Professional Documents
Culture Documents
com
للشتراك في هذه الخدمة الرجاء زيارة موقعنا "بلّـغوا عنّـي ولو آية" في السفل
:وتسجيل البريد اللكتروني
http://www.balligho.com
ن في السلم سنة حسنة ،فعمل بها قال رسول ال صلى ال عليه وسلم" :من س ّ
بعده ،كتب له مثل أجر من عمل بها .ول ينقص من أجورهم شيء ...الحديث.
فاحرصوا يرحمكم ال على نشرها فكل من يزور الموقع ويستفيد منه عن طريقك
تكسب من الجر الكثير وإن قام بدوره بالعمل بها ونشرها أيضا فكلنا نكسب أمثل
.أجورهم ول ينقص من الجر شيئا
والسّنة
ب َ
دة إلى الك َِتا ِ و َع ْ
منهاجناَ :
مة ف ال ُسل َ ِ بِ َ
ّ هم ِ َف ْ
1
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
2
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
ل
ف البا ِ ب وكس ُ ت القل ِ م وشتا ُ م والغ ّ ن واله ّ إياك والتسخط فإنه باب الحز ِ
ل وضياعُ العمرِ . وسوُء الحا ِ
ن ،والطمأنينة ة ،والراحة والم َ الرضا يكسب في القلب السكينة والد ّعَ َ
ح. فَر َ ش والسروَر وال َ ب العي ِ وطي َ
ض ً
ط ،والعترا ِ ل والتسخ ِ ل ،والغ ِ ش والدغ ِ ب سليما من الغ ِ الرضا يجعل القل ُ
ل والضجرِ والتبرم ِ . والتذمرِ ،والمل ِ
ى ً ً ً ً
ى وغن ً ة ورض ً من رضي عن الله مل قلبه نورا وإيمانا ،ويقينا وحبا وقناع ً
ة وإخباتا ً . وأمنا ً ،وإناب ً
ل ,وخدمةِ الثروةِ , ت الما ِ ت من تبعا ِ أيها الفقير :صبٌر جميل ,فقد سلم َ
ب عند اللهِ . ل الحسا ِ ل وخدمِته ،وطو ِ مِع ،ومشقةِ وحراسةِ الما ِ ج ْوعناِء ال َ
ً
ت نورا في ض َ م أنك عُّر ْ رك ،واعل ْ ً
يا من فقد َ بصرهَ :أبشْر بالجنة ثمنا لبص ِ
ت. ت والملهيا ِ ت ,ومشاهدةِ المزعجا ِ قلِبك ،وسلمت من رؤيةِ المنكرا ِ
قيت من ت من الخطايا ,ون ُ ّ ه فقد هُذ ّب ْ َ يا أيها المريض :طهوٌر إن شاء الل ُ
جَبك . سك ,وذهب ك ِب ُْرك وعَ ْ ت نف ُ ك وانكسر ْ قل قلب ُ ص ِ ب,و ُ الذنو ِ
لماذا تفكر في المفقودِ ول تشكُر على الموجودِ ,وتنسى النعمة الحاضرة ,
ل عما لديك . وتتحسُر على النعمةِ الغائبةِ ,وتحسد ُ الناس وتغف ُ
ة
م قليل ٌ ة ماء ,وكساٍء ,وأيا ٌ ة خبزٍ ,وجرع ُ )) كن في الدنيا كأنك غريب(( قطع ُ
ل معدودة ٌ ,ثم ينتهي العالم ,فإذا قبُر أغنى الغنياِء وأفقرِ الفقراِء ,وليا ٍ
سواء .
س ,والشاعُر المشهوُر مع س بجوارِ الحار ِ ب الخادم ِ ,والرئي ُ ك بجان ِ يدفن المل ُ
ر
ن داخل القب ِ ن والفقيُر والكسيُر ,ولك ْ ي مع المسكي ِ ل ,والغن ُ الفقيرِ الخام ِ
ة. ت متباين ٌ ة ودرجا ٌ ل مختلف ٌ أعما ٌ
ة
ن ضيافَته بفريض ٍ س ْف كريم ,ثم أح ِ ل له مرحبا بضي ٍ ً م جديد ٌ فق ْ إذا زارك يو ٌ
درهُ بالثام ِ والهموم ِ فإنه لن يعود. ل وتوبةٍ تجد ُّد ,ول تك ْ م ُ ب ي ُعْ َ تؤّدى ,وواج ٍ
إذا تذكرت الماضي فاذكر تاريخك المشرق لتفرح ,وإذا ذكرت يومك فاذكْر
ل. ة لتتفاء َ إنجازك تسعد ْ ,وإذا ذكرت الغد فاذكْر أحلمك الجميل َ
ف ,ومستودعٌ من ة من المعار ِ ب ,وجامع ٌ ل العمرِ ثروةٌ من التجار ِ طو ُ
ر
ن الحياة ,إن طول العم ِ ً
م تلقيت درسا في ف ّ ت ,وكلما مّر بك يو ٌ المعلوما ِ
ة لقوم ٍ يعقلون. برك ٌ
عك عن ُ ويرد , ِ ء الدعا على ويحثك , ن
َ الم يذكرك ف
ِ الخو من شيء من لبد
ذرك من خطرِ أعظم . فة ,ويح ّ المخال ِ
ث شجرة الك ِب َْر ودرجة ة ,ويجت ّ ض يذكرك العافي َ ولبد من شيء من المر ِ
دة الغافلين . ب ليستيقظ قلُبك من رق ِ ج ِ العُ ْ
)(152 /
ل فل تخسْره باللوم ِ , صْرها أكثر بالنكد ِ ,والصديقُ قلي ٌ الحياةُ قصيرةٌ فل تق ّ
ق. ُ
خل ِوالعداُء كثير فل تزد ْ عددهم بسوِء ال ُ
ُ
كن كالنملةِ في المثابرةِ ,فإنها تصعد ُ الشجرةَ مائةٍ مرةٍ وتسقط ،ثم تعود ُ
ل.ل ول تم ّ صاعدة ً حتى تصل ,ول تك ّ
سْره ، ت على عود ٍ لم تك ِ ً ً
ل طيبا ،وتضعُ طيبا ،وإذا وقع ْ وكن كالنحلةِ فإنها تأك ُ
شها. وعلى زهرةٍ ل تخد ُ
ت
ب الشهوا ِ ً
ب ,فكيف تدخل السكيُنة قلبا فيه كل ُ ً
ل تدخل الملئكة بيتا فيه كل ٌ
ت.والشبها ِ
3
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
ة
ج على المروء ِ س ,ويحّر ُ خ ٍ ن بَ ْ ن بثم ٍ احذر مجالس الخصومات ففيها يباعُ الدي ُ
ل. ض بأقدام ِ النذا ِ س فيها العِْر ُ ,ويدا ُ
س تجري ,والقمُر ن يمضي ,والشم ُ سابقوا ? ,ليس إل المسابقة فالزم ُ ? وَ َ
ة الحياةِ . ُ قافل تنتظرك فلن ، ف
ْ تق فل , ب
ّ ته حُ والري , يسير
ه ,ولن يقدم النصُر على ب وَْثبا ً إلى العلياِء فإن المجد مناهَي َ ٌ عوا? ث ِ ْ سارِ ُ ?وَ َ
ب وجوٍع ومشقةٍ . ن مع دموٍع ودماء وسهرٍ ونص ٍ ب ولك ْ من ذه ٍ أقدام ً
ل من أناشيدِ ت الكادِح أجم ُ ك القاعدِ ,وزفرا ُ مس ِ عََرقُ العامل أزكى من ْ
ف. ف المتر ِ ف الجائع ألذ ّ من خرو ِ ل ,ورغي ُ الكسو ِ
دفِع النتصارِ , م ْ ت ِ م الذي يوجه للناجحين من حساِدهم هي طلقا ُ الشت ُ
ق. ة للتفو ِ ة مجاني ٌ ت الفوزِ ,ودعاي ٌ وإعلنا ُ
ل والتعليم ِ ,بل ب ومستوى الدخ ِ ب واللقا ِ ف بالنسا ِ التفوقُ والمثابرةُ ل تعتر ُ
ل ,أدرك العلياَء . َ س متطلعة ,وصبٌر جمي ٌ ة ,ونف ٌ ة وّثاب ٌ من عنده هم ٌ
شكُ ب ,ول ت َ ْ ل غي َْر هيا ٍ َ ب المصاعب فإن السد يواجه القطيع من الجما ِ ل تتهي ِ
ن ,ول تضجْر من مطلِبك فإن الكلب ل ول يئ ّ ل الثقا َ المتاعب فإن الحماَر يحم ُ
يطارد ُ فريسته ولو في النار .
ل برأيك في المورِ بل شاوْر فإن رأي الثنين أقوى من رأي الواحد ِ , ل تستق ّ
ل كلما ُقرن به حبل آخر قوي وأشتد ّ . كالحب ِ
ض النظرِ عن جه إليك على أنه عداوة ٌ ,بل استفد ْ منه بغ ِ ل نقد ٍ يو ّ لك ّ ل تحم ْ
ج منك إلى المدِح . مقصد ِ صاحِبه فإنك إلى التقويم أحو ُ
مهم ,لنهم ب لمدحهم ،ول يجزعْ من ذ ّ ح ,فل يطر ْ ف الناس استرا َ من عََر َ
كهم. ب ,والهوى ُيحرِ ُ سريعو الرضا ,سريعو الغض ِ
ل حاز المجد َ وهو ت ,فكم من فاض ٍ ت تمنعك من بلوِغ الغايا ِ ن العاها ِ ل تظ ّ
ة همم ٍ ل أجسام ٍ . ة مسأل ُ ج ,فالمسأل ُ ل أو أعر َ م أو أش ّ أعمى أو أص ّ
ً
ه عطاًء وحجزك عن رغبِتك لطفا ,وتأخرك عسى أن يكون منَعه لك سبحان ُ
ة ,فإنه أبصُر بك منك . عن مرادك عناي ً
دها ، فك رع ُ خ ُ قشعُ ,ول ي ُ ِ ل تُ ْ ف عن قلي ٍ ة صي ٍ م أنها سحاب ُ إذا زارتك شدةٌ فاعل ْ
ث. ول يرهْبك برُقها فربما كانت محملة بالغي ِ
كل أسبوٍع فإنها تعّرْفك بأطفاِلك أكثَر وتجدد ج بأهلك في نزهةٍ عائلية ّ اخر ْ
ب عنك الملل . حياتك وتذه ُ
من لم يسعد في بيته فلن يسعد في أي مكان ,واعلم أن أنسب مكان لراحة
ل ،والبعد عن التكلف هو بيُتك. النفس وهدوء البا ِ
ة
ف ,أما مجد ُ الشهر ٍ س وأل ّ َ ة لمن عّلم النا َ ق خاص ً دها با ٍ ة مج ُ العلم والثقاف ُ
ف. ف زائ ٌ ل زائل ،وطي ٌ ب فظ ّ والمنص ٍ
ن ,فل تتر ْ
كه لم والحزا َ جّر ال َ الفكر إذا ُترك ذهب إلى خانةِ المآسي ,فَ َ
ده فيما ينفع . ش ولكن قي ْ طي ْ ي ِ
س وسماع ُ كلمهم اللهي ، ة النا ِ ب مخالط ُ ل ويقسي القل َ مما يشوش البا َ
ن العزلةِ مع العبادةِ والعلم ِ . وطول مجالستهم ,وما أحس َ
قك إلى بيِتك , ق طري ُ ن الطر ِ ك إلى المسجدِ ,وآم ُ أشرف السبل سبيل َ
ن. ت سجوُدك للديا ِ م الهيئا ِ ن ,وأعظ ُ ف وقوفك أمام السلطا ِ ب المواق ِ وأصع ُ
ل, ل حل ٍ ب حاضرٍ ,والنفاقُ من ما ٍ ن ,والذكُر بقل ٍ س ٍ ح َ ت َ ن بصو ٍ سماعَ القرآ ِ
ب. ن للقل ِ س وبساتي ُ والوع ُ
ن فصيٍح موائد ُ للنف ِ ظ بلسا ٍ
ن، ل من وسامةِ الوجوهِ ،وسوادِ العيو ِ الخلق الجميلة والسجايا النبيلة ,أجم ُ
ل. ل الشك ِ ل من جما ِ ورقةِ الخدود ِ ؛ لن جمال المعنى أج ّ
ق الهوى , ل يمنعُ من مزال ِ ف تقي مصارع السوِء ,وجداُر العق ِ صنائعُ المعرو ِ
4
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(153 /
ت ليس عنده سيارة ٌ ,ومن عنده ت لحد ٍ ,من عنده بي ٌ ن أن الحياة كمل ْ ل تظ ّ
م ,ومن عنده ة قد ل يجد الطعا َ ة ,ومن عنده شهي ٌ ة ليس عنده وظيف ٌ زوج ٌ
ل. من ِعَ من الك ِ ت ُ المأكول ُ
س في القبر , ُ أني ُ
ل والعم , ِ ر العم ُ ق صدي ب
ُ والكتا , الخرة ٌ ق سو المسجد ُ
ب. ل ثو ٍ م أجم ُ ف ,والكر ُ ج الشر ِ ن تا ُ خل َقُ الحس ُ وال َ
س,ل النف َ ب ,وسما ً يقت ُ س القل َ حدةِ فإن فيها رجسا ً ينج ُ إياك وكتاب المل ِ
حك ويشفى ي ،يطهُر رو َ ف بالضميرِ ،وليس أصلح لك من الوح ِ ة تعص ُ ولوث ً
ك. داَء َ
ب فتندم ؛ لن الغضبان بفقد ُ الصواب ،وتفوته ض ٌ ل تتخذ ْ قرارا وأنت مغ َ ً
ل. صه التأم ُ الروّية ،وينق ُ
ح,ل ,والقلقُ ل يحققُ النجا َ ح للمستقب ُ ف ل يصل ُ ب ,والخو ُ ن ل يرد الغائ َ الحز ُ
ب الراضي هما جناحا السعادةِ . ة ،والقل ُ س السوي ُ بل النف ُ
ق حصل لك , مهم على إخفا ٍ ُ
مك حتى تحترمهم ,ول ت َل ّ ب الناس باحترا ِ ل تطال ِ
م نفسك . س فأكر ْ مك النا ُ م نفسك ,وإن أردت أن يكر َ بل ل ُ ّ
ب,خه إذا علم أن القصوَر سوف تخر ُ ب الكوِخ أن يرضى بكو ِ على صاح ِ
ب الممزقةِ أن يقنع بثياِبه إذا تيقن أن الحرير سوف يبلى . وعلى لبس الثيا ِ
مه ؛ لّنه لُ ّ ه ر وكث , مرهُ أ وضاع , به
ُ قل تّ َ ت تش ب
ُ تطل كلما سهمن أعطى نف َ
مارة ٌ غّرارةٌ . س فهي أ ّ ب النف ِ حد ّ لمطال ِ
يا من فقد ابنه :لك قصُر الحمد في الجنةِ ,ويا من فاته نصُيبه من الدنيا :
ن تنتظرك . ت عد ٍ نصيبك في جنا ِ
ش ,والسد ُ ل تقدم له وجبُته في العرين , الطائُر ل يأتيه رزُقه في الع ِ
بة ل تعطي طعامها في مسكِنها ,ولكن كلهم يطلبون ويبحثون فاطل ْ والنمل ُ
كما طلبوا تجد ْ ما وجدوا .
ل مصيبةٍ , ت ,وينتظرون ك ّ ل المو ِ م ? يموتون قب َ حةٍ عَل َي ْهِ ْ صي ْ َ ل َ ن كُ ّ سُبو َ ح َ ? يَ ْ
ل وحركةٍِ ؛ لن قلوَبهم ت وخيا ٍ ل صو ٍ ويتوقعون كل كارثةٍ ,ويخافون من ك ّ
ة. هواٌء ونفوسهم ممزق ٌ
م بك ,فإن أفقَرك فل تقل ب غيرها لنه علي ٌ ه في حالةٍ فل تطل ْ مك الل ُ إذا أقا َ
ل ليته شفاني . ضك فل تق ْ ليته أغناني ،وإن أمر َ
ة ,وعسى ردك عسى تأخيُرك عن سفرٍ خيرا ,وعسى حرماُنك زوجةٍ برك ً ً
5
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(154 /
ف من غيرِ اللهِ في اليوم ِ أكثر من مائةِ مرةٍ :نخاف أنمصيُبتنا أننا نخا ُ
ف
ن ,نخا ُ
ب فل ٌف أن يغض َ ف أن نستعج َ
ل ,نخا ُ ف أن نخطئ ,نخا ُ نتأخر ,نخا ُ
ن.
ك فل ٌ أن يش ّ
ن نك ّ
ل حز ٍ ل ولكّنهم يعتقدون أ ّل سرورٍ زائ ٌ
كثيرون من الناس يعتقدون أن ك ّ
ن.
حْز ِ
ت ال ُت السرورِ ،ويكفرون بمو ِ م ,فهم يؤمنون بمو ِ دائ ٌ
6
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
س صغيرٍ ,فنحن ن وهي في البحرِ أنها في كأ ٍ ل السمكةِ العمياِء تظ ّ مث ْ ِ ضنا ِ بع ُ
نف والعداوةِ والحز ِ ل الكرهِ والخو ِ ن فأحطنا أنفسنا بجبا ِ خلقنا في عالم اليما ِ
.
ك لهم قها ,وإن الذين تضح ُ ج لمن يستح ّ ُ تحتا الهدية ولكن ، ة
ٌ كريم الحياة إن
م لهم وهم يكشرون ل يستحقون البقاَء . ُ وتبتس ، يبكون الحياة وهم
ت الغناء ؟! ص فأخذت تغني فقال الصياد ُ :أهذا وق ُ وضع صياد ٌ حمامة في قف ٍ
فقالت :من ساعةٍ إلى ساعةٍ فََر ٌ
ج.
ب ؟ قال : س الذه ِ ن فإنه يعطي أكيا َ ب إلى السلطا ِ قيل لحكيم ٍ :لماذا ل تذه ُ
س ويقدمه أخشى منه إذا غضب أن يقطع رأسي ويضعه في أحد تلك الكيا ِ
ة لزوجتي !!. هدي ً
ت لغناِء الحمام ِ ؟! لماذا ترى من الليل ب ول تنص ُ لماذا تسمع ُنباح الكل ِ
ل وتنسى سعَ النح ِ َ
مرِ والنجوم ِ ؟! لماذا تشكو ل ْ ق َن ال َ سواده ،ول تشاهد ْ حس َ
ل ؟!. س ِحلوة العَ َ
ج من صلِبه ب فاجتباه ربك واصطفاه وهداه ,وأخر َ م من الذن ِ تاب أبوك آد ُ
ب. ب منه قبل أن يذن َ أنبياَء وشهداَء وعلماَء وأولياَء ,فصار أعلى بعد الذن ِ
ث في ن ,فجاءه الغو ُ ن يا منا ُ ناح نوح والطوفان كالبركان فهتف :يا رحما ُ
لمِح البصرِ فانتصر وظفَر ,أما من كفَر فقد خسَر واندحَر .
ة فبها ل رسالة عاجل ُ ت ثلث فأرس َ أصبح يونس في قاع البحرِ في ظلما ٍ
ق لن البرقية ف ,واعتذٌر عن التقصير ,فجاء الغوث كالبر ِ ف بالقترا ِ اعترا ُ
ة. صادق ٌ
ج في س َ ش نُ ِ ب توِبته أبيض ؛ لن القما َ غسل داود بدموعه ذنوبه فصار ثو ُ
حرِ . س َ ب في ال ّ ل الثو ُ س َ ن ,وغ ُ ِ ط أمي ٌ ب والخيا ُ المحرا ِ
ج. فَر َ س ؛ فانتظرِ ال َ ب وجاءك اليأ ُ َ
إذا اشتد عليك المُر وضاقَ بك الكْر ُ
ق صغَر أم ج عنك ما أهمك فاقطعْ طمَعك في أي مخلو ٍ إذا أردت الله يفر َ
ة. س كاف ً س في النا ِ كبر ,ول تعل ّقْ على أحدٍ أمل غَي َْر اللهِ ،وأجمع اليأ َ ً
ة سعيدة سك راضي ً ون الناء بلونه ،فإن كانت نف ُ نفسك كالسائل الذي يل ّ
ت الشقاَء ة متشائمة رأي َ ل ،وإن كانت ضيق َ رأيت السعادة والخيَر والجما َ
ح. قب ْ َوالشّر وال ُ
ت ت عن المفقودِ ،فقد نل َ ت بالموجود ِ ،وسلو َ إذا أطعمت المعبود َ ،ورضي َ
ب محمود ٍ . ل مطل ٍ تك ّ المقصود َ وأدرك َ
ة في ذهِنه من ن والذكرِ ،ولديه حديق ٌ من عنده بستان في صدره من اليما ِ
ف على ما فاته من الدنيا . ب فل يأس ْ العلم ِ والتجار ِ
ب ,ويبني بيته ويجد ُ وظيفة ن من مؤخر السعادة حتى يعود ابنه الغائ ُ إ ّ
ب ،مغروٌر بأحلم ِ اليقظةِ . تناسبه ،إنما هو مخدوع بالسرا ِ
ت. ح التخويفا ِ ّ
ت واطرا ُ م الهتمام ِ ،وهجُر التوقعا ِ السعادة ُ :هي عد ُ
ن الخاِء ،وهي ن المودةِ وإعل ُ عربو ُ ل ،وهي ُ البسمة :هي السحُر الحل ُ
ل على أن صاحَبها ة تد ّ ة متقلب ٌ صد َقَ ٌ ب ،وهي َ م والح ّ ل السل َ ة عاجلة تحم ُ رسال ٌ
ت. ن ثاب ٌ ض مطمئ ّ را ٍ
لك والفوضويةِ ,وسببها ترك النظام ِ وإهما ُ ُ ب والرتبا ِ أنهاك عن الضطرا ِ
ن. ة ومرا ٌ ن فيه واقعي ّ ٌ ل متز ٌ ن جدو ٌ حل أن يكون للنسا ِ ب ,وال ّ الترتي ِ
ص
ف منها وينق ُ ح بكل يوم ٍ يمّر ؛ لنه يخف ُ ة أو شدةٌ فافر ْ إذا وقعت عليك مصيب ٌ
ن ل تتعداه . رها ,لن للشدة عمرا كعمرِ النسا ِ ً من عم ِ
ب بيتا ً ً
ب الدنيوية تنتهي إليه ,فمثل تطل ُ ينبغي أن يكون لك حد ّ من المطال ِ
ح شهيةِ الطمِع على مصراعيها ُ فت أما , لك ُ تسكنه وعمل ً يناسبك ،وسيارةً تحم
7
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(155 /
ب
ظ? يكظمونه في صدوِرهم فل تظهُر آثاُره من الس ّ ن ال ْغَي ْ َ مي َ كاظ ِ ِ ? َوال ْ َ
م. والشتم ِ والذى والعداوةِ ,بل قهروا أنفسهم وتركوا النتقا َ
ح
فوَ والمغفرةَ وأعلنوا السما َ س ? وهم الذين أظهروا العَ ْ ن الّنا ِ ن عَ ِ ? َوال َْعاِفي َ
ب بل ظ َهََر الحل ُ
م س ُ
ح ْ موا فَ َ ب الثأرِ ,فلم يكظ ُ وأعتقوا من آذاهم من طل ِ
ح عليهم . والصف ُ
ن? وهم الذين عفوا عمن ظلمهم بل أحسنوا إليه سِني َ ح ِ م ْ ْ
ب ال ُ ح ّ ه يُ ِ? َوالل ّ ُ
مهم ,فهو يسيَء وهم يحسنون إليه ,ولهذا أعلى ههم وكر ِ وأعانوه بمالهم وجا ِ
ت.ل المقاما ِ ب وأج ّ المرات ِ
ل قائمة بأسعد ِ حالتك :هل تحدث بعد دك .سج ْ ط المر الذي يسع ُ حدد بالضب ِ
ً
مقابلةِ شخص معين ؟ أو ذهابك إلى مكان محددٍ ؟ أو بعد أدائك عمل بذاته ؟
إذا كنت تتبعُ روتينا ً جيدًا ,ضعه في قائمتك .تجد ْ بعد أسبوع أنك ملكت قائم ً
ة
واضحة بالفكارِ التي تجعُلك سعيدا ً .
دك أبعد ْ كل ل الشياِء السارةِ :بعد تحديدِ المورِ التي تسع ُ تعوّد ْ على عم ِ
دك . ُ تسع ل التي ر
َ المو وانس , َ ة السعيد المور ِ دأك نك. ِ ذه عن المورِ الخرى
ة سارةً في حد ّ ذاِتها . وليكن قرارك بمحاولةِ بلوِغ السعادةِ تجرب ً
سك وتقب ّْلها :من المهم جدا ً أن تنتهي إلى قرارٍ بالرضا عن ارض عن نف ِ
جه إليك من نقد ٍ ,طالما سك ,والثقةِ في تصرفاِتك ,وعدم ِ الهتمام ِ بما يو ّ نف ِ
ك أول الش ّ ث يدخ ُ ب من حي ُ ط المستقيم ِ ,فالسعادةُ تهر ُ أنت ملتزم بالصرا ِ
ب. الشعوُر بالذن ِ
ة مصدُر تعاسةٍ , ل ,فالعزل ُ ً
دم الخرين :ل تْبق وحيدا معزو ً اصنِع المعروف واخ ِ
م شيئا ً س ,وتقد ُ ك ّ
م بأسرِتك والنا ِ ل الكآبةِ والتعاسةِ والتوترِ تختفي حينما تلتح ُ
ً
من الخدمات .وقد وصف العمل أسبوعين في خدمة الخرين علجا لحالت
الكتئاب.
أشغل نفسك دائما :يجب أن تحاول – بوعي وإرادة – استخدم المزيدِ من ً
ل أشياء بديعةٍ ,فالكس ُ
ل إمكاناِتك .سوف تسعد ُ أكثر إن شغلت نفسك بعم ِ
ينمي الكتئاب .
8
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
م بعمل جسماني تحّبه تجد ْ أن حالتك ب النكد والكآبة :إذا أزعجك أمٌر ,ق ْ حار ِ
س مسلكا كانت تسعدك ً النفسية والذهنية قد تحسنت .ويمكنك أن تمار َ
ة مع أصدقاء . ممارسته في الماضي ,كأن تزاول رياضة معينة أو رحل ً
س على عمل ل تكمْله :يجب أن تعرف أن عمل الكبارِ ل ينتهي .من ...ل تبتئ ْ
سهم إل إذا أنجُزوا س من يشعرون أنهم لن يكونوا سعداء راضين عن أنف ِ النا ِ
ل يستطيع أن يؤدي القدَر الممكن من عمله ص المسؤو ُ كل أعمالهم .والشخ ُ
سه ,مادام لم يقصْر . بل تهاون ,ويستمتع بالبهجة في الوقت نف ِ
...ل تبالغْ في المنافسة والتحدي :تعّلم أل تقسو على نفسك ,خاصة حينما
تباري أحدا ً في عمل ما بدون أن تشترط لشعورك بالسعادة أن تفوَز .
ل دون الشعوِر ب التوتر ,ويحو ُ ت المشاعرِ يسب ُ س مشاعرك :كب ُ ...ل تحب ْ
طهاث عن ضغو ِ ب ينف ُ ب مناس ٍ بالسعادةِ .ل تكتم مشاعرك .عبْر عنها بأسلو ٍ
سك. في نف ِ
س ,والمسؤوليةِ , ً ل تتحم ْ
س بالبتئا ِ ل وزر غيرك :كثيرا ما يشعُر النا ُ
ص آخَر ,رغم أنهم برءاء مما هو فيه ,تذكْر أن ب شخ ٍ ب ,بسبب اكتئا ِ والذن ِ ًً
ت .وأن ل ًًًًإنسان مسؤول عن نفسه ,وأن للتعاطف والتعاون حدودا وأولويا ٍ
ً ٌ ك ّ
ُ ًًً
خَرى ? . سه بصيرة ? َول ت َزُِر َوازَِرةٌ وِْزَر أ ْ النسان على نف ِ ًًً
ًًًً ...اتخذ قراراِتك فورا ً :إن الشخص الذي يؤجل قراراِته وقتا ً طويل ً ,فإنه
ت ,وأياما ً ,بل وشهورًا .تذكر إن إصدار القراِر ً
ت سعادته ساعا ٍ ب من وق ِ يسل ًًًً ُ
النًًًًً ل يعني بالضرورةِ عدم التراجِع عنه أو تعديله فيما ب َعْ ُ
د.
ل تذكرِ الحكمة سك :حينما تفكُر في القدام ِ على عم ٍ ف قدر نف ِ ًًًً ...اعر ْ
ًًً
سه(( إذا بلغت الخمسين من ف قدَر نف ِ القائلة )) :رحم الله امرءا ً عََر َ ًًً
عمرك ,وأردت أن تمارس رياضة ,فكر في المشي أو السباحة أو التنس – ًًً
ً
مثل ًًًً – ول تفكر في كرةِ القدم .وحاول تنمية مهاراتك باستمرار.
ً
م الحياةِ دون إتاحة الفرصة ض ّ ًًًً ...تعلم كيف تعرف نفسك :أما الندفاعُ في خ ِ
ًًً
لنفسك كي تقّيم أوضاعك ومسؤولياتك في الحياة ,فحماقة كبرى .فهؤلء ًًً
الذين ل يفهمون أنفسهم لن يعرفوا إمكاناتهم. ًًً
ً
ًًًً ...اعتدل في حياِتك العملية :اعمل إن استطعت جزءا ً من الوقت ،فقد كان
ًًً
م من الوقت حرِ َالغريق يؤمنون بأن الرجال ل يمكن أن يحتفظ بإنسانيته إذا ُ ًًً
الفراغ والسترخاء ًًً
ًً
مكن ًًًًمستعدا ً لخوض مغامرات :الطريقة الوحيدة لحياة ممتعة هي اقتحا ُ
ًًً
أخطاِرها المحسوبة ،لن تتعلم ما لم تكن عازما ً على مواجهة المخاطرِ ،ق ْ
م ًًً
ق.َ ِرَ غال ِ ر خط ِ ة بمواجه حةِ السبا بتعلم مثل ً
ب ،ول ك ،ول بعيد إل سوف يقر ُ ف ّح ،ول قيد إل سوف ي ُ َ فت َ ُ
ل قفل إل سوف ي ُ ْ
مى . ل ..ولكن بأجل مس ّ غائب إل سوف يص ُ
)(156 /
ل،صلةِ ? فهما َوقود ُ الحياةِ ،وزاد ُ السيرِ ،وباب الم ِ صب ْرِ َوال ّ
ست َِعيُنوا ِبال ّ ?ا ْ
ق، شْره بفجرٍ صاد ٍفَرِج ،ومن لزم الصبَر ،وحافظ على الصلةِ ؛ فب ّ ح ال َ ومفتا ُ
ب.ن ،ونصرٍ قري ٍ وفتٍح مبي ٍ
حد ٌ ،لّنه حفظ ? قُ ْ َ ُ جلد بل ٌ
ل حد ٌ أ َ
حب وطرِد َ فأخذ يردد ُ :أ َ س ِ
بو ُ ضرب عُذ ّ َ لو ُ ُ
سلعة حد ٌ ? ،فلما دخل الجنة احتقر ما بذل ،واستق ّ َ ّ
ل ما قدم لن ال ّ هأ َ هُوَ الل ُ
ً
أغلى من الثمن أضعافا مضاعفة .
ة
ب إن غاليت فيه خدمته وما خدمك ،أو زوج ٌ ...ما هي الدنيا ؟ هل هي الثو ُ
9
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
ت له خازنا ً ..هذا ب قلبها بحبها ،أو مال كثَر أصبح َ إن كانت جميلة تعذ ُ
سرورها فكيف خزُنها ؟
دهم ب السعادةِ بالعلم ِ أو بالمال أو بالجاهِ ،وأسع ُ ...كل العقلء يسعون لجل ِ
ه.
ّ ُ ب ر يلقى حتى ل ٍ حا كل على ة
ٌ دائم سعادته ن لن ب اليما ِ بها صاح ُ
ض
ط والعترا ِ ك والسخ ِ ض العقدية كالش ّ ب من المرا ِ ة القل ِ من السعادة سلم ُ
والريبةِ والشبهةِ والشهوةِ .
ن
س ،فهو يحمل تصرفاِتهم وأقوالَهم على أحس ِ س أعذُرهم للنا ِ ل النا ِ أعق ُ
ح. ل ،فهو الذي أراح واسترا َ المحام ِ
مك ، ن ? اقنعْ بما عنك ،ارض بقس ِ ري َ شاك ِ ِ ن ال ّ م َ كن ّ ك وَ ُ ما آت َي ْت ُ َ خذ ْ َ ? ...فَ ُ
ف طاقتك فيما ينفعُ واحمدِ الله على ما ّ
استثمْر ما عندك من موهبةٍ ،وظ ْ
أولك .
لفظا بل خذ ْ من كل عم ٍ ً ح ْ ً
مك كله قراءةً أو تفكرا أو تأليفا أو ِ ً ّ ...ل يكن يو ُ
س. ُ ف ونوّعْ فيه العما َ
ل فهذا أنشط للنف ِ بطر ٍ
ل النافعةِ . ل كل صلة عمل من العما ِ ً ت فجع ْ ب الوقا ِ ت ترت ُ الصلوا ُ
م به من أمه التي م به وأرح ْ إن الخير للعبد ِ فيما اختار له رّبه ،فإنه أعل ُ
ولدته ،فما للعبد إل أن يرضى بحكم ربه ،ويفوض المر إليه ويكتفي بكفاية
قه وموله. ربه وخال ِ
ب ،فهو ل يرى إل ظواهر ب الغي ِ زه ل يدري ما وراء حج ِ ولعبد ُ لضعفه ولعج ِ
ة وكم من مها عند ربي ،فكم من محنةٍ .صارت منح ً المورِ أما الخوافي فعل ُ
ن في المكروهِ . ة ،فالخيُر كام ٌ بليةٍ أصبحت عطي ً
ر
ض ،فظاه ِ َ ...أبونا آدم أك َ
صى رّبه فأهبطه إلى الر ِ ل من الشجرةِ وعَ َ
ب ووقع عليه المكروه ،ولكن عاقبة ن والصو َ المسألة أن آدم ترك الحس َ
ب عليه وهداه واجتباه وجعله نبيا ً ل جسيم ،فإن الله تا َ م وفض ٌ أمره خيٌر عظي ٌ
سل وأنبياَء وعلماَء وشهداَء وأولياء ومجاهدين وعابدين ً وأخرج من صلِبه ُر ُ
ة ? ،وبين جن ّ َ ْ َ َ ُ
جك ال َ ت وََزوْ ُ ن أن ْ َ سك ْ ومنفقين ،فسبحان الله كم بين قوله ? ا ْ
ب
ل وشر ٌ ن وأك ٌ دى? فإن حالة الول سك ٌ ب عَل َي ْهِ وَهَ َ ه فََتا َ جت ََباه ُ َرب ّ ُ ما ْ قوله ? ث ُ ّ
م لهم ول طموحات ،وأما حاله بعد الجتباِء وهذا حال عامة الناس الذين ل ه ّ
خ. ف باذ ٌ ة كريمة وشر ٌ ل عظيمة ومنزل ٌ والصطفاء والنبوةِ والهدايةِ فحا ٌ
ةقه نعم ٌ ة فندم وبكى ,فكانت في ح ّ ...وهذا داود ُ عليه السلم ارتكب الخطيئ َ
ل النعم ,فإنه عرف ربه معرفة العبدِ الطائِع الذليل الخاشِع المنكسرِ , من أج ّ
ل .وقد ل للهِ عّز وج ّ م الذ ّ ن العبودية تما ُ وهذا مقصود ُ العبودية فإن من أركا ِ
ه له ن ل يقضي الل ُ ً
ن تيمية عن قوله ) )) :عجبا للمؤم ِ سِئل شيخ السلم ِ اب ُ
شيئا ً إل كان خيرا ً له(( هل يشمل هذا قضاء المعصيةِ على العبد ِ ؟ ,قال
طها من الندم ِ والتوبةِ والستغفارِ والنكساِر. نعم ؛ بشر ِ
ب إذا فظاهُر المرِ في تقديرِ المعصيةِ مكروهٌ على العبدِ ،وباطُنه محبو ٌ
طه . اقترن بشر ِ
ل مكروهٍ وقعَ له صاَر ل محمد ٍ ) ظاهرةٌ باهرةٌ ,فإن ك ّ وخيرة اللهِ وللرسو ِ
ة ً
مه له ؛ ومحاربِتهم إياه كان سببا في إقام ِ محبوبا ً مرغوبا ً ,فإن تكذيب قو ِ
ت التي سوق الجهاد ِ ،ومناصرةِ اللهِ والتضحيةِ في سبيِله ,فكانت تلك الغزوا ُ
ه فيها رسوله ,فتحا ً عليه ,واتخذ فيها من المؤمنين شهداء جعلهم من نصر الل ُ
ل هذا الخيُر الكبير ورثةِ جنة النعيم ,ولول تلك المجابهة من الكفار لم يحص ْ
ً
رد ) من مكة كان ظاهُر المرِ مكروها ولكن في م ,ولما ط ُ ِ والفوُز العظي ُ
ة ,فإنه بهذه الهجرةِ أقام ) دولة السلم ِ ،ووجد ح والمن ّ ُ باطِنه الخيُر والفل ُ
ف الصادق في إيماِنه ُ ِ َ ر ع و , ِ ر الكف لِ أه من اليمان ل أنصارا ً ،وتميز أه ُ
10
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
غلب عليه الصلة والسلم وأصحاُبه في ب .ولما ُ وهجرته وجهاِده من الكاذ ِ
س ،لكن ظهر له من ً أحدٍ كان المُر مكروها ً في ظاه ِ
ره ،شديدا على النفو ِ
ب
س العج ُض النفو ِ ن الختيارِ ما يفوقُ الوصف ,فقد ذهب من بع ِ الخيرِ وحس ِ
ه من المسلمين ُ الل واتخذ , عليها ُ د والعتما ، س
ِ بالنف ة
ُ والثق ، ٍ ربد بانتصارِ يوم
ب سفيرِ السلم , ل كحمزة سيدِ الشهداء ,ومصع ِ شهداء أكرمهم بالقت ِ
ه وغيرهم ,وامتاز المنافقون دالله ابن عمروٍ والد ِ جابر الذي كلمه الل ُ وعب ِ
س
م . .وق ْ ه أسرارهم وهتك أستاَرهُ ْ ف الل ُبغزوةِ أحد ،وفضح أمرهم ،وكش ُ
ه
على ذلك أحواله ) ،ومقاماته التي ظاهُرها المكروه ُ ،وباطُنها الخيُر ل ُ
وللمسلمين .
)(157 /
ت عليه ب ،وسهل ْ ت عليه المصائ ُ ده هان ْ ن اختيارِ اللهِ لعب ِ س َ ح ْف ُ ...ومن عََر َ
ه
ف الل ِ ة بلط ِ ف من اللهِ ،واستبشر بما حصل ،ثق ً ب ,وتوقعَ اللط َ المصاع ُ
ب حزُنه وضجُره وضيقُ صدِره ,ويسلم ن اختياِره ،حينها يذه ُ مه ،وحس ِ وكر ِ
مُر ،بل يشكُر ض ،ول يتذ ّ ُ
ل في عله ،فل يتسخط ول يعتر ُ المر لربه ج ّ
ب. ب المصائ ِ ب ،وتنقشعُ عنه سح ُ ويصبُر ،حتى تلوح له العواق ُ
ل دعوت ِهِ , ً
ف عام إل خمسين عاما في سبي ِ م ُيؤذى أل َ ح عليه السل ُ ...نو ٌ
ب ويستمّر في نشرِ دعوِته إلى التوحيد ِ ليل ً ونهارا ً ,سرا ً وجهرا ً ُ ويحتس فيصبُر
ن. ,حتى ينجيه رّبه ويهلك عدوه بالطوفا ِ
م ُيلقى في النارِ فيجعُلها الله عليه بْردا ً وسلما ً , م عليه السل ُ ...إبراهي ُ
ل دينه خالدا ً ويحميه من النمرودِ ،وينجيهِ من كيدِ قومه وينصُره عليهم ،ويجع ُ
ض.
في الر ِ
ك له المكائد ، ن الدوائر ،ويحي ُ ص به فرعو ُ ...موسى عليه السلم يترب ُ
ف ما ه عليه ويعطيه العصا تلق ُ ن في إيذائه ويطارُده ,فينصُره الل ُ ويتفن ُ
ه عدّوه ويخزيه . ُ
ج منه بمعجزةٍ ،ويهلك الل ُ يأفكون ,ويشقُ له البحَر ويخر ُ
مه م يحارُبه بنو إسرائيل ،ويؤذونه في سمعته وأ ّ ...عيسى عليه السل ُ
ً
ه إليه وينصُره نصرا مؤزرا ،ويبوُء أعداؤه ً ورسالِته ,ويريدون قتله فيرفُعه الل ُ
ن. بالخسرا ِ
...رسوُلنا محمد ) يؤذيه المشركون واليهود ُ والنصارى أشد ّ اليذاِء ,ويذو ُ
ق
ب وشتم ٍ ب ومجابهةٍ وردٍ واستهزاٍء وسخريةٍ وس ّ ف البلِء ،من تكذي ٍ صنو َ
ب وُيقتل ر
ُ ُ َ ُيحا و د يطر ُ و , ِ ءوالفترا ِ ر والسح ِ روالشع ِ ة والكهان ن
ِ بالجنو واتهام ِ
ت ،ويهدد م في زوجِته ،ويذوقُ أصناف النكبا ِ عه ,وُيته ُ ل بأتبا ِ أصحاُبه وُينك ّ ُ
ه ،ويشج ح ،وتكسر ثنيت ُ ُ ت ,ويجوع ويفتقُر ،ويجر ُ ت ،ويمر بأزما ٍ بالغارا ِ
سه ويفقد ُ عمه أبا طالب الذي ناصره ,وتذهب زوجُته خديجة التي واسته , رأ ُ
ت بناُته في صُر في الشعب حتى يأكل هو وأصحابه أوراق الشجرِ ,وتمو ُ ح َ وي ُ ْ
ب في أحد ,وُيمّزقُ عمه حمزةُ ح ابِنه إبراهيم بين يديهِ ,وُيغل ُ ل رو ُ حياِته وتسي ُ
جَر على بطِنه من الجوِع ول يجد ُ ح َ ُ
,ويتعرض لعدة محاولت اغتيال ,ويربط ال َ
أحيانا ً خبَز الشعيرِ ول رديَء التمر ,ويذوقُ الغصص ويتجرع كأس المعاناة ,
ل مع أصحاِبه زلزال ً شديدا ً وتبلغُ قلوبُهم الحناجر ,وتعكس مقاص ُ
ده وُيزلز ُ
بب وعج ِ ب العرا ِ ف المتكبرين وسوِء أد ِ َ
صل ِ أحيانا ً ،ويبتلى بتيه الجبابرةِ و َ
س ,ثم تكون ْ
الغنياء ،وحقدِ اليهود ِ ،ومكرِ المنافقين ،وب ُطِء استجابةِ النا ِ
ه دينه ،وينصُر عبده ، ة له ،والنصُر حليفه ،والفوُز رفيقه ،فيظهُر الل ُ العاقب ُ
ب على ه غال ٌ ويهزم الحزاب وحده ،ويخذل أعداءه ويكبتهم ويخزيهم ,والل ُ
11
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(158 /
م ،ذاي القيو َ ي الواحد الماجد ،الحد الصمد َ الح ّ أنا وأنت ،هّيا نقصد الغن ّ
ب وحدانيِته ، طرح على عتبةِ ربوبيِته ،ونلتجئ إلى با ِ ل والكرام ِ ،لنن ّ ِ الجل ِ
ل ،فهو المعافي الشافي ل ،ونطلُبه وننتظُر الّنوا َ ح في السؤا ِ نسأله وُنل ّ
ت. الكافي وهو الخالق الرزاقُ المحيي الممي ُ
ب الّنارِ ? .
ذا َ ة وَقَِنا عَ َسن َ ًح َخَرةِ َ
ة وَِفي ال ِ
سن َ ً
ح َ ? َرب َّنا آت َِنا ِفي الد ّن َْيا َ
)) اللهم إنا نسأُلك العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدنيا والخرة ((.
)) اللهم إنا نسألك من خير ما سألك منه نبّيك محمد ٌ ) ،ونعوذ ُ بك من شّر ما
استعاذك منه نبّيك محمد ٌ ) (( .
ل ،ونعوذ ُ س ِ َ
جزِ والك َ م والحزِ ،ونعوذ ُ بك من العَ ْ )) اللهم إنا نعوذ ُ بك من اله ّ
َ
ل (( .ن وقهْرِ الرجا ِ ن ،ونعوذ ُ بك من غلب َةِ الدي ِ جب ْ ِ
ل وال ُ بك من البخ ِ
ه
م على المرسلين ،والحمد ُ لل ِ ب العزةِ عما يصفون ،وسل ٌ سبحان ربك ر ّ
ب العالمين . ر ّ
12
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
**********************************************
/http://www.saaid.net
)(159 /
13
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
النبوية والمواقف العملية التي تظهر لنا منها ثمار هذه السنة الكريمة ،
وبخاصة في واقعنا المعاصر المليء بالشبهات ،والشهوات ،والمتناقضات ،
والمكائد ،والمؤامرات ما يزيد الموضوع بيانا ً .
أهمية الموضوع :
تتضح أهمية الموضوع في المور التالية :
أول ً :علقة هذه السنة بالعقيدة قوة وضعفا ً ؛ فكلما قوي اليمان بالله
سبحانه في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته :كلما قوي الفهم لهذه السنة ،
وأثمرت في القلب ثمارها الطيبة .واليمان بهذه السنة والصطباغ بها هو
مقتضى الرضا بالله رب ّا ً ومعبودا ً ،ومقتضى أسمائه الحسنى وصفاته العل ؛
حيث إن هذه السنة من ثمرات أسمائه سبحانه الحسنى ،التي منها :الحكيم
،والعليم ،والكريم ،واللطيف ،والبر الرحيم ..وغيرها من السماء
والصفات التي يجب التعبد لله سبحانه بها .كما يظهر الرتباط بين هذه
السنة وبين التوحيد في :أثرها على صدق التوكل على الله عز وجل ،
وتفويض المور إليه ،واليقين والثقة بوعده ،وإحسان الظن به جل وعل ،
وأنه سبحانه ل يريد بعباده المؤمنين إل الخير والصلح ،فمهما ظهر من
َ
مل ه ي َعْل َ ُ
م وَأنت ُ ْ الشرور والمصائب ،فله سبحانه الحكمة البالغة )) َوالل ّ ُ
ن (( ) آل عمران (66 :وأما ارتباطها بالصل الخامس من أصول ت َعْل َ ُ
مو َ
اليمان أل وهو اليمان باليوم الخر فهذا واضح ؛ لن اليقين باليوم الخر
ورجاء الجر من الله عز وجل يقويان الرتباط بهذه السنة في أن الخرة خير
وأبقى ،مهما فات من هذه الدنيا .وأما علقتها بالصل السادس من أصول
اليمان وهو اليمان بالقدر خيره وشره فهذا ظاهر ل يحتاج إلى تعليق .
)(1 /
14
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
وشره .
خَيرة من الله سبحانه في كل المور ،وتفويض رابعا ً :التنبيه إلى طلب ال ِ
المور إلى حسن تدبيره عز وجل واختياره ؛ لنه سبحانه يعلم ول نعلم ،
ويقدر ول نقدر ،وهو علم الغيوب الذي يعلم ما كان وما سيكون ،ويعلم أين
يكون الخير ،وأين يكمن الشر ؛ ولذلك جاء التوجيه إلى دعاء الستخارة في
المور كلها .
خامسا ً :كثرة المشاكل والمصائب في زماننا هذا ،سواء على مستوى
الفراد أو الجماعات ،التي أدت إلى ظهور كثير من المراض النفسية
المعقدة :كالقلق ،والكتئاب ،والفصام ..وغيرها ،حتى أصبحت سمة
لواقعنا المعاصر ،ومعرفة الله سبحانه بربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته
التي تزرع في القلب الطمئنان والرضا ،وتفويض المور إليه سبحانه ،وحسن
الظن به عز وجل ،وأن اختيار الله لعبده أحسن من اختيار العبد لنفسه ،ولو
شرا ًسُبوه ُ َ ح َ ظهر ما يكرهه العبد ويؤذيه :إن في تفهم قوله تعالى )) :ل ت َ ْ
كم (( ]النور [11 :أحسن علج لهذه المراض وغيرها . لّ ُ
سادسا ً :إن في هذه السنة وفهمها طريقا ً موصل ً إلى الفقه بقاعدة الشرع
العظيمة ،التي بنيت عليها أحكام الشرع ؛ أل وهي :اليسر ورفع الحرج
والمشقة ،وأن الله عز وجل ل يريد بعباده إل اليسر والرحمة ،سواء أكان في
أحكامه الكونية القدرية ،أو الدينية الشرعية .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (1مفتاح دار السعادة :ص . 326
من ثمرات هذه السنة
فّهم هذه السنة الكريمة وتذكرها دائما ً أثرا ً كبيرا ً في القلب ،يظهر جلي ّا ً إن لت َ َ
ً
في المواقف ،وبالذات في مواقف الشدة والبلء ؛ فكان لزاما على
المسلم ،وبخاصة الداعية المجاهد ،أل يغفل عن هذه الثمرات المنبثقة من
م (( ،وثمار اليمان بهذه خي ٌْر ل ّك ُ ْ
ل هُوَ َ شرا ً ل ّ ُ
كم ب َ ْ سُبوه ُ َح َقوله تعالى )) :ل ت َ ْ
السنة واليقين بها كثيرة ،
أذكر منها ما يلي :
-1حقيق العبودية لله )عز وجل( بأسمائه الحسنى وصفاته الُعل :
إن الله عز وجل لم يعرفنا على أسمائه وصفاته لنحفظها ونعدها فقط ،وإنما
المقصود السنى من معرفة أسمائه عز وجل وصفاته :أن ندعوه بها ،وأن
َ
عوه ُ ب َِها((سَنى َفاد ْ ُ ح ْ
ماُء ال ُ
س َ نتعبد له سبحانه بها ؛ قال الله تعالى )) :وَل ِل ّهِ ال ْ
]العراف [180 :إن في كل اسم من أسمائه سبحانه عبودية على العبد ،
يجب أن تظهر آثارها في القلب ،وعلى الجوارح ،وفي المواقف .
فمن السماء الحسنى التي يتعبد لله عز وجل بها من خلل معرفة هذه
السنة :الحكيم ،العليم ،البر ،الرحيم ،الودود ،اللطيف ..وغيرها .فعندما
يؤمن العبد المسلم بهذه السماء فإنها تثمر اليمان بحكمة الله عز وجل في
كل أحكامه الكونية والشرعية ،وتضفي على القلب النس ،وإحسان الظن
بالله عز وجل ،والرضا بقضائه ،وأنه بر رحيم ،ل يريد بعباده إل الخير
والتيسير والرحمة ،وأن من لطفه سبحانه أن يأتي بالخير لعبده المؤمن من
حيث يظن أنه شر ومكروه ،وهذا
من معاني اسمه سبحانه اللطيف .
)(2 /
15
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
يقول الشيخ السعدي رحمه الله ) :ومن معاني اللطيف :أّنه الذي يلطف
بعبده ووليه ،فيسوق إليه البر والحسان من حيث ل يشعر ،ويعصمه من
الشر من حيث ل يحتسب ،ويرّقيه إلى أعلى المراتب ،بأسباب ل تكون من
العبد على بال ،حتى إّنه يذيقه المكاره ،ليوصله إلى المحاب الجليلة ،
والمطالب النبيلة ( ]. [1
إن اليقين بلطف الله تعالى ينفي الشعور باليأس والقنوط من مجيء فرج
الله ونصره ،وينشيء مكانه المل والثقة بوعد الله ونصره ،كما أنه ينشيء
في القلب الفتقار إلى الله عز وجل وتفويض المور إليه ،وسؤاله عز وجل
ن العاقبة والختيار . س َح ْدائما ً ُ
وبقيت كلمة أخيرة في هذه الثمرة أنصح بها نفسي وإخواني طلب العلم ؛
درس أو ن ُد َّرس أبواب التوحيد وذلك بأن نحرص أشد الحرص ونحن ن ْ
المختلفة على أل نكتفي بالدراسة العلمية الذهنية المجردة فقط ،وإنما
نسعى جاهدين في ربطها بأعمال القلوب ،وما تثمره فيها من أنواع
العبوديات المختلفة التي يجب أن يظهر أثرها في المواقف والسلوك وجميع
التصرفات ،والله المستعان .
-2الصبر على البليا والمصائب وقوة الحتمال :
وهذه الثمرة لها علقة بما قبلها ؛ فعندما يعرف العبد ربه بأسمائه وصفاته
ويتعبده بها ،فإنها تثمر في القلب ثباتا ً ،ورباطة جأش ،وصبرا ً أمام البتلءات
والمصائب؛ فل يضعف ول يخور وهو يعلم أن ربه الرحيم الحكيم ،اللطيف
الخبير ،الودود الغفور :هو الذي قدرها عليه ،وأنه لم يقدرها ليعذبه ويشقيه،
ولكن ليرحمه ويرده إليه ..عند ذلك يفوض أمره إلى ربه ،ويرضى بما يختار
له موله سبحانه ،ويعلم أنه هو الذي يمده بالقوة والعزيمة ،والصبر وحسن
العاقبة .
ً ً
إن هذا الشعور يمل القلب قوة وصبرا واحتمال أمام الشدائد ؛ لقوة الرجاء
في الله عز وجل ،واليقين بفرجه ونصره ،واليقين بحسن العاقبة من الله
ن َفإن ّهُ ْ
م مو َكوُنوا ت َا ًل َ ُ
عز وجل فيما أعده للصابرين ؛ قال تعالى )) :إن ت َ ُ
كيما ً (( ح ِ ه عَِليما ً َ ن الل ّ ُكا َن وَ َ
جو َما ل ي َْر ُ ن الل ّهِ َ
م َ
ن ِجو َن وَت َْر ُ
مو َما ت َا ًل َ ُ
ن كَ َمو َي َا ًل َ ُ
]النساء . [104 :
وإن مما يقوي الصبر على الشدائد يقين العبد أن ما أصابه إما أن يكون
تكفيرا ً لذنوبه ،أو سببا ً لنعمة ل تنال إل بذلك المكروه .
فإذا أيقن العبد المبتلى أن العاقبة الحميدة من النصر في الدنيا ،والجنة في
الخرة ل يوصل إليهما إل على جسر التعب والمشقة :فإنه بذلك يقوى صبره
،واحتماله ،وبذله وتضحيته في سبيل الله عز وجل ،مع تفقد النفس من
الذنوب ،وتنقية الصف من المنافقين ،فذلك من أسباب النصر .
-3سعادة القلب وطمأنينته وسكينته :
عندما يعلم العبد المؤمن أن كل ما يقضيه الله عز وجل هو عين الحكمة
والرحمة ،والخير ،سواء في العاجل أو الجل ،فإن هذه المعرفة تضفي
على القلب شعورا ً بالنس والسعادة والطمأنينة والسكينة ،مهما اشتدت
المصائب ،وتوالت المحن ؛ وبذلك يسلم صاحب هذا القلب من تلك المراض
والوساوس التي تفتك بكثير من الناس الذين حرموا مثل هذه المعرفة
العظيمة بربهم ،نعم سوف ل يخيم على نفسه ما يخيم على النفوس
اليائسة ،من الشعور بالقلق والكتئاب وانكساف البال ،تلك الشياء التي
تجر وراءها من مصائب الدنيا والدين ما ل يعلمه إل الله عز وجل .وسوف
يريحه هذا الشعور من الفكار المتعبة التي تنشأ من كثرة الختيارات
16
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(3 /
17
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
وكيف يسكن الخوف والهلع في قلب من اطمأن إلى حكم ربه ،وأحسن
الظن به ،وفوض أموره إليه .إن الخوف والهلع سواًء أكان على الرزق أو
الجل ل يكونان إل عند من لم يعرف ربه بأسمائه الحسنى وصفاته العل ،أما
لو عرف ربه عز وجل ،وأنه رحيم ودود ،وأّنه حكيم عليم ،وأنه لطيف
خبير ..معرفة حقيقية يتعبد لربه بها :فإن الطمئنان والسكينة تعمران
القلب ،وتنفيان كل دواعي الخوف والوجل من المخاليق الضعفاء الذين ل
يملكون لنفسهم نفعا ً ول ضّرا ً فضل ً عن أن يملكوا شيئا ً من ذلك لغيرهم .
ويبقى صاحب هذا القلب مطمئنا ً إلى حسن اختيار الله له ،يستشرف رحمة
ربه وخيره في كل ما يقضيه الله عليه ؛ ولو ظهر في هذا المقضي من الشر
واللم ما ظهر ،فمن يدري ؟ ! فلعل في طيات المحنة منحة ونعمة .
ج -السلمة من أمراض الكبر والخيلء :
ً ً
إن القلب ل يصدق عليه أن يوصف بكونه سليما صحيحا حتى ينضم إلى ما
ذكر سابقا ً سلمته من أمراض الكبر والفخر والخيلء ؛ فإن العبد المؤمن متى
ما عرف ربه عز وجل وتعبد له بأسمائه وصفاته فإن المسكنة والمحبة لله
عز وجل سوف تمل القلب ؛ وينتج عن ذلك :التواضع للحق وإيثاره ،
من هذه صفته إل محب ّا ً والتواضع للخلق ،وعدم غمهم وظلمهم ،بل ل ترى َ
للخير والحسان للناس ،ول تراه إل محقرا ً لنفسه ،منشغل ً بعيوبها عن عيوب
الناس ؛ لنه يشهد حكمة الله عز وجل في ابتلئه لعبده بالخير والشر .ولن
أسباب الكبر والتعالي على الناس ل تخرج عن كونها اغترارا ً بنعمة دينية أو
دنيوية ،وأنه إذا أيقن العبد المؤمن أن هذه النعم إنما أعطاها الله لعبده
ليبلوه أيشكر أم يكفر ؛ فإن الخوف على النفس من هذا البتلء سيشغله عن
التعالي على الناس ،أو الفخر عليهم ،وكيف يكون ذلك وهول يدري أين
يكمن الخير أو الشر ؟ ! ولعل هذه النعمة التي يفتخر بها فتنة له ومتاع إلى
حين ،أو أن الذي يفخر عليه ممن هو دونه يكون في خير ورحمة مفتوحة من
الله عز وجل عليه ،والناس يحسبون أنه في ضيق وشر ! .
-5محاسبة النفوس والنتباه إلى خطر المعاصي وشؤمها على الفرد
والمجتمع :
إن من ثمار هذه السنة الكريمة أن ينتبه العبد المؤمن إلى نفسه ويحاسبها
على تفريطها وذنوبها وهذا بعض الخير الذي يجعله الله فيما يراه الناس شّرا ً
ومصيبة ؛ حيث إن المصائب والشرور المقدرة على العبد المؤمن غالبا ً ما
تكون تكفيرا ً للذنوب ،سوإيقاظا ً له من الغفلة ،ومجال ً لتطهير النفس من
أدران المعاصي والسيئات .ومتى ما حصلت هذه الثمرة العظيمة في القلب
فإن المصيبة والنقمة تصبح في حقيقة المر خيرا ً ونعمة لصاحبها ؛ وصدق
م (( .خي ٌْر ل ّك ُ ْ
ل هُوَ َ شرا ً ل ّ ُ
كم ب َ ْ سُبوه ُ َ
ح َ
الله العظيم )) :ل ت َ ْ
)(4 /
أما إذا حصل العكس من ذلك والعياذ بالله وذلك بأن كانت المصيبة سببا ً في
مزيد من الغفلة أو التسخط على أقدار الله تعالى ؛ فإن المصيبة والحالة
هذه ل تعتبر خيرا ً لمن وقعت عليه ،لكنها قد تكون خيرا ً لغيره عندما يحصل
التعاظ والعبرة بحال من وقعت له المصيبة .
-6التعرف على سنن الله )عز وجل( في التغيير ،والسير على هداها :
إن إدراك معاني أسماء الله عز وجل وآثارها ومقتضياتها يفتح في قلب
المؤمن منافذ عديدة على سننه عز وجل التي ل تتبدل ول تتحول ،وبخاصة
18
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
إدراك آثار حكمة الله )عز وجل( ورحمته ولطفه وإحسانه ،ولقد مّر بنا كيف
م (( يطبع في خي ٌْر ل ّك ُ ْ
ل هُوَ َ كم ب َ ْ شرا ً ل ّ ُ سُبوه ُ َ ح َ أن فقه قوله تعالى )) :ل ت َ ْ
القلب شعورا ً برحمة الله عز وجل وخيره وبره ،وأن كل ما يقضيه عز وجل
هو عين الخير والمصلحة والحكمة ،وهذا الشعور يؤدي بدوره إلى فتح القلب
والفكر على سنن الله عز وجل التي تنبثق من هذه المعرفة ،وعندما تحصل
هذه المعرفة لسنن الله عز وجل في التغيير :فإن الفكر البشري ينضبط
ويستقيم ول تتقاذفه الثقافات المادية ذات اليمين وذات الشمال ،وبذلك
يسلم من التفسيرات المادية للحداث ،والتي تربط كل المتغيرات بأسباب
مادية بحتة ؛ كتلك التي تربط النصر والهزيمة بأسباب مادية ،أو تلك التي
تفسر العقوبات الربانية كالزلزل والعاصير بكونها ظواهر
فلكية بحتة ،متجاهلين قدر الله وحكمته .
كما أن هذه المعرفة تثمر أيضا ً :معرفة الموازين المنضبطة الثابتة التي
حقّ لها أن تكون بهذه المثابة ؛ لنها من توزن بها المور والحوال والشياء ،و ُ
عند الله عز وجل الحكيم ،العليم ،الرحيم ،الودود ،الذي يعلم ما كان وما
سيكون ،والذي له الكمال المطلق ،وهو الغني الحميد .وهو سبحانه يقول
ص على عبيده رحمة منه وفضل ً جانبا ً من أسرار سنته وقدره الحق ،ويق ّ
ليأخذ الناس حذرهم وليعتبروا ويتعظوا ،وليدركوا الرحمة والخير والحكمة
الكامنة وراء هذه السنن الربانية والموازين اللهية ،والتي بدورها تؤدي إلى
معرفة المنهج الصحيح للتغيير ،كما تؤدي إلى المنهج الصحيح لتقويم المور
ووزنها بالميزان الحق .
ولقد مر بنا في الثمرات السابقة بعض السنن الربانية التي يهتدي إليها القلب
العامر بمعرفة الله عز وجل وتوحيده ،ولكن نخص هنا بعض السنن بشيء
من التفصيل ،وذلك فيما يلي :
أ -العاقبة للمتقين :إن وعد الله عز وجل ل يتخلف ،وكلمته ل تتبدل ،
م َ
م لهُ ُ ن * إن ّهُ ْ
سِلي َمْر َ ت ك َل ِ َ
مت َُنا ل ِعَِبادَِنا ال ُ ق ْ سب َ َقد ْ َولقد قال وقوله الحق )) :وَل َ َ
ن (( ]الصافات [173 -171 :هذا وعد م الَغال ُِبو َ جند ََنا ل َهُ ُ
ن ُن * َوإ ّ صوُرو َ من ُ ال َ
الله سبحانه ،ولو تأخر وأبطأ على عباده فإن من وراء ذلك التأخير حكمة
وخير .
َ
ب -ويتعلق بهذه السنة سنة أخرى في معناها ،وهي قوله تعالى )) :وَلن
سِبيل ً (( ]النساء . [141 : ن َ مؤ ْ ِ
مِني َ ن عََلى ال ُ ري َ ه ل ِل ْ َ
كافِ ِ ل الل ّ ُ جعَ َيَ ْ
يقول ابن القيم رحمه الله تعالى في معنى الية ) :قيل :بالحجة والبرهان،
فإن حجتهم داحضة عند ربهم ،وقيل :هذا في الخرة وأما في الدنيا فقد
يتسلطون عليهم بالضرر لهم والذى ،وقيل :ل يجعل لهم عليهم سبيل ً
مستقرة ،بل وإن نصروا عليهم في وقت فإن الدائرة تكون عليهم ،ويستقر
النصر لتباع الرسول .
وقيل :بل الية على ظاهرها وعمومها ،ل إشكال فيها بحمد الله؛ فإن الله
سبحانه ضمن أن ل يجعل للكافرين على المؤمنين سبيل ً ،فحيث كانت لهم
ل ما عليهم فهم الذين جعلوها بتسببهم ترك بعض ما أقروا به ،أو ارتكاب سبي ٌ
بعض ما ُنهوا عنه؛ فهم جعلوا لهم السبيل عليهم بخروجهم عن طاعة الله
ورسوله فيما أوجب تسلط عدوهم عليهم في هذه الثغرة التي أدخلوها ،كما
أخلى الصحابة يوم ُأحد الثغرة التي أمرهم رسول الله بلزومها وحفظها ؛
فوجد العدو منها طريقا ً إليهم ،فدخلوا منها( ]. [2
والحاصل مما سبق :أن معرفة السنة السابقة ل تفهم حق الفهم إل بمعرفة
الله عز وجل وتوحيده ؛ فإنه سبحانه ل يريد بعباده إل الخير والرحمة ،ولو
19
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(5 /
تكا ٍ حَنا عَل َي ِْهم ب ََر َ فت َ ْوا ل َ َق ْمُنوا َوات ّ َ قَرى آ َ ل ال ُ ن أ َهْ َ َ
ومثلها قوله تعالى )) :وَل َوْ أ ّ
َ َ
ن (( ]العراف : سُبو َ كاُنوا ي َك ْ ِ ما َ هم ب ِ َ كن ك َذ ُّبوا فَأ َ
خذ َْنا ُ ض وَل َ ِماِء َوالْر ِ س َ
ن ال ّ م َ ّ
ً
. [96واليات في هذا المعنى كثيرة جد ّا .
َ ُ َ
ما
م إن ّ َسهِ ْ ف ِ خي ٌْر لن ُ م َ مِلي لهُ ْ ما ن ُ ْ
فُروا أن ّ َ ن كَ َ ذي َ ن ال َ ِسب َ ّ ح َ د -قوله تعالى َ )) :ول ي َ ْ
ن (( ]آل عمران . [178 : مِهي ٌ ب ّ م عَذا ٌَ م ل ِي َْزَداُدوا إْثما ً وَلهُ ْ
َ مِلي ل َهُ ْ نُ ْ
هذه الية ترسم ميزانا ً قويما ً ثابتا ً في أن إغداق النعم على العبد ليس علمة
على كرامة الله له ومحبته إياه ،ول يدل على أنه في خير وسعادة ،بل
الغالب أن وراء الملء والنعم شّرا ً وعذابا ً ،وفي هذا الميزان توجيه للناس
إلى حقيقة البتلء بالخير والشر ،وأل تكون موازينهم في السعادة والتعاسة
هي النظر إلى كثرة النعم أو قلتها ؛ فكم كان الرخاء سببا ً للعذاب دنيا ً وأخرى
،وكم من أناس صالحين حرموا في هذه الدنيا من نعمة المال والولد ،
ولكنهم في خير وسعادة دنيا ً وأخرى .وهذه المعاني العظيمة ل يمكن إدراكها
كم (( شرا ً ل ّ ُ سُبوه ُ َ ح َ إل في ضوء التوحيد وأنواره ،وصدق الله العظيم )) :ل ت َ ْ
جب ْكَ واليات في هذا المعنى كثيرة جد ّا ً ،أذكر منها قوله تعالى َ )) :فل ت ُعْ ِ
َ َ
ق
حَياةِ الد ّن َْيا وَت َْزهَ َ ه ل ِي ُعَذ ّب َُهم ب َِها ِفي ال َ ريد ُ الل ّ ُ ما ي ُ ِ م إن ّ َم َول أْولد ُهُ ْ وال ُهُ ْم َ أ ْ
ن (( ]التوبة . [55 : كافُِرو َ م َ م وَهُ ْ سهُ ْ ف ُ َأن ُ
-7التؤدة والناة وعدم الستعجال :
كم ب َلْ شرا ً ل ّ ُ سُبوه ُ َ ح َ وهذه هي الثمرة السابعة من ثمار قوله تعالى )) :ل ت َ ْ
م (( فإذا كان العبد ل يعلم أين يكون الخير والشر فيما يقضيه الله خي ٌْر ل ّك ُ ْ هُوَ َ
سبحانه إل في ضوء ما أعلمه الله عز وجل عباده من السنن والثواب ،فإنه
والحالة هذه ل ينبغي له أن يتعجل المور أو يحلل المواقف والحداث قبل
دراستها والبحث في جوانبها ،متجردا ً في ذلك لله عز وجل ،مهتديا ً بالموازين
والسنن الثابتة التي ذكرها الله سبحانه في كتابه ،وعلى لسان رسوله ،وإذا
وُّفق العبد إلى هذا الفضل :فإنه في الغالب يصدر عن الحق ،وينطق بالحق،
وتنشأ عنده صفتا الحلم والناة اللتان يحبهما الله عز وجل ..وكم رأينا من
أناس تعجلوا أمورهم قبل أوانها فكانت نتيجتها وبال ً وشّرا ً ،وكم سئم أناس
من نعمة أنعم الله بها عليهم فتقاّلوها ومّلوها وأرادوا غيرها ،فلما جاءهم ما
م. أرادوه وتعجلوه أصابهم منه ضرٌر ونكد ٌ وند ٌ
ومن صور الستعجال التي يمكن معالجتها بهذه السنة :ما نراه من تعجل
بعض الطيبين من الغيورين على هذا الدين في قطف ثمرة جهدهم ،
وتعريض أنفسهم للبتلء ،وتمنيهم لمواجهة العداء ...وينسون أو يغفلون
20
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
عن قوله )) :ل تمنوا لقاء العدو ،وإذا لقيتموهم فاصبروا (( ]. [3
لن المرء ل يدري ما تؤول إليه الحال عند مواجهة العدو ،ومشاهدة
الهوال .وقد يتمنى العبد حالة معينة ويستعجلها بتصرفه الجاهل بعواقب
المور ،ولكن الله عز وجل برحمته يحول بينه وبين هذا المر لما يعلمه
سبحانه من الشر والفتنة على عبده من هذا المر؛ فكم من أناس استعجلوا
البلء قبل أوانه ،فلما أصبحوا تحت وطأته :ضعفوا وانتكسوا والعياذ بالله
فحريّ بالمسلم أن يسأل ربه الدللة على ما فيه الخير والصلح ،وعلى ما
فيه مرضاته عز وجل ورحمته .
مما سبق يتبين لنا فضل التؤدة والناة ،وأنها من ثمرة العلم بالله عز وجل
وتوحيده وأسمائه وصفاته ،وأنه عز وجل يقدر الوقت المناسب لنصر أوليائه
بعد أن يكونوا قد أخذوا بأسباب النصر وأعدوا عدته ،وأنه سبحانه هو العليم
الحكيم والبر الرحيم بعباده ،فل يؤخر عنهم شيئًا ،ول يقضي عليهم أمرا ً إل
وفيه الخير والرحمة ،ولكن العبد القاصر والجاهل بعواقب المور يستعجل
أمر ربه الرحيم .
م ُ ُ
سأِريك ْ ل َ ج ٍن عَ َ
م ْ
ن ِ
سا ُ
خل ِقَ الن َ
وصدق الله العظيم في وصفه للنسان ُ )) :
نمن م ّ ن (( ]النبياء [37 :فطبيعته العجل والتسرع ،إل َ جُلو ِ آَياِتي َفل ت َ ْ
ست َعْ ِ
الله عليه بتوحيده ومحبته والتسليم له ،مع فعله للسباب الممكنة ،فإنه
يسلم من الفكار المتعبة ،والندفاعات المتهورة ،لنه يفقه قوله تعالى :
كم (( وصدق الرسول )) :التؤدة في كل شيء إل في شرا ً ل ّ ُ سُبوه ُ َ ح َ))ل ت َ ْ
عمل الخرة (( ]. [4
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (1تفسير السعدي :ج ، 5ص . 279
) (2بدائع التفسير :ج ، 2ص . 85
) (3متفق عليه :رواه البخاري في الجهاد ،باب ) ، (156ج ، 6ص 181
ومسلم في الجهاد ،باب :كراهة تمني لقاء العدو ،م ، 3ص . 1362
) (4رواه :أبو داود في الدب ،باب :في الرفق ،ج ، 5ص 157وهو في
السلسلة الصحيحة لللباني ،رقم ). (1794
)(6 /
في هذا المبحث سأتعرض إن شاء الله تعالى لبعض المواقف من السيرة
المطهرة وغيرها ،والتي ظهرت فيها حكمة الله عز وجل ورحمته ،وأن ما
اختاره الله عز وجل لعباده خير مما اختاروه لنفسهم .
من السيرة المطهرة :
الموقف الول :غزوة بدر الكبرى :
ً
وهي أشهر من أن تذكر ؛ فلقد كانت فرقانا بين الحق والباطل ،ولكن المراد
من الستشهاد بها هنا :هو ما ظهر في هذه الغزوة العظيمة من الفرق بين ما
أراده المسلمون قبل الغزوة ،وكراهيتهم للقاء عدوهم ،ورغبتهم في أن
تكون في العير ،وبين ما اختاره الله لهم من أن تكون في النفير وفي ذات
فتي َ
ن أن َّها ل َك ُ ْ
م ّ
دى الطائ ِ َ َ ْ ِ ح َهإ ْ م الل ّ ُ الشوكة ؛ يقول الله عز وجل َ)) :وإذ ْ ي َعِد ُك ُ ُ
َ وتودو َ
ه حقّ ب ِك َل ِ َ
مات ِ ِ حقّ ال َ ه أن ي ُ ِ ريد ُ الل ّ ُ م وَي ُ ِن ل َك ُ ْ كو ُشوْك َةِ ت َ ُ ت ال ّن غَي َْر َذا ِ
نأ ّ ََ َ ّ َ
مون (( جرِ ُم ْ َ
ل وَلوْ كرِهَ ال ُ َ ل الَباط ِ َ حقّ وَي ُب ْط ِ َ حقّ ال َ ن * ل ِي ُ ِري َقط َعَ َداب َِر الكافِ ِ
َ وَي َ ْ
]النفال . [8 ، 7 :
فأين الخير الذي علمه الله عز وجل وغاب عن المسلمين آنذاك فأرادوا غيره
21
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(7 /
22
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
23
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(8 /
وفي هذا المبحث أود التنبيه على قضية ُيخشى أن تنشأ من خلل الحديث
عن الرضا بقدر الله عز وجل وتفويض المور إليه ؛ أل وهي النحراف بهذا
المر إلى المفهوم الخاطئ لمسألة الرضا والتسليم لقضاء الله عز وجل،
والذي قد يؤدي إلى التواكل ،والعجز ،والرضا بالفساد ،والذلة ،والمهانة ،
وترك الخذ بالسباب والدعوة والجهاد ؛ فنكون قد عالجنا مرضا ً وانفتح علينا
مرض آخر .من أجل ذلك سأخص هذا المبحث بالحديث عن هذه القضية ،
وذلك احتراسا ً من الفهم الخاطئ الذي قد ينشأ لو لم يحصل هذا التنبيه ،
فأقول وبالله التوفيق :
إن من القواعد المهمة لمطالعة حوادث الزمان :الفهم الصحيح لعقيدة
القضاء والقدر ،والفهم الصحيح لمقتضى أسماء الله عز وجل الحسنى
وصفاته العل ،والتوازن في هذا الفهم بين الغلو والجفاء ،وهذا والحمد لله هو
سمة معتقد أهل السنة والجماعة في جميع أبواب العقيدة ،ومن ذلك :
عقيدة القضاء والقدر ،وتوحيد السماء والصفات .ولقد انحرف عن هذه
القواعد طرفان من الناس :فمنهم من أنكر الستدلل بالقضاء والقدر على
حوادث الزمان ،وتنقص المؤمنين به ،ومنهم من فهم القضاء والقدر على
مذل ،وكل الموقفين منحرف ومجانب للصواب ؛ أنه تواكل وخمول وخنوع ُ
فاليمان بقضاء الله عز وجل وبعلمه وتقديره للمور قبل وقوعها ،ثم مشيئته
،وخلقه لها ،وأن له الحكمة البالغة في كل ما يقضيه ويقدره ،وأن من وراء
ذلك رحمته ،وإرادة الخير واليسر لعباده ..كل ذلك مما يجب اليمان به في
باب القضاء والقدر ،كما أنه مقتضى اليمان بأسمائه سبحانه وصفاته ،ولكن
هذا اليمان بهذه القواعد والحقائق ل يعني ترك السباب ،والرضا بالذلة
والهوان وانتشار الفساد ،كل ،بل إن الفهم الصحيح للقضاء والقدر يكمن
في التوازن بين الستسلم المطلق لقدر الله ،والعمل بكل ما في الوسع
والوقوف المطمئن عند حد الستطاعة ؛ وهذا يعني فعل السباب التي
24
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
سخرها الله سبحانه ،ومدافعة أقدار الله عز وجل بأقداره ،ما دام أن هناك
ت
سد َ ِف َ ض لّ َضُهم ب ِب َعْ ٍ ول د َفْعُ الل ّهِ الّنا َ
س ب َعْ َ إمكانا ً للمدافعة ؛ قال تعالى )) :وَل َ ْ
ل عََلى الَعال َ ِ َ
ن (( ]البقرة [251 :فإذا لم ُتجدِ مي َ ض ٍ ن الل ّ َ
ه ُذو فَ ْ ض وَل َك ِ ّ
الْر ُ
المدافعة ،أو لم يكن ذلك في المكان :فالواجب :الصبر والستسلم لقضاء
الله عز وجل ،واليقين بأن من وراء ذلك خيرا ً ومصلحة ورحمة ،يجب أن
يتجه الجهد إلى التماسها ،وتسخيرها في مزيد من الخير والصلح ،وتغيير
الحوال ،ومحاسبة النفوس ،وإزالة أسباب المصيبة ،وبذل الجهد في
م (( سهِ ْ ما ب َِأن ُ
ف ِ حّتى ي ُغَي ُّروا َ
قوْم ٍ َ
ما ب ِ َه ل ي ُغَي ُّر َن الل ّ َدفعها ؛ قال تعالى )) :إ ّ
]الرعد . [11 :
ويوضح هذا المعنى المام ابن القيم رحمه الله تعالى فيقول :ودفع القدر
بالقدر نوعان :
ما يقع بأسباب أخرى من أحدهما :دفع القدر الذي قد انعقدت أسبابه ول ّ
القدر تقابله ،فيمتنع وقوعه ،كدفع العدو بقتاله ،ودفع الحر والبرد ونحوه .
الثاني :دفع القدر الذي قد وقع واستقر بقدر آخر يرفعه ويزيله ،كدفع قدر
المرض بقدر التداوي ،ودفع قدر الذنب بقدر التوبة ،ودفع قدر الساءة بقدر
الحسان ،فهذا شأن العارفين وشأن القدار ،ل الستسلم لها ،وترك
غلب العبد ، الحركة والحيلة ؛ فإنه عجز ،والله تعالى يلوم على العجز .فإذا ُ
وضاقت به الحيل ،ولم يبق مجال ؛ فهنالك الستسلم للقدر ،والنطراح
كالميت بين يدي الغاسل ،يقلبه كيف يشاء ]. [5
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال
ل خير . )) :المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ،وفي ك ّ
احرص على ما ينفعك ،واستعن بالله ول تعجز ،وإن أصابك شيء فل تقل لو
أني فعلت كان كذا وكذا ...الحديث(( ]، [6
ويشرح المام النووي الحديث ،فيقول ) :والمراد بالقوة هنا عزيمة النفس
والقريحة في أمور الخرة ،فيكون صاحب هذا الوصف أكثر إقداما ً على
العدو في الجهاد ،وأسرع خروجا ً إليه ،وذهابا ً في طلبه ،وأشد عزيمة في
المر بالمعروف والنهي عن المنكر ،والصبر على الذى في كل ذلك،
واحتمال المشاق في ذات الله تعالى ،وأرغب في الصلة ،والصوم ،والذكار،
وسائر العبادات ،وأنشط طلبا ً لها ،ومحافظة عليها ونحو ذلك ..وقوله صلى
الله عليه وسلم ) :احرص على ما ينفعك ،واستعن بالله ول تعجز ( معناه :
احرص على طاعة الله تعالى ،والرغبة فيما عنده ،واطلب العانة من الله
تعالى على ذلك ،ول تعجز ول تكسل عن طلب الطاعة ،ول عن طلب
العانة ( ].[7
)(9 /
ويتحدث المام ابن القيم رحمه الله تعالى عن الفرق بين العجز والتوكل ،
فيقول ) :والفرق بين التوكل والعجز :أن التوكل عمل القلب وعبوديته
:اعتمادا ً على الله ،وثقة به ،والتجاًء إليه ،وتفويضا ً إليه ،ورضا ً بما يقضيه له؛
لعلمه بكفايته سبحانه ،وحسن اختياره لعبده إذا فوض إليه مع قيامه
بالسباب المأمور بها ،واجتهاده في تحصيلها ؛ فقد كان رسول الله أعظم
مَته ودرعه ،بل ظاهر يوم أحد بين درعين ، َ
المتوكلين ،وكان يلبس ل َ
واختفى في الغار ثلثا ً ؛ فكان متوكل ً في السبب ل على السبب .
