You are on page 1of 192

‫الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‬

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬


‫جــامعــة باتنة ‪ 1‬الحاج لخضر‬
‫كلية العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬
‫قسم العلوم املالية واملحاسبة‬

‫محاضرات في االقتصاد النقدي وأسواق رؤوس‬


‫األموال‬
‫مطبوعة مقدمة لطلبة السنة الثانية مالية ومحاسبة وعلوم اقتصادية‬
‫وتجارية وعلوم التسيير‬

‫السنة الجامعية‪1017-1016 :‬‬


‫ين }}‬‫ِِ‬ ‫{{ ال تَ ِهنُوا َوال تَ ْح َزنُوا َو ْ‬
‫ك ْنتُ ْم ُم ْؤمن َ‬
‫ن إِ ْن ُ‬
‫َعلَ ْو َ‬
‫أَنتُ ُم األ ْ‬
‫سورة آل عمران آلاية ‪931‬‬
‫فهرس المحتويات‬
‫وقائمة الجداول واألشكال‬
‫فهرس املحتويات‬

‫أ‪-‬ب‬ ‫تقديم‬

‫‪62-10‬‬ ‫املحور ألاول‪ :‬تعريف النقود‪ ،‬وظائفها وأشكالها‬


‫‪20‬‬ ‫‪.............................................................................................................................................................‬‬ ‫أوال‪ :‬نشأة النقود وتعريفها‬
‫‪20‬‬ ‫‪..........................................................................................................................................‬‬ ‫ثانيا‪ :‬خصائص ووظائف النقود‬
‫‪51‬‬ ‫‪.....................................................................................................................................................................................‬‬ ‫ثالثا‪ :‬أنواع النقود‬
‫‪55-62‬‬ ‫املحور الثاني‪ :‬ألانظمة النقدية والعرض النقدي‬
‫‪02‬‬ ‫‪.........................................................................................................................‬‬ ‫أوال‪ :‬تعريف ألانظمة النقدية وأنواعها‬
‫‪02‬‬ ‫‪................................................................................................................................‬‬ ‫ثانيا‪ :‬بنية الكتلة النقدية ومقابالتها‬
‫‪02‬‬ ‫‪.....................................................................................................................‬‬ ‫ثالثا‪ :‬قياس العرض النقدي ومحدداته‬
‫‪26-52‬‬ ‫املحور الثالث‪ :‬النظريات النقدية‬
‫‪10‬‬ ‫‪.........................................................................................................................................................‬‬ ‫أوال‪ :‬النظرية الكمية للنقود‬
‫‪66‬‬ ‫‪...................................................................................................................................‬‬ ‫ثانيا‪ :‬نظرية تفضيل السيولة لكينز‬
‫‪00‬‬ ‫‪...................................................................‬‬ ‫ثالثا‪ :‬النظرية الكمية الحديثة "تحليل ملتون فريدمان"‬
‫‪012-28‬‬ ‫املحور الرابع‪ :‬السياسة النقدية‬
‫‪20‬‬ ‫‪..............................................................................................‬‬ ‫أوال‪ :‬ماهية السياسة النقدية ومراحل تطورها‬
‫‪20‬‬ ‫‪.................................................................................‬‬ ‫ثانيا‪ :‬أهداف السياسة النقدية ومستويات فعاليتها‬
‫‪70‬‬ ‫‪...............................................................................................‬‬ ‫ثالثا‪ :‬أدوات السياسة النقدية وقنوات إبالغها‬
‫‪062-012‬‬ ‫املحور الخامس‪ :‬النظام املالي "ألانظمة املصرفية وألاسواق املالية"‬
‫‪522‬‬ ‫‪........................................................................................................................‬‬ ‫أوال‪ :‬تعريف النظام املالي وأهم وظائفه‬
‫‪551‬‬ ‫‪................................................................................................................‬‬ ‫ثانيا‪ :‬تعريف النظام املصرفي ومؤسساته‬
‫‪500‬‬ ‫‪......................................................................................................................‬‬ ‫ثالثا‪ :‬تعريف السوق املالية وتقسيماتها‬
‫‪082-062‬‬ ‫املحور السادس‪ :‬قنوات التمويل في الاقتصاد‬
‫‪507‬‬ ‫‪.................................................. .............................................................................................................................‬‬ ‫أوال‪ :‬التمويل املباشر‬
‫‪515‬‬ ‫‪................................................................................................................. ................................................‬‬ ‫ثانيا‪ :‬التمويل غير املباشر‬
‫‪510‬‬ ‫‪.........................................................................................................................................................‬‬ ‫ثالثا‪ :‬أشكال ألانظمة املالية‬

‫‪I‬‬
‫‪052-082‬‬ ‫املحور السابع‪ :‬سوق رأس املال‬
‫‪517‬‬ ‫‪..................................................................................................................‬‬ ‫أوال‪ :‬تعريف سوق رأس املال وتقسيماتها‬
‫‪500‬‬ ‫‪..................................................................‬‬ ‫ثانيا‪ :‬خصائص سوق رأس املال وألاطراف املتدخلة فيها‬
‫‪507‬‬ ‫‪...................................................‬‬ ‫ثالثا‪ :‬ألادوات املتداولة في سوق رأس املال وإجراءات التعامل‬
‫‪025-051‬‬ ‫املحور الثامن‪ :‬السوق النقدية‬
‫‪562‬‬ ‫‪....................................................................................................................‬‬ ‫أوال‪ :‬تعريف السوق النقدية وتقسيماتها‬
‫‪561‬‬ ‫‪..........................................................................‬‬ ‫ثانيا‪ :‬خصائص السوق النقدية وأهم املتدخلين فيها‬
‫‪560‬‬ ‫‪........................................................................................................................................................‬‬ ‫ثالثا‪ :‬أدوات السوق النقدية‬
‫‪028-022‬‬ ‫قائمة املراجع‬

‫‪II‬‬
‫قائمة الجداول‬
‫الصفحة‬ ‫العنوان‬ ‫الرقم‬
‫‪62‬‬ ‫نقاط التشابه والاختالف بين النقود وبطاقات الدفع الالكتروني‬ ‫‪0‬‬
‫‪62‬‬ ‫نقاط التشابه والاختالف بين الشيكات وبطاقات الدفع الالكتروني‬ ‫‪6‬‬
‫‪38‬‬ ‫ميزانتي البنك املركزي والقطاع املصرفي‬ ‫‪8‬‬
‫‪33‬‬ ‫امليزانية املوحدة للنظام املصرفي‬ ‫‪3‬‬
‫‪35‬‬ ‫مقابل الذهب والعمالت ألاجنبية‬ ‫‪5‬‬
‫‪32‬‬ ‫مقابل قروض الخزينة العامة‬ ‫‪2‬‬
‫‪56‬‬ ‫عملية خلق النقود‬ ‫‪2‬‬
‫‪055‬‬ ‫أهم الفروق بين العقود املستقبلية والعقود آلاجلة‬ ‫‪2‬‬

‫قائمة ألاشكال‬
‫الصفحة‬ ‫العنوان‬ ‫الرقم‬
‫‪01‬‬ ‫وظائف النقود وظائف النقود‬ ‫‪0‬‬
‫‪02‬‬ ‫أنواع النقود‬ ‫‪6‬‬
‫‪81‬‬ ‫أنواع ألانظمة النقدية‬ ‫‪8‬‬
‫‪26‬‬ ‫توزيع الدخل الشهري‬ ‫‪3‬‬
‫‪26‬‬ ‫منحنى الطلب على النقد‬ ‫‪5‬‬
‫‪22‬‬ ‫استراتيجية السياسة النقدية الحديثة‬ ‫‪2‬‬
‫‪18‬‬ ‫ألاهداف النهائية للسياسة النقدية‬ ‫‪2‬‬
‫آلية انتقال آثار السياسة النقدية لالقتصاد الحقيقي من خالل‬
‫‪013‬‬ ‫‪2‬‬
‫أسعار الفائدة‬
‫‪062‬‬ ‫أقسام السوق املالية‬ ‫‪1‬‬
‫‪081‬‬ ‫التمويل املباشر في النظام املالي‬ ‫‪01‬‬
‫‪080‬‬ ‫التمويل شبه املباشر في النظام املالي‬ ‫‪00‬‬
‫‪088‬‬ ‫تمويل الاقتصاد عبر قناتي التمويل املباشر والتمويل غير املباشر‬ ‫‪06‬‬
‫‪085‬‬ ‫التمويل في نظام اقتصاديات الاستدانة‬ ‫‪08‬‬
‫‪082‬‬ ‫التمويل في نظام اقتصاديات ألاسواق املالية‬ ‫‪03‬‬

‫‪III‬‬
‫تقديم للمحاضرات‬
‫ت ـق ـدي ـ ـ ـ ـ ـ ــم‬

‫تعد النقود عصب الحياة الاقتصادية الحديثة وعنصرا فاعال ضمن مجموع املتغيرات الاقتصادية‬
‫بالغة التأثير في النشاط الاقتصادي‪ ،‬إذ ال يمكن ألحد أن ينكر أهميتها ابتداء من أثرها على التعامل‬
‫اليومي حتى آثارها املباشرة وغير املباشرة على أبرز املؤشرات الاقتصادية الكلية كالناتج والدخل والنمو‪،‬‬
‫هذا باإلضافة إلى العالقة الوطيدة التي تربط التقلبات في عرض النقود والطلب عليها بمستويات‬
‫ً‬
‫الاستقرار الاقتصادي والنقدي والذي هو أصال أحد محددات التوازن الاقتصادي‪ ،‬فضال عما يتعلق‬
‫بجودة املحيطين املالي والاستثماري‪.‬‬
‫تبعا لهذه املكانة وهذا الدور‪ ،‬شكلت النقود محور دراسات نظرية وتجريبية عديدة حاولت فهم‬
‫وتحليل دور النقود في الحياة الاقتصادية وبرزت معها مجموعة من النظريات التي سعت إلى إدماج هذا‬
‫املتغير ضمن النموذج الاقتصادي العام وتبيان دور النقود في الاقتصاد‪ ،‬وهذا من أجل فهم الطريقة‬
‫التي من خاللها يتم توظيف النقد في تحقيق ألاهداف الاقتصادية العامة على غرار النمو والتشغيل‬
‫واستقرار ألاسعار وفق ما يصطلح عليه بالسياسة النقدية‪.‬‬
‫إلى ذلك‪ ،‬يعد النظام املصرفي واملالي الذي تمثل النقود موضوع نشاط مؤسساته على اختالفها‪،‬‬
‫أي من النظم‬‫جزءا أساسيا من البناء الاقتصادي السائد في أي دولة ويلعب دورا مهما في ظل ٍ‬
‫الاقتصادية والاجتماعية‪ ،‬هذا الدور وتلك ألاهمية يأخذها من خالل سعي املجتمعات لتحقيق التنمية‬
‫والرفاه‪ ،‬إذ يمثل النظام املالي في الواقع جزءا هاما من مكونات النظام الاقتصادي‪ ،‬وأحد املؤثرات‬
‫الرئيسية في مستوى النشاط‪ ،‬ليس فقط نتيجة تأثيره على مختلف القطاعات الاقتصادية ألاخرى ولكن‬
‫ألن له تأثيرات اجتماعية تمتد إلى مختلف شرائح املجتمع بشكل مباشر وغير مباشر من خالل الوظائف‬
‫التي تؤديها املؤسسات وألاسواق املالية في الاقتصاد وما يترتب عليها من نتائج اقتصادية واجتماعية‪.‬‬
‫في إطار ما تقدم تأتي هذه املطبوعة من أجل تقديم إحاطة نظرية شاملة للمفاهيم والجوانب‬
‫ألاساسية في موضوعات النقود والبنوك وألاسواق املالية‪ ،‬سيما بالنسبة لطلبة السنة ثانية علوم‬
‫اقتصادية وتجارية وعلوم التسيير‪ ،‬على النحو الذي يتيح تزويد املتلقي وإثراء معارفه في واحد من بين‬
‫أهم مجاالت علم الاقتصاد ككل‪ ،‬ويسمح بتكامل مجموع مهاراته وخبراته التي تتقاطع في عديد جوانبها‬
‫مع موضوعات الاقتصاد البنكي والاقتصاد الكلي واملالية العامة وغيرها من املواضيع ألاخرى‪.‬‬

‫أ‬
‫ت ـق ـدي ـ ـ ـ ـ ـ ــم‬

‫وعليه فقد جرى تقسيم هذه املطبوعة إلى ثماني محاور‪ ،‬أربع منها خصصت ملسائل النظم النقدية‬
‫والنظريات والسياسات النقدية‪ ،‬في حين تضمنت املحاور ألاربعة ألاخرى أساسيات الاقتصاد املصرفي‬
‫واملالي‪ ،‬وهذا حسب ما يلي‪:‬‬

‫تعريف النقود‪ ،‬وظائفها وأشكالها‬ ‫‪-‬‬


‫ألانظمة النقدية والعرض النقدي‬ ‫‪-‬‬
‫النظريات النقدية‬ ‫‪-‬‬
‫السياسة النقدية‬ ‫‪-‬‬
‫النظام املالي "ألانظمة املصرفية وألاسواق املالية"‬ ‫‪-‬‬
‫قنوات التمويل في الاقتصاد‬ ‫‪-‬‬
‫سوق رأس املال‬ ‫‪-‬‬
‫السوق النقدية‬ ‫‪-‬‬

‫جاءت محاور املحاضرات وفقا للترتيب السابق متبعة تسلسال منهجيا في طرح املواضيع املعنية‬
‫بالدراسة‪ ،‬إذ تنطلق من نشأة النقود مرورا باملفاهيم الحديثة لها وأهم أنواعها وصوال إلى النظم النقدية‬
‫املترتبة على هذه ألانواع وأبرز النظريات والسياسات النقدية في هذا الشأن‪ ،‬ليتم الانتقال في الجزء‬
‫الثاني إلى املفاهيم املرتبطة باألنظمة املالية وقنوات تمويل الاقتصاد املباشرة وغير املباشرة‪ ،‬مع التركيز‬
‫على دور سوقي رأس املال والسوق النقدي من خالل التطرق بالشرح لتقسيمات هذه ألاسواق وأدواتها‬
‫وأهم املتدخلين فيها‪.‬‬

‫املؤلف‬

‫ب‬
‫المحور األول‪ :‬تعريف النقود‪ ،‬وظائفها وأشكالها‬

‫أوال‪ :‬نشأة النقود وتعريفها‬

‫ثانيا‪ :‬خصائص ووظائف النقود‬

‫ثالثا‪ :‬أنواع النقود‬


‫املحور ألاول ________________________________________________________ تعريف النقود‪ ،‬وظائفها وأشكالها‬

‫تمهيد‬
‫يوجد اهتمام متزايد بدراسة النقود بين الاقتصاديين منذ سنوات طويلة‪ ،‬ألن مجرد تعريف النقود‬
‫كانت وما زالت مثار جدل بين الاقتصاديين‪ ،‬ناهيك عن مكونات كمية النقود وعرض النقود في الاقتصاد‪،‬‬
‫ً‬
‫وتتبع أسباب تطور النقود والتوسع في تحديد مكوناتها‪ ،‬وصوال إلى أشكالها املعاصرة وأدوات التعامل‬
‫عليها‪ ،‬عالوة على وجود مبررات للخلط املتعمد بين أدوات التعامل على النقود والنقود ذاتها‪ ،‬سواء في‬
‫بيئة نظام اقتصادي متقدم أو متخلف‪.‬‬
‫وبناء على ذلك سوف يركز هذا املحور بش يء من التفصيل على دراسة نشأة النقود وتطورها‬
‫ووظائفها وأنواعها ضمن ثالث عناصر رئيسية نتناولها فيما يلي‪.‬‬

‫أوال‪ :‬نشأة النقود وتعريفها‬


‫ال يعرف على وجه التحديد متى استخدم الانسان النقود ألول مرة ولكن املتفق عليه بين املهتمين‬
‫بالشؤون النقدية من الاقتصاديين بصفة عامة هو أن الحاجة إلى استعمال النقود نشأت عندما عجز‬
‫نظام املقايضة عن القيام بمهمة تسهيل التبادل أمام تزايد درجات التخصص‪ ،‬واتساع تقسيم العمل‬
‫وبالتالي تعقيد عمليتي الانتاج والتوزيع‪ ،‬ومن هنا ظهرت النقود للتغلب على هذه الصعوبات‪.‬‬

‫‪ -1‬نظام املقايضة (‪)Barter System‬‬


‫في ظل النظام الاقتصادي البدائي‪ ،‬كانت الصورة الغالبة للمجتمعات تقوم على شكل من أشكال‬
‫ً‬
‫مثال‪ّ ،‬‬
‫يوزع على ألافراد‪ ،‬بصرف النظر‬ ‫الاقتصاد املعيش ي البدائي‪ .‬فما تحصل عليه الجماعة‪ ،‬من الصيد‬
‫كافيا ً‬
‫نسبيا إلشباع حاجة ألافراد‬ ‫عن مدى مساهمة كل فرد في إلانتاج‪ .‬ولقد اعتبر إلانتاج في ذلك الوقت ً‬
‫والجماعة‪ ،‬ولم تكن هناك ضرورة ّ‬
‫ملحة لقيام التبادل مع جماعات أخرى‪ .‬ولكن يتضح من التجارب أن‬
‫ُ‬
‫التخصص‬ ‫صفة الجمود تنتفي عن عقلية إلانسان وصفة الثبات الحتياجاته‪ ،‬ومع نشأة‬
‫‪ ،Specialization‬وتقسيم العمل ‪ Labour – Division‬بين ألافراد والجماعات بدأ اقتصاد التبادل يفرض‬
‫ضيقة ترتبط بسوق ّ‬
‫محدد‪ ،‬واتسع تدر ً‬
‫يجيا ليشمل كافة‬ ‫ً‬
‫حدودا ّ‬ ‫ّ‬
‫ليتعدى‬ ‫وجوده‪ ،‬واتسع نطاق املقايضة‬
‫القطاعات الاقتصادية‪ ،‬وازداد بذلك اعتماد الناس بعضهم على بعض في إشباع حاجاتهم‪ .‬ذلك أن‬
‫املجتمع‪1.‬‬ ‫إلانسان يعتمد في إشباع حاجاته على ما ينتجه بنفسه‪ ،‬وما ينتجه غيره من أفراد‬

‫‪ 1‬بسام الحجار‪ ،‬الاقتصاد النقدي واملصرفي‪ ،‬دار املنهل اللبناني‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،6002 ،‬ص‪.71 :‬‬

‫‪2‬‬
‫املحور ألاول ________________________________________________________ تعريف النقود‪ ،‬وظائفها وأشكالها‬

‫ّ‬
‫املتخصص في إنتاجه‪،‬‬ ‫فالتخصص من ناحية‪ ،‬يؤدي إلى إنتاج كمية من السلعة تفوق حاجة الفرد‬ ‫ُ‬
‫ّ‬
‫فاملتخصص في‬ ‫ومن ناحية ثانية يفتقر الفرد إلى سائر ّ‬
‫السلع ألاخرى التي ينتجها غيره من أفراد املجتمع‪.‬‬
‫ً‬
‫إنتاج القمح مثال‪ ،‬يفتقر إلى امللبس وأدوات الزراعة وغيرها‪ .‬وهكذا يمكننا القول أن آلاثار الكاملة للتبادل‬
‫والتخصص يؤدي‪ً ،‬‬‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫غالبا إلى وجود فائض إنتاج‪ ،‬ولنرمز‬ ‫التخصص ونشأة السوق‪،‬‬ ‫لم تظهر إال مع ظهور‬
‫ً‬
‫لفائض السلعة ‪ A‬مثال‪ :‬بـ ‪ A‬ولفائض السلعة ‪ B‬بـ ‪ ،B‬فالتبادل يتم على أساس‪ A ،‬مقابل ‪ ،B‬ومن الواضح‪،‬‬
‫أن املقايضة بهذا الشكل تعود بالفوائد‪ ،‬طاملا أن إعداد السلع وأنواعها محدودة‪ ،‬وطاملا أن رغبة إلانسان‬
‫في إشباع حاجاته بسيطة وغير ّ‬
‫معقدة‪ ،‬فاملقصود باملقايضة مبادلة السلع والخدمات بعضها ببعض‬
‫ّ‬
‫(الحيز الجغرافي‬ ‫دون استخدام النقود‪ ،‬وهي كأساس للمقايضة‪ ،‬تفترض وجود السوق مكان املقايضة‪.‬‬
‫الذي يلتقي فيه عارض السلعة مع طالبها)‪ ،‬ووجود الزمان‪( ،‬أن يتواجد عارض السلعة وطالبها في نفس‬
‫الوقت)‪ ،‬والسلعة موضوع املقايضة‪ ،‬وأن يكون لهذه السلعة مقياس ّ‬
‫تعبر عن قيمتها من خالله‪1.‬‬

‫‪ -2‬صعوبات نظام املقايضة‬


‫ّ‬
‫التخصص وتقسيم العمل‪ ،‬واعتماد الناس‬ ‫للمقايضة صعوبات عديدة‪ ،‬وقد ازدادت بازدياد درجة‬
‫على بعضهم البعض‪ّ ،‬‬
‫ونعدد صعوبات املقايضة فيما يلي‪:‬‬
‫‪ .7‬صعوبة تحقيق التوافق املزدوج (أو التام) لرغبات املتعاملين‪.‬‬
‫‪ .6‬صعوبة تقدير نسب املقايضة‪.‬‬
‫‪ .3‬عدم قابلية بعض السلع للتجزئة‪.‬‬
‫‪ .4‬الخالف حول كيفية تقويم السلع والخدمات‪.‬‬
‫‪ .5‬صعوبة إيجاد وسيلة لالدخار والقيام بعمليات الدفع املؤجل‪.‬‬
‫‪ -1-2‬صعوبة توافق حاجات ورغبات ألافراد‪ :‬فالقيام بعملية املبادلة يتوجب على املبادل بذل الجهد‬
‫والوقت للعثور على الطرف املكمل لهذه العملية‪ ،2‬حيث تفترض املقايضة توافق رغبات ألافراد‪ ،‬وأن‬
‫ممكنا ضمن حدود‪ ،‬حين كان ّ‬
‫السوق‬ ‫ً‬ ‫يكون هذا التوافق في نفس الوقت وبنفس الكمية‪ ،‬وكان هذا‬
‫ً‬
‫مكونا من عدد قليل من العا ضين والطالبين وعدد قليل من السلع‪ .‬ومع ّ‬
‫تعدد السلع وتنوعها‪ ،‬بات من‬ ‫ر‬
‫الصعوبة بمكان تحقيق التوافق املزدوج لرغبات املتعاملين‪ ،‬وظهرت تناقضات نظام املقايضة أكثر فأكثر‪،‬‬
‫ولبرهان ذلك‪ ،‬نفرض وجود ثالثة عارضين وثالث مجموعات من السلع ‪ .C ،B ،A‬ولنفرض أن صاحب‬
‫السلعة ‪ ،A‬يحتاج إلى السلع ‪ ،C‬ولكن هذا ألاخير قد ال يرغب في شراء السلعة ‪ .A‬وإنما يطلب السلعة‬

