You are on page 1of 20

‫رعي للتّجنّس بجنسيّة بلد غير إسالمي‬

‫ّ‬ ‫ش‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫الحكم‬
‫رعي للتّجنّس بجنسيّة بلد غير إسالمي‬
‫ش ّ‬ ‫الحكم ال ّ‬

‫كل شي ء؛ م ن النّاس‬
‫ّ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫رب‬ ‫الض‬
‫ّ‬ ‫و‬ ‫وه‬ ‫س‪،‬‬ ‫اجلن‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫مأخوذ‬ ‫در‬ ‫مص‬ ‫‪:‬‬ ‫ة‬‫ّ‬‫ي‬ ‫الجنس‬ ‫‪‬‬

‫والطّري واألشياء مجل ة‪ ،‬فالنّاس جن س‪ ،‬والطّري جن س‪ ،‬واإلب ل جن س‪ ،‬والبق ر جن س‪،‬‬


‫وهكذا‪.‬‬

‫‪ ‬التّجنّ س والتّجنيس‪ :‬طلب للجنس‪ .‬ويقال‪ :‬هذا جيانس هذا‪ ،‬أي‪ :‬يشاكله‪ .‬وعليه؛‬
‫كل طائف ة م ن النّاس يتشاكلون يف أم ٍر م ا‪ ،‬فه م جن س في ه؛ كجن س العرب‪،‬‬
‫فإن ّ‬
‫ّ‬
‫العجم‪ ،‬وجنس املؤمنني‪ ،‬وجنس املشركني‪ ،‬وجنس العلماء‪ ،‬وغري ذلك‪.‬‬ ‫وجنس َ‬
‫رعي للتّجنّس بجنسيّة بلد غير إسالمي‬
‫ش ّ‬ ‫الحكم ال ّ‬

‫المفهوم االصطالحي للجنسيّة والتّجنّس‪:‬‬ ‫‪‬‬


‫الس ياسيّة الّيت تربط بني الفرد‬
‫الرابطة القانونيّ ة و ّ‬
‫يعرف القانونيّون الجنسيّة بأنّها‪ّ :‬‬
‫ِّ‬ ‫‪‬‬
‫وال ّدول ة‪ ،‬والّيت مبقتضاه ا يص بح الفرد جزءاً م ن مواطين ال ّدول ة‪ ،‬يتمـتـّع باحلـقوق‪،‬‬
‫ويلتزم بالواجبات‪.‬‬

‫وأم ا التّجنّ س فهو‪ :‬أن يطلب اإلنسان االنتساب إىل جنسيّة دولة ما‪ ،‬وموافقتَها‬ ‫ّ‬ ‫‪‬‬
‫على قبوله يف ِعداد رعاياها‪ ،‬وينشأ عن ذلك التّجنّ س خضوعُ املتجنّ س لقوانني‬
‫ال ّدولة الّيت جتنَّس جبنسيّتها‪ ،‬وقبولُه هلا طوعاً أو كرهاً‪ ،‬والتز ُام ال ّدفاع عنها يف حال‬
‫احلرب‪.‬‬
‫رعي للتّجنّس بجنسيّة بلد غير إسالمي‬
‫ش ّ‬ ‫الحكم ال ّ‬

‫كيفيّته‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫أحد رعايا دولة ما على عضويّة دولة‬


‫يتم التّجنّس الفردي اختياريًّا‪ ،‬حيصل مبوجبه ُ‬
‫ّ‬
‫‪‬‬

‫يتم بدون اختيار‪ ،‬وذل ك يف ص ورة التّجنّ س اجلماع ي؛ الّذي حيدث‬ ‫أخرى‪ .‬وق د ّ‬
‫عادة ّإما مبوجب معاهدة بني دولتني تتبعها عمليّة جتنّس مجاعيّة لس ّكاهنا من جانب‬
‫ضم إىل أرض املنتص ر‪.‬‬
‫ال ّدول ة الّيت تس تويل عليه ا‪ ،‬أ و عمليّ ة فت ح تتبعه ا عمليّ ة ّ‬
‫وللتّجنّس شروط تشرتطها ال ّدول‪.‬‬
‫رعي للتّجنّس بجنسيّة بلد غير إسالمي‬
‫ّ‬ ‫ش‬‫ّ‬ ‫ال‬ ‫الحكم‬

