You are on page 1of 4

‫]‬

‫د‪ .‬حازم راشد انجيدي النجيدي‬

‫أستاذ مشارك ـ كلية الهندسة المعمارية‪،‬جامعة العلوم التطبيقية الخاصة‬

‫عمان ـ األردن‬

‫يزداد النشر المعماري في الوطن العربي في السنوات األخيرة ويتركز في غالبه على نقد ومناقشة‬

‫المشاريع المعمارية‪ .‬االهتمام في نقد المشاريع المعمارية استهدف االرتقاء بمستوى الممارسة وإغناءها وربطها باالطار‬
‫الفكري األعم لالبداع‪ .‬باتجاه هذا الهدف برزت دعوات‪،‬معمقة لالهتمام بالنقد والنشر المعماري بغية معرفة االطار‬
‫المعرفي الذي تتحرك خالله الممارسة‪ .‬النقد المعماري كان محور اهتمام الكثيرمن المجالت العربية (مجلة اتحاد‬
‫الجامعات العربية‪ ،‬مجلة البناء وملتقى العمارة في العالم العربي في مجلة المستقبل العربي)‪.‬‬

‫إن الدعوات األخيرة على الرغم من تركيزها على االهتمام بالنشر وعلى النقد المعماري لما يطرح من مشاريع‪،‬يبدو إنها‬
‫استهدفت امورا أكثر عمقا‪ .‬االستهداف برز لبناء اطار معرفي لمدرسة نقدية معمارية تهتم بالممارسة ضمن منظورها‬
‫المحلي المعاصر وتتشكل في بيئتها غير معزولة عن مجاالت االبداع األخرى‪ .‬هذا االهتمام برز في االبتعاد عن‬
‫المباشرية السطحية في التعامل مع التصميم المعماري كتركيب سطحي لمفردات شكلية والتوجه إلى رؤية أعمق من‬
‫التفكير بدال من النسخ الشكال الموروث أو االشكال المعاصرة الحالية على المستوى العالمي‪.‬‬

‫ضمن هذا الهدف الغير مباشر والمعمق لهذه الدعوات والمنبثق من االهتمام الكبير بالنقد المعماري بقت المحاوالت‬
‫لمناقشة فاعليةهذا النقد امرا محدودا‪ .‬لم توفر الكثير من الوقفات لمالحظة طبيعة هذا النشر ومناقشته‪ .‬لقد استمر التركيز‬
‫على التوقف حول االعمال المعمارية والنشر حولها وغاب التوقف حول طبيعة هذا النشر‪ .‬لم يتسنى للقارىء العربي‬
‫التعرض الى مسائلة األساليب المعتمدة بالنقد بغية تحقيق الهدف األسمى منه وهو اإلغناء الفاعل للممارسة المعمارية‪.‬‬
‫باختصار مع التوسع الكبير بالنقد المعماري كأساس للنشر في العالم العربي بقى مجال نقد النقد مساحة بعيدة عن االنظار‪.‬‬

‫بضوء ما تقدم يستهدف هذا الموضوع تسليط الضوء على نقد النقد من خالل تسجيل بعض المالحظات التي يتسم بها النقد‬
‫المعماري العربي بشكل عام‪ .‬سيتم البدء بالتطرق للعالقة بين ثالث أطراف‪ :‬الممارسة المعمارية‪ ،‬النقد المعماري ونقد‬
‫النقد‪ .‬بعدها سيتم تسجيل بعض االنطباعات عن النقد المعماري في العالم العربي كمحاولة أولية لنقد النقد‪ ،‬أخيرا سيتم‬
‫إستخالص أبرز ما يمكن توقعه بضوء السمة الحالية للنقد المعماري‪.‬‬

‫العالقة بين الممارسة المعمارية والنقد ونقد النقد‬

‫ارتباط الممارسة المعمارية بالنقد ونقد النقد يمكن ان ينسحب من طبيعة العالقة بين االطراف والمستندة أصال على هدف‬
‫الممارسة المعمارية‪.‬‬