‫‪ 1‬بسام الحجار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.78 :‬‬


‫‪ 2‬طاهر فاضل البياتي‪ ،‬ميرال روحي سمارة‪ ،‬النقود والبنوك واملتغيرات الاقتصادية املعاصرة‪ ،‬دار وائل للنشر‪ ،‬ألاردن‪ ،6073 ،‬ص‪.66 :‬‬

‫‪3‬‬
‫املحور ألاول ________________________________________________________ تعريف النقود‪ ،‬وظائفها وأشكالها‬

‫مستمرا في البحث عن شخص‬ ‫ً‬ ‫‪ ،B‬الذي بدوره يحتاج إلى السلعة ‪ ،A‬وهكذا يضل عارض السلعة ‪،A‬‬
‫ً‬
‫تحديدا‪ .‬ولهذا نقول أن املقايضة ال يمكن أن تتم إال إذا‬ ‫يعرض السلعة ‪ C‬ويرغب بمقايضتها بالسلعة ‪A‬‬
‫املتعاملين‪1.‬‬ ‫توافر شرط التوافق املزدوج لرغبات‬
‫‪ -2-2‬صعوبة تحديد نسب املقايضة‪ :‬مع ازدياد عدد العارضين وكميات السلع املعروضة في ّ‬
‫السوق‬
‫يصبح من الصعوبة بمكان‪ ،‬كما أشرنا أعاله‪ ،‬تحقيق التوافق املزدوج لرغبات املتعاملين‪ ،‬ويمكن‬
‫آلاتية‪2:‬‬ ‫استخراج عدد ألاسعار في ظل نظام املقايضة لعدد معين من السلع من املعادلة‬
‫ع )ع‪(1−‬‬
‫ع‪ :‬عدد السلع‬ ‫س‪ :‬عدد ألاسعار‬ ‫حيث‪:‬‬ ‫س=‬
‫‪2‬‬
‫فإذا افترضنا أن عدد السلع في اقتصاد ما (‪ )50‬سلعة‪ ،‬فان عدد ألاسعار في ظل نظام املقايضة‬
‫‪(1−50) 50‬‬
‫= ‪1225‬‬ ‫‪2‬‬
‫س=‬ ‫املستخدم في هذا الاقتصاد هو‪:‬‬
‫من مثالنا السابق ندرك أن ذلك يتطلب من املتعاملين قدرا كبيرا من املعلومات عن السلع‬
‫والاسعار املختلفة (‪7665‬سعر)‪ ،‬كي يمكنهم القيام بعمليات املبادلة بصورة كفؤة‪ ،‬وبالتالي تعظيم‬
‫مردودهم‪ ،‬وهذا ما يفوق القدرات الانسانية بشكل عام‪.‬‬
‫‪ -3-2‬عدم قابلية بعض السلع للتجزئة‪ :‬واجه نظام املقايضة صعوبة تجزئة بعض السلع‪ .‬فكما يوجد‬
‫صغيرة دون إهالكها‪ ،‬مثل القمح والفاكهة والزيوت كان‬
‫ٍ‬ ‫كميات‬
‫ٍ‬ ‫عدد من أنواع السلع يمكن تجزئتها إلى‬
‫واملنازل‪3.‬‬ ‫هناك عدد آخر من السلع التي يصعب بل يستحيل تجزئتها مثل الحيوانات‬
‫‪ -4-2‬الخالف حول كيفية تقويم السلع والخدمات‪ :‬لنفرض أن التوافق بين الرغبات قد تم‪ ،‬فما هي‬
‫ّ‬
‫الكمية التي يمكن التخلي عنها من السلعة ‪ ، A‬مقابل الكمية من السلعة ‪ ،B‬وكيف يتم قياس السلع‬
‫تعدد السلع وتنوعها البد أن ّ‬
‫تتعقد ألامور أكثر‪4 .‬‬ ‫موضوع املقايضة‪ ،‬ومع ّ‬

‫‪ -5-2‬صعوبة إيجاد وسيلة لالدخار والقيام بعمليات الدفع املؤجل‪ :‬فنظام املقايضة يعجز عن تقديم‬
‫وسيلة صالحة الختزان القيم‪ ،‬ألنه إذا زاد انتاج الفرد سيضطر إلى تخزينه في شكل سلعة‪ ،‬وإذا كانت‬
‫ذلك‪5.‬‬ ‫هذه السلعة قابلة للتلف فإنه لن يستطيع‬

‫‪ 1‬بسام الحجار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.71 :‬‬


‫‪ 2‬أكرم حداد‪ ،‬مشهور هذلول‪ ،‬النقود واملصارف‪ :‬مدخل تحليلي ونظري‪ ،‬دار وائل للنشر والتوزيع‪ ،‬ألاردن‪ ،6005 ،‬ص ص‪.71-72 :‬‬
‫‪ 3‬السيد محمد أحمد السريتي‪ ،‬محمد عزت محمد غزالن‪ ،‬اقتصاديات النقود والبنوك وألاسواق املالية‪ ،‬مؤسسة رؤية‪ ،‬مصر‪،6070 ،‬‬
‫ص‪.70 :‬‬
‫‪ 4‬بسام الحجار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.60 :‬‬
‫‪ 5‬حسين محمد سمحان‪ ،‬إسماعيل يونس يامن‪ ،‬اقتصاديات النقود واملصارف‪ ،‬دار صفاء للنشر والتوزيع‪ ،‬ألاردن ‪ ،6077‬ص‪.78 :‬‬

‫‪4‬‬
‫املحور ألاول ________________________________________________________ تعريف النقود‪ ،‬وظائفها وأشكالها‬

‫ولكن كيف َج َابه الناس هذه الصعوبات؟ وكيف كانت الحلول؟ مع ّاتساع نظام املقايضة‪ّ ،‬‬
‫وتعدد‬
‫السوق أصبحت الحاجة ّ‬
‫ماسة إلى الاتفاق على مقياس للقيمة مقبول من جميع‬ ‫السلع وأنواعها في ّ‬

‫املتعاملين‪ ،‬تنسب إليه قيم السلع املختلفة‪ ،‬أي اختيار سلعة معينة ذات قبول عام من أفراد املجتمع‬
‫في املبادلة بغيرها من السلع والخدمات للقيام بدور النقود‪ ،‬ويصبح الدافع ألاساس ي الذي يدفع الناس‬
‫إلى الطلب عليها هو ما تتمتع به من قوة شرائية عامة على غيرها من السلع والخدمات‪.‬‬
‫مع إدخال النقود‪ّ ،‬‬
‫يتحول نظام التبادل القائم على مقايضة سلعة بسلعة أخرى مباشرة‪ ،‬دون‬
‫التمييز بين عمليتي البيع والشراء‪ ،‬إلى نظام قائم على استخدام النقود‪ ،‬وأصبحت عملية املقايضة تمر‬
‫بمرحلتين‪ ،‬عملية بيع‪ ،‬أي مبادلة السلعة بالسلعة التي توافق أفراد املجتمع عليها (النقود)‪ ،‬ومن ثم‬
‫ً‬ ‫كليا أو ً‬
‫استخدام هذه النقود ً‬
‫جزئيا في شراء السلعة ألاخرى‪ ،‬وهذا ما حدث فعال وكانت بداية استخدام‬
‫النقود‪ ،‬فتخلص املتعاملون بذلك من صعوبات نظام املقايضة‪ ،‬وإذا بحثنا في تاريخ املجتمعات القديمة‬
‫سنجد أن هناك العديد من السلع ّأدت وظائف النقود‪ ،‬كاملاشية والفراء‪ ،‬الجلود والزيوت‪ ،‬أدوات‬
‫ّ‬
‫الصيد‪ .‬ولكن بمرور الزمن اتضح للناس من خالل التجربة أن بعض السلع أصلح من غيرها للقيام بهذه‬
‫الوظائف‪ ،‬من حيث سهولة حملها ّ‬
‫وخفة وزنها وسهولة ّ‬
‫التعرف عليها‪ ،‬وإمكانية تجزئتها إلى أقسام وكميات‬
‫صغيرة إلجراء املبادالت ذات القيم الكبيرة والصغيرة‪ ،‬وعدم قابليتها للتلف‪ ،‬وارتفاع قيمتها بالنسبة‬
‫ّ‬
‫وكلها صفات الهدف منها أن تؤدي النقود وظائفها بكفاءة عالية‪1.‬‬ ‫للسلع ألاخرى‪،‬‬

‫‪ -3‬تعريف النقود‬
‫تفيد معاجم اللغة العربية أن كلمة نقود‪ ،‬مشتقة من الجذر نقد والنقد ما يعطي من الثمن‬
‫ً‬
‫معجال وهو خالف النسيئة‪ ،‬والنقد والتنقاد ً‬
‫أيضا تمييز للدراهم وإخراج ّ‬
‫الزيف منها‪ ،‬كما تطلق كلمة‬
‫والفضة‪2.‬‬ ‫نقد على املسكوك من الذهب‬
‫أما مفهوم النقود في الفكر الاقتصادي املعاصر‪ ،‬فليس هناك حتى آلان تحديد نهائي وقاطع ملا‬
‫تعنيه النقود أو ما يمكن تعريفه بالنقود ويرجع ذلك إلى انقسام آلاراء حول دورها وأهميتها في النشاط‬
‫الاقتصادي خالل تاريخها الطويل‪ ،‬وعلى الرغم من صعوبة ايجاد تعريف موحد فإن ألادب الاقتصادي‬
‫يشير إلى وجود اتفاق يقرب الاجماع بين الاقتصاديين‪ ،‬لتعريف النقود بحدود الصفات والوظائف التي‬
‫تؤديها داخل النظام الاقتصادي‪.‬‬

‫‪ 1‬بسام الحجار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.67 :‬‬


‫‪ 2‬حسين بني هاني‪ ،‬اقتصاديات النقود والبنوك –املبادئ وألاساسيات‪ ،-‬دار ومكتبة الكندي للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬ألاردن‪ ،6074 ،‬ص‪:‬‬
‫‪.71‬‬

‫‪5‬‬
‫املحور ألاول ________________________________________________________ تعريف النقود‪ ،‬وظائفها وأشكالها‬

‫يء تفعله النقود ( ‪money is what money‬‬ ‫فقد عرفها (‪ )walke‬في عبارته الشهيرة "النقود هي اي ش‬
‫‪ ")dose‬وهذا تعريف واسع للنقود‪ ،‬بمعنى أننا نستطيع ان نضيف للنقد أي ش يء يؤدي وظيفتها مثل‬
‫الشيكات‪ ،‬او وصوالت الصرف وغيرها‪ ،‬أما (‪ )keynes‬فيمكن القول ان تعريفه كان الاقرب للتعريف‬
‫العام للنقود حيث عرفها بانها "كل ش يء يستخدم لتسوية املدفوعات باعتباره ذو قبول عام كوسيط‬
‫الشرائية"‪1.‬‬ ‫للمبادلة ويستخدم لحفظ القوة‬
‫كذلك يعرفها الاقتصادي (‪ )John klein‬بأنها‪ :‬أي ش يء يلقى قبوال عاما كوسيلة لتسديد الديون‪،‬‬
‫بينما يعرفها (‪ )Edward Shappiro‬بأنها (أي ش يء مقبول عموما)‪ ،‬كوسيلة دفع مقابل السلع والخدمات‬
‫وتسديد الديون‪ ،‬أما الاقتصادي (‪ )Emile James‬فقد عرف النقود على أنها‪ :‬كل سلعة تسمح بحكم‬
‫القانون أو العرف لكل مشتري أو مدين بالدفع مقابل سلعة أو تسديد دين دون رفضها أو مناقشة قيمتها‬
‫أو الدائن‪2.‬‬ ‫من قبل البائع‬
‫إن النقود هي املقابل املادي لجميع ألانشطة الاقتصادية وهي الوسيلة أو ألاداة التي تمنح لصاحبها‬
‫ً‬
‫(طبقا للمفهوم الاقتصادي) القوة الشرائية التي تمكنه من إشباع احتياجاته كما أنها من الناحية‬
‫القانونية تمثل له ألاداة التي تمكنه من سداد التزاماته‪ .‬ومن هذا املنطق فهي ألاصل النقدي الوحيد‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫قبوال ً‬ ‫الذي يملك قوة إجبار ومقبول‬
‫عاما في جميع الاقتصاديات سواء املتقدمة أو املتخلفة‪ .‬فضال عن‬
‫ً‬
‫كونها أصال كامل السيولة يتمتع بقوة اقتصادية تسمح له بأن يكون وسيط للتبادل وأداة – لسداد‬
‫ً‬
‫وأخيرا يمكن للوحدات الاقتصادية أن تستخدمها‬ ‫الالتزامات آلاجلة‪ ،‬وهذا ينبع من كونها مستودع للقيمة‬
‫كمقياس للقيمة‪ ،‬والنقود ً‬
‫أيضا تعتبر إحدى املتغيرات الاقتصادية الهامة التي تستخدمها السلطات‬
‫النقدية كأداة للتأثير على ألانشطة الاقتصادية بغرض تحقيق السياسة الاقتصادية وفي النهاية فإن‬
‫النقود تمثل دين في ذمة السلطات النقدية قبل الوحدات الاقتصادية ألاخرى (‪،)Monnaie Endogène‬‬
‫ومن هذا التعريف يتضح لنا ألاهمية الاقتصادية لوظائف النقود وهذا ما سوف يقودنا إلى تحليلها‬
‫بغرض معرفة الدور الذي يمكن أن تلعبه النقود على مستوى الاقتصاد القومي‪ .‬وهذا ما سنتعرض له‬
‫يلي‪3:‬‬ ‫فيما‬
‫‪ ‬تعريف النقود باملعنى الضيق‪ :‬يرجع الاختالف في تعريف النقود سواء باملعنى الضيق أو باملعنى‬
‫الواسع إلى اختالف وجهات النظر بخصوص الطلب على النقود‪ ،‬بمعنى أصل الطلب على النقود طلب‬

‫‪ 1‬أكرم حداد‪ ،‬مشهور هذلول‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.60 :‬‬


‫‪ 2‬طاهر فاضل البياتي‪ ،‬ميرال روحي سمارة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.64 :‬‬
‫‪ 3‬أحمد فريد مصطفى‪ ،‬محمد عبد املنع عفر‪ ،‬الاقتصاد النقدي واملصرفي بين النظرية والتطبيق‪ ،‬مؤسسة شباب الجامعة‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪ ،6000‬ص ص‪.57-41 :‬‬

‫‪6‬‬
‫املحور ألاول ________________________________________________________ تعريف النقود‪ ،‬وظائفها وأشكالها‬

‫مباشر أي تطلب النقود لذاتها أو طلب مشتق بمعنى الطلب على النقود باعتبارها وسيط تبادل‪ ،‬وقد‬
‫جاء تعريف النقود باملعنى الضيق‪ ،‬كون النقود هي وسيط للتبادل ومن ثم فإن أي أصل نقدي يدر دخل‬
‫(مثل الودائع املصرفية والتي تحصل على سعر فائدة ثابتة) ال يمكن اعتباره من قبيل النقود‪.‬‬
‫ومن هنا نجد أن النقود باملعنى الضيق تشمل على‪:‬‬

‫‪ +‬النقود الخارجية‬ ‫النقود الداخلة‬


‫(املصرفية)‬ ‫(القانونية)‬

‫‪ ‬تعريف النقود باملعنى الواسع‪ :‬يعتبر هذا التعريف أكثر أهمية من التعريف السابق ً‬
‫نظرا ألنه يعكس‬
‫لنا الطلب على النقود سواء كان طلب مباشر أو مشتق وبذلك يتسع نطاق هذا التعريف ليشمل آلاتي‪:‬‬
‫ألاصول النقدية التي تدر عائد‬ ‫‪+‬‬ ‫ألاصول النقدية التي ال تدر عائد‬

‫شهادات إلايداع والادخار‬ ‫الودائع طويلة ألاجل‬ ‫نقود خارجة‬ ‫نقود داخلة‬
‫بسعر فائدة‬ ‫(بسعر فائدة)‬ ‫(نقود مصرفية) (نقود قانونية)‬
‫وقد ترجع أهمية هذا التعريف من أنه يتمش ى مع روح التحليل الكينزي الذي يأخذ في الاعتبار أثر‬
‫سعر الفائدة إلى جانب العوامل ألاخرى كمحدد للطلب الكلي على النقود‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬خصائص ووظائف النقود‬

‫‪ -1‬خصائص النقود‬
‫لكي تؤدي النقود وظائفها بكفاءة وفعالية عالية ينبغي أن يتوافر فيها بعض الخصائص التي‬
‫يلي‪1:‬‬ ‫نلخصها كما‬
‫‪ -‬دوام البقاء (‪ :)Durability‬ونعني بذلك أن وجود فترة زمنية فاصلة بين استالم النقود واستعمالها‬
‫في املدفوعات املستقبلة يستدعي الاحتفاظ بها لفترة من الزمن والاحتفاظ بها انتظارا إلنفاقها في‬
‫املستقبل ويجب أال يعرضها للتلف أو فقدان قوتها الشرائية أي قدرتها في الحصول على السلع‬
‫والخدمات‪ ،‬وبصيغة أخرى فإن الشراء الذي يتخذ شكل نقد في دائرة املبادالت وعمليات التبادل‬
‫التجاري ينبغي أن يتصف بخاصية البقاء املستمر طاملا أنه يمثل حقا عاما على السلع والخدمات‬
‫املتوفرة في السوق حاضرا أو مستقبال‪.‬‬

‫‪ 1‬طاهر فاضل البياتي‪ ،‬ميرال روحي سمارة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.37-30 :‬‬

‫‪7‬‬
‫املحور ألاول ________________________________________________________ تعريف النقود‪ ،‬وظائفها وأشكالها‬

‫‪ -‬التجانس (‪ :)Homogeneity‬يقصد بالتجانس أن كل وحدة نقدية (كالدينار) ينبغي أن تكون متماثلة‬


‫مع الوحدات النقدية ألاخرى في نفس الفئة وهو ما يعني عدم وجود فروق في النوعية أو في قوة الابراء‬
‫الذي تمنحه وحدات نفس الفئة إلى مالكها‪ .‬أي يوجد استقرار في عملة التبادل‪.‬‬
‫‪ -‬قابلية الانقسام (‪ :)Divisibility‬أي أن تكون الوحدة النقدية الواحدة قابلة للتقسيم إلى أجزاء‬
‫صغيرة بحيث يمكن شراء مختلف القيم الاقتصادية (سلع وخدمات) مهما كبرت أو صغرت قيمتها‪.‬‬
‫‪ -‬سهولة الحمل (‪ :)Portability‬أي أن يكون الش يء الذي يتخذ كنقود مالئما في حجمه ووزنه بحيث‬
‫يسهل حمله عند أدائه لوظائفه املختلفة‪.‬‬
‫‪ -‬أنها ال تتسم بالوفرة (‪ :)Abundance‬ألجل الوصول إلى حالة التوازن الاقتصادي فإن كمية النقود‬
‫املعروضة يجب أن تعادل من حيث القيمة الناتج القومي خالل فترة زمنية معينة‪ ،‬فإذا كانت كمية‬
‫النقود املعروضة أكبر من قيمة الناتج القومي‪ ،‬فإن ذلك يعرض قيمتها التبادلية إلى الانخفاض‪ ،‬وفي‬
‫نفس الوقت يجب أن ال تكون كميتها املعروضة أقل من قيمة الناتج القومي ألن ذلك يعيق تطور‬
‫النشاط الاقتصادي‪ .‬لذا فإنه من الضروري أن تكون كمية النقود املعروضة بالكمية التي تتالئم مع‬
‫حجم املبادالت واحتياجات الاقتصاد القومي‪.‬‬
‫‪ -‬أن تكون نافعة (‪ :)Useful‬تختلف منفعة النقود عن أي سلعة اقتصادية فالنقود مفيدة ألنها قادرة‬
‫على إشباع الحاجات البشرية من خالل الحصول على السلع والخدمات مقابل التخلي عن عدد من‬
‫الوحدات النقدية‪ ،‬أي أنها تستطيع أن تشبع الحاجات بصورة غير مباشرة من خالل ما تمنحه‬
‫لحائزها من قوة اختيار غير محدد وغير مخصص‪ .‬وتتحد هذه القوة الاقتصادية في حرية اختيار حائز‬
‫النقود لألشخاص الذين يرغبون التعامل معهم وما يحتاج إليه من مختلف السلع املعروضة‪ .‬في أي‬
‫مكان وأي زمان وهي بهذا املعنى تعتبر أداة حاملة أو ناقلة لخياراته من حيث كمية السلع املطلوبة‪،‬‬
‫نوعها‪ ،‬شكلها‪ ،‬وقت شراءها وهو بذلك يبقى في إطار الشمولية والالتخصصية‪ ،‬لهذا يكون أي فرد‬
‫من أفراد املجتمع على استعداد لقبولها لشعوره بأنها مقبولة قبوال عاما‪.‬‬

‫يلي‪1 :‬‬ ‫وبهذا فإن النقود تتميز بما‬


‫‪ -‬أداة إجبارية‪ :‬إن النقود كأداة للدفع وتسوية الالتزامات وسداد للديون تعتبر أداة إجبارية ملزمة‪ ،‬أي‬
‫أن الدائن أو البائع ال يستطيع رفضها في مقابل الدين أو في تقييمه للسلعة املعروضة وفي نفس‬

‫‪ - 1‬أحمد فريد مصطفى‪ ،‬محمد عبد املنع عفر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.41-41 :‬‬
‫‪ -‬حسين بني هاني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.71-78 :‬‬

‫‪8‬‬
‫املحور ألاول ________________________________________________________ تعريف النقود‪ ،‬وظائفها وأشكالها‬

