You are on page 1of 4

‫المقامة البغدادية‬

‫‪ ‬المقامة البغدادية لبديع الزمان الهمذاني ‪:‬‬

‫س َم ِعي َع ْق ٌد َعلَى نَ ْقد ‪ ،‬فَ َخ َر ْجتُ أَ ْنتَ ِه ُز َم َحالَّهُ‬ ‫َام قَا َل ‪ :‬ا ْ‬
‫شتَ َه ْيتُ األزاذ و أنا ببغداد ‪ ،‬و لَ ْي َ‬ ‫ح َّدثَنَا ِعي َ‬
‫سى بنُ ِهش ٍ‬

‫بالع ْق ِد إِ َزا َره ‪ ،‬فقلت ‪ :‬ظَفِ ْرنَا َو هللاِ‬


‫بالج ْه ِد ِح َما َره ‪ ،‬و يُطَ ِّرفُ ِ‬
‫ق َ‬ ‫سو ُ‬
‫ي يَ ُ‬ ‫أحلَّنِي ال َك ْر َخ فَإِ َذا أَنَا بِ َ‬
‫س َوا ِد ٍّ‬ ‫َحتَّى َ‬

‫ادي ‪:‬‬ ‫ص ْيد ‪ ،‬و َحيَّاك هللاُ أَبَا َز ْيد ‪ِ ،‬منْ أَيْنَ أَ ْقبَ ْلت ؟ و أيْنَ نَ َز ْلت ؟ و َمتَى َوافَ ْيت ؟ و ُهلُ َّم إِلَى البَ ْيت ‪ .‬فَقَا َل ال َّ‬
‫س َو ُّ‬ ‫ب َ‬

‫سيان ‪ ،‬إنسانيك طُو ُل ال َع ْهد ‪ ،‬و‬ ‫ستُ بِأبي َز ْيد ‪ ،‬و لَكنِّي أبو ُعبَ ْيد ‪ ،‬فَقُ ْلتُ ‪ :‬نَ َع ْم ‪ ،‬لَ َع َن هللاُ ال َّ‬
‫ش ْي َ‬
‫طان ‪ ،‬و أ ْب َع َد النِّ ْ‬ ‫لَ ْ‬

‫َاب بَ ْع ِدي ؟ فَقَا َل ‪ :‬قَ ْد نَبَتَ ال َّربي ُع َعلَى ِد ْمنَتِه ‪ ،‬و أَ ْر ُجو‬ ‫صا ُل البُ ْعد ‪ ،‬فَ َكيْفَ َحا ُل أبِيكَ ؟ أش ٌّ‬
‫َاب َك َع ْه ِدي ؟ أم ش َ‬ ‫اتِّ َ‬

‫يم ‪ ،‬و‬ ‫صيِّ َرهُ هللاُ إِلى َجنَّتِه ‪ ،‬فَقُ ْلتُ ‪ :‬إِنَّا هللِ و إِنَّا إِلَ ْي ِه راج ُع َ‬
‫ون ‪ ،‬و اَل َح ْو َل و اَل قُ َّوةَ إِال باهللِ العل ِّي ال َع ِظ ِ‬ ‫أنْ يَ َ‬

‫ي َعلَى َخ ْ‬
‫ص ِري بِ ُج ْم ِعه ‪.‬‬ ‫سوا ِد ُّ‬ ‫صدَار أ ِري ُد تَ ْم ِزيقَهُ ‪ ،‬فَقَبَ َ‬
‫ض ال َّ‬ ‫َم َددْتُ يَ َد البِدَار إِلى ال ِّ‬
‫يتبع‬
‫ش َواء ‪ ،‬‬ ‫وق نَ ْ‬
‫شتَ ِر ِ‬ ‫س ِ‬ ‫ص ْب َغداء ‪ ،‬أو ال ُّ‬ ‫ش ْدتُ َك هللاُ اَل م َّز ْقتَه ‪ ،‬فَقُ ْلتُ ‪َ :‬هلُ َّم إِلَى البَ ْيت نُ ِ‬
‫‪ ‬و قال ‪ :‬نَ َ‬
‫اطفَةُ اللَّقَم ‪َ ،‬و طَ ِم َع و لَ ْم‬
‫ستَفَ َّز ْته ُح َمةُ القَ َرم و َعطَفَ ْتهُ َع ِ‬
‫ق أ ْق َرب ‪ ،‬و طَ َعا ُمه أ ْطيَب ‪ ،‬فا ْ‬ ‫سو ُ‬‫و ال ُّ‬
‫شواؤه َع َرَقً‪ًَi‬ا ‪ ،‬و تَتَ َ‬
‫سايَ ُل ُج َوا ذبابته َم َرقًا ‪ ،‬فَقُ ْلتُ ‪ :‬اف ِر ْز‬ ‫يَ ْعلَ ْم أنَّه َوقَ َع ‪ ،‬ثُ َّم أت ْينَا َ‬
‫ش َّوا ًء يَتَقَاطَ ُر ِ‬
‫طبَاق ‪ ،‬و ا ْن ِ‬
‫ض ْد‬ ‫اخت َْر لهُ ِمنْ تِ ْل َك األ ْ‬‫الح ْل َواء ‪ ،‬و ْ‬ ‫ألبي َز ْي ٍد ِمنْ َه َذا ال َّ‬
‫ش َوا ِء ثم ِزنْ لَهُ ِمنْ تِ ْل َك َ‬
‫س َّماق‪ ،‬ليأ ُكلَهُ أبو َز ْي ِد َهنِيّا ‪ ،‬فَا ْن َحنَى ال َّ‬
‫ش َّواء‬ ‫ش ْيئًا ِم َن ال ُّ‬ ‫الرقَاق ‪ ،‬و ُر َّ‬
‫ش َعلَ ْي ِه َ‬ ‫ق ُّ‬ ‫َعلَ ْي َها ْ‬
‫أو َرا َ‬
‫س ْحقًا ‪ ،‬و كالطِّ ْح ِن َدقًّا ‪ ،‬ثُ َّم َجلَ َ‬
‫س و َجلَ ْ‬
‫ستُ ‪ ،‬و ال‬ ‫ساطُو ِره ‪َ ،‬علَى ُز ْب َد ِة تَنُّو ِره فَ َج َعلَ َها كال ُك ْح ِل َ‬
‫بِ َ‬
‫الح ْل َوى ‪ :‬‬
‫ب َ‬ ‫ست َْوفَ ْينَا و قُ ْلتُ لِ َ‬
‫صاح ِ‬ ‫يئس و اَل يَئ ْ‬
‫ست ‪َ ،‬حتَّى ا ْ‬ ‫َ‬
‫ضى فِي ال ُع ُروق ‪َ ،‬و ْليَ ُكنْ‬ ‫طلَ ْي ِن ‪ ،‬فَه َو أَ ْج َرى فِي ُ‬
‫الحلُوق ‪َ ،‬و أ ْم َ‬ ‫ِزنْ ألبي َزيِ ٍد ِم َن الُّلو ِز ي ْنج ر ْ‬