وأما العجز :فهو تعطيل المرين أو أحدهما :فإما أن يعطل السبب عجزا ً
25
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
منه ،ويزعم أن ذلك توكل ! ولعمر الله إنه لعجز وتفريط ،وإما أن يقوم
بالسبب ناظرا ً إليه ،معتمدا ً عليه ،غافل ً عن المسّبب ،معرضا ً عنه ،وإن خطر
بباله لم يثبت معه ذلك الخاطر ،ولم يعلق قلبه به تعلقا ً تامًا ،بحيث يكون
قلبه مع الله ،وبدنه مع السبب .فهذا توكله عجز ،وعجزه توكل( ]. [8
ويقول الدكتور علي العلياني وفقه الله تعالى في حديثه عن أهل التصوف
وانحرافهم في موضوع الجهاد في سبيل الله :إن من صفاتهم ) :الرضا بما
يقع عليهم من مصائب وذنوب ،فل يحاولون دفعها عن أنفسهم ،زعما ً منهم
أن دفعها ينافي الرضا بالقدر ،فلو وطئ الكفار رقابهم يرضون ويسلمون ؛
لن الله أراد ذلك ! ..ويذكر الستاذ محمود مهدي قصة ملخصها :أن
الفرنسيين إبان استعمارهم لتونس كانوا يجدون معارضة شديدة من الناس ؛
فتفاهم الفرنسيون مع شيخ الصوفية على أن يدخلوا البلد ؛ فلما أصبح
الصباح قعد الشيخ مطرقا ً رأسه وهو يقول :ل حول ول قوة إل بالله ،فلما
سأله أتباعه عن المر الذي يقلقه قال لهم :لقد رأيت الخضر وسيدي أبا
العباس الشاذلي وهما قابضان بحصان جنرال فرنسا ثم أوكل الجنرال أمر
تونس ،يا جماعة هذا أمر الله ،فما العمل ؟ فقالوا له :إذا كان سيدي أبو
العباس راضيا ً ،ونحن نحارب في سبيله ،فل داعي للحرب ! ثم دخل الجيش
الفرنسي تونس بدون مقاومة( إلى أن يقول ) :إن عقيدة الصوفية المنحرفة
في التوكل والرضا بالقدر :جعلت نفوسهم راضية مطمئنة ولو وطئ الكفار
على رقابهم ؛ فإن التوكل عندهم عدم ممارسة السباب ،والرضا معناه أن
ترضى بما يحصل لك ولو هو استيلء الكفار على بلد المسلمين ،وسبي
ذراريهم .وإن أبديت مقاومة فأنت معارض للقدر ! وغير متوكل على الله !
مة َ
فالذي يسافر في البراري الخالية بغير زاد ،هل يتصور منه أن يلبس ل َ
الحرب ودروع القتال ؟ وليته إذ لم يفعل ذلك غمس نفسه في القتال حاسرا ً
! ! ..ولكن ما له ولفرقعة السلح ،ولخرير الدماء ؛ وحلق الرقص وطقطقة
المسابح كفيلة بإنزاله منزلة الصديقين على زعمه ،فأي انحراف هذا الذي
أصاب المة السلمية ،وأي فرحة للكفار تحصل لهم أشد من فرحتهم بهذا (
]. [9
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (1في ظلل القرآن ،م ، 3ص . 1481
) (2زاد المعاد ،ج ، 3ص 222-218باختصار .
) (3العقود الدرية ،ص . 329
) (4مجموع فتاوى ابن تيمية ،ج ، 28ص . 57
) (5مدارج السالكين ،ج ، 1ص . 20
) (6رواه مسلم :كتاب القدر ،ح . 2664
) (7شرح صحيح مسلم للنووي ،ج ، 16ص . 215
) (8الروح ،ص . 344
) (9أهمية الجهاد في نشر الدعوة السلمية ،باختصار ،ص . 288
)(10 /
26
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
سبحانه وأشكره ،وأتوب إليه وأستغفره ،وأشهد أل إله إل الله وحده ل شريك
له ،وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا ً عبده ورسوله ،ذو الدب الجم ،والخلق
الرفيع ،صلى الله وسلم وبارك عليه ،وعلى آله وصحبه والتابعين ،ومن تبعهم
بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
عباد الله ،لقد جعل الله البيوت سكنا ً يأوي إليها أهلها ،تطمئن فيها نفوسهم،
ويأمنون على حرماتهم ،يستترون بها مما يؤذي العراض والنفوس ،يتخففون
فيها من أعباء الحرص والحذر.
وإن ذلك ل يتحقق على وجهه إل حين تكون محترمة في حرمتها ،ل يستباح
حماها إل بإذن أهلها .في الوقات التي يريدون ،وعلى الحوال التي يشتهون:
موا ْ عََلى ْ َ
سل ّ ُسوا ْ وَت ُ َ ست َأن ِ ُ حّتى ت َ ْ م َ خُلوا ْ ب ُُيوتا ً غَي َْر ب ُُيوت ِك ُ ْ مُنوا ْ ل َ ت َد ْ ُ ن ءا َذي َ يأي َّها ال ّ ِ
خُلو َحدا ً فَل َ ت َد ْ ُ َ َ
حّتى ها َ دوا ْ ِفيَها أ َ ج ُ م تَ ِن فَِإن ل ّ ْ م ت َذ َك ُّرو َ م ل َعَل ّك ُ ْ خي ٌْر ل ّك ُ ْ أهْل َِها ذال ِك ُ ْ
م َ
من عَِلي ٌمُلو َ ما ت َعْ َ م َوالل ّ ُ
ه بِ َ كى ل َك ُ ْ جُعوا ْ هُوَ أ َْز َ جُعوا ْ َفاْر ِ م اْر ِ ل ل َك ُ ْ م وَِإن ِقي َ ن ل َك ُ ُي ُؤْذ َ َ
]النور.[28-27:
إن اقتحام البيوت من غير استئذان؛ هتك لتلك الحرمات ،وتطلع على
العورات ،وقد يفضي إلى ما يثير الفتن ،أو يهيئ الفرص لغوايات تنشأ من
نظرات عابرة ..تتبعها نظرات مريبة ..تنقلب إلى علقات آثمة ،واستطالت
محرمة.
وفي الستئذان وآدابه ما يدفع هاجس الريبة ،والمقاصد السيئة.
أيها الخوة المؤمنون ،إن كل امرئ في بيته قد يكون على حالة خاصة ،أو
أحاديث سرية ،أو شؤون بيتية ،فيفجؤه داخل من غير إذن قريبا ً كان أو غريباً،
وصاحب البيت مستغرق في حديثه ،أو مطرق في تفكيره ،فيزعجه هذا أو
يخجله ،فينكسر نظره حياًء ،ويتغيظ سخطا ً وتبرمًا.
صر في أدب الستئذان بعض الجلف ممن ل يهمه إل قضاء حاجته، ولقد يق ّ
ً ً
جل مراده ،بينما يكون دخوله محرجا للمزور مثقل عليه. وتع ّ
وما كانت آداب الستئذان وأحكامه إل من أجل أل يفّرط الناس فيه أو في
بعضه ،معتمدين على اختلف مراتبهم في الحتشام والنفة ،أو معولين على
أوهامهم في عدم المؤاخذة ،أو رفع الكلفة.
سوا ]النور.[27: ْ ْ
ست َأن ِ ُحّتى ت َ ْ تأملوا أيها المؤمنون قوله سبحانهَ :
إنه استئذان في استئناس ،يعبر عن اللطف الذي يجب أن يكون عليه الزائر
أو الطارق مراعاةً لحوال النفوس وتهيؤاتها ،وإدراكا ً لظروف الساكنين في
بيوتاتهم وعوراتهم.
لنس والستئناس إل بانتفاء الوحشة والكراهية؟! وهل يكون ا ُ
ب رفيع يتحلى به الراغب في الدخول لكي يطلب إذنا ً ل يكون معه أد ٌ
استيحاش من رب المنزل ،بل بشاشة وحسن استقبال.
ينبغي أن يكون الزائر والمزور متوافقين مستأنسين ،فذلك عون على تأكيد
روابط الخوة السلمية.
ولقد بسطت السنة المطهرة هذا الدب العالي ،وازدان بسيرة السلف
الصالح تطبيقا ً وتبيينًا.
فكان نبيكم محمد إذا أتى باب قوم لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه ،ولكن
من ركنه اليمن ،أو اليسر ،ويقول } :السلم عليكم ،السلم عليكم { ]رواه
البخاري وأبوداود وصححه اللباني[.
ووقف سعد بن عبادة مقابل الباب فأمره النبي أن يتباعد .وقال له } :وهل
الستئذان إل من أجل النظر؟! { ]رواه الطبراني[.
27
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
وفي الصحيحين من حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه } :اطلع
جر النبي ومع النبي مدرى ـ أي :مشط ـ يحك به رأسه، ح َرجل من جحرٍ في ُ
فقال النبي :لو أعلم أنك تنظر؛ لطعنت به في عينك ،إنما جعل الستئذان من
أجل البصر { ]متفق عليه[.
ُ
والمستأذن ـ أيها الخوة ـ يستأذن ثلث مرات فإن أذن له وإل رجع .وقد قيل:
إن أهل البيت بالولى يستنصتون ،وبالثانية يستصلحون ،وبالثالثة يأذنون أو
سمع صوته وإل زاد حتى ث إذا ُ يرّدون ،لكن قال أهل العلم :ل يزيد على ثل ٍ
سمع. يعلم أو يظن أنه ُ
ويقول في استئذانه :السلم عليكم ،أأدخل؟ .فقد استأذن رجل على النبي
وهو في بيته } فقال :أألج؟ فقال النبي لخادمه :اخرج إلى هذا! فعّلمه
ل :السلم عليكم ،أأدخل؟ فسمعه الرجل ،فقال :السلم الستئذان فقل له :ق ْ
عليكم ،أأدخل؟ فأذن له النبي ،فدخل { ]رواه أحمد وأبو داود[.
وله أن يستأذن بنداٍء أو قرع أو نحنحة أو نحو ذلك.
تقول زينب امرأة عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما) :كان عبد الله إذا
وت(.دخل تنحنح وص ّ
ويقول المام أحمد) :يستحب أن يحرك نعله في استئذانه عند دخوله حتى
ة :إذا دخل يتنحنح(.إلى بيته؛ لئل يدخل بغتة .وقال مر ً
ومن الدب أن الطارق إذا سئل عن اسمه فليبينه ،وليذكر ما ُيعرف به .ول
س .يقول جابر رضي الله عنه } :أتيت إلى النبي ض أو لب ٌ يجيب بما فيه غمو ٌ
في دين كان على أبي ،فدققت الباب ،فقال :من ذا؟ ،فقلت :أنا ،فقال النبي:
أنا أنا !!! ،كأنه كرهها { ]رواه البخاري ومسلم[.
)(1 /
وإذا قرع الباب فليكن برفق ولين من غير إزعاج أو إيذاء ول ازدياد في
الصرار ،ول يفتح الباب بنفسه ،وإذا أذن له في الدخول فليتريث ،ول
يستعجل في الدخول ،ريثما يتمكن صاحب البيت من فسح الطريق وتمام
التهيؤ ،ول يرم ببصره هنا وهناك ،فما جعل الستئذان إل من أجل النظر.
والستئذان حقّ على كل داخل من قريب و بعيد من الرجل والمرأة ،ومن
العمى والبصير.
عن عطاء بن يسار } أن رسول الله سأله رجل فقال :يا رسول الله ،أستأذن
على أمي؟ فقال :نعم ،قال الرجل :إني معها في البيت؟ فقال رسول الله :
استأذن عليها .فقال الرجل :إني خادمها .فقال له رسول الله :استأذن عليها،
أتحب أن تراها عريانة؟ ،قال :ل .قال :فاستأذن عليها { ]رواه مالك بإسناد
جيد[.
ويقول أبو موسى الشعري رضي الله عنه :إذا دخل أحدكم على والدته
فليستأذن.
والعمى يستأذن كالبصير ،فلربما أدرك بسمعه ما ل يدركه البصير ببصره.
ب في أذنه ص ّ
} ومن استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون أو يفرون منهُ ،
النك يوم القيامة { ]رواه البخاري[ والنك هو الرصاص المذاب.
أيها الخوة في الله ،وهناك أدب قرآني عظيم ،ل يكاد يفقهه كثير من
َ
جُعوا ْ هُوَ أْزكى
َ جُعوا ْ َفاْر ِ ل ل َك ُ ْ
م اْر ِ ل :وَِإن ِقي َ
المسلمين .إنه قول الله عّز وج ّ
م ]النور.[28:ل َك ُ ْ
إن من حق صاحب البيت أن يقول بل غضاضة للزائر والطارق :ارجع.
28
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
فللناس أسرارهم وأعذارهم ،وهم أدرى بظروفهم ،فما كان الستئذان في
البيوت إل من أجل هذا.
وعلى المستأذن أن يرجع من غير حرج ،وحسبه أن ينال التزكية القرآنية.
قال بعض المهاجرين :لقد طلبت عمري كله هذه الية فما أدركتها .لقد
طلبت أن أستأذن على بعض إخواني ليقول لي :ارجع ،فأرجع وأنا مغتبط.
م ]النور .[28:ذكره جُعوا ْ هُوَ أ َْز َ
كى ل َك ُ ْ جُعوا ْ َفاْر ِ ل ل َك ُ ْ
م اْر ِ لقوله تعالى :وَِإن ِقي َ
الحافظ ابن كثير في تفسيره.
إن من الخير لك ولصاحبك أيها الطارق ،أن َيعتذر عن استقبالك بدل ً من
الذن على كراهية ومضض ،ولو أخذ الناس أنفسهم بهذا الدب ،وتعاملوا بهذا
الوضوح؛ لجتنبوا كثيرا ً من سوء الظن في أنفسهم وإخوانهم.
إن هذه التفاصيل الدقيقة في آداب الستئذان تؤكد فيما تؤكد حرمة البيوت،
ولزوم حفظ أهلها من حرج المفاجآت ،وضيق المباغتات ،والمحافظة على
ستر العورات .عورات كثيرة تعني كل ما ل ُيرغب الطلع عليه من أحوال
البدن ،وصنوف الطعام واللباس وسائر المتاع ،بل حتى عورات المشاعر
والحالت النفسية ،حالت الخلف السري ،حالت البكاء والغضب والتوجع
والنين .كل ذلك مما ل يرغب الطلع عليه ل من الغريب ول من القريب،
إنها دقائق يحفظها ويسترها أدب الستئذان .فهل يدرك هذا أبناء السلم؟!
اللهم فقهنا في ديننا ،وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه
وسلم.
)(2 /
29
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
أما ما عدا ذلك فل داعي للخوض في تفاصيله ،وهذا ينبغي أن يكون منهجا ً
لنا؛ من حيث ترك طلب معرفة نحوه والتعمق فيه ،فلو كان علمه مما تتوقف
عليه مصالح العباد لنبأنا به اللطيف الخبير.
وأيضا ً ينبغي أن نستفيد منه منهجا ً في الكتابة ،وبالخص من يكتب تاريخا ً أو
يكتب قصة ،فل يأتي ويسرد كل شيء؛ ما فيه فائدة وما ليست فيه فائدة،
وإنما ليركز على المواقف والقضايا المؤثرة في القضية أما ما عدا ذلك فل
داعي لتسويد الصفحات به.
ولعلك ترى واقع الكتابات المعاصرة وما في بعض الكتب بل الرسائل
الجامعية من التضخيم ولو أنها اختصرت لوصلت إلى الربع وربما أقل والباقي
كلم الحاجة إليه قليلة إن لم نقل لحاجة إليه أص ً
ل.
وقد كان من هدي محمد _صلى الله عليه وسلم_ التيان بالكلم الجوامع،
فكلمة واحدة يقولها – صلى الله عليه وسلم – تغني عن الكثير من الكلم
وتصبح منهجا ً للحياة ،يأتيه رجل كما في حديث سفيان بن عبدالله ويقول له
– يا رسول الله قل لي في السلم قول ل أسأل عنه أحدا ً بعدك وفي رواية
غيرك فيقول":قل آمنت بالله ثم استقم" اختصار جامع مانع يعرض به منهجا ً
للحياة يتضمن ركنين عظيمين عليهما مدار المر كله؛ اليمان ،ثم الستقامة
عليه ،وهل هلك من هلك إل بالزيغ أو الضلل بعد الهدى؟
ل ،ولو والشاهد أنه _صلى الله عليه وسلم_ لم يتحدث معه حديثا ً طويل ً مفص ً
عرض هذا السؤال على بعض من يعتنون بتشقيق الكلم وتفصيله لوضع فيه
المجلدات ،ثم اعتذر بأنه لم يوفي!
إخوة السلم هذا منهج آمل أن يفيد منه الباحثون والمؤلفون وأخص
المؤرخين وهو منهج القرآن أسأل الله أن يجعلني وإياكم من أهله العاملين
بهداه.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحابته ومن اتبع هداهم
بإحسان
)(1 /
ل تطلب إل الفردوس
مفكرة السلم :ما زلنا أيها الحبيب في رحلتنا المباركة في جنة رب
العالمين...
وكنا قد توقفنا عند مشهد جميل ،وأنت تتنزه مع زوجتك من الحور العين على
ضفاف النهار التي أجراها الله تحت قصورك بين أشجارك وثمارك ،ثم ينتهي
بك المطاف إلى قصر آخر.
ضا.
تقول لك زوجتك :إنه لك أي ً
ثم خيمة من لؤلؤة مجوفة.
ضا ،وهذا القصر وهذا البيت ،فتتعجب ،ثم يدورفتقول لك زوجتك :وهذه لك أي ً
تساؤل في ذهنك' :هل كل أهل الجنة لهم نفس هذه الشياء أم أنهم درجات
ويتفاوتون في العطايا من رب العالمين؟؟'
والجابة على هذا السؤال سهلة وبسيطة ،لن النبي صلى الله عليه وسلم
أخبرنا بذلك ،فقال صلى الله عليه وسلم ]] :إن في الجنة مائة درجة ما بين
كل درجتين مائة عام [[ .صححه اللباني في صحيح الجامع.
وفي حديث آخر أنه يقال يوم القيامة لقارئ القرآن ]] :اقرأ وارتق ورتل كما
كنت ترتل في الدنيا ،فإن منزلك عند آخر آية تقرؤها [[ .صححه اللباني في
30
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
السلسلة الصحيحة.
فالجنة بها درجات كثيرة........
المهم ،لن أصف لك أهل كل درجة ،وما أعده الله لهم من العطايا ،ولكن
يكفيك أن تعرف ما يأخذه أدنى أهل الجنة حتى تعرف باقي الدرجات.
قال صلى الله عليه وسلم ]] :سأل موسى ربه :ما أدنى أهل الجنة منزلة؟
قال :هو رجل يجيء بعدما أدخل أهل الجنة الجنة ،فيقال له :ادخل الجنة،
فيقول :أي رب؟ وكيف؟ وقد نزل الناس منازلهم ,وأخذوا أخذاتهم؟ فيقال
ملك من ملوك الدنيا؟ فيقول :رضيت رب, ملك َ
له :أترضى أن يكون لك مثل ُ
فيقول :لك ذلك ومثله ,ومثله ،ومثله ،ومثله ,فقال في الخامسة :رضيت رب،
فيقول :لك هذا و عشرة أمثاله ،ولك ما اشتهت نفسك ،ولذت عينك ،فيقول:
رضيت رب [[.
هل تخيلت أيها الحبيب؟؟!!
هذا هو أدناهم ،فما بالنا بأعلى أهلها منزلة؟
دار هذا السؤال في رأس موسى عليه السلم؛ فسأله الله عز وجل؛ فأخبره
ربه ]] قال-أي موسى عليه السلم :-رب فأعلهم منزلة؟ قال :أولئك الذين
أردت ,غرست كرامتهم بيدي وختمت عليها ,فلم تر عين ,ولم تسمع أذن,
ولم يخطر على قلب بشر [[ .رواه مسلم.
ومصداقه في كتاب الله عز وجل [:فل تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة
أعين]
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن درجات أهل الجنة ,وعن أهل
الغرف ،وأهل الفردوس العلى.
فقال ]] إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم كما يتراءون الكوكب
الدري؛ لتفاضل ما بينهم ،قالوا :يا رسول الله ،تلك منازل النبياء ل يبلغها
غيرهم؟ قال :بلى والذي نفسي بيده ،رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين [[.
رواه البخاري والمسلم.
الله أكبر .....
بشارة عظيمة من الله عز وجل للمسلمين بأن الفردوس ليس حكًرا على
النبياء والمرسلين والصحابة ،ولكن يمكن لكل مؤمن أن يدخلها إذا طبق
هذين الشرطين؛ اليمان بالله والتصديق بالرسل ،ولكن ليس أي إيمان ول
إي تصديق.
أخي الحبيب:
على قدر الهموم تكون الهمم.
سؤال نسأله لنفسنا في هذه اللحظة.
إذا كنت تستطيع أن تنال الفردوس العلى وترافق النبي صلى الله عليه
وسلم وصحابته طوال اليوم ،وتكون بجوار عرش الرحمن ،إذا كنت تستطيع
ذلك؛ فلماذا ترضى بأقل منه؟
ألم تسمع كلم المام بن الجوزي رحمه الله ] :من علمة كمال العقل علو
الهمة والراضي بالدون دنيء [ .صيد الخاطر.
ومعاذ الله أن يكون قصدنا أن أقل درجات الجنة دون ،ولكن المقصود هنا
الذي يوجد ما هو أعلى منه.
وسأسوق إليك الن ميزة أخرى لكل أهل الجنة ،ولكنها تكون لهل الفردوس
صا ،فهي تحدث لهم كل يوم ،أل وهي رؤية وجه الله عز وجل، أشد تخصي ً
وتكون بعد أن يستقر أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار ،كما أخبر
النبي صلى الله عليه وسلم ،فقال ]] :إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار
31
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
دا يريد أن ينجزكموه، النار؛ نادى مناٍد ،يا أهل الجنة ،إن لكم عند الله موع ً
فيقولون :وما هو؟ ألم يثقل موازيننا ،ويبيض وجوهنا ،ويدخلنا الجنة ،وينجينا
من النار؟ فيكشف الحجاب؛ فينظرون إليه،فوالله ما أعطاهم الله شيًئا أحب
إليهم من النظر إليه ول أقر لعينهم[[ .صححه اللباني في صحيح الجامع.
وهذه هي الزيادة فى قوله تعالى } ل ّل ّذي َ
سَنى وَزَِياد َة ٌ ]{[26 سُنوا ْ ال ْ ُ
ح ْ ح َ
نأ ِْ َ
سورة يونس.
أل تشتاق لرؤية الله عز وجل في الجنة؟
أل تتمنى أن تراه كل يوم؟؟
فهذه خاصة لهل الفردوس العلى ،وأختم أيها الحبيب رحلتي معك في
الجنة ،بهذا الحديث الرائع عن آخر من يدخل الجنة ،وبعدها ل يدخل أحد
البتة؛ لتعلم ما سيحصل عليه من النعيم.
)(1 /
قال صلى الله عليه وسلم ]] إن أدنى أهل الجنة منزًل رجل صرف الله وجهه
عن النار قبل الجنة ،ومّثل له شجرة ذات ظل ،فقال :أي رب ،قدمني إلى
هذه الشجرة فأكون في ظلها ،فقال الله :هل عسيت أن تسألني غيره ،قال:
ل وعزتك ،فقدمه الله إليها ،ومّثل له شجرة ذات ظل وثمر ،فقال :أي رب،
قدمني إلى هذه الشجرة؛ فأكون في ظلها وآكل من ثمرها فقال الله :هل
عسيت إن أعطيتك ذلك أن تسألني غيره ،فيقول :ل وعزتك ،فيقدمه الله
إليها ،فيمّثل الله له شجرة أخرى ذات ظل وثمر وماء ،فيقول :أي رب،
قدمني إلى هذه الشجرة؛ فأكون في ظلها وآكل من ثمرها ،وأشرب من
مائها ،فيقول الله له :هل عسيت إن فعلت أن تسألني غيره ،فيقول :ل
وعزتك ل أسألك غيره ،فيقدمه الله إليها؛ فيبرز له باب الجنة ،فيقول :أي
رب ،قدمني إلى باب الجنة؛ فأكون تحت سجاف الجنة فأرى أهلها ،فيقدمه
الله إليها ،فيرى الجنة وما فيها ،فيقول :أي رب ،أدخلني الجنة ،فيدخل الجنة،
فإذا دخل الجنة؛ قال :هذا لي ،فيقول الله له :تمن فيتمنى ويذكره الله عز
وجل ،سل من كذا وكذا ،حتى إذا انقطعت به الماني؛ :قال الله هو لك
وعشرة أمثاله ،ثم يدخله الله الجنة ،فيدخل عليه زوجتاه من الحور العين،
فيقولن :الحمد لله الذي أحياك لنا وأحيانا لك ،فيقول ما ُأعطي أحد مثل ما
أعطيت [[ رواه مسلم.
أخيًرا أيها الحبيب ،موعدنا في المرة القادمة مع أهم الحلقات وخاتمة هذه
الرحلة ،وهو كيف تدخل الجنة؟
فتابعنا...........
)(2 /
32
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
33
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
قلبك ،وفي قبحها توجع رأسك ،ول تبدو مقبولة بغير التطرف ،فقد تموت لو
اعتدل مزاجها! تحتاجها ساعة ،وتحتاجك كل لحظة ،ربما تكرهك لكنها ل
تطيق البعد عنك ،فإن أحّبتك فأنت ملك لها ،وعليك أن تستجيب لعشقها
وة!!
بالق ّ
وة في الشر إذا استسلمت! فتأمل! وة في الخير إذا استقامت ،وق ّ إنها ق ّ
من كل ما سبق أؤكد لك في نهاية المطاف:
إن القوياء هم السعداء ،والضعفاء هم التعساء!
وة التي ل تحتاج لغيرها كي تتقوى بها.وة الحقيقّية فهي الق ّ
وإذا أردت الق ّ
-1الحديث رواه مسلم .كتاب الذكر والدعاء .باب التعوذ من العجز والكسل
،2079/ 4 :برقم ) . ( 2706
-2فعن عائشة رضي الله عنها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول ) :إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم ( رواه
أبو داود في سننه ، 4/252 :برقم ) . ( 4798
-3من الية رقم (24) :سورة يوسف.
-4اليات رقم ) (144 ، 143سورة الصافات.
)(1 /
)(2 /
ل تعذليه
ابن زريق
ً
ل تعذليه فإن العذل يولعه قد قلت حقا ولكن ليس يسمعه
جاوزت في لومه حدا ً أضّر به من حيث قدرت أن اللوم ينفعه
فاستعملي الرفق في تأنيبه بدل ً عن عنفه فهو مضنى القلب موجعه
قد كان مضطلعا ً بالخطب يحمله فضّيقت بخطوب البين أضلعه
يكفيه من لوعة التفنيد أن له من النوى كل يوم ما يروعه
ما آب من سفر إل وأزعجه رأى إلى سفر بالعزم يجمعه
ل ومرتحل موكل بفضاء الله يذرعه كأنما هو من ح ّ
إذا الزماع أراه في الرحيل غنى ولو إلى السند أضحى وهو يزمعه
شمه للرزق كدا ً وكم ممن يودعه تأبى المطامع إل أن تج ّ
ً
وما مجاهدة النسان توصله رزقا ول دعة النسان تقطعه
م لم يخلق الله مخلوقا ً يضّيعه
سم بين الخلق رزقه ُوالله ق ّ
ً ً
لكنهم ملئوا حرصا فلست ترى مسترزقا وسوى الغايات يقنعه
والسعي في الرزق والرزاق قد قسمت بغي أل أن بغي المرء يصرعه
والدهر يعطي الفتى ما ليس يطلبه يوما ً ويمنعه من حيث يطمعه
استودع الله في بغداد لي قمرا ً بالكرخ من فلك الزرار مطلعه
ودعته وبودي لو يودعني صفو الحياة وأني ل أودعه
34
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(1 /
35
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
36
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
37
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
..وغيرها من الجهزة التي تجعل منك شخص يواكب تطور العصر وتستمع
بالحياة ..
..إذا إجابتك ل :
..لعليك صحيح إنك لتملك هذه الت الحديثة لكن ربما في هذا خير لك !!!
..من يدري ...ربما أنت ل تملك مال لشراء ذلك ..
..ل تكتئب ...فأنت على القل تملك بيتا ً تعيش فيه حتى وبدون هذه الت ..
)(1 /
..إذن أنت سعيد لنك من الشخاص النادرين الذين يتمتعون بطعم الحياة
الهادئة والبسيطة ..
..السؤال السادس ..
..هل لديك أهل وأصدقاء يحيطون بك ؟ ..
..إذا إجابتك نعم :
..أنت سعيد ولتحاول أن تخدع نفسك وتقول إنك حزين ..
..ماذا تريد لديك أب وأم وأصدقاء وأحباب غاليين عليك ..
..كلهم يحيطون بك يحبونك ويراعونك ..
..ماأسعدك ..
..أتعلم أن سعادتك هذه تحسد عليها لن الكثير من الناس فقدوا أحبائهم ..
..لذلك أنت سعيد تملك أبا ً و أما ً ..
..فهناك الذي ليملكون قريب أوبعيد بقربهم ..
..أطال الله عمر والديك وأحبائك و رعاهم ..
..إذا إجابتك ل :
ً
..إذن لقد فقدت شخصا غالي عليك أو أحد والديك ..
..لتحزن فأنت لست أول وآخر شخص يصيبك هذا ..
..وتذكر إن كل نفس ذائقة الموت ..
..ل تحزن إذا كنت قد فقدت أحدهم فأنت على القل لم تفقد كل أهلك
دفعة واحدة ..
ً
در شعورك لكن هذه نهايتنا جميعا هو الموت .. ..أق ّ
ً ً
..ولوهربنا أوذهبنا يمينا أو يسارا فالموت هو نهاية الكائن البشري حقيقة
لجدال فيها ..
..وأقول لك إنك سعيد لن هناك من ليملكون أهل ً بتاتا ً ..
..إدعوا الله أن يجمعكم معهم في جنته ..
)(2 /
38
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
وثلثين موضعا ً من القرآن ,وسميت سورة كاملة باسم " المنافقون " ,
وأفاضت السنة النبوية المطهرة في توضيح ذلك المر العظيم وجلئه .
حرِيّ بأهل السلم ممن م هذا السيل الجارف من أهل النفاق َ ض ّ
خ َ
وفي ِ
يحملون رايته ويحترقون شوقا ً لرفعته أن يسارعوا إلى فضح المنافقين وهتك
أستارهم وكشف مخططاتهم وتتبع أرائهم وأفكارهم والتصدي لها والرد عليها
وابتداء ذلك بتحصين أنفسهم وأبنائهم ونسائهم من شبههم ودعواتهم .
وأعظم أمر يدخل الغيظ على قلوب المنافقين ويؤرق مضاجعهم نشر العلم
مته ! أما اللتصاق بالدعاة الشرعي الذي يبدد نوره ظلما ً يتسللون في د ُهْ َ
والعلماء فهو خنجر مسموم في نحورهم ولهذا يسعون إلى مقولة متكررة
فحواها أن من حمل راية رسول الله صلى الله عليه وسلم وميراثه متخلف
ل متوارثة متحجر بعيد عن النفتاح والتطور ومجاراة الواقع .والنفاق أجيا ٌ
فقد قالوا تلك المقالة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
سّيد المجالس وتسويد الصحف والمجلت قدر ومن درء خطرهم منعهم من ت َ َ
المستطاع ومما يعين على ذلك متابعة خططهم وطروحاتهم والرد عليها
والرفع لصحاب الختصاص بمقالتهم وكتاباتهم .
ومن أعد نصائح منفردة ورسائل خاصة فيها التخويف بالله والمر بالمعروف
والنهي عن المنكر فإن ذلك من دعوتهم إلى الرجوع إلى الدين ومفارقة
أرض النفاق .
ول يعجز مسلم من الدعاء عليهم ورفع يديه إلى الملك الجبار بأن يشغلهم
في أنفسهم وأهليهم ,ول تزال بؤرة النفاق يرتفع شعارها المعروف } :وإذا
قيل لهم ل تفسدوا في الرض قالوا إنما نحن مصلحون ،أل إنهم هم
المفسدون ولكن ل يشعرون {
وفي هذه الفترة بالذات يجب على كل مسلم القيام بواجبه نحو رد كيد
العداء ومجاهدة أهل الزيغ والضلل .وليتفقد كل فرد منا ذكرا ً كان أو
أنثى ..أمجاهد هو أم قاعد ؟ ,فليأتين زمان نبكي فيه على ترك المر
بالمعروف والتصدي للمنافقين ,ول تبرأ الذمة بأن نقف متفرجين على
أعمالهم ومخططاتهم ول يحرك ذلك ساكنا ً في قلوبنا وأعمالنا !
والبتلء بالمنافقين ليس بجديد فقد قال بعض السلف في زمانه ) :لو كان
للمنافقين أذناب لما استطعنا السير في الشوارع والطرقات من كثرتها (
وفي أمة السلم اليوم أكثر من ذلك } ,والله غالب على أمره ولكن أكثر
الناس ل يعلمون {.
عبد الملك القاسم ... ...
)(1 /
39
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
صغيرة في بناء المجتمع ،فإذا اخترق الفرد بالخلق السيئة كان ذلك سببا
مباشرا في التأثر بالهدم الذي يحصل له وللمجتمع من بعده بل والمة ،
ومعلوم أن معاول الهدم التي تعقب أثار وخيمة وكثيرة على الفرد والمجتمع
متعددة فمنها ما يهدم الجانب الدين ،ومنها ما يهدم الجانب الجتماعي ،
والقتصادي ،والمني ،والصحي وكل ذلك كسر لكيان السرة ،وفك لتلحم
المجتمع ،وضعف لتماسك المة .
ولنا في القرآن والسنة أدلة على ذلك فقد تحدث الله عن قوم عاد الذين
م
خاهُ ْ عاد ٍ أ َ َ أصابتهم العجرفة والغرور بقوتهم وصحتهم قال تعالى ) :وَإ َِلى َ
ن 65إلى أن قو َ ن إ ِل َهٍ غَي ُْره ُ أ َفَل َ ت َت ّ ُ م ْ كم ّ ما ل َ ُ ه َ دوا ْ الل ّ َ ل َيا قَوْم ِ اعْب ُ ُ هودا ً َقا َ ُ
م ُ ُ َ ُ ْ ُ َ َ
م ل ُِينذَِرك ْ منك ْ ل ّ ج ٍ م عَلى َر ُ من ّرب ّك ْ م ذِكٌر ّ جاءك ْ م أن َ جب ْت ُ ْ قال .......أوَعَ ِ
ة َفاذ ْك ُُروا ْ سط ًَ ق بَ ْ ْ ْ ُ
من ب َعْد ِ قَوْم ِ ُنوٍح وََزاد َك ْ َ جعَل َك ْ ُ َواذك ُُروا ْ إ ِذ ْ َ
خل ِ م ِفي ال َ
َ
فاء ِ خل َ م ُ
ن ي َعْب ُد ُ كا َ ما َ حد َه ُ وَن َذ ََر َ ه وَ ْ جئ ْت ََنا ل ِن َعْب ُد َ الل ّ َ ن َ 69قاُلوا ْ أ ِ حو َ فل ِ ُ م تُ ْ آلء الل ّهِ ل َعَل ّك ُ ْ
ل قَد ْ وَقَعَ عَل َي ْ ُ ْ
من ّرب ّك ُ ْ
م كم ّ ن َ 70قا َ صادِِقي َ ن ال ّ م َ ت ِ كن َ ما ت َعِد َُنا ِإن ُ آَباؤَُنا فَأت َِنا ب ِ َ
رجس وغَضب أ َتجادُلونِني في أ َسماء سميتمو َ َ
ه ب َِها ل الل ّ ُ ما ن َّز َ كم ّ م َوآَبآؤ ُ ها أنت ُ ْ َ ّ ُْ ُ ْ َ ِ ِ ْ ٌ َ َ ٌ ُ َ ِ َ
ّ َ ْ
ه
معَ ُ ن َ ذي َ جي َْناه ُ َوال ِ ن 71فأن َ َ ري َ منت َظ ِ ِ ن ال ُ م َ معَكم ّ ُ ن َفانت َظ ُِروا ْ إ ِّني َ طا ٍ سل ْ َ من ُ ِ
ن . ( 72 مِني َ مؤ ِ ْ ما كاُنوا ُْ َ ن كذُبوا ِبآَيات َِنا وَ َ ْ ّ َ ذي َ ّ
مّنا وَقطعَْنا َداب َِر ال ِ َ َ مةٍ ّ ح َ ب َِر ْ
وكذلك قوم ثمود الذين أحكموا سياجهم المني من البيوت الفارهة والقوة
المحروسة ولكنهم عتو في الرض الفساد بأخلقهم السيئة فأدى ذلك إلى
دوا ْ الل ّ َ
ه ل َيا قَوْم ِ اعْب ُ ُ هودا ً َقا َ م ُ خاهُ ْ عاد ٍ أ َ َ ضياعهم وإهلكهم قال تعالى ) :وَإ َِلى َ
ك مهِ إ ِّنا ل َن ََرا َ من قَوْ ِ فُروا ْ ِ ن كَ َ ذي َ مل ال ّ ِ ُ
ل ال ْ َ ن َ 65قا َ قو َ ن إ ِل َهٍ غَي ُْره ُ أ َفَل َ ت َت ّ ُ م ْ كم ّ ما ل َ ُ َ
ة وَلك ِّني َ فاهَ ٌ س َ َ بي َ ِ س ْ ي َ ل م و َ ق ياَ ل َ قا َ 66 ن ِ َ بي ِ ذ كا َ ْ ل ا ن م
ِ ك َ ّ ن ُ ظ َ ن َ ل نا
ّ إ و ٍ ة َ ه فا َ س
َ في ِ
َ َ ْ ِ ُ
َ ِِ
ن 68 مي ٌ حأ ِ ص ٌ م َنا ِ َ
ت َرّبي وَأن َا لك ُ ْ ْ سال ِ م رِ َ ن 67أب َلغُك ُ ْ ّ مي َ ب الَعال َِ ْ من ّر ّ ل ّ سو ٌ َر ُ
ُ َ ْ ُ ُ ُ َ ُ ْ ُ َ َ
م
جعَلك ْ م َواذكُروا إ ِذ ْ َ م ل ُِينذَِرك ْ منك ْ ل ّ ج ٍ م عَلى َر ُ من ّرب ّك ْ م ذِكٌر ّ جاءك ْ م أن َ جب ْت ُ ْ أوَعَ ِ
مة َفاذ ْك ُُروا ْ آلء الل ّهِ ل َعَل ّك ُ ْ سط َ ً ق بَ ْ خل ِ
م ِفي ال ْ َ ْ من ب َعْد ِ قَوْم ِ ُنوٍح وََزاد َك ُ ْ فاء ِ خل َ َ ُ
ْ َ ّ َ ْ ُ
ما ت َعِد َُنا ن ي َعْب ُد ُ آَباؤَُنا فَأت َِنا ب ِ َ ما كا َ حد َه ُ وَن َذ ََر َ ه وَ ْ جئ ْت ََنا ل ِن َعْب ُد َ الل َ ن َ 69قالوا أ ِ حو َ فل ِ ُ تُ ْ
ب ض ٌ س وَغ َ َ ج ٌ م رِ ْ من ّرب ّك ْ ُ ُ
ل قَد ْ وَقَعَ عَلي ْكم ّ َ ن َ 70قا َ صادِِقي َ ن ال ّ م َ ت ِ ِإن كن َ ُ
َ ْ ّ َ َ َ
نسلطا ٍ من ُ ه ب َِها ِ ل الل ُ ما ن َّز َ م َوآَبآؤكم ّ ُ ها أنت ُ ْ مو َ مي ْت ُ ُ س ّ ماء َ س َ جادُِلون َِني ِفي أ ْ أت ُ َ
َ
مّنا مةٍ ّ ح َ ه ب َِر ْ معَ ُ ن َ ذي َ جي َْناه ُ َوال ّ ِ ن 71فَأن َ ري َ منت َظ ِ ِ ن ال ْ ُ م َ كم ّ معَ ُ َفانت َظ ُِروا ْ إ ِّني َ
ن .( 72 مِني َ مؤ ْ ِ كاُنوا ْ ُ ما َ ن ك َذ ُّبوا ْ ِبآَيات َِنا وَ َ ذي َ وَقَط َعَْنا َداب َِر ال ّ ِ
وكذلك قوم شعيب الذين جعلوا أصل التعامل فيما بينهم الغش والتطفيف
في الكيل والميزان ،وعدم إطاعة الرحمان فأهلكهم الله تعالى فقال ) وَإ َِلى
كم جاءت ْ ُ ن إ ِل َهٍ غَي ُْره ُ قَد ْ َ م ْ كم ّ ما ل َ ُ ه َ دوا ْ الل ّ َ ل َيا قَوْم ِ اعْب ُ ُ شعَي ًْبا َقا َ م ُ خاهُ ْ ن أَ َ مد ْي َ َ َ
دوا ْ س ْ ف ت َ ل و م ه ياء ش ْ َ أ س نا ال ْ ا سو خ ب ت َ ل و ن زا مي ْ ل وا َ
ل ي َ ك ْ ل ا ْ ا فو ُ و َ أ َ ف م ُ
ْ َ ُ ِ ُ ُ َ ّ َ ْ َ ِ َ َ َ َْ ُ َ ْ بَ ّ َ ّ ّ ّ ْ
ك ب ر من ةٌ ن ي
دوا ب ِك ُ ّ ْ م ِإن ُ ّ َ
ل قعُ ُ ن 85وَل َ ت َ ْ مِني َ مؤ ْ ِ كنُتم ّ خي ٌْر لك ُ ْ م َ حَها ذ َل ِك ُ ْ صل َ ِ ض ب َعْد َ إ ِ ْ ِفي الْر ِ
جا َواذ ْك ُُروا ْ إ ِذ ْ عوَ ً ن ب ِهِ وَت َب ُْغون ََها ِ م َ نآ َ م ْ ل الل ّهِ َ سِبي ِ عن َ ن َ دو َ ص ّ ن وَت َ ُ دو َ ع ُ ط ُتو ِ صَرا ٍ ِ
ن . (86 دي َ س ِ ف ِ م ْ ة ال ُْ عاقِب َ ُ ن َ ف كا َ َ م َوانظُروا كي ْ َ َ ْ ُ ُ
م قَِليل ً فَكث َّرك ْ َ كنت ُ ْ ُ
وكما قلت لك أخي القارئ الكريم معاول الهدم التي تأتي على الفرد والمة
من جراء ارتكاب الخلق السيئة متعددة ولعلي أقف معك على بعضها حتى ل
تكن معول من معاول الهدم في مجتمعك وأمتك .
أول :معاول هدم الدين :
)(1 /
40
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
إن معاول هدم الدين من خلل الخلق السيئة هو شرخ في رحم المة من
خلل الفرد ،وتدمير للمة وإضعافها من كل الجوانب العتقادية والخلقية ،
ومحاربة لله ورسوله ،وتعدي على سماحة السلم ،وإظهار صورة قبيحة
عنه ،وفتح مجال لعداء السلم لن ينالون من هذا الدين من خلل النحراف
السلوكي لتباعه ،ل من خلل المنهج الحقيقي والذي يعبر عنها أديب السلم
أبو الحسن الندوي بقوله بين الصورة والحقيقة ولعلي أتعرض لهذه المعاول
بشي من التفصيل .
• المعول الول :تشويه حقيقة السلم .
إن الدين الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم هو الدين الذي ختم به
الله الشرائع والملل ،واحتوى فيه جميع محاسن الشرائع المتضمنة جميع
مصالح العباد في المعاش والمعاد ،فأكمل الله به دينه الذي ارتضاه لنفسه ،
وختم العلم الذي أنزله من السماء على رسله ،فلذلك تضمنت جميع
محاسن الشرائع المقدمة ،وزادت عليها أمورا عظيمة وأشياء كثيرة ،من
العلوم النافعة والعمال والخلق الصالحة ،التي خص بها هذه المة وفضلهم
بها على من قبلهم من المم .
ولذلك أوجب الله على جميع من بلغته هذه الدعوة من جميع المم النقياد
إليها ولم يقبل من أحد منهم دينا سواها .
ولما كانت هذه الشريعة خاتمة الشرائع ربى عليها الحبيب صلى الله عليه
وسلم أصحابه ،وجعلهم قائمين بالحق محافظين عليه منهجا ،وأخلقا ،حتى
دخل الناس في هذا الدين زرافات ووحدان ،يسمو بهم إلى أعالي الجنان
ومراتب الحسان .
فعم الدين وشرح الله به صدور العالمين ،فساد النور وقمع الظلم ،وسارت
الخلق رسائل حية تشيع بنورها على البشرية ،الخلق والقيم الحقيقية .
وإذا انتشرت في ربوع ديار المسلمين وبينهم الخلق السيئة ،والسلوك
الردئ وأصبح المسلمون يقدمونه على أنه هو حقيقة السلم ،وأصبح غيرهم
ينظرون إلى هذه العادات السيئة على أنها هي السلم ،ويقولون إن السلم
متمثل في سلوك أصحابه وأتباعه ،ويرون أتباعه يسرقون ويغشون
ويخدعون ويشربون الخمر ويمارسون الزنا سرا وجهرا ،ويظلمون ويعتدون
على حقوق الخرين وكل هذا في ديار السلم ،وربما باسم السلم ،قال
هذا هو السلم فيقدمون صورة مشوهة ومشبوهة عن السلم لغير
المسلمين ويغطون عين الشمس بالغربال ،وهذا من أعظم الثار التي تهدم
الدين وتشوه حقيقة السلم .
• المعول الثاني :وهو تعريض دين المة للنقد
إن الخلق السيئة إذا انتشرت بين أتباع هذا الدين تعرضه لتجرئ العداء
عليه ونقده ومحاولة هدمه والتطاول عليه ،والمتأمل في عالم اليوم يجد أن
النقد ينصب في هذه الفترة على السلم ول سيما في قضية الرهاب والعنف
،ومنع الحريات ،وغير ذلك من الطعنات ،وكلما كانت الممارسات السيئة
من المسلمين كلما انفتحت روزنة أخرى على السلم لطعن فيه وفي نزاهته
وسماحته باسم أتباعه ومعتنقيه .
ومازال أعداء السلم يقتنصون الفرص التي يقومون فيها بقلب الحقيقة
بالكلمة أو الصورة أو المقالة أو غيرها من وسائل العلم لهدم هذا الدين
القويم ،فتعلم أيها المسلم كيف تحافظ على دينك الذي هو رأس مالك ول
تعرضه لسرقة فإن المال السائب يعلم السرقة .
• المعول الثالث :وهو تأخر الناس عن الدخول في السلم
41
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
اللهم ل تجعلنا فتنة للذين كفروا ....إن مما يصيب المة السلمية في دينها
إذا انتشرت فيها مساوئ الخلق من الذين ل يطبقون السلم على أكمل
وجه فيكونون دعاة للبعد عن السلم ل دعاة للناس لدخول في دين
السلم ...ومن العجيب أن رجل أوروبيا أسلم وهو في بلده الوروبي على
يدي أحد المخلصين لدينه والمتمسكين بأخلقه ،فلما أراد هذا المسلم
الجديد تعلم اللغة العربية ،والذهاب إلى إحدى الدول السلمية ،فلما ذهب
وتعامل مع أهلها فرأى الغش والسرقة والكذب والعبث بحقوق الخرين ،
فقال الحمد لله الذي أسلمت قبل أن أرى المسلمين .
فإذا المة السلمية والفرد المسلم قد يكون قدوة صالحة يحبب الناس في
هذا الدين ويشوقهم إلى معرفته إذا ما أخذ بتعاليمه وسماحته ،ومن الجانب
الخر قد يكون معول لهدم هذا الدين إذا كان حامل للخلق السيئة هو يدعي
السلم .
• المعول الرابع :وهو ضعف المة
ضعف المة السلمية المراد به ضعف التمسك بالدين والنتماء إلى السلم ،
ولشك أن لهذا الضعف معاول تزيد من هوته وهي كثيرة وأعظمها كثرة
الدعاة إلي أبواب جهنم إلى الفساد والمنكرات والمعاصي بالقول والعمل
حتى صارت الخلق السيئة والرذيلة هي الصل ،والخلق الحميدة والعفة
هي الفرع فأصبح المنكر معروف والمعروف منكرا ،وهذا الضعف أدى إلى
تكالب المم عليها وما حصل ويحصل كل يوم في العديد من ديار السلم ما
هو إل نتاج هذا الضعف الخلقي والنحطاط السلوكي ،وبمثل هذه المعاول
تهدم المة في دينها وعقيدتها .
)(2 /
42
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
ومن رد خبر الله -سبحانه وتعالى -وكذب بشيء من الغيب الذي قصه علينا
فقد كفر ،وكذلك من رد أمر الله سبحانه وتعالى وأبى أن يطيعه استكبارا ً
وعنادا ً فقد كفر .والمعصية الولى التي عصى بها إبليس ربه كانت من النوع
الثاني ،أعني أنها رد المر ،فإن الله قد أمر بالسجود لدم ،فقال َ) :قا َ
ل
طينًا( [السراء ، ]61:ولم يكن إبليس -لعنه الله -مكذبا ً خل َ ْ ََ
ت ِ ق َ ن َ م ْ جد ُ ل ِ َ
س ُ أأ ْ
بشيء من أخبار الله ،وإنما انحصرت معصيته في رد المر اللهي كبرا ً وعلوا ً
،عندما ظن أن هذا المر يخالف الحكمة ،إذ زعم أن الفاضل ل يسجد
خلق من النار -أفضل من آدم المخلوق للمفضول ،وقد رأى نفسه -وقد ُ
من الطين ،وقياس إبليس قياس فاسد .ولما أصر إبليس على معصيته كان
ن لعنه الله أبدا ً ،وطرده من رحمته سرمدا ً .فالمعصية إذا كانت إباًء جزاؤه أ ْ
عصي وردا ً للمر اللهي ،كانت كفرا من أجل ذلك .والمعصية الثانية التي ُ ً
كن عنادا ً ،وإنما بها الله سبحانه وتعالي وقعت من آدم -عليه السلم -ولما ت ُ
ي
س َل فَن َ ِ من قَب ْ ُ م ِ قد ْ عَهِد َْنا إَلى آد َ َ كانت ضعفا ً ونسيانا ً كما قال تعالى ) :ول َ َ
ج بها بل سارع ه عَْزمًا([طه ]115:ثم إن آدم لم يصر عليها ولم يحت ّ جد ْ ل َ ُم نَ ِ ول َ ْ
َ َ
عن ما َ م أن ْهَك ُ َ ما أل َ ْ ما َرب ّهُ َ إلى الفرار منها والعتذار عنها قال تعالى ) :وَناَداهُ َ
َ َ َ
مَنا
ن .قال َرب َّنا ظل ْ َ مِبي ٌ ما عَد ُوّ ّن ل َك ُ َطا َشي ْ َ ن ال ّ ما إ ّجَرةِ وأُقل ل ّك ُ َ ش َ ما ال ّ ت ِل ْك ُ َ
ن([العراف. ]23-22: ري َس ِخا ِ ن ال َ
م َ ن ِ مَنا ل َن َ ُ
كون َ ّ فْر ل ََنا وت َْر َ
ح ْ م ت َغْ ِ سَنا وإن ل ّ ْ ف َ َأن ُ
فلما اعترف آدم وزوجته بالخطيئة وسارعا إلى التوبة والنابة ،فإن الله
سبحانه قِبل عذره ،وأقال عثرته .والناظر في معصية آدم يجد أن هذه
المعصية قد كانت مخالفة للمر اللهي فقط ،فإن الكل من شجرة في
الجنة ليس إثما ً في ذاته ،ول فاحشة في ذاتها ،لول أنه معصية الله الذي
أمره أل يأكل من هذه الشجرة .
العبودية هي طاعة المر :
والعبودية لله إنما هي في طاعة أمره أيا كان هذا المر -في صغير أو كبير - ً
فيما يوافق معقول المأمور ،أو يخالف معقوله .فإن الرب الله -سبحانه
وتعالى -هو أعلم بما يأمر به وينهى عنه ،والعبد ل يكون عبدا ً على الحقيقة
مم أمر بكذا ؟ ول ِ َ إل إذا أطاع معبوده دون تردد أو توقف أو نظر أو سؤال ل ِ َ
قل وفهم لكانت طاعته نهى عن كذا ؟ ولو كان العبد ل يطيع إل فيما ع َ
لمعقوله ومفهومه وليس لخالقه وإلهه وموله ؛ فإن النسان يطيع عقله ،
وقلبه في أشق المور على نفسه وبدنه بل قد يركب الصعب والذلول في
تنفيذ ما يأمره به سلطان العقل ،أو سلطان القلب والهوى .ولو كانت
طاعة الله تابعة لسلطان العقل والقلب والهوى لكان المعبود حقا ً هو العقل
والقلب والهوى ،وليس الله -سبحانه وتعالى -بل العبودية أن يطيع العبد
ربه فيما يخالف سلطان عقله وقلبه وهواه .بل إن الدين قائم على مخالفة
ما تهواه النفوس ،وما يخالف رأي النسان ومعقوله أحيانا ً وهذا هو معنى
التعبد لله .
ول يمنع أن يكون في الدين ما يوافق معقول النسان ونظره ،ولكن الله
سبحانه وتعالى شاء أن يتعبد عباده بما يحكم به هو سبحانه وتعالى ل بما
يرونه بأنفسهم أو يعقلونه بعقولهم ،أو تهواه أنفسهم .
إبراهيم -عليه السلم -المثال والقدوة والسوة :
)(1 /
43
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
هذا نبي الله إبراهيم جعله الله إماما ً للناس جميعا ً ،وجعل النبوة في ذريته
دون سائر البشر ،ولم يصل إبراهيم -عليه السلم -إلى ما وصل إليه إل أنه
ُأمر بأوامر إلهية تخالف معقول البشر فنفذها إبراهيم عليه السلم على النحو
الذي أمره الله بها تماما ً ،وكان مما أمر به مما يخالف معقول البشر أن
يلقي زوجته هاجر وابنها إسماعيل في أرض مقفرة موحشة ل إنس فيها ول
شيء وهي أرض مكة ،وليس معهم أحد على الطلق وليس لهم من الزاد
إل جراب تمر ،وقربة ماء .ثم كر عائدا ً وحده إلى بلد الشام .
وهذا المر اللهي لبراهيم عليه السلم يخالف معقول البشر فإن أحدا ً لو
فعل ذلك من عند نفسه لكان فعله جريمة وإثما ً
وكذلك أمره الله -سبحانه وتعالى -بأن يقتل ابنه ِ -بكره -إسماعيل عليه
ب وبلغ مبلغ الرجال فسارع إلى تنفيذ المر دون تلكؤ أو السلم بعد أن ش ّ
نظر ،أو تسويف ،ولو أن إنسانا عمد إلى أن يقتل ابنه دون أمر من الله ً
لكان هذا جريمة وإثما ً ،فقد روى المام البخاري رحمه الله بإسناده إلى ابن
طق من ِقبل أم من ْ َ
عباس رضي الله عنهما قال) :أول ما اتخذ النساء ال ِ
في أثرها على سارة ،ثم جاء بها إبراهيم وبابنها إسماعيل ،اتخذت منطقا ً لت ُعَ ّ
إسماعيل وهي ترضعه حتى وضعهما عند البيت عند دوحة فوق زمزم في
أعلى المسجد وليس بمكة يومئذ أحد ،وليس بها ماء فوضعهما هنالك ،
سقاء فيه ماء ،ثم قفى إبراهيم منطلقا ً ،فتبعته ووضع عندها جرابا ً فيه تمر و ِ
أم إسماعيل فقالت :يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا في هذا الوادي الذي ليس
فيه إنس ول شيء ؟ فقالت له ذلك مرارا ً ،وجعل ل يلتفت إليها فقالت :آلله
أمرك بهذا ؟ قال :نعم ،قالت :إذن ل يضّيعنا ،ثم رجعت فانطلق إبراهيم
حتى إذا عند الثنية حيث ل يرونه استقبل بوجهه البيت ثم دعا بهؤلء الدعوات
عند َ ب َي ْت ِ َ
واد ٍ غَي ْرِ ِذي َزْرٍع ِ س َ َ
ك من ذ ُّري ِّتي ب ِ َ ت ِ كن ُ ورفع يديه فقال َ" :رب َّنا إّني أ ْ
ن" وجعلت أم إسماعيل ترضع شك ُُرو َ م" [إبراهيم ]37:حتى بلغ "ي َ ْ حّر ِ
م َ
ال ُ
فد ما في السقاء عطشت إسماعيل وتشرب من ذلك الماء حتى إذا ن ِ
وعطش ابنها فجعلت تنظر إليه يتلوى ،أو قال :يتلّبط ،فانطلقت كراهية أن
تنظر إليه ،فوجدت الصفا أقرب جبل في الرض يليها ،فقامت عليه ،ثم
استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحدا ً فلم تر أحدا ً ،فهبطت من الصفا حتى
إذا بلغت الوادي رفعت طرف درعها ،ثم سعت سعي النسان المجهود حتى
جاوزت الوادي ،ثم أتت المروة فقامت عليها فنظرت هل ترى أحدا ً فلم تر
أحدا ً ،ففعلت ذلك سبع مرات( ،قال ابن عباس :قال النبي -صلى الله
عليه وسلم ) :-فذلك سعى الناس بينهما( فلما أشرفت على المروة سمعت
ه -تريد نفسها -ثم سعت فسمعت أيضا ً ،فقالت :قد صوتا ً فقالتَ :
ص ْ
قِبه - َ َ
ملك عند موضع زمزم فبحث بعَ ِ ت إن كان عندك غواث فإذا هي بال َ أسمع َ
وضه وتقول بيدها هكذا ،وجعلت أو قال :بجناحه -حتى ظهر الماء فجعلت ُتح ّ
تغرف من الماء في سقائها وهو يفور بعدما تغرف ..قال ابن عباس :قال
النبي صلى الله عليه وسلم ) :يرحم الله أم إسماعيل لو تركت زمزم -أو
معينًا( قال ) :فشربت قال :لو لم تغرف من زمزم -لكانت زمزما ً عينا ً َ
ضي َْعة ،فإن هذا بيت الله يبني وأرضعت ولدها ،فقال لها الملك :ل تخافوا ال ّ
ً
هذا الغلم وأبوه ،وإن الله ل يضيع أهله ،وكان البيت مرتفعا من الرض
كالرابية تأتيه السيول فتأخذ عن يمينه وشماله ،فكانت كذلك حتى مرت بهم
داء فنزلوا في هم أو أهل بيت من جرهم مقبلين من طريق ك ُ َ جْر ُ
رفقة من ُ
أسفل مكة فرأوا طائرا عائفا فقالوا :إن هذا الطائر ليدور على ماء ،لَعهدنا ً ً
ريا ً أو جريين فإذا هم بالماء ،فرجعوا ج ِ
بهذا الوادي وما فيه ماء ،فأرسلوا َ
44
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
فأخبروهم بالماء فأقبلوا ،قال :وأم إسماعيل عند الماء ،فقالوا :أتأذنين لنا
حقّ لكم في الماء قالوا :نعم . أن ننزل عندك ؟ قالت :نعم ،ولكن ل َ
)(2 /
قال ابن عباس :قال النبي -صلى الله عليه وسلم ) : -فألفى ذلك أم
إسماعيل وهي تحب ال ُْنس( ،فنزلوا وأرسلوا إلى أهليهم فنزلوا معهم حتى
سُهم ف َ إذا كان بها أهل أبيات منهم ،وشب الغلم وتعّلم العربية منهم ،وأ َن ْ َ
وأعجبهم حين شب ،فلما أدرك زوجوه امرأة منهم ،وماتت أم إسماعيل
ركته فلم يجد إسماعيل ،فسأل فجاء إبراهيم بعدما تزوج إسماعيل يطالع ت ّ ِ
امرأته عنه فقالت :خرج يبتغي لنا ،ثم سألها عن عيشهم وهيئتهم فقالت :
شّر ،ونحن في ضيق وشدة ،فشكت إليه ،قال :فإذا جاء زوجك نحن ب ِ َ
عتبة بابه ،فلما جاء إسماعيل كأنه آَنس اقرئي عليه السلم وقولي له يغّير َ
شيئا ً فقال :هل جاءكم أحد ؟ قالت :نعم ،جاءنا شيخ كذا وكذا فسألنا عنك
َ
فأخبرته ،وسألني كيف عيشنا ،فأخبرته أ َّنا في جهد وشدة ،قال فهل أوصاك
بشيء ؟ قالت :نعم ،أمرني أن أقرأ عليك السلم ويقول :غّي ّْر عتبة بابك ،
حقي بأهلك ،فطلقها وتزوج منهم قال :ذاك أبي ،وقد أمرني أن أفارقك ،ال َ
امرأة أخرى ،فلبث عنهم إبراهيم ما شاء الله ثم أتاهم بعد فلم يجده ،
فدخل على امرأته فسألها عنه فقالت :خرج يبتغي لنا ،قال :كيف أنتم ؟
وسألها ما طعامكم ؟ قالت :اللحم ،قال :فما شرابكم ؟ قالت :الماء ،قال
:اللهم بارك لهم في اللحم والماء ،قال النبي -صلى الله عليه وسلم : -
ب ،ولو كان لهم دعا لهم فيه( قال :فهما ل يخلو ح ّ ) ولم يكن لهم يومئذ َ
عليهما أحد بغير مكة إل لم يوافقاه .قال :فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه
ريهِ يثّبت عتبة بابه ،فلما جاء إسماعيل قال :هل أتاكم من أحد ؟ م ِ
السلم و ُ
قالت :نعم ،أتانا شيخ حسن الهيئة وأثنت عليه فسألني عنك فأخبرته ،
فسألني كيف عيشنا ؟ فأخبرته أ َّنا بخير ،قال :فأوصاك بشيء ؟ ،قالت :نعم
هو يقرأ عليك السلم ويأمرك أن تثبت عتبة بابك ،قال :ذاك أبي وأنت العتبة
،أمرني أن أمسكك ،ثم لبث عنهم ما شاء الله ثم جاء بعد ذلك وإسماعيل
ري نبل ً له تحت دوحة قريبا ً من زمزم ،فلما رآه قام إليه فصنعا كما يصنع ي َب ْ ِ
الوالد بالولد والولد بالوالد ،ثم قال :يا إسماعيل إن الله أمرني أن أبني
َ
مة مرتفعة على ما حولها ،قال :فعند ذلك رفعا هاهنا بيتا ً ،وأشار إلى أك َ َ
القواعد من البيت ،فجعل إسماعيل يأتي بالحجارة وإبراهيم يناوله الحجارة
يبني حتى إذا ارتفع البناء جاء بهذا الحجر فوضعه له فقام عليه وهو يبني
ل منا إن َ َ
ع
مي ُ س ِت ال ّ ك أن َ قب ّ ْ ِ ّ ّ
وإسماعيل يناوله الحجارة وهما يقولن َ) :رب َّنا ت َ َ
م([البقرة ]127:قال :فجعل يبنيان حتى يدورا حول البيت وهما يقولن : العَِلي ُ
م"[البقرة. ]127: َ مّنا إن ّ َ قب ّ ْ
ميعُ العَِلي ُ
س ِ
ت ال ّ ك أن َ ل ِ "َرب َّنا ت َ َ
ً
الجانب التعبدي في السلم كبير جدا :
وإذا كانت الشريعة المنزلة على محمد -صلى الله عليه وسلم -في عمومها
مما يوافق معقول أهل العقل والحجا والحكمة إل أن الجانب التعبدي فيها
كبير جدا ً ..فإن مواقيت الصلة ،وأعداد الركعات ،وهيئات الصلة ،وكون
الزكاة في بعض الموال وليست في جميعها ،وتقدير النصاب ،وصفة الصوم
،وأعمال الحج من طواف وسعي وتقبيل للحجر السود ،والوقوف بعرفة ،
والمبيت بمزدلفة ،ورمي الجمار ،كل ذلك من المور التعبدية التي يراد منها
ابتلء طاعة العباد لربهم وخالقهم سبحانه وتعالى .كما أن الحدود والعقوبات
45
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
الشرعية الشأن فيها التعبد لله سبحانه وتعالى بتنفيذ أمره والنتهاء عن نهيه
جل وعل .
وكذلك ما أباحه الله وما حرمه ..فإن الله أباح البيع وحرم الربا ،وقد يكسب
البائع في بيعه ألفا ً في المائة وقد يكون الربا المحرم درهما ً في اللف ويبقى
ُ
حد ّ على ميت أكثر من ثلثة الربا حراما ً والبيع حلل ً وقد أمرت المرأة أن ل ت َ ُ
أيام ولو كان الميت أعز الناس لديها كابنها وأخيها وأبيها ،ولكنها يجب أن تحد
على زوجها أربعة أشهر وعشرا ً .
ول شك أن وراء كل أمر إلهي حكمة عليا قد يخبرنا الله بها ،وقد يهدينا إلى
معرفتها ،وقد يخفيها عنا ،وفي كل ذلك يجب على المكلف أن يسمع ويطيع
مر فإنه ل ،وأما إن عّلق طاعته لله على فهمه ومعقوله ومعرفته لحكمة ال ِ
يكون عابدا ً لله على الحقيقة ولو رد المر اللهي ظانا ً أنه مخالف للحكمة
والعقل لكان كافرا ً وكان كفره ككفر إبليس الذي لم تكن جريمته إل رد المر
اللهي كفرا ً وكبرا ً وعنادا ً .
كل رد للمر اللهي كبيرة مخرجة من الدين :
وهكذا فكل رد للمر اللهي -مهما كان هذا المر في صغير أو كبير في أمر
معقول المعنى -عند المأمور -أو أمر غير معقول المعنى -هو كفر بالله
وخروج من رحمته .
كبائر الذنوب وصغارها التي ل تخرج من الملة :
)(3 /
وأما الكبائر والصغائر التي ل ُتخرج من ملة السلم فهي ما يرتكبه العبد من
الذنوب مع اعتقاد أنها معصية ،وأنها إثم وذنب ،فالزنا والربا وأكل مال
الناس بالباطل ،وشرب الخمر ،كل ذلك من الكبائر والعظائم ،ومن فعلها
معتقدا ً أنه فعل إثما ً كبيرا ً فإنه يبقى في مسمى اليمان والسلم ،ول يخرج
من السلم إل إذا انتفى من قلبه الشعور بالثم ،ورأى أنه لم يفعل ما
ب عليه ،وكذلك المر في صغائر الذنوب كالغمزة الواحدة ،واللمزة ي َُعاقَ ُ
والكذبة التي ل يجوز فيها ،فإن من ارتكبها مع اعتقاده بحرمتها بقي في
دائرة العافية ومسمى اليمان ،ومن ارتكبها مستحل ً لها نافيا ً عن نفسه الثم
فيما ارتكبه فهو خارج عن مسمى اليمان كافر بالله -سبحانه وتعالى .
تعظيم أمر المعصية :
وكل عباد الله المخلصين من النبياء والمرسلين وأولياء الله الصالحين ..بل
وملئكته المقربين كانوا يعظمون معصية الله في الصغير والكبير ..فإن
النظر يجب أن يكون فيمن عصاه العبد ل فيما عصى فيه العبد .
لماذا كانت المعصية شيئا ً عظي ً
ما ؟ :
)(4 /
المعصية في ذاتها شي عظيم ؛ لنها مخالفة لمر الرب الله الذي ل إله إل
هو ،خالق السموات والرض ،وخالق كل شيء ،وهو رب كل شيء ومليكه
ل له كل شيء ،فهو القاهر فوق عباده ،وهو الذي خضع له كل شيء ،وذ َ ّ
الحكيم الخبير الذي ل يغيب عنه من شئون عباده صغير ول كبير ..فهو القائم
ت َولوا ِ
م َ
س َ قا ُ
ل ذ َّرةٍ ِفي ال ّ مث ْ َ
ه ِ
ب عَن ْ ُ
على كل نفس بما كسبت ،والذي )ل ي َعُْز ُ
ض( [سبأ ، ]3:الذي تخافه الملئكة العظام وتكاد السموات أن َ
ِفي الْر ِ
46
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
يتفطرن من فوقهن فرقا ً وخوفا ً منه .والذي يمسك السموات والرض أن
تزول ...والذي ل يحيط أحد من خلقه علما ً به ،وهو يحيط علما ً بكل
مخلوقاته ،ول يغيب عنه سبحانه خطرات نفوسهم ول نزعات قلوبهم ،ول
وساوس صدورهم ،الذي وسع كل شيء رحمة وعلما ً ،والذي ل يقبل من
أحد من مخلوقاته إل الذعان له ،والستسلم لمره .والذي يكرم من شاء
من خلقه وعباده فل يكون لكرامه منتهى ول لعطائه حد ،ويهين من شاء من
خلقه ،فل تكون لهانته مثيل ،ويعذب من أراد من عبيده ،فل يكون لعذابه
ذاب َ
حد ٌ .ول ُيوث ِقُ وَثاقَ ُ
ه هأ َ ب عَ َ َ ُ مئ ِذ ٍ ل ّ ي ُعَذ ّ ُ نهاية ،ول لعذابه شبيه )فَي َوْ َ
د([الفجر ، ]26-25:وهو الرب الله الذي جعل الخلق كله له ،فل يخلق إل َ
ح ٌ أ َ
هو ،ول يستطيع غيره أن يخلق ذرة ،ول ب ُّرة ،ول ذبابا ً . ،والذي يملك نفع
خلقه وضرهم فل يملك غيره لحد من خلقه لنفسه نفعا ً ول ضرا ً إل ما شاء
هو ..وهو الرب الله خالق السموات والرض الذي ل يكرثه ول يتعبه خلق
السموات والرض ول حفظهما في أماكنها ومداراتها .فمن ذا يستطيع أن
يضع الشمس في مكانها غيره ،وأن يضع القمر في مكانه غيره ،والنجوم
في مساراتها ،والمجرات في مجاريها ..ومن الذي أتقن كل ذلك ،قال
ك السموات وال َرض َأن تزول ول َِئن زال َتا إ َ
ما سك َهُ َ م َ نأ ْ َ َ ْ َُ ْ َ ّ َ َ ِ س ُ م ِ ه يُ ْ ن الل ّ َ تعالى ) :إ ّ
فورًا( [فاطر .]41:فهو مالك الملك كله ، حِليما ً غَ ُ ن كا َ ه م َ
َ َ م ْ َْ ِ ِ ُّ
ن إ ه د ع ب ن حد ٍ ِ نأ َ ِ ْ
ومدبر الكون كله لم يساعده أحد ولم يعاونه أحد في خلق الكون ،ول حفظه
،بل هو الخالق لكل ما في الكون والحافظ له ،والمقيم له ،وهو الذي
عقد هذا الكون وقتما شاء ويبدل السموات والرض وقتما يريد ،قال يفرط ِ
ت. جَر ْ حاُر فُ ّ ت .وإَذا الب ِ َ ب انت َث ََر ْ واك ِ ُ ت .وإَذا الك َ َ فطَر ْ َ ماُء ان َ س َ تعالى ) :إَذا ال ّ
َ
ت( [النفطار . ]5-1:وقال خَر ْ ت وأ ّ م ْ ما قَد ّ َ س ّ ف ٌ ت نَ ْ م ْ ت .عَل ِ َ قُبوُر ب ُعْث َِر ْ وإَذا ال ُ
ت .وإَذا سي َّر ْ ل ُ جَبا ُ ت .وإَذا ال ِ م انكد ََر ْ َ جو ُ ت .وإَذا الن ّ ُ س كوَّر ْ ُ م ُ ش ْ تعالى ) :إَذا ال ّ
س
فو ُ ت .وإَذا الن ّ ُ جَر ْ س ّ حاُر ُ ت .وإَذا الب ِ َ شَر ْ ح ِ ش ُ حو ُ ت .وإَذا الوُ ُ شاُر عُط ّل َ ْ العِ َ
َ َ َ
ت .وإَذا شَر ْ ف نُ ِ ح ُ ص ُ ت .وإَذا ال ّ ب قُت ِل ْ ت .ب ِأيّ ذ َن ْ ٍ سئ ِل ْ موُْءود َةُ ُ ت .وإَذا ال َ ج ْ ُزوّ َ
ُ َ ُ
ما س ّ ف ٌ ت نَ ْ م ْ ت .عَل ِ َ ف ْ ة أْزل ِ َ جن ّ ُ ت .وإَذا ال َ سعَّر ْ م ُ حي ُ ج ِ ت .وإَذا ال َ شط ْ ماُء ك ِ س َ ال ّ
َ ماُء ان َ َ
ت ل َِرب َّها ت .وأذِن َ ْ ق ْ ش ّ س َ ت( [التكوير ]14-1:وقال تعالى) :إَذا ال ّ ضَر ْ ح َ أ ْ
َ ت .وأ َل ْ َ َ
ت َ .يا ق ْ ح ّ ت ل َِرب َّها و ُ ت .وأذِن َ ْ خل ّ ْ ما ِفيَها وت َ َ ت َ ق ْ مد ّ ْ ض ُ ت .وإَذا الْر ُ ق ْ ح ّ و ُ
ه( [النشقاق ]6-1:هذا الرب َ ً َ َ َ َ َ َ
ملِقي ِ دحا ف ُ ح إلى َرب ّك ك ْ ن إن ّك كادِ ٌ سا ُ أي َّها الن َ
م الل ّ ُ
ه ن َرب ّك ُ ُ الله سبحانه وتعالى الذي وصف نفسه في القرآن فقال ) :إ ّ
وى عََلى العَْر َ ت وال َْر
شي ش ي ُغْ ِ ِ َ ست َ ما ْ ست ّةِ أّيام ٍ ث ُ ّ ض ِفي ِ َ وا ِ م َ س َ خل َقَ ال ّ ذي َ ال َ ِ
َ َ
همرِهِ أل ل َ ُ ت ب ِأ ْ خَرا ٍ س ّ م َ م ُ جو َ مَر والن ّ ُ ق َ س وال ْ َ م َ ش ْ حِثيثا ً وال ّ ه َ ل الن َّهاَر ي َط ْل ُب ُ ُ الل ّي ْ َ
َ
ن( [العراف .]54:وقال جل وعل ) :الل ّ ُ
ه مي َ ب الَعال َ ِ ه َر ّ ك الل ّ ُ مُر ت ََباَر َ خل ْقُ وال ْ ال َ
ّ ْ َ
ما ِفي تو َ وا ِ م َ س َ ما ِفي ال ّ ه َ مل ُ ة ول ن َوْ ٌ سن َ ٌ خذ ُه ُ ِ م ل ت َأ ُ قّيو ُ ي ال َ ح ّ ه إل ّ هُوَ ال َ ل إل َ
ْ َ َ َ ال َْر
م ول فهُ ْ خل َ ما َ مو َ ديهِ ْ ن أي ْ ِ ما ب َي ْ َ م َ عند َهُ إل ّ ِبإذ ْن ِهِ ي َعْل ُ فع ُ ِ ش َ ذي ي َ ْ من َذا ال ِ ض َ ِ
َ سعَ ك ُْر ِ عل ْ ِ حي ُ
ض ول ت والْر َ وا ِ م َ س َ ه ال ّ سي ّ ُ شاَء و ِ ما َ مهِ إل ّ ب ِ َ ن ِ م ْ يٍء ّ ش ْ ن بِ َ طو َ يُ ِ
هّ
م( [البقرة .]255:وقال جل وعل ) :الل ُ ظي ُ ي العَ ِ ما وهُوَ العَل ِ ّ فظهُ َ ُ ح ْ ي َُئود ُه ُ ِ
َ َ َ َ
ش
وى عَلى العَْر ِ ست َ َ ما ْ ست ّةِ أّيام ٍ ث ُ ّ ما ِفي ِ ما ب َي ْن َهُ َ ضو َ ت والْر َ وا ِ م َ س َ خلقَ ال ّ ذي َ ال َ ِ
ماِء إَلى َ َ ما ل َ ُ
س َ ن ال ّ م َ مَر ِ ن .ي ُد َب ُّر ال ْ فيٍع أَفل ت َت َذ َك ُّرو َ ش ِ ي ول َ من ول ِ ّ من ُدون ِهِ ِ كم ّ َ
َ ْ َ َ َ َ
معال ِ ُ ن .ذ َل ِك َ دو َ ما ت َعُ ّ م ّ سن َةٍ ّ ف َ داُره ُ أل َ ق َ م ْ ن ِ ج إلي ْهِ ِفي ي َوْم ٍ كا َ م ي َعُْر ُ ض ثُ ّ الْر ِ
ق ْ َ َ ل َ نك ّ ُ َ ّ ب وال ّ
خل َ ه وب َد َأ َ ق ُ خل َ يٍء َ ش ْ س َ ح َ ذي أ ْ م .ال ِ حي ُ زيُز الّر ِ شَهاد َةِ العَ ِ الغَي ْ ِ
ف َ
خ واهُ ون َ َ س ّ م َ ن.ث ّ ُ َ َ َ ُ
مِهي ٍ ماٍء ّ من ّ سللةٍ ّ من ُ ه ِ سل ُ جعَل ن َ ْ م َ ن.ث ّ طي ٍ من ِ ن ِ سا ِ الن َ
م
جعَل لك ُُ َ َ حهِ و َ من ّرو ِ ِفيهِ ِ
47
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(5 /
48
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
وعمر لما خرجا من بيوتهم بسبب الجوع ثم أضافهم أنصاري فقدم لهم عذقا ً
من تمر ورطب فأكلوا وقدم لهم ماءا ً باردا ً فشربوا ) :إن هذا من النعيم
ولتسألن عنه يوم القيامة( .ومن عصى في صغير أو كبير فهو تحت الحساب
علم معنى الذنب الذي ُينسب علم هذا ُ والمؤاخذة إل أن يغفر الله ذنبه ،إذا ُ
إلى النبياء والرسل فإنه ليس كبيرة بحال ،وليس تعمدا ً لمعصية الله ،وإنما
قد يكون اختيارا ً لخلف ال َوَْلى ،أو انقطاعا ً -لحظة -عن الذكر الدائم ،أو
قعودا ً -لحظة -عن الشكر الدائم ،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
ن على قلبي وإني أتوب إلى الله في اليوم أكثر من مائة مرة( . )إنه ل َي َُغا ُ
طر قدماه ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل حتى تتف ّ
فإذا سئل في ذلك قال) :أفل أكون عبدا ً شكورًا( فمن عرف حق الله على
عباده ،وعرف أن حقه يعظم كلما عظمت نعمته على العبد وعلم أن حق
الله سبحانه على عبده أن يذكره فل ينساه ،ويشكره فل يكفره ،وأن يطيعه
فل يعصاه ،وأن يخافه ويتقيه كما ينبغي لجلله وعظيم سلطانه ؛ علم العبد
عند ذلك ماذا تعني المعصية والذنب ؟ .
)(6 /
49
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
راجح ،بحيث إذا زال هذا العارض فإننا نرجع إلى العزيمة فمثل قصر الصلة
خاص بالسفر وأكل الميتة خاص بحالة الضرورة ،وإذا انتهى السفر انتهى
القصر ولزم إتمام الصلة ،وإذا زالت الضرورة عاد تحريم الميتة ،وهكذا في
جميع الرخص ،فل يجوز انتهاك أحكام الشريعة بذريعة التسامح وعدم التشدد
كما يقولون.
ثالثا ً :غلوهم فيما يسمونه التشدد والتطرف ول شك أن الله نهى عن الغلو
في الدين ،وكذلك النبي -صلى الله عليه وسلم -نهى عن ذلك ،ولكن المراد
بالغلو في كلم الله وكلم رسوله هو الزيادة عن الحد المشروع -وهؤلء
عندهم أن من تمسك بالدين واقتصر على الحد المشروع فإنه متشدد ،وهذا
غلو في ضابط التشدد ،والتشدد المنهي عنه ل يرجع في تفسيره إلى أذواق
الناس واعتباراتهم وإنما يرجع فيه إلى الكتاب والسنة ،وفهم ذلك منها على
الوجه الصحيح الذي فهمه سلف هذه المة وديننا دين الوسط الذي ل غلو فيه
ما ن هَ َ َ
قي ً ست َ ِ
م ْ طي ُ صَرا ِ ذا ِ ول جفاء ،ول إفراط ول تفريط .قال الله تعالى} :وَأ ّ
كم ب ِهِ ل َعَل ّك ُ ْ
م صا ُ م وَ ّ سِبيل ِهِ ذ َل ِك ُ ْ
عن َ م َفّرقَ ب ِك ُ ْ ل فَت َ َ َفات ّب ُِعوه ُ وَل َ ت َت ّب ُِعوا ْ ال ّ
سب ُ َ
َ
مُنوا
نآ َ ذي َ م َفاعْدُِلوْا{ ،وقال تعالىَ} :يا أي َّها ال ّ ِ ن{ ،وقال تعالى} :وَإ َِذا قُل ْت ُ ْ قو َ ت َت ّ ُ
دا{ وتحديد الغلو والتساهل حكم شرعي ل يعرفه دي ً س ِ ً َ ُ
ه وَقولوا قوْل َ ُ ّ
قوا الل َ ات ّ ُ
ف و خ ْ ل ا وَ أ ن م َ ل ا ن م ر م َ أ م ه جاء َ
ذا إ و} تعالى: قال والبصيرة، العلم أهل إل
ْ ِ ِ َ ْ ِ َ ُ ْ ْ ٌ ّ َ َُ ِ
ن
ذي َ ه ال ّ ِ
م ُ م ل َعَل ِ َ
من ْهُ ْمرِ ِ َ
ل وَإ َِلى أوِْلي ال ْ سو ِ عوا ْ ب ِهِ وَل َوْ َرّدوه ُ إ َِلى الّر ُ أ ََذا ُ
م{ ،وإذا تولىهذا المر من ل يحسنه خرج عن حده، من ْهُ ْ ه ِ طون َ ُ سَتنب ِ ُ
يَ ْ
)وكل شيء خرج عن حده فإنه ينقلب إلى ضده( فشأن المرأة لما تولى
القول به غير ذوي الختصاص خرجوا به عن حده ،وضروا المرأة من حيث
يظنون أنهم ينفعونها وخرجوا بها عن طورها الذي حددها الله لها ،والعتدال
ل ،ويعتبره المتساهلون غلوا ً نتيجة لجهل هؤلء وهؤلء ،أو يعتبره الغلة تساه ً
لتباع أهوائهم ،وصار كل منهما يرمي الخر بالسوء.
