You are on page 1of 8

‫((بديع الزمان الهمذاني وفن المقامة ))‬

‫‪ - 1‬بديع الزمان الهمذاني ‪ :‬هو أبو الفضل أحمد بن الحسين‬ ‫‪‬‬

‫الهمذاني ‪ ،‬ولد بهمذان ببالد فارس سنة ‪358‬هـ‪968/‬م ( القرن‬


‫الرابع الهجري ) ‪ ،‬كان كاتبا وشاعرا وقد أملى أربع مئة مقامة‬
‫وصلنا منها اثنتان وخمسون مقامة ‪ ،‬وقد اقترن هذا الفن القصصي‬
‫الجميل باسمه ‪ ،‬ألنه أوـل من ظهر على يديه هذا الفن متقنا وناضجا‬
‫‪ .‬وظل الهمذاني دائم التطواف حتى استقر في هراة وفيها داهمه‬
‫الموت سنة ‪398‬هـ‪1007/‬م ‪ ،‬وقد وصلنا له مقاماته ‪ ،‬وديوان‬
‫رسائله ‪ ،‬وديوان شعره ‪.‬‬

‫البداي‬
‫ة‬
‫((فن المقامة))‬
‫‪ -2‬فن المقامة ‪ :‬فن قصصي جميل تمتد جذوره األولى إلى المفاخرة والمنافرة ‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫وأحاديث األعراب ‪ ،‬ومقامات الوعاظ والقصاص ‪ ،‬ونوادر الشطار والعيارين‬


‫وغيرهم ‪ ،‬وقد ظهر فنا كامال على يد البديع في القرن الرابع الهجري ‪ ،‬حيث يقوم‬
‫بناء المقامة عنده على وجود راو واحد لجميع المقامات ‪ ،‬وكذلك يقوم بدور‬
‫البطولة بطل واحد في جميع المقامات ‪ ،‬وهو واسع الحيلة ذكي ماكر بليغ ‪ ،‬وتدور‬
‫معظم أحداث المقامات حول الكدية ‪ ،‬والهدف منها تعليم الناشئة ‪ ،‬واالستعراض‬
‫البياني ‪ ،‬والنقد االجتماعي والفكري ‪ ،‬بأسلوب متأنق تغلب عليه فنون البديع‬
‫كالسجع واالزدواج والمقابلة ‪ ،‬والجناس وغيرها ‪ ،‬وغالبا ما تختم المقامة بأبيات‬
‫من الشعر ليعبر فيها البطل عن فلسفته في الحياة ‪ ،‬ومن كتاب المقامة المشهورين‬
‫قديما ‪ :‬بديع الزمان ‪ ،‬والحريري ‪ ،‬وابن ناجيا ‪ ،‬والزمخشري ‪ ،‬والدمشقي ‪،‬‬
‫والسيوطي ‪ ،‬ومن كتابه في العصر الحديث ‪ :‬اليازجي ‪ ،‬والمويلح ‪ ،‬واإلبراهيمي‬
‫وغيرهم ‪.‬‬
‫العـود‬
‫ة‬
‫((فن المقامة))‬
‫ويمكن القول إن أقرب الفنون األدبية إلى المقامة هو فن القصة القصيرة ‪ ،‬مع وجود‬ ‫‪‬‬

‫بعض االختالفات بين الفنين يمكن تلخيصها على النحو التالي ‪:‬‬
‫‪ ‬‬ ‫‪‬‬

‫القصة القصيرة‬ ‫المقامة‬ ‫‪‬‬

‫‪ -1‬قد يتعدد الرواة‬ ‫‪ - 1‬لها راو واحد‬ ‫‪‬‬

‫‪ -2‬قد يتعدد األبطال‬ ‫‪ -2‬لها بطل واحد‬ ‫‪‬‬

‫‪ -3‬ليس شرطا‬ ‫‪ - 3‬تهتم بالمحسنات البديعية‬ ‫‪‬‬

‫‪ -4‬مجموعة من المواقف‬ ‫‪ -4‬عبارة عن موقـف أو حدث‬ ‫‪‬‬

‫واألحداث‬
‫‪ -5‬تتعدد الموضوعات‬ ‫‪ -5‬موضوعاتها محددة (الكدية)‬ ‫‪‬‬

‫‪ -6‬ليس شرطا‬ ‫‪ -6‬غالبا ما تختم بأبيات من الشعر‬ ‫‪‬‬

‫العـود‬
‫ة‬
‫((فائدة))‬

‫الراوي في مقامات الهمذاني (عيسى بن هشام ) ‪ ،‬والبطل ( أبو‬ ‫‪‬‬

‫الفتح اإلسكندري)‬
‫الراوي في المقامة البغدادية (عيسى بن هشام ) ‪ ،‬والبطل ( عيسى‬ ‫‪‬‬

‫بن هشام) ‪ ،‬أي الراوي والبطل شخصية واحدة ‪.‬‬


‫‪ ‬‬ ‫‪‬‬

‫العـود‬
‫ة‬
‫((تجلية مضمون المقامة البغدادية))‬

‫يقول عيسى بن هشام ‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫اشتهيت الزاد ‪ ،‬وهو نوع من التمر الجيد ‪ ،‬ولكنني معدم الحال ‪ ،‬فخرجت‬ ‫‪‬‬

