المسطرية المؤثرة في‬
‫النزاع‪ ،‬فال يبقى ليذه الييئة ىنا سكل المجكء إلى إستعماؿ اﻹنابة القضائية التي تسير المحاكـ‬
‫الرسمية عمى إنجازىا كفقا لمقانكف المسطرم الجارم بو العمؿ‪.‬‬

‫" إذا كمؼ الشاىد بالحضكر تكميفا صحيحا كلـ يحضر حكمت عميو المحكمة أك القاضي المنتدب بغرامة مقدارىا أربعيف جنييا‬
‫كيثبت الحكـ كال يككف قابال لمطعف كفي أحكاؿ اﻹستعجاؿ الشديد يجكز أف تصدر المحكمة أك القاضي أم ار بإحضار الشاىد‬
‫‪"...‬‬
‫ىذا الفصؿ مذككر في مرجع د‪ .‬أحمد عبد الكريم سالمة‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص ‪.544‬‬

‫‪134‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫كنظ ار ﻷىمية ىذه اﻹنابات القضائية في تسييؿ مأمكرية الييئة التحكيمية‪،‬فإنو كاف‬
‫عمى المشرع المغربي أف يشير إلييا في البنذ المتعمؽ باﻹجراءات كالطمبات العارضة كما فعمت‬
‫العديد مف التشريعات المقارنة‪ ،‬كالتي نذكر مف بينيا القانكف المصرم الذم أشار إلييا في‬
‫المادة ‪ 37‬مف قانكف التحكيـ‪ ،‬حيث نصت عمى ما يمي‪:‬‬

‫‪ 9‬مف ىذا القانكف بناء عمى طمب‬ ‫" يختص رئيس المحكمة المشار إلييا في المادة‬
‫ىيئة التحكيـ بما يأتي‪:‬‬

‫‪....‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ب‪ -‬اﻷمر باﻹنابة القضائية"‬

‫إذف فاﻹنابة القضائية ىي كسيمة ضركرية يساعد بيا القضاء عمؿ الييئة التحكيمية‪،‬‬
‫كليذا نرجك مف المشرع أف يتبناىا في تعديؿ قريب لقانكف ‪.08 -05‬‬

‫‪ -1‬كمثؿ ىذه المقتضيات أشارت إلييا المادة ‪ 209‬مف القانكف اﻹماراتي لمتحكيـ كالتي جاء بيا ما يمي‪:‬‬
‫" ‪ ...‬يكقؼ المحكـ عممو لمرجكع إلى رئيس المحكمة المختصة ﻹجراء ما يأتي‪:‬‬
‫‪.....‬‬
‫ج‪ -‬التقرير باإلنابة القضائية"‪.‬‬

‫‪135‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫مدى‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬تراجع النطاق الموضوعي للهيئة التحكيمية و‬


‫مسؤوليتها القانونية‬
‫بصدكر قانكف ‪ 08-05‬أصبح اﻹختصاص المكضكعي لمييئة التحكيمية ضيقا‪ ،‬كذلؾ‬
‫بعد إقداـ المشرع عمى حذؼ بعض المكاضيع التي كانت في اﻷمس القريب قابمة لعرضيا عمى‬
‫التحكيـ ( المطمب األول )‪ ،‬كما أنو لـ يفرد ليذه الييئة تنظيما محكما يخص مسؤكليتيا حتى‬
‫تتبيف إلتزاماتيا مف ضماناتيا ( المطمب الثاني)‪.‬‬

‫انًطهت األٔل‪ :‬تزاجغ دٔر انٓ‪ٛ‬ئخ انتحك‪ًٛٛ‬خ ف‪ ٙ‬يٕػٕع‬


‫انُشاع‬
‫‪ 08-05‬ليظير مف خالؿ‬ ‫إف تراجع قابمية بعض المكاضيع لمتحكيـ في ظؿ قانكف‬
‫نكعيف مف المؤشرات‪ ،‬أكليا مكضكعية ( الفقرة األولى)‪ ،‬كثانييا شكمية ( الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫انفمزح األٔنٗ‪ :‬انًؤشزاد انًٕػٕػ‪ٛ‬خ نٓذا انتزاجغ‬


‫يؤدم تحديد المكاضيع الممكف عرضيا عمى ىيئة التحكيـ دك ار أساسيا ‪ ،‬بحيث ال‬
‫يمكف عرض أم نزاع عمى ىذه اﻷخيرة إال إذا كاف مف بيف تمؾ التي يجكز فييا التحكيـ‪ ،‬فكؿ‬
‫لجكء إلى ىذه الييئة خارج ق ذق المكاضيع يككف مصير المقررات التحكيمية الصادرة بشأنو‬
‫( ‪)1‬‬
‫البطالف‪.‬‬

‫إخضاعيا لمتحكيـ استثناء مف المبدأ العاـ‬ ‫كيعد إستبعاد بعض المكاضيع مف قابمية‬
‫القاضي بجكاز المجكء إليو‪ ،‬إذ يجد ىذا اﻹستثناء تبريره في رغبة الدكلة في الحفاظ لمحاكميا‬
‫بإحتكار بعض القضايا لتعمقيا بالنظاـ العاـ‪.‬ليذا فكؿ دكلة تعمؿ عادة عمى تحديد نطاؽ‬

‫‪ -1‬كىناؾ مف يعرؼ قابمية المنازعات لمتحكيـ ( ‪)Arbitrabiliy/Arbitralite‬بأنيا إصطالح يستعمؿ لمداللة عمى بياف أم‬
‫طكائؼ مف المنازعات الممكف حسميا بكاسطة التحكيـ لتمييزىا عف تمؾ المنازعات التي يككف اﻹختصاص بتسكيتيا لمحاكـ‬
‫الدكلة فقط‪.‬‬
‫أنظر في ىذا السياؽ د‪.‬محمد أبو العينين ‪ ،‬قابمية المنازعات لمتحكيـ‪ ،‬مقاؿ منشكر في أعماؿ ندكة التحكيـ التجارم الداخمي‬
‫كالدكلي‪ ،‬سمسمة دفاتر المجمس اﻷعمى‪ ،‬اﻷياـ ‪ 3‬ك ‪ 4‬مارس ‪ ،2004‬العدد ‪ ،2005 /6‬ص ‪.85‬‬

‫‪136‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫النزاعات التي يجكز حسميا عف طريؽ التحكيـ‪ ،‬كذلؾ في ضكء اﻹعتبارات السياسية‬
‫(‪)1‬‬
‫كاﻹقتصادية كاﻹجتماعية السائدة لدييا‪.‬‬

‫‪ 308‬مف قانكف ‪ 08 -05‬معترفا‬ ‫كىذا ما أتبعو المشرع المغربي بمقتضى الفصؿ‬


‫بأحقية اﻷشخاص الطبيعييف كالمعنكييف بالمجكء إلى التحكيـ في جميع الحقكؽ التي يممككف‬
‫حرية التصرؼ فييا‪ ،‬كىذا بالمناسبة ما سارت عميو معظـ التشريعات المقارنة ككذا الفصؿ‬
‫(‪)2‬‬
‫‪ 306‬مف القانكف المغربي القديـ‪.‬‬

‫إال أنو مف جية أخرل كاف أكثر تشددا في حصره لممكاضيع التي ال يجكز حميا‬
‫بكاسطة التحكيـ مانعا بذلؾ الييئة التحكيمية مف النظر في بعضيا‪.‬كيتعمؽ اﻷمر خصكصا‬
‫حيث قرر إبعادىا مف المجاؿ التعاقدم‬ ‫بالحقوق الشخصية التي ال تكون موضوع تجارة‪،‬‬
‫ﻹتفاقات التحكيـ‪ ،‬كىذا ما يترجمو الفصؿ ‪ 309‬بنصو عمى ما يمي‪:‬‬

‫"مع مراعاة مقتضيات الفصؿ ‪ 308‬أعاله‪,‬ال يجكز أف يبرـ اتفاؽ التحكيـ بشأف تسكية‬
‫الحقوق الشخصية التي ال تكون موضوع‬ ‫النزاعات التي تيـ حالة اﻷشخاص ك أىميتيـ أك‬
‫تجارة"‪.‬‬

‫كبيذا المنع سيتعذر إخضاع المنازعات ذات الطابع المدني– حسب الفصؿ أعاله‪-‬‬
‫لمتحكيـ‪ ،‬مع العمـ أف ىذا اﻷخير يمعب دك ار بار از في تصفية أغمبيا‪,‬كما يزيد المكضكع لبسا ىك‬
‫عدـ تحديد المشرع لطبيعة ىذه الحقكؽ الشخصية‪ ،‬كمع ذلؾ فإف بعض الفقو المغربي قد سبؽ‬
‫كحدد مفيكميا معرفا إياىا بأنيا نكع مف الحقكؽ المالية التي ترادؼ سمطة قانكنية تثبت لفائدة‬
‫شخص ما تجاه آخر‪ ،‬بحيث تمكف اﻷكؿ مف إلزاـ الثاني بأداء شيء أك عمؿ أك خدمة ‪ ،‬أك‬
‫اﻹمتناع عف ذلؾ بيدؼ تحقيؽ مصمحة مشركعة (‪.)3‬‬

‫‪ -1‬أنظر نفس المرجع ‪ ،‬ص ‪85‬‬


‫في الحقوق التي يممكون‬ ‫‪ -2‬كالذم كاف ينص عمى أنو "يمكف لألشخاص الذيف يتمتعكف باﻷىمية أف يكافقكا عمى التحكيـ‬
‫التصرف فييا ‪"...‬‬
‫‪ -3‬راجع د‪.‬رجاء الناجي – مكاوي ‪ "،‬الحؽ ماىيتو عناصره كحدكده "‪ ،‬مدخؿ لمعمكـ القانكنية‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬شركة بابؿ‬
‫لمطباعة كالنشر كالتكزيع‪ ،‬ط ‪، 2001‬ص ‪.58‬‬

‫‪137‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫كتجدر اﻹشارة إلى أف صكر الحقكؽ الشخصية متنكعة ال يمكف حصرىا‪ ،‬فيي‬
‫تتضمف اﻹلتزامات اﻹيجابية كعقكد الشغؿ‪ ،‬كعقكد التطبيب‪ ،‬كعقكد التمكيف كعقكد التأميف‪،‬‬
‫كعقكد النقؿ‪ ،‬كعقكد الكراء‪ ،‬إلى غيرىا مف العقكد المشابية ليا‪.‬كما أنيا تشمؿ اﻹلتزامات‬
‫السمبية أيضا كاﻹمتناع عف القياـ بعمؿ مثؿ إلتزاـ عدـ إفشاء أسرار الصنعة الممقى عمى عاتؽ‬
‫اﻷخير اتجاه المشغؿ‪.‬‬

‫إذف فمثؿ ىذه اﻹلتزامات كالحقكؽ التي تدخؿ في خانة الحقكؽ الشخصية المدنية ال‬
‫يجكز حسب الفقرة اﻷخيرة مف الفصؿ ‪ 309‬أعاله أف تككف مكضكع تحكيـ‪ .‬كتبعا لذلؾ نستنتج‬
‫أف المشرع قد ضيؽ مف نطاؽ النزاعات القابمة لمتحكيـ بعدما كانت تقبؿ ذلؾ في فترة ما قبؿ‬
‫التعديؿ لعدـ كجكد ما يمنع ذلؾ قانكنا‪.‬‬

‫انفمزح انثبَ‪ٛ‬خ‪ :‬انًؤشزاد انشكه‪ٛ‬خ نٓذا انتزاجغ‬


‫لقد كضع المشرع المغربي عدة مؤشرات بقانكف ‪ 08-05‬تكحي بتراجع نطاؽ المكاضيع‬
‫القابمة لمتحكيـ‪،‬فمـ تظير مف حيث المكضكع فقط كانما عمى مستكل الشكؿ أيضا‪ ،‬كىذا ما‬
‫ينطبؽ عمى العالقة بيف الجيات القضائية ك الييئات التحكيمية‪ ،‬إذ بعدما كاف كؿ مف رئيس‬
‫ىما الجو اتف المختصتاف في تذليؿ‬ ‫المحكمة اﻹبتدائية كالرئيس اﻷكؿ لمحكمة اﻹستئناؼ‬
‫(‪ ،)1‬عمى أساس أف‬ ‫العقبات التي يمكف أف يكاجييا المحكميف أثناء سرياف مسطرة التحكيـ‬
‫المحاكـ التي يترأسكنيا تعد ذات كالية عامة خاصة منيا اﻹبتدائية‪ ,‬فإف صدكر القانكف المشار‬
‫إليو جعؿ ىذا اﻹختصاص حك ار عمى رئيس المحكمة التجارية كربما يككف ىذا التكجو جاء‬
‫نتيجة الظرفية اﻹقتصادية التي صدر خالليا ىذا القانكف (‪.)2‬‬