رابعا ً :غلوهم في منع التكفير حتى في حق من حكم الله ورسوله بكفره
ارتكب ناقضا ً من نواقض السلم المجمع عليها كدعاء الموات والستغاثة
بالقبوريين ومن سب الله أو رسوله أو دين السلم ،وهذا العمل منهم محادة
لله ولرسوله وتأييد للخروج من الدين ،فالواجب على هؤلء كف ألسنتهم
وأقلمهم عن الكلم فيما ل يعرفون ورحم الله امرأ عرف قدر نفسه وفق
الله .وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
* عضو هيئة كبار العلماء
الجزيرة /الخميس , 07صفر 1426العدد 11858
)(1 /
ئ كفني ل تهي ّ ْ
للشاعر :غازي عبد الرحمن القصيبي
ل في أضلعي برقٌ ورعد ُ د! لم يز ْ ت بع ُ ل ُتهّيئ كفني ..ما م ّ
ل الله نحو النصر تعدو أنا إسلمي ..أنا عّزته أنا خي ُ
ض في روحي وسعد ُ ه؟ خالد ٌ ينب ُ أنا تاريخي ..أل تعرف ُ
ّ
ت كلما استشهد َ بند ٌ ثار بند ُ زم ْ أنا صحرائي التي ما هُ ِ
قسما ً ما قفز الخوف إلى قبضة الفارس ..ما اهتّز الفرند ُ
ُ
سد ُ
ت هذه الصحراُء ،فالكثبان أ ْ ح إل شمخ ْ ما دعانا الفت ُ
***
50
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(1 /
51
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
َ
م
مت ِ ّ ه ُ م َوالل ّ ُ واهِهِ ْ فُئوا ُنوَر الل ّهِ ب ِأفْ َ ن ل ِي ُط ْ ِ دو َ ري ُ قول الله سبحانه وتعالى } :ي ُ ِ
ْ ْ ْ َ َ َ ّ ُنورِهِ وَل َوْ ك َرِهَ ال ْ َ
حقّ ل ِي ُظهَِرهُ ن ال َ دى وَِدي ِ ه ِبالهُ َ سول ُ سل َر ُ ذي أْر َ ن][8هُوَ ال ِ كافُِرو َ
ن]] { [9سورة الصف[ . كو َ شرِ ُ م ْ ن ك ُل ّهِ وَل َوْ ك َرِهَ ال ْ ُ دي ِ عََلى ال ّ
مُلوا م وَعَ ِ من ْك ُ ْ مُنوا ِ نآ َ ذي َ ه ال ّ ِ إن وعد الله ل يتخلف ،قال تعالى } :وَعَد َ الل ّ ُ
ن مك ّن َ ّ م وَل َي ُ َ ن قَب ْل ِهِ ْ م ْ ن ِ ذي َ ف ال ّ ِ خل َ َ ست َ ْ ما ا ْ ض كَ َ ِ م ِفي اْل َْر فن ّهُ ْ خل ِ َ ست َ ْ ت ل َي َ ْ حا ِ صال ِ َ ال ّ
َ
مًنا] { [55]...سورة مأ ْ خوْفِهِ ْ ن ب َعْد ِ َ م ْ م ِ م وَل َي ُب َد ّل َن ّهُ ْ ضى ل َهُ ْ ذي اْرت َ َ م ال ّ ِ م ِدين َهُ ُ ل َهُ ْ
النور[ .
ة
حَيا ِ ْ
مُنوا ِفي ال َ نآ َ ذي َ ّ
سلَنا َوال ِ َ صُر ُر ُ َ
لبد أن يرجع؛ لن الله تعالى قال } :إ ِّنا لن َن ْ ُ
شَهاُد]] { [51سورة غافر[ . م اْل َ ْ قو ُ م يَ ُ الد ّن َْيا وَي َوْ َ
ن] قي َ مت ّ ِ ْ
ة ل ِل ُ ْ
والنصر للمسلمين ولبد منه؛ لنهم المتقون ،قال تعالىَ } :والَعاقِب َ ُ
] { [128سورة العراف[ .
والله عز وجل قد أهلك القرون من قبلنا من الكفار ،وسيهلك هؤلء ولبد:
كافري َ َ
دا]{ [17 م ُروَي ْ ً مهِل ْهُ ْ نأ ْ ل ال ْ َ ِ ِ َ مهّ ِ دا][16فَ َ كيد ُ ك َي ْ ً دا][15وَأ ِ ن ك َي ْ ً دو َ كي ُ م يَ ِ } إ ِن ّهُ ْ
]سورة الطارق[ .
ويمكرون هؤلء النصارى واليهود ،وغيرهم اليوم من المجوس والهندوس:
ن]] { [30سورة النفال[ .هؤلء ري َ ماك ِ ِ خي ُْر ال ْ َ ه َ ه َوالل ّ ُ مك ُُر الل ّ ُ ن وَي َ ْ مك ُُرو َ } وَي َ ْ
ر م َ أ ن ع ت ت ع ةي ر َ ق ن م ن ي َ أ َ ك و } يقول: الله لن ملكهم؛ ويزول قراهم ستباد
َ ّ ْ ِ ْ ْ َ ٍ ََ ْ َ ْ ْ ِ
ت وََبا َ
ل ذاقَ ْ ذاًبا ن ُك ًْرا][8فَ َ ها عَ َ دا وَعَذ ّب َْنا َ دي ً ش ِ ساًبا َ ح َ ها ِ سب َْنا َ حا َ سل ِهِ فَ َ َرب َّها وَُر ُ
سًرا]] { [9سورة الطلق[ .كم مليون من الكفار َ ها وَ َ َ
خ ْ ها ُ مرِ َ ةأ ْ عاقِب َ ُ ن َ كا َ مرِ َ أ ْ
قتل في الحرب العالمية الثانية خمسين مليون ،وكم دمر من مدنهم ،وكم
دا ما مضى زمن طويل عليها ،والله قادر على سقط من دولهم كثير ج ً
تدميرها مرة أخرى ،وإهلك المليين الكثيرة من هؤلء الكفار ،فقد أرانا الله
عما قريب آيات بهم وسيرينا آيات بمشيئته سبحانه وتعالى.
هؤلء ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله كما يحدث اليوم بوضوح شديد:
قو َ
مقون ََها ث ُ ّ سي ُن ْفِ ُ ل الل ّهِ فَ َ سِبي ِ ن َ دوا عَ ْ ص ّ م ل ِي َ ُ وال َهُ ْ م َ نأ ْ فُروا ي ُن ْفِ ُ َ ن كَ َ ذي َ ن ال ّ ِ } إِ ّ
ن]{ [36 شُرو َ ح َ م يُ ْ جهَن ّ َ فُروا إ ِلى َ َ نك َ َ ذي َ ّ
ن َوال ِ م ي ُغْلُبو َ َ سَرةً ث ُ ّ ح ْ م َ ن عَلي ْهِ ْ َ كو ُ تَ ُ
]سورة النفال[ .
وهذه البشائر النبوية تتوالى في أحاديثه الصحيحة صلى الله عليه وسلم:
َ
ن م ْ ب ِ سيَر الّراك ِ ُ حّتى ي َ ِ مَر َ ذا اْل ْ ن هَ َ م ّ يقسم على ذلك فيقول َ...] :والل ّهِ ل َي ُت ِ ّ
ه [...رواه البخاري. ف إ ِّل الل ّ َ خا ُ ت َل ي َ َ مو ْ َ ضَر َ ح ْ صن َْعاَء إ َِلى َ َ
)(1 /
وكذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد أخبر عن انتشار دينه في العالم
مد َرٍ وََل وَب َرٍ إ ِّل َ
ت َ ك الل ّ ُ
ه ب َي ْ َ ل َوالن َّهاُر وََل ي َت ُْر ُ ما ب َل َغَ الل ّي ْ ُمُر َ ذا اْل ْ ن هَ َفقال] :ل َي َب ْل ُغَ ّ
ّ َ ْ ّ َ أ َد ْ َ
م وَذ ُل ي ُذِ ّ
ل سل َ ه ب ِهِ ال ِ ْ عّزا ي ُعِّز الل ُ ل ِل ذ َِلي ٍزيزٍ أوْ ب ِذ ُ ّ ن ب ِعِّز عَ ِ دي َ
ذا ال ّ ه هَ َ ه الل ّ ُ
خل َ ُ
فَر[ رواه أحمد. ه ب ِهِ ال ْك ُ ْالل ّ ُ
َ َ
شارِقََها م َ ت َ ض فََرأي ْ ُ ه َزَوى ِلي اْلْر َ ن الل ّ َ وقال صلى الله عليه وسلم ] :إ ِ ّ
ومَغاربها وإ ُ
من َْها [...رواه مسلمَ ' .زَوى ' ما ُزوِيَ ِلي ِ مل ْك َُها َ سي َب ْل ُغُ ُ مِتي َ نأ ّ َ َ ََِ َِ ّ
يعني :ضم وجمع ،فإذا حدث أحد بأن النبي صلى الله عليه وسلم رأى قارة
َ َ
تض فََرأي ْ ُ ه َزَوى ِلي اْلْر َ ن الل ّ َ استراليا وقارة أمريكا ،فل تكذبه؛ لنه قال ] : :إ ِ ّ
مَغارِب ََها[ .أطلع عليها كلها صلى الله عليه وسلم ،وأخبر بأن ملك شارِقََها وَ َ م َ َ
أمته سيبلغ المشارق والمغارب وهذا لم يحدث بعد فلماذا ل نتعبد ربنا
بالتصديق بوعده ،ونتقرب إليه بالتصديق بوعده ،وبوعد النبي صلى الله عليه
52
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
53
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(2 /
وقال آخر :وجدنا أن الخطر الحقيقي علينا موجود في السلم وقدرته في
التوسع والخضاع وفي حيويته المدهشة .
وقال آخر :إن المسلم الذي نام نوم عميقا مئات السنين قد استيقظ ،وأخذ ً
ينادي هذا أنا لم أمت أنا أعود للحياة ل لكون أداة طيعة تسيرها العواصم
الكبرى ،ربما يعود اليوم الذي تصبح بلد الفرنج مهددة بالمسلمين يهبطون
إليها من السماء لغزو العالم مرة ثانية في الوقت المناسب ،لست متنبًئا لكن
المارات الدالة على هذا كثيرة ،ول تقوى الذرة ول الصواريخ على وقفها .
وكذلك قال البرتغالي بل زار :إن الخطر الحقيقي على حضارتنا هو الذي
يمكن أن يحدثه المسلمون حينما يغيرون نظام العالم ،فقال له أحدهم :لكن
المسلمون مشغولون بخلفاتهم ،و تنازعاتهم فأجابه أخشى أن يخرج منهم
من يوجه خلفاتهم إلينا .
ويقول جب المستشرق :إن المسلمين ل ينقصهم إل ظهور صلح الدين من
جديد .
ويقول أشعي :يكون من شيئا من الخوف يجب أن يسيطر على العالم
الغربي من السلم لهذا الخوف أسباب ،منها :أن السلم منذ ظهر في مكة
لم يضعف عدديا ً -لفت نظره أن السلم أتباعه يزدادون باستمرار . -ثم
قال :من أسباب الخوف أن هذا الدين من أركانه الجهاد .
إذا ً أعداؤنا يعترفون بقوة ديننا ،ويخشونه ،ويحسبون له حساًبا ،وعندهم
دراسات كاملة تنبئهم بأن المسلمين سيأتون ولبد.
ومن المبشرات بأن المستقبل لنا والسفال لعدونا :إن هؤلء الكفرة الذين
يسيطرون الن ل توجد مصيبة ،ول معصية ،ول كبيرة اقترفتها المم السابقة
التي أهلكها الله إل وقع فيها هؤلء .والله عز وجل أهلك المم قبلنا؛ لنهم
أشركوا ،وكفروا ،وزنوا ،وفعلوا الفواحش ،وطففوا المكيال والميزان ...إلخ .
ن]] { [25سورة الزخرف[ .هذه عادة الله مك َذ ِّبي َة ال ْ ُعاقِب َ ُ ن َ كا َ ف َ } َفان ْظ ُْر ك َي ْ َ
َ َ
نم ْن ِ ذي َ ة ال ّ ِعاقِب َ ُ ن َ كا َ ف َ ض فَي َن ْظ ُُروا ك َي ْ َ ْ
سيُروا ِفي الْر َ ِ م يَ ِ في المم } :أفَل َ ْ
مَثال َُها]] { [10سورة محمد[ .إذا لبد أن نأ ْ ري َ كافِ ِم وَل ِل ْ َه عَل َي ْهِ ْ مَر الل ّ ُ قَب ْل ِهِ ْ
م دَ ّ
َ ُ َ
م ل َك ُ ْ
م مأ ْ ن أول َئ ِك ُ ْ م ْ خي ٌْر ِ م َ فاُرك ُ ْيقع على الجدد ما وقع على أسلفهم } :أك ُ ّ
ر]] { [43سورة القمر[ .إذا أهلكنا أولئك سنهلك هؤلء . ب ََراَءة ٌ ِفي الّزب ُ ِ
د]] { [83سورة ن ب ِب َِعي ٍ مي َ ظال ِ ِ ن ال ّ م َ ي ِ ما هِ َوحجارة قوم لوط ،قال تعالى } :وَ َ
هود[ .
فإًذا :نتأمل القوام الذين أهلكهم الله :لماذا أهلكهم؟ ونقارن بهؤلء الذين
وجد اليوم من الكفار؛ لنستدل بإهلك هؤلء على إهلك هؤلء؛ لنه إذا حصل
السبب لبد من النتيجة فالله عز وجل أهلك الكفار من قديم لنهم طغوا في
البلد فأكثروا فيها الفساد ،ما فعله الجدد فعلوه:
اغتروا بأنفسهم :فعاد قالوا :من أشد منا قوة ،وهؤلء قالوا :نحن أقوى من
أي قوة في الرض .
َ ْ ْ ْ َ
ن]{ [165 مي َ ن الَعال ِ م َ ن ِ ن الذ ّكَرا َ ما من قبل ،قال فيهم } :أت َأُتو َ الله أهلك أقوا ً
ساِء ]{ [81 جال َ َ ْ َ ُ
ن الن ّ َ ن ُدو ِ م ْشهْوَة ً ِ ن الّر َ م لت َأُتو َ ]سورة الشعراء[ } إ ِن ّك ْ
54
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(3 /
ندو َ ع ُ ط ُتو ِ صَرا ٍ ل ِ دوا ب ِك ُ ّ قعُ ُ والله عز وجل قال عن بعض القدمين } :وََل ت َ ْ
جا] { [86]...سورة عوَ ً ن ب ِهِ وَت َب ُْغون ََها ِ م َ نآ َ م ْ ل الل ّهِ َ سِبي ِن َ ن عَ ْ دو َ ص ّ وَت َ ُ
العراف[ .وهؤلء اليوم يفعلون الشيء نفسه.
ْ َ ْ َ
ن ِفي َ
سِبيل وَت َأُتو َ ن ال ّ قطُعو َ ل وَت َ ْ جا َن الّر َ م ل َت َأُتو َ وأولئك قوم لوط } :أئ ِن ّك ُ ْ
من ْك ََر] { [29]...سورة العراف[ .أماكن الجتماعات يأتون فيها م ال ْ ُ َناِديك ُ ُ
بالمنكر ،وأهلكهم الله ،وهؤلء يفعلون اليوم المنكر على العلن وفي
المجتمعات التي يجتمعون فيها ،بل عندهم نوادي للعراة .
فهؤلء الن أوتوا قوة وفرحوا بها ،فبقي أن يحصل عليهم التسلسل التي
ن أ َهْل َُها ت وَظ َ ّ خُرفََها َواّزي ّن َ ْ ض ُز ْ ُ ت اْل َْر خذ َ ِ حّتى إ َِذا أ َ َ حصل على أسلفهمَ } :
َ َ ْ َ ً َ أ َنهم َقادرون عَل َيها أ َتا َ َ
نم ت َغْ َ نل ْ دا ك َأ ْ صي ً ح ِ ها َ جعَلَنا َ مُرَنا لي ْل أوْ ن ََهاًرا فَ َ ها أ ْ َْ َ ُِ َ ُّ ْ
ْ َ
ن]] { [24سورة يونس[ .وقد فك ُّرو َ قوْم ٍ ي َت َ َ ت لِ َل الَيا ِ ص ُ ف ّ س ك َذ َل ِ َ
ك نُ َ م ِ ِباْل ْ
نمي َ ظال ِ ِض ال ّ ك ن ُوَّلي ب َعْ َ يهلكهم الله بأن يسلط بعضها على بعض } :وَك َذ َل ِ َ
ن ]] { [129سورة النعام[ .يسلط هذا الظالم على سُبو َ كاُنوا ي َك ْ ِ ما َ ضا ب ِ َ ب َعْ ً
هذا الظالم ،وقد يهلكم بعذاب من عنده ،أو بأيدينا فتكون نهايتهم .
لنستعرض الن ما وقع فيه هؤلء القوم :
بعض المسلمين عندهم إحباط لن الغرب قوي وسيطر وهيمن ،فنقول:
لنتأمل ما عند القوم من بعض المخازي والمعاصي والثام والفواحش
والكفريات حتى نعرف هل هم مستحقون لعذاب الله وهل عذاب الله قريب
55
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
56
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(4 /
850ألف مصابين باليدز يزيد عددهم 140ألف سنويا ً هذا في أمريكا فقط،
وفي دراسة عملت في جامعة واشنطن عام 1999م تبين أن أكثر من 15
مليون أمريكي يؤثر عليه الكتئاب سنويًا10 ،مليون منهم نساء .فتصور إذا
ماذا جلب لهم هذا الواقع من العري والختلط هذا ما يريدون أن نصل إليه
نحن من وراء تحرير المرأة .
تفكك أسري :من المعيشة الضنك انخفضت نسبة السر التي يعيش فيها
الب والم معا ً في الوليات المتحدة في الخمس سنوات الماضية فقط
. %25
نتيجة لنعدام اليمان بالقضاء والقدر والقلق الدائم من الفقر والمصائب
انتشرت عندهم شركات التأمين .
الربا والطبقية :الغني يزداد غنى والفقير يزداد فقًرا والربا يعمل في الناس،
والطبقية تحصل ،و 70مليون فقير جائع في واحد من بلدانهم .
حماية الشذوذ بالقانون :ل تسمح قوانينهم بتعدد الزوجات لكن العلقات
الجنسية حدث ول حرج في كل ما هب ودب .ويسمحون بهذه الحرية في
الشواذ والزناة .
المخدرات 70 :ألف مليون دولر مبيعات الحشيش في أمريكا عام 1997م و
7500مليون دولر ميزانية الجهزة المخصصة لمكافحة المخدرات والرعب
ينتشر .
الختلط والغتصاب :قضية تحرير المرأة عندهم والختلط نتيجتها أن %50
من المغتصبات من النساء أغتصبهن معارف وأقارب ،يعني ما هو في
الشوارع جرائم مفاجأة هذه %4فقط من حالة اغتصاب ،لكن الختلط
وصديق وصديقة هذه هي النتيجة والعري يتبع إثارة الشهوات والغرائز ثم
العنف في كل مكان .
سوء توزيع الثروات %10:من السكان يمتلكون %90من الثروة وبعد ذلك
يسيطرون على %40من ثروات العالم مصارف ربوية تسيطر على حياة
المواطن عندهم وتطوقه بالديون منذ بداية إنتاجه المسكين يشتغل طول
عمره ليسدد الفوائد الربوية وتعيش السر المريكية تحت هاجس الخوف من
عدم القدرة على تسديد فواتير البنوك .
تفاهة في الهداف والغايات :مجتمع تفاهة وسخافة ،ممكن ينهي حياته لتفه
السباب :أم بريطانية عمرها 34سنة أقدمت على النتحار لنها عجزت عن
وجود دواء يمنع تساقط شعرها ! واحد عمره 55سنة لن بينه وبين حماته
مشكلة قضى على العائلة ومن بينهم حماته ،ثم قتل نفسه ! واحد قذف
طفله من الدور التاسع عشر لن المحكمة قضت أن الطفل للم .
إلف الفضيحة واعتيادها :الفضيحة صارت عندهم شيًئا عادًيا :ثلث طالبات
الثانوية في بريطانيا يتزوجن وهن حاملت .
أمّية ثقافية عند معظمهم :زادت نسبة الجهل ،و يعملون أسئلة للشعب عن
بدهيات في الرياضيات في الفلك إلى آخره اكتشفوا أن هناك أمية في
مستوى الثقافة عند قطاعات عريضة منهم يعني حتى مستوى التحصيل
العلمي انحدر .
قضية النظافة الشخصية :أناس قذرون :واحد يلبس ثيابه على البول والبراز
ويلبس ويمشي يعني يقضي حاجته ويلبس ثيابه ويمشي ،حتى طريقة قضاء
الحاجة ل يعرفونها .
57
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(5 /
ل تيأس
نعيش اليوم ثلثة مشاهد ،نستلهم منها درسا ،ونقطف منها عبرة ،ونغرس
بها يقينا ،ونقوي بها عزما .
أما المشهد الول :فإن عامر بن ربيعة رضي الله عنه ،أحد السابقين في
السلم ،كان يستعد للهجرة إلى الحبشة ،فذهب ليقضي بعض حاجات
أهله ،وترك زوجه تنهي بعضها ،فأقبل عليها عمر بن الخطاب رضي الله عنه
،حتى وقف عليها وهو على شركه ،قالت :وكنا نلقى منه البلء أذى لنا
وشدة علينا .قالت :فقال :إنه النطلق يا أم عبدالله .قالت :فقلت :نعم
والله ،لنخرجن في أرض الله ،آذيتمونا وقهرتمونا .حتى يجعل الله فرجا .
قالت :فقال :صحبكم الله .ورأيت له رقة لم أكن أراها ،ثم انصرف .وقد
أحزنه فيما أرى خروجنا .قالت :فجاء عامر بحاجته تلك ،فقلت له :يا أبا
عبدالله لو رأيت عمر آنفا ورقته وحزنه علينا .قال :أطمعت في إسلمه ؟
قالت :قلت :نعم .قال :فل يسلم الذي رأيت حتى يسلم حمار الخطاب .
قالت :يأسا منه ،لما كان يرى من غلظته وقسوته عن السلم .
لقد يأس الصحابي السابق في إسلمه ،المهاجر فرارا بدينه ،من أن يفتنه
قومه ،يأس من إسلم عمر ،فقد كان عمر شديد البطش بالمسلمين ،
قاسيا غليظا .ولكن ما كان ميئوسا منه وقع ،وأسلم عمر ،بل سبق اليائس
منه في المنزلة ،والمكانة ،وغدا ثالث رجل في دولة السلم ،وسماه
الرسول صلى الله عليه وسلم الفاروق ،وكان إسلمه عزا للسلم وأهله .
والعجيب ايها الخوة الحبة أن أكثر المسلمين ل يعرفون عامرا ،وليس فيهم
من ل يعرف عمرا رضي الله عنهما .
لقد من الله تعالى على عمر بما لم يمن به على اليائس من إسلم عمر ،
وتفضل على الميئوس منه بفضل عميم لم ينله اليائس ذلكم أن الفضل بيد
الله يؤتيه من يشاء ،والله ذو الفضل العظيم .
المشهد الثاني :رسول الله صلى الله عليه وسلم قادم من الطائف ،مجروح
فؤاده ،منهكة قواه ،شارد ذهنه ،يائسا من خير ثقيف ،فقد مكث بينهم
58
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
عشرة أيام يدعوهم إلى عبادة الله وحده ،فقالوا :اخرج من بلدنا .وأغروا
به سفهاءهم ،فتبعوه يسبونه ويصيحون به ،ورموه بالحجارة في عراقيبه ،
حتى اختضب نعله بالدماء ،فلما رجع من الطائف بحاله تلك كئيبا ،محزونا ،
كسير القلب ،قد أجهد أيما إجهاد ،ونال منه التعب كل منال .يقول صلى
الله عليه وسلم عن نفسه :فانطلقت وأنا مهموم على وجهي ،فلم أستفق
إل وأنا بقرن الثعالب – أي قرن المنازل – المعروف اليوم بالسيل الكبير .
فرفعت رأسي فإذا بسحابة قد أظلتني ،فنظرت فإذا فيها جبريل ،فناداني
فقال :إن الله قد سمع قول قومك لك ،وما ردوا عليك ،وقد يعث الله إليك
ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم .فناداني ملك الجبال ،فسلم علي ،ثم
قال :يا محمد ،ذلك ،فما شئت ،إن شئت أن أطبق عليهم الخشبين .أي :
لفعلت .
فيا لروعة المشهد ،فما بين هلك مكة عن بكرة أبيها إل أن يشاء رسول الله
صلى الله عليه وسلم ،إنها لحظة النتقام ،شفاء الغل ،سحق الكافرين ،
والممتع في المشهد أن الدليل ناصع البيان ،صحيح صريح ،ل تأويل فيه ،ول
احتمال ،بأمر ربه يهلكهم ،بإشارة منه يعلمون أن الله هو الحق وأن ما
يدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير .وما هو بملوم ،من ذا
يستطيع أن يلومه ؟ لقد كذبوه ،وآذوه ،وقتلوا أصحابه ،وفتنوهم في
دينهم ،وعذبوهم ،واضطروهم للهجرة مرتين ،ول يزالون حجر عثرة في
طريق الدعوة ،ونشر دين الله تعالى .ثم إن الذي يأذن له رب السماوات
والرض ،فوالله لو انتقم لنفسه ،وانتصر لتباعه فما هو بملوم .ولكنه اختار
أروع ،وأفضل ،وأسمى من النتقام ،وأجل وأعظم من حظ النفس ،
وراحتها ،وهناها ،فقال للملك :بل أرجو أن يخرج الله من أصلبهم من يعبد
الله ل يشرك به شيئا .
إنها شيمة العظماء ،وتصرف الكرماء ،وقمة الباء ،ول يحتملها إل النبياء ،
وأتباعهم من أكابر العلماء ،وصفوة التقياء .
نهض صلى الله عليه وسلم من الوقوع في عذاب النفس نشطا قويا ،ناظرا
بفراسة التقي إلى المستقبل ،إلى البناء ،إلى السلم دينا قيما ،راية باسقة
في علوها ،جامعة بين دنو الرض ،وارتفاع السماء .
)(1 /
أيها المسلمون :فلننتقل سويا على المشهد الثالث :لنرى الحبيب بأبي هو
وأمي صلوات ربي وسلمه عليه ،لنراه وقد احتدم القتال حوله ،في أحد ،
وبدء المشركون يطوقونه يريدون الفتك به ،ولم يكن معه إل تسعة من
أصحابه ،فالتحموا مع المشركين في قتال عنيف ،ظهرت فيه نوادر الحب
والتفاني ،والبطولة والبسالة والفداء .فإنه لما أفرد صلى الله عليه وسلم
ورهقه المشركون ،قال :من يردهم عنا وله الجنة ؟ أو هو رفيقي في الجنة
فتقدم رجل من النصار فقاتل حتى قتل ،وهكذا ،حتى قتل سبعة من
النصار ،فقال صلى الله عليه وسلم :ما أنصفنا أصحابنا .وبقي عليه الصلة
في القرشيين من أصحابه ،هما طلحة وسعد ،فكانت فرصة ل تعوض
للمشركين في النيل منه ،وطمعوا في القضاء عليه ،فرماه عتبة بن أبي
وقاص بالحجارة ،فوقع صلى الله عليه وسلم لشقه .وأصيبت رباعيته
اليمنى السفلى ،وكلمت شفته السفلى .وتقدم إليه عبدالله بن شهاب
الزهري فشجه في جبهته ،وجاء فاؤس عنيد يقال له عبدالله بن قمئة ،
59
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
فضرب على عاتقه بالسيف ضربة عنيفة ،ظل صلى الله عليه وسلم يشكو
منها أكثر من شهر .ثم ضرب وجنته ضربة أخرى عنيفة كالولى ،حتى
دخلت حلقتان من حلق المغفر في وجنته ،وقال :خذها وأنا ابن قمئة فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم ،وهو يمسح الدم عن وجهه :أقمأك الله .
وفي الصحيحين :فجعل يسلت الدم عنه ويقول :كيف يفلح قوم شجوا وجه
نبيهم ،وكسروا رباعيته ،وهو يدعوهم إلى الله
.وعند الطبراني أنه قال :اشتد غضب الله على قوم أدموا وجه رسوله .
فيا أيها المسلمون :هل ترون مقالته إل حقا أبلج ،نعم كيف يفلح قوم أدموا
وجه نبيهم ،وكسروا رباعيته ،وهو يدعوهم إلى الله ،وما أشد غضب الله
على من أدمى وجه رسوله .فإذا كنا بعد أربعة عشر قرنا وربع القرن نكاد
نتميز من الغيظ على ابن قمئة وأصحابه ،فكيف يلم صاحب البلء نفسه ؟
أو من قد حضر معه الواقعة ،وعاش معه ذلك المشهد رأي العين ؟ ولكن
هي لحظة ،ما لبث أن استدركها صلى الله عليه وسلم ،كأنه يعاتب نفسه
مع ما فيه من آلم وجراح ،وما يعلمه من الحق الذي معه ،والباطل الذي
يتمسك به قومه .فمكث ساعة ثم قال :اللهم اغفر لقومي فإنهم ل يعلمون
.
وأنزل المولى تبارك وتعالى قوله :ليس لك من المر شيء أو يتوب عليهم
أو يعذبهم فإنهم ظالمون .
إخوة الدين والعقيدة :من هذه المشاهد الثلث ،نستلهم درسا مهما ،ما
أحوجنا إليه في أيامنا هذه ،ولو عقل الدرس بعض القوم لما انتهكت أعراض
المسلمين ،وسفكت دماؤهم ،وجروا إلى مواجهة يعلم الكل أنهم فيها هم
الخاسرون .
نعم أيها الحبة :إن أهم ما نقطف من ثمار هذه المشاهد أن ل نيأس ،ل
نيأس من رحمة الله ،ول من نصر الله ،ول من هداية الله لي كان .
فعمر أسلم ،وقد ظن عامر أن يسلم الحمار دونه ،وأمهل النبي صلى الله
عليه وسلم قومه ،مع كل ما كان يواجهه من ظلم وعنت ،يرجو أن يخرج
الله من أصلبهم من يعبد الله ل يشرك به شيئا ،فأمهل أبا جهل ،وأمية ،
والوليد بن المغيرة .ودعا لقومه بالهداية في أحد ،وهم الذين أدموا وجهه ،
وكسروا رباعيته ،فقال :رب اهد قومي فإنهم ل يعلمون ،كما في الشفاء
للقاضي عياض .فهدى الله من شاء منهم ،وتاب عليهم ،فآمن به واتبعه ،
أبناء أولئك الصناديد ،رؤوس الكفر وقادة حزب الشيطان ،نعم ،لقد آمن به
واتبعه قائد فرسان المشركين في أحد خالد بن الوليد بن المغيرة ،بل صار
سيفا من سيوف الله مسلول على أهل الكفر والزيغ والعناد .وآمن به
صفوان ابن أمية بن خلف ،وآمن به عكرمة بن أبي جهل ،وما كان بين تلك
المشاهد إل بضع سنين بين كل مشهد ومشهد .
أيها المسلمون :هل نستطيع صبر أنفسنا عن شهوة النتقام ،والنتصار ،
والعلو ؟ هل نستطيع كبح جماحها حتى مع وجود الدليل حتى ل تطغى ،أو
تحيد أو تميل ؟ ولتنظر في عواقب المور ،وتسبر غورها قبل أن تقدم على
أي فعل قد ينتج نصرا ،وقهرا ،وعزا في وقته ،ولكنه يزداد من ذلك كله في
حال الصبر والتحمل ،والفأل !
ألسنا نميل غالبا إلى أن ل نعطي الدنية في ديننا ؟ وهذا حق ،ولكن قد يكون
أحق من هذا الحق ما تثمره شجرة الصبر والتأني والحكمة .
إن اليأس من هداية الناس ،أو إصلحهم محطم للعزائم ،موهن للهمم ،
دافع من تملكه ذلك اليأس إلى قتل نفسه ،وقتل من يظن أنه ل يؤمنون ،
60
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
وأنهم ل يهتدون .وفي الحديث :من قال هلك الناس فهو أهل ُ
كهم ،أو
أهل َ
كهم ...وكل المعنيين صحيح .
ولهذا فإن من الواجب علينا أن نتواصى بالحق ،وأن نتواصى بالصبر ،مع
اليمان والعمل الصالح ،ولننظر بعين العطف على الضالين ،ولنغطهم بجناح
اللطف والحرص على هدايتهم ،وردهم إلى الله ،ولنسأل الله الثبات على
الحق .
)(2 /
وليعلم كل منا أنه ليس وصيا على الناس ،فقد قيل للحبيب صلى الله عليه
وسلم :ليس لك من المر شيء .وقيل له :وما جعلناك عليهم حفيظا وما
أنت عليهم بوكيل .وقيل له :أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين .إن
عليك إل البلغ .
فما علينا إذا ؟ إن علينا أن ندعو ،وأن نجاهد في دعوتنا ،ونصبر عليها ،
ونبذل قصارى الجهد في التبيان ،والدللة ،والمحاورة ،والوعظ بالحسنى .
ونسأل الله لكل ضال أن يهديه ،ويشرح صدره ،ويجنبه طريق الضلل ،
وينقذه من النار .
فكما هدى الله عمر رضي الله عنه ،فغدى من تعرفون ،بعد أن كان قاسيا
غليظا على المسلمين ،لقوا منه أشد ما يكون من البلء والشدة ،فعسى أن
يهدي فلنا العلماني ،أو فلنا المحارب لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم .
وكما أخرج الله من أصلب الصناديد المعاندين لدينه ،المحاربين له ولرسوله
صلى الله عليه وسلم ،فعسى أن يخرج من أصلب من نظنهم أشبه القوم
بهم من يعبد الله ل يشرك به شيئا .ولو يشاء الله لنتصر منهم ولكن ليبلو
بعضكم ببعض .
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم :
يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ول تقولوا لمن ألقى إليكم
السلم لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة ،كذلك
كنتم من قبل فمن الله عليكم فتبينوا إن الله كان بما تعملون خبيرا .
أيها المسلمون :أخرج المام أحمد وغيره ،من حديث أبي هريرة رضي الله
عنه قال :سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " كان رجلن في
بني إسرائيل متواخيين ،فكان أحدهما يذنب ،والخر مجتهد في العبادة ،
فكان ل يزال المجتهد يرى الخر على الذنب فيقول :أقصر ،فوجده يوما
على ذنب فقال له :أقصر ،فقال :خلني وربي ،أبعثت علي رقيبا ؟ فقال :
والله ل يغفر الله لك ،أو ل يدخلك الله الجنة .فقبض أرواحهما ،فاجتمعا
عند رب العالمين ،فقال لهذا المجتهد :أكنت بي عالما ؟ أو كنت على ما
في يدي قادرا ؟ وقال للمذنب :اذهب فادخل الجنة برحمتي ،وقال للخر :
اذهبوا به إلى النار " قال أبو هريرة :والذي نفسي بيده لتكلم بكلمة أوبقت
دنياه وآخرته .
وقف أيها الحبيب عند هذا الحديث ناظرا متأمل ،فقد غفر للمذنب ،وأدخل
الجنة بعمل المتقي وصنعه ،وما فعل الناصح ما فعل إل غيرة على محارم
الله ،ونصحا لله ولدينه .
أل فلنتق الله في أنفسنا ،وفي أبنائنا ،ولنعلمها ونعلمهم أن للغيرة على
الدين والنصح لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ضوابط ،وقواعد
وشروطا ،يجب أن تراعى حتى ل يضيع الجهد ،وتفشل المسيرة ،وقد كان
61
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
الحبيب صلى الله عليه وسلم أغير من سعد ،والله أغير منهما ،ولكن في
مسألة العرض والزنا ل بد من اتباع شرع الله ل العواطف والشيم المجردة
منها .
فالحماس والعاطفة والغيرة والنصح والدعوة والمر بالمعروف والنهي عن
المنكر والجهاد كل ذلك دين ،وواجب في الدين التباع ،والخذ من مشكاة
النبوة على فهم السلف وإل كان من المتحمس المر الناهي المجاهد كان
منه الزلل والزيغ ،وكان الفساد قرين إزالة الفساد ،وهذا يحتاج إلى المل
مع العمل ،والرجاء فيما عند الله تعالى ،وديننا دين عملي واقعي ،ل ييأس
أبدا ،ففيه عن رسول الهدى أمر بأن لو قامت ،تأمل لو قامت الساعة وفي
يد أحدنا فسيلة ،فإن استطاع أن يغرسها قبل أن تقوم فليغرسها .ل تسأل
متى ستنبت ؟ متى ستثمر ؟ من يسقيها ؟ انتهى الوقت ،فقط افعل ،ودع
أمر ما بقي إلى الله ،وإلى الله ترجع المور ،والله المستعان .
)(3 /
62
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(1 /
63
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
كم(( ]النور [11 :خير معين لتفهم سنن الله )عز وجل( الخرى :كما شرا ً ل ّ ُ
َ
م(( َ ّ
سهِ ْ ف ِ ما ب ِأن ُحّتى ي ُغَي ُّروا َ قوْم ٍ َ ما ب ِ َ
ه ل ي ُغَي ُّر َ ن الل َ في قوله )تعالى()) :إ ّ
]الرعد [11 :وفي هذه المعرفة فتح باب للمنهج الصحيح في الدعوة إلى الله
)سبحانه( ،كما أن فيها وقاية من التخبط والضطراب في المنهاج
والجتهادات ،كما أن في دراسة هذه السنة وربط الحداث والوقائع بها أكبر
ضمانة للعقل المسلم من أن يتأثر بالتصورات الجاهلية ،والتفسيرات المادية
للتاريخ والحداث التي سيطرت اليوم على كثير من عقول المسلمين
المتأثرين بوسائل العلم المادية وبالثقافات التي ل تؤمن بالله ،ول باليوم
الخر ،ول بالقدر خيره وشره.
خَيرة من الله )سبحانه( في كل المور ،وتفويض رابعًا :التنبيه إلى طلب ال ِ
المور إلى حسن تدبيره )عز وجل( واختياره؛ لنه )سبحانه( يعلم ول نعلم،
ويقدر ول نقدر ،وهو علم الغيوب الذي يعلم ما كان وما سيكون ،ويعلم أين
يكون الخير ،وأين يكمن الشر؛ ولذلك جاء التوجيه إلى دعاء الستخارة في
المور كلها.
خامسًا :كثرة المشاكل والمصائب في زماننا هذا ،سواء على مستوى الفراد
أو الجماعات ،التي أدت إلى ظهور كثير من المراض النفسية المعقدة:
كالقلق ،والكتئاب ،والفصام ..وغيرها ،حتى أصبحت سمة لواقعنا المعاصر،
ومعرفة الله )سبحانه( بربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته التي تزرع في
القلب الطمئنان والرضا ،وتفويض المور إليه )سبحانه( ،وحسن الظن به
)عز وجل( ،وأن اختيار الله لعبده أحسن من اختيار العبد لنفسه ،ولو ظهر ما
كم(( شرا ً ل ّ ُ سُبوه ُ َ ح َ يكرهه العبد ويؤذيه :إن في تفهم قوله )تعالى()) :ل ت َ ْ
]النور [11 :أحسن علج لهذه المراض وغيرها.
سادسًا :إن في هذه السنة وفهمها طريقا ً موصل ً إلى الفقه بقاعدة الشرع
العظيمة ،التي بنيت عليها أحكام الشرع؛ أل وهي :اليسر ورفع الحرج
والمشقة ،وأن الله )عز وجل( ل يريد بعباده إل اليسر والرحمة ،سواء أكان
في أحكامه الكونية القدرية ،أو الدينية الشرعية.
من ثمرات هذه السنة:
فّهم هذه السنة الكريمة وتذكرها دائما ً أثرا ً كبيرا ً في القلب ،يظهر جلي ّا ً إن لت َ َ
ً
في المواقف ،وبالذات في مواقف الشدة والبلء؛ فكان لزاما على المسلم،
وبخاصة الداعية المجاهد ،أل يغفل عن هذه الثمرات المنبثقة من قوله
م(( ،وثمار اليمان بهذه السنة خي ٌْر ل ّك ُ ْل هُوَ َ كم ب َ ْ شرا ً ل ّ ُ سُبوه ُ َ
ح َ
)تعالى()) :ل ت َ ْ
واليقين بها كثيرة ،أذكر منها ما يلي:
-1تحقيق العبودية لله )عز وجل( بأسمائه الحسنى وصفاته الُعل:
إن الله )عز وجل( لم يعرفنا على أسمائه وصفاته لنحفظها ونعدها فقط،
وإنما المقصود السنى من معرفة أسمائه )عز وجل( وصفاته :أن ندعوه بها،
َ
عوهُ سَنى َفاد ْ ُ ح ْ ماُء ال ُ س َ وأن نتعبد له )سبحانه( بها؛ قال الله )تعالى()) :وَل ِل ّهِ ال ْ
ب َِها(( ]العراف[180 :
إن في كل اسم من أسمائه )سبحانه( عبودية على العبد ،يجب أن تظهر
آثارها في القلب ،وعلى الجوارح ،وفي المواقف.
فمن السماء الحسنى التي يتعبد لله )عز وجل( بها من خلل معرفة هذه
السنة :الحكيم ،العليم ،البر ،الرحيم ،الودود ،اللطيف ..وغيرها .فعندما يؤمن
العبد المسلم بهذه السماء فإنها تثمر اليمان بحكمة الله )عز وجل( في كل
أحكامه الكونية والشرعية ،وتضفي على القلب النس ،وإحسان الظن بالله
)عز وجل( ،والرضا بقضائه ،وأنه بر رحيم ،ل يريد بعباده إل الخير والتيسير
64
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(2 /
إن اليقين بلطف الله )تعالى( ينفي الشعور باليأس والقنوط من مجيء فرج
الله ونصره ،وينشيء مكانه المل والثقة بوعد الله ونصره ،كما أنه ينشيء
في القلب الفتقار إلى الله )عز وجل( وتفويض المور إليه ،وسؤاله )عز
ن العاقبة والختيار. س َ ح ْوجل( دائما ً ُ
وبقيت كلمة أخيرة في هذه الثمرة أنصح بها نفسي وإخواني طلب العلم؛
درس أو ن ُد َّرس أبواب التوحيد وذلك بأن نحرص أشد الحرص ـ ونحن ن ْ
المختلفة ـ على أل نكتفي بالدراسة العلمية الذهنية المجردة فقط ،وإنما
نسعى جاهدين في ربطها بأعمال القلوب ،وما تثمره فيها من أنواع
العبوديات المختلفة التي يجب أن يظهر أثرها في المواقف والسلوك وجميع
التصرفات ،والله المستعان.
-2الصبر على البليا والمصائب وقوة الحتمال:
وهذه الثمرة لها علقة بما قبلها؛ فعندما يعرف العبد ربه بأسمائه وصفاته
ويتعبده بها ،فإنها تثمر في القلب ثباتًا ،ورباطة جأش ،وصبرا ً أمام البتلءات
والمصائب؛ فل يضعف وليخور وهو يعلم أن ربه الرحيم الحكيم ،اللطيف
الخبير ،الودود الغفور :هو الذي قدرها عليه ،وأنه لم يقدرها ليعذبه ويشقيه،
ولكن ليرحمه ويرده إليه ..عند ذلك يفوض أمره إلى ربه ،ويرضى بما يختار
له موله )سبحانه( ،ويعلم أنه هو الذي يمده بالقوة والعزيمة ،والصبر وحسن
العاقبة .إن هذا الشعور يمل القلب قوة وصبرا ً واحتمال ً أمام الشدائد؛ لقوة
الرجاء في الله )عز وجل( ،واليقين بفرجه ونصره ،واليقين بحسن العاقبة
ن
مو َ كوُنوا ت َا ًل َ ُ من الله )عز وجل( فيما أعده للصابرين؛ قال )تعالى()):إن ت َ ُ
ه عَِليما ً ن الل ّ ُكا َن وَ َ
جو َ ن الل ّهِ َ
ما ل ي َْر ُ م َ
ن ِجو َ
ن وَت َْر ُ ما ت َا ًل َ ُ
مو َ ن كَ َمو َم ي َا ًل َ ُ
َفإن ّهُ ْ
كيمًا(( ]النساء.[104 : ح ِ َ
وإن مما يقوي الصبر على الشدائد يقين العبد أن ما أصابه إما أن يكون
تكفيرا ً لذنوبه ،أو سببا ً لنعمة ل تنال إل بذلك المكروه.
فإذا أيقن العبد المبتلى أن العاقبة الحميدة من النصر في الدنيا ،والجنة في
الخرة ل يوصل إليهما إل على جسر التعب والمشقة :فإنه بذلك يقوى صبره،
واحتماله ،وبذله وتضحيته في سبيل الله )عز وجل( ،مع تفقد النفس من
الذنوب ،وتنقية الصف من المنافقين ،فذلك من أسباب النصر.
-3سعادة القلب وطمأنينته وسكينته:
عندما يعلم العبد المؤمن أن كل ما يقضيه الله )عز وجل( هو عين الحكمة
والرحمة ،والخير ،سواء في العاجل أو الجل ،فإن هذه المعرفة تضفي على
القلب شعورا ً بالنس والسعادة والطمأنينة والسكينة ،مهما اشتدت
المصائب ،وتوالت المحن؛ وبذلك يسلم صاحب هذا القلب من تلك المراض
والوساوس التي تفتك بكثير من الناس الذين حرموا مثل هذه المعرفة
65
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
العظيمة بربهم ،نعم سوف ل يخيم على نفسه ما يخيم على النفوس
اليائسة ،من الشعور بالقلق والكتئاب وانكساف البال ،تلك الشياء التي تجر
وراءها من مصائب الدنيا والدين ما ل يعلمه إل الله )عز وجل( .وسوف يريحه
هذا الشعور من الفكار المتعبة التي تنشأ من كثرة الختيارات والترددات،
التي هي منشأ القلق والهم والغم.
إن التسخط وعدم الرضى بما قضاه الله )عز وجل( باب إلى الهم ،والغم،
والحزن ،وشتات القلب ،وسوء الحال ،والظن بالله ظن السوء ،ول يدفع ذلك
كله إل معرفة الرب )عز وجل( بأسمائه الحسنى ،وصفاته العل ،والتعبد له
)سبحانه( بها ،والعمل بمقتضاها ،والذي يولد في النفس الرضى بما يختاره
َ
ن(( مو َ م ل ت َعْل َ ُ م وَأنت ُ ْه ي َعْل َ ُ
الله )عز وجل( ،وأنه أرحم بعبده من نفسه ))َوالل ّ ُ
] آل عمران.[66 :
-4سلمة القلب:
عندما يمتلئ القلب بتوحيد الله )عز وجل( ومعرفته )سبحانه( بأسمائه
الحسنى وصفاته العل ،ويمتلئ باليقين بوعده ،والثقة بحكمته ،وانتظار
رحمته؛ فإن كل ذلك يضفي على القلب صفاًء ونورا ً وطهارة ُتسل بها من
القلب أمراض كثيرة؛ فيصبح القلب بعدها سليما ً صحيحًا ،وينعم به صاحبه في
الدنيا والخرة؛ قال )تعالى( في وصف إمام الحنفاء )عليه الصلة والسلم(:
م(( ]الصافات [84 :وقال )تعالى( حكاية لدعاء سِلي ٍ
ب َقل ْ ٍ
ه بِ َ ))إذ ْ َ
جاَء َرب ّ ُ
ع
ف ُ
م ل َين َ ن ) (87ي َوْ َ م ي ُب ْعَُثو َ خزِِني ي َوْ َإبراهيم )عليه الصلة والسلم(َ)) :ول ت ُ ْ
ل ول بنون ) (88إل ّ م َ
م(( ]الشعراء.[89 87 : سِلي ٍب َ قل ْ ٍ ن أَتى الل ّ َ
ه بِ َ َ ْ ما ٌ َ َ ُ َ َ
ومن أهم مظاهر سلمة القلب التي تحصل بهذه المعرفة ما يلي:
أ -السلمة من أمراض الحقد والحسد والشحناء:
وذلك لن الذي يوقن بحكمة الله )عز وجل( ورحمته في كل ما يقضيه من
أقضية كونية وشرعية :يعلم علم اليقين أن لله )عز وجل( الحكمة البالغة في
إعطاء من يشاء ،ومنع من يشاء ،وإعزاز من يشاء ،وإذلل من يشاء .وهذا
العلم لبد أن يثمر الرضى بما يقدره الله )عز وجل( ويقضيه على الناس؛
وبذلك تزول الشحناء والحقاد المتولدة عن الحسد المتولد أصل ً من معارضة
أقدار الله )عز وجل( والتسخط لها.
ب -السلمة من أمراض الخوف والطمع:
)(3 /
إن المؤمن الراضي بربه والموقن بحكمته وبره ولطفه ل تجده إل قانعا ً بما
آتاه الله )عز وجل( ،مطمئنا ً إلى اختيار الله )سبحانه( له؛ لنه )عز وجل(
أعلم بما يصلح للعبد من نفسه ،وهذه الثمرة تقضي على هذا الداء الخطير
)داء الطمع والحرص والتهالك على الدنيا وزينتها(؛ لن القلب الراضي
المفوض أمره إلى الله )عز وجل( قد امتل غنى وقناعة ومحبة وتوكل ً على
الله )سبحانه(؛ فحري بقلب هذه صفته أل يكون فيه محل لمحبة غير الله،
وهذه الثمرة يتولد عنها ثمار طيبة ،منها :عدم السى على ما فات ،وعدم
ض َول ِفي َ َ
صيب َةٍ ِفي الْر ِ م ِ من ّ ب ِ صا َما أ َ الفرح بما هو آت؛ قال )تعالى(َ )) :
َ
سيٌر ) (22ل ِكْيل ّ َ َ
ن ذ َل ِك عَلى اللهِ ي َ ِ ها إ ّ ل َأن ن َب َْرأ َ
َ
من قَب ْ ِ ب ّ م إل ّ ِفي ك َِتا ٍ سك ُ ْف َِأن ُ
خوٍر(( ل فَ ُخَتا ٍ
م ْ ل ُ ب كُ ّ
ح ّ
ه ل يُ ِ م َوالل ّ ُ ما آَتاك ُ ْ حوا ب ِ َفَر ُم َول ت َ ْ وا عََلى َ
ما َفات َك ُ ْ س ْت َا ً َ
]الحديد ،[22،23 :والعبد المؤمن ل يدري أين يكون الخير ،أهو في الفائت أم
التي؟ ولكن الله وحده هو الذي يعلم ،وهو علم الغيوب.
66
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
كما أنها تثمر أيضًا :الزهد في الدنيا ،والحذر منها ،فكم فرح بالدنيا أناس
ه ط الل ّ ُ
ه الّرْزقَ ل ِعَِبادِ ِ س َ فكانت سبب هلكهم وشقوتهم؛ قال )تعالى()) :وَل َوْ ب َ َ
ض وَل َ ِ َ
صيٌر(( ]الشورى: خِبيٌر ب َ ِه ب ِعَِبادِهِ َ شاُء إن ّ ُما ي َ َ
قد َرٍ ّل بِ َ كن ي ُن َّز ُ وا ِفي الْر ِ ل َب َغَ ْ
.[27
وكيف يسكن الخوف والهلع في قلب من اطمأن إلى حكم ربه ،وأحسن
الظن به ،وفوض أموره إليه .إن الخوف والهلع سواًء أكان على الرزق أو
الجل ل يكونان إل عند من لم يعرف ربه بأسمائه الحسنى وصفاته العل ،أما
لو عرف ربه )عز وجل( ،وأنه رحيم ودود ،وأّنه حكيم عليم ،وأنه لطيف خبير..
معرفة حقيقية يتعبد لربه بها :فإن الطمئنان والسكينة تعمران القلب،
وتنفيان كل دواعي الخوف والوجل من المخاليق الضعفاء الذين ل يملكون
لنفسهم نفعا ً ول ضّرا ً فضل ً عن أن يملكوا شيئا ً من ذلك لغيرهم .ويبقى
صاحب هذا القلب مطمئنا ً إلى حسن اختيار الله له ،يستشرف رحمة ربه
وخيره في كل ما يقضيه الله عليه؛ ولو ظهر في هذا المقضي من الشر
واللم ما ظهر ،فمن يدري؟! فلعل في طيات المحنة منحة ونعمة.
ج -السلمة من أمراض الكبر والخيلء:
ً ً
إن القلب ل يصدق عليه أن يوصف بكونه سليما صحيحا حتى ينضم إلى ما
ذكر سابقا ً سلمته من أمراض الكبر والفخر والخيلء؛ فإن العبد المؤمن متى
ما عرف ربه )عز وجل( وتعبد له بأسمائه وصفاته فإن المسكنة والمحبة لله
)عز وجل( سوف تمل القلب؛ وينتج عن ذلك :التواضع للحق وإيثاره،
من هذه صفته إل محب ّا ً والتواضع للخلق ،وعدم غمطهم وظلمهم ،بل ل ترى َ
للخير والحسان للناس ،ول تراه إل محقرا ً لنفسه ،منشغل ً بعيوبها عن عيوب
الناس؛ لنه يشهد حكمة الله )عز وجل( في ابتلئه لعبده بالخير والشر .ولن
أسباب الكبر والتعالي على الناس ل تخرج عن كونها اغترارا ً بنعمة دينية أو
دنيوية ،وأنه إذا أيقن العبد المؤمن أن هذه النعم إنما أعطاها الله لعبده
ليبلوه أيشكر أم يكفر؛ فإن الخوف على النفس من هذا البتلء سيشغله عن
التعالي على الناس ،أو الفخر عليهم ،وكيف يكون ذلك وهو ل يدري أين
يكمن الخير أو الشر؟! ولعل هذه النعمة التي يفتخر بها فتنة له ومتاع إلى
حين ،أو أن الذي يفخر عليه ممن هو دونه يكون في خير ورحمة مفتوحة من
الله )عز وجل( عليه ،والناس يحسبون أنه في ضيق وشر!.
-5محاسبة النفوس والنتباه إلى خطر المعاصي وشؤمها على الفرد
والمجتمع:
إن من ثمار هذه السنة الكريمة أن ينتبه العبد المؤمن إلى نفسه ويحاسبها
على تفريطها وذنوبها .وهذا بعض الخير الذي يجعله الله فيما يراه الناس شّرا ً
ومصيبة؛ حيث إن المصائب والشرور المقدرة على العبد المؤمن غالبا ً ما
تكون تكفيرا ً للذنوب ،وإيقاظا ً له من الغفلة ،ومجال ً لتطهير النفس من أدران
المعاصي والسيئات .ومتى ما حصلت هذه الثمرة العظيمة في القلب فإن
المصيبة والنقمة تصبح في حقيقة المر خيرا ً ونعمة لصاحبها؛ وصدق الله
م((.خي ٌْر ل ّك ُ ْ
ل هُوَ َ كم ب َ ْ شرا ً ل ّ ُ سُبوه ُ َ ح َالعظيم)) :ل ت َ ْ
أما إذا حصل العكس من ذلك ـ والعياذ بالله ـ وذلك بأن كانت المصيبة سببا ً
في مزيد من الغفلة أو التسخط على أقدار الله )تعالى(؛ فإن المصيبة
والحالة هذه ل تعتبر خيرا ً لمن وقعت عليه ،لكنها قد تكون خيرا ً لغيره عندما
يحصل التعاظ والعبرة بحال من وقعت له المصيبة.
-6التعرف على سنن الله )عز وجل( في التغيير ،والسير على هداها:
67
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(4 /
إن إدراك معاني أسماء الله )عز وجل( وآثارها ومقتضياتها يفتح في قلب
المؤمن منافذ عديدة على سننه )عز وجل( التي ل تتبدل ول تتحول ،وبخاصة
إدراك آثار حكمة الله )عز وجل( ورحمته ولطفه وإحسانه ،ولقد مّر بنا كيف
م(( يطبع في خي ٌْر ل ّك ُ ْ
ل هُوَ َ كم ب َ ْ شرا ً ل ّ ُ سُبوه ُ َ ح َ أن فقه قوله )تعالى()) :ل ت َ ْ
القلب شعورا ً برحمة الله )عز وجل( وخيره وبره ،وأن كل ما يقضيه )عز
وجل( هو عين الخير والمصلحة والحكمة ،وهذا الشعور يؤدي بدوره إلى فتح
القلب والفكر على سنن الله )عز وجل( التي تنبثق من هذه المعرفة ،وعندما
تحصل هذه المعرفة لسنن الله )عز وجل( في التغيير :فإن الفكر البشري
ينضبط ويستقيم ول تتقاذفه الثقافات المادية ذات اليمين وذات الشمال،
وبذلك يسلم من التفسيرات المادية للحداث ،والتي تربط كل المتغيرات
بأسباب مادية بحتة؛ كتلك التي تربط النصر والهزيمة بأسباب مادية ،أو تلك
التي تفسر العقوبات الربانية كالزلزل والعاصير بكونها ظواهر فلكية بحتة،
متجاهلين قدر الله وحكمته.
كما أن هذه المعرفة تثمر أيضا :معرفة الموازين المنضبطة الثابتة التي توزن ً
حقّ لها أن تكون بهذه المثابة؛ لنها من عند بها المور والحوال والشياء ،و ُ
الله )عز وجل( الحكيم ،العليم ،الرحيم ،الودود ،الذي يعلم ما كان وما
سيكون ،والذي له الكمال المطلق ،وهو الغني الحميد .وهو )سبحانه( يقول
ص على عبيده ـ رحمة منه وفضل ً ـ جانبا ً من أسرار سنته وقدره الحق ،ويق ّ
ليأخذ الناس حذرهم وليعتبروا ويتعظوا ،وليدركوا الرحمة والخير والحكمة
الكامنة وراء هذه السنن الربانية والموازين اللهية ،والتي بدورها تؤدي إلى
معرفة المنهج الصحيح للتغيير ،كما تؤدي إلى المنهج الصحيح لتقويم المور
ووزنها بالميزان الحق.
ولقد مر بنا في الثمرات السابقة بعض السنن الربانية التي يهتدي إليها القلب
العامر بمعرفة الله )عز وجل( وتوحيده ،ولكن نخص هنا بعض السنن بشيء
من التفصيل ،وذلك فيما يلي:
أ -العاقبة للمتقين :إن وعد الله )عز وجل( ل يتخلف ،وكلمته ل تتبدل ،ولقد
م ل َهُ ُ
م ن ) (171إن ّهُ ْسِلي َ مْر َ مت َُنا ل ِعَِبادَِنا ال ُت ك َل ِ َ ق ْ سب َ َ قد ْ َ قال ـ وقوله الحق ـ)) :وَل َ َ
ن(( ]الصافات [173 -171 :هذا م الَغال ُِبو َ جند ََنا ل َهُ ُ ن ُ ن )َ (172وإ ّ صوُرو َ من ُ ال َ
وعد الله )سبحانه( ،ولو تأخر وأبطأ على عباده فإن من وراء ذلك التأخير
حكمة وخير.
َ
ب -ويتعلق بهذه السنة سنة أخرى في معناها ،وهي قوله )تعالى()) :وَلن
ل(( ]النساء [141 :يقول ابن القيم سِبي ً ن َ مِني َ مؤ ْ ِ ن عََلى ال ُ ري َ ه ل ِل ْ َ
كافِ ِ ل الل ّ ُ جعَ َيَ ْ
)رحمه الله تعالى( في معنى الية) :قيل :بالحجة والبرهان ،فإن حجتهم
داحضة عند ربهم ،وقيل :هذا في الخرة وأما في الدنيا فقد يتسلطون عليهم
بالضرر لهم والذى ،وقيل :ل يجعل لهم عليهم سبيل ً مستقرة ،بل وإن نصروا
عليهم في وقت فإن الدائرة تكون عليهم ،ويستقر النصر لتباع الرسول.
وقيل :بل الية على ظاهرها وعمومها ،ل إشكال فيها ـ بحمد الله ـ؛ فإن الله
ل ،فحيث كانت لهم )سبحانه( ضمن أن ل يجعل للكافرين على المؤمنين سبي ً
ل ما عليهم فهم الذين جعلوها بتسببهم ترك بعض ما أقروا به ،أو ارتكاب سبي ٌ
بعض ما ُنهوا عنه؛ فهم جعلوا لهم السبيل عليهم بخروجهم عن طاعة الله
ورسوله فيما أوجب تسلط عدوهم عليهم في هذه الثغرة التي أدخلوها ،كما
أخلى الصحابة يوم ُأحد الثغرة التي أمرهم رسول الله بلزومها وحفظها؛
68
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(5 /
خي ْر َ َ
ما
م إن ّ َ سهِ ْف ِ لن ُ م َ ٌ مِلي ل ُهُ ْ
ما ن ُ ْفُروا أن ّ َن كَ َ ن ال َ ِ
ذي َ سب َ ّ
ح َ د -قوله )تعالى(َ)) :ول ي َ ْ
ن(( ]آل عمران.[178 : مِهي ٌب ّذا ٌ م عَ َ م ل ِي َْزَداُدوا إْثما ً وَل َهُ ْ مِلي ل َهُ ْنُ ْ
هذه الية ترسم ميزانا ً قويما ً ثابتا ً في أن إغداق النعم على العبد ليس علمة
على كرامة الله له ومحبته إياه ،ول يدل على أنه في خير وسعادة ،بل الغالب
أن وراء الملء والنعم شّرا ً وعذابًا ،وفي هذا الميزان توجيه للناس إلى حقيقة
البتلء بالخير والشر ،وأل تكون موازينهم في السعادة والتعاسة هي النظر
إلى كثرة النعم أو قلتها؛ فكم كان الرخاء سببا ً للعذاب ـ دنيا ً وأخرى ـ ،وكم
من أناس صالحين حرموا في هذه الدنيا من نعمة المال والولد ،ولكنهم في
خير وسعادة ـ دنيا ً وأخرى ـ .وهذه المعاني العظيمة ل يمكن إدراكها إل في
كم(( واليات شرا ً ل ّ ُ سُبوه ُ َ ح َ ضوء التوحيد وأنواره ،وصدق الله العظيم)) :ل ت َ ْ
ُ َ
م َول والهُ ْ م َ جب ْك أ َْ في هذا المعنى كثيرة جد ًّا ،أذكر منها قوله )تعالى()) :فل ت ُعْ ِ
َ
م
م وَهُ ْ سهُ ْ ف ُ حَياةِ الد ّن َْيا وَت َْزهَقَ َأن ُه ل ِي ُعَذ ّب َُهم ب َِها ِفي ال َ ريد ُ الل ّ ُ
ما ي ُ ِ
م إن ّ َ أْولد ُهُ ْ
َ
ن(( ]التوبة.[55 : كافُِرو َ َ
-7التؤدة والناة وعدم الستعجال:
كم ب َ ْ
ل شرا ً ل ّ ُ سُبوه ُ َ ح َ وهذه هي الثمرة السابعة من ثمار قوله )تعالى()) :ل ت َ ْ
م(( فإذا كان العبد ل يعلم أين يكون الخير والشر فيما يقضيه الله خي ٌْر ل ّك ُ ْ
هُوَ َ
)سبحانه( إل في ضوء ما أعلمه الله )عز وجل( عباده من السنن والثواب،
فإنه ـ والحالة هذه ـ ل ينبغي له أن يتعجل المور أو يحلل المواقف والحداث
قبل دراستها والبحث في جوانبها ،متجردا ً في ذلك لله )عز وجل( ،مهتديا ً
بالموازين والسنن الثابتة التي ذكرها الله )سبحانه( في كتابه ،وعلى لسان
رسوله ،وإذا وُّفق العبد إلى هذا الفضل :فإنه في الغالب يصدر عن الحق،
وينطق بالحق ،وتنشأ عنده صفتا )الحلم( و)الناة( اللتان يحبهما الله )عز
وجل( ..وكم رأينا من أناس تعجلوا أمورهم قبل أوانها فكانت نتيجتها وبال ً
وشّرًا ،وكم سئم أناس من نعمة أنعم الله بها عليهم فتقاّلوها ومّلوها وأرادوا
م. غيرها ،فلما جاءهم ما أرادوه وتعجلوه أصابهم منه ضرٌر ونكد ٌ وند ٌ
ومن صور الستعجال التي يمكن معالجتها بهذه السنة :ما نراه من تعجل
69
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
بعض الطيبين من الغيورين على هذا الدين في قطف ثمرة جهدهم ،وتعريض
أنفسهم للبتلء ،وتمنيهم لمواجهة العداء ...وينسون أو يغفلون عن قوله) :ل
تمنوا لقاء العدو ،وإذا لقيتموهم فاصبروا() .(4لن المرء ل يدري ما تؤول إليه
الحال عند مواجهة العدو ،ومشاهدة الهوال .وقد يتمنى العبد حالة معينة
ويستعجلها بتصرفه الجاهل بعواقب المور ،ولكن الله )عز وجل( برحمته
يحول بينه وبين هذا المر لما يعلمه )سبحانه( من الشر والفتنة على عبده
من هذا المر؛ فكم من أناس استعجلوا البلء قبل أوانه ،فلما أصبحوا تحت
وطأته :ضعفوا وانتكسوا ـ والعياذ بالله ـ فحريّ بالمسلم أن يسأل ربه الدللة
على ما فيه الخير والصلح ،وعلى ما فيه مرضاته )عز وجل( ورحمته.
مما سبق يتبين لنا فضل التؤدة والناة ،وأنها من ثمرة العلم بالله )عز وجل(
وتوحيده وأسمائه وصفاته ،وأنه )عز وجل( يقدر الوقت المناسب لنصر
أوليائه بعد أن يكونوا قد أخذوا بأسباب النصر وأعدوا عدته ،وأنه )سبحانه( هو
العليم الحكيم والبر الرحيم بعباده ،فل يؤخر عنهم شيئًا ،ول يقضي عليهم
أمرا ً إل وفيه الخير والرحمة ،ولكن العبد القاصر والجاهل بعواقب المور
يستعجل أمر ربه الرحيم.
م ُ ُ
سأِريك ْ ل َج ٍ
ن عَ َ
م ْ
ن ِ
سا ُ
خل ِقَ الن َ
وصدق الله العظيم في وصفه للنسانُ )) :
ن اللهّ م منَ إل والتسرع، العجل فطبيعته جُلو ِ
ن(( ]النبياء[37 : آَياِتي َفل ت َ ْ
ست َعْ ِ
عليه بتوحيده ومحبته والتسليم له ،مع فعله للسباب الممكنة ،فإنه يسلم من
سُبوهُ ح َالفكار المتعبة ،والندفاعات المتهورة ،لنه يفقه قوله )تعالى()) :ل ت َ ْ
كم(( وصدق الرسول) :التؤدة في كل شيء إل في عمل الخرة().(5 شرا ً ل ّ ُ
َ
في هذا المبحث سأتعرض ـ إن شاء الله )تعالى( ـ لبعض المواقف من
السيرة المطهرة وغيرها ،والتي ظهرت فيها حكمة الله )عز وجل( ورحمته،
وأن ما اختاره الله )عز وجل( لعباده خير مما اختاروه لنفسهم.
من السيرة المطهرة:
)(6 /
الموقف الول :غزوة بدر الكبرى :وهي أشهر من أن تذكر؛ فلقد كانت فرقانا ً
بين الحق والباطل ،ولكن المراد من الستشهاد بها هنا :هو ما ظهر في هذه
الغزوة العظيمة من الفرق بين ما أراده المسلمون قبل الغزوة ،وكراهيتهم
للقاء عدوهم ،ورغبتهم في أن تكون في العير ،وبين ما اختاره الله لهم من
أن تكون في النفير وفي ذات الشوكة؛ يقول الله )عز وجل(َ)) :وإذ ْ ي َعِد ُك ُ ُ
م
فتين أ َنها ل َك ُم وتودو َ
ريد ُم وَي ُ ِن ل َك ُ ْ شوْك َةِ ت َ ُ
كو ُ ت ال ّن غَي َْر َذا ِ
نأ ّ ْ ََ َ ّ َ طائ ِ َ َ ْ ِ ّ َ دى ال ّ ح َهإ ْالل ّ ُ
قط َعَ َداب َِر ال َ َ
حقّ وَي ُب ْط ِ َ
ل حقّ ال َ ن ) (7ل ِي ُ ِ
ري َكافِ ِ مات ِهِ وَي َ ْحقّ ب ِك َل ِ َ حقّ ال َ ه أن ي ُ ِ الل ّ ُ
ن(( ]النفال.[8 ،7 : مو َ جرِ ُ م ْ ل وَل َوْ ك َرِهَ ال ُالَباط ِ َ
فأين الخير الذي علمه الله )عز وجل( وغاب عن المسلمين آنذاك فأرادوا
غيره؟ إن الجواب في الية نفسها؛ يعلق الستاذ سيد قطب )رحمه الله
تعالى( على هذه الية فيقول) :لقد أراد الله ـ وله الفضل والمنة ـ أن تكون
ملحمة ل غنيمة ،وأن تكون موقعة بين الحق والباطل؛ ليحق الحق ويثبته،
ويبطل الباطل ويزهقه ،وأراد أن يقطع دابر الكافرين؛ فُيقتل منهم من يقتل،
وُيؤسر منهم من يؤسر ،وتذل كبرياؤهم ،وتخضد شوكتهم ،وتعلو راية السلم
كن الله للعصبة المسلمة التي تعيش بمنهج الله، وتعلو معها كلمة الله ،ويم ّ
وتنطلق به لتقرير ألوهية الله في الرض ،وتحطيم طاغوت الطواغيت ،وأراد
أن يكون هذا التمكين عن استحقاق ل عن جزاف ـ تعالى الله عن الجزاف ـ
70
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(7 /
-2ومنها :أن يتميز المؤمن الصادق من المنافق الكاذب؛ فإن المسلمين لما
أظهرهم الله على أعدائهم يوم بدر ،وطار لهم الصيت :دخل معهم في
السلم ـ ظاهرا ً ـ من ليس معهم فيه باطنًا ،فاقتضت حكمة الله )عز وجل(
أن سّبب لعباده محنة ميزت بين المؤمن والمنافق ،فأطلع المنافقون
رؤوسهم في هذه الغزوة ،وتكلموا بما كانوا يكتمونه ،وعاد تلويحهم تصريحاً،
وانقسم الناس إلى كافر ،ومؤمن ،ومنافق ،انقساما ً ظاهرًا ،وعرف المؤمنون
أن لهم عدوا ً في نفس دورهم ،وهم معهم ل يفارقونهم ،فاستعدوا لهم،
َ
مما أنت ُ ْ ن عََلى َ مؤْ ِ
مِني َ ه ل ِي َذ ََر ال ُن الل ّ ُ
كا َما َوتحرزوا منهم؛ قال الله )تعالى(َ )) :
ن َ
ب وَلك ِ ّ َ
م عَلى الغَي ْ ِ ُ ْ
ه ل ِي ُطل َِعلك ْ ّ
ن الل ُ َ
ما كا َب وَ َن الط ّي ّ ِم َث ِخِبي َميَز ال َ عَل َي ْهِ َ
حّتى ي َ ِ
شاُء(( ]ال عمران .[179 :أي :ما كان الله ليذركم من ي َ َسل ِهِ َمن ّر ُ جت َِبي ِ الل ّ َ
ه يَ ْ
71
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
على ما أنتم عليه من التباس المؤمنين بالمنافقين ،حتى يميز أهل اليمان
من أهل النفاق ،فإنهم متميزون في غيبه وعلمه ،وهو )سبحانه( يريد أن
يميزهم تمييزا ً مشهودًا ،فيقع معلومه الذي هو غيب شهاد ً
ة.
-3ومنها :استخراج عبودية أوليائه وحزبه في السراء والضراء ،وفيما يحبون
وما يكرهون ،فإذا ثبتوا على الطاعة والعبودية فيما يحبون وما يكرهون فهم
قًا ،وليسوا كمن يعبد الله على حرف واحد من السراء والنعمة عبيده ح ّ
والعافية.
ً
-4ومنها :أنه )سبحانه( لو نصرهم دائما؛ لطغت نفوسهم ،وشمخت،
وارتفعت؛ فلو بسط لهم النصر والظفر ،لكانوا في الحال التي يكونون فيها
لو بسط لهم الرزق ،فل يصلح عباده إل السراء والضراء ،والشدة والرخاء،
والقبض والبسط.
-5ومنها :أن النفوس تكتسب من العافية الدائمة والنصر والغنى طغيانا ً
وركونا ً إلى العاجلة ،وذلك مرض يعوقها عن جدها في سيرها إلى الله والدار
الخرة ،فإذا أراد بها ربها ومالكها وراحمها كرامته :قّيض لها من البتلء
والمتحان ما يكون دواًء لذلك المرض العائق عن السير الحثيث إليه ،فيكون
ذلك البلء والمحنة بمنزلة الطبيب يسقي العليل الدواء الكريه ،ولو تركه
لغلبته الدواء حتى يكون فيها هلكه.
-6ومنها :أن الشهادة عنده من أعلى مراتب أوليائه ،وهو )سبحانه( يحب أن
يتخذ من عباده شهداء ُتراق دماؤهم في محبته ومرضاته ،ويؤثرون رضاه
ومحابه على أنفسهم .ول سبيل إلى نيل هذه الدرجة إل بتقدير السباب
المفضية إليها من تسليط العدو.
-7ومنها :أن الله )سبحانه( إذا أراد أن يهلك أعداءه ويمحقهم ،قيض لهم
السباب التي يستوجبون بها هلكهم ومحقهم ،ومن أعظمها بعد كفرهم:
بغيهم ،وطغيانهم ،ومبالغتهم في أذى أوليائه ،ومحاربتهم ،وقتالهم ،والتسلط
عليهم؛ فيتمحص بذلك أولياؤه من ذنوبهم وعيوبهم ،ويزداد بذلك أعداؤه من
أسباب محقهم وهلكهم .وقد ذكر )سبحانه وتعالى( ذلك في قوله:
ن(( ]ال عمران.(7)[141 : ري َ
كافِ ِحقَ ال َم َمُنوا وَي َ ْ
نآ َ ه ال َ ِ
ذي َ ص الل ّ ُ
ح َم ّ
))وَل ِي ُ َ
مواقف من السلف:
-1الموقف الول :محنة المام أحمد ابن حنبل )رحمه الله تعالى(:
وما أظن أحدا ً من المسلمين يجهل المحنة التي تعرض لها أبو عبد الله أحمد
بن حنبل )رحمه الله تعالى(؛ وذلك فيما يعرف بفتنة القول بخلق القرآن ،وقد
تعرض هذا المام الجليل لمحنة وبلء عظيم؛ تلك المحنة كانت مؤذية له
)رحمه الله( ،ومؤذية للمسلمين معه ،ولكن الله )عز وجل( ثّبته في هذه
المحنة العظيمة ،وحمى به عقيدة أهل السنة من النحراف أو الندثار ،ولقد
كانت هذه البلّية لمام السنة خيرا ً له فيما بعد؛ فما كان لينال هذا الخير لول
هذا البتلء وما من الله به عليه من الثبات والتضحية.
-2شيخ السلم ابن تيمية وسجنه:
وكذلك ل أظن أحدا ً من أهل العلم يجهل هذا الرجل العظيم ،وما ضحى به
في سبيل الله )عز وجل( بعلمه وجهاده وصبره وما لقى في ذلك من
السجن والبعاد ،ولكن كان في ذلك البتلء خير له ورفعة ،كما يقول ذلك هو
عن نفسه عندما ورد المرسوم السلطاني بسجنه في قلعة دمشق) :أنا كنت
منتظرا ً ذلك ،وهذا فيه خير عظيم().(8
وقال) :لو بذلت ملء هذه القلعة ذهبا ً ما عدل عندي شكر هذه النعمة(.
كما كان في البتلء الذي تعرض له خير للمسلمين في عصره وما تله من
72
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
العصور؛ وذلك بانتشار دعوته وعلمه؛ يقول )رحمه الله() :ومن سنة الله :أنه
إذا أراد إظهار دينه أقام من يعارضه ،فيحق الحق بكلماته ،ويقذف بالحق
على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق.(9)(...
احتراس وتنبيه:
)(8 /
وفي هذا المبحث أود التنبيه على قضية ُيخشى أن تنشأ من خلل الحديث
عن الرضا بقدر الله )عز وجل( وتفويض المور إليه؛ أل وهي النحراف بهذا
المر إلى المفهوم الخاطئ لمسألة الرضا والتسليم لقضاء الله )عز وجل(،
والذي قد يؤدي إلى التواكل ،والعجز ،والرضا بالفساد ،والذلة ،والمهانة،
وترك الخذ بالسباب والدعوة والجهاد؛ فنكون قد عالجنا مرضا ً وانفتح علينا
مرض آخر .من أجل ذلك سأخص هذا المبحث بالحديث عن هذه القضية،
وذلك احتراسا ً من الفهم الخاطئ الذي قد ينشأ لو لم يحصل هذا التنبيه،
فأقول وبالله التوفيق:
إن من القواعد المهمة لمطالعة حوادث الزمان :الفهم الصحيح لعقيدة
القضاء والقدر ،والفهم الصحيح لمقتضى أسماء الله )عز وجل( الحسنى
وصفاته العل ،والتوازن في هذا الفهم بين الغلو والجفاء ،وهذا )والحمد لله(
هو سمة معتقد أهل السنة والجماعة في جميع أبواب العقيدة ،ومن ذلك:
عقيدة القضاء والقدر ،وتوحيد السماء والصفات .ولقد انحرف عن هذه
القواعد طرفان من الناس :فمنهم من أنكر الستدلل بالقضاء والقدر على
حوادث الزمان ،وتنقص المؤمنين به ،ومنهم من فهم القضاء والقدر على أنه
مذل ،وكل الموقفين منحرف ومجانب للصواب؛ تواكل وخمول وخنوع ُ
فاليمان بقضاء الله )عز وجل( وبعلمه وتقديره للمور قبل وقوعها ،ثم
مشيئته ،وخلقه لها ،وأن له الحكمة البالغة في كل ما يقضيه ويقدره ،وأن من
وراء ذلك رحمته ،وإرادة الخير واليسر لعباده ..كل ذلك مما يجب اليمان به
في باب القضاء والقدر ،كما أنه مقتضى اليمان بأسمائه )سبحانه( وصفاته،
ولكن هذا اليمان بهذه القواعد والحقائق ل يعني ترك السباب ،والرضا
بالذلة والهوان وانتشار الفساد ،كل ،بل إن الفهم الصحيح للقضاء والقدر
يكمن في التوازن بين الستسلم المطلق لقدر الله ،والعمل بكل ما في
الوسع والوقوف المطمئن عند حد الستطاعة؛ وهذا يعني فعل السباب التي
سخرها الله )سبحانه( ،ومدافعة أقدار الله )عز وجل( بأقداره ،ما دام أن
ض
ضُهم ب ِب َعْ ٍس ب َعْ َول د َفْعُ الل ّهِ الّنا َ هناك إمكانا ً للمدافعة؛ قال )تعالى()) :وَل َ ْ
ل عََلى الَعال َ ِ َ
ن(( ]البقرة [251 :فإذا لم مي َ ض ٍ ه ُذو فَ ْ ن الل ّ َ
ض وَل َك ِ ّ
ت الْر ُ
سد َ ِ لّ َ
ف َ
ُتجدِ المدافعة ،أو لم يكن ذلك في المكان :فالواجب :الصبر والستسلم
لقضاء الله )عز وجل( ،واليقين بأن من وراء ذلك خيرا ً ومصلحة ورحمة،
يجب أن يتجه الجهد إلى التماسها ،وتسخيرها في مزيد من الخير والصلح،
وتغيير الحوال ،ومحاسبة النفوس ،وإزالة أسباب المصيبة ،وبذل الجهد في
م((سهِ ْ ما ب َِأن ُ
ف ِ حّتى ي ُغَي ُّروا َقوْم ٍ َ ما ب ِ َه ل ي ُغَي ُّر َن الل ّ َدفعها؛ قال )تعالى()) :إ ّ
]الرعد.[11 :
ويوضح هذا المعنى المام ابن القيم )رحمه الله تعالى( فيقول:
)ودفع القدر بالقدر نوعان:
ما يقع ـ بأسباب أخرى من أحدهما :دفع القدر الذي قد انعقدت أسبابه ـ ول ّ
القدر تقابله ،فيمتنع وقوعه ،كدفع العدو بقتاله ،ودفع الحر والبرد ونحوه.
73
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
الثاني :دفع القدر الذي قد وقع واستقر بقدر آخر يرفعه ويزيله ،كدفع قدر
المرض بقدر التداوي ،ودفع قدر الذنب بقدر التوبة ،ودفع قدر الساءة بقدر
الحسان ،فهذا شأن العارفين وشأن القدار ،ل الستسلم لها ،وترك الحركة
غلب العبد ،وضاقت والحيلة؛ فإنه عجز ،والله )تعالى( يلوم على العجز .فإذا ُ
به الحيل ،ولم يبق مجال؛ فهنالك الستسلم للقدر ،والنطراح كالميت بين
يدي الغاسل ،يقلبه كيف يشاء().(10
وعن أبي هريرة )رضي الله عنه( عن رسول الله-صلى الله عليه وسلم -أنه
قال) :المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ،وفي ك ّ
ل
خير .احرص على ما ينفعك ،واستعن بالله ول تعجز ،وإن أصابك شيء فل
تقل لو أني فعلت كان كذا وكذا ..الحديث() ،(11ويشرح المام النووي
الحديث ،فيقول) :والمراد بالقوة هنا عزيمة النفس والقريحة في أمور
الخرة ،فيكون صاحب هذا الوصف أكثر إقداما ً على العدو في الجهاد ،وأسرع
خروجا ً إليه ،وذهابا ً في طلبه ،وأشد عزيمة في المر بالمعروف والنهي عن
المنكر ،والصبر على الذى في كل ذلك ،واحتمال المشاق في ذات الله
)تعالى( ،وأرغب في الصلة ،والصوم ،والذكار ،وسائر العبادات ،وأنشط طلبا ً
لها ،ومحافظة عليها ونحو ذلك ..وقوله-صلى الله عليه وسلم) -احرص على
ما ينفعك ،واستعن بالله ول تعجز( معناه :احرص على طاعة الله )تعالى(،
والرغبة فيما عنده ،واطلب العانة من الله )تعالى( على ذلك ،ول تعجز ول
تكسل عن طلب الطاعة ،ول عن طلب العانة().(12
ويتحدث المام ابن القيم )رحمه الله تعالى( عن الفرق بين العجز والتوكل،
فيقول:
)(9 /
)والفرق بين التوكل والعجز :أن التوكل عمل القلب وعبوديته :اعتمادا ً على
الله ،وثقة به ،والتجاًء إليه ،وتفويضا ً إليه ،ورضا ً بما يقضيه له؛ لعلمه بكفايته
)سبحانه( ،وحسن اختياره لعبده إذا فوض إليه مع قيامه بالسباب المأمور
بها ،واجتهاده في تحصيلها؛ فقد كان رسول الله أعظم المتوكلين ،وكان
مَته ودرعه ،بل ظاهر يوم أحد بين درعين ،واختفى في الغار ثلثا؛ً َ
يلبس ل َ
فكان متوكل ً في السبب ل على السبب.
