Professional Documents
Culture Documents
دراسات في القرآن وعلومه 2021
دراسات في القرآن وعلومه 2021
1
ثانيا ً :تعريـف القرآـن اصـطالحا ً:هـو كالم هللاـ المعجـز المنزـل علـى
النــبي محمــد بواســطة جبرـيــل ،المتعبـــد بتالوتــه المنقول إلينــا
بطريق التواتر المكتوب في المصاحف المبدوء.
الدكتور زهدي محمد أبو نعمة 07:00 PM 3/10/23
أوال :نزول القرآن
3
أو ًال :معنى نزول القرآن لغة :يطلق اإلنزال على معنيين -:
س*م ِ
اء َّ ال *نَ -1 الهبوط م*ن عل*و :يقال :نزل فالن م*ن الجب*ل ،وقال تعال*ىَ أ ْن َز َل* ِ
م
َ
ها { ..الرعد}17: سالَ ْت َْأوِد َي ٌة ِبقَ َد ِرَ
اء فَ َ
َم ً
ب
حل* بها .ومن**ه قول**ه تعال**ىَ :وُق ْل * َر ِّ *
-2 الحلول :يقـال ( :نزل فالن بالمدين**ة) َّ
ين{ المؤمنون.}29: َأ ْن ِزْل ِني ُم ْن َزالً ُم َب َاركاً َوَأ ْن َت َخ ْي ُر ا ْل ُم ْن ِزِل َ
وكال المعنيي*ن ُيشعران بالمكاني*ة والجس*مية فال يلي*ق بالقرآ*ن أل*ن القرآ*ن ه*و كالم اهلل* وه*و
صفة هلل تعالى وقد ذهب العلماء إلى أن إنزال القرآن فيها توجيهان :
أ -أن يقصد من إنزال القرآن إنزال حامله وهو الروح األمين جبريل عليه السالم
ب -أن يقصد منه إنزال الزمه وهو اإلعالم بمعنى إنزال القرآن على النبي إعالمه به.
واختي*ر لف*ظ اإلنزال ل*بيان شرف هذا القرآ*ن وعل*و منزلت*ه قال تعال*ى َ وِبا ْل َحقِّ* َأ ْن َزْل َناهُ*
َوِبا ْل َح ِّ
ق َن َز َل .
اس* وب ِّين*ـ ٍ
ات ِ َّ
لن آن* ُهدى* ِ
ل ُ ر ق
ُ ل
ْ ا *هان* الَِّذي ُأْن ِز َل* ِفي* ِ َ ض
َ مر ر ه ش
َ : *ى ل تعا *
ل قا - 1
َ َ َ ً ْ ُ ََ ْ
ان. ِم َن ا ْلهـَُدى َوا ْلفُْرقَ ِ
-2وقال تعالى ِ :إ َّنا َأ ْن* َزْل َناهُ ِفي لَ ْي*لَ ِة ا ْلقَ ْد ِر.
-3قال تعالى ِ :إ َّن*ا َأ ْن َزْل َناهُ ِفي لَ ْي َل ٍة ُم َب َارَك ٍة.
ال تعارض بي*ن هذه اآليات الثالث ،فالليل*ة المب*ارك*ة ه*ي ليل*ة القدر م*ن
شه**ر رمضان ؛ إو نم**ا ي*تعارض ظاه**ر هذه اآلي*ات م**ع الواق**ع العمل**ي ف**ي حي*اة
رسو*ل اهلل حيث نزل القرآن في نيف وعشرين* سنة*.
والرأي الراجح هو مذهب عبد اهلل ابن عباس وعليه جمهور العلماء * :
أ**ن المراد بنزول القرآ**ن ف**ي تل**ك اآليات الثالث نزول**ه جمل**ة واحدة إل**ى
بي*ت العزة ف*ي الس*ماء الدني*ا ث*م نزل بع*د ذل*ك منجماً مفرقاً عل*ى الرس*ول
في نيف وعشرين سنة .
الدكتور زهدي محمد أبو نعمة 07:00 PM 3/10/23
أدلة هذا الرأي
5
األدلـة علـى نزول القرآـن جملـة واحدة إلـى السـماء الدنيـا ثـم
نزوله مفرقا على قلب الرـسول في ثالث وعشرين سنة :
1عنابنعباسرضيهللا عنهما ق ا :ل "أـنزلاــلقرآـنجـملـة واـحدة إلى
ســـماء اــلدنيـا لــيلـة اــلقــدر ثـــمـ أـنزلبــعــد ذلـكفـــيعشريـنســـنة"
ـىم ْك ٍث َونَ َّز ْلنَاهـُ اهـ لِـتَ ْق َرـَأ ُهـ َعلَـىاــلنَّ ِ
اس َعلَ ُ ث م ق رأ َ :وقُ ْرآـناً َفـــ َر ْقـنَ ُ
َتــ ْن ِزي ً
ال { اــإلسراء }106
2وع ن اب ن عباس رضــي هللاــ عنهمــا قال " :فصــل القرـآــن مــن الذكــر
فوضـع فـي بيـت العزة مـن السـماء الدنيـا فجعـل جبريـل ينزـل بـه علـى
النبي ” رواه الحاكم والنسائي
الحكمـة الرابعـة :تفضيـل القرآـن الكريـم علـى غيره مـن الكتـب السـماوية :
لقـد جمـع هللاـ لـه النزوليـن :النزول جملـة واحدة ،والنزول
مفرقا ً وبذلـك شارك الكتـب السـماوية فـي األولـى ،وانفرد فـي
الفضـل بالثانيـة ،وهذا يعود بالتفضيـل لنبينـا محمـد علـى
سـائر إخوانـه مـن األنـبياء – عليهـم السـالم – وإن هللا جمـع لـه
مـن الخصـائص مـا لغيره ،وزاد عليهـا ،وكذلـك تفخيـم لشأـن
هذه األمــة التــي أنزل عليهــا القرآـن الكريـم بأنهــا خيــر أمــة
أخرجت للناس.
1معرفـة المكـي والمدنـي يسـاعد علـىـ تمييـز الناسـخ مـن المنسـوخ فيمـا
لــو وردت آيتان متعارضتان وإحداهمــا مكيــة واألخرى مدنيــة ،فإننــا نحكــم بنســخ
المدنية للمكية لتأخرها عنها .
2معرفـة المكـي والمدنـي يعيـن علـى معرفـة تاريـخ التشريـع ،والوقوف
علـى سـنة هللاـ الحكيمـة فـي تشريعـه ،وهـي التدرج فـي التشريعات بتقديـم
األصــول علــى الفروع واإلجمـــال فــي التفصــيـل ،وبذلـــك يترتــب عليــه
اإليمان بسمو السياسة اإلسالمية في تربية الشعوب واألفراد .
3معرفـة المكـي والمدنـي يزيـد الثقـة بهذا القرآـن العظيـم ،وبوصـوله
إلينـا سـالما ً مـن التغييـر والتحريـف ،ويدل علـى ذلـك اهتمام المسـلمين بهذا
العلـم عـن طريـق تناقلهـم لهـم ومـا نزل مـن قبـل الهجرة وبعدهـا فـي السـفر
الدكتور زهدي محمد أبو نعمة
وفي الليل وـالنهار والحضر
07:00 PM 3/10/23
من {فوائد معرفةـ المـكي والمدني}
22
4معرفـة المكـي والمدنـي يسـاعد علـى تفسـير القرآـن الكريـم ،فإن معرفـة
مكان النزول وزمنه يعين على فهم وتفسير القرآن العظيم .
5معرفـة المكـي والمدنـي يفيدنـا فـي معرفـة أحداث السـيرة النبويـة مـن خالل
متابعــة أحوال النــبي وموقــف المشركيــن مــن دعوتــه فــي العصــر المكــي
والعصـر المدنـي ،والوقوف علـى الغزوات التـي غزاهـا الرسـول كغزوة بدر
وأحد وبني قريظة والفتح وحنين وغير ذلك .
6معرفـة المكـي والمدنـي يعيـن علـى تذوق أسـاليب القرآـن المتنوعـة فـي
خطابـه لخصـومه واالسـتفادة منهـا فـي الدعوة إلـى هللاـ ،فمخاطبـة الكفار يحتاج
إلى األسلوب الخطابي في العهد المكي عن طريق التركيز على إثبات وجود هللا
والبعث والعقيدة ،ومخاطبة أهل الكتاب والمنافقين يحتاج إلى أسلوب الخطابة
فـي العهـد المدنـي عـن طرق مناقشتهـم فـي عقيدتهـم المنحرفـة وبيان التحريـف
الدكتور زهدي محمد أبو نعمة كتبهم .
07:00 في
PM 3/10/23
الناسخ والمنسوخ
23
أوالُ :معنى النسخ في اللغة :جاء النسخ على معان ثالثة هي -:
الكتابـ) إذا نقلـت مـا فيـه إلـى َ -1النقـل والكتابـة :ومثالـه قولنـا ( :نسـختُ
)
نـ( الجاثيـة 29 س ُخ َمـا ُك ْنتُ ْمـ تَ ْع َملُو َ سـتَ ْن ِ
غيره ,بدليـل قولـه تعالـى ِ :إنَّـا ُكنَّـا نَ ْ
أي ننسخ ونكتب ما نقله الحفظة من أعمالكم.
ـخ الحكــم الشرعــي بحكــم آخــر)، -2التبديــل والتغيــر :تقول العرب ( :نُسـ َ
ان آيَ ٍة ( النحل . )101 والدليل على ذلك قوله تعالى َ وِإ َذا بَ َّد ْلنَا آيَةً َم َك َ
الشمسـ الظ َّلـ ) أزالتـه ،ويؤيـد ُ -3الرفـع واإلزالـة :تقول العرب (:نسـختْ
سـ َها نَْأ ِ
تـ ِب َخ ْي ٍر ِم ْن َهـا َأ ْو ِم ْثلِ َهـا سـ ْخ ِم ْنـ آيَ ٍةـ َأ ْو نُ ْن ِذلـك قولـه تعالـى َ :مـا نَ ْن َ
(البقرة . ) 106
-1 مراعاة مصــالح الناس :فحينمــا ينســخ الحكــم الذـي ال يصــلح اســتمرار العمــل بــه
ويُسـتبدل بحكـم آخـر صـالح يُحقـق مصـلحة أبناء المجتمـع اإلسـالمي فهذا برهانـ قاطـع علـى
أن هللا سبحانه وتعالى يريد الخير للناس وما ينفعهم في هذه الحياة .
-2 تطور التشريـع ووصـله إلـى مرحلـة الكمال :يعلـم هللاـ بمـا يتحملـه الناس فـي كـل مرحلـة
مـن مراحـل حياتهـم فكان ينزل مـن اآليات مـا يتناسـب مـع نفوسـهم وحياتهـم مثال ذلـك
التدرج في تحريم الخمر.
-3ابتالء المكلـف واختباره باالمتثال ألمـر هللاـ أـو عدمـه ،فالمؤمـن يقول سـمعا ً
وطاعـة لمـا جاء مـن عنـد هللاـ سـواء كان النسـخ مـن الخفيـف إلـى الثقيـل أـو العكـس وال
يجادل بـل يلتزم ويعمـل بالحكـم األخيـر وبذلـك يكون لـه األجـر علـى الطاعـة بعكـس اإلنسـان
الغير مؤمن فقد يجادل ويقع في الضـالل .
-4إرادة الخيـر ألبناء المجتمـع والتيسـير عليهـم :إذا كانـ النسـخ مـن الخفيـف إلـى
الثقيـل فإن فيـه زيادة فـي الثواب واألجـر عنـد هللاـ وإن كان مـن الثقيـل علـى الخفيـف ففيـه
الدكتور زهدي محمد أبو نعمة
واليسر باألمة . السهولة
07:00 PM 3/10/23
جمع القرآن الكريم
30
أوال :جمع القرآن في عهد الرسول : يطلق جمع القرآن ويراد به معنيين -:
1جـمعـ اــلقرآـن :بــمعنىحـفظهـ فـــياــلصدور :
عنـي الرسـول بالقرآـن عنايـة شديدة ،فقـد كان القرآـن ينزل علـى النـبي
ويحفظه ويبلغه للناس.
ومـن شدة حرص الرسـولعلـى حفـظ القرآـن كان يحرك لســانه بالقــرآن
سـانَ َك لِتَ ْع َج َلـ ِب ِهـ ِإ َّـن َعلَ ْينَـا َج ْم َعهـُ
عنــد نزولـه ،يقول تعالـى :ال تُ َح ِّر ْكـ ِب ِهـ ِل َ
علَ ْينَا بَيَانَه{ القيامة .}19-17 َوقُ ْرآنَهُ فَِإ َذا قَ َرْأنَاهُ فَاتَّبِ ْع قُ ْرآنَهُ ثُ َّم ِإنَّ َ
وكانيعارض جبري*ل بالقرآ*ن الكري*م مرة ف*ي شه*ر رمضان م*ن ك*ل عام ،
فلما كان العام الذي قبض فيه عارضه به مرتين
أم*ا الص*حابة الكرام فق*د اشت*د تنافس*هم عل*ى حف*ظ القرآ*ن الكري*م ،وتس*ابقوا إل*ى
مدارس**ته وتفس**يره والعم**ل ب**ه ،فكانوا ال يتجاوزون العش**ر آيات حت**ى يحفظوه**ا ويعملوا
به**ا ،فكانوا رهباناً باللي**ل ،فرس**اناً بالنهار ،يؤثرون قيـام اللي**ل تهجداً بالقرآ**ن ،حت**ى
دوي** كدوي النح **ل يقول تعال **ى َ :كا ُنوا َقِليالً ِم َن** اللَّْي ِل** َم**ا َي ْه َج ُع َ
ون** ُيس **مع ل **بيوتهم ٌ
ون{ الذاريات .}18-17 ستَ ْغ ِف ُر َ َوِب ْ
اَأْلس َح ِ
ار ُه ْم َي ْ
روي ع*ن أن*س قال " :جمـع القرآ*ن عل*ى عه*د الن*بي أئم*ة كله*م م*ن األنص*ار َُأب*ي
ومعاذ اب**ن جبـل ،وأب**و زي**د وزي**د ب**ن ثاب**ت ،قل**ت ألن**س َ :م**ن أب**و زي**د ؟ قال :أح**د
عمومتي وغيرهم" .
علي* القرآ*ن ،فقال :ي*ا رس*ول اهلل* أق أر ّ ر
أ "اق مس*عود ب*ن *هلل ا لعب*د *ول س الر وقال
علي*ك وعلي*ك أنزل ؟ قال :إن*ي أح*ب أن أسمعه م*ن غيري ،فق أر علي*ه سورة النساء حت*ى
ش ِهيداًيد َو ِجْئ َن*ا ِب َك* َعلَ*ى َهُؤال ِء* َ ش ِه ٍُأم ٍة* ِب َ
ف* ِإ َذا ِجْئ َن*ا ِم ْن* ُك ِّ*ل َّ
إذا بل*غ قول*ه تعال*ى :فَ َك ْي َ
(النساء )41قال :حسبك اآلن ،قال ابن مسعود :فالتفت فإذا عيناه تذرفان" البخاري}
-1كان القرآـــن الكريـــم مكتوبا ً باألحرف الســبعة .قال " :إن هذا
القرآن نزل على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر منه".
-2كان القرآـن مرتـب اآليات غيـر مرتـب السـور ،بمعنـى أـن السـور
لم تكن مرتبة بعضها إثر بعض .
-3كان القرآـــن مفرقا ً فـــي الرقاع واألكتاف ،ولكـــن كـــل ســـورة
مجموعة في مكان مستقل .
-4بعـض اآليات التـي ُكتبـت فـي عهـد النـبي ثـم نُسـخت تالوتهـا
بقيت مكتوبة حتى توفي رسول هللا وهي تُقرأ من القرآن .
-1رسـوخ العقيدة فـي قلوبهـم وحبهـم هللـ ولرسـوله وحبهـم لكتاب هللاـ جعلهـم يقبلون
على حفظ القرآن في الصدور التي كانت مفعمة باإليمان نتيجة االعتقاد السليم .
-2كانوا يعتمدون علـى قوة ذاكرتهـم ألنهـم أمييـن ال يعرفون القراءـة والكتابـة
إال قليل منهم مما جعلهم يعولون على الذاكرة وقوة الحفظ .
-3األسلوب البليغ الذي امتاز به القرآن جعلهم يتذوقون كالم هللا ويقبلون على حفظه .
-4 النصـوص الواردة فـي القرآـن والسـنة والتـي تحـث علـى حفظـه وترهـب مـن نسـيانه أـو
هجره .
-5فرضية قراءته في الصالة والتهجد به في الليل وهم أهل لذلك .
كـل هذه العوامـل مجتمعـة دفعتهـم لحفـظ القرآـن الكريـم حتـى حفظـه عدد كـبير ،
فقـد قتـل سـبعون مـن حفظـة القرآـن فـي بئـر معونـة و معركـة اليمامـة ممـا يدل
على كثرة العدد الذي حفظ القرآن في عهد الصحابة رضي هللا عنهم.
إعداد الدكتور زههدي محمد أبو نعمة 07:00 PM 3/10/23
جمع القرآن في عهد أبي بكر رضي هللا عنه
35
قــال علـي { : أعظـم الناس فـي المصـاحف أجراً أبـو بكـر هــو
أول من جمع كتاب هللا} أبو داود.
مـن أدلــة اتباع زيـد لهذا النهـج قولـه إنــه لــم يجـد آخـر سـورة
براءــة لَقَ ْد َجا َء ُك ْمــ َرـســـُو ٌل ِم ْنــَأ ْنفُ ِ
س ـ ُك ْم َع ِزي ٌزـ َعلَ ْي ِه ـ َمــا َعنِتُّمـْـ
أـبي فـ َر ِحي ٌمـ التوبـة 128إال مـع
) (
صـ َعلَ ْي ُك ْمـ بِا ْل ُمْؤ ِمنِي َنـ َرـُؤ و ٌ
َح ِري ٌ
خزيمــة األنصــارـي مكتـوبـة ،ومــع أــن زـيداً كان يحفظهــا وكان
كثيـر مـن الصـحابة يحفظونهـا ،ولكنـه أراد أـن يجمـع بيـن الحفـظ
والكتابـة زيادة فـي توثيـق ،فعاضـد حفظهـا فـي صـدور الصـحابة مـع
المكتوب عند أبي خزـيمة ،فأخذ حكم المتواترـ *.
إعداد الدكتور زههدي محمد أبو نعمة 07:01 PM 3/10/23
ثالثا ً :مميزات الجمع في عهد الصديق
38
أ -امتاز هذا الجمــع بالدقــة واتباع أصــول التثبــت العلمــي ،
حيث لم يقبل إال ما تواتر عنه على أنه قرآن .
ب -اقتصر فيه على ما لم تُنسخ تالوته .
ج -هذا الجمــع كان شامالً لألحرف الســبعة التــي نزل
بها القرآن تيسيراً على األمة اإلسالمية .
د -كان مرتــب اآليات غيــر مرتــب الســور كــل ســورة
بذاتها في صحيفة .
أوالً :السبب الذي دعا عثمان إلى جمع القرـآن الكريم * :
اتســـعت الفتوحات فـــي زمـــن عثمان وتفرق المســـلمون فـــي
األمصار ،وطال عهد الناس بالرسول والوحي ،
وكان أهل كل إقليم يأخذون بقراءة من اشتُهر بينهم من الصحابة
فأهل الشام يقرؤون بقراءة ُأبي بن كعب ألنه كان عندهم.
وأهـل الكوفـة يقرـؤون بقراءـة عبـد هللاـ بـن مسـعود ،فكان بينهـم
اختالف في حروف األداء ووجوه القرـاءة .
هذا االختالف فتـــح باب الشقاق والنزاع فـــي قرـاءـــة القرآـــن
وكادت تكون فتنة في األرض وفساد كبير.
إعداد الدكتور زههدي محمد أبو نعمة 07:01 PM 3/10/23
من { السبب الذي دعا عثمان إلى جمع القرآن الكريم }
40
أخــرج أبـو داود عـن طريـق أـبي قالبـة أنـه قال { :لمـا كانـت خالفـة
عثمان جعـل المعلـم يعلـم قراءـة الرجـل ،والمعلـم يعلـم قراءـة رجـل آخـر،
فجعـل الغلمان يلتقون فيختلفون ،حتـى ارتفـع ذلـك إلـى المعلميـن حتـى كفّـر
بعضهـم بعضا ً ،فبلـغ ذلـك عثمان عـن طريـق حذيفـة بـن اليمان حيـن بلـغ ،
فقدم علــى عثمان وكان يجاهــد فــي فتــح أرمينيــا وأذربيجان مــع أهــل
العراق فخطـب عثمان فقال « :أنتـم عندي تختلفون ،فمـن نأـى عنـي مـن
األمصــار أشــد اختالفا ً } اجتمعوا يــا أصــحاب محمــد فتوافقوا علــى أــن
يجمعوا القرآن على حرف قريش .
هذا باإلضافـة إلـى أـن األحرف السـبعة الذي نزل بهـا القرآـن الكريــم لـم
تكن معروفة ألهل تلك األمصار .
إعداد الدكتور زههدي محمد أبو نعمة 07:01 PM 3/10/23
من { السبب الذي دعا عثمان إلى جمع القرآن الكريم }
41
لهذه األسـباب جمـع عثمان القرآـن علـى حرف واحـد ،ووضـع حداً لذلـك االختالف ،علـى
علم من الصحابة وبموافقتهم.
ثانيا ً :تنفيذ عثمان لقرار الجمع :
شرع عثمان في تنفيذ هذا القرار الحكيم سنة أربع وعشرين من الهجرة
عهد بذلك إلى أربعة من خيرة الصحابة وثقاة الحفاظ ،وهم * :
-3وسـعيد بـن العاص ، -1 زيـد بـن ثابـت - 2 ،وعبـد هللاـ بـن الزبيـر ،
-3وعبد الرحمن بن الحارث .
وأرسـل عثمان إلـى أـم المؤمنيـن حفصـة بنـت عمـر فبعثـت إليـه بالصـحف التـي جمـع
فيها القرآن في عهد أبي بكر .
$قال عثمان { : إذا اختلفتــم أنتــم وزيــد فاكتبوه بلغــة قريــش ،فإنــه نزل بلغتهــم} وقــد
قامت تلك اللجنة بنسخ القرآن مرتب السور على الوجه المعروف اليوم .
$ثـم أمـر بنسـخ المصـاحف وعزم علـى مـن كان عنده مصـحف غيـر مصـحف اإلمام أـن
إعداد الدكتور زههدي محمد أبو نعمة 07:01مصاحف أخرى وإرسالها إلى األمصار ونسخ يمحه
PM 3/10/23
ثالثا ً :مميزات جمع عثمان
42
أ -االقتصارـ فيها على حرف واحد وهو حرف قريش *.
ب -االقتصـار علـى مـا ثبـت بالتواتـر مـن القرـآـن واسـتقر عليـه األمـر
في العرضة األخيرة .
ج -إهمال ما نسخت تالوته ولم يستقر في العرـضة األخيرة
د -ترـتيب آياته وسورـه على الوجه المعرـوف اليوم .
هــ -تجريده مـن النقـط والشكـل ومـن كـل مـا ليـس قرآنا ً كالذي كان
يكتبـه بعـض الصـحابة فـي مصـاحفهم الخاصـة شرحا ً لمعنـى أـو غيـرـ
ذلك.
تعرـيــف ســبب النزول :هــو مــا نزل قرآــن بشأنــه وقــت وقوعــه
كحادثة أو سؤال .
