You are on page 1of 375

‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬

‫‪1‬‬

‫‪‬دراسات في القرآن وعلومه‬


‫‪‬إعداد‬
‫‪‬د‪ .‬زهدي محمد أبو نعمة‬

‫الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:00 PM 3/10/23‬‬


‫تعريف القرآن‬
‫‪2‬‬

‫‪ ‬أوالً ‪ :‬تعريف القرآن لغة ‪:‬‬


‫‪ -1‬كلمة القرآن على وزن فُعالن مشتق من القرء بمعنى الجمع ‪.‬‬
‫‪ -2‬كلمة القرآن مشتقة من (قـرـأ) بمعنـى تال فهو مقروء‪.‬‬
‫‪‬القول الرـاجـح ‪ :‬أن لفظ القرآن يرجع في اشتقاقه إلى معنى الجمع‬
‫والتالوة فهـو مجموع في الصدور أو مكتوب في السطور ‪ ,‬قال‬
‫تعالى ‪ِ  :‬إ َّـن َعلَ ْينَـا َج ْم َعهـُ َوقُ ْرآنَهـُ فَِإ َذا قَ َرْأنَاهـُ فَاتَّبِ ْعـ قُ ْ‬
‫رآنَهـ ُ‪{ ‬القيامـة‪-17:‬‬
‫‪}18‬‬

‫‪ ‬ثانيا ً ‪:‬تعريـف القرآـن اصـطالحا ً‪:‬هـو كالم هللاـ المعجـز المنزـل علـى‬
‫النــبي محمــد ‪ ‬بواســطة جبرـيــل‪ ،‬المتعبـــد بتالوتــه المنقول إلينــا‬
‫بطريق التواتر المكتوب في المصاحف المبدوء‪.‬‬
‫الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:00 PM 3/10/23‬‬
‫أوال‪ :‬نزول القرآن‬
‫‪3‬‬
‫أو ًال ‪ :‬معنى نزول القرآن لغة‪ :‬يطلق اإلنزال على معنيين ‪-:‬‬
‫س*م ِ‬
‫اء‬ ‫َّ‬ ‫ال‬ ‫*‬‫ن‬‫َ‬ ‫‪ -1 ‬الهبوط م*ن عل*و ‪ :‬يقال ‪ :‬نزل فالن م*ن الجب*ل‪ ،‬وقال تعال*ى‪َ ‬أ ْن َز َل* ِ‬
‫م‬
‫َ‬
‫ها ‪{ ..‬الرعد‪}17:‬‬ ‫سالَ ْت َْأوِد َي ٌة ِبقَ َد ِرَ‬
‫اء فَ َ‬
‫َم ً‬
‫ب‬
‫حل* بها‪ .‬ومن**ه قول**ه تعال**ى‪َ  :‬وُق ْل * َر ِّ *‬
‫‪ -2 ‬الحلول ‪ :‬يقـال ‪( :‬نزل فالن بالمدين**ة) َّ‬
‫ين‪{ ‬المؤمنون‪.}29:‬‬ ‫َأ ْن ِزْل ِني ُم ْن َزالً ُم َب َاركاً َوَأ ْن َت َخ ْي ُر ا ْل ُم ْن ِزِل َ‬
‫‪ ‬وكال المعنيي*ن ُيشعران بالمكاني*ة والجس*مية فال يلي*ق بالقرآ*ن أل*ن القرآ*ن ه*و كالم اهلل* وه*و‬
‫صفة هلل تعالى وقد ذهب العلماء إلى أن إنزال القرآن فيها توجيهان ‪:‬‬
‫‪ ‬أ‪ -‬أن يقصد من إنزال القرآن إنزال حامله وهو الروح األمين جبريل عليه السالم‬
‫‪ ‬ب‪ -‬أن يقصد منه إنزال الزمه وهو اإلعالم بمعنى إنزال القرآن على النبي ‪ ‬إعالمه به‪.‬‬
‫‪  ‬واختي*ر لف*ظ اإلنزال ل*بيان شرف هذا القرآ*ن وعل*و منزلت*ه قال تعال*ى ‪َ ‬وِبا ْل َحقِّ* َأ ْن َزْل َناهُ*‬
‫َوِبا ْل َح ِّ‬
‫ق َن َز َل ‪.‬‬

‫الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:00 PM 3/10/23‬‬


‫ثانيا ُ ‪ :‬تنزالت القرآن الكريم ‪:‬‬
‫‪4‬‬

‫اس* وب ِّين*ـ ٍ‬
‫ات‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫لن‬ ‫آن* ُهدى* ِ‬
‫ل‬ ‫ُ‬ ‫ر‬ ‫ق‬
‫ُ‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫ا‬ ‫*‬‫ه‬‫ان* الَِّذي ُأْن ِز َل* ِفي* ِ‬ ‫َ‬ ‫ض‬
‫َ‬ ‫م‬‫ر‬ ‫ر‬ ‫ه‬ ‫ش‬
‫َ‬ ‫‪‬‬ ‫‪:‬‬ ‫*ى‬ ‫ل‬ ‫تعا‬ ‫*‬
‫ل‬ ‫قا‬ ‫‪-‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪‬‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ُ ََ‬ ‫ْ‬
‫ان‪. ‬‬ ‫ِم َن ا ْلهـَُدى َوا ْلفُْرقَ ِ‬
‫‪-2‬وقال تعالى ‪ِ :‬إ َّنا َأ ْن* َزْل َناهُ ِفي لَ ْي*لَ ِة ا ْلقَ ْد ِر‪. ‬‬
‫‪ -3‬قال تعالى ‪ِ :‬إ َّن*ا َأ ْن َزْل َناهُ ِفي لَ ْي َل ٍة ُم َب َارَك ٍة‪. ‬‬
‫‪  ‬ال تعارض بي*ن هذه اآليات الثالث ‪ ،‬فالليل*ة المب*ارك*ة ه*ي ليل*ة القدر م*ن‬
‫شه**ر رمضان ؛ إو نم**ا ي*تعارض ظاه**ر هذه اآلي*ات م**ع الواق**ع العمل**ي ف**ي حي*اة‬
‫رسو*ل اهلل ‪ ‬حيث نزل القرآن في نيف وعشرين* سنة‪*.‬‬
‫‪‬والرأي الراجح هو مذهب عبد اهلل ابن عباس ‪‬وعليه جمهور العلماء * ‪:‬‬
‫‪‬أ**ن المراد بنزول القرآ**ن ف**ي تل**ك اآليات الثالث نزول**ه جمل**ة واحدة إل**ى‬
‫بي*ت العزة ف*ي الس*ماء الدني*ا ث*م نزل بع*د ذل*ك منجماً مفرقاً عل*ى الرس*ول‬
‫‪‬في نيف وعشرين سنة ‪.‬‬
‫الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:00 PM 3/10/23‬‬
‫أدلة هذا الرأي‬
‫‪5‬‬

‫‪‬األدلـة علـى نزول القرآـن جملـة واحدة إلـى السـماء الدنيـا ثـم‬
‫نزوله مفرقا على قلب الرـسول ‪ ‬في ثالث وعشرين سنة ‪:‬‬
‫‪1‬عنابنعباسرضيهللا عنهما ق ا ‪:‬ل "أـنزلاــلقرآـنجـملـة واـحدة إلى‬
‫ســـماء اــلدنيـا لــيلـة اــلقــدر ثـــمـ أـنزلبــعــد ذلـكفـــيعشريـنســـنة"‬
‫ـىم ْك ٍث َونَ َّز ْلنَاهـُ‬ ‫اهـ لِـتَ ْق َرـَأ ُهـ َعلَـىاــلنَّ ِ‬
‫اس َعلَ ُ‬ ‫ث م ق رأ ‪َ  :‬وقُ ْرآـناً َفـــ َر ْقـنَ ُ‬
‫َتــ ْن ِزي ً‬
‫ال‪ { ‬اــإلسراء ‪}106‬‬

‫‪2‬وع ن اب ن عباس رضــي هللاــ عنهمــا قال ‪" :‬فصــل القرـآــن مــن الذكــر‬
‫فوضـع فـي بيـت العزة مـن السـماء الدنيـا فجعـل جبريـل ينزـل بـه علـى‬
‫النبي ‪” ‬رواه الحاكم والنسائي‬

‫الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:00 PM 3/10/23‬‬


‫من { أدلة رأي الجمهور}‬
‫‪6‬‬

‫‪3 ‬وعنابنعباسرض يهللا عنهما ق ا ‪:‬ل "أـنزلاــلقرآـنجـملـة واـحدة إلىســماء اــلدنيـا‬


‫وكانبــمواـق ـعـ اــلنجومـ ‪ ،‬وكانهللاــــ يــنزلـهـ علــىرســولهـ ‪ ‬بــعضـهـ فــــيإثــر‬
‫بــعض" ‪ .‬رواـهـ اــلحاكمـ واــلنسائي‬

‫‪4 ‬وعنابنعباسرضيهللا عنهما ق ا ‪:‬ل "أـنزلاــلقرآـنفـــيلــيلة اــلقدر فـــيش ـهـر‬


‫رمضانإلىســماء اــلدنيا جـملة واـحدة ثــمـ أـنزلنــجوما ً" رواـهـ اــلحاكمـ واــل ‪.‬‬
‫نسائي‬

‫‪ ‬والراجح أن القرآن الكريم له تنزالن ‪-:‬‬


‫‪‬األول ‪ :‬نزوله جملة واحدة في ليلة القدر إلى بيت العزة من السماء الدنيا ‪.‬‬
‫‪‬الثانــي ‪ :‬ثــم نزولــه مــن الســماء الدنيــا إلــى األرض مفرقا ً منجما ً فــي نيــف‬
‫وعشرين سنة ‪.‬‬

‫الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:00 PM 3/10/23‬‬


‫الحكمة من تنجيم القرآن *‬
‫‪7‬‬
‫‪‬الحكمة األولى ‪ :‬تثبيت فؤاد النبي ‪ ‬وذلك من خالل اآلتي ‪-:‬‬
‫‪‬أ ‪ ‬تكرار نزول الوحـي مـن هللاـ علـى رسـوله ‪‬يشعـر الرسـول ‪ ‬بالعنايـة‬
‫اإللهية ويمأل قلبه ‪ ‬سروراً بالمعية الربانية‪.‬‬
‫‪‬ب ‪ ‬فيه تيسير حفظ القرآن وفهمه ومعرفة أحكامه وحكمه ‪.‬‬
‫‪‬ج ‪ ‬تكرار نزول القرآــن علــى الرســول ‪ ‬نوع مـن اإلعجاز ‪ ،‬حيـث تحدى‬
‫كفار قريـش فـي كـل مرة أـن يأتــوا بمثــل هذا التنزيـل وال شـك أـن هذه المعجزة‬
‫تقوي أزر الرسول الكريم ‪.‬‬
‫‪‬د ‪ ‬تكرار نزول القرآـن فيـه دحـض شبهات كفار قريـش ورداً علـى أسـئلتهم ‪،‬‬
‫وتسلية للرسول الكريم ‪ ‬وتأييداً له ‪.‬‬

‫الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:00 PM 3/10/23‬‬


‫الحكمة من تنجيم القرآن‬
‫‪8‬‬

‫‪‬الحكمة الثانية ‪ :‬التدرج في تربية هذه األمة علما ً وعمالً ‪.‬‬


‫‪ -1‬ذلـك عـن طريـق تيسـير حفـظ القرآـن علـى األمـة العربيـة ‪ ،‬وتسـهيل‬
‫فهمـــه عليهـــم ‪ ،‬والتمهيـــد لكمال تخليهـــم عـــن عقائدهـــم الباطلـــة ‪،‬‬
‫وعباداتهم الفاسدة ‪ ،‬وعاداتهم المرذولة‪.‬‬
‫‪ -2 ‬وكذلــك التمهيــد لتحليهــم بالعقيدة الحقــة ‪ ،‬والعبادة الصــحيحة ‪،‬‬
‫واألخالق الفاضلة‪ ،‬والعادات الحسنة‪.‬‬
‫‪ -3‬تثـبيت قلوب المؤمنيـن وتسـليحهم بعزيمـة الصـبر واليقيـن ‪ ،‬بسـبب‬
‫مــا كان يقصــه القرآــن عليهــم مــن حيــن آلخــر بقصــص األنــبياء‬
‫والمرسـلين ‪ ،‬ومـا وعـد هللاـ بـه عباده الصـالحين مـن النصـر والتأييـد‬
‫واألجر ‪ ،‬والتدمير والهالك للمخالفين ‪.‬‬
‫الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:00 PM 3/10/23‬‬
‫الحكمة من تنجيم القرآن‬
‫‪9‬‬
‫‪‬الحكمة الثالثة ‪ :‬مسايرة الوقائع واألحداث ‪* :‬‬
‫‪ -1‬م*ن القرآ*ن م*ا نزل إجاب*ة لس*ؤال م*ن الكفار أ*و م*ن المس*لمين‪ ،‬لغرض* التث*بيت‬
‫من رسالته ‪ ‬مثال ذلك‪:‬‬
‫وه َّ*ن َحتَّ*ى َي ْط ُه ْر َن* فَِإ َذا‬ ‫الم ِحي ِ‬
‫ض* َواَل تَ ْقَرُب ُ‬ ‫اء ف*ي َ‬
‫النس* ِ‬
‫اعتَ ِزلُوا ِّ َ َ‬ ‫الم ِحي ِ‬
‫ض* ُق ْل* ُه َو َأ ًذى فَ ْ‬ ‫س*َألُوَن َك َع ِن* َ‬
‫‪ ‬قال تعال*ى[ َوَي ْ‬
‫ين ] {البقرة‪}222:‬‬ ‫ط ِّه ِر َ‬
‫المتَ َ‬
‫ب ُ‬ ‫ين َوُي ِح ُّ‬
‫اهلل ُي ِح ُّب التََّّوا ِب َ‬
‫َأمَرُك ُم اهللُ ِإ َّن َ‬
‫ث َ‬‫وه َّن ِم ْن َح ْي ُ‬
‫ط َّه ْر َن فَْأتُ ُ‬
‫تَ َ‬
‫ن ا ْل ِع ْلِم ِإال َق ِليالً ‪{ ...‬اإلسراء‪}85:‬‬ ‫َأم ِر َرِّبي َو َما ُأوِتيتُ ْم ِم َ‬ ‫الر ِ‬
‫وح ُق ِل ُّ ُ‬ ‫سَألوَن َك َع ِن ُّ‬‫‪ ‬قال تعالى ‪َ ‬وَي ْ‬
‫وح م ْن ْ‬ ‫الر ِ‬
‫‪ -2‬مجاراة للوقائ**ع واألحداث ف**ي حينه**ا ‪ ،‬ب**بيان حك**م اهلل * فيه**ا عن**د حدوث‬
‫اءوا‬ ‫ج‬ ‫ين*‬
‫َ‬ ‫ن الَِّ‬
‫ذ‬ ‫وقوعه*ا ‪ ،‬مث*ل م*ا جاء ف*ي س**ورة النور مخ**ب ارً ع*ن حدي*ث اإلف*ك ‪ِ‬إ َّ*‬
‫َ ُ‬
‫س* َب‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫ك‬
‫ْ‬ ‫ا‬ ‫*ا‬
‫م‬ ‫*‬
‫م‬ ‫ه‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫م‬‫ش ارً لَ ُكم* ب ْل* ُهو َخ ْير لَ ُكم* ِل ُك ِّ*ل ام ِرٍئ ِ‬
‫َ‬ ‫وه‬‫ب‬ ‫*‬
‫س‬ ‫ح‬
‫ْ‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫ال‬ ‫*‬
‫م‬ ‫ك‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫ِباِأْل ْف ِك* عص*ب ٌة ِ‬
‫م‬
‫َ‬ ‫ُْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ٌ ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ َْ‬
‫ظيم‪{ ‬النور‪}11:‬‬ ‫ِم َن اِأْل ثِْم والَِّذي تَولَّى ِك ْبرهُ ِم ْنهم لَ ُه ع َذاب ع ِ‬
‫َ ٌ َ ٌ‬ ‫ُْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫‪ -3‬كذل*ك نزل م*ن القرآ*ن الكري*م م*ا يلف*ت أنظار المس*لمين‪ ،‬ويص*حح أغالطه*م‪ ،‬مثال‬
‫ض* ِب َم*ا َر ُح َب ْت* ثَُّ*م‬
‫اَألر ُ‬
‫ضاقَ ْت* َعلَ ْي ُك ُم* ْ‬
‫ش ْيئاً َو َ‬ ‫ذل*ك قول*ه تعال*ى ‪َ  :‬وَي ْوَم* ُح َن ْي ٍن* ِإ ْذ ْ‬
‫َأع َج َب ْت ُك ْم* َكثَْرتُ ُك ْم* َفلَ ْم* تُ ْغ ِن* َع ْن ُك ْم* َ‬
‫ين ‪{ ‬التوبة‪}25:‬‬ ‫َولَّ ْيتُ ْم ُم ْد ِب ِر َ‬
‫الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:00 PM 3/10/23‬‬
‫من {الحكمة من تنجيم القرآن}‬
‫‪10‬‬

‫‪‬الحكمـة الرابعـة ‪ :‬تفضيـل القرآـن الكريـم علـى غيره مـن الكتـب السـماوية ‪:‬‬
‫لقـد جمـع هللاـ لـه النزوليـن ‪ :‬النزول جملـة واحدة ‪ ،‬والنزول‬
‫مفرقا ً وبذلـك شارك الكتـب السـماوية فـي األولـى ‪ ،‬وانفرد فـي‬
‫الفضـل بالثانيـة ‪ ،‬وهذا يعود بالتفضيـل لنبينـا محمـد ‪ ‬علـى‬
‫سـائر إخوانـه مـن األنـبياء – عليهـم السـالم – وإن هللا جمـع لـه‬
‫مـن الخصـائص مـا لغيره ‪ ،‬وزاد عليهـا ‪ ،‬وكذلـك تفخيـم لشأـن‬
‫هذه األمــة التــي أنزل عليهــا القرآـن الكريـم بأنهــا خيــر أمــة‬
‫أخرجت للناس‪.‬‬

‫الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:00 PM 3/10/23‬‬


‫المبحث الثالث ‪ :‬المكي والمدني‬
‫‪11‬‬

‫‪:‬‬ ‫للعلماء في معنى المكي والمدني ثالثة اصطالحات‬


‫‪‬االصطالح األول ‪ :‬باعتبار المكان ‪:‬‬
‫‪‬أ*ن المك*ي م*ا نزل بمك*ة ول*و بع*د الهجرة ‪ ،‬والمدن*ي م*ا نزل‬
‫بالمدينة‪.‬‬
‫‪ ‬ويرد عل**ى هذا التعري*ف أن*ه غي**ر ضاب**ط وال حاص**ر ‪ ،‬ألن**ه يشم**ل م**ا‬
‫نزل بغير مكة والمدينة وضواحيها ‪:‬‬
‫ان * * عرضاً قَ ِريباً وس * *فَ ارً قَ ِ‬
‫اصداً ال تََّب ُعوك ‪...‬‬ ‫َ‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫‪‬‬ ‫‪:‬‬ ‫*ى‬‫*‬ ‫*‬‫تعال‬ ‫*ه‬‫*‬ ‫*‬‫كقول‬ ‫‪‬‬ ‫‪1‬‬‫‪‬‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫(التوبة ‪ )42‬فإنها نزلت بتبوك ‪.‬‬
‫س*لِ َنا ‪ ( ...‬الزخرف‬ ‫ر‬
‫ُُ‬ ‫*‬
‫ن‬ ‫ْ‬ ‫َأل م ْن* َأرس* ْل َنا ِم ْن* قَ ْب ِل َك* ِ‬
‫م‬ ‫س* ْ َ ْ َ‬ ‫‪  2‬وقول*ه تعال*ى ‪َ  :‬وا ْ‬
‫‪ )45‬نزلت ببيت المقدس ليلة اإلسراء‪.‬‬
‫الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:00 PM 3/10/23‬‬
‫من { المكي والمدني}‬
‫‪12‬‬

‫‪‬االصطالح الثاني ‪ :‬باعتبار المخاطب ‪:‬‬


‫‪‬أ**ن المك**ي م**ا وق**ع خطاباً أله**ل مك**ة ‪ ،‬والمدن**ي م**ا وق**ع خطاباً‬
‫ألهل المدينة ‪.‬‬
‫‪‬قال اب **ن مس **عود ‪" :‬م **ا كان ف **ي القرآ **ن بلف **ظ (ي **ا أيه **ا الذي **ن‬
‫آمنوا) أنزل بالمدين*ة أ*ي مدن*ي‪ ،‬وم*ا كان م*ن القرآ*ن بلف*ظ (ي*ا أيه*ا‬
‫الناس) و (ي**ا بن**ي آدم) فه**و مك**ي ‪ ،‬وذل**ك أ**ن اإليمان كان غالباً‬
‫عل*ى أه*ل المدين*ة ‪ ،‬وكذل*ك خطاب الكافري*ن ب { ي*ا أيه*ا الناس} ؛‬
‫ألن الكفر كان غالباً على أهل مكة ‪.‬‬
‫‪ ‬وهذا التقسيم غير ضابط وال حاصر لجميع آيات القرآن الكريم ألمرين ‪-:‬‬
‫الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:00 PM 3/10/23‬‬
‫من { المكي والمدني}‬
‫‪13‬‬

‫اس‪ ‬مثل‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬


‫ن‬
‫ل‬ ‫ا***‬ ‫ا‬ ‫*‬
‫ه‬‫َ‬ ‫َأي‬
‫ُّ‬ ‫ا‬ ‫*‬ ‫*‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫‪‬‬ ‫*ة‬ ‫*‬‫*صيغ‬ ‫*‬ ‫*‬‫ب‬‫ِّرت‬ ‫د‬ ‫*‬ ‫*‬ ‫ص‬
‫ُ‬ ‫مدنية‬ ‫آيات‬ ‫*وجد‬ ‫*‬ ‫*‬‫ي‬ ‫*‬
‫ه‬ ‫*ن‬‫إ‬ ‫‪1‬‬ ‫‪‬‬
‫اع ُب ُدوا َرَّب ُك ُم* الَِّذي َخلَقَ ُك ْم*‬ ‫س* ْ‬ ‫النا ُ‬ ‫‪ -1‬ف*ي س*ورة البقرة قول*ه تعال*ى ‪َ ‬ي*ا َُّأي َه*ا َّ‬
‫ون] {البقرة‪ }21:‬وهي مدنية ‪.‬‬ ‫ين ِم ْن قَ ْب ِل ُك ْم لَ َعلَّ ُك ْم تَتَّقُ َ‬ ‫َوالَِّذ َ‬
‫‪ -2‬م*ا جاء ف*ي س*ورة النس*اء التي اتف*ق عل*ى أنه*ا مدنية قال تعالى‬
‫ق * ِم ْن َه**ا‬‫اح َد ٍة * َو َخلَ َ‬
‫س* و ِ‬
‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ف‬
‫ْ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫*‬ ‫ن‬ ‫ْ‬ ‫م‬‫الناس * اتَّقُوا رَّب ُكم * الَِّذي َخلَقَ ُكم * ِ‬
‫ْ‬ ‫َ ُ‬ ‫‪َ : ‬ي**ا َُّأي َه**ا َّ ُ‬
‫اَألر َحا َم*‬ ‫و‬ ‫*‬‫ه‬‫ون ِب ِ‬ ‫ل‬ ‫اء‬ ‫*‬‫س‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫ِ‬
‫ذ‬ ‫َّ‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫*‬
‫هلل‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫ق‬ ‫َّ‬
‫ت‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫اء‬ ‫*‬
‫س‬ ‫ِ‬
‫ن‬ ‫و‬ ‫ير‬
‫ا‬ ‫ِ‬
‫ث‬ ‫ك‬ ‫ا‬‫ج‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َزْو َج َه*ا َوَب َّ*‬
‫َ ْ‬ ‫َ َ َ‬‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ً َ َ ًَ‬ ‫َ‬ ‫اًل‬ ‫ث َُ َ‬
‫ر‬ ‫*ا‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ن‬‫ْ‬ ‫م‬
‫يبا‪ { ‬النساء ‪ ،} 1‬وهي مدنية ‪.‬‬ ‫ان َعلَ ْي ُك ْم َرِق ً‬ ‫ِإ َّن اهللَ َك َ‬
‫آم ُنوا‪‬‬ ‫ين‬
‫َ‬ ‫‪2 ‬وكذلك هناك آيات مكية صدرت بصيغة ‪‬يا َُّأيها الَِّ‬
‫ذ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫اس * ُج ُدوا‬ ‫ين * َآ َم ُنوا ْارَك ُعوا َو ْ‬ ‫‪ ‬م**ا جاء ف**ي س**ورة الح**ج المكي**ة ‪َ ‬ي**ا َُّأي َه**ا الَِّذ َ‬
‫ون*** ‪{‬الح * **ج‪ }77:‬وعل***ى هذا فإن هذا‬ ‫الخ ْي َر لَ َعلَّ ُك ْم*** تُ ْف ِل ُح َ‬
‫اع ُب ُدوا َرَّب ُك ْم* * َوا ْف َعلُوا َ‬ ‫َو ْ‬
‫التقسيم غير ضابط وال حاصر ‪.‬‬
‫الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:00 PM 3/10/23‬‬
‫من { المكي والمدني}‬
‫‪14‬‬

‫‪3‬ي* **وج*د س* **ـو*ر ك**ثير*ة ف*****يا***لقر*آ*ن ا***لكري*م* ل**ي*سف * **يه*ا ا***لخطاب‬


‫اس‪ ‬ف * **عل **ى هذا‬ ‫َّ‬
‫ن‬‫ل‬ ‫ا***‬ ‫*ا‬‫*‬ ‫*‬
‫ه‬ ‫َأي‬
‫ُّ‬ ‫ا‬ ‫*‬ ‫*‬ ‫*‬‫ي‬ ‫‪‬‬ ‫و‬ ‫‪‬‬ ‫ا‬‫*‬‫و‬ ‫ن‬
‫ُ‬ ‫آم‬ ‫ين‬
‫َ‬ ‫ذ‬‫ِ‬
‫*ل‬‫َّ‬
‫ب* **ـ ‪َ ‬ي** * ا َُّأي َه***ا ا *‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ا **العتبـار ف * **هـيغير مكية و*ال مدنية ‪،‬‬
‫س* ُب َك ا***هللُ* َو* َمِن‬‫‪ -1‬مثا **لق* *و*ل*ه* ت* **ع**ا **لى‪َ  :‬ي** * ا َُّأي َه**ا ا***لَّن ِبُّ*ي َح* ْ‬
‫ا*تََّب َع َك ِمَن ا***لُمْؤ ِم ِن َين‪{ ‬ا* *ألنفا * ‪*:‬ل‪}64‬‬
‫ش َه ُد ِإ َّن َك *‬‫ون * قَالُوا َن ْ‬ ‫َ‬ ‫ق‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫اف‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫الم‬ ‫*‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫اء‬ ‫ج‬ ‫ا‬ ‫ذ‬‫َ‬ ‫ِإ‬ ‫‪‬‬ ‫تعالـى‪:‬‬ ‫*ه‬‫*‬ ‫قول‬ ‫‪-‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪‬‬
‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫اف ِق َ‬
‫ين *‬ ‫شه ُد ِإ َّن* الم َن ِ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫َ ُ َ َ‬ ‫ي‬ ‫*‬ ‫اهلل‬ ‫و‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ل‬
‫ُ‬‫و‬ ‫*‬ ‫س‬ ‫ر‬
‫َ ُ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫*‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫َّ‬
‫ن‬ ‫ِإ‬ ‫*‬ ‫م‬‫َ‬‫ل‬‫ع‬‫ي‬
‫َ ُ َْ ُ‬ ‫*‬ ‫اهلل‬ ‫و‬ ‫*‬ ‫لَرس *و ُل ِ‬
‫اهلل‬ ‫َ ُ‬
‫ون‪{ ‬المنافقون‪}1:‬‬ ‫ِ‬
‫لَ َك ُ َ‬
‫ب‬ ‫اذ‬

‫الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:00 PM 3/10/23‬‬


‫من { المكي والمدني}‬
‫‪15‬‬

‫‪‬االصطالح الثالث ‪ :‬باعتبار زمن النزول وهو الراجح‪* :‬‬


‫‪‬وهـو مـا عليـه جمهور العلماء‪ :‬أـن المكـي مـا نزل قبـل‬
‫هجرة الرســول ‪ ‬إلــى المـدينــة ‪ ،‬وإن كان نزولــه بغيــر‬
‫مكة ‪ ،‬والمدنـي ما نزل بعد الهجرة وإن كان نزوله بمكة‬
‫‪‬وهذا التقسيم كما ترى لوحـظ فيه زمـن النزول ‪ ،‬هو تقسيم‬
‫صــحيح ســليم ألنــهـ ضابــط حاصــر لجميــع آيات القرآــن‬
‫الكريم ‪.‬‬

‫الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:00 PM 3/10/23‬‬


‫منهج العلماء في معرفة المكي والمدني ‪:‬‬
‫‪16‬‬

‫‪ ‬اعتمد العلماء في معرفة المكي والمدني على منهجين هما‪-:‬‬


‫‪‬المنه **ج األول ‪ :‬الس **ماعي النقل **ي ‪ :‬العمدة ف **ي معرف **ة المك***ي والمدن **ي النق **ل‬
‫الص**حيح ع**ن الص**حابة – رض**ي اهلل * عنه**م – الذي**ن شاهدوا أحوال الوح**ي والتنزي**ل ‪،‬‬
‫والتابعين اآلخذين عنهم ‪ ،‬ولم يرد عن النبي ‪ ‬في ذلك قول *‬
‫‪  ‬قال الس*يوطي ‪" :‬إنم*ا ُيرج*ع ف*ي معرف*ة المك*ي والمدن*ي إل*ى حف*ظ الص*حابة والتابعي*ن‬
‫ولم يرد عن النبي ‪ ‬في ذلك قول ؛ ألنه لم يؤمر به“ ‪.‬‬
‫‪  ‬قال عب*د اهلل* ب*ن مس*عود ‪" :‬واهلل* الذي ال إل*ه غيره م*ا نزل*ت س*ورة م*ن كتاب اهلل* إال‬
‫وأن*ا أعل*م أي*ن نزل*ت ‪ ،‬وال نزل*ت آي*ة م*ن كتاب اهلل* إال وأن*ا أعل*م في*م أنزل*ت ‪ ،‬ول*و أعل*م‬
‫أحداً أعلم مني بكتاب اهلل تبلغه اإلبل لركبت إليه" ‪.‬‬
‫‪‬المنه*ج الثان*ي ‪ :‬القياس االجتهادي ‪:‬هناك عالمات وضواب*ط ومميزات‬
‫وضعها العلماء ُيعرف بها المكي والمدني هي ‪-:‬‬
‫الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:00 PM 3/10/23‬‬
‫ضوابط ومميزات القرآن المكي‬ ‫من { الطريق إلى معرفة المكي والمدني }‬
‫‪17‬‬

‫‪‬أوالً ‪ :‬ضوابط القرآن المكي هي ‪:‬‬


‫‪ -1‬كـل سـورة فيهـا لفـظ (كال) وق د ذك ر هذا اللف ظ ف ي القرآ ن ثالثا ً وثالثيـن مرة‬
‫فـي خمـس عشرة سـورة كلهـا مكيـة وحكمـة مـن تكريرهـا فـي المكـي ألـن‬
‫المجتمـع المكـي كافـر فيخاطبهـم هللا بلفـظ { كال } علـى وجـه التهديـد والتعنيـف لهـم‬
‫واإلنكار عليهم‬
‫‪ -2‬كـل سـورة فـي أولهـا حروف تهجـي مثـل { ألـم ‪ ،‬المـر ‪ ،‬ن‪ ،‬ق‪ ،‬ص}غيـر سـورة‬
‫البقرة وآل عمران فهما مدنيتان‪.‬‬
‫‪ -3 ‬كل سورة فيها سجدة أو مبدوءة بقسم ‪.‬‬
‫‪ -4‬كـل سـورة فيهـا تفصـيل لقصـص األنـبياء ولألمـم الغابرة فهـي مكيـة سـوى البقرة ‪،‬‬
‫وفيهـا ذكـر – تعالـى – تلـك القصـص ألخـذ العـبرة والعظـة بسـنته – تعالـى – فـي هالك‬
‫أهل الكفر والطغيان وانتصار أهل اإليمان‬
‫الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬
‫‪07:00‬فيها قصة آدم وإبليس فهي مكية سوى البقرة‬
‫كل‪PM‬سورة‬ ‫‪-5 ‬‬
‫‪3/10/23‬‬
‫من { الطريق إلى معرفة المكي والمدني } ثانيا ً ‪ :‬مميزات القرآن المكي ‪:‬‬
‫‪18‬‬
‫‪ -1 ‬كـل سـورة فيهـا دعوة إلـى أصـول اإليمان االعتقاديـة مـن اإليمان باهللـ واليوم اآلخـر ومـا‬
‫فيه من البعث والحشر والجزاء ‪ ،‬واإليمان بالرسالة فهي مكية ‪.‬‬
‫‪ -2 ‬كـل سـورة فيهـا محاجـة المشركيـن ومجادلتهـم وإقامـة الحجـة عليهـم فـي بطالن عبادتهـم‬
‫لألصنام ‪ ،‬وبيان أنها ال تنفع وال تضر فهي مكية‪.‬‬
‫‪ -3 ‬كـل سـورة تحدث عـن عادات المشركيـن القبيحـة؛كالقتـل وسـفك الدماء ‪ ،‬ووأـد‬
‫البنات واستباحة األعراض ‪ ،‬وأكل مال اليتيم ‪ ،‬للفت أنظارهم إلى ما في ذلك من أخطار‬
‫‪ -4 ‬كـل سـورة فيهـا دعوة إلـى أصـول التشريعات العامـة واآلداب والعقائـد الثابتـة التـي ال‬
‫تتغيــر بتغيــر الزمان والمكان ‪ ،‬وال ســيما التــي يتعلــق منهــا بحفــظ الديــن والنفــس والمال‬
‫والعقــل والنســب ‪ ،‬وأيضا ً أمرهــم بالصــدق والعفاف وبر الوالديــن وصــلة الرحــم والعفــو‬
‫والعدل وغير ذلك ‪.‬‬
‫‪ -5 ‬قصـر أكثـر آياتـه وسـوره ‪ ،‬فقـد سـلك مـع أهـل مكـة سـبيل اإليجاز فـي خطابـه لهـم ‪ ،‬وذلـك‬
‫ألنهـــم كانوا أهـــل البالغـــة والـــبيان ‪ ،‬صـــناعتهم الكالم ‪ ،‬فيناســـبهم اإليجاز واإلقالل دون‬
‫اإلسهاب واإلطناب ‪.‬‬
‫الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:00 PM 3/10/23‬‬
‫ثالثا ً ‪ :‬ضوابط القرآن المدني ‪:‬‬
‫‪19‬‬

‫‪ -1‬تتميــز اآليات المدنيــة بذكــرـ وبيان الحدود والفرـائــض ‪،‬‬


‫وذلك ألنها شرعت بعد إقامة المجتمع اإلسالمي ‪.‬‬
‫‪ -2‬كـل سـورة فيهـا إذن بالجهاد وبيان ألحكام الجهاد والصـلح‬
‫والمعاهدات فهي مدنية سوى سورة الحج ‪.‬‬
‫‪ -3‬كـل سـورة فيهـا ذكـر المنافقيـن فهـي مدنيـة مـا عدا سـورة‬
‫العنكبوت مكيـــة اآليات اإلحدى عشرـة األولـــى ‪ ،‬وذلـــك ألـــن‬
‫ظاهرة النفاق بدت تظهرـ في المدينة ‪.‬‬

‫الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:00 PM 3/10/23‬‬


‫مميزات القرآن المدني‬
‫‪20‬‬

‫‪ -1‬التحدث عــن دقائــق التشريــع‪ ،‬وتفاصــيل األحكام فــي العبادات‬


‫والمعامالت كأحكام الصـــالة والصـــيام والزكاة ‪ ...‬وكذلـــك الـــبيوع‬
‫والربـا والسـرقة والكفارات كمـا فـي سـورة البقرة والنسـاء والمائدة‬
‫والنور ‪ ،‬وذلـك أـن حياة المسـلمين بدأـت تسـتقر وأصـبح لهـم كيان‬
‫ودولة وسلطان ‪.‬‬
‫‪ -2‬محاجـــة أهـــل الكتاب وبيان ضاللهـــم فـــي عقائدهـــم‪ ،‬وبيان‬
‫تحريفهم لكتب هللا وهذا ما توضحه سورة البقرة والمائدة والفتح‬
‫‪ -3‬تمتاز آيات القرآـن المدنـي بطول المقاطـع ؛ وذلـك ألنهـا تتحدث‬
‫عن التشريعات ومخاطبة أهل الكتاب ‪.‬‬
‫الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:00 PM 3/10/23‬‬
‫فوائد معرفة المكي والمدني‬
‫‪21‬‬

‫‪ 1‬معرفـة المكـي والمدنـي يسـاعد علـىـ تمييـز الناسـخ مـن المنسـوخ فيمـا‬
‫لــو وردت آيتان متعارضتان وإحداهمــا مكيــة واألخرى مدنيــة ‪ ،‬فإننــا نحكــم بنســخ‬
‫المدنية للمكية لتأخرها عنها ‪.‬‬
‫‪ 2‬معرفـة المكـي والمدنـي يعيـن علـى معرفـة تاريـخ التشريـع ‪ ،‬والوقوف‬
‫علـى سـنة هللاـ الحكيمـة فـي تشريعـه ‪ ،‬وهـي التدرج فـي التشريعات بتقديـم‬
‫األصــول علــى الفروع واإلجمـــال فــي التفصــيـل ‪ ،‬وبذلـــك يترتــب عليــه‬
‫اإليمان بسمو السياسة اإلسالمية في تربية الشعوب واألفراد ‪.‬‬
‫‪ 3‬معرفـة المكـي والمدنـي يزيـد الثقـة بهذا القرآـن العظيـم ‪ ،‬وبوصـوله‬
‫إلينـا سـالما ً مـن التغييـر والتحريـف ‪ ،‬ويدل علـى ذلـك اهتمام المسـلمين بهذا‬
‫العلـم عـن طريـق تناقلهـم لهـم ومـا نزل مـن قبـل الهجرة وبعدهـا فـي السـفر‬
‫الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬
‫وفي الليل وـالنهار‬ ‫والحضر‬
‫‪07:00 PM 3/10/23‬‬
‫من {فوائد معرفةـ المـكي والمدني}‬
‫‪22‬‬

‫‪  4‬معرفـة المكـي والمدنـي يسـاعد علـى تفسـير القرآـن الكريـم ‪ ،‬فإن معرفـة‬
‫مكان النزول وزمنه يعين على فهم وتفسير القرآن العظيم ‪.‬‬
‫‪  5‬معرفـة المكـي والمدنـي يفيدنـا فـي معرفـة أحداث السـيرة النبويـة مـن خالل‬
‫متابعــة أحوال النــبي ‪ ‬وموقــف المشركيــن مــن دعوتــه فــي العصــر المكــي‬
‫والعصـر المدنـي ‪ ،‬والوقوف علـى الغزوات التـي غزاهـا الرسـول ‪ ‬كغزوة بدر‬
‫وأحد وبني قريظة والفتح وحنين وغير ذلك ‪.‬‬
‫‪  6‬معرفـة المكـي والمدنـي يعيـن علـى تذوق أسـاليب القرآـن المتنوعـة فـي‬
‫خطابـه لخصـومه واالسـتفادة منهـا فـي الدعوة إلـى هللاـ ‪ ،‬فمخاطبـة الكفار يحتاج‬
‫إلى األسلوب الخطابي في العهد المكي عن طريق التركيز على إثبات وجود هللا‬
‫والبعث والعقيدة ‪ ،‬ومخاطبة أهل الكتاب والمنافقين يحتاج إلى أسلوب الخطابة‬
‫فـي العهـد المدنـي عـن طرق مناقشتهـم فـي عقيدتهـم المنحرفـة وبيان التحريـف‬
‫الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫كتبهم ‪.‬‬
‫‪07:00‬‬ ‫في‬
‫‪PM 3/10/23‬‬
‫الناسخ والمنسوخ‬
‫‪23‬‬

‫‪‬أوالُ ‪ :‬معنى النسخ في اللغة ‪ :‬جاء النسخ على معان ثالثة هي ‪-:‬‬
‫الكتابـ) إذا نقلـت مـا فيـه إلـى‬ ‫َ‬ ‫‪ -1‬النقـل والكتابـة ‪ :‬ومثالـه قولنـا ‪( :‬نسـختُ‬
‫)‬
‫نـ‪( ‬الجاثيـة ‪29‬‬ ‫س ُخ َمـا ُك ْنتُ ْمـ تَ ْع َملُو َ‬ ‫سـتَ ْن ِ‬
‫غيره ‪,‬بدليـل قولـه تعالـى ‪ِ :‬إنَّـا ُكنَّـا نَ ْ‬
‫أي ننسخ ونكتب ما نقله الحفظة من أعمالكم‪.‬‬
‫ـخ الحكــم الشرعــي بحكــم آخــر)‪،‬‬ ‫‪ -2‬التبديــل والتغيــر ‪ :‬تقول العرب ‪ ( :‬نُسـ َ‬
‫ان آيَ ٍة ‪( ‬النحل ‪. )101‬‬ ‫والدليل على ذلك قوله تعالى ‪َ ‬وِإ َذا بَ َّد ْلنَا آيَةً َم َك َ‬
‫الشمسـ الظ َّلـ ) أزالتـه‪ ،‬ويؤيـد‬ ‫ُ‬ ‫‪ -3‬الرفـع واإلزالـة ‪ :‬تقول العرب‪ (:‬نسـختْ‬
‫سـ َها نَْأ ِ‬
‫تـ ِب َخ ْي ٍر ِم ْن َهـا َأ ْو ِم ْثلِ َهـا‪‬‬ ‫سـ ْخ ِم ْنـ آيَ ٍةـ َأ ْو نُ ْن ِ‬‫ذلـك قولـه تعالـى ‪َ  :‬مـا نَ ْن َ‬
‫(البقرة ‪. ) 106‬‬

‫الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:00 PM 3/10/23‬‬


‫من {الناسخ والمنسوخ}‬
‫‪24‬‬

‫‪‬ثانياً ‪ :‬النسخ في االصطالح ‪:‬‬


‫‪"‬ه*و رف*ع الحك*م الشرع*ي بدلي*ل شرع*ي آخ*ر متأخ*ر عن*ه ف*ي نف*س الموضوع"‬

‫‪‬ثالثاً ‪ :‬شروط النسخ ‪*:‬‬


‫‪ -1‬أن يكون الناسخ حكماً شرعياً ومتراخياً عن المنسوخ ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يكون المنسوخ حكماً شرعياً في نفس الموضوع ‪.‬‬
‫تعارض وال يمكن الجمع بينهما ‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫‪ -3‬أن يكون بين الناسخ والمنسوخ‬
‫‪ ‬قال العلماء‪ :‬أ **ن النس **خ ال يق **ع إال ف **ي األوام **ر والنواه **ي ‪ ،‬وال يتعل **ق‬
‫بالعقيدة أو بذكر صفـات اهلل واليوم اآلخر وأصول العبادات والمعامالت‬

‫الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:00 PM 3/10/23‬‬


‫رابعا ً ‪ :‬طريقة معرفة النسخ‬
‫‪25‬‬
‫‪ ‬يعرف الناسخ والمنسوخ بطريقين هما ‪* -:‬‬
‫‪ 1 ‬اــلنقـلاــلصـريح عناــلرسـول ‪ ‬أـو عناــلصـحابياــلذياـشتُهـر بــاــلتفسـير ‪،‬‬
‫قــا ـلاــلسيوطي‪":‬إنمـا يــرجـعـ فـــياــلنسخ علىنــقلصــريح عنرسـولهللاــ ‪ ‬أو عنصــحابييــقول‬
‫آـية كـذا نــسختكـذا”‪.‬‬
‫‪ ‬ويؤيد هذا قول الرسول ‪":‬كنت نهيتكم من زيارة القبور أال فزوروها" م‬
‫‪ ‬ومـا ورد عـن الصـحابي كأـن يقول ‪ :‬نزلـت هذه اآليـة بعـد تلـك اآليـة أـو نزلـت هذه اآليـة قبـل‬
‫تلـك اآليـة ‪ ،‬أـو يقول هذا عام كذا ‪ ،‬وكان معروفــا ً ســبق اآليـة التـي تعارضهـا أـو كان معروفا ً‬
‫تأخرها عنها ‪. ...‬‬
‫‪ 2 ‬أـنيــنعقـد إجماع مـناــألمـة فـــيعلـىتــعييـناــلمتقدمـ مـناــلنصـينواــلمتأخـر فـــيكون‬
‫اــلمتأخر نــاسخ لــلمتقدمـ ‪.‬‬
‫‪  ‬مالحظـة هامـة ‪ :‬ال يعتمـد فـي معرفـة الناسـخ والمنسـوخ علـى االجتهــاد من غيـر سند ‪ ،‬وال‬
‫يعتمد أيضا ً على قول المفسر هذا ناسخ أو منسوخ من غيـر دليـل ‪ ،‬ألن كالمه ليس بدليل‬
‫الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:00 PM 3/10/23‬‬
‫خامسا ً ‪ :‬أنواع النسخ في القرآن الكريم ‪:‬‬
‫‪26‬‬

‫‪‬النسخ في القرآن الكريم على ثالثة أنواع وهي كاآلتي ‪-:‬‬


‫‪‬النوع األول ‪ :‬نسخ الحكم والتالوة ‪:‬‬
‫‪‬بمعنـى نسـخ لفـظ اآليـة والحكـم الذي تدل عليـه ومثالـه مـا ورد فـي صـحيح‬
‫مسـلم عـن عائشـة رضـي هللاـ عنهـا أنهـا قالـت ‪ {:‬كان فيمـا ُأ َ‬
‫نزلـ مـن القرآـن‬
‫تـ } ‪ ،‬وتُوفّـي‬
‫سـ معلوما ٍ‬‫ــخ َن بخم ٍ‬‫سـ ْ‬
‫حر ْم َنـ ‪ ،‬ثـم نُ ِ‬
‫تـ يُ ِّ‬
‫تـ معلوما ٍ‬
‫عش ُر رضعا ٍ‬
‫رسول هللا ‪ ‬وهن فيما يقرأ من القرآن" صحيح مسلم ‪.‬‬
‫‪‬وأمــا قولهــا أــن النــبي ‪ ‬توفــي وهــن فيمــا يقرأ مــن القرآــن فيعنــي أــن‬
‫التالوة نسـخت ولـم يبلـغ ذلـك النسـخ كـل الناس إال بعـد وفاة رسـول هللا ‪‬‬
‫حيث توفي وبعض الناس يقرأ بها أي بمعنى أنه لم يصله خبر نسخها ‪.‬‬

‫الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:00 PM 3/10/23‬‬


‫من {أنواع النسخ في القرآن الكريم}‬
‫‪27‬‬

‫‪‬النوع الثاني ‪ :‬نسخ الحكم وبقاء التالوة ‪:‬‬


‫‪ ‬وهذا النوع يعنـي بقـاء لف*ظ اآلي*ة ف*ي المص*حف ورف*ع العم*ل ب*ه‬
‫لنزول نص آخر* نسخ العمل باألول ومثاله‪:‬‬
‫ون َْأزو*ا*جاً و* ِ‬
‫ص* َّي ًة‬ ‫َ‬ ‫ر‬ ‫ذ‬‫َ‬ ‫ي‬‫*‬‫و‬ ‫*‬‫م‬‫ك‬‫ُ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫م‬ ‫ِ‬ ‫ن‬ ‫َ‬‫و‬ ‫َّ‬
‫ف‬ ‫و‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫*‬ ‫*‬‫ي‬ ‫ين‬‫َ‬ ‫ذ‬‫ِ‬
‫*ل‬‫َّ‬
‫*‬ ‫ا‬
‫*‬ ‫و‬ ‫‪‬‬ ‫‪:‬‬ ‫*لى‬‫*‬ ‫*ا‬‫*‬‫*ع‬‫*‬ ‫*‬‫ت‬ ‫*‬
‫ه‬ ‫*‬
‫ل‬ ‫*‬‫و‬ ‫*‬ ‫*‬‫ق‬ ‫‪1‬‬ ‫‪‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ْ َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ا***لَحْوِل* َغْيَر ِإ ْخ َرا**جٍ*‪( ‬ا***لبقر*ة ‪ ) 240‬ن **س **خت‬ ‫*ج ِه ْم*** َمتَاعاً ِإ َ *ل*ى ْ‬ ‫َألْزَو*ا ِ‬
‫ص *َن‬ ‫ب‬ ‫ر‬
‫َّ‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫*‬ ‫*‬‫ي‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫*ج‬‫ا‬
‫*‬ ‫و‬
‫َأز‬
‫ْ‬ ‫ون‬
‫َ‬ ‫ر‬ ‫ذ‬
‫َ‬ ‫ي‬‫*‬‫و‬ ‫*‬ ‫*‬‫م‬ ‫ك‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫م‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫و‬ ‫َّ‬
‫ف‬ ‫و‬‫ت‬
‫َ‬ ‫*‬ ‫*‬‫ي‬ ‫ين‬‫َ‬ ‫ذ‬‫ِ‬
‫*ل‬‫َّ‬
‫ب* **قول *ه* ت* **ع**ا **لى‪َ :‬و *ا *‬
‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ْ َ ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ‬
‫شرا*ً‪( ‬ا***لبقر*ة ‪. ) 234‬‬ ‫ش ُه*ٍر َو *َع ْ‬ ‫ِب * *َأ ْنفُ ِس ِهَّن َْأرَب َع * َة َأ ْ‬
‫‪ ‬فاآلي **ة األول **ى أوضح **ت حك م العدة عن د الم أر ة المتوف ى عنه ا‬
‫زوجها مرتب*ط بعام كام*ل ‪ ،‬وهذا نس*خ باآلي*ة الثاني*ة الت*ي أوضح*ت‬
‫أربعة أشهر وعش ارً مع بقاء تالوة اآلية المنسوخة ‪.‬‬
‫الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:00 PM 3/10/23‬‬
‫من {أنواع النسخ في القرآن الكريم}‬
‫‪28‬‬

‫‪‬النوع الثالث ‪ :‬نسخ التالوة وبقاء الحكم ‪:‬‬


‫‪ ‬يعنـي أـن لفـظ اآليـة ينسـخ مـن القرآـن ويبقـى العمـل‬
‫بحكمها كما كان سابقا ً‬
‫‪ ‬مـثال ذلـك ‪ :‬مـا روي عـن عمـر بـن الخطاب وأـبي بـن‬
‫كعــب أنهمــا قاال ‪ { :‬كان فيمــا أنزل مــن القرآــن الشيــخ‬
‫َ‬
‫البتةـ نكاالً مـن هللاـ وهللاـ‬ ‫والشيخـة إذا زنيـا فارجموهمـا‬
‫عزيـز حكيـم} ‪ .‬فقـد نسـخت هذه اآليـة وبقـي حكـم الرجـم‬
‫على المحصن الزاني معموالً به ‪.‬‬
‫الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:00 PM 3/10/23‬‬
‫سادسا ً ‪ :‬الحكمة من النسخ في القرآن ‪:‬‬
‫‪29‬‬

‫‪ -1 ‬مراعاة مصــالح الناس ‪ :‬فحينمــا ينســخ الحكــم الذـي ال يصــلح اســتمرار العمــل بــه‬
‫ويُسـتبدل بحكـم آخـر صـالح يُحقـق مصـلحة أبناء المجتمـع اإلسـالمي فهذا برهانـ قاطـع علـى‬
‫أن هللا سبحانه وتعالى يريد الخير للناس وما ينفعهم في هذه الحياة ‪.‬‬
‫‪ -2 ‬تطور التشريـع ووصـله إلـى مرحلـة الكمال ‪ :‬يعلـم هللاـ بمـا يتحملـه الناس فـي كـل مرحلـة‬
‫مـن مراحـل حياتهـم فكان ينزل مـن اآليات مـا يتناسـب مـع نفوسـهم وحياتهـم مثال ذلـك‬
‫التدرج في تحريم الخمر‪.‬‬
‫‪ -3‬ابتالء المكلـف واختباره باالمتثال ألمـر هللاـ أـو عدمـه ‪ ،‬فالمؤمـن يقول سـمعا ً‬
‫وطاعـة لمـا جاء مـن عنـد هللاـ سـواء كان النسـخ مـن الخفيـف إلـى الثقيـل أـو العكـس وال‬
‫يجادل بـل يلتزم ويعمـل بالحكـم األخيـر وبذلـك يكون لـه األجـر علـى الطاعـة بعكـس اإلنسـان‬
‫الغير مؤمن فقد يجادل ويقع في الضـالل ‪.‬‬
‫‪ -4‬إرادة الخيـر ألبناء المجتمـع والتيسـير عليهـم ‪ :‬إذا كانـ النسـخ مـن الخفيـف إلـى‬
‫الثقيـل فإن فيـه زيادة فـي الثواب واألجـر عنـد هللاـ وإن كان مـن الثقيـل علـى الخفيـف ففيـه‬
‫الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬
‫واليسر باألمة ‪.‬‬ ‫السهولة‬
‫‪07:00 PM 3/10/23‬‬
‫جمع القرآن الكريم‬
‫‪30‬‬

‫‪ ‬أوال ‪ :‬جمع القرآن في عهد الرسول ‪: ‬يطلق جمع القرآن ويراد به معنيين ‪-:‬‬
‫‪ 1‬جـمعـ اــلقرآـن‪ :‬بــمعنىحـفظهـ فـــياــلصدور ‪:‬‬
‫‪‬عنـي الرسـول ‪ ‬بالقرآـن عنايـة شديدة ‪ ،‬فقـد كان القرآـن ينزل علـى النـبي‬
‫‪ ‬ويحفظه ويبلغه للناس‪.‬‬
‫‪‬ومـن شدة حرص الرسـول‪‬علـى حفـظ القرآـن كان يحرك لســانه بالقــرآن‬
‫سـانَ َك لِتَ ْع َج َلـ ِب ِهـ ِإ َّـن َعلَ ْينَـا َج ْم َعهـُ‬
‫عنــد نزولـه ‪ ،‬يقول تعالـى ‪ :‬ال تُ َح ِّر ْكـ ِب ِهـ ِل َ‬
‫علَ ْينَا بَيَانَه‪{ ‬القيامة ‪.}19-17‬‬ ‫َوقُ ْرآنَهُ فَِإ َذا قَ َرْأنَاهُ فَاتَّبِ ْع قُ ْرآنَهُ ثُ َّم ِإنَّ َ‬
‫‪ ‬وكان‪‬يعارض جبري*ل بالقرآ*ن الكري*م مرة ف*ي شه*ر رمضان م*ن ك*ل عام ‪،‬‬
‫فلما كان العام الذي قبض فيه ‪ ‬عارضه به مرتين‬

‫إعداد الدكتور زههدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:00 PM 3/10/23‬‬


‫من { جمع القرآن في عهد الرسول ‪} ‬‬
‫‪31‬‬

‫‪ ‬أم*ا الص*حابة الكرام فق*د اشت*د تنافس*هم عل*ى حف*ظ القرآ*ن الكري*م ‪ ،‬وتس*ابقوا إل*ى‬
‫مدارس**ته وتفس**يره والعم**ل ب**ه ‪ ،‬فكانوا ال يتجاوزون العش**ر آيات حت**ى يحفظوه**ا ويعملوا‬
‫به**ا ‪ ،‬فكانوا رهباناً باللي**ل ‪ ،‬فرس**اناً بالنهار ‪ ،‬يؤثرون قيـام اللي**ل تهجداً بالقرآ**ن ‪ ،‬حت**ى‬
‫دوي** كدوي النح **ل يقول تعال **ى ‪َ  :‬كا ُنوا َقِليالً ِم َن** اللَّْي ِل** َم**ا َي ْه َج ُع َ‬
‫ون**‬ ‫ُيس **مع ل **بيوتهم ٌ‬
‫ون‪{ ‬الذاريات ‪.}18-17‬‬ ‫ستَ ْغ ِف ُر َ‬ ‫َوِب ْ‬
‫اَأْلس َح ِ‬
‫ار ُه ْم َي ْ‬
‫‪ ‬روي ع*ن أن*س ‪‬قال ‪" :‬جمـع القرآ*ن عل*ى عه*د الن*بي ‪ ‬أئم*ة كله*م م*ن األنص*ار َُأب*ي‬
‫ومعاذ اب**ن جبـل ‪ ،‬وأب**و زي**د وزي**د ب**ن ثاب**ت ‪ ،‬قل**ت ألن**س ‪َ :‬م**ن أب**و زي**د ؟ قال ‪ :‬أح**د‬
‫عمومتي وغيرهم" ‪.‬‬
‫علي* القرآ*ن ‪ ،‬فقال ‪ :‬ي*ا رس*ول اهلل* أق أر‬ ‫ّ‬ ‫ر‬
‫أ‬ ‫"اق‬ ‫‪‬‬ ‫مس*عود‬ ‫ب*ن‬ ‫*‬‫هلل‬ ‫ا‬ ‫لعب*د‬ ‫‪‬‬ ‫*ول‬ ‫س‬ ‫الر‬ ‫وقال‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬
‫علي*ك وعلي*ك أنزل ؟ قال ‪ :‬إن*ي أح*ب أن أسمعه م*ن غيري ‪ ،‬فق أر علي*ه سورة النساء حت*ى‬
‫ش ِهيداً‪‬‬‫يد َو ِجْئ َن*ا ِب َك* َعلَ*ى َهُؤال ِء* َ‬ ‫ش ِه ٍ‬‫ُأم ٍة* ِب َ‬
‫ف* ِإ َذا ِجْئ َن*ا ِم ْن* ُك ِّ*ل َّ‬
‫إذا بل*غ قول*ه تعال*ى ‪ :‬فَ َك ْي َ‬
‫(النساء ‪ )41‬قال ‪ :‬حسبك اآلن ‪ ،‬قال ابن مسعود ‪ :‬فالتفت فإذا عيناه تذرفان" البخاري}‬

‫إعداد الدكتور زههدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:00 PM 3/10/23‬‬


‫من { جمع القرآن في عهد الرسول ‪}‬‬
‫‪32‬‬
‫‪ 2‬جـمعـ اــلقرآـنفـــيعهـد اــلنبي‪ ‬بــمعنىكـتابتهـ‬
‫‪ ‬اتخـذ النـبي ‪ُ ‬كتَّابا ً للوحـي ‪ ،‬منهـم الخلفاء األربعـة ‪ ،‬وزيـد بـن ثابـت وُأبَـي بـن كعـب وغيرهـم ‪،‬‬
‫على الرغم من أن أدوات الكتابة كانت قليلة ‪ ،‬فكانوا يكتبون حسبما تتوفر لديهم ‪.‬‬
‫‪  ‬لذلك نجد أن الرسول ‪ ‬اتخذ ُكتَّاباً يكتبون ما ينزل من القرآن أوالً بأول ‪.‬‬
‫‪ ‬ويأم*ر كتّاب الوح*ي بكتابت*ه ‪ ،‬ويدله*م عل*ى موض*ع المكتوب م*ن س*ورته ‪ ،‬فيقول له*م ‪" :‬ضعوا‬
‫هذه السورة بجانب تلك السورة ‪ ،‬وضعوا هذه اآليات بإزاء تلك اآليات" صحيح البخاري‪.‬‬
‫‪  ‬الوسائل الكتابة في عهد الرسول ‪-: ‬‬
‫العسب ‪ :‬وهو جريد النخيل العريضة ‪.‬‬
‫‪َ -1‬‬
‫‪‬‬

‫‪ -2 ‬اللُخاف ‪ :‬وهي حجارة رقاق ‪.‬‬


‫الرقاع ‪ :‬جمع رقعة ‪ ،‬وقد تكون من جلد أو غيره ‪.‬‬
‫‪ِّ -3 ‬‬
‫‪ -4 ‬األكتاف ‪ :‬جمع كتف ‪ ،‬وهو عظم عريض في كتف الحيوان ‪.‬‬
‫‪ -5 ‬األقتاب ‪ :‬وهي الخشبة التي توض*ع عل*ى ظهر البعير ومفرده*ا قتب ول*م ينتقل الرس*ول الكريم إل*ى الرفيق األعل*ى‬
‫إال وقد حفظ القرآن في الصدور وفي السطور ‪.‬‬

‫إعداد الدكتور زههدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:00 PM 3/10/23‬‬


‫ثانيا ً ‪ :‬مميزات جمع القرآن في عهد النبي ‪‬‬
‫‪33‬‬

‫‪ -1‬كان القرآـــن الكريـــم مكتوبا ً باألحرف الســبعة ‪.‬قال ‪" :‬إن هذا‬
‫القرآن نزل على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر منه"‪.‬‬
‫‪ -2‬كان القرآـن مرتـب اآليات غيـر مرتـب السـور ‪ ،‬بمعنـى أـن السـور‬
‫لم تكن مرتبة بعضها إثر بعض ‪.‬‬
‫‪ -3‬كان القرآـــن مفرقا ً فـــي الرقاع واألكتاف ‪ ،‬ولكـــن كـــل ســـورة‬
‫مجموعة في مكان مستقل ‪.‬‬
‫‪ -4‬بعـض اآليات التـي ُكتبـت فـي عهـد النـبي ‪ ‬ثـم نُسـخت تالوتهـا‬
‫بقيت مكتوبة حتى توفي رسول هللا ‪ ‬وهي تُقرأ من القرآن ‪.‬‬

‫إعداد الدكتور زههدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:00 PM 3/10/23‬‬


‫ثالثا ً ‪ :‬العوامل التي ساعدت الصحابة في حفظ القرآن * ‪:‬‬
‫‪34‬‬

‫‪ -1‬رسـوخ العقيدة فـي قلوبهـم وحبهـم هللـ ولرسـوله ‪ ‬وحبهـم لكتاب هللاـ جعلهـم يقبلون‬
‫على حفظ القرآن في الصدور التي كانت مفعمة باإليمان نتيجة االعتقاد السليم ‪.‬‬
‫‪ -2‬كانوا يعتمدون علـى قوة ذاكرتهـم ألنهـم أمييـن ال يعرفون القراءـة والكتابـة‬
‫إال قليل منهم مما جعلهم يعولون على الذاكرة وقوة الحفظ ‪.‬‬
‫‪ -3‬األسلوب البليغ الذي امتاز به القرآن جعلهم يتذوقون كالم هللا ويقبلون على حفظه ‪.‬‬
‫‪ -4 ‬النصـوص الواردة فـي القرآـن والسـنة والتـي تحـث علـى حفظـه وترهـب مـن نسـيانه أـو‬
‫هجره ‪.‬‬
‫‪ -5‬فرضية قراءته في الصالة والتهجد به في الليل وهم أهل لذلك ‪.‬‬
‫‪‬كـل هذه العوامـل مجتمعـة دفعتهـم لحفـظ القرآـن الكريـم حتـى حفظـه عدد كـبير ‪،‬‬
‫فقـد قتـل سـبعون مـن حفظـة القرآـن فـي بئـر معونـة و معركـة اليمامـة ممـا يدل‬
‫على كثرة العدد الذي حفظ القرآن في عهد الصحابة رضي هللا عنهم‪.‬‬
‫إعداد الدكتور زههدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:00 PM 3/10/23‬‬
‫جمع القرآن في عهد أبي بكر رضي هللا عنه‬
‫‪35‬‬

‫‪‬أوالً ‪ :‬الباعث على الجمع في عهد أبي بكر * ‪‬‬


‫‪  ‬بعـد أـن تولـى أبـو بكـر الخالفـة واجـه أحداثا ً شداداً منهـا موقعـة اليمامـة التـي كانـت سـنة‬
‫اثنتي عشر للهجرة بين المسلمين والمرتدين من أتباع مسيلمة الكذاب ‪.‬‬
‫‪  ‬اسـتُشهد أكثـر مـن سـبعين مـن قراء الصـحابة وحفظـة القرآـن مـن أجلِّهـم ‪ :‬سـالم مولـى‬
‫أبي حذيفة ‪.‬‬
‫‪  ‬ع َّز ذلـك علـى عمـر‪ ‬فدخـل علـى أـبي بكـر ‪ ‬واقترح عليـه أـن يجمـع القرآـن خشيـة‬
‫ضياع القرآن بموت الحفاظ وقتل القراء‬
‫‪  ‬تردد أبـو بكـر ‪‬أول األمـر ‪ ،‬وبعـد مراجعــة عمـر ‪‬شرح هللاـ صـدر أـبي بكـر ‪‬فأمـر‬
‫بجمع القرآن‬
‫‪ ‬انتدب أبو بكر ‪ ‬لهذه المهمة زيد بن ثابت األنصاري‪ ،‬وذلك بسبب ‪:‬‬
‫‪‬ألنـه كان معروفا ً بورعـه وخصـوبة عقلـه ولشهوده ال َعرضـة األخيــرة ‪ ،‬ولحفظـة القرآـن‬
‫‪ ،‬وألنه كان من كتاب الوحي‪*.‬‬
‫إعداد الدكتور زههدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:00 PM 3/10/23‬‬
‫ثانيا ً ‪ :‬دستور أبي بكر ‪ ‬في كتابة (جمع) المصحف‬
‫‪36‬‬
‫‪  ‬ويؤيـد هذا القول أنـه عندمـا كلـف أبـو بكـر زيداً بجمـع القرآـن قال ‪" :‬فوهللاـ لـو كلفونـي نقـل‬
‫جبـل مـن الجبال مـا كان أثقـل عل ّيـ ممـا أمرنـي بـه مـن جمـع القرآـن" وقال ‪" :‬فتتبعـت القرآـن‬
‫أجمعه من العسب واللحاف وصدور الرجال" (صحيح البخاري) ‪.‬‬
‫‪ ‬انتهـج زيـد فـي جمعـه للقرآـن طريقـة دقيقـة محكمـة‪ ،‬وضعهـا لـه أبـو بكـر وعمـر ‪‬تعتمـد‬
‫على مصدرين ‪* -:‬‬
‫‪ ‬المصـدر األول ‪ :‬مـا كتـب بيـن يدي رسـول هللاـ ‪ ‬ويشهـد شاهدان عدالن أنـه كتـب بيـن يدي‬
‫رسول هللا ‪. ‬‬
‫‪ ‬أخرج أبو داود أن أبا بكر قال لعمر ولزيد ‪" :‬اقعدا على باب المسجد ‪ ،‬فمن جاء بشاهدين‬
‫على شيء من كتاب هللا فاكتباه" (أبو داود) ‪.‬‬
‫‪ ‬المصـدر الثانـي ‪ :‬مـا كان محفوظا ً فـي صـدور الرجال ويشهـد شاهدان أنـه تلقاه مـن رسـول هللا‬
‫‪.‬‬
‫‪  ‬قال السيوطي ‪ :‬المراد بالشاهدين أنهما يشهدان على ذلك مما عُرض على النبي ‪ ‬عام وفاته ‪.‬‬

‫إعداد الدكتور زههدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫من { دستور أبي بكر ‪ ‬في كتابة (جمع) المصحف }‬
‫‪37‬‬

‫‪ ‬قــال علـي ‪ { : ‬أعظـم الناس فـي المصـاحف أجراً أبـو بكـر هــو‬
‫أول من جمع كتاب هللا} أبو داود‪.‬‬
‫‪ ‬مـن أدلــة اتباع زيـد لهذا النهـج قولـه إنــه لــم يجـد آخـر سـورة‬
‫براءــة ‪‬لَقَ ْد َجا َء ُك ْمــ َرـســـُو ٌل ِم ْنــَأ ْنفُ ِ‬
‫س ـ ُك ْم َع ِزي ٌزـ َعلَ ْي ِه ـ َمــا َعنِتُّمـْـ‬
‫أـبي‬ ‫فـ َر ِحي ٌمـ‪ ‬التوبـة ‪ 128‬إال مـع‬
‫)‬ ‫(‬
‫صـ َعلَ ْي ُك ْمـ بِا ْل ُمْؤ ِمنِي َنـ َرـُؤ و ٌ‬
‫َح ِري ٌ‬
‫خزيمــة األنصــارـي مكتـوبـة ‪ ،‬ومــع أــن زـيداً كان يحفظهــا وكان‬
‫كثيـر مـن الصـحابة يحفظونهـا ‪ ،‬ولكنـه أراد أـن يجمـع بيـن الحفـظ‬
‫والكتابـة زيادة فـي توثيـق ‪ ،‬فعاضـد حفظهـا فـي صـدور الصـحابة مـع‬
‫المكتوب عند أبي خزـيمة ‪ ،‬فأخذ حكم المتواترـ ‪*.‬‬
‫إعداد الدكتور زههدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫ثالثا ً ‪ :‬مميزات الجمع في عهد الصديق ‪‬‬
‫‪38‬‬

‫‪‬أ‪ -‬امتاز هذا الجمــع بالدقــة واتباع أصــول التثبــت العلمــي ‪،‬‬
‫حيث لم يقبل إال ما تواتر عنه على أنه قرآن ‪.‬‬
‫‪‬ب‪ -‬اقتصر فيه على ما لم تُنسخ تالوته ‪.‬‬
‫‪‬ج‪ -‬هذا الجمــع كان شامالً لألحرف الســبعة التــي نزل‬
‫بها القرآن تيسيراً على األمة اإلسالمية ‪.‬‬
‫‪‬د‪ -‬كان مرتــب اآليات غيــر مرتــب الســور كــل ســورة‬
‫بذاتها في صحيفة ‪.‬‬

‫إعداد الدكتور زههدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫جمع القرآن في عهد عثمان ‪‬‬
‫‪39‬‬

‫‪‬أوالً ‪ :‬السبب الذي دعا عثمان ‪ ‬إلى جمع القرـآن الكريم ‪* :‬‬
‫‪‬اتســـعت الفتوحات فـــي زمـــن عثمان‪ ‬وتفرق المســـلمون فـــي‬
‫األمصار‪ ،‬وطال عهد الناس بالرسول ‪‬والوحي ‪،‬‬
‫‪ ‬وكان أهل كل إقليم يأخذون بقراءة من اشتُهر بينهم من الصحابة‬
‫‪ ‬فأهل الشام يقرؤون بقراءة ُأبي بن كعب ‪ ‬ألنه كان عندهم‪.‬‬
‫‪‬وأهـل الكوفـة يقرـؤون بقراءـة عبـد هللاـ بـن مسـعود ‪ ،‬فكان بينهـم‬
‫اختالف في حروف األداء ووجوه القرـاءة ‪.‬‬
‫‪  ‬هذا االختالف فتـــح باب الشقاق والنزاع فـــي قرـاءـــة القرآـــن‬
‫وكادت تكون فتنة في األرض وفساد كبير‪.‬‬
‫إعداد الدكتور زههدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫من { السبب الذي دعا عثمان ‪ ‬إلى جمع القرآن الكريم }‬
‫‪40‬‬

‫‪ ‬أخــرج أبـو داود عـن طريـق أـبي قالبـة ‪ ‬أنـه قال ‪ { :‬لمـا كانـت خالفـة‬
‫عثمان جعـل المعلـم يعلـم قراءـة الرجـل‪ ،‬والمعلـم يعلـم قراءـة رجـل آخـر‪،‬‬
‫فجعـل الغلمان يلتقون فيختلفون‪ ،‬حتـى ارتفـع ذلـك إلـى المعلميـن حتـى كفّـر‬
‫بعضهـم بعضا ً ‪ ،‬فبلـغ ذلـك عثمان عـن طريـق حذيفـة بـن اليمان حيـن بلـغ ‪،‬‬
‫فقدم علــى عثمان‪ ‬وكان يجاهــد فــي فتــح أرمينيــا وأذربيجان مــع أهــل‬
‫العراق فخطـب عثمان فقال ‪ « :‬أنتـم عندي تختلفون ‪ ،‬فمـن نأـى عنـي مـن‬
‫األمصــار أشــد اختالفا ً } اجتمعوا يــا أصــحاب محمــد فتوافقوا علــى أــن‬
‫يجمعوا القرآن على حرف قريش ‪.‬‬
‫‪ ‬هذا باإلضافـة إلـى أـن األحرف السـبعة الذي نزل بهـا القرآـن الكريــم لـم‬
‫تكن معروفة ألهل تلك األمصار ‪.‬‬
‫إعداد الدكتور زههدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫من { السبب الذي دعا عثمان ‪ ‬إلى جمع القرآن الكريم }‬
‫‪41‬‬
‫‪ ‬لهذه األسـباب جمـع عثمان القرآـن علـى حرف واحـد‪ ،‬ووضـع حداً لذلـك االختالف ‪ ،‬علـى‬
‫علم من الصحابة وبموافقتهم‪.‬‬
‫‪ ‬ثانيا ً ‪ :‬تنفيذ عثمان لقرار الجمع ‪:‬‬
‫‪ ‬شرع عثمان ‪‬في تنفيذ هذا القرار الحكيم سنة أربع وعشرين من الهجرة‬
‫‪ ‬عهد بذلك إلى أربعة من خيرة الصحابة وثقاة الحفاظ ‪ ،‬وهم * ‪:‬‬
‫‪ -3‬وسـعيد بـن العاص ‪،‬‬ ‫‪ -1 ‬زيـد بـن ثابـت ‪ - 2 ،‬وعبـد هللاـ بـن الزبيـر ‪،‬‬
‫‪ -3‬وعبد الرحمن بن الحارث ‪.‬‬
‫‪ ‬وأرسـل عثمان إلـى أـم المؤمنيـن حفصـة بنـت عمـر ‪ ‬فبعثـت إليـه بالصـحف التـي جمـع‬
‫فيها القرآن في عهد أبي بكر ‪.‬‬
‫‪ $‬قال عثمان ‪{ : ‬إذا اختلفتــم أنتــم وزيــد فاكتبوه بلغــة قريــش ‪ ،‬فإنــه نزل بلغتهــم} وقــد‬
‫قامت تلك اللجنة بنسخ القرآن مرتب السور على الوجه المعروف اليوم ‪.‬‬
‫‪ $‬ثـم أمـر بنسـخ المصـاحف وعزم علـى مـن كان عنده مصـحف غيـر مصـحف اإلمام أـن‬
‫إعداد الدكتور زههدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:01‬مصاحف أخرى وإرسالها إلى األمصار‬ ‫ونسخ‬ ‫يمحه‬
‫‪PM 3/10/23‬‬
‫ثالثا ً ‪ :‬مميزات جمع عثمان ‪‬‬
‫‪42‬‬

‫‪‬أ‪ -‬االقتصارـ فيها على حرف واحد وهو حرف قريش ‪*.‬‬
‫‪‬ب‪ -‬االقتصـار علـى مـا ثبـت بالتواتـر مـن القرـآـن واسـتقر عليـه األمـر‬
‫في العرضة األخيرة ‪.‬‬
‫‪‬ج‪ -‬إهمال ما نسخت تالوته ولم يستقر في العرـضة األخيرة‬
‫‪‬د‪ -‬ترـتيب آياته وسورـه على الوجه المعرـوف اليوم ‪.‬‬
‫‪‬هــ‪ -‬تجريده مـن النقـط والشكـل ومـن كـل مـا ليـس قرآنا ً كالذي كان‬
‫يكتبـه بعـض الصـحابة فـي مصـاحفهم الخاصـة شرحا ً لمعنـى أـو غيـرـ‬
‫ذلك‪.‬‬

‫إعداد الدكتور زههدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫كلمة حق في عثمان ‪‬‬
‫‪43‬‬

‫‪‬وأخيراً يمكـن القول إن عثمان ‪ ‬حافـظ علـى القرآـن الكرـيـم‬


‫وجمع كلمة الحق وأغلق باب الفتنة في مهدها بذلك العمل الجليل‬
‫‪ ‬قال علـي بـن أـبي طالـب ‪" :‬لـو كنـت الوالـي وقـت عثمان لفعلـت‬
‫في المصاحف مثل الذي فعل عثمان" (البخاري) ‪.‬‬
‫‪‬وقـد أمـرـ عثمان ‪‬بإحراق جميــع مـا كــان مـن المصــاحف التــي‬
‫كانت عند الصحابة ‪‬وعن سويد بن غفلة قال ‪:‬‬
‫‪" ‬سـمعت علـي بـن أـبي طالـب ‪‬يقول ‪" :‬يـا معشـر الناس اتقوا هللاـ‬
‫وإياكــم والغلــو فــي عثمان وقولكــم ح ّراق المصــاحف ‪ ،‬فوهللا ـ مــا‬
‫حرقها إال عن مأل من أصحاب رسول هللا ‪( "‬البخاري) ‪.‬‬
‫إعداد الدكتور زههدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫أسباب النزول‬
‫‪44‬‬

‫‪ ‬أقسام نزول القرآن من حيث السبب وعدمه‪:‬‬


‫‪‬القسـم األول ‪ :‬قسـم نزل مـن هللاـ ابتداء غيـر مرتبـط بسـبب‬
‫وهــو لمحــض هدايــة الخلــق إلــى الحــق‪ ،‬وإرشادهــم علــى‬
‫األفضل في هذه الحياة ‪ ،‬وهو كثير ظاهرـ في القرآن الكريم‪.‬‬
‫‪‬القسـم الثانـي ‪ :‬قسـم نزل مرتبطا ً بسـبب مـن األسـباب الخاصـة وهـو‬
‫موضوع البحـث‪ ،‬وهـو كثيـر فـي القرآـن الكريـم كأـن يكون إجابـة‬
‫عـن سـؤال ‪ ،‬أـو بيان ألمـر يتعلـق بحادثـة معينـة مثـل حديـث اإلفـك ‪.‬‬
‫ش ًّرا لَ ُك ْمـ بَ ْلـ ُه َو َخ ْي ٌر لَ ُكم ْـ‬
‫سـبُوهُ َ‬ ‫ينـ َجا ُءوا ِباِإل ْف ِكـ ُع ْ‬
‫صـبَةٌ ِم ْن ُك ْمـ اَل تَ ْح َ‬ ‫[ ِإنَّـ الَّ ِذ َ‬
‫ابـ‬‫سـ َب ِم َنـ اِإل ْث ِمـ َوالَّ ِذي تَ َولَّـى ِك ْب َر ُهـ ِم ْن ُه ْمـ لَ ُهـ َع َذ ٌ‬
‫لِ ُك ِّلـ ا ْمرٍِئ ِم ْن ُه ْمـ َمـا ا ْكتَ َ‬
‫إعداد الدكتور زههدي محمد أبو نعمة‬
‫‪07:01‬النور‪}11:‬‬ ‫‪ِ 3/10/23‬ظي‪ٌPM‬م] {‬
‫َع‬
‫معنى سبب النزول‬
‫‪45‬‬

‫‪  ‬تعرـيــف ســبب النزول ‪ :‬هــو مــا نزل قرآــن بشأنــه وقــت وقوعــه‬
‫كحادثة أو سؤال ‪.‬‬
‫‪1 ‬مثــل حادثــة خولــة بنــت ثعلبــة ‪ ،‬التــي ظاهــر منهــا زوجهــا "أوس بــن‬
‫سـ ِم َع هَّللا ُ قَ ْو َلـ الَّتِـي تُ َجا ِدلُ َكـ فِـي َز ْو ِج َهـا‬ ‫الصـامت" فنزلـت آيات الظهار ‪ :‬قَ ْد َ‬
‫ظا ِه ُرو َنـ‬ ‫صـي ٌر* الَّ ِذي َنـ يُ َ‬ ‫سـ ِمي ٌع بَ ِ‬ ‫سـ َم ُع تَ َحا ُو َر ُك َمـا ِإ َّـن هَّللا َ َ‬ ‫شتَ ِكـي ِإلَـى هَّللا ِ َوهَّللا ُ يَ ْ‬ ‫َوتَ ْ‬
‫سـاِئ ِه ْم َمـا ُه َّـن ُأ َّم َهاتِ ِه ْمـ ِإ ـْن ُأ َّم َهاتُ ُه ْمـ إال الالِئي َولَ ْدنَ ُه ْمـ وَِإنَّ ُه ْمـ لَيَقُولُو َنـ‬ ‫ِم ْن ُك ْمـ ِم ـْن ِن َ‬
‫سـاِئ ِه ْم‬‫ُم ْن َكراً ِم َنـ ا ْلقَ ْو ِلـ َو ُزوراً َوِإ َّـن هَّللا َ لَ َعفُ ٌّو َغفُو ٌر * َوالَّ ِذي َنـ يُظَا ِه ُرو َنـ ِم ْنـ ِن َ‬
‫سـا َذلِ ُك ْمـ تُو َعظُو َنـ ِب ِهـ َوهَّللا ُ‬ ‫ثُ َّمـ يَ ُعو ُدو َنـ لِ َمـا قَالُوا فَتَ ْح ِري ُر َرقَبَ ٍةـ ِم ْنـ قَ ْب ِلـ َأ ْنـ يَتَ َما َّ‬
‫سـا‬‫ش ْه َر ْي ِنـ ُمتَتَابِ َع ْي ِنـ ِم ْنـ قَ ْب ِلـ َأ ْنـ يَتَ َما َّ‬
‫صـيـَا ُم َ‬ ‫بِ َمـا تَ ْع َملُو َنـ َخ ِبيـر * فَ َم ْنـ لَ ْمـ يَ ِج ْد فَ ِ‬
‫نــوا ِباهَّلل ِ َو َرســُولِ ِه َوتِ ْلــ َك‬ ‫سـ ِكينـا ً َذلِــ َك لِتُْؤ ِم ُ‬ ‫ين ِم ْ‬ ‫سـتِّ َ‬ ‫امـ ِ‬‫سـتَ ِط ْع فَِإ ْط َع ُ‬ ‫فَ َم ْنـ لَ ْمـ يَ ْ‬
‫‪.‬‬
‫اب َألِي ٌم‪‬‬ ‫ين َع َذ ٌ‬ ‫ُح ُدو ُد هَّللا ِ َولِ ْل َكافِ ِر َ‬
‫إعداد الدكتور زههدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫من { سبب النزول }‬
‫‪46‬‬

‫‪2‬ومثــلمــا حـدثبــيــناــألوسواــلخزرج مــنخـصــومة ‪ ،‬بــســببتــأــلي ـبأـحــد‬


‫اــليهــود اــلعـداوة بــينهمـا ‪ ،‬فـــقـد نــزلبــحقهـا قــولـهـ تــعـاــلى‪َ  :‬ـيــا َأيُّ َهــا اـ َّـل ِذ َين‬
‫بـ َيــ ُر ُّدو ُك ْمـــ َبــ ْعـ َد ِإي َمانِ ُكمــ ْـ‬ ‫ينـ ُأوتُوا ْ‬
‫اــل ِكتَا َ‬ ‫يعـوا َفـــ ِريقاً ِم َنـ اـ َّـل ِذ َ‬ ‫آـ َمنُوا ِإ ْنـ ُتــ ِط ُ‬
‫َكـافِ ِر َين‬
‫‪ ‬آــلعمران‪100‬‬
‫(‬

‫‪3‬ومثــلمــا نــزلإجابــة لــســؤاــلوجــهـ إلـىاــلنــبي‪‬قــولـــهـ تــعـاــلـــى‪:‬‬


‫َأمِر َر*ِّب**يو َ*م*ا ُأوِتيتُ ْم** ِمَن ا***لِع ْلِم * ِإ اَّل َق* *ِلياًل ‪‬‬ ‫ن‬‫ْ‬ ‫م‬‫‪‬و*يس*َأُلوَن َك عِن ا *ُّ*لرو * ِح* ُق***ِل ا *ُّ*لرو*ح* ِ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫{ا **إلسر*َاء‪ْ}85َ:‬‬
‫ا***لكهف‪83‬‬ ‫‪4 ‬و*قوله* ت* **ع**ا **لى‪َ ‬و*َي ْسَأ لوَن َك َعْن ِذي ْا***لَقْرَن ْيِن ُق***ْل َس* *َأ ْتلُو َعلَ ْي ُك ْم* ِمْن ُه* ِذ ْكرا*ً‪‬‬
‫اها‪‬‬
‫س َ‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫ان‬‫َ‬ ‫َأي‬
‫َّ‬ ‫ة‬ ‫ساع ِ‬ ‫َّ‬ ‫ا***ل‬ ‫ن‬‫ِ‬
‫ع‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫ن‬
‫و‬
‫َ‬ ‫ل‬ ‫َأ‬ ‫س‬ ‫*‬ ‫*‬ ‫ي‬ ‫‪‬‬ ‫‪:‬‬ ‫ى‬ ‫*ل‬ ‫*‬ ‫*ا‬‫*‬‫*ع‬‫*‬ ‫*‬ ‫ت‬ ‫*‬‫ه‬ ‫*قول‬ ‫و‬ ‫‪5‬‬ ‫‪‬‬
‫ُْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫‪6‬و*مث*ل ما ن **زل إرشاداً و**هدا*ي*ة و*تعليماً ل**لرس*ول ‪ ‬ك *م*ا ف * **يق***و*ل*ه* ت* **ع**ا***لى‬
‫اء** ا***لَّ ُه*‪ )...‬ا***لكه * **ف‪ 24-23‬و*ا **ألمثل**ة‬
‫)‬ ‫(‬
‫ش َ‬ ‫شْيٍء* * ِإ ِّن **يفَ* * * ِاعٌل* َذ ِل َك* َغداً ِإ ال ْ‬
‫َأن َي*** َ‬ ‫(و *ال تَ * * ُقولََّ* *ن ِل** َ‬
‫‪َ :‬‬
‫إعداد الدكتور زههدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:01‬ذلك ‪.‬‬ ‫*ثير*ة‪PM‬على‬ ‫ك*‬
‫‪3/10/23‬‬
‫طريق معرفة سبب النزول‬
‫‪47‬‬

‫‪ ‬ال طريـق لمعرفـة أسـباب النزول إال النقـل الصـحيح ‪ ،‬وال مجال للعقـل فيـه‬
‫إال بالتمحيص والترجيح‪.‬‬
‫‪ ‬قال الواحدي {ال يحــــل القول فــــي أســــباب نزول القرآــــن بالروايــــة‬
‫والســماع ‪ ،‬إال ممــن شاهدوا التنزيــل ‪ ،‬ووقفوا علــى األســباب وبحثوا عــن‬
‫عللها}‪.‬‬
‫‪ ‬قال العلماء بجواز قبول روايــة الصــحابي فــي ســبب النزول‪ ،‬ألــن قول‬
‫الصحابي فيما ال مجال للرأي فيه حكمه المرفوع إلى النبي ‪.‬‬
‫‪ ‬وأمـا حكـم قول التابعـي ال يقبـل إال ‪ 1‬إذا صـح سـنده ‪ 2 ،‬واعتضـد‬
‫بمرسـل آخـر ‪ 3 ،‬وكان التابعـي مـن أئمـة التفسـير اآلخذيـن عـن الصـحابة‬
‫مباشرة كمجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير ‪.‬‬

