You are on page 1of 352

‫أبجـد العلـوم‬

‫المجلد الوأل‬

‫الوشي المرقوم ‪ ،‬في بيان أحوال العلوم‬

‫المؤلف‪:‬‬
‫صديق حسن خان‬

‫ملتقى شبكة السلف مع شبكة طريق السلف‬


‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫مقدمة المؤلف‬

‫‪‬‬
‫المحد ل الذي جعل العلم سسلمحا إل معارج العلوم‪ .‬‏والعلوم فضلا سمسُللمحا عند عصابة‬
‫النطوق والفمهوم‪ ،‬وسلرحَّ أبصار البصائر ف رياض الفمنون والعارف ‪ ،‬رياض زهت فيها‬
‫أزهار العان والبيان ‪ ،‬فتفمتحت بنسُائمحها أنوار الفمضل التالد والطارف‪ .‬‏فاجتنت منها‬
‫أيدي النم فواكه القلوب وأقوات الرواحَّ‪ ،‬واقتطفمت منها جن القائق والدقائق من بي‬
‫أقاحي الصباحَّ‪ ،‬فهو قوت الفمؤاد ومراحَّ الشأباحَّ‪ ،‬وروحَّ جثمحان الكمحال‪ ،‬وحادي النفموس‬
‫إل بلد الفراحَّ‪ .‬‏به ففضسل الذوق الروحان على الاق السُمحان فضلا ل يعرفه إل من‬
‫تضلع منه أو ذاق‪ ،‬ول يدرك كنهه إل من غاص ف قعر باره‪ ،‬وسبح ف ثبج أناره‪ ،‬ث‬
‫برع وفاق‪ .‬‏‬

‫والصلةا والسُلم على سيد العلمحاء‪ ،‬سند الفمضلء‪ ،‬تاج الكمحلء ممحد النب الصطفمى‬
‫أحد المي التب‪ ،‬الؤيد من السُمحاء‪ ،‬الوحى إليه بالقرآن الذي فيه هدى وشأفماء‪.‬الذي‬
‫أكمحل ال تعال به علوم الوائل والواخر‪ ،‬وخصه من بي خلقه بزمايا العارف وخبايا‬
‫الفماخر‪ .‬‏فيا له من نب رفيع القدر ما ترقى رقيه النبياء ‪ ،‬ورفيع كري الذكر ما طاولته‬
‫السُمحاء‪ .‬‏صلى ال عليه وعلى آله وأصحابه ‪ ،‬وحزمبه التأدبي بآدابه‪ ،‬الذين تفمتحت لم‬
‫كمحائم النقول والعقول‪ .‬‏وتلت بعقود علومهم أجياد الفمحول ‪ ،‬حت اشأتفمت نفموس‬
‫السلم والسُلمحي من داء العداء‪ ،‬وزال كلب الكفمر ومرض الشأراك با أريق من‬
‫دمائهم‪ ،‬تت أدي السُمحاء على وجه الغباء‪.‬فهم مازن الفمضائل والعوائد‪ ،‬ومعادن‬
‫الفمواضل والفموائد‪ ،‬ومامع الكارم والامد‪ ،‬ومناحي العارف والقاصد‪ .‬‏‬

‫‪2‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫ل زالت سحب الرحة هاطلة على مراقدهم‪ ،‬وتايا الرضوان نازلة على معاهدهم‪ .‬‏ما‬
‫طلعت شوس العلوم من أفلك الدواوين والدفاتر‪ ،‬وسطعت نوم الفمنون من مشارق‬
‫القلم والابر وبعد‪ :‬‏فهذا بث لا وقر ف صدري من أحوال العلوم العالية‪ ،‬وتراجم‬
‫الفمنون الفماخرةا‪ ،‬وأثر بعد عي ف تصيل ما نيطت به سعادةا الدنيا والخرةا‪ ،‬وردت من‬
‫بارها الطامية ماء عذب ا فرات ا حالياا‪ ،‬وكرعت من أنارها الصافية ما كان عن القذى‬
‫طاهرا وعن الكدار خاليا ‪ .‬‏حررته إحرازا لا تشتت من أحوال العلوم وتراجم أسائها‬
‫وساتا‪ ،‬وجعته إفرازا للفمنون مع بيان مباديها وأغراضها وغاياتا‪ .‬‏مسُتمحدا ف ذلك من‬
‫كتب الئمحة السُادةا‪ ،‬وصحف الكباء القادةا‪ ،‬بعد أن عرفت ماريها‪ ،‬وتعلمحت الرمي من‬
‫القوس وقد كنت باريها‪ .‬‏لن لا وقفمت على كتاب )عنوان العب وديوان البتدأ والب(‬
‫لقاضي القضاةا مؤيد الدين أب زيد عبد الرحن ابن خلدون الندلسُي وجدت مؤلفمه رحه‬
‫ال تعال قد عقد ف الكتاب الول منه فصلا سادسا ف العلوم وأنواعها وسائر طرقها‬
‫وأنائها وما يعرض ف )‪ /1‬‏‪ (5‬‏ذلك كله من الحوال‪ .‬‏‬

‫ث رأيت خواجه خليفمة زاده مل كاتب اللب‪ ،‬لصخ منه تلك العلوم وأحوالا ف مقدمة‬
‫كتابه )كشف الظنون عن أسامي الكتب والفمنون( ‏وأضاف إليه أشأياء من )مفمتاحَّ‬
‫السُعادةا( ‏لب اليخ‪ .‬‏‬

‫ث اطلعت على كتاب )مدينة العلوم( ‏للرنيقي‪ ،‬تلمحيذ قاضي زاده موسى بن ممحود‬
‫الرومي شأارحَّ )جغمحين( ‏وفيه بيان أنواع العلوم وتراجم بعض علمحاء الفمنون‪ .‬‏‬

‫ث عثرت على كتاب )كشاف اصطلحات الفمنون( ‏للشيخ الفماضل ممحد علي بن علي‬
‫التهانوي الندي‪ ،‬وقد ذكر فيه أنواعا من العلوم التداولة وطرقا من الفمنون التناولة‪ .‬‏‬

‫ورأيت التمفي قد عجزمت همحهم عن معرفة هذه العلوم والفمنون‪ ،‬ووجدت العلمحاء قد‬
‫قنعوا بالطل من الوابل التون‪ ،‬فكل واحدةا من هاتي القبيلتي ف غنم عن جباتا وقصور‬
‫عن بلوغ غايتها‪ ،‬إل ما شأاء ال تعال من شأواذ القبائل وأفراد النسُان‪ .‬‏‬

‫‪3‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫موضوع الكتاب الول تاريخ أحوال العال‪ .‬‏وموضوع الكتاب الثان جع أسامي الكتب‬
‫الت صفمنها بنو آدم‪ .‬‏فالول ليس فيه ما خل ذكر تلك العلوم ف فصول خاصة إل‬
‫أحوال العمحران وأمم النسُان‪ /1) ،‬‏‪ (6‬‏ووقائع الدهور والزمان‪ .‬‏والثان ليس فيه ما عدا‬
‫تراجم تلك العلوم والطب إل الكشف عن أسامي الكتب‪ .‬‏والثالث مقتصر على ذكر‬
‫أنواع العلوم وتراجم الصنفمي فيها‪ .‬‏والرابع متصخ بذكر اصطلحاتا التداولة ف كتب‬
‫الفمنون‪ .‬‏‬

‫فأردت أن أفرد منها أحوال العلوم‪ ،‬وتراجم الفمنون ف تأليف متصر تقريب ا للبعيد وتصيلا‬
‫للتجريد‪ ،‬مضيفما إليه ما حصل الوقوف عليه ف أثناء ملحظة الكتب الشاذةا وعطفمها‪،‬‬
‫واجتناء ثار الفموائد من الصحف الفماذةا وقطفمها‪ .‬‏ليكون هذا السُفمر التام القصود‪،‬‬
‫وكوكب الراد الطالع من أفق السُعود سهل الصول لن رام الوصول إليه‪ ،‬ويسُيخ النتاج‬
‫لن أراد الصول منه والتعويل عليه‪ ،‬لنه دراسات عديدةا ف كراريس مدودةا‪ ،‬وفراسات‬
‫سديدةا ف قراطيس مشهودةا‪ ،‬تلت بعون ال‪ ،‬وحسُن توفيقه بكل زين ورتبت على‬
‫قسُمحي‪ :‬‏‬

‫الوأل‪ :‬‏في بيان أحوال العلوم‪.‬‬

‫وأالثاني‪ :‬‏في تراجمها المنطوق منها وأالمفهوم‪.‬‬


‫وكل قسُم من هذين القسُمحي اشأتمحل على مقدمة‪ ،‬وخاتة‪ ،‬وأبواب على أكمحل وضع‬
‫وأجل أسلوب‪ ،‬تسُوق ناظريها من طلبة العلوم إل أعزم مقصود وأعزم مطلوب‪ .‬‏‬

‫وأنت تعلم إن كنت من طالع الكتب الشار إليها واطلع عليها‪ ،‬أن بعد هذا التجريد ما‬
‫فيها ل يبق من القاصد العلمحية إل القليل من تراجم )‪ /1‬‏‪ (7‬‏الكتب وأهليها‪ .‬‏‬

‫لكن الذي أهن أن رأيت أبناء هذا الزممان ل تتوجه طبائعهم إل إدراك العلوم ومبانيها‪،‬‬
‫واقتباس فوائد الفمنون ولو بفمهم بعض معانيها‪ .‬‏فضلا عن أن ييطوا بمحيع القاصد‬

‫‪4‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫والغايات‪ ،‬ويبلغوا من معرفتها وضبطها إل النهايات‪ .‬‏إل واحدا من اللوف الؤلفمة‪ ،‬وفردا‬
‫من الحزماب التحزمبة من لم هة شأامة وروية دارية ف كسُب العارف والعلوم‪ .‬‏أو دولة‬
‫باذخة وقدرةا سارية ف جع القسُوم‪ .‬‏فإنه قد يرفع الرأس إل معرفة العلم بدءا وغاية‪،‬‬
‫وينحو إل استعلم أمر الول والنهاية‪ .‬‏‬

‫وكل اللق وجلهم مغمحورون ف اللذات العاجلة الاطئة الكاذبة الفمانية‪ .‬‏ويؤثرونا ولو‬
‫كان بم خصاصة على النعم الجلة الدائمحة الباقية‪ .‬‏إل من عصمحه ال تعال‪ .‬‏فكأن‬
‫الناس كلهم قد صاروا أجناسا بل فصول‪ ،‬أو إناثا بل فحول‪ .‬‏مع أن النسُان إنا تيزم‬
‫عن اليوان بالنطق والعلم والعرفان‪ .‬‏ولو ل يكن العلم ف البشر لكان هو وجيع‬
‫اليوانات سواسية ف كل شأان‪ .‬‏فإنا ل على ذهاب العلم وأهليه وفشو الهل وعلو‬
‫ذويه‪ .‬‏‬

‫وبالمحلة‪ :‬‏فهذا الؤلف الذي جع أحوال العلوم وتراجها ف كن واحد‪ ،‬وأوعى أشأتات‬
‫الفمنون ف وعاء صامد‪ .‬‏قد تلى نوره ف آخر الزممان من عمحر الدنيا حي ول شأبابا‪ ،‬ول‬
‫يبق من بار حياتا إل سرابا‪ ،‬وتوالت فيها الفات والفمت‪ ،‬وعمحت بأهلها البلوى‬
‫والن‪ .‬‏ولذلك كان أثرا بعد عي‪ ،‬أو حديثا من خفمي حني‪ .‬‏‬

‫ومع ذلك قد جاء بمحد ال تعال ف بابه بديع الثال‪ ،‬منيع النال‪ ،‬مبدئ العجب‬
‫العجاب‪ .‬‏إذا سئل أعطى وإذا دعي أجاب‪ ،‬كأنه ساء علوم شأرفت كواكبها عجائبها‪،‬‬
‫وأرض فنون أمطرت بالغرائب سحائبها‪ /1) ،‬‏‪ (8‬‏شأامة ف وجنات النكات‪ ،‬تيمحة ف‬
‫أجياد الفمحول الثبات‪ ،‬جنة أشأجارها مورقة‪ ،‬حديقة أزهارها مونقة‪ ،‬أكلها دائم وظلها‬
‫قائم‪ ،‬نعيمحها مقيم‪ ،‬ومزماجها من تسُنيم‪ .‬‏سفمينة ناةا يعب با البرار بارا بعيدةا الغوار‪،‬‬
‫وفلك مشحون يسُيح العابرون ف قاموسه اليط التيار‪ ،‬وحسُبك به مطية يصل با‬
‫الراكب إل رياض النان‪ ،‬ويشرب هنالك الشارب من حياض العرفان‪ .‬‏جعته لتفمنن‬
‫خواطر الولدين الكريي السُعيدين‪ ،‬وترن ضمحائر البني الشريفمي المحيدين‪ :‬‏السُيد نور‬
‫السُن الطيب‪ ،‬والسُيد على حسُن الطاهر‪ ،‬بارك ال لم وفيهم وعليهم ف الدنيا‪،‬‬

‫‪5‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫والدين وجعل لم لسُان صدق ف الخرين‪ ،‬وسلك بم مسُلك السُلف الصالي‬


‫خصوصا‪ ،‬ولن عداهم من أهل العلم والفمضل عمحوما‪ .‬‏‬

‫وأسميت القسم الوأل من هذا الكتاب‪ :‬‏)‏‏)‏‏ ‏الوشي المرقوم (‏‏(‏‏‪.‬‬


‫وأالقسم الخآر )‏‏)‏‏ ‏السحاب المركوم (‏‏(‏‏ ‏وأالكتاب نفسه )‏‏)‏‏ ‏أبجد‬
‫العلوم (‏‏(‏‏‬
‫وكان وضعه وجعه ف بلدةا بوبال المحية ف سنة تسُعي ومائتي وألف الجرية‪ ،‬وطبعة‬
‫وينعه ف سنة خس وتسُعي ومائتي وألف القدسية‪ ،‬ف الطبعة النسُوبة إل ذات الامد‬
‫السُنية والكارم العلية‪ ،‬من أخجلت بودها السُحاب فصب عرقا‪ ،‬وأرعدت بسُياستها‬
‫الرعد فارتعد فرقا‪ ،‬لحَّ نور رأفتها من سواد بلد مالوةا الدكن كمحا لحَّ نور الباصرةا من‬
‫سواد البصر‪ .‬‏فوصل كذلك إل القريب والبعيد من أهل الوبر والدر‪ .‬‏من نزمل بأعتابا‬
‫نسُي الوطان والصحاب‪ ،‬ومن لذ ببابا أتاه الطالب من كل باب‪ .‬‏‬

‫قد جعت بي الصورةا اللكية والسُيخةا اللكية‪ ،‬وقرنت بي الكمحة اليانية‪ ،‬والكومة‬
‫اليمحانية‪ .‬‏وهنا أنشدت ماطبا للصبا والشمحال على ما هو دأب أرباب الوجد والال‪ :‬‏)‬
‫‪ /1‬‏‪ (9‬‏‬

‫وأصلت حمى بهوبال يا نفس فانزلي ‪ ....‬‏فقد نلت مأمول الفوائد المعول‬

‫وأيا حبذا ساحاتها نلت إنها ‪ ....‬‏نسيم الصبا جاءت بريا القرنفل‬

‫تذكرت عهدا بالحمى وأبمن به ‪ ....‬‏قفا نبك من ذكرى حبيب وأمنزل‬

‫وأما هو إل حضرة العزة التي ‪ ....‬‏تخاطب تاج الهند عند الماثل‬

‫معاذة أهل الفضل من كل حادث ‪ ....‬‏ملذة أعيان العلة الفاضل‬

‫‪6‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫مغيثة أرباب الفواضل وأالحجى ‪ ....‬‏ثمال اليتامى عصمة للرامل‬

‫هي البحر جودا فيضها شمل الورى ‪ ....‬‏وأقد نال من معروأفها كل سائل‬

‫هي الشمس إفضال يعم نوالها ‪ ....‬‏جميع الرعايا من صنوف القبائل‬

‫أفادت كرامات بهمتها التي ‪ ....‬‏لها ليس مثل عند كل مماثل‬

‫أفاضت فيوضا أخآجلت جود حاتم ‪ ....‬‏أسالت إلينا هاطل بعد هاطل )‏‏‪ /1‬‏‪(10‬‏‏‬

‫قفوا أخآبروأنا من يقوم مقامه ‪ ....‬‏وأمن ذا يرد الن لهفة سائل‬

‫قفوا أخآبروأنا هل لها من مشابه ‪ ....‬‏قفوا أخآبروأنا هل لها من مشاكل‬

‫فما هي إل رحمة مستطابة ‪ ....‬‏تعم البرايا من غني وأعائل‬

‫أدام لها رب البرايا مكارما ‪ ....‬‏تقصر عنها لك حاف وأناعل‬

‫وأزاد لها القبال إقبال عزة ‪ ....‬‏وأكان لها عونا لدى كل نازل‬

‫أعن با ملكية العالم أهل بيت نواب شأاهجان بيكم‪ ،‬طابت أيامها ولياليها‪ ،‬ونامت‬
‫عيون الدواهي عن معاليها‪ .‬‏‬

‫هذا وال أسأل أن يصعد هذا الكتاب ذروةا القبول‪ ،‬ويعله خالصا لذاته الكرية‪ ،‬وينفمع‬
‫به أهل العلم ومن أخلفمه من السُادةا الفمحول‪ ،‬ويرخي على زلت جامعة من عفموه‬
‫وعافيته وغفمرانه ورضوانه أطول الذيول‪ .‬‏‬

‫وحي بلغ القول من إل هذا البلغ أخذت ف سرد مقاصد الكتاب‪ ،‬أبوابا ورفعت عن‬
‫وجوه عرائس العلوم وتراجها حجابا‪ ،‬وأبديت فيه علل وأسبابا‪ ،‬ونزمعت عن ميا فنونه‬
‫جلبابا‪ ،‬وسلكت فيه مسُلكا غريبا‪ ،‬واختمت من بي الناحي منهجا عجيبا‪ .‬‏‬

‫‪7‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وبال الستعانة ومنه التوفيق ف كل ما أحرر وأقول‪ ،‬وعليه التعويل وله المحد على كل‬
‫حال وهو خيخ مسُئول ومأمول‪ :‬‏)‪ /1‬‏‪ (11‬‏‬

‫القسم الوأل‬

‫من كتاب أبجد العلوم في أحوالها المسمى بالوشي المرقوم‬

‫المقدمة‬

‫ف بيان ما يطلق عليه اسم العلم ونسُبته ومله وبقائه وعلم ال تعال‬

‫العلم بالكسُر وسكون اللم‪ :‬‏ف عرف العلمحاء يطلق على معان منها ‪ ،‬الدراك مطلقا ‪،‬‬
‫تصورا كان أو تصديقا يقينيا أو غيخ يقين وإليه ذهب الكمحاء‪ .‬‏‬

‫ومنها التصديق مطلقا‪ ،‬يقينيا كان أو غيخه‪ .‬‏قال السُيد السُند ف )حواشأي العضدي(‪:‬‬
‫))لفمظ العلم يطلق على القسُم‪ ،‬وهو مطلق الدراك‪ ،‬وعلى قسُم منه وهو التصديق‪ .‬‏إما‬
‫بالشأتماك بأن يوضع بإزائه أيضا‪ ،‬وإما بغلبة استعمحاله فيه لكونه مقصودا ف الكثر‪ ،‬وإنا‬
‫يقصد التصور لجله‪ .‬‏‬

‫ومنها التصديق اليقين ف اليال‪ .‬‏العلم عند التكلمحي )‪ /1‬‏‪ (12‬‏ل معنم له سوى‬
‫اليقي‪ ،‬وف )الطول( ‏ف باب التشبيه‪ :‬‏العلم بعنم اليقي ف اللغة لنه من باب أفعال‬
‫القلوب(( ‏انتهى‬

‫ومنها ما يتناول اليقي والتصور مطلقا ف )شأرحَّ التجريد(‪ :‬‏‬

‫))العلم يطلق تارةا يراد به الصورةا الاصلة ف الذهن‪ ،‬ويطلق تارةا ويراد به اليقي فقط‪.‬‬
‫ويطلق تارةا ويراد به ما يتناول اليقي والتصور مطلقا(( ‏انتهى‪ .‬‏‬

‫قيل‪ :‬‏هذا هو مذهب التكلمحي‪ .‬‏‬

‫‪8‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫ومنها التعقل‪ .‬‏‬

‫ومنها التوهم والتخيل‪ .‬‏ف )تذيب الكلم(‪ :‬‏))أنواع الدراك إحسُاس وتيل وتوهم‬
‫وتعقل‪ ،‬والعلم قد يقال لطلق الدراك وللثلثة الخيخةا وللخيخ‪ ،‬وللتصديق الازم الطابق‬
‫الثابت‪ .‬‏‬

‫ومنها‪ :‬‏إدراك الكلي مفمهوم ا أو حكمحا‪ .‬‏‬

‫ومنها‪ :‬‏إدراك الركب تصورا كان أو تصديقا‪ .‬‏‬

‫ومنها‪ :‬‏إدراك السُائل عن دليل‪ .‬‏‬

‫ومنها‪ :‬‏نفمس السُائل البهنة‪ .‬‏‬

‫ومنها‪ :‬‏اللكة الاصلة من إدراك تلك السُائل‪ ،‬وبعضهم ل يشتمطر كون السُائل‬
‫مبهنة((‪ .‬‏‬

‫وقال‪ :‬‏))العلم يطلق على إدراك السُائل وعلى نفمسُها‪ /1) ،‬‏‪ (13‬‏وعلى اللكة الاصلة‬
‫منها‪ .‬‏والعلوم الدونة تطلق أيضا على هذه العان الثلثة الخيخةا‪ .‬‏‬

‫ومنها‪ :‬‏ملكة يقتدر با على استعمحال موضوعات ما‪ ،‬نو غرض من الغراض صادرا عن‬
‫البصيخةا بسُب ما يكن فيها‪ ،‬ويقال لا الصناعة أيضا(( ‏كذا ف )الطول(‪ .‬‏ف بث‬
‫التشبيه‪ .‬‏‬

‫ورده السُيد السُند ))بأن اللكة الذكورةا السُمحاةا بالصناعة إنا هي ف العلوم العمحلية‪ ،‬أي‪:‬‬
‫التعلقة بكيفمية العمحل كالطب والنطق‪ ،‬وتصيصخ العلم بإزائها غيخ مقق‪ ،‬كيف وقد‬
‫يذكر العلم ف مقابلة الصناعة‪ .‬‏نعم إطلقه على ملكة الدراك‪ ،‬بيث يتناول العلوم‬
‫النظرية والعمحلية غيخ بعيد مناسب للعرف(( ‏انتهى‪ .‬‏‬

‫‪9‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫قال التكلمحون‪ :‬‏ل بد ف العلم من إضافة ونسُبة مصوصة بي العال والعلوم با‪ .‬‏ويكون‬
‫العال عالا بذلك العلوم‪ ،‬والعلوم معلوما لذلك العال‪ .‬‏وهذه الضافة هي السُمحاةا عندهم‬
‫بالتعلق‪ ،‬فجمحهور التكلمحي على أن العلم هو هذا التعلق‪ ،‬إذ ل يثبت غيخه بدليل‬
‫فيتعدد العلم بتعدد العلومات‪ ،‬كتعدد الضافة بتعدد الضاف إليه‪ .‬‏‬

‫وقال قوم من الشأاعرةا‪ :‬‏هو صفمة حقيقية ذات تعلق‪ .‬‏وعند هؤلء فثمحة أمران‪ :‬‏العلم‪ ،‬وهو‬
‫تلك الصفمة‪ .‬‏والعالية‪ ،‬أي‪ :‬‏ذلك التعلق‪ .‬‏فعلى هذا ل يتعدد العلم بتعدد العلومات‪ ،‬إذ‬
‫ل يلزمم من تعلق الصفمة بأمور كثيخةا تكثر الصفمة إذ يوز أن يكون لشيء واحد تعلقات‬
‫بأمور متعددةا‪ .‬‏)‪ /1‬‏‪ (14‬‏‬

‫وأثبت القاضي الباقلن العلم الذي هو صفمة موجودةا‪ ،‬والعالية الت هي من قبيل‬
‫الحوال عنده‪ .‬‏وأثبت معها تعلقا‪ ،‬فإما للعلم فقط أو للعالية‪ .‬‏‬

‫فقط فهذه ثلثة أمور‪ :‬‏العلم‪ ،‬والعالية‪ ،‬والتعلق الثابت لحدها وإما لمحا معا‪ ،‬فها هنا‬
‫أربعة أمور‪ :‬‏العلم والعالية وتعلقاتمحا‪ .‬‏‬

‫وقال الكمحاء‪ :‬‏العلم هو الوجود الذهن‪ ،‬إذ ل يعقل ما هو عدم صرف بسُب الارج‬
‫كالمحتنعات‪ .‬‏والتعلق إنا يتصور بي شأيئي متمحايزمين‪ ،‬ول تايزم إل بأن يكون لكل منهمحا‬
‫ثبوت ف المحلة‪ ،‬ول ثبوت للمحعدوم ف الارج فل حقيقة له إل المر الوجود ف الذهن‬
‫وذلك المر هو العلم‪ ،‬وأما التعلق فلزم له‪ .‬‏والعلوم أيضا فإنه باعتبار قيامه بالقوةا‬
‫العاقلة علم‪ ،‬وباعتباره ف نفمسُه من حيث هو هو معلوم‪ .‬‏فالعلم والعلوم متحدان بالذات‬
‫متلفمان بالعتبار‪ .‬‏وإذا كان العلم بالعدومات كذلك وجب أن يكون سائر العلومات‬
‫أيضا كذلك‪ ،‬إذ ل اختلف بي أفراد حقيقة واحدةا نوعية‪ .‬‏كذا ف )شأرحَّ الواقف( ‏قال‬
‫مرزازاهد‪ :‬‏هذا ف العلم الصول‪ .‬‏وأما ف الضوري فالعلم والعلوم متحدان ذاتا واعتبارا‪،‬‬
‫ل‪ ،‬فقد اشأتبه‬ ‫ل‬
‫ومن ظن أن التغاير بينهمحا ف الضوري أيضا اعتباري كتغاير العالج والعا ف‬
‫عليه التغاير الذي هو مصداق تققهمحا بالتغاير الذي هو بعد تققهمحا‪ .‬‏فإنه لو كان‬
‫بينهمحا تغاير سابق لكان العلم الضوري صورةا منتزمعة من العلوم وكان علمحا حصوليا‪ .‬‏‬

‫‪10‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫ث اعلم أن مل العلم الادث سواء كان متعلقا بالكليات أو بالزمئيات عند أهل الق‬
‫غيخ متعي عقل‪ ،‬بل يوز عندهم عقل أن يلقه ال تعال ف أي جوهر أراد من جواهر‬
‫يعقلون ‏با ‏{‬
‫قلوب ‏ ‏‬
‫لم ‏ ‏‬
‫فتكون ‏ ‏‬
‫البدن لكن السُمحع دل على أنه القلب‪ ،‬قال ال تعال‪ :‬‏ ‏ ‏} ‏ ‏‬
‫أقفمالا{ ‏)‪ /1‬‏‪ .(15‬‏‬
‫على ‏قلوب ‏ ‏ ‏‬
‫القرآن ‏ ‏أم ‏ ‏‬
‫يتدبرون ‏ ‏‬
‫أفل ‏ ‏‬
‫وقال‪ :‬‏ ‏ ‏} ‏ ‏‬

‫هذا وقال الكمحاء‪ :‬‏مل العلم الادث النفمس الناطقة‪ ،‬أو الشاعر العشر الظاهرةا‬
‫والباطنة‪ .‬‏‬

‫وقد اختلف التكلمحون ف بقاء العلم والعقل بعد الوت ف النة‪ .‬‏‬

‫فالشأاعرةا قضوا باستحالة بقائهمحا كسُائر العراض عندهم‪ .‬‏وأما العتزملة فقد أجعوا على‬
‫بقاء العلوم الضرورية‪ ،‬والكتسُبة الت ل يتعلق با التكليف‪ .‬‏‬

‫واختلفموا ف العلوم الكتسُبة الكلف با‪ ،‬فقال البائي‪ :‬‏إنا ليسُت باقية وإل لزمم أن ل‬
‫يكون الكلف با حال بقائها مطيعا ول عاصيا ول مثابا ول معاقبا مع تقق التكليف‪،‬‬
‫وهو باطل بناء على أن لزموم الثواب أو العقاب على من كلف به‪ .‬‏وخالفمه أبو هاشأم ف‬
‫ذلك وأوجب بقاء العلوم مطلقا ‪ .‬‏‬

‫قال شأيخنا العلمة التهد الطلق قاضي القضاةا ممحد بن علي الشوكان ف فتاواه‬
‫السُمحاةا )بالفمتح الربان(‪ :‬‏))إنه وصل السُؤال عن الكلم للحافظ الذهب من أن علوم‬
‫أهل النة تسُلب عنهم ف النة‪ ،‬ول يبقى )‪ /1‬‏‪ (16‬‏لم شأعور بشيء منها فاقشعر‬
‫جلدي عند الطلع على هذا الكلم‪ ،‬من مثل الافظ الذي أفنم عمحره ف خدمة‬
‫الكتاب والسُنة والتماجم لعلمحاء هذا الشأن‪ .‬‏وقد كنت قديا وقفمت على شأيء من هذا‪،‬‬
‫لكن لفمرد شأاذ من أفراد الكمحاء قاله ل عن دراية ول رواية‪ ،‬فلم أعبأ به لهله بالكتاب‬
‫والسُنة‪ ،‬فياليت شأعري كيف يري قلم أحقر عال من علمحاء الشريعة بثل هذا‪ .‬‏وعجبت‬
‫ما أدخل هذا الافظ ف مثل هذه الداخل القفمرةا الكفمهرةا‪ ،‬الت يتلون الريف ف شأعابا‬
‫وهضابا‪ ،‬ويتحمحل هذا النقل الثقيل والعبئ الليل‪ .‬‏والاصل أن الطوائف السلمية على‬

‫‪11‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫اختلف مذاهبهم وتباين طرقهم متفمقون على أن عقول أهل النة تزمداد صفماء وإدراكا‬
‫لذهاب ما كان يعتميهم من الكدورات الدنيوية‪ .‬‏وكيف يسُلبون ما هو عندهم من أوفر‬
‫النعم وأوفر القسُم‪ ،‬وهم ف دار فيها ما تشتهيه النفمس وتلذ به العي ما ل عي رأت‬
‫ول أذن سعت ول خطر على قلب بشر‪ ،‬فكأن هذا القائل ل يقرأ القرآن الكري وما‬
‫اشأتمحل عليه من تاور أهل النة وأهل النار وتاصمحهم بتلك الجج الت ل تصدر إل‬
‫عن أكمحل الناس عقل‪ ،‬وأوفر اللئق فهمحا‪ ،‬وما يذكرونه من حالم الذي كانوا عليه ف‬
‫أهليهم بل ما يودونه من إبلغ الحياء عنهم ما صاروا فيه من النعيم قال‪ :‬‏ ‏ ‏} ‏ ‏يا ليت‬
‫الكرمي{ ‏]‏ ‏يس‪ :‬‏‪ 27‬‏[‏‪ .‬‏‬
‫من ‏ ‏‬
‫وجعلن ‏ ‏‬
‫رب ‏ ‏‬
‫ل ‏ ‏‬
‫غفمر ‏ ‏‬
‫با ‏ ‏‬
‫يعلمحون ‏ ‏‬
‫قومي ‏ ‏‬
‫ ‏ ‏‬

‫وورد مثل هذا العنم ف القرآن‪ ،‬الذي رفع لفمظه من الصحف‪ ،‬كمحا ثبت ف الصحاحَّ‬
‫من كتب الديث عن أولئك الشهداء بلفمظ‪ :‬‏))بلغوا قومنا أنا قد لقينا ربنا فرضي عنا‬
‫وأرضانا((‪ .‬‏‬

‫وكذلك ما ذكر من اجتمحاع أهل النة ومذاكرتم با كانوا فيه ف الدنيا‪ ،‬وما صاروا إليه‬
‫ف النة‪ ،‬كمحا ف اليات الشتمحلة على ما ف النة ما أعده ال لم حيث يقول‪ :‬‏وفيها‬
‫وفيها وفيها‪ ،‬ف آيات كثيخةا‪ .‬‏وذكر أن أهلها على سرر متقابلي‪ ،‬وأنه )‪ /1‬‏‪ (17‬‏يطوف‬
‫عليهم ولدان ملدون‪ .‬‏وثبت أنم يدخلون النة على تلك الصفمات من المحال والشباب‬
‫وكمحال اللق وحسُن اليئة مردا جردا أبناء ثلث وثلثي سنة‪ .‬‏وأنم يتخيخون ف النة ما‬
‫يشتهون‪ .‬‏وكم يعد العاد من اليات القرآنية والحاديث الصحيحة‪ .‬‏ول يتم هذا النعيم‬
‫ول بعضه إل وهم ذوو عقول صحيحة بالضرورةا العقلية‪ ،‬كمحا ثبت بالضرورةا الدينية‪.‬‬
‫ومعلوم أنم إذا كانوا ذوي عقول‪ ،‬فمحهمحا وجدت معهم فهي بالمكان العام والاص‬
‫قادرةا على كسُب ما تدد لا من العلوم‪ ،‬ذاكرةا لا حصل لا منها من قبل هذا مال‬
‫يتاج إل بيان ول يفمتقر إل برهان‪ ،‬ولو فقدوها لفمقدوا النسُانية الكاملة وصاروا‬
‫مشابي للدواب‪ ،‬وأي نعمحة لن ل عقل له كمحا هو مشاهد من الصابي بالنون ف‬
‫الدنيا‪ ،‬وأي فائدةا للمحبالغة ف نعيم من كان ذاهب العقل با ثبت ف الكتاب والسُنة‪،‬‬
‫من أنم على صفمات فوق صفماتم ف الدنيا بسُافات ل يقدر قدرها ول ياطر بكنهها‪ .‬‏‬

‫‪12‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وكذلك ل يتم نعيمحهم إل بوجود الواس الظاهرةا والباطنة‪ ،‬ولو فقدوها لا تنعمحوا كمحا‬
‫ينبغي‪ .‬‏وكذا لو فقدوا بعضها ل يكن لم شأعور بالتنعيم الذي وصفمه ال سبحانه وبالغ‬
‫فيه‪ .‬‏وأي فائدةا لفماقد العقل‪ ،‬وأي شأعور له بكونه على صفمة كمحالية ف جاله‪ ،‬ولباسه‬
‫الرير والديباج‪ ،‬وتليته بالذهب والواهر‪ ،‬وأكله من أطيب الأكل وشأربه من أنفمس‬
‫الشروب‪ .‬‏وكذا ل نعمحة تامة فضل عن أن تكون فاضلة لن كان أعمحى أو أصم أو ل‬
‫يفمهم شأيئا‪ ،‬أو ل يذكر ما مضى له ول يفمكر فيمحا هو فيه‪ .‬‏‬

‫وإذا تقرر لك هذا‪ ،‬علمحت أن أهل النة لم العقول الفمائقة بنسُبة الدنيا شأبابا وجال‬
‫وقوةا وفهمحا وذكرا وحفمظا وسلمة من كل نقصخ‪ .‬‏‬

‫ولو ل يكن المر هكذا‪ ،‬ل تكن لم فائدةا با بولغ به ف شأأنم من الصفمات‪ ،‬بل يعود‬
‫ذلك بالنقصخ‪ ،‬لا أثبت لم منها ف النة هذا معلوم بالعقل والشرع ل يتمحارى فيه قط‪.‬‬
‫وأقل )‪ /1‬‏‪ (18‬‏الال أن يكون النعيم الكوم لم به ف النة كتابا وسنة ناقصا‪ .‬‏‬

‫والفمروض أنه بالغ ف الكمحال إل غاية فوق كل غاية‪ ،‬وهذا خلف يدافع نصوص‬
‫الكتاب والسُنة مدافعة يفمهمحها كل من له عقل وإدراك‪ .‬‏فيا عجبا كل العجب من‬
‫التجري على أهل هذه الدار الت هي دار النعيم القيم على القيقة با ينغصخ نعيمحهم‬
‫ويشوش حالم ويكدر صفموهم ويحق ما أعد ال لم‪ ،‬ومن التجري على ال سبحانه‪،‬‬
‫وعلى رسوله صلى ال عليه وسلم با يسُتلزمم عدم ثبوت ما أثبته الكتاب والسُنة لم‬
‫وتكديره وذهاب أثره ومق بركته‪ .‬‏‬

‫وأنت تعلم أن مثل هذا الكتاب يسُتلزمم الكفمر الصراحَّ‪ .‬‏فأين هذا القادحَّ الفمادحَّ من نعيم‬
‫دار يعدل موضع سوطر أحدهم فيها الدنيا بأسرها وجيع ما فيها‪ ،‬ومن دار نصيف‬
‫إحدى زوجاتم يعدل الدنيا وما فيها‪ ،‬ومن دار لو أشأرفت إحدى الواري العدةا لم‬
‫على أهل الدنيا لفمتنتهم أجعي كمحا ثبت ف الحاديث الصحيحة‪ .‬‏ومع هذا فقد ثبت‬
‫قرآنا أنم على سرر متقابلي وأنه يطوف عليهم ولدان ملدون‪ .‬‏وثبت سنة أنم يتمحعون‬

‫‪13‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫ويتزماورون‪ .‬‏فليت شأعري ما فائدةا هذا الجتمحاع والتزماور لن ل عقل له ول فهم ول فكر‬
‫ول ذكر‪ .‬‏‬

‫والاصل أن التقول بثل هذا القول‪ ،‬هو من التقول على ال سبحانه با ل يقل‪ ،‬وعلى‬
‫رسوله وعلى شأريعته‪ .‬‏با ل يكن منها وقد ثبت ف القرآن الكري الكم على التقولي با‬
‫هو معلوم لكل من يعرف القرآن‪ .‬‏‬

‫وإذا ثبت أن مثل هذا باطل ف الدار الخرةا‪ ،‬فانظر إل هذه الدار دار الدنيا الت ليسُت‬
‫بشيء بالنسُبة إل الدار الخرةا‪ ،‬لو قيل لحدهم‪ :‬‏إنه سيكون لك ما تريد من جال‬
‫اليئة وكمحالا‪ ،‬ومن النعيم البالغ ومن الرياسة التامة ولكن ستصاب بالنون أو تفمقد جيع‬
‫الشاعر‪ ،‬لقال‪ :‬‏ل ول كرامة )‪ /1‬‏‪ (19‬‏دعون أعش صعلوكا فقيخا فهو أطيب ل ما‬
‫عرضتمحوه علي‪ ،‬وأحب إل ما جئتمحون به‪ :‬‏‬

‫خذوا رفدكم ل قدس ال رفدكم ** ‏سأذهب عنه ل علي ول ليا‬

‫وإنا أوردنا لك هذه المور لتعلم أن الروحَّ للنسُان إذا كان ساذجا كان كله ساذجا‪،‬‬
‫إذ الروحَّ هو النسُانية الت يتمحيزم با صاحبها عن الدواب وجيع ما ذكرنا من العقل‬
‫والواس الباطنة والظاهرةا هو له ل للحم ول لدم ول لعظم‪ .‬‏فإذا كان الروحَّ ساذجا‪ ،‬فلم‬
‫يبق إل صورةا اللحم والدم‪ ،‬وهو القصود بقولم ف بيان ماهية النسُان ))إنه حيوان‬
‫ناطق(( ‏أي‪ :‬‏مدرك للمحعقولت‪ ،‬وليس ذلك للقالب الذي هو فيه‪ .‬‏‬

‫وكمحا أن ما ذكرناه وقررناه هو إجاع الطوائف السلمية على اختلف أنواعهم فهو أيضا‬
‫إجاع أهل الشرائع كلها‪ ،‬كمحا يكى ذلك عن كتب ال النزملة على رسله‪ ،‬وتكيه أيضا‬
‫كتبهم الؤلفمة من أحبارهم ورهبانم‪ ،‬فإنه ل خلف بينهم ف العاد وف النعيم العد‬
‫لهل النة كمحا حكاه الكتاب العزميزم؛ وقد أوردنا من ذلك ف )القالة الفماخرةا ف إثبات‬
‫الدار الخرةا( ‏وف )إرشأاد الثقات إل اتفماق الشرائع على إثبات التوحيد والعاد والنبوات(‬
‫كثيخا من نصوص التوارةا والنيل والزمبور وسائر كتب نبوات بن إسرائيل‪ .‬‏ول يشذ منهم‬

‫‪14‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫إل اليهودي الزمنديق موسى بن ميمحون الندلسُي‪ ،‬وقد تبأ منه قدماء اليهود وأخرجوه من‬
‫دينهم‪ .‬‏بل )‪ /1‬‏‪ (20‬‏وكذلك النصارى وإن ل يكن من أهل ملتهم فقد صرحوا بذلنه‪،‬‬
‫وزندقته‪ ،‬قال النصران ف تاريه‪ :‬‏‬

‫))ورأيت كثيخا من يهود بلد الفرنج بإنطاكية وطرابلس يلعنونه ويسُمحونه كافرا(( ‏انتهى‪ .‬‏‬

‫قلت‪ :‬‏وقد وقع لذا اللعون من تريف كثيخ من التوراةا ما يدل على إلاده وزندقته‪ ،‬وقد‬
‫رددت ما حرفه وأوضحته بأت إيضاحَّ‪ ،‬وأما يهود عصرنا فصاروا يعظمحونه وذلك لهلهم‬
‫بقيقة الال‪ .‬‏وقد ذكرت لمحاعة من أحبارهم بعض تريفماته فلعنوه وتبؤروا منه وكمحا أن‬
‫هذا الذي ذكرناه ممحع عليه بي أهل اللل التابعي لنبيائهم‪ ،‬فهو أيضا ممحع عليه بي‬
‫الشتغلي بالعقل والنظر كالكلدانيي والصابئي أتباع صاب بن إدريس‪ ،‬كمحا رأيناه ف‬
‫حكاية مذاهبهم الت ذهبوا إليها ف شأأن العاد‪،‬ومنهم اليونانيون فإنم جيعهم من عند‬
‫أسقلينوس إل عهد جالينوس مصرحة كتبهم بعاد الرواحَّ عليه ف دار العاد‪ .‬‏‬

‫وهكذا الشتغلون بالكمحة اللية من أهل السلم كالكندي ومن جاء بعده كالفماراب‬
‫ومن جاء بعده منهم كابن سينا فإن كتبهم مصرحة بذلك تصريا ل شأك فيه ول‬
‫ريب‪ .‬‏وف هذا القدار كفماية لن له هداية(( ‏انتهى كلم الشوكان ‪-‬رحه ال ‪ .-‬‏‬

‫وإنا أوردناه ههنا بطوله لشأتمحاله على الفموائد الليلة والشيء بالشيء يذكر‪ .‬‏‬

‫ث اعلم أن علم ال سبحانه بذاته نفمس ذاته‪ ،‬فالعال والعلوم واحد وهو الوجود الاص‪.‬‬
‫كذا ف )شأرحَّ الطوالع( ‏أي‪ :‬‏واحد بالذات أما بالعتبار فل بد من التغاير‪ .‬‏ث قال‪ :‬‏وعلم‬
‫غيخ ال تعال بذاته وبا ليس بارج عن ذاته هو حصول نفمس العلوم‪ ،‬ففمي العلم بذاته‬
‫العال والعلوم واحد‪ ،‬والعلم وجود العال والعلوم والوجود زائد‪ .‬‏فالعلم غيخ العال )‪/1‬‬
‫‪ (21‬‏والعلوم والعلم با ليس بارج عن العال من أحواله غيخ العال والعلوم‪ ،‬والعلوم‬
‫أيض ا غيخ العال‪ .‬‏‬

‫‪15‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫فيتحقق ف الول أمر واحد‪ .‬‏وف الثان اثنان‪ .‬‏وف الثالث ثلثة‪ .‬‏والعلم بالشيء الذي هو‬
‫خارج عن العال عبارةا عن حصول صورةا مسُاوية للمحعلوم‪ .‬‏فيتحقق أمور أربعة‪ :‬‏عال‪،‬‬
‫ومعلوم‪ ،‬وعلم‪ ،‬وصورةا‪ .‬‏فالعلم حصول صورةا العلوم ف العال ففمي العلم بالشأياء الارجة‬
‫عن العال صورةا‪ ،‬وحصول تلك الصورةا وإضافة الصورةا إل الشيء العلوم‪ ،‬وإضافة‬
‫الصول إل الصورةا وف العلم بالشأياء الغيخ الارجة عن العال حصول نفمس ذلك‬
‫الشيء الاصل‪ ،‬وإضافة الصول إل نفمس ذلك الشيء‪ .‬‏‬

‫ول شأك أن الضافة ف جيع الصور فعفرض‪ ،‬وأما نفمس حقيقة الشيء ف العلم بالشأياء‬
‫الغيخ الارجة عن العال‪ ،‬فإنه يكون جوهرا إن كان العلوم ذات العال لنه تكون تلك‬
‫القيقة موجودةا ل ف موضوع ضرورةا كون ذات الوضوع العال كذلك‪ ،‬وإن كان العلوم‬
‫حال العال يكون عرضا‪ .‬‏وأما الصورةا ف العلم بالشأياء الارجة عن العال فإن كانت‬
‫صورةا لعرض بأن يكون العلوم عرضا فهو عرض بل شأك‪ ،‬وإن كانت صورةا لوهر بأن‬
‫يكون العلوم جوهرا فعرض أيضا(( ‏انتهى‪ .‬‏‬

‫وهذا مبن على القول بالشبح‪ .‬‏وأما على القول بصول ماهيات الشأياء ف الذهن‬
‫فجوهر‪ .‬‏‬

‫وقال الصوفية‪ :‬‏علم ال سبحانه صفمة نفمسُية أزلية‪ .‬‏فعلمحه سبحانه بنفمسُه وعلمحه بلقه‬
‫علم واحد غيخ منقسُم ول متعدد‪ ،‬لكنه يعلم نفمسُه با هو له ويعلم خلقه با هم عليه‪.‬‬
‫ول يوز أن يقال‪ :‬‏إن معلوماته أعطته العلم من أنفمسُها ‪ -‬‏كمحا قال الشيخ ميي الدين‬
‫ابن عرب ‪ -‬‏لئل يلزمم كونه استفماد )‪ /1‬‏‪ (22‬‏شأيئا من غيخه ولكنا وجدناه سبحانه بعد‬
‫هذا يعلمحها بعلم أصلي منه‪ ،‬غيخ مسُتفماد ما هي عليه فيمحا اقتضته بسُب ذواتا‪ ،‬غيخ‬
‫أنا اقتضت ف نفمسُها ما علمحه سبحانه عليها فحكم له ثانيا با اقتضته وهو ما علمحها‬
‫عليه‪ .‬‏ولا رأى المام الذكور‪ ،‬أن الق حكم للمحعلومات با اقتضته من نفمسُها ظن أن‬
‫علم الق مسُتفماد من اقتضاء العلومات فقال‪ :‬‏‬

‫‪16‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫))إن العلومات أعطت الق العلم من نفمسُها((‪ .‬‏وفاته أنا إنا اقتضت ما علمحها عليه‬
‫بالعلم الكلي الصلي النفمسُي قبل خلقها وإيادها‪ ،‬فإنا ما تعينت ف العلم اللي إل‬
‫با علمحها ل با اقتضته ذواتا ث اقتضت ذواتا‪ .‬‏بعد ذلك من نفمسُها أمورا هي عي ما‬
‫علمحها عليه أول‪ ،‬فحكم لا ثانيا با اقتضته‪ ،‬وما حكم إل با علمحها عليه فتأمل‪ .‬‏‬

‫فيسُمحى الق عليمحا بنسُبة العلم إليه مطلقا‪ ،‬وعالا بنسُبة معلومية الشأياء إليه‪ ،‬وعلما‬
‫بنسُبة العلم ومعلومية الشأياء إليه معا‪ .‬‏‬

‫فالعليم اسم صفمة نفمسُية لعدم النظر فيه إل شأيء ما سواه‪ ،‬إذ العلم ما تسُتحقه النفمس‬
‫ف كمحالا لذاتا‪ .‬‏وأما العال‪ :‬‏فاسم صفمة فعلية‪ ،‬وذلك علمحه للشأياء سواء كان علمحه‬
‫لنفمسُه أو لغيخه فإنا فعلية‪ ،‬يقال‪ :‬‏عال بنفمسُه أي‪ :‬‏علم نفمسُه وعال بغيخه أي علم غيخه‪،‬‬
‫فل بد أن تكون صفمة فعلية‪ .‬‏‬

‫وأما العلم فبالنظر إل النسُبة العلمحية اسم صفمة نفمسُية كالعليم‪ .‬‏وبالنظر إل نسُبة‬
‫معلومية الشأياء إليه اسم صفمة فعلية‪ ،‬ولذا غلب وصف اللق باسم العال دون العليم‬
‫والعلم فيقال‪ :‬‏فلن عال ول يقال عليم ول علم مطلقا‪ ،‬إل أن يقال‪ :‬‏عليم بأمر كذا‬
‫ول يقال علم بأمر كذا‪ ،‬بل إن وصف به شأخصخ فل بد من التقييد فيقال‪ :‬‏فلن علم‬
‫ف فن كذا‪ ،‬وهذا على سبيل التوسع والتجوز‪ ،‬وليس قولم‪ :‬‏فلن علمة من هذا القبيل‬
‫لنه ليس من أساء ال تعال‪ ،‬فل يوز أن يقال‪ :‬‏إن ال علمة‪ ،‬فافهم‪ .‬‏كذا ف النسُان‬
‫)‪ /1‬‏‪ (23‬‏الكامل‪ .‬‏‬

‫ذكره ف )كشاف اصطلحات الفمنون( ‏أقول ـ عفما ال عن ـ‪ :‬‏إن علم ال تعال ذات‬
‫كسُائر صفماته‪ .‬‏وإنا قلنا ذلك للرد على الكمحاء القائلي بنفمي الصفمات وإثبات غاياتا‪،‬‬
‫وللرد على العتزملة القائلي بأنه يعلم بالذات ل بصفمة زائدةا عليها وقال ابن سينا )ف‬
‫الشأارات( ‏تبعا للفملسفمة‪ :‬‏إن ال عال بالكليات‪ ،‬أي دون الزمئيات‪ .‬‏وهو كفمر بواحَّ ل‬
‫يقبل التأويل‪ .‬‏وهذا أحد ما كفمر أهل السلم الفملسفمة با‪ ،‬ولم من أمثال ذلك‬

‫‪17‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫الطامات الكثيخةا العضلت‪ ،‬فل يهولنك ما ينسُب إليهم من العارف ودقائق الفكار‪،‬‬
‫فمحا منهم إل الخالف أو على شأفما جرف هار‪ .‬‏‬

‫وذكر شأيخ السلم ابن تيمحية وغيخه من علمحاء السلم أدلة عقلية أيض ا‪ .‬‏على إثبات‬
‫صفمة العلم ل تعال ل نطول الكلم بذكرها هنا‪ .‬‏‬

‫وأدلة ثبوت صفمة العلم ل تعال‪ ،‬سع ا من الكتاب والسُنة كثيخةا جدا كقوله تعال‪:‬‬
‫الغيب ‏والشهادةا ‏{ ‏)النعام‪ :‬‏‪ (73‬‏وقوله‪ :‬‏}أنزمله بعلمحه{ ‏)النسُاء‪ :‬‏‪ (166‬‏قوله‪:‬‬ ‫عال ‏ ‏‬‫ ‏ ‏} ‏ ‏‬
‫علمحه{ ‏)البقرةا‪:‬‬
‫من ‏ ‏‬
‫بشيء ‏ ‏‬
‫ييطون ‏ ‏‬
‫ول ‏ ‏‬ ‫السُاعة{ ‏)فصلت‪ (47:‬‏وقوله‪ :‬‏ ‏ ‏} ‏ ‏‬
‫علم ‏ ‏‬ ‫يرد ‏ ‏‬
‫إليه ‏ ‏‬
‫ ‏ ‏} ‏ ‏‬
‫الصدور{ ‏)غافر‪ :‬‏‪ (19‬‏إل غيخ ذلك من‬ ‫تفمي ‏ ‏‬ ‫وما ‏ ‏‬
‫العي ‏ ‏‬
‫خائنة ‏ ‏‬
‫يعلم ‏ ‏‬
‫‪ (255‬‏وقوله‪ :‬‏ ‏ ‏} ‏ ‏‬
‫آيات ل تصى إل بكلفمة وف حديث أب هريرةا رضي ال عنه أنه صلى ال عليه وسلم‬
‫قال‪ :‬‏))سبق علم ال ف خلقه فهم صائرون إليه(( ‏وف حديث ابن عمحر‪ :‬‏))مفماتيح‬
‫الغيب خس ل يعلمحهن إل ال((‪ .‬‏‬

‫وصفمة العلم له سبحانه إمام أئمحة الصفمات‪ ،‬وقد أحاطر بكل شأيء علمحاا‪ /1) ،‬‏‪(24‬‬
‫وعلمحه قد تعلق بكل شأيء من الشأياء من الائزمات والواجبات والسُتحيلت‪ ،‬فيجب‬
‫شأرع ا أن يعلم أن علم ال غيخ متناه من حيث تعلقه‪ .‬‏أما بعنم أنه ل ينقطع فهو‬
‫واضح‪ ،‬وأما بعنم أنه ل يصيخ بيث ل يتعلق بالعلوم فإنه ييط با هو غيخ متناه‬
‫كالعداد والشأكال‪ .‬‏ونعيم النة‪ ،‬فهو شأامل لمحيع التصورات سواء كان واجبة كذاته‬
‫صفماته العليا‪ ،‬أو مسُتحيلة كشريك الباري تعال‪ ،‬أو مكنة كالعال بأسره الزمئيات من‬
‫ذلك والكليات على ما هي عليه من جيع ذلك‪ ،‬وأنه واحد ل تعدد فيه ول تكثر وإن‬
‫تعددت معلوماته وتكثرت‪ .‬‏‬

‫عليم{ ‏وقوله‪ :‬‏ ‏ ‏}يعلم‬


‫شأيء ‏ ‏‬
‫بكل ‏ ‏‬
‫وأما وجوب عمحوم تعلقه سعا فمحثل قوله تعال‪ :‬‏ ‏ ‏} ‏وال ‏ ‏ ‏‬
‫يعلنون{ ‏إل غيخ ذلك من‬ ‫وما ‏ ‏‬
‫يسُرون ‏ ‏‬
‫يعلم ‏ ‏ما ‏ ‏‬ ‫الصدور{ ‏وقوله‪ :‬‏ ‏ ‏} ‏ ‏‬
‫تفمي ‏ ‏‬
‫وما ‏ ‏‬
‫العي ‏ ‏‬
‫خائنة ‏ ‏‬
‫ ‏ ‏‬
‫اليات القرآنية‪ .‬‏‬

‫‪18‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫ل‪ ،‬فلن القتضي للعالية هو الذات إما بواسطة العنم الذي هو‬ ‫وأما وجوب ذلك عق ا‬
‫العلم على ما هو مذهب الصفماتية والسُلف وهو الق‪ ،‬أو بدونا على ما هو رأي‬
‫النفماةا‪ .‬‏والقتضي للمحعلومية إمكانا ونسُبة الذات إل الكل على السُواء‪ ،‬فلو اختصت‬
‫عاليته بالبعض دون البعض لكان ذلك بخصصخ وهو مال لمتناع احتياج الواجب ف‬
‫صفماته وسائر كمحالته إل التخصيصخ لنافاته لوجوب الوجود والفمناء الطلق‪ .‬‏‬

‫ول يذهب إل تعدد علوم قدية أحد يعتمحد عليه إل أبو سهل الصعلوكي من الشأاعرةا‬
‫وهو مجوج بالجاع‪ .‬‏)‪ /1‬‏‪ (25‬‏والق أن علمحه سابق ميط بالشأياء على ما هي عليه‪،‬‬
‫ول مو فيه ول تغيخ ول زيادةا ول نقصان‪ .‬‏وهو سبحانه وتعال يعلم ما كان وما يكون‬
‫وما ل يكون وما لو كان كيف كان وأما ما جرى به القلم ف اللوحَّ الفموظ فهل‬
‫يكون فيه مور وإثبات؟ فيه قولن للعلمحاء‪ .‬‏وأما الصحف الت بيد اللئكة فيحصل فيها‬
‫الو والثبات‪ .‬‏وما أطال به الكمحاء وإفراغهم الكلم ف بيان علم ال سبحانه وتعال‬
‫وما جاؤروا به‪ .‬‏من الدلة العقلية على إثبات عقائدهم الفماسدةا وآرائهم الكاسدةا‪ ،‬وما‬
‫تفموهوا به من أن الصفمات زائدةا على ذاته أو هي عي ذاته القدسة‪ ،‬وما نفموه من‬
‫الصفمات فكل ذلك ما ل يض فيه السُلف ول يأت فيه حرف واحد من الشارع عليه‬
‫الصلةا والسُلم‪ .‬‏فالوض فيه وأمثاله من السُائل بعد عن الدين وقرب من الشياطي‪ .‬‏‬

‫وكم قد هلكوا وأهلكوا وضلوا وأضلوا الناس عن الصراطر السُوي ول معصوم إل من‬
‫عصمحه ال ورحه‪ .‬‏والكلم على مسُألة العلم يطول‪ ،‬وليس هذا موضع بسُطه‪ ،‬وفيمحا ذكر‬
‫ما يكفمي ويشفمي‪ .‬‏)‪ /1‬‏‪ (26‬‏‬

‫الباب الوأل في تعريف العلم وأتقسيمه وأتعليمه‬

‫وفيه فصول‬

‫الفصل الوأل في ماهية العلم‬

‫الخآتلف في ماهية العلم المطلق‬

‫‪19‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫اعلم أنه اختلف ف أن تصور ماهية العلم الطلق‪ ،‬هل هو ضروري يتصور ماهيته بالكنه‬
‫فل يد‪ ،‬أو نظري يعسُر تعريفمه‪ ،‬أو نظري غيخ عسُيخ التعريف؟‪ .‬‏‬

‫والول‪ :‬‏مذهب جاعة منهم المام الرازي‪ ،‬واستدلوا با ليس فيه شأيء من الدللة‪.‬‬
‫ويكفمي ف دفع ما قالوه ما هو معلوم بالوجدان لكل عاقل أن العلم ينقسُم إل ضروري‬
‫ومكتسُب‪ .‬‏‬

‫والثان‪ :‬‏رأي قوم منهم إمام الرمي والغزمال وقالوا‪ :‬‏ل )‪ /1‬‏‪ (27‬‏طريق إل معرفته إل‬
‫القسُمحة والثال‪ ،‬وهو متعقب كمحا بينه شأيخنا الشوكان ف )إرشأاد الفمحول( ‏‬

‫والثالث‪ :‬‏هو الراجح‪ ،‬وبه قال المحهور‪ .‬‏‬

‫تعريفات ماهية العلم‬

‫ثم ذكروأا له تعريفات‪ :‬‏‬

‫الول‪ :‬‏لبعض التكلمحي من العتزملة أنه اعتقاد الشيء على ما هو به‪ ،‬وهو مدخول‬
‫لدخول التقليد الطابق للواقع‪ .‬‏فزميد فيه قيد عن ضرورةا أو دليل‪ ،‬لكن ل ينع العتقاد‬
‫الراجح الطابق وهو الظن الاصل عن ضرورةا أو دليل‪ .‬‏وبعبارةا أخرى هو الذي يوجب‬
‫لن قام به اسم العال ويرج عنه العلم بالسُتحيل فإنه ليس بشيء اتفماقا ‪ .‬‏‬

‫الثان‪:‬معرفة العلوم على ما هو به وهو مدخول أيض ا لروج علم ال تعال‪ ،‬إذ ل يسُمحى‬
‫معرفة أي إجاعا ل لغة ول اصطلحاا‪ ،‬ولذكر العلوم وهو مشتق من العلم فيكون دوراا‪،‬‬
‫ولن معنم على ما هو به هو معنم العرفة فيكون زائدا وهذا الثان متار القاضي أب‬
‫بكر الباقلن‪ .‬‏‬

‫الثالث‪:‬هو الذي يوجب كون من قام به عالاا‪ ،‬وهو مدخول أيضا لذكر العال ف تعريف‬
‫العلم وهو دور‪ .‬‏‬

‫‪20‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫الرابع‪ :‬‏هو إدراك العلوم على ما هو به‪ ،‬وهو قول الشيخ أب )‪ /1‬‏‪ (28‬‏السُن الشأعري‪،‬‬
‫وهو مدخول أيضا لا فيه من الدور الشو كمحا مر ولن الدراك ماز عن العلم‪ .‬‏‬

‫الامس‪:‬هو ما يصح لن قام به إتقان الفمعل‪ ،‬وهو قول ابن فورك‪ .‬‏وفيه أنه يدخل القدرةا‬
‫ويرج علمحنا إذ ل مدخل ف صحة التقان فإن أفعالنا ليسُت بإيادنا‪ ،‬وإن ف‬
‫العلومات ما ل يقدر العال على إتقانه كالسُتحيل‪ .‬‏‬

‫السُادس‪ :‬‏تبيي العلوم على ما هو به وفيه الزميادةا الذكورةا والدور‪ .‬‏مع أن التبيي مشعر‬
‫بالظهور بعد الفماء فيخرج عنه علم ال سبحانه وتعال‪ .‬‏‬

‫السُابع‪:‬إثبات العلوم على ما هو به وفيه الزميادةا والدور‪ ،‬وأيضا الثبات قد يطلق على‬
‫العلم توزا فيلزمم تعريف الشيء بنفمسُه‪ .‬‏‬

‫الثامن‪ :‬‏الثقة بأن العلوم على ما هو به وفيه الزميادةا والدور‪ ،‬مع أنه لزمم كون الباري واثقا‬
‫با هو عال به‪ ،‬وذلك ما يتنع إطلقه عليه شأرعا ‪ .‬‏‬

‫التاسع‪:‬هو اعتقاد جازم مطابق لوجب إما لضرورةا أو دليل‪ ،‬وفيه أنه يرج عنه التصور‬
‫لعدم اندراجه ف العتقاد مع انه علم‪ .‬‏‬

‫ويرج علم ال سبحانه وتعال لن العتقاد ل يطلق عليه ولنه ليس بضرورةا أو دليل‪.‬‬
‫وهذا التعريف للفمخر الرازي عرفه به بعد تنزمله عن كونه ضروري ا‪ .‬‏‬

‫العاشأر‪ :‬‏حصول صورةا الشيء ف العقل أو الصورةا الاصلة عند العقل‪ ،‬وفيه أنه يتناول‬
‫الظن والهل الركب والتقليد والشك والوهم‪ .‬‏قال ابن صدر الدين‪ :‬‏هو أصح الدود عند‬
‫الققي من الكمحاء وبعض التكلمحي‪ .‬‏‬

‫قلت‪ :‬‏وفيه أن إطلق اسم العلم عليها يالف مفمهوم العلم لغة واصطلح ا وعرف ا وشأرع ا‬
‫إذ ل يطلق على الاهل جهلا مركباا‪ ،‬ول على الظان والشاك والواهم أنه عال ف شأيء‬
‫من تلك الستعمحالت‪ .‬‏وأما التقليد فقد يطلق عليه العلم مازا ول مشاحة ف‬

‫‪21‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫الصطلحَّ والبحوث عنه ف النطق هو العلم بذا العنم‪ ،‬لن النطق لا كان جع قواني‬
‫الكتسُاب فل بد لم من تعمحيم العلم‪ .‬‏قاله ف )كشاف اصطلحات الفمنون(‪ .‬‏‬

‫الادي عشر‪:‬تثل ماهية الدرك ف نفمس الدرك وفيه ما ف العاشأر‪ .‬‏وهذان التعريفمان‬
‫للحكمحاء مبينان على الوجود الذهن‪ ،‬والعلم عندهم عبارةا عنه‪ .‬‏فالول‪ :‬‏يتناول إدراك‬
‫الكليات والزمئيات‪ .‬‏والثان‪ :‬‏ظاهره يفميد الختصاص بالكليات‪ .‬‏‬

‫الثان عشر‪:‬هو صفمة توجب للها تييزما بي العان ل يتمحل النقيض وهو الد الختار‬
‫عند التكلمحي قال ف )كشاف اصطلحات الفمنون(‪ :‬‏))أي لباءته عمحا ذكر من اللل‬
‫ف غيخه وتناوله للتصور مع التصديق اليقين(( ‏انتهى‪ .‬‏‬

‫قلت‪ :‬‏إل أنه يرج عنه العلوم العادية كعلمحنا مثلا بأن البل الذي رأيناه فيمحا مضى ل‬
‫ينقلب إل الن ذهباا‪ ،‬فإنا تتمحل النقيض لواز خرق العادةا‪ .‬‏وأجيب عنه ف مله‪ ،‬وقد‬
‫يزماد فيه بي العان الكلية وهذا )‪ /1‬‏‪ (30‬‏مع الغنم عنه يرج العلم بالزمئيات‪ .‬‏وهذا‬
‫الختار عند من يقول‪ :‬‏إن العلم صفمة ذات تعلق بالعلوم‪ .‬‏‬

‫الثالث عشر‪:‬هو تييزم معنم عند النفمس تييزما ل يتمحل النقيض بوجه‪ ،‬وهو الد الختار‬
‫عند من يقول من التكلمحي‪ :‬‏إن العلم نفمس التعلق الخصوص بي العال والعلوم‪ .‬‏وفيه‬
‫أن العلوم السُتندةا إل العادةا تتمحل النقيض لمكان خرق العادةا بالقدرةا اللية‪ .‬‏‬

‫الرابع عشر‪:‬هو صفمة يتجلى با الذكور لن قامت هي به‪ .‬‏قال العلمة الشريف‪ :‬‏))وهو‬
‫أحسُن ما قيل ف الكشف عن ماهية العلم‪ ،‬لن الذكور يتناول الوجود والعدوم والمحكن‬
‫والسُتحيل بل خلف‪ ،‬ويتناول الفمرد والركب والكلي والزمئي‪ ،‬والتجلي هو النكشاف‬
‫التام‪ .‬‏‬

‫فالعنم‪ :‬‏إنه صفمة ينكشف با لن قامت به ما من شأأنه أن يذكر انكشافا تاما ل اشأتباه‬
‫فيه‪ ،‬فيخرج عن الد الظن والهل الركب واعتقاد القلد الصيب أيضاا‪ ،‬لنه ف القيقة‬
‫عقدةا على القلب فليس فيه انكشاف تام وانشراحَّ ينحل به العقدةا(( ‏انتهى‪ .‬‏‬

‫‪22‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وفيه أنه يرج عنه إدراك الواس فإنه ل مدخلية للمحذكور به فيه إن أريد الذكر اللسُان‬
‫كمحا هو الظاهر‪ .‬‏وإن أريد به ما يتناول الذكر بكسُر الذال والذكر بضمحها‪ ،‬فإنا أن‬
‫يكون من المحع‪ .‬‏بي معنم الشتمك‪ ،‬أو من المحع بي القيقة والاز وكلها مهجور ف‬
‫التعريفمات‪ .‬‏‬

‫الامس عشر‪ :‬‏‬

‫حصول معنم ف النفمس حصولا ل يتطرق )‪ /1‬‏‪ (31‬‏إليه ف النفمس احتمحال كونه على‬
‫غيخ الوجه الذي حصل فيه وهو للمدي قال‪ :‬‏ونعن بصول العنم ف النفمس تييزمه ف‬
‫النفمس عمحا سواه‪ ،‬ويدخل ف العلم بالثبات والنفمي والفمرد والركب‪ ،‬ويرج عنه‬
‫العتقادات‪ .‬‏إذ ل يبعد ف النفمس احتمحال كون العتقد والظنون على غيخ الوجه الذي‬
‫حصل فيه‪ ،‬انتهى‪ .‬‏‬

‫السُادس عشر‪ :‬‏‬

‫هو حكم ل يتمحل طرفاه ـ أي الكوم عليه وبه ـ نقيضه‪ ،‬وفيه أنه يرج عنه التصور وهو‬
‫علم‪ .‬‏‬

‫السُابع عشر‪:‬صفمة يتجلى با الدرك بالفمتح للمحدرك بالكسُر‪ ،‬وهو كالعاشأر وفيه أن‬
‫الدراك ماز عن العلم فيلزمم تعريف الشيء بنفمسُه مع كون الاز مهجورا ف التعريفمات‪،‬‬
‫ودعوى اشأتهاره ف العنم العم الذي هو جنس الخصخ غيخ مسُلمحة‪ .‬‏‬

‫هذا جلة ما قيل ف تعريف العلم‪ ،‬وقد عرفت ما ورد على كل واحد منها‪ .‬‏‬

‫قال شأيخنا القاضي العلمة الربان ممحد بن علي الشوكان ـ رحه ال ـ ف )إرشأاد‬
‫الفمحول إل تقيق الق من علم الصول(‪ :‬‏))والول عندي أن يقال ف تديده‪ :‬‏هو‬
‫صفمة ينكشف با الطلوب انكشافا تاما وهذا ل يرد عليه شأيء ما تقدم فتدبر(( ‏انتهى‪.‬‬

‫‪23‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وقد أطال ف )كشاف اصطلحات الفمنون(( ‏ف بيان القوال السُبعة الول ف حد العلم‬
‫إطالة حسُنة ليس إيرادها ف هذا الختصر من غرضنا‪ ،‬فإن شأئت الزميادةا على هذا فارجع‬
‫إليه وإل مآخذه‪ .‬‏‬

‫الفصل الثاني فيما يتصل بماهية العلم من الخآتلف وأالقوال‬

‫اعلم أنه اختلف ف أن العلم بالشيء‪ ،‬هل يسُتلزمم وجوده ف الذهن ـ كمحا هو مذهب‬
‫الفملسفمة وبعض التكلمحي ـ أو هو تعلق بي العال والعلوم ف الذهن كمحا ذهب إليه‬
‫جهور التكلمحي؟‬

‫ث إنه على الول ل نزماع ف أنا إذا علمحنا شأيئا فقد تقق أمور ثلثة‪ :‬‏صورةا حاصلة ف‬
‫الذهن‪ ،‬وارتسُام تلك الصورةا فيه‪ ،‬وانفمعال النفمس عنها بالقبول‪ .‬‏فاختلف ف أن العلم أي‬
‫هذه الثلثة‪ ،‬فذهب إل كل منها طائفمة‪ .‬‏ولذلك اختلف ف أن العلم هل هو من مقولة‬
‫الكيف‪ ،‬أو النفمعال أو الضافة‪ .‬‏والصح أنه من مقولة الكيف على ما بي ف مله‪ .‬‏‬

‫ث اعلم أن القائلي بالوجود الذهن‪ ،‬منهم من قال‪:‬إن الاصل ف الذهن إنا هو شأبح‬
‫للمحعلوم وظل له مالف بالاهية غايته أنه مبدأ لنكشافه‪ .‬‏لكن دليل البحث لو ت لدل‬
‫على أن للمحعلوم نوا آخر من الوجود ل كشبحه الخالف له بالقيقة‪ .‬‏‬

‫ومنهم من قال‪ :‬‏الاصل ف الذهن ف نفمس ماهية العلوم‪ ،‬لكنها )‪ /1‬‏‪ (33‬‏موجودةا‬
‫بوجود ظلي غيخ أصلي‪ ،‬وهي باعتبار هذا الوجود تسُمحى صورةا ول يتمتب عليها الثار‪،‬‬
‫كمحا أنا باعتبار الوجود الصلي تسُمحى عينا ويتمتب عليها الثار‪ .‬‏‬

‫فهذه الصورةا إذا وجدت ف الارج كانت عي العي‪ ،‬كمحا أن العي إذا وجدت ف‬
‫الذهن كانت عي الصورةا‪ ،‬أي شأبح قائم بنفمس العال به ينكشف العلوم وهي العلم‪،‬‬
‫وذو صورةا أي ماهية موجودةا ف الذهن غيخ قائم به وهي العلوم‪ ،‬وها متغايران بالذات‪.‬‬
‫فعلى رأي القائلي بالشبح يكون العلم من مقولة الكيف بل أشأكال مع كون العلوم من‬
‫مقولة الوهر أو مقولة أخرى لختلفهمحا بالاهية‪ .‬‏‬

‫‪24‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وأما على رأي القائلي بصول الاهيات بأنفمسُها ف الذهن ففمي كونه منها أشأكال مع‬
‫أشأكال اتاد الوهر والعرض بالاهية وها متنافيان‪ .‬‏وأجاب عنه بعض الققي بأن العلم‬
‫من كل مقولة من القولت وإن عدهم العلم مطلقا من مقولة الكيف على سبيل التشبيه‬
‫به‪ ،‬ويرد عليه أنه يصدق على هذا ـ على العلم تعريف الكيف فيكون كيفما ‪ .‬‏وبعض‬
‫الدققي جوز تبدل الاهية بأن يكون الشيء ف الارج جوهراا‪ ،‬فإذا وجد ف الذهن‬
‫انقلب كيفما كاللحة الت ينقلب الواقع فيها ملحاا‪ ،‬وهو مبحث مشهور‪ .‬‏‬

‫وف أب الفمتح )حاشأية الاشأية الللية(‪ :‬‏أما القائلون بالوجود الذهن من الكمحاء‬
‫وغيخهم فاختلفموا اختلفا ناشأئا من أن العلم ليس حاصلا قبل حصول الصورةا ف الذهن‬
‫بداهة واتفماقاا‪ ،‬وحاصل عنده بداهة واتفماقا ‪ .‬‏‬

‫والاصل معه ثلثة أمور‪ :‬‏‬

‫الصورةا الاصلة‪ ،‬وقبول الذهن من البدأ الفمياض‪ ،‬وإضافة مصوصة بي العال والعلوم‬
‫فذهب بعضهم إل أن العلم هو الصورةا الاصلة فيكون من مقولة الكيف‪ .‬‏وبعضهم إل‬
‫أنه الثان فيكون من مقولة النفمعال‪ .‬‏وبعضهم إل أنه الثالث فيكون من مقولة الضافة‪.‬‬
‫والصح الذهب الول‪ ،‬لن الصورةا توصف بالطابقة كالعلم والضافة والنفمعال‬
‫ويوصفمان با‪ .‬‏‬

‫لكن القول بأن الصورةا العقلية من مقولة الكيف إنا يصح إذا كانت مغارةا لذي الصورةا‬
‫بالذات قائمحة بالعقل كمحا هو مذهب القائلي بالشبح والثال الاكمحي بأن الاصل ف‬
‫العقل أشأباحَّ الشأياء ل أنفمسُها‪ .‬‏‬

‫وأما إذا كانت متحدةا معه بالذات مغايرةا له بالعتبار على ما يدل عليه أدلة الوجود‬
‫الذهن وهو الختار عند الققي القائلي بأن الاصل ف الذهن أنفمس الشأياء ل‬
‫أشأباحها‪ ،‬فل يصح ذلك‪ .‬‏فالق أن العلم من المور العتبارية والوجودات الذهنية‪ ،‬وإن‬

‫‪25‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫كان متحدا بالذات مع الوجود الارجي إذا كان العلوم من الوجودات الارجية سواء‬
‫كان جوهرا أو عرضا كيفما أو انفمعالا أو إضافة أو غيخها(( ‏انتهى‪ .‬‏‬

‫قال الرازي‪ :‬‏))قد اضطرب كلم ابن سينا ف حقيقة العلم‪ ،‬فحيث بي أن كون الباري‬
‫عقلا وعاقلا ومعقولا يقتضي كثرةا ف ذاته‪ ،‬فسُر العلم بتجرد العال والعلوم من الادةا‪.‬‬
‫ورد بأنه يلزمم منه أن يكون كل شأخصخ إنسُان عالا بمحيع الردات‪ ،‬فإن النفمس‬
‫النسُانية مردةا عندهم‪ .‬‏وحيث قرر اندراج العلم ف مقولة الكيف بالذات وف مقولة‬
‫الضافة بالعرض جعله عبارةا عن صفمة ذات إضافة‪ .‬‏‬

‫وحيث ذكر أن تعقل الشيء لذاته ولغيخ ذاته ليس إل حضور صورته عنده جعله عبارةا‬
‫عن الصورةا الرتسُمحة ف الوهر العاقل الطابقة لاهية العقول‪ .‬‏وحيث زعم أن العقل‬
‫البسُيط الذي لواجب الوجود ليس عقليته لجل صور كثيخةا بل لجل فيضانا عنه حت‬
‫يكون العقل البسُيط كالبدأ اللق للصور الفمصلة ف النفمس جعله عبارةا عن مرد‬
‫إضافة(( ‏انتهى‪ .‬‏‬

‫الفصل الثالث في تقسيم العلم قالوا للعلم تقسيمات‬

‫الول‪ :‬‏إل الصول والضوري‪ .‬‏‬

‫فالصول‪ :‬‏هو بصول صورةا الشيء عن الدرك‪ ،‬ويسُمحى بالعلم النطباعي أيضاا‪ ،‬لن‬
‫حصول هذا العلم بالشيء إنا يتحقق بعد انتقاش صورةا ذلك الشيء ف الذهن ل بجرد‬
‫حضور ذلك الشيء عند العال‪ .‬‏‬

‫والضوري‪ :‬‏هو بضور الشأياء أنفمسُها عند العال كعلمحنا بذواتنا والمور القائمحة با‪،‬‬
‫ومن هذا القبيل علمحه تعال بذاته‪ ،‬وبسُائر العلومات‪ .‬‏‬

‫ومنهم من أنكر العلم الضوري وقال‪ :‬‏إن العلم بأنفمسُنا وصفماتنا النفمسُانية أيضا‬
‫حصول‪ ،‬وكذلك علم الواجب تعال‪ ،‬وقيل‪ :‬‏‬

‫‪26‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫علمحه تعال بصول الصورةا ف الردات فإن جعل التعريف للمحعنم العم الشامل‬
‫للحضوري والصول بأنواعه الربعة من الحسُاس وغيخه وبا يكون نفمس الدرك وغيخه‬
‫فالراد بالعقل الذات الردةا‪ ،‬ومطلق الدرك‪ ،‬وبالصورةا ما يعم الارجية والذهنية أي ما‬
‫يتمحيزم به الشيء مطلقاا‪ /1) ،‬‏‪ (37‬‏وبالصول الثبوت‪ ،‬والضور سواء كان بنفمسُه أو‬
‫بثاله وبالغايرةا السُتفمادةا من الظرفية أعم من الذاتية والعتبارية‪ ،‬وبقي معنم عندكمحا‬
‫اختاره القق الدوان ول يفمى ما فيه من التكلفمات البعيدةا عن الفمهم‪ ،‬وإن جعل‬
‫التعريف للحصول كان التعريف على ظاهره‪ .‬‏‬

‫والراد بالعقل قوةا للنفمس تدرك الغائبات بنفمسُها‪ ،‬والسُوسات بالوسائط‪ .‬‏وبصورةا الشيء‬
‫ما يكون آلة لمتيازه‪ ،‬سواء كان نفمس ماهية الشيء أو شأبحا له‪ ،‬والظرفية على‬
‫القيقة‪ .‬‏‬

‫اعلم أن القائلي بأن العلم هو الصورةا فرقتان‪ :‬‏‬

‫فرقة تدعي وتزمعم أن الصور العقلية مثل وأشأباحَّ للمور العلومة با مافة لا بالاهية‪.‬‬
‫وعلى قول هؤلء ل يكون للشأياء وجود ذهن بسُب القيقة بل بسُب الاز‪ .‬‏كأن‬
‫يقال مثلا النار موجودةا ف الذهن‪ ،‬ويراد به يوجد فيه شأبح له نسُبة مصوصة إل ماهية‬
‫النار‪ ،‬بسُببها كان ذلك الشبح علمحا بالنار ل بغيخها من الاهيات‪ ،‬ويكون العلم من‬
‫مقولة الكيف ويصيخ العلم والعلوم متغايرين ذاتا واعتبارا ‪ .‬‏‬

‫وفرقة تدعي أن تلك الصورةا مسُاوية ف الاهية للمور العلومة با بل الصور هي ماهيات‬
‫العلومات من حيث إنا حاصلة ف النفمس‪ ،‬فيكون العلم والعلوم متحدين بالذات‬
‫متلفمي بالعتبار‪ .‬‏وعلى قول هؤلء يكون للشأياء وجودان خارجي وذهن بسُب‬
‫القيقة‪ ،‬والتعريف )‪ /1‬‏‪ (38‬‏الثان للعلم مبن على هذا الذهب‪ .‬‏وعلى هذا قال الشيخ‪:‬‬
‫الدراك القيقة التمحثلة عند الدرك‪ .‬‏‬

‫الثان‪ :‬‏إل أن العلم الادث إما تصور أو تصديق‬

‫‪27‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫والعلم القدي‪ :‬‏ل يكون تصورا ول تصديق ا‪ .‬‏‬

‫الثالث‪ :‬‏إل أن الشأياء الدركة‪ ،‬أي العلومة تنقسُم إل ما ل يكون خارجا عن ذات‬
‫الدرك أي العال‪ ،‬وإل ما يكون‬

‫أما ف الول‪ :‬‏فالقيقة الاصلة عند الدرك هي نفمس حقيقتها‪ .‬‏‬

‫وأما ف الثان‪ :‬‏فهي تكون غيخ القيقة الوجودةا ف الارج‪ ،‬بل هي إما صورةا منتزمعة من‬
‫الارج إن كان الدراك مسُتفمادا من خارج كمحا ف العلم النفمعال‪ ،‬أو صورةا حصلت‬
‫عند الدرك ابتداء سواء كانت الارجية مسُتفمادةا منها‪ ،‬كمحا ف العلم الفمعلي أو ل تكن‪.‬‬

‫وعلى التقديرين فإدراك القيقة الارجية بصول تلك الصورةا الذهنية عند الدرك‬
‫والحتياج إل النتزماع إنا هو ف الدرك الادي ل غيخ‪ ،‬كذا ف )شأرحَّ الشأارات( ‏وف‬
‫)شأرحَّ الطوالع(‪ :‬‏الشيء الدرك إما نفمس الدرك أو غيخه‪ .‬‏وغيخه إما خارج عنه أو غيخ‬
‫خارج عنه‪ .‬‏والارج عنه إما مادي أو غيخ مادي‪ .‬‏‬

‫فهذه أربعة أقسُام‪ ،‬الول‪ :‬‏ما هو نفمس الدرك‪ .‬‏‬

‫والثان‪ :‬‏ما هو غيخه لكنه غيخ خارج عنه‪ .‬‏‬

‫والثالث‪ :‬‏ما هو خارج عنه لكنه مادي‪ .‬‏‬

‫والرابع‪ :‬‏ما هو خارج عنه لكنه غيخ مادي‪ .‬‏والولن منها إدراكهمحا بصول نفمس القيقة‬
‫عند الدرك فيكون إدراكهمحا حضورياا‪ ،‬والول بدون اللول‪ ،‬والثان باللول‪ ،‬والخران ل‬
‫يكون إدراكهمحا بصول نفمس القيقة الارجية‪ ،‬بل بصول مثال القيقة سواء كان‬
‫الدراك مسُتفمادا من الارجية أو الارجية )‪ /1‬‏‪ (39‬‏مسُتفمادةا من الدراك‪ .‬‏والثالث‬
‫إدراكه بصول صورةا منتزمعة عن الادةا مردةا عنها‪ .‬‏والرابع ل يفمتقر إل النتزماع‪ .‬‏‬

‫الرابع‪ :‬‏‬

‫‪28‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫إل واجب أي متنع النفمكاك عن العال كعلمحه بذاته‪ ،‬ومكن كسُائر العلوم‪ .‬‏‬

‫الامس‪ :‬‏‬

‫إل فعلي ويسُمحى كليا قبل الكثرةا‪ ،‬وهو ما يكون سببا لوجود العلوم ف الارج كمحا‬
‫نتصور السُرير مثلا ث نوجده‪ .‬‏وانفمعال ويسُمحى كليا بعد الكثرةا‪ ،‬وهو ما يكون مسُببا‬
‫عن وجود العال‪ ،‬بأن يكون مسُتفمادا من الوجود الارجي‪ ،‬كمحا ند أمرا ف الارج‪،‬‬
‫كالسُمحاء والرض ث نتصوره‪ ،‬فالفمعلي ثابت قبل الكثرةا‪ ،‬والنفمعال بعدها‪ .‬‏فالعلم الفمعلي‬
‫كلي يتفمرع عليه الكثرةا وهي الفراد الارجية‪ .‬‏والعلم النفمعال كلي يتفمرع على الكثرةا‪.‬‬
‫وقد يقال إن لنا كلي ا مع الكثرةا لكنه من قبيل العلم ومبن على وجود الطبائع الكلية ف‬
‫ضمحن الزمئيات الارجية‪ .‬‏‬

‫قال الكمحاء‪ :‬‏علم ال سبحانه بصنوعاته فعلي لنه السُبب لوجود المحكنات ف الارج‪،‬‬
‫لكن كون علمحه تعال سببا لوجودها ل يتوقف على اللت‪ ،‬بلف علمحنا بأفعالنا‪،‬‬
‫ولذلك يتخلف صدور معلومنا عن علمحنا‪ .‬‏وقالوا‪ :‬‏إن علمحه تعال بأحوال المحكنات على‬
‫أبلغ النظام وأحسُن الوجوه بالقياس إل الكل‪ ،‬من حيث هو كل هو الذي استند عليه‬
‫وجودها على هذا الوجه دون سائر الوجوه المحكنة‪ ،‬وهذا العلم يسُمحى عندهم بالعناية‬
‫الزلية‪ .‬‏‬

‫وأما علمحه تعال بذاته فليس فعلي ا ول انفمعالي ا أيضاا‪ ،‬بل هو عي ذاته بالذات وإن كان‬
‫مغايرا له بالعتبار‪ .‬‏‬

‫السُادس‪ :‬‏إل ما يعلم بالفمعل‪ ،‬وهو ظاهر وما يعلم بالقوةا‪ .‬‏‬

‫كمحا إذا ف يد زيد اثنان فسُئلنا أزوج هو أم فرد؟ قلنا‪ :‬‏نعلم إن كل اثني زوج‪ ،‬وهذا‬
‫اثنان فنعلم أنه زوج‪ ،‬علمحا بالقوةا القريبة من الفمعل‪ ،‬وإن ل نكن نعلم أنه بعينه زوج‪.‬‬
‫وكذلك جيع الزمئيات الندرجة تت الكليات فإنا معلومة بالقوةا قبل أن يتنبه للندراج‪.‬‬
‫فالنتيجة حاصلة ف كبى القياس‪ ،‬هكذا قال بعض التكلمحي‪ .‬‏‬

‫‪29‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫السُابع‪ :‬‏إل تفمصيلي وإجال‬

‫والتفمصيلي كمحن ينظر إل أجزماء العلوم ومراتبه بسُب أجزمائه بأن يلحظها واحدا بعد‬
‫واحد‪ ،‬والجال كمحن يعلم مسُألة فيسُأل عنها فإنه يضر الواب الذي هو تلك السُألة‬
‫بأسرها ف ذهنه دفعة واحدةا‪ ،‬وهو ـ أي ذلك الشخصخ السُئول ـ متصور للجواب لنه‬
‫عال بأنه قادر عليه‪ ،‬ث يأخذ ف تقرير الواب‪ ،‬فيلحظ تفمصيله‪ ،‬ففمي ذهنه أمر بسُيط‬
‫هو مبدأ التفماصيل والتفمرقة بي الالة الاصلة دفعة عقيب السُؤال وبي حالة الهل‬
‫الثابتة قبل السُؤال‪ .‬‏‬

‫وملحظة التفمصيل ضرورية وحدانية‪ ،‬إذ ف حالة الهل السُمحاةا عقلا بالفمعل ليس إدراك‬
‫الواب حاصلا بالفمعل بل النفمس ف تلك الالة تقوى على استحضاره بل تشم كسُب‬
‫جديد فهناك قوةا مضة‪ .‬‏‬

‫وف الالة الاصلة عقيب السُؤال قد حصل بالفمعل شأعور وعلم ما بالواب‪ ،‬ل يكن‬
‫حاصلا قبله‪ .‬‏وف الالة التفمصيلية صارت الجزماء ملحوظة قصدا ‪ .‬‏ول يكن حاصلا ف‬
‫شأيء من الالتي السُابقتي‪ ،‬وشأبه ذلك بن يرى نعمحا كثيخةا تارةا دفعة‪ ،‬فإنه يرى ف‬
‫هذه الالة جيع أجزمائه ضرورةا‪ ،‬وتارةا بأن يدق البصر نو واحد فيفمصل أجزماءه‪ .‬‏فالرؤرية‬
‫الول إجالية الثانية تفمصيلية‪ .‬‏‬

‫وأنكر المام الرازي العلم الجال‪ ،‬والعلم )‪ /1‬‏‪ (41‬‏الجال على تقدير جواز ثبوته ف‬
‫نفمسُه هل يثبت ل تعال أو ل؟ جوزه القاضي والعتزملة ومنعه كثيخ من أصحابنا وأبو‬
‫الاشأم‪ .‬‏والق أنه إن اشأتمطر ف الجال الهل بالتفمصيل امتنع عليه تعال وإل فل‪ .‬‏‬

‫الثامن‪ :‬‏‬

‫إل التعقل‪ ،‬والتوهم‪ ،‬والتخيل‪ ،‬والحسُاس‪ .‬‏‬

‫التاسع‪ :‬‏إل الضروري‪ ،‬والنظري‬

‫‪30‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وعلم ال تعال عند التكلمحي ل يوصف بضرورةا ول كسُب‪ ،‬فهو واسطة بينهمحا‪ .‬‏وأما‬
‫النطقيي فداخل ف الضروري‪ .‬‏‬

‫والفمرق بي العلم بالوجه‪ ،‬وبي العلم بالشيء من وجه‪ ،‬أن معنم الول حصول الوجه‬
‫عند العقل‪ .‬‏ومعنم الثان أن لشأيء حاصل عند العقل لكن ل حصولا تاما فإن التصور‬
‫قابل للقوةا والضعف‪ ،‬كمحا إذا تراءى لك شأبح من بعيد فتصورته تصورا ما‪ ،‬ث يزمداد‬
‫انكشافا عندك بسُب تقاربك إليه إل أن يصل ف عقلك كمحال حقيقته‪ .‬‏‬

‫ولو كان العلم بالوجه هو العلم بالشيء من ذلك الوجه ما على ظنه من ل تقيق له‬
‫لزمم أن يكون جيع الشأياء معلومة لنا مع عدم توجه عقولنا إليها‪ ،‬وذلك ظاهر‬
‫الستحالة‪ .‬‏كذا ف )شأرحَّ الطالع( ‏ف بث الوضوع‪ .‬‏وقال عبد الكيم )ف حاشأية شأرحَّ‬
‫الواقف( ‏ف القصد الرابع من مقاصد العلم ف الوقف الول‪ :‬‏))إنم اختلفموا ف علم‬
‫الشيء بوجه وعلم وجه الشيء‪ ،‬فقال من ل تقيق له‪ :‬‏إنه ل تغاير بينهمحا أصلا وقال‬
‫التقدمون بالتغاير بالذات‪ ،‬إذ ف الول الاصل ف الذهن نفمس الوجه وهو آلة )‪/1‬‬
‫‪ (42‬‏للحظة الشيء والشيء معلوم بالذات‪ .‬‏وف الثان الاصل ف الذهن صورةا الوجه‬
‫وهو العلوم بالذات‪ ،‬من غيخ التفمات إل الشيء ذي الوجه‪ .‬‏‬

‫وقال التقدمون بالتغاير بالعتبار‪ :‬‏إذ ل شأك ف أنه ل يكن أن يشاهد بالضاحك أمر‬
‫سواه‪ .‬‏إل أنه إذا اعتب صدقه على أمر واتاده معه‪ ،‬كمحا ف موضوع القضية الصورةا‪،‬‬
‫كان علم الشيء بالوجه‪ .‬‏وإذا اعتب مع قطع النظر عن ذلك كان علم الوجه‪ ،‬كمحا ف‬
‫موضوع القضية الطبيعية(( ‏انتهى‪ .‬‏‬

‫وأثبت أبو هاشأم علمح ا ل معلوم له‪ ،‬كالعلم بالسُتحيل فإنه ليس بشيء والعلوم شأيء‪.‬‬
‫وهذا أمر اصطلحي مض ل فائدةا فيه وال أعلم‪ .‬‏‬

‫ ‏‬

‫الفمصل الرابع ف العلم الدون‬

‫‪31‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وموضوعه‪ ،‬ومباديه‪ ،‬ومسُائله‪ ،‬وغايته‬

‫اعلم أن لفمظ العلم كمحا يطلق على ما يرادفه‪ ،‬وهو أساء العلوم الدونة كالنحو والفمقه‪،‬‬
‫فيطلق كأساء العلوم تارةا على السُائل الخصوصة‪ ،‬كمحا يقال‪ :‬‏فلن يعلم النحو‪ .‬‏وتارةا‬
‫على التصديقات بتلك السُائل عن دليلها‪ .‬‏وتارةا على اللكة الاصلة من تكرر تلك‬
‫التصديقات أي ملكة استحضارها‪ .‬‏‬

‫وقد يطلق اللكة على التهيؤ التام‪ ،‬وهو أن يكون عنده ما يكفميه لستعلم ما يراد‪.‬‬
‫والتحقيق أن العنم القيقي للفمظ العلم هو الدراك‪ ،‬ولذا العنم متعلق هو العلوم‪ .‬‏وله‬
‫تابع ف الصول يكون وسيلة إليه ف البقاء وهو اللكة‪ .‬‏فإطلق لفمظ العلم على كل‬
‫منها‪ ،‬إما حقيقة عرفية‪ ،‬أو اصطلحية‪ ،‬أو ماز مشهور‪ .‬‏وقد يطلق على ممحوع السُائل‬
‫والبادئ التصورية والبادئ التصديقية والوضوعات‪ ،‬ومن ذلك يقولون‪ :‬‏أجزماء العلوم ثلثة‪.‬‬
‫وقد تطلق أساء العلوم على مفمهوم كلي إجال يفمصل ف تعريفمه‪ ،‬فإن فصل نفمسُه كان‬
‫حدا اسياا‪ ،‬وإن بي لزمه كان رس ا اسي ا‪ .‬‏وأما حده القيقي فإنا هو بتصور مسُائله أو‬
‫بتصور التصديقات التعلقة با‪ ،‬فإن حقيقة كل علم مسُائل ذلك العلم أو التصديقات‬
‫با‪ .‬‏‬

‫وأما البادئ وآنية الوضوعات )‪ /1‬‏‪ (44‬‏فإنا عدت جزمءا منها لشدةا احتياجها إليها‪،‬‬
‫وف تقيق ما ذكرنا بيانات ثلثة‪ :‬‏‬

‫البيان الول‪ :‬‏ف بث الوضوع‬

‫اعلم أن السُعادةا النسُانية لا كانت منوطة بعرفة حقائق الشأياء وأحوالا بقدر الطاقة‬
‫البشرية‪ ،‬وكانت القائق وأحوالا متكثرةا متنوعة تصدى الوائل لضبطها وتسُهيل تعليمحها‪،‬‬
‫فأفردوا الحوال الذاتية التعلقة بشيء واحد‪ ،‬أو بأشأياء متناسبة ودونوها على حدةا‬
‫وعدوها علمح ا واحدا وسوا ذلك الشيء أو الشأياء موضوعا لذلك العلم‪ ،‬لن‬
‫موضوعات مسُائله راجعة إليه‪ .‬‏‬

‫‪32‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫فمحوضوع العلم ما تنحل إليه موضوعات مسُائله وهو الراد بقولم ف تعريفمه با يبحث‬
‫فيه عن عوارضه الذاتية‪ .‬‏فصار كل طائفمة من الحوال‪ ،‬بسُبب تشاركها ف الوضوع علمحا‬
‫منفمردا متازا بنفمسُه عن طائفمة متشاركة ف موضوع آخر‪ .‬‏‬

‫فتمحايزمت العلوم ف أنفمسُها بوضوعاتا‪ ،‬وهو تايزم اعتبوه مع جواز المتياز شأيء آخر‬
‫كالغاية والمحول‪ .‬‏وسلكت الواخر أيضا هذه الطريقة الثانية ف علومهم‪ ،‬وذلك أمر‬
‫استحسُنوه ف التعليم والتعلم‪ .‬‏وإل فل مانع عقلا من أن يعد كل مسُألة علمحا برأسه‬
‫ويفمرد بالتعليم والتدوين‪ ،‬ول من أن يعد مسُائل متكثرةا غيخ متشاركة ف الوضوع علمح ا‬
‫واحدا يفمرد بالتدوين وإن تشاركت من وجه آخر ككونا متشاركة ف أنا أحكام بأمور‬
‫على أخرى‪ .‬‏‬

‫فعلم أن حقيقة كل علم مدون السُائل التشاركة ف موضعها واحد‪ ،‬وأن لكل علم‬
‫موضوعا وغاية‪ .‬‏وكل علم له جهة وحدةا تضبط تلك السُائل التكثرةا‪ ،‬وتعد باعتبارها‬
‫علمح ا واحدا‪ .‬‏إل أن الول جهة وحدةا ذاتية‪ ،‬والثانية جهة وحدةا عرضية‪ .‬‏ولذلك تعرف‬
‫العلوم تارةا )‪ /1‬‏‪ (45‬‏باعتبار الوضوع‪ ،‬فيقال ف تعريف النطق مثل‪ :‬‏علم يبحث فيه عن‬
‫أحوال العلومات‪ ،‬وتارةا باعتبار الغاية فيقال ف تعريفمه‪ :‬‏آلة قانونية تعصم مراعاتا الذهن‬
‫عن الطأ ف الفمكر‪ .‬‏‬

‫ث إن الحوال التعلقة بشيء موحد أو أشأياء مناسبة تناسبا معتدا به إما ف أمر ذات‬
‫كالط والسُطح والسُم التعليمحي‪ ،‬التشاركة ف مطلق القدار الذي هو ذات لا كعلم‬
‫الندسة‪ ،‬أو ف أمر عرضي كالكتاب والسُنة والجاع والقياس التشاركة ف كونا موصلة‬
‫إل الحكام الشرعية كعلم أصول الفمقه‪ ،‬فنكون تلك الحوال من العراض الذاتية الت‬
‫تلحق الاهية من حيث هي ل بواسطة أمر أجنب‪ .‬‏‬

‫وأما الت جيع مباحث العلم راجعة إليها فهي إما راجعة إل نفمس المر الذي هو‬
‫الواسطة‪ ،‬كمحا يقال ف السُاب‪ :‬‏العدد إما زوج أو فرد‪ ،‬أو إل جزمئي تته كقولنا‪:‬‬

‫‪33‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫الثلثة فرد‪ ،‬وكقولنا ف الطبيعي‪ :‬‏الصورةا تفمسُد وتلف به ل عنه‪ ،‬أو إل عرض ذات له‬
‫كقولنا‪ :‬‏الفمرد إما أول أو مركب‪ .‬‏‬

‫وأما العرض الغريب‪ ،‬وهو ما يلحق الاهية بواسطة أمر عجيب‪ ،‬إما خارج عنها أعم منها‬
‫أو أخصخ فالعلوم ل تبحث عنه‪ ،‬فل ينظر الهندس ف أن الط السُتدير أحسُن أو‬
‫السُتقيم‪ ،‬ول ف أن الدائرةا نظيخ الط السُتقيم أو ضده‪ ،‬لن السُن والتضاد غريب عن‬
‫موضوع علمحه‪ ،‬وهو القدار‪ ،‬فإنمحا يلحقان القدار ل لنه مقدار بل لوصف أعم منه‬
‫كوجوده أو كعدم وجوده‪ .‬‏‬

‫وكذا الطبيب ل ينظر ف أن الرحَّ مسُتدير أم غيخ مسُتدير لن الستدارةا ل تلحق‬


‫السُم من حيث هو جريح‪ ،‬بل لمر أعم منه كمحا مر‪ ،‬وإذا قال الطبيب هذه الراحة‬
‫مسُتديرةا والدوائر أوسع الشأكال فيكون بطيء البء‪ ،‬ل يكن ما ذكره من علمحه‪ .‬‏‬

‫ث اعلم أن موضوع علم يوز أن يكون موضوع علم آخر‪ ،‬وأن يكون أخصخ منه أو‬
‫أعم‪ ،‬وأن يكون مباينا عنه‪ ،‬لكن يندرجان )‪ /1‬‏‪ (46‬‏تت أمر ثالث‪ ،‬وأن يكون مباينا‬
‫له غيخ مندرجي تت ثالث‪ ،‬لكن يشتمكان بوجه دون وجه‪ ،‬ويوز أن يكونا متبايني‬
‫مطلقا‪ ،‬فهذه ستة أقسُام‪ :‬‏‬

‫الول‪ :‬‏أن يكون موضوع علم عي موضوع علم آخر‬

‫فيشتمطر أن يكون كل منهمحا مقيدا بقيد غيخ قيد الخر‪ ،‬وذلك كأجرام العال فإنا من‬
‫حيث الشكل موضوع اليئة‪ ،‬ومن حيث الطبيعة موضوع لعلم السُمحاء‪ ،‬والعال من‬
‫الطبيعي فافتمقا باليثيتي‪ .‬‏‬

‫ث إن اتفمق أباث بعض السُائل فيها بالوضوع والمحول فل بأس إذ يتلف بالباهي‪،‬‬
‫كقولم بأن الرض مسُتديرةا وهي وسط السُمحاء ف الصور والعان‪ ،‬لكن البهان عليهمحا‬
‫من حيث اليئة غيخ البهان من جهة الطبيعي‪ .‬‏‬

‫‪34‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫الثان والثالث‪ :‬‏أن يكون موضوع علم أخصخ من علم آخر‪ ،‬أو أعم منه‬

‫فالعمحوم والصوص بينهمحا إما على وجه التحقيق‪ ،‬بأن يكون العمحوم والصوص بأمر‬
‫ذات له مثل كون العام جنسُا للخاص‪ ،‬أو بأمر عرضي‪ .‬‏فالول كالقدار والسُم‬
‫التعليمحي‪ ،‬فإن السُم التعليمحي أخصخ‪ ،‬والقدار جنس له وهو موضوع الندسة‪ ،‬والسُم‬
‫التعليمحي موضوع السُمحات‪ .‬‏‬

‫وكمحوضوع الطب وهو بدن النسُان فإنه نوع من موضوع العلم الطبيعي وهو السُم‬
‫الطلق‪ ،‬والثان كالوجود والقدار‪ ،‬فإن الوجود موضوع العلم اللي‪ ،‬والقدار موضوع‬
‫الندسة‪ ،‬وهو أخصخ من الوجود‪ ،‬ل لنه جنسُه بل لكونه عرضا عاما له‪ .‬‏‬

‫الرابع‪ :‬‏أن يكون الوضعان متبايني‬

‫لكن يندرجان تت أمر ثالث‪ ،‬كمحوضوع الندسة والسُاب فإنمحا داخلن تت الكم‬
‫فيسُمحيان متسُاويي‪ .‬‏‬

‫الامس‪ :‬‏أن يكونا مشتمكي بوجه دون وجه‬

‫مثل موضوعي الطب والخلق‪ ،‬فإن لوضوعيهمحا اشأتماكا ف القوى النسُانية‪ .‬‏السُادس‪:‬‬
‫أن يكون بينهمحا تباين‪ ،‬كمحوضوع السُاب والطب‪ ،‬فليس بي العدد وبدن النسُان‬
‫اشأتماك ول مسُاواةا‪ .‬‏‬

‫تنبيه‪ :‬‏اعلم أن الوضوع ف علم ل يطلب بالبهان‪ ،‬لن الطلوب ف كل علم هي‬
‫العراض الذاتية الوضوعة‪ ،‬والشيء ل يكون عرضيا ذاتيا لنفمسُه‪ ،‬بل يكون إما بينا‬
‫بنفمسُه أو مبهنا عليه ف علم آخر فوقه‪ ،‬بيث يكون موضوع هذا العلم عرضا ذاتيا‬
‫لوضوعه إل أن ينتهي إل العلم العلى الذي موضوعه الوجود‪ ،‬لكن يب تصور‬
‫الوضوع ف ذلك العلم والتصديق بيئته بوجه ما‪ .‬‏فكون علم فوق علم أو تته مرجعه‬
‫إل ما ذكرنا فافهم‪ .‬‏‬

‫‪35‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫البيان الثان‪ :‬‏ف البادئ‪ :‬‏‬

‫وهي العلومات السُتعمحلة ف العلوم لبناء مطالبها الكتسُبة عليها‪ .‬‏وهي إما تصورية بدود‬
‫موضوعه وحدود أجزمائه وجزمئياته وممحولته‪ ،‬إذ ل بد من تصور هذه المور بالد‬
‫الشهور‪ .‬‏وإما تصديقية وهي القضايا التألفمة عنها قياساتا وهي على قسُمحي‪ :‬‏‬

‫الول‪ :‬‏أن تكون بينة بنفمسُها‪ ،‬وتسُمحى التعارفة‬

‫وهي إما مبادئ لكل علم كقولنا‪ :‬‏النفمي والثبات ل يتمحعان ول يرتفمعان‪ ،‬أو لبعض‬
‫العلوم كقول إقليدس‪ :‬‏إذا أخذ من التسُاويي قدران متسُاويان بقي الباقيان متسُاويي‪ .‬‏‬

‫الثان‪ :‬‏أن تكون غيخ بينة بنفمسُها‪ ،‬لكن يب تسُليمحها‬

‫ومن شأأنا أن تبي ف علم آخر‪ ،‬وهي مسُائل بالنسُبة إل ذلك العلم الخر‪ .‬‏‬

‫والتسُليم إن كان على سبيل حسُن الظن بالعلم تسُمحى أصول موضوعة‪ ،‬كقول الفمقيه‪:‬‬
‫هذا حرام بالجاع‪ .‬‏فكون الجاع حجة من المور السُلمحة ف الفمقه‪ ،‬لنا من مسُائل‬
‫الصول‪ .‬‏وإن كان على استنكار تسُمحى مصادرات كقوله‪ :‬‏هذا الكم ثبت‬
‫بالستحسُان‪ .‬‏فتسُليم كونه حجة عند القوم من الصادرات‪ .‬‏ويوز أن تكون القدمة‬
‫الواحدةا عند شأخصخ من الصادرات وعند آخر من الصول الوضوعة‪ .‬‏‬

‫وقد تسُمحى الدود والقدمات السُلمحة أوضاعا‪ ،‬وكل واحد منهمحا يكون مسُائل ف علم‬
‫آخر فوقه إل العلى‪ ،‬لكن يوز أن يكون بعض مسُائل العلم السُافل موضوعا وأصولا‬
‫للعلم العال‪ ،‬بشرطر أن ل تكون مبينة ف العلم السُافل بالصول الت بنيت على تلك‬
‫السُائل‪ ،‬بل مقدمات بينة بنفمسُها أو بغيخها من الصول وإل يلزمم الدور‪ .‬‏‬

‫وأيضا ل يوز أن يثبت شأيء من القدمات الغيخ البينة من الصول الوضوعة والصادرات‬
‫بالدليل إن توقف عليها جيع مقاصد العلوم للدور‪ ،‬وإن توقف عليها بعض مقاصدها‬

‫‪36‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫فيمحكن بيانا ف ذلك العلم‪.‬والول‪ :‬‏يسُمحى البادئ العامة‪ ،‬كون النظر مفميدا للعي‪.‬‬
‫والثان‪ :‬‏البادئ الاصة‪ ،‬كإبطال السُن والقبح العقليي‪ .‬‏‬

‫البيان الثالث‪ :‬‏ف مسُائل العلوم‬

‫وهي القضايا الت تطلب ف كل علم نسُبة ممحولتا بالدليل إل موضوعاتا‪ .‬‏‬

‫وكل علم مدون السُائل التشاركة ف موضوع واحد كمحا مر‪ ،‬فتكون السُائل موضوع‬
‫العلم أعن هيئته البسُيطة‪ ،‬وهي إنيتها‪ .‬‏‬

‫وموضوع السُألة قد يكون بنفمسُه موضوعا لذلك العلم‪ ،‬كقول النحوي‪ :‬‏كل كلم‬
‫مركب من اسي أو كقول النحوي‪ :‬‏كل كلم مركب من اسي أو اسم وفعل فإن‬
‫الكلم هو موضوع النحو أيضا ‪ .‬‏‬

‫وقد يكون موضوع السُألة موضوع ذلك العلم مع عرض ذات له‪،‬‬

‫كقولنا ف الندسة‪ :‬‏القدار الباين لشيء مباين لكل مقدار يشاركه‪ .‬‏فالوضوع ف السُألة‬
‫القدار الباين‪ ،‬والباين عرض ذات له‪ .‬‏وقد يكون موضوع السُألة نوع موضوع العلم‪،‬‬
‫كقولنا ف الصرف‪ :‬‏السم إما ثلثي وإما زائد على الثلثي‪ .‬‏فإن موضوع العلم الكلمحة‪،‬‬
‫والسم نوعها‪ .‬‏‬

‫وقد يكون موضوع السُألة نوع موضوع مع عرض ذات له‪ ،‬كقولنا ف الندسة‪ :‬‏كل خط‬
‫مسُتقيم وقع على مسُتقيم فالزماويتان الادثتان إما قائمحتان أو معادلتان لمحا‪ .‬‏فالط نوع‬
‫للمحقدار‪ ،‬والسُتقيم عرض ذات له‪ ،‬وقد يكون موضوع السُألة عرضا ذاتيا لوضوع العلم‪،‬‬
‫كقولنا ف الندسة كل مثلث زواياه مسُاوية لقائمحتي‪ .‬‏فالثلث من العراض الذاتية‬
‫للمحقدار‪ .‬‏‬

‫خاتة الفمصل‪ :‬‏ف غاية العلوم‬

‫‪37‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫اعلم أنه إذا ترتب على فعل أثر فذلك الثر من حيث إنه نتيجة لذلك الفمعل وثرته‬
‫يسُمحى فائدةا‪ ،‬ومن حيث إنه على طرف الفمعل ونايته يسُمحى غاية‪ .‬‏ففمائدةا الفمعل وغايته‬
‫متحدان بالذات ومتلفمان بالعتبار‪ .‬‏‬

‫ث ذلك الثر السُمحى بذين المرين إن كان سببا لقدام الفماعل على ذلك الفمعل‬
‫يسُمحى بالقياس إل الفماعل غرضا ومقصودا‪ ،‬ويسُمحى بالقياس إل فعله علة غائية‪ .‬‏والغرض‬
‫والعلة الغائية متحدان بالذات ومتلفمان بالعتبار‪ .‬‏وإن ل يكن سببا للقدام كان فائدةا‬
‫وغاية فقط‪ ،‬فالغاية أعم من العلة الغائية‪ ،‬كذا أفاده العلمة الشريف فظهر أن غاية‬
‫العلم ما يطلب ذلك العلم لجله‪ .‬‏‬

‫ث إن غاية العلو الغيخ اللية حصولا أنفمسُها لنا ف حد ذاتا مقصودةا بذواتا‪ ،‬وإن‬
‫أمكن أن يتمتب عليها منافع أخر‪ ،‬والتغاير العتباري كاف فيه‪ .‬‏فاللزم من كون الشيء‬
‫غاية لنفمسُه أن يكون وجوده الذهن علة لوجوده الارجي ول مذور فيه‪ .‬‏‬

‫وأما غاية العلوم اللية فهو حصول غيخها لنا متعلقة بكيفمية العمحل‪ ،‬فالقصود منها‬
‫حصول العمحل‪ ،‬سواء كان ذلك العمحل مقصودا بالذات أو لمر آخر يكون غاية أخيخةا‬
‫لتلك العلوم‪ .‬‏‬

‫ ‏‬

‫الفصل الخامس في بيان تقسم العلوم المدوأنة وأما يتعلق بها‬

‫العلوم الدونة وهي الت دونت ف الكتب‪ ،‬كعلم الصرف والنحو والنطق والكمحة‬
‫ونوها‪ .‬‏‬

‫اعلم أن العلمحاء اختلفموا‪ ،‬فقيل‪ :‬‏ل يشتمطر ف كون الشخصخ عالا بعلم أن يعلمحه‬
‫بالدليل‪ .‬‏وقيل‪ :‬‏يشتمطر ذلك حت لو علمحه بل أخذ دليل يسُمحى حاكيا ل عالاا‪ ،‬وإليه‬
‫يشيخ كلم القق عبد الكيم ف )حاشأية الفموائد الضيائية( ‏حيث قال‪ :‬‏))من قال‪ :‬‏العلم‬

‫‪38‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫عبارةا عن العلم بالسُائل البهنة‪ ،‬جعل العلم بالسُائل الردةا حكاية لسُائل العلوم‪ .‬‏ومن‪:‬‬
‫قال إنه عبارةا عن السُائل جعله علمحا (( ‏انتهى‪ .‬‏‬

‫وبالنظر إل الذهب الول‪ ،‬ذكر القق الذكور ف )حواشأي اليال( ‏من ))أن العلم قد‬
‫يطلق على التصديق بالسُائل‪ ،‬وقد يطلق على نفمس السُائل‪ ،‬وقد يطلق على اللكة‬
‫الاصلة منها‪ .‬‏وأيضا ما يقال‪ :‬‏كتبت علم فلن أو سعته‪ ،‬أو يصر ف ثانية أبواب‬
‫ل‪ ،‬هو العنم الثان ويكن حله على العنم الول أيض ا بل بعد‪ ،‬لن تدوين العلوم )‬ ‫مث ا‬
‫‪ /1‬‏‪ (52‬‏بعد تدوين العلم عرف ا‪ .‬‏وأما تدوين اللكة فمحمحا يأباه الذوق السُليم(( ‏انتهى‪ .‬‏‬

‫وما يقال‪ :‬‏فلن يعلم النحو‪ ،‬مثلا ل يراد به أن جيع مسُائله حاضرةا ف ذهنه‪ ،‬بل يراد‬
‫به أن له حالة بسُيطة إجالية هي مبدأ لتفماصيل مسُائله با يتمحكن من استحضارها‪.‬‬
‫فالراد بالعلم التعلق بالنحو ههنا هو اللكة وإن كان النحو عبارةا عن السُائل‪ ،‬هكذا‬
‫يسُتفماد من )الطول( ‏و )حواشأيه(‪ .‬‏‬

‫وبالنظر إل الذهب الثان قال صاحب )الطول( ‏ف تعريف علم العان‪ ،‬أساء العلوم‬
‫الدونة‪ ،‬نو علم العان تطلق على إدراك القواعد عن دليل‪ ،‬حت لو أدركها أحد تقليدا‪،‬‬
‫ل يقال له عال بل حاك(( ‏ذكره السُيد السُند ف )شأرحَّ الفمتاحَّ(‪ .‬‏‬

‫وقد تطلق على معلوماتا الت هي القواعد‪ ،‬لكن إذا علمحت عن دليل وإن أطلقوا‪ ،‬وعلى‬
‫اللكة الاصلة من إدراك القواعد مرةا بعد أخرى أعن ملكة استحضارها مت أريد‪ .‬‏لكن‬
‫إذا كانت ملكة إدراك عن دليل وإن أطلقوا كمحا يقتضيه تصيصخ السم بالدراك عن‬
‫دليل كمحا ل يفمى‪ .‬‏وكذلك لفمظ العلم يطلق على العان الثلثة‪ ،‬لكن حقق السُيد‬
‫السُند أنه ف الدراك حقيقة‪ ،‬وف اللكة الت هي تابعة للدراك ف الصول ووسيلة إليه‪،‬‬
‫ف البقاء وف متعلق الدراك الذي هو السُائل إما حقيقة عرفية أو اصطلحية أو ماز‬
‫مشهور‪ .‬‏‬

‫‪39‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وف كونه حقيقة الدراك نظر لن الراد به الدراك عن دليل ل الدراك مطلق ا حت‬
‫يكون حقيقة انتهى‪ .‬‏‬

‫وقال أبو القاسم ف )حاشأية الطول(‪ :‬‏إن جعل أساء العلوم الدونة مطلقة على الصول‬
‫والقواعد وإدراكها واللكة الاصلة على سواء وكذا لفمظ العلم‪ ،‬صح‪ .‬‏ث إنم ذكروا أن‬
‫الناسب أن يراد باللكة ههنا كيفمية للنفمس با يتمحكن من معرفة جيع السُائل‪،‬‬
‫يسُتحضر با ما كان معلوم ا مزمون ا منها‪ ،‬ويسُتحصل ما كان مهولا ل ملكة‬
‫الستحضار فقط السُمحاةا بالعقل بالفمعل‪ .‬‏‬

‫إذ الظاهر أن من تكن من معرفة جيع مسُائل علم‪ ،‬بأن يكون عنده ما يكفميه ف‬
‫تصيلها‪ ،‬يعد عالا بذلك العلم من غيخ اشأتماطر العلم بمحيعها فضلا عن صيخورتا‬
‫مزمونة‪ .‬‏ول ملكة الستحصال فقط السُمحاةا بالعقل باللكة لنه يلزمم أن يعد عالا من له‬
‫تلك اللكة مع عدم حصول شأيء من السُائل‪ .‬‏فالراد باللكة أعم من ملكة الستحضار‬
‫والستحصال‪ .‬‏‬

‫قال ف )الطول(‪ :‬‏الراد ملكة الستحضار ل اللكة الطلقة‪ ،‬وعدم حصول العلم الدون‬
‫لحد وهو يتزمايد يوم ا فيوم ا ليس بمحتنع ول بسُتبعد‪ ،‬فإن استحالة معرفة المحيع ل يناف‬
‫كون العلم سببا لا‪ .‬‏وتسُمحية البعض فقيها أو نويا أو حكيمحا كناية عن علو شأأنه ف‬
‫ذلك العلم بيث كأنه حصل له الكل‪ .‬‏‬

‫وبالمحلة‪ :‬‏فمحلكة الستحصال ليسُت علمحا وإنا الكلم ف أن ملكة استحضار أكثر‬
‫السُائل مع ملكة استحصال الباقي هل هو العلم أم ل؟ فمحن أراد أن يكون إطلق‬
‫الفمقيه على الئمحة حقيقة مع عجزمهم عن جواب بعض الفمتاوى التزمم ذلك وأما على ما‬
‫سلكنا من أن الطلق مازي فل يلزمم‪ .‬‏‬

‫ث اعلم أن العلم وإن كان معنم واحدا وحقيقة واحدةا‪ ،‬إل إنه ينقسُم إل أقسُام كثيخةا‬
‫من جهات متلفمة‪ .‬‏فينقسُم من جهة إل قدي ومدث‪ ،‬ومن جهة متعلقه إل تصور‬

‫‪40‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وتصديق‪ ،‬ومن جهة طرقه إل ثلثة أقسُام‪ :‬‏قسُم يثبت ف النفمس‪ ،‬وقسُم يدرك بالس‪،‬‬
‫وقسُم يعلم بالقياس‪ .‬‏وينقسُم من جهة اختلف موضوعاته إل أقسُام كثيخةا يسُمحى‬
‫بعضها علوما وبعضها صنائع‪ .‬‏وقد أوردنا ما ذكره أصحاب الوضوعات ف حصر‬
‫أقسُامها‪ :‬‏‬

‫التقسُيم الول‪ :‬‏‬

‫ما ذكره صاحب )كشاف اصطلحات الفمنون(‪ :‬‏))اعلم أن ههنا ‪ -‬‏أي ف مقام تقسُيم‬
‫العلوم الدونة الت هي إما السُائل أو التصدق با ‪ -‬‏تقسُيمحات على ما ف بعض حواشأي‬
‫)شأرحَّ الطالع( ‏وقال السُيد السُند‪ :‬‏إنا بعنم ملكة الدراك تناول العلوم النظرية‪ .‬‏‬

‫الول‪ :‬‏العلوم إما نظرية أي‪ :‬‏غيخ متعلقة بكيفمية عمحل‪ ،‬وإما عمحلية أي‪ :‬‏متعلقة با‬

‫فالنطق‪ ،‬والكمحة العمحلية‪ ،‬والطب العمحلي‪ ،‬وعلم الياطة كلها داخلة ف العمحلي‪ ،‬لنا‬
‫بأسرها متعلقة بكيفمية عمحل إما ذهن كالنطق‪ ،‬أو خارجي كالطب مثل توضيحه أن‬
‫العمحلي والنظري يسُتعمحلن لعانن‪ :‬‏‬

‫أحدها‪ :‬‏ف تقسُيم العلوم‬

‫مطلقا كمحا عرفته‪ .‬‏‬

‫وثانيها‪ :‬‏ف تقسُيم الكمحة‬

‫فإن العمحلي هناك علم با يكون وجوده بقدرتنا واختيارنا‪ .‬‏والنظري علم با ل يكون‬
‫وجوده بقدرتنا واختيارنا‪ .‬‏)‪ /1‬‏‪ (55‬‏‬

‫وثالثها‪:‬ما ذكر ف تقسُيم الصناعات‬

‫من أنا عمحلية أي يتوقف حصولا على مارسة العمحل‪ ،‬أو نظرية ل يتوقف حصولا على‬
‫مارسة العمحل‪ ،‬بل يتوقف على النظر فقط‪ .‬‏وعلى هذا فعلم الفمقه والنحو والنطق‬

‫‪41‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫والكمحة العمحلية والطب العلمحي خارجة عن العمحلي‪ ،‬إذ ل حاجة ف حصولا إل مزماولة‬
‫العمحال بلف علوم الياطة والياكة والجامة لتوقفمها على المحارسة والزماولة‪ .‬‏‬

‫والعمحلي بالعنم الول أعم من العمحلي الذكور ف تقسُيم الكمحة لنه يتناول ما يتعلق‬
‫بكيفمية عمحل ذهن كالنطق‪ ،‬ول يتناوله العمحلي الذكور ف تقسُيم الكمحة لنه هو‬
‫الباحث عن أحوال ما لختيارنا مدخل ف وجوده مطلقا‪ .‬‏أو الارجي‪ .‬‏وموضوع النطق‬
‫معقولت ثانية ل ياذي با أمر ف الارج‪ ،‬ووجودها الذهن ل يكون مقدورا لنا‪ ،‬فل‬
‫يكون داخل ف العمحلي بذا العنم‪ .‬‏‬

‫وأما العمحلي الذكور ف تقسُيم الصناعة فهو أخصخ من العمحلي بكل العنيي‪ ،‬لنه قسُم‬
‫من الصناعة الفمسُرةا بالعلم بالتعلق بكيفمية العمحل سواء حصل بزماولة العمحل أو ل‪.‬‬
‫فالعمحلي بالعنم الول نفمس الصناعة‪ ،‬وبالعنم الثان أخصخ من الول لكنه أعم من هذا‬
‫العنم الثالث لعدم الزماولة ثة بلفها هاهنا‪ .‬‏‬

‫الثان‪ :‬‏العلوم إما آلية‪ ،‬أو غيخ آلية‬

‫لنا إما أن ل تكون ف نفمسُها آلة لتحصيل شأيء آخر بل كانت مقصودةا بذواتا‪ ،‬أو‬
‫تكون آلة له غيخ مقصودةا ف أنفمسُها‪ ،‬الثانية تسُمحى آلية‪ ،‬والول تسُمحى غيخ آلية‪ .‬‏)‪/1‬‬
‫‪ (56‬‏‬

‫ث إنه ليس الراد بكون العلم ف نفمسُه آلة إذ اللية ذاتية‪ ،‬لن اللية للشيء تعرض له‬
‫بالقياس إل غيخه‪ ،‬وما هو كذلك وليس ذاتيا بل الراد أنه ف حد ذاته بيث إذا قيس‬
‫إل ما هو آلة تعرض له اللية ول يتاج ف عروضها له إل غيخه‪ .‬‏كمحا أن المكان الذات‬
‫ل يعرض للشيء إل بالقياس إل وجوده‪ .‬‏والتسُمحية باللية بناء على اشأتمحالا على اللة‪،‬‬
‫فإن للعلم الل مسُائل كل منها ما يتوصل له إل ما هو آلة له‪ ،‬وهو الظهر إذ ل‬
‫يتوصل لمحيع علم إل علم‪ .‬‏‬

‫‪42‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫ث اعلم أن مؤدى التقسُيمحي واحد إذ التقسُيمحان متلزمان‪ ،‬فإن ما يكون ف حد ذاته‬


‫آلة لتحصيل غيخه ل بد أن يكون متعلقا بكيفمية تصيله‪ .‬‏فهو متعلق بكيفمية عمحل‪ ،‬وما‬
‫يتعلق بكيفمية عمحل ل بد أن يكون ف نفمسُه آلة لتحصيل غيخه فقد رجع معنم الل إل‬
‫معنم العمحلي‪ .‬‏وكذا ما ل يكون آلة له‪ ،‬كذلك ل يكن متعلقا بكيفمية عمحل وما ل يتعلق‬
‫بكيفمية عمحل ل يكن ف نفمسُه آلة لغيخه‪ ،‬فقد رجع معنم النظري وغيخ الل إل شأيء‬
‫واحد‪ .‬‏‬

‫ث اعلم أن غاية العلوم اللية أي العلة الغائية لا حصول غيخها‪ ،‬وذلك لنا متعلقة‬
‫بكيفمية عمحل ومبينة لا‪ .‬‏‬

‫فالقصود منها حصول العمحل سواء كان ذلك العمحل مقصودا بالذات أو مقصودا لمر‬
‫آخر يكون هو غاية أخيخةا لتلك العلوم وغاية العلوم الغيخ اللية حصولا أنفمسُها‪ ،‬وذلك‬
‫لنا ف حد أنفمسُها مقصودةا بذواتا‪ .‬‏وإن أمكن أن يتمتب عليها منافع أخرى فإن‬
‫إمكان التمتيب التفماقي بل وقوعه ل يناف كون الرتب عليه مقصودا بالذات‪ ،‬إنا الناف‬
‫له قصد التمتب‪ .‬‏‬

‫والاصل أن الراد بالغاية هي الغاية الذاتية الت قصدها الختمع الواضع‪ ،‬ل الغاية الت‬
‫كانت حاملة )‪ /1‬‏‪ (57‬‏للشارع على الشروع‪ .‬‏فإن الباعث للشارع على الشروع ف العلوم‬
‫اللية يوز أن يكون حصولا أنفمسُها‪ ،‬وف العلوم الغيخ اللية يوز أن يكون زائدا على‬
‫أنفمسُها‪ .‬‏فإن قيل‪ :‬‏غاية الشيء علة له‪ ،‬ول يتصور كون الشيء علة لنفمسُه فكيف يتصور‬
‫كون غاية العلوم الغيخ اللية حصولا أنفمسُها؟‬

‫قيل‪ :‬‏الغاية تسُتعمحل على وجهي‪ ،‬أحدها‪ :‬‏أن يكون مضافا إل الفمعل وهو الكثر‪،‬‬
‫يقال‪ :‬‏غاية هذا الفمعل كذا تكون الغاية متمتبة على نفمس ذي الغاية وتكون علة لا‪.‬‬
‫الثان‪ :‬‏أن يكون مضافا إل الفمعول‪ ،‬يقال‪ :‬‏غاية ما فعل كذا تكون الغاية متمتبة على‬
‫فعله وعلة له ل لذي الغاية‪ ،‬أعن ما أضيف إليه الغاية والغاية فيمحا نن فيه من القسُم‬
‫الثان‪ ،‬لن الضاف إليه للغاية ههنا الفمعول وهو الصل‪ ،‬أعن العلوم دون الفمعل الذي‬

‫‪43‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫هو التحصيل‪ .‬‏فالراد بغايتها ما يتمتب على تصيلها ويكون علة له ل لا‪ .‬‏هذا كله‬
‫خلصة ما ف )شأرحَّ الطالع( ‏وحواشأيه‪ .‬‏‬

‫الثالث‪ :‬‏إل عربية وغيخ عربية‪ .‬‏‬

‫الرابع‪ :‬‏إل شأرعية وغيخ شأرعية‪ .‬‏‬

‫الامس‪ :‬‏إل حقيقية وغيخ حقيقية‪ .‬‏‬

‫السُادس‪ :‬‏إل عقلية ونقلية‬

‫فالعقلية مال يتاج فيه إل النقل‪ ،‬والنقلية بلف ذلك )‪ /1‬‏‪ .(58‬‏‬

‫السُابع‪ :‬‏إل العلوم الزمئية وغيخ الزمئية‬

‫فالعلوم الت موضوعاتا أخصخ من موضوع علم آخر تسُمحى علوما جزمئية‪ ،‬كعلم الطب‬
‫فإن موضوعه وهو النسُان أخصخ من موضوع الطبيعي‪ .‬‏والت موضوعاتا أعم تسُمحى‬
‫بالعلم القدم‪ ،‬لن العم أقدم للعقل من الخصخ‪ ،‬فإن إدراك العم قبل إدراك الخصخ‬
‫كذا ف )بر الواهر(‪ .‬‏‬

‫التقسُيم الثان‪ :‬‏‬

‫للعلمة الفميد‪ ،‬وهو ))إن العلوم الدونة على نوعي‪ :‬‏‬

‫الول‪ :‬‏ما دونه التشرعة‬

‫لبيان ألفماظ القرآن‪ ،‬أو السُنة النبوية لفمظا وإسناداا‪ ،‬أو لظهار ما قصد بالقرآن من‬
‫التفمسُيخ والتأويل‪ ،‬أو لثبات ما يسُتفماد منهمحا أعن الحكام الصلية العتقادية‪ ،‬أو‬
‫الحكام الفمرعية العمحلية‪ ،‬أو تعيي ما يتوصل به من الصول ف استنباطر تلك الفمروع‪ ،‬أو‬
‫ما دون لدخليته ف استخراج تلك العان من الكتاب والسُنة‪ ،‬أعن الفمنون الدبية‪ .‬‏‬

‫‪44‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫النوع الثان‪ :‬‏ما دونه الفملسفمة‬

‫لتحقيق الشأياء كمحا هي‪ ،‬وكيفمية العمحل على وفق عقولم(( ‏انتهى‪ .‬‏‬

‫وذكر ف علوم التشرعة‪ :‬‏علم القراءةا‪ ،‬وعلم الديث‪ ،‬وعلم )‪ /1‬‏‪ (59‬‏أصوله‪ ،‬وعلم‬
‫التفمسُيخ‪ ،‬وعلم الكلم‪ ،‬وعلم الفمقه‪ ،‬وعلم أصوله‪ ،‬وعلم الدب‪ .‬‏‬

‫وقال‪ :‬‏))هذا هو الشهور عند المحهور‪ ،‬ولكن للخواص من الصوفية علم يسُمحى بعلم‬
‫التصوف‪ .‬‏بقي علم الناظرةا علم اللف والدل ل يظهر إدراجهمحا ف علوم التشرعة ول‬
‫ف علوم الفملسفمة‪ ،‬ل يقال الظاهر أن اللف والدل باب من أبواب الناظرةا سي‬
‫باسم‪ ،‬كالفمرائض بالنسُبة إل الفمقه‪ ،‬لنا نقول الغرض ف الناظرةا إظهار الصواب‪،‬‬
‫والغرض من الدل واللف اللزمام‪ .‬‏‬

‫ث إن التشرعة صنفموا ف اللف‪ ،‬وبنوا عليه مسُائل الفمقه ول يعلم تدوين الكمحاء فيه‪،‬‬
‫فالناسب عدةا من الشرعيات والكمحاء بنوا مباحثهم على الناظرةا لكن ل يدونوا علم‬
‫الناظرةا فيمحا بينهم(( ‏انتهى‪ .‬‏‬

‫التقسُيم الثالث‪ :‬‏‬

‫ما ذكره ف )الفموائد الاقانية(‪ :‬‏))اعلم أن ههنا تقسُيمحي مشهورين‪ :‬‏‬

‫أحدها‪ :‬‏‬

‫أن العلوم إما نظرية‪ ،‬أي‪ :‬‏غيخ متعلقة بكيفمية عمحل‪ .‬‏وإما عمحلية أي‪ :‬‏متعلقة با‪ .‬‏‬

‫وثانيهمحا‪ :‬‏‬

‫أن العلوم إما أن ل تكون ف نفمسُها آلة لتحصيل شأيء آخر بل كانت مقصودةا بذواتا‬
‫وتسُمحى غيخ آلية‪ .‬‏وإما أن تكون آلة له غيخ مقصودةا ف نفمسُها وتسُمحى آلية‪ ،‬ومؤداها‬

‫‪45‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫واحد‪ .‬‏فأما ما يكون ف حد ذاته آلة لتحصيل غيخه ل بد أن يكون متعلق ا بكيفمية‬
‫عمحل‪ ،‬وما يتعلق بكيفمية عمحل ل بد أن يكون ف نفمسُه آلة لتحصيل غيخه‪ .‬‏‬

‫فقد رجع معنم الل إل معنم العمحلي‪ .‬‏وكذا ما ل يكون آلة له كذلك ل يكن متعلق ا‬
‫بكيفمية عمحل‪ ،‬وما ل يتعلق بكيفمية عمحل ل يكن ف نفمسُه آلة لغيخه‪ ،‬فقد رجع معنم‬
‫النظري وغيخ الل إل شأيء واحد‪ .‬‏‬

‫ث إن النظري والعمحلي يسُتعمحلن ف معان ثلثة‪ :‬‏‬

‫أحدها‪ :‬‏ف تقسُيم مطلق العلوم كمحا ذكرنا‪ ،‬فالنطق والكمحة العمحلية والطب العمحلي‬
‫وعلم الياطة كلها داخلة ف العمحلي الذكور‪ ،‬لنا بأسرها متعلقة بكيفمية عمحل إما ذهن‬
‫كالنطق أو خارجي كالطب مثلا‪ .‬‏‬

‫وثانيها‪ :‬‏ف تقسُيم الكمحة‪ ،‬فإنم بعد ما عرفوا الكمحة بأنه علم بأحوال أعيان‬
‫الوجودات على ما هي عليه ف نفمس المر بقدر الطاقة البشرية‪ ،‬قالوا‪ :‬‏تلك العيان‪ .‬‏أما‬
‫الفعال والعمحال الت وجودها بقدرتنا واختيارنا أول‪ ،‬فالعلم بأحوال الول من حيث‬
‫يؤدي إل صلحَّ العاش والعاد يسُمحى حكمحة عمحلية‪ ،‬والعلم بأحوال الثان يسُمحى‬
‫حكمحة نظرية‪ .‬‏‬

‫وثالثها‪ :‬‏ما ذكر ف تقسُيم الصناعة‪ ،‬أي العلم التعلق بكيفمية العمحل من أنا إما عمحلية‬
‫أي يتوقف حصولا على مارسة العمحل‪ ،‬أو نظرية ل يتوقف حصولا عليها‪ .‬‏فالفمقه‬
‫والنحو والنطق والكمحة العمحلية والطب العلمحي خارجة عن العمحلية بذا العنم‪ ،‬إذ ل‬
‫حاجة ف حصولا إل مزماولة العمحال بلف علم الياطة والياكة والجامة لتوقفمها‬
‫على المحارسة والزماولة‪ .‬‏‬

‫التقسُيم الرابع‪ :‬‏‬

‫‪46‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وهو مذكور فيه أيضا‪ ،‬اعلم أن العلم ينقسُم إل حكمحي وغيخ حكمحي‪ .‬‏والخيخ ينقسُم‬
‫إل دين وغيخ دين‪ .‬‏والدين إل ممحود ومذموم ومباحَّ‪ .‬‏ووجه الضبط أنه إما أن ل يتغيخ‬
‫بتغيخ المكنة )‪ /1‬‏‪ (61‬‏والزمان ول يتبدل بتبدل الدول والديان كالعلم بيئة الفلك‬
‫أول‪ .‬‏‬

‫فالول‪ :‬‏العلوم الكمحية‪ ،‬ويقال لا‪ :‬‏العلوم القيقية أيضا أي الثابتة على الدهور والعوام‪.‬‬

‫والثان‪:‬إما أن يكون منتمحيا إل الوحي ومسُتفمادا من النبياء عليهم السُلم‪ ،‬من غيخ أن‬
‫يتوقف على تربة وساع وغيخها أول‪ .‬‏‬

‫فالول‪ :‬‏العلوم الدينية ويقال لا الشرعية أيضا‪ .‬‏‬

‫والثان العلوم الغيخ الدينية كالطب لكونه ضروريا ف بقاء البدان‪ ،‬والسُاب لكونه‬
‫ضروريا ف العاملت وقسُمحة الوصايا والواريث وغيخها فمححمحودةا‪ ،‬وإل فإن ل يكن له‬
‫عاقبة حيدةا فمحذموم‪ ،‬كعلم السُحر والطلسُمحات والشعبذةا والتلبيسُات‪ ،‬وإل فمحباحَّ كعلم‬
‫الشأعار الت ل سخف فيها‪ ،‬وكتواريخ النبياء عليهم الصلةا والسُلم وما يري مراها‪.‬‬
‫وهذا التفماوت بالنسُبة إل الغايات‪ ،‬وإل فالعلم من حيث إنه علم فضيلة ل تنكر ول‬
‫تذم‪ .‬‏فالعلم بكل شأيء أول من جهله‪ ،‬فإياك أن تكون من الاهلي‪ .‬‏‬

‫التقسُيم الامس‪ :‬‏‬

‫ما ذكره صاحب )شأفماء التأل( ‏وهو‪ :‬‏أن كل علم إما أن يكون مقصودا لذاته أول‪ .‬‏‬

‫والول‪ :‬‏العلوم الكمحية‪ ،‬وهي إما أن تكون ما يعلم لتعتقد فالكمحة النظرية‪ ،‬أو ما يعلم‬
‫ليعمحل با‪ .‬‏فالكمحة العمحلية‪ .‬‏‬

‫والول‪ :‬‏ينقسُم إل أعلى وهو العلم اللي‪ ،‬وأدن وهو الطبيعي‪ ،‬وأوسط وهو الرياضي‪.‬‬
‫لن النظر إما ف أمور مردةا عن الادةا‪ ،‬أو ف أمور مادية ف الذهن والارج فهو‬
‫الطبيعي‪ ،‬أو ف أمور يصح تردها عن الواد ف الذهن فقط فهو الرياضي‪ ،‬وهو أربعة‬

‫‪47‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫أقسُام‪ ،‬لن نظر الرياضي إما أن يكون فيمحا يكن أن يفمرض فيه أجزماء تتلقى على حد‬
‫مشتمك بينهمحا أول‪ .‬‏وكل منهمحا إما قار الذات أول‪ .‬‏والول الندسة‪ ،‬والثان‪ :‬‏اليئة‪،‬‬
‫والثالث‪ :‬‏العدد‪ ،‬والرابع‪ :‬‏الوسيقات‪ .‬‏‬

‫والكمحة العمحلية قسُمحان‪ :‬‏علم السُياسة‪ ،‬وعلم الخلق‪ .‬‏لن النظر إما متصخ بال‬
‫النسُان أول‪ .‬‏الثان‪:‬هو الول وأيضا النظر فيه إما ف إصلحَّ كافة اللق ف أمور العاش‬
‫والعاد فذلك يرجع إل علم الشريعة وعلومها معلومة‪ .‬‏وإما من حيث اجتمحاع الكلمحة‬
‫الجتمحاعية وقيام أمر اللق فهو الحكام السُلطانية أي السُياسة فإن اختصخ بمحاعة‬
‫معينة فهو تدبيخ النزمل‪ .‬‏‬

‫والثان‪ :‬‏وهو مال يكون مقصودا لذاته‪ ،‬بل آلة يطلب با العصمحة من الطأ ف غيخها‪.‬‬
‫فهو إما ما يطلب العصمحة عن الطأ فيه من العان‪ ،‬أو ما يتوصل به إل إدراكها من‬
‫لفمظ أو كتابة‪ .‬‏والول‪ :‬‏علم النطق‪ .‬‏والثان‪ :‬‏علم الدب‪ .‬‏وما يبحث فيه عن الدللت‬
‫اللسُانية أو الدللت البيانية‪ .‬‏‬

