You are on page 1of 34

‫فكر شيخ أنتاديوب‬

‫وكتابه " األصول الزنجية لمحضارة المصرية "‬

‫إعداد‬

‫ناصر الحاوي‬

‫‪2012‬‬

‫‪1‬‬
‫أووً‪ :‬النشأة والتعميم‪:‬‬

‫‪ - 1‬النشأة‬

‫‪ Cheikh Anta Diop‬في ‪ 29‬ديسمبر ‪ 1923‬بقرية " كايتو "‬ ‫ولد " شيخ انتا ديوب "‬
‫‪ ، Caytou‬والتي تقع بمنطقة " ديوربيؿ " ‪ Diourbel‬داخؿ بمدة " بايؿ كايور " ‪Baol-Cayor‬‬
‫بالقرب مف بمدة " بامبي " ‪ Bambey‬والتي تبعد ‪ 150‬كيمو متر عف عاصمة السنغاؿ " داكار "‬
‫‪Massamba Sassoum‬‬ ‫‪ ، Dakar‬وبعد والدتو بقميؿ توفي والده " ماسمبا ساسوـ ديوب "‬
‫‪ Diop‬ليتركو ألمو التي راعتو لتعيش حتى عاـ ‪ ، 1984‬وتزوج " شيخ انتا ديوب " ‪Cheikh‬‬
‫‪ Anta Diop‬مف إمرأة فرنسية تدعى " ماري لويز مايس " ‪ Louise Marie Maes‬بعد اتماـ‬
‫دراساتو العميا في التاريخ والجغرافيا ‪ ،‬ورزؽ منيا ب ػ ػػاربعة مف االبناء ‪ ،‬وتوفي " شيخ انتا ديوب "‬
‫‪ Cheikh Anta Diop‬في ‪ 7‬فبراير ‪ 1986‬وتـ دفنو حسب رغبتو في قريتو " كايتو "‬
‫‪ Caytou‬ليكوف بجوار جده الكبير " ساسوـ ديوب " ‪ Sassoum Diop‬مؤسس القرية‪.‬‬

‫‪ - 2‬التعميم ‪:‬‬

‫في عاـ ‪ 1927‬حيث كاف سنة مف اربع لخمس سنوات تـ ارسالة إلى احدى المدارس لتعمـ‬
‫‪l'École‬‬ ‫القرآف الكريـ ‪ ،‬ثـ التحؽ بإحدى المدارس الفرنسية في " ديوربيؿ االقميمية "‬
‫‪ Régionale de Diourbel‬ليحصؿ منيا عمى شيادة االبتدائية في عاـ ‪ ، 1937‬وفي عاـ‬
‫‪ Saint-Louis‬بالعاصمة " داكار " ليحصؿ عمى‬ ‫‪ 1938‬التحؽ بمدرسة " سانت لويس "‬
‫البكالوريوس في عاـ ‪ 1945‬وىي شيادة مقابمة لشيادة الميسانس في الرياضيات والفمسفة في‬
‫فرنسا ‪ ،‬وخالؿ دراستو في المدرسة الثانوية كاف يدافع عف المغة األفريقية ‪ ،‬وطالب بصياغة‬
‫التاريخ السنغالي بالمغة االفريقية ‪ ،‬وفي الفترة نفسيا ظيرت افكاره األولى التي رسمت الحقا‬
‫مشروعو لمنيضة الثقافية واالستقالؿ السياسي الفريقيا السوداء‪.‬‬

‫وقاـ بعمؿ مبادرة إلنشاء رابطة الطالب االفارقة في باريس ‪ ،‬وكاف أوؿ رئيس ليا " شيخ فاؿ "‬
‫‪ ، Cheikh Fall‬و " أمادو محتار " ‪ Amadou Mahtar M'Bow‬الذي اصبح في غضوف‬
‫سنوات قميمة ذو شأف في ا لدولة السنغالية ‪ ،‬ومنذ عاـ ‪ 1947‬ظؿ " شيخ انتا ديوب " بجانب‬

‫‪2‬‬
‫‪- le wolof et le sérère‬‬ ‫ابحاثو ودراساتو يعمؿ في البحث ودراسة لغة الولوؼ وسيرير‬
‫‪ Henri Lhote‬مكتشؼ‬ ‫المغات االفريقية السنغالية – وظؿ عمى اتصاؿ مع " ىنري لوت "‬
‫الموحات الجدارية المسماه " تاسيمي " ‪ Tassili‬في صحراء السنغاؿ‪.‬‬

‫وفي عاـ ‪ 1948‬أكمؿ دراستو في الفمسفة والتحؽ بكمية العموـ ‪ ،‬وفي نفس العاـ نشرت لو أوؿ‬
‫‪Étude linguistique‬‬ ‫دراسة في المغة وكانت تحت عنواف " دراسات في لغة الولوؼ "‬
‫‪ ouolove – Origine de la langue et de la race valaf‬في مجمة " اؿحاضر االفريقي‬
‫" ‪ Présence Africaine‬التي أنشأىا المثقؼ البارز " أليوف ديوب "‪ Alioune Diop‬في عاـ‬
‫‪ 1947‬ومعو نخبة مف المتعمميف السود بفرنسا ‪ ،‬وقد قدمت ىذه المجمة دراسات كثيرة ذات طابع‬
‫فكري ‪ ،‬وقاـ شيخ انتا ديوب في نفس العاـ بنشر مقالة بالعدد الخاص لمجمة " المتحؼ الحي "‬
‫‪ Le Musée Vivant‬وكانت تحت عنواف " متى يمكف لممرء أف يتحدث عف نيضة افريقية ؟ "‬
‫? ‪ Quand pourra-t-on parler d'une renaissance africaine‬وتناوؿ في جزء منيا‬
‫مسألة تطور المغات االفريقية ‪ ،‬واقترح في المقاؿ لممرة االولى لفكرة الدراسات االنسانية لالفريقي‬
‫‪ humanités africaines‬في الحضارة المصرية القديمة‪.‬‬

‫وفي عاـ ‪ 1949‬قدـ اطروحة لمحصوؿ عمى درجة الدكتوراه في األداب مف جامعة السوربوف ‪،‬‬
‫وكانت تحت عنواف " مستقبؿ الثقافة في الفكر االفريقي " ‪L'avenir culturel de la pensée‬‬
‫‪ ، africaine‬وكاف المشرؼ عمى الرسالة البروفسور " جاستوف باشالرد ‪Gaston Bachelard‬‬
‫‪ ،‬ولكف لجنة التحكيـ بالجامعة رفضت إجازتيا لتضمنيا أفكا اًر غير مألوفة‪ ،‬ومناقضة لألفكار‬
‫التي يسعى الغرب لترويجيا‪ .‬ونشر مضموف األطروحة في كتاب لمجمة "الحاضر األفريقي"‬
‫ونشر بعنواف األمـ الزنجية والثقافة‪ ،‬وتـ ترجمة أجزاء منو إلى العربية بعنواف "األصوؿ الزنجية‬
‫لمحضارة المصرية القديمة"‪.‬‬

‫وفي عاـ ‪ 1950‬حصؿ عمى شيادة في اؿفيزياء ‪ ،‬وفي نفس العاـ عقد عدة مؤتمرات بالسنغاؿ‬
‫كاف ليا أصداء إعالمية كبيرة ىناؾ ‪ ،‬ومف أبرز المواضيع التي طرحيا " التعميـ بالمغات‬
‫االفريقية األـ ‪ ،‬واألسس الثقافية لمحضارة االفريقية الحديثة "‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫وفي نياية المطاؼ عاد انتا ديوب إلى السنغاؿ عاـ ‪ 1960‬بعد حصولو عمى درجة الدكتوراه ‪،‬‬
‫وأنشأ معمالً لمعموـ في داكار ‪ ،‬وقاـ بالتدريس في معيد أفريقيا السوداء ‪ ،‬واستطاع أف ينشر‬
‫افكاره في المحاضرات والمؤلفات ‪ ،‬وشارؾ في الميرجاف األسود العالمي األوؿ لمفنوف والثقافة‬
‫‪ 1981‬وحتى وافتو‬ ‫عاـ ‪ ،1966‬قاـ بالتدريس في جامعة اآلداب والعموـ اإلنسانية منذ عاـ‬
‫ديوب (‪)DACU‬‬ ‫‪ ،1986‬وتـ تحويؿ اسـ جامعة داكار إلى جامعة أنتا‬ ‫المنية في عاـ‬
‫‪ poiD atnA hkiehC fo ytisrevinU‬في ‪ 30‬مارس ‪ ، 1987‬وذلؾ تكريماً ليذا المفكر‬
‫العبقري الذي كرس حياتو لمدفاع عف تاريخ وحضارة وكرامة القارة السمراء ‪ ،‬وترؾ لنا تركة مف‬
‫الكتابات بالمغة الفرنسية ترجمت إلى اإلنجميزية‪.‬‬

‫توجهاته ‪:‬‬

‫عمى الرغـ مف أف شيخ أنتاديوب كاف يدرس العموـ المجردة ‪ ،‬لكف رغـ الجيد الذي بذلو في‬
‫دراسة ىذا العمـ ‪ ،‬لكف القضية التي كانت تشغؿ فكره ىي قضية الزنوجة ‪nègres et Culture‬‬
‫والتي حاوؿ مف خالليا دراسة النظريات العممية المتعمقة بالماضي االفريقي ‪ ،‬والتي اثبت مف‬
‫ىو دفع‬ ‫خالؿ دراساتو أف اليدؼ الغير معمف مف قبؿ المستعمر مبر اًر لسياستو االستعمارية ‪،‬‬
‫الزنجي إلى االعتقاد – تحت ستار العمـ – بأنو لـ يكف في يوـ مف األياـ مسئوال عف أي شئ‬
‫ذي باؿ ‪ ،‬وال حتى عف ما يوجد لديو ‪ ،‬وىكذا يصبح التخمي والعدوؿ عف أي طموح قومي أم ار‬
‫يسي ار لدى المتردديف ‪ ،‬ويتـ تعزيز ردود الفعؿ الدافعة إلى الخضوع لدى مف عانو مف قبؿ‬
‫االغتراب ‪ ،‬لذا واجو شيخ انتاديوب بافكاره العديد مف المنظريف في خدمة االستعمار والذيف برعوا‬
‫جميعا في الترويج ألفكارىـ وتدريسيا عمى نطاؽ واسع‪.‬‬

‫واستخداـ المستعمر كذلؾ التبعية الثقافية كأداة لمسيطرة قديـ قدـ العالـ ‪ ،‬فقد لجأ إليو كؿ شعب ‪،‬‬
‫في كؿ مرة غ از فييا أراضي شعب آخر‪ .‬وأفريقيا واجيت ذلؾ في كؿ البمداف المستعمرة ‪ ،‬ويرى‬
‫شيخ انتاديوب أنو كاف مف المتوقع أف يحدث رد فعؿ طبيعي لمدفاع عف النفس مف جانب‬
‫الشعوب االفريقية ‪ ،‬في مواجية الطمس الثقافي واإلساءة المتعمدة لمثقافة األفريقية ‪ ،‬ورفض كؿ‬
‫النظريات التي تحدثت في ىذا الشأف ووصفيا بالزائفة ‪ ،‬ألنيا ال تسعى لمتوصؿ لمحقيقة‪ .‬وقاؿ‬
‫أف ىذه النظريات لو كانت بالفعؿ تحرص عمى اليوية الثقافية ألفريقيا فمماذا حاولت فرض‬

‫‪4‬‬
‫التربية الزائفة لمتاريخ األفريقي لمشعوب األفريقية عمى األجياؿ المتعاقبة وحالت دوف الوصوؿ‬
‫لمحقيقة‪.‬‬

‫لذا توصؿ إلى أف مف الضروري أف يعكؼ األفارقة عمى دراسة تاريخيـ وحضارتيـ لكي يتعرفوا‬
‫عمى أنفسيـ عمى نحو أفضؿ ‪ ،‬ويتوصموا مف خالؿ الدراية الحقيقية بماضييـ إلى جعؿ تمؾ‬
‫األسمحة بالية ومثيرة لمسخرية ‪ ،‬وغير فعالة بالتالي‪ .‬غير أف ىذه الفكرة التي كاف مف المفترض‬
‫أف تكوف مسألة دارجة وشائعة ال تزاؿ أبعد مف أف تكوف مسألة مفروغا منيا بالنسبة لكافة‬
‫األفارقة‪.‬‬

‫لذا كاف شيخ انتاديوب قد طرح تصوره لممفكريف الذيف سبقوه وعاصروه ‪ ،‬وقد وضع ىذا التصور‬
‫لممفكريف في عدة اتجاىات في ىذا الصدد يمكف التمييز بينيا كالتالي ‪-:‬‬

‫أوالً‪ :‬الكوزموبوليتيوف أدعياء العمـ ودعاة الحداثة ‪:‬‬

‫يضـ ىذا الفريؽ كؿ األفارقة الذيف يفكروف عمى النحو التالي ‪ :‬إف التنقيب في أطالؿ الماضي‬
‫لمتوصؿ إلى حضارة إفريقية ليس سوى مضيعة لموقت إزاء الطابع الممح لممشاكؿ القائمة ‪ ،‬وىو‬
‫موقؼ عفا عميو الزمف‪ .‬وعمينا أف نقطع صمتنا بكؿ ىذا الماضي المشوش اليمجي والمحاؽ‬
‫بالعالـ الحديث الذي تندفع تقنياتو بسرعة االلكترونات‪ .‬والعالـ في طريقة إلى التوحد ‪ ،‬وعمينا أف‬
‫نكوف في طميعة التقدـ‪ .‬وسيحؿ العمـ في القريب العاجؿ كافة المشاكؿ الكبرى بحيث تصبح تمؾ‬
‫المشاغؿ المحمية والثانوية غير ذات موضوع‪ .‬وال مجاؿ ألف تكوف ىناؾ لغات تعبر عف ثقافة ما‬
‫سوى لغات أوربا التي أثبتت أصال قدرتيا عمى ذلؾ ‪ ،‬مما يعني أنيا قادرة عمى نقؿ الفكر العممي‬
‫الحديث وأنيا عالمية فعالً‪.‬‬