‫إعداد الدكتور زههدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫فوائد معرفة سبب النزول‬
‫‪48‬‬

‫‪  1‬االستعانة على فهم اآلية وإزالة اإلشكال عنها ‪:‬‬


‫‪ 1 -‬مثالــه ‪ :‬أنــه أشكــل علــى عروة بــن الزبيــر ‪‬فريضــة الســعي بيــن الصــفا‬
‫تـ َأ ِو ا ْعتَ َم َر‬
‫ش َعاِئ ِر هَّللا ِ فَ َم ـْن َح َّج ا ْلبَ ْي َ‬
‫صـفَا َوا ْل َم ْر َوةَ ِم ـْن َ‬‫والمروة من قوله ‪ِ‬إ َّن ال َّ‬
‫شا ِك ٌر َعلِيمٌـ‪( ‬البقرة‬ ‫فَال ُجنَا َحـ َعلَ ْي ِهـ َأ ْنـ يَطَّ َّو َ‬
‫فـ بِ ِه َمـا َو َم ْنـ تَطَ َّو َعـ َخ ْيراً فَِإ َّـن هَّللا َ َ‬
‫‪ ،)158‬حتـى سـأل خالتـه السـيدة عائشـة – رضـي هللاـ عنهـا – عـن ذلـك ‪ ،‬فأفهمتـه‬
‫الجناح ليـس نفيا ً للفرضيـة ‪ ،‬إنمـا هـو نفـي لمـا وقـر فـي أذهان المسـلمين‬ ‫أـن نفـي ُ‬
‫يومئ ٍذ مــن التحرج والتأثــم مــن الســعي بيــن الصــفا والمروة ؛ ألنــه مــن عمــل‬
‫‪.‬‬
‫الجاهلية‬
‫‪ ‬وروي فـي سـبب هذا التحرج أنـه كان الصـفا صـنم يقال لـه (أسـاف) وعلـى‬
‫المروة صـنم يقال لـه (نائلـة) وكان المشركون إذا سـعوا تمسـحوا بهمـا ‪ ،‬فلمـا‬
‫سـرت األصـنام تحرج المسـلمون أـن يطوفوا بينهمـا لذلـك ‪،‬‬ ‫ظهـر اإلسـالم ‪ ،‬و ُك ِّ‬
‫فنزلت اآلية لنفي هذا الحرج ‪.‬‬
‫إعداد الدكتور زههدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫من { فوائد معرفة سبب النزول }‬
‫‪49‬‬

‫بـ فََأ ْينَ َمـا تُ َولُّوا‬


‫قـ َوا ْل َم ْغ ِر ُ‬ ‫‪2-‬ومـن هذا قول هللاـ تعالـى ‪َ  :‬وهَّلِل ِ ا ْل َم ْ‬
‫ش ِر ُ‬
‫سـ ٌع َعلِيم ٌـ‪( ‬المائدة ‪ )93‬فهذا اللفـظ الكريـم يدل‬ ‫فَثَ َّمـ َو ْجهُـ هَّللا ِ ِإ َّـ‬
‫ن هَّللا َ َوا ِ‬
‫بظاهره علـى أـن لإلنسـان أـن يصـلي إلـى أـي جهـة شاء ‪ ،‬وال يجـب‬
‫عليه أـن يولـي وجهه شطرـ البيت الحرام ال في سفر وال في حضـر ‪،‬‬
‫لكـن إذا علـم أـن هذه اآليـة نازلـة فـي نافلـة السـفر خاصـة ‪ ،‬أـو‬
‫فيمـن صـلى باجتهاده ثـم ظهـر لـه خطـأ ذلـك فال بـد أـن يقصـرـها‬
‫علـى هذا السـبب ويعلـم أنـه فـي صـالة الفرـض ال بـد مـن التوجـه قِبَـل‬
‫الكعبة المشرفة ‪.‬‬
‫‪‬‬
‫إعداد الدكتور زههدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫من { فوائد معرفة سبب النزول}‬
‫‪50‬‬

‫‪ 2‬معـرفة اــلحكمة منتــدرج اــلتشريعـ ‪:‬‬


‫‪‬إن الشريعـة اإلسـالمية قائمـة علـى رعايـة المصـالح ودفـع الضرر ‪ ،‬خصـوصا ً‬
‫إذا الحظ اإلنسان تدرج التشريع في موضوع واحد‬
‫‪ ‬ويكفـي شاهداً علـى ذلـك تحريـم الخمـر ‪ ،‬ومـا نزل فيـه ‪ ،‬أيضا ً تشريـع الكفارات‬
‫لمن حنث في اليمين ‪.‬‬
‫‪ 3‬اــلعبرة بــعمومـ اــللفظ الـ بــخصوصاــلسبب‪:‬‬
‫‪‬آيات الظهار فــي ســورة المجادلــة ســببها أــن أوس بــن الصــامت ظاهــر مــن‬
‫زوجتـه خولـة بنـت ثعلبـة والحكـم الذي تضمنتـه هذه اآليات خاص بهمـا ويلحـق‬
‫به كل من ظاهر من زوجته ‪.‬‬

‫إعداد الدكتور زههدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫القصة في القرآن‬
‫‪51‬‬

‫‪  ‬أوال ‪:‬تعريف القصة لغةً ‪:‬‬


‫صأـياـتبعـ ا ـألثر‬ ‫‪ 1‬اــلقِصـة مفرد ِقــصصوهيمأخوذة مناــل َ‬
‫فعلقــ َّ‬
‫صي ِه‪ ‬القصص ‪ 11‬أي تتبعي أثره لتعرفي خبره‬ ‫)‬ ‫(‬
‫‪ ‬قال تعالى ‪َ  :‬وقَالَتْ ُأل ْختِ ِه قُ ِّ‬
‫صــصا ً‪( ‬الكهـــف ‪ )64‬أــي رجعــا‬ ‫ارتَدَّا َعلَــى آثَا ِر ِه َمــا قَ َ‬ ‫‪ ‬وقال تعالــى ‪  :‬فَ ْ‬
‫متتبعين آثارهما في الطريق الذي أتيا منه‬
‫ص‬‫ويأتـيقــص بــمعنـىاــإلخبار وا ـإلنباء قــا ـلتــعـاــلى‪ :‬نَ ـ ْح ُن نَ ـقُ ُّ‬ ‫َّ‬ ‫‪2‬‬
‫ق‪( ‬اــلكهـــف‪ )13‬ويســاعد اــلمعنــىاــللغـويفــــيوضــعـ حــد‬ ‫َعلَ ْي َكـ نَ ـبََأ ُه ْمــ ِبــ ْ‬
‫اــل َح ّ‬
‫اـصطالحيلــمعنىاــلقصة وهو كـاــلتاــلي‪-:‬‬

‫إعداد الدكتور زههدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫تعريف {القصص القرآني اصطالحا ً}‬
‫‪52‬‬

‫‪ ‬القصص القرآني في االصطالح ‪:‬‬


‫‪{‬هـو عبارة عـن األخبار التـي تتحدث عـن أحوال األمـم الماضيـة‬
‫والنبوات السـابقة والحوادث الواقعـة فـي حياة السـلف الصـالح }‪.‬‬
‫‪ ‬وقـد تحدث القرآـن الكريـم عـن كثيـر مـن وقائـع األمـم الماضيـة‬
‫فــي األزمنــة الغابرة وتتبــع آثار كــل قوم ‪ ،‬وحكــى عنهــم صــورة‬
‫ص لَ َعلَّ ُهم ْـ‬ ‫ص ا ْلقَ َ‬
‫صـ َ‬ ‫ناطقــة لمــا كانوا عليــه قال تعالــى ‪ :‬فَا ْق ُ‬
‫صـ ِ‬
‫ون‪( ‬الكهف ‪. )13‬‬‫يَتَفَ َّك ُر َ‬
‫ص ـ َعلَ ْيك َـ‬
‫‪ ‬والقاص هــو الذي يقــص القصــص قال تعالــى ‪  :‬نَ ْح ُن ـ نَقُ ُّ‬
‫صص‪( ‬يوسف ‪ )3‬أي نوضح لك أحسن البيان والتوضيح ‪.‬‬ ‫َأ ْح َ‬
‫س َن ا ْلقَ َ‬

‫إعداد الدكتور زههدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫أنواع القصص القرآني‬
‫‪53‬‬

‫‪ ‬القصص القرآني ثالثة أنواع ‪:‬‬


‫‪ 1‬ق*ص*صا* *ألن*بياء ‪ :‬و*يتضم*ن دعوته*م* إ***لى ق***و*مه*م* و*ا* **لمعجزا**تا***لت*يأ*يده*م*‬
‫ا***هلل* * ت* **ع**ا* *ل*ىب* **ه***ا و*موق***فا***لمع**اندي **ن منه* *م* ‪ ،‬و*مرا**ح **ل ا **لدعوة و*تطور*ه **ا‬
‫و**عاق*ب****ة ا***لمؤمني****ن و*ا* **لمكذبي****ن أ*مثا***لق **ص* **ة ن **و**ح وإ* برا**هيم* و*موس* **ى‬
‫و*عيسى و*محمد‬
‫ص **لو*ا*تا***هلل عليهم* أ*جمعين – و*غير*هم*‪.‬‬
‫‪ 2‬ق*ص*ص ق **ر**آن*يي **تعل*قب* **حو*ادثغابر*ة و*أ*شخاصل* *م* ت* **ثب*تن **بوته*م*‬
‫ك**قصة ا***لفيل و*أ*صحابا***لجنة ‪.‬‬
‫‪3‬ق* *ص*صي **تعل*قب* **ا***لحو*ادثا***لت*يو*ق*ع*تف * **يز*م*ن ر*س*ول ا***هلل ‪ ‬ك**غ**زو**ة ب* **در‬
‫و*أ*ح*د ف * **يس **ور*ة آ **لعمرا**ن و*ا* *ألنفا **لو**غزو**ة ح*ني*ن و*تبوك ف * **يس***ور*ة ا***لتوب*ة ‪،‬‬
‫و**غزو**ة ا **ألحزا**بف* * **يس****ور*ة ا **ألحزا**بو*حادث**ة ا **إلس*ر*اء و*ا* **لمع * ار*ج ف* * **يس****ور*ة‬
‫‪.‬‬ ‫اء‬‫*‬‫ر‬ ‫س‬‫*إل‬‫*‬ ‫ا‬
‫إعداد الدكتور زههدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫منهج القصة في القرآن وخصائصها‬
‫‪54‬‬

‫‪‬تمتاز القصـة القرآنيـة بمنهـج وخصـائص تختلـف عـن القصـة التـي يؤلفهـا البشـر‬
‫من جوانب متعددة ‪ ،‬سنوضحها من خالل اآلتي ‪-:‬‬
‫‪‬أوالً ‪ ‬منهج القصة القرآنية‪:‬‬
‫‪ 1‬اــلتكرار ‪:‬‬
‫‪‬إذا نظرنـا فـي القرآـن نجـد أـن القصـة الواحدة تكررت مرات عديدة مثـل قصـة موسـى‬
‫عليـه السـالم مـع بنـي إسـرائيل أـو قصـة نوح عليـه السـالم مـع قومـه ‪ ،‬أـو قصـة خلـق‬
‫آدم ‪ ،‬لكـــن هذا التكرار ال يعنـــي بالضرورة التطابـــق فـــي المضمون والتفعيالت‬
‫(األحداث) ‪ ،‬فقــد يكون تقديــم وتأخيــر أــو إيجاز وإطناب ‪ ،‬فكــل قصــة لهــا إطارهــا‬
‫الخاص بهـا حسـب موقعهـا فـي السـورة يختلـف تماما ً عـن الموقـع اآلخـر التـي ذكرت‬
‫فيــه حســب مــا يقتضيــه الحال بنمــط وأسـلوب يجذب القارئ ويُشعره بجديــد يطرد‬
‫السآمة والملل وهذا ما امتاز به األسلوب القرآني عن األساليب األخرى ‪.‬‬
‫إعداد الدكتور زههدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫من { منهج القصة في القرآن وخصائصها }‬
‫‪55‬‬

‫‪2‬ا*ق*تصار ا***لقصة علىا***له*دا*ية و*ا **إلرشاد‪:‬‬


‫‪‬القص*ة القرآني*ة ل*م تس*رد حوادث القص*ة ووقائعه*ا س*رداً تاريخياً‬
‫ول**م تتطرق إل**ى الجزئيات فيه**ا خوفاً م**ن اإلطال**ة واالبتعاد ع**ن‬
‫مغزى وهدف القص**ة الدين**ي ومثال ذل**ك م**ا قص**ه علين**ا القرآ**ن‬
‫الكري**م ف**ي س**ورة الكه**ف ع**ن الفتي**ة الذي**ن آمنوا باهلل* رباً وفروا‬
‫م*ن الكف*ر ‪ ،‬فل*م يذك*ر القرآ*ن أس*ماء هؤالء الفتي*ة وال البل*د الت*ي‬
‫كانوا فيه**ا وال عدده**م وال نوع العمل**ة الت**ي كانوا يتعاملون به**ا ‪،‬‬
‫إل**ى غي *ر* ذل**ك م**ن الجزئيات الت**ي ال يض *ر* الجه**ل به**ا وال يفي**د‬
‫العل*م به*ا ‪ .‬إو نم*ا يكتف*ي ب*بيان الع*برة والغرض الدين*ي وه*و تحقي*ق‬
‫الهداية في حياة الناس‪.‬‬
‫إعداد الدكتور زههدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫من { منهج القصة في القرآن وخصائصها }‬
‫‪56‬‬

‫‪3‬ا***لتزا*م* ا***لصدقو*بيان ا***لحقف * **يعرضأ*حدا*ثا***لقصة‪:‬‬


‫‪‬القص **ص القرآن **ي لي**س م **ن نس **يج الخيال ب **ل ه **و م **ن الواق **ع الذي يحياه‬
‫الناس فه **و م **ن لدن حكي **م علي **م خ **بير بحياة الناس ‪ ،‬لذل **ك فه **و قص **ص‬
‫ألحداث تاريخي*ة موافق*ة للواق*ع الذي عاش*ه الناس بص*ورة بديع*ة م*ن األلفاظ‬
‫المنتقاة‪.‬‬
‫‪4‬ا*شتما **له*ا علىا***لعبر و*ا* **لعظاتو*ا * *لنصائح ب* **ين ث* **نايا ا***لقصة ‪:‬‬
‫‪ ‬يفص**ل القرآ**ن الكري**م بي**ن أجزاء القص**ة بفواص**ل م**ن الع**بر والعظات تنب**ه القارئ إل**ى‬
‫الهدف المنشود من وراء هذه المباحث ‪.‬‬
‫‪‬ومن أجل ذلك لم نجد في القرآن فصوالً خاصة بالتشريع وأخرى خاصة بالحديث‬
‫ع*ن عل*م الغي*ب كالجن*ة والنار أ*و م*ا يتعل*ق بعل*م الس*اعة وعال*م المالئك*ة أ*و العوال*م‬
‫األخرى ‪.‬‬
‫إعداد الدكتور زههدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫ثانيا ً ‪ :‬خصائص القصة القرآنية‬
‫‪57‬‬

‫‪ ‬القص*ة القرآني*ة له*ا منه*ج خاص به*ا ‪ ،‬فم*ن الط*بيعي أ*ن يكون له*ا خص*ائص تمتاز به*ا‬
‫ع **ن س **ائر القص **ص األخرى ‪ ،‬ولق **د أوض **ح س **يد قط **ب هذه الخص **ائص ف **ي كتاب **ه‬
‫"التصوير الفني في القرآن" نلخصها في اآلتي ‪-:‬‬
‫‪  1‬ا***لع**رضا***لتصوير*ي‪* :‬‬
‫‪ ‬األس*لوب القرآن*ي ف*ي طرح*ه للقص*ة ال يطرحه*ا بمجرد ذك*ر لإلخبار ع*ن أحداثه*ا ‪ ،‬ولكن*ه‬
‫يص**ور هذه األحداث وكأنه**ا أشخاص مفعم**ة بالحياة تنطب**ع ف**ي ذاكرة القارئ أ**و شري**ط‬
‫ح**ي يرتس**م عل**ى مخيل**ة الس**امع أ**و القارئ بريش**ة التص**وير المبدع**ة الت**ي تجع**ل م**ن‬
‫القصة حدثاً يقع ومشهداً يجري ال قصة تروى وال أحداثاً قد مضت عبر التاريخ‪.‬‬
‫ول} [األنفال‪]1 :‬‬ ‫س ِ‬ ‫الر‬ ‫و‬ ‫ال ُق ِل اَأْل ْنفَا ُل ِللَّ ِ‬
‫ه‬ ‫سَألُوَن َك َع ِن اَأْل ْنفَ ِ‬
‫َ ُ‬ ‫َّ‬ ‫‪  ‬قال تعالى{ َي ْ‬
‫ف ِم َن ا ْل َماَل ِئ َك ِة ُم ْرِد ِف َ‬
‫ين}‬ ‫ون رَّب ُكم فَاستَجاب لَ ُكم َِّأني م ِم ُّد ُكم ِبَأْل ٍ‬
‫ُ ْ‬ ‫ستَغيثُ َ َ ْ ْ َ َ ْ‬
‫‪  ‬قال تعالى{إِ ْذ تَ ِ‬
‫ْ‬ ‫[األنفال‪]9 :‬‬

‫آم ُنوا } [األنفال‪]12 :‬‬


‫ين َ‬ ‫وحي َرُّب َك ِإَلى ا ْل َماَل ِئ َك ِة َِّأني َم َع ُك ْم فَثَِّبتُوا الَِّذ َ‬ ‫‪  ‬قال تعالى{إِ ْذ ي ِ‬
‫ُ‬
‫وك َْأو ُي ْخ ِر ُج َ‬
‫وك } [األنفال‪]30 :‬‬ ‫وك َْأو َي ْقتُلُ َ‬ ‫ين َكفَ ُروا ِل ُيثِْبتُ َ‬ ‫‪  ‬قال تعالى{وَِإ ْذ َي ْم ُك ُر ِب َك الَِّذ َ‬
‫إعداد الدكتور زههدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫من { خصائص القصة القرآنية }‬
‫‪58‬‬

‫‪  2‬ا***لتنو*ع ف * **يا **الستهال**لب* **ا* *لقصة ‪:‬‬


‫‪ ‬لقد اختلفت االستهالالت بين قصة وأخرى في القرآن الكريم وذلك لشد انتباه القارئ‪.‬‬
‫‪ 1 ‬ف*قد ت* **بدأ ا***لقصة ب* **ا **ألمر مثا***لذلك‪:‬‬
‫ون ‪{ ‬يس‪}13:‬‬‫سلُ َ‬ ‫الم ْر َ‬
‫اء َها ُ‬
‫ِ‬
‫اب ال َق ْرَية ِإ ْذ َج َ‬ ‫اض ِر ْب لَ ُه ْم َمثَاًل ْ‬
‫َأص َح َ‬ ‫‪ -1‬قوله تعالى‪َ  :‬و ْ‬
‫)‬
‫ق‪ ‬المائدة ‪27‬‬
‫(‬
‫آد َم ِبا ْل َح ِّ‬
‫‪ -2‬قوله تعالى ‪َ :‬وا ْت ُل َعلَ ْي ِه ْم َن َبَأ ْاب َن ْي َ‬
‫‪2 ‬أحياناً تبدأ القصة بالسؤال مثال ذلك ‪:‬‬
‫مين‪ ‬الذاريات ‪)24‬‬
‫(‬
‫يم ا ْل ُم ْكَرِ َ‬ ‫ف ِإ ْبر ِ‬
‫اه‬ ‫ض ْي ِ‬
‫َ‬ ‫يث‬
‫ُ‬ ‫د‬ ‫اك ح ِ‬ ‫َ‬ ‫َأت‬
‫َ‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫ه‬
‫َ‬ ‫‪ -1‬قوله تعالى‪:‬‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫اك ح ِ‬
‫يث موسى‪( ‬النازعات ‪15‬‬ ‫د‬ ‫‪ -2‬قولـه تعالـى ‪َ  :‬ه ْل َأتَ َ َ‬
‫)‬
‫ُ َ‬ ‫ُ‬
‫ة‪( ‬الغاشية ‪1‬‬ ‫اشي ِ‬ ‫ِ‬ ‫اك َح ِد ُ‬
‫يث ا ْل َغ َ‬ ‫‪ -3‬قولـه تعالى ‪َ  :‬ه ْل َأتَ َ‬
‫)‪.‬‬

‫‪ 3‬و*أ*حيانا ت* **بدأ ا***لقصة ب* **ا* *لتقرير و*ا* *إلتيان ب* **صيغ**ة ا***لماضي‬


‫‪.‬‬ ‫وسى‪‬‬
‫إعداد( الدكتور )‬
‫زههدي محمد أبو نعمة‬‫طه ‪36‬‬
‫ُ َ‬‫م‬ ‫ا‬‫ي‬‫َ‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ْؤ‬‫س‬‫ُ‬ ‫يت‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫ت‬‫ُأو‬ ‫د‬
‫ْ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ال‬
‫َ‬ ‫َ‬‫ق‬ ‫‪‬‬ ‫‪:‬‬ ‫تعالى‬ ‫قوله‬ ‫‪:‬‬
‫‪07:01‬‬‫ذلك‬ ‫مثال‬
‫‪PM 3/10/23‬‬‫‪‬‬
‫من { خصائص القصة القرآنية }‬
‫‪59‬‬

‫‪  3‬ا***لتنويع* ف * **يطريقة ا***لمفاجأة *‪:‬‬


‫‪‬تأخذ المفاجأة في القصة القرآنية األشكال التالية ‪-:‬‬
‫‪‬أ ‪ ‬يكت**م س**ر المفاجأة ع**ن شخص**يات القص**ة ع**ن القارئ وف**ي‬
‫مرحل*ة متأخرة م*ن القص*ة يكش*ف له*م ع*ن س*ر المفاجأة كم*ا حدث‬
‫ف*ي س*ورة الكه*ف أثناء عرض*ه لقص*ة موس*ى م*ع الخض*ر عليهم*ا‬
‫َم**ا‬‫الس **الم كش **ف ع **ن المفاجأة ف **ي نهاي **ة القص **ة فقال‪  :‬أ َّ‬
‫يب َه**ا‬ ‫َأن * ِ‬
‫َأع‬ ‫*‬ ‫ت‬
‫َ ْ َْ ُ ْ‬ ‫د‬ ‫َأر‬‫ف‬
‫َ‬ ‫*‬
‫ر‬ ‫ِ‬ ‫ح‬ ‫الب‬ ‫*ي‬‫*‬‫ِ‬
‫ف‬ ‫*‬ ‫ون‬ ‫ل‬
‫ُ‬ ‫م‬ ‫ع‬
‫ْ َ َ َ ََْ َ‬‫ي‬ ‫ين‬ ‫ِ‬
‫اك‬ ‫*‬ ‫س‬ ‫م‬ ‫ِ‬
‫ل‬ ‫*‬ ‫ت‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫َ‬‫ف‬ ‫ة‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ي‬ ‫ِ‬
‫ف‬ ‫الس *‬
‫َّ‬
‫َ‬
‫ان *‬
‫َأم**ا ال ُغاَل ُم * فَ َك َ‬
‫ص * ًبا * َو َّ‬ ‫غ‬ ‫ان * وراء ُهم * م ِل ٌك * يْأ ُخ ُذ ُك َّل* س * ِفي َن ٍ‬
‫ة‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َو َك َ َ َ َ ْ َ َ‬
‫الج َد ُار‬‫َأم**ا ِ‬
‫َأن** ُي ْرِهقَ ُه َم**ا طُ ْغ َيا ًن **ا َو ُك ْف ًرا* َو َّ‬
‫ْ‬ ‫*ا‬‫*‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ي‬‫ش‬‫ِ‬ ‫ََأب َواهُ** ُمْؤ ِم َن ْي ِن** فَ َخ‬
‫ان ِل ُغاَل م ْي ِن َي ِتيم ْي ِن ِفي الم ِدي َن ِة ‪{‬الكهف‪}82:‬‬ ‫َ‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫ف‬
‫َ‬
‫إعداد الدكتور زههدي محمد أبو نعمة‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫‪َ07:01 PM 3/10/23‬‬
‫من { خصائص القصة القرآنية }‬
‫‪60‬‬
‫‪‬ب ‪ ‬أحياناً يكش*ف بع*ض الس*ر ف*ي القص*ة الواحدة ‪ ،‬وخي*ر مثال عل*ى‬
‫ذل*ك ‪:‬عرش بلقي*س الذي جي*ء ب*ه ف*ي غمض*ة عي*ن ث*م إس*الم بلقي*س‬
‫ف**ي نهاي**ة المطاف بع**د أ**ن أر**ت ص**رحاً ممرداً م**ن قواري**ر فجاء قول**ه‬
‫ش ِك* قَالَ ْت* َك ََّأن ُه* ُهو وُأوِتي َن**ا ِ‬
‫الع ْل َم*‬ ‫ر‬ ‫ع‬ ‫ا‬ ‫ذ‬ ‫ك‬ ‫َأه‬ ‫*‬ ‫يل‬ ‫ِ‬
‫ق‬ ‫اء ْت*‬
‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫تعال**ى ‪َ :‬فلَ َّم**ا َج َ‬
‫ت َم َع* *‬ ‫م‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫*‬ ‫*‬‫َأس‬ ‫و‬ ‫ي‬ ‫*‬ ‫*‬‫س‬‫ِ‬ ‫ف‬
‫ْ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫*‬ ‫*‬‫ت‬ ‫م‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ظ‬
‫َ‬ ‫*ي‬‫*‬ ‫ِّ‬
‫ن‬ ‫ِإ‬ ‫ب‬
‫ِّ‬ ‫‪.....‬ر‬ ‫ين‬ ‫م‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ل‬ ‫*‬ ‫*‬‫س‬ ‫م‬ ‫*ا‬‫*‬ ‫َّ‬
‫ن‬ ‫ك‬
‫ُ‬ ‫و‬ ‫*ا‬‫*‬ ‫ه‬ ‫ِ‬
‫ل‬ ‫ب‬‫َ‬‫ق‬ ‫*‬ ‫*‬‫ن‬ ‫م‬‫ِ‬
‫َ ْ ُْ‬ ‫ُْ‬ ‫َ‬ ‫ُْ َ‬ ‫ْ ْ َ َ‬
‫ين‪( ‬النمل ‪. )44‬‬ ‫َ َ‬ ‫م‬‫ِ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ا‬‫ع‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫ا‬ ‫ب‬‫ِّ‬ ‫ر‬ ‫ِ‬
‫ه‬ ‫َّ‬
‫ل‬ ‫ِ‬
‫ل‬ ‫ان‬
‫سلَ ْي َم َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ج ‪‬وأحيان*ا يكش**ف الس*ر ف*ي مطل**ع القص*ة من**ذ اللحظ*ة األول*ى وخي*ر‬
‫مثال عل*ى ذل*ك قص*ة أص*حاب الجن*ة ف*ي س*ورة القل*م ‪ِ :‬إ َّن*ا َبلَ ْوَن ُ‬
‫اه ْم*‬
‫ف* َع َل ْي َه*ا‬‫طا َ‬ ‫ين فَ َ‬ ‫ح‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب‬ ‫*‬
‫ص‬ ‫م‬ ‫ا‬‫ه‬ ‫َّ‬
‫ن‬ ‫م‬ ‫ر‬‫ِ‬ ‫*‬
‫ص‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ا‬‫و‬ ‫م‬ ‫*‬‫س‬ ‫ق‬ ‫َأ‬ ‫ذ‬ ‫ِإ‬ ‫*‬
‫ة‬‫ِ‬ ‫اب ا ْل َج َّن‬
‫َُ َ ْ ُ َ ُ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ص* َح َ‬ ‫َك َم*ا َبلَ ْوَن*ا َأ ْ‬
‫)‬
‫الص ِر ِيم‪( ‬القلم ‪20-17‬‬ ‫َأص َب َح ْت َك َّ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ون‬ ‫م‬ ‫ف ِم ْن رِّب َك و ُهم َناِئ‬ ‫ٌ‬ ‫طاِئ‬
‫َ‬
‫ْ‬ ‫َ َ ْ ُ‬
‫إعداد الدكتور زههدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫من { خصائص القصة القرآنية‪ :‬تنوع طريقة العرض }‬
‫‪61‬‬

‫‪  4‬ت* **نو*ع طريقة ا***لع**رض‪:‬‬


‫‪ ‬نشاهد في القرآن الكريم أربع طرائق مختلفة لالبتداء في عرض القصة وهي كاآلتي ‪-:‬‬
‫‪‬أ‪‬أحياناً يذكر ملخصاً للقصة في بدايتها ثم يعرض التفصيالت‪:‬‬
‫الرِقيِم* َكا ُنوا ِم ْن*‬ ‫َأن َأص*حاب ا ْل َكه ِ‬
‫ف* َو َّ‬ ‫ِ‬
‫مث*ل قص*ة أص*حاب الكه*ف قال تعال*ى ‪َ :‬أ ْم* َحس* ْب َت َّ* ْ َ َ ْ‬
‫‪‬‬
‫آي ِات َنا َع َجباً‪( ‬الكهف ‪ )9‬ثم يبدأ بتسلسل الحديث عن أحداث القصة ‪.‬‬
‫َ‬
‫‪ ‬ب ‪ ‬وأحيان*ا يذك*ر الهدف والمغزى م*ن القص*ة ث*م يبدأ بالقص*ة م*ن أوله*ا إل*ى‬
‫نهايتها‬
‫‪  ‬مثال ذل*ك قص*ة يوس*ف علي*ه الس*الم الت*ي بدأه*ا بالرؤي*ا ث*م أخ*ذ بالتفص*يل‬
‫عن أحداث القصة ‪.‬‬
‫س * َوا ْلقَ َم َر َر َْأيتُ ُه ْم * ِل**ي‬ ‫ش َر َك ْو َك ًب**ا َو َّ‬
‫الش ْم َ‬ ‫َأح َد َع َ‬
‫ت* َ‬‫يه * َي**ا ََأب ِت * ِإ ِّن**ي َر َْأي ُ‬
‫ف َأِلِب ِ‬
‫وس * ُ‬ ‫‪ِ{ ‬إ ْذ قَ َ‬
‫ال * ُي ُ‬
‫ين (‪[ } )4‬يوسف‪]4 :‬‬ ‫اج ِد َ‬
‫س ِ‬ ‫َ‬
‫إعداد الدكتور زههدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫من {خصائص القصة القرآنية‪ :‬تنوع طريقة العرض }‬
‫‪62‬‬

‫‪‬ج‪ -‬وأحياناً يذك****ر القص****ة مباشرة بدون مقدم****ة أ****و تلخي****ص‬


‫ويكون ف**ي مفاجآته**ا الخاص**ة م**ا ُيغن**ي ع**ن تل**ك المقدمات كم**ا‬
‫جاء ف**ي قص**ة مري**م ومول**د ابنه**ا عيس**ى علي**ه الس**الم ‪ ،‬ومث**ل‬
‫قصة سليمان عليه السالم وحديثه مع النمل والهدهد وبلقيس‬
‫‪‬د‪ -‬وأحيان*ا يجع*ل القص*ة عل*ى شك*ل تمثيلي*ة مث*ل قص*ة إ*براهيم‬
‫وحواره م*ع قوم*ه عن*د تكس*يره لألص*نام وحواره م*ع ولده إس*ماعيل‬
‫عندم*ا ُأم*ر بذبح*ه ث*م تعاونهم*ا ف*ي وض*ع القواع*د للكعب*ة المشرف*ة‬
‫‪.‬‬

‫إعداد الدكتور زههدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫أهداف وفوائد القصة ‪* :‬‬
‫‪63‬‬

‫‪ 1‬بيان أ*س****سا **لدعوة إ***ل**ى ا***هلل****‪ ،‬و*توضي****ح أ*ص****ول ا***لشرا**ئ****ع*‬


‫ا***لسماوية ا***لت*ي ُب * *ع*ثب * *ه*ا ك**ل ر*س*ول ‪ ،‬و*بيان أ*ن دعوة ا* *ألن*بياء و*ا*حدة‬
‫ف*****يأ*ص*ول ا***لعقائ*د مث*ل ا* *إلقر*ار ب * *و*حدا*ني*ة ا***هلل* و**عدم* ا **إلشرا**ك ب* * *ه*‪،‬‬
‫و*أ*ن ا* *ألن*بياء و*ا **لرس*ل ج*ميع *اً عليه*م* ا***لص*الة و*ا* **لس*الم* ج*اءوا ب* **كلم*ة‬
‫و*ا*حدة ‪ ،‬و**ه **يك**لم **ة "ال * إ***ل*ه* إ **ال ا***هلل **" و*ق*ضي **ة و*ا*حدة ه**ي‪َ ‬ي** * ا‬
‫قَ* * ْو*ِم * ا ْ*عُب ُدو*ا ا***لَّ َه * َ*م*ا َل** ُك ْم * ِمْن ِإ َلٍه * َغْي ُر *ه**ُ‪ ‬و**ه*يق **ضي**ة ا***لعبودي**ة‬
‫هلل******** و*حده* دون ش **ري* **ك ل * * *ه* ف********يا***لمل* **ك و*ا **أللوهي* **ة و*ا* **لحاكمي* **ة‬
‫س* ٍول ِإ اَّل ُن* *و ِ**حي‬‫*‬
‫َ ُ‬‫ر‬ ‫ن‬‫م‬
‫ْ‬ ‫و*ا * *لتشري*ع* ق **ا **لت* **ع**ا **لى ‪ :‬و*م*ا َأرس* ْل َنا ِمْن قَ* * ْبِل َك ِ‬
‫ََ ْ َ‬
‫)‬
‫ون‪ ‬ا* *ألنبياء ‪25‬‬
‫(‬ ‫اعُب ُد ِ‬
‫ْ‬ ‫*‬ ‫*‬ ‫*‬‫ف‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫َأ‬ ‫اَّل‬ ‫ِإ‬ ‫*‬
‫ه‬‫َ‬‫ل‬‫َ‬ ‫ِإ‬ ‫*‬ ‫ال‬ ‫*‬
‫ه‬ ‫َأن‬ ‫*‬
‫ه‬ ‫ِ‬
‫ِإ َ ْلي ُ‬
‫َّ‬

‫إعداد الدكتور زههدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫من { أهداف وفوائد القصة }‬
‫‪64‬‬

‫‪ 2‬ت * *ث*بيتق* *ل*بر*س*ول ا***هلل* ‪ ‬و*ق*لوبا **ألم*ة ا **إلس*المية عل*ىدي*ن ا***هلل*‬


‫و*ا* **لعم **ل عل **ىز*يادة ث* **ق **ة ا***لمؤمني **ن ب* **نص* *ر*ة ا***لح **قو*أ*هل* *ه* و*خذالن‬
‫ا***لباط*ل و*أ*عوا*ن*ه* و*تأت*يا***لقص*ة ا***لقر*آني*ة ل**لتس*رية عن ق* *ل*بر*س*ول ا***هلل*‬
‫‪ ‬و*ق*لوبا***لمؤمني**ن عندم**ا ي **لقون ا***لعن**تو*ا * *لتشري**د و*ا* **لع**ذا*بب* **س**بب‬
‫إ*يمانه* * *م* ف * **يع**رضعليه* * *م* ق **ص * **ص ا **ألم* * *م* ا***لس * **ابقة ل**يعلمو*ا أ * **ن‬
‫ا***لمؤمني*ن من ق **بله*م* ل**قو*ا من ا***لع**ذا*بأ **لوا*ناً ‪ ،‬ف* * *ص*برو*ا عل*ىعقيدته*م*‬
‫ح*ت **ىأ*تاه *م* ا***لنص **ر ف * * **يا **لدني **ا و*ا* **لجز*اء ا **ألوف **ىف * * **يا **آلخر*ة ‪ ،‬ق **ا **ل‬
‫ا***لَح َيا ِة* ا **لُّد ْن َي*ا َو*َي ْوَم*‬
‫آم ُنو*ا ِف* * * ي ْ‬
‫َ‬ ‫ين‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫ذ‬
‫*ل‬‫َّ‬
‫*‬ ‫ا‬
‫*‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫ا‬‫ن‬‫َ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫*‬
‫س‬ ‫ُ‬ ‫*‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫ُ ُ‬‫*‬‫ص‬‫ُ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ل**‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫*ا‬
‫ن‬ ‫ِإ‬‫‪‬‬ ‫‪:‬‬ ‫*لى‬ ‫*‬ ‫*ا‬‫*‬‫*ع‬‫*‬ ‫*‬‫ت‬
‫)‬
‫اد‪( ‬غافر ‪21‬‬ ‫ش َه* ُ‬‫َي* * ُقوُم* ا **َأل ْ‬

‫إعداد الدكتور زههدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫من { أهداف وفوائد القصة }‬
‫‪65‬‬

‫‪ 3‬ب* **يان ا***لع **بر*ة و*ا* **لعظ **ة ‪ :‬ل**ق **د ذك **ر ا***هلل* * س* * **بحانه*‬
‫ق***ص **صا **ألم* *م* ا***لماضي **ة و*أ*خبار*ه* *م* و*م **ا ح*اقب* **ه* *م* م **ن‬
‫ا***لع**ذا*بو*ا* **لهالك ن **تيج* **ة ل**تك* **بر*هم* عل* **ىا***لح* **قو*تكذيبه * *م*‬
‫ل**لرس*ل و*عناده*م* و*تج*بر*هم* ف * **يا **ألرضب* **غي*ر ا***لح*قو*أوض*ح‬
‫ا***لح* **قت* **بارك و*تع**ا **ل*ى ق **درت***ه* ف* * * **يا*س* **تئصا **لا***لمع**اندي***ن‬
‫ا***لمكذبي**ن ل**يكونو*ا ع**بر*ة ل**م**ن س*****يأتيم**ن ب* **ع**ده *م* ‪ ،‬ق***ا **ل‬
‫ظلَ ُم*و*ا َو* َج َع ْل َن****ا‬
‫اه ْم* * * َل** َّم* **ا َ‬
‫َأهلَ ْك َن ُ‬ ‫ت* **ع**ا **ل**ى ‪َ  :‬و*ِت ْل َك** ْ‬
‫ا***لُقَر*ى ْ‬
‫ِل** َم ْهِل ِك ِه ْم* َمْو* ِعداً‪( ‬ا***لكهف‪. )59‬‬
‫إعداد الدكتور زههدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫من { أهداف وفوائد القصة }‬
‫‪66‬‬

‫‪ 4‬تص*ديقا* *ألن*بياء ا***لس*ابقين وإ* حياء ل**دعوته*م* و*بيان ل**نعم*ة ا***هلل عليه*م*‬
‫مث**ل ق **ص**ة س****ليمان و*داود و*أ*يوبوإ* برا**هيم* و*موس**ىو*عيس**ىو*ز*كري**ا و*يون**س‬
‫ح*ي*ثك**ان*تت* **رد ح*لقاتم*ن ق***ص*صهؤ*الء ا* *ألن*بياء ت* **ظه*ر ن **عم*ة ا***هلل* عليه*م*‬
‫ف * **يك**ثير من ا***لموا*ق*ف‪.‬‬
‫‪ 5‬ب* **يان أ*ن ا **لدي*ن ك *ل*ه* من عن*د ا***هلل* من آدم* علي*ه* ا***لس*الم* إ***لىعه*د محم*د‬
‫‪ ‬و*أ **ن ا***لمؤمني**ن ك**له**م* أ*م**ة و*ا*حدة ف * **ف**يس*****ور*ة ا* *ألن**بياء مظه **ر و*ا*ض**ح‬
‫ل**و*حدة ا **لرس*ا **لة ف* * *ق*د ت* **حدث*تا***لس*ور*ة عن ق***ص*صا* *ألن*بياء ف * **ذكرتطرفاً م*ن‬
‫ق **ص*ة موس**ىو**هارون وإ* برا**هيم* و*لوط و*داود و*س*ليمان و*أ*يوبوإ* س**ماعيل ث* * *م*‬
‫ُأم ًة و *ا ِ‬
‫*ح َدةً* َو *َأ َن*ا َر*ُّب ُك ْم*‬ ‫َّ‬ ‫*‬ ‫م‬ ‫ك‬
‫ُ‬ ‫ت‬
‫ُ‬ ‫ُأم‬
‫َّ‬ ‫*‬ ‫عقّب*تعل*ىذكر*ه*م* ب* **قول*ه* ت* **ع**ا **لى‪ِ :‬إَّ*ن َهِذ ِ‬
‫ه‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫)‬
‫اعُب ُد ِون‪( ‬ا* *ألنبياء‪91‬‬
‫فَ* * * ْ‬

‫إعداد الدكتور زههدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫من { أهداف وفوائد القصة }‬
‫‪67‬‬

‫‪6‬إ*ظه*ار ص****دقا***لن**بي‪ ‬ف* * **يدعوت*ه* و*أ*ن*ه* ن* **بيي* **وح**ىإ***لي*ه*‬


‫ف* * *ق*د أ*شار ا***لح*قت* **بارك و*تع**ا **لىعق*بك **ل ق* *ص*ة م*ن عرضه*ا ب * *م*ا‬
‫ي***ثي **ر ا* *النتباه* إ***لىهذه* ا***لمعلوماتأ*نه **ا ال * ي **مك **ن أ **ن ت* **كون م**ن‬
‫محم*د ‪ ‬أل* ن*ه* ل**ب*ثف * **يه*م* أربعي*ن عاماً ‪ ،‬و*ل*م* ي* **ذك*ر ل**ه*م* عنه*ا‬
‫ش **يئاً ك**قص*صا* *ألن*بياء أ*و ا **ألم*م* ا***لس*ابقة و*أ*ن*ه* ‪ ‬ل**م* ي* **ذه*بإ***لى‬
‫أ*حبار ا***ليه*ود و*ر*هبان ا***لنصارىل**يأخذ عنهم* أ*خبار ا* *ألنبياء و*ا **ألمم*‬
‫*حي من عن*د ا***هلل* ‪ ،‬ق **ا **لت* **ع**ا **لى ‪َ  :‬ذِل َك ِمْن‬ ‫ِ ِ ٌ‬‫و‬ ‫هي‬ ‫*ا‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫*‬‫إ‬‫و‬ ‫*ابقة‬ ‫س‬‫ا***ل‬
‫الم ُه ْم**‬ ‫*‬
‫ق‬
‫ْ‬ ‫َأ‬ ‫ون‬ ‫ق‬
‫ُ‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫ي***‬ ‫ذ‬
‫ْ‬ ‫ِإ‬ ‫م**‬ ‫ِ‬
‫ه‬ ‫ي‬‫د‬ ‫ل**‬
‫َ‬ ‫ت‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫*‬ ‫ك‬
‫ُ‬ ‫*ا‬‫*‬‫م‬ ‫*‬‫و‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫ي‬‫ل‬ ‫َ‬ ‫ِإ‬ ‫يه**‬‫*ح‬‫و‬ ‫*‬ ‫*‬‫ن‬‫ُ‬ ‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫غ‬
‫ا***ل‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫*‬ ‫ِ‬
‫اء‬ ‫َأ ْن َب‬
‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ َْ ْ‬ ‫ْ ََ‬ ‫ْ‬
‫ص ُم َون‪‬‬ ‫َُّأيهم* ي* * ْك ُفُل مريم* و*ما ُك * ْنَتَل** َد ْي ِهم* ِإ ْذ ي* * ْختَ ِ‬
‫آ **لعمرا**ن ‪44‬‬
‫)‬ ‫(‬
‫ْ َ‬ ‫َْ َ َ َ َ‬ ‫ُْ َ‬
‫إعداد الدكتور زههدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫من { أهداف وفوائد القصة}‬
‫‪68‬‬

‫‪ 7‬ا***لقص*صا***لقر*آن*يي **كش*فعن ا **لزي*فو*ا * *لتحري*فا **لذي‬


‫قام* ب****ه* أ*ه*ل ا***لكتاب‪ ،‬و*يوض*ح ما ك**تمو*ه* من ا***لبينات‬
‫و*ا* **له*دىو*يتحدا*ه *م* ب* **كشف**ه* عم**ا ك**ان ف * * **يك**تبه**م*‬
‫ق **ب **ل ا***لتحري **فو*ا * *لتبدي **ل م**ن ا***لح*قائ **قق***ا **لت* **ع**ا **لى ‪:‬‬
‫*ئيل ِإ اَّل َ*م*ا َح*َّرَم**‬
‫ْ َ‬ ‫*‬
‫ا‬‫ر‬ ‫*‬ ‫س‬ ‫ِإ‬ ‫*ي‬‫*‬‫ِ‬
‫ن‬ ‫ب‬ ‫ِ‬
‫ل**‬ ‫ًّ‬
‫ال‬ ‫*‬
‫ح‬ ‫ِ‬ ‫ان‬ ‫َ‬ ‫*‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫*‬ ‫*‬ ‫ِ‬
‫ام‬ ‫*‬ ‫ع‬ ‫َّ‬
‫ط‬ ‫ا***ل‬ ‫ل‬ ‫*‬ ‫ُّ‬
‫*‬ ‫ك‬
‫ُ‬ ‫‪‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫*ئيل َعلَ**ى َن* * ْف ِس * ِه* ِمْن قَ* * ْبِل َْأن تُ * * َنَّزَل ا***لتَّْوَر *اةُ* ُق* * ْل‬ ‫س *را* ُ‬ ‫ْ‬ ‫ِإ‬
‫‪ ‬آ **لعمرا**ن‬
‫(‬
‫ص*** ِاد ِق* َين‬‫ْ َ‬ ‫*‬‫م‬ ‫ت‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫*‬ ‫ك‬
‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ْ‬‫ِإ‬ ‫*ا‬‫*ه‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫ل‬
‫ُ‬ ‫ت‬‫ْ‬ ‫ا‬ ‫*‬ ‫*‬ ‫*‬‫ف‬
‫َ‬ ‫*‬
‫ة‬‫ِ‬ ‫*‬
‫ا‬ ‫ر‬ ‫و‬
‫َْ‬ ‫َّ‬
‫ت‬‫ل‬ ‫*‬ ‫*‬‫ا‬ ‫*‬ ‫*‬ ‫ِ‬
‫ب‬ ‫ا‬
‫*‬‫و‬ ‫ُ‬‫ت‬‫ْأ‬ ‫*‬ ‫*‬ ‫*‬‫ف‬
‫َ‬
‫)‬
‫‪93‬‬
‫‪  ‬‬
‫إعداد الدكتور زههدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫ترجمة القرآن الكريم بغير لغته‬
‫‪69‬‬

‫أوال ‪ :‬معنى الترجمة في لغة واصطالحا ً ‪* :‬‬


‫‪‬أ‪ -‬الترجمة لغة ‪ :‬نقل الكالم من لغة إلى أخرى ‪.‬‬
‫‪‬ب‪ -‬الترجمة اصطالحا ً ‪ :‬تفسير الكالم وبيان معناه بلغة أخرى ‪.‬‬
‫‪‬ثانيا ‪:‬أقسام الترجمة ‪:‬تنقسم الترجمة إلى قسمين ‪-:‬‬
‫‪‬أوالً ‪ :‬الترجمــة الحرفيــة ‪ :‬نقــل الكالم مــن لغــة إلــى لغــة أخرى مــع مراعاة‬
‫المترجم‬
‫َـ‬ ‫الموافقـة فـي النظـم والترتيـب ‪ ،‬والمحافظـة علـى جميـع معانـي األصـل‬

‫‪‬ثانيـا ‪ :‬الترجمـة المعنويـة أـو التفسـيرية ‪ :‬شرح الكالم وبيان معناه بلغـة أخرى‬
‫بدون مراعاة الموافقة في نظم اللغة األصلية وترتيبه ‪.‬‬

‫أعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫موقف العلماء من ترجمة القرآن الكريم‬
‫‪70‬‬

‫‪‬أوالً ‪ :‬الترجمـة الحرـفيـة ال تجوز ألـن القرـآـن الكريـم أنزلـه هللا علــى‬
‫العرب وهـم أرباب اللغـة والـبيان فلـم يسـتطيعوا أـن يأتوا بسـورة‬
‫مـن مثلـه ‪ ،‬وهذا دليــل واضـح علـى إعجازه ‪ ،‬فلـو تُرجـم القرـآـن‬
‫ترجمـة حرفيـة لضاعـت خواص القرآـن البالغيـة ولنزل عـن مرتبتـه‬
‫المعجزة إلى مرتبة تدخل تحت طوق البشـر ‪.‬‬
‫‪‬والدليـل علـى ذلـك إذا تـم ترجمـة حرفيـة لقولـه تعالـى ‪َ  :‬وال تَ ْج َع ْلـ‬
‫سـ ِط ‪ ‬أتـى المترجـم‬ ‫سـ ْط َها ُك َّلـ ا ْلبَ ْ‬
‫يَ َد َكـ َم ْغلُولَ ًةـ ِإلَـى ُعنُقِ َكـ َوال تَ ْب ُ‬
‫بكالم يدل علـى النهي عن ربط اليد في العنق وعن مدها غاية المد‬
‫‪ ،‬مـع مراعاة الترتيـب فـي األصـل ‪ ،‬ولكـن هذه الترجمـة ال توضـح‬
‫المقصد‪.‬‬
‫أعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫من { حكم ترجمة القرآن الكريم}‬
‫‪71‬‬

‫‪‬ثانيا ً ‪ :‬الترجمة التفسيرية أو المعنوية ‪:‬‬


‫‪‬أجازهـا العلماء وذلـك ألـن المترجـم إذا أراد أـن يترجـم‬
‫هذه اآليــة ترجمــة تفســيرية ‪ ،‬فإنــه يأتــي بالنهــي عــن‬
‫التبذيـر والتقتيـر فـي أبشـع صـورة منفرة فتأتـي منهـا‬
‫بعبارة تدل علـى هذا النهـي المراد فـي أسـلوب يترك فـي‬
‫نفـس المترجـم لهــم أكثـر األثـر فـي اســتبشاع التقتيـر‬
‫والتبذير دون رعاية األصل في نظم وترتيب اآلية ‪.‬‬
‫أعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫شروط الترجمة التفسيرية *‬
‫‪72‬‬

‫‪1‬أن تكون الترجمة على شاكلة التفسير وتعتمد على علوم القرآن واللغة وغيرها‬
‫‪ 2‬معرفة المترجم ألوضاع اللغتين لغة األصل ولغة الترجمة ‪.‬‬
‫‪3‬معـرفة اــلمترجمـ ألـساــليبوخصائصاــللغتين‪.‬‬
‫‪ 4‬وفاء اــلترجمة بــجميعـ معـانياــألصلومقاصدهـ ‪.‬‬
‫‪ 5‬أـن يكتـب القرآـن أوالً ‪ ،‬ثـم يفسـره‪ ،‬ثـم يترجـم التفسـير ترجمـة تفسـيرية حتـى ال‬
‫يتوهم متوهم أن هذه الترجمة ترجمة حرفية للقرآن‬
‫ً ‪ 6‬أــن تكون عقيدة المترجــم بعيدة عــن العقائدة زائفــة التــي تخالــف مــا جاء بــه‬
‫القرآن ‪ ،‬وهذا شرط في المفسر أيضا ً ‪.‬‬
‫‪ ‬حكــم الكتابــة لآليات بالحروف الالتينيــة أــو اإلنجليزيــة التــي تبقــي الكالم‬
‫القرآنـي كمـا هـو جائـز ال يدخـل فـي موضوع الترجمـة وإنمـا هـو كتابـة خطيـة بحروف‬
‫غير عربية ‪.‬‬
‫أعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫اإلسرائيليات *‬
‫‪73‬‬

‫‪‬تعريـف اإلسـرائيليات ‪:‬هـي القصـص واألخبار اليهوديـة والنصـرانية‬


‫التـي تسـربت إلـى المجتمـع اإلسـالمي عـن طريـق مـن أسـلم مـن أهـل الكتاب حقيقـة‬
‫أو نفاقا‪.‬‬
‫‪ ‬سميت باإلسرـائيليات ‪:‬‬
‫‪ -1‬لتغليب اللون اليهودي فيها حيث إن أكثرها جاء عن اليهود‬
‫‪ -2‬الختالط اليهود بالمسلمين في المجتمع المدني أكثر من النصارى‬
‫‪ -3‬وألن النصارى يُعتبروا تبعا ً لليهود ‪.‬‬
‫‪ ‬وقــد بدأ اليهود بالدس منــذ األيام األولــى لدخول اإلســالم فــي المدينــة‬
‫المنورة فأدخلوا ثقافتهــم وثقافات أخرى فــي المجتمــع اإلســالمي وأطلــق‬
‫عليها اإلسرائيليات ‪.‬‬
‫أعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫منابع الثقافة اليهودية والنصرانية‬
‫‪74‬‬
‫‪  ‬منابع الثقافة اليهودية ‪*:‬‬
‫‪ -1 ‬التوراة ‪ :‬ومـا تحويـه مـن األسـفار الموسـوية وتسـمى بالعهـد القديـم وهذه ُحرفـت وت ّمـ‬
‫فيهــا التغييــر والتبديــل والقرآــن الكريــم يشهــد بذلــك قال تعالــى ‪  :‬يُ َح ِّرفُ َ‬
‫ونـ ا ْل َكلِ َمـ َعنـْـ‬
‫)‪.‬‬
‫ه‪ ‬المائدة ‪13‬‬
‫(‬
‫اض ِع ِ‬
‫َم َو ِ‬
‫‪ -2 ‬التلمود ‪ :‬وهـي السـنن والنصـائح والشروح التـي أخذت مشافهـة عـن موسـى عليـه‬
‫السـالم إال أنهـا ُحرفـت بالزيادة عليهـا والنقـص منهـا ‪ ،‬مثلهـا مثـل التوراة فـي ذلــك ‪ ،‬قال‬
‫شتَ ُروا بِ ِهـ ثَ َمنا ً‬‫بـ ِبَأ ْي ِدي ِه ْمـ ثُ َّـم يَقُولُو َنـ َه َذا ِم ْنـ ِع ْن ِد هَّللا ِ لِيَ ْ‬‫تعالـى ‪ ( :‬فَ َو ْي ٌلـ لِلَّ ِذي َنـ يَ ْكتُبُو َنـ ا ْل ِكتَا َ‬
‫ون) (البقرة ‪ )79‬باإلضافـة إلـى الكثيـر مـن‬ ‫سـبُ َ‬ ‫قَلِيالً فَ َو ْي ٌلـ لَ ُه ْمـ ِم َّمـا َكتَبَ ْتـ َأ ْي ِدي ِه ْمـ َو َو ْي ٌلـ لَ ُه ْمـ ِم َّمـا يَ ْك ِ‬
‫األدب والقصص والتاريخ والتشريع واألساطير اليهودية ‪.‬‬

‫‪ ‬منابــع الثقافــة النصــرانية ‪ :‬األناجيــل المعتــبرة عندهــم وهــي إنجيــل متــى‬


‫وإنجيل مرقس وإنجيل لوقا وإنجيل يوحنا‬
‫‪ ‬أما إنجيل برنابا فال يعترفون به ألنه يعترـف ببشرية المسيح ‪.‬‬
‫أعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫أسباب دخول اإلسرائيليات في المجتمع اإلسالمي *‬
‫‪75‬‬

‫‪ -1‬اإليجاز فـي القصـص القرآنـي والتركيـز فيهـا علـى مواطـن العـبرة والعظـة‬
‫دون ذكــر التفاصــيل ودقائــق القصــة ‪،‬جعــل فضول بعــض المســلمين معرفــة‬
‫التفاصـيل والدقائــق تتعلــق بالقصـص القرآنـي ‪ ،‬فكانوا إذا سـألوا مـن أسـلم مـن‬
‫هل الكتاب أجابوهم بما هو موجود في التوراة واإلنجيل ‪.‬‬
‫‪ -2‬إسـالم العديـد مـن أهـل الكتاب سـاهم مسـاهمة حقيقيـة فـي إدخال الكثيـر مـن‬
‫الروايات اإلسرائيلية إلى المجتمع اإلسالمي ‪.‬‬
‫‪ -3 ‬إذن النـبي بالحديـث عـن أهـل الكتاب كمـا ورد فـي قولـه ‪" :‬بلغوا عنـي ولـو‬
‫آيــة وحدثوا عــن بنــي إســرائيل وال حرج" أــي حدثوا عنهــم بمــا يتفــق وحدود‬
‫الشريعة اإلسالمية وفيما تظنون صدقه‪.‬‬
‫‪‬فــي أواخــر عهــد التابعيــن تســربت هذه الروايات وتناقلهــا القصــاص والرواه‬
‫ودخلت في كتب التفسير والتاريخ ‪.‬‬
‫أعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫حكم اإلسرائيليات *‬
‫‪76‬‬

‫‪ ‬حكم اإلسرائيليات ‪:‬‬


‫‪ -1‬إن كانـت الروايـة اإلسـرائيلية توافـق مـا عندنـا نصـدقها ونأخذهـا‬
‫لالستئناس ال لالستدالل ونعتبرها من الثقافة اإلسالمية‬
‫‪ -2‬وإن كانـت الروايـة اإلسـرائيلية تخالـف مـا عندنـا نردهـا ونضرب بهـا‬
‫عرض الحائط ‪.‬‬
‫‪ -3‬أمـا إذا كانـت الروايـة اإلسـرائيلية ال توافـق وال تعارض مـا عندنـا‬
‫فنتوقــف حينئـ ـ ٍذ فال نصــدقهـا وال نكذبهـــا خوفا ً مــن أــن نصــدق بكذب‬
‫وباطـل وال نكذبهـا خوفا ً مـن أـن نكذب بصــدق وحـق عمالً بقول الرسـول‬
‫‪ : ‬ال" تصـدقـوا أهــل الكتــاب وال تكذبوهــم وقولــوا آمنـا باهللـ ومـا أنزل‬
‫إلينا" (البخاري) ‪.‬‬
‫أعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫المنهج األمثل في تفسير القرآن‬
‫‪77‬‬

‫‪‬الفه **م الص **حيح للقرآ **ن ه **و حس **ن تفس **يره بم **ا ي **بين‬
‫مقاص**ده ‪ ،‬وه**و غاي**ة ك**ل مس**لم ‪ ،‬وه**و الثمرة العلمي**ة‬
‫المرجوة م******ن تدبره ‪ ،‬التزام أحكام******ه وتوجيهات******ه إيماناً‬
‫وعمالً ودعوة ‪.‬‬
‫‪‬إ**ن المنه**ج األمث**ل ف**ي تفس**ير القرآ**ن يقوم عل**ى أص**ول‬
‫ارس*خة وخطوات معلوم*ة ومعال*م مرس*ومة يج*ب مراعاته*ا‬
‫وااللتزام به*****ا حت*****ى تتض*****ح م*****ن خالل اتباع المفس*****ر‬
‫الخطوات التالية ‪-:‬‬
‫أعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫المنهج األمثل في تفسير القرآن الكريم‬
‫‪78‬‬

‫‪ -1‬تفسير القرآن بالقرآن ‪:‬‬


‫‪ ‬أل*ن القرآ*ن الكري*م يص*دق بعض*ه بعضاً ‪ ،‬ويفس*ر بعض*ه بعضاً ‪ ،‬وذل*ك فم*ا ُأجم*ل ف*ي‬
‫صص في سياق آخر‪.‬‬ ‫صل في موضع آخر وما جاء عاماً في سياق ُخ ِّ‬ ‫موضع فُ ّ‬
‫‪ -2‬تفسير* القرآن بالسنة ‪:‬‬
‫فس *ر القرآ**ن بالقرآ**ن ‪ ،‬فم**ا أجم**ل ف**ي‬ ‫‪ ‬قال اب**ن تيمي**ة ‪ { :‬إ**ن أص**ح طرق التفس**ير ُي ّ‬
‫مكان فإن*ه ق*د يفس*ر ف*ي موض*ع آخ*ر ‪ ،‬وم*ا اختص*ر ف*ي مكان فق*د ُبس*ط ف*ي موض*ع آخ*ر‬
‫‪ ،‬فإن أعياك ذلـك فعليك بالسنة ‪ ،‬فإنها شارحة للقرآن موضحة له}‪.‬‬
‫ط ِّي َب ٍة*‪ ‬إ*براهيم ‪ 24 :‬بأنه*ا النخل*ة‬ ‫ش َج َرٍة* َ‬ ‫‪1 ‬مثال ذل*ك ‪ ، :‬فس*ـر الرس*ـول‪َ  ‬كِل َم ًة* َ‬
‫ط ِّي َب ًة* َك َ‬
‫}‪.‬‬
‫س* َنى َو* ِز*َي َ‬
‫ادة*ٌ‪ ‬ي* **ون**س‪ 26 :‬ب* **أنه**ا‬ ‫‪ 2 ‬ك**م**ا ف * **س**ر ا **لرس**ول ‪ ‬ا **لزيادة ‪ِ‬ل**لَِّ‬
‫ا***لُح ْ‬
‫س* ُنو*ا ْ‬ ‫َ‬ ‫َأح‬
‫ْ‬ ‫ين‬‫َ‬ ‫ذ‬
‫ا***لنظر إ***لىو*جه* ا***هلل ا***لكريم* ‪.‬‬
‫أعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫المنهج األمثل في تفسير القرآن الكريم‬
‫‪79‬‬

‫‪ -3‬االنتفاع بتفسير الصحابة والتابعين ‪:‬‬


‫‪‬الص*حابة ه*م تالمي*ذ المدرس*ة النبوي*ة ‪ ،‬تربوا ف*ي حج*ر الرس*ول ‪‬‬
‫وسمعوا منه وشاهدوا التنزيل‪ ،‬هذا مع كونهم أصحاب اللغة والبيان ‪.‬‬
‫‪ ‬قال عب*د اهلل* ب*ن مس*عود ‪ { :‬والذي ال إل*ه غيره م*ا نزل*ت آي*ة‬
‫م*ن كتاب اهلل* إال وأن*ا أعل*م أي*ن نزل*ت ‪ ،‬وفي*م نزل*ت ول*و أعل*م أحدا‬
‫أعلم مني بكتاب اهلل تبلغه األبل لركبت إليه }‪.‬‬
‫‪ ‬فإذا ص**ح عنه**م التفس**ير* أخذن**ا ب**ه خاص**ة إ**ن أجمعوا علي**ه ‪،‬‬
‫إو ن اختلفوا فق*د أتاحوا لن*ا أ*ن نتخي*ر م*ن بي*ن آرائه*م م*ا نراه أقرب‬
‫إلى السداد ‪.‬‬
‫أعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫من { المنهج األمثل في تفسير القرآن الكريم}‬
‫‪80‬‬

‫‪‬قال ابـن تيميـةـ ‪( :‬إذا لـم تجـد التفسـير فـي القرآـن وال فـي‬
‫السـنة ‪ ،‬رجعـت فـي ذلــك إلـى أقوال الصـحابة فإنهـم أدرى‬
‫بذلـك لمـا شاهدوه مـن القرائـن واألحوال التـي اختصـوا بهـا‬
‫ولِ َمــا هــم عليــه مــن الفهــم التام والعلـم الصـحيح وال ســيما‬
‫علماؤهـم وكـبراؤهم وكاألئمـة األربعـة والخلفــاء الراشديـن‬
‫واألئمة المهديين ‪.‬‬
‫‪‬وهذا حــبر األمــة عبــد هللا ـ بــن عباس‪ ،‬ترجمان القرآــن‬
‫ببركـة دعاء رسـول هللاـ ‪ ‬اللهـم فقهـه فـي الديـن وعلَّمـهـ‬
‫التأويل ‪.‬‬
‫أعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫من { المنهج األمثل في تفسير القرآن الكريم}‬
‫‪81‬‬
‫‪ -4‬األخذ بمطلق اللغة ‪:‬‬
‫ان َع َرِب ٍّي** ُم ِب ٍ‬
‫ين**‪( ‬الشعراء ‪ ، )195‬فيج**ب أ**ن ُيفس**ر‬ ‫س** ٍ‬ ‫‪ ‬إ**ن القرآ**ن نزل ‪ِ ‬ب ِ‬
‫ل‬
‫َ‬
‫اللفظ بحسب ما تدل عليه اللغة العربية واستعماالتها‪.‬‬
‫‪ 1‬ق **د ت* **أتيب* **عضا **أل لفاظ على س **بيل ا***لمجاز‪.‬‬
‫‪ 2‬و*من ا **أل لفاظ ما هو مشترك ي* **دل على أ*كثر من معنى‪.‬‬
‫‪  ‬مث**ل كلم**ة (عي**ن) له**ا عدة ٍ‬
‫معان * حس**ب موقعه**ا ف**ي الجمل**ة ‪ ،‬تأت**ي‬
‫بمعن **ى عي **ن الماء – والجاس **وس – والعي **ن المبص **رة ‪ ،‬فك **ل مفردة ف **ي‬
‫القرآن تؤدي معنى تام حسب السياق الذي وضعت فيه ‪.‬‬
‫‪ ‬وينبغ**ي أ**ن يعل**م أ**ن األص**ل حم**ل الكالم عل**ى الحقيق**ة‪ ،‬وال يعدل عنه**ا‬
‫إل*ى المجاز إال بقرين*ة تدل عل*ى المعن*ى ‪ ،‬ومم*ا يعي*ن المفس*ر للقرآ*ن عل*ى‬
‫حسن الفهم‪.‬‬
‫أعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫من { المنهج األمثل في تفسير القرآن الكريم}‬
‫‪82‬‬

‫‪ -5‬مراعاة السياق ‪ :‬والمقصود بالسياق ما قبل الكلمة وما بعدها‬


‫‪  ‬س**ياق اآلي**ة ف**ي موقعه**ا م**ن الس**ورة وس**ياق الجمل**ة ف**ي موقعه**ا م**ن‬
‫اآلي*ة تعي*ن عل*ى فه*م المعن*ى ‪ ،‬فيج*ب أ*ن تُرب*ط اآليـة بالس*ياق الذي وردت‬
‫فيـه وال تُقطـع عمـا قبلها وما بعدها ‪.‬‬
‫‪ ‬فالكلم*ة الواحدة ق*د ترد ف*ي القرآ*ن لعدة معا ٍن* مختلف*ة إو نم**ا يتحدد المعن**ى‬
‫المراد منها في كل موقع بالسياق ‪.‬‬
‫‪1‬مث ً‬
‫ال ك**لم**ة ا***لكتابتأت**يب* **معن**ىا***لقر*آ**ن‪ ،‬و*تأت**يب* **معن**ىا***لن**ص ا***لقر*آن**ي‪ ،‬و*تأت**ي‬
‫بمعنىا***للو*ح ا***لمحفوظ ‪.‬‬
‫‪2‬كذل*ك معن*ى ك**لم*ة (آي*ة) تأت*يب* **معن*ىا***لعالم*ة أ*و ا* *آلي*ة ا***لمنزل*ة أ*و ا***لمعجز*ة و*ا* *آلي*ة‬
‫ا **لدا **لة علىص **دقر**سول ا***هلل ‪ ، ‬و*ا* **لسياقهو ا **لذيي***حدد ا***لمعنىا***لمر*اد من ك**لمة آية ‪.‬‬

‫أعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫من { المنهج األمثل في تفسير القرآن الكريم}‬
‫‪83‬‬

‫‪ -6‬االهتمام بعلوم القرآن إجما ًال وخاصة سبب النزول ‪:‬‬


‫‪‬م*ن المعال*م المهم*ة ف*ي فه*م القرآ*ن وتفس*يره مالحظ*ة أس*باب النزول فم*ن‬
‫المقرر لدى العلماء أن القرآن نزل على قسمين ‪:‬‬
‫‪ -1‬قسم نزل ابتداء من باب الهداية واإلرشاد ‪.‬‬
‫‪ -2‬وقس**م نزل لس**بب خاص بس**بب س*ؤال أ**و حادث**ة ‪ .‬و معرف**ة األس**باب‬
‫والمالبسات المحيطة بالنص تساعد على فهم المراد منه ‪.‬‬
‫‪ -7‬اعتبار القرآن أصالً يرجع إليه ‪:‬‬
‫‪‬إن اهلل تبارك وتعالى أنزل القرآن الكريم ليكون متبوعاً ال تابعاً‬
‫‪  ‬وينبغ*ي عل*ى المفس*ر أ*ن يتحرر م*ن اعتقادات*ه وأفكاره وأهوائ*ه ‪ ،‬وعلي*ه‬
‫أن ينظر إلى القرآن على أنه األصل الذي يرجع إليه‪.‬‬
‫أعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪ ‬‬
‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫إعجاز القرآن الكريم‬
‫‪84‬‬

‫‪   ‬تعريف اإلعجاز لغة‪ :‬أصلهـ التأخر عن الشيء ‪ ،‬وهو ضد‬


‫القدرة ‪ ،‬بمعنـى الضعـف ‪ ،‬يقال ‪ :‬أعجزه األمـر إذا حاولـه فلـم‬
‫يسـتطعه ولـم تتسـع لـه قدرتـه وجهده‪ ،‬يقول تعالـى ‪َ  :‬والَّ ِذي َنـ‬
‫ين‪( ‬سبأ ‪. )5‬‬ ‫س َع ْوا فِي آيَاتِنَا ُم َع ِ‬
‫اج ِز َ‬ ‫َ‬
‫‪ ‬اإلعجاز اصــــطالحا ً ‪ :‬كون القرآـــن الكريــــم أمراً خارقا ً‬
‫للعادة لم يستطع أحد معارضته برغم تصدي الناس له ‪.‬‬
‫‪ ‬أـو هـو ضعـف القدرة اإلنسـانية علـى اإلتيان بمـثـل معجزة‬
‫القرآن ‪ ،‬ثم استمرار هذا الضعف على تراخي الزمن ‪.‬‬
‫أعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫أوجه إعجاز القرآن الكريم‬
‫‪85‬‬

‫‪  ‬الوجه األول ‪ :‬اإلعجاز* البياني ‪:‬‬


‫‪‬يعت*بر اإلعجاز ال*بياني م*ن أعظ*م وجوه اإلعجاز‪ ،‬أل ن*ه ينتظ*م ف*ي‬
‫القرآ*ن كل*ه ‪ ،‬فال تخل*و من*ه س*ورة عل*ى قص*رها أ*و عل*ى طوله*ا ‪ ،‬ب*ل‬
‫هو في كل آية من آيات القرآن الكريم ‪.‬‬
‫‪‬قال العلماء ‪ :‬القرآ**ن الكري**م معجزة بياني**ة خالدة تحدى اهلل * به**ا‬
‫العرب فعجزوا ‪.‬‬
‫س* َوا ْل ِج ُّ*ن َعلَ*ى َأ ْن* َيْأتُوا ِب ِم ْث ِل*‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫‪‬قال تعال*ى ‪ُ  :‬ق ْل* لَِئ ِن* اجتَمع ِت* اِأْل‬
‫ُ‬ ‫ْ ََ‬
‫رً‪ ‬اإلسراء ‪88‬‬ ‫ظ ِهي ا‬‫ض َ‬ ‫ض ُه ْم ِل َب ْع ٍ‬‫ان َب ْع ُ‬ ‫ون ِب ِم ْثِل ِه َولَ ْو َك َ‬ ‫َه َذا ا ْلقُْر ِ‬
‫آن ال َيْأتُ َ‬

‫أعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫المقصود باإلعجاز البياني‬
‫‪86‬‬

‫‪‬المقصود باإلعجاز البياني ‪:‬‬


‫‪ ‬هـو تميـزـ أسـلوب القرآـن الكرـيـم فـي بيانـه وفصـاحته وبالغتـه‬
‫وترتيـب ألفاظـه فـي آيات القرآـن وسـوره عـن باقـي أسـاليب اللغـة‬
‫العربية ‪.‬‬
‫‪ ‬ويمثـــل اإلعجاز الـــبياني فـــي حروف القرآـــن وأصـــواتها‪ ،‬والكلمات‬
‫ومخارجهـا‪ ،‬يقول ابـن عطيـة ‪( :‬وكتاب هللاـ تعالـى لـو نزعـت منـه لفظـة ثـم أديـر‬
‫لسان العرب على لفظة غيرها لم يوجد) ‪.‬‬
‫‪ ‬وكذلـك يمثـل اإلعجاز الـبياني فـي طريقـة التعـبير التـي انفرد بهـا‬
‫القرآـن الكريـم ‪ ،‬وفـي وجود الفاصـلة القرآنيـة التـي تعنـي مناسـبة‬
‫ختم اآلية لما سبق‬
‫أعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫التدرج في التحدي‬
‫‪87‬‬
‫‪ ‬نزل القرآ*ن الكري*م عل*ى العرب أص*حاب البالغ*ة والبيـان س*المة الس*ليقة وس*رعة البديه*ة‪،‬‬
‫وتحداهـم اهلل على أن يأتوا بمثله على عدة مراحل هي‪:‬‬
‫‪ 1‬تحدا*ه*م* أ*ن ي* **أتو*ا ب* **مث*ل ا***لقر*آ*ن ف * **عجزو*ا ‪ :‬ق **ا **لت* **ع**ا **لى ‪َ ‬ف* * * ْل َيْأتُو*ا ِب * * َح ِد ٍيث ِم ْثِل ِه* ِإْن‬
‫ص* * ِاد ِق* َين‪ ‬ا***لطور ‪. 34 :‬‬ ‫َك *ا ُنو*ا َ‬
‫ون ا* ْف*تََرا**هُ* * ُق* * ْل فَ* * *ْأتُو*ا‬
‫َأم * َي* *قُولُ َ‬
‫‪ 2‬ث *م* تحدا*ه*م* أ**ن ي* **أتو*ا ب* **عش**ر س****ور ف * **قا **لت* **ع**ا***لى ‪ْ  :‬‬
‫‪‬‬
‫اد ِق* َين‪ ‬هود ‪-13‬‬ ‫ون ا***لَّ ِه * ِإ ْن ُك * ْنتُم * ص**** ِ‬
‫ْ َ‬ ‫ط ْعتُ ْم* ِمْن ُد ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِِ‬
‫س****َوٍر م ْثله * ُم ْفتََرَيات َو * ْاد ُعوا َمِن ا ْ‬
‫*س*تَ َ‬ ‫ِب * * َع ْ‬
‫شِر ُ‬
‫‪. 14‬‬
‫‪ 3‬ف*لم*ا عجزو*ا ت* **حدا*ه*م* أ*ن ي* **أتو*ا ب * *س*ور*ة و*ا*حدة ق **ا **لت* **ع**ا***لى ‪ْ  :‬‬
‫ون ا* ْف*تََرا**هُ *‬ ‫‪‬‬
‫َأم* َي* *قُولُ َ‬
‫ص* * ِاد ِق* َين‪ ‬ي* **ونس‪. 38 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ُق* *ْل فَ* * *ْأتُو*ا ِب * *سور *ٍة ِم ْثلِ ِه* و * ْادعوا مِن ا*ستَ َ ِ‬
‫ط ْعتُ ْم* مْن ُد ِون ا***لَّه* ِإْن ُك * ْنتُ ْم* َ‬ ‫َ ُ َ ْ‬ ‫ُ َ‬
‫‪ 4 ‬ث*م* أ*خيـر*ا*ً ت* **حدا*هـم* أ*ن يأتو*ا ب * *س*ور*ة ت* **شب*ه* ا***لقر*آ*ن ف * **قا **لس* **بحانه* و*تع**ا **لى ‪:‬‬
‫ور *ٍة ِّمْن ِم ْثِل ِه*‪ ‬ا***لبقر*ة ‪. 24-23 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪َ ‬و *ِإْن ُك * ْنتُ ْم* ف* * *ي َر*ْيٍبم َّما َن* * َّز*ْل َنا َعلَى َعْبد َنا فَ* * *ْأتُو*ا ِب * * ُ‬
‫س َ‬

‫أعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫‪  ‬الوجه الثاني ‪ :‬اإلعجاز التشريعي‬
‫‪88‬‬

‫‪ *‬ا*لتشري **ع ‪:‬ه **و م **ا شرع **ه اهلل* * لعباده م **ن‬
‫شريع*ة كالص*الة والص*وم والزكاة والح*ج وأحكام‬
‫اعتقادية و ُخلقية‪.‬وغير ذلك‬
‫‪ *‬اإلعجاز التشريع**ي ‪ :‬ه**و س**مو التشريعات‬
‫القرآني*ة وشموله*ا و*كماله*ا إل*ى الح*د الذي تعجـز‬
‫عنـه ك*ل القواني*ن البشري*ة مهم*ا بلغ*ت عل*ى أ*ن‬
‫تأت*ي بمثل‪.‬‬
‫أعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫أوجه اإلعجاز التشريعي في العبادات ‪:‬‬
‫‪89‬‬

‫‪ 1‬ا **إلعجاز ف*****يت* **شري*ع* ا **لوضو*ء و*ا * *لتيم*م* و*ا* **لغس*ل ‪ :‬أ*م*ر‬
‫ا***هلل س **بحانه* و*تع**ا **لى ا***لمسلمين ب* **ا **لوضو*ء عند ا***لقيام* إ***لى ا***لصالة‬
‫‪ ،‬و*جع*ل ا **لوضو*ء ش **رطاً ل**لص*الة ‪ ،‬ف * **إذا ل* *م* ي **تمكنو*ا من ا*س*تعما **ل‬
‫ا***لماء ف * **عليه*م* ب* **ا* *لتيم*م* ق **ا **لت* **ع**ا **لى‪َ { :‬ي* * * ا َُّأي َه**ا ا *َّ*لِذ َين َآ َم ُنو*ا ِإ َذا‬
‫اغ ِس * *لُو*ا ُو* ُجو َ*ه ُك ْم * * َو * َْأي ِد َي ُك ْم * * ِإ َ*ل**ىا***لَم َرا* ِف* ِ‬
‫ق*‬ ‫ص * *اَل ِة فَ* * * ْ‬ ‫قُ* * ْمتُ ْم * * ِإ َ*ل**ىا***ل َّ‬
‫وس * * ُك ْم* َو * َْأرُجلَ ُك ْم**** ِإ َ*ل**ىا***لَك ْع َب ْي ِن* َو *ِإ ْن* ُك * ْنتُ ْم**** ُج* ُن ًب* **ا‬ ‫و *ا*مس * *حو*ا ِب * *ر*ء ِ‬
‫ُُ‬ ‫َ ْ َ ُ‬
‫َأح ٌد ِمْن ُك ْم* * ِم َن‬ ‫ْ َ َ َ‬‫اء**‬ ‫*‬
‫ج‬ ‫َأو‬ ‫ر‬ ‫ٍ‬‫ف‬
‫َ‬ ‫*‬ ‫*‬ ‫*‬‫س‬ ‫**ى‬ ‫ل‬
‫َ‬
‫ْ َْ َ ْ َ َ‬ ‫ع‬ ‫َأو‬ ‫ى‬ ‫**‬
‫ض‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫*‬ ‫*‬‫م‬ ‫ت‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫*‬ ‫ك‬‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ْ‬ ‫*‬
‫ِإ‬ ‫و‬ ‫فَ* * *اط ُ َ‬
‫ا‬
‫*‬ ‫و‬
‫ر‬ ‫*‬
‫ه‬‫َّ‬ ‫َّ‬
‫يدا‬ ‫ع‬ ‫ِ‬ ‫*‬ ‫*‬ ‫*‬‫ص‬ ‫ا‬‫*‬‫و‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ي‬‫ت‬ ‫*‬ ‫*‬ ‫*‬‫ف‬ ‫*‬ ‫اء‬ ‫م‬ ‫ا‬
‫*‬‫و‬ ‫د‬ ‫ج‬‫ِ‬ ‫*‬ ‫*‬ ‫ت‬ ‫*‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫*‬ ‫*‬ ‫*‬‫ف‬ ‫اء‬ ‫*‬ ‫س‬ ‫ِّ‬
‫ن‬
‫ل‬ ‫ا***‬ ‫*‬‫م‬ ‫ِ‬ ‫ِئ‬
‫َ َ ْ َ ُ َ ً ََ ُ َ ً‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ا***لَغ *ا ْ َ ْ ُ ُ‬
‫ت‬ ‫*‬ ‫س‬ ‫م‬ ‫اَل‬ ‫َأو‬ ‫*‬ ‫ط‬
‫يد ا***هللُ * ِل** َي ْج َع َل‬ ‫*‬ ‫ي‬ ‫*ا‬‫م‬
‫*‬ ‫*‬ ‫*‬‫ه‬ ‫ن‬‫ْ‬ ‫م‬‫ِ‬ ‫*‬ ‫*‬‫م‬ ‫ك‬
‫ُ‬ ‫ي‬ ‫د‬‫ِ‬
‫س * ُحو*ا ِب * * ُو* ُجو*ِه ُك ْم** َو * َْأي ْ ُ َ ُ ُ‬
‫ر‬ ‫ِ‬‫*‬ ‫ام َ‬ ‫ط ِّي ًب**ا فَ* * * ْ‬
‫َ‬
‫ط ِّه*َرُك ْم * َو*ِل ُي ِت َّم* ِن* * ْع َمتَ ُه * َعلَ ْي ُك ْم * َل** َعلَّ ُك ْم *‬ ‫يد ِل** ُي َ‬‫َعلَ ْي ُك ْم * ِمْن َح* َر ٍج* َو*لَ ِكْن ُي * *ِر ُ‬
‫أعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪{ 07:01‬ا***لمائدة‪}6:‬‬ ‫ون]‬‫‪PM‬ر َ‬ ‫ك‬
‫ش ُُ‬ ‫تَ * *‬
‫‪ْ3/10/23‬‬
‫من {أوجه اإلعجاز التشريعي في العبادات ‪} :‬‬
‫‪90‬‬

‫‪‬الحكم*ة م*ن هذا التشري*ع ‪ :‬يقول تعال*ى { َم*ا ُي ِر ُ‬


‫يد اللَّ ُه* ِل َي ْج َع َل* َعلَ ْي ُك ْم* ِم ْن*‬
‫ج ‪(.....‬المائدة ‪)6 :‬‬‫َح َر ٍ‬
‫‪ 1‬إ**ن ا*شترا**ط ا **الغتس**ا **لل**لجن**به*و ت* **طهير*ه* و*ليت *م* ن **عمت *ه* علي *ه* ‪ ،‬و*حت**ى‬
‫ي **شكر*ه* على ن **عمه* ا***لكثير*ة‪.‬‬
‫‪2‬و*ا* **لحكمة من ا **لوضو*ء و*ا * *لتيمم* و*ا* **لغسل ل**يس ا***لنظافة ف * **حسبب* **ل ا***لعبادة‬
‫‪ 3‬عندم **ا يقض **ي اإلنس **ان شهوت **ه فإن **ه يحق **ق حاج **ة فطري **ة ونفس **ية‬
‫أص **يلة ف **ي كيان **ه‪ ،‬ث **م إ **ن ك **ل جزء م **ن أعضاء جس **مه متلذذ م **ن قضاء‬
‫الشهوة ويشارك ف **ي هذه العملي **ة الجنس **ـية ‪ ،‬لذا كان االغتس **ال شك **ر هلل* *‬
‫الذي يسر له قضاء شهوته ‪ ،‬شكر هلل (ولعلكم تشكرون)‬

‫أعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫{ اإلعجاز في المعامالت }‬
‫‪91‬‬

‫‪ 2‬ا **إلعجاز ا***لتشريع*يف*****يت* **حري*م* ا **لرب*ا ‪ :‬ح*رم* ا***هلل* ا **لرب*ا‬


‫ف * **يآياتص***ريحة و*أ*عل*ن ا***لحربعل*ى ا***لمرا**بي*ن‪ ،‬و*تو*ع*د ب* **مح*ق‬
‫آم ُنو*ا ا*تَّ ُقو*ا ا***لَّ َه * *‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫ا **لرب***ا ي **قول ت* **ع**ا* *ل*ى‪َ :‬ي ***** ا َُّأي َه****ا ا * َ َ‬
‫*‬
‫ن‬ ‫ي‬ ‫ذ‬
‫*ل‬
‫مَن ا *ِّ*لربا ‪( ...‬‬ ‫و*َذرو*ا ما ب * * ِقي ِ‬
‫ا * *لبقر*ة ‪)279-278 :‬‬
‫َ ُ َ َ َ‬
‫‪ -1‬فالرب*ا بالء وآف*ة ‪ ،‬يدم**ر االقتص*اد ويقط*ع الرواب*ط ‪،‬‬
‫ويوقع العداوة والبغضاء بين الناس‪،‬‬
‫‪ -2‬الرب **ا يقض **ي عل **ى إنس **انيـة اإلنس **ـان وقلب**ه ودين**ه‬
‫إو يمانه ‪ ،‬والمرابون مصاصوا الدماء واألموال‪.‬‬
‫أعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫من { نماذج من اإلعجاز التشريعي }‬
‫‪92‬‬

‫‪ 3‬ف******يا***لحدود ‪ :‬ش* *ر*ع ا***هلل * ت* **بارك و*تع**ا **لىا***لحدود ح*ت**ى‬


‫ي **عي **شا* *إلنس**ان ا***لمس**لم* و*غي **ر ا***لمس **لم* أ*ميناً عل **ىن **فس**ه* و*ما **له*‬
‫و**عرض *ه* و**عقل *ه* ‪ ،‬ل**ذل**ك ح*رم* عل**ى ا***لمس**لم* ق **ت**ل أ*خيـه* ا***لمس**ـلم* ‪،‬‬
‫طًأ ‪. ...‬‬ ‫ي **قـول ت* **ع**ا **لى‪َ  :‬و* َما َك * َان ِل** ُمْؤ ِمٍن َْأن َي* * ْقتَُل ُمْؤ ِمناً ِإ ال َخ* َ‬
‫‪ 1‬فإذا ا*عتقد ا***لقاتل ب* **أنه* س * ُ*يقتل ف * **إنه* ال * ي **قدم* على ا***لقتل‪.‬‬
‫حرم الس**ـرقة‪ ،‬فإن**ه حف**ظ للناس أموالهـم ‪،‬‬ ‫عندمـا‬ ‫وكذلـك‬ ‫‪2‬‬ ‫‪‬‬
‫ّ‬
‫فعندم**ا يعتقـد المؤم**ن أن**ه إذا س**رق س**وف تقط**ع يده ‪ ،‬فإن**ه ال‬
‫يسرق وبذلك حفظ للناس أموالهم ‪.‬‬

‫أعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫من { نماذج من اإلعجاز التشريعي }‬
‫‪93‬‬

‫‪ 3‬كذل*ك عندم*ا ش* *ر*ع عقوب*ة ا **لزن*ا و*ه*يمائ*ة ج*لدة ل**غيـر ا***لمتزو**ج‬