‫فالثان‪ :‬‏علم الط‪ .‬‏والول‪ :‬‏يتصخ بالدللت الفرادية أو التمكيبية أو يكون مشتمكا‬
‫بينهمحا‪ .‬‏والول‪ :‬‏إن كان البحث فيه عن الفمردات فهو علم اللغة‪ .‬‏وإن كان البحث فيه‬
‫عنها من صيغها فعلم الصرف‪ .‬‏والثان‪ :‬‏إما أن يتصخ بالوزون أول‪ .‬‏الول‪ :‬‏إن اختصخ‬
‫بقاطع البيات فعلم القافية وإل فعلم العروض‪ .‬‏والثان‪ :‬‏إن كانت العصمحة به عن الطأ‬
‫ف تأدية أصل العنم فهو النحو وإل فهو علم البلغة‪ .‬‏والثالث‪ :‬‏علم الفمصاحة‪ ،‬ث علم‬
‫البلغة إن كان ما يطلب به العصمحة عن الطأ ف تطبيق الكلم لقتضى الال فعلم‬
‫العان‪ .‬‏وإن كان ف أنواع الدللة ومعرفة كونا خفمية أو جلية فعلم البيان‪ .‬‏وأما علم‬
‫الفمصاحة فإن اختصخ بالعصمحة عن الطأ ف تركيب الفمردات من حيث التحسُي فعلم‬
‫البديع‪ .‬‏‬

‫التقسُيم السُادس‪ :‬‏‬

‫‪48‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫ما ذكره صاحب )الفمتاحَّ( ‏وهو أحسُن من المحيع حيث قال‪ :‬‏))علم أن للشأياء وجودا‬
‫ف أربع مراتب‪:‬ف الكتابة‪ ،‬والعبارةا‪ ،‬والذهان‪ ،‬والعيان‪ .‬‏وكل سابق منها وسيلة إل‬
‫اللحق‪ ،‬لن الط دال على اللفماظ‪ ،‬وهذه على ما ف الذهان‪ ،‬وهذا على ما ف‬
‫العيان‪ .‬‏والوجود العين هو الوجود القيقي الصيل‪ ،‬وف الوجود الذهن خلف ف أنه‬
‫حقيقي أو مازي‪ ،‬وأما الولن فمحجازيان قطعا‪ .‬‏‬

‫ث العلم التعلق بالثلث الول آل البتة‪ .‬‏وأما العلم التعلق بالعيان فإما عمحلي ل يقصد‬
‫به حصول نفمسُه بل غيخه‪ ،‬أو نظري يقصد به حصول نفمسُه‪ .‬‏ث إن كل منهمحا إما أن‬
‫يبحث فيه من حيث إنه مأخوذ من الشرع فهو العلم الشرعي‪ ،‬أو من حيث إنه مقتضى‬
‫العقل فقط فهو العلم الكمحي‪ .‬‏فهذه هي الصول السُبعة‪ ،‬ولكل منها أنواع‪ ،‬ولنواعها‬
‫فروع يبلغ الكل على ما اجتهدنا ف الفمحصخ والتنقيخ عنه بسُب موضوعاته وأساميه‬
‫وتتبع ما فيه من الصنفمات إل مائة وخسُي نوعا‪ ،‬ولعلي سأزيد بعد هذا((انتهى‪ .‬‏‬

‫فرتب كتابه على سبع دوحات‪ ،‬لكل أصل دوحة‪ .‬‏وجعل لكل دوحة شأعبا لبيان الفمروع‪.‬‬

‫فمحا أورده ف الول‪ :‬‏من العلوم الطيةعلم أدوات الط‪ .‬‏علم قواني الكتابة‪ .‬‏علم تسُي‬
‫الروف‪ .‬‏علم كيفمية تولد الطوطر عن أصولا‪ .‬‏علم ترتيب حروف التهجي‪ .‬‏علم تركيب‬
‫أشأكال بسُائط الروف‪ .‬‏علم إملء الط العرب‪ .‬‏علم خط الصحف‪ .‬‏علم خط‬
‫العروض‪ .‬‏‬

‫وذكر ف الثانية‪ :‬‏العلوم التعلقة باللفماظ‬

‫وهي‪ :‬‏علم مارج الروف‪ .‬‏علم اللغة‪ .‬‏علم الوضع‪ .‬‏علم الشأتقاق‪ .‬‏علم التصريف‪ .‬‏علم‬
‫النحو‪ .‬‏علم العان‪ .‬‏علم البيان‪ .‬‏علم البديع‪ .‬‏علم العروض‪ .‬‏علم القواف‪ .‬‏علم قرض‬
‫الشعر‪ .‬‏علم مبادئ الشعر‪ .‬‏علم النشاء‪ .‬‏علم مبادئ النشاء وأدواته‪ .‬‏علم الاضرةا‪ .‬‏علم‬
‫الدواوين‪ .‬‏علم التواريخ‪ .‬‏‬

‫‪49‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وجعل من فروع العلوم العربية‪ :‬‏علم المثال‪ .‬‏علم وقائع المم ورسومهم‪ .‬‏علم استعمحالت‬
‫اللفماظ‪ .‬‏علم التمسل‪ .‬‏علم الشروطر والسُجلت‪ .‬‏علم الحاجي والغلوطات‪ .‬‏علم‬
‫اللغاز‪ .‬‏علم العمحى‪ .‬‏علم التصحيف‪ .‬‏علم القلوب‪ .‬‏علم الناس‪ .‬‏علم مسُامرةا اللوك‪.‬‬
‫علم حكايات الصالي‪ .‬‏علم أخبار النبياء عليهم السُلم‪ .‬‏علم الغازي والسُيخ‪ .‬‏علم‬
‫تاريخ اللفماء‪ .‬‏علم طبقات القراء‪ .‬‏علم طبقات الفمسُرين‪ .‬‏علم طبقات الدثي‪ .‬‏علم سيخ‬
‫الصحابة‪ .‬‏علم طبقات الشافعية‪ .‬‏علم طبقات النفمية‪ .‬‏علم طبقات الالكية‪ .‬‏علم طبقات‬
‫النابلة‪ .‬‏علم طبقات النحاةا‪ .‬‏علم طبقات الطباء‪ .‬‏‬

‫وذكر ف الثالثة‪ :‬‏العلوم الباحثة عمحا ف الذهان من العقولت الثانية‬

‫وهي علم النطق‪ ،‬علم آداب الدرس‪ .‬‏علم النظر‪ .‬‏علم الدل‪ .‬‏علم اللف‪ .‬‏‬

‫وذكر ف الرابعة‪ :‬‏العلوم التعلقة بالعيان‬

‫وهي العلم اللي‪ .‬‏والعلم الطبيعي‪ .‬‏والعلوم الرياضية وهي أربعة‪ :‬‏علم العدد‪ .‬‏علم الندسة‪.‬‬
‫علم اليئة‪ .‬‏علم الوسيقى‪ .‬‏‬

‫وجعل من فروع العلم اللي علم معرفة النفمس النسُانية‪ .‬‏علم معرفة النفمس اللكية‪ .‬‏علم‬
‫معرفة العاد‪ .‬‏علم أمارات النبوةا‪ .‬‏علم مقالت الفمرق‪ .‬‏‬

‫وجعل من فروع العلم الطبيعي علم الطب‪ .‬‏علم البيطرةا‪ .‬‏علم البيزمرةا‪ .‬‏علم النبات‪ .‬‏علم‬
‫اليوان‪ .‬‏علم الفملحة‪ .‬‏علم العادن‪ .‬‏علم الواهر‪ .‬‏علم الكون والفمسُاد‪ .‬‏علم قوس قزمحَّ‪.‬‬
‫علم الفمراسة‪ .‬‏علم تعبيخ الرؤريا‪ .‬‏علم أحكام النجوم‪ .‬‏علم السُحر‪ .‬‏علم الطلسُمحات‪ .‬‏علم‬
‫السُيمحيا‪ .‬‏علم الكيمحياء‪ .‬‏‬

‫وجعل من فروع الطب علم التشريح‪ .‬‏علم الكحالة‪ .‬‏علم الطعمحة‪ .‬‏علم الصيدلة‪ .‬‏علم‬
‫طبخ الشأربة والعاجي‪ .‬‏علم قلع الثار من الثياب‪ .‬‏علم تركيب أنواع الداد‪ .‬‏علم‬
‫الراحة‪ .‬‏علم الفمصد‪ .‬‏علم الجامة‪ .‬‏علم القادير والوزان‪ .‬‏علم الباه‪ .‬‏‬

‫‪50‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وجعل من فروع علم الفمراسة علم الشامات واليلن‪ .‬‏علم السارير‪ .‬‏علم الكتاف‪ .‬‏علم‬
‫عيافة الثر‪ .‬‏علم قيافة البشر‪ .‬‏علم الهتداء بالباري والقفمار‪ .‬‏علم الريافة‪ .‬‏علم‬
‫الستنباطر‪ .‬‏علم نزمول الغيث‪ .‬‏علم العرافة‪ .‬‏علم الختلج‪ .‬‏‬

‫وجعل من فروع علم أحكام النجوم‪ .‬‏علم الختيارات‪ .‬‏علم الرمل‪ .‬‏علم القرعة‪ .‬‏علم‬
‫الطيخةا‪ .‬‏‬

‫وجعل من فروع السُحر علم الكهانة‪ .‬‏علم النيخنات‪ .‬‏علم الواص‪ .‬‏علم الرقى‪ .‬‏علم‬
‫العزمائم‪ .‬‏علم الستحضار‪ .‬‏علم دعوةا الكواكب‪ .‬‏علم القلفمطيخات‪ .‬‏علم الفماء‪ .‬‏علم اليل‬
‫السُاسانية‪ .‬‏علم كشف الدك‪ .‬‏علم الشعبذةا‪ .‬‏علم تعلق القلب‪ .‬‏علم الستعانة بواص‬
‫الدوية‪ .‬‏‬

‫وجعل من فروع الندسة علم عقود البنية‪ .‬‏علم الناظرةا‪ .‬‏علم الرايا الرقة‪ .‬‏علم مراكزم‬
‫الثقال‪ .‬‏علم جر الثقال‪ .‬‏علم السُاحة‪ .‬‏علم استنباطر الياه‪ .‬‏علم اللت الربية‪ .‬‏علم‬
‫الرمي‪ .‬‏علم التعديل‪ .‬‏علم البنكامات‪ .‬‏علم اللحة‪ .‬‏علم السُباحة‪ .‬‏علم الوزان والوازين‪.‬‬
‫علم اللت البنية على ضرورةا عدم اللء‪ .‬‏‬

‫وجعل من فروع اليئة‪ :‬‏علم الزميات والتقوي‪ .‬‏علم حسُاب النجوم‪ .‬‏علم كتابة التقاوي‪.‬‬
‫علم كيفمية الرصاد‪ .‬‏علم اللت الرصدية‪ .‬‏علم الواقيت‪ .‬‏علم اللت الظلية‪ .‬‏علم‬
‫الكر‪ .‬‏علم الكر التحركة‪ .‬‏علم تسُطيح الكرةا‪ .‬‏علم صور الكواكب‪ .‬‏علم مقادير‬
‫العلويات‪ .‬‏علم منازل القمحر‪ .‬‏علم جغرافيا‪ .‬‏علم مسُالك البلدان‪ .‬‏علم البد ومسُافاتا‪ .‬‏علم‬
‫خواص القاليم‪ .‬‏علم الدوار والكوار‪ .‬‏علم القرانات‪ .‬‏علم اللحم‪ .‬‏علم الواسم‪ .‬‏علم‬
‫مواقيت الصلةا‪ .‬‏علم وضع السطرلب‪ .‬‏علم عمحل السطرلب‪ .‬‏علم وضع الربع اليب‬
‫والقنطرات‪ .‬‏علم عمحل ربع الدائرةا‪ .‬‏علم آلت السُاعة‪ ..‬‏‬

‫وجعل من فروع علم العدد‪ :‬‏علم حسُاب التخت واليل‪ .‬‏علم الب والقابلة‪ .‬‏علم حسُاب‬
‫الطائي‪ .‬‏علم حسُاب الدور والوصايا‪ .‬‏علم حسُاب الدراهم والدنانيخ‪ .‬‏علم حسُاب‬

‫‪51‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫الفمرائض‪ .‬‏علم حسُاب الواء‪ .‬‏علم حسُاب العقود بالصابع‪ .‬‏علم أعداد الوفق‪ .‬‏علم‬
‫خواص العداد‪ .‬‏علم التعاب العددية‪ .‬‏‬

‫وجعل من فروع الوسيقى‪:‬علم اللت العجيبة‪ .‬‏علم الرقصخ‪ .‬‏علم الغنج‪ .‬‏‬

‫وذكر ف الامسُة‪ :‬‏العلوم الكمحية العمحلية‬

‫وهي‪ :‬‏علم الخلق‪ .‬‏علم تدبيخ النزمل‪ .‬‏علم السُياسة‪ .‬‏‬

‫وجعل من فروع الكمحة العمحلية‪:‬علم آداب اللوك‪ .‬‏علم آداب الوزارةا‪ .‬‏علم الحتسُاب‪.‬‬
‫علم قود العسُاكر واليوش‪.‬وذكر ف السُادسة‪ :‬‏العلوم الشرعية‬

‫وهي‪ :‬‏علم القراءةا‪ .‬‏علم تفمسُيخ القرآن‪ .‬‏علم رواية الديث‪ .‬‏علم دراية الديث‪ .‬‏علم أصول‬
‫الدين السُمحى بالكلم‪ .‬‏علم أصول الفمقه‪ .‬‏علم الفمقه‪ .‬‏‬

‫وجعل من فروع القراءةا‪ :‬‏علم الشواذ‪ .‬‏علم مارج الروف‪ .‬‏علم مارج اللفماظ‪ .‬‏علم‬
‫الوقوف‪ .‬‏علم علل القرآن‪ .‬‏علم رسم كتابة القرآن‪ .‬‏علم آداب كتابة الصحف‪ .‬‏‬

‫وجعل من فروع الديث‪ :‬‏علم شأرحَّ الديث‪ .‬‏علم أسباب ورود الديث وأزمنته‪ .‬‏علم‬
‫ناسخ الديث ومنسُوخه‪ .‬‏علم تأويل أقوال النب عليه الصلةا والسُلم‪ .‬‏علم رموز الديث‬
‫وإشأاراته‪ .‬‏علم غرائب لغات الديث‪ .‬‏علم دفع الطعن عن الديث‪ .‬‏علم تلفميق‬
‫الحاديث‪ .‬‏علم أحوال رواةا الحاديث‪ .‬‏علم طب النب عليه الصلةا والسُلم‪ .‬‏‬

‫وجعل من فروع علم التفمسُيخ‪ :‬‏علم الكي والدن‪ .‬‏علم الضري والسُفمري‪ .‬‏علم النهاري‬
‫والليلي‪ .‬‏علم الصيفمي والشتائي‪ .‬‏علم الفمراشأي والنومي‪ .‬‏علم الرضي والسُمحاوي‪ .‬‏علم أول‬
‫ما نزمل وآخر ما نزمل‪ .‬‏علم سبب النزمول‪ .‬‏علم ما نزمل على لسُان بعض الصحابة ‪-‬رضي‬
‫ال عنهم ‪-‬علم ما تكرر نزموله‪ .‬‏علم ما تأخر حكمحه عن نزموله وما تأخر نزموله عن‬
‫حكمحه‪ .‬‏علم ما نزمل مفمرقا وما نزمل جعا‪ .‬‏علم ما نزمل مشيعا وما نزمل مفمردا‪ .‬‏علم ما أنزمل‬
‫منه على بعض النبياء وما ل ينزمل‪ .‬‏علم كيفمية إنزمال القرآن‪ .‬‏علم أساء القرآن‪ ،‬وأساء‬

‫‪52‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫سوره‪ .‬‏علم جعه وترتيبه‪ .‬‏علم عدد سوره وآياته وكلمحاته وحروفه‪ .‬‏علم حفماظه ورواته‪ .‬‏علم‬
‫العال والنازل من أسانيده‪ .‬‏علم التواتر والشهور‪ .‬‏علم بيان الوصول لفمظا والفمصول‬
‫معنم‪ .‬‏علم المالة والفمتح‪ .‬‏علم الدغام والظهار والخفماء والقلب‪ .‬‏علم الد والقصر‪.‬‬
‫علم تفميف المحزمةا‪ .‬‏علم كيفمية تمحل القرآن‪ .‬‏علم آداب تلوته وتاليه‪ .‬‏علم جواز‬
‫القتباس‪ .‬‏علم ما وقع فيه‪ .‬‏بغيخ لغة الجاز‪ .‬‏علم ما وقع فيه من غيخ لغة العرب‪ .‬‏‬

‫علم غريب القرآن‪ .‬‏علم الوجوه والنظائر‪ .‬‏علم معان الدوات الت يتاج إليها الفمسُر‪ .‬‏علم‬
‫الكم والتشابه‪ .‬‏علم مقدم القرآن ومؤخره‪ .‬‏علم عام القرآن وخاصه‪ .‬‏علم ناسخ القرآن‬
‫ومنسُوخه‪ .‬‏علم مشكل القرآن‪ .‬‏علم مطلق القرآن ومقيده‪ .‬‏علم منطوق القرآن ومفمهومه‪.‬‬
‫علم وجوه ماطباته‪ .‬‏علم حقيقة ألفماظ القرآن ومازها‪ .‬‏‬

‫علم تشبيه القرآن واستعاراته‪ .‬‏علم كنايات القرآن وتعريضاته‪ .‬‏علم الصر والختصاص‪.‬‬
‫علم الياز والطناب‪ .‬‏علم الب والنشاء‪ .‬‏علم بدائع القرآن‪ .‬‏علم فواصل الي‪ .‬‏علم‬
‫خوات السُور‪ .‬‏علم مناسبة اليات والسُور‪ .‬‏علم اليات التشابات‪ .‬‏‬

‫علم إعجاز القرآن‪ .‬‏علم العلوم السُتنبطة من القرآن‪ .‬‏علم أقسُام القرآن‪ .‬‏علم جدل‬
‫القرآن‪ .‬‏علم ما وقع ف القرآن من الساء والكنم واللقاب‪ .‬‏علم مبهمحات القرآن‪ .‬‏علم‬
‫فضائل القرآن‪ .‬‏علم أفضل القرآن وفاضله‪ .‬‏علم مفمردات القرآن‪ .‬‏علم خواص القرآن‪ .‬‏علم‬
‫مرسوم الط وآداب كتابته‪ .‬‏علم تفمسُيخه وتأويله وبيان شأرفه‪ .‬‏علم شأروطر الفمسُر وآدابه‪ .‬‏‬

‫علم غرائب التفمسُيخ‪ .‬‏علم طبقات الفمسُرين‪ .‬‏علم خواص الروف‪ .‬‏علم الواص الروحانية‬
‫من الوفاق‪ .‬‏علم التصريف بالروف والساء‪ .‬‏علم الروف النورانية والظلمحانية‪ .‬‏علم‬
‫التصريف بالسم العظم‪ .‬‏علم الكسُر والبسُط‪ .‬‏علم الزمايرجة‪ .‬‏علم الفمر والامعة‪ .‬‏علم‬
‫دفع مطاعن القرآن‪ .‬‏‬

‫وجعل من فروع الديث‪ :‬‏علم الواعظ‪ .‬‏علم الدعية‪ .‬‏علم الثار‪ .‬‏علم الزمهد والورع‪ .‬‏علم‬
‫صلةا الاجات‪ .‬‏علم الغازي‪ .‬‏‬

‫‪53‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وجعل من فروع أصول الفمقه‪ :‬‏علم النظر‪ .‬‏علم الناظرةا‪ .‬‏علم الدل‪ .‬‏‬

‫وجعل من فروع الفمقه‪ :‬‏علم الفمرائض‪ .‬‏علم الشروطر والسُجلت‪ .‬‏علم القضاء‪ .‬‏علم حكم‬
‫التشريع‪ .‬‏علم الفمتاوى‪ .‬‏‬

‫فيكون جيع ما ذكره من العلوم التعلقة بطريق النظر ثلثائة وخسُة علوم‪ .‬‏‬

‫ث إنه جعل الطرف الثان من كتابه ف بيان العلوم التعلقة بالتصفمية الت هي ثرةا العمحل‬
‫بالعلم‪ ،‬فلخصخ فيه كتاب )الحياء( ‏للمام الغزمال‪ ،‬ول يذكر علم التصوف‪ .‬‏فلله دره ف‬
‫الغوص على بار العلوم وأبرز دررها‪ .‬‏‬

‫فإن قيل‪ :‬‏إنه قصد تكثيخ أنواع العلوم فأورد ف فروعها ما أورد كذكره ف فروع علم‬
‫التفمسُيخ ما ذكره السُيوطي ف )التقان( ‏من النواع‪ ،‬وهل يرد عليه أنه إن أراد بالفمروع‬
‫القاصد للعلم‪ ،‬فعلم الطب مثل يصل إل ألوف من العلوم‪ .‬‏وإن أراد ما أفرد بالتدوين‬
‫فلم يسُتوعب القسُام ف كثيخ من الباحث الت أفردت بالتدوين وقد أخل بذكرها‪ ،‬على‬
‫أنه أدخل ف فروع علم ما ليس منه‪ ،‬قلت‪:‬نعم يرد‪ ،‬لكن الواد قد يكبو والفمت قد‬
‫يصبو‪ ،‬أو ل تعد إل هفموات العارف ويدخل الزميوف على أعلى الصيارف‪ .‬‏‬

‫التقسُيم السُابع‪ :‬‏‬

‫لصاحب )مدينة العلوم( ‏ويأت ف أول القسُم الثان من هذا الكتاب وما أوفقه بذا‬
‫التقسُيم كأنه هو‪ .‬‏‬

‫قف‪ :‬‏ول يفمى عليك أن التعقب على الكتب سيمحا الطويلة سهل )‪ /1‬‏‪ (71‬‏بالنسُبة إل‬
‫تأليفمها ووضعها وترصيفمها كمحا يشاهد ف البنية العظيمحة والياكل القدية حيث يعتمض‬
‫على بانيها من عري ف فنه عن القوى والقدر‪ ،‬بيث ل يقدر على وضع حجر على‬
‫حجر‪.‬هذا جواب عمحا يرد على كتاب أيضا‪ .‬‏وقد كتب أستاذ العلمحاء البلغاء القاضي‬
‫الفماضل عبد الرحيم البيسُان إل العمحاد الصفمهان معتذرا عن كلم استدركه عليه ))إنه‬

‫‪54‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫قد وقع ل شأيء وما أدري أوقع لك أم ل‪ ،‬وها أنا أخبك به‪ ،‬وذلك أن رأيت أنه ل‬
‫يكتب إنسُان كتابا ف يومه إل قال ف غده‪:‬لو غيخ هذا لكان أحسُن‪ ،‬ولو زيد لكان‬
‫يسُتحسُن‪ ،‬ولو قدم هذا لكان أفضل‪ ،‬ولو ترك هذا لكان أجل‪ .‬‏وهذا من أعظم العب‬
‫وهو دليل على استيلء النقصخ على جلة البشر(( ‏انتهى‪ .‬‏‬

‫هذا اعتذار قليل القدار عن جيع اليرادات والنظار إجال‪ ،‬وأما التفمصيل فسُيأت ف‬
‫موضع كل علم مع توجيهه بإنصاف وحلم‪ ،‬وربا زيد على ما ذكره من العلوم على‬
‫طريق الستدراك بتمحكي مانح القرية والذهن الدراك‪.‬‬

‫الفصل السادس في بيان أجزاء العلوم‬

‫قالوا‪:‬كل علم من العلوم الدونة ل بد فيه من أمور ثلثة‪:‬الوضوع‪ ،‬والسُائل‪ ،‬والبادئ‪.‬‬


‫وهذا القول مبن على السُامة‪ ،‬فإن حقيقة كل علم مسُائله‪ ،‬وعد الوضوع والبادئ من‬
‫الجزماء إنا هو لشدةا اتصالمحا بالسُائل الت هي القصودةا ف العلم‪ .‬‏‬

‫أما الوضوع فقالوا‪ :‬‏موضوع كل علم ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتية‪ ،‬وتوضحيه‪:‬إن‬
‫كمحال النسُان بعرفته أعيان الوجودات من تصوراتا والتصديق بأحوالا على ما هي عليه‬
‫بقدر الطاقة البشرية‪ .‬‏‬

‫ولا كانت معرفتها بصوصها متعذرةا مع عدم إفادتا كمحالا معتدا به لتغيخها وتبدلا‬
‫أخذوا الفمهومات الكلية الصادقة عليها ذاتية كانت أو عرضية‪ ،‬وبثوا عن أحوالا من‬
‫حيث انطباقها عليها ليفميد علمحها بوجه كلي علمحا باقيا أبد الدهر‪ .‬‏‬

‫ولا كان أحوالا متكثرةا وضبطها منتشرةا متلطة متعسُرا اعتبوا الحوال الذاتية لفمهوم‬
‫مفمهوم وجعلوها علمحا منفمردا بالتدوين‪ ،‬وسوا ذلك الفمهوم موضوعا لذلك العلم‪ ،‬لن‬

‫‪55‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫موضوعات مسُائله راجعة إليه‪ ،‬فصارت كل طائفمة من الحوال التشاركة ف موضوع‬


‫علمحا منفمردا متازا ف نفمسُه عن طائفمة أخرى )‪ /1‬‏‪ (73‬‏متشاركة ف موضوع آخر‪،‬‬
‫فجاءت علومهم متمحايزمةا ف أنفمسُها بوضوعاتا‪ .‬‏‬

‫وهذا أمر استحسُان‪ ،‬إذ ل مانع عقلا من أن يعد كل مسُألة علمحا برأسه ويفمرد‬
‫بالتعليم‪ ،‬ول من أن تعد مسُائل كثيخةا غيخ متشاركة ف موضوع واحد علمحا واحدا ويفمرد‬
‫بالتدوين‪ .‬‏‬

‫فالمتياز الاصل للطالب بالوضوع إنا هو للمحعلومات بالصالة‪ ،‬وللعلوم بالتبع‪،‬‬


‫والاصل بالتعريف‪ .‬‏على عكس ذلك إن كان تعريفم ا للعلم‪ ،‬وإن كان تعريفم ا للمحعلوم‬
‫فالفمرق أنه قد ل يلحظ الوضوع‪ .‬‏‬

‫ث إنم عمحمحوا الحوال الذاتية وفسُروها با يكون ممحولا على ذلك الفمهوم إما لذاته أو‬
‫لزمئه العم أو السُاوي‪ ،‬فإن له اختصاصا بالشيء من حيث كونه من أحوال مقومه‪،‬‬
‫أو للخارج السُاوي له سواء كان شأاملا لمحيع أفراد ذلك الفمهوم على الطلق‪ ،‬أو مع‬
‫مقابله مقابلة التضاد أو العدم واللكة دون مقابلة السُلب والياب‪ ،‬إذ التقابلن تقابل‬
‫السُلب والياب ل اختصاص لمحا بفمهوم دون مفمهوم ضبط ا للنتشار بقدر المكان‪ .‬‏‬

‫فأثبتوا الحوال الشاملة على الطلق لنفمس الوضوع‪ ،‬والشاملة مع مقابلتها لنواعه‪،‬‬
‫واللحقة للخارج السُاوي لعرضه الذات‪ .‬‏ث إن تلك العراض الذاتية لا عوارض ذاتية‬
‫شأاملة لا على الطلق أو على التقابل فأثبتوا العوارض الشاملة على الطلق لنفمس‬
‫العراض الذاتية‪ ،‬والشاملة على التقابل لنواع تلك العراض‪ ،‬وكذلك عوارض تلك‬
‫العوارض‪ .‬‏‬

‫وهذه العوارض ف القيقة قيود للعراض الثبتة للمحوضوع ولنواعه‪ ،‬إل أنا لكثرةا مباحثها‬
‫جعلت ممحولت على العراض‪ .‬‏وهذا تفمصيل ما قالوا‪ :‬‏معنم البحث عن العراض الذاتية‬

‫‪56‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫أن تثبت تلك العراض لنفمس الوضوع أو لنواعه أو لعراضه )‪ /1‬‏‪ (74‬‏الذاتية أو‬
‫لنواعها أو لغراض أنواعها‪ .‬‏‬

‫وبذا يندفع ما قيل‪ :‬‏إنه ما من علم إل ويبحث فيه عن الحوال الختصة بالعادن‬
‫والنباتات واليوانات وذلك لن البحوث عنه ف العلم الطبيعي أن السُم ما ذو طبيعة‬
‫أو‪ ،‬ذو نفمس آل‪ ،‬أو غيخ آل‪ ،‬وهي من عوارضه الذاتية‪ ،‬والبحث عن الحوال الختصة‬
‫بالعناصر وبالركبات التامة وغيخ التامة كلها تفمصيل لذه العوارض وقيود لا‪ .‬‏ولستصعاب‬
‫هذا الشأكال قيل‪ :‬‏الراد بالبحث عن العراض الذاتية حلها على موضوع العلم‪ ،‬كقول‬
‫صاحب علم أصول الفمقه‪ :‬‏الكتاب يثبت الكم قطعا ‪ .‬‏‬

‫أو على أنواعه كقوله‪ :‬‏المر يفميد الوجوب‪ .‬‏أو على أعراضه الذاتية كقوله‪ :‬‏يفميد القطع‪.‬‬
‫أو على أنواع أعراضه الذاتية كقوله‪ :‬‏العام الذي خصخ منه يفميد الظن‪ .‬‏‬

‫وقيل‪ :‬‏معنم قولم يبحث فيه عن عوارضه الذاتية أنه يرجع البحث فيه إليها بأن يثبت‬
‫أعراضه الذاتية له‪ ،‬أو يثبت لنوعه ما هو عرض ذات لذلك النوع‪ ،‬أو لعرضه الذات ما‬
‫هو عرض ذات لذلك العرض‪ ،‬أو يثبت لنوع العرضي الذات ما هو عرض ذات لذلك‬
‫النوع‪ .‬‏ول يفمى عليك أنه يلزمم دخول العلم الزمئي ف العلم الكلي كعلم الكرةا التحركة‬
‫ف علم الكرةا‪ ،‬وعلم الكرةا ف العلم الطبيعي‪ ،‬لنه يبحث فيها عن العوارض الذاتية لنوع‬
‫الكرةا أو السُم الطبيعي أو لعرضه الذات أو لنوع عرضه الذات‪ .‬‏‬

‫ث اعلم أن هذا الذي ذكر من تفمسُيخ الحوال الذاتية إنا هو على رأي التأخرين‬
‫الذاهبي إل أن اللحق للشيء بواسطة جزمئه العم من أعراضه الذاتية البحوث عنها ف‬
‫العلم‪ ،‬فإنم ذكروا أن العرض )‪ /1‬‏‪ (75‬‏هو المحول على الشيء الارج عنه‪ ،‬وأن‬
‫العرض الذات هو الارج المحول الذي يلحق الشيء لذاته بأن يكون منتهاه الذات‬
‫كلحوق إدراك المور الغريبة للنسُان بالقوةا‪ ،‬أو يلحقه بواسطة جزمئه العم كلحوق‬
‫التحيزم له لكونه جسُمحا‪ ،‬أو السُاوي كلحوق التكلم له لكونه ناطقا‪ ،‬أو يلحقه بواسطة‬
‫أمر خارج مسُاو كلحوق التعجب له لدراكه المور السُتغربة‪ .‬‏‬

‫‪57‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وأما ما يلحق الشيء بواسطة أمر خارج أخصخ‪ ،‬أو أعم مطلقا‪ ،‬أو من وجه أو بواسطة‬
‫أمر مبائن فل يسُمحى عرضا ذاتيا بل عرضا غريبا ‪ .‬‏‬

‫والتفمصيل أن العوارض ستة‪ ،‬لن ما يعرض الشيء إما أن يكون عروضه لذاته أو لزمئه‬
‫أو لمر خارج عنه سواء كان مسُاويا له أو أعم منه أو أخصخ أو مبائناا‪ ،‬فالثلثة الول‬
‫تسُمحى أعراضا ذاتية لستنادها إل ذات العروض أي لنسُبتها إل الذات نسُبة قوية وهي‬
‫كونا لحقة بل واسطة أو بواسطة لا خصوصية بالتقدي أو بالسُاواةا‪ .‬‏‬

‫والبواقي تسُمحى أعراضا غريبة لعدم انتسُابا إل الذات نسُبة قوية‪ .‬‏وأما التقدمون فقد‬
‫ذهبوا إل أن اللحق بواسطة الزمء العم من العراض الغريبة الت ل يبحث عنها ف‬
‫ذلك العلم وعرفوا العرض الذات بالارج المحول الذي يلحق الشيء لذاته أو لا يسُاويه‬
‫سواء كان جزمءا لا أو خارجا عنها‪ .‬‏‬

‫قيل‪ :‬‏هذا هو الول‪ ،‬إذ العراض اللحقة بواسطة الزمء العم تعم الوضوع وغيخه‪ ،‬فل‬
‫تكون آثارا مطلوبة له لنا هي العراض العينة الخصوصة الت تعرضه بسُبب استعداده‬
‫الختصخ‪ ،‬ث ف عد العارض بواسطة الباين مطلقا من العراض الغريبة نظراا‪ ،‬إذ قد‬
‫يبحث ف العام الذي موضوعه السُم الطبيعي عن اللوان مع كونا عارضة له )‪/1‬‬
‫‪ (76‬‏بواسطة مبانيه وهو السُطح‪ .‬‏‬

‫وتقيقه أن القصود ف كل علم مدون بيان أحوال موضوعه‪ ،‬أعن أحواله الت توجد فيه‬
‫ول توجد ف غيخه ول يكون وجودها فيه بتوسط نوع مندرج تته‪ ،‬فإن ما يوجد ف غيخه‬
‫ل يكون من أحواله حقيقة بل هو من أحوال ما هو أعم منه‪ .‬‏‬

‫والذي يوجد فيه فقط لكنه ل يسُتعد لعروضه ما ل يصر نوعا مصوصا من أنواعه كان‬
‫من أحوال ذلك النوع حقيقة‪ .‬‏فحق هاتي الالي أن يبحث عنهمحا ف علمحي‬
‫موضوعهمحا ذلك العم والخصخ‪ ،‬وهذا أمر استحسُان كمحا ل يفمى‪ .‬‏‬

‫ث الحوال الثابتة للمحوضوع على الوجه الذكور على قسُمحي‪ :‬‏‬

‫‪58‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫أحدها‪ :‬‏ما هو عارض له وليس عارض ا لغيخه إل بتوسطه وهو العرض الول‪ .‬‏‬

‫وثانيهمحا‪ :‬‏ما هو عارض لشيء آخر وله تعلق بذلك الوضوع بيث يقتضي عروضه له‬
‫بتوسط ذلك الخر الذي يب أن ل يوجد ف غيخ الوضوع سواء كان داخلا فيه‪ ،‬أو‬
‫خارجا عنه إما مسُاويا له ف الصدق أو مباينا له فيه ومسُاويا ف الوجود‪ .‬‏‬

‫فالصواب أن يكتفمي ف الارج بطلق السُاواةا سواء كانت ف الصدق أو ف الوجود‪،‬‬


‫فإن الباين إذا قام بالوضوع مسُاويا له ف الوجود ووجد له عارض قد عرض له حقيقة‬
‫لكنه يوصف به الوضوع كان ذلك العارض من الحوال الطلوبة ف ذلك العلم لكونا‬
‫ثابتة للمحوضوع على الوجه الذكور‪.‬واعلم أيض ا أن الطلوب ف العلم بيان إنية تلك‬
‫الحوال أي‪ :‬‏ثبوتا للمحوضوع سواء علم ليتها أي علة ثبوتا له أو ل‪ .‬‏‬

‫واعلم أيض ا أن العتب ف العرض الول هو انتفماع الواسطة ف )‪ /1‬‏‪ (77‬‏العروض دون‬
‫الواسطة ف الثبوت الت هي أعم‪ .‬‏يشهد بذلك أنم صرحوا بأن السُطح من العراض‬
‫الولية للجسُم التعليمحي‪ ،‬مع أن ثبوته بواسطة انتهائه وانقطاعه‪ ،‬وكذلك الط للسُطح‬
‫والنقطة للخط‪ .‬‏‬

‫وصرحوا بأن اللوان ثابتة للسُطوحَّ أولا وبالذات‪ ،‬مع أن هذه العراض قد فاضت على‬
‫مالا من البدأ الفمياض‪ .‬‏وعلى هذا فالعتب فيمحا يقابل العرض الول‪ ،‬أعن سائر‬
‫القسُام‪ ،‬ثبوت الواسطة ف العروض‪ .‬‏‬

‫وإن شأئت الزميادةا على ما ذكرنا فارجع إل )شأرحَّ الطالع( ‏وحواشأيه وغيخها من كتب‬
‫النطق‪ .‬‏‬

‫فائدةا قالوا‪ :‬‏يوز أن تكون الشأياء الكثيخةا موضوع ا لعلم واحد‪ ،‬لكن ل مطلقا بل بشرطر‬
‫تناسبها بأن تكون مشتمكة ف ذات‪ ،‬كالط والسُطح والسُم التعليمحي للهندسة فإنا‬
‫تشارك ف جنسُها وهو القدار‪ ،‬أو ف عرضي كبدن النسُان وأجزمائه والغذية والدوية‬

‫‪59‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫والركان والمزمجة وغيخ ذلك إذا جعلت موضوعات للطب فإنا تتشارك ف كونا‬
‫منسُوبة إل الصحة الت هي الغاية القصوى ف ذلك العلم‪ .‬‏‬

‫فائدةا‪ :‬‏قالوا‪ :‬‏الشيء الواحد ل يكون موضوع ا للعلمحي‪ .‬‏وقال صدر الشريعة‪ :‬‏))هذا غيخ‬
‫متنع فإن الشيء الواحد له أعراض متنوعة‪ ،‬ففمي كل علم يبحث عن بعض‪ .‬‏منها أل‬
‫ترى أنم جعلوا أجسُام العال وهي البسُائط موضوع علم اليئة من حيث الشكل‪،‬‬
‫وموضوع علم السُمحاء والعال من حيث الطبيعة(( ‏وفيه نظر )‪ /1‬‏‪ .(78‬‏‬

‫أما أولا‪ :‬‏فلنم لا حاولوا معرفة أحوال أعيان الوجودات وضعوا القائق أنواعا وأجناسا‬
‫وبثوا عمحا أحاطوا به من أعراضها الذاتية‪ ،‬فحصلت لم مسُائل كثيخةا متحدةا ف كونا‬
‫بثا عن أحوال ذلك الوضوع‪ .‬‏وإن اختلفمت ممحولتا فجعلوها بذا العتبار علمحا واحدا‬
‫يفمرد بالتدوين والتسُمحية‪ .‬‏وجوزوا لكل أحد أن يضيف إليه ما يطلع عليه من أحوال ذلك‬
‫الوضوع‪ .‬‏فإن العتب ف العلم هو البحث عن جيع ما تيط به الطاقة النسُانية من‬
‫العراض الذاتية للمحوضوع‪ .‬‏فل معنم للعلم الواحد إل أن يوضع بشيء أو أشأياء متناسبة‬
‫فيبحث عن جيع عوارضه‪ ،‬ول معنم لتمحايزم العلوم‪ .‬‏إل أن هذا ينظر ف أحوال شأيء‬
‫وذلك ف أحوال شأيء آخر مغاير له بالذات‪ ،‬أو بالعتبار بأن يؤخذ ف أحد العلمحي‬
‫مطلقا وف الخر مقيدا‪ ،‬أو يؤخذ ف كل منهمحا مقيدا بقيد آخر‪ .‬‏وتلك الحوال مهولة‬
‫مطلوبة‪ ،‬والوضوع معلوم بي الوجود وهو الصال سببا للتمحايزم‪ .‬‏‬

‫وأما ثاني ا‪ :‬‏فلنه ما من علم إل ويشتمحل موضوعه على أعراض ذاتية متنوعة‪ ،‬فلكل أحد‬
‫أن يعله علوما متعددةا‪ ،‬بذا العتبار مثلا يعل البحث عن فعل الكلف من حيث‬
‫الوجوب علمحا ومن حيث الرمة علمحا آخر إل غيخ ذلك‪ .‬‏فيكون الفمقه علوما متعددةا‬
‫موضوعها فعل الكلف فل ينضبط التاد والختلف‪ .‬‏‬

‫فائدةا‪ :‬‏قال صدر الشريعة‪ :‬‏))قد تذكر اليثية ف الوضوع((‪ .‬‏وله معنيان‪ .‬‏‬

‫‪60‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫أحدها‪ :‬‏أن الشيء مع تلك اليثية موضوع كمحا يقال‪ :‬‏الوجود من حيث إنه موجود‪،‬‬
‫أي‪ :‬‏من هذه الهة‪ .‬‏وبذا العتبار موضوع )‪ /1‬‏‪ (79‬‏العلم اللي فيبحث فيه عن‬
‫الحوال الت تلحقه من حيث إنه موجود كالوحدةا والكثرةا ونوها‪ .‬‏ول يبحث فيه عن‬
‫تلك اليثية أي حيثية الوجود‪ ،‬لن الوضوع ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتية ل ما‬
‫يبحث عنه وعن أجزمائه‪ .‬‏‬

‫وثانيهمحا‪ :‬‏أن اليثية تكون بيانا للعراض الذاتية البحوث عنها‪ ،‬فإنه يكن أن يكون‬
‫للشيء عوارض ذاتية متنوعة‪ ،‬وإنا يبحث ف علم من نوع منها‪ .‬‏‬

‫فاليثية بيان لذلك النوع فيجوز أن يبحث عنها‪ ،‬فقولم‪ :‬‏موضوع الطب بدن النسُان‬
‫من حيث إنه يصح ويرض‪ .‬‏وموضوع اليئة أجسُام العال من حيث إن لا شأكلا يراد به‬
‫العنم‪ .‬‏الثان ل الول إذ ف الطب يبحث عن الصحة والرض‪ ،‬وف اليئة عن الشكل‬
‫فلو كان الراد الول ل يبحث عنها‪ .‬‏‬

‫قيل‪ :‬‏ولقائل أن يقول‪ :‬‏ل نسُلم أنا ف الول جزمء من الوضوع بل قيد لوضوعيته‪ ،‬بعنم‬
‫أن البحث يكون عن العراض الت تلحقه من تلك اليثية‪ .‬‏وبذلك العتبار وعلى هذا‬
‫لو جعلنا ف القسُم الثان أيضا قيدا للمحوضوع ل بيانا للعراض الذاتية على ما هو‬
‫ظاهر كلم القوم ل يكن البحث عنها ف العلم بثا عن أجزماء الوضوع‪ ،‬ول يلزمم للقوم‬
‫ما لزمم لصدر الشريعة ‪ -‬‏رحه ال ‪ -‬‏من تشارك العلمحي ف موضوع واحد بالذات‬
‫والعتبار‪ .‬‏‬

‫وأما الشأكال بلزموم عدم كون اليثية من العراض البحوث عنها ف العلم ضرورةا أنا‬
‫ليسُت ما يعرض للمحوضوع من جهة نفمسُها‪ ،‬وإل لزمم تقدم الشيء على نفمسُه مثل‪:‬‬
‫ليسُت الصحة والرض ما يعرض لبدن النسُان من حيث يصح ويرض‪ ،‬فالشهور ف‬
‫جوابه‪ :‬‏أن الراد من حيث إمكان الصحة والرض‪ ،‬وهذا ليس من العراض البحوث‬
‫عنها‪ .‬‏‬

‫‪61‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫والتحقيق أن )‪ /1‬‏‪ (80‬‏الوضوع لا كان عبارةا عن البحوث عنه ف العلم عن أعراضه‬


‫الذاتية قيد باليثية على معنم أن البحث عن العوارض إنا يكون باعتبار اليثية وبالنظر‬
‫إليها‪ ،‬أي‪ :‬‏يلحظ ف جيع الباحث هذا العنم الكلي ل على معنم أن جيع العوارض‬
‫البحوث عنها يكون لقوها للمحوضوع بواسطة هذه اليثية البتة‪ .‬‏وتقيق هذه الباحث‬
‫يطلب من )التوضيح( ‏و )التلويح(‪ .‬‏‬

‫وأما السُائل فهي القضايا الت يطلب بيانا ف العلوم وهي ف الغلب نظريات‪ ،‬وقد‬
‫تكون ضرورية فتورد ف العلم إما لحتياجها إل تنبيه يزميل عنها خفماءها أو لبيان ليتها‪،‬‬
‫لن القضية قد تكون بديهية دون ليتها‪ ،‬ككون النار مرقة فإنه معلوم النية أي‪ :‬‏الوجود‬
‫مهول اللمحية كذا ف )شأرحَّ الواقف( ‏وبعض حواشأي )تذيب النطق( ‏وقال القق‬
‫التفمتازان ‪ -‬‏رحه ال ‪ :-‬‏))السُألة ل تكون إل نظرية(( ‏وهذا ما ل اختلف فيه لحد‬
‫وما قيل من احتمحال كونا غيخ كسُبية فهو ظاهر‪ .‬‏‬

‫ث للمحسُائل موضوعات وممحولت‪ ،‬أما موضوعها فقد يكون موضوع العلم كقولنا‪:‬كل‬
‫مقدار إما مشارك للخر أو مبائن والقدار موضوع علم اليئة‪ ،‬وقد يكون موضوع العلم‬
‫مع عرض ذات‪،‬كقولنا‪:‬كل مقدار وسط ف النسُبة فهو ضلع ما ييط به الطرفان‪ ،‬فقد‬
‫أخذ ف السُألة القدار مع كونه وسطا ف النسُبة وهو عرض ذات‪ .‬‏وقد يكون نوع‬
‫موضوع العلم كقولنا‪ :‬‏كل خط يكن تصنيفمه‪ /1) ،‬‏‪ (81‬‏فإن الط نوع من القدار‪ .‬‏‬

‫وقد يكون نوعا مع عرض ذات كقولنا‪ :‬‏كل خط قام على خط فإن زاويت جنبتيه‬
‫قائمحتان أو مسُاويتان لمحا فالط نوع من القدار وقد أخذ ف السُألة مع قيامه على خط‬
‫وهو عرض ذات‪ .‬‏وقد يكون عرضا ذاتيا كقولنا‪:‬كل مثلث فإن زواياه مثل القائمحتي‬
‫فالثلث عرض ذات للمحقدار وقد يكون نوع عرض ذات كقولنا‪ :‬‏كل مثلث متسُاوي‬
‫السُاقي فإن زاويت قاعدته متسُاويتان‪ .‬‏‬

‫وبالمحلة‪ :‬‏فمحوضوعات السُائل هي موضوعات العلم أو أجزماؤرها أو أعراضها الذاتية أو‬


‫جزمئياتا‪ .‬‏وأما ممحولتا فالعراض الذاتية لوضوع العلم‪ ،‬فل بد أن تكون خارجة عن‬

‫‪62‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫موضوعاتا لمتناع أن يكون جزمء الشيء مطلوبا بالبهان لن الجزماء بينه الثبوت‬
‫للشيء‪ .‬‏كذا ف )شأرحَّ الشمحسُية(‪ .‬‏‬

‫اعلم‪ :‬‏أن من عادةا الصنفمي أن يذكروا عقيب البواب ما شأذ منها من السُائل‪ ،‬فتصيخ‬
‫مسُائل من أبواب متفمرقة فتمجم تارةا بسُائل منشورةا وتارةا بسُائل شأت كذا ف )فتح‬
‫القدير( ‏وأكثر ما يوجد ذلك ف كتب الفمقه‪ .‬‏‬

‫وأما البادئ فهي الت تتوقف عليها مسُائل العلم أي تتوقف على نوعها مسُائل العلم‬
‫أي التصديق با‪ ،‬إذ ل توقف للمحسُألة على دليل مصوص‪ .‬‏وهي إما تصورات أو‬
‫تصديقات‪ .‬‏)‪ /1‬‏‪ (82‬‏‬

‫أما التصورات‪ :‬‏فهي حدود الوضوعات‪ ،‬أي‪ :‬‏ما يصدق عليه موضوع العلم ل مفمهوم‬
‫الوضوع كالسُم الطبيعي‪ ،‬وحدود أجزمائها كاليول والصورةا‪ ،‬وحدود جزمئياتا كالسُم‬
‫البسُيط‪ ،‬وحدود أعراضها الذاتية كالركة للجسُم الطبيعي‪ .‬‏وخلصته تصور الطراف‬
‫على وجه هو مناطر للحكم‪ .‬‏‬

‫وأما التصديقات‪ :‬‏فهي مقدمات إما بينة بنفمسُها وتسُمحى علوما متعارفة كقولنا ف علم‬
‫الندسة‪ :‬‏القادير التسُاوية لشيء واحد متسُاوية‪ .‬‏وإما غيخ بينة بنفمسُها سواء كانت مبينة‬
‫هناك أو ف مل آخر أو ف علم آخر يتوقف عليها الدلة السُتعمحلة ف ذلك العلم سواء‬
‫كانت قياسات‪ ،‬أو غيخها من الستقراء والتمحثيل وحصرها ف البينة فيه والبينة ف علم‬
‫آخر وف أجزماء القياسات كمحا توهم مل نظر‪ .‬‏‬

‫ث الغيخ البينة بنفمسُها إما مسُلمحة فيه أي ف ذلك العلم على سبيل حسُن الظن وتسُمحى‬
‫أصول موضوعة‪ ،‬كقولنا ف علم الندسة‪ :‬‏لنا أن نصل بي كل نقطتي بط مسُتقيم‪ ،‬أو‬
‫مسُلمحة ف الوقت أي‪ :‬‏وقت الستدلل مع استنكار وتشكك إل أن تسُتبي ف موضعها‬
‫وتسُمحى مصادرات لنه تصدر با السُائل الت تتوقف عليها‪ ،‬كقولنا فيه‪ :‬‏لنا أن نرسم‬

‫‪63‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫على كل نقطة وبكل بعد دائرةا‪ .‬‏ونوقش ف الثال بأنه ل فرق بينه وبي قولنا‪ :‬‏لنا أن‬
‫نصل ال ف قبول التعلم بمحا بسُن الظن‪ .‬‏‬

‫وأورد مثال الصادرةا قول إقليدس‪ :‬‏إذا وقع خط على خطي وكانت الزماويتان الداخلتان‬
‫أقل من قائمحتي فإن الطي إذا أخرجا بتلك الهة التقيا‪ .‬‏لكن ل استبعاد ف ذلك إذ‬
‫القدمة الواحدةا قد تكون أصل موضوعا عند شأخصخ مصادرةا عند شأخصخ آخر)‬
‫‪ .(1/83‬‏‬

‫ث الدود والصول الوضوعة والصادرات يب أن يصدر با العلم‪ ،‬وأما العلوم التعارفة‬


‫فعن تصدير العلم با غنية لظهورها‪ ،‬وربا تصصخ العلوم التعارفة بالصناعة إن كانت‬
‫عامة‪ ،‬وتصدر با ف جلة القدمات كمحا فعل إقليدس ف كتابه‪ .‬‏‬

‫واعلم أن التصدير قد يكون بالنسُبة إل العلم نفمسُه بأن يقدم عليه جيع ما يتاج إليه‪،‬‬
‫وقد يكون بالنسُبة إل جزمئه التاج لكن الول أول‪ .‬‏‬

‫هذا وقد تطلق البادئ عندهم على العنم العم‪ ،‬وهو ما يبدأ به قبل الشروع ف مقاصد‬
‫العلم‬

‫كمحا يذكر ف أوائل الكتب قبل الشروع ف العلم لرتباطه به ف المحلة‪ ،‬سواء كان‬
‫خارجا من العلم بأن يكون من القدمات وهي ما يكون خارجا يتوقف عليه الشروع فيه‬
‫ولو على وجه البصيخةا‪ ،‬أو على وجه كمحال البصيخةا ووفور الرغبة ف تصيله بيث ل‬
‫يكون عبث ا عرف ا أو ف نظره كمحعرفة العلم برسه الفميد لزميادةا البصيخةا ومعرفة غايته‪ ،‬أو ل‬
‫يكن خارجا عنه بل داخل فيه بان يكون من البادئ أعم من القدمات أيضا فإن‬
‫القدمات خارجة عن العلم ل مالة بلف البادئ والبادئ بذا العنم قد تعد أيضا من‬
‫أجزماء العلم تغليبا‪ .‬‏وإن شأئت تقيق هذا فارجع إل )شأرحَّ متصر الصول( ‏وحواشأيه‪ .‬‏)‬
‫‪ /1‬‏‪ (84‬‏‬

‫‪64‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫ومنهم من فسُر القدمة با يعي ف تصيل الفمن‪ ،‬فتكون القدمات أعم‪ ،‬كذا قيل‪ :‬‏يعن‪:‬‬
‫تكون القدمات بذا العنم أعم من البادي بالعنم الول ل من البادي بالعنم الثان وإن‬
‫اقتضاه ظاهر العبارةا‪ ،‬إذ بينها وبي البادئ بالعنم الثان هو السُاواةا إذ ما يسُتعان به ف‬
‫تصيل الفمن يصدق عليه أنه ما يتوقف عليه الفمن إما مطلقا أو على وجه البصيخةا أو‬
‫على وجه كمحال البصيخةا‪ .‬‏‬

‫وبالمحلة‪ :‬‏فالعتب ف البادئ التوقف مطلقا قال السُيد السُند‪ :‬‏))مبادئ العلم ما يتوقف‬
‫عليه ذات للمحقصود فيه‪ ،‬أعن‪ :‬‏التصورات الت يبتنم عليها إثبات مسُائله وهي قد تعد‬
‫جزمءا منه‪ .‬‏وأما إذا أطلقت على ما يتوقف عليه القصود ذاتا أو تصورا أو شأروعا‬
‫فليسُت بتمحامها من أجزمائه‪ ،‬فإن تصور الشيء ومعرفة غايته خارجان عنه‪ ،‬ول من‬
‫جزمئيات ما يتضمحنه حقيقة لدخوله ف العلم قطع ا(( ‏انتهى‪ .‬‏‬

‫الفصل السابع في بيان الرؤوأس الثمانية‬

‫قالوا‪ :‬‏الواجب على من شأرع ف شأرحَّ كتاب ما أن يتعرض ف صدره لشأياء قبل الشروع‬
‫ف القصود يسُمحيها قدماء الكمحاء‪ :‬‏الرؤروس الثمحانية‪ .‬‏‬

‫أحدها‪:‬الغرض من تدوأين العلم‪ ،‬أوأ تحصيله‬

‫أي‪ :‬‏الفمائدةا التمتبة عليه لئل يكون تصيله عبثا ف نظره‪ .‬‏‬

‫ ‏وثانيها‪ :‬‏النفمعة‬

‫وهي ما يتشوقه الكل طبعا وهي الفمائدةا العتدةا با ليتحمحل الشقة ف تصيله ول يعرض‬
‫له فتور ف طلبه فيكون عبثا عرفا ‪ .‬‏هكذا ف )تكلمحة الاشأية الللية(‪ .‬‏وف )شأرحَّ‬
‫التهذيب( ‏و )شأرحَّ إشأراق الكمحة(‪ :‬‏إن الراد بالغرض هو العلة الغائية فإن ما يتمتب على‬
‫فعل يسُمحى فائدةا ومنفمعة وغاية‪ ،‬فإن كان باعثا للفماعل على صدور ذلك الفمعل منه‬

‫‪65‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫يسُمحى غرضا وعلة غائية‪ ،‬وذكرا لنفمعة إنا يب إن وجدت لذا العلم منفمعة ومصلحة‬
‫سوى الغرض الباعث وإل فل‪ .‬‏وبالمحلة فالنفمعة قد تكون بعينها الغرض الباعث‪ .‬‏‬

‫ ‏وثالثها‪ :‬‏السُمحة‬

‫وهي‪ :‬‏عنوان الكتاب ليكون عند الناظر إجال )‪ /1‬‏‪ (86‬‏ما يفمصله الغرض‪ .‬‏كذا ف‬
‫)شأرحَّ إشأراق الكمحة(؛ وف )تكمحلة الاشأية الللية(‪ :‬‏السُمحة هي عنوان العلم‪ ،‬وكأن‬
‫الراد منه تعريف العلم برسه أو بيان خاصة من خواصه ليحصل للطالب علم إجال‬
‫بسُائله ويكون له بصيخةا ف طلبه‪ .‬‏وف )شأرحَّ التهذيب(‪ :‬‏السُمحة العلمة‪ ،‬وكأن القصود‬
‫الشأارةا إل وجه تسُمحية العلم وف ذكر وجه التسُمحية إشأارةا إجالية إل ما يفمصل العلم‬
‫من القاصد‪ .‬‏‬

‫ ‏ورابعها‪ :‬‏الؤلف‬

‫وهو‪ :‬‏مصنف الكتاب ليخكن قلب التعلم إليه ف قبول كلمه والعتمحاد عليه لختلف‬
‫ذلك باختلف الصنفمي‪ .‬‏وأما الققون فيعرفون الرجال بالق ل الق بالرجال‪ ،‬ولنعم ما‬
‫قيل‪ :‬‏ل تنظر إل من قال وانظر إل ما قال‪ .‬‏ومن شأرطر الصنفمي أن يتمزوا عن الزميادةا‬
‫على ما يب والنقصان عمحا يب‪ ،‬وعن استعمحال اللفماظ الغريبة الشتمكة‪ ،‬وعن رداءةا‬
‫الوضع وهي تقدي ما يب تأخيخه وتأخيخ ما يب تقديه‪ .‬‏‬

‫ ‏وخامسُها‪:‬أنه من أي علم هو؟‬

‫أي من اليقينيات أو الظنيات‪ ،‬من النظريات أو العمحليات‪ ،‬من الشرعيات أو غيخها‪،‬‬


‫ليطلب التعلم ما تليق به السُائل الطلوبة‪ .‬‏‬

‫ ‏وسادسها‪ :‬‏أنه أية مرتبة هو؟‬

‫أي بيان مرتبته فيمحا بي العلوم إما باعتبار عمحوم موضوعه أو خصوصه‪ ،‬أو باعتبار توقفمه‬
‫على علم آخر‪ ،‬أو عدم توقفمه عليه‪ ،‬أو باعتبار الهية أو الشرف ليقدم تصيله على ما‬

‫‪66‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫يب‪ ،‬أو يسُتحسُن تقديه عليه ويؤخر تصيله عمحا يب‪ ،‬أو يسُتحسُن تأخيخه عنه‪ .‬‏)‬
‫‪ /1‬‏‪ (87‬‏‬

‫ ‏وسابعها‪ :‬‏القسُمحة‬

‫وهي بيان أجزماء العلم وأبوابه ليطلب التعلم ف كل باب منها ما يتعلق به ول يضيع‬
‫وقته ف تصيل مطالب ل تتعلق به كمحا يقال‪:‬أبواب النطق تسُعة كذا وكذا‪ .‬‏وهذا‬
‫قسُمحة العلم وقسُمحة الكتاب كمحا يقال‪ :‬‏كتابنا هذا مرتب على مقدمة بابي وخاتة‪ .‬‏وهذا‬
‫الثان كثيخ شأائع ل يلو عنه كتاب‪ .‬‏‬

‫ ‏وثامنها‪ :‬‏الناء التعليمحية‬

‫وهي‪ :‬‏أناء مسُتحسُنة ف طرق التعليم‪ .‬‏‬

‫ ‏أحدها‪:‬التقسُيم‬

‫وهو‪ :‬‏التكثيخ من فوق إل أسفمل‪ ،‬أي من أعم إل ما هو أخصخ كتقسُيم النس إل‬
‫النواع والنوع إل الصناف والصنف إل الشأخاص‪ .‬‏‬

‫ ‏وثانيها‪ :‬‏التحليل‬

‫وهو‪ :‬‏عكسُه أي التكثيخ من أسفمل إل فوق أي من أخصخ إل ما هو أعم كتحليل زيد‬


‫إل النسُان واليوان وتليل النسُان إل اليوان والسُم‪ .‬‏هكذا ف )تكمحلة الاشأية‬
‫الللية( ‏و )شأرحَّ إشأراق الكمحة( ‏وف )شأرحَّ التهذيب( ‏كان الراد من التقسُيم ما يسُمحى‬
‫بتمكيب القياس‪ ،‬وذلك بأن يقال‪ :‬‏إذا أردت تصيل مطلب من الطالب التصديقية فضع‬
‫طرف الطلوب واطلب جيع موضوعات كل واحد منهمحا وجيع ممحولت كل واحد‬
‫منهمحا؛ سواء كان حل الطرفي عليها أو حلها على الطرفي بواسطة أو بغيخ واسطة‪.‬‬
‫وكذلك اطلب جيع ما سلب عنه الطرفان أو سلب هو عن الطرفي‪ .‬‏‬

‫‪67‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫ث انظر إل نسُبة الطرفي إل الوضوعات والمحولت‪ ،‬فإن وجدت من ممحولت موضوع‬


‫الطلوب ما هو موضوع المحول فقد حصل الطلوب من الشكل الول‪ ،‬أو ما هو‬
‫ممحول على ممحوله فمحن الشكل الثان‪ ،‬أو من موضوعات موضوعه ما هو موضوع‬
‫لمحوله فمحن الشكل الثالث‪ /1) ،‬‏‪ (88‬‏أو ممحول لمحوله فمحن الرابع‪ .‬‏كل ذلك بسُب‬
‫تعدد اعتبار الشرائط بسُب الكيفمية والكمحية والهة‪ .‬‏كذا ف )شأرحَّ الطالع( ‏‬

‫فمحعنم قولم‪:‬وهو التكثيخ من فوق‪ ،‬أي من النتيجة لنا القصود القصى بالنسُبة إل‬
‫الدليل‪ .‬‏وأما التحليل فقد قيل ف )شأرحَّ الطالع( ‏))كثيخا ما تورد ف العلوم قياسات‬
‫منتجة للمحطالب ل على اليئات النطقية اعتمحادا على الفمطن العارف بالقواعد‪ .‬‏فإن‬
‫أردت أن تعرف أنه على أي شأكل من الشأكال فعليك بالتحليل وهو عكس التمكيب‬
‫فحصل الطلوب‪ .‬‏فانظر إل القياس النتج له فإن كان فيه مقدمة يشاركها الطلوب بكل‬
‫جزمئيه فالقياس استثنائي‪ .‬‏وإن كانت مشاركة للمحطلوب بأحد جزمئيه فالقياس اقتمان‪ .‬‏‬

‫ث انظر إل طرف الطلوب فتتمحيزم عندك الصغرى عن الكبى فإن ذلك الزمء إن كان‬
‫مكوما عليه ف النتيجة فهي الصغرى أو مكوما به فهي الكبى‪ .‬‏ث ضم الزمء الخر‬
‫من الطلوب إل الزمء الخر من تلك القدمة‪ ،‬فإن تألفما على أحد التأليفمات الربع فمحا‬
‫انضم إل جزمئي الطلوب هو الد الوسط وتتمحيزم لك القدمات والشأكال‪ ،‬وإن ل‬
‫يتألفما كان القياس مركبا فاعمحل بكل واحد منهمحا العمحل الذكور أي ضع الزمء الخر‬
‫من الطلوب والزمء الخر من القدمة كمحا وضعت طرف الطلوب أول أي ف التقسُيم‪،‬‬
‫فل بد أن يكون لكل منهمحا نسُبة إل شأيء ما ف القياس وإل ل يكن القياس منتجا‬
‫للمحطلوب‪ .‬‏‬

‫فإن وجدت حدا مشتمكا بينهمحا فقد ت القياس‪ ،‬وإل فكذا تفمعل مرةا بعد أخرى إل أن‬
‫ينتهي إل القياس النتج للمحطلوب بالذات وتتبي لك القدمات والشكل والنتيجة‪.‬‬
‫فقولم‪:‬التكثيخ من أسفمل إل فوق أي إل النتيجة((‪ .‬‏انتهى‪ .‬‏‬

‫ ‏وثالثها‪ :‬‏التحديد‬

‫‪68‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫أي فعل الد أي إيراد حد الشيء‪ ،‬وهو )‪ /1‬‏‪ (89‬‏ما يدل على الشيء دللة مفمصلة با‬
‫به قوامه‪ ،‬بلف الرسم فإنه يدل عليه دللة ممحلة‪ .‬‏‬

‫كذا ف)شأرحَّ إشأراق الكمحة(وف)شأرحَّ التهذيب( ‏كان الراد بالد العرف مطلقا وذلك‬
‫بأن يقال‪:‬إذا أردت تعريف شأيء فل بد أن تضع ذلك الشيء وتطلب جيع ما هو أعم‬
‫منه وتمحل عليه بواسطة أو بغيخها‪ ،‬وتيزم الذاتيات عن العرضيات بأن تعد ما هو بي‬
‫الثبوت أو ما يلزمم من مرد ارتفماعه ارتفماع نفمس الاهية ذاتيا وما ليس كذلك عرضيا‪.‬‬
‫وتطلب جيع ما هو مسُاو له فيتمحيزم عندك النس من العرض العام والفمصل من الاصة‪.‬‬
‫ث تركب أي قسُم شأئت من أقسُام العرف بعد اعتبار الشرائط الذكورةا ف باب العرف‪ .‬‏‬

‫ ‏ورابعها‪ :‬‏البهان‬

‫أي الطريق إل الوقوف على الق أي اليقي إن كان الطلوب نظرياا‪ ،‬وإل الوقوف عليه‬
‫والعمحل به إن كان عمحلياا‪،‬كأن يقال‪:‬إذا أردت الوصول إل اليقي فل بد أن تسُتعمحل ف‬
‫الدليل بعد مافظة شأرائط صحة الصورةا‪ .‬‏أما الضروريات السُت أو ما يصل منها بصورةا‬
‫صحيحة وهيئة منتجة وتبالغ ف التفمحصخ عن ذلك حت ل يشتبه بالشهورات‬
‫والسُلمحات والشبهات وغيخها بعضها ببعض‪ ،‬وعد الناء التعليمحية بالقاصد أشأبه‪،‬‬
‫فينبغي أن تذكر ف القاصد‪ .‬‏ولذ ترى التأخرين كصاحب )الطالع( ‏يعدون ما سوى‬
‫التحديد من مباحث الجة ولو أحق القياس‪ .‬‏وأما التحديد فشأنه أن يذكر ف مباحث‬
‫العرف‪ .‬‏كذا ف )شأرحَّ التهذيب(‪ .‬‏‬

‫واعلم أنم إنا اقتصروا على هذه الثمحانية لعدم وجدانم شأيئا آخر يعي ف تصيل الفمن‪،‬‬
‫ومن وجد لك فليضمحه إليها‪ .‬‏وهذا أمر استحسُان ل يلزمم من تركه فسُاد على مال‬
‫يفمى‪ ،‬هكذا ف)تكمحلة الاشأية الللية()‪ /1‬‏‪ .(90‬‏‬

‫واعلم أنم قد يذكرون وجه الاجة إل العلم‪ ،‬ول شأك أنه ههنا بعينه بيان الغرض منه‪.‬‬
‫وقد يذكرون وجه شأرف العلم ويقولون‪:‬شأرف الصناعة إما بشرف موضوعها مثل‬

‫‪69‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫الصياغة‪ ،‬فإنا أشأرف من الدباغة‪ .‬‏فإن موضوع الصياغة الذهب والفمضة وها أشأرف من‬
‫موضوع الدباغة الت هي اللد‪ .‬‏وإما بشرف غرضها مثل صناعة الطب فإنا أشأرف من‬
‫صناعة الكناسة لن غرض الطب إفادةا الصحة وغرض الكناسة تنظيف السُتماحَّ‪ .‬‏وإما‬
‫بشدةا الاجة إليها كالفمقه فإن الاجة إليه أشأد من الاجة إل الطب إذ ما من واقعة‬
‫ف الكون إل وهي مفمتقرةا إل الفمقه‪ ،‬إذ به انتظام صلحَّ الدنيا والدين‪ .‬‏بلف الطب‬
‫فإنه يتاج إليه بعض الناس ف بعض الوقات‪ .‬‏والراد بذلك بيان مرتبة العلم على ما‬
‫يفمهم ما سبق ويؤيده ما قال السُيد السُند ف )شأرحَّ الواقف( ‏‬

‫وأما مرتبة علم الكلم أي شأرفه فقد عرفت أن موضوعه أعم المور وأعلها‪ ...‬‏ال‪ .‬‏‬

‫ ‏الفمصل الثامن ف مراتب العلم وشأرفه وما يلحق به‬

‫وفيه‪ :‬‏إعلمات‬

‫ ‏العلم الول ف شأرفه وفضله‬

‫واكتفميت ما ورد فيه من اليات والخبار بالقليل لشهرته وقوةا الدليل‪ .‬‏قال ال تعال‪:‬‬
‫هل يسُتوي‬
‫قل ‏ ‏‬
‫درجات{ ‏وقال تعال‪ :‬‏ ‏ ‏} ‏ ‏‬
‫العلم ‏ ‏‬
‫منكم ‏والذين ‏ ‏أوتوا ‏ ‏ ‏‬
‫الذين ‏آمنوا ‏ ‏ ‏‬
‫ال ‏ ‏‬
‫ ‏ ‏}ي ‏رفع ‏ ‏ ‏‬
‫يعلمحون{ ‏وقال تعال‪ :‬‏}شأهد ال أنه ل إله إل هو واللئكة‬ ‫يعلمحون ‏والذين ‏ ‏ ‏ل ‏ ‏‬
‫الذين ‏ ‏‬‫ ‏ ‏‬
‫وأولوا العلم قائمحا بالقسُط{‪ .‬‏فانظر كيف ثلث بأهل العلم‪ ،‬وناهيك بذا شأرفا وفضل‬
‫وإجلل ونبل‪ .‬‏‬

‫بين وبينكم‬ ‫شأهيدا ‏ ‏‬


‫بال ‏ ‏‬‫كفمى ‏ ‏‬
‫قل ‏ ‏‬ ‫العلمحاء{ ‏وقال‪ :‬‏ ‏ ‏} ‏ ‏‬
‫عباده ‏ ‏‬ ‫من ‏ ‏‬
‫ال ‏ ‏‬
‫يشى ‏ ‏‬
‫وقال‪ :‬‏ ‏ ‏} ‏إنا ‏ ‏ ‏‬
‫آتيك ‏ ‏به{ ‏فيه‬
‫أنا ‏ ‏‬‫الكتاب ‏ ‏‬
‫من ‏ ‏‬ ‫عنده ‏علم ‏ ‏ ‏‬‫الذي ‏ ‏‬
‫الكتاب{ ‏وقال‪ :‬‏ ‏ ‏} ‏قال ‏ ‏ ‏‬
‫عنده ‏علم ‏ ‏ ‏‬
‫ومن ‏ ‏‬ ‫ ‏ ‏‬
‫تنبيه على أنه اقتدر عليه بقوةا العلم‪ .‬‏)‪ /1‬‏‪ (92‬‏‬

‫صالا{‪ .‬‏بي أن‬


‫وعمحل ‏ ‏‬
‫آمن ‏ ‏‬
‫لن ‏ ‏‬
‫خيخ ‏ ‏‬
‫ال ‏ ‏‬
‫ويلكم ث ‏واب ‏ ‏ ‏‬
‫الذين ‏أوتوا ‏ ‏العلم ‏ ‏ ‏‬
‫وقال ‏ ‏‬
‫وقال‪ :‬‏ ‏ ‏} ‏ ‏‬
‫عظم قدر الخرةا يعلم بالعلم‪ .‬‏‬

‫‪70‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫إل ‏العالون ‏{‪ .‬‏‬


‫يعقلها ‏ ‏‬
‫وما ‏ ‏‬
‫وقال‪ :‬‏ ‏ ‏} ‏ ‏‬

‫منهم{‪ .‬‏‬
‫الذين ‏يسُتنبطونه ‏ ‏ ‏‬
‫وقال‪ :‬‏ ‏ ‏} ‏لعلمحه ‏ ‏ ‏‬

‫علم{‪ .‬‏‬
‫على ‏ ‏‬
‫فصلناه ‏ ‏‬
‫بكتاب ‏ ‏‬
‫جئناهم ‏ ‏‬
‫وقال‪ :‬‏ ‏ ‏} ‏ولقد ‏ ‏ ‏‬

‫بعلم{ ‏‬
‫عليهم ‏ ‏‬
‫وقال‪ :‬‏ ‏ ‏} ‏فلنقصن ‏ ‏ ‏‬

‫العلم{‪ .‬‏‬
‫الذين ‏أوتوا ‏ ‏ ‏‬
‫ف ‏صدور ‏ ‏ ‏‬
‫بينات ‏ ‏‬
‫آيات ‏ ‏‬
‫هو ‏ ‏‬
‫بل ‏ ‏‬
‫وقال‪ :‬‏ ‏ ‏} ‏ ‏‬

‫البيان{‪ .‬‏إل غيخ ذلك‪ .‬‏‬


‫علمحه ‏ ‏‬
‫النسُان ‏ ‏‬
‫خلق ‏ ‏‬
‫وقال‪ :‬‏ ‏ ‏} ‏ ‏‬

‫وعن معاذ بن جبل رضي ال تعال عنه أنه قال‪ :‬‏قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫)تعلمحوا العلم فإن تعلمحه ل تعال خشية‪ ،‬وطلبه عبادةا‪ ،‬ومذاكرته تسُبيح‪ ،‬والبحث عنه‬
‫جهاد‪ ،‬وتعليمحه لن ل يعلمحه صدقة‪ ،‬وبذله لهله قربة‪ ،‬لنه معال اللل والرام‪ ،‬ومنار‬
‫سبل أهل النة‪ ،‬وهو النيس ف الوحشة‪ ،‬والصاحب ف الغربة‪ ،‬والدث ف اللوةا‪،‬‬
‫والدليل على السُراء والضراء‪ ،‬والسُلحَّ على العداء‪ ،‬والتزمين عند الخلء‪ ،‬يرفع ال تعال‬
‫به أقواما فيجعلهم ف اليخ قادةا وأئمحة تقتفمى آثارهم ويقتدي بفمعالم‪ ،‬ترغب اللئكة ف‬
‫خلتهم‪ ،‬وبأجنحتها تسُحهم‪ ،‬يسُتغفمر لم كل رطب ويابس وحيتان البحر وهوامه‪،‬‬
‫وسباع الب وأنعامه‪ ،‬لن العلم حياةا القلوب من الهل‪ ،‬ومصابيح البصار من الظلم‪،‬‬
‫يبلغ العبد بالعلم منازل الخيار والدرجات العلي ف الدنيا والخرةا‪ ،‬والتفمكر فيه يعدل‬
‫الصيام‪ ،‬ومدارسته تعدل القيام‪ ،‬به توصل الرحام‪ ،‬وبه يعرف اللل والرام‪ ،‬هو إمام‬
‫والعمحل تابعه‪ /1) ،‬‏‪ (93‬‏ويلهمحه السُعداء ويرمه الشأقياء(‪ .‬‏‬

‫أورده ابن عبد الب ف كتاب )جامع بيان العلم( ‏بإسناده وقال‪ :‬‏هو حديث حسُن جدا‬
‫وف إسناده ضعف‪ .‬‏وروي أيضا من طرق شأت موقوفا على معاذ‪ .‬‏وقد يقال‪:‬الوقوف ف‬
‫مثل هذا كالرفوع فإن مثله ل يقال بالرأي‪ .‬‏‬

‫‪71‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وعن أب هريرةا ‪ -‬‏رضي ال عنه ‪ -‬‏قال‪:‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬‏)إذا مات‬
‫النسُان انقطع عنه عمحله إل من ثلث‪ ،‬إل من صدقة جارية‪ ،‬أو علم ينتفمع به‪ ،‬أو ولد‬
‫صال يدعو له( ‏رواه مسُلم‪ .‬‏‬

‫وعنه رضي ال عنه قال‪:‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪):‬من سلك طريقا يلتمحس‬
‫فيه علمحا سهل ال له به طريقا إل النة( ‏رواه مسُلم‪ .‬‏‬

‫وعن أب الدرداء رضي ال عنه قال‪:‬إن سعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول‪):‬من‬
‫سلك طريقا يطلب فيه علمحا سلك ال به طريقا من طرق النة‪ ،‬وإن اللئكة لتضع‬
‫أجنحتها رض ا لطالب العلم‪ ،‬وإن العال يسُتغفمر له من ف السُمحوات ومن ف الرض‬
‫واليتان ف جوف الاء‪ ،‬وإن فضل العال على العابد كفمضل القمحر ليلة البدر على سائر‬
‫الكواكب‪ ،‬وإن العلمحاء ورثة النبياء‪ ،‬وإن النبياء ل يورثوا دينارا ول درها وإنا ورثوا‬
‫العلم‪ ،‬فمحن أخذه أخذ بظ وافر( ‏رواه أحد والتممذي وأبو داود وابن ماجة والدارمي‪ .‬‏)‬
‫‪ /1‬‏‪ (94‬‏‬

‫وعن أب أمامة الباهلي رضي ال عنه قال‪:‬ذكر لرسول ال صلى ال عليه وسلم رجلن‬
‫أحدها عابد والخر عال فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪):‬فضل العال على العابد‬
‫كفمضلي على أدناكم(‪ .‬‏ث قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪):‬إن ال وملئكته وأهل‬
‫السُمحوات والرض حت النمحلة ف جحرها وحت الوت ليصلون على معلم اليخ(‪ .‬‏رواه‬
‫التممذي‪ .‬‏‬

‫وعن أب سعيد الدري رضي ال عنه قال‪:‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪):‬إن‬
‫الناس لكم تبع‪ ،‬وإن رجالا يأتونكم من أقطار الرض يتفمقهون ف الدين فإذا أتوكم‬
‫فاستوصوا بم خيخا ( ‏رواه التممذي‪ .‬‏‬

‫وعن أب هريرةا رضي ال عنه قال‪:‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬‏)الكلمحة الكمحة‬
‫ضالة الكيم فحيث وجدها فهو أحق با(‪ .‬‏رواه التممذي وقال‪:‬غريب‪ .‬‏‬

‫‪72‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وإبراهيم بن الفمضل الراوي يضعف ف الديث‪ ،‬ورواه ابن ماجة‪ .‬‏والراد بالكمحة ف هذا‬
‫الكتاب ‏والكمحة ‏{‪ .‬‏‬
‫ويعلمحهم ‏ ‏‬
‫ ‏‬ ‫الديث السُنة دون الكمحة اليونانية بدليل قوله سبحانه‪ :‬‏ ‏ ‏} ‏‬

‫وقد سافر أهل الديث ‪-‬كثر ال تعال سوادهم ‪ -‬‏ف طلبها إل أقطار الرض وكانوا‬
‫أحق با وأهلها حيث وجدوها بعد الفمحصخ الكثيخ والبحث الشديد ف بلد شأاسعة‬
‫ومدائن بعيدةا‪ ،‬فجمحعوها ف دواوين السلم وامتثلوا قوله صلى ال عليه وسلم‪ :‬‏)بلغوا‬
‫عن ولو آية( ‏رواه البخاري عن عبد ال بن عمحرو‪ .‬‏فجزماهم ال تعال عنا وعن جيع‬
‫السُلمحي خيخ الزماء‪ .‬‏‬

‫وعن ابن عباس رضي ال عنهمحا قال‪:‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم )‪ /1‬‏‪:(95‬‬
‫)فقيه واحد أشأد على الشيطان من ألف عابد(‪ .‬‏رواه التممذي وابن ماجة‪ .‬‏والراد بالفمقه‬
‫ف هذا الديث وغيخه‪ :‬‏فهم الكتاب والسُنة دون الفمقه الصطلح اليوم‪ .‬‏‬

‫وعن أنس رضي ال عنه قال‪:‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬‏)طلب العلم فريضة‬
‫على كل مسُلم‪ ،‬وواضع العلم عند غيخ أهله كمحقلد النازير الوهر واللؤلؤ(‪ .‬‏رواه ابن‬
‫ماجة‪ ،‬ورواه البيهقي ف )شأعب اليان( ‏إل قوله )مسُلم( ‏وقال‪:‬هذا حديث متنه مشهور‬
‫وإسناده ضعيف‪ .‬‏وقد روي من أوجه كلها ضعيف‪ .‬‏‬

‫وعن أنس قال‪:‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪):‬من خرج ف طلب العلم فهو ف‬
‫سبيل ال حت يرجع(‪ .‬‏رواه التممذي والدارمي‪ .‬‏‬

‫وعن سخبةا الزدي قال‪ :‬‏قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪):‬من طلب العلم كان‬
‫كفمارةا لا مضى(‪ .‬‏رواه التممذي والدارمي‪ ،‬وقال التممذي‪:‬هذا حديث ضعيف السناد وأبو‬
‫داود الراوي يضعف‪ .‬‏‬

‫وعن أب سعيد الدري رضي ال عنه قال‪:‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪):‬لن يشبع‬
‫الؤمن من خيخ يسُمحعه حت يكون منتهاه النة( ‏رواه التممذي‪ .‬‏والراد باليخ‪ :‬‏العلم‪ .‬‏وفيه‬

‫‪73‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫أن زمان الطلب من الهد إل اللحد‪ ،‬وأن عاقبة طلب العلم النة‪ .‬‏وهذه بشارةا وأي‬
‫بشارةا لن يعلم أو يتعلم‪ .‬‏جعلنا ال من أهليه وحشرنا ف زمرةا ذويه‪ .‬‏‬

‫وعن أب هريرةا رضي ال عنه قال‪:‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪):‬من تعلم علمح ا‬
‫ما يبتغى به وجه ال ل يتعلمحه إل ليصيب به عرضا من الدنيا ل يد عرف النة يوم‬
‫القيامة(‪ .‬‏‬

‫‪-‬يعن ريها‪ -‬‏رواه أحد )‪ /1‬‏‪ (96‬‏وأبو داود وابن ماجة‪ .‬‏وإذا كان هذا القضاء ف حق‬
‫طالب العلم المحود فمحا ظنك بطالب العلم الذموم من علوم اليونان‪ .‬‏‬

‫وعن إبراهيم بن عبد الرحن العذري قال‪:‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪):‬يمحل هذا‬
‫العلم من كل خلف عدوله ينفمون عنه تريف الغالي وانتحال البطلي وتأويل الاهلي(‪.‬‬
‫رواه البيهقي ف كتاب )الدخل( ‏مرسلا‪ .‬‏‬

‫وعن السُن مرسل قال‪:‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪):‬من جاءه الوت وهو‬
‫يطلب العلم ليحي به السلم فبينه وبي النبيي درجة واحدةا ف النة(‪ .‬‏رواه الدارمي‪ .‬‏‬

‫اللهم إنك تعلم بطلب العلم من بدء الشعور إل هذه الغاية وسأطلبه إن شأاء ال تعال‬
‫إل آخر العمحر والنهاية‪ .‬‏وما مرادي به إل إحياء السُنة الطهرةا وإماتة البدعة‪ ،‬وهداية‬
‫التعلمحي ونصيحة السُلمحي‪ ،‬وإيقاظ النائمحي وتنبيه الغافلي‪ .‬‏وأنا سي خليفمة رسولك أب‬
‫بكر الصديق رضي ال عنه والدرجة الصديقية تلو الدرجة النبوية‪ ،‬فصدقن ف هذا الرجاء‬
‫وأوصلن إل جنتك برحتك يا أرحم الراحي‪ .‬‏وقد أحببت رسولك وأصحابه وأئمحة‬
‫السُلف وأهل الق من اللف الذين قالوا بقول رسولك ول يشركوا ول يبدعوا‪ ،‬فاحشرن‬
‫معهم واجعلن ف جوارهم ف دار النعيم‪ ،‬والرء مع من أحب وإن ل يعمحل عمحله ول‬
‫يهد جهده ف الطاعة‪ .‬‏اللهم آمي‪ .‬‏‬

‫‪74‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وعن علي رضي ال عنه قال‪:‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬‏)نعم الرجل الفمقيه ف‬
‫الدين ‪-‬أي العال بالكتاب والسُنة ‪-‬إن احتيج إليه نفمع وإن استغن عنه أغنم نفمسُه(‪.‬‬
‫رواه رزين‪ .‬‏)‪ /1‬‏‪ (97‬‏‬

‫وعن واثلة بن السقع قال‪:‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪):‬من طلب العلم فأدركه‬
‫كان له كفملن من الجر فإن ل يدركه كان له كفمل من الجر( ‏رواه الدارمي‪ .‬‏‬

‫وعن عائشة رضي ال عنها أنا قالت‪:‬سعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول‪ :‬‏)إن‬
‫ال عزم وجل أوحى إل أنه من سلك مسُلكا ف طلب العلم سهلت له طريق النة‪،‬‬
‫وفضل ف علم خيخ من فضل ف عبادةا‪ ،‬وملك الدين الورع(‪ .‬‏رواه البيهقي ف )شأعب‬
‫اليان(‪ .‬‏‬

‫وعن ابن عباس قال‪):‬تدارس العلم ساعة من الليل خيخ من إحيائه(‪ .‬‏رواه الدارمي‪ .‬‏‬

‫وف حديث ابن عمحرو مرفوعا ‪ :‬‏)إنا بعثت معلمحا (‪ .‬‏رواه الدارمي‪ .‬‏‬

‫وعن العمحش مرفوعا ‪ :‬‏)آفة العلم النسُيان(‪ .‬‏رواه الدارمي مرسلا‪ .‬‏‬

‫والخبار والثار ف شأرف العلم وفضل العال والعلم والتعلم وطالب العلم كثيخةا جدا ل‬
‫يسُعها هذا القام‪ .‬‏وقد ألف الافظ المام الجة هادي الناس إل الجة ممحد بن أب‬
‫بكر القيم كتابه )مفمتاحَّ دار السُعادةا( ‏ف ملدين ف فضائل العلم وما يليها‪ ،‬وهو كتاب‬
‫ل‪ .‬‏‬
‫نفميس عزميزم القاصد منن ال تعال به علني وأحسُن إ ن‬
‫والراد بالعلم ف الحاديث الذكورةا علم الدين والشرع البي‪ (1/98) ،‬‏وهو علم الكتاب‬
‫العزميزم والسُنة الطهرةا ل ثالث لمحا‪ .‬‏وليس الراد به العلوم السُتحدثة ف العال قديه‬
‫وجديده الت اعتنم الناس با ف هذه الزمان‪ ،‬وخاضوا فيها خوضا منعهم عن النظر ف‬
‫علوم اليان وأشأغلهم عن الشأتغال براد ال تعال ورسوله سيد النس والان‪ ،‬حت‬
‫صار علم القرآن مهجورا وعلم الديث مغمحوراا‪ ،‬وظهرت صنائع أقوام الكفمر واللاد‪،‬‬

‫‪75‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وسيت بالعلوم والفمنون والكمحال السُتجاد‪ ،‬وهي كل يوم ف ازدياد‪ ،‬فإنا ل وإنا إليه‬
‫راجعون‪ .‬‏‬

‫هذا وقد تكفمل كتاباي )الطة بذكر الصحاحَّ السُتة( ‏و )النة ف السوةا السُنة بالسُنة(‬
‫ببيان فضيلة علم السُنة فإن شأئت الزميادةا على هذا القدار فارجع إليهمحا يزميدانك بصيخةا‬
‫كاملة ف هذا الباب وال أعلم بالصواب‪ .‬‏‬

‫وقال الشافعي‪):‬من شأرف العلم أن كل من نسُب إليه ولو ف شأيء حقيخ فرحَّ‪ ،‬ومن‬
‫رفع عنه حزمن( ‏قال الحنف‪ :‬‏)كل عزم ول يؤيد بعلم فإل ذل مصيخه(‪ .‬‏‬

‫ث إن العلوم مع اشأتماكها ف الشرف تتفماوت فيه‪ ،‬فمحنه ما هو بسُب الوضوع كالطب‬


‫فإن موضوعه بدن النسُان‪ .‬‏والتفمسُيخ فإن موضوعه كلم ال سبحانه وتعال ول خفماء ف‬
‫شأرفهمحا‪ .‬‏‬

‫ومنه ما هو بسُحب الغاية كعلم الخلق فإن غايته معرفة الفمضائل النسُانية‪.‬ومنه ما‬
‫هو بسُب الاجة إليه كالفمقه فإن الاجة إليه ماسة‪.‬ومنه ما هو بسُب وثاقه الجة‬
‫كالعلوم الرياضية فإنا برهانية‪ .‬‏)‪ /1‬‏‪ (99‬‏‬

‫ومن العلوم ما يقوى شأرفه باجتمحاع هذه العبارات فيه أو أكثرها كالعلم اللي فإن‬
‫موضوعه شأريف وغايته فاضلة والاجة إليه ماسة‪ .‬‏وقد يكون أحد العلمحي أشأرف من‬
‫الخر باعتبار ثرته أو وثاقة دلئله أو غايته‪ .‬‏ث إن شأرف الثمحرةا أول من شأرف قوةا‬
‫الدللة‪ ،‬فأشأرف العلوم ثرةا العلم بال سبحانه وتعال وملئكته ورسله وما يعي عليه فإن‬
‫ثرته السُعادةا البدية‪ .‬‏)‪ /1‬‏‪ (100‬‏‬

‫ ‏‬

‫العلم الثان ف كون العلم ألذ الشأياء وأنفمعها‬

‫وفيه‪ :‬‏تعليمحات‬

‫‪76‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫ ‏التعليم الول‪ :‬‏ف لذته‬

‫اعلم أن شأرف الشيء إما لذاته أو لغيخه‪ ،‬والعلم حائزم الشرفي جيعا لنه لذيذ ف نفمسُه‬
‫فيطلب لذاته‪ ،‬لذيذ لغيخه فيطلب لجله‪ .‬‏‬

‫أما الول‪ :‬‏فل يفمى على أهله أنه ل لذةا فوقها لنا لذةا روحانية وهي اللذةا الضة‪،‬‬
‫وأما اللذةا السُمحانية فهي دفع الل ف القيقة‪ ،‬كمحا أن لذةا الكل دفع أل الوع‪ ،‬ولذةا‬
‫المحاع دفع أل المتلء‪ .‬‏بلف اللذةا الروحانية فإنا ألذ وأشأهى من اللذائذ السُمحانية‪.‬‬
‫ولذا كان المام الثان ممحد بن السُن الشيبان يقول عندما انلت له مشكلت‬
‫العلوم‪ :‬‏))أين أبناء اللوك من هذه اللذةا(( ‏سيمحا إذا كانت الفمكرةا ف حقائق اللكوت‬
‫وأسرار اللهوت‪ ،‬ومن لذته التابعة لعزمته أنه ل يقبل العزمل والنصب مع دوامه ل مزماحة‬
‫فيه لحد‪ ،‬لن العلومات متسُعة مزميدةا بكثرةا الشركاء‪ .‬‏)‪ /1‬‏‪ (101‬‏‬

‫ومع هذا ل ترى أحدا من الولةا الهال إل يتمحنون أن يكون عزمهم كعزم أهل العلم‪ ،‬إل‬
‫أن الوانع البهيمحية تنع عن نيله‪ .‬‏‬

‫وأما اللذائذ الاصلة لغيخه‪ :‬‏أما ف الخرى فلكونه وسيلة إل أعظم اللذائذ الخروية‬
‫والسُعادةا البدية‪ ،‬ولن يتوصل إليها إل بالعلم والعمحل‪ ،‬ول يتوصل إل العمحل أيضا إل‬
‫بالعلم بكيفمية العمحل‪ .‬‏فأصل سعادةا الدارين هو العلم فهو إذا أفضل العمحال‪ .‬‏وأما ف‬
‫الدنيا فالعزم والوقار ونفموذ الكم على اللوك‪ ،‬ولزموم الحتمام ف الطباع‪ ،‬فإنك ترى أغبياء‬
‫التمك وأجلف العرب وأراذل العجم يصادفون طباعهم مبولة على التوقيخ لشيوخهم‪،‬‬
‫لختصاصهم بزميد علم مسُتفماد من التجربة‪ .‬‏‬

‫بل البهيمحة تدها توقر النسُان بطبعها لشعورها بتمحييزم النسُان بكل ماوز لدرجتها‪،‬‬
‫حت إنا تنـزمجر بزمجره وإن كانت قوتا أضعاف قوةا النسُان‪ .‬‏‬

‫ ‏التعليم الثان‪ :‬‏ف نفمعه‬

‫‪77‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫اعلم‪ :‬‏أن السُعادةا منحصرةا ف قسُمحي‪ :‬‏جلب النافع‪ ،‬ودفع الضار‪ ،‬وكل منهمحا دنيوي‬
‫ودين‪ ،‬فالقسُام أربعة‪ :‬‏‬

‫الول‪ :‬‏هو ما ينجلب بالعلم من النافع الدينية‬

‫وهو خفمي وخلقي‪ .‬‏‬

‫أشأار إل نفمعه الول قوله ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ -‬‏ف الديث السُابق‪ :‬‏)فإن تعلمحه ل‬
‫خشية إل آخره(‪ .‬‏‬

‫وإل نفمعه الثان قوله ‪ -‬‏صلى ال عليه وآله وسلم ‪ :-‬‏)وتعليمحه لن ل يعلمحه صدقة وبذله‬
‫لهله قربة(‪ .‬‏‬

‫الثان‪ :‬‏وهو ما ينجلب بالعلم من النافع الدنيوية‬

‫وهو وجدان وذوقي وجاهي رتب‪ ،‬والوجدان‪ :‬‏إما راحة أو استيلء‪ ،‬والراحة إما )‪/1‬‬
‫‪ (102‬‏من مشقة وجود ظاهر للنفمس أو من فقد سار لا بالنس‪ .‬‏وكل منهمحا إما‬
‫خارجي وإما ذات‪.‬فالراحة أربعة أقسُام‪ :‬‏‬

‫وقوله صلى ال عليه وسلم‪ :‬‏)وهو النيس ف الوحشة( ‏إشأارةا إل الول لنه يريح بأنسُه‬
‫من كل قلق واضطراب‪ .‬‏‬

‫وقوله‪ :‬‏)والصاحب ف الغربة( ‏إشأارةا إل الثان فانه يقر من الغريب عينه‪ ،‬ويريه من كمحود‬
‫النفمس من الزمن وانكسُارها‪ ،‬لفمقد سرور الهل والوطن‪ .‬‏‬

‫وقوله‪ :‬‏)والدث ف اللوةا( ‏إشأارةا إل الثالث‪ ،‬لن العلم يريح النفمرد عن الناس بتحديثه‬
‫من انقباض الفمهم وخوده‪ ،‬وهو أل ذات لهل الكمحال‪ ،‬وهذا هو السُر ف استلذاذ‬
‫السُامرةا والنادمة‪ .‬‏‬

‫‪78‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وقوله‪ :‬‏)الدليل على السُراء والضراء( ‏أي ف الاضي والت إشأارةا إل الرابع الذي هو فقد‬
‫سار ذات‪ ،‬أي أن العلوم تقوم مقام الرأي السُديد إذا استبشر‪ ،‬إذ هو دال لصاحبه على‬
‫السُراء وأسبابا وعلى الضراء وموجباتا فاليخةا‪ ،‬وجهل عواقب المور مؤل للنفمس لفمقد‬
‫نور البصيخةا‪ ،‬فالعلم يريح من تلك المحوم والحزمان‪ .‬‏‬

‫والستيلء قسُمحان‪ :‬‏‬

‫أحدها‪ :‬‏استيلء يحق الشر ويدفع الضر‬

‫وإليه أشأار قوله‪ :‬‏)والسُلحَّ على العداء( ‏فبالعلم يزمهق الباطل‪ ،‬وتندفع الشبهة والهالة‪.‬‬
‫قيل‪ :‬‏لبعض الناظرين فيم لذتك؟ فقال‪ :‬‏ف حجة تتبختم إيضاحا‪ ،‬وشأبهة تتضاءل‬
‫افتضاحا‪ .‬‏‬

‫وثانيهمحا‪:‬استيلء يلب اليخ ويذهب الضر‬

‫وإليه أشأار قوله‪ /1):‬‏‪ (103‬‏))والزمين عند الخلء(( ‏أي أن العلم جال وحسُن وكمحال‬
‫يذب القلوب من الخلء كمحا قيل‪ :‬‏‬

‫العلم زين وكنزم ل نفماد له ** ‏نعم القرين إذا ما عاقل صحب‬

‫القسُم الثان‪ :‬‏ما يلبه العلم من الوجاهة والرتبة‪ ،‬وهي إما عند ال سبحانه وتعال‪ ،‬وإما‬
‫عند الل العلى‪ ،‬وإما عند الل السفمل‪ .‬‏‬

‫الول‪ :‬‏أشأار إليه قوله‪ :‬‏))يرفع ال سبحانه وتعال به أقواما(( ‏أي يعلي مقامهم ورتبتهم‪،‬‬
‫فيجعلهم ف اليخ قادةا وأئمحة‪ ،‬أي شأرفاء الناس وسادتم‪ ،‬والقادةا جع قائد‪ ،‬وهو الذي‬
‫يذب إل اليخ‪ ،‬إما مع اللزمام‪ ،‬كالقاضي والوال اللذين إلزمامهمحا على الظاهر‪،‬‬
‫وكالطيب والواعظ اللذين إلزمامهمحا على الباطن‪ ،‬وكالئمحة الذين بعلمحهم يهتدي وبالم‬
‫يقتدي‪ .‬‏‬

‫‪79‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫والثان‪ :‬‏أشأار إليه قوله‪ :‬‏)ترغب اللئكة ف خلتهم( ‏أي لم من النزملة والكانة ف قلوبم‬
‫ما استول على غيوب بواطنهم‪ ،‬فرغبوا ف مبتهم‪ ،‬وأنسُوا بلزمتهم‪ ،‬وما استول على‬
‫ظواهرهم فيتبكون بسُحهم‪ .‬‏‬

‫والثالث‪ :‬‏أشأار إليه قوله صلى ال عليه وسلم‪ :‬‏))يسُتغفمر لم كل رطب ويابس(( ‏فشمحل‬
‫الناطق والنافس‪ .‬‏قيل‪ :‬‏سبب استغفمار هؤلء رجوع أحكامهم إليه ف صدهم وقتلهم‬
‫وحلهم وحرمتهم‪ .‬‏‬

‫القسُم الثالث‪ :‬‏ما يندفع بالعلم من الضار الدنيوية‪ ،‬وهو أيضا نوعان‪ :‬‏‬

‫الول‪ :‬‏جلب الصال والقاصد‪ ،‬ودفع العائب والفماسد وإليه‪ .‬‏)‪ /1‬‏‪ (104‬‏‬

‫أشأار قوله صلى ال عليه وسلم‪ :‬‏))به توصل الرحام(( ‏أي بالعلم توصل الرحام بي‬
‫النام‪ ،‬وتدفع مضرةا القطيعة وحقدهم وحسُدهم وماربتهم‪ .‬‏‬

‫والثان‪ :‬‏مضرةا اجتلب الفمسُاد برفض القانون الشرعي العاصم‪ .‬‏من كل ضلل‪ ،‬وإليه‬
‫أشأار قوله صلى ال عليه وسلم‪ :‬‏))وبه يعرف اللل والرام(( ‏أي بالعلم يتبي أحدها‬
‫من الخر‪ ،‬وهو أساس جيع اليخات فتأمل ف بيان منافع العلم‪ ،‬وكيفمية جوامع الكلم‪،‬‬
‫وأكثر الصلةا على صاحبه عليه الصلةا والسُلم‪ .‬‏‬

‫ ‏‬

‫العلم الثالث ف دفع ما يتوهم من الضرر ف العلم وسبب كونه مذموما‬

‫اعلم‪ :‬‏أنه ل شأيء من العلم من حيث هو علم بضار‪ ،‬ول شأيء من الهل من حيث‬
‫هو جهل بنافع‪ .‬‏لن ف كل علم منفمعة ما ف أمر العاد أو العاش أو الكمحال النسُان‪،‬‬
‫وإنا يتوهم ف بعض العلوم أنه ضار أو غيخ نافع‪ ،‬لعدم اعتبار الشروطر الت تب مراعاتا‬
‫ف العلم والعلمحاء‪ ،‬فإن لكل علم حدا ل يتجاوزه‪ .‬‏‬

‫‪80‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫فمحن الوجوه الغلطة‪ ،‬أن يظن بالعلم فوق غايته‪ ،‬كمحا يظن بالطب أنه يبئ من جيع‬
‫المراض‪ ،‬وليس كذلك فإن منها مال يبأ بالعالة‪ .‬‏‬

‫ومنها‪ :‬‏أن يظن بالعلم فوق مرتبته ف الشرف‪ ،‬كمحا يظن بالفمقه أنه أشأرف العلوم على‬
‫الطلق‪ ،‬وليس كذلك فإن علم التوحيد أشأرف منه قطعا‪ .‬‏‬

‫ومنها‪ :‬‏أن يقصد بالعلم غيخ غايته‪ ،‬كمحن يتعلم علمحا للمحال أو الاه‪ ،‬فالعلوم ليس‬
‫الغرض منها الكتسُاب‪ ،‬بل الطلع على القائق‪ ،‬وتذيب الخلق‪ ،‬على أنه من تعلم‬
‫علمحا للحتماف ل يأت عالا‪ ،‬إنا جاء شأبيها بالعلمحاء ولقد كوشأف علمحاء ما وراء‬
‫النهر بذا ونطقوا به لا بلغهم )‪ /1‬‏‪ (106‬‏بناء الدارس ببغداد‪ ،‬أقاموا مأت العلم‪ ،‬وقالوا‪:‬‬
‫)كان يشتغل به أرباب المحم العلية والنفمس الزمكية‪ ،‬الذين يقصدون العلم لشرفه‪،‬‬
‫والكمحال به‪ ،‬فيأتون علمحاء ينتفمع بم وبعلمحهم‪ ،‬وإذا صار عليه أجرةا تدان إليه الخسُاء‬
‫وأرباب الكسُل‪ ،‬فيكون سببا لرتفماعه‪ ،‬ومن ههنا هجرت علوم الكمحة وإن كانت‬
‫شأريفمة لذاتا‪ .‬‏‬

‫ومنها‪ :‬‏أن يتهن العلم بابتذاله إل غيخ أهله‪ ،‬كمحا اتفمق ف علم الطب‪ ،‬فإنه كان ف‬
‫الزممن القدي حكمحة موروثة عن النبوةا‪ ،‬فصار مهانا لا تعاطاه اليهود‪ ،‬فلم يشرفوا به بل‬
‫زال العلم بم‪ .‬‏وما أحسُن قول أفلطون‪ :‬‏)إن الفمضيلة تسُتحيل ف النفمس‪ ،‬الردية رذيلة‪،‬‬
‫كمحا يسُتحيل الغذاء الصال ف بدن السُقيم إل الفمسُاد(‪ .‬‏ومن هذا القبيل الال ف علم‬
‫أحكام النجوم فإنه ل يكن يتعاطاه إل العلمحاء به‪ ،‬للمحلوك ونوهم‪ ،‬فرذل حت صار ل‬
‫يتعطاها غالبا إل جاهل يروج أكاذيبه‪ .‬‏‬

‫ومنها‪ :‬‏أن يكون العلم عزميزم النال‪ ،‬رفيع الرقى‪ ،‬قلمحا يتحصل غايته ويتعاطاه من ليس‬
‫من أهله‪ ،‬لينال بتمحويهه عرضا‪ ،‬كمحا اتفمق ف علوم الكيمحياء والسُيمحياء والسُحر‬
‫والطلسُمحات‪ .‬‏والعجب من يقبل دعوى من يدعي علمحا من هذه العلوم‪ ،‬فإن الفمطرةا‬
‫قاضية بأن من يطلع على ذبابة من أسرار هذه العلوم يكتمحها عن والده وولده‪ .‬‏‬

‫‪81‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫ومنها‪ :‬‏ذم جاهل متعال لهله إياه‪ ،‬فإن من جهل شأيئا أنكره وعاداه‪ ،‬كمحا قيل‪ :‬‏الرء‬
‫عدو لا جهله‪ .‬‏أو ذم جاهل متعال لتعصبه على أهله بسُبب من السباب‪ ،‬فإنك‬
‫تسُمحعهم يقولون بتحري النطق‪ ،‬مع كونه ميزمان العلوم‪ ،‬وتري الفملسُفمة مع أنا عبارةا عن‬
‫معرفة حقائق الشأياء‪ ،‬وليس فيها ما يناف الشرع البي والدين التي‪ ،‬غيخ السُائل اليسُيخةا‬
‫الت )‪ /1‬‏‪ (107‬‏أوردها )أصحاب التهافت( ‏وليس ف كتب النفمية القول بتحري النطق‬
‫غيخ الشأباه‪ ،‬فإن كان صاحبه رآه كان الناسب أن ينقل‪ ،‬وأما ما ف كتب الشافعية‬
‫من التصريح به‪ ،‬فمحن رآه كان الناسب أن ينقل‪ .‬‏وأما ما ف كتب الشافعية من التصريح‬
‫به‪ ،‬فمحن قبيل سد الذرائع‪ ،‬وصرف الطبائع إل علوم الشرائع‪ .‬‏ولعل الراد من منع الئمحة‬
‫عن تعليم بعض العلوم وتعلمحه‪ ،‬تليصخ أصحاب العقول القاصرةا‪ ،‬من تضييع العمحر‬
‫وتوزيبه بل فائدةا‪ ،‬فإن ف تعليم أمثاله ليس له عائدةا‪ ،‬وإل فالعلم إن كان مذموما ف‬
‫نفمسُه على زعمحهم‪ ،‬فإنه ل يلو تصيله عن فائدةا‪ ،‬أقلها رد القائلي به قال الغزمال ف‬
‫)الحياء(‪ :‬‏))إن العلم ل يذم لعينه وإنا يذم ف حق العباد لحد أسباب ثلثة‪ .‬‏‬

‫الول‪ :‬‏أن يكون مؤديا إل ضرر ما‪ ،‬إما لصاحبه أو لغيخه‪ ،‬كمحا يذم علم السُحر‬
‫والطلسُمحات‪ ،‬وهو حق إذ شأهد القرآن له‪ .‬‏‬

‫الثان‪ :‬‏أن يكون مضرا لصاحبه ف غالب المر كعلم النجوم‪ .‬‏‬

‫الثالث‪ :‬‏الوض ف علم ل يسُتقل الائض فيه‪ ،‬فإنه مذموم ف حقه‪ ،‬كتعلم دقيق العلوم‬
‫قبل جليلها‪ ،‬وخفميها قبل جليها‪ ،‬وكالبحث عن السرار اللية‪((..‬إل آخر ما قال وأطال‬
‫ف بيان هذه السباب الثلثة‪ ،‬فإن شأئت الزميادةا فارجع إليه فإنه ينفمعك نفمعا عظيمحا‪ .‬‏)‬
‫‪ /1‬‏‪ (108‬‏‬

‫ ‏‬

‫العلم الرابع ف مراتب العلوم من التعليم‬

‫‪82‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫ول يفمى أن يقدم الهم فالهم فيه‪ ،‬والوسيلة مقدمة على القصد‪ ،‬كمحا أن الباحث‬
‫اللفمظية مقدمة على الباحث العنوية‪ ،‬لن اللفماظ وسيلة إل العان‪ .‬‏ويقدم الدب على‬
‫النطق ث ها على أصول الفمقه‪ .‬‏ث هو على اللف والتحقيق أن تقدي العلم على العلم‬
‫لثلثة أمور‪ :‬‏‬

‫إما لكونه أهم منه‪ ،‬كتقدي فرض العي على فرض الكفماية‪ ،‬وهو على الندوب إليه‪،‬‬
‫وهو على الباحَّ‪ .‬‏‬

‫وإما لكونه وسيلة إليه‪ ،‬كمحا سبق فيقدم النحو على النطق‪ .‬‏‬

‫وإما لكون موضوعه جزمءا من موضوع العلم الخر‪ ،‬والزمء مقدم على الكل‪ ،‬فيقدم‬
‫الصرف على النحو‪ .‬‏‬

‫وربا يقدم علم على علم‪ ،‬ل لشيء منها بل لفمرض التمحرين على إدراك العقولت‪ ،‬كمحا‬
‫أن طائفمة من القدماء قدموا تعليم علم السُاب‪ .‬‏وكثيخا ما يقدم الهون فالهون‪ ،‬ولذا‬
‫قدم الصنفمون ف كتبهم النحو على الصرف‪ ،‬ولعلهم راعوا ف ذلك أن الاجة إل النحو‬
‫أمس‪ .‬‏‬

‫ث إنه تتلف فروض الكفماية ف التأكد وعدمه‪ ،‬بسُب خلو العصاب )‪ /1‬‏‪(109‬‬
‫والمصار من العلمحاء‪ ،‬فرب مصر ل يوجد فيه من يقسُم الفمريضة إل واحد أو اثنان‪،‬‬
‫ويوجد فيه عشرون فقيها‪ ،‬فيكون تعلم السُاب فيه آكد من أصول الفمقه‪ .‬‏‬

‫واعلم أن الواجب علمحه هو فرض عي‪ ،‬وهو كل ما أوجبه الشرع على الشخصخ ف‬
‫خاصة نفمسُه‪ ،‬وما أوجبه على المحوع ليعمحلوا به لو قام به واحد لسُقط عن الباقي‬
‫ويسُمحى فرض كفماية‪ .‬‏‬

‫‪83‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫والعلوم الت هي فروض كفماية على الشهور كل علم ل يسُتغنم عنه ف قوام أمر الدنيا‬
‫وقانون الشرع كفمهم الكتاب والسُنة وحفمظهمحا من التحريفمات‪ ،‬ومعرفة العتقاد بإقامة‬
‫البهان عليه‪ .‬‏‬

‫وإزالة الشبهة‪ ،‬ومعرفة الوقات والفمرائض والحكام الفمرعية‪ ،‬وحفمظ البدان والخلق‬
‫والسُياسة‪ ،‬وكل ما يتوصل به إل شأيء من هذه كعلم اللغة والتصريف والنحو والعان‬
‫والبيان‪ .‬‏وكالنطق وتسُييخ الكواكب ومعرفة النسُاب والسُاب إل غيخ ذلك من العوم‬
‫الت هي وسائل إل هذه القاصد‪ .‬‏وتفماوت درجاتا ف التأكيد بسُب الاجة إليها‪ .‬‏‬

‫ف هذا الباب كتاب )أدب الطلب( ‏لشيخنا العلمة التهد ممحد بن علي الشوكان‪-‬‬
‫رحه ال ‪ -‬‏أبان فيه طريق العلم والتدرج فيه‪ ،‬وهو كتاب ل يؤلف قبله مثله وإنه نفميس‬
‫جدا‪ .‬‏‬

‫ ‏‬

‫العلم الامس ف تعليم الولدان‬

‫واختلف مذاهب المصار السلمية ف طرقه‬

‫اعلم أن تعليم الولدان للقرآن شأعار من شأعائر الدين أخذ به أهل اللة ودرجوا عليه ف‬
‫جيع أمصارهم لا يسُبق فيه إل القلوب من رسوخ اليان وعقائده من آيات القرآن‪،‬‬
‫وبعض متون الحاديث‪ ،‬وصار القرآن أصل التعليم الذي يبتن عليه ما يصل بعد من‬
‫اللكات‪ .‬‏‬

‫وسبب ذلك أن تعليم الصغر أشأد رسوخا وهو أصل لا بعده لن السُابق الول للقلوب‬
‫كالساس للمحلكات‪ ،‬وعلى حسُب الساس وأساليبه يكون حال ما يبتن عليه‪ .‬‏‬

‫واختلفمت طرقهم ف تعليم القرآن للولدان باختلفهم باعتبار ما ينشأ عن ذلك التعليم‬
‫من اللكات‪ .‬‏‬

‫‪84‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫فأما أهل الغرب‪ :‬‏فمحذهبهم ف الولدان القتصار على تعليم القرآن فقط وأخذهم أثناء‬
‫الدارسة بالرسم ومسُائله‪ ،‬واختلف حلة القرآن فيه ل يلطون ذلك بسُواه ف شأيء من‬
‫مالس تعليمحهم ل من حديث ول من فقه ول من شأعر ول من كلم العرب إل أن‬
‫يذق فيه أو ينقطع دونه‪ ،‬فيكون انقطاعه ف الغالب انقطاعا عن العلم بالمحلة‪ .‬‏‬

‫وهذا )‪ /1‬‏‪ (111‬‏مذهب أهل المصار بالغرب ومن تبعهم من قرى الببر أمم الغرب‬
‫ف ولدانم إل أن ياوزوا حد البلوغ إل الشبيبة‪ .‬‏وكذا ف الكبيخ إذا راجع مدارسة القرآن‬
‫بعد طائفمة من عمحره‪ ،‬فهم لذلك أقوم على رسم القرآن وحفمظه من سواهم‪ .‬‏وأما أهل‬
‫الندلس‪ :‬‏فمحذهبهم تعليم القرآن والكتاب من حيث هو‪ ،‬وهذا هو الذي يراعونه ف‬
‫التعليم‪ .‬‏إل أنه لا كان القرآن أصل ذلك وأسه ومنبع الدين والعلوم جعلوه أصلا ف‬
‫التعليم‪ ،‬فل يقتصرون لذلك عليه فقط بل يلطون ف تعليمحهم للولدان رواية الشعر ف‬
‫الغالب والتمسل وأخذ هم بقواني العربية وحفمظها وتويد الط والكتاب‪ .‬‏‬

‫ول تتصخ عنايتهم ف التعليم بالقرآن دون هذه بل عنايتهم فيه بالط أكثر من جيعها‬
‫إل أن يرج الولد من عمحر البلوغ إل الشبيبة‪ ،‬وقد شأدا بعض الشيء ف العربية والشعر‬
‫والبصر بمحا وبرز ف الط والكتاب وتعلق بأذيال العلم على المحلة لو كان فيها سند‬
‫لتعليم العلوم ولكنهم ينقطعون عند ذلك فانقطاع سند التعليم ف آفاقهم‪ ،‬ول يصل‬
‫بأيديهم إل ما حصل من ذلك التعليم الول وفيه كفماية لن أرشأده ال تعال واستعداد‬
‫إذا وجد العلم‪ .‬‏‬

‫وأما أهل إفريقية‪ :‬‏فيخلطون ف تعليمحهم للولدان القرآن بالديث ف الغالب‪ ،‬ومدارسة‬
‫قواني العلوم وتلقي بعض مسُائلها‪ ،‬إل أن عنايتهم بالقرآن واستظهار الولدان إياه‬
‫ووقوفهم على اختلف رواياته وقراءاته أكثر ما سواه‪ ،‬وعنايتهم بالط تبع لذلك‪.‬‬
‫وبالمحلة فطريقتهم ف تعليم القرآن أقرب إل طريقة أهل الندلس‪ ،‬لن سند طريقتهم ف‬
‫)‪ /1‬‏‪ (112‬‏ذلك متصل بشيخة الندلس الذين أجازوا عند تغلب النصارى على شأرق‬
‫الندلس‪ ،‬واستقروا بتونس وعنهم أخذ ولدانم بعد ذلك‪ .‬‏‬

‫‪85‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وأما أهل الشرق فيخلطون ف التعليم كذلك على ما يبلغنا‪ ،‬ول أدري ب عنايتهم منها‪،‬‬
‫والذي ينقل لنا أن عنايتهم بدراسة القرآن وصحف العلم وقوانينه ف زمن الشبيبة‪ ،‬ول‬
‫يلطون بتعليم الط‪ ،‬بل لتعليم الط عندهم قانون ومعلمحون له على انفمراده كمحا تتعلم‬
‫سائر الصنائع ول يتداولونا ف مكاتب الصبيان‪ .‬‏وإذا كتبوا لم اللواحَّ فبخط قاصر عن‬
‫الجادةا‪ .‬‏ومن أراد تعلم الط فعلى قدر ما يسُنح له بعد ذلك من المحة ف طلبه ويبتغيه‬
‫من أهل صنعته‪ .‬‏‬

‫فأما أهل إفريقية والغرب فأفادهم القتصار على القرآن القصور عن ملكة اللسُان جلة‪،‬‬
‫وذلك أن القرآن ل ينشا عنه ف الغالب ملكة لا أن البشر مصروفون عن التيان بثله‬
‫فهم مصروفون لذلك عن الستعمحال على أساليبه والحتذاء با‪ ،‬وليس لم ملكة ف غيخ‬
‫أساليبه فل يصل لصاحبه ملكة ف اللسُان العرب وحظه المحود ف العبارات وقلة‬
‫التصرف ف الكلم‪ .‬‏‬

‫وربا كان أهل إفريقية ف ذلك أخف من أهل الغرب لا يلطون ف تعليمحهم القرآن‬
‫بعبارات العلوم ف قوانينها كمحا قلناه‪ ،‬فيقتدرون على شأيء من التصرف وماذاةا الثل‬
‫بالثل إل أن ملكتهم ف ذلك قاصرةا عن البلغة لا أن أكثر مفموظهم عبارات العلوم‬
‫النازلة عن البلغة كمحا سيأت ف موضعه‪ .‬‏‬

‫وأما أهل الندلس فأفادهم التفمنن ف التعليم وكثرةا رواية الشعر والتمسل ومدارسة العربية‬
‫من أول العمحر حصول ملكة صاروا با أعرف ف اللسُان العرب وقصروا ف سائر العلوم‬
‫لبعدهم عن مدارسة القرآن والديث الذي هو أصل العلوم وأساسها‪ ،‬فكانوا )‪ /1‬‏‪(113‬‬
‫لذلك أهل حظ وأدب بارع أو مقصر على حسُب ما يكون التعليم الثان من بعد تعليم‬
‫الصبا‪ .‬‏‬

‫ولقد ذهب القاضي أبو بكر بن العرب ف كتاب )رحلته( ‏إل طريقة غريبة ف وجه‬
‫التعليم وأعاد ف ذلك وأبدأ وقدم تعليم العربية والشعر على سائر العلوم كمحا هو مذهب‬
‫أهل الندلس‪ :‬‏قال لن الشعر ديوان العرب‪ .‬‏ويدعو إل تقديه وتعليم العربية ف التعليم‬

‫‪86‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫ضرورةا فسُاد اللغة ث ينتقل منه إل السُاب فيتمحرن فيه حت يرى القواني ث ينتقل إل‬
‫درس القرآن فإنه يتيسُر عليه بذه القدمة‪ .‬‏‬

‫ث قال‪ :‬‏))ويا غفملة أهل بلدنا ف أن يؤخذ الصب بكتاب ال ف أول أمره يقرأ مال‬
‫يفمهم وينصب ف أمر غيخه أهم عليه((‪ .‬‏‬

‫قال‪ :‬‏))ث ينظر ف أصول الدين ث أصول الفمقه ث الدل ث الديث وعلومه((‪ .‬‏‬

‫ونى مع ذلك أن يلط ف التعليم علمحان إل أن يكون التعلم قابلا لذلك بوده الفمهم‬
‫والنشاطر‪ .‬‏‬

‫هذا ما أشأار إليه القاضي أبو بكر رحه ال وهو لعمحري مذهب حسُن‪ ،‬إل أن العوائد‬
‫ل تسُاعد عليه وهي أملك بالحوال‪ ،‬ووجه ما اختصت به العوائد من تقدم دراسة‬
‫القرآن إيثارا للتبك والثواب وخشية ما يعرض للولد ف جنون الصبا من الفات والقواطع‬
‫عن العلم فيفموته القرآن‪ ،‬فإنه ما دام ف الجر منقاد للحكم‪ ،‬فإذا تاوز البلوغ وانل من‬
‫ربقة القهر فربا عصفمت به رياحَّ الشبيبة فألقته بسُاحل البطالة‪ /1) ،‬‏‪ (114‬‏فيغتنمحون ف‬
‫زمان الجر وربقه الكم تصيل القرآن لئل يذهب خلوا منه‪ .‬‏‬

‫ولو حصل اليقي باستمحراره ف طلب العلم وقبوله التعليم لكان هذا الذهب الذي ذكره‬
‫القاضي أول ما أخذ به أهل الغرب والشرق‪ ،‬ولكن ال تعال يكم ما يشار ل معقب‬
‫لكمحه((‪ .‬‏وهو أحكم الاكمحي‪ .‬‏‬

‫ ‏‬

‫العلم السُادس ف أن الشدةا على التعلمحي مضرةا بم‬

‫وذلك أن إرهاف الد ف التعليم مضر بالتعلم سيمحا ف أصاغر الولد لنه من سوء‬
‫اللكة‪ .‬‏‬

‫‪87‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫ومن كان مرباه بالعسُف والقهر من التعلمحي أو المحاليك أو الدم سطا به القهر وضيق‬
‫على النفمس ف انبسُاطها وذهب بنشاطها ودعاه إل لكسُل وحله على الكذب والبث‪،‬‬
‫وهو التظاهر بغيخ ما ف ضمحيخه خوفا من انبسُاطر اليدي بالقهر عليه‪ ،‬وعلمحه الكر‬
‫والديعة لذلك‪ ،‬وصارت له هذه عادةا وخلقاا‪ ،‬وفسُدت معان النسُانية الت له من‬
‫حيث الجتمحاع والتمحرن وهي المحية والدافعة عن نفمسُه ومنزمله‪ ،‬وصار عيالا على غيخه‬
‫ف ذلك‪ ،‬بل وكسُلت النفمس عن اكتسُاب الفمضائل واللق المحيل فانقبضت عن غايتها‬
‫ومدى إنسُانيتها‪ ،‬فارتكس عاد ف أسفمل السُافلي‪ .‬‏‬

‫وهكذا وقع لكل أمة حصلت ف قبضة القهر ونال منها العسُف‪ .‬‏‬

‫واعتبه ف كل من يلك أمره عليه‪ .‬‏‬

‫ول تكون اللكة الكافلة له رفيقة به‪ ،‬وتد ذلك فيهم استقراء وانظره ف اليهود وما‬
‫حصل بذلك فيهم من خلق السُوء‪ ،‬حت إنم يوصفمون ف كل أفق وعصر بالرج‪،‬‬
‫ومعناه ف الصطلحَّ الشهور‪ :‬‏التخابث والكيد‪ ،‬وسببه ما قلناه‪ .‬‏‬

‫فينبغي للمحعلم ف متعلمحه والوالد ف ولده أن ل يسُتبدوا عليهم ف التأديب‪ .‬‏‬

‫وقد قال ممحد بن أب زيد ف كتابه الذي ألفمه ف حكم العلمحي )‪ /1‬‏‪ (116‬‏والتعلمحي‪:‬‬
‫))ل ينبغي لؤدب الصبيان أن يزميد ف ضربم إذا احتاجوا إليه على ثلثة أسواطر شأيئا ((‬
‫ومن كلم عمحر رضي ال عنه‪ :‬‏))من ل يؤدبه الشرع ل أدبه ال(( ‏حرصا على صون‬
‫النفموس عن مذلة التأديب وعلمح ا بأن القدار الذي عينه الشرع لذلك أملك له‪ ،‬فإنه‬
‫أعلم بصلحته‪ .‬‏‬

‫ومن أحسُن مذاهب التعليم ما تقدم به الرشأيد لعلم ولده ممحد المي فقال‪ :‬‏))يا أحر‬
‫إن أميخ الؤمني قد دفع إليك مهجة نفمسُه وثرةا قلبه‪ ،‬فصيخ يدك عليه مبسُوطة‪ ،‬وطاعته‬
‫لك واجبة‪ ،‬فكن له بيث وضعك أميخ الؤمني‪ .‬‏‬

‫‪88‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫أقرئه القرآن‪ ،‬وعرفه الخبار‪ ،‬وروه الشأعار‪ ،‬وعلمحه السُنن‪ ،‬وبصره بواقع الكلم وبدئه‪،‬‬
‫وامنعه من الضحك إل ف أوقاته‪ ،‬وخذه بتعظيم مشايخ بن هاشأم إذا دخلوا عليه‪ ،‬ورفع‬
‫مالس القواد إذا حضروا ملسُه‪ ،‬ول ترن بك ساعة إل وأنت مغتنم فائدةا تفميده إياها‪،‬‬
‫من غيخ أن تزمنه فتمحيت ذهنه‪ ،‬ول تعن ف مسُامته فيسُتحلي الفمراغ ويألفمه‪ ،‬وقومه ما‬
‫استطعت بالقرب واللينة فإن أباها فعليك بالشدةا والغلظة(( ‏وال أعلم )‪ /1‬‏‪ .(117‬‏‬

‫العلم السُابع ف وجه الصواب ف تعليم العلوم وطريق إفادته‬

‫أعلم أن تلقي العلوم للمحتعلمحي إنا يكون مفميدا إذا كان على التدريج شأيئ ا فشيئ ا‬
‫ل‪ ،‬ويلقي عليه أولا مسُائل من كل باب من الفمن هي أصول ذلك الباب‪،‬‬ ‫وقليلا قلي ا‬
‫ويقرب له ف شأرحها على سبيل الجال‪ ،‬ويراعى ف ذلك قوةا عقله واستعداده لقبول ما‬
‫يرد عليه حت ينتهي إل آخر الفمن‪ ،‬وعند ذلك يصل له ملكة ف ذلك العلم‪ ،‬إل أنا‬
‫جزمئية وضعيفمة‪ ،‬وغايتها أنا هيأته لفمهم الفمن وتصيل مسُائله‪ .‬‏ث يرجع به إل الفمن ثانية‬
‫فيخفعه ف التلقي عن تلك الرتبة إل أعلى منها‪ ،‬ويسُتوف الشرحَّ والبيان ويرج عن‬
‫الجال ويذكر له ما هنالك من اللف ووجهه إل أن ينتهي إل آخر الفمن فتجود‬
‫ملكته‪ .‬‏ث يرجع به وقد شأدا فل يتمك عويصا ول مبهمحا ول مغلقا إل وضحه وفتح له‬
‫مقفمله‪ ،‬فيخلصخ من الفمن وقد استول على ملكته‪ .‬‏‬

‫هذا وجه التعليم الفميد وهو كمحا رأيت إنا يصل ف ثلث تكرارات‪ ،‬وقد يصل للبعض‬
‫ف أقل من ذلك بسُب ما يلق له ويتيسُر عليه‪ .‬‏‬

‫وقد شأاهدنا كثيخا من العلمحي لذا العهد الذي أدركنا يهلون طرق التعليم وإفادته‪،‬‬
‫ويضرون التعلم ف أول تعليمحه السُائل القفملة من )‪ /1‬‏‪ (118‬‏العلم‪ ،‬ويطالبونه بإحضار‬
‫ذهنه ف حلها‪ ،‬ويسُبون ذلك مرانا على التعليم وصواباا‪ ،‬فيه ويكلفمونه وعي ذلك‬
‫وتصيله‪ .‬‏‬

‫‪89‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫ويلطون عليه با يلقون له من غايات الفمنون ف مبادئها وقبل أن يسُتعد لفمهمحها‪ ،‬فإن‬
‫قبول العلم والستعدادات لفمهمحه تنشأ تدرياا‪ ،‬ويكون التعلم أول المر عاجزما عن الفمهم‬
‫بالمحلة إل ف القل‪ ،‬وعلى سبيل التقريب والجال وبالمثال السُية‪ ،‬ث ل يزمال‬
‫الستعداد فيه يتدرج قليلا قليل بخالفمة مسُائل ذلك الفمن‪ ،‬وتكرارها عليه والنتقال فيها‬
‫من التقريب إل الستيعاب الذي فوقه حت تتم اللكة ف الستعداد ث ف التحصيل‬
‫وييط بسُائل الفمن‪ .‬‏‬

‫وإذا ألقيت عليه الغايات ف البدايات‪ ،‬وهو حينئذ عاجزم عن الفمهم والوعي وبعيد عن‬
‫الستعداد له‪ ،‬كنل ذهنه عنها وحسُب ذلك من صعوبة العلم ف نفمسُه فتكاسل عنه‬
‫وانرف عن قبوله وتادى ف هجرانه‪ ،‬وإنا أتى ذلك من سوء التعليم‪ .‬‏‬

‫ول ينبغي للمحعلم أن يزميد متعلمحه على فهم كتابه الذي أكب على التعليم منه بسُب‬
‫طاقته وعلى نسُبة قبوله للتعليم مبتدئا كان أو منتهياا‪ ،‬ول يلط مسُائل الكتاب بغيخها‬
‫حت يعيه من أوله إل آخره ويصل أغراضه ويسُتول منه على ملكة با ينفمذ ف غيخه‪،‬‬
‫لن التعلم إذا حصل له ملكة ما ف علم من العلوم استعد با لقبول ما بقي‪ ،‬وحصل‬
‫له نشاطر ف طلب الزميد والنهوض إل ما فوق حت يسُتول على غايات العلم‪ .‬‏‬

‫وإذا خلط عليه المر عجزم عن الفمهم وأدركه الكلل وانطمحس فكره ويئس من التحصيل‬
‫وهجر العلم والتعليم وال يهدي من يشاء‪ .‬‏‬

‫وكذلك ينبغي لك أن ل تطول على التعلم ف الفمن الواحد بتفمريق الالس وتقطيع ما‬
‫بينها‪ ،‬لنه ذريعة إل النسُيان وانقطاع مسُائل الفمن )‪ /1‬‏‪ (119‬‏بعضها من بعض‪ ،‬فيعسُر‬
‫حصول اللكة بتفمريقها‪ .‬‏‬

‫وإذا كانت أوائل العلم وأواخره حاضرةا عند الفمكرةا مانبة للنسُيان كانت اللكة أيسُر‬
‫حصولا وأحكم ارتباط ا وأقرب صبغة‪ ،‬لن اللكات إنا تصل بتتابع الفمعل وتكراره‪ .‬‏‬

‫وإذا تنوسي الفمعل تنوسيت اللكة الناشأئة عنه وال علمحكم ما ل تكونوا تعلمحون‪ .‬‏‬

‫‪90‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫ومن الذاهب المحيلة والطرق الواجبة على التعلم عدم جع العلمحي مع ا فإنه قل أن‬
‫يظفمر بواحد منهمحا‪ ،‬لا فيه من تقسُيم البال وانصرافه عن كل واحد منهمحا إل تفمهم‬
‫الخر فيسُتغلقان معا ويسُتصعبان ويعود منهمحا باليبة‪ .‬‏‬

‫وإذا تفمرغ الفمكر لتعليم ما هو بسُبيله مقتصرا عليه فربا كان ذلك أجدر بتحصيله وال‬
‫سبحانه وتعال الوفق للصواب‪ .‬‏‬

‫قف‪ :‬‏اعلم أيها التعلم أن أتفمك بفمائدةا ف تعلمحك‪ ،‬فإن تلقيتها بالقبول وأمسُكتها بيد‬
‫الصناعة ظفمرت بكنزم عظيم وذخيخةا شأريفمة‪ .‬‏‬

‫وأقدم لك مقدمة تعينك ف فهمحها‪ ،‬وذلك أن الفمكر النسُان طبيعة مصوصة فطرها ال‬
‫كمحا فطر سائر مبتدعاته‪ ،‬وهو وجدان حركة للنفمس ف البطن الوسط من الدماغ‪ ،‬تارةا‬
‫يكون مبدأ للفعال النسُانية على نظام وترتيب‪ ،‬وتارةا يكون مبدأ لعلم ما ل يكن‬
‫حاصلا بأن يتوجه إل الطلوب وقد تصور طرفيه ويروم نفميه أو إثباته‪ .‬‏‬

‫فيلوحَّ له الوسط الذي يمحع بينهمحا أسرع من لح البصر إن كان واحداا‪ ،‬وينتقل إل‬
‫تصيل آخر إن كان متعدداا‪ ،‬ويصيخ إل الظفمر بطلوبه‪ .‬‏‬

‫هذا شأأن هذه الطبيعة الفمكرية الت تيزم با البشر من بي سائر اليوانات‪ .‬‏‬

‫ث الصناعة النطقية هي كيفمية فعل هذه الطبيعة الفمكرية النظرية تصفمه ليعلم سداده من‬
‫خطئه‪ ،‬لنا وإن كان الصواب لا ذاتي ا إل أنه )‪ /1‬‏‪ (120‬‏قد يعرض لا الطأ ف‬
‫القل من تصور الطرفي على غيخ صورتمحا من اشأتباه اليئات ف نظم القضايا وترتيبها‬
‫للنتاج‪ ،‬فتعي النطق للتخلصخ من ورطة هذا الفمسُاد إذا عرض‪ .‬‏‬

‫فالنطق إذا أمر صناعي مسُاوق للطبيعة الفمكرية ومنطبق على صورةا فعلها‪ .‬‏‬

‫ولكونه أمرا صناعيا استغن عنه ف الكثر‪ ،‬ولذلك تد كثيخا من فحول النظار ف‬
‫الليقة يصلون على الطالب ف العلوم دون صناعة النطق‪ ،‬ول سيمحا مع صدق النية‬

‫‪91‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫والتعرض لرحة ال فإن ذلك أعظم معنم‪ ،‬ويسُلكون بالطبيعة الفمكرية على سدادها‬
‫فيفمضي بالطبع إل حصول الوسط والعلم بالطلوب كمحا فطرها ال عليه‪ .‬‏‬

‫ث من دون هذا المر الصناعي الذي هو النطق مقدمة أخرى من التعلم‪ ،‬وهي معرفة‬
‫اللفماظ ودللتا على العان الذهنية تردها من مشافهة الرسوم بالكتاب ومشافهة اللسُان‬
‫بالطاب‪ .‬‏‬

‫فل بد أيها التعلم من ماوزتك هذه الجب كلها إل الفمكر ف مطلوبك‪ .‬‏‬

‫فأولا‪ :‬‏دللة الكتابة الرسومة على اللفماظ القولة وهي أخفمها‪ .‬‏ث دللة اللفماظ القولة‬
‫على العان الطلوبة‪ .‬‏‬

‫ث القواني ف ترتيب العان للستدلل ف قوالبها العروفة ف صناعة النطق‪ .‬‏‬

‫ث تلك العان مردةا ف الفمكر أشأراك ا يقتنصخ با الطلوب بالطبيعة الفمكرية بالتعرض‬
‫لرحة ال ومواهبه‪ .‬‏‬

‫وليس كل أحد يتجاوز هذه الراتب بسُرعة ول يقطع هذه الجب ف التعليم بسُهولة‪،‬‬
‫بل ربا وقف الذهن ف حجب اللفماظ بالناقشات أو عثر ف أشأراك الدلة بشغب‬
‫الدال والشبهات‪ ،‬وقعد عن تصيل الطلوب ول يكد يتخلصخ من تلك الغمحرةا إل قليل‬
‫من هداه ال‪ .‬‏‬

‫فإذا ابتليت بثل ذلك وعرض لك ارتباك ف فهمحك أو تشغيب )‪ /1‬‏‪ (121‬‏بالشبهات‬
‫ف ذهنك فاطرحَّ ذلك وانتبذ حجب اللفماظ وعوائق الشبهات‪ ،‬واترك المر الصناعي‬
‫جلة‪ ،‬واخلصخ إل فضاء الفمكر الطبيعي الذي فطرت عليه‪ ،‬وسرحَّ نظرك فيه‪ ،‬وفرغ‬
‫ذهنك له للغوص على مرامك منه واضعا لا حيث وضعها أكابر النظار قبلك‪،‬‬
‫مسُتعرضا للفمتح من ال كمحا فتح عليهم من ذهنهم من رحته وعلمحهم ما ل يكونوا‬
‫يعلمحون‪ .‬‏‬

‫‪92‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫فإذا فعلت ذلك أشأرقت عليك أنوار الفمتح من ال بالظفمر بطلوبك‪ ،‬وحصل اللام‬
‫الوسط الذي جعله ال من مقتضيات ذاتيات هذا الفمكر وفطره عليه كمحا قلنا؛ فارجع‬
‫به إل قوالب الدلة وصورها فأفرغه فيها ووفه حقه من القانون الصناعي‪ ،‬ث اكسُه صور‬
‫اللفماظ وأبرزه إل عال الطاب والشافهة وثيق العرى صحيح البنيان‪ .‬‏‬

‫وأما إن وقفمت عند الناقشة والشبهة ف الدلة الصناعية وتحيصخ صوابا من خطئها ‪-‬‬
‫وهذه أمور صناعية وضعية تسُتوي جهاتا التعددةا وتتشابه لجل الوضع والصطلحَّ ‪-‬‬
‫فل تتمحيزم جهة الق منها‪ ،‬إذ جهة الق إنا تسُتبي إذا كانت بالطبع‪ ،‬فيسُتمحر ما‬
‫حصل من الشك والرتياب وتسُدل الجب عن الطلوب‪ ،‬وتقعد بالناظر‪ ،‬عن تصيله‬
‫وهذا شأأن الكثرين من النظار والتأخرين سيمحا من سبقت له عجمحة ف لسُانه فربطت‬
‫عن ذهنه‪ .‬‏‬

‫ومن حصل له شأغف بالقانون النطقي تعصب له فاعتقد أنه الذريعة إل إدراك الق‬
‫بالطبع‪ ،‬فيقع ف اليخةا بي شأبه الدلة وشأكوكها‪ .‬‏‬

‫ول يكاد يلصخ منها‪ ،‬والذريعة إل درك الق بالطبع إنا هو الفمكر الطبيعي كمحا قلناه‬
‫إذا جرد عن جيع الوهام وتعرض الناظر فيه إل رحة ال تعال‪ .‬‏‬

‫وأما النطق فإنا هو واصف لفمعل هذا الفمكر فيسُاوقه لذلك ف الكثر‪ .‬‏‬

‫فاعتب ذلك واستمحطر رحة )‪ /1‬‏‪ (122‬‏ال تعال مت أعوزك فهم السُائل تشرق عليك‬
‫أنواره باللام إل الصواب‪ ،‬وال الادي إل رحته‪ ،‬وما العلم إل من عند ال تعال((‪ .‬‏‬

‫قف‪ :‬‏))اعلم أن العلوم التعارفة بي أهل العمحران على صنفمي‪ :‬‏‬

‫علوم مقصودةا بالذات‪ ،‬كالشرعيات من التفمسُيخ والديث والفمقه وعلم الكلم‪،‬‬


‫وكالطبيعيات والليات من الفملسُفمة‪ .‬‏‬

‫‪93‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وعلوم هي آلية وسيلة لذه العلوم‪ ،‬كالعربية والسُاب وغيخها للشرعيات‪ ،‬وكالنطق‬
‫للفملسُفمة‪ ،‬وربا كان آلة لعلم الكلم ولصول الفمقه على طريقة التأخرين‪ .‬‏‬

‫فأما العلوم الت هي مقاصد فل حرج ف توسعة الكلم فيها وتفمريع السُائل واستكشاف‬
‫الدلة والنظار‪ .‬‏‬

‫فإن ذلك يزميد طالبها تكن ا ف ملكته وإيضاح ا لعانيها القصودةا‪ .‬‏‬

‫وأما العلوم الت هي آلة لغيخها مثل العربية والنطق وأمثالمحا فل ينبغي أن ينظر فيها إل‬
‫من حيث هي آلة لذلك الغيخ فقط‪ ،‬ول يوسع فيها الكلم ول تفمرع السُائل‪ ،‬لن ذلك‬
‫مرج لا عن القصود‪ ،‬إذ القصود منها ما هي آلة له ل غيخ‪ ،‬فكلمحا خرجت عن ذلك‬
‫خرجت عن القصود وصار الشأتغال با لغوا مع ما فيه من صعوبة الصول على‬
‫ملكتها بطولا وكثرةا فروعها‪ .‬‏‬

‫وربا يكون ذلك عائقا عن تصيل العلوم القصودةا بالذات لطول وسائلها‪ ،‬مع أن شأأنا‬
‫أهم‪ ،‬والعمحر يقصر عن )‪ /1‬‏‪ (123‬‏تصيل المحيع على هذه الصورةا‪ .‬‏‬

‫فيكون الشأتغال بذه العلوم اللية تضييعا للعمحر وشأغلا با ل يعن وهذا كمحا فعل‬
‫التأخرون ف صناعة النحو وصناعة النطق وأصول الفمقه‪ ،‬لنم أوسعوا دائرةا الكلم فيها‪،‬‬
‫وأكثروا من التفماريع والستدللت با أخرجها عن كونا آلة وصيخها من القاصد‪ ،‬وربا‬
‫يقع فيها أنظار ل حاجة با ف العلوم القصودةا‪ ،‬فهي من نوع اللغو‪ ،‬وهي أيضا مضرةا‬
‫بالتعلمحي على الطلق لن التعلمحي اهتمحامهم بالعلوم القصودةا أكثر من اهتمحامهم‬
‫بوسائلها‪ .‬‏‬

‫فإذا قطعوا لذا العمحر ف تصيل الوسائل فمحت يظفمرون بالقصاد‪ ،‬فلهذا يب على‬
‫العلمحي لذه العلوم اللية أن ل يسُتبحروا ف شأأنا وينبهوا التعلم على الغرض منها‬
‫ويقفموا به عنده‪ ،‬فمحن نزمعت به هته بعد ذلك إل شأيء من التوغل فليخق له ما شأاء من‬
‫ل‪ ،‬وكل ميسُر لا خلق له((‪ .‬‏‬
‫الراق صعبا أو سه ا‬

‫‪94‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫العلم الثامن ف آداب التعلم‪ ،‬والعلم‬