وأما العجز :فهو تعطيل المرين أو أحدهما :فإما أن يعطل السبب عجزا ً منه،
ويزعم أن ذلك توكل! ولعمر الله إنه لعجز وتفريط ،وإما أن يقوم بالسبب
ناظرا ً إليه ،معتمدا ً عليه ،غافل ً عن المسّبب ،معرضا ً عنه ،وإن خطر بباله لم
يثبت معه ذلك الخاطر ،ولم يعلق قلبه به تعلقا ً تامًا ،بحيث يكون قلبه مع
الله ،وبدنه مع السبب .فهذا توكله عجز ،وعجزه توكل().(13
ويقول الدكتور علي العلياني )وفقه الله تعالى( في حديثه عن أهل التصوف
وانحرافهم في موضوع الجهاد في سبيل الله :إن من صفاتهم:
)الرضا بما يقع عليهم من مصائب وذنوب ،فل يحاولون دفعها عن أنفسهم،
زعما ً منهم أن دفعها ينافي الرضا بالقدر ،فلو وطئ الكفار رقابهم يرضون
ويسلمون؛ لن الله أراد ذلك! ..ويذكر الستاذ محمود مهدي قصة ملخصها:
أن الفرنسيين إبان استعمارهم لتونس كانوا يجدون معارضة شديدة من
الناس؛ فتفاهم الفرنسيون مع شيخ الصوفية على أن يدخلوا البلد؛ فلما
أصبح الصباح قعد الشيخ مطرقا ً رأسه وهو يقول :ل حول ول قوة إل بالله،
فلما سأله أتباعه عن المر الذي يقلقه قال لهم :لقد رأيت الخضر وسيدي أبا
74
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
العباس الشاذلي وهما قابضان بحصان جنرال فرنسا ثم أوكل الجنرال أمر
تونس ،يا جماعة هذا أمر الله ،فما العمل؟ فقالوا له :إذا كان سيدي أبو
العباس راضيًا ،ونحن نحارب في سبيله ،فل داعي للحرب! ثم دخل الجيش
الفرنسي تونس بدون مقاومة( إلى أن يقول ...) :إن عقيدة الصوفية
المنحرفة في التوكل والرضا بالقدر :جعلت نفوسهم راضية مطمئنة ولو
وطئ الكفار على رقابهم؛ فإن التوكل عندهم عدم ممارسة السباب ،والرضا
معناه أن ترضى بما يحصل لك ولو هو استيلء الكفار على بلد المسلمين،
وسبي ذراريهم .وإن أبديت مقاومة فأنت معارض للقدر! وغير متوكل على
الله! فالذي يسافر في البراري الخالية بغير زاد ،هل يتصور منه أن يلبس
مة الحرب ودروع القتال؟ وليته إذ لم يفعل ذلك غمس نفسه في القتال َ
ل َ
حاسرًا!! ..ولكن ما له ولفرقعة السلح ،ولخرير الدماء؛ وحلق الرقص
وطقطقة المسابح كفيلة بإنزاله منزلة الصديقين على زعمه ،فأي انحراف
هذا الذي أصاب المة السلمية ،وأي فرحة للكفار تحصل لهم أشد من
فرحتهم بهذا().(14
الهوامش:
-1مفتاح دار السعادة :ص .326
-2تفسير السعدي :جـ ،5ص .279
-3بدائع التفسير :جـ ،2ص .85
-4متفق عليه :رواه البخاري في الجهاد ،باب ) ،(156جـ ،6ص .181
ومسلم في الجهاد ،باب :كراهة تمني لقاء العدو ،م ،3ص .1362
-5رواه :أبو داود في الدب ،باب :في الرفق ،جـ ،5ص .157وهو في
السلسلة الصحيحة لللباني ،رقم ).(1794
-6في ظلل القرآن ،م ،3ص .1481
-7زاد المعاد ،جـ ،3ص 222-218باختصار.
-8العقود الدرية ،ص .329
-9مجموع فتاوى ابن تيمية ،جـ ،28ص .57
-10مدارج السالكين ،جـ ،1ص .20
-11رواه مسلم :كتاب القدر ،ح .2664
-12شرح صحيح مسلم للنووي ،جـ ،16ص .215
-13الروح ،ص .344
-14أهمية الجهاد في نشر الدعوة السلمية ،باختصار ،ص .288
المصدر :مجلة البيان
)(10 /
ص إل بالخلص ل خل َ
د .محمد عمر دولة*
م السئلة التي ينبغي أن تتبادر إلى عقول المسلمين وقلوبهم في ل من أه ّلع ّ
ددنا فيها أعداؤنا في عقر ديارنا":ما سبب انحطاط هذه الّيام التي صار يه ّ
المسلمين؟ وما الذي أطمع فينا اليهود والصليبّيين؟"
دعوي في إحساسنا، م الرسالي في حياتنا ،وضمور الُبعد ال ّ إنه غياب اله ّ
وضياع الخلص من كثيرٍ من أعمالنا ،التي ل نستحضر حين نؤّديها إل الكسب
الماد ّيّ الهزيل ،والّربح الدنيويّ القليل! كما تراه في غالب الجامعات
سسات في العالم السلمي التي تخّرج المليين في ك ّ
ل عام؛ ولكنها ل والمؤ ّ
75
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
76
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
قربى حاضرة .وقريب من هذا ما رواه البخاري من حديث يزيد ما دامت نية ال ُ
بن الخنس أنه وضع في المسجد صدقة فأخذها ولده معن فتخاصما إلى
ت يات يا يزيد ولك ما أخذ َ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال):لك ما نوي َ
ل سؤال الصحابة رضي الله عنهم النبي صلى الله عليه وسلم م ْمعن( .وتأ ّ
ن النّية
)أيأتي أحدنا شهوته ويكون له بها أجر(؟! وهذه لفتة جليلة إلى أ ّ
ل شيء فعلوه في ل أموره )وك ّالصالحة ما ينبغي أن تغيب عن المسلم في ك ّ
ل صغير وكبير مستطر(؛ ومن هنا أجاب النبي صلى الله على عليه الزبر وك ّ
ً
وسلم معاذا لما سأله )يا رسول الله وإّنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال:
ثكلتك أمك وهل ُيكب الناس في النار على وجوههم إل حصائد ألسنتهم؟(
رواه الترمذي وقال :حسن صحيح.
)(1 /
ن العمل القليل ينفع ويضّر بحسب نية صاحبه ] [4ومن أحسن الدّلة على أ ّ
نما رواه مالك والترمذي عن بلل بن الحارث المزني رضي الله عنه أ ّ
ن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال):إ ّ
الله تعالى ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله له بها رضوانه إلى يوم
ن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت يلقاه .وإ ّ
يكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه( وأصله في البخاري عن أبي هريرة
ن العبد يتكلم بالكلمة ما مختصرًا ،ونحوه حديث أبي هريرة في الصحيحين )إ ّ
ما بين المشرق والمغرب( قال النووي يتبّين فيها يزل بها إلى النار أبعد م ّ
كر أّنها خير أم ل"][6 "ومعنى )يتبّين( يف ّ
ن تكون ني ُّته منعقدة ً على ذلك ] [5قد ل يقدر المؤمن على أداء العمل ،ولك ْ
ة من الله وكرما ـ لعلمه سبحانه الفعل؛ فُيكتب له أجره وإن لم يفعله ـ من ّ ً
بصدق نّية العبد في القيام بالمر .وقد قال جابر رضي الله عنه :كنا مع النبي
ن بالمدينة لرجال ً ما سرتم مسيرا ول صلى الله عليه وسلم في غزاة فقال):إ ّ
قطعتم واديا إل كانوا معكم حبسهم المرض( قال النووي :وفي رواية )إل
شركوكم في الجر( .وفي البخاري):حبسهم العذر(.
كائين الذين لم يخرجوا من ديارهم ولم يلقوا عدّوهم ] [6وما أروع حال الب ّ
ولم يركبوا ظهر فرس أو بعير ،ومع ذلك نالوا رضوان الله والجر
ّ
الوفير)الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت ل أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم
تفيض من الدمع حزنا أل يجدوا ما ينفقون( [7].وما شأن عثمان رضي الله
عنه ببعيد حيث غاب عن بيعة الرضوان ليخاطب أهل مكة لمكانته وشرفه
بينهم؛ فبايع عنه النبي صلى الله عليه وسلم وقال):هذه عن عثمان(!
ة ،منها:
وأما علمات الخلص فكثير ٌ
ن الحق ] [1أن ل يتعصب المرء لنفسه ،وأن ل ينتصر ـ عند الزلل ـ لرأيه؛ كأ ّ
ديك.سعْ َكو َ حكٌر عليه ،والصواب خاص به! فذلك من صفات الله تعالى )لب ّي ْ َ ِ
ذر النبي صلى الله عليه وسلم والخير بين يديك .والشر ليس إليك( .وقد ح ّ
ن النصيحة ل ينتفع بها من كانت هذه ل ذي رأي برأيه .وذكر أ ّ من إعجاب ك ّ
صفته .وقال جل جلله ):وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالثم( ،على حين
عميانا( .ومن ما و ُ ص ّ
خّروا عليها ُ
كروا بآيات ربهم لم ي ِ مدح أولياءه بأنهم )إذا ذ ُ ّ
ت في ربض الجنة لمن ترك م ببي ٍهنا قال النبي صلى الله عليه وسلم )أنا زعي ٌ
محقًا(].[8 المراء وإن كان ُ
ك أن الخلص يقتضي البحث عن الحق والتزامه ،ولو كان الحق في ول ش ّ
77
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
رأي المخالف كما قال الله تعالى):ول يجرمّنكم شنآن قوم ٍ على أل تعدلوا
اعدلوا هو أقرب للتقوى( [9].ورحم الله حماد بن زيد حيث قال":إذا خالفني
شعبة تبعته؛ لنه كان ل يرضى أن يسمع الحديث عشرين مرة وأنا أرضى أن
مار بن ياسر رضي ن ما عّلقه البخاري من قول ع ّ أسمعه مرة"] [10وما أحس َ
ن فقد جمع ث من جمعه ّالله عنه في باب إفشاء السلم من السلم )ثل ٌ
اليمان :النصاف من نفسك ,وبذل السلم للعاَلم ,والنفاق من القتار(.
ورحم الله الحاكم محمد بن عبد الله بن الب َّيع صاحب ]المستدرك[ فقد بعث
إليه الحافظ عبد الغني بن سعيد المصري كتابا جمع فيه الوهام التي وقعت
ن صاحبه نّبهه إلى الصواب للحاكم في ]كتاب المدخل[؛ ففرح بها الحاكم ل ّ
وعّرفه بالحق _ و)الدين النصيحة( ـ فطفق الحاكم ُيخبر بها الناس! وبعث
ت أنه رجل عاقل كما ذكر الذهبي في إلى عبد الغني يشكره قال :فعلم ُ
ترجمته من )سير أعلم النبلء(.
] [2أن ل يقصد المرء الشهرة بين الناس ،ول يرجو استماعهم إليه ،أو يسعى
إلى اجتماعهم عليه ـ وإن كان كل ذلك من )عاجل بشرى المؤمن( إذا أخلص
ن الله )أغنى الشريكين عن ك لمن لم يرد به وجه الله ل ّة وهل ٌ
ـ ولكنه فتن ٌ
ً
الشرك( ول يقبل إل ما كان لوجهه خالصا؛ فل يصيب المرء من تعبه ونصبه
ب صائم ليس له من صيامه إل الجوع العطش(. خيرا كما جاء في الصوم )ُر ّ
ورحم الله أولئك الخيار الذين كانوا )يسارعون في الخيرات وهم لها
ب
سابقون( ومع ذلك تجدهم حريصين على أن ل يعلم قرباتهم إل ر ّ
العالمين .قال ابن قدامة المقدسي "لم يزل المخلصون خائفين من الرياء
ي يجتهدون في مخادعة النفس والناس عن أعمالهم الصالحة ويحرصون الخف ّ
على إخفائها أعظم مما يحرص الناس على إخفاء فواحشهم ,كل ذلك رجاء
أن يخلص عملهم ليجازيهم الله تعالى في القيامة بإخلصهم"] [11ومن هؤلء
ة ,وقام ليلها ,وكان يبكي البرار منصور بن المعتمر الذي"صام أربعين سن ً
ل كّله ,فإذا أصبح كحل عينيه وبرق شفتيه ودهن رأسه[12]!" . اللي َ
)(2 /
] [3أن ل يحب الثناء ،بل يكرهه ول يرضى بسماع المدح بل يفّر منه ،كما فّر
ب الثناء
ح ّ
أويس القرني رضي الله عنه لئل ُيعَرف .وما أكثَر ما يجتمع ُ
مدوا بما لم يفعلوا(! ح َ
بالتقصير في العمال كما قال تعالى )ويحّبون أن ي ُ ْ
ذب!" عند قول الله ولله دّر من قال من أهل التفسير":من أظهر الدعوى ك ُ ّ
مصلحون أل إّنهم تعالى)وإذا قيل لهم ل تفسدوا في الرض قالوا إنما نحن ُ
هم المفسدون ولكن ل يشعرون( .ورحم الله العلمة ابن القيم حيث قال" :ل
يجتمع الخلص في القلب ومحبة المدح والثناء والطمع فيما عند الناس"].
ن الرياء دقيق ,وهو حح قصده ل ّ [13فينبغي للمؤمن أن يراقب نفسه ويص ّ
صالحة تدليسا وتلبيسا ل يظهر إل بالمحاسبة ون بأشكال العمال ال ّ متل ّ
ن ما نّبه عليه العلمة ابن قدامة حيث قال ":هذه الشهوة والمراقبة .وما أحس َ
الخفية يعجز عن الوقوف على غوائلها كبار العلماء ,فضل عن عامة العُّباد
مرون عن ساق الجد ّ لسلوك سبيل وإنما يبتلى بها العلماء والعُّباد المش ّ
الخرة ,فإنهم لما قهروا أنفسهم جالدوها وفطموها عن الشهوات ,وحملوها
بالقهر على أصناف العبادات؛ عجزت نفوسهم عن الطمع في المعاصي
الظاهرة والواقعة على الجوارح ,فاستراحت إلى التظاهر بالعلم والعمل,
ووجدت مخلصا من شدة المجاهدة في لذة القبول عند الخلق ونظرهم إليه
78
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
بعين الوقار والتعظيم .فأصابت النفس في ذلك لذة عظيمة؛ فاحتقرت فيها
ترك المعاصي والشهوات ,واستلنت خشونة المواظبة على العبادات؛
ذات وشهوة الشهوات .فهو يظن أنه مخلص لله لْدراكها في الباطن لذة الل ّ ّ
عز وجل ,وقد ُأثبت في ديوان المنافقين .وهذه مكيدة عظيمة ل يسلم منها
إل المقّربون"].[14
مل ـ في سبيل الله – العناء؛ رجاء أن ينال ] [4أن يصبر على الذى ويتح ّ
القبول والّرضا ,وقد قال الشافعي :سمعت محمد بن الحسن يقول":ل ُيفلح
َ
خ ّ
ل ح الب ُّر قلبه"] [15وقال الذهبي "ل يصبر على ال َ في هذا الشأن إل من أقَْر َ
ما رفسه الحافظ أبو ُنعيم الفضل بن ُدكين حين إل دوده" وقال ابن معين ل ّ
ي من كل شيء"] ب إل ّ امتحنه في قلب السانيد" :والله لهذه الرفسة أح ّ
.[16شعارهم في ذلك قول الشاطبي:
وقد قيل:
ً
وليت شعري هل يصبر أهل الدنيا أياما ل يأكلون ول يشربون يجرون من
س ويحومون على الشيوخ .كما كان شأن البخاري حين أكل س إلى در ٍ در ٍ
العشب في رحلته إلى شيخه آدم بن أبي إياس] .[18وذكر ابن أبي حاتم
ب له يطلبون العلم من شيٍخ إلى شيٍخ فاشتريا الرازي أنه كان مع صاح ٍ
سمكة لم يجدا وقتا ً لشوائها؛ فأكلها نيئة .وقال :ل ُيستطاع العلم براحة
الجسد!][19
ن المرائي ل يصبر على أدنى أذىً يصيبه كما قال تعالى) :ومن الناس بل إ ّ
ة انقلب ف فإن أصابه خيٌر اطمأن به وإن أصابته فتن ٌ من يعبد الله على حر ٍ
على وجهه خسر الدنيا والخرة ذلك هو الخسران المبين( ,بل ل يرضى أن
مة المسلمين ،وقد عَد ّ ابن قدامة هذا من يتجاهله الناس ،ول أن يعاملوه كعا ّ
ب أن يبدؤوه بالسلم .وأن يقابلوه الّرياء الخفي فهو "إذا رأى الناس أح ّ
بالبشاشة والتوقير وينشطوا في قضاء حوائجه ,ويسامحوه في المعاملة.
قل على قلبه ,ووجد لذلك صر ث َ ُ
صر في ذلك مق ّ ويوسعوا له المكان .فإن ق ّ
استبعادا في نفسه؛ ليتقاضى الحترام على الطاعة التي أخفاها"] .[20وأما
مه رضي الخلق أم سخطوا إذا أّدى حق الله ورسوله .بل العبد الصالح فل يه ّ
ن لصاحب الخير ً
ن السفهاء ل يرضون بالمعروف أصل ،ول ي ََروْ َ قن بأ ّ
هو متي ّ
فضل .فل يبالي بهم بل ينشد مع الّزبيدي]:[21
)(3 /
حظوظ النفس ,حريصا على ] [5أن يكون طاهر القلب من الهوى ,وبريئا من ُ
ل خير ,ورحم الله ابن القيم حيث مصاحبة الصادقين والتعاون معهم في ك ّ
ل وقت وحال :إيثار مرضاة الله في ذلك الوقت والحال, قال" :الفضل في ك ّ
مطلق, والشتغال بواجب ذلك ووظيفته ومقتضاه .وهؤلء هم أهل التعّبد ال ُ
ّ
ل التعّبد المقّيد .فمتى خرج أحدهم عن النوع الذي تعلق والصناف قبَلهم أه ُ
به من العبادة وفارقه يرى نفسه كأنه قد نقض وترك عبادته .فهو يعبد الله
على وجه واحد ,وصاحب التعّبد المطلق ليس له غرض في تعّبد بعينه يؤثره
ده عليها, داُر تعب ّ ِ
م َ
على غيره .بل غرضه تتبع مرضات الله تعالى أين كانت .ف َ
مل على سيره قل في منازل العبودية ,كلما ُرفعت له منزلة ع ِ فهو ل يزال متن ّ
سير حتى ينتهي ْ
إليها واشتغل بها حتى تلوح له منزلة أخرى .فهذا د َأُبه في ال ّ
سيره .فإن رأيت العلماء رأيته معهم ,وإن رأيت العّباد رأيته معهم وإن رأيت
المجاهدين رأيته معهم ,وإن رأيت الذاكرين رأيته معهم ,وإن رأيت
79
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
دقين المحسنين رأيته معهم ,وإن رأيت أرباب الجمعية وعكوف القلب المتص ّ
ْ
على الله رأيته معهم .فهذا هو العبد المطلق الذي لم تمل ِكه الّرسوم ,ولم
ذتها وراحتها من تقّيده القيود ,ولم يكن عمله على مراد نفسه وما فيه ل ّ
العبادات بل هو على مراد ربه ولو كانت راحة نفسه ولذتها في سواه فهذا
قا القائم بها صدقًا" وما أشبه قق بـ )إياك نعبد وإياك نستعين( ح ّ هو المتح ّ
ديق رضي الله عنه حيث رجا أن يدخل ص ّكلم ابن القيم رحمه الله بحال ال ّ
من جميع أبواب الجنة!
سريرة ومحبة الخير للمسلمين والُبعد ] [6أن يتخّلق بغنى النفس وصفاء ال ّ
عن الحسد والبغض :فهذه المعاملت عنوان السلمة من الهوى وأمراض
علل النفوس؛ ومن هنا جاء الثناء العظيم على الذين )يقولون ربنا القلوب و ِ
اغفر لنا ولخواننا الذين سبقونا باليمان ول تجعل في قلوبنا غل للذين آمنوا(.
ن علي بن محمد الفياض وقد ذكر أبو منصور الثعالبي في )خاص الخاص( "أ ّ
ن أبي البغل به وهو رف اب ُ كتب إلى ابن أبي البغل وقد وُّلي على الهواز و ُ
ص ِ
ت العمل أحسن وأبلغ وأظرف وأكرم ما كتب صارف إلى مصروفه :قد قُل ِد ْ ُ
دد وليتك .فأجابه ابن أبي البغل بما ل يدرى أّيهما أبلغ بناحيتك فهّناك الله بتج ّ
ت عليك ة طلع ْ ة صارت إليك ول غابت عني منزل ٌ ت عني نعم ٌ وأحسن:ما انتقل ْ
ة من الوزير وافية؛ لما أرجوه بمكانك ً وصل ة
ً ثاني ة
ً ولي بك وإني لجد صرفي
من العافية وحسن العاقبة"].[22
----------
سوَْيداؤه )لسان العرب لبن منظور .(1/294 حّبة القلب :ثمرته ،و ُ ]َ [1
] [2ذكر ذلك كله الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في الفتح
ل ألفاظ الزبد لحمد الفشني ص .4 ] [3مواهب الصمد في ح ّ
] [4سورة البّينة 5
] [5فتح الباري .1/216
] [6رياض الصالحين .كتاب المور المنهي عنها .باب تحريم الغيبة والمر
بحفظ اللسان صلى الله عليه وسلم .520
] [7التوبة .92
] [8قال النووي حديث صحيح رواه أبو داود بإسناد صحيح .والزعيم :الضامن.
خُلق ص .[278 ]رياض الصالحين باب حسن ال ُ
] [9المائدة .8
] [10تذكرة الحفاظ للذهبي 1/194
] [11مختصر منهاج القاصدين ص 239
] [12تذكرة الحفاظ للذهبي – ترجمة منصور بن المعتمر
] [13في الفوائد ص 186
] [14مختصر منهاج القاصدين ص 229
] [15الجامع لخلق الراوي وآداب السامع للخطيب البغدادي .105 /1
] [16المرجع السابق .1/136
] [17مقدمة حرز الماني ووجه التهاني )في القراءات السبع المتواترة(.
] [18راجع ترجمة البخاري في هدي الساري لبن حجر
] [19وقد روى مسلم في صحيحه هذه الكلمة عن يحيى بن أبي كثير في
أبواب مواقيت الصلة.
] [20مختصر منهاج القاصدين ص 239
] [21في مقدمة تاج العروس بشرح جواهر القاموس.
] [22خاص الخاص ص .10
80
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(4 /
ل عز لنا إل بالسلم
بسم الله الرحمن الرحيم
َ َ ّ ُ َ ُ
ديٌرق ِ مل َ صرِهِ ْ ه عَلى ن َ ْ ن الل َ موا وَإ ِ ّ م ظل ِ ُ ن ب ِأن ّهُ ْ قات َلو َ ن يُ َ ذي َ ن ل ِل ّ ِ قال تعالى ) :أذِ َ
هّ َ َ ّ ُ َ ّ ن أُ ْ
ه وَلوْل د َفْعُ الل ِ قولوا َرب َّنا الل ُ حقّ إ ِل أن ي َ ُ م ب ِغَي ْرِ َ من دَِيارِهِ ْ جوا ِ خرِ ُ *ال ّ ِ
ذي َ
م
س ُ جد ُ ي ُذ ْك َُر ِفيَها ا ْ سا ِ م َ ت وَ َ وا ٌ صل َ َ معُ وَب ِي َعٌ وَ َ وا ِ ص َت َ م ْ ض ل ّهُد ّ َ ضُهم ب ِب َعْ ٍ س ب َعْ َ الّنا َ
زيٌز ( } الحج {39,40 قوِيّ عَ ِ هل ََ ّ
ن الل َ صُره ُ إ ِ ّ من َين ُ ه َ ّ
ن الل ُ صَر ّ الل ّهِ ك َِثيرا وَلَين ُ
َ ً
كلنا نعلم بما أهاننا به الكفرة الفجرة وما قاموا بفعله لخواننا المسلمين فى
لبنان ,ول ننسى مافعلوه و ما يفعلونه فى فلسطين المحتلة ,إل أن ما
قاموا به فى قرية قنا على حدود لبنان أبشع ما قاموا به على الطلق ,ومن
الغريب -وهو لم يعد غريبا بالنسبة لنا , -و كل ما نسمعه شجب وإنكاروإدانة
لسرائيل .
إننا مسلمون ,ولنعلم جميعا أن كلمة مسلم تعنى شريف ,كريم ,عزيز
,شجاع ,ثائر لدينه ,داعى للسلم ,فما فعله صلح الدين اليوبى عندما فتح
الله عليه القدس لخير دليل على سماحة المسلمين ,فقد دخل القدس دون
إراقة قطرة دماء واحدة ,بل ترك لليهود الحرية فى البقاء فى القدس أو
الهجرة لي بلد أخرى وأكرمهم وأعزهم رغم أنهم أوقح و أقبح من يمكن أن
يعرفه أي إنسان ........فقد كان حب الله ورسوله ونصرتهما يجريان في دم
ة
سن ّ َ القائد المجاهد صلح الدين وجنوده البطال ..............قال تعالى ُ ):
ديل ً ( )الفتح (23 سن ّةِ الل ّهِ ت َب ْ ِ جد َ ل ِ ُ ل وََلن ت َ ِ من قَب ْ ُ ت ِ خل َ ْ الل ّهِ ال ِّتي قَد ْ َ
َ
منك ُ ْ
م كن ّ ل ِإن ي َ ُ قَتا ِ ن عََلى ال ْ ِ مِني َ مؤ ْ ِ ض ال ْ ُ حّر ِ ي َ قال تعالى َ ) :يا أي َّها الن ّب ِ ّ
فُروا ْ ّ ً ْ َ ْ
ن ك ََ ذي َ ن ال ِ م َ ة ي َغْل ُِبوا ألفا ّ َ
مئ ٌ منكم ّ ُ ُ
ن وَِإن ي َكن ّ َ
مئت َي ْ ِ ن ي َغْل ُِبوا ْ ِ صاب ُِرو َ ن َ شُرو َ ع ْ ِ
ُ
ضْعفا فِإن ي َكن َ ً ُ َ ُ ّ ّ َ َ
م َ ن ِفيك ْ مأ ّ م وَعَل ِ َ عنك ْ ه َ ف الل ُ ف َ خ ّ
ن َ ن * ال َ قُهو َ ف َ
م ل يَ ْ م قوْ ٌ ب ِأن ّهُ ْ
ن الل ّهِ َوالل ُّ ْ ف يغْل ِبوا ْ أ َ ْ َ ُ ُ ْ
ه ْ
ْ ِ ِِ ِ ذإ ب ن ي َ ف ل ٌ َ ُ ل أ م
ّ ْ ك من كن ي إن
ِ َْ ِ َِ َ و ن ي ت َ ئ م ا من ُ ّ ٌ َ ِ َ ٌ َ ْ ِ ُ
بو ل غ ي ة ر ب صا ةَ ئ م كم ّ
ن * ( } النفال { 65 ري
ّ ِ ِ َ ب صا ال ع
َ َ م
فلماذا خصص الله المؤمنين الصابرين ؟ " إن الفئة المؤمنة إنما تمتاز بأنها
تعرف طريقها ,وتفقه منهجها ,وتدرك حقيقة وجودها وحقيقة غايتها . .إنها
تفقه حقيقة اللوهية وحقيقة العبودية ; فتفقه أن اللوهية ل بد أن تنفرد
وتستعلي ,وأن العبودية يجب أن تكون لله وحده بل شريك .وتفقه أنها هي -
المة المسلمة -المهتدية بهدى الله ,المنطلقة في الرض بإذن الله لخراج
الناس من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده ; وأنها هي المستخلفة عن الله
في الرض ; الممكنة فيها ل لتستعلي هي تستمع ; ولكن لتعلي كلمة الله
وتجاهد في سبيل الله ; ولتعمر الرض بالحق ; وتحكم بين الناس بالقسط ;
وتقيم في الرض بدين الله الذي يقوم على العدل بين الناس . .وكل ذلك
فقه يسكب في قلوب العصبة المسلمة النور والثقة والقوة واليقين ; ويدفع
بها إلى الجهاد في سبيل الله في قوة وفي طمأنينة للعاقبة تضاعف القوة .
بينما أعداؤها -قوم ل يفقهون .-قلوبهم مغلقة ,وبصائرهم مطموسة ;
وقوتهم كليلة عاجزة مهما تكن متفوقة ظاهرة .إنها قوة منقطعة معزولة
عن الصل الكبير ! " )سيد قطب (
أما الن فى عصرنا هذا تكاسلنا ..فغلبنا النعاس ..وأصبحنا نغط فى سبات
ه ل َ ي ُغَي ُّر َ
ما ن الل ّ َ عميق ,الله أعلم متى سنفيق منه لكنه -عز وجل -قال ) إ ِ ّ
م ( }الرعد {11 سهِ ْ ف ِ ما ب ِأ َن ْ ُ حّتى ي ُغَي ُّروا ْ َ قوْم ٍ َ بِ َ
فدعونا ننام هكذا حتى نجد الكفرة الفجرة فوق رؤوسنا :يذبحون أبناءنا
81
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
ويستحيون نساءنا ويقتلون رجالنا ...........فإن كنا نكره ذلك فلنبدأ فى تغيير
أنفسنا ولنكون مسلمين شرفاء أعزاء ل يخافون فى الله لومة لئم ,ولنوصل
صوتنا الى اليهود ليعلموا أننا استيقظنا وعلمنا ديننا وثبتنا الله عليه ورضى عنا
و سينصرنا بإذنه ولننذرهم ونحذرهم من غضبنا ,ول يكون بعد هذا النذير نذير
,ول بعد هذا التحذير تحذير .
َ َ
ع
سب ْ َ
ت َ حب ّةٍ أنب َت َ ْ
ل َ ل الل ّهِ ك َ َ
مث َ ِ سِبي ِم ِفي َ وال َهُ ْم َ نأ ْقو َ ن ُينفِ ُ ذي َ ل ال ّ ِمث َ ُقال تعالى ) ّ
م(سعٌ عَِلي ٌ ه َوا ِ ّ
شاُء َوالل ُ من ي َ َ ف لِ َ
ع ُ ضا ِ ه يُ َ ّ
حب ّةٍ َوالل ُ ة َ مئ َ ُ
سنب ُلةٍ َّ ل ُ ل ِفي ك ُ ّ سَناب ِ َ
َ
]البقرة [261 :
فلنقول لشعوب العالم جميعا أن المسلمين إخوة ,وأنهم كالبنيان المرصوص
يشد بعضه بعضا ,ولنقول لخواننا فى فلسطين ولبنان والعراق وفى شتى
بقاع الرض :إنا معكم ..نشعر بما تشعرون..نتأثر بما تعانون..فل تستكينوا
م وَِإنمك ُْرهُ ْ عند َ الل ّهِ َم وَ ِ مك َْرهُ ْ مك َُروا ْ َلما يمكرون .........قال تعالى ) وَقَد ْ َ
ل ( ]إبراهيم [46 : ه ال ْ ِ
جَبا ُ من ْ ُ
ل ِ م ل ِت َُزو َمك ُْرهُ ْن َ كا َ َ
)(1 /
وإنا لنعلم أنه قد طال النتظار ..انتظار يوم يفرح المؤمنون بنصر الله ..قال
َ
ب ( ]البقرة [214 : صَر الل ّهِ قَ ِ
ري ٌ ن نَ ْ
تعالى ) :أل إ ِ ّ
اللهم عليك بأعداء الدين ,اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك ,اللهم فرق
جمعهم ,وشتت شملهم ,اللهم إن لم يكن بك غضب علينا فل نبالى ,اللهم
إنك عفو تحب العفو فإعف عنا ,اللهم إنا قد طال انتظارنا ,ونفد صبرنا ,
فألهمنا الصبر أو أعطنا النصر ...وحسبنا الله ونعم الوكيل
والسلم عليكم ورحمة الله وبركاته
)(2 /
ل لتدريس )المنطق( !
02-9-2006
بقلم عبدالله بن محمد السهلي
"...ولعل من نافلة القول لدى المختصين أن أوربا لم تقم من كبوتها ولم
تظهر نهضتها العلمية إل بعد أن تخلصت من أغلل المنطق الرسطي الذي
يدعو الستاذ "...
اطلعت على مقالة ) تدريس المنطق ضرورة لمنهجة التفكير( للستاذ يوسف
أبا الخيل في جريدة الرياض صفحة حروف وأفكار عدد ) ، (13797وقبل
البدء بالتعقيب على مقالة الستاذ يوسف أود أن أجمل أبرز الفكار التي
أوضحها الكاتب في مقالته حسب ترتيب السياق :
-1اختزال مناهج التفكير في المنطق وحده وأنه يعصم من الزلل في التفكير
وأنه لبد منه لكل باحث !! .
-2ارجاع سبب تخلف المسلمين عن ركب المنطق إلى العلماء الذين قالوا
)من تمنطق فقد تزندق( وأنه )من علوم الكفار(!
-3ثناء الكاتب على المنطق الرسطي نسبة إلى المعلم الول أرسطو
وشرحه لسلوبه في كونه منطق يعتمد على مقدمتين يبنى عليهما نتيجته
وذكر المثال :كل إنسان فان ,وبما أن سقراط إنسان فإن سقراط فان .
-4استشهاده بمقولة لبن رشد وكذلك أخرى لبن حزم في الثناء على
82
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
83
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
التقليدية( كما يقول أبا الخيل!! .يقول ابن خلدون " :إن كثيرا ً من فحول
النظار في الخليقة يحصلون على المطالب في العلوم بدون صناعة المنطق"
]المقدمة :ص . [49
وهذا المر مشاهد وأنظر على سبيل المثال دولة مثل الوليات المتحدة
المريكية التي قامت على البراجماتية ،وعلماءها من أفلس الناس في جانب
الفلسفة ومع ذلك تجد معظم المخترعين العلماء ل يعرفون عن المنطق
شيئا ً ولم يضيرهم ذلك ولم يعيقهم عن التقدم والصناعة !! .
)(1 /
إن المنهج التجريبي الذي يرفل الغرب في ثيابه اليوم في العلوم الطبيعية
كان من نتاج الفكر السلمي يقول )بريفولت( في كتابه )بناء النسانية( :
"إن روجر بيكون -واضع المنهج التجريبي -درس اللغة العربية والعلم
العربي في مدرسة أكسفورد على خلفاء معلميه العرب ،وليس لروجر بيكون
ول فرنسيس بيكون الذي جاء بعده .الحق في أن ينسب إليهما الفضل في
ابتكار المنهج التجريبي فلم يكن روجر بيكون إل رسول ً من رسل العلم
والمنهج السلميين إلى أوربا المسيحية" .
ومن المنصفين الغربيين الذين شهدوا بهذا كذلك )برانتل( ،ولعل من نافلة
القول لدى المختصين أن أوربا لم تقم من كبوتها ولم تظهر نهضتها العلمية
إل بعد أن تخلصت من أغلل المنطق الرسطي الذي يدعو الستاذ يوسف أبا
الخيل جامعتنا إلى تبنيه وأنه سبيل التقدم لكن إلى أين ؟ إنه التقدم إلى
الوراء !!
ففي الوقت الذي يدعوا العلماء والممنهجين إلى أهمية المنهج التجريبي -
خصم المنطق -وتبنيه لسيما في العلوم الطبيعية دون النسانية ؛ يأتي
الستاذ أبا الخيل ليخالف هذا الزخم العلمي الضخم من العلماء المسلمين
وغير المسلمين !! النصيين وغير النصيين ليقول :ل .المنطق أهم شيء وهو
سبيل الخروج والنهوض وأداة التفكير المثلى !! بل يقرر أنه عدم الخذ به
سبب للتخلف ويعنف على عبارة )من تمنطق تزندق( ويسخر بمن قال أنه
من علوم الكفار !!
إن المنطق الرسطي ليست أداة متحررة من الثقافة بل هو إرث إغريقي
م على تصورات ومبادئ اليونان الوثنية ،ولقد ُترجم في عهد المأمون قائ ٌ
وكان معظم المترجمين من غير المسلمين من اليعاقبة والنساطرة واليزيدية
وغيرهم .ولهذا ولما سبق جاءت الفتوى بتحريمه ،وأظن أن من
ة عنالموضوعية !! يا أستاذ يوسف عدم محاكمة الفكار والعبارات مبتوت ً
سياقها الموضوعي والزماني )من تمنطق تزندق( .
الواقع أن القائلين بالتحريم كابن تيمية وابن الصلح والنووي قد تابعوا في
ذلك المام الشافعي فقد أخرج النووي في ذم الكلم أن بشرا ً المريسي
دخل على الشافعي فقال له الشافعي :أخبرني عما تدعوا إليه؟ أكتاب ناطق
ة قائمة وجدت عن السلف البحث فيه والسؤال ؟ قال وفريضة مفترضة وسن ٌ
بشر :ل إل أنني ل يسعني خلفه ،فقال الشافعي :أقررت بنفسك على
الخطأ ،فأين أنت من الكلم في الفقه والخبار .فلما خرج قال :ل يفلح"
]السيوطي :صون المنطق ، [1/35 ،وقد روي مثل ذلك عن المامين أبي
حنيفة ومالك ]السابق . [1/64،
أما لمز الستاذ يوسف أبا الخيل في مقولة )علوم الكفار( وتنصيصه لى ذلك
84
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
فإن كنت تقصد السخرية بهذا فلم يثبت عن المسلمين النهي عن الخذ عن
الكفار فيما هو من علوم الدنيا ومن النتاج البشري الذي ل يخالف العقيدة
السلمية .وأهل السنة والجماعة من المسلمين من أشد الناس إنصافا ً مع
غيرهم وها هو عمرو بن العاص يثني على الروم " :إن فيهم لخصال ً أربعًا.
إنهم لحلم الناس عند فتنة وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة وأوشكهم كرةً بعد
ة وأمنعهم من ة جميل ًة حسن ً
فرةٍ وخيرهم لمسكين ويتيم وضعيف وخامس ً
ظلم الملوك" )صحيح مسلم ,كتاب الفتن وأشراط الساعة( .
أما إن كان الستاذ يوسف يّعرض بـ )علوم الكفار( باعتراضه على كلمة
الكفار فأظنه يحفظ سورة }قل يا أيها الكافرون{ !! .
أما ثناؤه ثم شرحه للسلوب القائم عليه المنطق الرسطي وأنه يتألف من
مقدمتين )الكبرى والصغرى( ثم النتيجة ،فلعلي أنقل ما قال الدكتور محمود
الدسوقي في )منهج البحث في العلوم النسانية( ومجمل كلمه أن المنطق
الرسطي ل يكسب علما ً جديدا ً بل يدور في دائرة مغلقة ذلك أنه يهتم
بأسلوب التفكير ول يهتم بموضوع ومحتوى التفكير .ثم ذكر أنه يمكن أن
تكون المقدمتان صحيحتين :والنتيجة خطأ ومثال ذلك )مثال جدلي( مقدمة
كبرى :الحرية حق لكل إنسان ،مقدمة صغرى :المجرم إنسان) ،مقدمتان
صحيحتان( النتيجة الحرية حق للمجرم )نتيجة خطأ( .
وقد تكون المقدمتان خاطئتين والنتيجة صحيحة .مثال ذلك ) :المقدمة
الكبرى( :كل إنسان حصان) ،المقدمة الصغرى( :كل حصان عاقل؛ النتيجة :
كل إنسان عاقل )نتيجة صحيحة( .
أما استشهاد الكاتب بمقولت عن ابن رشد وابن حزم ،فابن رشد يقول عنه
المستشرق مونك " :إنه لم يكن مبتكرا ً وأنه ل يختلف ل في القليل ول في
الكثير عن غيره من الفلسفة الذين تأثروا بمذهب الفلطونية الحديثة" .
ثم يقول مونك ..." :نعم ابن رشد مجرد ناقل وشارح لرسطو ومنطقه الذي
يعد الن منطق متخلف أصبح من الذكريات" )نصوص ومصطلحات فلسفية
ص . (172
وحسبك أن مونك وقبله بيكون وبيكون الخر وستيورات مل وجون لوك
وغيرهم وهم الورثة الشرعيون للرث الغريقي قد لفظوه ورموا به عرض
الحائط !
)(2 /
أما ابن حزم رحمه الله وهو من علماء السلم الكبار وحسبك من مؤلفاته :
)الفصل في الملل والنحل( في العقائد و)المحلى( في الفقه .فقد كان يرى
ضرورة تعلم المنطق بالرغم من عدم قبوله لقياس العلة وللقياس كمصدر
ثانوي للتشريع في السلم ولكن ابن حزم كما يذكر الذهبي في سير أعلم
النبلء عن الصاعدي أن ابن حزم أعرض عنه وتركه في آخر حياته،،وقد سبقه
في هذا الغزالي ,فقد كان شديد الثقة بالمنطق وكتب كتابا ً فيه سماه
)القسطاس المستقيم( زعم فيه أنه تعلمه من النبياء ،وإنما تعلمه من ابن
سينا ،وابن سينا تعلمه من كتب أرسطو ،وإن كان الغزالي في آخر حياته رجع
عن ذلك وبين عيب المنطق ولوازمه الفاسدة ونهى عنه ،وحذر منه ] .انظر :
الرد على المنطقيين ) (15 - 14لبن تيمية[ ،و ]المنقذ من الضلل
للغزالي . [99-66 :
ثم بعد ذلك أود أن أوضح أن المنطق يدرس في مرحلة الدكتوراه في
85
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
القسام الشرعية ،ففي قسم الدراسات السلمية بجامعة الملك سعود على
سبيل المثال هناك مقرر المنطق ولكن يدرس وُينقد ل يدرس لُيمجد ! ل
للشيء إل أنه جاء من غير التيار البياني في نسخته التقليدية !! الذين
نتشرف بالنتماء إليهم .
أخيرا ً :إنني إذ أشكر الستاذ يوسف أبا الخيل على طرح مثل هذه
الموضوعات النخبوية أرجو أن يتقبل النقد والتعقيب بصدر رحب ،لكن
لتتذكر قول الول :علمت شيئا ً وغابت عنك أشياُء .
إضاءة :
ب
ل والجر ُة عاشقاها الس ُث عن صنعاء يا أبتي! مليح ٌ ماذا أحد ّ ُ
)(3 /
86
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
البلء.
ولئن كان الهروب من الواقع أحد أكثر أسباب الوقوع في التعامل مع
المخدرات؛ فإن هناك أسباًبا أخرى تصل بمتعاطي المخدرات إلى حد الصابة
بالدمان ،وهذه السباب شديدة التنوع وتختلف تبًعا لظروف كل مريض
ومنها:
] [1الهروب من المشاكل كحل مؤقت إلى الدمان ،وهذا ما بيناه في
الحديث عن الهروب من ضغط الواقع ،وتحت ضغط المشاكل اليومية أو
المصائب المفاجئة.
] [2سيطرة بعض الصدقاء على المريض أو أصدقاء السوء ،وهذه كذلك من
أخطر السباب ،حيث كثيًرا ما ينجرف الصحاب لتقليد بعضهم البعض،
والقتداء بأصحاب الشخصيات القوية في تصرفاتهم وأفعالهم ،بغض النظر
عن اعتبار مقياس الصواب والخطأ في هذه التصرفات ،ودافعهم لذلك
الحفاظ على علقتهم بهم وارتباطهم بصحبتهم.
] [3الشعور بإحساس النضج الكامل عند المريض وميله للتجربة المنفردة،
وهذه تنشأ عن فقدان البوصلة لمعرفة الصواب من الخطأ ،وتنشأ كذلك لدى
البعض عن وجود الرغبة غير المشبعة في التجربة ،والمغامرة والنطلق بل
قيود ،والتحرر من أسر الظروف.
] [4المعاملة القاسية داخل المنزل ،وهذه كسابقاتها من أسباب الفرار من
الواقع إلى الخيال والوهام ،سواء كانت مصطنعة عبر الغراق في أحلم
اليقظة ،أو بتعمد إذهاب العقل بالغيبة عن الواقع.
] [5وأخطر أسباب الدمان هو تجربة المواد المخدرة ،وهذا السلوك أو الفهم
نابع من ثقافة سائدة منتشرة فى أعمار ومستويات تعليمية مختلفة ،وهذا
المفهوم الخطأ يتمثل أن الشاب ل بد له أن يقوم بتجربة كل شيء في
شبابه ،واعتبار هذا المسلك من علمات الرجولة ،بغض النظر عن كونها
ضارة أو نافعة ،فكل ما يشغل تفكيره ويهم باله أن يفسح لنفسه مجاًل
واسًعا قدر المكان للحرية الزائفة ،التي تؤدي في نهاية طريقها إلى الدمار،
وليس دمار هذا الشاب فقط بل دمار أسرة بأكملها تفقد حلمها وأملها ،أو
تفقد عائلها والمسؤول عنها.
والمسلم خلقه الله تعالى لتحقيق كمال العبودية له سبحانه في هذه الرض
بعمارتها ،والقيام بواجب نصرة دين الله فيها ،ولكي يقوم بهذا الدور المتفرد؛
قا من عون الله تعالى له وإعانته إياه، يلزمه أن يقف في وجه الصعاب واث ً
فالصبر على عظائم المور هو انتصار للحياة.
سا للمؤمن الصادق ،فالمسلم الحق ل يمكن وحين تشتد الزمات تكون مقيا ً
بحال من الحوال أن يقدم على الدمان أو التعامل مع ما يغيب عقله؛ لنه
في كل أوقاته خيرها وشرها وحلوها ومرها ،سيتكل على الله ويتقّبل المصيبة
على أنها ابتلء لتمحيص إيمانه وإظهار صبره ورضاه ،ويرى الصعاب تحدًيا
قا من تخطيه ما دام مصحوًبا بعناية الله يلزمه أن يقف رافًعا رأسه واث ً
ولطفه.
)(1 /
وها هو حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم يقول ]] :عجًبا لمر المؤمن،
إن أمره كله له خير ،وليس ذلك لحد إل للمؤمن ،إن أصابته سراء شكر
وكان خيًرا له ،وإن أصابته ضراء صبر فكان خيًرا له [[ .رواه مسلم.
87
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(2 /
)(1 /
88
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
89
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
شائك كبير يستدعي بحوثا ودراسات تناقش ما يندرج تحته من مسائل فرعية
وما أكثرها وحكم كل مسألة منها ،وعسى أن يرى مثل هذا المشروع النور ،
فإن المكتبة السلمية الشرعية في حاجة ماسة إليه.
وعودا على المقصود فعنوان مقال الدكتور )الحكمة في إدارة المعركة( ،
والحكمة هي وضع الشئ في موضعه ،فل نقاش في أن صد العدوان الذي
وقع وجرى يجب أن يكون في ضمن هذا الطار وبالحكمة ،ول يجوز أن يخرج
عنه ذات اليمين وذات الشمال بتهور طائش ،أو عبث سخيف ،يهدر طاقات
المة ،ويبدد قوتها ،ول يحقق المصلحة المرجوة بل قد يستجلب ما يستجلبه
التهور من مفاسد .
والحكمة ل تعني ضرورة التهدئة واللين ،وإنما هي المعالجة بالدواء النجع
للزمة الراهنة والذي يحقق أكبر قدر من المصالح الشرعية ويقلل ما يمكن
من المفاسد المعتبرة ،فهذا هو الطار الذي يريد الدكتور أن يقدم من خلله
الحلول والتوصيات الممكنة للخروج من الزمة الراهنة .
وليسمح لي القارئ أن أسائل الدكتور بناء على ما سبق أمن الحكمة اليوم
أن ُيدعى المسلمون وهم يرون ما يجري ويحدث إلى التسامح والمسامحة؟.
)(1 /
وأدع الدكتور ليجيب بأحرفه كما سطرها في آخر مقاله وهو الجزء الساس
الذي كتبت من أجله هذه السطور) :ول بأس من التذكير هنا بأن الله سبحانه
وتعالى قد كفى رسوله الكريم المستهزئين .ولنا ،من جهة أخرى ،فيه صلى
الله عليه وسلم قدوة حسنة في تسامحه المبدئي مع من آذوه في حياته
وألقوا القاذورات على ظهره وهو ساجد في فناء الكعبة وكسروا رباعيته في
غزوة أحد وحاولوا قتله والتآمر عليه .ومع ذلك فقد سامحهم وقال حين ظفر
بمن آذاه من قريش قولته الشهيرة "اذهبوا فأنتم الطلقاء" وكذلك كان فعله
صلى الله عليه وسلم مع المنافقين الذين تآمروا عليه وتحالفوا مع أعدائه
ضده؛ فلم يقتلهم ولم يعاقبهم مع أنه يعرفهم معرفة حقة(.
هذا نص كلم الدكتور كما ورد في مقاله دون زيادة أو نقصان .
الدكتور يريد أن يذكرنا بتسامح النبي صلى الله عليه وسلم المبدئي مع من
آذاه ،وهو القدوة السوة ،والمطلوب من القارئ أن يقدر الرسالة المفهومة
من هذه الكلم والذي ل يقدر الكاتب على التفوه بها صراحة ونصا ،خصوصا
في الظرف الذي تعيشه المة اليوم والذي بدأت ملل الكفر تصرح بمواقفها
مما حصل وجرى وتتابع على نشر الصور الثمة تحت شعارات حرية
)التحقير(!.
إن الدكتور يدعونا إلى أن نقتدي بالرسول صلى الله عليه وسلم في تسامحه
مع من آذاه ،وعفوه عمن نال منه وعصاه ،وعليه فإن الواجب على المة
اليوم أن تستبدل هذه الغضبة العارمة بالمسامحة والتسامح ،والتغاضي عما
وقع وجرى اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم الذي تسامح مع مخالفيه
،ولم يعاقبهم ،مع معرفته بهم ،ومعرفته لذيتهم له! .
أليس من الغريب أن تأتي مثل هذه الدعوة والمة تسمع وترى ما يقع من
إهانة لمقامه صلى الله عليه وسلم يتلوها إهانة ؟!.
أليس من العجيب أن ُنذكر بالتسامح في وقت ُتستفز فيه المشاعر
وُتستغضب المة مع سبق الصرار والترصد ؟!.
أليس الحق بالدعوة إلى مقام التسامح المزعوم هذا مخالفي المة الذين لم
90
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
يراعوا حرمة ول شعورا فيقدموا اعتذاراتهم الصريحة مما وقع وجرى ،
مشفوعة بالجراءات الكفيلة لعدم وقوع هذا المر مرة أخرى ؟!.
إن التسامح الشرعي الصحيح ل يكون إل إذا وقع في موقعه الصحيح ،
وأولئك المستهزئين بمقامه صلى الله عليه وسلم ليسوا موضعا صالحا
للتسامح ،وإن التسامح مع أمثال أولئك المجرمين جريمة شرعية ل يجوز أن
يكون بحال .
بل إن التسامح والحال كما نرى مخالف للطبيعة النسانية والفطرة البشرية
ضب فلم يغضب فهو حمار كما قال المام الشافعي ،ولئن كان ومن اسُتغ ِ
لرسول الله صلى الله عليه وسلم الحق في التجاوز عمن أساء إليه فإن هذا
ليس إلى المة ،بل الخذ بحقه والغضب له واجب إسلمي ل يجوز أن يمس
أو يتنازل عنه .
وأي عيش يبقى وأي حياة تطيب يوم يمس جناب النبي صلى الله عليه وسلم
والمة تقف موقف المتفرج المتسامح ،المتغاضية عن صفعات الخصوم ،
والتي ل تطالب بحقها ،فإن طلبته فبالسلوب الهادئ اللين ،وبالبتسامة
المهذبة ،وبالكلمة المؤدبة ،ل تجرح المشاعر ،ول تسفز المخالف .
إن إجماع المة عامة منعقد على حرمة التسامح مع ساب النبي صلى الله
عليه وسلم ،وعدم جواز إسقاط حقه الشريف صلى الله عليه وسلم ،وما
قال عالم ول شبه عالم بمثل ما يريد الدكتور أن يقوله ،وفي كتاب الصارم
المسلول على شاتم الرسول لشيخ السلم ابن تيمية عظة وعبرة .
أما أحوال النبي صلى الله عليه وسلم مع من طعن فيه وشتمه فليست كلها
على النحو الذي يريد الدكتور تصويره بل له مقامات ومواقف أخذ فيها بحقه
الشريف نصرة لدين الله وشرعه ،وإل فإذا ترك المستهزئ يقول ما شاء
ويستهزئ بمن شاء دون أخذ ومحاسبة وعقوبة ،فأي دعوة تبقى وأي دين
يعيش .
ويكفي من ذلك أن تعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بقتل بعض
من شتمه ولو كانوا متعلقين بأستار الكعبة ،وما قصة كعب بن الشرف عن
ذهن القارئ ببعيد ،وقصة مقتل عقبة بن أبي معيط فيها عظة وعبرة لمن
نظر وتأمل .
وإن ما نراه من تآزر ملل الكفر على تشويه صورته صلى الله عليه وسلم
لهو دليل على الحقد الدفين ،والحسد العظيم من هذا النتشار الواسع
والمتسارع لدين السلم ،المر الذي حدا بهم إلى اتخاذ مطية السوء هذه
صدا لباب القبال على هذا الدين أن يفتح ،وردا لكل وارد عليه ،أفيصح بعد
هذا أن نتواصى بالتسامح وندعوا إلى المسامحة ونحن نرى ما نرى ؟!.
)(2 /
91
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
َ
ل( .
سِبي ِ
واِء ال ّ
س َ
ن َ
ل عَ ْ كانا ً وَأ َ
ض ّ م َ
َ
هذا أمر ربنا ،وهذا هو الفرقان بيننا وبينهم ،وإن رغمت أنوف.
)(3 /
92
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(1 /
ة! ك يا غز ُ ل ُنلهين ّ ِ
الكاتب :حسين بن رشود العفنان
الحمد لله والصلة والسلم على رسولنا وقدوتنا وعزنا وحبيبنا محمد بن عبد
الله وعلى آله وصحبه أجمعين:
ك يا غزةُ! ل ُنلهين ّ ِ
ض ،والولِء والبراِء في س العالم ِ ،وجوهرةِ الر ِ ن ! بكأ ِ ك مشغولو َ إنا عن ِ
ت! ب والمدرجا ِ الملع ِ
ج من ت ،وُيخر ُ ق والمجموعا ِ ف قوُته من الفر ِ ُُترى يا غزة ُ ! من ستضع ُ
ما ؟ب عاجًزا منهز ً الملع ِ
س )محله سامقٌ ، ّ وه ،وكالجوزاِء مكاُنه!الكأ ُ ض مجد ٌ كالنجم ِ عل ُ س الر ِ كأ ُ
ب!ب إلى السحا ِ ق( فمن ناله رفعَ من الترا ِ َ م طار ٌ ده باسقٌ ،وشرُفه نج ٌ ومج ُ
ف؟ ل هذا الشر ِ ل بني ِ ك ـ من أحقّ الدو ِ فيا غزة ُ ـ في ظن ِ
ة!
غز ُ
ك! ص عيش ِ ن هناك خبًرا سينغ ُ َ ك! لك ّ م ِ ما إلى غ ّ كغ ّ ل أريد ُ أن أزيد َ ِ
مه! ب في قد ِ ة! لّنه أصي َ ي )فلن ( ،عن المباراةِ القادم ِ ب العالم ّ ب اللع ُ سيغي ُ
ة؟! وهو ٍ بقو ب
ُ سيلع ف
َ كي أدري ل ه!
ُ ُ ت عشيق ه
ْ ُ ت جف )علن( ر
ُ المشهو ب واللع ُ
ت الفكرِ ؟ ل و متشت ُ مدّله العق ِ ُ
بِ اللع ة
َ ُ د عو وهي ك،ِ فؤاد وتشفي ك،َ ِ ن أحزا ب ُ ستذه رى ً بش َ
ك هنا ن
ّ ولك
طا معاًفى! جمام نشي ً َ ال من )فلنتان( الكبي ِ
ر
ِ
ة
مه الشديد ِ في ليل ٍ م خص ِ ي )علنتان( أما َ ق العالم ّ ح الفري ِ ك نجا ُ والكبُر من ذل َ
ة! مسكي ٍ
ك ـ يا غزة ُ ! ل ُنلهين ِ
فق والشفا ِ ة ،ونزِع حجاِبها!وكسوِتها بالضي ّ ِ ن بتحريرِ المرأ ِ فإّنا مشغولو َ
نت وعصيا َ ج في الشوارِع و الفضائيا ِ مها قيادةَ السيارةِ والخرو َ والقصيرِ وتعلي ِ
ة
ل شاش ٍ ت في ك ّ جها من بيِتها لتبي َ ل عليهم وإخرا ِ جها وأبيها وأخيها والتطاو ِ زو ِ
ن وفرٍج! ل وعي ٍ وصفحةٍ وجوا ٍ
ن
ف ألوا َ ت لنثق َ ب والمجل ِ ت ونشرِ الكت ِ ت والشبكا ِ ن بإنشاِء القنوا ِ إّنا مشغولو َ
ف
ف كي َ ن ل نعر ُ ل عّنا واسوءتاه! فنح ُ ج الجه ِ ض ره َ ش لننف َ الفجورِ والفواح ِ
93
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
ص ،لم الموسيقى والرق ِ ة ،ونجهل أنواع الخمور ،وعل ُ ت الجنسي َ ئ العلقا ِ ننش ُ
ت ،وشعائُر! َ َ
ق فمازال هناك ،مقدسا ٌ ُ
ف جهله ،وعندنا ضيقُ أف ٍ يسعُ المثق َ
ما ـك جس ً هل ِ ّ
غزة ُ ـ ل أعل الل ُ
م!
َ اليو م
َ عاص فل دهَ وح اعتصمي باللهِ
ل من نعامة! ول تخشي اليهوَد ،فهم أجف ُ
ة
ة ظّنوها دباب ً ت نسم ٌ خا على هاماِتهم! وكما هب ْ فكلما هوى حجٌر حسبوهُ صارو ً
تكّر عليهم !
دا على حطِتهم! ك إل شاه ً قهم إيا ِ وما تطوي ُ
هوا وتجبُروا! ّ
ن في مسامِعهم ،فاستجاُبوا ،فاستزلهم ،فتا ُ ل الشيطا ُ فقد با َ
ل ليلهُس ويصغَر! مهما طا َ ن يخن َ ب الوعَر أ ْ ب هذا المرك َ ولبد َ لمن رك َ
ت أعواُنه! ت قوُته وكثر ْ وعظم ْ
ة!
غز ُ
ك إليه ُ
ة ،ففوضي أمر ِ ة مهضوم ٌ ك مظلوم ٌ م أن ّ ِمنا وأبينا يعل ُ م بنا من أ ّ ه أرح ُ الل ُ
فهو نصيُر الظالمين وظهيُرهم!
شها السطوري ه بجي ِ ب الل ُ س غروِرها ذه َ ت بكأ ِ م أمةٍ سكر ْ ك ْ
ة!
ن الصحو ِ ت حسا َ صدق َ
)(1 /
ل يقرضونه إل بتأمين
المجيب ...أ.د .سعود بن عبدالله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة المام محمد بن سعود السلمية سابقا ً
التصنيف ...الفهرسة /المعاملت/التأمين
التاريخ 19/10/1425 ...هـ
السؤال
ضا للموظف لشراء سيارة )القرض بدون أنا أعمل في شركة تعطي قر ً
فوائد( ،ولكن تشترط أن ترهن السيارة باسم الشركة ،وأن تؤمن السيارة
ل؟ حيث إني مضطر ل ،فهل يجوز لي تأمين السيارة تأميًنا شام ً تأميًنا شام ً
إلى ذلك إن أخذت القرض من الشركة ،ولكني لست مضطًرا لخذ القرض؛
لني أستطيع شراء سيارة أخرى بثمن رخيص.
الجواب
ما دمت غير مضطر للقرض من هذه الشركة فأنت غير ملزم بالتأمين من
قبلها ،أما إذا اضطررت ضرورة شرعية إلى التأمين الشامل من قبل الشركة
أو غيرها فل بأس عليك -إن شاء الله -ل لن التأمين الشامل حلل في
الصل ،وإنما هو جائز للضرورة التي ل تستطيع دفعها ،ويلحقك ضرر من
عدم حصولك على هذا التأمين الشامل ،وأذكرك بحديث رسول الله صلى
ن
تأ ْ ك وك َرِهْ َ صد ْرِ َك في َ حا َم ما َ ق ،وال ِث ْ ُ ن ال ُ ُ
خل ِ س ُح ْالله عليه وسلم" :الب ِّر ُ
س" .رواه مسلم ) ،(2553من حديث النواس بن سمعان، ي َط ّل ِعَ عليه الّنا ُ
ضا -في اجتناب الشبهات: رضي الله عنه ،وقوله صلى الله عليه وسلم -أي ً
س، َ م ْ ُ حل ُ
من الّنا ِ ن كثيٌر ِ مهُ ّ
ت ل ي َعْل ُشت َب َِها ٌ موٌر ُ ن ،وبين َُهما أ ُ م ب َي ّ ٌ
ن والحرا ُ ل ب َي ّ ٌ "ال َ
ت وَقعشُبها ِ من وَقع في ال ّ ضه ،و َ عْر ِ دين ِهِ و ِ ست َب َْرأ ل ِ ِت فقد ا ْ قى ال ّ
شُبها ِ من ات ّ َف َ
م" .رواه البخاري ) (52ومسلم ) ،(1599من حديث النعمان بن حَرا ِ في ال َ
بشير ،رضي الله عنهما .والله أعلم.
94
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(1 /
من ل َيشك ُُر الناس د .محمد عمر دولة* ل َيشك ُُر الله َ
رين خ ِ صلةِ ال َ َ ت اجتماعية؛ تتجلى في ِ ّ ل َثمرا ٍ شكرِ الله عَّز وج ّ ن لِ ُ كأ ّ لش ّ
سه على ن َنف َ ّ
من وَط َ ن َ ملِتهم؛ فإ ّ َ معا َ ن ُ ْ
س ِ ح ْ مهم و ُ ن وإكرا ِ حسا ِ مجازاِتهم بال ْ و ُ
ن إليه؛ من أحس َ ل َ ل بها مع ك ّ ة يتعام ُ جي ً س ِ شكُر له َ ل؛ صاَر ال ّ ج ّ
شكرِ الله عَّز و َ ْ ُ
ل عليه. ض َ من َتف ّ ل َ خلقا ُيجازي به ك ّ ً ُ و ُ
من ل َيشكُرُ ُ
ث النبي صلى الله عليه وسلم ) :ل َيشكُر الله َ وما أروعَ حدي َ
الناس(] [1وكل حديِثه رائعٌ وبديعٌ صلى الله عليه وسلم ،كما قيل: ّ
ل][2 ي فأنق ُ مَلى عل ّ ة يُ ْ مشاَفه ً حديِثكم ** ُ سماع ُ َ ن إل َ س ٌ ح َ ول َ
فقد روى أحمد] [3والطيالسي] [4والترمذي] [5وأبو داود] [6والبيهقي][7
والقضاعي] [8والبخاري في )الدب المفرد(] [9عن أبي هريرة رضي الله
سلكر النا َ من ل َيش ُ ل الله صلى الله عليه وسلم َ ) : عنه] [10قال :قال رسو ُ
كر الله(. َيش ُ
ورواه البيهقي في )شعب اليمان( عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما
والمنذري في )الترغيب والترهيب( عن الشعث بن قيس] [11قال :قال
شك َُرهم للناس([12]. س لله أ ْ شك َُر النا ِ ل الله صلى الله عليه وسلم ) :أ ْ رسو ُ
ة؛ تهذب السلوك وتعين على الب ِّر وتهدي ة راسخ ً ة نفسي ً صف ً شكُر ِ فقد صار ال ّ
ب ُ
ل ،وأسلو ٌ فض ِ ب ال َ ح ُ ج يتبُعه صا ِ منهَ ٌ شكُر َ ْ ن المعاملة؛ ] [13فال ّ إلى أحس ِ
ن قَْيدا في َرقَب َِته ود َْينا يجب عليه أداؤه ً ً ده الحّر؛ الذي يرى الحسا َ م ُ ي َعْت َ ِ
وفاُء به ومعروفا ينبغي عليه ال َ ً
من ن حبان رحمه الله ِلهذا الحديث) :ذكر ما يجب على المرِء ِ م اب ُ ج َ وقد َتر َ
شكر ن إليه( [14] .وَرَوى الهيثمي في باب ) ُ شكرِ لخيه المسلم عند الحسا ِ ال ّ
المعروف( عن أبي هريرة رضي الله عنه يقول :سمعت أبا القاسم صلى الله
من ل يشكر الناس( ،وعن ابن عمر رضي عليه وسلم يقول) :ل يشكر الله َ
من استعاَذكم بالله الله عنهما قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ) َ
صنعَ إليكم من َ جيُبوه ،و َ من دعاكم فأ ِ طوه و َ من سألكم بالله فأعْ ُ ذوه ،و َ عي ُ فأ ِ
ن قد عوا له حتى تروا أ ْ دوا ما تكافئونه؛ فاد ُ ن لم تج ُ معروفا فكاِفئوه؛ فإ ْ ً
موه([15]. كافَي ْت ُ ُ
قال القرطبي رحمه الله" :قال الخطابي :هذا الكلم يتأول على معنيين
معُْروِفهم؛ س وترك الشكرِ ل ِ َ ن ِنعمةِ النا ِ فرا ُ من طبِعه ك ُ ْ من كان ِ ن َ أحدهما :أ ّ
شكرِ له .والوجه الخر :أن ل وترك ال ّ ج ّ ن نعمةِ الله عّز و َ ُ
من عادِته كفرا ُ كان ِ
حساِنه إليه؛ إذا كان العبد ل يشكُر شكَر الَعبد ِ على إ ْ ل ُ الله سبحانه ل َيقب َ ُ
مَرين بالخر"[16]. ل أحدِ ال ْ معروَفهم؛ لتصا ِ س إليه ويكفُر َ ن النا ِ إحسا َ
ة
مل ً معا َ س ُ َ ج ّ ملنا حا َ ْ
ن النا ِ س َ ح َ دناهم أ ْ ج ْ ل؛ لوَ َ رين لله عّز و َ ل الشاك ِ ِ ولو تأ ّ
رهما أو في المعاملة بين الزوجين أو غير ْ
شك ِ س ،سواء في ب ِّر الوال ِد َْين و ُ للنا ِ
قهِ في الشكرِ وحقّ الوالد َْين ،فقال تبارك وتعالى: ْ ّ ح ّن الله بين َ َ
ذلك؛ وقد قَر َ
مْين أن عا في له ُ فصا و ن هو على ً ا هن و مه ُ أ ته َ ل حم يه د ل بوا ن النسا صينا
َ َ ْ ٍ ِ ّ َ ْ ْ ِ َْ َ )وو ّ
كرا ً لن ْعُم ِ الله وفضِله من كان شا ِ ي المصير( [17].ف َ شك ُْر لي وِلوال ِد َْيك إل ّ ا ْ
قهما قائما ً ب ِب ِّرهما؛ رفا ً بفضِلهما عاِرفا ً بح ّ معت َ ِ كرا ً لوال ِد َْيهُ ، وإحساِنه؛ كان شا ِ
ضى الله عنه ق رِ َ ّ
ه تعل ِ ج ُ ورحم الله الزين العراقي حيث قال" :فإن قيل ما وَ ْ
من أمرِ الله ضى ِ ل؛ فلما أْر َ س العم ِ من جن ِ ضى الوالد؟ قلنا :الجزاء ِ برِ َ
من ل يشكر الناس("]. بإرضائه رضي الله عنه؛ فهو من قبيل )ل يشكر الله َ
[18
95
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
ن؛ فإذا كانت الزوجة جه ّ ل النساء ومعاملتهن أزوا َ مشاهَد ٌ كذلك في حا ِ وهذا ُ
كرةً له ،وإذا كانت جها شا ِ ة بحقّ زو ِ ة شاكرةً لرّبها؛ فإنها تكون قائم ً صالح ً
قه عليها، حدة ً لح ّ رها جا ِ ل الله عليها؛ فإنها تكون كافرة ً ل َِعشي ِ فض ِ حدةً ل ِ َ جا ِ
ن ر ث
ُ ِْ َْ كي ) بقوله: وسلم عليه الله صلى الله رول ن
ّ ّ مه َ ذ اللتي من فتكون
شير([19]. فْرن العَ ِ الشكاةَ وي َك ْ ُ
كفٌر شير ،و ُ فران العَ ِ م في كتاب )اليمان( باب )ك ُ ْ ج َ
ولله د َّر البخاري فقد تر َ
فر( قال ابن حجر رحمه الله" :قال القاضي أبو بكر بن العربي في دون ك ُ ْ
مى إيمانا ،كذلك س ّ ت كما ت ُ َ ن الطاعا ِ نأ ّف أن ُيبي ّ َ مراد ُ المصن ّ ِ حهُ : شْر ِ َ
ج منالمعاصي تسمى كفرا؛ لكن حيث يطلق عليها الكفُر ل يراد الكفُر المخرِ ُ ً
ة ،وهي قوله ب؛ ل ِد َِقيقةٍ َبديع ٍ من بين أنواِع الذنو ِ ن العشيرِ ِ كفرا َ ص ُ خ ّ ة .و َ المل ِ
ت المرأةَ أن تسجد َ مْر ُ د؛ ل َ جد َ لح ٍ ت أحدا أن َيس ُ ً مْر ُ صلى الله عليه وسلم )لو أ َ
ق
ح ّ فَرت المرأة ُ َ َ
حقّ الزوِج على الزوجةِ بحقّ الله؛ فإذا ك َ ن َ جها(؛ فقَر َ لزو ِ
ق
ح ّ ة؛ كان ذلك دليل على َتهاوُِنها ب ِ َ قه عليها هذه الغاي َ ح ّمن َ جها وقد َبلغَ ِ َزو ِ
ج عن الملة"[20]. خرِ ُ ُ
فُر ،لكنه كفٌر ل ي ُ ْ ُ َ ْ
الله؛ فلذلك ي ُطلقُ عليها الك ْ
)(1 /
96
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(2 /
97
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
-4نهاية الصراع وعاقبة المواجهة والجهاد واضحة عند المسلمين ،وهي دائرة
بين اثنتين) :النصر أو الشهادة( وفي الولى عز الدنيا ،وفي الثانية فوز الخرة
ن*مُنو َمؤ ْ ِل ال ْ ُولَنا وَعََلى الل ّهِ فَل ْي َت َوَك ّ ِ م ْه ل ََنا هُوَ َ ب الل ّ ُ ما ك َت َ َ صيب ََنا إ ِّل َن يُ ِ ل لَ ْ} قُ ْ
هّ ُ َ ُ ْ ّ ل هَ ْ قُ ْ
م الل ُ صيب َك ُ ن يُ ِ مأ ْ ص ب ِك ْن ن َت ََرب ّ ُ
ح ُن وَن َ ْسن َي َي ْ ِ
ح ْدى ال ُ ح َن ب َِنا إ ِل إ ِ ْ صو َ ل ت ََرب ّ ُ
ُ َ َ
ن { ] التوبة،[52: صو َ مت ََرب ّ ُم ُمعَك ْ صوا إ ِّنا َ ديَنا فَت ََرب ّ ُ عن ْدِهِ أوْ ب ِأي ْ ِ ن ِم ْ ب ِ ذا ٍب ِعَ َ
والبيان التوضيحي لذلك نجده في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال ) :تكفل الله لمن جاهد في سبيله ل يخرجه
إل الجهاد في سبيله وتصديق كلماته بأن يدخله الجنة أو يرجعه إلى مسكنه
98
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(2 /
-3إن المقاومة دليل حياة الشعوب ،ومؤشر على كرامة وحرية الرافضين
للحتلل ،ول يرضى بالذل ويستسلم للعدوان إل من سفه نفسه وفقد
إنسانيته، ،ول بد من تثبيت معاني كرامة وعزة المسلم وأنه يجب أن ل يذل
99
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
َ
م اْل َعْل َوْ َ
ن حَزُنوا وَأن ْت ُ ُ إل لخالقه استجابة لنداء الحق جل وعلَ } :ول ت َهُِنوا َول ت َ ْ
ن { ] آل عمران ،[139:وحين يكثر الظلم وتتوالى الضربات مِني َ مؤ ْ ِ
م ُ ن ك ُن ْت ُ ْ إِ ْ
والهانات تضمر هذه المعاني ،وللسف فإننا نجد أن وسائل العلم تسهم
في تكريس ذلك من خلل تزييف معاني العزة والكرامة والستهزاء بها،
وبالتالي تنسى هذه المعاني مع مرور الزمن وتعاقب الجيال ،مما يستدعي
التأكيد على ذلك سيما في مثل هذه الزمنة التي مرت فيها المة السلمية
بحالت من الضعف الشديد ،ولعل من سبل مواجهة ذلك إبراز أثر المقاومة
في العزة والستعلء اليماني.
-4إن تاريخ أمتنا يكشف لنا أن المسلمين انتصروا في معاركهم الكبرى
جميعها رغم قلة قوتهم عددا ً وعدة مقارنة بعدوهم ،ففي يوم بدر يقول
ل الل ّ ِ
ه سِبي ِ ل ِفي َ قات ِ ُ
ة تُ َقَتا فِئ َ ٌ ن ال ْت َ َ ة ِفي فِئ َت َي ْ ِ م آي َ ٌ ن ل َك ُ ْ كا َ سبحانه وتعالى } :قَد ْ َ
ْ وَأ ُ ْ
ن ِفي شاُء إ ِ ّ ن يَ َم ْ صرِهِ َ ه ي ُؤَي ّد ُ ب ِن َ ْ ن َوالل ّ ُ ْ
م َرأيَ العَي ْ ِ مث ْل َي ْهِ ْ
م ِ كافَِرةٌ ي ََروْن َهُ ْ خَرى َ
َ ُ
صارِ { ] آل عمران ،[13:وهكذا كان الحال في اليرموك ك ل َعِب َْرةً ِلوِلي اْلب ْ َ ذ َل ِ َ
والقادسية ،بل وفي حطين وعين جالوت ،ومثل ذلك في فتح الندلس
والقسطنطينية ،وفي العصر الحديث كانت المقاومة الباسلة للمحتل
الفرنسي في الجزائر ،وللمحتل اليطالي في ليبيا ،وللمحتل النجليزي في
مصر والعراق وغير ذلك ،وقل أن تجد في التاريخ مقاومة لمحتل لديها قوة
مكافئة للمحتل فضل ً عن أن تكون متفوقة عليه ،ومن ثم ل بد من تقديم
ضريبة العز ،وبذل عربون النصر من خلل تقديم الشهداء ،وضرب أروع أمثلة
التضحية والفداء ،وأما النتظار إلى أن تتعادل الكفة وتتكافأ القوى فغير
ممكن وخاصة في ظل حكومات عربية ل هم لها سوى الحفاظ على كراسي
حكمها ،وبالتالي فإن اقل القليل هو دعم المقاومة الشعبية التي تنهك هذا
العدو وتزلزل كيانه وتقلق راحته .
ثالثًا :مفاهيم المواجهة الحالية
-1إن أساس المواجهات الحالية وأصلها يتمثل في الحتلل ،ووجود الصهاينة
المحتلين على أرض فلسطين ولبنان هو السبب لكل ما يجري ،ولذا يجب أن
تتجه النظار إلى لب المشكلة ل إلى آثارها ،ول يغيب عن ذهن أي عاقل ما
سبق هذه العتداءات الصهيونية على فلسطين ولبنان من أعمال إجرامية
مليئة بالغطرسة والعدوان من قتل وهدم وتجريف واعتقال وهو ما يعتبر
سمة أساسية في هذا الكيان الغاصب ،الذي يضرب عرض الحائط بكل
القوانين والقرارات الدولية،فل يصح بحال قطع ما يحصل الن من قصف
لفلسطين ولبنان عن تاريخ هذا الكيان المليء بالنتهاكات والعدوان والظلم
الشنيع ،ومن ثم فإن كل فعل ضد هذا الجرام الفظيع أقل درجاته أنه من
نم ِباب الدفاع عن النفس ،واسترداد الحق ،ومعاقبة المجرم المعتدي } ،فَ َ
م { ] البقرة،[ 194: دى عَل َي ْك ُ ْ ما اعْت َ َ ل َ مث ْ ِدوا عَل َي ْهِ ب ِ ِ م َفاعْت َ ُ دى عَل َي ْك ُ ْ اعْت َ َ
ْ َ ّ
ن { ] الشورى. [ 39: صُرو َ م ي َن ْت َ ِ ي هُ ْ م الب َغْ ُ صاب َهُ ُ ن إ َِذا أ َ ذي َ} َوال ِ
-2ينبغي النتباه إلى أنه -في هذه الحداث الدامية العصيبة -يوجد عدو
مشترك وهو العدو الصهيوني الذي استقوى بأمريكا وغيرها من قوى
الستكبار ،ومارس القتل والتشريد للمستضعفين من المسلمين بكافة
أجناسهم وطوائفهم وهذا عدو للجميع ،وينبغي التوحد في مواجهته ،حتى وإن
اختلفنا في المذاهب والتوجهات ،وإن كل ما يضر العدو الصهيوني ويؤذيه
ويوقع فيه النكاية فالموقف منه التأييد بعض النظر عن مصدره ومعتقده أو
م * ِفي أ َد َْنى ت الّرو ُ مذهب فاعله ،ولذلك أصل في أول سورة الروم } غُل ِب َ ِ
َ َْ
ن
م ْ ل وَ ِ ن قَب ْ ُ م ْ مُر ِ ن ل ِل ّهِ اْل ْ سِني َ ضِع ِ ن * ِفي ب ِ ْ سي َغْل ُِبو َ م َ ن ب َعْد ِ غَل َب ِهِ ْ م ْ م ِ ض وَهُ ْ الْر ِ
100
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
م{
حي ُ شاُء وَهُوَ ال ْعَ ِ
زيُز الّر ِ ن يَ َ
م ْ صرِ الل ّهِ ي َن ْ ُ
صُر َ ن * ب ِن َ ْ
مُنو َ ح ال ْ ُ
مؤ ْ ِ فَر ُ
مئ ِذ ٍ ي َ ْ
ب َعْد ُ وَي َوْ َ
] الروم.[5 :
)(3 /
101
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(4 /
-3إن للحزب وحلفائه أهدافا ً تخصهم وتصب في مصالحهم الذاتية ،وأهدافا ً
يشتركون فيها -من خلل العمل الميداني على القل -مع المقاومة في
فلسطين ومع مصالح بقية المة ،وذلك في إلحاق الضرر بالعدو الصهيوني،
وكل أذى ونكاية في هذا العدو مطلوبة ومرغوبة.
ً ً
-4الوقت الحالي -مع استمرار هذا العدوان -ليس وقتا مناسبا للمحاسبات
المذهبية أو الطائفية بل هو وقت ينبغي فيه التركيز على العدو الكبر الذي
يهلك الحرث والنسل ويهدد البلد والعباد .
-5إن النظرة الكلية للصراع تقتضي رد الجزئيات إلى الكليات وربط الفروع
بالصول والنظرة الشاملة هي المطلب الذي يساعد على صواب الرأي
ووضع المور في نصابها من خلل رؤية خطورة وشمولية المعركة،
والطراف المشاركة والمؤيدة للعدوان ،بحيث يكون التأييد أو التحفظ في
إطار محدد ومتوازن ،وبما يحقق المصالح ويدفع المفاسد.
-6إن العدوان الصهيوني الحالي في لبنان ليس وليد وقته وليس ردة فعل
لحدث معين -كما يبدو للناظر لول وهلة -بل إن الوقائع تدل على غير ذلك،
حيث ل يمكن أن يكون تحديد الهداف الكثيرة ،والعمليات المتواصلة مع
تحديد مدد ومطالب معينة ،كل ذلك ل ُيمكن إل بتخطيط مسبق وإعداد
مبيت ،ومثل هذا تماما ً ُيقال في الحداث الخيرة في فلسطين بعد عملية
)الوهم المتبدد( وما تلها من عمليات عسكرية وخطف للوزراء والنواب،
وهذا يتوافق مع إستراتيجية العدوان الصهيوني الذي يسعى إلى إنهاء كل قوة
محتملة يمكن أن تشكل مقاومة له أو حجر عثرة في طريق مخططاته.
سادسًا :المواقف والعمال المطلوبة
102
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
إنه لبد لنا إزاء هذه الحداث أن نغير في مسيرة حياتنا فكرا ً وشعورا ً وسلوكا ً
بما يلزم من الستمساك بالدين والعتصام بالكتاب والسنة وهذه بعض
الخطوات المطلوبة :
-1تجديد التوبة ،وصدق اللتجاء إلى الله ،والجتهاد في الستقامة على شرع
الله ،واجتناب المعاصي والبتعاد عما حرم الله.
-2تحقيق الخوة اليمانية وتوكيد الرابطة السلمية بنصرة إخواننا المجاهدين
في فلسطين ببذل المال وتقديم الغاثة لهم بكل الوسائل والمكانات
المتاحة ومشاركتهم شعوريا ً وعاطفيا ً باستشعار مصابهم وآلمهم ،علما بأن
ً
إخواننا من أهل السنة في لبنان أصابهم بلء كثير وحصل لهم تهجير كبير وهم
موجودون في مزارع شبعا الحدودية وبعض قرى الجنوب و مدينتا صيدا
وصور هما عمق سني لشمال لبنان.
-3التوعية بالحقائق اليمانية والمبادئ السلمية في مواجهة العداء ومجابهة
الخطوب وتوضيح المعاني الشرعية الصحيحة للمفاهيم السلمية المهمة
كالجهاد والولء والبراء ،وتعزيزها في ضوء النصوص الشرعية والحداث
الواقعية وحقيقة الصراع بين الحق والباطل مع التحذير من التخذيل واختلط
المفاهيم .
-4التخفف من الدنيا وتجنب الركون إليها والبعد عن الستكثار من المباحات
والنشغال بالكماليات ،والعتبار بما جرى لخواننا من الدمار والعدوان،
وتهيئة النفوس لحياة الجد والعزم ،واستنهاض الهمم لعيش العزة والكرامة،
وتحديث النفس بالدفاع عن السلم والمسلمين وصد عدوان المعتدين .
-5العمل على إحياء المقاطعة القتصادية للبضائع والخدمات والمصالح
التجارية للكيان الصهيوني وأمريكا الداعمة له ،والتنبيه على أهمية ذلك
وجدواه كسلح من أسلحة المقاومة ضد العدو.
-6استحضار ضراوة المعركة وخطورة المؤامرة التي يجتمع فيها العدو
الصهيوني ،مع دعم مطلق من أمريكا ،وتآزر مباشر وغير مباشر من بعض
دول أوروبا ،وأهمية إدراك استهداف مكامن القوة والعزة عند المسلمين،
والعمل على تفريق صفهم وتفتيت وحدتهم والستفراد بهم كل ً على حده
على مستوى الدول والشعوب ،وضرورة تفويت الفرصة على العداء بالوحدة
والنصرة حتى ل يأتي يوم يقال فيه أكلت يوم أكل الثور البيض .
-7البتهال إلى الله تعالى ،والقنوت في الصلوات ،والتضرع في الخلوات،
وتحري أوقات الجابة في جوف الليل والسحار بأن يعز الله السلم
والمسلمين ويحبط كيد العداء المجرمين .