‫‪ ‬آثار التّجنّس‪ :‬‬
‫أهم أثر يرتتّب على التّجنّ س هو كسب صفة الوطني‪ ،‬والّيت تستوجب التّمتّ َع جبميع احلقوق‬ ‫إن ّ‬‫ّ‬
‫أهم هذه‬ ‫لعل م ن ّ‬
‫لي‪ ،‬وااللتز َام بكافّ ة الواجبات الّيت يُلزم هب ا‪ ،‬و ّ‬
‫الوطين األص ّ‬
‫ّ‬ ‫الّيت يتمتّ ع هب ا‬
‫احلقوق والواجبات ما يلي‪:‬‬
‫ّأواًل ‪ :‬الحقوق‪:‬‬
‫‪ ‬احلصول على ّ‬
‫حق املواطنة‪.‬‬
‫‪ ‬التّمتّع باإلقامة ال ّدائمة ‪.Permanent Residence‬‬
‫‪ ‬يكون املتجنّ س مس اويًا يف احلقوق للوطين يف اجلمل ة‪ ،‬وق د تُس تثىن بع ض األمور‪ ،‬كالتّق ّدم‬
‫لبعض الوظائف‪.‬‬
‫‪ ‬تكفل ال ّدولة احلماية ال ّدبلوماسيّة للمنتسب إليها‪ ،‬وتتوىّل القنصليّات رعاية أحواله ّ‬
‫الشخصيّة‬
‫خارج البلد‪.‬‬
‫احلريّات األساسيّة‪.‬‬
‫كحق االنتخاب‪ ،‬وممارسة ّ‬ ‫‪ ‬التّمتّع باحلقوق ّ‬
‫السياسيّة ّ‬
‫رعي للتّجنّس بجنسيّة بلد غير إسالمي‬
‫ش ّ‬ ‫الحكم ال ّ‬
‫‪ ‬ثانيًا‪ :‬الواجبات‪:‬‬
‫خضوع املتجنّس لقوانني ال ّدولة‪ ،‬واالحتكام إليها‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫املشاركة يف جيشها‪ ،‬والتزام ال ّدفاع عنها يف حالة احلرب‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫متثيل ال ّدولة خارجيّاً‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫مشاركته يف بناء صرح ال ّدولة‪.‬‬ ‫‪‬‬


‫رعي للتّجنّس بجنسيّة بلد غير إسالمي‬
‫ش ّ‬ ‫الحكم ال ّ‬
‫‪ ‬حكم التّجنّس بجنسيّة بلد غير إسالمي‪ :‬‬
‫‪ ‬البح ث يف هذه املس ألة خيتل ف ع ن البح ث يف مس ألة الهجرة م ن دار الكف ر إل ى دار‬
‫إن الهجرة أمر قديم ِق َدم اإلسالم‪ ،‬وتناوله العلماء يف كتب الفقه‬
‫اإلسالم‪ ،‬من حيث ّ‬
‫والتّفسري وشروح احلديث وغريها‪.‬‬

‫واألئمة‪ .‬وإنّك لتجد‬


‫ّ‬ ‫الس لف‬
‫‪ ‬و ّأم ا التّجنّس؛ فمسألة حادثة ونازلة لم تكن على عهد ّ‬
‫يل الواض ح يف أحكام اهلجرة م ن دار الكف ر إىل دار‬ ‫األئم ة الفقهاء التّفص َ‬
‫يف كت ب ّ‬
‫أحكام األقلّيّات غري املسلمة يف اجملتمع املسلم‪ّ .‬أم ا فقه األقلّيّات املسلمة يف‬
‫اإلسالم‪ ،‬و َ‬
‫البالد غري املسلمة فنادر يف كتب الفقه؛ ألنّه نادر ما كان حيتاج املسلم لإلقامة ال ّدائمة‬
‫هنالك؛ لوجود اخلالفة اإلسالميّة الّيت يأوي إليها املسلم ويتفيّأ ظالهلا‪ ،‬والنعدام احلدود‬
‫تيم م املس لم يف بالد اإلس الم فه و يف بالده‪ ،‬فه و لي س‬ ‫بني ال ّدول اإلس الميّة‪ ،‬فأينم ا ّ‬
‫يدل على خلل أو‬ ‫دل على شيء فإمّن ا ّ‬ ‫حباجة لإلقامة يف بالد الكفر‪ ،‬فاإلقامة فيها إن ّ‬
‫حل باملسلمني‪.‬‬
‫ضعف َّ‬
‫رعي للتّجنّس بجنسيّة بلد غير إسالمي‬
‫ش ّ‬ ‫الحكم ال ّ‬