‫الممارسة المعمارية كإتجاه يستهدف بشكل عام حل مشاكل الواقع‪ .‬العمل التصميمي هو رؤية لحل مشاكل الواقع‪ .‬بطبيعة‬
‫هذه الرؤية أنها تطرح وفق افتراضات متعددة‪ .‬هذه االفتراضات ممكن بحكم تبايناتها وتنوعاتها قد تكون غير مختبرة وفي‬
‫احسن الحاالت تكون قد تم التحقق من صحتها في السابق لكن كل على انفراد وليس لكل االفتراضات التي دخلت في‬
‫العمل التصميمي لمشروع معين قد يحدث ألول مرة بضوء تفرد ظروف تصميمي عن اخر‪ .‬بضوء ذلك يكو ن العمل‬
‫التصميمي رؤى لحل مشاكل الواقع‪ ،‬لم يتم اختبارها أو التحقق من صحتها بالكامل ـ قد تجرى اختبارات على الصعيد‬
‫التخصصي االنشائي أو مواد البناء أو غيرها ـ لكن ليس علي صعيد مجمل التصميم‪ .‬االختبار الحقيقي لهذه االفتراضات‬
‫وهذه الرؤية التصميمية ستتحقق في عمر المشروع بعد سنين من تنفيذه‪ .‬باختصار فإن الممارسة المعمارية يمكن النظر‬
‫اليها كأداة يتم اعتمادها لحل مشاكل الواقع وفق رؤية خاصة‪.‬ضمن هذا الفهم للممارسة المعمارية يأتي دور النقد‬
‫المعماري‪ ،‬النقد يخص االهتمام في مسائلة فاعلية ادوات حل مشاكل الواقع‪ ،‬النقد بذلك هو أىضا أداة يمكن اعتمادها لحل‬
‫مشاكل األدوات التي تم اعتمادها في حل مشاكل الواقع‪ .‬إنه أداة تستهدف تحسين حلول مشاكل الواقع وترتبط به بصورة‬
‫غير مباشرة من خالل ارتباطها باألدوات التي تم اعتمادها مباشرة لحل مشاكله‪ .‬ما يفعله النقد المعماري هنا هو‪ ،‬أنه يقوم‬
‫بتقريبنا إلى نتائج االختبار بدل من االنتظار الي عشرات السنين لمعرفة صحة الرؤية التصميمية أو كشفها للشريحة‬
‫األوسع من المهتمين وتوضيح ما خفي منها وما تطلب الدراسة والتمحيص‪ ،‬بهذا األسلوب النقد يساعد في عدم تكرار‬
‫الخطأ من خالل كونه يمثل تمحيصا ـ لكن بصورة غير مباشرة ـ لفاعلية األدوات التي تم اعتمادها في حل مشاكل الواقع‪.‬‬
‫ما تفشل به الممارسة يكشفه النقد‪.‬نقد النقد من ناحيته يخص مرحلة الحقة من مراحل السعي لزيادة فاعلية اإلجراءات‬
‫واألدوات المعتمدة لحل مشاكل الواقع‪ .‬إنه يرتبط بمستوى آخر من مستويات السعي باتجاه الفاعلية األكبر لألدوات‪ .‬انه‬
‫يستهدف حل مشاكل األدوات التي اعتمدت لرصد فاعلية االجراءات المعتمدة لحل مشاكل الواقع‪.‬‬

‫باختصار فإن االطراف الثالث ( الممارسة ‪ ،‬النقد ‪ ،‬ونقد النقد) هي أدوات متسلسلة في هيكليتها تشترك في هدف أعم وهو‬
‫تحقيق حلول فاعلية لمشاكل الواقع‪ ،‬أول األدوات (الممارسة) أقربها إلى الواقع وثالثها (نقد النقد) هو األبعد عن الواقع‬
‫واألقرب الى مجال المعرفة‪ .‬نقد النقد يفحص النقد والنقد يفحص الممارسة‪ .‬نقد النقد يكشف فاعلية النقد والنقد يكشف‬
‫فاعلية الممارسة في تحقيق هدفهما في حل مشاكل الواقع‪.‬‬

