Professional Documents
Culture Documents
8
م حـ ـاض ــ رة
الســـلم بين محــن ثــلث
الحمد ل ،أحمده واستعينه واستهديه ،وأعوذ بال من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ،من يهده ال فل مضل له
ومن يضلل فل هادي له ،وأشهد أن ل إله إل ال وحده ل شريك له وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله ،أرسله
بدعوة الحيق إلى الخلق فبلغ الرسيالة وأدى المانية ونصيح المية وكشيف الغمية ،صيلوات ال وسيلمه علييه وعلى آله
وصحبه وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته وسار على نهجه ودعا بدعوته إلى يوم الدين ..اما بعد .
فإن الذي يتدبر التارييخ السيلمي المجييد يجده منيذ تنفيس صيبحه وارتفاع صيوته ،بدا يواجيه سيلسلة مين المحين
والتحديات ،واسيتمرت هذه السيلسلة إلى وقتنيا هذا ،وسيوف تسيتمر إلى أن تقوم السياعة لن تلك هيي سينة ال فيي خلقيه
{ أم حسيبتم أن تدخلوا الجنية ولميا يأتكيم مثيل الذيين خلوا مين قبلكيم مسيتهم البأسياء والضراء وزلزلوا حتيى يقول الرسيول
والذين آمنوا معه متى نصر ال أل إن نصر ال قريب }..
ولقييد أخبرنييا ال سييبحانه وتعالى أن حلقات الميير إذا اسييتحكمت صييعوبتها جاء الفرج ميين ال سييبحانه وتعالى
وأنفرج الضيق وزالت الصعوبة { وما أرسلنا من قبلك إل رجالً نوحي إليهم من أهل القرى ،أفلم يسيروا في الرض
فينظروا كييف كان عاقبية الذيين مين قبلهيم ،ولدار الخرة خيير للذيين اتقوا أفل تعقلون ،حتيى إذا اسيتيأس الرسيل وظنوا
أنهيم قيد كذبوا جاءهيم نصيرنا فننجيي مين نشاء ول يرد بأسينا عين القوم المجرميين ،لقيد كان فيي قصيصهم عيبرة لولي
اللباب ،ما كان حديثاً يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يعلمون } .
إن فيي المرسيلين عيبرة لولي اللباب ،ولكين بجانيب ذلك كله ل اعرف محنية رزئ بهيا السيلم كمحين ثلث ،
وهيي تآمير أعدائه ،وجهيل أبنائه ،وعجيز علمائه ،ولقيد اجتمعيت هذه المحين الثلث فيي هذا القرن المنصيرم ،وبسيبب
اجتماعها زلزلت العقيدة في نفوس المسلمين وارتاب المسلمون في أمر دينهم وصدقوا ما يجب تكذيبه وكذبوا ما يجب
تصديقه ،وإذا نظرنا إلى تآمر أعداء السلم على السلم نجده أمرًا ملزماً لسير الدعوة السلمية منذ بدايتها ،فمنيذ
أن رفع النبي صلى ال عليه وسلم صوت الدعوة إلى السلم بمكة المكرمة داعياً إلى ال ،معلناً توحيد ال ،بادره قبل
كل شيء من هو أقرب الناس إليه وقال له :تباً لك ألهذا جمعتنا .ول يزال السلم منذ ذلك الوقت يلقى مزيداً من التآمر
من أعدائه ،ولكين التآمير الخفي أصعب بكثيير من التآمير الظاهير ،والغزو الخفي أخطير بكثيير من الغزو الجلي ،وإذا
كان بجانب هذا التآمر عجز من قبل أبناء السلم وعدم إدراك لهذا التآمر من قبل علمائه ،كان المر أصعب بكثير ،
8
م حـ ـاض ــ رة
الســـلم بين محــن ثــلث
ولقد رزئ المسلمون في عقيدتهم وارتج اليقين في صدورهم عندما واجهوا الغزو وهم عزل عن السلح ،فاستسلموا له
وتقبلوا كل ما جاء به.