‫فوق ت أ ن كان ت ال ّدول ة للمس لمني‪ ،‬كان املشركون حريص ني عل ى تعلُّ م لغته م‬ ‫‪‬‬
‫والعيش يف بالدهم؛ ليتمتّعوا باألمن والعدل ورغد العيش الّذي كانت بالدهم قفراً‬
‫منه‪.‬‬

‫لييب لبالد اإلسالم‪ ،‬أو ما‬


‫الص ّ‬‫مثّ إنّ ه بعد سقوط اخلالفة اإلسالميّة‪ ،‬وانتشار الغزو ّ‬ ‫‪o‬‬
‫دول الكفر باب التّجنّس ملن يرغب يف ذلك من‬ ‫مُسّي زوراً بـ (االستعمار)؛ فتحت ُ‬
‫املسلمني؛ لطمس هويّتهم‪ ،‬وإمخاد روح اإلميان واجلهاد يف قلوهبم‪ ،‬وذلك يف أوائل‬
‫عدوهم‪.‬‬
‫وقوة شوكة ّ‬ ‫القرن امليالدي املنصرم‪ ،‬وهي نتيجة طبيعيّة لضعف املسلمني ّ‬

‫أن التّجنّ س جبنسيّة ال ّدول الكافرة مسألة حادثة‪ ،‬وقد اختلف فيها فقهاء‬
‫واحلاصل ّ‬ ‫‪‬‬
‫العصر على أربعة أقوال‪.‬‬
‫رعي للتّجنّس بجنسيّة بلد غير إسالمي‬
‫ش ّ‬ ‫الحكم ال ّ‬

‫محم د‬
‫الشيخ ّ‬
‫األول‪ :‬قول أكث ر الفقهاء املعاص رين وه و املن ع‪ ،‬وممّ ن قال ب ه‪ّ :‬‬
‫‪‬القول ّ‬
‫الشي خ‬
‫الشري ف‪ ،‬و ّ‬
‫الشي خ عل ي محفوظ عض و هيئ ة كبار العلماء باألزه ر ّ‬
‫رشي د رض ا‪ ،‬و ّ‬
‫الشيخ يوسف‬
‫شريف محفوظ مفيت لبنان‪ ،‬و ّ‬
‫الشيخ إدريس ال ّ‬
‫الزرقاني‪ ،‬و ّ‬
‫محمد عبد الباقي ّ‬
‫ّ‬
‫محم د س يّد طنطاوي شي خ‬
‫الشي خ ّ‬
‫الشري ف‪ ،‬و ّ‬
‫ال ّدجوي عض و هيئ ة كبار العلماء باألزه ر ّ‬
‫الشيخ عبد الحميد‬
‫الرحمن‪ ،‬و ّ‬
‫الشيخ عبد اللّطيف بن عبد ّ‬
‫الدكتور البوطي‪ ،‬و ّ‬
‫األزهر‪ ،‬و ّ‬
‫كل أعضاء جمعيّ ة العلماء المس لمين‬ ‫الشي خ البشي ر اإل براهيمي‪ ،‬و ّ‬ ‫ب ن بادي س‪ ،‬و ّ‬
‫الس عوديّة‪،‬‬
‫الجزائريّي ن‪ ،‬واللّجن ة ال ّدائم ة للبحوث العلميّ ة واإلفتاء ف ي المملك ة العربيّ ة ّ‬
‫وآخرون‪.‬‬
‫رعي للتّجنّس بجنسيّة بلد غير إسالمي‬
‫ش ّ‬ ‫الحكم ال ّ‬
‫واستدلّوا على ذلك بأدلّة كثيرة‪ ،‬نورد منها ما يلي‪:‬‬
‫ك‬ ‫ِ‬ ‫ون ال ِ ِ‬ ‫َّخ ِذ الْـمْؤ ِمنُو َن الْ َكافِ ِرين َأولِياء ِم ن ُد ِ‬
‫‪ -1‬قوله تعاىل‪ ( :‬ال يت ِ‬
‫ين َو َم ن َي ْف َع ْل َذل َ‬
‫ْـمْؤ من َ‬
‫ُ‬ ‫َ ََْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫س ِم َن اللَّ ِه يِف َش ْي ٍء إالَّ َأن َتَّت ُقوا ِمْن ُه ْم ُت َقاةً )‪] ،‬آل عمران‪.[ 28 :‬‬
‫َفلَْي َ‬