‫كىذا ما يؤكده الفصؿ ‪ 312‬بعدما نص في فقرتو اﻷخيرة عمى أف رئيس المحكمة‬


‫المقصكد في ىذا القانكف (رقـ ‪ )08-05‬ىك رئيس المحكمة التجارية ما لـ يرد خالؼ ذلؾ (‪.)3‬‬

‫‪ -1‬الفصميف ‪ 309‬ك ‪ 322‬مف قانكف المسطرة المدنية المغربي قبؿ التعديؿ الجديد‬
‫‪-‬حيث عرفت ىذه الظرفية صدكر عدة قكانيف تيتـ باﻹقتصاد كاﻹستثمار‪ ،‬كذلؾ مف أجؿ جعؿ المغرب مف بيف أىـ الدكؿ‬ ‫‪2‬‬

‫المستقطبة لالستثمارات اﻷجنبية‪.‬‬


‫‪ -3‬كينص الفصؿ ‪ 312‬عمى ما يمي‪:‬‬
‫" يراد في ىذا الباب بما يمي‪:‬‬
‫‪....‬‬

‫‪138‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫كلعؿ اﻹستثناء الكحيد الكارد عمى حصرية ىذا اﻹختصاص قد جاء بو المشرع لما‬
‫تناكؿ كؿ مف إختصاص المحاكـ اﻹدارية المنتشرة عبر التراب الكطني ككذا المحكمة اﻹدارية‬
‫( ‪)1‬‬
‫بالرباط‪ ،‬ك الذم يتعمؽ بالنظر في طمب تذييؿ الحكـ التحكيمي‪.‬‬

‫كما يعزز ىذا اﻹستثناء ىك أف اﻷطراؼ أك الييئة التحكيمية التي تنظر في النزاعات‬
‫اﻹدارية القابمة لمتحكيـ كفقا لمفقرة الثانية مف الفصؿ ‪ 310‬مف قانكف ‪ 08 -05‬يمكنيـ المجكء‬
‫(‪)2‬‬
‫كمما صادفوما عائؽ في أداء مياـ التحكيـ‪ ،‬كتقديـ‬ ‫إلى رئيس المحكمة اﻹدارية المختصة‬
‫طمب تجريح أحد المحكميف‪,‬أك طمب إصدار أمر بإجراء كقتي أك تحفظي (‪ ،)3‬أك مف أجؿ تعييف‬
‫(‪)4‬‬
‫أحد المحكميف في حالة تخمؼ اﻷطراؼ عف ذلؾ‪.‬‬

‫كبناء عمى ما سبؽ ذكره نستنتج أف جانبا ىاما مف القضايا المدنية التي يجكز حميا‬
‫عف طريؽ التحكيـ أصبحت مع صدكر القانكف الجديد حك ار عمى القضاء ‪ ،‬كىذا ما يبعث عمى‬
‫القمؽ في رأينا ﻷف مثؿ ىذه القضايا التي تتميز غالبا بالبساطة ستزيد مف العبء الممقى عمى‬
‫القضاء‪.‬‬

‫انًطهت انثبَ‪ْ :ٙ‬شبشخ تُظ‪ٛ‬ى يسؤٔن‪ٛ‬خ انٓ‪ٛ‬ئخ انتحك‪ًٛٛ‬خ‬


‫الفقرة‬ ‫قبؿ التطرؽ إلى بياف تجميات مسؤكلية ىيئة التحكيـ في التشػريع المغربي (‬
‫الثالثة) البأس مف تحديد طبيعتيا القانكنية ككذا مدل تقريرىا مف طرؼ الفقو ( الفقرة األولى)‪،‬‬
‫الفقرة‬ ‫لنصؿ بعد ذلؾ إلى دراسة مسؤكلية مراكز التحكيـ عف أعماؿ المحكميف التابعيف ليا (‬
‫الثانية)‪.‬‬

‫‪ " -3‬رئيس المحكمة"رئيس المحكمة التجارية ما لم يرد خالف ذلك"‪.‬‬


‫‪ -1‬كتقضي الفقرة اﻷخيرة مف الفصؿ ‪ 310‬بما يمي‪:‬‬
‫" ‪ .....‬يرجع إختصاص النظر في طمب تذييؿ الحكـ التحكيمي الصادر في نطاؽ ىذا الفصؿ إلى المحكمة اﻹدارية التي سيتـ‬
‫تنفيذ الحكـ التحكيمي في دائرتيا أك إلى المحكمة اﻹدارية بالرباط عندما يككف تنفيذ الحكـ التحكيمي يشمؿ مجمكع التراب‬
‫الكطني"‪.‬‬
‫‪ -‬أنظر الفقرة اﻷخيرة مف الفصؿ ‪ 323‬التي جاءت فييا عبارة " رئيس المحكمة المختصة" بشكؿ فضفاض مما يمكف أف‬ ‫‪2‬‬

‫تنطبؽ حتى عمى رئيس المحكمة اﻹدارية‪.‬‬


‫‪ - 3‬راجع الفصؿ ‪ 237 -1‬الذم نص عمى جكاز المجكء إلى قاضي اﻷمكر المستعجمة‪ ،‬كما نكد اﻹشارة إليو في ىذا الباب ىك‬
‫إشكالية مدل قابمية اتخاذ اﻹجراءات الكقتية كالتحفظية في حؽ اﻷمكاؿ العمكمية خاصة تمؾ المرتبطة بالسير اليكمي لممرافؽ‬
‫العامة ؟‬
‫‪ - 4‬راجع في ىذا السياؽ الفصؿ ‪ 327 -5‬مف قانكف ‪.08-05‬‬

‫‪139‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫ٔتمز‪ٚ‬زْب(‪:)1‬‬ ‫انفمزح األٔنٗ‪ :‬ؽج‪ٛ‬ؼخ يسؤٔن‪ٛ‬خ انٓ‪ٛ‬ئخ انتحك‪ًٛٛ‬خ‬


‫سنعالج في ىذا المكضكع الجدؿ الفقيي الناشئ حكؿ مدل تقرير مسؤكلية الييئة‬
‫التحكيمية (أكال)‪ ،‬ثـ ننتقؿ بعد ذلؾ إلى بياف الطبيعة القانكنية ليذه المسؤكلية (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬الجدل الفقهي حول تقرير مسؤولية الهيئة التحكيمية‪:‬‬


‫(‪)2‬‬
‫حكؿ مدل قابمية إخضاع الييئة‬ ‫كمكاقؼ قانكنية ا‬ ‫لقد تضاربت عدة آراء فقيية‬
‫التحكيمية ﻷحكاـ المسؤكلية مف عدمو‪ ،‬فمنيا مف رفضت ىذا اﻹخضاع (أ)‪ ،‬كمنيا مف أيدتو‬
‫(ب)‪ ،‬كذلؾ حسب التبريرات التالية‪:‬‬

‫أ‪ -‬التيار الرافض لتقرير مسؤولية ىيئة التحكيم ‪:‬‬

‫إعتبا ار لمطبيعة الخاصة التي تتميز بيا أعماؿ التحكيـ‪،‬فقد ظير تيار فقيي دافع عف‬
‫حماية المحكميف مف أية مساءلة سكاء الجنائية منيا‪ ،‬أك المدنية‪ .‬كيعكد إرتكاز مكقفيـ ىذا إلى‬
‫عدة مبررات‪ ،‬جاء عمى رأسيا ضركرة تكفير المناخ المالئـ لمييئة التحكيمية لكي تستطيع أداء‬
‫مياميا في جك تسكده الطمأنينة كاﻹستقرار (‪.)3‬‬

‫‪ -1‬كمف أمثمة أخطاء الييئة التحكيمية التي ترتب مسؤكليتيا إمتناعيا عف إصدار المقرارت التحكيمية بدكف أم عذر مقبكؿ‪،‬‬
‫كتجاكزىا لمميعاد المقرر ليا ﻹصدار ىذه المقررات‪ ،‬أك تسببيا في بطالف أحكاميا ﻷسباب ترجع إلى إىماليا أك خطئيا‪ ،‬كمف‬
‫اﻷمثمة عمى ذلؾ أيضا قياميا بصرؼ مبالغ كبيرة عند إجراء التحقيؽ كالتي ال تتناسب مع قيمة النزاع‪ ،‬كما تدخؿ فييا إخفاءىا‬
‫لعالقتيا السابقة بأحد اﻷطراؼ‪.‬‬
‫‪ - 2‬حيث انقسمت قكانيف التحكيـ في بعض الدكؿ إلى اتجاىات عديدة‪ ،‬منيا مف تبنى قاعدة حصانة المحكـ بشكؿ مطمؽ‬
‫كقانكف الكاليات المتحدة اﻷمريكية‪ ،‬كمنيا مف متعت ىذا المحكـ بالحصانة ضد الخطأ لكف ليست حصانة مطمؽ ة ‪ ،‬كالقانكف‬
‫اﻷلماني‪ ،‬كالنمساكم‪ ،‬كاﻹنجميزم‪ ،‬كالنركيجي‪ .‬كمنيا مف سمح بمالحقتو بالمسؤكلية‪ ،‬كالقانكف الفرنسي‪ ،‬كاﻹسباني‪ ،‬ك السكيدم‪.‬‬
‫في حيف ىناؾ مف الدكؿ مف لـ يتضح مكقؼ مشرعييا كال اﻹجتياد القضائي فييا بشكؿ كاضح عف مكضكع مسؤكلية المحكـ‬
‫ك الدكؿ العربية منيا‪.‬‬
‫د‪ .‬عبد الحميد األحدب ‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص ‪.234‬‬
‫‪ - 3‬كيقكؿ الفقيو الليف ‪:lalive‬‬
‫‪« .....Elle s'explique certes en quelque mesure par la peur, non dénuée de fondement, de voir se‬‬
‫‪multiplier à l'avenir, outre les cas de récusation plus ou moins téméraires et les recours contre les‬‬
‫‪sentences, les mises en cause directes de la responsabilité de l'arbitre. Tous les observateurs ou‬‬
‫‪presque de la "scène arbitrale" s'accordent à constater le climat de confrontation toujours plus‬‬
‫‪marqué de nombreuses procédures arbitrales.... ».‬‬
‫‪Pierre Lalive, Études de Procédure et d'arbitrage en l'honneur de J.-F. Poudret, Faculté‬‬
‫‪de Droit de l'université de Lausanne, 1999, Sur l'irresponsabilité arbitral, p 2, site web, date de‬‬
‫‪visite 13-5-2008.‬‬
‫‪http://www.lalive.ch/f/publications/detail.php?id=202‬‬
‫‪34‬مف الالئحة التنظيمية الجديدة لمتحكيم التابعة لغرفة التجارة الدولية عمى ما يمي‪:‬‬ ‫كينص الفصؿ‬
‫‪"Ni les arbitres, ni la Cour ou ses membres, ni la Chambre de commerce internationale ou son‬‬
‫‪personnel, ni les Comités nationaux de la Chambre de commerce internationale, ne sont‬‬

‫‪140‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫كمف ىذه المبررات أيضا‪ ،‬تدعيـ ىيبة نظاـ التحكيـ التي يستمدىا مف طبيعتو‬
‫القضائية(‪ ،)1‬ككذلؾ ما ينبغي أف يتكافر ليذه الييئة مف إحتراـ كفاعمية تضمف ليا سرعة تسكية‬
‫المنازعات‪ ،‬ىذا فضال عف إشكالية صعكبة إثبات اﻷخطاء المينية التي يرتكبيا المحكمكف نظ ار‬
‫لمطابع السرم الذم يطبع أعماليـ التحكيمية‪.‬‬

‫كفي ىذا اﻹطار أكد الفقيو دومكي " ‪ "Domke‬أف إخضاع المحكميف لممسؤكلية سكؼ‬
‫يؤدم إلى إحجاميـ عف قبكؿ مياـ التحكيـ‪ ،‬إضافة إلى تأثير ذلؾ عمى جكدة المقررات‬
‫الصادرة عنيـ نتيجة تكزيع مجيكداتيـ بيف أدائيـ ﻷعماؿ التحكيـ كبيف التصدم لدعاكل‬
‫المسؤكلية المرفكعة ضدىـ(‪.)2‬‬

‫كقد سايرت ىذا الفقو العديد مف المكائح التحكيمية في كؿ مف أكربا ك أمريكا الشمالية ‪،‬‬
‫إال أنيا في المقابؿ تطمبت أف تككف أخطاء ىؤالء المحكميف مقصكدة (‪.)3‬‬

