You are on page 1of 12

‫دخيل في التفسير ‪٢٠٢١ / ٢٠٢٠‬‬

‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬


‫*** اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد ***‬
‫القسم األول ‪ :‬في المبادئ العامة‬
‫المباحث في الكتاب المقرر( الدخيل في التفسير ) تنقسم إلى قسمين ‪:‬‬
‫‪ .1‬القسم األول ‪ :‬في مبادئ العامة ( جانب النظري ) ‪online‬‬
‫‪ .2‬القسم الثاني ‪ :‬الحديث التفصيلي عن صنوف الدخيل ( جانب العملي ) ‪offline‬‬
‫تحديد المقرر ‪ :‬القسم األول تكون من صفحة ‪ ٢٤‬إلى ‪.٧١‬‬
‫وأما القسم الثاني تكون من صفحة ‪ ١٨٩‬إلى ‪ ٢٤١‬و صفحة ‪٢٩٠‬‬
‫تعريف الدخيل‬
‫‪ ) 1‬الدخيل لغة ‪:‬‬
‫‪ -‬تدور فلكها حول محور واحد وهو ‪ :‬العيب والفساد‪ .‬وتطلق أيضا كالرجل ينتسب إلى قوم وهو‬
‫ليس منهم‪.‬‬
‫‪ -‬فحين نقول كلمة دخيل على العيب نفسه تكون من إطالق فعيل بمعنى فاعل‪ .‬وإن قلنا على الشيء‬
‫المعيب كانت من إطالق فعيل بمعنى مفعول مبالغة‪.‬‬
‫‪ ) 2‬الدخيل اصطالحا ‪:‬‬
‫ال تعريفا ً جامعا ً مانعاً‪ .‬فاألصيل نوعان ‪:‬‬
‫" وبضدها تتميز األشياء "‪ ،‬إذن‪ ،‬نعرف األصيل أو ً‬

‫• أصيل النقل ‪ :‬هو مأثور صالح للحجية من كتاب أو سنة أو قول صحابي أو تابعي بشرطه‪.‬‬
‫• أصيل الرأي ‪ :‬هو رأي صحيح ناشئ عن االجتهاد بعد استيفاء شروطه وتوفر ملكاته‪.‬‬
‫ثم نعرف الدخيل ‪ .‬فالدخيل نوعان أيضا ً ‪:‬‬
‫• دخيل النقل ‪ :‬هو ما نقل من التفسير ولم يثبت نقله أو ثبت على خالف شرط القبول‪.‬‬
‫• دخيل الرأي ‪ :‬هو ما كان تفسيرا ً للقرآن من قبيل الرأي الفاسد‪.‬‬
‫ألوان أصيل النقل سبعة‪ ،‬وهي ‪:‬‬
‫ما كان تفسيرا ً للقران بالقران‬ ‫‪.1‬‬
‫ما كان تفسيرا ً للقران بالسنة الصالحة للحجية‬ ‫‪.2‬‬
‫ما كان تفسيرا ً بما أخذ حكم المرفوع من أقوال الصحابة‬ ‫‪.3‬‬
‫ما كان تفسيرا ً له بإجماع الصحابة والتابعين‬ ‫‪.4‬‬
‫>> هذه األلوان األربعة األول من التفسير يجب عند أهل الحق أخذها والتعويل عليها على هذا الترتيب‬
‫لكن بشرط اأال يتعارض أي منها تعارض حقيقيا ً يتعذر فيه الجمع مع المعقول القطعي‪ ،‬فإن وقع مثل‬
‫ذلك التعارض وجب تأويل المنقول وطرح ظاهره ألجل المعقول في جميع هذه األلوان‪.‬‬
‫‪ .5‬ما كان تفسيرا ً بما اختلف فيه الصحابة اختالفا ً ال يخفى معه وجه الصواب‪.‬‬
‫‪ .6‬ما كان تفسيرا ً بما لم يعرف فيه من مأثور الصحابة كذلك إجماع وال اختالف‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫دخيل في التفسير ‪٢٠٢١ / ٢٠٢٠‬‬