‫الممارسة المعمارية تتصدى لحل مشاكل الواقع‪ .‬النقد يتصدى لفاعلية الممارسة في حل مشاكل الواقع‪ .‬نقد النقد يتصدى‬
‫لفاعلية النقد في كشف فاعلية الممارسة لحل مشاكل الواقع‪.‬‬

‫نقد النقد المعماري العربي‬

‫يمكن أن يتركز نقد النقد المعماري العربي على ثالث ظواهر‪ :‬عدم كشف المنهج وانعكاسه بعمومية النقد‪ ،‬التركيز علي‬
‫الوصف وأخيرا الذاتية المفرطة‪.‬‬

‫غموض المنهج وعمومية النقد‪:‬‬

‫اهم ما يالحظ في النقد العربي بشكل عام أنه قراءة لألعمال المعمارية دونما توضيح إلى أن هذه القراءة هي احتمال واحد‬
‫فقط‪ ،‬وحسب جملة من القراءات الممكنة‪ ،‬هذا االنطباع يأتي بشكل أساسي من مالحظة أن ما ينشر عن المشروع‬
‫المعماري ال يتضمن توضيحا في البداية لألسلوب الذي سيعتمد‪ ،‬ناهيك عن أي مناقشة لفاعلية هذا األسلوب في إضاءة‬
‫أبعاد العمل المعماري بالمقارنة مع األساليب األخرى‪ .‬الناقد يبدأ من المشروع وينتهي به دونما توضيح للمنهج أو لفاعليته‬
‫‪ .‬النقد بضوء ذلك يبدو أنه يعتمد فهما خاصا لمفهوم النقد‪ ،‬فهما له جانبين‪ .‬الجانب األول هو الفهم بأن هناك صيغة واحدة‬
‫للنقد ‪ ،‬أما الجانب الثاني فمفاده أن هذه الصيغة الواحدة أو الفهم األوحد هو فعال ما يعتمده الناقد‪ .‬بشكل متوقع أن مثل هذا‬
‫التوجه بالنشر سيبقى ـ ودونما شعور بذلك ـ أسيرا لمحدودية النتائج النابعة بحد ذاتها من محدودية المنهج نفسه‪ ،‬ال يغفل‬
‫أن األسلوب الممكن اعتماده ينبع بشكل اساسي من هدف النقد أصال‪،‬ومن المعطيات المتوفرة في لحظة زمنية‬
‫معينة‪،‬اضافة الى موقع تلك اللحظة بتسلسل تاريخ النقد‪،‬والذي يبرز أسلوبا معينا دون آخر‪ .‬التيارات النقدية تتزامن‬
‫وتتالحق وال يمكن بشكل عام أن تحدد سمات مرحلة معينة ـ بتوجه معين دون اخر ـ لكن ماهو بحاجة الى التحديد هو‬
‫ماهية الطيف الفكري الذي يتم اعتماده بمناقشة مشروع معين‪ .‬ما قد يبدو من أنه خشية من االتهام بالذاتية في حالة اعتماد‬
‫منهج محدد وكشفه يبدو غير مبررا في مجال السعي باتجاه الموضوعية‪ .‬الموضوعية الحقة هي كشف واعالن الذاتية‪.‬‬
‫الذاتية المعلن عنها ستمكن من فهم مصداقية االستنساخ كوصف لنتائج تطبيق وسيلة معرفية محددة عن الحقيقة وليس‬
‫الحقيقة نفسها‪.‬‬