-8قيام علماء السلم ودعاته ومفكريه بواجبهم في إيقاظ المة وتنبيهها
للمخاطر ،وتقوية عزيمتها ،وحفظ إراداتها من أسباب الوهن والحباط
والستسلم ،وكشف طرائق ومخاطر الذين يسعون في جعلها تابعة ذليلة
خانعة ،ومن أوجب واجباتهم وضع التصورات والخطط وبرامج العمال التي
تستهدف نهضة المة ووحدتها ورفع معنوياتها وزيادة فاعليتها ورسم مستقبلها
وحفظ حقوق أجيالها وعدم الكتفاء بإلقاء التبعة في ذلك على الحكومات.
والله نسأل أن يلم شمل المسلمين ويوحد صفهم ويزيد قوتهم ،وأن يدحر
أعداءهم من اليهود وحلفائهم ،وأن يكتب العاقبة للمؤمنين ،ويجعل الدائرة
على الكافرين ولو بعد حين ،والحمد لله رب العالمين
)(5 /
103
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
104
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(1 /
ْ َ
س ضك ُ ْ
م ب َأ َ ذيقَ ب َعْ َ
شي ًَعا وَي ُ ِ
م ِ والحديث مقتبس من قوله تعالى [ :أوْ ي َل ْب ِ َ
سك ُ ْ
ض ] ] النعام . [ 65 :وقد أفاد الحافظ بن كثير في تفسيره لهذه الية ) ب َعْ ٍ
،( 689-1/687وذكر جميع طرق الحديث الذي يعد طرفا من الحديث
المذكور.
وهذا الحديث يبشر باتساع دولة السلم حتى تشمل المشارق والمغارب ،أي
الرض كلها ...وفي هذا من الخير ما فيه.
إن هذا الحديث يطرح علينا تساؤلت عديدة من وحي الحداث الراهنة التي
تمر بها أمتنا السلمية ،نعرضها فيما يلي:
* هل ستصمد أمة السلم أمام تلك الهجمة الشرسة التي يقودها التحالف
المريكي الصهيوني عليها حاليا؟
والجابة بكل تأكيد هي نعم .فلن يتمكن هذا التحالف – وإن بدا للناظر غير
ذلك – من تفكيك المة السلمية أو تضييع السلم .قد يستطيع هذا التحالف
تحقيق انتصارات مؤقتة وفي أماكن متفرقة من المة السلمية ،لكنه لن
يستطيع ضرب المة كلها في مقتل .بل سوف تقوم المة السلمية – حين
يأذن الله – بضرب هذا التحالف ودحره والنتصار عليه.
* كيف تهزم المة السلمية – إذن -هذا التحالف المريكي الصهيوني؟
بالعتصام بشرع ربها وسنة نبيها صلى الله عليه وسلم .فلن ينجي هذه المة
من المحنة التي تمر بها حاليا سوى الرجوع إلى الله تعالى ،وأن تجعل الله
تعالى في صفها على عدوها .أما أن تعادي المة ربها ،ثم تطلب منه النصر
على عدوها ،فهذا من المحال الذي ل يمكن أن يتحقق.
لبد من التبصرة بالتاريخ السود للمريكان واليهود ،ومحاولة تزييفهم لتاريخ
105
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
المة السلمية ووعيها .وتبصرة جميع الناس بذلك ،حتى تنجلي الغشاوة عن
أعين أفراد المة ،ويعرفون الحقيقة ناصعة ،ويقفون على حقيقة الدور
المريكي والصهيوني الذي امتد للعبث بتاريخ أمتهم ومقدراتها ،ويريد لهذه
المة أل تقوم لها قائمة أبدا.
ويأتي بعد هذه التبصرة مرحلة العمل .إن الله سبحانه وتعالى تكفل بحفظ
دينه ،فدين الله سيعود ليهيمن بسلطانه من جديد على الكرة الرضية ،وينشر
عدالته وتعاليمه فيما بين أبناء العالم .ولن يكون السلم هو السعيد إذا
اخترت أنت العمل له ،بل السعيد هو أنت لنك في هذه الحالة سيكتب لك أن
قد ْة فَ َ جن ّ َ ل ال ْ َ خ َ ن الّنارِ وَأ ُد ْ ِ ح عَ ْ حزِ َ ن ُز ْ م ْ تكون من أصحاب الجنة .قال تعالى [ :فَ َ
َفاَز ] ] آل عمران. [ 185 :
فينبغي علينا في ضوء هذه البشارة العظيمة التي جاءت في هذا الحديث أن
نجتهد وأن نشمر سواعدنا لخدمة الدين ،وأل ننخذل أو نضعف بسبب أن
بقل ُّ ك تَ َ أعدائنا قد سبقونا وتخطونا .فالعمل العمل يا أبناء السلم! و[ ل ي َغُّرن ّ َ
فُروا ِفي ال ْب ِل َد ِ ] ] آل عمران . [ 196 :إنك حينما تعرف أن مصير ن كَ َ ذي َ ال ّ ِ
عدوك هو إلى النار والهوان ،لشفقت عليه مما يفعله بنفسه الن .كما أن
من الواجب علينا أن ندرس طبيعة عدونا :أفكاره ودعايته واستراتيجيته التي
يحاربنا بها.
وهذا المر مستفاد من القرآن الكريم .فقد أخبرنا تعالى عن قصة قارون،
أحد الغنياء في قوم نبي الله موسى عليه السلم .فقد أغرته ثروته الباهظة
بعصيان الله تعالى وعدم الستجابة لنبيه عليه السلم .فلما ظهر لقومه ورأوا
ما هو عليه من ثراء وتقدم ،تمنى ضعاف النفوس ،الذين ل يدركون حقائق
المور ،أن يكون لهم مثل ما لدى قارون ،وأن يحرزوا نفس درجة التقدم
نذي َ ل ال ّ ِ مهِ ِفي ِزين َت ِهِ َقا َ ج عََلى قَوْ ِ خَر َ المادي الذي أحرزه .قال تعالى [ :فَ َ
ّ َ ُ
ظيم ٍ حظ عَ ِ ذو َ هل ُ ن إ ِن ّ ُ ي َقاُرو ُ ما أوت ِ َ ل َ مث ْ َت ل ََنا ِ دنَيا َيا ل َي ْ َ حَياة َ ال ّ ن ال ْ َ دو َ ري ُ يُ ِ
] ] القصص . [ 79 :وأما العلماء فقالوا لهم ل تغتروا بهذه الزينة ،لنها ليست
ن ُأوُتوا ذي َ ل ال ّ ِ في مرضاة الله .فمآلها قطعا إلى الزوال .قال تعالى } :وَقا َ
َ َ َّ
ن{ صاب ُِرو َ ها إل ال ّ قا َ حا وَل َ ي ُل ّ صال ِ ًل َ م َ ن وَعَ ِ م َ نآ َ م ْخي ٌْر ل ِ َ ب الل ّهِ َ وا ُ م ثَ َ م وَي ْل َك ُ ْ ال ْعِل ْ َ
] القصص . [ 80 :فما كان من الله إل أن خسف به الرض بعد طول إمهاله
َ
دارِهِ ا ْلْر َ
ض فَنا ب ِهِ وَب ِ َ س ْ خ َ له ،واستمراره في طغيانه وتجبره .قال تعالى [ :فَ َ
ن
ري َ ص ِ من ْت َ ِ ن ال ُ م ْ ن ِ كا َ ما َ ن الل ّهِ وَ َ ن ُدو ِ م ْ ه ِ صُرون َ ُ ن فِئ َةٍ َين ُ م ْ ه ِ ن لَ ُ كا َما َ فَ َ
] ] القصص . [ 81 :فعلم الذين كانوا يتمنون أن يصبحوا مثله حقيقة المر،
ح َ
صب َ َ وحمدوا الله كثيرا على نعمه أن منعهم َ أن يكونوا مثله .قال تعالى [ :وَأ ْ
س ُ َ
ن
م ْ شاُء ِ ن يَ َ م ْ ط الّرْزقَ ل ِ َ ه ي َب ْ ُ ن الل ّ َ ن وَي ْك َأ ّ قوُلو َ س يَ ُ ِ مه ب ِا ْل ْ م َ
كان َ ُ وا َ من ّ ْن تَ َ ذي َ ال ّ ِ
ح ال َ ْ َ َ َ ّ َ َ
نكافُِرو َ فل ِ ُه ل يُ ْ ف ب َِنا وَي ْك َأن ّ ُ س َ خ َ ه عَلي َْنا ل َ ن الل ُ م ّ ن َ قدُِر لوْل َ أ ْ عَبادِهِ وَي َ ْ ِ
] ] القصص. [ 82 :
)(2 /
كشف الصحفي المريكي البارز سيمور هيرش في محاضرة ألقاها أمام اتحاد
الحريات المدنية المريكي عن وجود أشرطة فيديو تصور الجنود المريكيين
يغتصبون أطفال ذكورا عراقيين كانوا يصرخون فزعا وألما ،بينما تتعالى
ضحكات مغتصبيهم وزملئهم الذين كانوا يستمتعون بمشاهدة تلك الفظائع]،
[3يصبح من الممكن تصور ذلك ،وأنه يتم وفق منظومة تاريخية لبلد ل يرى
سوى الرهاب والستهتار في التعامل مع من يعتبرهم أعداء له!!
106
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
وهذا هو المعنى الذي يفصح عنه توماس باورز ،في كتاب حروب
الستخبارات ،حيث يقول " :التاريخ السري المريكي يقدم دليل شامل على
أننا نفتقر إلى الصبر ،كما أننا نميل إلى العتقاد بأن لكل مشكلة حل
تكنولوجيا ،وأن أي شيء يمكن إنجازه بأداة ملئمة الضخامة ،وأن احترامنا
لفكار البشر هو مجرد أمر وقتي "[4].
أل ترى أن هذه هي نفس العقيدة التي يتعامل بها اليهود مع الفلسطينيين في
الراضي المحتلة؟! إنها العقيدة التي تعطيهم الحق في ذبح الضحية ،ثم
التعجب منها إذا أظهرت ملمح للمقاومة ،أو أبدت اعتراضا على طريقة
الذبح!!!
وبدءا من وتزل صار قطع رأس الهندي وسلخ فروة رأسه من الرياضات
المحببة في أمريكا ،بل إن كثيرا منهم يتباهى بأن ملبسه وأحذيته مصنوعة
من جلود الهنود .لذلك فقد كتب الدكتور أولمان مذكرة بعنوان " :الصدمة
والرعب " ) ُ ( shock and aweوضعت أمام بوش الصغير ونشرتها الصحافة
المريكية ) وبينها نيويورك تايمز ،وواشنطن بوست ،ولوس أنجلوس تايمز (،
وفيها يقول بالنص :على الوليات المتحدة أن تستعمل أقوى شحنة من القوة
المكثفة ،والمركزة ،والكاسحة ،بحيث تنهار أعصاب أي عدو يقف أمامها،
وتخور عزيمته قبل أن تنقض عليه الصواعق من أول ثانية في الحرب إلى
آخر ثانية ،ويتم تقطيع أوصاله ،وتكسير عظمه ،وتمزيق لحمه ،دون فرصة
يستوعب فيها ما يجري له.
إن حضارة بهذا السجل الجرامي تتوقع منها القيام بأي فعل ل يستند إلى
الخلق في سبيل إعلء باطلها والتعالي على كل المم التي تعيش بجوارها.
وهكذا فيجب عليك عدم التعجب مهما سمعت من ممارسات شاذة مع ضحايا
الحروب التي تقوم بها الوليات المتحدة .ومن هذا القبيل :كشف أحد
السجناء العراقيين الذين ُأطلق سراحهم أن القوات المريكية التي احتجزته
لشهور طويلة في سجن أبو غريب ) 40كم غرب بغداد ( عذبته في ما
يسمى " غرفة الديسكو " ،وقال " :يدخل السجين إلى هذه الغرفة ويطلب
منه الرقص 8ساعات متواصلة على إيقاعات الغاني الصاخبة ،وإذا توقف
فإنهم يضربونه .وأكد السجين العراقي أن كل عمليات الستجواب كانت تتم
معه بعد إتمام رقصته ،مشيرا إلى أن " الموضوع ل يحمل أي فكاهة ،فهذه
الغرفة شكلت أحد أهم أساليب التعامل مع سجناء المقاومة "!!!
وفي أسلوب ينم عن همجية لم يعرفها التاريخ من قبل قامت القوات
المريكية باستخدام النساء والطفال كدروع بشرية لحمايتهم ...فيما كان
ُيسمع صراخ الطفال واستغاثة النساء من فوق رتل الدبابات ،وذلك أثناء "
حرب الشوارع " بالفلوجة .واشنطن تستهدف من إزاحة صدام حسين
ونظامه عن سدة الحكم برغم استجابته لكل متطلبات التركيع والترويض،
لكي يكون هذا النظام أمثولة تحمل في طياتها رسالة لمن تريد واشنطن أن
تبعث لهم برسائل محددة داخل المنطقة وخارجها! إن تعامل الوليات
المتحدة مع من تعتبره أحد أعدائها لبد أن يمر أول بحملة دعائية ضخمة
ُيصور فيها العدو المفترض على أنه أحد الوحوش الكاسرة أو الهمجية الذي
لبد من القضاء عليه حتى ل يعرقل سير الحضارة على الكرة الرضية .ثم
يأتي الدين لخدمة هذه المعركة ،فيصور هذا الوحش الكاسر الهمجي على أنه
أحد الشياطين الماردة أيضا ،المر الذي يحتم على الرب من الدخول في
المعركة بجانب المريكان ضد هذا الوحش .وهكذا تصبح المعركة على هذا
العدو مبررة أخلقيا وعقديا.
107
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
إن الثقافة وأسلوب الحياة المريكية ليس إل القتل والدموية ،وهذا ما أكد
عليه المؤرخ تشارلز بيرد بقوله " :منذ أن انتهت الحرب العالمية الثانية
وتحقق انتصارنا على اليابان ونحن في دوامة العدو الشهري ،وتعني أننا في
كل شهر نواجه عدوا مرعبا يجب علينا أن نضربه قبل أن يقضي علينا "[14].
الملف الثاني :الرهاب النووي المريكي:
)(3 /
الملف الثاني الكثر خطورة في هذا الشأن ،هو استخدام الوليات المتحدة
لكل ترسانتها النووية في حروبها ،دون أن يردعها رادع في هذا المجال .ففي
حرب الخليج الثانية ،استخدم الحلفاء 300طن متري من اليورانيوم المنضب
في أسلحتهم ،المر الذي أدى إلى كوارث في أوساط العراقيين ،وإصابة
أطفالهم بأمراض سرطانية غير مألوفة .وتشير التقديرات إلى أن الوليات
المتحدة استخدمت كمية أكبر بخمس مرات من اليوارنيوم المنضب ،أي
1500طن متري ،في حربها على العراق .هذا يعني أن الجيلين العراقيين
المقبلين سيهلكان تقريبا ،وسيكونان فريسة المرض والضعف .فما هي فائدة
الديمقراطية إذا كانت تأتي إلى شعب خسر مئات اللف من أبنائه تحت
) القصف السجادي ( لحرب )التحرير( المريكية ،وسيهلك أجياله المقبلة
بفعل المراض السرطانية؟!
ولكن القصة ليست وليدة اليوم ،بل تعود إلى سنوات بعيدة من التاريخ .فقد
كان وليم برادفورد حاكم مستعمرة بليموث يري أن نشر الوبئة بين الهنود
عمل يدخل السرور والبهجة علي قلب الله " ،فمما يرضي الله ويفرحه أن
تزور هؤلء الهنود وأنت تحمل إليهم المراض والموت " .هكذا يموت 950
من كل ألف منهم ،وينتن بعضهم فوق الرض دون أن يجد من يدفنه .إن علي
المؤمنين أن يشكروا الله علي فضله هذا ونعمته.
كانت هذه " المعجزات " اللهية صورة عن رغبات المستوطنين وطموحاتهم.
فلطالما توحدت القدرة اللهية مع الشعب المختار كما يري كوتون ماذر ،أحد
أبرز أنبياء الستعمار " ،فبعد أن ظن هؤلء الشياطين " أن بعدهم عن العالم
سينقذهم من النتقام ،استطاع الله أن يحدد مكانهم ويكتشفه ،وأرسل
قديسيه البطال من إنجلترا ،وأرسل معهم بعض الوبئة السماوية القاتلة
التي طهرت الرض منهم .إن الله يفسح مكانا لشعبه في هذه المجاهل إذ هو
يقتل الهنود بأوبئة من أنواع مدمرة ل يعرف لها البشر مثيل إل ما تحدثت عنه
التوراة.
ويستمر السجل الجرامي غير المسبوق .ففي عام 1952وجهت الصين
الشعبية وكوريا الشمالية التهامات إلى الوليات المتحدة بأنها استخدمت
شكلت لجنة علمية لتقصي الذخائر البيولوجية في أثناء الحرب الكورية .و ُ
الحقائق ،حيث كانت الغارات الجوية المريكية على كوريا تسقط قنابل تحوي
رائحة كريهة تشبه رائحة الجلد المحروق أو القرون المحترقة .كما ألقت
أنواع غير معروفة من الحشرات .كما ألقت براغيث ملوثة وفئران الحقول
المصابة بالطاعون والريش الحامل لجراثيم الجمرة الخبيثة ) النثراكس (
والمحار الملوث بالبكتريا المسببة لمراض الكوليرا تجاه خزانات المياه.
فكنا نرى أجساد المتطوعين العرب وفدائيي صدام بالعين المجردة وهي
تنصهر وتذوب حتى العظام.
يقول " كيم يونغ إيل " " :إن أمريكا هي الدولة الوحيدة التي استخدمت
108
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
القنبلة الذرية أثناء الحرب ،وهي تتحمل اليوم المسئولية كاملة عن انتشار
السلحة النووية .أما بقية الدول الخرى الساعية للحصول على السلح
النووي ،فهي تحاول فقط حماية نفسها " .وهكذا يشهد شاهد من أهلها على
حقيقة الوضع الراهن!!
إن كل هذا ليس إل مثال لما يكون عليه الحال إذا تغطرست القوة ولم تجد
ما يهذبها أو يردعها من الدين .وكل ما حدث من قبل ،وما يحدث الن ليس
إل بسبب تخلف المسلمون عن دورهم المنوط بهم أدائه في قيادة البشرية
على الكرة الرضية .فهل يعود المسلمون إلى ربهم ،ويتمسكون بتعاليم
دينهم؟ وهل يعرف المسلمون زيف الحضارة القائمة من حولهم ،والتي ل
تعرف إل الغدر والخيانة؟!! آمل أن يكون ذلك سريعا.
)(4 /
109
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(1 /
لتهملوا الموعظة
إن النفوس تصيبها القسوة والغفلة ،وتبتعد القلوب عن الله وتتعلق بالدنيا
ومافيها ،ويلبس الناس الذنب والمعصية ،فيحتاجون للتذكير والوعظ.
ومن يتأمل سنة النبي صلى الله عليه و سلم يرى أنه كان يعنى بالموعظة،
كر أصحابه ويرقق قلوبهم ،ولم تكن الموعظة خاصة بأولئك وكان كثيرا ً مايذ ّ
حديثي العهد بالسلم والتوبة ،ول بالمقصرين المخلطلين ،إنما كانت هديا ً
راتبا ً له صلى الله عليه و سلم يتخول بها أصحابه.
عن العرباض بن سارية -رضي الله عنه -قال :وعظنا رسول الله صلى الله
عليه و سلم موعظة ذرفت منها العيون ،ووجلت منها القلوب ،فقلنا يارسول
الله كأنها موعظة مودع فأوصنا)].([1
ويصف حنظلة السيدي وكان من كتاب رسول الله صلى الله عليه و سلم
مجالسه صلى الله عليه و سلم فيقول :لقيني أبو بكر فقال كيف أنت يا
حنظلة؟ قال :قلت :نافق حنظلة قال :سبحان الله ما تقول؟ قال :قلت:
نكون عند رسول الله صلى الله عليه و سلم يذكرنا بالنار والجنة حتى كأنا
رأي عين ،فإذا خرجنا من عند رسول الله صلى الله عليه و سلم عافسنا
الزواج والولد والضيعات فنسينا كثيرا ،قال أبو بكر فوالله إنا لنلقى مثل
هذا)].([2
وحين دفن النبي صلى الله عليه و سلم أحد أصحابه جلس على القبر وهو
لما يلحد فوعظ أصحابه موعظة
بليغة وذكر لهم مايلقاه العبد بعد موته من أحوال البرزخ وأهواله)].([3
وفي خطبه الجمعة كان يعنى صلى الله عليه و سلم هذا المر؛ فعن أم
هشام بنت حارثة بن النعمان قالت :ماحفظت )ق( إل من في رسول الله
صلى الله عليه و سلم يخطب بها كل جمعة ،قالت :وكان تنورنا وتنور رسول
صلى الله عليه و سلم واحدا)].([4
وقد أخبر تبارك وتعالى عن عباده المتقين وأنهم بحاجة إلى تعاهد النفوس
ورعايتها ،فقال )وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات
والرض أعدت للمتقين* الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين
الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين* والذين إذا فعلوا فاحشة أو
ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إل الله ولم
يصروا على مافعلوا وهم يعلمون(.
بل أخبر صلى الله عليه و سلم عن نفسه فقال" :إنه ليغان على قلبي وإني
لستغفر الله في اليوم مائة مرة".
فإذا كانت هكذا نفوس المتقين الذين بلغوا الرتب العالية والمنازل الرفيعة،
فكيف .ممن هم في ون ذلك بكثير؟ كيف بنا اليوم ونحن نعيش عالما مليئا
110
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
بالفساد والمنكرات ،ونلبس ونواقع كثيرا منها صباح مساء ،ناهيك عن
الستغراق في فضول المباحات والوقوع في المشتبهات ،وهذه دائرة ربما لم
نفكر فيها لنا لم نتجاوز ما قبلها.
فلئن كان الرعيل الول وخير القرون يتعاهدهم نبيهم صلى الله عليه و سلم
بالوعظ والتذكير ،ويتخولهم بها ،ويسمعون منه كل جمعة ذلك ،فكيف بجيلنا
نحن؟
بل وكيف نتصور بعد ذلك أن المواعظ إنما هي لفئات خاصة من حديثي العهد
بالستقامة والتوبة ،أما الدعاة ومن قطعوا شوطا في الطريق فهم في غنى
عن ذلك كله ،وهم بحاجة للحديث عن القضايا الفكرية والدعوية والمسائل
الساخنة.
) (5رواه مسلم )(2702
*
) (1رواه الترمذى ) (2157وأبو داود ) (4607وابن ماجه )(2) .(42
)(3
)(4
--------------------------------------------------------------------------------
)] ([1رواه الترمذى ) (2157وأبو داود ) (4607وابن ماجه )(42
)] ([2رواه مسلم )(2750
)] ([3رواه أحمد )(18063
)] ([4رواه مسلم )(873
)(1 /
111
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
فلقد واجهت المقاومة العراقية أعنف آلة حرب وأقدرها تقدما ً وتقنية،
فذت مشروعها دون وأكثرها وحشية وجراءة على انتهاك القيم النسانية ،ون ّ
أي طرف مقابل في التوازن الدولي أو الصراع القليمي أو النظام الرسمي
العربي المحيط بالعراق ،كل هذه الطراف كانت تخدم معادلة واحدة في
معركة احتلل العراق هي معادلة المحتل المريكي قبل بدء المعركة وبعد
الحتلل وحتى هذه الساعة.
وعلى الرغم من ذلك كله فقد أثبتت المقاومة الوطنية العراقية أن النسان
العربي المنتمي لقيم السلم الصيل شخصية نضالية ل نظير لها في تاريخ
المقاومة الشعبية في العالم الجديد ،سواء العالم الثالث المضطهد أو حركات
مقاومة في مناطق أخرى ،كلها استفادت من ميادين أطراف إقليميه أو دولية
للمواجهة مع الحتلل الجاثم على بلدانها ،فيما انفرد العراقيون بالمهمة
التاريخية الصعبة ،بل والمستحيلة ،وكسروا قاعدة التحليل الستراتيجي في
مثل هذه الحالت ،وهاهم حتى الن يتقدمون على ساحة المواجهة العسكرية
المباشرة مع قوات الحتلل المريكي ،ويلحقون به الخسائر ،ويهرب هو إلى
ساحات التآمر السياسية مع الطراف الداخلية والقليمية لمحاولة احتواء
انتصار المقاومة العراقية.
الجبهة الثانية :إيران الصفوية
لقد واجه المحتل تصاعد قوى المقاومة بإعطاء الفرصة ليران لتركيع هذه
النتصارات المتصاعدة ،فأصبحت المقاومة في مواجهة مع الطرف اليراني
على جبهتين :
الجبهة الولى
ً ً
هي القوى المنية المعدة أيدلوجيا وعسكريا في إيران ،والتي تم إدخالها مع
الحتلل ،وانضمت إلى الجيش العراقي الذي أسسه بريمر ،وكانت ُتستخدم
في عمليات القتحام والحصار لمناطق ومدن المقاومة كالفلوجة والرمادي
وغيرها جنبا ً إلى جنب مع قوى الحتلل.
والجبهة الثانية
هي المؤسسات المنية الداخلية التي كانت تتولى إنهاك وتعذيب وقتل
المقاومين العراقيين والوصول إلى المعلومات المنية التي تخدم الحتلل في
حربه الشرسة مع المقاومة العراقية ،ومع ذلك كله انتصرت المقاومة
العراقية على الحتللوحلفائه ،وأظهرت بسالة وقوة احتمال منقطعة النظير،
كانت الروح الفدائية والتضحية في سبيل المة العربية ومرجعيتها السلمية
وقودا ً للعراقيين البطال.
الجبهة الثالثة الوحدة الوطنية
وأما الجبهة الخطر فكانت قدرة وقوة المقاومة السلمية الوطنية العراقية
على توحيد أهداف معركتها على الرغم من الضغوط النفسية الهائلة التي
ظف لمصلحة الحرب ُتصب عليها ،بل والذي يستفّزها لدخول معارك تو ّ
الهلية في العراق ،ومن خلل أجواء خطيرة كانت تسعى لكي تدخل
المقاومة في هذه اللعبة القذرة إل ّ أن المقاومة حافظت على خطها النضالي
الشريف ،وتجّنبت أن تقع في نفس الفخ الذي زرعه الحتلل لبعض القوى
العسكرية القادمة من خارج العراق ،والتي استخدمت لكي تكون طرفا ً مقابل ً
للطرف اليراني في إشعال الفتنة وتبادل عمليات القتل ردا ً على جرائم
مؤسسات المن الداخلي التي أسسها الحتلل ودعمتها إيران.
ل خيار للخليج العربي إل بدعم المقاومة العراقية
112
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(1 /
إذا ً نحن أمام حالة فريدة في مواجهة مشروع خطير ل يستهدف الهوية
القومية والسلمية للمنطقة فحسب ،بل ويستهدف استقرارها ووحدتها
الجتماعية والوطنية ،ونحن نرى أنه كلما تكّرس مشروع الحتلل المريكي
على الرض مع الثقافة اليرانية المعادية لوحدة المجتمع العربي في الخليج
ظهرت لنا أبواق من القنوات تسعى ليقاد الفتنة بين مواطني المنطقة كلها،
وليس العراق فحسب ،وكلما انتصرت قوى المقاومة وغطاؤها السياسي
كالمؤتمر السياسي الذي يرأسه الشيخ جواد الخالصي والشيخ حارث الضاري
مى الخطاب الطائفي ومفاهيم ح ّ
الزعيم السلمي الوطني الكبير تراجعت ُ
الطائفية السياسية التي تمّزق المجتمعات العربية في الخليج لمصلحة
الموقف اليراني والمريكي معًا.
أما المنظور المريكي فسيكون من الغباء أن نتصور بأن المريكيين قد أغفلوا
منطقة الخليج من مشروعهم للشرق الوسط الجديد ،وتوقعاتهم التي وردت
في دراستها ،بل إن الخليج هو محور هذا المشروع خاصة مع تداعيات الحرب
الهلية في العراق على المنطقة ،وبالتالي إيجاد قواعد لعبة جديدة كليًا،
وإعادة رسم المنطقة على قاعدة لعبة الشطرنج )كش ملك(-وأشير هنا إلى
الخريطة الجديدة لتقسيم المنطقة على أساس طائفي بعد تداعيات أحداث
العراق؛ أي مفاهيم أساسية لمنطقة الولء والحماية بحسب ما ُيفرض حتى
على الطرف المريكي من تداعيات ضخمة ل يستطيع مواجهتها ،ولكن يسعى
لتأمين مصلحته العليا وإنهاك الخصوم في حروب يعيد بعدها سيطرته على
المنطقة بتخطيط جديد يقابله المعسكر اليراني وخطته المبراطورية.
مام المان للمحافظة أول ً على وحدة العراق إذا ً ننتهي إلى حقيقة هي أن ص ّ
وإنقاذه من مخطط الحرب الهلية ،وبالتالي حماية المنطقة وهويتها القومية
السلمية يكمن في دعم المقاومة العسكرية والسياسية ،والتي تحتاج إلى
دعم مادي لو ُترك لهل الخليج إيصاله لهذه الطراف الراشدة التي ل تعبث
بدماء البرياء لكان في هذا الدعم وقاية ل تساوي سياسيا ً ول اجتماعيا ً
مقابلها الكبير ونتائجها اليجابية ،وهنا تبرز مهمة مؤسسات المجتمع المدني،
والجمعيات السياسية في الخليج.
المر الثاني هو التحصين العلمي الراشد ضد خطاب الفتنة والفرقة الذي
تتبناه القنوات اليرانية المؤسسة حديثا ً في الخليج ،وما تفعله من تفرقة
الصف وتعزيز جوانب الخلف في قضايا كبرى بين أبناء الطائفيين لتمهيد
الجواء أمام فتنة ل يعلم مداها إل الله ،وهذه المهمة تقوم بها مشاريع
إعلمية مستقلة ينبغي أن ُيفتح لها المجال لكشف المخطط المريكي
واليراني على السواء ،ويكفي أن ُيعّزز إسناد مثل هذه المهمة إلى مجلس
يضم كأساس له القوى الشيعية العروبية في العراق ،والتي رصدت الفتنة
الطائفية وآثارها على الوطن العراقي ،ومن ثم امتداداته إلى المنطقة ،مع
من يماثلهم في الوعي من الطرف السني ،ويستخرج خطابا ً موحدا ً يهدي
للوحدة ويدعم وحدة الشعب العراقي وصمود مقاومته ،واليوم هو يوم
العمل ،أما غدا ً فيلتفت الخر إلى ما قيل وهو يتمتم:
ضحى الغدِ
ل إل ُ منعرِج الّلوى *** فلم يستبينوا القو َ
م نصحي ب ُ ضُته ُ
مح ْ
--------------
* كاتب ومحلل سياسي
113
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(2 /
114
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
ل
ج ِ ت على عَ َ ف أرضى وقد ول ّ ْ ة فكي َ م مقبل ٌ ش واليا ُ ض بالعي ِ لم أر َ
مبتذ َ ِ
ل قدرِ ُ ص ال َ صن ُْتها عن رخي ِ عرفاني بقيمِتها ف ُ ي ِ ى بنفس َ غال َ
ل َ
س يعمل إل في َيديْ ب َط ِ ُ ل أن َيزهو بجوهرِهِ ولي َ ص ِ وعادةُ الن ّ ْ
ل
ّ ِ سف وال ِ د الوغا ة
َ دول أرى تى ّ ح زمني َ بي ّ د يمت ن
ت أوث ِ ُ ْ
أ ر ما كن ُ
لمهَ ِ م وراَء خطويَ إذ ْ أمشي على َ شوط ُهُ ُ ن َ س كا َ مْتني أنا ٌ قد ّ َ تَ َ
لة الج ِ ه د ََرجوا من قبلهِ فتمّنى ُفسح َ هذا جزاُء امريٍء أقران ُ ُ
ل ُ
س عن ُزح ِ ط الشم ِ ب لي أسوةٌ بانحطا ِ ن دوني فل عج ٌ م ْ ي َ ن علن َ وإ ْ
ل
دهرِ ما ُيغني عن الحي َ ِ ث ال ّ ضجرٍ في حاد ِ ل ول َ فاصبْر لها غيَر محتا ٍ
ل
خ ِ م على د َ َ س واصحبه ْ ت بهِ فحاذِرِ النا َ ن وَثق َ ك أدنى م ْ عدوّ َ دى َ أع َ
لج ِ دنيا على َر ُ ل في ال ّ ن ل ُيعوّ ُ م ْ دها َ دنيا وواح ُ ل ال ّ فإّنما رج ُ
لج ِ ن منها على وَ َ ُ
ن شّرا وك ًْ ُ
جزةٌ فظ ّ معْ ِ ن ظن ّك باليام ِ َ َ حس ُ و ُ
ل
ل والعم ِ قو ِ ن ال َ ف بي َ خل ِْ ة ال ُ ت مساف ُ ض الغدُر وانفرج ْ ض الوفاُء وفا َ غا َ
ل
معتد ِ جب ُ معوَ ّ ل ُيطاب َقُ ُ م وه ْ س كذب ُهُ ُ ن النا ِ صد ْقَك بي َ َ ن ِ وشا َ
ل ف للعَذ َ ِ سي ِ سبقُ ال ّ م شيٌء في َثباتهم ِ على الُعهودِ ف َ ن ينج ُ ن كا َ إ ْ
ل مك الو ِ َ صفوَك في أيا ِ َ ت َ ه كد ٌّر أنفق َ ّ ّ
ش كل ُ ً
سؤَر عي ٍ يا واِردا ُ
ل َ
ة الوَش ِ ص ُ م ّ ه ُ ت تكفيك من ُ َ ه وأن َ ج البحرِ تركب ُ ُ ُ
مك ل ّ َ م اقتحا ُ في َ
ل
َ َ ِو خ وال ِ ر النصا إلى فيه ج
ُ يحتا ول عليه يخشى ُ ل ِ ة القناع ُ
ك ملُ
)(1 /
ل
منتق ِ
ل غيرِ ُ ت بظ ّل سمع َ ت لها فه ْ ترجو البقاَء بدارٍ ل ثبا َ
ُ
ت منجاةٌ من الّزل ّ ِ
ل صم ِ ت ففي ال ّ طلعا ً أصم ْ
ْ
م ّ
ويا خبيرا ً على السرارِ ُ
ل
م ِ
ن َترعى معَ الهَ َ كأ ْ س َ
ه فاربأ بنف ِ تل ُ
طن َنف ِ ك لمرٍ إ ْشحو َ قد ر ّ
)(2 /
115
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(1 /
116
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
صفدي ة ال ّ لمي ّ ُ
ل
ة الم ِب غاي َ ن قري ٍ بع ْ ص ْ ب تُ ِ ل فانص ْ س ِ ن في الك ََ حرما ُ جد ّ في الجد ّ وال ِ ال َ
ل َ
دراِع الب َط ِ ف ال ّ حسام ِ بك ّ ن بهِ صبَر ال ُ واصبْر على كل ما يأتي الّزما ُ ّ
ل
َ َ ِ ج ع في ِ د والتأيي زّ الع من ترجو بما ص والطماعَ تح َ
ظ ب الحر َ وجان ِ
ُ ن ول تظ ّ
ل جذ َ ِ ت ذا َ ل بما أوتي َ حَز ٍ ت ذا َ ن على ما فا َ ول تكون َ ْ
لل المورِ ول ُتسرع ببادرةٍ يوما ً إلى رج ِ م في ك ّ حل َ واستشعرِ ال ِ
لق ِ م يَ ُ م تسمعْ ول ْ كل ْ ن كأن ّ َ ه فك ُ ْ خلقَ ل ُ صل َ ت بشخ ٍ ن ُبلي َ وإ ْ
لن الّزل ِ َ ي تنجو م َ ً
محاوَرةٍ ول حليما لك ْ ول ُتمارِ سفيها في ُ ً
ل
س ِ م في العَ َ س َ ن ال ّ خدعا فإ ّ ً ك ِ ه إلي َ شت َ ُ ن ُيبدي بشا َ كم ْ ول يغّرن َ
ل منتع ِ فو ُ ك عن حا ٍ م أموَر َ ى فاكت ُ ْ ت َنجاحا أو بلوغ َ ُ ً
من ً ن أرد َ وإ ْ
ل ل والعم ِ ص القو ِ ف وما تعوّد َ نق َ مّتص ٌ حْزم ِ ُ ن الفتى من بماضي ال َ إ ّ
ل جب َ ِ ل وال َ سه ِ م ال ّ ب مسكُنها حتى يقد ّ أدي َ ض طا َ م بأر ٍ ول يقي ُ
ل
ت من أيامهِ الو ِ ن يعود َ ما فا َ ن فل ْ ت الّزما ِ ول يضيعُ ساعا ِ
ل ل ذي ن ُب ُ ِ ب إل ك ّ ه ول ُيصاح ُ ن ُيراقِب ُ ُ م ْ ب إل َ ول ُيراقِ ُ
ل خل ِ َ عيوبا في الوََرى أبدا بل يعتني بالذي فيهِ من ال َ ً ً ول يعد ّ ُ
لمهَ ِ ب َتهديهِ على َ سنا بل التجار ُ ً ح َ سوءا ول َ ً م ُ ن به ْ ول يظ ُ ّ
لل من وثبةِ الج ِ ج ٍ ل آمال ً بصبِح غد ٍ إل على وَ َ م ُ ول ي ُؤَ ّ
لسب ُ ِ ح ال ّ ه لنها للمعالي أوض ُ ول َيصد ّ عن التقوى بصيرت َ ُ
لش في دهرهِ يوما ً من العَط َ ِ م يخ َ هل ْ س ُ ل التقوى ملب َ حل ُ ن ُ ن تك ْ فم ْ
ل حل َ ِ ن ال ُ ن مغمورا ً م َ ه عارٍ وإن كا َ ه مما ي ُد َّنس ُ ض ُ عر َ ن ِ م يص ْ نل ْ م ْ َ
لَ َ ِ م ه ال مع فليرعى ُ
ل يحاو فيما ة
ً تجرب الدهر فُ صرو ُ ُ ه تفد ُ لم نَ ْ م
ل
ِ َ ي حِ بال َ ء جا ّ و عد ب
ْ ِ ر حَ ب منها ً ل جِ َ ع ْ ق ِ ث فلي الليالي ه
ُ لمت َ سا ن م ْ َ
ل
ِ َ ن ي م
ِ ْ ل ب ج
ْ ُ ع ال ِ م بسها رمى ن
ْ وم ِ ه ِ ت بحاج ر
ْ يظف لم م
َ ز ْ ح
َ ال َ ع ّ ي ض ن ْ م
لِ صِ ّ ت م
ِ ُ ل فع ِ ال ح
ِ بمد ٍ د حم َ ع بدي ه ُ ل ن َ العالمو وأحيا َ د سا َ د جا ن م ْ
ن جهلهِ وَُبلي جود ٍ ُبلي م ْ ه من غيرِ ُ ل يجمعُ ُ ل الُعلى بالما ِ م ني َ ن را َ م ْ
ل
منَتق ِ ل طب ٍْع لئيم غيرِ ُ َ ه بك ّ ت خليقت ُ ُ ه ساَء ْ س ُن نف َ ص ْ مي ُ نل ْ م ْ
ل
جل ِ َ ث ال َ دما لنفسهِ وُرمي بالحاد ِ ً جَنى ن َ َ س الغاغة الّنوكى َ َ َ ن جال َ م ْ
ملي خبر في عَ َ ل ال ُ حكما إذ صغُتها بعد َ طو ِ ً َ حوى ِ خذ ْ مقال خبيرٍ قد َ َ ف ُ
)(1 /
117
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
خ ْ
ل م من يسمعْ ي َ َ ن ومن رفعَ الهرا َ أين عاد ٌ أين فرعو ُ
قل َلْ ن ال ُ ن من سادوا وشادوا وب ََنوا هَلك الكل ولم ُتغ ِ ّ َ َ أي َ
م الوَلْ ن أهل العلم ِ والقو ُ ُ جى أهل الّنهى أي َ ُ ح َ ب ال ِ ن أربا ُ أي َ
لم وسَيجزي فاعل ً ما قد فَعَ ْ ُ منه ً ل ك الله س ُ ُ
د يعي
مل ْ
ل ت بها خيُر ال ِ ص ْ خ ّ حكما ً ُ ت ِ جمع ْ ي اسمعْ وصايا َ إيْ ُبن ّ
لس ْ ل الك َ َ ل فما أبعد َ الخيَر على أه ِ س ْ م ول تك َ ب الِعل َ أطل ُ
ل خو َ ْ لو َ ه بما ٍ ل عن ُ دين ول تشتغ ْ ل للفقهِ في ال ّ واحتف ْ
لب يحقْر ما ب َذ َ ْ ف المطلو َ ن يعر ِ ه فم ْ صل ُ م وح ّ واهجرِ الّنو َ
ل ب وص ْ در ِ ل من ساَر على ال ّ هك ّ ت أرباب ُ ُ ل قد ذهب ْ ل تق ْ
لح العم ْ ل العلم ِ إصل ُ م الِعدى وجما ُ في ازديادِ العلم ِ إرغا ُ
ق اختب ْ
ل ب بالّنط ِ ن ُيحَرم ِ العرا َ منط ِقَ بالّنحو فم ْ ل ال َ م ِ ج ّ َ
ل ح ْ م مذهبي في اطراِح الّرفد ل تبِغ الن ّ َ ّ شعَر ولز ْ انظم ِ ال ّ ُ
لن الشعَر إذا لم ُيبتذ ْ ل وما أحس َ ن على الفض ِ فهوَ عنوا ٌ
ل اّتك ْ
ل ل لم يبقَ سوى مقرف أو من على الص ِ ل الفض ِ ت أه ُ ما َ
قبلْ َ
أنا ل أختاُر تقبيل يد ٍ قطُعها أجمل من تلك ال ُ ُ ْ َ َ
جلْ خ َ ت في رّقها أو ل فيكفيني ال َ جزتني عن مديحي صر ُ إن َ
ظ ُنطقي بل َعَ ّْ
ل ِ اللف ر م وأ ْ ذ خ ُ كَ ل قولي َ ظ
ِ اللفا ب أعذ ُ
ِ َ ّ
ل وش ْ ن البحرِ اجتزاٌء بال َ كسرةٌ وع ِ ه ُتغني ِ ك كسرى عن ُ مل ُ ُ
ل( ه حقا ً ) وبالحق نز ْ ُ تلق ( بينهم قسمنا )نحن اعتبر
لت يوما ً بالكس ْ َ فا ما ول ل ليس ما يحوي الفتى من عزمه
ل ف ْ س َ ن َ م ْ ي وُتعلي َ ض العال ْ ف ُ ن عاداتها تخ ِ اطرِح الدنيا فم ْ
لل فيها أو أق ْ ة الجاه ِ ب في تحصيِلها عيش ُ ة الّراغ ِ عيش ُ
لعل ْ َ ت منها في ِ مكثرا وعليم ٍ با َ ً ت فيها ُ ل با َ جهو ٍ م َ كَ ْ
ل ت الم ْ ل غايا ِ ن نا َ منى وجبا ٍ ل فيها ال ُ م شجاٍع لم ين ْ ك ْ
حي َ ْ
ل ك ال ِ ة في تر ِ ل إنما الحيل ُ ة فيها وات ّك ِ ْ ك الحيل َ فاتر ِ
شل ْ
ل َ ه بال ّ ه من ُ منى فرماها الل ُ ل منها ال ُ م تن ْ فل ْ أي ّ ك ّ
ل ص ْ ح َ فتى ما قد َ ل ال َ ل أصلي وفصلي أبدا إنما أص ُ ً َ ل تق ْ
قى الد ّغّلْ ك قد ْ ُين َ سب ْ ِ ن ال ّ ب وِبحس ِ نأ ٍ قد ْ يسود ُ المرُء من دو ِ
صلْ س إل من ب َ َ ت الّنرج ُ ك وما َينب ُ ُ شو ِ ن ال ّ إنما الورد ُ م َ
ل ه على نسبي إذ بأبي بكرِ اّتص ْ َ الل غيَر أني أحم ُ
د
م أق َ ْ
ل هأ ْ ن من ُ ه أكثَر النسا ُ ن ما ُيحسن ُ ُ ة النسا ِ قيم ُ
س وحاسب ومن ب َط َ ْ ُ
ل فل ْ َ سب ال َ ن فقرا ً وغنى واك َ أكتم ِ المري ِ
ل خل َ ْ ة الحمقى وأرباب ال َ صحب َ ب ُ واّدرع جدا ً وكدا ً واجتن ْ
لن زاد َ قَت َ ْ نإ ْ كل هذي ِ ةو ِ ل ُرتب ٌ ن تبذيرٍ وُبخ ٍ بي َ
ل للّزل ْ
ل َ ضوا إنهم ليسوا بأه ِ م َ ض في حق سادات َ خ ْ لت ُ
لف ْ فْز بالحمد ِ إل من غَ َ وتغاضى عن أمورٍ إنه لم ي ُ
س الجب َ ْ
ل ن ضد ّ ولو حاو َ َ
ة في را ِ ل الُعزل َ م ْ س يخلو المرُء ِ لي َ
ل ق ْ جُرهُ فما بلغَ المكروه َ إل من ن َ َ ّ مام ِ واز ُ ل عن الن َ ّ م ْ ِ
ق ْ
ل م تجد ْ صبرا فما أحلى الن ّ َ ً نل ْ صبرِ وإ ْ سوِء بال ّ دارِ جاَر ال ّ
لل فَعَ ْ ن إذا قا َ م ْ ه ل ُتعان ِد ْ َ ش ُ ن واحذْر بط َ سلطا َ ب ال ّ جان ِ ِ
ل ن عَذ َ ْ م ْ ف َ ة فيك وخال ْ َ م سألوا رغب ً ن هُ ْ مإ ْ ل الحكا َ ل تَ ِ
م هذا إن عَد َلْ ي الحكا َ ن ول َ س أعداٌء لم ْ ف النا ِ ن نص َ إ ّ
فيه في الحشر ت ُغَلْ كل ك ّ س عن لذاتهِ و ِ ّ فهو كالمحبو ِ
مث َ ْ
ل أو ً ا وعظ َ ل القاضي ة لفظ في ل والستثقا ص
َ َ ِ ِ ن للنق ِ إ ّ
118
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
ص انعز ْ
ل ص إذا الشخ ُ ه الشخ ُ حكم ِ بما ذاقَ ُ ل ُتوازى لذة ُ ال ُ
سلْ م في ذاك العَ َ َ س ّ َ
ن ذاقها فال ّ ت لم ْ ت وإن طاب ْ فالوليا ُ
سفلْ مداراةِ ال ّ جلدي وعنائي من ُ َ ب أوهى َ ص ِ ب المن ِ ص ُ نَ َ
ل ل تقصيُر الم ْ ِ العق ُ
ل فدلي ز
ْ ُ ف ت الدنيا في َ
ل الما قَ ّ ِ
ر ص
لج ْ ت على ِغّرةٍ منه جديٌر بالوَ َ ه المو ُ ن يطلب ُ إن م ْ
لمل َ ْ ن أكثَر الّترداد َ أقصاهُ ال َ حب ّا ً فم ْ ب وُزْر ِغب ّا َ تزِد ْ ُ ِغ ْ
ف ْ
ل ّ
س إطباقُ الط َ ل كما ل يضّر الشم َ ل إقل ٌ ل يضّر الفض َ
ل ُ
حل ْن ال ُ ل الفتى دو َ ك ِغمدهُ واعتبْر فض َ ف واتر ْ سي ِ ل ال ّ خذ ْ بنص ِ ُ
ل ب َد َ ْ
ل ب تلقَ عن اله ِ ن عجٌز ظاهٌر فاغتر ْ ك الوطا َ حب ّ َ ُ
سرى البدرِ بهِ البدُر اكتم ْ
ل ً
ث الماِء يبقى آسنا و َ مك ِ فب ُ
لجع ْ ب الوردِ مؤذ ٍ لل ُ ب قولي عبثا إن طي َ ً أّيها العائ ُ
)(1 /
م من ث ُعَ ْ
ل ك سه ٌ عَد ّ عن أسهُم ِ قولي واستت ِْر ل ُيصيبن ّ َ
ل ت لينا ً ُيعتز ْ ن للحّيا ِىإ ّ ن من فت ً ك لي ٌل يغّرن ّ َ
ن آذى وقَت َ ْ
ل ُ ل الماِء سه ٌ أنا مث ُ
خ َ ل سائغٌ ومتى أس ِ
ت انفت َ ْ
ل ف ما شئ َ ن كي َ سره ُ وهو لد ٌ بك ّ أنا كالخيزور صع ٌ
ل هو الموَلى الج ّ
ل ٍ ما ذا فيه ن
ْ يك ن
ن َ ْ
م غيَر أّني في زما ٍ
م ُيستق ْ
ل ل فيه ْ ل الما ِ ه وقلي ُ م ُ
ب عند الورى إكرا ُ واج ٌ
ملج َل ال ُ م ،فاترك تفاصي َ ل العصرِ غمٌر وأنا منه ُ ل أه ِ ك ّ
لس نهارا ً وأف ْ وصلةُ اللهِ ربي ك ُّلما ط َل َعَ الشم ُ
للذي حاَز الُعلى من هاشم ٍ أحمد َ المختارِ من ساد َ الوَ ْ
ل
لم عاجٌز إل ب َط َ ْ س فيه ْ ب سادةٍ لي َ ل وصح ٍ وعلى آ ٍ
)(2 /
119
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(1 /
120
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
و قال المام القرطبي في تفسير الية ذاتها مبينا ً عّلة الترخيص للقواعد من
ف
صَرا ِك لن ْ ِ عد ب ِذ َل ِ َ وا ِ ص ال ْ َ
ق َ خ ّ ما ُ النساء في أن يضعن عنهن الجلبيب ) :إ ِن ّ َ
َ َ ُ َ ال َن ْ ُ
ن َ ،وح ل ِغَي ْرِهِ ّم ي ُب َ ْ
ما ل ْ ن َ ح لهُ ّ ن ،فأِبي َ ل ِفيهِ ّ جا ِ
هب ِللّر َ مذ ْ َن ؛ إ ِذ ْ ل َ فس عَن ْهُ ّ
ُ
ن(. مت ِْعب ل َهُ ّ
فظ ال ْ ُ ح ّ م ك ُل ْ َ
فة الت ّ َ أِزيَلت عَن ْهُ ْ
قلت :إذا علم أن للقواعد من النساء فسحة في الترخص في اللباس ؛
فينبغي عدم التوسع في العمل بهذه الرخصة ،بل الواجب قصرها على ما
ذهب إليه جمهور المفسرين و الفقهاء ،و هو عدم لبس الجلباب ) و هو
الثوب الفضفاض الساتر الذي ترتديه المرأة فوق ثيابها عند الخروج من
البيت ،أو لقاء غير المحارم من الرجال ( ،و هذا ما ذكره الطبري و
القرطبي و ابن كثير و السيوطي ،و عامة المفسرين ،و عزوه إلى السلف
الصالحين ،و ساقوا بأسانيدهم ما يدل على أنه فهم السلف للمراد من الية
و أقتصر من ذلك على جملة من الثار في بيان المراد من كلم الملك الجّبار
اقتبسها من تفسير الجلل السيوطي الموسوم بالدر المنثور في التفسير
بالمأثور :
• أخرج ابن المنذر و ابن أبي حاتم و البيهقي في السنن عن ابن عباس في
قوله ) و القواعد من النساء ( قال :هي المرأة ل جناح عليها أن تجلس في
بيتها بدرع و خمار ،و تضع عنها الجلباب ما لم تتبرج .
• و أخرج عبد الرزاق و الفريابي و عبد بن حميد و ابن المنذر و ابن أبي
حاتم و الطبراني و البيهقي في السنن عن ابن مسعود في قوله ) فليس
عليهن جناح أن يضعن ثيابهن ( .قال :الجلباب و الرداء .
• و أخرج سعيد بن منصور و ابن المنذر عن ابن عمر في الية قال :تضع
الجلباب .
• و أخرج عبد بن حميد و ابن المنذر و ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ) و
إن يستعففن خير لهن ( قال :يلبسن جلبيبهن .
• و أخرج سعيد بن منصور و ابن المنذر و البيهقي في السنن عن عاصم
الحول قال :دخلت على حفصة بنت سيرين و قد ألقت عليها ثيابها فقلت
أليس يقول الله ) و القواعد من النساء اللتي ل يرجون نكاحا ً فليس عليهن
جناح أن يضعن ثيابهن ( .قالت :اقرأ ما بعده ) و إن يستعففن خير لهن ( و
هو ثياب الجلباب .
ن من ّ الس في دمن ّ تق اللئي النساء بعض إليه تعمد و بعد ُ فل يسوغ ما
التساهل في اللباس ،و إن كان الشنع من هذا ما آلت إليه حال الكثيرات
من فتيات المسلمين في شرق العالم و غربه من التبرج و السفور و
مجارات الكافرات في اللباس و الزينة و الختلط و اتباع خطوات الشيطان .
فليحذر من رضي بالله رب ّا ً و بالسلم دينا ً و بمحمدا ً صلى الله عليه و سّلم
نبي ّا ً من النحراف عن شريعة الله تعالى تحت أي ذريعة يتذرع بها
المتساقطون أمام الشبهات و الشهوات ،فإن من يريد الفلح و النجاح يدعُ
ما به بأس . ما ل بأس به خوفا ً م ّ
هذا و الله الهادي إلى سواء السبيل ،و بالله التوفيق .
)(2 /
121
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
122
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
وإذا كانت القراءة تبدو مشوشة بعض الشيء عند ما يأتي الحديث عن
أفغانستان وما قدمته هذه الدولة أو تلك للتحالف الذي قادته أمريكا ضد
طالبان ،فإن ما قدمته "طهران" لواشنطن أثناء احتللها بغداد ،وما تفعله
حاليا أجهزة مخابراتها وما يلوذ بها من ميليشيات تم إنشاؤها وتسليحها
وتمويلها من قبل إيران من تدمير يلحق بكل شيء في العراق ،فإن نوايا
إيران في سورية ولبنان ل يخفي إل على العمى.
على أن هذه المقدمات ل تعني أن نقول إن حزب الله ،عندما أسر الجنديين
السرائيليين ،إنما كان بدافع إيراني صرف ،لن التسليم بهذه المقولة هو
تسطيح واضح للموضوع .فلم يكن حزب الله ،كما المنظمات الفلسطينية،
يخفي سعيه وراء أسر جندي أو أكثر للمقايضة به على إطلق سراح معتقلين
لبنانيين ،وربما فلسطينيين أيضا.
من يقرأ التصريحات التي أدلى بها وزير الخارجية اليراني "منو شهر متقي"
أثناء زيارته الخيرة إلى لبنان ،وعبر فيها عن تحفظاته "عن خطة الحكومة
اللبنانية الشاملة لحل النزاع القائم في لبنان" ،كما جاء في خطاب الرئيس
"فؤاد السنيورة" في روما حول المبادئ السبعة التي اعتمدها إجماع
الحكومة بكامل أعضائها ،يتأكد لديه أن "متقي" إنما كان يتكلم وكأن له في
لبنان أكثر مما للحكومة اللبنانية .فقد قال السنيورة" :إن منوشهر متقي
تجاوز الحدود وبعض الطراف سارعوا إلى اعتماد موقفه".
)(1 /
ما هو واضح من كلم السنيورة أن هناك لبنانيين ،أيضا ،يشاركون متقي في
تحفظاته.
اللعبون الكثر ،من خارج لبنان ،على الساحة اللبنانية ،يهمهم بالدرجة الولى
مصالحهم أو إفشال مصالح اللعبين الخرين.
ل له "ليله" التي يغني عليها ،وليس للبنان في فواشنطن وباريس ك ٌ
حساباتهما إل ما يتوفر من الوقت الضائع .فرنسا يهمها أن تحفظ بعض ماء
الوجه الذي يمكن أن تظهر به في مؤتمر "الفرنكفونية" الذي سيعقد لحقا
هذا العام.
أما واشنطن فهي ل تبكي على ماء الوجه ،فليس لديها ماء وجه تبكيه ،بل
تريد في جملة ما تريد -إضافة إلى مصالح إسرائيل -أن تلعب مباراة على
أرض لبنان لعلها تعوض خسائر تكبدتها على الملعب العراقي الذي هزمتها
فيه طهران ،مع أن واشنطن هي من حدد شروط اللعبة يوم أدخلت حكام
العراق الجدد على ظهور دباباتها.
ل نريد أن نضيف الكثير فوق ما قلناه عن إيران ،فما يظهر أن إيران ماضية
في ما تريد إلى نهاية المباراة .ولعل بعض ما تريد هو إضعاف دول المنطقة
حتى تبقى هي المفاوض الوحيد مع أمريكا .ولكن ماذا عن سورية التي بقيت
جالسة على مقاعد الحتياط منذ بدأت الحرب ،مع أنها القرب إلى لبنان؟
وكأنها ليست لها علقة بما يجري على الملعب اللبناني ،وهي البلد الذي خرج
من لبنان بعد وجود فيه لثلثة عقود.
لعلنا ل نبتعد كثيرا عن الحقيقة المؤلمة ،وهي أن لبنان أصبح كرة تتقاذفه
أرجل اللعبين .كما أصبح فريق منه يخوض معركة غير لبنان ،والبعض الخر
واقف يتفرج ل حول له ول قوة .ويا ويل لبنان إذا لم يدرك أبناؤه ما يدبره له
اللعبون من غير أبنائه.
123
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(2 /
)(1 /
124
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
ه عَل َي ْهِ صّلى الل ّ ُ ل الل ّهِ َ سو ُ ل َر ُ ل َقا َ ن أ َِبي هَُري َْرة َ َقا َ وجاء في صحيح مسلم عَ ْ
مّرغُ َ
قب ْرِ في َت َ َ ْ
جل عَلى ال َ َ ُ مّر الّر ُ حّتى ي َ ُ ب الد ّن َْيا َ َ
سي ب ِي َدِهِ ل ت َذ ْهَ ُ ف ِ ذي ن َ ْ مَ ) :وال ّ ِ سل ّ َوَ َ
َ
ن إ ِل الب َلُء (. ْ ّ دي ُ س ب ِهِ ال ّ َ
قب ْرِ وَلي ْ َ ْ
ب هَذا ال َ َ ح ِ صا ِ ن َ مكا ََ ت َ ُ
قولَ :يا لي ْت َِني كن ْ ُ َ ُ عَل َي ْهِ وَي َ ُ
ه َ
ن أِبي ِ سعْد ٍ عَ ْ ن َ ب ب َْ ِ صعَ ِ م ْ ن ُ وجاء في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري) :عَ ْ
ل مث َ ُ َ
ل َفاْل ْ مث َ ُ م اْل ْ ل اْلن ْب َِياُء ث ُ ّ
شد ّ ب ََلًء َقا َ َ س أَ َ ل اللهِ أيّ الّنا ِ
ل قُل ْت يا رسو َ ّ َ
ُ َ َ ُ َقا َ
ن ِفي كا َ ن َ شت َد ّ ب ََلؤُه ُ وَإ ِ ْ صل ًْبا ا ْ ه ُ ن ِدين ُ ُ كا َ ن َ ب ِدين ِهِ فَإ ِ ْ س ِ ح َ ل عََلى َ ج ُ فَي ُب ْت ََلى الّر ُ
َ
شي عَلى م ِ ه يَ ْ حّتى ي َت ُْرك َ ُ ْ
ح الب َلُء ِبالعَب ْد ِ َ َ ْ ما ي َب َْر ُ ب ِدين ِهِ فَ َ س ِ ح َ ي عَلى َ َ ة اب ْت ُل ِ َ ِدين ِهِ رِقّ ٌ
ة( طيئ َ ٌ خ ِ ما عَلي ْهِ ََ َْ
ض َ الْر ِ
أيها المؤمنون :إننا من خلل هذه النصوص الشرعية والتوجيهات الربانية أمام
حقيقة شرعية وسنة كونية :وهي أن البلء حاصل لهذه المة وخاصة من
يقوم بأمر الله ،ومن خلل هذه النصوص الشرعية يمكن أن نقف بعض
الوقفات على وجه الختصار:
الوقفة الولى:
أن البتلء سنة ماضية لكل الناس حتى صفوة الخلق وأحبهم إلى الله
َ َ
ُ
م قَد ْ كذ ُّبوا ل وَظ َّنوا أن ّهُ ْ س ُ س الّر ُ ست َي ْأ َ حّتى إ َِذا ا ْ عزوجل وهم أنبياؤه ورسلهَ ? :
ْ ْ ْ
ن ? )يوسف: مي َ جرِ ِ م ْ قوْم ِ ال ُ ن ال َ سَنا عَ ِ شاُء َول ي َُرد ّ ب َأ ُ ن نَ َ م ْ ي َ ج َ صُرَنا فَن ُ ّ م نَ ْ جاَءهُ ْ َ
، (110فيا من تمسكت بشرع الله ل تجزع ل تترد ل تنكص على عقبيك
وأسأل الله الثبات على دينك واصدق مع ربك .
الوقفة الثانية:
أن البتلء رحمة بالمة على وجه العموم ،وبكل فرد مؤمن على وجه
ممن ْك ُ ْ ن ِ دي َ جاهِ ِ م َ م ال ْ ُ حّتى ن َعْل َ َ م َ الخصوص كما قال جل وعل? : :وَل َن َب ْل ُوَن ّك ُ ْ
م ? )محمد (31:فالمة ينقى صفها وتعرف صديقها خَباَرك ُ ْ ن وَن َب ْل ُوَ أ َ ْ ري َ صاب ِ ِ َوال ّ
من عدوها ومؤمنها من منافقها ،فتأخذ حذرها ول يبقى معها إل الصفوة ،وهنا
يأتي النصر بعد التصفية وبعد التمحيص فهو خير للمة ،وأما الفراد كما قال
جل وعل?:الم أ َحسب الناس أ َن يتر ُ َ
ن? فت َُنو َ م ل يُ ْ مّنا وَهُ ْ قوُلوا آ َ ن يَ ُ كوا أ ْ ّ ُ ْ َُْ َ ِ َ
)العنكبوت (2-1:فالله ثبتنا وارزقنا الصدق في القوال والعمال والنيات.
الوقفة الثالثة:
أن البتلء يكون بالخير والشر ،بما تكره النفوس وبما تحبه كما قال جل
ن ? )النبياء (35:يقول جُعو َ ة وَإ ِل َي َْنا ت ُْر َ خي ْرِ فِت ْن َ ً شّر َوال ْ َ م ِبال ّ وعل ? :وَن َب ُْلوك ُ ْ
عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه مبينا ً خطورة البتلء بالسراء وأنها ل
تقل خطرا ً وضررا ً على المؤمن من الضراء يقول ":ابتلينا مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم بالضراء فصبرنا ثم ابتلينا بالسراء بعده فلم نصبر" .
ض عنا . فالمال فتنة والمناصب فتنة فاللهم ثبتنا حتى نلقاك وأنت را ٍ
الوقفة الرابعة:
أن الثبات والنجاة وقت الفتن من عند الله ،فل تعلق قلبك بغيره سبحانه ول
تظنن أن المخلوق يملك لك شيئًا .ولتعلم أن المقادير وأن الكون كله بيده
سبحانه ،فهو الذين يثبت المؤمنين ،كما قال جل وعل وليس المخلوقين? :
خَرةِ ? )إبراهيم: حَياةِ الد ّن َْيا وَِفي اْل ِ ت ِفي ال ْ َ ل الّثاب ِ ِ قو ْ ِ مُنوا ِبال ْ َ نآ َ ذي َ ه ال ّ ِ ت الل ّ ُ ي ُث َب ّ ُ
(27فعليك بالدعاء ،فهذا نبينا صلى الله عليه وسلم أمرنا بالتعوذ من الفتن
ما ظهر منها ومابطن ،والله سبحانه يحب من عباده أن يدعوه ويتضرعوا إليه
قد أ َرسل ْنا إَلى أ ُمم من قَبل َ َ
خذ َْناهُ ْ
م ك فَأ َ َ ٍ ِ ْ ِْ
ْ عند ْ حلول البلء فقال سبحانه? :وَل َ َ ْ ْ َ َ ِ
تس ْ ن قَ َ عوا وَل َك ِ ْ ضّر ُ سَنا ت َ َ م ب َأ ُ جاَءهُ ْ ول إ ِذ ْ َ ن فَل َ ْ عو َ ضّر ُ م ي َت َ َ ضّراِء ل َعَل ّهُ ْ ساِء َوال ّ ِبال ْب َأ َ
ن ? )النعام (42:وقال سبحانه? : مُلو َ كاُنوا ي َعْ َ ما َ ن َ طا ُ شي ْ َ م ال ّ ن ل َهُ ُ م وََزي ّ َ قُُلوب ُهُ ْ
125
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
ن ? )المؤمنون(76:
عو َ
ضّر ُ
ما ي َت َ َ
م وَ َ ست َ َ
كاُنوا ل َِرب ّهِ ْ ب فَ َ
ما ا ْ م ِبال ْعَ َ
ذا ِ قد ْ أ َ َ
خذ َْناهُ ْ وَل َ َ
الوقفة الخامسة:
)(2 /
أن من أقوى العوامل على الثبات على الحق عند حلول البتلء بعد رحمة الله
وتثبيته للمؤمن :هو الصبر ،ومن أوتي الصبر فقد أوتي الخير كله ،وتدبر معي
اليات التي ذكرت البتلء كيف نوهت وأشادت بالصبر فالله سبحانه لما
فسك ُم ول َتسمعن من ال ّذي ُ َ َ
نم ْب ِ ن أوُتوا ال ْك َِتا َ ِ َ م وَأن ْ ُ ِ ْ َ َ ْ َ ُ ّ ِ َ وال ِك ُ ْ م َ ن ِفي أ ْ قال? :ل َت ُب ْل َوُ ّ
كوا َأذىً ك َِثيرا ً ? )آل عمران (186:قال في آخر الية ? شَر ُ ن أَ ْ ذي َ ن ال ّ ِ م َ م وَ ِ قَب ْل ِك ُ ْ
ُ َ ُ ْ
مورِ ? وقال سبحانه? :وَلن َب ْلوَن ّك ُ ْ
م ن عَْزم ِ ال ُ م ْ ك ِ ن ذ َل ِ َ قوا فَإ ِ ّ صب ُِروا وَت َت ّ ُ ن تَ ْ وَإ ِ ْ
َ ْ َ ْ ْ ْ
ر
ش ِ ت وَب َ ّ مَرا ِ س َوالث ّ َ ف ِ ل َوالن ْ ُ وا ِ م َن ال ْ م َ
ص ِ ق ٍ جوِع وَن َ ْ ف َوال ُ خو ْ ِ ن ال َ م َ يٍء ِ ش ْ بِ َ
ن ? )البقرة ،(155:وقال سبحانه مبينا العاقبة الحميدة للصبر حينما ري َ صاب ِ ِ ال ّ
م? َ
م كي ْد ُهُ ْ ُ
ضّرك ْ قوا ل ي َ ُ صب ُِروا وَت َت ّ ُ
ن تَ ْ يبتلى المؤمنون بكيد العداء قال? :وَإ ِ ْ
)آل عمران (120 :وأنبياء الله هذا منهجهم عند حلول البلء والفتنة الصبر? :
ما ك ُذ ُّبوا ? )النعام.(34 : صب َُروا عََلى َ ك فَ َ ن قَب ْل ِ َ م ْ ل ِ س ٌ ت ُر ُ قد ْ ك ُذ ّب َ ْ وَل َ َ
الوقفة السادسة:
أن البتلء يدل على صحة المسار وصدق السائر إلى الله الداعي إلى
رضوانه سبحانه وتعالى ،فالنبياء أشد الناس بلء وبقدر إيمان العبد يزاد له
في البلء ،وهو طريق المامة في الدين والتمكين في الرض قال سبحانه? :
َ وجعل ْنا منه َ
ن ? )السجدة: كاُنوا ِبآيات َِنا ُيوقُِنو َ صب َُروا وَ َ ما َ مرَِنا ل َ ّ ن ب ِأ ْ دو َ ة ي َهْ ُ م ً م أئ ِ ّ َ َ َ َ ِ ُْ ْ
(24وقال بعض السلف بالصبر واليقين تنال المامة في الدين ،وقال المام
مالك ":إن محمد بن المنكدر لما ضرب ،فزع لضربه أهل المدينة فاجتمعوا
إليه فقال :ل عليكم إنه لخير فيمن ل يؤذى في هذا المر"
الوقفة السابعة:
أن الدعوة إلى الله والمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل
الله ونصرة دين الله من أعظم السباب للثبات على الدين وقت نزول المحن
ع
م َه لَ َ ن الل ّ َ سب ُل ََنا وَإ ِ ّم ُ دوا ِفيَنا ل َن َهْدِي َن ّهُ ْ جاهَ ُ ن َ ذي َ والبليا ،كما قال جل وعلَ? :وال ّ ِ
ن ? )العنكبوت (69:فبسبب صدقهم وبذلهم وجهادهم ودعوتهم سِني َ ح ِ م ْ ال ْ ُ
وفقوا وهدوا لمايحبه الله وهو الثبات على الدين ،وفازوا بمعية الله وتأييده
لهم ونصرتهم سبحانه لهم ،فكيف يهزم ويخذل من كان الله معه نسأل الله
أن يثبتنا على الحق وأن ل يكلنا إلى أنفسنا أو إلى أحد من خلقه طرفة عين.
)(3 /
126
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
"إنكم تختصمون إلي فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فمن
قضيت له بحق أخيه فإنما أقطع له قطعة من النار فليحملها أو يذرها" متفق
على صحته من حديث أم سلمة -رضي الله عنها ،-ومعنى هذا أنه قد يجتهد
في الحكم حسب القواعد الشرعية .لنه لم ينزل عليه فيه شيء ،فمن عرف
أن الحكم ليس بمطابق وأن الشهود زور فقد أخذ قطعة من النار ،فليحذر
ذلك وليتق الله في نفسه ،ولو كان الرسول هو الحاكم عليه.
لن الحاكم ليس له إل الظاهر من ثقة الشهود وعدالتهم ،أو يمين المدعى
عليه ،فذا كان المدعي أحضر شهودا يعلم أنهم قد غلطوا ولو كانوا تقاة وأن
الحق ليس له ،أو يعلم أنهم شهود زور ولكن القاضي اعتبرهم عدول؛ لنهم
عدلوا عنده وزكوا لديه ،فان هذا المال الذي يحكم به له أو القصاص كله
باطل بالنسبة إليه لعلمه ببطلنه ،وهو قد تعدى حدود الله وظلم ،وإن حكم
له القاضي .لن القاضي ليس له إل الظاهر ،ولهذا قال -صلى الله عليه
وسلم " :-فمن قطعت له من حق أخيه شيئا فإنما أقطع له قطعة من النار"
والنبي -صلى الله عليه وسلم -يحكم بما أنزل الله فيما أوصاه الله إليه ،وما
لم يكن فيه نص اجتهد فيه -عليه الصلة والسلم -حتى تتأسى به المة،
وهو في ذلك كله يعتبر حاكما بما أنزل الله لكونه حكم بالقواعد الشرعية
التي أمر الله أن يحكم بها ،ولهذا قال للزبير بن العوام -رضي الله عنه -لما
ادعى على شخص في أرض" :شاهداك أو يمينه فقال الزبير إذا يحلف يا
رسول الله ول يبالي فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم -ليس لك إل
ذلك" متفق عليه.
"ولما بعث معاذا وفدا إلى اليمن قال له إن عرض لك قضاء فبم تحكم؟ قال
أحكم بكتاب الله قال فإن لم تجد قال فسنة رسول الله -صلى الله عليه
وسلم -قال فإن لم تجد قال أجتهد رأي ول آلو فضربه -صلى الله عليه
وسلم -في صدره وقال الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي
رسول الله" رواه المام أحمد وجماعة بإسناد حسن.
مجموع فتاوى ومقالت بن باز -المجلد السادس
http://www.islamspirit.comالمصدر:
)(1 /
127
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
أما بعد أيها الخوة المؤمنون ،فسلم الله عليكم ورحمته وبركاته.
نلتقي في هذه الليلة المباركة ،في بيت من بيوت الله مع موضوع من أهم
الموضوعات التي نحن بأمس الحاجة إلى التفقه فيها.
والصحوة اليوم ،هذه الصحوة المباركة بحاجة إلى ترشيد وتوجيه حتى ل تأتى
من داخلها ،فالنار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله.
إن لم تجد هذه الصحوة من يوجهها ويرشدها فإنني أخشى عليها من نفسها
قبل خشيتي عليها من أعدائها.
ومن هنا جئت هذه الليلة لتحدث لكم وأتحدث معكم عن هذا الموضوع الذي
استمعتم إلى مقدمته من أخي الفاضل.
وأحب أن أنبه أن لهذا الموضوع قصة لبد أن تروى:
فقد بلغني في العام الماضي أن هناك بعض الطيبين ينتسبون إلى هذه
الصحوة يلتقون في مناسبات مختلفة ويكون جل حديثهم عن العلماء،
يقيمون العلماء ويقومون العلماء ويذمون ويمدحون ،وهم شباب أحسن ما
نقول فيهم أنهم من طلب العلم ل من العلماء.
فتأثرت في هذا الموضوع فقمت وبدأت أجمع وأقرأ في كتب السلف:
هل كان شبابهم وعلمائهم يفعلون مثل ما نفعل؟؟
ثم قمت وألقيت هذا الموضوع في إحدى الجامعات ،ولكنني اعتذرت عن
إخراجه لنه لم يستوي على سوقه بعد.
ومرت فترة وأوذي أحد الدعاة إلى الله ،بل أحد العلماء وطعن في عرضه
وكانت تلك الطعنة موجهة إلى كل عالم وإلى كل طالب علم،فآلمتنا وأحزنتنا
وأقضت مضاجعنا.
وطلب مني بعض الخوة الذين استمعوا إلى هذه المحاضرة أن أقوم
بإخراجها فاعتذرت لنني قلت أنها لم تكتمل بعد.
وجاءت الحداث الخيرة ،جاءت الحداث المريرة ،جاءت الفتن التي كقطع
الليل المظلم التي نعيش فيها هذه اليام ،فماذا حدث؟
حدث ما يريده العداء ،واستبيحت لحوم العلماء ،ولم يقتصر الحديث عن
العلماء على طلب العلم أو على الدعاة ،بل فتح الباب لمن هب ودب حتى
تطاول العامة وتطاول المنافقون والعلمانيون على علمائنا.
وقل أن تدخل إلى مجلس أو منزل إل وتسمع فيه حديثا عن عالم من العلماء
وإلى اليوم.
فقلت إن تأخير البيان عن وقت الحاجة ل يجوز.
فجئت إليكم أيها الحبة مذكرا وناصحا ومبينا ومحذرا من عاقبة الحديث في
لحوم العلماء.
وموضحا قدر المكان المنهج الصحيح لمعالجة هذه القضية وفق منهج أهل
السنة والجماعة.
والموضوع طويل وعناصره كثيرة ،ولكنني سأحاول الختصار قدر المكان
ولعلي أكتفي من القلدة بما أحاط بالعنق.
فلحوم العلماء مسمومة ورحم الله أبن عساكر حيث يقول:
)أعلم يا أخي وفقني الله وإياك لمرضاته وجعلنا ممن يخشاه ويتقيه حق
تقاته أن لحوم العلماء مسمومة ،وعادة الله في هتك أستار منتقصهم
معلومة ،وأن من أطلق لسانه في العلماء بالثلب بله الله قبل موته بموت
القلب(.
)فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم(.
ألخص أسباب الحديث عن هذا الموضع بما يلي:
128
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(1 /
)فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب ليلة القدر،
العلماء هم ورثة النبياء ،إن النبياء لم يورثوا دينارا ول درهم ،وإنما ورثوا
العلم فمن أخذ به فقد أخذ بحظ وافر(.
وهو حديث حسن أخرجه أبو داوود والترمذي والدارمي.
ومن عقيدة أهل السنة والجماعة كما قال المام الشيخ عبد الرحمن أبن
سعدي رحمه الله:
)أنهم يدينون الله باحترام العلماء الهداة(.
من عقيدة أهل السنة والجماعة أنهم يدينون الله ويتقربون إلى الله جل وعل
باحترام العلماء الهداة.
قال الحسن:
)كانوا يقولون موت العالم ثلمة في السلم ل يسدها شيء ما اختلف الليل
والنهار(.
وقال المام الوزاعي:
)الناس عندنا أهل العلم ومن سواهم فل شيء(.
وقال سفيان الثوري:
)لو أن فقيها على رأس جبل لكان هو الجماعة(.
لو أن فقيها كان على رأس جبل وحده لكان هو الجماعة.
129
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
130
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
الذي نزعت منه هذه النعمة أو البكم ،إذا أراد أن يعبر عن ما في نفسه،
تتحرك يداه وشفتاه وعيناه ورأسه وجزء من جسمه ول يستطيع أن يعبر عن
ما في نفسه ،وتبقى في نفسه حسرة.
وأنت أيها المؤمن بكلمات يسيرة معدودة تعبر عن ما في نفسك ،أليست
هذه نعمة؟
)ألم نجعل له عينين ولسانا وشفتين(.
والصحة تاج على رؤوس الصحاء ل يراه إل المرضى.
إذا هل نحن نحافظ على هذا اللسان ،أو نطلقه في علمائنا وفي عوام
الناس.
استمعوا إلى خطورة ذلك:
يقول جل وعل:
) إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا
وهو عند الله عظيم(.
)فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد(.
ولذلك جاء المر بحفظه والتحذير من تركه:
)يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قول سديدا(.
)ما يلفظ من قول إل لديه رقيب عتيد(.
)ول تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه
مسئول(.
وفي الحديث الذي رواه الترمذي:
)وهل يكب الناس في النار على وجوههم إل حصائد ألسنتهم(.
ويقول الرسول )صلى الله عليه وسلم( في الحديث المتفق عليه:
)من يضمن لي ما بين لحييه وما بين فخذية أضمن له الجنة(.
عموم الناس وكثير من الناس وأخص الطيبين منهم ل يقع في ما بين فخذيه،
أي يضمن ما بين فخذيه ،وهذه نعمة من الله جل وعل .أي يضمن الفرج وما
حوله.
ولكن هل نحن نضمن ما بين لحيينا؟
هل يمر علينا يوم بدون أن نتحدث في عرض مسم أو في عرض عالم .؟
)(2 /
131
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
132
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
********
النقطة الثانية ما هي السباب التي تجعل الناس يتحدثون عن في لحوم
العلماء؟
استمعوا إلى هذه السباب:
السبب الول الَغيَرة والِغيرة.
الَغيَرة محمودة فهي من الغيَرة على دين الله جل وعل ،ولكن قد يكون
الباعث للحديث غيَرة ولكنها ينجر شيئا فشيئا ً حتى يقع هذا الذي غار على
دين الله في لحوم العلماء من حيث ل يشعر.
وهناك مزيد بيان لهذه القضية.
أما الِغيَرة فهي مذمومة وهي قرينة الحسد ،قال سعيد ابن جبير رحمه الله:
)استمعوا لعلم العلماء ول تصدقوا بعضهم على بعض ،فوالذي نفسي بيده
الهم أشد تغايرا من التيوس في زرابها(.
كلم العلماء بعضهم في بعض من القران ،يقول المام سعيد ابن جبير انهم
أشد تغايرا من التيوس في زرابها .ألستم ترون التيوس كيف ينطح بعضها
بعضا ويؤذي بعضها بعضا.
فيقول خذوا من كلم العلماء واستفيدوا من علمهم ول تصدقوا كلم بعض
على بعض من القران.
ولذلك قال الذهبي:
)كلم القران بعضهم في بعض ل يعبأ به لسيما إذا كان لحسد أو مذهب أو
هوى ،والحسد يعمي ويصم ومنه التنافس للحصول على جاه أو مال ،فقد
يطغى بعضهم على بعض ويطعن بعضهم في بعض من أجل القرب من
سلطان أو الحصول على جاه أو مال(.
أيها الخوة ،الحسد ،الغيرة ،التنافس من أسباب الحديث في لحوم العلماء.
السبب الثاني الهوى:
قال الله جل وعل ) :ول تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله(.
وقال ) :فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع
هواه بغير هدى من الله إن الله ل يهدي القوم الظالمين(
وقال شيخ السلم:
)صاحب الهوى يعميه الهوى ويصمه(.
وكان السلف يقولون:
)احذروا من الناس صنفين ،صاحب هوى قد فتنه هواه ،وصاحب دنيا أعمته
دنياه(.
الهوى خطير وبعض الذين يتكلمون في لحوم العلماء لم يتجردوا لله جل
وعل ،بل دفعهم الهوى لهذا المر.
السبب الثالث التقليد:
)(3 /
133
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
134
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
خطير.
السبب الخامس التعالم:
حيث يتكلم في عرض العالم ليفند قوله تقوية لقوله الضعيف ،وما أكثر
المتعالمين في عصرنا.
التعالم سبب من أسباب الحديث في لحوم العلماء.
السبب السادس النفاق وكره الحق:
سبب من أسباب الحديث في لحوم العلماء:
)في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا(.
)وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء أل إنهم هم
السفهاء ولكن ل يعلمون(.
)وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما
نحن مستهزئون(
فالمنافقون والعلمانيون في عصرنا من أسباب الحديث في لحوم العلماء
والمؤسف أنني استمعت في مجلس من المجالس إلى أحد هؤلء المنافقين
من القوميين والحداثيين وأمثالهم يتحدث في لحوم العلماء ،فقلده بعض
الطيبين من حيث ل يدري ،ووافقه على ما يقول حتى ُرد عليه في مجلسه.
الن العلمانيون يتحدثون في علمائنا كلما ننزه أسماعكم عن سماعة،
فالنفاق وكره الحق من السباب الرئيسة في الحديث عن لحوم العلماء.
السبب السابع تمرير مخططات العداء كالعلمنة ونحوها:
أدرك العلمانيون أخزاهم الله أنه ل يمكن أن تقوم لهم قائمة والعلماء لهم
هيئة وشأن ،فماذا يفعلون ؟
بدئوا في النيل من العلماء ،بدئوا في تحطيم صورة العلماء ،بدئوا في الغمز
واللمز.
من أجل ماذا؟ من أجل تمرير مخططات العداء ،ل أقول لكم هذا من فراغ.
لقد استمعت إلى بعض هؤلء فيما نقل لي عن طريق الثقاة ،قالوا في
العلماء كلما والله ل يقبله عاقل فضل عن طالب علم ،ل يقبله عامي من
عوام المسلمين في علمائهم.