‫وكاف لشيخ انتاديوب موقفا مف ىذا التصور ‪ ،‬وىو أف ىذا التيار يعاني مف االنسالخ الثقافي ‪،‬‬
‫ويدعو إلى االندماج ويعتبره المخرج الوحيد ‪ ،‬وىذا في وجية نظر شيخ انتاديوب قصر نظر‬
‫ثقافي ليؤالء وربما يعبر عف عجزىـ عف اقتراح حموؿ ممموسة وصالحة لممشاكؿ التي يتعيف‬
‫حميا لكي يكؼ االندماج عف أف يكوف ضرورة ظاىرية‪ ،‬واعتبرىـ كالنعامة التي تضع رأسيا في‬
‫التراب لتتنكر مف موضوعية وطبيعة المشكمة‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫وقدـ تصوره عف فكرة الحداثة في مواجية تصور ىؤالء حيث قاؿ " بأف الحداثة في نظره ليست‬
‫مرادفاً لقطع الصمة مع منابع الماضي الحية‪ .‬وعمى العكس فإف الحداثة تعني إندماج عناصر‬
‫جديدة لبموغ نفس مستوى الشعوب األخرى ‪ ،‬ال إلى أجزائو التي ذبمت ولكف عمى الجزء الحي‬
‫والقومي مف الماضي الذي تتـ دراستو بما فيو الكفاية لكي يتمكف أي شعب مف التعرؼ عمى‬
‫نفسو خاللو‪ .‬فتجميد الروح القومية لشعب ما في حدود ماضي مغاير لمحقيقة يشكؿ أحد‬
‫األساليب الكالسيكية لمسيطرة ‪ ،‬ولكف إذا كاف الغرض الذىاب إلى مدى أبعد ‪ ،‬واذا كاف‬
‫المطموب محو شعب ما لمحموؿ محمو في غضوف عدة عقود ‪ ،‬فيجب التوصؿ إلى تفتيت‬
‫مجتمعو ‪ ،‬أي دفع النخبة – أو مف تعتبرىـ الجماىير مف أفرادىا – إلى المشاركة بطريقة إجرامية‬
‫أو بريئة في تفتيت المجتمع وسحؽ النصيب الحي مف الماضي وترؾ القيـ األساسية التي كانت‬
‫بمثابة لحمة المجتمع ( التاريخ ‪ ،‬المغات ‪ ....‬الخ ) نيبا لميالؾ "‪.‬‬

‫وتابع شيخ انتاديوب كالمو قائال " بما أنني أضع ثقتي في ىؤالء المتحضريف لمغاية الذيف‬
‫أصبحت أفكارىـ في مجموعيا مرجعا لي ‪ ،‬فإف كؿ فكرة صائبة تدخؿ في ىذا النطاؽ تكوف‬
‫كذلؾ بالنسبة لي أيضاً‪ .‬ولكنيـ يولوف العناية بكؿ دقة لتاريخيـ ويمجدونو كؿ يوـ بينما يبذلوف‬
‫كؿ جيد لتزوير تاريخي بكؿ دأب‪ .‬فبوسعي إذف أف استنتج مف موقفيـ ىذا أف ىناؾ أىمية ال‬
‫تقدر بثمف ألف يعرؼ أي شعب تاريخو الحقيقي "‪.‬‬

‫وفي النياية رفض انتاديوب ىذا الرأي وعمؽ قائالً " ال غرابة في أال تتكوف أغمبية ىذا الفريؽ مف‬
‫العمماء‪ .‬ويتعيف بالطبع عمى أفريقيا أف تستوعب الفكر العممي الحديث بأسرع ما يمكف ؛ بؿ‬
‫يجب أف نتوقع منيا أكثر مف ذلؾ ‪ ،‬فالتغمب في ىذا المجاؿ عمى التأخر الذي تراكـ منذ عدة‬
‫قروف يتطمب منيا أف تخوض مسرح التباري الدولي وأف تسيـ في تقدـ العموـ الصحيحة في كافة‬
‫الفروع بمشاركة أبنائيا أنفسيـ‪ .‬بيد أنو يجب أال نكوف واىميف‪ :‬فيذا التطور لف يتحقؽ بالكامؿ‬
‫إال في اليوـ الذي ستصبح فيو إفريقيا مستقة تماماً‪ .‬فالسماح بتدريب كوادر تقنية بمعدالت فعالة‬
‫في بمداننا التابعة سيكوف بمثابة انتحار بالنسبة لمنظاـ االستعماري‪ .‬وفي ىذا الصدد يتـ تمديد‬
‫تنفيذ البرامج لفترة تكفي لكي يكوف قد تـ في الوقت نفسو تغيير الوسط وبالنسبة بيف عدد‬
‫المستوطنيف وأىالي البمداف األصمييف بحيث ال تعود افريقيا ممكاً لألفارقة‪ .‬وفي كؿ مرة يدعونا‬
‫فييا المستعمروف إلى التعاوف معيـ مف أجؿ التقدـ المشترؾ لشعبينا ‪ ،‬يكوف قصدىـ الخفي‬

‫‪6‬‬
‫التمكف مف الحموؿ محمنا‪ .‬ولذا فإف جؿ ما يقدمونو ليس سوى سراب واسع النطاؽ يضمؿ شعبنا‬
‫بأسره بتواطؤ البعص معيـ "‪.‬‬

‫ويتابع شيخ انتاديوب " وىكذا يصبح مف الجمي أف قياـ دوؿ أفريقية مستقمة متحدة في إطار‬
‫حكومة مركزية ديمقراطية ‪ ،‬تمتد مف شواطئ البحر ألبيض المتوسط الميبية حتى رأس الرجاء‬
‫الصالح ‪ ،‬ومف المحيط األطمسي حتى المحيط اليندي ‪ ،‬ىو وحده الذي سيتيح لألفارقة إمكانية‬
‫– بؿ وحبيـ –‬ ‫االزدىار تماماً واثبات قدراتيـ في مختمؼ مجاالت االبداع ‪ ،‬وفرض احتراميـ‬
‫والقضاء عمى كافة أشكاؿ الرعاية األبوية وطي صفحة مف صفحات الفمسفة ‪ ،‬واألسياـ في تقدـ‬
‫البشرية بإتاحة الفرصة لمتآخي بيف الشعوب الذي سيكوف أيسر خاصة ألنو سيكوف تآخياً بيف‬
‫دوؿ مستقمة بنفس الدرجة ال بيف مسيطريف مقيوريف "‪.‬‬

‫ويتابع " لذا فإف أنصار التقدـ والحداثة بشكؿ مجرد الذيف يتحاشوف إثارة القضية عمى ىذا النحو‬
‫واإلشارة إلى أف التقدـ الذي يبدو أنيـ ينشدونو ليس ممكناً في ظؿ النظاـ االستعماري الذي‬
‫يعيشوف فيو ‪ ،‬ال يمكنيـ أف يتغاضوا عف أبعاد ىذا الموقؼ الخطير الذي يتخذونو ‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬المثقؼ الذي أىمؿ تحسيف دراستو لمماركسية‪:‬‬

‫أو الذي درس الماركسية بسرعة أو بشكؿ مجرد دوف أف يفكر أبداً في تطبيقيا عمى الحالة‬
‫الخاصة التمثمة في الواقع االجتماعي لبمده‪.‬‬

‫ويقوؿ شيخ انتا ديوب " أف ىذا التيار يصفنا بالرجعية أو البرجوازية أو العنصري أو النازي ‪،‬‬
‫ويتعيف أف نعيد إلى األذىاف ما ُكتب مؤخ ار حوؿ ضرورة أف يعرؼ أي شعب تاريخو وأف يحافظ‬
‫عمى ثقافتو القومية‪ .‬واذا كانت ىذه الدراسة لـ تتـ بعد فمف الواجب القياـ بيا‪ .‬وال يعني ذلؾ أف‬
‫نختمؽ جممة وتفصيال تاريخا أجمؿ مف تاريخ الشعوب األخرى كي نخدر الشعب معنوياً خالؿ‬
‫مرحمة النضاؿ مف أجؿ االستقالؿ الوطني ‪ ،‬ولكف أف ننطمؽ مف تمؾ الفكرة البدييية ‪ ،‬أال وىي‬
‫أف لكؿ شعب تاريخا‪ .‬فمما ال غنى عنو لشعب ما لكي يوجو تطوره ‪ ،‬أف يكوف عمى دراية‬
‫بأصولو أياً كانت‪ .‬ولو تصادؼ أف كاف تاريخنا أجمؿ مما كنا نتوقع ‪ ،‬فمف يكوف ذلؾ سوى‬
‫تفاصيؿ مفرحة يجب أال تشعرنا بالحرج ما دمنا نقدـ أدلة موضوعية تساند ذلؾ ‪ ،‬وىو ما لف‬
‫نتأخر عف القياـ بو ىنا "‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫ومع أف األدلة الواىية التي ساقيا منظرو النازية ال تصمد أماـ أبسط التحميالت الموضوعية‬
‫لموقائع ‪ ،‬إال أف العديد مف األخصائييف سيتصدوف لموقائع المقدمة بحجج مراوغة لف تفي‬
‫بالمتطمبات الفكرية ألي ىاو غير متخصص‪.‬‬

‫واستشيد شيخ انتا ديوب بكالـ لينيف " غير أنكـ ترتكبوف خطأ إذا استنتجتـ مف ذلؾ أنو بوسع‬
‫المرء أف يصبح شيوعيا دوف أف يتمثؿ حصيمة المعارؼ اإلنسانية‪ .‬فمف الخطأ االعتقاد بأنو‬
‫يكفي استيعاب الشعارات الشيوعية واستنتاجات العمـ الشيوعي دوف استيعاب مجموع المعارؼ‬
‫التي تشكؿ الشيوعية ذاتيا أحد النتائج‪ ...‬إف الثقافة البروليتارية ال تنطمؽ بأكمميا مف حيث ال‬
‫ندري ‪ ،‬إنيا ليست مف ابتكار رجاؿ يعتبروف أنفسيـ إخصائييف في ىذا المجاؿ ‪ ،‬ىذا عبث‬
‫صرؼ ألف الثقافة البروليتارية يجب أف تظير كتطور طبيعي لحصيمة المعارؼ التي توصمت‬
‫إلييا البشرية "‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬الالقوميوف الشكميوف‪:‬‬

‫إنيـ أولئؾ الذيف قد يسوءىـ كممة زنجي ‪ ،‬يقوؿ عنيـ شيخ انتاديوب " أنيـ ينغمسوا في‬
‫صفصطو اقتصادية – أو باألحرى ليالحظوا – أنو العبث التحدث عف االستقالؿ القومي في ىذا‬
‫العصر المتميز باالعتماد المتبادؿ في االقتصاد‪ .‬ولو ىؤالء مخمصيف صادقيف لبينوا بذلؾ أنيـ‬
‫ال يروف بوضوح طبيعة ذلؾ باالعتماد المتبادؿ‪ .‬لقد انقضى بالطبع عيد االقتصاديات القومية‬
‫الصغيرة المنغمقة عمى نفسيا ‪ ،‬ومف المالحظ أيضاً أنو توجد سوؽ دولية تتوفر فييا منتجات مف‬
‫كافة القارات بفضؿ اكتساب السرعة التي ضيقت المسافات ‪ ،‬وتمؾ أفكار دارجة تتردد كؿ يوـ "‪.‬‬

‫وتابع متسائالً " ما ىي المشكمة االقتصادية التي يتعيف أف تعالجيا دولة إفريقية قوية تنبسط‬
‫أطرافيا لتشمؿ كؿ القارة تقريباً وتمتد حدودىا مف الشواطئ الميبية لمبحر األبيض المتوسط حتى‬
‫رأس الرجاء الصالح ‪ ،‬ومف المحيط األطمسي حتى المحيط اليندي؟ سيتعيف عمييا أف تبيع في‬
‫السوؽ الدولية منتجاتيا الفائضة وأف تشتري منيا ما تفتقر إليو إلى حد كبير مع تحاشي الوقوع‬
‫تحت ضغط أي غوؿ اقتصادي‪ .‬ونظ اًر لمدى القوة التي ستكتسبيا ىذه الدولة فإنيا لف تكوف‬
‫تابعة اقتصاديا لمدوؿ األخرى بقدر ما لف تكوف تمؾ الدوؿ تابعة ليا‪ .‬وىذا ىو مفيوـ االعتماد‬
‫المتبادؿ الذي يجب أف نتمسؾ بو ‪ :‬أف نتحاشى ‪ ،‬ميما كاف الثمف ‪ ،‬أف نكوف أتباعا آلخريف‬

‫‪8‬‬
‫بقدر ما ال يكونوف تابعيف لنا ‪ ،‬ألف التبعية ستؤدي آلياً إلى عالقات استعمار واستغالؿ مف‬
‫جانب واحد‪ .‬وىكذا تكوف فكرة قياـ اتحاد فيدرالي يضـ كافة الدوؿ السوداء في القارة مسألة‬
‫ضرورية لمغاية "‪.‬‬

‫وتابع " مف السيؿ أف نسترسؿ لكي نثبت أف استقالؿ مستعمرة السنغاؿ الصغيرة ‪ ،‬وكوت ديفوار‬
‫‪ ،‬وتوجو وداىومي ‪ ...‬الخ ‪ ،‬لف يكوف إال وىما ألنو سيتعيف عمى ىذه المستعمرات أف تخضع‬
‫فو اًر لكافة أشكاؿ الضغوط الخارجية وستدور آلياً ‪ ،‬بفعؿ القوى االقتصادية ‪ ،‬في فمؾ إحدى‬
‫الدوؿ الكبرى‪ .‬والحؿ الفيدرالي يقضى عمى مثؿ ىذا الوضع "‪.‬‬

‫وتابع " ويجري التساؤؿ أحيانا حوؿ ما يمكف أف نتصوره كأمـ في أفريقيا‪ .‬مف السيؿ تطبيؽ‬
‫تعريؼ ستاليف لألمة عمى االثيوبييف ‪ ،‬والبامبا ار ‪ ،‬والولوؼ ‪ ،‬الزولو ‪ ،‬اليوروبا ‪ ...‬الخ‪ .‬وتوجد‬
‫في السوداف وكوت ديفوار ‪ ،‬وتوجو ‪ ،‬والسنغاؿ ‪ ،‬وغينيا ‪ ،‬والنيجر ‪ ،‬وكينيا ‪ ،‬وجنوب افريقيا ‪،‬‬
‫والسوداف المسمى ( األنجمو مصري ) نوبات ألمـ ستتعزز مف خالؿ نضاليا مف أجؿ‬
‫االستقالؿ‪ .‬ومف العبث أف نحاوؿ اليوـ تحديد ما ىي بالضبط حدود ىذه األمـ ‪ ،‬واف كاف مف‬
‫الممكف أف نتنبأ مف اآلف لكؿ واحدة مف تمؾ المناطؽ بالمغات التي ستفرض نفسيا – مع احتماؿ‬
‫– بينما ال يوجد مجاؿ لمشؾ في وحدة الثقافة والتاريخ والطابع‬ ‫ضئيؿ في الوقوع في الخطأ‬
‫النفسي ‪ ،‬واف كاف الوسط الجغرافي يمثؿ قد اًر مف الوحدة‪ .‬وستحؿ المشكمة كما يتـ ذلؾ اآلف في‬
‫اليند ‪ ،‬أي أف الحدود الراىنة التي رسمت مف أجؿ تيسير االستغالؿ االستعماري ‪ ،‬أو حسب‬
‫المصادفات ‪ ،‬ليست بالضرورة غير قابمة لمتعديؿ وعمينا أف نييئ أذىاننا لكي تكوف مستعدة‬
‫لقبوؿ التغيير في المستقبؿ "‪.‬‬

‫وتابع " والواقع أف الشكمييف يخشوف بكؿ بساطة أال يكونوا مسايريف لألحداث ‪ ،‬وينـ موقفيـ ىذا‬
‫عف نوع مف التعالي الفكري ؛ ولو كاف موقفيـ متسقاً باتجاه مصمحة الشعب لقادىـ إلى التقدمية‬
‫‪ ،‬ولكف الوضع أبعد مف أف يكوف كذلؾ "‪.‬‬