إننا لنجد أن من أخطر ما اصيب به المسلمون هو قلب المفاهيم وتغيير المقاييس عندهم .وإذا كانت الكلمات تقاس
بقدر معطياتهيا ،فإن كلمية قالهيا فيلسيوف مين فلسيفة الشرق فيي العصيور السيحيقة لجديرة بالتقديير والكبار ،فقيد قال :
( لو كنيت أملك مين أمير الناس شيئاً لبدأت قبيل كيل شييء بوضيع السيماء الصيحيحة فيي مقابيل المسيميات ،لن التسيمية
تصيور المسيمى على حقيقتيه ولكين التسيمية إذا كانيت مقلوبية كان المسيمى خفيًا بحييث ل تدركيه القلوب ول تسيتطيع أن
تحكم عليه العقول ).
ومن مخاطر الغزو الجديد الذي رزئ به السلم من قبل أعدائه ،هو قلب السماء بحيث ل تصور المسميات على
حقيقتهييا ،ونجييد أمثلة لهذا القيييد متقبلة عنييد جميييع الناس يلوكونهييا بألسيينتهم بدون تفنيييد بييين مييا هييو صييحيح أو ليييس
بصيحيح ) ،فمين ذلك أن أعداء السيلم أرادوا أن يحببوا إلى المسيلمين الخمير فسيموه ( المشروب الروحيي ) وإن الذي
يسيمع اللسينة تردد هذا السيم للخمور ليتصيور ذلك الموقيف الذي وقفيه الرسيول صيلى ال علييه وسيلم ليعلن عين هذا
التحرييف قبيل أربعية عشير قرناً ،فالمام الربييع رحميه ال قيد روى عين عبادة بين الصيامت رضيي ال تعالى عنيه أن
رسيول ال صيلى ال علييه وسيلم قال (( :ليسيتحلن آخير أمتيي الخمير بأسيماء يسيمونها بهيا )) .وروي هذا الحدييث مين
طريق عبادة رضي ال عنه أيضاً المام أحمد وابن ماجه بلفظ (( لتستحلن طائفة من أمتي الخمر باسم يسمونها إياه )).
وفي رواية ابن ماجه (( ليشربن طائفة من أمتي الخمر )) .وروى المام أحمد وأبو داود من طريق أبي مالك الشعري
رضييي ال تعالى عنييه أن رسييول ال صييلى ال عليييه وسييلم قال (( :ليشربيين أُناس ميين أمتييي الخميير ويسييمونها بغييير
اسيمها )) .وفيي حدييث أخرجيه ابين ماجيه عين أبيي أمامية رضيي ال عنيه أن الرسيول علييه أفضيل الصيلة والسيلم قال :
(( ل تنتهيي الليالي واليام حتيى تشرب طائفية مين أمتيي الخمير ويسيمونها بغيير اسيمها )) .وجاء فيي روايية عين أبيي
محيرث عين أحييد أصييحاب النيبي صييلى ال علييه وسيلم أخرجهييا النسييائي أنيه قال (( :يشرب أُناس مين أمتييي الخميير
ويسييمونها بغييير اسييمها )) .فالذي يسييمع تردد كلميية المشروب الروحييي أو المشروبات الروحييية إطلقاً على الخميير ،
ليتصيور ذلك التحذيير الذي حذر منيه النيبي صيلى ال علييه وسيلم أمتيه ،ويدلنيا هذا التحذيير منيه علييه أفضيل الصيلة
والسيلم أن هذا الطلق نفسيه حرام ،فإطلق اسيم المشروب الروحيي على الخمير مين ضمين المحرمات كميا أن شربهيا
وبيعها وسقيها وعصرها واعتصارها وحملها وإهداءها وتقبلها ممن أهداءها كل ذلك حرام .