‫"‪responsables envers quiconque de tout fait, acte ou omission en relation avec un arbitrage‬‬
‫‪=.‬‬
‫= كنفس المقتضيات نصت عمييا المادة ‪ 77‬مف نظام المكتب العالمي لمممكية الفكرية ‪ ،‬إال أنيا استثنت حالة الخطأ المرتكب‬
‫قصدا مف طرؼ المحكـ أك المحكميف أك الييئة‪.‬‬
‫‪« Sauf en cas de faute délibérée, la responsabilité de l'arbitre ou des arbitres, de l'OMPI ou du‬‬
‫‪Centre n'est engagée à l'égard d'aucune partie pour aucun acte ou omission lié à l'arbitrage ».‬‬
‫القانون التحكيمي اإلنجميزي لسنة ‪ 1998‬قد نص عمى مقتضيات مماثمة تحصف‬ ‫أما في المجاؿ التشريعي فإف‬
‫المحكميف مف كؿ متابعة ممكنة‪ ،‬كىذا ما نص عميو الفصؿ ‪ 29‬منو ‪.‬‬
‫‪ -‬ىذا مع استثناء بعض اﻷمكر التي تقتضي إخضاع ىيئة التحكيـ ﻷحكاـ المسؤكلية كإرتكاب أحد أعضائيا لجرائـ الرشكة‬ ‫‪1‬‬

‫أك الغذر أك اﻹختالس ‪...‬كمثميا في ذلؾ مثؿ مخاصمة القضاة‪.‬‬


‫‪ -‬راجع ‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Domke ,the arbitrator from liability Tol Rev 991 I 1‬‬


‫مذككر في مرجع‪ :‬ىدى حمدي عبد الرحمان‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص ‪.386‬‬
‫‪-‬ككمثاؿ عف ىذه المكائح‪ ,‬نذكر نظاـ محكمة لندف لمتحكيـ الدكلي‪ ،‬إذ تنص المادة ‪ 31‬منو عمى ما يمي‪:‬‬ ‫‪3‬‬

‫" ‪ -31-1‬ال تككف محكمة لندف لمتحكيـ الدكلي ( ك تشمؿ ىذه العبارة الرئيس‪ ،‬كنكابو ‪ ،‬كاﻷعضاء) ‪ ،‬كال الكاتب‪ ،‬أك نائب‬
‫الكاتب‪ ،‬أك أم محكـ أك خبير عينتو أم محكمة تحكيمية مسؤكليف تجاه أم طرؼ عف أم عمؿ أك إغفاؿ يتعمؽ بأم تحكيـ‬
‫حاصؿ كفقا ليذا النظاـ‪ ،‬بإستثناء إذا أثبت الطرف المعني أن العمل أو اإلغفال جاء نتيجة لتصرف خاطئ من قبل أحد‬
‫األشخاص المذكورين وذلك بعممو وادراكو فيكون عندىا مسؤوال عن ىذا العمل تجاه الطرف المعني ‪"...‬‬
‫د‪ .‬عبد الحميد األحدب ‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص ‪ 596‬ك‪597‬‬
‫كفي نفس اﻹطار جاءت المادة ‪ 36‬مف نظاـ جمعية التحكيـ اﻷمريكية بما يمي‪:‬‬
‫" ال يجكز ﻷحد اﻷطراؼ مالحقة الييئة اﻷمريكية لمتحكيـ أك المحكميف عف نتائج اﻷعماؿ أك اﻹغفاالت المرتكبة خالؿ‬
‫إجراءات تحكيمية جرل التحقيؽ فييا كفقا ليذا النظاـ مع مراعاة أنو يمكن أن تكون الييئة األمريكية لمتحكيم أو المحكمين‬
‫مسؤولين تجاه األطراف عن نتائج األخطاء المتعمدة أو المقصودة " ‪.‬‬

‫‪141‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫كفي مقابؿ ىذا التيار ظير اتجاه آخر يؤيد فرضية إخضاع المحكميف ﻷحكاـ‬
‫المسؤكلية‪ ،‬فماىي المبررات التي يستند عمييا ىذا التيار ؟‬

‫ب‪ -‬التيار المؤيد لفرض المسؤولية عمى المحكمين ‪:‬‬

‫ؿقد أنطمؽ ىذا اﻹتجاه مف ككف مبررات التيار أعاله غير مقنعة ‪,‬معتب ار في نفس‬
‫الكقت أف أخطاء الييئة التحكيمية تعد بمثابة تقصير بإلتزاـ قانكني كالذم بكقكعو متكبد أطراؼ‬
‫الدعكل التحكيمية أض ار ار مادية كمعنكية مختمفة‪ ،‬الشيء الذم يؤدم حتما إلى قياـ المسؤكلية‬
‫في حقيا‪.‬‬

‫كيبني ىذا التيار مكقفو عمى حشد مف المبررات التي تؤيد حسب رأيو مسألة إقرار‬
‫مسؤكلية ىيئة التحكيـ‪ ،‬كأبرزىا ما يمي‪:‬‬

‫‪ -1‬أف القاعدة العامة في المسؤكلية المدنية ترتب عمى كؿ خطأ سبب ضر ار لمغير‬
‫قياـ المسؤكلية لمرتكبو‪ ،‬كبالتالي كجكب تعكيض الـ تضرر عما لحقو مف ضرر (‪.)1‬‬

‫‪ -2‬أف المقررات الصادرة عف الييئات التحكمية ال يتصكر الطعف فييا إال في حاالت‬
‫ضيقة جدا حصرىا القانكف مسبقا‪ ،‬عمما أف ىذا الطعف غالبا ما يككف مآلو الرفض‪ .‬كما أنو في‬
‫حالة إبطاؿ ىذه المقررات فإنو ال يكفؿ جبر اﻷضرار الجسيمة التي لحقت اﻷطراؼ كانما يعد‬
‫في ذاتو ضر ار أخر يتعيف تعكيضو‪.‬‬

‫ا ما قد‬ ‫‪ -3‬أف مياـ التحكيـ تدير عمى المحكميف أرباحا خيالية لذا يتعيف أف يتحممك‬
‫يمحقكنو مف غرـ نتيجة لما اقترؼكه مف أخطاء ‪ ،‬فكمما كانكا ذ كم كفاءة عالية كأخالؽ حميدة إال‬
‫المسلة القانكنية‪.‬‬
‫أ‬ ‫ك سيبقكف بعيديف عف شبح‬

‫‪ -4‬أف لجكء اﻷطراؼ إلى التحكيـ تحفزه عادة الثقة الزائدة التي يضعكنيا في الييئة‬
‫التحكيمية‪ ،‬فبدكف كجكد قكاعد لممسؤكلية فال يمكف ضماف عدالة ىذه الييئة التي قد تككف‬
‫متحيزة ﻷحد المتخاصميف مثال (‪.)2‬‬

‫د‪ .‬عبد الحميد األحدب ‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص ‪ 578‬ك ‪. 579‬‬


‫‪ -1‬أنظر في ىذا المكضكع د‪.‬مصطفى محمد الجمال و د‪.‬عكاشة محمد عبد العال ‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص ‪.599‬‬
‫‪ -2‬لممزيد مف التكضيحات حكؿ ىذه المبررات راجع د‪ .‬ىدى محمد حمدي عبد الرحمان‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص ‪.385‬‬

‫‪142‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫كنحف مف جيتنا فإننا نرجح ىذا التيار‪ ،‬بحيث نرل أف إخضاع الييئة التحكيمية‬
‫ﻷحكاـ المسؤكلية أمر حتمي لكي ال يبقى في لكائح مينة التحكيـ سكل أكالئؾ الذيف تجتمع‬
‫(‪)1‬‬
‫فييـ الشركط النمكذجية المتطمبة‪ ،‬كمنيا عمى الخصكص الكفاءة كالنزاىة كالحنكة‪....‬‬

‫ثانيا‪ :‬الطبيعة القانونية لمسؤولية الهيئة التحكيمية‪:‬‬

‫سنتناكؿ في ىذا المكضكع بعد تقسيمو إلى شقيف‪ ،‬طبيعة التزاـ المحكـ‪ ،‬أم ىؿ‬
‫بتحقيؽ غاية أـ فقط ببذؿ عناية (أ) ‪ ،‬ثـ تحديد نكع مسؤكلية ىذا المحكـ‪ ،‬ىؿ ىي مسؤكلية‬
‫عقدية أـ أنيا مسؤكلية تقصيرية (ب) ‪:‬‬

‫أ‪ -‬طبيعة إلتزام المحكم‪:‬‬


‫التزاـ‬ ‫ينقسـ اﻹلتزاـ بعمؿ إلى نكعاف‪ ،‬أكليما إلتزاـ بتحقيؽ نتيجة أك غاية ‪,‬كثانييما‬
‫ببذؿ عناية فقط‪.‬كجدير بالذكر أف ترتيب مسؤكلية المديف عمكما تككف في إطار اﻹلتزاـ بتحقيؽ‬
‫نتيجة أكثر منو في اﻹلتزاـ ببذؿ عناية‪،‬كيرج ع ذلؾ إلى تكافر الخطأ في الحالة اﻷكلى بمجرد‬
‫عدـ تحقؽ الغاية مف اﻹلتزاـ‪ ،‬إذ متى ثبت عدـ تحققيا فال يستطيع المديف أف ينفي الخطأ عف‬
‫نفسو(‪.)2‬‬

‫أما عف اﻹلتزاـ الممقى عمى عاتؽ المحكـ (الييئة التحكيمية)‪ ،‬فمئف كاف في أصمو‬
‫داخؿ أجؿ محدد ‪،‬‬ ‫إلتزاما بتحقيؽ نتيجة ينصب في كجكب تسكيتو لمنزاع القائـ بيف الخصكـ‬
‫فإنو يصبح مف حيث محؿ اﻹلتزاـ إلتزاما ببذؿ عناية‪ ,‬كذلؾ أثناء مباشرتو لمسطرة التحكيـ كاال‬
‫اعتبر مقص ار في أداء المياـ الممقاة عميو طبقا ﻷصكؿ كقكاعد مينة التحكيـ‪.‬‬

‫كاﻷصؿ أف المحكـ كاف كاف يتمتع بإستقالؿ تاـ في تسيير مسطرة التحكيـ لما يتطمبو‬
‫ذلؾ مف القياـ باﻹجراءات الضركرية التي تممييا عميو قكانيف التحكيـ‪ ،‬فإنو مع ذلؾ يككف مجب ار‬
‫عمى إتخاذ كؿ ماىك ضركرم لحسف سير مسطرة التحكيـ‪.‬‬

‫‪- 1‬كمف التشريعات التي استبعدت مبدأ حصانة المحكـ‪ ،‬التشريع اﻹسباني لمتحكيـ الصادر بتاريخ ‪ ,1988-12-05‬في المادة‬
‫‪.)1( 16‬‬
‫د‪ .‬عبد الحميد األحدب‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص ‪.235‬‬
‫‪ -2‬ككمثاؿ عمى ىذه الحالة‪ ،‬فإف اﻹلتزاـ بنقؿ ممكية دار في أجؿ محدد‪ ،‬كعدـ الكفاء بوذا اﻹلتزاـ داخؿ قذا اﻷجؿ المتفؽ عميو‬
‫بيف اﻷطراؼ يككف في حد ذاتو إخالال باﻹلتزاـ المكجب لمتعكيض طبقا ﻷحكاـ المسؤكلية‪.‬‬

‫‪143‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫كبذلؾ فإف قياـ خطأ المحكـ نتيجة تقصيره القانكني الذم سبب ﻷحد اﻷطراؼ أك‬
‫لمركز التحكيـ التابع لو أك لمغير ضر ار ماديا كاف أك معنكيا‪ ،‬فسيؤدم إلى ترتيب المسؤكلية في‬
‫حقو‪.‬كفي ىذا الصدد يرل بعض الفقو أنو ال يمكف تقرير ىذه اﻷخيرة إستنادا إلى معيار‬
‫الشخص العادم‪ ،‬كانما يتـ ذلؾ بإعتماد معيار الشخص الميني المحترؼ ﻷف طبيعة مينتو‬
‫تقتضي التشديد عميو‪ ،‬بحيث إف كؿ إىماؿ يعد خطأ بسيطا بالنسبة لمشخص العادم‪ ،‬بينما‬
‫يعتبر خطأ جسيما بالنسبة لمشخص الميني (‪.)1‬‬

‫كنكد أف نشير في ىذا السياؽ إلى أف تحقؽ خطأ المحكـ كحده غير كاؼ لقياـ‬
‫مسؤكليتو في مكاجية أطراؼ التحكيـ أك الغير‪ ،‬كلكف ينبغي إضافة إلى ذلؾ أف ينتج عف ىذا‬
‫الخطأ ضرر حقيقي يمحؽ بيـ حتى تقبؿ دعكل التعكيض أماـ القضاء كذلؾ طبقا لمقاعدة التي‬
‫تقكؿ " ال دعكل بغير مصمحة" (‪.)2‬‬

‫كؾاَستنتاج لما سبؽ‪ ،‬نرل أف إلتزاـ المحكـ أثناء سرياف مسطرة التحكيـ قد ينقمب مف‬
‫إلتزاـ ببذؿ عناية إلى إلتزاـ بتحقيؽ نتيجة‪ ،‬إال ك نحبذ أف يككف ىذا اﻹلتزاـ مف النكع اﻷخير‬
‫دائما حتى يتـ تعزيز فرص تسكية نزاع اﻷطراؼ‪.‬‬