‫آداب التعلم‬

‫أما التعلم‪ :‬‏فآدابه ووظائفمه كثيخةا؛ ولكن ينظم تفماريقها عشر جل‪ :‬‏‬

‫الول‪ :‬‏تقدي طهارةا النفمس عن رذائل اللق ومذموم الوصاف‬

‫إذ العلم عبادةا القلب وصلحَّ السُر وقربة الباطن إل ال تعال‪ .‬‏‬

‫فل تصح هذه العبادةا إل بعد طهارةا القلب عن خبائت الخلق وأناس الوصاف‪ .‬‏‬

‫الثانية‪ :‬‏أن يقلل علئقه من الشأتغال بالدنيا‪ ،‬ويبعد عن الهل والوطن‬

‫فإن العلئق شأاغلة وصارفه‪ ،‬وما جعل ال لرجل من قلبي ف جوفه‪ .‬‏‬

‫ومهمحا توزعت الفمكرةا قصرت عن درك القائق‪ ،‬ولذلك قيل‪ :‬‏العلم ل يعطيك بعضه حت‬
‫تعطيه كلك‪ ،‬فإذا أعطيته كلك فأنت من إعطائه إياك بعضه على خطر‪ .‬‏‬

‫والفمكرةا التوزعة على أمور متفمرقة كجدول تفمرق ماؤره فنشفمت الرض بعضه واختطف‬
‫الواء بعضه فل يبقى منه ما يتمحع ويبلغ الزمرع‪ .‬‏‬

‫الثالثة‪ :‬‏أن ل يتكب على العلم‪ ،‬ول يتأمر على العلم‬

‫بل يلقي إليه )‪ /1‬‏‪ (125‬‏زمام أمره بالكلية ف كل تفمصيل ويذعن لنصيحته إذعان‬
‫الريض الاهل للطبيب الشفمق الاذق‪ ،‬وينبغي أن يتواضع لعلمحه ويطلب الثواب والشرف‬
‫بدمته‪ .‬‏‬

‫الرابعة‪ :‬‏أن يتمز الائض ف العلم ف مبدأ المر عن الصغاء إل اختلف الناس‬

‫‪95‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫سواء كان ما خاض فيه من علوم الدنيا أو من علوم الخرةا‪ ،‬فإن ذلك يدهش عقله‬
‫وييخ ذهنه ويفمتم رأيه ويؤيسُه من الدراك والطلع‪ .‬‏‬

‫بل ينبغي أن يتقن أولا الطريقة المحيدةا الواحدةا الرضية عند أستاذه ث بعد ذلك يصغي‬
‫إل الذاهب والشبه وإن ل يكن أستاذه مسُتقلا باختيار رأي واحد وإنا عادته نقل‬
‫الذاهب وما قيل فيها‪ ،‬فليحتمز منه فإن إضلله أكثر من إرشأاده‪ ،‬فل يصلح العمحى‬
‫لقود العمحيان وإرشأادهم‪ ،‬ومن هذا حاله بعد ف عمحى اليخةا وشأبه الهل‪ .‬‏‬

‫الامسُة‪ :‬‏أن ل يدع طالب العلم فنا من العلوم المحودةا‪ ،‬ول نوعا من أنواعها‬

‫إل وينظر فيه نظرا يطلع به على مقصده وغايته‪ ،‬ث إن ساعده العمحر طلب التبحر فيه‬
‫وإل اشأتغل بالهم منه واستوفاه وتطرف من البقية فإن العلوم متعاونة وبعضها مرتبط‬
‫ببعض‪ .‬‏‬

‫ويسُتفميد منه ف الال النفمكاك عن عداوةا ذلك العلم بسُبب‪ .‬‏جهله‪ ،‬فإن الناس أعداء‬
‫ما جهلوا‬

‫إفك ‏قدي ‏{ ‏فالعلوم على درجاتا إما سالكة‬


‫هذا ‏ ‏‬
‫وإذ ‏ ‏ل ‏يهتدوا ‏ ‏ ‏به ‏فسُيقولون ‏ ‏ ‏‬
‫قال تعال‪ :‬‏ ‏ ‏} ‏ ‏‬
‫بالعبد إل ال تعال أو معينة على السُلوك نوع ا من العانة؛ ولا منازل مرتبة ف القرب‬
‫والبعد من القصود‪ /1) ،‬‏‪ (126‬‏والقوامون با حفمظة كحافظ الرباطات والثغور‪ ،‬ولكل‬
‫واحد رتبة وله بسُب درجته أجر ف الخرةا إذا قصد به وجه ال تعال‪ .‬‏‬

‫السُادسة‪ :‬‏أن ل يأخذ ف فن من فنون العلم دفعة‬

‫بل يراعي التمتيب ويبتدئ بالهم‪ .‬‏‬

‫فإن العمحر إذا كان ل يتسُع لمحيع العلوم غالب ا فالزمم أن يأخذ من كل شأيء أحسُنه‬
‫ويكتفمي منه بشمحه‪ ،‬ويصرف جام قوته ف اليسُور من علمحه إل استكمحال العلم الذي‬
‫هو أشأرف العلوم وهو علم الخرةا‪ ،‬ولسُت أعن به العتقاد الذي يتلقنه العامي وراثة أو‬

‫‪96‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫تلقفماا‪ ،‬ول طريق ترير الكلم والادلة فيه عن مراوغات الصوم كمحا هو غاية التكلم‪،‬‬
‫بل ذلك نوع يقي هو ثرةا نور يقذفه ال تعال ف قلب عبد طهر بالاهدةا باطنه عن‬
‫البائث حت ينتهي إل رتبة إيان الصديق رضي ال عنه الذي لو وزن بإيان العالي‬
‫لرجح‪ .‬‏‬

‫السُابعة‪ :‬‏أن ل يوض ف فن حت يسُتوف الفمن الذي قبله‬

‫فإن العلوم مرتبة ترتيبا ضروريا وبعضها طرق إل بعض‪ ،‬والوفق من راعى ذلك التمتيب‬
‫والتدريج وليكن قصده ف كل علم يتحراه التمقي إل ما هو فوقه‪ .‬‏‬

‫وبنبغي أن يعرف الشيء ف نفمسُه فل كل علم يسُتقل بالحاطة به كل شأخصخ‪،‬‬


‫ولذلك قال علي رضي ال عنه‪ :‬‏))ل تعرف الق بالرجال‪ .‬‏اعرف الق تعرف أهله((‪ .‬‏)‬
‫‪ /1‬‏‪ (127‬‏‬

‫الثامنة‪ :‬‏أن يعرف السُبب الذي به يدرك شأرف العلوم‬

‫وأن ذلك يراد به شأيئان‪ :‬‏‬

‫أحدها‪ :‬‏شأرف الثمحرةا‬

‫والثان‪ :‬‏وثاقة الدليل‪ ،‬وقوته‬

‫وذلك‪ :‬‏كعلم الدين وعلم الطب‪ .‬‏‬

‫التاسعة‪ :‬‏أن يكون قصد التعلم ف الال تلية باطنه وتمحيله بالفمضيلة‬

‫وف الال القرب من ال سبحانه والتمقي إل جوار الل العلى من اللئكة والقربي‪ .‬‏‬

‫ول يقصد به الرياسة والال والاه وماراةا السُفمهاء ومباهاةا القران‪ .‬‏وإذا كان هذا مقصده‬
‫‪-‬طلب ل مالة ‪ -‬‏القرب إل مقصوده وهو علم الخرةا‪ .‬‏‬

‫‪97‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫ومع هذا فل ينبغي أن ينظر بعي القارةا إل سائر العلوم كالنحو واللغة التعلقي‬
‫بالكتاب والسُنة وغيخ ذلك‪ .‬‏‬

‫العاشأرةا‪ :‬‏أن يعلم نسُبة العلوم إل القصد‬

‫كمحا يؤثر القريب الرفيع على البعيد الوضيع والهم على غيخه‪ .‬‏‬

‫ومعنم الهم ما يهمحك‪ ،‬ول يهمحك إل شأأنك ف الدنيا والخرةا وإذا ل يكنك المحع بي‬
‫ملذ الدنيا ونعيم الخرةا كمحا نطق به القرآن وشأهد له نور البصائر ما يري مرى العيان‬
‫فالهم ما يبقى أبد الباد‪ ،‬وعند ذلك تصيخ الدنيا منزملا والبدن مركب ا والعمحال سعي ا‬
‫إل القصد ول مقصد إل لقاء ال تعال‪ ،‬ففميه النعيم كله وإن كان ل يعرف ف هذا‬
‫العال قدره إل القلون‪ .‬‏‬

‫وأما‪ :‬‏وظائف العلم الرشأد‬

‫فالول‪ :‬‏الشفمقة على التعلمحي‪ ،‬وأن يريهم مرى بنيه‬

‫ولذلك صار حق العلم أعظم من حق الوالدين‪ .‬‏ولول العلم لنسُاق ما حصل من جهة‬
‫الب إل اللك الدائم‪ ،‬وإنا العلم هو الفميد للحياةا الخروية الدائمحة‪ ،‬كمحا أن الوالد‬
‫سبب الوجود الاضر الفمان‪ .‬‏‬

‫والراد معلم علوم )‪ /1‬‏‪ (128‬‏الخرةا أو علوم الدنيا على قصد الخرةا ل على قصد‬
‫الدنيا‪ .‬‏فأما التعليم على قصد الدنيا فهو هلك وإهلكه نعوذ بال منه‪ .‬‏‬

‫الثانية‪ :‬‏أن يقتدي بصاحب الشرع‬

‫فل يطلب على إفادةا العلم أجرا ول يقصد به جزماء ول شأكراا‪ ،‬بل يعلم لوجه ال تعال‬
‫وطلبا للتقرب إليه‪ ،‬ول يرى لنفمسُه منة عليهم وإن كانت النة لزمة لم‪ ،‬بل يرى الفمضل‬

‫‪98‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫لم وثوابه ف التعليم أكثر من ثواب التعلم عند ال تعال‪ ،‬ولول التعلم ما ثبت هذا‬
‫الثواب فل يطلب الجر إل من ال تعال‪ .‬‏‬

‫الثالثة‪ :‬‏أن ل يدع من نصح التعلم شأيئ ا‬

‫وذلك بأن ينعه من التصدي لرتبة قبل استحقاقها‪ ،‬والتشاغل بعلم خفمي قبل الفمراغ من‬
‫اللي‪ .‬‏‬

‫ث ينبهه على أن يطلب العلوم للقرب إل ال دون الرئاسة والباهاةا والنافسُة‪ ،‬ويقدم‬
‫تقبيح ذلك ف نفمسُه بأقصى ما يكن فليس ما يصلحه العال الفماجر بأكثر ما يفمسُده‪.‬‬
‫فإن علم من باطنه أنه ل يطلب العلم إل للدنيا نظر إل العلم الذي يطلبه فإن كان‬
‫هو علم اللف ف الفمقه والدل ف الكلم والفمتاوى ف الصومات والحكام فيمحنعه‬
‫من ذلك‪ .‬‏‬

‫فإن هذه العلوم ليسُت من علوم الخرةا ول من العلوم الت قيل فيها‪ :‬‏تعلمحنا العلم لغيخ‬
‫ال فأب العلم إل أن يكون ال‪ ،‬وإنا ذلك علم التفمسُيخ وعلم الديث وما كان الولون‬
‫يشتغلون به من علم الخرةا ومعرفة أخلق النفمس وكيفمية تذيبها‪ ،‬فإذا تعلم الطالب‬
‫وقصده الدنيا فل بأس أن يتمكه‪ .‬‏‬

‫الرابعة‪ :‬‏وهي من دقائق صناعة التعليم‪ ،‬أن يزمجر التعلم عن سوء الخلق‬

‫بطريق التعريض ما أمكن ول يصرحَّ‪ ،‬وبطريق الرحة )‪ /1‬‏‪ (129‬‏ل بطريق التوبيخ‪ ،‬فإن‬
‫التصريح بتك حجاب اليبة ويورث الرأةا على الجوم باللف ويهيج الرص على‬
‫الصرار‪ .‬‏‬

‫الامسُة‪ :‬‏أن التكفمل ببعض العلوم ينبغي أل يقبح ف نفمس التعلم العلوم الت وراءه‬

‫كمحعلم اللغة‪ ،‬إذ عادته تقبيح علم الفمقه ومعلم الفمقه عادته تقبيح علم الديث‬
‫والتفمسُيخ‪ ،‬ذلك نقل مض وساع بت وهو شأأن العجائزم ول نظر للعقل فيه ومعلم‬

‫‪99‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫الكلم ينفمر عن الفمقه ويقول‪ :‬‏ذلك فروع وهو كلم ف حيض النسُوان فأين ذلك من‬
‫الكلم ف صفمة الرحن‪ .‬‏‬

‫فهذه أخلق مذمومة للمحعلمحي ينبغي أن تتنب‪ ،‬بل التكفمل بعلم واحد ينبغي أن يوسع‬
‫على التعلم طريق التعليم ف غيخه‪ ،‬وإن كان متكفملا بعلوم فينبغي أن يراعي التدريج ف‬
‫ترقية التعلم من رتبة إل رتبة‪ .‬‏‬

‫السُادسة‪ :‬‏أن يقتصر بالتعلم على قدر فهمحه‬

‫ول يلقي إليه مال يبلغه عقله فينفمره أو يبط عليه عقله كمحا قيل‪ :‬‏كلمحوا الناس على‬
‫قدر عقولم‪ .‬‏‬

‫وأشأار علي عليه السُلم إل صدره ))إن ههنا لعلوما جة لو وجدت لا حلة((‪ .‬‏‬

‫السُابعة‪ :‬‏أن التعلم القاصر ينبغي أن يلقي إليه اللي اللئق به‬

‫ول يذكر له أن وراء هذا تدقيقا وهو يدخره عنه‪ ،‬فإن ذلك يفمتم رغبته ف اللي‪،‬‬
‫ويشوش عليه قلبه‪ ،‬ويوهم إليه البخل به عنه‪ ،‬إذ يظن كل أحد أنه أهل لكل علم‬
‫دقيق‪ ،‬فمحا من أحد إل وهو راض عن ال سبحانه ف كمحال عقله‪ ،‬وأشأدهم حاقة‬
‫وأضعفمهم عقلا هو أفرحهم بكمحال عقله‪ .‬‏‬

‫الثامنة‪ :‬‏أن يكون العلم عاملا بعلمحه‬

‫فل يكذب قوله فعله فإن العلم يدرك بالبصائر‪ ،‬والعمحل يدرك بالبصار وأرباب البصار‬
‫أكثر‪ ،‬فإذا )‪ /1‬‏‪ (130‬‏خالف العمحل العلم منع الرشأد‪ .‬‏‬

‫وكل من تناول شأيئا وقال للناس‪ :‬‏ل تتناولوه فإنه سم مهلك سخر الناس به واتمحوه وزاد‬
‫حرصهم عليه فيقولون‪ :‬‏لول أنه أطيب الشأياء وألذها لا كان يسُتأثر به‪ .‬‏‬

‫‪100‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫هذا خلصة ما ف )الحياء( ‏وقد أطال ف تقرير كل أدب ووظيفمة من هذه الداب‬
‫والوظائف إطالة حسُنة‪ .‬‏وعقد الباب السُادس من كتاب )العلم( ‏ف آفات العلم وبيان‬
‫علمات علمحاء الخرةا والعلمحاء السُوء‪ .‬‏وال تعال أعلم بالصواب‪ .‬‏‬

‫وللشيخ العال برهان السلم الزمرنوجي تلمحيذ صاحب )الداية( ‏كتاب ساه )تعليم التعلم‬
‫طريق التعلم( ‏وجعله فصولا قال فيه‪ :‬‏))إنه ل يفمتمض على كل مسُلم طلب كل علم‪،‬‬
‫وإنا يفمتمض عليه طلب علم الال‪ ،‬أي علم ما يقع له ف حاله من الصلةا والزمكاةا‬
‫والصوم والج‪ .‬‏ول بد له من النية ف زمان تعلم العلم لقوله صلى ال عليه وسلم‪ :‬‏))إنا‬
‫العمحال بالنيات(( ‏وينوي بطلب العلم رضاء ال تعال والدار الخرةا‪ ،‬وإزالة الهل عن‬
‫نفمسُه وعن سائر الهال‪ ،‬وإحياء الدين وإبقاء السلم‪ ،‬فإن بقاء السلم بالعلم‪ .‬‏‬

‫ول يصح الزمهد والتقوى مع الهل‪ .‬‏ول ينوي به إقبال الناس إليه‪ ،‬ول استجلب حطام‬
‫الدنيا والكرامة عند السُلطان وغيخه‪ .‬‏ول يذل نفمسُه بالطمحع‪ ،‬ويتحرز عمحا فيه مذلة العلم‬
‫وأهله‪ .‬‏ويتار من كل علم أحسُنه ويقدم علم التوحيد والعرفة‪ ،‬وإن كان إيان القلد‬
‫صحيحاا‪ ،‬ويتار العتيق دون الدثات‪ ،‬ول يشتغل بذا الدل الذي ظهر بعد )‪/1‬‬
‫‪ (131‬‏انقراض الكابر من العلمحاء‪ .‬‏وأما اختيار الستاذ فيختار العلم والورع والسن‪ .‬‏‬

‫والشاورةا ف طلب العلم أهم وأوجب‪ .‬‏وينبغي أن يثبت ويصب على أستاذ وعلى كتاب‬
‫حت ل يتمكه أبتم‪ ،‬وعلى فن حت ل يشتغل بفمن آخر قبل أن يتقن الول‪ ،‬وعلى بلد‬
‫حت ل ينتقل إل بلد آخر من غيخ ضرورةا‪ ،‬ول ينال ول ينتفمع به إل بتعظيم العلم وأهله‬
‫وتعظيم الستاذ وتوقيخه‪ .‬‏‬

‫ول بد لطالب العلم من الد والواظبة واللزمة‪ ،‬وإليه الشأارةا ف القرآن الكري ‏ ‏}والذين‬
‫سبلنا{ ‏و}يا ييح خذ الكتاب بقوةا{ ‏قيل‪ :‬‏اتذ الليل جلا تدرك‬ ‫لنهدينهم ‏ ‏‬
‫ ‏‬ ‫فينا ‏‬
‫ ‏جاهدوا ‏ ‏ ‏‬
‫به أمل‪ .‬‏‬

‫‪101‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫ويواظب على الدرس والتكرار ف أول الليل وآخره‪ ،‬فإن ما بي العشاءين ووقت السُحر‬
‫وقت مبارك‪ ،‬والكسُل من قلة التأمل ف مناقب العلم وفضائله‪ .‬‏‬

‫والعلم النافع يصل به حسُن الذكر ويبقى ذلك بعد وفاته فإنه حياةا أبدية‪ .‬‏ويوقف بداية‬
‫السُبق على يوم الربعاء‪ ،‬وهكذا كان فعل أبو حنيفمة ‪ -‬‏رحه ال ‪-‬بل كان الشيخ أبو‬
‫يوسف المحدان يوقف كل عمحل من أعمحال اليخ على يوم الربعاء‪ ،‬وهذا لنه يوم خلق‬
‫فيه النور وهو يوم نس ف حق الكفمار فيكون مبارك ا للمحؤمني‪ .‬‏وينبغي أن يكون قدر‬
‫السُبق للمحبتدئ قدر ما يكن ضبطه بالعادةا مرتي بالرفق‪ ،‬ويزميد كل يوم كلمحة وقد‬
‫قيل‪ :‬‏السُبق حرف والتكرار ألف‪ .‬‏‬

‫قال الستاذ شأرف الدين العقيلي‪ :‬‏الصواب عندي ف هذا ما فعله مشائخنا‪ ،‬وإنم كانوا‬
‫يتارون للمحبتدئ صغارات البسُوطر لنه أقرب إل الفمهم والضبط وأبعد عن الللة وأكثر‬
‫وقوعا بي الناس‪ ،‬قيل‪ :‬‏حفمظ حرفي خيخ من ساع وقرين‪ ،‬وفهم حرفي خيخ من حفمظ‬
‫وقرين‪ .‬‏فينبغي أن ل يتهاون ف الفمهم‪ .‬‏)‪ /1‬‏‪ (132‬‏‬

‫ول بد من الذاكرةا والناظرةا والطارحة‪ ،‬لكن بالنصاف والتأن والتأمل دون الشغب‬
‫والغضب‪ ،‬وهي أقوى من فائدةا مرد التكرار‪ .‬‏قيل‪ :‬‏مطارحة ساعة خيخ من تكرار شأهر‪ .‬‏‬

‫ويشتمي بالال الكتب‪ ،‬ويسُتكتب فيكون عون ا على التعلم والتفمقه‪ ،‬وينبغي أن ل يكون‬
‫لطالب العلم فتمةا فإنا آفة‪ .‬‏‬

‫ويتوكل ف طلب العلم ول يهتم لمر الرزق‪ ،‬ول يشغل قلبه بذلك‪ .‬‏‬

‫ووقت التعلم من الهد إل اللحد‪ ،‬دخل حسُن بن زياد ف التفمقه وهو ابن ثاني سنة‪ .‬‏‬

‫وأفضل الوقات شأرخ الشباب ووقت السُحر وما بي العشاءين‪ .‬‏وينبغي أن يسُتغرق جيع‬
‫أوقاته‪ ،‬فإذا مل من علم يشتغل بعلم آخر‪ .‬‏كان ابن عباس إذا مل من علم الكلم قال‪:‬‬
‫))هاتوا ديوان الشعر(( ‏ويكون مسُتفميدا ف كل وقت حت يصل له الفمضل‪ .‬‏‬

‫‪102‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وطريق الستفمادةا أن يكون معه ف كل وقت مبةا حت يكتب ما يسُمحع من الفموائد‪،‬‬


‫قيل‪ :‬‏ما حفمظ فر وما كتب قر‪ .‬‏‬

‫وأقوى أسباب الفمظ الد والواظبة وتقليل الغذاء‪ ،‬وصلةا الليل‪ ،‬وقراءةا القرآن‪ ،‬نظراا‪،‬‬
‫والسُواك‪ ،‬وشأرب العسُل وأكل الكندر مع السُكر‪ ،‬وأكل ما يقلل البلغم والرطوبات يزميد‬
‫ف الفمظ‪ ،‬وكل ما يزميد ف البلغم يورث النسُيان‪ ،‬ومن أسبابه اقتماف العاصي وكثرةا‬
‫الذنوب والمحوم والحزمان ف أمور الدنيا وكثرةا الشأغال والعلئق‪ .‬‏‬

‫وأما أسباب نسُيان العلم‪ :‬‏فأكل الكسُبةا الرطبة‪ ،‬وأكل التفماحَّ الامض‪ ،‬والنظر إل )‪/1‬‬
‫‪ (133‬‏الصلوب‪ ،‬وقراءةا ألواحَّ القبور‪ ،‬والرور بي قطار المحال‪ ،‬وإلقاء القمحل على‬
‫الرض‪ ،‬والجامة على نقرةا القفما‪ ،‬كلها تورث النسُيان‪ .‬‏‬

‫وارتكاب الذنب سبب حرمان الرزق خصوص ا الكذب يورث الفمقر‪ ،‬وكذا نوم الصبح‪،‬‬
‫وكثرةا النوم تورث فقد العلم إل غيخ ذلك‪ .‬‏‬

‫وما يزميد ف الرزق التسُبيح بعد الفمجر وبعد الغرب‪ .‬‏وما يزميد ف العمحر الب وترك الذى‪،‬‬
‫وتوقيخ الشيوخ‪ ،‬وصلة الرحم‪ ،‬والحتماز عن قطع الشأجار الرطبة إل عند الضرورةا‪،‬‬
‫وإسباغ الوضوء‪ ،‬والصلةا بالتعظيم والشوع‪ ،‬والقرآن بي الج والعمحرةا‪ ،‬وحفمظ الصحة‪ .‬‏‬

‫ول بد أن يتعلم شأيئا من الطب‪ ،‬ويتبك بالثار الواردةا ف الطب الذي جعه الشيخ‬
‫المام أبو العباس السُتغفمري ف كتابه السُمحى بـ )طب النب( ‏صلى ال عليه وسلم يده‬
‫من يطلبه‪ .‬‏‬

‫هذا خلصة ما ذكره الزمرنوجي ‪ -‬‏رحه ال ‪ .-‬‏‬

‫وكتاب‪ :‬‏)جواهر العقدين ف فضل الشرفي‪ :‬‏شأرف العلم اللي والنسُب العلي( ‏للشيخ‪،‬‬
‫المام‪ ،‬العلمة‪ :‬‏علي ابن الشيخ‪ :‬‏جال الدين السُمحهودي‪ ،‬الشافعي ‪ -‬‏رحه ال ‪ -‬‏قد‬

‫‪103‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫اشأتمحل على جلة كافية من بيان شأرف العلم‪ ،‬وآداب العال والتعلم‪ ،‬وطريق الدرس‪،‬‬
‫واقتناء الكتب‪ ،‬وغيخها‪ ،‬اشأتمحالا نافعاا؛ فمحن شأاء الزميادةا فعليه به‪ ،‬وبال التوفيق‪ .‬‏‬

‫ ‏الفمصل التاسع ف حالة العلمحاء‬

‫اعلم أن العلم له حقائق لغوية‪ :‬‏وهو ضد الهل‪ .‬‏‬

‫واصطلحية‪ :‬‏وهي كمحا قيل‪ :‬‏من جع بي علم العقول والنقول‪ .‬‏‬

‫وكمحا قيل‪ :‬‏من تكن من إثبات السُائل بأدلتها عن علم وثبت‪ .‬‏‬

‫وعرفية‪ :‬‏وهي كل من اشأتغل بتحصيل العلم‪ ،‬ولو كان على جهة التقليد‪ ،‬أو الشروع ف‬
‫التحصيل‪ .‬‏‬

‫فيطلق العال على من تعلم النحو والصرف‪ ،‬أو الفمقه أو جيعها‪ .‬‏‬

‫وليس مرادي إل من تكن من إثبات السُائل بأدلتها عن علم وثبت‪.‬فيشمحل من عرف‬


‫جيع اللت‪ ،‬وعرف الكتاب والسُنة‪ ،‬فإنه يتمحكن من إثباتا على ذلك الوجه‪ .‬‏‬

‫وعلوم العقل ل دخل لا ف الشريعة‪ ،‬وإن العال با ل يدخل ف مفمهوم ))العلمحاء ورثة‬
‫النبياء(( ‏وال تعال قد أغنانا عن الكتب السُابقة‪ ،‬الت أنزملت على النبياء عليهم‬
‫السُلم‪ ،‬با أنزمله إل رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وجع فيه كل خيخ‪ ،‬واحتوى على‬
‫نم وعلمح ا وحكمحة وغيخ ذلك‪ ،‬فكيف نرجع إل كتب الكمحاء ل‬ ‫كل فضيلة لفمظ ا ومع ا‬
‫نعلم أذلك عنهم‪ ،‬من ذات أنفمسُهم‪ ،‬أو عن وحي إل رسول منهم؟ وأول ما خرج ذلك‬
‫ف دولة بن العباس‪ ،‬وأكثر من أخرجه )‪ /1‬‏‪ (135‬‏الأمون ووقع الشأتغال به‪ ،‬والن‬
‫والفمت‪ ،‬وهلك به جاعة أوقعهم ف الكفمر والزمندقة‪ ،‬واشأتغل به الأمون‪ ،‬حت إنه أرسل‬
‫إل ملك الفرنج‪ ،‬وذكر له أن مراده ف الكتب الت لديهم‪ ،‬وعربوها له‪ ،‬ونبش لد‬
‫كسُرى من أجل أنه قيل له‪ :‬‏إن ف قبه تابوتا فيه من كتب القدماء‪ .‬‏‬

‫‪104‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫على أنه لو كان ل بد منه ف العلم‪ ،‬لكان الصحابة كلهم ليسُوا بعلمحاء‪ ،‬لنم ل‬
‫يعرفوا علوم العقول‪ ،‬وكذا من بعدهم من التابعي ومن تبعهم ول قائل به ف العال‪ ،‬وقد‬
‫قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬‏))نن أمة أمية ل نكتب ول نسُب((‪ .‬‏‬

‫وأما العرف فغيخ معمحول به‪ ،‬لنه إذا اشأتغل بفمن وعرفه سي ف العرف عالا وليس هو‬
‫ل‪ ،‬ول يقدر أن يعمحل بفمرع من فروع‬
‫من العلم ف شأيء‪ ،‬لنه ل ينتفمع به ف الدين أص ا‬
‫الشريعة بنفمس ذلك الفمن‪ ،‬كالنحو وغيخه‪ .‬‏‬

‫وإنا تلك الفمنون آلة للكتاب والسُنة‪ ،‬فمحن اشأتغل با ول يتوصل با إل تلك المور فهو‬
‫كمحن أحكم السُلم ول يرتق عليه إل مل مرتفمع‪ ،‬ول فائدةا له فيه‪ .‬‏‬

‫وكذا القلد فإنه ل يعلم ما الق ف السُألة‪ ،‬ول مع من هو ول قاله من قلده أصواب‬
‫هو أم خطأ‪ .‬‏‬

‫وهذا ل يصح إطلق العال عليه حت قال النووي‪ :‬‏))إنه إجاع(( ‏وقالوا ف أصول الفمقه‪:‬‬
‫إنه ل عبةا بالقلد ف إجاع العلمحاء‪ ،‬لنه ليس بعال‪ ،‬لنم حدوه‪ :‬‏من يقبل قول من‬
‫أفتاه من دون أن يطالبه بجة‪ .‬‏‬

‫وقد أوضح هذا با ل مزميد عليه‪ ،‬الشيخ الفماضل علي بن ممحد ولد شأيخنا الشوكان ‪-‬‬
‫رحه ال ‪ -‬‏)‪ /1‬‏‪ (136‬‏ف ))القول السُديد ف نصح القلد وإرشأاد السُتفميد((‪ .‬‏‬

‫وأما الشتغل فيمحا يثبت له ذلك إل إذا ثبت له اللكة ف اللت‪ ،‬وأمكنه معرفة الكتاب‬
‫والسُنة كمحا ينبغي‪ ،‬لنه عند شأروعه يريد تصيل ما به الوصول إل معرفة العلم الذي‬
‫يطلق على من قام به اسم العال‪ ،‬فإذا أطلق عليه عند الشروع فإنا هو ماز بعلقة‬
‫الول والقرينة الواقعة‪ .‬‏‬

‫فإذا عرفت هذا علمحت أن العلم من أشأرف الطالب‪ ،‬ل يسُاويه مسُانو ول تبلغ غايته‬
‫غاية‪ ،‬ول فضيلة سواه‪ .‬‏‬

‫‪105‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫ولقد صدق القائل‪ :‬‏من فاته العلم ماذا أدرك‪ ،‬ومن أدرك العلم ماذا فاته‪ .‬‏‬

‫قال الشافعي‪ :‬‏إذا ل يكن العال العامل وليا فمحا ل ول‪ .‬‏والصحيح أن العال له رتبة‬
‫كبيخةا وهي كونه وارث النبياء عليهم السُلم‪ ،‬وكونه من قال صلى ال عليه وسلم فيه‪:‬‬
‫))لن يهدي ال رجلا على يديك خيخ ما طلعت عليه الشمحس((‪ .‬‏‬

‫العلمحاء{‪ .‬‏وقوله‪ :‬‏ ‏ ‏} ‏قل ‏ هل‬


‫عباده ‏ ‏‬
‫من ‏ ‏‬‫ال ‏ ‏‬ ‫يشى ‏ ‏‬
‫إنا ‏ ‏‬
‫وكونه من يصدق عليه قوله تعال‪ :‬‏ ‏ ‏} ‏ ‏‬
‫الذين أوتوا‬‫ميثاق ‏ ‏‬
‫ال ‏ ‏‬
‫أخذ ‏ ‏‬
‫وإذ ‏ ‏‬
‫يعلمحون{‪ .‬‏وقوله‪ :‬‏ ‏ ‏} ‏ ‏‬
‫يعلمحون ‏والذين ‏ ‏ ‏ل ‏ ‏‬
‫الذين ‏ ‏‬
‫يسُتوي ‏ ‏‬
‫ ‏ ‏‬
‫للناس{‪ .‬‏‬
‫الكتاب ‏لتبيننه ‏ ‏ ‏‬
‫ ‏ ‏‬

‫ث إن العلم له فوائد منها‪ :‬‏أنه يؤجر على تعلمحه وتعليمحه والفتاء به والقضاء با دل عليه‪،‬‬
‫والتصنيف‪ ،‬وإهداء الناس‪ ،‬ويكون ما يتبع بعد الوت‪ ،‬كمحا قال صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫))أو علم ينتفمع به((‪ ،‬وكمحا قال‪ :‬‏))العلمحاء على منابر من نور يوم القيامة((‪ ،‬وكمحا قال‪:‬‬
‫))إن أنبياء بن إسرائيل يتمحنم أحدهم أن يكون كعلمحاء هذه المة((‪ ،‬وكمحا قال‪ :‬‏))من‬
‫يرد ال به خيخا يفمقهه ف الدين(( ‏)‪ /1‬‏‪ .(137‬‏‬

‫والفمقه فهم الكتاب والسُنة‪ ،‬وكمحا قال‪ :‬‏))خياركم ف الاهلية خياركم ف السلم إذا‬
‫فقهوا((‪ .‬‏‬

‫فأثبت لم اليخية الطلقة‪ .‬‏‬

‫وهذه بعض الدلة فيهم‪ ،‬والفمضائل السُرودةا ف الكتب هي الكثيخ الطيب‪ ،‬لول خوف‬
‫الطالة لحتاجت إل ملد‪ .‬‏‬

‫وقد جع فيمحا ورد فيهم وفضائلهم بعض علمحاء مكة الكرمة ملدا وساه )العلم( ‏فثبت‬
‫أن العلمحاء لم الل السنم؛ وآدم عليه السُلم لا ألمحه ال تعال الساء وجعل له تلك‬
‫الالة‪ ،‬رفعه على اللئكة وله حالة الرياسة على اللئكة حالة إنبائهم‪ ،‬كالالة الت‬
‫تثبت للشيخ على التلمحيذ‪ .‬‏‬

‫‪106‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫فلمحا صارت له تلك الفمضيلة‪ ،‬وبلغ تلك النزملة عظم على اللئكة وأمرهم ال سبحانه‬
‫بالسُجود له‪ ،‬لنه قد صار له حق الشيخة‪ ،‬وإن كانت ماهية اللئكة أشأرف‪ ،‬وصفماتم‬
‫أعلى وأفضل من صفمات الدمي‪ ،‬إل أن هذه حالة خاصة‪ ،‬ول مانع من أن يأمر ال‬
‫سبحانه بعض خلقه بالسُجود لبعض‪ .‬‏‬

‫ول فائدةا للتمححلت لن النهي عنه وهو السُجود لغيخ ال سبحانه‪ ،‬إنا هو ف شأريعته‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ،‬لوقوعه ف شأرع من قبله‪ ،‬كسُجود يعقوب وزوجته ليوسف عليهم‬
‫السُلم حي دخل عليه كمحا حكاه ال سبحانه‪ .‬‏‬

‫ولو سلمحنا أنه منهي عنه ف كل شأريعة فهذا خاص‪ ،‬لكون المر به هو ال سبحانه‬
‫وتعال‪ ،‬وهو الباعث للرسل والوجب للشرائع‪ ،‬وقد حكاه عن نفمسُه ول فائدةا فيمحا قيل‪:‬‬
‫لدم{ ‏ولو كان كذلك لقيل لم‪:‬‬ ‫إنه إنا جعل آدم قبلة لم لنه ينافيه قوله ‏ ‏} ‏اسجدوا ‏ ‏ ‏‬
‫اسجدوا إل آدم‪ .‬‏‬

‫وكذا إنا أمروا بالسُجود ل ولكن نسُب إل آدم )‪ /1‬‏‪ ،(138‬وهذا ينافيه اللفمظ أيضا‬

‫وبالمحلة فكأن السُجدةا له عليه السُلم تعظيمحا لعلمحه‪ .‬‏‬

‫وقد اختلف ف كيفمية التعليم فقيل‪ :‬‏بالستعداد واللقاء من ال تعال إليه‪ .‬‏‬

‫لكم{ ‏فإنه ألمحها‬


‫لبوس ‏ ‏‬
‫صنعة ‏ ‏‬
‫وعلمحناه ‏ ‏‬
‫وقيل‪ :‬‏باللام‪ ،‬ويدل عليه قوله تعال ف داود ‏ ‏} ‏ ‏‬
‫إلام ا ل تعليمح ا حقيقة‪ .‬‏‬

‫والذي يظهر ل أنه أطلعه ال سبحانه على اللوحَّ الفموظ‪ ،‬لن فيه كل ما كان وما‬
‫سيكون‪ ،‬فجمحيع الساء والشأياء فيه وصفماتا وأحوالا‪ ،‬فطبق تلك الكيفمية الت رآها ف‬
‫اللوحَّ على السُمحيات‪ .‬‏‬

‫رسول{‪ .‬‏‬
‫من ‏ ‏‬
‫من ا ‏رتضى ‏ ‏ ‏‬
‫غيبه ‏أحدا ‏ ‏إل ‏ ‏ ‏‬
‫على ‏ ‏‬
‫يظهر ‏ ‏‬
‫فل ‏ ‏‬
‫وقد قال تعال‪ :‬‏ ‏ ‏} ‏ ‏‬

‫‪107‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫أو أنه خلق له قدرةا يقتدر با على التعبيخ عن تلك المور عند المر له بإنباء اللئكة‪،‬‬
‫ويكون معنم )علم( ‏أقدر‪ .‬‏‬

‫وهذا ما يدل أكمحل دللة على أن علم ال تعال ل نسُبة بينه وبي علم ملوقاته‪ ،‬وعلى‬
‫أن علم الخلوق ولو بلغ الغاية القصوى والنهاية العليا ل يدرك كنه المور ول ينكشف‬
‫له الصال كلية النكشاف‪ .‬‏‬

‫وبذا تعرف قدر الشيخ‪ ،‬وأنه لا صارت له تلك الفمضيلة وهي العلم كان الزماء فيه‬
‫السُجود‪ ،‬وإن كان التلمحيذ شأريفما ف‪ ،‬النسُب فإن شأرف التعليم له زائد على شأرفه‪ ،‬كمحا‬
‫كان ابن عباس يسُك بركاب شأيخه‪ ،‬وكان ينام ف بابه ينتظر لروجه حت سيطيخ عن‬
‫ثوبه التماب الذي تلقيه الرياحَّ‪ .‬‏‬

‫وكذلك أمسُك المام أحد ركاب الشافعي‪ .‬‏‬

‫فيجب على التلمحيذ أن يل الشيخ ويعظمحه لا أسدى إليه‪ ،‬ول يكفمر نعمحته فيهلك‬
‫كإبليس لا أذنب هلك‪ ،‬وأقل أحوال هلك التلمحيذ ذهاب رونق علمحه وعدم قبول فائدته‬
‫مع تغيخ أحوال الدنيا عليه‪ ،‬وكم شأاهدنا )‪ /1‬‏‪ .(139‬‏‬

‫وكفمى بذا دليلا فإن اللئكة عليهم السُلم لا عرفوا الساء‪ ،‬ثبت لدم عليه السُلم‬
‫ذلك الق عليهم‪ ،‬بعد أن كان عندهم ل يصلح للخلفة فصار صالا للفادةا‪ ،‬وأب‬
‫اللعي‪ ،‬فكان سبب هلكه وهلك ذريه ومن تبعه‪ ،‬لنه أصر على ما ظهر له أنه‬
‫الصواب‪ .‬‏‬

‫وإبليس وإن كانت ماهيته غيخ ماهية اللئكة‪ ،‬وهو من الن لكنه أطلق عليه ذلك‬
‫السم ودخل ف مسُمحاهم‪ ،‬وعوقب على عدم المتثال لكونه قد صارت له أحوال‬
‫اللئكة وقرب كقربم‪ ،‬وأودع فيه من النور ما شأابه به اللئكة‪ .‬‏‬

‫فلمحا أصر واستكب وعاد إل الاهية الصلية‪ ،‬نال ما نال وعوقب با عوقب‪ .‬‏‬

‫‪108‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وهذا أحسُن ما تفمسُر به الية الكرية‪ .‬‏‬

‫وإن كان قد قيل ف تفمسُيخها أمور أخر‪ ،‬كلها صرف اللفمظ عن ظاهره بغيخ قرينة ول‬
‫مرجح‪ ،‬وما جعلوه مانع ا من أن اللئكة ل يقع منهم الستنكار‪ ،‬وإنا هو على جهة‬
‫العرض يأباه قطعهم بان آدم وذريته سيفمسُدون ويسُفمكون الدماء‪ .‬‏‬

‫فهذا ما يبي أن كل ملوق ل بد له من الطأ‪ ،‬فإن اللئكة قد قصخ ال علينا أمرهم‬


‫هذا‪ ،‬والنبياء كذلك‪ .‬‏‬

‫وكل ذلك إنا وقع منهم ف الجتهادات ل ف الوامر والتشريعات‪ ،‬فلمحا وقع ذلك منهم‬
‫وقد ثبتت لم العصمحة نبهوا على الطأ‪ ،‬فقد وقع ذلك لسُيد ولد آدم‪ ،‬وخيخ اللق‪،‬‬
‫وأقربم إل ال‪ ،‬صلى ال عليه وسلم ونبه‪ ،‬وكذا اللئكة‪ .‬‏‬

‫وكفمى بذا رادعا وزاجرا للعلمحاء عن إثبات الشريعة بالرأي والقياسات الواهية‪ ،‬غيخ ما‬
‫كانت علته منصوصة‪ ،‬أو منبها عليها‪ .‬‏‬

‫وأما فحوى الكتاب وقياس الول فهو داخل ف مفمهوم اللفمظ ليس من باب القياس‪،‬‬
‫وإنا القياس المحنوع الذي يكون باعتبار القيسُة الخرى الت توسعوا فيها‪ ،‬مثل السُب‪،‬‬
‫والتقسُيم‪ ،‬والحالة‪ ،‬وغيخ ذلك )‪ /1‬‏‪ .(140‬‏‬

‫وإذا اعتقد أنه شأرع وأوجب على غيخه اتباعه أو أفت به أو قضى عليه فقد تقول على‬
‫ال سبحانه با ل يقله‪ .‬‏‬

‫فليكن هذا على ذكر منك فإنه من أعظم المور الت يكون با اللك‪ ،‬فمحا أحق العال‬
‫أنه إذا ل يد علة منصوصا عليها‪ ،‬ول منبها عليها‪ ،‬أن يتمك التشريع‪ ،‬وهذا القيس‬
‫بالرأي إنا عسُر الشريعة والنب صلى ال عليه وسلم‪ ،‬يسُرها‪ .‬‏‬

‫وهذه نصيحة من لن يريد ال به خيخاا‪ ،‬ليس الوجب لا إل حب إخوان من علمحاء‬


‫السُلمحي التبعي‪ .‬‏‬

‫‪109‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وأما القلد أو متهد الذهب فليس من مبحوثنا ول دخل ف نصيحتنا‪ ،‬لنه منوع عن‬
‫التكلم مجور عن التعرض حت يصدق عليه اسم العال لا عرفت‪ .‬‏‬

‫ومن أراد تقيق ذلك فعليه بكتب شأيخنا الشوكان‪ ،‬وكتب أئمحة السُنة ابن تيمحية‪ ،‬وابن‬
‫القيم‪ ،‬وابن الوزير والسُيد الميخ‪ ،‬ومن حذا حذوهم‪ ،‬وبتكمحيل الجة والبيان‪ ،‬وشأرحَّ بيت‬
‫إمام الزممان ففميها ما يغن ويقن‪ .‬‏‬

‫وإنا جرى القلم بذا ف هذه وإن كان البحوث عنه سواه لن له دخلا فيها‪ .‬‏‬

‫ولا نظرت هذه الفمضيلة الت ثبتت لدم باعتبار العلم‪ ،‬عدلت إل أن هؤلء العلمحاء‬
‫الذين عرفت أنم القصودون هنا‪ ،‬وزع ال بينهم الفمضائل وجعلهم أنواعا ‪ .‬‏‬

‫النوع الول‪ :‬‏علمحاء الصحابة الافظي للشريعة‪ ،‬البلغي عن رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ ،‬العلمحي لن دخل ف الدين‪ ،‬القائمحي بنشرها الاهدين لن خالفمها‪ .‬‏‬

‫النوع الثان‪ :‬‏التابعون لتلك الفمضائل‪ ،‬القافون أثر الوائل‪ .‬‏)‪ /1‬‏‪ (141‬‏‬

‫الراحلون لتنفميذها إل البلد‪ ،‬البلغون إل من بعدهم من العباد‪ ،‬وهم دون النوع الول‬
‫من الرتبة‪ .‬‏‬

‫النوع الثالث‪ :‬‏تابعو التابعي‪ ،‬وهم على نجهم ف تلك العناية ومتبعون لم ف الفمضائل‬
‫والشرف‪ ،‬حت كانوا خلفمهم ف القيام بذلك النصب وفعلوا كفمعلهم ف إحراز ذلك‬
‫الطلب‪ .‬‏‬

‫ث من بعده كثرت الروايات وانتشرت ف جيع القطار بفمتح البلد‪ ،‬وفشا الكذب‪ ،‬وعم‬
‫التقليد الذي منع منه الئمحة التهدون‪ ،‬وحذر منه السُلف الصالون‪ .‬‏‬

‫‪110‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫النوع الرابع‪ :‬‏العلمحاء البالغون إل رتبة الجتهاد الطلق‪ ،‬وهم كثيخون غيخ الربعة الشهورين‬
‫كمحا صرحَّ بذلك أهل السُيخ والطبقات ف كتبهم‪ ،‬وكانوا ل يقلدون أحدا ول ينسُبون‬
‫أنفمسُهم إل أحد‪ ،‬ول يكونوا متمحذهبي كمحا يزمعم من ل علم له بأحوال العلمحاء‪ .‬‏‬

‫النوع الامس‪ :‬‏وهو من اشأتغل بطلب جع الحاديث‪ ،‬حت حفمظ منها مال يقدره‬
‫طباعنا ول يتصوره حواسنا‪ .‬‏‬

‫فمحنهم من حفمظ ألف ألف أي عشرةا لكوك ف العرف‪ .‬‏‬

‫ومنهم من حفمظ عشرةا آلف ألف بعنم مائة لك‪ .‬‏‬

‫ومنهم من حفمظ أحال جال من الائة فمحا دون وما فوق‪ ،‬ورحل ف طلب ذلك إل‬
‫مشرق الرض ومغربا جنوبا وشالا‪ .‬‏‬

‫وذلك بسُبب أن ال تبارك وتعال خلق )‪ /1‬‏‪ (142‬‏للسُنة الطهرةا خلقاا‪ ،‬مثل هؤلء‬
‫فسُعوا ف طلبها وبذلوا نفموسهم وملذهم ف تصيلها‪ ،‬وداروا القطار ووصلوا الليل‬
‫والنهار‪ ،‬وأحرزوها وبثوها ف الناس‪ ،‬وقضوا ما كان عليهم وبقي ما كان لم فجزماهم ال‬
‫عن السلم جزماء خيخ على التمحام‪ .‬‏‬

‫والسُنة صنو القرآن الكري وإنا فارقها لكونه للتحدي‪ ،‬وهي مشاركة له ف التشريع‪ ،‬وقد‬
‫تدارك ال بفمظ الكتاب‪ ،‬ويلزمم منه حفمظ السُنة لكونا وضعت بأنا وحي‪ .‬‏‬

‫ث بعدهم‪ .‬‏‬

‫النوع السُادس‪ :‬‏وهو أنه لا كثرت الزميادةا فيها‪ ،‬وفشا الكذب‪ ،‬وظهر أهل الوضع‬
‫والكذب على رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وهم كل حي وكل وقت ف زيادةا‪،‬‬
‫واحتالوا بإدخال الحاديث الوضوعة والكذوبة ف أسانيد الثبات الثقات أوجد ال لا‬
‫هذا النوع فزمبروها‪ ،‬وعرفوا صحيحها من سقيمحها‪ ،‬وبينوا موضوعها ومكذوبا وغيخ ذلك‪،‬‬
‫وفحصوا وداروا القطار وسألوا الكبار‪ ،‬وأخرجوا ما دسه الشأرار وأوضحوا ذلك أوضح‬

‫‪111‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫منار‪ ،‬وعرفوا كل واحد من رواتا باسه ولقبه وبلده وكنيته وحرفته ومشائخه والخذين‬
‫عنه ومالسُه‪ ،‬ومن حضر ومن ذهل ف حال الملء عليهم ف ذلك اللس وما قدر‬
‫ذهوله‪ ،‬وبينوا أسباب القدحَّ من وضع‪ ،‬وكذب‪ ،‬وتدليس‪ ،‬وإبام‪ ،‬وسوء حفمظ ولي‪،‬‬
‫ومتلط ف عقله‪ ،‬وصدوق‪ ،‬وشأيخ‪ ،‬وغيخ ذلك‪ .‬‏‬

‫ولم ف ذلك اصطلحات‪ ،‬يعرفها من عرف علم السُنة فإنه ل بد من معرفتها ث دونوا‬
‫للرجال كتب ا ذكروا فيها أحوالم وما سبب القدحَّ فيهم‪ ،‬وما يقبلون فيه وما ل )‪/1‬‬
‫‪ (143‬‏يقبلوا فيه إذا كان له حالت‪ ،‬وما يعرض لم وعمحن رووا ومن روى عنهم‪ .‬‏‬

‫ث دونوا كتب ا ف الكذوبات‪ ،‬والوضوعات‪ ،‬والضعاف‪ ،‬والسُان‪ ،‬والصحاحَّ‪ .‬‏‬

‫ومنهم من جع المحيع‪ .‬‏‬

‫ولا كان ل يؤمن بعد أعصارهم أن ل تكون تلك الكتب ول القوال أقوالم أوجد ال‬
‫تعال من بعدهم ف كل عصر علمحاء وهم‪ .‬‏‬

‫النوع السُابع فشرحوا كتبهم‪ ،‬وأوضحوا مرادهم‪ ،‬وبينوا للناس مقاصدهم‪ ،‬وعرفوا الناس‬
‫بصحة نسُبة ذلك إليهم‪ ،‬وأنه كتاب فلن بإحراز أسانيده وكل خلف عن سلف‬
‫معروف معلوم مشهور إل عند الصنف‪ ،‬وأبدوا صناعات تطرب اللباب‪ ،‬واختمعوا‬
‫أساليب معونة للطلب‪ ،‬فمحنها ما فعلوه على أبواب الفمقه ورووا فيه كل ما يصلح‬
‫للحتجاج من تلك المحوعات‪ ،‬وتكلمحوا على سنده وقربوه لطلبته كلية التقريب وأزالوا‬
‫عنه النصب‪ ،‬ومنحوه أوفر نصيب وما أنتجته أفكارهم السُليمحة وأفهامهم السُتقيمحة‪ ،‬من‬
‫الفموائد العجيبة‪ ،‬والنكت الغريبة‪ ،‬والساليب البديعة‪ ،‬ول يتهوروا ف الرأي‪ ،‬ول تبعوا ما ل‬
‫يكن عن رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وإن نقلوا ما قاله أهل الذاهب من السُائل‬
‫الت ل تكن موافقة للدليل‪ ،‬ودونوا ما حكوه عنهم من تلك العجائب‪ ،‬فل يل إما أن‬
‫يكون لقصد البيان وإظهار أن خلف كلمه هو الصواب‪ ،‬فهذا هو اليثاق الذي أخذه‬
‫ال على أهل الكتاب‪ ،‬ومنهم من يكون من باب قوله‪ :‬‏‬

‫‪112‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫عرفت الشر ل للشر لكن لتوقيه ** ‏ومن ل يعرف الشر يقع فيه )‪ /1‬‏‪ (144‬‏‬

‫ومنهم من يذكر ما قالوه بقصد أنم إذا عرفوا أنه يعرف ما عندهم وقد ذكر الدليل أو‬
‫رجح فل يظنوا أنه فعل ذلك‪ ،‬وهو جاهل لا عندهم‪ ،‬وهذا مأجور وأن كان قصده إنا‬
‫هو ليعرفوا أنه عال فقط‪ ،‬فهذا معجب بنفمسُه‪ .‬‏ومنهم من يظهر بذلك لهل مذهبه أنه‬
‫ل يالفمهم‪ ،‬وأنه باق على وفق قول إمامهم‪ ،‬وهذا الفمعل يالف أخذ اليثاق‪ ،‬وأمر‬
‫العلمحاء بالبيان‪ ،‬وخشية ال منهم وكونم ورثة النبياء‪ .‬‏‬

‫ولذا البحث مزميد فائدةا ف )القول السُديد( ‏وقد جرت عادةا ال سبحانه‪ ،‬أن فاعل ذلك‬
‫ل بد أن يبقى مضطهدا خائفما مروم العلم‪ ،‬ل ينفمعه ذلك ف الدنيا وف الخرةا شأيئا‪،‬‬
‫وأن فاعل الق ومتبعه والتظهر بنصره والقيام لدمته والبيان لا خالفمه‪ ،‬والرد على قائله‪،‬‬
‫ف أعلى رتب الشرف‪ ،‬وأرفع درجات الكمحال‪ ،‬ملل مبجل مهاب‪ ،‬وكان الفمرد النظور‬
‫إليه بعي العلم وإن كلمه هو الق والصواب‪ ،‬متبع ف الناس معمحول با قاله‪ ،‬وإن‬
‫خولف ف مدةا حياته‪ ،‬كبعض العلمحاء الكبار‪ .‬‏فتنظر بعد موته وإذا كلمه عند الخالف‬
‫والوالف مقبول‪ ،‬ويسُتدل به كل أحد‪ .‬‏وتنظر وإذا كل مؤرخ إذا ذكره جعل ترجته أكب‬
‫التماجم‪ ،‬ويذكر من فضله ونبله ما يلع قلوب مالفميه‪ ،‬ول يقدر أحد على جحد‬
‫فضائله‪ ،‬ول كتم مناقبه‪ ،‬بل يشهد له با الخالف كابن حزمم‪ ،‬وابن تيمحية وغيخها ف‬
‫كل عصر‪ .‬‏‬

‫ث إن لم فضائل غيخ هذه منها‪ :‬‏الصدع بالق ونصره‪ ،‬ودفع الباطل وإظهار ما وجب‪.‬‬
‫ولذا ترى كثيخا من الصحابة )‪ /1‬‏‪ (145‬‏يقولون‪ :‬‏لول أن سعت رسول ال صلى ال‬
‫يكتمحها فإنه‬
‫ومن ‏ ‏‬
‫عليه وسلم يقول‪ :‬‏))من كتم علمحا(( ‏الديث‪ .‬‏وسعت قول ال تعال‪ :‬‏ ‏ ‏} ‏ ‏‬
‫قلبه{ ‏ما حدثتك‪ .‬‏‬
‫آث ‏ ‏‬
‫ ‏ ‏‬

‫فكم للعلمحاء مواقف عند أمراء الور وسلطي الظلم‪ ،‬يسُطع فيها بالق ويتكلم با‬
‫يوافق الشرع‪ ،‬ول تأخذه ف دين ال لومة لئم ول يردعه عن إظهار الق رادع‪ ،‬ولذا‬
‫تنظر ما كان لم من الجر الزميل‪ ،‬والزماء الليل‪ ،‬ف قوله صلى ال عليه وسلم‪:‬‬

‫‪113‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫))وأفضل من ذلك كله كلمحة حق عند سلطان جائر(( ‏فتنظر‪ ،‬وإذا القائل بالق كلمه‬
‫الصدق وقدره البجل‪ ،‬وشأأنه عندهم العظم‪ ،‬وتنظر من داهن أو وافقهم على مرادهم‬
‫رجاء لقربه منهم‪ ،‬ودنو مودتم له‪ ،‬يكون عندهم مدحورا‪ ،‬مذموما‪ ،‬مردودا‪ ،‬على أن‬
‫يصيخ علم الثان سخرية وضحكة‪ ،‬ويبقى ف أيدي الناس لعبة‪ ،‬ويطرحَّ عندهم إل الغاية‪،‬‬
‫ويناله من الهانة النهاية‪ .‬‏‬

‫وكم ف كل زمان من أهل هذا الشأن فالول فاز وكان من أهل السُعادةا ف الدارين‪.‬‬
‫والثان هلك وكان أرباب الشقاوةا ف الالتي‪ ،‬وصدق عليه قوله صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫))أنه من الثلثة الذين تسُعر بم النار وأولم دخول فيها(( ‏نسُأل ال سبحانه الداية‬
‫والصلحَّ وأسباب اللطاف الت تكون موجبة للفملحَّ والنجاحَّ‪ .‬‏‬

‫ومنها‪ :‬‏الصب على التعليم والتهذيب لن وصل إليهم‪ ،‬واشأتغال أوقاتم بالتدريب لم‪،‬‬
‫وبذل مهودهم ف إخلص نصحهم ف إفادتم‪ .‬‏‬

‫ومنها‪ :‬‏إفادةا الناس فيمحا يتاجون إليه من الفمتيا ودفع الصومات‪ /1) ،‬‏‪ (146‬‏‬

‫وإظهار الق‪ ،‬ودفع الباطل‪ ،‬والقيام على الظال والنصر للمحظلوم‪ ،‬وإيصال الصم با‬
‫يسُتحقه من خصمحه‪ .‬‏‬

‫ومنها‪ :‬‏أنم أمان أهل الرض عند إتيان السُاعة وقرب حلولا؛ فإن ارتفماع العلم من‬
‫علماتا‪ ،‬وقد بي النب صلى ال عليه وسلم‪ ،‬أن ليس الراد ارتفماع نفمس العلم‪ ،‬وإنا هو‬
‫قبض حامليه حت تضرب أكباد البل ف مسُألة ول يدون من يفمت فيها‪ .‬‏‬

‫ث لا كان للعال والعلم هذه الفمضائل‪ ،‬وهذه الحوال كان من قام به كمحا ينبغي من‬
‫أهل السُعادةا‪ ،‬ومن ترك ما يليق وتبع ما يانب العلم ويالف الراد منه‪ ،‬كان من أهل‬
‫البلء والشقاوةا‪ ،‬ولذلك أسباب‪ :‬‏‬

‫الول‪ :‬‏أنه ل يقصد بالتعلم والتعب إل ال سبحانه وما يوافق مراده‪ .‬‏‬

‫‪114‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫الثان‪ :‬‏أنه ل يكون قصده بعد أن حصل له العلم إل أن يعمحل ويدم ويقرر ما صح‬
‫عنه صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ويرد ما خالف سنته كائنا ما كان‪ .‬‏‬

‫الثالث‪ :‬‏أن ل يعمحل ول يتمك إل وقد قام له دليل على العمحل‪ ،‬أو التمك من الكتاب‬
‫والسُنة‪ ،‬أو استنباطر جلي منهمحا‪ .‬‏ول يعل لرأيه دخل ف إثبات الشريعة‪ ،‬ول يكلف‬
‫الناس بجرد ما خطر بباله إذا ل تكن له عليه حجة تكون له با النجاةا إذا سئل با‬
‫أثبت ذلك الكم‪ ،‬وما كلف به العباد‪ .‬‏‬

‫الرابع‪ :‬‏ترك التعصبات كلها‪ .‬‏وهي أقسُام؛ وقد حقق ذلك شأيخنا المام ف )أدب‬
‫الطلب( ‏فمحن أراد الطلع عليها فعليه به‪ .‬‏)‪ /1‬‏‪ (147‬‏وليس للعال مسُرحَّ ف التشريع‪،‬‬
‫ول كل ما قاله صواب‪ ،‬بل هو موز عليه الطأ والصواب‪ ،‬فكيف يقع منه التعصب‬
‫لقول عال أو لقول صدر منه‪ .‬‏‬

‫الامس‪ :‬‏أن ل يرى لنفمسُه حقا‪ ،‬وأن ل يعتميه عجب وكب‪ ،‬لنه مل الضعف والزملل‬
‫والطأ وكم مثله من العلمحاء‪ ،‬وكم وأي رتبة قد بلغ إليها‪ .‬‏فإنه إذا نظر ف أبناء كل‬
‫زمان وأبناء زمانه‪ ،‬نظر وإذا فيهم من ل يبلغ قدره ول ينال من الظ والعرفة ماله‪ .‬‏بل‬
‫إذا نظر إل من هو أحقر منه يد عنده من الفموائد ما ل يكن عنده‪ ،‬ول يبلغ رتبة‬
‫الكمحال من اللق فرد‪ ،‬ولو بلغ إل النهاية القصوى ففموقه من هو أعلى منه رتبة وأرفع‬
‫منه كعبا‪ .‬‏على أنه إذا تفمكر ف أمر علم أنه ل يسُن منه ذلك‪ ،‬وهو أنه اشأتمك هو‬
‫وجيع النوع النسُان ف الاهية وف سائر الصفمات‪ ،‬ومنحه ال سبحانه‪ ،‬وفتح عليه‬
‫بالعرفة‪ ،‬مع أنه هو والعامي والاهل سواء‪ .‬‏فهل يكون ذلك داعيا لن ينظر لنفمسُه حقا‪،‬‬
‫وأن يفمتخر ويعتميه العجب‪ ،‬وهل تقابل تلك النحة بذا‪ .‬‏‬

‫السُادس‪ :‬‏أن يصون العلم عمحا يدنسُه‪ ،‬فالعلم جوهر شأفماف نوري يكدره أدن مكدر‪،‬‬
‫ويذهب برونقه أيسُر شأيء‪ ،‬وما ذاك إل لشرفه؛ ولذا قيل‪ :‬‏))إن عيب ذي الشرف‬
‫مذكور‪ ،‬وعيب الاهل مغمحور(( ‏فيصيخ عند كل راء وسامع أضحوكة وسخرية‪ ،‬فكيف‬
‫بن علم تري الرمات‪ ،‬كالمحر والزمنا والربا وأكل أموال الناس بالباطل والرتشاء‪ ،‬ث‬

‫‪115‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫أقدم على أحدها؟! ‏فهل تكون لعلمحه فائدةا؟ وهل تصيخ له ثرةا؟ وهل كان إل نكال‬
‫ووبال وسببا للكه‪ ،‬وداعيا لهل البطالة إل عدم القلع عن تلك )‪ /1‬‏‪(148‬‬
‫الفعال‪ ،‬ومريا لم إل ملزمة الفمسُاد‪ ،‬لنم قد نظروه بعي العلم فيكون عليه وزره‬
‫وأوزارهم؟ فكيف إذا انضم إل فعله التحليل لم والتحري‪ ،‬من السُامة والوافقة ف مالفمة‬
‫الشرع؟ فهو أشأد من كل بلية‪ ،‬وأعظم من كل فتنة‪ ،‬لنه أضله ال على علم‪ ،‬ث ل‬
‫يكتف بذلك حت أضل غيخه فيكون من أهل الشقاوةا‪ .‬‏‬

‫السُابع‪ :‬‏أن ل يفمت إل عن ثبت‪ ،‬إذ لو أفت من دون ثبت كان إث الذي أفتاه عليه‪،‬‬
‫وإثه على القدام على الفمتيا من دون معرفة‪ ،‬وكان كالاكم الذي حكم بالق وهو ل‬
‫يعلمحه‪ ،‬وهو من أهل النار كمحا حكم بذلك الرسول صلى ال عليه وسلم‪ .‬‏‬

‫الثامن‪ :‬‏أن ل يفمت من ذات نفمسُه برأيه‪ ،‬فهو مرم عليه لنه متهد‪ ،‬والتهد هو من‬
‫استفمرغ الوسع لتحصيل ظن بكم ظن‪ ،‬فإذا أفت من دون استنباطر ول معرفة لا يكون‬
‫هذا الفمرد لحقا به‪ ،‬فهو من التقول على ال با ل يقل‪ .‬‏‬

‫التاسع‪ :‬‏أن يل جيع العلمحاء ول يسُتحقر أحدا منهم‪ ،‬ويعظمحهم فإن وافق أقوالم‬
‫الصواب‪ ،‬كان لم رتبة العلم ورتبة الوافقة‪ ،‬وإن خالف‪ ،‬فإن كان عن جهل وعدم‬
‫استفمراغ الوسع فقد أخطأ وعليه وزر الطأ‪ ،‬وإن كان عن التباس‪ ،‬فهو مطئ معذور وله‬
‫أجر‪ ،‬فينبهه على خطئه‪ .‬‏‬

‫العاشأر‪ :‬‏أن يبذل نفمسُه ووسعه ويفمرغ أوقاته لن أراد التعلم عليه‪ ،‬وينصح الطالب ويلقي‬
‫عليه ما يب عليه من الفموائد والنكت إن كان أهل لذلك‪ ،‬ويعرفه ما هو الق‬
‫والصواب‪ ،‬وما يب عليه اتباعه واجتنابه‪ ،‬فمحا فائدةا العلم والتعليم سوى ذلك‪ ،‬ول يب‬
‫علينا طلب العلم إل للفادةا )‪ /1‬‏‪ (149‬‏به لن طلبه‪ .‬‏والعال يكون كالشاهد لكونه قد‬
‫عرف‪ ،‬والطالب يكون كالغائب‪ ،‬وقد قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬‏))ليبلغ‬
‫الشاهد الغائب(( ‏ث إن له على التعليم الجر العظيم‪ ،‬والقام الكري‪ .‬‏‬

‫‪116‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫الادي عشر‪ :‬‏أنه ل يكتم الق وأن يصدع به‪ ،‬ول ياف لومة لئم‪ ،‬ويعل ذلك ل‬
‫سبحانه وهو الناصر له والافظ‪ ،‬وهو الواجب على كل عال‪ .‬‏‬

‫الثان عشر‪ :‬‏أن يكون على حال الرسول وحال الصحابة‪ ،‬من حسُن اللق وكرم السُجية‪،‬‬
‫والرفق شأعاره والتقوى دثاره ل يفمارقه‪ ،‬لنه ل يكون عالا إل بذلك‪ ،‬والعلم شأرف ل‬
‫يقوم إل بن شأرف‪ .‬‏‬

‫فهذه حالة العال الت يب عليه القيام والتحلي با‪ .‬‏وهذه المور هي أسباب السُعادةا‬
‫وعكسُها سبب الشقاوةا‪ .‬‏‬

‫والذي يب على الطالب أمور‪ :‬‏‬

‫الول صلحَّ النية ف طلبه‪ ،‬فل يكون قاصدا بذلك حرفة من حرف الدنيا‪ ،‬كأن يكون‬
‫مدرسا‪ ،‬أو مفمتيا‪ ،‬أو حاكمحا‪ ،‬أو ياري به العلمحاء‪ ،‬أو لجل أن يكون له شأرف‪ ،‬أو غيخ‬
‫ذلك من السباب الت تالف أن يكون الفمعل ل سبحانه‪ .‬‏‬

‫الثان‪ :‬‏أن يتوجه مع العزمم على أنه يريد العلم الذي يوصل إل النة‪ ،‬ويكون سبب‬
‫السُعادةا ورضاء الرب سبحانه‪ .‬‏‬

‫الثالث‪ :‬‏يلتجئ بباب الرب بأن يفمتح عليه بالعلم النافع‪ ،‬وأن يقدره على ذلك‪ ،‬وأن ين‬
‫عليه بالغاية ف الطلب واللطاف‪ ،‬وأن يصرف عنه شأياطي النس والان‪ .‬‏)‪ /1‬‏‪ (150‬‏‬

‫الرابع‪ :‬‏أن يكون مطلوبه علمحا يصدق عليه بعد معرفته أن من ورثة النبياء‪ .‬‏‬

‫الامس‪ :‬‏أن يفمحصخ ويكمحل ف إحراز العان‪ ،‬ونيل تلك العان‪ ،‬ويعل ذلك أعظم‬
‫شأغله‪ ،‬وأجل قصده‪ ،‬ويتمك ما سواه لجله‪ .‬‏‬

‫‪117‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫السُادس‪ :‬‏أنه إن احتاج إل الكشف عن حقيقة مسُألة‪ ،‬فل يقنع إل با قام عليه الدليل‪،‬‬
‫إن كان قد صارت له قدرةا على ذلك‪ ،‬وإل فعليه بسُؤال العلمحاء الكبار عمحا صح عن‬
‫الرسول صلى ال عليه وسلم‪ .‬‏‬

‫السُابع‪ :‬‏أن ل يقنع باليسُيخ من العلم‪ ،‬ول يرضى بالقليل حت يبلغ إل ما ف وسعه‬
‫ودخل تت قدرته‪ .‬‏‬

‫الثامن‪ :‬‏أن يل العلمحاء‪ ،‬ويتواضع لم‪ ،‬ويعظمحهم‪ ،‬وينظر لم الق الوافر على الطلق‪،‬‬
‫فإذا صار أهل للنقد‪ ،‬عرف لكل فرد منهم الرتبة الت تليق به‪ .‬‏‬

‫التاسع‪ :‬‏أن يعظم شأيوخه ويلهم‪ ،‬ويكون لم بثابة الرقيق‪ ،‬فقد قيل‪ :‬‏))إن للشيخ حقا‬
‫مثل ما للب(( ‏بل أزيد لن الشيخ سبب الياةا الدنيوية والخروية‪ ،‬والب إنا هو‬
‫سبب الياةا الدنيوية فقط؛ والعلم حياةا‪ ،‬والهل موت‪ ،‬وقد قيل ف تفمسُيخ الية‪ :‬‏ ‏ ‏}يرج‬
‫الي{ ‏إن الراد يرج العال من الاهل والاهل من‬ ‫من ‏ ‏‬
‫اليت ‏ ‏‬
‫اليت ‏ويرج ‏ ‏ ‏‬
‫من ‏ ‏‬
‫الي ‏ ‏‬
‫ ‏ ‏‬
‫العال‪ .‬‏‬

‫العاشأر‪ :‬‏أن ل ينظر وقد شأارف على أول فائدةا وقرب إل معرفة أدن مرتبة‪ ،‬فيظن ف‬
‫نفمسُه الظنون‪ ،‬ويطر بباله أن قد فاز بالقدحَّ العلى‪ ،‬وبلغ الغاية القصوى‪ ،‬فالعلم متاج‬
‫إل تقرير وثبت‪ ،‬وإل فهو قد اقنع نفمسُه بالهل وهو ل يشعر وتعلق به قلة العقل‪ ،‬بل‬
‫وإن داوم على جع العلوم‪ /1) ،‬‏‪ (151‬‏وتلك العقيدةا باقية فيه ل تظهر لعلمحه فائدةا‪،‬‬
‫ول يعود عليه ذلك الطلب بعائدةا‪ ،‬بل يبقى محوق البكة ذاهب الرونق‪ ،‬وكم قد‬
‫شأاهدنا من قبلنا وف زماننا‪ ،‬وكم قد حكت ذلك التواريخ ف العال‪ .‬‏‬

‫الادي عشر‪ :‬‏أن ل يكون سؤاله ول تكلمحه‪ ،‬إل لربعة أنواع‪ :‬‏‬

‫إما لعدم فهمحه لذلك‪ .‬‏‬

‫أو أنه قد ظهر له اختلل ف كلم الصنف‪ ،‬ولكن لعن مازفة وتيلت‬

‫‪118‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫أو عدم معرفة لصل البحث‪ .‬‏‬

‫أو أنه قد ظهر له أن قد سبق إل ذهن الشيخ غيخ ما دل عليه كلم الصنف‪ .‬‏‬

‫فهذه أحوال الطالب‪ .‬‏ولكل من العال والطالب أحوال أخر‪ ،‬لكن هذه أجلها وأشأدها‬
‫حاجة وأعظمحها ماسة‪ ،‬فإذا قام العال بتلك الحوال وقام الطالب بأحواله كان سبب‬
‫السُعادةا والفموز‪ .‬‏‬

‫وعلى فضل العلم والعلمحاء أدلة كثيخةا واسعة‪ ،‬تركتها اختصارا‪ .‬‏‬

‫واعلم أن العلمحاء تتفماوت مراتبهم وأحوالم‪ ،‬وإن كان قد صدق عليهم مسُمحى العلم‪،‬‬
‫وأحرزوا تلك المور والتفماوت‪ ،‬إنا هو بقوةا الستنباطر‪ ،‬وصحة قرية الجتهاد‪،‬‬
‫فالجتهاد ملكة تصل للعال عند جعه لتلك العلوم‪ ،‬وقد ل تصل‪ ،‬فحصولا متوقف‬
‫على جع تلك العلوم‪ ،‬ول يلزمم من جعها حصولا‪ ،‬لنا كاللة‪ ،‬مثل آلة النجار فإنه قد‬
‫يعرف كيفمية النجارةا ويتصورها‪ ،‬ويمحع آلتا‪ ،‬ول يكنه أن يكم الصناعة كلية )‪/1‬‬
‫‪ (152‬‏الحكام‪ .‬‏‬

‫فالعال قد يمحع جيع العلوم‪ ،‬وتصل له تلك الكيفمية الت هي اللكة‪ ،‬ول يكنه العمحل‬
‫بتلك اللكة‪ ،‬أو يكنه العمحل ف بعض ول يكنه العمحل الكامل‪ .‬‏ولذا كان جاعة من‬
‫الصحابة رضي ال عنهم يعرفون جيع ما قام بلسُان العرب‪ ،‬وعرفوا السُنة والكتاب‪ ،‬ول‬
‫يكنهم ذلك‪ ،‬مثل أب هريرةا وأمثاله‪ ،‬وترى ابن عباس من صغار الصحابة‪ ،‬وصار بر‬
‫المة‪ ،‬وكانت له اليد الطول والسُهم العلى‪ ،‬وف كل عصر هكذا فهي عطايا وحظوظ‪،‬‬
‫وقد عثر التأخر على أدلة قد عجزم عنها الوائل وصنع ف التصانيف مال يقدر عليه‬
‫الماثل‪ ،‬وذلك فضل ال يؤتيه من يشاء‪ .‬‏‬

‫وأما أسباب الهالك فهي أيضا كثيخةا‪ :‬‏‬

‫‪119‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫منها أن يريد أن يكون له بذلك العلم رفعة وشأأنا‪ ،‬وينظره الناس بذلك ويقال ف حقه‬
‫عال أو نرير أو مبز ل ياري‪ .‬‏‬

‫ومنها أن يكون ناصر البدعة‪ ،‬سواء علم واستدام على ذلك عجرفة‪ ،‬أو عرف ما هو‬
‫الق ول يصغ إليه‪ ،‬أو نصر قول له قد سبق على خلف الق فانكشف له الق‪ ،‬أو ل‬
‫يسُمحع من العرف له بالق‪ ،‬أو قام برياسة فأراد أن يب الناس على قوله وإن كان‬
‫صوابا‪ ،‬لكن الخالف له معه دليل ل يؤدي مالفمته لا قاله إل التنكيل به والعقاب له‪ .‬‏‬

‫ومنها أن يكون قد فتح عليه وكان قبل ذلك مقلدا لحد العلم‪ ،‬فل يزمال يتعصب له‬
‫بعد معرفته بأن الق خلفه عمحدا وعنادا‪ .‬‏‬

‫ومنها أن يكون من له شأغل بالعلم‪ ،‬ولكن ل تكن له اليد الطول‪ ،‬وصار يفمرع ويلحق‬
‫مسُائل متخيلة ويكمحل الشريعة‪ ،‬ويوجب ويلل ويرم‪ .‬‏‬

‫فهذه المور ما مع سبق ف غضون الكلم ف تفمصيل هذا القام‪ ،‬إذا تتبعها الذي يريد‬
‫النجاحَّ وعمحل با فاز بالفملحَّ‪ ،‬وإل أهلك نفمسُه وصار من حزمب النار‪ ،‬نعوذ بال من‬
‫ذلك‪ .‬‏‬

‫ولذه المور بسُطة بسُطها الشيخ الفماضل العلمة‪ ،‬علي بن ممحد بن علي الشوكان ‪-‬‬
‫رحه ال ‪ -‬‏ف كتابه )الدرر الفماخرةا الشاملة لسُعادةا الدنيا والخرةا( ‏فمحن أراد الطلع‬
‫عليه فليخاجعه‪ .‬‏‬

‫الباب الثان ف منشأ العلوم والكتب‬

‫وفيه‪ :‬‏فصول‬

‫ ‏الفمصل الول ف سببه‬

‫وفيه‪ :‬‏إفهامات‬

‫‪120‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫ ‏الفهام الول ف أن العلم والتعليم‬

‫طبيعي ف العمحران البشري‪ ،‬والبشر متاج إليهوذلك أن النسُان قد شأاركته جيع‬


‫اليوانات ف حيوانيته‪ ،‬من الس والركة والغذاء وغيخ ذلك من اللوازم‪ ،‬وإنا يتاز عنها‬
‫بالفمكر‪ ،‬وإدراكه الكليات الت يهتدي با لتحصيل معاشأه‪ ،‬والتعاون عليه بأبناء جنسُه‪،‬‬
‫والجتمحاع الهيئ لذلك التعاون‪ ،‬وقبول ما جاءت به النبياء عن ال تعال‪ ،‬والعمحل‬
‫واتباع صلحَّ أخراه‪ ،‬فهو مفمكر ف ذلك كله دائمحا ل يفمتم عن الفمكر فيه طرفة عي‪،‬‬
‫بل اختلج الفمكر أسرع من لح البصر‪ .‬‏‬

‫وعن هذا الفمكر تنشأ العلوم والصنائع‪ ،‬ث لجل هذا الفمكر وما جبل عليه النسُان‪ ،‬بل‬
‫اليوان من تصيل ما تسُتدعيه الطباع‪ ،‬فيكون الفمكر راغبا ف تصيل ما ليس عنده من‬
‫الدراكات‪ ،‬فيخجع إل من سبقه بعلم‪ ،‬أو زاد عليه بعرفة أو إدراك‪ ،‬أو أخذه من تقدمه‬
‫من النبياء الذين يبلغونه )‪ /1‬‏‪ (155‬‏لن تلقاه‪ ،‬فيلقن ذلك عنهم ويرص على أخذه‬
‫وعلمحه‪ ،‬ويرجع إل ما استفماد عنه إما من الفواه أو من الدوال عليه‪ .‬‏فهذا ميل طبيعي‬
‫من البشر إل الخذ والستفمادةا‪ ،‬فمحنهم من ساعده فهمحه‪ ،‬ومنهم من ل يسُاعده مع‬
‫ميله إليه‪ .‬‏‬

‫وأما عدم اليل فلمر عارضي‪ ،‬كفمسُاد الزماج‪ ،‬وبعد الكان عن العتدال ول اعتداد به‪.‬‬
‫ث إن فكره ونظره يتوجه إل واحد واحد من القائق‪ ،‬وينظر ما يعرض له لذاته واحدا‬
‫بعد آخر‪ ،‬ويتمحرن على ذلك حت يصيخ إلاق العوارض بتلك القيقة ملكة له‪ ،‬با‬
‫يعرض لتلك القيقة علمحا مصوصا‪ ،‬وتتشوف نفموس أهل اليل الناشأئ إل تصيل‪،‬‬
‫ذلك فيفمزمعون إل أهل معرفته‪ ،‬وييء التعليم من هذا‪ .‬‏فقد تبي بذلك أن العلم والتعليم‬
‫طبيعي ف البشر‪ .‬‏‬

‫ ‏الفهام الثان ف أن العلم والكتابة من لوازم التمحدن‬

‫‪121‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫اعلم أن نوع النسُان لا كان مدنيا بالطبع‪ ،‬وكان متاجا إل إعلم ما ف ضمحيخه إل‬
‫غيخه‪ ،‬وفهم ما ف ضمحيخ الغيخ‪ ،‬اقتضت الكمحة اللية إحداث دوال يف عليه إيرادها‪،‬‬
‫ول يتاج إل غيخ اللت الطبعية‪ ،‬فقاده اللام اللي إل استعمحال الصوت‪ ،‬وتقطيع‬
‫النفمس الضروري باللة الذاتية إل حروف يتاز بعضها عن بعض‪ ،‬باعتبار مارجها‬
‫وصفماتا‪ ،‬حت يصل منها بالتمكيب كلمحات دالة على العان الاصلة ف الضمحيخ فيتيسُر‬
‫لم فائدةا التخاطب‪ ،‬والاورات والقاصد الت ل بد منها ف معاشأهم‪ .‬‏‬

‫ث إن تركيبات تلك الروف لا أمكنت على وجوه متلفمة‪ ،‬وأناء متنوعة‪ ،‬حصل لم‬
‫ألسُنة متلفمة‪ ،‬ولغات متبائنة وعلوم متنوعة‪ .‬‏‬

‫ث إن أرباب المحم من بن المم لا ل يكتفموا بالاورةا ف إشأاعة )‪ /1‬‏‪ (156‬‏هذه النعم‪،‬‬


‫لختصاصها بالاضرين‪ ،‬ست هتهم السُامية إل إطلع الغائبي ومن بعدهم على ما‬
‫استنبطوا من العارف والعلوم‪ ،‬وأتعبوا أنفمسُهم ف تصيلها لينتفمع با أهل القطار‪ ،‬ولتزمداد‬
‫العلوم بتلحق الفكار‪ ،‬ووضعوا قواعد الكتابة الثابتة نقوشأها على وجه كل زمان‪ ،‬وبثوا‬
‫عن أحولا‪ ،‬من الركات‪ ،‬والسُكنات‪ ،‬والضوابط‪ ،‬والنقاطر‪ ،‬وعن تركيبها‪ ،‬وتسُطيخها‪،‬‬
‫لينتقل منها الناظرون إل اللفماظ والروف‪ ،‬ومنها إل العان‪ ،‬فنشأ من ذلك الوضع جلة‬
‫العلوم والكتب‪ .‬‏‬

‫ ‏الفهام الثالث ف أن الط والكتابة‬

‫من عداد الصنائع النسُانية وهو رسوم وأشأكال حرفية‪ ،‬تدل على الكلمحات السُمحوعة‬
‫الدالة على ما ف النفمس‪ ،‬فهو ثان رتبة من الدللة اللغوية‪ ،‬وهو صناعة شأريفمة إذ الكتابة‬
‫من خواص النسُان الت تيزم با عن اليوان‪ .‬‏‬

‫وأيضا فهي تطلع على ما ف الضمحائر وتتأدى با الغراض إل البلد البعيد‪ ،‬فتقضى‬
‫الاجات‪ ،‬وقد دفعت مؤنة الباشأرةا لا‪ ،‬ويطلع با على العلوم والعارف‪ ،‬وصحف‬
‫الولي‪ ،‬وما كتبوه من علومهم وأخبارهم‪ ،‬فهي شأريفمة بذه الوجوه والنافع‪ ،‬وخروجها ف‬

‫‪122‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫النسُان من القوةا إل الفمعل‪ ،‬إنا يكون بالتعليم‪ ،‬وعلى قدر الجتمحاع والعمحران والتناغي‬
‫ف الكمحالت‪ ،‬والطلب لذلك‪ ،‬تكون جودةا الط ف الدينة‪ ،‬إذ هو من جلة الصنائع‪،‬‬
‫وإنا تابعة للعمحران‪ ،‬ولذا ند أكثر البدو أميي ل يكتبون ول يقرؤرون‪ ،‬ومن قرأ منهم أو‬
‫كتب فيكون خطه قاصرا‪ ،‬وقراءته غيخ نافذه‪ ،‬وند تعليم الط ف المصار الارج‬
‫عمحرانا عن الد‪ ،‬أبلغ وأحسُن وأسهل طريقا لستحكام الصنعة فيها‪ .‬‏‬

‫كمحا يكى لنا عن مصر لذا العهد‪ /1) ،‬‏‪ (157‬‏وأن با معلمحي منتصبي لتعليم الط‪،‬‬
‫يلقون على التعلم قواني‪ ،‬وأحكاما ف وضع كل حرف‪ ،‬ويزميدون إل ذلك الباشأرةا‬
‫بتعليم وضعه‪ ،‬فتعتضد لديه رتبة العلم والس ف التعليم‪ ،‬وتأت ملكته على أت الوجوه‪،‬‬
‫وإنا أتى هذا من كمحال الصنائع ووفورها بكثرةا العمحران وانفمسُاحَّ العمحال‪ .‬‏‬

‫وقد كان الط العرب بالغا مبالغة من الحكام والتقان والودةا ف دولة التبايعة‪ ،‬لا‬
‫بلغت من الضارةا والتمف‪ ،‬وهو السُمحى بالط المحيخي‪ ،‬وانتقل منها إل اليخةا‪ ،‬لا كان‬
‫با من دولة آل النذر‪ ،‬نسُباء التبابعة ف العصبية‪ ،‬والددين للك العرب بأرض العراق‪،‬‬
‫ول يكن الط عندهم من الجادةا كمحا كان عند التبابعة‪ ،‬لقصور ما بي الدولتي‪،‬‬
‫وكانت الضارةا وتوابعها من الصنائع وغيخها قاصرةا عن ذلك‪ ،‬ومن اليخةا لقنه أهل‬
‫الطائف وقريش فيمحا ذكر‪ ،‬يقال‪ :‬‏إن الذي تعلم الكتابة من اليخةا هو سفميان بن أمية‪،‬‬
‫ويقال‪ :‬‏حرب بن أمية‪ ،‬وأخذها من أسلم بن سدرةا‪ ،‬وهو قول مكن وأقرب من ذهب‬
‫إل أنم تعلمحوها من إياد أهل العراق لقول شأاعرهم‪ :‬‏‬

‫قوم لم ساحة العراق إذا ** ‏ساروا جيعا والط والقلم‪ .‬‏‬

‫وهو قول بعيد‪ ،‬لن إيادا وإن نزملوا ساحة العراق‪ ،‬فلم يزمالوا على شأأنم من البداوةا‬
‫والط من الصنائع الضرية‪ ،‬وإنا معنم قول الشاعر أنم أقرب إل الط والقلم من‬
‫غيخهم من العرب‪ ،‬لقربم من ساحة المصار وضواحيها‪ ،‬فالقول بأن أهل الجاز إنا‬
‫لقنوها من اليخةا‪ ،‬ولقنها أهل اليخةا من التبابعة وحيخ‪ ،‬هو الليق من القوال‪ .‬‏‬

‫‪123‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وكان لمحيخ كتابة تسُمحى السُند‪ ،‬حروفها منفمصلة‪ ،‬وكانوا ينعون من تعلمحها إل )‪/1‬‬
‫‪ (158‬‏بإذنم‪ ،‬ومن حيخ تعلمحت مضر الكتابة العربية‪ ،‬إل أنم ل يكونوا ميدين لا‪،‬‬
‫شأأن الصنائع إذا وقعت بالبدو‪ ،‬فل تكون مكمحة الذاهب‪ ،‬ول مائلة إل التقان‬
‫والتنمحيق لبون ما بي البدو والصناعة‪ ،‬واستغناء البدو عنها ف الكثر‪ .‬‏‬

‫وكانت كتابة العرب بدوية‪ ،‬مثل كتابتهم‪ ،‬أو قريبا من كتابتهم لذا العهد‪ ،‬أو نقول‪:‬إن‬
‫كتابتهم لذا العهد أحسُن صناعة‪ ،‬لن هؤلء أقرب إل الضارةا ومالطة المصار‬
‫والدول‪ .‬‏‬

‫وأما مضر فكانوا أعرق ف البدو‪ ،‬أبعد عن الضر من أهل اليمحن‪ ،‬وأهل العراق‪ ،‬وأهل‬
‫الشام ومصر‪ ،‬فكان الط العرب لول السلم غيخ بالغ إل الغاية من الحكام‪،‬‬
‫والتقان‪ ،‬والجادةا‪ ،‬ول إل التوسط لكان العرب‪ ،‬من البداوةا والتوحش وبعدهم عن‬
‫الصنائع‪ ،‬وانظر ما وقع لجل ذلك ف رسهم الصحف‪ ،‬حيث رسه الصحابة بطوطهم‪،‬‬
‫وكانت غيخ مسُتحكمحة ف الجادةا‪ ،‬فخالف الكثيخ من رسومهم ما اقتضته رسوم صناعة‬
‫الط عند أهلها‪ .‬‏‬

‫ث اقتفمى التابعون من السُلف رسهم فيها‪ ،‬تبكا با رسه أصحاب رسول ال ‪-‬صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪-‬وخيخ اللق من بعده التلقون لوحيه من كتاب ال وكلمه‪ ،‬كمحا يقتفمي لذا‬
‫العهد خط ول أو عال تبكا ويتبع رسه خطأ أو صوابا‪ ،‬وأين نسُبة ذلك من الصحابة‬
‫فيا كتبوه‪ ،‬فاتبع ذلك وأثبت رسا ونبه العلمحاء بالرسم على مواضعه‪ ،‬ول تلتفمت ف ذلك‬
‫إل ما يزمعمحه بعض الغفملي من أنم كانوا مكمحي لصناعة الط‪ .‬‏‬

‫وإن ما يتخيل من مالفمة خطوطهم لصول الرسم ليس كمحا يتخيل بل لكلها وجه‪،‬‬
‫ويقولون ف مثل زيادةا اللف ف )ل أذبنه( ‏إنه تنبيه على أن الذبح ل يقع‪ ،‬وف زيادةا‬
‫الياء ف )بأييد( ‏إنه تنبيه على كمحال القدرةا الربانية‪ ،‬وأمثال ذلك ما ل أصل له إل‬
‫التحكم الض‪ ،‬وما حلهم )‪ /1‬‏‪ (159‬‏على ذلك إل اعتقادهم أن ف ذلك تنزميها‬
‫للصحابة عن توهم النقصخ ف قلة إجادةا الط‪ ،‬وحسُبوا أن الط كمحال‪ ،‬فنزمهوهم عن‬

‫‪124‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫نقصه‪ ،‬ونسُبوا إليهم الكمحال بإجادته‪ ،‬وطلبوا تعليل ما خالف الجادةا من رسه‪ ،‬وذلك‬
‫ليس بصحيح‪ .‬‏‬

‫واعلم أن الط ليس بكمحال ف حقهم‪ ،‬إذ الط من جلة الصنائع الدنية العاشأية‪ ،‬كمحا‬
‫رأيته فيمحا مر‪ ،‬والكمحال ف الصنائع إضاف‪ ،‬وليس بكمحال مطلق‪ ،‬إذ ل يعود نقصه على‬
‫الذات ف الدين ول ف اللل‪ ،‬وإنا يعود على أسباب العاش وبسُب العمحران والتعاون‬
‫عليه‪ ،‬لجل دللته على ما ف النفموس‪ ،‬وقد كان ‪-‬صلى ال عليه وسلم ‪-‬أميا وكان‬
‫ذلك كمحال ف حقه‪ ،‬وبالنسُبة إل مقامه لشرفه وتنزمهه عن الصنائع العمحلية الت هي‬
‫أسباب العاش والعمحران كلها‪ ،‬وليسُت المية كمحال ف حقنا نن إذ هو منقطع إل‬
‫ربه‪ ،‬ونن متعاونون على الياةا الدنيا‪ ،‬شأأن الصنائع كلها حت العلوم الصطلحية‪ ،‬فإن‬
‫الكمحال ف حقه هو تنزمهه عنها جلة بلفنا‪ .‬‏‬

‫ث لا جاء اللك للعرب‪ ،‬وفتحوا المصار وملكوا المحالك‪ ،‬ونزملوا البصرةا والكوفة‪،‬‬
‫واحتاجت الدولة إل الكتابة‪ ،‬استعمحلوا الط‪ ،‬وطلبوا صناعته وتعلمحه‪ ،‬وتداولوه‪ ،‬فتمقت‬
‫الجادةا فيه‪ ،‬واستحكم وبلغ ف الكوفة والبصرةا رتبة من التقان‪ ،‬إل أنا كانت دون‬
‫الغاية‪ ،‬والط الكوف معروف الرسم لذا العهد‪ .‬‏‬

‫ث انتشر العرب ف القطار والمحالك‪ ،‬وافتتحوا إفريقية والندلس‪ ،‬واختط بنو العباس‬
‫بغداد‪ ،‬وترقت الطوطر فيها إل الغاية لا استبحرت ف العمحران‪ ،‬وكانت دار السلم‪،‬‬
‫ومركزم الدولة العربية‪ ،‬وكان الط البغدادي معروف )‪ /1‬‏‪ (160‬‏الرسم‪ ،‬وتبعه الفريقي‬
‫العروف رسه القدي لذا العهد‪ ،‬ويقرب من أوضاع الط الشرقي وتيزم ملك الندلس‬
‫بالمويي‪ ،‬فتمحيزموا بأحوالم من الضارةا والصنائع والطوطر‪ ،‬فتمحيزم صنف خطهم‬
‫الندلسُي‪ ،‬كمحا هو معروف الرسم لذا العهد‪ .‬‏‬

‫وطمحا بر العمحران والضارةا ف الدول السلمية ف كل قطر‪ ،‬وعظم اللك‪ ،‬ونفمقت‬


‫أسواق العلوم‪ ،‬وانتسُخت الكتب‪ ،‬وأجيد كتبها وتليدها‪ ،‬وملئت با القصور والزمائن‬
‫اللوكية با ل كفماء له‪ ،‬وتنافس أهل القطار ف ذلك‪ ،‬وتناغوا فيه‪ .‬‏‬

‫‪125‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫ث لا انل نظام الدولة السلمية‪ ،‬وتناقصت تناقصخ ذلك أجع ودرست معال بغداد‬
‫بدروس اللفة‪ ،‬فانتقل شأأنا من الط والكتابة‪ ،‬بل والعلم إل مصر والقاهرةا‪ ،‬فلم تزمل‬
‫أسواقه با نافقة لذا العهد‪ ،‬وله با معلمحون يرسون لتعليم الروف بقواني ف وضعها‬
‫وأشأكالا متعارفة بينهم‪ ،‬فل يلبث التعلم أن يكم أشأكال تلك الروف على تلك‬
‫الوضاع‪ ،‬ولقد لقنها حسُا وحذق فيها دربه وكتابا‪ ،‬وأخذها قواني علمحية فتجيء أحسُن‬
‫ما يكون‪ .‬‏‬

‫وأما أهل الندلس فافتمقوا ف القطار عند تلشأي ملك العرب با‪ ،‬ومن خلفمهم من‬
‫الببر‪ ،‬وتغلبت عليهم أمم النصرانية‪ ،‬فانتشروا ف عدوةا الغرب وإفريقية من لدن الدول‬
‫اللمحتونية إل هذا العهد‪ ،‬وشأاركوا أهل العمحران با لديهم من الصنائع‪ ،‬وتعلقوا بأذيال‬
‫الدولة فغلب خطهم على الط الفريقي‪ ،‬وعفمى عليه ونسُي خط القيخوان والهدية‪،‬‬
‫بنسُيان عوائدها وصنائعهمحا‪ ،‬وصارت خطوطر أهل إفريقية كلها على الرسم الندلسُي‬
‫بتونس وما إليها‪ ،‬لتوفر أهل الندلس با عند الالية من شأرق )‪ /1‬‏‪ (161‬‏الندلس‪،‬‬
‫وبقي منه رسم ببلد الريد الذين ل يالطوا كتاب الندلس‪ ،‬ول ترسوا بوارهم‪ ،‬إنا‬
‫كان يفمدون على دار اللك بتونس‪ ،‬فصار خط أهل إفريقية من أحسُن خطوطر أهل‬
‫الندلس‪ ،‬حت إذا تقلصخ ظل الدولة الوحدية بعض الشيء وتراجع أمر الضارةا والتمف‪،‬‬
‫بتماجع العمحران نقصخ حينئذ حال الط‪ ،‬وفسُدت رسومه‪ ،‬وجهل فيه وجه التعليم بفمسُاد‬
‫الضارةا‪ ،‬وتناقصخ العمحران‪ ،‬وبقيت فيه آثار الط الندلسُي تشهد با كان لم من‬
‫ذلك‪ ،‬لا قيل من أن الصنائع إذا رسخت بالضارةا فيعسُر موها‪ .‬‏‬

‫وحصل ف دولة بن مرين من بعد ذلك بالغرب القصى لون من الط الندلسُي‪ ،‬لقرب‬
‫جوارهم‪ ،‬وسقوطر من خرج منهم إل فاس قريبا‪ ،‬واستعمحالم إياهم سائر الدولة‪ ،‬ونسُي‬
‫عهد الط فيمحا بعد عن سدةا اللك وداره‪ ،‬كأنه ل يعرف‪ ،‬فصارت الطوطر بإفريقية‬
‫والغربي مائلة إل الرداءةا بعيدةا عن الودةا‪ ،‬وصارت الكتب إذا انتسُخت فل فائدةا‬
‫تصل‪ ،‬لتصفمحها منها إل العناء والشقة‪ ،‬لكثرةا ما يقع فيها من الفمسُاد والتصحيف‬

‫‪126‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وتغييخ الشأكال الطية عن الودةا‪ ،‬حت ل تكاد تقرأ إل بعد عسُر‪ ،‬ووقع فيه ما وقع‬
‫ف سائر الصنائع‪ ،‬بنقصخ الضارةا وفسُاد الدول‪ ،‬وال أعلم‪ .‬‏‬

‫قف‪ :‬‏إن الصنائع تكسُب صاحبها عقل‪ ،‬وخصوصا الكتابة والسُاب‪ ،‬وذلك أن النفمس‬
‫الناطقة للنسُان إنا توجد فيه بالقوةا‪ ،‬وأن خروجها من القوةا إل الفمعل‪ ،‬إنا هو بتجدد‬
‫العلوم والدراكات عن السُوسات أول‪ ،‬ث ما يكتسُب بعدها بالقوةا النظرية‪ ،‬إل أن‬
‫يصيخ إدراكا بالفمعل‪ ،‬وعقل مضا‪ ،‬فتكون ذاتا روحانية‪ ،‬وتسُتكمحل حينئذ وجودها‪.‬‬
‫فوجب لذلك أن يكون كل نوع من العلم‪ ،‬والنظر يفميدها عقل فريدا والصنائع أبدا‬
‫يصل عنها وعن ملكتها قانون علمحي‪ ،‬مسُتفماد من تلك اللكة‪ .‬‏‬

‫فلهذا كانت النكة )‪ /1‬‏‪ (162‬‏ف التجربة تفميد عقل‪ ،‬واللكات الصناعية تفميد عقل‪،‬‬
‫والضارةا الكاملة تفميد عقل‪ ،‬لنا متمحعة من صنائع ف شأأن تدبيخ النزمل‪ ،‬ومعاشأرةا أبناء‬
‫النس وتصيل الداب ف مالطتهم‪ ،‬ث القيام بأمور الدين واعتبار آدابا وشأرائطها‪ .‬‏‬

‫وهذه كلها قواني تنتظم علوما فيحصل منها زيادةا عقل‪ ،‬والكتابة من بي الصنائع أكثر‬
‫إفادةا لذلك‪ ،‬لنا تشتمحل على العلوم والنظار بلف سائر الصنائع‪ .‬‏وبيانه أن ف‬
‫الكتابة انتقال من الروف الطية إل الكلمحات اللفمظية ف اليال‪ ،‬ومن الكلمحات‬
‫اللفمظية ف اليال إل العان الت ف النفمس‪ ،‬ويكون ذلك دائمحا فيحل لا ملكة النتقال‬
‫من الدلة إل الدلولت‪ ،‬وهو معنم النظر العقلي الذي يكسُب العلوم الهولة‪ ،‬فيكسُب‬
‫بذلك ملكة من التعقل تكون زيادةا عقل‪ ،‬ويصل به قوةا فطنة وكيس ف المور‪ ،‬لا‬
‫تعودوه من ذلك النتقال‪ .‬‏‬

‫ولذلك قال كسُرى ف كتابه لا رآهم بتلك الفمطنة والكيس )ديوانه( ‏أي شأياطي وجنون‪.‬‬
‫قالوا‪ :‬‏وذلك أصل اشأتقاق الديوان لهل الكتابة‪ .‬‏ويلحق بذلك السُاب‪ ،‬فإن ف صناعة‬
‫السُاب نوع تصرف ف العدد بالضم والتفمريق‪ ،‬يتاج فيه إل استدلل كثيخ‪ ،‬فيبقى‬
‫متعودا للستدلل والنظر‪ ،‬وهو معنم العقل‪ .‬‏وال أعلم بالصواب‪ .‬‏‬

‫‪127‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫ ‏الفهام الرابع ف أوائل ما ظهر من العلم والكتاب‬

‫اعلم أنه يقال‪ :‬‏إن آدم عليه الصلةا والسُلم كان عالا بمحيع اللغات‪ ،‬لقوله سبحانه‬
‫كلها{ ‏قال المام الرازي‪ :‬‏الراد أساء كل ما خلق ال‬
‫الساء ‏ ‏‬
‫وعلم ‏آدم ‏ ‏ ‏‬
‫وتعال‪ :‬‏ ‏ ‏} ‏ ‏‬
‫سبحانه وتعال‪ ،‬من أجناس الخلوقات‪ ،‬بمحيع اللغات الت يتكلم با ولده اليوم‪ ،‬وعلم‬
‫أيضا معانيها‪ ،‬وأنزمل عليه )‪ /1‬‏‪ (163‬‏كتابا‪ ،‬وهو كمحا ورد ف حديث أب ذر رضي ال‬
‫عنه أنه قال‪ :‬‏))يا رسول ال أي كتاب أنزمل على آدم؟ قال‪ :‬‏كتاب العجم‪ ،‬قلت‪ :‬‏أي‬
‫كتاب العجم؟ قال‪ :‬‏أ‪ .‬‏ب‪ .‬‏ت‪ .‬‏ث‪ .‬‏ج‪ ،‬قلت‪ :‬‏يا رسول ال‪ ،‬كم حرفا؟ قال تسُعة‬
‫وعشرون حرفا‪((.‬الديث‪ .‬‏‬

‫وذكروا أنه عشر صحف فيها سور مقطعة الروف‪ ،‬وفيها الفمرائض‪ ،‬والوعد والوعيد‪،‬‬
‫وأخبار الدنيا والخرةا‪ ،‬وقد بي أهل كل زمان‪ ،‬وصورهم وسيخهم مع أنبيائهم وملوكهم‪،‬‬
‫وما يدث ف الرض من الفمت واللحم‪ .‬‏‬

‫ول يفمى أنه مسُتبعد عند أصحاب العقول القاصرةا‪ ،‬وأما من أمعن النظر ف )الفمر( ‏ول‬
‫حظ شوله على غرائب المور‪ ،‬فعنده ليس ببعيد سيمحا ف الكتب النزملة‪ .‬‏هكذا قيل‬
‫ولكن ف صحة كتاب )الفمر( ‏كلم كمحا بيناه ف )لقطة العجلن(‪ .‬‏‬

‫وروي أن آدم عليه السُلم‪ ،‬وضع كتابا ف أنواع اللسُن والقلم قبل موته بثلثائة سنة‪،‬‬
‫كتبها ف الطي ث طبخه‪ ،‬فلمحا أصاب الرض الغرق‪ ،‬وجد كل قوم كتابا فكتبوه من‬
‫خطه‪ ،‬فأصاب إساعيل عليه السُلم الكتاب العرب‪ ،‬وكان ذلك من معجزمات آدم عليه‬
‫السُلم‪ .‬‏ذكره السُيوطي ف )الزمهر( ‏وهذا أبعد ما قبله‪ .‬‏‬

‫وف رواية أن آدم عليه السُلم كان يرسم الطوطر بالبنان‪ ،‬وكان أولده تتلقاها بوصيته‬
‫منه‪ ،‬وبعضهم بالقوةا القدسية القابلة‪ ،‬وكان أقرب عهد إليه إدريس عليه )‪ /1‬‏‪(164‬‬
‫السُلم‪ ،‬فكتب بالقلم واشأتهر عنه من العلوم ما ل يشتهر عن غيخه‪ ،‬ولقب برمس‬
‫الرامسُة والثلث بالنعمحة لنه كان نبيا ملكا حكيمحا‪ .‬‏‬

‫‪128‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وجيع العلوم الت ظهرت قبل الطوفان إنا صدرت عنه‪ ،‬ف قول كثيخ من العلمحاء‪ ،‬وهو‬
‫هرمس الول‪ ،‬أعن إدريس بن يرد بن مهليل بن أنوش بن شأيث ابن آدم عليه السُلم‬
‫التمحكن بصعيد مصر العلى‪ .‬‏‬

‫وقالوا‪ :‬‏إنه أول من تكلم ف الجرام العلوية‪ ،‬والركات النجومية‪ ،‬وأول من بنم الياكل‪،‬‬
‫وعبد ال تعال فيها‪ ،‬وأول من نظر ف الطب‪ ،‬وألف لهل زمانه قصائد ف البسُائط‬
‫والركبات‪ ،‬وأنذر بالطوفان‪ ،‬ورأى أنه آفة ساوية تلحق الرض‪ ،‬فخاف ذهاب العلم‪،‬‬
‫فبنم الهرام الت ف صعيد مصر العلى‪ ،‬وصور فيها جيع الصناعات واللت‪ ،‬ورسم‬
‫صفمات العلوم والكمحالت‪ ،‬حرصا على تليدها ث كان الطوفان‪ ،‬وانقرض الناس فلم يبق‬
‫علم ول أثر سوى من ف السُفمينة من البشر‪ ،‬وذلك مذهب جيع الناس إل الوس‪،‬‬
‫فإنم ل يقولون بعمحوم الطوفان‪ .‬‏‬

‫ث أخذ يتدرج الستئناف والعادةا‪ ،‬فعاد ما اندرس من العلم إل ما كان عليه مع‬
‫الفمضل والزميادةا‪ ،‬فأصبح مؤسس البينان مشيد الركان ل زال مؤيدا باللة السلمية إل‬
‫يوم الشر واليزمان‪ .‬‏وال تعال أعلم‪ .‬‏)‪ /1‬‏‪ (165‬‏‬

‫ ‏الفمصل الثان ف منشأ إنزمال الكتب واختلف الناس وانقسُامهم‬

‫وفيه‪ :‬‏إفصاحات‬

‫ ‏الفصاحَّ الول ف حكمحة إنزمال الكتب‬

‫اعلم أن النسُان لا كان متاجا إل اجتمحاع مع آخر من نوعه‪ ،‬ف إقامة معاشأه‪،‬‬
‫والستعداد لعاده‪ ،‬وذلك الجتمحاع يب أن يكون على شأكل يصل به التمحانع‬
‫والتعاون‪ ،‬حت يفمظ بالتمحانع ما هو له‪ ،‬ويصل بالتعاون ما ليس له من المور الدنيوية‬
‫والخروية‪ .‬‏‬

‫‪129‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وكان ف كثيخ منها مال طريق للعقل إليه‪ ،‬وإن كان فيه فبأنظار دقيقة‪ ،‬ل تتيسُر إل‬
‫لواحد بعد واحد‪ ،‬اقتضت الكمحة اللية إرسال الرسل‪ ،‬وإنزمال الكتب للتبشيخ والنذار‪،‬‬
‫وإرشأاد الناس إل ما يتاجون إليه‪ ،‬من أمور الدين والدنيا‪ .‬‏‬

‫فصورةا الجتمحاع على هذه اليئة هي اللة‪ ،‬والطريق الاص الذي يصل به إل هذه اليئة‬
‫هو النهاج والشريعة‪ ،‬فالشريعة ابتدأت من نوحَّ عليه السُلم‪ ،‬والدود الحكام ابتدأت‬
‫من آدم‪ ،‬وشأيث‪ ،‬وإدريس‪ ،‬عليهم السُلم‪ ،‬وختمحت بأتها وأكلمحها‪ .‬‏‬

‫فمحن الناس من آمن بم واهتدى‪ ،‬ومنهم من اختار الضللة على الدى‪ ،‬فظهر اختلف‬
‫فرحون{ ‏)‪/1‬‬
‫لديهم ‏ ‏‬
‫با ‏ ‏‬
‫حزمب ‏ ‏‬
‫كل ‏ ‏‬
‫الراء والذاهب من الكفمار والفمرق السلمية‪ ،‬‏ ‏} ‏ ‏‬
‫‪ (166‬‏‬

‫ ‏الفصاحَّ الثان ف أقسُام الناس بسُب الذاهب والديانات‬

‫اعلم أن التقسُيم الضابط أن يقال‪ :‬‏إن من الناس من ل يقول بحسُوس‪ ،‬ول بعقول‪،‬‬
‫وهم السُوفسُطائية‪ ،‬فإنم أنكروا حقائق الشأياء‪ .‬‏‬

‫ومنهم من يقول بالسُوس‪ ،‬ول يقول بالعقول‪ ،‬وهم الطبيعية‪ ،‬كل منهم معطل ل يرد‬
‫عليه فكره براد‪ ،‬ول يهديه عقله ونظره إل اعتقاد‪ ،‬ول يرشأده ذهنه إل معاد‪ ،‬قد ألف‬
‫السُوس‪ ،‬وركن إليه‪ ،‬وظن أن ل عال وراء العال السُوس‪ ،‬ويقال لم الدهريون أيضا‪،‬‬
‫فإنم يثبتون معقول‪ .‬‏‬

‫ومنهم من يقول بالسُوس‪ ،‬والعقول‪ ،‬ول يقول بدود ول أحكام‪ ،‬وهم الفملسفمة‪ ،‬فكل‬
‫منهم قد رقى عن السُوس‪ ،‬وأثبت العقول‪ ،‬لكنه ل يقول بدود وأحكام وشأريعة‬
‫وإسلم‪ ،‬ويظن أنه إذا حصل له العقول‪ ،‬وأثبت للعال مبدأ ومعادا‪ ،‬وصل إل الكمحال‬
‫الطلوب من جنسُه‪ ،‬فيكون سعادته على قدر إحاطته وعلمحه‪ ،‬وشأقاوته بقدر جهله‬
‫وسفماهته‪ ،‬وعقله هو السُتبد بتحصيل هذه السُعادةا‪ .‬‏وهؤلء الذين كانوا ف الزممن الول‬
‫دهرية‪ ،‬وطبيعية‪ ،‬وإلية‪ ،‬ل الذين أخذوا علومهم عن مشكاةا النبوةا‪ .‬‏‬

‫‪130‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫ومنهم من يقول بالسُوس والعقول‪ ،‬والدود الحكام‪ ،‬ول يقول بالشريعة والسلم‪،‬‬
‫وهم الصابئة‪ ،‬فهم قوم يقرب من الفملسفمة‪ ،‬ويقولون بدود وأحكام عقلية‪ ،‬ربا أخذوا‬
‫أصولا وقوانينها من مؤيد بالوحي‪ .‬‏‬

‫إل أنم اقتصروا على الول منهم‪ ،‬وما تعدوا إل الخر‪ ،‬وهؤلء هم الصابئة الول‪،‬‬
‫الذين قالوا بغازيون‪ ،‬وهرمس‪ ،‬وها شأيث وإدريس عليهمحا السُلم‪ ،‬ول يقولوا بغيخها من‬
‫النبياء‪ .‬‏)‪ /1‬‏‪ .(167‬‏‬

‫ومنهم من يقول هذه كلها شأريعة ما وإسلم‪ ،‬ول يقول بشريعة ممحد ‪-‬صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ -‬‏وهم الوس والنصارى واليهود‪ .‬‏‬

‫ومنهم من يقول بذه كلها‪ ،‬وهم السُلمحون‪ ،‬وكانوا عند وفاةا النب ‪ -‬‏صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ -‬‏على عقيدةا واحدةا‪ ،‬إل من كان يبطن النفماق‪ .‬‏‬

‫ث نشأ اللف فيمحا بينهم‪ ،‬أول ف أمور اجتهادية‪ ،‬وكان غرضهم منها إقامة مراسم‬
‫الدين‪ ،‬كاختلفهم ف التخلف عن جيش أسامة‪ ،‬وف موته ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪-‬‬
‫وف موضع دفنه‪ ،‬وف المامة‪ ،‬وف ثبوت الرث عنه‪ - ،‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ -‬‏وف‬
‫قتال مانعي الزمكاةا‪ ،‬وف خلفة علي ومعاوية‪ ،‬وكاختلفهم ف بعض الحكام الفمرعية‪ ،‬ث‬
‫يتدرج ويتمقى إل آخر أيام الصحابة ‪ -‬‏رضي ال عنهم ‪ .-‬‏‬

‫فظهر قوم خالفموا ف القدر‪ ،‬ول يزمل اللف يتشعب حت تفمرق أهل السلم إل ثلث‬
‫وسبعي فرقة‪ ،‬كمحا أشأار إليه رسول ال ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ -‬‏وكان من معجزماته‪،‬‬
‫ولكن كبار الفمرق السلمية ثان‪ ،‬وهم العتزملة‪ ،‬والشيعة‪ ،‬والوارج‪ ،‬والرجئة‪ ،‬والنجارية‪،‬‬
‫والبية‪ ،‬والشبهة‪ ،‬والناجية‪ ،‬ويقال لم أهل السُنة والمحاعة‪ ،‬هذا ما ذكروه ف كتب‬
‫الفمرق‪ .‬‏‬

‫ ‏الفصاحَّ الثالث ف أقسُام الناس بسُب العلوم‬

‫‪131‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫اعلم أنم باعتبار العلم والصناعة قسُمحان‪ :‬‏قسُم اعتنم بالعلم‪ ،‬فظهرت منهم ضروب‬
‫العارف‪ ،‬فهم صفموةا ال من خلقه‪ ،‬وفرقة ل تعت بالعلم عناية يسُتحق با اسه‪ .‬‏‬

‫فالول‪ :‬‏أمم منهم أهل مصر‪ ،‬والروم‪ ،‬والند‪ ،‬والفمرس‪ ،‬والكلدانيون‪ ،‬واليونانيون‪ ،‬والعرب‪،‬‬
‫والعبانيون‪ .‬‏‬

‫والثانية‪ :‬‏بقية المم‪ ،‬لكن النبه منهم الصي‪ ،‬والتمك‪ .‬‏وف )اللل والنحل(‪ :‬‏))إن كبار‬
‫المم أربعة‪ :‬‏العرب‪ ،‬والعجم‪ ،‬والروم‪ ،‬والند‪ ،‬ث إن العرب والند يتقاربان على مذهب‬
‫واحد‪ ،‬وأكثر ميلهم إل تقرير خواص الشأياء‪ ،‬والكم بأحكام الاهيات والقائق‪،‬‬
‫واستعمحال المور الروحانية‪ .‬‏والعجم والروم يتقاربان على مذهب واحد‪ ،‬وأكثر ميلهم إل‬
‫تقرير طبائع الشأياء‪ ،‬والكم بأحكام الكيفميات والكمحيات‪ ،‬واستعمحال المور‬
‫السُمحانية‪ ((.‬‏انتهى‪ .‬‏‬

‫وف بيان هذه المم‪ :‬‏تلويات‬

‫التلويح الول‪ :‬‏ف أهل الند‬

‫اعلم أن لون الندي وإن كان ف أول مراتب السُودان فصار بذلك من جبلتهم‪ ،‬إل أنه‬
‫سبحانه وتعال جنبهم سوء أخلق السُودان‪ ،‬ودناءةا شأيمحهم‪ ،‬وسفماهة أحلمهم‪،‬‬
‫وفضلهم على كثيخ من السُمحر والبيض‪ ،‬وعلل ذلك بعض أهل التنجيم بأن زحل وعطارد‬
‫يتوليان بالقسُمحة لطبيعة الند‪ ،‬فلولية زحل اسودت ألوانم‪ ،‬ولولية عطارد خلصت‬
‫عقولم‪ ،‬ولطفمت أذهانم‪ ،‬فهم أهل الراء الفماضلة‪ ،‬والحلم الراجحة‪ ،‬لم التحقق بعلم‬
‫العدد‪ ،‬والندسة‪ ،‬والطب‪ ،‬والنجوم‪ ،‬والعلم الطبيعي واللي‪ .‬‏‬

‫فمحنهم براهة‪ :‬‏وهي فرقة قليلة العدد‪ ،‬ومذهبهم إبطال النبوات‪ ،‬وتري ذبح اليوان‪ .‬‏ومنهم‬
‫صابئة وهم جهور الند‪ ،‬ولم ف تعظيم الكواكب وأدوارها آراء ومذاهب‪ ،‬والشهور ف‬
‫كتبهم مذهب السُندهند؛ أي دهر الدهر‪ ،‬ومذهب الرجهيزم‪ ،‬ومذهب الركند ولم ف‬
‫السُاب والخلق والوسيقى تأليفمات )‪ /1‬‏‪ (169‬‏‬

‫‪132‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫التلويح الثان‪ :‬‏ف الفمرس‬

‫وهم أعدل المم‪ ،‬وأوسطهم دارا‪ ،‬وكانوا ف أول أمرهم موحدين على دين نوحَّ ‪ -‬‏عليه‬
‫السُلم ‪ -‬‏إل أن تذهب طهمحورث‪ ،‬بذهب الصابئي‪ ،‬وقسُر الفمرس على التشرع به‪،‬‬
‫فاعتقدوه نو ألف سنة‪ ،‬إل أن تسُجوا جيعا بسُبب زرادشأت‪ ،‬ول يزمالوا على دينه قريبا‬
‫من ألف سنة‪ ،‬إل أن انقرضوا؛ ولواصهم عناية بالطب‪ ،‬وأحكام النجوم‪ ،‬ولم أرصاد‬
‫ومذاهب ف حركاتا‪ ،‬واتفمقوا على أن أصح الذاهب ف الدوار‪ ،‬مذهب الفمرس‪ ،‬ويسُمحى‬
‫سن أهل فارس‪ ،‬وذلك أن مدةا العال عندهم جزمء من اثن عشر ألفما من مدةا السُند‬
‫هند؛وهي أن السُيارات وأوجاتا‪ ،‬وجوز هراتا‪ ،‬تتمحع كلها ف رأس المحل‪ ،‬ف كل ستة‬
‫وثلثي ألف سنة شسُية مرةا واحدةا‪ ،‬ولم ف ذلك كتب جليلة‪ ،‬وف كتاب )الفمهرس(‬
‫يقال‪ :‬‏إن أول من تكلم بالفمارسية كيومرث‪ ،‬وتسُمحيه الفمرس )كل شأاه(‪ ،‬أي ملك‬
‫الطي‪ ،‬وهو عندهم آدم أبو البشر ‪ -‬‏عليه السُلم ‪ .-‬‏‬

‫وأول من كتب بالفمارسية بيوراسب العروف بالضحاك‪ ،‬وقيل أفريدون‪ ،‬وقال ابن عبدوس‬
‫ف كتاب )الوزراء(‪ :‬‏)كانت الكتب والرسائل قبل ملك كشتاسب قليلة‪ ،‬ول يكن لم‬
‫اقتدار على بسُط الكلم‪ ،‬وإخراج العان‪ ،‬من النفموس‪ ،‬ولا ظهر ملك زرادشأت‪ ،‬صاحب‬
‫شأريعة الوس‪ ،‬وأظهر كتابه العجيب بمحيع اللغات‪ ،‬وأخذ الناس بتعلم الط‪ ،‬والكتاب‪،‬‬
‫فزمادوا ومهروا( ‏وقال ابن القفمع‪ :‬‏لغات الفمارسية‪ :‬‏الفمهلوية‪ ،‬والدرية‪ ،‬والفمارسية‪ ،‬والوزية‪،‬‬
‫والسُريانية‪ .‬‏)‪ /1‬‏‪ (170‬‏‬

‫أما الفمهلوية‪ :‬‏فمحنسُوبة إل فهلة‪ ،‬اسم يقع على خسُة بلدان وهي‪ :‬‏أصفمهان‪ ،‬والري‪،‬‬
‫وهذان‪ ،‬وناوند‪ ،‬وأذربيجان‪ .‬‏‬

‫وأما الدرية‪ :‬‏فلغة الدائن‪ ،‬وبا كان يتكلم من بباب اللك‪ ،‬وهي منسُوبة إل الباب‪ ،‬لن‬
‫الباب بالفمارسية در‪ ،‬والغالب عليها من لغة أهل خراسان‪ ،‬والشرق لغة أهل بلخ‪ .‬‏‬

‫فأما الفمارسية‪ :‬‏فيتكلم با الوابذةا‪ ،‬والعلمحاء‪ ،‬وهي لغة أهل فارس‪ .‬‏‬

‫‪133‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وأما الوزية‪ :‬‏فبها كان يتكلم اللوك‪ ،‬والشأراف ف اللوةا مع حاشأيتهم‪ .‬‏‬

‫وأما السُريانية‪ :‬‏فكان يتكلم با أهل السُواد‪ ،‬والكاتبة‪ ،‬ف نوع من اللغة‪ ،‬بالسُريان‬
‫فارسي‪ .‬‏‬

‫وللفمرس ستة أنواع من الطوطر‪ ،‬وحروفهم مركبة من‪ :‬‏)أبد هوزي كلمحن سف رش‬
‫ثخذغ( ‏فالتاء الثناةا‪ ،‬والاء الهمحلة‪ ،‬والصاد‪ ،‬والضاد‪ ،‬والطاء‪ ،‬والظاء‪ ،‬والعي‪ ،‬والقاف‪،‬‬
‫سواقط‪ .‬‏‬

‫التلويح الثالث‪ :‬‏ف الكلدانيي‬

‫وهم أمة قدية‪ ،‬مسُكنهم أرض العراق‪ ،‬وجزميرةا العرب‪ ،‬منهم النمحاردةا‪ ،‬ملوك الرض بعد‬
‫الطوفان‪ ،‬وبت نصر منهم‪ ،‬ولسُانم سريان؛ول يبحوا إل أن ظهر عليهم الفمرس‪ ،‬وغلبوا‬
‫ملكتهم‪ ،‬وكان منهم علمحاء‪ ،‬وحكمحاء‪ ،‬متوسعون ف الفمنون‪ ،‬ولم عناية بأرصاد‬
‫الكواكب‪ ،‬وإثبات الحكام والواص‪ .‬‏‬

‫ولم هياكل‪ ،‬وطرائق لستجلب )‪ /1‬‏‪ (171‬‏قوى الكواكب‪ ،‬وإظهار طبائعها‪ ،‬بأنواع‬
‫القاربي‪ ،‬فظهرت منهم الفاعيل الغريبة‪ ،‬من إنشاء الطلسُمحات‪ ،‬وغيخها؛ ولم مذاهب‬
‫نقل‪ ،‬منها بطليمحوس ف )السُطي(‪ .‬‏‬

‫ومن أشأهر علمحائهم‪ :‬‏أبرخس‪ ،‬واطصفمن‪ ،‬وف )الفمهرس( ‏أن النبطي‪ ،‬أفصح من السُريان‪،‬‬
‫وبه كان يتكلم أهل بابل‪ ،‬وأما النبطي الذي يتكلم به أهل القرى‪ ،‬فهو سريان‪ ،‬غيخ‬
‫فصيح‪ ،‬وقيل‪ :‬‏اللسُان الذي يسُتعمحل ف الكتب الفمصيحة بلسُان أهل سوريا‪ ،‬وحران‪ .‬‏‬

‫وللسُريانيي‪ ،‬ثلثة أقلم‪ ،‬أقدم القلم‪ ،‬ول فرق بينه وبي العرب ف الجاء‪ ،‬إل أن الثاء‬
‫الثلثة والاء‪ ،‬والذال‪ ،‬والضاد‪ ،‬والظاء‪ ،‬والغي‪ ،‬كلها معجمحات سواقط‪ ،‬وكذا اللم ألف؛‬
‫وتركيب حروفها‪ ،‬من اليمحي إل اليسُار‪ .‬‏‬

‫التلويح الرابع‪ :‬‏ف أهل يونان‬

‫‪134‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫هم أمة عظيمحة القدر‪ ،‬بلدهم بلد روم إيلي‪ ،‬وأناطول‪ ،‬وقرامان؛ وكانت عامتهم صابئة‪،‬‬
‫عبدةا الصنام‪ ،‬وكان السكندر منهم‪ ،‬الذي أجع ملوك الرض على الطاعة لسُلطانة‪،‬‬
‫وبعده البطالسُة‪ ،‬إل أن غلب عليهم الروم؛ وكان علمحاؤرهم يسُمحون فلسفمة إليي‪،‬‬
‫أعظمحهم خسُة‪ :‬‏بندقليس‪ ،‬كان ف عصر داود ‪ -‬‏عليه السُلم ‪ -‬‏ث فيثاغورس‪ ،‬ث‬
‫سقراطر‪ ،‬ث أفلطون‪ ،‬ث أرساطاطاليس‪ .‬‏)‪ /1‬‏‪ (172‬‏‬

‫ولم تصانيف ف أنواع الفمنون‪ ،‬وهم من أرفع الناس طبقة‪ ،‬وأجل أهل العلم منزملة‪ ،‬لا‬
‫ظهر منهم من العتناء الصحيح بفمنون الكمحة‪ ،‬من العلوم الرياضية‪ ،‬والنطقية‪ ،‬والعارف‬
‫الطبيعية‪ ،‬واللية‪ ،‬والسُياسات النزملية‪ ،‬والدنية‪ ،‬وجيع العلوم العقلية‪ ،‬مأخذوةا عنهم‪ ،‬ولغة‬
‫قدمائهم تسُمحى الغريقية‪ ،‬وهي من أوسع اللغات‪ .‬‏‬

‫ولغة التأخرين‪ ،‬تسُمحى اللطين‪ ،‬لنم فرقتان‪ :‬‏الغريقيون‪ ،‬واللطينيون‪ ،‬وكان ظهور أمة‬
‫اليونان ف حدود سنة ثان وستي وخسُمحائة من وفاةا موسى ‪ -‬‏عليه السُلم ‪ -‬‏وقبل‬
‫ظهروا السكندر بمحس وأربعي وثانائة سنة‬

‫التلويح الامس‪ :‬‏ف الروم‬

‫وهم أيضا صابئة‪ ،‬إل أن قام قسُطنيطي بدين السُيح‪ ،‬وقسُرهم على التشرع به فأطاعوه‪،‬‬
‫ول يزمل دين النصرانية يقوى إل أن دخل فيه أكثر المم الاورةا للروم‪ ،‬وجيع أهل مصر‪،‬‬
‫وكان لم حكمحاء علمحاء‪ ،‬بأنواع الفملسُفمة‪ ،‬وكثيخ من الناس يقول‪ :‬‏إن الفملسفمة الشهورين‬
‫روميون‪ ،‬والصحيح أنم يونانيون‪ ،‬ولتجاور المتي‪ ،‬دخل بعضهم ف بعض‪ ،‬واختلط‬
‫خبهم‪ ،‬وكل المتي مشهور العناية بالفملسُفمة‪ ،‬إل أن لليونان من الزمية والتفمضيل‪ ،‬مال‬
‫ينكر‪ ،‬وقاعدةا ملكتهم رومية الكبى‪ .‬‏ولغتهم مالفمة للغة اليونان‪ .‬‏‬

‫وقيل لغة اليونان الغريقية‪ ،‬ولغة الروم اللطينية‪ ،‬وقلم اليونان والروم من اليسُار إل اليمحي‪،‬‬
‫مرتب على ترتيب أبد‪ ،‬وحروفهم‪ :‬‏)ايج وزطي كلمحن شأعفمصخ قرشأت ثخ ظغ( ‏فالدال‪،‬‬
‫والاء‪ ،‬والاء‪ ،‬والذال‪ ،‬والضاد‪ /1) ،‬‏‪ (173‬‏ولم ألف‪ ،‬سواقط؛ ولم قلم يعرف‬

‫‪135‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫بالسُاميا‪ ،‬ول نظيخ له عندنا‪ ،‬فإن الرف الواحد منه ييط بالعان الكثيخةا‪ ،‬ويمحع عدةا‬
‫كلمحات‪ .‬‏‬

‫قال جالينوس ف بعض كتبه‪ :‬‏)كنت ف ملس عام‪ ،‬فتكلمحت ف التشريح كلما عاما‪،‬‬
‫فلمحا كان بعد أيام‪ ،‬لقين صديق ل‪ ،‬فقال‪ :‬‏إن فلنا يفمظ عليك ف ملسُك أنك‬
‫تكلمحت بكلمحة كذا‪ ،‬وأعاد علي ألفماظي؛ فقلت من أين لك هذا؟ فقال‪ :‬‏إن لقيت‬
‫بكاتب ما هر بالسُاميا‪ ،‬فكان يسُبقك بالكتابة ف كلمك‪ ،‬وهذا العلم يتعلمحه اللوك‪،‬‬
‫وجلة الكتاب‪ ،‬وينع منه سائر الناس لللته‪ (.‬‏كذا قال الندي ف )الفمهرس(‪ .‬‏‬

‫وذكر أيضا‪ :‬‏)أن رجل متطببا‪ ،‬جاء إليه من بعلبك‪ ،‬سنة ثان وأربعي‪ ،‬وزعم أنه يكتب‬
‫بالسُاميا‪ ،‬قال‪ :‬‏فجربنا عليه‪ ،‬فأصبناه‪ ،‬إذا تكلمحنا بعشر كلمحات أصغى إليها‪ ،‬ث كتب‬
‫كلمحة فاستعدناها‪ ،‬فأعادها بألفماظنا‪ (.‬‏انتهى‪ .‬‏‬

‫قف‪ :‬‏ذكر ف السُبب الذي من أجله يكتب الروم من اليسُار إل اليمحي‪ ،‬بل تركيب‪،‬‬
‫أنم يعتقدون أن سبيل الالس‪ ،‬أن يسُتقبل الشرق ف كل حالته‪ ،‬فإنه إذا توجه إل‬
‫الشرق يكون الشمحال عن يسُاره‪ ،‬فإذا كان كذلك‪ ،‬فاليسُار يعطي اليمحي‪ ،‬فسُبيل‬
‫الكاتب أن يبتدئ من الشمحال إل النوب؛ وعلل بعضهم بكون الستمحداد عن حركة‬
‫الكبد على القلب‪ .‬‏‬

‫التلويح السُادس‪ :‬‏ف أهل مصر‬

‫وهم أخلطر من المم‪ ،‬إل أن جهرتم قبط‪ ،‬وإنا اختلطوا لكثرةا )‪ /1‬‏‪ (174‬‏من تداول‬
‫ملك مصر من المم‪ ،‬كالعمحالقة‪ ،‬واليونانيي‪ ،‬والروم‪ ،‬فخفمي أنسُابم‪ ،‬فانتسُبوا إل‬
‫موضعهم‪ ،‬وكانوا ف السُلف صابئة ث تنصروا إل الفمتح السلمي‪ .‬‏‬

‫وكان لقدمائهم عناية بأنواع العلوم‪ ،‬ومنهم هرمس الرامسُة‪ ،‬قبل الطوفان‪ ،‬وكان بعده‬
‫علمحاء بضروب الفملسُفمة‪ ،‬خاصة بعلم الطلسُمحات‪ ،‬والنيخنات‪ ،‬والرايا الرقة‪ ،‬والكيمحياء‪ .‬‏‬

‫‪136‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وكانت دار العلم با مدينة منف‪ ،‬فلمحا بنم السكندر مدينة‪ ،‬رغب الناس ف عمحارتا‪،‬‬
‫فكانت دار العلم‪ ،‬والكمحة‪ ،‬إل الفمتح السلمي‪ .‬‏فمحنهم السكندرانيون‪ ،‬الذين اختصروا‬
‫كتب جالينوس؛ وقيل‪ :‬‏إن القبط اكتسُب العلم الرياضي من الكلدانيي‪ .‬‏‬

‫التلويح السُابع‪ :‬‏ف العبانيي‬

‫وهم بنو إسرائيل‪ ،‬وكانت عنايتهم بعلوم الشرائع‪ ،‬وسيخ النبياء‪ ،‬فكان أحبارهم‪ ،‬أعلم‬
‫الناس بأخبار النبياء‪ ،‬وبدء الليقة‪ ،‬وعنهم أخذ ذلك علمحاء السلم‪ ،‬لكنهم ل يشتهروا‬
‫بعلم الفملسُفمة‪ .‬‏‬

‫ولغتهم تنسُب إل عابر بن شأال‪ ،‬والقلم العبان اليمحي إل اليسُار‪ ،‬وهو من )أ بد( ‏إل‬
‫آخر )قرشأت( ‏وما بعده سواقط‪ ،‬وهو مشتق من السُريان‪ .‬‏‬

‫التلويح الثامن‪ :‬‏ف العرب‬

‫وهم فرقتان‪ :‬‏بائدةا‪ ،‬وباقية‪ ،‬والبائدةا‪ :‬‏كانت أما‪ ،‬كعاد‪ ،‬وثود؛ )‪ /1‬‏‪ (175‬‏انقرضوا‪،‬‬
‫وانقطع عنا أخبارهم‪ .‬‏‬

‫والباقية‪ :‬‏متفمرعة من قحطان وعدنان‪ ،‬ولم حال الاهلية‪ ،‬وحال السلم‪ .‬‏‬

‫فالول‪ :‬‏منهم التبابعة‪ ،‬والبابرةا‪ ،‬ولم مذهب ف أحكام النجوم‪ ،‬لكن ل يكن لم عناية‬
‫بأرصاد الكواكب‪ ،‬ول بث عن شأيء من الفملسُفمة‪ .‬‏‬

‫وأما سائر العرب‪ ،‬بعد اللوك‪ ،‬فكانوا أهل مدر ووبر‪ ،‬فلم يكن فيهم عال مذكور‪ ،‬ول‬
‫حكيم معروف‪ ،‬وكانت أديانم متلفمة‪ ،‬وكان منهم من يعبد الشمحس والكواكب‪ ،‬ومنهم‬
‫من تود‪ ،‬ومنهم من يعبد الصنام‪ ،‬حت جاء السلم‪ .‬‏‬

‫ولسُانم أفصح اللسُن‪ ،‬وعلمحهم الذي كانوا يفمتخرون به علم لسُانم‪ ،‬ونظم الشأعار‪،‬‬
‫وتأليف الطب‪ ،‬وعلم الخبار‪ ،‬ومعرفة السُيخ‪ ،‬والعصار‪ .‬‏‬

‫‪137‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫قال المحدان‪ :‬‏)ليس يوصل إل أحد خب من أخبار العرب‪ ،‬والعجم‪ ،‬إل بالعرب‪ ،‬وذلك‬
‫أن من سكن بكة‪ ،‬أحاطوا بعلم العرب العاربة‪ ،‬وأخبار أهل الكتاب؛ وكانوا يدخلون‬
‫البلد للتجارات‪ ،‬فيعرفون أخبار الناس‪ ،‬وكذلك من سكن اليخةا‪ ،‬وجاور العاجم‪ ،‬علم‬
‫أخبارهم‪ ،‬وأيام حيخ‪ ،‬ومسُيخها ف البلد‪ ،‬وكذلك من سكن الشام‪ ،‬خب بأخبار الروم‪،‬‬
‫وبن إسرائيل‪ ،‬واليونان‪ ،‬ومن وقع ف ا لبحرين وعمحان فعنه أتت أخبار السُند‪ ،‬والند‪،‬‬
‫وفارس؛ ومن سكن اليمحن علم أخبار المم جيعا‪ ،‬لنه كان ف ظل اللوك السُيارةا‪ .‬‏‬

‫والعرب أصحاب حفمظ‪ ،‬ورواية‪ ،‬ولم معرفة بأوقات الطالع‪ ،‬والغارب‪ ،‬وأنواء الكواكب‪،‬‬
‫وأمطارها‪ ،‬لحتياجهم إليه ف العيشة‪ ،‬ل على طريق تعلم القائق‪ ،‬والتدرب ف العلوم‪.‬‬
‫وأما علم الفملسُفمة فلم ينحهم ال سبحانه وتعال شأيئا منه‪ ،‬ول هيأ طباعهم للعناية به‪،‬‬
‫إل نادرا‪ (.‬‏وقد ذكرنا ف )لقطة العجلن( ‏أحوال المم الاضية على سبيل الياز‪ ،‬فإن‬
‫شأئت فارجع إليه‪ .‬‏)‪ /1‬‏‪ (176‬‏‬

‫ ‏الفمصل الثالث ف أهل السلم وعلومهم‬

‫وفيه‪ :‬‏إشأارات‬

‫ ‏الشأارةا الول ف صدر السلم‬

‫اعلم أن العرب ف آخر عصر الاهلية‪ ،‬حي بعث النب ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ -‬‏قد‬
‫تفمرق ملكها‪ ،‬وتشتت أمرها‪ ،‬فضم ال سبحانه وتعال به شأاردها‪ ،‬وجع عليه جاعة من‬
‫قحطان‪ ،‬وعدنان‪ ،‬فآمنوا به‪ ،‬ورفضوا جيع ما كانوا عليه‪ ،‬والتزمموا شأريعة السلم‪ ،‬من‬
‫العتقاد‪ ،‬والعمحل‪ .‬‏‬

‫ث ل يلبث رسول ال ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ -‬‏إل قليل حت توف‪ ،‬وخلفمه أصحابه ‪-‬‬
‫رضي ال عنهم ‪ -‬‏فغلبوا اللوك‪ ،‬وبلغت ملكة السلم‪ ،‬ف أيام عثمحان بن عفمان من‬
‫الللة‪ ،‬والسُعة‪ ،‬إل حيث نبه ‪ -‬‏عليه الصلةا والسُلم ‪ -‬‏ف قوله‪ :‬‏))زويت ل الرض‪،‬‬

‫‪138‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫فأريت مشارقها‪ ،‬ومغاربا‪ ،‬وسيبلغ ملك أمت‪،‬ما زوي ل منها((‪ .‬‏فأباد ال تعال بدولة‬
‫السلم‪ ،‬دولة الفمرس‪ ،‬بالعراق‪ ،‬وخراسان‪ ،‬ودولة الروم‪ ،‬بالشام‪ ،‬ودولة القبط‪ ،‬بصر‪ .‬‏‬

‫فكانت العرب ف صدر السلم‪ ،‬ل تعتن بشيء من العلوم‪ ،‬إل بلغتها‪ ،‬ومعرفة أحكام‬
‫شأريعتها‪ ،‬وبصناعة الطب فإنا كانت موجودةا عند أفراد منهم‪ ،‬لاجة الناس طرا إليها‪،‬‬
‫وذلك منهم صونا لقواعد السلم‪ ،‬وعقائده‪ /1) ،‬‏‪ (177‬‏عن تطرق اللل‪ ،‬من علوم‬
‫الوائل‪ ،‬قبل الرسوخ‪ ،‬والحكام‪ ،‬حت يروى انم أحرقوا ما وجدوا من الكتب‪ ،‬ف‬
‫فتوحات البلد‪ .‬‏‬

‫وقد ورد النهي‪ ،‬عن النظر ف التوراةا‪ ،‬والنيل‪ ،‬لتاد الكلمحة‪ ،‬واجتمحاعها على الخذ‪،‬‬
‫والعمحل بكتاب ال تعال‪ ،‬وسنة رسول ال ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ -‬‏واستمحر ذلك إل‬
‫آخر عصر التابعي‪ ،‬ث حدث اختلف الراء‪ ،‬وانتشار الذاهب‪ ،‬فآل المر إل التدوين‪،‬‬
‫والتحصي‪ .‬‏‬

‫ ‏الشأارةا الثانية ف الحتياج إل التدوين‬

‫اعلم أن الصحابة‪ ،‬والتابعي‪ ،‬للوص عقيدتم ببكة صحبة النب ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم‬
‫‪ -‬‏وقرب العهد إليه‪ ،‬ولقلة الختلف‪ ،‬والواقعات‪ ،‬وتكنهم من الراجعة إل الثقات‪،‬‬
‫كانوا مسُتغني عن تدوين علم الشرائع‪ ،‬والحكام‪ ،‬حت إن بعضهم كره كتابة العلم‪،‬‬
‫واستدل با روي عن أب سعيد الدري أنه استأذن النب ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ -‬‏ف‬
‫كتابة العلم فلم يأذن له‪ .‬‏‬

‫وروي عن ابن عباس‪ ،‬أنه نى عن الكتابة‪ ،‬وقال‪ :‬‏إنا ضل من كان قبلكم بالكتابة‪ .‬‏‬

‫وجاء رجل إل عبد ال بن عباس‪ ،‬فقال‪ :‬‏إن كتبت كتابا أريد أن أعرضه عليك‪ ،‬فلمحا‬
‫عرض عليه أخذ منه وما بالاء‪ ،‬فقيل له‪ :‬‏لاذا فعلت؟ قال‪ :‬‏لنم إذا كتبوا‪ ،‬اعتمحدوا‬
‫على الكتابة‪ ،‬وتركوا الفمظ‪ ،‬فيعرض للكتاب عارض‪ ،‬فيفموت علمحهم‪ .‬‏‬

‫‪139‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫واستدل أيضا‪ ،‬بان الكتاب ما يزماد فيه‪ ،‬وينقصخ‪ ،‬ويغيخ‪ ،‬والذي حفمظ ل يكن تغييخه‪،‬‬
‫لن الافظ يتكلم بالعلم‪ ،‬والذي يب عن الكتابة‪ ،‬يب بالظن والنظر‪ .‬‏)‪ /1‬‏‪ (178‬‏‬