‫‪ .7‬ما كان تفسيرا ً بما كان له حكم المرفوع المرسل من مأثور التابعين واعتضد مع ذلك بمرسل آخر‬
‫أو نحوه من شاهد أو تابع أو تحقق في قائله شرط اإلمامة أي من أئمة التفسير‪.‬‬
‫>> هذه األلوان الثالثة األخيرة يترجح عند القوم األخذ بها في تفسير القرآن ترجحا ً فحسب لكن‬
‫بشرط أال تتعارض مع معقول ولو ظناياا ً‪ ،‬وإال طرحت بالكلية أو طرحت ظواهرها على أقل تقرير‬
‫ألجل المعقول‪.‬‬
‫ألوان دخيل النقل تسعة‪ ،‬وهي ‪:‬‬
‫ما كان تفسيرا بسنة غير صالحة للحجية ويدخل تحت هذا اللون من التفسير ‪:‬‬ ‫‪.1‬‬
‫أ – التفسير باألحاديث الموضوعة‬
‫ب – التفسير باألحاديث الضعيفة‪ ،‬وال سيما إذا كان ضعفها مما ال ينجبر كأن كان بانخرام شرط‬
‫العدالة‪.‬‬
‫ما لم يثبت من مأثور الصحابة بأن كان موضوعا ً عليهم‪ ،‬أو مرويا ً عنهم بسند ضعيف‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫ما كان من مأثور الصحابة فيما ليس للرأي فيه مجال‪ ،‬ولكن عرف عمن أثر عنه األخذ من‬ ‫‪.3‬‬
‫ال تعرف موافقة ذلك المأثور لما هو متقرر في القرآن أو السنة الثابتة ويدخل‬ ‫اإلسرائيليات بشرط أ ا‬
‫تحت هذا اللون ‪:‬‬
‫أ – اإلسرائيليات المخالفة للكتاب أو ثابت السنة‬
‫ب – اإلسرائيليات التي ال تعرف لها موافقة وال مخالفة للكتاب والسنة بأن كان حديثها في شيء‬
‫ليس له في القرآن وال في السنة عين وال أثر‪..‬‬
‫ً‬
‫ما وقع فيه االختالف من مأثور الصحابة اختالفا تضل فيه الفكرة وال يهتدي إلى الصواب‪.‬‬ ‫‪.4‬‬
‫ما لم تثبت روايته عن التابعين بأن كان موضوعا ً عليهم كذلك أو كان ضعيف اإلسناد‪.‬‬ ‫‪.5‬‬
‫ما كان من اإلسرائيليات من مرسالت التابعين‪ ،‬وإن وافقت الكتاب أو السنة الثابتة ما لم تعتضد‬ ‫‪.6‬‬
‫تلك الموافقة‪.‬‬
‫ما تعارض تعارضا ً حقيقيا ً يعتذر معه الجمع مما كان يجب األخذ به من األربعة األول السابقة في‬ ‫‪.7‬‬
‫ألوان أصيل النقل‪ .‬لوال هذا التعارض نقول ‪ :‬ما يتعارض تعارضا ً حقيقيا ً من هذه األمور مع‬
‫المعقول القطعي فإن ظواهرها تكون من الدخيل وإنما األصيل تأويلها‪.‬‬
‫ما تعارض تعارضا ً حقيقيا ً كذلك مع المعقول ولو ظنيا ً من األمور الثالثة األخيرة السابقة في ألوان‬ ‫‪.8‬‬
‫أصيل النقل‪.‬‬
‫ما يتعارض تعارضا ً حقيقيا ً بتعذر معه الجمع كذلك مع ما هو أقوى منه من األقسام السابقة أي‬ ‫‪.9‬‬
‫في ألوان أصيل النقل مثل تعارض قول الصحابي مع السنة أو القرآن‪.‬‬
‫أصيل الرأي ‪:‬‬
‫• فإن لم يجد بشيء من بيان ما يقصدون إلى بيان القرآن ال في الكتاب وال في السنة الثابتة وال في‬
‫المأثور الصالح للحجية من أقوال الصحابة أو التابعين‪ ،‬اجتهد رأيه بعد تحصيل العلوم وتوفر‬
‫الملكات الالزمة لالجتهاد طبعا ً متوخ في ذلك أن بحمل مفردات النظم الكريم‪.‬‬
‫• فإذا كان هناك الضرورة المنطقية هي التي حملت حمالً على العدول عن الظاهر إلى التأويل ‪.‬‬
‫والتأويل بطريقتين سواء كان يصير إلى تقدير المحذوف أو مجاز‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫دخيل في التفسير ‪٢٠٢١ / ٢٠٢٠‬‬

‫أ ) تقدير المحذوف ‪:‬‬


‫من أمثال اإلمام أحمد رحمه هللا في قوله تعالى (( هل ينظرون إال أن يأتيهم هللا في ظلل من‬
‫الغمام‪ )) ...‬وقوله تعالى ‪ (( :‬وجاء ربك والملك صفا صفا )) ‪ .‬المراد به قدرة هللا وأمره‪.‬‬
‫ب ) حمال على مجاز ‪:‬‬
‫مثل ما قالوا في قوله تعالى ‪ (( :‬وهو معكم أينما كنتم )) المراد به مجاز عن إحاطته علما ً‬
‫وقدرة ً‪.‬‬
‫وإذا طرح ظاهر المنقول فضالً عن إغفال لفظه بالكلية بدون ضرورة منطقية فهو من الدخيل‪.‬‬
‫ألوان دخيل الرأي سبعة‪ ،‬وهي ‪:‬‬
‫‪ .1‬ما منشأه الفهم الخاطئ الناتج عن نقص أدوات الجتهاد مع حسن القصد ( هذه عند عامة‬
‫المفسرين قديما وحديثا )‬
‫<< هذا اللون الذي ظهر في عهد الرسول ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪.-‬‬
‫مثال ‪ :‬عدم الوقوف على سبب النزول كما في قوله تعالى‪ (( ،‬فال جناح عليه أن يطوف بهما ))‪.‬‬
‫يرى بعض المفسرين أن عدم الوجوب السعي في الصفا والمروة‪ ،‬وهذا خطأ‪.‬‬

‫‪ .2‬رأي منشأه تحريف النص وتعطيل الظواهر ( هذه للمعتزلة وبعض فالسفة المسلمين )‬
‫مثال ‪ :‬قوله تعالى (( إلى ربها ناظرة )) فيؤول المعتزلة كلمة " ناظرة " إلى " منتظرا ً " على‬
‫حسب عقيدتهم‪.‬‬

‫‪ .3‬رأي منشأه الجمود والوقوف عند ظاهر النص مع طرح المعقول ( هذه للمجسمة )‪.‬‬
‫مثال ‪ :‬قوله تعالى (( يد هللا فوق أيديهم ))‪ ،‬والمجسمة تحمل هذه اآلية على حقيقة ال على المجاز‬
‫ولو كان هناك ضرورة منطقية‪.‬‬

‫‪ .4‬ما منشأه التفلسف المتنطع ( هذه ألهل التصوف الفلسفي )‪.‬‬


‫مثال ‪ :‬قوله تعالى (( إن هللا يأمركم أن تذبحوا بقرة ))‪ .‬هم يقولون أن البقرة هنا هي الشهوة‬
‫الحيوانية تحمل على معنى العميق أو الباطن‪.‬‬

‫‪ .5‬ما منشأه التعسف في استعراض المقدرة اللغوية أو اإلعرابية ( لبعض متنطع اللغويين وجهلة‬
‫النحويين)‬
‫مثال ‪ :‬قوله تعالى (( وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة ))‪ .‬هم يقولون أن كلمة " كافة "‬
‫ال للمشركين وهذا خطأ‪ .‬فالصواب تكون حا ً‬
‫ال لواو الجماعة‪.‬‬ ‫في األول تكون حا ً‬

‫‪ .6‬ما منشأه إبراز التكلف والغريب من أوجه اإلعجاز ول سيما العلمي ( لبعض المتعالمين بالعلوم‬
‫المعاصرة )‪.‬‬
‫مثال ‪ :‬هم يقولون أن نظرية االنفجار العظيم ( ‪ ) Big bang Theory‬قد قاله تعالى في سورة‬
‫الذاريات ‪ . ٤٧ :‬والصواب أن القرآن أوسع من أن يكون معجز للعلمي فقط حتى ال يخطئ القرآن‬
‫حينما تغيرت النظرية بتطور الزمان ألن القرآن خالد وصالح لكل زمان ومكان‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫دخيل في التفسير ‪٢٠٢١ / ٢٠٢٠‬‬