‫ب‪ -‬مسؤولية المحكمين ‪ ،‬مسؤولية عقدية أم تقصيرية ‪:‬‬

‫يعد المحكـ في نظر بعض الفقو مجرد شخص عاد يستمد كاليتو في حؿ النزاع مف‬
‫إتفاؽ التحكيـ عمى أساس أف تعيينو لـ يتـ مف قبؿ الدكلة‪ ،‬كمف ىذا المنطمؽ فال يمكف‬
‫إخضاعو لمسطرة مخاصمة القضاة(‪.)3‬‬

‫كتبعا لذلؾ فالرأم الغالب لدل الفقو يرل أف الرابطة التي تجمع المحكميف بالمحتكميف‬
‫ىي رابطة تعاقدية ينظـ أحكاميا القانكف الخاص‪ ،‬فقد تككف إما رابطة مباشرة أك غير‬
‫(‪)2( )1‬‬
‫مباشرة‪.‬‬

‫‪ -‬أنظر في ىذا المكضكع د‪ .‬محمد جمال الدين زكي الكجيز في نظرية اﻹلتزاـ‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،1976 ،‬ص ‪.462‬‬ ‫‪1‬‬

‫كد‪.‬حسن عامر‪ ،‬المسؤكلية المدنية التقصيرية كالعقدية‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،1989‬ص ‪.193‬‬
‫‪-2‬كتظير أىمية الخطأ الجسيـ في المبمغ الذم سيحكـ بو‪ ،‬كفي ىذا المعنى ينص الفصؿ ‪ 261‬مف ؽ‪.‬ؿ ع " أن اإللتزام بعمل‬
‫يتحول عند عدم الوفاء إلى تعويض"‪.‬‬
‫‪-‬راجع د‪.‬أحمد أبو الوفا‪ ،‬التحكيـ اﻹختيارم كاﻹجبارم‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص ‪.86‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪144‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫كىكذا فإف حصر نكع ىذه الرابطة سيترتب عميو تحديد المسؤكلية ‪,‬كذلؾ لمتمييز فيما‬
‫إذا كانت عقدية أـ تقصيرية‪ ،‬فأساس المسؤكلية العقدية ىك الخطأ العقدم‪ ،‬أم اﻹخالؿ بإلتزاـ‬
‫تعاقدم‪ ،‬بينما تقكـ المسؤكلية التقصيرية عمى اﻹخالؿ بإلتزاـ قانكني(‪.)3‬‬

‫كلمعمـ فإف الخطأ الكاحد قد يرتب مسؤكلية دكف اﻷخرل‪ ،‬إال أنو في بعض اﻷحياف‬
‫قد يترتب عميو المسؤكليتاف معا‪ ،‬بحيث إف مسؤكلية المحكـ اتجاه اﻷطراؼ ىي مسؤكلية‬
‫كعقدية تتحدد كفقا لمقكاعد العامة(‪ ،)4‬تتطمب بدكرىا تكافر أركانيا طبقا لمقكاعد العامة ‪.‬‬

‫كمف خالؿ ما سبؽ يمكف القكؿ أف نكع المسؤكلية المترتبة عمى عاتؽ المحكميف تتغير‬
‫مف مسؤكلية عقدية إلى مسؤكلية تقصيرية بحسب طبيعة الشخص المتضرر مف أخطائيـ‬
‫المينية‪ ،‬أم فيما إذا كاف طرفا في عممية التحكيـ أك مجرد غير (‪.)5‬‬

‫انفمزح انثبَ‪ٛ‬خ‪ :‬يسؤٔن‪ٛ‬خ يزاكش انتحك‪ٛ‬ى ػٍ انًحكً‪ٍٛ‬‬


‫انتبثؼ‪ ٍٛ‬نٓب‬
‫لقد أضحت مراكز التحكيـ أكثر انتشا ار في العالـ‪ ،‬كيرجع سبب ذلؾ لما تتميز بو‬
‫قكاعدىا مف فعالية عالية في إدارة مسطرة التحكيـ‪ ،‬إذ مف خالليا لف يؤدم إىماؿ اﻷطراؼ‬
‫لتنظيميـ لكافة اﻹجراءات إلى عرقمة سير ىذه المسطرة‪.‬‬

‫كمع ذلؾ فإف المجكء إلى ىذه المراكز عادة ما يككف محفكفا بعدة مخاطر أىميما عدـ‬
‫تكافرىا عمى ضمانات العدالة‪ ،‬كأيضا لتكاليفيا الباىظة التي ترىؽ ميزانية اﻷطراؼ(‪.)6‬‬

‫‪ -‬كتككف غير مباشرة في تمؾ الحالة التي يقكـ مركز التحكيـ بتعييف ىؤالء المحكميف‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-‬راجع عادل محمد خير‪ ،‬حصانة المحكميف مقارنة بحصانة القضاء في الفقو اﻹسالمي كالتشريعات المصرية كالقانكف‬ ‫‪2‬‬

‫المقارف‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة ‪ ،‬ص ‪.86‬‬


‫‪ - 3‬كينص الفصؿ ‪ 77‬مف ؽ‪.‬ؿ‪.‬ع في ىذا المعنى عمى ما يمي ‪:‬‬
‫" كؿ فعؿ ارتكبو اﻹنساف عف بينة كاختيار كمف غير أف يسمح لو بو القانكف فأحدث ضر ار ماديا أك معنكيا لمغير ألزـ‬
‫مرتكبو بتعكيض ىذا الضرر‪ ،‬إذا أثبت أف ذلؾ الفعؿ ىك السبب المباشر في حصكؿ الضرر ككؿ شرط مخالؼ لذلؾ‬
‫يككف عديـ اﻷثر"‪.‬‬
‫‪ - 4‬أنظر شركط قياـ المسؤكلية العقدية‪ ،‬د‪.‬زيد قدري الترجمان ‪,‬ـ س‪ ،‬ص ‪. 290‬‬
‫‪- 5‬كتجدر اﻹشارة إلى أف القكانيف الكطنية تعتبر كؿ إعفاء تعاقدم مف المسؤكلية المينية باطؿ بطالنا مطمقا‪.‬‬
‫د‪ .‬عبد الحميد األحدب‪ ،‬ـ س ‪ ،‬ص ‪.237‬‬
‫‪ - 6‬راجع‪ ،‬ىدى محمد حمدي عبد الرحمان‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص ‪.400‬‬

‫‪145‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫كبالرغـ مف ذلؾ فإف أغمب االتفاقيات أكدت مشركعية المجكء إلييا(‪.)1‬‬

‫كما أنو بقدر ما تمارس ىذه المراكز العديد مف اؿمياـ اؿتحكيمية كالمتجمية خاصة في‬
‫‪ ,‬بقدر ما يجب تحميميا مسؤكلية ىذا‬ ‫الرقابة كاﻹشراؼ عمى المحكميف التابعيف ليا إداريا‬
‫اﻹشراؼ‪ ،‬كذلؾ في الحدكد التي تكفؿ حماية حقكؽ اﻷطراؼ‪.‬‬

‫إال أف الفقو كالقضاء قد اختمفا حكؿ اﻷساس القانكني لتحميميا ىذه المسؤكلية‪ ،‬فمنيـ‬
‫مف يرجعو إلى قكاعد الككالة(‪ ،)2‬في حيف أرجعو بعض القضاء إلى قكاعد المقاكلة(‪.)3‬‬

‫كيربطيا الفقو الراجح بالتبعية االقتصادية‪ ،‬عمى اعتبار أف التابع (مراكز التحكيـ)‬
‫يتحمؿ مسؤكلية أخطاء المتبكع (المحكميف)‪ ،‬لككنو يتقاضى اﻷتعاب مباشرة مف اﻷطراؼ‪ ،‬ليقكـ‬
‫بعد ذلؾ بمنح المحكـ نصيبو منيا‪ ،‬كمف ىنا يتضح أف مسؤكلية ىذه المراكز عف أخطاء‬
‫محكمييا تنبني عمى قاعدة الغرـ بالغنـ (‪.)4‬‬

‫كبتحقؽ مسؤكلية ىذه المراكز كما سبؽ الذكر يمكف لممتضرر سكاء أكاف مف‬
‫اﻷطراؼ أنفسيـ‪ ،‬أك مف الغير أف يرفع دعكاه ضدىا أماـ المحكمة المختصة (‪.)5‬‬

‫كلككف الرابطة التي تجمع اﻷطراؼ بيذه المراكز ىي رابطة تعاقدية‪ ،‬فإف المسؤكلية‬
‫العقدية الناشئة عنيا ال يفترض فييا التضامف في اﻷداء بيف ىاتو المراكز كالمحكميف‬
‫(‪)6‬‬
‫التابعيف ليا‪ ،‬إال بمقتضى اتفاؽ صريح عمى ذلؾ طبقا لمقتضيات الفصؿ ‪ 164‬مف ؽ‪.‬ؿ‪.‬ع‬
‫كنفس الشيء يقاؿ عف تمؾ االلتزامات الناشئة عف المسؤكلية التقصيرية في مكاجية الغير‪.‬‬

‫‪ - 1‬كىذا ما نصت عميو الفقرة الثانية مف المادة اﻷكلى مف اتفاقية نيويورك‪ ،‬لسنة ‪.1958‬‬
‫‪ - 2‬كيمثؿ ىذا الفقو ىنتر ‪ ، Hunter‬مذككر في المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.405‬‬
‫‪ ،1987‬ص‬ ‫‪ - 3‬كىذا ما ذىب إليو حكـ صادر عف محكمة الدرجة الكبرل الباريسية ‪ ،‬منشكر في مجمة التحكيـ لسنة‬
‫‪.367‬‬
‫‪ - 4‬كىذا ما أشارت إليو د‪ .‬ىدى حمدي عبد الرحمان‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص ‪.405‬‬
‫‪ - 5‬راجع‪ ،‬د‪.‬عادل محمد خير‪ ،‬ـ س‪ ،‬ص ‪.102‬‬
‫‪- 6‬كيقضي ىذا الفصؿ بما يمي ‪ ":‬التضامن بين المدينين ال يفترض كيمزـ أف ينتج صراحة عف السند المنشئ لإللتزاـ أك مف‬
‫القانكف أك أف يككف النتيجة الحتمية لطبيعة المعاممة"‪.‬‬

‫‪146‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫انفمزح انثبنثخ‪ :‬تجه‪ٛ‬بد يسؤٔن‪ٛ‬خ انٓ‪ٛ‬ئخ انتحك‪ًٛٛ‬خ ف‪ ٙ‬انتشز‪ٚ‬غ‬


‫انًغزث‪ٙ‬‬
‫يمكف التطرؽ إلى ىذه التجميات في نقطتيف أساسيتيف‪ ،‬أكليما تخص المسؤكلية‬
‫المدنية (أكال)‪ ،‬كثانييا تتعمؽ بالمسؤكلية الجنائية (ثانيا)‪:‬‬

‫أوال‪ :‬فيما يتعلق بالمسؤولية المدنية ‪:‬‬


‫تترتب مسؤكلية ىيئة التحكيـ كمما ارتكبت خطأ مينيا يمس بالقكاعد التقنية لميمتيا‪،‬‬
‫أك لجيميا الفادح بأصكؿ القانكف كمسمماتو‪ ،‬أك النسحابيا غير المبرر مف اﻹجراءات‪ ،‬أك‬
‫ﻹخالليا بالتزاميا اتجاه اﻷطراؼ‪ ،‬أك لتأخرىا في المكاعيد القانكنية كاالتفاقية‪ ،‬أك لخركجيا عف‬
‫نطاؽ المعاممة المتساكية لألطراؼ‪...‬‬

‫كبذلؾ فإف المسؤكلية المدنية لييئة التحكيـ تظير جميا في النقاط التالية‪:‬‬

‫‪ -1‬مسؤكلية الييئة التحكيمية المرتبطة بقبكليا الميمة التحكيمية ‪:‬‬

‫‪ 327-6‬مف قانكف رقـ ‪ 08-05‬عمى إمكانية‬ ‫لقد نص المشرع المغربي في الفصؿ‬


‫مساءلة الييئة التحكيمية‪ ،‬كذلؾ تحت طائمة تعكيضيا لألطراؼ ع ف اﻷضرار الالحقة بيـ‪،‬‬
‫حيث كرد في الفقرة الثالثة مف الفصؿ أعاله ما يمي‪:‬‬

‫"‪...‬يجب عمى كؿ محكـ أف يستمر في القياـ بميمتو إلى نيايتيا كال يجكز ؿ ق تحت‬
‫طائمة دفع تعكيضات أف يتخمى عنيا دكف سبب مشركع بعد قبكليا كذلؾ بعد إرسالو إشعا ار‬
‫يذكر فيو أسباب تخميو"‪.‬‬