‫اس تَ َحبُّوا‬ ‫َّخ ُذوا آباء ُكم وإ ْخوانَ ُكم َأولِياء ِ‬


‫إن‬ ‫‪ -2‬وقوله تعاىل‪ ( :‬ي ا َُّأيه ا الَّ ِذين آمنُوا ال َتت ِ‬
‫ْ‬ ‫ََ ْ َ َ ْ ََْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫ك ُه ُم الظَّالِ ُـمو َن )‪] ،‬التّوبة‪.[ 23 :‬‬
‫ان َو َمن َيَت َوهَّلُم ِّمن ُك ْم فَ ُْأولَِئ َ‬
‫الْ ُك ْفر َعلَى اإليم ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬

‫ين‬ ‫َّخ ُذوا الْ َك ِاف ِرين َأولِياء ِم ن ُد ِ‬


‫ون الْـمْؤ ِمنِ‬ ‫‪ -3‬وقال تعاىل ‪ ( :‬ي ا َُّأيه ا الَّ ِذين آمنُوا ال َتت ِ‬
‫َ َ‬
‫ُ َ‬ ‫َ ََْ‬ ‫َ َ‬
‫ون َأ ن جَتْ َعلُوا لِلَّ ِه َعلَْي ُك ْم ُس ْلطَانًا ُّمبِينً ا )‪[ ،‬النس اء‪ ،[144 :‬فف ي اآليات النّه ي ع ن اخّت اذ‬ ‫َأتُِر ُ‬
‫يد َ‬
‫الك ّفار أولياء‪ ،‬ولو كانوا ذوي قرىب‪.‬‬
‫رعي للتّجنّس بجنسيّة بلد غير إسالمي‬
‫ّ‬ ‫ش‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫الحكم‬

‫‪-‬ص لَّى اهللُ َعلَْي ِه َو َس لَّ َم‪َ « :-‬م ْن َج َام َع‬


‫َ‬
‫ول اللَّ ِ‬
‫ه‬ ‫ُ‬ ‫س‬
‫َُ‬‫ر‬ ‫ال‬
‫َ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫‪:‬‬ ‫ال‬
‫َ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ب‬ ‫‪َ -4‬عن مَسُ ر َة بْ ِن جْن ُد ٍ‬
‫ُ‬ ‫ْ َ‬
‫الْ ُم ْش ِر َك َو َس َك َن َم َعهُ فَِإنَّهُ ِم ْثلُه»‪ .‬رواه أبو داود‪.‬‬

‫كل‬ ‫ن‬ ‫‪ -5‬وقول ه ‪ -‬ص لَّى اهلل علَي ِه وس لَّم – يف حديث جرير ب ن عب د اهلل‪« :‬أن ا بريء ِ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ َْ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫يقيم بني أظْ ُهر املشركني‪ ،‬قالوا‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬ومِل ؟ قال‪« :‬ططظ»‪ .‬رواه النّسائي‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫مسلم ُ‬

‫يب ‪ -‬صلّى اهلل عليه وسلم ‪ -‬كان إذا بعث أمرياً على سريّة أو جيشاً‬ ‫أن النّ ّ‬
‫‪ -6‬وعن بريدة ّ‬
‫ين »‪ .‬رواه‬ ‫ِ‬
‫ر‬ ‫أوصاه بأمور؛ فذكرها‪ ،‬ومنها « مُثَّ ادعهم ِإىَل التَّح ُّو ِل ِمن د ِار ِهم ِإىَل دا ِر الْمه ِ‬
‫اج‬
‫ْ َ ْ َ َُ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ ُُ ْ‬
‫الشريفة‪.‬‬
‫مسلم‪.‬وغريها من األحاديث ّ‬
‫رعي للتّجنّس بجنسيّة بلد غير إسالمي‬
‫ش ّ‬ ‫الحكم ال ّ‬
‫الس ابقة يف التّحذي ر م ن مواالة الكافري ن‪،‬‬
‫الشرعيّ ة ّ‬
‫‪‬قالوا‪ :‬لق د اس تفاضت النّص وص ّ‬
‫مناقض ألصل‬
‫ٌ‬ ‫أن ذلك‬ ‫والرضا عنهم وعن منكراتهم‪ ،‬وأوضحت ّ‬ ‫ومحبّتهم ومو ّدتهم‪ّ ،‬‬
‫اإلسالم‪ ،‬وهادم لعقيدة الوالء والبراء والحب والبغض في اهلل ‪ ،‬الّيت ال يصح إسالم ٍ‬
‫عبد‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬
‫إاّل هبا‪.‬‬
‫‪‬ومل ا كان التّجنُّ س يلزم من ه ‪ -‬ال حمال ة ‪ -‬والءُ املرء لل ّدول ة الّيت حيم ل جنس يّتها‬
‫وخضوعُهّ لنظامها وقوانينها‪ ،‬ويصري املتجنّس واحداً من املواطنني‪ ،‬له ما هلم وعليه ما عليهم‪،‬‬
‫تدخله يف شؤون أوالده‬ ‫الشخصيّة واملواريث‪ ،‬وعدم ُّ‬ ‫وجتري عليه أحكام ِملَّتهم يف األحوال ّ‬
‫لـما كان األمر كذلك‪ ،‬كان طلب‬ ‫الذكور واإلناث‪ّ ،‬‬ ‫الس ّن القانونيّ ة عندهم‪ ،‬سواء ّ‬
‫إذا بلغوا ِّ‬
‫الر ّدة عـن اإلسالم عـيـاذاً باهلل‪ ،‬وخـروجاً‬
‫التّجنّس بجنسيّة ال ّدول الكافرة صور ًة من صور ّ‬
‫عن سبيل المؤمنين‪ ،‬ودخوالً في معيّ ة الكافرين؛ الّذين ح ّذرنا اهلل ‪ -‬تعاىل ‪ -‬منهم ومن‬
‫الركون إليه م‪ ،‬كم ا أشارت النّص وص‬ ‫اتِّباع س بيلهم‪ ،‬واملقام بني أظهره م‪ ،‬ومواالهت م‪ ،‬و ّ‬
‫السابقة‪.‬‬
‫ّ‬
‫رعي للتّجنّس بجنسيّة بلد غير إسالمي‬
‫ش ّ‬ ‫الحكم ال ّ‬
‫وردة ع ن اإلس الم‪ ،‬وم ن َرفَ ض حك م‬ ‫‪ّ -7‬‬
‫إن االحتكام إىل قوانني كفريّ ة خمالََفةٌ لشرع اهلل ّ‬
‫بالشريعة‬
‫مستبدل ّ‬
‫ٌ‬ ‫اإلسالم فهو مرت ّد باإلمجاع‪ ،‬واملتجنّس متحاكِم طوعاً إىل تلك القوانني‪،‬‬
‫يتضم ن حتلي ل احلرام وحترمي احلالل‪ ،‬وإنكار م ا ُعلِـم مـن‬
‫اإلهليّ ة القوانني الوضعيّ ة‪ ،‬وهذا ّ‬
‫بالضرورة؛ وهو ُك ْفر إمجاعاً‪.‬‬
‫ال ّدين ّ‬
‫فاع عنها إذا قامت بينها وبني غريها‬ ‫‪ّ -8‬‬
‫إن املشاركة يف جيش ال ّدولة املاحنة للجنسيّة وال ّد َ‬
‫حرب‪ ،‬ول و كان ت حرهب ا ض ّد املس لمني‪ ،‬م ن أعظ م املواالة للمشركني واملناص ر ِة هل م‪،‬‬
‫تنص على تكفري من فعل هذا‪.‬‬ ‫والنّصوص املذكورة آنفاً ّ‬
‫الس وء عل ى النّش ء وال ّذ ّريّ ة؛ م ن احنالل األخالق‪ ،‬وانطماس‬
‫‪ -9‬للتّجنّ س آثار يف غاي ة ّ‬
‫للهويّة‪ ،‬ونبذ ألحكام ال ّدين وإعراض عنه‪ ،‬ومواالة للمشركني ومعاداة للمؤمنني‪ ،‬وال ينازع‬
‫اقع املتجنّسني أو أغلبهم إاّل مكابر‪.‬‬
‫يف كون هذا و َ‬
‫رعي للتّجنّس بجنسيّة بلد غير إسالمي‬
‫ش ّ‬ ‫الحكم ال ّ‬