‫ً‬
‫الوقت فهو ال يطلب أي أداة أخرى بدال منها‪ ،‬كما أن القانون يحدد قيمة هذه ألاداة إلاجبارية للسداد‬
‫والتعامل‪ .‬فعلى سبيل املثال نجد أنه في الاقتصاديات املختلفة يمكن للمتعاملين قبول أو رفض‬
‫الشيك كسداد لاللتزامات أما النقود فال يمكن رفضها حيث أنها بصفتها الرسمية تعتبر ملزمة‪.‬‬
‫‪ -‬أداة شاملة وغير محددة‪ :‬وهذه الصفة تميز النقود عن غيرها من القطع املعدنية غير النقدية وعن‬
‫التذاكر وبونات الشراء (‪ )Bons D’achats‬فلو كان الشخص يمتلك تذكرة قطار أو سينما فهي تمثل‬
‫بالنسبة له حق وقوة شرائية داخل القطار أو السينما فقط ولكنها ال تعتبر نقود حيث أن هذه التذاكر‬
‫أو البونات ال تمنح صاحبها الحق إال في الحصول على نوع معين ومحدد من السلع والخدمات‪.‬‬
‫أما النقود فهي أداة شاملة وغير محددة ألنها تسمح لحاملها بالحصول على أي نوع من السلع‬
‫والخدمات املتاحة‪ .‬وبذلك نجد أن البونات أو التذاكر إن كانت تلعب دور النقود إنما يكون ذلك في‬
‫داخل نطاق واحد فقط سواء كان وسيلة مواصالت أو صالة عرض أو ش يء آخر غيرها‪ ،‬أما النقود‬
‫فإن دورها يمتد ليشمل جميع قطاعات الاقتصاد القومي‪.‬‬
‫‪ -‬أداة متعلقة بمكان محدد‪ :‬إن شمول النقود وعموميتها ليس مطلق بل نسبي أي أن النقود تعتبر‬
‫ً‬
‫قبوال ً‬
‫عاما ولكن داخل حدود الدولة التي تصدرها بمعنى شمولية وعمومية‬ ‫أداة شاملة ومقبولة‬
‫النقود تنتهي عند حدود الدولة‪ .‬أي أن الشخص الذي يريد أن يسافر للخارج أو يريد سداد قيمة‬
‫معامالته مع العالم الخارجي ال يستطيع تحقيق ذلك بواسطة العملة الوطنية لدولته بل يتعين عليه‬
‫أن يقوم بتغييرها لدى السلطات النقدية ويحصل في مقابل ذلك على العمالت ألاجنبية التي يحتاج‬
‫إليها‪ .‬وبذلك يمكن القول أن القوة امللزمة للنقود والصفة العامة والشاملة لها تتعلق بمحلية‬
‫املعامالت واملدفوعات‪ .‬والوضع يختلف – ً‬
‫طبعا‪ -‬بالنسبة للعمالت الحرة الداخلة في نطاق النظام‬
‫النقدي العالمي‪.‬‬
‫‪ -‬أداة للعمال املباشرة والفورية‪ :‬الصفة ألاخيرة للنقود كونها أداة إلتمام ألاعمال املباشرة والفورية‬
‫بمعنى أن املدين يعطي قيمة الدين في شكل نقود إلى الدائن تسوى التزاماته ً‬
‫فورا‪ ،‬بدون أن ينتظر‬
‫أي ش يء آخر‪ .‬فهنا تعتبر عملية الوفاء بااللتزامات عملية فورية بدون إبطاء أو تأجيل‪ .‬فالنقود تضمن‬
‫ً‬
‫هذا التوازن الفوري في اللحظة التي تستخدم فيها بعكس الشيك مثال فالبد للدائن أن ينتظر تحصيله‬
‫حتى يستطيع منح املدين إلايصال الدال على إبراء ذمته‪.‬‬

‫‪ -2‬وظائف النقود (‪)Functions of Money‬‬


‫تؤدي النقود وظائف عديدة في اقتصاد املبادلة‪ .‬ولو رجعنا إلى الاكتشافات ألاولى لوظائف النقود‬
‫الستطعنا أن نرد بدايتها إلى كتاب الفيلسوف اليوناني أرسطو ‪ 366-384‬قبل امليالد‪ ،‬فقد أوضح ارسطو‬
‫‪9‬‬
‫املحور ألاول ________________________________________________________ تعريف النقود‪ ،‬وظائفها وأشكالها‬

‫في مؤلفه "ألاخالق" قيام النقود بوظيفتي وحدة الحساب ومخزن للقيمة‪ .‬كما أشار في كتابه "السياسة"‬
‫إلى دور النقود في تسهيل املبادلة‪ .‬ومع مرور الوقت واستمرار التطور بات واضحا أن النقود تشكل إحدى‬
‫ألادوات ألاساسية للسياسة الاقتصادية املمكن استخدامها للتأثير على مختلف املتغيرات الاقتصادية‬
‫الكلية مثل مستوى ألاسعار‪ ،‬الاستهالك‪ ،‬الادخار‪ ،‬الاستثمار‪ ،‬الاستخدام‪ ،‬الانتاج‪ ....‬الخ‪ .‬وبذلك تعددت‬
‫النقود‪1.‬‬ ‫وتنوعت وظائف‬
‫في ضوء ما سبق ذكره‪ ،‬يمكن تقسيم أهم الوظائف التي يمكن للنقود تأديتها في سبيل خدمة‬
‫النظام الاقتصادي في املجتمع إلى وظائف أساسية ووظائف مشتقة كما هو موضح باملخطط أدناه‪:‬‬
‫الشكل رقم (‪ :)11‬وظائف النقود‬

‫وظائف النقود‬

‫الوظائف الحديثة (املشتقة)‬ ‫الوظائف الكالسيكية‬

‫النقود أداة‬ ‫النقود مخزن‬ ‫النقود مقياس‬ ‫النقود وسيط‬


‫للمدفوعات املؤجلة‬ ‫للقيمة‬ ‫للقيمة‬ ‫للتبادل‬

‫املصدر‪ :‬عبد املطلب عبد الحميد‪ ،‬اقتصاديات النقود والبنوك‪ :‬ألاساسيات واملستحدثات‪ ،‬الدار الجامعية‪،‬‬
‫إلاسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،6001 ،‬ص‪.56 :‬‬
‫‪ -1-2‬الوظائف الكالسيكية للنقود‪ :‬وتعرف أيضا هذه الوظائف بالوظائف التقليدية أي الوظائف‬
‫التسهيلية للنقود الرتباطهما الشديد بالتحليل الاقتصادي الكالسيكي‪ ،‬بل وتفسر لنا هذه النظرية‪،‬‬
‫السبب الرئيس ي في عدم اهتمام النظرية الاقتصادية الكالسيكية بالدراسات النقدية مع تركيز اهتمامها‬
‫على دراسات التجارة الدولية‪ ،‬فهذه النظرية كانت تؤمن بفكرة حياد النقود‪ ،‬وأن تدخل السياسة‬
‫النقدية في النشاط الاقتصادي من شأنه أن يعوق حدوث التوازن التلقائي ويوقف عمل اليد الخفية‬
‫(‪ )Invisible Hand‬الكفيلة بوصول النشاط الاقتصادي إلى مستوى التوظيف الكامل‪ ،2‬وتنحصر بالتالي‬
‫الوظائف الكالسيكية للنقود في وظيفتين هما‪:‬‬

‫‪ 1‬طاهر فاضل البياتي‪ ،‬ميرال روحي سمارة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.62-65 :‬‬
‫‪ 2‬عبد املطلب عبد الحميد‪ ،‬اقتصاديات النقود والبنوك‪ :‬ألاساسيات واملستحدثات‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬إلاسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،6001 ،‬ص‪:‬‬
‫‪.56‬‬

‫‪01‬‬
‫املحور ألاول ________________________________________________________ تعريف النقود‪ ،‬وظائفها وأشكالها‬

‫‪ -1-1-2‬النقود كوسيط للتبادل (‪ :)Money as medium of Exchange‬وهذه الوظيفة تعتبر أقدم‬


‫وظيفة للنقود‪ ،‬كما أنها الوظيفة املباشرة التي تميز النقود عن غيرها من ألاصول النقدية واملالية‬
‫والطبيعية‪ ،1‬ومعنى ذلك أن النقود ال تطلب لذاتها‪ ،‬وإنما ملا تؤديه لتسهيل عمليات التبادل‪ ،‬فلوال النقود‬
‫وبدونها يستحيل أن يمض ي النظام الاقتصادي والنشاط الاقتصادي قدما في تعميق منظومة التخصيص‬
‫وتقسيم العمل التي تمثل أساس النهضة والرفاهة الاقتصادية في وقتنا الحاضر‪ ،‬وقد أخذت هذه‬
‫الوظيفة مركز الاهتمام والصدارة في الفكر الاقتصادي الكالسيكي الذي يدعو إلى فكرة "حياد النقود"‬
‫و"حياد السياسة النقدية" وكذا الدعوة إلى عدم تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي الذي يجب أن‬
‫يصل تلقائيا عند مستوى التوظيف الكامل‪ ،‬بل رأى هذا الفكر أن في تدخل الدولة ما يعوق تحقيق هذا‬
‫التوازن التلقائي وهو ألامر الذي يفض ي إلى ظهور البطالة الاجبارية‪ ،‬وال ننس ى التأكيد على أن وظيفة‬
‫النقود كوسيط للتبادل قضت على إحدى الصعوبات الرئيسية في نظام املقايضة وهي توافق الرغبات‬
‫بين املتعاملين‪ ،‬ولذلك اعتبرت هذه الوظيفة أقدم وظائف النقود حتى أن البعض يرى أن باقي وظائف‬
‫النقود قد اشتقت من هذه الوظيفة‪ ،‬حيث يسرت قيام التبادل املباشر بين طرفين دون البحث عن‬
‫التبادل‪2.‬‬ ‫طرف ثالث على أساس أن أداة التبادل هنا تحظى بالقبول العام من طرفي‬
‫ّ‬
‫يتوقف على توافر ما يلي‪3:‬‬ ‫ونجاح النقود بالقيام بهذه الوظيفة‬
‫‪ -‬خاصية القبول العام من جميع أفراد املجتمع‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ّ -‬‬
‫تمتع هذه النقود بقوة شرائية عامة على كافة السلع والخدمات‪ ،‬وتمكن حائزها من الحصول على‬
‫ما يعادل قيمتها من أي سلعة تعرض للبيع في ّ‬
‫السوق‪.‬‬
‫هذه الوظيفة قد برزت كنتيجة لعدم كفاية وظيفة النقود كمقياس للقيمة‪ .‬فاملقايضة‪ ،‬كما‬
‫رأينا‪ ،‬تعني مبادلة سلعة بسلعة أخرى مباشرة‪ ،‬وبموجبها ال يكون أي انفصال بين عمليتي البيع والشراء‪،‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫تلقائيا‬ ‫وكأنهما دمجتا في عملية واحدة‪ ،‬بينما استخدام النقود كوسيط للتبادل‪ ،‬يفكك عملية املقايضة‬
‫إلى شقين‪ ،‬بيع منفرد (استبدال السلعة بالنقود)‪ ،‬وشراء منفرد (استخدام النقود لشراء سلعة أخرى)‪.‬‬
‫‪ -2-1-2‬النقود كوحدة حساب أو مقياس للقيمة (‪:Money is Unit of account ( Standard of Value‬‬
‫ب استعمال النقود وقبولها قبوال عاما كوسيط للتبادل كان من الطبيعي أن يعبر عنها كقيم للسلع‬
‫والخدمات وابرام العقود ومسك الحسابات في صورة نقدية وكمقياس للقيم (‪ )Measure The Value‬أو‬

‫‪ 1‬حسين بني هاني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.36 :‬‬


‫‪ 2‬عبد املطلب عبد الحميد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.54-53 :‬‬
‫‪ 3‬بسام الحجار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.64-63 :‬‬

‫‪00‬‬
‫املحور ألاول ________________________________________________________ تعريف النقود‪ ،‬وظائفها وأشكالها‬

‫كوحدة للحساب (‪ )Unit of Account‬حيث تغلبت النقود على مشكالت تعدد نسب التبادل والحساب‬
‫الاقتصادي في ظل العمل بنظام املقايضة إذ أصبح آلان يعبر عن قيمة وحدة واحدة في كل سلعة أو‬
‫خدمة بوحدات نقدية أي بالثمن النقدي‪ ،‬ومن ثم أصبح لكل سلعة أو خدمة قيمة نقدية واحدة بدال‬
‫القيم‪1.‬‬ ‫من آالف‬
‫يضاف إلى ذلك أن استخدام النقود من خالل جهاز الثمن يمكن الاقتصاد من تحقيق كفاءة‬
‫كبيرة في إلانتاج والاستهالك عن طريق التخصص وتقسيم العمل‪ ،‬فمن املعروف أن العملية الاقتصادية‬
‫تكون أكثر كفاءة كلما استطاع املستهلك أو املنتج أن يعادل املنافع الحدية للسلع (أو البدائل الحدية‬
‫(أو إنتاجية)‪2.‬‬ ‫لإلنتاج) في كل وحدة إنفاقية‬
‫كما أن نسب التبادل تتم على أساس قيمة منفصلة مقدرة بوحدات كل سلعة أو خدمة من آالف‬
‫السلع والخدمات التي يمكن أن تتقايض معها في السوق‪ ،‬مما ساعد على ترشيد القرارات الاقتصادية‬
‫في الانتاج والتوزيع والاستهالك‪ .‬وأدى إلى رفع درجة كفاءة النظام الاقتصادي ورفع مستوى معيشة‬
‫يلي‪3:‬‬
‫أفراد املجتمع نسبيا‪ ،‬وتزداد أهمية وظيفة مقياس القيمة تبعا ملا‬
‫ً‬
‫‪ -‬كلما كان هذا املقياس املشترك مقبوال بوجه عام من جميع أفراد املجتمع‪ ،‬أي له صفة العمومية‬
‫يؤسس على ثقة ألافراد في قيمة وحدات‬‫وإلالزامية‪ .‬سواء أكان هذا القبول العام اختيارًيا والذي ّ‬
‫النقد ذاتها‪ ،‬أو كان إجبارًيا عندما تتدخل الدولة وتفرض الصفة القانونية على نوع ّ‬
‫معين من النقود‬
‫ويتعرض كل من يرفضها في تسديد الديون إلى عقوبات ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫يصبح ً‬
‫يحددها‬ ‫ملزما ومبرئا للذمة‪ ،‬بل‬
‫القانون‪.‬‬
‫‪ -‬كلما تمتع هذا املقياس بثبات نسبي على ألاقل في قيمته‪ ،‬وهذا الثبات ضروري لربط الحاضر‬
‫باملستقبل‪ ،‬ومعنى هذا الثبات أن الوحدة النقدية يمكن أن تشتري ً‬
‫دائما نفس املجموعة من السلع‬
‫والخدمات‪ ،‬ويؤدي عدم الثبات إلى فقدان الثقة بالعملة مما يترتب عليه اضطرابات في املعامالت‪.‬‬
‫معرضة للتلف‪ ،‬فإذا كانت قيمة السلع ّ‬
‫يعبر عنها من‬ ‫‪ -‬أن تكون النقود قابلة للدوام‪ ،‬أي أن ال تكون ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫خالل ألاسعار بالنقود‪ ،‬فإن قيمة النقود تتوقف على مبادلتها بالسلع‪ ،‬وتظهر التجارب تقلبات في‬
‫قيمة النقود‪ ،‬ال بل‪ ،‬في حالة التضخم وارتفاع ألاسعار‪ ،‬تنخفض القوة الشرائية للنقود‪ ،‬وهذا ما‬
‫يؤدي إلى فقدان هذا املقياس لقدرته على القيام بهذه الوظيفة‪.‬‬

‫‪ 1‬طاهر فاضل البياتي‪ ،‬ميرال روحي سمارة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.26-27 :‬‬
‫‪ 2‬محمود يونس‪ ،‬عبد النعيم مبارك‪ ،‬مقدمة في النقود وأعمال البنوك وألاسواق املالية‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬إلاسكندرية‪ ،6003 ،‬ص ص‪:‬‬
‫‪.61-62‬‬
‫‪ 3‬بسام الحجار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.63-66 :‬‬

‫‪02‬‬
‫املحور ألاول ________________________________________________________ تعريف النقود‪ ،‬وظائفها وأشكالها‬

‫‪ -2-2‬الوظائف املشتقة للنقود (‪ :)Secandary functions of money‬لقد امتازت هذه الوظائف بهذه‬
‫الصفة كونها مشتقة من الوظائف الاساسية للنقود‪ ،‬والن تأثيرها ال يظهر بصورة مباشرة لألفراد‬
‫ويختلف هذا التأثير باختالف شكل الحياة الاقتصادية السائدة في املجتمع او باختالف مستويات دخول‬
‫الافراد وغيرها‪ ،1‬وتضم الوظائف املشتقة الوظيفتين الفرعيتين التاليتين‪:‬‬
‫‪ -1-2-2‬النقود كمستودع للقيمة (‪ :)Store of Value‬ترتبط هذه الوظيفة بخاصية الدوام والثبات‬
‫وتعتبر أكثر وظائف النقود أهمية في الاقتصاديات الحديثة‪ ،2‬فباستعمال النقود كوسيلة للتبادل أمكن‬
‫فصل عملية التقايض املباشر إلى عمليتي بيع وشراء كما أمكن تبعا لذلك تأجيل عملية الشراء‬
‫باالحتفاظ بالنقود ولفترة معينة‪ .‬إذ يستطيع املرء أن يبيع منتجاته الاقتصادية آلان ثم يحتفظ بالنقود‬
‫الستخدامها عند الحاجة في املستقبل وهنا قامت النقود كقوة شرائية عامة وعلى املستوى الفردي بدور‬
‫هام في اختزان القيم‪ ،‬وبهذه الصفة باملقارنة بالتخزين السلعي تعد النقود أكثر الوسائل تخزينا للقيم‬
‫التالية‪3:‬‬ ‫سهولة وأقلها تكلفة وأفضلها مالئمة وذلك لألسباب‬
‫‪ -‬النقود ال تكلف شيئا في صورة نفقات تخزين‪.‬‬
‫‪ -‬ال تتعرض لتلف مادي يذكر من جراء تخزينها كما أنها كأصل مالي كامل السيولة‪.‬‬
‫‪ -‬تعطي لحائزها الحرية في الانفاق على ما يريد عندما يستخدمها في املستقبل‪.‬‬

‫يلي‪4 :‬‬
‫ويتوقف مدى كفاءة النقود في القيام بهذه الوظيفة على ما‬
‫تمتع النقود بالقبول العام ليس فقط في الحاضر وإنما ً‬
‫أيضا في املستقبل‪.‬‬ ‫‪ ‬مدى ّ‬

‫‪ ‬كون هذه النقود ثابتة في قيمتها في الحاضر في املستقبل‪.‬‬


‫وال تستخدم النقود وحدها ألداء هذه الوظيفة‪ ،‬فباإلمكان استخدام أدوات أخرى ً‬
‫أيضا‪ ،‬مثل‬
‫ألاسهم والسندات وشهادات الاستثمار‪ ،‬والودائع آلاجلة وودائع التوفير‪ .‬هذه العناصر التي تحتفظ‬
‫ناحيتين‪5:‬‬ ‫بقيمتها عبر الزمن‪ ،‬واستخدام هذه ألادوات كمستودع للقيمة يمتاز عن النقود من‬
‫ً‬
‫‪ ‬إن هذه ألادوات تدر على صاحبها دخال على شاكلة فائدة أو ربح‪.‬‬
‫‪ ‬قد يرتفع سعر هذه ألادوات بالنسبة للنقود إذا ا تفعت ألاسعار‪ ،‬وبذلك ّ‬
‫يحقق صاحبها ر ً‬
‫بحا‪.‬‬ ‫ر‬

‫‪ 1‬أكرم حداد‪ ،‬مشهور هذلول‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.65 :‬‬


‫‪ 2‬أسامة كامل‪ ،‬عبد الغني حامد‪ ،‬النقود والبنوك‪ ،‬مؤسسة لورد العاملية‪ ،‬البحرين‪ ،6002 ،‬ص‪.64 :‬‬
‫‪ 3‬طاهر فاضل البياتي‪ ،‬ميرال روحي سمارة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.61-68 :‬‬
‫‪ 4‬بسام الحجار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.65 :‬‬
‫‪ 5‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.65 :‬‬

‫‪03‬‬
‫املحور ألاول ________________________________________________________ تعريف النقود‪ ،‬وظائفها وأشكالها‬

‫وبمقابل هذه امليزات‪ ،‬هناك مساوئ البد من تعدادها‪:‬‬


‫‪ -‬إن صاحب هذه ألادوات قد ّ‬
‫يتحمل نفقات تخزين‪.‬‬
‫‪ -‬بالعكس من الحالة ألاولى‪ ،‬قد تنخفض أسعار هذه ألادوات إذا انخفضت ألاسعار فتلحق بصاحبها‬
‫خسارة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ -‬إن النقود هي التي تمثل قمة السيولة‪ ،‬وتمثل قوة شرائية حاليا يمكن استبدالها في الحال بسلع‬
‫وخدمات‪ ،‬أما هذه ألادوات فال ّ‬
‫تتمتع بصفة القبول العام من أفراد املجتمع‪ ،‬وال يمكن تحويلها‬
‫إلى نقود وبدون خسارة‪ .‬على سبيل املثال‪ ،‬يتقاض ى البنك املركزي فائدة لقاء إعادة خصم ألاوراق‬
‫املالية بمعدل يسمى سعر الخصم‪.‬‬
‫أضف إلى ذلك أن توزيع ثروات ألافراد بين السيولة وألاصول ألاخرى ال تبقى على حال واحدة‪.‬‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫توقع الناس ار ً‬
‫تفاعا في املستوى العام لألسعار مستقبال يزداد لديهم امليل لتفضيل السيولة وعلى‬ ‫فإذا‬
‫العكس من ذلك‪ ،‬فارتفاع ألاسعار يخفض من ميل ألافراد إلى تفضيل السيولة‪ ،‬خشية ما يترتب على‬
‫ذلك من انخفاض القوة الشرائية لنقودهم‪.‬‬
‫‪ -2-2-2‬النقود كمقياس للمدفوعات آلاجلة (‪ :)Standard of deferred Payment‬يؤخذ من مجموع‬
‫ً‬
‫آلاراء املكتوبة لعلماء الاقتصاد أن هذه الوظيفة ماهي إال امتداد للوظيفة ألاولى (وسيطا للتبادل)‪،‬‬
‫ً‬
‫(مقياسا للقيم)‪ ،‬ذلك ألن النظم الاقتصادية في الوقت الحاضر تتطلب وجود عقود‬ ‫والوظيفة الثانية‬
‫كبيرة الحجم‪ ،‬ينص معظمها على الدفع في املستقبل‪ ،1‬حيث برزت أهمية هذه الوظيفة مع اتجاه‬
‫الاقتصادات الحديثة إلى تعميق التخصص وتقسيم العمل وهي ظاهرة تزداد وضوحا وعمقا مع تعاقب‬
‫الثورات العلمية والتكنولوجية والصناعية التي يشهدها العالم منذ الحرب العاملية الثانية وحتى عصر‬
‫الثالثة‪2.‬‬ ‫العوملة الاقتصادية التي أدخلت هذا العالم إلى ما يسمى بالثورة‬
‫وبفضل هذه الوظيفة أمكن إيجاد سوق لرأس املال أو لالئتمان موضوع التعامل فيها هو القرض‪،‬‬
‫وبأداء هذه الوظيفة فإن النقود تلعب دورا كبيرا في الادخار وتراكم رؤوس ألاموال والاستثمار وإلانتاج‪،3‬‬
‫أين يقوم الاقتصاد الحديث على أساس توافر عدد كبير من العقود التي ينص فيها على سداد أصول‬
‫نقدية‪4.‬‬ ‫وفوائد الديون املتعاقد عليها بوحدات‬

‫‪ 1‬حسين بني هاني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.31 :‬‬


‫‪ 2‬عبد املطلب عبد الحميد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.58 :‬‬
‫‪ 3‬أسامة كامل‪ ،‬عبد الغني حامد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.62 :‬‬
‫‪ 4‬محمود يونس‪ ،‬عبد النعيم مبارك‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.61 :‬‬

