You are on page 1of 5

‫ساحة جامع الفنا في مراكش بالمغرب فضاء‬

‫ُّع‪ ،‬كانت قديما‬


‫ّض‬‫َّب‬
‫للفرجة والت‬
‫النواة ألحياء بنيت في العهد المرابطي‬
‫خالل القرن الثاني عشر الميالدي‬
‫حول جامع ابن يوسف الشهير‪ ،‬ولكنها بقيت‬
‫حتى عصرنا هذا تضج بالوقائع واألحداث‬
‫‪.‬والمباهج‬
‫وظلت الساحة مركز إشعاع خالل العصور‬
‫المختلفة‪ ،‬واستعرض فيها ملوك ذاك‬
‫الزمان جيوشهم وانطلقت كتائبهم لمعارك‬
‫التوحيد وحروب السيادة‪ ،‬واستمدت اسمها‬
‫َناء مشروع المسجد‬‫في العصر السعدي من ف‬
‫األكبر األعظم بحي روض الزيتون جوار عصر‬
‫العاهل المغربي في القرن السادس عشر‬
‫‪.‬الميالدي‬
‫ساحة جامع الفنا عصية على التعريف‪ ،‬صعب‬
‫أن يكون لها مثال وهي ليس لها مثيل‪،‬‬
‫تبدو ساحة من أسفلت تحيط بها دكاكين‬
‫وفنادق ومقاهي ودروب‪ ،‬معمارها تؤثثه‬
‫حلقات الفرجة من الفقهاء ورواة الحديث‬
‫والسيرة النبوية والقصاصة والحكواتيين‬
‫والمغنيين والراقصين والفلكيين‬
‫والعرافين والفكاهيين والواشمات‬
‫‪.‬ومخضبات الحناء‬
‫تستمر الفرجة في ساحة جامع الفنا طيلة "‬
‫النهار وجزءا من الليل وسط دهشة السياح‬
‫األجانب مما يقدم في الحلقات من غرائب‬
‫الحركات البهلوانية والفكاهية وألعاب‬
‫"السيرك والسحر‬
‫تستمر الفرجة في ساحة جامع الفنا طيلة‬
‫النهار وجزءا من الليل وسط دهشة السياح‬
‫األجانب مما يقدم في الحلقات من غرائب‬
‫الحركات البهلوانية والفكاهية وألعاب‬
‫السيرك والسحر‪ ،‬يتحلق حول أبطالها‬
‫وشخوصها رواد يذكون أجواء الحماس‬
‫بالتصفيق وعبارات الثناء وزغرودات‬
‫‪.‬النساء‬
‫ويجود رواد الحلقات من المواطنين‬
‫والسياح األجانب ببعض الدريهمات لفائدة‬
‫رجل الحلقة سواء كان قرداتيا أو‬
‫بهلوانيا أو مطربا أو مروض أفاعي‪...‬‬
‫فليس لهؤالء أجر غير ما تجود به أريحية‬
‫‪.‬المتفرجين نظير الدعاء بالخير والبركات‬
‫وتتردد على الساحة جماهير غفيرة‪ ،‬فليس‬
‫ويزور الساحة لزائر يحل بمدينة مراكش إال‬
‫ليستمتع بجمال الفنون الشعبية‬
‫المغربية‪ ،‬والساحة تستقطب سنويا ماليين‬
‫الزوار ويعتبر من روادها مشاهير الفن‬
‫العالمي من السينمائيين والمغنيين‬
‫والرسامين والمصورين‪ ،‬كما ولع بها‬
‫‪.‬سياسيون ومثقفون ومفكرون ورؤساء دول‬
‫ويتألأل ليل ساحة جامع الفنا بالفوانيس‬
‫التقليدية التي تبدو من سطوح المقاهي‬
‫المطلة خلف دخان المشويات من اللحوم‬
‫والنقانق في المطاعم الشعبية في الهواء‬
‫الطلق التي تقدم صنوف األكل المغربي من‬
‫الكسكس والبسطيلة والبقول والسمك‬
‫‪.‬والمقليات والدجاج والطاجين المغربي‬
‫وتنطلق الفرجة في الساحة في الساعات‬
‫األولى من صباح كل يوم بحلقات‬