‫كيستنتج مف ىذا الفصؿ أنو ينبغي لقياـ مسؤكلية المحكميف المدنية تكفر ثالث شركط‬
‫أساسية كىي‪:‬‬

‫‪- ‬ضركرة قبكؿ المحكميف القياـ بالميمة‪ ،‬كذلؾ عف طريؽ التزاـ كتابي صادر عنيـ‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫كالتكقيع عمى اتفاؽ التحكيـ مثال‬

‫‪ - 1‬كيتضح ىنا أف المشرع قد تشدد نكعا ما في مسؤكلية الييئة التحكيمية كما جعميا تثكر بمجرد قبكليا لمميمة التحكيمية ال‬
‫مف تاريخ الشركع في مسطرة التحكيـ كما جاء في الفصؿ ‪ 31‬مف ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ قبؿ التعديؿ‪ ،‬كىذا اتجاه محمكد سيمنع مف حدكث‬
‫التراجعات التعسفية التي قد تمحؽ أض ار ار كثيرة كمتنكعة في حؽ الخصكـ‪.‬‬

‫‪147‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫‪- ‬ضركرة التكقؼ عف أداء ىذه الميمة أم عدـ االستمرار فييا أيا كانت المرحمة التي‬
‫كصمت إلييا القضية‪ ،‬سكاء عند مرحمة اتخاذ اﻹجراءات الالزمة لمنطؽ بالمقرر‪ ،‬أك عند رفض‬
‫التكقيع عمى ىذا اﻷخير‪.‬‬

‫‪- ‬ضركرة عدـ كجكد مبرر مشركع يسمح لمييئة بالتخمي عف ميمتيا‪ ،‬كنعتقد أف اﻷمر‬
‫يتعمؽ بتحقؽ إحدل الحاالت المنصكص عمييا في الفصؿ ‪ 327-19‬مف نفس القانكف‪.‬‬

‫‪ -2‬مسؤكلية الييئة التحكيمية المثارة ﻷسباب تتعمؽ بالمقرر التحكيمي‬


‫كتتحقؽ ىذه المسؤكلية في الحالة التي يصدر فييا المقر ر التحكيمي دكف التحقؽ مف‬
‫كجكد اتفاؽ تحكيمي‪ ،‬أم عندما ينعدـ ركف الرضى القاضي بالمجكء إلى التحكيـ‪ ،‬أك النتفاء‬
‫أىمية أحد اﻷطراؼ أك لعدـ احتراـ مكانع المجكء إلى التحكيـ‪ ،‬إذ أف ىذه الحاالت كميا تؤدم‬
‫إلى إبطاؿ المقرر التحكيمي‪.‬‬

‫كليذا فإف مسؤكلية الييئة التحكيمية تنعقد بمجرد تجاىميا لإلجراءات السابؽ ذكرىا‪.‬‬

‫كما أف التزاـ المحكميف بالعمؿ بضمير ميني يكجب عمييـ أف يتقيدكا بالميمة‬
‫المحددة اتفاقا أك قانكنا ﻹصدار الحكـ التحكيمي‪ ،‬كذلؾ تحت طائمة قياـ مسؤكليتيـ‪ ،‬كلك تـ‬
‫‪ ،327-20‬إذ كاف كاف تأخر‬ ‫تمديد ىذه الميمة بطمبيـ طبقا لمفقرة الثانية مف الفصؿ‬
‫بقكف مسؤكليف مدنيا أماـ‬ ‫المحكميف في إصدار مقررىـ ال ينطكم عمى سكء نية‪ ،‬فإنيـ م‬
‫اﻷطراؼ لتأخرىـ في إصدار ىذا المقرر في اآلجاؿ المحدد سمفا‪.‬‬

‫‪ -3‬مسؤكلية الييئة التحكيمية المتعمقة بتجاكز حدكد سمطاتيا ‪:‬‬

‫يرجع أساس السمطات التي تتمتع بيا الييئة التحكيمية إلى اتفاؽ التحكيـ‪ ،‬لذا فإف‬
‫كؿ خركج عف نطاؽ ىذا االتفاؽ يعرض ىذه الييئة إلى المساءلة القانكنية المدنية‪ ،‬كما لك‬
‫أغفمت أك تغافمت الفصؿ في جزء مف النزاع‪ ،‬أك امتنعت عف القياـ بإجراء مف اﻹجراءات‬
‫الضركرية‪...‬‬

‫كنحف نعمـ حجـ اﻷضرار المادية كالمعنكية التي قد تمحؽ أحد اﻷطراؼ أك ىما معا‬
‫في حالة إبطاؿ المقرر التحكيمي نتيجة ىذا اﻹىماؿ‪ ،‬الشيء الذم يجعمنا نؤيد قياـ المسؤكلية‬
‫في حؽ ىؤالء المحكميف الميمميف‪.‬‬

‫‪148‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫‪-4‬مسؤكلية الييئة التحكيمية المتعمقة بعدـ احتراـ سرية التحكيـ‬


‫يعكد التزاـ المحكـ بالسرية إلى عقد التحكيـ الذم كقعو بعد تعيده بعدـ إفشاء أسرار‬
‫اﻷطراؼ‪ ،‬لذا فإف ىذا االلتزاـ يككف ذ ا طبيعة عقدية‪ ،‬كاف كاف يبتدئ قبؿ التكقيع عمى ىذا‬
‫العقد ليسرم بذلؾ حتى بعد صدكر المقرر التحكيمي‪ ،‬كترجع دكافع التمسؾ بالسرية إلى حماية‬
‫المراكز الشخصية كالمالية كاالقتصادية لألطراؼ‪ ،‬كذلؾ بغية عدـ المساس بسمعتيـ في‬
‫مختمؼ مجاالت معامالتيـ‪.‬‬

‫كفي ىذا السياؽ تعرض المشرع المغربي إلى مسؤكلية المحكـ الذم أفشى سره الميني‬
‫في الفصؿ ‪ 326‬مف قانكف ‪ 08-05‬إال أنو تناكؿ ىذه المسؤكلية مف الناحية الجنائية فقط‪ ،‬كمع‬
‫ذلؾ فال يكجد ما يمنع مف ترتيبيا حتى عمى المستكل المدني تطبيقا لمقكاعد العامة المنظمة‬
‫لممسؤكلية العقدية‪.‬‬

‫كنشير أيضا أف غالبية المؤسسات التحكيمية قد نصت لكائحيا صراحة عمى كجكب‬
‫‪ 7‬مف نظاـ‬ ‫احتراـ المحكميف التابعيف ليا لسرية إجراءات التحكيـ‪ ،‬ككنمكذج منيا نذكر المادة‬
‫مركز القاىرة لمتحكيـ كالذم نص عمى ما يمي‪:‬‬

‫"ال يجكز لممحكـ االستفادة مف المعمكمات التي حصؿ عمييا أثناء إجراءات التحكيـ‬
‫لتحقيؽ أم غنـ لنفسو أك لمغير لممساس بمصالح اآلخريف"‪.‬‬

‫‪ -5‬مسؤكلية الييئة التحكيمية الناشئة عف تصريحاتيا‬


‫صح فييا المحكـ لألطراؼ عف‬
‫ؼ‬ ‫كتتعمؽ ىذه المسؤكلية بتمؾ الحالة التي ال م‬
‫العالقات كالمصالح التي تربطو بأحدىـ‪.‬‬

‫كفي ىذا الباب نص الفصؿ ‪ 327-7‬عمى ما يمي‪:‬‬

‫" يتعيف عمى المحكـ الذم يعمـ بكجكد أحد أسباب التجريح في نفسو أف يشعر‬
‫اﻷطراؼ بذلؾ‪ ،‬كفي ىذه الحالة‪ ،‬ال يجكز قبكؿ ميمتو إال بعد مكافقة اﻷطراؼ"‪.‬‬

‫فيذا الفصؿ كاف لـ ينص عمى إمكانية قياـ مسؤكلية المحكـ الذم لـ يفصح عف‬
‫عالقاتو بأحد اﻷطراؼ‪ ،‬فإنيا تجد تبريرىا في القكاعد العامة لممسؤكلية‪ ،‬كما تنطبؽ ىذه‬
‫القاعدة أيضا عمى مسؤكلية المحكـ المترتبة في حالة تحايمو أك تدليسو‪ ،‬كاختياره لمكاف‬

‫‪149‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫التحكيـ غير المتفؽ عميو مف قبؿ اﻷطراؼ‪ ،‬أك تعمده اختيار قانكف معيف بغية تحقيؽ مصمحة‬
‫أحد الخصكـ عمى حساب اآلخر(‪.)1‬‬

‫كىكذا نستنتج أف المسؤكلية المدنية لمييئة التحكيمية يمكف أف تثار في جميع المراحؿ‬
‫التي تمر منيا مسطرة التحكيـ‪ ،‬بؿ تستمر حتى بعد إصدار المقرر التحكيمي‪ ،‬كذلؾ حماية‬
‫لمصالح اﻷطراؼ التي يمكف أف تتضرر مف بعض التصرفات غير القانكنية الصادرة عف ىذه‬
‫الييئة‪.‬‬

‫كبعد تطرقنا ؿلمسؤكلية المدنية‪ ،‬ننتقؿ إلى الفقرة الثانية مف أجؿ تناكؿ المسؤكلية‬
‫الجنائية لمييئة التحكيمية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬فيما يتعلق بالمسؤولية الجنائية‬


‫إف أداء الييئة التحكيمية لمياميا يقتضي إخضاع تصرفاتيا ﻷحكاـ المسؤكلية‬
‫الجنائية‪ ،‬كالدافع لذلؾ ضركرة كبح كؿ محاكلة مف شأنيا المس بحقكؽ اﻷطراؼ المحمية‬
‫جنائيا‪.‬‬

‫كبفعؿ اﻷخطار المحتممة التي تيدد مصالح اﻷطراؼ‪ ،‬أخضع المشرع المغربي الييئة‬
‫التحكيمية إلى إمكانية المساءلة الجنائية كمما اقترفت جرما في حؽ الخصكـ أضر بسمعتيـ‪،‬‬
‫كيظير ىذا االىتماـ التشريعي عمى الخصكص في مسألتاف اثنتاف‪:‬‬

‫‪- 1‬فيما يتعمؽ بإفشاء الييئة التحكيمية ﻷسرار الخصكـ‬

‫‪ - 1‬كفي ىذا المكضكع أصدرت لجنة اﻷمـ المتحدة لمقانكف التجارم الدكلي مدكنة سميت بػ‪" :‬سموكيات المحكم"‪ ،‬كالتي نصت‬
‫عمى مجمكعة مف المبادئ منيا ما يمي‪:‬‬
‫‪ -‬ال يجكز لممحكـ االتصاؿ بأطراؼ التحكيـ لمسعي نحك التعييف أك االختيار كمحكـ‪.‬‬
‫‪ -‬ال يجكز لممحكـ قبكلو التعييف أك االختيار كمحكـ إال بعد التأكد مف القدرة كالصالحية ﻷداء ىذه الميمة دكف ما‬
‫تميز كمف إمكاف تخصيص الكقت كاالىتماـ الالزميف لذلؾ‪.‬‬
‫‪ -‬يجب عمى مف يرشح ليككف محكما أف يصرح لمف يتصؿ بو في أمر ىذا الترشح بكؿ الظركؼ التي مف‬
‫شأنيا احتماؿ إثارة شككؾ ال يبرر حياده أك استقاللو‪ ،‬كعمى المحكـ بمجرد تعيينو أك اختياره التصريح بيذه الظركؼ ﻷطراؼ‬
‫النزاع‪ ،‬إال إذا كاف قد سبؽ إحاطتيـ عمما بذلؾ‪.‬‬

‫‪150‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫تتجمى الحماية الجنائية ﻷسرار اﻷطراؼ في مقتضيات الفصؿ ‪ 326‬مف قانكف ‪-05‬‬
‫‪ 08‬كالتي تنص عمى ما يمي‪:‬‬

‫" يمزـ المحكمكف بكتماف السر الميني طبقا لما ىك منصكص عميو في القانكف الجنائي"‪.‬‬

‫كىكذا نرل أف الييئة التحكيمية تخضع ىي اﻷخرل إلى ضكابط كثماف السر الميني‪،‬‬
‫مثميا في ذلؾ مثؿ باقي الميف التي تأتمف عمى أسرار اﻷشخاص(‪.)1‬‬