‫‪04‬‬
‫املحور ألاول ________________________________________________________ تعريف النقود‪ ،‬وظائفها وأشكالها‬

‫وال ننس ى أن نشير إلى أن الشرط الضروري واملنطقي لنجاح النقود في القيام بوظيفتها كأداة‬
‫للمدفوعات املؤجلة‪ .‬إنما يتلخص في ضرورة احتفاظ النقود بقيمتها النسبية لفترة طويلة‪ ،‬وهذا ينصرف‬
‫بدوره إلى ضرورة الثبات النسبي لكل من العرض والطلب حتى يظل املستوى العام لألسعار مستقرا على‬
‫ألاقل خالل فترة سداد القروض فإذا كانت قيمة النقود عرضة للتقلبات الحادة واملتالحقة‪ ،‬فإن ذلك‬
‫يؤثر سلبا على عمليات الائتمان‪ .‬ففي حالة التضخم يحصل املقرض على مبالغ تقل قيمتها الفعلية عن‬
‫التي منحت من قبل املقترضين أما في حالة الانكماش فإن املقترض يدفع مبالغ تزيد قيمتها الفعلية عن‬
‫املقترض‪1.‬‬ ‫قيمة القرض الذي حصل عليه من‬
‫يميل بعض الاقتصاديون الى التوسع في عرض وظائف مشتقة اخرى للنقود وكذا وظائف‬
‫ديناميكية للنقود‪ ،‬ذلك ان هذه الوظائف كما أسلفنا في تعريفها يعتمد ظهورها احيانا على شكل الحياة‬
‫الاقتصادية السائد وبالتالي ومع تطور هذه ألاشكال فستظهر وظائف جديدة للنقود لم تكن ذات أهمية‬
‫هي‪2:‬‬ ‫سابقا أو لم تلقى الاهتمام الكافي لتسليط الضوء عليها‪ ،‬وهذه الوظائف‬
‫‪ -‬الوسيلة التي تؤدي بها السوق الرأسمالي عملها (‪)money facilitate capital market mechanisim‬‬
‫‪ -‬حلقة الوصل ما بين اقتصاد بلد وآخر (‪)connect countries economics‬‬
‫‪ -‬اعادة توزيع الدخول (‪)redistribution of income‬‬
‫‪ -‬النقود كأداة للهيمنة الاقتصادية (‪)money as advice of economic domination‬‬
‫‪ -‬موازنة املنافع الحدية (‪)equalisation of marginal uitility‬‬
‫‪ -‬النقود كأساس لالئتمان (‪)money as the basic of credit‬‬
‫‪ -‬النقود كمعيار للسيولة ولتوحيد الثروة (‪)imparts liquididity of uniformity of wealth‬‬

‫ثالثا‪ :‬أنواع النقود (‪)Kinds Of Money‬‬


‫ّ‬
‫التخصص‬ ‫ظهرت النقود خالل عمليات التبادل الذي ارتبط بظهور إلانتاج السلعي‪ ،‬أي بظهور‬
‫وتقسيم العمل وإلانتاج من أجل السوق‪ ،‬ولقد استخدم إلانسان النقود منذ القدم‪ ،‬والتي لم تبق على‬
‫تطور النشاط الاقتصادي عبر التاريخ‪ ،‬من النقود السلعية في العصور‬‫حال واحدة بل تطورت مع ّ‬
‫القديمة‪ ،‬إلى أنواع النقود املعروفة في هذا العصر‪ ،‬والجدير بالذكر أن الانتقال من نوع إلى نوع آخر من‬
‫يلي‪3:‬‬ ‫النقود‪ ،‬ارتبط بما‬

‫‪ 1‬عبد املطلب عبد الحميد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.51 :‬‬


‫‪ 2‬أكرم حداد‪ ،‬مشهور هذلول‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.37-68 :‬‬
‫‪ 3‬بسام الحجار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.61 :‬‬

‫‪05‬‬
‫املحور ألاول ________________________________________________________ تعريف النقود‪ ،‬وظائفها وأشكالها‬

‫‪ ‬مستوى النشاط الاقتصادي ونمو حجم املعامالت‪ ،‬مما دفع باملجتمعات إلى البحث في تطوير أنواع‬
‫من النقود يمكن أن ينمو املعروض منها بصورة متناسقة مع النمو في النشاط الاقتصادي‪ ،‬وهذا‬
‫ما تطلب من النقود أن ّ‬
‫تتمتع باملرونة الكاملة‪.‬‬
‫‪ ‬عجز النقود املستعملة عن أداء وظائفها ألاساسية‪.‬‬

‫ويمكن تقسيم النقود انطالقا من مجموعة اعتبارات أهمها ما يلي‪:‬‬


‫‪ -‬الجهة التي تصدرها‪ :‬حيث تقسم إلى نقود حكومية تصدرها وزارة املالية ونقود (بنكنوت) يصدرها‬
‫البنك املركزي ونقود ودائع تخلقها املصارف التجارية‪.‬‬
‫‪ -‬نوع املادة املصنوعة منها‪ :‬ويمكن تقسيمها إلى نقود ورقية وأخرى معدنية‪.‬‬
‫‪ -‬درجة قبولها العام‪ :‬وتقسم إلى نقود قابلة للتحويل ونقود نهائية‪.‬‬
‫‪ -‬الاعتماد على نوع العالقة التي تربط بين النقود وبين ألاساس الذي تقام عليه‪ :‬وتقسم إلى نقود‬
‫سلعية وأخرى ائتمانية‪.‬‬

‫وبشكل عام يمكن تلخيص أهم أنواع النقود الرئيسية كما هو موضح بالشكل التالي‪:‬‬
‫شكل رقم (‪ :)12‬أنواع النقود‬

‫أنواع النقود‬

‫نقود إلكترونية‬ ‫نقود ائتمانية‬ ‫نقود سلعية‬

‫نقود كتابية‬ ‫نقود مساعدة‬ ‫نقود ورقية‬ ‫معدنية‬ ‫طبيعية‬


‫(حقيقية)‬

‫املصدر‪ :‬من إعداد املؤلف‪.‬‬

‫‪ -1‬النقود السلعية (‪)Commedity money‬‬


‫ظهر أول شكل من أشكال النقود في شكل سلع مقبولة تعارف إلانسان على استخدامها كوسيط‬
‫ً‬
‫أنواعا ال حصر لها من سلع كوسيط للقيمة ومقياس لها‪،‬‬ ‫في عملية التبادل‪ .‬ولقد استخدم إلانسان‬
‫فاستخدم إلاغريق املاشية كالنقود‪ ،‬وتعارف أهل سيالن على استخدام ألافيال كنقود‪ ،‬واستخدم الهنود‬

‫‪06‬‬
‫املحور ألاول ________________________________________________________ تعريف النقود‪ ،‬وظائفها وأشكالها‬

‫الحمر التبغ‪ ،‬بينما كانت نقود أهل الصين السكاكين‪ ،‬واستخدم املصريون القمح كسلعة نقدية‪ ،1‬وكان‬
‫معيار اختيار السلعة التي ستؤدي وظائف النقود أن تتمتع بصفة القبول العام من املتعاملين‪ً ،‬‬
‫نظرا‬
‫لرغبة ألاغلبية منهم في حيازتها‪ .‬وتمتاز النقود السلعية بأنه لها قيمة ذاتية‪ ،‬وهي تستمدها من صفاتها‬
‫الذاتية أو من الرغبة من حيازتها كسلعة‪ ،‬وليس فقط من مجرد إمكانية مقايضتها بسلع أو خدمات‬
‫أخرى‪2 .‬‬

‫ولم تكن تلك السلع الطبيعية تستخدم في مناطق متعددة أو تؤدي وظائف محل النقود أو‬
‫تستخدم لفترة طويلة وفي النهاية خرجت النقود السلعية من التداول لعدم استطاعتها تلبية احتياجات‬
‫ذلك‪3:‬‬ ‫التبادل املتزايد ومن أسباب‬
‫‪ -‬عدم قبول بعض السلع في مناطق أخرى‪.‬‬
‫‪ -‬تكاليف النقل ومشاكله‪.‬‬
‫‪ -‬عدم قابليتها للتجزئة‪.‬‬
‫‪ -‬عدم قابليتها للتخزين لفترات طويلة وارتفاع تكاليف التخزين‪.‬‬
‫‪ -‬عدم تجانس وحداتها‪.‬‬
‫‪ -‬تقلب قيمتها حسب ظروف الانتاج‪.‬‬
‫لذلك كان املعدن النفيس أكثر تميزا وأكثر كفاءة كنقود‪ ،‬وانتقلت املنتجات إلى مرحلة أكثر تطورا‬
‫في تاريخ النقود وهي مرحلة النقود املعدنية‪.‬‬

‫‪ -2‬النقود املعدنية (‪)Mettallic money‬‬


‫استخدمت معادن كثيرة كنقود مثل الحديد والنيكل والرصاص والنحاس والبرونز لقابليتها‬
‫للتجزئة وتجانسها‪ ،‬غير أن تدهور قيمتها على إثر زيادة املعروض منها نتيجة اكتشاف العديد من مناجمها‬
‫جعلها تفقد أهم خاصية تميز النقود وهي استقرار قيمتها‪ ،4‬لذلك شاع استخدام املعادن النفيسة‬
‫النقود‪5 :‬‬ ‫(الذهب والفضة) كنقود معدنية رئيسية باعتبارها أفضل النقود‪ .‬ومن أهم مزايا هذه‬

‫‪ 1‬السيد محمد أحمد السريتي‪ ،‬محمد عزت محمد غزالن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.75 :‬‬
‫‪ 2‬بسام الحجار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.30 :‬‬
‫‪ 3‬طاهر فاضل البياتي‪ ،‬ميرال روحي سمارة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.34-33 :‬‬
‫‪ 4‬عادل أحمد حشيش‪ ،‬أساسيات الاقتصاد النقدي واملصرفي‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬مصر ‪ ،6004‬ص‪.35 :‬‬
‫‪ 5‬حسين بني هاني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.64-63 :‬‬

‫‪07‬‬
‫املحور ألاول ________________________________________________________ تعريف النقود‪ ،‬وظائفها وأشكالها‬

‫‪ -‬أن للذهب والفضة من الصفات الذاتية‪ ،‬ما يجعلهما يشبعان رغبة من أشد الرغبات وأهمها في‬
‫الانسان وهي الشغف بالزينة‪ ،‬ولذلك كانا مقبولين لدى جميع الناس نظرا ملا يتمتعان به من‬
‫جمال الرونق وسهولة التعرف عليهما‪.‬‬
‫‪ -‬قابليتهما للتجزئة من غير أن تنقص قيمة أجزائهما وهي منفصلة عنها وهي متصلة‪.‬‬
‫‪ -‬يكاد املعدنان الذهب والفضة أن يكونا غير قابلين للتلف‪ ،‬حيث يقدر علماء املعادن أن املسكوك‬
‫الذهبي ال يعتريه البلى في أقل من ثمانية آالف سنة‪.‬‬
‫‪ -‬ثبات قيمة املعدنين نسبيا بالقياس إلى غيرهما من السلع‪ ،‬وذلك لضآلة الانتاج الجاري منهما‪،‬‬
‫بالقياس إلى القدر املتراكم منهما على مر الزمن‪.‬‬
‫‪ -‬التماثل التام في جوهر املعدنين النفيسين (الذهب والفضة)‪ ،‬وهو ما يجعل باإلمكان قياس عيار‬
‫هذين املعدنين والتحكم فيه‪ ،‬باإلضافة إلى امكانية تحويل هذين املعدنين من سبائك إلى‬
‫مسكوكات ومن مسكوكات إلى سبائك‪ ،‬دون أن تفقد قدرا محسوسا من وزنها بالسك‪.‬‬
‫‪ -‬ملا كان معدنا الذهب والفضة نادرين نسبيا فإن قيمتها مرتفعة بحيث يتم تبادل غرام صغير من‬
‫كل منهما بكمية كبيرة من السلع ألاخرى‪ ،‬مما يسهل نقلهما من مكان إلى آخر‪ ،‬ويحبب إلى الناس‬
‫استعمالهما كأداة جيدة الختزان القيمة‪.‬‬

‫‪ -3‬النقود الائتمانية (‪)Credit money‬‬


‫تعتبر النقود الائتمانية الصورة ألاكثر انتشا ً ا في ُ‬
‫النظم النقدية الحديثة وتتميز ً‬
‫أيضا بانفصال‬ ‫ر‬
‫الصلة بين قيمتها النقدية (الاسمية) وقيمتها التجارية كسلعة‪ ،‬فقيمتها النقدية تتجاوز بكثير قيمة املعدن‬
‫صنعت منها‪ .‬والنقود الائتمانية‪ ،‬قد تكون‪1:‬‬ ‫أو املادة التي ُ‬
‫نقودا ورقية‪ ،‬كأوراق النقد الحكومية وأوراق البنكنوت‪.‬‬‫ً‬ ‫‪‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫نقودا معدنية أو نقود مساعدة مصنوعة من النيكل أو النحاس مثال‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫نقودا مصرفية‪ ،‬مجرد قيد كتابي على دفاتر مصرف تجاري‪ ،‬ويتمثل في الودائع الجارية لدى‬ ‫‪‬‬
‫البنوك التجارية‪.‬‬
‫ّ‬
‫وتمثل النقود الائتمانية ً‬
‫دينا لصاحبها في ذمة الجهة التي أصدرتها‪ ،‬وتستمد قيمتها بما تتمتع به‬
‫من قبول عام في املعامالت ومن ثقة حاملها في قابليتها للصرف بوحدات نقد سلعية‪ ،‬والجدير بالذكر أن‬
‫ّ‬
‫فتحولت إلى نقود قانونية‪.‬‬ ‫الانتقال إلى استخدام النقود الائتمانية قد ّ‬
‫حرر النقود من كيانها السلعي‬

‫‪ 1‬بسام الحجار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.33-36 :‬‬

‫‪08‬‬
‫املحور ألاول ________________________________________________________ تعريف النقود‪ ،‬وظائفها وأشكالها‬

‫‪ -1-3‬النقود الورقية (‪ :)Fiduciary money‬لقد جاءت النقود الورقية وليدة الحاجة إلى أداة نقدية‬
‫أكثر مرونة ويسر في التداول‪ ،‬وكانت الصين أول دولة عرفت أوراق النقد‪ ،‬وكان ذلك في أوائل القرن‬
‫التاسع امليالدي‪ ،‬وقبل أن يعرفها أي بلد آخر في العالم‪ ،‬ومع ذلك فإنه لم يظهر للنقود الورقية الحكومية‬
‫أي أثر في التداول في العصر الحديث حتى عرف الناس ''البنكنوت" في القرن السادس عشر‪ ،‬وتمتعت‬
‫أوراقه بالقبول العام في التداول‪ ،‬وبالوفاء بااللتزامات خالل القرن الذي تاله‪ ،‬سواء كان ذلك سدا‬
‫لحاجات التعامل بين الناس‪ ،‬أم وسيلة لالقتراض من ألافراد جبرا عنهم دون احتساب فائدة على تلك‬
‫القروض‪ ،‬وفي عام ‪ 7201‬م بدأت بنوك أمستردام في هولندا بإصدار أوراق نقدية‪ ،‬تمثل شهادات إيداع‬
‫ألاسلوب‪1‬‬ ‫للعملة املعدنية‪ ،‬وابتداء من عام ‪ 7271‬م بدأت بنوك عدد من الدول ألاوروبية باتباع ذلك‬
‫ّ‬
‫نتصور ألانواع الرئيسية التالية من النقود الورقية حسب تطورها التاريخي‪:‬‬ ‫ومن املمكن أن‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫‪ -1-1-3‬النقود النائبة‪ :‬وهي تنوب عن الذهب وتمثله تمثيال كامال (الغطاء الذهبي لهذه النقود =‪،)%700‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ولكي تمثل هذه ألاوراق الذهب تمثيال كامال‪ ،‬ينبغي توافر كفالة الحرية التامة في تحويل هذه ألاوراق إلى‬
‫ذهب وبالعكس دون قيد أو شرط‪ ،2‬حيث تستمد هذه النقود الورقية قيمتها من إمكانية استبدالها‬
‫إلاصدار‪3.‬‬ ‫بمجرد الطلب بالنقود الذهبية التي تكون الاحتياطي الذهبي لبنك‬
‫ظهرت النقود الورقية على أيدي الصاغة والذين كانوا يحتفظون بمعادنهم النفيسة في خزائن‬
‫حديدية متينة ومأم ونة وانطالقا من الثقة بين ألافراد وهؤالء الصاغة بدأ ألافراد بإيداع ما لديهم من‬
‫معادن نفيسة لدى الصاغة والتي يمكن استرجاعها عند الحاجة ويحصل املودع بموجب ذلك على صك‬
‫أو مذكرة وهو ايصال يثبت حقه فيما أودعه من معادن ويتعهد الخازن بتسليمه إياه أو جزء منه عند‬
‫الطلب‪ ،‬وهنا بدأ يتحول خزنة املعادن إلى صيارفة وظهر بالتالي شكل من أشكال البنوك‪ ،‬لقد أخذ‬
‫املودعون يتداولون صكوك الصيارفة في معاملتهم وذلك لثقة ألافراد بأن الصيارفة لديهم القدرة‬
‫والاستعداد الدائم لدفع ما تمثله من معادن عند الطلب ثم بدأ يظهر شكل من أشكال أوراق البنكنوت‬
‫املعدنية‪4.‬‬ ‫(‪ )Banknote‬وقد شاع بمرور الوقت استخدامها كبديل عن النقود‬

‫‪ 1‬حسين بني هاني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.62-65 :‬‬


‫‪ 2‬بسام الحجار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.33 :‬‬
‫‪ 3‬محمود يونس‪ ،‬عبد النعيم مبارك‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.38 :‬‬
‫‪ ‬يعتبر السويدي "باملستراخ" الذي أسس بنك استكهولم في القرن ‪ 72‬هو أول من أصدر هذه الشهادات ومن ثم فهو يعتبر املؤسس الحقيقي‬
‫للنقود الورقية‪.‬‬
‫‪ ‬هو تعهد مصرفي بدفع مبلغ معين من وحدات النقد القانونية لحامل الورقة عند الطلب‪.‬‬
‫‪ 4‬طاهر فاضل البياتي‪ ،‬ميرال روحي سمارة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.32 :‬‬

‫‪09‬‬
‫املحور ألاول ________________________________________________________ تعريف النقود‪ ،‬وظائفها وأشكالها‬

‫‪ -2-1-3‬النقود الورقية القابلة للصرف (إصدار العملة املغطاة ً‬


‫جزئيا)‪ :‬في ظل هذا النظام بقي شرط‬
‫التحويل ً‬
‫قائما‪ ،‬ولكن نسبة الغطاء الذهبي بدأت تقل‪ ،‬ألامر الذي جعل من املمكن زيادة عرض النقود‬
‫من غير الحاجة إلى زيادة احتياطي الذهب لدى السلطات النقدية‪ .‬وهنا أصبحت كمية البنكنوت املصدر‬
‫أكبر من قيمة الذهب املوجود في الغطاء‪ ،‬ويختلف الاحتياطي الذهبي باختالف البلدان‪ ،‬فبعضها يحتفظ‬
‫بما يعادل ‪ %50‬من قيمة البنكنوت املصدرة‪ ،‬والبعض كان يحتفظ بنسبة أعلى أو أقل‪ ،‬وتستمد هذه‬
‫ً‬
‫أساسا‪ ،‬من إمكانية استبدالها بنقود ذهبية (سلعية) لدى الطلب‪1.‬‬ ‫ألاوراق قيمتها‪،‬‬
‫‪-3-1-3‬النقود الورقية غير القابلة للصرف (النقود إلالزامية) (‪:)Inconvertible paper money‬‬
‫بإيقاف شرط التحويل إلى ذهب ظهرت النقود غير املغطاة (‪ ،)Fiat money‬والتي تعتمد فقط على ثقة‬
‫الجمهور‪ ،‬فأصبحت النقود الورقية إلزامية‪ .‬وبالتالي ّ‬
‫تحولت إلى نقود انتهائية غير قابلة للصرف بالذهب‪.‬‬
‫عاما ً‬ ‫ً‬
‫قبوال ً‬
‫ونظرا‬ ‫وسميت "بالنقود القانونية" ألنها تستمد قوتها من قوة القانون وقبول ألافراد لها‬
‫الحتكار البنك املركزي حق‬
‫إصدارها‪2.‬‬

‫ّ‬
‫وتمثل النقود إلالزامية الصورة العامة للنقود (النقود القانونية) في الاقتصاد املعاصر‪ ،‬ألن‬
‫يكرسها ويصبغ عليها صفة الشرعية والقدرة على إبراء الديون وتسوية املعامالت‪ ،‬ويعاقب من‬ ‫القانون ّ‬
‫قمة السيولة حيث يمكن أن ّ‬ ‫ّ‬
‫وتمثل النقود القانونية ّ‬
‫تتحول إلى سلع وخدمات في‬ ‫يرفضها في التعامل‪.‬‬
‫الحال‪ ،‬وهي نقود انتهائية‪ ،‬بمعنى إنه ال يمكن تحويلها إلى نقود أخرى‪ ،‬وبالذات إلى ذهب من الاحتياطي‬
‫ّ‬
‫الرسمي املوجود لدى السلطات النقدية‪ ،‬ويتمثل الشكل الرئيس ي لهذه النقود "بأوراق البنكنوت" التي‬
‫يصدرها البنك املركزي وكونها قسم من النقود الائتمانية‪ ،‬فهي ّ‬
‫تتميز بانفصال الصلة بين قيمتها النقدية‬
‫ّ‬
‫املشرع‪ ،‬أي أنه يصبح لها قيمة قانونية على الرغم من‬ ‫وقيمتها التجارية‪ ،‬ولكنها تستمد قيمتها من إرادة‬
‫تمثل ً‬‫ّ‬
‫دينا لحاملها على البنك املركزي الذي أصدرها‪ ،‬وفي حاالت إصدار‬ ‫انعدام قيمتها الذاتية‪ .‬وهي‬
‫ً‬
‫أساسيا‬ ‫النقود الورقية غير القابلة للصرف‪ ،‬يخضع إلاصدار لرقابة البنك املركزي وتلعب الحكومة دو ًرا‬
‫طبقا للسياسة النقدية املتبعة‪ ،‬سياسة نقدية توسعية أو سياسة نقدية‬ ‫في تحديد كمية النقود ً‬
‫انكماشية‪3.‬‬

‫‪ ‬الفرق بين النقود القانونية والنقود املعدنية‪ :‬النقود الورقية أفضل من النقود املعدنية في سد‬
‫يلي‪4:‬‬ ‫حاجات املتعاملين نظرا ملا تتسم به من الخصائص والتي من أهمها ما‬

‫‪ 1‬بسام الحجار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.34-33 :‬‬


‫‪ 2‬السيد محمد أحمد السريتي‪ ،‬محمد عزت محمد غزالن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.60 :‬‬
‫‪ 3‬بسام الحجار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.34 :‬‬
‫‪ 4‬حسين بني هاني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.61 :‬‬