ومين ضمين قلب السيماء تسيمية الربيا بالفوائد ،وال تعالى يقول { :يمحيق ال الربيا ويربيي الصيدقات } فالربيا
الذي يتصوره الناس سيبباً للزيادة والنميو هو من أسباب محق البركية وزوال فائدة المال ،ولقيد حذر ال تعالى من الربا
8
م حـ ـاض ــ رة
الســـلم بين محــن ثــلث
أيما تحذيير فقد قال عز من قال { :يا أيها الذين آمنوا اتقوا ال وذروا ما بقي من الربيا إن كنتيم مؤمنين ،فإن لم تفعلوا
فأذنوا بحرب مين ال ورسيوله فإن تبتيم فلكيم رؤوس أموالكيم ل تظلمون ول تُظلمون } .وبيين قبيل ذلك سيبحانه وتعالى
خطورة الربيا حييث قال { :الذيين يأكلون الربيا ل يقومون إل كميا يقوم الذي يتخبطيه الشيطان مين الميس ذلك بأنهيم قالوا
إنما البيع مثل الربا وأحل ال البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فأنتهى فله ما سلف وأمره إلى ال ومن عاد
فأُولئك أصحاب النار هم فيها خالدون }.والذين يماحكون في تحريم الربا ويجادلون إنما يتوجه إليهم هذا الوعيد الشديد
الذي آذن به ال سبحانه وتعالى به أُولئك الذين يأكلون الربا أو أُولئك الذين يستحلونه حيث يقولون إنما البيع مثل الربا
.ولقيد ظين بعيض الناس أن الربيا سيبب للنميو والزيادة حتيى قال كثيير منهيم أن البنوك التيي تتعاميل بالربيا سيبب لزدهار
القتصياد وتعلموا أنهيا سيبب لمحيق البركية وسيبب للقضاء على نميو المال وسيبب لسيتشراء الفسياد فيي الثمار والزروع
لن ال تعالى يقول { :ييا أيهيا الذيين آمنوا اتقوا ال وذروا ميا بقيي مين الربيا إن كنتيم مؤمنيين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب
من ال ورسوله }.
ومن قلب السماء تسمية الزنا ومقدماته بالحب ،مع أن ال سبحانه حرم الزنا وحذر من إتيان مقدماته ،فقد قال
عز من قائل { :ول تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيل } .وفرض ال تعالى العقوبات الرادعة على الزنا ،فرض
الجلد عليييه فييي كتابييه العزيييز ،وفرض الرجييم إن كان الزانييي محصيينًا بسيينة الرسييول صييلى ال عليييه وسييلم القولييية
والتطبيقيية ،يقول ال تبارك وتعالى { :الزانيي والزانيية فاجلدوا كيل منهميا مائة جلدة ول تأخذكيم بهميا رأفية فيي ديين
ال } .يحذرنا ال تعالى من أن تأخذنا رأفة بالزناة لنهم يهدمون السير ويفسيدون البيوت ويطمسون النسل ومغبة الزنا
مغبية خطيرة ،ولكين بدلً مين أن يسيمى الزنيا باسيمه الصيحيح وضيع له هذا السيم البراق ،فسيمي حباً عنيد كثيير مين
الناس.
ومين ذلك أيضًا تسيمية الغناء والرقيص وضروب المجون بالفن ،فإن ذلك كله مين ضمين الغزو الخطيير الذي يترتيب
على قلب السماء عن حقيقتها وإعطاء المسميات أسماء غير أسمائها ول شك أن هؤلء يقصدون بمثل ذلك إضفاء ثوب
المحاسن على المقابح وتصوير الرذائل في صورة الفضائل وتحبيب الشهوات إلى النفوس ويحاولون من وراء ذلك كله
أن تجهل هذه المة عقيدتها وأن تجهل واجباتها لنها سكعت في شهواتها واستسلمت لعدوها إذ ل يعود لها هم في هذه
الدنيا غير الشهوات وذلك الذي تلتقي عليها مؤسسات أعداء السلم كلها ،فالصهيونية والتبشير الصليبي والشيوعية ،
كلها تتضافر جهودها على ذلك ،ومما يدل على ذلك ما قاله أحد القسيسين المبشرين وهو زويمر حيث قال في مؤتمر
القدس ( :إن مهمة التبشير التي لجلها ندبتكم الدول المسيحية للقيام بها في البلد المحمدية ليست في تنصير المسلمين ،
فإن ذلك هداية لهم وتكريماً ،وإنما هي في إخراج المسلم من السلم وجعله مخلوقاً ل صلة له بال وبالتالي ل صلة له
بالخلق التي تعتمد عليه المم في حياتها وبهذا تكونون بعملكم هذا طليعة الفتح الستعماري في الممالك السلمية ).
8
م حـ ـاض ــ رة
الســـلم بين محــن ثــلث
ثيم بعيد ذلك وجيه خطابيه إلى إخوانيه القسييسين فقال ( :إنكيم قيد ظفرتيم ونجحتيم أيميا نجاح فيي مهمتكيم ذلك لنكيم أعددتيم
جيلً ل همة له إل بالشهوات ،فإن سما إلى أعلى المناصب ففي سبيل الشهوات ،وإن جمع المال فلجل الشهوات ).