‫وتابع " وتشف األوساط االستعمارية حممة منسقة ضد القومية في البمداف الخاضعة وتسعى مقدماً‬
‫إلجياضيا في كؿ مكاف ‪ ،‬ألف الروح القومية ‪ ،‬حتى واف كانت شوفينية لمغاية ‪ ،‬ليا عواقب‬

‫‪9‬‬
‫خطيرة بالنسبة لتمؾ األوساط‪ :‬فيي تقضى عمى امتيازاتيا وتأتي عمى سيطرتيا كالسيؿ الجارؼ‪.‬‬
‫لذا فبوسعنا أف نالحظ أف مف يمقوننا أف القومية قد تـ تجاوزىا ىـ ‪:‬‬

‫أ) قوميون برجوازيون من الدولة المستعمرة ناضموا في بالدىـ وحققوا تطمعاتيـ ولكف‬
‫القياـ بعمؿ مشابو مف جانبنا يقض مضاجعيـ‪ .‬وقد يكوف بوسعيـ أف يقولوا لنا أيضاً‪:‬‬
‫ولكف ماذا سيحؿ بنا لو فعمتـ نفس الشئ؟‬
‫فيـ غير قادريف‬ ‫ب) قوميون برجوازيون من الدول المستعمرة يجهمون حقيقة أنفسهم‪:‬‬
‫عمى التخمي عف فكرة وجوب احتفاظ الوطف الفرنسي بمستعمراتو بطريقة أو أخرى‪ .‬وىـ‬
‫يتساءلوف أيضاً عف مصير فرنسا بدوف ممتمكاتيا‪ :‬إنيـ يتصوروف أنو يمكف التوصؿ‬
‫إلى شكؿ لالتحاد الفرنسي يكوف قاد اًر عمى البقاء ويبحثوف عف صيغة بديمة‪ .‬ولكي‬
‫نظير عمى نحو أفضؿ شذوذ ذلؾ الترابط بيف دوؿ مستعمرة ومستعمراتيا ‪ ،‬فمنتصور‬
‫تعميـ ذلؾ في أفريقيا‪ :‬سيكوف معنى ذلؾ أف تظؿ مفتتة إلى األبد بيف فرنسا ‪ ،‬وانجمت ار ‪،‬‬
‫والبرتغاؿ ‪ ،‬وأسبانيا ‪ ،‬وجنوب أفريقيا تحت قيادة الدكتاتور ماالف ‪ ...‬الخ‪ُ .‬كتب النجاح‬
‫لمتستر عمى ىذا التفتيت إلفريقيا تحت اسـ التقدـ والديمقراطية ‪ ،‬لتحققت تمؾ الديمقراطية‬
‫العالمية عمى حساب بالدنا ‪ ،‬بمعنى أف تظؿ مقسمة ومستغمة مف جانب طرؼ واحد "‪.‬‬

‫وتابع "ىناؾ إذاً واجب عمينا أف نؤديو إزاء أوربا‪ :‬عمينا أف نساعدىا عمى التحرر مف العادات‬
‫القديمة التي اكتسبتيا مف خالؿ ممارستيا لالستعمار ‪ ،‬ودفعيا إلى إدراؾ الوجية الحقيقية‬
‫لمصالحيا التي لـ تعد قادرة حتى عمى تحديدىا‪ .‬فأوربا وحدىا ضعيفة لمغاية وفي حاجة إلى‬
‫المساعدة لمتوصؿ إلى ذلؾ‪ .‬غير أنيا لف تتأخر في اإلقداـ عمى ىذا األمر وعمى أسس‬
‫ديمقراطية حقاً في اليوـ الذي ستقتنع فيو بأنيا فقدت إفريقيا نيائياً ؛ وعندئذ سيبدو االتحاد‬
‫الفيدرالي األوربي الحؿ الوحيد بالنسبة لكؿ الذيف كانوا يتساءلوف حتى ذلؾ الوقت عف مصير‬
‫بالدىـ بدوف مستعمرات "‪.‬‬

‫رابعاً‪ :‬قد يكوف ىناؾ فريؽ مكوف مف عناصر تعتقد أف النضاؿ مف أجؿ لقمة الخبز اليومية ىو‬
‫وحده الميـ وأف كؿ ما عدا ذلؾ ليس سوى ىموـ مثقفيف ويجب أف نتحاشى االنشغاؿ بقضايا‬
‫زائفة‪ .‬وبوسعنا حينئذ أف نذكر ليـ مثاؿ فييتناـ الذي تعيف عميو أف يحؿ ىذه " القضايا الزائفة "‬
‫في األدغاؿ حيث اقتضى األمر تأسيس تعميـ بالمغة الدارجة مف أجؿ تدريب الكوادر‪ .‬ومف جية‬

‫‪10‬‬
‫أخرى يتضح مف كؿ ماجاء مف قبؿ أف االىتماـ بالقضايا الثقافية ىذه ليست إال مف أجؿ إكساب‬
‫ىذا النضاؿ كؿ فاعميتو وتحويمو إلى نضاؿ مف أجؿ االستقالؿ الوطني‪.‬‬

‫ثانياً المنطمقات الفكرية‪:‬‬


‫األهداف التً ٌسعى إلٌها ‪:‬‬
‫اليدؼ األوؿ ‪ :‬إعادة االعتبار لمتاريخ األفريقي والثقافة األفريقية والشخصية األفريقية عموماً ‪،‬‬
‫بعدما لحقيا مف تشويو عمى يد الكتابات األوربية والمؤرخيف ‪ ،‬لذلؾ سعى شيخ انتاديوب إلى‬
‫اثبات أف التاريخ األفريقي والثقافة األفريقية ال تقؿ عف كظيرتيا األوربية ‪ ،‬أي مساواة التاريخ‬
‫األفريقي بالتاريخ األوربي والثقافة األفريقية بالثقافة األوربية‪.‬‬
‫اليدؼ الثاني ‪ :‬حاوؿ أف يثبت تفوؽ وسمو التاريخ والثقافة األفريقية عمى نظيرىما في أوربا ‪،‬‬
‫ليس مجرد مساواة ‪ ،‬بؿ أخذ الجانب اآلخر ‪ ،‬وىو اثبات سمو وسبؽ الحضارة األفريقية ‪ ،‬وأف ليا‬
‫الفضؿ عمى التاريخ والثقافة األوربية‪.‬‬
‫وفي سبيؿ تحقيؽ ىذيف اليدفيف انطمؽ شيخ انتاديوب مف عدة منطمقات ‪-:‬‬
‫‪ .1‬ال قيمة لالستقالؿ السياسي دوف االستقالؿ الثقافي والحضاري‪ ،‬ومف ىذا المنطمؽ سعى‬
‫إلى الوصوؿ إلى االستقالؿ الثقافي والحضاري‪ ،‬واالفتخار بكؿ ما ىو أفريقي‪ ،‬وأف‬
‫االفتخار بالمجد الماضي يسبؽ االستقالؿ‪.‬‬
‫‪ .2‬التوظيؼ السياسي لمفكر (الوظيفة الكفاحية لمفكر السياسي) يرى أنو منذ التاريخ القديـ‬
‫بشكؿ غير حيادي لخدمة ىدؼ معيف مثؿ فرنسا فقاؿ أف الروماف فعموا‬ ‫ٍ‬ ‫واألفكار توظؼ‬
‫في أوروبا ما فعمو األوروبييف في أفريقيا‪.‬‬
‫‪ .3‬الخصوصية الحضارية‪ :‬لكؿ أمة ولكؿ قارة خصوصية ثقافية وسمات خاصة أي أنو‬
‫رفض ذوباف وانصيار الثقافات في إطار ثقافة عالمية‪.‬‬
‫‪ -‬الحجج والبراىيف التي استند إلييا أنتاجوب إلثبات ما تقدـ ‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬إيجاد المرجعية التاريخية ألفريقيا‪ :‬أراد أف يكوف ألفريقيا عصور تاريخية مثؿ التاريخ‬
‫األوروبي‪ ،‬فقسـ التاريخ األفريقي إلى عصور قديمة‪ ،‬ووجد أنو إذا كانت العصور التاريخية‬
‫‪ 400‬ـ مع بدايات القرف الخامس‪ ،‬فإف العصور‬ ‫القديمة ألوروبا تنتيي مع سقوط روما سنة‬
‫التاريخية القديمة ألفريقيا تنتيي مع الغزو الفارسي لمصر في القرف الخامس ؽ‪.‬ـ‪.‬‬
‫‪ 1453‬بسقوط‬ ‫‪ 410‬وانتيت عاـ‬ ‫واذا كانت العصور الوسطى في أوروبا قد تنتيي في‬
‫القسطنطينية في محمد الفاتح ‪ ،‬فإف العصور الوسطى في أفريقيا قد انتيت في عاـ ‪ 525‬ؽ‪.‬ـ‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫(القرف الثالث ؽ‪.‬ـ‪ ).‬بسقوط آخر األسر الفرعونية بغزو الفرس لمصر‪ ،‬وبالنسبة لمعصور الحديثة‬
‫فإنيا بدأت في أفريقيا في وقت مقارب لمعصور األوروبية الحديثة وترتبط بالكشوؼ الجغرافية في‬
‫أواخر القرف الخامس عشر‪.‬‬
‫أثبت أنتاديوب مف خالؿ التقسيـ السابؽ والمقارنة بيف العصور التاريخية لكمتا الحضارتيف‪ ،‬أف‬
‫التاريخ األفريقي ال يقؿ عظمة عف التاريخ األوروبي ويساويو ‪ ،‬ووجد أنو إذا كانت العصور‬
‫الوسطى األوروبية قد اتسمت بالجيؿ والتفتيت السياسي وغياب المركزية السياسية باستثناء‬
‫امبراطورية "شارماف" في القرف التاسع ‪ ،‬وبتحكـ الكنيسة الكاثوليكية في الحياة العامة‪ ،‬فإف‬
‫الوضع السائد في أفريقيا كاف مختمفاُ‪ ،‬بؿ أف أفريقيا كانت أكثر ازدىا اًر مقارنة بأوروبا فمف‬
‫الناحية السياسية وعمى الرغـ مف خضوع مصر لمفرس ثـ البطالمة ثـ الروماف إال أنو في قمب‬
‫القارة نشأت ممالؾ أخرى مثؿ امبراطورية غانا والتي عاشت عشر قروف ( ‪3‬ـ‪ .‬إلى ‪13‬ـ‪ ).‬وكاف‬
‫مقرىا في مالي حالياً‪ ،‬لدرجة أف األوروبيوف كانوا يرسموف في خرائطيـ غرب أفريقيا كعرش مف‬
‫الذىب‪ ،‬وكانت أفريقيا تعرؼ حكماً منظماً كما عرفت صناعة الحديد والبرونز‪ ،‬وأنو عندما‬
‫سقطت غانا ظيرت ممالؾ أخرى مثؿ مممكة مالي وسنغي وغيرىما‪ .‬كما كانت أفريقيا في‬
‫العصور الوسطى متقدمة في مجاالت العموـ عف أوروبا‪ ،‬حيث انتشرت الجامعات التي كاف مف‬
‫أشيرىا جامعة سانكوري في القرف العاشر كاف يدرس بيا نفس العموـ التي تدرس حالياً في األزىر‬
‫مثؿ الرياضيات والفمسفة والمنطؽ والفيزياء‪.‬‬
‫أثبت أنتاديوب كذلؾ مف خالؿ ىذا التقسيـ االستم اررية التاريخية‪ ،‬وأف التاريخ األفريقي يتسـ‬
‫بالتماسؾ والترابط وأنو متوالي العصور‪ ،‬وفند اإلدعاءات األوروبية بأف التاريخ األفريقي ما ىو إال أحداث‬
‫متقطعة‪ ،‬ال صمة وال رابطة بيف أحداثو كما جاء في كتابات ىيجؿ‪.‬‬
‫تفسير تأخر الشعوب وتقدمها‪:‬‬
‫تفسير تاريخي ‪ :‬فكرة الدورة التاريخية فالشعوب تمر بالنشأة ثـ تنمو ثـ تصؿ إلى أوج التقدـ ثـ تنحسر‬
‫وتتياوى وتنيار‪.‬‬
‫تفسير جغرافي ‪ :‬يربط التقدـ والتخمؼ بالمناطؽ الجوية فالمناخ البارد يساعد عمى التفكير بينما الجو‬
‫الحار يساعد عمى التخمؼ وعدـ التفكير‪.‬‬
‫رفض أنتاديوب التفسير الجغرافي لما يتسـ بو مف عنصرية وعدـ موضوعية‪.‬‬
‫وأنتيى أنتاديوب إلى أنو إذا كانت اليوناف ىي معجزة الحضارة األوروبية‪ ،‬فإف مصر القديمة ىي أصؿ‬
‫الحضارة الزنجية‪ ،‬وقد ساؽ العديد مف الحجج والبراىيف إلثبات ما تقدـ كما يمي‪:‬‬