1 مثــل حادثــة خولــة بنــت ثعلبــة ،التــي ظاهــر منهــا زوجهــا "أوس بــن
سـ ِم َع هَّللا ُ قَ ْو َلـ الَّتِـي تُ َجا ِدلُ َكـ فِـي َز ْو ِج َهـا الصـامت" فنزلـت آيات الظهار :قَ ْد َ
ظا ِه ُرو َنـ صـي ٌر* الَّ ِذي َنـ يُ َ سـ ِمي ٌع بَ ِ سـ َم ُع تَ َحا ُو َر ُك َمـا ِإ َّـن هَّللا َ َ شتَ ِكـي ِإلَـى هَّللا ِ َوهَّللا ُ يَ ْ َوتَ ْ
سـاِئ ِه ْم َمـا ُه َّـن ُأ َّم َهاتِ ِه ْمـ ِإ ـْن ُأ َّم َهاتُ ُه ْمـ إال الالِئي َولَ ْدنَ ُه ْمـ وَِإنَّ ُه ْمـ لَيَقُولُو َنـ ِم ْن ُك ْمـ ِم ـْن ِن َ
سـاِئ ِه ْمُم ْن َكراً ِم َنـ ا ْلقَ ْو ِلـ َو ُزوراً َوِإ َّـن هَّللا َ لَ َعفُ ٌّو َغفُو ٌر * َوالَّ ِذي َنـ يُظَا ِه ُرو َنـ ِم ْنـ ِن َ
سـا َذلِ ُك ْمـ تُو َعظُو َنـ ِب ِهـ َوهَّللا ُ ثُ َّمـ يَ ُعو ُدو َنـ لِ َمـا قَالُوا فَتَ ْح ِري ُر َرقَبَ ٍةـ ِم ْنـ قَ ْب ِلـ َأ ْنـ يَتَ َما َّ
سـاش ْه َر ْي ِنـ ُمتَتَابِ َع ْي ِنـ ِم ْنـ قَ ْب ِلـ َأ ْنـ يَتَ َما َّ
صـيـَا ُم َ بِ َمـا تَ ْع َملُو َنـ َخ ِبيـر * فَ َم ْنـ لَ ْمـ يَ ِج ْد فَ ِ
نــوا ِباهَّلل ِ َو َرســُولِ ِه َوتِ ْلــ َك سـ ِكينـا ً َذلِــ َك لِتُْؤ ِم ُ ين ِم ْ سـتِّ َ امـ ِسـتَ ِط ْع فَِإ ْط َع ُ فَ َم ْنـ لَ ْمـ يَ ْ
.
اب َألِي ٌم ين َع َذ ٌ ُح ُدو ُد هَّللا ِ َولِ ْل َكافِ ِر َ
إعداد الدكتور زههدي محمد أبو نعمة 07:01 PM 3/10/23
من { سبب النزول }
46
ال طريـق لمعرفـة أسـباب النزول إال النقـل الصـحيح ،وال مجال للعقـل فيـه
إال بالتمحيص والترجيح.
قال الواحدي {ال يحــــل القول فــــي أســــباب نزول القرآــــن بالروايــــة
والســماع ،إال ممــن شاهدوا التنزيــل ،ووقفوا علــى األســباب وبحثوا عــن
عللها}.
قال العلماء بجواز قبول روايــة الصــحابي فــي ســبب النزول ،ألــن قول
الصحابي فيما ال مجال للرأي فيه حكمه المرفوع إلى النبي .
وأمـا حكـم قول التابعـي ال يقبـل إال 1إذا صـح سـنده 2 ،واعتضـد
بمرسـل آخـر 3 ،وكان التابعـي مـن أئمـة التفسـير اآلخذيـن عـن الصـحابة
مباشرة كمجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير .
تمتاز القصـة القرآنيـة بمنهـج وخصـائص تختلـف عـن القصـة التـي يؤلفهـا البشـر
من جوانب متعددة ،سنوضحها من خالل اآلتي -:
أوالً منهج القصة القرآنية:
1اــلتكرار :
إذا نظرنـا فـي القرآـن نجـد أـن القصـة الواحدة تكررت مرات عديدة مثـل قصـة موسـى
عليـه السـالم مـع بنـي إسـرائيل أـو قصـة نوح عليـه السـالم مـع قومـه ،أـو قصـة خلـق
آدم ،لكـــن هذا التكرار ال يعنـــي بالضرورة التطابـــق فـــي المضمون والتفعيالت
(األحداث) ،فقــد يكون تقديــم وتأخيــر أــو إيجاز وإطناب ،فكــل قصــة لهــا إطارهــا
الخاص بهـا حسـب موقعهـا فـي السـورة يختلـف تماما ً عـن الموقـع اآلخـر التـي ذكرت
فيــه حســب مــا يقتضيــه الحال بنمــط وأسـلوب يجذب القارئ ويُشعره بجديــد يطرد
السآمة والملل وهذا ما امتاز به األسلوب القرآني عن األساليب األخرى .
إعداد الدكتور زههدي محمد أبو نعمة 07:01 PM 3/10/23
من { منهج القصة في القرآن وخصائصها }
55
القص*ة القرآني*ة له*ا منه*ج خاص به*ا ،فم*ن الط*بيعي أ*ن يكون له*ا خص*ائص تمتاز به*ا
ع **ن س **ائر القص **ص األخرى ،ولق **د أوض **ح س **يد قط **ب هذه الخص **ائص ف **ي كتاب **ه
"التصوير الفني في القرآن" نلخصها في اآلتي -:
1ا***لع**رضا***لتصوير*ي* :
األس*لوب القرآن*ي ف*ي طرح*ه للقص*ة ال يطرحه*ا بمجرد ذك*ر لإلخبار ع*ن أحداثه*ا ،ولكن*ه
يص**ور هذه األحداث وكأنه**ا أشخاص مفعم**ة بالحياة تنطب**ع ف**ي ذاكرة القارئ أ**و شري**ط
ح**ي يرتس**م عل**ى مخيل**ة الس**امع أ**و القارئ بريش**ة التص**وير المبدع**ة الت**ي تجع**ل م**ن
القصة حدثاً يقع ومشهداً يجري ال قصة تروى وال أحداثاً قد مضت عبر التاريخ.
ول} [األنفال]1 : س ِ الر و ال ُق ِل اَأْل ْنفَا ُل ِللَّ ِ
ه سَألُوَن َك َع ِن اَأْل ْنفَ ِ
َ ُ َّ قال تعالى{ َي ْ
ف ِم َن ا ْل َماَل ِئ َك ِة ُم ْرِد ِف َ
ين} ون رَّب ُكم فَاستَجاب لَ ُكم َِّأني م ِم ُّد ُكم ِبَأْل ٍ
ُ ْ ستَغيثُ َ َ ْ ْ َ َ ْ
قال تعالى{إِ ْذ تَ ِ
ْ [األنفال]9 :
3ب* **يان ا***لع **بر*ة و*ا* **لعظ **ة :ل**ق **د ذك **ر ا***هلل* * س* * **بحانه*
ق***ص **صا **ألم* *م* ا***لماضي **ة و*أ*خبار*ه* *م* و*م **ا ح*اقب* **ه* *م* م **ن
ا***لع**ذا*بو*ا* **لهالك ن **تيج* **ة ل**تك* **بر*هم* عل* **ىا***لح* **قو*تكذيبه * *م*
ل**لرس*ل و*عناده*م* و*تج*بر*هم* ف * **يا **ألرضب* **غي*ر ا***لح*قو*أوض*ح
ا***لح* **قت* **بارك و*تع**ا **ل*ى ق **درت***ه* ف* * * **يا*س* **تئصا **لا***لمع**اندي***ن
ا***لمكذبي**ن ل**يكونو*ا ع**بر*ة ل**م**ن س*****يأتيم**ن ب* **ع**ده *م* ،ق***ا **ل
ظلَ ُم*و*ا َو* َج َع ْل َن****ا
اه ْم* * * َل** َّم* **ا َ
َأهلَ ْك َن ُ ت* **ع**ا **ل**ى َ :و*ِت ْل َك** ْ
ا***لُقَر*ى ْ
ِل** َم ْهِل ِك ِه ْم* َمْو* ِعداً( ا***لكهف. )59
إعداد الدكتور زههدي محمد أبو نعمة 07:01 PM 3/10/23
من { أهداف وفوائد القصة }
66
4تص*ديقا* *ألن*بياء ا***لس*ابقين وإ* حياء ل**دعوته*م* و*بيان ل**نعم*ة ا***هلل عليه*م*
مث**ل ق **ص**ة س****ليمان و*داود و*أ*يوبوإ* برا**هيم* و*موس**ىو*عيس**ىو*ز*كري**ا و*يون**س
ح*ي*ثك**ان*تت* **رد ح*لقاتم*ن ق***ص*صهؤ*الء ا* *ألن*بياء ت* **ظه*ر ن **عم*ة ا***هلل* عليه*م*
ف * **يك**ثير من ا***لموا*ق*ف.
5ب* **يان أ*ن ا **لدي*ن ك *ل*ه* من عن*د ا***هلل* من آدم* علي*ه* ا***لس*الم* إ***لىعه*د محم*د
و*أ **ن ا***لمؤمني**ن ك**له**م* أ*م**ة و*ا*حدة ف * **ف**يس*****ور*ة ا* *ألن**بياء مظه **ر و*ا*ض**ح
ل**و*حدة ا **لرس*ا **لة ف* * *ق*د ت* **حدث*تا***لس*ور*ة عن ق***ص*صا* *ألن*بياء ف * **ذكرتطرفاً م*ن
ق **ص*ة موس**ىو**هارون وإ* برا**هيم* و*لوط و*داود و*س*ليمان و*أ*يوبوإ* س**ماعيل ث* * *م*
ُأم ًة و *ا ِ
*ح َدةً* َو *َأ َن*ا َر*ُّب ُك ْم* َّ * م ك
ُ ت
ُ ُأم
َّ * عقّب*تعل*ىذكر*ه*م* ب* **قول*ه* ت* **ع**ا **لىِ :إَّ*ن َهِذ ِ
ه
َ ْ
)
اعُب ُد ِون( ا* *ألنبياء91
فَ* * * ْ
ثانيـا :الترجمـة المعنويـة أـو التفسـيرية :شرح الكالم وبيان معناه بلغـة أخرى
بدون مراعاة الموافقة في نظم اللغة األصلية وترتيبه .
أوالً :الترجمـة الحرـفيـة ال تجوز ألـن القرـآـن الكريـم أنزلـه هللا علــى
العرب وهـم أرباب اللغـة والـبيان فلـم يسـتطيعوا أـن يأتوا بسـورة
مـن مثلـه ،وهذا دليــل واضـح علـى إعجازه ،فلـو تُرجـم القرـآـن
ترجمـة حرفيـة لضاعـت خواص القرآـن البالغيـة ولنزل عـن مرتبتـه
المعجزة إلى مرتبة تدخل تحت طوق البشـر .
والدليـل علـى ذلـك إذا تـم ترجمـة حرفيـة لقولـه تعالـى َ :وال تَ ْج َع ْلـ
سـ ِط أتـى المترجـم سـ ْط َها ُك َّلـ ا ْلبَ ْ
يَ َد َكـ َم ْغلُولَ ًةـ ِإلَـى ُعنُقِ َكـ َوال تَ ْب ُ
بكالم يدل علـى النهي عن ربط اليد في العنق وعن مدها غاية المد
،مـع مراعاة الترتيـب فـي األصـل ،ولكـن هذه الترجمـة ال توضـح
المقصد.
أعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة 07:01 PM 3/10/23
من { حكم ترجمة القرآن الكريم}
71
1أن تكون الترجمة على شاكلة التفسير وتعتمد على علوم القرآن واللغة وغيرها
2معرفة المترجم ألوضاع اللغتين لغة األصل ولغة الترجمة .
3معـرفة اــلمترجمـ ألـساــليبوخصائصاــللغتين.
4وفاء اــلترجمة بــجميعـ معـانياــألصلومقاصدهـ .
5أـن يكتـب القرآـن أوالً ،ثـم يفسـره ،ثـم يترجـم التفسـير ترجمـة تفسـيرية حتـى ال
يتوهم متوهم أن هذه الترجمة ترجمة حرفية للقرآن
ً 6أــن تكون عقيدة المترجــم بعيدة عــن العقائدة زائفــة التــي تخالــف مــا جاء بــه
القرآن ،وهذا شرط في المفسر أيضا ً .
حكــم الكتابــة لآليات بالحروف الالتينيــة أــو اإلنجليزيــة التــي تبقــي الكالم
القرآنـي كمـا هـو جائـز ال يدخـل فـي موضوع الترجمـة وإنمـا هـو كتابـة خطيـة بحروف
غير عربية .
أعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة 07:01 PM 3/10/23
اإلسرائيليات *
73
-1اإليجاز فـي القصـص القرآنـي والتركيـز فيهـا علـى مواطـن العـبرة والعظـة
دون ذكــر التفاصــيل ودقائــق القصــة ،جعــل فضول بعــض المســلمين معرفــة
التفاصـيل والدقائــق تتعلــق بالقصـص القرآنـي ،فكانوا إذا سـألوا مـن أسـلم مـن
هل الكتاب أجابوهم بما هو موجود في التوراة واإلنجيل .
-2إسـالم العديـد مـن أهـل الكتاب سـاهم مسـاهمة حقيقيـة فـي إدخال الكثيـر مـن
الروايات اإلسرائيلية إلى المجتمع اإلسالمي .
-3 إذن النـبي بالحديـث عـن أهـل الكتاب كمـا ورد فـي قولـه " :بلغوا عنـي ولـو
آيــة وحدثوا عــن بنــي إســرائيل وال حرج" أــي حدثوا عنهــم بمــا يتفــق وحدود
الشريعة اإلسالمية وفيما تظنون صدقه.
فــي أواخــر عهــد التابعيــن تســربت هذه الروايات وتناقلهــا القصــاص والرواه
ودخلت في كتب التفسير والتاريخ .
أعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة 07:01 PM 3/10/23
حكم اإلسرائيليات *
76
الفه **م الص **حيح للقرآ **ن ه **و حس **ن تفس **يره بم **ا ي **بين
مقاص**ده ،وه**و غاي**ة ك**ل مس**لم ،وه**و الثمرة العلمي**ة
المرجوة م******ن تدبره ،التزام أحكام******ه وتوجيهات******ه إيماناً
وعمالً ودعوة .
إ**ن المنه**ج األمث**ل ف**ي تفس**ير القرآ**ن يقوم عل**ى أص**ول
ارس*خة وخطوات معلوم*ة ومعال*م مرس*ومة يج*ب مراعاته*ا
وااللتزام به*****ا حت*****ى تتض*****ح م*****ن خالل اتباع المفس*****ر
الخطوات التالية -:
أعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة 07:01 PM 3/10/23
المنهج األمثل في تفسير القرآن الكريم
78
قال ابـن تيميـةـ ( :إذا لـم تجـد التفسـير فـي القرآـن وال فـي
السـنة ،رجعـت فـي ذلــك إلـى أقوال الصـحابة فإنهـم أدرى
بذلـك لمـا شاهدوه مـن القرائـن واألحوال التـي اختصـوا بهـا
ولِ َمــا هــم عليــه مــن الفهــم التام والعلـم الصـحيح وال ســيما
علماؤهـم وكـبراؤهم وكاألئمـة األربعـة والخلفــاء الراشديـن
واألئمة المهديين .
وهذا حــبر األمــة عبــد هللا ـ بــن عباس ،ترجمان القرآــن
ببركـة دعاء رسـول هللاـ اللهـم فقهـه فـي الديـن وعلَّمـهـ
التأويل .
أعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة 07:01 PM 3/10/23
من { المنهج األمثل في تفسير القرآن الكريم}
81
-4األخذ بمطلق اللغة :
ان َع َرِب ٍّي** ُم ِب ٍ
ين**( الشعراء ، )195فيج**ب أ**ن ُيفس**ر س** ٍ إ**ن القرآ**ن نزل ِ ب ِ
ل
َ
اللفظ بحسب ما تدل عليه اللغة العربية واستعماالتها.
1ق **د ت* **أتيب* **عضا **أل لفاظ على س **بيل ا***لمجاز.
2و*من ا **أل لفاظ ما هو مشترك ي* **دل على أ*كثر من معنى.
مث**ل كلم**ة (عي**ن) له**ا عدة ٍ
معان * حس**ب موقعه**ا ف**ي الجمل**ة ،تأت**ي
بمعن **ى عي **ن الماء – والجاس **وس – والعي **ن المبص **رة ،فك **ل مفردة ف **ي
القرآن تؤدي معنى تام حسب السياق الذي وضعت فيه .
وينبغ**ي أ**ن يعل**م أ**ن األص**ل حم**ل الكالم عل**ى الحقيق**ة ،وال يعدل عنه**ا
إل*ى المجاز إال بقرين*ة تدل عل*ى المعن*ى ،ومم*ا يعي*ن المفس*ر للقرآ*ن عل*ى
حسن الفهم.
أعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة 07:01 PM 3/10/23
من { المنهج األمثل في تفسير القرآن الكريم}
82
*ا*لتشري **ع :ه **و م **ا شرع **ه اهلل* * لعباده م **ن
شريع*ة كالص*الة والص*وم والزكاة والح*ج وأحكام
اعتقادية و ُخلقية.وغير ذلك
*اإلعجاز التشريع**ي :ه**و س**مو التشريعات
القرآني*ة وشموله*ا و*كماله*ا إل*ى الح*د الذي تعجـز
عنـه ك*ل القواني*ن البشري*ة مهم*ا بلغ*ت عل*ى أ*ن
تأت*ي بمثل.
أعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة 07:01 PM 3/10/23
أوجه اإلعجاز التشريعي في العبادات :
89
1ا **إلعجاز ف*****يت* **شري*ع* ا **لوضو*ء و*ا * *لتيم*م* و*ا* **لغس*ل :أ*م*ر
ا***هلل س **بحانه* و*تع**ا **لى ا***لمسلمين ب* **ا **لوضو*ء عند ا***لقيام* إ***لى ا***لصالة
،و*جع*ل ا **لوضو*ء ش **رطاً ل**لص*الة ،ف * **إذا ل* *م* ي **تمكنو*ا من ا*س*تعما **ل
ا***لماء ف * **عليه*م* ب* **ا* *لتيم*م* ق **ا **لت* **ع**ا **لىَ { :ي* * * ا َُّأي َه**ا ا *َّ*لِذ َين َآ َم ُنو*ا ِإ َذا
اغ ِس * *لُو*ا ُو* ُجو َ*ه ُك ْم * * َو * َْأي ِد َي ُك ْم * * ِإ َ*ل**ىا***لَم َرا* ِف* ِ
ق* ص * *اَل ِة فَ* * * ْ قُ* * ْمتُ ْم * * ِإ َ*ل**ىا***ل َّ
وس * * ُك ْم* َو * َْأرُجلَ ُك ْم**** ِإ َ*ل**ىا***لَك ْع َب ْي ِن* َو *ِإ ْن* ُك * ْنتُ ْم**** ُج* ُن ًب* **ا و *ا*مس * *حو*ا ِب * *ر*ء ِ
ُُ َ ْ َ ُ
َأح ٌد ِمْن ُك ْم* * ِم َن ْ َ َ َاء** *
ج َأو ر ٍف
َ * * *س **ى ل
َ
ْ َْ َ ْ َ َ ع َأو ى **
ض ر م * *م ت
ُ ن
ْ * كُ ن ْ *
ِإ و فَ* * *اط ُ َ
ا
* و
ر *
هَّ َّ
يدا ع ِ * * *ص ا*و م م يت * * *ف * اء م ا
*و د جِ * * ت * م ل * * *ف اء * س ِّ
ن
ل ا*** *م ِ ِئ
َ َ ْ َ ُ َ ً ََ ُ َ ً َّ َ َ َ ا***لَغ *ا ْ َ ْ ُ ُ
ت * س م اَل َأو * ط
يد ا***هللُ * ِل** َي ْج َع َل * ي *ام
* * *ه نْ مِ * *م ك
ُ ي دِ
س * ُحو*ا ِب * * ُو* ُجو*ِه ُك ْم** َو * َْأي ْ ُ َ ُ ُ
ر ِ* ام َ ط ِّي ًب**ا فَ* * * ْ
َ
ط ِّه*َرُك ْم * َو*ِل ُي ِت َّم* ِن* * ْع َمتَ ُه * َعلَ ْي ُك ْم * َل** َعلَّ ُك ْم * يد ِل** ُي ََعلَ ْي ُك ْم * ِمْن َح* َر ٍج* َو*لَ ِكْن ُي * *ِر ُ
أعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة { 07:01ا***لمائدة}6: ون]PMر َ ك
ش ُُ تَ * *
ْ3/10/23
من {أوجه اإلعجاز التشريعي في العبادات } :
90
البد لمن أراد أن يفسر اآلية تفسي ارً علميا أن يتخذ الضوابط اآلتية :
كتاب -1اعتقاد أ**ن القرآ**ن كتاب هداي**ة و رشاد أوالً ولي**س
إ
علوم وكونيات .
-2عدم اإلفراط والتفري**ط عن**د النظ**ر ف**ي اآليات الكوني**ة ،
واالكتفاء بالحقائ * **ق العلمي * **ة ال بالنظريات والفرضيات ف * **ي
االستدالل.
-3الوقوف عل **ى مرون **ة األس **لوب القرآن **ي ف **ي توضي **ح
المضامين العلمية بحيث يحتمل ذلك األسلوب وجوهاً من التأويل
أعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة 07:01 PM 3/10/23
من { الضوابط العلمية المنهجية لإلعجاز العلمي }
98
تتكون من ثالثة مقاطع :
*مقاصد وأهداف سورة اإلسراء .
*المقطع األول :حق اهلل تعالى مقروناً بحق الوالدين .
*المقطع الثاني :حق ذوي القربى واالقتصاد في اإلنفاق .
*المقطع الثالث :دعائم المجتمع اإلسالمي من الداخل.
5ت* **حدث* **تا***لس* **ور*ة ع **ن (ا***لبع* **ثو*ا * *لنشور) ا **لذيك**ث **ر ح*ول***ه*
ون َخ* ْلقاً َج* ِديداً ا***لجدا **لَ و*قَا *ُ*لوا َأِإ َذا ُك * َّن*ا ِع َ
ظاماً َو*ُر*فَاتاً َأِإ َّن*ا َل** َم ْب ُع *وثُ َ
ص********* ُد ِ
ور*ُك ْم* ي *******
* * *فُق* ْل * * ُك *وُنو*ا ِح*جار*ًة****** َأو ح* ِديداً َأو َخ* ْلقاً ِم َّم******ا ي* * ْكبر ِ
ُ َ ُُ ْ ََ ْ َ
َأول َمَّر*ٍة. يد َنا ُق***ِل ا *َّ*لِذيفَ* * * َ
ط َرُك ْم* َّ َ ون َمْن ُي* * ِع ُ
س َي ُقولُ َ
فَ* * * َ
6ث*م* ت* **حدثا***لس*ور*ة عن ا***لقر*آ*ن ا***لعظي*م* ،معجز*ة ا***لن*بيمحم*د
ا***لخا **لدة ،ف * * **بينتعج **ز ا* *إلن **سو*ا* **لج **ن ع**ن ا* *إلتيان ب* **مثل**ه* ،و*ذكرت
ت* **عن*تا***لمشركي*ن ف * **يا*ق*ترا**حاته*م* ا***لت*يعرضو*ه*ا عل*ىا***لن*بي ك**شرط
ضل**إليمان ب****ه* ق **ا **لت* **ع**ا **لى َ و*قَا *ُ*لوا َل**ْن ُن* *ْؤ ِمَن َل** َك َح*تَّ*ىتَ * * ْف ُجَر َل** َن*ا ِمَن ا * ْ*َأْلر ِ
َأْل َه*َار ِخ*ال *َ*لَه*ا تَ * * ْف ِجيرا*ً.