‫اغفال االشارة الى معالم المنهج المعتمد أن يتوقع منه عدم معرفة المتلقي بالموثوقية لما ينتج عن النقد‪ ،‬عدم الموثوقية‬
‫ستدفع باتجاه عدم الفهم ‪،‬وعدم األغناء ‪ ،‬وعدم المقارنة مع فهم آخر‪ .‬هذه المشكلة تنبع من وضع عام‪ .‬هذا الوضع قد‬
‫يكون أوسع من مجال النقد نفسه‪ ،‬يمكن القول بأن التفكير المنشور في الغالب يركز على الفحوى ويهمل المنهج‪ .‬مثل هذا‬
‫األمر قد يعزي الى الطرق السائدة بالتعليم المعماري والتي تخص فحوى المعلومات والحلول على حساب طرق التفكير‬
‫واالستنساخ وحل المشاكل‪ .‬بغياب إعالن المنهج ال يمكن التعرف ‪ :‬هل أن االجراءات التي اعتمدت كانت متسقة مع‬
‫بعضها أو شاملة لما يوصف بأسلوب فكري محدد‪ ،‬وبالتالي يمكن أن تتحقق مصداقية للنتائج عند ضمان صحة المعلومات‬
‫المتوفرة عن المشروع‪ .‬النتائج المناسبة من عملية النقد يمكن تحققها من خالل وضوح المنهج المعتمد وااللتصاق به ‪،‬ومن‬
‫خالل دقة المعطيات المعتمدة ‪،‬واخيرا من خالل التطبيق الدقيق للمنهج على هذه المعطيات‪.‬‬

‫الوصف‪:‬‬
‫انسجاما مع إغفال اإلشارة الى المنهج المعتمد فإن النقد يبدو أنه يأخذ سمعة عامة ‪،‬بدل التوغل بالتوجه التفصيلي المحدد‪.‬‬
‫هذه السمة العامة تنسحب من العموميات‪،‬كما عرفت بأدبيات النقد ذات الطبيعة العامة‪،‬وليس حسب ما ظهر تفصيليا في‬
‫توجهات نقدية محددة أو معاصرة‪ ،‬بضوء ذلك يالحظ التركيز على الوصف وإعطاء الحكم‪.‬‬

‫ما يطرحه النقد بعموميته هو إما الوصف أو أحكام القيمة الذوقية‪ .‬العمل بعد أن يتم وصفه من خالل المخططات‬
‫والصور‪ ،‬يأتي النقد ليعيد هذا الوصف كتابيا‪ .‬النقد ال يضيف جديدا لما تكشفه المخططات‪ .‬ما يمكن استخالصه بشكل‬
‫مباشر من الصور والمخططات يقوم الناقد بوصفه كتابيا بصورة ال تضيف للرسوم‪ .‬في أغلب الحاالت ال يقرأ ‪،‬ألن‬
‫الوصف الكالمي لجوانب الشكل قد يكون بأحيان كثيرة أكثر غموضية من المخططات‪ .‬النقد يعيد تحديد ما تم تحديده بلغة‬
‫إشارية ثانية‪ ،‬التركيز ينصب على الشكل الناتج وليس عن أسبابه وقوانينه وهيكلته وعالقاته مع ماخارجه من أشكال‬
‫ومعطيات‪ .‬مع استقرار وترسخ مثل هذا النوع من النقد يمكن تفسير كيف أن المعماريين أو الطلبة يبتعدون عن قراءة ما‬
‫يقع تحت الرسومات والصور من كتابة‪ .‬ما يطرح من كالم ال يضيف لهم معرفة جديدة‪ .‬الوصف يبدأ من المدخل وكأن‬
‫هناك كاميرا متحركة تأخذ القارىء عبر جنبات المشروع ‪ ،‬إجراء يستطيع أن يقوم القارئ به بمفرده‪.‬‬

‫النقد في حقيقته الجوهرية يهدف الى اضاءة العمل وبالتالي فإنه يقع بين العمل والمتلقي‪ .‬بهذه الحالة فإن النقد ال يضئ‬
‫أكثر مما يمكن اضاءته من قبل المتلقي بمفرده بعبارة أخرى النقد ال يقع بين العمل والمتلقي‪ ،‬بل في مكان المتلقي‪.‬‬