‫الحكواتيين والقصاصة الذين يغتنمون‬
‫أجواء الهدوء قبل أن تعج الساحة بالصخب‬
‫والحركة وارتفاع أصوات الموسيقى‬
‫والطبول وتستمر الفرجة إلى ما بعد‬
‫منتصف الليل كموسم من مواسم الوالئم أو‬
‫عرائس القبائل‪ ،‬تتوسط الحلقات ابتداء‬
‫من وقت الغروب موائد األكل المتنقلة‬
‫‪.‬والمنتصبة في الهواء الطلق‬
‫وتحيط بالساحة أسواق شعبية تاريخية‬
‫حافلة بمختلف البضائع من الصناعات‬
‫التقليدية المغربية كالمنحوتات‬
‫والمنتوجات الجلدية واللباس التقليدي‬
‫من القفطان والجلباب والزرابي وغيرها‪،‬‬
‫وبإمكان الزائر أن يتسوق في محيط‬
‫الساحة ويأخذ حاجاته من الفواكه ويبلل‬
‫ريقه بكؤوس عصير الليمون البارد الذي‬
‫‪.‬يعرض في عربات على امتداد محيط الساحة‬
‫إن ساحة جامع الفنا بكياناتها تثير‬
‫اهتمام وإعجاب كل من يزورها من العالم‬
‫أجمع‪ ،‬وقد تساءلت أكثر من جهة في‬
‫العديد من الدول عن كيفية إحداث ساحات‬
‫مشابهة في بعض مدنها‪ ،‬لكن األمر يبدو‬
‫عصيا‪ .‬إنه كما يقول خوان غويتوصولو‬
‫الكاتب اإلسباني المقيم في مراكش وأحد‬
‫المغرمين بالساحة وقد كان له فضل‬
‫اعتراف اليونسكو بها ثراثا شفهيا‬
‫إنسانيا‪ ،‬أنه يمكن إزالة ساحة جامع‬
‫الفنا بقرار إداري ولكن يشق إحداثها أو‬
‫‪.‬شبيه لها بقرار إداري‬
‫ساحة جامع الفنا ليست وحسب موئال "‬
‫للذاكرة الشعبية وفضاء للثراث الشفهي‪،‬‬
‫"بل إنها أيضا أفق المستقبل‬
‫يقول غويتوصولو إن ساحة جامع الفنا‬
‫ليست وحسب موئال للذاكرة الشعبية وفضاءا‬
‫للثراث الشفهي ليست هي وفقط متحفا المرئ‬
‫يعشق القديم‪ ،‬بل إنها أيضا أفق‬
‫المستقبل‪ ،‬مستقبل مراكش الذي يتطلع‬
‫إليه سكان المدينة بكل اآلمال واألماني‪.‬‬
‫"‪.‬إن المدينة بغير الساحة ال أهمية لها‬
‫ويضيف أن الفرنسيين شيدوا برج إيفل‪،‬‬
‫وهو اليوم يعتبر رمز العاصمة الفرنسية‬
‫باريس وفرنسا ككل‪ .‬أما ساحة جامع الفنا‬
‫فتأسست عبر التاريخ تلقائيا من طرف‬
‫المجتمع المغربي ليس بقرار إداري أو‬
‫بإرادة سياسية وهي اليوم رمز مراكش بل‬
‫رمز المغرب يجب احترامها وحمايتها وهذه‬
‫"‪.‬مسؤولية اإلنسانية ومسؤولية العالم ككل‬
‫وتعتبر اليونسكو ساحة جامع الفنا تراثا‬
‫شفهيا إنسانيا منذ العام ‪ 2002‬عندما‬
‫ترأس المدير العام السيد كوتشيرو‬
‫ماتسورا االحتفال الرسمي لإلعالن في ‪18‬‬
‫مارس‪ /‬آذار من نفس السنة معلنا بذات‬
‫المناسبة "أن اختيارها تم‬
‫اعتبارا لحضورها الثقافي والحضاري عبر امتداد عميق في التاريخ‬
‫جسد قيم التسامح والتعايش بين الثقافات واألديان‪ ،‬ولجهود كياناتها في‬
‫‪".‬استمرار إشعاعها بحلقات الرواية والحكاية ومختلف الفنون‬
‫________‬

You might also like