‫ي ال ُّدهْن ‪َ ،‬ك ْو َكبِ َّي الَّ ِ‬


‫لون ‪،‬‬ ‫الحشْو ‪ ،‬لُؤلؤ َّ‬
‫يف َ‬ ‫لَ ْيل َّي ال ُع ْم ِر ‪ ،‬يَ ْوم َّي النَّشْر ‪َ ،‬رقي َ‬
‫ق القِشْر ‪َ ،‬كثِ َ‬
‫المضغ‪ ،‬ليأ ُكلَه أَبُو َز ْي ٍد َهنِيًا ‪ .‬‬
‫ْ‬ ‫ص ْم ِغ قَ ْب َل‬ ‫ي ُذ ُ‬
‫وب كال َّ‬

‫يتبع‬
‫ست َْوفَ ْينَاه ؛ ثم ق ْلتُ ‪ :‬يا أبا َز ْي ٍد َما ْ‬
‫أح َو َجنَا‬ ‫‪ ‬قَا َل ‪ :‬فَ َو َزنَهُ ثم ق َع َد فَقَ َعدْتُ ‪ ،‬و َج َّر َد و َج َّردْتُ ‪ ،‬حتَّى ا ْ‬
‫‪،‬اجلس يا أبا َز ْي ٍد‬ ‫صا َّرة ‪ ،‬و يَ ْفثَأ هذه الُّلقَ َم َ‬
‫الحا َّرة ْ‬ ‫ش ُع بالثَّ ْل ِ‬
‫ج لِيَ ْق َم َع ه ِذ ِه ال َّ‬ ‫ش ْع َ‬
‫إِلى ما ٍء يُ َ‬
‫أراهُ َو ال يَ َرانِي ؛ أ ْنظُ ُر َما‬
‫ث َ‬ ‫سقَّاء ‪ ،‬يأت ْي َك بِش َْربَ ِة َماء ‪ ،‬ثم َخ َر ْجتُ و َجلَ ْ‬
‫ستُ بِ َح ْي ُ‬ ‫حتَّى‪ ‬نأتيَ َك بِ َ‬
‫أين ثَ َمنُ‬
‫ش َّوا ُء بِإِ َزا ِره ‪ ،‬و قال ‪َ :‬‬ ‫ق ال َّ‬ ‫ي إِلى ِح َما ِره ‪ ،‬فَا ْعتَلَ َ‬ ‫سوا ِد ُّ‬‫صنَ ُع ‪ ،‬فَل َّما أ ْبطأتُ َعلَ ْي ِه قَا َم ال َّ‬
‫يَ ْ‬
‫ط َمة ‪ ،‬ثُ َّم قَا َل ال َّ‬
‫ش َّواء ‪:‬‬ ‫َما أَ َك ْلت ؟ فَقَال أبو َز ْي ٍد ‪ :‬أك ْلتُهُ َ‬
‫ض ْيفًا ‪ ،‬فَلَك َمهُ لَ ْك َمةً ‪َ ،‬و ثَنَّى َعلَ ْي ِه بِلَ ْ‬
‫سنَانِ ِه و‬
‫ي يَ ْبكي و يَ ُح ُّل ُعقَ َده بِأ ْ‬ ‫ش ِرين ‪ ،‬فَ َج َع َل ال َّ‬
‫سوا ِد ُّ‬ ‫َهاك‪ ‬و متى َد َع ْونَاك ؟ ِزنْ يا َ‬
‫أخا القِ َحة ِع ْ‬
‫شدْت ‪:‬‬ ‫يقول ‪َ :‬ك ْم قُ ْلتُ لِ َذا َك الفريد أنا أب وعبيد ‪ ،‬و َه َو يَقُول ‪ :‬أنتَ أبو َز ْيد ‪ ،‬فأ ْن َ‬
‫‪ ‬حالَ ْه‪ ‬‬
‫الَ تَ ْق ُعدَنَّ بِ ُك ِّل َ‬ ‫‪ ‬أ ْع ِم ْل‪ ‬ل ِر ْزقِكَ ُك َّل آلة‬

‫فَا ْل َم ْرء ُيَ ْع ِج ُز ال‪َ  ‬م َحالَ ْه‬ ‫‪ ‬و ا ْن َه ْ‬


‫ض بِ ُك ِّل َع ِظي َم ٍة‬

‫النهاية‬

You might also like