ماذا يريد هؤلء؟ يريدون أن يحطموا صورة العلماء.
ولي وقفة بعد قليل مع هذه القضية مبينا وموضحا ومنبها.
النقطة الثالثة الثار المترتبة على الحديث في العلماء؟:
إذا تحدثنا في علمائنا وأكلنا لحوم العلماء وأصبح الديدن في مجالسنا أن
نتحدث في علمائنا ماذا يحدث؟ انظروا ماذا يحدث:
)(4 /
135
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
لله.
سؤال يا أحباب:
لماذا قبل بعثة الرسول )صلى الله عليه وسلم( كان هو المين ،كان هو
الصادق ،هو الحكم ،هو الثقة ،ما الذي تغير؟
عندما جاء بهذا الدين أصبح ساحر ،كاهن ،كذاب ،مجنون.
إذا هم ل يقصدون شخص محمد ابن عبد الله ابن عبد المطلب ،هم يقصدون
شخص رسول الله )صلى الله عليه وسلم( ،لماذا ؟ لنهم يعلمون أنهم إذا
استطاعوا أن يؤثروا في أذهان الناس عن شخصية الرسول فلن يقبل ما
معه ،ولكنهم باءوا وخسروا.
هذا هو أسلوب المنافقين الن ،هذا هو أسلوب العلمانيين الن.
فلذلك جرح العالم ليس جرحا شخصيا.
ثانيا أن جرح العالم جرح للعلم الذي معه وهو ميراث النبي )صلى الله عليه
وسلم(.
لن العلماء هم ورثة النبياء ،فجرح العالم جدر لرث النبي )صلى الله عليه
وسلم( وهذا معنى قول أبن عباس أن من آذى فقيها فقد آذى رسول الله
)صلى الله عليه وسلم( ،ومن آذى رسول الله فقد آذى الله جل وعل.
إذا من يجرح في العالم يجرح العلم الذي معه ،ومن جرح هذا العلم جرح
أرث الرسول )صلى الله عليه وسلم(،إذا هو يطعن بالسلم من حيث ل
يشعر.
ثالثا أن جرح العلماء سيؤدي إلى إبعاد طلب العلم عن علماء المة وسلفها.
رابعا أن تجريح العلماء تقليل لهم في نظر العامة ،وذهاب لهيبتهم وريحهم .
وهذا ما يسر أعداء الله ويفرحهم ،يقول أحد الزعماء الهالكين في دولة
عربية بعد أن سلط إعلمه على العلماء واستهتر بالعلماء واستهزأ بالعلماء،
ماذا قال في النهاية؟ قال:
)عالم..شيخ ..أعطه فرختين يفتي لك بالفتوى التي تريد( .أخزاه الله.
سقطت قيمة العلماء في نظر العامة ،والله إن خطورة هذا المر شأن
عظيم.
ذهبت إلى بعض الدول السلمية وسألت عن العلماء فما وجدت علماء ،أصبح
العامة ل ينظرون للعلماء ،ل يأبهون بالعلماء ،لماذا ؟
لن العلمنة سلطت أقلمها عليهم ومن هنا استمعوا إلى الثر الخطير الذي
قلت لكم أنني سأقف معه.
رابعا تمرير مخططات العداء.
من الثار العظيمة والخطيرة في توجيه السهام إلى العلماء تمرير مخططات
العداء ..كيف؟
ما فيه داعي للنظريات يا أحباب ،اسمعوا إلى قضايا واقعية.
الحديث في رجال الحسبة الن وهم من طلب العلم كُثر ،أصبحت أعراض
رجال الحسبة مستباحة ،ولم يقتصر هذا المر على عموم الناس وعلى
المنافقين والعلمانيين ،بل وقع فيه بعض طلب العلم من حيث يشعرون أو ل
يشعرون.
تجلس في بعض المجالس فتسمع أخطأت الهيئات ،أخطأ رجال الهيئات ،فعل
رجال الهيئات.
سبحان الله! ما يخطئ إل رجال الهيئات!
لماذا ل نتكلم عن أخطاء غيرهم ؟
اطلعت بالمس على فتوى لسماحة الشيخ محمد ابن إبراهيم رحمه الله:
136
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
مجموعة من طلب العلم اشتكوا أحد المسؤولين ،ومن خلل الفتوى أو
الرسالة التي قرأتها لشيخنا محمد ابن إبراهيم يبدوا أنهم زادوا في الشكوى.
أتعلمون ماذا حدث؟ أهينوا وسجنوا ،هذا في زمن الشيخ محمد ابن إبراهيم
رحمه الله.
فكتب الشيخ رسالة ينبه إلى خطورة التعرض لطلب العلم.
ولكني أسألكم هل رأيتم أحدا سجن عندما تكلم في أعراض رجال الحسبة
ورجال الهيئات؟
جاءني بعض شباب الهيئات يقولون ،تطاول الرجال والنساء علينا ول نجد من
يحمينا فنحن المتهمون دائما…ما المقصود؟
المقصود هو القضاء على الهيئات وتحطيم الهيئات.
حتى أصبحنا مع كل أسف نسمع من بعض طلب العلم ،وليسو طلب علم
ولكن المحسوبين على الدعاة أو المحسوبين على طلب العلم أو
المحسوبين على الشباب الصالحين يطالبون ويتكلمون في أعراض الهيئات
وأنها تتجاوز وأنها..وأنها.
غيرهم ما يتجاوز! غيرهم ملئكة ! غيرهم رسل!
من يستطيع يتحدث في غيرهم؟ يقطع لسانه.
أما الهيئات ،أما رجال الحسبة فهم المتهمون ،رجل الحسبة متهم حتى يثبت
براءته.
هذا لغرض يا أحباب ،ل نكون أغبياء ،ل نكون مغفلين.
القضاة ،أسمع الحديث عن لحوم القضاة ،طلب علم وعلماء.
القاضي الفلني فيه كذا ،القاضي الفلني فعل كذا ،القاضي الفلني اشترى
أرض ،القاضي الفلني اشترى سيارة ،القاضي الفلني يؤخر المعاملة.
سبحان الله يا إخوان!
ما يخطئ إل القضاة ،لماذا نتحدث عن أخص ما في بيوت قضاتنا؟
ما دخلنا عن ما في بيوتهم؟ لكن قضايا مقصودة لتحطيم القضاء الشرعي.
سبحان الله! ماذا يقصد بهذا الكلم؟ أتدرون ماذا كانت النتيجة؟
)(5 /
قال بعضهم نحن لسنا بحاجة إلى القضاة وتعقيدات القضاة والمحاكم،
القانون الفرنسي أرحم لنا من هؤلء.
ويا أحباب حتى ل تتصوروا أني أتكلم من فراغ ،هناك من يطالب بالقانون
الفرنسي ،وكاد أن يتحقق لهم المر.
أذكر لكم مثال ،نظام المرافعات الذي الغي ،والحمد لله أنه الغي ،ويشكر
من كان سببا في إلغائه ،نشكر كل من كان سببا في إلغاء هذا النظام.
أتدرون ما هو نظام المرافعات الذي كان على وشك التطبيق؟ مأخوذ من
النظام المصري حرفا بحرف ،والنظام المصري مأخوذ من النظام الفرنسي.
ل تتصورون المر صعب ..ولكن الحمد لله تدارك العلماء المر واستجاب
المسؤولون لهذا المر ،ونسأل الله أن يستجيبوا لبقية الشياء الخرى التي
تخالف شريعتنا .نسأل الله ونقول لهم هذا ما يجب على العلماء أن يوضحوا.
أما الحديث عن الدعاة فحدث ول حرج ،الحديث عن الدعاة ،عن المتطرفين،
عن ..عن ..خذ اللقاب التي جاءتنا لم نعرفها أبدا.
إذا باختصار من آثر الكلم في لحوم العلماء وطلب العلم تمرير مخططات
العداء فانتبهوا لهذا المر.
137
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
********
النقطة الرابعة المنهج الصحيح في معالجة هذه القضية:
أحبتي الكرام سيسأل بعضكم ويقول هل أنت تريد منا أن نقدس العلماء؟
ماذا نفعل أمام أخطاء العلماء؟
أليس العلماء يخطئون؟ نعم أنا قلت أنهم يخطئون.
طيب ..ما دمت تقول أنهم يخطئون ماذا نفعل؟ ّ
إذا استمعوا إلى المنهج الصحيح في معالجة هذه القضية ،باختصار كيف نجمع
بين احترام علمائنا وتقديرهم ومكانتهم وبين بيان الحق؟
واقسم هذا الموضوع إلى ثلث نقاط:
/1أول ما يجب في هذه القضية على العلماء أن يحموا أنفسهم.
كيف العلماء يحموا أنفسهم؟ كل واحد يكون معه جنديين أو ثلثة!!؟
كيف يحمي العلماء أنفسهم؟
)على رسلكما إنه صفية(.
رسول الله )صلى الله عليه وسلم( حمى نفسه ،مع من؟ أمام الصحابة ،حتى
استغربوا ،لكن الرسول )صلى الله عليه وسلم( بين أن الشيطان يجري من
ابن أدم مجرى الدم.
)على رسلكما إنها صفية( ،فدافع عن عرضه )صلى الله عليه وسلم( أمام
الصحابة.
)رحم الله امرأ دفع الغيبة عن نفسه(.
كيف يحمي العلماء أنفسهم؟
إذا المسؤولية الولى على العلماء أنفسهم أن يحموا أنفسهم ..كيف ؟
يحمون أنفسهم بما يلي:
* أن يكون العالم قدوة في علمه وعمله.
)أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم(
* على العالم أن يتثبت في الفتوى ويستكمل شروطها.
طلبت منه فتوى ينظر لماذا هذه الفتوى ،ما هي آثار هذه الفتوى ،ماذا إذا ُ
يراد بهذه الفتوى.
على العالم أن يتثبت ،ويستكمل شروط الفتوى ،وذلك بفقه الصول وفقه
الفروع وفقه الواقع.
وإل فل يلومن إل نفسه ،إن تعرض له الناس.
ونحن ل نبرأ الناس من كلمهم في العلماء ،لكنه كان سببا في الحديث في
العلماء ،عليه أن يتثبت ول يتعجل ،ل يكتفي بأنه قيل له كذا وكذا ثم يفتي ،ل.
عليه أن يتأكد ،يسأل ويتثبت عن ماذا يراد بهذه الفتوى؟
هل يراد بها استغلل أو غيره .عليه أن يتثبت في الفتوى.
* أن يحذر العالم من الستدراج ،والغفلة والتدليس.
فهناك من يستدرج العلماء ،هناك من يستغفل العلماء ،هناك من يلّبس على
العلماء ،فعلى العلماء أن يكونوا كما قال عمر وهو من أئمة العلماء رضي
الله عنه ):لست بالخب ول الخب يخدعني( ،يقول أنا ما أخادع ولكن ل أحد
يخدعني ،رضي الله عنه.
نعم ل ُيخدع العالم ،فينتبهوا إلى أن هناك من يريد أن يدلس عليهم ،من يريد
أن يهون لهم المور ،من يقول :ل… المراد بهذه الفتوى فقط كذا مسألة
بسيطة .ثم تستغل الفتوى لغرض في النفس.
* على العالم أن يكون جريئا في الحق ل تأخذه في الله لومة لئم.
نحن نطالب ونطلب من علمائنا أن تكون لهم جرأة كأسلفنا رضي الله
138
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
عنهم.
كجرأة أبس سعيد الخدري عندما وقف أمام مروان أبن الحكم عندما أراد أن
يقدم الخطبة على الصلة ،فقال له
) يا مروان الصلة قبل الخطبة يوم العيد ،فسحبه من ثوبه قال مروان قد
ترك ما هنالك(.
فأنكر عليه علنية ولم يقل نكتب له ورقة ونصيحة سرية بيننا وبينه بعد .ل
أمام العلم ،الصلة قبل الخطبة يا مروان.
كالعز أبن عبد السلم سلطان العلماء ،وقد ذكرت في محاضرة سابقة قصة
سلطان العلماء ،وأعيدها مرة أخرى لتعرفوا كيف يكون العلماء ،وكيف يحمي
العلماء أنفسهم.
كان الملك السلطان الصالح أيوب ملكا وواليا لدمشق وللشام عموما،
وبسبب خلف بينه وبين أبناء عمه تنازل للنصارى عن بعض الحصون.
ماذا فعل العز أبن عبد السلم في هذه القضية عندما تنازل الملك الصالح
للنصارى عن بعض الحصون؟
قام على المنبر وخطب في جامع بني أمية ولم يدعو للملك الصالح إنما قال:
)اللهم أبرم لهذه المة أمرا رشدا يعز في أهل طاعتك ويذل فيه أهل
معصيتك ،ويأمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر ،ونزل من على المنبر(.
مجرد الدعاء للسلطان لم يدعو له ..ما يستحق.
ثم جاء الناس يستفتونه أن النصارى بدءوا يشترون السلح من دمشق ،فهل
نعطيهم السلح؟
قال ما يجوز أن تبيعوا عليهم السلح.
)(6 /
ماذا فعل السلطان سجنه ،ونحن نستغرب أحيانا يا أخوان أن يسجن عالم،
طبيعي أن يسجن عالم.
سجن المام أحمد أبن حنبل ،سجن العز أبن عبد السلم ،وسجن أبن تيمية.
)ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا أمنا وهم ل يفتنون(.
فلما سجنه ،توقع أنه يعتذر وأن يطلب أن يسامحه ،ولم يعتذر العز أبن عبد
السلم.
فأرسل السلطان إليه أحد أعوانه وما أكثرهم ،وقال له:
يا شيخ سوف أشفع لك عند السلطان أن يخرجك ،فقط نريد منك شيئا واحدا
قبل رأسه. أن تذهب معي إلى السلطان لتعتذر له وت ّ
طلب بسيط…ماذا قال العز أبن عبد السلم؟
قل دعك عني ..والله لو طلب مني السلطان أن يقبل يدي ما سمحت له أن
يقبل يدي.
عافني الله مما ابتلكم به يا قوم ..أنتم في واد وأنا في واد.
رفض ..توقيع ،تعهد بسيط فتخرج وتعاد إلى الخطبة.
ل ..العالم ل يمكن أن يكون ذليل في يوم من اليام ،ل يمكن أن يكون العالم
ذليل أمام فاسق ،أو أمام ظالم يطلب منه هذا الشيء.
الن عندنا سلطانيين ،السلطان الحقيقي العز أبن عبد السلم ،والسلطان
الرسمي الملك الصالح أيوب.
السلطان ذهب لمقابلة النصارى ،فخاف أن يخرج سلطان العلماء بالقوة.
فما كان من الملك الصالح إل أن أخذ العز ابن عبد السلم معه وسجنه في
139
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
خيمة ،وجلس الملك الصالح أيوب مع النصارى ،وبينما هو جالس معهم بدأ
العز أبن عبد السلم يقرأ القرآن.
فسمعه الملك الصالح ،أتدرون ماذا قال ؟
قال الملك الصالح النصارى تستمعون إلى الذي يقرأ.
قالوا نعم نستمع ،قال تعرفون من هو؟ قالوا ل ،ل نعرفه.
قال هذا من أكبر قساوستنا وسجنته ،جاء بلغتهم مع أكبر أسف ولم يقل أكبر
علمائنا.
أتدرون لماذا سجنته؟ قالوا ل.
قال إنه أفتى بعدم جواز بيع السلح إليكم فسجنته من أجلكم.
يا للحسرة ،ماذا قال النصارى؟
قالوا والله لو كان هذا قسيسا لنا لغسلنا رجليه وشربنا مرقتها.
هذا الرجل الذي يقف هذا الموقف الشجاع أمام أعدائه والله يستحق من
يغسل رجليه ويشرب المرقه.
فخجل السلطان وأطرق وأمر بإطلق العز أبن عبد السلم.
العالم يجب أن يكون صاحب مواقف شجاعة يا أخوان.
الخضر الحسين شيخ الزهر ،عندما كانت للزهر مكانة وقوة.
عندما تولى محمد نجيب الثورة في مصر ،قام وقال:
سنساوي الرجل بالمرأة.
فما الذي حدث؟ ما الذي حدث؟
اتصل به الخضر حسين وقال له:
أسمع إما أن ترجع عن قولك وإل سوف أنزل غدا وأنا لبس كفني ومعي
جميع الزهريين إلى الشوارع فإما الحياة وإما الموت.
فجاءه محمد نجيب وجاءته الوزارة يقولون:
يا شيخنا ،يا إمامنا نحن نعتذر لك الن والكلم كان خطأ.
قال ل ..ل تعتذروا لي بل اعتذروا أمام العامة.
قالوا صعب أن نعتذر أمام العامة.
قال ل يوجد خيار إما أن تعتذر أنت يا محمد نجيب أمام الناس وإل سأنزل
للشارع وأنا لبس كفني.
فخرج من الغد محمد نجيب وقال الصحافة كذبت علي ،أنا لم أقل شيئا.
هكذا يكون العالم ..إذا السلطان الحقيقي هو العالم.
بهذا نحمي أنفسنا أيها الخوة وهو السلوب الول لحماية أعراض العلماء.
/2ما هو الواجب علينا اتجاه علمائنا ؟
الواجب علينا اتجاه علمائنا ما يلي:
* أن نحفظ للعلماء مكانتهم ودورهم في قيادة المة وأن نتأدب معهم.
انظروا إلى آداب طالب العلم كما قال السلف:
يقول العراقي:
)ل ينبغي للمحدث أن يحدث بحضرة من هو أولى منه بذلك ،وكان إبراهيم
والشعبي إذا اجتمعا لم يتكلم إبراهيم بشيء(.
وقال أبن الشافعي:
)ما سمعت أب ناظر أحدا قط فرفع صوته(.
وقال يحيى أبن معين:
)الذي يحدث في البلد وفيها من أولى منه بالتحديث فهو أحمق(.
وقال الصعلوكي:
)من قال لشيخه لما؟ على سبيل الستهزاء لم يفلح أبدا(.
140
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
وتأدب أبن عباس مع عمر رضي الله عنهما حيث مكن سنة يريد أن يسأله
عن مسألة من مسائل العلم فلم يفعل.
وقال طاووس ابن كيسان:
) من السنة أن يوقر العالم(.
وقال الزهري:
ة يماري أبن عباس فحرم بذلك علما كثيرا(. )كان سلم َ
وقال البخاري:
) ما رأيت أحدا أوقر للمحدثين من يحيى ابن معين(.
وقال المغيرة:
)كنا نهاب إبراهيم كما نهاب المير(.
وقال عطاء ابن أبي رباح:
)إن الرجل ليحدثني بالحديث ،فأنصت له كأني لم أسمعه أبدا وقد سمعته
قبل أن يولد(.
قال الشافعي:
) ما ناظرت أحدا قط إل وتمنيت أن يجري الله الحق على لسانه(.
وذكر أحد العلماء ..يا شباب استمعوا إلى هذه القصة:
ذكر أحد العلماء عند المام أحمد أبن حنبل وكان متكئا ً من علة أي مريض ) ُ
فاستوى جالسا وقال ل ينبغي أن يذكر الصالحون فنتكئ (
وقال الجزري:
)ما خاصم ورع قط(.
الدب مع العلماء.
* أن نعلم أنه ل معصوم إل من عصمه الله وهم النبياء والملئكة.
ما فيه أحد معصوم يا أخوان ،ما فيه أحد ما يخطئ.
قال المام سفيان الثوري:
)ليس يكاد يفلت من الغلط أحد(.
وقال المام أحمد:
)ومن يعرى من الخطأ والتصحيح(.
وقال الترمذي:
)لم يسلم من الخطأ والغلط كبير أحد من الئمة مع حفظهم(.
وقال ابن حبان:
)(7 /
) وليس من النصاف ترك حديث شيخ ثبت صحة عدالته بأوهام يهم في
روايته ،ولو سلكنا هذا المسلك ُترك حديث الزهري ،وجريج ،والزهري،
وشعبة لنهم أهل حفظ وإتقان ولم يكونوا معصومين حتى ل يهنوا في
رواياتهم(.
إذا لماذا نحن يا إخوان نتلمس أخطاء العلماء؟ لماذا..؟ ما أحد يسلم من
الخطأ.
* أن الخلف منذ عهد الصحابة وإلى أن تقوم الساعة.
نعم الخلف منذ عهد الصحابة وإلى أن تقوم الساعة سيبقى الخلف
)ول يزالون مختلفين إل من رحم ربك ولذلك خلقهم(.
فطبيعي وجود قضية الخلف يا إخوان.
* أن نفوت الفرصة على العداء وأن ننتبه إلى مقاصدهم وأغراضهم وندافع
141
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
عن علمائنا.
* أن نحمل علمائنا على المحمل الحسن ،ول نسيء الظن فيهم حتى ولو لم
نأخذ بأقوالهم.
وأريد أن أوضح يا إخوان أننا لسنا ملزمين بأخذ كل أقول العلماء ..ل.
يا أحباب هناك فرق كبير بين أن نأخذ بقول عالم وبفتوى العالم ،وبين
التجريح في شخصه.
نحن لسنا ملزمين أن نأخذ بفتوى العالم إذا كان هناك دليل يخالفها،
الشافعي وغير الشافعي يقول:
)إذا صح الحديث فهو مذهبي(.
لسنا ملزمين ،ولكن هل يعني أنه إذا لم نأخذ بقوله أن نجرحه ونتكلم في
عرضه؟ ل.
قال عمر رضي الله عنه:
)ل تظن بكلمة خرجت من أخيك المسلم سوء وأنت تجد لها في الخير
محمل(.
أن ننتبه إلى أخطائنا وعيوبنا ،وننشغل بها عن عيوب الناس عامة وأخطاء
العلماء خاصة.
يا واعظ الناس قد أصبحت متهما إذ عبت منهم أمورا أنت تأتيها
وأعظم الثم بعد الشرك نعلمه في كل نفس عماها عن مساويها
عرفنها بعيوب الناس تبصرها منهم ول تبصر العيب الذي فيها
أقول لمن يتحدث في أعراض العلماء وينسى نفسه :
كناطح صخرة يوما ليوهنها فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل
يا ناطح الجبل العالي ليكلمه أشفق على الرأس ل تشفق على الجبل
أشفق على الرأس ل تشفق على الجبل ،قد يقصر العالم ،ولكن هل يعني أنه
إذا قصر نترك علمه وعمله.
أعمل بعلمي وإن قصرت في عملي ينفعك علمي ول يضررك تقصيري
تقصيري علي ،وهذا ما يجب علينا اتجاه علمائنا.
/3وهي مهمة جدا كيف نبين الحق دون أن نقع في علمائنا؟
وهذا بيت القصيد ،إذا أخطأ العالم فكيف نستطيع أن نبين خطأ العالم دون
أن نقع في عرضه؟
لنه اختلط المر على الناس ،فإما السكوت حتى على الخطأ ،أو النيل من
العلماء.
فاللبس الموجود الن أنه إذا قام أحد العلماء أو أحد طلب العلم وبين الحق
بدليله قالوا:
قف أنت تحدثت بأعراض العلماء ،أنت تنتقص العلماء ،أنت تحدث فتنة بين
العلماء.
والجانب الخر أنه كلما تحدث العلماء بكلمة بدأ الطعن فيهم ،العلماء فيهم،
والعلماء فيهم ،والعلماء فيهم ..ل يا إخوان.
إذا ما هو المنهج الذي نجمع فيه بين بيان الحق وعدم اللتزام بالفتوى إل إذا
كانت وفق الدليل دون أن نقع في أعراض علمائنا؟
يتحقق ذلك وفق النقاط التالية:
* التثبت من صحة ما ينسب إلى العلماء ،فقد تشاع أقول لغراض ل تخفى.
ليس كل ما ينسب إلى العلماء صحيح ،أول يجب أن نتثبت هل ما قاله العالم
صحيح أو غير صحيح ،وكم استمعنا لقوال نسبت إلى كبار علمائنا ،ولما ذهبنا
إليهم قالوا والله كذب ما قلنا شيء.
142
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
تجد بعض الناس في المجلس :الشيخ فلن قال ،الله يهديه وفيه وفيهِ وفيه.
ماذا قال؟ قال كذا ،تذهب وتسأل العلم يقول والله ما قلت شيء.
فأول يجب التثبت هل العالم قال أو ما قال.
* أن هناك فرق عظيم جدا بين رد القوال ومناقشتها والصدع بالحق،
والطعن في العلماء.
فرق كبير جدا ،فرق بين عدم الخذ بالقول وعدم الخذ بالفتوى والرد على
الفتوى وبين الطعن في العلماء ،فرق كبير جدا.
يجوز لنا أن نبين الحق.
يجوز لنا أن ل نأخذ بالفتوى إن لم توافق الدليل.
ولكن ل يجوز لنا الطعن في العلماء.
* أن يقصد المتحدث بكلمه وجه الله جل وعل.
الخلص يا إخوان ،أن يقصد وجه الله جل وعل والدار الخرة ،وأن يحذر من
الغراض العارضة كالهوى والتشفي وحب الظهور.
إذا اضطر أحدنا لقول كلمة الحق ومواجهة العلماء فليتقي الله جل وعل:
)فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عمل صالحا ول يشرك بعبادة ربه أحدا(.
أن يخلص لله حتى يقبل منه ،وينتبه أنه أحيانا قد يكون رده فعل لله ،لكن
يدخل أعرض بعد ذلك كحب الظهور ،فرصة أن فلن يرد على العلماء ،يأتيه
الشيطان ،فليحذر من هذه العراض.
التشفي ،بعض الناس إذا سمع أن أحد العلماء أخطأ سارع بنشر هذا الخطأ،
ل.
فلننتبه للخطاء العارضة ،فعلى من يتولى الرد على العلماء أو على أقوال
العلماء بعبارة أدق أن يكون مخلصا لله جل وعل.
* النصاف والعدل.
يا إخوان اعدلوا مع علمائكم ،يجب النصاف مع العلماء ،ابن تيمية رحمه الله
يقول:
)أهل السنة أعدل مع المبتدعة من المبتدعة بعضهم مع بعض(.
يعني الن إما نأخذ كل ما قاله العلم أو نرد كل ما قاله ؟؟؟ إما أنه أسود أو
أبيض.
أين النصاف ؟
)ول يجرمنكم شنآن قوم على أل تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله
إن الله خبير بما تعملون(.
)(8 /
143
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
مختصرة صغيرة في حجمها كبيرة في قيمتها تبين لكم هذا المنهج لن الوقت
الن ل يتسع لشرحه ،وهي رسالة بعنوان:
منهج أهل السنة والجماعة في تقويم الرجال ومؤلفاتهم /للشيخ أحمد
الصويان.
هذه الرسالة مطبوعة حديثة وموجودة في المكتبات وتعالج منهج أهل السنة
والجماعة في تقويم العلماء ومؤلفاتهم.
إذا علينا أن نسلك منهج أهل الحديث.
* أن نعلم أن الخطأ على نوعين.
خطأ في الفروع وخطأ في الصول ،أما مسائل الفروع فهي مسائل اجتهادية
يجوز فيها الخلف ول تبرر الحديث في لحوم العلماء ،ونبين خطأ العالم في
هذه المسألة دون التعرض لشخصه.
دون أن تعرض لشخصه ،إنما نقول أخطأ .خالفه الصواب ولكن ل نتعرض
لشخصه وهذا في المسائل الجتهادية في الفروع.
أما مسائل الصول وهي العقيدة ،فيبين القول الصحيح ويحذر من أهل البدع
في الجملة ،وينبه إلى خطورة الداعي إلى بدعته دون إفراط ول تفريط.
يقول شيخ السلم كما أسلفنا:
) أهل السنة أعدل مع المبتدعة من المبتدعة بعضهم مع بعض(.
الله أكبر ،أهل السنة أعدل مع المبتدعة أعدل من المبتدعة بعضهم مع بعض،
لن المبتدعة أكل في لحوم بعضهم البعض ،أما أهل السنة فل ،ينصفون حتى
مع الكفار.
إذا كيف بمن أخطأ ،إذا كان الخطأ في بدعة فيحذر من البدعة ،ويحذر من
المبتدعة ،ويحذر من الداعي إلى بدعته ،ويبين خطورة هذا المر ،لكن إياك
أن تتعرض لشخصه.
استمعت منذ فترة إلى قصة مؤلمة ومحزنة ،أحد الدعاة إلى الله المجاهدين
في أفغانستان اتهمه بعض الناس في أخطاء في العقيدة ،ويا ليتهم اقتصروا
على بيان أخطائه في العقيدة.
والله يا إخوان بدءوا يذكرون قصص له في داخل بيته عن بنته وعن زوجته
وعن أولده.
أيجوز هذا يا إخوان؟ أل نتقي الله جل وعل .وهذا موجود في شريط..
يا أخي إذا كنت صادقا تريد أن تبين أن هذا العالم أو أن هذا المجاهد وهو
عالم مجاهد رحمه الله وقع في أخطاء ،نحن ل نحجر عليك أن تبين الخطأ،
لكن ما دخل ابنته وزوجته وأولده؟
لماذا التعرض للعلماء بهذا الشكل؟ لماذا؟ لماذا؟
ل نقول ل تقولوا كلمة الحق ،قولوا كلمة الحق ،بل نحن نقول ل تسكتوا عن
كلمة الحق ،لكن ل يجوز أن يكون بهذا السلوب يا إخوان.
التعرض لشخاصهم والطعن فيهم ،أسرارهم البيتية والله نشرت.
أيجوز هذا ؟ هل هذا من منهج أهل السنة؟ هل هذا من منهج السلف؟
إذا هذا هو المنهج.
* أخيرا إذا أمكن التصال بمن وقع منه الخطأ.
لعله أن يرجع عن خطئه سواء كان في الفروع أو الصول ،أقول إذا أمكن،
لعله أن يرجع.
أليس قصدك الحق؟ ألست تريد بيان الحق؟
يا أخي دعه هو يرجع ،أحسن لك وأحسن للحق ،دعه يخرج على المل ويقول
يا إخوان أنا تراجعت عن قولي ،هذا أفضل من أن ترد عليه.
144
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
لنك إذا رددت عليه قد يقتنع نصف الناس ،ولكن إذا رجع هو سيقتنع كل
الناس الذين أخذوا بفتواه ،لكن بعض الناس يقول ل ..بسرعة سأرد عليه
قبل أن يرجع.
إذا أخطأ عالم وجدت من يقول بسرعة أرد عليه قبل أن يرجع ،نعم ما يجوز
هذا.
إذا أمكن التصال فيه ومناصحته وتخويفه بالله ،يرجع هو إلى الحق.
ألست تريد الحق؟ دعه يرجع.
هذا ما نريده ،وقد تناظر اثنان من العلماء في مسألة من المسائل ،كل واحد
قال قول وخطئه الخر ،فاجتمعوا يتناظرون وقالوا ليس هناك داع أن نذهب
نتخطى أما العامة ،تعالوا نتناظر.
ما الذي حدث ؟
عندما انتهت المناظرة كل واحد أخذ بقول الثاني ،ورجعوا بقولين آخرين
يحتاجون إلى مناظرة ثانية لنهم يردون الحق ،فلما بين الول أدلته قال الخر
كلمك صحيح ،ولما بين الثاني أدلته قال الول كلمك صحيح ،فرجعوا بقولين،
لن رائدهم الحق.
أل نسلك هذا المنهج ؟؟
********
النقطة الخامسة أمور لبد من بيانها:
/1أننا ل ندعو إلى تقديس الشخاص والتغاضي عن الخطاء أو السكوت عن
الحق.
والخلط في ذلك ،فل إفراط ول تفريط ،ول غلو ول جفاء.
ل أدعو في محاضرتي إلى تقديس العلماء ،ل أدعو إلى أنه ل يجوز أبدا أن
نتحدث عن العلماء في أخطائهم ،من فهم هذا فقد أخطأ.
لكن بينت لكم المنهج والفرق بين الحديث عن العلماء وأعرض العلماء وبين
بيان كلمة الحق بالسلوب الذي بينت.
/2مسألة مهمة جدا حدثت في اليام الماضية ،ما هي ؟
)(9 /
145
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
واحد أرسل لي ورقة يقول لي أن فلنا خال إجماع المة ،مع أن العلماء
أجمعوا وزيادة.
طّيب ..بارك الله فيك نحن نعرف إجماع العلماء فما هي الزيادة؟
أنا والله ما قرأت ل في كتب الفقه ول أصول الفقه الزيادة.
نعم كذا كتبها أن العلماء أجمعوا وزيادة على المسألة الفلنية وخلف فلنا
وفلنا.
طّيب ..فقهنا إجماع العلماء فأين الزيادة ؟ الزيادة كالنقص.
فيجب أن تفهم هذه الضوابط ،ومن هذه الضوابط أن إجماع علماء بد ليس
إجماع.
ثم ناحية أخرى أن العبرة ليست بالكثرة أو القلة ،العبرة بالحق.
/3أن بعض العلماء قد يفتون بفتوى لها أسبابها ،فيأتي آخرون ويخالفون هذه
الفتوى.
ثم يبدأ الطعن في المخالف ويتهم بتهم باطلة كالفتنة وحب الخلف وحب
الظهور وقلة العلم وهلم جرا ،فعلينا أن ننتبه أنه قد يقوم العلماء ويفتون
بفتوى.
يأتي بعض طلب العلم ويخالفون هذه الفتوى ،فيبدأ الطعن في هذا العالم
المخالف ،يبدأ الطعن بالمخالفين ،من أنت حتى تخالف؟ أنت تحب الفتنة،
ت أنت. أن َ
ولذا علينا أن ننتبه إلى ما يلي:
-أنه كل يأخذ من قوله ويرد إل رسول الله )صلى الله عليه وسلم( وما جاء
به.
َ
أن المخالفِين علماء يجب احترامهم وتقديرهم ،والمخالفين علماء أيضا.
لماذا حرام الحديث عن هؤلء وحلل الحديث في هؤلء ؟
فين ول ل يجوز الحديث ل في أعراض هؤلء ول في أعراض هؤلء ،ل المخال ِ
المخا ََلفين.
-أننا نعرف الرجال بالحق ول نعرف الحق بالرجال.
-أن نتثبت من صحة الفتوى واكتمال شروطها عند الموافقين والمخالفين ،
المهم من صحة الفتوى ،أما من أين جاءت فل يهم .المهم هل الفتوى التي
صدرت من هذا العالم أو ذاك مكتملة الشروط أم ل.
-أن مسائل الجتهاد يجوز فيها الخلف ،فلماذا يا إخوان تضيق أنفسنا
بالخلف؟ صحابة رسول الله )صلى الله عليه وسلم( اختلفوا.
عندما أرسلهم الرسول إلى بني قريظة اختلفوا.
اختلفوا بعد رسول الله )صلى الله عليه وسلم( لكن ما أدى بهم ذلك إلى
الفتنة وإلى طعن بعضهم في بعض.
-النقطة الخيرة في هذه المسألة أن مجرد المخالفة ليس خطأ.
ول عبرة للصغر والكير هنا إذا توافرت الشروط ،ما يأتينا واحد يقول هذا
عالم صغير خالف العالم الكبير،ل ..ل ،هذا ما فيه عبرة.
العلماء قديما وحديثا الصغير يخالف الكبير وقد يكون الحق مع الصغير في
سنة ،السن ل قيمة له هنا ،فالعبرة بتوافر شروط الفتوى وأسباب الفتوى.
الشيخ عبد العزيز في حياة الشيخ محمد ابن إبراهيم )رحمهم الله( أفتى
بفتوى خالف بها الشيخ محمد ،وما قال له الشيخ محمد من أنت حتى
تخالفني.
وما قال له الناس من أنت حتى تخالف الشيخ محمد ،أو تخالف العلماء.
مع أن الراجح هو قول الشيخ عبد العزيز رحمه الله.
146
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
أبن تيمية خالف علماء بلده ،وثبت أن الحق معه رحمه الله.
ل عبرة بالصغير والكبير في هذه المسائل ،العبرة بمن معه الدليل صغر أو
كبر.
********
النقطة السادسة لماذا تبرز أخطاء العلماء أكثر من غيرهم:
السبب بسيط جدا أن الثوب البيض الناصع لو وجد فيه نقطة سوداء تبين من
مسافة بعيدة.
العلماء كالثوب البيض أي نقطة سواد تبين فيهم ،فل نستغرب أن تبرز
أخطاءهم.
أما غيرهم فكالثوب السود لو تضع عليه فحم أو شحما ما بان.
ولذلك نحن في الصيف الواحد منا يستبدل ثوبه كل يومين أو ثلثة ثوب
أبيض ،بينما في الشتاء قد يجلس الثوب أسبوعين أو ثلثة مع أن الوسائل
التي قد تغير الثوب في الشتاء أكثر من الصيف.
ولكن الثوب السود ل يبين فيه شيء.
فالعلماء كالثوب البيض تبرز أخطاءهم ولو هي صغيرة جدا.
فعلى العلماء أن ينتبهوا إلى هذه النقطة كما ننتبه لثيابنا ،فكل واحد قبل أن
يخرج يتفقد ثوبه ،بل ول يكتفي بل يسأل أهله النظر إلى ثوبه من الخلف هل
به شيء.
يتفقد أعماله ،وعلى الخرين أيضا أن ل يضخموا هذه القضايا ،أما غيرهم فل
يبين فيهم شيء مهم كبر ،فحم أو سواد أو زيت ل يبين فيهم شيء.
********
النقطة السابعة نحذر من المدح بما يشبه الذم:
يأتي يمدح الشيخ فلن فيقول:
)(10 /
الشيخ فلن ما شاء الله ،فيه وفيه… .لكن ،ثم حط بعد لكن!!
يقدم له مدحا ربما لمدة خمس دقائق ومن ثم كلمتين فقط يدخلهما ،وهذا
هو قصده.
فأنبه إلى خطورة هؤلء ،وأن يخوفوا بالله عجل وعل.
الذم بما يشبه المدح كما تكلم البلغيون.
********
النقطة الثامنة أن من أساء الدب مع العلماء سيلقى جزاءه عاجل أو آجل:
وقال لمام الذهبي في ترجمة أبن حزم:
)وصنف كتبا كثيرا وناظر عليها وبسط لسانه وقلمه ،ولم يتأدب مع الئمة في
الخطاب بل فجج العبارة ،وسب وجدع فكان جزاءه من جنس فعله بحيث
أعرض عن تصانيفه جماعة من الئمة وهجروها ونفروا منها أحرقت في
وقته(.
وما نراه من الواقع المشاهد أن من يسب العلماء يسقط من أعين العامة
والخاصة.
ويقول الحافظ ابن رجب:
)والواقع يشهد بذلك ،فإن من سبر أخبار الناس وتواريخ العالم وقف على
أخبار من مكر بأخيه فعاد مكره عليه ،وكان ذلك سببا لنجاته وسلمته أي
الممكور فيه(.
147
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
********
النقطة التاسعة وهي وقفة أوجهها للعلماء وطلب الذين يبتلون بهذه البلوى:
فأقول عليهم بالصبر وأن يتقوا الله جل وعل.
وليعلموا أنهم ليسو أفضل من النبياء والرسل.
ورسولنا )صلى الله عليه وسلم( ما سلم من الكلم في عرضه ،بل حتى في
داخل بيته )صلى الله عليه وسلم( في قضية الفك وغيرها ,فلهم أسوة
وقدوة برسولنا )صلى الله عليه وسلم( ،وليعلموا أن العاقبة للمتقين.
فهذا يوسف يقول الله عز وجل عنه:
)قال أنا يوسف وهذا أخي قد من الله علينا إنه من يتق ويصبر فإن الله ل
يضيع أجر المحسنين(
وعن موسى يقول الله عز وجل:
)قال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا إن الرض لله يورثها من يشاء من
عباده والعاقبة للمتقين(.
ويقول سبحانه وتعالى:
)ول يحيق المكر السيء إل بأهله(.
وصدق من قال:
ولست بناجي من مقالة طاعن ولو كنت في غار على جبل وعر
ومن الذي ينجو من الناس سالما ولو غاب عنهم بين خافيتي نسر
********
النقطة العاشرة والخيرة أقول للمتحدثين في العلماء:
اتقوا الله ،توبوا إلى الله ،انيبوا واثنوا على العلماء بمقدار غيبتكم لهم ،وأقول
لهم العاقبة للمتقين وأنتم الخاسرون:
كناطح صخرة يوما ليوهنها فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل.
يا ناطح الجبل العالي ليكلمه أشفق على الرأس ل تشفق على الجبل
والعالم عالي.
فأقول:
اتقوا الله واحفظوا لعلمائكم كرامتهم وقيمتهم،
وانتبهوا للمنهج الذي بينته في الحديث عن أخطاء العلماء.
أسال الله أن ينفعنا بما علمنا ،وأن يجعلنا ممن يستمعون القوا فيتبعون
أحسنه.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تم بحمد الله وتوفيقه.
………………………………………………………
أخي الحبيب – رعاك الله
ل نقصد من نشر هذه المادة القراءة فقط أو حفظها في جهاز الحاسب،
بل نأمل منك تفاعل أكثر من خلل:
إبلغنا عن الخطأ الملئي أو الهجائي كي يتم التعديل.
-نشر هذه المادة في مواقع أخرى على الشبكة.
-مراجعتها ومن ثم طباعتها وتغليفها بطريقة جذابة كهدية للحباب
والصحاب.
-في حال إمكان ذلك الستاذان من الشيخ لتبني طباعتها ككتيب يكون
صدقة جارية لك.
أخي الحبيب ل تحرمنا من دعوة صالحة في ظهر الغيب.
148
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(11 /
149
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
وقد تحدث معي بعض هؤلء الشباب فاستمعت إلى حديثهم ،وكنت أجد
أحدهم ربما بكى من خشية الله ،ولكن الخطاب الذي سد عليه المنافذ جعله
يسلك غير الجادة ،وينفر كالجمل الشرود ليلوي على شيء.
وبعض هؤلء لما حدثته عن سعة رحمة الله ،وشفقته بعباده حتى أولئك الذين
عصوه ،بعضهم دمعت عيناه واستعبر ،وكان كمن يسمع ذلك أول مرة.
إننا بحاجة إلى أن نعيد صياغة خطابنا التربوي بما يتفق مع فطرة السلم فل
يكون خطابنا سببا في إيقاعهم في الحرج.
إن الله عزوجل خلق النسان ذا فطرة سليمة متوازنة ،والفكار التي نتلقاها
تسهم في نضج الفطرة ،أو في انحرافها وتشوهها .ومن مسؤوليات الخطاب
التربوي المحافظة على الفطرة وإنضاجها ،ولكن حينما يكون الخطاب نفسه
مشوها قاصرا عن حقيقة الفطرة فإن نتيجته سوف تكون تشويها للفطرة.
تأمل حديث الفطرة الذي يقول فيه الرسول -صلى الله عليه وسلم":-كل
مولود يولد على الفطرة وأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه" ،تأمل كيف
كان خطاب البوين وتنشئتهما المنحرفة جعلت من المولود منحرفا في دينه،
وكذلك الخطاب التربوي قد يحرف الناشيء عن السلم الصحيح.
إن من يتأمل السنة يعجب من العمال الكثيرة التي ورد النص عليها بأنها
تكفر الخطايا والذنوب بالجملة ،فالوضوء و أداء الصلة في جماعة يكفر
الذنوب،وأداء صلة الجمعة يكفر ما بين الجمعتين وصيام يوم عرفة يكفر
خطايا سنتين كاملتين وغير ذلك كثير .إن المعنى العظيم الذي تغرسه هذه
النصوص في نفس المسلم هو أنه في كنف الله ورعايته وأنه مشمول
برحمته ما أقبل عليه ،حتى وإن عصاه عزوجل .والرسول -صلى الله عليه
وسلم -قرب هذا المعنى لصحابته في صورة فريدة فقال لهم وقد رأى امرأة
تحتضن ولدها وترضعه ":أترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار ؟ قالوا :ل
و الله! فقال" :لله أرحم بعباده من هذه بولدها").رواه البخاري ومسلم(.
إن الحديث عن عظمة الله ينشىء التقوى في القلب ،وإذا تأملت سورة
الخلص لتجد فيها ذكرا لثواب أو عقاب وإنما تجد فيها عظمة الله سبحانه
ووحدانيته واستغناءه عن خلقه .وهذا المعنى في سورة الفاتحة واضح جلي
فهو عزوجل الرحمن الرحيم وهو رب العالمين ،وهذا المعنى يتكرر على قلب
المسلم وسمعه في كل ركعة من ركعات صلته في اليوم والليلة.
)(1 /
ومع العناية بهذه المعاني العظيمة في الخطاب التربوي فإن مما ينبغي التنبه
له أل يكون خطابنا كالخطاب المسيحي ليتحدث إل عن المحبة فقط ويغفل
جانب العقوبة فالله سبحانه إنما ُيعبد بالحب والخشية معا.
وهذا الخطاب المتوازن هو الذي ينشئ نفسا متوازنة مستقيمة الفطرة.
واستجابة الناس للخطاب التربوي تتباين فمنهم من يبعد ومنهم من يقرب،
ومهمة الخطاب التربوي أل يقيم العزلة مع من نفروا ،ول يدخل اليأس في
قلوب من قصروا ،بل يحتوي الجميع ،ويشعرهم برحمة الله عزوجل ،مستمرا
في خطابهم مبلغا إياهم دين الله سبحانه.
وخطابنا التربوي المعاصر ربما كان قصير النفس ،يجنح إلى التصنيف،
ومفاصلة المخالفين ،وإنزالهم منزلة الرافضين لصل الخطاب المناوئين
للتوحيد .وهذا من بذورالفشل الذاتية التي تعيق الخطاب وتحول بين القلوب
وبينه.
150
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
في موقعة القادسية كان من ضمن جيش الفتح السلمي )أبو محجن( ،
وماأدراك من أبو محجن! أبو محجن رجل حده عمر رضي الله عنه في الخمر
في سنة واحدة سبع مرات كما يقول ابن كثير ،ومع ذلك خرج مع جيش
المسلمين ينصر الله ورسوله ،فشرب الخمر في الجيش فسجنه سعد رضي
الله عنه .ولما دارت المعركة وحمي وطيسها شعر أن المعركة تعنيه ،وأن
واجبه نصرة دين الله حتى وإن كان هذا الدين هو الذي سجنه ،وقال متحسرا
متشوقا للجهاد:
كفى حزنا أن تدحم الخيل بالقنا ... ...
ي وثاقيا ُ
و أترك مشدودا عل ّ
إذا قمت عناني الحدي وأغلقت ... ...
مصارع من دوني تصم المناديا
ه وتعيره فرس سعد ،وحلف لها ق ُ ْ
ودعا أبو محجن زوجة سعد ،وسألها أن ت ُطل ِ َ
إن سلمه الله أن يرجع في آخر النهار ويضع رجله في القيد ،ففعلت وخرج
وقاتل قتال شديدا ثم رجع في آخر النهار ،ووضع رجله في القيد كما وعد
رضي الله عنه وأرضاه ،ولما علم سعد أطلقه وما حده ،وقال له اذهب ،فقال
أبو محجن :والله ل أشربها أبدا.
وفي رواية أوردها الطبري أن أبا محجن ماشرب الخمر بعد إسلمه قط،
ولكنه كان صاحب شراب في الجاهلية ،وهو شاعر ربما تغنى بالخمر ولذلك
حبسه سعد ،ومن شعره في الخمر قوله:
إذا مت فادفني إلى أصل كرمة ... ...
تروي عظامي بعد موتي عروُقها
ول تدفنني بالفلة فإنني ... ...
أخاف إذا ما مت أل أذوقها
أبو محجن هو أحد الذين تأثروا بالخطاب التربوي في عصر الصحابة ،بل هو
أحد مخرجاته ،وقد قررنا من قبل أن مخرجات الخطاب لبد أن تتفاوت .ومع
أن أبا محجن كان مغرما بالخمر ليصبر عنها وجلد بسببها عدة مرات أو أنه
تغنى بها في شعره إل أنه لم يتخل عن النتماء لهذا الدين فنصره بنفسه
وماله .والخطاب التربوي لم يقس عليه فيقصيه ،بل أفسح له المجال للجهاد
وهو على ماهوعليه من شرب الخمر أو التغني بها.
ومن يعيش في أجواء خطابنا التربوي المعاصر ل يفتأ من العجب من أبي
محجن الذي لم تلحقه حمية الجاهلية والنتصار للنفس ،فيحارب هذا الدين
الذي جلده عدة مرات أو سجنه على التغني بالخمر ،ول يفتأ من العجب من
المجتمع المسلم الذي لم يناصب أبا محجن العداء فيقصيه كجمل أجرب بل
رضي بمصاحبته إلى الجهاد وما رأينا مستنكرا لذلك ،ول يفتأ من العجب من
الخطاب التربوي الراشد الذي ما شحن نفوس الناس على أمثال أبي محجن،
بل كان يعلم الناس أن الحدود كفارة للذنوب.
إن كثيرين في عصرنا بأثر من خطابنا التربوي ربما ضاق بمن اختلف معه،
فل يشترك معه في عمل ينصر الدين ،وكي يكون للخلف مسوغا تجده يسبغ
على المخالف أسماء من التصنيف ،إما تصم المخالف بالبدعة والضللة أو
بالكفر أو بالجهل والقصور عن المسؤولية.
إن الخطاب التربوي الراشد ينبغي أن يستوعب كل من نطق بالشهادتين
ويقربهم من دين الله عزوجل بدل من تنفيرهم منه.
*أستاذ علم النفس بجامعة المام محمد بن سعود السل
151
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(2 /
152
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
ما ,ولعبادة الله من ليل أو نهار وجدته صلى الله عليه وسلم بأمر الله قائ ً
ما ,فقد كان عمله صلى الله عليه وسلم ديمة . ملز ً
صلى ّ سول اللهِ َ ّ ُ ن َر ُ َ ْ
ه عَن َْها :هَل كا َ ّ
ي الل ُ ض َ ة َر ِ َ
ت ل َِعائ ِش َ ْ
ة قال :قل ُ ُ َ َ م َ ق َ ن عَل َ ْ عَ ْ
ة ,وَأ َي ّك ُْ
م م دي
َ َ َ ُ ِ َ ً ه ُ ل م ع ن كا َ , ل َ : ت ْ َ ل قا َ ؟ ئاً يش
ّ ِ َْ م يا َ ل ْ ا من الل ّ ُ َ ْ ِ َ َ َ َ ْ َ ّ
ص ت خ ي م ّ ل س و ه ي َ ل ع ه
طيقُ ؟!. م يُ ِ سل ّ َ ه عَل َي ْهِ وَ َ صّلى الل ّ ُ ل الل ّهِ َ سو ُ ن َر ُ كا َ ما َ طيقُ َ يُ ِ
ي
صحابة رضي الله عنهم ما رأت عيونهم ول سمعت آذانهم الن ّب ِ ّ ولذلك نرى ال ّ
م إل وهو على طاعة . سل َ ّ ه عَل َي ْهِ وَ َ صّلى الل ّ ُ َ
صّلي ي م ّ ل س و ه يَ ل ع ه ّ ل ال لى ّ ص ه ّ ل ال َ
ل سو ر ت يل :رأ َ َ قاَ ر خي ش ّ ال ن ب ه الل د ب ع ن
َ ُ َ َ َ ِ ْ َ ُ َ ِ َ ُ َ ُ ْ ِ ّ
َ َ ِ ْ ِ ِ ْ َ عَ ْ
م. سل َ ّ ه عَلي ْهِ وَ َ َ ّ
صلى الل ُ ّ كاِء َ ْ
حى ,من الب ُ َ صد ْرِهِ أِزيٌز ك َأِزيزِ الّر َ وَِفي َ
َ
ت لي ْلةٍ , َ م َذا َ ّ
سل َ ه عَلي ْهِ وَ َ َ ّ
صلى الل ُ ّ ل اللهِ َ ّ سو َ ت َر ُ قد ْ ُ ت :فَ َ َ
ة َقال ْ ش َ عائ ِ َ ن َ وَعَ ْ
َ َ َ
جد ٌ , سا ِ ه فَإ َِذا هُوَ َراك ِعٌ أوْ َ ست ُ ُ س ْ ح ّ سائ ِهِ ,فَت َ َ ض نِ َ ب إ ِلى ب َعْ ِ ه ذ َهَ َ ت أن ّ ُ فَظ َن َن ْ ُ
ُ َ َ َ
مي , ت وَأ ّ ت :ب ِأِبي أن ْ َ قال َ ْ ت ,فَ َ ه إ ِّل أن ْ َ ك َ ,ل إ ِل َ َ مد ِ َ ح ْ م وَب ِ َ ك الل ّهُ ّ حان َ َ سب ْ َ لُ : قو ُ يَ ُ
خَر . َ َ ْ في َ َ
في آ َ ن وَإ ِن ّك ل ِ شأ ٍ إ ِّني ل ِ
َ َ ّ َ ّ ّ ّ سو َ َ
نم ْ صلة ِ ه ال ّ ن إ َِذا فات َت ْ ُ م كا َ سل َ ه عَلي ْهِ وَ َ صلى الل ُ ل اللهِ َ ن َر ُ ة:أ ّ ش َ عائ ِ َ ن َ وع َ ْ
ّ َ
ة. ْ
شَرةَ َركعَ ً ي عَ ْ ن الن َّهارِ ث ِن ْت َ ْ م ْ صلى ِ جٍع أوْ غي ْرِهِ َ , َ ن وَ َ م ْ ل؛ ِ الل ّي ْ ِ
)(1 /
ت ل َي ْل َةٍ َفافْت َت َ َ
ح م َذا َ سل ّ َ ه عَل َي ْهِ وَ َ صّلى الل ّ ُ ي َ معَ الن ّب ِ ّ ت َ صل ّي ْ ُ لَ : ة َقا َ ف َ حذ َي ْ َ ن ُ وع َ ْ
صّلي ب َِها ِفي َرك ْعَ ٍ
ة ت :يُ َ قل ْ ُ ضى ,فَ ُ م َ م َ مائ َةِ ,ث ُ ّ عن ْد َ ال ْ ِ ت :ي َْرك َعُ ِ قل ْ ُ قَرة َ ,فَ ُ ال ْب َ َ
َ
ن
مَرا َ ع ْ ل ِ حآ َ م افْت َت َ َ ها ,ث ُ ّ قَرأ َ ساَء فَ َ ح الن ّ َ م افْت َت َ َ ت :ي َْرك َعُ ب َِها ث ُ ّ قل ْ ُ ضى ,فَ ُ م َ فَ َ
َ ُ َ
ل, سأ َ ل َ ؤا ٍ س َ مّر ب ِ ُ ح ,وَإ َِذا َ سب ّ َ ح َ سِبي ٌ مّر ِبآي َةٍ ِفيَها ت َ ْ سًل ,إ َِذا َ مت ََر ّ قَرأ ُ ها ,ي َ ْ قَرأ َ فَ َ
ن
كا َ ظيم ِ ,فَ َ ي العَ ِ ْ ن َرب ّ َ حا َ سب ْ َ لُ : قو ُ ل يَ ُ جعَ َ م َرك َعَ ,فَ َ مّر ب ِت َعَوّذٍ ت َعَوّذ َ ,ث ُ ّ وَإ َِذا َ
ريًبا ويل قَ ِ ً مط ِ َ م َقا َ مد َه ُ ,ث ُ ّ ح ِ ن َ م ْ ه لِ َ ّ
معَ الل ُ س ِ لَ : م َقا َ مهِ ,ث ُ ّ ن قَِيا ِ م ْ وا ِ ح ً ه نَ ْ كوعُ ُ ُر ُ
َ َ َ ْ َ
نم ْ ريًبا ِ جود ُه ُ قَ ِ س ُ ن ُ ي العْلى ,فَكا َ ن َرب ّ َ حا َ سب ْ َ لُ : قا َ جد َ ,ف َ َ س َ م َ ما َركعَ ,ث ُ ّ م ّ ِ
مهِ . قَِيا ِ
بل نرى عند الشدائد والصعاب وتغير الزمان ,يكون هو أقرب الخلق من
الرحمن .
ْ َ َ َ َ َ َ
ن دادِ ب ْ ِ ق َ م ْم َبدرٍ غي َْر ال ِ س َيو َ ن ِفيَنا فارِ ٌ ما كا َ لَ : ب قا َ ن أِبي طال ِ ٍ ن عَِلي ب ْ ِ فَعَ ْ
َ َ
ت ح َ م ؛ تَ ْ سل ّ َ ه عَل َي ْهِ وَ َ صّلى الل ّ ُ ل اللهِ َ سو ُ م إ ِّل َر ُ ما ِفيَنا َقائ ِ ٌ قد ْ َرأي ْت َُنا وَ َ سوَد ِ ,وَل َ َ ال ْ
َ
ح. صب َ َ حّتى أ ْ كي َ صّلي وَي َب ْ ِ جَرةٍ ي ُ َ ش َ َ
م ّ ل س و ه يَ ل ع ه ّ ل ال لى ّ ص ي ب ن ال ع م نا ج ر خ : َ
ل قا َ ه نع ه ّ ل ال ي ض ر ِ ء دا ر د ال بي َ
ُ َ ْ ِ َ َ َ َ َ ْ َ َ َ ِّ ّ َ ُ َْ ُ ّْ َ َ ِ َ و َ ْ ِ
أ ن ع
ْ َ
ة
شد ّ ِ سهِ من ِ ل ي َد َه ُ عََلى َرأ ِ ج ُ ضعَ الّر ُ حّتى ي َ َ حاّر َ , فارِهِ ِفي ي َوْم ٍ َ س َ ضأ ْ ِفي ب َعْ ِ
ة
ح َ ن َرَوا َ م َ ,واب ْ ِ سل ّ َ ه عَل َي ْهِ وَ َ صّلى الل ّ ُ ي َ ن الن ّب ِ ّ م ْ ن ِ كا َ ما َ م إ ِّل َ صائ ِ ٌ ما ِفيَنا َ حّر ,وَ َ ال ْ َ
.
سماعه القرآن :
وكان صلى الله عليه وسلم يحب سماع القرآن من غيره .
ل ِ :لي النبي صّلى الل ّه عَل َيه وسل ّم اقْرأ ْ
َ ْ ِ َ َ َ ُ ِّ ّ َ ل َ :قا َ سُعود ٍ َقا َ م ْ ن َ ن عَب ْدِ الل ّهِ ب ْ َ فَعَ ْ
َ َ ُ ُ َ َ ُ ْ
ه من معَ ُ س َ نأ ْ بأ ْ ح ّ ل :فَإ ِّني أ ِ ل ؟! َقا َ َ
ت :آقَْرأ عَلي ْك وَعَلي ْك أن ْزِ َ َ ي ,قُل ُ عَل َ ّ
ُ ْ
ة
م ٍ لأ ّ جئ َْنا من ك ُ ّ ف إ َِذا ِ ت ]فَك َي ْ َ حّتى ب َل َغْ ُ ساِء ؛ َ سوَرةَ الن ّ َ ت عَل َي ْهِ ُ قَرأ ُ ري ,فَ َ غَي ْ ِ
ْ َ َ َ َ
ن. سك فَإ َِذا عَي َْناه ُ ت َذ ْرَِفا ِ م ِ ل:أ ْ دا[َقا َ شِهي ً جئ َْنا ب ِك عَلى هَؤُلِء َ شِهيد ٍ وَ ِ بِ َ
سى :لوَْ َ ّ َ ّ ّ ّ سو ُ ل َ :قا َ سى َقا َ َ
مو َ م ِلِبي ُ سل َ ه عَلي ْهِ وَ َ صلى الل ُ ل اللهِ َ ل َر ُ مو َ ن أِبي ُ عَ ْ
ل َداوَُد. ُ َ ْ َ َ َ َ
ميرِ آ ِ مَزا ِ ماًرا من َ مْز َ ت ِ قد ْ أوِتي َ ة؛ل َ ح َ قَراَءت ِك الَبارِ َ مع ُ ل ِ ِ ست َ ِ َرأي ْت َِني وَأَنا أ ْ
لذة التعبد عند الصحابة رضي الله عنهم
153
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
ل لسان ؛ فإن سير هؤلء يعجز عن طر البنان ,وتكلم العلماء بك ّ فمهما س ّ
وصفها إنسان .
فهم أولى بالحديث من قول العباس بن الحنف عن محبوبته :
سعْد ُ ك َيا َ ديث ِ َ ح ِ ن َ م ْ جُنوًنا فَزِد ِْني ِ سعْد ُ عَن ًْها فَزِد ْت َِني ُ حد ّث ْت َِني َيا َ وَ َ
دجى ,وينابيع الرشد والحجى ,خصوا بخفي الختصاص , فهم مصابيح ال ّ
ونقوا من التصنع بالخلص ,وهم الواصلون بالحبل ,والباذلون للفضل ,
والحاكمون بالعدل ,هم المبادرون إلى الحقوق من غير تسويف ,والموفون
طاعات من غير تطفيف . لل ّ
ن قا َ َ جا ُ
م ْ ل iiل ِ َ ن يُ َ بأ ْ ل وَعَي ْ ٌ هم الّر َ ُ
لج ُ فهم َر ُ ص ِ ي وَ ْ مَعان ِ َ ف بِ َ ص ْ م ي َت ّ ِ لَ ْ
أبو بكر الصديق :
ي اث ْن َي ْ ِ
ن سابق إلى الّتصديق ,الملقب بالعتيق المؤيد من الله بالتوفيق َ} ,ثان ِ َ ال ّ
ما ِفي الَغاِر{ ]سورة التوبة [40 : ْ إ ِذ ْ هُ َ
ض
مرِ َ ما َ ت:ل َّ َ َ
ه عَن َْها قال ْ ي الل ُّ ض َ ة َر ِ ش َ عائ ِ َ ن َ دمع ,عَ ْ كان رقيق القلب غزير ال ّ
َ َ َ ّ
ص لة ِ , ه ِبال ّ ٌ
ت ِفيهِ ,أَتاه ُ ب ِلل ُيوذِن ُ ُ ما َ ذي َ ه ال ِ ض ُ مَر َ م َ سل ّ َ ه عَل َي ْهِ وَ َ صّلى الل ّ ُ ي َ الن ّب ِ ّ
مكَ َ ٌ ْ َ ْ ُ ّ ْ َ ْ َ قا َ فَ َ
قا َ م َ م َ ق ْ ن يَ ُ ف إِ ْ سي ٌ جل أ ِ ن أَبا ب َكرٍ َر ُ ت :إِ ّ صل ,قل ُ مُروا أَبا ب َكرٍ فلي ُ َ لُ :
قَراَءةِ . قدُِر عََلى ال ْ ِ كي ,فََل ي َ ْ ي َب ْ ِ
َ َ
ل: م َقا َ سل ّ َ ه عَل َي ْهِ وَ َ صّلى الل ّ ُ ل الل ّهِ َ سو َ ن َر ُ هأ ّ ه عَن ْ ُ ي الل ّ ُ ض َ ن أِبي هَُري َْرةَ َر ِ وَعَ ْ
جن ّةِ َ :يا عَب ْد َ الل ّهِ هَ َ َ َ
خي ٌْر , ذا َ ب ال ْ َ وا ِ ن أب ْ َ م ْ ل الل ّهِ ُنودِيَ ِ سِبي ِ ن ِفي َ جي ْ َ ِ فقَ َزوْ َ ن أن ْ َ م ْ َ
ْ َ َ َ
جَهاِد ِ ل ا ل ِ ْ ه أ ن
َ ِ ْ م ن كا ن َ َ ْ م و , صلة ّ ال ب با
ُ َ ِ ْ َ ِ ن م ي ع
ِ د صلة ّ ال ل
ِ ْ ه أ ن
َ ِ ْ م ن كا نفَ َ ْ م
ن َ ن َ ْ
م ْ ن ,وَ َ ب الّرّيا ِ ن َبا ِ م ْ ي ِ ع َ صَيام ِ د ُ ِ ل ال ّ ن أهْ ِ م ْ ن ِ كا َ م ْ جَهاد ِ ,وَ َ ب ال ِ ن َبا ِ م ْ ي ِ ع َ دُ ِ
ّ َ َ
ه: ه عَن ْ ُ ي الل ُ ض َ ل أُبو ب َك ْرٍ َر ِ قا َ صد َقَةِ ,فَ َ ب ال ّ ن َبا ِ م ْ ي ِ ع َ صد َقَةِ د ُ ِ ل ال ّ ن أهْ ِ م ْ ن ِ كا َ َ
ضُروَرةٍ , َ ْ ْ
ي من ت ِل َ َ ّ سو َ ُ َ َ
ن َ م ْ ب ِ وا ِ ك ال ب ْ َ ع َ ن دُ ِ م ْ ما عَلى َ ل اللهِ َ مي َيا َر ُ ت وَأ ّ ب ِأِبي أن ْ َ
م. ُ َ َ ب كلَها ؟ َقا َ ّ ُ َ ْ َ ْ َ فَهَ ْ
من ْهُ ْ ن ِ ن ت َكو َ جو أ ْ م وَأْر ُ ل :ن َعَ ْ وا ِ ن ت ِلك الب ْ َ م ْ حد ٌ ِ عى أ َ ل ي ُد ْ َ
)(2 /
ه عَن َْها َزوِْج ي الل ّ ُ ض َ ة َر ِ ش َ عائ ِ َ ن َ قا ما اهتز إيمانه ول تزعزع وجدانه ,عَ ْ دي ً ص ّ كان ِ
َ
ت وَأُبو ّ َ ّ ّ ّ سو َ َ ّ َ ّ ّ
ما َ م َ سل َ ه عَلي ْهِ وَ َ صلى الل ُ ل اللهِ َ ن َر ُ م,أ ّ سل َ ه عَلي ْهِ وَ َ صلى الل ُ ي َ الن ّب ِ ّ
هّ
ل الل ِ سو ُ ت َر ُ ما َ ما َ ل َ :واللهِ َ , ّ قو ُ مُر ي َ ُ م عُ َ قا َ َ
سن ِْح -ي َعِْني ِبالَعال ِي َةِ -ف َ ْ ب َك ْرٍ ِبال ّ
سي إ ِّل ف ِ قعُ ِفي ن َ ْ ن يَ َ كا َ ما َ مُر َ :والل ّهِ َ ل عُ َ ت :وََقا َ م َ ,قال َ ْ سل ّ َ ه عَل َي ْهِ وَ َ صّلى الل ّ ُ َ
َ َ َ ْ َ َ َ َ َ َ َ َ ّ َ َ َ
ن
ف عَ ْ جاَء أُبو ب َكرٍ فكش َ م,ف َ جلهُ ْ ل وَأْر ُ جا ٍ ن أي ْدِيَ رِ َ قطعَ ّ ه فلي َ ْ ه الل ُ َذاك ,وَلي َب ْعَثن ّ ُ
ُ َ َ
حّيا ت َ مي ,ط ِب ْ َ ت وَأ ّ ل :ب ِأِبي أن ْ َ ه َ ,قا َ قب ّل َ ُ م فَ َ سل ّ َ ه عَل َي ْهِ وَ َ صّلى الل ّ ُ ل الل ّهِ َ سو ِ َر ُ
َ َ
ل :أي َّها قا َ ج ,فَ َ خَر َ م َ دا .ث ُ ّ ن أب َ ً موْت َت َي ْ ِ ه ال ْ َ ك الل ّ ُ ق َ ذي ُ سي ب ِي َدِهِ َل ي ُ ِ ف ِ ذي ن َ ْ مي ًّتا َ ,وال ّ ِ وَ َ
َ َ
ه أُبو ب َك ْ ٍ
ر مد َ الل ّ َ ح ِ مُر ,فَ َ س عُ َ جل َ َ م أُبو ب َك ْرٍ َ ما ت َك َل ّ َ ك ! فَل َ ّ سل ِ َ ف عََلى رِ ْ حال ِ ُ ال ْ َ
ّ َ ّ ّ ن َ َ َ وَأ َث َْنى عَلي ْهِ ,وََقا َ َ
نم فَإ ِ ّ سل َ ه عَلي ْهِ وَ َ صلى الل ُ دا َ م ً ح ّ م َ ن ي َعْب ُد ُ ُ كا َ م ْ ل :أل َ
تمي ّ ٌ ك َ ل ]إ ِن ّ َ ت ,وََقا َ مو ُ ي َل ي َ ُ ح ّ ه َ ن الل ّ َ ه فَإ ِ ّ ن ي َعْب ُد ُ الل ّ َ كا َ ن َ م ْ ت ,وَ َ ما َ دا قَد ْ َ م ًح ّ م َ ُ
ت ما ن إ َ ف َ أ ُ
ل س ر ال ه ل ب َ ق من ت َ ل خ د َ ق ٌ
ل سو ر ل ّ إ د م ح م ما و ] َ
ل قاَ و ن[ تو ي م
ِ َ َ ْ ّ ُ ِ ِ ْ ْ َ ْ َ َ ُ ّ ِ َ ُ ٌ َ َ َ ُ ّ وَ ِ ُ ْ َ
م ه ّ ن إ
شي ًْئا ّ َ َ ُ َ َ َ أ َوْ قُت ِ َ
ه َ ضّر الل َ ن يَ ُ قب َي ْهِ فَل ْ ب عَلى عَ ِ قل ِ ْ ن ي َن ْ َ م ْ م وَ َ قاب ِك ْ م عَلى أع ْ َ قلب ْت ُ ْ ل ان ْ َ
ن. كو َ ج الّناس ي َب ْ ُ ش َ ل فَن َ َ ن[ َقا َ ري َ شاك ِ ِ ه ال ّ زي الل ّ ُ ج ِ سي َ ْ وَ َ
عمر بن الخطاب :
صادق المصدوق , الفاروق ,ذو المقام الثابت المأنوق ,أعلن الله به دعوة ال ّ
ضا دولة ,كان معار ً صولة ؛ ما نشأت لهم به ال ّ فجمع الله له بما منحه من ال ّ
قا في الحكام لرب العالمين ,كان فارقا بين الحق ً للمبطلين ,مواف ً
154
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
والباطل .
ْ َ َ َ َ ّ ْ
ن :أِفي القَوْم ِ فَيا َ س ْ ما قال أُبو ُ َ ما ل ّ ه عَن ْهُ َ ي الل ُ ض َ ب َر ِ عازِ ٍ ن َ ث الب ََراِء ب ْ ِ دي ِ ح ِ في َ فَ ِ
َ
جيُبوه ُ ,ث ُ ّ
م ن يُ ِ مأ ْ سل ّ َ ه عَل َي ْهِ وَ َ صّلى الل ّ ُ ي َ م الن ّب ِ ّ ت -فَن ََهاهُ ْ مّرا ٍ ث َ مد ٌ ؟ -ث ََل َ ح ّ م َ ُ
ن ب ا م و َ ق ْ ل ا في َ أ : لَ قا َ م ُ ث - ت را م ث ل َ َ ث ؟- ة َ ف حا ُ ق بي َ أ ن ب ا م و َ ق ْ ل ا في َ أ : ل َ قا َ
ْ ِ ْ ُ ِ ّ َ َ ّ ٍ َ َ ْ ِ ْ ُ ِ ِ
َ َ
قد ْ قُت ُِلوا ,فَ َ
ما ما هَؤَُلِء فَ َ ل:أ ّ قا َ حاب ِهِ فَ َ ص َ جعَ إ َِلى أ ْ م َر َ ت -ث ُ ّ مّرا ٍ ث َ ب ؟-ث ََل َ طا ِ خ ّ ال ْ َ
ت َل ْ َ
حَياٌء ن اّلذين عَد َد ْ َ ت َوالل ّهِ َيا عَد ُوّ الل ّهِ ,إ ِ ّ ل :ك َذ َب ْ َ قا َ ه فَ َ س ُ ف َ مُر ن َ ْ ك عُ َ مل َ َ َ
ك. سوُء َ َ َ ُ ي ما َ
ك َ ل ي
َ ْ َ َ ق
ِ ب د َ ق و , مك ُ ْ ه ّ ل ُ
دمع . فار كان على إخوانه رقيق القلب سريع ال ّ ورغم شدته على الك ّ
َ ّ ّ ّ عَ َ
ه
ه عَلي ْ ِ صلى الل ُ ي َ عن ْد َ الن ّب ِ ّ سا ِ جال ِ ً ت َ ل :ك ُن ْ ُ ه َقا َ ه عَن ْ ُ ي الل ُ ض َ ن أِبي الد ّْرَداِء َر ِ ْ
ي ب ن ال لَ قا َ َ ف , ه ِ ت ب ْ ك ر ن َ ع دى ب ذا بط َرف ث َوبه ؛ حتى أ َ ً خ ِ آ ر ْ ك ب بو ل أَ َ ب ْ ق وسل ّم إذ ْ أ َ
ِ ّ ّ ِ َ ْ ُ َ ْ ّ َ ِ ِْ ِ ِ َ ٍ َ ُ َ َ َ َ ِ
ّ َ ّ َ
ن ب َي ِْني َ
ل :إ ِّني كا َ م ,وََقا َ سل َ مَر ,فَ َ غا َ قد ْ َ م فَ َ ُ
حب ُك ْ صا ِ ما َ َ م:أ ّ سل َ ه عَلي ْهِ وَ َ صّلى الل ُ
ّ َ
َ َ
فَر ِلي ن ي َغْ ِ هأ ْ سأل ْت ُ ُ ت ,فَ َ م ُ م ن َدِ ْ ت إ ِل َي ْهِ ث ُ ّ سَرعْ ُ يٌء ,فَأ ْ ْ ش َ ب ِ طا ّ خ
َ ْ ل ا ن
ِ ْ ب ا نوَب َ َ ْ ي َ
َ ْ َ َ َ ّ ت إ ِلي ْك فَ َ َ َ ْ َ َ
مَر ن عُ َ م إِ ّ ه لك َيا أَبا ب َكرٍ -ث َلًثا ,ث ُ ّ فُر الل ُ ل :ي َغْ ِ قا َ ي ,فَأقْب َل ُ فَأَبى عَل َ ّ
َ َ َ َ ُ َ ْ َ َ َ َ ْ َ
ي
قالوا :ل ,فأَتى إ ِلى الن ّب ِ ّ م أُبو ب َكرٍ ؟ ف َ ل :أث ّ َ سأ َ ل أِبي ب َكرٍ ف َ من ْزِ َ م ,فَأَتى َ ن َدِ َ
معُّر , م ي َت َ َ سل َ ّ ه عَلي ْهِ وَ َ َ ّ
صلى الل ُ ّ ي َ ه الن ّب ِ ّ ج ُ جعَل وَ ْ َ م,ف َ َ سل َ ّ مف َ َ سل َ ّ ه عَلي ْهِ وَ َ َ صّلى الل ُ
ّ َ
ت ُ َ ّ ّ َ َ َ ْ َ َ َ ْ َ ْ َ
سول اللهِ ! َواللهِ أَنا كن ْ ُ قال َ :يا َر ُ جثا عَلى ُركب َت َي ْهِ ,ف َ فقَ أُبو ب َكرٍ ,ف َ حّتى أش َ َ
م, ه ب َعَث َِني إ ِل َي ْك ُْ ن الل َّ إ : م ّ ل س و ه ي َ ل ع ه ّ ل ال لى ّ ص ي ب ن ال ل َ قا َ َ ف , ن ي ت ر م - م َ ل ْ ظ أَ
ُ َ ْ ِ َ َ َ ِ ّ ِّ ّ َ ِ َ ّ َْ َ
م َتارِ ُ فسه ومال ِه ,فَه ْ َ قل ْتم :ك َذ َبت ,وَقا َ َ
كو ل أن ْت ُ ْ َ ساِني ب ِن َ ْ ِ ِ َ َ ِ صد َقَ وََوا َ ل أُبو ب َك ْرٍ َ : َ ْ َ فَ ُ ُ ْ
ُ
ها . ما أوذِيَ ب َعْد َ َ ن فَ َ مّرت َي ْ ِ حِبي َ صا ِ ِلي َ
ُ خ ّ ن ال ْ َ لَ : ص َقا َ ن عَل ْ َ
قَرأ ِفي ه يَ ْ ضي الله عَن ْ ُ ب َر ِ طا ِ مُر ب ْ ُ ن عُ َ كا َ ن وَّقا ٍ ة بْ ِ م َ ق َ وَعَ ْ
سف ؛ جاَء ِذكُر ُيو ُ حّتى إ َِذا َ فَ , فو ِ ص ُ خرِ ال ّ مؤ َ ّ سف ,وأنا في ُ سوَرةِ ُيو ُ مةِ ب ُ العَت َ َ
ف. ص ّ خرِ ال ّ مؤ َ ّ ه ِفي ُ ج ُ شي َ ت نَ ِ معْ ُ س ِ َ
رْ ك ب با َ أ أى َ ر م ّ ل س و ه يَ ل ع ه ّ ل ال لى ّ ص ه ّ ل ال ل َ سو ر ن َ أ ب َ ط ن ح ن ب ه ّ ل ال د ب ع ن
ٍ َ َ َ َ َ َ ِ ْ َ ُ َ ِ َ ُ ّ ٍ ْ َ ِ ْ ِ ِ ْ َ عَ ْ
صُر . معُ َوالب َ َ ْ س ْ ن ال ّ ذا ِ ل :هَ َ قا َ مَر فَ َ وَعُ َ
عثمان رضي الله عنه :
)(3 /
155
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(4 /
َ شعري أ َنه تو َ عَ َ
سو َ
ل ن َر ُ ّ ل َ :لل َْز َ
م قا َ ج ,فَ َ خَر َ م َ ضأ ِفي ب َي ْت ِهِ ث ُ ّ سى اْل َ ْ َ ِ ّ ّ ُ َ َ ّ مو َ ن أِبي ُ ْ
ل سأ َ َ َ ف د ج س م ْ ل ا َ ء جا َ ف . ذا َ ه مي و ي ه ع م ن ن كو ُ الل ّهِ صّلى الل ّه عَل َي ْهِ وسل ّم ,وَل َ
َ َ َ ْ ِ َ َ ِ ّ َ ُ ْ َ َ َ َ َ َ َ ُ َ
تَ ُ ج
ْ ر خ
َ َ ف : لَ قا َ , نا َ ُ ه ها
َ ه
َ َ َ جّ و و جَ ر َ خَ : لوا ُ قا َ َ ف , مَ ّ ل س
َ َ و ِ ه ْ ي َ ل َ ع هُ ّ ل ال لى ّ ص
ن الن ِ ّ َ ي ب ّ عَ ْ
ْ َ َ َ َ
ب -وََباب َُها من عن ْد َ الَبا ِ ت ِ س ُ جل ْ س ,فَ َ ل ب ِئ َْر أِري ٍ خ َ حّتى د َ َ ه َ ل عَن ْ ُ سأ ُ عََلى إ ِث ْرِهِ أ ْ
َ
تم ُ ق ْ ضأ ,فَ ُ ه فَت َوَ ّ جت َ ُ حا َ م َ سل ّ َ ه عَل َي ْهِ وَ َ صّلى الل ّ ُ ل الل ّهِ َ سو ُ ضى َر ُ حّتى قَ َ ريدٍ َ - ج ِ َ
َ َ
فَها وَك َ ُ َ َ ْ َ َ َ
ساقي ْهِ ؛ ن َ ف عَ ْ ش َ سط ق ّ س ,وَت َوَ ّ س عَلى ب ِئرِ أِري ٍ جال ِ ٌ إ ِلي ْهِ فإ َِذا هُوَ َ
ت: قل ُ ْ ب,ف ُ َ عن ْد َ الَبا ِ ْ ت ِ س ُ جل ْ َ تف َ َ صَرف ُ ْ م ان ْ َ ُ
ت عَلي ْهِ ث ّ َ م ُ سل ْ ّ َ
ما ِفي الب ِئرِ ,ف َ ْ ْ وَد َّلهُ َ
َ َل َ ُ
جاَء أُبو ب َك ْرٍ فَد َفَ َ
ع م ,فَ َ م ال ْي َوْ َ سل ّ َ ه عَل َي ْهِ وَ َ صّلى الل ّ ُ ل الل ّهِ َ سو ِ ب َر ُ وا َ ن بَ ّ كون َ ّ
ت م ذ َهَب ْ ُ ك ,ثُ ّ سل ِ َ ت :عََلى رِ ْ قل ْ ُ ل :أ َُبو ب َك ْرٍ ,فَ ُ قا َ ذا ؟! فَ َ ن هَ َ م ْ ت َ قل ْ ُ ب ,فَ ُ ال َْبا َ
ْ َ
جن ّةِ , شْرهُ ِبال ْ َ ه وَب َ ّ ن لَ ُ ل :ائ ْذ َ ْ قا َ ن ,فَ َ ست َأذِ ُ ذا أُبو ب َك ْرٍ ي َ ْ ل الل ّهِ ! هَ َ سو َ ت َ :يا َر ُ قل ْ ُ فَ ُ
َ َ
م سل ّ َ ه عَل َي ْهِ وَ َ صّلى الل ّ ُ ل الل ّهِ َ سو ُ ل وََر ُ خ ْ ت ِلِبي ب َك ْرٍ :اد ْ ُ حّتى قُل ْ ُ ت َ فَأقْب َل ْ ُ
خ َ َ
ه عَل َي ْ ِ
ه صّلى الل ّ ُ ل الل ّهِ َ سو ِ ن َر ُ مي ِ ن يَ ِ س عَ ْ جل َ َ ل أُبو ب َك ْرٍ فَ َ جن ّةِ ,فَد َ َ ك ِبال ْ َ شُر َ ي ُب َ ّ
ه
ه عَلي ْ ِ َ ّ
صلى الل ُ ّ ي َ صن َعَ الن ّب ِ ّ ما َ جلي ْهِ ِفي الب ِئ ْر ك َ َ ْ َ ف ,وَد َلى ر ْ ّ ق ّ ْ
ه ِفي ال ُ معَ ُ م َ سل َ ّ وَ َ
خي يتوضأ ُ ف عَن ساقَيه ,ث ُ ِم رجعت فَجل َ ِست وقَد ترك ْت أ َِ ش َ م ,وَك َ َ ّ
ََ َ ّ َ ْ ُ َ ْ ََ ُ ّ َ َ ْ ُ ْ َ ْ ِ سل َ وَ َ
ْ َ َ ّ ْ
ن
سا ٌ ت ب ِهِ ,فَإ َِذا إ ِن ْ َ خاه ُ -ي َأ ِ ريد ُ أ َ خي ًْرا -ي ُ ِ ن َ فل ٍ ه بِ ُ ن ي ُرِد ْ الل ُ ت :إِ ْ قل ُ قِني ,فَ ُ ح ُ وَي َل ْ َ
ت :عََلى قل ْ ُ ب ,فَ ُ طا ِ خ ّ ن ال ْ َ مُر ب ْ ُ ل :عُ َ قا َ ذا ؟ فَ َ ن هَ َ م ْ تَ : قل ْ ُ ب ,فَ ُ ك ال َْبا َ حّر ُ يُ َ
ت
قل ُ ْ ت عَلي ْهِ ,فَ ُ َ م ُ سل ْ ّ م فَ َ سل َ ّ ه عَلي ْهِ وَ َ َ ّ
صلى الل ُ ّ ل اللهِ َ ّ سو ِ ت إ ِلى َر ُ َ جئ ْ ُ م ِ سل ِك ,ث ُ ّ َ رِ ْ
ْ َ ْ ّ ْ
ت جئ ْ ُ جن ّةِ ,فَ ِ شْره ُ ِبال َ ه وَب َ ّ نل ُ ل :ائ ْذ َ ْ قا َ ن ,فَ َ ست َأذِ ُ ب يَ ْ خطا ِ ن ال َ مُر ب ْ ُ ذا عُ َ :هَ َ
ل خ َ جن ّةِ ,فَد َ َ م ِبال َ ْ سل َ ّ ه عَلي ْهِ وَ َ َ صلى الل ُّ ّ ل اللهِ َ ّ سو ُ شَرك َر ُ َ ل ,وَب َ ّ خ ْ ت :اد ْ ُ قل ْ ُ فَ ُ
سارِهِ ,وَد َلى ّ ن يَ َ ف عَ ْ ق ّ م ِفي ال ُ ْ سل َ ّ ه عَلي ْهِ وَ َ َ صلى الل ُ ّ ّ ل اللهِ َ ّ سو ِ معَ َر ُ س َ جل َ َ فَ َ
ْ
ه
ت بِ ِ خي ًْرا ي َأ ِ ن َ فَل ٍ ه بِ ُ ن ي ُرِد ْ الل ّ ُ ت :إِ ْ قل ْ ُ ت ,فَ ُ س ُ جل َ ْ ت فَ َ جعْ ُ م َر َ جل َي ْهِ ِفي ال ْب ِئ ْرِ ,ث ُ ّ رِ ْ
ن, فا َ ن ب ْن عَ ّ ما ُ قال :عُث َ ْ َ َ
من هَذا ؟ ف َ َ تَ : قل ُ ْ ب,ف ُ َ حّرك الَبا َ ْ ُ ن يُ َ سا ٌ جاَء إ ِن ْ َ ,ف َ َ
ك ,فَجئ ْت إَلى رسول ْ الل ّه صّلى الل ّه عل َيه وس ُل ّم فَأ َ َ
ه, ْ َْ ُ ُت ر ب خ ُ َ ْ ِ َ َ َ ِ َ َ ُ ِ ِ ُ ِ َ ل
ِ ْ ِ س ر لى َ ع : ت قل ْ ُ فَ ُ
خ ْ
ل ه :اد ْ ُ ت لَ ُ قل ْ ُ ه ,فَ ُ جئ ْت ُ ُ ه ,فَ ِ صيب ُ ُ وى ت ُ ِ جن ّةِ عََلى ب َل ْ َ شْرهُ ِبال ْ َ ه وَب َ ّ ن لَ ُ ل :ائ ْذ َ ْ قا َ فَ َ
خ َ
ل ك ,فَد َ َ صيب ُ َ وى ت ُ ِ جن ّةِ عََلى ب َل ْ َ م ِبال ْ َ سل ّ َ ه عَل َي ْهِ وَ َ صّلى الل ّ ُ ل الل ّهِ َ سو ُ ك َر ُ شَر َ وَب َ ّ
ن سِعيد ُ ب ْ ُ ل َ خرِ َ .قا َ ش ق ّ ال َ ْ ه من ال ّ جاهَ ُ س وِ َ جل َ َ ئ ,فَ َ مل ِ َ ف قَد ْ ُ ق ّ ْ
جد َ ال ُ فَوَ َ
ْ َ
م. ب :فَأوّلت َُها قُُبوَرهُ ْ سي ّ ِ م َ ال ْ ُ
علي بن أبي طالب رضي الله عنه :
ُنور المطيعين ,وولي المتقين ,وإمام العابدين ,من أسرع الصحابة إجابة ,
حرمنا علمه بسبب غلو وأعظمهم حلما ,وأوفرهم علما ,وأقومهم قضية ُ ,
شيعة فيه وكذبهم عليه -وإلى الله المشتكى ,وأما فضائله فقد لحت في ال ّ
الفق ,وإليك ما قيل بحضرة خصمه ومن لحت بينهما السيوف -معاوية
رضي الله عنه .