‫ولا انتشر السلم‪ ،‬واتسُعت المصار‪ ،‬وتفمرقت الصحابة ف القطار‪ ،‬وحدثت الفمت‪،‬‬
‫واختلف الراء‪ ،‬وكثرت الفمتاوى‪ ،‬والرجوع إل الكباء‪ ،‬أخذوا ف تدوين الديث‪ ،‬والفمقه‪،‬‬
‫وعلوم القرآن‪ ،‬واشأتغلوا بالنظر والستدلل‪ ،‬والجتهاد‪ ،‬والستنباطر‪ ،‬وتهيد القواعد‬
‫والصول‪ ،‬وترتيب البواب‪ ،‬والفمصول‪ ،‬وتكثيخ السُائل بأدلتها‪ ،‬وإيراد الشبه بأجوبتها‪،‬‬
‫وتعيي الوضاع‪ ،‬والصطلحات‪ ،‬وتبيي الذاهب‪ ،‬والختلفات‪ .‬‏‬

‫وكان ذلك مصلحة عظيمحة‪ ،‬وفكرةا ف الصواب مسُتقيمحة‪ ،‬فرأوا ذلك مسُتحبا‪ ،‬بل واجبا‪،‬‬
‫لقضية الياب الذكور مع قوله ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ -‬‏))العلم صيد‪ ،‬والكتابة قيد‪،‬‬
‫قيدوا ‪ -‬‏رحكم ال تعال ‪ -‬‏علومكم بالكتابة(( ‏الديث‪ .‬‏قلت‪ :‬‏ولعل هذا الديث ل‬
‫يصح‪ .‬‏‬

‫الشأارةا الثالثة‪ :‬‏ف أول من صنف ف السلم‬

‫اعلم أنه اختلف ف أول من صنف‪ ،‬فقيل‪ :‬‏المام عبد اللك بن عبد العزميزم بن جريج‬
‫البصري‪ ،‬التوف سنة خس وخسُي ومائة؛ وقيل أبو النضر سعيد بن أب عروبة التوف‬
‫سنة ست وخسُي ومائة‪ ،‬ذكرها الطيب البغدادي‪ .‬‏‬

‫وقيل ربيع بن صبيح‪ ،‬التوف سنة ستي ومائة‪ ،‬قاله أبو ممحد الرامهرمزمي؛ ث صنف‬
‫سفميان بن عيينة‪ ،‬ومالك بن أنس‪ ،‬بالدينة النورةا؛ وعبد ال بن وهب؛ بصر‪ ،‬ومعمحر‪،‬‬
‫وعبد الرزاق‪ ،‬باليمحن؛ وسفميان الثوري وممحد بن فضيل بن غزموان‪ ،‬بالكوفة؛ وحاد بن‬
‫سلمحة‪ ،‬وروحَّ بن عبادةا‪ ،‬بالبصرةا؛ وهشيم بواسط‪ ،‬وعبد ال بن مبارك‪ ،‬براسان؛ وكان‬
‫مطمحح نظرهم‪ ،‬ومطرحَّ )‪ /1‬‏‪ (179‬‏بصرهم بالتدوين‪ ،‬ضبط معاقد القرآن‪ ،‬والديث‬
‫ومعانيهمحا‪ ،‬ث دونوا فيمحا هو كالوسيلة إليهمحا‪ .‬‏‬

‫الشأارةا الرابعة‪ :‬‏ف اختلطر علوم الوائل والسلم‬

‫‪140‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫اعلم أن علوم الوائل كانت مهجورةا‪ ،‬ف عصر الموية‪ ،‬ولا ظهر آل العباس‪ ،‬كان أول‬
‫من عن منهم بالعلوم‪ ،‬الليفمة الثان‪ ،‬أبو جعفمر النصور‪ ،‬وكان ‪ -‬‏رحه ال تعال ‪ -‬‏مع‬
‫براعته ف الفمقه‪ ،‬مقدما ف علم الفملسُفمة‪ ،‬وخاصة ف النجوم‪ ،‬مبا لهلها‪ .‬‏‬

‫ث لا أفضت اللفة إل السُابع‪ ،‬عبد ال الأمون بن الرشأيد‪ ،‬تم ما بدأ به جده‪ ،‬فأقبل‬
‫على طلب العلم ف مواضعه‪ ،‬واستخراجه من معادنه بقوةا نفمسُه الشريفمة‪ ،‬وعلو هته‬
‫النيفمة‪ ،‬فداخل ملوك الروم‪ ،‬وسألم وصلة ما لديهم‪ ،‬من كتب الفملسفمة‪ ،‬فبعثوا إليه‬
‫منها با حضرهم من كتب أفلطون‪ ،‬وأرسطو‪ ،‬وبقراطر‪ ،‬وجالينوس‪ ،‬وإقليدس‪،‬‬
‫وبطليمحوس‪ ،‬وغيخهم‪ .‬‏‬

‫وأحضر لا مهرةا التمجي‪ ،‬فتمجوا له على غاية ما أمكن‪ ،‬ث كلف الناس قراءتا‪،‬‬
‫ورغبهم ف تعلمحها‪ ،‬إذ القصود من النع‪ ،‬هو إحكام قواعد السلم‪ ،‬ورسوخ عقائد‬
‫النام‪ ،‬وقد حصل وانقضى‪ ،‬على أن أكثرها ما ل تعلق له بالديانات‪ .‬‏‬

‫فنفمقت له سوق العلم‪ ،‬وقامت دولة الكمحة ف عصره‪ ،‬وكذلك سائر الفمنون‪ ،‬فأتقن‬
‫جاعة من ذوي الفمهم ف أيامه‪ ،‬كثيخا من الفملسُفمة‪ ،‬ومهدوا أصول الدب‪ ،‬وبينوا منهاج‬
‫الطلب‪ ،‬ث أخذ الناس يزمهدون ف العلم‪ ،‬ويشتغلون عنه بتزماحم الفمت‪ ،‬تارةا‪ ،‬وجع الشمحل‬
‫أخرى‪ ،‬إل أن كاد يرتفمع جلة‪ .‬‏‬

‫وكذا شأأن سائر الصنائع والدول‪ /1) ،‬‏‪ (180‬‏فإنا تبتدئ قليل قليل‪ ،‬ول يزمال يزميد حت‬
‫يصل إل غاية‪ ،‬هي منتهاه‪ ،‬ث يعود إل النقصان‪ ،‬فيؤول أمره إل الغيبة‪ ،‬ف مهاد‬
‫النسُيان‪ .‬‏‬

‫والق أن أعظم السباب ف رواحَّ العلم‪ ،‬وكسُاده‪ ،‬هو رغبة اللوك ف كل عصر‪ ،‬وعدم‬
‫رغبتهم‪ ،‬فإنا ل وإنا إليه راجعون‪ .‬‏)‪ /1‬‏‪ (181‬‏‬

‫ ‏الفمصل الرابع ف أن التعليم للعلم من جلة الصنائع‬

‫‪141‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وذلك أن الذق ف العلم‪ ،‬والتفمنن فيه‪ ،‬والستيلء عليه‪ ،‬إنا هو بصول ملكة ف‬
‫الحاطة ببادئه‪ ،‬وقواعده‪ ،‬والوقوف على مسُائله‪ ،‬واستنباطر فروعه‪ ،‬من أصوله‪ ،‬وما ل‬
‫تصل هذه اللكة ل يكن الذق ذلك الفمن التناول حاصل‪ .‬‏‬

‫وهذه اللكة هي ف غيخ الفمهم‪ ،‬والوعي‪ ،‬لنا ند فهم السُألة الواحدةا من الفمن الواحد‬
‫ووعيها مشتمكا‪ ،‬بي من شأدا ف ذلك الفمن‪ ،‬وبي من هو مبتدئ فيه‪ ،‬وبي العامي الذي‬
‫ل يصل علمحا‪ ،‬وبي العال النحرير؛ واللكة إنا هي للعال‪ ،‬أو الشادي‪ ،‬ف الفمنون دون‬
‫من سواها‪ ،‬فدل على أن هذه اللكة غيخ الفمهم والوعي‪ .‬‏‬

‫واللكات كلها جسُمحانية‪ ،‬سواء كانت ف البدن‪ ،‬أو ف الدماغ من الفمكر وغيخه‪،‬‬
‫كالسُاب‪ ،‬والسُمحانيات كلها مسُوسة‪ ،‬فتفمتقر إل التعليم‪ ،‬ولذا كان السُند ف‬
‫التعليم‪ ،‬ف كل علم‪ ،‬أو صناعة إل مشاهيخ العلمحي فيها‪ ،‬معتبا عند كل أهل أفق‪،‬‬
‫وجيل‪ .‬‏‬

‫ويدل أيضا على أن تعليم العلم صناعة‪ ،‬لختلف الصطلحات فيه‪ ،‬فلكل إمام من‬
‫الئمحة الشاهيخ اصطلحَّ ف التعليم‪ ،‬يتصخ به‪ ،‬شأأن الصنائع كلها‪ ،‬فدل على أن ذلك‬
‫الصطلحَّ‪ ،‬ليس من العلم‪ ،‬وإل لكان واحدا عند جيعهم‪ .‬‏‬

‫أل ترى إل علم الكلم‪ ،‬كيف تالف ف تعليمحه اصطلحَّ )‪ /1‬‏‪ (182‬‏التقدمي‪،‬‬
‫والتأخرين‪ ،‬وكذا أصول الفمقه‪ ،‬وكذا العربية‪ ،‬وكذا كل علم تتوجه إل مطالعته‪ ،‬تد‬
‫الصطلحات ف تعليمحه متخالفمة‪ ،‬فدل على أنا صناعات ف التعليم‪ ،‬والعلم واحد ف‬
‫نفمسُه‪ .‬‏‬

‫وإذا تقرر لك هذا‪ ،‬فاعلم أن سند تعليم العلم لذا العهد‪ ،‬قد كاد أن ينقطع عن أهل‬
‫الغرب‪ ،‬باختلل عمحرانه‪ ،‬وتتاقض الدول فيه‪ ،‬وما يدث عن ذلك من نقصخ الصنائع‪،‬‬
‫وفقدانا‪ ،‬كمحا مر‪ .‬‏‬

‫‪142‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وذلك أن القيخوان‪ ،‬وقرطبة‪ ،‬كانتا حاضرت الغرب‪ ،‬والندلس‪ ،‬واستبحر عمحرانمحا‪ ،‬وكان‬
‫فيهمحا للعلوم‪ ،‬والصنائع‪ ،‬أسواق نافقة‪ ،‬وبور زاخرةا‪ ،‬ورسخ فيهمحا التعليم‪ ،‬لمتداد‬
‫عصورها‪ ،‬وما كان فيهمحا من الضارةا‪ .‬‏‬

‫فلمحا خربتا‪ ،‬انقطع التعليم من الغرب إل قليل‪ ،‬كان ف دولة الوحدين براكش‪ ،‬مسُتفمادا‬
‫منها‪ ،‬ول ترسخ الضارةا براكش لبداوةا الدولة الوحدية ف أولا‪ ،‬وقرب عهد انقراضها‬
‫ببدئها‪ ،‬فلم تتصل أحوال الضارةا فيها إل ف القل‪ .‬‏‬

‫وبعد انقراض الدولة براكش‪ ،‬ارتل إل الشرق من إفريقية‪ ،‬القاضي أبو القاسم بن‬
‫زيتون‪ ،‬لعهد أواسط الائة السُابعة‪ ،‬فأدرك تلمحيذ المام ابن الطيب‪ ،‬فأخذ عنهم‪ ،‬ولقن‬
‫تعليمحهم‪ ،‬وحذق ف العقليات‪ ،‬والنقليات‪ ،‬ورجع إل تونس بعلم كثيخ‪ ،‬وتعليم حسُن‪،‬‬
‫وجاء على أثره من الشرق أبو عبد ال بن شأعيب الدكال‪ .‬‏‬

‫كان ارتل إليه من الغرب‪ ،‬فأخذ عن مشيخة مصر‪ ،‬ورجع إل تونس‪ ،‬واستقر با‪ ،‬وكان‬
‫تعليمحه مفميدا‪ ،‬فأخذ عنهمحا أهل تونس‪ ،‬واتصل سند تعليمحهمحا ف تلميذها‪ ،‬جيل بعد‬
‫جيل‪ ،‬حت انتهى إل القاضي ممحد بن عبد السُلم‪ ،‬شأارحَّ )مقدمة ابن الاجب(‬
‫وتلمحيذه‪ .‬‏‬

‫وانتقل من تونس إل تلمحسُان‪ ،‬ف ابن المام‪ ،‬وتلمحيذه فإنه قرأ مع ابن عبد السُلم‪ ،‬على‬
‫مشيخة واحدةا‪ ،‬وف مالس بأعيانا‪ ،‬وتلمحيذ ابن عبد السُلم بتونس‪ ،‬وابن المام‬
‫بتلمحسُان‪ ،‬لذا العهد‪ ،‬إل أنم من القلة‪ ،‬بيث يشى انقطاع )‪ /1‬‏‪ (183‬‏سندهم‪ .‬‏‬

‫ث ارتل من زواوةا‪ ،‬ف آخر الائة السُابعة‪ ،‬أبو علي ناصر الدين الشدال‪ ،‬وأدرك تلمحيذ‬
‫أب عمحرو بن الاجب‪ ،‬وأخذ عنهم ولقن تعليمحهم‪ ،‬وقرأ مع شأهاب الدين القراف‪ ،‬ف‬
‫مالس واحدةا‪ .‬‏وحذق ف العقليات‪ ،‬والنقليات‪ ،‬ورجع إل الغرب بعلم كثيخ‪ ،‬وتعليم‬
‫مفميد‪ ،‬ونزمل ببجاية‪ ،‬واتصل سند تعليمحه ف طلبتها‪ ،‬وربا انتقل إل تلمحسُان‪ ،‬عمحران‬

‫‪143‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫الشدال‪ ،‬من تلمحيذه وأوطنها‪ ،‬وبث طريقته فيها‪ ،‬وتلمحيذه لذا العهد ببجاية‪ ،‬وتلمحسُان‬
‫قليل‪ ،‬أو أقل من القليل‪ .‬‏‬

‫وبقيت فاس‪ ،‬وسائر أقطار الغرب خلوا من حسُن التعليم‪ ،‬من لدن انقراض تعليم قرطبة‪،‬‬
‫والقيخوان‪ ،‬ول يتصل سند التعليم فيهم‪ ،‬فعسُر عليهم حصول اللكة‪ ،‬والذق ف العلوم‪ .‬‏‬

‫وأيسُر طرق هذه اللكة‪ ،‬فتق اللسُان بالاورةا‪ ،‬والناظرةا‪ ،‬ف السُائل العلمحية‪ ،‬فهو الذي‬
‫يقرب شأأنا‪ ،‬ويصل مرامها‪ ،‬فتجد طالب العلم منهم بعد ذهاب الكثيخ من أعمحارهم‪،‬‬
‫ف ملزمة الالس العلمحية‪ ،‬سكوتا ل ينطقون‪ ،‬ول يفماوضون‪ ،‬وعنايتهم بالفمظ أكثر من‬
‫الاجة‪ ،‬فل يصلون على طائل من ملكة التصرف ف العلم والتعليم‪ .‬‏‬

‫ث بعد تصيل من يرى منهم أنه قد حصل‪ ،‬تد ملكته قاصرةا ف علمحه‪ ،‬إن فاوض‪ ،‬أو‬
‫ناظر‪ ،‬أو علم‪ .‬‏وما أتاهم القصور إل من قبل التعليم‪ ،‬وانقطاع سنده‪ ،‬وإل فحفمظهم‬
‫أبلغ من حفمظ سواهم‪ ،‬لشدةا عنايتهم به‪ ،‬وظنهم أنه القصود من اللكة العلمحية وليس‬
‫كذلك‪ .‬‏‬

‫وما يشهد بذلك ف الغرب‪ ،‬أن الدةا العينة لسُكنم طلبة العلم بالدارس عندهم‪ ،‬ست‬
‫عشرةا سنة‪ ،‬وهي بتونس خس سني‪ ،‬وهذه الدةا بالدارس على التعارف هي أقل ما‬
‫يتأتى فيها لطالب العلم‪ ،‬حصول مبتغاه من اللكة العلمحية‪ ،‬أو اليأس من تصيلها‪ ،‬فطال‬
‫أمدها ف الغرب‪ ،‬لذه الدةا الجل عسُرها من قلة الودةا ف التعليم‪ ،‬خاصة ل ما سوى‬
‫ذلك‪ .‬‏‬

‫وأما أهل الندلس فذهب رسم التعليم من بينهم‪ ،‬وذهبت عنايتهم بالعلوم‪ ،‬لتناقصخ‬
‫عمحران السُلمحي با‪ ،‬منذ مئي من السُني‪ ،‬ول يبق من رسم العلم فيهم إل فن العربية‪،‬‬
‫والدب؛ اقتصروا عليه‪ ،‬وانفمظ سند تعليمحه بينهم‪ ،‬فانفمظ بفمظه‪ ،‬وأما الفمقه بينهم‪،‬‬
‫فرسم خلي‪ ،‬وأثر بعد عي‪ ،‬وأما العقليات فل أثر لا‪ ،‬ول عي‪ ،‬وما ذاك إل لنقطاع‬

‫‪144‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫سند التعليم فيها‪ ،‬بتناقصخ العمحران‪ ،‬وتغلب العدو على عامتها إل قليل بسُيف البحر‪،‬‬
‫شأغلهم بعايشهم‪ ،‬أكثر من شأغلهم با بعدها‪ ،‬وال غالب على أمره‪ .‬‏‬

‫وأما الشرق فلم ينقطع سند التعليم فيه‪ ،‬بل أسواقه نافقة‪ ،‬وبوره زاخرةا‪ ،‬لتصال العمحران‬
‫الوفور‪ ،‬واتصال السُند فيه‪ ،‬وإن كانت المصار العظيمحة‪ ،‬الت كانت معادن العلم‪ ،‬قد‬
‫خربت‪ ،‬مثل بغداد‪ ،‬والبصرةا‪ ،‬والكوفة‪ ،‬إل أن ال تعال قد أبدل فيها بأمصار أعظم من‬
‫تلك‪ ،‬وانتقل العلم منها إل عراق العجم‪ ،‬براسان وما وراء النهر من الشرق‪ ،‬ث إل‬
‫القاهرةا‪ ،‬وما إليها من الغرب‪ ،‬فلم تزمل موفورةا‪ ،‬وعمحرانا متصل‪ ،‬وسند التعليم با قائمحا‪ .‬‏‬

‫فأهل الشرق على المحلة‪ ،‬أرسخ ف صناعة تعليم العلم‪ ،‬بل وف سائر الصنائع‪ ،‬حت إنه‬
‫ليظن كثيخ من رحالة أهل الغرب إل الشرق ف طلب العلم‪ ،‬أن عقولم على المحلة‬
‫أكمحل‪ ،‬من عقول أهل الغرب‪ ،‬وأنم أشأد نباهة‪ ،‬وأعظم كيسُا‪ ،‬بفمطرتم الول‪ ،‬وأن‬
‫نفموسهم الناطقة أكمحل‪ ،‬بفمطرتا من نفموس أهل الغرب‪ .‬‏ويعتقدون التفماوت بيننا وبينهم‬
‫ف حقيقة النسُانية‪ ،‬ويتشيعون لذلك‪ ،‬ويولعون به‪ ،‬لا يرون من كيسُهم ف العلوم‪،‬‬
‫والصنائع‪ .‬‏‬

‫وليس كذلك وليس بي قطر الشرق‪ ،‬والغرب‪ ،‬تفماوت بذا القدار‪ ،‬الذي هو تفماوت ف‬
‫القيقة الواحدةا‪ ،‬اللهم إل القاليم النحرفة‪ ،‬مثل الول‪ ،‬والسُابع‪ ،‬فإن المزمجة فيها‬
‫منحرفة‪ ،‬والنفموس على نسُبتها كمحا مر‪ .‬‏‬

‫وإنا الذي فضل به أهل الشرق‪ ،‬أهل الغرب‪ ،‬هو ما يصل ف النفمس من آثار‬
‫الضارةا‪ ،‬من العقل الزميد‪ ،‬كمحا ف تقدم الصنائع‪ ،‬ونزميده الن تقيقا‪ ،‬وذلك أن الضر‬
‫لم آداب ف أحوالم‪ ،‬ف العاش‪ ،‬والسُكن‪ ،‬والبناء‪ ،‬وأمور الدين‪ ،‬والدنيا‪ ،‬وكذا سائر‬
‫أعمحالم‪ ،‬وعاداتم‪ ،‬ومعاملتم‪ ،‬وجيع تصرفاتم‪ ،‬فلهم ف ذلك كله آداب‪ ،‬يوقف‬
‫عندها‪ ،‬ف جيع ما يتناولونه‪ ،‬ويتلبسُون به‪ ،‬من أخذ‪ ،‬وترك‪ ،‬حت كأنا حدود ل‬
‫تتعدى‪ ،‬وهي مع ذلك صنائع يتلقاها الخر عن الول منهم‪ .‬‏‬

‫‪145‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫ول شأك أن كل صناعة مرتبة‪ ،‬يرجع منها إل النفمس أثر‪ ،‬يكسُبها عقل جيدا‪ ،‬تسُتعد‬
‫به لقبول صناعة أخرى‪ ،‬ويتهيأ با العقل‪ ،‬لسُرعة الدراك للمحعارف‪ .‬‏‬

‫ولقد بلغنا ف تعليم الصنائع‪ ،‬عن أهل مصر‪ ،‬غايات ل تدرك‪ ،‬مثل أنم يعلمحون المحر‬
‫النسُية‪ ،‬واليوانات العجم‪ ،‬من الاشأي‪ ،‬والطائر‪ ،‬مفمردات من الكلم والفعال‪ ،‬يسُتغرب‬
‫ندورها‪ ،‬ويعجزم أهل الغرب عن فهمحها‪ .‬‏‬

‫وحسُن اللكات ف التعليم‪ ،‬والصنائع‪ ،‬وسائر الحوال العادية‪ ،‬يزميد النسُان ذكاء ف‬
‫عقله‪ ،‬وإضاءةا ف فكره‪ ،‬بكثرةا اللكات الاصلة للنفمس‪ ،‬إذ النفمس إنا تنشأ بالدراكات‪،‬‬
‫وما يرجع إليها من اللكات‪ ،‬فيزمدادون بذلك كيسُا‪ ،‬لا يرجع إل النفمس من الثار‬
‫العلمحية‪ ،‬فيظنه العامي تفماوتا ف القيقة النسُانية‪ ،‬وليس كذلك‪ .‬‏‬

‫أل ترى إل أهل الضر‪ ،‬مع أهل البدو‪ ،‬كيف تد الضري متحليا بالذكاء‪ ،‬متلئا من‬
‫الكيس‪ ،‬حت إن البدوي ليظنه أنه قد فاقه ف حقيقة إنسُانيته‪ ،‬وعقله‪ ،‬وليس كذلك‪،‬‬
‫وما ذاك إل لجادته ف ملكات الصنائع‪ ،‬والداب ف العوائد‪ ،‬والحوال الضرية‪ ،‬مال‬
‫يعرفه البدوي‪ .‬‏‬

‫فلمحا امتل الضري من الصنائع‪ ،‬وملكاتا‪ ،‬وحسُن تعليمحها‪ ،‬ظن كل من قصر عن تلك‬
‫اللكات‪ ،‬أنا الكمحال ف عقله‪ ،‬وأن نفموس أهل البدو قاصرةا‪ ،‬بفمطرتا‪ ،‬وجبلتها‪ ،‬عن‬
‫فطرته‪ ،‬وليس كذلك‪ ،‬فإنا ند من أهل البدو من هو ف أعلى رتبة‪ ،‬من الفمهم‪،‬‬
‫والكمحال ف عقله‪ ،‬وفطرته‪ ،‬إنا الذي ظهر على أهل الضر‪ ،‬من ذلك هو رونق‬
‫الصنائع‪ ،‬والتعليم‪ ،‬فإن لا آثارا ترجع إل النفمس‪ .‬‏‬

‫وكذا أهل الشرق‪ ،‬لا كانوا ف التعليم‪ ،‬والصنائع‪ ،‬أرسخ رتبة‪ ،‬وأعلى قدما‪ ،‬وكان أهل‬
‫الغرب أقرب إل البداوةا‪ ،‬ظن الغفملون ف بادئ الرأي‪ ،‬أنه لكمحال ف حقيقة النسُانية‪،‬‬
‫اختصوا به‪ ،‬عن أهل الغرب‪ ،‬وليس ذلك بصحيح‪ ،‬فتفمهمحه‪ ،‬وال يزميد ف اللق ما‬
‫يشاء‪ ،‬وهو إله السُمحوات والرض‪ .‬‏‬

‫‪146‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫قف‪ :‬‏إن العلوم إنا تكثر‪ ،‬حيث يكثر العمحران‪ ،‬وتعظم الضارةا‪ ،‬والسُبب ف ذلك أن‬
‫تعليم العلم‪ ،‬من جلة الصنائع‪ ،‬وأن الصنائع إنا تكثر ف المصار‪ ،‬وعلى نسُبة عمحرانا‬
‫ف الكثرةا‪ ،‬والقلة‪ ،‬والضارةا‪ ،‬والتمف‪ ،‬تكون نسُبة الصنائع ف الودةا‪ ،‬والكثرةا‪ ،‬لنه أمر‬
‫زائد على العاش‪ .‬‏‬

‫فمحت فضلت أعمحال أهل العمحران عن معاشأهم‪ ،‬انصرفت إل ما وراء العاش‪ ،‬من‬
‫التصرف ف خاصية النسُان‪ ،‬وهي العلوم والصنائع‪ ،‬ومن تشوف بفمطرته إل العلم‪ ،‬من‬
‫نشأ ف القرى والمصار‪ ،‬غيخ التمحدنة فل يد فيها التعليم‪ ،‬الذي هو صناعي‪ ،‬لفمقدان‬
‫الصنائع ف أهل البدو‪ ،‬ول بد له من الرحلة ف طلبه‪ ،‬إل المصار السُتبحرةا‪ ،‬شأأن‬
‫الصنائع كلها‪ .‬‏‬

‫واعتب ما قررناه بال بغداد‪ ،‬وقرطبة‪ ،‬والقيخوان‪ ،‬والبصرةا‪ ،‬والكوفة‪ ،‬لا كثر عمحرانا‪ ،‬صدر‬
‫السلم‪ ،‬واستوت فيها الضارةا‪ ،‬كيف زخرت فيها بار العلم‪ ،‬وتفمننوا ف اصطلحات‬
‫التعليم‪ ،‬وأصناف العلوم‪ ،‬واستنباطر السُائل‪ ،‬والفمنون‪ ،‬حت أربوا على التقدمي‪ ،‬وفاقوا‬
‫التأخرين‪ ،‬ولا تناقصخ عمحرانا‪ ،‬وابذعر‪ ،‬سكانا انطوى ذلك البسُاطر‪ ،‬با عليه جلة‪،‬‬
‫وفقد العلم با‪ ،‬والتعليم‪ ،‬وانتقل إل غيخها‪ ،‬من أمصار السلم‪ .‬‏‬

‫ونن لذا العهد‪ ،‬نرى أن العلم والتعليم‪ ،‬إنا هو بالقاهرةا‪ ،‬من بلد مصر‪ ،‬لا أن عمحرانا‬
‫مسُتبحر‪ ،‬وحضارته مسُتحكمحة‪ ،‬منذ آلف من السُني‪ ،‬فاستحكمحت فيها الصنائع‪،‬‬
‫وتفمننت‪ ،‬ومن جلتها تعليم العلم‪ ،‬وأكد ذلك فيها حفمظه ما وقع لذه العصور با منذ‬
‫مائتي من السُني‪ ،‬ف دولة التمك‪ ،‬من أيام صلحَّ الدين بن أيوب‪ ،‬وهلم جرا‪ .‬‏‬

‫وذلك أن أمراء التمك ف دولتهم‪ ،‬يشون عادية سلطانم‪ ،‬على من يتخلفمونه من ذريتهم‪،‬‬
‫لا له عليهم من الرق‪ ،‬أو الولء‪ ،‬ولا يشى من معاطب اللك‪ ،‬وكباته‪ ،‬فاستكثروا من‬
‫بناء الدارس‪ ،‬والزموايا‪ ،‬والربط‪ ،‬ووقفموا عليها الوقاف الغلة‪ ،‬يعلون فيها شأركا لولدهم‪،‬‬
‫ينظر عليها‪ ،‬أو يصيب منها‪ ،‬مع ما فيهم غالبا من النوحَّ إل اليخ‪ ،‬والتمحاس الجور‪،‬‬
‫ف القاصد‪ ،‬والفعال‪ .‬‏‬

‫‪147‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫فكثرت الوقاف لذلك‪ ،‬وعظمحت الغلت والفموائد؛ وكثر طالب العلم‪ ،‬ومعلمحه‪ ،‬بكثرةا‬
‫جرايتهم منها‪ ،‬وارتل إليها الناس ف طلب العلم‪ ،‬من العراق‪ ،‬والغرب‪ ،‬ونفمقت با‬
‫أسواق العلوم‪ ،‬وزخرت بارها‪ ،‬وال يلق ما يشاء وهو العليم الكيم‪ .‬‏‬

‫الباب الثالث ف الؤلفمي والؤلفمات والتحصيل‬

‫وفيه‪ :‬‏ترشأيحات‬

‫ ‏التمشأيح الول ف أقسُام التدوين‬

‫وأصناف الدوناتاعلم أن كتب العلم كثيخةا‪ ،‬لختلف أغراض الصنفمي ف الوضع‪،‬‬


‫والتأليف‪ ،‬ولكن تنحصر من جهة العنم ف قسُمحي‪ :‬‏‬

‫الول‪ :‬‏إما أخبار مرسلة‪ ،‬وهي كتب التواريخ‪ ،‬وإما أوصاف‪ ،‬وأمثال ونوها‪ ،‬قيدها‬
‫النظم‪ ،‬وهي دواوين الشعر‪ .‬‏‬

‫والثان‪ :‬‏قواعد علوم‪ ،‬وهي تنحصر من جهة القدار‪ ،‬ف ثلثة أصناف‪ :‬‏‬

‫الول‪ :‬‏متصرات تعل تذكرةا لرؤروس السُائل‪ ،‬ينتفمع با النتهي‪ ،‬للستحضار‪ ،‬وربا أفادت‬
‫بعض البتدئي الذكياء‪ ،‬لسُرعة هجومهم على العان‪ ،‬من العبارات الدقيقة‪ .‬‏‬

‫والثان‪ :‬‏مبسُوطات‪ ،‬تقابل الختصرات‪ ،‬وهذه ينتفمع با للمحطالعة‪ .‬‏‬

‫والثالث‪ :‬‏متوسطات وهذه نفمعها عام‪ .‬‏‬

‫ث إن التأليف على سبعة أقسُام‪ :‬‏ل يؤلف عال عاقل إل فيها‪ ،‬وهي إما شأيء ل يسُبق‬
‫إليه فيختمعه‪ ،‬أو شأيء ناقصخ يتمحمحه‪ ،‬أو شأيء مغلق يشرحه‪ ،‬أو شأيء طويل يتصره‪،‬‬
‫دون أن يل بشيء من معانيه‪ ،‬أو شأيء متفمرق يمحعه‪ ،‬أو شأيء متلط يرتبه‪ ،‬أو شأيء‬
‫أخطأ فيه مصنفمه فيصلحه‪ .‬‏‬

‫‪148‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وينبغي لكل مؤلف كتاب ف فن قد سبق إليه أن ل يلو كتابه من خس فوائد‪:‬‬


‫استنباطر شأيء كان معضل‪ ،‬أو جعه إن كان مفمرقا‪ ،‬أو شأرحه إن كان غامضا‪ ،‬أو‬
‫حسُن نظم وتأليف‪ ،‬أو إسقاطر حشو وتطويل‪ .‬‏‬

‫وشأرطر ف التأليف‪ :‬‏إتام الغرض الذي وضع الكتاب لجله‪ ،‬من غيخ زيادةا ول نقصخ‪،‬‬
‫وهجر اللفمظ الغريب‪ ،‬وأنواع الاز‪ ،‬اللهم إل ف الرمزم؛ والحتماز عن إدخال علم ف علم‬
‫آخر‪ ،‬وعن الحتجاج با يتوقف بيانه على التج به عليه‪ ،‬لئل يلزمم الدور‪ .‬‏‬

‫وزاد التأخرون اشأتماطر‪ :‬‏حسُن التمتيب‪ ،‬ووجازةا اللفمظ‪ ،‬ووضوحَّ الدللة‪ ،‬وينبغي آن يكون‬
‫مسُوقا على حسُب إدراك أهل الزممان‪ ،‬وبقتضى ما تدعوهم إليه الاجة‪ ،‬فمحت كانت‬
‫الواطر ثاقبة‪ ،‬والفهام للمحراد من الكتب متناولة‪ ،‬قام الختصار لا مقام الكثار‪ ،‬وأغنت‬
‫بالتلويح عن التصريح‪ ،‬وإل فل بد من كشف‪ ،‬وبيان‪ ،‬وإيضاحَّ‪ ،‬وبرهان ينبه الذاهل‪،‬‬
‫ويوقظ الغافل‪ .‬‏‬

‫وقد جرت عادةا الصنفمي بأن يذكروا ف صدر كل كتاب تراجم‪ ،‬لتعرب عنه‪ ،‬سوها‬
‫الرؤروس‪ ،‬وهي ثانية‪ :‬‏الغرض‪ ،‬وهو الغاية السُابقة ف الوهم‪ ،‬التأخرةا ف الفمعل‪ ،‬والنفمعة‪،‬‬
‫ليتشوق الطبع‪.‬والعنوان الدال بالجال على ما يأت تفمصيله‪ ،‬وهو قد يكون بالتسُمحية‪،‬‬
‫وقد يكون بألفماظ وعبارات‪ ،‬تسُمحى براعة الستهلل؛ والواضع ليعلم قدره‪ ،‬ونوع العلم‪،‬‬
‫وهو الوضوع ليعلم مرتبته؛ وقد يكون الكتاب مشتمحل على نوع من العلوم‪ ،‬وقد يكون‬
‫جزمءا من أجزمائه‪ ،‬وقد يكون مدخل ‪ -‬‏كمحا سبق ف بث الوضوع ‪ -‬‏ومرتبة ذلك‬
‫الكتاب‪ ،‬أي مت يب أن يقرأ‪ ،‬وترتيبه‪ ،‬ونو التعليم السُتعمحل فيه‪ ،‬وهو بيان الطريق‬
‫السُلوك ف تصيل الغاية‪ .‬‏‬

‫وأناء التعليم‪ :‬‏خسُة‬

‫الول‪ :‬‏التقسُيم‪ ،‬والقسُمحة السُتعمحلة ف العلوم‪ ،‬قسُمحة العام إل الاص‪ ،‬وقسُمحة الكل إل‬
‫الزمء‪ ،‬أو الكلي إل الزمئيات‪ ،‬وقسُمحة النس إل النواع‪ ،‬وقسُمحة النوع إل الشأخاص‪،‬‬

‫‪149‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وهذه قسُمحة ذات إل ذات؛ وقد يقسُم الكلي إل الذات‪ ،‬والعرضي والذات إل العرضي‪،‬‬
‫والعرضي إل الذات‪ ،‬والعرضي إل العرضي؛ والتقسُيم الاصر هو الردد بي النفمي‬
‫والثبات‪ .‬‏‬

‫والثان‪ :‬‏التمكيب‪ ،‬وهو جعل القضايا مقدمات تؤدي إل العلوم‪ .‬‏‬

‫والثالث‪ :‬‏والتحليل‪ ،‬وهو إعادةا تلك القدمات‪ .‬‏‬

‫والرابع‪ :‬‏التحديد‪ ،‬وهو ذكر الشأياء بدودها الدالة على حقائقها‪ ،‬دللة تفمصيلية‪ .‬‏‬

‫والامس‪ :‬‏البهان‪ ،‬وهو قياس صحيح عن مقدمات صادقة‪ ،‬وإنا يكن استعمحاله ف‬
‫العلوم القيقية‪ ،‬وأما ما عداها فيكتفمي بالقناع‪ .‬‏‬

‫ ‏التمشأيح الثان ف الشرحَّ وبيان الاجة إليه والدب فيه‬

‫اعلم أن كل من وضع كتابا‪ ،‬إنا وضعه ليفمهم بذاته‪ ،‬من غيخ شأرحَّ‪ ،‬وإنا احتيج إل‬
‫الشرحَّ‪ ،‬لمور ثلثة‪ :‬‏‬

‫المر الول‪ :‬‏كمحال مهارةا الصنف‪ ،‬فإنه لودةا ذهنه‪ ،‬وحسُن عبارته‪ ،‬يتكلم على معان‬
‫دقيقة‪ ،‬بكلم وجيزم‪ ،‬كاف ف الدللة على الطلوب‪ ،‬وغيخه ليس ف مرتبته‪ ،‬فربا عسُر‬
‫عليه فهم بعضها‪ ،‬أو تعذر فيحتاج إل زيادةا بسُط ف العبارةا‪ ،‬لتظهر تلك العان الفمية‪،‬‬
‫ومن ههنا شأرحَّ بعض العلمحاء تصنيفمه‪ .‬‏‬

‫المر الثان‪ :‬‏حذف بعض مقدمات القيسُة‪ ،‬اعتمحادا على وضوحها‪ ،‬أو لنا من علم‬
‫آخر‪ ،‬أو أهل ترتيب بعض القيسُة‪ ،‬فأغفمل علل بعض القضايا‪ ،‬فيحتاج الشارحَّ إل أن‬
‫يذكر القدمات الهمحلة‪ ،‬ويبي ما يكن بيانه ف ذلك العلم‪ ،‬ويرشأد إل أماكن فيمحا ل‬
‫يليق بذلك الوضع من القدمات‪ ،‬ويرتب القياسات‪ ،‬ويعطي علل ما ل يعط الصنف‪ .‬‏‬

‫‪150‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫المر الثالث‪ :‬‏احتمحال اللفمظ لعان تأويلية‪ ،‬أو لطافة العنم عن أن يعب عنه بلفمظ‬
‫يوضحه‪ ،‬أو لللفماظ الازية‪ ،‬واستعمحال الدللة اللتزمامية‪ ،‬فيحتاج الشارحَّ إل بيان غرض‬
‫الصنف‪ ،‬وترجيحه؛ وقد يقع ف بعض التصانيف مال يلو البشر عنه‪ ،‬من السُهو‪،‬‬
‫والغلط‪ ،‬والذف لبعض الهمحات‪ ،‬وتكرار الشيء بعينه بغيخ ضرورةا‪ ،‬إل غيخ ذلك‪،‬‬
‫فيحتاج أن ينبه عليه‪ .‬‏‬

‫ث إن أساليب الشرحَّ على ثلثة أقسُام‪ :‬‏‬

‫الول‪ :‬‏الشرحَّ ب)قال أقول( ‏ك )شأرحَّ القاصد( ‏و )شأرحَّ الطوالع( ‏للصفمهان و)شأرحَّ‬
‫العضد( ‏وأما الت‪ ،‬فقد يكتب ف بعض النسُخ بتمحامه‪ ،‬وقد ل يكتب‪ ،‬لكونه مندرجا ف‬
‫الشرحَّ بل امتياز‪ .‬‏‬

‫الثان‪ :‬‏الشرحَّ‪ ،‬بقوله ك )شأرحَّ البخاري( ‏لبن حجر‪ ،‬والكرمان‪ ،‬ونوها‪ ،‬وف أمثاله ل‬
‫يلتزمم الت‪ ،‬وإنا القصود ذكر الواضع الشروحة‪ ،‬ومع ذلك قد يكتب بعض النسُاخ متنه‬
‫تاما إما ف الامش‪ ،‬وإما ف السُطر‪ ،‬فل ينكر نفمعه‪ .‬‏‬

‫والثالث‪ :‬‏الشرحَّ مزمجا‪ ،‬ويقال له‪ :‬‏)شأرحَّ مزموج( ‏تزمج فيه عبارةا الت والشرحَّ‪ ،‬ث تتاز إما‬
‫باليم والشي‪ ،‬وإما بط يط فوق الت‪ ،‬وهو طريقة أكثر الشراحَّ التأخرين من الققي‪،‬‬
‫وغيخهم ‪ K‬‏لكنه ليس بأمون عن اللط والغلط‪ .‬‏‬

‫ث إن من آداب الشارحَّ وشأرطه‪ :‬‏أن يبذل النصرةا فيمحا قد التزمم شأرحه‪ ،‬بقدر الستطاعة‪،‬‬
‫ويذب عمحا قد تكفمل إيضاحه با يذب به صاحب تلك الصناعة‪ ،‬ليكون شأارحا‪ ،‬غيخ‬
‫ناقض‪ ،‬وجارحَّ‪ ،‬ومفمسُرا غيخ معتمض‪ ،‬اللهم إل إذا عثر على شأيء ل يكن حله على‬
‫وجه صحيح‪ ،‬فحينئذ ينبغي أن ينبه عليه بتعريض‪ ،‬أو تصريح‪ ،‬متمحسُكا بذيل العدل‪،‬‬
‫والنصاف‪ ،‬متجنبا عن الغي والعتسُاف؛ لن النسُان مل النسُيان‪ ،‬والقلم ليس‬
‫بعصوم من الطغيان‪ ،‬فكيف بن جع الطالب من مالا التفمرقة‪ .‬‏‬

‫‪151‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وليس كل كتاب ينقل الصنف عنه سال ا من العيب‪ ،‬مفموظا له عن ظهر الغيب‪ ،‬حت‬
‫يلم ف خطئه‪ ،‬فينبغي أن يتأدب عن تصريح الطعن للسُلف مطلقا‪ ،‬ويكن بثل‪ :‬‏)قيل‪،‬‬
‫وظن‪ ،‬ووهم‪ ،‬وأعتمض‪ ،‬وأجيب‪ ،‬وبعض الشراحَّ‪ ،‬والشي‪ ،‬أو بعض الشروحَّ‪ ،‬والواشأي(‬
‫ونو ذلك‪ ،‬من غيخ تعيي‪ .‬‏‬

‫كمحا هو دأب الفمضلء من التأخرين‪ ،‬فإنم تأنقوا ف أسلوب التحرير‪ ،‬وتأدبوا ف الرد‪،‬‬
‫والعتماض على التقدمي‪ ،‬بأمثال ما ذكر تنزميه ا لم عمحا يفمسُد اعتقاد البتدئي فيهم‪،‬‬
‫وتعظيمحا لقهم‪ ،‬وربا حلوا هفمواتم على الغلط من الناسخي‪ ،‬ل من الراسخي‪ .‬‏‬

‫وإن ل يكن ذلك قالوا‪ :‬‏لنم لفمرطر اهتمحامهم بالباحثة‪ ،‬والفادةا‪ ،‬ل يفمرغوا لتكرير‬
‫النظر‪ ،‬والعادةا؛ وأجابوا عن لزم بعضهم‪ ،‬بأن ألفماظ )كذا وكذا( ‏ألفماظ فلن بعبارته‪،‬‬
‫بقولم‪ :‬‏إننا ل نعرف كتابا ليس فيه ذلك‪ ،‬فإن تصانيف التأخرين‪ ،‬بل التقدمي )‪/1‬‬
‫‪(193‬ل تلو عن مثل ذلك‪ ،‬ل لعدم القتدار على التغييخ‪ ،‬بل حذرا عن تضييع الزممان‬
‫فيه‪ ،‬وعن مثالبهم بأنم عزموا إل أنفمسُهم ما ليس لم‪ ،‬بأنه إن أتفمق‪ ،‬فهو من توارد‬
‫الواطر‪ ،‬كمحا ف تعاقب الوافر على الوافر‪ .‬‏‬

‫ ‏التمشأيح الثالث ف أقسُام الصنفمي وأحوالم‬

‫اعلم أن الؤلفمي العتبةا تصانيفمهم‪ ،‬فريقان‪ :‬‏‬

‫الول‪ :‬‏من له ف العلم ملكة تامة‪ ،‬ودربة كافية‪ ،‬وتارب وثيقة‪ ،‬وحدس صائب‪ ،‬وفهم‬
‫ثاقب‪ ،‬فتصانيفمهم عن قوةا تبصرةا‪ ،‬ونفماذ فكر‪ ،‬وسداد رأي‪ ،‬ك )النصيخ‪ ،‬والعضد‪،‬‬
‫والسُيد‪ ،‬والسُعد‪ ،‬واللل‪ ،‬وأمثالم( ‏فإن كل منهم يمحع إل ترير العان‪ ،‬تذيب‬
‫اللفماظ‪ ،‬وهؤلء أحسُنوا إل الناس‪ ،‬كمحا أحسُن ال سبحانه وتعال إليهم‪ ،‬وهذه ل‬
‫يسُتغن عنها أحد‪ .‬‏‬

‫والثان‪ :‬‏من له ذهن ثاقب وعبارةا طلقة طالع الكتب فاستخرج دررها وأحسُن نظمحها‪،‬‬
‫وهذه ينتفمع به البتدئون والتوسطون‪ .‬‏ومنهم )‪ /1‬‏‪ (194‬‏من جع وصنف للستفمادةا ل‬

‫‪152‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫للفادةا فل حجر عليه بل يرغب إليه إذا تأهل‪ ،‬فإن العلمحاء قالوا‪ :‬‏ينبغي للطالب أن‬
‫يشتغل بالتخرج والتصنيف فيمحا فهمحه منه إذا احتاج الناس إليه بتوضيح عبارته‪ ،‬غيخ مائل‬
‫عن الصطلح‪ ،‬مبينا مشكله‪ ،‬مظهراا‪ ،‬ملتبسُه كي يكسُبه جيل الذكر وتليده إل آخر‬
‫الدهر‪ .‬‏‬

‫فينبغي أن يفمرغ قلبه لجله إذا شأرع‪ ،‬ويصرف إليه كل شأغله قبل أن ينعه مانع عن نيل‬
‫ذلك الشرف‪ .‬‏ث إذا ت ل يرج ما صنفمه إل الناس ول يدعه عن يده إل بعد تذيبه‬
‫وتنقيحه وتريره وإعادةا مطالعته فإنه قد قيل‪ :‬‏النسُان ف فسُحة من عقله وف سلمة من‬
‫أفواه جنسُه ما ل يضع كتابا أو ل يقل شأعرا‪ .‬‏‬

‫وقد قيل‪ :‬‏من صنف كتابا فقد استشرف للمحدحَّ والذم‪ ،‬فإن أحسُن فقد استهدف من‬
‫الغيبة والسُد‪ ،‬وإن أساء فقد تعرض للشتم والقذف‪ .‬‏قالت الكمحاء‪ :‬‏من أراد أن يصنف‬
‫كتابا أو يقول شأعرا فل يدعوه العجب به وبنفمسُه إل أن ينتحله‪ ،‬ولكن يعرضه على‬
‫أهله ف عرض رسائل أو أشأعار‪ ،‬فإن رأى الساع تصغي إليه ورأى من يطلبه انتحله‬
‫وادعاه وإل فليأخذ ف غيخ تلك الصناعة‪ .‬‏‬

‫قف‪ :‬‏ومن الناس من ينكر التصنيف ف هذا الزممان مطلقا‪ ،‬ول وجه لنكاره من أهله‪،‬‬
‫وإنا يمحله عليه التنافس والسُد الاري بي أهل العصار‪ ،‬ول در القائل ف نظمحه‪ :‬‏‬

‫قل لن ل يرى العاصر شأيئا ** ‏ويرى للوائل التقديا‬

‫إن ذاك القدي كان حديثا ** ‏وسيبقى هذا الديث قديا‬

‫واعلم أن نتائج الفكار ل تقف عند حد‪ ،‬وتصرفات )‪ /1‬‏‪ (195‬‏النظار ل تنتهي إل‬
‫غاية‪ ،‬بل لكل عال ومتعلم منها حظ يرزه ف وقته القدر له‪ ،‬وليس لحد أن يزماحه‬
‫فيه‪ ،‬لن العال العنوي واسع كالبحر الزماخر‪ ،‬والفميض اللي ليس له انقطاع ول آخر‪،‬‬
‫والعلوم منح إلية ومواهب صمحدانية‪ ،‬فغيخ مسُتبعد أن يدخر لبعض التأخرين ما ل يدخر‬
‫لكثيخ من التقدمي‪ .‬‏‬

‫‪153‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫فل تغتم بقول القائل‪ :‬‏))ما ترك الول للخر(( ‏بل القول الصحيح الظاهر‪ :‬‏))كم ترك‬
‫الول للخر(( ‏فإنا يسُتجاد الشيء ويسُتمذل لودته ورداءته ف ذاته ل لقدمه وحدوثه‪ .‬‏‬

‫ويقال‪ :‬‏ليس كلمحة أضر بالعلم من قولم ما ترك الول شأيئا‪ ،‬لنه يقطع المال عن‬
‫العلم‪ ،‬ويمحل على التقاعد عن التعلم‪ ،‬فيقتصر الخر على ما قدم الول من الظاهر‪،‬‬
‫وهو خطر عظيم وقول سقيم‪ ،‬فالوائل وإن فازوا باستخراج الصول وتهيدها فالواخر‬
‫فازوا بتفمريع الصول وتشييدها كمحا قال صلى ال عليه وسلم‪ :‬‏))أمت أمة مباركة ل‬
‫يدري أو لا خيخا وآخرها(( ‏وقال ابن عبد ربه ف )العقد( ‏))إن رأيت آخر كل طبقة‬
‫واضعي كل حكمحة‪ ،‬ومؤلفمي كل أدب أهذب لفمظا وأسهل لغة وأحكم مذاهب وأوضح‬
‫طريقة من الول لنه ناقض متعقب والول باد متقدم(( ‏انتهى‪ .‬‏‬

‫وروي أن خواجه زاده كان يقول‪ :‬‏))ما نظرت ف كتاب أحد بعد تصانيف السُيد‬
‫الشريف الرجان بنية الستفمادةا(( ‏وذكر صاحب )الشقائق( ‏ف ترجة )‪ /1‬‏‪ (196‬‏شس‬
‫الدين الفمناري‪ :‬‏))أن الطلبة إل زمانه كانوا يعطلون يوم المحعة يوم الثلثاء فأضاف‬
‫إليهمحا يوم الثني للشأتغال بكتابة تصانيف العلمة التفمتازان ‪ -‬‏رحه ال ‪ -‬‏وتصيلها((‬
‫انتهى‪ .‬‏‬

‫ ‏التمشأيح الرابع ف بيان مقدمة العلم ومقدمة الكتاب‬

‫اعلم أن القدمة ‪ -‬‏بكسُر الدال الشددةا وفتحها ‪ -‬‏تطلق على معان‪ :‬‏منها ما يتوقف‬
‫عليه الشيء‪ ،‬وسواء كان التوقف عقليا أو عاديا أو جعليا‪ ،‬وهي ف عرف اللغة صارت‬
‫اسا لطائفمة متقدمة من اليش‪ ،‬وهي ف الصل صفمة من التقدي بعنم ‪ ý  154‬‬
‫‪‬ا يبعد أن يكون من التقدي التعدي لنا تقدم أنفمسُها بشجاعتها على أعدائها ف‬
‫الظفمر‪ .‬‏‬

‫ث نقلت إل ما يتوقف عليه الشيء‪ ،‬وهذا العنم يعم جيع العان التية‪ .‬‏ومنها ما يتوقف‬
‫عليه الفمعل‪ ،‬يؤيد ذلك ما قال السُيد السُند ف )حاشأية العضدي( ‏ف مسُائل الوجوب ف‬

‫‪154‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫بث الكم ))القدمة عند الصوليي على ثلثة أقسُام‪ :‬‏ما يتوقف عليه الفمعل عقل‬
‫كتمك الضداد ف فعل الواجب وفعل الضد ف الرام‪ ،‬وتسُمحى مقدمة عقلية وشأرطا‬
‫عقليا‪ .‬‏وما يتوقف عليه الفمعل عادةا كغسُل جزمء من الرأس لغسُل الوجه كله‪ ،‬وتسُمحى‬
‫مقدمة عادية وشأرطا عاديا‪ .‬‏‬

‫وما ل يتوقف عليه الفمعل بأحد الوجهي‪ ،‬لكن الشارع يعل الفمعل موقوفا عليه وصيخه‬
‫شأرطا له كالطهارةا للصلةا وتسُمحى مقدمة شأرعية وشأرطا شأرعيا(( ‏انتهى‪ .‬‏)‪ /1‬‏‪ (197‬‏‬

‫ومنها ما يتوقف عليه صحة الدليل بل واسطة كمحا هو التبادر‪ ،‬فل ترد الوضوعات‬
‫والمحولت‪ .‬‏وأما القدمات البعيدةا للدليل فإنا هي مقدمات لدليل مقدمة الدليل‪ .‬‏‬

‫ومنها قضية جعلت جزمء قياس أو حجة‪ ،‬وهذان العنيان متصان بأرباب النطق‬
‫ومسُتعمحلن ف مباحث القياس‪ ،‬صرحَّ بذلك الولوي عبد الكيم ف )حاشأية شأرحَّ‬
‫الشمحسُية( ‏وهي على قسُمحي‪ :‬‏قطعية تسُتعمحل ف الدلة القطعية‪ ،‬وهي سبع‪ :‬‏الوليات‪،‬‬
‫والفمطريات‪ ،‬والشاهدات‪ ،‬والربات‪ ،‬والتواترات‪ ،‬والدسيات‪ ،‬والوهيات ف السُوسات‪،‬‬
‫وظنية تسُتعمحل ف المارةا وهي أربع‪ :‬‏السُلمحات‪ ،‬والشهورات‪ ،‬والقبولت‪ ،‬والقرونة‪،‬‬
‫بالقرائن كنزمول الطر بوجود السُحاب الرطب‪ ،‬كذا يسُتفماد من )شأرحَّ الواقف( ‏‬

‫والراد بالقياس ما يتناول الستقراء والتمحثيل أيضا‪ ،‬وإردافه بلفمظ أو حجة لدفع توهم‬
‫اختصاص القياس با يقابلهمحا‪ .‬‏وقيل‪ :‬‏أو للتنبيه على اختلف الصطلحَّ فقيل إنا‬
‫متصة بالجة‪ ،‬وقيل‪ :‬‏يشمحل ما جعلت جزمءها‪ .‬‏‬

‫وهذا العنم مبائن للمحعنم السُابق‪ .‬‏وقيل‪ :‬‏أخصخ من الول كمحا يسُتفماد من بعض حواشأي‬
‫)شأرحَّ الطالع(‪ .‬‏‬

‫ومنها ما يتوقف عليه الباحث التية‪ ،‬فإن كانت تلك الباحث التية العلم برمته تسُمحى‬
‫مقدمة العلم‪ ،‬وإن كانت بقية الباب أو الفمصل تسُمحى مقدمة الباب أو الفمصل‪ .‬‏وبالمحلة‬
‫تضاف إل الشيء الوصوف كمحا ف )الطول(‪ .‬‏‬

‫‪155‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وقد اشأتهر بينهم أن مقدمة العلم ما يتوقف‪ ،‬عليه الشروع ف ذلك العلم‪ ،‬والشروع ف‬
‫العلم ل يتوقف على ما هو جزمء منه وإل لدار بل على )‪ /1‬‏‪ (198‬‏ما يكون خارجا‬
‫عنه‪ .‬‏ث الضروري ف الشروع الذي هو فعل اختياري توقفمه على تصور العام بوجه ما‪،‬‬
‫وعلى التصديق بفمائدةا تتمتب عليه سواء كان جازما أو غيخ جازم مطابقا أو ل‪ ،‬لكن‬
‫يذكر من جلة مقدمة العلم أمور ل يتوقف الشروع عليها‪ ،‬كرسم العلم وبيان موضوعه‬
‫والتصديق بالفمائدةا الرتبة العتد با بالنسُبة إل الشقة الت ل بد منها ف تصيل العلم‬
‫وبيان مرتبته وشأرفه ووجه تسُمحيته باسه إل غيخ ذلك‪ .‬‏‬

‫فقد أشأكل ذلك على بعض التأخرين واستصعبوه‪ ،‬فمحنهم من غيخ تعريف القدمة إل ما‬
‫يتوقف عليه الشروع مطلقا‪ ،‬أو على وجه البصيخةا‪ ،‬أو على وجه زيادةا البصيخةا‪ ،‬ومنهم‬
‫من قال‪ :‬‏الول أن يفمسُر مقدمة العلم با يسُتعان به ف الشروع وهو راجع إل ما سبق‬
‫لن الستعانة ف الشروع إنا تكون على أحد الوجوه الذكورةا‪ ،‬ومنهم من قال‪ :‬‏‬

‫ل يذكر ف مقدمة العلم ما يتوقف عليه الشروع‪ ،‬وإنا يذكر ف مقدمة الكتاب‪ ،‬وفرق‬
‫بينهمحا بأن مقدمة العلم ما يتوقف عليه مسُائله‪ ،‬ومقدمة الكتاب طائفمة من اللفماظ‬
‫قدمت أمام القصود لدللتها على ما ينفمع ف تصيل القصود سواء كان ما يتوقف‬
‫القصود عليه فيكون مقدمة العلم أو ل‪ ،‬فيكون من معان مقدمة الكتاب من غيخ أن‬
‫يكون مقدمة العلم‪ .‬‏‬

‫وأيد ذلك القول بأنه يغنيك معرفة مقدمة الكتاب عن مظنة أن قولم‪ :‬‏القدمة ف بيان‬
‫حد العلم‪ ،‬والغرض منه وموضوعه من قبيل جعل الشيء ظرفا لنفمسُه وعن تكلفمات ف‬
‫دفعه‪ .‬‏‬

‫فالنسُبة بي القدمتي هي الباينة الكلية‪ ،‬والنسُبة بي ألفماظ مقدمة العلم ونفمس مقدمة‬
‫الكتاب عمحوم من وجه‪ ،‬لنه اعتب ف مقدمة الكتاب التقدم ول يعتب التوقف‪ ،‬واعتب ف‬
‫مقدمة العلم التوقف ول يعتب التقدم‪ ،‬وكذا بي مقدمة العلم ومعان مقدمة الكتاب‬
‫عمحوم )‪ /1‬‏‪ (199‬‏من وجه‪ .‬‏وقال صاحب )الطول(‪ :‬‏))والق أنه ل حاجة إل التغييخ‪،‬‬

‫‪156‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫فإن كل ما يذكر ف القدمة ما يتوقف عليه شأروع ف العلم هو إما أصل الشروع ف‬
‫العلم‪ ،‬أو شأروع على وجه البصيخةا‪ ،‬أو شأروع على وجه زيادةا البصيخةا‪ .‬‏فيصدق على‬
‫الكل ما يتوقف عليه شأروع‪ ،‬ولمحل الشروع على ما هو ف معنم النكر مسُاغ أيضا كمحا‬
‫ف‪ :‬‏ادخل السُوق(( ‏انتهى‪ .‬‏‬

‫وههنا أباث تركناها مافة الطناب‪ ،‬فمحن أراد الطلع عليها فعليه بالرجوع إل شأروحَّ‬
‫)التلخيصخ(‪ .‬‏‬

‫قال الشيخ رفيع الدين الدهلوي ف رسالته ف هذا الباب‪ :‬‏))القدمة تطلق على أمور جزمء‬
‫من أجزماء الكتاب عنون بذا اللفمظ‪ ،‬وجزمء كذلك يعنون مثله به‪ ،‬وإن ل يعنون بذلك‬
‫اللفمظ‪ ،‬وما يسُتحق أن يقدم سواء قدم وعنون با أو ل‪ .‬‏‬

‫وهذا يسُمحى بقدمة العلم والول بل الولن بقدمة الكتاب فيفمسُر‪ ،‬مقدمة الكتاب با‬
‫يفمسُر به الكتاب من اللفماظ والعان والنقوش‪ ،‬وإن كان الثالث مازيا ف مثل‪:‬‬
‫))اشأتميت الكتاب((‪ .‬‏و ))هذا كتاب فلن(( ‏ول يلتفمت إليه ف مثل‪ :‬‏))صنفمت‬
‫الكتاب(( ‏و ))قرأته(( ‏و))هذا كتاب جيد متي(( ‏و ))مت وشأرحَّ )‪ /1‬‏‪ (200‬‏وحاشأية((‬
‫وتفمسُر مقدمة العلم با يفمسُر به العلم من الدراك والدركات‪ ،‬فيتحقق بينهمحا نسُب‬
‫متلفمة كالتباين صدقا‪ ،‬أو الكلية والزمئية‪ ،‬أو العمحوم والصوص الطلق‪ .‬‏‬

‫كمحا إذا اشأتمحل مقدمة الكتاب على غيخ مقدمة العلم‪ ،‬أيضا والعمحوم من وجه إذا ل‬
‫يقدم مقدمة العلم وقدم شأيء من غيخها‪ .‬‏‬

‫هذا هو الكلم على العرف الشهور‪ ،‬والذي يقتضيه النظر الصحيح أن يسُمحى بقدمة‬
‫الكتاب ماله دخل ف خصوص الكتاب‪ ،‬وبقدمة العلم ماله دخل ف العلم مطلقا‪.‬‬
‫ويتمحعان إذا ل يكن مدخل ف خصوص الكتاب إل لا له دخل ف العلم‪ .‬‏وتقيقهمحا‬
‫باعتبار هذا النظر أن يقال‪ :‬‏قد تبي ف العلم العلى أن العلم التام بالشأياء ذوات‬
‫السباب إنا يصل بعرفة عللها التامة‪ ،‬وهي ممحوع العلة الفماعلية‪ ،‬والغائية‪ ،‬والادية‪،‬‬

‫‪157‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫والصورية‪ ،‬وسائر ما يتوقف عليه حصول الشيء من الشروطر واللت والعدات القريبة‬
‫ونو ذلك فيمحا يوجد فيه جيعها‪ ،‬وبعضها فيمحا يوجد فيه‪ .‬‏‬

‫بعضها فنقول‪ :‬‏إن التقدمي لا أفرزوا من نتائج أفكارهم الحكام التعلقة لشيء واحد‬
‫وحدةا ما من جهة واحدةا علوما متفمرزةا وشأحنوا با كتبهم وأرادوا بقاءها على مر‬
‫العصار وعلمحوها تلمذتم قرنا بعد قرن حت وصلت إلينا‪ ،‬فاستحسُنوا تقدي بعض‬
‫مبادئها عليها ليكون تسُهيل لطالبيها وتبصرةا لشارعيها‪ .‬‏‬

‫وقد علمحت وجه الضبط فاعلم أن ههنا أمرين‪ ،‬أحدها‪ :‬‏العلم با هو هو‪ ،‬وذلك عبارةا‬
‫عن مسُائل مصوصة ومطالب معينة‪ .‬‏وثانيهمحا‪ :‬‏الكتاب وهو عبارةا عن ألفماظ مقررةا‬
‫ومعان مرتبة‪ .‬‏وربا كان كتاب واحد ف علوم متعددةا‪ ،‬أو كتب متعددةا ف علم واحد‪،‬‬
‫ورب علم ل يدون )‪ /1‬‏‪ (201‬‏ف كتاب‪ ،‬أو كتاب ل يشتمحل على علم بل على‬
‫مسُائل متفمرقة وأحاديث ملهية من نظم أو نثر‪ .‬‏وأيضا ها يتلفمان ف أمور كثيخةا‪:‬‬
‫كالنفمعة‪ ،‬والضرةا‪ ،‬والودةا‪ ،‬والرداءةا‪ ،‬والضعف‪ ،‬والقوةا‪ ،‬وغيخها‪ .‬‏‬

‫ونسُبة الكتاب بعانيه إل العلم كنسُبة العلم إل الواقع بالطابقة واللمطابقة‪ ،‬فلكل‬
‫منهمحا مبادئ متغايرةا‪ .‬‏فالحق أن يعل لكل منهمحا مقدمة مغايرةا لقدمة الخر‪ ،‬ويعل‬
‫مقدمة العلم من مقاصد الكتاب‪ .‬‏‬

‫ولكن من الناس من يمحعهمحا‪ ،‬ومنهم من يكتفمي بأحدها‪ ،‬ومنهم‪ ،‬من يذكر مقدمة‬
‫الكتاب ف الديباجة‪ ،‬ومقدمة العلم ف جزمء من الكتاب يصدر بالقدمة ويذكر ف كل‬
‫ما يهمحه ويتفمق له‪ ..‬‏ولكن مقدمة العلم ومقدمة الكتاب‪ ،‬ف الغلب داخلتان ف‬
‫الكتاب‪ ،‬وذلك لعدم إفرازها بعناية النظر‪ .‬‏‬

‫ونن نذكر مبادئ كليهمحا مع نوع ضبط فنقول‪ :‬‏من البادئ الفماعل‪ ،‬أما فاعل العلم‬
‫حقيقة فأول من أخرجه من القوةا إل الفمعل ودونه وفصله كأرسطاطاليس لكمحة الشائي‬
‫والنطق‪ ،‬وينوب منابه الهرةا الذين هم أهل استنباطر وتقيق لقواعده‪ .‬‏‬

‫‪158‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وأما فاعل الكتاب حقيقة فمحصنفمه وينوب منابه من عليه العتمحاد ف روايته وتوجيهه‬
‫وإصلحه‪ .‬‏ومنها الغاية وهي بيان الاجة الاسة إل تدوينه وتصنيفمه‪ .‬‏‬

‫أما العلوم فلها غاية عامة هي تكمحل النفمس ف القوةا العلمحية بعرفتها‪ ،‬وغاية خاصة تذكر‬
‫ف كل فن فن‪ .‬‏وأما الكتب فلها أيضا غاية عامة وهي تسُكي وهج القلب بإيراد ما‬
‫يتلج فيه وإرادةا التمويح والبقاء كمحا قيل‪ :‬‏‬

‫كل علم ليس ف القرطاس ضاع * ‏)‪ /1‬‏‪ (202‬‏‬

‫وغاية خاصة من توضيح ممحل‪ ،‬أو تلخيصخ مطول‪ ،‬أو تعمحيم انتفماع‪ ،‬أو كتم عن رعاع‪،‬‬
‫أو إبانة حق‪ ،‬أو إزالة شأك‪ ،‬أو إرضاء عظيم‪ ،‬أو تبكيت لئيم إل غيخ ذلك‪ .‬‏‬

‫ث إن الغاية ف الفعال الختيارية تتم بأمرين‪ :‬‏‬

‫معرفة الطلوب حذرا من طلب الهول الطلق‪ .‬‏ومعرفة فائدته فرارا عن العبث‪ .‬‏فوضعوا‬
‫للول معرفة السم ووجه التسُمحية للكتاب والرسم أيضا للعلم‪ .‬‏‬

‫والثان‪ :‬‏بيان الفمائدةا والضرةا ترغيبا ف تصيله ومعالة عن إفسُاده‪ ،‬ومنها الادةا والصورةا‪،‬‬
‫وعلمحهمحا بالقيقة إنا يكون بعد إتام تصيل العلم والكتاب‪ ،‬لن الصورةا جزمء آخر‬
‫للمحعلول‪ ،‬والادةا مقارنة لا‪ ،‬بل حصولمحا هو عي حصول العلول وذلك مناف لغرض‬
‫القدمة‪ .‬‏‬

‫فأقاموا مقامها شأيئي آخرين‪ :‬‏أما مقام الادةا فللعلم بيان موضوعه الذي تنتهي إليه‬
‫موضوعات مسُائله كأنا شأعب وتفمصيلت ولواحق عارضة له‪ ،‬وبيان حيثية البحث‬
‫الذي تنتهي إليه ممحولت السُائل كذلك‪ .‬‏والكتاب بيان لغة ألفماظه أنا عربية أو فارسية‬
‫وهي كثيخا ما تكون قليلة الدوى‪ .‬‏وبيان العلم الذي هو فيه فإن التحرير والتقرير إنا‬
‫يقع فيه على صور شأت ووجوه متلفمة‪ .‬‏وأما مقام الصورةا فللعلم بيان أبوابه والشأارةا إل‬

‫‪159‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫كليات أصوله وفروعه‪ ،‬وللكتاب بيان ترتيبه وتفمصيل أجزمائه من القالت والبواب‬
‫والفمصول وغيخها وفهرستها‪ .‬‏‬

‫ومنها الشروطر‪ ،‬فبعضها عامة لكل علم ف العلم والتعلم وزمان )‪ /1‬‏‪ (203‬‏التعليم‬
‫والتصنيف‪ .‬‏وقد حرر فيه رسائل تسُمحى آداب التعلمحي وآداب الصنفمي‪ .‬‏وبعضها خاصة‪،‬‬
‫فلكل طائفمة من العلوم معلومات ما ل تعلم ل يعلم ول يصح الزمم به مال تسُتعمحل‬
‫وتسُمحى بالدود‪ .‬‏والعلوم التعارفة والصادرات والصول الوضوعة‪ .‬‏ولبعض الكتب رموز‬
‫واصطلحات ما ل تعلم أشأكل فهم الكتاب‪ .‬‏‬

‫ومنها اللت‪ ،‬فإن الفماعل القريب لكتسُاب العلوم هي الفكار ولا طرق ووجوه يسُهل‬
‫التحصيل با يسُمحى الناء التعليمحية وهي‪ :‬‏التقسُيم والتحليل والتحديد والبهان‪ .‬‏وللكتب‬
‫شأروحَّ وحواش يسُهل فهمحها بأعمحالا‪ ،‬ومنها العدات القريبة فيبي مرتبة العلم لتأخر عمحا‬
‫يب وتقدم على ما يب وكذلك مرتبة الكتاب‪ ،‬وبيان الكتب الت منها مأخذ الكتاب‪،‬‬
‫والعلوم الت يصل منها استعداد العلم الطلوب‪ .‬‏فهذا وجه لضبطها‪ .‬‏وسائر الصنفمي‬
‫يكتفمون ببعضها لا مر‪ ،‬ولن منها ما يكفمي مؤنة غيخها‪ ،‬ولكن توسعة للمر قد يث‬
‫على استيفمائها والعلم عند ال تعال(( ‏انتهى كلمه ‪ -‬‏رحه ال ‪ .-‬‏‬

‫ ‏التمشأيح الامس ف التحصيل‬

‫قال الشيخ العلمة رفيع الدين الدهلوي ف )التكمحيل(‪ :‬‏))غلب ف تصيل الهولت‬
‫التعلم على التفمكر‪ ،‬ول يكن له قانون فدون والدي العارف الواصل والنحرير الكامل‬
‫الشيخ ول ال ابن الشيخ عبد الرحيم العمحري لزماولة الكتب تعليمحا ضوابط‪ ،‬فأضفمت إليه‬
‫ما وفقن ال سبحانه وهي هذه‪ :‬‏)‪ /1‬‏‪ (204‬‏‬

‫فتح فن التحصيل موضوعه العلوم الدونة من حيث تسُتفماد وتفماد‪ .‬‏وغايته الوض فيها‬
‫على بصيخةا‪ ،‬والنجاةا عن سوء الفمهم لقاصدها‪ ،‬وتييزم لبابا عن ذبابا‪ ،‬وكسُب القتدار‬
‫والهارةا فيها‪ ،‬وتفمريق كامل الكتاب والعلم من نقاصهمحا‪ ،‬فليخسم بأحدها وتكمحل الناس‬

‫‪160‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫ف العلوم بدونه ل ينفمي فائدته كمحجتهدي المة وأساطي الكمحة ومدققي النود‬
‫والفرنج من النطق ونظره ف خسُة‪ ،‬فإن التعلم بالتقرير من ينكر عليه مناظرةا‪ ،‬ومن‬
‫يذعن له تدريس وتتلمحذ وبالتحرير تصنيف ومطالعة‪ .‬‏‬

‫بسُط الناظرةا‪ :‬‏توجه الصمحي ف مطلب لظهار الق‪ ،‬والتعرض للبيان أو البي الجة‬
‫أو العرف فمحن الول‪ :‬‏‬

‫‪ -1‬‏حل الصطلح والغلق‪ .‬‏‬

‫‪ -2‬‏تعيي الذوف والرجع والتمحل لشأتماك وتوز وتصيصخ وتقييد‪ .‬‏‬

‫‪ -3‬‏دفع الخلل لتعقيد وتبادر خلف‪ .‬‏‬

‫‪ -4‬‏دفع الستدراك‪ .‬‏‬

‫‪ -5‬‏سبب العدول عن ظاهر ومشهور‪ .‬‏‬

‫‪ -6‬‏تنبيه عن الضرار بزميادةا وتركها‪ .‬‏‬

‫‪ -7‬‏وعلى تعارض الكلمي صريا أو التزماما‪ .‬‏‬

‫‪ -8‬‏وعلى تداخل الشقوق والقسُام )‪ /1‬‏‪ .(205‬‏‬

‫‪ -9‬‏طلب حكم مسُكوت عنه منها‪ .‬‏‬

‫‪ -10‬‏خلو الدعى عن الفمائدةا‪ .‬‏‬

‫‪ -11‬‏استثبات الدعاوي خفمية‪ .‬‏‬

‫‪ -12‬‏وظاهرا ‪ .‬‏‬

‫وياب بالبيان‪ .‬‏‬

‫‪161‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫‪1‬و ‪ 2‬‏‪ -‬‏إفهام القرينة‪ .‬‏‬

‫‪ -3‬‏وفائدةا اللفمظ‪ .‬‏‬

‫‪ -4‬‏والتمجيح‪ .‬‏‬

‫‪ -5‬‏ودفع الضر‪ .‬‏‬

‫‪ -6‬‏والتوفيق‪ .‬‏‬

‫‪ -7‬‏والتمحييزم ولو ف المحلة أو بالقائق دون الصداق‪ .‬‏‬

‫‪ -8‬‏والدرج‪ .‬‏‬

‫‪ -9‬‏ووجه النفمع‪ .‬‏‬

‫‪ -10‬‏والطلع‪ .‬‏‬

‫‪11‬و ‪ -12‬‏أو يصلح ف الكل ث الستدلل أو النقل‬

‫من الثان )‪ /1‬‏‪ :(206‬‏‬

‫‪ -1‬‏تقيق الذهب‪ .‬‏‬

‫‪ -2‬‏تصحيح النقل‪ .‬‏‬

‫‪ -3‬‏عدم العتداد به‪ .‬‏‬

‫‪ -4‬‏تغييخ معناه‪ .‬‏‬

‫‪ -5‬‏منع القدمات كل أو بعضا‪ ،‬كالصغرى والكبى‪ ،‬واللزمة والتناف‪ ،‬والوضع والرفع‪ .‬‏‬

‫‪162‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫‪ -6‬‏السُند إن ادعى البديهة فالسُاوي يفميدها نفميا وإثباتا‪ ،‬والخصخ العتمض إثباتا‪،‬‬
‫والعم السُتدل نفميا‪ .‬‏‬

‫‪ -7‬‏فسُاد التأليف لفمقد شأرطه وعدم تكرر وسط‪ ،‬ونفمي حصر ويرددان على الشقي‬
‫كثيخا‪ .‬‏‬

‫‪ -8‬‏مناسبة الوسط لضد الكب والقدم لضد التال‪ .‬‏‬

‫‪ -9‬‏النقض بالتخلف عن الدعى‪ .‬‏‬

‫‪ -10‬‏وباستلزمامه مال‪ .‬‏‬

‫‪ -11‬‏الصادرةا على الطلوب جزمئية‪ .‬‏‬

‫‪ -12‬‏وتوقفما ولو باختلف اللفمظ‪ .‬‏‬

‫‪ -13‬‏القول بالوجب لعمحومه أي الدليل عن الدعوى‬

‫‪ -14‬‏لقصور عنها لصوصه‪ .‬‏‬

‫‪ -15‬‏العارضة عليها‪ .‬‏‬

‫‪ -16‬‏وعلى مقدماتا )‪ /1‬‏‪ (207‬‏‬

‫‪ -17‬‏إبطال البن‪ ،‬وهو غيخ القدحَّ ف دليله‪ ،‬وذلك ف القدمات القريبة‪ ،‬وأنفمع منه‬
‫لدمه أساسا‪ ،‬ولكن ف طرف الناظرةا لئل يشوش بالنتقال‪ .‬‏‬

‫‪ -18‬‏تسُاوي الدليل والدعوى قبول وردا للشأتماك ف أصل‪ .‬‏‬

‫‪ -19‬‏استثبات التفماريع عليها بعد العتماف تقديرا‪ .‬‏‬

‫‪ -20‬‏مالفمة النصخ أو إمام الفمن‪ .‬‏‬

‫‪163‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وياب‪ :‬‏‬

‫‪-1‬بالعلم‪ .‬‏‬

‫‪ -2‬‏والعرض‪ .‬‏‬

‫‪ -3‬‏والتوثيق‪ .‬‏‬

‫‪ -4‬‏والتمجيح بقرب وشأهادةا حاذق‪ .‬‏‬

‫‪ -5‬‏والستدلل‪ .‬‏‬

‫‪ 6‬‏و ‪ -7‬‏التطبيق على القواعد‪ .‬‏‬

‫‪ -8‬‏ونفمي الناسبة‪ .‬‏‬

‫‪ -9‬‏والفمرق بي الصورتي‪ .‬‏‬

‫‪ 10‬‏و ‪ -11‬‏التقدمتي‪ .‬‏‬

‫‪ -12‬‏وإبداء وسط يرفع التوقف‪ .‬‏‬

‫‪ -13‬‏وتوجيه التقريب‪ .‬‏‬

‫‪ 14‬‏و ‪ -15‬‏تبديل النصب )‪ /1‬‏‪ (208‬‏‬

‫‪ 16‬‏و ‪ -17‬‏أييد البن بعد تريره‬

‫‪ -18‬‏وقطع التفمريع‪ .‬‏‬

‫‪ -19‬‏وتصحيح الفمروع برفع الستبعاد أو النكار‪ .‬‏‬

‫‪164‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫‪ -20‬‏والتأويل راجحا والرحَّ مرجوحا أو مرجوعا عنه لعمحال غيخه‪ ،‬وعند العجزم النتقال‬
‫أو الذعان‪ .‬‏‬

‫والثالث أي العرف ل يتمحل النقض والعارضة‪ .‬‏‬

‫ومنوع الحكام الضمحنية دعاوي يب إثباتا‪ :‬‏‬

‫‪ -1‬‏كالدور مصرحا ومضمحرا‪ .‬‏‬

‫‪ -2‬‏فمحنها للحمحل‪ .‬‏‬

‫‪ -3‬‏والتصوري للبديهة والسُور‪ .‬‏‬

‫‪ -4‬‏واللء مطلقا‪ .‬‏‬

‫‪ -5‬‏والنع‪ .‬‏‬

‫‪ -6‬‏والمحع وافيا‪ .‬‏‬

‫‪ -7‬‏والتناول‪ .‬‏‬

‫‪ -8‬‏والندراج للطباق‪ .‬‏‬

‫‪ -9‬‏ووجه الشبه بالبائن قاصرا‪ .‬‏‬

‫‪ -10‬‏والذاتية حدا لفمقد أحكامها‪ .‬‏‬

‫وكله ف الفماء وبعد الظهور مادلة ل يسُامح فيها‪ ،‬وقلمحا يلتزمم إثبات شأيء )‪/1‬‬
‫‪ .(209‬‏‬

‫التدريس‪ :‬‏‬

‫‪165‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫تفمهيم الكتاب باللسُان‪ ،‬وطريقه للقاصر التمجة فقط فيتبلد الذهنان‪ .‬‏وللفمال ذكر ما‬
‫أمكن حفمظا ومراجعة فيعسُر اليسُيخ بالتعجيل ويطول زمان التحصيل‪ ،‬وللمحسُتعجل‬
‫الكتفماء بصدور الكتب بالدقة فيحوج إل شأغل ثان للستيفماء والقتصار على العد ف‬
‫العلمحاء‪ ،‬وللحاذق من كل علم مبسُوطر‪ ،‬وف البداية تعليم مت سهل لعرفة‬
‫الصطلحات وأصول القواعد وشأرحَّ مسُتوف لفموائد القيود والدلة والباث‬
‫والختلفات الشهورةا وحاشأية للكة التدقيق جرحا وتعديل وترجيحا‪ ،‬والعتياد بوصل‬
‫الارج وجع النتشر فإن احتيج زيد‪ .‬‏‬

‫ومن الختصر ما يكفمي وضوابطه‪ :‬‏‬

‫‪ -1‬‏ضبط الشكل بنوع الركة والسُكون والعجام والهال والتقدي والتأخيخ‪ .‬‏‬

‫‪ -2‬‏شأرحَّ الغريب لغة واصطلحا‪ .‬‏‬

‫‪ -3‬‏كشف الغلق صيغة وتركيبا‪ .‬‏‬

‫‪ -4‬‏تصوير السُألة بتمحثيل وتشكيل‪ .‬‏‬

‫‪ -5‬‏تقريب الدلة بتصريح الطويات والوصل بالصل )‪ /1‬‏‪ .(210‬‏‬

‫‪ -6‬‏تقيق القواعد بفموائد القيود‪ ،‬وسد النكسُار بل فضول ول إغلق‪ .‬‏‬

‫‪ -7‬‏تنقيح التعريفمات بمحا وبالستنباطر الشتمك والمحيزم من التقسُيمحات‪ .‬‏‬

‫‪ -8‬‏وجه الصر والتمتيب ف القسُام والبواب‪ .‬‏‬

‫‪ -9‬‏تفمريق اللتبسُي من التوجيهات والتعليلت والقوال‪ .‬‏‬

‫‪ -10‬‏تطبيق الختلفمي من كلمي واحد ومتحدي مذهب‪ .‬‏‬

‫‪ -11‬‏التنبيه على الستثناءات واليرادات الظاهرةا الورود ودفعها‪ .‬‏‬

‫‪166‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫‪ -12‬‏تفمتيش الوالة عن ملها‪ .‬‏‬

‫‪ -13‬‏بيان البهم من وجوه النظر والول والصواب والسُؤال القدر‪ .‬‏‬

‫‪ -14‬‏التمجيح بي التوجيهات وإبداء السلم والقرب منها وما علي كل‪ .‬‏‬

‫‪ -15‬‏سبب تغييخ السلوب العروف‪ .‬‏‬

‫‪ -16‬‏تعيي السُؤال والواب بنوعه ومنشئه ومورده‪ .‬‏‬

‫‪ -17‬‏حسُن التقرير بإيضاحَّ موجزم‪ .‬‏‬

‫‪ -18‬‏التمجة بلغة الطالبي‪ .‬‏‬

‫‪ -19‬‏إعمحال فكره ف حل ما يكن منه )‪ /1‬‏‪ (211‬‏‬

‫‪ -20‬‏حفمظ اللسُان عن سوء اللق‪ .‬‏‬

‫‪ -21‬‏حفمظ وضع العتمض واليب‪ .‬‏‬

‫‪ -22‬‏تلخيصخ التشتت‪ .‬‏‬

‫‪ -23‬‏توزيع الفمروع والعلل على ملفموف أو ملحوظ‪ .‬‏‬

‫‪ -24‬‏التيقظ عند ترتيب السئلة والجوبة لصل الثبات والنفمي‪ .‬‏‬

‫‪ -25‬‏الذر عمحا يوجب سوء الفمهم ويسُتوي فيه النقول والعقول البهان والطاب‪ ،‬إل‬
‫أن العتبار ف الول بتحقيق العبارات والربط أكثر‪ ،‬وف الثان بالوصل إل البديهيات‬
‫أصول والسُلمحات فروعا‪ ،‬وف الثالث بالناسبات الظنية‪ .‬‏‬

‫‪167‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫فل يزمال ينبه عليها با يتحمحل حت يتخذه ملكه بفمكره‪ ،‬ث يعرض مطالعته على مطالعته‬
‫وعلى الواشأي ويفمهمحه الغلط والذر عنه ث يتحنه بتصنيف شأرحَّ أو حاشأية يؤدي فيه‬
‫حقه ويسُتحق الوثوق برأيه‪ .‬‏‬

‫التتلمحذ‪ :‬‏‬

‫فهم الكتاب بالستمحاع بعد الصحة والعاش‪ ،‬ولو بالقناعة والشوق والد ولو بالتحريصخ‪،‬‬
‫والفمهم والفمظ ولو بالهد‪ ،‬والداومة وحسُن الظن مع الستاذ ولو ف الفمن‪ ،‬والكتاب‬
‫الواضح الصحيح والستاذ الاهر الشفميق ولو بالطمحع ‪ -‬‏حقه )‪ /1‬‏‪ :(212‬‏‬

‫‪ -1‬‏صحة القراءةا‪ .‬‏‬

‫‪ -2‬‏وتييزم المحل‪ .‬‏‬

‫‪ -3‬‏والستمحاع بتفمريغ القلب‪ .‬‏‬

‫‪ -4‬‏والتثبت ف الفمهم‪ .‬‏‬

‫‪ -5‬‏واستكشاف ما خفمي‪ .‬‏‬

‫‪ -6‬‏وعرض الشبهة بالدب‪ .‬‏‬

‫‪ -7‬‏وجع سابق البحث ولحقه ف الذهن‪ .‬‏‬

‫‪ -8‬‏وتقدم النظر ليكون أوقع وعلى بصيخةا‪ ،‬وف البداية بضور العلم أنفمع‪ .‬‏‬

‫‪ -9‬‏والعاودةا ليسُتقر وبالتقرير أجود‪ .‬‏‬

‫‪ -10‬‏والتحفمظ للحضار حيث ينبغي‪ ،‬ومع الكتابة أحسُن‪ .‬‏‬

‫‪ -11‬‏والمتثال لا يراه أصلح‪ .‬‏‬

‫‪168‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫‪ -12‬‏والجتناب عمحا ينقبض به الاطر‪ .‬‏‬

‫‪ -13‬‏وعن التعرض لبعيد الناسبة‪ .‬‏‬

‫‪ -14‬‏وعن الضجر من الوالة فيمحا تعسُر جدا فإنه‪ :‬‏‬

‫ستبدي لك اليام ما كنت جاهل ** ‏ويأتيك بالخبار من ل تزمود‬

‫‪ -15‬‏ولطالب التحقيق سلخ اللفماظ التخيلة عن صورةا للشيء يطابقها جيع صفماته‬
‫ويلئمحها جيع فروعه التفمقة عليها )‪ /1‬‏‪ .(213‬‏‬

‫التصنيف‪ :‬‏‬

‫تأليف الكلم لتحريره نثرا ونظمحا‪ ،‬والراد ما ف العلوم‪ ،‬فمحا ل يتعلق بغيخه صريا فمحت‪،‬‬
‫أو تعلق متصل فشرحَّ مدمج‪ ،‬أو مفمصوال‪ ،‬بـ ))قال أقول(( ‏ونوها أو على الطفمرةا فتعليق‬
‫وحاشأية‪ ،‬ومن كل وجيزم ووسيط وبسُيط‪ ،‬وله أغراض سياقه بسُبها‪ .‬‏‬

‫‪ -1‬‏اختماع جديد‪ .‬‏‬

‫‪ -2‬‏ضبط قدي‪ .‬‏‬

‫‪ -3‬‏ترويج خامل‪ .‬‏‬

‫‪ -4‬‏جع متفمرق‪ .‬‏‬

‫‪ -5‬‏تريد عن زائد أو فاسد لفمظا أو معنم‪ .‬‏‬

‫‪ -6‬‏تتمحيم بلحق‪ ،‬كاستثناءات وقيود وأمثلة وأدلة ومسُائل ومآخذ‪ .‬‏‬

‫‪ -7‬‏إبانة حق بدءا أو نصرا أو ذبا‪ .‬‏‬

‫‪ -8‬‏إزاحة باطل بكشف شأبهة أو ضللة‪ .‬‏‬

‫‪169‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫‪ -9‬‏اشأتماك ف تفمرد‪ .‬‏‬

‫‪ -10‬‏إصلحَّ ترتيب‪ .‬‏‬

‫‪ -11‬‏تسُهيل مغلق بل أو بسُط‪ .‬‏‬

‫‪ -12‬‏انتزماع أصل من منتشر )‪ /1‬‏‪ .(214‬‏‬

‫‪ -13‬‏تفمريع شأعب لمحل‪ .‬‏‬

‫‪ -14‬‏تقيق مقام أو كتاب أو فن بمحع ماله وعليه‪ .‬‏‬

‫‪ -15‬‏تبديل نثر بنظم‪ .‬‏‬

‫‪ -16‬‏ولغة بلغة أخرى‪ ،‬ودون له والدي ‪ -‬‏رحه ال تعال ‪ -‬‏قواني التمجة‪ .‬‏‬

‫‪ -17‬‏وتتمكب كثيخا‪ .‬‏‬

‫فبعد إتقان اللغة والفمن وسليقة الياز والطناب يسُتعان فيه با مر؛ ففمي الشروحَّ‬
‫والواشأي الل بضوابط التدريس‪ ،‬وف إعانة الق بالنطق‪ ،‬وف الرد بأسئلة الناظرةا‪ ،‬وف‬
‫التوجيه بأجوبتها مع النحو والبلغة والصول‪ ،‬وف بعض بسُليقة البيان‪ ،‬وف طائفمة‬
‫بالتتبع والتبحر وأمثالا مع مزميد التحفمظ ف النقل والنقد وحسُن التقرير إياز أو بسُطا‬
‫بسُب الل وحفمظ الوضع من الذهب والنصب‪ ،‬فإن من صنف استهدف‪ .‬‏ويكون‬
‫لصوص الكتاب من القدمات مثل ما ف مقدمة العلم مع الزممان والكان والرموز‬
‫فليجمحعها ف واحدةا أو ليقدم ف الديباجة على مقدمة العلم‪ .‬‏‬

‫الطالعة‪ :‬‏‬

‫النظر ف الكتاب بفمهم الراد واللل‪ ،‬وبعد اقتناء اللغة والصطلحَّ‪ ،‬وملكة التمجة تتمحم‬
‫بأنظار ثلثة تداخلت أو تعاقبت )‪ /1‬‏‪ :(215‬‏‬

‫‪170‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫الول‪ :‬‏للحاطة بالعان الثانوية وتييزم الذكور عن التموك وبعض المحل عن بعض‬
‫والطرفي عن القيود‪ .‬‏‬

‫والثان‪ :‬‏لعرفة فوائدها والعان الولية وجديد التصرف وربط الدلة والباث فيمحا بينها‬
‫استقامة واعوجاجا با ف التدريس‪ .‬‏‬

‫والثالث‪ :‬‏للنقد بالدم والتشييد والنقد والتمصيف‪ ،‬ويفمهم العنم‪ :‬‏‬

‫‪ -1‬‏بعبارةا الكلم من لفمظه بل شأبهة قصدا‪ .‬‏‬

‫‪ -2‬‏وإشأارته كذلك ضمحنا‪ .‬‏‬

‫‪ -3‬‏وعمحومه لبيان الفمردية‪ .‬‏‬

‫‪ -4‬‏والدراج فيه لبينها بعد خفماء لكمحال أو نقصخ أو ثبوت الركن وفقد اللوازم العرفية‬
‫ونوها‪ .‬‏‬

‫‪ -5‬‏وتقديره لذوف يشهد له العرف بل روية‪ .‬‏‬

‫‪ -6‬‏وإيائه لتمجيح أحد متمحليه بقاطع‪ ،‬أو ظن كشهادةا كلم ثان له‪ ،‬أو عدم اجتمحاع‬
‫الوصاف ف غيخه وكونه أهم القاصد‪ .‬‏أو أدن مصداق أو فائدةا لوله لبطل ولغي‪ ،‬أو‬
‫قربه معنم‪ ،‬أو مزميد نفمعه‪ ،‬أو نوه‪ .‬‏‬

‫‪ -7‬‏وإشأعار من سياقه كالتقدي والتأخيخ والعدول وجواب الوهم والنطباق والذف‬


‫حيث يذكر‪ ،‬والدارةا على الوصف والتعقيب بأن ف التنزميل شأبهها‪ .‬‏‬

‫‪ -8‬‏ومقامه كالتيسُيخ والتشديد والفمخامة والقارةا والتدقيق والسُامة والهتمحام والتبعية )‬


‫‪ /1‬‏‪ .(216‬‏‬

‫‪ -9‬‏وتوزه لتعذر القيقة وقيام القرينة‪ .‬‏‬

‫‪171‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫‪ -10‬‏وكنايته لعدم وفاء الصريح بالغرض وإن صح‪ .‬‏‬

‫‪ -11‬‏وتعارفه من زيادةا لفمظ وبيانية إضافة‪ ،‬والتكثيخ بالواحد والعتبار لتكرار وعزممه‬
‫وتعمحم خاص وعكسُه وإخراج التكلم من الكلم‪ .‬‏‬

‫‪ -12‬‏وبالتزمامه باللتفمات إل ما ل ينفمك ذهنا لعلقة ذاتية‪ ،‬كاللكة لعدمها‪ ،‬وأحد‬


‫التضايفمي للخر‪ ،‬أو عادةا طبعية كالنور للكواكب والرارةا للنار‪ ،‬أو عرفية كالسُخاوةا‬
‫لات والشجاعة لرستم‪ .‬‏‬

‫‪ -13‬‏ومنافاته لوجوب ارتفماع مقابلة‪ .‬‏‬

‫‪ -14‬‏واقتضائه لا يتوقف عليه صدقة عقل أو شأرعا أو عادةا وها بينان بالعنم العم‪ .‬‏‬

‫‪ -15‬‏واستلزمامه لا يتمتب عليه ول يعرف إل بمحارسة وفكر من غيخ البي‪ .‬‏‬

‫‪ -16‬‏وفحواه فيمحا عليته مناطة وحصوله ف الفمرع بالعرف واللغة‪ .‬‏‬

‫‪ -17‬‏والقياس عليه ف مثله بالنظر‪ .‬‏‬

‫‪ -18‬‏واعتباره لجتمحاع مباد ف الذهن أورثت بسُمحاعه ما ل ينقدحَّ لغيخه )‪ /1‬‏‪ .(217‬‏‬

‫‪ -19‬‏ومفمهومه الخالف بشروطه حيث يتعي فائدةا‪ .‬‏‬

‫‪ -20‬‏وتأليفمه اقتمانيا من مقدمتي ف أثنائه مشتمكتي ف جزمء‪ ،‬واستئناثيا من شأرطية أو‬


‫فرع لصل مع اعتماف أو إنكار لحد طرفيها‪ .‬‏‬

‫‪ -21‬‏والقتصار عليه عن البي والرفق ف معرض البيان‪ .‬‏‬

‫ويل به ‪ -‬‏أي بفمهم العنم ‪ -‬‏الهل‪ :‬‏‬

‫‪ -1‬بالوضوع له‪ .‬‏‬

‫‪172‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫‪ -2‬والوضع‪ .‬‏‬
‫‪ -3‬وخواص التماكيب‪ .‬‏‬
‫‪ -4‬والرجح‪ .‬‏‬
‫‪ -5‬والصارف‪ .‬‏‬
‫‪ -6‬والقرينة‪ .‬‏‬
‫‪ -7‬ث توجه الفماسد‪ .‬‏‬
‫‪ -8‬والذف‪ .‬‏‬
‫‪ -9‬واللط‪ .‬‏‬
‫والنتشار‪ .‬‏‬ ‫‪-10‬‬

‫فبعد سكب السُليقة بالتتلمحذ يسُتعان بالفمحصخ عن معادنا والشروحَّ والواشأي وكتب‬
‫الفمن وإمعان الفمكر‪ ،‬وأعظم نفمعها ف الكتاب والسُنة‪ .‬‏‬

‫هذا ما تيسُر ل بفمضل ال وله النة‪ ،‬ومن ارتقى إل الكمحال فليزمد )‪ /1‬‏‪ (218‬‏فيه ما‬
‫شأاء‪ ،‬فإن العلوم تتزمايد بتلحق الفكار‪ ،‬وال سبحانه دائم الود مفميض السرار والمحد‬
‫ل(( ‏انتهى‪ .‬‏كلمه وهو الباب الثان من كتابه على التمحام والكمحال‪ .‬‏‬

‫وقال الشيخ‪ ،‬العلمة‪ :‬‏عليم ال بن عبد الرزاق‪ ،‬ف شأرحَّ )رسالة الطالعة( ‏ما عبارته‪ :‬‏‬

‫))واعلم أن الطالعة علم يعرف به مراد الرر بتحريره وغايته الفموز براده حقا والسُلمة‬
‫عن الطأ والتخطئة باطلا‪ .‬‏وموضوعه الرر من حيث هو‪ .‬‏فإذا أردت الشروع ف‬
‫الطالعة‪ ،‬وهو صرف الفمكر ف مبحث ليتجلى معناه فانظر وتأمل ف البحث مبتدئا من‬
‫أوله منتهيا إل آخره نظرا إجاليا‪ .‬‏‬

‫لكن ينبغي أن يكون ذلك النظر على وجه ينتقش ف ذهنك جلة العنم الراد منه‪ ،‬فإن‬
‫انتقش ف النظر الول فذاك وإل فذلك‪ ،‬إما لفماء ف اللغة‪ ،‬أو لغط‪ ،‬أو لسُهو‪ ،‬أو‬
‫لنسُيان‪ ،‬من النسُاخ بذف أو زيادةا أو قلب أو تصحيف‪ ،‬أو لتعقيد أو لقصور فيك‬

‫‪173‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫فراجع ف الول إل كتب اللغة أو إل من عنده علمحها‪ ،‬وف الثان والثالث والرابع إل‬
‫نسُخة أصح منها‪ ،‬وأما ف الخيخين فانظر نظرا ثانيا أو ثالثا فصاعدا حت ينتقش الراد‪ .‬‏‬

‫ث بعد النتقاش لحظ المور التصورية من كل قضية منه أول فأول على التمتيب بدقة‬
‫النظر ف تلك اللحظة‪ ،‬واستبصر ف كل من تلك المور هل يرد على واحد منها أمر‬
‫من المور القادحة فيها أم ل‪ ،‬والراد بالورود ههنا التوجه الذي هو أعم منه‪ ،‬وبعد‬
‫ظهور ذلك المر من القوادحَّ استبصر ثانيا هل يكن دفع ذلك المر منها أم ل‪ ،‬وبعد‬
‫ظهر الدافع ثالثا هل يكن دفع ما يدفع ذلك الدافع )‪ /1‬‏‪ (219‬‏أم ل‪ .‬‏‬

‫وهكذا إل حيث يتوطن الذهن وآية التوطن اختبار بتثنية النظر وتثليثه فصاعدا على‬
‫حسُب القام‪ ،‬وبعد الفمراغ من تلك اللحظة لحظ المور التصديقية أيضا بدقة النظر‪،‬‬
‫واستبصر ف لك منها هل يتوجه على واحد منها شأيء من الشأياء الت يقدحَّ فيها أم‬
‫ل‪ .‬‏وبعد ظهور شأيء من القوادحَّ استبصر ثانيا هل يسُوغ ويكن التقصي عنها أم ل‪.‬‬
‫وبعد ظهور التقصي عنها ثالثا هل يكن التقصي عن ذلك التقصي أم ل‪ .‬‏وهكذا إل‬
‫حيث يصل التوطن وآيته ههنا آيته هناك‪ .‬‏وبعد الفمراغ عن تينك اللحظتي ل حظ‬
‫المور القادحة الوردةا الت أوردها عليها مورد سواء كانت مررةا ف شأرحَّ أو حاشأية أول‪.‬‬

‫والغرض من هذه اللحظة أن يظهر لك هل هي متوجهة كمحا هو ف زعم الورد أم ل‪.‬‬


‫فإن ظهرت غيخ متوجهة أصل فل تلتفمت إليها إل أن يكون الورد عظيم الشأن معتقد‬
‫الكل أو الكثر‪ ،‬فهناك القصور فيك ل فيه فتوقف حينئذ واختب نظرك بتكريره مرةا بعد‬
‫أخرى‪ .‬‏ث بالطارحة مع القران‪ ،‬ث بالعرض على الشائخ والستاذين‪ ،‬فإن أزاحوا شأبهتك‬
‫فذاك وإل فالتسُليم والحالة إل وقت فتحه تعال‪ ،‬وإل فاستبصر ف دفعها هل هو‬
‫مكن أو ل‪ .‬‏وبعد ظهور الدافع يكن دفع ما يدفعه أم ل‪ .‬‏وهكذا إل حصول التوطن‪ .‬‏‬

‫فإذا نظرت ف البحث من أوله إل آخره على هذا الوجه الذكور فل يلو حالك عن‬
‫أحد هذه المور الثلثة‪ :‬‏‬

‫‪174‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫إما أن ل تكون أنت واجدا ومصيبا لشيء من القوادحَّ أصل‪ ،‬فعدم )‪ /1‬‏‪(220‬‬
‫الوجدان والصابة إما لقصور ذهنك عن إدراكه أو لعدمه لكمحال من حرره ف التحرير‬
‫بيث ل يتطرق إليه قدحَّ ول نقصخ أصل‪ ،‬أو لوقوع تريره هذا كامل‪ .‬‏‬

‫وإما أن تكون أنت واجد الشيء من الشأياء الواردةا القادحة الدفوعة الت دفعها الناس‬
‫أو أمكن دفعها‪ .‬‏‬

‫وإما أن تكون أنت واجد الشيء من الشأياء الواردةا الغيخ الدفوعة‪ .‬‏‬

‫ول قصور ف شأيء من هذه الحوال الت هي ف الورد الثلثة الذكورةا إل ف الالة‬
‫الول‪ ،‬فإن القصور فيها متمحل كمحا تقدم‪ .‬‏وإذا كانت ناشأئة من القصور وظهر لك أن‬
‫الالة الول منشؤها قصور ذهنك عن دركه فل تفمتم جدك وجهدك ف النظر والطالعة‬
‫بل استمحر واثبت على ذلك‪ ،‬فإن المحارسة لشيء واللزمة له تورث الكمحال ف ذلك‬
‫الشيء‪ .‬‏فإذا فرغت عن النظر ف البحث الول بالطريقة الهدية إليها الادية إل الق‬
‫فانظر ف البحث الثان من أوله إل آخره على الوجه الذي أريناك‪ ،‬فإن ظهر عليك أن‬
‫القصور ف نفمسُك باق بعد بأن ل تد مدعاه أو شأيئا من القوادحَّ فل تفمتم جدك‬
‫وجهدك ف النظر والطالعة بل أثبت فانظر ف البحث الثالث على ذلك الوجه‪ ،‬وهكذا‬
‫إل أن يتم الكتاب‪ .‬‏‬

‫فإن حصل لك الكمحال فذلك وإل فإعادته إل كتاب آخر فآخر إل أن يصل لكل‬
‫الكمحال‪ .‬‏وعد نفمسُك مل قابل لفميضان الكمحالت عليها‪ ،‬ول تيأس من فضل ال فإنك‬
‫أيها العاقل لسُت من الذين قد ماهم الخاطبون عن دفاترهم‪ ،‬وفضل ال على اللق‬
‫أوسع من خواطرهم‪ .‬‏وإذا وقع جدك وجهدك ف الطالعة على هذا النهج والطريق الذكور‬
‫سنة أو أكثر إل سنتي ل أظنك أن ل تتمقى بل أجزمم أن تتمقى ف الطالعة إل وجه‬
‫تقدر )‪ /1‬‏‪ (221‬‏على تييزم القبول من الحكام عن الردود منها‪ ،‬فإذا صرت مقتدرا‬
‫كامل القدرةا على ذلك الطريق بيث ل يوم حولك قصور ول خطأ ول فتور فارتق إل‬
‫حيث خلقت نوعا أو شأخصا له من الراتب العالية من الكمحالت النفمسُية الت هي‬

‫‪175‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫ليعبدون{‬
‫إل ‏ ‏‬‫الن ‏والنس ‏ ‏ ‏‬
‫خلقت ‏ ‏‬
‫وما ‏ ‏‬
‫معرفة ال تعال ذاتا وصفمة حيث قال تعال‪ :‬‏ ‏ ‏} ‏ ‏‬
‫أي ليعرفون كمحا فسُر بعضهم‪ .‬‏‬

‫قف‪ :‬‏اعلم أن الشارحَّ والشي إذا زاد على الصل شأيئا فالزمائد ل يلو إما أن يكون بثا‬
‫أو اعتماضا أو تفمصيل لا أجله أو تكمحيل لا نقصه وأهله‪ ،‬والتكمحيل إن كان مأخوذا‬
‫من كلم سابق أو لحق فإبراز وإل فاعتماض‪ ،‬فعلى الولي إما تفمسُيخ لا أبمحه‪ ،‬فإن‬
‫كان بكلمحة ))أي(( ‏أو بالبيان أو بالعطف فتفمسُيخ باللفمظ‪ ،‬وإن كان بكلمحة ))يعن(( ‏أو‬
‫ما يرادفه فتفمسُيخ بالعنم الظاهر‪ .‬‏‬

‫وصيغ العتماض مشهورةا‪ ،‬ولبعضها مل يشارك فيه الخر فيخد‪ ،‬و))ما اشأتق منه(( ‏لا ل‬
‫مدفع له بزمعم العتمض ويتوجه‪ ،‬و))الشتق منه(( ‏أعم منه‪ ،‬ونو ))إن قلت(( ‏ما هو‬
‫بصيغة العلوم شأرطا لا تقق له الواب مع قوةا ف البحث‪ ،‬ونو))إن قيل له(( ‏مع‬
‫ضعف فيه و))قد يقال(( ‏ونوه لا فيه ضعف شأديد ونوه ))لقائل(( ‏لا فيه ضعف‬
‫ضعيف ))وفيه بث(( ‏ونوه لا فيه قوةا سواء تقق الواب أول‪ ،‬وصيغة الهول ماضيا‬
‫كان أو مضارعا ول يبعد ويكن كلها صيغ التمحريض يدل على ضعف مدخولا بثا‬
‫كان أو جوابا و ))أقول(( ‏وقلت لا هو خاصة القائل‪ .‬‏‬

‫وقد اشأتهر من الستاذين أن ))ل يبعد أن(( ‏)شأرحَّ الكافية( ‏للشيخ الجل الكامل ف‬
‫الكل الشيخ عبد الرحن الامي قدس سره من خواصه‪ .‬‏وكذا )‪ /1‬‏‪ (222‬‏))قد‬
‫يقالت(( ‏)شأرحَّ الواقف( ‏للسُيد سند الكل ف الكل له خاصة‪ .‬‏واختيار صيغ التمحريض‬
‫تواضع منهمحا رفع ال تعال قدرها‪ .‬‏‬

‫وإذا قيل ))حاصله(( ‏أو))مصله(( ‏أو))تريره(( ‏أو ))تنقيحه(( ‏أو نو ذلك فذاك إشأارةا‬
‫إل قصور ف الصل واشأتمحاله على حشو وإيهام‪ .‬‏وتراهم يقولون فيم قام إقامة شأيء‬
‫مقام آخر مرةا ))نزمل منزملته(( ‏وأخرى ))أنيب منابه(( ‏وأخرى ))أقيم مقامه(( ‏فالول ف‬
‫إقامة العلى مقام الدن‪ ،‬والثان بالعكس‪ ،‬والثالث ف السُاواةا‪ ،‬وإذا رأيت واحدا منها‬

‫‪176‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫مكان الخر فهناك نكتة‪ ،‬وإنا اختاروا ف الول التفمعيل وف الخيخين الفعال‪ ،‬لن‬
‫تنزميل العلى مكان الدن يوج إل العلج والتدريج‪ .‬‏‬

‫وربا يتم البحث بنحو ))تأمل(( ‏فهو إشأارةا إل دقة القام مرةا وإل خدشأة فيه أخرى‬
‫سواء كان بـ ))فيه(( ‏أو بدونا‪ ،‬إل ف مصنفمات العلمة مولنا جلل الدين الدوان نور‬
‫ال مرقده فإنه بـ))فيه(( ‏إشأارةا إل الثان‪ ،‬وبدونا إل الول‪ .‬‏وهذا اصطلحَّ جديد له‬
‫على ما نقله عنه بعض تلمذته متصخ با غيخ متجاوز عنها(( ‏انتهى‪ .‬‏ملخصا‪ .‬‏‬

‫أدب البحث‪ :‬‏‬

‫هو علم يوصل به إل كيفمية الحتماز عن الطأ ف )‪ /1‬‏‪ (223‬‏الناظرةا‪ .‬‏وموضوعه‬


‫الناظرةا‪ ،‬إذ يبحث فيه عن أحوالا وكيفمياتا‪ ،‬وأوردنا ههنا ما هو الطلب العلى‬
‫والهتمحام بشأنه هو القصد القصى فنقول‪ :‬‏‬

‫ل بد أن يعلم أول أن العلل ما دام ف تقرير القوال والذاهب‪ ،‬وترير الباحث ل يتجه‬
‫عليه‪ ،‬ول يطلب منه شأيء سوى تصحيح النقل وتصريح أن فلنا قال كذا ف كذا إن‬
‫طولب به‪ ،‬فإذا شأرع ف إقامة الدليل على ما ادعاه يتجه عليه طريق الناظرةا‪ .‬‏‬

‫قف‪ :‬‏اعلم أن كلم الناظرين إما أن يقع ف التعريفمات أو ف السُائل‪ ،‬فإن وقع ف‬
‫التعريفمات فللسُائل طلب الشرائط وإيراد النقض بوجود أحدها بدون الخر ول يرد عليه‬
‫النع لنه طلب الدليل‪ ،‬والدليل على التصديق إل أن يدعي الصم حكمحا صريا بان‬
‫يقول هذا مفمهومه لغة أو عرفا أو اصطلحا أو ضمحنا‪ .‬‏فللسُائل أن ينع وللمحعلل ‪ -‬‏أي‬
‫اليب ‪ -‬‏أن ييب والواب عن التعريف السي سهل حاصله يرجع إل الصطلحَّ وإل‬
‫أن يقول العلل‪ :‬‏‬

‫))إن مرادي بذا اللفمظ هذا العنم(( ‏وعن التعريف القيقي‪ ،‬أعن تعريف الاهيات‬
‫الوجودةا ف الارج‪ ،‬صعب إذ ل مدخل فيه للصطلحَّ‪ ،‬بل يب فيه العلم بالذاتيات‬
‫بالذاتيان والعوارض‪ ،‬والتفمرقة بينهمحا بان يفمرق بي النس والعرض العام والفمصل والاصة‪،‬‬

‫‪177‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وهذا متعسُر جدا ف التعريف بل متعذر‪ ،‬وكذا ل نرد عليه )‪ /1‬‏‪ (224‬‏الناقضة فإنا‬
‫هي طلب الدليل الدال على نقيض الدعي‪ ،‬والدليل منتف هنا وإن وقع ف السُائل‪ ،‬فإذا‬
‫شأرع العلل ف إقامة الدليل فالصم إن منع مقدمة معينة من مقدماته أو كليهمحا على‬
‫التعيني فذاك يسُمحى مناقضة ونقضا تفمصيليا فل يتاج فيه إل شأاهد‪ .‬‏‬

‫وإن ذكر شأيئا ما يتقوى به النع يسُمحى سندا‪ ،‬فإن ل يذكره ل يزم العتماض عليه إل‬
‫إذا ادعى مسُاواته النع‪ ،‬لن السُند ملزموم لثبوت النع‪ ،‬وانتفماء اللزموم ل يسُتلزمم انتفماء‬
‫اللزم لكن على تقدير السُاواةا يكن انتفماؤره‪ ،‬وأكثر ما يسُتند إليه يذكر مسُاويا فلذا‬
‫شأاع الكلم عليه‪ .‬‏‬

‫وإن منع مقدمة غيخ معينة بان يقول‪ :‬‏ليس هذا الدليل بمحيع مقدماته صحيحا‪ ،‬بعنم أن‬
‫فيها خلل‪ ،‬فذلك يسُمحى نقضا إجاليا ول يسُمحع إل أن يذكر الشاهد على اللل‪ ،‬وإن‬
‫ل ينع شأيئا من القدمات ل إجال ول تفمصيل بل قابل بدليل دال على نقيض مدعاه‬
‫يسُمحى معارضة ويصيخ السُائل معلل وبالعكس‪ .‬‏‬

‫واعلم أن السُؤال التعلق بالفهام يسُمحى الستفمسُار‪ ،‬وهو طلب بيان معنم اللفمظ ف‬
‫الغلب‪ ،‬وإنا يسُمحع إذا كان ف اللفمظ إجال أو غرابة‪ ،‬وكذلك كل ما يكن فيه‬
‫الستبهام حسُن فيه الستفمهام‪ ،‬وإل فهو لاج وتعنت‪ ،‬ولفمائدةا الناظرةا مفموت إذ يأت‬
‫ف كل لفمظ تفمسُيخ فيتسُلسُل‪ ،‬والواب عن الستفمهام ببيان ظهوره ف مقصوده إما‬
‫بالنقل عن أهل اللغة‪ ،‬أو بالعرف العام‪ ،‬أو الاص‪ ،‬أو بالقرائن الضمحومة‪ ،‬وإن عجزم عن‬
‫ذلك كله فالتفمسُيخ با يصح لغة‪ ،‬وإل يكون من جنس اللعب فيخرج عمحا وضعت له‬
‫الناظرةا وإظهار الق‪ .‬‏‬

‫وهذا الستفمهام يرد على تقرير الدعي وعلى جيع القدمات وعلى جيع الدلة فل سؤال‬
‫أعم منه )‪ /1‬‏‪ .(225‬‏‬

‫‪178‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫تنبيه‪ :‬‏من الواجب على العلل أن ل يسُتعجل بالواب بل يطلب منه توجيه النع‬
‫وتقيقه‪ ،‬إذ ربا ل يتمحكن الانع توجيهه أو يظهر فسُاده أو يتذكر جوابه‪ ،‬فإذا أجيب‬
‫فعلى الانع أو ل يسُتعجل بل ويطلب توجيه الواب وتفمصيله‪ ،‬إذ ربا ل يقدر عليه أن‬
‫يكون غلطا‪ .‬‏‬

‫وما يب على التناظرين أن يتكلمحا ف كل علم با هو حده ووظيفمته‪ ،‬فل يتكلمحا ف‬


‫اليقين بوظائف الظن‪ ،‬وبالعكس )‪ /1‬‏‪ .(226‬‏‬

‫الباب الرابع في فوائد منثورة من أبواب العلم‬

‫وفيه مناظر وفتوحات‬

‫ ‏المنظر الوأل في العلوم السلمية‬

‫اعلم أن العلوم الواقعة ف العمحران لذا العهد‪ ،‬الت يوض فيها البشر‪ ،‬ويتداولونا فيمحا‬
‫بينهم تصيل وتعليمحا‪ ،‬هي على صنفمي‪ :‬‏‬

‫صنف طبيعي‪ :‬‏للنسُان يهتدي إليه بفمكره؛ وصنف نقلي‪ :‬‏يأخذه عمحن وضعه‪ .‬‏‬

‫والول‪ :‬‏هي العلوم الكمحية الفملسُفمية‪ ،‬وهي الت يكن أن يقف عليها النسُان بطبيعة‬
‫فكره‪ ،‬ويهتدي بداركه البشرية إل موضوعاتا‪ ،‬ومسُائلها‪ ،‬وأناء براهينها‪ ،‬ووجوه تعليمحها‪،‬‬
‫حت يقفمه نظره وبثه على الصواب من الطأ فيها‪ ،‬من حيث هو إنسُان ذو فكر‪ .‬‏‬

‫والثان‪ :‬‏هي العلوم النقلية الوضعية‪ ،‬وهي كلها مسُتندةا إل الب عن الواضع الشرعي‪ ،‬ول‬
‫مال فيها للعقل‪ ،‬إل ف إلاق الفمروع من مسُائلها بالصول‪ ،‬لن الزمئيات الادثة‬
‫التعاقبة‪ ،‬ل تندرج تت النقل الكلي بجرد وضعه‪ ،‬فتحتاج إل اللاق بوجه قياسي‪ ،‬إل‬
‫أن هذا القياس يتفمرع عن الب بثبوت الكم ف الصل‪ ،‬وهو نقلي‪ ،‬فرجع هذا القياس‬
‫إل النقل‪ ،‬لتفمرعه عنه‪ .‬‏)‪ /1‬‏‪ (227‬‏‬

‫‪179‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وأصل هذه العلوم النقلية كلها هي‪ :‬‏الشرعيات من الكتاب والسُنة‪ ،‬الت هي مشروعة لنا‬
‫من ال ورسوله‪ ،‬وما يتعلق بذلك من العلوم الت نيئها للفادةا‪ ،‬ث يسُتتبع ذلك علوم‬
‫اللسُان العرب‪ ،‬الذي هو لسُان اللكة وبه نزمل القرآن‪ .‬‏‬

‫وأصناف هذه العلوم النقلية كثيخةا‪ ،‬لن الكلف يب عليه أن يعرف أحكام ال تعال‬
‫الفمروضة عليه‪ ،‬وعلى أبناء جنسُه‪ ،‬وهي مأخوذةا من الكتاب والسُنة بالنصخ‪ ،‬أو‬
‫بالجاع‪ ،‬أو باللاق‪ ،‬فل بد من النظر ف الكتاب‪ ،‬ببيان ألفماظه أول‪ ،‬وهذا هو‪ :‬‏علم‬
‫التفمسُيخ‪ ،‬ث بإسناد نقله وروايته إل النب ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ ،-‬الذي جاء به من‬
‫عند ال‪ ،‬واختلف روايات القراء ف قراءته‪ ،‬وهذا هو‪ :‬‏علم القراءات‪ ،‬ث بإسناد السُنة‬
‫إل صاحبها‪ ،‬والكلم ف الرواةا الناقلي لا‪ ،‬ومعرفة أحوالم وعدالتهم‪ ،‬ليقع الوثوق‬
‫بأخبارهم‪ ،‬بعلم ما يب العمحل بقتضاه من ذلك‪ ،‬وهذه هي‪ :‬‏علوم الديث‪ ،‬ث ل بد‬
‫ف استنباطر هذه الحكام من أصولا من وجه قانون‪ ،‬يفميد العلم بكيفمية هذا الستنباطر‪،‬‬
‫وهذا هو‪ :‬‏أصول الفمقه‪ ،‬وبعد هذا تصل الثمحرةا بعرفة أحكام ال تعال ف أفعال‬
‫الكلفمي‪ ،‬وهذا هو‪ :‬‏الفمقه‪ ،‬ث إن التكاليف منها‪ :‬‏بدن‪ ،‬ومنها‪ :‬‏قلب‪ ،‬وهو الختصخ‬
‫باليان‪ ،‬وما يب أن يعتقد‪ ،‬وما ل يعتقد‪ ،‬وهذه هي‪ :‬‏العقائد اليانية ف الذات‪،‬‬
‫والصفمات‪ ،‬وأمور الشر‪ ،‬والنعيم‪ ،‬والعذاب‪ ،‬والقدر‪ ،‬والجاج عن هذه بالدلة العقلية‬
‫هو‪ :‬‏علم الكلم‪ ،‬ث النظر ف القرآن والديث ل بد أن تتقدمه العلوم اللسُانية‪ ،‬لنه‬
‫متوقف عليها‪ ،‬وهي أصناف‪ ،‬فمحنها‪ :‬‏علم اللغة‪ ،‬وعلم النحو‪ ،‬وعلم البيان‪ ،‬وعلم‬
‫الدب‪ ،‬حسُبمحا نتكلم عليها كلها‪ .‬‏‬

‫وهذه العلوم النقلية كلها متصة باللة السلمية وأهلها‪ ،‬وإن كانت )‪ /1‬‏‪ (228‬‏كل ملة‬
‫على المحلة ل بد فيها من مثل ذلك‪ ،‬فهي مشاركة لا ف النس البعيد‪ ،‬من حيث إنا‬
‫علوم الشريعة النزملة من عند ال تعال‪ ،‬على صاحب الشريعة البلغ لا‪ ،‬وأما على‬
‫الصوص‪ :‬‏فمحباينة لمحيع اللل‪ ،‬لنا ناسخة لا‪ ،‬وكل ما قبلها من علوم اللل فمحهجورةا‪،‬‬
‫والنظر فيها مظور‪ ،‬فقد نى الشرع عن النظر ف الكتب النزملة غيخ القرآن‪ .‬‏‬

‫‪180‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫قال ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ :-‬‏)ل تصدقوا أهل الكتاب‪ ،‬ول تكذبوهم‪ ،‬وقولوا آمنا‬
‫بالذي أنزمل إلينا‪ ،‬وأنزمل إليكم‪ ،‬وإلنا وإلكم واحد(‪ .‬‏‬

‫ورأى النب ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ -‬‏ف يد عمحر ‪ -‬‏رضي ال عنه ‪ -‬‏ورقة من التوراةا‪،‬‬
‫فغضب حت تبلي الغضب ف وجهه‪ ،‬ث قال‪ :‬‏)أل آتكم با بيضاء نقية‪ ،‬وال لو كان‬
‫موسى حيا ما وسعه إل اتباعي(‪ .‬‏‬

‫ث إن هذه العلوم الشرعية النقلية‪ ،‬قد نفمقت أسواقها ف هذه اللة‪ ،‬با ل مزميد عليه‪،‬‬
‫وانتهت فيها مدارك الناظرين‪ ،‬إل الغاية الت ل فوقها‪ ،‬وهذبت الصطلحات‪ ،‬ورتبت‬
‫الفمنون‪ ،‬فجاءت من وراء الغاية ف السُن والتنمحيق‪ .‬‏‬

‫وكان لكل فن رجال يرجع إليهم فيه‪ ،‬وأوضاع يسُتفماد منها التعليم‪ ،‬واختصخ الشرق من‬
‫ذلك والغرب با هو مشهور منها‪ ،‬وقد كسُدت لذا العهد أسواق العلم بالغرب‪،‬‬
‫لتناقصخ العمحران فيه‪ ،‬وانقطاع سند العلم والتعليم‪ ،‬وما أدري ما فعل ال بالشرق؟ والظن‬
‫به نفماق العلم فيه‪ ،‬واتصال التعليم ف العلوم‪ ،‬وف سائر الصنائع الضرورية والكمحالية‪،‬‬
‫لكثرةا عمحرانه‪ ،‬والضارةا‪ ،‬ووجود العانة لطالب العلم بالراية من الوقاف‪ ،‬الت اتسُعت‬
‫با أرزاقهم‪ - ،‬‏وال سبحانه وتعال هو الفمعال لا يريد‪ ،‬وبيده التوفيق والعانة ‪ .-‬‏)‪/1‬‬
‫‪ (229‬‏‬

‫ ‏المنظر الثاني في أن حملة العلم في السلم أكثرهم العجم‬

‫وذلك من الغريب الواقع‪ ،‬لن علمحاء اللة السلمية ف العلوم الشرعية والعقلية‪ ،‬أكثرهم‬
‫العجم‪ ،‬إل ف القليل النادر‪ ،‬وإن كان منهم العرب ف نسُبته‪ ،‬فهو عجمحي ف لغته‪،‬‬
‫ومرباه‪ ،‬ومشيخته؛ مع أن اللة عربية‪ ،‬وصاحب شأريعتها عرب؛ والسُبب ف ذلك‪ :‬‏أن اللة‬
‫ف أولا ل يكن فيها علم ول صناعة‪ ،‬لقتضى أحوال السُذاجة والبداوةا‪ ،‬وإنا أحكام‬
‫الشريعة ‪ -‬‏الت هي‪ :‬‏أوامر ال ونواهيه ‪ -‬‏كان الرجال ينقلونا ف صدورهم‪ ،‬وقد عرفوا‬
‫مأخذها من الكتاب والسُنة‪ ،‬با تلقوه من صاحب الشرع وأصحابه‪ ،‬والقوم يومئذ عرب‪،‬‬

‫‪181‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫ل يعرفوا أمر التعليم‪ ،‬والتأليف‪ ،‬والتدوين‪ ،‬ول دفعوا إليه‪ ،‬ول دعتهم إليه حاجة‪ ،‬وجرى‬
‫المر على ذلك زمن الصحابة والتابعي‪ ،‬وكانوا سيسُممحون الختصي بمحل ذلك ونقله‪:‬‬
‫)السقلراء(‪ :‬‏أي الذين يقرؤرون الكتاب‪ ،‬وليسُوا أميي‪ ،‬لن المية يومئذ صفمة عامة ف‬
‫الصحابة‪ ،‬با كانوا عربا‪ ،‬فقيل لمحلة القرآن يومئذ‪ :‬‏)قسـلراء( ‏إشأارةا إل هذا‪ ،‬فهم قراء‬
‫لكتاب ال‪ ،‬والسُنة الأثورةا عن رسول ال‪ ،‬لنم ل يعرفوا الحكام الشرعية إل منه ومن‬
‫الديث‪ ،‬الذي هو ف غالب موارده تفمسُيخ له وشأرحَّ‪ .‬‏‬

‫قال ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ :-‬‏)تركت فيكم أمرين‪ ،‬لن تضلوا ما تسُكتم بمحا‪ :‬‏كتاب‬
‫ال‪ ،‬وسنت(‪ .‬‏‬

‫فلمحا بعد النقل ‪ -‬‏من لدن دولة الرشأيد فمحا بعد ‪ -‬‏احتيج إل وضع التفماسيخ القرآنية‪،‬‬
‫وتقييد الديث مافة ضياعه؛ ث احتيج إل معرفة السانيد‪ ،‬وتعديل الناقلي‪ ،‬للتمحييزم بي‬
‫الصحيح من السانيد وما دونه؛ ث كثر استخراج أحكام الواقعات من الكتاب والسُنة‪،‬‬
‫وفسُد مع ذلك اللسُان‪ ،‬فاحتيج )‪ /1‬‏‪ (230‬‏إل وضع القواني النحوية‪ ،‬وصارت العلوم‬
‫الشرعية كلها ملكات ف‪ :‬‏الستنباطات‪ ،‬والستخراج‪ ،‬والتنظيخ‪ ،‬والقياس؛ واحتاجت إل‬
‫علوم أخرى‪ ،‬وهي وسائل لا من‪ :‬‏معرفة قواني العربية‪ ،‬وقواني ذلك الستنباطر والقياس‪،‬‬
‫ب عن العقائد اليانية بالدلة‪ ،‬لكثرةا البدع واللاد‪ ،‬فصارت هذه العلوم كلها‬ ‫والذ ب‬
‫علوما ذات ملكات‪ ،‬متاجة إل التعليم‪ ،‬فاندرجت ف جلة الصنائع‪ .‬‏‬

‫وقد كنا قدمنا أن الصنائع من منتحل الضر‪ ،‬وأن العرب أبعد الناس عنها‪ ،‬فصارت‬
‫العلوم لذلك حضرية‪ ،‬وبعد عنها العرب وعن سوقها‪ .‬‏‬

‫والضر لذلك العهد هم‪ :‬‏العجم‪ ،‬أو من ف معناهم من الوال‪ ،‬وأهل الواضر‪ ،‬الذين‬
‫هم يومئذ تبع للعجم ف الضارةا وأحوالا من‪ :‬‏الصنائع والرف‪ ،‬لنم أقوم على ذلك‪،‬‬
‫للحضارةا الراسخة فيهم منذ دولة الفمرس؛ فكان صاحب صناعة النحو‪ :‬‏سيبويه‪ ،‬والفمارسي‬
‫من بعده‪ ،‬والزمجاج من بعدها‪ ،‬وكلهم عجم ف أنسُابم‪ ،‬وإنا ربوا ف اللسُان العرب‪،‬‬
‫فاكتسُبوه بالرب‪ ،‬ومالطة العرب‪ ،‬وصيخوه قواني وفنا لن بعدهم؛ وكذا حلة الديث‬

‫‪182‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫الذين حفمظوه عن أهل السلم‪ ،‬أكثرهم عجم‪ ،‬أو مسُتعجمحون باللغة والرب؛ وكان‬
‫علمحاء أصول الفمقه كلهم عجمحا ‪ -‬‏كمحا يعرف ‪-‬؛ وكذا حلة علم الكلم؛ وكذا أكثر‬
‫الفمسُرين؛ ول يقم بفمظ العلم وتدوينه إل العاجم‪ .‬‏‬

‫وظهر مصداق قوله ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ :-‬‏)لو تعلق العلم بأكناف السُمحاء‪ ،‬لناله‬
‫قوم من أهل فارس(‪ .‬‏وأما العرب الذين أدركوا هذه الضارةا وسوقها‪ ،‬وخرجوا إليها عن‬
‫البداوةا‪ ،‬فشغلتهم الرياسة ف الدولة العباسية‪ ،‬وما دفعوا إليه من القيام باللك‪ ،‬عن القيام‬
‫بالعلم والنظر فيه؛ فإنم كانوا أهل الدولة‪ ،‬وحاميتها‪ /1) ،‬‏‪ (231‬‏وأول سياستها‪ ،‬مع ما‬
‫يلحقهم من النفمة عن انتحال العلم حينئذ با صار من جلة الصنائع؛ والرؤرساء ‪ -‬‏أبدا‬
‫‪ -‬‏يسُتنكفمون عن الصنائع‪ ،‬والهن‪ ،‬وما ير إليها‪ ،‬ودفعوا ذلك إل من قام به من العجم‬
‫والولدين؛ وما زالوا يرون لم حق القيام به‪ ،‬فإنه دينهم‪ ،‬وعلومهم‪ ،‬ول يتقرون حلتها‬
‫كل الحتقار؛ حت إذا خرج المر من العرب جلة وصار للعجم‪ ،‬صارت العلوم الشرعية‬
‫غريبة النسُبة عند أهل اللك‪ ،‬با هم عليه من البعد عن نسُبتها‪ ،‬وامتهن حلتها با يرون‬
‫أنم بعداء عنهم‪ ،‬مشتغلي با ل يغن ول يدي عنهم ف‪ :‬‏اللك‪ ،‬والسُياسة؛ وهذا الذي‬
‫قررناه‪ :‬‏هو السُبب ف أن حلة الشريعة أو عامتهم من العجم‪ .‬‏‬

‫وأما العلوم العقلية أيضا‪ :‬‏فلم تظهر ف اللة‪ ،‬إل بعد أن تيزم حلة العلم ومؤلفموه‪ ،‬واستقر‬
‫العلم كله صناعة‪ ،‬فاختصت بالعجم‪ ،‬وتركتها العرب‪ ،‬وانصرفوا عن انتحالا‪ ،‬فلم يمحلها‬
‫إل العربون من العجم ‪ -‬‏شأأن الصنائع‪ ،‬كمحا قلناه أول ‪-‬؛ فلم يزمل ذلك ف المصار‪،‬‬
‫ما دامت الضارةا ف العجم وبلدهم من‪ :‬‏العراق‪ ،‬وخراسان‪ ،‬وما وراء النهر؛ فلمحا خربت‬
‫تلك المصار‪ ،‬وذهبت منها الضارةا‪ ،‬الت هي سر ال ف حصول العلم والصنائع‪،‬‬
‫ذهب العلم من العجم جلة‪ ،‬لا شلهم من البداوةا‪ ،‬واختصخ العلم بالمصار الوفورةا‬
‫الضارةا؛ ول أوفر اليوم ف الضارةا من مصر‪ ،‬فهي‪ :‬‏أم العال‪ ،‬وإيوان السلم‪ ،‬وينبوع‬
‫العلم والصنائع؛ وبقي بعض الضارةا فيمحا وراء النهر‪ ،‬لا هناك من الضارةا بالدولة الت‬
‫فيها‪ ،‬فلهم بذلك حصة من العلوم والصنائع ل تنكر‪ .‬‏‬

‫‪183‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وقد دلنا على ذلك‪ :‬‏كلم بعض علمحائهم ف تآليف وصلت إلينا من هذه البلد‪ ،‬وهو‪:‬‬
‫سعد الدين التفمتازان؛ وأما غيخه )‪ /1‬‏‪ (232‬‏من العجم فلم نر لم من بعد المام‪ :‬‏ابن‬
‫الطيب‪ ،‬ونصيخ الدين الطوسي‪ ،‬كلما يعول على نايته ف الصابة؛ ‪ -‬‏فاعتب ذلك‬
‫وتأمله‪ ،‬تر عجبا ف أحوال الليقة؛ وال يلق ما يشاء‪ ،‬ل إله إل هو‪ ،‬وحده ل شأريك‬
‫له‪ ،‬له اللك وله المحد‪ ،‬وهو على كل شأيء قدير‪ ،‬وحسُبنا ال‪ ،‬ونعم الوكيل‪ ،‬والمحد‬
‫ل ‪ .-‬‏‬

‫ ‏المنظر الثالث في علوم اللسان العربي‬

‫أركانه أربعة‪ :‬‏وهي اللغة‪ ،‬والنحو‪ ،‬والبيان‪ ،‬والدب؛ ومعرفتها ضرورية على أهل الشريعة‪،‬‬
‫إذ مأخذ الحكام الشرعية كلها من الكتاب والسُنة‪ ،‬وهي بلغة العرب‪ ،‬ونقلتها من‬
‫الصحابة والتابعي عرب‪ ،‬وشأرحَّ مشكلتا من لغاتم‪ ،‬فل بد من معرفة العلوم التعلقة‬
‫بذا اللسُان لن أراد علم الشريعة‪ ،‬وتتفماوت ف التأكيد بتفماوت مراتبها ف التوفية بقصود‬
‫الكلم‪ ،‬حسُبمحا يتبي ف الكلم عليها فنا فنا‪ .‬‏‬

‫والذي يتحصل‪ :‬‏أن الهم القلدم منها هو‪ :‬‏النحو‪ ،‬إذ به يتبي أصول القاصد بالدللة‪،‬‬
‫فيعرف الفماعل من الفمعول‪ ،‬والبتدأ من الب‪ ،‬ولوله لهل أصل الفادةا‪ .‬‏‬

‫وكان من حق علم اللغة التقدم‪ ،‬لول أن أكثر الوضاع باقية ف موضوعاتا ل تتغيخ‪،‬‬
‫بلف العراب الدال )‪ /1‬‏‪ (233‬‏على السناد‪ ،‬والسُند‪ ،‬والسُند إليه‪ ،‬فإنه تغيخ‬
‫بالمحلة‪ ،‬ول يبق له أثر‪ .‬‏‬

‫فلذلك كان علم النحو أهم من اللغة‪ ،‬إذ ف جهله الخلل بالتفماهم جلة‪ ،‬وليسُت‬
‫كذلك اللغة‪ - ،‬‏وال سبحانه وتعال أعلم‪ ،‬وبه التوفيق ‪ .-‬‏‬

‫وقد قدمنا أن العلم من جلة الصنائع‪ ،‬لكنه أشأرفها‪ ،‬فل نعيد الكلم على ذلك‪ ،‬حذرا‬
‫من الطالة‪ .‬‏‬

‫‪184‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫ ‏المنظر الرابع في أن الرحلة في طلب العلوم‬

‫ولقاء الشيخة مزميد كمحال ف التعلم‬

‫والسُبب ف ذلك‪ :‬‏أن البشر يأخذون معارفهم‪ ،‬وأخلقهم‪ ،‬وما ينتحلون به من الذاهب‬
‫والفمضائل‪ ،‬تاراةا‪ :‬‏علمحا‪ ،‬وتعليمحا‪ ،‬وإلقاء؛ وتارةا‪ :‬‏ماكاةا وتلقينا بالباشأرةا؛ إل أن حصول‬
‫اللكات عن الباشأرةا والتلقي أشأد استحكاما‪ ،‬وأقوى رسوخا‪ ،‬فعلى قدر كثرةا الشيوخ‬
‫يكون حصول اللكات ورسوخها‪ .‬‏‬

‫والصطلحات أيضا ف تعليم العلوم ملطة على التعلم‪ ،‬حت لقد يظن كثيخ منهم أنا‬
‫جزمء من العلم‪ ،‬ول يدفع عنه ذلك إل مباشأرته‪ ،‬لختلف الطرق فيها من العلمحي‪ .‬‏‬

‫فلقاء أهل العلوم‪ ،‬وتعدد الشائخ‪ ،‬يفميده تييزم الصطلحات با يراه من اختلف طرقهم‬
‫فيها‪ ،‬فيجرد العلم عنها‪ ،‬ويعلم أنا أناء تعليم‪ ،‬وطرق توصيل‪ ،‬وتنهض قواه إل الرسوخ‬
‫والستحكام ف اللكات‪ ،‬ويصحح معارفه‪ ،‬وييزمها عن سواها‪ ،‬مع تقوية ملكته بالباشأرةا‬
‫والتلقي‪ ،‬وكثرتمحا من الشيخة‪ ،‬عند تعددهم وتنوعهم‪ .‬‏‬

‫وهذا لن يسُر ال تعال عليه طرق العلم والداية‪ ،‬فالرحلة ل بد منها ف طلب العلم‪،‬‬
‫لكتسُاب الفموائد والكمحال‪ ،‬بلقاء الشائخ‪ ،‬ومباشأرةا الرجال؛ )‪ /1‬‏‪ (234‬‏‪ -‬‏ ‏ ‏} ‏وال ‏ يهدي‬
‫مسُتقيم{‪ ،‬ويرشأده إل طريق سوي‪ ،‬ودين قوي ‪ .-‬‏ ‏ ‏‬
‫إل ‏صراطر ‏ ‏ ‏‬
‫يشاء ‏ ‏‬
‫من ‏ ‏‬
‫ ‏ ‏‬

‫المنظر الخامس في أن العلماء ‪ -‬‏من بين البشر ‪ -‬‏أبعد عن السياسة وأمذاهبها‬

‫والسُبب ف ذلك‪ :‬‏أنم معتادون النظر الفمكري‪ ،‬والغوص على العان‪ ،‬وانتزماعها من‬
‫السُوسات‪ ،‬وتريدها ف الذهن أمورا كلية عامة‪ ،‬ليحكم عليها بأمر العمحوم‪ ،‬ل‬
‫بصوص مادةا‪ ،‬ول شأخصخ‪ ،‬ول جيل‪ ،‬ول أمة‪ ،‬ول صنف من الناس؛ ويطبقون من بعد‬
‫ذلك الكلي على الارجيات‪ ،‬وأيضا يقيسُون المور على أشأباهها وأمثالا‪ ،‬با اعتادوه‬
‫من القياس الفمقهي‪ .‬‏‬

‫‪185‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫فل تزمال أحكامهم وأنظارهم كلها ف الذهن‪ ،‬ول تصيخ إل الطابقة‪ ،‬إل بعد الفمراغ من‬
‫البحث والنظر‪ ،‬ول تصيخ بالمحلة إل مطابقة‪ ،‬وإنا يتفمرع ما ف الارج عمحا ف الذهن‬
‫من ذلك‪ :‬‏كالحكام الشرعية‪ ،‬فإنا فروع عمحا ف الفموظ من أدلة الكتاب والسُنة‪،‬‬
‫ب مطابقة ما ف الارج لا‪ ،‬عكس النظار ف العلوم العقلية‪ ،‬الت تطلب ف‬ ‫فـتسططلف س‬
‫صحتها مطابقتها لا ف الارج‪ .‬‏‬

‫فهم متعودون ف سائر أنظارهم المور الذهنية‪ ،‬والنظار الفمكرية‪ ،‬ل يعرفون سواها‪،‬‬
‫والسُياسة يتاج صاحبها إل مراعاةا ما ف الارج‪ ،‬وما يلحقها من الحوال ويتبعها‪ ،‬فإنا‬
‫خفمية؛ ولعل أن يكون فيها ما ينع من إلاقها بشبه أو مثال‪ ،‬ويناف الكلي الذي ياول‬
‫تطبيقه عليها‪ .‬‏‬

‫ول يقاس شأيء من أحوال العمحران على الخر‪ ،‬إذ كمحا اشأتبها ف أمر واحد‪ ،‬فلعلهمحا‬
‫اختلفما ف أمور‪ ،‬فتكون العلمحاء ‪ -‬‏لجل ما تعودوه من تعمحيم الحكام‪ ،‬وقياس المور‬
‫بعضها على بعض ‪ -‬‏إذا نظروا ف السُياسة‪ ،‬أفرغوا )‪ /1‬‏‪ (235‬‏ذلك ف قالب أنظارهم‪،‬‬
‫ونوع استدللتم‪ ،‬فيقعون ف الغلط كثيخا‪ ،‬ول سيؤمن عليهم؛ ويلحق بم أهل الذكاء‬
‫والكيس‪ ،‬من أهل العمحران‪ ،‬لنم ينزمعون بثقوب أذهانم إل مثل شأأن الفمقهاء‪ ،‬من‬
‫الغوص على العان‪ ،‬والقياس‪ ،‬والاكاةا‪ ،‬فيقعون ف الغلط‪ .‬‏‬

‫صولر فلطكره عن ذلك‪ ،‬وعدم اعتياده إياه‪،‬‬ ‫ل‬


‫والعابمي‪ ،‬السُليم الطبع‪ ،‬التوسط الكيس‪ ،‬لسق س‬
‫يقتصر لكل مادةا على حكمحها‪ ،‬وف كل صنف من الحوال والشأخاص على ما‬
‫اختصخ به‪ ،‬ول يعدي الكم بقياس ول تعمحيم‪ ،‬ول يفمارق ف أكثر نظره الواد السُوسة‪،‬‬
‫ول ياوزها ف ذهنه‪ ،‬كالسُابح‪ :‬‏ل يفمارق الب عند الوج؛ قال الشاعر‪ :‬‏‬