ون َل** َك َج* َّن ٌة ِمْن َن* * ِخ ٍيل َو *ِعَنٍبفَ* * *تُفَ ِّجَر ا* * ْن
َي* * ْن ُبو*عاً َْأو تَ * * ُك َ
الدكتور زهدي أبو نعمة 07:01 PM 3/10/23
من { مقاصد وأهداف سورة اإلسراء}
110
آخ َر فَتَ ْق ُع َد َم ْذ ُموما ً قال تعالى :ال تَ ْج َع ْلـ َم َعـ هَّللا ِ ِإلَها ً َ
نـــ
ِ ي
ْ د
َ ِ ل ا و
َ ْ
ل اِ ب و
َ اهـــ
ُ َّ ي ال
ِإ ِإ وا د
ُ ُ ب ع
ْ َ ت الَأ
كـــَ ب
ُّ ر
َ ـــىضَ َ ق و
َ ً ال و ُ
ذ َم ْخ
سـانا ً ِإ َّمـا يَ ْبلُ َغ َّنـ ِع ْن َد َكـ ا ْل ِكبَ َر َأ َح ُد ُه َمـا َأ ْو ِكال ُه َمـا فَال ِإ ْح َ
فــ َوال تَ ْن َه ْر ُه َمــا َوقُ ْلــلَ ُه َمــا قَ ْوالً َك ِريما ً تَقُ ْلــلَ ُه َمــا ُأ ٍّ
الذ ِّلــ ِم َنــ ال َّر ْح َم ِةــ َوقُ ْلــ َر ِّبــ احــ ُّ ضــلَ ُه َمــا َجنَ َ اخفِ ْ َو ْ
صــ ِغيراً َر ُّب ُك ْمــ َأ ْعلَ ُمــبِ َمــا فِــي ار َح ْم ُه َمــا َك َمــا َربَّيَانِــي َ ْ
ان ـلَِأل َّوابِين َـ يـن فَِإنـ َّـهُ َك َ ص ـالِ ِح َ وس ـ ُك ْم ِإ ْن ـتَ ُكونُـــوا َ نُفُ ِ
َغفُوراً( اإلسراء . ) 25-22
الدكتور زهدي أبو نعمة 07:01 PM 3/10/23
اإلسراء 22 ال تَ ْج َع ْل َم َع اللَّ ِه ِإلَهاً آ َخ َر فَتَ ْق ُع َد َم ْذ ُموماً َم ْخ ُذوالً
112
أ*ي أم*ر وحك*م اهلل* تعال*ى بأن تحس*نوا إل*ى الوالدي*ن إحس*اناً
كامالً ف**ي الرعاي**ة والعناي**ة والمعامل**ة ،إحس**اناً لي**س بعده
إحس***ان ،م***ع المودة والعط***ف وال عج***ب فهم***ا أول م***ن
يعط **ف عل **ى األبناء عطفاً عزي ازً ،وه **م ف **ي أش **د الحاج **ة
إليه*م ،فم*ن المروء*ة أ*ن ُيرد الجمي*ل ،ال أقول بأحس*ن من*ه
،فلي **س هناك جمي **ل يوازي عملهم **ا ،ولهذا نرى القرآ **ن
جم**ع بي*ن األم**ر بعبادة اهلل* واألم**ر باإلحس**ان إليهم**ا وف**ي
ش ُك ْر ِل* **ي َوِل َو ِال َد ْي َك * * ِإلَ َّي* * آي* **ة أخرى يقول تعال***ىِ
َأن * * ا ْ
الم ِ
صير { لقمان}14:
الدكتور زهدي أبو نعمة َ ُ 07:01 PM 3/10/23
قال تعالــىِ إ َّمـا يَ ْبلُ َغ َّنـ ِع ْن َد َكـ ا ْل ِكبَ َر َأ َح ُد ُه َمـا َأ ْو ِكال ُه َمـا فَال
ه َما قَ ْوالً َك ِريما ً ف َوال تَ ْن َه ْر ُه َما َوقُ ْل لَ ُ
114 تَقُ ْل لَ ُه َما ُأ ٍّ
كلمة (عندك) تفيد معنى االلتجاء واالحتماء في حالة الكبر والضعف
الخطـاب فـي هـذه اآليـة للنبـي والمراد أمتـه ،إ*ذ لـم يكـن ل*ه ف*ي
ذلك الوقت أبوان.
إذا بل*غ الوالدان أ*و أحدهم*ا س*ن الك*بر ،أ*و ص*ا ار ف*ي حال ضع*ف وعج*ز،
فعلى الولد واجبات خمسة ،وهي:
1أ **ال ت* **قول ل**هم**ا { أ ّ*ف} :إ**ن «أ *ف» ا*س *م* ف * **ع**ل مضارع و*معناه*
أ*تضج**ر،و*ا* **لمعن**ى ال * ت* **س**معهما أدن**ىمرا**ت**با***لقول ا***لس**يئ ،ب* **تو*جي*ه*
ك**لم*ة إ*يذاء مكون*ة من ح*رف*ي*ن ،ت* **دل عل*ىا***لتضج*ر و*ا* **لمضايق*ة ف * **تل*ك
ا***لكلم**ة ا***لص**غير*ة ذا*تإ*س**اءة ب* **ا **لغ* **ة ،ح*ت**ىو*ل**و ص * **در منهم**ا م*ا
ي **ضايق.
الدكتور زهدي أبو نعمة 07:01 PM 3/10/23
قال تعالىِ إ َّما يَ ْبلُ َغ َّن ِع ْن َد َك ا ْل ِكبَ َر َأ َح ُدهُ َما َأ ْو ِكالهُ َما فَال تَقُ ْل لَ ُه َما ُأ ٍّ
ف َوال
تَ ْن َه ْرهُ َما َوقُ ْل لَ ُ
ه َما قَ ْوالً َك ِريما ً
115
*والمعن*ى :أ*ن اهلل* ق*د أمرك*م ف*ي هذه اآلي*ة بإخالص العبادة ل*ه
تعال*ى وباإلحس*ان إل*ى الوالدي*ن ،وال يخف*ى علي*ه م*ا تضمرون*ه ف*ي
نفوس * **كم م * **ن اإلخالص ف * **ي الطاع * **ة وعدم اإلخالص فيهم * **ا ،
فاعلموا أ**ن اهلل* تعال**ى مطل**ع عل**ى م**ا ف**ي نفوس**كم ب**ل ه**و أعل**م
بتلك األحوال منكم بها .
ين* *
َ بِ ا
َألو
َّ ِ
ل الحكم **ة م **ن خت **م اآلي **ة بهذه الفاص **لة ِإ َّنـ ُه َك َ
ان* *
َغفُو ارً : ليفت*ح باب التوب*ة والرحم*ة لم*ن يخط*ئ أ*و يقص*ر ف*ي
حق اهلل تعالى ويقصر في حقوق الوالدين ،ثم يرجع فيتوب .
األوابون هم الذين كلما أخطأوا عادوا إلى ربهم مستغفرين. ّ
07:01 PM 3/10/23
الدكتور زهدي أبو نعمة
العبر والعظات المستفادة من النص :
119
عـن عبـد هللاـ بـن عباس {ثالث آيات مقرـونات بثالث ،وال تقبـل
واحدة بغيـر قرينتـه { وأطيعوا هللاـ وأطيعوا الرسـول }[التغابـن ،]12:فمـن
أطاع هللا ـ ولــم يطــع الرســول لــم يقبــل منــه و{ أقيموا الصــالة وآتوا الزكاة}
[البقرة ،]43:فمـن صـلى ولـم يزكِّـ لـم يقبـل منـه { ,أـن اشكـر لـي ولوالديـك}
[لقمان ،]14:فمن شكر هلل ولم يشكر لوالديه لم يقبل منه.
ي ال َع َم ِلـ روى البخاري بسـنده عـن ابـن عمـر قال سـألت رسـول هللاـ ﷺ َأ ُّـ
ال:ـ «ثُ َّمـ ِب ُّر ال:ـ ثُ َّمـ َأ ٌّ
يـ ؟ قَ َ «الص ـالَةُ َعلَــى َو ْق ِت َهــا» ،قَ َ
َّ ال:ـَأ َح ُّبـ ِإلَــى هَّللا ِ ؟ قَ َ
يل هَّللا ِ» البخاري س ِب ِ«الج َها ُد فِي َِ ي؟ قَا َل: ال َوالِ َد ْي ِن» قَا َل :ثُ َّم َأ ٌّ
قال ﷺ { مـا مـن ولـد بار ينظـر إلـى والديـه نظرة رحمـة إال كتـب هللاـ لـه بكـل
نظرة حجــة مــبرورة قالوا وإن نظــر كــل يوم مائــة مرة قال نعــم هللا ـ أكثــر
وأطيب} [رواه الحاكم]
الدكتور زهدي أبو نعمة 07:01 PM 3/10/23
التنبيه على منزلة اآلباء
121
وجاء عبــد هللاــ بــن عمرو بــن العاص قال{ جاء رجــل إلــى
يـ يبكيان، رـسـول هللاـ فقال :جئـت أبايعـك علـى الهجرة ،وتركـت أبو ّ
فقال رسول هللا " :ارجع إليهما ،فأضحكهما كما أبكيتهما }.
فـ» ،قِي َلـَ :م ْنـ؟ يَـا فـ ،ثُ َّمـ َر ِغ َمـ َأ ْن ُ فـ ،ثُ َّمـ َر ِغ َمـ َأ ْن ُ قَالَـَ « :ر ِغ َمـ َأ ْن ُ
سـو َل هللاِـ قَا َلـَ « :م ـْن َأ ْد َر َكـ َأبَ َو ْي ِهـ ِع ْن َد ا ْل ِكبَ ِرَ ،أ َح َد ُه َمـا َأ ْو ِكلَ ْي ِه َمـا فَلَ ْمـ َرـ ُ
يَد ُْخ ِل ا ْل َجنَّةَ» صحيح مسلم
صـلَّى هَّللا ُ َعلَ ْي ِهـ َ ع ـْن َع ْب ِد هَّللا ِ ْب ِنـ َع ْم ٍرـو قَا َلـَ :جا َءـ َر ُج ٌلـ ِإلَـى النَّبِ ِّـي َ
الج َها ِد ،فَقَا َلـَ« :ألَ َكـ َوالِ َدا ِنـ؟» ،قَا َلـ :نَ َع ْمـ ،قَالَـ: سـتَْأ ِذنُهُ فِـي ِ سـلَّ َم يَ ْ
َو َ
«فَفِي ِه َما فَ َجا ِهدْ» الترمذي
الدكتور زهدي أبو نعمة 07:01 PM 3/10/23
{ صور اإلحسان إلى الوالدين}
122
: -2حق البر واإلحسان بالوالدين
فم*ن ال*بر بهم*ا واإلحس*ان إليهم*ا أال يتعرض لس*بهما وال يعقهم*ا ،فإن ذل*ك م*ن الكبائ*ر ،قال
الرس*ول " : إ*ن م*ن الكبائ*ر شت*م الرج*ل لوالدي*ن ،قالوا :ي*ا رس*ول اهلل* ،وه*ل يشت*م
الرج*ل والدي*ه ؟!* قال :نع*م ،يس*ب الرج*ل أب*ا الرج*ل فيس*ب أباه ،ويس*ب أم*ه فيس*ب
أمه" (البخاري) .
ولإلحسان صور متعددة منهما -:
أ -اإلحس*ان إل*ى األبوي*ن بالقول :ع*ن طري*ق عدم رف*ع الص*وت فوق ص*وتهما ،وأ*ن
يخاط*ب األبناء آباءه*م بالقول اللي*ن والكالم الطي*ب الذي يشعرهم*ا بالح*ب والحنان ،وق*د تمث*ل
ُأف َوال تَ ْن َه ْرُه َما َوُق ْل لَ ُه َما قَ ْوالً َك ِريماً
ذلك في قوله تعالى :فَال تَ ُق ْل َل ُه َما ٍّ
فيج*ب عل*ى األبناء اختيار األلفاظ الت*ي تُدخ*ل الس*رور عل*ى اآلباء ،
مث**ل قول**ه ي**ا أبتاه ،وي**ا أماه ،وعدم التلف**ظ باس**ميهما كم**ا جاء عل**ى
إسماعيل َ يا ََأب ِت ا ْف َع ْل َما تُْؤ َم ُر ( فصلت . ) 102
الدكتور زهدي أبو نعمة
لسان
07:01 PM 3/10/23
من {صور اإلحسان إلى الوالدين}
123
جاإلحس*ان إل*ى األبوي*ن بالمال :يج*ب عل*ى األبناء أ*ن يبذلوا م*ا ف*ي
وس*عهم لراح*ة آبائه*م الراح*ة النفس*ية والجس*دية والمادي*ة ،وذل*ك ع*ن
طري**ق اإلنفاق عل**ى الوالدي**ن ،وتوفي**ر ك**ل س**بل الراح**ة ،وجاء ف**ي
الحدي**ث ع**ن الرس**ول الكري**م أن**ه جـاءه رج**ل وقال :إ**ن أ**بي أخ**ذ
مال*ي ،فقال الن*بي للرج*ل :فأتن*ي بأبي*ك ،فلم*ا جاء الرج*ل ،قال ل*ه
الن*بي " :م*ا بال ابن*ك يشكوك ؟ أتري*د أ*ن تأخ*ذ مال*ه ؟ " فقال :س*له
ي**ا رس**ول اهلل* أن**ه كان ضعيفاً وأن**ا قوي ،وفقي ارً وأن**ا غن**ي ،فكن**ت ال
أمنع*ه شيئاً م*ن مال*ي ،وأن*ا اليوم ضعي*ف وه*و قوي ،وأن*ا فقي*ر وه*و
غن*ي ،ويبخ*ل عل*ى بمال*ه وأنش*د أبيات*ا م*ن الشع*ر وعندم*ا س*مع الن*بي
هذه األبيات أخذ بتالبيب ابنه وقال " :أنت ومالك ألبيك" (البخاري) .
الدكتور زهدي أبو نعمة 07:01 PM 3/10/23
من {صور اإلحسان إلى الوالدين}
126
رـوي عـن أـبي هرـيرة قال :جاء رجـل إلـى النـبي فقال :مـن
أحـق الناس بحسـن صـحبتي ؟ قال :أمـك ،قال :ثـم مـن ؟ قال :أمـك ،
قال :ثـم مـن ؟ قال :أمـك ،قال :ثـم مـن ؟ قال :أبوك" فهذا الحديـث
يدل داللـة واضحـة علـى أـن محبـة األـم والشفقـة عليهـا ينبغـي أـن
تكون ثالثة أمثال محبة األب (البخاري) .
(البخاري)
وقال " : إن هللا حرم عليكم عقوق األمهات"
وقال " : أال أنبئكـم بأكـبرـ الكبائـر ؟ قلنـا :بلـى يـا رسـول هللاـ ،
قال :ثالثا ً ،اإلشراك باهللـ ،وعقوق الوالديــن ،وكــان متكئا ً فجلـس
فقال :وقول الزور ،وشهادة الزور" (البخاري) .
الدكتور زهدي أبو نعمة 07:01 PM 3/10/23
صور من عقوق األبناء آلبائهم
131
كثيـر مـن األبناء يعقون آباءهـم لسـوء تربيتهـم ،ومـن صـور هذه العقوق
ما يلي -:
-1أـي صـورة مـن صـورـ التقصـير فـي التعامـل مـع الوالديـن حسـب
التوجيهات السابقة يعد عقوق للوالدين .
-2أـن يح ّد النظـر علـى أبويـه أـو ينظـر إلـى أبويـه نظرة غضب :
قال رسول هللا { : ما بر أباه َمنْ َأ َح َّد النظ َر إليه }(البخاري) .
-3إحزان الوالدين وإبكاؤهما :
(البخاري)
قال { : إبكاء الوالدين من العقوق }
وقال { : من أحزن والديه فقد عقهما } (البخاري) .
الدكتور زهدي أبو نعمة 07:01 PM 3/10/23
من { صور من عقوق األبناء }
132
-11إيثار الزوج*ة عل*ى األ*م ،فق**د روى عب**د اهلل* ب**ن أ**بي أوف**ى
قال :كن*ا عن*د النبـي فأتاه آ ٍت* فقال :شاب حضره الموت ،فقي*ل ل*ه :ق*ل ال
إل*ه إال اهلل* فل*م يس*تطع ،فقال": أكان يص*لي؟" فقال :نع*م ،فنه*ض رس*ول
اهلل* ونهضن*ا مع*ه ،فدخ*ل عل*ى الشاب فقال ل*ه :ق*ل ال إل*ه إال اهلل* ،فقال :
ال أس* **تطيع ،قال ِ :ل َم * * ؟ قالوا :كان ُّ
يعق* * والدت* **ه ،فقال الن* **بي " :أحي* **ة
أم**ه ؟" قالوا :نع**م ،قال " :ادعوه**ا" فدعوه**ا فجاء**ت ،فقال له**ا رس**ول اهلل *
" : هذا ابن**ك ؟" قال**ت :نع**م ،فقال له**ا :ارض**ي عن**ه إو ال أحـرق بالنار ،
فقال*ت ُ :أشهدك ي*ا رس*ول اهلل* أن*ي راضي*ة عن*ه ،فبعده*ا دخ*ل الن*بي عل*ى
الغالم وشه*د أ*ن ال إل*ه إال اهلل* ،وكان الشاب يؤث*ر زوجت*ه عل**ى أم*ه ،وعل*ى
الزوج*ة أ*ن ترع*ى حقوق زوجه*ا ،وتقدر مشاعره وأ*ن تع*ي الحقيق*ة القائل*ة :
إ**ن لزوجـك عـدد م**ن النس**اء يص**لحن ل**ه زوجات ،ولك**ن لي**س ل**ه إال أ**م
ومن ال خير ألمه فيه ،ال خير فيه ألهله وال لوالده أو مجتمعه .
الدكتور زهدي أبو نعمة
واحدة ،
07:01 PM 3/10/23
من { صور من عقوق األبناء }
135
2ت* **ع**وي**د أ*بنائه *م* عل**ى ق **ر**اء**ة ا***لقر*آ**ن ا***لكري *م* ،و**هذا
مص***دا*قاً ل**قول***ه* " : م **ن ق **ر*أ* ح*رفاً م **ن ك**تابا***هلل*** ف * **ل***ه*
ح*سنة ( "...ا***لترمذ )ي .
3عل**ىا* *آلباء ت* **علي *م* أ*بنائه *م* س * **ير*ة ا **لرس**ول ا***لكري *م*
و*صحابته* ا***لكرا*م* أل**نهم* ا***لقدو*ة ا***لحسنة ل**ه*ذه* ا **ألمة .
4تع**وي**د ا* *ألبناء عل**ىا***لتحل**يب* **ا **ألخالقا***لحس**نة ك**ا* **لص**دق
و*ا **ألمان*ة و*توق*ي*ر ا***لك*بير ،و*ا **لرحم*ة ب* **ا **لص*غير ،و*ا **إلحس*ان إ***لى
ا***لجار .
الدكتور زهدي أبو نعمة 07:01 PM 3/10/23
من { حقوق األبناء على اآلباء}
141
-2قرن هللاـ تعالـى األمـر بعبادتـه باإلحسـان علـى الوالديـن فـي قولـه
تعالـى ( :وبالوالديـن إحسـانا ً) ألـن السـبب الحقيقـي لوجود اإلنسـان هـو
تخليـق هللاـ تعالـى وإيجاده لإلنسـان ،والسـبب الظاهري هـو األبوان ،
فأمر بتعظيم المسبب الحقيقي ثم أتبعه بتعظيم السبب الظاهري .
يقول عبـد هللاـ بـن عباس {ثالث آيات مقرونات بثالث ،وال تقبـل
واحدة بغيــر قرينتــه { أطيعوا هللاـ وأطيعوا الرســول } [التغابــن،]12:
فمـن أطاع هللاـ ولـم يطـع الرسـول لـم يقبـل منـه {وأقيموا الصـالة وآتوا
الزكاة }[البقرة ،]43:فمـن صلى ولـم يز ِّك لـم يقبل منه{ ,أـن اشكر لي
ولوالديـك} { لقمان ،]14:فمـن شكر هلل ولـم يشكر لوالديـه لـم يقبـل منه.
ـإلحسان
. 3وردتكـلمة (إحساناً) نــكرة لــيدلعلىاــلتعظيمـ لـ
و(إحسـانا ً) مصـدر مؤكـد للفعـل المحذوف وتقديره أـن تحسـنوا
إحسانا ً ،وفائدة التأكيد بالمصدر وقوع األمر حقيقة .
4اــلصـورـة اــلبيانيـة فـــيقــولـهـ تــعـاــلى(واـخفـضلــهمـا جـناح اــلذل
مـناــلرحمـة) اـسـتعـارة مكنيـة فـــقـد شــبـهـ اــلتذلـلوليـناــلجانـبمـن
ا ـألبناء إلىاــلواــلديــنبــطائــر يــخفــضجـناحيـهـ ،وحذفاــلمشبـهـ بـــهـ
وهـو اــلطائـر وأـبقـىصــفة مـنصــفاتهـ وهـو اــلجناح ،بــجامـعـ اــلعطـف
واــلرـقة ،واــلهـدفمنهذهـ اــالستعـارة اــلمباــلغـة فـــياــلتواـضعـ .
نـين َوا ْب َ سـ ِك َآتـ َذا ا ْلقُ ْربَـى َحقَّ ُهـ َوا ْل ِم ْ قال تعالـى َ :و ِ
ينـــ َكانُوا ِإ ْخ َو َ
انـــ يل َوال تُبَ ِّذ ْر تَ ْب ِذيراً ِإ َّنـــ ا ْل ُمبَ ِّذ ِر َ الســـبِ ِ َّ
ض َّنـان ـ لِ َربِّ ِهـ َكفُوراً َوِإ َّمــا تُ ْع ِر َ ش ْيطَ ُ
ان ـ ال َّ ين ـ َو َك َ اط ِ شي َ ِ
ال َّ
اءـ َر ْح َم ٍةـ ِم ْنـ َربِّ َكـتَ ْر ُجو َهــا فَقُ ْلـ لَ ُه ْمـقَ ْوالً َع ْن ُه ُمـ ا ْبتِ َغ َ
سـ ْط َها سـوراً َوال تَ ْج َع ْلـ يَ َد َكـ َم ْغلُولَةًـ ِإلَـى ُعنُقِ َكـ َوال تَ ْب ُ َم ْي ُ
سـطُ ال ِّر ْزقَـ سـوراً ِإ َّـن َربَّ َكـ يَ ْب ُسـ ِط فَتَ ْق ُع َد َملُوما ً َم ْح ُ ُك َّلـ ا ْلبَ ْ
صـيراً 26- شا ُءـ َويَ ْق ِد ُر ِإنَّهُـ َكا َنـ بِ ِعبَا ِد ِهـ َخبِيراً بَ ِ لِ َم ْنـ يَ َ
.30
الدكتور زهدي أبو نعمة 07:01 PM 3/10/23
من { حق ذوي القربى واالقتصاد في اإلنفاق }
147
أوالً مناسـبة هذه اآليات بمـا سـبق :بعـد أـن بيـن هللاـ فـي اآليات
السـابقة حـق هللاـ تعالـى والوالديـن ،بيـن هذا المقطـع حـق األقارـب
والمساكين ،وبذلك يوسع دائرـة الحقوق بين أفراد المجتمع الواحد
ثانياً التحليل اللغوي :
المسكين :اإلنسان المحتاج وأن ما يدخل عليه من مال ال يكفيه وعياله .
ابن السبيل :المسافر الذي انقطع فيه السبيل.
تبذي*ر :بذر مال*ه أفس*ده وأنفق*ه ف*ي الس*رف،وقي*ل:التبذي*ر أ*ن ينف*ق المال
ف*ي المعاص*ي وقي*ل :ه*و أ*ن يبس*ط يده ف*ي إنفاق*ه حت*ى ال يبق*ى من*ه م*ا
يقتاته .