‫الذاتية المفرطة‪:‬‬

‫استمرارا مع سمة التركيز على الوصف فإن الطبيعة السائدة لهذا الوصف هي الذاتية المفرطة‪ ،‬بعد الوصف العام بتركيز‬
‫النقد في الغالب على تسجيل سيل من األحكام المفرطة في ذاتيتها حول جودة العمل‪ .‬جودة العمل بحد ذاتها تعتمد انتقائيا‬
‫وبمعزل عن أساس نظري محدد‪ .‬النقد يتركز على محاولة رصد المقاربة بين العمل المعماري من جهة وذات الناقد بدل‬
‫من إطار نظري واضح من جهة اخرى‪ ،‬أحكام الجودة التي يتم اصدارها غالبا ما تمثل بقيم ذوقية ذاتية الى حد مفرط ‪،‬‬
‫أما أساس المقاربة فال يكشف ايضا ويكون في الغالب قيم الناقد نفسه‪ ،‬اذا تم رصد االحكام القيمية التي يتضمنها النقد فان‬
‫العمل النقدي يتحول الى رصد للمسافة بين العمل والنقاد‪ ،‬هذا معناه ان النقد لم يضيء العمل كما تم ادعاء ذلك بل اضاء‬
‫المسافة بين العمل والناقد‪.‬القارئ بشكل عام يتمحور اهتمامه على العمل‪ ،‬ومقاربته إلى اساس نظري خارجي وهو‬
‫األساس الذي يمكنه من فهم العمل ومقارنته بأعمال أخرى وليس على المسافة بين العمل وناقد ال يعرف عن أساسه‬
‫النظري شيئا‪ .‬القارىء ليس معنيا بشكل كبير بمقدار مسافة العمل عن الناقد الذي يقوم بالنقد‪ .‬جملة من المفردات الذوقية‬
‫الغير معرفة‪ ،‬هو كل ما يستطيع أن يحصل عليه القارئ من النقد المطروح ‪ .‬العمل بعد عملية النقد يبقى ضمن دائرة‬
‫اإلبهام التي كانت حوله‪ ،‬بدل من انتقاله إلى مساحة مضاءة ‪.‬ألن يتحقق الفهم األوسع الذي يغني الممارسة الحقا ‪،‬البد للنقد‬
‫أن يشير الى مقاربة العمل ألساس فكري محدد‪،‬يمكن أن يشكل معالم مرحلة معينة‪ ،‬وبالتالي يمكن للنقد أن يضيء عالقة‬
‫العمل مع تاريخ االبداع بشكل عام‪.‬‬