‫‪ 446‬منو قد حدد اﻷشخاص‬ ‫كبرجكعنا إلى القانكف الجنائي المغربي نجد الفصؿ‬
‫اﻷمناء عمى اﻷسرار‪ ،‬كما نص عمى العقكبات المقررة ضدىـ في حالة إفشائيـ ليا(‪.)2‬‬
‫ؿتضمنو لعبارة عامة‬ ‫كبتحميمنا لمفصؿ أعاله نجده ييـ حتى الييئة التحكيمية‪ ،‬ذلؾ‬
‫تقضي بإخضاع كؿ شخص بحكـ مينتو لضكابط حماية السر الميني "‪...‬ككؿ شخص يعتبر‬
‫مف اﻷمناء عمى اﻷسرار‪ ،‬بحكـ مينتو أك كظيفتو الدائمة أك المؤقتة إذا أفشى س ار أكدع لديو‪،‬‬
‫كذلؾ في غير اﻷحكاؿ التي يجيز لو فييا القانكف أك يكجب عميو فييا التبميغ عنو‪."...‬‬
‫كيعاقب طبقا لمفصؿ أعاله كؿ مف أفشى س ار ائتمف عميو بالحبس مف شير إلى ستة‬
‫أشير حبسا كغرامة مالية مف ألؼ كمائتيف إلى عشريف ألؼ درىـ‪.‬‬
‫‪ -2‬فيما يتعمؽ بارتكاب الييئة التحكيمية لجريمة الرشكة‬
‫يساءؿ المحكـ أيضا عما يرتكبو مف جرائـ الرشكة طبقا لمقتضيات الفصؿ ‪ 248‬مف‬
‫القانكف الجنائي‪ ،‬كالذم ينص عمى المقتضيات التالية‪:‬‬
‫" يعد مرتكبا لجريمة الرشكة‪ ،‬كيعاقب بالحبس مف سنتيف إلى خمس كبغرامة مف ألفي‬
‫درىـ إلى خمسيف ألؼ درىـ مف طمب أك قبؿ عرضا أك كعدا أك تسمـ ىبة أك أية فائدة أخرل‬
‫مف أجؿ‪.‬‬
‫‪........-1‬‬
‫‪ -2‬إصدار قرار أك إبداء رأم لمصمحة شخص أك ضده كذلؾ بصفتو حكما أك خبي ار‬
‫عينتو السمطة اﻹدارية أك القضائية أك اختاره اﻷطراؼ‪."...‬‬

‫‪ - 1‬مثؿ اﻷطباء كالصيادلة كالمحاميف‪...‬‬


‫‪ - 2‬كتجدر اﻹشارة إلى ىذا الفصؿ ييـ بصفة أساسية الميف الطبية‪.‬‬

‫‪151‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫كمىدؼ ىذا التجريـ إلى الحفاظ عمى دعائـ النزاىة كالحياد التي يجب أف تتحمى بيا‬
‫الييئة التحكيمية طكاؿ مسطرة التحكيـ (‪.)1‬‬
‫ككخالصة ليذا الفصؿ فإننا حاكلنا الكقكؼ عمى نقاط الفعالية ك بؤر المحدكدية التي‬
‫جاء بيا قانكف ‪ 08-05‬في مكضكع الييئة التحكيمية‪ ،‬محاكليف في ذات الكقت البحث عف‬
‫حمكؿ قانكنية لسد الثغرات التشريعية التي تسربت إليو‪.‬‬

‫‪ - 1‬كنشير في ىذا الصدد إلى إمكانية متابعة المحكميف في حالة ثبكت ارتكابيـ لجرائـ أخرل‪ ،‬كجنح اﻹختالس كالتزكير‬
‫كالغدر‪.‬‬

‫‪152‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫خبتًخ‪:‬‬

‫لقد تناكلنا في ىذا البحث العديد مف المكضكعات القانكنية المتعمقة بالييئة التحكيمية‪،‬‬
‫بدأناىا بمقدمة ال غنى لمباحث عنيا مف أجؿ تحديد اتجاه البحث كاطاره مع ما يترتب عف‬
‫ذلؾ مف حصر ﻹشكاليتو العامة‪ .‬لنقكـ بعد ذلؾ بتقسيمو إلى فصميف اثنيف‪ ،‬اﻷكؿ تطرقنا فيو‬
‫‪ ،08-05‬كالذم‬ ‫إلى دراسة اﻹطار القانكني لمييئة التحكيمية كذلؾ قبؿ صدكر القانكف رقـ‬
‫كقفنا فيو عمى بحث مجمكعة مف الشركط الجكىرية الكاجب تكفرىا في أعضاء ىذه الييئة عمى‬
‫اعتبار أف المشرع المغربي قد أغفؿ اﻹشارة إلييا‪.‬‬

‫كبعد ذلؾ انتقمنا إلى معالجة الكضعية القانكنية التي كانت عمييا الييئة التحكيمية في‬
‫إطار التحكيـ المؤسساتي‪ ،‬حيث خمصنا مف ذلؾ إلى أنيا كانت تعاني مف التيميش التشريعي‬
‫المطمؽ‪ ،‬مبيينيف في نفس الكقت اﻷسباب الرئيسية التي ساىمت في ذلؾ‪ ،‬دكف أف نغفؿ اﻹشارة‬
‫إلى المعكقات التشريعية التي أثر ت سمبيا في صالحيات ىذه الييئة أثناء أداء مياميا‪ .‬كما‬
‫حاكلنا في ىذا المكضكع بياف أىـ بؤر ىذه المعكقات التي شممت عدة مستكيات كاف في‬
‫مقدمتيا اختصاص ىذه الييئة الذم تبيفت لنا محدكديتو‪ ،‬كذلؾ سكاء مف الناحية المكضكعية‬
‫أك اﻹجرائية‪.‬‬

‫كتجدر اﻹشارة إلى أننا قد عممنا في ىذا الفصؿ أثناء تحميمنا لمكضكعاتو عمى‬
‫استحضار كؿ ما جاء بو التعديؿ الجديد في ىذا السياؽ‪ ،‬دكف أف ننسى االستشياد ببعض‬
‫المكاقؼ التشريعية كالفقيية المقارنة التي ليا ذات الصمة بيذه المكضكعات‪.‬‬

‫قلبحث الكضعية القانكنية لمييئة‬ ‫أما الفصؿ الثاني مف ىذه الدراسة‪ ،‬فقد خصصنا‬
‫التحكيمية بعد نفاذ القانكف ‪ ،08-05‬مركزيف في ذلؾ عمى تحديد كتحميؿ مظاىر الفعالية التي‬
‫أصبحت تحيط بيذه الييئة‪ ،‬كالمتجمية بكجو خاص في تمتيعيا بنظاـ قانكني متكازف إلى حد‬
‫ما‪ ،‬إال أنو بالرغـ مف تزايد االىتماـ التشريعي بالييئة التحكيمية‪ ،‬فإف ىذه اﻷخيرة لـ تسمـ مف‬
‫بعض تجميات المحدكدية‪ ،‬كالتي تظير بشكؿ جمي مف خالؿ عدـ تكازف الدكر الذم يؤديو‬
‫القضاء في مكاجيتيا‪ ،‬ككذا مف خالؿ عجز المشرع المغربي عف تخصيص نظاـ قانكني دقيؽ‬
‫كمتكامؿ يعنى بتنظيـ مسؤكليتيا في مكاجية اﻷطراؼ كالغير‪.‬‬

‫‪153‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫كنكد لفت االنتباه في ىذه الخالصة أيضا إلى أف اليدؼ مف ىذه الدراسة لـ يكف مجرد‬
‫طرح إشكاليات قانكنية فقط‪ ،‬كانما كضع تصكر شمكلي نعالج فيو مدل أىمية إحاطة الييئة‬
‫التحكيمية بتنظيـ قانكني مناسب كفعاؿ‪ ،‬حتى تتمكف مف تسكية النزاعات المعركضة عمييا‬
‫دكف تعرضيا في ذلؾ ﻷم صعكبات تذكر‪.‬‬

‫كما أننا حرصنا في كؿ مناسبة عمى اﻹشارة إلى نصكص مجمكعة مف اﻷنظمة‬
‫المؤسساتية المتعمقة بالتحكيـ‪ ،‬حتى ال نغيب الدكر الفعاؿ الذم تمعبو ىذه اﻷنظمة في تقنيف‬
‫عمؿ الييئات التحكيمية التابعة لمراكز التحكيـ‪.‬‬

‫كعمى ىذا اﻷساس‪ ،‬فإنو ينبغي أف نضع في االعتبار أف ىناؾ العديد مف اﻷسباب‬
‫التي تؤثر في فاعمية مياـ الييئة التحكيمية‪ ،‬كعمى تحقيؽ اﻷىداؼ التي عينت مف أجميا‪،‬‬
‫فمف ىذه اﻷسباب ما يعكد أساسا إلى السياسة التشريعية التي تبناىا المشرع المغربي سكاء كاف‬
‫ذلؾ قبؿ صدكر قانكف ‪ 08-05‬أك بعده اﻷمر الذم يتعيف معو مكاجية سمبيات ىذه السياسة‬
‫ببعض المقترحات المتكاضعة التي نييب بالمشرع مف أجؿ اﻷخذ بيا فيما قد يط أر عمى ىذا‬
‫القانكف مف تعديالت مستقبمية‪.‬‬

‫كتبعا لذلؾ سنفرد ىذه التكصيات عمى الشكؿ المكالي‪:‬‬

‫‪-‬كجكب تحديد الشركط المطمكب تكفرىا في أعضاء الييئة التحكيمية بدقة عالية‬
‫كمتناىية لتفادم كؿ غمكض قد يؤثر في أداء مياميا أثناء تسكيتيا لممنازعات‪.‬‬

‫‪-‬ضركرة كضع معايير مكضكعية يتعيف عمى اﻷطراؼ احتراميا‪ ،‬كذلؾ بمناسبة‬
‫اختيارىـ لمييئة التحكيمية‪ ،‬السيما معيار تكفر أعضائيا عمى خبرة معينة كمستكل تعميمي‬
‫متكسط عمى اﻷقؿ‪ ،‬فيذا التدبير الكقائي ال يعني مساسا بمبدأ حرية سمطاف اﻹرادة‪ ،‬كانما ىك‬
‫بمثابة تدعيـ لفرص نجاح العممية كالتحكيمية‪.‬‬

‫‪-‬حتمية تخصيص تنظيـ قانكني أكثر تنظمما كضبطا لمسمطات التي تتمتع بيا الييئة‬
‫التحكيمية‪.‬‬

‫‪ -‬ضركرة العمؿ عمى تكسيع النطاؽ المكضكعي لمتحكيـ‪ ،‬ال العمؿ عمى التضييؽ‬
‫منو‪.‬‬

‫‪154‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫‪ -‬إبعاد تدخؿ القضاء في اختصاص اﻷطراؼ أثناء تعيينيـ ﻷعضاء الييئة‬


‫التحكيمية‪ ،‬كذلؾ بإقداـ المشرع عمى إلغاء المقتضيات القانكنية المنصكص عمييا في قانكف‬
‫‪ 08-05‬التي تمزـ المحكميف الراغبيف في ممارسة أعماؿ التحكيـ أف يصرحكا مسبقا بذلؾ لدل‬
‫الككيؿ العاـ لمممؾ المختص‪ ،‬ﻷف في ذلؾ تطاكال عمى إرادة اﻷطراؼ مف جية‪ ،‬كارىاقا‬
‫لمقضاء نفسو مف جية ثانية‪.‬‬

‫‪ -‬ضركرة تدعيـ دكر القضاء في المشاركة اﻹيجابية في تسيير مسطرة التحكيـ مف‬
‫بالتنصيص صراحة عمى إمكانية‬ ‫أجؿ تجاكز الصعكبات التي تعترض سيرىا الطبيعي‪ ،‬كذلؾ‬
‫قياـ القضاء بمساعدة الييئة التحكيمية في إجراءات التحقيؽ استغالال لسمطة الجبر التي يتمتع‬
‫بيا‪ ،‬ككذا كضعو رىف إشارتيا لإلنابات القضائية التي تسير المحاكـ عمى تنفيذىا‪.‬‬

‫‪ -‬التنصيص عمى أحكاـ متكاممة تسير عمى تنظيـ مسؤكلية الييئة التحكيمية‪ ،‬مف‬
‫أجؿ تحصيف كحماية حقكؽ اﻷطراؼ كالغير في مكاجيتيا‪.‬‬

‫‪ -‬تبني إجراءات قانكنية كاضحة في سمكؾ مسطرتي تجريح كاقالة المحكميف مف قبؿ‬
‫اﻷطراؼ ‪ ،‬لضماف عدـ تعرضيما ﻷية عراقيؿ‪.‬‬

‫‪ -‬نيج سياسة ضريبية مشجعة تقضي بإعفاء التعكيضات المحككـ بيا في المقررات‬
‫التحكيمية‪ ،‬مف أجؿ تحفيز اﻷشخاص عمى المجكء إلى خدمات الييئات التحكيمية‪.‬‬