‫‪12‬‬
‫أووً األدلة التاريخية وشهادات المؤرخين‪:‬‬
‫هيرودوت‪ :‬أشار ىيرودوت في كتاباتو أف مصر ىي أرض السود وشعبيا أسود الموف وليس أبيض‪.‬‬
‫‪ 150‬عاـ وأشار في كتابو "رحالت إلى‬ ‫فولني‪ :‬وىو رحالة فرنسي زار مصر قبؿ الحممة الفرنسية بػ‬
‫مصر وسوريا" إلى أف أسالؼ المصرييف كانوا مف السود‪ ،‬وعاب عمى األوروبييف قياميـ باستعباد‬
‫األفارقة الذيف عمموىـ األبجدية والحروؼ‪.‬‬
‫ثانياً األدلة الدينية ‪:‬‬
‫أوزوريس آلو الخير كاف أسود وست آلو الشر كاف أبيض‪ ،‬فمو كاف القدماء المصرييف ينتموف إلى‬
‫الجنس األبيض كانوا جعموا آلية الخير لونو أبيض وليس أسود‪ .‬بؿ يذىب البعض إلى القوؿ بأف الموف‬
‫األبيض في التقاليد المصرية القديمة ال يستحؽ الحياه وكاف ينظر إليو كشخص عاجز غير قادر عمى‬
‫الحياة‪.‬‬
‫المصريوف في التوارة ىـ أوالد حاـ وحاـ في المغة العبرية تعني أسود‪.‬‬
‫ثالثاً أدلة أثرية‪:‬‬
‫الدراسة العممية لمموميات المصرية تكشؼ عف المالمح الزنجية والطبيعة الزنجية لممصرييف‪ ،‬وأف مصر‬
‫ٍ‬
‫بدرجات متفاوتة ودوف بموغ المرحمة التي‬ ‫القديمة وحتى الغزو الفارسي كانت مأىولة بزيجات زنجية‬
‫تؤدي إلى عدـ االتساؽ والتواصؿ العرقي‪.‬‬
‫الرسوـ والجدارايات والتماثيؿ تثبت أف المصرييف كانوا مف الزنوج‪.‬‬
‫‪ 6‬ؽ‪.‬ـ‪ .‬وتفقد مصر استقالليا كدولة أـ‬ ‫التاريخ الفرعوني ينتيي مع الغزو الفارسي لمصر في القرف‬
‫ألفريقيا‪.‬‬
‫رابعاً األدلة المتصمة بعمم األجناس والدراسات البشرية‪:‬‬
‫يرى أف الصحراء الكبرى كانت مطيرة وعندما جفت اضطرت الجماعات إلى الرحيؿ إلى حيث المياه إلى‬
‫نير النيؿ ومع انحدار النير بدأت تتحرؾ الجماعات وبدأت تبني حضارتيا أي أف الحضارة المصرية‬
‫بدأت جنوباً ثـ امتدت شماالً وليس العكس كما يقوؿ الرأي السائد‪ .‬واستشيد باألىراـ التي وجدت في‬
‫السوداف وفسر وجودىا بأنيا كانت محاولة لتقميد مصر‪.‬‬
‫خامساً األدلة المغوية‪:‬‬
‫اسـ مصر القديمة كاف أرض كيمت ‪ Kimt‬وىي تعني أرض الناس السود وليس األرض كما ترجميا‬
‫البعض (التربة السوداء)‪.‬‬
‫تشابو بيف الييروغالفية وبعض المغات األفريقية مثؿ لغة الولوؼ‪ ،‬وعقد مقارنة لغوية ونحوية بيف‬
‫الييروغموفية والولوؼ مف ناحية المفردات ووجد تشابو كبير‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫المحور الثاني‪ :‬إثبات تفوق وسمو الحضارة األفريقية‬
‫أثبت أنتاديوب تفوؽ وسمو الحضارة األفريقية وفضميا عمى نظيرتيا األوروبية‪ ،‬مف خالؿ ثالث محاور‬
‫كما يمي‪:‬‬
‫أووً نقض األسطورة الحامية (خمع يافث وتنصيب حام)‪:‬‬
‫يرى انتاديوب أف كممة حاـ جرى توظيفيا عمى نطاؽ واسع ‪ ،‬فحاـ "ممعونا وممطخاً بالسواد‬
‫وسمفاً لمزنوج عندما يكوف ذلؾ في خدمة ألغراض الغرب ‪ ،‬ولكنو يصبح أبيض كمما جرى البحث عف‬
‫أصؿ الحضارة ‪ ،‬ويرى ديوب أف ىذا االزدواج والتناقض يفسراف ابتكار فكرة الحامييف الشرقييف‬
‫والغربييف‪ ،‬التي تيدؼ إلى حرماف الزنوج مف الكسب الذي ينشئ لمحضارة المصرية والحضارات األفريقية‬

‫األخرى‪.‬‬
‫فكرة المجتمعات األمومية واألبوية لنفض األسطورة الحامية‪ ،‬حيث توجد فكرة‬ ‫استخدـ أنتاديوب‬
‫سائد في أوروبا عف وجود مجتمعات أمومية زراعية في جنوب العالـ‪ ،‬وىي تشكؿ مرحمة تاريخية‬
‫وحضارية سابقة لممجتمعات األبوية الروعية (المجتمعات اليندوأوروبية) المنتشرة في الشماؿ‪ ،‬وأف ىذه‬
‫المجتمعات األبوية ىي في مرحمة حضارية أسمى مف المجتمعات األمومية‪ ،‬وبالتالي فالشماؿ أسمى‬
‫وأكثر تقدماً مف الجنوب‪.‬‬
‫سمـ أنتاديوب بفكرة المجتمعات األمومية واألبوية لكنو رفض فكرة األسبقية التاريخية‪ ،‬ويرى أنيما تزامنا‬
‫كما أثبت سمو ورقي المجتمعات األمومية عف األبوية مف خالؿ ما يمي‪:‬‬
‫التنظيم السياسي ‪ :‬المجتمعات األمومية والتي تمثؿ مصر نموذجاً ليا عرفت الدولة المركزية‪ ،‬عكس‬
‫المجتمعات األبوية التي أقصى ما عرفتو ىو دولة المدينة مثؿ أثينا وأسبارطة‪.‬‬
‫من الناحية الدينية واألخالقية ‪ :‬المجتمعات األمومية مستقرة ألنيا زراعية وبالتالي يسودىا قيـ السالـ‬
‫واألمف وبالتالي ال يوجد عقدة الشعور بالذنب وبالتالي الديانات الطبيعية التي سادت ليس فييا جينـ وال‬
‫يوجد لدييا عقاب‪ .‬بينما المجتمعات األبوية مجتمعات غير مستقرة وبالتالي السمب واالعتداء والنيب تعد‬
‫أمور طبيعية وىي ال تعرؼ قيـ السالـ واألماف وبالتالي ىناؾ شعور بعقدة الذنب والنتيجة أف الديانات‬
‫التي سادت بيا جينـ وعقاب المخطئ‪ .‬ولعؿ النقد الذي يوجو إلى شيخ أنتاديوب في ىذا الشأف ىو‬
‫اعتقاده بأف األدياف ليست سماوية ولكنيا تستمد قيميا مف داخؿ المجتمعات وأنيا نتاج جيد بشري‪.‬‬
‫دور المرأة ‪ :‬كانت المجتمعات األمومية أكثر تقدماً في تمكيف المرأة بينما المجتمعات األبوية الرعوية‬
‫كانت أقؿ تقدماً في ىذا الشأف‪ ،‬ولعؿ ىذا يفسر مغاالة الغرب في الوقت الحالي في الحديث عف حقوؽ‬
‫المرأة‪.‬‬
‫ثانياً اتجاهات التأثير الحضاري (من الجنوب لمشمال)‪:‬‬

‫‪14‬‬
‫يرى أنتاديوب أف اليوناف تأثرت بالحضارة المصرية وبالتالي فإف اتجاىات التأثير الحضاري تبدأ وتمتد‬
‫مف الجنوب لمشماؿ‪ ،‬واذا كانت مصر ىي المرجعية الحضارية ألفريقيا واليوناف ىي المرجعية الحضارية‬
‫ألوروبا فتكوف أفريقيا ىي صاحبة الفضؿ عمى أوروبا‪.‬‬
‫استشيد شيخ أنتاديوب في ىذا الشأف "بحوارات أفالطوف"‪ ،‬ومف بينيا حوار كاىف مصري مع يوناني‬
‫يدعى ‪ Solon‬حيث قاؿ لو "أنتـ ال زلتـ أطفاؿ في العقؿ وفكركـ لـ ينضج بعد‪ ،‬وأف أغمب اليونانييف‬
‫تعمموا في مصر ونحف أصحاب الفضؿ ألننا عممناكـ في األوؿ"‪ Solon .‬ىو الذي نقؿ األلواح االثنى‬
‫عشر إلى اليوناف وليذا داللتو‪.‬‬
‫ثالثاً مواطن الحضارات الكبرى في العالم‪:‬‬
‫أثار أنتاديوب سؤاؿ ىاـ وىو إذا كاف البيض بناة حضارة فمماذا لـ يبنوىا في بالدىـ؟ وىؿ توجد‬
‫أىرامات في شماؿ العالـ؟‬
‫فجميع الحضارات الكبرى متواجدة في جنوب العالـ (الفرعونية‪-‬العراقية‪-‬اليندية) وىذا دليؿ عمى أف‬
‫الجنوب ىو ميد الحضارة اإلنسانية‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫دراسة ألهم األفكار التي طرحها شيخ أنتاديوب في كتابه‬

‫األصول الزنجية لمحضارة المصرية‬

‫قدـ شيخ انتا ديوب لكتابو بقولو " ىذا المؤلؼ ليس اختراعاً حوؿ قضايا معينة‪ :‬فكؿ مف أراد‬
‫استخداـ الماركسية كمرشد لمتحرؾ عمى الساحة األفريقية سيتوصؿ بكؿ تأكيد إلى نفس‬
‫االستنتاجات‪.‬‬

‫ولكف يجب أف أضع النقاط فوؽ الحروؼ‪ :‬فإني حريص عمى أف أوضح أنني ال أُلمح إطالقاً ال‬
‫إلى صدؽ الديف اإلسالمي أو المسيحي‪ .‬وأعتقد أف أي إفريقي جاد يريد أف يكوف فعاالً بالنسبة‬
‫لبمده سيتحاشى المجوء إلى أي انتقادات دينية‪ .‬فالديف مسألة شخصية فنحف ىنا فقط بصدد‬
‫مشاكؿ ممموسة يتعيف حميا حتى يتمكف كؿ مؤمف مف ممارسة طقوس دينو بحرية في ظؿ‬
‫ظروؼ مادية أفضؿ‪ .‬ولذا يكوف مف األمانة أف ُيق أر ىذا الكتاب بنية خفية تريد أف تعثر فيو عمى‬
‫أي كممة تسمح بنبذه مع التصايح بأنو دعوة إلى الكفر "‪.‬‬

‫وقسـ الكتاب إلى سبعة فصوؿ تناوؿ في الفصؿ األوؿ‪ :‬األصوؿ المصرية مستشيداً بكتابات‬
‫الفالسفة القدامى والتوراة وقيمة تمؾ الشيادات ‪ ،‬وفي الفصؿ الثاني‪ :‬ناقش منشأ خرافة الزنجي ‪،‬‬
‫وفي الفصؿ الثالث‪ :‬التزوير الحديث لمتاريخ وطرح عدة تساؤالت وىي ىؿ كانت نشأة الحضارة‬
‫المصرية في الدلتا ممكنة؟ وىؿ يمكف أف تكوف الحضارة المصرية مف أصؿ أسيوي؟ أو فينيقياً؟‬
‫ومشكمة الجنس المصري كما رآىا وعالجيا األنثروبولوجيوف ‪ ،‬وفي الفصؿ الرابع‪ :‬ناقش الحجج‬
‫المؤيدة لألصؿ الزنجي لمجنس المصري والحضارة المصرية فعرض لمطوطمية ‪ ،‬الختاف ‪،‬‬
‫الممكية ‪ ،‬مفيوـ نشأة الكوف ‪ ،‬التنظيـ االجتماعي ‪ ،‬النظاـ األموي ‪ ،‬القرابة بيف السوداف المروي‬
‫ومصر ‪ ،‬أسبقية السوداف المروي ‪ ،‬وقياـ األسرة السودانية المروية‪ :‬بعانخي ‪ ،‬وشاباكا وسابتكا ‪،‬‬
‫وميد الحضارات في قمب البالد الزنجية ‪ ،‬والمغات ‪ ،‬ودراسة مقارنة بيف قواعد النحو المصرية‬
‫والولوؼ ‪ ،‬وىؿ يمكف إعادة صياعة قواعد المغة المصرية القديمة عمى أساس لغة الولوؼ؟ ‪،‬‬
‫ومالحظات حوؿ بعض الكممات المصرية القديمة المتميزة‪ .‬وفي الفصؿ الخامس‪ :‬عرض لمحجج‬
‫المضادة لفكرة األصؿ الزنجي لمصر ‪ ،‬وطرح أسئمة عدة وىي ‪ :‬ىؿ ىو انتكاس ثقافي؟ وما ىي‬
‫المشاكؿ التي يثيرىا الشعر الناعـ والتقاطيع " المنتظمة "؟ ‪ ،‬ىؿ ىو جنس أسود ُم ّسخر؟ ‪ ،‬ىؿ‬

‫‪16‬‬
‫لوف المصرييف األسمر المائؿ لألحمرار؟ ‪ ،‬وتسائؿ عف نقوش نصب فيمو ‪ ،‬وفي الفصؿ‬
‫–‬ ‫السادس‪ :‬إعمار إفريقيا انطالقاً مف وادي النيؿ ‪ ،‬وفي الفصؿ السابع واآلخير‪ :‬إسياـ إثيوبيا‬
‫النوبة ومصر في الحضارة‪.‬‬

‫تممس ما‬
‫وسيحاوؿ الباحث تمخيص ما جاء بالكتاب حسب ماجاء مف طرح لمكاتب ‪ ،‬ومحاولة ُ‬
‫كاف يريد أف يثبتو مف خالؿ االفكار التي عرض ليا كاآلتي ‪:‬‬

‫الفصل األول ‪ :‬المصريون ‪ :‬ما أصمهم ؟‬

‫حاوؿ شيخ انتا ديوب أف يطرح بعض الشيادات لػ " ىيرودوت " التي أكد مف خالليا عمى‬
‫الطابع الزنجي لممصرييف ‪ ،‬وقاؿ شيخ انتا ديوب " حسب الشيادة شبو االجتماعية لممؤرخيف‬
‫القدامى فإف – المصرييف – ينتموف إلى جنس أفريقي ‪ ،‬بمعنى أنيـ زنوج استقروا أوال في أثيوبيا‬
‫‪ ،‬عمى شاطئ النيؿ األوسط ‪ ،‬ثـ نزحوا تدريجياً نحو البحر بمتابعة مجرى النير ‪ ...‬ومف جية‬
‫أخرى تؤكد التوراة أف مصرايـ ‪ ،‬ابف حاـ وشقيؽ كوش االثيوبي وكنعاف ‪ ،‬جاء مف بالد ما بيف‬
‫النيريف واستقر مف أبنائو عمى شاطئ النيؿ "‪.‬‬

‫وحاوؿ التدليؿ عمى كالمو مف التوراه ‪ ،‬مف أف ذرية حاـ سمؼ الزنوج القدامى تسكف مصر ‪،‬‬
‫ولكنو تساءؿ ما ىي قيمة تمؾ الشيادات؟‬

‫وأجاب أنيا ال يمكف أف تكوف ىي أو غيرىا زائفة ألنيا شيادات شيود عياف‪ .‬وال يمكف أف يكوف‬
‫ىيرودوت مخطئاً عندما ينقؿ لنا عادات ىذا الشعب أو ذاؾ ‪ ،‬وعندما استدالال فطناً إلى حد ما‬
‫يفسر لنا ظاىرة كانت غير مفيومة في عيده ‪ ،‬ولكف بوسعنا أف نقر عمى األقؿ بأنو كاف قاد اًر‬
‫عمى مالحظة لوف بشرة الناس الذيف عاشوا في بمد ازره فعالً‪ .‬وفضالً عف ذلؾ لـ يكف ىيرودوت‬
‫المؤرخ الذي يصدؽ كؿ ما وصؿ إلي عممو ويسجمو بال تدقيؽ‪ .‬فيو ذادر عمى التمييز بيف‬
‫األمور ‪ ،‬ويحرص دائماً ‪ ،‬عندما يورد رأياً يوافؽ عميو ‪ ،‬عمى أف ينوه بذلؾ‪.‬‬

‫واخذ يستشيد بنصوص التوراة ويسأؿ‪ :‬ما ىي قيمة شيادة التوراة؟‬

‫‪17‬‬
‫ويجيب شيخ انتا ديوب " لإلجابة عمى ىذا السؤاؿ يتعيف أف نتدارس تكويف الشعب الييودي‪.‬‬
‫فمف ىو الشعب الييودي ‪ ،‬كيؼ نشأ ‪ ،‬وكيؼ أنشأ ذلؾ األدب المتمثؿ في التوراة ‪ ،‬والذي جاء‬
‫فيو أف المعنة حمت بذرية حاـ ‪ ،‬سمؼ الزنوج والمصرييف؟ وما ىو األصؿ التاريخي لتمؾ المعنة؟ "‬