)(5 /
ف لي علًيا ,فقالص ْ
كناني على معاوية ,فقال له ِ : دخل ضرار بن ضمرة ال ِ
ل :أما إذ ل بد ؛ فإنه كانل :ل أعفيك َ ,قا َ
أو تعفيني يا أمير المؤمنين َ ,قا َ
والله بعيد المدى ,شديد القوى ,يقول فصل ,ويحكم عدل ,يتفجر العلم من
جوانبه ,وتنطق الحكمة من نواحيه ,يستوحش من الدنيا وزهرتها ,
ويستأنس بالليل وظلمته ,كان والله غزير العبرة ,طويل الفكرة ,يقلب كفه
,ويخاطب نفسه ,يعجبه من اللباس ما قصر ,ومن الطعام ما جشب ,كان
156
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
والله كأحدنا يدنينا إذا أتيناه ,ويجيبنا إذا سألناه ,وكان مع تقربه إلينا وقربه
منا ؛ ل نكلمه هيبة له ,فإن تبسم فعن مثل اللؤلؤ المنظوم ,يعظم أهل
الدين ويحب المساكين ,ل يطمع القوي في باطله ,ول ييأس الضعيف من
عدله ,فأشهد بالله لقد رأيته في بعض مواقفه ؛ وقد أرخى الليل سدوله ,
سليم , ضا على لحيته يتململ تململ ال ّ وغارت نجومه يميل في محرابه قاب ً
ويبكي بكاء الحزين ,فكأني أسمعه الن وهو يقول :يا ربنا يا ربنا يتضرع إليه
ي تشوفت ,هيهات هيهات ,غُّري غَْيري ,قد ت ,إل َ ّ ي تغرّر ِ ثم يقول للدنيا :إل َ ّ
بنتك ثلًثا ,فعمرك قصير ,ومجلسك حقير ,وخطرك يسير ,آه آه من قلة
سفر ,ووحشة الطريق . الزاد ,وبعد ال ّ
فوكفت دموع معاوية على لحيته ؛ ما يملكها ,وجعل ينشفها بكمه وقد اختنق
دك ج ُ ف وَ ْ ل :ك َي ْ َ القوم بالبكاء ,فقال :كذا كان أبو الحسن رحمه الله ,ثم َقا َ
معَت َُها ,وَلَ ُ
ها ؛ َل ت َْرقَأ د َ ْ جرِ َ
ح ْها ِفي َ حد ُ َ ح َوا ِ ن ذ ُب ِ َ
م ْ جد ُ َ ل :وَ ْ عليه يا ضرار ؟ َقا َ
ج. خَر َ م فَ َ م َقا َ حْزُنها -ث ُ ّ ن ُ سك ُ ُ يَ ْ
أبو عبيدة ابن الجراح :
سديد اختاره عمر ؛ وهو يتمنى مل مكانه أبو عبيدة المين الّرشيد ,والقائد ال ّ
رجاًل كأبي عبيدة .
ُ َ عَ َ
ة
م ٍ لأ ّ ن ل ِك ُ ّ ل :إِ ّ م َقا َ سل ّ َه عَل َي ْهِ وَ َ صّلى الل ّ ُ ل الل ّهِ َ سو َ ن َر ُ كأ ّ مال ِ ٍ ن َ ِ س بْ
ِ ن أن َ ْ
جّراِح . ْ لا ن ب ة د ي ب ع بو َ أ ة م ُ ْ
ل ا ها ت يَ أ نا ن مي َ أ ن إ و , نا َ
َ َْ َ َ ْ ُ ُ ّ ُ ُ َِ ّ ِ ََ َُّ مي ً أ ِ
دخل عمر بن الخطاب على أبي عبيدة بن الجراح ,فإذا هو مضطجع على
دا الحقيبة ,فقال له عمر :أل اتخذت ما اتخذ طنفسة رحله متوس ً
أصحابك ؟! فقال :يا أمير المؤمنين هذا يبلغني المقيل .
مّنوا ,فقال رجل :أتمنى لو أن وعن عمر بن الخطاب أنه َقا َ َ
حاب ِهِ :ت َ َ ص َ لل ْ
مّنوا ,فقال رجل ل :تَ َ لي هذه الدار مملوءة ذهًبا أنفقه في سبيل الله ,ثم َقا َ
دا وجوهًرا ؛ أنفقه في سبيل الله وأتصدق :أتمنى لو أنها مملوءة لؤلؤا وزبرج ً
مّنوا ,فقالوا :ما ندري يا أمير المؤمنين ,فقال عمر :أتمنى لو ل :تَ َ ,ثم َقا َ
دار مملوءة رجال مثل أبي عبيدة بن الجراح . ً أن هذه ال ّ
معاذ بن جبل :
مقدام العلماء ,وإمام الحكماء !!!
ل ابن مسعود رضي الله ت ََعاَلى عنه :إن معاذ بن جبل رضي الله ت ََعالى
َ َقا َ
فا ! فا ,فقيل له :إن إبراهيم كان أمة قانًتا لله حني ً عنه كان أمة قانًتا لله حني ً
فقال :ما نسيت ,هل تدرون ما المة وما القانت ؟ ! المة الذي ي ُعَّلم
الخير ,والقانت المطيع لله وللرسول ,وكان معاذ ي ُعَّلم الّناس الخير ,
ومطيًعا لله ولرسوله .
حا من خير شباب قومه ,ل ُيسأل شيئا إل ً
وكان معاذ بن جبل شاًبا جميل سم ً
أعطاه ,حتى أدان دينا أغلق ماله ,فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم
أن يكلم غرماءه ففعل ,فلم يضعوا له شيًئا ,فلو ترك لحد لكلم أحد لترك
ه عَل َي ْ ِ
ه صّلى الل ّ ُ ي َ لمعاذ لكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ,فدعاه الن ّب ِ ّ
م فلم يبرح حتى باع ماله وقسمه بين غرمائه ,فقام معاذ ل مال له , سل ّ َ وَ َ
م إلى اليمن ليجبره ,وكان أول من سل َّ ه عَلي ْهِ وَ َ َ ّ
صلى الل ُ ّ ي َ ج بعثه الن ّب ِ ّ فلما ح ّ
ه من َ
حجز عليه في هذا المال معاذ ,فقدم على أبي بكر رضي الله ت ََعالى عَن ْ ُ
اليمن وقد ُتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم
ً
غرماء معاذ كانوا يهوًدا فلهذا لم يضعوا عنه شيئا . ل أبو نعيم :و ُ َقا َ
م واستخلفوا أبا بكر ,فاستعمل أبو بكر سل ّ َ ه عَل َي ْهِ وَ َ صّلى الل ّ ُ ي َ فلما قبض الن ّب ِ ّ
عمر على الموسم فلقي معاًذا بمكة ومعه رقيق ,فقال :هؤلء أهدوا لي
157
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(6 /
ل :انظروا أصبحنا ؟ ما أن حضره الموت َ ,قا َ وعن معاذ رحمه الله ت ََعاَلى ل َ ّ
ل :انظروا أصبحنا ؟ فأتي فقيل :لم تصبح حتى فأتى ,فقيل :لم تصبح َ ,قا َ
عوذ ُ بالله من ليلة صباحها َ
ل:أ ُ أتى في بعض ذلك ,فقيل له :قد أصبحت َ ,قا َ
إلى النار ,مرحًبا بالموت ,مرحًبا زائر مغيب ,حبيب جاء على فاقة ,اللهم
إني قد كنت أخافك ,فأنا اليوم أرجوك ,اللهم أن كنت تعلم أني لم أكن
شجر ,ولكن لظمأ دنيا وطول البقاء فيها لكرى النهار ,ول لغرس ال ّ أحب ال ّ
ساعات ,ومزاحمة العلماء بالركب عند حلق الذكر. الهواجر ,ومكابدة ال ّ
بين أبي عبيدة ومعاذ :
وقد أراد عمر رضي الله عنه أن يوقع اختباًرا -بعد أن فتحت الدنيا ,على أبي
عبيدة ومعاذ رضي الله عنهما ,ليختبر حال المراء والعلماء .
وروي أن عمر رضي الله عنه أخذ أربعمائة دينار ,فقال لغلم له :أذهب بها
ل :فذهب إلى أبي عبيدة ,ثم تله ساعة في البيت حتى تنظر ما يصنع َ ,قا َ
بها الغلم ,فقال :يقول لك أمير المؤمنين :خذ هذه ,فقال :وصله الله
سبعة إلى فلن ,وبهذه ل :تعالي يا جارية ! اذهبي بهذه ال ّ ورحمه ,ثم َقا َ
الخمسة إلى فلن ,حتى أنفذها ,فرجع الغلم إلى عمر وأخبره فوجده قد
أعد مثلها لمعاذ بن جبل ؛ فأرسله بها إليه ,فقال معاذ :وصله الله ,يا جارية
! اذهبي إلى بيت فلن بكذا ,ولبيت فلن بكذا ,فاطلعت امرأة معاذ ,فقالت
:ونحن والله مساكين فأعطنا ,ولم يبق في الخرقة إل ديناران ,فدحا بهما
إليها ,ورجع الغلم فأخبر عمر فسر بذلك ,وقال :إنهم إخوة بعضهم من
بعض .
وهذه القصة تبين فطنة عمر في اختباره لحال المراء والعلماء ,فبهم صلح
المة إن صلحوا ,وفسادها إن فسدوا .
أبو موسى الشعري :
ما , كان رحمه الله بالقرآن مترنما وقائما ,وفي طول اليام طاوًيا وصائ ً
صاحب القراءة والمزمار .
كرنا يا ه ذَ ّ ل لَ ُعن أبي سلمة :كان عمر إذا جلس عنده أبو موسى ,ربما َقا َ
أبا موسى ,فيقرأ .
م أبو موسى الشعري حتى عاد كأنه خلل صا َ لَ : عن أبي إدريس عائذ الله َقا َ
ل :إجمامها أريد ,أني رأيت ,فقيل له :يا أبا موسى لو أجممت نفسك َ ,قا َ
دي ش ّ سابق من الخيل المضمر ,وربما خرج من منزله فيقول لمرأته ُ ال ّ
رحلك ,ليس على جهنم معبر .
سا ول يعبأ بعدو . عا بطًل مغواًرا ل يخشى بأ ً وكان رحمه الله شجا ً
ّ َ ّ ّ َ َ ّ عَ َ
م
سل َ ه عَلي ْهِ وَ َ صلى الل ُ ي َ ما فََرغ الن ّب ِ ّ ل:ل ّ ه َقا َه عَن ْ ُ ي الل ُ ض َ سى َر ِ مو َ ن أِبي ُ ْ
مةِ , َ َ َ َ َ َ َ
ص ّ ن ال ّ ي د َُري ْد َ ب ْ َ ق َس فل ِ ش َإ ِلى أوْطا ٍ جي ْ ٍ مرٍ عَلى َ عا ِ ث أَبا َ ن ,ب َعَ َ حن َي ْ ٍ
ن ُ م ِْ
ي َ َ َ َ َ َ ّ َ فَ ُ
م َ مرٍ فُر ِ عا ِمعَ أِبي َ سى :وَب َعَثِني َ مو َه ,قال أُبو ُ حاب َ ُ
ص َ هأ ْ م الل ُ قت ِل د َُري ْد ٌ وَهََز َ
158
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
َ
ت إ ِل َي ْهِ , ه ِفي ُرك ْب َت ِهِ َ ,فان ْت َهَي ْ ُ سهْم ٍ فَأث ْب َت َ ُ ي بِ َ م ّ ش ِج َ ماه ُ ُ مرٍ ِفي ُرك ْب َت ِهِ َ ,ر َ عا ِ أ َُبو َ
ماِني ذي َر َ ك َقات ِِلي ال ّ ِ ل َ :ذا َ قا َ ى ,فَ َ ّ
شاَر إ ِل َ ك ؟ فَأ َ َ ما َ ن َر َ م ْ م َ ت َ :يا عَ ّ قل ْ ُ فَ ُ
ل ل َه :أَلَ َ
ت أُقو ُ ُ جعَل ْ ُ ه ,وَ َ ما َرآِني وَّلى َفات ّب َعْت ُ ُ ه ,فَل َ ّ قت ُ ُ ح ْ ه فَل َ ِ ت لَ ُ صد ْ ُ ق َ فَ َ
َ َ
ت ِلِبي م قُل ْ ُ ه ,ثُ ّ قت َل ْت ُ ُف فَ َ سي ْ ِ ن ِبال ّ ضْرب َت َي ْ ِ فَنا َ خت َل َ ْ ف َ ,فا ْ ت ؟ فَك َ ّ حِيي ؟ أَل ت َث ْب ُ ُ ست َ ْ تَ ْ
ماُء َ ,قا َ
ل ه ال ْ َ من ْ ُه فَن ََزا ِ م فَن ََزعْت ُ ُ سهْ َ ذا ال ّ ل َ :فان ْزِع ْ هَ َ ك َقا َ حب َ َ صا ِ ه َ ل الل ّ ُ مرٍ :قَت َ َ عا ِ َ
َ َ
فْر ست َغْ ِ ه:ا ْ ل لَ ُ م ,وَقُ ْ سَل َ م ال ّ سل ّ َ ه عَل َي ْهِ وَ َ صّلى الل ّ ُ ي َ خي ! أقْرِئْ الن ّب ِ ّ نأ ِ َ :يا اب ْ َ
مك ُ َ َ َ َ
ت جعْ ُ ت ,فََر َ ما َ م َ سيًرا ث ُ ّ ث يَ ِ مرٍ عَلى الّناس ,فَ َ عا ِ فِني أُبو َ خل َ ست َ ْ ِلي َ .وا ْ
ه َ
ل وَعَلي ْ ِ م ٍ مْر َ ريرٍ ُ ِ س َ
م ِفي ب َي ْت ِهِ عَلى َ سل َ ّ ه عَلي ْهِ وَ َ َ ّ
صلى الل ُ ّ ي َ ت عَلى الن ّب ِ ّ َ خل ْ ُ فَد َ َ
َ َ َ َ
خب َرِ أِبي خب َرَِنا وَ َ ه بِ َ خب َْرت ُ ُ جن ْب َي ْهِ ,فَأ ْ ريرِ ب ِظهْرِهِ وَ َ س ِ ل ال ّ ما ُ ش ؛ قَد ْ أث َّر رِ َ فَِرا ٌ
م َرفَعَ ي َد َي ْهِ ,فَ َ َ َ
ل: قا َ ضأ ث ُ ّ ماٍء فَت َوَ ّ عا ب ِ َ فْر ِلي ,فَد َ َ ست َغْ ِ ها ْ لل ُ ل :قُ ْ مرٍ ,وََقا َ عا ِ َ
ْ ّ َ َ َ ّ
مه ي َوْ َ جعَل ُ ما ْ ل :اللهُ ّ م َقا َ ض إ ِب ْطي ْهِ ث ُ ّ ت ب ََيا َ مرٍ ,وََرأي ْ ُ عا ِ فْر ل ِعُب َي ْد ٍ أِبي َ م اغْ ِ اللهُ ّ
ل: قا َ فْر ,فَ َ ست َغْ ِ ت :وَِلي َفا ْ قل ُ ْ قك من الّناس ,فَ ُ َ خل ِْ مةِ فَوْقَ كِثيرٍ من َ َ قَيا َ ال ْ ِ
َ
ما . ري ً خًل ك َ ِ مد ْ َ مةِ ُ قَيا َ م ال ْ ِ ه ي َوْ َ خل ْ ُ ه ,وَأد ْ ِ س ذ َن ْب َ ُ ن قَي ْ ٍ
ّ
فْر ل ِعَب ْدِ اللهِ ب ْ ِ م اغْ ِ الل ّهُ ّ
دا ,فقيل له لو أمسكت ! ورفقت واجتهد الشعري قبل موته اجتهاًدا شدي ً
ل :إن الخيل إذا أرسلت فقاربت رأس مجراها , بنفسك بعض الرفق َ ,قا َ
أخرجت جميع ما عندها ,والذي بقي من أجلي أقل من ذلك ,فلم يزل على
ذلك حتى مات .
)(7 /
دا ,ممن جمع دا عاب ً ما ,ربانًيا زاه ً وا ً ما ق ّ وا ً ذهبي :وكان أبو موسى ص ّ ل ال ّ َقا َ
دنيا . صدر ,لم ُتغيره المارة ول اغتر بال ّ م والعمل والجهاد ,وسلمة ال ّ العِل ْ َ
بين معاذ بن جبل وأبي موسى الشعري :
َ ّ َ ن أ َِبي ب ُْرد َة َ َقا َ
مَعاذ َ سى وَ ُ مو َ م أَبا ُ سل َ ه عَلي ْهِ وَ َ صّلى الل ُ
ّ ل الل ّهِ َ سو ُ ث َر ُ ل :ب َعَ َ عَ ْ
نم ُ ل َوالي َ َ ْ ف َ-قا َ خل ٍ َ م ْ ما عَلى ِ َ من ْهُ َ حد ٍ ِ ل َوا ِ ثك ّ ُ ل :وَب َعَ َ ن َ ,قا َ ْ َ
م ِ ل إ ِلى الي َ َ جب َ ٍن َ بْ َ
حد ٍ ل َوا ِ ُ
فَرا َ ,فان ْطلقَ ك ّ َ َ َ
شَرا وَل ت ُن َ ّ سَرا ,وَب َ ّ سَرا وَل ت ُعَ ّ َ ل :يَ ّ م َقا َ ن -ثُ ّ خلَفا ِ َ م ْ ِ
َ َ ُ َ َ
ريًبا من ن قَ ِ ضهِ كا َ ساَر ِفي أْر ِ
َ
ما إ َِذا َ من ْهُ َ حد ٍ ِ ل َوا ِ نك ّ مل ِهِ ,وَكا َ ما إ ِلى عَ َ
َ
من ْهُ َ ِ
ه
حب ِ ِ صا ِ ريًبا من َ ضهِ قَ ِ مَعاذ ٌ ِفي أْر ِ ساَر ُ م عَلي ْهِ ,فَ َ َ سل َّ دا فَ َ ث ب ِهِ عَهْ ً حد َ َ حب ِهِ أ ْ صا ِ َ
ه ُ َ ن ؟ قا َ َ ْ ُ َ ّ قا َ َ َ َ
فوّق ُ ل :أت َ َ قْرآ َ قَرأ ال ُ ف تَ ْ ل َ :يا عَب ْد َ اللهِ ! كي ْ َ جاَء ف َ سى ,ف َ مو َ أِبي ُ
َ م أ َوّ َ قرأ ُ أ َنت يا معاذ ُ ؟ َقا َ َ
م وَقَد ْ ل فَأُقو ُ ل الل ّي ْ ِ َ
ل :أَنا ُ ف تَ ْ َ ْ َ َ ُ َ
َ
ل :فَك َي ْ َ فوًّقا َ ,قا َ تَ َ
َ َ َ ّ َ ُ ْ َ
بس ُ حت َ ِ ما أ ْ مِتي ك َ ب ن َوْ َ س ُ حت َ ِ ه ِلي فأ ْ ب الل ُ ما كت َ َ جْزِئي من الن ّوْم ِ ,فأقَرأ َ ت ُ ضي ْ ُ قَ َ
مِتي . قَوْ َ
عبد الله بن عمر :
دد ,كادت أن تكون له الخلفة فصانه الله المتعبد المتهجد المتتبع للثر المتش ّ
ل َنافِعٌ :دخل ابن عمر الكعبة فسمعته يقول وهو وحفظه من الفتن َ ,قا َ
ساجد :قد تعلم ما يمنعني من مزاحمةِ قريش على هذه الدنيا إل خوفك .
ت ابن عمر وأبا هريرة وأبا سعيد وغيرهم كانوا َ وعن سعيد بن جبير َقا َ
ل َ :رأي ْ ُ
يرون أنه ليس أحد منهم على الحال التي فارق عليها محمد صلى الله عليه
وسلم ؛ غير ابن عمر .
در له ,ثم يصير إلى س فيه ماء ,فيصلى ما قُ ّ مهَْرا ٌ وكان لعبد الله بن عمر ِ
طائر ,ثم يقوم فيتوضأ ,ثم يصلي ,ثم يرجع إلى فراشه فيغفى إغفاء ال ّ
طائر ,ثم يثب فيتوضأ ,ثم يصلي ,فيفعل ذلك في فراشه ,فيغفى إغفاء ال ّ
سا . الليلة أربع مرات ,أو خم ً
ُ ّ ُ ْ َ َ
ة
م ٍ جئَنا من كل أ ّ ف إ َِذا ِ وعن عبد الله بن عبيد بن عمير عن أبيه أنه تل } :فكي ْ َ
159
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
د{ ]سورة النساء [41 :فجعل ابن عمر يبكي حتى لصقت لحيته وجيبه شِهي ٍ بِ َ
من دموعه ,فأراد رجل أن يقول لبي :أقصر فقد آذيت الشيخ .
ُ َ ْ َ
م ُ
شعَ قلوب ُهُ ْ خ َن تَ ْ مُنوا أ ْ نآ َ ذي َ ن ل ِل ّ ِ م ي َأ ِ وعن نافع ,كان ابن عمر إذا قرأ } :أل َ ْ
ه{ ]سورة الحديد [16 :بكى حتى يغلبه البكاء . ل ِذِك ْرِ الل ّ ِ
طيقونه ,الوضوء ل :ل تُ ِ وقيل لنافع :ما كان يصنع ابن عمر في منزله َ ,قا َ
ل صلة ,والمصحف فيما بينهما . لك ّ
ل: عن حمزة بن عبد الله بن عمر عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما َقا َ
ن{ ]سورة آل عمران حّبو َ ما ت ُ ِ م ّ قوا ِ حّتى ت ُن ْفِ ُ ن ت ََناُلوا ال ْب ِّر َ ت هذه الية }:ل َ ْ ت َل َوْ ُ
ب إلي من جاريتي [3/92فذكرت ما أعطاني الله ت ََعاَلى ,فما وجدت شيًئا أح ّ
رضية ,فقلت :هي حرة لوجه الله عّز وجل ؛ فلول أني ل أعود في شيء
جعلته لله عز وجل لنكحتها ؛ فأنكحها نافع فهي أم ولده .
ن ابن عمر إذا اشتد عجبه بشيء من ماله قّربه لربه عّز كا َ لَ : عن نافع َقا َ
ل نافع :وكان رقيقه قد عرفوا ذلك منه ,فربما شمر أحدهم فيلزم وجل َ .قا َ
المسجد ؛ فإذا رآه ابن عمر رضي الله ت ََعالى عنه على تلك الحالةِ الحسنة َ
أعتقه فيقول :له أصحابه يا أبا عبد الرحمن ! والله ما بهم إل أن يخدعوك ,
ل نافع :فلقد دعنا له َ ,قا َ فيقول ابن عمر :فمن خدعنا بالله عز وجل تخ ّ
ل عظيم ؛ فلما ٍ بما أخذه قد رأيتنا ذات عشية وراح ابن عمر على نجيب له
أعجبه سيره أناخه مكانه ,ثم نزل عنه ,فقال :يا نافع انزعوا ِزمامه ورحله ,
وجللوه وأشعروه ,وأدخلوه في البدن .
ل :وما هو ؟ واِرش َ ,قا َ ج َ ل :لبن عمر أعمل لك َ وعن ابن سيرين أن رجًل َقا َ
طعام فأصبت منه سهل ,فقال :ما شبعت منذ أربعة ظك ال ّ ل :شيء إذا ك َ ّ َقا َ
ما يشبعون مرة , أشهر ,وما ذاك أن ل أكون له واجدا ,ولكن عهدت قو ً
ويجوعون مرة .
ذهبي :وأين مثل ابن عمر في دينه ,وورعه ,وعلمه ,وتألهه , ل ال ّ َقا َ
وخوفه ,من رجل تعرض عليه الخلفة فيأباها ,والقضاء من مثل عثمان
شام لعلي فيهرب منه ,فالله يجتبي إليه من يشاء ويهدي فيرده ,ونيابة ال ّ
إليه من ينيب .
عبد الله بن عباس :
م بالفقه سل َّ ه عَلي ْهِ وَ ََ ّ
صلى الل ُ ّ ي َ بدر الحبار ,والبحر الّزخار ,دعوة الن ّب ِ ّ
والتفسير .
مل :الل ّهُ ّ م وََقا َ سل ّ َ ه عَل َي ْهِ وَ َ صّلى الل ّ ُ ل الل ّهِ َ سو ُ مِني َر ُ ض ّلَ : س َقا َ ن عَّبا ٍ ن اب ْ ِ عَ ْ
ب. ه ال ْك َِتا َ م ُ عَل ّ ْ
َ
ت لَ ُ
ه ضعْ ُ خَلَء فَوَ َ ل ال ْ َ خ َ م دَ َ سل ّ َ ه عَل َي ْهِ وَ َ صّلى الل ّ ُ ي َ ن الن ّب ِ ّ سأ ّ ن عَّبا ٍ ن اب ْ ِ وع َ ْ
م فَ ّ ّ خب َِر ,فَ َ ُ
ن. دي ِه ِفي ال ّ قهْ ُ ل :اللهُ ّ قا َ ذا ؟ فَأ ْ ضعَ هَ َ ن وَ َ م ْ لَ : ضوًءا َ ,قا َ وَ ُ
)(8 /
ل :خطبنا ابن عباس وهو أمير على الموسم ,فافتتح سورة ل َقا َ وعن أبي وائ ٍ
الّنور ,فجعل يقرأ ويفسر ,فجعلت أقول :ما رأيت ول سمعت كلم رجل
مثل هذا ,لو سمعته فارس والّروم والترك ؛ لسلمت .
حبت ابن عباس من مكة إلى المدينة ,فكان إذا ص ِلَ : مليكة َقا َ عن ابن أبي ُ
ل قََرأ :
خِتياني كيف كانت قراءته ؟ َقا َ س ْ نزل قام شطر الليل ,فسأله أيوب ال ّ
حيد ُ { ]سورة ق [19 :ه تَ ِ
من ْ ُ
ت ِ ُ
ما كن ْ َ حقّ ذ َل ِ َ
ك َ ت ِبال ْ َ سك َْرةُ ال ْ َ
مو ْ ِ ت َ
جاَء ْ
}وَ َ
فجعل يرتل ,ويكثر في ذلك الّنشيج .
160
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
ل :صحبت ابن عباس من مكة إلى المدينة ,فكان عن ابن أبي مليكة َقا َ
قران حرًفا حرًفا ,ويكثر يصلي ركعتين ؛ فإذا نزل قام شطر الليل ويرتل ال ُ
في ذلك من الّنشيج والّنحيب .
شراك البالي ل :رأيت ابن عباس وأسفل من عينيه مثل ال ّ عن أبي رجاء َقا َ
من البكاء .
أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب :
يم وأخوه من الّرضاعة ,ولقد أحبه الن ّب ِ ّ سل ّ َ ه عَل َي ْهِ وَ َ صّلى الل ّ ُ ي َ م الن ّب ِ ّ ابن عَ ّ
م بعد طول عداء ؛ وشهد له بالجنة ,وقال :أرجو أن ّ
سل َ ه عَلي ْهِ وَ ََ صّلى الل ُ
ّ َ
فا من حمزة ,وقيل :إنه لم يرفع رأسه إلى رسول الله صلى الله يكون خل ً
عليه وسلم حياًء منه منذ أسلم .
ل :ل تبكوا علي فإني لم أتنطف بخطيئة منذ ولما احتضر أبو سفيان َقا َ
أسلمت .
صيف وعن سعيد بن المسيب :أن أبا سفيان بن الحارث كان يصلي في ال ّ
صلة ,ثم يصلي من الظهر إلى العصر . نصف النهار حتى تكره ال ّ
ت أبا سفيان يوم الطائف فأصبت عينه ّ مي ْ ُ َ َ
عن سعيد بن عبيد الثقفي قال َ :ر َ
َ َ
فأتى النبي فقال :هذه عيني أصيبت في سبيل الله ,قال :إن شئت دعوت
ل :الجنة . فَُرّدت عليك ,وإن شئت فالجنة َ ,قا َ
عبد الله بن رواحة :
صّلى الل ّ ُ
ه ي َ المتفكر عند نزول اليات المتصبر عند تناول الّرايات ,نعاه الن ّب ِ ّ
م يوم قتل ؛ وهو على منبره صلى الله عليه وسلم بالمدينة . سل ّ َ عَل َي ْهِ وَ َ
شام ؛ أتاه المسلمون لما أراد ابن رواحة الخروج إلى أرض مؤتة من ال ّ
ل :أما والله ما بي حب الدنيا , يودعونه فبكى ,فقالوا له :ما يبكيك ؟! َقا َ
ول صبابة لكم ,ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ هذه
ضّيا )] {(71سورة ق ِ م ْ ما َحت ْ ً ك َ ن عََلى َرب ّ َ ها َ
كا َ م إ ِل ّ َوارِد ُ َ من ْك ُ ْ ن ِ الية } :وَإ ِ ْ
صدور بعد الورود . مريم [71 :فقد علمت أني وارد النار ,ول أدري كيف ال ّ
وقيل تزوج رجل امرأة ابن رواحة ,فقال لها :تدرين لم تزوجتك ؟! لتخبريني
عن صنيع عبد الله في بيته ,فذكرت له شيًئا ل أحفظه غير أنها قالت :كان
إذا أراد أن يخرج من بيته صلى ركعتين ,وإذا دخل صلى ركعتين ؛ ل يدع ذلك
دا . أب ً
ث ابن رواحة ع
َ ََْ ُ بي ن َ
كا م ّ ل س و
ُ َ ْ ِ َ َ َ ه يَ ل ع ه ّ لال لى ّ ص
ِّ ّ َ ي ب ن ال أن يسار بن سليمان وعن
ذا ساِئهم ,فقالوا :هَ َ ن ن
ُ ِّ ِ ْ ِ َ م يا ل ح عوا م
َ َ ُ ج َ ف , ن ي َُهود ه وَب َي ْ َ خّرص ب َي ْن َ ُ خي َْبر ,فَي ُ َ إلى َ
ق الله ف عَّنا ,فقال :يا معشر يهود ! والله إنكم لمن أبغض َ ْ
خل ِ َ
ف ْ خ ّلك و َ
سحت ,فقالوا :بهذا حيف عليكم ,والّرشوة ُ ملي على أن أ ِ حا ِ إلي ,وما ذاك ب ِ َ
سماء والرض . قامت ال ّ
من ْك ُ ْ
م إ ِل ّ ن ِ ت هذه الية " :وَإ ِ ْ َ
ما ن ََزل ْ ل:ل َّ وعن بكر بن عبد الله المزني َقا َ
ها" ذهب عبد الله بن رواحة إلى بيته فبكى ,فجاءت امرأته فبكت , َوارِد ُ َ
وجاءت الخادم فبكت ,وجاء أهل البيت فجعلوا يبكون ,فلما انقطعت عبرته
كم ؟! قالوا :ل ندري ! ولكن رأيناك بكيت فبكينا , كا ُ ل :يا أهله ما الذي أ َب ْ َ َقا َ
ل :إ ِّنه أنزلت على رسول الله آية ُ ,ينبئني فيها ربي عز وجل أني وارد َقا َ
الّنار ,ولم ينبئني أني صادر عنها ,فذلك الذي أبكاني .
معه س ِ م وهو يخطب ,ف َ سل ّ َه عَل َي ْهِ وَ َ صّلى الل ّ ُ ي َ وإن عبد الله بن رواحة أتى الن ّب ِ ّ
وهو يقول :اجلسوا فجلس مكانه خارج المسجد ؛ حتى فرغ من خطبته ,
عية طوا ِ صا عََلى َ حْر ً ل َ :زاَدك الله ِ قا َ م ,فَ َ سل ّ َ ه عَل َي ْهِ وَ َ صّلى الل ّ ُ ي َ فبلغ ذلك الن ّب ِ ّ
الله ورسوله .
161
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
ن أَ َ
خذ َ الّراية يومئذ : حي َ
ل ِ وإن عبد الله بن رواحة َقا َ
س ل َت َن ْزِل َّنه َ
ف ُ ت َيا ن َ ْ م ُ س ْ أقْ َ
ة أ َوْ iiل َت ُك ْرِهَّنه طائ ِعَ ً َ
َ
دوا الّرّنه ش ّ ب الّناس وَ َ جل َ َ نأ ْ إِ ْ
َ
جّنهن iiال ْ َ هي َ ك ت َك َْر ِ ما ِلي أَرا ِ َ
مئ ِّنه مط َْ ت
ْ ْ ِ ُ نُ ك د َ ق ماَ َ ل طا َ قَ ْ
د
شّنه ة ِفي َ ف ٌ ت إ ِّل ن ُط ْ َ َ هَ ْ
ل أن ْ ِ
ضا :ل ابن إسحاق وقال أي ً َقا َ
موِتي قت َِلي iiت َ ُ س إ ِل ت ُ ّْ ف ُ َيا ن َ ْ
تقي ِ َ
ت قَد ْ ل ِ موْ ِ ْ
م ال َ ما ُ ح َ ذا ِ هَ َ
ت ُ ت فَ َ
طي ِ قد ْ iiأعْ ِ من ّي ْ ِ ما ت َ َ وَ َ
ت دي ِ ما iiهُ ِ َ
فعَِلي فِعْلهُ َ ن تَ ْ إِ ْ
ت قد ْ َ ii ت فَ َ َ
قي ِ ش ِ خْر ِ ن ت َأ ّ وَإ ِ ْ
دا رضي الله عنهما ,ثم أخذ سيفه فتقدم فقاتل حتى ُقتل . ُيريد جعفًرا وزي ً
)(9 /
شد ّ بهذا صلبك فإنك قد وقبل أن ينزل أتاه ابن عمه بعظم من لحم ,فقال ُ :
لقيت من أيامك هذه ما قد لقيت ,فأخذه من يده ثم انتهش منه نهشة ,ثم
سمع الحطمة في ناحية الّناس ,فقال :وأنت في الدنيا ,ثم ألقاه من يده ثم
أخذ سيفه ؛ فتقدم فقاتل حتى قتل رضي الله ت ََعاَلى عنه .
تميم بن أوس الداري :
ب اّلذين َ
س َ ح ِ م َ ة حتى أصبح أو كاد يقرأ آية يرددها ويبكي } :أ ْ صلى ليل ً
َ
م
حَياهُ ْ م ْ واًء َ س َ ت َ حا ِ صال ِ َ مُلوا ال ّ مُنوا وَعَ ِ نآ َ ذي َ كال ّ ِ م َ جعَل َهُ ْ ن نَ ْ تأ ْ سي َّئا ِ حوا ال ّ جت ََر ُ ا ْ
ن )] {(21سورة الجاثية [21 : مو َ حك ُ ُ ما ي َ ْ ساَء َ م َ مات ُهُ ْ م َ وَ َ
عائشة رضي الله عنها :
صديقة بنت الصديق ,أفقه نساء المة على الطلق ,المبرأة من كل عيب ال ّ
ونقص رضي الله عنها .
َ ّ عَ َ
ي
ن عَل ّ ن ي َكو ُُ ل :كا ََ قو ُ ه عَن َْها ت َ ُ ي الل ُ ض َ ة َر ِ ش َ عائ ِ َ ت َ معْ ُ س ِ لَ : ة َقا َ م َ سل َ َ ن أِبي َ ْ
ي ب ن ال من ل ُ ْ غ شّ ال , ن با ع شَ في ل ّ إ ي ض ْ ق الصوم من رمضان ,فَما أ َستطيع أ َن أ َ
ّ ِ ّ َ َ ْ ِ َ ِ ِ ْ ُ ِ َ ْ َ َ َ َ َ ُ ْ ّ
َ َ
كان َِها م َ ك لِ َ ن ذ َل ِ َ تأ ّ م .وقال أحد الرواة :فَظ َن َن ْ ُ سل ّ َ ه عَل َي ْهِ وَ َ صّلى الل ّ ُ ي َ أوْ ِبالن ّب ِ ّ
م. سل ّ َ ه عَل َي ْهِ وَ َ صّلى الل ّ ُ ي َ من الن ّب ِ ّ
دهر . م كانت تصوم ال ّ سل َ ّ ه عَلي ْهِ وَ َ َ ّ
صلى الل ُ ّ ي َ فلما ُتوفي الن ّب ِ ّ
ن ك ُّنا ل َن َن ْظ ُُر إ َِلى إ : تها خ ُ أ ن ب ا ة و ر ع ل ت َ ل قاَ ها ن َ أ ها ن ع ه ّ ل ال ي عائ ِ َ
ِ ْ ْ ِ ُ ْ َ َ ْ َ ْ ِ ُ ََْ َّ ض َ ة َر ِ ش َ ن َ عَ ْ
َ ُ َ
ل الل ّ ِ
ه سو ِ ت َر ُ ت ِفي أب َْيا ِ ما أوقِد َ ْ ن ,وَ َ شهَْري ْ ِ ة أهِل ّةٍ ِفي َ ل ,ث ََلث َ َ م ال ْهَِل ِ ل ,ثُ ّ ال ْهَِل ِ
ت: م ؟ َقال َ ْ شك ُ ْ ن ي ُِعي ُ كا َ ما َ ة! َ خال َ ُ ت َ :يا َ قل ْ ُ م َناٌر ,فَ ُ سل ّ َ ه عَل َي ْهِ وَ َ صّلى الل ّ ُ َ
ّ َ ّ ّ ّ َ ّ ْ َ
م ل
ْ ِ َ َ َس و ه ي ل َ ع ه
ُ ل ال لى ص
ِ َ ه لال ل
َ َ ُ ِسو ر ِ ل ن َ
كا د َ
ِ ّ ُ ْ ق ه ن أ ل إ ؛ ُ ء ما ّ ْ ُ َ َ ل وا ر م ت ال : ن اْ ْ َ َ ِ
دا و س ل
هّ ّ ّ سو َ ح ,وَ َ َ صارِ َ , َ ْ
صلى الل ُ ل اللهِ َ ن َر ُ حو َ من َ ُ كاُنوا ي َ ْ مَنائ ِ ُ م َ ت لهُ ْ كان َ ْ ن من الن ْ َ جيَرا ٌ ِ
قيَنا . َ ْ َ ّ َ
س ِ ْ َ ي ف م
ِ ْ ه ِ ن با َ ل أ ن
ْ م
ِ م
َ َ َ ل س و ِ ه ْ ي ل َ ع
فا ,وهي ترقع درعها ل :كانت عائشة تقسم سبعين أل ً عن عروة بن الزبير َقا َ
.
ل في غرارتين ,يكون مائة عن أم ذ َّرة قالت :بعث ابن الزبير إلى عائشة بما ٍ
ألف ,فدعت بطبق ؛ فجعلت تقسم في الّناس ,فلما أمست قالت :هاتي يا
طوري ,فقالت أم ذرة :يا أم المؤمنين ! أما استطعت أن تشتري لنا جارية فَ ُ
162
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(10 /
ل :دخلت أنا وعبد الله بن الزبير على أسماء قبل قتل عروة بن الزبير َقا َ عن ُ
ة ,فقال عبد الله :كيف تجدينك قالت : جعَ ٌ ابن الزبير بعشرِ ليال ,وإنها وَ ِ
شت َِهي موتي فلذلك ن في الموت لعافية .قالت :لعلك ت َ ْ ل :إِ ّ وجعة َ ,قا َ
تتمناه ؟! فل تفعل ! فالتفتت إلى عبد الله فضحكت ,وقالت :والله ما
قَتل فأحتسبك ,وإما أشتهي أن أموت حتى يأتي على أحد طرفيك :إما أن ت ُ ْ
أن تظفر فتقر عيني عليك ,وإياك أن تعرض خطة فل توافق ,فتقبلها كراهية
قَتل فيحزنها ذلك -وكانت ابنة مائة سنة . الموت ,وإنما عني ابن الزبير أن ي ُ ْ
ولما ُقتل وصلب كانت صابرةً محتسبة ,ولم تخش من صولة الحجاج وبطشه
,بل واجهته بما ل يحب .
َ ْ َ ّ َ عَ َ
ت جعَل ْ دين َةِ ,فَ َ م ِ قب َةِ ال َ ن الّزب َي ْرِ عَلى عَ َ ت عَب ْد َ اللهِ ب ْ َ ل َ :رأي ْ ُ ل َقا َ ن أِبي ن َوْفَ ٍ ْ
ت أ َِبي ب َك ْرٍ , ماَء ب ِن ْ ِ َ س
ْ
ل ال ْحجاج إَلى أ ُمه أ َ
ِ ّ ُ ّ َ َ س
َ ر قُريش تمر عَل َيه والناس ..ث ُم أ َ
ّ ْ ُ ّ ِ ْ ُ َ ْ
ك َ َ
ِ
ل ل َت َأ ْت ِي َّني أ َو َل َ َ َ فَأ َ َبت ٌأ َن ت ّأ ْتيه ,فَأ َ َ
حب ُ ِ س َ
ن يَ ْ ْ م
َ ك ِ ْ ي ل إ
ّ ِ ن ث َ ع ْ ب ْ سو ُ ر ّ ال ها
َ ْ ي ل َ ع َ د عا
َ ُ َ ِ َ َ ْ ْ
َ َ َ ّ َ َ
قُروِني : حب ُِني ب ِ ُ س َ ن يَ ْ م ْ ي َ ث إ ِل ّ حّتى ت َب ْعَ َ ت َ :واللهِ ل آِتيك َ ت ,وََقال ْ ك ,فَأب َ ْ قُرون ِ ِ بِ ُ
َ
ل عَلي َْها ,فَ َ َ َ َ َ َ
ل: قا َ خ َ حّتى د َ َ ف َ م ان ْطلقَ ي َت َوَذ ّ ُ خذ َ ن َعْلي ْهِ ث ُ ّ ي فَأ َ سب ْت َ ّ ل :أُروِني ِ قا َ فَ َ
ْ َ َ ْ َ َ َ َ َ ّ َ ك َي ْ َ
سد َ ت عَلي ْهِ د ُن َْياه ُ ,وَأف َ سد ْ َ ت َ :رأي ْت ُك أف َ ت ب ِعَد ُوّ اللهِ ؟ قال ْ صن َعْ ُ ف َرأي ْت ِِني َ
َ َ
ت ن ! أَنا َوالل ّهِ َذا ُ ت الن ّطاقَي ْ ِ
َ ن َذا ِ ه َيا اب ْ َ ل لَ ُ قو ُ ك تَ ُ ك .ب َل َغَِني أن ّ َ خَرت َ َ كآ ِ عَل َي ْ َ
163
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
َ طاقَين ,أ َ َ
ه عَل َي ْهِ صّلى الل ّ ُ ل الل ّهِ َ سو ِ م َر ُ ت أْرفَعُ ب ِهِ ط ََعا َ ما :فَك ُن ْ ُ حد ُهُ َ ما أ َ ّ ْ ِ
الن ّ َ
مْرأةِ ال ِّتي َل َ َ َ
طاقُ ال ْ َ خُر :فَن ِ َ ما اْل َ ب ,وَأ ّ م أِبي ب َك ْرٍ من الد َّوا ّ م وَط ََعا َ سل ّ َ وَ َ
ف َ َ َ ّ َ ّ ّ ّ َ َ
قي ٍ ن ِفي ث ِ حد ّثَنا :أ ّ م َ سل َ ه عَلي ْهِ وَ َ صلى الل ُ سول اللهِ َ ن َر ُ ما إ ِ ّ ه,أ َ ست َغِْني عَن ْ ُ تَ ْ
ّ ُ َ ْ َ َ َ ْ ذابا ومبيرا .فَأ َ
م عَن َْها َ قاَ َ ف , ه يا
ِ ِّ ُ إ ل إ كَ ل خاِ َ إ ل َ ف ر بي
ُ ِ ُ م ل ا ما أ و
ُ َ َْ ُ َ ّ , ه نا ي أ ر َ ف ب ذا ّ ك ل ا ماّ كَ ّ ً َ ُ ِ ً
جعَْها . م ي َُرا ِ وَل َ ْ
َ
ن الّزبير ب اب ْ ُ صل ِ َ ن ُ حي َ ك ِ جد -وَذ َل ِ َ س ِم ْ حيةِ ال ْ َ ماَء ِفي َنا ِ س َ نأ ْ عمر :إ ِ ّ ن ُ ل ِلب ْ ِ وَِقي َ
َ َ ْ ل إ ِلي َْها ,فَ َ َ
عن ْد َ الله , ح ِ ما الْرَوا ُ شيٍء ,وَإ ِن ّ َ ت بِ َ س ْ ث لي ْ َ جث َ ُ ذه ال ُ ن هَ ِ ل :إِ ّ قا َ ما َ -ف َ َ
ن َزك َرِّيا ُ َ
حيى ب ْ ِ س يَ ْ دي َرأ ُ من َعُِني وَقَد ْ أهْ ِ ما ي َ ْ ت:و َ قال ْ ري ,فَ َ صب ِ ِ قي الله َوا ْ َفات ّ ِ
سَراِئيل . ن ب ََغايا ب َِني إ ِ ْ م ْ إ َِلى ب َِغي ِ
وقد جاءت أسماء حتى وقفت عليه ؛ فدعت له طويل ,ول يقطر من عينها
دمعة ,ثم انصرفت رضي الله عنها ,وماتت بعده بليال .
وامة قوامة ,ل تفتر من العبادة حتى ماتت . ص ّ وكانت رضي الله عنها َ
َ
ه عَلي َْنا ّ
ن الل ُ م ّ ل :دخلت على أسماء وهي تقرأ } :فَ َ عن عّباد بن حمزة َقا َ
ل :فوقفت عليها ؛ َ
موم ِ )] {(27سورة الطور [27 :قا َ س ُ ب ال ّ ذا َ وَوََقاَنا عَ َ
سوق فقضيت حاجتي ؛ ثم ل عَّباد :فذهبت إلى ال ّ فجعلت تستعيذ وتدعو َ ,قا َ
رجعت وهي فيها بعد تستعيذ وتدعو .
عمر بن عبد العزيز :
مته في الفضل ,ونجيب عشيرته في العدل ,جمع أمير المؤمنين كان أوحد أ ّ
عا وكفاًفا ,شغله آجل العيش عن عاجله ,كان رحمه الله دا وعفاًفا وور ً زه ً
ما . ما حكي ً دا مفه ً ما عاب ً للرعية أمًنا وأماًنا ,كان عال ِ ً
واقة ,لم تعط من ذه ت َ ّ سي هَ َ ف ِ ن نَ ْ مُر :إ ِ ّ ل عُ َ ل َ :قا َ عن جويرية بن أسماء َقا َ
ُ
ما أعطيت الخلفة التي ل شيء الدنيا شيًئا إل تاقت إلى ما هو أفضل منه ,فل ّ
أفضل منها ,تاقت إلى ما هو أفضل منها !! أي -الجنة أفضل من الخلفة .
وكان رحمه الله قد اجتهد بالعبادة حتى أصبح ل ُيغاَلب عليها .
صور أبو أمية خادم عمر بن عبد العزيز :رأيت عمر بن عبد العزيز من ْ ُ ل َ َقا َ
فط في كوة ,مفتاحه في إزاره ,فكان يتغفلني ,فإذا س ْ رضي الله عنه وله َ
سفط فأخرج منه جبية شعر ورداء شعر ؛ فصلى نظر إلي قد نمت ؛ فتح ال ّ
فيهما الليل ك ُّله ,فإذا نودي بالصبح نزعهما .
صّله م َ وقالت فاطمة امرأة عمر بن عبد العزيز :أنها دخلت عليه فإذا هو في ُ
يده على خده سائلة دموعه :فقالت :يا أمير المؤمنين أشيء حدث ؟!
ل :يا فاطمة إني تقّلدت أمر أمة محمد صلى الله عليه وسلم ,فتفكرت َقا َ
ضائع ,والعاري المجهود ,والمظلوم المقهور , في الفقير الجائع والمريض ال ّ
والغريب المأسور ,والكبير ,وذي العيال في أقطار الرض ,فعلمت أن ربي
سيسألني عنهم ,وأن خصمهم دونهم محمد صلى الله عليه وسلم ,فخشيت
أل تثبت لي حجة عند خصومته ! فرحمت نفسي ؛ فبكيت .
وكان رحمه الله عفيف الّنفس ,أجهد نفسه وضّيق عليها ؛ حتى كان حاله
ل من عامة المسلمين . كحال أي رج ٍ
)(11 /
ل :كان لعمر بن عبد العزيز غلم يعمل على بغل عن أبي عثمان الثقفي َقا َ
ما بدرهم ونصف ,فقال :ما بدالك ؟ فقال ل يوم ٍ ,فجاءه يو ً له يأتيه بدرهم ك ُ ّ
ل :ل ولكنك أتعبت البغل ,أرحه ثلثة أيام . سوق َ ,قا َ :نفقت ال ّ
س الجمعة ؛ ثم جلس وعليه قميص مرقوع ّ
صلى عمر بن عبد العزيز بالّنا ِ
164
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
ن الله قد الجيب من بين يديه ومن خلفه ,فقال له رجل :يا أمير المؤمنين إ ِ ّ
أعطاك ؛ فلو لبست ,فقال :أفضل القصد عند الجدة ,وأفضل العفو عند
المقدرة .
حا ,فقال :لو أن عندنا شيئا من ً تفا عمر هى ََ ت ْ
ش ا : َ
ل قا َ مهاجر بن عمرو وعن
ما جاء به حا ,فل ّ تفاح ,فإنه طيب ,فقام رجل من أهله فأهدى إليه تفا ً
ل :ما أطيبه وأطيب ريحه وأحسنه ,ارفع يا غلم واقرأ على الّرسول َ ,قا َ
ل عمرو سلم ,وقل له :إن هديتك قد وقعت عندنا بحيث تحب َ ,قا َ فلن ال ّ
بن مهاجر :فقلت له يا أمير المؤمنين :ابن عمك رجل من أهل بيتك ,وقد
م كان يأكل الهدية ,ول يأكل الصدقة , سل ّ َ
ه عَل َي ْهِ وَ َ صّلى الل ّ ُ ي َ بلغك أن الن ّب ِ ّ
وة . ش َن الهدية كانت للنبي صلى الله عليه وسلم هدية ,وهي لنا رِ ْ ل :إِ ّ َقا َ
وكان رحمه الله متواضًعا لم تغيره الخلفة ,بل زادته حسًنا ,وديًنا ,وتواضًعا
.
سراج ل :سمرت ليلة عند عمر بن عبد العزيز فاعتل ال ّ فعن رجاء بن حيوة َقا َ
,فذهبت أقوم أصلحه ؛ فأمرني عمر بالجلوس ثم قام فأصلحه ثم عاد
فجلس ,فقال :قمت وأنا عمر بن عبد العزيز ,وجلست وأنا عمر بن عبد
فه . ضي ْ َ م بالرجل إن استخدم َ العزيز ,ولؤ ٌ
ومن حلمه وسعة صدرة ملطفته لشاعر يقول الرفث .
فقد أتى فتيان إلى عمر بن عبد العزيز وقالوا :إن أبانا توفي وترك مال عند
ل أنت القائل : ما دخل َقا َ عمنا حميد المجي ,فأحضره عمر فل ّ
شربت ال ْمدام فَل َ ُ
م أقْل ِ ْ
ع ْ ُ َ َ َ ِْ ُ
َ َ
ع
م ْ س َ م iiأ ْ ت ِفيَها فَل ْ عوت ِب ْ ُ وَ ُ
َ ّ
ج َiiداُرهُ م ٌ ذي أ َ مي ْد ُ ال ِ ح َ ُ
صلعَ ْ
شي ْب َةِ ال َ مرِ ُذو ال ّ خ ْ ْ
خو ال َ أَ ُ
ب عََلى ُ ii َ
شْرب َِها شي ُ م ِ أَتاهُ ال ْ َ
م iiي َن َْزع ما فَل َ ْ ري ً ن كَ ِ كا َ وَ َ
دك ,إنك أقررت بشرب الخمر , َ ل :نعم َ ,قا َ َقا َ
ل :ما أراني إل سوف أح ّ
ل :إيهات ! أين ُيذهب بك ؟ ألم تسمع الله يقول : وأنك لم تنزع عنها َ ,قا َ
َ َ َ
ن )(225 مو َ
ل َواد ٍ ي َِهي ُ ُ
م ِفي ك ّم ت ََر أن ّهُ ْ ن ) (224أل ْ م ال َْغاُوو َ شعََراُء ي َت ّب ِعُهُ ْ }َوال ّ
ن ) ] { (226سورة الشعراء [ 226-224 :فقال : ُ ُ َ
فعَلو َ ما ل ي َ ْ ن َ قولو َ م يَ ُ وَأن ّهُ ْ
أولى لك يا حميد ! ما أراك إل قد أفلت ,ويحك يا حميد كان أبوك رجًل
ل :أصلحك الله وأينا يشبه أباه ,كان أبوك رجل صالحا ,وأنت رجل سوء َ ,قا َ
ل :إن هؤلء زعموا أن أباهم توفي وترك مال سوء ,وأنت رجل صالح َ ,قا َ
ل :صدقوا وأحضره بختم أبيهم ,وقال :أنفقت عليهم من مالي , عندك َ ,قا َ
ل :ما أحد أحق أن يكون هذا عنده منك ,فقال :أيعود إلي وهذا مالهم َ ,قا َ
وقد خرج مني ؟!.
دار ول يدري ما ,فبكت فاطمة ,فبكى أهل ال ّ وبكى عمر بن عبد العزيز يو ً
هؤلء ما أبكى هؤلء ,فلما تجلى عنهم العبر ,قالت له فاطمة :بأبي أنت يا
منصرف القوم من بين ل :ذكرت يا فاطمة ُ أمير المؤمنين ! مم بكيت ؟! َقا َ
ل :ثم صرخ يدي الله عز وجل ,فريق في الجنة وفريق في السعير َ ,قا َ
وغشي عليه .
قالت فاطمة امرأة عمر بن عبد العزيز :إنه قد يكون في الّناس من هو أكثر
ما من عمر بن عبد العزيز ,وما رأيت أحدا أشد فرقا من ربه صلة وصيا ً
منه ,كان إذا صلى العشاء قعد في مسجده ؛ ثم يرفع يديه فلم يزل يبكي
حتى تغلبه عينه ,ثم يتنبه فل يزال يدعو رافًعا يديه يبكي حتى تغلبه عينه ,
165
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(12 /
مسلم الخولني في سا من أهل دمشق أتوا أبا ُ عن عطية بن قيس :أن أنا ً
منزله ؛ وكان غازًيا بأرض الّروم فوجدوه قد احتفر في فسطاطه حفرة ,
ووضع في الحفرة نطًعا وأفرغ ماًء فهو يتصلق فيه وهو صائم ,فقال له النفر
خص الله ت ََعاَلى لك الفطر في صيام وأنت مسافر ,وقد َر ّ ما يحملك على ال ّ
سفر والغزو ,فقال :لو حضر قتال أفطرت ؛ وتقويت للقتال ,إن الخيل ل ال ّ
ما لها دنى ,إنما تجري وهي ضمرات ,إن بين أيدينا أيا ً تجري الغايات وهي ب ُ ْ
نعمل .
وكان رحمه الله يجتهد في العبادة ,حتى كان ُيكلف نفسه فوق ما تريد .
سِلم الخولني أن عَّلق م ْل :كان من أمر أبي ُ عن عثمان بن أبي العاتكة َقا َ
سوط من الدواب ,فإذا دخلته فترة طا في مسجده ,ويقول :أنا أولى بال ّ سو ً
طا أو سوطين ,وكان يقول :لو رأيت الجنة عياًنا ما كان مشق ساقه سو ً
عندي مستزاد ,ولو رأيت النار عياًنا ما كان عندي مستزاد .
وقد جاء رجلن إلى أبي مسلم فلم يجداه في منزله ,فأتيا المسجد فوجداه
يركع فانتظراه ,فأحصى أحدهما أنه ركع ثلث مائة ركعة .
ل أبو مسلم :يا أم مسلم سوي رحلك ل َ :قا َ وعن سليمان بن يزيد العدوى َقا َ
؛ فإنه ليس على جهنم معبرة .
وقيل :ألقاه السود العنسي الكذاب في النار ,فخرج منها ناجيا سالما رحمه
الله .
ل :بينا السود العنسي باليمن فأرسل إلى أبي عن شرحبيل الخولني َقا َ
دا صلى الله عليه وسلم رسول الله ؟ مسلم ,فقال له :أتشهد أن محم ً
ل :نعمَقا َ
ل :ما أسمع ! ل :فتشهد أني رسول الله ؟ َقا َ َقا َ
جت ,وطرح فيها أبو مسلم ,فلم تضره . ُ َقا َ
ج َ
ل :فأمر بنار عظيمة فأ ّ
فقال له أهل مملكته :إن تركت هذا في بلدك أفسدها عليك ؛ فأمره
بالّرحيل فقدم المدينة ,وقد قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ,
واستخلف أبو بكر ,فعقل راحلته على باب المسجد ,وقام إلى سارية من
سواري المسجد يصلي إليها ,فبصره به عمر ابن الخطاب رضي الله ت ََعاَلى
ل :فما فعل عدو ن اليمن َ ,قا َ م ْ لِ : عنه ,فأتاه فقال :من أين الرجل ؟ َقا َ
ل :ذاك عبد الله بن ثوب َ ,قا َ
ل الله بصاحبنا الذي حّرقه بالّنار فلم تضره ؟ َقا َ
166
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
ل :فقبل ما بين عينيه ,ثم جاء ل :الّلهم نعم َ ,قا َ َ :نشدتك بالله أنت هو ؟ َقا َ
به حتى أجلسه بينه وبين أبي بكر ,وقال :الحمد لله الذي لم يمتني من
الدنيا حتى أراني في أمة محمد صلى الله عليه وسلم من فعل به كما فعل
بإبراهيم خليل الرحمن عليه السلم .
دادين اّلذين مدوا من ما من الم ّ ماعيل :فأنا أدركت قو ً س َل إِ ْل الحوطي َ :قا َ َقا َ
اليمن ,يقولون لقوم من عنس :صاحبكم الذي حّرق صاحبنا بالّنار فلم
تضره .
وربما وصل به المر إلى معارضة الخليفة نفسه ,فيحلم عليه ,ويصبر ؛
ة لله . لعلمه أنه يفعل ذلك حسب ً
عن أبي مسلم الخولني ,أن معاوية بن أبي سفيان خطب الّناس ,وقد
حبس العطاء شهرين أو ثلثة ,فقال له أبو مسلم :يا معاوية إن هذا المال
ليس بمالك ول مال أبيك ول مال أمك ,فأشار معاوية إلى الّناس أن امكثوا ,
ونزل فاغتسل ثم رجع ,فقال :أيها الّناس إن أبا مسلم ذكر أن هذا المال
ليس بمالي ول بمال أبي ول أمي وصدق أبو مسلم ,إني سمعت رسول الله
شيطان من النار , شيطان ,وال ّ صلى الله عليه وسلم يقول :الغضب من ال ّ
والماء يطفىء النار ,فإذا غضب أحدكم فليغتسل ,أغدوا على عطاياكم على
بركة الله عز وجل .
صلة ابن أشيم :
كان من العّباد ,والمجاهدين المحتسبين ,زوج العالمة العابدة ,معاذة
العدوية .
قالت معاذة العدوية :ما كان صلة يجيء من مسجد بيته إلى فراشه إل
صلة . فتر في ال ّ وا ,يقوم حتى ي َ ْحب ً
جنا في غزوةِ إلى كابل , خَر ْ
لَ : وعن حماد بن زيد العبدي ,أن أباه أخبره َ ,قا َ
ل :فترك الّناس عند العتمة ثم اضطجع , وفي الجيش صلة بن الشيم َ ,قا َ
فالتمس غفلة الّناس ,حتى إذا قلت هدأت العيون ,وثب فدخل ِغيضة قريًبا
ل :وجاء أسد ٌ حتى منه ,ودخلت في إثره ,فتوضأ ثم قام يصلي فافتتح َ ,قا َ
ل :أفتراه التفت إليه أو عذبه حتى سجد , دنا منه ,فصعدت في شجرة َ ,قا َ
سبع ,سّلم ,فقال :أيها ال ّ فقلت :الن يفترسه ,فل شيء ! فجلس ثم َ
اطلب الرزق من مكان آخر ؛ َفوّلى وإن له زئير ,أقول :تصدع الجبال منه ,
فما زال كذلك يصلي حتى إذا كان عند الصبح ,جلس فحمد الله بمحامد لم
ل :اللهم إني أسألك أن تجرني من النار , أسمع بمثلها إل ما شاء الله ,ثم َقا َ
أو مثلي يجترئ أن يسألك الجنة ,ثم رجع فأصبح ,كأنه بات على الحشايا ,
وأصبحت وبي من الفترة شيء الله به عليم .
وقد ضرب أعظم المثل في الصبر ,والحتساب رحمه الله .
صَلة بن أشيم كان في مغزى له ومعه ابن له , ن ِ ل :إِ ّعن ثابت البناني َقا َ
فقال :أي بني تقدم فقاتل حتى أحتسبك ,فحمل فقاتل حتى قتل ,
فاجتمعت الّنساء عند امرأته معاذة العدوية ,فقالت :مرحًبا إن كنتن جئتن
لتهنئنني ! فمرحًبا بكن ,وإن كنتن جئتن لغير ذلك فارجعن .
)(13 /
167
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
لحد حتى يفرغ كل واحد من صاحبه ,فقال له عبد الله :يا أبا يزيد لو رآك
رسول الله صلى الله عليه وسلم لحبك ,وما رأيتك إل ذكرت المخبتين .
وكان رحمه الله عظيم الصبر ,سريع الحتساب .
خث َْيم يوما فلما انتهى إلى مسجد قومه ,قالوا له :يا ربيع لو خرج الربيع بن ُ
قَعد ,فجاء حجر فشجه ,فقال :فمن جاءه ل :فَ َ قعدت فحدثتنا اليوم َ ,قا َ
موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف .
ضعفاء وكان الّربيع إذا قيل له :كيف أصبحت يا أبا يزيد ؟ يقول :أصبحنا ُ
مذنبين ,نأكل أرزاقنا ,وننتظر آجالنا .
وكان رحمه الله عظيم التأثر ,سريع العتبار .
خث َْيم عشرين سنة ,أنه ما ل إبراهيم التيمي :حدثني من صحب ربيع بن ُ َقا َ
تكلم بكلم منذ عشرين سنة ,إل بكلمة تصعد ,وما سمع منه كلمة عتاب .
شقه ؛ يهادي بين رجلين إلى مسجد قومه ,وكان ط ِ ق َ س َ وكان الّربيع بعدما َ
أصحاب عبد الله يقولون :يا أبا يزيد ,لقد رخص الله لك ,لو صليت في
بيتك ؟! فيقول :إنه كما تقولون ,ولكني سمعته ينادي حي على الفلح ,
فا ,ولو حبوا. فمن سمع منكم ينادي حي على الفلح ؛ فليجبه ,ولو زح ً
خث َْيم تنادي ابنها الربيع ,فتقول :يا بني ! يا ربيع ! أل وكانت أم الربيع بن ُ
ماه من جن عليه الليل وهو يخاف البيات ؛ حق له أن ل تنام ؟! فيقول :يا أ ّ
سهر نادته ,فقالت :يا بني ما بلغ ورأت ما يلقى من البكاء ,وال ّ ينام ,فل ّ
لعلك قتلت قتيًل ؟ فقال :نعم يا والدة ,قد قتلت قتيًل ,قالت :ومن هذا
القتيل يا بني حتى ُيتحمل على أهله فيعفون ؟ والله لو يعلمون ما تلقى من
سهر بعد ؛ لقد رحموك ,فيقول :يا والده ! هي نفسي . البكاء ,وال ّ
وقالت ابنة الربيع للربيع :يا أبت لم ل تنام والناس ينامون ؟ فقال :إن
البيات في النار ؛ ل يدع أباك أن ينام .
ل: ظروني فتفكر ثم َقا َ َ خث َْيم :أل ندعوا لك طبيًبا ؟! َقا َ
ل :أن ْ ِ قيل للربيع ابن ُ
َ
ن ذ َل ِك كِثيًرا " َقا َ َ َ
ل :فذكر حرصهم س وَقُُروًنا ب َي ْ َ ب الّر ّ حا َ ص َ مود َ وَأ ْ عاًدا وَث َ ُ" وَ َ
دنيا ورغبتهم ,وما كانوا فيها ,وقال :قد كانت فيهم أطباء ,وكان على ال ّ
فيهم مرضى ,فل أرى المداوي بقى ,ول أرى المداوى ,وأهلك الّناعت
والمنعوت ,ل حاجة لي فيه .
خثْيم , َ ل :خرجنا مع عبد الله بن مسعود ,ومعنا الّربيع بن ُ عن أبي وائل َقا َ
فمررنا على حداد ,فقام عبد الله ينظر إلى حديدة في الّنار ,فنظر ربيع إليها
فَرات ؛ فتمايل ليسقط ,فمضى عبد الله حتى أتينا على أتون على شاطئ ال ُ
م َ َ
نكا ٍ ما رأى عبد الله والنار تلتهب في جوفه قرأ هذه الية }إ َِذا َرأت ُْهم من َ فل ّ
وا م َ ُ
ظا وََزِفيًرا ) (12وَإ َِذا أل ْ ُ مُعوا ل ََها ت َغَي ّ ً
ن د َعَ ْ قّرِني َم َقا ُ ضي ّ ًكاًنا َ من َْها َ قوا ِ س ِب َِعيد ٍ َ
ل :فصعق الّربيع ؛ ك ث ُُبوًرا ) ] { (13سورة الفرقان َ [ 13-12 :قا َ هَُنال ِ َ
ل :ثم َرابطه إلى المغرب فلم يفق ,ثم إنه فاحتملناه فجئنا به إلى أهله َ ,قا َ
أفاق ؛ فرجع عبد الله إلى أهله .
خث َْيم ذات ليلة ,فقام ت عند الّربيع بن ُ ل :بِ ّ وعن عبد الرحمن بن عجلن َقا َ
ّ َ َ ّ َ
ن
ذي َم كال ِ َ جعَلهُ ْن نَ ْ تأ ْ سي َّئا ِ حوا ال ّ جت ََر ُ ب الذين ا ْ س َ ح ِ م َ صّلي فمر بهذه الية } :أ ْ يُ َ
ن ){ (21 مو َ حك ُُ ما ي َ ْساَء َ م َ مات ُهُ ْ م َ م وَ َ حَياهُ ْم ْ واًء َ س َت َ حا ِ صال ِ َملوا ال ّ ُ مُنوا وَعَ ِ آ َ
] سورة الجاثية [ 21 :
فمكث ليلته حتى أصبح ,ما جاوز هذه الية إلى غيرها ببكاٍء شديد .
وكان الّربيع يقول :أكثروا ذكر هذا الموت الذي لم تذوقوا قبله مثله ,ولما
احتضر الربيع ؛ بكت ابنته ,فقال :يا بنية ,لم تبكين ؟ قولي :يا بشراي أتى
الخير .
168
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(14 /
ل الصمعي :دخل عطاء بن أبي رباح على عبد الملك ,وهو جالس على َقا َ
سرير ,وحوله الشراف ,وذلك بمكة في وقت حجه في خلفته ,فلما بصر ال ّ
سرير ,وقعد بين به عبد الملك ,قام إليه وسلم عليه ,وأجلسه معه على ال ّ
ل :يا أمير المؤمنين ,اتق الله في يديه ,وقال :يا أبا محمد ما حاجتك ؟ َقا َ
حرم الله ,وحرم رسوله ,فتعاهده بالعمارة ,واتق الله في أولد المهاجرين
والنصار ,فإنك بهم جلست هذا المجلس ,واتق الله في أهل الثغور ,فإنهم
حصن المسلمين ,وتفقد أمور المسلمين ,فإنك وحدك المسئول عنهم ,
واتق الله فيمن على بابك فل تغفل عنهم ,ول تغلق دونهم بابك ,فقال له :
أفعل ,ثم نهض وقام ,فقبض عليه عبد الملك ,وقال :يا أبا محمد ,إنما
ل :ما لي إلى مخلوق سألتنا حوائج غيرك ,وقد قضيناها ,فما حاجتك ؟ َقا َ
سؤدد . شَرف ,هذا وأبيك ال ّ حاجة ,ثم خرج ,فقال عبد الملك :هذا وأبيك ال ّ
سي على ف ِل لكنت أميًنا ,ول آمن ن َ ْ ما ٍ ت َل :لو ائتمنت عََلى ب َي ْ ِ طاٍء َقا َ وعن عَ ِ
وهاء . مةٍ َ َ
ش ْ أ َ
ل با َ ذهبي :صدق رحمه الله ففي الحديث ؛ "أ ََل َل ي َ ْ
ة
مَرأ ٍ ج ٌ ِ ْ ن َر ُ خل ُوَ ّ ُقلت -أي ال ّ
ن. َ
شي ْطا ُ ما ال ّ فَإ ِ ّ
ن َثال ِث َهُ َ
زمت عطاء ثماني عشرة سنة ,وكان بعد ما كبر َ
ل:ل ِ وعن ابن جريج َقا َ
صلة فيقرأ مئتي آية من البقرة ,وهو قائم ل يزول منه وضعف ,يقوم إلى ال ّ
شيء ول يتحرك .
صامي ً َ
ل عمر بن ذر :ما رأيت مثل عطاء بن أبي رباح ,وما رأيت عليه ق ِ َقا َ
قط ,ول رأيت عليه ثوًبا يساوي خمسة دراهم .
السود بن يزيد :
دا في العبادة ,يصوم حتى يخضر جسده ويصفر ,وكان علقمة بن كان مجته ً
ماذب هذا الجسد ؟! فيقول :راحة هذا الجسد أريد ,فل ّ قيس يقول له :لم تع ّ
ماِلي ل أجزع ؟! ومن أحق لَ :احتضر بكى ,فقيل له :ما هذا الجزع ؟ َقا َ
بذلك مني ؟! والله لو أتيت بالمغفرة من الله عز وجل ؛ لهمني الحياء منه
مما قد صنعته ,إن الرجل ليكون بينه وبين الّرجل الذنب الصغير ,فيعفو عنه
ج السود ثمانين حجة . ؛ فل يزال مستحًيا منه .ولقد ح ّ
طاوس بن كيسان :
الفقيه إمام أهل اليمن الّنجباء ,طاوس الّزهاد والعلماء .
عن داود بن إبراهيم ,أن السد حبس الّناس ليلة في طريق الحج ,فدق
سحر ذهب عنهم ؛ فنزل الّناس يميًنا ما كان في ال ّ ضا ,فل ّ الّناس بعضهم بع ً
ّ
س أنفسهم فناموا ,وقام طاووس ُيصلي ,فقال رجل وشمال ,وألقى الّنا ُ
سحر . م ال ّ ل ي ََنا ُل طاووس :وهَ ْ َ َ
لطاووس :أل تنام فإنك نصبت الليلة ؟ قا َ
سوق ,وطريق آخر , وكان لطاووس طريقان إلى المسجد ,طريق في ال ّ
169
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
سوق فرأى تلك ما ,فإذا مّر في طريق ال ّ ما وفي هذا يو ً فكان يأخذ في هذا يو ً
الرؤس المشوية ؛ لم ينعس تلك الليلة .
وكان طاوس يجلس في بيته ,فقيل له في ذلك فقال :حيف الئمة وفساد
الّناس.
ل مجاهد لطاوس :يا أبا عبد الرحمن ! رأيتك تصّلي في الكعبة ,والنبي َقا َ
ل: عليه السلم على بابها ,يقول لك :اكشف قناعك ,وبين قراءتك َ ,قا َ
اسكت ل يسمعن هذا منك أحد ,حتى تخيل اليه أنه انبسط من الحديث .
ل :ما كنت أرى أن أحدا أتى طاوس رجل في السحر ,فقالوا :هو نائم َ ,قا َ
ينام في السحر .
ل :ما أجد في قلبي خشية فأدعو لك . ل رجل لطاوس :ادع الله لنا َ ,قا َ َقا َ
توفي طاوس بالمزدلفة أو بمنى ,فلما حمل أخذ عبد الله بن الحسن بن
سرير ,فما زايله حتى بلغ القبر . علي بن أبي طالب بقائمة ال ّ
محمد بن واسع :
المام العامل ,والخاضع الخامل ,أدمى الحزن قلبه ,ما قعد ول قام مقام
سوء حتى لقي ربه .
سليمان التيمي :ما أحد أحب أن ألقى الله بمثل صحيفته ,مثل محمد ل ُ َقا َ
بن واسع .
وعن ابن واسع :إن الّرجل ليبكي عشرين سنة ,وامرأته معه ل تعلم .
وقال جعفر بن سليمان :كنت إذا وجدت من قلبي قسوة ؛ غدوت فنظرت
إلى وجه محمد بن واسع ,كان كأنه ثكلى .
صيك أن ُ ل رجل لمحمد بن واسع :أوصني َ ,قا َ ل حماد بن زيد َ :قا َ َقا َ
ل :أو ِ
دنيا .
ل :ازهد في ال ّ ل :كيف ؟ َقا َ كا في الدنيا والخرة َ ,قا َ تكون مل ً
ل :طوبى لمن وجد عشاء ولم يجد غداء ,ووجد غداء ولم يجد عشاء ُ وعنه َقا َ
ض. ,والله عنه را ٍ
سم أمير البصرة على قرائها ,فبعث إلى مالك بن دينار ؛ ل ابن شوذب :قَ َ َقا َ
سائي ,قالوا :يا َ
جل َ س ْ
ل ُ لَ : فأخذ ,فقال له ابن واسع :قبلت جوائزهم ؟ َقا َ
ساعة على ما ل :أنشدك الله أقلبك ال ّ قا فأعتقهم َ ,قا َ أبا بكر اشتر بها رقي ً
َ َ َ َ َ
كان عليه قبل أن يجيزك ؟! قال :اللهم ل ,قال :أيّ شيء دخل عليك ؟
فقال مالك لجلسائه :إنما مالك حمار ,إنما يعبد الله محمد بن واسع .
ي أحد . ل ابن واسع :لو كان للذنوب ريح ما جلس إل ّ ل ابن عيينة َ :قا َ َقا َ
)(15 /
ل الصمعي :لما صاف قتيبة بن مسلم للترك ,وهاله أمرهم ,سأل عن َقا َ
محمد بن واسع ,فقيل :هو ذاك في الميمنة ,جامح على قوسه ُ ,يبصبص
ف شهير , ل :تلك الصبع أحب إلي من مائة ألف سي ٍ سماء َ ,قا َبأصبعه نحو ال ّ
ب طرير .وشا ٍ
ل ابن واسع وهو في الموت :يا إخوتاه تدرون أين ُيذهب بي ؟ والله إلى َقا َ
الّنار ,أو يعفو الله عني .
دعاء مع الورع ,يسير العمل . وقال :يكفي من ال ّ
دا ل :قَ ِ
ريًبا أجلي ,بعي ً وعن محمد بن واسع ,وقيل له :كيف أصبحت ؟ َقا َ
أملي ,سيًئا عملي .
وقيل اشتكى رجل من ولد محمد بن واسع إليه ,فقال لولده :تستطيل على
الّناس ,وأمك اشتريتها بأربع مائة درهم ,وأبوك فل كثر الله في المسلمين
170
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
عْلم الله ِفيك ؟! ساِبق ِ ك َقط َ كا َ ل أ َب ْ َ ل :هَ ْ ج ٍ ل ل َِر ُ مثله ,وقيل :إنه َقا َ
ل :صحبت محمد بن واسع إلى مكة , وعن أبي الطيب موسى بن يسار َ ,قا َ
فكان يصلي الليل أجمعه ,يصلي في المحمل جالسا ,ويومئ
رم بن حيان : هَ ِ
دمع ,عظيم الخوف من الله سبحانه وتعالى . كان دائم الحزن ,سريع ال ّ
بات هرم بن حيان العبدى عند حممة صاحب رسول الله صلى الله عليه
هَ
لل ُ ل :فبات حممة ليلته يبكي كلها حتى أصبح ,فلما أصبح َ ,قا َ وسلم َ ,قا َ
ل :ذكرت ليلة صبيحتها تبعثر القبور ,فتخرج هرم :يا حممة ! ما أبكاك ؟ َقا َ
سماء ؛ فأبكاني ذلك ,وكانا يصطحبان أحياًنا بالّنهار , من فيها ,وتناثر نجوم ال ّ
عوان ,ثم يأتيان َ
فيأتيان سوق الريحان ,فيسألن الله ت ََعالى الجنة ,وي َد ْ ُ
دادين ,فيتعوذان من النار ,ثم يفترقان إلى منازلهما . الح ّ
كان هرم بن حيان يخرج في بعض الليل ,وينادي بأعلى صوته عجبت من
الجنة ,كيف ينام طالبها ؟ وعجبت من النار ,كيف ينام هاربها ؟ ثم قرأ :
ْ ْ َ ل ال ْ ُن أ َهْ ُ َ َ
ن { ]سورة العراف : مو َ م َنائ ِ ُ سَنا ب ََياًتا وَهُ ْ م ب َأ ُ ن ي َأت ِي َهُ ْ قَرى أ ْ م َ}أفَأ ِ
[97
مل هرم بن حيان ,فظن أن قومه سيأتونه , ست ُعْ ِ َ َ
عن مالك بن دينار ,قال :ا ْ
سّلمون عليه ُ َ ي قومه فجاءه , القوم من يأتيه من فأمر بنار فأوقدت بينه وبين
من بعيد ,فقال :مرحًبا بقومي ,ادنوا ,قالوا :والله ما نستطيع أن ندنو
وني في نار ل :وأنتم تريدون أن ت َل ْ َ
ق ْ منك ,لقد حالت النار بيننا وبينك َ ,قا َ
جُعوا . ل :فََر َ أعظم منها ؛ في نار جهنم َ ,قا َ
ثابت البناني :
صلة بعد صلة حتى تمنى ال ّ ذابل ,قد أحب ال ّ المتعبد الّناحل ,المتهجد ال ّ
انقطاع العمل .
صلي لك ّ دا من خلقك أن ي ُ َ كان ثابت البناني يقول :اللهم إن كنت أعطيت أح ً
في قبره فأعطنيه .
ذهبي :فيقال :إن هذه الدعوة استجيبت له ,وإنه ُرِئي بعد موته ل ال ّ َقا َ
يصلي في قبره -فيما قيل .