الدكتور زهدي أبو نعمة 07:01 PM 3/10/23
من { حق ذوي القربى واالقتصاد في اإلنفاق }
148
قولــه تعالــىَ :وال تُبَ ِّذ ْر تَ ْب ِذيراً اإلسـالم ديـن ودولــة وعقيدة
وعمل ،وفكرة ونظام ،وال أدل على ذلك من نهيه عن اإلنفاق غير
المشروع .
قال مجاهد { :لـو أنفق اإلنسان مالـه كله في الحق لـم يكن مبذراً
،ولو أنفق ُم ّداً في غير حق كان مبذرا }
لذلــك جعــل القرـآــن المبذرـيــن إخوان الشياطيــن ألنهــم ينفقون
أموالهـم فـي الباطـل ،وفـي الشـر والمعصـية ،فهـم رفقاء الشياطيـن
ش ْيطَ ُ
انـــ لِ َربِّ ِهـــ َكفُوراً ال يؤدي حـــق قال تعالـــى َ و َك َ
انـــ ال َّ
النعمـة ،كذلـك إخوانــه المبذرون ال يؤدون حـق النعمـة ،وحقهـا أـن
ينفقوها في الطاعات والحقوق غير متجاوزين وال مبذرين.
الدكتور زهدي أبو نعمة 07:01 PM 3/10/23
ض َّن َع ْن ُه ُم ا ْبتِ َغا َء َر ْح َم ٍة ِمنْ َربِّ َك تَ ْر ُجو َها فَقُ ْل لَ ُه ْم قَ ْوالً َم ْي ُسوراً
وَِإ َّما تُ ْع ِر َ
152
على هذا فقتل النفس ال يجوز إال بإحدى ثالث كما بينه الرسول -:
-1من قتل نفساً متعمداً بدون ِقصاص .
-2الزاني المحصن (المتزوج) فإن حده القتل .
-3المرتد عن اإلسالم ُيستتاب ثالثاً ،فإن تاب عاد إلى اإلسالم إو ال
الدكتور زهدي أبو نعمة
قتل .
07:01 PM 3/10/23
صو ار ً ف ِفي ا ْلقَ ْت ِل ِإ َّن ُه َك َ
ان َم ْن ُ س ِر ْ
طاناً فَال ُي ْ
س ْل َ ِ ِ ِ
َ و َم ْن قُت َل َم ْظلُوماً فَقَ ْد َج َع ْل َنا ل َولِ ِّيه ُ
165
*قول **ه تعال **ى َ :و َم ْن* * قُِت َل* * َم ْظلُوماً فَقَ ْد َج َع ْل َن **ا ِل َوِل ِّي ِه* *
طاناً والمظلوم ه**و :م**ن قُت**ل بغي**ر س**بب م**ن غي**ر س * ْل َ
ُ
األس**باب المس**وغة لقتل**ه شرعاً وه**ي الواردة ف**ي الحدي**ث
النبوي فإن اهلل * تعال**ى ق**د جع**ل ل**ه س**لطانا وتس**لطا عل**ى
القاتل والمراد بالسلطان هو:
أُ -يمكن ولي المقتول من القاتل فيقتص منه*.
ب -إن للولي الخيار بين أخذ الدية والعفو .
ج -إنه جعل لولي المقتول سلطاناً ينصره في الحق .
الدكتور زهدي أبو نعمة 07:01 PM 3/10/23
صو ار ً ف ِفي ا ْلقَ ْت ِل ِإ َّن ُه َك َ
ان َم ْن ُ س ِر ْ
طاناً فَال ُي ْ
س ْل َ ِ ِ ِ
َ و َم ْن قُت َل َم ْظلُوماً فَقَ ْد َج َع ْل َنا ل َوِل ِّيه ُ
166
الح * **د ف****ي القت * **ل اس * **تغالالً لهذا الح * **ق الذي منح * **ه إياه ويكون
اإلسراف في القتل بأمور منها :
ف ِفي ا ْلقَ ْت ِل :
س ِر ْ
ُْي الف
َ تعالى قوله في اف
ر باإلس اد
ر الم
أ أ**ن يقت**ل غي**ر القات**ل مم**ن ال ذن**ب له**م ،كم**ا يق**ع الثأر
الجاهل**ي الذي يؤخ**ذ في**ه اآلباء واإلخوة واألقارب بغي**ر ذن**ب
إال أنهم من أسرة القاتل ،أي من أقاربه
ب أن يمثل في جثة القاتل .
ج أن يقتل القاتل بعد عقد المصالحة وأخذ الدية.
الدكتور زهدي أبو نعمة 07:01 PM 3/10/23
صو ار ً ف ِفي ا ْلقَ ْت ِل ِإ َّن ُه َك َ
ان َم ْن ُ س ِر ْ
طاناً فَال ُي ْ
س ْل َ ِ ِ ِ
َ و َم ْن قُت َل َم ْظلُوماً فَقَ ْد َج َع ْل َنا ل َوِل ِّيه ُ
167
رـابعا ً :الحكمة من إقامة الحد :
أ إقامـة الحـد بقتـل القاتـل يقتـل قصـاصا ً وهـو ضمان لحياة سـائر
اةــيَــا ُأولِــي
ص َحيَ ٌ النفوس ،يقول تعالــى َ :ولَ ُك ْمــفِــي ا ْلقِ َ
صــا ِ
ب( البقرة . )79ألن الدين اإلسالمي هو دين العدل اَأل ْلبَا ِ
ب إقامـة الحـد يعمـل علـى دفـع الفسـاد المادي والرـوحـي الذي
يهدد أمن المجتمع واستقرارـه .فيكون المجتمع قويا آمنا مطمئنا ً
-4تحري*م أك*ل مال اليتي*م :ويتمث*ل ذل*ك ف*ي قول*ه تعال*ى :
َ وال تَ ْق َرُبوا َما َل* ا ْل َي ِتيِم* ....بع*د أ*ن انته*ى الن*ص الحكي*م
م*ن حرم*ة العرض والنس*ل يتحدث ف*ي هذا الن*ص ع*ن حرم*ة
مال اليتي* * **م ،وذل* * **ك بقولـه* ال تتص* * **رفوا بمال اليتي* * **م إال
بالطريق*ة* الت*ي تفي*د حفظ*ه واس*تثماره ،حت*ى يبل*غ س*ن الرش*د ،
ويحسن التصرف في المال
اليتي**م :ه**و الص**بي الذي فق**د أباه قب**ل البلوغ ،والص**غير
من الحيوان أو البهائم من ماتت أمه وانقطع عنها .
الدكتور زهدي أبو نعمة 07:01 PM 3/10/23
س ُن َحتَّى يَ ْبلُ َغ َأ ُ
ش َّدهُ يم ِإال بِالَّتِي ِه َي َأ ْح َ
َ وال تَ ْق َربُوا َما َل ا ْليَتِ ِ
169
ام*ى ظُ ْلماً ِإ َّن َم*ا َيْأ ُكلُو َن* ِف*ي ُبطُوِن ِه ْم* َ َ ت
َ ي ل
ْ ا *
ل َ ا
و َأم *
ن
َ َ َ َْ و ل
ُ ك
ُ ْأ ي *
ن ي ذِ َّ
ل ا ن
*
َّ ِإ *ى ل تعا وقال
)
رً النساء 10
(
س ِعي ا صلَ ْو َن َ س َي ْ َنا ارً َو َ
خامساً :هل يباح للولي أن يأكل من مال اليتيم ؟
1ل**لوص**يإذا ك**ان ف * **قيرا*ً أ**ن ي* **أك**ل م*ن ما **لا***ليتي*م* ب* **مقدار ح*اج**ة
ا***ليتيم* ل**ه*ذا ا***لما **لمن طع**ام* أو ك**سو*ة من غير إ*سرا**ف،
2 إو ذا كان الوص*ي غنياً وج*ب علي*ه أ*ن يتعف*ف ع*ن مال اليتي*م
،ويقنع بما رزقه اهلل تعالى من الغنى.
الدكتور زهدي أبو نعمة 07:01 PM 3/10/23
س ُن َحتَّى يَ ْبلُ َغ َأ ُ
ش َّدهُ يم ِإال بِالَّتِي ِه َي َأ ْح َ
َ وال تَ ْق َربُوا َما َل ا ْليَتِ ِ
170
مالحظـة :عل**ى الوص**ي أ**ن يحاف**ظ عل**ى أموال اليتي**م وال يتعج**ل
ف **ي إنفاق **ه وتبذيره ،ب **ل علي **ه أ **ن ينم **ي هذا المال فيم **ا يعود
بالنف*ع عل*ى اليتي*م ،حت*ى إذا بل*غ س*ن الرش*د وج*ب عل*ى الوص*ي
أن يسلم إليه ماله تاماً موفو ارً .
ما المراد بأشده ؟
ص*الح عق*ل والقدرة عل*ى إص*الح المال إلجماع العلماء عل*ى أن*ه
إذا كان كذل **ك ل **م يك **ن مم **ن يس **تحق الحج* *ر* علي **ه ف **ي مال **ه
والرس*ول يح*ث عل*ى كفال*ة اليتي*م فقال { :أن*ا وكاف*ل اليتي*م ف*ي
الجنة هكذا ،وأشار بالسبابة والوسطى } البخاري.
الدكتور زهدي أبو نعمة 07:01 PM 3/10/23
سُؤ والً م انكَ د
َ ه ع ل
ْ ا ن
َّ ِإ ِ
د َ و َْأوفُوا ِبا ْل َع ْه
َ َ ْ َْ
171
6وجوب الوفـاء ف*ي الكيـل والميـزان :قال تعال*ى َ و َْأوفُوا ا ْل َك ْي َل* ِإ َذا
س ُن تَْأ ِويالً: َأح
ْ و ر ي
ْ خ
َ ك
َ اس ا ْلمستَ ِق ِيم َذ ِ
ل ِ طَ س ِك ْلتُم و ِزُنوا ِبا ْل ِ
ق
ٌ َ َ ُ ْ ْ ْ َ
1ا***لمر*اد أ*ن إ*يفاء ا***لكي*ل و*ا **الس*تقامة ف * **يا **لوزن أ*مان*ة ف * **يا***لتع**ام*ل ،
و*نظافة ف * **يا***لقلب،و*ا*ستقامة و*طه*ار*ة و*ثقة ف * **يا***لمجتمع* .
2و*ا* **لطم *ع* ف* * **يا***لكي**ل و*ا **لوزن غ*شو*خيان**ة ف* * **يا***لتع**ام**ل ت* **نز*ع
ب* **هما ا***لثقة ،و*تقل ب* **هما ا***لبر*كة ف * **يمحيط ا***لجماعة.
3ح**ثا***هلل * عل**ىإ*تمام* ا***لكي**ل ،و*تو*ع**د ا **لذي**ن ي **نقص**ونه* ف * **قا **ل
ون َو *ِإ َذا ف
ُ وت
َ
َ ْ ْ َ*
س * *ي ِ
اس َّ
ن
ل ا*** *ى
َلع ا
و *ل
ُ* اَت ك
ْ *
ا ا ذ
َ ِإ ين
َ ِ
ذ
*لَّ
* ا ين ِ ِّ ِ
ت* **ع**ا **لى َ و*ْيٌل ُ َ
ف ف ط
َ م ل
ْ ل**
َ
ا***لمطفيين 3-1
)
ون ر (
سِ
وه ْم* َْأو َو*َز*ُنو ُ*ه ْم* ُي* * ْخ ُ َ
َك *ا *ُ*ل ُ
الدكتور زهدي أبو نعمة 07:01 PM 3/10/23
س ُن تَْأ ِويالً
يم َذلِكَ َخ ْي ٌر َوَأ ْح َ َ وَأ ْوفُوا ا ْل َك ْي َل ِإ َذا ِك ْلتُ ْم َو ِزنُوا بِا ْلقِ ْ
سطَا ِ
س ا ْل ُم ْ
ستَقِ ِ
173
4ال يجوز أخـذ مال اليتيـم وخاصـة مـن جانـب الوصـي ،
ويجوزـ أـن يأكـل مـن مال اليتيم بمـا يسد الرمـق ،ويجوز تنمية
هذا المال ،وأيضا ً علـى الوصـي رد ذلـك المال إذا بلـغ اليتيـم
سـن الرـشـد وأصـبح قادراً علـى التصـرـف فـي مالـه َ :وال تَ ْق َرُبوا
س ُن َحتَّى َي ْبلُ َغ َأ ُ
شدَّهُ . َأح ي ِ
ه ي ِ
ت َّ
ل ابِ الِإ ِ
يم ِ
ت ال ا ْل َي
َم َ
َ ْ َ
5إ*ن القرآ*ن وض*ع أس*ساً واضح*ة ف*ي بناء المجتم*ع
اإلس**المي واألخالق الحميدة ،فأم**ر بإتمام العه**د واعت**بر
أ**ن ُخل**ف الوع**د م**ن ص**فات المنافقي**ن َ .و َْأوفُوا ِبا ْل َع ْه ِد
سُؤ والً م
َ ْ ان
َ كَ د
َ ه
ْ ع
َ ل
ْ ا ن
َّ ِإ
الدكتور زهدي أبو نعمة 07:01 PM 3/10/23
من { ما ترشد إليه اآليات }
182
7ف * **يق***و*لـه* ت* **ع**ا **لى ِ :إ َّن َك َل**ْن تَ * * ْخِرَق ا * ْ*َألرَض ت* **علي*ل
ل**لنهيو*ف*يه* ت* **هكم* ب* **ا **لمختا **ل،
8و*ف*يإ*ظه*ار (ا **ألرض) وإ* عادته*ا عل*ى ا **إلضمار ح*ي*ثل* *م* ي* *ق*ل إ*ن
ق*
َ ر ِخ ْ * * ت
َ *ن ْ ل**
َ * ك
َ َّ
ن ِإ ا
ً ح*
ر م *ضِ ر*َأل* ا ي * * * *ِ
ف *شِ م * * ت
َ ال
* و ********يف *ا* **ه
ق *خر* *ت
ََ ْ ْ َ
ا * ْ*َألرَض ...ل**ز*يادة ا* *إليقاع و*ا * *لتقريع* ،ث * *م* إ*ن ا **الختيا **لك**بير*ة .
9ا **إلظه*ار ف * **يمقام* ا **إلضمار ف * **يق***و*ل*ه* ت* **ع**ا **لى َ :و * َْأوفُو*ا ِب * *ا *ْ*لَع ْه* ِد ِإَّ*ن
س*ُؤ و * ًال حي*ثأ*ظه*ر ل**ف*ظ ا***لعه*د ف*****يق***و*ل*ه* ( :إ*ن ا***لعه*د) و*كان هـ َد َك * َان َم ْ
ا***لَع ْ
ْ
م*ن ح*قـه* ا **إلضمـار ،و*ذل*ك ل**كما **لا***لعناي*ة ب* **شأن ا***لعه*د ،و*ق*ي*ل دف*ع *اً ل**تو*ه*م*
عود ا***لضمير إ***لىا* *إليفاء ا***لمفه*وم* من أوفو*ا .
الدكتور زهدي أبو نعمة 07:01 PM 3/10/23
الجوانب البالغية في النص القرآني
187
ض 10ا***لتهك*م* ف * **يق* *و*ل*ه* ت* **ع**ا **لىَ :و *ال تَ * * ْم ِش ِ*ف* * *يا * ْ*َأْلر ِ
َمَر*حاً ن **ه**تا* *آلي**ة ع*ن ا***لمش**يف * **خرا*ً و*ك**برا*ً ،ك**أن*ه* ق **ي**ل ال *
ت * *م*شف * **يم*ا هو عنص*رك ا***لغ**ا **لبعلي*ك ا **لذي ُخ*لق*تمن*ه* وإ* لي*ه*
ت* **ع**ود و**ه* **و ا **ألرضمشي* **ة ا***لمفاخ* **ر ا***لمتك* **بر ،ي **قول ا **لرس* **ول
" : ال * ي* **دخل ا***لجنة من ك**ان ف * **يق***لبه* مثقا **لذر*ة من ك**بر"
11ا* *إليجاز و*ا * *لبيان ف*****يق***و*لـه* ت* **ع**ا **لىَ :ذِل َك ِم َّم*ا َْأو َ*ح ى
ا***لِح ْك َم ِة ذل*ك إ*شار*ة إ***لى ك **ل م*ا ت* **قدم* ذكر*ه* م*ن ِإ َ ْلي َك َر*ُّب َك ِمَن ْ
ا***لتكا * *ليف ،و*سماها ح*كمة و**هيإ*جما * ً*ال-:
قال تعالى :يَـا َأ ُّي َهـا الَّ ِذي َنـ آ َمنُوا ال تَد ُْخلُوا بُيُوتا ً َغ ْي َر بُيُوتِ ُك ْمـ َحتَّـى
سـلِّ ُموا َعلَـى َأ ْهلِ َهـا َذلِ ُك ْمـ َخ ْي ٌر لَ ُك ْمـ لَ َعلَّ ُك ْمـ تَ َذ َّك ُرو َنـ فَِإ ـْن لَ ْمـ سوا َوتُ َسـتَْأنِ ُتَ ْ
ار ِج ُعوا تَ ِج ُدوا فِي َهـا َأ َحداً فَال تَد ُْخلُو َهـا َحتَّـى يُْؤ َذ َنـ لَ ُك ْمـ َوِإ ْنـ قِي َلـ لَ ُك ُمـ ْ
سـ َعلَ ْي ُك ْمـ ُجنَا ٌحـ َأ ـْن ار ِج ُعوا ُه َو َأ ْز َكـى لَ ُك ْمـ َوهَّللا ُ بِ َمـا تَ ْع َملُو َنـ َعلِي ٌمـ لَ ْي َ فَ ْ
عـ لَ ُك ْمـ َوهَّللا ُ يَ ْعلَ ُمـ َمـا تُ ْب ُدو َنـ َو َمـا سـ ُكونَ ٍة فِي َهـا َمتَا ٌ تَد ُْخلُوا بُيُوتا ً َغ ْي َر َم ْ
ون اآليات . 29-27 تَ ْكتُ ُم َ
أوالً :التحليل اللغوي :
تستأنسوا :تستأذنوا ،وقيل تطلبوا األنس من أهل البيت .
تسـلموا علـى أهلهـا :أ ي أ ن يقول الزائ ر لص احب ال بيت :الس الم عليك م
والتي تعني إعطاء صاحب البيت األمان إذا دخل بيته أح ٌد من الناس .
إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة 07:01 PM 3/10/23
التحليل اللغوي
فإن لــم تجدوا فيهــا أحداً فال تدخلوهــا :إ ن ل م تجدوا فيه ا أحداً م ن أه ل ال بيت
فارجعوا .
يؤذن لكم :يُسمح لكم
أزكى لكم :أفضل وأطهر وخير لكم من أن يأذنوا عن كراهية .
وهللا ـ بمــا تعملون عليــم :تذيي ل لهذه الوص ايا بتذكيره م بأ ن هللا علي م بأعماله م
ليزجرهم .
جناح :إثم .
غير مسكونة :غير معدة للسكنى .
متاعا ً لكم :حاجة لكم .
وهللا يعلـم ما تبدون ومـا كنتم تكتمون :تحذير لمن يدخل البيوت بغرض التجسس أو
أذى أهل البيت .
إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة 07:01 PM 3/10/23
عالقة اآليات بما قبلها
روى الطبري عن عـدي بن ثابت أن امـرأة من األنصار قالت :يا رسـول هللا
إني أكـون في بيتي على حال ال أحب أن يراني عليها أحد ال والد وال ولد وإنه
علي الرج ل م ن أهل ي وأن ا عل ى تل ك الحال فكي ف أص نع ؟ ّ ال يزال يدخـل
ينـ آ َمنُوا ال تَد ُْخلُوا بُيُوتا ً َغ ْي َر بُيُوتِ ُك ْمـ َحتَّـىفنزل ت اآلي ة األول ى يَـا َأيُّ َهـا الَّ ِذ َ
سوا ...فقـال أب و بك ر بع د نزول اآلي ة الس ابقة :ي ا رس ول هللا سـتَْأنِ ُ
تَ ْ
أفرأيت الحانات والمساكن من طرق الشام ليس فيها ساكن فأنزل هللا تعالى :
س ُكونَ ٍة. اح َأنْ تَد ُْخلُوا بُيُوتا ً َغ ْي َر َم ْس َعلَ ْي ُك ْم ُجنَ ٌ لَ ْي َ
يَـا َأ ُّي َهـا الَّ ِذي َنـ آ َمنُوا نداء من هللا لعباده المكلفين يشعرهم بدفء اإليمان حتى
يتهيئوا للعمل بمقتضى النص القرآني ،وقد نعتهم بصفة اإليمان لما في ذلك
م ن التكري م والرفع ة لشأنه م ،والخطاب بص يغة اإليمان يوص لنا بخص يصة
المجتمع اإليماني ويشعرنا باالنتماء إليه والوالء له .
سلِّ ُموا َعلَى َأ ْهلِ َها ستَْأنِ ُ
سوا َوتُ َ ال تَد ُْخلُوا بُيُوتا ً َغ ْي َر بُيُوتِ ُك ْم َحتَّى تَ ْ
*قوله :ال تَد ُْخلُوا بُيُوتا ً فيه نهي عن الدخول قبل االستئذان ،والنهي هنا
يفيد التحريم للقاعدة الفقهية "كل أمر للوجوب وكل نهي للتحريم" .
إذن يس تنبط م ن ذل ك أن ه يحرم عل ى المكل ف أ ن يدخ ل بيتا ً غي ر بيت ه حت ى
يستأذن .
*وقولـه ( :حت ى) حرف عط ف يفي د الغاية ،بمعنى أن ه إذا تحقق م ا بعده ا يتوقف
العمل بما قبلها ،فإذا وقع االستئذان يتوقف النهي عن الدخول .
*ما الحكمة من التعبير بقوله " :تسأنسوا" بدال من تستأذنوا ؟
أ -تأتي بمعنـى تستأذنوا .
ب -وتأتي بمعنى طلـب األنـس وهـو سـكون النفـس واطمئنان القلـب وزوال الوحشـة
وهـو خالف االسـتيحاش ألن المستأذن كالمستوحش ألنه ال يدري حينما يطرق باب
غيره ،هل سيؤذن له أم ال ؟ فإذا أذن له بالدخول استأنس وإن لم يؤذن له عاد من
حيث أتى .
ج -وقيل يأتي بمعنـى االسـتعالم ويدل عليه قوله تعالى :فَِإ ـْن آنَ ْ
سـتُ ْم ِم ْن ُه ْمـ ُرشْداً
(النس اء )6أ ي علمت م ،وجاء خطاب ه عل ى لس ان موس ى علي ه الس الم قول ه تعال ى :
ستُ نَاراً( النمل ) 7أي أبصرت وعلمت . ِإنِّي آنَ ْ
إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة 07:01 PM 3/10/23
الجوانب البالغية في اآليات
يؤخ ذ م ن اآليات الس ابقة بع ض األحكام الت ي يس تفيد منه ا المس لم ف ي أثناء
تعامله مع الناس في المجتمع اإلسالمي وهذه األحكام كاآلتي -:
-1وجوب السالم واإلستئذان .
سـلِّ ُموا َعلَـى َأ ْهلِ َهـا) :قال جمهور العلماء أ ن سـتَْأنِ ُ
سوا َوتُ َ قال تعال ى َ ( :حتَّـى تَ ْ
السالم من القادم حكمه الندب وأما االستئذان فحكمه الوجوب وعللوا ذلك بأن
االستئذان من أجل حفظ البصر وخوفا ً من وقوعه على عورات اآلخرين لذلك
كان واجبا ً .