‫‪ .7‬رأي منشأه اإللحاد في آيات هللا والكيد لإلسالم ( وهو للباطنية وأمثالهم من البهائية والبابية‬
‫والقاديانية )‪.‬‬
‫مثال ‪ :‬قوله تعالى (( إنكم وما تعبدون من دون هللا حصب جهنم أنتم لها واردون ))‪ .‬هم يقولون‬
‫أن عيسى وعزير والمالئكة والذين قد زكاهم هللا عبدوا من دون هللا ‪ ،‬هؤالء سيكون حصبا ً لجهنم‪.‬‬

‫نشأة الدخيل وتطوره وبيان أسبابه‬


‫س ‪ :‬متى نشأ الدخيل ؟‬
‫ج ‪ :‬نشأ الدخيل من أثناء نزول القرآن أو من عهد السول ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪-‬‬
‫س ‪ :‬أيهما نشأ األول ؟ دخيل الرأي أو دخيل النقل ؟‬
‫ج ‪ :‬أول الدخيل نشأ في عهد الرسول هو دخيل الرأي‬
‫س ‪ :‬ما أول لون الدخيل ؟‬
‫ج ‪ :‬أول لون الدخيل هو اإللحاد في آيات هللا والجهل بأسباب النزول من نوع الدخيل الرأي‬
‫س ‪ :‬من أثار هذا اللون من الدخيل الرأي ؟‬
‫ج ‪ :‬هم المشركون قريش‬
‫س ‪ :‬ما غرضهم ؟‬
‫ج ‪ :‬غرضهم ‪ :‬االنتصار لعبادة األوثان و إظهار القرآن في صورة المتناقض أو المتهافت‪.‬‬

‫النمط األول من شبهات المشركين ‪:‬‬

‫الشبهة ‪ :‬قال تعالى (( إنكم وما تعبدون من دون هللا حصب جهنم أنتم لها واردون )) األنبياء ‪) ٩٨ :‬‬
‫<< هم يقولون أن عيسى وعزير والمالئكة والذين قد زكاهم هللا عبدوا من دون هللا‪ ،‬وكلمة " ما " هنا‬
‫اسم الموصولة تفيد العموم فمن المفهوم هذه اآلية هؤالء سيكون حصب جهنم‪.‬‬

‫ردّها ‪:‬‬
‫‪ .1‬نعم‪ ،‬كلمة " ما " هنا اسم الموصولة تفيد العموم فيطلق على ما يعبد ولكن قد خصصت هذه‬
‫الموصولة بآية أخرى أي بعدها (( إن الذين سبقت لهم مناا الحسنى أولئك عنها مبعدون ))‪ .‬وهناك‬
‫قاعدة ‪ :‬كل عام يمكن أن يخصص‪.‬‬

‫‪ .2‬كلمة " ما " هنا تشير إلى غير عاقل فقط فال يشمل إلى من زكى هللا‪.‬‬
‫• مناقشة هذا الرد ‪:‬‬
‫أحيانا ً كلمة " ما " تشير إلى العاقل وغير عاقل كما قال تعالى (( سبح هلل ما في السموات وما‬
‫في األرض )) وأيضا ً أحيانا ً جاء كلمة " من " تشير الى العاقل وغير عاقل كقوله تعالى ((‪..‬ومن‬
‫ا‬
‫فيهن‪.))..‬‬

‫‪4‬‬
‫دخيل في التفسير ‪٢٠٢١ / ٢٠٢٠‬‬

‫• ر ّد هذه المناقشة ‪:‬‬


‫التسليم الجدلي بشمولها استعما ً‬
‫ال للعاقل وغير عاقل‪ ،‬فإن ثمة من القرائن المقالية والحالية والعقلية‬
‫المتكاثرة ما يقضي كلها بضرورة الصرف عن مثل هذا العموم ووجوب المصير إلى التخصيص‪.‬‬
‫أليس قد زكى هللا في غير موضع من كتابه الذي عليهم‪ ،‬وتاله نبيه آناء الليل والنهار بين ظهرانيهم‪.‬‬

‫‪ .3‬تخصيص العقل ‪ :‬هذا المعبود سيكون حصبا ً لجهنم هو المعبود راض أي أحب أن يعبد أما عيسى‬
‫وعزير والمالئكة ال يكونوا راضيا ً‪ .‬إذن‪ ،‬هذه اآلية فال تتناول عيسى وعزير والمالئكة عليهم‬
‫السالم‪.‬‬
‫ً‬
‫>> كما في الحديث ‪ :‬فقال عبد هللا بن زبعري ‪ :‬أما وهللا لو وجدته لخصمته فسألوا محمدا كل ما‬
‫يعبدون من دون هللا في جهنم مع من عبده‪ ،‬فنحن نعبد المالئكة واليهود عزيرا ً والنصارى تعبد‬
‫المسيح عيسى ابن مريم‪ .‬فعجب الوليد ومن معه في المجلس من قول بن زبعري ورأوا أنه قد‬
‫احتج وخاصم فذكر ذلك لرسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ .-‬فقال ‪ (( :‬كل من أحب أن يعبد من‬
‫دون هللا فهو مع من عبده إنهم إنما يعبدون الشيطان ومن أمرهم بعبادته ))‪.‬‬
‫>> وقوله تعالى ‪ (( :‬ومن يقل منهم إناي إله من دونه فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزى الظالمين ))‬

‫الشبهة أخرى من نمط األول ‪ :‬هم يزعمون أن محمد يعبد إلهين ال إلها ً واحداً‪ ،‬أحدهما هو هللا واآلخر‬
‫هو الرحمن وتناقضه وتناقض قرآنه‪ .‬وبالتالي تناقض مع أساس دعوته الذي هو التوحيد والنهي عن‬
‫الشرك في قوله تعالى ‪ (( :‬قل ادعوا هللا أو ادعوا الرحمن ‪))..‬‬

‫ردّها ‪:‬‬
‫‪ .1‬قد تعدد ت األسماء من مسمى واحد‪ ،‬وكثرة األسماء تدل على شرف المسمى كقوله تعالى (( فله‬
‫األسماء الحسنى ))‪.‬‬
‫‪ .2‬أنهم قد متغافلون أو متناسون عن قواعد اللغة أو جهلوا في لغتهم وظناوا أن هللا شيء والرحمن‬
‫شيء آخر‪.‬‬
‫‪ .3‬أو هنا لالختياري أي ادعوا هللا باسمه األعظم أو باسم وصفته الرحمن‪.‬‬