‫وأخذ شيخ انتا ديوب يستطرد ليبيف كيؼ دخؿ الييود مصر ‪ ،‬وكيؼ انيـ ساىموا في بناء‬
‫الحضارة المصرية القديمة مستشيداً مف التوراة بنصوص متجاىالً ما جاء في االنجيؿ والقرآف‪.‬‬

‫ولكنو أثار قضية تناقضية فيما استشيد بو حيث قاؿ في نياية الفصؿ " وىكذا نجد أف حاـ‬
‫يصبح ممعوناً وممطخاً بالسواد وسمفاً لمزنوج عندما يكوف ذلؾ في خدمة الغرض المقصود ‪ ،‬وىذا‬
‫ما يحدث كمما جرى الحديث عف العالقات االجتماعية المعاصرة ‪ ،‬ولكف حاـ ىذا يصبح أبيض‬
‫كمما جرى البحث عف أصؿ الحضارة ‪ ،‬ألنو متواجد في ىذا البمد الذي كاف أوؿ بمد متحضر في‬
‫العالـ ‪ ،‬وليذا تـ ابتكار فكرة الحامييف الشرقييف والغريبيف التي ال تعدو أف تكوف سوى اختراع‬
‫ُموات لحرماف الزنوج مف الكسب المعنوي لمحضارة المصرية ولمحضارات اإلفريقية األخرى "‬

‫الفصل الثاني‪ :‬منشأ خرافة الزنجي‬

‫ساؽ شيخ انتا ديوب في ىذا الفصؿ عدة تساؤالت دارت حوؿ طبيعة القارة االفريقية عندما اتى‬
‫إلييا الستعمار غازيا في أفواج منذ القرف الخامس الميالدي وحاوؿ االجابة عنيا‪.‬‬

‫قاؿ شيخ انتا ديوب " فمف المعترؼ بو عموماً أف الجفاؼ الذي أصاب الصحراء قبؿ الميالد بػ‬
‫‪ 7000‬سنة تقريباً ‪ ،‬وكانت إفريقيا اإلستوائية ال تزاؿ عمى األرجح منطقة غابات كثيفة لمغاية‬
‫بحيث لـ تكف تجتذب البشر‪ .‬ولذا فإف الزنوج الذيف كانوا آخر مف عاشوا في الصحراء ىجروىا‬
‫متجييف نحو أعالي النيؿ ‪ ،‬فيما عدا بضع بقع ربما ظمت تائية في بقية أنحاء القارة ألنيا‬

‫اتجيت نحو الجنوب أو صعدت نحو الشماؿ‪ .‬وربما وجد األولوف في أعالي النيؿ سكاناً زنوجاً‬
‫كانوا مقيميف ىناؾ أصالً‪ .‬وعمى أي حاؿ فقد تولدت أقدـ ظاىرة تحضر عرفيا العالـ مف خالؿ‬
‫التأقمـ التدريجي مع ظروؼ الحياة التي فرضتيا الطبيعة عمى مختمؼ السكاف الزنوج‪ .‬وقد‬
‫تطورت ىذه الحضارة التي تسمى مصرية في عيدنا ‪ ،‬تطورت عمى مدى طويؿ في ميدىا األوؿ‬
‫ثـ انحدرت ببطء مع امتداد وادي النيؿ لينتشر إشعاعيا حوؿ حوض البحر األبيض المتوسط‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫واستغرقت دورة الحضارة ىذه ‪ ،‬وىي أطوؿ الدورات التاريخ ‪ ،‬حوالي عشرةآالؼ سنة ‪ ،‬وىي‬
‫متوسط بيف التقدير الزمني الطويؿ "‪.‬‬

‫ويضيؼ شيخ انتاديوب " ويوسع المرء أف يدرؾ ببساطة أف الزنوج انتشروا مف جديد تدريجياً‬
‫داخؿ القارة وشكموا فيما بعد مراكز حضارات قارية ‪ ،‬ولما كاف الزنوج قد أصبحوا عمى أثر ذلؾ‬
‫منفصميف عف وطنيـ األـ الذي اجتاحو األجانب ‪ ،‬وانغمقوا عمى أنفسيـ في إطار جغرافي يحتاج‬
‫إلى جيد أقؿ لمتأقمـ ‪ ،‬وحظوا بظروؼ اقتصادية مواتية ‪ ،‬فقد اتجيوا نحو تطور تنظيميـ‬
‫االجتماعي والسياسي والمعنوي ‪ ،‬أكثر مف اتجاىيـ نحو البحث العممي النظري الذي ما كانت‬
‫البيئة تبرره ‪ ،‬بؿ وتجعمو مستحيالً‪ .‬ولما كاف التأقمـ في الشريط الضيؽ لوادي النيؿ الخصب‬
‫يتطمب تقنية عممية في الري واقامة السدود ‪ ،‬وحسابات دقيقة لمتنبؤ بفيضانات النيؿ ‪،‬‬
‫واستخالص العواقب االقتصادية واالجتماعية لذلؾ ‪ ،‬فقد أصبح اختراع عمـ اليندسة ضرورة‬
‫مادية لتحديد الممكيات بعد فيضانات النيؿ التي كانت تزيؿ الحدود ‪ ،‬كما تطمبت شرائح األرض‬
‫– الزنجي الجديد إلة محراث قاـ‬ ‫المسطحة تحويؿ المعزقة التي تعود إلى العصر الحجري‬
‫اإلنساف بجره ثـ أحؿ محمو البيائـ‪ .‬ويقدر ما كاف كؿ ذلؾ أم اًر ال غنى عنو بالنسبة لمزنجي‬
‫المستقر في وادي النيؿ ‪ ،‬بقدر ما كاف ال يمزـ في ظؿ ظروؼ الحياة الجديدة داخؿ القارة "‪.‬‬

‫وبدأ شيخ انتاديوب يدافع عف الزنجي ‪ ،‬ويسوؽ كيؼ أف الغرب ينظروف إليو نظرة دونية ‪،‬‬
‫ويستخدمونو في النخاسة ‪ ،‬ويصورنو لألوربي أنو إنساف أدني ‪ ،‬وأنيـ جاءوا إلى أفريقيا كواجب‬
‫إنساني بالتذرع بالرسالة الحضارية التي يقع عمى عاتؽ الغرب االضطالع بيا لرفع اإلفريقي إلى‬
‫مستوى البشر اآلخريف‪.‬‬

‫ووصفيا بوصؼ‪ " :‬وىكذا أصبحت الرأسمالية مطمقة اليديف لممارسة أبشع أشكاؿ االستغالؿ‬
‫تحت ستار مبررات أخالقية "‪.‬‬

‫وتكمـ شيخ انتا ديوب بصيغة النقد الالذع عف المفكريف األفارقة الذيف تأثروا بيذه األراء مثؿ "‬
‫ايميو سيزير " في شعره ‪ ،‬و " ليوبولد سيدار سنجور " في شعره أيضاً‪.‬‬

‫واستشيد أيضاً بكالـ " فولني " خالؿ زياراتو لمصر بيف عامي ‪1785 ، 1783‬ـ ‪ ،‬وأكد كالـ‬

‫ىيرودوت بؿ وصؼ المصرييف في ىذا التاريخ بانو رأي المصرييف فوجدىـ " وجوىيـ جميعاً‬

‫‪19‬‬
‫منتفخة والعيوف جاحظة واألنوؼ فُطس والشفاه غميظة‪ :‬إنيـ بعبارة واحدة صورة لمخالسي‬
‫الحقيقي " ‪ ،‬ودلؿ عمى كالمو بأف أبو اليوؿ رأسو تحمؿ كؿ سمات الزنجي‪.‬‬

‫الفصل الثالث‪ :‬التزوير الحديث لمتاريخ‬

‫عرض فيو شيخ انتا ديوب لكالـ فولني مف اثبات الطبيعة الزنجية لممصرييف القدماء ‪ ،‬وعرض‬
‫أيضاً لزائر آخر لمصر وىو " رينزي " والذي توصؿ لنفس استنتاجات فولني السابقة‪.‬‬

‫وحاوؿ اثبات أف البشرة المصرية التي وصفيا المؤرخوف بأنيا أحمر داكف بأنيا األقرب إلى الموف‬
‫الزنجي ‪ ،‬حيث قاؿ شيخ انتا ديوب " وفيما يتعمؽ بالجنس االحمر‪-‬الداكف سنرى أنو بكؿ بساطة‬
‫فرع مف الجنس الزنجي كما جرى تصويره في آثار ذلؾ الزمف‪ .‬فال يوجد في الواقع جنس أحمر‪-‬‬
‫داكف ألف ىناؾ فقط ثالثة أجناس متميزة عف بعضيا بكؿ وضوح‪ :‬الجنس األبيض واألسود‬
‫واألصفر ‪ ،‬أما الجنس الوسيط المزعوـ فميس إال نتاج التزاوج بيف تمؾ األجناس الثالثة األولى "‬

‫ثـ ينتقؿ شيخ أنتاديوب إلى نقطة أخرى يدلؿ بيا عمى كالمو وىو أف الغرب حاوؿ تزوير التاريخ‬
‫‪1822‬ـ بعد قدوـ الحممة الفرنسية إلى مصر عاـ‬ ‫وذلؾ بعد فؾ رموز الكتابة الفرعونية عاـ‬
‫‪1799‬ـ ‪ ،‬ويقوؿ شيخ أنتا ديوب " وىكذا تميز عمـ اآلثار المصرية منذ نشأتو بضرورة أف تيدـ‬
‫بأي ثمف وأف تُزاؿ تماماً مف كؿ األذىاف ‪ ،‬ذكرى مصر الزنجية‪ .‬ومنذ ذلؾ الوقت أصبح القاسـ‬
‫المشترؾ في أطروحات عمماء المصريات يتمخص في محاولة يائسة إلنكار أطروحة مصر‬
‫الزنجية‪ .‬ويجمع مقدماً كؿ عمماء اآلثار المصرية تقريباً عمى رفض أطروحة مصر الزنجية‪.‬‬
‫وتتخذ كافة محاوالت ىذا االنكار أشكاؿ عدة "‪.‬‬

‫والغريب أف شيخ أنتاديوب يسوؽ لنا دليؿ عمى أف الشعب المصري القديـ لـ يكف شعباً زنجياً مف‬
‫خالؿ مذكرة موجية مف فيجاؾ شامبميوف إلى محمد عمى باشا ‪ ،‬حاكـ مصر ‪ ،‬سمميا لو في عاـ‬
‫‪ 1829‬ونصيا " الرأي القائؿ بأف سكاف مصر القدامى كانوا ينتموف إلى الجنس الزنجي رأي‬
‫خاطئ جرى تبنيو لمدى طويؿ باعتباره حقيقة‪ .‬وكاف المسافروف إلى الشرؽ منذ نيضة اآلداب‬
‫غير قادريف عمى إبداء تقييـ صحيح لممعمومات التي كانت اآلثار المصرية توفرىا حوؿ تمؾ‬
‫القضية اليامة ‪ ،‬فساىموا بذلؾ في نشر ىذه الفكرة الخاطئة التي عكؼ الجغرافيوف عمى نقميا‬
‫حتى وقتنا ىذا‪ .‬وقد أعمنت حجة كبيرة موافقتيا عمى ذلؾ الرأي فروجت ليذا الخطأ‪ .‬وترتب ذلؾ‬

‫‪20‬‬
‫عمى ما نشره فولني الشيير حوؿ مختمؼ األجناس البشرية التي الحظيا في مصر ‪ ....‬وأنو‬
‫استشيد برأي ىيرودوت بأف بشرة المصرييف سوداء وشعرىـ مجعد‪ .‬غير أف ىاتيف الخاصيتيف‬
‫الجسديتيف ال تكفياف لتحديد سمات الجنس الزنجي ‪ ،‬وبالطبع فإف استنتاج فولني حوؿ أصؿ‬
‫سكاف مصر القدامي مقحـ وغير مقبوؿ "‪.‬‬

‫ويرد شيخ أنتا ديوب عمى كالـ شامبميوف قائال " مف الواضح إذف أف تبيض الجنس المصري ما‬
‫كاف يمكف التوصؿ إليو إال مف خالؿ مثؿ تمؾ التعديالت في التعريفات األساسية‪ .‬وىكذا لـ يعد‬
‫يكفي أف يكوف الشخص أسود مف قمة رأسو حتى أخمص قدميو ومجعد الشعر لكي يكوف زنجياً!‬
‫فكأننا أصبحنا في عالـ تتغير فيو قوانيف الطبيعة ‪ ،‬وبتنا عمى أي حاؿ بعيديف تماماً عف الفكر‬
‫التحميمي الديكارتي‪ .‬بيد أف ىذه التعريفات والتعديالت لممعطيات األولى أصبحت فيما بعد‬
‫األساس الذي سيبني عميو عمـ المصريات‪ .‬وىكذا ُدمغ عمـ المصريات الذي نشأ عف التعمؽ في‬
‫الدراسة العممية ‪ ،‬بعمميات تزوير فجة لمسناىا بأنفسنا‪ .‬وىذا ىو السبب في تحاشي عمماء‬
‫المصريات شيئاً فشيئاً وبكؿ عناية الخوض في أصؿ الجنس المصري‪ .‬ولذا فإف معالجة فضية‬
‫الجنس المصري حالياً اضطرتنا إلى التنقيب الستخراج قديمة لمؤلفيف مشيوريف في زمنيـ ‪،‬‬
‫ولكنيـ أصبحوا غير معروفيف تقريباً "‪.‬‬

‫ويستطرد شيخ انتا ديوب ويطرح سؤاالً " ىؿ كانت نشأة الحضارة المصرية في الدلتا ممكنة ؟ "‬

‫ويجيب شيخ أنتاديوب عمى السؤاؿ بعد عرض أراء مختمفة تؤيد وتنفي نشأة الحضارة المصرية‬

‫بالدلتا بقولو " لـ تدخؿ الدلتا في التاريخ المصري إال في العصر المتأخر‪ .‬ولـ تكف مصر أبداً‬
‫دولة بحرية قوية ‪ ،‬وربما يرجع ذلؾ إلى نشأة حضارتيا داخؿ القارة ‪ ،‬عمى عكس الشعوب‬
‫األخرى المطمة عمى البحر األبيض المتوسط " ‪ ،‬ويدلؿ عمى ذلؾ فيقوؿ " فمف المعترؼ بو‬
‫عالمياً أف الدلتا كانت بؤرة النتشار الطاعوف في الشرؽ األوسط "‪.‬‬

‫ثـ يطرح تساؤالً آخر " ىؿ يمكف أف تكوف الحضارة المصرية مف أصؿ أسيوي؟ "‬

‫ويجيب عمى ىذا التساؤؿ بعد طرح تصور عمماء األنثروبولوجيا فيقوؿ " فمكي تكوف الحضارة‬
‫المصرية مف أصؿ أسيوي أو أي أصؿ خارجي آخر ‪ ،‬البد مف إثبات أف ميدا سابقاً لمحضارة‬