وكان يقول ثابت رحمه الله :ما أكثر أحد ذكر الموت ,إل ُرئي ذلك في عمله
.
صلة عشرين سنة ,وتنعمت بها عشرين ّ ال كابدت : الله رحمه ثابت وقال
سنة .
دهر . ل يوم وليلة ,ويصوم ال ّ ل شعبة :كان ثابت البناني يقرأ القرآن في ك ُ ّ َقا َ
وقال حماد بن زيد :رأيت ثابًتا يبكي حتى تختلف أضلعه .
حال سليمان :بكى ثابت حتى كادت عينه تذهب ,فنهاه الك ّ وقال جعفر بن ُ
عن البكاء ,فقال :فما خيرهما إذا لم يبكيا ؟! وأبى أن يعالج .
ن
م ْ م ِ ب ثُ ّ
ن ت َُرا ٍ م ْ ك ِ ق َخل َ َ ذي َ ت ِبال ّ ِ فْر َ وقال حماد بن سلمة :قرأ ثابت } :أ َك َ َ
جًل{ ]سورة الكهف [ 37 :وهو يصلي صلة الليل ينتحب ك َر ُ وا َ س ّ م َ فةٍ ث ُ ّ ن ُط ْ َ
وي َُرّددها .
عبد الله بن عون :
سانه ,الضابط لركانه ,كان للقرآن تالًيا ,ولعراض المام العلم ,الحافظ ل ِل ِ َ
المسلمين عافيا .
ت ابن عون أربًعا وعشرين سنة ,ما سمعت منه حب ْ ُ
ص ِ لَ : عن خارجة َ ,قا َ
جَناح . كلمة أظن عليه فيها ُ
ساِنه . ل ل هم ُ ك َ ل م َ أ ون ع ن با ن َ
كا : َ
ل َ
قا , مطيع وعن سلم بن أبي
ْ ُ ِِ َ َ ْ ُ َ ْ
171
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(16 /
ل بكار بن محمد :كان ابن عون إن وصل إنساًنا بشيء ؛ وصله سًرا ,وإن َقا َ
طلع عليه أحد . صنع شيًئا صنعه سّرا ,يكره أن ي ّ
عامر بن عبد قيس :
ضّر ببدنه ليتنعم به في الخرة . العابد العالم ,الخائف الوجل ,أ َ
مُر بن عبد قيس :لجتهدن فإن نجوت فبرحمة الله ,وإن دخلت الّنار عا ِل ََقا َ
دي . جهْ ِ فلبعد َ
وكان يقول :ما أبكي على دنياكم رغبة فيها ,ولكن أبكي على ظمأ الهواجر ,
شتاء ,وقيل له :إن الجنة تدرك بدون ما تصنع ! وإن النار تتقى وقيام ليل ال ّ
بدون ما تصنع ! فيقول :ل حتى ل ألوم نفسي ,ومرض فبكى ,فقيل له :ما
يبكيك وقد كنت وقد كنت ..فيقول :مالي ل أبكي ! ومن أحق بالبكاء مني !
عا من الموت ,ولكن لبعد سفري , صا على الدنيا ,ول جز ً والله ما أبكي حر ً
ط ,جنةٍ أو نار ,فل أدري إلى أيهما وقلة زادي ,وإني أمسيت في صعود ٍ وهبو ٍ
أصير .
ُ
وعن الحسن أن عامًرا كان يقول :من أقرئ ؟ فيأتيه ناس فيقرئهم القرآن ,
صّلي إلى العصر ,ثم ُيقرئ الّناس إلى ثم يقوم فيصّلي إلى ال ّ
ظهر ,ثم ي ُ َ
فاالمغرب ,ثم يصلي ما بين العشاءين ,ثم ينصرف إلى منزله ,فيأكل رغي ً
فا ويخرج .
ة خفيفة ,ثم يقوم لصلته ,ثم يتسحر رغي ً وينام نوم ً
صلي من طلوع الشمس إلى العصر , ّ وكان عامر بن عبد قيس ل يزال ي ُ َ
سوء إنما خلقت للعبادة , فينصرف وقد انفتحت ساقاه ,فيقول :يا أمارة بال ّ
وهبط وادًيا به عابد حبشي فانفرد يصلي في ناحية ؛ والحبشي في ناحية
ما ل يجتمعان إل في فريضة. أربعين يو ً
َ ْ
مّر عامر بن عبد قيس في الّرحبة ,وإذا برجل ي ُظلم ,فألقى رداءه , و َ
وقال :ل أرى ذمة الله تخفر وأنا حي ؛ فاستنقذه ,وي ُْروى أن سبب إبعاده
سير عامر بن عبد الله ؛ شيعه ذمي ,ولما ُ شام كونه أنكر وخّلص هذا ال ّ إلى ال ّ
إخوانه ,وكان بظهر المربد ,فقال :إني داٍع فأمنوا :اللهم من وشي بي ,
172
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
ب عََلي وأخرجني من مصري ,وفرق بيني وبين إخواني ,فأكثر ماله , وك َذ َ َ
ح جسمه ,وأطل عمره . َ
ص ّ
وأ ِ
عا
كي جز ً َ ل قتادة :لما احتضر عامر بكى ,فقيل :ما ُيبكيك َ ,قا َ َقا َ
ل :ما أب ْ ِ
صا على الدنيا ,ولكن أبكي على ظمأ الهواجر وقيام من الموت ,ول حر ً
الليل .
منصور بن المعتمر :
حليف الصيام والقيام ,من أحسن الّناس صلة ,و أسردهم صياما .
ل :لو رأيت منصوًرا يصلي لقلت يموت الساعة . عن الثوري َقا َ
وكان منصور من العُّباد صام ستين سنة وقامها ,وكان جيرانه يحسبونه بالليل
ة قائمة ,فلما مات كانوا يقولون الخشبة ما فعلت ! في الصيف خشب ً
قالت ابنة لجار منصور بن المعتمر لبيها :يا أبت ! أين الخشبة التي كانت
ل :يا بنية ! ذاك منصور كان يقوم بالليل . في سطح منصور قائمة ؟! َقا َ
م لمه :يا أمه الجذع ما مات َ ،قا َ
ل غل ٌ وكان منصور يصلي في سطحه فل ّ
عا ؛ ذاك الذي كان في سطح آل فلن ليس أراه ،قالت :يا بني ليس ذاك جذ ً
منصور قد مات .
ّ ّ
وصام منصور وقام ,وكان يأكل الطعام ؛ وُيرى الطعام في مجراه .
وعن زائدة أن منصور بن المعتمر :صام ستين سنة ,يقوم ليلها ,ويصوم
نهارها ,وكان يبكي ،فتقول له أمه :يا بني قتلت قتيل ! فيقول :أنا أعلم بما
صبح كحل عينيه ,ودهن رأسه ,وفرق شفتيه , صنعت بنفسي ,فإذا كان ال ّ
وخرج إلى الّناس .
وعن سفيان وذكر منصوًرا بن المعتمر ,فقال :قد كان عمش من البكاء .
سا فتصيح ل :ربما كنت مع منصور في منزله جال ً عن أبي بكر بن عياش َقا َ
به أمه وكانت فظة غليظة ،فتقول :يا منصور ! يريدك ابن هبيرة على
القضاء فتأبي عليه ! وهو واضع لحيته على صدره ؛ ما يرفع طرفه إليها ,
وكان يقول للم ثلثة أرباع البر .
قا ,ولجسمك عليك وكانت أم منصور تقول له :يا بني إن لعينك عليك ح ً
ما
قا ،فكان يقول لها منصور :دعي عنك منصوًرا ,فإن بين النفختين نو ً ح ً
طويل .
سفيان الثوري :
لقد ضرب سفيان المثل في العبادة ,حتى ترأس على أهل زمانه -رحمه
ما بأمر الله ،ل يعيقه عائق ,ول يخشى كا ،قائ ً دا متنس ً الله .فلقد كان عاب ً
في الله لومة لئم .
فَيان بن عيينة :ما رأيت رجًل أعلم بالحلل والحرام من سفيان س ْل ُ َقا َ
الثوري .
ل :سمعت سفيان يقول :كان الّرجل إذا أراد أن وعن أبي عاصم النبيل َقا َ
يطلب العلم ؛ تعبد قبل ذلك عشرين سنة .
ّ
م سفيان مكة فكان ُيصلي الغداة ويجلس يذكر ل مؤمل بن إسماعيل :قَدِ َ َقا َ
الله حتى ترتفع الشمس ,ثم يطوف سبعة أسابع -أشواط ُ -يصلي بعد
سبوع ركعتين يطولهما ,ثم يصلي إلى نصف الّنهار ,ثم ينصرف إلى البيت ,
فيأخذ المصحف فيقرأ ,فربما نام كذلك ,ثم يخرج لنداء الظهر ,ثم يتطوع
إلى العصر ,فإذا صلى العصر أتاه أصحاب الحديث فاشتغل معهم إلى
المغرب ,فيصلي ثم ينتقل إلى العشاء ؛ فإذا صّلى فربما يقرأ ثم ينام .
)(17 /
173
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
174
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
ما رجع قالت له امرأته :كم من امرأة حسنة سان يوم العيد ,فل ّ وخرج ح ّ
ما أكثرت ,قال :ويحك ! ما نظرت إل في َ َ نظرت إليها اليوم ورأيتها ,فل ّ
إبهامي منذ خرجت من عندك حتى رجعت إليك .
ل :بخيرٍ إن نجوت من قيل له :في مرضه الذي مات فيه كيف تجدك ؟! َقا َ
ل :ليلة بعيدة ما بين الطرفين ؛ ُأحيى ما النار ،فقيل :له فما تشتهي ؟ َقا َ
بين طرفيها .
الحسن بن صالح حي :
الفقيه العابد ,والعالم الزاهد ,محيي الليل بالقرآن طارت بسيرته الّركبان .
دا الخوف والخشوع أظهر على ل :ما رأيت أح ً داراني َقا َ فعن أبي سليمان ال ّ
ن{ ]سورة ُ
ساَءلو َم ي َت َ َ
وجهه من الحسن بن حي ,قام ليلة حتى أصبح ب }عَ ّ
النبأ ُ [ 1 :يردد آية فغشي عليه ؛ ثم عاد إليها فغشي عليه ,فلم يختمها حتى
طلع الفجر .
وكان لهم -يعني لل الحسن بن صالح بن حي -خادم يخدمهم ,فاحتاجوا إلى
بيعها فباعوها ,فلما كان في أول الليل ذهبت وألحت على مولها تقيمه ,
ماوتقول :ذهب الليل ! مرة بعد مرة ,حتى أضجرته فصاح بها ,قالت :فل ّ
أصبحت ذهبت إلى عند الحسن ,فقالت :يا سبحان الله ! ما كان يجب
عليكم فيما خدمتكم أن تبيعوني من مسلم ! فقال الحسن :سبحان الله !
وما له ؟ َقاَلت :انتظرت ليقوم ليتهجد فلم يفعل ,فألححت عليه فزبرني
ح يا علي ! وقال :ما تعجب من هذه ! اذهب فتسلف ل :فَ َ
صا َ وشتمني َ ,قا َ
ثمنها من بعض إخواننا وأعتقها .
ل وكيع بن الجراح :كان علي والحسن ابنا صالح بن حي وأمهم قد جّزؤوا َقا َ
ي يقوم الثلث ,ثم ينام ,ويقوم الحسن الثلث , الليل ثلثة أجزاء ,فكان عل ّ
ثم ينام ,وتقوم أمهما الثلث ,فماتت أمهما ,فجزءا الليل بينهما ,فكانا
صباح ,ثم مات علي ,فقام الحسن به كله . يقومان به حتى ال ّ
)(18 /
)(19 /
175
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
176
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(1 /
177
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
178
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(2 /
179
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(1 /
180
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
' لست وحدك ' ' الذي تقاوم بل الكثير يقاوم وينجح '
' لست وحدك ' الذي تفعل الخطأ بل كل الناس كذلك '
كثيرة هي النداءات الداخلية المتصاعدة داخل النفس البشرية تنتقل بها
صعودا وهبوطا ,حزنا وسرورا ,نشاطا وفتورا ,أمل وقنوطا ,وتفاؤل
وتشاؤما تنقل النسان من حال إلى حال.
وأثر هذه النداءات الداخلية على حياة الشخص أكبر بكثير من كونها مجرد
خطابات داخلية ل أثر لها فالواقع يشهد أن تصرفات وسلوكيات النسان ما
هو إل حصيلة لمجموع الفكار التي تدور في ذهنه طوال حياته وأن مواقفنا
التي نتخذها مما حولنا إنما منبعها الساسي الفكرة التي تسيطر على عقولنا
والتي هي في المقام الول ناتج وحصيلة مجموعة الخطابات الداخلية للنفس
حول هذا الموضوع.
إن موقفنا من الخرين بالحب أو الكره أو القرب أو البعد يتحدد بناء على ما
نحدث به أنفسنا من كلمات داخلية حول هذا الخر ,والحال كذلك بالنسبة
لما نحب ونكره من العمال وهذا الخطاب الداخلي ل يراه أحد ممن حولنا
حتى أننا في بعض الحيان إذا حاولنا أن نعبر عنه ونخرجه على صورة كلمات
تعجزنا اللفاظ ,إن الخطاب الداخلي للنفس البشرية هو أساس حركتها
وسكونها ,أساس نشاطها وفتورها ,أساس ولئها وعدائها ,أساس كل
موقف وقرار نتخذه سواء على مستوى أنفسنا أو على مستوى تعاملتنا
وعلقاتنا مع الخرين.
ونحن نستخدم الكلمات في حوارنا مع أنفسنا ومع غيرنا ففي لحظات خلوتنا
ننعزل عن الخرين ونفكر مع أنفسنا فيما نريد وندير حوارا ذاتيا ونسأل
أنفسنا :ماذا نريد؟ وهذا يعني أن لكل منا لغتين أو مستويين من الحوار
يستخدمهما في حياته ولهما أبلغ الثر على سلوكه تجاه نفسه وتجاه الخرين
وهما:
-1-لغة مع نفسك ونسميها اللغة الداخلية.
-2-لغة مع الخرين ونسميها اللغة الخارجية.
وبناء على طبيعة مفردات كل لغة تتحدد تصرفاتنا وسلوكياتنا تجاه الخرين
وتجاه أنفسنا وبالتالي فعلينا أن نتعلم كيف نتكلم لنتمكن من توجيه أنفسنا
وتوجيه غيرنا من بعد ذلك.
إن الكلمة سواء كانت داخلية أو خارجية لها وقع مهم للغاية علينا وعلى من
حولنا ,فنحن عندما نتكلم مع الخرين إنما نحاول مطالبتهم بما نريد ,ولكننا
باختيار أسلوبنا في الكلم معهم نختار أيضا أسلوبنا في الحصول على ما نريد
,فكلماتنا تعبر دائما عن طريقتنا في الفعل والتنفيذ ,وعن تجاهلنا التام لكل
الطرق البديلة التي يمكن أن تتوفر لتحصيل ما نريد ,كلماتنا في الحقيقة
تعكس توجهاتنا واستعداداتنا ,وما يغيب عن أذهاننا فهو في الواقع غائب من
قاموس كلماتنا وبالتالي فهو ساقط من حساباتنا لن الكلمات هي تحضير
للفعال التي ننوي القيام بها أو بمعنى أوضح إنما نعرف الرجل من كلمه أي
نعرف ما الذي يريده وكيف يريد الحصول عليه لن الكلم ما هو إل مرآة
الداخل فنحن نعبر بألفاظنا عن رغباتنا وأحلمنا وآمالنا.
لقد أثبتت بعض البحاث والدراسات أن الشخص الذي يصرح بأنه جائع يأكل
أكثر من الذي ل يجاهر بجوعه ,وأن الذي يهدد بالعنف يلجأ إليه في الواقع
أكثر من الذي يعبر عن كرهه للعنف ,وتبين أن الذين يتحدثون كثيرا عن
السعادة يكونون أكثر مرحا من الذين يتحدثون عن التعاسة والسى أي أن
النسان يكتسب الحالة العضوية من حالته النفسية والتي بدورها يكتسبها من
181
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(1 /
' لست وحدك ' هذا الخطاب الداخلي كمثال يعتبر كغيره من الخطابات
الداخلية أحد السلحة متعددة الستخدامات حيث يمكنه أن يدفع النسان نحو
التفاؤل والطموح والعمل ويمكنه كذلك القعود بهمته عن النظر إلى العلى
وتبرير القعود والتخاذل والمر كالتالي:
' لست وحدك الذي تفعل الخطأ بل كل الناس كذلك ' :الشخص في العادة
ل يرضى أن يرى نفسه على خطأ أو مصرا على باطل ول يحب بالتأكيد أن
يراه الناس كذلك ولكنه في الوقت ذاته يرتبط بالخطأ ارتباطا وثيقا فهو ل
يملك – تبعا لوجهة نظره – النفكاك عنه إذن فما الحل ؟ الحل السهل
والذي سرعان ما تلجأ إليه النفس أن كل الناس كذلك ,أنني لست الوحيد
الذي يفعل الخطأ وانظر حولك ,ففي مجال المعاصي مثل ,يتحدد الخطاب
الداخلي لمرتكب المعصية بقوله أنا أفضل من كثير من الخرين ويقيس
نفسه على من هو أكثر منه في نوع المعاصي أو درجتها أو عدد مرات
حدوثها وتكرارها بل وقد تلجأ النفس إلى التأكيد على أن الكل يفعل ذلك
لبيان أن من يخالف ليسوا إل أقلية ,هذا النوع من الخطاب النفسي لن يولد
إل مزيدا من الستقرار على المعصية ,والكثير من المخزون الحتياطي
لتمويل الشعور بالفشل والحباط والنهزام النفسي عند أول تجربة أو
محاولة فهي محكوم عليها بالفشل من البداية لماذا ؟ لن الخطاب النفسي
الداخلي يغذي هذا النوع من الفشل ,فشخص يخاطب نفسه بخطاب داخلي
مستمر مؤداه أنه لن ينجح ولن يحقق ما يريد ثم هو بعد ذلك يضحك على
نفسه وعلى من حوله بدعوى أنه مع هذا الكم من الحباط واليقين الداخلي
بالفشل إل أنه سيبذل ما عليه ويؤدي العمل لكي يقوم بما يلزم القيام به ,
ولست بحاجة هنا للحديث عن نوع النتائج التي سنحصل عليها عند تنفيذ أي
عمل بهذه النفسية إن المصير هو الفشل المحتوم بل جدال.
وفي المقابل تأمل في أثر الخطاب الداخلي المعنون ' :لست وحدك الذي
182
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
تقاوم بل الكثير يقاوم وينجح ' على كل المستويين الديني والدنيوي ,إنها
نفسية وروح المقاتل التي ل تفتر ول تلين ,روح ملؤها التفاؤل والبذل ,هذه
الروح هي التي نرجو لها النجاح ,إنه لست وحدك الذي تتعرض للفشل في
المرات الولى من بداية أي عمل فكم من شخص فشل ثم نال النجاح بعد
ذلك بالصبر وتكرار المحاولة ,ولو كان استسلم للفشل الول ونادى كما
يفعل الجهال بأعلى صوته :هذا قدري ول مفر لي منه – لو فعل ذلك
– لما نال ما ناله من النجاح وتحقيق المراد ,وأن العبد منا إنما خلقه رب
العالمين ليعمر الرض كلها ولتكون مسخرة لمره فكيف والحال كذلك أن
يصغر قدر العبد عند نفسه وتنخذل قواه وتتكسر طموحاته مع أول موقف
يشتم منه رائحة الفشل أو النكسار ,إنه لست وحدك فطابور النجاح
والتفوق وتحقيق الطموح طويل ومليء بالنماذج وكلهم شعارهم الصبر
والدأب لتحقيق المراد ل غير.
إنه ل يمكن لك عزيزي القارئ أن تحقق في عالم الواقع ما تعجز عن تصور
نفسك وأنت تحققه ,والمشكلة أن ظروف العالم المعاصر تربط الشخص
إلى عجلة دائرة ل تتوقف من التنفيذ داخل نظام ثابت فتسلبه لحظات
الخيال التي تمكنه من تصور نفسه وهو ينجح أو حتى أن يفكر أن يضع هدفا
لنفسه يريد تحقيقه ,وهكذا يمضي أكثر الناس حياتهم في قوالب ينتجها
الخرون ,فهذا يكتفي بأن يكون موظفا وذلك ل يأمل في أن يصبح أكثر من
عامل ,ويندر أن تجد من يرتقي بطموحه وأفكاره فوق هذه الدوار المحددة
سلفا ,إل أن الذهن البشري يمكنه أن يتغير ,بل إنه الشيء الوحيد الذي
يتغير تغيرا مؤثرا فيما حوله ,وبتغيره تتغير حياة صاحبه وبدونه ل يحدث أي
تغيير وعلى صاحبه -أي أنت -أن يؤمن بأن:
التغيير ممكن وليس مستحيل.
التغيير شخصي يبدأ من الذات ل من الخارج.
التغيير مفيد ول يتحتم أن يكون مؤلما.
يقول رب البرية جل وعل ':إن الله ل يغير ما يقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ,
وإذا أراد الله بقوم سوءا فل مرد له وما لهم من دونه من وال ' وفي هذه
الية ملمحان رئيسيان:
الول :التغيير الحقيقي في المم كاملة إنما ينشأ عن تغيير الفراد لذواتهم ,
وسبحان الله ما أوضح المنهج القرآني في بيان طبائع الفنوس وحقيقة
قدراتها وطرق التعامل المثلى معها ,فالله تعالى يخبر عن نفسه أنه لن يغير
حال قوم أو أمة حتى يبدأ أفراد هذه المة بالتغيير من داخل ذواتهم لن
لفظة ' ما بأنفسهم ' تؤكد ذلك ,وهي إشارة لبيان المدخل الفعال لحداث
التغيير الحقيقي للمة.
الثاني :من لم يغير فل يلم إل نفسه لن الله تعالى أمر بالتغيير ,تغيير
الباطل إلى الحق ,والهوى إلى التباع ,والكسل إلى النشاط ,والتشاؤم إلى
التفاؤل ,والحزن إلى السرور ,ومن أبى أن يجاهد نفسه في سبيل التغيير
وما ينشأ عنه من نعيم الدنيا والخرة فليستعد فل مرد لعقاب الله تعالى لمن
أبى الرتقاء والرفعة وتحمل المسؤولية.
)(2 /
عزيزي الشاب :إنها ثورة أدعوك إليها ,ثورة على روتين الحياة ,وعلى
الثوابت التي ل يقرها الشرع وتخنق الطاقات وتعطل المواهب ,ثورة للتغيير
183
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(3 /
184
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
أننا الطرف الضعف ،وأن هزيمتنا وانكسارنا نتيجة حتمية مسّلم بها.
جح –بالمفهموم المادي ول شك أن التفوق للحضارة الغربّية المادّية ُير ّ
الصرف -هزيمتنا الحضارّية لو أصبح هذا الصراع حتمًيا ومباشًرا وهو ما دفع
كرينا ومثقفينا إلى السراع في دفع هذه التهمة. بكثير من مف ّ
وق الغرب أو لنقل تفوق لكن القارئ المدقق لوقائع التاريخ يدرك أن تف ّ
الحضارة المريكّية -إن جاز التعبير -ل يجعلنا الطرف الضعف في حالة
نشوب الصراع .ول يجب أن توهم بذلك ،فصراع الحضارات ليس معركة
مرت مظاهرها؛ لن عسكرّية ،وقوة السلح ل تبيد حضارة إنسانّية ،وإن د ّ
الحضارة هي النسان بتاريخه وأفكاره وثقافته قبل أن تكون بمنجزاته
المادّية.
وميراثنا من هذه الحضارة يتجاوز أربعة عشر قرًنا تشكلت خللها قواعد
سخت من جيل إلى جيل ،ربما دون وعي أو التفات الشخصّية السلمّية وتر ّ
إلى ملمح هذه الشخصّية ،لكن في لحظات الخطر والتحدي تظهر الملمح
القوّية لشخصّية المسلم رغم كل محاولت تشويهها ،وفصلها عن قواعدها
الحضارّية لتقول لكل من أرادها بسوء :إّننا لسنا الطرف الضعف.
)(1 /
185
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
المؤمنون لم يمسكوا بزمام الستاذية العالمية ،ول يزالون حتى ذلك الوقت
دا المعنى يحتاجون إلى المعين المزدوج للهجرة النبوية العطرة ،ول يتوقف أب ً
النفسي أو المعنوي؛ لنه بمثابة الزاد والتزكية للنفس والمجتمعات.
فالهجرة النبوية نهر جاري العطاء في كل حين بإذن ربه ،يغرف منه المؤمن
رواء له حيًنا بعد حين ،يربط الحداثة بالواقع ،ويتلقط منها ما يريد.
أهمية الهجرة
تكمن أهمية الهجرة في:
وز وقلة المن ،ومن ثم إطلق قدراتهم -تخليص المؤمنين من حالة الع َ
ل
سِبي ِجْر ِفي َ من ي َُها ِ النتاجية في حالَتي السلم والحرب مًعا ،قال تعالى} :و َ
َ
ة{ )النساء ،(100 :والمراغم هو سعَ ً ما ك َِثيًرا و َ مَراغَ ً ض ُجد ْ ِفي الْر ِ الل ّهِ ي َ ِ
المنعة والقوة ،أو ما يرِغم به المؤمنون أعداءهم على مساومتهم ومنعهم من
جُروا ِفي ها َن َ ذي َ العدوان عليهم ،والسعة هي سعة العيش ،وقال تعالى} :وال ّ ِ
َ
خَرةِ أك ْب َُر ل َوْ َ
كاُنوا ة ول َ ْ
جُر ال ِ سن َ ً
ح َ
م ِفي الد ّن َْيا َموا ل َن ُب َوّئ َن ّهُ ْ
ما ظ ُل ِ ُ
من ب َعْد ِ َ الل ّهِ ِ
ن{ )النحل.(41 : مو َ ي َعْل َ ُ
فالمهاجر في سبيل الله اليوم إنما يهاجر ليطلق لنفسه قدراتها ،ويتحلل من
كل قيد يلزمه بالقعود ،والمهاجر في سبيل الله اليوم مطاَلب بأن يطلق
لفكره وعقله وعلمه كل الفاق الرحبة الواسعة.
والمة تقف أمام أمر إطلق الطاقات هذا وتتمعن في نفسها ،وما يكبلها من
آسار الغلل الثقيلة التي جعلتها في آخر المم ،وتمعن المة النظر في المن
والحريات التي هي أول مدارج الصعود نحو الهجرة؛ لتعي الهوة الكبيرة بينها
وبين الهجرة النبوية العطرة.
كذا المسلم -بله الداعية -يقف ليراجع فكره ونفسه ،ويستخرج الغلل التي
تحيط به أن ينطلق النطلقة المباركة وفق شرع ربنا الحكيم ،وقدوته صاحب
الهجرة عليه الصلة والسلم.
إن العداد الكبيرة من المسلمين التي تهاجر اليوم الهجرة العكسية إلى بلد
الغرب ،ثم تظل تدور حول نفسها متأثرة بالمحيط الذي تعيش فيه ،غاب عنها
معنى إطلق الطاقات هذا ،وفات عليها ُلباب المر في فقه الهجرة.
-والهجرة بمعناها الشامل حركة تجديد مستمر ،وعامل من عوامل قوة المة
الفكرية والمادية؛ كونها تتمحور حول المثل العلى عليه الصلة والسلم ،ول
تزال المة بعافية ما دامت على صلة قوية بهذا المثل العلى ،سواء في
إنضاج فكرها أو تقدم مدنيتها ،ومن تدّبر أحداث الهجرة ودقائقها أدرك أهمية
دا
حركة التجديد ،وترك البيئات المغلقة إلى البيئات المفتوحة ،سواء أكانت بل ً
ما على أو مؤسسة ،أو حتى نفس المؤمن ذاته؛ إذ المثل العلى يحث دائ ً
دد
أسمى الغايات ،ويدفع لنجاز أرقى الحضارات ،ولن يتحقق ذلك إل بالتج ّ
المنفتح ،المتعلق بالمثل العلى عليه الصلة والسلم.
-والهجرة مطلب قوي لتماسك الجبهة الداخلية في المة؛ إذ هي المراجعة
والمحاسبة ،سواء الذاتية أو الجماعية أو المؤسسية.
جر كل ما ل يليق ،وبهذه النظرة الواعية لمعنى إذ جوهر الهجرة يقوم على هَ ْ
سْير ،والتفرس في الهجرة يكون النقد البناء ،وتكون المراجعات الربانية لل ّ
الخطاء ،وهذا من أقوى عوامل النهوض الحضاري.
)(1 /
186
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
إن حالة المة اليوم -وحال أفرادها في الغالب -لفي أشد الحاجة إلى إطلق
الطاقات الكبيرة التي تحوزها في أبنائها ،وتوفير المن والستقرار لهم؛ فما
سعى النبي صلى الله عليه وسلم للمدينة إل بعد سنوات من الكبت
والتضييق؛ فكانت المدينة المنورة البيئة التي انطلق فيها البناء الحضاري،
ونلمس اليوم إما كبًتا لمجتمعات كاملة ،أو فقداًنا للدور في كثرة من أفراد
المة.
وحركة التجديد التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم" :إن الله تعالى
يبعث لهذه المة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها" )أبو داود بسند
صحيح( هذه الحركة تحتاج إلى تجديد في الفراد والمؤسسات.
والنقد الداخلي والتوبة والمراجعة قوة تتماسك بها المة ،وتسترد بها عافيتها،
ويتنفس بها كل فرد أنسام البناء الحضاري.
وما أصدق قول شاعر الدعوة وليد العظمي حين قال:
ة والدمع يجري غزيًرا من مآقيها يا هجرة المصطفى والعين باكي ٌ
ة من الجوارح كاد اليأس يطويها يا هجرة المصطفى هّيجت ساكن ً
هيجت أشجاننا والله فانطلقت منا حناجرنا بالحزن تأويها
إنها دموع الداعية تنهمر من مآقيه على واقع أمته ،وتعطل منابع الخيرات
ما بهجرة الحبيب محمد عليه الصلة والسلم مصدر فيها ،لكن المل يتجدد دائ ً
القتداء في المحن والمنح.
وى معه مراحل في وى اليأس ،وُتط َ ومع إدراك فقه الهجرة وأبعادها ُيط َ
صَرهُ قد ْ ن َ َ صُروه ُ فَ َ النفس وفي الفاق الدعوية ،وما ثمة مكان للحزنِ} :إل َتن ُ
حب ِهِ لصا ِ ل لِ َ قو ُ ما ِفي ال َْغارِ إ ِذ ْ ي َ ُ ن إ ِذ ْ هُ َ ِ ي اث ْن َي ْ فُروا َثان ِ َ ن كَ َ
ذي َه ال ّ ِ
ج ُ ه إ ِذ ْ أ َ ْ
خَر َ الل ّ ُ
َ َ
ة ل ك َل ِ َ
م َ جعَ َ ها وَ َ م ت ََروْ َ جُنود ٍ ل ّ ْ ه عَل َي ْهِ وَأي ّد َه ُ ب ِ ُكين َت َ ُ س ِ ه َ ل الل ّ ُ معََنا فَأنَز َ ه َن الل ّ َن إِ ّ حَز ْ تَ ْ
م{ ]التوبة .[40 كي ٌ ح ِ زيٌز َ ه عَ ِ ّ ْ
ي العُلَيا َوالل ُ ْ ة اللهِ هِ َ ّ م ُ َ
فلى وَكل ِ َ َ س ْ ْ
فُروا ال ّ َ
نك َ ذي َال ّ ِ
-----------
** كاتب ليبي مقيم بسويسرا
)(2 /
187
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
وقيل :جعل الغزاة التي تنزع في أعنتها نزعا تغرق فيه العنة لطول أعناقها
لنها عراب ،والتي تخرج من دار السلم إلى دار الحرب ،قاله في الكشاف .
غَْرقا ً
أي :إغراقًا ،وهي المبالغة في الفعل.
وقال ابن عباس وعلي :أو غرقا ً في جهنم ،يعني نفوس الكفار .
تطا ِ ش َ َوالّنا ِ
ي :تحلها قال ابن عباس ومجاهد :الملئكة تنشط النفوس عند الموت ،أ ْ
وتنشط بأمر الله حيث كان.
وقال ابن عباس أيضا ً وقتادة والحسن والخفش :النجوم تنشط من أفق إلى
أفق ،تذهب وتسير بسرعة.
وقال مجاهد أيضًا :المنايا .
وقال عطاء :البقر الوحشية وما جرى مجراها من الحيوانات الذي ينشط من
قطر إلى قطر.
وقال ابن عباس أيضا :النفوس المؤمنة تنشط عند الموت للخروج. ً
وقيل :التي تنشط للزهاق.
ت حا ِ ساب ِ َ َوال ّ
ي ومجاهد :الملئكة تتصّرف في الفاق بأمر الله ،تجيء وتذهب. ّ عل قال
قال قتادة والحسن :النجوم تسبح في الفلك.
وقال أبو روق :الشمس والقمر والليل والنهار.
وقال عطاء وجماعة :الخيل ،يقال للفرس سابح.
وقيل السحاب لنها كالعائمة في الهواء.
وقيل :الحيتان دواب البحر فما دونها وذلك من عظم المخلوقات.
وقال عطاء أيضًا :السفن.
وقال مجاهد أيضًا :المنايا تسبح في نفوس الحيوان.
ت قا ِ ساب ِ َ َفال ّ
قال مجاهد :الملئكة سبقت بني آدم بالخير والعمل الصالح.
وقال ابن مسعود :أنفس المؤمنين تسبق إلى الملئكة الذين يقبضونها ،وقد
عاينت السرور شوقا ً إلى لقاء الله تعالى.
وقال عطاء :الخيل.
وقيل :النجوم.
وقيل المنايا تسبق المال.
ت مد َب َّرا ِ َفال ْ ُ
قال ابن عطية :ل أحفظ خلفا ً أنها الملئكة ،ومعناها أنها تدبر المور التي
سخرها الله تعالى وصرفها فيها ،كالرياح والسحاب وسائر المخلوقات.
وقيل الملئكة الموكلون بالحوال :جبريل للوحي وميكائيل للمطر وإسرافيل
للنفخ في الصور وعزرائيل لقبض الرواح.
وقيل :تدبيرها :نزولها بالحلل والحرام .
ي :يظهر تقلب وقال معاذ :هي الكواكب السبعة ،وإضافة التدبير إليها مجاز ،أ ْ
الحوال عند قرانها وتربيعها وتسديسها وغير ذلك .
وإذا نظرنا في سياق السورة وجدناها تحفل بسياق عنيف وسريع ،وهم ل
خَرةً َقاُلوا ت ِل ْكَ ظاما ً ن ّ ِ ع َ ذا ك ُّنا ِ حافَِرةِ أ َئ ِ َ ن ِفي ال ْ َ مْرُدوُدو َ
قوُلو َ
ن أئ ِّنا ل َ َ
َ يزالون } ي َ ُ
ساهَِرةِ هم ِبال ّ َ
حد َة ٌ فإ َِذا ُ جَرةٌ َوا ِ ي َز ْ ما هِ َ َ
سَرةٌ { يجدون أمامهم } فإ ِن ّ َ خا ِ ِإذا ً ك َّرةٌ َ
{ فسياق السورة يخطف البصار ويسوق النسان بسرعة هائلة إلى مصيره
ة أ َْو َ
شي ّ ً م ي َل ْب َُثوا إ ِّل عَ ِ
م ي ََروْن ََها ل َ ْم ي َوْ َ الذي يتساءل عن وقته فيجد الجابة } ك َأن ّهُ ْ
188
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(1 /
أما أوائل السورة إذا دققنا في كل ما قيل من معاني حوله – ولحظ أنها
ليست السورة الوحيدة التي تحتفل بكثرة التأويل لياتها -وجدناها تجمع بين
الشدة والسرعة والذهاب بقوة وعنف إلى مكان معلوم .إن تلك الكلمات
أشبه بدوال مجهولة الهوية أو كثيرة المعاني تدل على مدلول واحد ،وهو قوة
الله في الكون ،وأن النسان حتما سينقضي أجله ،بل فعل يشعر النسان في
سورة النازعات بأنه سينتقل إلى العالم الخر فور إنتهائه من السورة... ... .
)(2 /
لطائف قرآنية
1ــ أن معرفة سبب النزول تورث العلم بالمسبب ،قال الزركشي في
البرهان ) ج / 1ص :( 45وأخطأ من قال أنه ل طائل تحته ،مثل } :فل جناح
،{ .....إل أن العبرة بعموم اللفظ.
2ــ قد ينزل الشيء مرتين ،كما قيل في الفاتحة ،وقوله تعالى } :إنك ل
تهدي من أحببت.{ ....
3ــ من علوم القرآن :علم الوجوه والنظائر ،ألف فيه ابن الجوزي وابن
فارس ،مثل :لفظ المة يأتي على معان كثيرة.
4ــ لبد من معرفة مراحل التنزيل والتدرج في التشريع ،مثل :مراحل تحريم
الخمر ،والربا ،والجهاد ،والزكاة ،والصوم.
5ــ معرفة المكي والمدني فالمكي أكثر من المدني ،ومن الفروق:
* ــ أن ما نزل قبل الهجرة فهو مكي ،والمدني خلفه.
* ــ أن كل سورة فيها } يا أيها الناس { ...وليس فيها } يا أيها الذين آمنوا...
{ فهي مكية
* ــ أن كل سورة فيها } كل { ...فهي مكية.
* ــ أن كل سورة فيها ذكر قصة آدم عليه السلم فهي مكية سوى سورة
البقرة.
* ــ أن كل سورة فيها ذكر المنافقين فهي مدنية سوى سورة العنكبوت.
* ــ أن السور المكية قصيرة اليات ،وتركز على العقيدة ،واليوم الخر،
189
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
والمدنية بخلفها.
ً ً
6ــ أن النبي عليه الصلة والسلم لم يفسر القرآن تفسيرا تاما ،ذكره
الزركشي في البرهان.
7ــ مما ينفع في الترجيح معرفة رجال التفسير ،فأعلمهم الصحابة ،ومن
أعلمهم ابن عباس ،قال بعض تلميذ ابن عباس ) :خطب ابن عباس في
الموسم بسورة البقرة لو سمعته الروم والترك والديلم لسلموا (
وذلك ببركة دعاء رسول الله له ،وكان كثير الرجوع إلى أشعار الجاهلية ،فمن
ذلك ما ذكره السيوطي في التقان في مناظرته لرجلين من الخوارج فسأله
عن مائة وخمسين كلمة من القرآن ،وفي كل كلمة يذكر لهم شاهدها من
ل :قالوا له :الوسيلة ،قال :الحاجة ،قالوا وهل تعرفها شعر العرب ،فمث ً
العرب ،قال:
أما سمعت عنترة يقول :إن الرجال لهم إليك وسيلة *** إن يأخذوك تكحلي
و تخضبي
ومن أعلم التابعين مجاهد تلميذه ،قال سفيان :إذا جاءك التفسير عن مجاهد
فحسبك به ،وأعلم الناس بالتفسير أهل مكة لنهم تلميذ ابن عباس.
8ــ من التفسير ما هو نافع ،وهو الغلب ،أما غير النافع من السرائيليات،
فهي ل تصدق ول تكذب ،بل
يستأنس بها ،وتذكر للستشهاد ل للعتقاد كما قرره ابن كثير.
وقد تكون السرائيليات محرم إقرارها ،مثل :الفاضة في ذكر مرض أيوب
عليه السلم ،وأنهم نبذوه حتى ُألقي على المزابل ،ولم تبق معه إل زوجته.
ومثل تفسيرهم ) :ولقد همت ( ....فذكروا أن يوسف حل الزار ،وجلس
منها مجلس الرجل من امرأته ،ثم قام عنها.
ومنها خلفات ل فائدة فيها مثل لون كلب أهل الكهف ،وشجرة آدم ،ونوع
عصا موسى عليه السلم.
أحسن الطرق في التفسير ،تفسير القرآن بالقرآن ،وقد فسر النبي :الظلم
بأنه الشرك ،لما قالوا :أينا لم يظلم نفسه ،في قوله } :الذين آمنوا{ .....
ثم بالسنة ،مثل } :أل إن القوة ،{ ...الوحي ،رواه مسلم.
ومثل } :للذين أحسنوا { ....فسرها بالرؤية.
ومثل } :طبقا ً عن طبق { ....حال ً بعد حال ،رواه البخاري.
ثم بأقوال الصحابة ،ثم باللغة العربية ،وأقوال التابعين.
9ــ أمور يجب الحذر منها:
1ــ نقل أقوال المفسرين في العقيدة والصفات من غير نظر وتأمل في
معتقد السلف.
2ــ الخوض فيما استأثر الله بعلمه.
3ــ التهجم على التفسير من غير آلة مع الجهل بأقوال الشريعة واللغة.
ل ،والتفسير تابعا ً له. 4ــ العتقاد مثل الستدلل ،وجعل المذاهب أص ً
س
5ــ الحذر من تفسير العوام للقرآن ،مثل } وقل اعملوا ،{ ...و } ول تن َ
نصيبك { ...ومن جهلهم يزيدون في القرآن ) :وكفى الله المؤمنين شر( .....
بل يضعون آية من عندهم ) :قد جعل الله لكل شيء سببا ً (
بعض المعاني اللطيفة:
ــ قد يعبر عن شيئين ،والمقصود واحد ،مثل } :نسيا حوتهما { ،والذي نسي
واحد.
ــ } يا معشر الجن والنس ألم يأتكم رسل منكم { ،والرسل من النس.
ــ } يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان { ،وهو الملح.
190
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
ل } :والسارق ،{ ....فختم الية بغفور ــ بين اليات و خواتيمها تناسب ،فمث ً
رحيم ،فقال أعرابي:
هذا ل يصح....
ــ لكن قد يكون الختم في نظرنا غير مناسب ،لكن أعظم مما نظن ،مثل
قول عيسى عليه السلم} ،إن تعذبهم
...العزيز الحكيم { ،فهذا مقام تبرؤ من عملهم ،وليس استشفاعًا.
ــ قد يذكر الشيء من غير مقابلة ،مثل } :أصحاب الجنة } ،{ ...خير
لكم.{ ...
ن،{ .. ً ً ً
ــ من الخبر ما يكون إنشاًء و طلبا ،أمرا و نهيا } :والوالدات يرضع ّ
} ومن دخله كان أمنًا{ .
} فل رفث } ،{ .....فإمساك بمعروف } ،{ ...عليكم أنفسكم{ ...
ــ ليس كل أسلوب موجود عند العرب يجوز وقوعه في القرآن ،مثل :الهجاء
والمدح المفرط والهزل ،فالجماع
يسمى في القرآن ملمسة أو مس أو دخول } :فلما تغشاها ،{ ...وكذا قضاء
الحاجة يسمى غائطًا.
ــ فرق بين خاطىء ومخطىء ،فالول :آثم } ،إنك كنت من الخاطئين،{ ..
والثاني :معفو عنه:
}و ليس عليكم.{ ....
)(1 /
ــ لبد من معرفة المحذوف ،مثل } لكن الراسخون .....والمقيمين الصلة {،
والسبب في النصب على ستة أقوال ،ونقل النحاس عن سيبويه :أن النصب
على المدح ،أو على الذم ،مثل } :وامرأته حمالة{ ..
ــ من الكتب النافعة في هذا كتاب المسائل السفرية ،سئل عنها ابن هشام،
وهو مسافر ،ومنه قال تعالى:
}من شفع شفاعة ،{ ...والكفل :النصيب ،فلم غاير بينهما ،فالجواب :أن
تنويع اللفظ أعذب من تكراره ،فقيل زعم بعضهم أن النصيب من الخير،
والكفل من الشر ،فكان ذكره أنسب ،فقال :هذا مردود بقوله} :يؤتكم
كفلين من رحمته.{ ..
http://www.abdslam.comالمصدر:
)(2 /
191
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
وقال السدي وجماعة :تنزع بالموت إلى ربها ،وغرقا ً إغراقا في الصدر ،وقال
أيضا :النفوس تحن إلى أوطانها وتنزع إلى مذاهبها ،ولها نزع عند الموت .
وقال عطاء وعكرمة :القسي أنفسها تنزع بالسهام .وقال عطاء أيضًا:
الجماعات النازعات بالقسي وغيرها إغراقا ً .وقال مجاهد :المنايا تنزع
النفوس.وقيل :النازعات :الوحوش تنزع إلى الكل.
وقيل :جعل الغزاة التي تنزع في أعنتها نزعا تغرق فيه العنة لطول أعناقها
لنها عراب ،والتي تخرج من دار السلم إلى دار الحرب ،قاله في الكشاف .
غَْرقا ً أي :إغراقًا ،وهي المبالغة في الفعل.
وقال ابن عباس وعلي :أو غرقا ً في جهنم ،يعني نفوس الكفار .
ت قال ابن عباس ومجاهد :الملئكة تنشط النفوس عند الموت، طا ِ ش َ َوالّنا ِ
ي :تحلها وتنشط بأمر الله حيث كان. أ ْ
وقال ابن عباس أيضا وقتادة والحسن والخفش :النجوم تنشط من أفق إلى ً
أفق ،تذهب وتسير بسرعة.
وقال مجاهد أيضًا :المنايا .وقال عطاء :البقر الوحشية وما جرى مجراها من
الحيوانات الذي ينشط من قطر إلى قطر.وقال ابن عباس أيضًا :النفوس
المؤمنة تنشط عند الموت للخروج.وقيل :التي تنشط للزهاق.
ي ومجاهد :الملئكة تتصّرف في الفاق بأمر الله ،تجيء ت قال عل ّ حا ِ ساب ِ َ َوال ّ
وتذهب.
قال قتادة والحسن :النجوم تسبح في الفلك .وقال أبو روق :الشمس
والقمر والليل والنهار.
وقال عطاء وجماعة :الخيل ،يقال للفرس سابح .وقيل السحاب لنها
كالعائمة في الهواء.
وقيل :الحيتان دواب البحر فما دونها وذلك من عظم المخلوقات.وقال عطاء
أيضًا :السفن.
وقال مجاهد أيضًا :المنايا تسبح في نفوس الحيوان.
ت قال مجاهد :الملئكة سبقت بني آدم بالخير والعمل الصالح. قا ِ ساب ِ ََفال ّ
وقال ابن مسعود :أنفس المؤمنين تسبق إلى الملئكة الذين يقبضونها ،وقد
عاينت السرور شوقا ً إلى لقاء الله تعالى.وقال عطاء :الخيل.وقيل:
النجوم.وقيل المنايا تسبق المال.
ت قال ابن عطية :ل أحفظ خلفا ً أنها الملئكة ،ومعناها أنها تدبر مد َب َّرا ِ َفال ْ ُ
المور التي سخرها الله تعالى وصرفها فيها ،كالرياح والسحاب وسائر
المخلوقات.
وقيل الملئكة الموكلون بالحوال :جبريل للوحي وميكائيل للمطر وإسرافيل
للنفخ في الصور وعزرائيل لقبض الرواح.وقيل :تدبيرها :نزولها بالحلل
والحرام .
ي :يظهر تقلب وقال معاذ :هي الكواكب السبعة ،وإضافة التدبير إليها مجاز ،أ ْ
الحوال عند قرانها وتربيعها وتسديسها وغير ذلك .
وإذا نظرنا في سياق السورة وجدناها تحفل بسياق عنيف وسريع ،وهم ل
خَرة ً َقاُلوا ت ِل ْكَ ظاما ً ن ّ ِع َ ذا ك ُّنا ِحافَِرةِ أ َئ ِ َن ِفي ال ْ َ
قوُلو َ
ن أئ ِّنا ل َ َ
مْرُدوُدو َ َ يزالون ? ي َ ُ
هم حد َة ٌ فَإ َِذا ُ جَرةٌ َوا ِ ي َز ْ ما هِ َسَرةٌ ? يجدون أمامهم ? فَإ ِن ّ َ خا ِ ِإذا ً ك َّرةٌ َ
ساهَِرةِ ? فسياق السورة يخطف البصار ويسوق النسان بسرعة هائلة ِبال ّ
ُ ْ
م ي َلب َثوا َ َ َ
م ي ََروْن ََها ل ْ م ي َوْ َإلى مصيره الذي يتساءل عن وقته فيجد الجابة ? كأن ّهُ ْ
ها ? . حا َ إّل عَشي ً َ
ض َ
ة أوْ ُ ِ ّ ِ
ووسط كل هذا العنف تخرج إلينا قصة موسى وفرعون ليضرب الله لك مثل
192
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
عمليا سريعا عمن تحدى الله بقوته واعتقد أن القيامة سراب كيف أخذه الله
َ قا َ َ
ة
خَر ِ ل اْل ِ كا َ ه نَ َخذ َهُ الل ّ ُ م اْل َعَْلى فَأ َ ل أَنا َرب ّك ُ ُ شَر فََناَدى فَ َ ح َ بسرعة وعنف ? فَ َ
وا ْ ُ
شى ?. خ َ من ي َ ْ ك ل َعِب َْرة ً ل ّ َ ن ِفي ذ َل ِ َ لوَلى إ ِ ّ َ
ثم ينقلك من قصص القرون الماضية إلى شيء تراه عيناك ولكن قلبك غافل
شد ّ م أَ َ ََ
عن تدبره ،فجأة تراه أمامك مما يجعلك فعل تنظر إليه وبإمعان ? :أأنت ُ ْ
هاحا َ ض َج ُ خَر َش ل َي ْل ََها وَأ َ ْ ها وَأغْط َ َ
ها رفَع سمك َها فَسوا َ َ
َ ّ ماء ب ََنا َ َ َ َ ْ َ س َ
َ
خْلقا ً أم ِ ال ّ َ
ّ ً َ ْ َ َ ْ
مَتاعا لك ُ ْ
م ها َ سا َ ل أْر َ جَبا َ ها َوال ِ عا َ
مْر َ ها وَ َ ماء َ من َْها َج ِ خَر َ ها أ ْ حا َ ك دَ َ ض ب َعْد َ ذ َل ِ َ
َوالْر َ
ة الك ُب َْرى ? ساعتها ْ م ُ ّ
ت الطا ّ جاء ِ م ? .وفجأة تقوم القيامة ? فَإ َِذا َ وَِل َن َْعا ِ
مك ُ ْ
تتذكر كل ما فعلت في حياتك ،ولكن المشكلة أنك تبدأ وأنت في قراءة تلك
سَعى ? .وأنت في ما َ ن َ سا ُ لن َ م ي َت َذ َك ُّر ا ْ ِاليات بتسير شريط حياتك أمامك ? ي َوْ َ
من ي ََرى ? . م لِ َ حي ُ ج ِ ت ال ْ َحال تذكرك هذا تفاجأ ?وَب ُّرَز ِ
)(1 /
أما أوائل السورة إذا دققنا في كل ما قيل من معاني حوله – ولحظ أنها
ليست السورة الوحيدة التي تحتفل بكثرة التأويل لياتها -وجدناها تجمع بين
الشدة والسرعة والذهاب بقوة وعنف إلى مكان معلوم .إن تلك الكلمات
أشبه بدوال مجهولة الهوية أو كثيرة المعاني تدل على مدلول واحد ،وهو قوة
الله في الكون ،وأن النسان حتما سينقضي أجله ،بل فعل يشعر النسان في
سورة النازعات بأنه سينتقل إلى العالم الخر فور إنتهائه من السورة.
)(2 /
193
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
مراميها الحقيقية بصيغ وأساليب عدة أبرزها -ول ريب -محاولة تعليق المعاناة
القاسية للمرأة الشرقية على الرجل المسلم الجاهل ،ولكنها من وراء هذا
التعليق كانت تشير بإصبع التهام -ومن طرف خفي -إلى السلم نفسه،
والبيئة السلمية التي صاغها هذا الدين.
-3-
ومضت الصحفّية المذكورة فيما أسمته معركة تحرير المرأة إلى هدفها
المرسوم دون كلل أو ملل ..عقود عديدة والصحف المصرية ،وعدد من
الصحف العربية تتبارى بالدعوة المترعة حماسًا ،وتؤكد القول شهرا ً بشهر
ُ
ج في خّيل للناس ،لكثرة ما أعيد القول ول ُ ّ وأسبوعا ً بأسبوع ويوما ً بيوم ،حتى ُ
الطلب ،أن المرأة المسلمة تعاني فعل ً من الويلت ،وأنه قد آن الوان
لتخليصها -وبأسرع وقت -مما تعانيه.
ولم يكن المر صعبا ً إذا خلصت النية وصدق العزم ،فما على هذه المرأة
سوى أن تنظر إلى ما تفعله أختها في عالم الغرب فتحذو حذوه ،هناك حيث
تسترد ّ سعادتها الضائعة وكرامتها الممتهنة وحقها المسلوب.
والصوات المخلصة التي نبهت إلى خطورة اللعبة ،وخبثها ،بل إلى خطئها
ل -إلى أن يصمت ،أما أولئك وى عليها ،واضطر بعضها –فع ً ابتداء ،كاد ُيط َ
الذين واصلوا المجابهة فإن الصخب والضجيج الذي أحاط بدعوى )الصحفّية(
طى على أصواتهم؛ فلم يعد ُيعرف ما الذي تريد أن تقول. غ ّ
-4-
وتدور اليام دورتها ،وتزداد قنوات التصال بالحياة الغربية قوة وسرعة
وانتشارًا ،ويعرف الشرقيون من خلل الصحف والمجلت والسينما والذاعة
والتلفاز والدراسات والعمال الدبية المترجمة ،كم تعاني المرأة الغربية
هناك ،وكم تتعذب ..ويعرفون -كذلك -مقدار ماتتخبط فيه من مشاكل
س ومنّغصات ..ثم هم يعرفون ان المرأة المسلمة ،على ماتعانيه من ومآ ٍ
متاعب بسبب الرجل المسلم الجاهل ،ل السلم نفسه ،إنما تحيا حالة أقرب
إلى إنسانيتها ،وتكوينها ،ومطامحها ،من شقيقتها في الغرب بما ل يقبل
قياسًا!!
وتدور اليام دورتها فاذا أصوات قادمة من الغرب ،من نسوة غربيات
عالمات ومتخصصات ،لمجرد دعّيات أو مهّرجات ،تشير بالحرف الواحد إلى
أن الهندسة السلمية لدور المرأة في العالم هي الهندسة الوحيدة
المنسجمة بإعجاز باهر مع تكوين المرأة ومطالبها ،ورغائبها الجسدية
والنفسية ،وأن ماعداها ليس سوى الفوضى والتخبط والضلل وأن حصيلته
لن تكون سوى الشقاء الذي يلف المرأة الغربية رغم مايبدو ظاهرا ً من أنها
تعيش سعيدة ،ولكنه ليس سوى الديكور الذي يخفي وراءه الوجه القبيح.
-5-
وتدور اليام دورتها فإذا عالم الغرب يشهد من الوقائع والحداث في دائرة
المرأة ،مايؤكد صدق هذه المقولت جميعًا ،فيتجاوز نطاق الجدل إلى ساحة
الرؤية المشهودة التي تحمل إقناعها المبين.
ونحن نعرف جميعا ً -على سبيل المثال فحسب -ماحدث في إيطاليا .فبعد
كفاح دام أكثر من عقد من الزمن قدر البرلمان اليطالي أن ينتزع بأغلبية
ساحقة حق الطلق بالنسبة لطرفي المعادلة الزوجية :الرجل والمرأة،
واعتبرت الصحف اليسارية ذلك انتصارا كبيرا لقضية النسان.
بينما كان )الطلق( بالنسبة للصحفية إياها واحدا ً من الهداف التي تسترت
وب عليها أعيرتها النارية دون كلل او ملل لمدى ثلثين أو وراءها ،وظلت تص ّ
194
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
أربعين عامًا!!
ترى ،أل تزال هذه المرأة المثابرة تصر على استمرار الحرب ضد الطلق،
الذي هو بمثابة صمام أمان لما قد يصيب الحياة الزوجية من مشاكل وشروخ
مستعصية ،والذي لم ُيمارس في عالم السلم ،رغم حّليته ،إل في نطاق
محدود إذا ما قورن بما شهدته الساحة الغربية نفسها ،بما فيه المعسكر
الشيوعي ،المر الذي تؤكده الحصائيات التي لتميل يمينا ً أو شما ً
ل؟
-6-
)(1 /
195
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
وخرائط دقيقة تتحرك المرأة على ضوئها ،فل تهدر طاقاتها أو تضيع.
والسلم -كما هو شأنه في كل مسائل الحياة -يرتب سلما ً للولويات هو
بمثابة ضرورة من الضرورات الجتماعية بل الحضارية ،وهو هنا بصدد وظيفة
المرأة ،يجعل مهمتها في مؤسسة السرة هي القاعدة ،أو الضرورة ،أو
المهمة الولى في وجودها ،وبعدها تتسلسل الوظائف والمهمات ،على ضوء
الحاجة الجتماعية ،ووفق الظرف التاريخي الذي يعيشه شعب من الشعوب.
فعندما كانت الدولة السلمية الفتية تقاتل خصومها في كل مكان ،عندما
كانت مهمتها تعزيز مكانتها في الرض بأيد لم تكن تكفي لتنفيذ هذا الهدف
الكبير كان لبد للمرأة أن تدخل طرفا ً في المعادلة ،وأن تقف إلى جانب
الرجل تحمل السلح وتقاتل.
وعندما كانت المة السلمية تجابه التحديات الحضارية ،بعد الفتح ،وتعمل
عقلها لتنفيذ قيمها العقدية في واقع الحياة ،وتشكيل التيار الثقافي الذي
يحمل صبغتها ،كان لبد للمرأة كذلك أن تدخل طرفا ً في المهمة ،وأن تكتب
دث وتعّلم وتتعلم ..إلى آخره .. وتح ّ
لم يقل أحد في الحالتين بأن المرأة خرجت عن دورها المرسوم ،وأن عليها
أن ترجع لكي تظل في البيت .ولكن كانت مهمتها كربة بيت ..كزوجة ..
وأم ..ومربية ..هي القاعدة التي أكد عليها السلم ،وغدت في حس
المسلمين بمثابة بداهة من البداهات .وكانت المعادلة بهذه الصيغة واضحة
ومقنعة ،ولم يترتب عليها -كما يتوهم عشاق جلب المتاعب الحضارية أي
معضلة تقتضي دراسة أو حل ً ..
ً
وتجيء الصحفّية المثابرة لكي تصرخ على مدى أربعين عاما بأن على المرأة
أن ترفض عبوديتها للبيت ،وأن تخرج لكي تحقق أنوثتها وحريتها وتكسب
حقها المهدور دون أن تدرك -هذه الصحفّية -أو لعلها تدرك وتتعمد التجاهل،
أن أنوثة المرأة لن تتحقق إل من خلل وظيفتها الساسية كزوجة وأم
ومربية ،وإل من خلل كونها طرفا ً في معادلة الحياة والتخلق ،تلك التي تضم
الرجل والمرأة والطفال ،منذ كان هنالك تقابل بين الرجل والمرأة من أجل
استمرار الحياة.
-8-
ومسألة التحجب ،كانت هي الخرى الساحة التي قدمت فيها صاحبتنا فنونا ً
من الثارة بالكلمة الحادة التي تجرح وتدمي ،وبالصورة التي تكاد الحرف
فيها تصرخ حتى تبح أصواتها.
)(2 /
فما دامت المرأة الغربية قد كشفت عن ساقيها فإنه يتحتم على المرأة
الشرقية المسلمة أن تكشف هي الخرى عن ساقيها ..ومادامت المرأة
الغربية قد عرضت جانبا ً من ثدييها فإن لزميلتها المسلمة أن تحذو حذوها ..
مادامت المرأة الغربية قد لطخت وجهها وهي تغادر البيت بحفنات من
شت على جسدها حفنات أخرى من العطور فإن للمرأة الحمر والبيض ور ّ
المسلمة أن تلطخ وترش هي الخرى ..مادامت المرأة الغربية تلهث وراء
)الموضات( الجديدة في عالم الزياء فإن المرأة الشرقية يجب أن تلهث هي
الخرى ،وترغم زوجها على أن يلهث هو الخر لكي يغطي مطالبها جميعا ً ..
لماذا؟ هل ثمة أي قيمة )حضارية( تكمن في الطبيعة المتعهرة التي تكون
عليها المرأة في الشارع أو الدائرة أو المعمل؟ هل ثمة أي عرقلة أو إعاقة
196
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(3 /
197
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
خرج الثنان في سيارة الول وأثناء سيرهم صادفتهم نقطة تفتيش ..بادر عبد
الرحمن بفتح درج السيارة ليخرج دفتر بيانات السيارة وإذا به يرى تلك
الصور العارية!
صمت رهيب يلف السيارة يتبعه زفير قوي من بدر الذي مل العرق وجهه بعد
أن أشار له الشرطي بمواصلة السير ..يلتفت على عبد الرحمن فإذا به
يستغفر الله ويحمده ليدور هذا الحوار..
عبد الرحمن :ما هذه الصور يا بدر؟
بدر :لقد طلبها أحد الطلبة مني و أنا ذاهب لعطيها إياه.
عبد الرحمن :أل تعلم أنك ترتكب معصية؟ أل تعلم أن من دل على ضللة فله
آثام من تبعه ل ينقص من آثامهم شيئا؟ أل تخاف الله؟ أتخاف الشرطي
المخلوق ول تخاف الخالق؟ أ..
بدر مقاطعا بتهكم يكفي خلص دع خطبك للمسجد أنا ما زلت شابا وما أفعله
أهون من أن أزني وسأتوب عندما يهديني الله ولست بحاجة لخطبتك.
عبد الرحمن :أنزلني هنا فلن أشاركك في الثم.
يعود بدر للمنزل يغلق باب غرفته ..يشغل الكمبيوتر ..ويبدأ بمزاولة هوايته
في البحث عن المواقع الباحية ..صور ماجنة وأفلم هذا ما أحتاجه لرفه عن
نفسي بعد كلم ذلك المتخلف ..ما أجملها ..يقوم فيوصد الباب ..نعم
سأجلس عاريا وأتخيل نفسي معهم ..إنه شعور جميل ..ولو مارست العادة
السرية فسيكون أجمل وأكثر واقعية ..نعم إنها النشوة التي تسعد النسان
حقا..
وما هي إل لحظات حتى أنهى شهوته الشيطانية ولكن ما هذا اللم الشديد
في صدري ..آه يصرخ وقد تلوثت يده ..يا رب ..يا رب ..آه يشتد اللم يفتح
الباب وإذا بوالديه أمامه ..لقد أنساه اللم لبس ملبسه إنها حلوة الروح بل
إنها الفضيحة.
يحاول تبرير المنظر ولكن ملك الموت كان أسرع منه ليموت على تلك
الصورة...
إنها قصة خيالية ولكن هل يستطيع أحد مدمني المواقع الباحية أن يضمن
عدم تكرار هذا المشهد فيكون مكان بدر؟ وهل يتمنى أحدنا أن يموت مثل
تلك الميتة؟
بالطبع ..ل إذن بادر أخي بالتوبة قبل أن تختم حياتك بخاتمة سوء وتذكر أن
الله يفرح بتوبة العبد وهو القائل " :قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم
ل تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا"
إخواني لقد كتبت ملخص هذه القصة في ذلك الموقع و لله الحمد تأثر بها
عدد من رواد تلك المواقع إنه أسلوب من أساليب الدعوة أتركه لمن أراد
إتباعه.
هم يستخدمون العناوين الجذابة للفساد فلم ل نستخدمها للدعوة؟؟
الرسالة الثانية:
أخي الكريم ..أختي الكريمة...
السلم عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد:
اجعل هذه الرسالة حجة لك ل عليك.
قال الله -تعالى ) -إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم
عذاب أليم في الدنيا والخرة( سورة النور.
هل تعلم :أن ما تقوم به من تبادل الصور الفاضحة يعتبر سيئة جارية.
)أي أن إثمها وإثم من نشرها جار معك حتى تتوب إلى الله(.
198
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(1 /
199
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
معُْلوم ٍ {] الحجر [ ،يخاطب عباده في حديث قدسي فيقول )) :يا عبادي لو ّ
أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت
كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إل كما ينقص المخيط إذا ًأدخل
قَراء ف َ م ال ْ ُ َ َ
س أنت ُ ُ البحر (( ] رواه مسلم [2577ويقول سبحانه َ } :يا أي َّها الّنا ُ
ميد ُ {] فاطر[ . ح ِ ي ال ْ َ ه هُوَ ال ْغَن ِ ّ إ َِلى الل ّهِ َوالل ّ ُ
ل ينقص خزائنه من كثرة العطايا ،ول ينفد ما عنده ،وهو يعطي العطاء
ق { ] النحل [96 :قال النبي عليه عند َ الل ّهِ َبا ٍ ما ِ فد ُ و َ َ م َين َ عند َك ُ ْ ما ِ الجزيل } َ
الصلة والسلم )) يد ُ الله ملى ل تغيضها نفقه سحاُء الليل والنهار ،أرأيتم ما
أنفق منذ خلق السماء والرض ؟ فإنه لم يغض ما في يده ،وكان عرشه
على الماء وبيده الميزان يخفض ويرفع (( ] رواه البخاري 684ومسلم
. [993
هذا غنى الله ،وهذا عطاؤه ،وهذه خزائنه ،يعطي العطاء الكثير ،ويجود في
هذا الشهر العظيم ؛ لكن أين السائلون ؟ وأين من يحولون حاجاتهم من
المخلوقين إلى الخالق ؟ أين من طرقوا البواب فأوصدت دونهم ؟ وأين من
ة ! يحب سألوا المخلوقين فُردوا ؟ أين هم ؟ دونكم أبواب الخالق مفتوح ً
السائلين فلماذا ل تسألون ؟ .
لماذا الدعاء ؟!
ل يوجد مؤمن إل ويعلم أن النافع الضار هو الله سبحانه ،وأنه تعالى يعطي
من يشاء ،ويمنع من يشاء ،ويرزق من يشاء بغير حساب ،وأن خزائن كل
شيء بيده ،وأنه تعالى لو أراد نفع عبد فلن يضره أحد ولو تمال أهل الرض
كلهم عليه ،وأنه لو أراد الضر بعبد لما نفعه أهل الرض ولو كانوا معه .ل
يوجد مؤمن إل وهو يؤمن بهذا كله ؛ لن من شك في شيء من ذلك فليس
ه إ ِل ّ هُوَ وَِإن ف لَ ُ ش َ كا ِ ضّر فَل َ َ ه بِ ُ ك الل ّ ُ س َ س ْ م َ بمؤمن ،قال الله تعالى } :وَِإن ي َ ْ
م{ حي ُ فوُر الّر ِ ْ
عَبادِهِ وَهُوَ الغَ ُ ن ِ م ْ شاُء ِ من ي َ َ ب ب ِهِ َ صي ُ ضل ِهِ ي ُ ِ ف ْ خي ْرٍ فَل َ َرآد ّ ل ِ َ ك بِ َ ي ُرِد ْ َ
] يونس . [107 :
َ َ ُ
ن{ جأُرو َ ضّر فَإ ِلي ْهِ ت َ ْ م ال ّ سك ُ م ّ نعم والله ل ينفع ول يضر إل الله تعالى } إ َِذا َ
] النحل [53 :
ن إ ِل إ ِّياه ُ { ] السراء [67 : ّ عو َ من ت َد ْ ُ ضل َّ حرِ َ ْ
ضّر ِفي الب َ ْ م ال ّ ْ سك ُ ُ م ّ } وَإ َِذا َ
ضلّ سقطت كل اللهة ،وتلشت كل المعبودات وما بقي إل الله تعالى } َ
ن
شْيئا ِ ْ
إ ً ن الل ّهِ َ م َ كم ّ ك لَ ُ مل ِ ُ من ي َ ْ ل فَ َ ن إ ِل ّ إ ِّياه ُ {] السراء } [67 :قُ ْ عو َ من ت َد ْ ُ َ
فعا ً { ]الفتح [11: م نَ ْ َ
ضّرا ً أوْ أَراد َ ب ِك ُْ َ ُ َ
أَ َ ِ ْ َ
م ك ب د را
ل يسمع دعاء الغريق في لجة البحر إل الله .ول يسمع تضرع الساجد في
خلوته إل .ول يسمع نجوى الموتور المظلوم وعبرته تتردد في صدره ،
وصوته يتحشرج في جوفه إل الله .ول يرى عبرة الخاشع في زاويته والليل
هّ
فى } {7الل ُ خ َ سّر وَأ َ ْ م ال ّ ه ي َعْل َ ُ ل فَإ ِن ّ ُ قو ْ ِجهَْر ِبال ْ َ قد أسدل ستاره إل الله }وَِإن ت َ ْ
ماء ال ْ ُ َ
سَنى {]طه [8:يغضب إذا لم ُيسأل ،ويحب كثرة ح ْ س َ ه اْل ْ ه إ ِّل هُوَ ل َ ُ َل إ ِل َ َ
اللحاح والتضرع ،ويحب دعوة المضطر إذا دعاه ،ويكشف كرب المكروب
خل َ َ َ
فاء م ُ جعَل ُك ُ ْ سوَء وَي َ ْ ف ال ّ ش ُ عاه ُ وَي َك ْ ِ ضط َّر إ َِذا د َ َ م ْ ب ال ْ ُ جي ُ من ي ُ ِ إذا سأله }أ ّ
َ َْ
ن {]النمل. [62: ما ت َذ َك ُّرو َ معَ الل ّهِ قَِليل ً ّ ه ّ ض أإ ِل َ ٌ الْر ِ
روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
)) يتنزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل
الخر فيقول :من يدعوني فأستجيب له ؟ من يسألني فأعطيه ؟ من
يستغفرني فأغفر له ؟(( ] رواه البخاري 7494ومسلم [758
200
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(1 /
الله أكبر ،فضل عظيم ،وثواب جزيل من رب رحيم ،فهل يليق بعد هذا أن
يسأل السائلون سواه ؟ وأن يلوذ اللئذون بغير حماه ؟ وأن يطلب العباد ُ
حاجاتهم من غيره ؟ أيسألون عبيدا ً مثلهم ،ويتركون خالقهم ؟! أيلجأون إلى
ضعفاء عاجزين ،ويتحولون عن القوي القاهر القادر ؟! هذا ل يليق بمن
تشرف بالعبودية لله تعالى ،يقول النبي صلى الله عليه وسلم )) من نزلت
به فاقة فأنزلها بالناس لم ُتسد ّ فاقته ،ومن نزلت به فاقة فأنزلها بالله
فيوشك الله له برزق عاجل أو آجل (( ] رواه أبو داود 1645والترمذي
وصححه . [ 2326
فضل الدعاء
ل العبادات ؛ بل هو العبادة كما قال النبي صلى الله عليه إن الدعاء من أج ّ
ل الحاجة والفتقار لله تعالى ل السؤال ،وذ ّ وسلم ؛ ذلك لن فيه من ذ ّ
والتضرع له ،والنكسار بين يديه ،ما يظهر حقيقة العبودية لله تعالى ؛
ولذلك كان أكرم شيء على الله تعالى كما قال النبي عليه الصلة والسلم
)) ليس شيء أكرم على الله من الدعاء (( ] رواه الترمذي وحسنه 3370
وابن ماجه . [3829
عَباِدي عَّني فَإ ِّني َ َ َ
سألك ِ ب إليه من نفسه } وَإ َِذا َ وإذا دعا العبد ربه فربه أقر ُ
ّ َ ْ ْ ْ ْ ُ
م
مُنوا ِبي لعَلهُ ْ جيُبوا ِلي وَلي ُؤْ ِ ن فَلي َ ْ
ست َ ِ عا ِداِع إ َِذا د َ َ
ب د َعْوَةَ ال ّجي ُ
بأ ِ ري ٌقَ ِ
ن{] البقرة ، [186 :قال ابن كثير رحمه الله تعالى )) :في ذكره دو َش ُي َْر ُ
تعالى هذه الية الباعثة على الدعاء متخللة بين أحكام الصيام إرشاد إلى
الجتهاد في الدعاء عند إكمال العدة بل وعند كل فطر كما روى ابن ماجه
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال :قال النبي صلى الله عليه
وسلم )) :إن للصائم عند فطره دعوة ً ما ترد (( ]رواه ابن ماجه ، 1753
وانظر تفسير ابن كثير [ 328 /1دعوة ٌ عند الفطر ما ترد ،ودعاء في ثلث
ة خير من ألف شهر ،فالدعاء فيها خير من الدعاء في الخر مستجاب ،وليل ٌ
ل معدودات . ألف شهر .ما أعظمه من فضل ! وأجزله من عطاء في ليا ٍ
فمن يملك نفسه وشهوته ،ويستزيد من الخيرات ،وينافس في الطاعات ،
ويكثُر التضرع والدعاء .
ليالي الدعاء
ل تعظم فيها الهبات ،وتنزل الرحمات ،وتقال ُ نحن نعيش أفضل الليالي ،ليا ٍ
العثرات ،وترفع الدرجات .
ب العالمين فهل يعقل أن تقضى تلك الليالي في مجالس الجهل والزور ،ور ُ
ينزل فيها ليقضي الحوائج .يطلع على المصلين في محاريبهم ،قانتين
خاشعين ،مستغفرين سائلين داعين مخلصينُ ،يلحون في المسألة ،
ويرددون دعاءهم :ربنا ربنا .لنت قلوبهم من سماع القرآن ،واشرأبت
نفوسهم إلى لقاء الملك العلم ،واغرورقت عيونهم من خشية الرحمن .
فهل هؤلء أقرب إلى رحمة الله وأجدر بعطاياه أم قوم قضوا ليلهم فيما
حرم الله ،وغفلوا عن دعائه وسؤاله؟ كم يخسرون زمن الرباح ؟ وساء ما
عملوا ؟ ما أضعف هممهم ،وما أحط نفوسهم ،ل يستطيعون الصبر ليالي
معدودات !!
من يستثمر زمن الربح ؟!
هذا زمن الربح ،وفي تلك الليالي تقضى الحوائج ؛ فعلق – أخي المسلم –
حوائجك بالله العظيم ،فالدعاء من أجل العبادات وأشرفها ،والله ل يخيب
201
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
َ
م { ] غافر [60 : ب ل َك ُ ْ ج ْ ست َ ِ عوِني أ ْ م اد ْ ُل َرب ّك ُ ُمن دعاه قال سبحانه } :وََقا َ
ن } {55وَل َ دي َمعْت َ ِ ب ال ْ ُ ح ّ ه ل َ يُ ِ ة إ ِن ّ ُفي َ ً ضّرعا ً وَ ُ
خ ْ م تَ َ عوا ْ َرب ّك ُ ْ وقال تعالى } :اد ْ ُ
بري ٌ َ ّ ً َ ً َ َ س ُ ْ
ت اللهِ ق ِ م َ ح َن َر ْ معا إ ِ ّ وفا وَط َ خ ْ
عوه ُ َ حَها َواد ْ ُ صل ِ ض ب َعْد َ إ ِ ْدوا ِفي الْر ِ ف ِ تُ ْ
ن{] العراف . [56: ني س ح
ُ ْ ِ ِ َ م ْ ل ا ن
م َ ّ
العلقة بين الصيام والدعاء
بري ٌ عَباِدي عَّني فَإ ِّني قَ ِ ك ِ سأ َل َ َ آيات الصيام جاء عقبها ذكُر الدعاء } وَإ َِذا َ
ّ َ ْ ُ
ن{ دو َ ش ُ م ي َْر ُ
مُنوا ِبي لعَلهُ ْ جيُبوا ْ ِلي وَلي ُؤْ ِ
ْ ن فَل ْي َ ْ
ست َ ِ عا ِ داِع إ َِذا د َ َب د َعْوَةَ ال ّ جي ُ أ ِ
] البقرة [186 :قال بعض المفسرين )) :وفي هذه الية إيماٌء إلى أن
الصائم مرجو الجابة ،وإلى أن شهر رمضان مرجوة دعواته ،وإلى
مشروعية الدعاء عند انتهاء كل يوم من رمضان (( ] التحرير والتنوير
[2/179والله تعالى يغضب إذا لم يسأل قال النبي عليه الصلة والسلم
)) من لم يسأل الله يغضب عليه (( ] رواه أحمد 2/442والترمذي . [ 3373
الله تعالى أغنى وأكرم
مهما سأل العبد فالله يعطيه أكثر ،عن أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي
عليه الصلة والسلم قال )) :ما من مسلم يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم
ول قطيعة رحم إل أعطاه الله بها إحدى ثلث :إما أن تعجل له دعوته ،وإما
أن يدخرها له في الخرة ،وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها .قالوا :إذا ً
نكثر ،قال :الله أكثر (( ] رواه أحمد .[3/18
)(2 /
والدعاء يرد القضاء كما قال النبي عليه الصلة والسلم )) ل يرد القضاء إل
الدعاء ،ول يزيد في العمر إل البر (( ] رواه الترمذي وحسنه 2139والحاكم
وصححه . [1/493وفي حديث آخر قال عليه الصلة والسلم )) :الدعاء
ينفع مما نزل ومما لم ينزل فعليكم عباد الله بالدعاء (( ] رواه أحمد 5/234
والحاكم [1/493فالله تعالى أكثر إجابة ،وأكثر عطاًء .
الذل لله تعالى حال الدعاء
ل وخضوع لله تعالى وانكسار وانطراح بين يديه ،قال ابن إن الدعاء فيه ذ ٌ
رجب رحمه الله تعالى :وقد كان بعض الخائفين يجلس بالليل ساكنا ً مطرقا ً
برأسه ويمد يديه كحال السائل ،وهذا من أبلغ صفات الذل وإظهار المسكنة
والفتقار ،ومن افتقار القلب في الدعاء ،وانكساره لله عز وجل ،
واستشعاره شدة الفاقةِ ،والحاجة لديه .وعلى قدر الحرقةِ والفاقةِ تكون
إجابة الدعاء ،قال الوزاعي :كان يقال :أفضل الدعاء اللحاح على الله
والتضرع إليه (( ] الخشوع في الصلة ص . [72
أيها الداعي :أحسن الظن بالله تعالى
والله تعالى يعطي عبده على قدر ظنه به ؛ فإن ظن أن ربه غني كريم
جواد ،وأيقن بأنه تعالى ل يخيب من دعاه ورجاه ،مع التزامه بآداب الدعاء
أعطاء الله تعالى كل ما سأل وزيادة ،ومن ظن بالله غير ذلك فبئس ما ظن
،يقول الله تعالى في الحديث القدسي )) :أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه
إذا دعاني (( ] رواه البخاري 7505ومسلم . [2675
الدعاء في الرخاء من أسباب الجابة
إذا أكثر العبد ُ الدعاء في الرخاء فإنه مع ما يحصل له من الخير العاجل
والجل يكون أحرى بالجابة إذا دعا في حال شدته من عبد ل يعرف الدعاء
إل في الشدائد .روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه
202
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
وسلم )) :من سره أن يستجيب الله له عند الشدائد فليكثر من الدعاء في
الرخاء (( ] رواه الترمذي وحسنه 3282والحاكم وصححه . [544 /1
ومع أن الله تعالى خلق عبده ورزقه ،وأنعم عليه وهو غني عنه ؛ فإنه تعالى
يستحي أن يرده خائبا ً إذا دعاه ،وهذا غاية الكرم ،والله تعالى أكرم
الكرمين .
روى سلمان رضي الله عنه فقال :قال النبي صلى الله عليه وسلم )) :إن
ي كريم يستحيي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفرا ً خالتين (( ] الله حي ّ
رواه أبو داود 1488والترمذي وحسنه . [3556
العبرة بالصلح ل بالقوة
قد يوجد من ل يؤبه به لفقره وضعفه وذلته ؛ لكنه عزيز على الله تعالى ل
يرد له سؤال ً ،ول يخيب له دعوة ،كالمذكور في قول النبي صلى الله عليه
وسلم )) رب أشعث مدفوع بالبواب لو أقسم على الله لبره (( ] رواه
مسلم . [2622
أيها الداعي :ل تعجل
إن من الخطأ أن يترك المرء الدعاء ؛ لنه يرى أنه لم يستجب له ورسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول )) :يستجاب لحدكم ما لم يعجل فيقول :
قد دعوت فلم يستجب لي (( ] رواه البخاري 6340ومسلم . [2735
موّرقٌ العجلي )) :ما امتلت غضبا ً قط ،ولقد سألت الله حاجة منذ قال ُ
عشرين سنة فما شفعني فيها وما سئمت من الدعاء (( ] نزهة الفضلء ص
. [398
وكان السلف يحبون الطالة في الدعاء قال مالك )) :ربما انصرف عامر بن
عبد الله بن الزبير من العتمة فيعرض له الدعاء فل يزال يدعو إلى الفجر ((]
نزهة الفضلء . [484ودخل موسى بن جعفر بن محمد مسجد رسول الله
صلى الله عليه وسلم فسجد سجدة في أول الليل فسمع وهو يقول في
ب عندي فليحسن العفو عندك يا أهل التقوى ويا أهل م الذن ُ
سجوده )) :عظ ُ
المغفرة ،فما زال يرددها حتى أصبح (( ] نزهة الفضلء . [538
الصيغة الحسنة في الدعاء
ينبغي – أيها المسلم – أن تقتفي أثر النبياء في الدعاء ،سئل المام مالك
عن الداعي يقول :يا سيدي فقال )) :يعجبني دعاء النبياء :ربنا ربنا ((
] نزهة الفضلء . [621
هذه أيام الدعاء
هذا بعض ما يقال في الدعاء ،ونحن في أيام الدعاء وإن كان الدعاء في كل
وقت ؛ لكنه في هذه اليام آكد ؛ لشرف الزمان ،وكثرة القيام .فاجتهد في
هذه اليام الفاضلة فلقد النبي صلى الله عليه وسلم يشد فيها مئزره ،
وُيحيي ليله ،ويوقظ أهله .كان يقضيها في طاعة الله تعالى ؛ إذ فيها ليلة
القدر لو أحيا العبد السنة كلها من أجل إدراكها لما كان ذلك غريبا ً أو كثيرا ً
لشرفها وفضلها ،فكيف ل ُيصّبر العبد نفسه ليالي معدودة .
فاحرص – أخي المسلم – على اغتنام هذه العشر ،وأر الله تعالى من
نفسك خيرا ً .فلربما جاهد العبد ُ نفسه في هذه اليام القلئل فقبل الله منه ،
وكتب له سعادة ل يشقى بعدها أبدا ً ،وهي تمّر على المجتهدين واللهين
سواء بسواء ؛ لكن أعمالهم تختلف ،كما أن المدون في صحائفهم يختلف ،
فل يغرنك الشيطان فتضيع هذه اليام كما ضاع مثيلتها من قبل .
)(3 /
203