‫***‬

‫القسم الثاني ‪ :‬الحديث التفصيلي عن صنوف التفسير‬


‫أصول التفسير ‪:‬‬
‫تفسير القرآن بالقرآن‪ ،‬مثال ‪ :‬قال تعالى (( فتلقى أدم من ربه كلمات ))‪ .‬المراد بالكلمات هنا في‬ ‫‪.1‬‬
‫ا‬
‫لنكونن من الخاسرين ))‪.‬‬ ‫سورة األعراف ‪ (( :‬ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا‬
‫تفسير القرآن بالسنة‪ ،‬مثال ‪ :‬قال تعالى (( وأقيموا الصالة‪ .))..‬والمراد بإقامة الصالة كما في قول‬ ‫‪.2‬‬
‫النبي ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ (( : -‬صلوا كما رأيتموني أصلاي ))‪.‬‬
‫تفسير القرآن بأقوال الصحابة‬ ‫‪.3‬‬
‫تفسير القرآن بأقوال التابعين‪.‬‬ ‫‪.4‬‬

‫‪5‬‬
‫دخيل في التفسير ‪٢٠٢١ / ٢٠٢٠‬‬

‫األحاديث الموضوعة في التفسير ( دخيل المأثور )‬


‫س ‪ :‬لماذا لم يبتدأ الكالم هنا عن الحديث الضعيف ؟‬
‫ألن الحديث الضعيف قد يقبل أي ينفع أحيانا ً في التفسير ( "قد" هنا تدل على التقليل ) فليست‬ ‫‪.1‬‬
‫مطلقا ً كلها من الدخيل‪.‬‬
‫الحديث الضعيف الذي اعتضد برواية أخرى حتى ينتهي أو يضل إلى حسن لغيره ال خالف‬ ‫‪.2‬‬
‫فيه‪.‬‬
‫قد يكون الحديث الضعيف يخدم معنى في التفسير ويوافق التفسير وال يعارضه عقالً أو نصاً‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫ي من عقول الرجال وقياسهم "‪.‬‬ ‫وقول إمام أحمد ‪ " :‬الحديث الضعيف أحبا إل ا‬ ‫‪.4‬‬
‫الحديث الموضوع له ثالث إطالقات ‪ :‬الكذب‪ ،‬المختلق‪ ،‬المصنوع‪.‬‬
‫• الحديث الموضوع ‪ :‬هو ما كان من الحديث مختلقا مصنوعا أي سواء أكان اختالقه على النبي ‪-‬صلى‬
‫هللا عليه وسلم‪ -‬نفسه على ما هو الغالب وهو ينصرف إليه الحديث الموضوع عند اإلطالق ( غير مقيدة‬
‫بالقرينة ) أو اختالقه على الصحابة أو التابعين عند قيام القرينة ( مثال ‪ :‬الحديث موضوع على ابن عمر‬
‫أو على عكرمة )‪.‬‬
‫س ‪ :‬هل حديث موضوع خاص على رسول هللا فقط ؟‬
‫ج ‪ :‬ال‪ ،‬بل الحديث الموضوع على الرسول أو على الصحابة أو على التابعين‪.‬‬
‫!! ندرس هنا الحديث الموضوع متعلق بالتفسير فقط !!‬
‫نشأة الوضع ‪.‬‬
‫س ‪ :‬ما الفرق بين وضع الحديث وتحريف الحديث ؟‬
‫‪ – 1‬وضع الحديث ‪ :‬أصل الكالم كاذب أو تأليف الكالم وجعل نسبته إلى النبي ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬ما‬
‫لم يقله النبي ‪.‬‬
‫مثل ‪ " :‬من عادى األزهر فقد عاداني ومن عاداني فقد عادى هللا " >> وجعل نسبة هذا الكالم إلى رسول‬
‫‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬مع أنه لم يقل هذا الكالم فهذا الموضوع‪.‬‬

‫‪ – 2‬تحريف الحديث ‪ :‬أصل الكالم موجود صحيح وقد قاله النبي‪ ،‬ولكن حصل التغيير فيه‪.‬‬
‫مثل ‪ (( :‬إن هللا ال ينظر إلى قلوبكم ولكن هللا ينظر إلى صوركم )) >> هذا تحريف الحديث‪.‬‬
‫• على الرغم أن وقوع الوضع في الحديث مسألة بالفعل من البدهيات المتقررة حتى عند أصاغر العوام‬
‫فضالً عن المتخصصين من المحدثين‪.‬‬
‫س ‪ :‬متى نشأ الوضع في الحديث ؟‬
‫عندنا رأيان في تاريخ ابتداء الوضع ‪:‬‬
‫‪ .1‬القول األول ‪ :‬بدأ الوضع حوالي سنة ‪ ٤٠‬أو ‪ ٤١‬هجرية ولم يكن في عهد النبي ‪-‬صلى هللا عليه‬
‫وسلم‪.-‬‬

‫‪6‬‬
‫دخيل في التفسير ‪٢٠٢١ / ٢٠٢٠‬‬

‫األدلة ‪ :‬أ ) عدالة الصحابة ينفي الكذب على رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪.-‬‬
‫مرة ) لسارع الناس بكشفه أو النقد بهذا الوضع‬
‫ب ) لو وقع الكذب على النبي في عهد النبوة ( ولو ا‬
‫أو لنقله علينا وإال فال‪.‬‬
‫ج ) في هذه السنة ظهور فرق الثالثة يعني الشيعة والخوارج والجمهور مثل وضع غالة الشيعة‬
‫في الحديث للمدح آل البيت وفي هذه السنة وقوع الفتنة ألن قبلها لم يكن فيه اختالفا ً وهم في‬
‫مذهب واحد‪.‬‬
‫د ) إنما القول بظهور الوضع هو المقصود بجواز وقوع الوضع ولم يقل وقوع الوضع بالفعل عند‬
‫حياة النبي‪.‬‬
‫ه ) الحديث ال يصرح على وجود الكذب في زمان النبي بل المقصود في أمر أو زمان مستقبل‬
‫( فيما سيحصل وليس شيء قد حصل )‪.‬‬