‫‪21‬‬
‫املحور ألاول ________________________________________________________ تعريف النقود‪ ،‬وظائفها وأشكالها‬

‫‪ -‬النقود الورقية أخف وزنا من النقود املعدنية‪ ،‬باإلضافة إلى إمكانية إصدارها في فئات متفاوتة‬
‫تتالئم مع حاجات كل نوع من أنواع التعامل‪ ،‬كما أنها أسهل في النقل من مكان إلى آخر‪ .‬وأقل‬
‫تعرضا ملخاطر الطريق‪.‬‬
‫‪ -‬النقود الورقية أقل كلفة في الاصدار من النقود املعدنية بالنسبة للدولة ألن قبولها وضع حدا ملا‬
‫تتكبده الدولة في سبيل الحصول على الذهب الالزم للوفاء بحاجات التعامل في الداخل‪ ،‬هذا‬
‫باإلضافة إلى أن نفقات الاحتفاظ بالنقود الورقية أقل بكثير من نفقات الاحتفاظ بالنقود‬
‫املعدنية‪ ،‬كما أن تكاليف طبع ألاوراق النقدية أقل بكثير من تكاليف سك النقود‪.‬‬
‫‪ -‬النقود الورقية أكثر مرونة في إلاصدار من املعدنية‪ ،‬إذا يمكن التحكم في عرضها على نحو يكفل‬
‫مواجهة كافة التغيرات املتوقعة في الطلب على النقود‪ ،‬سواء كانت تغيرات موسمية أو دورية‪.‬‬
‫‪ -‬النقود الورقية وسيلة ميسرة ملواجهة احتياجات التمويل الحكومي عند الضرورة‪ ،‬ذلك أنه ملا‬
‫كانت الدولة هي السلطة القوامة على إصدار النقود الورقية بمالها من سيادة كاملة على نظامها‬
‫النقدي‪ ،‬فإن باستطاعتها تمويل أي عجز يطرأ على امليزانية العمومية لها عن طريق زيادة الاصدار‪.‬‬
‫‪ -2-3‬النقود املساعدة‪ :‬تتميز هذه النقود بأن قيمتها القانونية تكون أعلى من القيمة السوقية لكمية‬
‫املعدن الذي صنعت منه‪ ،1‬وهي "قطع (وحدات) نقود ذات قيمة بسيطة وتصدرها عادة الخزانة العامة‬
‫(وزارة املالية)‪ ،‬وتقوم بمساعدة النقود في تسهيل املبادالت ذات القيمة الصغيرة"‪ .‬وال تتمتع إال بقوة‬
‫ابراء محدودة أي ال يمكن استخدامها في تسوية الديون وابراء الذمم إال في حدود مبلغ معين يحدده‬
‫املحدد‪2.‬‬ ‫القانون ولذلك يستطيع أي شخص أن يرفض قبولها في تسوية ديونه إذا جاوزت هذا املبلغ‬
‫تمثل ً‬‫ّ‬
‫دينا لصالح‬ ‫‪ -3-3‬النقود الكتابية (نقود الودائع)‪ :‬النقود املصرفية‪ ،‬شأنها شأن النقود الورقية؛‬
‫مالكها أو حاملها في ذمة البنوك التجارية التي تلتزم بها‪ ،‬وتتمثل نقود الودائع في التزام مصرفي من قبل‬
‫البنوك التجارية‪ ،‬ينشأ من إيداع حقيقي لكمية من النقود القانونية‪ ،‬أو نتيجة قيام البنك بفتح حساب‬
‫لعمالئه على سبيل إلاقراض‪ ،‬بدفع نقود قانونية للمودع أو ألمره‪ ،‬وتنتقل ملكية الوديعة من شخص‬
‫الشيكات‪3.‬‬ ‫إلى آخر بواسطة‬
‫فمع تزايد مستوى النشاط الاقتصادي‪ ،‬وازدياد حجم الدخل النقدي‪ ،‬وانتشار وتقدم العادات‬
‫املصرفية‪ ،‬أخذ ألافراد يودعون أموالهم لدى البنوك التجارية التي استطاعت استخدام هذه الودائع في‬
‫إتمام العمليات التجارية التي تعقد بين ألافراد‪ ،‬وفي تطور الحق وجد ألافراد أنه من ألاسهل للفرد الذي‬

‫‪ 1‬محمود يونس‪ ،‬عبد النعيم مبارك‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.32 :‬‬


‫‪ 2‬السيد محمد أحمد السريتي‪ ،‬محمد عزت محمد غزالن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.67 :‬‬
‫‪ 3‬بسام الحجار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.35 :‬‬

‫‪20‬‬
‫املحور ألاول ________________________________________________________ تعريف النقود‪ ،‬وظائفها وأشكالها‬

‫لديه حساب في البنك أي يأمر البنك بتحويل مبلغ من النقود من حسابه‪ ،‬إلى حساب الطرف آلاخر‪،‬‬
‫الذي قد يكون لديه حساب في البنك نفسه‪ .‬دون أن تخرج النقود الورقية من البنك‪ ،‬ودون أن يؤثر‬
‫ذلك في مديونية البنك‪ ،‬كما يستخدم ألافراد الذين لديهم حسابات لدى البنك الشيكات في تحويل‬
‫املبالغ‪ ،‬فالشيك هو الوسيلة أو ألاداة‪ ،‬التي بموجبها يطلب الفرد‪ ،‬الذي له حساب في البنك (الساحب)‪،‬‬
‫من البنك (املسحوب عليه)‪ ،‬أن يدفع مبلغا من املال‪ ،‬إلى شخص محدد‪ ،‬أو لحامل الشيك (املستفيد)‪،‬‬
‫سدادا لدين ووفاء اللتزام‪ ،‬وقد يكون الشخص املستفيد هو الساحب نفسه عندما يقوم الفرد الذي‬
‫ي‪1.‬‬ ‫يملك وديعة لدى املصرف‪ ،‬بسحب جميع أو بعض أمواله لحسابه الشخص‬
‫وقد شعرت البنوك التجارية من خالل تعاملها مع ألافراد‪ ،‬أن غالبية املودعين ألموالهم‪ ،‬ال يقومون‬
‫بسحب جميع أو جزء كبير من نقودهم املودعة‪ ،‬وفي وقت واحد‪ ،‬إضافة إلى أن هناك ايداعات جديدة‪،‬‬
‫ملبالغ نقدية تودع لدى املصارف في شكل ودائع جديدة‪ .‬وهكذا وجدت البنوك التجارية نقودا فائضة في‬
‫خزائنها‪ ،‬تزيد عن قيمة املبالغ النقدية التي يتم سحبها يوميا‪ ،‬ومن ثم وجدت أنه بإمكانها إقراض هذه‬
‫املبالغ‪ ،‬مقابل فائدة تحصل عليها‪ ،‬وذلك بإصدار تعهدات أو وعود بدفع نقود ورقية عند الطلب‪ ،‬تزيد‬
‫في قيمتها عن قيمة ما لديها من نقود فعلية في خزائنها‪ .‬بحيث ال تتجاوز تلك الوعود الحذ الذي يجعلها‬
‫غير قادرة أو عاجزة عن تلبية طلبات السحب اليومية‪ .‬ويتم بذلك خلق النقود املصرفية‪ ،‬وهي من أهم‬
‫وظائف البنوك التجارية‪ ،‬والنقود املصرفية ليس لديها كيان مادي ملموس‪ ،‬كما أنها ال تتمتع بالقبول‬
‫العام في التداول‪ ،‬وال تتمتع بقوة إبراء غير محدودة‪ .‬فالقانون ال يلزم ألافراد الدائنين على قبولها‪ ،‬وإنما‬
‫انتشر استخدامها‪ ،‬نتيجة للثقة التي أوالها ألافراد للمؤسسات النقدية‪ ،‬التي تتعامل بها وتخلقها وهي‬
‫بها‪2.‬‬ ‫البنوك التجارية‪ ،‬ونتيجة قبول ألافراد التعامل‬
‫وتعد النقود الكتابية اليوم أحدث أشكال النقود‪ ،‬ألنها تمثل وسيلة مهمة للدفع‪ ،‬وتشكل نسبة‬
‫مرتفعة من إجمالي النقود املتداولة والعرض النقدي في الدول املتقدمة ذات ألانظمة املصرفية‬
‫الحديثة‪ ،3‬فهذا النوع الحالي من النقود يمثل أعلى درجات التطور النقدي بسبب استخدام وحدة‬
‫مجردة من املديونية للقيام بوظائف النقود‪ ،4‬حيث نجدها في أمريكا تمثل حوالي ‪ %10‬من العرض‬
‫النقدي‪5.‬‬

‫‪ 1‬طاهر فاضل البياتي‪ ،‬ميرال روحي سمارة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.38-31 :‬‬
‫‪ 2‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.38 :‬‬
‫‪ 3‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.31 :‬‬
‫‪ 4‬أسامة كامل‪ ،‬عبد الغني حامد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.38 :‬‬
‫‪ 5‬السيد محمد أحمد السريتي‪ ،‬محمد عزت محمد غزالن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.66 :‬‬

‫‪22‬‬
‫املحور ألاول ________________________________________________________ تعريف النقود‪ ،‬وظائفها وأشكالها‬

‫‪ ‬الفرق بين نقود الودائع والنقود القانونية‪ :‬مما تقدم يتضح أن نقود الودائع تشترك مع النقود‬
‫القانونية في كونها ً‬
‫ديونا ملالكها أو حاملها على الجهة التي أصدرتها‪ ،‬وتتميز عنها‪ ،‬من ناحية‪1 :‬‬

‫‪ -‬رقابة البنك املركزي على النقود القانونية مباشرة كونه هو الذي يصدرها‪ ،‬بينما رقابته هي غير‬
‫مباشرة على نقود الودائع ألنها تنشأ من قبل البنوك التجارية‪.‬‬
‫‪ -‬الهدف من إصدار نقود الودائع هو الربح وال يحدث هذا مع النقود القانونية‪.‬‬
‫‪ -‬النقود القانونية ملزمة بحكم القانون أما املصرفية فهي اختيارية‪.‬‬
‫‪ -‬قد تفقد النقود املصرفية جزء من قيمتها عند رفضها من قبل ألافراد‪.‬‬
‫‪ -‬تمثل النقود القانونية أدوات نقدية ملموسة في حين تمثل النقود املصرفية قيود في دفاتر البنوك‬
‫التجارية‪.‬‬

‫‪ -4‬النقود الالكترونية (‪)Electronic Money‬‬


‫نظرا للدور الكبير الذي لعبه التطور التكنولوجي في حياة البشر على مختلف ألاصعدة‪ ،‬ونتيجة‬
‫للثورة الحضارية والتقنية التي أفرزتها مراحل التقدم التكنولوجي والعوملة‪ ،‬كل ذلك أدى إلى ظهور شكل‬
‫جديد للنقود يسمى بالنقود الالكترونية (‪ )Electronic Money‬والتي تعرف على أنها قيمة نقدية تتخذ‬
‫شكل وحدات ائتمانية مخزونة على شكل إلكتروني أو أداة إلكترونية يمتلكها املستخدم‪ ،‬ومن أهم ما‬
‫يلي‪2:‬‬ ‫يميز النقود الالكترونية ما‬
‫‪ -‬ال تتطلب وجود زمن معين أو خضوعها لحدود معينة للقيام باستخدامها‪ ،‬حيث يتم التعامل بها‬
‫في أي وقت ومكان العتمادها على الشبكات الالكترونية أو الانترنت‪.‬‬
‫‪ -‬سرعة إتمام املعامالت من خاللها إذ يتم إتمام املعاملة املالية فور إصدار ألامر بذلك‪.‬‬
‫‪ -‬انخفاض تكلفة تداولها مقارنة باستخدام ألانظمة البنكية التقليدية‪.‬‬

‫صورتين‪3:‬‬ ‫وتتمثل النقود الالكترونية في‬


‫‪ -‬البطاقات مسبقة الدفع املعدة لالستخدام في أغراض متعددة‪ ،‬وتسمى بطاقات مختزنة القيمة‬
‫أو محفظة النقود الالكترونية وهو الشكل املعروف وألاكثر انتشارا‪.‬‬

‫‪ 1‬محمد إبراهيم عبد الرحيم‪ ،‬اقتصاديات النقود والبنوك‪ ،‬دار التعليم الجامعي‪ ،‬مصر‪ ،6074 ،‬ص‪.62 :‬‬
‫‪ 2‬طاهر فاضل البياتي‪ ،‬ميرال روحي سمارة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.31 :‬‬
‫‪ 3‬سوزي عدلي ناشد‪ ،‬مقدمة في الاقتصاد النقدي واملصرفي‪ ،‬منشورات الحلبي القانونية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،6005 ،‬ص‪.68 :‬‬

‫‪23‬‬
‫املحور ألاول ________________________________________________________ تعريف النقود‪ ،‬وظائفها وأشكالها‬

‫‪ -‬آليات الدفع مختزنة القيمة أو مسبقة الدفع التي تمكن من إجراء مدفوعات من خالل استخدام‬
‫شبكات الحاسب آلالي املفتوحة خاصة ألانترنت‪ ،‬ويطلق عليها نقود الشبكة أو النقود السائلة‬
‫الرقمية‪.‬‬
‫التالية‪1:‬‬ ‫‪ -1-4‬أهم انواع بطاقات الدفع الالكتروني‪ :‬من بين أهم بطاقات الدفع الالكتروني ألانواع‬
‫‪ )7‬بطاقات الائتمان (‪)Credit cards‬‬
‫‪ )6‬بطاقات الدفع الفوري (‪)Debit cards‬‬
‫‪ )3‬بطاقات التحويل الالكتروني (‪)EFT-POS cards‬‬
‫‪ )4‬بطاقات الصراف آلالي (‪)ATM cards‬‬
‫هذا و تصدر بطاقات الدفع الالكتروني عن منظمات أو بنوك ذات ثقة تضمن تعامالت العميل في‬
‫شبكة التعامل بالبطاقة و بموجبها تمكنه من الشراء و الدفع و سحب الاموال و الحصول على الخدمات‪،‬‬
‫و في معظم هذه البطاقات ‪-‬خاصة بطاقات سحب ألاموال‪ -‬يقترن اصدار البطاقة لحاملها بمنحه رقما‬
‫بتوقيعه‪2.‬‬ ‫سريا يعمل حال استخدام البطاقة في وسط الكتروني و التوقيع عليه‬
‫التالية‪3:‬‬ ‫‪ -2-4‬أنواع بطاقات الدفع الالكتروني من الناحية الفنية‪ :‬يمكن تمييز ألانواع الثالث‬
‫‪ ‬البطاقة املمغنطة (‪ :)magneticstripe‬وفيها تتضمن البطاقة البالستيكية شريطا ممغنطا يتم من‬
‫خالله إدخال وتأمين البيانات املشفرة عليه ويتحقق الدفع بهذه البطاقة من خالل قراءة‬
‫املعلومات املخزنة على الشريط‪.‬‬
‫‪ ‬البطاقات الرقائقية (‪ :)chip cards‬وهذه البطاقات تحتوي على شريحة ذاكرة (سيليكون) ومن‬
‫خالل هذه الشريحة يتم تسجيل قيمة النقود في الحساب املصرفي لحامل البطاقة وتقوم بعمليات‬
‫الخصم والاضافة في حسابه بقيمة معامالته‪.‬‬
‫‪ ‬البطاقات البصرية (‪ :)opticalcards‬وهي بطاقات توضع بها املعلومات الخاصة بقسم الدفع‬
‫واملعلومات املتغيرة وعناصر الدفع بشكل بصري ومثالها الهولوجرام أو الصورة املجسمة ثالثية‬
‫ألابعاد ومنها بطاقات الفيزا كارد واملاستر كارد املستخدمة حاليا‪.‬‬
‫‪ -3-4‬أهم الجهات املصدرة لبطاقات الدفع الالكتروني‪ :‬من أهم املؤسسات العاملية التي تقوم باصدار‬
‫يلي‪4:‬‬ ‫بطاقات الدفع البالستيكية الالكترونية ما‬

‫‪ 1‬محمد إبراهيم عبد الرحيم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.73 :‬‬


‫‪ 2‬مصطفى كمال السيد طايل‪ ،‬الصناعة املصرفية في ظل العوملة‪ ،‬اتحاد املصارف العربية‪ ،‬ألاردن‪ ،6001 ،‬ص ص‪.85-84 :‬‬
‫‪ 3‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.82-85 :‬‬
‫‪ 4‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.81 :‬‬

‫‪24‬‬
‫املحور ألاول ________________________________________________________ تعريف النقود‪ ،‬وظائفها وأشكالها‬

‫‪ ‬مؤسسة الفيزا العاملية (‪ :)visa international sevices association‬ومركزها مدينة لوس انجلوس‬
‫بوالية كاليفورنيا الامريكية وتصدر أنواعا من البطاقات هي الفيزا الذهبية وبطاقة رجال ألاعمال‬
‫وبطاقة الفيزا العادية‪.‬‬
‫‪ ‬مؤسسة ماستر كارد الذهبية (‪ :)master cards international organization‬ومركزها مدينة سانت‬
‫لويس في الواليات املتحدة الامريكية تصدر بطاقة ماستر كارد الذهبية وبطاقة ماستر كارد رجال‬
‫ألاعمال وبطاقة ماستر كارد العادية‪.‬‬
‫‪ ‬مؤسسة امريكان اكسبريس (‪ :)american express‬ومركزها الواليات املتحدة الامريكية وتصدر‬
‫بطاقات الضمان تحمل اسمها وذلك من بنوك أمريكان اكسبريس على مستوى العالم‪.‬‬
‫‪ -4-4‬طبيعة بطاقات الدفع الالكتروني والفرق بينها وبين كل من النقود والشيكات‪ :‬يثار تساؤل عن‬
‫طبيعة بطاقات الدفع الالكتروني هل هي بمثابة نقود أو أنها تعتبر مثل الشيكات أداة وفاء واداة ائتمان‪،‬‬
‫ولإلجابة على هذا التساؤل يلزم املقارنة بين بطاقات الدفع الالكتروني والنقود من ناحية وبين هذه‬
‫البطاقات والشيكات من ناحية أخرى‪.‬‬

‫جدول رقم (‪ :)11‬نقاط التشابه والاختالف بين النقود وبطاقات الدفع الالكتروني‬
‫بطاقات الدفع الالكتروني‬ ‫النقود‬
‫‪-7‬تستخدم النقود كوسيط للمبادالت عن طريق تخلي‬
‫‪-7‬تستخدم كوسيط في املبادالت حيث يقدمها حاملها الى البائع‬
‫الشخص عن كمية من النقود مقابل حصوله على السلعة‬
‫مقابل حصوله على السلعة أو الخدمة محل املبادلة‪.‬‬
‫أو الخدمة التي يقدمها للطرف الاخر "البائع"‪.‬‬
‫‪-6‬يتخلى الشخص نهائيا للبائع عن النقود مقابل السلعة ‪-6‬املشتري (حامل البطاقة) ال يتخلى عنها بصفة نهائية للبائع‬
‫وليست لها قيمة ذاتية‪.‬‬ ‫ومن ثم فان النقود لها قيمة ذاتية‪.‬‬
‫‪-3‬تعتبر النقود أداة لتخزين القيمة (مخزن للقيم) بمعنى‬
‫‪ -3‬ال يمكن قيام بطاقة الدفع الالكتروني بهذه الوظيفة من‬
‫امكانية ادخارها للحصول بها على السلع والخدمات وقت‬
‫منطلق انها أداة نائبة عن النقود الورقية أو نقود الودائع‪.‬‬
‫الحاجة اليها‪.‬‬
‫‪-4‬هذه البطاقة ال تتمتع بالقبول العام ومن ثم ال تعتبر نقودا‬
‫‪-4‬تتمتع النقود بالقبول العام من جانب الافراد ووسيلة‬
‫الا أنها تتمتع بالقبول الاختياري بين املتعاملين (البائعين‬
‫إلبراء الذمة وتستمد هذه الصفة بمقتض ى القانون‪.‬‬
‫واملشترين)‪.‬‬
‫املصدر‪ :‬مصطفى كمال السيد طايل‪ ،‬الصناعة املصرفية في ظل العوملة‪ ،‬اتحاد املصارف العربية‪ ،‬ألاردن‪،6001 ،‬‬
‫ص‪.88 :‬‬

‫‪25‬‬
‫املحور ألاول ________________________________________________________ تعريف النقود‪ ،‬وظائفها وأشكالها‬

‫جدول رقم (‪ :)12‬نقاط التشابه والاختالف بين الشيكات وبطاقات الدفع الالكتروني‬
‫بطاقات الدفع الالكتروني‬ ‫الشيكات‬
‫‪-7‬تتشابه الشيكات مع بطاقات الدفع الالكتروني ألن‬
‫‪-7‬تتشابه بطاقات الدفع الالكتروني مع الشيكات ألن كليهما‬
‫كليهما يستخدم في تداول النقود والودائع ونقل ملكيتها من‬
‫يستخدم في تداول النقود والودائع ونقل ملكيتها من شخص‬
‫شخص آلخر وهي بذلك تعتبر أداة تداول للنقود ونقل‬
‫آلخر وهي بذلك تعتبر أداة تداول للنقود ونقل ملكيتها‪.‬‬
‫ملكيتها‪.‬‬
‫‪ -6‬حامل البطاقة ال يتخلى عن البطاقة بصفة نهائية ولكنه‬
‫‪ -6‬ساحب الشيك يتخلى عنه للمستفيد الذي يقدمه يقدمها لبائع السلعة أو الخدمة بغرض تحويل املبالغ‬
‫بدوره الى املصرف للحصول على قيمته نقدا أو اضافته الى والحصول على قيمة املعاملة من حساب العميل (حامل‬
‫البطاقة) الى حساب التاجر (البائع) ثم يقوم البائع برد البطاقة‬ ‫حسابه داخل البنك أو أي بنك آخر خاص به‪.‬‬
‫اليه بعد اتمام املعاملة‪.‬‬
‫‪-3‬بطاقات الدفع الالكتروني (البالستيكية) تكون مضمونة من‬
‫‪-3‬ال يتوافر للشيك شرط القبول العام ويستعمل في عملية بنك الاصدار ولذلك يكون التعامل بها أكثر قبوال من الشيكات‬
‫واحدة ينتهي بعدها دوره كما أنه محدد بكمية من النقود وهي في هذه الخاصية تقارب النقود لتتمتع بشرط القبول العام‬
‫كما أنها تستعمل في عمليات متعددة طاملا كان الرصيد يسمح‬ ‫وبتاريخ معين‪.‬‬
‫وتاريخ صالحيتها مازال ساريا‪.‬‬
‫‪-4‬بطاقات الدفع الالكتروني تعتبر ايضا وسيطا أو وسيلة لنقل‬
‫‪-4‬الشيكات تشبه النقود كوسيط في املبادالت من منطلق النقود من املشتري الى البائع ومن ثم تعتبر بطاقات الدفع‬
‫الالكتروني بمثابة نقود نائبة أي أنها تنوب عن النقود‬ ‫أنها وسيلة أو وسيط ملبادلة النقود بالسلع والخدمات‪.‬‬
‫الحقيقية في القيام بوظيفة النقود كوسيط للمبادالت‪.‬‬
‫املصدر‪ :‬مصطفى كمال السيد طايل‪ ،‬الصناعة املصرفية في ظل العوملة‪ ،‬اتحاد املصارف العربية‪ ،‬ألاردن‪،6001 ،‬‬
‫ص‪.81 :‬‬