‫فل تتوغغ لنن إذا ما سبحح ل‬


‫ت ‪ ...‬‏فإن السلمة في الساحغل‬

‫فيكون مأمونا من النظر ف سياسته‪ ،‬مسُتقيم النظر ف معاملة أبناء جنسُه‪ ،‬فيحسُن‬
‫عليم{‪ .‬‏‬
‫كل ‏ذي ‏ ‏علم ‏ ‏ ‏‬
‫وفوق ‏ ‏‬
‫معاشأه‪ ،‬وتندفع آفاته ومضاره‪ ،‬باستقامة نظره؛ ‪ -‬‏ ‏ ‏} ‏ ‏‬

‫‪186‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫ومن هنا‪ :‬‏يتبي أن صناعة النطق غيخ مأمونة الغلط‪ ،‬لكثرةا ما فيها من النتزماع‪ ،‬وبـسطعدها‬
‫عن السُوس‪ ،‬فإنا تنظر ف العقولت الثوان‪ .‬‏‬

‫ولعل الواد فيها ما يانع تلك الكام وينافيها‪ ،‬عند مراعاةا التطبيق اليقين؛ وأما النظر ف‬
‫العقولت السفول ‪ -‬‏وهي الت تريدها قريب ‪ -‬‏فليس كذلك‪ ،‬لنا خيالية؛ وصور‬
‫السُوسات حافظة سمطؤذنة بتصديق انطباقه؛ ‪ -‬‏وال سبحانه وتعال أعلم‪ ،‬وبه التوفيق‪ .‬‏‬

‫ ‏المنظر السادس في موانع العلوم وأعوائقها‬

‫وفيه فتوحات‪ :‬‏)‪ /1‬‏‪ (236‬‏‬

‫فتح‪ :‬‏‬

‫اعلم أنه على كل خيخ مانع؛ وعلى العلم موانع‪ ،‬منها‪ :‬‏الوثوق بالسُتقبل‪ ،‬والوثوق‬
‫صل منه قدرا يعتد به‪ ،‬أو من كتاب إل‬ ‫بالذكاء‪ ،‬والنتقال من علم إل علم‪ ،‬قبل أن ي ن‬
‫كتاب قبل ختمحه‪ .‬‏‬

‫ومنها‪ :‬‏طلب الال‪ ،‬أو الاه‪ ،‬أو الركون إل اللذات البهيمحية‪ .‬‏‬

‫ومنها‪ :‬‏ضيق الال‪ ،‬وعدم العونة على الشأتغال‪ .‬‏‬

‫ومنها‪ :‬‏أفعال الدنيا‪ ،‬وتقليد العمحال‪ .‬‏‬

‫ومنها‪ :‬‏كثرةا التأليف ف العلوم‪ ،‬وكثرةا الختصارات‪ ،‬فإنا ملة عائقة‪ .‬‏‬

‫فتح‪ :‬‏‬

‫أما الوثوق بالسُتقبل‪ :‬‏فل ينبغي للعاقل‪ ،‬لن كل يوم آت بشاغله‪ ،‬فل يؤخر شأغل يومه‬
‫إل غد‪ .‬‏‬

‫فتح‪ :‬‏‬

‫‪187‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وأما الوثوق بالذكاء‪ :‬‏فهو من المحاقة‪ ،‬وكثيخ من الذكياء فاته العلم بذا السُبب‪ .‬‏‬

‫فتح‪ :‬‏‬

‫وأما النتقال من علم إل علم‪ ،‬قبل أن يسُتحكم الول‪ ،‬فهو‪ :‬‏سبب الرمان عن الكل‪،‬‬
‫فل يوز‪ ،‬وكذا النتقال من كتاب إل كتاب كذلك‪ .‬‏‬

‫فتح‪ :‬‏‬

‫وأما طلب الال‪ ،‬أو الاه‪ ،‬أو الركون إل اللذات البهيمحية‪ ،‬فالعلم أعزم من أن ينال مع‬
‫غيخه‪ ،‬أو على سبيل التبعية‪ ،‬ولذلك ترى كثيخا من الناس ل ينالون من العلم قدرا صالا‬
‫يعتد به‪ ،‬لشأتغالم عنه بطلب النصب والدرسة‪ ،‬وهم يطلبونه دائمحا‪ ،‬ليل ونارا‪ ،‬سرا‬
‫وجهارا‪ ،‬ول يفمتمون‪ ،‬وكان ذكرهم وفكرهم تصيل الال والاه‪ ،‬مع أنا لم ف اللذات )‬
‫‪ /1‬‏‪ (237‬‏الفمانية‪ ،‬وعدم ركونم إل السُعادةا الباقية‪ ،‬ومناصبهم ف القيقة مناصب‬
‫أجنبية‪ ،‬لنا شأاغلة عن الشغل والتحصيل‪ ،‬على القانون العتب ف طريقه‪ .‬‏‬

‫فتح‪ :‬‏‬

‫وأما ضيق الال‪ ،‬وعدم العونة على الشأتغال‪ ،‬فمحن أعظم الوانع وأشأدها‪ ،‬لن صاحبه‬
‫مهمحوم ومشغول القلب أبدا‪ .‬‏‬

‫فتح‪ :‬‏‬

‫وأما إقبال الدنيا‪ ،‬وتقلد العمحل‪ ،‬فل شأك أنه ينع صاحبه عن التعليم والتعلم‪ .‬‏‬

‫فتح‪ :‬‏‬

‫وأما كثرةا الصنفمات ف العلوم‪ ،‬واختلف الصطلحات ف التعليم‪ ،‬فهي عائقة عن‬
‫التحصيل‪ ،‬لنه ل يفمي عمحر الطالب ‪ -‬‏با كتب ف صناعة واحدةا ‪ -‬‏إذا ترد لا‪ ،‬لن‬

‫‪188‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫ما صنفموه ف الفمقه مثل من التون والشروحَّ‪ ،‬لو التزممه طالب ل يتيسُر له‪ ،‬مع أنه يتاج‬
‫إل تييزم طرق التقدمي والتأخرين‪ ،‬وهي كلها متكررةا‪ ،‬والعنم واحد‪ .‬‏‬

‫والتعلم طالب‪ ،‬والعمحر ينقضي ف واحد منها‪ ،‬ولو اقتصروا على السُائل الذهبية فقط‬
‫لكان المر دون ذلك‪ ،‬ولكنه داء ل يرتفمع؛ ومثله علم العربية أيضا‪ ،‬ف مثل كتاب‬
‫سيبويه‪ ،‬وما كتب عليه‪ ،‬وطرق البصرييي‪ ،‬والكوفيي‪ ،‬والندلسُيي‪ ،‬وطرق التأخرين‪،‬‬
‫مثل‪ :‬‏ابن الاجب‪ ،‬وابن مالك‪ ،‬وجيع ما كتب ف ذلك‪ :‬‏كيف سيطالب به التعلم؟‬
‫وينقضي عمحره دونه‪ ،‬ول يطمحع الذي هو آلة من آلت )‪ /1‬‏‪ (238‬‏ووسيلة‪ ،‬فكيف‬
‫تكون ف القصود الذي هو الثمحرةا؟ ‪ -‬‏ولكن ال يهدي من يشاء‪ ،‬وهو أعلم بالهتدين‬
‫‪ .-‬‏‬

‫فتح‪ :‬‏‬

‫وأما كثرةا الختصارات الؤلفمة ف العلوم فإنا ملة بالتعليم‪ ،‬فقد ذهب كثيخ من التأخرين‬
‫إل اختصار الطرق والناء ف العلوم‪ ،‬يولعون با‪ ،‬ويدونون منها برناما متصرا ف كل‬
‫علم‪ ،‬يشتمحل على حصر مسُائله وأدلتها‪ ،‬باختصار ف اللفماظ‪ ،‬وحشو القليل منها‬
‫بالعان الكثيخةا من ذلك الفمن‪ ،‬وصار ذلك مل بالبلغة‪ ،‬وفعلسُرا على الفمهم‪ .‬‏‬

‫وربا عمحدوا إل الكتب المهات الطولة ف الفمنون‪ ،‬للتفمسُيخ والبيان‪ ،‬فاختصروها تقريبا‬
‫للحفمظ‪ ،‬كمحا فعله ابن الاجب ف الفمقه وأصول الفمقه‪ ،‬وابن مالك ف العرب‪ ،‬والوني‬
‫ف النطق‪ ،‬وأمثالم‪ ،‬وهو فسُاد ف التعليم‪ ،‬وفيه إخلل بالتحصيل‪ ،‬وذلك لن فيه تليطا‬
‫على البتدئ‪ ،‬بإلقاء الغايات من العلم عليه‪ ،‬وهو ل يسُتعد لقبولا بعد‪ ،‬وهو من سوء‬
‫التعليم؛ ث فيه ‪ -‬‏مع ذلك ‪ -‬‏شأغل كبيخ على التعلم‪ ،‬بتتبع ألفماظ الختصار العويصة‬
‫للفمهم‪ ،‬بتزماحم العان عليها‪ ،‬وصعوبة استخراج السُائل من بينها‪ ،‬لن ألفماظ الختصرات‬
‫تدها ‪ -‬‏لجل ذلك ‪ -‬‏صعبة عويصة‪ ،‬فينقطع ف فهمحها حظ صال من الوقت‪ .‬‏‬

‫‪189‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫ث بعد ذلك‪ :‬‏فاللكة الاصلة من التعليم ف تلك الختصرات‪ ،‬إذا ت على سداده‪ ،‬ول‬
‫تعقبه آفة‪ ،‬فهي ملكة قاصرةا عن اللكات الت تصل من الوضوعات البسُيطة الطولة‪،‬‬
‫بكثرةا ما يقع ف تلك من التكرار والحالة‪ ،‬الفميفدطين لصول اللكة التامة؛ وإذا اقتصر‬
‫على التكرار قصرت اللكة لقلته‪ ،‬كشأن هذه )‪ /1‬‏‪ (239‬‏الوضوعات الختصرةا‪،‬‬
‫فقصدوا إل تصيل الفمظ على التعلمحي‪ ،‬فأركبوهم صعبا يقطعهم عن تصيل اللكات‬
‫النافعة وتكنها‪ .‬‏‬

‫ومن ذلك القبيل‪ :‬‏كتاب‪ :‬‏)التهذيب ف النطق( ‏لسُعد الدين التفمتازان؛ و )السسُنلم(‪ ،‬و‬
‫)الطسُلم( ‏لب ال البهاري؛ و )الفمصول الكبي( ‏ف الصرف؛ و )الفموائد الصمحدية( ‏ف‬
‫س‬
‫النحو؛ ‪ -‬‏}ومن يهد ال فل مضل له{‪ ،‬ومن يضلل فل هادي له‪ ،‬وال سبحانه أعلم‬
‫‪ .-‬‏‬

‫ ‏المنظر السابع في أن الحفظ غير الملكة العلمية‬

‫اعلم‪ :‬‏أن من كان عنايته بالفمظ‪ ،‬أكثر من عنايته إل تصيل اللكة‪ ،‬ل يصل على‬
‫طائل من ملكة التصرف ف العلم؛ ولذلك ترى من حصل الفمظ‪ ،‬ل يسُن شأيئا من‬
‫الفمن‪ ،‬وتد ملكته قاصرةا ف علمحه إن فاوض أو ناظر‪ ،‬كأكثر فقهاء الغرب‪ ،‬وطلبة‬
‫علمحه من‪ :‬‏أهل بارى‪ ،‬وبغداد‪ ،‬وكابل‪ ،‬وقندهار‪ ،‬ومن إليها من الدن والمصار‪ .‬‏‬

‫ومن ظن أنه القصود من اللكة العلمحية فقد أخطأ‪ ،‬وإنا القصود هو‪ :‬‏ملكة الستخراج‪،‬‬
‫والستنباطر‪ ،‬وسرعة النتقال من الدوابل إل الدلولت‪ ،‬ومن اللزم إل اللزموم‪ ،‬وبالعكس‪،‬‬
‫فإن انضم إليها ملكة الستحضار فنعم الطلوب‪ ،‬وهذا ل يتم بجرد الفمظ‪ ،‬بل الفمظ‬
‫من أسباب الستحضار‪ ،‬وهو راجع إل جودةا قوةا الافظة وضعفمها‪ ،‬وذلك من أحوال‬
‫المزمجة اللقية‪ ،‬وإن كان ما يقبل العلج‪ .‬‏)‪ /1‬‏‪ (240‬‏‬

‫ ‏المنظر الثامن في شرائط تحصيل العلم وأأسبابه‬

‫وفيه فتوحات أيضا‪ :‬‏‬

‫‪190‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫فتح‪ :‬‏‬

‫اعلم أن شأرائط التحصيل كثيخةا‪ ،‬لكنها متمحعة فيمحا نقل عن سقراطر‪ ،‬وهو قوله‪ :‬‏ينبغي‬
‫أن يكون الطالب شأابا‪ ،‬فارغ القلب‪ ،‬غيخ ملتفمت إل الدنيا‪ ،‬صحيح الزماج‪ ،‬مبا للعلم‪،‬‬
‫بيث ل يتار على العلم شأيئا من الشأياء‪ ،‬صدوقا‪ ،‬منصفما بالطبع‪ ،‬متدينا‪ ،‬أمينا‪ ،‬عالا‬
‫بالوظائف الشرعية‪ ،‬والعمحال الدينية‪ ،‬غيخ مل بواجب فيها‪ ،‬ويرم على نفمسُه ما يرم ف‬
‫ملة نبيه‪ ،‬ويوافق المحهور ف الرسوم والعادات‪ ،‬ول يكون فظا سيئ اللق‪ ،‬ويرحم من‬
‫دونه ف الرتبة‪ ،‬ول يكون أكول‪ ،‬ول متهتكا‪ ،‬ول خاشأعا من الوت‪ ،‬ول جامعا للمحال‬
‫إل بقدر الاجة‪ ،‬فإن الشأتغال بطلب أسباب العيشة مانع عن التعلم‪ .‬‏انتهى‪ .‬‏‬

‫فتح‪ :‬‏‬

‫ومن الشروطر‪ :‬‏تزمكية الطالب عن الخلق الردية‪ ،‬وهي متقدمة على غيخها‪ ،‬كتقدم‬
‫الطهارةا‪ ،‬فكمحا أن اللئكة ل تدخل بيتا فيه كلب‪ ،‬كذلك العلم ل يدخل القلب‪ ،‬إذا‬
‫وجد فيه كلب باطنية‪ .‬‏‬

‫وكانت الوائل يتبون التعلم أول‪ ،‬فإن وجدوا فيه خلقا رديا منعوه‪ ،‬لئل يصيخ آلة‬
‫الفمسُاد‪ ،‬وإن وجدوه مهذبا علمحوه‪ ،‬ول يطلقونه قبل الستكمحال‪ ،‬خوفا على فسُاد دينه‪،‬‬
‫ودين غيخه‪ .‬‏‬

‫فتح‪ :‬‏‬

‫ومنها‪ :‬‏الخلص ف مقاساةا هذا السُلك‪ ،‬وقطع الطمحع عن قبول أحد؛ فيجب أن ينوي‬
‫ف تعلمحه أن‪ :‬‏يعمحل بعلمحه ل تعال‪ ،‬وأن يعلم الاهل‪ ،‬ويوقظ الغافل‪ ،‬ويرشأد الغفلو ن‬
‫ي‪ .‬‏‬

‫فإنه قال ‪ -‬‏عليه )‪ /1‬‏‪ (241‬‏الصلةا و السُلم‪ :‬‏)من تعلم العلم لربع دخل النار‪:‬‬
‫ليباهي به العلمحاء‪ ،‬وليمحاري به السُفمهاء‪ ،‬ويقبل به وجوه الناس إليه‪ ،‬وليأخذ به الموال(‪.‬‬

‫فتح‪ :‬‏‬

‫‪191‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫ومن الشروطر‪ :‬‏تقليل العوائق‪ ،‬حت الهل‪ ،‬والولد‪ ،‬والوطن‪ ،‬فإنا صارفة وشأاغلة ‏ ‏}ما‬
‫جوفه{‪ .‬‏‬
‫ف ‏ ‏‬
‫قلبي ‏ ‏‬
‫من ‏ ‏‬
‫ال ‏لرجل ‏ ‏ ‏‬
‫جعل ‏ ‏‬
‫ ‏ ‏‬

‫ومهمحا توزعت الفمكرةا‪ ،‬قصرت عن درك القائق‪ .‬‏‬

‫وقد قيل‪ :‬‏العلم ل يعطيك بعضه‪ ،‬حت تعطيه كلك‪ ،‬فإذا أعطيته كلك‪ ،‬فأنت على‬
‫خطر من الوصول إل بعضه‪ .‬‏‬

‫فتح‪ :‬‏‬

‫ومنها‪ :‬‏ترك الكسُل‪ ،‬وإيثار السُهر ف الليال‪ ،‬ومن جلة أسباب الكسُل فيه‪ :‬‏ذكر الوت‪،‬‬
‫والوف منه‪ ،‬لكنه ينبغي أن يكون من جلة أسباب التحصيل‪ ،‬إذ ل عمحل يصل به‬
‫الستعداد للمحوت‪ ،‬أفضل من العلم والعمحل به‪ ،‬والوف منه ل ينبغي أن يتسُلط على‬
‫الطالب‪ ،‬بيث يشغله عن الستعداد‪ .‬‏‬

‫وقوله ‪ -‬‏عليه الصلةا والسُلم ‪ :-‬‏)أكثروا ذكر هادم اللذات( ‏يدل على أنه ينبغي أن‬
‫يكون ذكره سببا للنقطاع عن اللذات الفمانية‪ ،‬دون الباقية‪ .‬‏‬

‫فتح‪ :‬‏‬

‫ومن الشروطر‪ :‬‏العزمم والثبات على التعلم إل آخر العمحر‪ ،‬كمحا قيل‪ :‬‏)الطلب من الهد إل‬
‫اللحد(‪ .‬‏‬

‫زدن ‏علمحا ‏{‪ .‬‏‬


‫رب ‏ ‏‬
‫وقل ‏ ‏‬
‫وقال ‪ -‬‏سبحانه وتعال ‪ -‬‏لبيبه ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ :-‬‏ ‏ ‏} ‏ ‏‬

‫عليم{‪ .‬‏‬
‫كل ‏ذي ‏ ‏علم ‏ ‏ ‏‬
‫وفوق ‏ ‏‬
‫وقال‪ :‬‏ ‏ ‏} ‏ ‏‬

‫واليلة ف صرف الوقات إل التحصيل‪ :‬‏أنه إذا مل من علم‪ ،‬اشأتغل بآخر‪ ،‬كمحا قال‬
‫ابن عباس ‪ -‬‏رضي ال عنه ‪ -‬‏إذا مل من الكلم مع التعلمحي‪ :‬‏هاتوا دواوين الشعراء‪ .‬‏‬

‫‪192‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫فتح‪ :‬‏‬

‫ومنها‪ :‬‏اختيار معلم ناصح‪ ،‬نقي السُب‪ ،‬كبيخ السُن‪ /1) ،‬‏‪ (242‬‏ل يلبس الدنيا‬
‫بيث تشغله عن دينه‪ ،‬ويسُافر ف طلب الستاذ إل أقصى البلد‪ ،‬إن ل يكن ببلده‬
‫الذي يسُكن فيه‪ .‬‏‬

‫ويقال‪ :‬‏أول ما يذكر من الرء أستاذه‪ ،‬فإن كان جليل جل قدره‪ ،‬فإذا وجده يلقي إليه‬
‫زمام أمره‪ ،‬ويذعن لنصحه إذعان الريض للطبيب‪ ،‬ول يسُتبد بنفمسُه اتكال على ذهنه‪،‬‬
‫ول يتكب عليه وعلى العلم‪ ،‬ول يسُتنكف‪ ،‬لنه قد ورد ف الديث‪ :‬‏)من ل يتحمحل ذل‬
‫التعلم ساعة‪ ،‬بقي ف ذل الهل أبدا(‪ .‬‏‬

‫ومن الداب‪ :‬‏احتمام العلم وإجلله‪ ،‬فمحن تأذى منه أستاذه يرم بركة العلم‪ ،‬ول ينتفمع به‬
‫إل قليل؛ وينبغي أن يقدم حق معلمحه على حق أبويه وسائر السُلمحي‪ ،‬ومن توقيخه‪ :‬‏توقيخ‬
‫أولده‪ ،‬ومتعلقاته؛ ومن تعظيم العلم‪ :‬‏تعظيم الكتب والشركاء‪ .‬‏‬

‫فتح‪ :‬‏‬

‫ومن الشروطر‪ :‬‏أن يأت على ما قرأه‪ ،‬مسُتوعبا لسُائله ‪ -‬‏من مبادئه إل نايته ‪ -‬‏بتفمهم‪،‬‬
‫واستثبات بالجج‪ ،‬وأن يقصد فيه الكتب اليدةا‪ ،‬وأن ل يعتقد ف علم أنه حصل منه‬
‫على مقدار ل يكن الزميادةا عليه‪ ،‬وذلك طيش يوجب الرمان‪ .‬‏‬

‫فتح‪ :‬‏‬

‫ومنها‪ :‬‏أن ل يدع فنا من فنون العلم‪ ،‬إل وينظر فيه نظر مطلع على غايته‪ ،‬ومقصده‪،‬‬
‫وطريقته؛ وبعد الطالعة ف المحيع أو الكثر إجال ‪ -‬‏إن مال طبعه إل فن ‪ -‬‏عليه أن‬
‫يقصده‪ ،‬ول يتكلف غيخه‪ ،‬فليس كل الناس يصلحون للتعلم‪ ،‬ول كل من يصلح لتعلم‬
‫علم يصلح لسُائر العلوم‪ ،‬بل كلل ميلسُر لا خلق له؛ وإن كان ميله إل الفمنون على‬
‫السُواء‪ ،‬مع موافقة السباب‪ ،‬ومسُاعدةا اليام‪ ،‬طلب التبحر فيها‪ ،‬فإن العلوم كلها‬

‫‪193‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫متعاونة‪ ،‬مرتبطة بعضها ببعض؛ لكن عليه أن ل يرغب )‪ /1‬‏‪ (243‬‏ف الخر‪ ،‬قبل أن‬
‫يسُتحكم الول‪ ،‬لئل يصيخ مذبذبا‪ ،‬فيحرم من الكل؛ ول يكن من ييل إل البعض‬
‫ويعادي الباقي‪ ،‬لن ذلك جهل عظيم؛ وإياه أن يسُتهي بشيء من العلوم‪ ،‬تقليدا لا‬
‫سعه من الهلة‪ ،‬بل يب أن يأخذ من كلل حظا‪ ،‬ويشكر من هداه إل فهمحه؛ ول‬
‫يكن من يذم العلم ويعدوه لهله‪ ،‬مثل ذمهم النطق‪ ،‬الذي هو أصل كل علم‪ ،‬وتقوي‬
‫كل ذهن‪ ،‬ومثل ذمهم العلوم الكمحية على الطلق‪ ،‬من غيخ معرفة القدر الذموم‬
‫والمحدوحَّ منها‪ ،‬ومثل ذم علم النجوم‪ ،‬مع أن بعضا منه فرض كفماية‪ ،‬والبعض مباحَّ‪،‬‬
‫ومثل ذم مقالت الصوفية لشأتباهها عندهم‪ .‬‏‬

‫والعلم وإن كان مذموما ف نفمسُه ‪ -‬‏كمحا زعمحوا ‪ -‬‏فل يلو تصيله من فائدةا‪ ،‬أقلها رد‬
‫القائلي به‪ .‬‏‬

‫قف‪ :‬‏اعلم أن النظر والطالعة ف علوم الفملسُفمة فليمل بشرطي‪:‬أحدها‪ :‬‏أن ل يكون خال‬
‫الذهن عن العقائد السلمية‪ ،‬بل يكون قويا ف ذهنه‪ ،‬راسخا على الشريعة الشريفمة‪ .‬‏‬

‫والثان‪ :‬‏أن ل يتجاوز مسُائلهم الخالفمة للشريعة‪ ،‬وإن تاوز فإنا يطالعها للرد ل غيخ‪ .‬‏‬

‫هذا لن ساعده الذهن‪ ،‬والسُن‪ ،‬والوقت‪ ،‬وسامه الدهر عمحا يفمضيه إل الرمان‪ ،‬وإل‬
‫فعليه أن يقتصر على الهم‪ ،‬وهو قدر ما يتاج إليه‪ ،‬فيمحا يتقرب به إل ال تعال‪ ،‬وما‬
‫ل بد منه ف‪ :‬‏البدأ‪ ،‬والعاد‪ ،‬والعاملت‪ ،‬والعبادات‪ ،‬والخلق والعادات‪ .‬‏‬

‫فتح‪ :‬‏‬

‫ومن الشروطر العتبةا ف التحصيل‪ :‬‏الذاكرةا مع القران ومناظرتم‪ ،‬كمحا قيل‪ :‬‏العلم غرس‪،‬‬
‫وماؤره درس؛ لكن طلبا للثواب‪ ،‬وإظهارا للصواب‪ ،‬وقيل‪ :‬‏مطارحة ساعة‪ ،‬خيخ من تكرار‬
‫شأهر؛ )‪ /1‬‏‪ (244‬‏ولكن مع منصف سليم الطبع‪ .‬‏‬

‫‪194‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وينبغي للطالب أن يكون متأمل ف دقائق العلوم‪ ،‬ويعتاد ذلك‪ ،‬فإنا تدرك به خصوصا‬
‫قبل الكلم‪ ،‬فإنه كالسُهم‪ ،‬فل بد من تقويه بالتأمل أول‪ .‬‏‬

‫فتح‪ :‬‏‬

‫ومنها‪ :‬‏الد والمحة‪ ،‬فإن النسُان يطيخ بمحا إل شأواهق الكمحالت؛ وأن ل يؤبخر شأغل‬
‫يوم إل غد‪ ،‬فإن لكل يوم مشاغل؛ ول بد أن تكون معه مبةا ف كل وقت‪ ،‬حت‬
‫يكتب ما يسُمحع من الفموائد‪ ،‬ويسُتنبطه من الزموائد‪ ،‬فإن العلم صيد‪ ،‬والكتابة قيد‪ .‬‏‬

‫وينبغي أن يفمظ ما كتبه من العلم‪ ،‬إذ العلم ما ثبت ف الواطر‪ ،‬ل ما أودع ف‬
‫الدفاتر‪ ،‬بل الغرض منه الراجعة إليها عند النسُيان‪ ،‬للعتمحاد عليها‪ .‬‏‬

‫فتح‪ :‬‏‬

‫ومن الشروطر‪ :‬‏مراعاةا مراتب العلوم‪ ،‬ف القرب والبعد من القصد‪ ،‬فلكل منها مرتبة ترتيبا‬
‫ضروريا‪ ،‬بسُب الرعاية ف التحصيل‪ ،‬إذ البعض طريق إل البعض‪ .‬‏‬

‫ولكل علم حد ل يتعداه‪ ،‬فعليه أن يعرفه‪ ،‬فل يتجاوز ذلك الد‪ ،‬مثل‪ :‬‏ل يقصد إقامة‬
‫الباهي ف النحو ول يطلب‪ ،‬وأيضا ل يقصر عن حده‪ ،‬كأن يقنع بالدل ف اليئة‪ .‬‏‬

‫وأن يعرف أيضا‪ :‬‏أن لملك المر ف العان هو‪ :‬‏الذوق‪ ،‬وإقامة البهان عليه خارج عن‬
‫الطوق‪ ،‬ومن طلب البهان عليه أتعب نفمسُه‪ ،‬كمحا قال السُكاكي‪ :‬‏قبل أن تنح هذه‬
‫الفمنون حقها‪ ،‬فلننبهك على أصل‪ ،‬ليكون على ذكر منك‪ ،‬وهو أنه ليس من الواجب ف‬
‫صناعة ‪ -‬‏وإن كان الرجع ف أصولا وتفماريعها إل مرد العقل ‪ -‬‏أن يكون الدخيل فيها‬
‫كالناشأئ عليها‪ ،‬ف استفمادةا الذوق عنها‪ ،‬فكيف إذا كانت الصناعة مسُتندةا إل‬
‫مكمحات وضعية‪ ،‬واعتبارات إلفمية؟ فل بأس على الدخيل ف صناعة )‪ /1‬‏‪ (245‬‏علم‬
‫العان‪ ،‬أن يقلد صاحبها ف بعض فتاواه‪ ،‬إن فاته الذوق هناك‪ ،‬إل أن يتكامل له على‬
‫مهل موجبات ذلك الذوق‪ .‬‏انتهى‪ .‬‏‬

‫‪195‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫فتح‪ :‬‏‬

‫ومنها‪ :‬‏العلوم اللية‪ ،‬ل يوسع فيها النظار‪ ،‬وذلك أن العلوم التداولة على صنفمي‪ :‬‏علوم‬
‫مقصودةا بالذات‪ ،‬كالشرعيات والكمحيات؛ وعلوم هي آلة ووسيلة لذه العلوم‪ ،‬كالعربية‪،‬‬
‫والنطق؛ فأما القاصد فل حرج ف توسعة الكلم فيها‪ ،‬وتفمريع السُائل‪ ،‬واستكشاف‬
‫الدلة‪ ،‬فإن ذلك يزميد طالبها تكنا ف ملكته‪ ،‬وأما العلوم اللية فل ينبغي أن ينظر فيها‪،‬‬
‫إل من حيث هي آلة للغيخ‪ ،‬ول يوسع فيها الكلم‪ ،‬لن ذلك يرج با عن القصود‪،‬‬
‫وصار الشأتغال با لغوا‪ ،‬مع ما فيه من صعوبة الصول على ملكتها بطولا‪ ،‬وكثرةا‬
‫فروعها‪ ،‬وربا يكون ذلك عائقا عن تصيل العلوم القصودةا بالذات‪ ،‬لطول وسائلها‪،‬‬
‫فيكون الشأتغال بذه العلوم اللية تضييعا للعمحر‪ ،‬وشأغل با ل يغن‪ .‬‏‬

‫وهذا كمحا فعله التأخرون ف النحو والنطق وأصول الفمقه‪ ،‬لنم أوسعوا دائرةا الكلم فيها‬
‫نقل واستدلل‪ ،‬وأكثروا من التفماريع والسُائل‪ ،‬با أخرجها عن كونا آلة‪ ،‬وصيخها‬
‫مقصودةا بذاتا‪ ،‬فيكون لجل ذلك لغوا ومضرا بالتعلمحي‪ ،‬لهتمحامهم بالقصود أكثر من‬
‫هذه اللت‪ ،‬فإذا أفنم العمحر فيها‪ ،‬فمحت يظفمر بالقاصد؟! ‏فيجب عليه أن ل يسُتبحر‬
‫فيها‪ ،‬ول يسُتكثر من مسُائلها‪ .‬‏‬

‫المنظر التاسع في شروأط الفادة وأنشر العلم‬

‫وفيه فوائد‪ :‬‏‬

‫فائدةا‪ :‬‏‬

‫اعلم‪ :‬‏أن الفادةا من أفضل العبادةا‪ ،‬فل بد له من النية‪ /1) ،‬‏‪ (246‬‏ليكون ذلك ابتغاء‬
‫لرضاةا ال تعال‪ ،‬وإرشأاد عباده؛ ول يريد بذلك زيادةا وحرمة‪ ،‬ول يطلب على إفادته‬
‫أجرا‪ ،‬اقتداء بصاحب الشرع ‪ -‬‏عليه الصلةا والسُلم ‪-‬؛ ث ينبغي له مراعاةا أمور‪ ،‬منها‪:‬‬
‫أن يكون مشفمقا ناصحا بصاحبه‪ ،‬وأن ينبهه على غاية العلوم‪ ،‬ويزمجره عن الخلق‬
‫الردية‪ ،‬وينعه‬

‫‪196‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫أن يتشوق إل رتبة فوق استحقاقه‪ ،‬وأن يتصدى للشأتغال فوق طاقته‪ ،‬وأن ل يزمجر إذا‬
‫تعلم للرئاسة والباهاةا‪ ،‬إذ ربا يتبنه بالخرةا لقائق المور‪ ،‬بل ينبغي أن يرغب ف نوع‬
‫من العلم‪ ،‬يسُتفماد به الرئاسة بالطمحاع فيها‪ ،‬حت يسُتدرجه إل الق‪ .‬‏‬

‫اعلم‪ :‬‏أن ال سبحانه وتعال جعل الرئاسة وحسُن الذكر حفمظا للشرع والعلم‪ ،‬مثل الب‬
‫اللقى حول الشبكة‪ ،‬وكالشهوةا الداعية إل التناسل‪ ،‬ولذا قيل‪ :‬‏لول الرئاسة لبطل العلم؛‬
‫وأن يزمجر عمحا يب الزمجر عنه‪ ،‬بالتعريض ل بالتصريح‪ .‬‏‬

‫فائدةا‪ :‬‏‬

‫ومنها‪ :‬‏أن يبدأ بالهم للمحتعلم ف الال‪ ،‬إما ف معاشأه‪ ،‬أو ف معاده؛ ويعي له ما يليق‬
‫بطبعه من العلوم؛ ويراعي التمتيب الحسُن‪ ،‬حسُبمحا يقتضيه رتبته على قدر الستعداد‪،‬‬
‫فمحن بلغ رشأده ف العلم‪ ،‬ينبغي أن يبث إليه حقائق العلوم‪ ،‬وإل فحفمظ العلم وإمسُاكه‬
‫عمحن ل يكون أهل له أول به‪ ،‬فإن بث العارف إل غيخ أهلها مذموم‪ .‬‏‬

‫وف الديث‪ :‬‏)ل تطرحوا المدلر ف أفواه الكلب(‪ .‬‏‬

‫وكذا ينبغي أن يتنب إساع العوام كلمحات الصوفية‪ ،‬الت يعجزمون عن تطبيقها بالشرع‪،‬‬
‫فإنه يؤدي إل انلل قيد الشرع عنهم‪ ،‬فيفمتح عليهم باب اللاد والزمندقة؛ فينبغي أن‬
‫سيرشأد إل علم العبادات الظاهرةا‪ ،‬وإن عرض لم شأبهة يعال بكلم إقناعي؛ ول يفمتح‬
‫عليه باب القائق‪ ،‬فإن ذلك فسُاد النظام؛ وإن وجد ذكيا ثابتا على قواعد الشرع‪ ،‬جاز‬
‫له )‪ /1‬‏‪ (247‬‏أن يفمتح عليه باب العارف‪ ،‬بعد امتحانات متوالية‪ ،‬لئل يتزملزمل عن جادةا‬
‫الشرع‪ .‬‏‬

‫فائدةا‪ :‬‏‬

‫اعلم‪ :‬‏أنه يب على الطالب أن ل ينكر مال يفمهم من مقالتم الفمية‪ ،‬وأحوالم‬
‫الغريبة‪ ،‬إذ كل ميسُر لا خلق له‪ .‬‏‬

‫‪197‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫قال الشيخ ابن سينا ف )الشأارات(‪ :‬‏كل ما قرع سعك من الغرائب فذره ف بقعة‬
‫المكان‪ ،‬ما ل يذرك عنه قائم البهان‪ .‬‏انتهى‪ .‬‏‬

‫وإنا الغرض من تدوين تلك القالت‪ :‬‏التذكرةا لن يعرف السرار‪ ،‬والتنبيه على من ل‬
‫يعرفها‪ ،‬بأن لنا علمحا يل عن الذهان فهمحه‪ ،‬حت يرغب ف تصيله‪ ،‬كمحا ف الديث‪:‬‬
‫)إل من العلم كهيئة الكنون‪ ،‬ل يعرفها إل العلمحاء بال تعال‪ ،‬فإذا نطقوا ل ينكره إل‬
‫أهل العزمةا(‪ .‬‏‬

‫وروي عن أب هريرةا ‪ -‬‏رضي ال عنه ‪ -‬‏أنه قال‪ :‬‏)حفمظت من رسول ال ‪ -‬‏صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪ -‬‏دعاءين‪ ،‬أما أحدها‪ :‬‏فبثثته‪ ،‬وأما الخر‪ :‬‏فلو بثثته لقطع هذا البلعوم(‪ .‬‏‬

‫وغرضهم عدم إمكان التعبيخ عنه‪ ،‬وخوف مقايسُة السُامعي الحوال اللية بأحوال‬
‫المحكنات‪ ،‬فيضلوا بسُوء الظن ف قائلها‪ ،‬فيقابلوه بالنكار‪ .‬‏انتهى‪ .‬‏‬

‫قلت‪ :‬‏الراد بالدعاء الخر أخبار دولة بن أمية ‪ -‬‏كمحا صرحَّ به أهل الديث ‪ ،-‬ومن‬
‫قال بلفه ل يأت با يشفمي الغليل‪ ،‬فإن شأئت الطلع على تام الكلم ف ذلك‪،‬‬
‫فارجع إل القسُطلن‪ ،‬ول تغتم )‪ /1‬‏‪ (248‬‏بأقوال هؤلء الذين ليسُوا من علم السُنة‬
‫الطهرةا ف لوطرد ول ف‬
‫صطدر‪ .‬‏‬

‫فائدةا‪ :‬‏‬

‫ومنها‪ :‬‏أنه ينبغي أن ل يالف قوله فعله‪ ،‬إذ لو كذب مقاله باله ينفمر الناس عنه‪ ،‬وعن‬
‫الستمشأاد به‪ ،‬وأكثر القلدين ينظرون إل حال القائل؛ وأما القق الذي ل ينظر إل‬
‫القائل فهو نادر‪ ،‬فليكن عنايته بتزمكية أعمحاله أكثر منه بتحسُي علمحه‪ ،‬إذ ل بد للعال‬
‫من‪ :‬‏الورع‪ ،‬ليكون علمحه أنفمع‪ ،‬وفوائده أكثر‪ ،‬وأن يكظم غيظه عند التعليم‪ ،‬وأن ل‬
‫يلطه بزمل فيقسُو قلبه‪ ،‬ول يضحك فيه‪ ،‬ول يلعب‪ ،‬ول يبال إذا ل يقبل قوله‪ ،‬ول‬
‫بأس بأن يتحن فهم التعلم‪ ،‬وأن ل يادل ف العلم‪ ،‬ول ياري ف الق‪ ،‬فإنه يفمتح باب‬
‫الضلل؛ وأن ل يدخل علمحا ف علم‪ ،‬ل ف تعليم ول ف مناظرةا‪ ،‬فإن ذلك مشوش‪،‬‬

‫‪198‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وكثيخا ما غلط جالينوس بذا السُبب؛ وأن يث الصغار على التعليم ‪ -‬‏سيمحا الفمظ ‪-‬؛‬
‫وأن يذكر لم ما يتمحله فهمحهم؛ وإن كان الطلب مبتدئي ل يلقي عليهم الشكلت‪،‬‬
‫وإن كانوا منتهي ل يتكلم ف الواضحات‪ ،‬ول ييب متعنتا ف سؤاله‪ ،‬ول ما يلقى عليه‬
‫من الغلوطات؛ وأن ينظر ف حال الطالب إن كان له زيادةا فهم‪ ،‬بيث يقدر على‬
‫حل الشكلت‪ ،‬وكشف العضلت‪ ،‬يهتم بتعليمحه أشأد الهتمحام‪ ،‬وإل فيعلمحه بقدر ما‬
‫يعرف الفمرائض والسُنن‪ ،‬ث يأمره بالشأتغال بالكتسُاب‪ ،‬ونوافل الطاعات‪ ،‬لكن يصب ف‬
‫امتحان ذهنه مقدار ثلث سني؛ وإن سئل عمحا يشك فيه يقول‪ :‬‏ل أدري‪ ،‬فإن )ل‬
‫أدري(‪ :‬‏نصف العلم‪ .‬‏)‪ /1‬‏‪ (249‬‏‬

‫ ‏المنظر العاشر فيما ينبغي أن يكون عليه أهل العلم‬

‫قال الفمقيه أبو الليث‪ :‬‏يراد من العلمحاء عشرةا أشأياء‪ :‬‏الشية‪ ،‬والنصيحة‪ ،‬والشفمقة‪،‬‬
‫والحتمحال‪ ،‬والصب‪ ،‬واللم‪ ،‬والتواضع‪ ،‬والعفمة عن أموال الناس‪ ،‬والدوام على النظر ف‬
‫الكتب‪ ،‬وقلة الجاب‪ ،‬وأن ل ينازع أحدا‪ ،‬ول ياصمحه‪ .‬‏‬

‫وعليه أن يشتغل بصال نفمسُه‪ ،‬ل بقهر عدوه‪ .‬‏‬

‫قيل‪ :‬‏من أراد أن يرغم أنف عدوه‪ ،‬فليحصل العلم‪ .‬‏‬

‫وأن ل يتمفه ف الطعم واللبس‪ ،‬وأن ل يتجمحل ف الثاث والسُكن‪ ،‬بل يؤثر القتصاد‬
‫ف جيع المور‪ ،‬ويتشبه بالسُلف الصال؛ وكلمحا ازداد إل جانب القلة ميله‪ ،‬ازداد قربه‬
‫من ال ‪ -‬‏سبحانه وتعال ‪ ،-‬لن التزمين بالباحَّ‪ ،‬وإن ل يكن حراما‪ ،‬لكن الوض فيه‬
‫يوجب النس به‪ ،‬حت يشق تركه‪ ،‬فالزمم اجتناب ذلك‪ ،‬لن من خاض ف الدنيا ل‬
‫يسُلم منها البتة‪ ،‬مع أنا مزمرعة الخرةا‪ ،‬ففميها اليخ النافع‪ ،‬والسُم الناقع‪ .‬‏‬

‫ففمي تييزم الول من الثان أحوال‪ ،‬منها‪ :‬‏معرفة رتبة الال‪ ،‬فنعم الال الصال منه للصال‬
‫إذا جعله خادما ل مدوما‪ ،‬وهو مطلوب لتقوية البدن بالطاعم واللبس‪ ،‬والتقوية‬
‫لكسُب العلوم والعارف‪ ،‬الت هي القصد القصى؛ ومنها‪ :‬‏مراعاةا جهة الدخل‪ ،‬فمحن قدر‬

‫‪199‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫على كسُب اللل الطيب فليتمك الشتبه‪ ،‬وإن ل يقدر يأخذ منه قدر الاجة‪ ،‬وإن قدر‬
‫عليه ‪ -‬‏لكن بالتعب‪ ،‬واستغراق الوقت ‪ -‬‏فعلى العامل العامي أن يتار التعب‪ ،‬وإن كان‬
‫من الهل‪ ،‬فإن كان ما فاته من العلم والال أكثر من الثواب الاصل ف طلب‬
‫اللل‪ ،‬فله أن يتار اللل الغيخ الطيب‪ ،‬كمحن غصخ بلقمحة يسُيغها بالمحر‪ ،‬لكن يفميه‬
‫من الاهل ‪ -‬‏مهمحا أمكن ‪ -‬‏كيل يرك سلسُلة الضلل؛ ومنها‪ :‬‏القدار الأخوذ منه‪ ،‬وهو‬
‫قدر )‪ /1‬‏‪ (250‬‏الاجة ف‪ :‬‏السُكن‪ ،‬والطعم‪ ،‬واللبس‪ ،‬والنكح‪ ،‬إن جاوز من الدن ل‬
‫يوز التجاوز عن الوسط؛ ومنها‪ :‬‏الرج والنفماق‪ ،‬فالمحود منه الصدقة‪ ،‬والنفماق على‬
‫العيال‪ ،‬وقد اختلف ف أن الخذ والنفماق على الوجه الشروع أول‪ ،‬أم تركه رأسا مع‬
‫التفماق؟ على أن القبال على الدنيا بالكلية مذموم‪ ،‬فالقبلون على الخرةا‪ ،‬والصارفون‬
‫للدنيا ف مله‪ ،‬فهم الفضلون من التارك بالكلية‪ ،‬ومنهم عامة النبياء ‪ -‬‏عليهم السُلم‬
‫‪-‬؛ ومنها‪ :‬‏أن تكون نيته صالة ف الخذ والنفماق‪ ،‬فينوي بالخذ أن يسُتعي به على‬
‫العبادةا‪ ،‬ويأكل ليتقوى به على العبادةا‪ .‬‏‬

‫ ‏المنظر الحادي عشر في التعلم‬

‫وفيه فوائد أيضا‪ :‬‏‬

‫فائدةا‪ :‬‏‬

‫اعلم‪ :‬‏أن تكمحيل النفموس البشرية ف قواها النظرية والعمحلية‪ ،‬إنا يتم بالعلم بقائق‬
‫الشأياء‪ ،‬وما هو إليه كالوسيلة‪ ،‬وبه يكون القصد إل الفمضائل‪ ،‬والجتناب عن الرذائل؛‬
‫إذ كان هو الوسيلة إل السُعادةا البدية؛ ول شأيء أشأنع وأقبح من النسُان مع ما فضله‬
‫ال ‪ -‬‏سبحانه وتعال ‪ -‬‏به من‪ :‬‏النطق‪ ،‬وقبول تعلم الداب والعلوم‪ ،‬من أن يهمحل‬
‫نفمسُه‪ ،‬ويعريها من الفمضائل‪ .‬‏‬

‫‪200‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وقد حث الشارع ‪ -‬‏عليه الصلةا والسُلم ‪ -‬‏على اكتسُابه حيث قال‪ :‬‏)طلب العلم‬
‫فريضة على كل مسُلم(‪ .‬‏وقال‪ :‬‏)اطلبوا العلم‪ ،‬ولو بالصي(‪ .‬‏وقيل‪ :‬‏)اطلبوه من الهد إل‬
‫اللحد(‪ .‬‏‬

‫فائدةا‪ :‬‏‬

‫اعلم‪ :‬‏أن النسُان مطبوع على التعلم‪ ،‬لن فكره هو سبب امتيازه عن سائر اليوانات‪،‬‬
‫ولا كان فكره راغبا بالطبع ف تصيل ما ليس عنده من الدراكات‪ ،‬لزممه الرجوع إل من‬
‫سبقه بعلم‪ ،‬فيلقن )‪ /1‬‏‪ (251‬‏ما عنده؛ ث إن فكره يتوجه إل واحد من القائق‪ ،‬وينظر‬
‫ما يعرض له لذاته واحدا بعد واحد‪ ،‬ويتمحرن عليه‪ ،‬حت يصيخ إلاق العوارض بتلك‬
‫القائق ملكة له‪ ،‬فيكون علمحه حينئذ با يعرض لتلك القيقة علمحا مصوصا‪ ،‬ويتشوق‬
‫نفموس أهل القرن الناشأئ إل تصيله‪ ،‬فيفمزمعون إل أهله‪ .‬‏‬

‫فائدةا‪ :‬‏‬

‫وكل تعليم وتعلم ذهن‪ ،‬إنا يكون بعلم سابق ف معلوم‪ ،‬ما من عال كمحن ليس بعال‪ .‬‏‬

‫وقد يكون بالطبع مسُتفمادا من وقائع الزممان بتمدد الذهان‪ ،‬ويسُمحى‪ :‬‏علمحا تريبيا؛ وقد‬
‫يكون بالبحث وإعمحال الفمكر‪ ،‬ويسُمحى‪ :‬‏علمحا قياسيا‪ .‬‏‬

‫والعلم مصور ف التصور والتصديق‪ ،‬والتصور‪ :‬‏يطلب بالقوال الشارحة‪ ،‬والتصديق‪ :‬‏يكون‬
‫عن مقدمات ف صور القياسات للنتائج‪ ،‬فقد يصل به اليقي‪ ،‬وقد ل يصل به‬
‫القناع؛ وقدموا ف التعليم ما هو أقرب تناول‪ ،‬ليكون سلمحا لغيخه‪ .‬‏‬

‫وجرت سنة القدماء ف التعليم مشافهة دون كتاب‪ ،‬لئل يصل العلم إل غيخ مسُتحقه‪،‬‬
‫ولكثرةا الشتغلي با‪ ،‬فلمحا ضعفمت المحم‪ ،‬أخذوا ف تدوين العلوم‪ ،‬وصنفموا ببعضها‪،‬‬
‫فاستعمحلوا الرمزم‪ ،‬واختصروا من الدللت على اللتزمام‪ ،‬فمحن عرف مقاصدهم حصل على‬
‫أغراضهم‪ .‬‏‬

‫‪201‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫فائدةا‪ :‬‏‬

‫اعلم‪ :‬‏أن جيع العلومات إنا تعرف بالدللة عليها بأحد المور الثلثة‪ :‬‏الشأارةا‪ ،‬والط‪،‬‬
‫واللفمظ؛ فالشأارةا‪ :‬‏تتوقف على الشاهدةا‪ ،‬واللفمظ‪ :‬‏يتوقف على حضور الخاطب وساعه‪،‬‬
‫وأما الط‪ :‬‏فل يتوقف على شأيء‪ ،‬فهو أعمحها نفمعا وأشأرفها‪ ،‬وهو خاصة النوع النسُان‪.‬‬

‫فعلى التعلم أن يوده ولو بنوع منه‪ ،‬ول شأك أنه بالط والقراءةا ظهرت خاصة النوع‬
‫النسُان من القوةا إل الفمعل‪ ،‬وامتاز عن سائر اليوانات‪ /1) ،‬‏‪ (252‬‏وضبطت الموال‪،‬‬
‫وحفمظت العلوم والكمحال‪ ،‬وانتقلت الخبار من زمان إل زمان‪ ،‬فجبلت غرائزم القوابل‬
‫على قبول الكتابة والقراءةا‪ .‬‏‬

‫لكن السُعي لتحصيل اللكة هو موقوف على‪ :‬‏الخذ‪ ،‬والتعلم‪ ،‬والتمحرن‪ ،‬والتدرب‪ .‬‏‬

‫فائدةا‪ :‬‏‬

‫اعلم‪ :‬‏أن العلم والنظر وجودها بالقوةا ف النسُان؛ فيفميد صاحبها عقل‪ ،‬لن النفمس‬
‫الناطقة‪ ،‬وخروجها من القوةا إل الفمعل‪ ،‬إنا هو بتجدد العلوم والدراكات من السُوسات‬
‫أول‪ ،‬ث ما يكتسُب بالقوةا النظرية‪ ،‬إل أن يصيخ إدراكا بالفمعل‪ ،‬وعقل مضا‪ ،‬فيكون‬
‫ذاتا روحانية‪ ،‬ويسُتكمحل حينئذ وجودها‪ .‬‏‬

‫فثبت أن كل نوع من العلوم والنظر سيفميدها عقل مزميدا‪ ،‬وكذا اللكات الصناعية تفميد‬
‫عقل‪ ،‬والكتابة من بي الصنائع أكثر إفادةا لذلك‪ ،‬فإنا تشتمحل على علوم وأنظار‪ ،‬إذ‬
‫فيها انتقال من صور الروف الطية‪ ،‬إل الكلمحات اللفمظية‪ ،‬ومنها إل العان‪ ،‬فهو‬
‫ينتقل من دليل إل دليل‪ ،‬وتتعود النفمس ذلك دائمحا‪ ،‬فيتحصل لا ملكة النتقال من‬
‫الدلة إل الدلول‪ ،‬وهو معنم النظر الفمعلي‪ ،‬الذي يكتسُب به العلوم الهولة‪ ،‬فيحصل‬
‫بذلك زيادةا عقل‪ ،‬ومزميد فطنة؛ وهذا هو ثرةا التعلم ف الدنيا‪ .‬‏‬

‫فائدةا‪ :‬‏‬

‫‪202‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫ث إن القصود من‪ :‬‏العلم‪ ،‬والتعليم‪ ،‬والتعلم‪ ،‬معرفة ال سبحانه‪ ،‬وهي غاية الغايات‪،‬‬
‫ورأس أنواع السُعادات‪ ،‬ويعب عنها‪ :‬‏بعلم اليقي‪ ،‬الذي يصه الصوفية أولو الكرامات‪،‬‬
‫وهو الكمحال الطلوب من العلم الثابت بالدلة‪ .‬‏‬

‫وإياك أيها التعلم أن يكون شأغلك من العلم أن تعله صنعة غلبت على قلبك‪ ،‬حت‬
‫قضيت نبك بتكراره عند النزمع‪ ،‬كمحا يكى أن أبا طاهر الزميادي كان يكرر مسُألة‬
‫ضمحان الدرك حالة نزمعه‪ .‬‏‬

‫بل ينبغي لك أن تتخذه سبيل إل النجاةا‪ .‬‏)‪ /1‬‏‪ (253‬‏‬

‫ذكر إحراق الكتب وإعدامها‬

‫ومن أجل ذلك نقل عن بعض الشايخ‪ :‬‏أنم أحرقوا كتبهم‪ ،‬منهم‪ :‬‏العارف بال ‪-‬‬
‫سبحانه وتعال ‪ -‬‏أحد بن أب الواري‪ ،‬فإنه كمحا ذكره أبو نعيم ف )اللية(‪ :‬‏لا فرغ من‬
‫التعلم جلس للناس‪ ،‬فخطر بقلبه يوما خاطر من قبل الق‪ ،‬فحمحل كتبه إل شأط‬
‫الفمرات‪ ،‬فجلس يبكي ساعة‪ ،‬ث قال‪ :‬‏نعم الدليل كنت ل على رب‪ ،‬ولكن لا ظفمرت‬
‫بالدلول‪ ،‬علمحت أن الشأتغال بالدليل مال؛ فغسُل كتبه‪ .‬‏‬

‫وذكر ابن اللقن ف ترجته من )طبقات الولياء( ‏ما نصه‪ :‬‏وقد روي نو هذا عن سفميان‬
‫الثوري أنه أوصى بدفن كتبه‪ ،‬وكان ندم على أشأياء كتبها عن الضعفماء‪ .‬‏‬

‫وقال ابن عسُاكر ف الكنم من )التاريخ(‪ :‬‏إن أبا عمحرو بن العلء كان أعلم الناس‬
‫بالقرآن والعربية‪ ،‬وكانت دفاتره ملء بيت إل السُقف‪ ،‬ث تنسُك‪ ،‬وأحرقها‪ .‬‏‬

‫فائدةا‪ :‬‏‬

‫ذكرها البقاعي ف )حاشأيته على شأرحَّ اللفمية( ‏)‪ /1‬‏‪ (254‬‏للزمين العراقي‪ ،‬وهي أنه قال‪:‬‬
‫سألت شأيخنا ‪ -‬‏يعن ابن حجر العسُقلن ‪ -‬‏عمحا فعل داود الطائي وأمثاله عن إعدام‬
‫كتبهم‪ ،‬ما سببه؟ فقال‪ :‬‏ل يكونوا يرون أنه يوز لحد روايتها‪ ،‬ل بالجازةا‪ ،‬ول‬

‫‪203‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫بالوجادةا‪ ،‬بل يرون أنه إذا رواها أحد بالوجادةا يضعف؛ فرأوا أن مفمسُدةا إتلفها‪ ،‬أخف‬
‫من مفمسُدةا تضعيف بسُببهم‪ .‬‏انتهى‪ .‬‏‬

‫أقول‪ :‬‏وجوابه بالنظر إل فن الديث‪ ،‬ل يقع جوابا عن إعدام ابن أب الواري وأمثاله‪،‬‬
‫لن الول‪ :‬‏بسُبب ضعف السناد‪ ،‬والثان‪ :‬‏بسُبب الزمهد والتبتل إل ال ‪ -‬‏سبحانه ‪-‬؛‬
‫ولعل الواب عن إعدامهم‪ :‬‏أنه إن أخرجه عن ملكه بالبة والبيع ونوه‪ ،‬ل تنحسُم مادةا‬
‫العلقة القلبية بالكلية‪ ،‬ول يأمن من أن يطر بباله الرجوع إليه‪ ،‬ويتلج ف صدره النظر‬
‫والطالعة ف وقت ما‪ ،‬وذلك مشغلة با سوى ال ‪ -‬‏سبحانه وتعال ‪ .-‬‏‬

‫فائدةا‪ :‬‏ف طريق النظر والتصفمية‬

‫اعلم‪ :‬‏أن السُعادةا البدية ل تتم إل بالعلم والعمحل‪ ،‬ول يعتد بواحد منهمحا بدون الخر‪،‬‬
‫وأن كل منهمحا ثرةا الخر‪ ،‬مثل‪ :‬‏إذا تهر الرجل ف العلم ل مندوحة له عن العمحل‬
‫بوجبه‪ ،‬إذ لو قصر فيه‪ ،‬ل يكن ف علمحه كمحال‪ ،‬وإذا باشأر الرجل العمحل‪ ،‬وجاهد فيه‪،‬‬
‫وارتاض حسُبمحا بينوه من الشرائط‪ ،‬تنصب على قلبه العلوم النظرية بكمحالا؛ فهاتان‬
‫طريقتان‪ ،‬الول منهمحا‪ :‬‏طريقة الستدلل‪ ،‬والثانية‪ :‬‏طريقة الشاهدةا؛ وقد ينتهي كل من‬
‫الطريقتي إل الخرى‪ ،‬فيكون صاحبه ممحعا للبحرين‪ .‬‏‬

‫فسُالك طريق الق نوعان‪ :‬‏‬

‫أحدها‪ :‬‏يتبدى من طريق العلم إل العرفان‪ ،‬وهو‪ :‬‏يشبه أن يكون طريقة الليل ‪ -‬‏عليه‬
‫الصلةا والسُلم ‪ ،-‬حيث ابتدأ من الستدلل‪ .‬‏)‪ /1‬‏‪ (255‬‏‬

‫والثان‪ :‬‏يبتدئ من الغيب‪ ،‬ث ينكشف له عال الشهادةا‪ ،‬وهو‪ :‬‏طريق البيب ‪ -‬‏صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪ ،-‬حيث ابتدأ بشرحَّ الصدر‪ ،‬وكشف له سبحات وجهه ‪ -‬‏صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ .-‬‏‬

‫مناظرةا أهل الطريقي‬

‫‪204‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫اعلم أن السُالكي اختلفموا ف تفمضيل الطريقي‪ .‬‏‬

‫قال أرباب النظر‪ :‬‏الفضل‪ :‬‏طريق النظر‪ ،‬لن طريق التصفمية صعب‪ ،‬والواصل قليل‪ ،‬على‬
‫أنه قد يفمسُد الزماج‪ ،‬ويتلط العقل ف أثناء الاهدةا‪ .‬‏‬

‫وقال أهل التصفمية‪ :‬‏العلوم الاصلة بالنظر ل تصفمو عن شأوب الوهم‪ ،‬ومالطة اليال‬
‫غالبا؛ ولذا كثيخا ما يقيسُون الغائب على الشاهد فيضلون‪ ،‬وأيضا ل يتخلصون ف‬
‫الناظرةا عن اتباع الوى‪ ،‬بلف التصوف‪ ،‬فإنه تصفمية للروحَّ‪ ،‬وتطهيخ للقلب عن الوهم‬
‫واليال‪ ،‬فل يبقي إل النتظار للفميض من العلوم اللية‪ .‬‏‬

‫وأما صعوبة السُلك وبعده فل يقدحَّ ف صحة العلم‪ ،‬مع أنه يسُيخ على من يسُره ال ‪-‬‬
‫سبحانه وتعال ‪ -‬‏عليه‪ ،‬وأما اختلل الزماج‪ ،‬فإن وقع فيقبل العلج؛ ومثلوا بطائفمتي‬
‫تنازعتا ف الباهاةا والفتخار بصنعة النقش والتصوير‪ ،‬حت أدى الفتخار إل الختبار‪،‬‬
‫فعي لكل منهمحا جدار بينهمحا حجاب‪ ،‬فتكلف أحدها ف صنعته‪ ،‬واشأتغل الخر‬
‫بالتصقيل‪ ،‬فلمحا ارتفمع الجاب ظهر تللؤ الدار مع جيع نقوش القابل‪ ،‬وقالوا‪ :‬‏هذه‬
‫أمثال العلوم النظرية والكشفمية‪ ،‬فالول‪ :‬‏يصل من طريق الواس بالكد والعناء‪ ،‬والثان‪:‬‬
‫يصل من اللوحَّ الفموظ‪ ،‬والل العلى‪ .‬‏)‪ /1‬‏‪ (256‬‏‬

‫واعتمض عليهم‪ :‬‏بأنا ل نسُلم مطلق الصول‪ ،‬لن كل علم مسُائله كثيخةا‪ ،‬وحصولا‬
‫عبارةا عن اللكة الراسخة فيه‪ ،‬وهي ل تتم إل بالتعلم والتدرب؟ ‪ -‬‏كمحا سبق ‪ .-‬‏‬

‫ولعل الكاشأف ل يدعي حصول العلوم النظرية بطريق الكشف‪ ،‬لنه ل يصدق إل أن‬
‫يقول بصول الغاية‪ ،‬والغرض منها‪ .‬‏‬

‫الاكمحة بي الفمريقي‬

‫وقد يقال‪ :‬‏إنه قد سبق أن العلوم مع كثرتا منحصرةا فيمحا يتعلق بالعيان‪ ،‬وهو العلوم‬
‫القيقية‪ ،‬وتسُمحى‪ :‬‏حكمحية‪ ،‬إن جرى الباحث على مقتضى عقله‪ ،‬وشأرعية‪ :‬‏إن بث على‬

‫‪205‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫قانون السلم‪ ،‬وفيمحا يتعلق بالذهان والعبارةا‪ ،‬وهي‪ :‬‏العلوم اللية العنوية‪ ،‬كالنطق‬
‫ونوه؛ وفيمحا يتعلق بالعبارةا والكتابة‪ ،‬وهي‪ :‬‏العلوم اللية اللفمظية أو الطية‪ ،‬وتسُمحى‪:‬‬
‫بالعربية؛ ث إن ما عدا الول من القسُام الربعة ل سبيل إل تصيلها‪ ،‬إل الكسُب‬
‫بالنظر؛ أما الول‪ :‬‏فقد يصل بالتصفمية أيضا‪ .‬‏‬

‫ث إن الناس‪ ،‬منهم‪ :‬‏الشيوخ البالغون إل عشر السُتي‪ :‬‏فاللئق بشأنم طريق التصفمية‬
‫والنتظار‪ ،‬لا منحه ال ‪ -‬‏سبحانه وتعال ‪ -‬‏من العارف‪ ،‬إذ الوقت ل يسُاعد ف حقهم‬
‫تقدي طريق النظر‪ .‬‏‬

‫ومنهم‪ :‬‏الشبان الغبياء‪ :‬‏فحكمحهم حكم الشيوخ‪ .‬‏‬

‫ومنهم‪ :‬‏الشبان الذكياء‪ ،‬السُتعدون لفمهم القائق‪ :‬‏فل يلو إما أن ل يرشأدهم ماهر ف‬
‫العلوم النظرية‪ ،‬فعليهم ما على الشيوخ‪ ،‬وإما أن يسُاعدهم التقدير ف وجود عال ماهر‪،‬‬
‫مع أنه أعزم من الكبيت الحر‪ ،‬فعليه تقدي طريقة النظر‪ ،‬ث القبال بشراشأره إل قرع‬
‫باب اللكوت‪ ،‬ليكون فائزما بنعمحة باقية ل تفمنم أبدا‪ .‬‏‬

‫الباب الخامس في لواحق الفوائد‬

‫وفيه‪ :‬‏مطالب‬

‫ ‏مطلب لزوأم العلوم العربية‬

‫اعلم‪ :‬‏أن مباحث العلوم إنا هي ف العان الذهنية واليالية‪ ،‬من بي العلوم الشرعية الت‬
‫أكثرها مباحث اللفماظ وموادها‪ ،‬وبي العلوم العقلية وهي ف الذهن‪ .‬‏‬

‫واللغات‪ :‬‏إنا هي ترجان عمحا ف الضمحائر من العان‪ ،‬ول بد ف افتتاحها من ألفماظها‪،‬‬


‫بعرفة دللتها اللفمظية والطية عليها؛ وإذا كانت اللكة ف الدللة راسخة‪ ،‬بيث تتبادر‬
‫العان إل الذهن من اللفماظ‪ ،‬زال الجاب بي العان والفمهم‪ ،‬ول يبق إل معاناةا ما ف‬
‫العان من الباحث‪ .‬‏‬

‫‪206‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫هذا شأأن العان مع اللفماظ والط بالنسُبة إل كل لغة؛ ث إن اللة السلمية لا اتسُع‬
‫ملكها‪ ،‬ودرست علوم الولي بنبوتا وكتابا‪ ،‬صيخوا علومهم الشرعية صناعة‪ ،‬بعد أن‬
‫كانت نقل‪ ،‬فحدثت فيها اللكات‪ ،‬وتشوقوا إل علوم المم‪ ،‬فنقولا بالتمجة إل‬
‫علومهم‪ ،‬وبقيت تلك الدفاتر الت بلغتهم العجمحية نسُيا منسُيا‪ ،‬وأصبحت العلوم كلها‬
‫بلغة العرب‪ ،‬واحتاج القائمحون بالعلوم إل معرفة الدللت اللفمظية والطية ف لسُانم‪،‬‬
‫دون ما سواه من اللسُن )‪ /1‬‏‪ (258‬‏لدروسها‪ ،‬وذهاب العناية با‪ .‬‏‬

‫وقد ثبت أن اللغة‪ :‬‏ملكة ف اللسُان‪ ،‬والط‪ :‬‏صناعة ملكتها ف اليد‪ ،‬فإذا تقدمت‬
‫اللسُان ملكة العجمحة‪ ،‬صار مقصرا ف اللغة العربية‪ ،‬لن اللكة إذا تقدمت ف صناعة‬
‫أخرى ‪ -‬‏إل أن تكون ملكة العجمحة السُابقة ‪ -‬‏ل تسُتحكم كمحا ف أصاغر أبناء‬
‫العجم‪ .‬‏‬

‫وكذا شأأن من سبق له أن تعلم الط العجمحي قبل العرب؛ ولذلك ترى بعض علمحاء‬
‫العجام ف دروسهم‪ ،‬يعدلون عن نقل العلمحى من الكتب إل قراءتا ظاهرا‪ ،‬يفمفمون‬
‫بذلك عن أنفمسُهم مؤونة بعض الجب‪ ،‬وصاحب اللكة ف العبارةا والط مسُتغن عن‬
‫ذلك‪ .‬‏‬

‫ ‏مطلب العلوم العقلية وأأصنافها‬

‫أما العلوم العقلية الت هي‪ :‬‏طبيعية للنسُان من حيث إنه ذو فكر‪ ،‬فهي غيخ متصة‬
‫بلة‪ ،‬بل يوجد النظر فيها لهل اللل كلهم‪ ،‬ويسُتوون ف مداركها ومباحثها‪ ،‬وهي‬
‫موجودةا ف النوع النسُان منذ كان عمحران الليقة؛ وتسُمحى هذه العلوم‪ :‬‏علوم الفملسُفمة‬
‫والكمحة‪ ،‬وهي مشتمحلة على أربعة علوم‪ :‬‏‬

‫الول‪ :‬‏علم النطق‬

‫وهو‪ :‬‏علم يعصم الذهن عن الطأ ف اقتناص الطالب الهولة‪ ،‬من المور الاصلة‬
‫العلومة‪ .‬‏‬

‫‪207‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وفائدته‪ :‬‏تييزم الطأ من الصواب‪ ،‬فيمحا يلتمحسُه الناظر ف الوجودات وعوارضها‪ ،‬ليقف‬
‫على تقيق الق ف الكائنات بنتهى فكره‪ .‬‏)‪ /1‬‏‪ (259‬‏‬

‫الثان‪ :‬‏العلم الطبيعي‬

‫ث النظر بعد ذلك عندهم‪ :‬‏‬

‫إما‪ :‬‏ف السُوسات من الجسُام العنصرية والكونة عنها‪ ،‬من‪ :‬‏العدن‪ ،‬والنبات‪ ،‬واليوان‪،‬‬
‫والجسُام الفملكية‪ ،‬والركات الطبيعية‪ ،‬والنفمس الت تنبعث عنها الركات‪ ،‬وغيخ ذلك؛‬
‫ويسُمحى هذا الفمن‪ :‬‏بالعلم الطبيعي‪ ،‬وهو‪ :‬‏الثان منها‪ .‬‏‬

‫الثالث‪ :‬‏العلم اللي‬

‫وإما‪ :‬‏أن يكون النظر ف المور الت وراء الطبيعة من الروحانيات‪ ،‬ويسُمحونه‪ :‬‏العلم اللي‪،‬‬
‫وهو‪ :‬‏الثالث منها‪ .‬‏‬

‫والعلم الرابع‪ :‬‏‬

‫وهو‪ :‬‏الناظر ف القادير؛ ويشتمحل على‪ :‬‏أربعة علوم‪ ،‬وتسُمحى‪ :‬‏التعاليم‬

‫أولا‪ :‬‏علم الندسة‬

‫وهو‪ :‬‏النظر ف القادير على الطلق‪ ،‬إما النفمصلة‪ :‬‏من حيث كونا معدودةا؛ أو‬
‫التصلة‪ :‬‏وهي إما ذو بعد واحد‪ ،‬وهو‪ :‬‏الط؛ أو ذو بعدين‪ ،‬وهو‪ :‬‏السُطح؛ أو ذو أبعاد‬
‫ثلثة‪ ،‬وهو‪ :‬‏السُم التعليمحي؛ ينظر ف هذه القادير وما يعرض عليها إما من‪ :‬‏حيث‬
‫ذاتا‪ ،‬أو من‪ :‬‏حيث نسُبة بعضها إل بعض‪ .‬‏‬

‫وثانيها‪ :‬‏علم الرتاطيقي‬

‫‪208‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وهو‪ :‬‏معرفة ما يعرض للكم النفمصل‪ ،‬الذي هو‪ :‬‏العدد؛ ويؤخذ له من الواص والعوارض‬
‫اللحقة‪ .‬‏‬

‫وثالثها‪ :‬‏علم الوسيقى‬

‫وهو‪ :‬‏معرفة نسُب الصوات والنغم بعضها من بعض‪ ،‬وتقديرها بالعدد؛‬

‫وثرته‪ :‬‏معرفة تلحي الغناء‪ .‬‏‬

‫ورابعها‪ :‬‏علم اليئة‬

‫وهو‪ :‬‏تعيي الشأكال للفلك‪ ،‬وحصر أوضاعها وتعددها لكل كوكب من السُنيارةا‪،‬‬
‫والقيام على معرفة ذلك من قبل الركات السُمحاوية الشاهدةا الوجودةا لكل واحد منها‪،‬‬
‫ومن رجوعها‪ ،‬واستقامتها‪ ،‬وإقبالا‪ ،‬وإدبارها‪ .‬‏)‪ /1‬‏‪ (260‬‏‬

‫سبعة ‏‪ :‬‏‬
‫وأهي ‏ ‏‬
‫العلوم ‏الفلسفية؛ ‏ ‏ ‏‬
‫‪ :‬‏أصول ‏ ‏‬
‫ ‏‬ ‫فهذه ‏‬
‫ ‏ ‏‬

‫‪ -1‬النطق‪ :‬‏وهو القدم منها‪ ،‬وبعده‪ :‬‏التعاليم‪ .‬‏‬


‫‪ -2‬فالرتاطيقي أول‪ .‬‏‬
‫‪ -3‬ث الندسة‪ .‬‏‬
‫‪ -4‬ث اليئة‪ .‬‏‬
‫‪ -5‬ث الوسيقى‪ .‬‏‬
‫‪ -6‬ث الطبيعيات‪ .‬‏‬
‫‪ -7‬ث الليات‪ .‬‏‬

‫ولكل واحد منها فروع تتفمرع عنه‪ .‬‏‬

‫فمحن فروع الطبيعيات‪ :‬‏الطب‪ .‬‏‬

‫ومن فروع علم العدد‪ :‬‏علم السُاب‪ ،‬والفمرائض‪ ،‬والعاملت‪ .‬‏‬

‫‪209‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫ومن فروع اليئة‪ :‬‏الزياج‪ :‬‏وهي قواني لسُابات حركات الكواكب وتعديلها‪ ،‬للوقوف‬
‫على مواضعها مت قصد ذلك‪ .‬‏‬

‫ومن فروع النظر ف النجوم‪ :‬‏علم الحكام النجومية‪ .‬‏‬

‫واعلم‪ :‬‏أن أكثر من عن با ف الجيال الذين عرفنا أخبارهم‪ ،‬المتان العظيمحتان ف‬


‫الدولة قبل السلم‪ ،‬وها‪ :‬‏فارس‪ ،‬والروم؛ فكانت أسواق العلوم نافقة لديهم ‪ -‬‏على ما‬
‫بلغنا ‪ ،-‬لا كان العمحران موفورا فيهم‪ ،‬والدولة والسُلطان قبل السلم وعصره لم‪ ،‬فكان‬
‫لذه العلوم بور زاخرةا ف آفاقهم وأمصارهم‪ .‬‏‬

‫وكان للكلدانيي‪ ،‬ومن قبلهم من السُريانيي‪ ،‬ومن عاصرهم من القبط‪ ،‬عناية بالسُحر‬
‫والنجامة‪ ،‬وما يتبعها من الطلسم‪ ،‬وأخذ ذلك عنهم المم من‪ :‬‏فارس‪ ،‬ويونان‪ ،‬فاختصخ‬
‫با القبط‪ ،‬وطمحى )‪ /1‬‏‪ (261‬‏برها فيهم‪ ،‬كمحا وقع ف التلو من خب هاروت وماروت‪،‬‬
‫وشأأن السُحرةا‪ ،‬وما نقله أهل العلم من شأأن الباب بصعيد مصر‪ .‬‏‬

‫ث تتابعت اللل بطر ذلك وتريه‪ ،‬فدرست علومه وبطلت‪ ،‬كأن ل تكن إل بقايا‬
‫يتناقلها منتحلو هذه الصنائع‪ - ،‬‏وال أعلم بصحتها ‪ ،-‬مع أن سيوف الشرع قائمحة‬
‫على ظهورها‪ ،‬مانعة من اختبارها‪ .‬‏‬

‫وأما الفمرس‪ :‬‏فكان شأأن هذه العلوم العقلية عندهم عظيمحا‪ ،‬ونطاقها متسُعا‪ ،‬لا كانت‬
‫عليه دولتهم من الضخامة‪ ،‬واتصال اللك‪ .‬‏‬

‫ولقد يقال‪ :‬‏إن هذه العلوم‪ ،‬إما وصلت إل يونان منهم‪ ،‬حي قتل السكندر دارا‪،‬‬
‫وغلب على ملكة الكينية‪ ،‬فاستول على كتبهم وعلومهم مال يأخذه الصر‪ .‬‏‬

‫ولا فتحت أرض فارس‪ ،‬ووجدوا فيها كتبا كثيخةا‪ ،‬كتب سعد بن أب وقاص إل عمحر بن‬
‫الطاب ‪ -‬‏رضي ال عنه ‪ -‬‏ليسُتأذنه ف شأأنا‪ ،‬وتلقينها للمحسُلمحي‪ ،‬فكتب إليه عمحر ‪-‬‬
‫رضي ال عنه ‪ -‬‏أن اطرحوها ف الاء‪ ،‬فإن يكن ما فيها هدى‪ ،‬فقد هدانا ال بأهدى‬

‫‪210‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫منه‪ ،‬وإن يكن ضلل‪ ،‬فقد كفمانا ال؛ فطرحوها ف الاء‪ ،‬أو ف النار‪ ،‬وذهب علوم‬
‫الفمرس فيها عن أن تصل إلينا‪ .‬‏‬

‫وأما الروم‪ :‬‏فكانت الدولة منهم ليونان أول‪ ،‬وكان لذه العلوم بينهم مال رحب‪ ،‬وحلها‬
‫مشاهيخ من رجالم‪ ،‬مثل‪ :‬‏أساطي الكمحة‪ ،‬وغيخهم؛ واختصخ فيها الشاؤرون ‪ -‬‏منهم‬
‫أصحاب الرواق ‪ -‬‏بطريقة حسُنة ف التعليم‪ ،‬يقرؤرون ف رواق يظلهم من الشمحس والبد‬
‫‪ -‬‏على ما زعمحوا ‪ ،-‬واتصل فيها سند تعليمحهم ‪ -‬‏على ما يزمعمحون ‪ -‬‏من لدن لقمحان‬
‫الكيم )‪ /1‬‏‪ (262‬‏ف تلمحيذه بقراطر‪ ،‬ث إل تلمحيذه أفلطون‪ ،‬ث إل تلمحيذه أرسطو‪ ،‬ث‬
‫إل تلمحيذه السكندر الفرودسي‪ ،‬وتامسُطيوس‪ ،‬وغيخهم‪ .‬‏‬

‫وكان أرسطو معلمحا للسكندر ملكهم‪ ،‬الذي غلب الفمرس على ملكهم‪ ،‬وانتزمع اللك من‬
‫أيديهم‪ ،‬وكان أرسخهم ف هذه العلوم قدما‪ ،‬وأبعدهم فيها صيتا‪ ،‬وكان يسُمحى‪ :‬‏العلم‬
‫الول‪ ،‬فطار له ف العال ذكر‪ .‬‏‬

‫ولا انقرض أمر اليونان‪ ،‬وصار المر للقياصرةا‪ ،‬وأخذوا بدين النصرانية‪ ،‬هجروا تلك‬
‫العلوم‪ ،‬كمحا تقتضيه اللل والشرائع فيها‪ ،‬وبقيت ف صحفمها ودواوينها ملدةا باقية ف‬
‫خزمائنهم‪ ،‬ث ملكوا الشام‪ ،‬وكتب هذه العلوم باقية فيهم‪ ،‬ث جاء ال بالسلم‪ ،‬وكان‬
‫لهله الظهور الذي ل كفماء له‪ ،‬وابتمزموا الروفم سمطلفكهم فيمحا ابتمزموه للمم‪ ،‬وابتدأ أمرهم‬
‫بالسُذاجة والغفملة من الصنائع‪ ،‬حت إذا تبحبح السُلطان والدولة‪ ،‬وأخذوا من الضارةا‬
‫بالظ الذي ل يكن لغيخهم من المم‪ ،‬وتفمننوا ف الصنائع والعلوم‪ ،‬تشوقوا إل الطلع‬
‫على هذه العلوم الكمحية‪ ،‬با سعوا من الساقفمة والقسُة العاهدين بعض ذكر منها‪ ،‬وبا‬
‫تسُمحو إليه أفكار النسُان فيها‪ ،‬فبعث أبو جعفمر النصور إل ملك الروم‪ :‬‏أن يبعث إليه‬
‫بكتب التعاليم متمجة‪ ،‬فبعث إليه بكتاب أوقليدس‪ ،‬وبعض كتب الطبيعيات؛ فقرأها‬
‫السُلمحون‪ ،‬واطلعوا على ما فيها‪ ،‬وازدادوا حرصا على الظفمر با بقي منها‪ .‬‏‬

‫وجاء )‪ /1‬‏‪ (263‬‏الأمون بعد ذلك‪ ،‬وكانت له ف العلم رغبة با كان ينتحله‪ ،‬فانبعث‬
‫لذه العلوم حرصا‪ ،‬وأوفد الرسل على ملوك الروم‪ ،‬ف استخراج علوم اليونانيي‪،‬‬

‫‪211‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وانتسُاخها بالط العرب‪ ،‬وبعث التمجي لذلك‪ ،‬فأوعى منه واستوعب‪ ،‬وعكف عليها‬
‫النظار من أهل السلم‪ ،‬وحذقوا ف فنونا‪ ،‬وانتهت إل الغاية أنظارهم فيها‪ ،‬وخالفموا‬
‫كثيخا من آراء العلم الول‪ ،‬واختصوه بالرد والقبول‪ ،‬لوقوف الشهرةا عنده‪ ،‬ودلونوا ف‬
‫ذلك الدواوين‪ ،‬وأربوا على من تقدمهم ف هذه العلوم؛ وكان من أكابرهم ف اللة‪ :‬‏أبو‬
‫نصر الفماراب‪ ،‬وأبو علي بن سينا بالشرق؛ والقاضي‪ :‬‏أبو الوليد بن رشأد‪ ،‬والوزير‪ :‬‏أبو‬
‫بكر بن الصائغ بالندلس؛ إل آخرين بلغوا الغاية ف هذه العلوم‪ .‬‏‬

‫واختصخ هؤلء بالشهرةا والذكر‪ ،‬واقتصر كثيخون على انتحال التعاليم‪ ،‬وما ينضاف إليها‬
‫من علوم النجامة‪ ،‬والسُحر‪ ،‬والطلسُمحات؛ ووقفمت الشهرةا ف هذا النتحل على مسُلمحة‬
‫بن أحد الريطي من أهل الندلس‪ ،‬وتلمحيذه؛ ودخل على اللة من هذه العلوم وأهلها‬
‫داخلة‪ ،‬واستهوت الكثيخ من الناس با جنحوا إليها‪ ،‬وقلدوا آراءها؛ والذنب ف ذلك لن‬
‫فعلوه{‪ .-‬‏‬
‫ال ‏ ‏ما ‏ ‏‬
‫شأاء ‏ ‏‬
‫ارتكبه ‪ -‬‏ ‏ ‏} ‏ولو ‏ ‏ ‏‬

‫ث إن الغرب والندلس‪ ،‬لا ركدت ريح العمحران بمحا‪ ،‬وتناقصت العلوم بتناقصه‪ ،‬اضمححل‬
‫ذلك منها إل قليل من رسومه‪ ،‬تدها ف تفماريق من الناس‪ ،‬وتت رقبة من علمحاء‬
‫السُنة‪ .‬‏‬

‫ويبلغنا عن أهل الشرق‪ :‬‏أن بضائع هذه العلوم ل تزمل عندهم موفورةا‪ ،‬وخصوصا ف‬
‫عراق العجم‪ ،‬وما بعده فيمحا وراء النهر‪ ،‬وأنم على ثبج من العلوم العقلية‪ ،‬لتوفر‬
‫عمحرانم‪ ،‬واستحكام الضارةا فيهم‪ .‬‏‬

‫ولقد وقفمت بصر على تآليف متعددةا لرجل من علمحاء هراةا‪ ،‬من بلد خراسان‪ ،‬سيشهر‪:‬‬
‫بسُعد الدين التفمتازان‪ ،‬منها‪ :‬‏ف )‪ /1‬‏‪ (264‬‏علم الكلم‪ ،‬وأصول الفمقه‪ ،‬والبيان‪ ،‬تشهد‬
‫بأن له ملكة راسخة ف هذه العلوم‪ ،‬وف أثنائها ما يدل له على أن له اطلعا على‬
‫يشاء{‪.-‬‬
‫من ‏ ‏‬
‫بنصره ‏ ‏‬
‫يؤيد ‏ ‏‬
‫العلوم الكمحية‪ ،‬وقدما عالية ف سائر الفمنون العقلية‪ - ،‬‏ ‏ ‏} ‏وال ‏ ‏ ‏‬

‫‪212‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫كذلك بلغنا لذه العهد‪ :‬‏أن هذه العلوم الفملسُفمية ببلد الفرنة من أرض رومة‪ ،‬وما إليها‬
‫من العدوةا الشمحالية‪ ،‬نافقة السواق‪ ،‬وأن رسومها هناك متجددةا‪ ،‬ومالس تعليمحها‬
‫متعددةا‪ ،‬ودواوينها جامعة متوفرةا‪ ،‬وطلبتها متكثرةا‪ - ،‬‏وال أعلم با هنالك‪ ،‬وهو ‏ ‏}يلق‬
‫ويتار{ ‏‪ .-‬‏انتهى‪ .‬‏‬
‫يشاء ‏ ‏‬
‫ ‏ ‏ما ‏ ‏‬

‫قلت‪ :‬‏‬

‫ث انتقضت تلك السُنون وأهلها ** ‏فكأنا وكأنم أحلم‬

‫ول يبق اليوم ف الشرق ول ف الغرب‪ ،‬بل ول ف الهات الربع‪ ،‬وما با من الدن‬
‫والمصار والقرى‪ ،‬من العلم إل اسه‪ ،‬ومن الدين إل رسه‪ ،‬وأباد الزممان أهله‪ - ،‬‏}كأن‬
‫ل يغنوا بالمس{‪ ،-‬فقد ذهب العلم برمته‪ ،‬وجاء الهل بأسره‪ ،‬وكان أمر ال قدرا‬
‫مقدورا‪ .‬‏)‪ /1‬‏‪ (265‬‏ ‏ ‏‬

‫مطلب في أن اللغة ملكة صناعية‬

‫اعلم‪ :‬‏أن اللغات كلها ملكات شأبيهة بالصناعة‪ ،‬إذ هي ملكات ف اللسُان للعبارةا عن‬
‫العان‪ ،‬وجودتا وقصورها بسُب تام اللكة أو نقصانا‪ ،‬وليس ذلك بالنظر إل‬
‫الفمردات‪ ،‬وإنا هو بالنظر إل التماكيب‪ .‬‏‬

‫فإذا حصلت اللكة التامة‪ ،‬ف تركيب اللفماظ الفمردةا‪ ،‬للتعبيخ با عن العان القصودةا‪،‬‬
‫ومراعاةا التأليف الذي يطبق الكلم على مقتضى الال‪ ،‬بلغ التكلم حينئذ الغاية من‬
‫إفادةا مقصوده للسُامع‪ ،‬وهذا هو معنم‪ :‬‏البلغة‪ .‬‏‬

‫واللكات ل تصل إل بتكرار الفعال‪ ،‬لن الفمعل يقع أول‪ ،‬وتعود منه للذات صفمة‪ ،‬ث‬
‫تتكرر فتكون حال‪ ،‬ومعنم الال‪ :‬‏أنا صفمة غيخ راسخة‪ ،‬ث يزميد التكرار فتكون ملكة‪،‬‬
‫أي‪ :‬‏صفمة راسخة‪ .‬‏‬

‫‪213‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫فالتكلم من العرب ‪ -‬‏حي كانت ملكة اللغة العربية موجودةا فيهم ‪ -‬‏يسُمحع كلم أهل‬
‫جيله وأساليبهم ف ماطباتم‪ ،‬وكيفمية تعبيخهم عن مقاصدهم‪ ،‬كمحا يسُمحع الصب‬
‫استعمحال الفمردات ف معانيها فيلقنها أول‪ ،‬ث يسُمحع التماكيب بعدها فيلقنها كذلك‪ ،‬ث‬
‫ل يزمال ساعهم لذلك يتجدد ف كل لظة‪ ،‬ومن كل متكلم‪ ،‬واستعمحاله يتكرر‪ ،‬إل أن‬
‫يصيخ ذلك ملكة‪ ،‬وصفمة راسخة‪ ،‬ويكون كأحدهم‪ .‬‏‬

‫هكذا تصيخت اللسُن واللغات‪ ،‬من جيل إل جيل‪ ،‬وتعلمحها العجم والطفمال؛ وهذا هو‬
‫معنم ما تقوله العامة‪ :‬‏من أن اللغة للعرب بالطبع‪ ،‬أي‪ :‬‏باللكة الول الت أخذت عنهم‪،‬‬
‫ول يأخذوها عن غيخهم؛ ث إنه )‪ /1‬‏‪ (266‬‏فسُدت هذه اللكة لضر بخالطتهم‬
‫العاجم‪ ،‬وسبب فسُادها‪ :‬‏أن الناشأئ من اليل‪ ،‬صار يسُمحع ف العبارةا عن القاصد‬
‫كيفميات أخرى‪ ،‬غيخ الكيفميات الت كانت للعرب‪ ،‬فيعب با عن مقصوده لكثرةا‬
‫الخالطي للعرب من غيخهم‪ ،‬ويسُمحع كيفميات العرب أيضا‪ ،‬فاختلط عليه المر‪ ،‬وأخذ‬
‫من هذه وهذه‪ ،‬فاستحدث ملكة‪ ،‬وكانت ناقصة عن الول‪ ،‬وهذا معنم فسُاد اللسُان‬
‫العرب‪ .‬‏‬

‫ولذا كانت لغة قريش أفصح اللغات العربية وأصرحها‪ ،‬لبعدهم عن بلد العجم من‬
‫جيع جهاتم‪ ،‬ث من اكتنفمهم من ثقيف‪ ،‬وهذيل‪ ،‬وخزماعة‪ ،‬وبن كنانة‪ ،‬وغطفمان‪ ،‬وبن‬
‫أسد‪ ،‬وبن تيم؛ وأما من بعد عنهم من‪ :‬‏ربيعة‪ ،‬ولم‪ ،‬وجذام‪ ،‬وغسُان‪ ،‬وإياد‪ ،‬وقضاعة‪،‬‬
‫وعرب اليمحن‪ ،‬الاورين لمم الفمرس والروم والبشة‪ ،‬فلم تكن لغتهم تامة اللكة‪ ،‬بخالطة‬
‫العاجم‪ ،‬وعلى نسُبة بعدهم من قريش‪ ،‬كان الحتجاج بلغاتم ف الصحة والفمسُاد عند‬
‫أهل الصناعة العربية‪ - ،‬‏وال سبحانه وتعال أعلم‪ ،‬وبه التوفيق ‪ .-‬‏)‪ /1‬‏‪ (267‬‏‬

‫ ‏‬

‫مطلب في أن لغة العرب لهذا العهد لغة مستقلة مغايرة للغة مضر وأحمير‬

‫‪214‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وذلك أنا ندها ف بيان القاصد والوفاء‪ ،‬بالدللة على سنن اللسُان الضري‪ ،‬ول يفمقد‬
‫منها إل دللة الركات على تعمي الفماعل من الفمعول‪ ،‬فاعتاضوا منها بالتقدي والتأخيخ‪،‬‬
‫وبقرائن تدل على خصوصيات القاصد؛ إل أن البيان والبلغة ف اللسُان الضري أكثر‬
‫وأعرف‪ ،‬لن اللفماظ بأعيانا دالة على العان بأعيانا‪ ،‬ويبقى ما تقتضيه الحوال‪،‬‬
‫ويسُمحى‪ :‬‏بسُاطر الال‪ ،‬متاجا إل ما يدل عليه‪ .‬‏‬

‫وكل معنم ل بد وأن تكتنفمه أحوال تصه‪ ،‬فيجب أن تعتب تلك الحوال ف تأدية‬
‫القصود‪ ،‬لنا صفماته‪ ،‬وتلك الحوال ف جيع اللسُن‪ ،‬أكثر ما يدل عليها بألفماظ‬
‫تصها بالوضع‪ ،‬وأما ف اللسُان العرب‪ ،‬فإنا يدل عليها بأحوال وكيفميات‪ ،‬ف تراكيب‬
‫اللفماظ وتأليفمها‪ ،‬من تقدي‪ ،‬أو تأخيخ‪ ،‬أو حذف‪ ،‬أو حركة إعراب‪ ،‬وقد يدل عليها‬
‫بالروف غيخ السُتقلة؛ ولذلك تفماوتت طبقات الكلم ف اللسُان العرب‪ ،‬بسُب تفماوت‬
‫الدللة على تلك الكيفميات‪ ،‬فكان الكلم العرب لذلك أوجزم‪ ،‬وأقل ألفماظا وعبارةا من‬
‫جيع اللسُن‪ .‬‏‬

‫وهذا معنم قوله ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ :-‬‏)أوتيت جوامع الكلم‪ ،‬واختصر ل الكلم‬
‫اختصارا(‪ .‬‏‬

‫واعتب ذلك با يكى عن عيسُى بن عمحر‪ ،‬وقد )‪ /1‬‏‪ (268‬‏قال له بعض النحاةا‪ :‬‏إن‬
‫أجد ف كلم العرب تكرارا ف قولم‪ :‬‏زيد قائم‪ ،‬وإن زيدا قائم‪ ،‬وإن زيدا لقائم‪ ،‬والعنم‬
‫واحد؛ فقال له‪ :‬‏إن معانيها متلفمة‪ ،‬فالول‪ :‬‏لفادةا الال الذهن من قيام زيد‪ ،‬والثان‪:‬‬
‫لن سعه فتمدد فيه‪ ،‬والثالث‪ :‬‏لن عرف بالصرار على إنكاره؛ فاختلفمت الدللة باختلف‬
‫الحوال‪ .‬‏‬

‫وما زالت هذه البلغة والبيان ديدن العرب ومذهبهم لذا العهد‪ ،‬ول تلتفمت ف ذلك إل‬
‫خرفشة النحاةا‪ ،‬أهل صناعة العراب‪ ،‬القاصرةا مداركهم عن التحقيق‪ ،‬حيث يزمعمحون أن‬
‫البلغة لذا العهد ذهبت‪ ،‬وأن اللسُان العرب فسُد‪ ،‬اعتبارا با وقع أواخر الكلم من‬
‫فسُاد العراب‪ ،‬الذي يتدارسون قوانينه‪ ،‬وهي مقالة دسها التشيع ف طباعهم‪ ،‬وألقاها‬

‫‪215‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫القصور ف أفئدتم‪ ،‬وإل فنحن ند اليوم الكثيخ من ألفماظ العرب‪ ،‬ل تزمل ف موضوعاتا‬
‫الول‪ ،‬والتعبيخ عن القاصد والتفماوت فيه بتفماوت البانة‪ ،‬موجود ف كلمهم لذا العهد‪،‬‬
‫وأساليب اللسُان وفنونه من النظم والنثر‪ ،‬موجودةا ف ماطبتهم‪ ،‬وفهم الطيب الصقع ف‬
‫مافلهم ومامعهم‪ ،‬والشاعر الفملق على أساليب لغتهم؛ والذوق الصحيح‪ ،‬والطبع‬
‫السُليم‪ :‬‏شأاهدان بذلك‪ ،‬ول يفمقد من أحوال اللسُان الدون إل حركات العراب‪ ،‬ف‬
‫أواخر الكلم فقط‪ ،‬الذي لزمم ف لسُان مضر طريقة واحدةا‪ ،‬ومهيعا معروفا‪ ،‬وهو‬
‫العراب‪ ،‬وهو بعض من أحكام اللسُان‪ ،‬وإنا وقعت العناية بلسُان مضر‪ ،‬لا فسُد‬
‫بخالطتهم العاجم‪ ،‬حي استولوا على مالك العراق‪ ،‬والشام‪ ،‬ومصر‪ ،‬والغرب‪ ،‬وصارت‬
‫ملكته على غيخ الصورةا الت كانت أول‪ ،‬فانقلب لغة أخرى‪ ،‬وكان القرآن متنزمل به‪،‬‬
‫والديث النبوي منقول بلغته‪ ،‬وها أصل الدين واللة؛ فخشي تناسيهمحا‪ ،‬وانغلق الفهام‬
‫عنهمحا‪ /1) ،‬‏‪ (269‬‏بفمقدان اللسُان الذي تنزمل به‪ ،‬فاحتيج إل تدوين أحكامه‪ ،‬ووضع‬
‫مقاييسُه‪ ،‬واستنباطر قوانينه‪ ،‬وصار علمحا ذا فصول‪ ،‬وأبواب‪ ،‬ومقدمات‪ ،‬ومسُائل‪ ،‬ساه‬
‫أهله‪ :‬‏بعلم النحو وصناعة العربية‪ ،‬فأصبح فنا مفموظا‪ ،‬وعلمحا مكتوبا‪ ،‬وسلمحا إل فهم‬
‫كتاب ال‪ ،‬وسنة رسوله وافيا‪ ،‬ولعلنا لو اعتنينا بذا اللسُان العرب لذا العهد‪ ،‬واستقرينا‬
‫أحكامه‪ ،‬نعتاض عن الركات العرابية ف دللتها‪ ،‬بأمور أخرى موجودةا فيه‪ ،‬فتكون لا‬
‫قواني تصها‪ ،‬ولعلها تكون ف أواخره‪ ،‬على غيخ النهاج الول ف لغة مضر‪ .‬‏‬

‫فليسُت اللغات وملكاتا مانا‪ ،‬ولقد كان اللسُان الضري مع اللسُان المحيخي بذه‬
‫الثابة‪ ،‬وتغيخت عند مضر كثيخ من موضوعات اللسُان المحيخي‪ ،‬وتصاريف كلمحاته؛‬
‫تشهد بذلك النقال الوجودةا لدينا‪ ،‬خلفا لن يمحله القصور على أنمحا لغة واحدةا‪،‬‬
‫ويلتمحس إجراء اللغة المحيخية على مقاييس اللغة الضرية وقوانينها‪ ،‬كمحا يزمعم بعضهم ف‬
‫اشأتقاق‪ :‬‏القيل ف اللسُان المحيخي‪ ،‬أنه من القول‪ ،‬وكثيخ من أشأباه هذا‪ ،‬وليس ذلك‬
‫بصحيح‪ .‬‏‬

‫ولغة حيخ‪ :‬‏لغة أخرى‪ ،‬مغايرةا للغة مضر‪ ،‬ف الكثيخ من أوضاعها‪ ،‬وتصاريفمها‪ ،‬وحركات‬
‫إعرابا‪ ،‬كمحا هي لغة العرب لعهدنا‪ ،‬مع لغة مضر‪ ،‬إل أن العناية بلسُان مضر من أجل‬

‫‪216‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫الشريعة ‪ -‬‏كمحا قلناه ‪ -‬‏حل ذلك على الستنباطر والستقراء‪ ،‬وليس عندنا لذه العهد ما‬
‫يمحلنا على مثل ذلك‪ ،‬ويدعونا إليه‪ .‬‏‬

‫وما وقع ف لغة هذا اليل العرب لذا العهد‪ ،‬حيث كانوا من القطار‪ ،‬شأأنم ف النطق‬
‫بالقاف‪ ،‬فإنم ل ينطقون با من مرج القاف‪ ،‬عند أهل المصار‪ ،‬كمحا هو مذكور ف‬
‫كتب العربية‪ ،‬أنه من أقصى اللسُان‪ ،‬وما فوقه من النك العلى‪ ،‬وما ينطقون با أيضا‬
‫من مرج الكاف‪ ،‬وإن كان أسفمل )‪ /1‬‏‪ (270‬‏من موضع القاف‪ ،‬وما يليه من النك‬
‫العلى‪ ،‬كمحا هي‪ ،‬بل ييئون با متوسطة بي الكاف والقاف‪ ،‬وهو موجود للجيل‬
‫أجع‪ ،‬حيث كانوا من غرب أو شأرق‪ ،‬حت صار ذلك علمة عليهم من بي المم‬
‫والجيال‪ ،‬ومتصا بم‪ ،‬ل يشاركهم فيها غيخهم‪ ،‬حت إن من يريد التعرب والنتسُاب إل‬
‫اليل‪ ،‬والدخول فيه‪ ،‬ياكيهم ف النطق با‪ ،‬وعندهم أنه إنا يتمحيزم العرب الصريح من‬
‫الدخيل ف العروبية‪ ،‬والضري بالنطق بذه القاف‪ ،‬ويظهر بذلك أنا لغة مضر بعينها‪،‬‬
‫فإن هذا اليل الباقي‪ ،‬معظمحهم ورؤرساؤرهم شأرقا وغربا‪ ،‬ف ولد منصور بن عكرمة بن‬
‫خصفمة بن قيس بن عيلن‪ ،‬من سسليم بن منصور‪ ،‬ومن بن عامر بن صعصعة بن معاوية‬
‫بن بكر بن هوازن بن منصور‪ .‬‏‬

‫وهم لذا العهد أكثر المم ف العمحور وأغلبهم‪ ،‬وهم من أعقاب مضر‪ ،‬وسائر اليل‬
‫منهم ف النطق بذه القاف أسوةا‪ .‬‏‬

‫وهذه اللغة ل يبتدعها هذا اليل‪ ،‬بل هي متوارثة فيهم متعاقبة‪ ،‬ويظهر من ذلك أنا لغة‬
‫مضر الولي‪ ،‬ولعلها لغة النب ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ -‬‏بعينها‪ ،‬وقد ادعى ذلك فقهاء‬
‫السُتقيم{ ‏بغيخ القاف‪،‬‬
‫اهدنا ‏الصراطر ‏ ‏ ‏‬
‫أهل البيت‪ ،‬وزعمحوا‪ :‬‏أن من قرأ ف أم الكتاب‪ :‬‏ ‏ ‏} ‏ ‏‬
‫الت لذا اليل فقد لن‪ ،‬وأفسُد صلته؛ ول أدر من أين جاء هذا؟ فإن لغة أهل‬
‫المصار أيضا ل يسُتحدثوها‪ ،‬وإنا تناقلوها من لدن سلفمهم‪ ،‬وكان أكثرهم من مضر‪ ،‬لا‬
‫نزملوا المصار من لدن الفمتح؛ وأهل اليل أيضا ل يسُتحدثوها‪ ،‬إل أنم أبعد من مالطة‬
‫العاجم من أهل المصار‪ ،‬فهذا يرجح فيمحا يوجد من اللغة لديهم‪ ،‬أنه من لغة سلفمهم‪،‬‬

‫‪217‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫هذا مع اتفماق أهل اليل كلهم شأرقا وغربا ف النطق با‪ ،‬وأنا الاصية الت يتمحيزم با‬
‫العرب من الجي والضري‪ - ،‬‏فتفمهم ذلك‪ ،‬وال الادي البي‪} ،‬يهدي من يشاء إل‬
‫طريق مسُتقيم{‪ .-‬‏)‪ /1‬‏‪ (271‬‏‬

‫ ‏مطلب في أن لغة أهل الحضر وأالمصار لغة قائمة بنفسها مخالفة للغة مضر‬

‫اعلم‪ :‬‏أن عرف التخاطب ف المصار وبي الضر ليس بلغة مضر القدية‪ ،‬ول بلغة أهل‬
‫اليل‪ ،‬بل هي لغة أخرى قائمحة بنفمسُها‪ ،‬بعيدةا عن لغة مضر‪ ،‬وعن لغة هذا اليل العرب‬
‫الذي لعهدنا‪ ،‬وهي عن لغة مضر أبعد‪ ،‬فأما‪ :‬‏أنا لغة قائمحة بنفمسُها‪ ،‬فهو ظاهر يشهد‬
‫له ما فيها‪ ،‬من التغاير الذي يعد عند صناعة أهل النحو لنا‪ ،‬وهي مع ذلك تتلف‬
‫باختلف المصار ف اصطلحاتم‪ .‬‏‬

‫فلغة أهل الشرق‪ :‬‏مباينة بعض الشيء للغة أهل الغرب‪ ،‬وكذا أهل الندلس معهمحا‪ ،‬وكل‬
‫منهم متوصل بلغته إل تأدية مقصوده‪ ،‬والبانة عمحا ف نفمسُه‪ ،‬وهذا معنم اللسُان واللغة‪ .‬‏‬

‫وفقدان العراب ليس بضائر لم ‪ -‬‏كمحا قلناه ‪ -‬‏ف لغة العرب لذا العهد‪ ،‬وأما‪ :‬‏أنا‬
‫أبعد عن اللسُان الول من لغة هذا اليل‪ ،‬فلئن البعد عن اللسُان‪ ،‬إنا هو بخالطة‬
‫العجمحة‪ ،‬فمحن خالط العجم أكثر‪ ،‬كانت لغته عن ذلك اللسُان الصلي أبعد‪ ،‬لن‬
‫اللكة إنا تصل بالتعليم ‪ -‬‏كمحا قلناه ‪-‬؛ وهذه ملكة متزمجة من اللكة الول الت‬
‫كانت للعرب‪ ،‬ومن اللكة الثانية الت للعجم‪ ،‬فعلى مقدار ما يسُمحعونه من العجمحة‬
‫ويربون عليه‪ ،‬يبعدون عن اللكة الول‪ .‬‏‬

‫واعتب ذلك ف أمصار إفريقية‪ ،‬والغرب‪ ،‬والندلس‪ ،‬والشرق؛ أما إفريقية والغرب‬
‫فخالطت العرب فيها البابرةا من العجم‪ ،‬بوفور عمحرانا بم؛ ول يكد يلو عنهم مصر‬
‫ول جيل‪ ،‬فغلبت العجمحة فيها على اللسُان العرب‪ /1) ،‬‏‪ (272‬‏الذي كان لم‪ ،‬وصارت‬
‫لغة أخرى متزمجة‪ .‬‏‬

‫‪218‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫والعجمحة فيها أغلب ‪ -‬‏لا ذكرناه ‪ ،-‬فهي عن اللسُان الول أبعد‪ ،‬وكذا الشرق‪ ،‬لا‬
‫غلب العرب على أمه من فارس والتمك‪ ،‬فخالطوهم‪ ،‬وتداولت بينهم لغاتم ف الكرةا‪،‬‬
‫والفملحي‪ ،‬والسُب‪ ،‬الذين اتذوهم خول‪ ،‬ودايات‪ ،‬وأظآرا‪ ،‬ومراضع‪ ،‬ففمسُدت لغتهم‬
‫بفمسُاد اللكة‪ ،‬حت انقلبت لغة أخرى؛ وكذا أهل الندلس مع عجم الللقة والفرنة‪،‬‬
‫وصار أهل المصار كلهم من هذه القاليم‪ ،‬أهل لغة أخرى مصوصة بم‪ ،‬تالف لغة‬
‫مضر‪ ،‬ويالف أيضا بعضها بعضا ‪ -‬‏كمحا نذكره ‪ -‬‏وكأنا لغة أخرى‪ ،‬لستحكام ملكتها‬
‫ف أجيالم ‪ -‬‏)وربك يلق ما يشاء ويقدر( ‏‪ .-‬‏)‪ (1/273‬‏‬

‫ ‏مطلب في تعليم اللسان المضري‬

‫اعلم‪ :‬‏أن ملكة اللسُان الضري لذا العهد‪ ،‬قد ذهبت وفسُدت؛ ولغة أهل اليل كلهم‬
‫مغايرةا للغة مضر‪ ،‬الت نزمل با القرآن‪ ،‬وإنا هي لغة أخرى من امتزماج العجمحة با‪- ،‬‬
‫كمحا قدمناه ‪ ،-‬إل أن اللغات لا كانت ملكات ‪ -‬‏كمحا مر ‪ ،-‬كان تعلمحها مكنا شأأن‬
‫سائر اللكات‪ ،‬ووجه التعليم لن يبتغي هذه اللكة‪ ،‬ويروم تصيلها‪ ،‬أن يأخذ نفمسُه‬
‫بفمظ كلمهم القدي‪ ،‬الاري على أساليبهم من القرآن‪ ،‬والديث‪ ،‬وكلم السُلف‪،‬‬
‫وماطبات فحول العرب‪ ،‬ف أسجاعهم‪ ،‬وأشأعارهم‪ ،‬وكلمحات الولدين أيضا ف سائر‬
‫فنونم‪ ،‬حت يتنزمل لكثرةا حفمظه لكلمهم من النظوم والنثور‪ ،‬منزملة من نشأ بينهم‪ ،‬ولقن‬
‫العبارةا عن القاصد منهم‪ ،‬ث يتصرف بعد ذلك ف التعبيخ عمحا ف ضمحيخه‪ ،‬على حسُب‬
‫عبارتم‪ ،‬وتأليف كلمحاتم‪ ،‬وما وعاه وحفمظه من أساليبهم‪ ،‬وترتيب ألفماظهم‪ ،‬فتحصل له‬
‫هذه اللكة بذا الفمظ والستعمحال‪ ،‬ويزمداد بكثرتمحا رسوخا وقوةا‪ ،‬ويتاج مع ذلك إل‬
‫سلمة الطبع‪ ،‬والتفمهم السُن لنازع العرب‪ ،‬وأساليبهم ف التماكيب‪ ،‬ومراعاةا التطبيق‬
‫بينها‪ ،‬وبي مقتضيات الحوال‪ ،‬والذوق يشهد بذلك‪ ،‬وهو ينشأ ما بي هذه اللكة‪،‬‬
‫والطبع السُليم فيهمحا‪ - ،‬‏كمحا نذكر ‪-‬؛ وعلى قدر الفموظ‪ ،‬وكثرةا الستعمحال‪ ،‬تكون‬
‫جودةا القول الصنوع نظمحا ونثرا؛ ومن حصل على هذه اللكات‪ ،‬فقد حصل على لغة‬
‫مضر‪ ،‬وهو الناقد البصيخ بالبلغة فيها؛ وهكذا ينبغي أن يكون تعلمحها‪ - ،‬‏وال يهدي‬
‫من يشاء بفمضله وكرمه العمحيم ‪ .-‬‏)‪ /1‬‏‪ (274‬‏‬

‫‪219‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫ ‏مطلب في أن ملكة هذا اللسان غير صناعة العربية وأمستغنية عنها في التعليم‬

‫والسُبب ف ذلك‪ :‬‏أن صناعة العربية إنا هي معرفة قواني هذه اللكة‪ ،‬ومقاييسُها خاصة؛‬
‫فهو‪ :‬‏علم بكيفمية‪ ،‬ل نفمس كيفمية‪ ،‬فليسُت نفمس اللكة‪ ،‬وإنا هي بثابة من يعرف‬
‫صناعة من الصنائع علمحا‪ ،‬ول يكمحها عمحل‪ ،‬مثل أن يقول بصيخ بالياطة‪ ،‬غيخ مكم‬
‫ت البرةا‪ ،‬ث‬‫للكتها ف التعبيخ عن بعض أنواعها الياطة هي أن يدخل اليط ف لخر ل‬
‫ط‬
‫يغرزها ف للطفمفقي الثوب متمحعي‪ ،‬ويرجها من الانب الخر بقدار كذا‪ ،‬ث يردها إل‬
‫حيث ابتدأت‪ ،‬ويرجها قدام منفمذها الول‪ ،‬بطرحَّ ما بي الثقبي الولي‪ ،‬ث يتمحادى‬
‫على ذلك إل آخر العمحل؛ ويعطي صورةا البك‪ ،‬والتنبيت‪ ،‬والتفمتيح‪ ،‬وسائر أنواع الياطة‬
‫وأعمحالا؛ وهو إذا طولب أن يعمحل ذلك بيده‪ ،‬ل يكم منه شأيئا‪ .‬‏‬

‫وكذا‪ :‬‏لو سئل عال بالنجارةا عن تفمصيل الشب‪ ،‬فيقول‪ :‬‏هو أن تضع النشار على رأس‬
‫الشبة‪ ،‬وتسُك بطرفه‪ ،‬وآخر قبالتك مسُك بطرفة الخر‪ ،‬وتتعاقبانه بينكمحا‪ ،‬وأطرافه‬
‫الضرسة الددةا تقطع ما مرت عليه‪ ،‬ذاهبة وجائية‪ ،‬إل أن ينتهي إل آخر الشبة؛ وهو‬
‫لو طولب بذا العمحل أو شأيء منه ل يكمحه‪ .‬‏‬

‫وهكذا العلم بقواني العراب مع هذه اللكة ف نفمسُها؛ فإن العلم )‪ /1‬‏‪ (275‬‏بقواني‬
‫العراب إنا هو علم بكيفمية العمحل‪ ،‬وليس هو نفمس العمحل‪ .‬‏‬

‫ولذلك تد كثيخا من جهابذةا النحاةا والهرةا ف صناعة العربية‪ ،‬اليطي علمحا بتلك‬
‫القواني‪ ،‬إذا سئل ف كتابة سطرين إل أخيه‪ ،‬أو ذي مودته‪ ،‬أو شأكوى ظلمة‪ ،‬أو‬
‫قصد من قصوده‪ ،‬أخطأ فيها عن الصواب‪ ،‬وأكثر من اللحن‪ ،‬ول يد تأليف الكلم‬
‫لذلك‪ ،‬والعبارةا عن القصود على أساليب اللسُان العرب‪ .‬‏‬

‫وكذا تد كثيخا من يسُن هذه اللكة‪ ،‬وييد الفمني من النظوم والنثور‪ ،‬وهو ل يسُن‬
‫إعراب الفماعل من الفمعول‪ ،‬ول الرفوع من الرور‪ ،‬ول شأيئا من قواني صناعة العربية‪ .‬‏‬

‫‪220‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫فمحن هذا تعلم‪ :‬‏أن تلك اللكة‪ ،‬هي غيخ صناعة العربية‪ ،‬وأنا مسُتغنية عنها بالمحلة‪ ،‬وقد‬
‫ند بعض الهرةا ف صناعة العراب‪ ،‬بصيخا بال هذه اللكة‪ ،‬وهو قليل‪ ،‬واتفماقي‪ ،‬وأكثر‬
‫ما يقع للمحخالطي لكتاب سيبويه‪ ،‬فإنه ل يقتصر على قواني العراب فقط‪ ،‬بل مل‬
‫كتابه من أمثال العرب‪ ،‬وشأواهد أشأعارهم‪ ،‬وعباراتم‪ ،‬فكان فيه جزمء صال من تعليم‬
‫هذه اللكة‪ ،‬فتجد العاكف عليه‪ ،‬والصل له‪ ،‬قد حصل على حظ من كلم العرب‪،‬‬
‫واندرج ف مفموظه‪ ،‬ف أماكنه‪ ،‬ومفماصل حاجاته‪ ،‬وتنبه به لشأن اللكة‪ ،‬فاستوف‬
‫تعليمحها‪ ،‬فكان أبلغ ف الفادةا‪ .‬‏‬

‫ومن هؤلء الخالطي لكتاب سيبويه‪ :‬‏من يغفمل عن التفمطن لذا‪ ،‬فيحصل على علم‬
‫اللسُان صناعة‪ ،‬ول يصل عليه ملكة‪ .‬‏‬

‫وأما الخالطون لكتب التأخرين‪ ،‬العارية عن ذلك إل من القواني النحوية‪ ،‬مردةا عن‬
‫أشأعار العرب‪ ،‬وكلمهم‪ ،‬فقلمحا يشعرون لذلك بأمر هذه اللكة‪ ،‬أو ينتبهون لشأنا؛‬
‫فتجدهم يسُبون أنم قد حصلوا على رتبة ف لسُان العرب‪ ،‬وهم أبعد الناس عنه‪ .‬‏‬

‫وأهل صناعة العربية بالندلس ومعلمحوها‪ ،‬أقرب إل تصيل هذه اللكة‪ ،‬وتعليمحها من‬
‫سواهم‪ ،‬لقيامهم فيها على شأواهد العرب‪ ،‬وأمثالم‪ ،‬والتفمقه ف )‪ /1‬‏‪ (276‬‏الكثيخ من‬
‫التماكيب ف مالس تعليمحهم؛ فيسُبق إل البتدئ كثيخ من اللكة أثناء التعليم‪ ،‬فتنقطع‬
‫النفمس لا‪ ،‬وتسُتعد إل تصيلها وقبولا‪ .‬‏‬

‫وأما من سواهم من‪ :‬‏أهل الغرب‪ ،‬وإفريقية‪ ،‬وغيخهم‪ ،‬فأجروا صناعة العربية مرى العلوم‬
‫بثا‪ ،‬وقطعوا النظر عن التفمقه ف تراكيب كلم العرب‪ ،‬إل إن أعربوا شأاهدا‪ ،‬أو رجحوا‬
‫مذهبا‪ ،‬من جهة القتضاء الذهن‪ ،‬ل من جهة مامل اللسُان وتراكيبه؛ فأصبحت صناعة‬
‫العربية كأنا من جلة قواني النطق العقلية أو الدل‪ ،‬وبعدت عن مناحي اللسُان‬
‫وملكته؛ وما ذلك إل لعدولم عن البحث ف شأواهد اللسُان وتراكيبه‪ ،‬وتييزم أساليبه‪،‬‬
‫وغفملتهم عن الران ف ذلك للمحتعلم؛ فهو أحسُن ما تفميده اللكة ف اللسُان‪ ،‬وتلك‬

‫‪221‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫القواني‪ :‬‏إنا هي وسائل للتعليم‪ ،‬لكنهم أجروها على غيخ ما قصد با‪ ،‬وأصاروها علمحا‬
‫بتا‪ ،‬وبعدوا عن ثرتا‪ .‬‏‬

‫وتعلم ما قررناه ف هذا القام‪ :‬‏أن حصول ملكة اللسُان العرب‪ ،‬إنا هو بكثرةا الفمظ من‬
‫كلم العرب‪ ،‬حت يرتسُم ف خياله النوال الذي نسُجوا عليه تراكيبهم‪ ،‬فينسُج هو عليه‪،‬‬
‫ويتنزمل بذلك منزملة من نشأ معهم‪ ،‬وخالط عباراتم ف كلمهم‪ ،‬حت حصلت له اللكة‬
‫السُتقرةا ف العبارةا عن القاصد‪ ،‬على نو كلمهم؛ ‪ -‬‏وال مقدر المور كلها‪ ،‬وال‬
‫أعلم بالغيب والشهادةا ‪ .-‬‏)‪ /1‬‏‪ (277‬‏‬

‫مطلب ف تفمسُيخ الذوق ف مصطلح أهل البيان‪ ،‬وتقيق معناه‪ ،‬وبيان أنه‪ :‬‏ل يصل‬
‫غالبا للمحسُتعربي من العجم‬

‫اعلم‪ :‬‏أن لفمظة الذوق يتداولا العتنون بفمنون البيان‪ ،‬ومعناها حصول ملكة البلغة‬
‫للسُان‪ .‬‏‬

‫والبلغة مطابقة الكلم للمحعنم من جيع وجوهه‪ ،‬بواص تقع للتماكيب ف إفادةا ذلك؛‬
‫فالتكلم بلسُان العرب والبليغ فيه‪ ،‬يتحرى اليئة الفميدةا لذلك‪ ،‬على أساليب العرب‬
‫وأناء ماطباتم‪ ،‬وينظم الكلم على ذلك الوجه جهده؛ فإذا اتصلت مقاماته بخالطة‬
‫كلم العرب‪ ،‬حصلت له اللكة ف نظم الكلم على ذلك الوجه‪ ،‬وسهل عليه أمر‬
‫التمكيب‪ ،‬حت ل يكاد ينحو فيه غيخ منحى البلغة الت للعرب؛ وإن سع تركيب ا غيخ‬
‫جار على ذلك النحى‪ ،‬لمه‪ ،‬ونبا عنه سعه بأدن فكر‪ ،‬بل وبغيخ فكر‪ ،‬إل با استفماده‬
‫من حصول هذه اللكة؛ فإن اللكات إذا استقرت ورسخت ف مالا‪ ،‬ظهرت كأنا‬
‫طبيعة ولجبلللة لذلك الل‪ .‬‏‬

‫ولذلك يظن كثيخ من الغفملي‪ ،‬من ل يعرف شأأن اللكات‪ ،‬أن الصواب للعرب ف‬
‫لغتهم إعرابا وبلغة أمر طبيعي‪ ،‬ويقول‪ :‬‏كانت العرب تنطق بالطبع؛ وليس كذلك؛ وإنا‬

‫‪222‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫هي ملكة لسُانية ف نظم الكلم‪ ،‬تكنت ورسخت‪ ،‬فظهرت ف بادئ الرأي أنا جبلة‬
‫وطبع‪ .‬‏‬

‫وهذه اللكة ‪-‬كمحا تقدم ‪ -‬‏إنا تصل بمحارسة كلم العرب‪ ،‬وتكرره على السُمحع‪،‬‬
‫والتفمطن لواص تراكيبه‪ ،‬وليسُت )‪ /1‬‏‪ (278‬‏تصل بعرفة القواني العلمحية ف ذلك‪ ،‬الت‬
‫استنبطها أهل صناعة اللسُان‪ ،‬فإن هذه القواني إنا تفميد علمحا بذلك اللسُان‪ ،‬ول تفميد‬
‫حصول اللكة بالفمعل ف ملها ‪ -‬‏وقد مر ذلك ‪ .-‬‏‬

‫وإذا تقرر ذلك‪ ،‬فمحلكة البلغة ف اللسُان تدي البليغ إل وجود النظم‪ ،‬وحسُن‬
‫التمكيب‪ ،‬الوافق لتماكيب العرب‪ ،‬ف لغتهم‪ ،‬ونظم كلمهم؛ ولو رام صاحب هذه اللكة‬
‫حيدا عن هذه السُبيل العينة‪ ،‬والتماكيب الخصوصة‪ ،‬لا قدر عليه‪ ،‬ول وافقه عليه‬
‫لسُانه‪ ،‬لنه ل يعتاده‪ ،‬ول تديه إليه ملكته الراسخة عنده‪ .‬‏‬

‫وإذا عرض عليه الكلم‪ ،‬حائدا عن أسلوب العرب وبلغتهم ف نظم كلمهم‪ ،‬أعرض‬
‫عنه‪ ،‬وفلمه‪ ،‬وعلم أنه ليس من كلم العرب الذين مارس كلمهم‪ ،‬وربا يعجزم عن‬
‫الحتجاج لذلك‪ ،‬كمحا تصنع أهل القواني النحوية والبيانية‪ ،‬فإن ذلك استدلل با‬
‫حصل من القواني الفمادةا بالستقراء؛ وهذا أمر وجدان‪ ،‬حاصل بمحارسة كلم العرب‪،‬‬
‫حت يصيخ كواحد منهم‪ .‬‏‬

‫ومثاله‪ :‬‏لو فرضنا صبيا من صبيانم‪ ،‬نشأ‪ ،‬ورب ف جيلهم‪ ،‬فإنه يتعلم لغتهم‪ ،‬ويكم‬
‫شأأن العراب‪ ،‬والبلغة فيها‪ ،‬حت يسُتول على غايتها؛ وليس من العلم القانون ف‬
‫شأيء‪ ،‬وإنا هو بصول هذه اللكة ف لسُانه ونطقه‪ .‬‏‬

‫وكذلك تصل هذه اللكة لن بعد ذلك اليل‪ ،‬بفمظ كلمهم‪ ،‬وأشأعارهم‪ ،‬وخطبهم‪،‬‬
‫والداومة على ذلك‪ ،‬بيث تصل اللكة‪ ،‬ويصيخ كواحد من نشأ ف جيلهم‪ ،‬ورب بي‬
‫أجيالم؛ والقواني بعزمل عن هذا؛ واستعيخ لذه اللكة ‪ -‬‏عندما ترسخ وتسُتقر ‪ -‬‏اسم‪:‬‬
‫الذوق‪ ،‬الذي اصطلح عليه أهل صناعة البيان‪ ،‬وإنا هو موضوع لدراك الطعوم‪ ،‬لكن لا‬

‫‪223‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫كان مل هذه اللكة ف اللسُان‪ ،‬من حيث النطق بالكلم‪ ،‬كمحا هو مل لدراك‬
‫الطعوم‪ ،‬استعيخ لا اسه‪ ،‬وأيضا فهو وجدان اللسُان‪ ،‬كمحا أن الطعوم مسُوسة له‪ ،‬فقيل‬
‫له‪ :‬‏ذوق‪ .‬‏)‪ /1‬‏‪ (279‬‏‬

‫وإذا تبي لك ذلك‪ ،‬علمحت منه أن العاجم الداخلي ف اللسُان العرب‪ ،‬الطارئي عليه‪،‬‬
‫الضطرين إل النطق به‪ ،‬لخالطة أهله‪ :‬‏كالفمرس والروم‪ ،‬والتمك بالشرق‪ ،‬وكالببر بالغرب‪،‬‬
‫فإنه ل يصل لم هذا الذوق‪ ،‬لقصور حظهم ف هذه اللكة الت قررنا أمرها‪ ،‬لن‬
‫قصاراهم بعد طائفمة من العمحر‪ ،‬وسبق ملكة أخرى إل اللسُان‪ ،‬وهي لغاتم‪ ،‬أن يعتنوا‬
‫با يتداوله أهل مصر بينهم ف الاورةا من مفمرد ومركب‪ ،‬لا يضطرون إليه من ذلك؛‬
‫وهذه اللكة قد ذهبت لهل المصار‪ ،‬وبعدوا عنها ‪ -‬‏كمحا تقدم ‪ ،-‬وإنا لم ف ذلك‬
‫ملكة أخرى‪ ،‬وليسُت هي ملكة اللسُان الطلوبة‪ .‬‏‬

‫ومن عرف تلك اللكة من القواني السُطرةا ف الكتب‪ ،‬فليس من تصيل اللكة ف‬
‫شأيء‪ ،‬إنا حصل أحكامها ‪ -‬‏كمحا عرفت ‪-‬؛ وإنا تصل هذه اللكة بالمحارسة‪،‬‬
‫والعتياد‪ ،‬والتكرار لكلم العرب‪ .‬‏‬

‫فإن عرض لك ما تسُمحعه‪ ،‬من أن سيبويه‪ ،‬والفمارسي‪ ،‬والزممشري‪ ،‬وأمثالم من فرسان‬


‫الكلم‪ ،‬كانوا أعجاما مع حصول هذه اللكة لم‪ ،‬فاعلم أن أولئك القوم الذين تسُمحع‬
‫عنهم‪ ،‬إنا كانوا عجمحا ف نسُبهم فقط‪ ،‬أما الرب والنشأةا فكانت بي أهل هذه اللكة‬
‫من العرب‪ ،‬ومن تعلمحها منهم‪ ،‬فاستولوا بذلك من الكلم على غاية ل وراء لا‪ ،‬وكأنم‬
‫ف أول نشأتم من العرب‪ ،‬الذين نشؤوا ف أجيالم‪ ،‬حت أدركوا كنه اللغة‪ ،‬وصاروا من‬
‫أهلها‪ ،‬فهم‪ ،‬وإن كانوا عجمحا ف النسُب‪ ،‬فليسُوا بأعجام ف اللغة والكلم‪ ،‬لنم أدركوا‬
‫اللة ف عنفموانا‪ ،‬واللغة ف شأبابا‪ ،‬ول تذهب آثار اللكة منهم‪ ،‬ول من أهل المصار‪،‬‬
‫ث عكفموا على المحارسة والدارسة لكلم العرب‪ ،‬حت استولوا على غايته‪ .‬‏‬

‫واليوم الواحد من العجم إذا خالط أهل اللسُان العرب بالمصار‪ ،‬فأول ما يد تلك‬
‫اللكة القصودةا من اللسُان العرب متحية الثار‪ ،‬ويد ملكتهم الاصة بم ملكة أخرى‪،‬‬

‫‪224‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫مالفمة للكة اللسُان العرب‪ ،‬ث إذا فرضنا أنه أقبل على المحارسة لكلم العرب‪/1) ،‬‬
‫‪ (280‬‏وأشأعارهم‪ ،‬بالدارسة والفمظ‪ ،‬يسُتفميد تصيلها‪ ،‬فقل أن يصل له ‪ -‬‏لا قدمناه‬
‫من‪ :‬‏أن اللكة إذا سبقتها ملكة أخرى ف الل‪ ،‬فل تصل إل ناقصة مدوشأة ‪ .-‬‏‬

‫وإن فرضنا عجمحيا ف النسُب‪ ،‬سلم من مالطة اللسُان العجمحي بالكلية‪ ،‬وذهب إل‬
‫تعلم هذه اللكة بالدارسة‪ ،‬فربا يصل له ذلك‪ ،‬لكنه من الندور‪ ،‬بيث ل يفمى عليك‬
‫با تقرر‪ ،‬وربا يدعي كثيخ من ينظر ف هذه القواني البيانية‪ ،‬حصول هذا الذوق له با‪،‬‬
‫وهو غلط‪ ،‬أو مغالطة؛ وإنا حصلت له اللكة أن حصلت ف تلك القواني البيانية‪،‬‬
‫وليسُت من ملكة العبارةا ف شأيء‪ - ،‬‏وال يهدي من يشاء إل صراطر مسُتقيم ‪ .-‬‏)‬
‫‪ (1/281‬‏‬

‫مطلب‪ :‬‏ف أن أهل المصار على الطلق قاصرون ف تصيل هذه اللكة اللسُانية‪ ،‬الت‬
‫تسُتفماد بالتعليم‬

‫ومن كان منهم أبعد عن اللسُان العرب‪ ،‬كان حصولا له أصعب وأعسُر؛ والسُبب ف‬
‫ذلك‪ :‬‏ما يسُبق إل التعلم من حصول ملكة منافية للمحلكة الطلوبة‪ ،‬با سبق إليه من‬
‫اللسُان الضري الذي أفادته العجمحة‪ ،‬حت نزمل با اللسُان عن ملكته الول إل ملكة‬
‫أخرى‪ ،‬هي لغة الضري لذا العهد‪ .‬‏‬

‫ولذا ند العلمحي يذهبون إل السُابقة بتعليم اللسُان للولدان‪ ،‬وتعتقد النحاةا أن هذه‬
‫السُابقة بصناعتهم‪ ،‬وليس كذلك‪ ،‬وإنا هي بتعليم هذه اللكة بخالطة اللسُان وكلم‬
‫العرب‪ .‬‏‬

‫نعم صناعة النحو أقرب إل مالطة ذلك؛ وما كان من لغات أهل المصار أعرق ف‬
‫العجمحة‪ ،‬وأبعد عن لسُان مضر‪ ،‬قصر بصاحبه عن تعلم اللغة الضرية‪ ،‬وحصول ملكتها‬
‫لتمحكن النافاةا‪ .‬‏‬

‫‪225‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫واعتب ذلك ف أهل المصار‪ ،‬فأهل إفريقية والغرب لا كانوا أعرق ف العجمحة‪ ،‬وأبعد‬
‫عن اللسُان الول‪ ،‬كان لم قصور تام ف تصيل ملكته بالتعليم‪ .‬‏‬

‫ولقد نقل ابن الرقيق أن بعض سكلتاب القيخوان )‪ /1‬‏‪ (282‬‏كتب إل صاحب له‪ :‬‏)يا‬
‫أخي‪ ،‬ومن ل عدمت فقده‪ ،‬أعلمحن أبو سعيد كلما ‪ :‬‏أنك كنت ذكرت أنك تكون مع‬
‫الذين تأت‪ ،‬وعاقنا اليوم فلم يتهيأ لنا الروج؛ وأما أهل النزمل الكلب من أمر الشي‬
‫فقد كذبوا هذا باطل‪ ،‬ليس من هذا حرفا واحدا‪ ،‬وكتاب إليك‪ ،‬وأنا مشتاق إليك ‪ -‬‏إن‬
‫شأاء ال تعال ‪ .(-‬‏‬

‫وهكذا كانت ملكتهم ف اللسُان الضري شأبيها با ذكرنا؛ وكذلك أشأعارهم كانت‬
‫بعيدةا عن اللكة‪ ،‬نازلة عن الطبقة؛ ول تزمل كذلك لذا العهد‪ .‬‏‬

‫ولذا ما كان بأفريقية من مشاهيخ الشعراء‪ ،‬إل ابن رشأيق‪ ،‬وابن شأرف؛ وأكثر ما يكون‬
‫فيها الشعراء طارئي عليها؛ ول تزمل طبقتهم ف البلغة حت الن مائلة إل القصور‪ .‬‏‬

‫وأهل الندلس أقرب منهم إل تصيل هذه اللكة‪ ،‬بكثرةا معاناتم‪ ،‬وامتلئهم من‬
‫الفموظات اللغوية‪ ،‬نظمحا ونثرا؛ وكان فيهم‪ :‬‏ابن حيان الؤرخ‪ ،‬إمام أهل الصناعة ف هذه‬
‫اللكة‪ ،‬ورافع الراية لم فيها؛ وابن )‪ /1‬‏‪ (283‬‏عبد ربه؛ والقسُطلي؛ وأمثالم من شأعراء‬
‫ملوك الطوائف‪ ،‬لا زخرت فيها بار اللسُان والدب‪ ،‬وتداول ذلك فيهم مئي من‬
‫السُني؛ حت كان النفمضاض واللء أيام تغلب النصرانية‪ ،‬وشأغلوا عن تعلم ذلك‪ .‬‏‬

‫وتناقصخ العمحران‪ ،‬فتناقصخ لذلك شأأن الصنائع كلها‪ ،‬فقصرت اللكة فيهم عن شأأنا‪،‬‬
‫حت بلغت الضيض؛ وكان من آخرهم‪ :‬‏صال بن شأريف؛ ومالك بن الرحل‪ ،‬من تلميذ‬
‫الطبقة الشأبيليي بسُبتة؛ وسكلتاب دولة ابن الحر ف أولا‪ .‬‏‬

‫وألقت الندلس أفلذ كبدها من أهل تلك اللكة باللء إل العدوةا‪ ،‬من إشأبيلية إل‬
‫سبتة‪ ،‬ومن شأرق الندلس إل إفريقية‪ .‬‏‬

‫‪226‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫ول يلبثوا إل أن انقرضوا‪ ،‬وانقطع سند تعليمحهم ف هذه الصناعة‪ ،‬لعسُر قبول العدوةا لا‪،‬‬
‫وصعوبتها عليهم‪ ،‬بعوج ألسُنتهم‪ ،‬ورسوخهم ف العجمحة الببرية ‪ -‬‏وهي منافية لا قلناه‬
‫‪ .-‬‏‬

‫ث عادت اللكة من بعد ذلك إل الندلس كمحا كانت‪ ،‬ونم با ابن بشرين‪ ،‬وابن‬
‫جابر‪ ،‬وابن الياب‪ ،‬وطبقتهم‪ ،‬ث )‪ /1‬‏‪ (284‬‏إبراهيم السُاحلي‪ ،‬الطريي؛ وطبقته؛‬
‫وقفماهم ابن الطيب من بعدهم‪ ،‬الالك لذا العهد‪ ،‬شأهيدا بسُعاية أعدائه‪ ،‬وكان له ف‬
‫اللسُان ملكة ل تدرك‪ ،‬واتبع أثره تلمحيذه بعده‪ .‬‏‬

‫وبالمحلة‪ :‬‏فشأن هذه اللكة بالندلس أكثر‪ ،‬وتعليمحها أيسُر وأسهل‪ ،‬با هم عليه لذا‬
‫العهد ‪ -‬‏كمحا قدمناه ‪-‬من معاناةا علوم اللسُان‪ ،‬ومافظتهم عليها‪ ،‬وعلى علوم الدب‪،‬‬
‫وسند تعليمحها؛ ولن أهل اللسُان العجمحي‪ ،‬الذين تفمسُد ملكتهم‪ ،‬إنا هم طارئون‬
‫عليهم‪ ،‬وليسُت عجمحتهم أصلا للغة أهل الندلس والببر ف هذه العدوةا‪ ،‬وهم أهلها‬
‫ولسُانم لسُانا‪ ،‬إل ف المصار فقط‪ ،‬وهم فيها منغمحسُون ف بر عجمحتهم ورطانتهم‬
‫الببرية‪ ،‬فيصعب عليهم تصيل اللكة اللسُانية بالتعليم‪ ،‬بلف أهل الندلس‪ .‬‏‬

‫واعتب ذلك بال أهل الشرق‪ ،‬لعهد الدولة الموية والعباسية‪ ،‬فكان شأأنم شأأن أهل‬
‫الندلس‪ ،‬ف تام هذه اللكة وإجادتا‪ ،‬لبعدهم لذلك العهد عن العاجم ومالطتهم‪ ،‬إل‬
‫ف القليل؛ فكان أمر هذه اللكة ف ذلك العهد أقوم‪ ،‬وكان فحول الشعراء والكتاب‬
‫أوفر‪ ،‬لتوفر العرب وأبنائهم بالشرق‪ .‬‏‬

‫وانظر ما اشأتمحل عليه كتاب )الغان( ‏من نظمحهم ونثرهم‪ ،‬فإن ذلك الكتاب هو كتاب‬
‫العرب وديوانم‪ /1) ،‬‏‪ (285‬‏وفيه‪ :‬‏لغتهم‪ ،‬وأخبارهم‪ ،‬وأيامهم‪ ،‬وملتهم العربية‪ ،‬وسيختم‪،‬‬
‫وآثار خلفمائهم وملوكهم‪ ،‬وأشأعارهم‪ ،‬وغناؤرهم‪ ،‬وسائر مغانيهم له‪ ،‬فل كتاب أوعب منه‬
‫لحوال العرب‪ .‬‏‬

‫‪227‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وبقي أمر هذه اللكة مسُتحكمحا ف الشرق ف الدولتي‪ ،‬وربا كانت فيهم أبلغ من‬
‫سواهم‪ ،‬من كان ف الاهلية ‪-‬كمحا هو العلوم ‪ ،-‬حت تلشأى أمر العرب‪ ،‬ودرست‬
‫لغتهم‪ ،‬وفسُد كلمهم‪ ،‬وانقضى أمرهم ودولتهم‪ ،‬وصار المر للعاجم‪ ،‬واللك ف‬
‫أيديهم‪ ،‬والتغلب لم‪ ،‬وذلك ف دولة الديلم والسُلجوقية؛ وخالطوا أهل المصار‬
‫والواضر‪ ،‬حت بعدوا عن اللسُان العرب وملكته‪ ،‬وصار متعلمحها منهم مقصرا عن‬
‫تصيلها؛ وعلى ذلك تد لسُانم لذا العهد‪ ،‬ف فن النظوم والنثور‪ ،‬وإن كانوا مكثرين‬
‫منه؛ ‪ -‬‏}وال يلق ما يشاء ويتار{‪ ،‬وال سبحانه وتعال أعلم‪ ،‬وبه التوفيق‪ ،‬ل رب‬
‫سواه( ‏‬

‫الباب السادس في انقسام الكلم إلى فلـنحي النظم وأالنثر‬

‫وفيه‪ :‬‏مطالب‬

‫مطلب‬
‫اعلم‪ :‬‏أن لسُان العرب وكلمهم على فني‪ :‬‏‬

‫فن الشعر النظوم‪ :‬‏وهو الكلم الوزون القفمى‪ ،‬ومعناه‪ :‬‏الذي تكون أوزانه كلها على روي‬
‫واحد‪ ،‬وهو القافية‪ .‬‏‬

‫وفن النثر‪ :‬‏وهو الكلم غيخ الوزون‪ .‬‏‬

‫وكل واحد من الفمني‪ :‬‏يشتمحل على فنون ومذاهب ف الكلم‪ .‬‏‬

‫فأما الشعر‪ :‬‏فمحنه الدحَّ‪ ،‬والجاء‪ ،‬والرثاء‪ .‬‏‬

‫وأما النثر‪ :‬‏فمحنه‪ :‬‏‬

‫السُجع‪ :‬‏الذي يؤتى به قطعا‪ ،‬ويلتزمم ف كل كلمحتي منه قافية واحدةا‪ ،‬يسُمحى‪ :‬‏سجع ا‪ .‬‏‬

‫‪228‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫ومنه‪ :‬‏الرسل‪ :‬‏وهو الذي يطلق فيه الكلم إطلقا‪ ،‬ول يقنطع أجزماء‪ ،‬بل يرسل إرسال من‬
‫غيخ تقييد بقافية ول غيخها‪ ،‬ويسُتعمحل ف‪ :‬‏الطب‪ ،‬والدعاء‪ ،‬وترغيب المحهور‪ ،‬وترهيبهم‪.‬‬

‫وأما القرآن‪ ،‬فهو وإن كان من النثور‪ ،‬إل أنه خارج عن الوصفمي‪ ،‬وليس يسُمحى مرسل‬
‫مطلقا‪ ،‬ول مسُجعا‪ ،‬بل تفمصيل آيات‪ ،‬ينتهي إل مقاطع‪ ،‬يشهد الذوق بانتهاء الكلم‬
‫عندها‪ ،‬ث يعاد الكلم ف الية )‪ /1‬‏‪ (287‬‏الخرى بعدها‪ ،‬ويثن من غيخ التزمام حرف‬
‫ث ‏ ‏لكتاب ‏ا سمفتشاباا‪،‬‬
‫يكون سجعا ول قافية‪ ،‬وهو معنم قوله تعال‪ :‬‏ ‏}ال ‏ أ ‏نطـزمفل ‏ أف ‏حسُن ‏ ا ‏لدي ل‬
‫س ف ط فف ف‬
‫ت ‏{؛ ويسُمحى آخر‬ ‫صلنا ‏ ‏اليا ل‬
‫قد ف ‏ ل‬
‫ربم{؛ وقال‪ :‬‏ ‏ ‏} ‏ ‏‬ ‫ ‏فمثان ‏ف ت ‏طقفشعلمر ‏ ‏منه ‏س ‏سجلوسد ‏ ‏ ‏‬
‫الذين ‏يطفشوفن ‏ ‏ ‏‬
‫اليات منها‪ :‬‏فواصل؛ إذ ليسُت أسجاعا‪ ،‬ول التزمم فيها ما يلتزمم ف السُجع‪ ،‬ول هي‬
‫أيضا قواف‪ .‬‏‬

‫وأطلق اسم الثان‪ :‬‏على آيات القرآن كلها على ‪ -‬‏العمحوم لا ذكرناه ‪-‬؛ واختصت بأم‬
‫القرآن‪ ،‬للغلبة فيها‪ ،‬كالنجم للثريا‪ ،‬ولذا سيت‪ :‬‏)السُبع الثان(‪ .‬‏‬