وهذا هيو الذي وقعيت فييه هذه المية ،عندميا كان اللورد كرومير بمصير يقيف فيي وجيه المنصيرين الذيين يريدون أن
يختطفوا أبناء المسلمين ،عندما كان يفعل ذلك قدم المنصرون شكاية عنه إلى بلده فنوقش فقال :إن هؤلء يريدون أن
يسيتفزوا مشاعير المسيلمين بينميا طريقتيي هيي أنجيح طرييق ،طريقتيي أنيي دسيست السيم فيي العسيل وذلك لننيي دسيست
المبادييء الخطيرة على السيلم والمسيلمين فيي المناهيج التعليميية ،لقيد أمرت بإعداد المناهيج التعليميية أكيبر قيس فيي
الشرق وهيو زويمير وإننيي لواثيق أن أبناء المسيلمين سيوف يتلقون الفكار الغربيية بكيل ميا فيهيا مين فسياد إذا تقبلوا هذه
المناهج .وذلك الذي وقعيت فييه هذه المة ،فقد أضفى ثوب المحاسن على القبائح وسميت معاصي ال سيبحانه وتعالى
بأسيماء براقية وأخيذ الناس يحببون إلى أبنائهيم العمال المنكرة والحوال الدنيئة بسيبب جهلهيم بالسيلم وبسيبب انطفاء
جذوة الغيرة على هذا الديين الحنييف فيي قلوبهيم ،لقيد أخيذ المسيلمون أنفسيهم يترجمون المناهيج التعليميية التيي أعدهيا لهيم
أعداؤهم ،إلى لغاتهم ومنها اللغة العربية لغة القرآن ومع ذلك فإنهم لم يحاولوا أبداً أن يفندوا بين الصحيح والسقيم وبين
الحق والباطل ،بل تقبلوا تلك المناهج بما فيها من فساد وبكل ما فيها من تحريف.
ومن ذلك أن كتاباً من كتب الحساب وجدته منذ سنوات يشتمل على أسئلة توجه إلى الطلبة ومن ضمن هذه السئلة
التي توجه إليهم ( رجل أودع في البنك ثمانين ألفاً ،وتدر عليه هذه الثمانون ألفًا أرباح بنسبة خمسة في المائة كل عام ،
فكيم يجتميع له الربيح كيل عام ؟ ) إن هذه محاولة لتخفييف الكراهيية مين الربيا ،بيل هيي محاولة لتحيبيب الربيا إلى القلوب
بحيث يسمى الربا ربحاً ،ومحاولة لجعل التعامل الربوي من ضمن التعامل المألوف بين المسلمين ،وقد قلت غير مرة
أن البديل عن ذلك أن يوضع سؤال آخر مقابل هذا السؤال فيحل محله ،مثل أن يقال ( رجل يملك من النقود ثمانون ألفاً
وتلزمه فيه زكاة بنسبة % 2,5فكم يلزمه من الزكاة في العام عن هذه الثمانين ألفاً ).
وسيؤالً آخير وجدتيه أيضًا فيي نفيس الكتاب ( وهيو أن رجلً وامرأتيه وابنهميا وابنتهميا دخلوا السيينما وكان على
كيل مين البين والبنية نصيف تذكرة ودفعوا أربعية وعشريين دينار أو جنيهاً عين كيل التذاكير ،فكيم تكون قيمية التذكرة
الواحدة) .ميع أن هناك سيؤالً بديلً عين هذا السيؤال يحيل محله وينميي روح الفضيلة فيي الطالب ،وهيو أن يقال بدلً مين
هذا السؤال ( :رجل وامرأته وعندهما كذا من الولد مروا على عدد من الفقراء وتصدقوا عليهم بعدد كذا من الدنانير
أو الدراهم ،إذاً كم ينوب كل واحد من هؤلء وكم يكون لكل واحد من الفقراء ).