‫‪26‬‬
‫المحور الثاني‪ :‬األنظمة النقدية والعرض النقدي‬

‫أوال‪ :‬تعريف األنظمة النقدية وأنواعها‬

‫ثانيا‪ :‬بنية الكتلة النقدية ومقابالتها‬

‫ثالثا‪ :‬قياس العرض النقدي ومحدداته‬


‫املحور الثاني _______________________________________________________ ألانظمة النقدية والعرض النقدي‬

‫تمهيد‬
‫إن قياس العرض النقدي‪ ،‬وتحديد التغير في عرض النقود‪ ،‬مع ثبات ظروف الطلب عليها‪ ،‬عادة‬
‫ما يترتب عليه‪ ،‬سواء بطريق مباشر أو غير مباشر‪ ،‬تغيرات في العديد من املتغيرات الاقتصادية الكلية‬
‫مثل مستوى الناتج القومي‪ ،‬ومستوى العمالة‪ ،‬واملستوى العام لألسعار‪ ،‬وسعر صرف العملة املحلية‬
‫مقابل العمالت ألاجنبية‪ ،‬وغيرها من املتغيرات التي تمثل ألاهداف الاقتصادية العامة التي تحتل اهتمام‬
‫الاقتصاديين في أي مجتمع من املجتمعات‪.‬‬
‫وعليه فقد تزايد اهتمام السلطات النقدية بقياس حجم النقود املعروضة في املجتمع وتعديلها‬
‫بما يتالءم مع تحقيق هذه ألاهداف القومية‪ .‬ويتحدد العرض النقدي بداية بما يصدره البنك املركزي‬
‫من وحدات العملة املحلية القانونية‪ ،‬وما تصدره الحكومة من النقود املساعدة‪ ،‬كما يتحدد العرض‬
‫النقدي بحجم الودائع الجارية لدى املصارف التجارية بشكل خاص وكذلك الودائع الشيكية ألاخرى‬
‫لدى املؤسسات املالي من غير البنوك التجارية‪.‬‬
‫وقبل التطرق إلى مفاهيم العرض النقدي وطرق قياسه والتي سيتضمنها العنصران الثاني والثالث‪،‬‬
‫يتعين في البداية استعراض مفهوم النظام النقدي وأهم مكوناته وهو ما سيتطرق له العنصر ألاول من‬
‫هذا املحور‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تعريف ألانظمة النقدية وأنواعها‬

‫‪ -1‬تعريف النظام النقدي (‪)Monetary System‬‬


‫يمكن القول أن النظام النقدي في أي اقتصاد قومي ال يعدو عن كونه مجموعة من القواعد‬
‫والاجراءات والتدابير التي تحكم خلق النقود واقتنائها في املجتمع‪ ،‬وحيث أن نوع النقود املستخدمة هي‬
‫املحور ألاساس ي في دراسة النظم النقدية فقد سميت هذه النظم بالنظم النقدية نسبة إلى نوع النقود‬
‫املستخدمة وذلك في تقسيمها ألاساس ي‪ ،‬فإذا كانت وحدة النقود املصدرة أساس إصدارها هي كمية‬
‫معينة من الذهب الخالص‪ ،‬قيل أن النظام النقدي هو نظام الذهب‪ ،‬وإذا كان الذهب والفضة قيل أن‬
‫أساسه نظام املعدنين‪ ،‬وإذا لم تكن هناك عالقة ثابتة بين معدن من املعادن والوحدة النقدية قبل أن‬
‫وهكذا‪1.‬‬ ‫القاعدة هي قاعدة النقود الورقية الالزامية‬
‫ويمكن تعريف النظام النقدي على نحو من التبسيط على أنه الكيان التنظيمي الذي يضم في‬
‫إطاره أنواع معينة من النقود املتداولة في مجتمع معين خالل فترة معينة‪ ،‬والقواعد الحاكمة لكيفية‬

‫‪ 1‬عبد املطلب عبد الحميد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.89 :‬‬

‫‪82‬‬
‫املحور الثاني _______________________________________________________ ألانظمة النقدية والعرض النقدي‬

‫وشروط إصدار كل نوع منها ومدى قابلية بعضها للتحول إلى ألانواع ألاخرى املتداولة‪ ،‬ومدى الالتزام‬
‫بااللتزامات‪1 .‬‬ ‫بقبولها في الوفاء‬
‫ويمكن بوجه عام‪ ،‬تعريف النظام النقدي بأنه مجموعة القواعد التنظيمية وإلاجراءات التي‬
‫أساسية‪2 :‬‬ ‫تضبط إصدار وسحب (تدمير) النقود من التداول‪ ،‬والذي يتميز بثالث خصائص‬
‫‪ -‬خاصية التركيب‪ ،‬فالنظام النقدي كأي نظام اقتصادي يتمتع بخاصية التركيب‪ ،‬بمعنى أنه يتكون‬
‫ّ‬
‫ومحدد ومنها ما هو ثانوي‪ .‬والعنصر ألاساس ي في‬ ‫من مجموعة من العناصر‪ ،‬منها ما هو أساس ي‬
‫القيم‪ ،‬والغاية منها املحافظة على القيمة‬
‫النظام النقدي هو "القاعدة النقدية" أو قاعدة ِ‬
‫الاقتصادية للنقود في الداخل والخارج‪.‬‬
‫‪ -‬النظام النقدي في أي دولة هو جزء ال يتجزأ عن النظام الاقتصادي الاجتماعي السائد‪ ،‬والروابط‬
‫ً‬
‫أساسا روابط اجتماعية‪.‬‬ ‫النقدية هي‬
‫ويتغير مع تطور ّ‬
‫يتطور ّ‬ ‫ّ‬
‫بالثبات‪ ،‬بل ّ‬ ‫ّ‬
‫وتغير النظام‬ ‫‪ -‬النظام النقدي هو نظام تاريخي‪ ،‬أي أنه ال يتصف‬
‫الاقتصادي والاجتماعي الذي ينتمي إليه‪.‬‬
‫ومن الضروري الاشارة إلى أن النظام النقدي لدولة ما يتكون من ثالثة عناصر رئيسية هي على‬
‫النحو التالي‪3 :‬‬

‫‪ ‬العنصر ألاول‪ :‬والذي يشير إلى مجموعة املؤسسات النقدية الوطنية التي تختص قانونا بإصدار‬
‫وخلق النقود وما يرتبط بها من متغيرات بالزيادة أو النقصان وتحدد قوانين الدولة وحدة النقد‬
‫الوطنية وألاجزاء التي تتكون منها‪.‬‬
‫‪ ‬العنصر الثاني‪ :‬وهو العنصر الذي يختص بالنقود وأنواعها املختلفة التي تستخدم في التداول‬
‫داخل إطار الدولة وحدودها‪.‬‬
‫‪ ‬العنصر الثالث‪ :‬وهو العنصر الذي يتضمن مجموعة القوانين واللوائح والاجراءات التي تحكم‬
‫كمية النقود والتغيرات املرتبطة بها‪.‬‬

‫‪ -2‬أنواع النظم النقدية‬


‫بالرجوع إلى املراحل الاقتصادية املاضية عرف العالم أنواعا مختلفة من النقد‪ ،‬ونظرا للدور الكبير‬
‫الذي تقوم به النقود على املستوى الاقتصادي والاجتماعي دعت الحاجة إلى إدارة وتنظيم عملية تداولها‬

‫‪ 1‬عادل أحمد حشيش‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.55 :‬‬


‫‪ 2‬بسام الحجار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.37-38 :‬‬
‫‪ 3‬عبد املطلب عبد الحميد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.98 :‬‬

‫‪82‬‬
‫املحور الثاني _______________________________________________________ ألانظمة النقدية والعرض النقدي‬

‫في املجتمع مما أدى إلى ظهور القواعد النقدية املختلفة لتطبيق فعال لألنظمة النقدية التي تخص كل‬
‫على‪1:‬‬ ‫دولة‪ ،‬إذ تقوم عملية تحديد نوع القاعدة النقدية املتبعة بناء‬
‫‪ -‬نوع النقود املعيارية التي تعتبر ألاساس في تحديد نوع النقود والتي من خاللها يمكن لهذه النقود‬
‫أن ترد إليها‪.‬‬
‫‪ -‬تحديد كمية املعدن النفيس الذي تحتويه كل وحدة من وحدات النقد‪ ،‬فإذا كان ذهبا فإن هذا‬
‫املجتمع يكون قد أخذ بقاعدة الذهب كنظام نقدي‪ ،‬أما إذا كان فضة فإنه يكون قد أخذ بقاعدة‬
‫الفضة كنظام نقدي‪ ،‬وقد يجمع املجتمع ما بين هذين املعدنين فيكون النظام النقدي قد أخذ‬
‫بقاعدة املعدنين‪ ،‬أما إذا اعتبر املجتمع النقود الورقية (النقود املعيارية) فيكون قد أخذ بقاعدة‬
‫النقود الورقية غير القابلة للتحويل إلى ذهب‪.‬‬
‫شكل رقم (‪ :)30‬أنواع ألانظمة النقدية‬

‫ألانظمة النقدية‬

‫النظام الورقي إلالزامي‬ ‫النظام املعدني‬

‫نظام املعدنين‬ ‫نظام املعدن الواحد‬

‫من حيث النطاق‬ ‫من حيث إلادارة‬ ‫من حيث الشكل‬

‫دولي‬ ‫قومي‬ ‫مدار‬ ‫آلي‬ ‫نظام الصرف‬ ‫نظام السبائك‬ ‫نظام املسكوكات‬
‫بالذهب‬ ‫الذهبية‬ ‫الذهبية‬

‫املصدر‪ :‬عبد املطلب عبد الحميد‪ ،‬اقتصاديات النقود والبنوك‪ :‬ألاساسيات واملستحدثات‪ ،‬الدار الجامعية‪،‬‬
‫إلاسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،7002 ،‬ص‪.40 :‬‬
‫‪ -1-2‬النظام املعدني‪ :‬بعد اكتشاف املعادن ّ‬
‫تحول إلانسان إلى استخدامها في ألاغراض النقدية‪ ،‬ثم رأينا‪،‬‬
‫كيف أنه انطلق من استخدام املعادن الرخيصة الثمن‪ ،‬كالنيكل والبرونز‪ ،‬إلى استخدام املعادن النفيسة‬
‫واستيفاء ألغراض البحث سوف نقتصر‪ ،‬في دراستنا‬‫ً‬ ‫كالذهب والفضة للقيام بشتى وظائف النقود‪.‬‬
‫املعدنين‪2.‬‬ ‫للقواعد النقدية‪ ،‬على شكلين من أشكال قاعدة املعدن‪ ،‬هما نظام املعدن الواحد ونظام‬

‫‪ 1‬طاهر فاضل البياتي‪ ،‬ميرال روحي سمارة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.55 :‬‬
‫‪ 2‬بسام الحجار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.88-89 :‬‬

‫‪03‬‬
‫املحور الثاني _______________________________________________________ ألانظمة النقدية والعرض النقدي‬

‫‪ -1-1-2‬نظام املعدن الواحد‪ :‬يرتكز هذا النظام على معدن واحد‪ً ،‬‬
‫ذهبا كان أو فضة‪ ،‬وفي كلتا الحالتين‬
‫ً‬
‫أساسا للقاعدة‬ ‫املشرع إلى إنشاء عالقة ثابتة بين وحدة النقد ووزن معين من املعدن ّ‬
‫املتخذ‬ ‫ّ‬ ‫يعمد‬
‫النقدية‪ .‬وأهم القواعد املعدنية‪ ،‬قاعدة الذهب (‪ ،1)Gold Standard‬أما قاعدة الفضة‪ ‬فهي ال تختلف‬
‫عن قاعدة الذهب وتسمى أيضا بقاعدة املعدن الواحد كقاعدة الذهب إال أن هناك فروق في التطبيق‪،‬‬
‫حيث أن الدول التي أخذت بقاعدة الفضة قليلة العدد ومحدودة من حيث التأثير ولم تلعب دورا مهما‬
‫العالمي‪2.‬‬ ‫في التأثير على النشاط الاقتصادي‬
‫ويعد نظام قاعدة الذهب من أقدم النظم النقدية املعروفة والتي تعتبر املثال التقليدي عند‬
‫دراسة نظام املعدن الواحد‪ ،‬ويتميز نظام قاعدة الذهب بأن قيمة وحدة النقد ألاساسية فيه سواء‬
‫الجنيه الاسترليني أو الدوالر ألامريكي مثال كانت ترتبط ارتباطا ثابتا بالنسبة إلى الذهب‪ ،‬أي أن العالقة‬
‫ثابتة بين وحدة النقود ألاساسية ووزن معين من الذهب محدد العيار (ذو نقاوة معينة)‪ ،‬وبذلك تتعادل‬
‫القدرة الشرائية لوحدة النقود مع القدرة الشرائية بكميات معينة من الذهب‪ ،‬ويقوم نظام قاعدة‬
‫التالية‪3:‬‬ ‫الذهب على ألاسس‬
‫‪ o‬تحدد السلطة النقدية املمثلة في البنك املركزي‪ ،‬املصدرة لوحدة النقود سعرا ثابتا لوحدة النقود‬
‫بالنسبة إلى الذهب‪ ،‬أي أن وحدة النقود كالدوالر تساوي مقدارا معينا من الذهب الخالص املحدد‬
‫العيار بدرجة نقاوة معينة ووزن معين‪.‬‬
‫‪ o‬يجب أن تتساوى القيمة السوقية للذهب مع قيمته كنقود أي أن الوحدة النقدية إذا بيعت‬
‫كمعدن ألغراض صناعية أي غير نقدية‪ ،‬يجب أن تتساوى قيمتها كقوة شرائية كوحدة نقدية‬
‫وحتى يتحقق هذا‪ ،‬على الدولة ترك حرية السك والصهر لألفراد‪ ،‬أي أن لهم حرية تحويل السبائك‬
‫الذهبية إلى نقود وصهر النقود وتحويلها إلى سبائك أو أي مصنوعات ذهبية أخرى‪.‬‬
‫‪ o‬يجب أن تضمن الدولة لألفراد امكانية تحويل قيمة أي نقود مساعدة سواء كانت من النحاس‬
‫أو البرونز أو غيرها أو حتى ولو كانت أوراق إلى نقود ذهبية‪.‬‬

‫‪ 1‬بسام الحجار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.88 :‬‬


‫‪ ‬يقصد بقاعدة الفضة‪ ،‬النظام الذي كانت تستخدم فيه الفضة لصنع النقود الرئيسية والذي كانت قيمة وحدة النقد فيه تحدد عن‬
‫طريق ربطها بوزن معين من الفضة‪ ،‬وقد كانت هذه القاعدة منتشرة في كثير من البالد في نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع‬
‫عشر مثل فرنسا وهولندا والنمسا وأملانيا وقد نجحت قاعدة الفضة في وقت كان التداول الذهبي فيه محدودا نظرا لضالة املستخرج في‬
‫العالم من الذهب‪.‬‬
‫‪ 2‬طاهر فاضل البياتي‪ ،‬ميرال روحي سمارة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.55 :‬‬
‫‪ 3‬عبد املطلب عبد الحميد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.87-85 :‬‬

‫‪03‬‬
‫املحور الثاني _______________________________________________________ ألانظمة النقدية والعرض النقدي‬

‫‪ o‬يجب على الدولة أال تضع أي قيود على تصدير واستيراد الذهب أي أن هناك حرية كاملة في‬
‫تصدير واستيراد الذهب ونقله من وإلى الدولة حتى تضمن تحقيق معدل ثابت لصرف عملتها على‬
‫املستوى الدولي‪.‬‬
‫‪ o‬يجب أن تحافظ الدولة على العالقة بين كمية النقود في داخل الدولة وبين كمية الذهب التي‬
‫تملكه أي ما يعرف بالغطاء الذهبي حيث يكون بمقدورها تحويل أي مبلغ من وحدات النقود إلى‬
‫ذهب عند الطلب‪.‬‬
‫ويتميز نظام الذهب بوجود ثالثة أشكال هي‪ :‬نظام املسكوكات الذهبية‪ ،‬نظام السبائك الذهبية‪،‬‬
‫نظام الصرف بالذهب‪.‬‬
‫‪ -1-1-1-2‬نظام املسكوكات الذهبية (‪ :)1111-1111( )Gold Coins Standard‬هي أول الصيغ‪ ‬التي‬
‫تم التعامل بها من خالل قاعدة الذهب إذ تسك النقود من معدن الذهب بحيث تمثل قيمة الوحدة‬
‫ّ‬
‫الواحدة ما تحتويه من ذهب‪ ،1‬وقد شكلت املسكوكات الذهبية القسم الغالب من النقد املتداول‪ ،‬وإلى‬
‫جانبها أوراق نقدية نائبة‪ ،‬ولكن في جميع ألاحوال كانت املسكوكات هي النقد ألاساس ي والانتهائي‪ ،‬وللعمل‬
‫بقاعدة الذهب‪ ،‬على الصعيد املحلي والخا جي وفي عالقته ُ‬
‫بالنظم النقدية ألاجنبية التي تسير على نظام‬ ‫ر‬
‫نذكر منها‪2 :‬‬ ‫الذهب‪ ،‬يجب توافر شروط معينة‬
‫‪ -‬تحديد قيمة ثابتة لوحدة النقد بوزن معين من الذهب الخالص‪ ،‬وهذا بالطبع ال يشترط أن تكون‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫للتحول فعال‬ ‫النقود الذهبية متداولة فعال‪ ،‬ولكن يكفي أن تكون النقود الورقية املتداولة‪ ،‬قابلة‬
‫إلى ذهب بال قيد أو شرط‪.‬‬
‫‪ -‬يجب توافر حرية سك الذهب‪ ،‬وبأية كميات دون مقابل ملنع زيادة القيمة إلاسمية عن القيمة‬
‫الحقيقية‪.‬‬
‫‪ -‬وجوب توافر حرية كاملة لصهر املسكوكات الذهبية‪ ،‬أي تحويلها إلى سبائك‪ ،‬بدون مقابل ملنع‬
‫ارتفاع السعر ّ‬
‫السوقي عن السعر القانوني للذهب‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -‬قابلية أنواع النقود ألاخرى للصرف بالذهب وعند حد التعادل‪ .‬ومن البديهي‪ ،‬أنه إذا كانت عملتان‬
‫يتحدد على أساس قسمة الوزن املعدني‬‫أو أكثر تسيران على نظام الذهب‪ ،‬فإن سعر الصرف بينهما ّ‬
‫ّ‬
‫املشرع إلانكليزي‬ ‫ً‬
‫الصافي للجنيه إلاسترليني مثال على الوزن املعدني للدوالر ألامريكي‪ .‬ولنفرض أن‬

‫‪ ‬وهي اول صور قاعدة الذهب واكثرها كماال على الاطالق ولذا فهي التي تقصد عادة عند الكالم عن قاعدة الذهب بصفة مجردة دون‬
‫وصف آخر‪.‬‬
‫‪ 1‬عبد املطلب عبد الحميد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.87 :‬‬
‫‪ 2‬بسام الحجار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.57-50 :‬‬

‫‪08‬‬
‫املحور الثاني _______________________________________________________ ألانظمة النقدية والعرض النقدي‬

‫ّ‬
‫املشرع ألامريكي يعرف الدوالر على أنه‬ ‫يعرفه على أنه يساوي ‪ 2.87‬غر ًاما من الذهب‪ ،‬ولنفرض أن‬
‫‪7.32‬‬
‫يساوي ‪ 5.5‬غرام‪ ،‬سعر صرف الجنيه إلاسترليني بالدوالر ألامريكي‪ 5.92 = 1.5 :‬دوالرات‬
‫‪ -‬ضمان حرية تصدير واستيراد الذهب (خروج ودخول الذهب) للمحافظة على التعادل بين القيمة‬
‫الداخلية والقيمة الخارجية للذهب‪ .‬وكان من شأن هذا التدبير أن حافظت أسعار الصرف على‬
‫ثباتها واستقرارها‪.‬‬
‫الشرط ألاول هو الذي أعطى للذهب قيمته القانونية‪ ،‬أما توافر حرية سك وصهر الذهب فهي‬
‫ضرورية للمحافظة على سعر التعادل بين السعر السوقي (في شكل سبائك) والسعر القانوني (في شكل‬
‫مسكوكات) للذهب‪ ،‬أما شرط توافر حرية تصدير واستيراد الذهب (خروج ودخول الذهب) فهو الذي‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫حقق التعادل بين سعر الذهب ً‬
‫وعامليا‪ ،‬مع ألاخذ باالعتبار نفقات نقل وتأمين الذهب‪ ،‬وهذا النظام‬ ‫محليا‬
‫بالتخلي عنه تدر ً‬
‫يجيا‪ً ،‬‬ ‫ً‬
‫معموال به حتى الحرب العاملية ألاولى‪ ،‬حيث أخذت البلدان ّ‬
‫نظرا لحاجتها‬ ‫ظل‬
‫الستخدام الذهب كغطاء لإلصدار النقدي ولشراء العتاد الحربي‪.‬‬
‫‪ -2-1-1-2‬نظام السبائك الذهبية (‪ :)Gold Bullions Standard‬ويعني أن الاوراق النقدية لم تعد‬
‫قابلة للتحويل الى ذهب في شكل قطع عملة ذهبية وانما فقط في شكل سبائك ذهبية‪ ‬ال تقل وزن‬
‫السبيكة منها عن قدر معين يحدده القانون‪ّ ،1‬‬
‫تميزت ألاحوال النقدية في الفترة التي تلت الحرب العاملية‬
‫ألاولى باالضطرابات والفوض ى‪ ،‬وانخفضت القوة الشرائية للعديد من العمالت ألاوروبية كالجنيه‬
‫ّ‬ ‫إلاسترليني‪ ،‬والفرنك الفرنس ي‪ ،‬واملارك ألاملاني الذي انهار انهيا ًرا ً‬
‫تاما‪ .‬كما اتسمت هذه الفترة بالتقلبات‬
‫الشديدة في أسعار صرف العمالت والاختالالت الخطيرة في موازين املدفوعات‪ ،‬حيث لم تعد إلى التوازن‬
‫تلقائيا‪ .‬لذلك كان الهم ألاساس ي الذي شغل أذهان الاقتصاديين ورجال الحكم‪ ،‬هو مسألة إلاصالح‬‫ً‬
‫النقدي‪ .‬وتعالت الصيحات والدعوات للعودة إلى نظام الذهب‪ ،‬ألنه كما افترض من مناصري هذا‬
‫النظام‪ ،‬أن الاضطرابات والفوض ى النقدية التي حصلت ال ترجع إلى عيوب كامنة في نظام الذهب‪ ،‬وإنما‬
‫بسبب الخروج عن قواعد اللعبة‪ ،‬وأهمها قاعدة الحرية الاقتصادية‪ ،‬وعدم ُّ‬
‫تدخل الدولة في النشاط‬
‫الاقتصادي والامتناع عن فرض القيود على التجارة الخارجية وربط إلاصدار النقدي بكمية الذهب‪،‬‬
‫‪2‬‬ ‫وحرية تصدير الذهب واستيراده‪.‬‬