‫وانظر هذا مع ما قاله الفمسُرون‪ ،‬ف تعليل تسُمحيتها بالثان‪ ،‬يشهد لك الق برجحان ما‬
‫قلناه‪ .‬‏‬

‫واعلم‪ :‬‏أن لكل واحد من هذه الفمنون أساليب تتصخ به عند أهله‪ ،‬ل تصلح للفمن‬
‫الخر‪ ،‬ول تسُتعمحل فيه‪ ،‬مثل‪ :‬‏النسُيب الختصخ بالشعر‪ ،‬والمحد والدعاء الختصخ‬
‫بالطب‪ ،‬والدعاء الختصخ بالخاطبات‪ ،‬وأمثال ذلك‪ .‬‏‬

‫وقد استعمحل التأخرون أساليب الشعر وموازينه ف النثور‪ ،‬من كثرةا السجاع‪ ،‬والتزمام‬
‫التقفمية‪ ،‬وتقدي النسُيب بي يدي الغراض؛ وصار هذا النثور إذا تأملته من باب الشعر‬
‫وفنه‪ ،‬ول يفمتمقا إل ف الوزن‪ .‬‏‬

‫واستمحر التأخرون من الكتاب على هذه الطريقة‪ ،‬واستعمحلوها ف الخاطبات السُلطانية‪،‬‬


‫وقصروا الستعمحال ف النثور كله على هذا الفمن الذي ارتضوه‪ ،‬وخلطوا الساليب فيه‪،‬‬
‫وهجروا الرسل وتناسوه ‪ -‬‏وخصوصا أهل الشرق ‪ ،-‬وصارت الخاطبات السُلطانية لذا‬

‫‪229‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫العهد‪ ،‬عند الكتاب الغنفمل‪ ،‬جاريةا على هذا السلوب الذي أشأرنا إليه‪ ،‬وهو غيخ صواب‬
‫من جهة البلغة‪ ،‬لا يلحظ ف تطبيق الكلم على مقتضى الال‪ ،‬من أحوال الخالطب‬
‫والخافطب‪ .‬‏‬

‫وهذا )‪ /1‬‏‪ (288‬‏الفمن النثور القفمى‪ ،‬أدخل التأخرون فيه أساليب الشعر؛ فوجب أن‬
‫تنزمه الخاطبات السُلطانية عنه‪ ،‬إذ أساليب الشعر تناسبها اللوذعية‪ ،‬وخلط الد بالزمل‪،‬‬
‫والطناب ف الوصاف‪ ،‬وضرب المثال‪ ،‬وكثرةا التشبيهات والستعارات‪ ،‬حيث ل تدعو‬
‫ضرورةا إل ذلك ف الطاب؛ والتزمام التقفمية أيضا من اللوذعية والتزميي‪ ،‬وجلل اللك‬
‫والسُلطان‪ ،‬وخطاب المحهور عن اللوك بالتمغيب والتمهيب يناف ذلك ويباينه‪ .‬‏‬

‫والمحود ف الخاطبات السُلطانية‪ :‬‏التممسل‪ ،‬وهو‪ :‬‏إطلق الكلم وإرساله من غيخ تسُجيع‪،‬‬
‫إل ف القل النادر؛ وحيث ترسله اللكة إرسال من غيخ تكلف له‪ ،‬ث إعطاء الكلم‬
‫حقه‪ ،‬ف مطابقته لقتضى الال؛ فإن القامات متلفمة‪ ،‬ولكل مقام أسلوب يصه من‪:‬‬
‫إطناب‪ ،‬أو إياز‪ ،‬أو حذف‪ ،‬أو إثبات‪ ،‬أو تصريح‪ ،‬أو إشأارةا‪ ،‬أو كناية‪ ،‬أو استعارةا‪ .‬‏‬

‫وأما إجراء الخاطبات السُلطانية‪ ،‬على هذا النحو الذي هو على أساليب الشعر‬
‫فمحذموم؛ وما حل عليه أهل العصر إل استيلء العجمحة على ألسُنتهم‪ ،‬وقصورهم لذلك‬
‫عن إعطاء الكلم حقه‪ ،‬ف مطابقته لقتضى الال؛ فعجزموا عن الكلم الرسل‪ ،‬لبعد‬
‫أمده ف البلغة‪ ،‬وانفمسُاحَّ خطوبه؛ وولعوا بذا السُجع‪ ،‬يلفمقون به ما نقصهم من تطبيق‬
‫الكلم‪ ،‬على القصود‪ ،‬ومقتضى الال فيه؛ ويبونه بذلك القدر من التزميي بالسجاع‬
‫واللقاب البديعية‪ ،‬ويغفملون عمحا سوى ذلك‪ .‬‏‬

‫وأكثر من أخذ بذا الفمن‪ ،‬وبالغ فيه‪ ،‬ف سائر أناء كلمهم‪ :‬‏كنتاب الشرق وشأعراؤره لذا‬
‫العهد‪ ،‬حت إنم ليسلخملون بالعراب ف الكلمحات والتصريف‪ ،‬إذا دخلت لم ف تنيس أو‬
‫مطابقة ل يتمحعان معها؛ فيخجحون ذلك الصنف من التجنيس‪ ،‬ويدعون العراب‪،‬‬
‫ويفمسُدون بنية الكلمحة‪ ،‬عسُاها تصادف التجنيس؛ فتأمل ذلك با قدمناه لك‪ ،‬تقف‬
‫على صحة ما ذكرناه‪ .‬‏‪ -‬‏وال الوفق للصواب بنه وكرمه ‪ .-‬‏)‪ /1‬‏‪ (289‬‏‬

‫‪230‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫ ‏مطلب في أنه ل تتفق الجادة في فني المنثور وأالمنظوم معا إل للقل‬

‫والسُبب ف ذلك‪ :‬‏أنه كمحا بيناه ملكة ف اللسُان؛ فإذا تسُبقت إل مله ملكة أخرى‪،‬‬
‫قصرت بالل عن تام اللكة اللحقة‪ ،‬لن تام اللكات‪ ،‬وحصولا للطبائع الت على‬
‫الفمطرةا الول‪ ،‬أسهل وأيسُر؛ وإذا تقدمتها ملكة أخرى‪ ،‬كانت منازعة لا ف الادةا‬
‫القابلة‪ ،‬وعائقة عن سرعة القبول‪ ،‬فوقعت النافاةا‪ ،‬وتعذر التمحام ف اللكة؛ وهذا موجود‬
‫ف اللكات الصناعية كلها على الطلق‪ ،‬وقد برهننا عليه ف موضعه‪ ،‬بنحو من هذا‬
‫البهان؛ فاعتب مثله ف اللغات‪ ،‬فإنا ملكات اللسُان‪ ،‬وهي بنزملة الصناعة؛ وانظر من‬
‫تقدم له شأيء من العجمحة‪ ،‬كيف يكون قاصرا ف اللسُان العرب أبدا؟‬

‫فالعجمحي الذي سبقت له اللغة الفمارسية‪ ،‬ل يسُتول على ملكة اللسُان العرب‪ ،‬ول يزمال‬
‫قاصرا فيه‪ ،‬ولو تعلمحه وعلمحه‪ ،‬وكذا الببري‪ ،‬والرومي‪ ،‬والفرني‪ ،‬قلل أن تد أحدا منهم‬
‫سطملكمحا للكة اللسُان العرب‪ ،‬وما ذلك إل لا سبق إل ألسُنتهم من ملكة اللسُان الخر؛‬
‫حت إن طالب العلم من أهل هذه اللسُن‪ ،‬إذا طلبه بي أهل اللسُان العرب‪ ،‬جاء‬
‫مقصرا ف معارفه عن الغاية والتحصيل‪ ،‬وما أت إل من قبل اللسُان‪ .‬‏‬

‫وقد تقدم لك من قبل‪ :‬‏أن اللسُن واللغات شأبيهة بالصنائع؛ وأن الصنائع وملكاتا ل‬
‫تزمدحم؛ وأن من سبقت له إجادةا ف صناعة‪ ،‬فقلل أن ييد أخرى‪ ،‬أو يسُتول فيها على‬
‫تعمحلون{‪ .-‬‏‬
‫وما ‏ ‏‬
‫خلقكم ‏ ‏‬
‫الغاية‪ - ،‬‏ ‏ ‏} ‏وال ‏ ‏ ‏‬

‫ ‏مطلب في صناعة الشعر وأوأجه تعلمه‬

‫هذا الفمن من فنون كلم العرب‪ ،‬وهو السُمحى‪ :‬‏بالشعر عندهم‪ ،‬ويوجد ف سائر اللغات؛‬
‫إل أنا الن إنا نتكلم ف الشعر الذي للعرب‪ ،‬فإن أمكن أن تد فيه أهل اللسُن‬
‫الخرى مقصودهم من كلمهم‪ ،‬وإل فلكل لسُان أحكام ف البلغة تصه‪ .‬‏‬

‫وهو ف لسُان العرب غريب النزمعة‪ ،‬عزميزم النحى؛ إذ هو‪ :‬‏كلم مفمصل قطعا قطعا‬
‫متسُاوية ف الوزن‪ ،‬متحدةا ف الرف الخيخ من كل قطعة‪ ،‬وتسُمحى كل قطعة من هذه‬

‫‪231‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫القطعات عندهم‪ :‬‏بيتا؛ ويسُمحى الرف الخيخ‪ ،‬الذي تتفمق فيه‪ :‬‏رويا وقافية‪ ،‬ويسُمحى جلة‬
‫الكلم إل آخره‪ :‬‏قصيدةا وكلمحة‪ ،‬وينفمرد كل بيت منه بإفادته ف تراكيبه‪ ،‬حت كأنه‬
‫كلم وحده مسُتقل عمحا قبله وما بعده؛ وإذا أفرد كان تاما ف بابه ف‪ :‬‏مدحَّ‪ ،‬أو‬
‫تشبيب‪ ،‬أو رثاء؛ فيحرص الشاعر على إعطاء ذلك ف البيت ما يسُتقل ف إفادته‪ ،‬ث‬
‫يسُتأنف ف البيت الخر كلما آخر كذلك‪ ،‬ويسُتطرد للخروج من فن إل فن‪ ،‬ومن‬
‫مقصود إل مقصود‪ ،‬بأن يوطئ القصود الول ومعانيه‪ ،‬إل أن تناسب القصود الثان‪،‬‬
‫ويبعد الكلم عن التنافر؛ كمحا يسُتطرد من التشبيب إل الدحَّ‪ ،‬ومن وصف البيداء‬
‫والطلول إل وصف الركاب أو اليل أو الطيف‪ /1) ،‬‏‪ (291‬‏ومن وصف المحدوحَّ إل‬
‫وصف قومه وعسُاكره‪ ،‬ومن التفمجع والعزماء ف الرثاء إل التأثر‪ ،‬وأمثال ذلك‪ .‬‏ويراعي فيه‬
‫اتفماق القصيدةا كلها ف الوزن الواحد‪ ،‬حذرا من أن يتسُاهل الطبع ف الروج من وزن‬
‫إل وزن يقاربه‪ ،‬فقد يفمى ذلك من أجل القاربة على كثيخ من الناس‪ .‬‏‬

‫ولذه الوازين شأروطر وأحكام‪ ،‬تضمحنها علم العروض؛ وليس كل وزن يتفمق ف الطبع‬
‫استعمحلته العرب ف هذا الفمن‪ ،‬وإنا هي أوزان مصوصة‪ ،‬تسُمحيها أهل تلك الصناعة‪:‬‬
‫البحور؛ وقد حصروها ف خسُة عشرا برا‪ ،‬بعنم أنم ل يدوا للعرب ف غيخها من‬
‫الوازين الطبيعية نظمحا‪ .‬‏‬

‫واعلم‪ :‬‏أن فن الشعر من بي الكلم كان شأريفما عند العرب‪ ،‬ولذلك جعلوه ديوان‬
‫علومهم وأخبارهم‪ ،‬وشأاهد صوابم وخطئهم‪ ،‬وأصل يرجعون إليه ف الكثيخ من علومهم‬
‫وحكمحهم؛ وكانت ملكته مسُتحكمحة فيهم‪ ،‬شأأن اللكات كلها؛ واللكات اللسُانية كلها‬
‫إنا تكتسُب بالصناعة والرتياض ف كلمهم‪ ،‬حت يصل شأبه ف تلك اللكة‪ .‬‏‬

‫والشعر من بي فنون الكلم صعب الأخذ على من يريد اكتسُاب ملكته بالصناعة من‬
‫التأخرين‪ ،‬لستقلل كل بيت منه بأنه كلم تام ف مقصوده‪ ،‬ويصلح أن ينفمرد دون ما‬
‫سواه‪ ،‬فيحتاج من أجل ذلك إل نوع تلطف ف تلك اللكة‪ ،‬حت يفمرغ الكلم الشعري‬
‫ف قوالبه الت عرفت له ف ذلك النحى من شأعر العرب‪ ،‬ويبزه مسُتقل بنفمسُه‪ ،‬ث يأت‬

‫‪232‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫ببيت آخر كذلك‪ ،‬ث ببيت‪ ،‬ويسُتكمحل الفمنون الوافية بقصوده‪ ،‬ث يناسب بي البيوت‬
‫ف موالةا بعضها مع بعض‪ ،‬بسُب اختلف الفمنون الت ف القصيدةا؛ ولصعوبة منحاه‬
‫وغرابة فنه‪ ،‬كان مكا للقرائح ف استجادةا أساليبه‪ ،‬وشأحذ الفكار ف تنزميل الكلم ف‬
‫قوالبه‪ ،‬ول يكفمي فيه ملكة الكلم العرب على الطلق‪ ،‬بل يتاج بصوصه إل تلطف‬
‫)‪ /1‬‏‪ (292‬‏وماولة ف رعاية الساليب الت اختصته العرب با‪ ،‬واستعمحالا‪ .‬‏‬

‫ولنذكر هنا سلوك السلوب عند أهل هذه الصناعة‪ ،‬وما يريدون با ف إطلقهم‪ .‬‏‬

‫فاعلم‪ :‬‏أنا عبارةا عندهم عن‪ :‬‏النوال الذي ينسُج فيه التماكيب‪ ،‬أو القالب الذي يفمرغ‬
‫فيه‪ ،‬ول يرجع إل الكلم‪ ،‬باعتبار إفادته أصل العنم الذي هو وظيفمة العراب‪ ،‬ول‬
‫باعتبار إفادته كمحال العنم من خواص التماكيب‪ ،‬الذي هو وظيفمة البلغة والبيان‪ ،‬ول‬
‫باعتبار الوزن‪ ،‬كمحا استعمحله العرب فيه‪ ،‬الذي هو وظيفمة العروض‪ .‬‏‬

‫فهذه العلوم الثلثة‪ :‬‏خارجة عن هذه الصناعة الشعرية‪ ،‬وإنا يرجع إل صورةا ذهنية‬
‫للتماكيب النتظمحة كلية‪ ،‬باعتبار انطباقها على تركيب خاص؛ وتلك الصورةا ينتزمعها‬
‫الذهن من أعيان التماكيب وأشأخاصها‪ ،‬ويصيخها ف اليال كالقالب أو النوال‪ ،‬ث ينتقي‬
‫التماكيب الصحيحة عند العرب‪ ،‬باعتبار العراب والبيان‪ ،‬فيخصها فيه رصا‪ ،‬كمحا يفمعله‬
‫البنناء ف القالب‪ ،‬أو النسُاج ف النوال‪ ،‬حت يتسُع القالب بصول التماكيب الوافية‬
‫بقصود الكلم‪ ،‬ويقع على الصورةا الصحيحة‪ ،‬باعتبار ملكة اللسُان العرب فيه‪ .‬‏‬

‫فإن لكل فن من الكلم أساليب تتصخ به‪ ،‬وتوجد فيه على أناء متلفمة؛ فسُؤال الطلول‬
‫ف الشعر يكون بطاب الطلول‪ ،‬كقوله‪ :‬‏‬

‫يا دار مية بالعلياء فالسند ‪...‬‬

‫صطحب للوقوف والسُؤال‪ ،‬كقوله‪ :‬‏‬


‫ويكون باستدعاء ال ل‬

‫قفا نسأل الدار التي خآ ن‬


‫ف أهلها‪...‬‬

‫‪233‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫أو‪ :‬‏باستبكاء الصحب على الطلل‪ ،‬كقوله‪ :‬‏‬

‫قفا نبك من ذكرى حبيب وأمنزل ‪...‬‬

‫أو‪ :‬‏بالستفمهام عن الواب لخاطب غيخ معي‪ ،‬كقوله‪ :‬‏‬

‫ألم تسأل فتخبرك الرسوم ‪...‬‬

‫ومثل تية الطلول‪ ،‬بالمر لخاطب غيخ معي بتحيتها‪ ،‬كقوله‪ :‬‏‬

‫حي الديار بجانب اللعلزل ‪...‬‬

‫أو‪ :‬‏بالدعاء لا بالسُقيا‪ ،‬كقوله‪ :‬‏‬

‫ش هزيم ‪ ...‬‏وأغدت عليهم نضرة وأنعيتم‬


‫أسقى طلوللهم أج ش‬

‫أو‪ :‬‏سؤال السُقيا لا من البق‪ ،‬كقوله‪ :‬‏‬

‫يا برتق طالحع منزل بالبرق ‪ ...‬‏لوأاححتد السحاب لها غحداء ا ل‬


‫ليحـنتغق‬

‫أو‪ :‬‏مثل التفمجع ف الزمع‪ ،‬باستدعاء البكاء‪ ،‬كقوله‪ :‬‏‬

‫كذا فليجل الخطب وأليفدح المر‪ ...‬‏فليس لعين لم يفض ماؤها عذر‬

‫أو‪ :‬‏باستعظام الادث‪ ،‬كقوله‪ :‬‏‬

‫أرأيت من تحملوا على العواد‪...‬‬

‫أو‪ :‬‏بالتسُجيل على الكوان بالصيبة لفمقده‪ ،‬كقوله‪ :‬‏‬

‫منابت العشب ل حام وأل راع ‪ ...‬‏مضى الردى بطويل الرمح وأالباع‬

‫‪234‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫أو‪ :‬‏بالنكار على من ل يتفمجع له من المحادات‪ ،‬كقول الارجية‪ :‬‏‬

‫أيا شجر الخابور مالك مورقا ‪ ...‬‏كأنك لم تجزع على ابن طريف‬

‫أو‪ :‬‏بتهئنة قريعة بالراحة من ثقل وطأته‪ ،‬كقوله‪ :‬‏‬

‫ألقى الرمالح ربيعةت بن نزار ‪ ...‬‏أوأدى الردى بقريعك المغوار‬

‫وأمثال ذلك كثيخ ف سائر فنون الكلم ومذاهبه‪ ،‬وتنتظم التماكيب فيه بالمحل وغيخ‬
‫المحل‪ ،‬إنشائية وخبية‪ ،‬اسية وفعلية‪ ،‬متفمقة وغيخ متفمقة‪ ،‬مفمصولة وموصولة‪ ،‬على ما هو‬
‫شأأن التماكيب ف الكلم العرب‪ ،‬ف مكان كل كلمحة من الخرى؛ يعرفك به ما‬
‫تسُتفميده بالرتياض ف أشأعار العرب‪ ،‬من القالب الكلي الرد ف الذهن‪ ،‬من التماكيب‬
‫العينة الت ينطبق ذلك القالب على جيعها؛ فإن مؤلف الكلم هو كالبنناء أو النلسُاج‪،‬‬
‫والصورةا الذهنية النطبقة كالقالب الذي يبن فيه‪ ،‬أو النوال الذي ينسُج عليه‪ ،‬فإن خرج‬
‫عن القالب ف بنائه‪ ،‬أو على النوال ف نسُجه‪ ،‬كان فاسدا‪ .‬‏‬

‫ول تقولن‪ :‬‏إن معرفة قواني البلغة كافية ف ذلك‪ ،‬لنا نقول‪ :‬‏قواني البلغة إنا هي‪:‬‬
‫قواعد علمحية قياسية‪ ،‬تفميد جواز استعمحال التماكيب على هيئاتا الاصة بالقياس‪ ،‬وهو‬
‫قياس علمحي صحيح مطرد‪ ،‬كمحا هو قياس القواني العرابية‪ .‬‏‬

‫وهذه الساليب الت نن نقررها ليسُت من القياس ف شأيء‪ ،‬إنا هي هيئة ترسخ ف‬
‫النفمس‪ ،‬من تتبع التماكيب ف شأعر العرب‪ ،‬لريانا على اللسُان‪ ،‬حت تسُتحكم صورتا‪،‬‬
‫فيسُتفميد با العمحل على مثالا‪ ،‬والحتذاء با ف كل تركيب من الشعر ‪ -‬‏كمحا قدمنا‬
‫ذلك ف الكلم بإطلق ‪ ،-‬وإن القواني العلمحية من العربية والبيان ل يفميد تعليمحه بوجه‪،‬‬
‫وليس كل ما يصح ف قياس كلم العرب وقوانينه العلمحية استعمحلوه‪ ،‬وإنا السُتعمحل‬
‫عندهم من ذلك أناء معروفة‪ ،‬يطلع عليها الافظون لكلمهم‪ ،‬تندرج صورتا تت تلك‬
‫القواني القياسية؛ فإذا نظر ف شأعر العرب على هذا النحو‪ ،‬وبذه الساليب الذهنية الت‬
‫تصيخ كالقوالب‪ ،‬كان نظرا ف السُتعمحل من تراكيبهم‪ ،‬ل فيمحا يقتضيه القياس‪ .‬‏‬

‫‪235‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫صل لذه القوالب ف الذهن‪ ،‬إنا هو حفمظ أشأعار العرب وكلمهم‪،‬‬ ‫ولذا قلنا‪ :‬‏إن ال ن‬
‫وهذه القوالب كمحا تكون ف النظوم تكون ف النثور‪ ،‬فإن العرب استعمحلوا كلمهم ف‬
‫كل الفمني‪ ،‬وجاؤروا به مفمصل ف النوعي؛ ففمي الشعر‪ :‬‏بالقطع الوزونة‪ ،‬والقواف القيدةا‪،‬‬
‫واستقلل الكلم ف كل قطعة؛ وف النثور‪ :‬‏يعتبون الوازنة والتشابه بي القطع غالبا‪،‬‬
‫وقد يقيدونه بالسجاع‪ ،‬وقد يرسلونه‪ ،‬وكل واحد من هذه معروفة ف لسُان العرب‪،‬‬
‫والسُتعمحل منها عندهم هو الذي يبن مؤلف الكلم عليه تأليفمه‪ ،‬ول يعرفه إل من حفمظ‬
‫كلمهم‪ ،‬حت يتجرد ف ذهنه من القوالب العينة الشخصية قالب كلي مطلق‪ ،‬يذو‬
‫حذوه ف التأليف‪ ،‬كمحا يذو البنناء على القالب‪ ،‬والننسُاج على النوال‪ .‬‏‬

‫فلهذا كان فن تأليف الكلم منفمردا عن نظر النحوي والبيان والعروضي؛ نعم إن مراعاةا‬
‫قواني هذه العلوم شأرطر فيه ل يتم بدونا‪ ،‬فإذا تصلت هذه الصفمات كلها ف الكلم‪،‬‬
‫اختصخ بنوع من النظر لطيف ف هذه القوالب‪ ،‬الت يسُمحونا‪ :‬‏أساليب‪ ،‬ول يفميده إل‬
‫حفمظ كلم العرب نظمحا ونثرا‪ .‬‏‬

‫وإذا تقرر معنم السلوب ما هو؟ فلنذكر بعده حدا أو رسا للشعر‪ ،‬به تفمهم حقيقته‪،‬‬
‫على صعوبة هذا الغرض‪ ،‬فإنا ل نقف عليه لحد من التقدمي ‪ -‬‏فيمحا رأيناه ‪ .-‬‏‬

‫وقول العروضيي ف حده‪ :‬‏إنه الكلم الوزون القفمى‪ ،‬ليس بد لذا الشعر الذي نن‬
‫بصدده‪ ،‬ول رسم له‪ ،‬وصناعتهم إنا تنظر ف الشعر باعتبار ما فيه من العراب والبلغة‬
‫والوزن والقوالب الاصة‪ ،‬فل جرم أن حدهم ذلك ل يصلح له عندنا‪ ،‬فل بد من‬
‫تعريف يعطينا حقيقته من هذه اليثية فنقول‪ :‬‏‬

‫الشعر‪ :‬‏هو الكلم البليغ البن على الستعارةا والوصاف‪ ،‬الفمصل بأجزماء متفمقة ف الوزن‬
‫والروي‪ ،‬مسُتقل كل جزمء منها ف غرضه ومقصده عمحا قبله وبعده‪ ،‬الاري على أساليب‬
‫العرب الخصوصة به‪ ،‬فقولنا‪ :‬‏)الكلم البليغ( ‏جنس؛ وقولنا‪ :‬‏)البن على الستعارةا‬
‫والوصاف( ‏فصل عمحا يلو من هذه‪ ،‬فإنه ف الغالب ليس بشعر؛ وقولنا‪ :‬‏)الفمصل‬
‫بأجزماء متفمقة الوزن والروي( ‏فصل له عن الكلم النثور الذي ليس بشعر عند الكل؛‬

‫‪236‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وقولنا‪ :‬‏)مسُتقل كل جزمء منها ف غرضه ومقصده عمحا قبله وبعده( ‏بيان للحقيقة‪ ،‬لن‬
‫الشعر ل تكون أبياته إل كذلك‪ ،‬ول يفمصل به شأيء؛ وقولنا‪ :‬‏)الاري على الساليب‬
‫الخصوصة به( ‏فصل له عمحا ل ير منه على أساليب العرب العروفة‪ ،‬فإنه حينئذ ل‬
‫يكون شأعرا‪ ،‬إنا هو كلم منظوم‪ ،‬لن الشعر له أساليب تصه ل تكون للمحنثور‪ ،‬وكذا‬
‫أساليب النثور ل تكون للشعر؛ فمحا كان من الكلم منظوما‪ ،‬وليس على تلك‬
‫الساليب‪ ،‬فل يكون شأعرا‪ .‬‏‬

‫وبذا العتبار كان الكثيخ من أهل هذه الصناعة الدبية‪ ،‬يرون أن نظم التنب والعري‬
‫ليس هو من الشعر ف شأيء‪ ،‬لنمحا ل يريا على أساليب العرب من المم‪ ،‬عند من‬
‫يرى أن )‪ /1‬‏‪ (297‬‏الشعر يوجد للعرب وغيخهم؛ ومن يرى أنه ل يوجد لغيخهم‪ ،‬فل‬
‫يتاج إل ذلك‪ ،‬ويقول‪ :‬‏مكانه الاري على الساليب الخصوصة‪ .‬‏‬

‫وإذ قد فرغنا من الكلم على حقيقة الشعر‪ ،‬فلنرجع إل الكلم ف كيفمية عمحله‪ ،‬فنقول‪ :‬‏‬

‫اعلم‪ :‬‏أن لعمحل الشعر‪ ،‬وإحكام صناعته‪ ،‬شأروطا‪ :‬‏‬

‫أولا‪ :‬‏الفمظ من جنسُه‪ ،‬أي من جنس شأعر العرب‪ ،‬حت تنشأ ف النفمس ملكة ينسُج‬
‫على منوالا‪ ،‬ويتخيخ الفموظ من الر النقي الكثيخ الساليب؛ وهذا الفموظ الختار أقل‬
‫ما يكفمي فيه شأعر شأاعر من الفمحول السلميي مثل‪ :‬‏ابن أب ربيعة‪ ،‬وكثيخ‪ ،‬وذي الرمة‪،‬‬
‫وجرير‪ ،‬وأب نواس‪ ،‬وحبيب‪ ،‬والبحتمي‪ ،‬والرضي‪ ،‬وأب فراس‪ ،‬وأكثره شأعر )كتاب‬
‫الغان( ‏لنه جع شأعر أهل الطبقة السلمية كله‪ ،‬والختار من شأعر الاهلية‪ .‬‏‬

‫ومن كان خاليا من الفموظ‪ ،‬فنظمحه قاصر رديء‪ ،‬ول يعطيه الرونق واللوةا إل كثرةا‬
‫الفموظ؛ فمحن قل حفمظه أو عدم ل يكن له شأعر‪ ،‬وإنا هو نظم ساقط؛ واجتناب الشعر‬
‫أول من ل يكن له مفموظ؛ ث بعد المتلء من الفمظ وشأحذ القرية للنسُج على‬
‫النوال يقبل على النظم‪ ،‬وبالكثار منه تسُتحكم ملكته وترسخ‪ .‬‏‬

‫‪237‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وربا يقال‪ :‬‏إن من شأرطه نسُيان ذلك الفموظ‪ ،‬لتمححي رسومه الرفية الظاهرةا‪ ،‬إذ هي‬
‫صادةا عن استعمحالا بعينها؛ فإذا نسُيها وقد تكيفمت النفمس با انتقش السلوب فيها‪،‬‬
‫كأنه منوال يأخذ بالنسُج عليه‪ /1) ،‬‏‪ (298‬‏بأمثالا من كلمحات أخرى ضرورةا؛ ث ل بد‬
‫له من اللوةا واستجادةا الكان النظور فيه من الياه والزهار؛ وكذا السُمحوع لستثارةا‬
‫القرية باستجمحاعها‪ ،‬وتنشيطها بلذ السُرور‪ ،‬ث مع هذا كله‪ ،‬فشرطه أن يكون على‬
‫جام ونشاطر‪ ،‬فذلك أجع له‪ ،‬وأنشط للقرية أن تأت بثل ذلك النوال الذي ف حفمظه‪.‬‬

‫قالوا‪ :‬‏وخيخ الوقات لذلك أوقات البكر‪ ،‬عند البوب من النوم‪ ،‬وفراغ العدةا‪ ،‬ونشاطر‬
‫الفمكر‪ ،‬وف هؤلء المحام‪ .‬‏‬

‫وربا قالوا‪ :‬‏إن من بواعثه العشق والنتشاء‪ ،‬ذكر ذلك ابن رشأيق ف كتاب )العمحدةا(‪،‬‬
‫وهو الكتاب الذي انفمرد بذه الصناعة وإعطاء حقها‪ ،‬ول يكتب فيها أحد قبله ول بعده‬
‫مثله‪ .‬‏‬

‫قالوا‪ :‬‏فإن استصعب عليه بعد هذا كله فليتمكه إل وقت آخر‪ ،‬ول يكره نفمسُه عليه؛‬
‫وليكن بناء البيت على القافية من أول صوغه ونسُجه بعضها‪ ،‬ويبن الكلم عليها إل‬
‫آخره‪ ،‬لنه إن غفمل عن بناء البيت على القافية‪ ،‬صعب عليه وضعها ف ملها‪ ،‬فربا‬
‫تيء نافرةا قلقة؛ وإذا سح الاطر بالبيت‪ ،‬ول يناسب الذي عنده‪ ،‬فليتمكه إل موضعه‬
‫الليق به‪ ،‬فإن كل بيت مسُتقل بنفمسُه‪ ،‬ول تبق إل الناسبة‪ ،‬فليتخيخ فيها كمحا يشاء‪،‬‬
‫وليخاجع شأعره بعد اللص منه بالتنقيح والنقد‪ ،‬ول يضن به على التمك‪ ،‬إذا ل يبلغ‬
‫الجادةا‪ ،‬فإن النسُان مفمتون بشعره‪ ،‬إذ هو بنات فكره‪ ،‬واختماع قريته؛ ول يسُتعمحل فيه‬
‫من الكلم إل الفصح من التماكيب‪ ،‬والالصخ من الضرورات اللسُانية فليهجرها‪ ،‬فإنا‬
‫تنزمل بالكلم عن طبقة البلغة‪ ،‬وقد حظر أئمحة اللسُان عن الونلد وارتكاب الضرورةا‪ ،‬إذ‬
‫هو ف سعة )‪ /1‬‏‪ (299‬‏منها بالعدول عنها إل الطريقة الثلى من اللكة؛ ويتنب أيضا‬
‫العقد من التماكيب جهده‪ ،‬وإنا يقصد منها ما كانت معانيه تسُابق ألفماظه إل الفمهم‪،‬‬
‫وكذلك كثرةا العان ف البيت الواحد‪ ،‬فإن فيه نوع تعقيد على الفمهم‪ ،‬وإنا الختار منه‬

‫‪238‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫ما كانت ألفماظه طبقا على معانيه أو أوف‪ ،‬فإن كانت العان كثيخةا كان حشوا‪،‬‬
‫واستعمحل الذهن بالغوص عليها‪ ،‬فمحنع الذوق عن استيفماء مدركه من البلغة‪ .‬‏‬

‫ول يكون الشعر سهل إل إذا كانت معانيه تسُابق ألفماظه إل الذهن‪ ،‬ولذا كان‬
‫شأيوخنا ‪ -‬‏رحهم ال ‪ -‬‏يعيبون شأعر أب إسحاق بن خفماجة‪ ،‬شأاعر شأرق الندلس‪،‬‬
‫لكثرةا معانيه‪ ،‬وازدحامها ف البيت الواحد‪ ،‬كمحا كانوا يعيبون شأعر التنب والعري‪ ،‬بعدم‬
‫النسُج على الساليب العربية ‪ -‬‏كمحا مر ‪ ،-‬فكان شأعرها كلما منظوما نازل عن طبقة‬
‫الشعر؛ والاكم بذلك هو الذوق‪ .‬‏‬

‫وليجتنب الشاعر أيضا الوشأي من اللفماظ والقعر‪ ،‬وكذلك السُوقي البتذل بالتداول‬
‫بالستعمحال‪ ،‬فإنه ينزمل بالكلم عن طبقة البلغة أيضا‪ ،‬فيصيخ مبتذل‪ ،‬ويقرب من عدم‬
‫الفادةا‪ ،‬ويبعد عن رتبة البلغة‪ ،‬إذ ها طرفان‪ .‬‏‬

‫ولذا كان الشعر ف الرنبانيات والنبويات قليل الجادةا ف الغالب‪ ،‬ول يذق فيه إل‬
‫الفمحول‪ ،‬وف القليل على العشر‪ ،‬لن معانيها متداولة بي المحهور‪ ،‬فتصيخ مبتذلة لذلك‪.‬‬

‫وإذا تعذر الشعر بعد هذا كله فليخاوضه ويعاوده‪ ،‬فإن القرية مثل الضرع‪ ،‬يدنر بالمتماء‪،‬‬
‫ويف بالتمك والهال‪ .‬‏)‪ /1‬‏‪ (300‬‏‬

‫وبالمحلة‪ :‬‏فهذه الصناعة وتعلمحها مسُتوف ف كتاب )العمحدةا( ‏لبن رشأيق‪ ،‬وقد ذكرنا منها‬
‫ما حضرنا بسُب الهد؛ ومن أراد استيفماء ذلك فعليه بذلك الكتاب‪ ،‬ففميه البغية من‬
‫ذلك‪ ،‬وهذه نبذةا كافية؛ ‪ -‬‏وال العي ‪ .-‬‏)‪ /1‬‏‪ (301‬‏‬

‫ ‏مطلب في أن صناعة النظم وأالنثر إنما هي في اللفاظ‪ ،‬ل في المعاني‬

‫اعلم‪ :‬‏أن صناعة الكلم نظمحا ونثرا‪ ،‬إنا هي ف اللفماظ ل ف العان‪ ،‬وإنا العان تبع‬
‫لا‪ ،‬وهي أصل؛ فالصانع الذي ياول ملكة الكلم ف النظم والنثر‪ ،‬إنا ياولا ف‬
‫اللفماظ‪ ،‬بفمظ أمثالا من كلم العرب‪ ،‬ليكثر استعمحاله وجريه على لسُانه‪ ،‬حت تسُتقر‬

‫‪239‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫له اللكة ف لسُان مضر‪ ،‬ويتخلصخ من العجمحة الت رب عليها ف جيله‪ ،‬ويفمرض نفمسُه‪،‬‬
‫مثل وليد ينشأ ف جيل العرب‪ ،‬ويلقن لغتهم كمحا يلقنها الصب‪ ،‬حت يصيخ كأنه واحد‬
‫منهم ف لسُانم‪ .‬‏‬

‫وذلك أنا قدمنا أن للسُان ملكة من اللكات ف النطق‪ ،‬ياول تصيلها بتكرارها على‬
‫اللسُان حت تصل‪ ،‬والذي ف اللسُان والنطق إنا هو اللفماظ‪ ،‬وأما العان فهي ف‬
‫الضمحائر‪ .‬‏‬

‫وأيضا فالعان موجودةا عند كل واحد‪ ،‬وف طلوع كل فكر منها ما يشاء ويرضى‪ ،‬فل‬
‫تتاج إل صناعة؛ وتأليف الكلم للعبارةا عنها هو التاج للصناعة ‪ -‬‏كمحا قلناه ‪ ،-‬وهو‬
‫بثابة القوالب للمحعان؛ فكمحا أن الوان الت يغتمف با الاء من البحر منها‪ :‬‏آنية‬
‫الذهب‪ ،‬والفمضة‪ ،‬والصدف‪ ،‬والزمجاج‪ ،‬والزمف‪ ،‬والاء واحد ف نفمسُه؛ وتتلف الودةا ف‬
‫الوان المحلوءةا بالاء باختلف جنسُها‪ ،‬ل باختلف الاء؛ كذلك جودةا اللغة وبلغتها‬
‫ف )‪ /1‬‏‪ (202‬‏الستعمحال‪ ،‬تتلف باختلف طبقات الكلم ف تأليفمه‪ ،‬باعتبار تطبيقه‬
‫على القاصد والعان واحدةا ف نفمسُها؛ وإنا الاهل‪ ،‬بتأليف الكلم وأساليبه على‬
‫مقتضى ملكة اللسُان‪ ،‬إذا حاول العبارةا عن مقصوده ل يسُن؛ بثابة الطقفعد الذي يروم‬
‫س‬
‫النهوض ول يسُتطيعه‪ ،‬لفمقدان القدرةا عليه‪ - ،‬‏)وال يعلمحكم ما ل تكونوا تعلمحون(‪ .‬‏)‪/1‬‬
‫‪ (303‬‏‬

‫ ‏مطلب في أن حصول هذه الملكة بكثرة الحفظ وأجودتها بجودة المحفوظ‬

‫قد قدمنا أنه ل بد من كثرةا الفمظ‪ ،‬لن يروم تعلم اللسُان العرب؛ وعلى قدر جودةا‬
‫الفموظ‪ ،‬وطبقته ف جنسُه‪ ،‬وكثرته من قلته‪ ،‬تكون جودةا اللكة الاصلة عنه للحافظ؛‬
‫فمحن كان مفموظه‪ :‬‏شأعر حبيب‪ ،‬أو العتاب‪ ،‬أو ابن العتزم‪ ،‬أو ابن هانئ‪ ،‬أو الشريف‬
‫الرضي‪ ،‬أو رسائل ابن القفمع‪ ،‬أو سهل بن هارون‪ ،‬أو ابن الزميات‪ ،‬أو البديع‪ ،‬أو‬
‫الصابئ‪ ،‬تكون ملكته أجود‪ ،‬وأعلى مقاما ورتبة ف البلغة‪ ،‬من يفمظ شأعر ابن سهل‬
‫من التأخرين‪ ،‬أو ابن النبيه‪ ،‬أو ترمسل البيسُان‪ ،‬أو العمحاد الصفمهان‪ ،‬لنزمول طبقة هؤلء‬

‫‪240‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫عن أولئك‪ ،‬يظهر ذلك للبصيخ الناقد‪ ،‬صاحب الذوق؛ وعلى مقدار جودةا الفموظ أو‬
‫السُمحوع تكون جودةا الستعمحال من بعده‪ ،‬ث إجادةا اللكة من بعدها‪ .‬‏‬

‫فبارتقاء الفموظ ف طبقته من الكلم‪ ،‬ترتقي اللكة الاصلة‪ ،‬لن الطبع إنا ينسُج على‬
‫منوالا‪ ،‬وتنمحو قوى اللكة بتغذيتها‪ ،‬وذلك أن النفمس‪ ،‬وإن كانت ف جبلتها واحدةا‬
‫بالنوع‪ ،‬فهي تتلف ف البشر بالقوةا والضعف ف الدراكات؛ واختلفها إنا هو )‪/1‬‬
‫‪ (304‬‏باختلف ما يرد عليها من الدراكات واللكات واللوان الت تكيفمها من خارج‪،‬‬
‫فبهذه يتم وجودها‪ ،‬وترج من القوةا إل الفمعل صورتا؛ واللكات الت تصل لا إنا‬
‫تصل على التدريج ‪ -‬‏كمحا ذكرنا ‪ .-‬‏‬

‫فاللكة الشعرية‪ :‬‏تنشأ بفمظ الشعر؛ وملكة الكتابة‪ :‬‏بفمظ السجاع والتمسيل؛ والعلمحية‪:‬‬
‫بخالطة العلوم‪ ،‬والدراكات‪ ،‬والباث‪ ،‬والنظار؛ والفمقهية‪ :‬‏بخالطة الفمقه‪ ،‬وتنظيخ‬
‫السُائل وتفمريعها‪ ،‬وتريج الفمروع على الصول؛ والتصوفية الربانية‪ :‬‏بالعبادات‪ ،‬والذكار‪،‬‬
‫وتعطيل الواس الظاهرةا باللوةا‪ ،‬والنفمراد عن اللق ما استطاع‪ ،‬حت تصل له ملكة‬
‫الرجوع إل حسُه الباطن وروحه‪ ،‬وينقلب ربانيا؛ وكذا سائرها‪ .‬‏‬

‫وللنفمس ف كل واحد منها لون تتكيف به‪ ،‬وعلى حسُب ما نشأت اللكة عليه من‬
‫جودةا أو رداءةا‪ ،‬تكون تلك اللكة ف نفمسُها؛ فمحلكة البلغة العالية الطبقة ف جنسُها‪،‬‬
‫إنا تصل بفمظ العال ف طبقته من الكلم؛ ولذا كان الفمقهاء وأهل العلوم كلهم‬
‫قاصرين ف البلغة‪ ،‬وما ذلك إل لا يسُبق إل مفموظهم‪ ،‬ويتلئ به من القواني العلمحية‪،‬‬
‫والعبارات الفمقهية‪ ،‬الارجة عن أسلوب البلغة‪ ،‬والنازلة عن الطبقة؛ لن العبارات عن‬
‫القواني والعلوم لحظ لا ف البلغة‪ .‬‏‬

‫فإذا سبق ذلك الفموظ إل الفمكر‪ ،‬وكثر‪ ،‬وتلونت به النفمس‪ ،‬جاءت اللكة الناشأئة عنه‬
‫ف غاية القصور‪ ،‬وانرفت عباراته عن أساليب العرب ف كلمهم‪ .‬‏‬

‫‪241‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وهكذا ند شأعر الفمقهاء‪ ،‬والنحاةا‪ ،‬والتكلمحي‪ ،‬والنظار‪ ،‬وغيخهم‪ :‬‏من ل يتلئ من حفمظ‬
‫النقي الر من كلم العرب‪ .‬‏‬

‫أخبن صاحبنا‪ ،‬الفماضل‪ :‬‏أبو القاسم بن رضوان‪ ،‬كاتب العلمة بالدولة الرينية‪ ،‬قال‪:‬‬
‫ذاكرت يوما صاحبنا‪ :‬‏أبا العباس بن شأعيب‪ ،‬كاتب السُلطان‪ :‬‏أب السُن‪ /1) ،‬‏‪(305‬‬
‫وكان القدم ف البصر باللسُان لعهده‪ ،‬فأنشدته مطلع قصيدةا ابن النحوي‪ ،‬ول أنسُبها‬
‫له‪ ،‬وهو هذا‪ :‬‏‬

‫ل أدر حي وقفمت بالطلل ** ‏ما الفمرق بي جديدها والبال‬

‫فقال ل على البديهة‪ :‬‏هذا شأعر فقيه‪ ،‬فقلت له‪ :‬‏من أين لك ذلك؟ قال‪ :‬‏من قوله‪ :‬‏)ما‬
‫الفمرق(‪ ،‬إذ هي من عبارات الفمقهاء‪ ،‬وليسُت من أساليب كلم العرب‪ ،‬فقلت له‪ :‬‏ل‬
‫أبوك! ‏إنه ابن النحوي‪ .‬‏‬

‫وأما الكلتاب والشعراء‪ :‬‏فليسُوا كذلك‪ ،‬لتخيخهم ف مفموظهم‪ ،‬ومالطتهم كلم العرب‪،‬‬
‫وأساليبهم ف التمسل‪ ،‬وانتقائهم له اليد من الكلم‪ ..‬‏‬

‫ذاكرت يوما صاحبنا‪ :‬‏أبا عبد ال بن الطيب‪ ،‬وزير اللوك بالندلس من بن الحر‪،‬‬
‫وكان الصدر القدم ف الشعر والكتابة‪ ،‬فقلت له‪ :‬‏أجد استصعابا علي ف نظم الشعر‬
‫مت رمته! ‏مع بصري به‪ ،‬وحفمظي للجيد من الكلم من‪ :‬‏القرآن‪ ،‬والديث‪ ،‬وفنون من‬
‫ت ‪ -‬‏وال أعلم ‪ -‬‏من قبل ما‬ ‫كلم العرب‪ - ،‬‏وإن كان مفموظي قليل ‪ ،-‬وإنا سأتي س‬
‫ت‪:‬‬
‫حصل ف حفمظي من الشأعار العلمحية‪ ،‬والقواني التأليفمية‪ ،‬فإن حفمظت قصيد فط‬
‫الشاطب الكبى والصغرى ف القراءات‪ ،‬و تدارست كتا ف طب ابن الاجب‪ :‬‏ف الفمقه‬
‫والصول‪ ،‬و )جل الوني( ‏ف النطق‪ ،‬وبعض كتاب )التسُهيل(‪ ،‬وكثيخا من قواني‬
‫التعليم ف الالس‪ ،‬فامتل مفموظي من ذلك‪ ،‬وخدش وجه اللكة الت استعددت لا‬
‫بالفموظ اليد من القرآن والديث وكلم العرب‪ ،‬فعاق القرية عن بلوغها؛ فنظر إل‬
‫ساعة معجبا‪ ،‬ث قال‪ :‬‏ل أنت! ‏وهل يقول هذا إل مثلك؟! ‏‬

‫‪242‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫ويظهر لك من هذا الطلب وما تقرر فيه سلر آخر‪ ،‬وهو‪ :‬‏إعطاء السُبب ف أن كلم‬
‫السلميي من العرب‪ ،‬أعلى طبقة ف البلغة وأذواقها‪ /1) ،‬‏‪ (306‬‏من كلم الاهلية‬
‫ف منثورهم ومنظومهم‪ .‬‏‬

‫فإنا ند شأعر حسُان بن ثابت‪ ،‬وعمحر بن أب ربيعة‪ ،‬والطيئة‪ ،‬وجرير‪ ،‬والفمرزدق‪،‬‬


‫ونصيب‪ ،‬وغيلن ذي الرمة‪ ،‬والحوص‪ ،‬وبشار‪ ،‬ث كلم السُلف من العرب ف الدولة‬
‫الموية‪ ،‬وصدرا من الدولة العباسية‪ ،‬ف‪ :‬‏خطبهم‪ ،‬وترسيلهم‪ ،‬وماوراتم للمحلوك‪ ،‬أرفع‬
‫طبقة ف البلغة من شأعر النابغة‪ ،‬وعنتمةا‪ ،‬وابن كلثوم‪ ،‬وزهيخ‪ ،‬وعلقمحة بن عبدةا‪ ،‬وطرفة‬
‫بن العبد‪ ،‬ومن كلم الاهلية ف منثورهم وماوراتم؛ والطبع السُليم‪ ،‬والذوق الصحيح‪،‬‬
‫شأاهدان بذلك للناقد البصيخ بالبلغة‪ .‬‏‬

‫والسُبب ف ذلك‪ :‬‏أن هؤلء الذين أدركوا السلم‪ ،‬سعوا الطبقة العالية من الكلم ف‬
‫القرآن والديث‪ ،‬اللذين عجزم البشر عن التيان بثليهمحا‪ ،‬لكونا ولت ف قلوبم‪،‬‬
‫ونشأت على أساليبها نفموسهم‪ ،‬فنهضت طباعهم‪ ،‬وارتقت ملكاتم ف البلغة على‬
‫ملكات من قبلهم من أهل الاهلية‪ ،‬من ل يسُمحع هذه الطبقة‪ ،‬ول نشأ عليها‪ ،‬فكان‬
‫كلمهم ف نظمحهم ونثرهم أحسُن ديباجة‪ ،‬وأصفمى رونقا من أولئك‪ ،‬وأرصف مبنم‪،‬‬
‫وأعدل تثقيفما‪ ،‬با استفمادوه من الكلم العال الطبقة‪ ،‬وتأمل ذلك يشهد لك به ذوقك‪،‬‬
‫إن كنت من أهل الذوق والتبصر بالبلغة‪ .‬‏‬

‫ولقد سألت يوما شأيخنا‪ ،‬الشريف‪ :‬‏أبا القاسم قاضيغرناطة لعهدنا‪ - ،‬‏وكان شأيخ هذه‬
‫الصناعة‪ ،‬أخذ بسُبتة عن جاعة من مشيختها من تلميذ الشلوبي‪ ،‬واستبحر ف علم‬
‫اللسُان‪ ،‬وجاء من وراء الغاية فيه ‪ -‬‏فسُألته يوما‪ :‬‏ما بال العرب السلميي أعلى طبقة‬
‫ف البلغة من الاهليي؟ ‪ -‬‏ول يكن يسُتنكر ذلك بذوقه ‪ ،-‬فسُكت طويل‪ ،‬ث قال‬
‫ل‪ :‬‏وال ما أدري! ‏فقلت‪ :‬‏)‪ /1‬‏‪ (307‬‏أعرض عليك شأيئا ظهر ل ف ذلك‪ ،‬ولعله‬
‫السُبب فيه؛ وذكرت له هذا الذي كتبت‪ ،‬فسُكت معجبا‪ ،‬ث قال ل‪ :‬‏يا فقيه‪ ،‬هذا‬
‫كلم من حقه أن يكتب بالذهب؛ وكان من بعدها يؤثر ملي‪ ،‬وسيصيخ ف مالس‬

‫‪243‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫التعليم إل قول‪ ،‬ويشهد ل بالنباهة ف العلوم ‪ -‬‏وال خلق النسُان‪ ،‬وعلمحه البيان ‪ .-‬‏)‬
‫‪ /1‬‏‪ (308‬‏‬

‫ ‏مطلب في ترفع أهل المراتب عن انتحال الشعر‬

‫اعلم‪ :‬‏أن الشعر كان ديوانا للعرب‪ ،‬فيه‪ :‬‏علومهم‪ ،‬وأخبارهم‪ ،‬وحكمحهم؛ وكان رؤرساء‬
‫العرب منافسُي فيه‪ ،‬وكانوا يقفمون بسُوق عكاظ لنشاده‪ ،‬وعرض كل واحد منهم‬
‫ديباجته على فحول الشأن‪ ،‬وأهل البصر‪ ،‬لتمحييزم فحطولله‪ ،‬حت انتهوا إل الناغاةا ف تعليق‬
‫أشأعارهم بأركان البيت الرام‪ ،‬موضع حجهم‪ ،‬وبيت إبراهيم‪ ،‬كمحا فعل امرؤر القيس بن‬
‫حجر‪ ،‬والنابغة الذبيان‪ ،‬وزهيخ بن أب سلمحى‪ ،‬وعنتمةا بن شأداد‪ ،‬وطرفة ابن العبد‪،‬‬
‫وعلقمحة بن عبدةا‪ ،‬والعشى‪ ،‬وغيخهم من أصحاب العلقات السُبع؛ فإنه إنا كان يتوصل‬
‫إل تعليق الشعر با‪ ،‬من كان له قدرةا على ذلك بقومه‪ ،‬وعصبيته‪ ،‬ومكانه ف مضر؛‬
‫على ما قيل ف سبب تسُمحيتها بالعلقات‪ .‬‏‬

‫ث انصرف العرب عن ذلك أول السلم‪ ،‬با شأغلهم من أمر الدين والنبوةا والوحي‪ ،‬وما‬
‫أدهشهم من أسلوب القرآن ونظمحه‪ ،‬فأخرسوا عن ذلك‪ ،‬وسكتوا عن الوض ف النظم‬
‫والنثر زمانا‪ ،‬ث استقر ذلك‪ ،‬وأونس الرشأد من اللة‪ ،‬ول ينزمل الوحي ف تري الشعر‬
‫وحظره‪ ،‬وسعه النب ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ -‬‏وأثاب عليه‪ ،‬فرجعوا )‪ /1‬‏‪ (309‬‏حينئذ‬
‫إل ديدنم منه وكان لعمحر بن أب ربيعة ‪ -‬‏كبيخ قريش لذلك العهد ‪ -‬‏مقامات فيه عالية‪،‬‬
‫وطبقة مرتفمعة‪ ،‬وكان كثيخا ما يعرض شأعره على ابن عباس‪ ،‬فيقف لستمحاعه معجبا به‪ .‬‏‬

‫ك والدولة العزميزمةا‪ ،‬وتقرب إليهم العرب بأشأعارهم يتدحونم با‪،‬‬


‫ث جاء من بعد ذلك الطل س‬
‫س‬
‫وييزمهم اللفماء بأعظم الوائزم على نسُبة الودةا ف أشأعارهم‪ ،‬ومكانم من قومهم‪،‬‬
‫ويرصون على استهداء أشأعارهم‪ ،‬ينطلعون منها على‪ :‬‏الثار‪ ،‬والخبار‪ ،‬واللغة‪ ،‬وشأرف‬
‫اللسُان؛ والعرب يطالبون ولدهم بفمظها‪ .‬‏‬

‫ول يزمل هذا الشأن أيام بن أمية‪ ،‬وصدرا من دولة بن العباس‪ .‬‏‬

‫‪244‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وانظر ما نقله صاحب )العقد(‪ ،‬ف مسُامرةا الرشأيد للصمحعي‪ ،‬ف باب‪ :‬‏الشعر والشعراء‪،‬‬
‫تد ما كان عليه الرشأيد من العرفة بذلك‪ ،‬والرسوخ فيه‪ ،‬والعناية بانتحاله‪ ،‬والتبصر بيد‬
‫ف من بعدهم‪ ،‬ل يكن اللسُان لسُانم من‬ ‫الكلم ورديئه‪ ،‬وكثرةا مفموظه منه؛ ث جاء فخطل ف‬
‫أجل‪ :‬‏العجمحة‪ ،‬وتقصيخها باللسُان؛ وإنا تعلمحوه صناعة؛ ث مدحوا بأشأعارهم أمراء العجم‬
‫الذين ليس اللسُان لم‪ ،‬طالبي معروفهم فقط‪ ،‬ل سوى ذلك من الغراض؛ كمحا فعله‬
‫حبيب‪ ،‬والبحتمي‪ ،‬والتنب‪ ،‬وابن هانئ‪ ،‬ومن بعدهم‪ ...‬‏إل هلم جرا‪ .‬‏‬

‫فصار غرض الشعر ف الغالب إنا هو‪ :‬‏الكذب‪ ،‬والستجداء؛ لذهاب النافع الت كانت‬
‫فيه للولي ‪ -‬‏كمحا ذكرنا آنفما ‪-‬؛ وأنف منه لذلك أهل المحم والراتب من التأخرين‪،‬‬
‫وتغيخ الال‪ ،‬وأصبح تعاطيه هجنة ف الرئاسة‪ ،‬ومذمة لهل الناصب الكبيخةا‪ - ،‬‏وال‬
‫مقلب الليل والنهار ‪ .-‬‏)‪ /1‬‏‪ (310‬‏‬

‫ ‏مطلب في أشعار العرب وأأهل المصار لهذا العهد‬

‫اعلم‪ :‬‏أن الشعر ل يتصخ باللسُان العرب فقط‪ ،‬بل هو موجود ف كل لغة‪ ،‬سواء كانت‬
‫عربية أو عجمحية؛ وقد كان ف الفمرس شأعراء‪ ،‬وف يونان كذلك‪ ،‬وذكر منهم أرسطو ف‬
‫كتاب )النطق( ‏أوميخوس الشاعر‪ ،‬وأثنم عليه‪ .‬‏‬

‫وكان ف حيخ أيضا شأعراء متقدمون؛ ولا فسُد لسُان مضر ولغتهم‪ ،‬دونت مقاييسُها‬
‫وقواني إعرابا‪ ،‬وفسُدت اللغات من بعد‪ ،‬بسُب ما خالطها ومازجها من العجمحة‪،‬‬
‫فكانت ليل العرب بأنفمسُهم لغة خالفمت لغة سلفمهم من مضر ف العراب جلة‪ ،‬وف‬
‫كثيخ من الوضوعات اللغوية‪ ،‬وبناء الكلمحات؛ وكذلك الضر أهل المصار‪ ،‬نشأت فيهم‬
‫لغة أخرى‪ ،‬خالفمت لسُان مضر ف‪ :‬‏العراب‪ ،‬وأكثر الوضاع والتصاريف‪ ،‬وخالفمت أيضا‬
‫لغة اليل من العرب لذا العهد؛ واختلفمت هي ف نفمسُها‪ ،‬بسُب اصطلحات أهل‬
‫الفاق؛ فلهل الشرق وأمصاره لغة‪ ،‬غيخ لغة أهل الغرب وأمصاره‪ ،‬وتالفمهمحا أيضا لغة‬
‫أهل الندلس وأمصاره‪ .‬‏‬

‫‪245‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫ث لا كان الشعر موجودا بالطبع ف أهل كل لسُان‪ ،‬لن الوازين على نسُبة واحدةا ف‬
‫أعداد التحركات والسُواكن وتفـفقابسللها موجودةا ف طباع البشر‪ ،‬فلم يهجر الشعر بفمقدان‬
‫لغة واحدةا ‪ -‬‏وهي لغة مضر ‪ -‬‏الذين كانوا فحوله وفرسان ميدانه‪ ،‬حسُبمحا اشأتهر بي‬
‫أهل الليقة؛ بل كل جيل‪ ،‬وأهل كل لغة من العرب السُتعجمحي والضر أهل المصار‪،‬‬
‫يتعاطون )‪ /1‬‏‪ (311‬‏منه ما يطاوعهم ف انتحاله‪ ،‬ووصف بنائه‪ ،‬على فمطهفيع كلمهم‪ .‬‏‬

‫فأما العرب‪ :‬‏أهل هذا اليل‪ ،‬السُتعجمحون عن لغة سلفمهم من مضر‪ ،‬فيقرضون الشعر‬
‫لذا العهد ف سائر العاريض‪ ،‬على ما كان عليه سلفمهم السُتعربون‪ ،‬ويتأتون منه‬
‫بالطولت مشتمحلة على مذاهب الشعر وأغراضه من‪ :‬‏النسُيب‪ ،‬والدحَّ‪ ،‬والرثاء‪ ،‬والجاء‪،‬‬
‫ويسُتطردون ف الروج من فن إل فن ف الكلم‪ ،‬وربا هجمحوا على القصود لول‬
‫كلمهم؛ وأكثر ابتدائهم ف قصائدهم باسم الشاعر‪ ،‬ث بعد ذلك ينسُبون‪ .‬‏‬

‫فأهل أمصار الغرب من العرب يسُمحون هذه القصائد‪ :‬‏بالصمحعيات‪ ،‬نسُبة إل الصمحعي‬
‫‪ -‬‏راوية العرب ف أشأعارهم ‪-‬؛ وأهل الشرق من العرب يسُمحون هذا النوع من الشعر‪:‬‬
‫بالبدوي‪ ،‬وربا يلحنون فيه ألانا بسُيطة‪ ،‬ل على طريقة الصناعة الوسيقية‪ ،‬ث يغنون به‪،‬‬
‫ويسُمحون الغناء به باسم‪ :‬‏الوران ‪ -‬‏نسُبة إل‪ :‬‏حوران‪ ،‬من أطراف العراق والشام‪ ،‬وهي‬
‫من منازل العرب‪ :‬‏البادية‪ ،‬ومسُاكنهم إل هذا العهد ‪ .-‬‏‬

‫ولم فن آخر كثيخ التداول ف نظمحهم‪ ،‬ييئون به معصبا على أربعة أجزماء‪ ،‬يالف آخرها‬
‫الثلثة ف فروبيه‪ ،‬ويلتزممون القافية الرابعة ف كل بيت إل آخر القصيدةا‪ ،‬شأبيها بالربع‬
‫والخمحس‪ ،‬الذي أحدثه التأخرون من الونلدين‪ .‬‏‬

‫ولؤلء العرب ف هذا الشعر بلغة فائقة‪ ،‬وفيهم‪ :‬‏الفمحول‪ ،‬والتأخرون؛ والكثيخ من‬
‫النتحلي للعلوم لذا العهد ‪ -‬‏وخصوصا علم اللسُان ‪ -‬‏يسُتنكر هذه الفمنون الت لم إذا‬
‫سعها‪ ،‬ويج نظمحهم إذا سأنشد‪ ،‬ويعتقد أن ذوقه إنا نبا عنها لستهجانا‪ ،‬وفقدان‬
‫العراب منها؛ وهذا إنا أوت من فقدان اللكة ف لغتهم‪ ،‬فلو حصلت له ملكة من‬
‫ملكاتم لشهد له طبعه وذوقه ببلغتها‪ ،‬إن كان سليمحا من الفات ف فطرته ونظره‪،‬‬

‫‪246‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وإل فالعراب ل مدخل له ف البلغة‪ ،‬إنا البلغة‪ :‬‏مطابقة الكلم للمحقصود‪ ،‬ولقتضى‬
‫الال من الوجود فيه‪ ،‬سواء كان الرفع دال على الفماعل‪ ،‬والنصب دال على الفمعول‪ ،‬أو‬
‫بالعكس؛ وإنا يدل على ذلك قرائن الكلم‪ ،‬كمحا هو لغتهم هذه‪ ،‬فالدللة بسُب ما‬
‫يصطلح عليه أهل اللكة؛ فإذا عرف اصطلحَّ ف ملكة واشأتهر صحت الدللة‪ ،‬وإذا‬
‫طابقت تلك الدللة القصود ومقتضى الال صحت البلغة؛ ول عبةا بقواني النحاةا ف‬
‫ذلك‪ .‬‏‬

‫وأساليب الشعر وفنونه موجودةا ف أشأعارهم هذه‪ ،‬ما عدا حركات العراب ف أواخر‬
‫الكلم‪ ،‬فإن غالب كلمحاتم موقوفة الخر‪ ،‬ويتمحيزم عندهم الفماعل من الفمعول‪ ،‬والبتدأ من‬
‫الب‪ ،‬بقرائن الكلم‪ ،‬ل بركات العراب‪ .‬‏‬

‫وأما أهل الندلس‪ ،‬فلمحا كثر الشعر ف قطرهم‪ ،‬وتذبت مناحيه وفنونه‪ ،‬وبلغ التنمحيق فيه‬
‫الغاية‪ ،‬استحدث التأخرون منهم فنا منه‪ ،‬سوه‪ :‬‏بالوشأح‪ ،‬ينظمحونه أساطا أساطا‪،‬‬
‫وأغصانا أغصانا‪ ،‬يكثرون منها ومن أعاريضها الختلفمة‪ ،‬ويسُمحون التعدد منها‪ :‬‏بيتا‬
‫واحدا‪ ،‬ويلتزممون عند قواف تلك الغصان وأوزانا متتاليا فيمحا بعد إل آخر القطعة؛‬
‫وأكثر ما تنتهي عندهم إل سبعة أبيات‪ ،‬ويشتمحل كل بيت على أغصان عددها‪،‬‬
‫بسُب الغراض والذاهب‪ .‬‏‬

‫وينسُبون فيها ويدحون كمحا يفمعل ف القصائد‪ ،‬وتاسروا ف ذلك إل الغاية‪ ،‬واستظرفه‬
‫الناس جلة‪ ،‬الاصة والكافة‪ ،‬لسُهولة تناوله‪ ،‬وقرب طريقه‪ .‬‏‬

‫وكان الختمع لا بزميرةا الندلس‪ :‬‏مقدم بن معاف القبي‪ ،‬من شأعراء الميخ‪ :‬‏عبد ال بن‬
‫ممحد الروان‪ ،‬وأخذ ذلك عنه‪ :‬‏أبو عبد ال‪ ،‬أحد بن عبد ربه‪ ،‬صاحب كتاب )العقد(‪،‬‬
‫ول يظهر لمحا مع التأخرين ذكر‪ ،‬وكسُدت موشأحاتمحا؛ فكان أول من برع ف هذا‬
‫الشأن‪ :‬‏عبادةا القلزماز‪ ،‬شأاعر العتصم بن صمحادحَّ‪ ،‬صاحب الرية‪ .‬‏‬

‫‪247‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وقد ذكر العلم البطليوسي‪ ،‬أنه سع أبا بكر بن زهر يقول‪ :‬‏كل الوشأاحي عيال على‬
‫عبادةا القزماز؛ وزعمحوا أنه ل يسُبق عبادةا ولشأاحَّ من معاصريه الذين كانوا ف زمن‬
‫الطوائف‪ ،‬وجاء سمصبليا خلفمه منهم‪ :‬‏ابن أرفع رأسه‪ ،‬شأاعر الأمون بن ذي النون‪ ،‬صاحب‬
‫طليطلة‪ .‬‏‬

‫ث جاءت اللبة الت كانت ف دولة الللثمحي‪ ،‬فظهرت لم البدائع‪ ،‬وسابق فرسان‬
‫حلبتهم‪ :‬‏العمحى التطيلي‪ ،‬ث ييح بن بقي‪ .‬‏‬

‫وذكر غيخ واحد من الشايخ‪ ،‬أن أهل هذا الشأن بالندلس يذكرون‪ :‬‏أن جاعة من‬
‫الوشأاحي اجتمحعوا ف ملس بإشأبيلية‪ ،‬وكان كل واحد منهم اصطنع موشأحة‪ ،‬وتأنق‬
‫فيها‪ ،‬فتقدم العمحى التطيلي للنشاد‪ ،‬فلمحا افتتح موشأحته الشهورةا بقوله‪ :‬‏‬

‫ك عن جماحن ‪ ...‬‏سافر عن بدغر‬


‫ضاح ك‬

‫ضاق عنه الزماحن ‪ ...‬‏وأحواه صدري‬

‫خرق ابن بقي موشأحته‪ ،‬وتبعه الباقون‪ .‬‏‬

‫وذكر العلم البطليوسي‪ ،‬أنه سع ابن زهر يقول‪ :‬‏ما حسُدت قط ولشأاحا على قول‪ ،‬إل‬
‫ابن بقي حي وقع له‪ :‬‏‬

‫أما ترى أحمد ‪ ...‬‏في مجده العالي ‪...‬ل تيللحتق‬

‫أطلعه الغرب ‪ ...‬‏فألغرنا مثله ‪ ...‬‏يا لمشرتق‬

‫وكان ف عصرها من الوشأحي الطبوعي‪ :‬‏أبو بكر البيض‪ .‬‏‬

‫وكان ف عصرها أيضا الكيم‪ :‬‏أبو بكر بن باجة‪ ،‬صاحب التلحي العروفة؛ واشأتهر‬
‫بعد هؤلء ف صدر دولة الوحدين‪ :‬‏ممحد بن أب الفمضل بن شأرف؛ وأبو إسحاق‬
‫الدوين‪ .‬‏‬

‫‪248‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫قال ابن سعيد‪ :‬‏وسابق اللبة الت أدركت هؤلء‪ :‬‏أبو بكر بن زهر‪ ،‬وقد شأنرقت موشأحاته‬
‫وغلربت؛ واشأتهر بعده‪ :‬‏ابن حبون‪ ،‬واشأتهر معهمحا يومئذ بغرناطة‪ :‬‏الهر بن الغرس‪ ،‬وبعد‬
‫هذا‪ :‬‏ابن حزممون برسية‪ ،‬وأبو السُن‪ :‬‏سهل بن مالك بغرناطة‪ ،‬واشأتهر بإشأبيلية أبو‬
‫السُن بن الفمضل‪ ،‬واشأتهر بي أهل العسطدوةا‪ :‬‏ابن خلف الزمائري؛ ومن ماسن الوشأحات‬
‫للمحتأخرين‪ :‬‏موشأحة ابن سهل‪ ،‬شأاعر إشأبيلية وسبتة من بعدها‪ .‬‏‬

‫وأما الشارقة‪ ،‬فالتكلف ظاهر على ما عانوه من الوشأحات؛ ومن أحسُن ما وقع لم ف‬
‫ذلك‪ :‬‏موشأحة ابن سناء اللك الصري‪ ،‬اشأتهرت شأرقا وغربا‪ .‬‏‬

‫ولا شأاع فن التوشأيح ف أهل الندلس‪ ،‬وأخذ به المحهور لسُلسته‪ ،‬وتنمحيق كلمه‪،‬‬
‫وترصيع أجزمائه‪ ،‬نسُجت العامة من أهل المصار على منواله‪ ،‬ونظمحوا ف طريقته بلغتهم‬
‫الضرية‪ ،‬من غيخ أن يلتزمموا فيها إعرابا‪ ،‬واستحدثوه فنا‪ ،‬سوه‪ :‬‏بالزمجل‪ ،‬والتزمموا النظم فيه‬
‫على مناحيهم إل هذا العهد‪ ،‬فجاءوا فيه بالغرائب‪ ،‬واتسُع فيه للبلغة مال‪ ،‬بسُب‬
‫لغتهم السُتعجمحة‪ .‬‏‬

‫وأول من أبدع ف هذه الطريقة الزمجلية‪ :‬‏أبو بكر بن قسـطزممان‪ ،‬وإن كانت قيلت قبله‬
‫بالندلس‪ ،‬لكن ل يظهر سحلها‪ ،‬ول انسُبكت معانيها‪ ،‬واشأتهرت رشأاقتها‪ ،‬إل ف‬
‫زمانه‪ ،‬وكان لعهد اللثمحي‪ ،‬وهو إمام الزمجالي على الطلق‪ .‬‏‬

‫قال ابن سعيد‪ :‬‏ورأيت أزجاله مروية ببغداد‪ ،‬أكثر ما رأيتها بواضر الغرب‪ .‬‏‬

‫قال‪ :‬‏وسعت أبا السُن بن جحدر الشأبيلي ‪ -‬‏إمام الزمجالي ف عصرنا ‪ -‬‏يقول‪ :‬‏ما وقع‬
‫لحد من أئمحة هذا الشأن مثل ما وقع لبن قزممان ‪ -‬‏شأيخ الصناعة ‪ .-‬‏‬

‫وكان ابن قزممان ‪ -‬‏مع أنه قرطب الدار ‪ -‬‏كثيخا ما يتمدد إل إشأبيلية‪ ،‬ويبيت بنهرها؛ وكان‬
‫ف عصرهم بشرق الندلس‪ :‬‏ملف السود‪ ،‬وله ماسن من الزمجل‪ .‬‏‬

‫وجاءت بعدهم حلبة كان سابقها‪ :‬‏مدغيس‪ ،‬وقعت له العجائب ف هذه الطريقة‪ .‬‏‬

‫‪249‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وظهر بعد هؤلء بإشأبيلية‪ :‬‏ابن جحدر‪ ،‬الذي فضل على الزمجالي ف فتح ميورقة‬
‫بالزمجل‪.‬قال ابن سعيد‪ :‬‏لقيته‪ ،‬ولقيت تلمحيذه‪ :‬‏العمحع‪ ،‬صاحب الزمجل الشهور‪ .‬‏‬

‫ث جاء من بعدهم‪ :‬‏أبو السُن‪ :‬‏سهل بن مالك ‪ -‬‏إمام الدب ‪-‬؛ ث من بعدهم لذه‬
‫العصور صاحبنا‪ ،‬الوزير‪ :‬‏أبو عبد ال بن الطيب ‪ -‬‏إمام النظم والنثر ف اللة السلمية‬
‫من غيخ مدافع ‪-‬؛ وكان لعصره بالندلس‪ :‬‏ممحد بن عبد العظيم ‪ -‬‏من أهل وادي آش‬
‫‪ ،-‬وكان إماما ف هذه الطريقة‪ .‬‏‬

‫وهذه الطريقة الزمجلية لذا العهد هي فن العامة بالندلس من الشعر‪ ،‬وفيها نظمحهم‪ ،‬حت‬
‫إنم لينظمحون با ف سائر البحور المحسُة عشر‪ ،‬لكن بلغتهم العامية‪ ،‬ويسُمحونه‪ :‬‏الشعر‬
‫الزمجلي؛ وكان من اليدين لذه الطريقة‪ :‬‏الديب‪ :‬‏أبو عبد ال اللوسي‪ .‬‏‬

‫ث استحدث أهل المصار بالغرب فنا آخر من الشعر ف أعاريض مزمدوجة كالوشأح‪،‬‬
‫نظمحوا فيه بلغتهم الضرية أيضا‪ ،‬وسوه‪ :‬‏عروض البلد؛ وكان أول من استحدثه فيهم رجل‬
‫من أهل الندلس نزمل بفماس‪ ،‬يعرف‪ :‬‏بابن سعمحيخ‪ ،‬فنظم قطعة على طريقة الوشأح‪ ،‬ول‬
‫يرج فيها عن مذاهب العراب‪ ،‬فاستحسُنه أهل فاس‪ ،‬وولعوا به‪ ،‬ونظمحوا على طريقته‪،‬‬
‫وتركوا العراب الذي ليس من شأأنم‪ ،‬وكثر ساعه بينهم‪ ،‬واستفمحل فيه كثيخ منهم‪،‬‬
‫ونلوعوه أصنافا إل‪ :‬‏الزمدوج‪ ،‬والكاري‪ ،‬واللعبة‪ ،‬والغزمل؛ واختلفمت أساؤرها باختلف‬
‫ازدواجها‪ ،‬وملحظاتم فيها؛ وكان منهم‪ :‬‏الشيخ‪ :‬‏علي بن الؤذن سلمحان؛ وبلفزمطرسهون ‪ -‬‏من‬
‫ضواحي مكناسة ‪ -‬‏رجل يعرف‪ :‬‏بالكفميف‪ ،‬أبدع ف مذاهب هذا الفمن‪ ،‬وأتى فيه بكل‬
‫غريبة من البداع‪ .‬‏‬

‫وأما أهل تونس‪ ،‬فاستحدثوا ف اللعبة أيضا على لغتهم الضرية‪ ،‬إل أن أكثره رديء‪ .‬‏‬

‫وكان لعامة بغداد أيضا فن من الشعر‪ ،‬يسُمحونه‪ :‬‏الواليا‪ ،‬وتته فنون كثيخةا‪ ،‬يسُمحون منها‪:‬‬
‫القوما‪ ،‬وكان وكان؛ ومنه‪ :‬‏مفمرد؛ ومنه ف بيتي‪ ،‬ويسُمحونه‪ :‬‏دوبيت‪ ،‬على الختلفات‬
‫العتبةا عندهم ف كل واحد منها‪ ،‬وغالبها مزمدوجة من أربعة أغصان؛ وتبعهم ف ذلك‬

‫‪250‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫أهل مصر القاهرةا‪ ،‬وأتوا فيها بالغرائب‪ ،‬وتبحروا فيها ف أساليب البلغة‪ ،‬بقتضى لغتهم‬
‫الضرية‪ ،‬فجاءوا بالعجائب‪ .‬‏‬

‫واعلم‪ :‬‏أن الذواق ف معرفة البلغة كلها إنا تصل لن خالط تلك اللغة‪ ،‬وكثر‬
‫استعمحاله لا‪ ،‬وماطبته بي أجيالا‪ ،‬حت يصل ملكتها ‪ -‬‏كمحا قلناه ف اللغة العربية ‪-‬؛‬
‫فل الندلسُي بالبلغة الت ف شأعر أهل الغرب‪ ،‬ول الغرب بالبلغة الت ف شأعر أهل‬
‫الندلس والشرق‪ ،‬ول الشرق بالبلغة الت ف شأعر أهل الندلس والغرب‪ ،‬لن اللسُان‬
‫الضري وتراكيبه متلفمة فيهم‪ ،‬وكل واحد منهم مدرك لبلغة لغته‪ ،‬وذائق ماسن الشعر‬
‫ألسُنتكم وألوانكم‪،‬‬
‫ ‏‬ ‫خلق ‏السُمحوات ‏ ‏والرض‪ ،‬‏ ‏واختلف ‏ ‏‬
‫آياته ‏ ‏‬
‫ومن ‏ ‏‬
‫من أهل جلدته؛ ‪ -‬‏ ‏ ‏} ‏ ‏‬
‫ليات ‏للعالي ‏{‪ .‬‏‬
‫ف ‏ذلك ‏ ‏ ‏‬
‫إن ‏ ‏‬
‫ ‏ ‏‬

‫مطلب‪ :‬‏ف بيان الردف‪ ،‬والسُتزماد‪ ،‬والزمدوجة‬

‫قال السُيد‪ ،‬العلمة‪ :‬‏غلم علي أزاد ‪ -‬‏رحه ال تعال ‪ :-‬‏الرديف‪ :‬‏عبارةا عن كلمحة‬
‫مسُتقلة فصاعدا‪ ،‬تتكرر بعد الروي‪ ،‬والشعر الشتمحل عليه يسُمحى‪ :‬‏سمطرفدفا‪ ،‬من التمديف؛‬
‫وهو يزميد الشأعار جال‪ ،‬ويلبس بنات الفكار خلخال‪ ،‬وبه يتنوع الشعر الفمارسي على‬
‫أنواع ل تصى‪ ،‬وأقسُام ل تتناهى‪ .‬‏‬

‫ول رديف ف شأعر العرب؛ وإن تكلف أحد بالتمديف‪ ،‬ل تظهر له جلوةا مثل ما تظهر‬
‫ف شأعر الفمرس‪ ،‬فهو ف الفمارسية بزمةا العروس‪ ،‬وف العربية رطجل الطاووس؛ ول منشأ له‬
‫إل خصوصية اللسُان؛ ومن يعرف اللسُاني يشاهد أن الرديف ف الفمارسية طبيعي‪ ،‬وف‬
‫العربية غيخ طبيعي؛ وبيانه أن الرديف ييء ف الفمارسية عفموا بل تشم‪ ،‬بل ل يسُن‬
‫إغزمالم بل رديف‪ ،‬أو وصل بالروي؛ وييء ف العربية بالتجشم‪ ،‬حيث يتاج إل فرض‬
‫رديف يصح معناه ف جيع أبيات القصيدةا‪ ،‬بل ربا يعوق الرديف الذهن عن التطرق إل‬
‫العان العالية؛ بلف الفمارسية‪ ،‬فإن الرديف فيها يبعث الذهن على العان العالية‪،‬‬
‫ويهديه إل الواهر الغالية؛ وقد سبق أن سبب ذلك‪ :‬‏ليس إل خصوصية اللسُان‪ .‬‏‬

‫‪251‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫ولذا ما وجدت ف كلم العرب العرباء شأعرا مردفا‪ ،‬وإنا وجدته ف كلم العاجم على‬
‫سبيل الشذوذ‪ ،‬كمحا نظم الزممشري قصيدةا مردفة‪ ،‬ف مدحَّ علء الدولة ‪ -‬‏وال خوارزم‬
‫‪ ،-‬مطلعها‪ :‬‏‬

‫صله علء الدوألحه ‪ ...‬‏وأالمجد أنثله علء الدوألحه‬


‫الفضل ح ص‬

‫وكمحا نظم الشيخ‪ :‬‏عبد العزميزم اللنبان قصيدةا مردفة‪ ،‬مطلعها‪ :‬‏‬

‫تبشرالك يا من به يستبشر العيد ‪ ...‬‏وأمن به كل ميت ينشر العيد‬

‫تكذبان{ ‏فيها‬
‫آلء ‏ربكمحا ‏ ‏ ‏‬
‫فبأي ‏ ‏‬
‫والية الكررةا ف سورةا الرحن من القرآن اليد‪ ،‬وهي‪ :‬‏ ‏ ‏} ‏ ‏‬
‫رائحة من الرديف‪ .‬‏‬

‫ول يفمى أن التكرير نوع من التفمنن ف الكلم‪ ،‬وضرب من طلقة ألسُنة القلم؛ ورأيت‬
‫ي الت قوافيها قليلة‪ ،‬كالثاء الثلثة‪ ،‬والاء‬
‫ف الرديف فائدةا‪ ،‬وهي‪ :‬‏أن حروف الرو ب‬
‫العجمحة‪ ،‬والذال العجمحة‪ ،‬والزماي‪ ،‬والضاد العجمحة‪ ،‬والطاء الهمحلة‪ ،‬والظاء العجمحة‪،‬‬
‫والغي العجمحة‪ ،‬والكاف‪ ،‬إذا وقعت رويا يضطر فيها النسُان إل إيراد اللغات الوشأية‪،‬‬
‫واللفماظ الغيخ الأنوسة‪ ،‬وبالرديف يتخلصخ عن هذا الضطرار‪ ،‬ويتسُع عليه مضيق‬
‫ي النلون بل إشأباع؛ والتحرك بل وصل ل يكون إل ف الشعر الرفدف‪،‬‬ ‫القواف؛ والرو ب‬
‫س‬
‫لوقوع الروي ف وسط الكلم‪ ،‬وهو ف الشعر الردف من وجه وسط‪ ،‬للحوق الرديف به‪،‬‬
‫فل سيشبع بل ينتقل فيه الشأباع من الروي إل الرف الواقع ف آخر الرديف؛ ومن وجه‬
‫آخر لكون مدار القافية عليه فيشبع؛ فالروي النون بل إشأباع كمحا ف قول‪ :‬‏‬

‫رشأت البيرق قاتل وأا غ‬


‫ل ‪ ...‬‏إن المحب لغافل وأال‬

‫والروي الشبع كقول أيضا‪ :‬‏‬

‫جور الحبيبة في منى مرضي ‪ ...‬‏ذبح المتيم هاهنا مرضي‬

‫‪252‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫والروي التحرك بل وصل كقول أيضا‪ :‬‏‬

‫قدر القلوب من الصفاء يلوح ‪ ...‬‏ثمن الجواهر بالجلء يلوح‬

‫واعلم‪ :‬‏أن السُتزماد من مسُتخرجات العجم‪ ،‬ث تناوله العرب‪ ،‬وهو كلم موزون يسُتزماد‬
‫فيه بعد كل مصراع من البيت جزمءان من بر السُتزماد عليه‪ ،‬بشرطر اللتئام‪ ،‬أو بعد كل‬
‫بيت إل البيت الصرع‪ ،‬فإنه يسُتزماد فيه جزمءان بعد الشطر الول أيضا‪ ،‬كمحا تراعى فيه‬
‫القافية؛ والقسُم الول أوفق بالمدلبي ط‬
‫ت‪ ،‬والقسُم الثان أوفق بالقصيدةا‪ .‬‏‬

‫ول يفمى على الناقد أن تكي القافية ف زيادةا السُتزماد‪ ،‬قلمحا يوجد مثله ف غيخها‪،‬‬
‫فالزميادةا فيه كأنا برةا ف ساق الغادةا‪ ،‬نعم للذين أحسُنوا السُنم وزيادةا؛ على أنا تلب‬
‫العان الرائقة‪ ،‬وتذب اليالت الفمائقة‪ ،‬بلف الرديف‪ ،‬فإنه يطرد العان‪ ،‬ويقتل‬
‫الغوان‪ .‬‏ث اللتئام بي الزميادةا وبي السُتزماد عليه تدركه القرية السُليمحة‪ /1) ،‬‏‪ (320‬‏ول‬
‫يوجد اللتئام ف كل وزن من أوزان العروض‪ ،‬بل عدةا أوزان من الفمارسية؛ أما بالعربية‬
‫فل يوجد إل ف ثلثة أوزان‪ :‬‏‬

‫أحدها‪ :‬‏التقارب‪ ،‬والزميادةا فيه إما‪ :‬‏فعولن فعوسل‪ ،‬سالا ومقبوضا؛ أو‪ :‬‏فعولن فـفعطل‪ ،‬سالا‬
‫ومذوفا؛ أو‪ :‬‏فعوسل فعوسل‪ ،‬مقبوضي؛ أو‪ :‬‏فعوسل فـفعطل‪ ،‬مقبوضا ومدوفا‪ .‬‏‬

‫وثانيها‪ :‬‏ركض اليل‪ ،‬والزميادةا فيه إما‪ :‬‏فـفعلسطن فـفعلسطن‪ ،‬بتحريك العي فيهمحا؛ أبو بسُكونا‬
‫فيهمحا؛ أو بتحريك العي ف أحدها‪ ،‬وسكونا ف الخر؛ وكل البحرين من الدائرةا‬
‫الامسُة من العروض‪ .‬‏‬

‫وثالثها‪ :‬‏المدبيبت‪ ،‬وهو ف الصل من مسُتخرجات العجم‪ ،‬استخرجوه من )بر النهرج(‪،‬‬


‫ل من )بر الكامل( ‏‪ -‬‏كمحا زعمحه بعضهم ‪-‬؛ والنهرج‪ :‬‏عند الفمرس ثانية )مفماعيلن(‪،‬‬
‫يتمكب الدبيت منه‪ ،‬ومن بعض فروعه بعد الزمحافات‪ .‬‏‬

‫‪253‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫واختماع السُن القطان ‪ -‬‏من أهل خراسان ‪ -‬‏لضبط أوزانه شأجرتي‪ ،‬إحداها‪ :‬‏شأجرةا‬
‫الخرب‪ ،‬مشتمحلة على أربعة وعشرين وزنا‪ ،‬ووجه تسُمحيتها‪ :‬‏أن جزمأها الول‪ :‬‏)مفمعوسل(‬
‫بضم اللم من )مفماعلن( ‏بالرب‪ ،‬وهو‪ :‬‏حذف اليم والنون من )مفماعيلن(‪ ،‬وأخراها‪:‬‬
‫شأجرةا الخرم‪ ،‬أيضا مشتمحلة على أربعة وعشرين وزنا‪ ،‬ووجه تسُمحيتها‪ :‬‏أن جزمأها الول‬
‫)مفمعولن( ‏من )مفماعيلن( ‏بالرم‪ ،‬وهو‪ :‬‏حذف اليم فقط من )مفماعيلن(‪ ،‬ويوز المحع بي‬
‫بعض هذه الفاعيل وبي بعض آخر ف سدلبيت واحد ل يل به الوزن‪ .‬‏‬

‫وأوصل بعضهم أوزانه بضرب بعضها ف بعض إل عشرةا آلف‪ .‬‏)‪ /1‬‏‪ (321‬‏‬

‫ث الزميادةا ف مسُتزماد الدوبيت على قسُمحي‪ ،‬القسُم الول‪ :‬‏ما فيه أول الزمأين أخرب‪،‬‬
‫وهو )مفمعول( ‏من )مفماعيلن( ‏‪ -‬‏كمحا مر ‪ ،-‬والثان منهمحا‪ :‬‏إما )فعول(‪ ،‬فيكون الزمءان‬
‫)مفمعول فعول(‪ ،‬أو )فـفعطل(‪ ،‬فيكون الزمءان )مفمعول فعل(‪ ،‬والقسُم الثان‪ :‬‏ما فيه أول‬
‫الزمأين أخرم‪ ،‬وهو )مفمعول( ‏من )مفماعيلن( ‏‪ -‬‏كمحا سبق ‪ ،-‬والثان منهمحا‪ :‬‏إما )ففالع(‪،‬‬
‫فيكون الزمءان )مفمعولن فاع(‪ ،‬أو )فع(‪ ،‬فيكون الزمءان )مفمعولن فع(؛ والزمحافات الت‬
‫تقع ف )مفماعيلن( ‏وتتولد منه الجزماء اللوات ف القسُمحي من الزميادةا مذكورةا ف كتب‬
‫العروض الفمارسية‪ ،‬ف شأرحَّ الرباعي؛ ويوز المحع بي هذه الفاعيل ف الزميادات‪ ،‬كمحا‬
‫يوز ف البيات الصلية‪ .‬‏‬

‫وعنرف صاحب )مناظر النشاء( ‏السُتزماد‪ :‬‏بأن تسُتزماد بعد كل مصراع فقرةا من النثر؛‬
‫وتبعته ف )سبحة الرجان(‪ ،‬ث اختلج ف خاطري أن النظم والنثر متضادان‪ ،‬كيف يصح‬
‫الجتمحاع بينهمحا؟ فاستخرجت الوزن للزميادةا‪ ،‬وعرفت السُتزماد بالتعريف الذي تقدم‪ .‬‏‬

‫وللمحسُتزماد أحكام‪ ،‬منها‪ :‬‏أن ل يوز قطع الكلمحة بي الصاريع وبي الزميادات‪ ،‬ف أي‬
‫مل كان؛ فل بد من أن يتم كل من الصراع والزميادةا على تام الكلمحة‪ ،‬ل على‬
‫بعضها‪ ،‬لن كل من الصراع الصلي والزميادةا قطعة على حدةا‪ ،‬ل اتصال بينهمحا إل ف‬
‫العنم‪ .‬‏‬

‫‪254‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫ففمي القسُم الول‪ :‬‏أربع قطع‪ ،‬وف القسُم الثان‪ :‬‏ثلث قطع‪ .‬‏)‪ /1‬‏‪ (322‬‏‬

‫ومنها‪ :‬‏أن يأت ف العروض والزمء الثان من زيادتا )فعول( ‏ف وزن )الدوبيت(؛ كمحا يوز‬
‫ف )التقارب( ‏السُتزماد وغيخ السُتزماد؛ وعلى هذا القياس )فاع(‪ ،‬من غيخ أن يعل الرف‬
‫الخيخ منهمحا من الصراع الثان‪ ،‬كمحا يعل منه أحيانا ف غيخ السُتزماد؛ وهذا المر يفمهم‬
‫من الكم الول أيضا؛ لكن بينته لزميادةا التوضيح‪ .‬‏‬

‫ومنها‪ :‬‏أن ييء ف رأس الزميادات ورأس العجاز هزمةا الوصل بالقطع من غيخ مضايقة؛‬
‫لا مر من أن كلن منهمحا قطعة على حدةا‪ .‬‏‬

‫ولا كان السُتزماد من متمعات شأعراء العجم‪ ،‬لزمم لشعراء العرب أن يعمحلوا على ما قرره‬
‫شأعراء العجم من قواعدهم‪ ،‬والحسُن أن تنسُب القصيدةا إل اللرلونيي‪ :‬‏روي الصراع‬
‫الصلي‪ ،‬وروي الزميادةا‪ .‬‏‬

‫ويقال مثل للقصيدةا الول من تغزملت هذا الديوان‪ :‬‏اللفمية المحزمية؛ أما ترتيب الديوان‬
‫ي الزميادةا‪ .‬‏‬
‫على ترتيب حروف الجاء‪ ،‬فمحداره على رو ب‬

‫ولقد أكثر شأعراء العرب النظم ف وزن الدوبيت‪ ،‬لعذوبته وسلسته؛ لكن ما نظم أحد‬
‫منهم قصيدةا ف هذا البحر‪ ،‬فضل أن ينظم السُتزماد فيه‪ .‬‏‬

‫ورأيت ف )ديوان الشيخ‪ :‬‏صفمي الدين اللي( ‏موشأحا ف وزن الدوبيت‪ ،‬مشتمحل على‬
‫الزميادةا‪ ،‬لكنه قسُم آخر من الشعر‪ ،‬ما هو على طريقة اختمتا‪ .‬‏‬

‫ول شأك ف أن السُتزماد طريقه صعب‪ ،‬لا فيه من رعاية القافيتي‪ ،‬وتمحل الداهيتي‪،‬‬
‫فأجريت الكمحيت ف ميدان الدوبيت‪ ،‬ونظمحت فيه قصائد السُتزماد‪ ،‬وأسسُت أساسا‬
‫جديدا على نج السُداد‬

‫أما السُتزماد ف )التقارب(‪ ،‬و )ركض اليل( ‏فاستخرجته أنا‪ ،‬ول يسُبق إليه ذهن قبلي‪،‬‬
‫فهو أول بناء أسسُته بالعربية؛ ث شأعراء الفمرس نظمحوا السُتزماد ف الدوبيت‪ ،‬وغيخه قليل‬

‫‪255‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫قليل؛ لكن ما رتب أحد منهم ديوانا فيه‪ ،‬فديوان أول ديوان رتب ف السُتزماد‪ ،‬وأول‬
‫صيد نشب ف حبالة الصياد‪ .‬‏انتهى كلمه‪ .‬‏‬

‫وقال ‪ -‬‏رحه ال ‪ -‬‏ف أول كتابه )مظهر البكات(‪ :‬‏إن الزمدوجة من أقسُام الوزونات حق‬
‫للسُان الفمارسي‪ ،‬فإنا فيه طبيعية تأت عفموا بل تكلف‪ ،‬وضعها شأعراء الفمرس لنظم‬
‫القصصخ والخبار‪ ،‬وسوها‪ :‬‏)الثنوي(؛ أما اللسُان العرب فهي فيه غيخ طبيعية ل تأت إل‬
‫بالتجشم؛ كمحا أن القصيدةا ف اللسُان الندي غيخ طبيعية‪ ،‬ليس وجودها فيه أصل؛‬
‫يعرف هذه الراتب من له معرفة تامة بذه اللسُنة‪ .‬‏‬

‫ولذا ما نظم الزمدوجة من شأعراء العرب‪ ،‬إل أشأخاص معدودةا‪ ،‬منهم‪ :‬‏الشيخ‪ ،‬أبو يعلى‪:‬‬
‫ممحد بن البارية العباسي‪ ،‬نظم )الصادحَّ والباغم( ‏ف )الرجزم(‪ ،‬أولا‪ :‬‏‬

‫الحمد ل الذي حباني ‪ ...‬‏بالصغرين القلب وأاللسان‬

‫وأإنما فضيلة النسان ‪ ...‬‏وأفخره بالعقل وأالتبيان‬

‫ومنهم‪ :‬‏الشيخ‪ :‬‏باء الدين العاملي‪ ،‬نظم مزمدوجة ف )الوافر(‪ ،‬ساها‪ :‬‏)رياض الرواحَّ(‪،‬‬
‫منها‪ :‬‏‬

‫أل يا خآائضا بحر الماني ‪ ...‬‏هداك ال من هذا التواني )‪ /1‬‏‪(324‬‬

‫ونظم مزمدوجة أخرى ف )الرمل(‪ ،‬ساها‪ :‬‏)سوانح سفمر الجاز(‪ ،‬منها‪ :‬‏‬

‫يا نديمي ضاع عمري وأانقضى ‪ ...‬‏قم لستدراك وأقت قد مضى‬

‫وما رأيت شأاعرا عربيا‪ ،‬نظم الزمدوجة ف )الفميف(‪ ،‬ونظمحها فيه شأعراء الفمرس كثيخا‪ ،‬وهو‬
‫أوفق بالزمدوجة ف اللسُان العرب أيضا‪ .‬‏‬

‫فاختلج ف خاطري أن أنظم الزمدوجة العربية ف )الفميف(‪ ،‬فنظمحت هذه الزمدوجة‪،‬‬


‫وسيتها‪ :‬‏)مظهر البكات(‪ .‬‏‬

‫‪256‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫ولشعراء الفمرس‪ :‬‏)الرديف(؛ وقد نظمحت ديوانا مردفا‪ ،‬روميه على ترتيب حروف الجاء‪،‬‬
‫لمتحان الطبيعة‪ ،‬واختبار القرية؛ ورأيت أن الرديف ف الزمدوجة العربية طبيعي‪ ،‬يروق‬
‫السُامع‪ ،‬بلف القصائد العربية‪ ،‬بل الرديف ف الزمدوجة‪ ،‬ربا يعي الطبع على أداء‬
‫القاصد‪ ،‬ويرجه عن مضيق القافية‪ ،‬ويبي أن هذا من خصائصخ الزمدوجة‪ .‬‏‬

‫ولشعراء الفمرس‪ :‬‏)الاجب(‪ ،‬وهو‪ :‬‏عبارةا عن الرديف بي القافيتي‪ ،‬وسيسُلمحى الشعر‬


‫الشتمحل عليه )مجوبا(؛ ورأيت أن )الاجب( ‏أيضا طبيعي ف الزمدوجة العربية‪ ،‬تقبله‬
‫الطباع بل إكراه‪ .‬‏‬

‫واعلم‪ :‬‏أن شأعراء الفمرس والند دأبم أن يتاروا لنفمسُهم أساء‪ ،‬ويذكروها ف أواخر‬
‫منظوماتم‪ ،‬ليعلم با من نظمحها؛ ويسُمحي شأعراء الفمرس هذا السم‪ :‬‏)التخلصخ(؛ والسُر‬
‫ف ذلك‪ :‬‏أن السم الصلي للشاعر ربا ل تسُعه الوزان‪ ،‬فيختارون اسا متصرا يسُعه‬
‫الوزن‪ .‬‏)‪ /1‬‏‪ (325‬‏‬

‫ ‏مطلب في طبقات الشعراء‬

‫العلية ‏‪ :‬‏‬
‫البلغاء ‏طبقاتهم ‏ ‏ ‏‬
‫‪ :‬‏أن ‏ ‏‬
‫اعلم ‏ ‏‬
‫ ‏ ‏‬

‫‪ -1‬الاهلية الولون‪ .‬‏‬


‫‪ -2‬ث الخضرمون‪ .‬‏‬
‫‪ -3‬ث السلميون‪ .‬‏‬
‫‪ -4‬ث الولدون‪ .‬‏‬
‫‪ -5‬ث الدثون‪ .‬‏‬
‫‪ -6‬والعصريون‪ .‬‏‬

‫فهذه الطبقات السُت‪ ،‬ثلث منها‪ :‬‏حازوا قصب السُبق ف حلبة الرهان‪ ،‬معرفة كلمهم‬
‫فرض كفماية ف السلم‪ ،‬لنه يسُتدل به على الكلم العرب الذي تسُتنبط منه أحكام‬

‫‪257‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫اللل والرام‪ ،‬وألق به بعضهم ما بعده‪ ،‬كإثبات لطائف العان‪ ،‬دون اللفماظ الكمحة‬
‫البان‪ /1) ،‬‏‪ (326‬‏ومن حققه ل يكن منه على ثقة‪ .‬‏‬

‫وإن ف الشعر دقائق‪ ،‬ل يكشف عنها الغطاء‪ ،‬منها‪ :‬‏أن أهل العان قالوا‪ :‬‏إن التعقيد‬
‫العنوي واللفمظي يناف الفمصاحة‪ .‬‏‬

‫فقال بعض التأخرين‪ :‬‏إن اللفماظ كلها غيخ فصيحة‪ ،‬لا فيها من التعقيد العنوي؛ وليس‬
‫كمحا قال؛ لن أبا هلل العسُكري قال ف )كتاب الصناعتي(‪ :‬‏إنا فصيحة‪ ،‬وإن التعقيد‬
‫إنا يكره إذا ل يقصد‪ ،‬فإن قصد فهو فصيح‪ .‬‏‬

‫وما يؤيده أن السنوي قال ف كتابه )طراز الافل(‪ :‬‏إن من السُنة أن يلقي اللغاز على‬
‫من ف ملسُه‪ ،‬لتشحيذ الذهان؛ لا رواه البخاري‪ ،‬عن ابن عمحر‪ ،‬من حديث النخلة‪ .‬‏‬

‫قال أبو هلل‪ :‬‏ومنه نوع بديع‪ ،‬سيته‪ :‬‏شأبه اللغاز‪ ،‬وهو‪ :‬‏أن يوصف شأيء بصفمات‬
‫تسُاق على نج اللغزم‪ ،‬ليس القصود اللغاز‪ .‬‏انتهى‪ .‬‏‬

‫وإن معجزمةا كل نب على وفق زمانه وقومه‪ ،‬ولا كان أشأرف اللق العرب‪ ،‬وأعظم ما‬
‫عندهم الشجاعة‪ ،‬والفمصاحة‪ ،‬والكرم‪ ،‬كان أعظم معجزمات نبينا ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم‬
‫‪ :-‬‏القرآن العجزم‪ ،‬بفمصاحته وبلغته؛ ولا كان خات الرسل ول نب بعده‪ ،‬جعل له‬
‫معجزمةا باقية إل القيامة ل تزمال تتلى‪ ،‬وجديدةا على كثرةا التمداد‪ ،‬ل تلق ول تبلى‪ .‬‏‬

‫وبلغاء العرب ف الشعر والطب على ست طبقات‪ :‬‏‬

‫‪ -1‬الاهلية الول‪ :‬‏من قوم عاد وقحطان‪ .‬‏)‪ /1‬‏‪ (327‬‏‬


‫‪ -2‬والخضرمون‪ :‬‏وهم من أدرك الاهلية والسلم‪ .‬‏‬
‫‪ -3‬والسلميون‪ .‬‏‬
‫‪ -4‬والولدون‪ .‬‏‬
‫‪ -5‬والدثون‪ .‬‏‬

‫‪258‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫‪ -6‬والتأخرون‪ :‬‏ومن ألق بم من العصريي‪ .‬‏‬

‫والثلث الول‪ :‬‏هم ما هم ف البلغة؛ والزمالة ومعرفة شأعرهم رواية ودراية ‪ -‬‏عند فقهاء‬
‫السلم ‪ -‬‏فرض كفماية؛ لنه به تثبت قواعد العربية الت با يعلم الكتاب والسُنة‪،‬‬
‫التوقف على معرفتهمحا الحكام الت يتمحيزم با اللل والرام؛ وكلمهم وإن جاز فيه‬
‫الطأ ف العان‪ ،‬ل يوز فيه الطأ ف اللفماظ‪ ،‬وتركيب العان‪ .‬‏‬

‫إذا عرفت هذا‪ ،‬فاعلم‪ :‬‏أن الطبقات الثلث الول‪ ،‬جعوا أشأعارهم ف كتب كثيخةا غيخ‬
‫الدواوين‪ :‬‏)كالمحاسة(‪ ،‬و )الفمضليات(‪ ،‬و )أشأعار هذيل(‪ ،‬وغيخها من الكتب الفميدةا‪ .‬‏‬

‫ث أورد‪ :‬‏الشهاب الفماجي‪ ،‬بعد ذكر هذا‪ ،‬من نثرهم ونظمحهم جلة صالة‪ ،‬ف كتابه‬
‫)ريانة اللباء(‪ ،‬وذكر كلم الولدين‪ ،‬وبعض شأعراء الاهلية‪ ،‬ث قال‪ :‬‏إن التأخرين‪ ،‬وإن‬
‫تأخر زمانم عن التقدمي‪ ،‬فقد زاحوهم بالمركب‪ ،‬وكادوا أن يرقوا إل أعلى الرتب‪ ،‬ل‬
‫سيمحا شأعراء الغرب‪ ،‬فقد أتوا بعان بديعة‪ ،‬وارتقوا إل مرتبة رفيعة‪ ،‬كيزميد بن خالد‬
‫الشأبيلي‪ ،‬له ف وصف السُفمن معان ل يسُبق إليها‪ .‬‏‬

‫ومن شأعرائهم‪ :‬‏ابن خفماجة‪ .‬‏‬

‫وقال الدباء‪ :‬‏سبدئ الشعر )‪ /1‬‏‪ (328‬‏بلك‪ ،‬وختم بلك؛ والول‪ :‬‏امرؤر القيس‪ ،‬فإنه أول‬
‫من هلهل الشعر‪ ،‬وهذبه‪ ،‬ونسُج نسُيبه‪ ،‬ورتبه؛ والثان‪ :‬‏ابن العتزم‪ ،‬فإنه من أوت جوامع‬
‫الكلم‪ :‬‏نظمحا‪ ،‬ونثرا‪ ،‬وإنشاء‪ ،‬وشأعرا‪.‬والعامة تقول‪ :‬‏كلم اللوك ملوك الكلم؛ وقيل‪ :‬‏أبو‬
‫فراس‪ ،‬والول‪ :‬‏أقرب إل القياس‪ .‬‏‬

‫ولا بلغ عبفد اللك أن النجاج ل يراعي الشعراء‪ ،‬نقم ذلك عليه‪ ،‬وكتب إليه‪ :‬‏‬

‫بسُم ال الرحن الرحيم‪ ،‬من عبد ال‪ ،‬عبد اللك‪ ،‬إل الجاج بن يوسف‪ ،‬أما بعد‪ :‬‏فقد‬
‫بلغن عنك أمر كذب فراست فيك‪ ،‬وأخلف ظن بك‪ ،‬من إعراضك عن الشعر‬
‫والشعراء‪ ،‬فكأنك ل تعرف فضيلة الشعر والشعراء‪ ،‬ومواقع سهامهم‪ ،‬أو ما علمحت يا‬

‫‪259‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫أخا ثقيف‪ ،‬أن بقاء الشعر بقاء الذكر‪ ،‬وناء الفمخر؛ وأن الشعر طراز اللك‪ ،‬وحلي‬
‫الدولة‪ ،‬وعنوان النعم‪ ،‬وتام الد‪ ،‬ودلئل الكرم؛ وأنم يضون على الفعال المحيلة‪،‬‬
‫وينهون عن الخلق الذميمحة؛ وأنم سنوا سبل الكارم لطلبا‪ ،‬ودلو العفماةا على أبوابا؛‬
‫وأن الحسُان إليهم كرم‪ ،‬والعراض عنهم لؤم وندم؛ فاستدرك فرطر تفمريطك‪ ،‬وامح‬
‫بصوابك وحي أغاليطك؛ والسُلم‪ .‬‏‬

‫وبذا علمحت وقع الشعراء عند اللوك‪ ،‬وأنه سبيل إل الكارم مسُلوك‪ ،‬وأن الشعراء قافلة‬
‫تمحل الذكر المحيل‪ ،‬وأن بضائعهم نافقة عند الكرام‪ ،‬كاسدةا عند اللئام؛ والسُلطان‬
‫سوق تلب لا الرغائب‪ ،‬وستب لا مامد تتلئ با القائب‪ .‬‏انتهى القصود منه‬
‫بالتخليصخ‪ .‬‏)‪ /1‬‏‪ (329‬‏‬

‫ ‏مطلب في مدح المنظوم من الكلم‪ ،‬وأالحمائل المنوطة بعواتق القلم‬

‫روى التممذي‪ ،‬عن جابر بن سرةا‪ ،‬قال‪ :‬‏جالسُت النب ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ -‬‏أكثر‬
‫من مائة مرةا‪ ،‬وكان أصحابه يتناشأدون الشعر‪ ،‬ويتذاكرون أشأياء من أمر الاهلية‪ ،‬وهو‬
‫ساكت‪ ،‬وربا يتبسُم معهم‪ .‬‏‬

‫وروي عن عائشة ‪ -‬‏رضي ال عنها ‪ -‬‏قالت‪ :‬‏كان رسول ال ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪-‬‬
‫يضع لسُان بن ثابت منبا ف السُجد‪ ،‬يقوم عليه قائمحا‪ ،‬يفماخر عن رسول ال ‪ -‬‏صلى‬
‫ال عليه وسلم ‪ .-‬‏‬

‫وروى مسُلم‪ ،‬عن عائشة‪ ،‬قالت‪ :‬‏سعت رسول ال ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ -‬‏يقول‪:‬‬
‫هجاهم حسُان فشفمى واستشفمى‪ .‬‏‬

‫وقال السُيوطي ف )الصائصخ الكبى(‪ :‬‏أخرج البيهقي‪ ،‬من طريق‪ :‬‏يعلى بن الشأدق‬
‫قال‪ :‬‏سعت النابغة ‪ -‬‏نابغة بن جعدةا ‪ -‬‏يقول‪ :‬‏أنشدت رسول ال ‪ -‬‏صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ -‬‏هذا الشعر فأعجبه‪ ،‬فقال‪ :‬‏)أجدت‪ ،‬ل يفمضض ال فاك(‪ ،‬فلقد رأيته‪ ،‬ولقد‬
‫أتى عليه نيف ومائة سنة‪ ،‬وما ذهب له سن؛ ث أخرجه‪ :‬‏البيهقي من وجه آخر عن‪:‬‬

‫‪260‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫النابغة؛ وأخرجه‪ :‬‏ابن أب أسامة من وجه آخر عنه‪ ،‬وفيه‪ :‬‏فكان من أحسُن الناس ثغرا‪،‬‬
‫فكان إذا سقط له سن نبت له؛ وأخرجه‪ :‬‏ابن السُكن من وجه آخر عنه‪ ،‬وفيه‪ :‬‏فرأيت‬
‫أسنان النابغة أبيض من البفـفرد‪ ،‬لدعوةا رسول ال ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ .-‬‏‬

‫وقال الشيخ‪ :‬‏ممحد حياةا السُندي‪ ،‬الدن‪ ،‬ف )رسالة‪ :‬‏الحاديث السُلسُلة(‪ ،‬عن نابغة‬
‫بن جعدةا الشاعر‪ :‬‏لقيت النب ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ -‬‏وأنشدته قصيدت الت أقول‬
‫فيها‪ :‬‏‬

‫بلغنا السماء السبع مجدا وأسؤددا ‪ ...‬‏وأإنا لنرجو فوق ذلك مظهرا‬

‫فقال‪ :‬‏أين يا أبا ليلى؟ قلت‪ :‬‏إل النة يا رسول ال‪ ،‬قال‪ :‬‏إل النة ‪ -‬‏إن شأاء ال تعال‬
‫‪ .-‬‏‬

‫وقال كعب بن زهيخ ‪ -‬‏رضي ال عنه ‪ :-‬‏‬

‫ب الغتلص غ‬
‫ب‬ ‫جاء السخينة كي تتغالب ربها ‪ ...‬‏وأليغلبنن مغال ل‬
‫فقال النب ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ :-‬‏)لقد مدحك ال يا كعب ف قولك هذا(؛ وف‬
‫رواية‪ :‬‏)أن ال ل ينس ذلك لك(‪ .‬‏‬

‫وعقد البيهقي ف )الدلئل( ‏بابا مسُتقل ف الشعر‪ ،‬وقال‪ :‬‏)باب اختياره ‪ -‬‏صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ -‬‏الشعر(‪ ،‬وذكر حديثا طويل عن جابر ‪ -‬‏رضي ال عنه ‪ ،-‬وحاصل الديث‪:‬‬
‫أنه جاء رجل إل رسول ال ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ -‬‏وقال‪ :‬‏يا رسول ال‪ ،‬يريد أب أن‬
‫يأخذ مال؛ فقال رسول ال ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ :-‬‏)ائت بأبيك عندي(؛ فلمحا جاء‬
‫أبوه‪ ،‬قال رسول ال ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ :-‬‏)يقول ابنك أنت تأخذ ماله(‪ ،‬قال‪:‬‬
‫سله يا رسول ال‪ ،‬ل مصرف لاله إل عمحاته وقراباته‪ ،‬أما أصرفه على نفمسُي وعيال؟‬
‫فنزمل جبيل ‪ -‬‏عليه السُلم ‪ -‬‏وقال‪ :‬‏)يا رسول ال‪ ،‬قال )‪ /1‬‏‪ (331‬‏هذا الشيخ ف‬
‫نفمسُه شأعرا ما وصل إل أذنه(؛ فسُأل رسول ال ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ :-‬‏)هل قلت‬

‫‪261‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫ف نفمسُك شأعرا؟( ‏فاعتمف الشيخ‪ ،‬وقال‪ :‬‏ل يزمال يزميدنا ال ‪ -‬‏تعال ‪ -‬‏بك بصيخةا ويقينا؛‬
‫وعرض سبعة أبيات نظمحها ف نفمسُه‪ ،‬وهي‪ :‬‏‬

‫صنتك يافعا ‪ ...‬‏لتعشل بما أجني عليك وأتنهتل‬


‫غذوأتك مولودا وأ ت‬

‫إذا ‏ليلة ‏ضاقت ‏بك ‏السقم ‏لم ‏أبت ‏‪ ...‬‏لسقمك ‏إل ‏ساهرا ‏أتمل‬

‫تخاف الردى نفسي عليك وأإنها ‪ ...‬‏لتعلم أن الموت حتم تموصكتل‬

‫كأني أنا المطروأق دوأنك بالذي ‪ ...‬‏طرقت به دوأني فعيني تهمل‬

‫فلما بلغت السن وأالغاية التي ‪ ...‬‏أتتك مراما فيه كنت أؤمتل‬

‫جعلت جزائي غلظة وأفظاظة ‪ ...‬‏كأنك أنت المنعم المتف م‬


‫ضتل‬

‫ع حق تأبنوتي ‪ ...‬‏فعلت كما الجار المجاوأر يفعل‬


‫فليتك إذ لم تلـحر ل‬

‫قال جابر‪ :‬‏فبكى رسول ال ‪ -‬‏صلى ال عليه وآله وسلم ‪ ،-‬ث أخذ تلبيب ابنه وقال له‪:‬‬
‫)اذهب‪ ،‬فأنت ومالك لبيك(‪ .‬‏انتهى‪ .‬‏‬

‫وقد ثبت‪ :‬‏تصرف الب ف مال البن‪ ،‬قدر الضرورةا‪ ،‬بذا الديث‪ .‬‏‬

‫قال الشيخ‪ :‬‏باء الدين العاملي‪ ،‬ف بعض مؤلفماته‪ :‬‏روي عن قيس بن عاصم‪ ،‬قال‪ :‬‏وفدت مع‬
‫جاعة من بن تيم على النب ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ ،-‬فدخلت عليه‪ ،‬وعنده الصلصال بن‬
‫الدلمحس‪ ،‬فقلت‪ :‬‏يا نب ال‪ ،‬عظنا موعظة ننتفمع با‪ ،‬فإنا قوم نغيخ ف البية‪ ،‬فقال رسول ال ‪-‬‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ :-‬‏)يا قيس‪ ،‬إن مع العزم ذل‪ ،‬وإن مع الياةا موتا‪ ،‬وإن مع الدنيا آخرةا‪،‬‬
‫وإن لكل شأيء رقيبا‪ ،‬وعلى كل شأيء حسُيبا‪ ،‬وإن لكل أجل كتابا‪ ،‬وإنه ل بد لك يا قيس‬
‫من قرين يدفن معك وهو حي‪ ،‬وتدفن معه وهو ميت‪ ،‬فإن كان كريا أكرمك‪ ،‬وإن كان لئيمحا‬
‫أسلمحك‪ ،‬ث ل تشر إل معه‪ ،‬ول تسُأل إل عنه‪ ،‬فل تعله إل صالا‪ ،‬فإنه إن صلح أنسُت‬
‫به‪ ،‬وإن فسُد ل تسُتوحش إل منه‪ ،‬وهو فعلك(‪ ،‬فقال‪ :‬‏يا نب ال‪ ،‬أحب أن يكون هذا الكلم‬

‫‪262‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫ف أبيات من الشعر‪ ،‬نفمخر به على من يلينا من العرب وندخره؛ فأمر النب ‪ -‬‏صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ -‬‏من يأتيه بسُان‪ ،‬فاستبان ل القول قبل ميء حسُان‪ ،‬فقلت‪ :‬‏يا رسول ال‪ ،‬قد‬
‫حضرن أبيات أحسُبها توافق ما تريد‪ ،‬فقلت‪ :‬‏‬

‫تخينـحر خآليطا من لفعالك إنما ‪ ...‬‏قرين الفتى في القبر ما كان يفعتل‬

‫وأل بد بعد الموت من أن تغعنده ‪ ...‬‏ليوم ينادي المرء فيه فتيقغبل‬

‫فإن تك مشغول بشيء فل تكن ‪ ...‬‏بغير الذي يرضى به ال تلحشغلتل‬

‫فلن يصحب النسالن من بعد موته ‪ ...‬‏وأمن قبله إل الذي كان يعمل‬

‫أقول‪ :‬‏روى البخاري‪ ،‬عن أب بن كعب قال‪ :‬‏قال رسول ال ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ :-‬‏)إن‬
‫من الشعر حكمحة(؛ ول يفمى على حكمحاء الكلم‪ ،‬والاهرين بسُرائر القلم‪ ،‬أن بعض الشعر‪،‬‬
‫وهو الذي كان ممحودا شأرعا‪ ،‬مندرج ف مفمهوم الكمحة؛ لن مفمهوم الشعر أخصخ من وجه من‬
‫مفمهوم الكمحة‪ ،‬والقصود من هذا الكلم بيان فضيلة الشعر‪ ،‬فينبغي أن يقع الشعر مبا عنه‪،‬‬
‫ويكون مقدما ف الذكر‪ .‬‏‬

‫وحق العبارةا أن يقال‪ :‬‏بعض الشعر حكمحة؛ ولكن قال النب ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ :-‬‏)إن من‬
‫الشعر حكمحة(‪ ،‬فأبقى التقدم اللفمظي على أصله‪ ،‬للهتمحام بشأن الشعر‪ ،‬وإفادةا الصر‪ ،‬وقلب‬
‫السلوب العنوي‪ ،‬وجعل الكمحة مبا عنه‪ ،‬للمحبالغة ف مدحَّ الشعر‪ ،‬أي‪ :‬‏ماهية الكمحة بعض‬
‫الشعر؛ فلزمم أن يكون أفراد الكمحة بأسرها بعض الشعر‪ ،‬ومندرجة تته؛ فإن اندراج الاهية‬
‫مسُتلزمم لندراج جيع الفراد‪ .‬‏‬

‫وقصد ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ -‬‏من إفادةا الصر‪ ،‬بتقدي الب‪ ،‬وإيراد الكلم على أسلوب‬
‫التأكيد مبالغة‪ ،‬فيكون معنم الكلم القدس‪ :‬‏إنا الكمحة بعض الشعر‪ .‬‏‬

‫ول لطف ما أودعه صاحب جوامع الكلم ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ -‬‏كلمه! ‏وهو أن البالغة لا‬

‫‪263‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫مناسبة بالشعر؛ فراعى ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ -‬‏هذه الناسبة الشعرية‪ ،‬ف كلم أورده ف مدحَّ‬
‫الشعر‪ ،‬وأفاد سندا كامل لواز البالغة‪ ،‬إذا اقتضت مصلحة دينية‪ .‬‏‬

‫ومثله‪ :‬‏قوله ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ :-‬‏)إن من البيان لسُحرا(‪ .‬‏‬

‫قال الطيب ف )تبيانه(‪ :‬‏من‪ :‬‏للتبعيض‪ ،‬والكلم فيه تشبيه‪ ،‬وحقه أن يقال‪ :‬‏إن بعض البيان‬
‫كالسُحر‪ ،‬فقلب وجعل الب مبتدأ‪ ،‬مبالغة ف جعل الصل فرعا‪ ،‬والفمرع أصل؛ ووجه التشبيه‬
‫يتغيخ بتغيخ إرادةا الدحَّ والذم‪ .‬‏انتهى‪ .‬‏‬

‫يعن‪ :‬‏أن السُحر له وجهان‪ :‬‏الدحَّ‪ ،‬والذم؛ ووجه تشبيه البيان به هاهنا الول‪ .‬‏‬

‫يقول آمنا‬
‫من ‏ ‏‬
‫الناس ‏ ‏‬
‫ومن ‏ ‏‬
‫قال القق الشريف ف )حواشأي الكشاف( ‏عند تفمسُيخ قوله تعال‪ :‬‏ ‏ ‏} ‏ ‏‬
‫بؤمني{‪ :‬‏فإن قيل‪ :‬‏ل فائدةا ف الخبار بأن من يقول كذا وكذا‬ ‫هم ‏ ‏‬
‫وما ‏ ‏‬
‫الخر‪ ،‬‏ ‏‬
‫بال ‏وباليوم ‏ ‏ ‏‬
‫ ‏ ‏‬
‫من الناس‪ ،‬أجيب‪ :‬‏بأن فائدته التنبيه على أن الصفمات الذكورةا تناف النسُانية‪ ،‬فينبغي أن يهل‬
‫كون التصف با من الناس‪ ،‬ويتعجب منه؛ وسرلد‪ :‬‏بأن مثل هذا التمكيب قد يأت ف مواضع ل‬
‫يتأنتى فيها مثل هذا العتبار‪ ،‬ول يقصد منها إل الخبار‪ ،‬بأن من هذا النس طائفمة متصفمة‬
‫رجال{‪ ،‬فالول‪ :‬‏أن يعل مضمحون الار والرور مبتدأ‪ ،‬على‬ ‫الؤمني ‏ ‏‬
‫من ‏ ‏‬‫بكذا‪ ،‬كقوله تعال‪ :‬‏ ‏ ‏} ‏ ‏‬
‫معنم‪ :‬‏وبعض الناس‪ ،‬أو‪ :‬‏بعض منهم‪ ،‬من اتصف با ذكر‪ ،‬فيكون مناطر الفمائدةا تلك الوصاف؛‬
‫ول استبعاد ف وقوع الظرف بتأويل معناه مبتدأ‪ .‬‏انتهى كلمه‪ .‬‏‬

‫وروى ابن ماجة‪ :‬‏)الكلمحة الكمحة ضالة الؤمن‪ ،‬حيثمحا وجدها فهو أحق با(‪ .‬‏‬

‫وقال صاحب )كفماية الاجة‪ ،‬ف شأرحَّ سنن ابن ماجة(‪ :‬‏قوله‪ :‬‏ضالة الؤمن‪ ،‬أي‪ :‬‏مطلوبة له‬
‫أشأد ما يتصور من الطلب؛ فاللئق بال الؤمن أن يطلبها كمحا يطلب الرء ضالته؛ فهذا الكلم‬
‫بطريق الرشأاد والتعليم‪ ،‬ل الخبار؛ إذ كم من مؤمن ليس له طلب أصل؟ أو بطريق الخبار‪،‬‬
‫بمحل الؤمن على الكامل قوله‪ :‬‏)حيثمحا وجدها(‪ ،‬أي‪ :‬‏ينبغي أن يكون نظر الؤمن إل القول ل‬
‫القائل؛ وهذا كمحا قيل‪ :‬‏انظر إل ما قال‪ ،‬ول تنظر إل من قال‪ .‬‏انتهى‪ .‬‏‬

‫‪264‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫و )الكلمحة الكمحة(‪ :‬‏شأاملة للنظم والنثر‪ ،‬لعمحوم اللفمظ؛ ويؤيد الول‪ :‬‏قوله ‪ -‬‏صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ :-‬‏)إن من الشعر حكمحة(‪ .‬‏‬

‫ومن العجائب أن الكلمحة تطلق على القصيدةا‪ ،‬كمحا قال الوهري‪ ،‬وغيخه؛ وإذا تهد هذا فأقول‪:‬‬
‫لو قطع النظر عن البالغة ف الديث‪ ،‬وأخذ أصل العنم‪ ،‬أعن‪ :‬‏بعض الشعر حكمحة‪ ،‬يصل من‬
‫انضمحامه بالديث الثان الشكل الول من الشأكال النطقية‪ ،‬أعن‪ :‬‏بعض الشعر كلمحة‪ ،‬والكلمحة‬
‫ت لفمظ )الكلمحة( ‏ف الصغرى‪ ،‬لن‬
‫الكمحة ضالة الؤمن؛ فبعض الشعر ضالة الؤمن‪ ،‬وإنا زد س‬
‫الشعر حكمحة قولية‪ .‬‏‬

‫وقد ثبت بذه النتيجة الصحيحة‪ :‬‏طلب النتائج من الشعراء الت تكون موافقة بالشريعة الغلراء؛‬
‫والدليل القاطع‪ ،‬والبهان السُاطع‪ ،‬على إثبات النتيجة ما رواه مسُلم‪ ،‬عن عمحرو بن الشريد‪ ،‬عن‬
‫أبيه‪ ،‬قال‪ :‬‏ردفت رسول ال ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ -‬‏يوما‪ ،‬فقال‪ :‬‏)هل معك من شأعر أمية بن‬
‫أب الصلت شأيء؟( ‏قلت‪ :‬‏نعم‪ ،‬قال‪ :‬‏)هيه(‪ ،‬فأنشدته بيتا‪ ،‬فقال‪ :‬‏)هيه(‪ ،‬ث أنشدته بيتا‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫)هيه(‪ ،‬حت أنشدته مائة بيت‪ .‬‏‬

‫ويسُتفماد من هذا الديث‪ :‬‏طلب الشعر المحود الذي هو نتيجة الشكل‪ ،‬واستحباب الزميادةا ف‬
‫الطلب‪ ،‬واستحباب النشاد‪ ،‬واستحباب الطلب حيثمحا وجد‪ ،‬فإن أمية بن أب الصلت مات‬
‫كافرا‪ .‬‏‬

‫وقد قال ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ -‬‏فيه‪ :‬‏)آمن لسُانه‪ ،‬وكفمر قلبه(‪ .‬‏‬

‫وتقق من هاهنا أن من طلب )‪ /1‬‏‪ (336‬‏الشعر المحود‪ ،‬أتى بالعمحل السُتحب؛ ومن أنكر‬
‫تركه‪ .‬‏‬

‫كيف ل؟ وقد روى التممذي‪ ،‬عن أنس ‪ -‬‏رضي ال عنه ‪ -‬‏أن النب ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪-‬‬
‫دخل مكة ف عمحرةا القضاء‪ ،‬وابن رواحة يشي بي يديه‪ ،‬وهو يقول‪ :‬‏‬

‫‪265‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫خآصلوا بني الكفار عن سبيله ‪ ...‬‏اليوم نضربكم على تنزيله‬

‫ضربا يتزيل الهالم عن مقيله ‪ ...‬‏وأيذهل الخليلل عن خآليله‬

‫فقال له عمحر‪ :‬‏يا ابن رواحة‪ ،‬بي يدي رسول ال ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ ،-‬وف حرم ال تقول‬
‫شأعرا؟! ‏فقال النب ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ :-‬‏)فخبل عنه يا عمحر‪ ،‬فهي أسرع فيهم من نضح‬
‫النبل(‪ .‬‏‬

‫وروى البخاري‪ ،‬عن سعيد بن السُنيب قال‪ :‬‏)مر عمحر ف السُجد‪ ،‬وحسُان ينشد‪ ،‬فأنكر عليه‬
‫عمحر‪ ،‬فقال‪ :‬‏كنت أنشد فيه‪ ،‬وفيه من هو خيخ منك؛ ث التفمت إل أب هريرةا فقال‪ :‬‏أنشدك‬
‫بال‪ ،‬أسعت رسول ال ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ -‬‏يقول‪ :‬‏أجب عن‪ ،‬اللهم أيده بروحَّ القدس؟‬
‫قال‪ :‬‏نعم(؛ وفيه منع النكار عن الشعر‪ ،‬وجواز النشاد ف السُجد‪ .‬‏‬

‫قال القسُطلن‪ :‬‏هذه القالة منه ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ -‬‏دالة على‪ :‬‏أن للشعر حقا يتأهل‬
‫صاحبه لن يؤيد ف النطق به ببائيل ‪ -‬‏عليه السُلم ‪ ،-‬وما هذا شأأنه يوز قوله ف السُجد‬
‫قطعا‪ .‬‏‬

‫وروي عن ابن سيخين‪ ،‬أنه سأنشد شأعرا‪ ،‬فقال له بعض جلسُائه‪ :‬‏مثلك ينشد الشعر يا أبا بكر؟!‬
‫فقال‪ :‬‏ويلك يا لسفكع! ‏وهل الشعر إل كلم ل يالف سائر الكلم إل ف القواف؟ فحسُنه‬
‫حسُن‪ ،‬وقبيحه قبيح‪ .‬‏‬

‫و روى الدار قطن‪ ،‬عن عائشة ‪ -‬‏رضي ال عنها ‪ -‬‏قالت‪ :‬‏ذكر عند رسول ال ‪ -‬‏صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪ -‬‏الشعر‪ ،‬فقال رسول ال ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ :-‬‏)هو كلم‪ :‬‏حسُنه حسُن‪،‬‬
‫وقبيحه قبيح(‪ .‬‏‬

‫والقصد‪ :‬‏أن الشعر ليس ف نفمسُه مذموما‪ ،‬بل السطسُن والقبح راجعان إل الفمهوم‪ ،‬فالفمهوم إذا‬
‫كان قبيحا‪ ،‬فالنثور والنظوم من القول سواء؛ ومعنم القبيح‪ :‬‏أن يكون فيه فحش‪ ،‬أو أذى‬
‫لسُلم‪ ،‬أو كذب؛ والكذب المحنوع ف الشعر ما كان مضرا بأمر دين‪ ،‬ل الكذب الذي سأت به‬

‫‪266‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫لتحسُي الشعر فقط‪ ،‬فإنه مأذون فيه‪ ،‬وإن استغرق الد‪ ،‬وتاوز العتاد‪ .‬‏‬

‫أل ترى قصيدةا كعب بن زهيخ ‪ -‬‏رضي ال عنه ‪-‬؟ فإنه تغزمل فيها بسُعاد‪ ،‬وأتى من الغراقات‬
‫والستعارات والتشبيهات بكل بديع‪ ،‬ل سيمحا تشبيه الرضاب بالشراب‪ ،‬ف قوله‪ :‬‏‬

‫ض ذا ظلحلم إذا ابتسمت ‪ ...‬‏كأنها منهل بالراح معلول‬


‫تجلو عوار ل‬

‫والنب ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ -‬‏سعه وما أنكر؛ بل صارت هذه القصيدةا أحسُن الوسائل إل‬
‫الشفماعة‪ ،‬وأوثق الذرائع إل الغمحاض عن الشناعة؛ وفازت بسُن القبول من جنابه‪ ،‬وجازى‬
‫قائلها بعطية من جلبابه؛ ول در أب إسحاق الغزمي حيث قال‪ :‬‏‬

‫جحود فضيلة الشعراء غلكي ‪ ...‬‏وأتفخيم المديح من الرشاد‬

‫محت بانت سعاد ذنوب كعب ‪ ...‬‏وأأعلت كعبه في كل نادي‬

‫وأما افتقر النبي إلى قصيد ‪ ...‬‏مشببة غببلـحينن من سعاد‬

‫وألكن مصن إسداء اليادي ‪ ...‬‏وأكان إلى المكارم خآير هاد‬

‫وقد قالوا‪ :‬‏فضل هذه القصيدةا على القصائد الخر الوشأحة بدحه ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪،-‬‬
‫كفمضل الصحابة على التابعي ومن بعدهم؛ هذا وقد شأبه واصفمه ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪-‬‬
‫عنقه القدس بيد دمية‪ ،‬وما أنكره أحد من السُلف واللف‪ .‬‏‬

‫وقال القفمال‪ ،‬والصيدلن قول صدقا‪ ،‬وهو‪ :‬‏أن الشعر كذبه ليس بكذب‪ ،‬لن قصد الكاذب‪:‬‬
‫تقيق قوله‪ ،‬وقصد الشاعر‪ :‬‏تسُي كلمه فقط‪ .‬‏‬

‫وبا حررناه ثبت جواز التخييلت الكلمية‪ ،‬والتوسع ف الضاميخ القلمية؛ وتقق أن النكار‬
‫من الشعر المحود‪ ،‬هو بتمك السُتحب‪ ،‬وأن ل تسُمحع لومة لئم ف ما عمحل به رسول ال ‪-‬‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ ،-‬وكبار الصحابة‪ ،‬والتابعون‪ ،‬وأهل العلم‪ ،‬وموضع القدوةا ‪ -‬‏رضي ال‬

‫‪267‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫عنهم ‪ .-‬‏‬

‫وقد ورد النهي عن سب الشعراء؛ روى البخاري‪ ،‬عن عروةا بن الزمبيخ‪ ،‬قال‪ :‬‏ذهبت أسب حسُانا‬
‫عند عائشة‪ ،‬فقالت‪ :‬‏ل تسُبه‪ ،‬فإنه كان ينافح عن النب ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ .-‬‏‬

‫ول شأك أن من أنشأ أو أنشد الشعر المحود‪ ،‬فهو تلو للمحنافحي‪ ،‬حيث يريح الؤمني بالكم‬
‫اليمحانية‪ ،‬ويدافع عنهم ما يلهم من العوارض النفمسُانية؛ ويعضده ما روي عن ابن عباس‪ :‬‏أنه‬
‫كان إذا فرغ من درس التفمسُيخ والديث يقول لتلمذته‪ :‬‏أحضوا‪ ،‬ويأمرهم بالخذ ف ملح‬
‫الكلم‪ ،‬خوفا عليهم من اللل‪ .‬‏‬

‫والحاض‪ :‬‏أصله من‪ :‬‏الفطمحض‪ ،‬وهو‪ :‬‏ما ملح ومنر من النبات‪ ،‬ومقابله‪ :‬‏النلة‪ ،‬وهو‪ :‬‏ما كان‬
‫حلوا؛ تقول العرب‪ :‬‏)اللة‪ :‬‏خبزم البل‪ ،‬والمحض‪ :‬‏فاكهتها(؛ لنا إذا ملت من اللة مالت إل‬
‫المحض؛ ومنه قولم للرجل إذا جاء متهددا‪ :‬‏أنت متل فتحنمحض‪ .‬‏‬

‫يتبعهم ‏الغاوون ‏{‪ ،‬فهو ف الشعراء الشركي؛ ويسُتفماد من الية‪ :‬‏أن‬


‫وأما قوله تعال‪ :‬‏ ‏ ‏} ‏والشعراء ‏ ‏ ‏‬
‫علة الذم‪ :‬‏اليمحان ف كل واد من الكذب والباطل‪ ،‬وبذا العتبار الشعر مذموم‪ ،‬وكل ما ورد‬
‫من ذمه ف القرآن والديث فهو راجع إل هذا العتبار؛ وهو مدوحَّ باعتبار اشأتمحاله على‬
‫الكم؛ ولذا ميزم ال ‪ -‬‏سبحانه ‪ -‬‏الشعراء الؤمني عن هؤلء الشركي بالستثناء‪ ،‬وأرشأد النب‬
‫‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ -‬‏إل ذلك بقوله‪ :‬‏)إن من الشعر حكمحة(‪ .‬‏‬

‫ينبغي ‏ ‏له{‪ ،‬فهو رد على الكفمار القائلي‪ :‬‏بأنه ‪ -‬‏صلى‬


‫وما ‏ ‏‬
‫الشعر ‏ ‏‬
‫وما ‏علمحناه ‏ ‏ ‏‬
‫وأما قوله تعال‪ :‬‏ ‏ ‏} ‏ ‏‬
‫ال عليه وسلم ‪ -‬‏شأاعر‪ .‬‏‬

‫ول يفمى أن القرآن ليس من جنس الشعر‪ ،‬ول يقول به من له أدن تييزم‪ ،‬لن الشعر يكون‬
‫مقفمى موزونا‪ ،‬وليس القرآن كذلك‪ .‬‏‬

‫ويكن أن يكون قولم مبينا على‪ :‬‏أن الشاعر يراعي الوزن والقافية ف الكلم؛ فالذي يكون قادرا‬
‫على الشعر‪ ،‬سهل له أن ينشئ الكلم بل مراعاةا الوزن والقافية‪ ،‬فمحا يأت به هو ناشأئ عن‬

‫‪268‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وما علمحناه‬
‫سليقته‪ ،‬ل كمحا يدعي أنه منلزمل من السُمحاء؛ فرد ال ‪ -‬‏سبحانه ‪ -‬‏عليهم‪ ،‬وقال‪ :‬‏ ‏ ‏} ‏ ‏‬
‫الشعر{‪ ،‬لن أكثره خيالت ل حقيقة لا‪ ،‬وتغزملت بالنسُاء والمارد‪ ،‬وافتخارات باطلة‪،‬‬ ‫ ‏ ‏‬
‫ومدائح من ل يسُتحق‪ ،‬إل غيخ ذلك‪ .‬‏‬

‫ينبغي ‏ ‏له{ ‏أي‪ :‬‏ل يليق بشأنه؛ لن‬


‫وما ‏ ‏‬
‫والقرآن ليس على هذا السلوب‪ ،‬ث أيده بقوله تعال‪ :‬‏ ‏ ‏} ‏ ‏‬
‫الشعر قلمحا يلو عن المور الذكورةا‪ ،‬وقد امتحنتمحوه ‪ -‬‏صلى ال عليه )‪ /1‬‏‪ (340‬‏وسلم ‪ -‬‏نوا‬
‫من أربعي سنة‪ ،‬فمحا وجدت من أقواله‪ ،‬وأفعاله‪ ،‬وأحواله‪ ،‬ما يناسب شأيئا منها‪ .‬‏‬

‫ينبغي ‏ ‏له{ ‏إشأعارا بأن النب ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪-‬‬ ‫وما ‏ ‏‬
‫ول يفمى أن ف قوله ‪ -‬‏تعال ‪ :-‬‏ ‏ ‏} ‏ ‏‬
‫كان قادرا على الشعر‪ ،‬ول يقله؛ بناء على أنه ما كان ينبغي له؛ فإنه ‪ -‬‏سبحانه ‪ -‬‏نفمى‬
‫مبي{‪ ،‬أي‪ :‬‏كتاب‬
‫وقرآن ‏ ‏‬
‫إل ‏ذكر ‏ ‏ ‏‬
‫هو ‏ ‏‬
‫إن ‏ ‏‬
‫النبغاء دون القدرةا عليه؛ ث أيده بقوله ‪ -‬‏تعال ‪ :-‬‏ ‏ ‏} ‏ ‏‬
‫ساوي‪ ،‬ظاهر أنه ليس من كلم البشر‪ ،‬لا فيه من العجاز‪ .‬‏‬

‫وقد تبي من هذا‪ :‬‏أن ف الية تنزميه النب ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ -‬‏عن أن يلي القرآن‬
‫بسُليقته‪ ،‬كمحا هو شأأن الشعراء‪ ،‬حيث يلون الكلم الوزون بسُلئقهم؛ وإذا أمعنت النظر ل‬
‫تد فيه ذما للشعر‪ ،‬بل تد مدحا عظيمحا‪ .‬‏‬

‫وليت شأعري‪ ،‬أي شأيء يسُتدعي إل ذم الشعر مطلقا؟ فإن السطسُن والقبح راجعان إل العنم ‪-‬‬
‫كمحا تقدم ‪-‬؛ وإذا كان العنم حسُنا‪ ،‬فالنظوم أزيد حسُنا وجال من النثور‪ ،‬وأنفمع للمحتكلم ف‬
‫ما قصده من إيقاع العان ف نفمس الخاطب‪ ،‬وللمحخاطب ف التوجه إليه بالرغبة‪ .‬‏‬

‫ولقد أجاد البوصيخي حيث قال‪ :‬‏‬

‫فالدر يزداد حسنا وأهو منتظم ‪ ...‬‏وأليس ينقص قدرا غير منتظم‬

‫وكان النب ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ -‬‏يتمحثل بقول طرفة‪ ،‬وهو‪ :‬‏‬

‫وأيأتيك بالخآبار من لم تـلزموأغد ‪...‬‬

‫‪269‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫ويقول‪ :‬‏)أصدق كلمحة قالا الشاعر‪ :‬‏كلمحة لبيد‪ :‬‏‬

‫أل كل شيء ماخآل الل باطتل ‪...‬‬

‫وروي أن النب ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ -‬‏قال لعائشة ‪ -‬‏رضي ال عنها ‪ -‬‏)‪ /1‬‏‪:(341‬‬
‫)أهديتم الفمتاةا إل بعلها؟ قالت‪ :‬‏نعم‪ ،‬قال‪ :‬‏فبعثتم معها من يغن؟ قالت‪ :‬‏ول نفمعل؟ قال‪ :‬‏أو ما‬
‫علمحتم أن النصار قوم يعجبهم الغزمل؟ أل بعثتم معها من يقول‪ :‬‏‬

‫أتيناكم أتيناكم ‪ ...‬‏فحيونا نحييكم‬

‫وألول الحنطة السمرا ‪ ...‬‏ءت لم نحلتحل بواديكم‬

‫وقد ورد ف الصحيح‪ ،‬أنه قال ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ -‬‏يوم الندق‪ :‬‏‬

‫بسم ال وأبه تهدينا ‪ ...‬‏وألو عبدنا غيره شقينا‬

‫اللهم لول أنت ما اهتدينا ‪ ...‬‏وأل تصندقنا وأل صنلينا‬

‫فأنزلن سكينة علينا ‪ ...‬‏وأثمبت القدام إن لقينا‬

‫إن الوألى قد بغوا علينا ‪ ...‬‏إذا أرادوأا فتنة أبينا‬

‫ويرفع صوته‪ :‬‏)أبينا أبينا(‪ ،‬بالوحدةا؛ وف رواية‪ :‬‏)أتينا(‪ ،‬بالثناةا الفموقية‪ .‬‏‬

‫واختلف العلمحاء ف صدور الشعر منه ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪-‬؛ ونقل الثبتون أشأياء‪ ،‬منها‬
‫قوله ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ -‬‏حي كان يبن مسُجده ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ :-‬‏‬