‫‪21‬‬
‫األولي والضروري لـ يتوفر‬
‫ّ‬ ‫تواجد خارج مصر‪ .‬وال حاجة بنا إلى أف نؤكد عمى أف ىذا الشرط‬
‫أبداً "‪.‬‬

‫الفصل الرابع‬

‫الحجج المؤيدة لألصل الزنجي‬

‫لمجنس المصري ولمحضارة المصرية‬

‫تناوؿ شيخ انتاديوب في ىذا الفصؿ " الطوطمية "( ‪ )1‬والتي تنتشر في إفريقيا بيف الزنوج عمى‬
‫وجو الخصوص وقاؿ " ال يمكف إنكار أف فرعوف يشترؾ في جوىر حيواني ( الصقر ) بنفس‬
‫الطريقة الموجودة لدينا اليوـ في أفريقيا‪.‬‬

‫ثـ تكمـ أف الختاف كاف يمارسو المصريوف منذ عصور ما قبؿ التاريخ ‪ ،‬وىـ الذيف نقموا ىذه‬
‫الممارسة إلى العالـ السامي بصفة عامة ( الييود والعرب ) ‪ ،‬وباألخص إلى مف كاف ىيرودوت‬
‫يسمييـ السورييف‪.‬‬

‫وتكمـ عمى الممكية أنيا " مف السمات األساسية البارزة أيضاً ‪ ،‬مفيوـ الممكية المشترؾ بصفة‬
‫عامة بيف مصر وبقية افريقيا السوداء ‪ ،‬مثؿ القتؿ الطقوسي لمممؾ "‪.‬‬

‫وتكمـ أيضاً عف مفيوـ نشأة الكوف فقاؿ " تتقارب مفاىيـ نشأة الكوف الزنجية واإلفريقية والمصرية‬
‫حتى أنيا تكمؿ بعضيا في حاالت كثيرة ‪ ،‬فالثقافة المصرية والثقافة الزنجية واضح بكؿ تأكيد‬
‫وبشكؿ قاطع ‪ ،‬وىذا التماثؿ األساسي في الفكر والثقافة والجنس ىو الذي يسمح لكؿ الزنوج بأف‬
‫يربطوا اليوـ ثقافتيـ بمصر القديمة وبأف يقيموا ثقافة حديثة عمى ىذا االساس‪ .‬إنو اتصاؿ‬
‫ديناميكي وحديث مع التاريخ المصري القديـ ‪ ،‬يتيح اإلمكانية لمزنوج الكتشاؼ بقدر متزايد كؿ‬
‫يوـ ‪ ،‬القرابة الحميمة بيف كافة السود في القارة وبيف وادي النيؿ األـ‪ .‬وسيتوصؿ الزنجي عف‬
‫طريؽ ذلؾ االتصاؿ الديناميكي الى االقتناع تماماً بأف ىذه المعابد ‪ ،‬واألعمدة الرائعة ‪،‬‬
‫واألىرامات ‪ ،‬والتماثيؿ ‪ ،‬والنقوش عمى الجدراف ‪ ،‬والرياضيات ‪ ،‬وذلؾ الطب ‪ ،‬وكؿ تمؾ العموـ ‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫الطوطمٌة هً دٌانة مركبة من األفكار والرموز والطقوس تعتمد على العالقة بٌن جماعة إنسانٌة وموضوع طبٌعً ٌسمى الطوطم‪،‬‬
‫والطوطم ٌمكن أن ٌكون طائر أو حٌوان أو نبات أو ظاهرة طبٌعٌة أو مظهر طبٌعً مع اعتقاد الجماعة باالرتباط به روحٌا وكلمة‬
‫طوطم مشتقة من لغة االبجوا األمرٌكٌة االصلٌة ‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫مف صنع أسالفو وأف مف حقو ومف واجبو أف يتعرؼ عمى نفسو تماماً ومف خالؿ كؿ تمؾ‬
‫اإلبداعات "‪.‬‬

‫وفيما تكمـ عف القرابة بيف السوداف المروي ومصر يقوؿ " يتبيف أف النوبة ليا قرابة وثيقة بكؿ مف‬
‫مصر وبقية إفريقيا السوداء ‪ ،‬وأنيا كانت عمى ما يبدو نقطة إنطالؽ لكؿ الحضارتيف ‪ ،‬ولذا ال‬
‫يدىشنا أف نجد اليوـ العديد مف السمات الحضارية المشتركة بيف النوبة ‪ ،‬التي استمرت مممكتيا‬
‫حتى االحتالؿ اإلنجميزي ‪ ،‬وبقية افريقيا السوداء‪ .‬وعمى أثر انتياء التاريخ المصري‪ -‬النوبة‬
‫القديـ ‪ ،‬ارتفع شأف إمبراطورية غانا كالشعمة بيف منحنى نير النيجر ونير السنغاؿ ‪ ،‬وفي فترة‬
‫تقع بشكؿ غير محقؽ في القرف الثالث بعد الميالد ‪ ،‬ومف ىذه الزاية يتضح أف التاريخ األفريقي‬
‫ظؿ متواصالً ‪ ،‬فقد أعقبت األسر الحاكمة النوبية أسر مصرية ‪ ،‬وظمت النوبة مركز الثقافة‬
‫والحضارة الوحيد حتى القرف السادس تقريباً ‪ ،‬ثـ تسممت غانا المشعؿ مف القرف السادس "‪.‬‬

‫وفيما يخص المغة يقوؿ شيخ انتاديوب " بقدر ما توجد صعوبة في إثبات عالقة القرابة بيف المغة‬
‫المصرية القديمة والمغات اليندو‪-‬أوربية والسامية ‪ ،‬بقدر ما يسيؿ إثبات رابطة الوحدة الوثيقة بيف‬
‫المغة المصرية القديمة والمغات الزنجية " ‪ ،‬وعقد مقارنة بيف المغة المصرية القديمة والولوؼ عمى‬
‫وجو الخصوص ‪ ،‬وقاؿ انيا ستكوف أكثر مدعاة لالقتناع ألنيا مف الوضوح بحيث يصعب‬
‫التمسؾ بوجود أساسيف لغوييف مختمفيف‪.‬‬

‫الفصل الخامس‬

‫حجج مضادة لفكرة األصل الزنجي لمصر‬

‫حاوؿ شيخ انتاديوب إعادة الكالـ عف دحض األراء الرافضة لفكرة األصوؿ الزنجية لمحضارة‬
‫المصرية ‪ ،‬وتساءؿ " ىؿ ىو انتكاس ثقافي؟ إذا كاف الزنوج ىـ الذيف أقاموا الحضارة المصرية ‪،‬‬
‫فكيؼ يمكف تفسير انتكاستيـ الراىنة؟‪.‬‬

‫وأجاب " لقد نمت الدوؿ مبك اًر حوؿ الوادي األـ ‪ ،‬دوف أف نتمكف حتى اآلف مف تحديد تاريخ‬
‫ظيورىا بدقة ‪ ،‬فقد تغمغؿ الزنوج ببطء في قمب القارة ‪ ،‬عبر الزمف ‪ ،‬عف طريؽ حركات ىجرة‬
‫متتالية ‪ ،‬وانتشروا في كافة االتجاىات ‪ ،‬وىـ يبعدوف األقزاـ مف طريقيـ ‪ ،‬وقد أسسوا دوال نمت‬
‫وأقامت عالقات مع الوادي األـ إلى أف قضى األجانب عمى تمؾ الدوؿ ‪ ،‬فيناؾ مف الجنوب إلى‬
‫‪23‬‬
‫الشماؿ‪ :‬النوبة ومصر ؛ ومف الشماؿ إلى الجنوب‪ :‬النوبة وزيمبابوي ؛ ومف الشرؽ إلى الغرب‪:‬‬
‫النوبة ‪ ،‬وغانا ‪ ،‬وايمو‪-‬إيفو ؛ ومف الشرؽ الجنوبي الغربي‪ :‬النوبة ‪ ،‬وتشاد ‪ ،‬والكونغو ‪ ،‬ومف‬
‫الغرب إلى الشرؽ‪ :‬النوبة واثيوبيا "‪.‬‬

‫وجاء رده أيضاً عمى المشاكؿ التي تثار حوؿ الشعر الناعـ والتقاطيع المنتظمة " يتعيف أف نقوؿ‬
‫ىنا إف كال مف الشعر الناعـ والتقاطيع المنتظمة ليس حك اًر عمى الجنس األبيض ‪ ،‬فيناؾ‬
‫جنساف أسوداف متميزاف في الوقت الراىف‪ :‬أحداىما بشرتو سوداء ‪ ،‬وشعر أكرت ‪ ،‬والثاني بشرتو‬
‫سوداء ىو أيضاً ‪ ،‬بؿ وحالكة السوداء بشكؿ استثنائي في الكثير مف األحواؿ ‪ ،‬وشعر ناعـ ‪،‬‬
‫وأنفو معقوؽ ‪ ،‬وشفاىو رقيقة ‪ ،‬وزاوية أوداجو حادة ‪ ،‬ولدينا نموذج أصمي ليذا الجنس في اليند ‪،‬‬
‫متمثؿ في الدرافيدييف ‪ ،‬كما أننا نعرؼ أيضاً أف بعض النوبييف ينتموف إلى نفس ىذا الجنس كما‬
‫أشار إلى ذلؾ الجغرافي العربي المعروؼ اإلدريسي ونقمو لنا "‪.‬‬

‫الفصل السادس‬

‫إعمار إفريقيا انطالقا من وادي النيل‬

‫يعرض شيخ انتاديوب في ىذا الفصؿ لألساطير التي تحكي عف إعمار افريقيا انطالقاً مف وادي‬
‫النيؿ قائالً " وعالوة عمى األساطير الراىنة لمشعوب األفريقية التي تذكر كميا تقريباً حوض النيؿ‬
‫والعنصر القزـ الذي كاف يسكف أعماؽ البالد قبؿ تشتت الزنوج " ولكف الذي أصاب شيخ‬
‫أنتاديوب بالدىشة أف الحديث كاف في كتابات القدامى كييرودوت وغيره تتحدث عف أقزاـ فعمؽ‬
‫قائالً " وبناءاً عمى ذلؾ يكوف األقزاـ أوؿ مف سكف داخؿ القارة ‪ ،‬عمى األقؿ لحقبة معينة ‪،‬‬
‫وكانوا يعمرونيا وحدىـ في غياب الزنوج الطواؿ القامة "‪.‬‬

‫وظؿ شيخ أنتا ديوب يتحاكى باألساطير القديمة التي تناولت إعمار القارة ويحاوؿ أف يدلؿ بيا‬
‫عمى أف األفارقة جاءوا مف منطقة وادي النيؿ إنطالقاً إلعمار أفريقيا‪.‬‬

‫الفصل السابع‬

‫إسهام إثيوبيا‪-‬النوبة ومصر في الحضارة‬

‫‪24‬‬
‫يقوؿ شيخ انتاديوب في مقدمة الفصؿ " وفقاً لمشيادة اإلجتماعية لكافة القدامى ‪ ،‬أوجد األثيوبيوف‬
‫أوالً ثـ المصريوف مف بعدىـ كؿ عناصر الحضارة ‪ ،‬وارتقوا بيا إلى حد مدىش ‪ ،‬بينما كانت‬
‫الشعوب األخرى ‪ ،‬وباألخص الشعوب األسيوية األوربية ‪ ،‬ال تزاؿ مستغرقة في البربرية "‪.‬‬

‫ويضيؼ " ولسنا في حاجة لمتأكيد عمى فضؿ الحضارة المصرية عمى بقية العالـ ‪ ،‬وباألخص‬
‫العالـ اإلغريقي ‪ ،‬وقد اقتبس اإلغريؽ اختراعات المصرييف وطوروىا إلى حد ما في بعض‬
‫األحواؿ ‪ ،‬مع تجريدىا في الوقت نفسو مف درعيا الديني ( المثالي ) نظ اًر لميوليـ المادية ‪،‬‬
‫ويبدو أف قسوة الحياة في السيوؿ األسيوية األوربيية قد قامت مف ناحية بدورىا في تنمية الغرائز‬
‫المادية عند الشعوب التي كانت تعيش فييا ‪ ،‬وصاغت مف ناحية أخرى قيماً معنوية مناقضة‬
‫لمقيـ األخالقية المصرية الناتجة عف الحياة الجماعية المستقرة ‪ ،‬السيمة نسبياً ‪ ،‬واليادئة منذ أف‬
‫نظمتيا بعض القواعد االجتماعية "‪.‬‬

‫وينقؿ شيخ أنتا ديوب كالـ العالـ ( اميمينو ) ليؤيد وجية نظره " ورأيت بوضوح أف أشير‬
‫المذاىب في اليوناف ‪ ،‬وباألخص مذىبي أفالطوف وأرسطو ‪ ،‬كاف ميدىما في مصر ‪ ،‬وتبيف لي‬
‫أيضاً كيؼ أف عبقرية األغريؽ الجميمة أكسبت األفكار المصرية رونقاً ال مثيؿ لو خاصة عند‬
‫أفالطوف ؛ ولكنني أعتقد أف ما أحببناه لدى اإلغريؽ ما كاف يجب أف نزدريو أو نستخؼ بو‬
‫ببساطة لدى المصرييف ‪ ،‬فعندما يتعاوف معا مؤلفاف في أيامنا ىذه فإف أمجاد عمميما المشترؾ‬
‫تعود إلييما ‪ ،‬بال تفرقة ‪ ،‬وأنا ال أرى لماذا تستأثر اليوناف القديمة وحدىا باألفكار التي اقتبستيا‬
‫مف مصر"‪.‬‬

‫بؿ ذىب شيخ أنتاديوب إلى أبعد مف ذلؾ فقاؿ " إف فف العمارة اإلغريقي تعود أصولو إلى مصر‬
‫الدوري ‪ ،‬واألثار‬
‫‪ ،‬فنحف نشاىد منذ األسرة الثانية عشرة أعمدة كانت النماذج األولى لمطراز ُ‬
‫اإلغريقية والرومانية ليست سوى تصميمات مصغرة بالمقارنة مع اآلثار المصرية‪ :‬ومف المعروؼ‬
‫أف كاتدرائية نوترداـ في باريس يمكف أف تدخؿ بأبراجيا وبكؿ يسر ‪ ،‬في قاعة األعمدة بمعبد‬
‫الكرنؾ ‪ ،‬ومف باب أولى البارثينوف اإلغريقي "‪.‬‬

‫ويختـ شيخ أنتا ديوب ىذا الفصؿ األخير بقولو " وعميو ‪ ،‬يجب أف يكوف الزنجي قاد ار عمى‬
‫استعادة قدرتو عمى مواصمة ماضيو التاريخي القومي ‪ ،‬وأف يستخمص منو الزخـ المعنوي لكي‬

‫‪25‬‬
‫يسترد مكانتو في العالـ الحديث دوف السقوط في تطرفات نازية عكسية ‪ ،‬ذلؾ ألف الحضارة التي‬
‫ينتسب إلييا كاف مف الممكف أف يخمقيا أي جنس آخر ‪ ،‬لو أنو تواجد في ميد موات وفريد إلى‬
‫ىذا الحد "‪.‬‬