‫ك**مـا ق **ا **لت* **ع**ا***لـى ‪ :‬ا **لَّاز* ِ*ني ُة و *ا **لَّاز* ِ‬
‫*ني‪ ....‬س **ور*ة ا***لنور‬
‫َ َ‬
‫‪‬والرجم حتى الموت للمتزوج رجالً كان أو أنثى من باب الردع‪.‬‬
‫‪4 ‬وكذل **ك عندم **ا شرع عقوب **ة الخم **ر الجل **د ثماني **ن‬
‫جلدة ليحف* **ظ العق* **ل‪ ،‬يقول الرس* **ول ‪"‬إذا شرب إنس* **ان‬
‫الخم*ر فاجلدوه ثماني*ن جلدة ‪ ،‬إذا شرب س*كر ‪ ،‬إو ذا س*كر‬
‫هذى ‪ ،‬إو ذا هذى افترى ‪ ،‬وحد المفتري ثمانون”‬
‫‪‬ك* **ل هذه األحكام والحدود عقوبات تمن* **ع ص* **احبها أ* **ن‬
‫يرتكبها‬
‫أعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫‪  ‬الوجه الثالث‪ :‬اإلعجاز العلمي‬
‫‪94‬‬
‫‪  ‬لق**د ح**ث اإلس**الم عل**ى العل**م والتعل**م ‪ ،‬فآيات القرآ**ن‬
‫األول **ى ف **ي النزول تأم **ر باس **تخدام القل **م وتشج **ع عل **ى‬
‫الق ارء*ة وذل*ك لم*ا للقل*م والق ارء*ة م*ن أهمي*ة ف*ي حياة األم*م‬
‫والشعوب ‪.‬‬
‫ان‬ ‫*‬
‫س‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫ِأْل‬‫ا‬ ‫*‬
‫ق‬ ‫َ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫خ‬
‫َ‬ ‫*‬
‫ق‬ ‫َ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫خ‬‫َ‬ ‫ي‬ ‫ذ‬‫ِ‬ ‫َّ‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫*‬
‫ك‬ ‫َ‬ ‫ب‬‫ر‬
‫ِّ‬ ‫م‬‫ِ‬ ‫*‬‫س‬ ‫ا‬‫ب‬‫ِ‬ ‫ْأ‬
‫ر‬ ‫ق‬
‫ْ‬ ‫ا‬‫‪‬‬ ‫‪:‬‬ ‫*ى‬ ‫ل‬‫تعا‬ ‫قال‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬
‫َ َ‬ ‫َ ْ َ‬
‫ان‬ ‫*‬‫س‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫ِأْل‬ ‫ا‬ ‫*‬ ‫م‬ ‫َّ‬
‫ل‬ ‫ع‬ ‫*‬‫م‬ ‫ِ‬ ‫َ‬‫ل‬‫ق‬‫َ‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫ا‬ ‫ِ‬
‫ب‬ ‫*‬‫م‬ ‫َّ‬
‫ل‬ ‫ع‬ ‫ي‬ ‫ذ‬‫ِ‬ ‫َّ‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫*‬‫م‬ ‫ر‬‫ك‬‫ْ‬ ‫اَأْل‬ ‫*‬‫ك‬ ‫ب‬‫ر‬
‫ُّ‬
‫َ ََ َ‬ ‫و‬ ‫ْأ‬
‫ر‬ ‫ق‬
‫ْ‬ ‫ا‬ ‫*‬ ‫ٍ‬
‫ق‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ع‬ ‫*‬‫ن‬ ‫ِ‬
‫م‬
‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َُ‬ ‫ْ َ‬
‫ما لَم يعلَم‪ ‬العلق ‪5-1‬‬
‫َ ْ َْ ْ‬
‫(‬

‫ين*** ال‬ ‫ذ‬‫ِ‬ ‫َّ‬


‫ل‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫ون***‬ ‫م‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ع‬ ‫ي‬ ‫ين***‬ ‫ِ‬
‫ذ‬ ‫َّ‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫ِ‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫*‬ ‫*‬ ‫س‬ ‫ي‬ ‫ل***‬‫ْ‬ ‫ه‬ ‫*‬ ‫*‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫ق‬
‫ُ‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬
‫َ َْ ُ َ َ َ‬ ‫َ َْ‬ ‫******ى‬‫ل‬ ‫تعا‬ ‫قـال‬
‫)‬
‫َي ْعلَ ُمون‪ ‬الزمر ‪. 9‬‬
‫(‬

‫أعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫األدلة على طلب العلم والتعلم‬
‫‪95‬‬

‫‪ ‬وجع*ل الح*ق تبارك وتعال*ى شهادة العلماء م*ع شهادت*ه‬


‫وشهادة المالئك*ة* المالئك*ة ف*ي اإلقرار بالوحدانيـة هلل* فـي‬
‫الماَل ِئ َك ُة*‬‫و‬
‫َ َ َ‬‫و‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫اَّل‬‫ِإ‬ ‫*‬
‫ه‬
‫َ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ِإ‬ ‫اَل‬ ‫*‬
‫ه‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫َأن‬ ‫*‬
‫ُ‬‫هلل‬ ‫ا‬ ‫د‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫ه‬ ‫ش‬
‫اإللوهي*ة والربوبي*ة‪َ ‬‬
‫يم ‪‬‬ ‫يز الح ِ‬
‫ك‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ز‬ ‫الع‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫اَّل‬‫ِإ‬ ‫*‬
‫ه‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ِإ‬ ‫اَل‬ ‫ِ‬
‫ط‬ ‫*‬
‫س‬ ‫ِ‬
‫الق‬‫ب‬‫ِ‬ ‫*ا‬
‫م‬ ‫ِئ‬ ‫ا‬‫ق‬
‫َ‬ ‫*‬
‫م‬ ‫ِ‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫الع‬ ‫َوُأولُ*و‬
‫َ ُ‬ ‫َُ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫{آل عمران‪}18:‬‬

‫‪ ‬قال ‪" : ‬طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة"‬


‫‪  ‬عن أبي الدرداء‪ ‬قال ‪" : ‬م*ن س*لك طريقاً يبتغ*ي‬
‫سهل اهلل له طريقاً إلى الجنة" (حسنه الترمذي) ‪.‬‬
‫فيه علماً َّ‬

‫أعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫من { اإلعجاز العلمي }‬
‫‪96‬‬

‫‪‬أ‪ -‬تعريف اإلعجاز العلمي ‪:‬‬


‫‪‬هو ما يتعلق بإشارة القرآن في كثير من آياته إلى‬
‫حقائ**ق علمي**ة ثابت**ة كش**ف عنه**ا العل**م الحدي**ث ‪،‬‬
‫ووافق**ت أحدث م**ا انته**ى إلي**ه الكش**ف العلم**ي ف**ي‬
‫هـذا العص**ر ‪،‬م**ع أنه**ا كان**ت مجهول**ة ف**ي عص**ر‬
‫النبوة وما بعده لقرون عديدة‪.‬‬

‫أعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫الضوابط العلمية المنهجية لإلعجاز العلمي ‪:‬‬
‫‪97‬‬

‫البد لمن أراد أن يفسر اآلية تفسي ارً علميا أن يتخذ الضوابط اآلتية ‪:‬‬
‫كتاب‬ ‫‪ -1‬اعتقاد أ**ن القرآ**ن كتاب هداي**ة و رشاد أوالً ولي**س‬
‫إ‬
‫علوم وكونيات ‪.‬‬
‫‪ -2‬عدم اإلفراط والتفري**ط عن**د النظ**ر ف**ي اآليات الكوني**ة ‪،‬‬
‫واالكتفاء بالحقائ * **ق العلمي * **ة ال بالنظريات والفرضيات ف * **ي‬
‫االستدالل‪.‬‬
‫‪ -3‬الوقوف عل **ى مرون **ة األس **لوب القرآن **ي ف **ي توضي **ح‬
‫المضامين العلمية بحيث يحتمل ذلك األسلوب وجوهاً من التأويل‬
‫أعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫من { الضوابط العلمية المنهجية لإلعجاز العلمي }‬
‫‪98‬‬

‫‪ -4‬عدم حص*ر دالل**ة اآلي*ة القرآني*ة عل*ى الحقيق*ة الواحدة ‪ ،‬ب*ل‬


‫إبقاء اآلية مفتوحة الداللة بحيث تحتمل كل ما يتفق مع معناها‬
‫‪ -5‬اليقي**ن باس**تحالة التص**ادم بي**ن الحقائ**ق القرآني**ة والحقائ**ق‬
‫العلمية‬
‫‪ -6‬اتباع المنه*ج القرآن*ي ف*ي طل*ب المعرف*ة م*ن خالل النظ*ر ف*ي‬
‫اآليات الرباني*ة ف*ي الكون والنف*س واآلفاق والتعرف عل*ى س*نن اهلل‬
‫في هذا الوجود ‪.‬‬
‫‪ -7‬اإلعجاز العلم**ي ُيثب**ت عالمي**ة رس**الة القرآ**ن الكري**م‪ ،‬وذل**ك‬
‫ألن القرآن يدعو الناس في كل عصر لدين اهلل ‪.‬‬
‫أعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫أمثلة على التفسير العلمي‬
‫‪99‬‬

‫ش َر* ْح*‬ ‫ي‬ ‫*‬ ‫*‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫د‬‫ِ‬


‫َأن َي* * ْه* َ ُ َ ْ‬
‫*‬ ‫*‬ ‫‪1‬ق **ا **لت* **ع**ا***لى‪ :‬فَ* َم ْن ُي * *ِرِد ا***لَّ ُه** ْ‬
‫ض* * ِّيقاً‬ ‫*‬ ‫ه‬
‫*‬‫ر‬ ‫د‬ ‫*‬ ‫*‬
‫ُ َ ْ َْ َ ْ َ ُ َ‬‫ص‬ ‫ل‬‫ع‬‫ج‬ ‫*‬ ‫*‬‫ي‬ ‫*‬‫ه‬ ‫َّ‬
‫ل‬ ‫ِ‬
‫ض‬ ‫*‬ ‫*‬ ‫ي‬ ‫َأن‬ ‫د‬‫ر‬ ‫ِ‬ ‫*‬ ‫*‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫*‬‫و‬ ‫*‬
‫م‬ ‫ِ‬ ‫ال‬ ‫س‬ ‫ِإل‬‫ل**‬ ‫ِ‬ ‫ص ْد َر*هُ*‬
‫ْ َ َْ ُ ْ ْ ُ‬ ‫َ‬
‫س* َماء‪( ‬ا* *ألنع**ام* ‪ )125‬أ*ثب**ت‬ ‫ص* َّع * ُد ِف* * * يا***ل َّ‬‫َح*َرجاً َك * ََّأن َم**ا َي* * َّ‬
‫ا***لعل* *م* ح*ديث **ا ن **ق **صأوكس **جين ا***له*واء ف*******يطبقاتا***لج **و‬
‫ا***لعلي **ا ح*ي **ثإ **ن ا***لص **اعد ي **شع****ر ب* **ص **ع**وبة و*ضي **قف * * **ي‬
‫ا***لتنف*سو*ا* *آلي*ة ا***لقر*آني*ة ص * *ر*حتب * *ه*ذه* ا***لظاهرة من*ذ ز*م*ن‬
‫ب* **عي**د ‪ ،‬و**هذا ي* **دعون**ا إ***لىا* *إليمان ا **لار**س**خ ب* **أن م**ا ج*اء‬
‫ى‬‫محمد إ*ن هو إ **ال و*حيي* **وحىعلمه* ش **ديد ا***لقو* ‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫ب * *ه*‬
‫أعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫أمثلة على التفسير العلمي‬
‫‪100‬‬

‫الد ُهَّ* *ن َح*ْولَ ْي ِن*‬


‫*‬
‫و‬ ‫َأ‬ ‫*‬
‫ن‬ ‫ع‬‫ض‬‫ِ‬ ‫ر‬ ‫*‬ ‫*‬ ‫ي‬ ‫*ت‬ ‫ا‬ ‫د‬
‫*ل‬‫ِ‬
‫‪ 2‬ق***ا **لت* **ع**ا* *ل*ى‪َ  :‬و *ا *ْ َ*لوا * َ ُ ُ ْ ْ َ ْ َ‬
‫اعة***َ*‪( ‬ا***لبقر*ة ‪. )233‬‬ ‫ض‬ ‫ر‬
‫*ل‬
‫َّ‬ ‫*‬ ‫ا‬ ‫*‬ ‫*‬ ‫*‬‫م‬‫َّ‬ ‫ِ‬
‫ت‬ ‫*‬ ‫*‬ ‫ي‬ ‫*‬ ‫*‬‫َأن‬ ‫اد‬
‫َأر‬ ‫*‬ ‫*‬‫ن‬ ‫م‬ ‫ِ‬
‫ل**‬ ‫ِ‬
‫ن**‬ ‫ي‬ ‫ِ‬
‫َك * ْ‬
‫َ‬‫ل‬ ‫ام‬
‫َ َ‬ ‫َْ ََ ْ ُ‬
‫ا **لرضاع*ة أوجبه**ا ا***هلل* س* **بحانه* عل*ىا **ألم* أل**طفا **له**ا ح*فاظاً‬
‫عل*ى ا **ألطفا **لم*ن ا***لناحي*ة ا***لجس*دية و*ا * *لنفس*ية و*ا* **لعقلي*ة ف* * *ق*د‬
‫ت* **حدثا***لط****با***لحدي* **ثع* **ن مقارن* **ة ب* **ي****ن ا **إلرضاع ا***لط* **بيعي‬
‫و*ا* **لحليبا***لصناعي و*ذكر ا* *آلتي‪-:‬‬
‫‪ 1‬أ**ن مميزا**تا***للب**ن ا***لط**بيعيأ*ن*ه* ي **تناس**بم*ن ي* **وم* آل**خ**ر‬
‫عن**د ا **ألم* م*ع* ح*اج**ة ا***لطف**ل عل**ىمدار ا***لع**امي**ن ا **لذيي* **رض *ع*‬
‫أعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬
‫ف * **يه*ا ا***لطفل ‪.‬‬
‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫من { أمثلة على التفسير العلمي }‬
‫‪101‬‬

‫‪ - 2‬أ*شار ا **ألطباء إ***لىأ*همي**ة إرضاع ا***لطف**ل م*ن أ*م*ه* و*خاص**ة‬


‫ف * **يا* *أليام* ا **ألول*ىمن و*الدت*ه* أل**ن ا***لب*ن ف * **يهذه* ا***لفتر*ة ي **حتو*يعل*ى‬
‫عناص**ر و*مو*اد ل**ه**ا دخ**ل ك **بير ف* * **يت* **كوي**ن ا***لمناع**ة م*ن ا **ألمرا**ض‬
‫عند ا***لطفل ‪.‬‬
‫‪ - 3‬إ **ن ح*لي **با **ألم* ال * ي **حتاج إ***ل*ى ت* **عقي* *م* و*ال ت* **عل **قب******ه*‬
‫ا***لجرا**ثي*م* ب* **ينم*ا ا***لحلي*با***لص*ناعيف* * *ه*و عرض*ة من خ*ال**لأ*يإ*س*اءة‬
‫ف * **يا*ستعما **لا* *ألدو*ا*ت‪.‬‬
‫‪‬‬
‫‪ ‬‬
‫أعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫من { أمثلة على التفسير العلمي }‬
‫‪102‬‬

‫‪ -4‬لب**ن ا **ألم* أ*س**هل ف* * **يا***لهض *م* عل**ى ا***لطف**ل م*ن ا***للب**ن‬


‫ا***لصناعيب* **ينم*ا ا***للبن ا***لصناعيي **حتاج هضم*ه* من ث* **الثإ***لى‬
‫ت‬
‫أربع* س **اعا ‪.‬‬
‫‪‬هذا باإلضاف * **ة لهذه األنواع م * **ن اإلعجاز يوج** **د أنواع‬
‫أخرى منه**ا ‪ :‬اإلعجاز التاريخ**ي ‪ ،‬واإلعجاز األخالق**ي ‪،‬‬
‫واإلعجاز النفس************ي والروح************ي ‪ ،‬واإلعجاز التربوي ‪،‬‬
‫واإلعجاز بأخبار الغيب والم*ستقبل وغير ذلك‬

‫أعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫‪103‬‬

‫أعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫تفسير مقاطع من سورة اإلسراء‬
‫‪104‬‬

‫‪ ‬‬
‫‪‬تتكون من ثالثة مقاطع ‪:‬‬
‫‪ *‬مقاصد وأهداف سورة اإلسراء ‪.‬‬
‫‪ *‬المقطع األول ‪ :‬حق اهلل تعالى مقروناً بحق الوالدين ‪.‬‬
‫‪ *‬المقطع الثاني ‪ :‬حق ذوي القربى واالقتصاد في اإلنفاق ‪.‬‬
‫‪ *‬المقطع الثالث ‪ :‬دعائم المجتمع اإلسالمي من الداخل‪.‬‬

‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫مقاصد وأهداف سورة اإلسراء‬
‫‪105‬‬

‫‪‬مدخل إلى سورة اإلسراء ‪:‬‬


‫‪ 1‬ت* **سمية س **ور*ة ا **إلسر*اء ت* **سمية ت* **وق*يفية عن ر**سول ا***هلل ‪.‬‬
‫‪ 2‬س **ور*ة ا **إلسر*اء من ا***لسور ا***لمكية ا***لتيت* **هتم* ب* **شئون ا***لعقيدة‬
‫و*أ*ص * **ول ا* *إليمان ش **أنه * **ا ك**شأن س*******ائر ا***لس * **ور ا***لمكي * **ة‪ ،،‬ت* **ع**رف‬
‫ا***لمس **لمين عل **ىأ*س **ماء ا***هلل* * و*ص **فاته* و*و*جوبت * *و*حيده* و*عبادت* *ه*‬
‫و*ا* *إليمان ب* **ا* *لن******بيمحم******د ‪ ‬و*ا* *إليمان ب* **ا **لغي******بو*ا * *لبع******ثو*ا * *لنشور‬
‫و*ا* **لحسابو*ا* **لجز*اء و*ا* **لجنة و*ا * *لنار‪.‬‬
‫‪3‬ا***لعنص* **ر ا***لبارز ف********يهذه* ا***لس* **ور*ة ا***لكريم* **ة ه **و "ش **خص* **ية‬
‫ا **لرس*ول" ‪ ‬و*م*ا أ*يده* ا***هلل* ب****ه* من ا***لمعجزا**تا***لباهرة ‪ ،‬و*ا* **لحج*ج ا***لس*اطع**ة‬
‫‪ ،‬ا **لدا **لة على ص **دقر**سا* *لته* عليه* ا***لسالم*‬
‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫مقاصد وأهداف سورة اإلسراء‬
‫‪106‬‬

‫‪ 1‬ت* **ع**رض **تس* * **ور*ة ا **إلس***ر*اء ل**معجز*ة ا **إلس***ر*اء ‪،‬‬


‫ا***لت*يك**ان*تمظه* ارً م*ن مظاه*ر ا***لتكري*م* ا **إلله*يب* **محم*د ‪‬‬
‫و**آي**ة ب* **اهرة ت* **دل عل**ى ق **در*ة ا***هلل * ع **ز و*ج **ل ف**يص * **نع*‬
‫ا***لخو*ارق‪ ،‬ف * **إن ق* *ط*ع* مس*افة طويل*ة ت* **حتاج إ***لىش* *ه*ري*ن‬
‫*مر معج*ز خ*ارقل**لع**ادة ف* * **ي‬ ‫ٌ‬ ‫أ‬ ‫‪،‬‬ ‫*حدة‬ ‫ا‬
‫*‬ ‫و‬ ‫ل**يل*ة‬ ‫*ن‬
‫م‬ ‫*ل‬ ‫*‬‫*ق‬
‫أ‬ ‫*ي‬‫*‬ ‫*‬ ‫*‬‫ف‬
‫ذل **ك ا***لحي**ن‪ ،‬ح*ي **ثل* * *م* ي* **وج **د س*****يا ار*تو*ال طائرا**تو*ال‬
‫مرا**ك **بف * **ضائي **ة ت* **قط* *ع* ف*******يس* * **اعة هذه* ا***لمس **افة‬
‫ا***لخيا* *لية‬
‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫من { مقاصد وأهداف سورة اإلسراء}‬
‫‪107‬‬

‫‪2‬ت* **حدث*تا***لس*ور*ة عن ب * *ن*يإ*س*را**ئيل‪ ،‬و*م*ا ك *ت*با***هلل عليه*م*‬


‫م******ن ا***لتشرد و*ا **لذل و*ا* **له*وا*ن ف***********يا **ألرضمرتي*******ن ‪ ،‬ب * *س*******بب‬
‫ف * **س*ادهم* و*طغيانه*م* و**عص*يانهم* أل *وا*م*ر ا***هلل* ع*ز و*ج*ل و*م*ا‬
‫ض ْي َن **ا ِإ َ *ل*ى َب * * ِن **ي‬
‫أ*نزل ب* **هـم* م**ن أ*نو*ا*ع ا***لعقـابو*ا * *لبـالء ‪َ ‬و*قَ* َ‬
‫ض َمَّرتَ ْي ِن َو*لَتَ ْعلَُّ *ن ُعلُّو*اً‬‫ا***لِكتَ ِاب َل**تُ ْف ِس * ُدَّن ِف* * * يا * ْ*َأْلر ِ‬
‫*ئيل ِف* * * ي ْ‬ ‫س *را* َ‬
‫ْ‬ ‫ِإ‬
‫اله َم*ا َب * * َعثْ َن*ا َعلَ ْي ُك ْم * ِعَباداً َل** َن*ا ُأوِل*ي‬ ‫َك * ِبيرا*ً فَ* * *ِإ َذا َج*ا َء* َو * ْع ُد ُأو* ُ‬
‫ِّي ِار َو* َك َان َو * ْعداً َم ْف ُع *و* ًال ‪...‬‬ ‫د‬‫*ل‬ ‫*‬ ‫ا‬‫*ل‬‫َ‬‫*‬‫ال‬ ‫*‬‫خ‬‫ِ‬ ‫ا‬
‫*‬‫و‬ ‫*‬‫س‬ ‫ا‬‫ج‬ ‫*‬ ‫*‬ ‫*‬‫ف‬
‫َ‬ ‫ٍ‬
‫يد‬ ‫ِ‬
‫د‬ ‫*‬ ‫*‬‫ش‬‫َ‬ ‫س‬ ‫ٍ‬ ‫َب * *ْأ‬
‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫‪.‬‬
‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫من { مقاصد وأهداف سورة اإلسراء}‬
‫‪108‬‬

‫‪ 3‬تحدث*تا***لس*ور*ة عن بع*ضا* *آلياتا***لكوني*ة ا***لعجيب*ة ا***لت*يت* **دل عل*ى‬


‫آيتَ ْيِن فَ* * * َم َح ْوَن*ا‬‫ا***لعظم*ة و*ا **لوحدا*ني*ة ق **ا **لت* **ع**ا **لى ‪َ ‬و* َج َع ْل َن*ا ا***لَّ ْيَل َو *ا * *لَّن َه*َار َ‬
‫ض ًال ِمْن َر*ِّب ُك ْم* َو*ِلتَ ْع َل ُمو*ا‬ ‫ص* َر*ةً ِل**تَ ْبتَ ُغ *وا فَ* * * ْ‬ ‫آي َة ا***لَّ ْيِل و*جع ْل َن*ا آي َة ا***لَّنه* ِار مْب ِ‬
‫َ ُ‬ ‫َ ََ َ‬ ‫َ‬
‫صي ًال‪. ‬‬ ‫ص ْل َناه* تَ * * ْف ِ‬ ‫س ِن َين و *ا* *ْ*لِحسابو* ُكَّل َ ٍ‬
‫ش* *ْيء فَ* * * َّ ُ‬ ‫ََ َ‬ ‫َع َد َد ا***ل ِّ َ‬
‫‪4‬ت* **حدث**تا***لس**ور*ة ع**ن ب* **ع**ضا* *آلدا*با **الجتماعي**ة و*ا **ألخالقا***لفاضل**ة‬
‫ا **لزكي **ة ا***لت **يي **نبغ **يأ **ن ي **تحل **ى ب* **ه **ا ا***لمؤم* *ن‪ ،‬ل**يكون هناك ا***لمجتم* *ع*‬
‫ا***لمثا* **ليا***لفاض*ل ف*****يأ*خالق*ه* و**آدا*ب*ه* و*مع**امالت*ه*‪ ،‬ا **لذيي **نشده* ا **إلس*الم*‬
‫س* * ِب ِيل َو *ال تُ * * َب ِّذْر تَ * * ْب ِذيرا*ً ِإَّ* *ن‬
‫س* * ِك َين َو *ا ْ*ب َن* ا***ل َّ‬
‫ْ‬
‫ا***لُقرب **ىح*قَّ ُه * * و *ا* *ْ*لِ‬
‫م‬ ‫َ‬ ‫َْ َ‬ ‫ْ‬ ‫ا‬ ‫ذ‬
‫َ‬ ‫آت‬‫‪‬و * ِ‬
‫َ‬
‫ط ُان ِل** َر*ِّب ِه* َك * ُفورا*ً‪. ‬‬ ‫اط ِين َو* َك َان ا***ل َّ‬
‫ش ْي َ‬ ‫شي ِ‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ا***ل‬ ‫*ن‬
‫َ‬ ‫ا‬‫*‬
‫و‬ ‫َ‬ ‫خ‬
‫ْ‬ ‫ِإ‬ ‫ا‬
‫*‬‫و‬ ‫ن‬
‫ُ‬ ‫ا‬ ‫*‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫ين‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫ر‬ ‫ِّ‬
‫ذ‬ ‫ا***لُم َب‬
‫ْ‬

‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫من { مقاصد وأهداف سورة اإلسراء}‬
‫‪109‬‬

‫‪ 5‬ت* **حدث* **تا***لس* **ور*ة ع **ن (ا***لبع* **ثو*ا * *لنشور) ا **لذيك**ث **ر ح*ول***ه*‬
‫ون َخ* ْلقاً َج* ِديداً‬ ‫ا***لجدا **ل‪َ ‬و*قَا *ُ*لوا َأِإ َذا ُك * َّن*ا ِع َ‬
‫ظاماً َو*ُر*فَاتاً َأِإ َّن*ا َل** َم ْب ُع *وثُ َ‬
‫ص********* ُد ِ‬
‫ور*ُك ْم*‬ ‫ي‬ ‫*******‬
‫*‬ ‫*‬ ‫*‬‫ف‬‫ُق* ْل * * ُك *وُنو*ا ِح*جار*ًة****** َأو ح* ِديداً َأو َخ* ْلقاً ِم َّم******ا ي* * ْكبر ِ‬
‫ُ‬ ‫َ ُُ‬ ‫ْ‬ ‫ََ ْ َ‬
‫َأول َمَّر*ٍة‪. ‬‬ ‫يد َنا ُق***ِل ا *َّ*لِذيفَ* * * َ‬
‫ط َرُك ْم* َّ َ‬ ‫ون َمْن ُي* * ِع ُ‬
‫س َي ُقولُ َ‬
‫فَ* * * َ‬
‫‪ 6‬ث*م* ت* **حدثا***لس*ور*ة عن ا***لقر*آ*ن ا***لعظي*م* ‪ ،‬معجز*ة ا***لن*بيمحم*د ‪‬‬
‫ا***لخا **لدة ‪ ،‬ف * * **بينتعج **ز ا* *إلن **سو*ا* **لج **ن ع**ن ا* *إلتيان ب* **مثل**ه* ‪ ،‬و*ذكرت‬
‫ت* **عن*تا***لمشركي*ن ف * **يا*ق*ترا**حاته*م* ا***لت*يعرضو*ه*ا عل*ىا***لن*بي‪ ‬ك**شرط‬
‫ض‬‫ل**إليمان ب****ه* ق **ا **لت* **ع**ا **لى ‪َ ‬و*قَا *ُ*لوا َل**ْن ُن* *ْؤ ِمَن َل** َك َح*تَّ*ىتَ * * ْف ُجَر َل** َن*ا ِمَن ا * ْ*َأْلر ِ‬
‫َأْل َه*َار ِخ*ال *َ*لَه*ا تَ * * ْف ِجيرا*ً‪. ‬‬
‫ون َل** َك َج* َّن ٌة ِمْن َن* * ِخ ٍيل َو *ِعَنٍبفَ* * *تُفَ ِّجَر ا* * ْن‬
‫َي* * ْن ُبو*عاً َْأو تَ * * ُك َ‬
‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫من { مقاصد وأهداف سورة اإلسراء}‬
‫‪110‬‬

‫‪ُ 7‬خـتمـتاــلسـورة اــلكريمـة بــتعظيـمـ هللاـــ تــعـاــلىوا ـإليمان‬


‫بــوجودهـ ووحداـنيتـهـ وتنزيهـهـ عناــلشركواــلزوجـة واــلولـد‬
‫‪ ،‬وتنزيههـ عنصــفاتاــلعجز واــلنقص‬
‫‪‬قال تعالــى ‪  :‬قُ ِلـا ْد ُعوا هَّللا َ َأ ِو ا ْد ُعوا ال َّر ْح َمـ َنـَأيّا ً َمــا‬
‫سنَى ‪. ...‬‬ ‫تَ ْد ُعوا فَلَهُ اَأْل ْ‬
‫س َما ُء ا ْل ُح ْ‬

‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫المقطع األول { حق هللا مقرونا ً بحق الوالدين ووجوب اإلحسان إليهما }‬
‫‪111‬‬

‫آخ َر فَتَ ْق ُع َد َم ْذ ُموما ً‬ ‫‪‬قال تعالى ‪ :‬ال تَ ْج َع ْلـ َم َعـ هَّللا ِ ِإلَها ً َ‬
‫نـــ‬
‫ِ‬ ‫ي‬
‫ْ‬ ‫د‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ل‬ ‫ا‬‫ِ‬ ‫ب‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫اهـــ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ي‬ ‫ال‬
‫ِإ ِإ‬ ‫وا‬ ‫د‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ب‬ ‫ع‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ال‬‫َأ‬
‫كـــ‬‫َ‬ ‫ب‬
‫ُّ‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫ـــى‬‫ض‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫ال‬ ‫و‬ ‫ُ‬
‫ذ‬ ‫َم ْخ‬
‫سـانا ً ِإ َّمـا يَ ْبلُ َغ َّنـ ِع ْن َد َكـ ا ْل ِكبَ َر َأ َح ُد ُه َمـا َأ ْو ِكال ُه َمـا فَال‬ ‫ِإ ْح َ‬
‫فــ َوال تَ ْن َه ْر ُه َمــا َوقُ ْلــلَ ُه َمــا قَ ْوالً َك ِريما ً‬ ‫تَقُ ْلــلَ ُه َمــا ُأ ٍّ‬
‫الذ ِّلــ ِم َنــ ال َّر ْح َم ِةــ َوقُ ْلــ َر ِّبــ‬ ‫احــ ُّ‬ ‫ضــلَ ُه َمــا َجنَ َ‬ ‫اخفِ ْ‬ ‫َو ْ‬
‫صــ ِغيراً َر ُّب ُك ْمــ َأ ْعلَ ُمــبِ َمــا فِــي‬ ‫ار َح ْم ُه َمــا َك َمــا َربَّيَانِــي َ‬ ‫ْ‬
‫ان ـلَِأل َّوابِين َـ‬ ‫يـن فَِإنـ َّـهُ َك َ‬ ‫ص ـالِ ِح َ‬ ‫وس ـ ُك ْم ِإ ْن ـتَ ُكونُـــوا َ‬ ‫نُفُ ِ‬
‫َغفُوراً‪( ‬اإلسراء ‪. ) 25-22‬‬
‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫‪‬اإلسراء ‪22‬‬ ‫‪‬ال تَ ْج َع ْل َم َع اللَّ ِه ِإلَهاً آ َخ َر فَتَ ْق ُع َد َم ْذ ُموماً َم ْخ ُذوالً‬
‫‪112‬‬

‫ثانيا ً ‪ :‬المعنى اإلجمالي ‪:‬‬


‫بدأـت هذه اآليات بالتركيـز علـى قضيـة التوحيـد والنهـي عـن الشرـك‪،‬‬
‫فجاء الخطاب للنـــبي ‪ ‬ولكـــل فرـد مـــن أفراد األمـــة‪ ،‬وذلـــك ألـــن‬
‫االعتقاد مسألة شخصية ‪ ،‬مسئول عنها كل فرد بذاته ‪.‬‬
‫‪ ‬المعنـى ‪:‬ال تجعـل مـع هللا الذي خلقـك ورزقـك إلها ً آخـرـ فتكـن بذلـك‬
‫مذموما ً مـن هللاـ تعالـى والمالئكـة والناس أجمعيـن ومخذوالً مـن هللاـ‬
‫حيث عبدت غيره مـن الشريك ‪ ،‬ألنه ال يملـك نفعا ً وال ضراً وقد حكـم‬
‫هللاـ تعالـى حكما ً ال نقـض فيـه وال رـجوع ‪ ،‬وهـو أـن تعبدوا هللاـ وحده‬
‫ال شريك له ‪ ،‬إذ هو القاهرـ فوق عباده وهو الحكيم الخبير ‪.‬‬
‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫ضى َر ُّب َك َأال تَ ْعبُ ُدوا ِإال ِإيَّاهُ َوبِا ْل َوالِ َد ْي ِن ِإ ْح َ‬
‫سانا ً‬ ‫قال تعالى‪َ ‬وقَ َ‬
‫‪113‬‬

‫‪‬أ*ي أم*ر وحك*م اهلل* تعال*ى بأن تحس*نوا إل*ى الوالدي*ن إحس*اناً‬
‫كامالً ف**ي الرعاي**ة والعناي**ة والمعامل**ة‪ ،‬إحس**اناً لي**س بعده‬
‫إحس***ان‪ ،‬م***ع المودة والعط***ف وال عج***ب فهم***ا أول م***ن‬
‫يعط **ف عل **ى األبناء عطفاً عزي ازً‪ ،‬وه **م ف **ي أش **د الحاج **ة‬
‫إليه*م ‪ ،‬فم*ن المروء*ة أ*ن ُيرد الجمي*ل‪ ،‬ال أقول بأحس*ن من*ه‬
‫‪ ،‬فلي **س هناك جمي **ل يوازي عملهم **ا ‪ ،‬ولهذا نرى القرآ **ن‬
‫جم**ع بي*ن األم**ر بعبادة اهلل* واألم**ر باإلحس**ان إليهم**ا وف**ي‬
‫ش ُك ْر ِل* **ي َوِل َو ِال َد ْي َك * * ِإلَ َّي* *‬ ‫آي* **ة أخرى يقول تعال***ى‪ِ ‬‬
‫َأن * * ا ْ‬
‫الم ِ‬
‫صير ‪{ ‬لقمان‪}14:‬‬
‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫َ ُ‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫قال تعالــى‪ِ ‬إ َّمـا يَ ْبلُ َغ َّنـ ِع ْن َد َكـ ا ْل ِكبَ َر َأ َح ُد ُه َمـا َأ ْو ِكال ُه َمـا فَال‬
‫ه َما قَ ْوالً َك ِريما ً ‪‬‬ ‫ف َوال تَ ْن َه ْر ُه َما َوقُ ْل لَ ُ‬
‫‪114‬‬ ‫تَقُ ْل لَ ُه َما ُأ ٍّ‬
‫‪ ‬كلمة (عندك) تفيد معنى االلتجاء واالحتماء في حالة الكبر والضعف‬
‫‪‬الخطـاب فـي هـذه اآليـة للنبـي ‪ ‬والمراد أمتـه ‪ ،‬إ*ذ لـم يكـن ل*ه ‪ ‬ف*ي‬
‫ذلك الوقت أبوان‪.‬‬
‫‪ ‬إذا بل*غ الوالدان أ*و أحدهم*ا س*ن الك*بر‪ ،‬أ*و ص*ا ار ف*ي حال ضع*ف وعج*ز‪،‬‬
‫فعلى الولد واجبات خمسة‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪1‬أ **ال ت* **قول ل**هم**ا { أ ّ*ف}‪ :‬إ**ن «أ *ف» ا*س *م* ف * **ع**ل مضارع و*معناه*‬
‫أ*تضج**ر‪،‬و*ا* **لمعن**ى ال * ت* **س**معهما أدن**ىمرا**ت**با***لقول ا***لس**يئ‪ ،‬ب* **تو*جي*ه*‬
‫ك**لم*ة إ*يذاء مكون*ة من ح*رف*ي*ن‪ ،‬ت* **دل عل*ىا***لتضج*ر و*ا* **لمضايق*ة ف * **تل*ك‬
‫ا***لكلم**ة ا***لص**غير*ة ذا*تإ*س**اءة ب* **ا **لغ* **ة‪ ،‬ح*ت**ىو*ل**و ص * **در منهم**ا م*ا‬
‫ي **ضايق‪.‬‬
‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫قال تعالى‪ِ ‬إ َّما يَ ْبلُ َغ َّن ِع ْن َد َك ا ْل ِكبَ َر َأ َح ُدهُ َما َأ ْو ِكالهُ َما فَال تَقُ ْل لَ ُه َما ُأ ٍّ‬
‫ف َوال‬
‫تَ ْن َه ْرهُ َما َوقُ ْل لَ ُ‬
‫ه َما قَ ْوالً َك ِريما ً ‪‬‬
‫‪115‬‬

‫‪ {2‬الـ تــنهـرهما }‪ :‬بــفعلقــبيح‪ ،‬واــلمراد اــلمنعـ منذلك ‪.‬‬


‫‪‬االنتهار‪ :‬إظهار الغضب في الصوت واللفظ والزجر والغلظة‬
‫‪‬التأفـف إظهار الغضـب بدون غلظـة وزجـر عـن طريـق التأفف‪.‬‬
‫هو الكالم الرديء الخفي‪ ،‬ويراد به المنع منه‪.‬‬
‫‪ {3‬وقـللــهما قــوال كـريما‬
‫‪‬القول الكري*م‪ :‬ه*و ك*ل قول يدخ*ل الس*رور عل*ى الوالدي*ن فال يرف*ع‬
‫أمامهما عيناً ‪ ،‬وال يرفض لهما أم ارً‪.‬‬
‫‪‬قال عطاء‪ :‬القول الكري**م اللي**ن مث**ل أ**ن يقول االب**ن لهم**ا‪ :‬ي**ا أبتاه وي**ا‬
‫أماه من غير أن يسميهما أو يكنيهما‪.‬‬
‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫قال تعالى‪ِ ‬إ َّما يَ ْبلُ َغ َّن ِع ْندَكَ ا ْل ِكبَ َر َأ َح ُد ُه َما َأ ْو ِكال ُه َما فَال تَقُ ْل لَ ُه َما ُأ ٍّ‬
‫ف َوال تَ ْن َه ْر ُه َما َوقُ ْل لَ ُه َما‬
‫ص ِغيراً ‪‬‬ ‫ار َح ْم ُه َما َك َما َربَّيَانِي َ‬ ‫اح ُّ‬
‫الذ ِّل ِم َن ال َّر ْح َم ِة َوقُ ْل َر ِّب ْ‬ ‫ض لَ ُه َما َجنَ َ‬ ‫اخفِ ْ‬ ‫قَ ْوالً َك ِريماً َو ْ‬
‫‪116‬‬

‫‪ 4‬وتواـضـعـ لــهمـا بــفعلـككـحا ـلاــلطائـر إذا ضــمـ إليـهـ فـــرخـهـ‪ ،‬وأــلن‬


‫اــلجانـبلــهمـا‪ ،‬وقـفمعهمـا موقـفاــلخاشـعـ اــلمتذلـل‪ ،‬فـــيخفـضلــهـ جـناحـهـ‪ ،‬وينبغـي‬
‫بــحكـمـ هذهـ ا ـآليـة أـنيــجعـلا ـإلنسـاننــفسـهـ مـعـ أـبويـهـ فـــيحـاــلذلّـة‪ ،‬فـــيأـقواــلهـ‬
‫وسـكناتهـ ونظرهـ‪ ،‬رحمـة بــهمـا وشفقـة عليهمـا‪ ،‬تــنبـعـ تــلـكاــلرحمـة مـناــلنفـس‪،‬‬
‫الـ منأـجلاـمتثا ـلاــألمر‪ ،‬وخوفاــلعـار واــلنقد فـــقط‪.‬‬
‫‪ 5‬واـطلـبلــهمـا اــلرحمـة منهللاـــ فـــيحـا ـلاــلكـبرـ بــعــد اــلوفاة‪ .‬وهذا دليـل‬
‫علـىأـنبــر اــلواــلديـنالـ يــكونبــا ـألقوا ـلفـــقـط‪ ،‬بـــلبــا ـألفـعـا ـلأـيضـا‪ ،‬وهـو اــلدعاء‬
‫لــهما بــاــلرحمة اــلجامعـة لــكلاــلخيراـتفـــياــلدينواــلدنيا‪ ،‬وليقلاــلولد فـــيدعائهـ‪:‬‬
‫صــ ِغيراً }أــي أفــض عليهمــا فيــض الرحمات‪،‬‬ ‫ار َح ْم ُهمــا َكمــا َربَّيانِــي َ‬
‫‪َ {‬ر ِّبــ ْ‬
‫كالرحمة التي شملتني‬

‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫ض لَ ُه َما َجنَ َاح ُّالذ ِّل ِم َن ال َّر ْح َم ِة َوقُ ْل َر ِّب ْار َح ْم ُه َما َك َما َربَّيَا ِني َص ِغيراً ‪‬‬ ‫‪َ ‬و ْ‬
‫اخفِ ْ‬
‫‪117‬‬

‫ـيصـــ ِغيراً) اــلدعاء لــلواــلديـنواــلتوجـهـ إلىهللاـــ‬ ‫‪َ (‬وقُـ ْل َر ِّـب ْ‬


‫ار َح ْم ُه َمـا َكـ َمـا َربَّيَانِ َ‬
‫تــعـاــلىأـنيــرحمهما ‪ ،‬فـــرحمة هللاــ أوسعـ ورعاية هللاــ أـشمل‬
‫‪ ‬خـص التربيـة بالذكـر ليتذكـر اإلنسـان شفقـة الوالديـن وتعبهمـا فـي التربيـة ‪،‬‬
‫فيزيد ذلك إشفاقا ً وحنانا ً عليهما ‪.‬‬
‫‪ ‬قال القفال رحمـه هللاـ تعالـى‪ :‬إنـه لـم يقتصـر فـي تعليـم الـبر بالوالديـن علـى تعليـم‬
‫األقوال ‪ ،‬بـل أضاف إليـه تعلـم األفعال ‪ ،‬وهـو أـن يدعـو لهمـا بالرحمـة فيقول ‪:‬‬
‫(رب ارحمهمـا) ولفـظ الرحمـة جامـع لكـل الخيرات فـي الديـن والدنيـا ‪ ،‬ثـم يقول ‪:‬‬
‫(كمـا ربيانـي صـغيراً) يعنـي رب افعـل بهمـا هذا النوع مـن اإلحسـان كمـا أحسـنا‬
‫إل َّي في تربيتهما إياي‪.‬‬
‫‪  ‬قال ‪" : ‬إذا مات ابـن آدم انقطـع عملـه إال مـن ثالث ‪ :‬صـدقة جاريـة ‪ ،‬وعلـم‬
‫ينتفع به ‪ ،‬وولد صالح يدعو له" ‪.‬‬
‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫صـ ِغيراً َر ُّب ُك ْمـ َأ ْعلَ ُمـ بِ َمـا ِفـي نُفُو ِ‬
‫سـ ُك ْم ِإ ـْن‬ ‫ار َح ْم ُه َمـا َك َمـا َربَّيَانِـي َ‬
‫ب ْ‬‫َوقُ ْلـ َر ِّـ‬
‫ين َغفُوراً‪‬‬ ‫ان لَِأل َّوابِ َ‬
‫يـن فَِإنـَّهُ َك َ‬
‫صالِ ِح َ‬ ‫تَ ُكونُـوا َ‬
‫‪118‬‬

‫‪ *‬والمعن*ى ‪ :‬أ*ن اهلل* ق*د أمرك*م ف*ي هذه اآلي*ة بإخالص العبادة ل*ه‬
‫تعال*ى وباإلحس*ان إل*ى الوالدي*ن‪ ،‬وال يخف*ى علي*ه م*ا تضمرون*ه ف*ي‬
‫نفوس * **كم م * **ن اإلخالص ف * **ي الطاع * **ة وعدم اإلخالص فيهم * **ا ‪،‬‬
‫فاعلموا أ**ن اهلل* تعال**ى مطل**ع عل**ى م**ا ف**ي نفوس**كم ب**ل ه**و أعل**م‬
‫بتلك األحوال منكم بها ‪.‬‬
‫ين* *‬
‫َ‬ ‫ب‬‫ِ‬ ‫ا‬
‫َألو‬
‫َّ‬ ‫ِ‬
‫ل‬ ‫‪ ‬الحكم **ة م **ن خت **م اآلي **ة بهذه الفاص **لة ‪ِ‬إ َّنـ ُه َك َ‬
‫ان* *‬
‫َغفُو ارً‪ : ‬ليفت*ح باب التوب*ة والرحم*ة لم*ن يخط*ئ أ*و يقص*ر ف*ي‬
‫حق اهلل تعالى ويقصر في حقوق الوالدين ‪ ،‬ثم يرجع فيتوب ‪.‬‬
‫‪ ‬األوابون هم الذين كلما أخطأوا عادوا إلى ربهم مستغفرين‪.‬‬ ‫ّ‬
‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬
‫العبر والعظات المستفادة من النص ‪:‬‬
‫‪119‬‬

‫‪ -1‬التنبيه على منزلة اآلباء ‪:‬‬


‫‪‬أمــر هللاـ – ســبحانه وتعالــى – بعبادتــه وتوحيده وجعــل بر‬
‫الوالديــن مقرونا ً بذلــك ‪ ،‬كمــا قرن شكرهمــا بشكره فقال ‪:‬‬
‫سـانا ً‪ ‬وقال‬ ‫ضى َر ُّب ـَك َأال تَ ْعبُ ُدوا ِإال ِإيـَّاهُ َوبِا ْل َوالِ َد ْي ِنـ ِإ ْح َ‬ ‫‪َ ‬وقَ َـ‬
‫)‬
‫صي ُر‪( ‬لقمان ‪14‬‬ ‫‪َ‬أ ِن ا ْ‬
‫ش ُك ْر لِي َولِ َوالِ َد ْيكَ ِإلَ َّي ا ْل َم ِ‬
‫‪‬عـن عبـد هللاـ قال ‪" :‬سـألت النـبي ‪ ‬أـي العمـل أحـب إلـى هللاـ‬
‫عـز وجـل ؟ قال ‪ :‬الصـالة لوقتهـا ‪ ،‬قلـت ‪ :‬ثـم أـي ؟ قال ‪ :‬ثـم بر‬
‫الوالديــن ‪ ،‬قلــت ثــم أــي ؟ قال ‪ :‬الجهاد فــي ســبيل هللا ـ ‪"...‬‬
‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬
‫(البخاري ) ‪.‬‬
‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫التنبيه على منزلة اآلباء‬
‫‪120‬‬

‫‪ ‬عـن عبـد هللاـ بـن عباس ‪ {‬ثالث آيات مقرـونات بثالث‪ ،‬وال تقبـل‬
‫واحدة بغيـر قرينتـه { وأطيعوا هللاـ وأطيعوا الرسـول }[التغابـن‪ ،]12:‬فمـن‬
‫أطاع هللا ـ ولــم يطــع الرســول لــم يقبــل منــه و{ أقيموا الصــالة وآتوا الزكاة}‬
‫[البقرة‪ ،]43:‬فمـن صـلى ولـم يزكِّـ لـم يقبـل منـه‪ { ,‬أـن اشكـر لـي ولوالديـك}‬
‫[لقمان‪ ،]14:‬فمن شكر هلل ولم يشكر لوالديه لم يقبل منه‪.‬‬
‫ي ال َع َم ِلـ‬‫‪ ‬روى البخاري بسـنده عـن ابـن عمـر ‪ ‬قال سـألت رسـول هللاـ ﷺ َأ ُّـ‬
‫ال‪:‬ـ «ثُ َّمـ ِب ُّر‬ ‫ال‪:‬ـ ثُ َّمـ َأ ٌّ‬
‫يـ ؟ قَ َ‬ ‫«الص ـالَةُ َعلَــى َو ْق ِت َهــا» ‪ ،‬قَ َ‬
‫َّ‬ ‫ال‪:‬ـ‬‫َأ َح ُّبـ ِإلَــى هَّللا ِ ؟ قَ َ‬
‫يل هَّللا ِ» البخاري‬ ‫س ِب ِ‬‫«الج َها ُد فِي َ‬‫ِ‬ ‫ي؟ قَا َل‪:‬‬ ‫ال َوالِ َد ْي ِن» قَا َل‪ :‬ثُ َّم َأ ٌّ‬
‫‪‬قال ﷺ { مـا مـن ولـد بار ينظـر إلـى والديـه نظرة رحمـة إال كتـب هللاـ لـه بكـل‬
‫نظرة حجــة مــبرورة قالوا وإن نظــر كــل يوم مائــة مرة قال نعــم هللا ـ أكثــر‬
‫وأطيب} [رواه الحاكم]‬
‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫‪‬‬
‫التنبيه على منزلة اآلباء‬
‫‪121‬‬

‫‪ ‬وجاء عبــد هللاــ بــن عمرو بــن العاص قال{ جاء رجــل إلــى‬
‫يـ يبكيان‪،‬‬ ‫رـسـول هللاـ فقال‪ :‬جئـت أبايعـك علـى الهجرة‪ ،‬وتركـت أبو ّ‬
‫فقال رسول هللا ‪" :‬ارجع إليهما‪ ،‬فأضحكهما كما أبكيتهما }‪.‬‬
‫فـ» ‪ ،‬قِي َلـ‪َ :‬م ْنـ؟ يَـا‬ ‫فـ‪ ،‬ثُ َّمـ َر ِغ َمـ َأ ْن ُ‬ ‫فـ‪ ،‬ثُ َّمـ َر ِغ َمـ َأ ْن ُ‬ ‫‪ ‬قَالَـ‪َ « :‬ر ِغ َمـ َأ ْن ُ‬
‫سـو َل هللاِـ قَا َلـ‪َ « :‬م ـْن َأ ْد َر َكـ َأبَ َو ْي ِهـ ِع ْن َد ا ْل ِكبَ ِر‪َ ،‬أ َح َد ُه َمـا َأ ْو ِكلَ ْي ِه َمـا فَلَ ْمـ‬ ‫َرـ ُ‬
‫يَد ُْخ ِل ا ْل َجنَّةَ» صحيح مسلم‬
‫صـلَّى هَّللا ُ َعلَ ْي ِهـ‬ ‫‪َ ‬ع ـْن َع ْب ِد هَّللا ِ ْب ِنـ َع ْم ٍرـو قَا َلـ‪َ :‬جا َءـ َر ُج ٌلـ ِإلَـى النَّبِ ِّـي َ‬
‫الج َها ِد‪ ،‬فَقَا َلـ‪َ« :‬ألَ َكـ َوالِ َدا ِنـ؟» ‪ ،‬قَا َلـ‪ :‬نَ َع ْمـ‪ ،‬قَالَـ‪:‬‬ ‫سـتَْأ ِذنُهُ فِـي ِ‬ ‫سـلَّ َم يَ ْ‬
‫َو َ‬
‫«فَفِي ِه َما فَ َجا ِهدْ» الترمذي‬
‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫{ صور اإلحسان إلى الوالدين}‬
‫‪122‬‬
‫‪:‬‬ ‫‪ -2‬حق البر واإلحسان بالوالدين‬
‫‪ ‬فم*ن ال*بر بهم*ا واإلحس*ان إليهم*ا أال يتعرض لس*بهما وال يعقهم*ا ‪ ،‬فإن ذل*ك م*ن الكبائ*ر ‪ ،‬قال‬
‫الرس*ول ‪" : ‬إ*ن م*ن الكبائ*ر شت*م الرج*ل لوالدي*ن ‪ ،‬قالوا ‪ :‬ي*ا رس*ول اهلل* ‪ ،‬وه*ل يشت*م‬
‫الرج*ل والدي*ه ؟!* قال ‪ :‬نع*م ‪ ،‬يس*ب الرج*ل أب*ا الرج*ل فيس*ب أباه ‪ ،‬ويس*ب أم*ه فيس*ب‬
‫أمه" (البخاري) ‪.‬‬
‫‪ ‬ولإلحسان صور متعددة منهما ‪-:‬‬
‫‪‬أ‪ -‬اإلحس*ان إل*ى األبوي*ن بالقول ‪ :‬ع*ن طري*ق عدم رف*ع الص*وت فوق ص*وتهما ‪ ،‬وأ*ن‬
‫يخاط*ب األبناء آباءه*م بالقول اللي*ن والكالم الطي*ب الذي يشعرهم*ا بالح*ب والحنان ‪ ،‬وق*د تمث*ل‬
‫ُأف َوال تَ ْن َه ْرُه َما َوُق ْل لَ ُه َما قَ ْوالً َك ِريماً‪‬‬
‫ذلك في قوله تعالى ‪  :‬فَال تَ ُق ْل َل ُه َما ٍّ‬
‫‪ ‬فيج*ب عل*ى األبناء اختيار األلفاظ الت*ي تُدخ*ل الس*رور عل*ى اآلباء ‪،‬‬
‫مث**ل قول**ه ي**ا أبتاه ‪ ،‬وي**ا أماه ‪ ،‬وعدم التلف**ظ باس**ميهما كم**ا جاء عل**ى‬
‫إسماعيل ‪َ  ‬يا ََأب ِت ا ْف َع ْل َما تُْؤ َم ُر ‪( ‬فصلت ‪. ) 102‬‬
‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬
‫لسان‬
‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫من {صور اإلحسان إلى الوالدين}‬
‫‪123‬‬

‫‪‬ب‪ -‬اإلحسان إلى األبوين بالفعل ‪:‬‬


‫‪ -1‬يجــب علــى األبناء أــن يقوموا برعايــة والديهــم فــي جميــع‬
‫األحوال ‪ ،‬وخاصـة فـي مرحلـة الشيخوخـة والكـبر قال تعالـى ‪ِ :‬إ َّمـا‬
‫يَ ْبلُ َغ َّنـ ِع ْن َد َكـ ا ْل ِكبَ َر َأ َح ُد ُه َمـا َأ ْو ِكال ُه َما‪ ...‬فيجـب علــى األبناء أـن‬
‫يعملوا جاهدين على خدمة آبائهم‪.‬‬
‫‪ -2‬أال يتقدم االبــن علــى أبويــه فــي شيــء مــن أكــل أــو شرب أــو‬
‫جلوس أو كالم‬
‫‪ -3‬وأـن ال يمشـي أمــام األبويـن إال إلماطــة األذى عـن طريقهمــا‬
‫‪.‬‬
‫وال يتصدر عليهما المجلس ‪.‬‬
‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫من {صور اإلحسان إلى الوالدين}‬
‫‪124‬‬
‫‪ *‬وقـد أفصـحت السـنة المطهرة أـن الذي يسـهر علـى راحـة والديـه ليوفـر لهـم‬
‫سبل العيش الكريم ‪،‬يخفف هللا تعالى عنه الكرب في الدنيا واآلخرة‬
‫‪‬قال رسـول هللاـ ‪" :‬بينــا ثالثــة نفــر ممـن كانوا قبلكـم يمشون ‪ ،‬إذ أصـابهم‬
‫مطـر فأووا إلـى غار ‪ ،‬فانطبـق عليهــم ‪ ،‬فقــال بعضهـم لبعـض ‪ :‬يـا هؤالء ال‬
‫ينجيكـم إال الصـدق ‪ ،‬فليدع كـل رجـل منكــم بمـا يعلــم هللاـ أنــه قـد صـدق ‪ ،‬فقال‬
‫أحدكـم ‪ :‬اللهـم إن كنـت تعلـم أنـه كان لـي أبوان شيخان كـبيران وكانـت لـي‬
‫غنـم ‪ ،‬وكنـت آتيهمـا فـي كـل ليلـة بلبـن غنـم لـي ‪ ،‬فأبطأـت عنهمـا ذات ليلـة ‪،‬‬
‫فأتيتهمـا وقـد رقدا ‪ ،‬وأهلـي وعيالـي يتفاغرون مـن الجوع ‪ ،‬وكنـت ال أسـقيهم‬
‫حتـى يشرب أبواي ‪ ،‬فكرهـت أـن أوقظهمـا مـن رقدتهمـا ‪ ،‬وكرهـت أـن يسـتيقظا‬
‫تـ تعلـم‬ ‫لشربهمـا ‪ ،‬فلـم أزل أنتظرهمـا حتـى طلـع الفجـر فقامـا فشربـا ‪ ،‬فإن كن َ‬
‫أنـي فعلـت ذلـك مـن خشيتـك ففرج عنـا ‪ ،‬فانزاحـت عنهـم الصـخرة حتـى نظروا‬
‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬
‫)‬ ‫البخاري‬ ‫(‬ ‫‪"...‬‬ ‫السماء‬ ‫إلى‬
‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫من {صور اإلحسان إلى الوالدين}‬
‫‪125‬‬

‫‪‬ج‪‬اإلحس*ان إل*ى األبوي*ن بالمال ‪ :‬يج*ب عل*ى األبناء أ*ن يبذلوا م*ا ف*ي‬
‫وس*عهم لراح*ة آبائه*م الراح*ة النفس*ية والجس*دية والمادي*ة ‪ ،‬وذل*ك ع*ن‬
‫طري**ق اإلنفاق عل**ى الوالدي**ن ‪ ،‬وتوفي**ر ك**ل س**بل الراح**ة ‪ ،‬وجاء ف**ي‬
‫الحدي**ث ع**ن الرس**ول الكري**م ‪ ‬أن**ه جـاءه رج**ل وقال ‪ :‬إ**ن أ**بي أخ**ذ‬
‫مال*ي ‪ ،‬فقال الن*بي ‪ ‬للرج*ل ‪ :‬فأتن*ي بأبي*ك ‪ ،‬فلم*ا جاء الرج*ل ‪ ،‬قال ل*ه‬
‫الن*بي ‪" :‬م*ا بال ابن*ك يشكوك ؟ أتري*د أ*ن تأخ*ذ مال*ه ؟ " فقال ‪ :‬س*له‬
‫ي**ا رس**ول اهلل* أن**ه كان ضعيفاً وأن**ا قوي ‪ ،‬وفقي ارً وأن**ا غن**ي ‪ ،‬فكن**ت ال‬
‫أمنع*ه شيئاً م*ن مال*ي ‪ ،‬وأن*ا اليوم ضعي*ف وه*و قوي ‪ ،‬وأن*ا فقي*ر وه*و‬
‫غن*ي ‪ ،‬ويبخ*ل عل*ى بمال*ه وأنش*د أبيات*ا م*ن الشع*ر وعندم*ا س*مع الن*بي‬
‫‪ ‬هذه األبيات أخذ بتالبيب ابنه وقال ‪" :‬أنت ومالك ألبيك" (البخاري) ‪.‬‬
‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫من {صور اإلحسان إلى الوالدين}‬
‫‪126‬‬

‫‪‬د‪‬ح**ق الطاع**ة للوالدي**ن ‪ :‬يوص**ي القرآ**ن الكري**م األبناء بطاع**ة‬


‫اآلباء‪ ،‬وذل****ك أل****ن الوالدي****ن يبذالن لوليدهم****ا م****ن أجس****امهما‬
‫وأعص*ابهما وأعمارهم*ا وك*ل م*ا يملكان م*ن عزي*ز وغا ٍل* ف*ي غي*ر*‬
‫تأف **ف وال شكوى‪ ،‬ب **ل ف **ي نشاط وس **رور‪ ،‬فالنظرة وحده **ا كفيل **ة‬
‫بتوص **ية الوالدي **ن ‪ ،‬فأم **ا الولي **د فه **و ف **ي حاج **ة إل **ى الوص **ية‬
‫المتكررة وهناك نص**ـوص قرآني**ة ترس**م الص**ورة الحي**ة الموص**ية‬
‫لذلك ‪.‬‬
‫اك *‬
‫اه َد َ‬ ‫ص * ْي َنا ا َ َ َ َ ْ ُ ْ َ ْ َ َ‬
‫ج‬ ‫*‬ ‫ن‬ ‫و‬
‫ِإ‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫ن‬ ‫*‬ ‫س‬ ‫ح‬ ‫*‬ ‫ِ‬
‫ه‬ ‫ي‬ ‫د‬ ‫ِ‬
‫ال‬‫و‬ ‫ِ‬
‫ب‬ ‫ان‬ ‫*‬ ‫س‬ ‫ن‬‫ْ‬ ‫ِأْل‬ ‫‪‬يقول تعال**ى ‪َ  :‬وَو َّ‬
‫ي َم ْر ِج ُع ُك ْم* فَُأَن ِّبُئ ُك ْم*‬ ‫س* لَ َك* ِب ِه* ِع ْل ٌم* فَال تُ ِط ْع ُه َم*ا ِإلَ َّ*‬ ‫ي‬‫َ‬
‫َ َْ‬‫ل‬ ‫*ا‬
‫م‬ ‫*ي‬ ‫ِ‬
‫ب‬ ‫*‬‫ك‬‫َ‬ ‫ر‬‫ِ‬ ‫ش‬
‫ْ‬ ‫ت‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ل‬
‫ِب َما ُك ْنتُ ْم تَ ْع َملُ َ‬
‫ون‪‬‬
‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫من {صور اإلحسان إلى الوالدين}‬
‫‪127‬‬

‫‪‬هــ‪‬اإلحسـان للوالديـن بعـد مماتهمـا ‪ :‬ولـه صـور متعددة‬


‫منها‪:‬‬
‫‪ -1‬الــبر بأصــدقاء الوالديــن ‪ :‬مــن تمام بر الوالديــن صــلة‬
‫أصــدقائهما عــن طريــق الزيارة فــي الســراء والضراء ‪،‬‬
‫والسؤال والحديث عنهم ‪،‬‬
‫(مسلم)‬
‫‪‬قال ‪ { :‬إن أب َّر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه }‬
‫‪‬وقال ‪ { :‬رضـا الرب فـي رضـا الوالديـن ‪ ،‬وسـخط الرب‬
‫في سخط الوالدين } (الحاكم) ‪.‬‬
‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫من {صور اإلحسان إلى الوالدين}‬
‫‪128‬‬

‫‪ -2‬الدعاء واالستغفار لهما ‪ :‬عن أبي أسيد ‪ ‬قال‪:‬‬


‫كنـت عنـد النـبي ‪ ‬جالسـا ً فجاء رجـل مـن األنصـار فقال ‪ :‬يـا‬
‫يـ مـن بعـد موتهمـا شيـء‬ ‫رسـول هللاـ ‪ ،‬هـل بقـي مـن بر والد َّ‬
‫أبرهمـا بـه ؟ قال ‪" :‬نعـم الصـالة عليهمـا واالسـتغفار لهمـا ‪،‬‬
‫وإنفاذ عهدهمـا ‪ ،‬وإكرام صـديقيهما ‪ ،‬وصـلة الرحـم التـي ال‬
‫(أبو داوود)‬
‫رحم لك إال من قبلها ‪ ،‬فهذا الذي بقي عليك"‬
‫‪‬كان النـبي ‪ ‬يهدي لصـديقات خديجـة براً بهـا ووفا ًءـ لهـا‬
‫وهي زوجته ‪ ،‬فما ظنك بالوالدين‪.‬‬
‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫من {صور اإلحسان إلى الوالدين}‬
‫‪129‬‬

‫‪‬و‪‬ومن اإلحسان إلى الوالدين إذنهما بالجهاد لمن لم يتعين عليه‬


‫‪‬والدلي*ل عل*ى ذل*ك ع*ن عب*د اهلل* ب*ن عم*ر – رض*ي اهلل* عنهم*ا –‬
‫"أحي‬
‫ٌّ*‬ ‫قال ‪ :‬جاء رج*ل إل*ى الن*بي ‪ ‬يس*تأذنه ف*ي الجهاد ‪ ،‬فقال ‪:‬‬
‫والداك" قال ‪ :‬نعم ‪ ،‬قال ‪" :‬ففيهما فجاهد" (البخاري) ‪.‬‬
‫‪‬ز‪‬ومن اإلحسان تخصيص األم بالحب والطاعة ‪:‬‬
‫‪‬إ **ن الشرع الحكي **م أوص **ى وح **ث عل **ى طاع **ة الوالدي **ن وخاص **ة‬
‫األ**م ‪ ،‬لم**ا تحمل**ت ف**ي س**بيل تربي**ة أبنائه**ا الكثي *ر* م**ن التع**ب ‪،‬‬
‫وخاص**ة ف**ي مراح**ل الحم**ل والوض**ع والرضاع ‪ ،‬فكان**ت الشمع**ة‬
‫التي تحترق لتضيء على غيرها ولهذا خصها الرسول ‪ ‬بالبر‬
‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫من {صور اإلحسان إلى الوالدين}‬
‫‪130‬‬

‫‪ ‬رـوي عـن أـبي هرـيرة قال ‪ :‬جاء رجـل إلـى النـبي ‪ ‬فقال ‪ :‬مـن‬
‫أحـق الناس بحسـن صـحبتي ؟ قال ‪ :‬أمـك ‪ ،‬قال ‪ :‬ثـم مـن ؟ قال ‪ :‬أمـك ‪،‬‬
‫قال ‪ :‬ثـم مـن ؟ قال ‪ :‬أمـك ‪ ،‬قال ‪ :‬ثـم مـن ؟ قال ‪ :‬أبوك" فهذا الحديـث‬
‫يدل داللـة واضحـة علـى أـن محبـة األـم والشفقـة عليهـا ينبغـي أـن‬
‫تكون ثالثة أمثال محبة األب (البخاري) ‪.‬‬
‫(البخاري)‬
‫‪‬وقال ‪" : ‬إن هللا حرم عليكم عقوق األمهات"‬
‫‪‬وقال ‪" : ‬أال أنبئكـم بأكـبرـ الكبائـر ؟ قلنـا ‪ :‬بلـى يـا رسـول هللاـ ‪،‬‬
‫قال ‪ :‬ثالثا ً ‪ ،‬اإلشراك باهللـ ‪ ،‬وعقوق الوالديــن ‪ ،‬وكــان متكئا ً فجلـس‬
‫فقال ‪ :‬وقول الزور ‪ ،‬وشهادة الزور" (البخاري) ‪.‬‬
‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫صور من عقوق األبناء آلبائهم‬
‫‪131‬‬

‫‪‬كثيـر مـن األبناء يعقون آباءهـم لسـوء تربيتهـم ‪ ،‬ومـن صـور هذه العقوق‬
‫ما يلي ‪-:‬‬
‫‪ -1‬أـي صـورة مـن صـورـ التقصـير فـي التعامـل مـع الوالديـن حسـب‬
‫التوجيهات السابقة يعد عقوق للوالدين ‪.‬‬
‫‪ -2‬أـن يح ّد النظـر علـى أبويـه أـو ينظـر إلـى أبويـه نظرة غضب ‪ :‬‬
‫قال رسول هللا ‪ { : ‬ما بر أباه َمنْ َأ َح َّد النظ َر إليه }(البخاري) ‪.‬‬
‫‪ -3‬إحزان الوالدين وإبكاؤهما ‪:‬‬
‫(البخاري)‬
‫‪‬قال ‪ { : ‬إبكاء الوالدين من العقوق }‬
‫‪‬وقال ‪ { : ‬من أحزن والديه فقد عقهما } (البخاري) ‪.‬‬
‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫من { صور من عقوق األبناء }‬
‫‪132‬‬

‫‪ -4‬أ*ن يعت*بر* الول*د نفس*ه مس*اوياً أل*بيه ‪ ،‬فيعامل*ه بالمث*ل و ِّ‬


‫الندي*ة‬
‫لفظاً وفعالً ‪.‬‬
‫‪ -5‬الترف**ع ع**ن تقبي**ل يدي الوالدي**ن أ**و الوقوف إجالالً واحتراماً‬
‫لهما ‪.‬‬
‫‪ -6‬اس**تحواذ الغرور* عل**ى الولـد بحي**ث يس**تحي م**ن أ**ن يعرف‬
‫نفس**ه بأبيه ‪ ،‬ال س**يما إذا كان الول**د ذا مرك**ز اجتماع**ي مرموق‬
‫‪ - 7‬هج**ر االب**ن لوالدي**ه تك**ب ارً فيس**كن بعيـداً عنهمـا ‪ ،‬ويرف**ض‬
‫زيارتهم*ا ل*ه أ*و يغف*ل ع*ن ذك*ر س*يرتهما ف*ي أ*ي حدي*ث م*ع غيره ‪،‬‬
‫أو يدعي موتهما أو غيابهما‬
‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫من { صور من عقوق األبناء }‬
‫‪133‬‬

‫‪ -8‬االعتداء على الوالدين بقبيح اللفظ والضرب أو القتل ‪.‬‬


‫‪ -9‬تحمي* **ل اآلباء فوق طاقته* **م ف* **ي مختل* **ف نواح* **ي‬
‫الحياة ‪ ،‬وخاص **ة محاول **ة ابتزاز المال باس **تمرار ‪ ،‬رغ **م‬
‫العلم بعجزهم عن إجابة مطالب األبناء‪.‬‬
‫‪ -10‬إهمال رعاي**ة الوالدي**ن عن**د الك**بر رغ**م حاجتهم**ا‬
‫لعنايت **ه ومس **اعدته ‪ ،‬وامتناع **ه ع **ن مس **اعدتهما مادياً‬
‫رغ**م أن**ه ميس**ور الحال ‪ ،‬فيعي**ش وأفراد أس**رته ف**ي بذخ‬
‫وترف ‪ ،‬في حين يضع أمه في بيت العجزة والمسنين ‪.‬‬
‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫من { صور من عقوق األبناء }‬
‫‪134‬‬

‫‪ -11‬إيثار الزوج*ة عل*ى األ*م ‪ ،‬فق**د روى عب**د اهلل* ب**ن أ**بي أوف**ى‬
‫قال ‪ :‬كن*ا عن*د النبـي ‪ ‬فأتاه آ ٍت* فقال‪ :‬شاب حضره الموت ‪،‬فقي*ل ل*ه ‪ :‬ق*ل ال‬
‫إل*ه إال اهلل* فل*م يس*تطع ‪ ،‬فقال‪": ‬أكان يص*لي؟" فقال ‪ :‬نع*م ‪ ،‬فنه*ض رس*ول‬
‫اهلل* ‪ ‬ونهضن*ا مع*ه ‪ ،‬فدخ*ل عل*ى الشاب فقال ل*ه ‪:‬ق*ل ال إل*ه إال اهلل* ‪ ،‬فقال ‪:‬‬
‫ال أس* **تطيع ‪ ،‬قال ‪ِ :‬ل َم * * ؟ قالوا ‪ :‬كان ُّ‬
‫يعق* * والدت* **ه ‪ ،‬فقال الن* **بي ‪" :‬أحي* **ة‬
‫أم**ه ؟" قالوا ‪ :‬نع**م ‪ ،‬قال ‪" :‬ادعوه**ا" فدعوه**ا فجاء**ت ‪ ،‬فقال له**ا رس**ول اهلل *‬
‫‪" : ‬هذا ابن**ك ؟" قال**ت ‪ :‬نع**م ‪ ،‬فقال له**ا ‪ :‬ارض**ي عن**ه إو ال أحـرق بالنار ‪،‬‬
‫فقال*ت ‪ُ :‬أشهدك ي*ا رس*ول اهلل* أن*ي راضي*ة عن*ه ‪ ،‬فبعده*ا دخ*ل الن*بي‪ ‬عل*ى‬
‫الغالم وشه*د أ*ن ال إل*ه إال اهلل* ‪ ،‬وكان الشاب يؤث*ر زوجت*ه عل**ى أم*ه‪ ،‬وعل*ى‬
‫الزوج*ة أ*ن ترع*ى حقوق زوجه*ا ‪ ،‬وتقدر مشاعره وأ*ن تع*ي الحقيق*ة القائل*ة ‪:‬‬
‫إ**ن لزوجـك عـدد م**ن النس**اء يص**لحن ل**ه زوجات ‪ ،‬ولك**ن لي**س ل**ه إال أ**م‬
‫ومن ال خير ألمه فيه ‪ ،‬ال خير فيه ألهله وال لوالده أو مجتمعه ‪.‬‬
‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬
‫واحدة ‪،‬‬
‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫من { صور من عقوق األبناء }‬
‫‪135‬‬

‫‪‬إبكاء الوالدين أـو ضربهمـا أو نهرهمـا وزجرهمـا‬


‫‪‬التأفـف مـن أوامرهمـا أـو العبوس وتقطيـب الوجـه‬
‫أمامهما األمر عليهما وترك اإلصغاء لهما‪.‬‬
‫‪‬ذم الواليــــــن أمام الناس أــــــو إثارة المشكالت‬
‫أمامهمــا مــع اإلخوة أــو الزوجــة أــو الجيران تقديــم‬
‫طاعة الزوجة على األم ‪.‬‬

‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫حقوق األبناء على اآلباء‬
‫‪136‬‬

‫‪‬حقوق األبناء على اآلباء‬


‫‪ -1‬اختيار األ*م الص*الحة ‪ :‬فعل*ى األ*ب أ*ن يختار الزوج*ة الص*الحة‬
‫الت*ي تلتزم بمنه*ج* اهلل تعال*ى ح*ت*ى تس*تطيع هذه الزوج*ة بناء وتربي*ة‬
‫وتنشئ*ة األبناء عل*ى هذا المنه*ج القوي*م ‪ ،‬لذل*ك نج*د أ*ن الرس*ول ‪‬‬
‫يح **ث عل **ى اخ*تيار هذه الزوج **ة بقول **ه ‪ ..." :‬فاظف **ر بذات الدي **ن‬
‫ترب **ت يداك" (البخاري) فالزواج لي **س لذات المتع **ة ‪ ،‬ب **ل لتوثي **ق عرى‬
‫الصلة باهلل تعالى صيانة للنفس من الفسـاد واالنحراف ‪.‬‬
‫ِ‬
‫فليتق* * اهلل* * ف **ي‬ ‫‪ ‬يقول ‪" : ‬م **ن تزوج فق **د مل **ك نص **ف دين **ه ‪،‬‬
‫النصف اآلخر" ‪.‬‬
‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫من { حقوق األبناء على اآلباء}‬
‫‪137‬‬

‫‪ -2‬اختيار األسـمـاء المحببـة للمـولود وصـنع لـه عقيقـة ‪ :‬إذا‬


‫أنعـم هللاـ تعالـى علـى اإلنسـان بالمولود فعليـه أـن يسـمعه األذان فـي‬
‫أذنـه اليمنـى ‪ ،‬وأـن يقيـم الصـالة فـي أذنـه اليسـرى ‪ ،‬ثـم عليـه أـن‬
‫يسـميه بأفضـل األسـماء ‪ ،‬وأـن يصـنع لـه عقيقـة فـي اليوم السـابع ‪،‬‬
‫ألـن كـل إنسـان مرتهـن بعقيقتـه ‪ ،‬وعلـى األـب أيض ـا ً أـن يحلـق شــعر‬
‫هذا الطفـــل ‪ ،‬ويتصـــدق بمقدار وزـن شعرـه ذهبا ً أـــو فضـــة علـــى‬
‫المساكين والمحتاجين‪.‬‬
‫‪ ‬قــال ‪" : ‬إنكـم تدعون يوم القيامـة بأسـمائكم وأسـماء‬
‫(البخاري)‬
‫آبائكم ‪ ،‬فحسنوا أسماءكم"‬
‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫من { حقوق األبناء على اآلباء}‬
‫‪138‬‬

‫‪ ‬قال ‪(‬الغالم مرتهـن بعقيقتـة تذبـح عنـه يوم السـابع‬


‫ويسمى ويحلق رأسه) رواه الترمذي وقال حسن صحيح‬
‫‪‬قال ‪" : ‬مـن حـق الولـد علـى الوالـد أـن يحسـن أدبـه‬
‫(البيهقي)‬
‫ويحسن اسمه"‬
‫‪‬مـا روي عـن أـبي موسـى‪‬قال ‪ُ " :‬ولـد لـي غالم فأتيـت‬
‫بـه النـبي ‪ ‬فســماه إبراهيم ‪ ،‬وحنكـه بتمرة ‪ ،‬ودعـا لـه‬
‫بالبركة ‪،‬ودفعه إل َّي ‪( "...‬البخاري) ‪.‬‬

‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫من { حقوق األبناء على اآلباء}‬
‫‪139‬‬
‫‪ -3‬النفق **ة عل **ى األبناء ‪ :‬وم **ن ح **ق األبناء عل **ى الوالدي **ن‬
‫النفق**ة عليه**م وهذه مس**ئولية مباشرة عل**ى الوالدي**ن ‪ ،‬بتوفي**ر ك**ل‬
‫م*ا يحتاج األبناء م*ن غذاء وكس*وة حت*ى يص*لوا إل*ى س*ن الرش*د ‪،‬‬
‫اع وكلكم مسئول عن رعيته" (البخاري) ‪.‬‬‫قال ‪" : ‬كلكم ر ٍ‬
‫‪ -4‬حق تربية األبناء ‪:‬‬
‫‪ 1‬ا*هت*م* ا **إلس*الم* ا*هتماماً ك**بيرا*ً ب* **تربي*ة ا **ألطفا **لت* **ربي*ة ص***حيحة‬
‫هادف**ة ‪ ،‬ف * **عل**ىا* *ألبوي**ن غرسمحب**ة ا***هلل * ت* **ع**ا***لىو*ر*س**وله* ‪‬‬
‫ف* * **يق **لوبا* *ألبناء ‪ ،‬و*تع**ويده*م* عل**ى ا***لص**لو*ا*تل**قول *ه* ‪" : ‬مرو*ا‬
‫ا***لص*بيب* **ا **لص*الة إذا ب* **ل*غ* س* **بع* س* **نين ‪ ،‬وإ* ذا ب* **ل*غ* عش*ر س* **نين‬
‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬
‫‪*07:01‬ه* عليه*ا" (أ*بو داود) ‪.‬‬
‫*اضربو‬ ‫ف**‬
‫‪PM 3/10/23‬‬
‫من { حقوق األبناء على اآلباء}‬
‫‪140‬‬

‫‪ 2‬ت* **ع**وي**د أ*بنائه *م* عل**ى ق **ر**اء**ة ا***لقر*آ**ن ا***لكري *م* ‪ ،‬و**هذا‬
‫مص***دا*قاً ل**قول***ه* ‪" : ‬م **ن ق **ر*أ* ح*رفاً م **ن ك**تابا***هلل*** ف * **ل***ه*‬
‫ح*سنة ‪( "...‬ا***لترمذ )ي ‪.‬‬
‫‪ 3‬عل**ىا* *آلباء ت* **علي *م* أ*بنائه *م* س * **ير*ة ا **لرس**ول ا***لكري *م* ‪‬‬
‫و*صحابته* ا***لكرا*م* أل**نهم* ا***لقدو*ة ا***لحسنة ل**ه*ذه* ا **ألمة ‪.‬‬
‫‪4‬تع**وي**د ا* *ألبناء عل**ىا***لتحل**يب* **ا **ألخالقا***لحس**نة ك**ا* **لص**دق‬
‫و*ا **ألمان*ة و*توق*ي*ر ا***لك*بير‪ ،‬و*ا **لرحم*ة ب* **ا **لص*غير‪ ،‬و*ا **إلحس*ان إ***لى‬
‫ا***لجار ‪.‬‬
‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫من { حقوق األبناء على اآلباء}‬
‫‪141‬‬

‫‪5‬ا***لتمييـز ب* **ي**ن ا **لذكور و*ا* *إلناثف******يهدفا***لتربي**ة ‪ ،‬ال * م*ن ح*ي**ث‬


‫ا***لمعلوماتو*ا * *لتعل* * *م* ‪ ،‬و*لك * **ن م* **ن ح*ي * **ثإ*عداد ك******ل منهم * **ا ل**م * **ا‬
‫يحس***نه* ‪ ،‬و*ينبغ* **يت* **ع**وي***د ا***لبن***تعل***ى أ*خالقا **الحتشام* و*ا* **لحياء‬
‫وإ* شرا**كه **ا ف * * **يأ*عما **لا***لمنزل ‪ ،‬و*يج **بعل **ىا **ألم* أ **ن ت* **كون ا***لقدو*ة‬
‫ا***لص*ا **لحة ف*****يا***لقول و*ا* **لعم*ل و*ا **ألخالقو*ا * *للباس‪ ،‬و*كذل*ك ت* **علي*م* ا **لذكور‬
‫ت* **حمل ا***لمسئولية و*ا **لرجولة‬
‫‪.‬‬

‫‪6 ‬تربي*ة النش*ء جس*مياً‪ ،‬واهتم*ت ببنائه*م روحياً حت*ى يكون‬


‫قوياً قال‪": ‬علموا أوالدك************م الس************باحة والرماي************ة وركوب‬
‫(الترمذي)‪.‬‬
‫الخيل"‬
‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬
‫‪142‬‬

‫آخ َر فَتَ ْق ُع َد‬


‫‪‬قال تعال ى ‪ :‬ال تَ ْج َع ْلــــ َم َعــــ هَّللا ِ ِإلَها ً َ‬
‫كـــــال تَ ْعبُ ُدوا ِإال ِإيَّاهـــــُ‬ ‫ضـــــى َر ُّب َ َأ‬ ‫َم ْذ ُموما ً َم ْخ ُذوالً َوقَ َ‬
‫ن ِع ْن َد َكـ ا ْل ِكبَ َر َأ َح ُد ُه َمـا َأ ْو‬ ‫َوبِا ْل َوالِ َد ْي ِنـ ِإ ْح َ‬
‫سـانا ً ِإ َّمـا يَ ْبلُ َغ َّـ‬
‫ف َوال تَ ْن َه ْر ُه َمـا َوقُ ْلـ لَ ُه َمـا قَ ْوالً‬ ‫ِكال ُه َمـا فَال تَقُ ْلـ لَ ُه َمـا ُأ ٍّـ‬
‫ب‬‫الذ ِّلـ ِم َنـ ال َّر ْح َم ِةـ َوقُ ْلـ َر ِّـ‬ ‫ضـ لَ ُه َمـا َجنَا َحـ ُّ‬ ‫اخفِ ْ‬ ‫َك ِريما ً َو ْ‬
‫ص ـ ِغيراً َر ُّب ُك ْم ـ َأ ْعلَ ُم ـبِ َمــا فِــي‬ ‫ار َح ْم ُه َمــا َك َمــا َربَّيَانِــي َ‬ ‫ْ‬
‫ان ـلَِأل َّوابِين َـ‬‫يـن فَِإنـ َّـهُ َك َ‬ ‫ص ـالِ ِح َ‬ ‫وس ـ ُك ْم ِإ ْن ـتَ ُكونُـــوا َ‬ ‫نُفُ ِ‬
‫َغفُوراً‪( ‬اإلسراء ‪. ) 25-22‬‬
‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫لفتات بيانـية‬
‫‪143‬‬

‫‪: -1‬الفعل {قعد} في قوله تعالى (فتقعد مذموما ً مخذوالً)‬


‫القعود كنايـــة عـــن العجـــز والضعـــف ويكون بأســـوأ حال ‪،‬‬
‫ويوحي بعدم الحركة وفقدان القدرة على ذلك‬
‫‪‬فهذا اإلنســــان ال ُمقعــــد ذا ّما ً لنفســــه ‪ ،‬وعنــــد الناس‬
‫مخذولـ ال ناصـر لـه ‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫مذموما ً ‪ ،‬وهللاـ يذمـه ‪ ،‬وهذا المذموم‬
‫فهـو مقعـد نادم علـى مـا فرط منـهـ ‪ ،‬وهذا النـص الكريـم دليـل‬
‫واضح على المسئولية الفردية لإلنسان عما يعتقد ‪.‬‬

‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫من { لفتات بيانية }‬
‫‪144‬‬

‫‪ -2‬قرن هللاـ تعالـى األمـر بعبادتـه باإلحسـان علـى الوالديـن فـي قولـه‬
‫تعالـى ‪( :‬وبالوالديـن إحسـانا ً) ألـن السـبب الحقيقـي لوجود اإلنسـان هـو‬
‫تخليـق هللاـ تعالـى وإيجاده لإلنسـان ‪ ،‬والسـبب الظاهري هـو األبوان ‪،‬‬
‫فأمر بتعظيم المسبب الحقيقي ثم أتبعه بتعظيم السبب الظاهري ‪.‬‬
‫‪‬يقول عبـد هللاـ بـن عباس ‪ {‬ثالث آيات مقرونات بثالث‪ ،‬وال تقبـل‬
‫واحدة بغيــر قرينتــه { أطيعوا هللاـ وأطيعوا الرســول } [التغابــن‪،]12:‬‬
‫فمـن أطاع هللاـ ولـم يطـع الرسـول لـم يقبـل منـه {وأقيموا الصـالة وآتوا‬
‫الزكاة }[البقرة‪ ،]43:‬فمـن صلى ولـم يز ِّك لـم يقبل منه‪{ ,‬أـن اشكر لي‬
‫ولوالديـك} { لقمان‪ ،]14:‬فمـن شكر هلل ولـم يشكر لوالديـه لـم يقبـل منه‪.‬‬

‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫من { لفتات بيانية }‬
‫‪145‬‬

‫ـإلحسان‬
‫‪.‬‬ ‫‪3‬وردتكـلمة (إحساناً) نــكرة لــيدلعلىاــلتعظيمـ لـ‬
‫‪ ‬و(إحسـانا ً) مصـدر مؤكـد للفعـل المحذوف وتقديره أـن تحسـنوا‬
‫إحسانا ً ‪ ،‬وفائدة التأكيد بالمصدر وقوع األمر حقيقة ‪.‬‬
‫‪4‬اــلصـورـة اــلبيانيـة فـــيقــولـهـ تــعـاــلى(واـخفـضلــهمـا جـناح اــلذل‬
‫مـناــلرحمـة) اـسـتعـارة مكنيـة فـــقـد شــبـهـ اــلتذلـلوليـناــلجانـبمـن‬
‫ا ـألبناء إلىاــلواــلديــنبــطائــر يــخفــضجـناحيـهـ ‪ ،‬وحذفاــلمشبـهـ بـــهـ‬
‫وهـو اــلطائـر وأـبقـىصــفة مـنصــفاتهـ وهـو اــلجناح ‪ ،‬بــجامـعـ اــلعطـف‬
‫واــلرـقة ‪ ،‬واــلهـدفمنهذهـ اــالستعـارة اــلمباــلغـة فـــياــلتواـضعـ ‪.‬‬

‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫المقطع الثاني ‪ :‬حق ذوي القربى واالقتصاد في اإلنفاق‬
‫‪146‬‬

‫نـ‬‫ين َوا ْب َ‬ ‫سـ ِك َ‬‫آتـ َذا ا ْلقُ ْربَـى َحقَّ ُهـ َوا ْل ِم ْ‬ ‫‪ ‬قال تعالـى ‪َ  :‬و ِ‬
‫ينـــ َكانُوا ِإ ْخ َو َ‬
‫انـــ‬ ‫يل َوال تُبَ ِّذ ْر تَ ْب ِذيراً ِإ َّنـــ ا ْل ُمبَ ِّذ ِر َ‬ ‫الســـبِ ِ‬ ‫َّ‬
‫ض َّنـ‬‫ان ـ لِ َربِّ ِهـ َكفُوراً َوِإ َّمــا تُ ْع ِر َ‬ ‫ش ْيطَ ُ‬
‫ان ـ ال َّ‬ ‫ين ـ َو َك َ‬ ‫اط ِ‬ ‫شي َ ِ‬
‫ال َّ‬
‫اءـ َر ْح َم ٍةـ ِم ْنـ َربِّ َكـتَ ْر ُجو َهــا فَقُ ْلـ لَ ُه ْمـقَ ْوالً‬ ‫َع ْن ُه ُمـ ا ْبتِ َغ َ‬
‫سـ ْط َها‬ ‫سـوراً َوال تَ ْج َع ْلـ يَ َد َكـ َم ْغلُولَةًـ ِإلَـى ُعنُقِ َكـ َوال تَ ْب ُ‬ ‫َم ْي ُ‬
‫سـطُ ال ِّر ْزقَـ‬ ‫سـوراً ِإ َّـن َربَّ َكـ يَ ْب ُ‬‫سـ ِط فَتَ ْق ُع َد َملُوما ً َم ْح ُ‬ ‫ُك َّلـ ا ْلبَ ْ‬
‫صـيراً‪ 26-‬‬ ‫شا ُءـ َويَ ْق ِد ُر ِإنَّهُـ َكا َنـ بِ ِعبَا ِد ِهـ َخبِيراً بَ ِ‬ ‫لِ َم ْنـ يَ َ‬
‫‪.30‬‬
‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫من { حق ذوي القربى واالقتصاد في اإلنفاق }‬
‫‪147‬‬
‫‪‬أوالً ‪ ‬مناسـبة هذه اآليات بمـا سـبق ‪ :‬بعـد أـن بيـن هللاـ فـي اآليات‬
‫السـابقة حـق هللاـ تعالـى والوالديـن ‪ ،‬بيـن هذا المقطـع حـق األقارـب‬
‫والمساكين ‪ ،‬وبذلك يوسع دائرـة الحقوق بين أفراد المجتمع الواحد‬
‫‪ ‬ثانياً ‪ ‬التحليل اللغوي ‪:‬‬
‫‪ ‬المسكين ‪ :‬اإلنسان المحتاج وأن ما يدخل عليه من مال ال يكفيه وعياله ‪.‬‬
‫‪ ‬ابن السبيل ‪ :‬المسافر الذي انقطع فيه السبيل‪.‬‬
‫‪  ‬تبذي*ر‪ :‬بذر مال*ه أفس*ده وأنفق*ه ف*ي الس*رف‪،‬وقي*ل‪:‬التبذي*ر أ*ن ينف*ق المال‬
‫ف*ي المعاص*ي وقي*ل ‪ :‬ه*و أ*ن يبس*ط يده ف*ي إنفاق*ه حت*ى ال يبق*ى من*ه م*ا‬
‫يقتاته ‪.‬‬
‫‪‬‬
‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫من { حق ذوي القربى واالقتصاد في اإلنفاق }‬
‫‪148‬‬

‫‪  ‬مغلولة ‪ :‬من الغل والمعنى ال تمسك يدك عن اإلنفاق‪.‬‬


‫‪  ‬تبس**طها ‪ :‬م**ن بس**ط الشي**ء إذا نشره ‪ ،‬والمعن**ى ‪ :‬ال تنف**ق ك**ل م**ا‬
‫عندك ‪.‬‬
‫‪ ‬ملوماً ‪ :‬الرج*ل فه*و ملي*م إذا أت*ى ذنباً ُيالم علي*ه م*ن اهلل* أ*و الناس‬
‫أو نفسه ‪.‬‬
‫‪  ‬محسو ارً ‪ :‬من الحسر بمعنى اإلعياء والتعب‪.‬‬
‫اء َوَي ْق ِد ُر }‪:‬‬
‫ش ُ‬‫ق* ِل َم ْن* َي َ‬
‫الرْز َ‬ ‫‪ ‬يقدر في قول*ه تعال*ى { ِإ َّن َرَّب َك َي ْب ُ‬
‫س*طُ ِّ‬ ‫‪‬‬
‫ض َّيق عليه رزقه‪.‬‬
‫من قَد ََّر ‪َ :‬‬

‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫يل َوال تُبَ ِّذ ْرـ تَ ْب ِذيراً ‪‬‬
‫سب ِ ِ‬
‫ين َوا ْب َن ال َّ‬ ‫ت َذا ا ْلقُ ْربَى َحقَّهُ َوا ْل ِم ْ‬
‫س ِك َ‬ ‫‪َ ‬وآ ِ‬
‫‪149‬‬

‫‪‬ثالثا ً ‪ :‬المعنى اإلجمالي ‪:‬‬


‫‪‬ذكرت اآليات السـابقة حـق هللا تعالـى ثـم حـق األبويـن واإلحسـان إليهمـا ‪ ،‬ويمضـي‬
‫الســياق لــبيان حــق األقارب وابــن الســبيل متوســعا ً فــي القرابات حتــى تشمــل‬
‫الروابط اإلنسانية بمعناها الكبير وهذا تفصيل لذلك ‪-:‬‬
‫يل‪‬‬ ‫سبِ ِ‬
‫ين َوا ْب َن ال َّ‬ ‫ت َذا ا ْلقُ ْربَى َحقَّهُ َوا ْل ِم ْ‬
‫س ِك َ‬ ‫‪ ‬قولـه تعالى‪َ :‬وآ ِ‬
‫‪  ‬الخطاب فـي اآليـة للنـبي ‪ ‬تهييجا ً وإلهابا ً لغيره مـن األمـة ‪ ،‬أـو‬
‫الخطاب لكل َمن هو صالح لذلك ‪.‬‬
‫‪‬حـق ذوي القربـى هـو صـلة الرحـم التـي أمـر هللاـ تعالـى بهـا ‪ ،‬وهـي تجـب‬
‫للوالـد والولـد ولغيرهمـا مـن القرابات كاألخوات وبنـي األعمام وغيرهـم ‪ ،‬إذا كان‬
‫الرجــل موســراً ‪ ،‬ألــن إعطاء ذوي القربــى فيهــا تقويــة للعالقات بيــن األســرة‬
‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬
‫الواحدة ‪.‬‬
‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫يل َوال تُبَ ِّذ ْرـ تَ ْب ِذيراً ‪‬‬
‫سب ِ ِ‬
‫ين َوا ْب َن ال َّ‬ ‫ت َذا ا ْلقُ ْربَى َحقَّهُ َوا ْل ِم ْ‬
‫س ِك َ‬ ‫‪َ ‬وآ ِ‬
‫‪150‬‬

‫ت َذا ا ْلقُ ْربَى‪‬‬


‫‪‬قوله تعالى‪َ  :‬وآ ِ‬
‫‪‬قيل ‪:‬‬
‫شاملة لجميع المسلمين في أقارـبهم ‪.‬‬
‫‪‬وقيـل ‪ :‬هـم ‪:‬أقارب النـبي ‪ ‬وزوجاتـه ‪ ،‬روي عـن السـدي قال ‪:‬‬
‫تـ القرآـن ؟ قال‬ ‫قال علـي بـن الحسـين ‪‬لرجـل مـن أهـل الشام ‪ :‬أقرأ َ‬
‫تـ َذا ا ْلقُ ْربَـى َحقَّهُ‪‬‬
‫تـ فـي بنـي إسـرـائيل ‪َ ‬وآ ِ‬
‫‪ :‬نعـم ‪ ،‬قال ‪ :‬إنمـا قرأ َ‬
‫قال ‪ :‬وإنكم للقرابة التي أمر هللا تعالى أن يؤتى حقه ‪ ،‬قال ‪ :‬نعم‪.‬‬
‫يل‪ ‬أعــط المســكين‬ ‫الســبِ ِ‬
‫ين َوا ْب َنــ َّ‬ ‫‪‬قولـــه تعالــى‪َ  :‬وا ْل ِم ْ‬
‫ســ ِك َ‬
‫المحتاج ‪ ،‬والغريـب المنقطـع فـي سـفره حقا ً أيضا ً ‪ ،‬وهذا الحـق إمـا‬
‫أن يكون من الزكاة أو يكون من الصدقات ‪.‬‬
‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫يل َوال تُبَ ِّذ ْرـ تَ ْب ِذيراً ‪‬‬
‫سب ِ ِ‬
‫ين َوا ْب َن ال َّ‬ ‫ت َذا ا ْلقُ ْربَى َحقَّهُ َوا ْل ِم ْ‬
‫س ِك َ‬ ‫‪َ ‬وآ ِ‬
‫‪151‬‬

‫‪ ‬قولــه تعالــى‪َ  :‬وال تُبَ ِّذ ْر تَ ْب ِذيراً‪ ‬اإلسـالم ديـن ودولــة وعقيدة‬
‫وعمل ‪ ،‬وفكرة ونظام ‪ ،‬وال أدل على ذلك من نهيه عن اإلنفاق غير‬
‫المشروع ‪.‬‬
‫‪ ‬قال مجاهد ‪ { :‬لـو أنفق اإلنسان مالـه كله في الحق لـم يكن مبذراً‬
‫‪ ،‬ولو أنفق ُم ّداً في غير حق كان مبذرا }‬
‫‪  ‬لذلــك جعــل القرـآــن المبذرـيــن إخوان الشياطيــن ألنهــم ينفقون‬
‫أموالهـم فـي الباطـل ‪ ،‬وفـي الشـر والمعصـية ‪ ،‬فهـم رفقاء الشياطيـن‬
‫ش ْيطَ ُ‬
‫انـــ لِ َربِّ ِهـــ َكفُوراً‪ ‬ال يؤدي حـــق‬ ‫‪ ‬قال تعالـــى ‪َ ‬و َك َ‬
‫انـــ ال َّ‬
‫النعمـة ‪ ،‬كذلـك إخوانــه المبذرون ال يؤدون حـق النعمـة ‪ ،‬وحقهـا أـن‬
‫ينفقوها في الطاعات والحقوق غير متجاوزين وال مبذرين‪.‬‬
‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫ض َّن َع ْن ُه ُم ا ْبتِ َغا َء َر ْح َم ٍة ِمنْ َربِّ َك تَ ْر ُجو َها فَقُ ْل لَ ُه ْم قَ ْوالً َم ْي ُسوراً ‪‬‬
‫‪‬وَِإ َّما تُ ْع ِر َ‬
‫‪152‬‬

‫للرسول الكريم ‪ ‬وألمته أيضا ً ‪.‬‬ ‫‪ ‬الخطاب‬


‫‪  ‬المعنـى ‪ :‬أـي إذا لـم يجـد اإلنسـان مـا يؤدي بـه حـق ذوي القربـى‬
‫والمســاكين وابــن الســبيل توجــه إلــى هللاـ تعالــى بالدعاء لهــم أــن‬
‫يرزقهـم ‪ ،‬ثـم فليعدهـم إلـى ميسـرـة ‪ ،‬وليقـل لهـم قوالً لينا ً ‪ ،‬فال يضيـق‬
‫بهم صدره ‪ ،‬وال يسكت فيحسوا بالضيق في سكوته ‪.‬‬
‫‪‬قال السدي‪{:‬قَ ْوالً َم ْي ُ‬
‫سورـاً } أي‪:‬لينا ً سهالً‪،‬كأن يقول إن شاء هللا سأفعل‪.‬‬
‫‪ ‬قيـل‪ :‬إن هذه اآليـة نزلـت فـي خباب وبالل وعامـر بـن فهيرة وغيرهـم مـن‬
‫فقراء المســلمين ‪ ،‬وكانوا يأتون النــبي ‪ ‬فيســألونه فيُعرض عنهــم إذا لــم‬
‫يجد ما يعطيهم ‪ ،‬فأمر أن يحسن لهم القول إلى أن يرزقه هللا ما يعطيهم‪.‬‬

‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫سوراً ‪‬‬ ‫س ْط َها ُك َّل ا ْلبَ ْ‬
‫س ِط فَتَ ْقعُ َد َملُوما ً َم ْح ُ‬ ‫قال تعالى ‪َ ‬وال ت َْج َع ْل يَ َد َك َم ْغلُولَةً ِإلَى ُعنُقِ َك َوال تَ ْب ُ‬
‫‪153‬‬
‫‪‬التوازن هـــو القاعدة الكـــبرى فـــي المنهـــج اإلســـالمي ‪ ،‬والغلـــو كالتفريـــط يخـــل‬
‫بالتوازن ‪.‬‬
‫‪  ‬الصــورة البيانيــة فــي اآليــة اســتعارة تمثيليــة لمنــع الشحيــح‬
‫وإعطاء المسـرف فقـد شبـه حال البخيـل فـي امتناعـه مـن االنفاق‬
‫بحال مــن يده مغلولــة إلــى عنقــه فهــو ال يقدر علــى التصــرف فــي‬
‫شيـء وشبـه حال المسـرف المبذر المتالف بحال مـن يبسـط يده كـل‬
‫البسـط فال يبقـي علـى شيـء فـي كفـه وال يدخـر شيئـا ينفعـه فـي حال‬
‫الحاجة ليخلص الى نتيجة مجدية وهي التوسط بين األمرين‬
‫‪‬قال ‪ { : ‬مـا مـن يوم يصـبح العبا ُد فيـه إال ملكان ينزالن فيقول أحدهمـا ‪:‬‬
‫أعط ممسكا ً تلفا ً } (البخاري) ‪.‬‬ ‫أعط منفقا ً خلفا ً ويقول اآلخر ‪:‬‬
‫هللا ِ‬ ‫اللهم ِ‬
‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫شا ُء َويَ ْق ِد ُر ِإنَّهُ َك َ‬
‫ان بِ ِعبَا ِد ِه َخ ِبيراً‬ ‫ق لِ َمنْ يَ َ‬‫سطُ ال ِّر ْز َ‬
‫قال تعالى ‪ِ ‬إنَّ َربَّ َك يَ ْب ُ‬
‫صيراً‪‬‬ ‫بَ ِ‬
‫‪154‬‬
‫‪ ‬إ**ن اهلل* يبس**ط الرزق ويوس**عه لم**ا يشاء بقط**ع النظ**ر‬
‫عن عقله وأصله ‪.‬‬
‫‪ ‬يقدر الرزق ويقتره ويقلل*ه عل*ى م*ن يشاء م*ن خلق*ه ‪،‬‬
‫وهو أعلم بهم ‪ ،‬بصير بظواهرهم وأعمالهم ‪.‬‬
‫الغ َن**ى والفق**ر مرجع**ه إل**ى اهلل * تعال**ى فق**ط وف**ق‬ ‫‪ ‬وأم**ا ِ‬
‫حكم*ة يعلمه*ا اهلل* ومص*داقاً لهذا القول قول*ه تعال*ى ‪َ ‬ولَ ْو‬
‫ض* َولَ ِك ْن* ُي َنِّز ُل* ِبقَ َد ٍر‬
‫اَألر ِ‬
‫ْ‬ ‫*ي‬
‫ف‬‫ق* ِل ِعب ِاد ِه* لَب َغوا ِ‬
‫َ ْ‬ ‫الرْز َ َ‬ ‫ط اهللُ* ِّ‬ ‫س* َ‬‫َب َ‬
‫صير ‪ُّ ‬‬ ‫شاء ِإ َّن ُه ِب ِعب ِاد ِه َخ ِبير ب ِ‬
‫{الشورى‪}27:‬‬
‫ٌ َ ٌ‬ ‫َ‬ ‫َما َي َ ُ‬
‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫ما ترشد إليه اآليات‬
‫‪155‬‬

‫‪‬ما ترشد إليه اآليات ‪:‬‬


‫‪ -1‬يجــب تقديـــم يــد المســاعدة إلــى القريــب والمســكين‬
‫آتــ َذا ا ْلقُ ْربَــى َحقَّهــُ‬
‫والمســافر المنقطــع فــي ســفره { َو ِ‬
‫ين }‬ ‫َوا ْل ِم ْ‬
‫س ِك َ‬
‫‪ -2‬ينهـى النـص الكريـم عـن عادة سـيئة فـي المجتمـع وهـي الشـح‬
‫والبخــل ‪ .‬قال تعالــى ‪َ ‬وال تَ ْج َع ْلــ يَ َد َكــ َم ْغلُولَ ًةــِإلَــى ُعنُقِ َكــ َوال‬
‫سوراً }‪.‬‬ ‫س ْط َها ُك َّل ا ْلبَ ْ‬
‫س ِط فَتَ ْق ُع َد َملُوما ً َم ْح ُ‬ ‫تَ ْب ُ‬
‫‪ -3‬ينهـى القرـآـن الكريم عـن التبذيـر ‪ ،‬وذلـك عـن طريق إنفاق المال‬
‫في غير وجهه الشرعي ‪ ،‬كإنفاقه في المعاصي وغير ذلك ‪.‬‬
‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫من { ما ترشد إليه اآليات }‬
‫‪156‬‬

‫‪ -4‬يجــب مخاطبــة المحتاج بالقول الليــن الذي ال يجرح‬


‫سورا }ً‬‫نفسه إذا لم يكن المال متوفراً ‪{ .‬فَقُ ْل لَ ُه ْم قَ ْوالً َم ْي ُ‬
‫‪ -5‬يحــث القرآــن علــى التوازن فــي اإلنفاق عــن طريــق‬
‫االقتصـاد الذي يعنـي أــن ينفـق اإلنســان حســب مــا يدخــل‬
‫عليه من مال‬
‫‪ -6‬إن هللا تعالـى يرزق الناس حسـبما تقتضـي إرادتـه فهـو‬
‫الخبير البصير بهم‪.‬‬

‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫المقطع الثالث‬
‫دعائم المجتمع اإلسالمي من الداخل‬
‫‪157‬‬
‫ق* َن ْح ُن* َن ْرُزقُ ُه ْم* َوِإ َّيا ُك ْم* ِإ َّ*ن‬ ‫ش َي َة* ِإ ْمال ٍ‬ ‫خ‬ ‫*‬‫م‬ ‫ك‬
‫َ َ ُ ْ َُْ َ ْ‬ ‫الد‬ ‫َأو‬ ‫ا‬‫و‬ ‫ل‬
‫ُ‬ ‫ت‬ ‫ق‬
‫ْ‬ ‫ت‬ ‫ال‬
‫و‬ ‫‪‬‬ ‫‪:‬‬ ‫*ى‬‫*‬ ‫تعال‬ ‫قال‬ ‫‪‬‬

‫اء‬ ‫*‬ ‫*‬‫س‬ ‫و‬ ‫*‬ ‫*‬‫ة‬‫ً‬ ‫ش‬


‫َ‬ ‫ان** فَ ِ‬
‫اح‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫*‬ ‫*‬‫ه‬ ‫َّ‬
‫ن‬ ‫ِإ‬ ‫*ى‬‫*‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ِّ‬
‫الز‬ ‫ا‬‫و‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫ق‬
‫ْ‬ ‫ت‬ ‫ال‬‫و‬ ‫ر‬
‫ً‬‫ا‬ ‫ي‬ ‫ب‬‫ِ‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫ً‬‫ا‬ ‫ئ‬ ‫ط‬
‫ْ‬ ‫خ‬‫ِ‬ ‫ان**‬‫قَ ْتلَ ُه ْم** َك َ‬
‫َ َ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ َ َُ‬
‫ق َو َم ْن قُِت َل* َم ْظلُوماً‬ ‫س* الَّ ِت*ي َحَّرَم* اللَّ ُه* ِإال ِبا ْل َح ِّ‬ ‫الن ْف َ‬ ‫س ِبيالً َوال تَ ْقتُلُوا َّ‬ ‫َ‬
‫ص*و ارً َوال‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫*‬
‫ن‬ ‫ا‬ ‫ك‬ ‫*‬‫ه‬ ‫َّ‬
‫ن‬ ‫ِإ‬ ‫*‬
‫ل‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫ق‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫*ي‬ ‫ِ‬
‫ف‬ ‫ف‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫*‬
‫س‬ ‫ي‬ ‫ال‬ ‫ف‬ ‫ا‬ ‫ان‬ ‫ط‬ ‫ل‬ ‫*‬‫س‬ ‫*‬
‫ه‬‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ِ‬
‫ل‬ ‫و‬ ‫ِ‬
‫ُ َ َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُْ ْ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫فَقَ ْد َج َع ْل َن*ا َ‬
‫ل‬
‫ش َّدهُ * َو َْأوفُوا‬ ‫س * ُن َحتَّ**ى َي ْبلُ َغ * َأ ُ‬ ‫َأح‬ ‫*‬ ‫ي‬ ‫ِ‬
‫ه‬ ‫*ي‬ ‫*‬‫ِ‬
‫ت‬ ‫َّ‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫ب‬‫ِ‬ ‫ال‬ ‫ِإ‬ ‫*‬ ‫ِ‬
‫يم‬ ‫ِ‬
‫ت‬ ‫ال * ا ْل َي‬‫تَ ْق َرُبوا َم َ‬
‫َ ْ َ‬
‫س * * *ُؤ والً َو َْأوفُوا ا ْل َك ْي َل * * * ِإ َذا ِك ْلتُ ْم * * * َو ِزُنوا‬ ‫َ ْ‬‫م‬ ‫*‬ ‫*‬ ‫*‬ ‫ان‬‫َ‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫د‬
‫َ‬ ‫ه‬
‫َْ‬ ‫ع‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫ا‬ ‫*‬ ‫*‬ ‫*‬‫ن‬‫َّ‬ ‫ِإ‬ ‫ِبا ْلعه ِ‬
‫د‬ ‫َْ‬
‫س* لَ َك* ِب ِه* ِع ْل ٌم*‬ ‫َ َْ‬‫ي‬‫َ‬‫ل‬ ‫*ا‬‫م‬ ‫*‬
‫ف‬ ‫ُ‬ ‫ق‬
‫ْ‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫ال‬
‫و‬ ‫َ‬ ‫ال‬
‫ً‬ ‫ي‬‫و‬‫ِ‬ ‫ْأ‬‫َ‬‫ت‬ ‫ن‬ ‫*‬‫س‬ ‫َأح‬
‫ٌْ َ ْ َ ُ‬ ‫و‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫خ‬
‫َ‬ ‫*‬
‫ك‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫ل‬ ‫ذ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫يم‬ ‫ِ‬
‫ق‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫*‬
‫س‬ ‫م‬
‫ُ ْ‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫ا‬ ‫ِ‬
‫اس‬ ‫ط‬
‫َ‬ ‫*‬
‫س‬ ‫ِ‬
‫ِبا ْل ْ‬
‫ق‬
‫ض*‬‫اَألر ِ‬ ‫*ي‬ ‫ش* ِ‬
‫ف‬ ‫ِ‬ ‫م‬ ‫َ‬‫ت‬ ‫ال‬ ‫و‬ ‫ال‬
‫ً‬ ‫و‬ ‫ُؤ‬‫*‬‫س‬ ‫م‬ ‫*‬
‫ه‬‫ُ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫ع‬ ‫*‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫*‬
‫ك‬ ‫َ‬ ‫اد ُك ُّ*ل ُأولَِئ‬ ‫َ‬ ‫َؤ‬‫ف‬
‫ُ‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫ر‬ ‫*‬
‫ص‬ ‫ب‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫*‬
‫س‬‫َّ‬ ‫ال‬ ‫ن‬
‫*‬
‫َّ‬ ‫ِإ‬
‫ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ ََ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫س* ِّيُئ ُه ِع ْن َد‬
‫َ َ‬ ‫*‬
‫ن‬ ‫ا‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫*‬
‫ك‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫ل‬ ‫ض* َولَ ْن* تَْبلُ َغ* ا ْل ِج َبا َل* طُوالً ُك ُّ*ل َذ‬ ‫اَأْلر َ‬
‫ق* ْ‬ ‫َم َرحاً ِإ َّن َك* لَ ْن* تَ ْخ ِر َ‬
‫آخ َر‬‫ك* ِم َن* ا ْل ِح ْك َم ِة* َوال تَ ْج َع ْل* َم َع* اللَّ ِه* ِإلَهاً َ‬ ‫ح ى ِإَل ْي َك* َرُّب َ‬ ‫َرِّب َك* َم ْك ُروهاً َذ ِل َك* ِم َّم*ا َْأو َ*‬
‫رً‪ ‬اآليات ‪. 39-31‬‬ ‫فَتُْلقَى ِفي َج َه َّن َم َملُوماً َم ْد ُحو ا‬
‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫ق َن ْح ُن َن ْرُزقُ ُه ْم َوِإ َّيا ُك ْم ِإ َّن قَ ْتلَ ُه ْم‬ ‫ش َي َة ِإ ْمال ٍ‬
‫الد ُك ْم َخ ْ‬
‫‪َ  :‬وال تَ ْقتُلُوا َْأو َ‬
‫ان ِخ ْط‬
‫‪158‬ئاً َك ِبي ارً‬ ‫َك َ‬
‫‪ ‬المناســبة اآليات لمــا ســبقها ‪ :‬بع **د أ **ن ذكرت اآليات الس **ابقة‬
‫حقوق ذوي القرب * **ى والمس * **اكين واب * **ن الس * **بيل ‪ ،‬ونه * **ت ع * **ن‬
‫التبذي*ر ‪ ،‬وحث*ت عل*ى االقتص*اد ف*ي المعيش*ة ‪ ،‬وقررت أ*ن َّ‬
‫الرزاق‬
‫ه **و اهلل* * وحده ‪ ،‬جاء **ت هذه اآليات لتبن **ي المجتم **ع اإلس **المي‬
‫وتضع القواعد األساسية له ‪ ،‬وهذا تفصيل لذلك ‪.‬‬
‫‪‬ثالثاً ‪ :‬المعنى اإلجمالي ‪:‬‬
‫‪ 1‬ا***لنه**يع*ن ق **ت**ل ا **ألو*الد ‪:‬ي **نه**ى ا***هلل * ت* **ع**ا **لىع**ن ق***ت**ل ا **ألو*الد مخاف**ة‬
‫ا***لفق**ر ‪ ،‬و*ق**د ك**انو*ا ي **فعلون ذل**ك ‪،‬ف * **طمأنه**م* ا***هلل** ت* **ع**ا **لىف * **قا **ل‪َ  :‬ن* * ْح ُن‬
‫َن* * ْر*ُز*قُ* ُه ْم* َو *ِإ َّيا ُك ْم*‪ ‬أ*يأ*ن ا***هلل ي* **رز*ق*هم* و*رز*ق*كم* ت* **ابع* ل**هم* ‪.‬‬
‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫ان ِخ ْطئاً َك ِبي ارً‬
‫ق َن ْح ُن َن ْرُزقُ ُه ْم َوِإ َّيا ُك ْم ِإ َّن قَ ْتلَ ُه ْم َك َ‬
‫ش َي َة ِإ ْمال ٍ‬
‫الد ُك ْم َخ ْ‬
‫‪َ  :‬و ال تَ ْقتُلُوا َْأو َ‬
‫‪159‬‬

‫‪‬معنى (خشية إمالق) خوف الفقر المتوقع في المستقبل‪.‬‬


‫‪ ‬وقيــل كان أهــل الجاهليــة ال يورثون البنات ‪ ،‬بــل كان أحدهــم‬
‫ربما قتل ابنته حتى ال تكثر عياله فنهى هللا تعالى ورسوله عن ذلك‪.‬‬
‫الـ‪َ« :‬أ ْنـ تَ ْج َع َلـ هَّلِل ِ‬‫بـ َأ ْعظَ ُمـ ِع ْن َد هَّللا ِ ؟ قَ َ‬‫الذ ْن ِ‬‫ي َّ‬ ‫سـئل النـبي ‪َ ‬أ ُّـ‬ ‫‪ُ ‬‬
‫فـ َأ ـْن‬ ‫ي ؟ قَا َلـ‪َ « :‬وَأ ْنـ تَ ْقتُ َلـ َولَ َد ـَك تَ َخا ُ‬ ‫تـ‪ :‬ثُ َّمـ َأ ُّـ‬ ‫نِ ًّدا َو ُه َو َخلَقَ ـَك » ‪ .‬قُ ْل ُ‬
‫ك» البخاري‪.‬‬ ‫ي؟ قَا َل‪َ« :‬أنْ تُ َزانِ َي َحلِيلَةَ َجا ِر َ‬ ‫ت‪ :‬ثُ َّم َأ ُّ‬
‫يَ ْط َع َم َم َع َك»قُ ْل ُ‬
‫‪ ‬قولـه تعالـى ‪ِ  :‬إ َّـن قَ ْتلَ ُه ْمـ َكا َنـ ِخ ْطئا ً َكبِيراً‪ ‬إن قتـل األبناء ذنـب عظيـم‬
‫انـ لِ ُمْؤ ِم ٍنـ َأ ْنـ يَ ْقتُل َـ‬
‫وجرم خطيـر ال يفعلـه إنسـان عاقـل‪ ،‬يقول تعالـى ‪َ  :‬و َمـا َك َ‬
‫خطًَأ ‪ ‬النساء ‪92‬‬
‫ُمْؤ ِمنا ً ِإال َ‬
‫طًأ } ه**و الخط**أ غي**ر‬ ‫‪  ‬معن**ى { ِخ ْطئاً } ه**و الخط**أ المتعم**د ومعن**ى َ‬
‫{خ َ‬
‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫المتعمد‪.‬‬
‫‪07:01‬‬ ‫‪PM 3/10/23‬‬
‫س ِبيالً‬ ‫اء‬ ‫س‬‫و‬ ‫ة‬
‫ً‬ ‫ش‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫اح‬‫ف‬
‫َ‬ ‫ان‬
‫َ‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫ن‬ ‫ِإ‬ ‫ى‬‫ن‬‫َ‬ ‫ِّ‬
‫الز‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫ب‬‫ر‬ ‫ق‬
‫ْ‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫ال‬
‫و‬
‫َ َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫‪160‬‬

‫اء َس* * * ِبي ًال‪ ‬ي **نه**ى‬‫*‬ ‫س‬


‫َ َ َ‬‫*‬‫و‬ ‫*‬‫ة‬‫ً‬ ‫ش‬
‫َ‬ ‫ان فَ* * * ِ‬
‫اح‬ ‫َ‬ ‫*‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫*‬ ‫*‬‫ه‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫ن‬ ‫ِإ‬ ‫*ى‬‫*‬‫ن‬
‫َ‬‫ز‬‫ِّ‬
‫*ل‬ ‫*‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫*‬‫و‬‫ب‬‫ر‬
‫َُ‬‫ق‬‫ْ‬ ‫*‬ ‫*‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫ال‬
‫*‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫‪‬‬ ‫‪:‬‬‫*ا‬
‫*‬ ‫ن‬
‫ز‬‫*ل‬‫*‬ ‫ا‬ ‫*‬
‫م‬ ‫*‬ ‫*حري‬‫*‬ ‫*‬‫ت‬ ‫‪‬‬‫‪2‬‬ ‫‪‬‬
‫ا***لقر*آن عن مجرد مقاربة ا **لزنا ‪.‬‬
‫‪ ‬الزن**ا ‪ :‬أص**ل الزن**ا الضي**ق ‪ ،‬ومن**ه قول الرس**ول ‪ {: ‬ال يص**لين أحدك**م‬
‫هو زناء } أي مدافع للبول‪.‬‬
‫ضي**ق عل**ى نفس**ه ‪ ،‬حي**ث أخرج نطفت**ه إخراجاً ال ينس**ب إلي**ه ‪،‬‬ ‫‪ ‬فالزان**ي ّ‬
‫وألنه ضيق على نفسه في الفعل‪.‬‬
‫‪ ‬والزن*ا ف*ي االص*طالح ‪ :‬هـو وط*ء الرجـل الم أر*ة ف*ي قبله*ا م*ن غي*ر نكاح‬
‫وال شبهة نكاح ‪.‬‬
‫القبيح من القول والفعل‪ .‬وتطلق لوحدها على الزنا‬ ‫‪ ‬الفاحشة ‪:‬‬
‫‪‬ساء سبيال‪ :‬من السوء ‪ :‬وهو فعل ما يكره‪ ،‬والسوء الفجور والمنكر ‪.‬‬
‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫س ِبيالً‬ ‫اء‬ ‫س‬‫و‬ ‫ة‬
‫ً‬ ‫ش‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫اح‬‫ف‬
‫َ‬ ‫ان‬ ‫َّ‬
‫الزَنى ُ َ‬
‫ك‬‫َ‬ ‫ه‬‫ن‬ ‫ِإ‬ ‫َوال تَ ْقَرُبوا ِّ‬
‫َ َ َ َ‬
‫‪161‬‬

‫‪ ‬يعد الزنا قتالً من نواحي شتى هي‪:‬‬


‫‪ -1 ‬إن* **ه قت* **ل ابتداء ألن* **ه إراق* **ة لماء الحياة ف* **ي غي* **ر‬
‫موضعها ‪.‬‬
‫‪ -2 ‬يتبع**ه غالباً الرغب**ة ف**ي التخل**ص م**ن آثاره بقت**ل‬
‫الجنين قبل أن يتخلق أو بعد ذلك ‪.‬‬
‫قتل* للجماع*ة* الت**ي يفش**و فيه**ا‪ ،‬فتضي**ع‬ ‫يعد الزن**ا ٌ‬‫‪ُّ -3 ‬‬
‫األنس **اب وتختل **ط الدماء ‪ ،‬وتذه **ب الثق **ة ف **ي العرض ‪،‬‬
‫والولد ‪ ،‬وتتحلل الجماعة‬
‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫س ِبيالً‬ ‫اء‬‫س‬ ‫و‬ ‫ة‬
‫ً‬ ‫ش‬
‫َ‬ ‫ان فَ ِ‬
‫اح‬ ‫الزَنى ِإ َّن ُه َك َ‬
‫َوال تَ ْقَرُبوا ِّ‬
‫َ َ َ َ‬
‫‪162‬‬

‫‪‬كيف حارب اإلسالم جريمة الزنا ؟‬


‫‪ -1‬حرم االختالط في غير ضرورة ويحرم الخلوة ‪.‬‬
‫‪ -2‬نهى عن التبرج بزينة ‪.‬‬
‫‪ -3‬حض على الزواج لمن استطاع ‪.‬‬
‫‪ -4‬أوقـع اإلس*الم أش*د العقوب*ة عل*ى الجريم*ة حي*ن تق*ع ‪ ،‬يقول‬
‫الز ِان َي ُة* ال َي ْن ِك ُح َه*ا‬ ‫الز ِان*ي ال َي ْن ِك ُح* ِإال َز ِان َي ًة* َْأو ُم ْ‬
‫ش ِرَك ًة* َو َّ‬ ‫تعال*ى ‪َّ  :‬‬
‫ِإال َاز ٍن* َْأو ُم ْش ِر ٌك* َو ُحِّرَم* َذِل َك* َعلَ*ى ا ْل ُمْؤ ِم ِني َن*‪( ‬النور ‪ )4‬وم*ا م*ن‬
‫أمة فشا فيها الزنا إال صارت إلى انحالل ودمار‪.‬‬
‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫‪َ ‬وال تَ ْقتُلُوا النَّ ْف َ‬
‫س الَّتِي َح َّر َم هَّللا ُ ِإال بِا ْل َح ِّ‬
‫ق‪‬‬
‫‪163‬‬

‫‪ -3‬تحري**م القت**ل ‪ :‬ويتمث**ل ف**ي قول**ه تعال**ى ‪:‬‬


‫س الَِّتي َحَّرَم اللَّ ُه ِإال ِبا ْل َح ِّ‬
‫ق‪‬‬ ‫َ‬ ‫ف‬
‫ْ‬ ‫َّ‬
‫الن‬ ‫‪َ ‬وال تَ ْقتُلُوا‬
‫‪‬اإلس**الم دي**ن الحياة ‪ ،‬وعل**ى ذل**ك فقت**ل النف**س في**ه‬
‫ك*بيرة ‪ ،‬تل*ي الشرك باهلل* تعال*ى ‪ ،‬فاهلل* واه*ب الحياة ‪،‬‬
‫ولي*س ألح*د غي*ر اهلل* تعال*ى أ*ن يس*لبها إال بإذن*ه ف*ي‬
‫الحدود الت* **ي يرس* **مها ‪ ،‬وك* **ل نف* **س ه* **ي َح َرٌم * * ال‬
‫تُمس ‪ ،‬وحرام إال بالحق ‪.‬‬
‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫‪َ ‬وال تَ ْقتُلُوا النَّ ْف َ‬
‫س الَّتِي َح َّر َم هَّللا ُ ِإال بِا ْل َح ِّ‬
‫ق‪‬‬
‫‪164‬‬

‫‪‬متى يباح قتل النفس البشرية بالحق ؟‬


‫‪‬قت***ل النف***س البشري***ة بالح***ق لي***س متروكاً للرأ***ي ‪ ،‬وال متأث ارً‬
‫بالهوى‪ ،‬يقول الرس******ول ‪": ‬ال يح*****ل دم امرٍء***** مس*****لم إال بإحدى‬
‫ثالث ‪ :‬النف*****س بالنف*****س‪ ،‬والزان*****ي المحص*****ن‪ ،‬والتارك لدين*****ه‬
‫المفارق للجماعة”{ البخاري}‬

‫‪‬على هذا فقتل النفس ال يجوز إال بإحدى ثالث كما بينه الرسول ‪-:‬‬
‫‪ -1‬من قتل نفساً متعمداً بدون ِقصاص ‪.‬‬
‫‪ -2‬الزاني المحصن (المتزوج) فإن حده القتل ‪.‬‬
‫‪ -3‬المرتد عن اإلسالم ُيستتاب ثالثاً‪ ،‬فإن تاب عاد إلى اإلسالم إو ال‬
‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬
‫قتل ‪.‬‬
‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫صو ار ً‪‬‬ ‫ف ِفي ا ْلقَ ْت ِل ِإ َّن ُه َك َ‬
‫ان َم ْن ُ‬ ‫س ِر ْ‬
‫طاناً فَال ُي ْ‬
‫س ْل َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫‪َ ‬و َم ْن قُت َل َم ْظلُوماً فَقَ ْد َج َع ْل َنا ل َولِ ِّيه ُ‬
‫‪165‬‬

‫‪ *‬قول **ه تعال **ى ‪َ  :‬و َم ْن* * قُِت َل* * َم ْظلُوماً فَقَ ْد َج َع ْل َن **ا ِل َوِل ِّي ِه* *‬
‫طاناً‪ ‬والمظلوم ه**و‪ :‬م**ن قُت**ل بغي**ر س**بب م**ن غي**ر‬ ‫س * ْل َ‬
‫ُ‬
‫األس**باب المس**وغة لقتل**ه شرعاً وه**ي الواردة ف**ي الحدي**ث‬
‫النبوي فإن اهلل * تعال**ى ق**د جع**ل ل**ه س**لطانا وتس**لطا عل**ى‬
‫القاتل والمراد بالسلطان هو‪:‬‬
‫‪‬أ‪ُ -‬يمكن ولي المقتول من القاتل فيقتص منه*‪.‬‬
‫‪‬ب‪ -‬إن للولي الخيار بين أخذ الدية والعفو ‪.‬‬
‫‪‬ج‪ -‬إنه جعل لولي المقتول سلطاناً ينصره في الحق ‪.‬‬
‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫صو ار ً‪‬‬ ‫ف ِفي ا ْلقَ ْت ِل ِإ َّن ُه َك َ‬
‫ان َم ْن ُ‬ ‫س ِر ْ‬
‫طاناً فَال ُي ْ‬
‫س ْل َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫‪َ ‬و َم ْن قُت َل َم ْظلُوماً فَقَ ْد َج َع ْل َنا ل َوِل ِّيه ُ‬
‫‪166‬‬

‫ف ِف**ي ا ْلقَ ْت ِل * ‪‬اإلس * ارف* ه**و اإلفراط ومجاوزة‬


‫س * ِر ْ‬‫ي‬
‫ُْ‬ ‫ال‬‫ف‬
‫َ‬ ‫‪‬‬ ‫معنـى‬ ‫مـا‬ ‫‪‬‬
‫‪‬‬

‫الح * **د ف****ي القت * **ل اس * **تغالالً لهذا الح * **ق الذي منح * **ه إياه ويكون‬
‫اإلسراف في القتل بأمور منها ‪:‬‬
‫ف ِفي ا ْلقَ ْت ِل ‪:‬‬
‫س ِر ْ‬
‫ُْ‬‫ي‬ ‫ال‬‫ف‬
‫َ‬ ‫‪‬‬ ‫تعالى‬ ‫قوله‬ ‫في‬ ‫اف‬
‫ر‬ ‫باإلس‬ ‫اد‬
‫ر‬ ‫الم‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ ‬أ ‪ ‬أ**ن يقت**ل غي**ر القات**ل مم**ن ال ذن**ب له**م ‪ ،‬كم**ا يق**ع الثأر‬
‫الجاهل**ي الذي يؤخ**ذ في**ه اآلباء واإلخوة واألقارب بغي**ر ذن**ب‬
‫إال أنهم من أسرة القاتل ‪ ،‬أي من أقاربه‬
‫‪‬ب ‪ ‬أن يمثل في جثة القاتل ‪.‬‬
‫‪‬ج ‪ ‬أن يقتل القاتل بعد عقد المصالحة وأخذ الدية‪.‬‬
‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫صو ار ً‪‬‬ ‫ف ِفي ا ْلقَ ْت ِل ِإ َّن ُه َك َ‬
‫ان َم ْن ُ‬ ‫س ِر ْ‬
‫طاناً فَال ُي ْ‬
‫س ْل َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫‪َ ‬و َم ْن قُت َل َم ْظلُوماً فَقَ ْد َج َع ْل َنا ل َوِل ِّيه ُ‬
‫‪167‬‬
‫‪‬رـابعا ً ‪ :‬الحكمة من إقامة الحد ‪:‬‬
‫‪‬أ ‪ ‬إقامـة الحـد بقتـل القاتـل يقتـل قصـاصا ً وهـو ضمان لحياة سـائر‬
‫اةــيَــا ُأولِــي‬
‫ص َحيَ ٌ‬ ‫النفوس ‪ ،‬يقول تعالــى ‪َ  :‬ولَ ُك ْمــفِــي ا ْلقِ َ‬
‫صــا ِ‬
‫ب‪( ‬البقرة ‪ . )79‬ألن الدين اإلسالمي هو دين العدل‬ ‫اَأل ْلبَا ِ‬
‫‪‬ب ‪ ‬إقامـة الحـد يعمـل علـى دفـع الفسـاد المادي والرـوحـي الذي‬
‫يهدد أمن المجتمع واستقرارـه ‪ .‬فيكون المجتمع قويا آمنا مطمئنا ً‬
‫‪‬‬

‫‪ ‬قولـه تعالـى ‪ِ  :‬إنَّهُـ َك َ‬


‫انـ َم ْن ُ‬
‫صـوراً‪ ‬أـي أـن هللاـ نصـره بإثبات‬
‫القِصاص له‪ ،‬وكذلك الولي ُمعان بأخذ الدية أو العفو‪.‬‬
‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫س ُن َحتَّى يَ ْبلُ َغ َأ ُ‬
‫ش َّدهُ‪‬‬ ‫يم ِإال بِالَّتِي ِه َي َأ ْح َ‬
‫‪َ ‬وال تَ ْق َربُوا َما َل ا ْليَتِ ِ‬
‫‪168‬‬

‫‪ -4‬تحري*م أك*ل مال اليتي*م ‪ :‬ويتمث*ل ذل*ك ف*ي قول*ه تعال*ى ‪:‬‬
‫‪َ ‬وال تَ ْق َرُبوا َما َل* ا ْل َي ِتيِم* ‪ ....‬بع*د أ*ن انته*ى الن*ص الحكي*م‬
‫م*ن حرم*ة العرض والنس*ل يتحدث ف*ي هذا الن*ص ع*ن حرم*ة‬
‫مال اليتي* * **م ‪ ،‬وذل* * **ك بقولـه* ال تتص* * **رفوا بمال اليتي* * **م إال‬
‫بالطريق*ة* الت*ي تفي*د حفظ*ه واس*تثماره ‪ ،‬حت*ى يبل*غ س*ن الرش*د ‪،‬‬
‫ويحسن التصرف في المال‬
‫‪‬اليتي**م ‪ :‬ه**و الص**بي الذي فق**د أباه قب**ل البلوغ ‪ ،‬والص**غير‬
‫من الحيوان أو البهائم من ماتت أمه وانقطع عنها ‪.‬‬
‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫س ُن َحتَّى يَ ْبلُ َغ َأ ُ‬
‫ش َّدهُ‪‬‬ ‫يم ِإال بِالَّتِي ِه َي َأ ْح َ‬
‫‪َ ‬وال تَ ْق َربُوا َما َل ا ْليَتِ ِ‬
‫‪169‬‬

‫شداً‬ ‫س*تُ ْم ِم ْن ُه ْم* ُر ْ‬


‫الن َكا َح* فَِإ ْن* آ َن ْ‬
‫ام*ى َحتَّ*ى ِإ َذا َبلَ ُغوا ِّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬‫ت‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫ا‬ ‫ا‬‫و‬‫ُ‬‫ل‬‫َ‬‫ت‬‫اب‬
‫ْ‬ ‫و‬ ‫َ‬ ‫‪‬‬ ‫*ى‬ ‫ل‬ ‫تعا‬ ‫قال‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬
‫س َرافاً َوِب َدا ارً ْ ُ‬
‫َأن َي ْك َبروا‪ ‬النساء ‪11‬‬
‫وها ِإ ْ‬
‫َأم َوالَ ُه ْم َوال تَْأ ُكلُ َ‬ ‫ادفَ ُعوا ِإلَ ْي ِه ْم ْ‬
‫فَ ْ‬
‫(‬

‫ام*ى ظُ ْلماً ِإ َّن َم*ا َيْأ ُكلُو َن* ِف*ي ُبطُوِن ِه ْم*‬ ‫َ َ‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫ي‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫ا‬ ‫*‬
‫ل‬ ‫َ‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫َأم‬ ‫*‬
‫ن‬
‫َ َ َ َْ‬ ‫و‬ ‫ل‬
‫ُ‬ ‫ك‬
‫ُ‬ ‫ْأ‬ ‫ي‬ ‫*‬
‫ن‬ ‫ي‬ ‫ذ‬‫ِ‬ ‫َّ‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫ن‬
‫*‬
‫َّ‬ ‫ِإ‬ ‫‪‬‬ ‫*ى‬ ‫ل‬ ‫تعا‬ ‫وقال‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬
‫)‬
‫رً‪ ‬النساء ‪10‬‬
‫(‬
‫س ِعي ا‬ ‫صلَ ْو َن َ‬ ‫س َي ْ‬ ‫َنا ارً َو َ‬
‫‪‬خامساً ‪ :‬هل يباح للولي أن يأكل من مال اليتيم ؟‬
‫‪ 1‬ل**لوص**يإذا ك**ان ف * **قيرا*ً أ**ن ي* **أك**ل م*ن ما **لا***ليتي*م* ب* **مقدار ح*اج**ة‬
‫ا***ليتيم* ل**ه*ذا ا***لما **لمن طع**ام* أو ك**سو*ة من غير إ*سرا**ف‪،‬‬
‫‪ 2 ‬إو ذا كان الوص*ي غنياً وج*ب علي*ه أ*ن يتعف*ف ع*ن مال اليتي*م‬
‫‪ ،‬ويقنع بما رزقه اهلل تعالى من الغنى‪.‬‬
‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫س ُن َحتَّى يَ ْبلُ َغ َأ ُ‬
‫ش َّدهُ‪‬‬ ‫يم ِإال بِالَّتِي ِه َي َأ ْح َ‬
‫‪َ ‬وال تَ ْق َربُوا َما َل ا ْليَتِ ِ‬
‫‪170‬‬

‫‪ ‬مالحظـة ‪ :‬عل**ى الوص**ي أ**ن يحاف**ظ عل**ى أموال اليتي**م وال يتعج**ل‬
‫ف **ي إنفاق **ه وتبذيره ‪ ،‬ب **ل علي **ه أ **ن ينم **ي هذا المال فيم **ا يعود‬
‫بالنف*ع عل*ى اليتي*م ‪ ،‬حت*ى إذا بل*غ س*ن الرش*د وج*ب عل*ى الوص*ي‬
‫أن يسلم إليه ماله تاماً موفو ارً ‪.‬‬
‫‪ ‬ما المراد بأشده ؟‬
‫‪‬ص*الح عق*ل والقدرة عل*ى إص*الح المال إلجماع العلماء عل*ى أن*ه‬
‫إذا كان كذل **ك ل **م يك **ن مم **ن يس **تحق الحج* *ر* علي **ه ف **ي مال **ه‬
‫والرس*ول ‪ ‬يح*ث عل*ى كفال*ة اليتي*م فقال ‪ { :‬أن*ا وكاف*ل اليتي*م ف*ي‬
‫الجنة هكذا ‪ ،‬وأشار بالسبابة والوسطى } البخاري‪.‬‬
‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫سُؤ والً‪‬‬ ‫م‬ ‫ان‬‫ك‬‫َ‬ ‫د‬
‫َ‬ ‫ه‬ ‫ع‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫ا‬ ‫ن‬
‫َّ‬ ‫ِإ‬ ‫ِ‬
‫د‬ ‫‪َ ‬و َْأوفُوا ِبا ْل َع ْه‬
‫َ َ ْ‬ ‫َْ‬
‫‪171‬‬

‫‪ -5‬وجوب الوفاء بالعه********د ‪َ  :‬و َْأوفُوا ِبا ْل َع ْه ِد ِإ َّن******** ا ْل َع ْه َد َكا َن********‬


‫مسئوال‪ ‬أي أتموا العهد وهو الوصية أي أتموا أداء الوصية ‪.‬‬
‫‪ ‬الوفاء بالعه**د فضيل**ة م**ن الفضائ**ل اإلس**المية العلي**ا‪ ،‬و ُخل**ف‬
‫الوعد رذيلة من الرذائل ‪ ،‬وصفة من صفات المنافقين‪.‬‬
‫‪ ‬أنواع العه**د أم *ر* عام يشم**ل م**ا بي**ن العب**د ورب**ه‪ ،‬وم**ا بي**ن‬
‫العبد ونفسه‪ ،‬وما بين العبد والناس ‪.‬‬
‫‪ ‬قال اب **ن عباس ‪ { : ‬م **ا ظه **ر الغلول ف **ي قوم ق **ط إال ألق **ى اهلل* * ف **ي‬
‫قلوبه*م الرع*ب ‪ ،‬وال فش*ا الزن*ا ف*ي قوم إال كث*ر فيه*م الموت ‪ ،‬وال نق*ص قوم‬
‫المكيال والميزان إال قط**ع عنه**م الرزق ‪ ،‬وال حك**م قوم بغي**ر الح**ق إال فش**ا‬
‫فيهم الدم ‪ ،‬وال غدر قوم العهد إال سلط اهلل عليهم العدو}‬
‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫س ُن تَْأ ِويالً‪‬‬
‫يم َذلِكَ َخ ْي ٌر َوَأ ْح َ‬ ‫‪َ ‬وَأ ْوفُوا ا ْل َك ْي َل ِإ َذا ِك ْلتُ ْم َو ِزنُوا بِا ْلقِ ْ‬
‫سطَا ِ‬
‫س ا ْل ُم ْ‬
‫ستَقِ ِ‬
‫‪172‬‬

‫‪ 6‬وجوب الوفـاء ف*ي الكيـل والميـزان ‪ :‬قال تعال*ى ‪َ ‬و َْأوفُوا ا ْل َك ْي َل* ِإ َذا‬
‫س ُن تَْأ ِويالً‪: ‬‬‫َأح‬
‫ْ‬ ‫و‬ ‫ر‬ ‫ي‬
‫ْ‬ ‫خ‬
‫َ‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫اس ا ْلمستَ ِق ِيم َذ ِ‬
‫ل‬ ‫ِ‬ ‫ط‬‫َ‬ ‫س‬ ‫ِك ْلتُم و ِزُنوا ِبا ْل ِ‬
‫ق‬
‫ٌ َ َ‬ ‫ُ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ‬
‫‪ 1‬ا***لمر*اد أ*ن إ*يفاء ا***لكي*ل و*ا **الس*تقامة ف * **يا **لوزن أ*مان*ة ف * **يا***لتع**ام*ل ‪،‬‬
‫و*نظافة ف * **يا***لقلب‪،‬و*ا*ستقامة و*طه*ار*ة و*ثقة ف * **يا***لمجتمع* ‪.‬‬
‫‪ 2‬و*ا* **لطم *ع* ف* * **يا***لكي**ل و*ا **لوزن غ*شو*خيان**ة ف* * **يا***لتع**ام**ل ت* **نز*ع‬
‫ب* **هما ا***لثقة ‪ ،‬و*تقل ب* **هما ا***لبر*كة ف * **يمحيط ا***لجماعة‪.‬‬
‫‪ 3‬ح**ثا***هلل * عل**ىإ*تمام* ا***لكي**ل ‪ ،‬و*تو*ع**د ا **لذي**ن ي **نقص**ونه* ف * **قا **ل‬
‫ون َو *ِإ َذا‬ ‫ف‬
‫ُ‬ ‫و‬‫ت‬
‫َ‬
‫َ ْ ْ َ‬‫*‬
‫س‬ ‫*‬ ‫*‬‫ي‬ ‫ِ‬
‫اس‬ ‫َّ‬
‫ن‬
‫ل‬ ‫ا***‬ ‫*ى‬
‫َ‬‫ل‬‫ع‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫*ل‬
‫ُ‬‫*‬ ‫ا‬‫َ‬‫ت‬ ‫ك‬
‫ْ‬ ‫*‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ذ‬
‫َ‬ ‫ِإ‬ ‫ين‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫ذ‬
‫*ل‬‫َّ‬
‫*‬ ‫ا‬ ‫ين‬ ‫ِ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫ت* **ع**ا **لى ‪َ ‬و*ْيٌل ُ َ‬
‫ف‬ ‫ف‬ ‫ط‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫ل**‬
‫َ‬
‫‪ ‬ا***لمطفيين ‪3-1‬‬
‫)‬
‫ون‬ ‫ر‬ ‫(‬
‫س‬‫ِ‬
‫وه ْم* َْأو َو*َز*ُنو ُ*ه ْم* ُي* * ْخ ُ َ‬
‫َك *ا *ُ*ل ُ‬
‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫س ُن تَْأ ِويالً‪‬‬
‫يم َذلِكَ َخ ْي ٌر َوَأ ْح َ‬ ‫‪َ ‬وَأ ْوفُوا ا ْل َك ْي َل ِإ َذا ِك ْلتُ ْم َو ِزنُوا بِا ْلقِ ْ‬
‫سطَا ِ‬
‫س ا ْل ُم ْ‬
‫ستَقِ ِ‬
‫‪173‬‬

‫يم‪ ‬أمـر هللاـ تعالـى‬ ‫سـتَقِ ِ‬ ‫سـطَا ِ‬


‫س ا ْل ُم ْ‬ ‫‪ ‬قال تعالـى‪َ ‬و ِزنُوا بِا ْلقِ ْ‬
‫فــي هذه اآليــة بإتمام الوزن بالعدل ونظيره قولــه تعالــى ‪:‬‬
‫)‬
‫س ُروا ا ْل ِمي َز َ‬
‫ان‪( ‬الرحمن ‪9‬‬ ‫س ِط َوال تُ ْخ ِ‬ ‫‪َ ‬وَأقِي ُموا ا ْل َو ْز َن بِا ْلقِ ْ‬
‫سـ ُن تَْأ ِويالً‪ ‬أـي إتمام الكيـل‬ ‫‪ ‬وقولـه تعالـى‪َ ‬ذلِ َكـ َخ ْي ٌر َوَأ ْح َ‬
‫وإقامـة الوزن بالعدل خيـر عنـد ربـك وأـبرك وأحسـن عاقبـة‬
‫وقيـل أحسـن عاقبـة فـي الدنيـا ‪ ،‬فهـو محبوب عنـد الناس ‪،‬‬
‫بـ عليـه يقول الرسـول ‪{ : ‬التاجـر األميـن الصـدوق مـع‬ ‫ويُثا ُ‬
‫النبيين والصديقين والشهداء} ابن ماجة‬

‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫ص َر َوا ْلفَُؤا َد ُك ُّل ُأولَِئ َك َك َ‬
‫ان َع ْنهُ َم ْ‬
‫سُؤ والً‪‬‬ ‫س ْم َع َوا ْلبَ َ‬
‫س لَ َك بِ ِه ِع ْل ٌم ِإنَّ ال َّ‬
‫‪َ ‬وال تَ ْقفُ َما لَ ْي َ‬
‫‪174‬‬

‫‪  7‬النه*ي ع*ن تتب*ع عورات المس*لمين ‪ :‬وتمث*ل ذل*ك ف*ي‬


‫الس* * ْم َع‬ ‫س* * لَ َك* * ِب ِه* * ِع ْل ٌم* * ِإ َّ*‬
‫ن* َّ‬ ‫قول **ه تعال **ى ‪َ  :‬وال تَ ْق ُ‬
‫ف* * َم**ا لَ ْي َ‬
‫ص *َر*‪  ...‬أ**ي ال تتب**ع م**ا ال تعل**م وال يعني**ك ‪ ،‬وال تق**ل‬ ‫َوا ْل َب َ‬
‫رأي**ت وأن**ت ل**م ت**ر ‪ ،‬وال س**معت وأن**ت ل**م تس**مع ‪ ،‬وعلم**ت‬
‫وأنت لم تعلم ‪.‬‬
‫‪ ‬وبالجمل*ة فإن هذه اآلي*ة تنه*ى ع*ن قول الزور والقذف‬
‫وقال اب*ن عباس ‪" :‬ال تشه*د إال بم*ا أرت*ه عيناك ‪ ،‬وس*معته‬
‫أذناك ‪ ،‬ووعاه قلبك"‬
‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫ص َر َوا ْلفَُؤا َد ُك ُّل ُأولَِئ َك َك َ‬
‫ان َع ْنهُ َم ْ‬
‫سُؤ والً‪‬‬ ‫س ْم َع َوا ْلبَ َ‬
‫س لَ َك بِ ِه ِع ْل ٌم ِإنَّ ال َّ‬
‫‪َ ‬وال تَ ْقفُ َما لَ ْي َ‬
‫‪175‬‬

‫اد‪ .....‬إ**ن التكل**م ف**ي الناس‬ ‫ص * َر َوا ْلفَُؤ َ‬ ‫ب‬


‫َ‬
‫ْ َ َ‬‫ل‬
‫ْ‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫*‬ ‫الس‬
‫َّ‬ ‫ن‬
‫*‬ ‫َّ‬ ‫ِإ‬ ‫‪‬‬ ‫‪:‬‬ ‫*ى‬ ‫*‬‫تعال‬ ‫*ه‬ ‫*‬‫قول‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬
‫اد‪‬‬ ‫ص َر َوا ْلفَُؤ َ‬ ‫كل هذا محرم شرعاً ‪ِ‬إ َّ*ن ال َّ‬
‫س* ْم َع َوا ْل َب َ‬ ‫بالظ*ن وتتب*ع العورات ‪*ُّ ،‬‬
‫كل واحد من ذلك كان صاحبه عنه مسئو ًال ‪ ،‬فيقال له ‪:‬‬
‫ِلم* س*معت م*ا ال يح*ل ل*ك س*ماعه ؟ ول*م نظرت إل*ى م*ا ال يح*ل ل*ك النظ*ر‬ ‫‪‬‬
‫َ‬
‫إليه ؟‬
‫‪ ‬قال القرط*بي ‪ُ " :‬يس*أل ك*ل واح*د منه*م عم*ا اكتس*ب ‪ ،‬فالفؤاد يس*أل عم*ا‬
‫افتك**ر في**ه واعتقده ‪ ،‬والس**مع والبص**ر عم**ا أر**ى م**ن ذل**ك وس**مع ‪ ،‬ونظيره‬
‫اع * ‪ ،‬وكلك**م مس**ئول ع**ن رعيت**ه ‪ "...‬وهـذا نظيـر قول**ه‬ ‫قول**ه ‪" : ‬كلك**م ر ٍ‬
‫ش َه ُد َْأر ُجلُ ُه ْم * ِب َم**ا‬ ‫اه ِه ْم * َوتُ َكلِّ ُم َن**ا َْأي ِدي ِه ْم * َوتَ ْ‬
‫تعال**ى ‪ :‬ا ْليوم * َن ْخ ِتـم علَ**ى َأ ْفو ِ‬
‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬
‫ون‪( ‬يس ‪. )65‬‬ ‫َكا ُنوا َي ْك ِس ُب َ‬

‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫ض ‪...‬‬
‫اَألر َ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫*‬
‫ر‬ ‫ِ‬ ‫خ‬
‫ْ‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫ن‬ ‫ِإ‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫ح‬‫ر‬ ‫م‬ ‫ِ‬
‫ض‬ ‫اَألر‬ ‫ي‬‫ف‬‫شِ‬
‫ِ‬ ‫م‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫ال‬
‫و‬ ‫‪‬‬
‫ْ‬ ‫ََ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫‪176‬‬

‫‪  8‬النه**ي والتحذي**ر م**ن الك**بر والخيالء ‪:‬قال تعال **ى ‪َ ‬وال‬


‫ض* ‪ ...‬وتُخت*م‬ ‫اَألر‬
‫َ ْ َ‬ ‫*‬
‫ق‬ ‫ِ‬
‫ر‬ ‫خ‬
‫ْ‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫*‬
‫ن‬ ‫ْ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫*‬
‫ك‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫ن‬ ‫ِإ‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫ح‬‫ر‬ ‫م‬ ‫*‬
‫ض‬ ‫ِ‬ ‫اَألر‬ ‫*ي‬‫ِ‬
‫ف‬ ‫*‬
‫ش‬ ‫ِ‬ ‫م‬ ‫ت‬
‫َ‬
‫ََ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫هذه التوجيهات اإللهي**ة الت**ي دع**ت إل**ى الفضائ**ل واآلداب‬
‫ومكارم األخالق بالتحذي **ر م **ن الك **بر والخيالء ‪ ،‬فال يلي **ق‬
‫باإلنس***ان وه***و العب***د الضعي***ف العاج***ز أ***ن يتك***بر وه***و‬
‫معروف البداي*ة والنهاي*ة والتواض*ع أدب م*ع اهلل* تعال*ى وأدب‬
‫م**ع الناس ‪ ،‬أدب نفس**ي وأدب اجتماع**ي ‪ ،‬والمتك**بر يكره**ه‬
‫اهلل* تعال**ى لبطره ونس**يان نعمت**ه ‪ ،‬ويكره**ه الناس النتفاش**ه‬
‫وتعاليه ‪.‬‬
‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫ض ‪...‬‬
‫اَألر َ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫*‬
‫ر‬ ‫ِ‬ ‫خ‬
‫ْ‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫ن‬ ‫ِإ‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫ح‬‫ر‬ ‫م‬ ‫ِ‬
‫ض‬ ‫اَألر‬ ‫ي‬‫ف‬‫شِ‬
‫ِ‬ ‫م‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫ال‬
‫و‬ ‫‪‬‬
‫ْ‬ ‫ََ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫‪177‬‬

‫‪ ‬قال ‪ : ‬قال هللاـ عـز و جـل ‪" :‬الكـبرياء ردائـي ‪ ،‬والعظمـة‬


‫إزاري ‪ ،‬فمن نازعني في واحدة عذبته وال أبالي" (مسلم) ‪.‬‬
‫‪ ‬قال الرسول‪" : ‬من تواضع هلل رفعه هللا ‪ ،‬فهو في نفسه حقير‬
‫وعند الناس كبيرـ ‪ ،‬ومن استكبر وضعه هللا}(البخاري) ‪.‬‬
‫‪ ‬فاإلنسـان مهمـا بلـغ مـن القوة فلـن يسـتطيع أـن يخرق‬
‫األرض ‪ ،‬وال يسـتطيع أـن يسـاوي الجبال فـي ضخامـتهـا ‪ ،‬أـي‬
‫ال يســتطيع بعظمتــه وقدرتــه أــن يبلــغ هذا المبلــغ بكــبريائه‬
‫ومشيه عليها ‪ ،‬بل اإلنسان عبد ذليل ‪.‬‬

‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫س ِّيُئ ُه ِع ْن َد َرِّب َك َم ْك ُروهاً َذ ِل َك ِم َّما َْأو َحى ِإلَ ْي َك َرُّب َك ِم َن‬ ‫ان‬
‫َ َ‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫ل‬ ‫‪ُ ‬ك ُّل َذ‬
‫آخ َر فَتُ ْلقَى ِفي َج َه َّن َم َملُوماً َم ْد ُحو ارً‪‬‬ ‫ا ْل ِح ْك َم ِة َوال تَ ْج َع ْل َم َع اللَّ ِه ِإلَهاً َ‬
‫‪178‬‬

‫س ِّيُئ ُه ِع ْن َد َرِّب َك َم ْك ُروهاً‪‬‬ ‫َ َ‬ ‫ان‬ ‫ك‬


‫َ‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫ل‬ ‫ذ‬
‫َ‬ ‫ل‬‫ُّ‬ ‫ك‬
‫ُ‬ ‫‪‬‬ ‫‪:‬‬ ‫تعالى‬ ‫قوله‬ ‫‪-‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ ‬اس**م اإلشارة { ذل**ك } ‪ :‬يرج**ع هذا إل**ى جملـة م**ا تقـدم مم**ا‬
‫نه**ى عن**ه ‪ ،‬فك**ل تل**ك المنهيات مكروه ال يرضاه اهلل * تعال**ى وال‬
‫يأمر به ‪ ،‬فهو قبيح ومحرم ‪.‬‬
‫‪ -10‬قول*ه تعال*ى ‪َ  :‬ذ ِل َك* ِم َّم*ا َْأو َ*حى ِإلَ ْي َك* َرُّب َك* ِم َن* ا ْل ِح ْك َم ِة* َوال‬
‫آخ َر فَتُ ْلقَ*ى ِف*ي َج َه َّن َم* َملُوماً َم ْد ُحو ارً‪ . ‬ذل*ك‬ ‫تَ ْج َع ْل* َم َع* اللَّ ِه* ِإلَهاً َ‬
‫‪ :‬تعود عل*ى ك*ل م*ا س*بق م*ن األوام*ر* والنواه*ي ‪ ،‬فه*ي جزء م*ن‬
‫األحكام الشرعي**ة الت**ي يج**ب أ**ن تراع**ى ف**ي واق**ع الناس ‪ ،‬حت**ى‬
‫ُيبنى المجتمع اإلسالمي من الداخل بناء قوياً ‪.‬‬
‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫فائدة هامة‬
‫‪179‬‬

‫‪َ  -  11‬وال تَ ْج َع ْل * َم َع * اللَّ ِه * ِإلَهاً آ َخ َر‪ ‬أ**ي ال تشرك‬


‫م*ع اهلل* غيره م*ن وث*ن أ*و بش*ر فتلق*ى ف*ي جهن*م ملوماً تلوم‬
‫نفسك ويلومك اهلل والخلق ‪ ،‬مطروداً مبعداً من كل خير ‪.‬‬
‫‪ ‬نج**د أ**ن اهلل * تعال**ى بدأ هذه التكالي**ف باألم**ر بالتوحي**د‬
‫والنه*ي ع*ن الشرك ‪ ،‬وختمه*ا باألم*ر بالتوحي*د والنه*ي ع*ن‬
‫الشرك ‪.‬‬
‫‪ ‬والمقص*ود من*ه التن*بيه عل*ى أ*ن ك*ل عم*ل وفكـر يج*ب أ*ن‬
‫يعتمـد علـى التوحيـد ‪ ،‬فبدون*ه تبط*ل األعمال وال تفي*د شيئاً‬
‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫ما ترشد إليه اآليات‬
‫‪180‬‬

‫‪‬ما ترشد إليه اآليات ‪:‬‬


‫‪  1‬إن هللاـ تعالــى أرحــم بعباده مــن الوالدة بولدهــا ‪ ،‬لذا نجــد أــن القرآــن‬
‫الد ُك ْم *‬
‫الكريــم ينهــى عــن قتــل األوالد مهمــا كانــت األســباب ‪َ  .‬وال تَ ْقتُلُوا َْأو َ‬
‫ان ِخ ْطئاً َك ِبي ارً ‪.‬‬
‫ق َن ْح ُن َن ْرُزقُ ُه ْم َوِإ َّيا ُك ْم ِإ َّن قَ ْتلَ ُه ْم َك َ‬ ‫ش َي َة ِإ ْمال ٍ‬
‫َخ ْ‬
‫‪  2‬يحاف*ظ القرآ*ن الكري*م عل*ى األعراض واألنس*اب ‪ ،‬لذا فه*و ينه*ى ع*ن‬
‫ك**ل المقدمات الت**ي تؤدي إل**ى ارتكاب جريم**ة الزن**ا كاالختالط والت**برج ‪َ ‬وال‬
‫س ِبيالً ‪.‬‬ ‫اء‬ ‫س‬ ‫و‬ ‫ة‬
‫ً‬ ‫ش‬
‫َ‬ ‫ان فَ ِ‬
‫اح‬ ‫الزَنى ِإ َّن ُه َك َ‬
‫تَ ْق َرُبوا ِّ‬
‫َ َ َ َ‬
‫‪  3‬القرآ* **ن يحاف* **ظ عل* **ى النف* **س البشري* **ة ‪ ،‬لذل* **ك ال يجوز قتله* **ا إال‬
‫بحقه **ا ‪ ،‬كقات **ل النف **س والزان **ي المحص **ن والمرت **د ع **ن دين **ه ‪َ ‬وال تَ ْقتُلُوا‬
‫ق ‪.‬‬ ‫س الَّ ِتي َحَّرَم اللَّ ُه ِإال ِبا ْل َح ِّ‬ ‫َ‬ ‫ف‬
‫ْ‬ ‫َّ‬
‫الن‬
‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫من { ما ترشد إليه اآليات }‬
‫‪181‬‬

‫‪  4‬ال يجوز أخـذ مال اليتيـم وخاصـة مـن جانـب الوصـي ‪ ،‬‬
‫ويجوزـ أـن يأكـل مـن مال اليتيم بمـا يسد الرمـق ‪  ،‬ويجوز تنمية‬
‫هذا المال ‪  ،‬وأيضا ً علـى الوصـي رد ذلـك المال إذا بلـغ اليتيـم‬
‫سـن الرـشـد وأصـبح قادراً علـى التصـرـف فـي مالـه ‪َ  :‬وال تَ ْق َرُبوا‬
‫س ُن َحتَّى َي ْبلُ َغ َأ ُ‬
‫شدَّهُ ‪.‬‬ ‫َأح‬ ‫ي‬ ‫ِ‬
‫ه‬ ‫ي‬ ‫ِ‬
‫ت‬ ‫َّ‬
‫ل‬ ‫ا‬‫ب‬‫ِ‬ ‫ال‬‫ِإ‬ ‫ِ‬
‫يم‬ ‫ِ‬
‫ت‬ ‫ال ا ْل َي‬
‫َم َ‬
‫َ ْ َ‬
‫‪  5‬إ*ن القرآ*ن وض*ع أس*ساً واضح*ة ف*ي بناء المجتم*ع‬
‫اإلس**المي واألخالق الحميدة ‪ ،‬فأم**ر بإتمام العه**د واعت**بر‬
‫أ**ن ُخل**ف الوع**د م**ن ص**فات المنافقي**ن ‪َ  .‬و َْأوفُوا ِبا ْل َع ْه ِد‬
‫سُؤ والً ‪‬‬ ‫م‬
‫َ ْ‬ ‫ان‬
‫َ‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫د‬
‫َ‬ ‫ه‬
‫ْ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫ا‬ ‫ن‬
‫َّ‬ ‫ِإ‬
‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫من { ما ترشد إليه اآليات }‬
‫‪182‬‬

‫‪  6‬يح**ث القرآ**ن الكري**م عل**ى األمان**ة ع**ن طري**ق إتمام الكي**ل‬


‫والوز*ن بالعدل ؛ أل**ن ذل**ك م**ن أخالق المس**لمين ‪َ ‬و َْأوفُوا ا ْل َك ْي َل*‬
‫س ُن تَْأ ِويالً ‪‬‬ ‫َأح‬
‫ْ‬ ‫و‬ ‫ر‬ ‫ي‬
‫ْ‬ ‫خ‬‫َ‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫ِ‬
‫ل‬ ‫ذ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫يم‬ ‫ِ‬
‫ق‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫س‬ ‫م‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫ا‬ ‫ِ‬
‫اس‬ ‫ط‬
‫َ‬ ‫س‬ ‫ِ‬
‫ق‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫ا‬ ‫ِ‬
‫ب‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫ن‬
‫ُ‬‫ز‬‫ِ‬ ‫و‬ ‫م‬‫ت‬
‫ُ‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫ك‬ ‫ا‬ ‫ذ‬
‫َ‬ ‫ِإ‬
‫ٌ َ َ‬ ‫ُ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ‬
‫‪  7‬ينه*ى القرآ*ن ع*ن تتب*ع عورات المس*لمين وشهادة الزور ؛‬
‫س* لَ َك* ِب ِه* ِع ْل ٌم* ِإ َّ*ن‬ ‫ف* َم*ا لَ ْي َ‬ ‫أل*ن ذل*ك م*ن األخالق الذميم*ة ‪َ ‬وال تَ ْق ُ‬
‫سُؤ والً ‪.‬‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫ان‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ِئ‬ ‫ل‬‫ُأو‬ ‫ُّ‬
‫ل‬ ‫اد ُك‬ ‫ص َر َوا ْلفَُؤ َ‬
‫َ َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الس ْم َع َوا ْل َب َ‬
‫َّ‬
‫‪  8‬يأم**ر الشرع الحكي**م بالتواض**ع وينه**ى ع**ن مشي**ة الك**برياء‬
‫ض* َولَ ْن*‬ ‫اَأْلر‬
‫َ ْ َ َ ْ َ‬‫*‬‫ق‬ ‫ر‬‫ِ‬ ‫خ‬
‫ْ‬ ‫ت‬ ‫*‬
‫ن‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫*‬
‫ك‬ ‫َّ‬
‫ن‬ ‫ِإ‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫ح‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫*‬
‫ض‬ ‫ِ‬ ‫اَألر‬ ‫*ي‬ ‫ِ‬
‫ف‬ ‫*‬
‫ش‬ ‫ِ‬ ‫والخيالء ‪َ ‬وال تَ ْم‬
‫ََ‬ ‫ْ‬
‫ال طُوالً ‪.‬‬ ‫تَْبلُ َغ ا ْل ِج َب َ‬
‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫الجوانب البالغية في النص القرآني‬
‫‪183‬‬
‫‪ -1‬تقدي**م ضمي**ر الغائ**ب عل**ى ضمي**ر المخاط**ب ‪ :‬فـي قول**ه تعال**ى ‪:‬‬
‫ق* َن ْح ُن* َن ْرُزقُ ُه ْم* َوِإ َّيا ُك ْم* ‪{ ‬اإلس*راء‪}31:‬‬ ‫ش َي َة* ِإ ْمال ٍ‬
‫الد ُك ْم* َخ ْ‬
‫‪َ ‬وال تَ ْقتُلُوا َْأو َ‬
‫حي**ث قدم الضمي**ر العائ**د عل**ى األوالد (نرزقه**م) عل**ى مخاطب**ة اآلباء‬
‫{ َوِإ َّيا ُك ْم*}‪ ،‬حت*ى يطمئ*ن اآلباء بأن رزق األبناء مكفول عن*د اهلل* تعال*ى‬
‫وأنتم تبع لهم‪ .‬وألن الباعث على قتل األوالد الفقر الواقع بهم ‪.‬‬
‫الد ُك ْم * ِم ْن * ِإ ْم ٍ‬
‫الق * َن ْح ُن * َن ْرُزقُ ُك ْم *‬ ‫َأو‬
‫ْ َ‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫ل‬
‫ُ‬ ‫ت‬
‫ُ‬ ‫ق‬
‫ْ‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫ال‬
‫و‬ ‫َ‬ ‫‪‬‬ ‫األنعام‬ ‫ة‬‫*ور‬ ‫*‬‫س‬ ‫*ي‬ ‫*‬‫ف‬ ‫وقال‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬
‫اه ْم*}‪ {151‬قدم رزق اآلباء { َن ْرُزقُ ُك ْم* } عل*ى رزق األبناء‬ ‫َوِإ َّي ُ‬
‫اه ْم* } وذل*ك لإلشعار بأن اهلل* ه*و الذي يرزقك*م وأبناءك*م دون أ*ن‬ ‫{ َوِإ َّي ُ‬
‫ينتق**ص م**ن رزقك**م شيئ**ا‪ ،‬وأل**ن الباع**ث عل**ى القت**ل ف**ي هذا الن**ص‬
‫اإلمالق الواقع ‪.‬‬
‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫من { الجوانب البالغية في النص القرآني}‬
‫‪184‬‬

‫‪ -2‬المبالغ*ة ف*ي النه*ي ‪ :‬ف*ي قول*ه تعال*ى ‪َ  :‬وال تَ ْق َرُبوا ِّ‬


‫الزَن*ى‪‬‬
‫أبل **غ م **ن قول **ه (وال تزنوا) فالنه **ي جاء ع **ن مباشرة ك **ل‬
‫دواع*ي الزن*ا كاالختالط والت*برج وغي*ر ذل*ك ‪ ،‬وذل*ك للمبالغ*ة‬
‫عن قربان دواعي الزنا ‪.‬‬
‫‪ -3‬توس*يط النه*ي ع*ن الزن*ا بي*ن النه*ي ع*ن قت*ل األوالد‬
‫والنهي عن قتل النفس المحرمة على اإلطالق ‪:‬‬
‫قتل* لأل والد وتضيي**ع‬ ‫‪‬أل**ن الزن**ا قت**ل م**ن نواح شت**ى فه**و ٌ‬
‫تضييع لألنساب ‪ ،‬وقتل لعفة المجتمع وطهره‪.‬‬
‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫من { الجوانب البالغية في النص القرآني }‬
‫‪185‬‬

‫سُؤ والً‪‬‬ ‫م‬


‫َ ْ‬ ‫*‬ ‫ان‬
‫َ‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫د‬
‫َ‬ ‫ه‬‫ع‬
‫َْ‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫ا‬ ‫*‬
‫ن‬ ‫َّ‬ ‫ِإ‬ ‫‪‬‬ ‫*ى‬‫*‬‫تعال‬ ‫*ه‬‫*‬‫قول‬ ‫*ي‬‫*‬‫ف‬ ‫*ة‬‫*‬‫البياني‬ ‫ة‬
‫*ور‬‫*‬‫الص‬ ‫‪-‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪‬‬
‫اس**تعارة مكني**ة حي**ث شب**ه العه**د باإلنس**ان العاق**ل ‪،‬فذك *ر* المشب**ه‬
‫وه*و العه*د وحذف المشب*ه ب*ه وه*و اإلنس*ان وأت*ى بص*فة م*ن ص*فاته‬
‫وه **و الس* *ؤال ‪ ،‬وذل **ك أ **ن اإلنس **ان يس **ـأل أمام اهلل* * تعال **ى ع **ن‬
‫أعمال **ه‪ ،‬وقال القرط **بي ‪ُ " :‬يس **أل ك **ل واح **د منه **م عم **ا اكتس **ب ‪:‬‬
‫فالفؤاد يس*أل عم*ا افتك*ر في*ه واعتقده ‪ ،‬والس*مع والبص*ر عم*ا أر*ى‬
‫م**ن ذل**ك وس**مع" وع**بر ع**ن الس**مع والبص *ر* والفؤاد بأولئ**ك ألنه**ا‬
‫حواس له*ا إدراك ‪ ،‬وجعله*ا ف*ي هذه اآلي*ة مس*ئولة ‪ ،‬فه*ي حال م*ن‬
‫يعقل وكأن العهد ُيسأل تبكيتاً لتناقصه ‪ ،‬فيقال ‪ :‬لم نقصت ؟ ‪.‬‬

‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫الجوانب البالغية في النص القرآني‬
‫‪186‬‬

‫‪ 7‬ف * **يق***و*لـه* ت* **ع**ا **لى ‪ِ :‬إ َّن َك َل**ْن تَ * * ْخِرَق ا * ْ*َألرَض‪ ‬ت* **علي*ل‬
‫ل**لنهيو*ف*يه* ت* **هكم* ب* **ا **لمختا **ل‪،‬‬
‫‪ 8‬و*ف*يإ*ظه*ار (ا **ألرض) وإ* عادته*ا عل*ى ا **إلضمار ح*ي*ثل* *م* ي* *ق*ل إ*ن‬
‫ق*‬
‫َ‬ ‫ر‬ ‫ِ‬‫خ‬ ‫ْ‬ ‫*‬ ‫*‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫*‬‫ن‬ ‫ْ‬ ‫ل**‬
‫َ‬ ‫*‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫ن‬ ‫ِإ‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫ح‬‫*‬
‫ر‬ ‫م‬ ‫*‬‫ض‬‫ِ‬ ‫ر‬‫*َأل‬‫*‬ ‫ا‬ ‫ي‬ ‫*‬ ‫*‬ ‫*‬ ‫*‬‫ِ‬
‫ف‬ ‫*‬‫ش‬‫ِ‬ ‫م‬ ‫*‬ ‫*‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫ال‬
‫*‬ ‫و‬ ‫‪‬‬ ‫********ي‬‫ف‬ ‫*ا‬‫*‬ ‫*‬‫*ه‬
‫ق‬ ‫*خر‬‫*‬ ‫*‬‫ت‬
‫ََ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ا * ْ*َألرَض ‪ ...‬ل**ز*يادة ا* *إليقاع و*ا * *لتقريع* ‪ ،‬ث * *م* إ*ن ا **الختيا **لك**بير*ة ‪.‬‬
‫‪ 9‬ا **إلظه*ار ف * **يمقام* ا **إلضمار ف * **يق***و*ل*ه* ت* **ع**ا **لى ‪َ  :‬و * َْأوفُو*ا ِب * *ا *ْ*لَع ْه* ِد ِإَّ*ن‬
‫س*ُؤ و * ًال‪ ‬حي*ثأ*ظه*ر ل**ف*ظ ا***لعه*د ف*****يق***و*ل*ه* ‪( :‬إ*ن ا***لعه*د) و*كان‬ ‫هـ َد َك * َان َم ْ‬
‫ا***لَع ْ‬
‫ْ‬
‫م*ن ح*قـه* ا **إلضمـار ‪ ،‬و*ذل*ك ل**كما **لا***لعناي*ة ب* **شأن ا***لعه*د ‪ ،‬و*ق*ي*ل دف*ع *اً ل**تو*ه*م*‬
‫عود ا***لضمير إ***لىا* *إليفاء ا***لمفه*وم* من أوفو*ا ‪.‬‬
‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫الجوانب البالغية في النص القرآني‬
‫‪187‬‬

‫ض‬ ‫‪ 10‬ا***لتهك*م* ف * **يق* *و*ل*ه* ت* **ع**ا **لى‪َ  :‬و *ال تَ * * ْم ِش ِ*ف* * *يا * ْ*َأْلر ِ‬
‫َمَر*حاً ‪ ‬ن **ه**تا* *آلي**ة ع*ن ا***لمش**يف * **خرا*ً و*ك**برا*ً ‪ ،‬ك**أن*ه* ق **ي**ل ال *‬
‫ت * *م*شف * **يم*ا هو عنص*رك ا***لغ**ا **لبعلي*ك ا **لذي ُخ*لق*تمن*ه* وإ* لي*ه*‬
‫ت* **ع**ود و**ه* **و ا **ألرضمشي* **ة ا***لمفاخ* **ر ا***لمتك* **بر‪ ،‬ي **قول ا **لرس* **ول‬
‫‪" : ‬ال * ي* **دخل ا***لجنة من ك**ان ف * **يق***لبه* مثقا **لذر*ة من ك**بر"‬
‫‪ 11‬ا* *إليجاز و*ا * *لبيان ف*****يق***و*لـه* ت* **ع**ا **لى‪َ  :‬ذِل َك ِم َّم*ا َْأو َ*ح ى‬
‫ا***لِح ْك َم ِة ‪ ‬ذل*ك إ*شار*ة إ***لى ك **ل م*ا ت* **قدم* ذكر*ه* م*ن‬ ‫ِإ َ ْلي َك َر*ُّب َك ِمَن ْ‬
‫ا***لتكا * *ليف‪ ،‬و*سماها ح*كمة و**هيإ*جما * ً*ال‪-:‬‬

‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫الجوانب البالغية في النص القرآني‬
‫‪18‬‬
‫‪8‬‬
‫‪ -1‬ال تجعل مع اهلل إلهاً آخر ‪.‬‬
‫‪ -2‬اإلحسان إلى الوالدين ‪.‬‬
‫‪ -3‬وبالوالدين إحساناً‬
‫‪ -4‬فال تقل لهما ٍ‬
‫أف‬
‫‪ - 5‬وال تنهرهما‬
‫‪ -6‬وقل لهما قوالً كريماً‬
‫‪ -7‬واخفض لهما جناح الذل‬
‫‪ -8‬وقل رب ارحمهما‬
‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫‪189‬‬

‫الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫تفسير مقاطع من سورة النور‬