أما السالم فهو من أجل تحقيق المحبة والمودة والتآلف بين الناس ويؤيد ذلك
ما جاء في الحديث الشريف عن أبي هريرة رضي هللا عنه قال :قال رسول
هللا " : ال تدخلوا الجنــة حتــى تؤمنوا وال تؤمنوا حتــى تحابوا ،أوال أدلكــم
على شيء إن فعلتموه تحاببتم ،أفشوا السالم بينكم" (أبو داود ) .
إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة 07:01 PM 3/10/23
من { ما ترشد إليه اآليات }
3 ك**يفي*ة ا **الس*تئذا*ن :م*ن ا* *آلدا*با***لشر*عي*ة أ**ن ي **جع*ل ا***لمس*تأذن ا***لبابع*ن ي **مين*ه* أ*و
ش **ما **له* ح*ت*ىال * ي* *ق*ع* ب * *ص*ر*ه* عل*ىما ي***كر*ه* أ*ه*ل ا***لبيتأ*ن ي * * ار*ه* منه*م* و*يدل عل*ىذلـك
م*ا ر*و*ا*ه* أ*ب**و داود ع*ن عبـد ا***هلل * ب*****ن ُب * *س**ر ق***ا **ل :ك**ان ر**س**ول ا***هلل * إذا أ*ت**ىب* **اب
ق* *و*م* ل* *م* ي* *س*تقبل ا***لبابم*ن ت* **لقاء و*جه*ه* و*لك*ن م*ن ر**كن*ه* ا* *أليم*ن أ*و ا* *أليس*ر ف * **يقول :
"ا***لسالم* عليكم* ا***لسالم* عليكم*" (أ*بيداود ) .
وذك*ر القرط*بي ذل*ك أل*ن ال*بيوت ل*م يك*ن عليه*ا يومئ*ذ س*تور أ*ي غي*ر مس*ورة ،
وروي ع*ن س*عيد ب*ن عبادة قال { :جئ*ت إل*ى الن*بي وه*و ف*ي بيت*ه فقم*ت مقاب*ل
الباب فاس*تأذنت فأشار إل ّي* أ*ن أتباع*د وقال :ه*ل االس*تئذان إال م*ن أج*ل النظ*ر ؟}
(أبي داود ) .
وهذا األدب اإلس **المي ينبغ***ي علين***ا التزام***ه حت***ى ول***و كان الباب مغلقاً فإن
الطارق إذا اس*تقبلها ق*د يق*ع بص*ره عن*د فت*ح الباب عل*ى م*ا ال يجوز االطالع علي*ه
،وجاء عن س*هل بن سعد أنه قال :قال رس*ول اهلل " : إنما ُجعل االستئذان من
. )
عليه متفق (
أجل البصر"
إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة 07:01 PM 3/10/23
من { ما ترشد إليه اآليات }
قولـه "فإن" الفاء حرف عطـف يفيـد "التفرع" بمعنـى أـن هذه اآليـة جاءـت
بأحكام شرعية تفريعا ً لما جاءت اآلية السابقة .
قال الزمخشري " :إن لـم تجدوا فيهـا أحداً مـن اآلذنيـن فال تدخلوا تلـك الـبيوت
واصـبروا حتـى تجدوا مـن يأذن لكـم" وقال أيضا ً " :يحتمـل فإن لـم تجدوا فيهـا
أحداً مـن أهلهـا ولكـم فيهـا حاجـة فال تدخلوهـا إال بإذن هللاـ" سـواء كان الباب
مغلقا ً أو مفتوحا ً ألن الشرع قد أغلقه بتحريم الدخول حتى يفتحه إال بإذن من
ربـه ،بـل يجـب عليهـم أـن يأتوا الباب ويحاولوا اإلذن علـى صـفة ال يطلعون
على البيت ال في إقبالهم وال في انقالبهم .
بمعنــى إن ُأمرتــم مــن جهــة أهــل الــبيت بالرجوع فارجعوا وال تلحوا
بتكرار االسـتئذان ،وال تلحوا فـي تسـهيل الحجاب ،وال تقفوا علـى األبواب
منتظريـن ألـن هذا ممـا يجلـب الكراهـة ويقدح فـي قلوب الناس ،خصـوصا ً
إذا كانوا ذوي مروءة ومرتاضين (متخلقين) باآلداب الحسنة
ُ ه َو َأ ْز َكـى لَ ُك ْمـ : فالرجوع هـو أطيـب لكـم وأطهـر لمـا فيـه مـن سـالمة
الصـدور والبعـد عـن الريبـة ،وهـو مـن ناحيـة أخرى أعظـم نفعا ً فـي المجتمـع
،وأنـه خيـر لمـا يحققـه مـن أسـباب المحافظـة علـى الصـالت الطيبـة بيـن
الناس باحترام األصــــدقاء واألقارب ألســــرارهم الشخصــــية وظروفهــــم
الخاصــة ،وعدم محاولــة اإلحراج وتقييــد زياراتهــم بأدب اإلســالم وخلــق
القرآـن ،لتحفـظ أواصـر المودة وتزداد ،فال يضيـق مزور بزائـر ،ولتعطـي
هذه الزيارات ثمراتهــا المباركــة فــي التواد والتعاون والتعارف والتراحــم
إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة
الناس . بين
07:01 PM 3/10/23
ار ِج ُعوا ُه َو َأ ْز َكى لَ ُك ْم َوهَّللا ُ بِ َما تَ ْع َملُ َ
ون َعلِي ٌم ار ِج ُعوا فَ ْ
وَِإنْ قِي َل لَ ُك ُم ْ
تحـث اآليـة علـى أدب رفيـع يتمثـل فـي الرجوع إذا طُلـب منـا أـن
نرجـع دون أـن نجـد فـي أنفسـنا غضاضـة ،ودون أـن نسـتشعر مـع
أهـل الـبيت إسـاءة إلينـا أـو نفرة منـا ،فإن مـن حـق كـل رـجـل إذا كان
ال يرـيـد مقابلـة أحـد أـن يأـبى مقابلتـه أـو يعتذر إليـه إن كان مشتغالً
بأمرـ يمنعه من الفراغ لمقابلته .
قوله تعالى َ :وهَّللا ُ بِ َما تَ ْع َملُ َ
ون َعلِي ٌم
توعــ ٌد ألهـل التجسـس علـى الـبيوت وطلـب الدخول علـى غفلـة للمعاصـي ،
والنظـر إلـى مـا ال يحـل وال يجوز النظـر إليـه ،وتوع ٌد أيضا ً لغيرهـم ممـن يقـع
في محظور.
روي أـن بعـض الناس لمـا نزلـت آيـة االسـتئذان تعمـق فـي األمـر ،فكان ال
يأتي موضعا ً خربا ً وال مسكونا ً إال سلم واستأذن ؛ فنزلت اآلية.
حـ أـي ليـس عليكـم إثـم أـو حرج إذا دخلتـم سـ َعلَ ْيك ـُ ْم ُجنَا ٌ
وقولــه لَ ْي َ
بيوتا ً ليس لها أهل أو أصحاب يسكنونها ألنها بيوت عامة .
سـ ُكونَ ٍة فالفنادق وحوانيـت البائعيـن والحمامات وقولــهبُيُوتا ً َغ ْي َر َم ْ
والخرابات .
عـ لَ ُك ْمـ المتاع فـي كالم العرب المنفعـة ومنـه أمتـع هللاـ بـك ، قولـه َ متَا ٌ
ومنـه و"متعوهـن" والمراد بالمتاع هنـا فـي هذا الموضـع االسـتظالل مـن
الح ِّر وحفظ السلع أو االستحمام أو المبيت وغير ذلك من المنافع .
صــا ِرـ ِه ْم َويَ ْحفَظُوا ضوا ِم ْنــَأ ْب َ قال تعال ى :قُ ْلــ لِ ْل ُمْؤ ِمنِ َ
ينــيَ ُغ ُّ
ون َوقُ ْلـ لِ ْل ُمْؤ ِمنَاتِـ صـنَ ُع َ وج ُه ْمـ َذلِ َكـ َأ ْز َكـى لَ ُه ْمـ ِإ َّـن هَّللا َ َخبِي ٌر بِ َمـا يَ ْ فُ ُر َ
وج ُه َّـن َوال يُ ْب ِدي َنـ ِزينَتَ ُه َّـن ِإال صـا ِرـ ِه َّن َويَ ْحفَ ْظ َنـ فُ ُر َ ض َنـ ِم ْنـ َأ ْب َ ض ْ يَ ْغ ُ
ض ِر ْب َنــ بِ ُخ ُم ِر ِه َّنــ َعلَــى ُجيُوبِ ِه َّنــ َوال يُ ْب ِد َ
ينــ َمــا ظَ َه َر ِم ْن َهــا َو ْليَ ْ
اءـ بُ ُعولَتِ ِه َّنـ َأ ْو َأ ْبنَاِئ ِه َّنـ َأ ْو
ِزينَتَ ُه َّنـ ِإال لِبُ ُعولَتِ ِه َّنـ َأ ْو آبَاِئ ِه َّنـ َأ ْو آبَ ِ
َأ ْبنَا ِءـ بُ ُعولَتِ ِه َّـن َأ ْو ِإ ْخ َوانِ ِه َّـن َأ ْو بَنِـي ِإ ْخ َوانِ ِه َّـن َأ ْو بَنِـي َأ َخ َواتِ ِه َّـن َأ ْو
نـ ينـ َغ ْي ِر ُأولِـي اِإل ْربَ ِةـ ِم َ ن َأ ِو التَّابِ ِع َسـاِئ ِه َّن َأ ْو َمـا َملَ َك ْتـ َأ ْي َمانُ ُه َّـ نِ َ
س ـا ِء َوال ين ـ لَ ْم ـيَ ْظ َه ُروا َعلَــى َع ْو َر ِ
ات ـالنِّ َ ال ـَأ ِو الطِّ ْف ِل ـ الَّ ِذ َ ال ِّر َج ِ
ينـ ِم ْنـ ِزينَتِ ِه َّنـ َوتُوبُوا ِإلَـى هَّللا ِ ض ِر ْب َنـ بَِأ ْر ُجلِ ِه َّنـ لِيُ ْعلَ َمـ َمـا يُ ْخفِ َ يَ ْ
ون اآليات . 31-30
إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة
ون لَ َعلَّ ُك ْم تُ ْفلِ ُح َ ِ 3/10/23مPMيعا ً َأ ُّي
َ 07:01ها ا ْل ُمْؤ ِمنُ َ َج
التحليل اللغوي
قولـه تعالـى َ :أ ْز َكـى لَ ُهـم : بمعنـى أطهـر لقلوبهـم وهـي مأخوذة مـن الزكاة
بمعنـى الطهارة والنقاء والزيادة ،فحينمـا تقول زكـا الزرع إذا حصـل منـه نمـو
أـو بركـة وزكـت النفقـة إذا بورك فيهـا وقبلـت عنـد هللاـ ورجـل زكـى أـي كثيـر
الخيـر ،قال تعالـى َ :و َم ـْن تَ َز َّكـى فَِإنَّ َمـا يَتَ َز َّكـى لِنَ ْف ِ
سـ ِه فاآليـة تعنـي أـن مـن
غض بصره وحفظ فرجه فهو خير له وأفضل في الدنيا واآلخرة .
ون : أـي أـن هللاـ تبارك وتعالـى يعلـم بواطـن صـنَ ُع َ وقولــه َ :خبِي ٌر بِ َمـا يَ ْ
األمور واألشياء وال يخفـى عليـه شيـء فـي األرض وال فـي السـماء ،فيعلـم مـا
تصـنع باألبصـار والفروج ،وفـي هذا وعيـد وتهديـد لمـن يخالـف ويبتعـد عـن أمـر
هللا أو يحيد عنه ويعصيه في ارتكاب المحرمات .
زينتهـن :الزينــة هـي كـل مـا تتزيـن بـه المرأـة مـن الثياب أـو الحلـي أـو الكحـل أـو
الخضاب وغيرهـا أـو مـا يُعـبر عنـه بلفـظ "التجميـل" والزينـة المقصـودة فـي اآليـة تنقسـم
إلى قسمين -:
-1 الزينة الخفية الباطنة :
وهـي كالسـوارين والقرطيـن والقالئـد والخالخيـل واإلكليـل ،فهذه الزينـة يجـب سـترها
عــن األجانــب ألنــه يحرم عليهــم النظــر إليهــا ،أمــا ذو المحارم بالنســبة لهذه الزينــة
فالزوج يجوز لــه النظــر إليهــا والتلذذ بزينــة زوجتــه ،أمــا غيره مــن اآلباء واألبناء
واألخوة فيجوز لهـم النظـر ويحرم التلذذ ،فقـد روي أـن الحسـن والحسـين كانـا يدخالن
علـى خالتهـم أـم كلثوم وهـي تمتشـط فقـد قال صـاحب المغنـي " :يجوز للرجـل أـن ينظـر مـن
ذوات محارمه إلى ما يظهر غالبا ً كالرقبة والرأس والكفين والرجلين ونحو ذلك وليس
له النظر إلى ما يستتر غالبا ً كالصدر والظهر ونحوهما" .
-3ومـن هذه األسـرار تقديـم غـض البصـر علـى حفـظ الفروج فـي اآليتيـن ألـن
النظر بريد الزنا ورائد الفجور ويلهب نار الحب الذي يدفع إلى ارتكاب المحرم
-4جاء أفعـل التفضيـل للمبالغـة فـي قولـه تعالـى َ :أ ْز َكـى لَهُمْـ أـي أـن غـض
البصـر وحفـظ الفرج فيـه الطهارة للمؤمـن مـن دنـس الرذائـل وأفضـل مـن الوقوع
في اآلثام والمحرمات والمنكرات .
قولــه َ :و ْليَ ْ
ض ِر ْب َنـ بِ ُخ ُم ِر ِه َّـن َعلَـى ُجيُوبِ ِه َّـن أـي وليلقيـن بخمرهـن وهـو جمـع
خمار والخمار هو القناع أو غطاء الرأس ،
وقولــه َ :علَــى ُجيُوبِ ِهنَّ ـ جمــع جيــب وهــي الفتحــة التــي تكون فــي طوق
القميـص ويبدو منهـا صـدورهن ،فقـد أمـر هللاـ النسـاء بإلقاء الخمار علـى الرأـس
والصــدر لســترها ،وكنــى عــن الصـــدر بالجيوب ألنهــا ملبوســة عليهــا وعليــه
فالمراد العام مـن اآليـة :أـن هللاـ أمرهـن بســتر شــعورهن وأعناقهـن وصـدورهن
بالخمار لكي ال يرى منها أي شيء .
إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة 07:01 PM 3/10/23
ض ِر ْب َن بِ ُخ ُم ِر ِهنَّ َعلَى ُجيُوبِ ِهنَّ يـن ِزينَتَ ُهنَّ ِإال َما َ
ظ َه َر ِم ْن َها َو ْليَ ْ * َ وال يُ ْب ِد َ
ين ِزينَتَ ُه َّن ِإال لِبُ ُعولَتِ ِه َّن...
َوال يُ ْب ِد َ
اج َكـوأمـا التـي فـي سـورة األحزاب فقولـه تعالـى :يَـا َأ ُّي َهـا النَّ ِب ُّـي قُ ْلـ َأل ْز َو ِ
سـا ِء ا ْل ُمْؤ ِم ِني َنـ يُ ْدنِي َنـ َعلَ ْي ِه َّـن ِم ْنـ َجالبِيبِ ِه َّـن َذ ِل ـَك َأ ْدنَـى َأ ْنـ يُ ْع َر ْف َنـ
َوبَنَا ِت ـَك َو ِن َ
فَال يُْؤ َذ ْي َنـ َو َكا َنـ هَّللا ُ َغفُوراً َر ِحيما ً( األحزاب )59تشيـر هذه اآليـة إلـى أـن
هللاـ سـبحانه وتعالـى أمـر نـبيه أـن يأمـر نسـاءه وبناتـه ونسـاء المؤمنيـن
عامـة إذا خرجـن لحاجتهـن أـن يغطيـن أجسـامهن ورؤوســهن وجيوبهـن
كاســ ،فيميزهــن هذا الزي ويجعلهــن فــي مأمــن مــن تلصــص ٍ بجلباب
الفساق ،فإن معرفتهن وحشمتهن معا ً تلقيان الخجل والتحرج .
وقد توعد النبي التي تخرج كاسية عارية بقوله " :نساء كاسيات
عاريات مائالت مميالت رؤوسهن مثل أسنمة البخت ال يدخلن الجنة وال
يجدن ريحها" .
ولقـد بينـت لنـا الشريعـة اإلسـالمية حدود مـا سـمحت بـه مـن إبداء الزينـة
وفـق مـا تقتضيـه الفطرة اإلنسـانية السـليمة والعقـل السـليم ،وعلـى وفـق مـا
يؤ ِّمـن عدم الفتنـة ودفـع الفواحـش والحفاظ علـى األخالق ،يقول الرسـول
الكريـم " يـا أسـماء إذا بلغـت المرأـة المحيـض فإنـه ال يجوز أـن يظهـر
منهـا إال الوجـه والكفان" (الموطــأ ) ،وفـي روايـة { إال هذا وهذا وأشار إلـى
الوجه والكفين }.
هذا وإن المرأــة التــي هتكــت ســتر الحجاب قــد هتكــت ســتر العفــة مــن
جســـدها ،وهتكــت الحاجــز الذي وضعــه اإلســالم بينهــا وبيــن المعاصــي
والمزالـق ،بـل إنهـا أخرجـت تلـك الجوهرة المكنونـة التـي عمـل اإلسـالم
جاهداً علـى أـن ال تمسـهـا إال يـد صـاحبهـا وال تنظــر إليهـا بعيـن الشهوة
والتمني إال عين زوجها
إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة 07:01 PM 3/10/23
ض ِر ْب َن بِ ُخ ُم ِر ِهنَّ َعلَى ُجيُوبِ ِهنَّ يـن ِزينَتَ ُهنَّ ِإال َما َ
ظ َه َر ِم ْن َها َو ْليَ ْ * َ وال يُ ْب ِد َ
ين ِزينَتَ ُه َّن ِإال لِبُ ُعولَتِ ِه َّن...
َوال يُ ْب ِد َ
إن اإلسـالم الذي فرض الحجاب صـان شرف المرأـة وعفتهـا ،وأحاطهـا بهالـة
مـن القدسـية الخلقيـة ،وإن المرأـة التـي خلعـت ثياب السـتر والعفـة قـد أعطـت
نفسـها صـفة المرأـة المسـتهترة بالقيـم والمعانـي المثاليـة ،ممـا يدفـع النفوس
الخبيثـة أـن تطمـع فـي الوصـول إليهـا ،كمـا أنهـا سـمحت ألعيـن أصـحاب تلـك
النفوس التـي خلـت مـن كثيـر مـن معانـي الرجولـة والغيرة ،أـن تتلصـص عليهـا ،
(الحاكم)
يقول الرسول ":النظرة سهم مسموم من سهام الشيطان"
وقولـه ":لتغضـن أبصـاركم ولتحفظـن فروجكـم أـو ليكسـفن هللاـ وجوهكـم"
(الطـبراني)
ولوال كشـف الحجاب والتعري وإبداء الزينـة لمـا اسـتطاع أمثال هؤالء الذئاب
مـن معرفـة تلـك النسـوة ،وال تجرءوا علـى مالحقتهـن أـو االقتراب مـن إحداهـن ،
إن الحجاب الذي أمـر بـه اإلسـالم هـو عنوان عفـة المرأـة وطهارتهـا ،ودليـل علـى
أنها من المؤمنات اللواتي امتألت قلوبهن باإليمان ونبذن كل مدخل للشيطان .
إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة
07:01 PM 3/10/23
ض ِر ْب َن بِ ُخ ُم ِر ِهنَّ َعلَى ُجيُوبِ ِهنَّ يـن ِزينَتَ ُهنَّ ِإال َما َ
ظ َه َر ِم ْن َها َو ْليَ ْ * َ وال يُ ْب ِد َ
ين ِزينَتَ ُه َّن ِإال لِبُ ُعولَتِ ِه َّن...
َوال يُ ْب ِد َ
بخراً أـو معطراً ،وذلـك لمـا فيـه مـن تحريـك للشهوة 5أال يكون اللباس ُم ّ
حيث
امرأةـ اســتعطرت فمرت علــى قوم ليجدوا منهــا ريحا ً فهــيٍ قال " : أيُّمــا
زانية" (حسنه الترمذي) .
(مسلم)
قال "أيما امرأة أصابت بخوراً فال تشهد معنا العشاء اآلخرة"
6أال يشبـه لباس المرأـة لباس الرجـل :فقـد لعـن رسـول هللاـ rالرجـل
يلبس لباس المرأة والمرأة تلبس لباس الرجل .
وقال"ثالثـة ال يدخلون الجنـة وال ينظـر هللاـ إليهـم يوم القيامــة :العاق
لوالديه ،والمرأة المترجلة المتشبهة بالرجال والديوث" (الحاكم) .
وقــال بعـض العلمــاء :ســواء كان التشبـه فـي المالبـس أـو الشعـر أـو
األحذية أو نحوها .
إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة 07:01 PM 3/10/23
ين ِزينَتـَ ُهنَّ ِإال يـن ِزينَتَ ُهنَّ ِإال َما ظَ َه َر ِم ْن َها َو ْليَ ْ
ض ِر ْب َن بِ ُخ ُم ِر ِهنَّ َعلَى ُجيُوبِ ِهنَّ َوال يُ ْب ِد َ * َ وال يُ ْب ِد َ
لِبُ ُعولَتِ ِهنَّ ...
لذلـك نقول :إن الحجاب هـو شعار المرأـة المسـلمة ودليـل علـى االحترام
واالحتشام وعنوان لشخصـيتها الحضاريـة ،يميزهـا مـن باقـي النسـاء غيـر
الملتزمات بهذا اللباس ،وعلـى هذا نطالـب النسـاء فـي المجتمـع اإلسـالمي
أــن يلتزمــن بهذا اللباس الشرعــي حتــى يتميــز المجتمــع اإلســالمي عــن
المجتمعات األخرى .
والالم في "يضربن" الم األمر ،دليل على وجوب اتباع األمر الرباني
والباء فـي قولـه "بخمرهـن" لتأكيـد اللصـوق للمبالغـة فـي إحكام وضـع
الخمار علـى الجيـب زيــادة علـى المبالغـة المسـتفادة مـن فعـل "يضربـن"
وعدى الفعل بعلى لتضمنه معنى الوضع واإللقاء ،وقيل معنى التشديد في
الوضع .
إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة 07:01 PM 3/10/23
لِبُ ُعولَ ِت ِهنَّ َأ ْو َآبَاِئ ِهنَّ َأ ْو َآبَا ِء بُ ُعولَتِ ِهنَّ َأ ْو َأ ْبنَاِئ ِهنَّ َأ ْو َأ ْبنَا ِء بُ ُعولَتِ ِهنَّ َأ ْو ِإ ْخ َوانِ ِهنَّ َأ ْو ين ِزينَتَ ُهنَّ ِإاَّل
َ واَل يُ ْب ِد َ
ين َغ ْي ِر ُأولِي اِإل ْربَ ِة ِم َن ِّ
الر َجال ساِئ ِهنَّ َأ ْو َما َملَ َكتْ َأ ْي َمانُهُنَّ َأ ِو التَّابِ ِع َ َأ ْو بَنِي َأ َخ َواتِ ِهنَّ َأ ْو نِ َ بَنِي ِإ ْخ َوانِ ِهنَّ
والمراد باآليـة أـن علـى النسـاء أـن ال يبديــن زينتهــن لمماليكهــن وال
لتُباعهـن إال أـن يكونوا غيـر أولـي اإلربـة أـي غيـر ذوي الحاجات إلـى
النسـاء كالمذكوريـن سـابقا ً وهـم الذيـن ال يدركون مـن األمور الجنسـية
شيئا ً .