‫أطلب األماكن التي يوجد بها هذا التمر ‪ ،‬حتى وصلت محال اسمه الكرخ ‪،‬‬
‫فإذا رجل من ريف العراق على درجة من السذاجة يسوق حمارا ‪ ،‬ففرحت‬
‫بهذا الصيد (حياك هللا يا أبا زيد ) ‪ ،‬وسألته عن المكان الذي قدم منه ‪ ،‬ولكن‬
‫الرجل الريفي رد بأنه يكنى أبا عبيد ‪ ،‬وليس بأبي زيد ‪ ،‬فوفقته ولعنت‬
‫الشيطان الذي إنسانيه ‪ ،‬واستمررت في إيهامه أنه صاحب منذ عهد بعيد ‘‬
‫فسألته عن حال أبيه ‪ ( :‬أهو شاب كعهدي به ؟ أم شاب بعدي ؟) فأجابني بأنه‬
‫مات منذ عهد ليس بالقصير ‪( :‬قد نبت الربيع على دمنته) ‪ ،‬فسارعت إلى‬
‫ثوبي ألمزقه إظهارا للجزع ‪ ،‬وتأكيدا للحيلة التي اخترعتها بأن أباه كان‬
‫العـود‬ ‫صديقي منذ عهد بعيد ‪ ،‬ولكنه منعني من تمزيقي ثوبي ‪.‬‬
‫ة‬
‫((تجلية مضمون المقامة البغدادية))‬
‫ثم دعوته إلى البيت لنتغدى ‪ ،‬ثم استدركت (أو إلى السوق لنشتري‬ ‫‪‬‬

‫شواء) ‪ ،‬فأسرع إلى موافقتي وبذلك أكون قد اصطدته ‪ ،‬ثم سرنا‬


‫حتى انتهينا إلى شواء يسيل الدهن من شوائه ‪ ،‬فطلبت من الشواء أن‬
‫يفرز ألبي زيد من الشواء ‪ ،‬فأكلنا دوـن ملل ‪،‬كما طلبت من صاحب‬
‫الحلوى أن يزن له شيئا من الحلوى ‪ ،‬فأكلنا حتى انتهينا ‪ .‬ثم طلبت‬
‫من الرجل أن يظل جالسا حتى آتيه بسقاء يحضر له شربة ماء ‪ ،‬ثم‬
‫جلست في مكان أراه منه وال يراني ؛ ألنظر ماذا يصنع ‪.‬‬

‫العـود‬
‫ة‬
‫((تجلية مضمون المقامة البغدادية))‬

‫فلما تأخرتـ عن العودة إليه ‪ ،‬قام إلى حماره فأمسك الشواء بثوبه ‪،‬ـ ليستوفي ثمن‬ ‫‪‬‬

‫الطعام منه ‪ ،‬فقال الرجل ما أنا إال ضيف ‪ ،‬فلكمه الشواء لكمة وأتبعها بلطمة ‪،‬‬
‫ثم قال ‪ :‬هاك ‪ ،‬ومتى دعوناك ؟ وادفع يا ذا الوقاحة وزن عشرين درهما ‪ ،‬فأخذـ‬
‫الرجل يبكي ويحل عقده بأسنانه ويقول ‪ :‬كم قلت لذاك الفريد أنا أبو عبيد ‪ ،‬وهو‬
‫يقول ‪ :‬أنتـ أبو زيد ‪ .‬فأنشدتـ ‪:‬‬
‫ال تقعدن بكل حاله‬ ‫أعمل لرزقك كل آلة‬ ‫‪‬‬

‫فالمرءـ يعجز ال محاله‬ ‫وانهض بكل عظيمة‬ ‫‪‬‬

‫أي ال تكن خائرـ القوى فتقعد عن طلب الرزق ‪ ،‬بل أجهد نفسك ‪ ،‬واسع إيه في‬ ‫‪‬‬

‫دأبـ ‪ ،‬وال تدخر وسعا في تحصيله ؛ ألنه ال بد أن يأتي عليك يوم تعجز فيه عن‬
‫القيام بحاجته ‪ ،‬فانتهز فرصة شبابك وقوتك ‪ ،‬ما يساعدك على القيام بعظائم‬
‫العـود‬ ‫األمور ‪.‬‬
‫ة‬
‫((قراءات إضافية))‬

‫‪ -‬الشريشي ‪ :‬شرح مقامات الحريري ج‪(25-1/5‬مقدمة الشريشي) ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ - 2‬جالل الدين السيوطي ‪ :‬شرح مقامات جالل الدين السيوطي‬ ‫‪‬‬

‫ج‪ ( 553-1/499‬مقامة ساجعة الحرم في المفاخرة بين المدينة‬


‫وـالحرم) ‪.‬‬
‫‪ -3‬الشيخ ناصيف اليازجي ‪ :‬مجمع البحرين ‪( 37-34‬المقامة‬ ‫‪‬‬

‫البغدادية)‬

‫النهـاي‬
‫ة‬

You might also like