‫‪ ‬يقتصر التداول الداخلي على النقود الورقية املضمونة بالذهب ويستخدم الدهب بطريقة مباشرة "عن طريق العمالت القابلة للتحويل‬
‫الى ذهب" في املدفوعات الدولية‪.‬‬
‫‪ 1‬زينب عوض هللا‪ ،‬أسامة محمد الفولي‪ ،‬أساسيات الاقتصاد النقدي واملصرفي‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،7008 ,‬ص‪.38 :‬‬
‫‪ 2‬بسام الحجار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.57 :‬‬

‫‪00‬‬
‫املحور الثاني _______________________________________________________ ألانظمة النقدية والعرض النقدي‬

‫ولقد اتبعت الدول بعد انتهاء الحرب العاملية الاولى قاعدة الذهب في صورة السبائك الذهبية‪،‬‬
‫فاتبعتها انجلترا في عام ‪ 5875‬عندما عادت الى قاعدة الذهب بعد وقف العمل بها اثناء الحرب العاملية‬
‫يونيو ‪1.5879‬‬ ‫الاولى‪ ‬كما اتبعتها فرنسا عند عودتها الى قاعدة الذهب في‬
‫ولعل من الضروري الاشارة إلى أن تحول الدول إلى نظام السبائك الذهبية من نظام املسكوكات‬
‫التالية‪2 :‬‬ ‫الذهبية يرجع إلى ألاسباب‬
‫‪ ‬خوف الدول من عدم توفر رصيد من الذهب يكفي لحاجة املعامالت التجارية والاقتصادية في‬
‫الداخل والخارج في ظل الاتجاه املتزايد نحو املزيد من النمو الاقتصادي في النشاط الاقتصادي في‬
‫الداخل والخارج وخاصة مع قصور املوارد من معدن الذهب في العديد من الدول‪.‬‬
‫‪ ‬اكتشاف أن الفكرة الخاصة بحرية تحويل النقود الورقية وغيرها من الوحدات النقدية إلى‬
‫مسكوكات ذهبية وبالعكس هي في الواقع أمر ال يبرره رأي سديد‪ ،‬فواقع املعامالت أظهر أن ألافراد‬
‫ال يلجؤون إلى استعمال حقوقهم في تحويل البنكنوت النقدي إلى ذهب إال في حالتين‪:‬‬
‫‪ -‬الحالة ألاولى‪ :‬حالة املضاربة على أسعار الذهب ومحاولة الاستفادة من فروق ألاسعار‪.‬‬
‫‪ -‬الحالة الثانية‪ :‬حالة وجود أزمات نقدية يهرع عندها ألافراد إلى طلب الذهب والاحتفاظ به‪.‬‬
‫وليس من املعقول أن يشجع املجتمع عمليات املضاربة ويحقق أغراض املضاربة الشخصية‬
‫في تحقيق أرباح على حساب النشاط الاقتصادي لالقتصاد القومي أو يشجعهم على ذلك بالسماح‬
‫بشرط حرية تحويل النقود إلى ذهب دون قيد أو شرط‪.‬‬
‫‪ ‬اتضح أنه في أوقات ألازمات النقدية حينما يزداد الطلب فجأة على اكتناز الذهب‪ ،‬يصبح من‬
‫الصعب ايجاد الكميات املطلوبة فورا التي تلبي كل رغبات ألافراد في التحويل إلى ذهب‪.‬‬

‫يلي‪3 :‬‬ ‫وعموما فإن من أهم الشروط التي ارتآها هؤالء الاقتصاديون للعودة إلى نظام الذهب ما‬
‫‪ ‬تحديد قيمة ثابتة لوحدة النقد بوزن ّ‬
‫معين من الذهب‪.‬‬
‫‪ ‬قابلية صرف النقود الورقية بالذهب وبالعكس وبال قيد أو شرط‪.‬‬

‫‪ ‬يعتبر ريكاردو هو مبتدع قاعدة السبائك الذهبية إذ اقترح في أوائل القرن التاسع عشر هذا التنظيم الجديد لقاعدة الذهب وإن لم يجد‬
‫رواجا في العمل حتى القرن العشرين عندما أخذت به بعض الدول عند الرجوع لقاعدة الذهب‪ ،‬ذلك أنه ورغم نص القانون الانجليزي‬
‫الصادر عام ‪ 5958‬على ألاخذ بهذه الطريقة بصورة مؤقتة فإنها لم تصادف تطبيقا عمليا حتى استؤنف الصرف بمسكوكات الذهب عام‬
‫‪.5975‬‬
‫‪ 1‬زينب عوض هللا‪ ،‬أسامة محمد الفولي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.35-35 :‬‬
‫‪ 2‬عبد املطلب عبد الحميد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.85-85 :‬‬
‫‪ 3‬بسام الحجار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.58-57 :‬‬

‫‪03‬‬
‫املحور الثاني _______________________________________________________ ألانظمة النقدية والعرض النقدي‬

‫‪ ‬الكف عن سياسة التمويل التضخمي للموازنة العامة‪.‬‬


‫‪ ‬الحفاظ على أسعار الصرف الثابتة‪ ،‬من خالل العمل على التوازن الخارجي (التوازن التلقائي في‬
‫موازين املدفوعات)‪.‬‬
‫داخليا وخار ً‬
‫جيا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫‪ ‬أن تتوازن القوة الشرائية للنقود‬
‫‪ ‬توفير ثقة ألافراد بالعملة من خالل ثبات قوتها الشرائية‪.‬‬
‫ً‬
‫غير أن الدول‪ ،‬إنكلترا مثال‪ ،‬عندما عادت إلى قاعدة الذهب‪ ،‬اشترطت أن ال تقل كمية البنكنوت‬
‫املراد تحويلها إلى ذهب عن قيمة ّ‬
‫معينة‪ ،‬وكان البنك املركزي إلانكليزي على استعداد ألن يبيع الذهب‬
‫لألفراد في شكل سبائك ذهبية بوزن ال يقل عن ‪ 500‬أوقية من الذهب‪ ،‬أو ما يعادل ‪ 5200‬جنيه إسترليني‬
‫ً‬
‫أمريكيا‪ .‬وبذلك تكون السلطات النقدية قد عملت على تحقيق هدفين‪:‬‬ ‫أو ‪ 2525‬دوال ًرا‬
‫‪ -‬أبقت على شرط تحويل ألاوراق النقدية إلى ذهب وبالعكس‪ ،‬وبدون قيد أو شرط‪.‬‬
‫‪ -‬خفضت من نطاق التعامل بالذهب‪ ،‬حيث أصبحت النقود املتداولة في الداخل هي النقود‬
‫الورقية‪ ،‬ومنع اكتنازه لالحتفاظ به لخدمة املدفوعات الدولية‪.‬‬
‫‪ -0-1-1-2‬نظام الصرف بالذهب (‪ :)Gold Exchange Standard‬وهي آخر صور لقاعدة الذهب وأقلها‬
‫كماال‪ ،‬اذ أنها تعني اتباع قاعدة الذهب بطريقة غير مباشرة ذات طابع دولي وليس بطريقة مباشرة وذات‬
‫طابع وطني أو قومي بحت‪ ‬كما هو الحال في الصورتين السابقتين‪ ،1‬يتميز هذا النظام بأن وحدة النقد‬
‫ألاساسية فيه تكون مرتبطة بالذهب بطريقة غير مباشرة وعن طريق وحدة النقد ألاساسية لدولة أجنبية‬
‫تسير على قاعدة الذهب‪ ،‬وفي هذا النظام كما هو واضح ال تتحدد قيمة الوحدة النقدية للبلد على‬
‫أساس الذهب مباشرة‪ ،‬وإنما ترتبط بنسبة ثابتة لعملة بلد آخر يسير على نظام السبائك الذهبية‪ ،‬أي‬
‫أخرى‪2.‬‬ ‫أن عملة الدولة تكون قابلة للصرف بالذهب ولكن عن طريق عمله وسيطة لدولة‬
‫إذن قامت هذه القاعدة على ربط العملة املحلية بعملة أخرى قابلة للتحويل إلى ذهب بدال من‬
‫قابلية تحويل وحدة النقد املحلية بشكل مباشر‪ ،‬كما ساد خالل فترة التعامل بصورة الصرف بالسبائك‬
‫الذهبية‪ ،‬وقد تم التعامل بهذه الصورة من خالل مؤتمر جنوة عام ‪5877‬م‪ ،‬إذ كانت بريطانيا من أهم‬

‫‪ ‬وهنا يكمن الفرق بين نظام السبائك الذهبية وبين قاعدة الحوالات الذهبية ففي ألاولى يتداول الذهب في التعامل الخارجي أما في الثانية‬
‫فال يتم اي تعامل بالذهب ال في الداخل وال في الخارج وانما تتم التسوية فقط على أساسه بالنسبة للخارج‪.‬‬
‫‪ 1‬زينب عوض هللا‪ ،‬أسامة محمد الفولي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.33-35 :‬‬
‫‪ 2‬عبد املطلب عبد الحميد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.83-85 :‬‬

‫‪03‬‬
‫املحور الثاني _______________________________________________________ ألانظمة النقدية والعرض النقدي‬

‫الدول املشجعة للتعامل بهذه الصورة وذلك من خالل قدرتها على سحب سندات على خزينتها لصالح‬
‫ذهب‪1.‬‬ ‫الدول التي تخضع لسيطرتها دون اللجوء إلى استخدام أو هدر مواردها التي تمتلكها من‬
‫وقد انتشر استعمال هذا النظام في العالم خالل القرن التاسع عشر‪ ،‬حيث اتبعته الهند في سنة‬
‫‪ 5987‬والارجنتين في سنة ‪ ،5989‬وأصبح نظام الصرف بالذهب نظاما دوليا في الفترة ما بين الحربين‬
‫هي‪2 :‬‬ ‫العامليتين ألاولى والثانية حيث طبق في الكثير من الدول‪ ،‬ويحقق هذا النظام عدة مزايا‬
‫‪ ‬أنه يحقق مزايا السير على قاعدة الذهب من خالل الاحتفاظ بعملة دولة أخرى فقط‪.‬‬
‫‪ ‬أن احتفاظ الدولة بعمالت أجنبية في بنوك الدولة املتبوعة يؤدي إلى تحقيق فائدة مالية على‬
‫أرصدتها من العملة ألاجنبية بحيث يعتبر ذلك موردا ماليا إضافيا للدولة التي تسير على قاعدة‬
‫الصرف بالذهب‪.‬‬
‫إال أنه وبعد اندالع الحرب العاملية ألاولى وتداعيات أزمة الكساد الكبيرة للفترة (‪،)5888-5878‬‬
‫واجهت اقتصاديات العديد من الدول صعوبات عديدة ملواجهة آلاثار الاقتصادية لذلك‪ ،‬مما أدى للتخلي‬
‫عن اتباع قاعدة الذهب وعدم الالتزام بأحكامها من قبل العديد من البلدان‪ ،‬ما أدى إلى انهيار قاعدة‬
‫يلي‪3 :‬‬ ‫الذهب والتي يمكن حصر أهم الصعوبات وألاسباب التي أدت إلى انهيارها بما‬
‫‪ -‬قصور الكميات املتوفرة لدى البلدان من الذهب وعدم كفاية انتاجه ملواكبة الطلب عليه‬
‫وملعالجة آثار الحرب العاملية ألاولى ومواجهة نفقاتها الاصالحية‪.‬‬
‫‪ -‬عدم تكافؤ توزيع الاحتياطيات الذهبية بين البلدان إذ تركزت في بعض البلدان املتمثلة بالواليات‬
‫املتحدة ألامريكية وفرنسا مقارنة ببلدان أوروبا الشرقية‪ ،‬وبالرجوع إلى الاحصائيات الدولية‬
‫احتوت كل من فرنسا والواليات املتحدة ألامريكية بعد نشوب الحرب على ثالثة أخماس الذهب‬
‫املتوفرة في العالم‪.‬‬
‫‪ -‬فرض بعض القيود على حرية استيراد وتصدير الذهب إلجراء التبادالت التجارية الدولية وفرض‬
‫القيود الجمركية والضريبية من قبل بعض البلدان بهدف تعزيز املركز الاقتصادي لها وتحسين‬
‫أوضاعها املحلية‪ ،‬ومثال ذلك فرض بعض القيود الجمركية من قبل الواليات املتحدة ألامريكية‬
‫لدعم مركزها الاقتصادي املحلي وتجارتها الخارجية‪.‬‬

‫‪ 1‬طاهر فاضل البياتي‪ ،‬ميرال روحي سمارة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.52 :‬‬
‫‪ 2‬عبد املطلب عبد الحميد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.83 :‬‬
‫‪ ‬بعد الحرب العاملية الاولى عجزت الدول عن العودة الى قاعدة الذهب سواء في صورة املسكوكات او حتى السبائك الذهبية بسبب‬
‫استنزاف النفقات الحربية الجزء ألاكبر من احتياطها من الذهب‪.‬‬
‫‪ 3‬طاهر فاضل البياتي‪ ،‬ميرال روحي سمارة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.58 :‬‬

‫‪03‬‬
‫املحور الثاني _______________________________________________________ ألانظمة النقدية والعرض النقدي‬

‫‪ -‬تعارض بعض السياسات التي اتبعتها بعض الدول لشروط وأحكام قاعدة الذهب إذ قامت‬
‫بعمليات التوسع في اصدار النقد دون أن يقابله قدر مناسب من الاحتياطيات الذهبية الواجب‬
‫توفرها كغطاء نقدي‪ ،‬وذلك بهدف التوسع باالستثمار وتنشيط الاقتصاد لتجنب آثار الكساد‬
‫الكبير‪.‬‬
‫‪ -2-1-2‬نظام املعدنين‪ :‬بموجب هذه القاعدة تحدد الدولة نوعان من النقود املعيارية كل منهما من‬
‫معدن مختلف ولكل منهما قوة إبراء غير محدودة لذلك ترتبط قيمة النقود الورقية املصدرة بكميات‬
‫معينة من كال املعدنين‪ ،‬فمثال الوحدة الواحدة من النقود تعادل ‪ 5‬غرام ذهب أو ‪ 5‬غرامات من الفضة‪1.‬‬

‫أساسيين‪2:‬‬ ‫وحجة املدافعين عن نظام املعدنيين تتمثل في اعتبارين‬


‫‪ ‬ألاول‪ :‬أن التغيرات التي يمنك أن تحدث في كمية أحد املعدنين كافية الن تعوض أو توازن بالتغيرات‬
‫املعاكسة في كمية املعدن الاخر‪ .‬وهذا وحده كفيل بتحقيق الاستقرار في العرض الكلي للنقود‪.‬‬
‫‪ ‬الثاني‪ :‬أن هذا النظام يتفق مع العادات السائدة بين الافراد في املعامالت فاستخدام معدن واحد‬
‫‪‬‬
‫ال يمكنه الوفاء تماما بحاجة املعامالت‪.‬‬

‫غير أن زيادة انتاج الفضة أدت إلى انخفاض قيمتها وهذا ما دفع ألافراد الابتعاد عن التعامل بها‬
‫والتعامل فقط بالنقود الذهبية‪ ،3‬إذ أن ميزات هذا النظام التي جرى توضيحا تصطدم بقانون جريشام‬
‫والذي ينص على أن النقود الرديئة تطرد النقود الجيدة‪ ‬من التداول‪ ،‬وقد أدى عدم التوافق بين‬
‫القيم النسبية للمعدنين في السوق وبين القيم النسبية التي تحددها الحكومة بينهما‪ ‬إلى فشل هذا‬
‫به‪4.‬‬ ‫النظام وخروج كل الدول التي كانت تأخذ‬

‫‪ 1‬طاهر فاضل البياتي‪ ،‬ميرال روحي سمارة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.55 :‬‬
‫‪ 2‬زينب عوض هللا‪ ،‬أسامة محمد الفولي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.38-39 :‬‬
‫‪ ‬فلو كان املعدن املختار كبير القيمة نسبيا كالذهب فان الوحدات النقدية املصنوعة منه ستكون خفيفة للغاية بالنسبة الى املعامالت‬
‫ضئيلة القيمة‪ ،‬ولو كان معدنا قليل القيمة نسبيا كالفضة فان الوحدات النقدية املصنوعة منه ستكون قليلة جدا بالنسبة الى املعامالت‬
‫كبيرة القيمة‪.‬‬
‫‪ 3‬طاهر فاضل البياتي‪ ،‬ميرال روحي سمارة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.55 :‬‬
‫‪ ‬والنقود الجيدة أو القوية هي التي تكون قيمتها التجارية أي قيمة ما بها من معدن في السوق أكبر من قيمتها القانونية أي التي يكون‬
‫معدل تبادلها التجاري بالنقود ألاخرى أكبر من معدل تبادلها القانوني بها‪ ،‬وقد تكون رداءة النقود نتيجة لعوامل طبيعية أو نتيجة لعوامل‬
‫مصطنعة كإصدار كميات من النقود أكثر مما تقتضيه الحاجة‪.‬‬
‫‪ ‬ويكون ذلك نتيجة لتغير ظروف العرض والطلب بالنسبة الى كل من الذهب والفضة سواء تعلق هذا التغير بوجوه استعملها في أغراض‬
‫أخرى غير الغرض النقدي أو تعلق وهذا هو املهم باكتشاف مناجم جديدة ألي من املعدنين‪.‬‬
‫‪ 4‬حسين محمد سمحان‪ ،‬إسماعيل يونس يامن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.30 :‬‬

‫‪03‬‬
‫املحور الثاني _______________________________________________________ ألانظمة النقدية والعرض النقدي‬

‫إلى‪1 :‬‬ ‫‪ -0-1-2‬نظام قاعدة الذهب من حيث الادارة‪ :‬ومن هذا املدخل فإن نظام قاعدة الذهب ينقسم‬
‫‪ -1-0-1-2‬نظام الذهب آلالي‪ :‬ويقصد بنظام الذهب آلالي بأنه ذلك النظام الذي تسبب فيه تغيرات‬
‫كمية الذهب في الدولة آثارا على كمية النقود ومستوى ألاسعار والنشاط الاقتصادي دون أي تدخل من‬
‫التالية‪2:‬‬ ‫جانب الدولة أو السلطات النقدية‪ ،‬ويحقق نظام الذهب آلالي املزايا‬
‫‪ -‬ثبات نسبي في أسعار الصرف بين عمالت الدول املختلفة‪ ،‬ذلك ألنه في ظل اتباع نظام قاعدة‬
‫الذهب فإن أسعار الصرف بين عمالت الدول املتبعة لهذه القاعدة ال تتقلب إال في حدود معينة‬
‫وطفيفة‪.‬‬
‫‪ -‬ثبات في مستويات الدخل والعمالة أو التوظف بين الدول املختلفة‪ ،‬حيث من شأن الثبات النسبي‬
‫في مستويات الدخول والعمالة والتوظف بين الدول املختلفة أن يحقق التوازن التلقائي بفعل‬
‫اليد الخفية في مجال التجارة الدولية دون تدخل من الدولة وهنا كان التأثر واضح بالنظرية‬
‫الكالسيكية‪.‬‬
‫‪ -2-0-1-2‬نظام الذهب املدار‪ :‬يقصد بنظام الذهب املدار بأنه النظام الذي تسبب فيه تغيرات كمية‬
‫الذهب في الدولة آثارا على كمية النقود ومستوى ألاسعار والنشاط الاقتصادي من خالل تدخل الدولة‬
‫أو السلطات النقدية‪ ،‬وهو نظام تتدخل فيه السلطات النقدية بعزل آلاثار الاقتصادية التي تترتب على‬
‫زيادة كمية النقود أو نقصها‪.‬‬
‫إذ يأتي لتجنب املخاطر التي كان يؤدي إليها خروج الذهب واضطرار البنوك إلى رفع سعر الفائدة‬
‫في ظل النظام السابق (آلالي) ألامر الذي ينتج عنه ضعف النشاط الاقتصادي وانعدام الثقة وتشجيع‬
‫الاكتناز وانخفاض ألاسعار ومن ثم انخفاض ألاجور الذي يؤدي إلى الانكماش‪ ،‬ومن هنا تطلب الدولة‬
‫من البنك املركزي أن يزيد الائتمان بقدر ما تفقده البالد من ذهب‪ ،‬وبالنسبة للدولة التي يزيد فيها‬
‫الذهب تقلل السلطات النقدية الائتمان بقدر ما حصلت عليه من ذهب‪ ،‬وفي هذا النظام بدال من أن‬
‫ترتبط الوحدة النقدية بقيمة الذهب كما كان في نظام الذهب آلالي أصبح الذهب مرتبطا بالوحدة‬
‫النقدية ذات القوة الشرائية الثابتة نسبيا‪ ،‬ومن هنا يتضح أن عملية إعادة التوازن ال تحدث تلقائيا‬
‫دون تدخل الدولة والسلطات النقدية بل تحدث من خالل تدخل الدولة والسلطات النقدية إلعادة هذا‬
‫التوازن وكان هنا التأثر واضح بالنظرية الكينزية‪.‬‬

‫‪ 1‬عبد املطلب عبد الحميد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.82 :‬‬


‫‪ 2‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.89-82 :‬‬

‫‪02‬‬
‫املحور الثاني _______________________________________________________ ألانظمة النقدية والعرض النقدي‬

‫‪ -2-2‬قاعدة النقود الورقية الالزامية (الائتمانية)‪ :‬ويعرف هذا النظام أيضا بنظام النقود الائتمانية‪،‬‬
‫وأساس هذه القاعدة هو أن النقود الورقية أصبحت تتمتع بقوة إبراء قانونية مطلقة نابعة من القانون‪،‬‬
‫آخر‪1.‬‬ ‫وهنا ال يحق تحويلها إلى ما يساويها من ذهب أو معدن‬
‫إذا أخذنا باالعتبار أن الهدف النهائي ألي نشاط اقتصادي هو تحقيق الرفاهية الاقتصادية‬
‫للمجتمع وبالتالي تحقيق الاستقرار الداخلي لذلك‪ ،‬يكون من ألافضل لحكومات الدول أو السلطات‬
‫النقدية أن تتبع سياسة تؤدي إلى تحقيق الاستقرار الداخلي لالقتصاد القومي حتى لو أدى ذلك إلى‬
‫تقلبات في أسعار الصرف‪ ،‬ففي أثناء ألازمات والحروب التي حصلت وجدت الدولة أنه ال يمكن تحويل‬
‫نقودها إلى ذهب لذلك خرجت الدول من قاعدة الذهب إلى قاعدة النقود غير القابلة للتحويل إلى ذهب‪،‬‬
‫وبموجب هذه القاعدة تنقطع العالقة بين كمية النقود الورقية املصدرة وبين كمية الذهب املوجود‬
‫لدى الجهاز املصرفي‪ ،‬وتقوم الدولة بموجب هذه القاعدة بوضع مجموعة من املعايير التي تحدد على‬
‫أساسها كمية النقود املصدرة والتي من خاللها تحقق الدولة مجموعة من ألاهداف القومية‪ ،‬ومن هذه‬
‫ألاهداف‪2:‬‬