‫التعميق عمى ما جاء من اطروحات في الكتاب ‪:‬‬

‫أرىؽ شيخ أنتا ديوب نفسو في إثبات زنجية المصرييف وطرح لرأي التوراة التي تقوؿ أف‬
‫االسـ العبري مصرايـ ִמצ ְַרי ִם المذكور في التوراة (العيد القديـ) عمى أنو ابف حاـ بف نوح و‬
‫ىو الجد الذي ينحدر منو الشعب المصري حسب عمـ الميثولوجيا التوراتية (سفر التكويف‬
‫أصحاح ‪ ،]1[6 ،10‬و عرفيا العرب باسـ "مصر " ‪ ،‬في الوقت الذي أىمؿ نظريات أخرى‬
‫كتاب لمؤلؼ مصري قدمو أستاذ بكمية اآلثار بجامعة القاىرة‬ ‫جاءت في‬
‫ىذا الكتاب عنوانو األصمي «جغرافية التوراة في جزيرة الفراعنة» لمباحث في عمـ‬
‫اآلثار‪ /‬أحمد عيد‪ ،‬قدـ لو األستاذ الدكتور‪ /‬أحمد الصاوي عالـ اآلثار المصري‬
‫‪1996‬ـ عف‬ ‫واألستاذ بكمية اآلثار جامعة القاىرة‪ ،‬طبع ألوؿ مرة في فبراير عاـ‬
‫مركز المحروسة لمبحوث والتدريب والنشر بالقاىرة‪ ..‬والكتاب دراسة بحثية موثقة‬

‫مرجعيتيا النقوش والمخطوطات وأسماء األماكف في شبة الجزيرة العربية وتحديداً‬


‫اليمف‪ ،‬ومقارنة باألسماء في مصر مع الرجوع لمتوراة‪ ..‬وىنا يحاوؿ المؤلؼ مف‬
‫خالؿ النقوش الفرعونية إثبات أف أصؿ الفراعنة ىـ العماليؽ بعد أف نزحوا مف‬
‫اليمف إلى شماؿ الجزيرة «اليمامة» والى مصر في عممية انتقاؿ وىجرة عادية‪ ،‬ال‬
‫دخؿ لمحروب أو الغزوات بيا‪ ..‬وأنيـ نقموا معيـ أسماء األماكف التي كانوا‬
‫يسكنونيا في اليمف‪ ..‬وكذلؾ معتقداتيـ سواء الديانات السماوية أو الوثنية‪.‬‬

‫وأف العمماء العرب بحثوا أيضاً وتوصموا لحقائؽ أف الفراعنة عرب حقيقة سجميا الطبرى و‬
‫رددىا المسعودى‪ .‬فعند الطبرى (ولد لساـ عابر و عميـ و أشوذ و أرفخشد و الوذ و إرـ و‬
‫كاف مقامو بمكة و مف ولد أرفشخد األنبياء و خيار الناس و العرب كميا و‬
‫الفراعنة بمصر) ‪( ،‬وولد لالوذ بف ساـ طسـ و جديس و كاف منزليما باليمامة وولد‬
‫لالوذ أيضاً عمميؽ بف الوذ و كاف منزلو الحرـ و أكناؼ مكة و لحؽ بعض ولده‬
‫بالشاـ ‪ ،‬فمنيـ كانت العماليؽ و مف العماليؽ الفراعنة بمصر) ‪ ،‬فالفراعنة مف‬

‫‪26‬‬
‫العماليؽ مف نسؿ أرفشخد و الوذ و كاف مقاميـ الحرـ و أكناؼ مكة و اليمامة و‬
‫لسانيـ الذى جبموا عميو لساف عربى ‪ .‬وعند المسعودى (أف ىؤالء العمالقة بعض‬
‫فراعنة مصر(‪.‬‬

‫أصميـ مف وادي النيؿ والدلتا وأسالؼ المصرييف منذ‬ ‫وىناؾ الرأي الغالب الذي يقوؿ أف‬
‫العصر الحجري عاشوا في أبيدوس ومنؼ وتـ إكتشاؼ آثارىـ مما يدؿ عمى أف حضارة‬
‫‪.‬‬ ‫‪ 7000‬سنة كما يتصور البعض‬ ‫مصر عمرىا أكثر بكثير مف‬
‫أما النوبة فكاف المصريوف في معارؾ معيا دائما‪..‬وأيضا القبائؿ الميبية واآلسيوية ودائما كاف‬
‫‪.‬‬ ‫المموؾ المصريوف يصوروف حمالتيـ التأديبية ضد ىذه األقواـ عمى جدراف معابدىـ‬
‫وىذه األراء التي ذكرتيا ال اتبناىا ‪ ،‬ولكف اعتبر أف عمييا استدالؿ أقوى مف االساطير التي‬
‫استخدميا شيخ انتاديوب في داللة زنجية مصر الفرعونية ‪ ،‬والذي حاوؿ أف يرفض كؿ‬
‫محاولة الثبات أف المصرييف كانوا موجوديف بالوادي وانما في رأيو جاءوا مف الجنوب مف‬
‫غابات أفريقيا وبنوا الحضارة المصرية ‪ ،‬ثـ عادوا مرة أخرى إلى اكتشاؼ االدغاؿ واألحراش‬
‫ويعيشوا فييا مرة أخرى ‪ ،‬ليبنوا حضارات جديدة ‪ ،‬ونسي أف الفراعنة سجموا غزوات ورحالت‬
‫تجارية وتبادؿ تجاري مع ممالؾ افريقية وحضارات افريقية في الجنوب ‪ ،‬ولعؿ فكرة تزوير‬
‫التاريخ التي تسيطر عمى عقمية وتفكير شيخ انتاديوب مف قبؿ الغرب ‪ ،‬ىي التي جعمتو‬
‫يرفض أي رأي غربي يأتي في مصاؼ تفرد الحضارة المصرية دوف الزنجية ‪ ،‬ونسي أنو‬
‫حتى لو كاف المصريوف ليسوا زنوجاً فبمجرد اعتراؼ الغرب أف أصؿ الحضارة في العالـ ىي‬
‫الحضارة الفرعونية ىو اعتراؼ لمقارة األفريقية باالسبقية في ىذا الشأف ألف مصر جزء مف‬
‫أفريقيا ‪ ،‬وليس بالضرورة أف تكوف زنجية ‪ ،‬ولكف ( الزنوجة ) كانت ىي الفكرة المسيطرة‬
‫عمى عقمية وتفكير شيخ أنتا ديوب وىو ما يحاوؿ لصؽ الحضارة بو ‪ ،‬ليثبت لمغرب أف‬
‫الزنوجة ليست وصمة عار ‪ ،‬وانما ىي ميد الحضارة في العالـ ‪ ،‬وأف الزنجي ىو أنساف‬
‫متحضر لو تاريخ حضاري مشرؼ يستطيع أف يفتخر بو ‪ ،‬ويتميز بو عمى الجنس األبيض‪.‬‬

‫‪ -‬تكمـ شيخ أنتاديوب أف الغرب حاولوا ومعيـ عمماء المصريات تغيير الحقيقة وطمسيا‬
‫بأف الفراعنة كانوا زنوجاً ‪ ،‬لكنو لـ يكمؼ نفسو جيداً بدالً مف أف يأتي ببعض اآلثار‬
‫البسيطة التي قد تتشابو في بعض الصفات والسمات مع االشكاؿ الزنجية ‪ ،‬أف ينظر‬

‫‪27‬‬
‫بشكؿ أوسع لمموميات المحنطة والموجودة بأعداد كبيرة ‪ ،‬إف مف أكثر العوائؽ الواضحة‬
‫ىو وجود المومياء‪ ،‬إذ انو مف الصعب اف تشكؾ في صحة جنس الجثة المحفوظة‬
‫بشكؿ جيد حتى اف رموش العيف يمكف عدىا‪ .‬كما اف الفحص البصري والقياس‬
‫االنثروبومتري (قياس الجسـ البشري) وتحميؿ الحمض النووي ‪ DNA‬ال يدع مجاال لمشؾ‬
‫باف المصرييف القدماء كانوا قوقازييف متوسطييف (مف سكاف البحر األبيض المتوسط)‬
‫‪.‬ومازالت مالمح رمسيس الثاني‪ ،‬الفرعوف الذي‬ ‫مثؿ غالبية المصرييف المعاصريف‬
‫اضطيد اطفاؿ الييود‪ ،‬موجودة في الشعر المتباعد المسترسؿ الذي يميز البيض‪ .‬ولربما‬
‫كاف ىذا الفرعوف أحمر الشعر‪.‬‬

‫وال تشكؿ الجثث المحنطة دائما أفضؿ مصدر لممعمومات بالنسبة إلى اجناس شعوب العيد‬
‫القديـ (القسـ األوؿ مف الكتاب المقدس)‪ .‬لقد عمؿ الفنانوف القدماء آالؼ االشياء المنحوتة‬
‫بنقش ضئيؿ البروز والموحات الجصية الجدارية والزخارؼ التي تترؾ سجال مرئيا دقيقا عف‬
‫األجناس التي اختمطوا معيا‪.‬‬

‫وقد انتقى الفنانوف المصريوف القدماء موضوعاتيـ مف الحياة وانتبيوا بعناية الى الفروؽ‬
‫العرقية في كؿ مف لوف البشرة ومالمح الوجو‪ .‬أما االستثناء الوحيد فيو رسـ العينيف إذ‬
‫استمر المصريوف ألسباب غير معروفة في رسميا باألسموب نفسو بغض النظر عف جنس‬
‫الشخص‪ .‬وتوجد الكثير مف الرسومات التي تبيف الفروؽ العرقية الواضحة في الفف‪ .‬لقد كاف‬
‫المصريوف القدماء دقيقيف بالنسبة إلى تصوير الجنس حتى اف أعماليـ تبدو أحيانا أكثر قربا‬
‫إلى عمـ التصنيؼ منيا الى الفف‪.‬‬

‫إف أقدـ محاولة باقية لعمؿ ما يمكف اف يسمى بالجدوؿ االثنوغرافي (الخاص باالعراؽ‬
‫البشرية) يميز المصرييف وجيرانيـ عف طريؽ تصوير الزنجي االسود البشرة والسوري‬
‫الزيتوني الموف‪ ،‬والمصري األحمر البشرة‪ ،‬والميبي االبيض البشرة (قبؿ اختالطيـ بالقبائؿ‬
‫)استاذ علم اآلثار المصرٌة والتارٌخ الشرقً بجامعة شٌكاغو جٌمس هنري برستد فً كتاباته بعنوان‬ ‫العربية)‬
‫«تارٌخ مصر من أقدم العصور الى الفتح الفارسً» الطبعة الثانٌة‪(1990 ،‬‬

‫‪28‬‬
‫وىنا أيضاً يجب تقديـ شيادة لعالـ االثار المصري الذي نشرىا في جريدة الشرؽ األوسط في ‪6‬‬
‫أغسطس ‪ 2009‬ويقوؿ ( بمجرد عرض آثار الفرعوف الذىبي «توت عنخ آموف» في الواليات‬
‫المتحدة األمريكية منذ أكثر مف ثالثيف عاما مضت‪ ،‬ومشاىدة األمريكييف مف أصحاب البشرة‬
‫السمراء ألحد تماثيؿ الممؾ «توت» ممونا بالموف األسود‪ ،‬اعتقدوا أف الحضارة المصرية ليا‬
‫أصوؿ زنجية أفريقية‪ ،‬وأف المصرييف القدماء كانوا مف أصحاب البشرة السمراء‪.‬‬

‫وبدأت تظير في األسواؽ الكتب والمؤلفات‪ ،‬بؿ وأفالـ ىوليوود التي تصور الفراعنة عمى أنيـ‬
‫سود البشرة‪ ..‬وقد نجح الشيخ أنتاديوب مف السنغاؿ في وضع مؤلؼ ضمنو ما قاؿ إنيا براىيف‬
‫عممية تثبت أف صناع الحضارة الفرعونية مف الجنس األسود‪ .‬وبدأ األمريكيوف السود يطوفوف‬
‫الشوارع حامميف الفتات تقوؿ إف أصؿ الحضارة الفرعونية أسود ‪.‬‬

‫‪ ،1988‬ألقيت محاضرة‬ ‫وعندما رافقت معرض الممؾ «رمسيس الثاني» بمدينة داالس عاـ‬
‫ناقشت فييا اآلراء التي تتعمؽ بأصؿ المصرييف‪ ،‬منيا ما يقوؿ إف أصميـ «سامي»‪ ،‬وآخر يقوؿ‬
‫إنو «حامي»‪ ،‬ورأى ثالث يقوؿ بأنيا أصوؿ سامية حامية‪ ،‬بمعنى وجود ىجرات جاءت مف‬
‫الشرؽ وسكنت الدلتا‪ ،‬وأخرى مف الجنوب وسكنت الصعيد‪ ،‬وأصحاب ىذا الرأي يشيروف إلى‬
‫اختالؼ لوف البشرة بيف أىؿ الدلتا وأىؿ الصعيد في مصر‪.‬‬

‫وكاف بالطبع ضمف الحاضريف بمتحؼ داالس العديد مف األمريكاف أصحاب البشرة السمراء‪،‬‬
‫وفي نياية المحاضرة أعمنت أف موضوع أصؿ الحضارة المصرية يجب أف ينظر إليو نظرة‬
‫عممية؛ ألف المصري القديـ قد صور عمى جدراف المقابر مناظر ألسرى الجنوب وبعثات تجارية‬
‫قادمة مف قمب أفريقيا‪ ،‬وصورىـ بالمالمح الزنجية المميزة مف أنؼ وشفاه وجبية‪ ،‬وىذه الصفات‬
‫غير موجودة في تماثيؿ المصرييف القدماء‪ ،‬أو في المناظر المصورة عمى جدراف المقابر‬
‫والمعابد‪.‬‬

‫وقمت ليـ‪« :‬إنني أعتقد أف أصؿ المصرييف‪ ..‬مصري‪ ،‬وأف ىناؾ جبانة عثر عمييا فمندرز بترى‬
‫ػ العالـ اإلنجميزي ػ في صعيد مصر يعتقد أف ىؤالء ىـ الذيف بنوا ىذه الحضارة العظيمة التي‬
‫ليس ليا مثيؿ‪ .‬وال يعيب الحضارة المصرية إف كاف ليا جذور أفريقية‪ ،‬كما ال يزيدىا عظمة أف‬
‫يكوف ليا أصوؿ سامية‪ ،‬فاألصؿ في الحضارة ىو المنتج اإلنساني والفكر الخالؽ الذي صنع‬
‫ىذه الحضارة التي أضاءت لمبشرية طريقا لممعرفة‪ .‬أما أف يكوف صاحب ىذا الفكر أسود أو‬
‫أبيض‪ ،‬فأنا ال أعتقد أف ذلؾ يغير مف الموضوع شيئا‪ ،‬وانما نتناوؿ أصؿ المصري القديـ مف‬
‫منطمؽ عممي بحت بعيدا عف األىواء‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫وبعد المحاضرة بدأت المسيرات الغاضبة في داالس تندد بآرائي‪ ،‬وأرسموا برقيات ىجاء إلى‬
‫المكتب الثقافي المصري‪ ،‬وكاف يرأسو في ذلؾ الوقت الدكتور عبد المطيؼ أبو العال‪ ،‬بؿ وبدأت‬
‫أتمقى رسائؿ وضعوىا أسفؿ باب مكتبي داخؿ المعرض‪ ،‬ومنيا رسالة تقوؿ‪« :‬ليس معنى أف‬
‫ىناؾ فتاة بيضاء تحضر لؾ القيوة ‪..‬أف تعتقد أنؾ أبيض‪ ..‬أنت أسود!»‬