‫‪ .2‬القول الثاني ‪ :‬يمكن أن يكون الوضع في عهد النبي ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪.-‬‬
‫األدلة ‪:‬‬
‫أ ) عدالة الصحابة يجوز عليهم وقوع المعصية والكذب على النبي ألن العدالة ليست العصمة‪،‬‬
‫تصر على المعصية‬
‫ا‬ ‫ألن العصمة ال تكون إال لألنبياء والمالئكة فقط‪ .‬والمقصود من العدالة ال‬
‫المخلدة في النار‪.‬‬
‫ي متعمدا ً فليتبوأ مقعده من النار )) هذا يشير إلى من كذب على‬‫ب ) قول النبي (( من كذب عل ا‬
‫النبي ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬في حياته‪.‬‬
‫ج ) أن العقل ال يمكن أن يقبل مجرد ظهور الفرق الثالثة لسارعت صناعة الوضع‪ .‬كفاهم أنهم‬
‫بلغوا لنا الكتاب والسنة‪.‬‬
‫د ) الحديث الموضوع موجود في حياة النبي ولو كان نادراً‪.‬‬
‫الترجيح ‪:‬‬
‫‪ .1‬رجح المؤلف ( د‪ .‬إبراهيم خليفة ) القول الثاني‪ ،‬بأن الوضع في الحديث نشأ منذ عهد النبي ‪-‬‬
‫صلى هللا عليه وسلم‪.-‬‬
‫‪ .2‬ويرجح الدكتور سبتان والدكتور محمد رجب القول األول‪ ،‬بأن الوضع في الحديث نشأ حوالي‬
‫‪ ٤٠‬أو ‪ ٤١‬هجرية عند ظهور الفرق الثالثة ووقوع الفتنة ولم يكن الوضع في حياة النبي ‪-‬صلى‬
‫هللا عليه وسلم‪ -‬ألن القول بأن صناعة الوضع بدأت من حياة الرسول هذا من كالم أحمد أمين‬
‫من المستشرقين‪.‬‬
‫ثم زاد الدكتور سبتان القول في ثناء المنزلة الصحابة إكراما ً من النبي ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬ومن هللا‬
‫لهم‪ .‬أدلته بما يلي ‪:‬‬
‫‪ .1‬قوله تعالى ‪ (( :‬والسابقون األولون من المهاجرين واألنصار‪.............‬جنات تجري تحتها‬
‫األنهار )) كأن هذه المنزلة من األنهار هي األصل‪ .‬وأما غيرها بمنزلة الفرع ألن اآلية (( جنات‬
‫تجري من تحتها األنهار ))‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫دخيل في التفسير ‪٢٠٢١ / ٢٠٢٠‬‬

‫قال تعالى ‪ (( :‬رضي هللا عنهم ورضوا عنه‪))..‬‬ ‫‪.2‬‬


‫نهى النبي ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬عن سبا أصحابه (( ال تسباوا أصحابي ))‬ ‫‪.3‬‬
‫حديث ‪ (( :‬إن هللا اختارني واختار لي أصحابي ))‬ ‫‪.4‬‬
‫لقد عرفنا جهد الصحابة وأنهم جاهدوا مع الرسول‪ .‬لوالهم لما نعرف الكتاب والسنة‪.‬‬ ‫‪.5‬‬
‫(( من طعن أحدا ً من الصحابة ويستهم فقد خرج من الدين ))‬ ‫‪.6‬‬

‫أسباب الوضع على رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬في التفسير وغيره‬
‫س ‪ :‬ما عالقة الوضع بالدخيل في التفسير ؟‬
‫ج ‪ :‬أن الوضع يقوم وظيفة التفسير القران بالسنة وهو دخيل عليه‪.‬‬
‫س ‪ :‬تحدث عن أسباب انتشار الوضع أو الدخيل بالتفصيل !‬
‫ج ‪ :‬أسباب الوضع على رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬في التفسير وغيره ‪:‬‬
‫‪ .1‬المكايدة لإلسالم بإظهاره في مظهر المجافا ة للعقل أو السذاجة المفرطة المستجلبة للسخرية‬
‫بها والزراية من كل من يسمعها‪.‬‬
‫مثل ‪ " :‬الباذنجان شفاء من كل داء "‪ .‬هذا الوضع يظهر أن اإلسالم يخالف الحقائق العلمية‬

‫‪ .2‬اتباع الهوى وموافقة البدعة‬


‫أن التعصب للهوى والنزوع إلى البدعة قد يدفع صاحبه إلى ارتكاب أي شيء في سبيل تأييد هواه‬
‫أو بدعته‪ ،‬حتى لو كان ما يرتكبه في سبيل ذلك هو محض الباطل واالفتراء‪.‬‬
‫مثل ‪ :‬ا ) ما رأينا من الشيعة تضع األحاديث في مدح علي وذم معاوية ويجعلون من ذلك ما هو‬
‫تفسير لبعض القرآن او سبب لنزوله‪.‬‬
‫ب ) ما رأينا بعض الخوارج يضعون األحاديث في ذم علي ومعاوية جميعا ً‬
‫ج ) ورأينا كالً من المجسمة والمشبهة يضعون األحاديث ما ينطق بالتجسيم والتشبيه‪.‬‬
‫د ) ورأينا بعض الجهلة من جمهور أهل السنة يضعون األحاديث في ذم البدع‪.‬‬

‫‪ .3‬النزعات السياسية المتعصبة‬


‫مثل ‪ :‬أ ) رأينا بعض الحمقى والتعصب والتقرب للدولة األموياة يضعون األحاديث في فضلها‬
‫وإشادة بخلفائها‪.‬‬
‫ب ) ولما زالت دولة األمويين وأسلمت اللواء راغمة إلى الدولة العباسية انعكست اآلية‬
‫فوضعت األحاديث في التبشير بدولة آل العباس والتنفير من بني أمياة وبيان أن هالك‬
‫األمة على أيديهم‪.‬‬
‫‪ .4‬التعصب المذهبي‬
‫وذلك أن هذا التعصب قد يحمل بعض جهلة المتمذهبين بالمذهب الفقهية إلى وضع أحاديث في‬
‫االنتصار اإلمام أو الرأي في مذهبه وذم ما يخالفه‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫دخيل في التفسير ‪٢٠٢١ / ٢٠٢٠‬‬