‫‪ -10‬إ ّن التّجنّس إقامة وزيادة‪ ،‬واألدلّة واضحة يف حترمي املقام بدار الكفر‪ ،‬ال سيّما مع‬
‫عدم استطاعة إظهار شعائر ال ّدين‪ ،‬فيحرم إمجاعاً‪.‬‬
‫‪‬وهذا واقع املتجنّسني؛ إذ ال ميكن للمرء أن يتحاكم إىل شريعة اهلل هو وأهله‬
‫يشك يف ذلك من له أدىن اطّالع على أحوال‬
‫وأوالده‪ ،‬أو يريّب أوالده على ال ّدين‪ ،‬ال ّ‬
‫القوم‪ ،‬قـالوا‪ :‬وال عـذر هلـؤالء املتجـنّسـني؛ ألهّن م ليسوا مبكـرهني! وجيـب أن يف ّـر املرء‬
‫بديـنـه مىت استطاع‪ ،‬وإن ذهبت دنياه‪.‬‬
‫رعي للتّجنّس بجنسيّة بلد غير إسالمي‬
‫ش ّ‬ ‫الحكم ال ّ‬
‫الشي خ يوس ف‬ ‫‪ ‬القول الثّان ي‪ :‬اجلواز‪ ،‬وه و قول بع ض الفقهاء املعاص رين‪ ،‬ومنه م‪ّ :‬‬
‫ِ‬
‫احملافظة على ال ّدين‬ ‫شاذلي النّيفر‪ ،‬بشرط‬
‫الشيخ ال ّ‬
‫الزحيلي‪ ،‬و ّ‬ ‫الشيخ وهبة ّ‬ ‫القرضاوي‪ ،‬و ّ‬
‫والتّمس ِ‬
‫ك به‪ ،‬وعدم ال ّذوبان يف اجملتمع الكافر‪.‬‬ ‫ّ‬