‫كاف موضوع أصؿ الحضارة المصرية موضع نقاش ىيئة اليونسكو‪ ،‬وأعمف العمماء المشاركوف‪:‬‬
‫«أف أصؿ الحضارة الفرعونية يحتاج إلى دراسات عممية‪ ،‬وال يمكف أف نرجع أصؿ الحضارة إلى‬
‫الجنس الزنجي لمجرد وجود تمثاؿ لمممؾ «توت عنخ آموف »مموف بالموف األسود ‪..».‬‬

‫وقبؿ موعد محاضرة أخرى لي في فيالدلفيا ػ ثاني مدينة أمريكية بيا أعمى نسبة مف السود ػ كنت‬
‫ضيفا عمى أحد البرامج التميفزيونية وناقشت الموضوع نفسو وفوجئت بعدىا بالعديد مف األمريكييف‬
‫يحتموف نصؼ الشارع الذي توجد بو قاعة المحاضرات التي سألقى بيا المحاضرة‪ ،‬وىـ يحمموف‬
‫الفتات تقوؿ‪« :‬زاىي حواس كاذب‪ ..‬أصؿ الفراعنة زنجي !»‬

‫وتأخر موعد المحاضرة ألكثر مف ساعة‪ ،‬ولـ ييدأوا إال بعد أف قمت ليـ‪« :‬إف مصر تقع في‬
‫أفريقيا‪ ..‬وأف أصمكـ مف أفريقيا‪..».‬‬

‫وىذه الشيادة تؤكد أف كثير مف األفارقة بؿ جميـ يعتقد فيما قاؿ بو شيخ أنتاديوب مف األصوؿ‬
‫الزنجية لمحضارة المصرية القديمة ‪ ،‬ويبرز أيضاً دحض ىذه الحجة مف قبؿ عالـ آثار كبير مثؿ‬
‫زاىي حواس بكؿ بساطة لحججيـ بأنيا ليست ذات قيمة أماـ الحقائؽ الموجودة في الواقع‪.‬‬

‫‪ -‬وفيما يخص لغة المصرييف القدماء فيناؾ اثباتات كثيرة تؤكد تفرد ىذه المغة عف المغات‬
‫األخرى ‪ ،‬وىنا الجأ إلى دراسة أجراىا ا لدكتور اسامة السعداوي ( في كتاب لغة آدـ‬
‫الطريؽ الذي يقود الى كيفية اثبات ىذه الحقيقة ا صدرتو دار جروس برس – في لبناف‬
‫عاـ ‪ ) 1995‬حيث يتوصؿ الدكتور اسامة في نظريتو الى االثبات اف المغة المصرية‬
‫القديمة تعرضت الى التحوير بواسطة العمماء أمثاؿ شامبميوف ‪ ،‬و اف ىؤالء العمماء لـ‬
‫يستطيعوا نطقيا بشكؿ صحيح ‪ ،‬و يتوصؿ الدكتور اسامة الى اف المصرييف القدماء‬
‫كانوا موحديد يعبدوف اهلل الواحد االحد ‪ ،‬لكنو عندما يصؿ الى نقطة التماثؿ بيف‬
‫المصرية القديمة و المغة العربية االـ ‪ ،‬لغة آدـ و لغة كؿ الناس ‪ ،‬يقرر اف المغة العربية‬
‫ىي مرحمة متقدمة مف تطور المغة المصرية القديمة و يحاوؿ اثبات نظرتو ىذه باف يورد‬

‫‪30‬‬
‫مجموعة مف الكممات المصرية الشعبية التي يمفظيا شعب مصر اليوـ ليثبت انيا‬
‫االساس الذي بنيت عميو المغة العربية ‪ ،‬فيؿ ىذا فعال ىو الواقع ‪ ،‬أـ اف العكس ىو‬
‫الصحيح ؟‪.‬‬

‫وأىـ ما توصؿ إليو الكتاب ىو اآلتي ‪:‬‬

‫يقوؿ (( المغػة المصرية لـ تتغير شفييا حػرفػا واحػدا منذ عصور ما قبػؿ األسرات وحتى يومنا ىذا‬
‫((بمعنى أننا نتحدث تماما كما كاف أجدادنا المصريوف القدماء يتحدثوف‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬الكممػات المصريػة العاميػة‬


‫المغة المصرية القديمة المنطوقة والمكتوبة لـ تكف تعتمد عمى الحروؼ األبجدية وتكويناتيا كما‬
‫ىو الحاؿ في المغة العربية اليوـ ‪ ..‬بؿ كانت تعتمد أساسا عمى المكونات الصوتية الثنائية النغمة‬
‫( المثاني) ‪ ..‬باإلضافة إلى الحروؼ األبجدية ‪ .‬لذلؾ نجد أف ىناؾ العديد مف الكممات المصرية‬
‫تتكوف مف حرفيف اثنيف فقط وليا معاني محددة وقاطعة ‪ ..‬واألمثمة بالمئات ‪ :‬بػص ‪ :‬بمعنى‬
‫انظر ‪ /‬نظر أو يرى أو شاىد ‪ ..‬وأيضا كممة ( شوؼ ‪ /‬شاؼ)‬
‫شػب ‪ :‬بمعنى قػـ أو انيض ‪ ..‬أو بمعنى فتى يافع أر ‪ :‬بمعنى حسد ‪ ..‬أو تمنى زواؿ النعمة‬
‫أل ‪ :‬بمعنى ال لمنفي‬
‫مػش ‪ :‬أيضا بمعى ال لمنفي ‪ ..‬مثؿ ‪:‬‬
‫مش عايز ‪ -‬مش زعالف ‪ -‬مش جاي ‪ -‬مش شايؿ ‪ ..‬إلخ‬
‫نش ‪ :‬بمعنى بمعنى تحريؾ اليواء ‪ ..‬أو طرد الحشرات الطائرة‬
‫زف ‪ :‬بمعنى طنيف ‪ ..‬أو يكرر الكالـ مرات عديدية‬
‫دش ‪ :‬بمعنى الثرثرة أو كسر األشياء‬
‫سػو ‪ :‬بمعنى سيئ أو سوء أو شؤـ‬
‫ضب ‪ :‬بمعنى فػؾ غميظ وىكذا نستطيع أف نذكر مئات بؿ آالؼ الكممات الثنائية المصرية‬
‫(المثاني) التي يتحدث بيا الشعب المصري والتي لـ ترد في أي مراجع عربية فصحى‪.‬‬
‫لذلؾ كانت أحد العناصر اليامة في نظرية أسامة السعداوي ىي‪:‬‬
‫المغة المصرية ىي المغة الوحيدة التي تتكوف فييا جذور الكممات مف الػمػثػانػي المكونة مف حرفيف‬
‫اثنيف فقط أمثمػة‪:‬‬

‫‪31‬‬
‫قد ‪-‬غد ‪ -‬رد ‪ -‬در ‪ -‬أر ‪ -‬مف ‪ -‬نـ ‪ -‬جف ‪ -‬ىؿ ‪ -‬بؿ ‪ -‬بص ‪ -‬صب ‪ -‬صر ‪ -‬لص ‪-‬‬
‫صد ‪ -‬شب ‪ -‬شف ‪ -‬نص ‪ -‬تـ ‪ -‬ضـ ‪ -‬شـ ‪ -‬شؽ ‪ -‬شؾ ‪ -‬شؿ ‪ -‬ضف ‪ -‬أـ ‪ -‬أؿ ‪ -‬أل‬
‫‪ -‬أش ‪ -‬أو ‪ -‬ء ؼ ‪ -‬نج ‪ -‬خر ‪ -‬غر ‪ -‬رغ ‪ -‬رخ ‪ -‬رش ‪ -‬نش ‪ -‬مص ‪ -‬سـ ‪ -‬حـ ‪-‬‬
‫مح ‪ -‬دـ زـ ‪ -‬مز ‪ -‬حؿ ‪ -‬خؿ ‪ -‬غؿ ‪ -‬دؿ ‪ -‬سد ‪ -‬دس ‪ -‬حد ‪ -‬زد ‪ -‬كس ‪ -‬سب ‪ -‬بس‬
‫‪ -‬لـ ‪ -‬بـ ‪ -‬كـ ‪ -‬كش ‪ -‬تؿ ‪ -‬مؿ ‪ -‬كؿ ‪ -‬زؿ ‪ -‬وؿ ‪ -‬لو ‪ -‬بو ‪ -‬نو ‪ -‬سو ‪ -‬وف ‪ -‬ور‬
‫‪ -‬وش ‪ -‬نؼ ‪-‬تؼ ‪ -‬فف ‪ -‬ىو ‪ -‬ىـ ‪ -‬ىس ىب ‪ -‬ىف ‪ -‬ىر ‪ -‬ىش ‪ -‬حض ‪ -‬ضح ‪-‬‬
‫دش ‪ -‬مش ‪ -‬خط ‪ -‬غط ‪ -‬عط ‪ -‬بط ‪ -‬طز ‪ -‬حظ ‪ -‬حز ‪ -‬بز ‪ -‬شز ‪ -‬جز ‪ -‬زؾ ‪ -‬نز‬
‫‪ -‬لف ‪ -‬لب ‪ -‬سر‪ -‬تب ‪ -‬بت ‪ -‬ود ‪ -‬ست ‪ -‬تص ‪ -‬رج ‪ -‬جر ‪ -‬زب ‪ -‬رص ‪ -‬رض ‪-‬‬
‫جب ‪ -‬بج ‪ -‬قف ‪ -‬قر ‪ -‬فػع ‪ -‬إلخ‪.‬‬

‫مف ىنا اذا ابتعدنا عف التعصب االعمى لممنطقة التي ولدنا بيا و تعمقنا في دراسة موضوع‬
‫المغة بشكؿ عاـ و ادخمنا في حساباتنا تقاطع العوامؿ التاريخية جميعيا في تكوف الحضارات ‪ ،‬و‬
‫اسقطنا مف حساباتنا اشكاؿ الرسوـ التي كتبت بيا المغة تبيف لنا‬
‫اوال ‪ :‬اف الفاظ المغة المصرية القديمة ال تبعد عف الفاظ المغة العربية ‪ ،‬مما يعني انيما تنتمياف‬
‫الى لغة واحدة اصال ‪ ،‬فيبقى السؤاؿ اي مف المغتيف اتى مف قبؿ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬وحيث اف االصؿ ىو الكامؿ و الناقص ىو الفرع ‪ ،‬فاف المغة المصرية القديمة ىي احدى‬
‫ليجات العربية التي يغمب عمييا طابع ليجة القطع‪.‬‬

‫خاتمة ‪:‬‬

‫سيطر عمى عمى شيخ أنتاديوب كغيره مف األفارقة الناطقيف بالفرنسية فكرة الزنوجة ‪ ،‬وىو تيار‬
‫ذات مضاميف ثقافية ضد سياسة االستيعاب التي اتبعتيا فرنسا في إفريقيا ‪ ،‬وىو ما سيطر عمى‬
‫أفكار شيخ انتاديوب في محاولة إعادة االعتبار لمتاريخ األفريقي والثقافة األفريقية والشخصية‬
‫األفريقية عموماً ‪ ،‬بعدما لحقيا مف تشويو عمى يد الكتابات األوربية والمؤرخيف ‪ ،‬وفي سبيؿ ذلؾ‬
‫حاوؿ اثبات أف التاريخ األفريقي والثقافة االفريقية ال تقؿ عف نظيرتيا في أوربا ‪ ،‬بؿ ذىب إلى ما‬
‫ىو ابعد مف ذلؾ وىو سيادة التاريخ األفريقي والثقافة االفريقية لمتاريخ األوربي والثقافة األوربية ‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫ولذلؾ لجأ شيخ أنتا ديوب في دراساتو إلى المرجعية التاريخية ‪ ،‬ومحاولة نسب الحضارة الزنجية‬
‫إلى أعظـ الحضارات في العالـ ‪ ،‬والتي نشأت في أفريقيا ‪ ،‬وىي الحضارة الفرعونية ( المصرية‬
‫القديمة ) ‪ ،‬وىذا يعطي مدد معنوي ودافع معنوي لالنتاج واإلنجاز باعتبار أف الحضارة القديمة‬
‫ىي إنجاز ‪ ،‬لكف خالفة التوفيؽ في أنو في سبيؿ ذلؾ لـ يراعي أساليب البحث العممي الصحيحة‬
‫في اثبات وجية نظره ‪ ،‬ولكنو استخدـ ضعيؼ األسانيد ورجحيا عمى صحيحيا ‪ ،‬فخرج البحث‬
‫بعوار شديد ‪ ،‬لكف ال يمكف طمس ما جاء البحث بو مف جيد ال يختمؼ عميو اثناف مف حيث أف‬
‫المفكر أعمؿ عقمو واستخدـ أدواتو وقراءاتو ليقوـ بعمؿ بحثي قدـ مف خاللو أفكار أثرت الفكر‬
‫األفريقيى ‪ ،‬واكسبت المكتبة األفريقية كتاباً يعتبر فريد مف نوعو حيث يجمع شتات عدة أفكار لـ‬
‫تجتمع في بحث آخر يماثمو مف حيث التنوع والتفرد‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫المصادر التي استعان بها الباحث‬

‫‪- 1‬شيخ أنتاديوب‪ ،‬حميـ طوسوف "مترجـ" ‪ ،‬األصوؿ الزنجية لمحضارة المصرية ( القاىرة‪:‬‬
‫دار العالـ الثالث ‪ ،‬الطبعة األولى ‪.) 1995 ،‬‬
‫‪- 2‬أحمد عيد‪ ،‬جغرافية التوراة في جزيرة الفراعنة ( القاىرة‪ :‬مركز المحروسة لمبحوث‬
‫والتدريب والنشر ‪ ،‬فبراير ‪.) 1996‬‬
‫‪- 3‬جيمس ىنري برستد ‪ ،‬د‪ .‬حسف كماؿ "مترجـ" ‪ ،‬تاريخ مصر مف أقدـ العصور إلى الفتح‬
‫الفارسي ( القاىرة‪ :‬مكتبة مدبولي ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪. (1990 ،‬‬
‫‪- 4‬د اسامة السعداوي‪ ،‬ؿغة آدـ الطريؽ الذي يقود الى كيفية اثبات ىذه الحقيقة ( بيروت‪:‬‬
‫دار جروس برس ‪ ،‬عاـ ‪.) 1995‬‬
‫‪- 5‬جريدة الشرؽ األوسط في ‪ 6‬أغسطس ‪.2009‬‬
‫‪http://www.cheikhantadiop.net/cheikh_anta_diop_biograph.htm- 6‬‬

‫‪34‬‬

You might also like