وهذا إن دلنيا على شييء فإنميا يدلنيا على جهلنيا بحقيقية السيلم والعلم والتربيية .إن التربيية هيي تنميية روح الفضيلة ،
فالتربية بمعنى الصلح والتنمية وكلمة الرب مشتقة أيضاً من كلمة التربية أو هي قريبة منها تؤدي معناها وذلك لن
8
م حـ ـاض ــ رة
الســـلم بين محــن ثــلث
ال سيبحانه وتعالى يصيلح عباده وينميهيم بفضله وإذا كانيت هيي التربيية فيجيب أن ترتكيز التربيية على الصيلح وعلى
تنمية الفضائل وعلى غرس الخلق وعلى بعث الهمم إلى الخير وعلى بعث العزائم إلى ما فيه عز المسلمين وخيرهم.
ونحين إذا ميا عدنيا إلى ميا يقوله انفسيهم عين التربيية وجدنيا أن فلسيفة التربيية عنيد الغربييين لم ندركهيا نحين حييث أخذنيا
القشور مين مناهجهيم التربويية ولم ندرك فلسيفة التربيية التيي تقوم عليهيا التربيية عنيد الغربييين ،فأحيد خيبراء التربيية عنيد
المريكان يقول ( :إن عملييية التربييية ليسييت عملييية تعاط أو عملييية بيييع وشراء أو اسييتيراد إلى الداخييل وتصييدير إلى
الخارج ).ثم يقول ( وفي فترات من التاريخ خسرنا أكثر مما ربحنا باستيراد نظرية التربية النجليزية والوروبية إلى
البلد المريكية ).
وإذا كان هذا الرجل تبلغ به الحساسية هذا المبلغ فيتأسف لفترات من التأريخ يرى أن شعبه خسر فيها أكثر مما ربح
باسيتيراد نظريية التربيية النجليزيية والوروبيية إلى البلد المريكيية ميع أن القاسيم المشترك بيين المريكان والوروبييين
عامة والنجليز بصفة خاصة أشياء متعددة ،منها الدين ،فالجميع ينتمون إلى النصرانية ،ومنها اللغة فلغة المريكان
هييي لغيية النجليييز ،ومنهييا التجاه السييياسي ومنهييا العادات والخلق ومنهييا العنصيير النسييبي وذلك أن المريكان ميين
الوروبيين.
ويقول البروفيسيور كلري ( :مهميا قال الناس فيي شرح التربيية أو فيي تفسيير التربيية فإن كيل ذلك يعود إلى أن
التربيية هيي إثبات نظريية سيبق اليمان بهيا ) ويعنيي ذلك أن تكون التربيية متقبلة عنيد الشعيب المربيي وذلك لن التربيية
تنمي عقيدة سبق اليمان بها وترسخ مبادئ قد سبق أن وافق ذلك الشعب الذي ترسخ فيه تلك المباديء عيها وآمن بها
وصدق بها .وعندما كان النجليز يؤلفون دائرة المعارف طلبوا من أحد خبراء التربية في بريطانيا وهو السير بيرسي
نايين طلبوا منيه أن يكتيب فيي بنيد التعلييم عين التربيية فقال ( :لقيد سيلك الناس مسيالك متعددة فيي التعرييف بالتربيية ولكين
الفكرة الساسية التي تسيطر عليها جميعاً أن التربية هي الجهد الذي يقوم به أباء شعب ومدربوه لنشاء الجيال القادمة
على أساس نظرية الحياة التي يؤمنون بها ،إن وظيفة المدرسة أن تمنح القوى الروحية فرصة التأثير في التلميذ ،تلك
القوى الروحيية التيي تتصيل بنظريية الحياة وتحفيظ مقومات الشعيب وتميد يدهيا إلى المام ) .وإذا كان هذا الرجيل يتحدث
عن قيمه التي ترتبط بالوحل والتراب والتي ل تتجاوز المادة ،فكيف بالمة السلمية التي نزلت قيمها من السماء ،فقد
جاء بها كتاب عزيز ل يأتيه الباطل من بين يديه ول من خلفه.
إن هذا ليدلنيا أن على أن الواجيب على هذه المية أن تدرك خطورة التربيية ،وأن تدرك واجباتهيا فيي محيو كيل
صورة علقت بأذهان أبنائها ل تتفق مع مبادئها وقيمها وأخلقها.