*أــو الطفــل الذيــن لــم يظهروا علــى عورات النســاء :الطفــل هــو
الصـغير الناعـم الذي لـم يبلـغ الحلـم ،وكلمـة الطفـل تعنـي الجمـع كمـا
يراد بهـا المفرد مثـل كلمـة "ضيـف" والمراد بهـا فـي اآليـة الجمـع ألنـه
جاء بواو الجماعة أو الطفل "الذين لم يظهروا" وهم األطفال الذين لم
يعرفوا الشهوة ولـم يدركوا معانـي الجنـس لصـغر أعمارهـم ولذلـك ال
حرج من إبداء الزينة أمامهم وال حرج من دخولهم على النساء
إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة 07:01 PM 3/10/23
ين ِزينَتَ ُهنَّ ِإاَّل لِبُ ُعولَتِ ِهنَّ َأ ْو َآبَاِئ ِهنَّ َأ ْو َآبَا ِء بُ ُعولَتِ ِهنَّ َأ ْو َأ ْبنَاِئ ِهنَّ َأ ْو َأ ْبنَا ِء بُ ُعولَ ِت ِهنَّ َأ ْو ِإ ْخ َوانِ ِهنَّ َأ ْو
َ واَل يُ ْب ِد َ
الر َجال ِ ين َغ ْي ِر ُأولِي اِإل ْربَ ِة ِم َن ِّ ساِئ ِهنَّ َأ ْو َما َملَ َكتْ َأ ْي َمانُ ُهنَّ َأ ِو التَّابِ ِع َ بَنِي ِإ ْخ َوانِ ِهنَّ َأ ْو بَنِي َأ َخ َواتِ ِهنَّ َأ ْو نِ َ
وإن كان مرـاهقا ً أـو قريبا ً مـن المراهقـة بحيـث يعرف ذلـك ويدركـه
ويسـتطيع التفرـيـق بيـن الشوهاء والحسـناء فال يجوز لـه الدخول
علـى النسـاء حيـث جاء فـي الصـحيحين عـن عقبـة بـن عامـر رـضـي
هللاـ عنـه أـن رسـول هللاـ قــال " :إياكـم والدخــول علـى النسـاء" !
رجلــمــن األنصــار :أفرأيــت الحمــو ؟ قال " : الحمــوٌ فقـــال
الموت" (متفق عليه ) .
ون: *وقوله تعالى َ :وتُوبُوا ِإلَى هَّللا ِ َج ِميعا ً َأيُّ َها ا ْل ُمْؤ ِمنُ َ
ون لَ َعلَّ ُك ْم تُ ْفلِ ُح َ
هذا أحسـن مـا تختـم بـه األوامـر والنواهـي الموجهـة إلـى المؤمنيـن والمؤمنات ،
يأمرهــم جميعا ً بالتوبــة إلــى هللاـ وبهذا التوجيــه الكريــم دعوة للمجتمــع المســلم
ليتميـز بتوبتـه ومفارقتـه للجاهليـة بأخالقهـا وصـورها وألوانهـا ،وبيان أـن الفالح
والفوز ال ينال إال بمجاهدة النفـس حتـى تلتزم منهـج هللاـ تعالـى وتدرك مـا فرطـت
فـي جنبـه تعالـى فتتطهـر القلوب والجوارح ،وتزكـو النفوس واألعمال ،ويقام
مجتمع اإليمان والعفة والستر والطهر والفالح ،والفوز في الدنيا واآلخرة .
وفــي تكريــر الخطاب أيهــا المؤمنون تأكيــد لإليجاب وإيذان بأــن وصـف اإليمان
موجب لالمتثال حتما ً ،وفي هذا دليل على أن المعاصي ال تُخرج عن اإليمان .
-3 قوله ( :أنكحوا) ؟
قيل المخاطب هم األزواج .
وقيل :هم األولياء من قريب أو بعيد ،والصحيح أن المراد بالخطاب هم األولياء ،
ألنـه قال :أنكحوا بالهمـز ،ولـو أراد األزواج لقال ذلـك بغيـر الهمـز ،وكانـت األلـف
للوصـل ،وعلـى هذا يكون األمـر لألولياء والسـادة بتزويـج مـن ال زوج لـه مـن األحرار
والحرائــر ،والمراد مــن النكاح المعاونــة والتوســط فــي اإلنكاح ،لتتحقــق حكمــة
التشريع ببناء المجتمع وتحصينه من الفاحشة .
قال القرطـبي :وفـي هذا دليـل علـى أـن المرأـة ليـس لهـا أـن تُنكـح نفسـها بغيـر ولـي
وهو قول أكثر العلماء.
واختلـف العلماء فـي صـيغة األمـر الواردة فـي قولـه تعالـى ( :وأنكحوا) علـى ثالثـة
أقوال ،وقال الفقهاء :يختلـف الحكـم فـي ذلـك باختالف حال المرء مـن خوفـه العنـت
وعدم صبره ،ومن قوته على الصبر وزوال خشية العنت عنه .واألقوال هي :
إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة 07:01 PM 3/10/23
ين ِمنْ ِعبَا ِد ُك ْم وَِإ َماِئ ُك ْم ِإنْ يَ ُكونُوا فُقَ َرا َء يُ ْغنِ ِه ُم هَّللا ُ ِمنْ فَ ْ
ض ِل ِه َوهَّللا ُ َ وَأ ْن ِك ُحوا اَأليَا َمى ِم ْن ُك ْم َوال َّ
صا ِل ِح َ
اس ٌع َعلِي ٌم َو ِ
القول األول :يكون الزواج واجبا ً علـى المرء إذا خاف الهالك فـي الديـن أـو
الدنيا أو فيهما وكان يملك مؤونة الزواج المادية والبدنية .
القول الثانـي :قال الشافعـي :يكون الزواج مباحا ً إذا لـم يخـش الوقوع فـي
الزنا ،وكان لمجرد قضاء الشهوة .
القول الثالث :قال أبو حنيفة ومالك أنه مستحب .
وقـد حضـت السـنة النبويـة الشريفـة علـى الزواج بأحاديـث كثيرة منهـا قول
الرسـول " :يـا معشـر الشباب مـن اسـتطاع منكـم الباءـة () فليتزوج ،فإنـه
أغــض للبصــر وأحصــن للفرج ،ومــن لــم يســتطع فعليــه بالصــوم فإنــه لــه
وجاء" .
ين ِمنْ ِعبَا ِد ُك ْم َوِإ َماِئ ُك ْم: *قوله تعالى َ :وال َّ
صالِ ِح َ
إن تحصـين المجتمـع يقتضـي تحصـين أفراده جميعا ً أحراراً وعـبيداً ،أغنياء
ين ِم ْنـ ِعبَا ِد ُك ْمـ َوِإ َماِئ ُكم ْـ توجيـه إلـى الصـالِ ِح َ وفقراء ،وفـي قولـه تعالـى َ :و َّ
أسـاس الصـالح فـي إقامـة األسـرة والحياة الزوجيـة ،فالصـالحون مـن األرقاء
القادرون علـى تحمـل أعباء الحياة الزوجيـة ،المعروفون بحسـن سـيرتهم ،هـم
الذيــن يُز َّوجون ؛ ألــن فــي زواجهــم تحصــينا ً لهــم وتوفيراً ألســباب الطمأنينــة
والخيـر فـيـ المجتمـع ،أمـا غيـر الصـالحين فزواجهـم عبـء علـى سـادتهم وعبـء
على مجتمعهم .
وفي اشتراط الصالح في العبيد دون األحرار ما يفيد أن األحرار يكونون عادة
مـن الصـالحين القادريـن علـى تحمـل أعباء الحياة الزوجيـة ،وهـم وحدهـم الذيـن
يتحملون مسئولية بناء األسرة وتكاليفها .
إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة 07:01 PM 3/10/23
ين ِمنْ ِعبَا ِد ُك ْم وَِإ َماِئ ُك ْم ِإنْ يَ ُكونُوا فُقَ َرا َء يُ ْغنِ ِه ُم هَّللا ُ ِمنْ فَ ْ
ض ِل ِه َوهَّللا ُ َ وَأ ْن ِك ُحوا اَأليَا َمى ِم ْن ُك ْم َوال َّ
صا ِل ِح َ
اس ٌع َعلِي ٌم َو ِ
وفـي الحديـث عـن رسـول هللاـ " : ثالثـة حـق علـى هللاـ عونهـم :
الناكـح يريـد العفاف ،والمكاتـب يريـد األداء ،والمجاهـد فـي سـبيل
هللا" (صحيح النسائي) .
إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة 07:01 PM 3/10/23
ين ِمنْ ِعبَا ِد ُك ْم وَِإ َماِئ ُك ْم ِإنْ يَ ُكونُوا فُقَ َرا َء يُ ْغنِ ِه ُم هَّللا ُ ِمنْ فَ ْ
ض ِل ِه َوهَّللا ُ َ وَأ ْن ِك ُحوا اَأليَا َمى ِم ْن ُك ْم َوال َّ
صا ِل ِح َ
اس ٌع َعلِي ٌم َو ِ
الزواج مسـئولية وأمانـة،ومـن تاقـت نفسـه إلـى النكاح ولـم يملـك قدراتـه
الماديـة التـي تؤهلـه للنكاح كالمهـر والنفقـة والمسـكن فعليـه باالسـتعفاف ،
أي بالصبر حتى يغنيه هللا تعالى من فضله فيجد ما يتزوج به.
والتعفـف يكون عـن طريـق ضبـط النفـس ،وحفـظ الجوارح والحواس
عـن االسـترسال فـي طريـق الشهوات ،واالسـتعانة علـى ذلـك تكون بالصـوم
وذكــر هللاـ وتالوة القرآــن ،وبذل الجهــد بالطاعات ،وملــء الوقــت بالعلــم
واألعمال الصـالحة () وفـي هذا المعنـى قال الرسـول الكريـم " : rيـا معشـر
الشباب مـن اسـتطاع منكـم الباءـة فليتزوج ،ومـن لـم يسـتطع فعليـه بالصـوم
فإنه له وجاء" (البخاري) .
عف
َّـ هذا وفـي قولـه تعالـى َ :حتَّـى يُ ْغنِيَ ُه ُمـ هَّللا ُ ِم ْنـ فَ ْ
ضلِه ِـ وعـد لمـن
وصبر بأن يوسع هللا تعالى عليه ويغنيه من فضله ،وييسر له أسباب الزواج الحالل
إعداد الدكتور زهدي أبو نعمة 07:01 PM 3/10/23
المقطع الرابع
الحض على مكاتبة الرقيق ،وبيان خطورة انتشار الفاحشة
واستدل أصحاب القول األول على قولهم بما روي عن عمر بن الخطاب –
رضي هللا عنه – وهو أنه أمر أنس بن مالك أن يكاتب سيرين أبا محمد بن
سيرين الفقيه المحدث الشهير ،فأبى ،فرفع عليه الدرة وضربه وقال :
فَ َكاتِبُو ُه ْم ِإنْ َعلِ ْمتُ ْم فِي ِه ْم َخ ْيراً وحلف عليه بالمكاتبة () .
ووجه االستدالل بهذا األثر أن ذلك لم يكن فعالً من رأي عمر الخاص ،ويدل
على أنه قد فعله على مشهد من الصحابة حيث لم ينكر عليه ذلك أحد منهم .
)(موسوعة فقه عمر بن الخطاب – محمد روس قلعة جي – ص . 240
*فيه األمر للسادة بأن يضعوا عن عبيدهم جزءاً من مال المكاتبة ،فقد ثبت
بغير طريق واحد أن الصحابة – رضوان هللا عليهم – كانوا يضعون عن
مكاتبيهم جزءاً كبيراً مما عليهم من مال الكتابة ،حتى إن عليا ً – رضي هللا
عنه – كان يضع دوما ً الربع من مال المكاتبة ،وقـال عن قولـه تعالـى :
ال هَّللا ِ الَّ ِذي آتَا ُك ْم هو ربع المكاتبة () .
َ وآتُو ُه ْم ِمنْ َم ِ
)(تفسير الطبري – ج 18ص 129وما بعدها .
* وفيه األمر لعامة المسلمين بأن يساعدوا بسعة قلوبهم أيما مكاتب يطلب منهم
المعونة ألداء ما عليه من مال الكتابة ،ومن المعلوم أن للمملوكين أحد األسهم الثمانية
من مصارف الزكاة المذكـورة في القـرآن الكريم لمال الزكاة () ،يقول تعالى ِ :إنَّ َما
ين َعلَ ْي َها َوا ْل ُمَؤ لَّفَ ِة قُلُوبُ ُه ْم َوفِي ال ِّرقَاب )( أي ص َدقَاتُ لِ ْلفُقَ َرا ِء َوا ْل َم َ
سا ِكي ِن َوا ْل َعا ِملِ َ ال َّ
لتحرير رقاب العبيد من الرق ،وفك الرقبة من أعظـم العبـادات وأكبـر القربات عند
هللا تعالى ،يقول تعالى :فَال ا ْقتَ َح َم ا ْل َعقَبَةَ َو َما َأ ْد َرا َك َما ا ْل َعقَبَةُ فَكُّ َرقَبَ ٍة. )(
وفيه األمر للدولة بإنفاق جزء مما يرد على بيت مالها من المال للمكاتبين () .
)( تفسير سورة النور – المودودي – ص . 187
)( سورة التوبة – اآلية . 60
)( سورة البلد – اآلية . 13
)( تفسير سورة النور – المودودي – ص . 187
وإلـى هذا المعنـى أشار ابـن العربـي فقال :إنمـا ذكـر هللاـ تعالـى
إرادة التحصـن مـن المرـأـة ألـن ذلـك هـو الذي يصـور اإلكرـاه ،فأمـا
فحصلوه .
ِّ إذا كانت هي رـاغبة في الزنا لم يتصورـ إكراه ،
وعلـى هذا يمكـن القول :إن اإلكراه علـى الزنـا حرام ،وإن لـم
يُرد التحصـن ،وإن قلـت فمـا فائدة ذكـرـ الشرـط فـي اآليـة ؟ قلـت :
زـيادة فـي المبالغـة والتشنيـع علـى مـن يكرههـن ،يعنـي أنهـن إن
أردن العفـة فالسـيد أحـق بإرـادتهـا ،فال يكرههـن ،وهذا مـا أشارـ
إليه أبو السعود .
اةـ ال ُّد ْنيَـا كشـف القناع عـن رغباتهـم مـن ضـ ا ْل َحيَ ِ قولـه تعالـى :لِتَ ْبتَ ُغوا َع َر َ
الوقوع فـي هذه المخازي ،وذلـك أخـس غايـة وأحقـر غرض ،فالسـيد كان يحصـل
علـى المال نظيـر إكراهـه فتياتـه علـى الزنـا ،وقيـل :كان السـيد يسـترق الولـد ثـم
يـبيعه ،وقيـل كان الزانـي يفتدي ولده مـن المزنـي بهـا بمائـة مـن اإلبـل يدفعهـا علـى
السيد .
قوله تعالى َ :و َمنْ يُ ْك ِر ْه ُهنَّ فَِإنَّ هَّللا َ ِمنْ بَ ْع ِد ِإ ْك َرا ِه ِهنَّ َغفُو ٌر َر ِحي ٌم.
أـي ومـن يكرههـن مـن السـادة فإن هللاـ غفور رحيـم لألمـة المكرهـة وليـس للسـيد
المكره .
وعلـق أمــر المكرهــات بمغفرتــه ورحمتـه لدعوتهـن إلـى التمسـك بمـا أروق مـن
التحصـن واالسـتقصام فـي الدفــاع عـن شــرفهن وأال يقعـن فـي مـا أكرهـن عليـه إال
وهن مكرهات .
يـــهَّللا ِ
معنـــى التقدم فـــي قولـــه تعالـــى :ال تُقَ ِّد ُموا بَ ْي َنـــ يَ َد ِ
سولِ ِه مأخوذ التقديم ،أي ال تتجاوزوا أمر هللا ورسوله بقول أو فعل َو َرـ ُ
أــو مــن التقدم أــي ارتفاع األمــر وعلــو الشأــن ،أــي ال تجعلوا
ألنفسكم تقدما ً ورأيا ً عنده .
والمعنـى :أـي ال تعجلوا باألمـر والنهـي دونـه ،وال تتركوا أمره
وتتجاوزوه إلـى غيره ،وال تخالفوا نهيـه كذلـك ،وال تسـتبدوا باألمـرـ
الذي ترونـه وتعرضوا عـن أم ـرـه ،وال ترتفعوا عليـه فـي حضرـتـه،
وال تقدموا أعمال الطاعات عن أوقاتها التي حددها لكم
-2روي عـن أنـس بـن مالـك لمـا نزلـت هذه اآليـة ال تَ ْرفَ ُعوا َأ ْ
صـ َواتَ ُك ْم
قال ثابـت بـن قيـس : أنـا الذي كنـت أرفـع صـوتي فوق صـوت النـبي ،
وأنا من أهل النار ،فذكر ذلك لرسول هللا فقال هو من أهل الجنة.
لــلقرآـ .ن
إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة 07:02 PM 3/10/23
ت النَّبِ ِّي َوال تَ ْجهـ َ ُروا لَهُص ْو ِق َ ص َواتَ ُك ْم فَ ْو َ ين آ َمنُوا ال تَ ْرفَ ُعوا َأ ْقال تعالى :يَا َأيُّ َها الَّ ِذ َ
ون ش ُع ُر َ ض َأنْ تَ ْحبَطَ َأ ْع َمالُ ُك ْم َوَأ ْنتُ ْم ال تَ ْ بِا ْلقَ ْو ِل َك َج ْه ِر بَ ْع ِ
ض ُك ْم لِبَ ْع ٍ
287
تكرـيـرـ قولـه تعالـى :يَـا َأ ُّي َهـا الَّ ِذي َنـ آ َمنُوا وفيـه فائدة بالغيـة
لطيفـة ،وهـي إظهارـ الشفقـة علـى المؤمنيـن وإبداء المناصـحة لهـم
ليُقبلوا علـى اسـتماع الكالم ،ولتحديـد المخاطـبين بالذات ،وأنهـم
هـم المعنيون بالمناصـحة ،وفيـه أيضا ً اسـتدعاء لتجديـد االسـتبصار
والتيقظ والتنبه عند كل خطاب .
إن هؤالء الذيـن نادوا رسـول هللاـ وهـو فـي بيتـه وبيـن نسـائه
فـي غرفهـن ،إنهـم ال يتصـرفون تصـرف العقالء فـي اختيار الوقـت
المناســـب واألســـلوب المناســـب فـــي مخاطبتـــه ، وكان األولـــى
واألجدر واألفضــل لهــم أال يتصــرفوا هذا التصــرف المذموم ،وأال
يتس ـرـعوا فيــه فيؤذوا رســول هللا ـ حتــى يوقظوه مــن نومــه فــي
قيلولتـه التـي يأخـذ فيهـا قسـطا ً مـن الراحـة تسـاعده علـى النشاط ،بـل
كان عليهــم أــن ينتظروا خروجــه مــن بيتــه بعــد قضاء حوائجــه
وحوائــج أهــل بيتــه ،وتهييــء نفســه لمقابلتهــم واالســتماع إليهــم
ومحادثته في حاجتهم ،فإن هذا األسلوب يساعد في قضاء الحاجة
إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة 07:02 PM 3/10/23
ون َولَ ْو َأنَّ ُه ْم
ت َأ ْكثَ ُر ُه ْم ال يَ ْعقِلُ َ
ين يُنَا ُدونَ َك ِمنْ َو َرا ِء ا ْل ُح ُج َرا ِ قال تعالى ِإنَّ الَّ ِذ َ
ان َخ ْيراً لَ ُه ْم َوهَّللا ُ َغفُو ٌر َر ِحي ٌم. 4-5 صبَ ُروا َحتَّى تَ ْخ ُر َج ِإلَ ْي ِه ْم لَ َك َ
َ
297
ق سـ ٌ قال تعالى :يَـا َأ ُّي َهـا الَّ ِذي َنـ آ َمنُوا ِإ ْنـ َجا َء ُك ْمـ فَا ِ
صـبِ ُحوا َعلَـى صـيبُوا قَ ْوما ً بِ َج َهالَ ٍةـ فَتُ ْ بِنَبٍَأ فَتَبَيَّنُوا َأ ْنـ تُ ِ
س ـو َل هَّللا ِ لَ ْو ين ـ َوا ْعلَ ُموا َأ َّنـ فِي ُك ْم ـ َر ُ َمــا فَ َع ْلتُ ْم ـ نَا ِد ِم َ
يُ ِطي ُع ُك ْمـ فِـي َكثِي ٍر ِم َنـ اَأْل ْم ِر لَ َعنِ ُّت ْمـ َولَ ِك َّـن هَّللا َ َحبَّ َ
بـ ِإلَ ْي ُك ُمـ
انـــ َو َزيَّنَ ُهـــفِـــي قُلُوبِ ُك ْمـــ َو َك َّر َهـــ ِإلَ ْي ُك ُ ا
مـــ ْل ُك ْف َر اِأْل ي َم َ
ضالً ِم َنـ ش ُدو َنـ فَ ْ ان ُأولَِئ َكـ ُه ُمـ ال َّرا ِ صـيَ َ ق َوا ْل ِع ْسـو َ َوا ْلفُ ُ
هَّللا ِ َونِ ْع َمةً َوهَّللا ُ َعلِي ٌم َح ِكي ٌم 6-8
إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة 07:02 PM 3/10/23
ق بِنَبٍَأ فَتَبَيَّنُوا َأنْ تُ ِ
صيبُوا قَ ْوما ً اس ٌين آ َمنُوا ِإنْ َجا َء ُك ْم فَ ِ يَا َأ ُّي َها الَّ ِذ َ
ين صبِ ُحوا َعلَى َما فَ َع ْلتُ ْم نَا ِد ِم َ بِ َج َهالَ ٍة فَتُ ْ
301
سبب نزول هذه اآلية :
نزلــت فــي الوليـــد بــن عقبــة بــن أــبي معيــط ،بعثــه رســول هللاـ إلــى بنــي
المصـطلق ليجمـع الصـدقات ،وكان بينـه وبينهـم عداوة فـي الجاهليـة ،فلمـا
ســـمع القوم تلقوه تعظيما ً هللـــ تعالـــى ولرســـوله ،فح ّدثـــه الشيطان أنهـــم
يريدون قتلـه فهابهـم ،فرجـع مـن الطريــق إلـى رسـول هللاـ وقال :إن بنـي
المصـطلق قـد منعوا صـدقاتهم ،وأرادوا قتلــي ،فغضـب رسـول هللاـ وبعـث
خالـد بـن الوليـد وأمـر أـن يتثبـت وال يعجـل ،فانطلـق حتـى أتاهـم ليالً ،
فبعـث بعيونـه ،فلمـا جاءوا أخـبروا خالداً أنهـم مسـتمسكون باإلسـالم ،وسـمعوا
أذانهـم وصـالتهم ،فلمـا أصـبحوا ،أتاهـم خالـد فرأـى الذي يعجبـه ،فرجـع إلـى
نـبي هللاـ فأخـبره الخـبر ،فأنزل هللاـ يَـا َأ ُّي َهـا الَّ ِذ َ
ينـ آ َمنُوا ِإ ْنـ َجا َء ُكمْـ .....
اآلية .
إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة 07:02 PM 3/10/23
ق بِنَبٍَأ فَتَبَيَّنُوا َأنْ تُ ِ
صيبُوا قَ ْوما ً ين آ َمنُوا ِإنْ َجا َء ُك ْم فَ ِ
اس ٌ يَا َأ ُّي َها الَّ ِذ َ
ين صبِ ُحوا َعلَى َما فَ َع ْلتُ ْم نَا ِد ِم َ بِ َج َهالَ ٍة فَتُ ْ
302
ف*ي هذا التنكي*ر رد عل*ى م*ن زع*م أنه*ا نزل*ت ف*ي الولي*د ب*ن عقب*ة
وه **و م **ن كبار* الص **حابة أل **ن إطالق الفس **وق علي **ه بعي **د أل **ن
الفس **وق ه **و الخروج م **ن الشي **ء واالنس **الخ من **ه والوليـد كمـا
يذكـرون ظ*ن فأخط*أ والمخط*ئ ال يسمى فاس*قاً وبذل*ك يكون العموم
هو المراد من النص
2ا***لتع **بير ب* **حرف{ إ **ن }ا **لذيي **في **د ا***لتشكي **ك ف*******يق* *و*ل* *ه*
اس *ٌق ِب * * َن َبٍأ فَ* * *تََب َّي ُنو*ا و*ل *م* ي **ق**ل
ت* **ع**ا **لى ِ إ ْن ج*اء ُك *م* * فَ* * * ِ
َ َ ْ
{ إذا } ا***لت*يت* **في*د ا***لتحقي*ق :ل**ي*بر*هن عل*ىأ*ن و*قو*ع مث*ل هذا ا***لحدثف * **ي
ا***لمجتم*ع* ا **إلس*الميعل*ىس* **بيل ا***لندر*ة و*أ*ن ا **ألص*ل ف*****يا***لمؤم*ن ا***لص*ـدقو*أ*ن م*ا
و*ق*ـع* م*ن ا **لولي**د ب * **ن عقبـة ك**ان ن **تيجـة ا***لظ**ن ا***لخاطيء و**ه**و ن **ادر و*ق*لي**ل ف* * **ي
إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة
*07:02إلسالمي. PMع* ا *
مجتم ا***ل
3/10/23
سو َل هَّللا ِ لَ ْو يُ ِطي ُع ُك ْم فِي َكثِي ٍر ِم َن اَأْل ْم ِر لَ َعنِتُّ ْم َولَ ِكنَّ هَّللا َ َحبَّ َب ِإلَ ْي ُك ُم اِأْل ي َم َ
ان َو َزيَّنَهُ فِي َ وا ْعلَ ُموا َأنَّ فِي ُك ْم َر ُ
ضالً ِم َن هَّللا ِ َونِ ْع َمةً َوهَّللا ُ َعلِي ٌم َح ِكي ٌم ون فَ ْ اش ُد َ ان ُأولَِئ َك ُه ُم ال َّر ِصي َ َق َوا ْل ِع ْ سو َ قُلُوبِ ُك ْم َو َك َّرهَ ِإلَ ْي ُك ُم ا ْل ُك ْف َر َوا ْلفُ ُ
305
صـلِ ُحوا بَ ْينَ ُه َمـا فَِإ ْنـ بَ َغتـْ ينـ ا ْقتَتَلُوا فََأ ْ انـ ِم َنـ ا ْل ُمْؤ ِمنِ َ قال تعالـى :وَِإ ْنـ طَاِئفَتَ ِ
ِإ ْح َدا ُه َمـا َعلَـى اُأْل ْخ َرى فَقَاتِلُوا الَّ ِتـي تَ ْب ِغـي َحتَّـى تَفِ َ
يءـ ِإلَـى َأ ْم ِر هَّللا ِ فَِإ ْنـ فَا َءتـْ
ين ِإنَّ َمـا ا ْل ُمْؤ ِمنُ َ
ونـ سـ ِط َ سـطُوا ِإنَّـ هَّللا َ يُ ِح ُّـ
ب ا ْل ُم ْق ِ عــد ِْل َوَأ ْق ِ مــا بِا ْل َصـلِحـُوا بَ ْينَ ُه َ فََأ ْ
ون الحجرات . 10-9 ص ِل ُحوا بَ ْي َن َأ َخ َو ْي ُك ْم َواتَّقُوا هَّللا َ لَ َعلَّ ُك ْم تُ ْر َح ُم َ ِإ ْخ َوةٌ فََأ ْ
1أـسـبابنــزولا ـآليات :قــيـلأـنهـا نــزلـتفـــيحـقاـمرأـة مـنا ـألنصـار يــقاــل
لـهـا أـمـ زيـد كـانـتتــحـترجـلمـنغيـر ا ـألنصـار فـــتخاصـمتمـعـ زوجهـا ،أرادتأـن
فــــيعليّـهـ الـ يــدخـلعليهـا أـحـد مـن
ُ تــزور قــومهـا فـــحبسـهـا زوجهـا وجعلهـا
أـهلهــا فـــأرســلتإلـىقــومهــا فـــأنزلوهــا لــينصــرفوا بــهــا ،فـــاســتعـاناــلرجــل
بــأهل ـهـ فـــجاء بــنــو عم ـهـ لــيحولوا بــيــناــلمرأــة وأـهلهــا فـــتداـفـعـوا وتجادلوا
وتضاربوا بــاــلنعـاــلواـقـتتلوا فـــنزلــتا ـآليــة اــلكريمــة فـــبعــثاــلنــبي وأـصــلح
بــينهمـ وفاءوا إلىأـمر هللاــ .
إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة 07:02 PM 3/10/23
ين ا ْقتَتَلُوا فََأ ْ
صلِ ُحوا بَ ْينَ ُه َما فَِإنْ بَ َغتْ ِإ ْح َدا ُه َما َعلَى َ وِإنْ طَاِئفَتَ ِ
ان ِم َن ا ْل ُمْؤ ِمنِ َ
اُأْل ْخ َرى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَ ْب ِغي َحتَّى تَفِي َء ِإلَى َأ ْم ِر هَّللا ِ
308
ض* ا فَ ُه َو ِم ْن *
طا تأت**ي بمعنيي**ن هم**ا َ :ج َار َو َع َد َل * َْأي ً
س**و ًق
ُ و
ْ َ ُا ط
ً * سَق ط
َ * س
َ ق
َ
اَأْلض َد ِاد
ْ
َ -1أ ْق َس* َط الرج*ل :بمعن*ى َع َد َل* م*ن الفع*ل الرباع*ي ،والقس*ط بالكس*ر:
ط الرج ُل* فه*و ُم ْق ِس*طٌ .ومن*ه قول*ه تعال*ى*َّ :
{إن س* َ
العدل .تقول :أ ْق َ
الم ْق ِسطين} {النحل } 90 ُ ب
ُّ حاهلل ي ِ
ُ
العدول * ع**ن
ُ ور و الج : ط
ُ *و* س ق
ُ ال
و *م*وظل جار *ى* بمعن *وطا * قس *ل* الرج *ط*قس
ُ َ
ون فَ َكا ُنوا ط * ِ
اس ق ل ا *ا
*َأم و : *ى *تعال قال .ا *وط
* س ق ط * ِ
س ط َي ْق
س* َ
َ ُ َ ْ َّ َ ً ُ ُ الحق .وق**د قَ َ
ّ
ِل َج َه َّن َم * * َح َطباً( الج* **ن ، ) 15أ **ي الجائرون الظالمون وعل **ى هذا
فه*ي مأخوذة م*ن الفع*ل الثالث*ي قس*ط واس*م الفاع*ل من*ه قاس*ط
أي بمعنى ظالم وجائر*.
إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة 07:02 PM 3/10/23
صلِ ُحوا بَ ْينَ ُه َما فَِإنْ بَ َغتْ ِإ ْح َدا ُه َما َعلَى اُأْل ْخ َرى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَ ْب ِغي َحتَّى ين ا ْقتَتَلُوا فََأ ْ
ان ِم َن ا ْل ُمْؤ ِمنِ َ
طاِئفَتَ ِ وَِإنْ َ
ين ِإنَّ َما ا ْل ُمْؤ ِمنُ َ
ون ِإ ْخ َوةٌ سطُوا ِإنَّ هَّللا َ يُ ِح ُّب ا ْل ُم ْق ِ
س ِط َ صلِحـُوا بَ ْينَ ُهمـَا بِا ْلعـَد ِْل َوَأ ْق ِ تَ ِفي َء ِإلَى َأ ْم ِر هَّللا ِ فَِإنْ فَا َءتْ فََأ ْ
ون صلِ ُحوا بَ ْي َن َأ َخ َو ْي ُك ْم َواتَّقُوا هَّللا َ لَ َعلَّ ُك ْم تُ ْر َح ُم َ
فََأ ْ
313
إن توخـي العدل فـي اإلصـالح يقطـع دابر الفتنـة ويهدي النفوس الثائرة ولقـد
شجـع اإلسـالم علـى اإلصـالح ،قال " :أال أخـبركم بأفضـل مـن درجـة الصـيام
والصـدقة ؟ قالوا :بلـى يـا رسـول هللاـ ،قال :إصـالح ذات الـبين ،وفسـاد ذات
الـبين الحالقـة" (ابـو داود) أـي تحلـق الديـن وتسـتأصل شأفتـه ،كمـا يحلـق الموسـى
الشعر ،أي يستأصله .
ال يجوز قتـــل أســـير الفئــة الباغيــة وال يتبــع منهزمهــم :ألــن
المقصـود دفعهـم ال قتلهـم ،والدليـل علـى ذلـك أـن الصـحابة – رضـي هللاـ عنهـم –
لم يتبعوا مدبراً وال أجهزوا على جريح وال قتلوا أسيراً .
-3إذا خرجت عاى اإلمام العدل فئة ال حجة لها قاتلها اإلمام بالمسلمين كافة ،
أـو بمـن فيـه الكفايـة ،ويدعوهـم قبـل ذلـك إلـى الطاعـة والدخول فـي الجماعـة ،
فإن أبوا الرجوع والصلح قوتلوا ،وال يقتل أسيرهم.
إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة 07:02 PM 3/10/23
صلِ ُحوا بَ ْينَ ُه َما فَِإنْ بَ َغتْ ِإ ْح َدا ُه َما َعلَى اُأْل ْخ َرى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَ ْب ِغي َحتَّى ين ا ْقتَتَلُوا فََأ ْ
ان ِم َن ا ْل ُمْؤ ِمنِ َ
طاِئفَتَ ِ وَِإنْ َ
ين ِإنَّ َما ا ْل ُمْؤ ِمنُ َ
ون ِإ ْخ َوةٌ سطُوا ِإنَّ هَّللا َ يُ ِح ُّب ا ْل ُم ْق ِ
س ِط َ صلِحـُوا بَ ْينَ ُهمـَا بِا ْلعـَد ِْل َوَأ ْق ِ تَ ِفي َء ِإلَى َأ ْم ِر هَّللا ِ فَِإنْ فَا َءتْ فََأ ْ
ون صلِ ُحوا بَ ْي َن َأ َخ َو ْي ُك ْم َواتَّقُوا هَّللا َ لَ َعلَّ ُك ْم تُ ْر َح ُم َ
فََأ ْ
317
فـي قولـه تعالـى ِ :إنَّ َمـا ا ْل ُمْؤ ِمنُو َنـ ِإ ْخ َوةـٌ فـي هذه اآليـة والتـي
قبلهـا دليـل علـى أـن البغـي ال يزيـل اسـم اإليمان ،ألـن هللاـ تعالـى
سماهم إخوة مع كونهم باغين
فـي قولــه تعالــى ِ :إنَّ َمـا ا ْل ُمْؤ ِمنُ َ
ونـ ِإ ْخ َوةـٌ قررـت اآليـة أـن
رـابطــة العقيدة هــي أقوى الروابــط ،لذلــك فأخوة اإليمان توجــب
اإلصـالح بيـن اإلخوة ،ألنـه تربطهـم عقيدة واحدة ،فإذا مـا ضعفـت
هذه األخوة ،فعلــى أفراد المجتمــع وخاصــة المخلصــين منهــم أــن
يهبّوا لتقويــة هذه الرابطــة عــن طريــق إزالــة أســباب االختالف
.
والفرـقة بين األخوة
إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة 07:02 PM 3/10/23
صلِ ُحوا بَ ْينَ ُه َما فَِإنْ بَ َغتْ ِإ ْح َدا ُه َما َعلَى اُأْل ْخ َرى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَ ْب ِغي َحتَّى ين ا ْقتَتَلُوا فََأ ْ
ان ِم َن ا ْل ُمْؤ ِمنِ َ
طاِئفَتَ ِ وَِإنْ َ
ين ِإنَّ َما ا ْل ُمْؤ ِمنُ َ
ون ِإ ْخ َوةٌ سطُوا ِإنَّ هَّللا َ يُ ِح ُّب ا ْل ُم ْق ِ
س ِط َ صلِحـُوا بَ ْينَ ُهمـَا بِا ْلعـَد ِْل َوَأ ْق ِ تَفِي َء ِإلَى َأ ْم ِر هَّللا ِ فَِإنْ فَا َءتْ فََأ ْ
ون صلِ ُحوا بَ ْي َن َأ َخ َو ْي ُك ْم َواتَّقُوا هَّللا َ لَ َعلَّ ُك ْم تُ ْر َح ُم َ
فََأ ْ
318
فـي قولـه تعالـى َ :واتَّقُوا هَّللا َ لَ َعلَّ ُك ْمـ تُ ْر َح ُمو َنـ هذه الجملـة خاتمـة اآليـة التـي
أمرت باإلصـالح بيـن المؤمنيـن ،فهـي ترشـد الذيـن ينـبرون لإلصـالح أـن يتقوا هللاـ
تعالـى فـي سـعيهم ،ويخشوه فـي أقوالهـم وأفعالهـم ،فال يحابوا أحداً علـى أحـد ،
وال يظلموا أحداً ،إن أهــل اإلصــالح إذا وضعوا تقوى هللاـ تعالــى نصــب أعينهــم
وفقهم هللا .
ويوجد أحاديث كثيرة توجب اإلصالح بين المؤمنين ،نذكر منها -:
قال الرسـول { : المؤمن للمؤمـن كالبنيـان يشد بعضه بعضا ً} مسلم.
قال الرسـول { : المسـلم أخـو المسـلم ،ال يظلمـه وال يسـلمه ،مـن كان فـي
حاجـة أخيـه كان هللاـ فـي حاجتـه ،ومـن فرج عـن مسـلم كربـة مـن كرب الدنيـا فرج
هللاـ عنـه كربــة مـن كــرب يوم القيامـة ،ومـن سـتر مسـلما ً سـتره هللاـ يوم القيامـة}
مسلم .
إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة 07:02 PM 3/10/23
صلِ ُحوا بَ ْينَ ُه َما فَِإنْ بَ َغتْ ِإ ْح َدا ُه َما َعلَى اُأْل ْخ َرى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَ ْب ِغي َحتَّى ين ا ْقتَتَلُوا فََأ ْ
ان ِم َن ا ْل ُمْؤ ِمنِ َ
طاِئفَتَ ِ وَِإنْ َ
ين ِإنَّ َما ا ْل ُمْؤ ِمنُ َ
ون ِإ ْخ َوةٌ سطُوا ِإنَّ هَّللا َ يُ ِح ُّب ا ْل ُم ْق ِ
س ِط َ صلِحـُوا بَ ْينَ ُهمـَا بِا ْلعـَد ِْل َوَأ ْق ِ تَ ِفي َء ِإلَى َأ ْم ِر هَّللا ِ فَِإنْ فَا َءتْ فََأ ْ
ون صلِ ُحوا بَ ْي َن َأ َخ َو ْي ُك ْم َواتَّقُوا هَّللا َ لَ َعلَّ ُك ْم تُ ْر َح ُم َ
فََأ ْ
319
طاِئفَتَان) ول*م يق*ل ( :فرقتان ) تحقيقاً للمعن*ى ،فالطائف*ة (م*ن ثالثـة قـال تعال*ى َ ( :
إلى عشرة أشخاص) وهو للتقليل ،وألن الطائفة دون الفرقة ..
ين*) ول**م يق**ل (منك**م) م**ع أ**ن الخطاب للمؤمني**ن لس**بق ن* ا ْل ُمْؤ ِم ِن َ
(م َ قولـه تعال**ى ِ :
ق ِب َن َبٍأ تن**بيهاً عل**ى قب**ح ذل**ك ين* آم ُنوا ِإ ْن* جاء ُكم* فَ ِ
اس* ٌ َ ْ َ َ َ ذقول**ه تعال**ى :ي**ا َُّأيه**ا الَِّ
َ َ
النزاع بين المؤمنين ،وتبعيداً لهم عنها
(و ن اقتت*ل طائفتـان طاِئفَتَا ِن* ِم َن* ا ْل ُمْؤ ِم ِني َن* ا ْقتَتَلُوا ول*م يق*ل :إ قال تعال*ى َ :وِإ ْن* َ
م**ن المؤمنيـن) م**ع أ**ن اتص**ال كلم**ة (إ**ن) بالفع**ل أول**ى ،وذل**ك ليكون االبتداء بم**ا
يمنع من القتال () .
قال تعال***ى ( :اقتتلوا) ول***م يق **ل (اقتتلت **ا) ،وقال (فأص***لحوا بينهم **ا) ول **م يق **ل
(بينه**م) :ذل**ك أل**ن عن**د االقتتال تكون الفتن**ة قائم**ة ،وك**ل أح**د برأس**ه يكون فاعالً
فعالً ،فقال (اقتتلوا) وعن**د العود إل**ى الص**لح تتف**ق كلم**ة ك**ل طائف**ة إو ال ل**م يتحق**ق
.
حينئذ كنفسينٍ الصلح ،فقال (بينهما) لكون الطائفتين
إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة 07:02 PM 3/10/23
صلِ ُحوا بَ ْينَ ُه َما فَِإنْ بَ َغتْ ِإ ْح َدا ُه َما َعلَى اُأْل ْخ َرى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَ ْب ِغي َحتَّى ين ا ْقتَتَلُوا فََأ ْ
ان ِم َن ا ْل ُمْؤ ِمنِ َ
طاِئفَتَ ِ وَِإنْ َ
ين ِإنَّ َما ا ْل ُمْؤ ِمنُ َ
ون ِإ ْخ َوةٌ سطُوا ِإنَّ هَّللا َ يُ ِح ُّب ا ْل ُم ْق ِ
س ِط َ صلِحـُوا بَ ْينَ ُهمـَا بِا ْلعـَد ِْل َوَأ ْق ِ تَفِي َء ِإلَى َأ ْم ِر هَّللا ِ فَِإنْ فَا َءتْ فََأ ْ
ون صلِ ُحوا بَ ْي َن َأ َخ َو ْي ُك ْم َواتَّقُوا هَّللا َ لَ َعلَّ ُك ْم تُ ْر َح ُم َ
فََأ ْ
321
ف*ي قولـه تعال*ى :فَقَ ِاتلُوا الَّ ِت*ي تَ ْب ِغ*ي األم*ر للوجوب ؛ أل*ن هذا حك*م
الخصمين والقضاء بالحق واجب .
َأم ِر اللَّه ...إشارة إل**ى أ**ن القتال لي**س **ى َلِإ يء** ف**ي قول**ه حتَّ**ى تَ ِ
ف
ْ َ َ
جزاء للباغ**ي ،ب**ل القتال إل**ى ح**د الفيئ**ة فإن فاء**ت الفئ**ة الباغي**ة حرم
قتالهم .
َأص* * ِل ُحوا َب ْي َن* *
ْ ف
َ : *ى * تعال *ه* بقول بالذكـر *ن * االثني *ص * خ : *يص * التخص
َأخ َوْي ُك ْم* دون الجم*ع أل*ن أق*ل م*ن يق*ع بينه*م الشقاق اثنان ،فإذا التُزم*ت َ
المص*الحة بي*ن األق*ل كان*ت بي*ن األكث*ر ألزم ،أل*ن الفس*اد ف*ي شقاق الجم*ع
أكثر منه في شقاق االثنين .
َأص * ِل ُحواْ َف : *ى * تعال *ه *قول *ي *ف *ك * وذل : *ر*المضم *ع * موض *ر * الظاه *ع* وض
َأص * ِل ُحوا َب ْي َن *
ْ ف
َ : *ى *تعال *ه
* وقول *ا
*مَ ه
ُ ن
َ ي
ْ ب
َ ا
و حُ
ِ
ل * َأص
ْ ف
َ * ت
ْ اء
َ ف
َ ْ
* ن َب ْي َن ُهم**ا و فَِإ
َ
التحضيض
نعمة زهدي محمد أبو الدكتور و
التقرير مضافاً إلى المأمورين باإلصالح للمبالغة في إعداد 07:02PM
ُ 3/10/23ك ْم
َأخ َوْي
َ
صلِ ُحوا بَ ْينَ ُه َما فَِإنْ بَ َغتْ ِإ ْح َدا ُه َما َعلَى اُأْل ْخ َرى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَ ْب ِغي َحتَّى ين ا ْقتَتَلُوا فََأ ْ
ان ِم َن ا ْل ُمْؤ ِمنِ َ
طاِئفَتَ ِ وَِإنْ َ
ين ِإنَّ َما ا ْل ُمْؤ ِمنُ َ
ون ِإ ْخ َوةٌ سطُوا ِإنَّ هَّللا َ يُ ِح ُّب ا ْل ُم ْق ِ
س ِط َ صلِحـُوا بَ ْينَ ُهمـَا بِا ْلعـَد ِْل َوَأ ْق ِ تَ ِفي َء ِإلَى َأ ْم ِر هَّللا ِ فَِإنْ فَا َءتْ فََأ ْ
ون صلِ ُحوا بَ ْي َن َأ َخ َو ْي ُك ْم َواتَّقُوا هَّللا َ لَ َعلَّ ُك ْم تُ ْر َح ُم َ
فََأ ْ
322
ف*ي قولـه تعال*ى َ :واتَّقُوا اللَّ َه* لَ َعلَّ ُك ْم* تُْر َح ُمو َن* المخاط*ب بتل*ك
جمي* **ع المؤمني* **ن ،فيشم* **ل الطائفتي* **ن الباغي* **ة والمبغ* **ي عليه* **ا
ون* ويشم**ل غيرهم**ا مم**ا أمروا باإلص**الح ،وقول**ه لَ َعلَّ ُك ْم* تُْر َح ُم َ
تُرج**ى لك**م الرحم**ة م**ن اهلل * تعال**ى فتجري أحوالك**م عل**ى اس**تقامة
وص*الح ،إو نم*ا اختيرت الرحم*ة أل*ن األم*ر بالتقوى واق*ع إث*ر تقري*ر
حقيق* **ة األخوة بي* **ن المؤمني* **ن ،وشأن تعام* **ل اإلخوة الرحم* **ة ،
.
فيكون الجزاء عليها من جنسها
إ **ن أه **ل اإلص **الح إذا وضعوا تقوى اهلل** تعال **ى نص**ب أعينه**م
وفقه***م اهلل*** في***ه وجع***ل له***م قبوالً ف***ي نفوس المس***لمين ،حت***ى
المتنازعين المتخاصمين ،كما أن تقوى اهلل تعالى أساس الرحمة
إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة 07:02 PM 3/10/23
النهي عن السخرية والتنابز باأللقاب
324
سـى َأ ْنـ يَ ُكونُوا َخ ْيراً ِم ْن ُه ْمـ َوال نِ َ
سـا ٌء سـ َخ ْر قَ ْو ٌمـ ِم ْنـ قَ ْو ٍمـ َع َ قولـه تعالى :يَـا َأ ُّي َهـا الَّ ِذي َنـ آ َمنُوا ال يَ ْ
قسـو ُ سـ ُم ا ْلفُ ُ
سـ اال ْ بـ بِْئ َسـ ُك ْم َوال تَنَابَ ُزوا بِاَأل ْلقَا ِ
سـى َأ ْنـ يَ ُك َّـن َخ ْيراً ِم ْن ُه َّـن َوال تَ ْل ِم ُزوا َأ ْنفُ َ
سـا ٍء َع َ
ِم ْنـ نِ َ
ون اآلية . 11 ان َو َمنْ لَ ْم يَتُ ْب فَُأولَِئ َك ُه ُم الظَّالِ ُم َ بَ ْع َد اِإل ي َم ِ
يسخر :يستهزيء ،
قوم :القوم :جماعة من الرجال والنساء معا ً ،وقيل هو للرجال خاصة دون النساء ،وقيل القوم
النفر ،وسموا الرجال بذلك ألنهم قوامون على النساء باألمور التي ليس للنساء أن يقمن بها.