‫‪‬تفسير مقاطع من سورة النور‬


‫‪‬تتكون من أربع مقاطع ‪:‬‬
‫‪ *‬المقطع األول‪ :‬آداب وأحكام الدخول إلى بيوت اآلخرين ‪.‬‬
‫‪ *‬المقطع الثاني‪ :‬أحكام غض البصر وحفظ األعراض ‪.‬‬
‫‪ *‬المقط**ع الثال**ث ‪ :‬تيس**ير س**بل الزواج وطل**ب العف**ة لغي**ر القادري**ن عل**ى‬
‫الزواج ‪.‬‬
‫‪ *‬المقط****ع الراب****ع ‪ :‬الح****ض عل****ى مكاتب****ة الرقي****ق وبيان خطورة انتشار‬
‫الفاحشة ‪.‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫أهداف ومقاصد سورة النور‬
‫‪‬سورة النور سورة مدنية وآياتها أربع وستون آية‪.‬‬
‫‪ ‬أهداف السورة الكريمة ‪:‬‬
‫‪ -1‬س*ورة النور م*ن الس*ور المدني*ة الت*ي اهتم*ت ببناء المجتم*ع‬
‫بناء * محكماً ‪ ،‬وهذا يبدو م**ن خالل دراس**ة هذه‬ ‫اإلس**المي داخلياً ً‬
‫السورة الكريمة ‪.‬‬
‫‪ -2‬المحور األس**اسي الت**ي تدور علي**ه الس**ورة كله**ا ه**و محور‬
‫التربي**ة ‪ ،‬تربي**ة الفرد وتربي**ة المجتم**ع وتربي**ة األم**ة ‪ ،‬وتحدث**ت‬
‫ع * **ن اآلداب النفس * **ية والفردي * **ة وآداب ال * **بيت وآداب الجماع * **ة‬
‫والقيادة بوص **فها كله **ا م **ن معي **ن واح **د ه **و العقيدة ف **ي اهلل** ‪،‬‬
‫متص**لة بنور اهلل**‪ ،‬وتحقيقاً لهذا الهدف النبي**ل ف**ي بناء األم**ة ‪،‬‬
‫اهتمت السورة بقضايا متعددة متنوعة هي ‪-:‬‬
‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫من { أهداف ومقاصد سورة النور}‬

‫‪ -3‬إ*ن المجتم*ع اإلس*المي مجتم*ع العف*ة والطهارة والمحافظ*ة عل*ى األعراض‬


‫واألنس*اب ‪ ،‬وق*د ت*بين ذل*ك م*ن خالل تحري*م الزن*ا وبيان حده ‪ ،‬فالرج*م لل ازن*ي‬
‫المحص*ن ‪ ،‬والجل*د مائ*ة جلدة لل ازن*ي غي*ر المحص*ن ‪ ،‬وكذل*ك وضح*ت الس*ورة‬
‫ح*د القذف وعل*ة التشدي*د في*ه ‪ ،‬ث*م تحدث*ت ع*ن المالعن*ة بين الزوجي*ن وحدي*ث‬
‫اإلفك وغير ذلك ‪.‬‬
‫‪ -4‬تحدث*ت الس*ورة ع*ن وس*ائل الوقاي*ة م*ن جريم*ة الزن*ا ‪ ،‬وذل*ك ع*ن طري*ق‬
‫تجن **ب النفوس أس **باب اإلغراء والغواي **ة ‪ ،‬فشددت عل **ى ذك **ر آداب ال **بيوت‬
‫واالس*تئذان ‪ ،‬واألم*ر بغ*ض البص*ر والنه*ي ع*ن إبداء الزين*ة للمحارم ‪ ،‬والح*ث‬
‫عل*ى إنكاح األيام*ى والتحذي*ر م*ن دف*ع الفتيات إل*ى البغاء ‪ ،‬وك*ل ذل*ك أس*باب‬
‫وقائية لضمان الطهر والتعفف ‪.‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫من { أهداف ومقاصد سورة النور}‬

‫‪ -5‬يتوسط مجموعة هذه اآلداب التي تتضمنها السورة فيربطها‬


‫بنور اهلل تعال*ى ويتحدث ع*ن بيوت اهلل التي تعت*بر أطه*ر ال*بيوت‬
‫‪ ،‬وف**ي الجان**ب اآلخ**ر يتحدث ع**ن الذي**ن كفروا وأعماله**م الت**ي‬
‫تشب **ه الس**راب ‪ ،‬أ **و كالظلمات الت **ي بعضه **ا فوق بع **ض ‪ ،‬ث **م‬
‫ت**بين الس**ورة أ**ن جمي**ع الخالئ**ق تس**بح كله**ا هلل * تعال**ى وت**بين‬
‫أيضاً اآليات الكوني**ة الت**ي تظه**ر عظم**ة اهلل * تعال**ى مث**ل إزجاء‬
‫الس*حاب ‪ ،‬وتقلي*ب اللي*ل والنهار ‪ ،‬وف*ي خل*ق ك*ل داب*ة م*ن ماء ‪،‬‬
‫ثم اختالف أشكالها ووظائفها وأنواعها وأخبارها ‪.‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫من { أهداف ومقاصد سورة النور}‬

‫‪ -6‬وأخيراً تتحــــدث الســــورة عـــن مجافاة المنافقيـــن‬


‫لآلداب الواجبـة مـع رسـول هللاـ ‪ ‬فـي الطاعـة والتحاكـم ‪،‬‬
‫ويصـــور أدب المؤمنيـــن الخالـــص وطاعتهـــم ‪ ،‬وســـبب‬
‫االختالف فـي األرض والتمكيـن فـي الديـن والنصـر علـى‬
‫الكافريـن ‪ ،‬وأيضا ً تـبين السـورة آداب الجماعـة المسـلمة‬
‫كلهــا كأســرة واحدة مــع رئيســها ومربيهــا مــع الرســول‬
‫الكريم ‪.‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫{ آداب وأحكام الدخول إلى بيوت اآلخرين}‬

‫‪‬قال تعالى ‪ :‬يَـا َأ ُّي َهـا الَّ ِذي َنـ آ َمنُوا ال تَد ُْخلُوا بُيُوتا ً َغ ْي َر بُيُوتِ ُك ْمـ َحتَّـى‬
‫سـلِّ ُموا َعلَـى َأ ْهلِ َهـا َذلِ ُك ْمـ َخ ْي ٌر لَ ُك ْمـ لَ َعلَّ ُك ْمـ تَ َذ َّك ُرو َنـ فَِإ ـْن لَ ْمـ‬ ‫سوا َوتُ َ‬‫سـتَْأنِ ُ‬‫تَ ْ‬
‫ار ِج ُعوا‬ ‫تَ ِج ُدوا فِي َهـا َأ َحداً فَال تَد ُْخلُو َهـا َحتَّـى يُْؤ َذ َنـ لَ ُك ْمـ َوِإ ْنـ قِي َلـ لَ ُك ُمـ ْ‬
‫سـ َعلَ ْي ُك ْمـ ُجنَا ٌحـ َأ ـْن‬ ‫ار ِج ُعوا ُه َو َأ ْز َكـى لَ ُك ْمـ َوهَّللا ُ بِ َمـا تَ ْع َملُو َنـ َعلِي ٌمـ لَ ْي َ‬ ‫فَ ْ‬
‫عـ لَ ُك ْمـ َوهَّللا ُ يَ ْعلَ ُمـ َمـا تُ ْب ُدو َنـ َو َمـا‬ ‫سـ ُكونَ ٍة فِي َهـا َمتَا ٌ‬ ‫تَد ُْخلُوا بُيُوتا ً َغ ْي َر َم ْ‬
‫ون‪ ‬اآليات ‪. 29-27‬‬ ‫تَ ْكتُ ُم َ‬
‫‪‬أوالً ‪ :‬التحليل اللغوي ‪:‬‬
‫‪‬تستأنسوا ‪ :‬تستأذنوا ‪ ،‬وقيل تطلبوا األنس من أهل البيت ‪.‬‬
‫‪‬تسـلموا علـى أهلهـا ‪ :‬أ ي أ ن يقول الزائ ر لص احب ال بيت ‪ :‬الس الم عليك م‬
‫والتي تعني إعطاء صاحب البيت األمان إذا دخل بيته أح ٌد من الناس ‪.‬‬
‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫التحليل اللغوي‬

‫‪ ‬فإن لــم تجدوا فيهــا أحداً فال تدخلوهــا ‪ :‬إ ن ل م تجدوا فيه ا أحداً م ن أه ل ال بيت‬
‫فارجعوا ‪.‬‬
‫‪ ‬يؤذن لكم ‪ :‬يُسمح لكم‬
‫‪ ‬أزكى لكم ‪ :‬أفضل وأطهر وخير لكم من أن يأذنوا عن كراهية ‪.‬‬
‫‪ ‬وهللا ـ بمــا تعملون عليــم ‪ :‬تذيي ل لهذه الوص ايا بتذكيره م بأ ن هللا علي م بأعماله م‬
‫ليزجرهم ‪.‬‬
‫‪ ‬جناح ‪ :‬إثم ‪.‬‬
‫‪ ‬غير مسكونة ‪ :‬غير معدة للسكنى ‪.‬‬
‫‪ ‬متاعا ً لكم ‪ :‬حاجة لكم ‪.‬‬
‫‪ ‬وهللا يعلـم ما تبدون ومـا كنتم تكتمون ‪ :‬تحذير لمن يدخل البيوت بغرض التجسس أو‬
‫أذى أهل البيت ‪.‬‬
‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫عالقة اآليات بما قبلها‬

‫‪‬ثانيا ً ‪ :‬عالقة اآليات بما قبلها ‪:‬‬


‫‪ ‬لم ا بيّ ن هللا تعال ى خطورة وقب ح جريمت ي الزن ا والقذف قال تعالـى ‪‬ا ل َّزانِيَ ُةـ َوال َّزا ِنـي‬
‫اح ٍد ِم ْن ُه َمـا ِمَئةَـ َج ْل َد ٍةـ َواَل تَْأ ُخ ْذ ُك ْمـ بِ ِه َمـا َرْأفَةٌـ ِفـي ِدي ِنـ هللاِـ ِإ ْنـ ُك ْنتُ ْمـ تُْؤ ِمنُو َنـ‬ ‫فَ ْ‬
‫اجلِ ُدوا ُك َّلـ َو ِ‬
‫ِباهللِ َواليَ ْو ِم اَآل ِخ ِر‪{ ‬النور‪}2:‬‬
‫اجلِ ُدو ُه ْمـ ثَ َما ِني َنـ‬
‫ش َه َدا َءـ فَ ْ‬‫ت ثُ َّـم لَ ْمـ يَْأتُوا ِبَأ ْربَ َع ِةـ ُ‬ ‫‪ ‬قال تعالـى ‪َ ‬والَّ ِذي َنـ يَ ْر ُمو َنـ ال ُم ْح َ‬
‫صـنَا ِ‬
‫ون‪{ ‬النور‪ ، }4:‬أك د ذل ك بالنه ي‬ ‫ش َها َدةًـ َأبَ ًدا َوُأولَِئ َكـ ُه ُمـ الفَ ِ‬
‫اسـقُ َ‬ ‫َج ْل َد ًةـ َواَل تَ ْقبَلُوا لَ ُه ْمـ َ‬
‫ع ن دخول بيوت الناس إال بعد االس تئذان ليكونوا أبعد عن التهم ة وأقرب إل ى العصمة‬
‫م ن الس يئة ‪ ،‬ث م نج د هذه اآليات تلتق ي م ع أهداف الس ورة العام ة ف ي بناء المجتم ع‬
‫اإلس المي القائ م عل ى العف ة والطه ر والس تر والمحافظ ة عل ى األعراض واألنس اب‬
‫فصيانة من في البيت عن النظرات المحرمة ‪ ،‬وصيانة أسرار الناس واحترام رغبتهم‬
‫ف ي أ ن تكون أحواله م ف ي بيوته م مطويـة ع ن عيـون النـاس وأحاديثه م يُع ُّد ذل ك م ن‬
‫التدابي ر والواقيـة م ن الفتن ة وم ن وس ائل المحافظ ة عل ى األس رة والت ي تحف ظ للمجتم ع‬
‫‪.‬‬
‫تماسكه ووحدته‬
‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫ثالثا ً ‪ :‬أسباب النزول‬

‫‪‬روى الطبري عن عـدي بن ثابت أن امـرأة من األنصار قالت ‪ :‬يا رسـول هللا‬
‫إني أكـون في بيتي على حال ال أحب أن يراني عليها أحد ال والد وال ولد وإنه‬
‫علي الرج ل م ن أهل ي وأن ا عل ى تل ك الحال فكي ف أص نع ؟‬ ‫ّ‬ ‫ال يزال يدخـل‬
‫ينـ آ َمنُوا ال تَد ُْخلُوا بُيُوتا ً َغ ْي َر بُيُوتِ ُك ْمـ َحتَّـى‬‫فنزل ت اآلي ة األول ى ‪‬يَـا َأيُّ َهـا الَّ ِذ َ‬
‫سوا ‪ ...‬فقـال أب و بك ر ‪ ‬بع د نزول اآلي ة الس ابقة ‪ :‬ي ا رس ول هللا‬ ‫سـتَْأنِ ُ‬
‫تَ ْ‬
‫أفرأيت الحانات والمساكن من طرق الشام ليس فيها ساكن فأنزل هللا تعالى ‪:‬‬
‫س ُكونَ ٍة‪. ‬‬ ‫اح َأنْ تَد ُْخلُوا بُيُوتا ً َغ ْي َر َم ْ‬‫س َعلَ ْي ُك ْم ُجنَ ٌ‬ ‫‪‬لَ ْي َ‬

‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫رابعا ً ‪ :‬المعنى اإلجمالي ‪:‬‬

‫‪‬يَـا َأ ُّي َهـا الَّ ِذي َنـ آ َمنُوا ‪‬نداء من هللا لعباده المكلفين يشعرهم بدفء اإليمان حتى‬
‫يتهيئوا للعمل بمقتضى النص القرآني ‪ ،‬وقد نعتهم بصفة اإليمان لما في ذلك‬
‫م ن التكري م والرفع ة لشأنه م ‪ ،‬والخطاب بص يغة اإليمان يوص لنا بخص يصة‬
‫المجتمع اإليماني ويشعرنا باالنتماء إليه والوالء له ‪.‬‬
‫سلِّ ُموا َعلَى َأ ْهلِ َها‪‬‬ ‫ستَْأنِ ُ‬
‫سوا َوتُ َ‬ ‫‪‬ال تَد ُْخلُوا بُيُوتا ً َغ ْي َر بُيُوتِ ُك ْم َحتَّى تَ ْ‬
‫‪ *‬قوله ‪  :‬ال تَد ُْخلُوا بُيُوتا ً‪ ‬فيه نهي عن الدخول قبل االستئذان ‪ ،‬والنهي هنا‬
‫يفيد التحريم للقاعدة الفقهية "كل أمر للوجوب وكل نهي للتحريم" ‪.‬‬
‫‪‬إذن يس تنبط م ن ذل ك أن ه يحرم عل ى المكل ف أ ن يدخ ل بيتا ً غي ر بيت ه حت ى‬
‫يستأذن ‪.‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫من {المعنى اإلجمالي }‬

‫‪ *‬وقولـه ‪( :‬حت ى) حرف عط ف يفي د الغاية ‪ ،‬بمعنى أن ه إذا تحقق م ا بعده ا يتوقف‬
‫العمل بما قبلها ‪ ،‬فإذا وقع االستئذان يتوقف النهي عن الدخول ‪.‬‬
‫‪ *‬ما الحكمة من التعبير بقوله ‪" :‬تسأنسوا" بدال من تستأذنوا ؟‬
‫‪‬أ‪ -‬تأتي بمعنـى تستأذنوا ‪.‬‬
‫‪‬ب‪ -‬وتأتي بمعنى طلـب األنـس وهـو سـكون النفـس واطمئنان القلـب وزوال الوحشـة‬
‫وهـو خالف االسـتيحاش ألن المستأذن كالمستوحش ألنه ال يدري حينما يطرق باب‬
‫غيره ‪ ،‬هل سيؤذن له أم ال ؟ فإذا أذن له بالدخول استأنس وإن لم يؤذن له عاد من‬
‫حيث أتى ‪.‬‬
‫‪‬ج‪ -‬وقيل يأتي بمعنـى االسـتعالم ويدل عليه قوله تعالى ‪  :‬فَِإ ـْن آنَ ْ‬
‫سـتُ ْم ِم ْن ُه ْمـ ُرشْداً‪‬‬
‫(النس اء ‪ )6‬أ ي علمت م ‪ ،‬وجاء خطاب ه عل ى لس ان موس ى علي ه الس الم قول ه تعال ى ‪:‬‬
‫ستُ نَاراً‪( ‬النمل ‪ ) 7‬أي أبصرت وعلمت ‪.‬‬ ‫‪ِ‬إنِّي آنَ ْ‬
‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫الجوانب البالغية في اآليات‬

‫‪ ‬خامسا ً ‪ :‬لفتات بيانية ‪:‬‬


‫‪ * ‬ما الحكمة من التعبير بقوله ‪" :‬تسأنسوا" بدال من تستأذنوا ؟‬
‫‪ ‬وتأتي بمعنى طلـب األنـسـ وهـو سـكون النفـس واطمئنان القلـب وزوال الوحشـة وهـو خالف االسـتيحاشـ ألن‬
‫المس تأذن كالمس توحش ألن ه ال يدري حينم ا يطرق باب غيره ‪ ،‬ه ل س يؤذن ل ه أ م ال ؟ فإذا أذن ل ه بالدخول‬
‫استأنس وإن لم يؤذن له عاد من حيث أتى ‪.‬‬
‫سوا ‪‬؟‬ ‫ستَْأنِ ُ‬
‫‪ ‬الجانب البالغي في قوله ‪َ ‬حتَّى تَ ْ‬
‫‪ ‬لفظة "االستئناسـ" فيها كناية وإرداف ‪:‬‬
‫سوا‪ ‬إن أصل معنى الكلمة االستئناس وهو ضد االستيحاش كما‬ ‫ستَْأنِ ُ‬
‫‪ -1 ‬الكناية ‪ :‬في قولـه تعالى ‪َ  :‬حتَّى تَ ْ‬
‫أوضحن ا أل ن الذي يطرق باب الغي ر ال يدري ه ل س يؤذن ل ه بالدخول أ م ال ؟ فه و متردد مس تطار القل ب‬
‫مستوحش لخفـاء الحـال عليـه فإذا ُأذن له بالدخول زال التردد واستراح قلبه ‪.‬‬
‫‪ -2 ‬اإلردـاف ‪ :‬وهو عبارة عن استعمال لفظ يعبر عن معنى خاص يكون مساويا ً لألول ورديفا ً له ‪ ،‬وواضح‬
‫في النص أن االستئناس يردف اإلذن فوضع موضع األذن على اعتبار من فسر االستئناس باالستئذان ‪.‬‬
‫سلِّ ُموا َعلَى َأ ْهلِ َها‪ ‬مأخوذ من السالم بأن يقول السالم عليكم أو ما يناظرها ‪.‬‬ ‫‪ ‬قولـه تعالى ‪َ  :‬وتُ َ‬

‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫سادسا ً ‪ :‬ما ترشد إليه اآليات‬

‫‪‬يؤخ ذ م ن اآليات الس ابقة بع ض األحكام الت ي يس تفيد منه ا المس لم ف ي أثناء‬
‫تعامله مع الناس في المجتمع اإلسالمي وهذه األحكام كاآلتي ‪-:‬‬
‫‪ -1‬وجوب السالم واإلستئذان ‪.‬‬
‫سـلِّ ُموا َعلَـى َأ ْهلِ َهـا) ‪ :‬قال جمهور العلماء أ ن‬ ‫سـتَْأنِ ُ‬
‫سوا َوتُ َ‬ ‫‪ ‬قال تعال ى ‪َ ( :‬حتَّـى تَ ْ‬
‫السالم من القادم حكمه الندب وأما االستئذان فحكمه الوجوب وعللوا ذلك بأن‬
‫االستئذان من أجل حفظ البصر وخوفا ً من وقوعه على عورات اآلخرين لذلك‬
‫كان واجبا ً ‪.‬‬
‫‪‬أما السالم فهو من أجل تحقيق المحبة والمودة والتآلف بين الناس ويؤيد ذلك‬
‫ما جاء في الحديث الشريف عن أبي هريرة رضي هللا عنه قال ‪ :‬قال رسول‬
‫هللا ‪" : ‬ال تدخلوا الجنــة حتــى تؤمنوا وال تؤمنوا حتــى تحابوا ‪ ،‬أوال أدلكــم‬
‫على شيء إن فعلتموه تحاببتم ‪ ،‬أفشوا السالم بينكم" (أبو داود ) ‪.‬‬
‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫من { ما ترشد إليه اآليات }‬

‫‪ -2‬االستئذان ثالث مرات ‪:‬‬


‫‪ ‬بين**ت الس**نة النبوي**ة أ**ن االس**تئذان ثالث مرات ال يزي**د عليه**ا إال إذا عل**م أن**ه ل**م‬
‫ُيسمع‬
‫‪  ‬ص*ورة االس*تئذان أ*ن يقول الرج*ل ‪ :‬الس*الم عليك*م أأدخ*ل فإن ُأذن ل*ه دخ*ل إو ن‬
‫لم يؤذن له انصرف راجعاً ‪،‬‬
‫‪  ‬روى الحس**ن البص**ري أ**ن أب**ا موس**ى األشعري اس**تأذن عل**ى عم**ر ‪ ‬ثالثاً فل**م‬
‫يؤذن له فرج*ع فأرسـل إليـه عمر فقال ‪ :‬ما الذي أرجعك ؟ فقال ‪:‬قـال رسـول اهلل ‪‬‬
‫‪" :‬من اسـتأذن ثالثـاً فلم يؤذن له فليرجع" {متفق عليه‬

‫‪  ‬الحكمة من االستئذان ثالثا ‪:‬‬


‫‪ ‬االستئذان األول لالستعالم والثانية للتأكيد والثالثة من أجل اإلعذار ‪.‬‬
‫‪  ‬قـال ‪" : ‬االس **تئذان ثالث مرات باألولـى يس **تنصتون وبالثانيـة يس **تصلحون‬
‫وبالثالثة يأذنون أو يردون" (البخاري) ‪.‬‬
‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫من { ما ترشد إليه اآليات }‬

‫‪ 3 ‬ك**يفي*ة ا **الس*تئذا*ن ‪ :‬م*ن ا* *آلدا*با***لشر*عي*ة أ**ن ي **جع*ل ا***لمس*تأذن ا***لبابع*ن ي **مين*ه* أ*و‬
‫ش **ما **له* ح*ت*ىال * ي* *ق*ع* ب * *ص*ر*ه* عل*ىما ي***كر*ه* أ*ه*ل ا***لبيتأ*ن ي * * ار*ه* منه*م* و*يدل عل*ىذلـك‬
‫م*ا ر*و*ا*ه* أ*ب**و داود ع*ن عبـد ا***هلل * ب*****ن ُب * *س**ر ق***ا **ل‪ :‬ك**ان ر**س**ول ا***هلل * ‪ ‬إذا أ*ت**ىب* **اب‬
‫ق* *و*م* ل* *م* ي* *س*تقبل ا***لبابم*ن ت* **لقاء و*جه*ه* و*لك*ن م*ن ر**كن*ه* ا* *أليم*ن أ*و ا* *أليس*ر ف * **يقول ‪:‬‬
‫"ا***لسالم* عليكم* ا***لسالم* عليكم*" (أ*بيداود ) ‪.‬‬
‫‪  ‬وذك*ر القرط*بي ذل*ك أل*ن ال*بيوت ل*م يك*ن عليه*ا يومئ*ذ س*تور أ*ي غي*ر مس*ورة ‪،‬‬
‫وروي ع*ن س*عيد ب*ن عبادة قال ‪ { :‬جئ*ت إل*ى الن*بي ‪ ‬وه*و ف*ي بيت*ه فقم*ت مقاب*ل‬
‫الباب فاس*تأذنت فأشار إل ّي* أ*ن أتباع*د وقال ‪ :‬ه*ل االس*تئذان إال م*ن أج*ل النظ*ر ؟}‬
‫(أبي داود ) ‪.‬‬
‫‪  ‬وهذا األدب اإلس **المي ينبغ***ي علين***ا التزام***ه حت***ى ول***و كان الباب مغلقاً فإن‬
‫الطارق إذا اس*تقبلها ق*د يق*ع بص*ره عن*د فت*ح الباب عل*ى م*ا ال يجوز االطالع علي*ه‬
‫‪ ،‬وجاء عن س*هل بن سعد أنه قال ‪ :‬قال رس*ول اهلل ‪" : ‬إنما ُجعل االستئذان من‬
‫‪.‬‬ ‫)‬
‫عليه‬ ‫متفق‬ ‫(‬
‫أجل البصر"‬
‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫من { ما ترشد إليه اآليات }‬

‫‪ -4‬االســتئذان علــى المحارم ‪ :‬إذا كان الــبيت الذي تســكنه فيــه‬


‫أهلك فال إذن عليها ألن األهل أي الزوجة ال حشمة بينك وبينها ‪.‬‬
‫‪‬وأمـا إن وجـد فـي الـبيت األـم واألخـت أـو الخالـة أـو العمـة وغيـر‬
‫ذلـك مـن المحارم فيجـب حينئـذ االسـتئذان ألـن األـم أـو األخـت قـد‬
‫تكون علـى حالـة ال تحـب أـن تراهـا فيهـا وقـد جاء فـي األثـر عـن‬
‫عطاء بـن يسـار أـن رجالً قال للنـبي ‪ : r‬أسـتأذن علـى أمـي ؟ قال ‪:‬‬
‫نعـم ‪ ،‬قال ‪ :‬إنـي أخدمهـا ‪ .‬قال أسـتأذن عليهـا ‪ ،‬قال ‪ :‬فعاوده ثالثا ً‬
‫أتحب أن تراها عريانة ؟ قال ‪:‬ال ‪ ،‬قال فاستأذن عليها ‪.‬‬
‫ُ‬ ‫قال‬

‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫من { ما ترشد إليه اآليات }‬

‫عـرفاــلمسـتأذننــفسـهـ ‪ ،‬ويدلعلـىذلـك مـا رويعـن‬ ‫ـنيــ ِّ‬


‫‪ 5‬أ ُ‬
‫ـل منهذا‬‫ـل اـسـتأذنتعلـىاــلنـبي‪ ‬فـــقاـ ‪:‬‬
‫جـابر بـــنعبـد هللاـــ ‪ ‬قــاـ ‪:‬‬
‫؟ فـــقلــت‪ :‬أـنــا ‪ ،‬فـــقا ـلاــلنــبي‪ : ‬أـنــا أـنــا ‪ ،‬كـأنــهـ كـرهـ ذلــك ‪.‬‬
‫بخاري‬
‫{اــل }‬
‫‪‬قال القرطبــي ‪ :‬قال علماؤنـا ‪ :‬إنمـا كرـه النـبي ‪ ‬ذلـك ألـن‬
‫قولـه أنـا ال يحصـل بهـا تعريـف ‪ ،‬وإنمـا الحكـم فـي ذلـك أـن يذكـر‬
‫اسـمه كمــا فعــل عمــر بـن الخطاب – رضــي هللاـ عنـه – وأبـو‬
‫موسـى األشعري ؛ ألــن فـي ذكــر االســم إسـقاط كلفــة السـؤال‬
‫والجواب ‪.‬‬
‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫‪َ ‬ذلِ ُك ْم َخ ْي ٌر لَ ُك ْم لَ َعلَّ ُك ْم تَ َذ َّك ُر َ‬
‫ون‪‬‬

‫ون‪‬‬ ‫‪ ‬معنى ‪َ ‬ذلِ ُك ْم َخ ْي ٌر لَ ُك ْم لَ َعلَّ ُك ْم تَ َذ َّك ُر َ‬


‫‪‬ذلكـم ‪ :‬اسم اإلشارة { ذا } لإلشارة ‪ ،‬و{ الالم } للبُعد‬
‫و{ الكاف } للخطاب والمي م للجماع ة وقول ه خي ر لك م‬
‫أي أحسن وأزكى وأطهر لكم ‪.‬‬
‫ونـ‪ : ‬أ ي أنزل عليك م‬ ‫‪ ‬قولـه تعال ى ‪  :‬لَ َعلَّ ُك ْمـ تَ َذ َّك ُر َ‬
‫م ا أنزل م ن هذه األحكام واإلرشادات م ن أج ل أ ن‬
‫تتذكروا وتتعظوا وتعلموا م ا أمرتك م ب ه ف ي باب‬
‫االستئذان‪.‬‬
‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫‪‬فَِإنْ لَ ْم تَ ِج ُدوا فِي َها َأ َحداً فَال تَد ُْخلُو َها َحتَّى يُْؤ َذ َن لَ ُك ْم‪‬‬

‫‪‬قولـه "فإن" الفاء حرف عطـف يفيـد "التفرع" بمعنـى أـن هذه اآليـة جاءـت‬
‫بأحكام شرعية تفريعا ً لما جاءت اآلية السابقة ‪.‬‬
‫‪‬قال الزمخشري ‪" :‬إن لـم تجدوا فيهـا أحداً مـن اآلذنيـن فال تدخلوا تلـك الـبيوت‬
‫واصـبروا حتـى تجدوا مـن يأذن لكـم" وقال أيضا ً ‪" :‬يحتمـل فإن لـم تجدوا فيهـا‬
‫أحداً مـن أهلهـا ولكـم فيهـا حاجـة فال تدخلوهـا إال بإذن هللاـ" سـواء كان الباب‬
‫مغلقا ً أو مفتوحا ً ألن الشرع قد أغلقه بتحريم الدخول حتى يفتحه إال بإذن من‬
‫ربـه ‪ ،‬بـل يجـب عليهـم أـن يأتوا الباب ويحاولوا اإلذن علـى صـفة ال يطلعون‬
‫على البيت ال في إقبالهم وال في انقالبهم ‪.‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫ار ِج ُعوا ُه َو َأ ْز َكى لَ ُك ْم َوهَّللا ُ بِ َما تَ ْع َملُ َ‬
‫ون َعلِي ٌم‪‬‬ ‫ار ِج ُعوا فَ ْ‬
‫‪‬وَِإنْ قِي َل لَ ُك ُم ْ‬

‫‪‬بمعنــى إن ُأمرتــم مــن جهــة أهــل الــبيت بالرجوع فارجعوا وال تلحوا‬
‫بتكرار االسـتئذان ‪ ،‬وال تلحوا فـي تسـهيل الحجاب ‪ ،‬وال تقفوا علـى األبواب‬
‫منتظريـن ألـن هذا ممـا يجلـب الكراهـة ويقدح فـي قلوب الناس ‪ ،‬خصـوصا ً‬
‫إذا كانوا ذوي مروءة ومرتاضين (متخلقين) باآلداب الحسنة‬
‫‪ُ  ‬ه َو َأ ْز َكـى لَ ُك ْمـ‪ : ‬فالرجوع هـو أطيـب لكـم وأطهـر لمـا فيـه مـن سـالمة‬
‫الصـدور والبعـد عـن الريبـة ‪ ،‬وهـو مـن ناحيـة أخرى أعظـم نفعا ً فـي المجتمـع‬
‫‪ ،‬وأنـه خيـر لمـا يحققـه مـن أسـباب المحافظـة علـى الصـالت الطيبـة بيـن‬
‫الناس باحترام األصــــدقاء واألقارب ألســــرارهم الشخصــــية وظروفهــــم‬
‫الخاصــة ‪ ،‬وعدم محاولــة اإلحراج وتقييــد زياراتهــم بأدب اإلســالم وخلــق‬
‫القرآـن ‪ ،‬لتحفـظ أواصـر المودة وتزداد ‪ ،‬فال يضيـق مزور بزائـر ‪ ،‬ولتعطـي‬
‫هذه الزيارات ثمراتهــا المباركــة فــي التواد والتعاون والتعارف والتراحــم‬
‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬
‫الناس ‪.‬‬ ‫بين‬
‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫ار ِج ُعوا ُه َو َأ ْز َكى لَ ُك ْم َوهَّللا ُ بِ َما تَ ْع َملُ َ‬
‫ون َعلِي ٌم‪‬‬ ‫ار ِج ُعوا فَ ْ‬
‫‪‬وَِإنْ قِي َل لَ ُك ُم ْ‬

‫‪‬تحـث اآليـة علـى أدب رفيـع يتمثـل فـي الرجوع إذا طُلـب منـا أـن‬
‫نرجـع دون أـن نجـد فـي أنفسـنا غضاضـة ‪ ،‬ودون أـن نسـتشعر مـع‬
‫أهـل الـبيت إسـاءة إلينـا أـو نفرة منـا ‪ ،‬فإن مـن حـق كـل رـجـل إذا كان‬
‫ال يرـيـد مقابلـة أحـد أـن يأـبى مقابلتـه أـو يعتذر إليـه إن كان مشتغالً‬
‫بأمرـ يمنعه من الفراغ لمقابلته ‪.‬‬
‫‪‬قوله تعالى ‪َ  :‬وهَّللا ُ بِ َما تَ ْع َملُ َ‬
‫ون َعلِي ٌم‪‬‬
‫‪‬توعــ ٌد ألهـل التجسـس علـى الـبيوت وطلـب الدخول علـى غفلـة للمعاصـي ‪،‬‬
‫والنظـر إلـى مـا ال يحـل وال يجوز النظـر إليـه ‪ ،‬وتوع ٌد أيضا ً لغيرهـم ممـن يقـع‬
‫في محظور‪.‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫ع لَ ُك ْم‪‬‬ ‫اح َأنْ تَد ُْخلُوا بُيُوتا ً َغ ْي َر َم ْ‬
‫س ُكونَ ٍة فِي َها َمتَا ٌ‬ ‫س َعلَ ْيكـ ُ ْم ُجنَ ٌ‬
‫‪‬لَ ْي َ‬

‫‪ ‬روي أـن بعـض الناس لمـا نزلـت آيـة االسـتئذان تعمـق فـي األمـر‪ ،‬فكان ال‬
‫يأتي موضعا ً خربا ً وال مسكونا ً إال سلم واستأذن ؛ فنزلت اآلية‪.‬‬
‫حـ‪ ‬أـي ليـس عليكـم إثـم أـو حرج إذا دخلتـم‬ ‫سـ َعلَ ْيك ـُ ْم ُجنَا ٌ‬
‫‪ ‬وقولــه ‪ ‬لَ ْي َ‬
‫بيوتا ً ليس لها أهل أو أصحاب يسكنونها ألنها بيوت عامة ‪.‬‬
‫سـ ُكونَ ٍة‪ ‬فالفنادق وحوانيـت البائعيـن والحمامات‬ ‫‪‬وقولــه‪‬بُيُوتا ً َغ ْي َر َم ْ‬
‫والخرابات ‪.‬‬
‫عـ لَ ُك ْمـ‪ ‬المتاع فـي كالم العرب المنفعـة ومنـه أمتـع هللاـ بـك ‪،‬‬ ‫‪‬قولـه ‪َ ‬متَا ٌ‬
‫ومنـه و"متعوهـن" والمراد بالمتاع هنـا فـي هذا الموضـع االسـتظالل مـن‬
‫الح ِّر وحفظ السلع أو االستحمام أو المبيت وغير ذلك من المنافع ‪.‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫* قوله تعالى ‪َ  :‬وهَّللا ُ يَ ْعلَ ُم َما تُ ْب ُد َ‬
‫ون َو َما تَ ْكتُ ُم َ‬
‫ون‪‬‬

‫‪‬ختــم هللاــ اآليــة الكريمــة بهذه الفاصــلة القرآنيــة‬


‫ليتوعـد الذيـن يدخلون الخرابات والدور الخاليـة مـن‬
‫أهـل الريبـة والمشبوهيـن الذيـن يسـتغلونها فـي قضاء‬
‫أغراضهــم غيــر المشروعــة كالمواعدة واللقاء مــع‬
‫المشبوهات وارتكاب الفاحشــة ومــا شابــه ذلــك مــن‬
‫مخالفات حذر الشارع الحكيم من الوقوع فيها ‪.‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫المقطع الثاني‬
‫أحكام غض البصر وحفظ العرض‬

‫صــا ِرـ ِه ْم َويَ ْحفَظُوا‬ ‫ضوا ِم ْنــَأ ْب َ‬ ‫‪ ‬قال تعال ى ‪  :‬قُ ْلــ لِ ْل ُمْؤ ِمنِ َ‬
‫ينــيَ ُغ ُّ‬
‫ون َوقُ ْلـ لِ ْل ُمْؤ ِمنَاتِـ‬ ‫صـنَ ُع َ‬ ‫وج ُه ْمـ َذلِ َكـ َأ ْز َكـى لَ ُه ْمـ ِإ َّـن هَّللا َ َخبِي ٌر بِ َمـا يَ ْ‬ ‫فُ ُر َ‬
‫وج ُه َّـن َوال يُ ْب ِدي َنـ ِزينَتَ ُه َّـن ِإال‬ ‫صـا ِرـ ِه َّن َويَ ْحفَ ْظ َنـ فُ ُر َ‬ ‫ض َنـ ِم ْنـ َأ ْب َ‬ ‫ض ْ‬ ‫يَ ْغ ُ‬
‫ض ِر ْب َنــ بِ ُخ ُم ِر ِه َّنــ َعلَــى ُجيُوبِ ِه َّنــ َوال يُ ْب ِد َ‬
‫ينــ‬ ‫َمــا ظَ َه َر ِم ْن َهــا َو ْليَ ْ‬
‫اءـ بُ ُعولَتِ ِه َّنـ َأ ْو َأ ْبنَاِئ ِه َّنـ َأ ْو‬
‫ِزينَتَ ُه َّنـ ِإال لِبُ ُعولَتِ ِه َّنـ َأ ْو آبَاِئ ِه َّنـ َأ ْو آبَ ِ‬
‫َأ ْبنَا ِءـ بُ ُعولَتِ ِه َّـن َأ ْو ِإ ْخ َوانِ ِه َّـن َأ ْو بَنِـي ِإ ْخ َوانِ ِه َّـن َأ ْو بَنِـي َأ َخ َواتِ ِه َّـن َأ ْو‬
‫نـ‬ ‫ينـ َغ ْي ِر ُأولِـي اِإل ْربَ ِةـ ِم َ‬ ‫ن َأ ِو التَّابِ ِع َ‬‫سـاِئ ِه َّن َأ ْو َمـا َملَ َك ْتـ َأ ْي َمانُ ُه َّـ‬ ‫نِ َ‬
‫س ـا ِء َوال‬ ‫ين ـ لَ ْم ـيَ ْظ َه ُروا َعلَــى َع ْو َر ِ‬
‫ات ـالنِّ َ‬ ‫ال ـَأ ِو الطِّ ْف ِل ـ الَّ ِذ َ‬ ‫ال ِّر َج ِ‬
‫ينـ ِم ْنـ ِزينَتِ ِه َّنـ َوتُوبُوا ِإلَـى هَّللا ِ‬ ‫ض ِر ْب َنـ بَِأ ْر ُجلِ ِه َّنـ لِيُ ْعلَ َمـ َمـا يُ ْخفِ َ‬ ‫يَ ْ‬
‫ون‪ ‬اآليات ‪. 31-30‬‬
‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬
‫ون لَ َعلَّ ُك ْم تُ ْفلِ ُح َ‬ ‫‪ِ 3/10/23‬م‪PM‬يعا ً َأ ُّي‬
‫‪َ 07:01‬ها ا ْل ُمْؤ ِمنُ َ‬ ‫َج‬
‫التحليل اللغوي‬

‫‪‬يحفظوا فروجهم ‪ :‬بالستر ‪ ،‬والبعد عن الزنا ‪.‬‬


‫‪‬أزكى لهم ‪ :‬أطهر لهم ‪.‬‬
‫‪‬ال يبدين زينتهن ‪ :‬ال يظهرن زينتهن ‪.‬‬
‫‪‬زينتهن ‪ :‬ما تتزين به المرأة ‪.‬‬
‫‪‬بعولتهن ‪ :‬أزواجهن ‪.‬‬
‫‪‬آباء بعولتهن ‪ :‬آباء األزواج ‪.‬‬
‫‪‬أبنائهن ‪ :‬أبناء المرأة من صُلبها ‪.‬‬
‫‪‬أبناء بعولتهن ‪ :‬أبناء األزواج ‪.‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫التحليل اللغوي‬

‫‪‬إخوانهن ‪ :‬أخوة المرأة ‪.‬‬


‫‪‬بني إخوانهن ‪ :‬أبناء األخ ‪.‬‬
‫‪‬بني أخواتهن ‪ :‬أبناء أخت المرأة ‪.‬‬
‫‪‬نسائهن ‪ :‬المرأة التي تقوم بخدمة سيدتها ‪.‬‬
‫‪‬ما ملكت أيمانهن ‪ :‬المرأة والرجل الرقيق التي تخدم (أو يخدم) سيدته ‪.‬‬
‫‪‬التابعين غير أولي اإلربة من الرجال ‪ :‬الرجال كبار السن الذين ليس لهم‬
‫حاجة إلى قربان النساء ‪ ،‬ويترددون على البيوت ألخذ الصدقات أو للخدمة ‪.‬‬
‫‪‬الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ‪ :‬الطفل صغير السن الذي لم‬
‫يبلغ التمييز ‪.‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫عالقة اآليات بما قبلها‬

‫‪‬ثانيا ً ‪ :‬عالقة اآليات بما قبلها ‪:‬‬


‫‪‬بيـن فـي اآليات السـابقة أحكام االسـتئذان وهـي أحكام‬
‫وقائيـة أوليـة للمحافظـة علـى أعراض الناس ثـم يأتـي فـي‬
‫هذه اآليات ليضـع أحكاما ً وقائيـة أخرى للمـحافظـة علـى‬
‫عفـةـ هذه األعراض وشرفهـا وحفـظ األنسـاب وحياطـة‬
‫أواصـر األسـرة مـن أـن تنزلـق فـي مسـالك وعرة ‪ ،‬فنجده‬
‫يحرم النظــر لمواضــع الفتنــة المثيرة ويحدد للمكلفيــن‬
‫أحكاما ً قاطعـــة لســـ ِّد باب الفتنـــةـ وقطـــع دابر الفســـاد‬
‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬
‫والمفسدين ‪.‬‬
‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫أسباب النزول‬

‫‪‬ثالثا ً ‪ :‬أسباب النزول ‪:‬‬


‫‪‬جاء عن علي ‪ ‬أن ه قال ‪" :‬مـر رـجـل علـى عهـد النـبي ‪ ‬فـي‬
‫طرـيــق مــن طرقات المدينــة فنظ ـرـ إلــى امرأــة ونظرت إليــه ‪،‬‬
‫فوسـوس لهمـا الشيطان أنـه لـم ينظـر أحدهمـا إلـى اآلخـر إال‬
‫إعجابا ً بـه ‪ ،‬فبينمـا الرـجـل يمشـي إلـى جانـب حائـط ينظـرـ إليهـا‬
‫إذا اسـتقبلته الحائـط (أـي صـدمه الحائـط) فشـق أنفـه ‪ ،‬فقال ‪:‬‬
‫وهللاـ ال أغسـل الدم حتـى آتـي رســول هللاـ ‪ ‬فأعلمـه أمري ‪،‬‬
‫فقص عليه قصته فقال النبي ‪. ‬‬ ‫ّ‬ ‫فأتاه‬
‫‪ ‬هذا عقوب ة ذنب ك" فأنزل هللا ‪ ‬قُ ْلــ لِ ْل ُمْؤ ِمنِ َ‬
‫ينــيَ ُغ ُّ‬
‫ضوا ِمنــْ‬
‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬
‫‪ْ07:01‬م‪‬‬
‫ص‪PM‬ا ِر ِه‬ ‫َأ ْب‬
‫‪َ 3/10/23‬‬
‫من { أسباب النزول }‬

‫‪ -2‬وجاء عن جابر بن عبد هللا األنصاري أنه قال ‪:‬‬


‫أن أسماء بنت مرثد كانت في نخل لها في بني حارثة‬
‫فجع ل النس اء يدخل ن عليه ا غي ر مؤتزرات فيبدو م ا‬
‫في أرجلهن يعني الخالخل ويبدو صدورهن وبعض‬
‫شعوره ن فقال ت أس ماء م ا أقب ح هذا ؟ فأنزل هللا ف ي‬
‫ض َن ِمنْ َأ ْب َ‬
‫صا ِر ِه َّن‪. ‬‬ ‫ذلك ‪َ ‬وقُ ْل لِ ْل ُمْؤ ِمنَا ِ‬
‫ت يَ ْغ ُ‬
‫ض ْ‬

‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫التفسير اإلجمالي‬

‫‪‬رابعا ً ‪ :‬التفسير اإلجمالي ‪:‬‬


‫ضوا ِم ْنـ َأ ْب َ‬
‫صـا ِر ِه ْم َويَ ْحفَظُوا‬ ‫‪ ‬قولــه تعالـى ‪  :‬قُ ْلـ لِ ْل ُمْؤ ِمنِ َ‬
‫ينـ يَ ُغ ُّ‬
‫ون‪‬‬ ‫صنَ ُع َ‬ ‫وج ُه ْم َذلِ َك َأ ْز َكى لَ ُه ْم ِإ َّن هَّللا َ َخبِي ٌر بِ َما يَ ْ‬ ‫فُ ُر َ‬
‫‪‬هذا أمـر مـن هللاـ تعالـى لعباده المؤمنيـن بأـن يغضوا مـن أبصـارهم‬
‫عما ح َّرم هللا عليهم فال ينظروا إال إلى ما أباح لهم النظر إليه ‪.‬‬
‫‪ ‬قولـه "قـل للمؤمنيـن" وهـو خطاب للمؤمنيـن فـي شخـص النـبي‬
‫‪ ‬بأن يغضوا أبصارهم‬
‫‪ ‬وقولــه "يغضوا" مـن الغـض وهـو النقصـان مـن الطرف ‪ .‬يقال‬
‫وأغض بصـره إذا أطبـق الجفـن ألجـل خفـض البصـر وتنكيسـه‬ ‫َّـ‬ ‫غض‬
‫َّـ‬
‫إلى األرض حتى ال يقع على ما ينبغي الوقوع عليه ‪.‬‬
‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬‫‪‬‬
‫وج ُه ْم َذلِ َك َأ ْز َكى لَ ُه ْم ِإنَّ هَّللا َ‬ ‫ضوا ِمنْ َأ ْب َ‬
‫صا ِر ِه ْم َويَ ْحفَظُوا فُ ُر َ‬ ‫‪‬قُ ْل لِ ْل ُمْؤ ِمنِ َ‬
‫ين يَ ُغ ُّ‬
‫ون‪‬‬ ‫صنَ ُع َ‬
‫َخبِي ٌر ِب َما يَ ْ‬

‫‪‬قولـه "مـن أبصـارهم" نوع "مـن" تبعيضية أـي تفيد التبعيض‬


‫وفـي هذا التعـبير القرآنـي إشارة إلـى بعـض الحاالت التـي يباح‬
‫فيهـا النظـر كالنظـرـ إلـى المحارم مـن النســاء حيـث يجوز النظـر‬
‫إلى شعورهن وأيديهن نظرة عابرـة ‪.‬‬
‫‪‬خــص "أبصــارهم" بالذكــر مــن بيــن ســائر المدركات ألــن‬
‫البصر أقوى المدركات في التأثير على القلب ‪.‬‬
‫‪‬وقدم غض األبصار علـى حفـظ الفروج ألن النظرة سهم من‬
‫سـهام إبليـس والنظـر بريــد الوقوع فـي الزنـا ‪ ،‬ولذا حرم النظـر‬
‫مـن باب الوقايـة مـن الوقوع فـي مقدمات الجريمـة ‪ ،‬وهذا أنفـى‬
‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬
‫الوقوع في الجريمة نفسها ‪.‬‬ ‫عن‬
‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫وج ُه ْم َذلِ َك َأ ْز َكى لَ ُه ْم ِإنَّ هَّللا َ‬ ‫ضوا ِمنْ َأ ْب َ‬
‫صا ِر ِه ْم َويَ ْحفَظُوا فُ ُر َ‬ ‫‪‬قُ ْل لِ ْل ُمْؤ ِمنِ َ‬
‫ين يَ ُغ ُّ‬
‫ون‪‬‬ ‫صنَ ُع َ‬
‫َخبِي ٌر ِب َما يَ ْ‬

‫‪ *‬المعنى اللغوي ‪:‬‬


‫‪ ‬قوله تعالى ‪" :‬ويحفظوا فروجهم" قال العلماء ‪ :‬فيها قوالن‪-:‬‬
‫‪ -1‬حفظ الفروج والمراد سترها عن النظر إليها فال تقع عليها األبصار‬
‫‪ -2‬قال آخرون المراد حفظها من الوقوع في الزنا ‪.‬‬
‫‪ ‬والص حيح أ ن المراد ينطب ق عل ى القولي ن أل ن اللف ظ عام‬
‫فيجب ستر الفروج عن األبصار وحفظها من الوقوع في الحرام‬
‫ج َها‪( ‬التحريم ‪12‬‬ ‫فقد جاء في حق مريم عليها السالم ‪‬والَِّ‬
‫ص َن ْت فَ ْر َ‬ ‫َأح‬ ‫ي‬‫ت‬
‫)‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ون**** ِإال َعلَ****ى‬ ‫وج ِهم * * ح ِ‬
‫افظُ َ‬
‫ين * * ُ ِ‬
‫ه ْم * * لفُُر ِ ْ َ‬ ‫‪ ‬وقال تعال ى‪َ  :‬والَِّذ َ‬
‫ين‪( ‬المؤمنون ‪. ) 5‬‬ ‫َْأزَو ِ‬
‫اج ِه ْم َْأو َما َملَ َك ْت َْأي َما ُن ُه ْم فَِإ َّن ُه ْم َغ ْي ُر َملُو ِم َ‬
‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫وج ُه ْم َذلِ َك َأ ْز َكى لَ ُه ْم ِإنَّ هَّللا َ‬ ‫ضوا ِمنْ َأ ْب َ‬
‫صا ِر ِه ْم َويَ ْحفَظُوا فُ ُر َ‬ ‫‪‬قُ ْل لِ ْل ُمْؤ ِمنِ َ‬
‫ين يَ ُغ ُّ‬
‫ون‪‬‬ ‫صنَ ُع َ‬
‫َخبِي ٌر ِب َما يَ ْ‬

‫‪ ‬قولـه تعالـى ‪َ :‬أ ْز َكـى لَ ُهـم‪ : ‬بمعنـى أطهـر لقلوبهـم وهـي مأخوذة مـن الزكاة‬
‫بمعنـى الطهارة والنقاء والزيادة ‪ ،‬فحينمـا تقول زكـا الزرع إذا حصـل منـه نمـو‬
‫أـو بركـة وزكـت النفقـة إذا بورك فيهـا وقبلـت عنـد هللاـ ورجـل زكـى أـي كثيـر‬
‫الخيـر ‪  ،‬قال تعالـى ‪َ  :‬و َم ـْن تَ َز َّكـى فَِإنَّ َمـا يَتَ َز َّكـى لِنَ ْف ِ‬
‫سـ ِه‪ ‬فاآليـة تعنـي أـن مـن‬
‫غض بصره وحفظ فرجه فهو خير له وأفضل في الدنيا واآلخرة ‪.‬‬
‫ون‪ : ‬أـي أـن هللاـ تبارك وتعالـى يعلـم بواطـن‬ ‫صـنَ ُع َ‬ ‫‪  ‬وقولــه ‪َ  :‬خبِي ٌر بِ َمـا يَ ْ‬
‫األمور واألشياء وال يخفـى عليـه شيـء فـي األرض وال فـي السـماء ‪ ،‬فيعلـم مـا‬
‫تصـنع باألبصـار والفروج ‪ ،‬وفـي هذا وعيـد وتهديـد لمـن يخالـف ويبتعـد عـن أمـر‬
‫هللا أو يحيد عنه ويعصيه في ارتكاب المحرمات ‪.‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫وجهُ ـَّن‪...‬‬ ‫ض َنـ ِمنْ َأ ْب َ‬
‫صا ِر ِهنَّ َوـيَ ْحفَ ْظ َن فُ ُر َ‬ ‫* ‪َ ‬وقُ ْلـ لِ ْل ُمْؤ ِمنـَا ِ‬
‫ت يـَ ْغ ُ‬
‫ض ْ‬

‫وج ُه َّن‪...‬‬ ‫ض َنـ ِم ْنـ َأ ْب َ‬


‫صـا ِر ِه َّن َويَ ْحفَ ْظ َن فُ ُر َ‬ ‫ض ْ‬ ‫تـ يَ ْغ ُ‬‫‪َ  ‬وقُ ْلـ لِ ْل ُمْؤ ِمنَا ِ‬
‫يشملهن فـي خطاب المؤمنيـن كالعادة ‪ ،‬وذلـك‬ ‫َّـ‬ ‫أفرد النسـاء بالذكـر ولـم‬
‫تخصــالرجال ‪ ،‬ولــبيان خطورة‬ ‫ُّ‬ ‫لتفردهــن بأحكام مســتقلة بهــن ال‬
‫المرأـة ودورهـا فـي هذا األمـر ‪ ،‬فأفرد الخطاب للنسـاء مـن باب التأكيـد‬
‫عليهـن ألـن مقصـد المرأـة مـن الرجـل مثـل مقصـد الرجـل مـن المرأـة ‪،‬‬
‫ضـ علـى غـض البصـر عنـد‬ ‫صـا ِر ِه َّن‪ ‬ح ّ‬ ‫ض َنـ ِم ـْن َأ ْب َ‬‫ض ْ‬‫‪ ‬وقولـه ‪ :‬يَ ْغ ُ‬
‫الرجال والنسـاء دليـل علـى أـن العفـة مقصـد شرعـي يجـب أـن يحققـه‬
‫الطرفان ‪،‬‬
‫وج ُه َّنـ‪ ‬أـي سـترها عـن النظـر إليهـا أـو‬ ‫‪ ‬قولـه ‪َ  :‬ويَ ْحفَ ْظ َنـ فُ ُر َ‬
‫عفتها والمحافظة عليها من الوقوع في الزنا ‪.‬‬
‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫ض ِر ْب َن بِ ُخ ُم ِر ِهنَّ َعلَى ُجيُوبِ ِهنَّ‬ ‫يـن ِزينَتَ ُهنَّ ِإال َما َ‬
‫ظ َه َر ِم ْن َها َو ْليَ ْ‬ ‫* ‪َ ‬وال يُ ْب ِد َ‬
‫ين ِزينَتَ ُه َّن ِإال لِبُ ُعولَتِ ِه َّن‪...‬‬
‫َوال يُ ْب ِد َ‬

‫‪  ‬زينتهـن ‪ :‬الزينــة هـي كـل مـا تتزيـن بـه المرأـة مـن الثياب أـو الحلـي أـو الكحـل أـو‬
‫الخضاب وغيرهـا أـو مـا يُعـبر عنـه بلفـظ "التجميـل" والزينـة المقصـودة فـي اآليـة تنقسـم‬
‫إلى قسمين ‪-:‬‬
‫‪ -1 ‬الزينة الخفية الباطنة ‪:‬‬
‫‪ ‬وهـي كالسـوارين والقرطيـن والقالئـد والخالخيـل واإلكليـل ‪ ،‬فهذه الزينـة يجـب سـترها‬
‫عــن األجانــب ألنــه يحرم عليهــم النظــر إليهــا ‪ ،‬أمــا ذو المحارم بالنســبة لهذه الزينــة‬
‫فالزوج يجوز لــه النظــر إليهــا والتلذذ بزينــة زوجتــه ‪ ،‬أمــا غيره مــن اآلباء واألبناء‬
‫واألخوة فيجوز لهـم النظـر ويحرم التلذذ ‪ ،‬فقـد روي أـن الحسـن والحسـين كانـا يدخالن‬
‫علـى خالتهـم أـم كلثوم وهـي تمتشـط فقـد قال صـاحب المغنـي ‪" :‬يجوز للرجـل أـن ينظـر مـن‬
‫ذوات محارمه إلى ما يظهر غالبا ً كالرقبة والرأس والكفين والرجلين ونحو ذلك وليس‬
‫له النظر إلى ما يستتر غالبا ً كالصدر والظهر ونحوهما" ‪.‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫ض ِر ْب َن بِ ُخ ُم ِر ِهنَّ َعلَى ُجيُوبِ ِهنَّ‬ ‫يـن ِزينَتَ ُهنَّ ِإال َما َ‬
‫ظ َه َر ِم ْن َها َو ْليَ ْ‬ ‫* ‪َ ‬وال يُ ْب ِد َ‬
‫ين ِزينَتَ ُه َّن ِإال لِبُ ُعولَتِ ِه َّن‪...‬‬
‫َوال يُ ْب ِد َ‬

‫‪ -2‬الزـينة الظاهرة ‪:‬‬


‫‪‬وهـي الزينـة المشارـ إليهـا فـي النـص السـابق بقولـه ‪ِ:‬إال َمـا ظَ َه َر‬
‫ِم ْن َهـا‪ ‬أـي التـي تدعـو الحاجـة إلـى ظهوره وممـا ال يمكـن إخفاؤه‬
‫وقيل المراد به الوجه والكفان أو الثياب ‪ ،‬وإذا شعرـت المرأة أن‬
‫وجههـا قـد يسـبب الفتنـة لبعـض الرجال فاألفضـل أـن تلبـس النقاب‬
‫ألـن ذلـك أطهـر للقلوب ‪ ،‬فقـد جاء عـن عائشـة رضـي هللاـ عنهـا‬
‫قالـت ‪" :‬كان يمـرـ بنـا الرجال ونحـن محرمات مـع رسـول هللاـ ‪ r‬فإذا‬
‫حاذوا بنـا سـدلت إحدانـا خمارـهـا علـى وجههـا فإذا جاوزنـا كشفنـا"‬
‫(أبو داود حسن) ‪.‬‬
‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫ض ِر ْب َن بِ ُخ ُم ِر ِهنَّ َعلَى ُجيُوبِ ِهنَّ‬ ‫يـن ِزينَتَ ُهنَّ ِإال َما َ‬
‫ظ َه َر ِم ْن َها َو ْليَ ْ‬ ‫* ‪َ ‬وال يُ ْب ِد َ‬
‫ين ِزينَتَ ُه َّن ِإال لِبُ ُعولَتِ ِه َّن‪...‬‬
‫َوال يُ ْب ِد َ‬

‫‪ ‬خامسا ً ‪ :‬لفتات بيانية ‪:‬‬


‫‪‬يوجد في النص بعض األمور البالغية وهي تتمثل فـي اآلتي ‪-:‬‬
‫صـا ِر ِه ْم‪ ‬ألـن‬‫ضوا ِم ْنـ َأ ْب َ‬ ‫‪ -1‬الحذف فـي قولــه تعالـى ‪  :‬قُ ْلـ لِ ْل ُمْؤ ِمنِ َ‬
‫ينـ يَ ُغ ُّ‬
‫المراد غـض البصـر عمـا حرم هللاـ ال عـن كـل شيـء ألـن اإلنسـان يباح لـه النظـر‬
‫إلـى مـا أحـل هللاـ لـه ‪ ،‬وال يجوز النظـر إلـى عورات اآلخريـن فحذف ذلـك اكتفاء‬
‫بمعرفة المخاطبين وفهمهم من خالل النص ‪.‬‬
‫‪ -2‬مـن األسـرار البالغيـة دخول "مـن" علـى غـض األبصـار دون الفروج فـي‬
‫(النور‬
‫وج ُهمْـ‪‬‬ ‫ضوا ِم ْنـ َأ ْب َ‬
‫صـا ِر ِه ْم َويَ ْحفَظُوا فُ ُر َ‬ ‫قولـه تعالـى ‪  :‬قُ ْلـ لِ ْل ُمْؤ ِمنِ َ‬
‫ينـ يَغُ ُّ‬
‫‪ )30‬ألــن أمــر النظــر موســع فيــه وألــن المحارم مــن النســاء يجوز النظــر إلــى‬
‫قـ فيـه فال يجوز النظـر‬ ‫شعورهـن وأرجلهـن وأيديهـن ‪ ،‬أمـا الفرج فاألمـر ُمضي ٌ‬
‫إلى العورة المغلظة ‪.‬‬
‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫ين‬ ‫يـن ِزينَتَ ُه َّن ِإال َما ظَ َه َر ِم ْن َها َو ْليَ ْ‬
‫ض ِر ْب َن ِب ُخ ُم ِر ِه َّن َعلَى ُجيُوبِ ِه َّن َوال يُ ْب ِد َ‬ ‫* ‪َ ‬وال يُ ْب ِد َ‬
‫ِزينَتَ ُه َّن ِإال لِبُ ُعولَتِ ِه َّن‪...‬‬

‫‪ -3‬ومـن هذه األسـرار تقديـم غـض البصـر علـى حفـظ الفروج فـي اآليتيـن ألـن‬
‫النظر بريد الزنا ورائد الفجور ويلهب نار الحب الذي يدفع إلى ارتكاب المحرم‬
‫‪ -4‬جاء أفعـل التفضيـل للمبالغـة فـي قولـه تعالـى ‪َ :‬أ ْز َكـى لَهُمْـ‪ ‬أـي أـن غـض‬
‫البصـر وحفـظ الفرج فيـه الطهارة للمؤمـن مـن دنـس الرذائـل وأفضـل مـن الوقوع‬
‫في اآلثام والمحرمات والمنكرات ‪.‬‬
‫‪‬قولــه ‪َ  :‬و ْليَ ْ‬
‫ض ِر ْب َنـ بِ ُخ ُم ِر ِه َّـن َعلَـى ُجيُوبِ ِه َّـن‪ ‬أـي وليلقيـن بخمرهـن وهـو جمـع‬
‫خمار والخمار هو القناع أو غطاء الرأس ‪،‬‬
‫‪‬وقولــه ‪َ  :‬علَــى ُجيُوبِ ِهنَّ ـ‪ ‬جمــع جيــب وهــي الفتحــة التــي تكون فــي طوق‬
‫القميـص ويبدو منهـا صـدورهن ‪ ،‬فقـد أمـر هللاـ النسـاء بإلقاء الخمار علـى الرأـس‬
‫والصــدر لســترها ‪ ،‬وكنــى عــن الصـــدر بالجيوب ألنهــا ملبوســة عليهــا وعليــه‬
‫فالمراد العام مـن اآليـة ‪ :‬أـن هللاـ أمرهـن بســتر شــعورهن وأعناقهـن وصـدورهن‬
‫بالخمار لكي ال يرى منها أي شيء ‪.‬‬
‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫ض ِر ْب َن بِ ُخ ُم ِر ِهنَّ َعلَى ُجيُوبِ ِهنَّ‬ ‫يـن ِزينَتَ ُهنَّ ِإال َما َ‬
‫ظ َه َر ِم ْن َها َو ْليَ ْ‬ ‫* ‪َ ‬وال يُ ْب ِد َ‬
‫ين ِزينَتَ ُه َّن ِإال لِبُ ُعولَتِ ِه َّن‪...‬‬
‫َوال يُ ْب ِد َ‬

‫‪‬سابعا ً ‪ :‬تشريع الحجاب في اإلسالم ‪:‬‬


‫‪‬لقـد دلـل القرآـن الكريـم علـى فريضـة الحجاب فـي سـورتين مـن سـوره ‪:‬‬
‫األولـى فـي سـورة النور ‪ ،‬والثانيـة فـي سـورة األحزاب ‪ ،‬أمـا األولـى فقولـه‬
‫تعالـى ‪َ  :‬و ْليَ ْ‬
‫ض ِر ْب َنـ بِ ُخ ُم ِر ِه َّنـ َعلَـى ُجيُوبِ ِه َّنـ‪ ‬إرشاداً إلـى كيفيـة إخفاء‬
‫بعـض الزينـة بعـد النهـي عـن إبدائهـا ‪ ،‬والمراد مـن هذه اآليـة كمـا روى ابـن‬
‫أـبي حاتـم عـن ابـن جـبير ‪ :‬أمرهـن بسـتر نحورهـن وصـدورهن بخمرهـن لئال‬
‫يُرى منهـا شيـء وكانـت النسـاء فـي الجاهليـة يغطيـن رؤوسـهن بالخمار‬
‫ويســـدلنه كعادة الجاهليـــة مـــن وراء الظهـــر فتبدو نحورهـــن وبعـــض‬
‫صـدورهن ‪ ،‬وصـح أنـه لمـا نزلـت هذه اآليـة سـارعت نسـاء المهاجريـن إلـى‬
‫االمتثال فيهـا فشققـن مروطهـن أـي فاختمرن بهـا تصـديقا ً وإيمانا ً بمـا أنزل‬
‫هللا تعالى من كتابه ‪.‬‬
‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫ض ِر ْب َن بِ ُخ ُم ِر ِهنَّ َعلَى ُجيُوبِ ِهنَّ‬ ‫يـن ِزينَتَ ُهنَّ ِإال َما َ‬
‫ظ َه َر ِم ْن َها َو ْليَ ْ‬ ‫* ‪َ ‬وال يُ ْب ِد َ‬
‫ين ِزينَتَ ُه َّن ِإال لِبُ ُعولَتِ ِه َّن‪...‬‬
‫َوال يُ ْب ِد َ‬

‫اج َكـ‬‫‪‬وأمـا التـي فـي سـورة األحزاب فقولـه تعالـى ‪ :‬يَـا َأ ُّي َهـا النَّ ِب ُّـي قُ ْلـ َأل ْز َو ِ‬
‫سـا ِء ا ْل ُمْؤ ِم ِني َنـ يُ ْدنِي َنـ َعلَ ْي ِه َّـن ِم ْنـ َجالبِيبِ ِه َّـن َذ ِل ـَك َأ ْدنَـى َأ ْنـ يُ ْع َر ْف َنـ‬
‫َوبَنَا ِت ـَك َو ِن َ‬
‫فَال يُْؤ َذ ْي َنـ َو َكا َنـ هَّللا ُ َغفُوراً َر ِحيما ً‪( ‬األحزاب ‪ )59‬تشيـر هذه اآليـة إلـى أـن‬
‫هللاـ سـبحانه وتعالـى أمـر نـبيه ‪ ‬أـن يأمـر نسـاءه وبناتـه ونسـاء المؤمنيـن‬
‫عامـة إذا خرجـن لحاجتهـن أـن يغطيـن أجسـامهن ورؤوســهن وجيوبهـن‬
‫كاســ‪ ،‬فيميزهــن هذا الزي ويجعلهــن فــي مأمــن مــن تلصــص‬ ‫ٍ‬ ‫بجلباب‬
‫الفساق ‪ ،‬فإن معرفتهن وحشمتهن معا ً تلقيان الخجل والتحرج ‪.‬‬
‫‪‬وقد توعد النبي ‪ ‬التي تخرج كاسية عارية بقوله ‪" :‬نساء كاسيات‬
‫عاريات مائالت مميالت رؤوسهن مثل أسنمة البخت ال يدخلن الجنة وال‬
‫يجدن ريحها" ‪.‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫ض ِر ْب َن بِ ُخ ُم ِر ِهنَّ َعلَى ُجيُوبِ ِهنَّ‬ ‫يـن ِزينَتَ ُهنَّ ِإال َما َ‬
‫ظ َه َر ِم ْن َها َو ْليَ ْ‬ ‫* ‪َ ‬وال يُ ْب ِد َ‬
‫ين ِزينَتَ ُه َّن ِإال لِبُ ُعولَتِ ِه َّن‪...‬‬
‫َوال يُ ْب ِد َ‬

‫‪‬ولقـد بينـت لنـا الشريعـة اإلسـالمية حدود مـا سـمحت بـه مـن إبداء الزينـة‬
‫وفـق مـا تقتضيـه الفطرة اإلنسـانية السـليمة والعقـل السـليم ‪ ،‬وعلـى وفـق مـا‬
‫يؤ ِّمـن عدم الفتنـة ودفـع الفواحـش والحفاظ علـى األخالق ‪ ،‬يقول الرسـول‬
‫الكريـم ‪" ‬يـا أسـماء إذا بلغـت المرأـة المحيـض فإنـه ال يجوز أـن يظهـر‬
‫منهـا إال الوجـه والكفان" (الموطــأ ) ‪ ،‬وفـي روايـة { إال هذا وهذا وأشار إلـى‬
‫الوجه والكفين }‪.‬‬
‫‪‬هذا وإن المرأــة التــي هتكــت ســتر الحجاب قــد هتكــت ســتر العفــة مــن‬
‫جســـدها ‪ ،‬وهتكــت الحاجــز الذي وضعــه اإلســالم بينهــا وبيــن المعاصــي‬
‫والمزالـق ‪ ،‬بـل إنهـا أخرجـت تلـك الجوهرة المكنونـة التـي عمـل اإلسـالم‬
‫جاهداً علـى أـن ال تمسـهـا إال يـد صـاحبهـا وال تنظــر إليهـا بعيـن الشهوة‬
‫والتمني إال عين زوجها‬
‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫ض ِر ْب َن بِ ُخ ُم ِر ِهنَّ َعلَى ُجيُوبِ ِهنَّ‬ ‫يـن ِزينَتَ ُهنَّ ِإال َما َ‬
‫ظ َه َر ِم ْن َها َو ْليَ ْ‬ ‫* ‪َ ‬وال يُ ْب ِد َ‬
‫ين ِزينَتَ ُه َّن ِإال لِبُ ُعولَتِ ِه َّن‪...‬‬
‫َوال يُ ْب ِد َ‬

‫‪ ‬إن اإلسـالم الذي فرض الحجاب صـان شرف المرأـة وعفتهـا ‪ ،‬وأحاطهـا بهالـة‬
‫مـن القدسـية الخلقيـة ‪ ،‬وإن المرأـة التـي خلعـت ثياب السـتر والعفـة قـد أعطـت‬
‫نفسـها صـفة المرأـة المسـتهترة بالقيـم والمعانـي المثاليـة ‪ ،‬ممـا يدفـع النفوس‬
‫الخبيثـة أـن تطمـع فـي الوصـول إليهـا ‪ ،‬كمـا أنهـا سـمحت ألعيـن أصـحاب تلـك‬
‫النفوس التـي خلـت مـن كثيـر مـن معانـي الرجولـة والغيرة ‪ ،‬أـن تتلصـص عليهـا ‪،‬‬
‫(الحاكم)‬
‫‪‬يقول الرسول ‪":‬النظرة سهم مسموم من سهام الشيطان"‬
‫‪ ‬وقولـه ‪":‬لتغضـن أبصـاركم ولتحفظـن فروجكـم أـو ليكسـفن هللاـ وجوهكـم"‬
‫(الطـبراني)‬

‫‪ ‬ولوال كشـف الحجاب والتعري وإبداء الزينـة لمـا اسـتطاع أمثال هؤالء الذئاب‬
‫مـن معرفـة تلـك النسـوة ‪ ،‬وال تجرءوا علـى مالحقتهـن أـو االقتراب مـن إحداهـن ‪،‬‬
‫إن الحجاب الذي أمـر بـه اإلسـالم هـو عنوان عفـة المرأـة وطهارتهـا ‪ ،‬ودليـل علـى‬
‫أنها من المؤمنات اللواتي امتألت قلوبهن باإليمان ونبذن كل مدخل للشيطان ‪.‬‬
‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪ ‬‬
‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫ض ِر ْب َن بِ ُخ ُم ِر ِهنَّ َعلَى ُجيُوبِ ِهنَّ‬ ‫يـن ِزينَتَ ُهنَّ ِإال َما َ‬
‫ظ َه َر ِم ْن َها َو ْليَ ْ‬ ‫* ‪َ ‬وال يُ ْب ِد َ‬
‫ين ِزينَتَ ُه َّن ِإال لِبُ ُعولَتِ ِه َّن‪...‬‬
‫َوال يُ ْب ِد َ‬

‫‪‬ثامنا ً ‪ :‬شروط لباس المرأة في اإلسالم ‪:‬‬


‫‪‬لقــد ذكــر المودودي شروطا ً لحجاب المرأــة المســلمة فــي كتابــه الحجاب‬
‫نلخصها في اآلتي ‪-:‬‬
‫ض ِر ْب َن ـ بِ ُخ ُم ِر ِه َّنـ‬ ‫‪ -1‬اســتيعاب اللباس لجميــع البدن لقولــه تعالــى ‪َ  :‬و ْليَ ْ‬
‫َعلَـى ُجيُو ِب ِهنَّـ‪ ‬ولقـد حذر ‪ ‬النسـاء الكاسـيات العاريات فقال ‪" :‬سـيكون‬
‫عارياتـ علـى رؤوسـهن كأسـنمة البُخـت ‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫فـي آخـر أمتـي نسـا ٌء كاسـياتٌ‬
‫العنوهـن فإنهـن ملعونات" (مسـلم) ‪ ،‬ومعنـى أنهـن ملعونات أـي مطرودات مـن‬
‫رحمة هللا ‪.‬‬
‫‪ -2‬أال يكون زينـة فـي نفسـه فيجلـب انتباه الناس إليهـا ويدعـو إلـى إيذائهـا‬
‫وفتنـــة الناس بهـــا عمالً بقولـــه تعالـــى ‪َ  :‬وال تَبَ َّر ْج َنـــ تَبَ ُّر َجـــا ْل َجا ِهلِيَّةــ ِـ‬
‫(األحزاب ‪)33‬‬
‫اُألولَى‪‬‬
‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫ين ِزينَتـَ ُهنَّ ِإال‬ ‫يـن ِزينَتَ ُهنَّ ِإال َما ظَ َه َر ِم ْن َها َو ْليَ ْ‬
‫ض ِر ْب َن بِ ُخ ُم ِر ِهنَّ َعلَى ُجيُوبِ ِهنَّ َوال يُ ْب ِد َ‬ ‫* ‪َ ‬وال يُ ْب ِد َ‬
‫لِبُ ُعولَتِ ِهنَّ ‪...‬‬

‫يشفـ عورـتهــا ‪ ،‬وللمرأــة المســلمة بأســماء‬ ‫ُّ‬ ‫‪ -3‬أال يكون رقيقا ً‬


‫بنـت أـبي بكـرـ رضـي هللاـ عنهمـا األسـوة والقدوة الحسـنة ‪ ،‬فقـد‬
‫أرســل إليهــا المنذر بــن الزـبي ـرـ بكســوة مــن بالد العراق وكانــت‬
‫أف‬ ‫رـقيقـة وكانـت أسـماء قـد ُك َّـ‬
‫ف بصـرـها فلمسـتها بيدهـا ثـم قالـت ‪ٍّ :‬ـ‬
‫تشفـ ‪ ،‬قالـت أسـماء إنهـا إن لـم تشـف‬‫ُ‬ ‫إنـه تشـف ‪ ،‬فقيـل لهـا ‪:‬ال‬
‫فإنهـا تصـف" ‪،‬وهذا دليـل صـريح علـى أنـه يحرـم علـى المرأـة أـن‬
‫تلبس لباسا ً يصف أو يشف بل اعتبرـه بعض العلماء من الكبائرـ‬

‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫ين ِزينَتَ ُهنَّ ِإال‬ ‫يـن ِزينَتَ ُهنَّ ِإال َما ظَ َه َر ِم ْن َها َو ْليَ ْ‬
‫ض ِر ْب َن بِ ُخ ُم ِر ِهنَّ َعلَى ُجيُو ِب ِهنَّ َوال يُ ْب ِد َ‬ ‫* ‪َ ‬وال يُ ْب ِد َ‬
‫لِبُ ُعولَتِ ِهنَّ ‪...‬‬

‫‪ -4‬أــن يكون الثوب فضفاضا ً واســعا ً غي ـرـ ضيــق ؛ ألــن اللباس‬


‫الضيــف يصــف عورـة المرأــة ويبدي مالمحهــا وينتــج عــن ذلــك‬
‫إفسـاد لبعـض قلوب الرجال وتعرض المرأـة للفتنـة ‪ ،‬والدليـل علـى‬
‫ذلـك أـن رسـول هللاـ ‪ ‬كسـا أسـامة بـن زيــد عباءـة كثيفـة فكسـاها‬
‫امرـأتــه فقال لــه النــبي ‪" : ‬مــا لــك لــم تلبــس العباءــة ؟ فقال ‪:‬‬
‫كسـوتها امرأتـي ‪ ،‬فقال ‪ُ :‬مرهـا فلتجعـل تحتهـا غاللـة فإنـي أخاف‬
‫أن تصف حجم عظامها" (أحمد حديث حسن) ‪.‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫ين ِزينَتـَ ُهنَّ ِإال‬ ‫يـن ِزينَتَ ُهنَّ ِإال َما ظَ َه َر ِم ْن َها َو ْليَ ْ‬
‫ض ِر ْب َن بِ ُخ ُم ِر ِهنَّ َعلَى ُجيُوبِ ِهنَّ َوال يُ ْب ِد َ‬ ‫* ‪َ ‬وال يُ ْب ِد َ‬
‫لِبُ ُعولَتِ ِهنَّ ‪...‬‬

‫بخراً أـو معطراً ‪ ،‬وذلـك لمـا فيـه مـن تحريـك للشهوة‬ ‫‪  5‬أال يكون اللباس ُم ّ‬
‫حيث‬
‫امرأةـ اســتعطرت فمرت علــى قوم ليجدوا منهــا ريحا ً فهــي‬‫ٍ‬ ‫‪‬قال ‪" : ‬أيُّمــا‬
‫زانية" (حسنه الترمذي) ‪.‬‬
‫(مسلم)‬
‫‪‬قال ‪"‬أيما امرأة أصابت بخوراً فال تشهد معنا العشاء اآلخرة"‬
‫‪  6‬أال يشبـه لباس المرأـة لباس الرجـل ‪ :‬فقـد لعـن رسـول هللاـ ‪ r‬الرجـل‬
‫يلبس لباس المرأة والمرأة تلبس لباس الرجل ‪.‬‬
‫‪‬وقال‪"‬ثالثـة ال يدخلون الجنـة وال ينظـر هللاـ إليهـم يوم القيامــة ‪ :‬العاق‬
‫لوالديه ‪ ،‬والمرأة المترجلة المتشبهة بالرجال والديوث" (الحاكم) ‪.‬‬
‫‪ ‬وقــال بعـض العلمــاء ‪ :‬ســواء كان التشبـه فـي المالبـس أـو الشعـر أـو‬
‫األحذية أو نحوها ‪.‬‬
‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫ين ِزينَتـَ ُهنَّ ِإال‬ ‫يـن ِزينَتَ ُهنَّ ِإال َما ظَ َه َر ِم ْن َها َو ْليَ ْ‬
‫ض ِر ْب َن بِ ُخ ُم ِر ِهنَّ َعلَى ُجيُوبِ ِهنَّ َوال يُ ْب ِد َ‬ ‫* ‪َ ‬وال يُ ْب ِد َ‬
‫لِبُ ُعولَتِ ِهنَّ ‪...‬‬

‫‪  7‬أال يشبـهـ لباس الكافرات ‪ :‬وهذه القضيـة ينبغـي علـى‬


‫المرأــة المســلمةـ أــن تتنبــه غليهــا وال تنظــر إلــى لباس‬
‫الكافرات الماجنات فتقلدهـن ألنهـ ليس بعد الكفر ذنب ‪ ،‬أمـا‬
‫المســلمة التــي تعتــز بإس ــالمها وتؤمـــن بالجنــة والنار‬
‫فاألحرى بهـا أـن تلتزم شرع هللاـ فـي اللباس وال تنسـى أـن‬
‫هذا اللباس للكافرات بقصــره أـو ضيقــه أـو شفافيتـه كان‬
‫سببا ً لوقوع الفاحشة عند ذلك القوم ‪.‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫ين ِزينَتَ ُهنَّ ِإال‬ ‫يـن ِزينَتَ ُهنَّ ِإال َما ظَ َه َر ِم ْن َها َو ْليَ ْ‬
‫ض ِر ْب َن بِ ُخ ُم ِر ِهنَّ َعلَى ُجيُو ِب ِهنَّ َوال يُ ْب ِد َ‬ ‫* ‪َ ‬وال يُ ْب ِد َ‬
‫لِبُ ُعولَتِ ِهنَّ ‪...‬‬

‫‪  ‬لذلـك نقول ‪ :‬إن الحجاب هـو شعار المرأـة المسـلمة ودليـل علـى االحترام‬
‫واالحتشام وعنوان لشخصـيتها الحضاريـة ‪ ،‬يميزهـا مـن باقـي النسـاء غيـر‬
‫الملتزمات بهذا اللباس ‪ ،‬وعلـى هذا نطالـب النسـاء فـي المجتمـع اإلسـالمي‬
‫أــن يلتزمــن بهذا اللباس الشرعــي حتــى يتميــز المجتمــع اإلســالمي عــن‬
‫المجتمعات األخرى ‪.‬‬
‫‪  ‬والالم في "يضربن" الم األمر ‪ ،‬دليل على وجوب اتباع األمر الرباني‬
‫‪  ‬والباء فـي قولـه "بخمرهـن" لتأكيـد اللصـوق للمبالغـة فـي إحكام وضـع‬
‫الخمار علـى الجيـب زيــادة علـى المبالغـة المسـتفادة مـن فعـل "يضربـن"‬
‫وعدى الفعل بعلى لتضمنه معنى الوضع واإللقاء ‪ ،‬وقيل معنى التشديد في‬
‫الوضع ‪.‬‬
‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫لِبُ ُعولَ ِت ِهنَّ َأ ْو َآبَاِئ ِهنَّ َأ ْو َآبَا ِء بُ ُعولَتِ ِهنَّ َأ ْو َأ ْبنَاِئ ِهنَّ َأ ْو َأ ْبنَا ِء بُ ُعولَتِ ِهنَّ َأ ْو ِإ ْخ َوانِ ِهنَّ َأ ْو‬ ‫ين ِزينَتَ ُهنَّ ِإاَّل‬
‫‪َ ‬واَل يُ ْب ِد َ‬
‫ين َغ ْي ِر ُأولِي اِإل ْربَ ِة ِم َن ِّ‬
‫الر َجال‬ ‫ساِئ ِهنَّ َأ ْو َما َملَ َكتْ َأ ْي َمانُهُنَّ َأ ِو التَّابِ ِع َ‬ ‫َأ ْو بَنِي َأ َخ َواتِ ِهنَّ َأ ْو نِ َ‬ ‫بَنِي ِإ ْخ َوانِ ِهنَّ‬

‫‪  ‬تاسعا ً ‪ :‬بيان المحارم ‪:‬‬


‫‪ ‬بعولتهـن ‪ :‬مفردهـا بعـل وهـو الذكـر مـن الزوجيـن ‪ ،‬فقـد جاء علـى لسـان زوجـة إبراهيم‬
‫عليـه السـالم قولـه تعالـى ‪  :‬قَالَ ْتـ يَـا َو ْيلَتَـى َأَألِ ُد َوَأنَـا َع ُجو ٌز َو َه َذا بَ ْعلِـي َ‬
‫ش ْيخا ً ِإنَّـ َه َذا‬
‫ش ْي ٌءـ َع ِجيب ٌـ‪( ‬هود ‪ ، ) 72‬ويطلــق علــى الرجـل ألـن لــه القوامـة واالســتعالء علــى‬ ‫لَ َ‬
‫المرأـــة ‪ ،‬قال تعالـــى ‪َ  :‬وبُ ُعولَتُ ُهنَّـــ َأ َحقُّـــ ِب َر ِّد ِهنـــّ ‪( ‬البقرة ‪ ) 228‬ويقال لألرض‬
‫المسـتعلية بعـل وللفحـل مـن النحـل بعـل تشـبيها ً بالبعـل مـن الرجال بجامـع االسـتعالء‬
‫بينهما ‪.‬‬
‫جمعـ للمرأـة مـن غيـر لفظهـا ‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫‪  ‬نسـائهن ‪ :‬تعنـي النسـاء والنسـوان والنسـوة وكلهـا‬
‫كالقوم مـن جمـع المرء والمراد بهـا فـي اآليـة المسـلمات فال يحـل للمرأـة المسـلمة أـن‬
‫تكشـف رأسـها عنـد نسـاء أهـل الذمـة أـو المشركات ‪ ،‬قال بذلـك اإلمام أحمـد ‪ ،‬وقال ابـن‬
‫عباس ‪:‬ال يحـل للمسـلمة أـن تراهـا يهوديـة وال نصـرانية لئال تصـفها لزوجهـا فإن كانـت‬
‫الكافرة أ َم ًةـ لمسـلمة جاز أـن تنظـر إلـى سـيدتها وأمـا غيرهـا فال وذلـك النقطاع الواليـة‬
‫بين أهل اإلسالم وأهل الكفر ‪.‬‬
‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫ين ِزينَتَ ُهنَّ ِإاَّل لِبُ ُعولَتِ ِهنَّ َأ ْو َآبَاِئ ِهنَّ َأ ْو َآبَا ِء بُ ُعولَتِ ِهنَّ َأ ْو َأ ْبنَاِئ ِهنَّ َأ ْو َأ ْبنَا ِء بُ ُعولَتِ ِهنَّ َأ ْو ِإ ْخ َوانِ ِهنَّ َأ ْو بَنِي‬
‫‪َ ‬واَل يُ ْب ِد َ‬
‫الر َجال ِ‬ ‫ين َغ ْي ِر ُأولِي اِإل ْربَ ِة ِم َن ِّ‬ ‫ساِئ ِهنَّ َأ ْو َما َملَ َكتْ َأ ْي َمانُ ُهنَّ َأ ِو التَّابِ ِع َ‬ ‫ِإ ْخ َوا ِن ِهنَّ َأ ْو بَنِي َأ َخ َواتِ ِهنَّ َأ ْو نِ َ‬
‫‪‬‬

‫‪ { ‬أــو مــا ملكــتأـيمانهــن}‪ :‬يــعنــياــإلماء واــلجواريدوناــلعبيــد ألـــناــلعبــد‬


‫آلـة‬
‫كـاــألجنـبيفـــال يــحـلل ـهـ اــلنظـر إلىســيدتهـ ألـنـهـ لـيـسبــمحرمـ وقاــلوا ‪ :‬أـنا ـ ي‬
‫فـــيحـقاــإلماء فـــقط ‪،‬‬
‫‪ ‬اسـتدلوا بمـا جاء عـن سـعيد بـن المسـيب أنـه قال ‪ :‬ال" تغرنكـم هذه اآليـة‬
‫‪َ‬أ ْو َمـا َملَ َك ْتـ َأ ْي َمانُ ُكـم‪ ‬إنمـا عنـي بهـا اإلماء ولـم يعـن بهـا العبيـد} وهذا هـو‬
‫الصـحيح ألـن العبيـد فحول وليسـوا أزواجا ً وال محارم والشهوة متحققـة فيهـم‬
‫فال يجوز الكشف عليه أو إبداء الزينة أمامهم ‪.‬‬
‫‪ ‬وقالوا إنمـا ذكـر اإلماء فـي اآليـة حتـى ال يظـن بعـض الناس أنـه ال يجوز‬
‫للمرأـة أـن تبدي زينتهـا لإلماء ألـن الذيـن تقدم ذكرهـم فـي النـص مـن األحرار‬
‫وعندما ذكر اإلماء زال اإلشكال في الفهم ‪.‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫َ ِ‬ ‫َ ِ‬ ‫َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين َغ ْي ِر ُأولِي اِإل ْربَ ِة ِم َن ِّ‬
‫الر َجال‬ ‫ساِئ ِه َّن َأ ْو َما َملَ َكتْ َأ ْي َمانُهُ َّن َأ ِو التَّابِ ِع َ‬ ‫َأ ْو نِ َ‬
‫ِ ‪‬‬