8
م حـ ـاض ــ رة
الســـلم بين محــن ثــلث
لقيد جاء القرآن الكرييم كتابًا يشميل كيل نواحيي الحياة فل يغادر شيئًا مميا تتطلبيه حياة النسيان .فيجيب أن يكون هيو
الصيل الول للتربيية ويجيب أن تكون السينة النبويية هيي الصيل الثانيي ذلك لن السينة هيي التيي تشرح القرآن وتيبين ميا
أنبهم منه وتوضح ما خفي منه وتفصل ما أجمل من أحكامه ،وبناء على ذلك فإن واجب المة أن تجعل تربيتها تدور
حول القرآن وحول سينة الرسيول علييه أفضيل الصيلة والسيلم ،وهذه مسيئولية كيبرى يتحملهيا كيل فرد مين أفراد هذه
المية ،فكيل فرد مين أفرادهيا مسيئول عنهيا ولكين تتضاعيف المسيئولية على العلماء ،علماء الشريعية السيلمية ،فيجيب
على العلماء أن يكونوا ذوي خيييبرة وإدراك لحقائق العالم الذي يعيشون فييييه ومتطلباتيييه وأن يتصيييوروا كيييل ظروفيييه
ل فيي مواجهية جمييع المشكلت والمعضلت التيي ترزح هذه المية تحيت نيرهيا وتتلميس
وملبسياته حتيى يضعوا حلو ً
حلولهيا مين قبيل أعدائهيا ،إن علماء الفقيه السيلمي بإمكانهيم لو تعمقوا فيي دراسية أحكام ال سيبحانه وتعالى فيي كتابيه
الخالد الذي ل يأتيه الباطل من بين يديه ول من خلفه وتعمقوا في دراسة سنة الرسول صلى ال عليه وسلم وتعمقوا في
فهيم القواعيد السياسية التيي نطيق بهيا القرآن وجاءت بهيا السينة النبويية على صياحبها أفضيل الصيلة والسيلم وفهموا ميع
ذلك واقيع هذه المية ،وواقعهيا الدبيي وواقعهيا القتصيادي وواقعهيا الثقافيي وواقعهيا الجتماعيي وواقعهيا السيياسي ،
اسيتطاعوا أن يضعوا الحلول لهذه المية حتيى ل تحتاج هذه المية إلى حيل مين قبيل أعدائهيا .وهذا ينبنيي قبيل كيل شييء
على الفهم الدقيق والدراك العميق وذلك ليتأتى أبداً إل بعد بذل الجهد في عدم {} ما بين المواد الثقافية التي تدرس وما
بين التربية الدينية النابعة من كتاب ال عز وجل وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم ،ويترتب ذلك على تضافر الجهود
وتناسقها بين أصحاب التخصصات المختلفة ،فالذي يدرس الثقافة الدينية يجب أن يكون عنده من الثقافة الخرى بقدر
ما يتصور واقع هذه المة ،والذي يدرس القتصاد مثلً يجب أن يكون عنده من الوعي السلمي والفهم الديني بقدر ما
يدفعه لوضع الحلول القتصادية النابعة من كتاب ال ومن سنة رسوله صلى ال عليه وسلم مع التعاون مع الذين درسوا
الشريعة السلمية وتخصصوا فيها ..وهكذا في كل مجال من المجالت.
ومن ضمن المور التي حاول بها أعداء السلم صرفنا عن الدين الحنيف أنهم رسخوا في نفوس أبنائنا التفرقة
بيين الديين والعلم ولجيل ذلك سيموا الجاهليية الحديثية التيي هيي نبيذ الديين ورفضيه والتخلص منيه ،سيموا هذه الجاهليية
بالعلمانيية إشتقاقاً مين العلم وذلك لنهيم يبنون نظرياتهيم على التفرقية بيين العلم والديين ،وإذا كانيت هناك تفرقية بيين العلم
والدين عند غير المسلمين ،ويدل على ذلك ما دار من حروب بين العلماء المكتشفين وبين الذين يسمون عندهم برجال
الديين ،فإن السيلم على خلف ذلك ،الديين السيلمي يقوم على العلم والفهيم والدراك والعقيل والتفكيير ،فال سيبحانه
وتعالى يقول { :وكذلك نصرف اليات لقوم يتفكرون } ويقول { :إن في ذلك ليات لقوم يعقلون } ..ونحو ذلك.