‫مثل ‪ :‬تدريب الراوي فقال ‪ :‬وقيل لمأمون بن أحمد الهروي أال ترى الشافعي ومن تابعه بخراسان‪.‬‬
‫فقال حدثنا أحمد بن عبد هللا حدثنا عبد هللا بن معدان األزدي عن أنس مرفوعا ً ‪ (( :‬يكون في أمتي‬
‫أضر على أمتي من إبليس‪ ،‬ويكون في أمتي رجل يقال له أبو‬ ‫ّ‬ ‫رجل يقال له محمد بن إدريس‬
‫حنيفة وهو سراج أمتي ))‪.‬‬
‫‪ .5‬الشعوبية او التعصب للجنس ما‬
‫مثل ‪ :‬أن الدولة العباسية كما هو معروف في كتب التاريخ قامت على أكتاف الفرس‪ ،‬فهنالك‬
‫ذكروا أعنى الفرس ما كان لهم من حضارة ودولة وتاريخ فوضع طائفة من جهلتهم وحاقديهم‬
‫والمتزلفين إليهم األحاديث في ‪:‬‬
‫• فضل بالدهم‬ ‫• فضل أشخاص معينة منهم‬ ‫• فضل جنس الفرس‬
‫• وضع األحاديث في ذم العرب جنسا ً أو أشخاصا ً وكذلك وضع اآلخرون من العرب في عكس‬
‫ذلك وهلم جرا‪.‬‬
‫‪ .6‬استرضاء الخلفاء بما يوافق هواهم‬
‫مثل ‪ :‬غياث ابن إبراهيم حيث وضع المهدي محمد بن المنصور عبد هللا العباسي والد هارون‬
‫الرشيد في حديث ‪ " :‬ل سبق إلّ في نصل أو خف‪ ،‬فزاد فيه " أو جناح " وكان المهدي إذ ذاك‬
‫يلعب الحمام فأمر له ببدرة يعني عشرة آالف درهم فلما قفى قال أشهد على قفاك أنه قفا كذاب‬
‫ثم ترك الحمام‪ ،‬بل وأمر بذبحها وقال ‪ :‬أنا حملته على ذلك‪ ،‬ذكره أبو حيثمة‪.‬‬

‫‪ .7‬حب الشهرة واستمالة قلوب العامة بذكر الغرائب‬


‫مثل ‪ :‬ما رواه ابن الجوزي بسنده إلى جعفر بن محمد الطيالسي‪ ،‬قال ‪ :‬صلى أحمد بن حنبل‬
‫قاض فقال ‪ :‬حدثنا أحمد بن حنبل ويحيى‬
‫ويحيى بن معين في مسجد الرصافة فقام بين أيديهما ٍ‬
‫بن معين قاال ‪ :‬حدثنا عبد الرازق عن معمر عن قتادة عن أنس قال ‪ :‬قال رسول هللا ‪-‬صلى هللا‬
‫عليه وسلم‪ (( : -‬من قال ل إله إلّ هللا خلق هللا له طيرا منقاره من ذهب وريشه من مرجان‬
‫))‪ .‬وأخذ في قصة نحوا من عشرين ورقة‪ ،‬فجعل أحمد بن حنبل ينظر إلى يحيى بن معين‪،‬‬
‫ويحيى بن معين ينظر إلى أحمد فقال ‪ :‬أنت حدثته بهذا ؟ فيقول ‪ :‬وهللا ما سمعت بهذا إ ا‬
‫ال‬
‫الساعة‪...‬‬

‫‪ .8‬أن يعرض لمن ل دين له عارض من غضب أو حرج في استفتائه ( عما يجهل يحمله ذلك‬
‫مع خفة دينه على افتراء الكذب عليه ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪) -‬‬
‫مثل ‪ :‬ما أسند ه الحاكم عن سبق بن عمر التميمي قال ‪ :‬كنت عند سعد بن طريف فجاء ابنه من‬
‫الكتاب يبكي فقال ‪ :‬ما لك ؟‪ ،‬فقال ‪ :‬ضربني المعلم‪ ،‬قال ‪ :‬ألخزينهم اليوم‪ .‬حدثني عكرمة عن‬
‫ابن عباس مرفوعا ً " معلمو صبيانكم شراركم وأقلهم رحمة لليتيم وأغلظهم على المسكين "‪.‬‬

‫‪ .9‬ما عبر صاحب تنزيه الشريعة فقال (( الصنف الثالث ))‪ ،‬يعني القوم الذين أخذوا الحديث ضعةً‬
‫وتسوقا ً حتى أن أحدهم يسير عامة الليل في الوضع ‪ :‬كأبي البختري والحسين بن علوان وسليمان‬
‫ابن عمرو النخعي‪.‬‬

‫أضر األسباب جميعا لخفائه التطرف في حب الخير للناس مع السذاجة والجهل لسبيل‬ ‫‪.10‬‬
‫الدعوة الصحيحة إلى هللا‬

‫‪9‬‬
‫دخيل في التفسير ‪٢٠٢١ / ٢٠٢٠‬‬

‫• معنى " حسبة " هنا ‪ :‬طلب األجر عند هللا ( في زعمهم الفاسد )‪ .‬وهذا أضر السبب ألنه‬
‫تقبل موضوعاتهم ثقة بهم‪.‬‬
‫مثل ‪ :‬ما وقع لطائفة من جهلة المتورعة حين رأوا الناس قد قل إقبالهم على كثرة العبادة وقراءة‬
‫القرآن فوضعوا لهم أحاديث تحملهم على شدة الرغبة في ذلك‪ ،‬كأن لهم فلسفة الميكيافل المعروفة‬
‫" الغاية تبرر الوسيلة "‪.‬‬
‫مثل ‪ :‬ما وضع حسبة ما رواه الحاكم بسنده إلى أبي عمار المروزي أنه قيل ألبي عصمة نوح‬
‫بن مريم ‪ :‬من أين ذلك ؟ عن عكرمة عن ابن عباس في فضائل القرآن سورة سورة وليس عند‬
‫أصحاب عكرمة هذا ؟ فقال ‪ (( :‬إنّي رأيت الناس انشغلوا بفقه أبي حنيفة ومغازي ابن إسحاق‬
‫فوضعته حسبة ))‪ .‬وكان يسمى "نوح الجامع "‪ .‬قال ابن حباان ‪ :‬جمع كل شيء إال الصدق‪.‬‬