‫كما نكصي في ىذه الخالصة بأف يقكـ القطاع الخاص بتشجيع جميع الفعاليات‬
‫االقتصادية عمى ارتياد الييئات التحكيمية التابعة لمراكز التحكيـ المنتشرة بالمغرب‪ ،‬مف أجؿ‬
‫تفعيؿ مياميا المتجسدة في حؿ النزاعات‪ ،‬مما سيخرجيا مف الرككد الذم تعيشو حاليا‪.‬‬

‫كنرل أف ىذا التشجيع يمكف أف يككف في صكرة تنظيـ الييئات المينية الكطنية‬
‫كاالتحاد العاـ لممقاكالت المغربية أياـ ا دراسية كندكات عممية تعقد عمى مستكل جميع جيات‬
‫المممكة بتنسيؽ مع غرؼ الصناعة كالتجارة كالخدمات المحمية‪ ،‬كذلؾ ﻹبراز أىمية الفكائد‬
‫العممية ك العممية التي تظير عف احتكاـ المقاكالت إلى الييئات التحكيمية‪.‬‬

‫‪155‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫كما أف ىذا التشجيع قد يرد بطريقة غير مباشرة كاعتماد المراكز التحكيمية ﻷطر‬
‫حتى‬ ‫مينية ليا مف الكفاءة ما يكفي لسد حاجياتيا في قانكف التحكيـ‪ ،‬كذلؾ تعزي از لمصداقيتيا‬
‫تجعؿ المقاكالت الكطنية ك اﻷجنبية تضع فييا ثقتيا الكاممة‪.‬‬

‫كارتباطا بالمكضكع فإف عممية النيكض بالييئات التحكيمية ال يرجع إلى ضركرة‬
‫ؾذلؾ‪ ،‬التي‬ ‫كضع تعديالت تشريعية فقط‪ ،‬كانما يتـ ذلؾ مف خالؿ االنفتاح عمى الجامعات‬
‫قصد‬ ‫يعكؿ عمييا في تخريج باحثيف مسمحيف بالمعارؼ العممية الالزمة في ميداف التحكيـ‬
‫بإشباع متطمبات مراكز التحكيـ في ىذا الـ يداف‪.‬‬

‫كفي نياية مقترحاتنا نرل أف التنظيـ القانكني الدقيؽ المسبؽ لمييئة التحكيمية سيجنبيا‬
‫عناء العديد مف المشكالت التي قد ال تظير إال بعد التنفيذ‪.‬‬

‫‪156‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫الئحخ انًزاجغ‪: 1‬‬


‫أوال‪ :‬المراجع باللغة العربية‪:‬‬
‫‪ -1‬المراجع العامة ‪:‬‬

‫‪ ‬أحمد زوكاغي ‪ ،‬تنازع القكانيف في الزماف دراسة في القانكف الدكلي الخاص المغربي‪،‬‬
‫منشكرات جمعية التنمية البحكث كالدراسات القضائية‪ ،‬ط ‪.1993‬‬

‫‪ ‬أحمد زوكاغي‪ ،‬أحكاـ التنازع بيف القكانيف في التشريع المغربي‪ ،‬طبعة ‪.2002‬‬

‫‪ ‬حسن عامر‪ ،‬المسؤكلية المدنية التقصيرية كالعقدية‪ ،‬الطبعة الثانية‪.1989 ،‬‬

‫‪ ‬رجاء الناجي مكاوي ‪ ،‬الحؽ ماىيتو عناصره‪ ،‬كحدكده‪ ،‬مدخؿ العمكـ القانكنية‪ ،‬الجزء الثاني‪،‬‬
‫شركة بابؿ لمطباعة كالنشر كالتكزيع‪ ،‬طبعة ‪.2001‬‬

‫‪ ‬زيد قدري الترجمان ‪ ،‬المكجز في القانكف المدني‪ ،‬نظرية االلتزاـ‪ ،‬الجزء اﻷكؿ‪ ،‬مصادر‬
‫االلتزاـ‪ ،‬شركة بابؿ لمطباعة كالنشر‪ ،‬الرباط‪ ،‬ط ‪.1992‬‬

‫‪ ‬عبد اهلل حداد‪ ،‬صفقات اﻷشغاؿ العمكمية كدكرىا في التنمية‪ ،‬منشكرات عكاظ‪ ،‬ط ‪.2002‬‬

‫‪ ‬عبد الحق عقمة ‪ ،‬القانكف اﻹدارم‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬اﻹدارة كسائميا‪ ،‬دار القمـ‪ ،‬الرباط‪ ،‬طبعة‬
‫‪.2002‬‬

‫‪ ‬عبد الوىاب المريني ‪ ،‬دركس في القانكف القضائي الخاص المغربي‪ ،‬القضاء المغربي‪،‬‬
‫مكتبة دار السالـ‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة اﻷكلى ‪.2001‬‬

‫‪ ‬عز الدين عبد اهلل ‪ ،‬القانكف الدكلي الخاص‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬الييئة المصرية العامة لمكتاب‪،‬‬
‫الطبعة التاسعة‪ ،‬القاىرة ‪.1986‬‬

‫‪ ‬عزيز الفتح‪ ،‬تاريخ المؤسسات كالكقائع اﻹجتماعية في الحضارات القديمة (الحضارة العربية‬
‫اﻹسالمية – الحضارة المغربية)‪ ،‬ط ‪.2003-2002‬‬

‫‪ ‬مامون الكزبري‪ ،‬شركح في قانكف المسطرة المدنية المغربي‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬بدكف طبعة‪.‬‬

‫‪ -1‬حسب الترتيب اﻷبجدم‪.‬‬

‫‪157‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫‪ ‬محمد جمال الدين زكي‪ ،‬الكجيز في نظرية االلتزاـ ‪ ،‬الطبعة الثانية‪.1976 ،‬‬

‫‪-2‬المراجع المتخصصة‬
‫‪ ‬أبو زيد رضوان‪ ،‬اﻷسس العامة لمتحكيـ التجارم الدكلي‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬بدكف طبعة‪.‬‬

‫‪ ‬أحمد أبو الوفا ‪ ،‬التحكيـ االختيارم كاﻹجبارم‪ ،‬منشاة المعارؼ اﻹسكندرية ‪ ،‬الطبعة‬
‫الخامسة‪.2001 ،‬‬

‫‪ ‬أحمد سعيد المومني‪ ،‬التحكيـ في التشريع اﻷردني كالمقارف‪ ،‬مطبعة التكفيؽ بعماف‪ ،‬الطبعة‬
‫اﻷكلى ‪.1983‬‬

‫‪ ‬أحمد عبد الكريم سالمة ‪ ،‬التحكيـ التجارم الدكلي كالداخمي‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬الطبعة‬
‫‪.2004‬‬

‫‪ ‬أحمد شكري السباعي ‪ ،‬الكسيط في النظرية العامة في قانكف التجارة كالمقاكالت التجارية‬
‫كالمدنية‪ ،‬دراسة معمقة في قانكف التجارة المغربي الجديد كالمقارف‪ ،‬التحكيـ الكطني كالدكلي‬
‫كقانكف االكنستراؿ‪ ،‬الجزء اﻷكؿ‪ ،‬دار النشر الطبعة اﻷكلى ‪.2001‬‬

‫‪ ‬إبراىيم كمال‪ ،‬التحكيـ التجارم الدكلي‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬الطبعة األولى‪.1991 ،‬‬

‫‪ ‬جالل وفاء محمدين ‪ ،‬التحكيـ تحت مظمة المركز الدكلي لتسكية منازعات االستثمار‪ ،‬دار‬
‫الجامعة الجديدة لمنشر ‪ ،‬طبعة ‪.1995‬‬

‫‪ ‬حفيظة السيد حداد ‪ ،‬العقكد المبرمة بيف الدكؿ كاﻷشخاص اﻷجنبية‪ ،‬دار النيضة العربية‪،‬‬
‫ط ‪.1996‬‬

‫‪ ‬حسام عيسى ‪ ،‬دراسات في اآلليات القانكنية لمتبعية الدكلية‪ :‬التحكيـ التجارم الدكلي‪ ،‬ط‬
‫‪.1990‬‬

‫‪ ‬عادل محمد خير ‪ ،‬حصانة المحكميف مقارنة بحصانة القضاء في الفقو اﻹسالمي‪،‬‬
‫كالتشريعات المصرية كالقانكف المقارف‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪ ،‬الطبعة اﻷكلى‪ ،‬مام‬
‫‪.1996‬‬

‫‪ ‬عبد الحميد األحدب‪ ،‬مكسكعة التحكيـ‪ ،‬التحكيـ في البالد العربية‪ ،‬الجزء اﻷكؿ‪ ،‬بدكف سنة‪.‬‬

‫‪158‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫‪ ‬عبد الحميد األحدب ‪ ،‬مكسكعة التحكيـ‪ ،‬التحكيـ الدكلي‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬دار المعارؼ‪ ،‬بدكف‬
‫سنة‪.‬‬

‫‪ ‬سامية راشد‪ ،‬التحكيـ في إطار المركز اﻹقميمي بالقاىرة‪ ،‬منشأة المعارؼ‪ ،‬طبعة ‪.1981‬‬

‫‪ ‬مصطفى محمد الجمال وعكاشة محمد عبد العال ‪ ،‬التحكيـ في العالقات الخاصة الدكلية‬
‫كالداخمية‪ ،‬الجزء اﻷكؿ‪ ،‬ط ‪.1998‬‬

‫‪ ‬منير عبد المجيد ‪ ،‬التنظيـ القانكني لمتحكيـ الدكلي كالداخمي‪ ،‬منشأة المعارؼ اﻹسكندرية‪،‬‬
‫طبعة ‪.1997‬‬

‫‪ ‬ميند أحمد المنصوري ‪ ،‬دكر المحكـ في خصكمة التحكيـ الدكلي الخاص‪ ،‬دراسة مقارنة‬
‫ﻷحكاـ التحكيـ التجارم الدكلي في غالبية التشريعات العربية كاﻷجنبية كاالتفاقات كالمراكز‬
‫الدكلية‪ ،‬دار الثقافة لمنشر كالتكزيع‪ ،‬ط ‪.2005‬‬

‫‪ ‬مختار أحمد بريري ‪،‬التحكيـ التجارم الدكلي‪,‬دراسة خاصة بالقانكف المصرم الجديد بشأف‬
‫التحكيـ في المكاد المدنية ك التجارية ‪,‬القاىرة ‪,‬دار النيضة العربية‪1995 ,‬‬

‫‪ ‬نصار جابر جاد نصار‪ ،‬التحكيـ في العقكد اﻹدارية‪ ،‬القاىرة‪ ،‬دار النيضة العربية‪.1998 ،‬‬

‫‪ ‬نجيب أحمد عبد اهلل الحبيمي ‪ ،‬اختالؼ الفقياء المسمميف حكؿ جكاز تحكيـ الجاىؿ في‬
‫الشريعة‪ ،‬بدكف طبعة‪.‬‬

‫‪ ‬ىدى محمد حمدي عبد الرحمان ‪ ،‬دكر المحكـ في خصكمة التحكيـ كحدكد سمطاتو‪ ،‬دار‬
‫النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪ ،‬طبعة ‪.1997‬‬

‫‪ -3‬البحوث الجامعية‬
‫أ‪ -‬أؽزٔحبد انذكتٕراِ ‪:‬‬

‫‪ ‬محمد الوكيمي ‪ ،‬تحكيـ البنؾ الدكلي لتسكية نزاعات االستثمار الناشئة بيف دكلة كشخص‬
‫أجنبي خاص‪ ،‬أطركحة لنيؿ الدكتكراه في القانكف الخاص‪ ،‬كمية الحقكؽ بالرباط (أكداؿ)‪.‬‬

‫‪159‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫‪ ‬محمد عبد اهلل محمد المؤيد ‪ ،‬منيج القكاعد المكضكعية في فض المنازعات الخاصة ذات‬
‫الطابع الدكلي‪ -‬دراسة تأصيمية‪ -‬رسالة لنيؿ درجة الدكتكراه في الحقكؽ‪ ،‬جامعة القاىرة‪ ،‬سنة‬
‫‪1998‬‬
‫ة‪ -‬انزسبئم‪:‬‬
‫‪ ‬جعفر كريشان ‪ ،‬التحكيـ في العقكد اﻹدارية‪ ،‬بحث لنيؿ الدبمكـ الجامعي العالي‪ ،‬كمية‬
‫الحقكؽ السكيسي‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2007-2006‬‬

‫‪ ‬رحال البوعناني ‪ ،‬التحكيـ االختيارم في القانكف المغربي الداخمي‪ ،‬رسالة لنيؿ دبمكـ‬
‫‪ ،1987-1986‬كمية الحقكؽ الرباط‬ ‫الدراسات العميا في القانكف الخاص‪ ،‬السنة الجامعية‬
‫(أكداؿ)‪.‬‬

‫‪ ‬عبد اهلل درميش ‪ ،‬التحكيـ في المكاد التجارية‪ ،‬رسالة لنيؿ دبمكـ الدراسات العميا في القانكف‬
‫الخاص‪ ،‬كمية العمكـ القانكنية كاالقتصادية كاالجتماعية بالدار البيضاء‪ ،‬السنة الجامعية‬
‫‪.1983-1982‬‬