‫المجوزي ن عقليّ ة‪ ،‬ومرجعه ا إىل قاعدة ( جل ب املص احل ودرء املفاس د )‪ .‬فم ن‬ ‫ّ‬ ‫وعام ة أدلّة‬
‫ّ‬
‫األدلّة الّتي استدلّوا بها ما يلي‪:‬‬
‫الشريعة اإلسالميّة جاءت لتحافظ على الكلّيّات اخلمس‪ :‬ال ّديـن‪ ،‬والنّفـس‪ ،‬والعـقل‪،‬‬ ‫إن ّ‬ ‫‪ّ -1‬‬
‫الضروريّات فهو مشروع‪.‬‬ ‫كل ما كان سبيالً للمحافظة على هذه ّ‬ ‫والنّسل‪ ،‬واملال‪ ،‬و ُّ‬
‫والتّجنّ س جبنس يّات هذه ال ّدول يوفّ ر لإلنس ان حياة كرمي ة‪ ،‬وطمأنين ة وأمناً‪ ،‬ومتتُّعاً حبقوق‬
‫يس ر له أبواباً يف التّعبّ د‬
‫وحريّات تنعدم غالباً يف ال ّدول اإلسالميّة يف واقعنا املعاصر؛ بل تُ ِّ‬
‫ّ‬
‫وال ّدعوة ونشر العلم ال نظري هلا يف ال ّدول اإلسالميّة؛ فإذا كان التّجنّ س وسيلة لتحقيق‬
‫هذه املصاحل املشروعة فهو إذاً مشروع‪.‬‬
‫رعي للتّجنّس بجنسيّة بلد غير إسالمي‬
‫ش ّ‬ ‫الحكم ال ّ‬
‫إن اإلقام ة يف بالد الكف ر يكس ب املتجنّ س ّقوة وص البة يف اجملتم ع‪ ،‬والتّجنّ س ال‬
‫‪ّ -2‬‬
‫مبجرد االنتساب إىل ال ّدولة‪.‬‬
‫يزيد على اإلقامة إاّل ّ‬
‫األخف جلل ب‬
‫ّ‬ ‫الضرر‬
‫يتحم ل ّ‬
‫‪ -3‬أنّ ه حي ّق ق مص احل ترب و عل ى املفاس د‪ ،‬ومعلوم أنّ ه ّ‬
‫مصلحة تفويتُها أش ّد‪.‬‬
‫يضطر املسلم إىل التّجنّ س جبنسيّة تلك ال ّدول حمافظةً على حياته؛ كأن‬
‫‪ -4‬إنّه أحياناً ّ‬
‫فاراً من بلده األصلي‪ ،‬أو مل مُي ـنح جنـسيّة دولـة إسالميّة حتميه ومت ّكنه من العيش‬
‫يكون ّ‬
‫فيها‪ ،‬وقد ال يسمح له باملقام إاّل بالتّجنّس‪ ،‬وكذا لو انعدم مصدر قُوتِه وقوت عياله يف‬
‫الضرورات تبي ح‬
‫أن ّ‬ ‫الضرر يُزال‪ ،‬و ّ‬
‫أن ّ‬ ‫تنص عل ى‪ّ :‬‬
‫بالد املس لمني‪ ،‬والقواع د الفقهيّ ة ّ‬
‫احملظورات‪.‬‬
‫رعي للتّجنّس بجنسيّة بلد غير إسالمي‬
‫ش ّ‬ ‫الحكم ال ّ‬

‫إن يف اخلروج من تلك البالد وترك جنسيّتها إضعافاً لإلسالم واملسلمني هناك؛ كما‬
‫‪ّ -5‬‬
‫وحل النّصارى حملّهم‪.‬‬ ‫حدث يف األندلس ِ‬
‫وصقلّيّة؛ إذ ُأخرج منها املسلمون َّ‬

‫الضرورة؛ كما لو كان مضطهداً‬


‫القول الثّالث‪ :‬جـواز التّجـنّس جبنسيّة ال ّدولة الكافرة عند ّ‬
‫يف دين ه يف بلده املس لم‪ ،‬ومل يقبل ه أح د سوى احلكوم ة الكافرة‪ .‬وهو رأ ي بعض أعضاء‬
‫جممع الفقه اإلسالمي‪ ،‬و قد وضعوا شروطًا لذلك‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫اإلسالمي يف وجه جلوئه إليهم‪.‬‬ ‫العامل‬ ‫اب‬ ‫أبو‬ ‫انسداد‬ ‫‪‬‬
‫ّ‬
‫‪‬أن خيتار البلد الّذي يستطيع أن ميارس فيه دينه ّ‬
‫حبريّة‪.‬‬
‫تيسر ذلك‪.‬‬ ‫‪‬أن يضمر ّ‬
‫النيّة على العودة مىت َّ‬
‫رعي للتّجنّس بجنسيّة بلد غير إسالمي‬
‫ش ّ‬ ‫الحكم ال ّ‬