ذلك كله يدل على أن الدين السلمي ليس بينه وبين العقل تصادم وليس بينه وبين التفكير تصادم ،هذه الشياء كلها
يجيب أن يتصيورها الشباب وأن يدركوا حقيقتهيا وأن يدركوا أبعادهيا وأن يدركوا أن الديين السيلمي أمانية فيي عنيق كيل
8
م حـ ـاض ــ رة
الســـلم بين محــن ثــلث
مسيلم يؤمين بال واليوم الخير فلييس فيي الديين السيلمي طبقية تسيمى رجال الديين ،إن كيل مين يشهيد أن ل إله إل ال
ويشهد أن محمداً رسول ال ويقيم الصلة ويؤتي الزكاة ويصوم رمضان ويحج البيت ويلتزم واجبات السلم ،هو من
رجال الدييين ،ومسييئولية هذه الواجبات ليسييت على فرد دون فرد فال سييبحانه وتعالى قييد شرع العبادة لكييل واحييد ولم
يشرع العبادة لطبقية مين الطبقات ،والديين السيلمي يفرض مراقبية ال سيبحانه وتعالى فيي كيل الحوال ،بفرض على
العبد أن يراقب ال في أخذه وعطائه ،في رضاه وغضبه ،في بيعه وشرائه ،في سلمه وحربه.
فكميا أن الديين السيلمي يوجيه العبيد المسيلم وهيو يتجيه إلى القبلة سياجداً راكعاً ل سيبحانه وتعالى منيباً إلييه يلتميس
مرضاتيه ،كذلك يوجهيه وهيو فيي متجره ،ويوجهيه وهيو فيي مزرعتيه ،ويوجهيه وهيو فيي مصينعه ،ويوجهيه وهيو فيي
مكتبه ،ويوجهه وهو في ميدانه يدافع عن حمى الدين الحنيف ويدافع عن حظيرة المة السلمية ،وبذلك يدعو جميع
المسيلمين إلى الفهيم الدقييق لهذا الديين وإدراك أبعاده وإدراك طواياه وغسيل الصيور مين كيل تلك الصيور الشائنية التيي
تعلقييت بكثييير بأذهان كثييير ميين الطلب والتييي مييا فتييى أعداء السييلم يحاولوا أن يلطخوا بهييا التأريييخ السييلمي وأن
يغرسوها في قلب كل مسلم يؤمن بال واليوم الخر للحيلولة بينه وبين إسلمه.
ولجييل ذلك فإننييي أُهيييب بالطلبيية كلهييم ،على إختلف الدروس التييي يدرسييونها ،أن يخصييصوا وقتاً ميين أوقاتهييم
لدراسية أحكام ال سيبحانه ،لدراسية كتاب ال إذ هيو المصيدر الول مين مصيادر التشرييع فيي السيلم ،ودراسية سينة
رسول ال صلى ال عليه وسلم ،ودراسة ما دونه علماء السلف الصالح {} من أقوال فسروا بها كتاب ال وشرحوا بها
سنة رسوله صلى ال عليه وسلم ،ودراسة القواعد الساسية التي إستخرجت من كتاب ال ومن سنة رسوله صلى ال
علييه وسيلم ،ودراسية الفكير السيلمي السيليم المسيتخرج مين كتاب ال ومين سينة رسيوله محميد علييه أفضيل الصيلة
والسلم ليواجهوا الفكر بالفكر والعلم بالعلم ويواجهوا القوة بالقوة ويواجهوا النظام بالنظام.
كميا إننيي أيضاً أدعوا جمييع المدرسيين لبذل جهدهيم فيي هذا المير وإدراكهيم العبيء الذي يقيع على عاتقهيم حول
تخلييص هذه الشبيبية مين هذه الفكار التيي أصيبح كثيير منهيم أسيرى فيهيا يرزحون تحيت نيرهيا ول يسيتطيعون الخلص
منها إل بمعونة أساتذتهم ،وبذل الجهود لذلك.
وال سييبحانه وتعالى أسييأل أن يوفييق الجميييع لمييا فيييه الخييير وأن يعييز السييلم والمسييلمين وأن يذل الشرك
والمشركين وان يرزقنا فهم هذا الدين وأن يرزقنا تطبيقه في كل ما نأتيه وما نذره وهو تعالى ولي التوفيق وصلى ال
على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
8