‫هذا الحمال ل حمال خآيبحر ‪ ...‬‏هذا أبر ربنا وأأطهحر‬

‫وكان الزمهري يقول‪ :‬‏ل يقل ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ -‬‏شأيئا من الشعر إل قد قيل قبله‪ ،‬إل‬

‫‪270‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫هذا‪ .‬‏‬

‫وقد ألف السُيد‪ :‬‏ممحد البزني‪ ،‬الدن‪ ،‬رسالة )‪ /1‬‏‪ (342‬‏ف إثبات الكتابة والقراءةا والشعر له‬
‫‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ ،-‬يقول فيها‪ :‬‏ل شأك أن الشعر إذا كان حكمحة أخب عنه ‪ -‬‏صلى‬
‫ال عليه وسلم ‪ :-‬‏)إن من الشعر لكمحة( ‏كمحال؛ ول ينبغي أن يلو ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪-‬‬
‫عن كمحال ما‪ ،‬لنه نسُخة الكاملة الامعة لمحيع صفمات الكمحالت النسُانية‪ ،‬بل واللكية؛‬
‫وإيقاع النفمس؛ والتهمحة بالنظر إل القرآن‪ ،‬إنا يرد بالنسُبة إل ما قبل نزمول الوحي‪ ،‬وثبوت‬
‫النبوةا؛ أما بعده‪ :‬‏فل كمحا قيل ف الكتابة والقراءةا‪ .‬‏‬

‫وكل ما صدر عنه من النطق بالشعر‪ ،‬فإنا هو بعد النبوةا‪ ،‬ول يقل أحد قط أنه ‪ -‬‏صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪ -‬‏ينظم الشعر‪ ،‬أو يرويه‪ ،‬أو يالس الشعراء قبلها؛ وأما بعد النبوةا‪ :‬‏فقد نطق به‪،‬‬
‫ورواه‪ ،‬واستنشده الصحابة‪ ،‬وسأنشدت القصائد بضرته‪ ،‬وأصلح من كل مهم‪ ،‬كمحا أصلح من‬
‫قصيدةا كعب بن زهيخ ‪ -‬‏رضي ال عنه ‪ -‬‏قوله‪ :‬‏‬

‫من سيوف الند‪...‬وأبدله بـ‪ :‬‏سيوف ال‪ ...‬‏‬

‫فل إخلل بنبوته‪ ،‬ول تمحة ف معجزمته؛ بل هو معجزمةا أخرى‪ ،‬وكمحال آخر؛ فل مانع من‬
‫تويزمه‪ .‬‏انتهى كلمه‪ .‬‏‬

‫وتام البيت الذي أصلحه ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ -‬‏هكذا‪ :‬‏‬

‫إن الرسول لنور يستضاء به ‪ ...‬‏مهنند من سيوف ال مسلوتل‬

‫أقول‪ :‬‏لعل وجه إصلحه ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ -‬‏أن ل يقع )‪ /1‬‏‪ (343‬‏لفمظ مسُتدرك ف‬
‫الكلم؛ فإن الهند ‪ -‬‏على ما قال الوهري ‪ :-‬‏السُيف الطبوع من حديد الند‪ .‬‏‬

‫هذا ما سنح ل ف فضيلة الشعر المحود‪ ،‬وشأرف هذا الكوكب السُعود‪ .‬‏‬

‫ث أول من قدر جواهر النطق باليزمان‪ ،‬ونظم اللل الاصة بزمينة النسُان‪ ،‬صفمي ال‪ :‬‏آدم ‪-‬‬

‫‪271‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫عليه السُلم ‪-‬؛ فالشعر التولد منه آفدسم الشأعار‪ ،‬والد العلى لنتائج الفكار؛ وأسنده ابن‬
‫الثيخ وغيخه من الم الغفميخ إل آدم ‪ -‬‏عليه السُلم ‪-‬؛ وأنكر جع كثيخ من الققي‪ .‬‏‬

‫وقال آخرون‪ :‬‏رثى آدم هابيل بالسُريانية‪ ،‬فلمحا وصل إل يعرب بن قحطان ترجها بالعربية‪ .‬‏‬

‫واختلف ف قضية هابيل‪ ،‬أين وقعت؟ فمحنهم من ذهب إل أنا وقعت بالند‪ ،‬على جبل نود‪،‬‬
‫الذي نزمل عليه آدم ‪ -‬‏عليه السُلم ‪ -‬‏السُمحاء؛ وقيل‪ :‬‏بكة؛ ث الروايات تعاضدت ف‪ :‬‏أن آدم‬
‫نزمل بالند من السُمحاء‪ ،‬وتوطن بعد ذلك بذه‪ .‬‏الغباء‪ .‬‏‬

‫وقد فصلته ف رسالت‪ :‬‏)شامة العنب‪ ،‬فيمحا ورد ف الند من سيد البشر(‪ .‬‏‬

‫وقد توارث أولد آدم الشاعرية‪ ،‬منهم من سكن الند‪ .‬‏‬

‫ولا أظلت ألوية السلم على هذا السُواد‪ ،‬وألقى السلميون رحالم ف هذه البلد‪ ،‬وتكلمحوا‬
‫بلسُانا‪ ،‬وترنوا بألانا‪ ،‬وسعوا كلم مصاقعها‪ ،‬وعرفوا بيان سواجعها‪ ،‬وقفموا على أنم بذلوا‬
‫غاية الهد ف إبداع العان‪ ،‬وصرفوا همحهم إل أقصى حدود الطاقة البشرية ف تأسيس البان‪ .‬‏‬

‫ث اعلم‪ :‬‏أن الففولن ف سوحَّ الدب‪ ،‬حق للئمحة الفمصحاء من العرب‪ /1) ،‬‏‪ (344‬‏فإنم‬
‫صعدوا ف قمحم أطواده‪ ،‬وبلغوا قصارى أناده‪ .‬‏‬

‫ولعمحري إن أزهار الفمصاحة باسة بنسُائمحهم‪ ،‬وأرجاء البلغة فائحة بشمحائمحهم؛ جزماهم ال عنا‬
‫أوف الجزمية‪ ،‬وذكرهم ف مامع القدس بأحسُن الثنية‪ .‬‏‬

‫ولا أللف السلم بي المم‪ ،‬ووقعت مالطة العرب والعجم‪ ،‬وجلس اللفماء ف بغداد‪ ،‬وأمتهم‬
‫اللئق من شأواسع البلد‪ ،‬اكتسُب العجم فن الفمصاحة من العرب العرباء‪ ،‬وتاوبوا على سننهم‬
‫ف هذه الدوحة العلياء‪ ،‬ل سيمحا من كان قريبا من دار اللفة‪ ،‬وجارا متصل بركزم الشرافة؛‬
‫كمحا تشهد به )يتيمحة الدهر( ‏للثعالب‪ ،‬و )دمية القصر( ‏للباخرزي‪ ،‬وغيخها‪ .‬‏‬

‫وأما الند‪ :‬‏ففمتح ف عهد الوليد بن عبد اللك على يد‪ :‬‏ممحد بن قاسم الثقفمي‪ ،‬سنة اثنتي‬

‫‪272‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وتسُعي الجرية؛ وبلغت راياته الظلة على الفموج من حدود السُند إل أقصى قنوج‪ ،‬سنة خس‬
‫وتسُعي؛ وبعدما عاد‪ ،‬عاد ولةا الند إل أمكنتهم‪ ،‬وبقي الكام من اللفماء الروانية والعباسية‬
‫ببلد السُند‪ .‬‏‬

‫وف عهد العباسية‪ ،‬كان أبو حفمصخ‪ ،‬ربيع بن صبيح السُعدي‪ ،‬البصري‪ ،‬من أتباع التابعي‪،‬‬
‫وأعيان الدثي بالسُند‪ ،‬وهو أول من صنف ف السلم؛ قال صاحب )الغن(‪ :‬‏مات بأرض‬
‫السُند‪ ،‬سنة ستي ومائة؛ وقصد السُلطان‪ :‬‏ممحود الغزمنوي‪ ،‬أواخر الائة الرابعة ‪ -‬‏غزمو الند ‪،-‬‬
‫وأتى مرارا‪ ،‬وغلب‪ ،‬وأخذ الغنائم‪ ،‬وانتزمع السُند من الكام الذين كانوا من القادر بال بن‬
‫القتدر العباسي؛ ولكن السُلطان‪ :‬‏ممحود ما أقام بمحلكة الند؛ وكان أولده متصرفي من غزمني‬
‫إل لهور؛ حت استول السُلطان‪ :‬‏معزم الدين‪ ،‬سام الغوري‪ ،‬على غزمني‪ ،‬وأتى لهور‪ ،‬وقبض‬
‫على خسُرو ملك فخطتم اللوك الغزمنوية‪ ،‬وضبط الند‪ ،‬وجعل دهلي دار اللك‪ ،‬سنة تسُع وثاني‬
‫)‪ /1‬‏‪ (345‬‏وخسُمحائة؛ ومن هذا التاريخ إل الن مالك الند ف يد السُلطي السلمية‪ .‬‏‬

‫ولا انتشر السلم ف هذه البلد‪ ،‬وطلعت شوسه على الغوار والناد‪ ،‬ظهر جع من الدباء‬
‫السلمية‪ ،‬ونثروا على بسُط الزمنة للئ من السُحب القلمية؛ وليسُت كتب القوم حاضرةا‬
‫عندي ف حال التحرير‪ ،‬حت أجلوا عرائس تراجهم على منصة التقرير‪ .‬‏انتهى الراد من )تسُلية‬
‫الفمؤاد(‪ .‬‏‬

‫ومن أدباء الند‪ :‬‏القاضي‪ :‬‏عبد القتدر بن ركن الدين الشريي‪ ،‬الكندي‪ ،‬الدهلوي؛ التوف سنة‬
‫إحدى وتسُعي وسبعمحائة؛ له قصيدةا لمية مشهورةا‪ ،‬مطلعها‪ :‬‏‬

‫يا سائق الظعن في السحار وأالتصغل ‪ ...‬‏سلصم على دار سلمى وأاب غ‬
‫ك ثم لسغل‬ ‫ح‬ ‫ت‬

‫ومنهم‪ :‬‏الشيخ‪ :‬‏أحد التهانيسُري؛ وله ‪ -‬‏رحه ال تعال ‪ -‬‏قصيدةا دالية‪ ،‬مطلعها‪ :‬‏‬

‫ي الطائر الغرد ** ‏وهاج لوعة قلب التائله الكمحلد‬


‫أطار لب حن س‬
‫ومنهم‪ :‬‏السُيد‪ ،‬غلم‪ :‬‏علي بن السُيد‪ :‬‏نوحَّ البلكرامي‪ ،‬التخلصخ‪ :‬‏بآزاد؛ له‪ :‬‏سبعة دواوين‪،‬‬

‫‪273‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫والقصيدةا‪ :‬‏ف وصف أعضاء العشوقة من الرأس إل )‪ /1‬‏‪ (346‬‏القدم‪ ،‬ساها‪ :‬‏)مرآةا المحال(‪،‬‬
‫وشأرحها شأرحا لطيفما‪ ،‬منها‪ :‬‏ديوان مردف‪ ،‬وديوان مسُتزماد‪ ،‬وديوان مرجع‪ .‬‏‬

‫والتمجيع‪ :‬‏نوع من الشعر‪ ،‬أنشأه ف ناية الرقة‪ ،‬ول ينظم التمجيع العرب قبله أحد من الشعراء‪،‬‬
‫وسى الدواوين السُبعة‪ :‬‏)بالسُبعة السُيارةا(‪ ،‬ونظم الدفاتر السُبعة السُمحاةا بـ‪ :‬‏)مظهر البكات(‬
‫مزمدوجة ف بر الفميف‪ ،‬ف غاية السُلسة والعذوبة‪ ،‬ول ينظم أحد قبله مزمدوجة عربية ف هذا‬
‫البحر‪ ،‬ول يتفمق لحد من شأعراء العرب والقلدين لم من شأعراء العجم مزمدوجة على هذه‬
‫الكيفمية؛ ونظم الدفتم السُابع‪ ،‬ف سنة ‪ 1193‬‏هـ‪ ،‬ومات ‪ -‬‏رحه ال ‪ -‬‏ف سنة ‪1200‬‬
‫الجرية؛ وله تصانيف كثيخةا ف العربية والفمارسية‪ ،‬كمحا سيأت تفمصيلها ف ترجته ‪ -‬‏إن شأاء ال‬
‫تعال ‪ .-‬‏‬

‫وجلة أشأعاره النظومة ف الذكورات‪ :‬‏أحد عشر ألفما؛ وما سسع قط من أهل الند من يكون له‬
‫ديوان عرب‪ ،‬أو شأعر عرب‪ ،‬على هذه الالة؛ وهو‪ :‬‏)حلسُان الند(؛ مدحَّ ‪ -‬‏النب صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ -‬‏ف دواوينه وقصائده‪ ،‬وأوجد ف مدحه معان كثيخةا نادرةا‪ ،‬ل يتيسُر مثلها لحد من‬
‫الشعراء الفملقي؛ وأبدع فيها مالصخ ل يبلغ مداها فرد من الفمصحاء التشدقي؛ وله ف التغزمل‬
‫طور خاص‪ ،‬قلمحا يوجد ف كلم غيخه‪ ،‬يعرفه أصحاب الفمن‪ .‬‏‬

‫ومنهم‪ :‬‏الشيخ‪ ،‬الجل‪ ،‬مسُند الوقت‪ ،‬الشاه‪ :‬‏ول ال الدث الدهلوي؛ وله‪ :‬‏قصائد حسُنة‪،‬‬
‫وكلمحات غراء ف مدحه ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ .-‬‏)‪ /1‬‏‪ (347‬‏‬

‫ومنهم‪ :‬‏الشيخ‪ :‬‏عبد العزميزم؛ والشيخ‪ :‬‏رفيع الدين؛ والشيخ‪ :‬‏ممحد إساعيل‪ ،‬الدهلويون ‪ -‬‏رحهم‬
‫ال تعال ‪-‬؛ ولم‪ :‬‏منثور ومنظوم لطيف بليغ‪ .‬‏‬

‫ومنهم‪ :‬‏الشيخ‪ ،‬الديب‪ :‬‏أوحد الدين البلكرامي ‪ -‬‏رحه ال ‪-‬؛ رأيت له نثرا فصيحا‪ ،‬ونظمحا‬
‫بليغا‪ ،‬وتقاريظ كثيخةا على كتب عديدةا‪ .‬‏‬

‫ومنهم‪ :‬‏الشيخ‪ ،‬الكامل‪ :‬‏فضل حق اليخ آبادي‪ ،‬وكم له من قصائد وأشأعار عارض با الريري‬

‫‪274‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫والبديع‪ ،‬وأتى فيها بكل لفمظ لطيف‪ ،‬ومعنم بديع! ‏لول أنه أكثر فيها من التجنيس‪ ،‬والشأتقاق‪،‬‬
‫واللفماظ الوشأية‪ ،‬بل خلف‪ .‬‏‬

‫ومنهم‪ :‬‏السُمحيدع‪ ،‬الفماضل‪ ،‬الولوي‪ :‬‏علي عباس الرياكوثي ‪ -‬‏حاه ال تعال ‪ ،-‬له‪ :‬‏)ديوان‬
‫الشعر(‪ ،‬ومكاتيب‪ ،‬وتقاريظ‪ .‬‏‬

‫ومنهم‪ :‬‏الشيخ‪ ،‬الفماضل‪ :‬‏فيض السُن السُهارنبوري ‪ -‬‏سلمحه ال تعال ‪-‬؛ وله قصائد بليغة‪،‬‬
‫وأشأعار لطيفمة‪ ،‬ل يتفمق مثلها لعاصريه؛ ولذين الخيخين كتابة إلينا‪ ،‬ونظم ف مدحَّ كتبنا‪ ،‬قد‬
‫طبع بعضها‪ .‬‏‬

‫ومنهم‪ :‬‏أخي‪ ،‬من أب وأمي‪ ،‬السُيد‪ ،‬السُند‪ :‬‏أحد حسُن القنوجي‪ ،‬التخلصخ‪ :‬‏بالعرشأي‪ ،‬وبعض‬
‫قصائده يربو على كلم الساتذةا‪ ،‬ل سيمحا الفمارسية منها‪ .‬‏‬

‫وأما هذا الفمقيخ‪ ،‬ليس من هذا العلم ف لوطرد ول صدر‪ ،‬ول نل بواديه ول سدر‪ ،‬وهذا الذي‬
‫نراه من آثاره الباقية ف العربية والفمارسية‪ ،‬وما ذكره ف )التاف( ‏له‪ ،‬فإنا هو طلل من وابل‬
‫هؤلء الدباء‪ ،‬وفيض من ساحل أولئك الكمحلء النبلء‪ ،‬فإنه قد صرف برهة من الزممان‪/1) ،‬‬
‫‪ (348‬‏ف تتبع قالم وقيلهم‪ ،‬واتبع آثارهم ف ذلك‪ ،‬ومشى على سبيلهم‪ ،‬ولنعم ما قيل‪ :‬‏‬

‫فهذا الشذا آثار رفقته معي ‪ ...‬‏وألست بورد إنما أنا تربه‬

‫ث اعلم‪ :‬‏أن القصود من علم الدب عند أهل اللسُان ثرته‪ ،‬وهي‪ :‬‏الجادةا ف فن النظوم‬
‫والنثور‪ ،‬على أساليب العرب العرباء‪ ،‬ومناحي الدباء القدماء؛ فيجمحعون لذلك من لحطفملظ كلم‬
‫العرب‪ ،‬ما عسُاه تصل به اللكة‪ :‬‏من شأعر عال الطبقة‪ ،‬وسجع متسُاو ف الجادةا‪ ،‬ومسُائل‬
‫من اللغة والنحو مبثوثة أثناء ذلك متفمرقة‪ ،‬يسُتقري منها الناظر ف الغالب معظم قواني العربية‪،‬‬
‫مع ذكر بعض من أيام العرب‪ ،‬يفمهم به ما يقع ف أشأعارهم منها؛ وكذلك ذكر الهم من‬
‫النسُاب الشهيخةا‪ ،‬والخبار العامة‪ .‬‏‬

‫والقصود بذلك كله‪ :‬‏أن ل يفمى على الناظر فيه شأيء من كلم العرب‪ ،‬وأساليبهم‪ ،‬ومناحي‬

‫‪275‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫بلغتهم إذا تصفمحه؛ لنه ل تصل اللكة من حفمظه‪ ،‬إل بعد فهمحه‪ ،‬فيحتاج إل تقدي جيع‬
‫ما يتوقف عليه فهمحه‪ .‬‏‬

‫ث إنم إذا فحمدوا هذا الفمن قالوا‪ :‬‏هو حفمظ أشأعار العرب وأخبارها‪ ،‬والخذ من كل علم‬
‫بطرف؛ يريدون‪ :‬‏من علوم اللسُان‪ ،‬أو العلوم الشرعية‪ ،‬من حيث متونا فقط‪ ،‬وهي‪ :‬‏القرآن‪،‬‬
‫والديث؛ إذ ل مدخل لغيخ ذلك من العلوم ف كلمهم‪ ،‬إل ما ذهب إليه التأخرون عند‬
‫فكلفلفمهم بصناعة البديع من التورية ف أشأعارهم‪ ،‬وترسلهم )‪ /1‬‏‪ (349‬‏بالصطلحات العلمحية؛‬
‫فاحتاج صاحب هذا الفمن حينئذ إل معرفتها‪ ،‬ليكون قائمحا على فهمحها‪ .‬‏‬

‫وسعنا من شأيوخنا ف مالس التعليم‪ :‬‏أن أصول هذا الفمن وأركانه‪ :‬‏أربعة دواوين‪ ،‬وهي‪ :‬‏)أدب‬
‫الكاتب( ‏لبن قتيبة؛ وكتاب‪ :‬‏)الكامل( ‏للمحبد؛ وكتاب‪ :‬‏)البيان والتبيي( ‏للجاحظ؛ وكتاب‪:‬‬
‫)النوادر( ‏لب علي القال البغدادي؛ وما سوى هذه الربعة فتبع لا‪ ،‬وفروع عنها‪ ،‬وكتب الدثي‬
‫ف ذلك كثيخةا‪ .‬‏‬

‫وكان الغناء ف الصدر الول من أجزماء هذا الفمن لا هو تابع للشعر؛ إذ الغناء إنا هو تلحينه؛‬
‫وكان الكتاب والفمضلء من الواص ف الدولة العباسية‪ ،‬يأخذون أنفمسُهم به‪ ،‬حرصا على‬
‫تصيل أساليب الشعر وفنونه‪ ،‬فلم يكن انتحاله قادحا ف العدالة والروءةا‪ .‬‏‬

‫وقد ألف القاضي‪ :‬‏أبو الفمرج الصبهان ‪ -‬‏وهو ما هو ‪ -‬‏كتابه ف )الغان(‪ ،‬جع فيه‪ :‬‏أخبار‬
‫العرب‪ ،‬وأشأعارهم‪ ،‬وأنسُابم‪ ،‬وأيامهم‪ ،‬ودولم؛ وجعل مبناه على الغناء ف الائة صوت الت‬
‫اختارها الغنون للرشأيد‪ ،‬فاستوعب فيه ذلك أت استيعاب وأوفاه؛ ولعمحري إنه ديوان العرب‪،‬‬
‫وجامع أشأتات الاسن الت سلفمت لم ف كل فن من‪ :‬‏فنون الشعر‪ ،‬والتاريخ‪ ،‬والغناء‪ ،‬وسائر‬
‫الحوال؛ ول يعدل به كتاب ف ذلك فيمحا نعلمحه؛ وهو الغاية الت يسُمحو إليها الديب ويقف‬
‫عندها‪ ،‬وألن له با‪ - ،‬‏وال الادي للصواب ‪ .-‬‏‬

‫هذا آخر ما نقلناه من كتاب )عنوان العب‪ ،‬وديوان البتدأ والب(؛ وقد نقله أيضا صاحب‬
‫)كشف الظنون(‪ ،‬لكن بالتلخيصخ الخل‪ ،‬والختصار المحل‪ ،‬فلم أعتمحد عليه؛ وأخذت من‬

‫‪276‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫حيث أخذ‪ ،‬مع زيادات زدناها ف )‪ (1/350‬‏مواضع شأت من كتب أخرى‪ ،‬حرصا على‬
‫المحع‪ ،‬وطمحعا ف تام الفمائدةا‪ .‬‏‬

‫ول غرو إن كان قد وقع بعض تكرار‪ ،‬ف غيخ موضع من هذه الطالب‪ ،‬بوجوه تظهر عليك‬
‫عند التأمل فيمحا لديك؛ ‪ -‬‏وبال التوفيق ‪ .-‬‏)‪ /1‬‏‪ (351‬‏‬

‫مطلب‪ :‬‏ف تعيي العلم الذي هو‪ :‬‏فرض عي على كل مكلف‪ ،‬أعن‪ :‬‏الذي يتضمحنه قوله ‪-‬‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ :-‬‏)طلب العلم‪ :‬‏فريضة على كل مسُلم( ‏‬

‫اعلم‪ :‬‏أن للعلمحاء اختلفا عظيمحا ف تعيي ذلك العلم‪ ،‬وهو أكثر من عشرين قول‪ ،‬وحاصله‪ :‬‏أن‬
‫كل فريق نزمل الوجوب على العلم الذي هو بصدده‪ .‬‏‬

‫قال الفمسُرون والدثون‪ :‬‏هو علم الكتاب والسُنة‪ ،‬إذ بمحا يتوصل إل سائر العلوم‪ ،‬وهو الق‬
‫الذي ل ميد عنه‪ ،‬ول مصيخ إل إليه‪ ،‬وعليه جهور الققي من السُلف واللف‪ ،‬بل خلف‬
‫بينهم‪ .‬‏‬

‫وقال الفمقهاء‪ :‬‏هو العلم باللل والرام‪ ،‬ويسُمحى‪ :‬‏بعلم الفمقه؛ وهذا يندرج ف الول ‪ -‬‏كمحا هو‬
‫الظاهر ‪ .-‬‏‬

‫وقال التكلمحون‪ :‬‏هو العلم الذي يدرك به التوحيد الذي هو أساس الشريعة‪ ،‬ويسُمحى‪ :‬‏بعلم‬
‫الكلم؛ وهذا أيضا داخل ف الول‪ ،‬لن مسُائل التوحيد مبينة فيهمحا بيانا شأافيا‪ ،‬وليس وراء‬
‫بيان ال ورسوله بيان‪ .‬‏‬

‫وأما الكلم الذي اختصخ به التكلمحون‪ ،‬وخلطوا فيه النطق والفملسُفمة‪ ،‬فليس هو من هذا الباب‪.‬‬

‫وقال الصوفية‪ :‬‏هو علم القلب ومعرفة الواطر‪ ،‬لن النية الت هي شأرطر العمحال‪ ،‬ل تصح إل‬
‫با‪ ،‬وهذا شأعبة من شأعب السُنة الطهرةا‪ ،‬فإن العلم با عال به على الوجه الت الكمحل‪ .‬‏)‪/1‬‬
‫‪ (352‬‏‬

‫‪277‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وقال أهل الق‪ :‬‏هو علم الكاشأفمة‪ ،‬ول وجه للتخصيصخ به‪ ،‬ول يدل عليه نصخ ول برهان‪ .‬‏‬

‫وقيل‪ :‬‏إنه العلم الذي يشتمحل عليه قوله ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ :-‬‏)بن السلم على خس‪(...‬‬
‫الديث‪ ،‬لنه الفمرض على عامة السُلمحي‪ ،‬وهو اختيار الشيخ‪ :‬‏أب طالب أكمحلي‪ .‬‏‬

‫وزاد عليه بعضهم‪ :‬‏أن وجوب البان المحسُة إنا هو بقدر الاجة‪ ،‬مثل‪ :‬‏من بلغ ضحوةا النهار‪،‬‬
‫يب عليه أن يعرف ال ‪ -‬‏سبحانه وتعال ‪ -‬‏بصفماته استدلل‪ ،‬وأن يتكلم كلمحت الشهادةا مع‬
‫فهم معناها؛ وإن عاش إل وقت الظهر‪ ،‬يب عليه أن يتكلم أحكام الطهارةا والصلةا؛ وإن‬
‫عاش إل رمضان‪ ،‬يب أن يتكلم أحكام الصوم؛ وإن ملك مال‪ ،‬يب أن يتعلم كيفمية الزمكاةا؛‬
‫وإن حصل له استطاعة الج‪ ،‬يب أن يتعلم أحكام الج ومناسكه‪ .‬‏‬

‫هذه هي الذاهب الشهورةا ف هذا الباب؛ والول‪ :‬‏أولها‪ ،‬فإن هذه كلها تدخل فيه‪ ،‬ول ترج‬
‫عنه‪ ،‬حت يتاج إليه‪ .‬‏‬

‫وزاد ف )كشاف اصطلحات الفمنون(‪ :‬‏قال بعضهم‪ :‬‏هو علم العبد باله ومقامه من ال ‪-‬‬
‫تعال ‪ .-‬‏‬

‫وقيل‪ :‬‏بل هو العلم بالخلص‪ ،‬وآفات النفموس‪ .‬‏‬

‫وقيل‪ :‬‏بل هو علم الباطن‪ .‬‏‬

‫وقال التصوفة‪ :‬‏هو علم التصوف‪ .‬‏‬

‫وقيل‪ :‬‏هو العلم با اشأتمحل عليه قوله ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ :-‬‏)بن السلم على خس‪(...‬‬
‫الديث‪ ،‬وتقدم‪ .‬‏‬

‫والذي ينبغي أن يقطع ما هو مراد به‪ :‬‏هو علم با كلف ال ‪ -‬‏تعال ‪ -‬‏به عباده من‪ :‬‏الحكام‬
‫العتقادية‪ ،‬والعمحلية؛ كذا ف )الحياء( ‏للغزمال‪ ،‬وأطال ف بيان ذلك‪ .‬‏‬

‫‪278‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وقال ف )السُراجية(‪ :‬‏طلب العلم فريضة‪ ،‬بقدر ما يتاج إليه‪ ،‬لمر ل بد منه من‪ :‬‏أحكام‬
‫الوضوء‪ ،‬والصلةا‪ ،‬وسائر الشرائع‪ ،‬ولمور معاشأه‪ ،‬وما وراء ذلك‪ ،‬ليس بفمرض‪ ،‬فإن تعلمحها فهو‬
‫الفضل‪ ،‬وإن تركها فل إث عليه‪ .‬‏انتهى‪ .‬‏‬

‫وهذا بيان علم فرض العي؛ وأما فرض الكفماية‪ :‬‏فقد ذكر ف )منتخب الحياء(‪ :‬‏أن علم الطب‬
‫ف تصحيح البدان من فروض الكفماية؛ لكن ف )السُراجية(‪ :‬‏يسُتحب أن يتعلم الرجل من‬
‫الطب قدر ما يتنع به عمحا يضر بدنه‪ ،‬وكذا من فروض الكفماية‪ :‬‏علم السُاب ف الوصايا‬
‫والواريث‪ ،‬وكذا الفملحة‪ ،‬والياكة‪ ،‬والجامة‪ ،‬والسُياسة؛ أما التعمحق ف الطب فليس بواجب‪،‬‬
‫وإن كان فيه زيادةا قوةا‪ ،‬على قدر الكفماية‪ .‬‏‬

‫فهذه العلوم كالفمروع‪ ،‬فإن الصل هو‪ :‬‏العلم بكتاب ال ‪ -‬‏تعال ‪ ،-‬وسنة رسوله ‪ -‬‏صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪ ،-‬وإجاع الئمحة‪ ،‬وآثار الصحابة‪ ،‬والتعلم بعلم اللغة الت هي‪ :‬‏آلة لتحصيل العلم‬
‫بالشرعيات‪ ،‬وكذا العلم بالناسخ والنسُوخ‪ ،‬والعام والاص‪ ،‬ما ف‪ :‬‏علم الفمقه‪ ،‬وعلم القراءةا‪،‬‬
‫ومارج الروف‪ ،‬والعلم بالخبار وتفماصيلها‪ ،‬والثار‪ ،‬وأسامي رجالا ورواتا‪ ،‬ومعرفة السُند‪،‬‬
‫والرسل‪ ،‬والقوي والضعيف منها‪ ،‬كلها‪ :‬‏من فروض الكفماية‪ ،‬وكذا معرفة الحكام لقطع‬
‫الصومات وسياسة الولةا‪ .‬‏‬

‫وهذه العلوم إنا تتعلق بالخرةا‪ ،‬لنا سبب استقامة الدنيا‪ ،‬وف استقاملتها استقامستها؛ فكان هذا‬
‫علم الدنيا بواسطة صلحَّ الدنيا‪ ،‬بلف علم الصول‪ :‬‏من التوحيد‪ ،‬وصفمات الباري؛ وهكذا‬
‫علم الفمتوى من فروض الكفماية‪ .‬‏‬

‫أما العلم بالعبادات والطاعات‪ ،‬ومعرفة اللل والرام‪ ،‬فإن أصل فوق العلم بالغرامات والدود‬
‫واليل؛ وأما علم العاملة‪ :‬‏فهو على الؤمن التقي كالزمهد‪ ،‬والتقوى‪ ،‬والرضاء‪ ،‬والشكر‪ ،‬والوف‪،‬‬
‫والنة ل ‪ -‬‏تعال ‪ -‬‏ف جيع أحواله‪ ،‬والحسُان‪ ،‬وحسُن الظن‪ ،‬وحسُن اللق‪ ،‬والخلص‪ ،‬فهذه‬
‫علوم نافعة أيضا‪ .‬‏‬

‫وأما علم الكاشأفمة‪ :‬‏فل يصل بالتعليم والتعلم‪ ،‬وإنا يصل بالاهدةا الت جعلها ال ‪ -‬‏تعال ‪-‬‬

‫‪279‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫سبلنا{ ‏‬
‫لنهدينهم ‏ ‏‬
‫ ‏‬ ‫فينا ‏‬
‫مقدمة للهداية؛ قال ال تعال‪ :‬‏ ‏ ‏} ‏والذين ‏ ‏جاهدوا ‏ ‏ ‏‬

‫وأما علم الكلم‪ :‬‏فالسُلف ل يشتغلوا به‪ ،‬حت إن من اشأتغل به نسُب إل‪ :‬‏البدعة‪ ،‬والشأتغال‬
‫با ل يعنيه‪ .‬‏‬

‫هذا كله خلصة ما ف )التاتارخانية(؛ وألق الغزمال الفمقه والفمقهاء بعلم الدنيا وعلمحائها‪ ،‬قال‪:‬‬
‫ولعمحري إنه متعلق أيضا بالدين‪ ،‬ولكن ل بنفمسُه‪ ،‬بل بواسطة الدنيا‪ ،‬فإن الدنيا مزمرعة الخرةا‪،‬‬
‫ث سنوى بي الفمقه والطب‪ ،‬إذ الطب أيضا يتعلق بالدنيا‪ ،‬وهو صحة السُد‪ ،‬لكن قال‪ :‬‏إن‬
‫الفمقه أشأرف منه من ثلثة أوجه‪ ،‬ث ذكرها‪ ،‬وأطال ف بيان علم الكاشأفمة‪ /1) ،‬‏‪ (355‬‏وعلم‬
‫العاملة‪ ،‬ث ذكر الفملسُفمة وقال‪ :‬‏إنا ليسُت علمحا برأسها‪ ،‬بل هي أربعة أجزماء‪ :‬‏أما الندسة‪،‬‬
‫والسُاب‪ :‬‏فهمحا مباحان؛ وأما النطق‪ ،‬والطبيعيات‪ :‬‏فبعضها‪ :‬‏مالف للشرع والدين الق‪ ،‬فهو‬
‫جهل وليس بعلم؛ وبعضها ليس كذلك؛ وأطال الكلم ف تفمصيله‪ .‬‏‬

‫وقال ف خزمانة الرواية ف )السُراجية(‪ :‬‏تعلمسم الكلم‪ ،‬والناظرةا فيه‪ ،‬قدر ما يتاج إليه‪ :‬‏غيخ منهي؛‬
‫قال الشيخ‪ :‬‏شأهاب الدين السُهروردي ف )أعلم الدى(‪ :‬‏إن عدم الشأتغال بعلم الكلم‪ ،‬إنا‬
‫هو ف زمان قرب العهد بالرسول ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ -‬‏وأصحابه‪ ،‬الذين كانوا مسُتغني عن‬
‫ذلك‪ ،‬بسُبب بركة صحبة النب ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ ،-‬ونزمول الوحي‪ ،‬وقلة الوقائع والفمت‬
‫بي السُلمحي؛ وصرحَّ به السُيد الشريف؛ والعلمة التفمتازان؛ وغيخها من الققي الشهورين‬
‫بالعدالة‪ :‬‏أن الشأتغال بالكلم ف زماننا من فرائض الكفماية؛ وقال التفمتازان‪ :‬‏إنا النع لقاصر‬
‫النظر‪ ،‬والتعصب ف الدين‪ .‬‏انتهى‪ .‬‏‬

‫وهذا ذكر العلوم المحودةا؛ وأما العلم الباحَّ‪ :‬‏فمحنه‪ :‬‏العلم بالشأعار الت ل سخف فيها‪ ،‬وتواريخ‬
‫الخبار‪ ،‬وما يري مراها‪ ،‬وأما الذمومة‪ :‬‏ففمي )التاتارخانية(‪ :‬‏وأما علم السُحر‪ ،‬والنيخنات‪،‬‬
‫والطبلنطسُمحات‪ ،‬وعلم النجوم‪ ،‬ونوها‪ ،‬فهي‪ :‬‏علوم غيخ ممحودةا؛ وأما علم الفملسُفمة‪ ،‬والندسة‪ :‬‏فبعيد‬
‫عن علم الخرةا؛ استخرج ذلك الذين استحبوا الياةا الدنيا على الخرةا‪ .‬‏‬

‫وف )فتح البي‪ ،‬شأرحَّ الربعي( ‏للحليمحي‪ ،‬وغيخه‪ :‬‏صرحوا بواز تعلم الفملسُفمة‪ ،‬وفروعها من‪:‬‬

‫‪280‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫اللي‪ ،‬والطبيعي‪ ،‬والرياضي‪ ،‬ليخد على أهلها‪ ،‬ويدفع شأرهم عن الشريعة‪ ،‬فيكون من باب إعداد‬
‫العدةا‪ .‬‏‬

‫وف )السُراجية(‪ :‬‏تعلمسم النجوم قدر ما ستعرف به مواقيت الصلةا والقبلة ل بأس به؛ وف‬
‫)التتارخانية(‪ :‬‏وما سواه حرام‪ .‬‏‬

‫وف )اللصة والزميادةا(‪ :‬‏حرام‪ .‬‏‬

‫سقيم{‪ ،‬قالوا‪ :‬‏علم‬


‫‪ :‬‏إن ‏ ‏‬
‫فقال ‏ ‏‬
‫النجوم‪ ،‬‏ ‏‬
‫وف )الدارك(‪ ،‬ف تفمسُيخ قوله تعال‪ :‬‏ ‏ ‏} ‏فنظر ‏ ‏نظرةا ‏ ‏ف ‏ ‏ ‏‬
‫النجوم كان حقا‪ ،‬ث نسُخ الشأتغال بعرفته‪ .‬‏انتهى‪ .‬‏‬

‫وف )البيضاوي(‪ :‬‏أي‪ :‬‏فرأى مواقعها واتصالتا‪ ،‬أو ف علمحها‪ ،‬أو ف كتابا‪ ،‬ول منع منه‪.‬‬
‫انتهى‪ .‬‏‬

‫وف )التفمسُيخ الكبيخ( ‏ف هذا القام‪ :‬‏إن قيل النظر ف علم النجوم غيخ جائزم‪ ،‬فكيف أقدم عليه‬
‫إبراهيم ‪ -‬‏عليه السُلم ‪-‬؟ قلنا‪ :‬‏ل نسُلم أن النظر ف علم النجوم‪ ،‬والستدلل بعانيها‪ :‬‏حرام‪،‬‬
‫وذلك لن من اعتقد أن ال ‪ -‬‏تعال ‪ -‬‏خصخ كل واحد من هذه الكواكب بقوةا وخاصية‬
‫لجلها‪ ،‬يظهر منه أثر مصوص‪ ،‬فهذا العلم على هذا الوجه‪ :‬‏ليس بباطل‪ .‬‏انتهى‪ .‬‏‬

‫فعسللم من هذا‪ :‬‏أن حرمة تعلم علم النجوم متلف فيها‪ .‬‏‬

‫السُاعة{‪ ...‬‏الية‪:‬‬
‫علم ‏ ‏‬
‫عنده ‏ ‏‬
‫ال ‏ ‏‬
‫إن ‏ ‏‬
‫وأما أخبار النجمحي‪ :‬‏فقد ذكر ف )الدارك( ‏ف تفمسُيخ‪ :‬‏ ‏ ‏} ‏ ‏‬
‫وأما النجم الذي يب بوقت الغيث أو الوت‪ ،‬فإنه يقول بالقياس‪ ،‬والنظر ف الطالع؛ وما سيدرك‬
‫بالدليل ل يكون غيبا‪ ،‬على أنه مرد الظن‪ ،‬والظن غيخ العلم‪ .‬‏‬

‫وف )الكشف(‪ :‬‏مقالت النجمحة على طريقتي‪ :‬‏من الناس من يكذبم‪ ،‬واستدل عليه بقوله‬
‫الغيب{ ‏وبقوله ‪ -‬‏عليه الصلةا والسُلم ‪ :-‬‏)من أتى كاهنا‬
‫على ‏ ‏‬
‫ليطلعكم ‏ ‏‬
‫ ‏‬ ‫ال ‏‬
‫كان ‏ ‏‬
‫وما ‏ ‏‬
‫تعال‪ :‬‏ ‏ ‏} ‏ ‏‬
‫أو عريفما فصدقه‪ ،‬فقد كفمر با أنزمل على ممحد(‪ .‬‏‬

‫‪281‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫ومنهم‪ :‬‏من قال بالتفمصيل‪ ،‬فإن النجم ل يلو من أن يقول‪ :‬‏إن هذه الكواكب ملوقات‪ ،‬أو‬
‫غيخ ملوقات؛ الثان‪ :‬‏كفمر صريح؛ وأما الول‪ :‬‏فإما أن يقول‪ :‬‏إنا فاعلت متارات بنفمسُها‪،‬‬
‫فذلك أيضا‪ :‬‏كفمر صريح‪ ،‬وإن قال‪ :‬‏إنا ملوقات مسُخرات‪ ،‬أدلةا على بعض الشأياء‪ ،‬ولا أثر‬
‫بلق ال تعال فيها‪ :‬‏كالنور‪ ،‬والنار‪ ،‬ونوها‪ ،‬وأنم استخرجوا ذلك بالسُاب‪ ،‬فذلك ل يكون‬
‫غيبا‪ ،‬لن الغيب ما ل يدل عليه بالسُاب؛ وأما الية والديث‪ :‬‏فهمحا ممحولن على علم‬
‫الغيب‪ ،‬وهذا ليس بغيب‪ .‬‏‬

‫وأما النطق‪ :‬‏فقد ذكر ابن حجر الكي ف )شأرحَّ الربعي( ‏للنووي‪ :‬‏أن من آلت العلم الشرعي‬
‫من‪ :‬‏فقه‪ ،‬وحديث‪ ،‬وتفمسُيخ‪ :‬‏النطق الذي بأيدي الناس اليوم‪ ،‬فإنه علم مفميد‪ ،‬ل مذور فيه‬
‫بوجه‪ ،‬إنا الذور فيمحا كان يلط به شأيء من الفملسُفميات النابذةا للشرائع‪ ،‬ولنه كالعلوم العربية‬
‫ف أنه‪ :‬‏من مواد أصول الفمقه‪ ،‬ولن الكم الشرعي ل بد من تصوره والتصديق بأحواله إثباتا‬
‫ونفميا‪ ،‬والنطق‪ :‬‏هو الرصد لبيان أحكام التصور والتصديق‪ ،‬فوجب كونه علمحا شأرعيا‪ ،‬إذ هو ما‬
‫صدر عن الشرع‪ ،‬أو توقف عليه العلم الصادر عن الشرع توقف وجود‪ :‬‏كعلم الكلم‪ ،‬أو توقف‬
‫كمحال‪ :‬‏كعلم العربية والنطق‪ .‬‏‬

‫ولذا قال الغزمال‪ :‬‏ل ثقة بفمقه من ل يتمحنطق؛ أي‪ :‬‏من ل قواعد النطق مركوزةا بالطبع فيه‪،‬‬
‫كالتهدين ف العصر الول‪ ،‬أو بالتعلم‪ .‬‏‬

‫ومن أثنم على النطق‪ :‬‏الفمخر الرازي‪ ،‬والمدي‪ ،‬وابن الاجب‪ ،‬وشأراحَّ )‪ /1‬‏‪ (358‬‏كتابه‪،‬‬
‫وغيخهم من الئمحة؛ والقول بتحريه‪ :‬‏ممحول على ما كان ملوطا بالفملسُفمة‪ .‬‏انتهى كلم )كشاف‬
‫اصطلحات الفمنون( ‏مع تصرف فيه ببعض الزميادةا‪ ،‬وسيأت حكم علم النطق‪ ،‬وما هو الق فيه‪،‬‬
‫تت )علم اليزمان( ‏من باب اليم‪ ،‬ف القسُم الثان من هذا الكتاب‪ .‬‏‬

‫وكذا حكم علم الكلم‪ :‬‏ذكرته ف كتاب )قصد السُبيل‪ ،‬إل ذم الكلم والتأويل(‪ .‬‏‬

‫وللسُيد‪ ،‬المام‪ ،‬التهد‪ :‬‏ممحد بن إبراهيم الوزير‪ ،‬اليمحان ‪ -‬‏رحه ال ‪ -‬‏كتب ورسائل مسُتقلة ف‬
‫هذا الباب‪ ،‬منها‪ :‬‏كتابه السُمحى‪ :‬‏)بالروض الباسم‪ ،‬ف الذب عن سنة أب القاسم(‪ ،‬فإن شأئت‬

‫‪282‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫الزميادةا فعليك با‪ .‬‏‬

‫وأما ما ذكره صاحب )كشاف الصطلحات( ‏ف هذا القام‪ ،‬من حكم العلوم ‪ -‬‏كمحا تقدم‬
‫آنفما ‪ ،-‬فمحا هو إل أقوال أهل العلم الضة‪ ،‬وآراؤرهم السُاذجة الت ل إثارةا عليها من علم؛‬
‫وهذه الكايات والقالت مثلها كثيخ الوجود ف كتب الفمقهاء‪ ،‬ولكن من ل يتبع إل ما قرره‬
‫الدليل‪ ،‬ل يقبل ذلك أبد البدين‪ ،‬ول يتوجه إل تلك القوال الالية عن الستناد‪ ،‬إل الكتاب‬
‫العزميزم‪ ،‬والسُنة الطهرةا‪ ،‬الت ل علم غيخها؛ أو ما كان له دخل ف فهمحهمحا‪ ،‬وكان كاللت‬
‫لمحا‪ .‬‏‬

‫وقد ذكرنا ف هذا الكتاب‪ ،‬تت بعض العلوم حكمحه‪ ،‬فارجع إليه‪ ،‬يتضح لك ما هو الق ف‬
‫السُألة؛ وليس هذا الكتاب ما ينبغي فيه ذكر السُائل والدلة عليها على وجه التفمصيل‪ ،‬فإنه‬
‫مدونة ف دواوين السلم‪ ،‬وكتب الئمحة‪ ،‬وقد قضوا منها الوطر‪ ،‬وميزموا فيها الق عن الباطل‪،‬‬
‫والطأ من الصواب‪ .‬‏‬

‫انظر مؤلفمات شأيخ السلم‪ :‬‏ابن تيمحية الران؛ وتلمحيذه‪ :‬‏المام‪ ،‬الربان‪ ،‬الافظ‪ :‬‏ابن القيم‬
‫)كإغاثة اللهفمان‪ ،‬عن مكائد الشيطان(‪ ،‬وغيخه؛ ومؤلفمات السُيد‪ :‬‏ابن الوزير؛ والعلمة‪ :‬‏ممحد بن‬
‫إساعيل الميخ اليمحان؛ وتصانيف )‪ /1‬‏‪ (359‬‏قاضي القضاةا‪ ،‬التهد الطلق‪ :‬‏ممحد بن علي‬
‫ت با اعتناء ل يفمتم طبعك منها‪ ،‬واشأدد يديك عليها شأدا بالغا‬ ‫الشوكان؛ وأمثال هؤلء؛ واع ل‬
‫مبلغ النهاية‪ ،‬تفمطزم بسُعادةا الدارين‪ ،‬وخيخي الكوني ‪ -‬‏إن شأاء ال تعال ‪ .-‬‏‬

‫ي علم أحق بالتحصيل والكتسُاب‪ ،‬وأشأدها دخل ف‬ ‫وسيتضح عليك عند مطالعتها‪ :‬‏أن أ ل‬
‫النقاذ من الهلكات ف الدنيا والخرةا؛ وإن ل ينصرك الدهر على الطلع عليها‪ ،‬فاجهد ف‬
‫تصيل متصرات هؤلء البرةا اليخةا )كأدب الطلب(‪ ،‬و )القول الفميد(‪ ،‬و )إرشأاد النقاد(‬
‫ونوها؛ فإن قصرت يدك عن هذه أيضا‪ ،‬فارجع إل اللخصات الت لصناها من مؤلفمات تلك‬
‫العصابة الكرام‪ ،‬وألفمناها ف تدوين هذا الرام‪ ،‬وقد طبع أكثرها ف هذه اليام‪ ،‬وانتشرت ف‬
‫الفاق من العرب والعجم‪ ،‬فإنا تشتمحل على فوائد نفميسُة‪ ،‬وحقائق صحيحة‪ ،‬وعوائد نافعة‪،‬‬

‫‪283‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫ومقاصد صالة‪ ،‬وحقوق ثابتة بالكتاب والسُنة‪ ،‬وهي تكفمي القلد‪ ،‬وتغن التهد‪ ،‬وتشفمي‬
‫العليل‪ ،‬وتروي الغليل‪ ،‬وتسُلي الفمؤاد‪ ،‬وتوصل الريد إل الراد‪ .‬‏‬

‫ويال العجب! ‏من قوم بسُطوا القول ف بيان علوم الفمرض والكفماية! ‏والمحودةا منها والذمومة!‬
‫وجاؤروا ف تبيينها بزمبالة أفكارهم! ‏ونالة أذهانم من غيخ حجة نيخةا! ‏وصعدوا ف تعيينها تارةا إل‬
‫السُمحاء‪ ،‬ونزملوا أخرى إل الرض! ‏ول يرفعوا رؤروسهم إل ما جاء عن سيد العلمحاء‪ ،‬وسند‬
‫الفمضلء ‪ -‬‏صلى ال عليه وآله وسلم ‪ -‬‏ف ذلك! ‏ول يعنوا أنظارهم فيه! ‏وهو‪ :‬‏قوله ‪ -‬‏صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪ :-‬‏)العلم ثلثة‪ :‬‏آية مكمحة‪ ،‬أو سنة قائمحة‪ ،‬أو فريضة عادلة‪ ،‬وما كان سوى ذلك‬
‫فهو فضل(‪ .‬‏رواه أبو داود‪ ،‬وابن ماجة‪ ،‬عن عبد ال بن عمحرو بن العاص ‪ -‬‏رضي ال عنه ‪-‬؛‬
‫واللم‪ :‬‏ف قوله ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ -‬‏)العلم( ‏قيل‪ :‬‏للعهد‪ ،‬أي‪ :‬‏علم الدين؛ وقيل‪:‬‬
‫للستغراق‪ ،‬كمحا ف قوله ‪ -‬‏تعال ‪ :-‬‏)المحد ل(‪ ،‬وهو الراجح‪ .‬‏‬

‫والراد بالية‪ :‬‏الكتاب العزميزم‪ ،‬وبالسُنة‪ :‬‏علم الديث الشريف‪ ،‬وبالفمريضة‪ :‬‏علم اليخاث‪ ،‬وهو‪ :‬‏جزمء‬
‫من علم الكتاب والسُنة‪ ،‬وما سوى هذين الصلي‪ :‬‏فضل‪ ،‬أي‪ :‬‏زائد ل ضرورةا فيه‪ ،‬كائنا ما‬
‫كان‪ ،‬ول سيمحا العلوم الت جاءت من كفمرةا اليونان‪ ،‬وليسُت مبنية على أساس شأرعي‪ ،‬ول على‬
‫عرفان‪ ،‬بل حدثت هي ف السلم‪ ،‬بعد انقراض القرون الثلثة الشهود لا باليخ‪ ،‬فإنا ليس‬
‫فيها من اليخ شأيء بل كلها كمحا قيل‪ :‬‏علم ل ينفمع‪ ،‬وجهل ل يضر‪ .‬‏‬

‫ومن تسُك‪ :‬‏بأذيال الكتاب اللي‪ ،‬والديث النبوي‪ ،‬فقد استغنم عن جيع العلوم والفمنون؛‬
‫)وكل الصيد ف جوف الفمرا(؛ ومن ل يسُتغن با جاء عن ال ‪ -‬‏تعال ‪ -‬‏ورسوله‪ ،‬ول يره كافيا‬
‫وافيا لمور الدنيا والخرةا‪ ،‬فل أغناه ال‪ ،‬ول حياه‪ .‬‏‬

‫والعرض عن هذين العلمحي الكريي‪ ،‬والصلي الشريفمي‪ ،‬الامعي للعلوم النافعة ف العاش‬
‫والعاد‪ ،‬إل الوض ف الفمنون الجنبية‪ ،‬والشأتغال با ليل ونارا‪ ،‬والستغراق فيها بأوقاته كلها‪:‬‬
‫ليس أهل للتخاطب‪ ،‬ول مل لللتفمات‪ ،‬ول مولفقا للخيخ‪ ،‬ول موقعا للنجاةا‪ .‬‏‬

‫وف حديث معاوية ‪ -‬‏رضي ال عنه ‪ -‬‏قال‪ :‬‏إن النب ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ -‬‏نى عن‬

‫‪284‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫الغلوطات‪ .‬‏رواه أبو داود‪ .‬‏‬

‫وهذه الفمنون غالبها من هذا القبيل‪ ،‬ونى أيضا عن النظر ف الكتب السُمحاوية النزملة على‬
‫النبياء ‪ -‬‏عليهم السُلم ‪ -‬‏من قبله‪ ،‬فكيف بالنظر ف هذه الهالت والرافات‪ ،‬الت سوها‪:‬‬
‫علوما وفنونا‪ ،‬وجعلوها من مواسم الفمضيلة‪ ،‬وربطوا با كمحال الشخصخ‪ ،‬وحصروه ف اكتسُابا‬
‫الذي ل ينبغي التعبيخ عنه‪ ،‬إل بإضاعة الوقات‪ ،‬وإهلك النفمس الناطقة‪ ،‬بإلقائها ف الوبقات‬
‫‪ -‬‏أعاذنا ال وإخواننا السُلمحي التبعي عمحا يكره ول يرضاه‪ ،‬وصاننا وإياهم عمحا يضر ف دين‬
‫الله‪ ،‬إنه قريب ميب‪ ،‬وبال التوفيق‪ ،‬وهو السُتعان ‪ .-‬‏‬

‫مطلب‪ :‬‏في طبقات أهل العلم‬

‫من كتاب )أدب الطلب( ‏لشيخنا‪ ،‬وبركتنا‪ ،‬المام‪ ،‬التهد الربان‪ :‬‏ممحد بن علي‬
‫الشوكان‪ ،‬قاضي قضاةا القطر اليمحان ‪ -‬‏رحه ال ‪ -‬‏قال ‪ -‬‏رضي ال عنه ‪ :-‬‏‬

‫أول‪ :‬‏ما على طالب العلم‪ :‬‏أن يسُن نيته‪ ،‬ويصلح طويته‪ ،‬ويتصور أن هذا العمحل الذي‬
‫قصد له‪ ،‬والمر الذي أراده هو الشريعة‪ ،‬الت شأرعها ال ‪ -‬‏سبحانه ‪ -‬‏لعباده‪ ،‬وبعث با‬
‫رسله‪ ،‬وأنزمل با كتبه؛ ويرد نفمسُه عن أن يشوب ذلك بقصد من مقاصد الدنيا‪ ،‬أو‬
‫يلطه با يكدره من الرادات الت ليسُت منه؛ هذا على‪ .‬‏فرض أن مرد تشريك العلم‬
‫مع غيخه له حكم هذه السُوسات‪ ،‬وهيهات ذاك‪ ،‬فإن من أراد أن يمحع ف طلبه بي‬

‫‪285‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫قصد الدنيا والخرةا‪ ،‬فقد أراد الشطط‪ ،‬وغلط أقبح الغلط‪ ،‬فإن طلب العلم من أشأرف‬
‫أنواع العبادةا‪ ،‬وأجلها‪ ،‬وأعلها؛ وقد قال ‪ -‬‏تعال ‪ :-‬‏}واعبدوا ال ملصي له الدين{‪ .‬‏‬

‫وصح عن رسول ال ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ -‬‏حديث‪ :‬‏)إنا العمحال بالنيات‪ ،‬وإنا‬
‫لكل امرئ ما نوى(‪ .‬‏‬

‫ومن أهم ما يب على طالب العلم تصوره عند الشروع‪ ،‬بل ف كل وقت‪ ،‬أن يقرر عند‬
‫نفمسُه‪ ،‬أن هذا العمحل هو تصيل العلم با شأرعه )‪ /1‬‏‪ (362‬‏ال لعباده‪ ،‬والعرفة لا‬
‫تعبدهم به ف مكم كتابه‪ ،‬وعلى لسُان رسوله ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ .-‬‏‬

‫وإن هذا الطلب‪ :‬‏هو سبب تصيله‪ ،‬وذلك سبب الظفمر با عند ال من خيخ؛ ومثل هذا‬
‫ل مدخل فيه لعصبية‪ ،‬ول مال عنده لمحية‪ ،‬بل هو شأيء تعبدهم ال به‪ ،‬ليس لواحد‬
‫أن يدعي أنه غيخ متعبد به‪ ،‬فضل أن يرتقي إل درجة تكليف عباد ال با يصدر عنه‬
‫من الرأي‪ ،‬فإن هذا أمر ل يكن إل ل ‪ -‬‏سبحانه ‪ ،-‬ل لغيخه‪ ،‬كائنا من كان؛ ول‬
‫يناف هذا وقوع اللف بي أئمحة الصول‪ ،‬ف إثبات اجتهاد النبياء ونفميه‪ ،‬فإن اللف‬
‫لفمظي عند من أنصف وحقق‪ .‬‏‬

‫وأهم ما يصل لك‪ :‬‏أن تكون منصفما غيخ متعصب ف شأيء من هذه الشريعة‪ ،‬فل‬
‫تحق بركتها بالتعصب لعال من علمحاء السلم‪ ،‬بأن تعل رأيه واجتهاده حجة عليك‬
‫وعلى سائر العباد‪ ،‬فإنه وإن فضلك بنوع من العلم‪ ،‬وفاق عليك بدرك من الفمهم‪ ،‬فهو‬
‫ل يرج بذلك عن كونه مكوما عليه‪ ،‬متعبدا با أنت متعبد به‪ ،‬بل الواجب عليك أن‬
‫تعتمف له بالسُبق‪ ،‬وعلو الدرجة اللئقة به ف العلم‪ ،‬معتقدا أن ذلك هو الذي ل يب‬
‫عليه غيخه‪ ،‬ول يلزممه سواه؛ وليس لك أن تعتقد أن صوابه صواب لك‪ ،‬أو خطأه خطأ‬
‫عليك‪ ،‬بل عليك بالجتهاد والد‪ ،‬حت تبلغ إل ما بلغ إليه من أخذ الحكام الشرعية‪،‬‬
‫من ذلك العدن الذي ل معدن سواه‪ ،‬والوطن الذي هو أول الفمكر‪ ،‬وآخر العمحل؛ فإذا‬
‫وطنت نفمسُك على النصاف‪ ،‬وعدم التعصب لذهب من الذاهب‪ ،‬ول لعال من‬
‫العلمحاء‪ ،‬فقد فزمت بأعظم فوائد العلم‪ ،‬وربت بأنفمس فرائده‪ .‬‏‬

‫‪286‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫ومن عرف الفمنون وأهلها معرفة صحيحة‪ ،‬ل يبق عنده شأك أن اشأتغال أهل الديث‬
‫بفمنهم‪ ،‬ل يسُاويه اشأتغال سائر أهل الفمنون بفمنونم‪ ،‬ول يقاربه‪ ،‬بل )‪ /1‬‏‪ (363‬‏ل يعد‬
‫بالنسُبة إليه كثيخ شأيء؛ وإن إنصاف الرجل ل يتم حت يأخذ كل فن عن أهله‪ ،‬كائنا‬
‫ما كان؛ وأما إذا أخذ العلم من غيخ أهله‪ ،‬ورلجح ما يده من الكلم لهل العلم ف‬
‫فنون ليسُوا من أهلها‪ ،‬وأعرض عن كلم أهلها‪ ،‬فإنه يبط‪ ،‬ويلط‪ ،‬ويأت من القوال‬
‫والتمجيحات با هو ف أبعد درجات التقان‪ ،‬وهو حقيق بذلك‪ .‬‏‬

‫وف علمحاء الذاهب الربعة‪ :‬‏من هو أوسع علمحا‪ ،‬وأعلى قدرا من إمامه‪ ،‬الذي ينتمحي‬
‫إليه‪ ،‬ويقف عند رأيه‪ ،‬ويقتدي با قاله ف عبادته‪ ،‬ومعاملته‪ ،‬وف فتاواه‪ ،‬وقضائه‪ ،‬ويسُري‬
‫ذلك إل مصنفماته‪ ،‬فيخجح فيها ما يرجحه إمامه‪ ،‬وإن كان دليله ضعيفما‪ ،‬أو موضوعا‪،‬‬
‫أو ل دليل بيده أصل‪ ،‬بل مرد مض الرأي؛ ويدفع من الدلة الخالفمة له ما هو أوضح‬
‫من شس النهار‪ ،‬تارةا‪ :‬‏بالتأويل التعسُف‪ ،‬وحينا‪ :‬‏بالزمور اللفمف وبالمحلة‪ ،‬فمحا صنع هذا‬
‫لنفمسُه بذلك التصنيف‪ ،‬إل ما هو خزمي له ف الدنيا والخرةا‪ ،‬ووبال عليه ف الجلة‬
‫والعاجلة‪ .‬‏‬

‫الثان‪ :‬‏أن للطلبة‪ :‬‏ثلث طبقات‬

‫الول‪ :‬‏من يقصد البلوغ إل مرتبة ف الطلب لعلم الشرع ومقدماته‪ ،‬وترتفمع هته‪ ،‬فيكون‬
‫عند تصيلها إماما مرجوعا إليه‪ ،‬مسُتفمادا منه‪ ،‬مأخوذا بقوله‪ ،‬مدرسا‪ ،‬مفمتيا‪ ،‬مصنفما‪،‬‬
‫قاضيا‪ .‬‏‬

‫والثانية‪ :‬‏من تقصر هته عن هذه الغاية‪ ،‬فتكون غاية مقصده‪ ،‬ومعظم مطلبه‪ ،‬وناية‬
‫رغبته‪ ،‬أن يعرف ما طلبه منه الشارع من أحكام التكليف‪ ،‬والوضع على وجه يسُتقل فيه‬
‫بنفمسُه‪ ،‬ول يتاج إل غيخه‪ ،‬من دون أن يتصور البلوغ إل رتبة أهل الطبقة الول‪ .‬‏)‪/1‬‬
‫‪ (364‬‏‬

‫‪287‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫والثالثة‪ :‬‏من يكون ناية مرادهم أمرا دون أهل الطبقة الثانية‪ ،‬وهو إصلحَّ ألسُنتهم‪،‬‬
‫وتقوي أفهامهم‪ ،‬با يقتدرون به على فهم معان ما يتاجون إليه من الشرع‪ ،‬وعدم تريفمه‬
‫وتصحيفمه‪ ،‬من دون قصد منهم إل الستقلل‪ .‬‏‬

‫وثل طبقة رابعة‪ :‬‏يقصدون الوصول إل علم من العلوم‪ ،‬أو علمحي‪ ،‬أو أكثر‪ ،‬لغرض من‬
‫الغراض الدينية أو الدنيوية‪ ،‬من دون تصور الوصول إل علم الشرع‪ ،‬فكانت الطبقات‪:‬‬
‫أربعا‪ .‬‏‬

‫وينبغي لن كان صادق الرغبة‪ ،‬قوي الفمهم‪ ،‬ثاقب النظر‪ ،‬عزميزم النفمس‪ ،‬شأهم الطبع‪،‬‬
‫عال المحة‪ ،‬سامي الغريزمةا‪ ،‬أن ل يرضى لنفمسُه بالدون‪ ،‬ول يقنع با دون الغاية‪ ،‬ول يقعد‬
‫عن الد والجتهاد البلغي له إل أعلى ما يراد‪ ،‬وأرفع ما يسُتفماد‪ ،‬فإن النفموس البية‪،‬‬
‫والمحم العلية‪ ،‬ل ترضى بدون الغاية ف الطالب الدنيوية من‪ :‬‏جاه‪ ،‬أو مال‪ ،‬أو رئاسة‪،‬‬
‫أو صناعة‪ ،‬أو حرفة‪ .‬‏‬

‫وإذا كان هذا شأأنم ف المور الدنيوية‪ ،‬الت هي سريعة الزموال‪ ،‬قريبة الضمححلل‪،‬‬
‫فكيف ل يكون ذلك من مطالب التوجهي‪ ،‬إل ما هو أشأرف مطلبا‪ ،‬وأعلى مكسُبا‪،‬‬
‫وأرفع مرادا‪ ،‬وأجل خطرا‪ ،‬وأعظم قدرا‪ ،‬وأعود نفمعا‪ ،‬وأت فائدةا؟ وهي الطالب الدينية‪،‬‬
‫مع كون العلم أعلها وأولها بكل فضيلة‪ ،‬وأجلها‪ ،‬وأكلمحها ف حصول القصود‪ ،‬وهو‬
‫اليخ الخروي‪ .‬‏‬

‫أما الطبقة الول‪ :‬‏‬

‫فينبغي لن تصور الوصول إليها‪ ،‬أن يشرع بعلم النحو‪ ،‬مبتدئا بالختصرات‪ ،‬كمحنظومة‬
‫الريري‪ ،‬السُمحاةا )‪ /1‬‏‪ :(365‬‏)باللحة(‪ ،‬وشأرحها؛ فإذا فهم ذلك‪ ،‬وأتقنه‪ ،‬انتقل إل‬
‫)كافية ابن الاجب(‪ ،‬وشأروحها؛ و )مغن اللبيب(‪ ،‬وشأروحه‪ .‬‏‬

‫هذا باعتبار الديار اليمحنية؛ فإذا كان ناشأئا ف أرض يشتغلون فيها بغيخ هذه‪ ،‬فعليه با‬
‫اشأتغل به مشايخ تلك الرض‪ .‬‏‬

‫‪288‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫ول يسُتغن طالب التبحر عن إتقان ما اشأتمحل عليه )شأرحَّ الرضي على الكافية( ‏من‬
‫الباحث اللطيفمة‪ ،‬والفموائد الشريفمة؛ وكذلك ما ف )الغن( ‏من السُائل الغريبة‪ ،‬ويكون‬
‫اشأتغاله بسُمحاع الشروحَّ‪ ،‬بعد حفمظ هذه الختصرات حفمظا يليه عن ظهر قلبه‪ ،‬ويبديه‬
‫من طرف لسُانه؛ وأقل الحوال‪ :‬‏أن يفمظ متصرا منها‪ ،‬هو أكثرها مسُائل‪ ،‬وأنفمعها‬
‫فوائد‪ ،‬ول يفموته النظر ف مثل )ألفمية ابن مالك( ‏وشأروحها‪ ،‬و )التسُهيل( ‏وشأروحه‪ ،‬و‬
‫)الفمصل( ‏للزممشري‪ ،‬و )الكتاب( ‏لسُيبويه‪ ،‬فإنه يد ف هذه الكتب من‪ :‬‏لطائف السُائل‬
‫النحوية‪ ،‬ودقائق الباحث العربية‪ ،‬ما ل يكن قد وجده ف تلك‪ .‬‏)‪ /1‬‏‪ (366‬‏‬

‫وينبغي للطالب أن يطلع على متصر من متصرات النطق‪ ،‬ويأخذه عن شأيوخه‪ ،‬ويفمهم‬
‫معانيه‪ ،‬ويكفميه ف ذلك مثل‪ :‬‏)إيسُاغوجي(‪ ،‬أو )تذيب السُعد(‪ ،‬وشأرحَّ من شأروحهمحا؛‬
‫وليس الراد هنا إل الستعانة بعرفة مباحث التصورات والتصديقات إجال‪ ،‬لئل يعثر‬
‫على بث من مباحث العربية من‪ :‬‏نو‪ ،‬أو صرف‪ ،‬أبو بيان‪ ،‬قد سلك فيه صاحب‬
‫الكتاب مسُلكا على النمحط الذي سلكه أهل النطق فل يفمهمحه‪ ،‬كمحا يقع كثيخا ف‬
‫الدود والرسوم‪ ،‬فإن أهل العربية يتكلمحون ف ذلك بكلم الناطقة‪ .‬‏‬

‫فإذا كان الطالب عاطل عن علم النطق بالرةا‪،‬ل يفمهم تلك الباحث كمحا ينبغي‪ .‬‏‬

‫ث بعد ثبوت اللكة له ف النحو‪ ،‬وإن ل يكن قد فرغ من ساع ما سيناه‪ ،‬يشرع ف‬
‫الشأتغال بكتب علم الصرف كـ‪ :‬‏)الشافية( ‏وشأروحها‪ ،‬و )الزمنانية(‪ ،‬و )لمية الفعال(؛‬
‫ول يكون عالا بعلم الصرف كمحا ينبغي‪ ،‬إل أن تكون )الشافية( ‏وشأروحها من مفموظاته‪،‬‬
‫لنتشار مسُائل فن الصرف‪ ،‬وطول ذيل قواعده‪ ،‬وتشعب أبوابه‪ ،‬ول يفموته الشأتغال‬
‫)بشرحَّ الرضي على الشافية(‪ ،‬بعد أن يشتغل با هو أخصر منه من شأروحها )كشرحَّ‬
‫الاربردي(‪ ،‬و )لطف ال الغياث(‪ ،‬فإن فيه من الفموائد الصرفية مال يوجد ف غيخه‪ .‬‏‬

‫ث ينبغي له بعد ثبوت اللكة له نوا وصرفا‪ ،‬وإن ل يكن قد فرغ من ساع كتب الفمني‪،‬‬
‫أن يشرع ف علم العان والبيان‪ ،‬فيبتدئ بفمظ متصر من متصرات الفمن‪ ،‬يشتمحل على‬
‫مهمحات مسُائله كـ‪ :‬‏)التخليصخ(‪ ،‬و )شأرحَّ السُعد الختصر(‪ ،‬وما عليه من الواشأي‪ ،‬و‬

‫‪289‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫)شأرحه الطول(‪ ،‬وحواشأيه‪ ،‬فإنه إذا حفمظ هذا الختصر‪ ،‬وحقق الشرحي الذكورين‪/1) ،‬‬
‫‪ (367‬‏وهوامشهمحا‪ ،‬بلغ إل مكان من الفمن مكي‪ ،‬فقد أحاطت هذه المحلة با ف‬
‫مؤلفمات التقدمي من شأراحَّ )الفمتاحَّ( ‏ونوه‪ ،‬وإذا ظفمر بشيء من مؤلفمات‪ :‬‏عبد القاهر‬
‫الرجان‪ ،‬أو السُكاكي ف هذا الفمن‪ ،‬فليمحعن النظر فيه‪ ،‬فإنه يقف ف تلك الؤلفمات‬
‫على فوائد‪ .‬‏‬

‫وينبغي له حال الشأتغال بذا الفمن‪ ،‬أن يشتغل بفمنون متصرةا‪ ،‬قريبة الأخذ‪ ،‬قليلة‬
‫الباحث‪ ،‬كفمن الوضع‪ ،‬وفن الناظرةا؛ ويكفميه ف الول‪ :‬‏)رسالة الوضع(‪ ،‬وشأرحَّ من‬
‫شأروحها‪ ،‬وف الثان‪ :‬‏)آداب البحث العضدية(‪ ،‬وشأرحَّ من شأروحها‪ .‬‏‬

‫ب على مؤلفمات اللغة‪ ،‬الشتمحلة على بيان مفمرداتا كـ‪ :‬‏)الصحاحَّ(‪ ،‬و‬
‫ث ينبغي له أن سيك ل‬
‫)القاموس(‪ ،‬و )شس العلوم(‪ ،‬و )ضياء اللوم(‪ ،‬و )ديوان الدب(‪ ،‬ونو ذلك من‬
‫الؤلفمات الشتمحلة على بيان اللغة العربية‪ ،‬عمحوما أو خصوصا‪ ،‬كالؤلفمات الختصة بغريب‬
‫القرآن‪ ،‬والديث‪ .‬‏‬

‫ث يشتغل بعد هذا بعلم النطق‪ ،‬فيحفمظ متصرا منه كـ‪ :‬‏)التهذيب(‪ ،‬أو )الشمحسُية(‪ ،‬ث‬
‫يأخذ ف ساع شأروحهمحا على أهل الفمن؛ فإن العلم )‪ /1‬‏‪ (368‬‏بذا الفمن على الوجه‬
‫الذي ينبغي‪ ،‬يسُتفميد به الطالب مزميد إدراك‪ ،‬وكمحال استعداد‪ ،‬عند ورود الجج العقلية‬
‫عليه؛ وأقل الحوال أن يكون على بصيخةا‪ ،‬عند وقوفه على الباحث الت يوردها الؤلفمون‬
‫ف علوم الجتهاد من الباحث النطقية‪ ،‬كمحا يفمعله كثيخ من الؤلفمي ف‪ :‬‏الصول‪،‬‬
‫والبيان‪ ،‬والنحو‪ .‬‏‬

‫ث يشتغل بفمن أصول الفمقه‪ ،‬بعد أن يفمظ متصرا من متصراته‪ ،‬الشتمحلة على مهمحات‬
‫مسُائله كـ‪ :‬‏)متصر النتهى(‪ ،‬أو )جع الوامع(‪ ،‬أو )الغاية(؛ ث يشتغل بسُمحاع شأروحَّ‬
‫هذه الختصرات‪ ،‬كـ‪ :‬‏)شأرحَّ العضد على الختصر(‪ ،‬و )شأرحَّ اللي على جع الوامع(‪،‬‬
‫و )شأرحَّ ابن المام على الغاية(‪ .‬‏‬

‫‪290‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وينبغي له أن يطول الباع ف هذا الفمن‪ ،‬ويطلع على مؤلفمات أهل الذاهب الختلفمة‪ ،‬كـ‪:‬‬
‫)التنقيح(‪ ،‬و )التوضيح(‪ ،‬و )التلويح(‪ ،‬و )النار(‪ ،‬و )ترير ابن المحام(؛ وليس ف هذه‬
‫الؤلفمات مثل )التحرير(‪ ،‬وشأرحه؛ ومن أنفمع ما يسُتعان به على بلوغ درجة التحقيق ف‬
‫هذا الفمن‪ :‬‏الكباب على الواشأي الت ألفمها الققون على )الشرحَّ العضدي(‪ ،‬وعلى‬
‫)شأرحَّ المحع(‪ .‬‏‬

‫ث ينبغي له بعد إتقان فن أصول الفمقه‪ ،‬وإن ل يكن قد فرغ من ساع مطولته‪ ،‬أن‬
‫يشتغل بفمن الكلم‪ ،‬السُمحى‪ :‬‏بأصول الدين‪ ،‬ويأخذ من مؤلفمات الشأعرية بنصيب‪ ،‬ومن‬
‫مؤلفمات العتزملة بنصيب‪ ،‬ومن مؤلفمات الاتريدية بنصيب‪ ،‬ومن مؤلفمات التوسطي بي‬
‫هذه الفمرق‪ :‬‏كالزميدية بنصيب‪ ،‬فإنه إذا فعل هكذا عرف العتقادات كمحا ينبغي‪ ،‬وأنصف‬
‫)‪ /1‬‏‪ (369‬‏كل فرقة بالتمجيح والتمجيح على بصيخةا‪ ،‬وقابل كل قول بالقبول‪ ،‬أو الرد‬
‫على حقيقة‪ .‬‏‬

‫وإن أقول بعد هذا‪ :‬‏إنه ل ينبغي لعال أن يدين بغيخ ما دان به السُلف الصال‪ ،‬من‬
‫الوقوف على ما تقتضيه أدلة الكتاب والسُنة‪ ،‬وإمرار الصفمات كمحا جاءت‪ ،‬ورد علم‬
‫الشابه إل ال ‪ -‬‏سبحانه ‪ ،-‬وعدم العتداد بشيء من تلك القواعد الدونة ف هذا‬
‫العلم‪ ،‬البنية على شأفما جرف هار من أدلة العقل‪ ،‬الت ل تعقل‪ ،‬ول تثبت‪ ،‬إل بجرد‬
‫الدعاوى والفتماء على العقل با يطابق الوى‪ ،‬ول سيمحا إذا كانت مالفمة لدلة الشرع‬
‫الثابتة ف الكتاب والسُنة‪ ،‬فإنا حينئذ حديث خرافة‪ ،‬ولعبة لعب‪ .‬‏‬

‫ث بعد إحراز هذه العلوم‪ ،‬يشتغل بعلم التفمسُيخ‪ ،‬فيأخذ عن الشيوخ ما يتاج مثله إل‬
‫الخذ كـ‪ :‬‏)الكشاف(‪ ،‬ويكب على كتب التفمسُيخ‪ ،‬على اختلف أنواعها‪ ،‬وتباين‬
‫مقاديرها‪ ،‬ويعتمحد ف تفمسُيخ كلم ال ‪ -‬‏سبحانه ‪ -‬‏على ما ثبت عن رسول ال ‪ -‬‏صلى‬
‫ال عليه وسلم ‪ ،-‬ث عن الصحابة‪ ،‬فإنم أهل اللسُان العرب؛ فمحا وجده من تفماسيخ‬
‫رسول ال ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ -‬‏ف الكتب العتبةا‪ ،‬كالمهات‪ ،‬وما يلتحق با‪،‬‬
‫قدمه على غيخه؛ وأجع مؤلف ف ذلك )الدر النثور( ‏للسُيوطي؛ وينبغي له أن يطول الباع‬

‫‪291‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫ف هذا العلم‪ ،‬ويطالع مطولت التفمسُيخ كـ‪ :‬‏)مفماتيح الغيب( ‏للرازي؛ ول يكتفمي على‬
‫تفمسُيخ بعض اليات مسُمحيا لا بآيات الحكام‪ ،‬كمحا وقع للمحوزعي‪ ،‬وصاحب‬
‫)الثمحرات(؛ ويقدم على قراءةا التفماسيخ‪ :‬‏الطلع على علوم لا مدخل ف التلوةا‪ ،‬وسائر‬
‫العلوم التعلقة بالكتاب العزميزم؛ وما )‪ /1‬‏‪ (370‬‏أنفمع )التقان( ‏للسُيوطي ف مثل هذه‬
‫المور؛ ث ل يهمحل النظر ف كتب القراآت‪ ،‬وما يتعلق با‪ ،‬كـ‪ :‬‏)الشاطبية( ‏وشأروحها‪ ،‬و‬
‫)الطيبية( ‏وشأروحها‪ .‬‏‬

‫وأعظم العلوم فائدةا‪ ،‬وأكثرها نفمعا‪ ،‬وأوسعها قدرا‪ ،‬وأجلها خطرا‪ :‬‏علم السُنة الطهرةا‪ ،‬فإنه‬
‫الذي تكفمل ببيان الكتاب العزميزم‪ ،‬ث استقل با ل ينحصر من الحكام‪ ،‬فيقبل على‬
‫ساع الكتب‪ ،‬كـ‪ :‬‏)جامع الصول‪ ،‬و )الشارق(‪ ،‬و )كنزم العمحال(‪ ،‬و )النتقى( ‏لد ابن‬
‫تيمحية ‪ -‬‏رحه ال ‪ ،-‬و )بلوغ الرام( ‏لبن حجر‪ ،‬و )العمحدةا(؛ ث يسُمحع المهات‬
‫السُت‪ ،‬و )مسُند أحد(‪ ،‬و )صحيح ابن خزمية(‪ ،‬و )ابن حبان(‪ ،‬و )ابن الارود(‪ ،‬و‬
‫)سنن الدار قطن(‪ ،‬و )البيهقي(؛ وما بلغت إليه قدرته‪ ،‬ووجد ف أهل عصره شأيوخه‪ .‬‏‬

‫ث يشتغل بشروحَّ هذه الؤلفمات‪ ،‬فيسُمحع منها ما تيسُر له‪ ،‬ويطالع ما تيسُر له ساعه‪،‬‬
‫ويسُتكثر من النظر ف الؤلفمات‪ ،‬ف علم الرحَّ والتعديل‪ ،‬بل يتوسع ف هذا العلم بكل‬
‫مكن؛ وأنفمع ماينتفمع به مثل‪ :‬‏)النبلء(‪ ،‬و )تاريخ السلم(‪ ،‬و )تذكرةا الفماظ(‪ ،‬و‬
‫)اليزمان(؛ وهذا بعد أن يشتغل بشيء من علم اصطلحَّ أهل الديث‪ ،‬كمحؤلفمات ابن‬
‫الصلحَّ‪ ،‬و )اللفمية( ‏للعراقي‪ ،‬وشأروحها‪ .‬‏‬

‫وينبغي أن يشتغل بطالعة الكتب الصنفمة ف تاريخ الدول‪ ،‬وحوادث العال ف كل سنة‪،‬‬
‫كمحا فعله الطبي ف تاريه‪ ،‬وابن الثيخ ف كامله‪ ،‬فإن للطلع على ذلك فائدةا جليلة‪.‬‬

‫فإذا أحاطر الطالب با ذكرناه من العلوم‪ ،‬فقد صار حينئذ ف الطبقة )‪ /1‬‏‪ (371‬‏العالية‬
‫من طبقات التهدين‪ ،‬وكمحل له جيع أنواع علوم الدين‪ ،‬وصار قادرا على استخراج‬
‫الحكام من الدلة مت شأاء‪ ،‬وكيف شأاء؛ ولكنه ينبغي له‪ :‬‏أن يطلع على علوم أسفخر‪،‬‬
‫ليكمحل له ما قد حازه من الشرف‪ ،‬ويتم له ما قد ظفمر به من بلوغ الغاية؛ فمحن ذلك‪:‬‬

‫‪292‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫علم الفمقه‪ ،‬وأقل الحوال‪ :‬‏أن يعرف متصرا ف فقه كل مذهب من الذاهب الشهورةا‪،‬‬
‫فإنه قد يتاج إليها التهد‪ ،‬لفادةا التمحذهبي السُائلي عن مذاهب أئمحتهم‪ ،‬وقد يتاج‬
‫إليها لدفع من يشنع عليه ف اجتهاده‪ ،‬كمحا يقع ذلك كثيخا من أهل التعصب والتقصيخ‪،‬‬
‫فإنه إذا قال له‪ :‬‏قد قال بذه القالة العال الفملن‪ ،‬أو عمحل عليها أهل الذهب الفملن‪،‬‬
‫كان ذلك دافعا لصولته‪ ،‬كاسرا لسُورته‪ ،‬وما أنفمع الطلع على الؤلفمات البسُيطة‪ ،‬ف‬
‫حكاية مذاهب السُلف‪ ،‬وأهل الذاهب‪ ،‬وحكاية أدلتهم‪ ،‬وما دار بي التناظرين منهم‪،‬‬
‫إما تقيقا أو فرضا‪ ،‬كمحؤلفمات ابن النذر‪ ،‬وابن قدامة‪ ،‬وابن حزمم‪ ،‬وابن تيمحية‪ ،‬ومن‬
‫سلك مسُالكهم؛ فإن تلك الؤلفمات هي مطارحَّ أنظار الققي‪ ،‬ومطامح أفكار‬
‫التهدين‪ .‬‏‬

‫وما يزميد من آراء هذه الطبقة العلية علوا‪ ،‬ويفميده قوةا إدراك‪ ،‬وصحة فهم‪ ،‬وسيلن ذهن‪:‬‬
‫الطلع على أشأعار فحول الشعراء وميديهم‪ ،‬مع ما يصل له بذلك من القتدار على‬
‫النظم‪ ،‬والتصرف ف فنونه؛ فإن من كان بذه النزملة الرفيعة من العلم‪ ،‬إذا كان ل يقتدر‬
‫على النظم‪ ،‬كان ذلك خدشأة ف وجه ماسنه‪ ،‬ونقصا ف كمحاله‪ .‬‏)‪ /1‬‏‪ (372‬‏‬

‫وهكذا الستكثار من النظر ف بلغات أهل النشاء الشهورين بالجادةا والحسُان‪،‬‬


‫التصرفي ف رسالتم ومكاتباتم بأفصح لسُان‪ ،‬وأبي بيان؛ لنه ينبغي أن يكون كلمه‬
‫على قدر علمحه‪ ،‬وهو إذا ل يارس جيد النظم والنثر‪ ،‬كان كلمه ساقطا عن درجة‬
‫العتبار عند أهل البلغة‪ ،‬والعلم شأجرةا ثرتا اللفماظ؛ وما أقبح العال التبحر ف كل‬
‫فن‪ ،‬أن يتلعب به ف النظم والنثر فمطن ل ياريه ف علوم من علومه‪ ،‬ويتضاحك منه فمطن‬
‫له إلام بسُتحسُن الكلم‪ ،‬ورائق النظام؛ وأنفمع ما ينتفمع به ف ذلك‪ :‬‏)منظومة الزمار(‬
‫وشأرحها‪ ،‬و )الثل السُائر‪ ،‬ف أدب الكاتب والشاعر( ‏لبن الثيخ؛ ث ل بأس على من‬
‫رسخ قدمه ف العلوم الشرعية‪ ،‬أن يأخذ بطرف من فنون‪ ،‬هي من أعظم ما يصقل‬
‫الفكار‪ ،‬ويصفمي القرائح‪ ،‬ويزميد القلب سرورا‪ ،‬والنفمس انشراحا‪ ،‬كالعلم‪ :‬‏الرياضي‪،‬‬
‫والطبيعي‪ ،‬والندسة‪ ،‬واليئة‪ ،‬والطب‪ .‬‏‬

‫‪293‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وبالمحلة‪ :‬‏فالعلم بكل فن خيخ من الهل به بكثيخ‪ ،‬ول سيمحا من رشأح نفمسُه للطبقة‬
‫العلية‪ ،‬والنزملة الرفيعة؛ ودع عنك ما تسُمحعه من التشنيعات‪ ،‬فإنا شأعبة من التقليد‪ ،‬وأنت‬
‫بعد العلم بأي علم من العلوم حاكم عليه‪ ،‬با لديك من العلم‪ ،‬غيخ مكوم عليك؛‬
‫يشى على من قد ثبت قدمه ف علم الشرع من شأيء‪،‬‬ ‫واختم لنفمسُك ما يلو‪ ،‬وليس س‬
‫يشى على من كان غيخ ثابت القدم ف علوم الكتاب والسُنة‪ ،‬فإنه ربا يتزملزمل‪،‬‬ ‫وإنا س‬
‫وتور قوته‪ .‬‏‬

‫فإذا قدمت العلم با قدمنا لك من العلوم الشرعية‪ ،‬فاشأتغل با شأئت‪ ،‬واستكثر من‬
‫الفمنون )‪ /1‬‏‪ (373‬‏ما أردت‪ ،‬وتبحر ف الدقائق ما استطعت‪ ،‬وحارب من خالفمك‬
‫وعذلك وشأننفع عليك‪ ،‬بقول القائل‪ :‬‏‬

‫أتانا أنن سهل ذنم جهل ‪ ...‬‏علوما ليس يعرفهنن سهل‬

‫علوما لو دراها ما قلها ‪ ...‬‏وألكن الرضا بالجهل سهل‬

‫وإن لعجب من رجل يدعي النصاف والبة للعلم‪ ،‬ويري على لسُانه الطعن ف علم‬
‫من العلوم‪ ،‬ل يدري به‪ ،‬ول يعرفه‪ ،‬ول يعرف موضوعه‪ ،‬ول غايته‪ ،‬ول فائدته‪ ،‬ول‬
‫يتصوره بوجه من الوجوه‪ .‬‏‬

‫ولقد وجدنا لكثيخ من العلوم الت ليسُت من علم الشرع نفمعا عظيمحا‪ ،‬وفائدةا جليلة‪ ،‬ف‬
‫دفع البطلي‪ ،‬والتعصبي‪ ،‬وأهل الرأي البحت‪ ،‬وفمن ل اشأتغال له بالدليل‪ .‬‏‬

‫وأما الهلية الت يكون صاحبها مل لوضع العلم فيه‪ ،‬وتعليمحه إياه‪ ،‬فهي‪ :‬‏شأرف التد‪،‬‬
‫وكرم النجار‪ ،‬وظهور السُب‪ ،‬أو كون ف سلف الطالب من له تعلق‪ :‬‏بالعلم‪ ،‬والصلحَّ‪،‬‬
‫ومعال الدين‪ ،‬أو بعال المور‪ ،‬ورفيع الرتب‪ ،‬فإن هذا أمر يذب بطبع صاحبه إل‬
‫معال المور‪ ،‬ويول بينه وبي الرذائل‪ .‬‏‬

‫‪294‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وأما من كان سقط التاع‪ ،‬وسفمسُاف أهل الهن‪ :‬‏كأهل الياكة‪ ،‬والعصارةا‪ ،‬والقصابة‪،‬‬
‫ونو ذلك من الهن الدنية‪ ،‬والرف الوضيعة‪ ،‬فإن نفمسُه ل تفمارق الدناءةا‪ ،‬ول تانب‬
‫السُقوطر‪ ،‬ول تأب الهانة؛ فإذا اشأتغل مشتغل منهم بطلب العلم‪ ،‬ونال منه بعض النيل‪،‬‬
‫وقع ف )‪ /1‬‏‪ (374‬‏أمور منها‪ :‬‏العجب‪ ،‬والزمهو‪ ،‬واليلء‪ ،‬والتطاول على الناس‪ ،‬ويعظم‬
‫به الضرر على أهل العلم‪ ،‬فضل عن غيخهم من هو دونم‪ .‬‏‬

‫وأما من كان أهل للعلم‪ ،‬وف مكان من الشرف‪ ،‬فإنه يزمداد بالعلم شأرفا إل شأرفه‪،‬‬
‫ويكتسُب به من حسُن السُمحت‪ ،‬وجيل التواضع‪ ،‬ورائق الوقار‪ ،‬وبديع الخلق‪ ،‬ما يزميد‬
‫علمحه علوا‪ ،‬وعرفانه تعظيمحا‪ .‬‏‬

‫وبي هاتي الطائفمتي‪ :‬‏طائفمة ثالثة‪ ،‬ليسُت من هؤلء‪ ،‬ول من هؤلء‪ ،‬جعلوا العلم مكسُبا‬
‫من مكاسب الدنيا‪ ،‬ومعيشة من معايش أهلها‪ ،‬ل غرض لم فيه‪ ،‬إل إدراك منصب من‬
‫مناصب أسلفهم‪ ،‬ونيل رئاسة من الرئاسات الت كانت لم‪ ،‬كمحا يشاهد ف غالب‬
‫البيوت العمحورةا بالقضاء‪ ،‬أو الفتاء‪ ،‬أو الطابة‪ ،‬أو الكتابة‪ ،‬أو ما هو شأبيه بذه‬
‫المور؛ فهذا ليس من أهل العلم ف ورد ول صدر‪ ،‬ول ينبغي أن يكون معدودا منهم‪،‬‬
‫ول فائدةا ف تعليمحه راجعة إل الدين قط‪ .‬‏‬

‫والذي ينبغي لطالب العلم أن يطلبه كمحا ينبغي‪ ،‬ويتعلمحه على الوجه الذي يريده ال‬
‫منه‪ ،‬معتقدا أنه أعلى أمور الدين والدنيا‪ ،‬راجيا أن ينفمع به عباد ال‪ ،‬بعد الوصول إل‬
‫الفمائدةا منه‪ .‬‏‬

‫هذا ما ينبغي لهل الطبقة الول‪ .‬‏‬

‫الثانية ‏‪ :‬‏‬
‫الطبقة ‏ ‏‬
‫أهل ‏ ‏‬
‫ ‏وأما ‏ ‏ ‏‬

‫وهو‪ :‬‏من يطلب ما يصدق عليه مسُمحى الجتهاد‪ ،‬ويسُوغ به العمحل بأدلة الشرع‪ ،‬فهو‬
‫يكتفمي بأن يأخذ من كل فن من فنون الجتهاد بنصيب‪ ،‬يعلم به ذلك الفمن علمحا‬
‫يسُتغن به عند الاجة إليه‪ ،‬أو يهتدي به إل الكان الذي فيه ذلك البحث‪ ،‬على وجه‬

‫‪295‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫يفمهم به ما يقف عليه منه‪ ،‬فيشرع بتعلم علم النحو‪ ،‬حت تثبت له فيه اللكة الت يقتدر‬
‫با على‪ :‬‏معرفة أحوال أواخر الكلم )‪ /1‬‏‪ (375‬‏إعرابا وبناء؛ وأقل ما يصل له ذلك‬
‫بفمظ متصر من الختصرات‪ ،‬الشتمحلة على مهمحات مسُائل النحو‪ ،‬والتضمحنة لتقرير‬
‫مباحثه على الوجه العتب‪ ،‬كـ‪ :‬‏)الكافية(‪ ،‬وشأرحَّ من شأروحها‪ ،‬وأحسُنها بالنسُبة إل‬
‫الشروحَّ الختصرةا‪ :‬‏)شأرحَّ الامي(‪ ،‬ث يفمظ متصرا ف الصرف كـ‪ :‬‏)الشافية(‪ ،‬وشأرحها‬
‫للجاربردي؛ ث يشتغل بفمظ متصر من متصرات علم العان والبيان‪ ،‬كـ‪ :‬‏)التلخيصخ(‬
‫للقزموين‪ ،‬و )شأرحَّ السُعد الختصر(‪ .‬‏‬

‫وأنفمع ما ينتفمع به الطالب )الغاية(‪ ،‬للحسُي بن القاسم؛ وشأرحها له؛ ث يشتغل بقراءةا‬
‫تفمسُيخ من التفماسيخ الختصرةا‪ ،‬كـ‪ :‬‏)تفمسُيخ البيضاوي(‪ ،‬مع مراجعة ما يكنه مراجعته من‬
‫التفماسيخ‪ ،‬ث يشتغل بسُمحاع مال بد من ساعه من‪ :‬‏كتب الديث‪ ،‬وهي‪ :‬‏السُت‬
‫المهات؛ فإن عجزم عن ذلك‪ ،‬اشأتغل بسُمحاع ما هو مشتمحل على ما فيها من التون‪،‬‬
‫كـ‪ :‬‏)جامع الصول(؛ ث ل يدع البحث عن ما هو موجود من أحاديث الحكام ف‬
‫غيخها‪ ،‬بسُب ما تبلغ إليه طاقته‪ ،‬ويبحث عن الحاديث الارجة عن الصحيح‪ ،‬ف‬
‫الواطن الت هي مظنة للكلم عليها من‪ :‬‏الشروحَّ‪ ،‬والتخريات؛ ويكون مع هذا عنده‬
‫مارسة لعلم اللغة‪ ،‬على وجه يهتدي به إل البحث عن اللفماظ العربية‪ ،‬واستخراجها من‬
‫مواطنها؛ وعنده من علم اصطلحَّ الديث‪ ،‬وعلم الرحَّ والتعديل‪ ،‬ما يهتدي به إل‬
‫معرفة ما يتكلم به الافظ على أسانيد الحاديث ومتونا‪ .‬‏‬

‫الثالثة ‏‪ :‬‏‬
‫الطبقة ‏ ‏‬
‫أهل ‏ ‏‬
‫ ‏وأما ‏ ‏ ‏‬

‫وهم الذين يرغبون إل إصلحَّ ألسُنتهم‪ ،‬وتقوي أفهامهم‪ ،‬با يقتدرون به على فهم معان‬
‫ما يتاجون إليه من الشرع‪ /1) ،‬‏‪ (376‬‏وعدم تريفمه‪ ،‬وتصحيفمه‪ ،‬وتغييخ إعرابه‪ ،‬من دون‬
‫قصد منهم إل الستقلل‪ ،‬بل يعزممون على التعويل على السُؤال عند عروض التعارض‪،‬‬
‫والحتياج إل التمجيح‪ ،‬فينبغي له تعلم شأيء من علم العراب‪ ،‬حت يعرف به إعراب‬
‫أواخر الكلم‪ ،‬ويكفميه ف مثل ذلك حفمظ‪ :‬‏)منظومة الريري(‪ ،‬وقراءةا شأروحها على أهل‬

‫‪296‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫الفمن‪ ،‬وتدربه ف إعراب ما يطلع عليه من الكلم النظوم والنثور‪ ،‬ويفمي السُؤال عن‬
‫إعراب ما أشأكل عليه‪ ،‬حت تثبت له بجمحوع ذلك ملكة‪ ،‬يعرف با أحوال أواخر الكلم‬
‫إعرابا وبناء‪ ،‬ث يتعلم اصطلحَّ علم الديث‪ ،‬ويكفميه ف مثل ذلك مثل‪ :‬‏)النخبة(‬
‫وشأرحها؛ ث بعدها يكب على ساع الختصرات ف الديث‪ ،‬مثل‪ :‬‏)بلوغ الرام(‪ ،‬و‬
‫)العمحدةا(‪ ،‬و )النتقى(‪ ،‬وإن تكن من ساع )جامع الصول( ‏أو شأيء من متصراته فعل‪،‬‬
‫فإذا أشأكل عليه معنم حديث نظر ف الشروحَّ‪ ،‬أو ف كتب اللغة‪ ،‬وإن أشأكل عليه‬
‫الراجح من التعارضات‪ ،‬أو التبس عليه‪ :‬‏هل الديث ما يوز العمحل به أم ل؟ سأل‬
‫علمحاء هذا الشأن‪ ،‬الوثوق بعرفانم وإنصافهم‪ ،‬ويعمحل على ما يرشأدونه إليه‪ ،‬استفمتاء‬
‫وعمحل بالدليل‪ ،‬ل تقليدا وعمحل بالرأي‪ ،‬ويشتغل بسُمحاع تفمسُيخ من التفماسيخ الت ل‬
‫تتاج إل تقيق وتدقيق‪ ،‬كـ‪ :‬‏)تفمسُيخ البغوي(‪ ،‬و )تفمسُيخ السُيوطي( ‏السُمحى‪ :‬‏)بالدر‬
‫النثور(؛ وإذا أشأكل عليه بث من الباحث‪ ،‬أو تعارضت عليه التفماسيخ‪ ،‬ول يهتد إل‬
‫الراجح‪ ،‬أو التبس عليه أمر يرجع إل تصحيح شأيء ما يده ف كتب التفمسُيخ‪ ،‬رجع إل‬
‫أهل العلم بذلك الفمن‪ ،‬سائل لم عن الرواية ل عن الرأي‪ .‬‏‬

‫وقد كان من هذه الطبقة‪ :‬‏الصحابة‪ ،‬والتابعون‪ ،‬وتابعوهم‪ ،‬فإنم كانوا يسُألون أهل العلم‬
‫منهم عن حكم ما يعرض لم‪ ،‬ما يتاجون إليه ف معاشأهم ومعادهم‪ ،‬فيخوون لم ف‬
‫ذلك ما جاء عن )‪ /1‬‏‪ (377‬‏ال ‪ -‬‏تعال ‪ ،-‬وعن رسوله ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪،-‬‬
‫فيعمحلون بروايتهم‪ ،‬ل برأيهم‪ ،‬من دون تقليد‪ ،‬ول التزمام رأي‪ ،‬كمحا يعرف ذلك من يعرفه‪.‬‬

‫الطبقة ‏الرابعة ‏ ‏‪ :‬‏‬


‫ ‏وأما ‏ ‏ ‏‬

‫الذين يقصدون الوصول إل علم من العلوم‪ ،‬أو علمحي‪ ،‬أو أكثر‪ ،‬لغرض من الغراض‬
‫الدينية‪ ،‬أو الدنيوية‪ ،‬من دون تصور الوصول إل علم الشرع‪ ،‬وذلك كمحن يريد أن يكون‬
‫شأاعرا‪ ،‬أو منشئا‪ ،‬أو حاسبا‪ ،‬فإنه ينبغي له أن يتعلم ما يتوصل به إل ذلك الطلب؛‬
‫فمحن أراد أن يكون شأاعرا‪ ،‬تعلم من علم النحو‪ ،‬والعان‪ ،‬والبيان‪ ،‬ما يفمهم به مقاصد‬
‫أهل هذه العلوم‪ ،‬ويسُتكثر من الطلع على علم البديع‪ ،‬والحاطة بأنواعه‪ ،‬والبحث‬

‫‪297‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫عن نكته‪ ،‬وأسراره‪ ،‬وعلم العروض‪ ،‬والقواف‪ ،‬ويارس أشأعار العرب‪ ،‬ويفمظ ما يكنه‬
‫حفمظه منها‪ ،‬ث أشأعار أهل الطبقة الول من أهل السلم‪ ،‬كجرير‪ ،‬والفمرزدق‪،‬‬
‫وطبقتهمحا‪ ،‬ث مثل أشأعار بشار بن برد‪ ،‬وأب نواس‪ ،‬ومسُلم بن الوليد‪ ،‬وأعيان من جاء‬
‫بعدهم‪ ،‬كأب تام‪ ،‬والبحتمي‪ ،‬والتنب‪ ،‬ث أشأعار الشهورين بالودةا من أهل العصور‬
‫التأخرةا‪ ،‬ويسُتعي على فهم ما استصعب عليه بكتب اللغة‪ ،‬ويكب على الكتب‬
‫الشتمحلة على تراجم أهل الدب‪ ،‬كـ‪ :‬‏)يتيمحة الدهر( ‏وذيولا‪ ،‬و )قلئد العقيان(‪ ،‬وما هو‬
‫على نطه من مؤلفمات أهل الدب‪ ،‬كـ‪ :‬‏)الريانة(‪ ،‬و )النفمحة(‪ .‬‏‬

‫كمحا يتاج إل ما ذكرناه‪ :‬‏فمن أراد أن يكون شأاعرا‪ ،‬فيحتاج إليه أيضا‪ :‬‏من أراد أن‬
‫يكون منشئا‪ ،‬مع احتياجه إل الطلع على مثل‪ :‬‏)الثل السُائر‪ ،‬ف أدب الكاتب‬
‫والشاعر(‪ ،‬لبن الثيخ‪ ،‬و )الكامل( ‏للمحبد‪ ،‬و )المال( ‏للقال‪ ،‬وماميع خطب البلغاء‬
‫ورسائلهم‪ ،‬خصوصا مثل ما هو مدون )‪ /1‬‏‪ (378‬‏من بلغات الاحظ‪ ،‬والفماضل‪،‬‬
‫والعمحاد‪ ،‬وأمثالم‪ ،‬فإنه ينتفمع بذلك أت انتفماع‪ .‬‏‬

‫ومن أراد أن يكون حاسبا‪ ،‬اشأتغل بعلم السُاب ومؤلفماته معروفة‪ .‬‏‬

‫وهكذا من أراد أن يطلع على علم الفملسُفمة‪ ،‬فإنه يتاج إل معرفة العلم الرياضي‪ ،‬والعلم‬
‫الطبيعي‪ ،‬والعلم اللي‪ ،‬وهكذا علم الندسة‪ ،‬فمحن جع هذه العلوم الربعة صار‬
‫فيلسُوفا‪ ،‬والعلم بالعلوم الفملسُفمية ل يناف علم الشرع‪ ،‬بل يزميد التشرع الذي قد رسخت‬
‫قدمه ف علم الشرع غبطة بعلم الشرع‪ ،‬ومبة له‪ ،‬لنه يعلم أنه ل سبيل للوقوف على ما‬
‫حاول الفملسفمة الوقوف عليه‪ ،‬إل من جهة الشرع‪ ،‬وإن كل باب ‪ -‬‏غيخ هذا الباب ‪-‬‬
‫ل ينتهي بن دخل إليه إل غاية وفائدةا‪ .‬‏‬

‫ومن كان مريدا لعلم الطب‪ ،‬فعليه بطالعة كتب جالينوس‪ ،‬فإنا أنفمع شأيء ف هذا‬
‫الفمن‪ ،‬باتفماق من جاء بعده من الشتغلي بذه الصناعة‪ ،‬إل النادر القليل‪ ،‬وقد انتقى‬
‫منها جاعة من التأخرين‪ :‬‏ستة عشر كتابا‪ ،‬وشأرحوها شأروحا مفميدةا‪ ،‬فإن تعذر عليه‬
‫ذلك فأفطكفمحسل ما وقفمت عليه من الكتب الامعة بي الفمردات‪ ،‬والركبات‪ ،‬والعلجات‪:‬‬

‫‪298‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫)كتاب القانون( ‏لبن سينا‪ ،‬و )كامل الصناعة( ‏الشهور )باللكي( ‏لعلي بن العباس؛ ومن‬
‫أنفمع الختصرات‪ :‬‏)الذخيخةا( ‏لثابت بن قرةا؛ ومن أنفمعها ‪ -‬‏باعتبار خواص الدوية الفمردةا‪،‬‬
‫وبعض الركبات ‪ :-‬‏)تذكرةا الشيخ داود النطاكي(‪ ،‬ولو كمحل بالعالات لكان مغنيا عن‬
‫غيخه‪ ،‬ولكنه انقطع بعد أن شأرع إل الكلم على معالات العلل‪ ،‬على حروف أبد‪،‬‬
‫فوصل إل حرف )‪ /1‬‏‪ (379‬‏الطاء‪ ،‬ث انقطع الكتاب؛ ومن أنفمعها ف هذا الفمن‪:‬‬
‫)الوجزم( ‏وشأروحه‪ .‬‏‬

‫وبالمحلة‪ :‬‏فمحن كان قاصدا إل علم من العلوم‪ ،‬كان عليه أن يتوصل إليه بالؤلفمات‬
‫الشهورةا‪ ،‬بنفمع من اشأتغل با‪ ،‬الررةا أحسُن ترير‪ ،‬الهذبة أبلغ تذيب؛ وقدمنا ف كل‬
‫فن ما فيه إرشأاد إل أحسُن الؤلفمات فيه‪ .‬‏‬

‫وكثيخا ما يقصد الطالب الذي ل يتدرب بأخلق النصفمي‪ ،‬ويتهذب بإرشأاد الققي‪،‬‬
‫الطلع على مذهب من الذاهب الشهورةا‪ ،‬ول تكن له ف غيخه رغبة‪ ،‬ول عنده لا‬
‫سواه نشاطر‪ ،‬فأقرب الطرق إل إدراك مقصده‪ ،‬ونيل مآربه‪ ،‬أن يبتدئ بفمظ متصر من‬
‫متصرات أهل ذلك الذهب‪) ،‬الكنزم( ‏ف مذهب النفمية‪ ،‬و )النهاج( ‏ف مذهب‬
‫الشافعية؛ فإذا صار ذلك الختصر مفموظا له حفمظا متقنا‪ ،‬على وجه يسُتغن به عن حل‬
‫الكتاب‪ ،‬شأرع ف تفمهم معانيه‪ ،‬وتدبر مسُائله‪ ،‬على شأيخ من شأيوخ ذلك الفمن‪ ،‬حت‬
‫يكون جامعا بي حفمظ ذلك الختصر‪ ،‬وفهم معانيه‪ ،‬مع كونه مكررا لدرسه‪ ،‬متدبرا‬
‫لعانيه‪ ،‬الوقت بعد الوقت‪ ،‬حت يرسخ حفمظه رسوخا يأمن معه من التفملت‪ ،‬ث يشتغل‬
‫بدرس شأرحَّ متصر من شأروحه‪ ،‬على شأيخ من الشيوخ‪ ،‬ث يتمقى إل ما هو أكثر منه‬
‫فوائد‪ ،‬وأكمحل مسُائل‪ ،‬ث يكب على مطالعة مؤلفمات الققي من أهل ذلك الفمن‪،‬‬
‫فيضم ما وجده من السُائل خارجا عن ذلك الختصر‪ ،‬الذي قد صار مفموظا له إليه‪،‬‬
‫على وجه يسُتحضره عند الاجة إليه‪ /1) ،‬‏‪ (380‬‏ولكنه إذا ل يكن لديه من العلم إل‬
‫ما قد صار عنده من فقه ذلك الذهب‪ ،‬فل ريب أنه يكون عامي الفمهم‪ ،‬سيئ الدراك‪،‬‬
‫عظيم البلدةا‪ ،‬غليظ الطبع‪ ،‬فعليه أن يبتدئ بتهذيب فهمحه‪ ،‬وتنقيح فكره‪ ،‬بشيء من‬

‫‪299‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫متصرات النحو‪ ،‬وماميع الدب‪ ،‬حت تثبت له الفمقاهة التصورية؛ وأما الفمقاهة القيقية‪،‬‬
‫فل يتصف با إل التهد‪ ،‬بل خلف بي الققي‪ .‬‏‬

‫هذا خلصة كلم الشوكان ‪ -‬‏رحه ال ‪-‬؛ وإن شأئت زيادةا الطلع على مطالب هذه‬
‫الدلولت‪ ،‬فعليك بأصل الكتاب‪ ،‬فإن فيه تت كل قول فوائد جة‪ ،‬ل يسُع لذكرها‬
‫هذا الوضع‪ ،‬وهذا آخر الكلم‪ ،‬على هذا الرام‪ ،‬وبال التوفيق‪ ،‬وهو السُتعان‪ .‬‏)‪/1‬‬
‫‪ (381‬‏‬

‫ ‏مطلب في مباحث من المور العامة التي يكثر استعمالها وأالشتباه بإهمالها‬

‫فمحنها‪ :‬‏الفمهوم‪ ،‬إن تقق خارج الذهن أصالة فمحوجود عين‪ ،‬وسواه‪ :‬‏معدوم خارجي‪ ،‬فمحا‬
‫فيه بالعرض حال من اليثيات الثلثة‪ ،‬والمور العامة‪ ،‬والعداد‪ ،‬ولوازم الاهيات‪،‬‬
‫والنسُب الطلقة‪ :‬‏كاللول‪ ،‬واللزموم‪ ،‬والتضاد‪ ،‬والاصة كالفموقية‪ ،‬والعظم‪ .‬‏‬

‫أو ف الذهن‪ ،‬فمحوجود ظلي‪ ،‬فمحا من العيان معقول أول‪ ،‬ومال منها واقعيا معقول‬
‫ثانوي‪ ،‬من التأصلة ف خصوص الوجود الذهن والنتزمعات‪ ،‬كالحوال‪ ،‬والعدام‪ ،‬وفرضيا‬
‫منفمي‪ ،‬فمحا أب الوجود لذاته متنع‪ ،‬وما ل متمع وغيخه ثابت‪ ،‬تيزم ف نفمس المر بأثر‬
‫خاص‪ .‬‏‬

‫ومنها‪ :‬‏من الوجود حقيقي ل يرتفمع‪ ،‬وعارض يرتفمع‪ ،‬منتزمع أو منشأ له‪ ،‬ورفعه عدم‪،‬‬
‫والعدام والعدومات‪ :‬‏ل تتمحايزم ف ظرف النتفماء‪ .‬‏‬

‫ومنها‪ :‬‏رابطي‪ ،‬وله تقسُيمحات‪ :‬‏‬

‫‪ -1‬مفمرد‪ ،‬ومركب؛ فمحقابل الفمرد‪ :‬‏مفمرد‪ ،‬والركب ف قوةا مردد‪ ،‬مانع اللو‪ .‬‏)‪/1‬‬
‫‪ (382‬‏‬
‫‪ -2‬ومقيد بالهة‪ ،‬ومطلق‪ .‬‏‬
‫‪ -3‬وبسُيط نسُب‪ .‬‏‬

‫‪300‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫ومتطرف‪ ،‬ونفمسُي؛ وله تقسُيمحات أيضا‪ :‬‏‬

‫‪ -1‬صرف‪ ،‬أو مقيد بظرف‪ ،‬أو مضاف إل شأيء فقط‪ ،‬أو سابقا‪ ،‬أو لحقا‪ ،‬أو‬
‫مطلقا‪ ،‬فيصيخ قديا‪ ،‬وحادثا‪ ،‬وفانيا‪ ،‬أو صفمة لشيء عدول‪ ،‬أو عدم ملكة‪ .‬‏‬
‫‪ -2‬وضروري واجب‪ ،‬ومتنع بالذات وبالغيخ‪ ،‬ويتعاكسُان بالتقابل‪ ،‬ول ضررويهمحا‬
‫مكن خاص بالذات‪ ،‬فقط يقابل نظيخه‪ ،‬وينقسُم إل قسُمحيه ول يتعاكس‪ ،‬ول‬
‫ضروري أحدها‪ ،‬مكن عام‪ ،‬فمحعينا يقابل أحد الولي‪ ،‬ومطلقا يشمحل الكل‪ .‬‏‬
‫‪ -3‬وبالقوةا أو بالفمعل‪ ،‬فكل مسُتعد قريب للخر‪ .‬‏‬
‫‪ -4‬وعام وخاص‪ ،‬يتقابلن تعاكسُا‪ ،‬والوجود قبل الكثرةا‪ ،‬أو معها‪ ،‬أو بعدها‪ .‬‏)‪/1‬‬
‫‪ (383‬‏‬
‫‪ -5‬ودفعي أو تدريي‪ ،‬منطبقا أو ل‪ .‬‏‬
‫‪ -6‬والطلق من العدم يباين الوجود‪ ،‬ومطلقه يامعه‪ ،‬واعتباراه ف الغلب بال‬
‫الوجود‪ ،‬وقليل بال نفمسُه‪ .‬‏‬
‫‪ -7‬وأحد الوجودين يباين الخر أو يلبسُه‪ ،‬أو يندرج فيه‪ ،‬فيفمارق الحوال‪ ،‬بأن‬
‫فحطفلها اشأتقاقي‪ ،‬وحله مواطأةا‪ .‬‏‬
‫‪ -8‬وأصلي‪ ،‬وظلي‪ .‬‏‬
‫‪ -9‬ومقق‪ ،‬ومقدر‪ .‬‏‬
‫ومنعوت بالطبع‪ ،‬وناعت‪ .‬‏‬ ‫‪-10‬‬
‫ومرد كامل‪ ،‬أو ناقصا‪ ،‬ومادي‪ .‬‏‬ ‫‪-11‬‬
‫ومشكك بأنائه‪ ،‬وغيخه‪ .‬‏‬ ‫‪-12‬‬

‫ومنها‪ :‬‏الوجود بسُب الارج‪ ،‬إن ناف العدم لذاته فواجب‪ ،‬وإل فمحمحكن له ماهية‪ ،‬ول‬
‫تلو عن ملبس متصخ‪ ،‬فالناعت‪ :‬‏حال يتاج شأخصه إل شأخصخ الخر‪ ،‬والنعوت‪:‬‬
‫مل‪ .‬‏‬

‫‪301‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫فمحا استغنم عن طبيعة الال موضوع للعرض‪ ،‬ومال فمحادةا للصورةا‪ ،‬والوهر ماهية‬
‫وجودها العين‪ ،‬ل ف موضوع‪ ،‬وظن ف الزممان والكان والوهر الفمرد والط )‪ /1‬‏‪(384‬‬
‫والسُطح السُتقلي‪ ،‬والسُم والصورةا جسُمحية ونوعية‪ ،‬واليول والنفمس والعقل‪ ،‬وحقق ف‬
‫المحسُة الخيخةا فمحا ل يقبل قسُمحة وإشأارةا‪ ،‬إن فعل ف السُم باللت واستكمحل به‬
‫نفمس‪ ،‬وإل فعقل والقابل لمحا مل هيول فعليتها للستعداد‪ ،‬وحال متمحاثل ف المحيع‪،‬‬
‫متدا لذاته صورةا جسُمحية ومتلفما نوعية ومركبا جسُم إن زاحم ف اليزم دائمحا فشهادي‪،‬‬
‫وإل فمحثال‪ .‬‏‬

‫والشهادي بتوعيته بسُيط أفلك وكواكب وعناصر‪ ،‬ومركب عنصري ناقصخ بل مزماج نام‬
‫به؛ فمحا يفمظ البنية فقط معدن‪ ،‬وما ينمحو ويولد فقط نبات‪ ،‬وما يس ويتحرك بالرادةا‬
‫حيوان‪ ،‬وما يتفمكر ويصنع باللت إنسُان أرضيا وجن ناريا؛ والنفموس الشاعرةا فلكية‪،‬‬
‫وحيوانية‪ ،‬وناطقة‪ ،‬والعاطلة عنه نباتية‪ ،‬والفماعل بل شأعور طبيعية‪ ،‬وربا يعمحم‪ ،‬والفلك‬
‫ف‬
‫عندنا جوهر شأاعر‪ ،‬ليس بذي نو‪ ،‬وشأهوةا‪ ،‬وغصب‪ ،‬وإن أراد إنعاما وانتقاما‪ ،‬ويقال‬
‫علي روحان‪ ،‬ومثال‪ ،‬وساوي‪ ،‬وهوائي‪ ،‬ومن كل مهيم ما ومدبر؛ ويتشكل ف مدركته‬
‫ومدركة غيخه بأشأكال متلفمة كالن‪ .‬‏‬

‫والعراض انضمحامية وجودها ف أنفمسُها هو وجودها لالا‪ ،‬وانتزماعية وجودها خصوص‪،‬‬


‫نو وجود مالا ف أنفمسُها‪ ،‬أو مقيسُا إل غيخها وتبقى زمانا‪ ،‬وينعت بعض لبعض‪،‬‬
‫ويتبع الوهر ف التحيزم والنقلة‪ ،‬وإن أوهم تدد المثال ف الشأعة‪ ،‬والظلل‪،‬‬
‫والصوات‪ /1) ،‬‏‪ (385‬‏والغفملة عن الوهر ف الصباغ خلفه‪ ،‬ووجدوا منها نسُبية‬
‫يدخل غيخ الال ف قوامها‪ ،‬وكمحا يقبل السُاواةا والزميادةا والنقصان لذاته وكيف أسواها‪،‬‬
‫فالنسُبة إل الظرف مكانا )أين( ‏وزمانا )مت( ‏وإل الثر بالتدريج إيقاعا فعل‪ ،‬وقبول‬
‫انفمعال‪ ،‬وإل داخل أو خارج منتقل بانتقاله مشتمحل على كله أو بعضه ملك‪ ،‬وغيخه‬
‫وضع‪ ،‬وإل نسُبة إضافة مشاكلة أو مالفمة؛ والكم إن اشأتمك وقسُيمحه فمحتصل‪ ،‬فالقار‬
‫متمحع الجزماء ذو بعد خط‪ ،‬وبعدين سطح‪ ،‬وثلثة جسُم تعليمحي‪ ،‬وغيخ القابر زمان وإل‬
‫فمحنفمصل عدد؛ والكيف مسُوس سعا وبصرا وشا وذوقا ولسُا‪ ،‬ولو بشركة‪ ،‬وهم‬

‫‪302‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫كالوزان واللان والسُن والنجاسة والسُعة وأضدادها‪ ،‬ونفمسُان ف البدن كالياةا‬


‫الصحة‪ ،‬أو ف النفمس كالعلم والرادةا‪ ،‬والقارةا الراسخة منهمحا انفمعاليات وملكات‪،‬‬
‫وسريعة الزموال انفمعالت وحالت؛ واستعدادي يقوي قوةا القبول وعدمه أو الفمعل وظن‬
‫أن الركة منه‪ ،‬ول يضر عدم استقراره كالصوات‪ ،‬فلكل ما هي فيه فرد غيخ قار ربا‬
‫وصل نوعا بنوع تدريا‪ ،‬ومتصخ بالكمحيات كالشكل والزماوية والزموجية والفمردية ولعل‬
‫النقطة منه‪ .‬‏‬

‫ومنها‪ :‬‏الاهية‪ ،‬من حيث ليسُت هي إل هي وذاتياتا‪ ،‬يسُلب عنها )‪ /1‬‏‪ (386‬‏جيع‬
‫العوارض الوجودية والعدمية واللزمة والفمارقة؛ ومن حيث ما هي عليه معروضة التقابلت‬
‫فتوهم ارتفماع النقيضي واجتمحاعهمحا وهي )أقسُام التقسُيم الول منها(‪ :‬‏‬

‫‪ -1‬إما حقيقية تقومت بل اعتبار وضع من الناس‪ ،‬أو اعتبارية صناعية‪ .‬‏‬
‫‪ -2‬وإما خارجية تقع ف العيان‪ ،‬أو ذهنية‪ .‬‏‬
‫‪ -3‬وإما بسُيطة ل جزمء لا بالفمعل‪ ،‬أو مركبة منتهية إل بسُيط بالفمعل‪ ،‬وتركيبا‬
‫الظرفي‪ ،‬وإن تلزما بالقيقة فقد يتلفمان بالدود السية أو الجزماء المحولة‬
‫وغيخ المحولة‪ .‬‏‬

‫وأجزماؤرها )أقسُام التقسُيم الول منها(‪ :‬‏‬

‫‪ -1‬إما أركان لصلها فتنتفمي بانتفماء أحدها‪ ،‬أو عرضية لكاملها فل‪ .‬‏‬
‫‪ -2‬وإما أولية أو ثانوية‪ .‬‏‬
‫‪ -3‬وإما تركيبية بالفمعل ف الواقع فقط‪ ،‬أو ف الس أيضا‪ ،‬أو بالقوةا‪ .‬‏‬
‫‪ -4‬وإما متداخلة تمحل ول تمحل باعتبارين كمحا مر‪ ،‬فهي متخالفمة القائق قطعا‬
‫متحدةا العي كاللون والبياض‪ ،‬ومتمحايزمةا متطابقة كاليول والصورةا والنفمس‬
‫والبدن‪ ،‬وإذا عنوا ف القيقيات للعمحوم والصوص الطلق بينها ففمي التحدةا هي‬
‫النس والفمصل بالقيقة والادةا والصورةا )‪ /1‬‏‪ (387‬‏بالعمحل‪ ،‬وف التطابقة‬
‫بالعكس‪ ،‬أو متباينة متجاورةا متمحاثلة‪ ،‬أو متخالفمة بالنوع‪ ،‬أو بالنس كالعدد‬

‫‪303‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫والسبلقة واللقة‪ ،‬والجزماء القدارية ف السُم الركب تركيبية وتليلية‪ ،‬وف البسُيطة‬
‫تليلية فقط‪ .‬‏‬

‫وجاز أن يكون للشيء أجزماء أولية متداخلة وثانوية متباينة‪ ،‬وأجزماء العتبارات جواهر‬
‫وأعراض حقيقة‪ ،‬وإضافية سلبية‪ ،‬وثبوتية إل العلل الربع فردا وجعا‪ ،‬أو إل العلول‪ ،‬أو‬
‫الارج اللحق أو الباين‪ ،‬فقد يتخلف فيها اسم الكل عن جيع الجزماء لفموات شأرطر‬
‫الطلق‪ ،‬ول بد ف الكل من جهة واحدةا‪ ،‬وهي بالاجة بل دور إما ف التحصيل أو‬
‫الصول أو البقاء أو ترتب الفمرض‪ ،‬وتكون ف القيقيات بالذات واللوازم‪ ،‬وف‬
‫العتباريات الفمارقات أيضا‪ ،‬وتتشخصخ الاهية بنحو تقررها‪ ،‬ويتقوم هذا النحو ابتداء‬
‫للمحنحصرةا ف فرد واحد بقائقها وللنفموس بأبدانا‪ ،‬ث بالعكس ولا يل بحله مع‬
‫الزممان‪ ،‬وللمححل النقسُم بالوضع الصحح للشأارةا معه وأصل العل بسُيط‪ ،‬ث ييء‬
‫التمكيب‪ ،‬ففمي بادئ النظر من قال بتقدم الثبوت على الوجود أو بزميادته على الاهية ف‬
‫الارج قال بالركب‪ ،‬ومن ل قال بالبسُيط‪ ،‬وف غامضه ل يتم إل بإخراج الفطيس من‬
‫اللنطيس‪ ،‬ويتخلل الركب بي أجزمائها ل بينها وبي أجزمائها لمتناع سلب الذات والذاتيات‬
‫عن الشيء وتصيل حاصل قبلي‪ .‬‏‬

‫ومنها‪ :‬‏الكثرةا جهة النقسُام وتفمارق العدد باعتبار خصوص )‪ /1‬‏‪ (388‬‏الرتبة مبهمحا أو‬
‫معينا فيه دونا‪ ،‬والوحدةا جهة عدمه وهي تقوم الكثرةا وتعرضها وتقابلها بلحظة البدلية‬
‫ف ملها‪ ،‬وهو طبيعة المحيزم ولو بقيد زمان أو مكان أو نوها‪.‬وتسُاوق الوجود والنقسُام‬
‫إما بتحليل الذهن إل القائق التطابقة وإما للكلي إل جزمئياته بضم قيود متلفمة إل‬
‫مشتمك مصلة أو عارضة ليتكثر أجناسا أو أنواعا أو أصنافا أو أشأخاصا‪ ،‬وإما للكل إل‬
‫أجزمائه بفمك أو بعرض حقيقي أو نسُب أو بفمرض شأيء دون شأيء جزمئيا بتعيي القسُم‬
‫وها أو كليا بدونه عقل ف التصلت‪ ،‬وبتمحايزم الشأخاص والطراف ف النفمصلت‪ .‬‏‬

‫وفرقوا بي الكل والزمء وبي الكلي والزمئي بامتناع حصول الول ف جزمء وحله عليه‪،‬‬
‫وبارتفماعه وتوقفمه بارتفماعه على جيعها وإنفماظ وحدته الشخصية مع كثرتا دون الثان‪،‬‬

‫‪304‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وكمحال الوحدةا لن ل ماهية لفمعليته‪ ،‬ول صفمة انضمحامية لذاته‪ ،‬ول تعدد حيثيات متقدمة‬
‫لتمحامه ث للمحفمارقات ث للنفموس‪ ،‬ث ل ينقسُم من ذوات الوضاع‪ ،‬ث لتصل الذات‪ ،‬ث‬
‫للمحركبات الطبيعية‪ ،‬ث للنواع والواص‪ ،‬ث للجناس والعراض العامة‪ ،‬ث للنسُب‬
‫الشتمكة‪ .‬‏والتاد جهة الوحدةا ف كثرةا ومنه الشركة ف الشأارةا‪ ،‬وف الركة والسُكون‪،‬‬
‫وف الكان العرف والزممان‪ ،‬والصفمة ونسُبة الولد واللك ونوها‪ ،‬وتتلف الهتان قوةا‬
‫وضعفما فأقواها التاد بالذات؛ والتغاير بالعتبار‪ ،‬وأضعفمها بالعكس؛ ومن الكثيخ اثنان‬
‫فالوضعان إن اختلفما تشخصا فقط فمحتمحاثلن‪ ،‬أو بالاهية فإن جاز اجتمحاعهمحا‬
‫فمحتخالفمان وإل فمحتقابلن‪ ،‬فإن قابل وجوديا مثله‪ ،‬فمحا تلزما تعقل )‪ /1‬‏‪(389‬‬
‫متضائفمان حقيقيان‪ ،‬ويتكافآن قوةا وفعل وعددا ومل ها مشهوريان‪ ،‬وما ل متضادان‬
‫فمحع غاية اللف حقيقيان‪ ،‬ويكونان نوعي جنس يتصوران لل وبدونا مشهوريان‪ ،‬أو‬
‫سلبه فالطلق سلب وإياب بسُيط أو عدول‪ ،‬والقيد بحل قابل للوجودي ف وقته أو‬
‫شأخصه أو صنفمه أو نوعه أو جنسُه القريب أو البعيد عدم ملكه‪ .‬‏‬

‫ومن الكثيخ مال يتناهى ويقي جوازه ف مثل اللزموم مال يقف عند حد إذ ليسُا منه‬
‫حقيقة‪ ،‬وامتناعه ف الدارك البشرية مفمصل بالوجدان‪ ،‬وف العلل والبعاد بالبهان‪ ،‬إذ‬
‫الفتقار إنا هو للو الذات‪ ،‬فإذا افتقر كل خلي الكل فل أثر ول تأثيخ‪ ،‬وحركة التناهي‬
‫التوازي لقديه إليه مع ثبات البدأ تبطل ضرورةا الصر بي التوازي والتقاطع على تقدير‬
‫عدم التناهي عند قطع السُمحت ما بينهمحا ف كل حد‪ ،‬وتوجب قطع سوت غيخ متناهية‬
‫ف زمان متناه ولجج أخر‪ .‬‏‬

‫وأما ف غيخها فاشأتمطر الفماراب الوجود والتمتب والجتمحاع والادية‪ ،‬وأسقط جهورهم‬
‫الخيخ‪ ،‬والتكلمحون الخيخين‪ ،‬وبعض الققي الثلثة الخيخ‪ ،‬زاعمحا إغناء إمكان فرض‬
‫التطبيق الجال عن التمتب الواقعي‪ .‬‏‬

‫وعندي أنه إن ت لزموم العدد للكثرةا‪ ،‬كمحا يظن‪ ،‬انحى اللمتناهي عن الواقع عينا وعلمحا‬
‫وإل ل‪ ،‬وهذا فوق الدارك العامة‪ ،‬ومنها ما يتوقف عليه وجود الشيء‪ ،‬وهو ما لوله‬

‫‪305‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫لمتنع إما عدم أمر فقط وهو الانع أو عدمه بعد الوجود وهو العد‪ ،‬أو وجوده فقط هو‬
‫إما مرجح )‪ /1‬‏‪ (390‬‏أو مصحح‪ ،‬والتمجيح هو التأثيخ والقتضاء‪ ،‬فالقتضي للشيء‬
‫الؤثر ف وجوده هو العلة فمحا به فعلبية العلول‪ :‬‏‬

‫‪ -1‬الصورةا وما به قبوله‪ .‬‏‬


‫‪ -2‬الادةا‪ .‬‏‬

‫وتدخلن ف الركب وف البسُيط الصورةا هي العلولة‪ ،‬والادةا هي القابلة إن كانت؛ وما‬


‫منه صدوره‪ .‬‏‬

‫‪ -3‬الفماعل‪ .‬‏‬

‫وما لجله صنعته‪ .‬‏‬

‫‪ -4‬الغاية‪ ،‬وهي علة ذهنا معلولة خارجا وها خارجان‪ .‬‏‬

‫والاجة إل الثلثة الخيخةا للتمكب وضرورةا القابل وللمكان ولختيار الفماعل قريبا أو‬
‫بعيدا‪ ،‬ومنه غايات الطبائع‪ ،‬والصحح شأرطر إما لتأثيخ الفماعل ومنه آلت الطبيعة‬
‫كالقوى والوارحَّ‪ ،‬والصناعة كأدوات الرف وهي الواسطة بي الفماعل والنفمعل ف إيصال‬
‫الثر‪ ،‬أو لقبول الادةا‪ ،‬أو لتمحام الصورةا أو لتمتب الغاية؛ وما وجب تقدمه ول يب زواله‬
‫معه بالعرض مل أو شأرطر للمحعد بالذات‪ .‬‏‬

‫وأمن العلل‪ :‬‏‬

‫‪ -1‬‏ ‏تامة‪ :‬‏ل يتوقف على ما وراءها‪ ،‬فليسُت شأيئا واحدا‪ ،‬وناقصة غيخها‪ -2.‬‏وموجبة‪:‬‬
‫ل يتخلف العلول عنها‪ ،‬وهي تامة‪ ،‬أو جزمء أخيخ منها‪ ،‬أو فاعل مسُتجمحع لشرائط‬
‫التأثيخ‪ ،‬وهي متلزمة وغيخها‪ .‬‏)‪ /1‬‏‪ (391‬‏‬

‫‪306‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫‪ -2‬‏ومسُتقلة‪ :‬‏هي جلة نوع منها بشروطه‪ ،‬ومنها كافية تكفمي لتحصيل جلة ما ل بد‬
‫منه‪ .‬‏‬

‫‪ -3‬‏وقريبة‪ :‬‏ل يتوسط بينها وبي العلول علة‪ ،‬وبعيدةا‪ .‬‏‬

‫‪ -4‬‏وعلة ل تباين ذات العلول كآثار الطبائع ف مالا‪ .‬‏‬

‫‪ -5‬‏وعلة ملفمة للثر وغيخها‪ ،‬وحقيقة التأثيخ مع حصول الثر‪ .‬‏‬

‫والتوليد ترتب فعل على فعل آخر لفماعل‪ ،‬وقد يتعدد الدث والبقي لشخصخ ف أشأكال‬
‫الصلت‪ ،‬وجع أجزماء الركبات ودعائم السُقف وبدل ما يتحلل‪ ،‬وبدن الني‪ ،‬ويسُتند‬
‫ثابت الشخصية إل متبدل شأخصا أو نوعا باعتبار القدر الشتمك‪ ،‬وبالعكس لختلف‬
‫القوابل والشروطر واللوازم إل علة اللزموم‪ ،‬وعدم العلول إل عدم شأيء منها‪ ،‬وجاز توارد‬
‫علتي مسُتقلتي معا وبدل على الواحد النوعي ل الشخصي إل تسُاما ف الستقلل‬
‫والعلية‪ ،‬وبطل دور التقدم من جهة واحدةا ل العية ووقوع المحكن بل إياب العلة؛‬
‫وتلفمه عن التامة‪ ،‬واستناد جهة التعدد إل جهة الواحدةا وهي السُبب‪ ،‬والتفماقي منه غيخ‬
‫متوقع اليصال‪ ،‬وعند الصوليي هو الفمضي ف المحلة فيتخلف عنه السُبب وهي‬
‫الوضوعة لتحصيل الكم فل يتخلف عنها‪ .‬‏‬

‫ومنها‪ :‬‏التقدم والتأخر بديهيان متضائفمان‪ ،‬واجتمحاع موصوفيهمحا بيثيتهمحا إن امتنع فزممان‪،‬‬
‫وها لجزماء الزممان بالذات ولا يقتمن با بواسطتها‪ ،‬وإل فإما بسُب الاجة فذات‪ ،‬فإن‬
‫جاز تلف التأخر )‪ /1‬‏‪ (392‬‏فطبيعي وهو للعلة الغيخ الوجبة والشروطر والعدات ف‬
‫الوجود‪ ،‬وإل فعللبني وهو للمحوجبة ف الوجوب وإما ل به؛ فإن جاز النقلب بتغييخ البدأ‬
‫فرتب وهو بالقرب من البدأ الفمروض ف مرتب حسُا أو عقل وإل فبالشرف وهو بالزميادةا‬
‫ف الصفمة القصودةا‪ ،‬وما سي بالاهية كتقدم الذاتيان على الذات والذات على العوارض‬
‫فل ينفمك عن الذات إل ف بعض اللحظات‪ ،‬والعية للمحشتمكي ف تلك الوجوه حيث‬

‫‪307‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫يسُلبان عنه فمحا مع التأخر متأخر ف الكل‪ ،‬وما مع التقدم متقدم ف غيخ العللبني‪ ،‬وكثيخا‬
‫ما يمحع البعض توافقا وتعاكسُا ‪ -‬‏والمحد ل ‪ .-‬‏)‪ /1‬‏‪ (393‬‏‬

‫خآاتمة القسم الوأل في بيان تطبيق الراء‬

‫أقول‪ :‬‏تدوين الذاهب الختلفمة بأدلتها واعتماضاتا‪ ،‬أورث داء عضال من اليخةا والشك‬
‫ف القدي‪ ،‬ورفع المان عن الديد‪ ،‬فالعامة بي متعصب للتقليد‪ ،‬ل ييزم القريب عن‬
‫البعيد‪ ،‬ومذبذب حائر ف الق السُديد‪ ،‬فدونت بتوفيق ال سبحانه ف الدراري والدرر‪،‬‬
‫لدفعه كليات موازين التحقيق‪ ،‬وأسباب الختلف‪ ،‬وضوابط التطبيق‪ ،‬وأردت إيرادها‬
‫هنا‪ ،‬راجيا من ال ‪ -‬‏سبحانه ‪ -‬‏أن ينفمع با عباده ف فصول‪ .‬‏‬

‫فصل في ماهية التطبيق وألهلمليته‬

‫نكتة ‏‪ :‬‏‬
‫ ‏ ‏‬

‫ليس الراد بالتطبيق نفمي دعوى مالفمة أحد الصمحي للخر‪ ،‬ول حل كلم أحدها على‬
‫مراد الخر‪ ،‬ول دعوى مطابقة أصول كل مذهب وفروعه على الواقع‪ ،‬بل هو عبارةا عن‬
‫معرفة قدر انطباق كل مذهب مع الواقع‪ ،‬وقدر انرافه عنه‪ ،‬ومعرفة سبب النراف‪،‬‬
‫بيث يتفمطن له من كلمه‪ ،‬وأصوله‪ ،‬وفروعه‪ ،‬حت يطمحئن القلب ويزمول الريب‪ .‬‏‬

‫نكتة ‏‪ :‬‏‬
‫ ‏ ‏‬

‫الدراكات والعتقادات الاصلة ف النفموس موجودات حادثة‪ ،‬فلها بالضرورةا أسباب‬


‫فاعلة‪ ،‬وقابلة‪ ،‬وشأروطر‪ ،‬ومعدات‪ ،‬وجيعها أمور واقعية‪ ،‬أو منتهية إليها‪ ،‬والمر الواقعي‬
‫يتنع أن يسُتلزمم باطل مضا أو ما يسُتلزممه؛ فبالمحلة‪ :‬‏حالا كحال سائر الشرور الواقعة‬
‫ف العال‪ ،‬إنا شأريتها بسُب جهة دون جهة‪ ،‬ومنشؤها إعدام جزمئية لزمة لطائفمة من‬
‫الوجودات‪ ،‬فكذلك بطلن بعض العقائد‪ ،‬بسُب جهة دون جهة‪ ،‬ومنشؤها إعدام‬
‫لحقة لبعض الصور الوجودةا‪ ،‬كحصول شأيء بعنوان غيخه عقيب طلبه‪ ،‬وتثل شأيء‬

‫‪308‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫بصورةا شأيء آخر‪ ،‬وإجراء القاعدةا مع الغفملة عن وجود الانع والقياس مع الفمارق‪ ،‬وأخذ‬
‫العلم عن غيخ أهله‪ ،‬لسُن الظن به‪ ،‬وحل الكلم على غيخ ممحله‪ ،‬لرتكاز مرجح )‪/1‬‬
‫‪ (395‬‏ف القلب ونو ذلك‪ ،‬فإذا أمعن فيها من قبل مباديها الوجبة لا غيبية‪،‬‬
‫وشأهادية‪ ،‬وعلوية‪ ،‬وسفملية‪ ،‬واضطرارية‪ ،‬واختيارية وداخلة ف الدركة‪ ،‬وخارجة عنها‪ ،‬لحَّ‬
‫مسُتقر كل قول وارتباطه بالواقع‪ ،‬كمحا وكيفما‪ ،‬فتوافقت الذاهب كلها‪ ،‬ول ينبغي أن‬
‫يرتاب ف هذا الجال‪ ،‬وإن كان تفمصيل زوال الختلف من رحة ال الاصة‪ - ،‬‏ ‏ ‏}وال‬
‫يشاء{‪ -.‬‏‬
‫من ‏ ‏‬
‫برحته ‏ ‏‬
‫يتصخ ‏ ‏‬
‫ ‏ ‏‬

‫نكتة ‏‪ :‬‏‬
‫ ‏ ‏‬

‫كل من يكم على شأيء فإنا يكم عليه با يناسب الصورةا الاصلة منه ف ذهنه‪،‬‬
‫فمحسُقط إشأارته ف القيقة صاحب تلك الصورةا‪ ،‬والفمرق بي صاحب الصورةا وبي‬
‫مأخذها‪ ،‬والقصود با واضح‪ ،‬والصورةا ل تالف صاحبها أبدا‪ ،‬فليس من هذه الهة‬
‫كذب أصل‪ ،‬وكفل إنا يكي القيقة الاضرةا عنده‪ ،‬التجلية عليه‪ ،‬ولكن يب أن ل‬
‫يقتصر على هذا‪ ،‬حت يفمرق بي الق والباطل‪ ،‬ليظهر الدى والضلل‪ .‬‏‬

‫نكتة ‏‪ :‬‏‬
‫ ‏ ‏‬

‫ل ريب أن الشأياء ف مناسبة بعضها لبعض ليسُت على السُواء‪ ،‬وأن الحاطة منا‬
‫بمحيع الشأياء‪ ،‬بل بالشيء الواحد من جيع الهات متنع‪ ،‬فالنسُان إذا أراد تصيل‬
‫أمر‪ ،‬فقد يتصوره على غيخ ما هو عليه‪ ،‬وإذا عرفه فقد يطلبه من غيخ مبادئه‪ ،‬أو يأخذه‬
‫من غيخ مأخذه‪ ،‬إما من الاورات العرفية الت ملت سعه‪ ،‬أو الواصفمات العادية الت‬
‫اطمحأن با قلبه‪ ،‬فينتهي إل أمر‪ ،‬ويبدو له باد حسُب مسُيخه ومسُلكه‪ ،‬فيعتقده مطلوبا‪،‬‬
‫فيمحسُكه‪ ،‬فيضل‪ ،‬وليتذكر هاهنا ما سلف ف النطق من وجوه الغلط‪ ،‬تأييدا لذا القام‪.‬‬
‫)‪ /1‬‏‪ (396‬‏‬

‫‪309‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫نكتة ‏‪ :‬‏‬
‫ ‏ ‏‬

‫وإذا صح طلبه انتهى إل المر الواقع‪ ،‬بالوجه الذي يناسب مسُلكه‪ ،‬واقعا ف نظام من‬
‫النظامات‪ ،‬وموطن من الواطن‪ ،‬ومرتبة من الراتب‪ ،‬فيذعن له‪ ،‬وينكر على من سلك غيخ‬
‫مسُلكه‪ ،‬فانتهى إل وجه آخر من ذلك النظام‪ ،‬أو نظام آخر من ذلك الوطن‪ ،‬أو‬
‫موطن آخر من تلك الرتبة‪ ،‬أو مرتبة أخرى من مراتب الواقع‪ ،‬فيتسُع بينهمحا حري النزماع؛‬
‫والق أنه ل تدافع بي النظامات‪ ،‬والواطن‪ ،‬والراتب‪ ،‬عند نفماذ البصيخةا أصل‪ .‬‏‬

