Professional Documents
Culture Documents
PR Ése Ntation
PR Ése Ntation
PR Ése Ntation
العصر الحديث
صنع هللا تعالى والنقل هو من كالم هللا تعالى ،فهل يتعارض ما صنع
مع ما قاله؟! هذه إحدى ركائز هذه المسألة (جدلية العقل والنقل) فك
م أو عاقل على اإلجابة باإلثبات ،فاإلنسان الحازم يترفع أن يعارض
أن يصادم فكره سلوكه ،فكيف ينسب ذلك إلى خالق البشر ،المتصف
الل ،وبتمام العلم وكمال الحكمة .إن جدلية العقل والنقل مسألة قديمة
ددة ،لكنها كثيرا ما توضع في غير وضعها الصحيح ،فتارة يسمى ما
س عقال عقال ،مثل الظنون واألوهام واألهواء والشهوات واألغراض
الشخصية ،وتارة تعمم أحكام الظنية على نصوص الشرع كلها مع ا
العقل و النقل
العقل والنقل ■
العقل والَّنْقل مصطلحان ما ُقِّدم أحدهما على اآلخر إال بشرط اليقينية ال الهوى ،فال اعتبار بأمٍر عقلٍّي ظنٍّي مقابل ■
النقلي اليقيني ،والعكس صحيح ،ويستحيل حدوُث تساوي اليقينية بينهما في نفس األمر؛ إذ ذلك يتطَّلب تعارضهما،
وهللا أكرم من أن يكون شرعه ُيناقض عقاًل جعله من الضرورات الخمس ،وحَّث على استخدامه والتفُّك ر به،
ويحضرني أن أستدَّل بمقولة لشيخ اإلسالم ابن تيمية ،يقول فيها" :ما خالف العقَل الصريح فهو باطٌل ،وليس في
الكتاب والسَّنة واإلجماع باطٌل ،ولكن فيها ألفاٌظ قد ال يفهُم ها بعُض الَّناس ،أو يفهمون منها معًنى باطاًل ،فاآلفُة
».منهم ،ال من الكتاب والُّس َّنة
أما بعد :فال زال الكالم موصوًال عن أصول وخصائص أهل السنة والجماعة ،وكنا قد تكلمنا عن األصل األول من أصول أهل
السنة والجماعة ،وهو أنهم يقدمون النقل على العقل ،وبينا أن ذلك ال يكون إال عند التعارض ،واألصل أال يختلف عقل صريح مع
نص صحيح ،وألجل ذلك صنف شيخ اإلسالم ابن تيمية كتابه العظيم الجليل( :درء تعارض العقل والنقل) ،وبين أن العقل يتفق
تمام االتفاق مع النقل إذا صح عن هللا عز وجل وعن رسوله صلوات ربي وسالمه عليه ،وقلنا :ال يمكن أن يختلف العقل مع النقل
إال ألمرين ال ثالث لهما :األمر األول :عدم ثبوت النقل عن هللا وعن رسوله ،ويقصد بعدم ثبوت النقل عن هللا؛ أي األحاديث
.القدسية ،أو عن رسوله في أحاديثه النبوية ،ولذلك يستحيله العقل ويرده ردًا شديدًا؛ ألنه لم يثبت ابتداء فضًال أنه لم يتفق مع العقل
.األمر الثاني :عدم إدراك العقل لمقصود النص ،النص ثابت لكن العقل يقصر تمامًا عن فهمه
ومعنى تقديم النقل على العقل :أن النقل يكون حاكمًا على العقل وليس العكس ،خالفًا لما فعلته الفرق الضالة؛ فإنهم جعلوا العقل
حاكمًا على النقل ،ومعنى حاكم ،أي :أن كل واحد منهم إذا قرأ نصًا في كتاب هللا أو في سنة النبي عليه الصالة والسالم ولم يفهمه،
.رد النص وقدم عليه العقل ،حتى ولو كان آية في كتاب هللا عز وجل
وال أقول بإلغاء العقل تمامًا ،فهذا مما ال ينبغي أن يحدث من عاقل؛ ألن هللا في كتابه والنبي صلى هللا عليه وسلم في سنته إنما
خاطب العقل وأمره بالنظر والتفكر والتدبر والعلم والسياحة في ملكوت هللا عز وجل ،كما أن العقل في بني آدم هو مناط التكليف،
فكيف يلغى؟! ولكن الذي ألغيه وأبطله :أن يقف العقل محادًا هلل ورسوله ،أما إبطال العقل بالكلية فال ،ولذلك آثرت أن يكون هذا
.الحديث متممًا للدرس السابق ومكمًال له ،ومبينًا ألهمية العقل في اإلسالم وأنه مناط التكليف