‫الرابع‪ :‬التّفصيل يف املسألة؛ فالنّاس يف طلب اجلنسيّة على ثالثة أقسام‪:‬‬


‫القول ّ‬
‫األول‪ :‬التّجنّ س جبنس يّة ال ّدول ة الكافرة م ن غري مس ِّوغ شرع ي‪ ،‬ب ل تفضيالً لل ّدول ة الكافرة‬
‫ّ‬
‫ردة عن اإلسالم عياذاً باهلل‪.‬‬
‫وإعجاباً هبا وبشعبها وحكمها‪ ،‬وهذه ّ‬
‫الثّاني‪ :‬التّجنّس لألقلّيّات املسلمة الّيت هي من أصل س ّكان تلك البالد؛ فهو مشروع وعليهم‬
‫وتبييت الّنيّة للهجرة لو قامت دولة اإلسالم واحتاجت إليهم‪.‬‬
‫ُ‬ ‫نشر اإلسالم يف بالدهم‪،‬‬
‫ُ‬
‫الثّالث‪ :‬جتنّس األقلّيّات املسلمة الّيت مل تكن من أهل البلد الكافر‪ ،‬ويعرتيه احلاالت التّالية‪:‬‬
‫رعي للتّجنّس بجنسيّة بلد غير إسالمي‬
‫ش ّ‬ ‫الحكم ال ّ‬

‫أ ‪ -‬أ ن يترك المس لم بلده بس بب االضطرار واالضطهاد ويلج أ لهذه ال ّدول ة؛ فه و جائ ز‬
‫بشرط االضطرار احلقيق ي للّجوء‪ ،‬وأ ن يتح ّق ق األم ن للمس لم وأهل ه يف بالد الكف ر‪ ،‬وأ ن‬
‫تيس ر ذلك‪ ،‬وأن ينكر املنكر‬
‫الرجوع لبالد اإلسالم مىت ّ‬
‫يستطيع إقامة دينه هناك‪ ،‬وأن ينوي ّ‬
‫ولو بقلبه‪ ،‬مع عدم ال ّذوبان يف جمتمعات الكفر‪.‬‬
‫ب ‪ -‬أن يترك المسلم بلده قاصداً بالد الكفر ألجل القوت؛ فلو بقي يف بالده هللك هو‬
‫وأهله‪ ،‬فله أن يتجنّس إذا مل يستطع البقاء بغري جنسيّة‪.‬‬
‫جـ ‪ -‬التّجنّس لمصلحة اإلسالم والمسلمين ونشر ال ّدعوة‪ ،‬وهو جائز‪.‬‬
‫حمرم‪.‬‬
‫لمجرد أغراض دنيويّة بال ضرورة وال مصلحة لإلسالم وأهله‪ ،‬وهو ّ‬
‫د ‪ -‬التّجنّس ّ‬
‫رعي للتّجنّس بجنسيّة بلد غير إسالمي‬
‫ش ّ‬ ‫الحكم ال ّ‬
‫الراجح‪:‬‬
‫ّ‬
‫أن اإلقام ة يف بالد الك ّفار ذات خط ر‬
‫أن الواق ع يثب ت ّ‬
‫والّذي يظه ر ‪-‬واهلل أعل م‪ّ -‬‬
‫عظيم على دين املسلم‪ ،‬وأخالقه وسلوكه وآدابه‪ ،‬فكم زاغ واحنرف من املسلمني املقيمني‬
‫لصحة أدلّته‪ ،‬وصراحتها‪ .‬لكن‬
‫األول هو أرجح األقوال؛ ّ‬
‫يف تلك البلدان ! لذا فالقول ّ‬
‫ومطاردا في بالده‪ ،‬ولم يجد دولة مسلمة يلتجئ إليها‪ ،‬فتجوز‬
‫ً‬ ‫إن كان املسلم مضطه ًدا‬
‫الزيغ‪ ،‬واستطاع أن‬ ‫اإلقامة املؤقتة يف بلد كافر‪ ،‬إن أمن املقيم على دينه من االحنراف و ّ‬
‫يظهر شعائر اإلسالم‪ ،‬مع عدم اخلضوع ألنظمتهم وأحكامهم‪ِ ،‬‬
‫وعزم الّنيّة على العودة مىت‬
‫تيس ر ل ه ذلك‪ّ .‬أم ا إ ن كان ت ألغراض دنيويّ ة‪ ،‬فال جتوز؛ مل ا يرتتّ ب عليه ا م ن حماذي ر‬
‫ّ‬
‫شرعيّة‪.‬‬

You might also like