‫‪‬التابعيــن ‪ :‬وهــم الذيــن يتبعون القوم ويكونون معهــم رفقاء أــو‬


‫ألنهـم نشأوا عندهـم وهـو الذي ال يريـد الطعام وال يريـد النسـاء وال‬
‫يغار عليـه الرجـل وال ترهـب المرـأـة أـن تضـع خمارـهـا عنده وهـو‬
‫الذي ال حاجة له بالنساء ‪.‬‬
‫‪‬غيـر أولـي اإلربـة ‪ :‬أصـحاب اإلربـة ‪ ،‬واإلربـة هـي الحاجـة وجمعهـا‬
‫مآرب ‪ ،‬ويقال أرب الرجــــل إلـــــى الشـــــيء إذا احتـــــاج إليــــه‬
‫وللمفسرـين في ذلك األقوال اآلتية ‪-:‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫ين َغ ْي ِر ُأولِي اِإل ْربَ ِة ِم َن ِّ‬
‫الر َجال ِ ‪‬‬ ‫َأ ِو التَّابِ ِع َ‬ ‫‪‬‬

‫من هم غير أولي اإلربة من الرجال ؟‬


‫‪ -1‬قالــوا إن التابعيــن غيــر أولـي اإلربـة مـن الرجال تعنـي الصـغير ألنـه ال‬
‫حاجة له في النساء لصغره ‪.‬‬
‫‪ -2‬يقال إنه العنين الذي ال إرب له في النساء لعجزه ‪.‬‬
‫‪ -3‬أنـه األبلـه المعتوه ألنـه ال إرب لـه فـي النســاء لجهالتـه وهـو الذي ال‬
‫تشتهيه المرأة وال يغار عليه إذا رآه عند امرأته ‪.‬‬
‫‪ -4‬أنه المجنون لفقد إربه في النساء ‪.‬‬
‫‪ -5‬الشيـخ الهرم الكـبير الفانـي الذي ال يكترث بالنسـاء لهرمـه وبلوغـه فـي‬
‫العمر عتيا ً‬

‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫ين ِزينَتَ ُهنَّ ِإاَّل لِبُ ُعولَتِ ِهنَّ َأ ْو َآبَاِئ ِهنَّ َأ ْو َآبَا ِء بُ ُعولَتِ ِهنَّ َأ ْو َأ ْبنَاِئ ِهنَّ َأ ْو َأ ْبنَا ِء بُ ُعولَ ِت ِهنَّ َأ ْو ِإ ْخ َوانِ ِهنَّ َأ ْو‬
‫‪َ ‬واَل يُ ْب ِد َ‬
‫الر َجال ِ‬ ‫ين َغ ْي ِر ُأولِي اِإل ْربَ ِة ِم َن ِّ‬ ‫ساِئ ِهنَّ َأ ْو َما َملَ َكتْ َأ ْي َمانُ ُهنَّ َأ ِو التَّابِ ِع َ‬ ‫بَنِي ِإ ْخ َوانِ ِهنَّ َأ ْو بَنِي َأ َخ َواتِ ِهنَّ َأ ْو نِ َ‬
‫‪‬‬

‫‪‬والمراد باآليـة أـن علـى النسـاء أـن ال يبديــن زينتهــن لمماليكهــن وال‬
‫لتُباعهـن إال أـن يكونوا غيـر أولـي اإلربـة أـي غيـر ذوي الحاجات إلـى‬
‫النسـاء كالمذكوريـن سـابقا ً وهـم الذيـن ال يدركون مـن األمور الجنسـية‬
‫شيئا ً ‪.‬‬
‫‪ *‬أــو الطفــل الذيــن لــم يظهروا علــى عورات النســاء ‪ :‬الطفــل هــو‬
‫الصـغير الناعـم الذي لـم يبلـغ الحلـم ‪ ،‬وكلمـة الطفـل تعنـي الجمـع كمـا‬
‫يراد بهـا المفرد مثـل كلمـة "ضيـف" والمراد بهـا فـي اآليـة الجمـع ألنـه‬
‫جاء بواو الجماعة أو الطفل "الذين لم يظهروا" وهم األطفال الذين لم‬
‫يعرفوا الشهوة ولـم يدركوا معانـي الجنـس لصـغر أعمارهـم ولذلـك ال‬
‫حرج من إبداء الزينة أمامهم وال حرج من دخولهم على النساء‬
‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫ين ِزينَتَ ُهنَّ ِإاَّل لِبُ ُعولَتِ ِهنَّ َأ ْو َآبَاِئ ِهنَّ َأ ْو َآبَا ِء بُ ُعولَتِ ِهنَّ َأ ْو َأ ْبنَاِئ ِهنَّ َأ ْو َأ ْبنَا ِء بُ ُعولَ ِت ِهنَّ َأ ْو ِإ ْخ َوانِ ِهنَّ َأ ْو‬
‫‪َ ‬واَل يُ ْب ِد َ‬
‫الر َجال ِ‬ ‫ين َغ ْي ِر ُأولِي اِإل ْربَ ِة ِم َن ِّ‬ ‫ساِئ ِهنَّ َأ ْو َما َملَ َكتْ َأ ْي َمانُ ُهنَّ َأ ِو التَّابِ ِع َ‬ ‫بَنِي ِإ ْخ َوانِ ِهنَّ َأ ْو بَنِي َأ َخ َواتِ ِهنَّ َأ ْو نِ َ‬
‫‪‬‬

‫‪‬وإن كان مرـاهقا ً أـو قريبا ً مـن المراهقـة بحيـث يعرف ذلـك ويدركـه‬
‫ويسـتطيع التفرـيـق بيـن الشوهاء والحسـناء فال يجوز لـه الدخول‬
‫علـى النسـاء حيـث جاء فـي الصـحيحين عـن عقبـة بـن عامـر رـضـي‬
‫هللاـ عنـه أـن رسـول هللاـ ‪ ‬قــال ‪" :‬إياكـم والدخــول علـى النسـاء" !‬
‫رجلــمــن األنصــار ‪ :‬أفرأيــت الحمــو ؟ قال ‪" : ‬الحمــو‬‫ٌ‬ ‫فقـــال‬
‫الموت" (متفق عليه ) ‪.‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫ت النِّ َسا ِء َواَل يَضْ ِرب َْن بَِأرْ ُجلِ ِه َّن لِيُ ْعلَ َم َما ي ُْخفِ َ‬
‫ين ِم ْن‬ ‫ظهَرُوا َعلَى َع ْو َرا ِ‬ ‫ين لَ ْم يَ ْ‬ ‫‪َ ‬أ ِو ال ِّ‬
‫ط ْف ِل الَّ ِذ َ‬
‫ُون ‪{‬النور‪}31:‬‬ ‫ِزينَتِ ِه َّن َوتُوبُوا ِإلَى هللاِ َج ِمي ًعا َأ ُّيهَا ال ُمْؤ ِمنُ َ‬
‫ون لَ َعلَّ ُك ْم تُ ْفلِح َ‬

‫ض ِر ْب َن ِبَأ ْر ُجلِ ِه َّن لِيُ ْعلَ َم َما يُ ْخفِ َ‬


‫ين ِمنْ ِزينَتِ ِه َّن‪: ‬‬ ‫‪ *‬قوله تعالى ‪َ  :‬وال يَ ْ‬
‫‪‬كانــت المرأــة فــي الجاهليــة إذا مشــت تضرب برجلهــا فــي األرض ليســمع‬
‫قعقعــة خلخالهــا فنهيــن عـن ذلـك فـي اإلسـالم ويحتمـل أـن يكون النهـي‬
‫ألمرين هما ‪-:‬‬
‫‪ -1‬إما أن يفعلن ذلك فرحا ً بزينتهن ومرحا ً أو من باب االفتخار بهذه الزينة‬
‫‪ -2‬وقــد تفعــل ذلــك لتتعرض إلــى الرجال وتشــد انتباههــم إليهــا فإن كان‬
‫الثانـي هـو المقصـود فالمنـع فيـه حتـم وواجـب ‪ ،‬وإن كان األول منـه مندوب‬
‫وكال الحالتيـن ال يجوز لهـا أـن تفعـل ذلـك ‪ ،‬ثـم أمـر هللاـ سـبحانه وتعالـى فـي‬
‫نهايـة اآليـة المؤمنيـن جميعا ً فـي المجتمـع اإلسـالمي بأـن يتوبوا إلـى هللاـ وال‬
‫يخالفوا أمره بـل يجـب عليهـم االلتزام بمـا جاء فـي شريعـة السـماء فإن فـي‬
‫ذلك الفالح والسداد والنجاح في الدنيا واآلخرة ‪.‬‬
‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫ت النِّ َسا ِء َواَل يَضْ ِرب َْن بَِأرْ ُجلِ ِه َّن لِيُ ْعلَ َم َما ي ُْخفِ َ‬
‫ين ِم ْن‬ ‫ظهَرُوا َعلَى َع ْو َرا ِ‬ ‫ين لَ ْم يَ ْ‬ ‫‪َ ‬أ ِو ال ِّ‬
‫ط ْف ِل الَّ ِذ َ‬
‫ُون ‪{‬النور‪}31:‬‬ ‫ِزينَتِ ِه َّن َوتُوبُوا ِإلَى هللاِ َج ِمي ًعا َأ ُّيهَا ال ُمْؤ ِمنُ َ‬
‫ون لَ َعلَّ ُك ْم تُ ْفلِح َ‬

‫ون‪:‬‬ ‫‪ *‬وقوله تعالى ‪َ  :‬وتُوبُوا ِإلَى هَّللا ِ َج ِميعا ً َأيُّ َها ا ْل ُمْؤ ِمنُ َ‬
‫ون لَ َعلَّ ُك ْم تُ ْفلِ ُح َ‬
‫‪‬هذا أحسـن مـا تختـم بـه األوامـر والنواهـي الموجهـة إلـى المؤمنيـن والمؤمنات ‪،‬‬
‫يأمرهــم جميعا ً بالتوبــة إلــى هللاـ وبهذا التوجيــه الكريــم دعوة للمجتمــع المســلم‬
‫ليتميـز بتوبتـه ومفارقتـه للجاهليـة بأخالقهـا وصـورها وألوانهـا ‪ ،‬وبيان أـن الفالح‬
‫والفوز ال ينال إال بمجاهدة النفـس حتـى تلتزم منهـج هللاـ تعالـى وتدرك مـا فرطـت‬
‫فـي جنبـه تعالـى فتتطهـر القلوب والجوارح ‪ ،‬وتزكـو النفوس واألعمال ‪ ،‬ويقام‬
‫مجتمع اإليمان والعفة والستر والطهر والفالح ‪ ،‬والفوز في الدنيا واآلخرة ‪.‬‬
‫‪‬وفــي تكريــر الخطاب أيهــا المؤمنون تأكيــد لإليجاب وإيذان بأــن وصـف اإليمان‬
‫موجب لالمتثال حتما ً ‪ ،‬وفي هذا دليل على أن المعاصي ال تُخرج عن اإليمان ‪.‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫المقطع الثالث‬
‫سبل الزواج والعفة لغير القادرين على الزواج‬
‫تسهيل ُ‬

‫أوالً ‪ :‬تسير سبل الزواج‬ ‫‪ ‬‬


‫ين ِم ْنـ ِعبَا ِد ُك ْمـ وَِإ َماِئ ُكمْـ‬ ‫‪‬قال تعالـى ‪َ  :‬وَأ ْن ِك ُحوا اَأليَا َمـى ِم ْن ُك ْمـ َوال َّ‬
‫صـالِ ِح َ‬
‫ِإنْ يَ ُكونُوا فُقَ َرا َء يُ ْغنِ ِه ُم هَّللا ُ ِمنْ فَ ْ‬
‫ضلِ ِه َوهَّللا ُ َو ِ‬
‫اس ٌع َعلِي ٌم‪‬‬
‫‪ -1 ‬عالقة هذه اآلية بما سبقها ‪:‬‬
‫صن اإلسالم المجتمع المسلم بتحريم الزنا وأسبابه ‪ ،‬وشرع بالتدابير الواقية من مثل ‪:‬‬ ‫‪ ‬كما ح ّ‬
‫غ ض البص ر ‪ ،‬وإخفاء الزين ة ‪ ،‬واالس تئذان عن د دخول ال بيوت ‪ ،‬شرع اإلس الم الزواج‬
‫الحالل ‪ ،‬ورغ ب ب ه تحص ينا ً ألفراد المجتم ع م ن الوقوع ف ي الفاحش ة ‪ ،‬واعترافـا ً بواق ع‬
‫اإلنسان وفطرته ‪ ،‬وتنظيما ً له ليتوافق مع مصلحة المجتمع في بنـاء األسرة ورعاية األبناء‬
‫وحفظ النسب ‪.‬‬
‫‪ ‬إن اإلسالم الذي حرم الزنا فتح باب الزواج الحالل ‪ ،‬ورغب به ‪ ،‬والزواج تحصين إعانـة‬
‫علـى العفة ‪ ،‬وتحصين للمجتمع وبناء للبناته وأسره ‪.‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫ين ِمنْ ِعبَا ِد ُك ْم وَِإ َماِئ ُك ْم ِإنْ يَ ُكونُوا فُقَ َرا َء يُ ْغنِ ِه ُم هَّللا ُ ِمنْ فَ ْ‬
‫ض ِل ِه َوهَّللا ُ‬ ‫‪َ ‬وَأ ْن ِك ُحوا اَأليَا َمى ِم ْن ُك ْم َوال َّ‬
‫صا ِل ِح َ‬
‫اس ٌع َعلِي ٌم‪‬‬ ‫َو ِ‬

‫‪ -2‬المعنى اإلجمالي ‪:‬‬


‫‪‬قولـه ‪( :‬األيامـى) ‪ :‬جمـع أيّـم ‪ ،‬وهـي المرأـة التـي ال زوج لهـا‬
‫بكراً كانــت أــم ثيبا ً ‪ ،‬والشائــع إطالق األيــم علــى التــي كانــت ذات‬
‫زوج ثم خلت عنه بفراقه أو موته ‪.‬‬
‫‪ ‬وأمـا إطالقـه علـى البكـر التـي ال زـوج لهـا فغيـرـ شائـع ‪ ،‬فيحمـل‬
‫على أنه مجاز كثر استعماله ‪.‬‬
‫‪‬واأليِّـم يوصـف بـه الذكـرـ واألنثـى ‪ ،‬يقال ‪ :‬رجـل أيـم وامرـأـة أيـم‬
‫وأيمة ‪ ،‬إذا لم يكن لها زـوج ‪.‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫ين ِمنْ ِعبَا ِد ُك ْم وَِإ َماِئ ُك ْم ِإنْ يَ ُكونُوا فُقَ َرا َء يُ ْغنِ ِه ُم هَّللا ُ ِمنْ فَ ْ‬
‫ض ِل ِه َوهَّللا ُ‬ ‫‪َ ‬وَأ ْن ِك ُحوا اَأليَا َمى ِم ْن ُك ْم َوال َّ‬
‫صا ِل ِح َ‬
‫اس ٌع َعلِي ٌم‪‬‬ ‫َو ِ‬

‫‪ -3 ‬قوله ‪( :‬أنكحوا) ؟‬
‫‪ ‬قيل المخاطب هم األزواج ‪.‬‬
‫‪ ‬وقيل ‪ :‬هم األولياء من قريب أو بعيد ‪ ،‬والصحيح أن المراد بالخطاب هم األولياء ‪،‬‬
‫ألنـه قال ‪ :‬أنكحوا بالهمـز ‪ ،‬ولـو أراد األزواج لقال ذلـك بغيـر الهمـز ‪ ،‬وكانـت األلـف‬
‫للوصـل ‪ ،‬وعلـى هذا يكون األمـر لألولياء والسـادة بتزويـج مـن ال زوج لـه مـن األحرار‬
‫والحرائــر ‪ ،‬والمراد مــن النكاح المعاونــة والتوســط فــي اإلنكاح ‪ ،‬لتتحقــق حكمــة‬
‫التشريع ببناء المجتمع وتحصينه من الفاحشة ‪.‬‬
‫‪ ‬قال القرطـبي ‪ :‬وفـي هذا دليـل علـى أـن المرأـة ليـس لهـا أـن تُنكـح نفسـها بغيـر ولـي‬
‫وهو قول أكثر العلماء‪.‬‬
‫‪‬واختلـف العلماء فـي صـيغة األمـر الواردة فـي قولـه تعالـى ‪( :‬وأنكحوا) علـى ثالثـة‬
‫أقوال ‪ ،‬وقال الفقهاء ‪ :‬يختلـف الحكـم فـي ذلـك باختالف حال المرء مـن خوفـه العنـت‬
‫وعدم صبره ‪ ،‬ومن قوته على الصبر وزوال خشية العنت عنه ‪ .‬واألقوال هي ‪:‬‬
‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫ين ِمنْ ِعبَا ِد ُك ْم وَِإ َماِئ ُك ْم ِإنْ يَ ُكونُوا فُقَ َرا َء يُ ْغنِ ِه ُم هَّللا ُ ِمنْ فَ ْ‬
‫ض ِل ِه َوهَّللا ُ‬ ‫‪َ ‬وَأ ْن ِك ُحوا اَأليَا َمى ِم ْن ُك ْم َوال َّ‬
‫صا ِل ِح َ‬
‫اس ٌع َعلِي ٌم‪‬‬ ‫َو ِ‬

‫‪‬القول األول ‪ :‬يكون الزواج واجبا ً علـى المرء إذا خاف الهالك فـي الديـن أـو‬
‫الدنيا أو فيهما وكان يملك مؤونة الزواج المادية والبدنية ‪.‬‬
‫‪‬القول الثانـي ‪ :‬قال الشافعـي ‪:‬يكون الزواج مباحا ً إذا لـم يخـش الوقوع فـي‬
‫الزنا ‪ ،‬وكان لمجرد قضاء الشهوة ‪.‬‬
‫‪‬القول الثالث ‪ :‬قال أبو حنيفة ومالك أنه مستحب ‪.‬‬
‫‪‬وقـد حضـت السـنة النبويـة الشريفـة علـى الزواج بأحاديـث كثيرة منهـا قول‬
‫الرسـول ‪" :‬يـا معشـر الشباب مـن اسـتطاع منكـم الباءـة () فليتزوج ‪ ،‬فإنـه‬
‫أغــض للبصــر وأحصــن للفرج ‪ ،‬ومــن لــم يســتطع فعليــه بالصــوم فإنــه لــه‬
‫وجاء" ‪.‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫ين ِمنْ ِعبَا ِد ُك ْم وَِإ َماِئ ُك ْم ِإنْ يَ ُكونُوا فُقَ َرا َء يُ ْغنِ ِه ُم هَّللا ُ ِمنْ فَ ْ‬
‫ض ِل ِه َوهَّللا ُ‬ ‫‪َ ‬وَأ ْن ِك ُحوا اَأليَا َمى ِم ْن ُك ْم َوال َّ‬
‫صا ِل ِح َ‬
‫اس ٌع َعلِي ٌم‪‬‬ ‫َو ِ‬

‫ين ِمنْ ِعبَا ِد ُك ْم َوِإ َماِئ ُك ْم‪: ‬‬ ‫‪ *‬قوله تعالى ‪َ  :‬وال َّ‬
‫صالِ ِح َ‬
‫‪‬إن تحصـين المجتمـع يقتضـي تحصـين أفراده جميعا ً أحراراً وعـبيداً ‪ ،‬أغنياء‬
‫ين ِم ْنـ ِعبَا ِد ُك ْمـ َوِإ َماِئ ُكم ْـ‪ ‬توجيـه إلـى‬ ‫الصـالِ ِح َ‬ ‫وفقراء ‪ ،‬وفـي قولـه تعالـى ‪َ  :‬و َّ‬
‫أسـاس الصـالح فـي إقامـة األسـرة والحياة الزوجيـة ‪ ،‬فالصـالحون مـن األرقاء‬
‫القادرون علـى تحمـل أعباء الحياة الزوجيـة ‪ ،‬المعروفون بحسـن سـيرتهم ‪ ،‬هـم‬
‫الذيــن يُز َّوجون ؛ ألــن فــي زواجهــم تحصــينا ً لهــم وتوفيراً ألســباب الطمأنينــة‬
‫والخيـر فـيـ المجتمـع ‪ ،‬أمـا غيـر الصـالحين فزواجهـم عبـء علـى سـادتهم وعبـء‬
‫على مجتمعهم ‪.‬‬
‫‪ ‬وفي اشتراط الصالح في العبيد دون األحرار ما يفيد أن األحرار يكونون عادة‬
‫مـن الصـالحين القادريـن علـى تحمـل أعباء الحياة الزوجيـة ‪ ،‬وهـم وحدهـم الذيـن‬
‫يتحملون مسئولية بناء األسرة وتكاليفها ‪.‬‬
‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫ين ِمنْ ِعبَا ِد ُك ْم وَِإ َماِئ ُك ْم ِإنْ يَ ُكونُوا فُقَ َرا َء يُ ْغنِ ِه ُم هَّللا ُ ِمنْ فَ ْ‬
‫ض ِل ِه َوهَّللا ُ‬ ‫‪َ ‬وَأ ْن ِك ُحوا اَأليَا َمى ِم ْن ُك ْم َوال َّ‬
‫صا ِل ِح َ‬
‫اس ٌع َعلِي ٌم‪‬‬ ‫َو ِ‬

‫ضلِــه‪ ‬وضحــت اآليــة‬ ‫‪ ‬قولـــه تعالــى ‪ِ  :‬إ ْنـيَ ُكونُوا فُقَ َر َ‬


‫اءـ يُ ْغنِ ِه ُمـ هَّللا ُ ِم ْنـفَ ْ‬
‫الكريمــة أــن الصــالح هــو بناء الحياة ‪ ،‬وأــن الصــالحين والطيــبين مــن الرجال‬
‫والنسـاء هـم الذيـن يحسـنون بناء األسـرة ‪ ،‬والقيام برسـالتها ‪ ،‬وتحمـل تكاليفهـا ‪،‬‬
‫ضلِـه‪ ‬ترشد أيضا ً إلـى االبتعاد‬ ‫فإن هذه اآليـة ‪ِ‬إ ـْن يَ ُكونُوا فُقَ َرا َءـ يُ ْغنِ ِه ُمـ هَّللا ُ ِم ـْن فَ ْ‬
‫عــن المقياس المادي فــي اختيار األزواج ‪ ،‬وتوجــه إلــى تذليــل العقبات الماديــة‬
‫التــي تحول دون تيســير أســباب الزواج ‪ ،‬ففقــر الرجــل وضيــق ذات يده ‪ ،‬وعدم‬
‫قدرتـه علـى المهـر المرتفـع ‪ ،‬ال ينبغـي أـن يكون سـببا ً فـي عدم تزويجـه إذا كان‬
‫صالحا ً في نفسه ‪ ،‬قادراً على تحمل نفقات زوجه‪.‬‬
‫‪‬وهكذا يضـع هــذا النـص الكريــم اآلبــاء واألمهــات واألوليــاء أمــام مسـئولياتهم‬
‫االجتماعيـة أال يعرضوا أبناءهـم وبناتهـم للفتنـة ‪ ،‬وأال يعرضــوا المجتمـع للفســاد‬
‫بوضــع العقبات الماديـة أمام الزواج الحالل حيـن ال يزوجون إال مـن كان منعمــا ً‬
‫قـادراً علـى دفع المهر الكبير ‪ ،‬ونفقات الزواج المكلفة ‪.‬‬
‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫ين ِمنْ ِعبَا ِد ُك ْم وَِإ َماِئ ُك ْم ِإنْ يَ ُكونُوا فُقَ َرا َء يُ ْغنِ ِه ُم هَّللا ُ ِمنْ فَ ْ‬
‫ض ِل ِه َوهَّللا ُ‬ ‫‪َ ‬وَأ ْن ِك ُحوا اَأليَا َمى ِم ْن ُك ْم َوال َّ‬
‫صا ِل ِح َ‬
‫اس ٌع َعلِي ٌم‪‬‬ ‫َو ِ‬

‫‪5‬وا ـآليـة اــلكريمـة تــرشـد ا ـآلباء واــألولياء إلىاــلنظرة اــلواـسـعـة‬


‫اــلشاملــة فــــياــلحكـمـ علــىاــلخاطــب‪ ،‬فـــإنكـانفـــقيراً ‪ ،‬فـــهــو فــــي‬
‫بــداـيـــة اــلطريـــقواــلبناء لــحياتـــهـ ‪ ،‬وال نــدريمـــا تــخبؤـــهـ ا ـأليامـ‬
‫واــللياــليمنخـير وسعـة وغنى‬
‫‪‬وإلى هذا المعنى أشار ابن مسعود ‪" :‬التمسوا الغنى في النكاح"‬
‫(صحيح ابن ماجة)‬

‫‪‬وفـي الحديـث عـن رسـول هللاـ ‪" : ‬ثالثـة حـق علـى هللاـ عونهـم ‪:‬‬
‫الناكـح يريـد العفاف ‪ ،‬والمكاتـب يريـد األداء ‪ ،‬والمجاهـد فـي سـبيل‬
‫هللا" (صحيح النسائي) ‪.‬‬
‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫ين ِمنْ ِعبَا ِد ُك ْم وَِإ َماِئ ُك ْم ِإنْ يَ ُكونُوا فُقَ َرا َء يُ ْغنِ ِه ُم هَّللا ُ ِمنْ فَ ْ‬
‫ض ِل ِه َوهَّللا ُ‬ ‫‪َ ‬وَأ ْن ِك ُحوا اَأليَا َمى ِم ْن ُك ْم َوال َّ‬
‫صا ِل ِح َ‬
‫اس ٌع َعلِي ٌم‪‬‬ ‫َو ِ‬

‫‪ 6 ‬واــلمهـر فـــياــإلسـالمـ رمـز لــتكريـمـ اــلمرأـة ‪ ،‬واــلرجـلهو اــلذييــسـعىلـهـا ويقدمـ من‬


‫أـجلهــا ‪ ،‬فـــإذا أـصــبح اــلمهــر فــــيعصــر اــلجهــلواــلجهـا ـلـة عبئاً مادياً ‪ ،‬وكأن ـهـ ثــمــن‬
‫لــلمرأـة ‪ ،‬تــتفاخر فـــياــلمغـا ـالة فـــيـهـ ‪ ،‬حـتـىيــضطـر اــلزوج إلىتــحمـلما الـ يــسـتطيعهـ‬
‫مـنديون‪ ،‬قـــد تــكونســـبباً فــــيشــقاء اــلزوجيــنبــعـــد ذلــك‪ ،‬فـــإنهداـيــة اــإلســالمـ ‪،‬‬
‫وتوجيهـاتاــلنــبي‪‬تــهتــفبــاــلمؤمنيــنأــنيــتحلوا بــأخالقاــإلســالمـ ‪ ،‬بــأــنيــزوجوا‬
‫صــاحباــلخلـقواــلديـن‪ ،‬وفـيهذا اــلمعنـىيــقولاــلرسـول‪" : r‬إذا جـاءكـمـ منتــرضوندينـهـ‬
‫ترمذي وأـنيــكتفوا بــاــلمهـر‬‫(اــل )‬
‫وأـمانتـهـ فـــزوجوهـ ‪ ،‬إالتــفعلوهـ تــكنفـــتنة وفـسـاد كـبير"‬
‫اــلقليـلوتيسـير اــلزواـج ‪ ،‬وقـد زوج اــلرسـول‪ ‬اــلرجـلاــلذيلــمـ يــجـد عليـهـ إالإزارهـ ‪،‬‬
‫ولمـ يــقدر علىخـاتـمـ منحـديد ومـعـ هذا فـــزوجهـ بــتلكاــلمرأة ‪ ،‬وجعلصــداـقـهـا عليهـ أـن‬
‫يــعلمهـا ما معـهـ مناــلقــرآـن‪ ،‬واــلمعهــود منكـرمـ هللاـــ ولطفـهـ أـنيــرزقـهـ ما فـــيـهـ كـفايـة‬
‫ترمذي ‪.‬‬
‫(صــحيح اــل )‬
‫لـهـ ولهـا ويقول‪" : ‬إنأـعظمـ اــلنكاح بــركة أـيسرهـ مؤونة"‬

‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫ين ِمنْ ِعبَا ِد ُك ْم وَِإ َماِئ ُك ْم ِإنْ يَ ُكونُوا فُقَ َرا َء يُ ْغنِ ِه ُم هَّللا ُ ِمنْ فَ ْ‬
‫ض ِل ِه َوهَّللا ُ‬ ‫‪َ ‬وَأ ْن ِك ُحوا اَأليَا َمى ِم ْن ُك ْم َوال َّ‬
‫صا ِل ِح َ‬
‫اس ٌع َعلِي ٌم‪‬‬ ‫َو ِ‬

‫‪‬ثانيا ً ‪ :‬لفتات بيانية ‪:‬‬


‫سـ ٌع َعلِيم ٌـ‪ ‬تقريـر لهذا الوعـد الكريـم ‪،‬‬ ‫‪‬وفـي ختـم اآليـة بقولـه تعالـى ‪َ  :‬وهَّللا ُ َوا ِ‬
‫فسـعة فضـل هللا تعالـى تنتظـر هؤالء الفضالء الذيـن اختاروا الرجـل لدينـه وخلقـه ‪،‬‬
‫أـن يوسـع عليهـم ويتوالهـم ويرعاهـم ويزيدهـم مـن فضلـه ‪ ،‬مصـداقا ً لوعده الكريـم‬
‫ب‪( ‬الطالق ‪ )2‬وقـد‬ ‫قـ هَّللا َ يَ ْجعـَ ْل لـَهُ َم ْخ َرجا ً َويَ ْر ُز ْقهـُ ِم ـْن َح ْي ُ‬
‫ثـ ال يَ ْحتَ ِ‬
‫سـ ُ‬ ‫‪َ ‬و َم ـْن يَتَّ ِ‬
‫اختيـر الوصـف (بعليـم) دون (كريـم) مثالً ليـبين لنـا أـن مـا يجريـه – جـل شأنـه –‬
‫علـى الزوجيـن مـن غنـى أـو فاقـة إنمـا هـو بحسب مشيئتـه وواسـع حكمتـه ومقتضـى‬
‫علمـه ‪ ،‬فهـو مدبر الكائنــات بعلمـه ‪ ،‬ومنظمهـا بمشيئتـه ‪ ،‬ووسـع كـل شيـء علما ً ‪،‬‬
‫فربمـا كان مـن مقتضـى حكمتـه أـن يبقيـا علـى فاقتهمـا ‪ ،‬أـو أـن يشتـد فقرهمـا ‪ ،‬فال‬
‫اعتراض علـى حكمـه ‪ ،‬وال تعرض لمشيئتــه ‪ ،‬وال رفـض وال دفــع لمـا حكـم ‪ :‬ال‬
‫ون‪. ‬‬ ‫سَألُ َ‬‫سَأ ُل َع َّما يَ ْف َع ُل َو ُه ْم يُ ْ‬ ‫يُ ْ‬

‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫ثالثا ً ‪ :‬طلب العفة لغير القادرين على الزواج ‪:‬‬
‫ون نِ َكاحا ً َحتَّى يُ ْغنِيَ ُه ُم هَّللا ُ ِمنْ فَ ْ‬
‫ضلِ ِه ‪‬‬ ‫ف الَّ ِذ َ‬
‫ين ال يَ ِج ُد َ‬ ‫قولـه تعالى ‪َ  :‬و ْليَ ْ‬
‫ستَ ْعفِ ِ‬

‫‪ ‬الزواج مسـئولية وأمانـة‪،‬ومـن تاقـت نفسـه إلـى النكاح ولـم يملـك قدراتـه‬
‫الماديـة التـي تؤهلـه للنكاح كالمهـر والنفقـة والمسـكن فعليـه باالسـتعفاف ‪،‬‬
‫أي بالصبر حتى يغنيه هللا تعالى من فضله فيجد ما يتزوج به‪.‬‬
‫‪ ‬والتعفـف يكون عـن طريـق ضبـط النفـس ‪ ،‬وحفـظ الجوارح والحواس‬
‫عـن االسـترسال فـي طريـق الشهوات ‪ ،‬واالسـتعانة علـى ذلـك تكون بالصـوم‬
‫وذكــر هللاـ وتالوة القرآــن ‪ ،‬وبذل الجهــد بالطاعات ‪ ،‬وملــء الوقــت بالعلــم‬
‫واألعمال الصـالحة () وفـي هذا المعنـى قال الرسـول الكريـم ‪" : r‬يـا معشـر‬
‫الشباب مـن اسـتطاع منكـم الباءـة فليتزوج ‪ ،‬ومـن لـم يسـتطع فعليـه بالصـوم‬
‫فإنه له وجاء" (البخاري) ‪.‬‬
‫عف‬
‫َّـ‬ ‫‪ ‬هذا وفـي قولـه تعالـى ‪َ  :‬حتَّـى يُ ْغنِيَ ُه ُمـ هَّللا ُ ِم ْنـ فَ ْ‬
‫ضلِه ِـ‪ ‬وعـد لمـن‬
‫وصبر بأن يوسع هللا تعالى عليه ويغنيه من فضله ‪ ،‬وييسر له أسباب الزواج الحالل‬
‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫المقطع الرابع‬
‫الحض على مكاتبة الرقيق ‪ ،‬وبيان خطورة انتشار الفاحشة‬

‫‪ ‬أوالً ‪ :‬الحض على مكاتبة الرقيق ‪:‬‬


‫اب ِم َّما َملَ َكتْ َأ ْي َمانُ ُك ْم فَ َكاتِبُو ُه ْم ِإنْ َعلِ ْمتُ ْم‬
‫ون ا ْل ِكتَ َ‬ ‫‪‬قال تعالى ‪َ  :‬والَّ ِذ َ‬
‫ين يَ ْبتَغُ َ‬
‫ال هَّللا ِ الَّ ِذي آتَا ُك ْم‪ ‬من اآلية ‪. 33‬‬ ‫فِي ِه ْم َخ ْيراً َوآتُو ُه ْم ِمنْ َم ِ‬
‫‪ -1‬أسباب النزول ‪:‬‬
‫‪‬نزلـت اآليـة فـي غالم لحويطـب بـن عبـد العزـى يقال لـه صـبيح ‪،‬‬
‫سـأل مواله أـن يكاتبـه ‪ ،‬فأـبى عليـه ‪ ،‬فأنزـل هللاـ تعالـى هذه اآليـة ‪،‬‬
‫فكاتبـه حويطـب علـى مائـة دينار ووهـب لـه منهـا عشريـن دينارـاً ‪،‬‬
‫‪.‬‬
‫فأداها وقُتل يوم حنين في الحرـب‬

‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫اب ِم َّما َملَ َكتْ َأ ْي َمانُ ُك ْم فَ َكاتِبُو ُه ْم ِإنْ َعلِ ْمتُ ْم فِي ِه ْم َخ ْيراً‬
‫ون ا ْل ِكتَ َ‬ ‫‪َ ‬والَّ ِذ َ‬
‫ين يَ ْبتَ ُغ َ‬
‫ال هَّللا ِ الَّ ِذي آتَا ُك ْم‪ ‬من اآلية ‪33‬‬ ‫َوآتُو ُه ْم ِمنْ َم ِ‬

‫‪ -2‬عالقة هذا النص بما سبقه ‪:‬‬


‫‪ ‬تلتقي هذه اآلية الكريمة مع سابقتها في تمكين ُخلق العفة في المجتمع اإلسالمي عن‬
‫طريق تيسير أسباب تحرير األرقاء ‪ ،‬وإعانة من تاقت نفسه إلى الحرية ‪ ،‬وذلك أن‬
‫تحرير اإلنسان من الرق وملكه لنفسه أعون عليه في حفظ هذه النفس من االبتذال‬
‫في الخدمة وما يتبعها من عدم التقيد بأحكام الستر المطلوبة من األحرار ‪ ،‬باإلضافة‬
‫إلى ما يبعثه الشعور بالحرية من المحافظة على العفة والسمعة ‪.‬‬
‫‪ ‬إن وجود الرقيق في المجتمع ‪ ،‬وطبيعة الظروف التي يعيشها يهييء المجال للفتنة‬
‫وإن سد هذه الثغرة بتحريره من أهم األسباب في تحصين المجتمع من الداخل () ‪.‬‬
‫‪ )(‬التفسير– د‪ .‬الكيالني – ص ‪ ،192‬تفسير سورة النور– الشيخ الجبالي– المجلد ‪3‬‬
‫ص ‪. 145‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫اب ِم َّما َملَ َكتْ َأ ْي َمانُ ُك ْم فَ َكاتِبُو ُه ْم ِإنْ َعلِ ْمتُ ْم فِي ِه ْم َخ ْيراً َوآتُو ُه ْم ِمنْ َم ِ‬
‫ال هَّللا ِ‬ ‫ون ا ْل ِكتَ َ‬ ‫‪َ ‬والَّ ِذ َ‬
‫ين يَ ْبتَ ُغ َ‬
‫الَّ ِذي آتـَا ُك ْم‪ ‬من اآلية ‪33‬‬

‫‪ -3‬المعنى اإلجمالي ‪:‬‬


‫‪‬قولـه تعالى ‪ :‬فَ َكاتِبُوهُ ْم‪ ‬معنى الكتابة في الشرع هو أن يكاتب الرجل عبده على‬
‫المال يؤديه منجما ً عليه ‪ ،‬فإذا أداه فهو حر ‪.‬‬
‫‪‬القول األول ‪ :‬إن األمر في قوله تعالى ‪ :‬فَ َكاتِبُو ُه ْمـ‪ ‬للوجوب ‪ ،‬فإذا ما طلب عبد‬
‫أو أمة من سيده أن يكاتبه فعليه أن يجيبه إلى طلبه ‪ ،‬وهذا ما ذهب إليه عطاء وعمرو‬
‫بن دينار ومحمد بن سعيد وابن جرير ‪ ،‬وبه قال اإلمام الشافعي أوالً () ‪.‬‬
‫‪‬القول الثاني ‪ :‬إن األمر لالستحباب والندب ‪ ،‬وبه قال الشافعي أخيراً وهو قول‬
‫الشعبي ومقاتل وأبي حيان والحسن البصري وسفيان الثوري وأبي حنيفة ومالك بن‬
‫أنس () ‪.‬‬
‫‪ )(‬تفسير الطبري – ج‪ 18‬ص ‪. 122‬‬
‫‪ )(‬تفسير الطبري – ج‪ 13‬ص ‪. 245‬‬
‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫اب ِم َّما َملَ َكتْ َأ ْي َمانُ ُك ْم فَ َكاتِبُو ُه ْم ِإنْ َعلِ ْمتُ ْم فِي ِه ْم َخ ْيراً َوآتُو ُه ْم ِمنْ َم ِ‬
‫ال هَّللا ِ‬ ‫ون ا ْل ِكتَ َ‬ ‫‪َ ‬والَّ ِذ َ‬
‫ين يَ ْبتَ ُغ َ‬
‫الَّ ِذي آتـَا ُك ْم‪ ‬من اآلية ‪33‬‬

‫‪‬واستدل أصحاب القول األول على قولهم بما روي عن عمر بن الخطاب –‬
‫رضي هللا عنه – وهو أنه أمر أنس بن مالك أن يكاتب سيرين أبا محمد بن‬
‫سيرين الفقيه المحدث الشهير ‪ ،‬فأبى ‪ ،‬فرفع عليه الدرة وضربه وقال ‪:‬‬
‫‪‬فَ َكاتِبُو ُه ْم ِإنْ َعلِ ْمتُ ْم فِي ِه ْم َخ ْيراً‪ ‬وحلف عليه بالمكاتبة () ‪.‬‬
‫‪‬ووجه االستدالل بهذا األثر أن ذلك لم يكن فعالً من رأي عمر الخاص ‪ ،‬ويدل‬
‫على أنه قد فعله على مشهد من الصحابة حيث لم ينكر عليه ذلك أحد منهم ‪.‬‬
‫‪ )(‬موسوعة فقه عمر بن الخطاب – محمد روس قلعة جي – ص ‪. 240‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫اب ِم َّما َملَ َكتْ َأ ْي َمانُ ُك ْم فَ َكاتِبُو ُه ْم ِإنْ َعلِ ْمتُ ْم فِي ِه ْم َخ ْيراً َوآتُو ُه ْم ِمنْ َم ِ‬
‫ال هَّللا ِ‬ ‫ون ا ْل ِكتَ َ‬ ‫‪َ ‬والَّ ِذ َ‬
‫ين يَ ْبتَ ُغ َ‬
‫الَّ ِذي آتـَا ُك ْم‪ ‬من اآلية ‪33‬‬

‫‪‬وأما أصحاب القول الثاني فاستدلوا بأن هللا تعالى لم يقل‬


‫‪‬فَ َكاتِبُو ُه ْم‪‬فحسـب بل قال ‪ :‬فَ َكاتِبُو ُه ْم ِإنْ َعلِ ْمتُ ْم فِي ِه ْم َخ ْيراً‪ ‬فإذا كان‬
‫علم الخير في‬
‫‪‬العبد إنما يتوقف على رأي السيد في الخيرة () ‪.‬‬
‫‪‬والذي نراه في هذا المقام ترجيح قول سيد قطب – رحمه هللا – بالوجوب ؛‬
‫ألنه يتمشى مع خط اإلسالم الرئيسي في الحرية ‪ ،‬الرق () ‪ )( .‬الظالل – سيد‬
‫قطب – ج‪ 4‬ص ‪ ، 25267‬تفسير القرطبي – ج ص ‪. 245‬‬
‫‪‬وفي صيانة كرامة اإلنسان ‪ ،‬وتخليص المجتمع اإلسالمي من اآلثار المترتبة‬
‫على وجود () تفسير القرطبي – ج‪ 12‬ص ‪ ، 45‬أحكام الفرح – ابن العربي‬
‫– ج‪ 3‬ص ‪. 397‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫اب ِم َّما َملَ َكتْ َأ ْي َمانُ ُك ْم فَ َكاتِبُو ُه ْم ِإنْ َعلِ ْمتُ ْم فِي ِه ْم َخ ْيراً َوآتُو ُه ْم ِمنْ َم ِ‬
‫ال هَّللا ِ‬ ‫ون ا ْل ِكتَ َ‬ ‫‪َ ‬والَّ ِذ َ‬
‫ين يَ ْبتَ ُغ َ‬
‫الَّ ِذي آتـَا ُك ْم‪ ‬من اآلية ‪33‬‬

‫‪ -4‬واختلف العلماء في قوله تعالى ‪َ  :‬خ ْي َراً‪ ‬على أقوال ‪-:‬‬


‫‪‬األول ‪ :‬أن يكون العبد أهالً ألداء المال الذي كاتب عليه ‪ ،‬بالكسب بالحرفة‬
‫والمهنة الشريفة ‪ ،‬وبه قال مالك والشافعي ‪.‬‬
‫‪‬الثاني ‪ :‬أن يكون معروفا ً بالدين والصدق والصالح واألمانة ‪ ،‬وهو قول‬
‫الشافعي الثاني ‪.‬‬
‫‪‬الثالث ‪ :‬وقيل أنه المال ‪.‬‬
‫‪ *‬أمر سبحانه وتعالى المولى باإلحسان إلى المكاتبين وحث المؤمنين جميعا ً‬
‫ال هَّللا ِ الَّ ِذي آتَا ُك ْم‪ ‬هذا أمر عام ‪،‬‬
‫على تحرير العبيد فقال ‪َ  :‬وآتُو ُه ْم ِمنْ َم ِ‬
‫الخطاب فيه للسادة وعامة المسلمين والحكومة اإلسالمية معا ً () ‪.‬‬
‫‪ )(‬تفسير الطبري – ج‪ 9‬ص ‪. 129‬‬
‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫اب ِم َّما َملَ َكتْ َأ ْي َمانُ ُك ْم فَ َكاتِبُو ُه ْم ِإنْ َعلِ ْمتُ ْم فِي ِه ْم َخ ْيراً َوآتُو ُه ْم ِمنْ َم ِ‬
‫ال هَّللا ِ‬ ‫ون ا ْل ِكتَ َ‬ ‫‪َ ‬والَّ ِذ َ‬
‫ين يَ ْبتَ ُغ َ‬
‫الَّ ِذي آتـَا ُك ْم‪ ‬من اآلية ‪33‬‬

‫‪ *‬فيه األمر للسادة بأن يضعوا عن عبيدهم جزءاً من مال المكاتبة ‪ ،‬فقد ثبت‬
‫بغير طريق واحد أن الصحابة – رضوان هللا عليهم – كانوا يضعون عن‬
‫مكاتبيهم جزءاً كبيراً مما عليهم من مال الكتابة ‪ ،‬حتى إن عليا ً – رضي هللا‬
‫عنه – كان يضع دوما ً الربع من مال المكاتبة ‪ ،‬وقـال عن قولـه تعالـى ‪:‬‬
‫ال هَّللا ِ الَّ ِذي آتَا ُك ْم‪ ‬هو ربع المكاتبة () ‪.‬‬
‫‪َ ‬وآتُو ُه ْم ِمنْ َم ِ‬
‫‪ )(‬تفسير الطبري – ج‪ 18‬ص ‪ 129‬وما بعدها ‪.‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫اب ِم َّما َملَ َكتْ َأ ْي َمانُ ُك ْم فَ َكاتِبُو ُه ْم ِإنْ َعلِ ْمتُ ْم فِي ِه ْم َخ ْيراً َوآتُو ُه ْم ِمنْ َم ِ‬
‫ال هَّللا ِ‬ ‫ون ا ْل ِكتَ َ‬ ‫‪َ ‬والَّ ِذ َ‬
‫ين يَ ْبتَ ُغ َ‬
‫الَّ ِذي آتـَا ُك ْم‪ ‬من اآلية ‪33‬‬

‫‪ * ‬وفيه األمر لعامة المسلمين بأن يساعدوا بسعة قلوبهم أيما مكاتب يطلب منهم‬
‫المعونة ألداء ما عليه من مال الكتابة ‪ ،‬ومن المعلوم أن للمملوكين أحد األسهم الثمانية‬
‫من مصارف الزكاة المذكـورة في القـرآن الكريم لمال الزكاة () ‪ ،‬يقول تعالى ‪ِ :‬إنَّ َما‬
‫ين َعلَ ْي َها َوا ْل ُمَؤ لَّفَ ِة قُلُوبُ ُه ْم َوفِي ال ِّرقَاب‪ )( ‬أي‬ ‫ص َدقَاتُ لِ ْلفُقَ َرا ِء َوا ْل َم َ‬
‫سا ِكي ِن َوا ْل َعا ِملِ َ‬ ‫ال َّ‬
‫لتحرير رقاب العبيد من الرق ‪ ،‬وفك الرقبة من أعظـم العبـادات وأكبـر القربات عند‬
‫هللا تعالى ‪ ،‬يقول تعالى ‪ :‬فَال ا ْقتَ َح َم ا ْل َعقَبَةَ َو َما َأ ْد َرا َك َما ا ْل َعقَبَةُ فَكُّ َرقَبَ ٍة‪. )( ‬‬
‫‪ ‬وفيه األمر للدولة بإنفاق جزء مما يرد على بيت مالها من المال للمكاتبين () ‪.‬‬
‫‪ )( ‬تفسير سورة النور – المودودي – ص ‪. 187‬‬
‫‪ )( ‬سورة التوبة – اآلية ‪. 60‬‬
‫‪ )( ‬سورة البلد – اآلية ‪. 13‬‬
‫‪ )( ‬تفسير سورة النور – المودودي – ص ‪. 187‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫ثانيا ً ‪ :‬بيان خطورة انتشار الفاحشة ‪:‬‬
‫ض ا ْل َحيَا ِة ال ُّد ْنيَا‬ ‫قال تعالى ‪َ  :‬وال تُ ْك ِر ُهوا فَتَيَاتِ ُك ْم َعلَى ا ْلبِ َغا ِء ِإنْ َأ َرد َْن تَ َح ُّ‬
‫صنا ً لِتَ ْبتَغُوا َع َر َ‬
‫َو َمنْ يُ ْك ِر ْه ُهنَّ فَِإنَّ هَّللا َ ِمنْ بَ ْع ِد ِإ ْك َرا ِه ِهنَّ َغفُو ٌر َر ِحي ٌم‪ 32‬‬

‫‪ -1 ‬سبب النزول ‪:‬‬


‫‪ ‬أخرج سـعيد بـن منصـور عـن شعبان عـن عمرو بـن دينار عـن عكرمـة أـن عبـد هللاـ بـن‬
‫أـبي كانـت لـه أمتان ‪ :‬مسـيكة ومعاذة فكان يكرههمـا علـى الزنـا فقالـت إحداهمـا ‪ :‬إن كان‬
‫خيراً فقـد اسـتكثرت منـه ‪ ،‬وإن كان غيـر ذلـك فإنـه ينبغـي أـن أدعـه ‪ ،‬فأنزل هللاـ ‪َ ‬وال‬
‫تُ ْك ِر ُهوا فَتَيَاتِ ُك ْم‪. ‬‬
‫‪ -2 ‬عالقة هذه اآلية بما سبقها ‪:‬‬
‫‪ ‬بعــد أــن أمــر القرآــن الكريــم بتزويــج الصــالحين مــن العباد واإلماء ‪ ،‬أتبعــه بأمرهــم‬
‫بالتفضـل علـى األرقاء بالعتـق ‪ ،‬ولـو فـي مقابلـة المال إذا أنسـوا منهـم الخيـر ‪ ،‬ثـم أردف‬
‫ذلــك بالزجــر عــن تلــك العادة القبيحــة الممقوتــة التــي كانــت موجودة فــي الجاهليــة‬
‫وتسـربت بعـض التسـرب علـى جماعـة ممـن انتسـب إلـى اإلسـالم ‪ ،‬فعـبر فـي النهـي عنهـا‬
‫بعبارة تبرزها في أشنع صورة وأقبحها ‪ ،‬وأبعدها عن الذوق الصحيح والطبع السليم‬

‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫ض ا ْل َحيَا ِة ال ُّد ْنيَا َو َمنْ‬ ‫‪َ ‬وال تُ ْك ِر ُهوا فَتَيَاتِ ُك ْم َعلَى ا ْلبِ َغا ِء ِإنْ َأ َرد َْن تَ َح ُّ‬
‫صنا ً لِتَ ْبتَ ُغوا َع َر َ‬
‫يُ ْك ِر ْه ُه َّن فَِإ َّن هَّللا َ ِمنْ بَ ْع ِد ِإ ْك َرا ِه ِه َّن َغفُو ٌر َر ِحي ٌم‪ 32‬‬

‫‪ -3‬التحليل اللغوي ‪:‬‬


‫‪‬اإلكراه ‪ :‬أكرهتـه ‪ :‬حملتـه علـى أمـر هـو لـه كاره ‪ ،‬أـي قهرتـه ‪ ،‬وامرأـة مسـتكرهة ‪:‬‬
‫غصـب عليهـا فأكرهـت علـى ذلـك ‪ ،‬وكره إليـه األمـر تكريها ً ‪ :‬صـيره قـبيحا ً غليـه‬
‫‪.‬‬
‫وهو نقيض حببه إليه‬
‫‪‬الفتيات ‪ :‬جمــع فتاة ‪ ،‬وهــي الشابــة الحديثــة الســن ‪ ،‬وتكون مــا بيــن المراهقــة‬
‫والنضـج والفتاة ‪ :‬كنايـة مشهورة عـن األمـة ‪ ،‬كمـا يطلـق لفـظ الفتـى علـى العبـد‬
‫أيض ـا ً ‪ ،‬والذي يؤيـد هذا القول مـا جاء عـن أـبي هريرة – رضـي هللاـ عنـه – قال ‪:‬‬
‫ي وفتاتي وغالمي وال يقل عبدي وأمتي"‪.‬‬
‫قـال رسـول هللا ‪" : ‬ليقل أحدكم ‪ :‬فتا َ‬
‫‪‬وهذا مـا ذكرتـه فـي معنـى الفتيات هـو المراد منـه فـي اآليـة ‪ ،‬وذلـك ألـن سـبب‬
‫النزول يشهد لذلك ‪ ،‬فهي في إماء ابن سلول ‪.‬‬
‫‪‬البغاء ‪ :‬هو الفجور ‪ ،‬والمقصود به الزنا بُأجرة ‪ ،‬وهو مختصـ بالنساء ‪.‬‬
‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫ض ا ْل َحيَا ِة ال ُّد ْنيَا َو َمنْ‬ ‫‪َ ‬وال تُ ْك ِر ُهوا فَتَيَاتِ ُك ْم َعلَى ا ْلبِ َغا ِء ِإنْ َأ َرد َْن تَ َح ُّ‬
‫صنا ً لِتَ ْبتَ ُغوا َع َر َ‬
‫يُ ْك ِر ْه ُه َّن فَِإ َّن هَّللا َ ِمنْ بَ ْع ِد ِإ ْك َرا ِه ِه َّن َغفُو ٌر َر ِحي ٌم‪ 32‬‬

‫‪ -4‬المعنى اإلجمالي ‪:‬‬


‫‪ *‬قولـه تعالـى ‪َ  :‬وال تُ ْك ِر ُهوا فَتَيَاتِ ُك ْم‪ ...‬كمـا سـبق فـي سـبب نزول هذه اآليـة أـن‬
‫عبـد هللاـ بـن أـبي بـن سـلول كان لـه إماء يكرهـن علـى الزنـا ابتغاء األجـر علـى زناهـن ‪،‬‬
‫السـفاح ‪ ،‬ليكثـر منهـن خدمـه وحشمـه القائمون‬ ‫وابتغاء امتالك مـن يلدنـه مـن هذا ِّ‬
‫بأركان رياســته ‪ ،‬فــي مــا يزع ـمـ ‪ ،‬أيضا ً وكان يقدمهــن كذلــك لمــن ينزل عليــه مــن‬
‫الضيوف إرادة الثواب منــه والكرامــة لهــم ‪ ،‬فلمــا نزلــت آيــة تحريــم الزنــا امتنعــت‬
‫إحداهمـا فضربهـا فشكتـه للنـبي ‪ ‬وقيـل ألـبي بكـر فأبلـغ شكواهـا للنـبي ‪ ‬فنزلـت‬
‫اآلية‪.‬‬
‫صـنا ً‪ ...‬راجع إلـى الفتيات ‪ ،‬وذلك أن الفتاة إذا أرادت‬ ‫‪ *‬قولـه تعـالـى ‪ِ :‬إ ـْن َأ َرد َْن تَ َح ُّ‬
‫التحصـن فحينئ ٍذ يمكن ويتصور أن يكون السيد مك ِرها ً ‪ ،‬ويمكن أن ينهى عن اإلكراه‬
‫‪ ،‬وإذا كانــت الفتاة ال تريــد التحصــن فال يتصــور أــن يقال للســيد ‪:‬ال تكرههــا ‪ ،‬ألــن‬
‫اإلكراه ال يتصور فيها ‪ ،‬وهي مريدة الزنا ‪ ،‬فهذا أمر في سادة وفتيات حالهمـ هذه ‪.‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫ض ا ْل َحيَا ِة‬ ‫‪َ ‬وال تُ ْك ِر ُهوا فَتَيَاتِ ُك ْم َعلَى ا ْلبِ َغا ِء ِإنْ َأ َرد َْن تَ َح ُّ‬
‫صنا ً لِتَ ْبتَ ُغوا َع َر َ‬
‫ال ُّد ْنيَا َو َمنْ يُ ْك ِر ْه ُه َّن فَِإ َّن هَّللا َ ِمنْ بَ ْع ِد ِإ ْك َرا ِه ِه َّن َغفُو ٌر َر ِحي ٌم‪ 32‬‬

‫‪‬وإلـى هذا المعنـى أشار ابـن العربـي فقال ‪ :‬إنمـا ذكـر هللاـ تعالـى‬
‫إرادة التحصـن مـن المرـأـة ألـن ذلـك هـو الذي يصـور اإلكرـاه ‪ ،‬فأمـا‬
‫فحصلوه ‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫إذا كانت هي رـاغبة في الزنا لم يتصورـ إكراه ‪،‬‬
‫‪‬وعلـى هذا يمكـن القول ‪ :‬إن اإلكراه علـى الزنـا حرام ‪ ،‬وإن لـم‬
‫يُرد التحصـن ‪ ،‬وإن قلـت فمـا فائدة ذكـرـ الشرـط فـي اآليـة ؟ قلـت ‪:‬‬
‫زـيادة فـي المبالغـة والتشنيـع علـى مـن يكرههـن ‪ ،‬يعنـي أنهـن إن‬
‫أردن العفـة فالسـيد أحـق بإرـادتهـا ‪ ،‬فال يكرههـن ‪ ،‬وهذا مـا أشارـ‬
‫إليه أبو السعود ‪.‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫ض ا ْل َحيَا ِة‬ ‫‪َ ‬وال تُ ْك ِر ُهوا فَتَيَاتِ ُك ْم َعلَى ا ْلبِ َغا ِء ِإنْ َأ َرد َْن تَ َح ُّ‬
‫صنا ً لِتَ ْبتَ ُغوا َع َر َ‬
‫ال ُّد ْنيَا َو َمنْ يُ ْك ِر ْه ُه َّن فَِإ َّن هَّللا َ ِمنْ بَ ْع ِد ِإ ْك َرا ِه ِه َّن َغفُو ٌر َر ِحي ٌم‪ 32‬‬

‫‪ -5‬لفتات بيانية ‪:‬‬


‫‪ *‬يلف ت الشي خ إ براهيم الجبالـي أنظارن ا إل ى بع ض المعال م ف ي قول ه تعال ى ‪:‬‬
‫صـنا ً‪ ‬فقال ‪ :‬وترى ف ي أس لوب اآلي ة دروبا ً م ن أك بر وأعظ م‬ ‫‪ِ ‬إ ْنـ َأ َرد َْنـ تَ َح ُّ‬
‫التشني ع عل ى س وء فعاله م ‪ ،‬فإذا أردن التحص ن وه ن ف ي س ن الشباب ‪ ،‬حي ث‬
‫تشتع ل عواطفه ن ‪ ،‬ويهيم ن الطي ش عل ى الجوارح ‪ ،‬فق د أردن التحص ن ‪،‬‬
‫فكي ف بك م وأنت م رجال تزعمون أ ن لك م مجداً وكرام ة ‪ ،‬تكونون أنقص منه ن‬
‫وفي التعبير عن رغبتهن باإلرادة التي هي الميل المصمم الجازم مزيد تنويه‬
‫لمس لكهن ‪ ،‬ث م ف ي كلم ة التحص ن مغزى دقي ق ‪ ،‬وه و إ برازهن بص ورة م ن‬
‫يجعلنكم خصما ً لهن يدرأن به عن أنفسهن العوادي ‪ ،‬فهل يكون حصنهن هو‬
‫الذي يجن ي عليه ن ‪ ،‬ويس لمهن لم ا يكرهن ه ‪ ،‬وه و اس تفزاز للنخوة والحمية ال‬
‫تجده في التعبير بدلها بكلمة (تعففا ً) مثالً ‪.‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫ض ا ْل َحيَا ِة‬ ‫‪َ ‬وال تُ ْك ِر ُهوا فَتَيَاتِ ُك ْم َعلَى ا ْلبِ َغا ِء ِإنْ َأ َرد َْن تَ َح ُّ‬
‫صنا ً لِتَ ْبتَ ُغوا َع َر َ‬
‫ال ُّد ْنيَا َو َمنْ يُ ْك ِر ْه ُه َّن فَِإ َّن هَّللا َ ِمنْ بَ ْع ِد ِإ ْك َرا ِه ِه َّن َغفُو ٌر َر ِحي ٌم‪ 32‬‬

‫اةـ ال ُّد ْنيَـا‪ ‬كشـف القناع عـن رغباتهـم مـن‬ ‫ضـ ا ْل َحيَ ِ‬‫‪ ‬قولـه تعالـى ‪ :‬لِتَ ْبتَ ُغوا َع َر َ‬
‫الوقوع فـي هذه المخازي ‪ ،‬وذلـك أخـس غايـة وأحقـر غرض ‪ ،‬فالسـيد كان يحصـل‬
‫علـى المال نظيـر إكراهـه فتياتـه علـى الزنـا ‪ ،‬وقيـل ‪ :‬كان السـيد يسـترق الولـد ثـم‬
‫يـبيعه ‪ ،‬وقيـل كان الزانـي يفتدي ولده مـن المزنـي بهـا بمائـة مـن اإلبـل يدفعهـا علـى‬
‫السيد ‪.‬‬
‫‪‬قوله تعالى ‪َ  :‬و َمنْ يُ ْك ِر ْه ُهنَّ فَِإنَّ هَّللا َ ِمنْ بَ ْع ِد ِإ ْك َرا ِه ِهنَّ َغفُو ٌر َر ِحي ٌم‪.‬‬
‫‪‬أـي ومـن يكرههـن مـن السـادة فإن هللاـ غفور رحيـم لألمـة المكرهـة وليـس للسـيد‬
‫المكره ‪.‬‬
‫‪‬وعلـق أمــر المكرهــات بمغفرتــه ورحمتـه لدعوتهـن إلـى التمسـك بمـا أروق مـن‬
‫التحصـن واالسـتقصام فـي الدفــاع عـن شــرفهن وأال يقعـن فـي مـا أكرهـن عليـه إال‬
‫وهن مكرهات ‪.‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫سورة الحجرات‬
‫مدنية وآياتها ثالثة عشر‬
‫‪271‬‬

‫‪‬أهداف ومقاصد سورة الحجرات ‪:‬‬


‫‪ -1‬توضـح السـورة كيـف نتأدب مـع هللاـ عـز وجـل ومـع رسـوله ‪‬وأـن نلتزم‬
‫حدود مـا أنزل هللاـ علـى رسـوله وال نختار إال مـا اختاره هللاـ ورسـوله لنـا فـي هذه‬
‫سـولُهُ َأ ْمراً‬
‫ضـى هَّللا ُ َو َر ُ‬‫الحياة ‪ ،‬قال تعالـى ‪َ  :‬و َمـا َكا َنـ لِ ُمْؤ ِم ٍنـ َوال ُمْؤ ِمنَ ٍةـ ِإ َذا قَ َ‬
‫ضالالً‬‫ض َّلـ َ‬ ‫سـولَهُ فَقَ ْد َ‬ ‫صـ هَّللا َ َو َر ُ‬‫ونـ لَ ُه ُمـ ا ْل ِخيَ َرةُـ ِم ْنـ َأ ْم ِر ِه ْمـ َو َم ْنـ يَ ْع ِ‬
‫َأ ْنـ يَ ُك َ‬
‫ُمبِينا ً‪( ‬األحزاب ‪. )36‬‬
‫‪ -2‬تكشــف الســورة عــن بعــض اآلداب العامــة فــي تعامــل المســلمين داخــل‬
‫المجتمع اإلسالمي ‪.‬‬
‫‪ -3‬تعطـي الحريـة الشخصـية للمسـلم داخـل الـبيت فال يجوز ألحـد أـن يدخـل بيوت‬
‫اآلخرين إال بإذنهم وبعد موافقتهم ‪.‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬


‫سورة الحجرات‬
‫‪272‬‬

‫‪ -4‬تحث السورة على طلب التثبت في نقل األخبارـ وعدم اإلسراع‬


‫في تصديق األخبار الكاذبة الصادرة عن الفاسقين ‪.‬‬
‫‪ -5‬تطلـب مـن المسـلم أـن يكون وقافا ً ونصـيراً للحـق وأهلـه‬
‫يكافــح الظالميــن ويقــف بجانــب المظلوميــن ويص ـرـخ فــي وجــه‬
‫الطغاة المتجبرين‬
‫حذرت السـورة مـن التنابـز باأللقاب أـو الهمـز والغمـز أـو‬‫‪ّ - 6‬‬
‫الســـخرية بالناس وحاربـــت التجســـس والظـــن الســـيء‬
‫بالمؤمنيـن وطالبـت بالتزام بمكارم األخالق والفضائـل االجتماعيـة‬
‫الطيبة في المجتمع‬
‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫من { أهداف ومقاصد سورة الحجرات}‬
‫‪273‬‬

‫‪ -7‬دعـت السـورة إلـى حفـظ المســلمين فــي غيبتهــم وحضــورهم‬


‫مـــن الغيبـــة والنميمـــة والبهتان ألـــن هذا ال يجوز أـــن يكون فـــي‬
‫المجتمع اإلسالمي‬
‫‪ -8‬نهـت السـورة عـن التفاخـر بالحسـب والنسـب بيـن الناس فإنهـم‬
‫خلقوا مـن آدم وآدم خلـق مـن تراب فال فرق لعربـي علـى أعجمـي إال‬
‫بالتقوى ‪.‬‬
‫‪ -9‬قررـت السـورة أـن الرـابطـة التـي يتجمـع عليهـا المسـلمون فـي‬
‫مشارق األرض ومغاربهـا هـي آصـرة العقيدة واإليمان التـي تحقـق‬
‫قاعدة األخوة بيـــن المؤمنيـــن قال تعالـــى (إنمـــا المؤمنون إخوة)‬
‫)‬
‫(الحجرات ‪10‬‬
‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫من { أهداف ومقاصد سورـة الحجرات}‬
‫‪274‬‬
‫‪ -10‬حث**ت المس**لمين عام**ة عل**ى اإليثار ف**ي العم**ل الص**الح لم**ا للعم**ل‬
‫الصالح من األجر العظيم في الدنيا واآلخرة عند اهلل ‪.‬‬
‫‪ -11‬دع**ت الس**ورة إل**ى الجهاد بالنف**س والمال م**ن أج**ل ُنص**رة‬
‫الح*ق وأهل*ه ولك*ي تكون كلم*ة اهلل* ه*ي العلي*ا وكلم*ة الذي*ن كفروا‬
‫هي السفلى إلى يوم القيامة‬
‫‪ -12‬واختتم*ت الس*ورة بذك*ر األعراب الذي*ن ظنوا أ*ن اإليمان كلم*ة‬
‫تقال باللس **ان فمنوا عل **ى رس **ول اهلل* * ‪ ‬بإيمانه **ا ‪ ،‬قال تعال **ى ‪:‬‬
‫الم ُك ْم َب ِل* اللَّ ُه* َي ُم ُّ*ن‬
‫َ‬ ‫*‬
‫س‬ ‫ْ‬ ‫ِإ‬ ‫ي‬
‫*‬
‫َّ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ع‬
‫ُ َ‬‫ا‬
‫و‬ ‫ُّ‬
‫ن‬ ‫م‬‫ت‬
‫َ‬ ‫ال‬ ‫*‬‫ل‬‫ْ‬ ‫ق‬
‫ُ‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫*‬
‫س‬ ‫ْ‬ ‫َأ‬ ‫*‬
‫ن‬ ‫ْ‬ ‫َأ‬ ‫*‬
‫ك‬ ‫َ‬ ‫ي‬
‫ْ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ع‬‫َ‬ ‫*‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫و‬‫ن‬‫ُّ‬ ‫‪َ ‬ي ُم‬
‫ين‪( ‬الحجرات ‪. )17‬‬ ‫ِ‬
‫ق‬ ‫ِ‬
‫اد‬
‫ْ ْ َ َ‬ ‫ص‬ ‫م‬‫ُ‬‫ت‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫ك‬
‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ِإ‬ ‫ِ‬
‫ان‬ ‫يم‬ ‫ِإْل‬ ‫ِ‬
‫ل‬ ‫َأن َه َدا ُك ْم‬
‫َعلَ ْي ُك ْم ْ‬
‫َ‬
‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:01 PM 3/10/23‬‬
‫المقطع األول‬
‫هللا ورسوله‬
‫‪275‬‬
‫ـع‬
‫م‬ ‫األدب‬

‫يـ هَّللا ِ‬ ‫ِ‬ ‫د‬


‫َ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ـ‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫ي‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫وا‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫د‬
‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ق‬‫ُ‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫وا‬ ‫ُ‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫آ‬ ‫ـ‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ذ‬
‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ـا‬
‫ه‬
‫َ‬ ‫ي‬
‫ُّ‬ ‫َأ‬ ‫ـا‬
‫َ‬ ‫ي‬ ‫‪‬‬ ‫‪:‬‬ ‫تعالى‬ ‫قال‬ ‫‪‬‬
‫سـ ِمي ٌع َعلِي ٌمـ يَـا َأ ُّي َهـا الَّ ِذي َنـ آ َمنُوا‬ ‫سـولِ ِهـ َواتَّقُوا هَّللا َ ِإ َّـن هَّللا َ َ‬ ‫َو َر ُ‬
‫ت النَّبِ ِّيــ َوال تَ ْج َه ُروا لَهــُ‬ ‫صــ ْو ِ‬ ‫قــ َ‬ ‫صــ َواتَ ُك ْم فَ ْو َ‬ ‫ال تَ ْرفَ ُعوا َأ ْ‬
‫طـ َأ ْع َمالُ ُك ْمـ َوَأ ْنتُ ْمـ ال‬ ‫ضـ َأ ْنـ تَ ْحبَ َ‬ ‫ض ُك ْمـ لِبَ ْع ٍ‬ ‫بِا ْلقَ ْو ِلـ َك َج ْه ِر بَ ْع ِ‬
‫ول هَّللا ِ‬ ‫سـ ِ‬ ‫ص ـ َواتَ ُه ْم ِع ْن َد َر ُ‬ ‫ون ـَأ ْ‬ ‫ض َ‬ ‫ين ـ يَ ُغ ُّ‬ ‫ون ـ ِإ َّنـ الَّ ِذ َ‬ ‫ش ُع ُر َ‬‫تَ ْ‬
‫ُأولَِئ َكـ الَّ ِذي َنـ ا ْمتَح َـ َن هَّللا ُ قُلُوبَ ُه ْمـ لِلتَّ ْق َوى لَ ُه ْمـ َم ْغفِ َرةٌـ َوَأ ْج ٌر‬
‫اتـ َأ ْكثَ ُر ُه ْمـ ال‬ ‫اءـ ا ْل ُح ُج َر ِ‬ ‫ينـ يُنَا ُدونَ َكـ ِم ْنـ َو َر ِ‬ ‫يمـ ِإ َّنـ الَّ ِذ َ‬
‫َع ِظ ٌ‬
‫صـبَ ُروا َحتَّـى تَ ْخ ُر َجـ ِإلَ ْي ِه ْمـ لَ َكا َنـ َخ ْيراً لَ ُه ْمـ‬ ‫يَ ْعقِلُو َنـ َولَ ْو َأنَّ ُه ْمـ َ‬
‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬
‫َوهَّللا ُ َغفُو ٌر َر ِحي ٌم‪. 1-5‬‬
‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬
‫سولِ ِه َواتَّقُوا هَّللا َ ِإ َّن هَّللا َ‬
‫ي هَّللا ِ َوـ َر ُ‬ ‫‪‬يَا َأيُّ َها الَّ ِذ َ‬
‫ين آ َمنُوا ال تُقَ ِّد ُموا بَ ْي َن يَ َد ِ‬
‫س ِمي ٌع َعلِي ٌم‬ ‫َ‬
‫‪276‬‬

‫‪‬ثانيا ً ‪ :‬سبب نزول اآلية ‪:‬‬


‫‪‬جاء في سبب نزولها عدة أقوال منها اآلتي ‪-:‬‬
‫‪ -1‬روى ابـن عباس رضـي هللاـ عنـه أنـه قال ‪" :‬إن النـبي ‪ ‬أرسـل‬
‫أربعـة وعشريـن رجالً مـن أصـحابه إلـى بنـي عامـر فقتلوهـم ‪ ،‬إال ثالثـة‬
‫تأخروا عنهـم فسـلموا ورجعوا إلـى المدينـة ‪ ،‬فلقوا رجليـن مـن بنـي‬
‫سـليم فسـألوهما عـن نسـبهما فقاال ‪ :‬مـن بنـي عامـر ألنهـم أعرق مـن‬
‫بنـي سـليم فقتلوهمـا فجاء نفـر مـن بنـي سـليم إلـى رسـول هللاـ ‪ ‬فقالوا ‪:‬‬
‫إن بيننـا وبينـك عهداً وقـد قُتـل منـا رجالن علـى يـد أصـحابك ‪ ،‬ففداهمـا‬
‫النبي ‪ ‬بمائة من اإلبل فنزلت هذه اآلية في قتلهم الرجلين" ‪.‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬


‫ي هَّللا ِ‬
‫ِ‬ ‫د‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ي‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫وا‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫د‬
‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫ُ‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫وا‬ ‫ُ‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫آ‬ ‫ين‬
‫َ‬ ‫ذ‬
‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ا‬ ‫ه‬
‫َ‬ ‫ي‬
‫ُّ‬ ‫َأ‬ ‫قال تعالى ‪ :‬يَا‬
‫علِي ٌم ‪‬‬ ‫س ِمي ٌع َ‬ ‫سولِ ِه َواتَّقُوا هَّللا َ ِإ‪َّ277‬ن هَّللا َ َ‬ ‫َو َر ُ‬

‫‪ -2‬روي أــن النــبي ‪ ‬أراد أــن يســتخلف علــى المدينــة‬


‫رجالً عندمـا ذهـب إلـى خيـبر فأشار عليـه عمـر برجـل آخـر‬
‫فنزلت اآلية ‪.‬‬
‫‪ -3‬جــاء عـن قتادة ‪‬أـن ناسـا ً كانوا يقولون لـو أنزل ف ّ‬
‫يـ‬
‫كذا ‪ ،‬لو أنزل ف ّي كذا ؟ فنزلت اآليةـ ‪.‬‬
‫‪ -4‬وقيــل أــن الحســن بــن علــي ‪‬قال ‪ :‬نزلــت فــي قوم‬
‫ذبحوا يوم النحـر قبــل أـن يصـلي رسـول هللاـ ‪ ‬صـالة العيـد‬
‫فأمرهم أن يعيدوا الذبح ‪.‬‬
‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬
‫ي هَّللا ِ َو َر ُ‬
‫سولِ ِه‬ ‫ِ‬ ‫د‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ي‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫وا‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫د‬
‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ق‬‫ُ‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫وا‬ ‫ُ‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫آ‬ ‫ين‬
‫َ‬ ‫ذ‬‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ه‬
‫َ‬ ‫ي‬
‫ُّ‬ ‫َأ‬ ‫قال تعالى ‪ :‬يَا‬
‫س ِمي ٌع َعلِي ٌم‬ ‫َواتَّقُوا هَّللا َ ِإ َّن هَّللا َ َ‬
‫‪278‬‬

‫يـــهَّللا ِ‬
‫‪‬معنـــى التقدم فـــي قولـــه تعالـــى ‪ :‬ال تُقَ ِّد ُموا بَ ْي َنـــ يَ َد ِ‬
‫سولِ ِه‪ ‬مأخوذ التقديم ‪ ،‬أي ال تتجاوزوا أمر هللا ورسوله بقول أو فعل‬ ‫َو َرـ ُ‬
‫‪‬أــو مــن التقدم أــي ارتفاع األمــر وعلــو الشأــن ‪ ،‬أــي ال تجعلوا‬
‫ألنفسكم تقدما ً ورأيا ً عنده ‪.‬‬
‫‪‬والمعنـى ‪ :‬أـي ال تعجلوا باألمـر والنهـي دونـه ‪ ،‬وال تتركوا أمره‬
‫وتتجاوزوه إلـى غيره‪ ،‬وال تخالفوا نهيـه كذلـك‪ ،‬وال تسـتبدوا باألمـرـ‬
‫الذي ترونـه وتعرضوا عـن أم ـرـه ‪ ،‬وال ترتفعوا عليـه فـي حضرـتـه‪،‬‬
‫وال تقدموا أعمال الطاعات عن أوقاتها التي حددها لكم‬

‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬


‫ي هَّللا ِ َو َر ُ‬
‫سولِ ِه‬ ‫ِ‬ ‫د‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫ي‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫وا‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫د‬‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ق‬‫ُ‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫وا‬‫ُ‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫آ‬ ‫ين‬
‫َ‬ ‫ذ‬
‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ا‬ ‫ه‬
‫َ‬ ‫ي‬
‫ُّ‬ ‫َأ‬ ‫قال تعالى ‪ :‬يَا‬
‫س ِمي ٌع َعلِي ٌم‬ ‫َواتَّقُوا هَّللا َ ِإ َّن هَّللا َ َ‬
‫‪279‬‬
‫‪‬قول**ه ‪َ  :‬واتَّقُوا اللَّهَ*‪ ‬أ**ي اخشوه ووقروه ‪ ،‬وأنت**م تلتزمون عدم التقدم‬
‫بين يديه أ*ي ال تقتصروا على عدم التقدم بين يديه ‪ ،‬بل إلزموا ذلك على‬
‫أن يكلل التزامكم بتقوى اهلل سبحانه‬
‫‪‬رابعاً ‪ :‬كيف تأدب المؤمنون بأدب اآلية ؟‬
‫‪ -1‬لق*د تأدب الص*حابة رضوان اهلل* عليه*م م*ع ربه*م وم*ع رس*ولهم ‪ ،‬فم*ا‬
‫عاد مقتـرح منه*م يقترح عل*ى اهلل ورس*وله وم*ا عاد واح*د منه*م يدل*ي ب أري*ه‬
‫عل**ى كالم اهلل* ورس**وله ‪ ،‬وم**ا عاد أح**د منه**م يقض**ي بم**ا يراه عقل**ه ف**ي‬
‫أم*ر أ*و حكـم إال أ*ن يرجـع قب*ل ذل*ك إل*ى قول اهلل ورس*وله ف*ي ذل*ك األم*ر ‪،‬‬
‫َأم ارً َأ ْن*‬ ‫ه‬ ‫ل‬‫و‬ ‫*‬
‫س‬ ‫ر‬ ‫و‬ ‫*‬
‫ه‬ ‫َّ‬
‫ل‬ ‫ال‬ ‫ى‬ ‫ض‬
‫*‬ ‫ق‬ ‫ا‬ ‫ذ‬ ‫ِإ‬ ‫*‬
‫ة‬‫ٍ‬ ‫ن‬ ‫ِ‬
‫م‬ ‫م‬ ‫ال‬
‫و‬ ‫ن‬‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫مـ‬ ‫م‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ََ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْؤ‬ ‫َ ُ‬ ‫ْؤ‬ ‫قال تعال*ى ‪َ  :‬و َم*ا َكا َن* ُ‬
‫ل‬
‫ضالالً‬ ‫*‬
‫ل‬ ‫َّ‬ ‫ض‬ ‫د‬ ‫ق‬ ‫ف‬ ‫ه‬ ‫ل‬‫و‬ ‫*‬ ‫س‬‫ر‬‫و‬ ‫*‬ ‫ه‬‫َّ‬
‫ل‬ ‫ال‬ ‫*‬ ‫ص‬ ‫ِ‬ ‫ع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ََ ُ ُ ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ون * لَ ُه ُم * ا ْل َ َ ْ ْ ْ َ َ ْ َ ْ‬
‫ي‬ ‫*‬ ‫ن‬ ‫م‬‫و‬ ‫م‬ ‫هـ‬ ‫ر‬ ‫َأم‬ ‫*‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫*‬‫ُ‬‫ة‬
‫ر‬ ‫ي‬‫خ‬ ‫َي ُك َ‬
‫)‬
‫ُم ِبيناً‪( ‬األحزاب ‪36‬‬
‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬
‫سولِ ِه َواتَّقُوا هَّللا َ‬
‫ي هَّللا ِ َو َر ُ‬
‫ين آ َمنُوا ال تُقَ ِّد ُموا بَ ْي َن يَ َد ِ‬‫قال تعالى ‪ :‬يَا َأ ُّي َها الَّ ِذ َ‬
‫س ِمي ٌع َعلِي ٌم‬ ‫ِإ َّن هَّللا َ َ‬
‫‪280‬‬
‫‪ -2‬حديـث معاذ بـن جبـل دليـل قاطـع علـى التزام الصـحابة رضوان هللاـ‬
‫عليهـم بهذا األدب الرفيــع مـع هللاـ ومـع رسـوله فحينمـا بعثـه النـبي ‪ ‬إلـى‬
‫اليمـن قال ‪" :‬بـم تحكــم يـا معاذ ؟" قــال ‪ :‬بكتــاب هللاـ تعالــى ‪ ،‬قــال ‪" : ‬فإن‬
‫لـم تجـد ؟" قال ‪ :‬بسـنة رسـول هللاـ ‪ ، ‬قال ‪ :‬فإن لـم تجـد ؟ قال ‪ : ‬أجتهـد‬
‫رأيــي فضرب رســول هللا ـ ‪ ‬صــدره بيده وقال ‪" :‬الحمــد هلل ـ الذي وفــق‬
‫(الترمذي)‬
‫رسول رسول هللا‪ ‬لما يرضي هللا ورسوله"‬
‫‪ ‬فاالجتهاد الذي أوضحـه معاذ ‪ ‬يأتـي إذا لـم يوجـد الحكـم فـي الكتاب‬
‫والسـنة وأقوال السـلف يجتهـد حينئ ٍذ حسـب روح الشريعـة اإلسـالمية ولـه‬
‫نصـيب كمـا قال ‪" : ‬إذا اجتهـد المجتهــد فأصـاب فلـه أجران وإن اجتهـد‬
‫وأخطأ فله أجر واحد" (الدارقطني) ‪.‬‬
‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬
‫ي هَّللا ِ َو َر ُ‬
‫سولِ ِه َواتَّقُوا‬ ‫ين آ َمنُوا ال تُقَ ِّد ُموا بَ ْي َن يَ َد ِ‬ ‫قال تعالى ‪ :‬يَا َأيُّ َها الَّ ِذ َ‬
‫س ِمي ٌع َعلِي ٌم‬ ‫هَّللا َ ِإ َّن هَّللا َ َ‬
‫‪281‬‬

‫‪ -3‬وكان ‪ ‬يسـأل الصـحابةـ فـي حجـة الوداع عـن اليوم‬


‫الذي هـم فيـه والمكان الذي هـم فيـه والشهـر الذي هـم فيـه‬
‫وهـم يعلمونـه حـق العلـم فيتحرجوا مـن اإلجابـة خشيـة أـن‬
‫يكون فـــي إجابتهـــم تقدم بيـــن يدي هللاـــ ورســـوله فكانوا‬
‫يقولون‪ :‬هللا ورسوله أعلم خشية الوقوع في الحرج ‪.‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬


‫سولِ ِه َواتَّقُوا هَّللا َ ِإ َّن‬
‫ي هَّللا ِ َو َر ُ‬ ‫ِ‬ ‫د‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ي‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫وا‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫د‬
‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ق‬‫ُ‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫وا‬‫ُ‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫آ‬ ‫ين‬
‫َ‬ ‫ذ‬‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ا‬‫ه‬‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ي‬‫َأ‬ ‫‪‬يَا‬
‫‪ٌ 282‬ع َعلِي ٌم‬ ‫س ِمي‬ ‫هَّللا َ َ‬
‫‪ 1‬اــلصـورة اــلبيانيـة فـــيقــولـهـ تــعـاــلى‪ :‬الـ ُتــ َق ِّد ُموا َبــ ْي َن َيــ َد ِيهَّللا ِ‬
‫سـولِهِـ‪ : ‬اـسـتعـارة تــمثيليـة حـيـثش ـبـهـ تــعجـلاــلصـحابة فـــيإقداـمهـمـ‬ ‫َو َر ُ‬
‫علـىاــلحكـمـ فـــيأـمـر منأـمور اــلديـنفـــيحـضرة اــلرسـول‪ ‬بــحاــلملـكعظيـمـ‬
‫تــق ّدمـ عليـهـ فـــياــلسـير بــعـضاــلناسوكانا ـألدبيــقتضـيأـنيــسـيروا خـلفـهـ‬
‫الـ أـمامهـ وهذا بــطريقاــالستعـارة اــلتمثيلية ‪.2‬‬
‫‪ 2‬اــلجانــباــلبالغـيفــــيقــولــهـ "تــقدموا" ‪ :‬حـذفمفعـولبــــهـ وتقديرهـ‬
‫{بــقولوال بــفعــل} لــكــييــفيــد اــلتعمي ـمـ حـي ـثإن ـهـ الـ يــجوز تــقدم ـهـ ‪‬‬
‫بــقولأـو فـــعـلأـو فـــيأـيأـمـر مـناــألمور فـــقـد كـاناــلصـحابة رضواـنهللاـــ‬
‫عليهـمـ الـ يــبدءونبــاــألكـلإذا حـضـر اــلطعـامـ حـتـىيــأكـل‪ ‬وإذا مشوا معـهـ‬
‫الـ يــتقدمونهـ فـــياــلمشيوهكذا فـــيســائر اــألمور اــألخرى‪.‬‬
‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬
‫‪ -2‬النهي عن رفع الصوت في حضرة الرسول ‪‬‬
‫‪283‬‬

‫‪ -2‬النهي عن رفع الصوت في حضرة الرسول ‪: ‬‬


‫صـ َواتَ ُك ْم‬‫‪‬تمث ل ذل ك ف ي قول ه تعال ى ‪ :‬يَـا َأ ُّي َهـا الَّ ِذي َنـ آ َمنُوا ال تَ ْرفَ ُعوا َأ ْ‬
‫ض ُك ْمـ لِبَ ْعض ٍـ‬ ‫هــ ُروا لَ ُهـ بِا ْلقَ ْو ِلـ َك َج ْه ِر بَ ْع ِ‬ ‫َ‬ ‫ج‬‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫و‬‫َ‬ ‫ـ‬
‫ي‬‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬‫َّ‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ت‬
‫ِ‬ ‫و‬
‫ْ‬ ‫صـ‬
‫َ‬ ‫قـ‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ف‬
‫صـ َواتَ ُه ْم‬ ‫ضو َنـ َأ ْ‬ ‫َأ ْنـ تَ ْحبَطَـ َأ ْع َمالُ ُك ْمـ َوَأ ْنتُ ْمـ ال تَ ْ‬
‫ش ُع ُرو َنـ ِإ َّـن الَّ ِذي َنـ يَ ُغ ُّ‬
‫ين ا ْمتَحـَ َن هَّللا ُ قُلُوبَ ُه ْم لِلتَّ ْق َوى لَ ُه ْم َم ْغفِ َرةـٌ‬ ‫ول هَّللا ِ ُأولَِئ َك الَّ ِذ َ‬ ‫س ِ‬ ‫ِع ْن َد َر ُ‬
‫اتـ َأ ْكثَ ُرـ ُه ْمـال‬
‫اءـ ا ْل ُح ُج َر ِ‬ ‫ينـ يُنَا ُدونَ َكـ ِم ْنـ َو َرـ ِ‬ ‫يمـ ِإ َّنـ الَّ ِذ َ‬ ‫َوَأ ْج ٌر َع ِظ ٌ‬
‫صـبَ ُروا َحتَّـى تَ ْخ ُر َجـ ِإلَ ْي ِه ْمـ لَ َكا َنـ َخ ْيراً لَ ُه ْمـ َوهَّللا ُ‬ ‫يَ ْعقِلُو َنـ َولَ ْو َأنَّ ُه ْمـ َ‬
‫َغفُو ٌرـ َر ِحي ٌم‪. 1-5‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬


‫ت النَّبِ ِّي َوال تَ ْجهـ َ ُروا لَهُ‬
‫ص ْو ِ‬‫ق َ‬ ‫ص َواتَ ُك ْم فَ ْو َ‬ ‫ين آ َمنُوا ال تَ ْرفَ ُعوا َأ ْ‬ ‫قال تعالى ‪ :‬يَا َأيُّ َها الَّ ِذ َ‬
‫ون ‪‬‬ ‫ش ُع ُر َ‬ ‫ض َأنْ تَ ْحبَطَ َأ ْع َمالُ ُك ْم َوَأ ْنتُ ْم ال تَ ْ‬ ‫بِا ْلقَ ْو ِل َك َج ْه ِر بَ ْع ِ‬
‫ض ُك ْم لِبَ ْع ٍ‬
‫‪284‬‬

‫‪‬أوالً ‪ :‬سبب نـزول‪:‬‬


‫‪ -1‬روى البخاري عــن أــبي مليكــة قال ‪ :‬كاد الخيِّران أــن يهلكــا ‪ :‬أبــو بكــر‬
‫وعمـر – رضـي هللاـ عنهمـا – رفعـا أصـواتهما عنـد النـبي ‪ ‬حيـن قدم عليـه‬
‫ركـب بنـي تميـم ‪ ،‬فأشار أحدهمـا باألقرع بـن حابـس ‪ ،‬وأشار اآلخـر برجـل‬
‫أردتـ خالفـك ‪،‬‬‫ُ‬ ‫آخـر ‪ ،‬فقال أبـو بكـر لعمـر ‪ :‬مـا أردت إال خالفـي ‪ ،‬قال ‪ :‬مـا‬
‫فارتفعـت أصـواتهما فـي ذلـك فأنزل هللاـ ‪‬يَـا َأيُّ َهـا الَّ ِذ َ‬
‫ين آ َمنُوا ال تَ ْرفَ ُعوا‪‬‬
‫(البخاري)‬

‫‪ -2‬روي عـن أنـس بـن مالـك‪ ‬لمـا نزلـت هذه اآليـة ‪‬ال تَ ْرفَ ُعوا َأ ْ‬
‫صـ َواتَ ُك ْم‪‬‬
‫قال ثابـت بـن قيـس‪ : ‬أنـا الذي كنـت أرفـع صـوتي فوق صـوت النـبي ‪، ‬‬
‫وأنا من أهل النار ‪ ،‬فذكر ذلك لرسول هللا ‪ ‬فقال هو من أهل الجنة‪.‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬


‫ت النَّبِ ِّي َوال تَ ْجهـ َ ُروا لَهُ‬‫ص ْو ِ‬‫ق َ‬ ‫ص َواتَ ُك ْم فَ ْو َ‬ ‫ين آ َمنُوا ال تَ ْرفَ ُعوا َأ ْ‬‫قال تعالى ‪ :‬يَا َأيُّ َها الَّ ِذ َ‬
‫ون ‪‬‬ ‫ش ُع ُر َ‬ ‫ض َأنْ تَ ْحبَطَ َأ ْع َمالُ ُك ْم َوَأ ْنتُ ْم ال تَ ْ‬ ‫بِا ْلقَ ْو ِل َك َج ْه ِر بَ ْع ِ‬
‫ض ُك ْم لِبَ ْع ٍ‬
‫‪285‬‬

‫‪‬المعنى اإلجمالي لآلية ‪:‬‬


‫‪‬هذا هـو األدب الرفيـع فـي الحديـث والخطاب مع النـبي ‪ ‬حيـث تأمرهـم‬
‫اآليـة بعدم رفـع أصـواتهم فـي حضرة الرسـول ‪ ‬بحيـث يغلظون لـه‬
‫بالكالم كمـا يخاطـب بعضهـم بعضا ً ‪ ،‬وقد فسر العلماء هذه اآليـة بأقوال‬
‫متقاربة منها ‪-:‬‬
‫‪ 1‬كـانوا يــجهـرونلــهـ بــاــلكالمـ ‪ ،‬فـــنهـاهـمـ هللاـــ تــعـاــلىأـنيــنادوهـ‬
‫أــــنيــشرفوهـ ويعظموهـ‬
‫ِّ‬ ‫كـمــــا يــناديبــعضهــــمـ بــعضاً ‪ ،‬وأـمرهــــمـ‬
‫ويدعوهـ بــاســمـ اــلنبوة ‪ ،‬فـــليــسمــنا ـألدبمناداـتــهـ بــاســمهـ ‪ ‬كـمــا‬
‫يــناديبــعضهـمـ بــعضاً ‪ ،‬بـــلعليهـمـ أـنيــقولوا ‪ :‬يـــا رسـولهللاـــ ‪ ،‬يـــا‬
‫نــبيهللاــ ‪ ،‬وال يــقولوا يــا محمد‪.‬‬
‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬
‫ت النَّبِ ِّي َوال تَ ْجهـ َ ُروا لَهُ‬‫ص ْو ِ‬‫ق َ‬ ‫ص َواتَ ُك ْم فَ ْو َ‬ ‫ين آ َمنُوا ال تَ ْرفَ ُعوا َأ ْ‬‫قال تعالى ‪ :‬يَا َأيُّ َها الَّ ِذ َ‬
‫ون ‪‬‬ ‫ش ُع ُر َ‬ ‫ض َأنْ تَ ْحبَطَ َأ ْع َمالُ ُك ْم َوَأ ْنتُ ْم ال تَ ْ‬ ‫بِا ْلقَ ْو ِل َك َج ْه ِر بَ ْع ِ‬
‫ض ُك ْم لِبَ ْع ٍ‬
‫‪286‬‬
‫‪ 2‬لــمـ يــكـنرفـعـ أـصـواـتاــلصـحابة عنـد رسـولهللاـــ ‪ ‬اـسـتخفافــاً‬
‫بــاــلنبــي‪ ‬ألـنه ـمـ يــعـرفونأـنذلـككـفـر ‪ ،‬ولكـناــلمعنـىأـنالـ يــغفلوا‬
‫عنأـنفسـهمـ فـــتعلوا أـصـواـتهـمـ بــشكـليــتنافـــىمعـ اــالحتراـمـ واــلتوقـيـر‬
‫اــلالئقانبــحقاــلنبي‪‬‬
‫‪ 3‬حـرمــة اــلنــبي‪ ‬ميتاً كـحرمتــهـ حـياً ‪ ،‬وكالمــهـ اــلمأثور بــعـــد‬
‫موتـهـ فــــياــلرفـعــة مثــلكـالمـهـ اــلمســموع مـنلــفظـهـ ‪ ،‬فـــإذا قــريء‬
‫كـالم ـهـ وجــبعلــىكــــلحـاضـــر أــنالـ يــرـفــ ـعـ صـــوتـهـ علي ـهـ ‪ ،‬وال‬
‫اــل ُق ْرآ ُـن َفـــ ْ‬
‫اسـتَ ِم ُعـوا لَـهـُ‬ ‫ُيــعـرضعنـهـ كـمـا قــا ـلتــعـاــلى‪َ  :‬وِإ َذ ُ‬
‫اقــ ِرَئ ْ‬
‫صـتُوا‪ ‬اــألعراـف‪ 204‬وكالمـ اــلنـبي‪ ‬مـناــلوحـيولـهـ مـناــلحرمـة مثـلمـا‬ ‫َوَأ ْن ِ‬ ‫)‬ ‫(‬

‫لــلقرآـ ‪.‬ن‬
‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬
‫ت النَّبِ ِّي َوال تَ ْجهـ َ ُروا لَهُ‬‫ص ْو ِ‬‫ق َ‬ ‫ص َواتَ ُك ْم فَ ْو َ‬ ‫ين آ َمنُوا ال تَ ْرفَ ُعوا َأ ْ‬‫قال تعالى ‪ :‬يَا َأيُّ َها الَّ ِذ َ‬
‫ون ‪‬‬ ‫ش ُع ُر َ‬ ‫ض َأنْ تَ ْحبَطَ َأ ْع َمالُ ُك ْم َوَأ ْنتُ ْم ال تَ ْ‬ ‫بِا ْلقَ ْو ِل َك َج ْه ِر بَ ْع ِ‬
‫ض ُك ْم لِبَ ْع ٍ‬
‫‪287‬‬

‫‪ 4‬يــجوز رفـعـ اــلصـوتبــحضرة ‪‬فــــيحـربأـو مجادلـة معـانـد أـو‬


‫إرهابعدو أـو ما أـشبـهـ ذلـك‪ ،‬فـــفـياــلحديـثأـنـهـ قــاــلعليـهـ اــلسـالمـ لــلعباس‬
‫بـــنعبـد اــلمطلـبلــمـا اـنهـزمـ اــلناسيــومـ حـنيــن‪" :‬اـصـرخ بــاــلناس" وكان‬
‫اــلعباسأـجهـر اــلناسصــوتاً‪.‬‬
‫‪ 5‬يــكرهـ رفـعـ اــلصوتفـــياــلمساجد بــغير حـاجة ‪.‬‬
‫‪ 6‬يــكرهـ رفــــعـ اــلصــــوتبــحضرة اــلعلماء ‪ ،‬ألـــــناــلعلماء ورثــــة‬
‫ا ـألنـبياء ‪ ،‬فـــينبغـيأـنيــتأدبمعـ اــلورثـة ومعـ منو َّرثهـمـ ‪ ،‬واــإلرثعلـمـ اــلديـن‬
‫اــلذيورث ـهـ اــلعلماء عـنا ـألنــبياء فــــيحـمل ـهـ ونشرهـ وتعليم ـهـ وتطــبيقهـ‬
‫واــلصبر عليهـ وتحملا ـألذىفـــيســبيلنــشرهـ‪.‬‬
‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬
‫ت النَّبِ ِّي َوال تَ ْجهـ َ ُروا لَهُ‬ ‫ص ْو ِ‬ ‫ق َ‬ ‫ين آ َمنُوا ال تَ ْرفَ ُعوا َأ ْ‬
‫ص َواتَ ُك ْم فَ ْو َ‬ ‫‪‬يَا َأ ُّي َها الَّ ِذ َ‬
‫ون ‪‬‬ ‫ش ُع ُر َ‬ ‫ض َأنْ تَ ْحبَطَ َأ ْع َمالُ ُك ْم َوَأ ْنتُ ْم ال تَ ْ‬ ‫بِا ْلقَ ْو ِل َك َج ْه ِر بَ ْع ِ‬
‫ض ُك ْم لِبَ ْع ٍ‬
‫‪288‬‬
‫اــل ُك ْمــــ َوَأ ْنتُ ْمــــالـ‬
‫طـــ َأ ْع َم ُ‬
‫‪ 7‬خـتمـــتا ـآليـــة بــقولــــهـ تــعـاــلــى‪َ  :‬أ ْنــ َتــ ْحبَ َ‬
‫ون‪: ‬يــفيـد اــلتحذيـر وا ـإلنذار مـنســـوء اــلعـاقـبـة واــلخاتمـة لــمـنارتكـب‬ ‫َتــش ُْعـ ُر َ‬
‫هذهـ اــلمخاــلفاتبــبطالنعملهـ وذهـاباــألجر ‪.‬‬
‫‪ ‬قال ابن عطية ‪ :‬وهذا الحبط لمن يجهر استخفافا ً واحتقاراً وجرأة ‪.‬‬
‫‪ 8‬منوجوهـ حـبوط اــلعمل‪:‬‬
‫‪ -1‬األعمال الدنيويـــة الصـــالحة مـــن الكافـــرـ كإنفاق النفقات علــــى‬
‫المحتاجيـن أـو المشاركـة فـي األعمال الخيريـة فإنهـا ال تغنـي فـي اآلخرة شيئا ً‬
‫ألـن صـاحبها قام بهـا وهـو مقطوع الصـلة عـن هللاـ تبارك وتعالـى فينطبـق عليـه‬
‫سـبُهُ الظَّ ْم ُ‬
‫آن َما ًء َحتَّى‬ ‫ب ِبقِي َع ٍة يَ ْح َ‬ ‫قولـه تعالـى ‪َ  :‬والَّ ِذي َنـ َكفَ ُروا َأ ْع َمالُ ُه ْم َك َ‬
‫سـ َرا ٍ‬
‫سابَهُ‪( ‬إبراهيم ‪. )18‬‬ ‫ِإ َذا َجا َءهُ لَ ْم يَ ِج ْدهُ َ‬
‫ش ْيئا ً َو َو َج َد هَّللا َ ِع ْن َدهُ فَ َوفَّاهُ ِح َ‬
‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬
‫ت النَّبِ ِّي َوال تَ ْجهـ َ ُروا لَهُ‬ ‫ص ْو ِ‬ ‫ق َ‬ ‫ص َواتَ ُك ْم فَ ْو َ‬‫ين آ َمنُوا ال تَ ْرفَ ُعوا َأ ْ‬ ‫‪‬يَا َأ ُّي َها الَّ ِذ َ‬
‫ون ‪‬‬ ‫ش ُع ُر َ‬‫‪289‬بَطَ َأ ْع َمالُ ُك ْم َوَأ ْنتُ ْم ال تَ ْ‬
‫ض َأنْ تَ ْح‬
‫ض ُك ْم لِبَ ْع ٍ‬‫بِا ْلقَ ْو ِل َك َج ْه ِر بَ ْع ِ‬
‫‪ -2‬أـن تكون األعمال أخرـويـة ولـم يقصـد صـاحبها مـن وراءهـا‬
‫وجــه هللاـ وإنمــا قصــد الرياء والســمعة والمفاخرة وهذه النظرة محبطــة‬
‫صــ َدقَا ِت ُك ْم‬
‫ينــآ َمنُوا ال تُ ْب ِطلُوا َ‬ ‫أيضا ً لألعمال لقولــه تعالــى ‪ :‬يَــا َأ ُّي َهــا الَّ ِذ َ‬
‫ق َمالَهُ ِرَئا َء النَّاس‪( ‬البقرة ‪. )264‬‬ ‫ِبا ْل َمنِّ َواَأْل َذى َكالَّ ِذي يُ ْنفِ ُ‬
‫‪ -3‬أـن يخلـط اإلنسـان األعمال الصـالحة باألعمال السـيئة فتطغـى‬
‫األعمال السـيئة علـى الصـالحة فتحبطهـا كمـا تأكـل النار الحطـب فال تنفعهـم شيئا ً ‪ ،‬حيـث‬
‫جاء فـي الحديـث الشريـف عـن جابر بـن عبـد هللاـ رضـي هللاـ عنـه أـن النـبي ‪ ‬قال ‪:‬‬
‫"أتدرون مـن المفلـس ؟" قالوا ‪ :‬المفلـس مـن ال درهـم لـه وال متاع ‪ ،‬فقال ‪:‬‬
‫"إن المفلـس مـن أمتـي مـن جاء يوم القيامـة بصـالة وصـيام وزكاة ويأتـي وقـد شتـم هذا‬
‫وقذف هذا وأكـل مال هذا وسـفك دم هذا وضرب هذا فيُعطـى هذا مـن حسـناته وهذا مـن‬
‫حسـناته فإن فنيـت حسـناته قبـل أـن يقضـي مـا عليـه أخـذ مـن خطاياهـم فطرحـت عليهـم ثـم طرح فـي‬
‫النار" (مسلم) ‪.‬‬
‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬
‫ت النَّبِ ِّي َوال تَ ْجهـ َ ُروا لَهُ‬‫ص ْو ِ‬‫ق َ‬ ‫ص َواتَ ُك ْم فَ ْو َ‬ ‫ين آ َمنُوا ال تَ ْرفَ ُعوا َأ ْ‬‫قال تعالى ‪ :‬يَا َأيُّ َها الَّ ِذ َ‬
‫ون ‪‬‬ ‫ش ُع ُر َ‬ ‫ض َأنْ تَ ْحبَطَ َأ ْع َمالُ ُك ْم َوَأ ْنتُ ْم ال تَ ْ‬ ‫بِا ْلقَ ْو ِل َك َج ْه ِر بَ ْع ِ‬
‫ض ُك ْم لِبَ ْع ٍ‬
‫‪290‬‬

‫‪ ‬تكرـيـرـ قولـه تعالـى ‪ :‬يَـا َأ ُّي َهـا الَّ ِذي َنـ آ َمنُوا‪ ‬وفيـه فائدة بالغيـة‬
‫لطيفـة ‪ ،‬وهـي إظهارـ الشفقـة علـى المؤمنيـن وإبداء المناصـحة لهـم‬
‫ليُقبلوا علـى اسـتماع الكالم ‪ ،‬ولتحديـد المخاطـبين بالذات ‪ ،‬وأنهـم‬
‫هـم المعنيون بالمناصـحة ‪ ،‬وفيـه أيضا ً اسـتدعاء لتجديـد االسـتبصار‬
‫والتيقظ والتنبه عند كل خطاب ‪.‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬


‫سرعة االمتثال ألمر هللا‬
‫ول هَّللا ِ ُأولَِئكَ الَّ ِذ َ‬
‫ين ا ْمتَ َح َن هَّللا ُ قُلُوبَ ُه ْم‬ ‫س ِ‬ ‫ون َأ ْ‬
‫ص َواتَ ُه ْم ِع ْن َد َر ُ‬ ‫ض َ‬ ‫قال تعالى ‪ِ :‬إنَّ الَّ ِذ َ‬
‫ين يَ ُغ ُّ‬
‫لِلتَّ ْق َوى لَ ُه ْم َم ْغفِ َرةٌ َوَأ ْج ٌر َع ِظي ٌم‪‬‬
‫‪291‬‬
‫‪‬أوالً ‪ :‬عالقة هذه اآلية بما سبق ‪:‬‬
‫‪ ‬عــن ابــن عباس رضــي هللاـ عنـه قــال ‪ :‬لمــا نـــزل قولــه تعالــى ‪  :‬ال‬
‫ت النَّبِـي‪ ‬كــان أبـو بكـر ال يكلـم الرسـول ‪ ‬إال‬ ‫صـ ْو ِ‬
‫قـ َ‬ ‫تَ ْرفَ ُعوا َأ ْ‬
‫صـ َواتَ ُك ْم فَ ْو َ‬
‫ون‪ ...‬فهذه الجملــة‬ ‫ض َ‬ ‫كأخــي الســرار ‪ ،‬فأنزل هللاـ تعالــى ‪ِ  :‬إ َّنـ الَّ ِذ َ‬
‫ينـيَ ُغ ُّ‬
‫طـ َأ ْع َمالُ ُكمْـ‪‬‬
‫اسـتئناف بيانـي ألـن التحذيـر الذي فـي قولـه تعالـى ‪َ  :‬أ ْنـ تَ ْحبَ َ‬
‫يثير في النفس أن يسأل سائل عن ضد حال الذي يرفع صوته ‪.‬‬
‫‪ ‬إن التقوى هبـة عظيمـة يختار هللا تعالـى لهـا القلوب ‪ ،‬إن الذيـن يخفضون‬
‫أصــواتهم عنــد رســول هللاـ ‪ ‬إذا تكلموا إجالالً لــه أولئــك طهرهــم مــن كــل‬
‫قبيـح ‪ ،‬وجعـل فـي قلوبهـم الخوف والتقوى مـن هللاـ تعالـى ‪ ،‬وقال عمـر رضـي‬
‫هللاـ عنــه ‪ :‬أذهــب عــن قلوبهــم الشهوات ‪ ،‬وعلــى األقوال المتقدمــة امتحــن‬
‫قلوبهم فأخلصها ‪.‬‬
‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬
‫ول هَّللا ِ ُأولَِئ َك الَّ ِذ َ‬
‫ين ا ْمتَ َح َن‬ ‫س ِ‬ ‫ون َأ ْ‬
‫ص َواتَ ُه ْم ِع ْن َد َر ُ‬ ‫ض َ‬ ‫ين يَ ُغ ُّ‬‫قال تعالى ‪ِ :‬إنَّ الَّ ِذ َ‬
‫هَّللا ُ قُلُوبَ ُه ْم لِلتَّ ْق َوى لَ ُه ْم َم ْغفِ َرةٌ َوَأ ْج ٌر َع ِظي ٌم‪‬‬
‫‪292‬‬

‫‪ ‬كيف تأدب المسلمون بأدب اآلية ؟‬


‫‪‬لقــد امتثــل الصــحابة رضوان هللا ـ عليهــم هذا األمــر فأطاعوا هللا ـ‬
‫بخفـض أصـواتهم عنـد رسـول هللاـ ‪ ‬إجالالً لـه سـواء كان الحديـث‬
‫معه أو مع غيره بحضرـته ‪‬‬
‫‪ 1‬رـوى أبــــو هريرة ‪ ‬لمــــا نزل قولــــه تعالــــى ‪  :‬ال تَ ْرفَ ُعوا‬
‫صـ َواتَ ُك ْم‪ ‬قال أبـو بكـر ‪ : ‬وهللاـ ال أرفـع صـوتي إال كأخـي السـرـار‬ ‫َأ ْ‬
‫أي كصاحب السرارـة والمساررة تكون بصوت منخفض ‪.‬‬
‫‪2‬وكانعمـر بـــناــلخطاب‪ ‬عندمـا نــزلـت‪ ‬الـ َتــ ْرفَـ ُعـوا َأ ْ‬
‫صـ َواـتَ ُك ْمـ‪‬‬
‫يــغــضمــنصـــوتهـ عنــد رـســولهللاــــ ‪‬فـــال يــســمعـ كـالم ـهـ حـتــى‬
‫يــستفهمهـ منشــدة خـفضصــوتهـ عند رسولهللاــ ‪. ‬‬
‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬
‫ول هَّللا ِ ُأولَِئ َك الَّ ِذ َ‬
‫ين ا ْمتَ َح َن‬ ‫س ِ‬ ‫ون َأ ْ‬
‫ص َواتَ ُه ْم ِع ْن َد َر ُ‬ ‫ض َ‬ ‫ين يَ ُغ ُّ‬‫قال تعالى ‪ِ :‬إنَّ الَّ ِذ َ‬
‫هَّللا ُ قُلُوبَ ُه ْم لِلتَّ ْق َوى لَ ُه ْم َم ْغفِ َرةٌ َوَأ ْج ٌر َع ِظي ٌم‪‬‬
‫‪293‬‬

‫‪3‬ولقـد وعىاــلمسـلمونهذا ا ـألدباــلسـامياــلرفـيـعـ معـ رسـول‬


‫هللاـــ ‪ ‬فــــيحـضرتـهـ وغيبتــهـ وتجــاوزوا شــخـصاــلنبـي‪‬‬
‫إلــىكــلشــيـخ وأـسـتاذ وعاــلمـ فـــال يــزعجونـهـ حـتـىيــخرج‬
‫إليه ـمـ وال يــقتحمونعلي ـهـ حـتــىيــدعوه ـمـ ويأذنلــه ـمـ فــــي‬
‫اــلدخول‪.‬‬
‫‪‬عـن ابـن عبــاس ‪ ‬قال ‪" :‬كنـت آتـي إلـى صـاحب الحديـث‬
‫مـن الظهيرة فأتوسـد ردائـي علـى بابـه يسـفي عل ّيـ الري ُحـ مـن‬
‫التراب حتـى ينتهـي مـن المقيلـة ويخرج فيرانـي فأسـأله عـن‬
‫الحديث ولو استيقظته ألوقظ لي" ‪.‬‬
‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬
‫ول هَّللا ِ ُأولَِئكَ الَّ ِذ َ‬
‫ين ا ْمتَ َح َن هَّللا ُ قُلُوبَ ُه ْم‬ ‫س ِ‬ ‫ون َأ ْ‬
‫ص َواتَ ُه ْم ِع ْن َد َر ُ‬ ‫ض َ‬ ‫قال تعالى ‪ِ :‬إ َّن الَّ ِذ َ‬
‫ين يَ ُغ ُّ‬
‫لِلتَّ ْق َوى لَ ُه ْم َم ْغفِ َرةٌ َوَأ ْج ٌر َع ِظي ٌم‪‬‬
‫‪294‬‬
‫‪‬رابعا ً ‪ :‬لفتات بيانية ‪:‬‬
‫ضو َنـ‬ ‫إن) فـي قولـه تعالـى ‪ِ ‬إ َّـن الَّ ِذي َنـ يَ ُغ ُّ‬ ‫‪ -1‬افتتاح اآليـة بحرـف ( َّـ‬
‫ول هَّللا ِ ‪ :‬وهـــو للتأكيـــد ‪ ،‬لـــبيان االهتمام‬ ‫َأ ْ‬
‫صـــ َواتَ ُه ْم ِع ْن َد َر ُ‬
‫ســـ ِ‬
‫بمضمونه من الثناء عليهم وجزـاء عملهم ‪،‬‬
‫‪ -2‬اسـم اإلشارـة فـي قولـه تعالـى ‪ُ ‬أولَِئ َكـ الَّ ِذي َنـ ا ْمتَ َح َنـ هَّللا ُ قُلُوبَ ُه ْمـ‬
‫لِلتَّ ْق َوى لَ ُه ْمـ َم ْغفِ َر ٌةـ َوَأ ْج ٌر َع ِظيم ٌـ‪ ‬للتنـبيه علـى أـن المشار إليهـم‬
‫في اآلية جديرون بالخيرـ المذكور ‪.‬‬
‫‪ -3‬الالم فـي قولـه تعالـى ‪( :‬للتقوى) الم العلـة ‪ ،‬والتقديـر ‪ :‬امتحـن‬
‫قلوبهم ألجل التقوى ‪.‬‬
‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬
‫النهي عن مناداة الرسول ‪ ‬وقت قيلولته‬
‫‪295‬‬

‫‪ ‬ســبب النزول قولــه تعالــى ‪ِ ‬إ َّنــ الَّ ِذ َ‬


‫ينــ يُنَا ُدونَ َكــ ِم ْنــ َو َراءـ ِـ‬
‫صـبَ ُروا َحتَّـى تَ ْخ ُر َجـ ِإلَ ْي ِهم ْـ‬‫ونـ َولَ ْو َأنَّ ُه ْمـ َ‬
‫اتـ َأ ْكثَ ُر ُه ْمـ ال يَ ْعقِلُ َ‬
‫ا ْل ُح ُج َر ِ‬
‫ان َخ ْيراً لَ ُه ْم َوهَّللا ُ َغفُو ٌر َر ِحي ٌم‪ 4-5‬هو‪:‬‬ ‫لَ َك َ‬
‫‪ ‬جاء وفـد مـن بنـي تميـم إلـى النـبي ‪ ، ‬فوقفوا علـى باب حجرات‬
‫النـبي ‪ ‬ونادوا ‪ :‬يـا محمـد أخرج إلينـا فإن مدحنـا زيـن وإن ذمنـا‬
‫شيـن ‪ ،‬فسـمعهم النـبي ‪ ‬فخرج عليهـم ‪ ،‬فنزل قولـه تعالـى ‪ِ  :‬إ َّـن الَّ ِذي َنـ‬
‫يُنَا ُدونَ َك ‪َ ...‬غفُو ٌر َر ِحي ٌم‪. ‬‬
‫سـئل رسـول هللاـ ‪ ‬عنهـم فقال ‪" :‬هـم ُجفاة بنـي تميـم ‪ ،‬لوال أنهـم‬ ‫‪ُ ‬‬
‫من أشد الناس قتاالً لألعور الدجال لدعوت هللا عليهم أن يهلكهم" ‪.‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬


‫ون َولَ ْو َأنَّ ُه ْم َ‬
‫صبَ ُروا‬ ‫ت َأ ْكثَ ُر ُه ْم ال يَ ْعقِلُ َ‬
‫ين يُنَا ُدونَ َك ِمنْ َو َرا ِء ا ْل ُح ُج َرا ِ‬ ‫قال تعالى ‪ِ‬إ َّن الَّ ِذ َ‬
‫ان َخ ْيراً لَ ُه ْم َوهَّللا ُ َغفُو ٌر َر ِحي ٌم‪. 4-5‬‬ ‫َحتَّى تَ ْخ ُر َج ِإلَ ْي ِه ْم لَ َك َ‬
‫‪296‬‬

‫‪ ‬إن هؤالء الذيـن نادوا رسـول هللاـ ‪ ‬وهـو فـي بيتـه وبيـن نسـائه‬
‫فـي غرفهـن ‪ ،‬إنهـم ال يتصـرفون تصـرف العقالء فـي اختيار الوقـت‬
‫المناســـب واألســـلوب المناســـب فـــي مخاطبتـــه ‪ ، ‬وكان األولـــى‬
‫واألجدر واألفضــل لهــم أال يتصــرفوا هذا التصــرف المذموم ‪ ،‬وأال‬
‫يتس ـرـعوا فيــه فيؤذوا رســول هللا ـ ‪ ‬حتــى يوقظوه مــن نومــه فــي‬
‫قيلولتـه التـي يأخـذ فيهـا قسـطا ً مـن الراحـة تسـاعده علـى النشاط ‪ ،‬بـل‬
‫كان عليهــم أــن ينتظروا خروجــه ‪ ‬مــن بيتــه بعــد قضاء حوائجــه‬
‫وحوائــج أهــل بيتــه ‪ ،‬وتهييــء نفســه لمقابلتهــم واالســتماع إليهــم‬
‫ومحادثته في حاجتهم ‪ ،‬فإن هذا األسلوب يساعد في قضاء الحاجة‬
‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬
‫ون َولَ ْو َأنَّ ُه ْم‬
‫ت َأ ْكثَ ُر ُه ْم ال يَ ْعقِلُ َ‬
‫ين يُنَا ُدونَ َك ِمنْ َو َرا ِء ا ْل ُح ُج َرا ِ‬ ‫قال تعالى ‪ِ‬إنَّ الَّ ِذ َ‬
‫ان َخ ْيراً لَ ُه ْم َوهَّللا ُ َغفُو ٌر َر ِحي ٌم‪. 4-5‬‬ ‫صبَ ُروا َحتَّى تَ ْخ ُر َج ِإلَ ْي ِه ْم لَ َك َ‬
‫َ‬
‫‪297‬‬

‫‪‬وقــد وعــى المسـلمون هذا األدب الرفيـع وتجاوزـوا بـه شخـص‬


‫رـســول هللاـ ‪ ‬إلــى كــل عالــم ال يزعجونــه حتــى يخرج إليهــم وال‬
‫يقتحمون عليه حتى يدعوهم ‪.‬‬
‫‪ ‬كان عبـد هللاـ بـن عباس ‪ ‬يذهـب إلـى ُأب ّي بـن كعـب ‪ ‬فـي بيتـه‬
‫ألخـذ القرـآـن العظيـم منـه ‪ ،‬فيقـف عنـد الباب ‪ ،‬وال يدق الباب عليـه‬
‫حتـى يخرج ‪ ،‬فاسـتعظم ذلـك أـبي ‪ ‬فقال لـه يوما ً ‪ :‬هال دققـت الباب‬
‫يـا ابـن عباس ؟ فقال ‪ :‬العالـم فـي قومـه كالنـبي فـي أمتـه ‪ ،‬وقـد قال‬
‫هللا تعالى – في حق نبيه – عليه السالم ‪َ  :‬ولَ ْو َأنَّ ُه ْم َ‬
‫صبَ ُروا َحتَّى‬
‫تَ ْخ ُرـ َج ِإلَ ْي ِه ْم‪‬‬
‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬
‫ون َولَ ْو َأنَّ ُه ْم‬
‫ت َأ ْكثَ ُر ُه ْم ال يَ ْعقِلُ َ‬
‫ين يُنَا ُدونَ َك ِمنْ َو َرا ِء ا ْل ُح ُج َرا ِ‬ ‫قال تعالى ‪ِ‬إنَّ الَّ ِذ َ‬
‫ان َخ ْيراً لَ ُه ْم َوهَّللا ُ َغفُو ٌر َر ِحي ٌم‪. 4-5‬‬ ‫صبَ ُروا َحتَّى تَ ْخ ُر َج ِإلَ ْي ِه ْم لَ َك َ‬
‫َ‬
‫‪298‬‬

‫‪ ‬قولـه تعالـى ‪َ ( :‬ولَ ْو َأنَّ ُه ْمـ َ‬


‫صـبَ ُروا ‪ .....‬لَ َكا َنـ َخ ْيراً لَ ُه ْمـ) لـو انتظروا خروجـك‬
‫لكان أصـلح لهـم فـي دينهـم ودنياهـم ‪ ،‬وكان النـبي ‪ ‬ال يحتجـب عـن الناس إال‬
‫فـي أوقات يشتغـل فيهـا بمهمات نفسـه ‪ ،‬فكان إزعاجـه فـي تلـك الحالـة مـن‬
‫ســوء األدب ‪ ،‬وقيــل كانوا جاءوا شفعاء فــي أســارى بنــي عنــبر ‪ ،‬فأعتــق‬
‫رسـول هللاـ ‪ ‬نصـفهم ‪ ،‬وفادى علـى النصـف ‪ ،‬ولـو صـبروا ألعتـق جميعهـم‬
‫بغير فداء‪.‬‬
‫‪‬وممــا يقــع فيــه الناس مــن مخالفات ‪ :‬طرق الــبيوت فــي األوقات غيــر‬
‫المناسـبة ‪ ،‬وبأسـلوب غيـر مناسـب ‪ ،‬كقرع الجرس أكثـر مـن ثالث مرات ‪ ،‬أـو‬
‫قرعـه لمدة طويلـة فـي جوف الليـل فيوقـظ النائـم ويزعـج النسـاء واألطفال‬
‫ويصيبهم بالذعر‬

‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬


‫ون َولَ ْو َأنَّ ُه ْم‬
‫ت َأ ْكثَ ُر ُه ْم ال يَ ْعقِلُ َ‬
‫ين يُنَا ُدونَ َك ِمنْ َو َرا ِء ا ْل ُح ُج َرا ِ‬ ‫قال تعالى ‪ِ‬إنَّ الَّ ِذ َ‬
‫ان َخ ْيراً لَ ُه ْم َوهَّللا ُ َغفُو ٌر َر ِحي ٌم‪. 4-5‬‬ ‫صبَ ُروا َحتَّى تَ ْخ ُر َج ِإلَ ْي ِه ْم لَ َك َ‬
‫َ‬
‫‪299‬‬

‫‪‬ثالثا ً ‪ :‬لفتات بيانية ‪:‬‬


‫‪ -1‬الفعـل المضارع فـي ‪‬يُنَا ُدونَـك ‪‬يفيـد التجدد واالسـتمرار واسـتحضار‬
‫الصورة وإلظهار حاجة المنادي ‪.‬‬
‫‪ -2 ‬التعبير بالجمع في ‪‬يُنَا ُدونَك‪ ‬على اعتبار موافقة الجميع على ذلك‪.‬‬
‫‪ -2‬الجانـب البالغـي فـي قولـه تعالـى ‪ِ  :‬م ْنـ َو َرا ِءـ ا ْل ُح ُج َرات‪ : ‬كنايـة عـن‬
‫موضع خلوته ‪ ‬ومقيله مع بعض نسائه ‪.‬‬
‫‪ -3‬أـــل تعريـــف فـــي (الحجرات) هـــي للعهـــد أـــي الحجرات المعهودة‬
‫والمعروفة أنها حجرات زوجات الرسول ‪.‬‬
‫‪ -4 ‬التعـبير بقولـه تعالـى (حتـى) فـي قولـه تعالـى ‪َ  :‬حتَّـى تَ ْخ ُر َجـ ِإلَ ْي ِه ْمـ‪ ‬دون (ِإلَـى)‬
‫حيــث يلزم حذفــه بعــد ( َحتَّــى) بخالفــه بعــد‬ ‫ألجـل اإليجازـ بحذف حرـف (أـن)‬
‫(إلَى) فال يجوز حذفه‬
‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬
‫‪‬‬
‫المقطع الثاني ‪ :‬طلب التثبت في تلقي األخبار‬
‫‪300‬‬

‫ق‬ ‫سـ ٌ‬ ‫‪‬قال تعالى ‪ :‬يَـا َأ ُّي َهـا الَّ ِذي َنـ آ َمنُوا ِإ ْنـ َجا َء ُك ْمـ فَا ِ‬
‫صـبِ ُحوا َعلَـى‬ ‫صـيبُوا قَ ْوما ً بِ َج َهالَ ٍةـ فَتُ ْ‬ ‫بِنَبٍَأ فَتَبَيَّنُوا َأ ْنـ تُ ِ‬
‫س ـو َل هَّللا ِ لَ ْو‬ ‫ين ـ َوا ْعلَ ُموا َأ َّنـ فِي ُك ْم ـ َر ُ‬ ‫َمــا فَ َع ْلتُ ْم ـ نَا ِد ِم َ‬
‫يُ ِطي ُع ُك ْمـ فِـي َكثِي ٍر ِم َنـ اَأْل ْم ِر لَ َعنِ ُّت ْمـ َولَ ِك َّـن هَّللا َ َحبَّ َ‬
‫بـ ِإلَ ْي ُك ُمـ‬
‫انـــ َو َزيَّنَ ُهـــفِـــي قُلُوبِ ُك ْمـــ َو َك َّر َهـــ ِإلَ ْي ُك ُ ا‬
‫مـــ ْل ُك ْف َر‬ ‫اِأْل ي َم َ‬
‫ضالً ِم َنـ‬ ‫ش ُدو َنـ فَ ْ‬ ‫ان ُأولَِئ َكـ ُه ُمـ ال َّرا ِ‬ ‫صـيَ َ‬ ‫ق َوا ْل ِع ْ‬‫سـو َ‬ ‫َوا ْلفُ ُ‬
‫هَّللا ِ َونِ ْع َمةً َوهَّللا ُ َعلِي ٌم َح ِكي ٌم‪ 6-8‬‬
‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬
‫ق بِنَبٍَأ فَتَبَيَّنُوا َأنْ تُ ِ‬
‫صيبُوا قَ ْوما ً‬ ‫اس ٌ‬‫ين آ َمنُوا ِإنْ َجا َء ُك ْم فَ ِ‬ ‫‪‬يَا َأ ُّي َها الَّ ِذ َ‬
‫ين ‪‬‬ ‫صبِ ُحوا َعلَى َما فَ َع ْلتُ ْم نَا ِد ِم َ‬ ‫بِ َج َهالَ ٍة فَتُ ْ‬
‫‪301‬‬
‫‪‬سبب نزول هذه اآلية ‪:‬‬
‫‪‬نزلــت فــي الوليـــد بــن عقبــة بــن أــبي معيــط ‪ ،‬بعثــه رســول هللاـ ‪ ‬إلــى بنــي‬
‫المصـطلق ليجمـع الصـدقات ‪ ،‬وكان بينـه وبينهـم عداوة فـي الجاهليـة ‪ ،‬فلمـا‬
‫ســـمع القوم تلقوه تعظيما ً هللـــ تعالـــى ولرســـوله ‪ ،‬فح ّدثـــه الشيطان أنهـــم‬
‫يريدون قتلـه فهابهـم ‪ ،‬فرجـع مـن الطريــق إلـى رسـول هللاـ ‪ ‬وقال ‪ :‬إن بنـي‬
‫المصـطلق قـد منعوا صـدقاتهم ‪ ،‬وأرادوا قتلــي ‪ ،‬فغضـب رسـول هللاـ ‪ ‬وبعـث‬
‫‪ ‬خالـد بـن الوليـد ‪ ‬وأمـر أـن يتثبـت وال يعجـل ‪ ،‬فانطلـق حتـى أتاهـم ليالً ‪،‬‬
‫فبعـث بعيونـه ‪ ،‬فلمـا جاءوا أخـبروا خالداً أنهـم مسـتمسكون باإلسـالم ‪ ،‬وسـمعوا‬
‫أذانهـم وصـالتهم ‪ ،‬فلمـا أصـبحوا ‪ ،‬أتاهـم خالـد فرأـى الذي يعجبـه ‪ ،‬فرجـع إلـى‬
‫نـبي هللاـ ‪ ‬فأخـبره الخـبر‪ ،‬فأنزل هللاـ ‪‬يَـا َأ ُّي َهـا الَّ ِذ َ‬
‫ينـ آ َمنُوا ِإ ْنـ َجا َء ُكمْـ ‪.....‬‬
‫اآلية ‪.‬‬
‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬
‫ق بِنَبٍَأ فَتَبَيَّنُوا َأنْ تُ ِ‬
‫صيبُوا قَ ْوما ً‬ ‫ين آ َمنُوا ِإنْ َجا َء ُك ْم فَ ِ‬
‫اس ٌ‬ ‫‪‬يَا َأ ُّي َها الَّ ِذ َ‬
‫ين ‪‬‬ ‫صبِ ُحوا َعلَى َما فَ َع ْلتُ ْم نَا ِد ِم َ‬ ‫بِ َج َهالَ ٍة فَتُ ْ‬
‫‪302‬‬

‫‪‬المعنـى اإلجمالـي لآليـة ‪ :‬يخاطـب القرآـن الكريـم الرسـول ‪ ‬واألمـة‬


‫فيمـا بعـد بضرورة التثبـت مـن خـبر الفاسـق الكاذب ‪ ،‬ليتعرفوا علـى الحـق مـن‬
‫الباطــل ‪ ،‬وليقفوا علــى حقائــق األمور قبــل الوقوع فــي األخطار ‪ ،‬فكــم فرق‬
‫الكذب بيـن األصـدقاء ! وكـم سـفك مـن الدماء ! وكـم كان التسـرع فـي الحكـم‬
‫مدعاة لشـن الحروب والغارات ‪ ،‬وإثارة الفتـن ‪ ،‬فتبينــوا كراهــة أـن تصـيبـوا‬
‫قوما ً بخطأ فتصبحوا نادمين على ما فعلتم‪.‬‬
‫‪‬واعلموا أيهـا الصـحابة أـن فيكـم رسـول هللاـ األميـن المبلـغ عـن الوحـي ‪،‬‬
‫المعصـوم مـن الخطـأ ‪ ،‬فإن طاعتـه واجبـة والخيـر فـي ذلـك ‪ ،‬والرسـول معنـا‬
‫فـي كـل عصـر إن لـم يكـن بجسـده الشريـف فهـو حاضـر بأحاديثـه وتعاليمـه ‪،‬‬
‫وخير الهدي هدي محمد ‪ ‬فيجب الرجوع إلى ما أرشد إليه‬

‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬


‫ق بِنَبٍَأ فَتَبَيَّنُوا َأنْ تُ ِ‬
‫صيبُوا قَ ْوما ً بِ َج َهالَ ٍة‬ ‫‪‬يَا َأيُّ َها الَّ ِذ َ‬
‫ين آ َمنُوا ِإنْ َجا َء ُك ْم فَ ِ‬
‫اس ٌ‬
‫ين ‪‬‬ ‫صبِ ُحوا َعلَى َما فَ َع ْلتُ ْم نَا ِد ِم َ‬ ‫فَتُ ْ‬
‫‪303‬‬

‫‪‬معنــى الفاســق‪:‬ه و الخارج ع ن اإلس الم وحدود م ا أنزل‬


‫هللا ‪.‬‬
‫‪‬معنــى { فتــبينوا }‪:‬يعن ي طل ب التث بيت وطل ب ال بيان‬
‫والتعرف على المراد من النبأ الذي يذاع بين الناس‬
‫‪ 1‬ا***لجان*با***لبالغيف*****يت* **نكي*ر ك**لم*ة (فَ* * *ا ِس*ٌق)‪:‬لتفي*د ا***لعموم* أ*يإ*ن‬
‫جاءك *م* أ*يإ*نس*ان ي **تص*فب* **ا* *لفس*قف * **ال ت* **قبلو*ا خ*بر*ه* ح*ت*ىت* **محص*و*ه*‬
‫و*تعلمو*ا ا***لص* *و*ا*بم**ن ا***لخط **أ ق **ب **ل ا***لب **تف*******يا***لحك* *م* ‪ ،‬و*ا * *لنكر*ة هن **ا‬
‫ج*اء**ت ف * * **يس * **ياقا***لشرط ف * **ه**يك**ا * *لنكر*ة ف * * **يس * **ياقا***لنف **يت* **في**د‬
‫ا***لعموم* ‪ ،‬ف * **ا **لعبر*ة ب* **عموم* ا***للفظ ال * ب* **خصوصا***لسبب‬
‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬
‫ق بِنَبٍَأ فَتَبَيَّنُوا َأنْ تُ ِ‬
‫صيبُوا قَ ْوما ً بِ َج َهالَ ٍة‬ ‫‪‬يَا َأيُّ َها الَّ ِذ َ‬
‫ين آ َمنُوا ِإنْ َجا َء ُك ْم فَ ِ‬
‫اس ٌ‬
‫ين ‪‬‬ ‫صبِ ُحوا َعلَى َما فَ َع ْلتُ ْم نَا ِد ِم َ‬ ‫فَتُ ْ‬
‫‪304‬‬

‫‪‬ف*ي هذا التنكي*ر رد عل*ى م*ن زع*م أنه*ا نزل*ت ف*ي الولي*د ب*ن عقب*ة‬
‫وه **و م **ن كبار* الص **حابة أل **ن إطالق الفس **وق علي **ه بعي **د أل **ن‬
‫الفس **وق ه **و الخروج م **ن الشي **ء واالنس **الخ من **ه والوليـد كمـا‬
‫يذكـرون ظ*ن فأخط*أ والمخط*ئ ال يسمى فاس*قاً وبذل*ك يكون العموم‬
‫هو المراد من النص‬
‫‪2‬ا***لتع **بير ب* **حرف{ إ **ن }ا **لذيي **في **د ا***لتشكي **ك ف*******يق* *و*ل* *ه*‬
‫اس *ٌق ِب * * َن َبٍأ فَ* * *تََب َّي ُنو*ا ‪ ‬و*ل *م* ي **ق**ل‬
‫ت* **ع**ا **لى ‪ِ ‬إ ْن ج*اء ُك *م* * فَ* * * ِ‬
‫َ َ ْ‬
‫{ إذا } ا***لت*يت* **في*د ا***لتحقي*ق‪ :‬ل**ي*بر*هن عل*ىأ*ن و*قو*ع مث*ل هذا ا***لحدثف * **ي‬
‫ا***لمجتم*ع* ا **إلس*الميعل*ىس* **بيل ا***لندر*ة و*أ*ن ا **ألص*ل ف*****يا***لمؤم*ن ا***لص*ـدقو*أ*ن م*ا‬
‫و*ق*ـع* م*ن ا **لولي**د ب * **ن عقبـة ك**ان ن **تيجـة ا***لظ**ن ا***لخاطيء و**ه**و ن **ادر و*ق*لي**ل ف* * **ي‬
‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬
‫‪*07:02‬إلسالمي‪.‬‬ ‫‪PM‬ع* ا *‬
‫مجتم‬ ‫ا***ل‬
‫‪3/10/23‬‬
‫سو َل هَّللا ِ لَ ْو يُ ِطي ُع ُك ْم فِي َكثِي ٍر ِم َن اَأْل ْم ِر لَ َعنِتُّ ْم َولَ ِكنَّ هَّللا َ َحبَّ َب ِإلَ ْي ُك ُم اِأْل ي َم َ‬
‫ان َو َزيَّنَهُ فِي‬ ‫‪َ ‬وا ْعلَ ُموا َأنَّ فِي ُك ْم َر ُ‬
‫ضالً ِم َن هَّللا ِ َونِ ْع َمةً َوهَّللا ُ َعلِي ٌم َح ِكي ٌم‪‬‬ ‫ون فَ ْ‬ ‫اش ُد َ‬ ‫ان ُأولَِئ َك ُه ُم ال َّر ِ‬‫صي َ َ‬‫ق َوا ْل ِع ْ‬ ‫سو َ‬ ‫قُلُوبِ ُك ْم َو َك َّرهَ ِإلَ ْي ُك ُم ا ْل ُك ْف َر َوا ْلفُ ُ‬
‫‪305‬‬

‫‪3‬اــلجانـباــلبالغيفـــيتــقديـمـ خـبر { أـن} علـىاـسـمهـا فـــيقــولـهـ‬


‫ولهَّللا ِ‪ : ‬لــيفيــد معنــىاــلحصــر‬
‫َ‬ ‫ـ‬ ‫س‬
‫ُ‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫ـ‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ك‬ ‫ي‬ ‫فـــ‬
‫ِ‬ ‫ن‬
‫ـ‬ ‫َّ‬ ‫َأ‬ ‫تــعـاــلى‪َ  :‬وا ْـعلَ ُموا‬
‫اــلمســـتتبعـ لــزيادة اــلتوبيـــخ لــهـــمـ علـــىتــفريطهـــمـ فـــــيحـــقاــلرســـول‪‬‬
‫ومحاولتهـمـ اـسـتماــلة رأـيـهـ ‪ ‬إلىآراـئهـمـ وهـو أـنهـمـ زينوا بــيـنيــدياــلرسـول‬
‫ا ـإليقاع بــبنياــلمصطلق‪.‬‬
‫‪4‬اــلتعـبير بــاــلمضارع دوناــلماضـيفــــيقــولـهـ (لَـ ْو ُيــ ِطي ُع ُكم ْـ)‬
‫ولـمـ يــقـل(أـطاعكـمـ) ‪ :‬إلــفادة اــالسـتمرار واــلديمومـة فـــيطاعتـهـ ‪ ‬آلـراـئهـمـ‬
‫اــلتييــعتقدونصــحتهـا وصواـبهـا‬
‫‪5‬اــلجانــباــلبالغـيفــــيقــولــهـ تــعـاــلـى( َحـبَّ َب) و ( َكـ َّر َ)‬
‫هـــ وبيــن‬
‫اــل ُك ْف َر) ‪ :‬اــل ‪.‬‬
‫طباق‬ ‫(ا ـِإلي َمان) و ( ْ‬
‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬
‫سو َل هَّللا ِ لَ ْو يُ ِطي ُع ُك ْم فِي َكثِي ٍر ِم َن اَأْل ْم ِر لَ َعنِتُّ ْم َولَ ِكنَّ هَّللا َ َحبَّ َب ِإلَ ْي ُك ُم اِأْل ي َم َ‬
‫ان َو َزيَّنَهُ فِي‬ ‫‪َ ‬وا ْعلَ ُموا َأنَّ فِي ُك ْم َر ُ‬
‫ضالً ِم َن هَّللا ِ َونِ ْع َمةً َوهَّللا ُ َعلِي ٌم َح ِكي ٌم‪‬‬ ‫ون فَ ْ‬ ‫اش ُد َ‬ ‫ان ُأولَِئ َك ُه ُم ال َّر ِ‬‫صي َ َ‬‫ق َوا ْل ِع ْ‬ ‫سو َ‬ ‫قُلُوبِ ُك ْم َو َك َّرهَ ِإلَ ْي ُك ُم ا ْل ُك ْف َر َوا ْلفُ ُ‬
‫‪306‬‬

‫‪ 6‬قــا ـلاــلفخـر اــلرازي‪:‬أـتبـعـ قــولـهـ تــعـاــلى‪ِ :‬إ ْن َجـا َء ُكـم ْـ‬


‫سـ ٌق ِبــنَبٍَأ َفـــتَبَيَّنُوا‪ ‬بــقولـهـ تــعـاــلى‪َ  :‬وا ْـعلَ ُموا َأَّـن ِفـــي ُكمْـ‬ ‫َفـــا ِ‬
‫ولهَّللا ِ‪ ‬لــيوضـح لــهـمـ أــناــلذييــغمـضعليكـمـ فـــهمـهـ‬ ‫سـ َ‬ ‫َر ُ‬
‫وبيانـهـ يــسـهلعنـد رجوعكـمـ إلىاــلنـبي‪ r‬فـــإنـهـ بــيـنظهـراـنيكـمـ‬
‫مرشـد وموضـح‪ ،‬وهذا مصـداـقاً لــقولـهـ تــعـاــلى‪َ  :‬و َمـا َيــ ْن ِط ُق‬
‫وح ‪.‬ى‬ ‫َع ِن ْ‬
‫اــل َهـ َوىِإ ْن ُه َو ِإ ال َو ْح ٌي ُيــ َ‬
‫‪ 7‬اــلجانــباــلبالغـيمــنورود قــولــهـ تــعـاــلـى‪ُ ‬أولَِئ َكـ ُهمـ ُـ‬
‫فـــ ي‬ ‫ان َو َزيَّنَهُ ـ ِـ‬‫ون‪ ‬بــعــد قــولـهـ ‪َ ‬حـبَّ َب ِإ َلْي ُك ُم ـا ـإلي َم َ‬ ‫ـش ُد َ‬ ‫اــل َّرا ِ‬
‫ُقــلُوبِ ُك ْمـ‪ ‬ا ـالـلتفاتمناــلخطابإلىاــلغيبة‪.‬‬
‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬
‫المقطع الثالث ‪ :‬وجوب إصالح ذات البين‬
‫‪307‬‬

‫صـلِ ُحوا بَ ْينَ ُه َمـا فَِإ ْنـ بَ َغتـْ‬ ‫ينـ ا ْقتَتَلُوا فََأ ْ‬ ‫انـ ِم َنـ ا ْل ُمْؤ ِمنِ َ‬ ‫‪‬قال تعالـى ‪  :‬وَِإ ْنـ طَاِئفَتَ ِ‬
‫ِإ ْح َدا ُه َمـا َعلَـى اُأْل ْخ َرى فَقَاتِلُوا الَّ ِتـي تَ ْب ِغـي َحتَّـى تَفِ َ‬
‫يءـ ِإلَـى َأ ْم ِر هَّللا ِ فَِإ ْنـ فَا َءتـْ‬
‫ين ِإنَّ َمـا ا ْل ُمْؤ ِمنُ َ‬
‫ونـ‬ ‫سـ ِط َ‬ ‫سـطُوا ِإنَّـ هَّللا َ يُ ِح ُّـ‬
‫ب ا ْل ُم ْق ِ‬ ‫عــد ِْل َوَأ ْق ِ‬ ‫مــا بِا ْل َ‬‫صـلِحـُوا بَ ْينَ ُه َ‬ ‫فََأ ْ‬
‫ون‪ ‬الحجرات ‪. 10-9‬‬ ‫ص ِل ُحوا بَ ْي َن َأ َخ َو ْي ُك ْم َواتَّقُوا هَّللا َ لَ َعلَّ ُك ْم تُ ْر َح ُم َ‬ ‫ِإ ْخ َوةٌ فََأ ْ‬
‫‪1‬أـسـبابنــزولا ـآليات‪ :‬قــيـلأـنهـا نــزلـتفـــيحـقاـمرأـة مـنا ـألنصـار يــقاــل‬
‫لـهـا أـمـ زيـد كـانـتتــحـترجـلمـنغيـر ا ـألنصـار فـــتخاصـمتمـعـ زوجهـا ‪ ،‬أرادتأـن‬
‫فــــيعليّـهـ الـ يــدخـلعليهـا أـحـد مـن‬
‫ُ‬ ‫تــزور قــومهـا فـــحبسـهـا زوجهـا وجعلهـا‬
‫أـهلهــا فـــأرســلتإلـىقــومهــا فـــأنزلوهــا لــينصــرفوا بــهــا ‪ ،‬فـــاســتعـاناــلرجــل‬
‫بــأهل ـهـ فـــجاء بــنــو عم ـهـ لــيحولوا بــيــناــلمرأــة وأـهلهــا فـــتداـفـعـوا وتجادلوا‬
‫وتضاربوا بــاــلنعـاــلواـقـتتلوا فـــنزلــتا ـآليــة اــلكريمــة فـــبعــثاــلنــبي‪ ‬وأـصــلح‬
‫بــينهمـ وفاءوا إلىأـمر هللاــ ‪.‬‬
‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬
‫ين ا ْقتَتَلُوا فََأ ْ‬
‫صلِ ُحوا بَ ْينَ ُه َما فَِإنْ بَ َغتْ ِإ ْح َدا ُه َما َعلَى‬ ‫‪َ ‬وِإنْ طَاِئفَتَ ِ‬
‫ان ِم َن ا ْل ُمْؤ ِمنِ َ‬
‫اُأْل ْخ َرى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَ ْب ِغي َحتَّى تَفِي َء ِإلَى َأ ْم ِر هَّللا ِ ‪‬‬
‫‪308‬‬

‫‪ 2‬جـاء عنأـنـسبـــنماـــلـك أـن ـهـ قــــاـ ‪:‬‬


‫ـل قــلــتيـــا نــبــيهللاـــ‬
‫بـــنأـبي؟ فـــانطلـقإليـهـ اــلنـبي‪ ‬فـــركـب‬ ‫ّ‬ ‫لــــو أـتيــتعبـد هللاـــ‬
‫حـماراً واـنطلـقاــلمسـلمونيــمشونفـــلمـا أـتاهـ اــلنـبي‪ ‬قــاـ ‪:‬‬
‫ـل‬
‫إليـكعنـي! فــــو هللاـــ لــقـد آذاـنـينــتـنحـماركفـــقاــلرجـلمـن‬
‫ا ـألنصــار وهللاــــ لــحمار رســولهللاــــ ‪ ‬أـطيــبريحاً منــك‪،‬‬
‫وغضـبلــعبـد هللاـــ رجـلمنقــومـهـ وغضـبلــألنصـاريآـخرونمن‬
‫قــومـهـ فـــكانبــينهـمـ حـرببــا ـأليديواــلجريـد واــلنعـا ـلفـــنزلـت‬
‫هذهـ ا ـآلية فـــيهمـ ‪.‬‬
‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬
‫ين ا ْقتَتَلُوا فََأ ْ‬
‫صلِ ُحـوا بَ ْينَ ُه َما فَِإنْ بَ َغتْ‬ ‫‪َ ‬وِإنْ طَاِئفَتَ ِ‬
‫ان ِم َن ا ْل ُمْؤ ِمنِ َ‬
‫ِإ ْح َدا ُه َما َعلَى اُأْل ْخ َرى فَقَاتِلُوا الَّتِي‬
‫‪ 309‬تَ ْب ِغي َحتَّى تَفِي َء ِإلَى َأ ْم ِر هَّللا ِ ‪‬‬

‫‪2‬مناسبة هذا اــلنصبــما ســبق‪:‬‬


‫‪‬يضـع هذا النـص الجليـل قاعدة تشريعيـة عمليـة لصـيانة المجتمـع‬
‫المؤمـن مـن الخصـام والتفكـك تحـت النزوات واالندفاعات ‪ ،‬تأتـي‬
‫تعقيبا ً علـــى تـــبين خـــبر الفاســـق وعدم العجلــــة واالندفاع وراء‬
‫الحمية والحماسة قبل التثبت واالستيثاق‬
‫‪‬فإن مـن األخبار الكاذبـة أخبارـ النميمـة بيـن القبائـل وخطرهـا آكـد‬
‫ممــا يجرـي بيــن األفرـاد ‪ ،‬والتــبين فيهــا أعســر ‪ ،‬وقــد ال يحصــل‬
‫‪.‬‬
‫التبين إال بعد أن تستعر نار الفتنة وال تجدي الندامة‬

‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬


‫ين ا ْقتَتَلُوا فََأ ْ‬
‫صلِ ُحوا بَ ْينَ ُه َما فَِإنْ بَ َغتْ ِإ ْح َدا ُه َما َعلَى‬ ‫‪َ ‬وِإنْ طَاِئفَتَ ِ‬
‫ان ِم َن ا ْل ُمْؤ ِمنِ َ‬
‫اُأْل ْخ َرى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَ ْب ِغي َحتَّى تَفِي َء ِإلَى َأ ْم ِر هَّللا ِ ‪‬‬
‫‪310‬‬

‫‪‬ثالثا ً ‪ :‬التحليل اللغوي ‪:‬‬


‫‪ ‬الطائفـة ‪ :‬تشمـل الرجـل الواحـد واالثنيـن والجمـع ومفردهـا طائـف وهـو‬
‫احـ َعلَ ْي ِهـَأنـْـ‬ ‫الذي يدور حول الــبيوت حفاظا ً عليهــا ‪ ،‬قال تعالــى ‪ :‬فَال ُجنَ َ‬
‫فـ ِب ِه َمـا‪ . ‬وإذا أطلقـت الطائفـة علـى الناس تعنـي الجماعـة منهـم ‪ ،‬وإذا‬ ‫يَطَّ َّو َ‬
‫أطلقـت علـى الشيـء فتعنـي القطعـة منـه ‪ ،‬قال تعالـى ‪ :‬فَلَ ْوال نَفَ َر ِم ْنـ ُك ِّلـ‬
‫ش َه ْد َع َذابَ ُه َمـا‬‫طاِئفَةٌـ لِيَتَفَقَّ ُهوا فِـي ال ِّديـن‪ ‬وقولـه تعالـى ‪َ  :‬و ْليَ ْ‬
‫فِ ْرقَ ٍةـ ِم ْنهُ ْمـ َ‬
‫ين‪ ‬أي واحد فما فوق يعتبر طائفة وقد يكنى بالجمع عن الواحد ‪.‬‬ ‫طَاِئفَةٌ ِم َن ا ْل ُمْؤ ِمنِ َ‬
‫‪ ‬تبغي ‪ :‬البغي هو تجاوز الحد واالستطالة على اآلخرين ورفض الصلح‬
‫ويقال بغـت السـماء إذا تجاوزت فـي المطـر أكثـر مـن الالزم وبغـت المرأـة إذا‬
‫فجرت وتجاوزت ما ليس لها ‪ ،‬ويأتي البغي بمعنى الظلم والخيانة والفساد‬

‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬


‫ين ا ْقتَتَلُوا فََأ ْ‬
‫ص ِل ُحوا بَ ْينَ ُه َما فَِإنْ بَ َغتْ ِإ ْح َداهُ َما‬ ‫‪‬وَِإنْ طَاِئفَتَ ِ‬
‫ان ِم َن ا ْل ُمْؤ ِمنِ َ‬
‫َعلَى اُأْل ْخ َرى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَ ْب ِغي َحتَّى تَفِي َء ِإلَى َأ ْم ِر هَّللا ِ ‪‬‬
‫‪311‬‬

‫‪ ‬فاءـت ‪ :‬أــي رجعـت إلـى الحال المحمودة واعترـفـت بالحـق‬


‫وتخلــت عمــا كانــت واقعــة فيـــه وهــي مأخوذة مــن الفيــء ‪.‬‬
‫والمعنى‪:‬رجعت إلى الحق وإلى أمر هللا تبارك وتعالى‬
‫‪ ‬العدل ‪ :‬ضـــد الظلـــم والجورـ والبغـــي ‪ ،‬وهـــو إقرار بالحـــق‬
‫كل ـحقــه الذي‬
‫وتحقيــق المســاواة بيــن الناس بحيــث أــن يأخــذ ٌ‬
‫ان‪ ‬فالعدل‬ ‫ِ‬ ‫سـ‬
‫َ‬ ‫ح‬
‫ْ‬ ‫ِإل‬ ‫ا‬‫و‬‫َ‬ ‫ْلـ‬
‫ِ‬ ‫د‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫ب‬ ‫ـ‬
‫ر‬
‫ُ‬ ‫م‬‫ْأ‬
‫يسـتحقه قال تعالـى ‪ِ  :‬إ َّنـ هَّللا َ يَ ُ ِ‬
‫هــو المســاواة فــي المكافأــة إن خيراً فخيــر وإن شراً فشــر ‪،‬‬
‫واإلحسان أن يقابل الخير بأكثرـ منه والشـرـ بأقل منه‬

‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬


‫صلِ ُحوا بَ ْينَ ُه َما فَِإنْ بَ َغتْ ِإ ْح َدا ُه َما َعلَى اُأْل ْخ َرى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَ ْب ِغي َحتَّى‬ ‫ين ا ْقتَتَلُوا فََأ ْ‬
‫ان ِم َن ا ْل ُمْؤ ِمنِ َ‬
‫طاِئفَتَ ِ‬ ‫‪‬وَِإنْ َ‬
‫ين ِإنَّ َما ا ْل ُمْؤ ِمنُ َ‬
‫ون ِإ ْخ َوةٌ‬ ‫سطُوا ِإنَّ هَّللا َ يُ ِح ُّب ا ْل ُم ْق ِ‬
‫س ِط َ‬ ‫صلِحـُوا بَ ْينَ ُهمـَا بِا ْلعـَد ِْل َوَأ ْق ِ‬ ‫تَ ِفي َء ِإلَى َأ ْم ِر هَّللا ِ فَِإنْ فَا َءتْ فََأ ْ‬
‫ون‪‬‬ ‫صلِ ُحوا بَ ْي َن َأ َخ َو ْي ُك ْم َواتَّقُوا هَّللا َ لَ َعلَّ ُك ْم تُ ْر َح ُم َ‬
‫فََأ ْ‬
‫‪312‬‬

‫ض* ا فَ ُه َو ِم ْن *‬
‫طا تأت**ي بمعنيي**ن هم**ا ‪َ :‬ج َار َو َع َد َل * َْأي ً‬
‫س**و ً‬‫ق‬
‫ُ‬ ‫و‬
‫ْ َ ُ‬‫ا‬ ‫ط‬
‫ً‬ ‫*‬ ‫س‬‫َ‬‫ق‬ ‫ط‬
‫َ‬ ‫*‬ ‫س‬
‫َ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫اَأْلض َد ِاد‬
‫ْ‬
‫‪َ -1‬أ ْق َس* َط الرج*ل ‪ :‬بمعن*ى َع َد َل* م*ن الفع*ل الرباع*ي ‪ ،‬والقس*ط بالكس*ر‪:‬‬
‫ط الرج ُل* فه*و ُم ْق ِس*طٌ‪ .‬ومن*ه قول*ه تعال*ى‪*َّ :‬‬
‫{إن‬ ‫س* َ‬
‫العدل‪ .‬تقول ‪:‬أ ْق َ‬
‫الم ْق ِسطين} {النحل ‪} 90‬‬ ‫ُ‬ ‫ب‬
‫ُّ‬ ‫ح‬‫اهلل ي ِ‬
‫ُ‬
‫العدول * ع**ن‬
‫ُ‬ ‫ور و‬ ‫الج‬ ‫‪:‬‬ ‫ط‬
‫ُ‬ ‫*و‬‫*‬ ‫س‬ ‫ق‬
‫ُ‬ ‫ال‬
‫و‬ ‫*م‬‫*‬‫وظل‬ ‫جار‬ ‫*ى‬‫*‬ ‫بمعن‬ ‫*وطا‬ ‫*‬ ‫قس‬ ‫*ل‬‫*‬ ‫الرج‬ ‫*ط‬‫*‬‫قس‬ ‫‪‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ون فَ َكا ُنوا‬ ‫ط‬ ‫*‬ ‫ِ‬
‫اس‬ ‫ق‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫*ا‬
‫*‬‫َأم‬ ‫و‬ ‫‪‬‬ ‫‪:‬‬ ‫*ى‬ ‫*‬‫تعال‬ ‫قال‬ ‫‪.‬‬‫ا‬ ‫*وط‬
‫*‬ ‫س‬ ‫ق‬ ‫ط‬ ‫*‬ ‫ِ‬
‫س‬ ‫ط َي ْق‬
‫س* َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الحق‪ .‬وق**د قَ َ‬
‫ّ‬
‫ِل َج َه َّن َم * * َح َطباً‪( ‬الج* **ن ‪ ، ) 15‬أ **ي الجائرون الظالمون وعل **ى هذا‬
‫فه*ي مأخوذة م*ن الفع*ل الثالث*ي قس*ط واس*م الفاع*ل من*ه قاس*ط‬
‫أي بمعنى ظالم وجائر*‪.‬‬
‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬
‫صلِ ُحوا بَ ْينَ ُه َما فَِإنْ بَ َغتْ ِإ ْح َدا ُه َما َعلَى اُأْل ْخ َرى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَ ْب ِغي َحتَّى‬ ‫ين ا ْقتَتَلُوا فََأ ْ‬
‫ان ِم َن ا ْل ُمْؤ ِمنِ َ‬
‫طاِئفَتَ ِ‬ ‫‪‬وَِإنْ َ‬
‫ين ِإنَّ َما ا ْل ُمْؤ ِمنُ َ‬
‫ون ِإ ْخ َوةٌ‬ ‫سطُوا ِإنَّ هَّللا َ يُ ِح ُّب ا ْل ُم ْق ِ‬
‫س ِط َ‬ ‫صلِحـُوا بَ ْينَ ُهمـَا بِا ْلعـَد ِْل َوَأ ْق ِ‬ ‫تَ ِفي َء ِإلَى َأ ْم ِر هَّللا ِ فَِإنْ فَا َءتْ فََأ ْ‬
‫ون‪‬‬ ‫صلِ ُحوا بَ ْي َن َأ َخ َو ْي ُك ْم َواتَّقُوا هَّللا َ لَ َعلَّ ُك ْم تُ ْر َح ُم َ‬
‫فََأ ْ‬
‫‪313‬‬

‫‪‬المعنى اإلجمالي ‪:‬‬


‫‪‬إن طائفتان مــن أهــل اإليمان اقتتلوا فأصــلحوا أيهــا المؤمنون بينهمــا‬
‫بالدعاء إلـى تحكيـم كتاب هللاـ تعالـى والرضـا بمـا فيـه لهمـا وعليهمـا ‪ ،‬وذلـك‬
‫هـو اإلصـالح بينهمـا بالعدل ‪ ،‬فإن أبـت إحدى هاتيـن الطائفتيـن اإلجابـة إلـى‬
‫حكـم كتاب هللاـ تعالـى لهـا وعليهـا وتعدت ‪ ،‬وأجابـت األخرى منهمـا ‪ ،‬فقاتلوا‬
‫التـي تعتدي وتأـبى اإلجابـة إلـى حكـم هللا تعالـى حتـى ترجـع إلـى حكـم هللا الذي‬
‫حكـم فـي كتابـه وبيـن خلقـه ‪ ،‬فإن رجعـت الباغيـة بعـد قتالكـم إياهـم إلـى الرضـا‬
‫بحكـم هللا تعالـى فـي كتابه فأصـلحوا بينها وبين الطائفـة األخرى التي قاتلتهـا‬
‫بالعدل ‪ ،‬أـي باإلنصـاف بينهمـا ‪ ،‬وذلـك حكـم هللاـ تعالـى فـي كتابـه الكريـم الذي‬
‫جعله عدالً بين خلقه‬

‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬


‫صلِ ُحوا بَ ْينَ ُه َما فَِإنْ بَ َغتْ ِإ ْح َدا ُه َما َعلَى اُأْل ْخ َرى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَ ْب ِغي َحتَّى‬ ‫ين ا ْقتَتَلُوا فََأ ْ‬
‫ان ِم َن ا ْل ُمْؤ ِمنِ َ‬
‫طاِئفَتَ ِ‬ ‫‪‬وَِإنْ َ‬
‫ين ِإنَّ َما ا ْل ُمْؤ ِمنُ َ‬
‫ون ِإ ْخ َوةٌ‬ ‫سطُوا ِإنَّ هَّللا َ يُ ِح ُّب ا ْل ُم ْق ِ‬
‫س ِط َ‬ ‫صلِحـُوا بَ ْينَ ُهمـَا بِا ْلعـَد ِْل َوَأ ْق ِ‬ ‫تَ ِفي َء ِإلَى َأ ْم ِر هَّللا ِ فَِإنْ فَا َءتْ فََأ ْ‬
‫ون‪‬‬ ‫صلِ ُحوا بَ ْي َن َأ َخ َو ْي ُك ْم َواتَّقُوا هَّللا َ لَ َعلَّ ُك ْم تُ ْر َح ُم َ‬
‫فََأ ْ‬
‫‪314‬‬

‫‪‬ما ترشد إليه اآليات ‪:‬‬


‫‪ -1‬يجــب اإلصــالح بيــن المؤمنيــن إن وقــع بينهــم قتال ‪ :‬وقــد ذكرت اآليــة‬
‫مراحل العالج وهي ‪-:‬‬
‫‪‬المرحلـة األولـى ‪ :‬مرحلـة اإلصـالح بفـض القتال وإيقافـه ‪ :‬وذلـك عـن طريـق‬
‫الكلمـة الطيبـة والموعظـة الحسـنة ‪ ،‬وتذكيـر الطائفتيـن باهللـ تعالـى وتخويفهـم‬
‫مـن عذابـه ‪ ،‬وترغيبهـم فـي اإلصـالح بترغيبهـم فـي ثوابـه ‪ ،‬وتحذيرهـم ممـا‬
‫يترتـب علـى القتال مـن مفاسـد عظيمـة فـي الديـن والدنيـا واآلخرة ‪ ،‬وتذكيرهـم‬
‫بحرمــة دم المســلم ‪ ،‬وعرضــه ومالــه ‪ ،‬وأنــه أعظــم مــن حرمــة الكعبــة ‪،‬‬
‫واألصـل أـن يسـتجيب المســلم لنداء الحـق ودعوة اإلصـالح اسـتجابة لقولــه‬
‫الص ْل ُح َخ ْي ٌر‪.‬‬
‫تعالـى ‪َ  :‬و ُّ‬

‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬


‫صلِ ُحوا بَ ْينَ ُه َما فَِإنْ بَ َغتْ ِإ ْح َدا ُه َما َعلَى اُأْل ْخ َرى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَ ْب ِغي َحتَّى‬ ‫ين ا ْقتَتَلُوا فََأ ْ‬
‫ان ِم َن ا ْل ُمْؤ ِمنِ َ‬
‫طاِئفَتَ ِ‬ ‫‪‬وَِإنْ َ‬
‫ين ِإنَّ َما ا ْل ُمْؤ ِمنُ َ‬
‫ون ِإ ْخ َوةٌ‬ ‫سطُوا ِإنَّ هَّللا َ يُ ِح ُّب ا ْل ُم ْق ِ‬
‫س ِط َ‬ ‫صلِحـُوا بَ ْينَ ُهمـَا بِا ْلعـَد ِْل َوَأ ْق ِ‬ ‫تَ ِفي َء ِإلَى َأ ْم ِر هَّللا ِ فَِإنْ فَا َءتْ فََأ ْ‬
‫ون‪‬‬ ‫صلِ ُحوا بَ ْي َن َأ َخ َو ْي ُك ْم َواتَّقُوا هَّللا َ لَ َعلَّ ُك ْم تُ ْر َح ُم َ‬
‫فََأ ْ‬
‫‪315‬‬

‫‪‬المرحلـة الثانيـة ‪ :‬قتال الطائفـة الباغيـة ‪ :‬فإن أصـرت إحدى الطائفتيـن‬


‫علــى االســتمرار فــي القتال واســتجابت الفئــة األخرى لنداء اإليمان‬
‫والعقــل ‪ ،‬فوجــب علــى المســلمين بقيادة إمامهــم أــن يتدخلوا فوراً‬
‫إليقاف القتال بالقوة ‪ ،‬وذلـــك بقتال الطائفـــة الباغيـــة حتـــى ترضـــى‬
‫بالحق‪.‬‬
‫‪‬المرحلــة الثالثــة ‪ :‬اإلصــالح بالعدل بعــد الرجوع إلــى الحــق ووقــف‬
‫القتال ‪ :‬واألصـل أـن يتوقـف القتال علـى أسـاس تحكيـم كتاب هللاـ تعالـى‬
‫وسـنة رسـوله ‪ ‬فـي تقريـر الحقوق للمتنازعيـن ‪ ،‬وفـض النزاع كذلـك‬
‫ول ِإ ـْن ُك ْنتُ ْمـ‬ ‫ش ْي ٍءـ فَ ُر ُّدوهـُ ِإلَـى هَّللا ِ َوال َّر ُ‬
‫سـ ِ‬ ‫قال تعالـى ‪ :‬فَِإ ـْن تَنَا َز ْعتُ ْمـ فِـي َ‬
‫س ُن تَْأ ِويالً‪‬‬ ‫اآلخ ِر َذلِ َك َخ ْي ٌر َوَأ ْح َ‬
‫ون بِاهَّلل ِ َوا ْليَ ْو ِم ِ‬
‫تُْؤ ِمنُ َ‬
‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬
‫صلِ ُحوا بَ ْينَ ُه َما فَِإنْ بَ َغتْ ِإ ْح َدا ُه َما َعلَى اُأْل ْخ َرى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَ ْب ِغي َحتَّى‬ ‫ين ا ْقتَتَلُوا فََأ ْ‬
‫ان ِم َن ا ْل ُمْؤ ِمنِ َ‬
‫طاِئفَتَ ِ‬ ‫‪‬وَِإنْ َ‬
‫ين ِإنَّ َما ا ْل ُمْؤ ِمنُ َ‬
‫ون ِإ ْخ َوةٌ‬ ‫سطُوا ِإنَّ هَّللا َ يُ ِح ُّب ا ْل ُم ْق ِ‬
‫س ِط َ‬ ‫صلِحـُوا بَ ْينَ ُهمـَا بِا ْلعـَد ِْل َوَأ ْق ِ‬ ‫تَ ِفي َء ِإلَى َأ ْم ِر هَّللا ِ فَِإنْ فَا َءتْ فََأ ْ‬
‫ون‪‬‬ ‫صلِ ُحوا بَ ْي َن َأ َخ َو ْي ُك ْم َواتَّقُوا هَّللا َ لَ َعلَّ ُك ْم تُ ْر َح ُم َ‬
‫فََأ ْ‬
‫‪316‬‬

‫‪‬إن توخـي العدل فـي اإلصـالح يقطـع دابر الفتنـة ويهدي النفوس الثائرة ولقـد‬
‫شجـع اإلسـالم علـى اإلصـالح ‪ ،‬قال ‪" :‬أال أخـبركم بأفضـل مـن درجـة الصـيام‬
‫والصـدقة ؟ قالوا ‪ :‬بلـى يـا رسـول هللاـ ‪ ،‬قال ‪ :‬إصـالح ذات الـبين ‪ ،‬وفسـاد ذات‬
‫الـبين الحالقـة" (ابـو داود) أـي تحلـق الديـن وتسـتأصل شأفتـه ‪ ،‬كمـا يحلـق الموسـى‬
‫الشعر ‪ ،‬أي يستأصله ‪.‬‬
‫‪‬ال يجوز قتـــل أســـير الفئــة الباغيــة وال يتبــع منهزمهــم ‪ :‬ألــن‬
‫المقصـود دفعهـم ال قتلهـم ‪ ،‬والدليـل علـى ذلـك أـن الصـحابة – رضـي هللاـ عنهـم –‬
‫لم يتبعوا مدبراً وال أجهزوا على جريح وال قتلوا أسيراً ‪.‬‬
‫‪ -3‬إذا خرجت عاى اإلمام العدل فئة ال حجة لها قاتلها اإلمام بالمسلمين كافة ‪،‬‬
‫أـو بمـن فيـه الكفايـة ‪ ،‬ويدعوهـم قبـل ذلـك إلـى الطاعـة والدخول فـي الجماعـة ‪،‬‬
‫فإن أبوا الرجوع والصلح قوتلوا ‪ ،‬وال يقتل أسيرهم‪.‬‬
‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬
‫صلِ ُحوا بَ ْينَ ُه َما فَِإنْ بَ َغتْ ِإ ْح َدا ُه َما َعلَى اُأْل ْخ َرى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَ ْب ِغي َحتَّى‬ ‫ين ا ْقتَتَلُوا فََأ ْ‬
‫ان ِم َن ا ْل ُمْؤ ِمنِ َ‬
‫طاِئفَتَ ِ‬ ‫‪‬وَِإنْ َ‬
‫ين ِإنَّ َما ا ْل ُمْؤ ِمنُ َ‬
‫ون ِإ ْخ َوةٌ‬ ‫سطُوا ِإنَّ هَّللا َ يُ ِح ُّب ا ْل ُم ْق ِ‬
‫س ِط َ‬ ‫صلِحـُوا بَ ْينَ ُهمـَا بِا ْلعـَد ِْل َوَأ ْق ِ‬ ‫تَ ِفي َء ِإلَى َأ ْم ِر هَّللا ِ فَِإنْ فَا َءتْ فََأ ْ‬
‫ون‪‬‬ ‫صلِ ُحوا بَ ْي َن َأ َخ َو ْي ُك ْم َواتَّقُوا هَّللا َ لَ َعلَّ ُك ْم تُ ْر َح ُم َ‬
‫فََأ ْ‬
‫‪317‬‬

‫‪ ‬فـي قولـه تعالـى ‪ِ :‬إنَّ َمـا ا ْل ُمْؤ ِمنُو َنـ ِإ ْخ َوةـٌ‪ ‬فـي هذه اآليـة والتـي‬
‫قبلهـا دليـل علـى أـن البغـي ال يزيـل اسـم اإليمان ‪ ،‬ألـن هللاـ تعالـى‬
‫سماهم إخوة مع كونهم باغين‬
‫‪ ‬فـي قولــه تعالــى ‪ِ :‬إنَّ َمـا ا ْل ُمْؤ ِمنُ َ‬
‫ونـ ِإ ْخ َوةـٌ‪ ‬قررـت اآليـة أـن‬
‫رـابطــة العقيدة هــي أقوى الروابــط ‪ ،‬لذلــك فأخوة اإليمان توجــب‬
‫اإلصـالح بيـن اإلخوة ‪ ،‬ألنـه تربطهـم عقيدة واحدة ‪ ،‬فإذا مـا ضعفـت‬
‫هذه األخوة ‪ ،‬فعلــى أفراد المجتمــع وخاصــة المخلصــين منهــم أــن‬
‫يهبّوا لتقويــة هذه الرابطــة عــن طريــق إزالــة أســباب االختالف‬
‫‪.‬‬
‫والفرـقة بين األخوة‬
‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬
‫صلِ ُحوا بَ ْينَ ُه َما فَِإنْ بَ َغتْ ِإ ْح َدا ُه َما َعلَى اُأْل ْخ َرى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَ ْب ِغي َحتَّى‬ ‫ين ا ْقتَتَلُوا فََأ ْ‬
‫ان ِم َن ا ْل ُمْؤ ِمنِ َ‬
‫طاِئفَتَ ِ‬ ‫‪‬وَِإنْ َ‬
‫ين ِإنَّ َما ا ْل ُمْؤ ِمنُ َ‬
‫ون ِإ ْخ َوةٌ‬ ‫سطُوا ِإنَّ هَّللا َ يُ ِح ُّب ا ْل ُم ْق ِ‬
‫س ِط َ‬ ‫صلِحـُوا بَ ْينَ ُهمـَا بِا ْلعـَد ِْل َوَأ ْق ِ‬ ‫تَفِي َء ِإلَى َأ ْم ِر هَّللا ِ فَِإنْ فَا َءتْ فََأ ْ‬
‫ون‪‬‬ ‫صلِ ُحوا بَ ْي َن َأ َخ َو ْي ُك ْم َواتَّقُوا هَّللا َ لَ َعلَّ ُك ْم تُ ْر َح ُم َ‬
‫فََأ ْ‬
‫‪318‬‬

‫‪ ‬فـي قولـه تعالـى ‪َ  :‬واتَّقُوا هَّللا َ لَ َعلَّ ُك ْمـ تُ ْر َح ُمو َنـ‪ ‬هذه الجملـة خاتمـة اآليـة التـي‬
‫أمرت باإلصـالح بيـن المؤمنيـن ‪ ،‬فهـي ترشـد الذيـن ينـبرون لإلصـالح أـن يتقوا هللاـ‬
‫تعالـى فـي سـعيهم ‪ ،‬ويخشوه فـي أقوالهـم وأفعالهـم ‪ ،‬فال يحابوا أحداً علـى أحـد ‪،‬‬
‫وال يظلموا أحداً ‪ ،‬إن أهــل اإلصــالح إذا وضعوا تقوى هللاـ تعالــى نصــب أعينهــم‬
‫وفقهم هللا ‪.‬‬
‫‪‬ويوجد أحاديث كثيرة توجب اإلصالح بين المؤمنين ‪ ،‬نذكر منها ‪-:‬‬
‫‪ ‬قال الرسـول ‪ { : ‬المؤمن للمؤمـن كالبنيـان يشد بعضه بعضا ً} مسلم‪.‬‬
‫‪ ‬قال الرسـول ‪{ : ‬المسـلم أخـو المسـلم ‪ ،‬ال يظلمـه وال يسـلمه ‪ ،‬مـن كان فـي‬
‫حاجـة أخيـه كان هللاـ فـي حاجتـه ‪ ،‬ومـن فرج عـن مسـلم كربـة مـن كرب الدنيـا فرج‬
‫هللاـ عنـه كربــة مـن كــرب يوم القيامـة ‪ ،‬ومـن سـتر مسـلما ً سـتره هللاـ يوم القيامـة}‬
‫مسلم ‪.‬‬
‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬
‫صلِ ُحوا بَ ْينَ ُه َما فَِإنْ بَ َغتْ ِإ ْح َدا ُه َما َعلَى اُأْل ْخ َرى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَ ْب ِغي َحتَّى‬ ‫ين ا ْقتَتَلُوا فََأ ْ‬
‫ان ِم َن ا ْل ُمْؤ ِمنِ َ‬
‫طاِئفَتَ ِ‬ ‫‪‬وَِإنْ َ‬
‫ين ِإنَّ َما ا ْل ُمْؤ ِمنُ َ‬
‫ون ِإ ْخ َوةٌ‬ ‫سطُوا ِإنَّ هَّللا َ يُ ِح ُّب ا ْل ُم ْق ِ‬
‫س ِط َ‬ ‫صلِحـُوا بَ ْينَ ُهمـَا بِا ْلعـَد ِْل َوَأ ْق ِ‬ ‫تَ ِفي َء ِإلَى َأ ْم ِر هَّللا ِ فَِإنْ فَا َءتْ فََأ ْ‬
‫ون‪‬‬ ‫صلِ ُحوا بَ ْي َن َأ َخ َو ْي ُك ْم َواتَّقُوا هَّللا َ لَ َعلَّ ُك ْم تُ ْر َح ُم َ‬
‫فََأ ْ‬
‫‪319‬‬

‫‪‬سادسا ً ‪ :‬لفتات بيانية ‪:‬‬


‫ان‪ ...‬حرف شرط ‪ ،‬يخلص‬ ‫‪ ‬حرف { أن } في قولـه تعالى ‪ :‬وَِإنْ طَاِئفَتَ ِ‬
‫الماضي لالستقبال ‪ ،‬فيكون في قوة المضارع ‪ ،‬ويفيد ندرة الوقوع ‪ ،.‬إشارة‬
‫إلى أنه ال ينبغي أال يقع إال نادراً ‪ ،‬وكذلك ‪ِ‬إنْ َجا َء ُك ْم فَ ِ‬
‫اسق ‪ ...‬إشارة إلى‬
‫مجيء الفاسق بالنبأ ينبغي أال يقع إال نادرا ‪.‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬


‫صلِ ُحوا بَ ْينَ ُه َما فَِإنْ بَ َغتْ ِإ ْح َدا ُه َما َعلَى اُأْل ْخ َرى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَ ْب ِغي َحتَّى‬ ‫ين ا ْقتَتَلُوا فََأ ْ‬
‫ان ِم َن ا ْل ُمْؤ ِمنِ َ‬
‫طاِئفَتَ ِ‬ ‫‪‬وَِإنْ َ‬
‫ين ِإنَّ َما ا ْل ُمْؤ ِمنُ َ‬
‫ون ِإ ْخ َوةٌ‬ ‫سطُوا ِإنَّ هَّللا َ يُ ِح ُّب ا ْل ُم ْق ِ‬
‫س ِط َ‬ ‫صلِحـُوا بَ ْينَ ُهمـَا بِا ْلعـَد ِْل َوَأ ْق ِ‬ ‫تَفِي َء ِإلَى َأ ْم ِر هَّللا ِ فَِإنْ فَا َءتْ فََأ ْ‬
‫ون‪‬‬ ‫صلِ ُحوا بَ ْي َن َأ َخ َو ْي ُك ْم َواتَّقُوا هَّللا َ لَ َعلَّ ُك ْم تُ ْر َح ُم َ‬
‫فََأ ْ‬
‫‪320‬‬

‫طاِئفَتَان) ول*م يق*ل ‪( :‬فرقتان ) تحقيقاً للمعن*ى ‪ ،‬فالطائف*ة (م*ن ثالثـة‬ ‫‪ ‬قـال تعال*ى ‪َ ( :‬‬
‫إلى عشرة أشخاص) وهو للتقليل ‪ ،‬وألن الطائفة دون الفرقة ‪..‬‬
‫ين*) ول**م يق**ل (منك**م) م**ع أ**ن الخطاب للمؤمني**ن لس**بق‬ ‫ن* ا ْل ُمْؤ ِم ِن َ‬
‫(م َ‬‫‪ ‬قولـه تعال**ى ‪ِ :‬‬
‫ق ِب َن َبٍأ ‪ ‬تن**بيهاً عل**ى قب**ح ذل**ك‬ ‫ين* آم ُنوا ِإ ْن* جاء ُكم* فَ ِ‬
‫اس* ٌ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ذ‬‫قول**ه تعال**ى ‪ :‬ي**ا َُّأيه**ا الَِّ‬
‫َ َ‬
‫النزاع بين المؤمنين ‪ ،‬وتبعيداً لهم عنها‬
‫(و ن اقتت*ل طائفتـان‬ ‫طاِئفَتَا ِن* ِم َن* ا ْل ُمْؤ ِم ِني َن* ا ْقتَتَلُوا‪ ‬ول*م يق*ل ‪ :‬إ‬ ‫‪ ‬قال تعال*ى ‪َ  :‬وِإ ْن* َ‬
‫م**ن المؤمنيـن) م**ع أ**ن اتص**ال كلم**ة (إ**ن) بالفع**ل أول**ى ‪ ،‬وذل**ك ليكون االبتداء بم**ا‬
‫يمنع من القتال () ‪.‬‬
‫‪ ‬قال تعال***ى ‪( :‬اقتتلوا) ول***م يق **ل (اقتتلت **ا) ‪ ،‬وقال (فأص***لحوا بينهم **ا) ول **م يق **ل‬
‫(بينه**م) ‪ :‬ذل**ك أل**ن عن**د االقتتال تكون الفتن**ة قائم**ة ‪ ،‬وك**ل أح**د برأس**ه يكون فاعالً‬
‫فعالً ‪ ،‬فقال (اقتتلوا) وعن**د العود إل**ى الص**لح تتف**ق كلم**ة ك**ل طائف**ة إو ال ل**م يتحق**ق‬
‫‪.‬‬
‫حينئذ كنفسين‬‫ٍ‬ ‫الصلح ‪ ،‬فقال (بينهما) لكون الطائفتين‬
‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬
‫صلِ ُحوا بَ ْينَ ُه َما فَِإنْ بَ َغتْ ِإ ْح َدا ُه َما َعلَى اُأْل ْخ َرى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَ ْب ِغي َحتَّى‬ ‫ين ا ْقتَتَلُوا فََأ ْ‬
‫ان ِم َن ا ْل ُمْؤ ِمنِ َ‬
‫طاِئفَتَ ِ‬ ‫‪‬وَِإنْ َ‬
‫ين ِإنَّ َما ا ْل ُمْؤ ِمنُ َ‬
‫ون ِإ ْخ َوةٌ‬ ‫سطُوا ِإنَّ هَّللا َ يُ ِح ُّب ا ْل ُم ْق ِ‬
‫س ِط َ‬ ‫صلِحـُوا بَ ْينَ ُهمـَا بِا ْلعـَد ِْل َوَأ ْق ِ‬ ‫تَفِي َء ِإلَى َأ ْم ِر هَّللا ِ فَِإنْ فَا َءتْ فََأ ْ‬
‫ون‪‬‬ ‫صلِ ُحوا بَ ْي َن َأ َخ َو ْي ُك ْم َواتَّقُوا هَّللا َ لَ َعلَّ ُك ْم تُ ْر َح ُم َ‬
‫فََأ ْ‬
‫‪321‬‬
‫‪ ‬ف*ي قولـه تعال*ى ‪ :‬فَقَ ِاتلُوا الَّ ِت*ي تَ ْب ِغ*ي‪ ‬األم*ر للوجوب ؛ أل*ن هذا حك*م‬
‫الخصمين والقضاء بالحق واجب ‪.‬‬
‫َأم ِر اللَّه‪ ...‬إشارة إل**ى أ**ن القتال لي**س‬ ‫**ى‬ ‫َ‬‫ل‬‫ِإ‬ ‫يء**‬ ‫‪ ‬ف**ي قول**ه ‪‬حتَّ**ى تَ ِ‬
‫ف‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫جزاء للباغ**ي ‪ ،‬ب**ل القتال إل**ى ح**د الفيئ**ة فإن فاء**ت الفئ**ة الباغي**ة حرم‬
‫قتالهم ‪.‬‬
‫َأص* * ِل ُحوا َب ْي َن* *‬
‫ْ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫‪‬‬ ‫‪:‬‬ ‫*ى‬ ‫*‬ ‫تعال‬ ‫*ه‬‫*‬ ‫بقول‬ ‫بالذكـر‬ ‫*ن‬ ‫*‬ ‫االثني‬ ‫*ص‬ ‫*‬ ‫خ‬ ‫‪:‬‬ ‫*يص‬ ‫*‬ ‫التخص‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬
‫َأخ َوْي ُك ْم*‪ ‬دون الجم*ع أل*ن أق*ل م*ن يق*ع بينه*م الشقاق اثنان ‪ ،‬فإذا التُزم*ت‬ ‫َ‬
‫المص*الحة بي*ن األق*ل كان*ت بي*ن األكث*ر ألزم ‪ ،‬أل*ن الفس*اد ف*ي شقاق الجم*ع‬
‫أكثر منه في شقاق االثنين ‪.‬‬
‫َأص * ِل ُحوا‬‫ْ‬ ‫َ‬‫ف‬‫‪‬‬ ‫‪:‬‬ ‫*ى‬ ‫*‬ ‫تعال‬ ‫*ه‬ ‫*‬‫قول‬ ‫*ي‬ ‫*‬‫ف‬ ‫*ك‬ ‫*‬ ‫وذل‬ ‫‪:‬‬ ‫*ر‬‫*‬‫المضم‬ ‫*ع‬ ‫*‬ ‫موض‬ ‫*ر‬ ‫*‬ ‫الظاه‬ ‫*ع‬‫*‬ ‫وض‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬
‫َأص * ِل ُحوا َب ْي َن *‬
‫ْ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫‪:‬‬ ‫*ى‬ ‫*‬‫تعال‬ ‫*ه‬
‫*‬ ‫وقول‬ ‫‪‬‬ ‫*ا‬
‫*‬‫م‬‫َ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ي‬
‫ْ‬ ‫ب‬
‫َ‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫ح‬‫ُ‬
‫ِ‬
‫ل‬ ‫*‬ ‫َأص‬
‫ْ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫*‬ ‫ت‬
‫ْ‬ ‫اء‬
‫َ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫*‬ ‫ن‬ ‫َب ْي َن ُهم**ا‪ ‬و ‪‬فَِإ‬
‫َ‬
‫التحضيض‬
‫نعمة‬ ‫زهدي محمد أبو‬ ‫الدكتور و‬
‫التقرير‬ ‫مضافاً إلى المأمورين باإلصالح للمبالغة في إعداد‬ ‫‪07:02PM‬‬
‫‪ُ 3/10/23‬ك ْم‬
‫َأخ َوْي‬
‫َ‬
‫صلِ ُحوا بَ ْينَ ُه َما فَِإنْ بَ َغتْ ِإ ْح َدا ُه َما َعلَى اُأْل ْخ َرى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَ ْب ِغي َحتَّى‬ ‫ين ا ْقتَتَلُوا فََأ ْ‬
‫ان ِم َن ا ْل ُمْؤ ِمنِ َ‬
‫طاِئفَتَ ِ‬ ‫‪‬وَِإنْ َ‬
‫ين ِإنَّ َما ا ْل ُمْؤ ِمنُ َ‬
‫ون ِإ ْخ َوةٌ‬ ‫سطُوا ِإنَّ هَّللا َ يُ ِح ُّب ا ْل ُم ْق ِ‬
‫س ِط َ‬ ‫صلِحـُوا بَ ْينَ ُهمـَا بِا ْلعـَد ِْل َوَأ ْق ِ‬ ‫تَ ِفي َء ِإلَى َأ ْم ِر هَّللا ِ فَِإنْ فَا َءتْ فََأ ْ‬
‫ون‪‬‬ ‫صلِ ُحوا بَ ْي َن َأ َخ َو ْي ُك ْم َواتَّقُوا هَّللا َ لَ َعلَّ ُك ْم تُ ْر َح ُم َ‬
‫فََأ ْ‬
‫‪322‬‬

‫‪ ‬قرن اإلص**الح الثان**ي بالعدل دون األول ‪ ،‬أل**ن المراد باالقتتال‬


‫ف*ي أول اآلي*ة أ*ن يقتتال باغيتي*ن معاً ‪ ،‬أ*و راكبت*ي شبه*ة ‪ ،‬وأيتهم*ا‬
‫كان*ت ‪ ،‬فالذي يج*ب عل*ى المس*لمين أ*ن يأخذوا ب*ه ف*ي شأنهم*ا ‪:‬‬
‫إص* **الح ذات ال* **بين وتس* **كين الجماع* **ة بإرادة الح* **ق والمواع* **ظ‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ تجب المقاتلة ‪.‬‬ ‫الشافية ‪ ،‬ونفي الشبهة ‪ ،‬إال إذا أصرتا ‪،‬‬
‫ون* * ِإ ْخ َوة**ٌ‪ ‬جي **ء بص **يغة‬
‫‪ ‬ف **ي قولـه تعال **ى ‪ِ  :‬إ َّن َم**ا ا ْل ُمْؤ ِم ُن َ‬
‫القص*ر* المفيدة لحص*ر م*ا له*م ف*ي حال األخوة ‪ ،‬مبالغ*ة ف*ي تقري*ر‬
‫هذا الحك* **م بي* **ن المس* **لمين ‪ ،‬فأشارت هذه الجمل* **ة إل* **ى وجوب‬
‫اإلصالح بين الطائفتين ‪ ،‬وذلك ألن عقيدة اإليمان تربط بينهم ‪.‬‬
‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬
‫صلِ ُحوا بَ ْينَ ُه َما فَِإنْ بَ َغتْ ِإ ْح َدا ُه َما َعلَى اُأْل ْخ َرى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَ ْب ِغي َحتَّى‬ ‫ين ا ْقتَتَلُوا فََأ ْ‬
‫ان ِم َن ا ْل ُمْؤ ِمنِ َ‬
‫طاِئفَتَ ِ‬ ‫‪‬وَِإنْ َ‬
‫ين ِإنَّ َما ا ْل ُمْؤ ِمنُ َ‬
‫ون ِإ ْخ َوةٌ‬ ‫سطُوا ِإنَّ هَّللا َ يُ ِح ُّب ا ْل ُم ْق ِ‬
‫س ِط َ‬ ‫صلِحـُوا بَ ْينَ ُهمـَا بِا ْلعـَد ِْل َوَأ ْق ِ‬ ‫تَفِي َء ِإلَى َأ ْم ِر هَّللا ِ فَِإنْ فَا َءتْ فََأ ْ‬
‫ون‪‬‬ ‫صلِ ُحوا بَ ْي َن َأ َخ َو ْي ُك ْم َواتَّقُوا هَّللا َ لَ َعلَّ ُك ْم تُ ْر َح ُم َ‬
‫فََأ ْ‬
‫‪323‬‬

‫‪ ‬ف*ي قولـه تعال*ى ‪َ  :‬واتَّقُوا اللَّ َه* لَ َعلَّ ُك ْم* تُْر َح ُمو َن*‪ ‬المخاط*ب بتل*ك‬
‫جمي* **ع المؤمني* **ن ‪ ،‬فيشم* **ل الطائفتي* **ن الباغي* **ة والمبغ* **ي عليه* **ا‬
‫ون*‪‬‬ ‫ويشم**ل غيرهم**ا مم**ا أمروا باإلص**الح ‪ ،‬وقول**ه ‪‬لَ َعلَّ ُك ْم* تُْر َح ُم َ‬
‫تُرج**ى لك**م الرحم**ة م**ن اهلل * تعال**ى فتجري أحوالك**م عل**ى اس**تقامة‬
‫وص*الح ‪ ،‬إو نم*ا اختيرت الرحم*ة أل*ن األم*ر بالتقوى واق*ع إث*ر تقري*ر‬
‫حقيق* **ة األخوة بي* **ن المؤمني* **ن ‪ ،‬وشأن تعام* **ل اإلخوة الرحم* **ة ‪،‬‬
‫‪.‬‬
‫فيكون الجزاء عليها من جنسها‬
‫‪ ‬إ **ن أه **ل اإلص **الح إذا وضعوا تقوى اهلل** تعال **ى نص**ب أعينه**م‬
‫وفقه***م اهلل*** في***ه وجع***ل له***م قبوالً ف***ي نفوس المس***لمين‪ ،‬حت***ى‬
‫المتنازعين المتخاصمين‪ ،‬كما أن تقوى اهلل تعالى أساس الرحمة‬
‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬
‫النهي عن السخرية والتنابز باأللقاب‬
‫‪324‬‬
‫سـى َأ ْنـ يَ ُكونُوا َخ ْيراً ِم ْن ُه ْمـ َوال نِ َ‬
‫سـا ٌء‬ ‫سـ َخ ْر قَ ْو ٌمـ ِم ْنـ قَ ْو ٍمـ َع َ‬ ‫‪ ‬قولـه تعالى ‪ :‬يَـا َأ ُّي َهـا الَّ ِذي َنـ آ َمنُوا ال يَ ْ‬
‫ق‬‫سـو ُ‬ ‫سـ ُم ا ْلفُ ُ‬
‫سـ اال ْ‬ ‫بـ بِْئ َ‬‫سـ ُك ْم َوال تَنَابَ ُزوا بِاَأل ْلقَا ِ‬
‫سـى َأ ْنـ يَ ُك َّـن َخ ْيراً ِم ْن ُه َّـن َوال تَ ْل ِم ُزوا َأ ْنفُ َ‬
‫سـا ٍء َع َ‬
‫ِم ْنـ نِ َ‬
‫ون‪ ‬اآلية ‪. 11‬‬ ‫ان َو َمنْ لَ ْم يَتُ ْب فَُأولَِئ َك ُه ُم الظَّالِ ُم َ‬ ‫بَ ْع َد اِإل ي َم ِ‬
‫‪ ‬يسخر ‪ :‬يستهزيء ‪،‬‬
‫‪ ‬قوم ‪ :‬القوم ‪ :‬جماعة من الرجال والنساء معا ً ‪ ،‬وقيل هو للرجال خاصة دون النساء ‪ ،‬وقيل القوم‬
‫النفر ‪ ،‬وسموا الرجال بذلك ألنهم قوامون على النساء باألمور التي ليس للنساء أن يقمن بها‪.‬‬
‫‪ ‬تلمزوا ‪ :‬تطعنـوا أهل دينكم ‪ ،‬واللمز هو الطعن والضرب باللسان والعين وغيرهو واللمز العيب‬
‫في الوجه ‪ ،‬وأصله اإلشارة بالعين والرأس والشفة من كالم خفي‬
‫‪ ‬تنابزوا ‪ :‬من النبز ‪ :‬لقب السوء ‪ ،‬والتنابز باأللقاب ‪ :‬التداعي بها ‪ ،‬وهو يكثر فيما كان ذما ً ‪ ،‬أو‬
‫في كل لقب يكرهه اإلنسان ‪ ،‬ألنه يجب أن يخاطب المؤمن بأحب األسماء إليه ‪.‬‬
‫‪ ‬تلمزوا ‪ :‬تطعنـوا أهل دينكم ‪ ،‬واللمز هو الطعن والضرب باللسان والعين وغيرهو واللمز العيب‬
‫في الوجه ‪ ،‬وأصله اإلشارة بالعين والرأس والشفة من كالم خفي‬
‫‪ ‬تنابزوا ‪ :‬من النبز ‪ :‬لقب السوء ‪ ،‬والتنابز باأللقاب ‪ :‬التداعي بها ‪ ،‬وهو يكثر فيما كان ذما ً ‪ ،‬أو‬
‫في كل لقب يكرهه اإلنسان ‪ ،‬ألنه يجب أن يخاطب المؤمن بأحب األسماء إليه ‪.‬‬
‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬
‫‪325‬‬

‫‪‬ثانيا ً ‪ :‬سبب النزول ‪:‬‬


‫سى َأنْ يَ ُك َّن َخ ْيراً ِم ْن ُه َّن‪ ‬قال‬
‫سا ٍء َع َ‬ ‫‪‬أ‪ -‬قوله تعالى ‪َ  :‬وال نِ َ‬
‫سا ٌء ِمنْ نِ َ‬
‫المفسرون ‪ :‬نزلت في امرأتين من أزواج النبي ‪ ‬سخرتا من أم سلمة‬
‫‪‬ب‪ ‬وقيل نزلت في عائشة – رضي هللا عنها – أشارت بيدها إلى أم سلمة ‪ ،‬يا نبي‬
‫هللا إنهـا لقصيرة ‪ ،‬فقال ‪" : r‬لقد تفوهت بكلمة لو مزج بها البحر لمزج" ‪.‬‬
‫‪‬ج‪ -‬قال عكرمة وابن عباس ‪ :‬إن صفية بنت حيي بن أخطب أتت رسول هللا ‪‬‬
‫فقالت ‪ :‬يا رسول هللا إن النساء يعيرنني ويقلن لي يا يهودية بنت يهوديين فقال ‪: r‬‬
‫هالّ قلت إن أبي هارون ‪ ،‬وإن عمي موسى ‪ ،‬وإن زوجي محمد ‪ ،‬فأنزل هللا تعالى‬
‫هذه اآلية ‪.‬‬

‫‪.‬‬
‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬
‫‪326‬‬
‫‪ ‬ثالثا ً ‪ :‬المعنى اإلجمالي لآلية ‪:‬‬
‫‪ ‬إن المجتمع الفاضل الذي يقيمه اإلسالم بهدي القرآن له أدب رفيع ‪ ،‬ولكل فرد فيه كرامته‬
‫التي ال تمس ‪ ،‬وهي من كرامة المجموع ‪ ،‬ولمز أي فرد هو لمز لذات النفس ‪ ،‬ألن الجماعة‬
‫كله ا واحدة ‪ ،‬وكرامته ا واحدة ‪ ،‬والقرآ ن ف ي هذه اآليـة يهت ف للمؤمني ن بهذا النداء الح بيب‬
‫‪‬يَـا َأيُّ َهـا الَّ ِذي َنـ آ َمنُوا‪ ‬وينهاهم أن يسخر قوم من قوم ‪ ،‬أي رجال من رجال ‪ ،‬فلعلهم خير‬
‫منهم عند هللا ‪ ،‬أو أن يسخر نسـاء من نساء فلعلهن خير منهن في ميزان هللا تعالى ومن حق‬
‫المؤمن على أخيه المؤمن أال يناديه بلقب يكرهه ويُزري به ‪ ،‬ومن أدبه أيضا ً أال يؤذي أخاه‬
‫َّ‬
‫أحس فيه ا‬ ‫بمث ل هذا ‪ ،‬وق د غيّ ر الرس ول ‪ ‬أس ماء وألقابا ً كان ت ف ي الجاهلي ة ألص حابها ‪،‬‬
‫بحس ه المره ف ‪ ،‬وقلب ه الكري م بم ا يزري أص حابها أ و يص فهم بوص ف ذمي م ‪ ،‬واآلي ة بع د‬
‫اإليحاء بالقي م الحقيقي ة ف ي ميزان هللا تعال ى وبع د أ ن اس تجاشت شعور األخوة ‪ ،‬ب ل شعور‬
‫االندماج ف ي نف س واحدة ‪ ،‬تس تثير معن ى اإليمان ‪ ،‬وتحذر المؤمني ن م ن فقدان هذا الوص ف‬
‫الكري م ‪ ،‬والفس وق واالنحراف ف ي الس خرية واللم ز والتناب ز فه و شي ء يشب ه االرتداد ع ن‬
‫اإليمان ‪ ،‬وتهدد باعتبار هذا ظلما ً ‪ ،‬وبذلك تضع‬
‫‪ ‬قواعد األدب النفسي لذلك المجتمع الفاضل الكريم ‪.‬‬
‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬
‫‪327‬‬
‫‪ ‬رابعا ً ‪ :‬ما يرشد إليه النص ‪:‬‬
‫‪ ‬أ‪ -‬نهت هذه اآلية الكريمة عن االس تهزاء باآلخرين بقصد احتقارهم والتقليل من شأنهم‬
‫والضحك منهم ‪ ،‬ولالستهزاء صور متعددة منها ‪-:‬‬
‫‪ * ‬قال مجاهد ‪ :‬هو سخرية الغني من الفقير ‪ ،‬أو سخرية الرجل لمرض أصابه ‪ ،‬أو لعاهة‬
‫في جسمه ‪ ،‬أو لصفة خلقية في بدنه ‪ ،‬كالقصر ونحوه ‪ ،‬أو لعيب في لسانه ‪ ،‬أو ل َوقَ ر في‬
‫أذني ه ‪ ،‬أ و لعم ش ف ي عيني ه ‪ ،‬وق د يس خر م ن اإلنس ان بس بب نس به ‪ ،‬أ و قريت ه وبلده ‪...‬‬
‫وصيغة النهي في هذه اآلية تفيد التحريم‬
‫‪ ‬وقد جاءت نصوص من السنة المطهرة تؤكد هذه الحرمة ‪ ،‬يقول الرسول ‪" : r‬ال تحاسدوا‬
‫وال تباغضوا وال تدـابروا ‪ ...‬المسـلم أخـو المسـلم ال يظلمـه وال يخذلـه وال يحقره ‪ ،‬التقوى‬
‫هاهنـا ‪ ،‬ويشيـر إلـى صـدره ثالث مرات ‪ ،‬بحسـب امريـء مـن الشـر أـن يحقـر أخاه المسـلم ‪،‬‬
‫كل المسلم على المسلم حرام ‪ :‬دمه وماله وعرضه" () ‪.‬‬
‫‪ ‬فالحدي ث دلي ل واض ح عل ى حرم ة احتقار المس لم ألخي ه المس لم ‪ ،‬وحرم ة عرض المس لم‬
‫عل ى أخي ه المس لم ‪ ،‬وه و ذم ه واإلس اءة إلي ه ‪ ،‬والحرام كم ا ه و معلوم م ا طل ب الشارع‬
‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫طلبا ً جازما ً ‪.‬‬ ‫الحكيم‪PM‬عنه‬
‫‪07:02‬‬ ‫‪3/10/23‬‬
‫‪328‬‬
‫‪  ‬وروي ع ن الرس ول ‪ r‬ف ي حج ة الوداع قال ‪" :‬إن دماءكـم وأموالكـم وأعراضكـم حرام عليكـم‬
‫كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ‪ ،‬أال هل بلغت } رواه أحمد‬
‫‪  ‬ومن صور السخرية ما يكون بالكالم وقد يكون بالرأس وقد يكون باإلشارة كأن يعرج الساخر‬
‫مث ل األعرج ليضح ك الناس من ه ‪ ،‬أ و يعي د كالم المتحدث مس تخفا ً أ و قاص داً إضحاك الحضور‬
‫علي ه لتهوي ل شأن ه ‪ ،‬والس خرية باإلشارة كأ ن يشي ر المس تهزيء بيده إل ى قص ر رج ل أ و امرأ ة‬
‫استصغاراً لشأنه ‪ ،‬واحتقاراً له ‪ ،‬وحرم اإلسالم السخرية من اآلخرين سواء كان الساخر رجالً‬
‫‪ ‬أو امرأة ‪ ،‬وسواء كان المستهزأ به رجالً أو امرأة (رواه أحمد) ‪.‬‬
‫‪ ‬ب‪ ‬نه ت اآلي ة ع ن لم ز اآلخري ن ع ن طري ق إعاب ة المؤمني ن ‪ :‬أل ن الخطاب له م ‪ ،‬فالنه ي يفي د‬
‫التحريم ‪ ،‬ومن صور اللمز ‪ :‬اإلشارة والحركة والعين واللسان واليد والرجل ‪ ،‬ويقصد منه تحقير‬
‫شأ ن الملموز ‪ ،‬وعلى هذا فهو نوع من السخرية ألن العلة واحدة في األمرين وهي االستصغار‬
‫واالحتقار ‪ ،‬ومما يجدر ذكره أن األلقاب المحرمة هي التي يسيء بها المؤمن إلى أخيه المؤمن ‪،‬‬
‫وأما األلقاب الحسنة فهي من السنة ‪ ،‬فقد لقب الرسول ‪ r‬عمر بالفاروق ‪ ،‬وأبي بكر بالصديق () ‪.‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬


‫‪329‬‬
‫‪‬ج‪ -‬ذمت اآلية الكريمة الذين ينادون إخوانهم المؤمنين باأللقاب السيئة ‪ ،‬واعتبر‬
‫هذا التصرف القولي منهم فسوقا ً ‪ ،‬أي خروجا ً عن طاعة هللا تعالى وحكمه ‪،‬‬
‫ومتناقضا ً مع اإليمان الذي شرح هللا تعالى صدورهم له ‪ ،‬ونور قلوبهم به ‪ ،‬قال‬
‫ان‪ ‬التحريم ‪ 8‬ومن األلقاب السيئة أن‬ ‫ق بَ ْع َد اِإل ي َم ِ‬‫سو ُ‬ ‫س ُم ا ْلفُ ُ‬‫ْئس اال ْ‬ ‫تعالى ‪ :‬بِ َ‬
‫يُسمى الرجل كافراً أو زانيا ً بعد إسالمه وتوبته‪.‬‬
‫‪‬د‪ -‬وإذا كانت السخرية من اآلخرين وإعابة المؤمنين والتنابز باأللقاب آفات‬
‫مهلكات ‪ ،‬فيجب على من ارتكبها أن يبادر فوراً إلى التوبة ‪ ،‬والتوبة النصوح ‪:‬‬
‫هي التوبة الخالصة المقبولة عن هللا تعالى وتكون بالكف واإلقالع عن المعاصي ‪،‬‬
‫وهي هنا في اآلية السخرية واللمز والتنابز باأللقاب ‪ ،‬والندم على ما حدث‬
‫واالستغفار من ذلك ‪ ،‬والعزم على أال يعود إليها ‪ ،‬وال يقع فيها () ‪ ،‬قال تعالى ‪:‬‬
‫صوحا ً‪ ‬وقال تعالى ‪( :‬فَ َمنْ تَ َ‬
‫اب ِمنْ‬ ‫ين آ َمنُوا تُوبُوا ِإلَى هَّللا ِ تَ ْوبَةً نَ ُ‬ ‫‪‬يَا َأيُّ َها الَّ ِذ َ‬
‫وب َعلَ ْي ِه‪‬‬ ‫صلَ َح فَِإ َّن هَّللا َ يَتُ ُ‬ ‫بَ ْع ِد ظُ ْل ِم ِه َوَأ ْ‬
‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬
‫‪330‬‬

‫‪‬الجوانب البالغية‪:‬‬
‫‪‬أ‪ -‬افتتحت هذه اآلية بإعادة النداء بقوله تعالى ‪ :‬يَـا َأ ُّي َهـا الَّ ِذي َنـ‬
‫آ َمنُوا‪ ‬لالهتمام بالغرض فيكون مستقالً غير تابع لما سبق ‪.‬‬
‫‪‬ب‪ -‬التنكير في قوله تعالى ‪  :‬قَ ْو ٌمـ ِم ْنـ قَ ْو ٍمـ‪ ‬إلفادة الشياع ‪،‬‬
‫لئال يتوهم أن المنهي قوم معنيون سخروا من قوم معنيين ‪.‬‬
‫سـ َخ ْرـ) إل ى (قَ ْوم ٌـ) دون أ ن‬ ‫‪‬ج‪ -‬أس ـند القرآ ن الكريـم الفعـل (يَ ْ‬
‫يقول ال يس خر بعضك م م ن بع ض كم ا قال ‪َ  :‬وال يَ ْغتَ ْبـ بَ ْع ُ‬
‫ض ُكم ْـ‬
‫بَ ْعضا ً‪ ‬للنه ي عم ا كان شـائعا ً عن د العرب م ن س خرية القبائ ل‬
‫بعضه ا م ن بع ض ‪ ،‬فوج ه النه ي إل ى األقوام ‪ ،‬ولهذا أيضا ً ل م يق ل‬
‫رجل من رجل ‪ ،‬وال امرأة من امرأة‬
‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬
‫‪331‬‬

‫سى َأنْ يَ ُكونُوا َخ ْيراً ِم ْن ُه ْم‪ ‬تعليل للنهي أو لموجبه‬ ‫‪‬د‪ -‬في قوله تعالى ‪َ  :‬ع َ‬
‫أي عسى أن يكون المسخور منه خيراً عند هللا تعالى من الساخرين ‪ ،‬فرب‬
‫أشعث أغبر لو أقسـم على هللا تعالى ألبره وقال ابن عاشور ‪ :‬هذه الجملة تفيد‬
‫المبالغة في النهي عن السخرية‬
‫سا ٍء‪ ‬خص النساء بالذكر ألن‬ ‫‪‬هـ‪ -‬في قوله تعالى ‪َ  :‬وال نِ َ‬
‫سا ٌء ِمنْ نِ َ‬
‫السخرية منهن أكثر وهذا من باب عطف الخاص على العام اهتماما ً بذلك‬
‫الخاص ‪ ،‬ألن السخرية في الغالب تشيع عند النساء أكثر من الرجال ونبه‬
‫القرآن الكريم إلى هذا على سبيل الزجر والتشديد على النساء اللواتي يسخرن‬
‫من أخواتهن المؤمنات‬

‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬


‫‪332‬‬
‫من أخواتهن المؤمنات () ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫س ُك ْم‪ ‬بصيغة الفعل المضارع الواقع من جانب واحد ‪ ،‬أي ال يلمز بعضكم بعضا ً () وقال القرطبي ‪:‬ال يلعن بعضكم بعضا ً ‪ ،‬وفي قوله ‪َ‬أ ْنفُ َ‬
‫س ُك ْم‪ ‬تنبيه على أن‬ ‫و‪ -‬في قوله تعالى ‪َ  :‬وال تَ ْل ِم ُزوا َأ ْنفُ َ‬ ‫‪‬‬
‫العاقل ال يعيب نفسه فال ينبغي أن يعيب غيره ‪ ،‬ألنه كنفسه وفي هذا المعنى قال ‪" : r‬المؤمنون كجسد واحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" ‪.‬‬
‫()‬ ‫()‬

‫قال الشاعر ‪:‬‬ ‫‪‬‬


‫ال تكشفن مساويء الناس ما ستروا‬ ‫‪‬‬

‫‪  ‬‬
‫‪ ‬فيهتك هللا ستراً عن مساويكا‬

‫‪ ‬واذكر محاسن ما فيهم إذا ذكروا‬

‫‪  ‬‬
‫()‬
‫‪ ‬وال تعب أحداً منهم بما فيكا‬

‫قال ‪" : r‬من عيَّر مؤمنا ً بذنب تاب منه كان حقا ً على هللا أن يبتليه ويفضحه في الدنيا واآلخرة" () ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ب‪ ‬بصيغـة الفعل الواقع من جانبين ‪ ،‬أي ال يُعيِّر الرجل بعد إسالمه بكفره ‪ ،‬أو أن ينادي بعض المسلمين بعضا ً بأسماء أو ألقاب سيئة مكروهة ينفر منها‬ ‫ز‪ -‬في قولـه تعالى ‪َ  :‬وال تَنَابَزُوا بِاَأل ْلقَا ِ‬ ‫‪‬‬
‫كل من نودي بها ‪ ،‬وهذا المعنى يشعر بالرد المتبادل بين المتنابزين () ‪.‬‬
‫() في ظالل سورة األخالق – ص ‪. 84‬‬ ‫‪‬‬
‫() التحرير والتنوير – ج‪ 14‬ص ‪. 248‬‬ ‫‪‬‬
‫() تفسير القرطبي – ج‪ 14‬ص ‪. 329‬‬ ‫‪‬‬
‫() صحيح البخاري – كتاب األدب ‪ ، 37‬صحيح مسلم – كتاب البر ‪. 66‬‬ ‫‪‬‬
‫() تفسير القرطبي – ج‪ 14‬ص ‪. 329‬‬ ‫‪‬‬
‫() سنن الدارمي – كتاب الرقاق ‪. 48‬‬ ‫‪‬‬
‫() تفسير الفخر الرازي – ج‪ 28‬ص ‪. 133‬‬ ‫‪‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬


‫‪333‬‬
‫انـ‪ ‬اس تقباح الجم ع بي ن اإليمان‬
‫ق بَ ْع َد اِإل ي َم ِ‬‫سـو ُ‬ ‫االسـ ُم ا ْلفُ ُ‬
‫ْئسـ ْ‬ ‫‪ ‬ح‪ -‬ف ي قول ه تعال ى ‪  :‬بِ َ‬
‫وبي ن الفس ق الذي يأباه اإليمان ويحظره وقال ال بيضاوي ‪:‬والمراد ب ه تهجي ن نس بة الكف ر‬
‫والفسوق على المؤمنين‪ ،‬والداللة على أن التنابز فسق‪ ،‬والجمع بينه وبين اإليمان مستقبح‬
‫سـم) هنا من الرشاقة بمكان ؛ ألن السياق تحذير من ذكر‬ ‫‪ ‬قال ابن عاشور ‪ :‬وإيثار لفظ (اال ْ‬
‫االس ـم) للفس وق مشاكل ه‬
‫الناس باإلس اءة الذميم ة ‪ ،‬إ ذ األلقاب أس ماء ‪ ،‬فكان اختيار لف ظ ( ْ‬
‫معنوية ‪ ،‬أي بئس الذكر أن يذكر أحد بالفسوق بعد اإليمان‪.‬‬
‫‪ ‬وفي قولـه تعالى ‪ :‬بَ ْع َد اِإل ي َما ِنـ‪ ‬فيه معنى البعدية تساوي بعد اإلتصاف باإليمان ‪ ،‬أي‬
‫أ ن اإليمان ال يناس به الفس وق ‪ ،‬أل ن المعاص ي م ن شأ ن أه ل الشرك الذي ن ال يزعه م ع ن‬
‫الفسوق وازع‬
‫ونـ‪ ‬أ ي م ن ل م يت ب ع ن هذه‬‫‪ ‬ط‪ -‬ف ي قول ه تعال ى ‪َ  :‬و َم ْنـ لَ ْمـ يَتُ ْبـ فَُأولَِئ َكـ ُه ُمـ الظَّالِ ُم َ‬
‫ونـ‪ ‬أس لوب قص ر ‪ ،‬أ ي ‪ :‬هؤالء‬ ‫األلقاب الذي يتأذى منه ا الس امعون ‪ ‬فَُأولَِئ َكـ ُه ُمـ الظَّالِ ُم َ‬
‫ظالمون ألنفس هم بارتكاب هذه المعاص ي ‪ ،‬وتوس يط اس ـم اإلشارة (هـم) ألج ل قَص ر الظل م‬
‫عليهم ‪ ،‬ألجل ما ذكروا من األوصاف‬
‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬
‫تحريم الغيبة والتجسس‬
‫‪334‬‬
‫‪ ‬‬ ‫‪‬‬
‫سوا َوال يَ ْغت َْب‬ ‫ض الظَّنِّ ِإ ْث ٌم َوال ت ََج َّ‬
‫س ُ‬ ‫اجتَنِبُوا َكثِيراً ِم َن الظَّنِّ ِإنَّ بَ ْع َ‬ ‫ين آ َمنُوا ْ‬ ‫وتمثل ذلك في قوله تعالى ‪ :‬يَا َأيُّ َها الَّ ِذ َ‬ ‫‪‬‬
‫اب َر ِحي ٌم‪ ‬اآلية ‪12‬‬ ‫ض ُك ْم بَ ْعضا ً َأيُ ِح ُّب َأ َح ُد ُك ْم َأنْ يَْأ ُك َل لَ ْح َم َأ ِخي ِه َم ْيتا ً فَ َك ِر ْهتُ ُموهُ َواتَّقُوا هَّللا َ ِإنَّ هَّللا َ تَ َّو ٌ‬
‫بَ ْع ُ‬
‫اجتنبوا ‪ :‬أي ابتعدوا ‪ ،‬وذلك أبلغ من قولهم اتركوه‬ ‫‪‬‬
‫الظن ‪ :‬الظن ينقسم إلى قسمين ‪-:‬‬ ‫‪‬‬
‫الظن المحرم ‪ :‬هو ظن السوء بأهل الخير والصالح واألمانة والتقوى ومن عُرف عنهم الستر ‪ ،‬كاتهامهم وتخوينهم‬ ‫‪‬‬
‫ورميهم بالسوء والفحشاء ‪.‬‬
‫الظن غير المحرم ‪ :‬هو ظن السوء بأهل الكفر والغش والضالل والفجور مما عرفوا بذلك واشتهروا به ‪ ،‬فجاهروا‬ ‫‪‬‬
‫بالخبائث التي ارتكبوها كدخول الحانات والخروج منها ‪ ،‬وشرب الخمر ‪ ،‬وسائر دروب الريب والشبهات التي ُأمر كل‬
‫مسلم أن يتجنبها‬
‫إثم ‪ :‬اإلثم الذنب ‪ ،‬وقيل هو أن يعمل ما ال يحل له‬ ‫‪‬‬
‫وال تجسسوا ‪ :‬وقريء (وال تحسسوا) بالحاء ‪ ،‬واختلف هل هما بمعنى واحد أو بمعنيين ؟ قال األخفش ‪ :‬ليس تبعد‬ ‫‪‬‬
‫أحدهما عن األخرى ‪ ،‬ألن التجسس البحث عما يكتم عنك ‪ ،‬والتحسس (بالحاء) طلب األخبار والبحث عنها ‪ ،‬ومنه قيل‬
‫‪ :‬رجل جاسوس ‪ ،‬إذا كان يبحث عن األمرو (وبالحاء) هو ما أدركه اإلنسان ببعض حواسه ‪ ،‬وقول ثان في الفرق ‪ :‬إنه‬
‫ف َوَأ ِخي ِه‪( ‬وبالجيم) أن يكون رسوالً لغيره ‪ ،‬يقال ‪:‬‬ ‫س َ‬‫سوا ِمنْ يُو ُ‬ ‫س ُ‬ ‫(بالحاء) لنفسه ‪ ،‬قال تعالى ‪ :‬يَابَنِ َّي ْاذ َهبُوا فَت ََح َّ‬
‫جسست األخبار وتحسستها أي تفحصت عنها ومنه الجاسوس () ‪.‬‬
‫يغتب ‪ :‬من الغيبة ‪ ،‬الذكر بالعيب في ظهر الغيب وهي من االغتياب () ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬
‫‪335‬‬
‫‪ ‬ثانيا ً ‪ :‬سبب النزول ‪:‬‬
‫‪ ‬قال القرطبي ‪ :‬قيل ‪ :‬إنها نزلت في رجلين من أصحاب النبي ‪ r‬اغتابا رفيقهما ‪ ،‬وذلك أن‬
‫النبي ‪ r‬كان إذا سافر ضم الرجل المحتاج على الرجلين الموسرين فيخدمهما ‪ ،‬فضم سلمان‬
‫إل ى رجلي ن ‪ ،‬فتقدم س لمان إل ى المنزل فغلبت ه عيناه فنام ول م يهيي ء لهم ا شيئا ً ‪ ،‬فجاء ا فل م‬
‫يجدا طعاما ً وإداما ً ‪ ،‬فقاال ل ه ‪ :‬انطل ق فاطل ب لن ا م ن الن بي ‪ r‬طعاما ً وإداما ً ‪ ،‬فذه ب فقال ل ه‬
‫النبي ‪ : r‬اذهب إلى أسامة بن زيد فقل له ‪ :‬إن كان عندك فضل من طعام فليعطك ‪ ،‬وكان‬
‫أسامة خازن النبي ‪ r‬فذهب إليه ‪ ،‬فقال أسامة ‪ :‬ما عندي شيء ‪ ،‬فرجع إليهما فأخبرهما ‪،‬‬
‫فقاال ‪ :‬ق د كان عنده ولكن ه بخ ل ‪ ،‬ث م بعث ا س لمان إل ى طائف ة م ن الص حابة فل م يج د عنده م‬
‫شيئا ً ‪ ،‬فقاال ‪ :‬لو بعثنا سلمان إلى بئر سميحة (بئر قديمة بالمدينة) لغار ماؤها ‪ ،‬ثم انطلقا‬
‫يتجس سان ه ل عن د أس امة شي ء فرآهم ا الن بي ‪ r‬فقال ‪" :‬مــا لــي أرى خضرة اللحــم فــي‬
‫أفواهكمـا" فقاال ‪ :‬يا نبي هللا ‪ ،‬وهللا ما أكلنا في يومنا هذا لحما ً وال غيره ‪ ،‬فقال ‪" :‬ولكنكمـا‬
‫ظللتما تأكالن لحم سلمان وأسامة" فنزلت اآلية ‪.‬‬
‫‪ ‬وقال الثعلبي ‪ :‬أي ال تظنوا بأهل الخير سوءاً إن كنتم تعلمون من ظاهر أمرهم الخير () ‪.‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬


‫‪336‬‬
‫‪ ‬المعنى اإلجمالي لآلية ‪:‬‬
‫ضـ الظَّ ِّـن ِإ ْثمٌـ‪ ‬في هذا‬ ‫‪ ‬قوله تعالى ‪ :‬يَـا َأ ُّي َهـا الَّ ِذي َنـ آ َمنُوا ْ‬
‫اجتَنِبُوا َكثِيراً ِم َنـ الظَّ ِّـن ِإ َّـن بَ ْع َ‬
‫الن ص أم ر باجتناب كثي ر م ن الظ ن ‪ ،‬بحي ث ال يترك الناس ألنفس هم مجاالً للتأث ر بك ل م ا‬
‫يدور فيه ا م ن هواج س حول اآلخري ن م ن ظنون وشبهات وشكوك ‪ ،‬وهذا األم ر معل ل‬
‫ضـ الظَّ ِّـن ِإ ْث ٌمـ‪ ‬وما دام النبي منصب على أكثر الظن ‪ ،‬والقاعدة أن‬ ‫بقوله تعالى ‪ِ  :‬إ َّـن بَ ْع َ‬
‫بعض الظن إثم ‪ ،‬فإن إيحاء هذا التعبير للضمير هو اجتناب الظن السيء أص الً ‪ ،‬ألنه ال‬
‫يدري أ ي ظنون ه تكون إثما ً ‪ ،‬بهذا يطه ر القرآ ن الكري م الضمي ر م ن داخل ه ‪ ،‬لئال يتلوث‬
‫ُكن إلخوانه المودة‬ ‫بالظن السيء فيقع باإلثم ‪ ،‬ويدعه نقيا ً بريئا ً من الهواجس والشكوك ‪ ،‬ي ُّ‬
‫التي ال يخدشها ظن السوء ‪ ،‬والبراءة التي ال تلوثها الريب والشكوك ‪ ،‬والطمأنينة التي ال‬
‫خال من الظنون ‪ ،‬فهذا النص الكريم‬ ‫يعكرها القلق والتوقع ‪ ،‬وما أروع الحياة في مجتمع ٍ‬
‫يقيم مبدأ التعامل الشريف سياجا ً حول حقوق الناس ‪ ،‬الذين يعيشون في مجتمعه النظيف ‪،‬‬
‫فال يؤخذون بظنه ‪ ،‬وال يحاكمون بريبة ‪ ،‬وال يصبح الظن أساسا ً لمحاكمتهم ‪ ،‬بل ال يصح‬
‫أن يكون أساسا ً للتحقيق معهم وال للتحقيق حولهم () والرسول ‪ r‬يقول ‪" :‬إياكـم والظـن فإن‬
‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬
‫‪.‬‬ ‫()‬
‫الحديث"‬ ‫الظن أكذب‬
‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬
‫‪337‬‬

‫‪ * ‬وذكر القرطبي ‪ :‬قال علماؤنـا ‪ :‬الظن هنـا التهمـة ‪ ،‬ومحل التحذيـر والنهـي إنما هي تهمـة ال‬
‫سبب لها يوجبها ‪ ،‬كمن يتهم بالفاحشة أو بشرب الخمر ولم يظهر عليه ما يقتضي ذلك ‪ ،‬ودليل كون‬
‫سوا‪ ‬وذلك أنه قد يقع له خاطر التهمة ابتـداء‬‫س ُ‬‫الظن هنا بمعنى التهمة ‪ ،‬قوله تعالى ‪َ  :‬وال تَ َج َّ‬
‫ويريد أن يتجسس خبر ذلك ويبحث عنه () وفي هذا المعنى قـال الرسـول ‪" : r‬إن هللا حرم من‬
‫المسلم دمه وعرضه وأن يُظن به ظن السوء" () ‪.‬‬
‫سوا‪ ‬إن للناس حرياتهم وحرمانهم من كرامتهم التي ال يجوز أن‬ ‫س ُ‬‫‪ ‬وفي قوله تعالى ‪َ  :‬وال تَ َج َّ‬
‫تنتهك بأي صورة من الصور ‪ ،‬وال أن تمس بحال من األحوال ‪ ،‬ففي المجتمع اإلسـالمي الرفيع‬
‫يعيش الناس آمنين على بيوتهم ‪ ،‬آمنين على أسرارهم ‪ ،‬آمنين على عوراتهم ‪ ،‬وال يوجد مبرر مهما‬
‫يكن النتهاك حرمات األنفس والبيوت واألسرار والعورات ‪ ،‬فالناس على ظواهرهم ‪ ،‬وليس ألحد‬
‫أن يتعقب بواطنهم ‪ ،‬وليس ألحد أن يأخذهم إال بما ظهر منهم من مخالفات وجرائم () ‪.‬‬
‫‪ )( ‬تفسير القرطبي – ج‪ 16‬ص ‪331‬‬
‫‪ )( ‬مختصر صحيح مسلم – ج‪ 2‬ص ‪ ، 237‬ح ‪. 1803‬‬
‫‪ )( ‬في ظالل القرآن – ج‪ 6‬ص ‪. 3346‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬


‫‪338‬‬

‫‪ ‬قال القرطبـي ‪ :‬خـذوا ما ظهر وال تتبعوا عورات المسلمين ‪ ،‬أي ال يبحث أحدكم عن‬
‫عيب أخيه حتى يطلع عليه بعد أن ستره هللا () ‪.‬‬
‫‪ ‬وفي هذا المعنى روى أبو داود عن معاوية قال ‪ :‬سمعت رسول هللا ‪ r‬يقول ‪" :‬إنك إن‬
‫اتبعت عورات الناس أفسدتهم أو كدت أن تفسدهم" () ‪.‬‬
‫‪ ‬وقال النبي ‪" : r‬إن األمير إذا ابتغى الريبة في الناس أفسدهم" () ‪ ،‬وقال ‪" : r‬يا معشر‬
‫من آمن بلسانه ولم يدخل اإليمان قلبه ‪ ،‬ال تغتابوا المسلمين ‪ ،‬وال تتبعوا عوراتهم ‪،‬‬
‫فإن من اتبع عوراتهم يتبع هللا عورته ‪ ،‬ومن يتبع هللا عورته يفضحه في بيته" () ‪.‬‬
‫‪ )( ‬تفسير القرطبي – ج‪ 16‬ص ‪. 333‬‬
‫‪ )( ‬سنن أبي داود – ج‪ 2‬ص ‪. 570‬‬
‫‪ )( ‬سنن أبي داود – ج‪ 2‬ص ‪. 570‬‬
‫‪ )( ‬سنن أبي داود – ج‪ 2‬ص ‪. 568‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬


‫‪339‬‬

‫ض ُك ْم بَ ْعضا ً‪ ‬نهى عز وجل عن الغيبة وهي ‪ :‬أن‬ ‫‪ *‬قوله تعالى ‪َ  :‬وال يَ ْغتَ ْب بَ ْع ُ‬
‫تذكر الرجل بما فيه ‪ ،‬فإن ذكرته بما ليس فيه فهو البهتان () وقد روي عن النبي ‪: r‬‬
‫هللا ورسوله أعلم ‪ ،‬قال ‪" : r‬ذكرك أخاك بما يكره" قيل‬ ‫"أتدرون ما الغيبة ؟" قالـوا ‪:‬‬
‫‪ :‬أفرأيت إن كـان فـي أخـي ما أقول ؟ قال ‪" :‬إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته ‪ ،‬وإن‬
‫لم يكن فيه فقد بهته" () ‪.‬‬
‫‪* ‬قال الحسن ‪ :‬الغيبة ثالثـة أوجـه كلهـا في كتاب هللا تعالى ‪ :‬الغيبـة واإلفـك‬
‫والبهتـان ‪ ،‬فأما الغيبـة فهـو أن تقول في أخيك ما هو فيه ‪ ،‬وأما اإلفـك فأن تقول فيـه‬
‫ما بلغك عنه ‪ ،‬وأما البهتان فأن تقول فيه ما ليس فيه () ‪.‬‬
‫‪ )(‬تفسير القرطبي – ج‪ 16‬ص ‪ ، 334‬تفسير أبي السعود – ج‪ 8‬ص ‪. 122‬‬
‫‪ )(‬صحيح مسلم بشرح النووي – ج‪ 16‬ص ‪. 122‬‬
‫‪ )(‬تفسير القرطبي – ج‪ 16‬ص ‪. 335‬‬
‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬
‫‪340‬‬

‫‪ *‬وفي قوله تعالى ‪( :‬فكرهتموه) وجهان ‪-:‬‬


‫‪‬أحدهما ‪ :‬فكرهتم أكل الميت فكذلك فاكرهوا الغيبة ‪.‬‬
‫‪‬الثاني ‪ :‬فكرهتم أن يغتابكم الناس فاكرهوا غيبة الناس () ‪.‬‬
‫اب َر ِحي ٌم‪ ‬فاتقوا هللا أيها الناس ‪ ،‬فخافوا‬ ‫‪ *‬قوله تعالى ‪َ  :‬واتَّقـُوا هَّللا َ ِإنَّ هَّللا َ تَ َّو ٌ‬
‫عقوبته بانتهائكم عما نهاكم عنه من ظن أحدكم بأخيه المؤمن ظن السوء ‪ ،‬وتتبع‬
‫عوراته ‪ ،‬والتجسس عما ستره من أمره ‪ ،‬واغتيابه بما يكرهه ‪ ،‬تريدون به شينه‬
‫وعيبه وغير ذلك من األمور التي نهاكم عنها ربكم ‪ِ‬إنَّ هَّللا َ تَ َّو ٌ‬
‫اب َر ِحي ٌم‪ ‬إن هللا‬
‫راجع لعبده إلى ما يحبه إذا رجع العبد لربه إلى ما يحبه منه ‪ ،‬رحيم به بأن ال يعاقبه‬
‫على ذنب أذنبه بعد توبته منه () ‪.‬‬
‫‪ )(‬تفسير الطبري – ج‪ 16‬ص ‪. 340‬‬
‫‪ )(‬جامع البيان – للطبري – ج‪ 3‬ص ‪. 138‬‬
‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬
‫‪341‬‬

‫‪ ‬خامسا ً ‪ :‬ما يرشد إليه النص ‪:‬‬


‫‪ ‬اشتمل هذا النص الكريم على جملة من اآلداب واألخالق اإلسالمية التي لو رُوعيت في‬
‫المجتم اإلسالمي ألصبحت األمة قوية منها ‪-:‬‬
‫‪ ‬أ‪ -‬أمرت اآلية الكريمة باجتناب كثير من الظن حتى ال يقع المؤمن في القليل من المحرم ‪،‬‬
‫ض الظَّنِّ ِإ ْث ٌم ‪ ‬وإنما حرم قليل الظن ألنه مبني على الكذب‬‫الذي يستوجب العقوبة ‪ِ‬إنَّ بَ ْع َ‬
‫والنفاق واإلساءة إلى المؤمنين ‪ ،‬وقد أمرت الشريعة بحسن الظن بالمسلمين ‪ ،‬قال الرسول ‪: r‬‬
‫"حسن الظن من حسن العبادة" () ‪.‬‬
‫‪ ‬روى عبد هللا بن عمر – رضي هللا عنهما – قال ‪ :‬رأيت رسول هللا ‪ r‬يطوف بالكعبة ويقول ‪:‬‬
‫"ما أطيبك وأطيب ريحك ‪ ،‬وما أعظمك وأعظم حرمتك ‪ ،‬والذي نفس محمد بيده لحرمة‬
‫المؤمن أعظم عند هللا حرمة منك ‪ ،‬ماله ودمه وعرضه ‪ ،‬وأن نظن به إال خيراً" () ‪.‬‬
‫‪ )( ‬سنن أبي داود – ج‪ 2‬ص ‪. 549‬‬
‫‪ )( ‬سنن ابن ماجة – ج‪ 2‬ص ‪ ، 1279‬ح ‪. 3932‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬


‫‪342‬‬

‫‪ ‬ج‪ -‬نهت اآلية الكريمة عن الغيبة وحرمتها ‪ ،‬قال الرسول ‪" : r‬إن من أكبر الكبائر استطالة‬
‫المرء في عرض رجل مسلم بغير حق" () ‪.‬‬
‫‪ ‬وعن أبي بكرة – رضي هللا عنه – قال ‪ :‬بينما أنا أماشي رسول هللا ‪ r‬وهو آخذ بيدي ‪ ،‬ورجل‬
‫عن يساري ‪ ،‬فإذا نحن بقبرين أمامنا ‪ ،‬فقال رسول هللا ‪" : r‬إنهما ليعذبان وما يعذبان في‬
‫كبير ‪ ،‬وبكى إلى أن قال ‪ :‬وما يعذبان إال في الغيبة والبول" () ‪.‬‬
‫‪ ‬وعن أنس بن مالك – رضي هللا عنه – قال ‪ :‬قال رسول هللا ‪" : r‬لما ُعرج بي مررت بقوم‬
‫لهم أظافر من نحاس ‪ ،‬يخمشون وجوههم وصدروهم ‪ ،‬فقلت ‪ :‬ومن هؤالء يا جبريل ؟ قال ‪:‬‬
‫هؤالء الذين يأكلون لحم الناس ‪ ،‬ويقعون في أعراضهم" () ‪.‬‬
‫‪ )( ‬سنن أبي داود – ج‪ 2‬ص ‪. 567‬‬
‫‪ )( ‬سنن أبي داود – ج‪ 2‬ص ‪. 568‬‬
‫‪ )( ‬صحيـح البخـاري – كتـاب التفسـير – سـورة ‪ ، 108‬صحيـح مسـلم – كتاب اإليمان ‪259‬‬
‫‪.‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬


‫‪343‬‬

‫‪ ‬عن أبي هريرة – رضي هللا عنه – أن ماعزاً جاء إلى رسول هللا ‪ r‬فقال ‪" :‬يا رسول هللا إني‬
‫زنيت ‪ ،‬فأعرض عنه حتى قالها أربعا ً ‪ ،‬فلما كانت الخامسة قال ‪ : r‬زنيت ؟ قال ‪ :‬نعم ‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫أتيت منها حراما ً ما يأتي الرجل من امرأته حالالً ‪ ،‬قال ‪ : r‬ما تريد‬ ‫ُ‬ ‫وتدري ما الزنا ؟ قال ‪ :‬نعم ‪،‬‬
‫خلت ذلك منك في ذلك منها كما‬ ‫إلى هذا القول ؟ قال ‪ :‬أريد أن تطهرني ‪ ،‬قال ‪ :‬فقال رسول هللا ‪ : r‬أ ْد َ‬
‫يغيب الميل في المكحلة والرشا في البئر ؟ قال ‪ :‬نعم يا رسول هللا ‪ ،‬قال ‪ :‬فأمر برجمه ‪ ،‬فرُجم ‪،‬‬
‫فسمع النبي ‪ r‬رجلين يقول أحدهما لصاحبه ‪ :‬ألم تر إلى هذا الذي ستر هللا عليه فلم تر نفسه حتى‬
‫رجم الكلب ؟ ثم سار النبي ‪ r‬حتى مر بجيفة حمار ‪ ،‬فقال ‪ :‬أين فالن وفالن ؟ انزال فكال من جيفة‬
‫هذا الحمار ‪ ،‬قاال ‪ :‬غفر هللا لك يا رسول هللا ‪ ،‬وهل يؤكل هذا ؟! قال ‪ : r‬فما نلتما من أخيكما آنفا ً‬
‫أشد أكالً منه ‪ ،‬والذي نفسي بيده إنه اآلن لفي أنهار الجنة ينغمس فيها" () ‪.‬‬
‫‪ ‬د‪ -‬قال القرطبي ‪ :‬إن الغيبة من الكبائر وأن من اغتاب أحداً عليه أن يتوب إلى هللا عز وجل () ‪.‬‬
‫‪ )( ‬تفسير القرطبي – ج‪ 16‬ص ‪. 337‬‬

‫‪ )( ‬تفسير ابن كثير – ج‪ 6‬ص ‪. 385-384‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬


‫‪344‬‬

‫‪‬هـ‪ -‬األعذار المرخصة في الغيبة ‪ :‬أجاز العلماء الغيبة في مواضع منها ‪-:‬‬
‫‪‬األول ‪ :‬التظلم ‪ :‬مثل قول المظلوم للقاضي ‪ :‬يستعين به على أخذ حقه ممن ظلمه ‪،‬‬
‫فالن ظلمني أو غصبني أو خانني أو ضربني أو قذفني أو أساء إل ّي بغيبة ‪ ،‬وعلماء‬
‫األمة على ذلك مجمعون ‪ ،‬قال النبي ‪" : r‬لصاحب الحق مقال" وقال ‪" :‬مطل الغني‬
‫ظلم" () ‪.‬‬
‫‪‬الثاني ‪ :‬االستفتاء ‪ :‬كقول هند للرسول ‪" : r‬إن أبا سفيان رجل شحيح ال يعطيني ما‬
‫يكفيني أنا وولدي فآخذ من غير علمه ؟ فقال النبي ‪ : r‬نعم فخذي ‪ ،‬فذكرته بالشح‬
‫والظلم لها ولولدها ‪ ،‬ولم يرها مغتابة ‪ ،‬ألنه لم يغير عليها ‪ ،‬بل أجابها – عليه‬
‫الصالة والسالم – بالفتيا لها () ‪.‬‬
‫‪ )(‬تفسير القرطبي – ج‪ 16‬ص ‪. 339‬‬
‫‪ )(‬تفسير القرطبي – ج‪ 16‬ص ‪. 339‬‬
‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬
‫‪345‬‬

‫‪ ‬الثالث ‪ :‬االستعانة على تغيير المنكر ‪ :‬كأن يقول الرجل لإلمام أو صاحب الشأن أو لمن‬
‫يستطيع تغيير المنكر ‪ :‬فالن يفعل المنكر ‪ ،‬ويشرب الخمر ‪ ،‬وما شابه ذلك ‪ ،‬فازجره ‪.‬‬
‫‪ ‬الرابع ‪ :‬تحذير المسلمين من الشر ونصيحتهم ‪ :‬وخاصة في األمور التي تهم الناس‬
‫كاالستشارة في الزواج ‪ ،‬وإيداع األمانة ‪ ،‬فله أن يذكر ما يعرفه على قصد النصيحة‬
‫للمستشير ال على قصد الوقيعة ‪ ،‬فإن علم أنه يترك التزويج بمجرد قوله ال تصلح لك ‪ ،‬فهو‬
‫الواجب وفيه الكفاية ‪ ،‬وإن علم أنه ال ينزجر إال بالتصريح بعيبه فله أن يصرح به ‪ ،‬قال‬
‫الرسول ‪" : r‬أترعون عن ذكر الفاجر ‪ ،‬اهتكوه حتى يعرفه الناس ‪ ،‬اذكروه بما فيه حتى‬
‫يحذره الناس" () وكانوا يقولون ‪ :‬ثالثة ال غيبة لهم ‪ :‬اإلمام الجائر ‪ ،‬والمبتدع ‪ ،‬والمجاهر‬
‫بفسقه ‪ ،‬وكذلك يجوز جرح المجروحين من الرواة بعد التحقق ‪ ،‬وما قاله علماء الجرح‬
‫والتعديل عنهم () ‪.‬‬
‫‪ )( ‬المقاصد الحسنة للسخاوي – ح ‪ ، 1921‬كشف الخفاء – ج‪ 1‬ص ‪. 114‬‬
‫‪ )( ‬في ظالل سورة األخالق – أبي فارس – ص ‪. 120‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬


‫‪346‬‬

‫‪‬الخامس ‪ :‬المجاهر بالفسق ‪ :‬كالمخنث وصاحب الماخور ‪ ،‬والمجاهر بشرب‬


‫الخمر ‪ ،‬وكان ممن يتظاهر به ‪ ،‬بحيث ال يستنكف من أن يذكر له وال يكره أن‬
‫يذكر به ‪ ،‬فإذا ذكرت فيه ما يتظاهر به ‪ ،‬فال إثم عليك ‪ ،‬قال رسول هللا ‪" : r‬من‬
‫ألقى جلباب الحياء عن وجهه فال غيبة له" () ‪.‬‬
‫‪‬السادس ‪ :‬أن يكون اإلنسان معروفا ً بلقب يعرب عن عيبه ‪ :‬كاألعرج واألعمش‬
‫‪ ،‬فال إثم على من يذكره به ‪ ،‬فقد فعل العلماء ذلك لضرورة التعريف ‪ ،‬وذلك ألن‬
‫هذا األمر قد صار بحيث ال يكرهه صاحبه لو علمه بعد أن صار مشهوراً به ‪،‬‬
‫أما إن ذكر ذلك على سبيل االنتقاص من شخصه فال يجوز ذكر ذلك () ‪.‬‬
‫‪ )(‬تفسير القرطبي – ج‪ 16‬ص ‪. 339‬‬
‫‪ )(‬المرجع السابق – ج‪ 16‬ص ‪. 340‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬


‫‪347‬‬

‫‪‬سادسا ً ‪ :‬بواعث الغيبة () ‪:‬‬


‫‪‬لو تأملنا بواعث الغيبة عند المغتابين لوجدناها تدل على أمراض عندهم ومن هذه‬
‫البواعث ‪-:‬‬
‫‪ -1‬إشفاء الغيظ عند المغتاب ‪ :‬إن الرجل إذا غضب من آخر دفعته نفسه إلى‬
‫االنتقام منه ‪ ،‬وذلك بذكر مساوئه ‪.‬‬
‫‪ -2‬موافقة األقران ومجاملة الرفقاء ومساعدتهم على الكالم ‪ :‬فقد يغضب هذا‬
‫الرجل لغضبهم ويغتاب من يغتابونه فيقع في الغيبة ‪ ،‬أو قد يرى أقرانه يقعون في‬
‫غيبة شخص فال ينكر عليهم ‪ ،‬ويشاركهم في الغيبة حفاظا ً على أمراء السوء ‪.‬‬
‫‪ )(‬انظر البواعث مفصلة في كتاب إحياء علوم الدين – الغزالي – ج‪ 3‬ص‬
‫‪. 146‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬


‫‪348‬‬

‫‪ -3‬إرادة التصنع والمباهاة والعجب بالنفس ‪ :‬فقد يصيب الغرور المغتاب‬


‫ويتصور أنه عالم وأعلم من غيره ‪ ،‬فيدفعه ذلك أن يصف غيره بالجهل ‪.‬‬
‫‪ -4‬الحسد ‪ :‬فقد يسمع أناسا ً يكثرون من الثناء على رجل بالعلم أو الكرم أو‬
‫حسن الخلق فيغتاظ من ثنائهم عليه ‪ ،‬ويحرص على أن يزيل ما في أذهانهـم‬
‫من تزكيـة له ‪ ،‬فيدفعه الحسد إلى الكالم ليثبت نقيض ما ُعرف عنه ‪.‬‬
‫‪ -5‬إشغال وقت الفراغ بالهزل والضحك ‪ :‬فيذكر عيوب غيره بما يضحك‬
‫الناس على سبيل المحاكاة ‪.‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬


‫‪349‬‬

‫‪ ‬سابعا ً ‪ :‬لفتات بيانية ‪:‬‬


‫‪ -1 ‬التنكير في قولـه تعالى ‪َ  :‬كثِيراً ِم َن الظَّنِّ ‪ ‬والسر فيه إفادة معنى البعضية لإلذن بأن ما في الظنون ما يجب‬
‫أن يُجتنب من غير تبيين لذلك وال تعيين ‪ ،‬لئال يجتريء أحد على ظن إال بعد تأمل وبعد نظر وتمحيص واستشعار‬
‫للتقوى والحذر من أن يكون الظن طائش السهم بعيداً عن اإلصابة ‪ ،‬وما أكثر الذين تسول لهم ظنونهم ما ليس‬
‫واقعا ً ‪ ،‬وال يستند إلى شيء من اليقين () ‪.‬‬
‫‪ -2 ‬االستعـارة التمثيليـة في قوله تعالى ‪َ :‬أيُ ِح ُّب َأ َح ُد ُك ْم َأنْ يَْأ ُك َل لَ ْح َم َأ ِخي ِه‬
‫َم ْيتا ً فَ َك ِر ْهتُ ُموه‪ ‬فقد شبه من يغتاب غيره بمن يأكل لحم أخيه ميتا ً ‪ ،‬وفيها من المبالغات ما يلي ‪-:‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ ‬أ‪ -‬االستفهام الذي معناه التقرير ‪ ،‬كأنه أمر مفروغ منه مبتوت فيه ‪.‬‬
‫‪ ‬ب‪ -‬جعل ما هو الغاية من الكراهة موصوالً بالمحبة ‪.‬‬
‫‪ ‬ج‪ -‬إسناد الفعل إلى كل أحد لإلشعار بأن أحداً ال يحب ذلك لنفسه وال لغيره‪.‬‬
‫‪ ‬د‪ -‬إنه لم يقتصر على تمثيل االغتياب بأكل لحم اإلنسان وهو أكره اللحوم وأبعثها على التقزز ‪ ،‬بل جعله أخا ً له ‪.‬‬
‫‪ ‬هـ‪ -‬إنه لم يقتصر على أكل لحم األخ حتى جعله ميتا ً () ‪.‬‬
‫‪ )( ‬إعراب القرآن وبيانه – محي الدين الدرويش – ج‪ 9‬ص ‪. 275-274‬‬
‫‪ )( ‬إعراب القرآن وبيانه – محي الدين الدرويش – ج‪ 9‬ص ‪. 275 ، 274‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬


‫‪350‬‬

‫‪ -3 ‬قولـه تعالى ‪ :‬فَ َك ِر ْهتُ ُموه‪ ‬معناه فقد كرهتموه ‪ ،‬واستقر ذلك ‪ ،‬وفيه معنى الشرط ‪ ،‬أي إن‬
‫صح هذا فكرهتموه () ‪.‬‬
‫‪ -4 ‬الترتيب (عالقة الغيبة بالتجسس وسوء الظن) إن مما يلفت النظر أن اآلية الكريمة التي نعيش‬
‫في ظاللها نهت عن سوء الظن والتجسس والغيبة ‪ ،‬فبدأت بتحريم سوء الظن ‪ ،‬وانتهت بتحريم‬
‫الغيبة ‪ ،‬وتوسطت بتحريم التجسس ‪ ،‬فهل هناك عالقة بين األمور الثالثة ؟‬
‫‪ ‬إن المتأمل ألحوال الناس الذين يقعون في هذه اآلفات المهلكات ‪ ،‬يجد أن ترابطا ً بين الظن والتجسس‬
‫والغيبة ‪ ،‬بل إن كل أمر يسلم إلى الذي يليه في الغالب ‪ ،‬فإذا ظن أحد باآلخر ظنا ً سيئا ً ‪ ،‬أخذ يبحث‬
‫عنه ويريد أن يتحقق منه ‪ ،‬وهذا هو التجسس الذي نهت عنه اآلية ‪ ،‬وهو البحث عن عيوب الناس ‪،‬‬
‫فإذا تحقق ظنه السيء بعد بحثه السيء بوجود العيب الذي كان يبحث عنـه ‪ ،‬أخـذ يذكره للناس وهذه‬
‫هي الغيبة ‪ ،‬فسوء الظن يؤدي إلى التجسس‬
‫‪ ‬الذي يؤدي إلى الغيبة () ‪.‬‬
‫‪ )( ‬الكشاف – الزمخشري – ج‪ 4‬ص ‪. 373‬‬
‫‪ )( ‬في ظالل سورة األخالق – ألبي فارس ‪. 124‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬


‫‪351‬‬

‫‪ ‬المقطع السادس ‪ :‬المـيزان الحقيقي للتفاضل بين البشر‬


‫‪ ‬‬
‫ارفُوا ِإنَّ‬ ‫اس ِإنَّا َخلَ ْقنَا ُك ْم ِمنْ َذ َك ٍر َوُأ ْنثَى َو َج َع ْلنَا ُك ْم ُ‬
‫ش ُعوبا ً َوقَبَاِئ َل لِتَ َع َ‬ ‫‪ ‬يتمثل ذلك في قوله تعالى ‪ :‬يَا َأ ُّي َها النَّ ُ‬
‫َأ ْك َر َم ُك ْم ِع ْن َد هَّللا ِ َأ ْتقَا ُك ْم ِإنَّ هَّللا َ َعلِي ٌم َخبِي ٌر‪ ‬اآلية ‪. 13‬‬
‫‪ ‬أوالً ‪ :‬التحليل اللغوي ‪:‬‬
‫‪ ‬الناس ‪ :‬قيل ‪ :‬أصله ُأناس ‪ ،‬وقيل أصله من ناس ينوس إذا اضطرب ‪ ،‬ونُست اإلبل إذا سقتها ‪ ،‬والمقصود‬
‫بالناس من وجد فيه معنى اإلنسانية ‪ ،‬ولم يقصد اإلنسان عينا ً واحداً ‪ ،‬بل قصد المعنى ‪ ،‬أي من وجد فيه معنى‬
‫اإلنسانية ‪ ،‬أي إنسان كان () ‪.‬‬
‫‪ ‬شعوبا ً ‪ :‬يعني قبائل ‪ ،‬والشعب أكبر من القبيلة ‪ ،‬ثم الفصيلة ثم العمارة ثم البطن ثم الفخذ ‪ ،‬وهـذه الطبقات على‬
‫ترتيب خلق اإلنسان ‪ ،‬فالشعب أعظمها () ‪.‬‬
‫‪ ‬قبائل ‪ :‬وهي الجماعة المجتمعة التي يقبل بعضها على بعض () ‪.‬‬
‫‪ )( ‬المفردات – األصفهاني – ص ‪. 509‬‬
‫‪ )( ‬لسان العرب – البن منظور – ج‪ 3‬ص ‪. 2270‬‬
‫‪ )( ‬المفردات – األصفهاني – ص ‪. 292‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬


‫‪352‬‬

‫‪‬ثانيا ً ‪ :‬عالقة هذه اآلية بما سبق ‪:‬‬


‫‪‬بعد هذه النداءات المتكررة للذين آمنوا وأخذهم على ذلك األفق السامي‬
‫الوضيء من اآلداب النفسية واالجتماعية ‪ ،‬وإقامة تلك السياجات القوية من‬
‫الضمانات حول كرامتهم وحرمتهم وحرماتهم ‪ ،‬وضمان هذا كله بتلك‬
‫الحساسية التي يثيرها في أرواحهم بالتطلع إلى هللا تعالى وتقواه ‪ ،‬بعد هذه‬
‫المدارج إلى ذلك األفق السامق ‪ ،‬يهتف باإلنسانية جميعها على اختالف‬
‫أجناسها وألوانها ليردها إلى أصل واحد ‪ ،‬وإلى ميزان واحد ‪ ،‬هو الذي تقوم‬
‫به تلك الجماعة المختارة الصاعدة إلى ذلك األفق المشرق () ‪.‬‬
‫‪ )(‬في ظالل القرآن – سيد قطب – ج‪ 4‬ص ‪. 3348‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬


‫‪353‬‬

‫‪ ‬ثالثا ً ‪ :‬سبب النزول ‪:‬‬


‫‪ ‬جاء في سبب النزول عدة روايات منها () ‪:‬‬
‫‪ ‬أ‪ -‬قال ابن عباس – رضي هللا عنهما – نزلت في ثابت بن قيس ‪ ،‬وقوله في الرجل الذي لم يفتح له‬
‫ابن فالنة ‪ ،‬فقال ‪ r‬من الذاكر فالنة ؟ فقام ثابت فقال ‪ :‬أنا يا رسـول هللا ‪ ،‬فقال ‪ :‬أنظر في وجوه القوم‬
‫‪ ،‬فنظر فقال ‪ :‬ما رأيت يا ثابت ؟ فقال ‪ :‬رأيت أبيض وأحمر وأسود ‪ ،‬قال ‪ :‬فإنك ال تفضلهم إال في‬
‫الدين والتقوى ‪ ،‬فأنزل هللا تعالى هذه اآلية ‪.‬‬
‫‪ ‬ب‪ -‬قال مقاتل ‪ :‬لما كان يوم فتح مكة أمر رسول هللا ‪ r‬بالالً حتى ّأذن على ظهر الكعبة ‪ ،‬فقال‬
‫عتّاب بن ُأسيد بن أبي العيص ‪ :‬الحمد هلل الذي قبض أبي حتى لم ير هذا اليوم ‪ ،‬وقال الحارث بن‬
‫هشام ‪ :‬أما وجد محمد غير هذا الغراب األسود مؤذنا ً ؟ وقال سهيل بن عمرو ‪ :‬إن يرد هللا شيئا ً‬
‫يغيره ‪ ،‬وقال أبو سفيان ‪ :‬إني ال أقول شيئا ً أخاف أن يخبر به رب السماء ‪ ،‬فأتى جبريل عليه السالم‬
‫النبي ‪ r‬وأخبره بما قالوا ‪ ،‬فدعاهم وسألهم عما قالوا فأقروا ‪ ،‬فأنزل هللا تعالى هذه اآلية ‪ ،‬وزجرهم‬
‫عن التفاخر باألنساب والتكاثر باألموال واالزدراء بالفقراء ‪.‬‬
‫‪ )( ‬أسباب النزول – الواحدي – ص ‪. 265 ، 264‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬


‫‪354‬‬

‫‪ ‬رابعا ً ‪ :‬المعنى اإلجمالي لآلية ‪:‬‬


‫اس ِإنَّا َخلَ ْقنَا ُك ْم ِمنْ َذ َك ٍر َوُأ ْنثَى‪ ‬من آدم وحواء – عليهما السالم –‬
‫‪ ‬قولـه تعالى ‪:‬يَا َأيُّ َها النَّ ُ‬
‫فالكل سواء في ذلك فال وجه للتفاخر بالنسب () ‪.‬‬
‫‪ ‬وقال الطبري ‪ :‬يا أيها الناس إنا أنشأنا خلقكم من ماء َذ ٍ‬
‫كر من الرجال وماء أنثى من النساء () ‪.‬‬
‫‪ ‬وقال أبو السعود ‪ :‬هذا الوصف الكريم تأكيد للنهي السابق بتقرير األخوة المانعة من االغتياب () ‪.‬‬
‫ش ُعوبا ً َوقَبَاِئ َل لِتَ َعا َرفُوا‪ ‬تذكر هذه اآلية الغاية من وجود الشعوب‬ ‫‪ ‬قولـه تعالى ‪َ  :‬و َج َع ْلنَا ُك ْم ُ‬
‫والقبائل وهي ليعرف بعضكم بعضا ً ‪ ،‬فتصلوا األرحام ‪ ،‬وتبينوا األنساب والتوارث ‪ ،‬ال‬
‫لتصارعوا وتتقاتلوا وإنما لتتعارفوا وتتآلفوا () ‪.‬‬
‫‪ )( ‬روح المعاني – األلوسي – ج‪ 26‬ص ‪. 161‬‬
‫‪ )( ‬تفسير القرطبي – ج‪ 13‬ص ‪. 138‬‬
‫‪ )( ‬تفسير أبي السعود – ج‪ 6‬ص ‪. 123‬‬
‫‪ )( ‬تفسير روح المعاني – ج‪ 26‬ص ‪. 162‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬


‫‪355‬‬

‫‪ ‬قوله تعالى ‪ِ :‬إنَّ َأ ْك َر َم ُك ْم ِع ْن َد هَّللا ِ َأ ْتقَا ُك ْم‪ ‬قرر هذا النص الكريم أن أكرم الخلق عند هللا تعالى‬
‫أتقاهم ‪ ،‬فهذا النص تعليل للنهي عن التفاخر باألنساب ‪ ،‬كأنه قيل إن األكرم عنده تعالى هو األتقى ‪،‬‬
‫فإن فاخرتم ففاخروا بالتقوى () ‪.‬‬
‫‪ ‬قـال الطبـري ‪ :‬إن أكرمكـم أيهـا الناس عنـد ربكـم أشدكم اتقاء له بأداء فرائضه واجتناب معاصيه ‪،‬‬
‫ال ألعظمكم بيتـا ً وال ألكثركـم عشيرة () ‪.‬‬
‫‪ ‬وأكدت السنة النبوية هذا المقياس ‪ ،‬وأدب الرسول ‪ r‬على أن يغير مقاييس الناس التي كانت سائدة‬
‫في مجتمعاتهم الجاهلية ‪ ،‬ويتفاضلون بها كالمال والجاه والسلطان ‪ ،‬فصاحب المال أفضل ‪،‬‬
‫وصاحب الجاه أفهم ‪ ،‬وصاحب السلطان أعرف ‪ ،‬وكان الغني يأنف أن يلتقي الفقير ‪ ،‬ويترفع عن‬
‫الجلوس معه () وذكر القرآن الكريم حادثة تدل على ذلك وهو قوله تعالى ‪َ  :‬وال تَ ْط ُر ِد الَّ ِذ َ‬
‫يـن‬
‫ُون َو ْج َههُ‪ ‬سورة األنعام اآلية ‪. 52‬‬ ‫ون َربَّهـ ُ ْم بِا ْلغـ َ َدا ِة َوا ْل َع ِ‬
‫ش ِّي يُ ِريد َ‬ ‫يَدْعـ ُ َ‬
‫‪ )( ‬تفسير أبي السعود – ج‪ 6‬ص ‪. 123‬‬
‫‪ )( ‬تفسير الطبري – ج‪ 13‬ص ‪. 140‬‬
‫‪ )( ‬في ظالل سورة الحجرات – ألبي فارس – ص ‪. 131‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬


‫‪356‬‬

‫‪ ‬وجاء في صحيح البخاري عن سهل – رضي هللا عنه – قال ‪ :‬مر رجل على رسول هللا ‪ r‬فقال ‪ :‬ما تقولون في‬
‫هذا ؟ قالوا ‪ :‬حريٌّ إن خطب أن يُنكح ‪ ،‬وإن شفع أن يشفع ‪ ،‬وإن قال ‪ :‬أن يُسمع ‪ ،‬فمر رجل من فقراء المسلمين‬
‫فقال ‪ : r‬ما تقولون في هذا ؟ قالوا ‪ :‬حري إن خطب أال ينكح ‪ ،‬وإذا شفع أال يشفع ‪ ،‬وإن قال أال يسمع ‪ ،‬فقال ‪: r‬‬
‫"هذا خير من ملء األرض مثل هذا" () ‪.‬‬
‫‪ ‬وقال رسول هللا ‪" : r‬ال فضل لعربي على أعجمي وال ألعجمي على عربي ‪ ،‬وال ألسود على أحمر ‪ ،‬وال ألحمر‬
‫على أسود إال بالتقوى ‪ ،‬إن أكرمكم عند هللا أتقاكم" () ‪.‬‬
‫‪ ‬وقال ‪" : r‬كلكم بنو آدم ‪ ،‬وآدم خلق من تراب ‪ ،‬ولينتهين قوم يفخرون بآبائهم أو ليكونن أهون على هللا من‬
‫الجعالن" () ‪.‬‬
‫‪ * ‬قوله تعالى ‪ِ :‬إنَّ هَّللا َ َعلِي ٌم َخ ِبي ٌر‪ ‬إن هللا أيها الناس ذو علم بأتقاكم عند هللا ‪ ،‬وأكرمكم عنده ‪ ،‬ذو خبرة بكم‬
‫ولمصالحكم ‪ ،‬وغير ذلك من أموركم ال تخفى عليه خافية () ‪.‬‬
‫‪ )( ‬صحيح البخاري – ج‪ 1‬ص ‪. 9‬‬
‫‪ )( ‬سنن البيهقي – ج‪ 2‬ص ‪. 220‬‬
‫‪ )( ‬مسند البزار – ج‪ 4‬ص ‪. 140‬‬
‫‪ )( ‬تفسير الطبري – ج‪ 3‬ص ‪. 141‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬


‫‪357‬‬

‫‪ ‬خامسا ً ‪ :‬ما ترشد إليه اآلية الكريمة ‪:‬‬


‫‪ ‬أ‪ -‬قررت اآلية أن الناس جميعا ً على اختالف ألوانهم وأجناسهم وبلدانهم ولغاتهـم ولهجاتهم قد خلقوا من آدم‬
‫ق ِم ْن َها‬‫اح َد ٍة َو َخلَ َ‬
‫سـ َو ِ‬ ‫وحواء – عليهما السالم – يقول تعالى ‪ :‬يَا َأ ُّي َها النَّ ُ‬
‫اس اتَّقُوا َربَّ ُك ُم الَّ ِذي َخلَقَ ُك ْم ِمنْ نَ ْف ٍ‬
‫سا ًء َواتَّقُوا هَّللا َ‪ )( ‬وقال الرسول ‪" : r‬كلكم آلدم وآدم من تراب" () ‪.‬‬ ‫ث ِم ْن ُه َما ِر َجاالً َكثِيراً َونِ َ‬
‫َز ْو َج َها َوبَ َّ‬
‫‪ ‬ب‪ -‬دلت هذه اآلية على وحدة األصل اإلنساني لجميع البشر ‪ ،‬وذلك يدل على أنهم خلقوا متساوين في‬
‫الحقوق والواجبات العامة من حيث التكاليف ومتساوين أمام العدل اإللهي ‪ ،‬فال تفرقة بين حاكم ومحكوم‬
‫وغني وفقير فالكل أمام الشرع سواسية كأسنان المشط ‪.‬‬
‫‪ ‬ج‪ -‬بينت اآلية الغرض من وجود الشعوب والقبائل وهو التعارف والمصاهرة والتكاثر ‪ ،‬وليس القتال‬
‫والتصارع والغيبة وغير ذلك ‪.‬‬
‫‪ ‬د ‪ -‬وضعت اآلية الكريمة الميزان الحقيقي للتفاضل بين الناس ‪ ،‬وهو ميزان التقـوى وليس غيره من‬
‫الموازين األرضية كالجاه والسلطان والغنى وغير ذلك ‪.‬‬
‫‪ )( ‬سورة النساء – اآلية ‪. 1‬‬
‫‪ )( ‬الجامع الصغير – ج ص ‪. 158‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬


‫‪358‬‬

‫‪ ‬سادسا ً ‪ :‬البالغة في النص ‪:‬‬


‫اس‪ ‬خطاب للمؤمن والكافر () ‪.‬‬ ‫‪ ‬أ‪ -‬في قوله تعالى ‪ :‬يَا َأ ُّي َها النَّ ُ‬
‫‪ ‬ب‪ -‬في قوله تعالى ‪ِ  :‬منْ َذ َك ٍر َوُأ ْنثَى‪ ‬من لالبتداء () ‪.‬‬
‫ارفُوا‪ ‬هذه الجملة علة لما سبق ‪ ،‬وحكمته من هذا الجعل أن يتعارف الناس‬ ‫‪ ‬ج‪ -‬في قوله تعالى ‪ :‬لِتَ َع َ‬
‫أي يعرف بعضهم بعضاً () ‪.‬‬
‫‪ ‬د‪ -‬يقول تعالى ‪ِ :‬إنَّ هَّللا َ َعلِي ٌم َخبِي ٌر‪ ‬تعليل لمضمون ‪ِ‬إنَّ َأ ْك َر َم ُك ْم ِع ْن َد هَّللا ِ َأ ْتقَا ُك ْم‪. )( ‬‬
‫‪ ‬هـ‪ -‬قوله تعالى ‪ِ:‬إنَّ هَّللا َ َعلِي ٌم َخبِي ٌر‪ ‬تذييل وهو كناية عن األمر بتزكية نواياه في معامالتهم وما‬
‫يريدون من التقوى بأن هللا يعلم ما في نفوسهم ويحاسبهم عليه () ‪.‬‬
‫‪ )( ‬التحرير والتنوير – البن عاشور – ج‪ 12‬ص ‪. 258‬‬
‫‪ )( ‬التحرير والتنوير – البن عاشور – ج‪ 12‬ص ‪. 258‬‬
‫‪ )( ‬التحرير والتنوير – البن عاشور – ج‪ 12‬ص ‪. 259‬‬
‫‪ )( ‬المرجع السابق – ج‪ 12‬ص ‪. 261‬‬
‫‪ )( ‬المرجع السابق – ج‪ 12‬ص ‪. 263‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬


‫‪359‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬


‫‪360‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬


‫‪361‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬


‫‪362‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬


‫‪363‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬


‫‪364‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬


‫‪365‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬


‫‪366‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬


‫‪367‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬


‫‪368‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬


‫‪369‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬


‫‪370‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬


‫‪371‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬


‫‪372‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬


‫‪373‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬


‫‪374‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬


‫‪375‬‬

‫إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة‬ ‫‪07:02 PM 3/10/23‬‬

You might also like