‫أن يحمل حب الشهرة والظهور على وضع أسانيد لبعض األحاديث غير أسانيدها‬ ‫‪.11‬‬
‫الحقيقية لتستغرب وتطلب‪.‬‬
‫• قال ابن عراق ‪ " :‬قوم حملهم الشهرة ومحبة الظهور على الوضع‪ ،‬فجعل بعضهم لذي‬
‫اإلسناد الضعيف إسنادا ً صحيحا ً مشهورا ً‪ ،‬وجعل بعضهم للحديث إسنادا ً غير إسناده‬
‫المشهور ليستغرب وتطلب‪.‬‬
‫• ومنهم من كان يدعي سماع ما لم يسمع‪ .‬قال ابن الجوزي ‪ :‬حدث عبد هللا ابن اسحاق‬
‫الكرماني عن محمد بن يعقوب‪ ،‬فقيل له ‪ :‬مات محمد قبل أن تولد بتسع سنين‪.‬‬
‫هذه هي أشهر أسباب الوضع المعتمدة ‪ ،‬ولعلك قد الحظت في جميعها أنه كان مصحوبا باستغالل تمكن‬
‫حب وتعظيم رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬واالنصياع لجميع ما ينسب إليه من النفوس‪ ،‬كما الحظت‬
‫في معظمها أنه كان مصحوبا ً مع ذلك إما بجهل الواضعين أو بضعف الوازع الديني عندهم أو بكليهما‪.‬‬
‫وقد يقع في الحديث المحدث من الوضع ما لم يتعمده أصالً كأن يغلط أو يختلط أو يسوء حفظه أو يدس‬
‫عليه في كتبه بدون علم منه ما هو منه براء أو كأن يذكر المحدث سندا ً لحديث ثم يسكت قبل أن يملي‬
‫الحديث أو يشغله شاغل فيتكلم بكلمة أخرى ال يقصد كونها حديثا ً فيظن من سمعه أنها الحديث الذي ساق‬
‫له الشيخ ذلك السند من قبل‪.‬‬
‫ومهما يكن من شيء فإن هؤالء وأولئك قد وضعوا رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬قدرا ً كبيرا ً من‬
‫األحاديث لكن عناية هللا بدينه كانت لهم بالمرصاد‪ ،‬فقضيت لهذا الدين من صيارفة السنة وأعالم الرواية‬
‫من نقي عنها انتحال المبطالت وبهتان الكاذبين‪ ،‬وهللا متم نوره ولوكره الظالمون‪.‬‬
‫فاحصوا األحاديث الموضوعة وكشفوا لنا الغطاء عن واضعيها وبينوا أمثل الطرق لمعرفة وضعها‬
‫وصنفوا في إحصا ئها المصنفات العديدة التي لم يبق معها التباس ألمر هذه األحاديث على أحد من أهل‬
‫العلم وهلل الحمد فجزاهم هللا عن مجهودهم العظيم أحسن الجزاء‪.‬‬

‫أمارات الوضع ( يرجع إلى حالة الراوي ‪ /‬سند )‬


‫يقر الواضع بوضعه ‪:‬‬
‫‪ .1‬أن ّ‬
‫قال الحافظ رحمه هللا في شرح النخبة‪ ،‬وقد يعرف الوضع بإقرار واضعه؛ قال ابن دقيق العيد ‪:‬‬
‫لكن ال يقطع بذلك الحتمال أن يكون كذب في ذلك اإلقرار‪.‬‬
‫مثل ‪:‬‬

‫‪10‬‬
‫دخيل في التفسير ‪٢٠٢١ / ٢٠٢٠‬‬

‫أقر المقر بوضعه ما سبق لك في الحديث عن عائشة أسباب الوضع من اعتراف كل من‬ ‫أ ) ما ا‬
‫أبي عصمة نوح بن أبي مريم ( أنظر في الكتاب ص‪ ) ٢١٨ :‬وميسرة بن عبد ربه وشيخ عبادان‬
‫أو بزيغ أو مخلد بوضع ما وضعوه من أحاديث فضائل السور‪.‬‬

‫ب ) وكذلك ما حدث به البخاري في تاريخه األوسط‪ ،‬قال ‪ :‬حدثني يحيى األشكري عن علي بن‬
‫حدير‪ ،‬قال ‪ :‬سمعت عمر بن صبح يقول ‪ :‬أنا وضعت خطبة النبي ‪-‬صلى هللا وسلم‪ -‬إلى غير ذلك‬
‫من المثل‪.‬‬

‫‪ .2‬أن ينفرد برواية الحديث را ٍو معروف بالكذب لدى علماء الجرح والتعديل بحيث ل يشاركه في‬
‫رواية هذا الحديث أحد من الثقات‪.‬‬
‫مثل ‪ :‬حديث ( أن ابن عباس قال ‪ :‬سألت النبي ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬عن الكلمات التي نلقاها آدم‬
‫ال ثبت عناي فتاب عليه )‪ .‬قال‬‫من ربه قال ‪ :‬سأل بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إ ا‬
‫الدار قطني تفرد به عمرو بن ثابت‪ ،‬وقد قال يحيى ‪ :‬إنه ال ثقة وال مأمون‪ ،‬وقال ابن حبان ‪:‬‬
‫يروي الموضوعات‪ .‬وكون عمرو هذا رافضيا ً‪.‬‬
‫( قال الدكتور سبتان ‪ :‬في هذا الصدر أن عمرو را ٍو كذاب )‬