تلمزوا :تطعنـوا أهل دينكم ،واللمز هو الطعن والضرب باللسان والعين وغيرهو واللمز العيب
في الوجه ،وأصله اإلشارة بالعين والرأس والشفة من كالم خفي
تنابزوا :من النبز :لقب السوء ،والتنابز باأللقاب :التداعي بها ،وهو يكثر فيما كان ذما ً ،أو
في كل لقب يكرهه اإلنسان ،ألنه يجب أن يخاطب المؤمن بأحب األسماء إليه .
تلمزوا :تطعنـوا أهل دينكم ،واللمز هو الطعن والضرب باللسان والعين وغيرهو واللمز العيب
في الوجه ،وأصله اإلشارة بالعين والرأس والشفة من كالم خفي
تنابزوا :من النبز :لقب السوء ،والتنابز باأللقاب :التداعي بها ،وهو يكثر فيما كان ذما ً ،أو
في كل لقب يكرهه اإلنسان ،ألنه يجب أن يخاطب المؤمن بأحب األسماء إليه .
إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة 07:02 PM 3/10/23
325
.
إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة 07:02 PM 3/10/23
326
ثالثا ً :المعنى اإلجمالي لآلية :
إن المجتمع الفاضل الذي يقيمه اإلسالم بهدي القرآن له أدب رفيع ،ولكل فرد فيه كرامته
التي ال تمس ،وهي من كرامة المجموع ،ولمز أي فرد هو لمز لذات النفس ،ألن الجماعة
كله ا واحدة ،وكرامته ا واحدة ،والقرآ ن ف ي هذه اآليـة يهت ف للمؤمني ن بهذا النداء الح بيب
يَـا َأيُّ َهـا الَّ ِذي َنـ آ َمنُوا وينهاهم أن يسخر قوم من قوم ،أي رجال من رجال ،فلعلهم خير
منهم عند هللا ،أو أن يسخر نسـاء من نساء فلعلهن خير منهن في ميزان هللا تعالى ومن حق
المؤمن على أخيه المؤمن أال يناديه بلقب يكرهه ويُزري به ،ومن أدبه أيضا ً أال يؤذي أخاه
َّ
أحس فيه ا بمث ل هذا ،وق د غيّ ر الرس ول أس ماء وألقابا ً كان ت ف ي الجاهلي ة ألص حابها ،
بحس ه المره ف ،وقلب ه الكري م بم ا يزري أص حابها أ و يص فهم بوص ف ذمي م ،واآلي ة بع د
اإليحاء بالقي م الحقيقي ة ف ي ميزان هللا تعال ى وبع د أ ن اس تجاشت شعور األخوة ،ب ل شعور
االندماج ف ي نف س واحدة ،تس تثير معن ى اإليمان ،وتحذر المؤمني ن م ن فقدان هذا الوص ف
الكري م ،والفس وق واالنحراف ف ي الس خرية واللم ز والتناب ز فه و شي ء يشب ه االرتداد ع ن
اإليمان ،وتهدد باعتبار هذا ظلما ً ،وبذلك تضع
قواعد األدب النفسي لذلك المجتمع الفاضل الكريم .
إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة 07:02 PM 3/10/23
327
رابعا ً :ما يرشد إليه النص :
أ -نهت هذه اآلية الكريمة عن االس تهزاء باآلخرين بقصد احتقارهم والتقليل من شأنهم
والضحك منهم ،ولالستهزاء صور متعددة منها -:
* قال مجاهد :هو سخرية الغني من الفقير ،أو سخرية الرجل لمرض أصابه ،أو لعاهة
في جسمه ،أو لصفة خلقية في بدنه ،كالقصر ونحوه ،أو لعيب في لسانه ،أو ل َوقَ ر في
أذني ه ،أ و لعم ش ف ي عيني ه ،وق د يس خر م ن اإلنس ان بس بب نس به ،أ و قريت ه وبلده ...
وصيغة النهي في هذه اآلية تفيد التحريم
وقد جاءت نصوص من السنة المطهرة تؤكد هذه الحرمة ،يقول الرسول " : rال تحاسدوا
وال تباغضوا وال تدـابروا ...المسـلم أخـو المسـلم ال يظلمـه وال يخذلـه وال يحقره ،التقوى
هاهنـا ،ويشيـر إلـى صـدره ثالث مرات ،بحسـب امريـء مـن الشـر أـن يحقـر أخاه المسـلم ،
كل المسلم على المسلم حرام :دمه وماله وعرضه" () .
فالحدي ث دلي ل واض ح عل ى حرم ة احتقار المس لم ألخي ه المس لم ،وحرم ة عرض المس لم
عل ى أخي ه المس لم ،وه و ذم ه واإلس اءة إلي ه ،والحرام كم ا ه و معلوم م ا طل ب الشارع
إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة طلبا ً جازما ً . الحكيمPMعنه
07:02 3/10/23
328
وروي ع ن الرس ول rف ي حج ة الوداع قال " :إن دماءكـم وأموالكـم وأعراضكـم حرام عليكـم
كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ،أال هل بلغت } رواه أحمد
ومن صور السخرية ما يكون بالكالم وقد يكون بالرأس وقد يكون باإلشارة كأن يعرج الساخر
مث ل األعرج ليضح ك الناس من ه ،أ و يعي د كالم المتحدث مس تخفا ً أ و قاص داً إضحاك الحضور
علي ه لتهوي ل شأن ه ،والس خرية باإلشارة كأ ن يشي ر المس تهزيء بيده إل ى قص ر رج ل أ و امرأ ة
استصغاراً لشأنه ،واحتقاراً له ،وحرم اإلسالم السخرية من اآلخرين سواء كان الساخر رجالً
أو امرأة ،وسواء كان المستهزأ به رجالً أو امرأة (رواه أحمد) .
ب نه ت اآلي ة ع ن لم ز اآلخري ن ع ن طري ق إعاب ة المؤمني ن :أل ن الخطاب له م ،فالنه ي يفي د
التحريم ،ومن صور اللمز :اإلشارة والحركة والعين واللسان واليد والرجل ،ويقصد منه تحقير
شأ ن الملموز ،وعلى هذا فهو نوع من السخرية ألن العلة واحدة في األمرين وهي االستصغار
واالحتقار ،ومما يجدر ذكره أن األلقاب المحرمة هي التي يسيء بها المؤمن إلى أخيه المؤمن ،
وأما األلقاب الحسنة فهي من السنة ،فقد لقب الرسول rعمر بالفاروق ،وأبي بكر بالصديق () .
الجوانب البالغية:
أ -افتتحت هذه اآلية بإعادة النداء بقوله تعالى :يَـا َأ ُّي َهـا الَّ ِذي َنـ
آ َمنُوا لالهتمام بالغرض فيكون مستقالً غير تابع لما سبق .
ب -التنكير في قوله تعالى :قَ ْو ٌمـ ِم ْنـ قَ ْو ٍمـ إلفادة الشياع ،
لئال يتوهم أن المنهي قوم معنيون سخروا من قوم معنيين .
سـ َخ ْرـ) إل ى (قَ ْوم ٌـ) دون أ ن ج -أس ـند القرآ ن الكريـم الفعـل (يَ ْ
يقول ال يس خر بعضك م م ن بع ض كم ا قال َ :وال يَ ْغتَ ْبـ بَ ْع ُ
ض ُكم ْـ
بَ ْعضا ً للنه ي عم ا كان شـائعا ً عن د العرب م ن س خرية القبائ ل
بعضه ا م ن بع ض ،فوج ه النه ي إل ى األقوام ،ولهذا أيضا ً ل م يق ل
رجل من رجل ،وال امرأة من امرأة
إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة 07:02 PM 3/10/23
331
سى َأنْ يَ ُكونُوا َخ ْيراً ِم ْن ُه ْم تعليل للنهي أو لموجبه د -في قوله تعالى َ :ع َ
أي عسى أن يكون المسخور منه خيراً عند هللا تعالى من الساخرين ،فرب
أشعث أغبر لو أقسـم على هللا تعالى ألبره وقال ابن عاشور :هذه الجملة تفيد
المبالغة في النهي عن السخرية
سا ٍء خص النساء بالذكر ألن هـ -في قوله تعالى َ :وال نِ َ
سا ٌء ِمنْ نِ َ
السخرية منهن أكثر وهذا من باب عطف الخاص على العام اهتماما ً بذلك
الخاص ،ألن السخرية في الغالب تشيع عند النساء أكثر من الرجال ونبه
القرآن الكريم إلى هذا على سبيل الزجر والتشديد على النساء اللواتي يسخرن
من أخواتهن المؤمنات
فيهتك هللا ستراً عن مساويكا
()
وال تعب أحداً منهم بما فيكا
قال " : rمن عيَّر مؤمنا ً بذنب تاب منه كان حقا ً على هللا أن يبتليه ويفضحه في الدنيا واآلخرة" () .
ب بصيغـة الفعل الواقع من جانبين ،أي ال يُعيِّر الرجل بعد إسالمه بكفره ،أو أن ينادي بعض المسلمين بعضا ً بأسماء أو ألقاب سيئة مكروهة ينفر منها ز -في قولـه تعالى َ :وال تَنَابَزُوا بِاَأل ْلقَا ِ
كل من نودي بها ،وهذا المعنى يشعر بالرد المتبادل بين المتنابزين () .
() في ظالل سورة األخالق – ص . 84
() التحرير والتنوير – ج 14ص . 248
() تفسير القرطبي – ج 14ص . 329
() صحيح البخاري – كتاب األدب ، 37صحيح مسلم – كتاب البر . 66
() تفسير القرطبي – ج 14ص . 329
() سنن الدارمي – كتاب الرقاق . 48
() تفسير الفخر الرازي – ج 28ص . 133
* وذكر القرطبي :قال علماؤنـا :الظن هنـا التهمـة ،ومحل التحذيـر والنهـي إنما هي تهمـة ال
سبب لها يوجبها ،كمن يتهم بالفاحشة أو بشرب الخمر ولم يظهر عليه ما يقتضي ذلك ،ودليل كون
سوا وذلك أنه قد يقع له خاطر التهمة ابتـداءس ُالظن هنا بمعنى التهمة ،قوله تعالى َ :وال تَ َج َّ
ويريد أن يتجسس خبر ذلك ويبحث عنه () وفي هذا المعنى قـال الرسـول " : rإن هللا حرم من
المسلم دمه وعرضه وأن يُظن به ظن السوء" () .
سوا إن للناس حرياتهم وحرمانهم من كرامتهم التي ال يجوز أن س ُ وفي قوله تعالى َ :وال تَ َج َّ
تنتهك بأي صورة من الصور ،وال أن تمس بحال من األحوال ،ففي المجتمع اإلسـالمي الرفيع
يعيش الناس آمنين على بيوتهم ،آمنين على أسرارهم ،آمنين على عوراتهم ،وال يوجد مبرر مهما
يكن النتهاك حرمات األنفس والبيوت واألسرار والعورات ،فالناس على ظواهرهم ،وليس ألحد
أن يتعقب بواطنهم ،وليس ألحد أن يأخذهم إال بما ظهر منهم من مخالفات وجرائم () .
)( تفسير القرطبي – ج 16ص 331
)( مختصر صحيح مسلم – ج 2ص ، 237ح . 1803
)( في ظالل القرآن – ج 6ص . 3346
قال القرطبـي :خـذوا ما ظهر وال تتبعوا عورات المسلمين ،أي ال يبحث أحدكم عن
عيب أخيه حتى يطلع عليه بعد أن ستره هللا () .
وفي هذا المعنى روى أبو داود عن معاوية قال :سمعت رسول هللا rيقول " :إنك إن
اتبعت عورات الناس أفسدتهم أو كدت أن تفسدهم" () .
وقال النبي " : rإن األمير إذا ابتغى الريبة في الناس أفسدهم" () ،وقال " : rيا معشر
من آمن بلسانه ولم يدخل اإليمان قلبه ،ال تغتابوا المسلمين ،وال تتبعوا عوراتهم ،
فإن من اتبع عوراتهم يتبع هللا عورته ،ومن يتبع هللا عورته يفضحه في بيته" () .
)( تفسير القرطبي – ج 16ص . 333
)( سنن أبي داود – ج 2ص . 570
)( سنن أبي داود – ج 2ص . 570
)( سنن أبي داود – ج 2ص . 568
ض ُك ْم بَ ْعضا ً نهى عز وجل عن الغيبة وهي :أن *قوله تعالى َ :وال يَ ْغتَ ْب بَ ْع ُ
تذكر الرجل بما فيه ،فإن ذكرته بما ليس فيه فهو البهتان () وقد روي عن النبي : r
هللا ورسوله أعلم ،قال " : rذكرك أخاك بما يكره" قيل "أتدرون ما الغيبة ؟" قالـوا :
:أفرأيت إن كـان فـي أخـي ما أقول ؟ قال " :إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته ،وإن
لم يكن فيه فقد بهته" () .
* قال الحسن :الغيبة ثالثـة أوجـه كلهـا في كتاب هللا تعالى :الغيبـة واإلفـك
والبهتـان ،فأما الغيبـة فهـو أن تقول في أخيك ما هو فيه ،وأما اإلفـك فأن تقول فيـه
ما بلغك عنه ،وأما البهتان فأن تقول فيه ما ليس فيه () .
)(تفسير القرطبي – ج 16ص ، 334تفسير أبي السعود – ج 8ص . 122
)(صحيح مسلم بشرح النووي – ج 16ص . 122
)(تفسير القرطبي – ج 16ص . 335
إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة 07:02 PM 3/10/23
340
ج -نهت اآلية الكريمة عن الغيبة وحرمتها ،قال الرسول " : rإن من أكبر الكبائر استطالة
المرء في عرض رجل مسلم بغير حق" () .
وعن أبي بكرة – رضي هللا عنه – قال :بينما أنا أماشي رسول هللا rوهو آخذ بيدي ،ورجل
عن يساري ،فإذا نحن بقبرين أمامنا ،فقال رسول هللا " : rإنهما ليعذبان وما يعذبان في
كبير ،وبكى إلى أن قال :وما يعذبان إال في الغيبة والبول" () .
وعن أنس بن مالك – رضي هللا عنه – قال :قال رسول هللا " : rلما ُعرج بي مررت بقوم
لهم أظافر من نحاس ،يخمشون وجوههم وصدروهم ،فقلت :ومن هؤالء يا جبريل ؟ قال :
هؤالء الذين يأكلون لحم الناس ،ويقعون في أعراضهم" () .
)( سنن أبي داود – ج 2ص . 567
)( سنن أبي داود – ج 2ص . 568
)( صحيـح البخـاري – كتـاب التفسـير – سـورة ، 108صحيـح مسـلم – كتاب اإليمان 259
.
عن أبي هريرة – رضي هللا عنه – أن ماعزاً جاء إلى رسول هللا rفقال " :يا رسول هللا إني
زنيت ،فأعرض عنه حتى قالها أربعا ً ،فلما كانت الخامسة قال : rزنيت ؟ قال :نعم ،قال :
أتيت منها حراما ً ما يأتي الرجل من امرأته حالالً ،قال : rما تريد ُ وتدري ما الزنا ؟ قال :نعم ،
خلت ذلك منك في ذلك منها كما إلى هذا القول ؟ قال :أريد أن تطهرني ،قال :فقال رسول هللا : rأ ْد َ
يغيب الميل في المكحلة والرشا في البئر ؟ قال :نعم يا رسول هللا ،قال :فأمر برجمه ،فرُجم ،
فسمع النبي rرجلين يقول أحدهما لصاحبه :ألم تر إلى هذا الذي ستر هللا عليه فلم تر نفسه حتى
رجم الكلب ؟ ثم سار النبي rحتى مر بجيفة حمار ،فقال :أين فالن وفالن ؟ انزال فكال من جيفة
هذا الحمار ،قاال :غفر هللا لك يا رسول هللا ،وهل يؤكل هذا ؟! قال : rفما نلتما من أخيكما آنفا ً
أشد أكالً منه ،والذي نفسي بيده إنه اآلن لفي أنهار الجنة ينغمس فيها" () .
د -قال القرطبي :إن الغيبة من الكبائر وأن من اغتاب أحداً عليه أن يتوب إلى هللا عز وجل () .
)( تفسير القرطبي – ج 16ص . 337
هـ -األعذار المرخصة في الغيبة :أجاز العلماء الغيبة في مواضع منها -:
األول :التظلم :مثل قول المظلوم للقاضي :يستعين به على أخذ حقه ممن ظلمه ،
فالن ظلمني أو غصبني أو خانني أو ضربني أو قذفني أو أساء إل ّي بغيبة ،وعلماء
األمة على ذلك مجمعون ،قال النبي " : rلصاحب الحق مقال" وقال " :مطل الغني
ظلم" () .
الثاني :االستفتاء :كقول هند للرسول " : rإن أبا سفيان رجل شحيح ال يعطيني ما
يكفيني أنا وولدي فآخذ من غير علمه ؟ فقال النبي : rنعم فخذي ،فذكرته بالشح
والظلم لها ولولدها ،ولم يرها مغتابة ،ألنه لم يغير عليها ،بل أجابها – عليه
الصالة والسالم – بالفتيا لها () .
)(تفسير القرطبي – ج 16ص . 339
)(تفسير القرطبي – ج 16ص . 339
إعداد الدكتور زهدي محمد أبو نعمة 07:02 PM 3/10/23
345
الثالث :االستعانة على تغيير المنكر :كأن يقول الرجل لإلمام أو صاحب الشأن أو لمن
يستطيع تغيير المنكر :فالن يفعل المنكر ،ويشرب الخمر ،وما شابه ذلك ،فازجره .
الرابع :تحذير المسلمين من الشر ونصيحتهم :وخاصة في األمور التي تهم الناس
كاالستشارة في الزواج ،وإيداع األمانة ،فله أن يذكر ما يعرفه على قصد النصيحة
للمستشير ال على قصد الوقيعة ،فإن علم أنه يترك التزويج بمجرد قوله ال تصلح لك ،فهو
الواجب وفيه الكفاية ،وإن علم أنه ال ينزجر إال بالتصريح بعيبه فله أن يصرح به ،قال
الرسول " : rأترعون عن ذكر الفاجر ،اهتكوه حتى يعرفه الناس ،اذكروه بما فيه حتى
يحذره الناس" () وكانوا يقولون :ثالثة ال غيبة لهم :اإلمام الجائر ،والمبتدع ،والمجاهر
بفسقه ،وكذلك يجوز جرح المجروحين من الرواة بعد التحقق ،وما قاله علماء الجرح
والتعديل عنهم () .
)( المقاصد الحسنة للسخاوي – ح ، 1921كشف الخفاء – ج 1ص . 114
)( في ظالل سورة األخالق – أبي فارس – ص . 120
-3 قولـه تعالى :فَ َك ِر ْهتُ ُموه معناه فقد كرهتموه ،واستقر ذلك ،وفيه معنى الشرط ،أي إن
صح هذا فكرهتموه () .
-4 الترتيب (عالقة الغيبة بالتجسس وسوء الظن) إن مما يلفت النظر أن اآلية الكريمة التي نعيش
في ظاللها نهت عن سوء الظن والتجسس والغيبة ،فبدأت بتحريم سوء الظن ،وانتهت بتحريم
الغيبة ،وتوسطت بتحريم التجسس ،فهل هناك عالقة بين األمور الثالثة ؟
إن المتأمل ألحوال الناس الذين يقعون في هذه اآلفات المهلكات ،يجد أن ترابطا ً بين الظن والتجسس
والغيبة ،بل إن كل أمر يسلم إلى الذي يليه في الغالب ،فإذا ظن أحد باآلخر ظنا ً سيئا ً ،أخذ يبحث
عنه ويريد أن يتحقق منه ،وهذا هو التجسس الذي نهت عنه اآلية ،وهو البحث عن عيوب الناس ،
فإذا تحقق ظنه السيء بعد بحثه السيء بوجود العيب الذي كان يبحث عنـه ،أخـذ يذكره للناس وهذه
هي الغيبة ،فسوء الظن يؤدي إلى التجسس
الذي يؤدي إلى الغيبة () .
)( الكشاف – الزمخشري – ج 4ص . 373
)( في ظالل سورة األخالق – ألبي فارس . 124
قوله تعالى ِ :إنَّ َأ ْك َر َم ُك ْم ِع ْن َد هَّللا ِ َأ ْتقَا ُك ْم قرر هذا النص الكريم أن أكرم الخلق عند هللا تعالى
أتقاهم ،فهذا النص تعليل للنهي عن التفاخر باألنساب ،كأنه قيل إن األكرم عنده تعالى هو األتقى ،
فإن فاخرتم ففاخروا بالتقوى () .
قـال الطبـري :إن أكرمكـم أيهـا الناس عنـد ربكـم أشدكم اتقاء له بأداء فرائضه واجتناب معاصيه ،
ال ألعظمكم بيتـا ً وال ألكثركـم عشيرة () .
وأكدت السنة النبوية هذا المقياس ،وأدب الرسول rعلى أن يغير مقاييس الناس التي كانت سائدة
في مجتمعاتهم الجاهلية ،ويتفاضلون بها كالمال والجاه والسلطان ،فصاحب المال أفضل ،
وصاحب الجاه أفهم ،وصاحب السلطان أعرف ،وكان الغني يأنف أن يلتقي الفقير ،ويترفع عن
الجلوس معه () وذكر القرآن الكريم حادثة تدل على ذلك وهو قوله تعالى َ :وال تَ ْط ُر ِد الَّ ِذ َ
يـن
ُون َو ْج َههُ سورة األنعام اآلية . 52 ون َربَّهـ ُ ْم بِا ْلغـ َ َدا ِة َوا ْل َع ِ
ش ِّي يُ ِريد َ يَدْعـ ُ َ
)( تفسير أبي السعود – ج 6ص . 123
)( تفسير الطبري – ج 13ص . 140
)( في ظالل سورة الحجرات – ألبي فارس – ص . 131
وجاء في صحيح البخاري عن سهل – رضي هللا عنه – قال :مر رجل على رسول هللا rفقال :ما تقولون في
هذا ؟ قالوا :حريٌّ إن خطب أن يُنكح ،وإن شفع أن يشفع ،وإن قال :أن يُسمع ،فمر رجل من فقراء المسلمين
فقال : rما تقولون في هذا ؟ قالوا :حري إن خطب أال ينكح ،وإذا شفع أال يشفع ،وإن قال أال يسمع ،فقال : r
"هذا خير من ملء األرض مثل هذا" () .
وقال رسول هللا " : rال فضل لعربي على أعجمي وال ألعجمي على عربي ،وال ألسود على أحمر ،وال ألحمر
على أسود إال بالتقوى ،إن أكرمكم عند هللا أتقاكم" () .
وقال " : rكلكم بنو آدم ،وآدم خلق من تراب ،ولينتهين قوم يفخرون بآبائهم أو ليكونن أهون على هللا من
الجعالن" () .
* قوله تعالى ِ :إنَّ هَّللا َ َعلِي ٌم َخ ِبي ٌر إن هللا أيها الناس ذو علم بأتقاكم عند هللا ،وأكرمكم عنده ،ذو خبرة بكم
ولمصالحكم ،وغير ذلك من أموركم ال تخفى عليه خافية () .
)( صحيح البخاري – ج 1ص . 9
)( سنن البيهقي – ج 2ص . 220
)( مسند البزار – ج 4ص . 140
)( تفسير الطبري – ج 3ص . 141