‫‪-4‬المقاالت‪:‬‬
‫‪ ‬إدريس الضحاك ‪ ،‬عرض تقديمي لندكة التحكيـ التجارم الداخمي كالدكلي‪ ،‬دفاتر المجمس‬
‫اﻷعمى‪ ،‬مكضكع التحكيـ التجارم الداخمي كالدكلي‪ ،‬العدد ‪.2005/6‬‬

‫‪ ‬الحبيب سميم ‪ ،‬المؤسسات العمكمية كالتحكيـ‪ ،‬مجمة القضاء كالتشريع‪ ،‬مجمة تصدرىا ك ازرة‬
‫العدؿ بالجميكرية التكنسية‪ ،‬عدد خاص بالتحكيـ‪ ،‬بدكف طبعة‪.‬‬

‫‪ ‬بشرى العاصمي ‪ ،‬كرقة عف مركز التكفيؽ كالتحكيـ التجارم بمراكش‪ ،‬مجمة المنتدل‪ ،‬العدد‬
‫‪ ،2‬السنة ‪.2000‬‬

‫‪ ‬توفيق الوزاني شيدي ‪ ،‬الكممة التي ألقاىا بمناسبة الندكة العممية كالمنظمة بفاس بيف كؿ‬
‫مف ك ازرة العدؿ‪ ،‬كىيئة المحاميف بفاس‪ ،‬كشعبة القانكف الخاص بكمية الحقكؽ بفاس‪ ،‬تحت‬
‫مكضكع الطرؽ البديمة لتسكية المنازعات ج‪.‬ت‪.‬ـ‪.‬ؽ‪.‬ؽ‪ ،‬العدد ‪ ،2004 ،2‬الطبعة اﻷكلى‪.‬‬

‫‪ ‬جان بول رازون ‪ ،‬التحكيـ في القانكف المغربي‪ ،‬المجمة المغربية لمقانكف‪ ،‬السمسمة الجديدة ‪،‬‬
‫العدد ‪ ،1‬سنة ‪.1985‬‬

‫‪160‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫‪ ‬رياض فخري ‪ ،‬قكاعد التحكيـ قراءة في القانكف رقـ ‪ ،08-05‬الندكة الجيكية ‪ 11‬مف سمسمة‬
‫ندكات المجمس اﻷعمى المنظمة بمناسبة االحتفاؿ بالذكرل الخمسينية لتأسيسو‪ ،‬الناشر جمعية‬
‫التكافؿ االجتماعي لقضاة كمكظفي المجمس اﻷعمى‪ ،‬نكنبر ‪.2007‬‬

‫‪ ‬شمس الدين عبداتي ‪ ،‬التحكيـ المؤسسي بالمغرب‪ ،‬مقاؿ منشكر في مجمة خمسكف سنة‬
‫مف العمؿ القضائي‪ ،‬الصمح كالتحكيـ كالكسائؿ البديمة لحؿ النزاعات مف خالؿ اجتيادات‬
‫المجمس اﻷعمى‪ ،‬سنة ‪.2007‬‬

‫‪ ‬عبد الحفيظ األمراني ‪ ،‬التحكيـ في الشريعة اﻹسالمية‪ ،‬مقاؿ منشكر بمجمة القصر‪ ،‬العدد‬
‫الثالث شتنبر ‪.2002‬‬

‫‪ ‬عبد الرحمان بن سالمة ‪ ،‬التحكيـ في الشريعة اﻹسالمية كالقانكف الكضعي‪ ،‬مقاؿ منشكر‬
‫في مجمة الممحؽ القضائي‪ ،‬عدد ‪ ،33‬سنة ‪،1998‬‬

‫‪ ‬عبد اهلل درميش ‪ ،‬التحيكـ الدكلي في المكاد التجارية‪ ،‬مجمة القضاء كالقانكف‪ ،‬السنة‬
‫الخامسة كالعشركف‪ ،‬العدد ‪ ،137‬السنة ‪.1987‬‬

‫‪ ‬عبد اهلل درميش ‪ ،‬اىتماـ المغرب بالتحكيـ إلى أم حد؟ منشكر بمجمة المحاكـ المغربية‪،‬‬
‫عدد ‪.73‬‬

‫‪ ‬عبد المجيد غميجة ‪ ،‬قراءة في مشركع مدكنة التحكيـ‪ ،‬مقاؿ منشكر في أشغاؿ الندكة‬
‫العممية المنظمة بفاس‪ ،‬منشكرات جمعية نشر المعمكمة القانكنية كالقضائية‪ ،‬سمسمة الندكات‬
‫كاﻷياـ الدراسية‪ ،‬العدد ‪ ،2004-2‬الطبعة اﻷكلى‪.‬‬

‫‪ ‬عز الدين كتاني ‪ ،‬التحكيـ التجارم كالكاقع المغربي‪ ،‬مقاؿ منشكر في سمسمة دفاتر المجمس‬
‫اﻷعمى‪ ،‬مكضكع التحكيـ التجارم الداخمي كالدكلي‪ ،‬العدد ‪.2005/6‬‬

‫‪ ‬عز الدين بنكيران ‪ ،‬الكممة التي ألقاىا بمناسبة افتتاح أشغاؿ الندكة العممية التي نظمتيا‬
‫ك ازرة العدؿ بتعاكف مع شعبة القانكف الخاص بكمية الحقكؽ بفاس‪ ،‬كىيئة المحاميف بفاس‪ ،‬تحت‬
‫مكضكع الطرؽ البديمة لتسكية المنازعات‪:‬ج‪-‬ت‪-‬ؽ‪-‬ؽ‪ ،‬العدد ‪ ،2004-2‬الطبعة اﻷكلى‪.‬‬

‫‪ 08-05‬لمكساطة كالتحكيـ‪ ،‬مقاؿ‬ ‫‪ ‬عزيز الفتح ‪ ،‬الييئة التحكيمية في ظؿ مشركع قانكف‬


‫منشكر بمجمة القانكف المغربي‪ ،‬العدد ‪ ،)2008( 12‬مطبعة دار السالـ‪.‬‬

‫‪161‬‬
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫‪ ‬محمد أخياط ‪ ،‬التحكيـ البحرم (غرفة التحكيـ البحرم بالمغرب)‪ ،‬مجمة القصر‪ ،‬العدد‬
‫اﻷكؿ‪ ،‬يناير ‪.2002‬‬

‫‪ ‬محمد اإلدريسي العممي ‪ ،‬استقالؿ القضاء كفصؿ السمط‪ ،‬مجمة القانكف كاالقتصاد‪ ،‬العدد‬
‫‪.1990 ،6‬‬

‫‪ ‬محمد األعرج ‪ ،‬مقاؿ تحت عنكاف‪ ،‬مشركعية التحكيـ في المنازعات اﻹدارية‪ ،‬المجمة‬
‫المغربية لإلدارة المحمية كالتنمية عدد ‪ ،54-55‬يناير‪-‬أبريؿ ‪.2004‬‬

‫‪ ‬محمد أبو العينين ‪ ،‬قابمية المنازعات لمتحكيـ‪ ،‬مقاؿ منشكر في أعماؿ لندكة التحكيـ‬
‫‪3‬ك‪ 4‬مارس ‪ ،2004‬العدد‬ ‫التجارم كالداخمي كالدكلي‪ ،‬سمسمة دفاتر المجمس اﻷعمى‪ ،‬اﻷياـ‬
‫‪.6/2005‬‬

‫كاقع التحكيـ التجارم الدكلي كاَفاؽ اﻹستثمار‪ ,‬قضايا اﻹستثمار كالتحكيـ‬ ‫‪،‬‬ ‫‪ ‬محمد ثكمنت‬
‫مف خالؿ اجتيادات المجمس اﻷعمى ‪,‬خمسكف سنة مف العمؿ القضائي ‪,‬الندكة الجيكية الرابعة‬
‫‪18‬ك‪ 19‬أبريؿ‪. ,2007‬‬

‫‪ ‬تعميؽ عمى قانكف المسطرة المدنية المغربية في ضكء الفقو كالقضاء مف قبؿ مجمكعة مف‬
‫‪ ،1983 ،1‬الدار‬ ‫رجاؿ الفقو كالقضاء المغاربة (بدكف ذكر أسماؤىـ)‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬طبعة‬
‫العربية لممكسكعات‪ ،‬القاىرة‪.‬‬

‫‪ ‬المجمة العربية لمفقو كالقضاء تصدرىا اﻷمانة العامة لمجمس كزراء العدؿ العرب‪ ،‬العدد‬
‫اﻷكؿ‪ ،‬أبريؿ ‪ ،1984‬ككذا العدد السادس‪ ،‬أكتكبر‪.1987‬‬

‫‪ ‬مجمة القضاء كالقانكف عدد ‪.29‬‬

‫‪ ‬مجمة القضاء‪ ،‬العدد الثاني‪ ،‬ماس ‪.2002‬‬

‫ثانيا‪ :‬المراجع باللغة اﻷجنبية‬


‫‪Ouvrages et Articles :‬‬
‫‪ Abdellah Boudahrain, l’arbitrage commercial interne et international‬‬ ‫‪au‬‬
‫‪regard du Maroc, édition Al Madariss, 1999.‬‬

‫‪162‬‬
08-05 ‫ دراسة تحليلة في ضوء قانون‬:‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‬

 Abdellah Boudahrain, droit judicaire privé au Maroc, édition Al Madariss,


4éme édition, 2003.
 Antoinias Dimolitsa, autonomie et kompetenz-Kempetanz, revue de
l’arbitrage, année 1998 n° Avril juin.
 Domke, the arbitrator’s immunity from liability, tol rev 99, (1971)
 E.Gaillard, les manœuvres dilatoires des parties et les arbitres dans l’arbitrage
commercial international rev .arb, 1990.
 Eric Loquin, l’amiable composition en droit comparé et international.
contribution de l’étude de droit dans l’arbitrage commercial, volume 7, Paris,
1980.
 Jean pierre, contrats d’état et arbitrage entre états et personnes privés, études
Suisse de droit international, volume 33, Genève 1983.
 Olivier Caprasse, les sociétés et l’arbitrage, édition Delta, diffusion librairie le
point Beyrouth, 2002.
 Pierre Lalive, étude de procédure et l’arbitrage en l’honneur de J-F Foudret,
faculté de droit de l’université de Lausanne, 1999 sur l’irresponsabilité arbitral.
 Thomas Clay, l’arbitre, nouvelle bibliothèque de thèses, Dalloz, édition 2001.
Biblio-webs
 http://www.chambredesconseillers.org
 http://www.justice.gov.ma
 http://rabat.usembassy.gov
 http://www.marocinfo.net
 http://www.lalive.ch

163
‫وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ :‬دراسة تحليلة في ضوء قانون ‪08-05‬‬

‫مالحق‬

‫اﻷول‪ :‬المشركع اﻷكلي لقانكف رقـ ‪ 08.05‬المكدع لدل اﻷمانة العامة لمحككمة‬ ‫الملحق‬
‫الذم يقضي بنسخ كتعكيض الباب الثامف بالقسـ الخامس مف قانكف المسطرة المدنية ‪ ،‬ص‬
‫‪.167‬‬

‫‪ 08.05‬يقضي ينسخ كتعكيض الباب الثامف‬ ‫الثاني ‪ :‬مشركع قانكف رقـ‬ ‫المحلق‬
‫‪5‬‬ ‫بالقسـ الخامس مف قانكف المسطرة المدنية كما كافؽ عميو مجمس المستشاريف بتاريخ‬
‫جمادل اﻷكلى ‪ 1428‬المكافؽ لػ ‪ 22‬مام ‪ ،2007‬ص ‪.178‬‬

‫الثالث‪ :‬قانكف رقـ ‪ 08.05‬بقضي بنسخ كتعكيض الباب الثامف بالقسـ الخامس‬ ‫الملحق‬
‫مف قانكف المسطرة المدنية كما كافؽ عميو مجمس النكاب المنشكر بالجريدة الرسمية عدد ‪5584‬‬
‫بتاريخ ‪ 25‬ذك القعدة ‪ 1428‬المكافؽ لػ ‪ 6‬ديسمبر ‪ ،2007‬ص‪.192‬‬

‫الرابع ‪ :‬نمكذج عممي لمسطرة تحكيـ أماـ ىيئة تحكيمية (محكـ فرد) منذ‬ ‫الملحق‬
‫مرحمة اتفاؽ التحكيـ‪ ،‬إلى مرحمة طمب منح الصيغة التنفيذية لممقرر التحكيمي الصادر‬
‫بصددىا (مع التزامنا بعدـ ذكر اﻷسماء)‪ ،‬ص ‪.204‬‬

‫‪164‬‬

You might also like