‫مترتبات الوضع الحالي‬

‫من أبرز نتائج الكتابات النقدية العربية حول المشاريع المعمارية والتي تنسحب مما تقدم‪ ،‬هي أنها ال تقرأ حقيقة‪ ،‬ألنها ال‬
‫تضيف جديدا ‪،‬ولكن األهم أنها ال تحفز أو تثير النقد عند األخرين للتصدي لها ومناقشتها الحقا‪ .‬لم تطرح أي دراسة تقريبا‬
‫في النشر المعماري العربي استهدفت ومناقشة عمل نقدي معماري سابق‪ .‬النقد العربي في العمارة يمكن تمثيله بحالة‬
‫الواحدة‪ ،‬يبرز مرة واحدة وال يذكره أحد أو يبدأ منه للوصول إلى إضاءة أشمل‪ .‬على خالف ما يحدث في مجاالت االبداع‬
‫األخرى (األدب والفن) فإن نقد األعمال االبداعية ‪ ،‬غالبا ما يتم التصدي له وتتم مناقشته ويتم توضيح قدرته في كشف‬
‫مضامين العمل االبداعي‪ ،‬النقد لنقد عمل يتبع بنقد آخر واآلخر بآخر وهكذا‪ .‬ظهور العمل االبداعي يحفز ظهور نقدا له‬
‫والنقد يحفز ظهور نقدا له‪ ،‬وهكذا في عملية مستمرة حية‪ ،‬األمر وصل الى أن يتم اعتبار العمل النقدي بمستوى ال يقل‬
‫إبداعية عن ابداعية العمل الفني نفسه‪ ،‬العمل النقدي يلقي مراجعة وتحليل قد تفوق أحيانا ما القاه العمل االبداعي الذي‬
‫تصدى له أصال‪ ،‬على خالف هذا الحال فمجال النقد المعماري العربي لألسف أنه يولد ميتا‪:‬ال يغني فعال وال يتم التصدي‬
‫له في نقد الحق‪ .‬يمكن ان نعزي أسباب هذه الظاهرة الى أن النقد المطروح بحكم تركيزه على الوصف والمديح الذاتي‬
‫يتسم بالحيادية المعرفية‪ ،‬وال يرتبط بأساس معلن وال يستخلص محاججة قابلة للمسائلة الحقا‪ ،‬إنه يرتبط بالوصف الذاتي‬
‫لحالة واحدة يتم ربطها مع أو مقاربتها مع ذاتية مؤلف أو ناقد ال يعرف عنه شيئا؟ بعبارة أخرى ال يرتبط مع المعرفة أو‬
‫أساس نظري بحيث يمكن التوسع بالتفسير أو اإلضاءة أو حتى يمكن اإلضاءة بضوء النظرة إلى األسلوب النقدي نفسه‬
‫وليس الى العمل وحسب‪.‬‬
‫إن النقد المعماري الحالي يعاني من أزمة تتجسد بأنه ال يقرأ وإن قرأ فإنه ال يحفز على الكتابة عنه‪ ،‬على عكس ما يحدث‬
‫في نقد مجاالت االبداع األخرى‪ ،‬والتي تطور فيها الى أن أصبح العصر الحالي يوسم ليس بعصر النقد وحسب ‪،‬بل بعصر‬
‫نقد النقد‪ .‬اإلهتمام بنقد النقد يعكس المترتبات األكبر لتأثير النقد في الصياغة األعم للواقع الفكري ‪،‬مقارنة مع ما يمكن أن‬
‫يؤثر فيه العمل االبداعي بمفرده‪ .‬ما يحمله العمل النقدي من سوء رؤية يكون تأِثيرها أكبر على المجتمع ألنه ممكن أن‬
‫يعتمد كأسلوب في دراسة أعمال أخرى ‪،‬وبالتالى بتضاعف سوء الفهم وتكبت بذور االبداع باألعمال األخرى ‪ ،‬والتي لم‬
‫يتم كشف مثيالتها في العمل الذي تم نقده ‪،‬ويستمر تغميض ما كان يطمح اليصاله المبدع‪ .‬إنه ألمر جوهري أن يتم إدراك‬
‫أن الممارسة المعمارية سوف لن تستقيم بغياب النقد الذي يغنيها ويكشفها ويؤطرها ‪،‬لكن بنفس الوقت فإن هذا النقد سوف‬
‫لن يستقيم اذا لم يتحقق نقد النقد‪].‬‬

‫[‪ ]1‬د‪ .‬حازم راشد انجيدي النجيدي‪-‬البناء السعودى‪ -‬العدد ‪ -165‬مايو ‪ 2004‬م‬

‫‪POSTED BY ARCH. MANAR AT 3:19 PM‬‬

‫‪:NO COMMENTS‬‬

‫‪Post a Comment‬‬

‫‪Newer Post Home‬‬

‫‪)Subscribe to: Post Comments (Atom‬‬

‫‪MY WEB SEARCH‬‬

‫▼ ‪)3( 2007‬‬

‫▼ ‪)May (3‬‬

‫▼ ‪)May 27 (3‬‬

‫نقد النقد المعماري العربي ‪ -‬البناء السعودى ‪-‬‬

‫المسابقات المعمارية وإشكالية التحكيم في العالم الع‪...‬‬

‫‪JACQUE DERRIDA, DECONSTRUCTIONISM & POSTMODERNISM‬‬

‫‪ABOUT ME‬‬

‫‪ARCH. MANAR‬‬

‫‪VIEW MY COMPLETE PROFILE‬‬

You might also like