‫نكتة ‏‪ :‬‏‬
‫ ‏ ‏‬

‫هذه الكثرةا الوجودةا تنظمحها جهات وحدةا ذاتية وعرضية‪ ،‬متلفمة بالعمحوم والصوص‪،‬‬
‫فتمتب أفرادها حسُا أو عقل‪ ،‬نسُمحيه‪ :‬‏نظاما‪ ،‬والنظامات التوافقة ف الدرك موطن واحد‪،‬‬
‫والواطن الت يتعدد با وجودات الشأياء‪ ،‬ول يقع أحدها عن الخر ف جهة‪ ،‬فبينهمحا‬
‫نسُبة الغيب‪ ،‬والشهادةا‪ ،‬نسُمحيه‪ :‬‏مراتب الواقع‪ ،‬فالشجرةا ينظر فيها النجار من جهة كم‬
‫يصل فيها من الذوع واللواحَّ وغيخها من اللت الشبية؟ ولاذا يصلح خشبها من‬
‫الغراض؟ وابن السُبيل من جهة مالا من الظل؟ والفملحَّ من حيث كم يسُقي من‬
‫الاء؟ ومن أين مضر؟ ومن أين مصفمر؟ والصيدلن من جهة أجزمائها من ليف‪،‬‬
‫وخشب‪ ،‬وورق‪ ،‬وزهر‪ ،‬وثر‪ ،‬ونواةا؛ والطبيب من حيث أفعالا ف بدن النسُان؛‬
‫والطبيعي من حيث قواها من‪ :‬‏جاذبة‪ ،‬وماسكة‪ ،‬وهاضمحة‪ ،‬ودافعة‪ ،‬ومن حيث تشريها‪،‬‬
‫فتلك جهاتا‪ ،‬ث إنه قد يتعرض لا من حيث صنفمها‪ ،‬وبذرها‪ ،‬وقد يتعرض لا من‬
‫حيث هي ف دوحتها ما كان هناك فيها‪ ،‬وما كان يكون بعدها‪ ،‬وقد يتعرض لا من‬
‫حيث ملكها مالكها من أي مال‪ ،‬وما يصل له منها‪ ،‬فتلك )‪ /1‬‏‪ (397‬‏نظامات‬
‫تشمحلها‪ ،‬ومالا من الروائح‪ ،‬والذواق‪ ،‬واللوان‪ ،‬والكيفميات اللمحوسة مواطن‪ ،‬فإذا غفمل‬
‫صاحب قصد عن صفمات أخر وأنكرها‪ ،‬انعقد النزماع‪ .‬‏‬

‫نكتة‪ :‬‏‬

‫‪310‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫ليس ف التطبيق تهيل الطرفي‪ ،‬إل من جهة قصور كل عن غاية التوجيه لكلم‬
‫خصمحه‪ ،‬ومن العلوم أن السباب الؤدية إل الصومة‪ ،‬ل تفمرغ القلب لذا المر‪ ،‬وإنا‬
‫على طالب الق استفمراغ الهد ف درك الواقع‪ ،‬ل ف خدمة كلم الناس‪ ،‬ث من يضمحن‬
‫قليل{‪.‬‬
‫إل ‏ ‏‬
‫العلم ‏ ‏‬
‫من ‏ ‏‬
‫أوتيتم ‏ ‏‬
‫وما ‏ ‏‬
‫لحد نفمي القصور ف العلم‪ ،‬وقد قال ال ‪ -‬‏تعال ‪ :-‬‏ ‏ ‏} ‏ ‏‬

‫وقد سبقنا إل تطبيق اليات مفمسُر المة‪ :‬‏عبد ال بن عباس ‪ -‬‏رحه ال ‪ ،-‬وإل تطبيق‬
‫الحاديث صاحب‪ :‬‏)الغيث‪ ،‬من متلف الديث(‪ ،‬وف آراء السُلمحي الشيخ‪ :‬‏علء‬
‫الدولة السُمحنان؛ وف الشريعة والفملسُفمة‪ :‬‏إخوان الصفما‪ ،‬وبي رأي الكيمحي‪ :‬‏أبو نصر‬
‫الفماراب‪ ،‬وف السلم والندية دار أشأكوه‪ ،‬ومنهد حجة السلم لتأويل مذاهب البتدعة‬
‫الوجودات المحسُة ف )فيصل التفمرقة‪ ،‬بي أهل البدع والزمندقة(‪ .‬‏‬

‫فصل في موازين التحقيق‬

‫نكتة ‏‪ :‬‏‬
‫ ‏ ‏‬

‫طرق اقتناص العلم‪ :‬‏عقل‪ ،‬ونقل‪ ،‬وكشف؛ والس شأرطر للكل‪ ،‬ووسيلة إليه‪ ،‬وكل منها‬
‫إذا استجمحع شأروطر صحته‪ ،‬كان مطابق الواقع‪ ،‬فامتنع أن تكون متناقضة بالقيقة‪ ،‬لئل‬
‫يلزمم اجتمحاع النقيضي؛ نعم قد تكون مالفمة بسُب الظاهر‪ ،‬للنراف عن الادةا القوية‬
‫بنوع من الغلط‪ ،‬ول كلم فيه‪ ،‬أو لختلف ف مسُالك الدلئل‪ ،‬أو مواطن الدلول‪،‬‬
‫فكلتا الكايتي عن أمر من المور الواقعة‪ ،‬وإن اختفمى موقع نظر واحد عن الخر‪،‬‬
‫فهذا يقين‪ ،‬وبعض من تفمطن لوجوب التطابق وغفمل عن اختلف الدلولت يمحل كلم‬
‫أحد الانبي على غيخ مراده‪ ،‬ويصلح بي الصمحي من دون تراضيهمحا‪ ،‬ويأت ف ذلك‬
‫با يجه الطبع السُليم‪ ،‬ويطيب النكار عليه‪ .‬‏‬

‫ومن العلوم العادية‪ :‬‏أن الذاهب الختلفمة التقاربة ف الدلئل وثاقة وركاكة‪ ،‬والت يبتنم‬
‫عليها النظام السُوس ابتناء صحيحا‪ ،‬ويدفع عنها النقوض الوردةا دفعا غيخ سج‪ ،‬ليسُت‬

‫‪311‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫بعيدةا عن الواقع كل البعد‪ ،‬ول كاذبة على الطلق‪ ،‬ولحقة بكل نقيخ وقطمحيخ من‬
‫فروعها وأصولا‪ ،‬وإن كان بعضها أكثر موافقة من بعض؛ فإذا تصفمحنا عنها بالتعمحق ف‬
‫مأخذها‪ ،‬والتأمل ف كيفميات أخذها‪ ،‬ودرك أغراض مدونيها‪ ،‬ودرجات فهومهم‪ ،‬عرفنا‬
‫منشأ الختلف‪ ،‬وموضع اللتباس‪ ،‬وموطن الكاية‪ ،‬والتمحييزم بي التيقن والظنون‪ ،‬بتوفيق‬
‫ال سبحانه وعنايته‪ .‬‏)‪ /1‬‏‪ (400‬‏‬

‫نكتة ‏‪ :‬‏‬
‫ ‏ ‏‬

‫العقل‪ :‬‏أصل طرق الكتسُاب‪ ،‬ل غنية للنقل والكشف والسُن عنه‪ ،‬بل هو الاكم با‪،‬‬
‫والعامل فيها‪ ،‬والمحيزم بي أقسُامها‪ ،‬ومراتبها‪ ،‬وحكمحه عام من حيث الدراك والقبول‪،‬‬
‫وإن كان قد يقصر عن بعضها من حيث التحصيل والوصول‪ ،‬وقولم‪ :‬‏طور وراء طور‬
‫العقل‪ ،‬يعنون به‪ :‬‏القواعد الت مهدها اللقبون‪ :‬‏بأصحاب العقل‪ ،‬أو انفمراده‪ ،‬بل انضمحام‬
‫ومعاونة من غيخه‪ ،‬وأصحابه متفماوتون فيمحا بينهم بالدس والتجربة‪ .‬‏‬

‫فمحنهم‪ :‬‏من يكون استحضاره للمحبادئ أكثر‪ ،‬وانتقاله إل اللوازم أبعد‪ ،‬وتعمحقه ف روابط‬
‫النتقال أحند‪ ،‬ويكون وقائعه أوفر‪ ،‬وشأغله أمد‪ ،‬وحسُه أجود‪ ،‬وتفمطنه للمور الشتمكة من‬
‫العلل والحكام‪ ،‬واختلف مأخذه أشأد‪ ،‬ونظره إل الواقع أوصل‪ ،‬ومالفمة الألوف عليه‬
‫أسهل‪ ،‬ومنهم دون ذلك‪ .‬‏‬

‫والنقل إذا ثبت عن النبياء ‪ -‬‏عليهم السُلم ‪ -‬‏فهو أقوى‪ ،‬وأصحابه متفماوتون فيمحا‬
‫بينهم رواية ودراية‪ .‬‏‬

‫فمحنهم‪ :‬‏أصح سندا‪ ،‬وألقى أساتذةا‪ ،‬وأحذق تعليمحا‪ ،‬وأصدق مبا‪ ،‬وأنقى بدعا‪ ،‬وأكثر‬
‫متنا‪ ،‬وأوضح لفمظا‪ ،‬وأضبط ساعا‪ ،‬وأكمحل حفمظا‪ ،‬وأزيد شأيوخا‪ ،‬وأمد رحلة‪ ،‬وأفقه‬
‫فهمحا؛ ولتمجيح السانيد وأسباب الرحَّ عندهم وجوه متلفمة‪ ،‬ومنهم دون ذلك‪ .‬‏‬

‫والكشف‪ :‬‏إذا ت فهو أوسعها‪ ،‬وأصحابه يتفماوتون بينه جدا ف التطلع على العوال‬
‫الاضرةا لديهم‪ ،‬والغناء ف الرقوم السُتجنة فيهم‪ .‬‏‬

‫‪312‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫فمحنهم‪ :‬‏من يتمحثل له لطائف السُمحانيات كاللئكة السُفملية‪ /1) ،‬‏‪ (401‬‏والشياطي‪،‬‬
‫والن‪ ،‬أو القائق الثالية على طبقاتا تارةا للهداية‪ ،‬وتارةا للضلل‪ ،‬أو القائق الروحانية‬
‫على درجاتا من البشرية‪ ،‬والفملكية‪ ،‬والعلوية‪ ،‬أو يتجلى له الساء والصفمات اللية‪ ،‬أو‬
‫يتجلى له الذات مرةا ف مرايا إدراكية بالتأثيخ ف قواه‪ ،‬أو ف قوالب مثالية بالتشبح با‪،‬‬
‫ومرةا انكشافا صراحا‪ .‬‏‬

‫ومنهم‪ :‬‏من يفمنم ف خلصة أهواء وعادات راسخة فيه‪ ،‬أو ف لطائفمه الكامنة ف جوهره‪،‬‬
‫فيظهر بعض القائق بنحو غيخ ما يظهر ف لطيفمة أخرى‪ ،‬أو يفمنم ف وجوداته الختلفمة‬
‫الت قضى با ف التنزملت الاضية‪ ،‬أو التمقيات التية‪ ،‬أو يفمنم ف القائق السُارية فيه‪،‬‬
‫بعضها خلقية‪ :‬‏كحقائق الصور السُمحانية العنصرية‪ ،‬أو الفملكية‪ ،‬أو هيول السُم الطلق‪،‬‬
‫أو العمحاء‪ ،‬وبعضها حقبة من‪ :‬‏الساء الزمئية والكلية‪ ،‬على منازلا‪ ،‬والشؤون الذاتية‬
‫بأصنافها‪ ،‬وف كل ذلك يتوفر عليهم علوم تلك القامات‪ ،‬وأحوالا‪ ،‬ويتمحثل لم‬
‫مقتضياتا‪ .‬‏‬

‫نكتة ‏‪ :‬‏‬
‫ ‏ ‏‬

‫العتب من العقليات ما ينتهي إل اليقينيات بالطرق اليزمانية‪ ،‬انتهاء قريبا أو جليا‪ ،‬ومن‬
‫النقليات ما صححه الفماظ أو حسُنوه‪ ،‬وما توارث من معناه القرون الشهودةا لا باليخ‪،‬‬
‫وتعاضدت عليه الثار‪ ،‬من غيخ صرف عن الظاهر التعارف ف مثله‪ :‬‏حقيقة‪ ،‬ومازا‪،‬‬
‫وصريا‪ ،‬وكناية‪ ،‬ومن الكشفميات ما كان عن ذي فناء تام‪ ،‬أو بعد الفمراغ الكلي‪/1) ،‬‬
‫‪ (402‬‏والتوجه إل ال ‪ -‬‏سبحانه ‪ -‬‏متواترا مسُتمحرا‪ ،‬مفموظ الصورةا بعينها‪ ،‬وأورث حال‬
‫من الحوال اللية‪ ،‬أو اللكية‪ ،‬وعرف مقام صاحبه وسيخته‪ .‬‏‬

‫نكتة ‏‪ :‬‏‬
‫ ‏ ‏‬

‫‪313‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫فصلوا ف النطق‪ :‬‏شأروطر الدس‪ ،‬والتجربة‪ ،‬والوليات‪ ،‬والشاهدات؛ وف أصول الفمقه‬


‫والديث‪ :‬‏شأروطر الصحة‪ ،‬ووجوه الرحَّ والتمجيح؛ وف مال يعول عليه للشيخ‪ :‬‏ابن عرب‬
‫شأروطر الكشف‪ ،‬فليخجع إليها طالب التفمصيل‪ ،‬واكتفمينا على الجال لقصد الياز‪ .‬‏‬

‫نكتة ‏‪ :‬‏‬
‫ ‏ ‏‬

‫الشاؤرون‪ :‬‏متجردون للفمعل‪ ،‬والسُلف من الدثي‪ :‬‏للنقل‪ ،‬ومتأخرو الصوفية‪ :‬‏للكشف‪،‬‬


‫وأما التكلمحون‪ :‬‏فكلمهم خلط بي نقل وعقل‪ ،‬والشأراقية‪ :‬‏بي عقل وكشف‪ ،‬والامعون‬
‫بينهمحا‪ :‬‏على اعتدال ندر‪ .‬‏‬

‫نكتة ‏‪ :‬‏‬
‫ ‏ ‏‬

‫من العلوم‪ :‬‏علوم مسُوسة‪ ،‬ومنها‪ :‬‏معقولة منتظمحة‪ ،‬تطابق السُوس‪ ،‬ومنها‪ :‬‏معقولة صرفة‪،‬‬
‫ل نظيخ لا ف الس‪ ،‬وللعقل ف الزمم با سبيل‪ ،‬ومنها‪ :‬‏علوم استقرائية‪ ،‬ل سبيل إل‬
‫الزمم فيها‪ ،‬قصوى أمرها الظن أو الوهم‪ ،‬ومنها‪ :‬‏مال سبيل فيها للعقل‪ ،‬إنا تنال ساعا‬
‫من حس‪ ،‬أو وحي‪ ،‬أو كشف‪ ،‬فمحنها‪ :‬‏ما للجزمم با سبيل‪ ،‬ومنها‪ :‬‏مال؛ وجيعها‪:‬‬
‫يتلف ف اللء‪ ،‬والفماء‪ ،‬وف اللئمحة لبعض النفموس‪ ،‬والنافرةا لا‪ ،‬وف الضرةا والنفمعة‬
‫لسُعادات النفموس‪ ،‬وف الآخذ‪ ،‬والسُالك‪ ،‬وف الاجة إل مارسة العمحل وعدمها‪ ،‬وف‬
‫كثرةا الرغبة فيها‪ ،‬والتنفمر عنها‪ ،‬وقلتها‪ ،‬وف انقلبا برور الزممان‪ ،‬وثباتا‪ ،‬وف تقدم‬
‫بعضها على بعض‪ ،‬والتأخر عنه‪ ،‬وف كونا مقصودةا‪ ،‬أو وسيلة‪ ،‬وف تكمحيل القوى‬
‫الختلفمة‪ ،‬وف دخلها ف قضاء الوائج الامشية‪ ،‬أو القتمائية‪ ،‬ومعروف تايزمها‬
‫بالوضوعات‪ ،‬والغايات التمتبة عليها ف الدنيا والخرةا‪ ،‬ويتلف بذلك شأرحها‪ ،‬ودرجات‬
‫العالي با‪ .‬‏)‪ /1‬‏‪ (403‬‏‬

‫نكتة ‏‪ :‬‏‬
‫ ‏ ‏‬

‫‪314‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫درجات ‏‪ :‬‏‬
‫على ‏ ‏‬
‫الحقائق ‏ ‏‬
‫ ‏‬ ‫عن ‏‬
‫الباحثون ‏ ‏‬
‫ ‏‬ ‫ ‏‬

‫صنف‪ :‬‏‬

‫هم السُتخرجون للمحسُائل‪ ،‬والواضعون للعلوم‪ ،‬والنقادون لا‪ ،‬ونظرهم إل الواقع مطلق‪،‬‬
‫فبعض آرائهم تعتمحد على أصول صحيحة‪ ،‬ولكن ف تفمريعها حق وباطل‪ ،‬وبعضها على‬
‫أصول فاسدةا‪ ،‬يؤصلونا حفمظا لذهبهم ف الفمروع العلومة حقيتها‪ ،‬حيث ل يسُتطيعوا‬
‫تفمريعها على غيخ تلك الصول‪ ،‬أو خاضوا لزموم فروع مسُلمحة البطلن على أضدادها‪،‬‬
‫وإذعانا با‪ ،‬للف‪ ،‬أو ملءمة طبع‪ ،‬أو تصيل غرض‪ ،‬أو اطلعا على دليل‪ ،‬عجزموا عن‬
‫دفعه‪ ،‬والقق إنا يعتن بكلمهم‪ .‬‏‬

‫وأصنف‪ :‬‏‬

‫هم‪ :‬‏الشارحون لكلم أولئك‪ ،‬الفمرعون على قواعدهم‪ ،‬والذابون عنهم‪ ،‬ونظرهم إل الواقع‬
‫مقيد‪ ،‬والطأ منهم متضاعف‪ ،‬ومع ذلك يوجد ف كلمهم فوائد مغتنمحة‪ .‬‏‬

‫وأصنف‪ :‬‏‬

‫يضربون بعض الكلم ببعض‪ ،‬سؤال‪ ،‬وجوابا‪ ،‬وتوجيها‪ ،‬على قدر ما أحاطوا به من‬
‫الكتب‪ ،‬وكلمهم أقل جدوى‪ ،‬والاهر ف كلم الئمحة وعادتم ناج عن فتنة شأغبهم‪ ،‬إل‬
‫أنم قد يرون مقاربي للحق ف هيمحانم‪ ،‬وتسُقط من أفواههم ضالة الكيم‪ .‬‏‬

‫وصنف‪ :‬‏‬

‫قصوى همحهم‪ :‬‏توجيه العبارات والناقشات اللفمظية‪ ،‬وترجيح التمحلت‪ ،‬بكل وجه قريب‪،‬‬
‫أو بعيد‪ ،‬ل يرفعون إل الواقع رأسا‪ ،‬ينقطع أساسهم بعناية وملحظة قيد‪ ،‬وإبداء‬
‫احتمحال‪ ،‬وليس للمححقق اعتناء بم أصل‪ ،‬وهذا جار ف أكثر الفمنون‪ ،‬فعليك بتمحييزمهم‪.‬‬
‫)‪ /1‬‏‪ (404‬‏‬

‫‪315‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫فصل في أسباب الخآتلف‬

‫نكتة ‏‪ :‬‏‬
‫ ‏ ‏‬

‫كمحا أن الوت أمر طبيعي لياةا البشر‪ ،‬باعتبار الطبيعة الاصة والعامة معا‪ ،‬فالاصة‪:‬‬
‫تقتضيه لقيامها بالرارةا‪ ،‬والرطوبة؛ والعامة‪ :‬‏ليفماء العناية الزلية مقتضى الطبائع الكلية‬
‫من‪ :‬‏العناصر‪ ،‬والفلك‪ ،‬والبسُائط تقتضي انلل الركبات‪ ،‬والوضاع السُمحاوية تنتهي إل‬
‫القواطع‪ ،‬فكذلك الختلف طبيعي لعقول البشر‪ ،‬باعتبار الطبيعة الاصة والعامة معا‪،‬‬
‫خلقهم{‪ .‬‏‬
‫رحم ‏ربك ‏ ‏ولذلك ‏ ‏ ‏‬
‫من ‏ ‏‬
‫إل ‏ ‏‬
‫متلفمي ‏ ‏‬
‫ول ي ‏زمالون ‏ ‏ ‏‬
‫وإليه الشأارةا ف قوله تعال‪ :‬‏ ‏ ‏} ‏ ‏‬

‫أما الاصة‪ :‬‏فلوجود القوةا الاكمحة منهم‪ ،‬ومالفمة ما أحاطر مدركة أحدهم لدركة الخر‪،‬‬
‫لسباب سنبينها‪ .‬‏‬

‫وأما العامة‪ :‬‏فلن صانع العال ‪ -‬‏جل مده ‪ -‬‏لا أراد انتظام النشأتي‪ ،‬وتعمحيخ الدارين‪،‬‬
‫بإبداء آثار المحال واللل فيهمحا‪ ،‬وناطر بسُب تلك العناية السُاعي والدرجات‬
‫بالعتقادات‪ ،‬وجب اختلفها‪ ،‬فمحا التطبيق إل بسُب العلم والفمهم‪ ،‬ل بإزالة الصومات‬
‫من بي الناس‪ .‬‏‬

‫نكتة‪ :‬‏‬

‫لختلف العتقادات أسباب عامة شأاملة‪ ،‬لا ولغيخها‪ .‬‏‬

‫منها‪ :‬‏اختلف الوضاع السُمحاوية‪ ،‬بسُب الدوار‪ ،‬والقرانات الكلية‪ ،‬والزمئية‪ ،‬وطوالع‬
‫الواليد‪ ،‬واليائل؛ وجرب ف النود‪ :‬‏أن من كانت )‪ /1‬‏‪ (405‬‏الشمحس والشتمي ف‬
‫سابعه‪ ،‬انكشف له حقيقة السلم‪ ،‬وخرج من دينه إليه‪ ،‬ويذكر أن وقوع الدراري على‬
‫الطالع ف العاشأر‪ ،‬ينور العقل؛ واتصال سهم الغيب بالسُعود‪ ،‬يصوب الراء ف أبوابا‪ .‬‏‬

‫‪316‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫ومنها‪ :‬‏اختلف الطبائع الرضية من القاليم‪ ،‬والبلد‪ ،‬وسهلها‪ ،‬وحزمنا‪ ،‬وبدوها‪،‬‬


‫وحضرها؛ ومن الكيفميات الزماجية‪ ،‬وعادات القوم؛ والنود يقع ف مداركه طول الزمان‪،‬‬
‫والعرب بالعكس‪ .‬‏‬

‫ومنها‪ :‬‏اختلف الستعدادات بسُب الصور الشخصية‪ ،‬والصنفمية الفمائضة على الواد‬
‫القابلة لا‪ ،‬بتقضى العناية الزلية‪ .‬‏‬

‫ومنها‪ :‬‏اختلف ألوان حظيخةا القدس‪ ،‬بسُب عنايات الل العلى‪ ،‬وصعود اليئات الثالية‬
‫من بن آدم‪ ،‬العدةا لظهور فيض متجدد من هناك‪ .‬‏‬

‫ومنها‪ :‬‏تبدل دولة الساء اللية الدبرةا للقرون القتضية‪ ،‬لظهور أنواع الكمحالت‬
‫والصناعات‪ ،‬شأيئا فشيئا‪ ،‬وتفمصيل هذه البادئ مذكورةا ف فنونا‪ ،‬والغرض‪ :‬‏تنبيه عليها‬
‫وتذكيخها‪ .‬‏‬

‫نكتة‪ :‬‏‬

‫لنعقاد الديان والذاهب تقريبات‪ ،‬هي من جلة أسباب الختلف‪ .‬‏‬

‫منها‪ :‬‏توجه العناية اللية بإرسال رسل مبشرين ومنذرين‪ ،‬ولا انصر فيه صلحهم‬
‫الناس أمة‬
‫كان ‏ ‏‬
‫شأارحي ف أقطار أو قرون متباعدةا بشرائع متنوعة؛ قال ال تعال‪ :‬‏ ‏ ‏} ‏ ‏‬
‫النبيي ‏مبشرين ‏ ‏ومنذرين ‏{‪ ...‬‏الية‪ .‬‏)‪ /1‬‏‪ (406‬‏‬
‫ال ‏ ‏‬
‫فبعث ‏ ‏‬
‫ ‏واحدةا ‏ ‏ ‏‬

‫ومنها‪ :‬‏تارب الذكياء‪ ،‬ورصد الكمحاء‪ ،‬والأثور من الولياء‪ ،‬والتبك من سنة الصلحاء‪،‬‬
‫ومروج اللوك والمراء‪ ،‬ف كل طائفمة طائفمة‪ ،‬على حسُب ما بلغته عقولم‪ ،‬ف انتظام‬
‫مصالهم‪ ،‬حسُب طبائعهم وعاداتم‪ .‬‏‬

‫ومنها‪ :‬‏انتشار الكذابي التنبئي‪ ،‬والدجاجلة الضلي‪ ،‬والرفي من الختلسُي‪ ،‬والختمعي‬


‫من أصحاب‪ :‬‏البخت‪ ،‬والقوةا‪ ،‬ويتصل بذلك دواعي القبول من الناس‪ ،‬لناسبات جبلية‪،‬‬
‫أو تصديق هواتف‪ ،‬ومنامات‪ ،‬أو مصاحبة كرامات‪ ،‬أو استدراجات‪ ،‬أو انتظام مصلحة‬

‫‪317‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫دولة‪ ،‬وجاه‪ ،‬وتوقع دواعي حرص‪ ،‬وشأبهها‪ ،‬أو غضب وحية‪ ،‬أو مافة سيف‪ ،‬وذل‪ ،‬أو‬
‫تربة ناقصة‪ ،‬لازاةا دنيوية‪ ،‬أو وضوحَّ حجة‪ ،‬أو تسُويل شأبهة‪ ،‬أو موافقة جهور‪ ،‬أو‬
‫تسُخيخ سحر‪ ،‬أو قلة تدبر من الطبقة الول‪ ...‬‏إل غيخ ذلك؛ ول يزمال ذلك مسُتديا‬
‫بتأييد ال ‪ -‬‏سبحانه ‪ -‬‏ببعث الددين‪ ،‬والناصرين لا‪ ،‬ونصب اليات الباهرةا على‬
‫حقيتها من الوارق‪ ،‬والشواهد السُابقة واللحقة‪ ،‬ومن لوق الصائب والشؤم ف تركها‪،‬‬
‫أو خشية طعن السنة واللسُنة ف عصيان الرسم‪ ،‬أو اللفمة بسُنة الباء‪ ،‬وتقليد ذوي‬
‫العقول الناقصة‪ ،‬أو حب الرئاسة والاه ف دين‪ ،‬أو مذهب‪ ،‬أو ماسدةا العلمحاء‪ ،‬أو‬
‫تعنتهم‪ ،‬أو تقاعد العقلء عن درك الق‪ ،‬ورفع اللف لقصور الفمهم‪ ،‬ومثل هذا من‬
‫التقريبات‪ ،‬وحدوث اللف على طبائع السُلف‪ ،‬يرك رغبتهم إل عقائدهم والنصر لا‪) ،‬‬
‫‪ /1‬‏‪ (407‬‏ث يشعب ذلك‪ :‬‏اختلف أمزمجة التديني‪ ،‬والتمحذهبي‪ ،‬فينجر اللف إل ما‬
‫شأاء ال تعال‪ .‬‏‬

‫نكتة‪ :‬‏‬

‫يلق الناس على غرائزم‪ ،‬وهم‪ ،‬وعادات شأت‪ ،‬ث يتيسُر لم مصاحبات‪ ،‬وأغراض‪،‬‬
‫واتفماقات فوضى‪ ،‬ولختلفها مدخل جليل ف إحداث الراء‪ ،‬وترجيح الختلفمات فمحنهم‬
‫الديد يسُتطيع تليصخ الطراف عن شأوب الألوفات والعبارات‪ ،‬والبليد يعجزم عنه‪،‬‬
‫والنحصر ف السُوس ل يرى العقول إل من مكان بعيد‪ ،‬والتجرد عنه‪ ،‬والفمرطر ف‬
‫قياس الغائب على الشاهد‪ ،‬والبالغ ف الفمرار عنه‪ ،‬والعجول ف القبول والنكار‪ ،‬من غيخ‬
‫أن ييط خبةا‪ ،‬والتأن فيه والسُامح يكتفمي بالظن‪ ،‬وبصورةا من الصور التمحلة الت تفمي‬
‫بظاهر القصود‪ ،‬والفمحاص عنه‪ ،‬والتيقظ بالشاركات والبائنات واللوازم‪ ،‬والغفمل عنه‪،‬‬
‫والغلوب ف أيدي الوهم‪ ،‬يبن المر على العتبارات الضة‪ ،‬والغالب عليه‪ ،‬والناظر ف‬
‫الشيء‪ ،‬ببذل الهد‪ ،‬وصرف القصد‪ ،‬والتكاسل عنه‪ ،‬ير سردا‪ ،‬وتطفمل‪ ،‬ونيخ العقل‬
‫يتنبه لشأياء بل تعليم‪ ،‬وبأدن إشأارةا ومظلمحه يعجزم عنه‪ ،‬والتقيد بالشرائع والواهن فيها‬
‫والألوف بالرسم وغيخ البال به وواسع الفمهم ييط بالشقوق والقيود‪ ،‬والسُابق واللحق‬
‫والبسُوطات وضنيقه‪ ،‬والشتهي للتفمرد‪ ،‬والتنفمر عنه يب التقليد‪ ،‬والتفمطن لفمروع الشيء‬

‫‪318‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وعواقبه‪ ،‬والراكد عليه‪ ،‬والب لشخصخ ومذهب‪ ،‬والبغض له فيختكبون ف الخراج‬


‫والدراج فيه كل صعب وذلول‪ ،‬والقق‪ ،‬والقلد‪ ،‬والنصف‪ ،‬والتعصب‪ ،‬والنمعة‪ ،‬والقادر‬
‫على أداء ما ف الضمحيخ‪ ،‬والقاصر عنه‪ ،‬ومسُتقيم الفمهم ومعنوجه‪ ،‬ونقي الباطن يورثه‬
‫الباطل قلقا كأكل الذباب وكدرةا )‪ /1‬‏‪ (408‬‏الطمحئن بالكاذيب‪ ،‬والنقح للمحقصود عن‬
‫الوسائل واللواحق‪ ،‬والابط فيه‪ ،‬والازم يقع ف قلبه الكم بعد النظر فيه‪ ،‬والائر ل‬
‫يكم‪ ،‬إل غيخ ذلك ما ل يعسُر على الفمطن عند الستقراء معرفة أصنافه وتعيي‬
‫أشأخاصه‪ .‬‏‬

‫فهذه وأشأباهها أمثال الزمجاجات على البصائر‪ ،‬تجبها عن نيل الواقع على ما هو عليه‪،‬‬
‫من غيخ خلط أو تعينها عليه‪ ،‬ول ينبغي لطالب الق أن يغفمل عنها‪ ،‬أو يتبس ف‬
‫الردي منها‪ ،‬بشرطر أن يتجنب الفراطر والتفمريط‪ ،‬ويوف كل ذي حق حقه‪ .‬‏‬

‫نكتة‪ :‬‏‬

‫من أسباب الختلف‪ :‬‏اختلف أحوال الشيء ف نفمسُه‪ ،‬وقد مر حديث اختلف‬
‫الهات‪ ،‬والنظامات‪ ،‬والواطن‪ ،‬إجال فيوضح هاهنا بأمثلة‪ .‬‏‬

‫قد يكون الشيء علة تامة لشيء ناقصة لشيء‪ ،‬مسُتقلة أو ل‪ ،‬وقريبة أو ل‪ ،‬وكافية أو‬
‫ل‪ ،‬أو يكون له علل كذلك؛ وقد يكون الشيء واجب الجتمحاع مع شأيء على تقدير‬
‫ومتنع الجتمحاع معه على تقدير آخر‪ ،‬ومكن الجتمحاع راجحا أو غيخه على تقدير آخر‪،‬‬
‫وربا يكون بي شأيئي علقة الغيخية من وجه والعينية من وجه أو وجوه أخر‪ ،‬ويكون‬
‫الشيء بسُيطا تركيبا مركبا تليل أو بالعكس‪ ،‬أو يكون له جزمء ف القيقة ل ف الس‪،‬‬
‫أو يكون فيهمحا داخل عرفا خارجا حقيقة‪ ،‬بسُيطا عينيا ل ذهنيا أو بالعكس؛ وقد‬
‫يكون الشيء واحدا باعتبار كثيخا باعتبار‪ ،‬متناهيا بالفمعل غيخ متناه بالقوةا‪ ،‬ضروريا مطلقا‬
‫أو بالنظر إل شأرطر‪ ،‬اختياريا معينا أو بل شأرطر‪ ،‬موجودا ف الزممان أو بالعمحوم أو‬
‫بالعرض‪ /1) ،‬‏‪ (409‬‏معدوما ف الن أو بالتشخصخ أو بالذات‪ ،‬مسُتمحرا نوعا متجددا‬
‫شأخصا‪ ،‬بديهيا بعنوان نظريا بعنوان آخر‪ ،‬معرض التنافيات ف ضمحن الفراد أو ف‬

‫‪319‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫حدود المتدادات‪ ،‬متحد الكم بالقياس إل الطبيعة أو ف حلد واحد من الدود‪ ،‬ثابتا‬
‫على صفمة ف وقت منتفميا أو على غيخ تلك الصفمة ف وقت آخر‪ .‬‏‬

‫فتلك أمثلة الهات؛ وكذلك اختلفات النظامات حقا وباطل‪ ،‬ضارا ونافعا‪ ،‬كمحال‬
‫وفسُادا‪ ،‬بسُب نظامي كنظام الس والشرع كنسُب ولد الزمنا‪ ،‬والربا ف الخرةا والدنيا‪،‬‬
‫والسُم للسع واللسُوع‪ .‬‏‬

‫ومن النظامات نظام الطبيعة الكلية‪ ،‬والطبائع الزمئية التمتبة من البسُائط والركبات‬
‫الختلفمة‪ ،‬ونظام الكمحة الواجب التعليل‪ ،‬ونظام القدرةا الانع منه‪ ،‬ونظام الختيارات‪،‬‬
‫ونظام الازات‪ ،‬ونظام الوضاع السُمحاوية‪ ،‬ونظام العادات البشرية‪ ...،‬‏إل غيخ ذلك؛‬
‫وعلى سنن ذلك اختلف الواطن يكون الشيء جوهرا ف موطن عرضا ف موطن آخر‪،‬‬
‫حيوانا ف الثال جادا ف الشهادةا‪ ،‬سعيدا ف وجود شأقيا ف وجود‪ ،‬قديا ف ظرف‬
‫حادثا ف ظرف ف حي واحد أو أحيان شأت‪ ،‬واحدا بسُب ظرف وله أعيان وصور‬
‫كثيخةا ف ظرف آخر‪ ،‬ول شأك أن أحكام أحد الوجهي تباين أحكام الوجه الخر‪،‬‬
‫فمحت اعتنم أحد الناظرين بوجه والخر بآخر لجل مسُلك سلكه أو للتباس وقع له‬
‫اختلفمت الخبار باختلف الحاطة والقتصار‪ ،‬وقام تنازع الكومات على ساقه‪ ،‬فعلى‬
‫السُتبصر أن ينتبه لا‪ ،‬ويفمتش عنها‪ .‬‏‬

‫نكتة‪ :‬‏‬

‫من أسباب نسُبة الختلف إل الققي اختلف التعبيخات‪ /1) ،‬‏‪ (410‬‏فقد يصل ف‬
‫الذهن هيئة واحدةا إجالية فيختلفمون ف تسُمحيتها بسُب اللغات والصطلحات التعارفة‬
‫عندهم‪ ،‬وف شأرحها بسُب العان الهمحة لم والوض والقتصار منهم‪ ،‬وف تصورها‬
‫بعبارات متلفمة قربا وبعدا على قدر بلغتهم‪ ،‬وقد يعبون عن الشيء الواحد مرةا بصورةا‬
‫انطباعه ف الدركة أو نيل الدركة لمثاله‪ ،‬فيقال مثل‪ :‬‏صارت الشمحس تت السُحاب‪،‬‬
‫وهي فوقه؛ ومرةا با ناله من غيخ انراف وتفمتيش عن القيقة كمحا يعب عن الرؤريا قبل‬
‫تأويلها؛ ومرةا بعد التجريد للحقيقة عن ملبسُها وغواشأيها؛ ومرةا من حيث تعيينه ف‬

‫‪320‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫مرتبة أو كونه أثر الفماعل أو صورةا ف مادةا أو مبدأ لغاية على اختلف ف الفماعل‬
‫والادةا والغاية؛ فيظن الختلف فيه وليس كذلك‪ .‬‏‬

‫وقد ينظر إل الشيء بالجال أو سطحيا لعدم العتناء به‪ ،‬أو على التفمصيل والغفطولر بطنا‬
‫بعد بطن على مراتب العتناء به‪ ،‬وقد يقع ف الكلم تصيصخ عام للتصوير أو الهتمحام‬
‫أو تعمحيم خاص للبام أو التخمحي أو البالغة‪ ،‬أو يقع ادعاء حصر للتأكيد فقط‪ ،‬أو‬
‫إيراد ماز متعارف عند القائل‪ ،‬أو كناية والقصود غيخها أو تلمحيح‪ ،‬وتقع تثيلت متلفمة‬
‫وفيها تقريب من وجه وتبعيد من وجه وإبام ف القدر الامع وذلك لكونا أبلغ ف‬
‫سليقة القائل أو لتفمنن ف العبارةا‪ ،‬ويقع صرف عن الظاهر لضيق العبارةا كوضع التمتيب‬
‫الزممان موضع الرتب والصاحبة الزممانية موضع الصاحبة الواقعية‪ ،‬ويكون الواقع عند الكل‬
‫شأيئا واحدا وبعد ذلك مقام لتفمتيش السُتعمحلت والصطلحات‪ ،‬وبيان اشأتماك معنيي‬
‫ف لفمظ أو ترادف لفمظي على تام العنم أو مع تفمارق بلحظة قيد جزمءا أو شأرطا‪،‬‬
‫وهذا وإن كان يسُيخا بعدا الحاطة بالواطن والنظامات ولكن الق انه ل يسُتقيم )‪/1‬‬
‫‪ (411‬‏أيضا إل من ألعي مقق منصف‪ ،‬يمحع الوصفمي كثرةا التبحر والعبور على‬
‫كلمحات الئمحة الققي وقوةا التدقيق والبحث ف فن الدل والتوجيه مع تأييد وهداية من‬
‫ال ول التوفيق‪ .‬‏‬

‫نكتة‪ :‬‏‬

‫من أعظم أسباب الختلف تنوع فهم اللحقي لكلم السُابقي‪ ،‬وهذا هو الذي أثار‬
‫فتنة الشغب بي الشراحَّ والشي‪ ،‬وأورث افتماء الذاهب على أهلها‪ ،‬ويكون منشأ سوء‬
‫الفمهم تارةا لكمحال المحاية والعداوةا لحد‪ ،‬وتارةا للغفملة عن مرمى قصده ومطرحَّ نظره‪ .‬‏‬

‫طربنا لتعريض الفعسذول بذكركم ** ‏فنحن بواد والعذول بوادي‬

‫وتارةا للقصور عن استيفماء القدرات ف الوجزم‪ ،‬وحفمظ القيود الضمحنية ف الطنب؛ وتارةا‬
‫الطأ ف المحل للشأتماك والتجوز أو إرجاع الضمحيخ؛ وتارةا البادرةا ث الصرار على ما‬

‫‪321‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫استقر ف النفمس قبل من غيخ إيفماء النظر حقه؛ وتارةا الحود على السُمحوع لسُن ظن‬
‫كاذب ف قائله؛ وتارةا للبلدةا عن نيل العنم الدقيق والغتمار برأيه؛ فالرء ل يزمال عدوا‬
‫لا جهل؛ وأمثال ذلك ما يفمهمحه القق من الكلم وسياقه فهم الطبيب داء السُقيم من‬
‫عوارضه ومن التدبيخ القدم‪ .‬‏)‪ /1‬‏‪ (412‬‏‬

‫فصل في ضوابط التطبيق‬

‫نكتة ‏‪ :‬‏‬
‫ ‏ ‏‬

‫سفمالوسل التوفيق ينبغي أن يأخذ الواقع إقليمحا وسيعا‪ ،‬ويقطع لصاحب كل مذهب منها‬
‫قطرا من أقطار العلويات والسُفمليات‪ ،‬من آفاق الغيوب والشهادةا‪ ،‬وناحية من نواحي‬
‫العلم والعي‪ ،‬بل يأخذ كل شأخصخ بلدا عامرا‪ ،‬فيه من الوصاف اللزمة والفمارقة‪،‬‬
‫والنعوت الظاهرةا والباطنة‪ ،‬والذاتية والغريبة‪ ،‬والنضمحامية‪ ،‬والعتبارية‪ ،‬والقيقية‪،‬‬
‫والضافية‪ ،‬والثبوتية‪ ،‬والسُلبية مال يصى؛ إنا مال الباحثي منها ميدان دون ميدان‪،‬‬
‫ويقيد عمحوم إثبات كل ونفميه ف مقامه ومشهده‪ ،‬فإن لكل مقام علوما ومعارف ل‬
‫تكون ف غيخه‪ ،‬كمحا ورد لكل حد مطلع‪ ،‬وصاحبه كثيخا ما يغفمل عمحا عداه‪ ،‬فل يروي‬
‫عنه إل ما أحاطر به‪ ،‬وأن ل يذعن لنفمي واحد قول الخر‪ ،‬ول لتأويله إياه‪ ،‬إل ما كان‬
‫من صاحب الوحي اللي نصا مكمحا‪ ،‬وأن ل يسُرع ف إنكار مسُتغرب‪ ،‬وأن يبالغ ف‬
‫تصحيح عقد الوضع‪ ،‬بتشخيصخ ذاته من إقليم الوجود أين هو؟ وكيف هو؟ باستقراء‬
‫أوصافه الت وقعت عنوان بثه‪ ،‬وموقع نظره‪ ،‬فربا يعنون عن ذوات متغايرةا بعنوان واحد‪،‬‬
‫يصدق على جيعها معا‪ ،‬أو تعاقبا‪ ،‬أو بدل‪ ،‬وبالعكس‪ .‬‏‬

‫وينقح عقد المحل بتمحيزم إطلق مفمهومه عن خصوص نو ثبوته للمحوضوع وتققه فيه‪،‬‬
‫ول يعتمحد ف فن إل على كلم دستوره ومرجيه‪ ،‬ول يغفمل عن فهم أصحابه كلمه‪،‬‬
‫ونقدهم رأيه‪ ،‬ويزمن )‪ /1‬‏‪ (413‬‏أصولم بوازين الدلئل‪ ،‬والقرائن‪ ،‬وتصفمح الواد‪ ،‬حت‬
‫يتبي سقوطر أدلتهم ونوضها‪ ،‬وقوتا وضعفمها‪ ،‬وخصوصها عن الدعاوى وعمحومها‪ ،‬ث‬
‫يعود فينظر ف الفمروع من طرق المارات الصيصة با نظرةا ابتدائية؛ فقد وقع ف‬

‫‪322‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫التفمريعات ذهولت وغفملت‪ ،‬وأن يفمحصخ عن بدء أمر الخرجي والناصرين للمحذاهب‪،‬‬
‫وتقلبات أحوالم‪ ،‬إل ما انتهى إليه شأأنم‪ ،‬إذ به يعرف أغراضهم ورجوعهم ف القوال‬
‫وأسبابه‪ ،‬وانتقالم من درجة إل درجة أعلى وأدن‪ ،‬ومطمحح نظرهم ف مسُاعيهم من نيل‬
‫الق‪ ،‬أو طلب السُعادةا‪ ،‬أو الال‪ ،‬والاه‪ ،‬وإفسُاد دين‪ ،‬أو طريقة‪ ،‬وأن يتنبه لتواردهم‬
‫واختلفهم ف ذكر وترك‪ ،‬وإجال وتفمصيل‪ ،‬ويعلم أن من الراء ما يكون منتهى السُعي‬
‫إبانة عذر صاحبه ف جهله بعمحدةا الباب‪ .‬‏‬

‫وبالمحلة‪ :‬‏فإذا حافظ على هذا وأمثاله بسُليقة موهوبة‪ ،‬أو فطانة مكتسُبة‪ ،‬هان عليه‬
‫التوفيق ‪ -‬‏بإذن ال ‪ -‬‏وال يهدى من يشاء إل صراطر مسُتقيم‪ .‬‏‬

‫نكتة‪ :‬‏‬

‫الواقع‪ :‬‏هو ما عليه الشيء بنفمسُه ف ظرفه‪ ،‬مع قطع النظر عن إدراك الدركي‪ ،‬وتعبيخ‬
‫العبين‪ ،‬والوصول إليه يكون بالعيان أو البهان‪ ،‬ففمسُره قوم با هو مقتضى الضرورةا‬
‫والبهان‪ ،‬ولا اختلفمت الظنون ف اعتقاد القدمات برهانا أو شأبهة‪ ،‬وف أخذ الظروف‬
‫متسُعة أو متضيقة‪ ،‬اختلف سمفعطنـفوسن الواقع‪ ،‬فاختلفمت الكايات عنه‪ ،‬ومن ل يتنبه لذا‬
‫الختلف ل يتنبه للتطابق‪ .‬‏‬

‫فمحنهم‪ :‬‏من يزمعم الواقع ظرف الثبوت فوق الوجود‪ .‬‏‬

‫ومنهم‪ :‬‏من يصره ف الوجود ولوازمه‪ ،‬ويعل الوجود أصيل فقط‪ ،‬أو أصيل وظليا‪ ،‬أو‬
‫إياها ولاظيا‪ .‬‏)‪ /1‬‏‪ (414‬‏‬

‫ومنهم‪ :‬‏من يصر الدائرةا المكانية فيمحا له حيزم وجهة‪ .‬‏‬

‫ومنهم‪ :‬‏من يصرها ف البصرات‪ ،‬والعان الت فيها‪ .‬‏‬

‫ومنهم‪ :‬‏من يصرها على الشأخاص دون كلياتا‪ .‬‏‬

‫‪323‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫ومنهم‪ :‬‏من يصرها على متمحعة الجزماء‪.‬ومنهم‪ :‬‏من يصرها على ماله مادةا سابقة دون‬
‫مسُتأنف الوجود‪ ،‬فيجب التقاطر مرامهم عن فحاوي فروعهم وأصولم‪ .‬‏‬

‫نكتة‪ :‬‏‬

‫إثبات عال الثال أصل عظيم من أصول التطبيق‪ ،‬من جهة أن فيها صور القائق الردةا‬
‫والادية‪ ،‬فيقع على ما فيه سيخ الناظرين‪ ،‬فيخبون عمحا وجدوا‪ ،‬وإن ل يعرفوا أنه من عال‬
‫الثال‪ ،‬وذلك ف النقليات والكشفميات أكثر منه ف العقليات‪ .‬‏‬

‫ومن جهة‪ :‬‏أن فيه روحانيات‪ ،‬تسُمحى‪ :‬‏داعية اليهودية والنصرانية‪ ،‬وغيخ ذلك من الديان‬
‫والذاهب‪ ،‬وأنا تلقي صور العتقدات لم ف الدارك‪ ،‬وتروج تلك العقائد بالنامات‪،‬‬
‫والواتف‪ ،‬فتطمحئن النفموس إليها‪ ،‬وتنفمر عن أضدادها‪ .‬‏‬

‫ومن جهة‪ :‬‏أن فيه خزمانة الكواذب‪ ،‬كمحا فصلته ف تفمصيل )رسالة البة(‪ ،‬وينقدحَّ‬
‫بالتصال با آراء شأت‪ ،‬وتسُتمحر الراء برسوخ ملكته‪ .‬‏‬

‫ومن جهة‪ :‬‏أن تلك الصور الثالية تقع عنوانات ومرايا للمور )‪ /1‬‏‪ (415‬‏الغائبة‬
‫والوهومة‪ ،‬فيظن التخالف فيها‪ ،‬وهذا كثيخ ف العقليات‪ ،‬وف هذا العال ألوان وأبعاد‬
‫وأشأكال‪ ،‬ول يزماحم الجسُام الادية‪ ،‬ويتلف الثاليات لطافة وكثافة ورسوخا واختفماء‪،‬‬
‫والعوانم ل تظنها غيخ الجسُام‪ ،‬وتسُمحيتها‪ :‬‏أجسُاما غيبية وشأهادية‪ ،‬فيجري على ذلك من‬
‫ياطبهم ويفمهمحهم‪ ،‬وإنا‪ :‬‏إنكارها‪ ،‬وحصر الجسُام ف الشهادية‪ ،‬وضبط أحكامها من‬
‫تدقيقات الفملسفمة والتكلمحي‪ .‬‏‬

‫نكتة‪ :‬‏‬

‫من أصول التطبيق التجلي‪ ،‬وهو ثابت عقل‪ ،‬ونقل‪ ،‬وكشفما‪ ،‬وهو من أحكام جهة‬
‫الكثرةا ل ينكره منكر وحدةا الوجود‪ ،‬ول يسُتغن عنه قائلها‪ ،‬تييزما بي الحكام القية‬

‫‪324‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫واللقية‪ ،‬وبينت مادته وصورته ف )رسالة البة(‪ ،‬وغيخها‪ ،‬وله جنسُان بإثبات الواسطة‬
‫وبرفعها‪ :‬‏‬

‫فالذي بإثبات الواسطة مادته ماله اختصاص بالضمححلل والكاية معا‪ ،‬وصورته إرادةا‬
‫التعرف‪ ،‬وينقسُم إل‪ :‬‏وجودي‪ ،‬ينتظم به أمر العال‪ ،‬وكمحال‪ :‬‏هو ف نفمسُه أمر خارجي‬
‫وشأهودي‪ ،‬حاصل ف الرايا الدراكية‪ ،‬ومن هذا القسُم‪ :‬‏صوري‪ ،‬ومعنوي‪ ،‬وذوقي‪ .‬‏‬

‫والذي برفع الواسطة‪ ،‬إما أن يكون الجاب من جهة التجلى له من وصف‪ ،‬أو‬
‫ملبس‪ ،‬أو بي التجلي والتجلى له‪ ،‬أو من جهة التجلي‪ ،‬وهذا إنا يتصور بالنتقال‬
‫من شأأن إل شأأن‪ ،‬ومن موطن إل موطن‪ ،‬ورفع ما ف البيت‪ ،‬إما بإفنائه‪ ،‬أو برفع‬
‫حيلولته بتمق للمحتجلي له‪ ،‬أو تدل للمحتجلي؛ والقق القونوي عمحمحه ف كل مال تويه‬
‫الهات‪ /1) ،‬‏‪ (416‬‏وهو حق‪ ،‬والفمرق بي‪ :‬‏تعلق النفمس بالبدن‪ ،‬والتمحثل بالتمحثل‪،‬‬
‫والتجلي بالتجلي‪ ،‬حصول النصار والنفمعال معا ف الول‪ ،‬والثان فقط ف الثان‪،‬‬
‫وانتفماؤرها معا ف الثالث؛ ول بد ف التجلي من مازجة عال الثال‪ ،‬لتضمحن جهة‬
‫الكاية‪ ،‬فإن الشهاديات ل تتمحل الكاية طبعا‪ ،‬وإن احتمحلتها وضعا‪ ،‬وكثيخ من‬
‫اختلفات العقليات والسُمحعيات والكشفميات ينحل به‪ .‬‏‬

‫نكتة‪ :‬‏‬

‫قد يسُتغرق التفمكر والكاشأف ف السُانح‪ ،‬فيختفمي عليه ما عداه فينطق بالكلية‪ ،‬وما‬
‫مصداقها إل الزمئية؛ وقد يعتن بعنم دقيق فيتبعه النظر فيحكم به على ما فيه شأائبة منه‬
‫وأدن مناسبة معه‪ ،‬ول يلتفمت إليه غيخه؛ وقد يشتبه الظل بالصل‪ ،‬والقيد بالطلق‪،‬‬
‫فيذعن لصالة الظل وإطلق القيد؛ ول يتبنه له إل بعد التمقي عنه‪ ،‬والعارف بالصل‬
‫والطلق يفمضح قوله؛ ث إذا ترقى عنه فقد يعب عنه بالرجوع وتطئة الول‪ ،‬وقد يعتمف‬
‫بالوض فيه‪ ،‬وانكشاف سره وبطنه‪ ،‬فيصحب الكم السُابق‪ ،‬فيظن الختلف باقيا‪،‬‬
‫وقد انحى فاحفمظ عليه‪ .‬‏‬

‫‪325‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫نكتة‪ :‬‏‬

‫الصابة والخطاء يطلق ف العمحليات تارةا‪ :‬‏على ترتب الغاية على الصنعة وعدمه‪ ،‬وتارةا‪:‬‬
‫على الريان على وفق القاعدةا‪ /1) ،‬‏‪ (417‬‏وف الشرعيات‪ :‬‏مراةا‪ :‬‏على الوصول إل مراد‬
‫الشارع‪ ،‬ومرةا‪ :‬‏على الكم بقتضى الدليل‪ ،‬فيختلف بسُب الختلف بالأخذ‪ ،‬فيكون‬
‫معنم الكم بشيء أن مقتضى هذا القدر من البادئ كذا‪ ،‬وبذا العنم يرتفمع التنازع ف‬
‫الشرعيات؛ وبعد ذلك فالنسُخ أيضا من أقسُام التطبيق‪ ،‬إذ فيه أعمحال كل دليل ف‬
‫وقته‪ ،‬وكذا التخصيصخ‪ ،‬إذ فيه أعمحالا ف مل ما‪ ،‬وبعد ذلك فمحن باب التطبيق فيمحا‬
‫صح سنده ودللته ولو ف المحلة المحل على العزمية والرخصة‪ ،‬أو على الباحة والكراهة‪،‬‬
‫أو على التشديد والتسُهيل‪ ،‬أو التنزميه والتحري بناء على ضابطة إسقاطر النكار‪ .‬‏‬

‫وعامة الرواةا من ل يوض ف دقائق الحكام إذا روى بالعنم‪ ،‬أمكن أن يزميد وينقصخ ف‬
‫الطلب والكف؛ وأما الذكر والتمك أو التعيي واليهام فل يعده من باب التعارض‪ ،‬إل‬
‫من قل خوضه ف العان‪ ،‬وقريب منهمحا تقدي وتأخيخ ف الكلم‪ .‬‏‬

‫نكتة‪ :‬‏‬

‫ذكر حجة السلم ف )فيصل التفمرقة بي أهل البدع والزمندقة( ‏أن الشيء يكون له وجود‬
‫ف نفمسُه خارج الس والعقل‪ ،‬وهو الوجود الذات؛ ووجود ف الس كالشمحس رغيفما‬
‫والقطرةا خطا وقوس من ميط الدائرةا الكبيخ مسُتقيمحا‪ ،‬ووجود ف اليال إما على صورةا‬
‫الشاهدةا كطيف النائم والبسم‪ ،‬وإما على صورةا للذكر ووجود ف العقل بتجريد الذات‬
‫أو الوصف الختصخ ولو عرفا عن غواشأيهمحا كالصنعة من اليد والفمظ من العي‪ ،‬ووجود‬
‫تشبيهي وهو استعارةا )‪ /1‬‏‪ (418‬‏اسم البائن لشيء لشأتماكهمحا ف معنم معروف‪ ،‬ويب‬
‫المحل ف النصوص على ما هو القوى ف التمتيب الذكور‪ ،‬إل أن يلوحَّ للناظر ما يدل‬
‫على نفمي شأيء من السُوابق‪ ،‬فيحمحل على اللحق‪ ،‬مذعنا بأنه مراد الشارع؛ فهذا وجه‬
‫من التطبيق ف الخبار‪ ،‬وإصابة للحق كامل أو ناقصا‪ .‬‏)‪ /1‬‏‪ (419‬‏‬

‫‪326‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫فصل في الجرح وأالترجيح‬

‫نكتة ‏‪ :‬‏‬
‫ ‏ ‏‬

‫ماول التطبيق ل يسُتغن عنهمحا‪ ،‬لا سبق‪ :‬‏أن القاطعي ل يتعارضان‪ ،‬فمحعارض القاطع‬
‫مظنونا كان أو مزموما به مروحَّ‪ ،‬وشأبهته حجاب على الق‪ ،‬وبكشفمها يرتفمع‪،‬‬
‫والظنونات والزمومات دونه تتعارض؛ فيجب تييزم قرينة تطابق الواقع أو تقاربه‪ ،‬عمحا‬
‫يلتبس با من أمارات قاصرةا‪ ،‬ونكات شأعرية‪ ،‬وتويهات سفمسُطية‪ ،‬تصيخ غينا على عي‬
‫العقل‪ .‬‏‬

‫فهذا الاول والادل يشتمكان ف الرحَّ‪ ،‬اشأتماك العال للصلح للبنية‪ ،‬والعاند الفمسُد لا‬
‫فيه‪ ،‬والفمارق أن نظر الول بالنصاف‪ ،‬وهه ف انتخاب السُال من القدوحَّ ‪ ،‬ومأخذه‬
‫كلم صاحب الذهب من الشأارات والتفمريعات ‪ ،‬ونظر الثان بالعتسُاف ‪ ،‬وهه ف‬
‫إلزمام الشناعة لتحرك المحية للمحخالفمة‪ ،‬ومأخذه ما فرطر من قلم ‪ ،‬أو لسُان بصرفه إل‬
‫مسُتبعد ‪ ،‬ومالفمة عامة ما يوجب التبكيت والتحمحيق‪ .‬‏‬

‫‪327‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫نكتة‪ :‬‏‬

‫الرحَّ‪ :‬‏إما ف أطراف الكم من حل على غيخ المحل‪ ،‬أو ف نفمسُه نفميا وإثباتا‪ ،‬أو ف‬
‫سوره من عمحوم وخصوص‪ ،‬أو ف جهته كدوام ول دوام؛ وإما ف قوته من وهية أو‬
‫ظنية‪ ،‬ضعيفمة أو )‪ /1‬‏‪ (420‬‏قوية أو متوسطة‪ ،‬أو جزممية مطابقة أو ل‪ ،‬فهي بالقيقة‬
‫ترجع إل الربعة الول؛ وقد فصلته أكثر من هذا ف الناظرةا‪.‬نكتة‪ :‬‏‬

‫وجوه التمجيح كنت أشأرت إل كثيخ منها ف تفماوت مراتب أصحاب الطرق الثلثة‪:‬‬
‫العقل‪ ،‬والنقل‪ ،‬والكشف‪ ،‬فإذا تعارضت وجوه التمجيح‪ ،‬فالقرائن القوية القليلة تقدم على‬
‫الكثيخةا الضعيفمة‪ ،‬وهي إذا كانت للوقوع ترجح على مرد صحة الحتمحال‪ ،‬وحكم‬
‫الشيء بصوصه على حكمحه ف ضمحن العمحوم‪ ،‬والعلوم وقته على مهوله‪ ،‬ومؤخر الوقت‬
‫على مقدمه‪ .‬‏‬

‫والمحلة‪ :‬‏أن الحسُن أن ينكم ف ذلك القلب السُليم‪ ،‬والوجدان السُتقيم‪ ،‬فمحا اطمحأن‬
‫ي وجه واحد للتمجيح‪ ،‬كثيخا ما يتلف وينتهض تارةا‪،‬‬ ‫إليه القلب يقدم على غيخه‪ ،‬وتع ن س‬
‫وينتقض أخرى‪ ،‬ول ضرورةا ف التزمام موارد النقوض والتكلف لدفعها؛ والعقل إذا صح‬
‫مقدم على النقل‪ ،‬إذ النقل يثبت بالعقل‪ ،‬ففمي تركه إبطال الصل بالفمرع؛ وأيضا يسُلم‬
‫النقل بالتأويل ول مسُاغ له ف العقل‪ ،‬وها يتقدمان على الكشف لزميد الشأتباهات‬
‫ومداخلة التعبيخات والتأويلت فيه‪ .‬‏‬

‫وقولم‪ :‬‏هذا طور وراء طور العقل‪ ،‬يريدون به‪ :‬‏القواعد الت أسسُها الفملسفمة وسوها‪:‬‬
‫العقول‪ ،‬وما هي إل ثرات العقل القاصر‪ ،‬إذ هو وراء طور العقل ف ابتداء الصول‪،‬‬
‫وإن كان يتلقاها من جهة الصلحَّ والقبول‪ .‬‏‬

‫وبالمحلة‪ :‬‏ل ريب ف أن العقل العامي كثيخا ما يقصر عن حقيقة الكشوف والنقول‪،‬‬
‫فعليهم يتوجه الرد والنكار‪ ،‬وأما العقل )‪ /1‬‏‪ (421‬‏القدس النور فليس شأيء من الق‬

‫‪328‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫يالفمه‪ ،‬ولذلك اتفمقوا أن ل يعتقدوا ظواهر النصوص إل بعد إثبات المكان‪ ،‬وهذا هو‬
‫العذر لعامة الذاهب كمحا قال العارف‪ :‬‏‬

‫جنك بفتان وأدوأ ملت بمه راعزرينهم ‪ ...‬‏جول نديد ند حصيفت ره إفسانه زوأند‬

‫نكتة‪ :‬‏‬

‫ف نفمس التطبيق مدارج‪ ،‬أرجحها أن يثبت بالبهان ما يتشبث حكايات أهل الذاهب‬
‫بواشأيه‪ ،‬ودونه أن يثبت الق ف واحد‪ ،‬ويبي أعذار القاصرين والنحرفي عنه بقرائنها‪،‬‬
‫ث أن يبدأ احتمحال صحيح يتطابق به الذاهب‪ ،‬ويكون رجحانه بنفمس هذا النطباق‪ ،‬ل‬
‫ببهان آخر‪ ،‬ث أن نبدأ احتمحالت للتطبيق‪ ،‬فيقع الزمم بالقدر الشتمك بينها أن‪ :‬‏النزماع‬
‫ليس حتمحا‪ ،‬ث أن يطبق عمحدةا الباب‪ ،‬ويلغي التفمريعات الغريبة عن العتبار‪ .‬‏‬

‫نكتة‪ :‬‏‬

‫بالغ ف )متصر الصول( ‏صاحبه ف ضوابط الرحَّ والتمجيح‪ ،‬ووضع كل الول وجل‬
‫الثان ف القياس الفمقهي‪ ،‬ول يهمحنا الطالة فيه؛ ونظر ف ترجيح عامة النقليات وهو‬
‫يقارب مقصدنا‪ ،‬فالتقطت ما استحسُنت منها بشريطة الياز لزميد النفمع‪ ،‬وأحلت الباقي‬
‫على الراجعة إليه‪ ،‬وأستطرد ترجيح الدود بالوضوحَّ والتعارف والذاتية على غيخها‪ ،‬وبقرب‬
‫الصطلحَّ من اللغة‪ ،‬أو )‪ /1‬‏‪ (422‬‏الشرع‪ ،‬وبرجحان طريق كسُبه‪ ،‬ونو ذلك‪،‬‬
‫واختلفموا ف العمحوم والصوص‪ ،‬لكثرةا النفمع‪ ،‬وحصول التفماق؛ وتعرض لتمكب‬
‫التمجيحات مثنم وثلث وما زاد‪ ،‬وترك تعارضها وهو أهم لكثرةا الوقوع والاجة‪ ،‬وتعرض‬
‫لبعضها صاحب )التنقيح(‪ .‬‏‬

‫نكتة‪ :‬‏‬

‫يرجح القنولن بالسُند‪ ،‬والت‪ ،‬والارج‪ .‬‏‬

‫‪329‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫فمحن الول‪ :‬‏فرطر الوثاقة‪ ،‬وهو ف الفمظ فمحن وافق الكتوب بل اعتمحاد عليه فهو‬
‫أحسُن؛ وف الفمهم ومنه الهارةا ف اللغة وغوص الفمكر وتنبه القرائن وعدم التلقن؛ وف‬
‫الورع والصدق؛ وف التلقي عن السُمحاع والقرب وتوجه القلب والباشأرةا؛ ومنه التصال‬
‫فالسُند على الرسل والرسل من ل يروي إل عن عدل على غيخه‪ ،‬وقلة الوسائط‪،‬‬
‫وصراحة الرفع‪ ،‬والسُمحاع على مرد اللقاء؛ ومنه العدد فالتواتر على الشهور‪ ،‬وهو على‬
‫الحاد‪ ،‬وكثرةا الرواةا على قلتها‪ .‬‏‬

‫ومن الثان‪ :‬‏التمتيب بي الكم والفمسُر إل الخر‪ ،‬والعبارةا على الشأارةا إل الخر‪،‬‬
‫والرم على البيح‪ ،‬والثبات على النفمي‪ ،‬والاز على الشأتماك‪ ،‬والتأسيس على التأكيد‪،‬‬
‫والفميد على الشو‪ ،‬والطلق على التقييد‪ ،‬والعمحوم على التخصيصخ‪ ،‬والبقاء على‬
‫النسُخ‪ ،‬والفمصل على المحل‪ ،‬ومعلوم التاريخ على غيخه‪ ،‬والجاع الصريح على السُكوت‬
‫ونوها‪ .‬‏)‪ /1‬‏‪ (423‬‏‬

‫ومن الثالث‪ :‬‏التوابع والشواهد‪ ،‬ومعاضدةا دليل آخر‪ ،‬وتفمسُيخ رانو فاهم للقرائن عارف‬
‫للمحقاصد‪ ،‬وموافقة عمحل الراوي‪ ،‬وكثرةا الزمكي وجودتم وصيغها ونو ذلك‪ .‬‏‬

‫نكتة‪ :‬‏‬

‫يقدم القياس على مثله بالصل لكونه قطعيا‪ ،‬أو أقوى ظنا ثابت الكم متفمقا عليه‪،‬‬
‫وبالعلة لذلك‪ ،‬ولكونه ثبوتية حقيقية ظاهرةا الناسبة والتأثيخ منضبطة مطردةا منعكسُة‬
‫ضرورية‪ ،‬ل تسُينية أو تكمحيلية فقط‪ ،‬وعامة للمحكلفمي‪ ،‬وبالفمرع للمحشاركة ف عي الكم‬
‫والعلة مع الصل‪ ،‬وبقطعية وجود العلة فيه وشولا له ولزمومها له‪ ،‬وعلى النقول إن كان‬
‫أضعف منه لضعف السُند أو بعد العنم ونوه؛ وبعض هذه الوجوه متلف فيها ‪ -‬‏وال‬
‫أعلم بالصواب ‪ .-‬‏)‪ /1‬‏‪ (424‬‏‬

‫ ‏فصل في أمثلة التطبيق توضيحا للواهم وأتمرينا للفاهم‬

‫نكتة‪ :‬‏ف إثبات الزمء ونفميه‬

‫‪330‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫عرفوه‪ :‬‏بأنه جوهر ذو وضع ل يقبل القسُمحة خطأ ول وها ول عقل‪ ،‬واتفمقوا على انتهاء‬
‫الوليي عند غاية الصغر‪ ،‬واختلفموا ف الثالثة‪ ،‬فالكمحاء حيث جعلوا العقل ظرفا واقعيا‪،‬‬
‫كان وجوب مطابقة تزمئة الصغيخ والكبيخ ف الاذيات والسُريع والبطيء ف الركات‬
‫قسُمحة واقعية ل تقف عند حد‪ ،‬والتكلمحون لا أنكروه كان معنم القسُمحة العقلية عندهم‪:‬‬
‫أن يكم العقل بوقوعها ف الارج‪ ،‬حيث ذكروا ف الستدلل عليه أن ال ‪ -‬‏تعال ‪-‬‬
‫قادر على جيع المحكنات والتقسُيمحات‪ ،‬حيث ل يشتمطر منها لحق بسُابق مكنة معا‪،‬‬
‫فإذا أوجد ال ‪ -‬‏تعال ‪ -‬‏كل قسُمحة مكنة‪ ،‬فأما تلك القسُمحة إن انقسُمحت لزمم اللف‪،‬‬
‫وإل لزمم الزمء‪ ،‬والكمحاء ل يدعوا مكان وقوع جيعها ف الارج بل ناية‪ ،‬وإنا أثبتوا‬
‫حكمحا إجاليا بتمحايزم الطراف‪ ،‬فالتكلمحون اعتمفوا بقيام ست ماسات به‪ ،‬فمحا منعوا تايزم‬
‫الطراف‪ ،‬والفمرق بينه وبي الجسُام الديقراطيسُية أن الانع ف الزمء الصغر فقط‪ ،‬وفيها‬
‫ذلك مع الصلةا فل نزماع ف مل واحد‪ ،‬والتكلمحون بعد إمكان الزمء ل يثبتوا ابتداء‬
‫تركب الجسُام منها‪ ،‬والقول بإمكانه ل يسُتلزممه‪ ،‬كمحا ذهب إليه‪ :‬‏ممحد بن عبد الكري‬
‫الشهرستان )‪ /1‬‏‪ ،(425‬ولكن قالوا به قصرا للمحسُافة‪ ،‬فإن نظرهم لتصحيح أصول‬
‫الشرائع فقط‪ .‬‏‬

‫والكمحاء‪ :‬‏حيث أرادوا تقيق القائق‪ ،‬مهدوا الكلم على إمعانات‪ ،‬فخاصم الشائية‬
‫الديقراطيس ف إبطال مذهبه‪ ،‬ث أفلطون ف إثبات اليول‪ ،‬ث فرعوا عليها تفمريعات‬
‫مقدوحة عند التكلمحي‪ ،‬مالفمة على حسُب تقريرهم لصول الشرائع‪ ،‬فطرحَّ التكلمحون‬
‫مؤنتها‪ ،‬فهذا منهم كقول بطليمحوس‪ :‬‏ل نثبت ف الفملكيات فصل‪ ،‬ول يثبت بالبهان أن‬
‫الصانع ‪ -‬‏جل مده ‪ -‬‏هل صنع فيها ما يزميد على ضرورةا ضبط الركات أم ل ببهان؟‬
‫فافهم‪ .‬‏‬

‫نكتة‪ :‬‏‬

‫‪331‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫اختلفموا ف الكان‪ ،‬سطح أو بعد‪ ،‬واتفمقوا على أنه المر الذي يشار بسُبه من هذه‬
‫وهناك‪ ،‬فإذا أشأيخ إل مكان ث إل آخر كان بينهمحا بعد قطعا‪ ،‬فتنبهت له الشأراقية‬
‫ونبهوا على وجوده أن ف القلة فضاء يتوارده الجسُام مطابقة له بأحجامها‪ .‬‏‬

‫قالت الشائية‪ :‬‏هو أمر موهوم‪ ،‬وما ذلك البعد إل للجسُام‪ ،‬فيتوهم التواردةا التسُاوية‬
‫متحدا باقيا‪ ،‬فاعتمفوا أن من هذه بعدا موهوما يتوارده التحيزمات‪ ،‬وتنفمذ فيه أبعادها‬
‫وهيا‪ ،‬وهو مذهب التكلمحي‪ ،‬وهذا الوهم سواء أسند إل الظرف أو الظروف‪ ،‬فإن‬
‫مداره هو الظرف‪ ،‬إذ به تعرف مسُاواةا الظروفات التعاقبة‪ .‬‏‬

‫والتكلمحون‪ :‬‏ل ينكرون هواء سطح جسُم بسُم‪ ،‬ففمي غيخ ما فرض مددا يتلزمان‪ ،‬فلم‬
‫يبق نزماع‪ ،‬إل أن الحق بالتسُمحية هذا )‪ /1‬‏‪ (426‬‏أو ذاك‪ ،‬والظرفية العرفية شأاملة لمحا‪،‬‬
‫وقبل حصول السُم فيه كلها متوهم‪ ،‬وبعده البعد موهوم‪ ،‬والسُطح موجود فرجحوه‬
‫به‪ ،‬وقولم‪ :‬‏اليزم ما به تتمحايزم الجسُام ف الشأارةا وضعا كان أو مكانا‪ ،‬ففميه أنه ل‬
‫يقال‪ :‬‏السُم ف الوضع‪ ،‬كمحا يقال‪ :‬‏هو ف اليزم والشأارةا بنا وهناك إل الكان دون‬
‫الوضع‪ ،‬فإن الوضع وإن اتبعه فل بد فيه من ملحظة المر الباين‪ ،‬ول يتاج إل مباين‬
‫ف هنا وهناك‪ .‬‏‬

‫وفهم الشأراقية‪ :‬‏أنه كمحا أن مدار التقدم والتأخر بالذات هو الزممان‪ ،‬ومدار الصغر‬
‫والكب القدار‪ ،‬ومدار القلة والكثرةا العدد‪ ،‬كذلك يب أن يكون مدار ما يشار إليه بنا‬
‫وهناك بالذات ما يتنع الركة عليه وعلى أجزمائه الفمروضة لذاته‪ ،‬فإن الكان يتحدد قبل‬
‫النقلة‪ ،‬فيمحتنع عليه التخلخل والتكاثف والفمصل ووقوع الدود بالفمعل‪ ،‬وكل أمر زائد‬
‫على نفمس البعد والقدارية ولو كان سطحا كان قابل لا التبعية مله‪ ،‬وإن ل يكن ذلك‬
‫لا يشار إليه ف ثخن السُم نقلة من هنا إل هناك سواء كان وجوده بالفمعل أو بالقوةا‬
‫القريبة منه‪ ،‬ولزمم أن يكون تصور انتقاله موجا إل تصور أمور خارجة عنه؛ فلو فرض‬
‫ترك العال كله بركة واحدةا وضعا ل يثبت للجزماء حركة انتقالية أصل‪ ،‬لنفماظ‬
‫الوضاع‪ .‬‏‬

‫‪332‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫والشأراقية‪ :‬‏لا اعتادوا مطالعة لطائف النوار والمور الثالية‪ ،‬هان عليهم تصوره‪ .‬‏)‪/1‬‬
‫‪ (427‬‏‬

‫وخفمي على الشائية‪ :‬‏فتوجهوا إل إبطاله تارةا بأن البعاد متمحاثلة يصح على كل منها ما‬
‫يصح على الخر‪ ،‬فإذا احتاج البعد لذاته ف الجسُام إل مادةا احتاج إليها جيع البعاد‬
‫فصارت أجسُاما‪ ،‬وقد عرفت انتفماء المحاثلة من بيان أحكامه‪ ،‬وتارةا بأن استحالة‬
‫التداخل للبعدية‪ ،‬فلو كان بعدا مردا امتنع انتقال السُم فيه من حيزم إل حيزم آخر‪ .‬‏‬

‫ومن البي أن التداخل ف الواهر الفمردةا عندهم متنع‪ ،‬فالتحيزم على الستقلل علة‬
‫قطعا‪ ،‬فإن فرض ف القادير ما يؤدي إليه كان متنعا بتلك العلة فل حاجة إل علة‬
‫أخرى‪ ،‬ول ند تداخل متنعا ل يؤدي إليه حت يثبت علة ثانية؛ مع أن الذكور ف‬
‫تعريف التداخل بالتفماق هو دخول متحيزمين حيزما واحدا‪ ،‬ول يقل أحد بأن دخول‬
‫متحيزم ف حيزم ثان منه‪ .‬‏‬

‫والصوفية‪ :‬‏شأاهدوا ف كل موطن من الغيب والشهادةا زمانا ومكانا غيخ ما ف موطن‬


‫ت عنه‪ ،‬إذ الغرض مرد‬‫ضله عي القضاةا ف )رسالته الزممانية والكانية( ‏وسك م‬
‫آخر ف ن‬
‫التمحثيل‪ ،‬ل القصد إل تقق أمره‪ .‬‏‬

‫فالتكلمحون‪ :‬‏يلزمون الشائية ف أول المر‪ ،‬ويرجعون إل الشأراقية ف آخر المر‪،‬‬


‫ويسُمحونه موهوما لضابطة تسُتفماد من كلمهم‪ ،‬وهي أنم عرفوه بفمراغ موهوم يشغله‬
‫شأاغل‪ ،‬ففمسُره أتباعهم بأنه ل شأيء مض‪ ،‬وينافيه قولم‪ :‬‏لو كان الواجب متحيزما لزمم‬
‫إما قدم اليزم أو كونه تعال مل للحوادث؛ وقولم بوجود الوضع وهو الكون ف اليزم‬
‫الذي قسُمحوه إل اتصال وانفمصال وحركة وسكون‪ ،‬إذ ل معنم لوجود الكون ف )‬
‫‪ (1/428‬‏اللشأيء الض‪ ،‬فل يكون تسُمحية الكان الشار إليه‪ ،‬والزممان الؤرخ القسُوم‪،‬‬
‫والقدار المحسُوحَّ‪ ،‬والعدد الضروب والقسُوم موهوما كتسُمحية غلف حلس على قرص‬
‫الشمحس‪ ،‬وقيل ف الكوز موهوما بل يفمهم من موارد استعمحالتم‪ ،‬وإن ل يتفموهوا به أن‬
‫العيان والعان السُوسة للعامة أو الاصة وما يتوقف هي عليه موجودةا عندهم‪ ،‬وغيخها‬

‫‪333‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫ما يلحقها كهذه المور والقوق والعقود والحكام المحسُة عندهم موهومة‪ ،‬ولا ف‬
‫الارج آثار‪ ،‬وليسُت من قبيل الوجودات الذهنية الت أنكروا وجودها لشاركة المحتنعات‬
‫فيه‪ ،‬فمحذهبهم إذا يقرب من الشأراقية؛ وليحفمظ هذا العنم‪ ،‬فإنه نافع ف هذا الباب‬
‫جدا‪ .‬‏‬

‫نكتة‪ :‬‏ف الزممان‬

‫اتفمقوا على أن الزممان هو المر القسُوم إل اليام والشهور والعوام‪ ،‬وهو غيخ ظلمحة الليل‬
‫وضوء النهار اللذين ها مدركان بالبصر‪ ،‬وغيخ الشمحس والقمحر الدائر عليهمحا أمر اليام‬
‫والشهور والسُني‪ ،‬وهو أمر غيخ قالر‪ .‬‏‬

‫فقالت الكمحاء أول‪ :‬‏إنه المر الذي به التقدم والتأخر اللذان ل يامع فيهمحا الفقطبسل‬
‫والبعد بالذات؛ ث ازدادوا فكرا فقالوا‪ :‬‏هو كلم متصل غيخ قالر؛ ث أمعنوا فقالوا‪ :‬‏هو‬
‫مقدار الركة‪ ،‬ث أمعنوا فقالوا‪ :‬‏هو مقدار حركة وضعية سرمدية للفملك اليط بالكل أسرع‬
‫من جيع الركات‪ .‬‏)‪ /1‬‏‪ (429‬‏‬

‫والتكلمحون قالوا‪ :‬‏هو تقدير متجدد موهوم بتجدد معلوم‪ ،‬ول يريدوا بالتقدير فعلنا فإن‬
‫الزممان ليس من فعلنا‪ ،‬ول نفمس المور التجددةا‪ ،‬فإنا تكون جواهر‪ ،‬أو أعراضا قالرةا‪،‬‬
‫وليس شأيء منها زمانا‪ ،‬بل أرادوا أمرا موهوما‪ ،‬بسُبه يتقدر متجدد بتجدد‪ ،‬وهو عند‬
‫الكمحاء كذلك‪ ،‬فإن أهل العقول التوسطة من الكمحاء والتكلمحي توافقوا على‪ :‬‏أن‬
‫الركة القطعية الت ينطبق عليها الزممان أمر مرتسُم ف اليال من الركة التوسطية‪ ،‬وأن‬
‫اتصال العدوم بالعدوم مال‪ ،‬وأيضا اتفمقوا على أن الركة‪ :‬‏هي التجددةا النصرمة لذاتا‪،‬‬
‫فكأنم قالوا‪ :‬‏هو أمر بسُبه وبالنظر إليه يتقدر توال أكوان الركة سابقية ولحقية‪،‬‬
‫والتكلمحون‪ :‬‏ل يوافقوهم ف إمعاناتم لعان وتفمريعات غيخ مسُلمحة عندهم؛ والكتفماء‬
‫بعنوان واحد من بي وجوه متعددةا‪ ،‬ل ينبغي أن يعد نزماعا حقيقيا‪ .‬‏‬

‫‪334‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫والشأراقية‪ :‬‏وافقت مققي الشائية ف وجوده الدهري‪ ،‬وأنه متصل الذات مقدار الركة‪،‬‬
‫ولكنهم ‪ -‬‏كمحا زعمحوا ‪ -‬‏البعد القار السُمحان مقدارا جوهريا‪ ،‬زعمحوا البعد غيخ القار‬
‫أيضا مقدارا جوهريا‪ ،‬حيث ل يدوه طبيعة ناعتية الذات‪ ،‬ول وجدوا فيه معنم اللول‪،‬‬
‫فل يقال‪ :‬‏الزممان ف الركة‪ ،‬كمحا يقال السُرعة ف الركة‪ ،‬واللون والبعد والركة ف‬
‫السُم‪ ،‬ول وجدوا لصوص الركة الوضعية ف تقويه مدخل‪ ،‬لفتقار الركة النفمسُانية‬
‫الكيفمية التقدمة بالذات على الوضعية إليه‪ ،‬ول وجدوه يتعدد بتعدد الركات مع تقدرها‬
‫جيعا به‪ ،‬وامتناع تقدر الشيء بالذات با يقوم بغيخه‪ ،‬ووجوده أبعد ف قبول العدم من‬
‫مله‪ ،‬وحامل مله‪ ،‬ومقوم حاله‪ ،‬لستلزمامه الوجود على تقدير العدم بنفمسُه دونا‪ ،‬مع أن‬
‫وجود العرض ف نفمسُه هو وجوده لله‪ ،‬فينعدم بعدمه‪ ،‬حت إن الوجود إذا قام بشيء‬
‫انعدم بعدمه‪ ،‬وهو أشأد معاندةا للعدم منه‪ .‬‏)‪ /1‬‏‪ (430‬‏‬

‫والشائية‪ :‬‏لا سلكت ف إثباته تقدر الركات به‪ ،‬وما كان القدار عندهم إل كمحا جزمموا‬
‫بعرضيته‪ ،‬حلوا قرائن الوهرية على استبعادات عرفية ووهية‪ ،‬ث بالغوا ف أن أية حركة‬
‫مقومة له‪ .‬‏‬

‫والتأخرون من مققي الكلم‪ :‬‏لا أذعنوا لدوث العال بأسره‪ ،‬جعلوا الزممان قسُمحي‪:‬‬
‫موجودا‪ :‬‏هو معيار التجددات والركات‪ ،‬وموهوما‪ :‬‏لعتياد الدارك به‪ ،‬جعلوه مناطر اللقفدم‬
‫الزممان للواجب‪ ،‬وظرفا لعدم الزممان‪ ،‬إذ ليس العدم شأيئا مققا متجددا حت يتاج إل‬
‫زمان موجود‪ ،‬قاسوه على البعد القار التحقق من الركزم إل الدد‪ ،‬والتوهم منه إل مال‬
‫يتناهى وها؛ فهؤلء قد سلكوا شأيئا من مسُالك التطبيق‪ ،‬فافهم هذا‪ ،‬واعلم أن التطبيق‬
‫بي كلمي هؤلء الاهرين ف التحريرات والتمحييزمات عسُيخ بالنسُبة إل غيخهم ‪ -‬‏وال أعلم‬
‫‪ .-‬‏‬

‫نكتة‪ :‬‏‬

‫اختلفموا ف لسنبـلية رفع اليدين ف الصلةا بعد التحرية‪ ،‬مع اتفماقهم على أنه ل يصح فيه‬
‫أمر باستحباب‪ ،‬ول بيان فضيلة‪ ،‬ول نى الصحابة عنه قط‪ ،‬وعلى أنه ثبت عنه ‪ -‬‏صلى‬

‫‪335‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫ال عليه وسلم ‪ -‬‏فعله مدةا‪ ،‬إل أنه زاد ابن مسُعود ‪ -‬‏رضي ال عنه ‪ -‬‏فقال‪ :‬‏أل أصلي‬
‫بكم صلةا رسول ال ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪-‬؟ فلم يرفع يديه إل ف أول مرةا‪ ،‬وظاهر‬
‫أنه ل يرد تركه أبدا‪ ،‬وإنا أراد تركه أخرا‪ ،‬كمحا يشعر به بعض ما ينقل عنه‪ :‬‏أن آخر‬
‫المرين ترك الرفع‪ ،‬ول يدري مدةا التمك‪ ،‬فيحتمحل أنه تركه ف أيام الرض للضعف‪ ،‬فظن‬
‫قوم‪ :‬‏أن سنيته كانت بجرد الفمعل‪ ،‬فبطلت بالتمك؛ وقوم‪ :‬‏أن التمك بعذر وبغيخ ني ل‬
‫ينفمي السُنية‪ ،‬كتمك القيام الفمرض بالعذر‪ ،‬فهي إذا باقية فل مناقشة للمحجتهدين ف أصل‬
‫سبنيته ف المحلة‪ ،‬ول ف بقاء جوازه‪ ،‬وإن منعه بعض التعصبة إذ ليس ما يالف )‪/1‬‬
‫‪ (431‬‏أفعال الصلةا‪ ،‬لبقائه ف التحرية‪ ،‬والقنوت‪ ،‬والعيدين‪ ،‬فل نكيخ على فاعله‬
‫لحد‪ ،‬بل ف بقاء سنيته بناء على الظن‪ ،‬فل نزماع إل ف الواظبة والرجحان‪ ،‬وحيث‬
‫واظب عليه جع بلغوا حد الستفماضة فوق الشهرةا‪ .‬‏‬

‫ول يتعرض ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ -‬‏لفمعلهم كمحا تعرض لرفع اليد ف السُلم‪ ،‬حيث‬
‫قال‪ :‬‏)ما بال أيديكم كأنا أذناب خيل شس(‪ .‬‏وهو ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ -‬‏كان‬
‫يرى خلفمه كمحا يرى أمامه‪ ،‬فثبت بقاء سنيته‪ ،‬وتركه ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ -‬‏أحيانا‪،‬‬
‫كمحا رواه ابن مسُعود ‪ -‬‏رضي ال عنه ‪ ،-‬والباء بن عازب ‪ -‬‏رضي ال عنه ‪-‬؛ وعدم‬
‫التعرض لتاركه يقضي بسُقوطر تأكيده‪ ،‬ول يبلغ أبا حنيفمة ‪ -‬‏رحه ال ‪ -‬‏خب هذا المحع‪،‬‬
‫إنا روى له الوزاعي‪ ،‬عن ابن شأهاب‪ ،‬عن سال‪ ،‬عن ابن عمحر ‪ -‬‏رضي ال عنهمحا ‪-‬‬
‫فرجح عليه أبو حنيفمة حادا‪ ،‬عن إبراهيم‪ ،‬عن علقمحة‪ ،‬عن ابن مسُعود‪ ،‬بكثرةا الفمقه‪ ،‬ل‬
‫بكثرةا الفمظ‪ ،‬فكأنه ظن أنه تفمطن ابن مسُعود للنسُخ دون ابن عمحر‪ ،‬حيث ل يرفع إل‬
‫ف التحرية‪ ،‬بناء على أن السُكوت ف معرض البيان يفميد الصر‪ ،‬وما يذكر عن‬
‫الشافعي ‪ -‬‏رحه ال ‪ -‬‏من عدم الرفع عند قبه مشعر بعدم التأكيد‪ .‬‏‬

‫نكتة‪ :‬‏‬

‫اختلفموا ف نسسُ ل‬
‫ك النب ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ -‬‏أنه كان مفمردا للحج‪ ،‬أو قارنا‪ ،‬أو‬ ‫ط‬
‫متمحتعا‪ ،‬سائق الدي‪ ،‬ووجه التطبيق‪ :‬‏أن النب ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ -‬‏حي جع‬

‫‪336‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫الناس‪ ،‬وخرج من الدينة النورةا إل مكة العظمحة‪ ،‬كان ل ينوي إل الج‪ ،‬فلمحا بات‬
‫بذي الليفمة ف العقيق‪ ،‬سأمر بالقران فقال‪ :‬‏)لبيك بجة وعمحرةا(‪ ،‬فلمحا دخل مكة‪ ،‬وتذكر‬
‫جهالة العرب أن العمحرةا ف أشأهر الج من أفجر الفمجور‪ ،‬وعرف أنه ف آخر عمحرةا‪ ،‬ول‬
‫يعيش )‪ /1‬‏‪ (432‬‏إل قابل‪ ،‬أراد رد هذا الوهم بأبلغ وجه‪ ،‬فأمر الناس بفمسُخ إحرام‬
‫الج‪ ،‬وجعله عمحرةا‪ ،‬وقال‪ :‬‏)لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الدي‪،‬‬
‫وأحللت مع الناس كمحا حلموا(‪ ،‬فكان سمفملردا بسُب ابتداء النية والشهرةا‪ ،‬وقارنا بسُب‬
‫تلبيته من العقيق‪ ،‬حيث أمر ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ -‬‏ف هذا الوادي البارك‪ :‬‏)وقل‬
‫عمحرةا ف حجة(‪ ،‬وكان متمحتعا‪ ،‬سائق الدي بسُب الم والرغبة‪ ،‬ول ينقل تديد الحرام‬
‫للحج يوم التموية‪ ،‬نعم عرف تديد التلبية عند إنشاء السُفمر إل عرفة من منم‪ ،‬فكان‬
‫قارنا حقيقة‪ ،‬مفمردا ف أول العمحر‪ ،‬متمحتعا ف آخره‪ .‬‏‬

‫نكتة‪ :‬‏‬

‫ورد ف الديث‪ :‬‏)ل عدوى(‪ .‬‏‬

‫وورد ف آخر‪ :‬‏)فر من الذوم‪ ،‬كمحا تفمر من السد(‪ .‬‏‬

‫واختلفموا ف وجه التطبيق‪ ،‬فقيل‪ :‬‏)ل عدوى( ‏سببا مسُتقل‪ ،‬و )فر من الذوم( ‏لنه من‬
‫السباب العادية‪ ،‬لياد ال ‪ -‬‏تعال ‪ -‬‏الرض عقيب مالطته كسُائر إضاعة الحتمحاءات‬
‫وارتكاب خلف الزماج‪ ،‬وإنا نفمى عنها دون سائرها‪ ،‬لنه ل يتبي وجه تأثيخه ظسنن‬
‫روحانيا قاهرا بل مسُتقل؛ وقيل‪ :‬‏)ل عدوى( ‏ف نفمس المر‪ ،‬و )فر من الذوم( ‏ترزا عن‬
‫مواضع التهم والتوهم؛ وقيل‪ :‬‏)ل عدوى( ‏ف حكم الشرع‪ ،‬فل يلزمم على العدي ضمحان‬
‫جنايته‪ ،‬ول النتقام منه‪ ،‬و )فر من الذوم( ‏صونا لسُدك من العلة البيثة‪ ،‬العسُيخةا‬
‫البء‪ .‬‏‬

‫نكتة‪ :‬‏‬

‫‪337‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫طائفمة من الصوفية قالوا‪ :‬‏بوحدةا الوجود‪ ،‬بعنم‪ :‬‏أن ليس ف الارج إل ذات الق وحده‪،‬‬
‫وكل ما يسُمحى )غيخ( ‏أو )سوى( ‏فهو من تطورات ظهوره‪ ،‬وتقييدات شأؤونه‪ .‬‏‬

‫وطائفمة قالوا‪ :‬‏ل نسُبة بي الق واللق إل نسُبة الياد‪ ،‬فل عينية ول وحدةا أصل‬
‫بينهمحا‪ ،‬من الوبحدةا من قال‪ :‬‏إن ذلك ف )‪ (1/433‬‏العاينة والوجدان دون الواقع‪ ،‬فل‬
‫ماصمحة معه لمكان اجتمحاع هذه العينية الوجدانية مع الغيخية الضة الواقعية‪ ،‬كاختفماء‬
‫الكواكب عن البصر عند طلوع الشمحس‪ ،‬واشأتداد النهار‪ ،‬أو كرؤرية المحرةا على العال‬
‫عند وضع زجاجة حراء على العي؛ ومن اعتقد أنه ف الواقع كذلك‪ ،‬فالتطبيق على‬
‫معتقده أن ف العال نظرين‪ :‬‏‬

‫نظرا‪ :‬‏إل جهة امتياز القائق وما هي إل جهة عدمية‪ ،‬وأنن للعدم أن يتحد بلوجود‬
‫فبالغ ف امتياز القائق وسقوطها ف ظل الوهام‪ ،‬ونزماهة وجه الق عن غبار الكوان‬
‫والفهام‪ ،‬وقال‪ :‬‏هو وراء الوراء‪ ،‬ث وث‪ ،‬فحكم بانقطاع النسُبة سوى ظلية الصفمات‪،‬‬
‫وإياد مرايا الذوات‪ ،‬فيطابق حينئذ مسُلك الشهودية‪ ،‬ول يدعي أحد اتاد المحكنات‬
‫برتبة الحدية الردةا‪ ،‬وصرافة الذات‪ .‬‏‬

‫والنظر الثان‪ :‬‏ف العال‪ ،‬من حيث اكتنافه بقيومية الق ووجوده‪ ،‬بسُريان فيضه من حيث‬
‫إنه أقرب إليهم من حبل الوريد‪ ،‬وهي بالنسُبة إل الق كالصور التمائية ف مرآته‪ ،‬أو‬
‫أمواج وأشأكال متوهة ف شوله واتسُاعه‪ ،‬فلم يثبت للعال عينا غيخ عي الق‪ ،‬وقال‪ :‬‏هو‬
‫عي كل شأيء ف الظهور ما هو عي الشأياء ف ذواتا‪ ،‬بل )هو هو( ‏و )الشأياء‬
‫أشأياء(‪ ،‬فالشهودي ل ينكر أن وجود العال بقيومية الق قيومية موجودةا لوهوم ل يقاس‬
‫با قيومية النفمس للبدن والوهر للعرض‪ ،‬بل أشأد من ذلك وأقوى من غيخ مداخلة‬
‫ومازجة وانصار‪ ،‬فيعب عن ذلك بالياد واللق‪ ،‬ل كخلق البان للبناء‪ ،‬أو اقتضاء‬
‫الصور النوعية للعراض‪ ،‬وأما التعبيخ بـ‪ :‬‏)هو هو( ‏أو )هو ليس هو(‪ ،‬فهو ل يغيخ ربطا‬
‫واقعيا‪ ،‬إنا هو طرق التعبيخ للمحعنم الدقيق‪ ،‬أليس بي الثلثة والفمرد ربط واحد مصحح‬
‫أن يقال تارةا‪ :‬‏الثلثة فرد‪ ،‬وتارةا‪ :‬‏الثلثة مفمهوم‪ ،‬والفمردية عارضة لا‪ .‬‏)‪ /1‬‏‪ (434‬‏‬

‫‪338‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وقد بينا ف )دفع الباطل( ‏هذا العنم با ل مزميد عليه‪ ،‬فمحن اشأتاق فليخجع إليه‪ .‬‏‬

‫وأما بعض الشهودية‪ ،‬الذين قالوا‪ :‬‏إن العال وجود خارجي حقيق مسُتقل غيخ الواجب‬
‫من آثار صنعه‪ ،‬وبعض الوجودية الذين قالوا‪ :‬‏ليس الواجب غيخ هذا اليكل الخصوص‬
‫السُمحى‪ :‬‏بالعال‪ ،‬فهو من كثرةا أجزمائه عال‪ ،‬ومن حيث وحدةا اجتمحاعه حق‪ ،‬فهمحا على‬
‫طرف مضادةا‪ ،‬يمحعهمحا هذا السُر الذكور من قبل‪ ،‬ويفمرق بينهمحا قصور نظر كل من‬
‫الفمريقي‪ .‬‏‬

‫نكتة‪ :‬‏‬

‫أساس النزماع بي الفمريقي على ما حصله إمام الشهودية هو‪ :‬‏عينية الظل أو غيخيته‬
‫للصل بالقيقة‪ ،‬والنطباق أن يتأمل أن ظل العلم علم ل غيخه‪ ،‬وكذا سائر الصفمات‪،‬‬
‫وهو بنفمسُه مصرحَّ أيضا بأن قاعدةا العقلء أن ماهية الشيء ما به الشيء )هو هو( ‏غيخ‬
‫مسُلم ف الاهية الظلية بل الظل هو بأصله ل بنفمسُه‪ ،‬فأصله أقرب إليه من نفمسُه‪،‬‬
‫فحينئذ ل يبق بينه وبي قول الوجودية‪ :‬‏)الظل‪ :‬‏ظهور الشيء ف الرتبة الثانية وما‬
‫بعدها(‪ ،‬فرق يعتد به إل بالتعبيخ‪ ،‬فإن كل منهمحا عند الشهودية أخذ بشرطر الرتبة مع‬
‫القيقة فتباينا‪ ،‬وعند الوجودية ل بشرطها فاتدا‪ ،‬ومنشأ ذلك‪ :‬‏مزميد اعتناء واحد بهة‬
‫المتياز‪ ،‬وآخر بهة الشأتماك والغفملة عن الخرى‪ ،‬فثبتت العينية من وجه‪ ،‬والغيخية وجه‪.‬‬

‫نكتة‪ :‬‏‬

‫اتفمق العلمحاء والصوفية الشهودية على‪ :‬‏أن النبوةا أفضل الولية‪ ،‬ولذا كان النب معصوما‬
‫عن العاصي‪ ،‬مأمون الاتة‪ ،‬علمحه قطعي‪ ،‬وقبوله واجب‪ ،‬وإنكاره كفمر دون الول‪ ،‬وقال‬
‫الخر واللئكة‬
‫بال ‏واليوم ‏ ‏ ‏‬
‫آمن ‏ ‏‬
‫من ‏ ‏‬
‫الب ‏ ‏‬
‫‪ -‬‏سبحانه وتعال ‪ -‬‏)‪ /1‬‏‪ :(435‬‏ ‏ ‏} ‏ولكن ‏ ‏ ‏‬
‫ ‏والكتاب ‏ ‏والنبيي ‏{‪ .‬‏ول يذكر معهم الولياء‪ .‬‏‬

‫وقالت الوجودية‪ :‬‏الولية أفضل من النبوةا‪ ،‬ولا كان التفمموه به ثقيل منكرا‪ ،‬فسُر بأن الراد‪:‬‬
‫جهتا شأخصخ واحد من النبياء‪ ،‬والولية توجهه إل الق بالتمحام‪ ،‬والنبوةا توجهه إل‬

‫‪339‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫اللق بالمر بل واسطة‪ ،‬وجهة الق أشأرف من جهة اللق‪ ،‬فاختلس منه أن النبوةا‬
‫أفضل‪ ،‬والولية أشأرف‪ .‬‏‬

‫وخاصمحهم الشهودية‪ :‬‏بأن النبوةا ليسُت نفمس التبليغ والتمبية‪ ،‬بل هي قبول الوحي منه ‪-‬‬
‫سبحانه ‪ -‬‏لمر التبليغ‪ ،‬فهي جهة الق دون اللق‪ ،‬وبأن النبوةا غاية الولية‪ ،‬وانتهاء‬
‫كمحالا‪ ،‬فهي أفضل منها‪ ،‬وبأن التوجه إل اللق بنيابة الق وجارحيته‪ ،‬بعل نفمسُه ف‬
‫ضمحن الق وجهته‪ ،‬بلف التوجه إل الق‪ ،‬فإنه بعله خارج الق ف مسُامتته‪ .‬‏‬

‫وتفمطن الشيخ‪ ،‬الدد ‪ -‬‏رحه ال ‪ :-‬‏أن غرضهم‪ :‬‏أنه بعرفة التوحيد الوجودي يصل من‬
‫زوال الثنينية‪ ،‬وتام الفمناء‪ ،‬وكمحال الوصل‪ ،‬كمحا هو عند الولياء‪ ،‬مال يصل ف أحكام‬
‫جهة العابدية والعبودية‪ ،‬بفمظ الدب‪ ،‬وكمحال الطاعة‪ ،‬كمحا هو دعوةا النبياء ‪ -‬‏عليهم‬
‫السُلم ‪ ،-‬وطريقتهم التوارثة عند العلمحاء‪ ،‬فأزاحه بأن طريقة الولية وكمحالتا ظلية‪ ،‬وها‬
‫للنبوةا أصلية‪ ،‬وشأرحه على ما فهمحت أن طريقة النبوةا ف البداية والنهاية‪ ،‬تفمضل طريقة‬
‫الولية فيهمحا‪ ،‬وتوجه النبياء إل الوية الارجية بل توسطة برزخ‪ ،‬ومرآةا من النفمس‬
‫والفاق‪ ،‬وانتهاؤرهم إل التجليات الوجودية إل حصول ربط القبول‪ ،‬والنيابة والمحاية على‬
‫يد من بأيديه نظام القضاء والقدر‪ ،‬فيختب عليهم آثاره ف الارج‪ .‬‏‬

‫وتوجه الولياء إليه ‪ -‬‏سبحانه ‪ -‬‏)‪ /1‬‏‪ (436‬‏بتوسط البازخ ومرايا النفمس والفاق‪ ،‬فمحن‬
‫جاوز هذا منهم فقد دخل ف وارثة النبوةا بالعرض‪ ،‬وانتهاؤرهم بالبقاء الوجدان بالق‪ ،‬ول‬
‫يتمتب عليهم آثار الولية‪ ،‬والوجوب مطلقا‪ ،‬إل ف إدراكهم ووجدانم‪ ،‬وإل القيام بال‬
‫التابعة للنبياء‪ ،‬بسُب مراتبها السُبع‪ ،‬وإن اشأتمكوا ف نيل تلياته ‪ -‬‏تعال ‪ -‬‏ف الرايا‬
‫الدراكية‪ ،‬والتلقي منه ‪ -‬‏سبحانه ‪ -‬‏بل واسطة‪ ،‬فالق‪ :‬‏أن فضل الولية‪ :‬‏بطول البقاء‪،‬‬
‫وسعة الدائرةا‪ ،‬ودخل السُعي‪ ،‬والكتسُاب فيها؛ وفضل النبوةا‪ :‬‏بصول نوع من‬
‫الستقلل‪ ،‬ومزميد الختصاص والاه‪ ،‬واستحكام الرابطة معه‪ ،‬وأن الول إذا خاض ف‬
‫أنانيته‪ ،‬دخل ف مراتب الطلق‪ ،‬وداخل ف حقائق الشأياء‪ ،‬وانكشف عليه شأأن من‬

‫‪340‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫الذات‪ ،‬ربا يفمى على النب؛ والنب يب تعنرفه لواسطة اللقاء‪ ،‬والمحع بي رؤريته‬
‫وكلمه‪ ،‬وليس ذلك للول‪ ،‬ولكن الق الصريح‪ :‬‏أن التابع دون التبوع‪ .‬‏‬

‫‪ ...‬‏وللناس فيمحا يعشقون مذاهب* ‏‬

‫وما يوجب الشأتباه‪ :‬‏أن الخر حصول يغيخ عند صاحبه‪ ،‬ث إن هذا ف مض النبوةا‬
‫والولية الاصة‪ ،‬فمحن فاز مع ذلك بنوع آخر من الكمحال‪ ،‬أو بالمحع بي صنوف من‬
‫الكمحال‪ ،‬ينبغي أن ينظر ف فضله‪ ،‬وفضل اجتمحاعها فيه‪ ،‬ول يقتصر على ما ذكر‪ .‬‏‬

‫نكتة‪ :‬‏‬

‫ادعى الكمحاء امتناع الرق‪ ،‬واللتئام على الفلك‪ ،‬وخالفمهم أرباب الشرائع ف ذلك‪،‬‬
‫والق‪ :‬‏أن الكمحاء ل يأتوا فيه ببهان‪ ،‬فالدلة الذكورةا فيه على تقدير تامها‪ ،‬إنا تدل‬
‫على امتناعهمحا ف تدد المكنة والزمنة‪ ،‬ول دخل لباقي الفلك ف ذلك‪ ،‬وإنا حكمحوا‬
‫بذلك لدخولا ف اسم الفملك‪ ،‬ولوافقتها له ف الركة الدورية‪ ،‬مظنونا فيها الدوام‪/1) ،‬‬
‫‪ (437‬‏ول يعلمحوا أن دوام ميل نفمسُان مسُتدير للكل ل يناف ميل مسُتقيمحا لجزمائه‪،‬‬
‫سيمحا للمحنفمصلة منها‪ .‬‏‬

‫وقد صرحَّ الصدر الشيخازي‪ :‬‏بأن هذا الكم منهم بنوع من الدس‪ ،‬وما هذا الدس إل‬
‫من قبيل تبادر الذهن‪ ،‬ل من مقدمات البهان‪ ،‬وأهل الشرع جزمموا بدوث الفلك من‬
‫مواد تشارك العناصر ف أصلها‪ .‬‏‬

‫نكتة‪ :‬‏‬

‫ذكر الكمحاء لكائنات الو أسبابا من تغيخات الواء والاء‪ ،‬بالستحالت والنقلبات‬
‫والختلطات‪ ،‬وأرجعه أصحاب الشرائع إل ملئكة يتصرفون بأمر ال‪ ،‬فتبي النافاةا‬
‫بينهمحا‪ ،‬ول تناف‪ ،‬فإن للشأياء أسباب أربعة‪ ،‬والكمحاء اعتنوا بالادية‪ ،‬وأصحاب الشرائع‬
‫بالفماعلية‪ ،‬كيف؟ والكمحاء ل يسُتغنون عن أسباب ساوية غيبية‪ ،‬يسُمحيها عامتهم‪:‬‬

‫‪341‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫بالوضاع الخصوصة‪ ،‬وخواصهم‪ :‬‏بالقوى الروحانية‪ ،‬وإنا يتصرف الفماعل بمحع الواد‬
‫وإصلحها‪ ،‬كمحا نرى ف أفاعيلنا‪ ،‬فل ينبغي النكار؛ كيف؟ ويعرف من التوراةا‪ :‬‏أن‬
‫البخار يرتفمع من وجه الرض فيسُقي نواحيها؛ ولا ثبت نزمول هذه القوى من السُمحاء‪،‬‬
‫صح أن الاء ينزمل من السُمحاء‪ ،‬وجاز أن يراد من السُمحاء طبقة الزممهرير‪ ،‬والبد العاقد‬
‫فيها هو جبال البد‪ ،‬يصيب به من يشاء‪ ،‬ويصرفه عمحن يشاء‪ .‬‏‬

‫نكتة‪ :‬‏‬

‫ض فراشأا{ ‏و )دحاها( ‏و )سطحت( ‏أنا‬ ‫أهل الشرائع‪ :‬‏يفمهمحون من مثل قوله تعال‪ :‬‏}الر ف‬
‫سطح مسُتو؛ والكمحاء‪ :‬‏)‪ /1‬‏‪ (438‬‏يثبتون كرويتها بالدلة الصحيحة‪ ،‬فيتوهم اللف‪،‬‬
‫ويدفع بأن القدر السُوس منها ف كل بقعة سطح مسُتو‪ ،‬فإن الدائرةا كلمحا عظمحت قل‬
‫انداب أجزمائها‪ ،‬فاستواؤرها‪ :‬‏باعتبار مسُوسية أجزمائها‪ ،‬وكرويتها‪ :‬‏باعتبار معقولية جلتها‪ .‬‏‬

‫نكتة‪ :‬‏‬

‫ورد ف الديث‪ :‬‏)أن الشمحس إذا غربت تذهب حت تسُجد تت العرش(‪ .‬‏وأثبت‬
‫الكمحاء‪ :‬‏أنا ل تنفمك عن موضعها من الفملك إذا هي تت الرض‪ ،‬فإن فهم العرش‬
‫ميطا‪ ،‬فهي دائمحا تت العرش‪ ،‬وإن فهم إل الفموق فقط‪ ،‬فهي ل تذهب إليه‪ ،‬وحل‬
‫اللف أن الكمحاء أثبتوا اختلف أحوالا بالنسُبة إل السُفمليات ف الوتاد الربعة‪،‬‬
‫فأصحاب النفموس الطهرةا‪ ،‬والقلوب النورةا‪ ،‬ينطبع ف بواطنهم حال القاعد عند الطلوع‪،‬‬
‫وحال القائم عند الستواء‪ ،‬وحال الراكع عند الغروب‪ ،‬وحال السُاجد عند غاية‬
‫النطاطر‪ ،‬وهي ف جيع ذلك تت العرش‪ ،‬لنه فوقها دائمحا‪ ،‬وميط با‪ .‬‏‬

‫نكتة‪ :‬‏‬

‫أوتادا{‪ .‬‏‬
‫بكم{‪ ،‬‏ ‏} ‏والبال ‏ ‏ ‏‬
‫تيد ‏ ‏‬
‫أن ‏ ‏‬
‫الرض ‏رواسي ‏ ‏ ‏‬
‫ف ‏ ‏‬
‫ورد ف الصحف اليد‪ :‬‏ ‏ ‏} ‏وألقى ‏ ‏ ‏‬

‫‪342‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وف الديث الشريف‪ :‬‏)كانت الرض خلقت تيد على الاء‪ ،‬فأمسُكتها اللئكة‪ ،‬فمحا‬
‫سكنت‪ ،‬فخلق ال ‪ -‬‏سبحانه ‪ -‬‏البال فسُكنت با(‪ .‬‏‬

‫وأثبت الكمحاء‪ :‬‏أن انذاب الثقال إل مركزم العال الذي هو مركزم الرض والاء‪ ،‬فالاء‬
‫فوق الرض معتمحد من كل جهة عليها على ست مركزمها‪ ،‬فكيف تيد عليها؟ والبال‬
‫ف الرض فإن مالت مالت معها‪ ،‬وكيف تنعها عن الركة؟ والطابقة أن من السُوس‬
‫التيقن عند أهل الند أن البئر إذا حفمرت تصل إل الثرى‪ ،‬فيخشأح فيها الاء من الوانب‪،‬‬
‫كالعرق من )‪ /1‬‏‪ (439‬‏السُام بطيئا أو سريعا؛ فإذا أمعن فيه انتهى إل طبقة صلبة ل‬
‫يداخلها الاء أصل‪ ،‬ث إذا بولغ فيه بكسُرها نبع الاء العذب السقراحَّ بقوةا وشأدةا كأنه‬
‫كان منضغطا فارتفمع‪ ،‬فإن أخرج منه آلف فذنوب ل ينتقصخ؛ ول يدوا لذا الاء إل‬
‫أربعمحائة أو خسُمحائة ذراع ناية‪ .‬‏‬

‫وال يعلم كم يوجد الاء وراءها؟ ول شأك أن تتها طبقة أرضية أخرى‪ ،‬فكأنن تميد‬
‫الرض بذا الاء‪ ،‬ل بالاء النبسُط فوقها‪ ،‬ونصب أصول البال ف الطبقة الثانية من‬
‫الرض‪ ،‬ل ف هذه الرض فقط‪ ،‬فافهم‪ .‬‏‬

‫نكتة‪ :‬‏‬

‫وقع ف الكلم اليد‪ :‬‏}ال الذي خلق سبع سوات‪ ،‬ومن الرض مثلهن{ ‏أي‪ :‬‏مثل‬
‫السُمحوات السُبع‪ .‬‏‬

‫وجاء ف الديث‪ :‬‏)أنا طبقات متفماصلة(‪ .‬‏‬

‫ودلئل اليئة دلت على أن الرض قطرها‪ :‬‏ألفمان وخسُمحائة وخسُة وأربعون فرسخا‪ ،‬وهذا‬
‫ل يسُع سبع أرضي ف جوفه قريب من هذه الرض‪ ،‬فمحا ظنك إذا كانت السُافلة‬
‫أعظم من العالية ‪ -‬‏كمحا يروى ‪-‬؟ ول يوجد أرض أخرى بي السُمحاء والرض‪ ،‬وهذا وإن‬
‫ل يالف الية قطعا‪ ،‬لفراد الرض‪ ،‬وإدخال )لمطن( ‏التبعيضية‪ ،‬فيفمهم أن تلك السُبع‬
‫قطع أرض واحدةا‪ ،‬وهي كذلك‪ ،‬فإن العمحور منها سبع بلد متلفمة بالديان‪ ،‬والرسوم‪،‬‬

‫‪343‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫والطبائع‪ ،‬والنباتات‪ ،‬وبعض اليوانات‪ ،‬أحدها‪ :‬‏للسُودان من‪ :‬‏الببر‪ ،‬والزمنج‪ ،‬والبشة‪،‬‬
‫وأخرى‪ :‬‏للبيض من‪ :‬‏الفرنج‪ ،‬والطنجة‪ ،‬والسُقالبة‪ ،‬ث للعرب‪ ،‬ث للفمارس‪ ،‬ث للهند‪ ،‬ث‬
‫للتمك‪ ،‬ث للصي؛ أو يتصرف ف الرض أن الراد علم العناصر‪ ،‬وهو سبع طبقات‪ ،‬وأما‬
‫المحل على القاليم فبعيد‪ ،‬ولكنه يالف الديث الصريح‪ ،‬ويدفع هذا اللف بأن )‪/1‬‬
‫‪ (440‬‏ستة أرضي ف طبقات عال الثال‪ ،‬كأنا ستة تاثيل لذه الرض‪ .‬‏‬

‫والعامة وأصحاب الشرائع‪ :‬‏ل يفمرقون بي أجسُام الشهادية والثالية‪ ،‬إل بالصفمات‪:‬‬
‫كالطاقة‪ ،‬والكثافة‪ ،‬والنورانية‪ ،‬والظلمحانية‪ .‬‏‬

‫ويؤيده ما روي عن ابن عباس ‪ -‬‏رضي ال عنهمحا ‪ :-‬‏)أن فيها ابن عباس كابن‬
‫عباسكم(‪ .‬‏‬

‫وقد يظن‪ :‬‏أن تلك الرضي هي النتقثة النطبعة منها ف النفموس الفملكية‪ ،‬وفيه‪ :‬‏إنا إذ‬
‫اتسُع فالرضون عشر‪ ،‬إل أن يتكلف أنه كمحا ليس للرض قدر مسُوس بالنسُبة إل‬
‫الفلك العلى‪ ،‬ليس لا صورةا فيمحا فوق الفملك الشتمي‪ ،‬ول يفمى بعده‪ .‬‏هذا آخر ما‬
‫نقلته من كتاب )التكمحيل(‪ .‬‏‬

‫وأما أثر ابن عباس الذي أشأار إليه‪ ،‬فهو من رواية الاكم ف السُتدرك‪ ،‬عن طريق‬
‫شأريك‪ ،‬عن عطاء بن السُائب‪ ،‬عن أب الضحى‪ ،‬عن ابن عباس ‪ -‬‏رضي ال عنه ‪ -‬‏ف‬
‫مثلهن{‪ ،‬قال‪ :‬‏سبع أرضي‪ ،‬ف كل أرض نب كنبيكم‪،‬‬ ‫الرض ‏ ‏‬
‫ومن ‏ ‏‬‫تفمسُيخ قوله تعال‪ :‬‏ ‏ ‏} ‏ ‏‬
‫وآدم كآدمكم‪ ،‬ونوحَّ كنوحَّ‪ ،‬وإبراهيم كإبراهيم‪ ،‬وعيسُى كعيسُى؛ وهذه اللفماظ‪ :‬‏فيها‬
‫تقدي وتأخيخ ف بعض الطرق‪ .‬‏‬

‫قال الاكم‪ :‬‏هذا حديث صحيح السناد‪ .‬‏‬

‫قال البدر الشبلي ف )آكام الرجان‪ ،‬ف أحكام الان(‪ :‬‏قال شأيخنا الذهب‪ :‬‏إسناده‬
‫حسُن؛ ورواه الاكم أيضا‪ ،‬عن طريق عمحرو بن مرةا‪ ،‬عن أب الضحى‪ ،‬بلفمظ‪ :‬‏)ف كل‬
‫أرض نو إبراهيم(‪ .‬‏‬

‫‪344‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وقال‪ :‬‏هذا حديث على شأرطر البخاري ومسُلم؛ ووافقه الذهب ف كونه على شأرطهمحا‪،‬‬
‫وزاد رجاله‪ :‬‏)أئمحة(؛ حكاه تلمحيذ بدر )‪ /1‬‏‪ (441‬‏الدين النفمي ف )الكام(؛ ورواه أيضا‬
‫البيهقي ف )شأعب اليان( ‏و )كتاب الساء والصفمات( ‏له‪ ،‬وقال‪ :‬‏إسناده صحيح‪،‬‬
‫ولكن شأاذ برةا‪ ،‬ول أعلم لب الضحى عليه متابعا‪ .‬‏‬

‫قال السُيوطي ف )الاوي(‪ :‬‏وهذا الكلم من البيهقي ف غاية السُن‪ ،‬فإنه ل يلزمم من‬
‫صحة السناد صحة الت‪ ،‬كمحا تقرر ف علوم الديث‪ ،‬لحتمحال أن يصح السناد‪،‬‬
‫ويكون ف الت شأذوذ وعلة تنع صحته‪ ،‬وإذا تبي ضعف الديث‪ ،‬أغنم ذلك عن‬
‫التأويل‪ ،‬لن مثل هذا القام ل تقبل فيه الحاديث الضعيفمة‪ ،‬ويكن أن يؤول على أن‬
‫الراد بم‪ :‬‏النذر الذين كانوا يبلغون الن عن أنبياء البشر‪ ،‬ول يبعد أن يسُمحى كل منهم‬
‫باسم النب الذي بلغ عنه ‪ -‬‏وال سبحانه وتعال أعلم ‪ .-‬‏انتهى‪ .‬‏‬

‫ورواه ابن جرير ف )تفمسُيخه( ‏من طريق عمحرو بن مرةا‪ ،‬عن أب الضحى‪ ،‬بلفمظ‪ :‬‏)ف كل‬
‫أرض مثل إبراهيم‪ ،‬ونو ما على الرض(‪ .‬‏‬

‫قال العسُقلن‪ ،‬والقسُطلن‪ :‬‏هكذا أخرجه متصرا‪ ،‬وإسناده صحيح‪ .‬‏انتهى‪ .‬‏‬

‫وذكره السُيوطي ف )الدر النثور(‪ ،‬وعزماه لبن أب حات‪ ،‬وقال ف )التدريب( ‏ف الكلم‬
‫على الطريق الول‪ :‬‏ول أزل أتعجب من تصحيح الاكم! ‏حت رأيت البيهقي‪ ،‬قال‪...:‬‬
‫ال‪ .‬‏‬

‫قال القسُطلن‪ :‬‏ففميه‪ :‬‏أنه ل يلزمم من صحة السناد صحة الت‪ ،‬كمحا هو معروف عند‬
‫أهل هذا الشأن‪ ،‬فقد يصح السناد‪ ،‬ويكون ف الت شأذوذ أو علة تقدحَّ ف صحته‪،‬‬
‫ومثل هذا ل يثبت بالديث )‪ /1‬‏‪ (442‬‏الضعيف؛ ونوه ف )روحَّ البيان( ‏ومثله ف‬
‫)سيخةا اللب(‪ .‬‏‬

‫قال ف )البداية(‪ :‬‏وهذا ممحول إن صح نقله على أن ابن عباس أخذه من السرائيليات‪ .‬‏‬

‫‪345‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫قال السُخاوي ف )القاصد السُنة(‪ :‬‏أي أقاويل بن إسرائيل ما ذكر ف التوراةا‪ ،‬أو أخذ‬
‫من علمحائهم ومشائخهم‪ ،‬كمحا ف )شأرحَّ النخبة(‪ ،‬وذلك إذا ل يب به معصوم‪ ،‬ويصح‬
‫سنده إليه‪ ،‬فهو مردود على قائله‪ .‬‏انتهى‪ .‬‏‬

‫ونقل ف )الكمحالي‪ ،‬حاشأية الللي( ‏عن ابن كثيخ‪ ،‬تلمحيذ شأيخ السلم‪ :‬‏ابن تيمحية ‪-‬‬
‫رحه ال ‪ -‬‏مثل ما تقدم من )البداية(‪ ،‬ولفمظ علي القارئ ف موضوعه الختصر السُمحى‪:‬‬
‫)بالصنوع( ‏نقل عن الافظ ابن كثيخ‪ :‬‏ذلك وأمثاله إذا ل يصح سنده إل معصوم‪ ،‬فهو‬
‫مردود على قائله‪ .‬‏انتهى‪ .‬‏‬

‫وقال اللب ف )إنسُان العيون( ‏بعدما نقل قول البيهقي‪ :‬‏ول يلزمم من صحة السناد‬
‫صحة الت‪ ،‬فقد يكون فيه مع صحة إسناده ما ينع صحته‪ ،‬فهو ضعيف‪ .‬‏انتهى‪ .‬‏‬

‫ومثله ف تفمسُيخ القاضي‪ :‬‏ثناء ال‪ ،‬السُمحى )بالظهري( ‏كمحا قيل؛ وضعفمه الزمرقان أيضا‪ .‬‏‬

‫وف تفمسُيخ )البحر اليط(‪ :‬‏ول شأك ف وضعه‪ .‬‏‬

‫وذكره الشوكان ف تفمسُيخه‪ :‬‏)فتح القدير( ‏ول يزمد على قول البيهقي‪ :‬‏)‪ /1‬‏‪ (443‬‏وف‬
‫إسناده عطاء بن السُائب‪ ،‬وهو من الختلطي‪ ،‬كمحا صرحَّ به النووي ف مقدمة شأرحه‬
‫لسُلم‪ .‬‏‬

‫وقال الافظ ف )التقريب(‪ :‬‏صدوق‪ .‬‏‬

‫وف )هدى السُاري‪ ،‬مقدمة فتح الباري(‪ :‬‏اختلط‪ ،‬فضعفموه بسُبب ذلك‪ .‬‏‬

‫وقال ييح بن معي‪ :‬‏ل يتج بديثه‪ ،‬وما روى عنه البخاري إل متابعا ف مقام واحد مع‬
‫أب بشر‪ ،‬ول يرج عنه مسُلم‬

‫وقال الاكم ف‪ :‬‏باب الكسُوف من )السُتدرك(‪ :‬‏ل يرجاه‪ ،‬بسُبب عطاء بن السُائب‪.‬‬
‫انتهى‪ .‬‏‬

‫‪346‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫والعجب من الاكم! ‏كيف حكم بصحته؟ مع علمحه بأن الشيخي ل يرجا حديث‬
‫عطاء وهذا الثر من روايته‪ ،‬فمحا أحقه بالتضعيف‪ .‬‏‬

‫وقال النذري ف كتاب )التمغيب(‪ :‬‏عطاء بن السُائب الثقفمي‪ ،‬قال أحد‪ :‬‏ثقة ورجل‬
‫صال‪ ،‬من سع منه قديا كان صحيحا‪ ،‬ومن سع منه حديثا ل يكن بشيء‪ ،‬ورواية‬
‫شأعبة والثوري وحاد بن زيد عنه جيدةا؛ زاد ف )التهذيب(‪ :‬‏من سع منه قديا قبل أن‬
‫يتغيخ‪ :‬‏شأعبة‪ ،‬وشأريك‪ ،‬وحاد؛ لكن قال ييح بن معي‪ :‬‏جيع من روى عن عطاء روى‬
‫عنه ف الختلطر‪ ،‬إل شأعبة وسفميان‪ ،‬فثبت أن شأريكا سع منه ف حالة الختلطر‬
‫والتغيخ دون )قبل ذلك(؛ وهذا الثر الضعيف من رواية شأريك‪ ،‬عن عطاء‪ .‬‏‬

‫قال القسُطلن‪ :‬‏وعلى تقدير ثبوته‪ ،‬يتمحل أن يكون العنم‪ :‬‏ث )‪ /1‬‏‪ (444‬‏من يقتدي‬
‫به‪ ،‬ويسُمحى بذه الساء‪ ،‬وهم رسل الرسل الذين يبلغون الن عن أنبياء ال‪ ،‬ويسُمحى‬
‫كل منهم باسم النب الذي يبلغ عنه‪ .‬‏انتهى‪ .‬‏‬

‫زاد السُيوطي ‪ -‬‏رحه ال ‪ :-‬‏وحينئذ كان لنبينا ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ -‬‏من الن اسه‬
‫كاسه‪ ،‬ولعل الراد اسه الشهور‪ ،‬وهو‪ :‬‏ممحد ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪-‬؛ فليتأمل‪ .‬‏‬

‫ومثله ف تفمسُيخ )روحَّ البيان(‪ ،‬ونوه ف )إنسُان العيون( ‏نقل عن السُيوطي‪ .‬‏‬

‫وحله ابن عرب ف )الفمتوحات( ‏على عال الثال‪ ،‬حيث قال‪ :‬‏وخلق ال من جلة عوالها‬
‫على صورنا إذا أبصر العارف يشاهد نفمسُه فيها‪ ،‬وقد أشأار إل مثل ذلك ابن عباس‬
‫فيمحا روي عنه ف حديث هذه الكعبة‪ ،‬وأنا بيت واحد من أربعة عشر بيتا‪ ،‬وإن ف كل‬
‫أرض من السُبع الرضي خلقا مثلنا‪ ،‬حت إن فيهم ابن عباس مثلي‪ ،‬وصدقت هذه‬
‫الرواية عند أهل الكشف‪ .‬‏انتهى‪ .‬‏‬

‫وعليه حله صاحب )التكمحيل( ‏‪ -‬‏كمحا تقدم ‪ ،-‬وعلى ذلك ليس فيه ما يفميد السُتدلي‬
‫به‪ ،‬وليس الثر الوقوف بديث عند أهل النقد والعرفة بعلم الديث‪ ،‬حت يتج به ف‬
‫الحكام والتفماسيخ عند المحاهيخ‪ .‬‏‬

‫‪347‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫وقال الشوكان ف )السُيل الرار(‪ :‬‏تفمسُيخ الصحابة للية ل تقوم به الجة‪ ،‬ل سيمحا مع‬
‫اختلفه‪ .‬‏انتهى‪ .‬‏‬

‫وهذا الثر‪ :‬‏قد ورد ف بدء اللق دون العقائد‪ ،‬حت تبنم عليه عقيدةا‪ ،‬ويتاج إل‬
‫تطبيقه‪ ،‬وتأويله‪ ،‬وتصحيح معناه‪ ،‬وإثبات مبناه‪ ،‬والعتب )‪ /1‬‏‪ (445‬‏ف العقائد‪ :‬‏هو‬
‫الدلة اليقينية ل الظنية‪ ،‬كمحا صرحَّ بذلك أهل العلم بالكلم‪ .‬‏‬

‫قال الرازي ف )الكبيخ(‪ :‬‏إن العتقاد ينبغي أن يكون مبناه على اليقي‪ ،‬وكيف يوز إتباع‬
‫الظن ف المر العظيم‪ ،‬وكلمحا كان المر أشأرف وأخطر‪ ،‬كان الحتياطر فيه أوجب‬
‫وأجدر‪ .‬‏انتهى‪ .‬‏‬

‫وعلى هذا فل يسُتأنس ف تأييد هذا الثر الضعيف أو الوضوع إل ما ذكره ف‬


‫)العرائس( ‏و )بدائع الزمهور( ‏من وجود اللق ف بقية طبقات الرض‪ ،‬لكونه متلفما مفمتعل‬
‫مرويا من السرائيليات‪ .‬‏‬

‫قال النيسُابوري ف )تفمسُيخه(‪ :‬‏ذكر الثعلب ف تفمسُيخه فصل ف خلئق السُمحوات‬


‫والرضي‪ ،‬وأشأكالم‪ ،‬وأسائهم‪ ،‬أضربنا عن إيرادها‪ ،‬لعدم الوثوق بتلك الروايات‪ .‬‏انتهى‪ .‬‏‬

‫قال الفماجي ف )حاشأية البيضاوي(‪ :‬‏وليسُت هذه السُألة من ضروريات الدين‪ ،‬حت‬
‫يكفمر من أنكرها‪ ،‬أو تردد فيها‪ ،‬والذي نعتقده‪ :‬‏أنا طبقات سبع‪ ،‬ولا سكان من خلقه‬
‫يعلمحهم ال‪ .‬‏انتهى‪ .‬‏‬

‫وقد وقعت الزملزل والقلقل لجل ذلك الثر لذا العهد بي أبناء الزممان‪ ،‬با ل يأت‬
‫بفمائدةا‪ ،‬ول يعود بعائدةا‪ ،‬ولذا ذكرنا ف بعض الفمتاوى‪ :‬‏أنه ليس إثبات تلك الوادم‬
‫والوات من أحكام الشرع ف ورد ول صدر‪ ،‬وليس على القول بوجبه أثارةا من علم‪،‬‬
‫وكل حزمب با لديهم فرحون‪ ،‬وال يهدي من يشاء إل صراطر مسُتقيم‪ .‬‏‬

‫‪348‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫ث من استدل بذا الثر على إمكان وجود مثله ‪ -‬‏صلى ال عليه وسلم ‪ ،-‬وكونه داخل‬
‫تت القدرةا اللية‪ ،‬فقد أطال السُافة ‪ ،‬وأبعد النجعة ‪ ،‬وأتى )‪ /1‬‏‪ (446‬‏با هو أجنب‬
‫عن القام‪ ،‬وخارج من مل النزماع‪ ،‬فإن بي السُألتي بونا بعيدا‪ ،‬وأن لم التناوش من‬
‫مكان بعيد‪ .‬‏)‪ /1‬‏‪ (447‬‏‬

‫قف‪ :‬‏‬

‫هذا المرقوم‪ :‬‏قد ت بعون رب البية ‪ ،‬ف شأهر ربيع الول ‪ ،‬من سنة إحدى وتسُعي‬
‫ومائتي وألف الجرية ‪ ،‬والراقم له بيمحناه‪ :‬‏الفمقيخ إل عفمو موله‪ ،‬ابن عبده وأمته ‪ ،‬الامل‬
‫‪ ،‬التواري ‪ ،‬أبو الطيب‪ :‬‏صديق بن حسُن بن علي السُين ‪ ،‬القنوجي ‪ ،‬البخاري ؛ ستم‬
‫ال عيوب نفمسُه ‪ ،‬وجعل غده خيخا من أمسُه‪ .‬‏‬

‫وهذا العبد ‪ -‬‏عفما ال عنه ما جناه‪ ،‬واستعمحله فيمحا يبه ويرضاه ‪ :-‬‏له يد جارحة‪ ،‬وينم‬
‫عاملة ف العلوم الشرعية‪ ،‬سيمحا التفمسُيخ‪ ،‬والديث‪ ،‬والفمقه‪ ،‬وأصولا‪ ،‬والتاريخ‪ ،‬والدب‪،‬‬
‫كمحا يلوحَّ من مؤلفماته‪ ،‬وقد خصه ال ‪ -‬‏تعال ‪ -‬‏بكرمه الوافر‪ ،‬لذا العهد الخر‪،‬‬
‫بتدوين أحكام السلم‪ ،‬على الوجه الأثور عن سيد النام‪ ،‬والسُلف الكرام‪ ،‬على نوع ل‬
‫يسُبق إليه أحد من علمحاء الديار الندكية‪ ،‬وال يتصخ برحته من يشاء‪ .‬‏‬

‫وألو أن لي في كل منبت شعرة ‪ ...‬‏لسانا لما استوفيت وأاجب حمده‬

‫وقد أعانه ‪ -‬‏سبحانه وتعال ‪ -‬‏على تصيل تلك العلوم‪ ،‬وكتبها النفميسُة العزميزمةا الوجود‪،‬‬
‫بأنواع العلوم والوجود‪ ،‬وأمال إليه قلوب أوليائه‪ ،‬وأضاف إليه من نعمحه مال ياطر به‪،‬‬
‫ووفقه بإيثار الق على اللق‪ ،‬رضا الالق على الخلوق‪ ،‬وتقدي العلوم القة السلمية‬
‫على الفمنون العقلية الفملسُفمية‪ ،‬حت ذهب غالب أوقاته‪ ،‬وأكثر عمحره‪ ،‬ف دراسة )‪/1‬‬
‫‪ (448‬‏الكتاب والسُنة‪ ،‬وما يليهمحا‪ ،‬ومانبة أهل البدع والواء‪ ،‬واستفماد من كلم السُلف‬
‫استفمادةا تامة‪ ،‬واستفماض من كتب مققي اللف استفماضة عامة‪ ،‬إل أن حصل منها‬
‫على فوائد‪ ،‬ل يسُتطيع أن يبوحَّ با‪ ،‬وعوائد ل يقدر أن يلوحَّ إليها‪ ،‬وحقائق ل يكن‬

‫‪349‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫العبارةا عنها‪ ،‬إل بالفموائد والعوائد‪ ،‬ومسُائل لا منها عليها شأواهد‪ ،‬كيف؟ وهي فوق‬
‫وصف الواصفمي‪ ،‬ووراء طور البيان‪ ،‬ول يهتدي إل مثل ذوقها ولذتا إل أفراد من نوع‬
‫النسُان‪ ،‬الذين زاحونا ف درك البان‪ ،‬وأخذ العان‪ ،‬على وجه يكمحل به التقان‬
‫والذعان‪ ،‬ول المحد على كل حال‪ ،‬وهو الفميض للكمحال‪ ،‬على مثال وغيخ مثال‪ .‬‏‬

‫وما أحسُن ما قال ابن خلدون‪ :‬‏التحقيق‪ :‬‏قليل‪ ،‬وطرف التنقيح‪ :‬‏ف الغالب كليل‪،‬‬
‫والغلط والوهم‪ :‬‏نسُيب للناس وخليل‪ ،‬والتقليد‪ :‬‏عريف ف الدميي وسليل‪ ،‬والتطفمل‪ :‬‏على‬
‫الفمنون عريض وطويل‪ ،‬ومرعى الهل‪ :‬‏بي النام وخيم وبيل‪ ،‬والق‪ :‬‏ل يقاوم سلطانه‪،‬‬
‫والباطل‪ :‬‏يقذف بشهاب النظر شأيطانه‪ ،‬والناقل‪ :‬‏إنا هو يلي وينقل‪ ،‬والبصيخةا‪ :‬‏تنقد‬
‫الصحيح إذا تقل‪ ،‬والعلم‪ :‬‏يلو لا صفمحات الصواب ويصقل‪ .‬‏انتهى‪ .‬‏‬

‫وبالمحلة‪ :‬‏فالققون بي أهل اللل والنحل قليلون‪ ،‬ل يكادون ياوزن عدد النامل‪ ،‬ول‬
‫حركات العوامل‪ ،‬والناقد البصيخ قسُطاس نفمسُه ف تزمييفمهم فيمحا ينقلون‪ ،‬واتباعهم فيمحا‬
‫يقولون‪ ،‬بيد أنه ل يأت من بعد هؤلء إل مقلد‪ ،‬وبليد الطبع والعقل‪ ،‬أو متبلد ينسُج‬
‫على ذلك النوال‪ ،‬ويتذي منه بالثال‪ ،‬فيجلب صورا قد تردت عن موادها‪ ،‬وصفماحا‬
‫انستضيت من أعمحادها‪ ،‬ومعارف يسُتنكر للجهل )‪ /1‬‏‪ (449‬‏طارفها وتلدها‪ ،‬وإنا هي‬
‫آراء ل تعلم أصولا‪ ،‬ومقالت ل تعتب أجناسها ول تققت فصولا‪ ،‬يكررون ف‬
‫دراستهم التهدات التداولة منذ زمان بأعيانا تقليدا لن عن من الحبار والرهبان بشأنا‬
‫‪ ،‬ويغفملون أمر الكتاب والسُنة الناشأئة ف ديوانا ‪ ،‬با أعوز عليهم من ترجانا ‪،‬‬
‫فتسُتعجم صحفمهم ف بيانا‪ ،‬وألسُنتهم عن تبيانا ‪ ،‬ث إذا تعرضوا يوما لذكر السُنن ‪،‬‬
‫نسُقوا اخبها نسُقا‪ ،‬غيخ مافظي على نقلها وها أو صدقا ‪ ،‬ليتعرضون لبدايتها ‪ ،‬ول‬
‫يذكرون السُبب الذي رفع من رايتها‪ ،‬وأظهر من آيتها ‪ ،‬ول علة الوقوف عند غايتها ‪،‬‬
‫فيبقى التبع للحديث متطلعا بعسد إل أحوال صحتها وضعفمها ومراتبها ‪ ،‬مفمتشا عن‬
‫أسباب تسُكها واعتزمالا ‪ ،‬أو تزماحها وتعاقبها‪ ،‬باحثا عن القنع ف تبيانا أو تناسبها‪،‬‬
‫ولذلك تران لا طالعت كتب القوم‪ ،‬وسبت غور المس وند اليوم ‪ ،‬نبهت عي‬
‫القرية من سنة الغفملة والنوم ‪ ،‬وست التأليف غالبا ف الكتاب والسُنة وما يليهمحا من‬

‫‪350‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫نفمسُي ‪ ،‬وأنا الفملس أحسُن السُوم ‪ ،‬فأنشأت ف تدوين ذلك كتبا ورسائل ‪ ،‬وجعت‬
‫لتيسُيخ هذه الصعاب ‪ ،‬والطلع على تلك الضاب ‪ ،‬أسفمارا ومسُائل ‪ ،‬فهذبت‬
‫مناحيها تذيبا‪ ،‬وقربتها للفهام تقريبا ‪ ،‬وأتيت با يتعك بقائق دين السلم وأسبابه ‪،‬‬
‫ويعرفك كيف دخل أهل العلم من أبوابه ‪ ،‬حت تنزمع من التقليد يدك‪ ،‬وتقف على‬
‫أحوال قبلك من سلف المة وأئمحتها ومن بعدك‪ .‬‏‬

‫فعليك بؤلفماتنا ومؤلفمات مشائخنا ف كل باب ‪ ،‬تدها إن ‪ -‬‏شأاء ال تعال ‪ -‬‏ملوءةا‬


‫دينا بتا‪ ،‬وشأرعا صرفا‪ ،‬عند كل إياب وذهاب‪ ،‬ولعلك ل تتاج بعد إحرازها ف درك‬
‫الق القيق بالصواب ‪ ،‬من الحكام والسُائل إل سفمر وكتاب ‪ ،‬إن كنت من ينصف‬
‫ول يتعسُف‪ /1) ،‬‏‪ (450‬‏ويؤثر الق على اللق ول يتوقف‪ ،‬ول ياف ف ال لومة‬
‫لئم‪ ،‬وهو عن رد العاصرين صائم ‪ ،‬واعلم أن إل ال مصيخك ‪ ،‬فمحن نصيخك ؟ وف‬
‫الدث مقيلك ‪ ،‬فيمحا قيلك؟‬

‫القسم الوأل‪ :‬‏من هذا الكتاب ‪ ،‬وبال التوفيق ‪ ،‬وإليه التاب ‪ ،‬ويتلوه‬
‫آخآر ‏ ‏‬
‫وأهذا ‏ ‏‬
‫ ‏ ‏‬
‫القسُم الخر‪ ،‬إن شأاء ال تعال‪ .‬‏‬

‫قد تم القسم الوأل‪ :‬‏من كتاب‪ :‬‏)‏‏أبجد العلوم(‏‏‪ ،‬المسمى‪ :‬‏)‏‏بالوشي المرقوم(‏‏‪ .‬‏‬

‫قد تنم ‪ -‬‏بعون ال تعالى ‪ ،‬وأتححسغن توفيقه ‪ -‬‏الجزء الوأل ‪ ،‬من كتاب‪ :‬‏)‏‏أبجد العلوم(‏‏ ‏‪ ،‬على‬
‫يد كاتبه الفقير‪ :‬‏علي بن حسين ‪ ،‬وأعلى يد صافه وأمعده للنشر‪ :‬‏عمر بن رحال ‪ -‬‏غفر ال‬
‫لهم ذنوبهم وأستر عيوبهم ‪.-‬‬

‫تنبيه‪ :‬‏الكتاب به مخالفات فلينتبه إليها ‪ ،‬وأهي ناتجة عن عدم التحقيق وأالتدقيق في‬
‫النصوص ‪ ،‬وأنحتن قصد نبهنا على بعضها بالداخآل ‪ ،‬يلزم وأوأرد ‪ xp‬‏عربي ‪.‬‬

‫وأجزاكم ال خآيرا‬

‫‪351‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬
‫أبجد العلوم – المجلد الوأل‬
‫صديق حسن خان‬

‫‪352‬‬ ‫‪alsalafway.com‬‬

You might also like