‫‪ .3‬وبعد فإن من قبيل ما هو بمنزلة اإلقرار بالوضع كذلك وما نبهنا إليه البحث في التاريخ من‬
‫ادعاء طائفة كذبا وزورا أنهم صحبوا رسول هللا ‪-‬صلى هللا وسلم‪ -‬سمعوا منه‪ ،‬مع أن واقع‬
‫األمر ليس كذلك‪.‬‬
‫مثل ‪ :‬قال صاحب تنزيه الشريعة ‪ :‬ذكر لجماعة من كذابين ادعوا لقاء النبي ‪-‬صلى هللا عليه‬
‫وسلم‪ -‬من بابه مكلبة بن ملكان الذي ذكره ابن الجوزي فمنهم سرباتك الهندي أي ملك الهند‪.‬‬
‫وقال الحافظ ابن حجر في اللسان ‪ :‬وجاء ذكره من وجه آخر أورده أبو حامد أحمد بن محمد بن‬
‫إبراهيم الخليل البغوي بسنده إلى مظفر بن أسد الحنفي المتطيب قال ‪ :‬سمعت سرباتك الهندي‬
‫ال من ملك الحبشة‪ ،‬وكان‬ ‫مرة‪ ،‬قدمت عليه رسو ً‬ ‫يقول ‪ :‬رأيت رسول هللا بم اكة ا‬
‫مرتين وبالمدينة ا‬
‫لي حين قدمت عليه أربعون وستون سنة‪ ،‬وكان ربعة من الرجال ليس بطويل بائن وال قصير‪،‬‬
‫أحسن الناس وجها ً‪ .‬قال مظفر ‪ :‬ومات سرباتك سنة ست وثالثين وثالثمائة وهو ابن ثمانمائة سنة‬
‫وأربع وتسعين سنة‪ .‬قال الحافظ ‪ :‬إذا أضيف إلى ما ذكر من عمره عند وفاته إلى المداة التي من‬
‫سنة الهجرية إلى سنة وفاته ظهرت مجازفة مظفر بن أسد وغفلته عن تناقضه في مقدار عمره‬
‫فإنه إنما يكون ابن سبعمائة وبضع وتسعين فكأنه غلط بمائة سنة‪.‬‬

‫أمارات الوضع ( مما ترجع إلى المروي ‪ /‬متن )‬


‫‪ ) 1‬أن يكون الخبر ركيكا في معناه سواء اجتمعت مع ركة المعنى ركاكة اللفظ أيضا أول‬
‫• قال الربيع بن حيثم ‪ :‬إن للحديث ضوءا ً كضوء النهار تعرفه وظلمة كظلمة الليل تنكره‪.‬‬
‫• قال ابن الجوزي ‪ :‬الحديث المنكر يقشعر له جلد الطالب للعلم‪ ،‬وينفر منه قلبه في الغالب‪.‬‬
‫• وقال البلقيني ( شيخ اإلسالم سراج الدين البلقيني؛ شيخ اإلمام ابن حجر ) ‪:‬‬
‫وشاهد هذا أن إنسانا لو خدم إنسانا سنتين وعرف ما يحب وما يكره‪ ،‬فادعي إنسان أنه يكره‬
‫شيئا يعلم ذلك أنه يحبه فبمجرد سماعه يبادر إلى تكذيبه‪ ،‬وقال شيخ اإلسالم‪ :‬المدار في الركة‬

‫‪11‬‬
‫دخيل في التفسير ‪٢٠٢١ / ٢٠٢٠‬‬

‫على ركة المعنى‪ .‬فحيثما وجدت دل على الوضع وإن لم ينضم إليه ركة اللفظ ألن هذا الدين كله‬
‫محاسن والركة ترجع إلى الرداءة وقال‪ :‬أما ركاكة ال لفظ فقط‪ ،‬فال تدل على ذلك الحتمال أن‬
‫يكون رواه بالمعني فغير ألفاظه بغير فصيح‪ ،‬نعم إن صرح بأنه من لفظ النبي فكاذب‪.‬‬
‫مثل ‪ :‬في أصول الحديث بخبر أربع ال يشبعن من أربع أنثى من ذكر وأرض من مطر وعين من نظر‪،‬‬
‫وأذن من خبر؛ قال‪ :‬وهو کالم على إطالقه باطل مع التأمل‪.‬‬
‫قال المؤلف ‪ :‬أما هذا الخبر فقد ذكره صاحب كشف الخفاء بلفظ ( أربع ل يشبعن وفي لفظ ل تشبع –‬
‫من أربع ) ‪:‬‬
‫عين من نظر‬ ‫●‬ ‫• أرض من مطر‬
‫عالم من علم‬ ‫●‬ ‫• أنثى من ذكر‬
‫ثم علق عليه قائالً رواه الحاكم في تاريخ نيسابور وأبو نعيم عن أبي هريرة مرفوعاً‪ ،‬وزاد في الدرر‬
‫فالزركشي وابن عدي عن عائشة‪ ،‬وقال ‪ :‬منكر‪.‬‬

‫مظان األحاديث الموضوعة من كتب السنة‬


‫وأما مظانها من كتب التفسير فإنك تجدها أكثر ما تجدها في كتب التفسير بالمأثور من أمثال تفاسير‬
‫مقاتل وتفسير أبي العباس الثعلبي وأبي بكر بن مردوية وابن أبي حاتم كما تجدها كذلك في الكتب الجامعة‬
‫بين المأثور والرأي سواء ما كان منها معظم عنايته بالتفسير بالمأثور كتفسير ابن جرير الطبري‪ ،‬وتفسيري‬
‫البغوي والخازن‪ ،‬وإن كان في البغوي قليالً‪.‬‬
‫وما كان منها معظم عنايته بالتفسير بالرأي كتفسير الرازي والزمخشري والبيضاوي والنسفي وأبي‬
‫السعود والخطيب الشربيني‪ .‬وال تكاد تجدها في تفسير الحافظ ابن كثير ويندر أو يكاد ينعدم أن تجدها في‬
‫نحو تفسير اآللوسي وتفسير القاسمي والمنار والمراغي وشلتوت وابن عاشور ( التحرير والتنوير ) وما‬
‫إلى ذلك‪.‬‬
‫• قال الدكتور ‪ :‬هذا ال يقلل من قيمة التفاسير ألن األحاديث الموضوعة تذكر فيها للنقد‪ .‬وهذا المظان مهم‬
‫لطالب التفسير‪.‬‬

‫***‬

‫الحمد هلل بفضل هللا تعالى قد تم التلخيص الدخيل‬


‫لفرقة الثالثة شعبة التفسير ‪ :‬محمد ألدي محمد رئيس‬
‫نقله وكتبه ‪ :‬هيكل يوسف‬
‫عسى أن ينفعنا في الدنيا واآلخرة‪ .‬اللهم نجحنا في جميع االمتحانات باالمتياز آمين‪.‬‬

‫‪12‬‬

You might also like