‫‪ ‬تحقيق الاستقرار في مستوى ألاسعار أي أن تكون الكمية املصدرة من النقود باملستوى الذي تحقق‬
‫فيه ثباتا في مستوى ألاسعار أو الحفاظ عليه‪.‬‬
‫‪ ‬تحقيق الاستقرار في مستوى التشغيل ومحاربة البطالة ويأتي ذلك من خالل زيادة كمية النقود‬
‫أثناء الكساد وإنقاصها أثناء التضخم (التحكم في عرض النقد)‪.‬‬
‫‪ ‬معالجة العجز املزمن الذي يعاني منه ميزان املدفوعات للدولة والحد من خروج الذهب وذلك‬
‫من خالل‪ :‬اتباع سياسة اقتصادية لتشجيع الصادرات‪ ،‬وضع سياسة جمركية مناسبة للحد من‬
‫الواردات‪ ،‬استخدام نظام الحصص في التجارة الدولية‪.‬‬
‫‪ ‬تمويل عملية التنمية الاقتصادية‪ :‬وهذا الهدف ظهر بعد الحرب العاملية الثانية وانتشار حركة‬
‫الاستقالل السياس ي‪ ،‬ويمكن أن يكون تمويل التنمية جزئيا عن طريق التضخم أي عن طريق‬
‫زيادة الاصدار النقدي‪.‬‬

‫وكما في ألانظمة النقدية السابقة فإن هذه القاعدة قد تعرضت إلى عدد من الانتقادات يمكن‬
‫هما‪3 :‬‬ ‫تلخيصها في انتقادين رئيسيين‬

‫‪ 1‬سامر بطرس جلدة‪ ،‬النقود والبنوك‪ ،‬دار البداية ناشرون وموزعون‪ ،‬ألاردن‪ ،7008 ،‬ص‪.59 :‬‬
‫‪ 2‬طاهر فاضل البياتي‪ ،‬ميرال روحي سمارة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.50-58 :‬‬
‫‪ 3‬سامر بطرس جلدة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.58 :‬‬

‫‪02‬‬
‫املحور الثاني _______________________________________________________ ألانظمة النقدية والعرض النقدي‬

‫‪ -‬خطر الفوض ى وعدم الاستقرار في املعامالت املالية الدولية‪.‬‬


‫‪ -‬خطر الافراط في إلاصدار النقدي وما يترتب عليه من تضخم نقدي‪.‬‬
‫لذا فإن ألاخذ بهذه القاعدة يتطلب أن يحتفظ البنك املركزي بغطاء من الذهب أو العمالت‬
‫الاجنبية القابلة للتحويل إلى ذهب‪ ،‬وهذا يعتبر ضروريا لتأمين عمليات التبادل التجاري الخارجية أو‬
‫ملواجهة أي عجز قد ينشأ في ميزان املدفوعات لذلك تحدد الدول هذا الاحتياطي بنسبة مئوية معينة‪1.‬‬

‫ثانيا‪ :‬بنية الكتلة النقدية ومقابالتها‬


‫‪ -1‬بنية الكتلة النقدية‬
‫تمثل الكتلة النقدية بصفة عامة كمية النقد املتداولة في اقتصاد معين وفي وقت معين أي أنها‬
‫تمثل املعروض النقدي للدولة في زمن معين‪ ،‬وهي بهذا تشمل جميع وسائل التداول والقرض املوجودة‬
‫في وقت معين لدى ألافراد واملنشآت الاقتصادية والبنوك‪ ،‬كما تعتبر التزاما أو دينا على عاتق املؤسسات‬
‫التي تصدره وهذا تجاه حائزيه من ألافراد واملنشآت‪ ،‬وباملقابل فهو حق لهؤالء على الدولة يمكنهم من‬
‫الحصول على السلع والخدمات املتاحة‪.‬‬
‫إن العناصر املكونة للكتلة النقدية ألاكثر شيوعا و استعماال في التحاليل الاقتصادية هي التي‬
‫تنشرها السلطات النقدية‪ ،‬أو باألحرى البنوك املركزية‪ ،‬والتي تتمثل فيما يسمى املجمعات النقدية‪،2‬‬
‫واملجمعات النقدية هي عبارة عن مؤشرات إحصائية لكمية النقود املتداولة‪ ،‬تعكس قدرة ألاعوان‬
‫املاليين املقيمين على الانفاق‪ ،‬بمعنى أنها تضم وسائل الدفع لدى هؤالء الاعوان‪ ،‬ومن بين وسائل‬
‫التوظيف تلك التي يمكن تحويلها بيسر وسرعة ودون مخاطر الخسارة في رأس املال إلى وسائل دفع‪،‬‬
‫ويرتبط عدد هذه املجمعات بطبيعة الاقتصاد ودرجة تطور الصناعة املصرفية واملنتجات املالية‪ ،‬وتعطي‬
‫السيوالت‪3.‬‬ ‫هذه املجمعات معلومات للسلطات النقدية عن وتيرة نمو مختلف‬
‫وفيما يلي سيتم عرض املجمعات مرتبة وفق درجة سيولتها‪ ،‬وكذا تبعا ملعايير تتعلق بخصائص‬
‫النقد وسلوك الوحدات الاقتصادية‪:‬‬
‫‪ -1-1‬القاعدة النقدية (‪ :)B‬تدعى كذلك "ألاساس النقدي" وتتصف بالسيولة التامة‪ ،‬وتشمل القاعدة‬
‫النقدية على النقدية املتداولة خارج الجهاز املصرفي والتي تتكون من النقود الورقية الالزامية التي يختص‬

‫‪ 1‬طاهر فاضل البياتي‪ ،‬ميرال روحي سمارة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.55 :‬‬
‫‪ 2‬إملان محمد الشريف‪ ،‬محاضرات في النظرية الاقتصادية الكلية‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬ديوان املطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،7008 ،‬ص ‪.55‬‬
‫‪ 3‬عبد املجيد قدي‪ ،‬املدخل إلى السياسات الاقتصادية الكلية‪ ،‬ديوان املطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،7008 ،‬ص ‪.35‬‬

‫‪33‬‬
‫املحور الثاني _______________________________________________________ ألانظمة النقدية والعرض النقدي‬

‫البنك املركزي بإصدارها‪ ،‬والنقود املساعدة املعدنية والورقية التي في أيدي ألافراد ومنشآت ألاعمال‬
‫والتي تستخدم كوسائل دفع‪ ،‬التي تختص دار السك أو وزارة الخزانة بإصدارها‪ ،1‬باإلضافة إلى‬
‫الاحتياطات النقدية لدى البنوك في صناديقها وحساباتها لدى البنك املركزي‪.‬‬
‫وعلى هذا ألاساس تكون القاعدة النقدية‪ MB = C + R :‬حيث ‪ C‬ترمز إلى النقدية املتداولة خارج‬
‫املصرفية‪2.‬‬ ‫الجهاز املصرفي و‪ R‬ترمز إلى إجمالي الاحتياطيات‬
‫‪ -2-1‬املجمع النقدي (‪ :)M1‬يشمل وسائل الدفع الكاملة السيولة (مثل ألاوراق النقدية التي يصدرها‬
‫البنك املركزي والتي تتداول بين ألاعوان غير املاليين‪ ،‬ونقود التجزئة الصادرة عن الخزينة العمومية‪،‬‬
‫واملدمجة في التداول من قبل البنك املركزي) والودائع تحت الطلب بالعملة الوطنية والتي تتداول‬
‫بالشيكات املوجودة لدى مؤسسات إلاقراض والخزينة وكل املؤسسات التي يسمح لها القانون بذلك‪،‬‬
‫بلد‪3.‬‬ ‫والتي تكون حسب قانون كل‬
‫ويرمز لهذا املفهوم في إلاحصاءات النقدية الدولية بالرمز (‪ )M1‬ويتوافق هذا املفهوم ّ‬
‫الضيق للكتلة‬
‫النقدية مع وظيفة النقود كوسيط للتبادل‪ ،‬وذلك أن املدفوعات تتم إما باستخدام أوراق البنكنوت أو‬
‫ً‬
‫وغالبا ما تتم بواسطة الشيكات‪4.‬‬ ‫النقود املساعدة‬
‫إن تعريف املجمع (‪ )M1‬كمجموع وسائل الدفع‪ ،‬يقتض ي من جهة عدم الاخذ في الحسبان‬
‫الحتياطات البنوك نظرا ألنها غير معدة لشراء السلع والخدمات‪ ،‬ومن جهة أخرى عدم ألاخذ في الحسبان‬
‫لألرصدة النقدية في حيازة الدولة‪ ،‬ألن قرارات إنفاقها ال تتعلق بشكل وثيق برصيدها النقدي‪ ،‬كما يمكنها‬
‫املركزي‪5.‬‬ ‫أن تغطي احتياجاتها للنقد السائل بالتسبيقات التي يقدمها لها البنك‬
‫‪ -0-1‬املجمع النقدي (‪ :)M2‬يشمل (‪ )M1‬باإلضافة إلى التوظيفات تحت الطلب بالعملة الوطنية التي‬
‫يستحق عليها فوائد دائنة‪ ،‬هذه التوظيفات تودع لدى مؤسسات إلاقراض والخزينة‪ ،‬وهي غير قابلة‬
‫للتحريك بواسطة الشيك ولكن يتم تحريكها عن طريق تقديم الدفتر (دفاتر الادخار املصرفية العادية)‬
‫وهي سائر دفاتر الادخار لدى كافة املؤسسات املصرفية‪ ،‬حسابات التنمية الصناعية )‪ )CODEVI‬حسب‬
‫إلادخار السكني…إلخ‪6.‬‬ ‫النظام الفرنس ي‪ ،‬وحسابات‬

‫‪ 1‬السيد محمد أحمد السريتي‪ ،‬محمد عزت محمد غزالن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.25 :‬‬
‫‪ 2‬بسام الحجار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.23 :‬‬
‫‪ 3‬مفتاح صالح‪ ،‬النقود والسياسة النقدية‪ :‬املفهوم‪ ،‬ألاهداف‪ ،‬ألادوات‪ ،‬دار الفجر للنشر والتوزيع‪ ،‬مصر‪ ،7005 ،‬ص ‪.55‬‬
‫‪ 4‬بسام الحجار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.20 :‬‬
‫‪ 5‬املان محمد الشريف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.58‬‬
‫‪ 6‬مفتاح صالح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.55‬‬

‫‪33‬‬
‫املحور الثاني _______________________________________________________ ألانظمة النقدية والعرض النقدي‬

‫وتعود اسباب التوسع في عرض النقد هنا الى ان القطاع املالي في الدول املتقدمة قد وفر جزءا‬
‫كبيرا من املوجودات املالية التي يمكن تحويلها لوسائل دفع بسهولة وسرعة وفي نفس الوقت تدر عائد‬
‫وهذه املوجودات تعتبر وسائل قريبة من النقود بحيث تستطيع أن تحل محل النقود كمخزن للقيم‬
‫شرائية‪1.‬‬ ‫ويمكن استخدامها كقوة‬
‫ويعتمد هذا املفهوم في قياس العرض النقدي على استخدام النقود كمستودع للقيمة‪ ،‬حيث يتم‬
‫الاحتفاظ باألصول املالية خالل الفجوة الزمنية التي تفصل بين الحصول على هذه ألاصول وبين‬
‫استخدامها في الدفع‪ .‬وطبقا لهذا املفهوم فإن تعريف النقود ال يجب أن يقتصر فقط على النقود‬
‫السائلة‪ ،‬أو عالية السيولة‪ ،‬كما هو محدد في التعريف السابق (‪ ،)M1‬بل يجب أن يشتمل أيضا على‬
‫تلك ألاصول ذات السيولة العالية نسبيا مثل الودائع الادخارية بالبنوك التجارية التي تسمي أشباه‬
‫النقود‪ ،‬وبالتالي فإن تعريف العرض النقدي وفقا ملفهوم السيولة يرمز له بالرمز (‪ ،)M2‬ويتحدد في‬
‫التالية‪2:‬‬ ‫املكونات‬
‫‪ .5‬عرض النقود على أساس وسائل الدفع (‪.)M1‬‬
‫‪ .7‬الودائع الادخارية وبأخطار لدى البنوك التجارية بالعملة املحلية والعملة ألاجنبية‪.‬‬
‫‪ .8‬الودائع الادخارية بصناديق التوفير‪.‬‬
‫‪ .5‬شهادات الايداع الادخارية ذات الدخل الثابت التي تصدرها البنوك التجارية‪.‬‬
‫‪ .5‬شهادات الايداع ذات القيمة املتضاعفة التي تصدرها البنوك التجارية‪.‬‬
‫‪ 6‬الودائع الجارية بالعملة ألاجنبية لدى البنك املركزي والبنوك التجارية وبنوك الاستثمار وألاعمال‬
‫وفروع البنوك ألاجنبية‪.‬‬
‫‪ -1-1‬املجمع النقدي (‪ :)M3‬يذهب البعض إلى أبعد من مفهوم (‪ )M2‬الواسع فيدرجون في قياسهم‬
‫للنقد عناصر مثل الودائع آلاجلة الكبيرة‪ ،3‬فمن املالحظ أن تعريف النقود باملفهوم السابق ال يتضمن‬
‫الودائع آلاجلة والادخارية في املؤسسات املالية ألاخرى غير البنوك التجارية‪ ،‬حيث أن هذه ألاصول مماثلة‬
‫تماما للودائع الادخارية وآلاجلة لدى البنوك التجارية‪ ،‬وبالتالي فإن استبعادها من تعريف النقود ال‬
‫يعكس القياس الفعلي لكمية العرض النقدي في املجتمع‪ .‬كذلك فإن الودائع الحكومية ال تدخل ضمن‬
‫عرض النقود في املفهوم السابق‪ ،‬في حين أن هذه الودائع آجال أو عاجال سوف تصب في تيار الانفاق‬

‫‪ 1‬أكرم حداد‪ ،‬مشهور هذلول‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.98 :‬‬


‫‪ 2‬السيد محمد أحمد السريتي‪ ،‬محمد عزت محمد غزالن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.90-28 :‬‬
‫‪ 3‬بسام الحجار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.20 :‬‬

‫‪38‬‬
‫املحور الثاني _______________________________________________________ ألانظمة النقدية والعرض النقدي‬

‫العام‪ ،‬وتتحول بالتالي إلى وسائل دفع في يد ألافراد واملنشآت‪ ،‬ألامر الذي يتطلب إدخالها ضمن العرض‬
‫املجتمع‪1 .‬‬ ‫النقدي في‬
‫مما تقدم نجد أنه يمكن الحصول على تعريف أوسع للنقود بحيث يشتمل على مكونات كل من‬
‫(‪ )M2 ،M1‬وتلك ألاصول املالية ألاخرى التي تتصف بدرجة عالية نسبيا من السيولة مثل الودائع‬
‫الحكومية‪ ،‬والودائع آلاجلة والادخارية لدى املؤسسات املالية في املجتمع بخالف البنوك التجارية‪ .‬وهذا‬
‫التعريف الواسع للنقود يرمز له بالرمز (‪ ،)M3‬وهو يحدد العرض النقدي في املجتمع في صورته الرسمية‪،‬‬
‫ويعرف بمصطلح اجمالي السيولة املحلية‪ ،‬ويتحدد العرض النقدي بمفهومه الواسع (‪ )M3‬باملكونات‬
‫التالية‪2 :‬‬

‫‪ -5‬عرض النقود على أساس مفهوم السيولة (‪.)M2‬‬


‫‪ -7‬الودائع الحكومية لدى البنوك التجارية‪.‬‬
‫‪ -8‬الودائع الادخارية لدى مختلف املؤسسات املالية في املجتمع غير البنوك التجارية‪.‬‬
‫‪ -5‬بوالص التأمين لدى شركات التأمين املختلفة‪.‬‬

‫‪ -2‬مقابالت الكتلة النقدية‬


‫إن العناصر املقابلة للكتلة النقدية تمثل مجموع الديون العائدة ملصدري النقد وشبه النقد والتي‬
‫تكون سبب أو مصدر الكتلة النقدية وهذا يعني أن للنقود أجزاء مقابلة تفسر سبب إصدارها ولتوضيح‬
‫ذلك نلجأ إلى تحليل ميزانية كل من البنك املركزي والقطاع املصرفي على النحو املبسط التالي‪:‬‬
‫جدول رقم (‪ :)30‬ميزانتي البنك املركزي والقطاع املصرفي‬
‫ميزانية البنك املركزي‬
‫الالتزامـات‬ ‫املـوجودات‬
‫املوجودات ذهب وعمالت أجنبية ‪OD‬‬
‫ألاوراق النقدية ‪B‬‬
‫قروض للخزينة العامة ‪CTP‬‬
‫الاحتياطات إلاجبارية ‪RO‬‬
‫إعادة تمويل الاقتصاد ‪Ref‬‬
‫ميزانية القطاع املصرفي‬
‫إلالتزامـات‬ ‫املـوجودات‬
‫الودائع بأنواعها ‪D‬‬ ‫الاحتياطات الاجبارية ‪RO‬‬
‫إعادة تمويل الاقتصاد ‪Ref‬‬ ‫قروض ‪C‬‬
‫املصدر ‪ :‬مفتاح صالح‪ ،‬النقود والسياسة النقدية‪ :‬املفهوم‪ ،‬ألاهداف‪ ،‬ألادوات‪ ،‬دار الفجر للنشر والتوزيع‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪ ،7005‬ص‪.35 :‬‬

‫‪ 1‬السيد محمد أحمد السريتي‪ ،‬محمد عزت محمد غزالن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.95-90 :‬‬
‫‪ 2‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.95 :‬‬

‫‪30‬‬
‫املحور الثاني _______________________________________________________ ألانظمة النقدية والعرض النقدي‬

‫وبدمج هاتين امليزانيتين تظهر لنا كل من الكتلة النقدية ومقابالتها‪ ،‬ونحصل على امليزانية املوحدة للنظام‬
‫املصرفي (الذي يشمل البنك املركزي والقطاع املصرفي)‪.‬‬
‫مجموع املوجودات (ألاصول) = مجموع إلالتزامات (الخصوم)‬
‫امليزانيتين = ‪OD+CTP+Ref+RO+C‬‬ ‫إجمالي املوجودات املتضمن في‬
‫امليزانيتين = ‪B+RO+D+Ref‬‬ ‫إجمالي إلالتزامات املتضمن في‬
‫وبمقابلة الطرفين بما أنها متطابقة ينتج لدينا‪ :‬الالتزامات = املوجودات‬
‫‪OD+CTP+Ref+RO+C = B+RO+D+Ref‬‬
‫الكتلة النقدية = املقابل للكتلة النقدية‬ ‫أي أن‪:‬‬ ‫‪OD+CTP+C= B+D‬‬ ‫نجد‪:‬‬
‫جدول رقم (‪ :)31‬امليزانية املوحدة للنظام املصرفي‬
‫الالتزامـات‬ ‫املوجـودات‬
‫العناصر املقابلة للكتلة النقدية‪:‬‬
‫الكتلة النقدية‪:‬‬
‫‪ -‬الذهب والعمالت ألاجنبية ‪OD‬‬
‫‪ -‬ألاوراق النقدية ‪B‬‬
‫‪ -‬القروض املقدمة للخزينة ‪CTP‬‬
‫‪ -‬الودائــع ‪D‬‬
‫‪ -‬القروض املقدمة لالقتصاد ‪C‬‬
‫املصدر ‪ :‬مفتاح صالح‪ ،‬النقود والسياسة النقدية‪ :‬املفهوم‪ ،‬ألاهداف‪ ،‬ألادوات‪ ،‬دار الفجر للنشر والتوزيع‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪ ،7005‬ص‪.37 :‬‬
‫نالحظ من خالل امليزانية املوحدة للنظام املصرفي أنه تم استبعاد املوجودات والالتزامات املتبادلة‬
‫بين أجزاء النظام املصرفي وهي النقدية الجاهزة لدى كل من القطاع املصرفي والبنك املركزي‪ ،‬أرصدة‬
‫القطاع املصرفي لدى البنك املركزي‪ ،‬القروض التي يقدمها البنك املركزي للبنوك التجارية‪ ،‬وأرصدة‬
‫املحلية‪1.‬‬ ‫البنوك‬
‫إن كمية النقد املتداولة تعتبر إلتزاما للمؤسسات املصدرة لها‪ :‬البنك املركزي والبنوك التجارية‬
‫(وكذلك الخزينة العامة) اتجاه الوحدات الاقتصادية ‪:‬مشروعات وعائالت‪ ،‬ولكن وضع هذه ألارصدة‬
‫النقدية تحت تصرف هذه الوحدات (خلق النقد) ال يتم إال بمقابل‪ ،‬هذا املقابل ال يكون مصدره إال‬
‫العمليات الاقتصادية الحقيقية‪ ،‬فمن في حيازته مبلغ نقدي (قانوني أو كتابي) يكون له حق على‬
‫الاقتصاد‪ .‬وحتى تتكمن املؤسسات املصدرة املعنية من خلق النقد (أو تدميره) فال بد أن تترجم هذه‬
‫العمليات الاقتصادية الحقيقية على مستوى ميزانيتها‪ ،‬أي أن تسجل في جانب ألاصول كل العمليات‬
‫التي تمكنها من تحويل هذه الالتزامات إلى النقد‪ ،‬أو ما يسمى بعمليات ''التنقيد'' ‪،‬أو العمليات العكسية‬
‫تدمير النقد‪2.‬‬ ‫مما يؤدي الى‬

‫‪ 1‬مفتاح صالح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.37‬‬


‫‪ 2‬إملان محمد الشريف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.35‬‬

‫‪33‬‬
‫املحور الثاني _______________________________________________________ ألانظمة النقدية والعرض النقدي‬

‫أما العناصر التي تجري عليها عمليات خلق النقد أو تدميره فهي ثالثة‪:‬‬
‫‪ -1-2‬ذهب وعمالت أجنبية (الذمم على الخارج)‪ :‬إن التبادل التجاري بين دول العالم ينتج من عمليات‬
‫استيراد وتصدير السلع والخدمات املحلية إلى العالم الخارجي‪ ,‬وتتم املدفوعات الدولية إما بالذهب‬
‫أورصيد العمالت إلاجنبية املقبولة في التداول الدولي‪.‬‬
‫في حالة قيام الدولة بعمليات تصدير أواجتذاب أموال خارجية إما لإلستثمار أو للتوظيف فإنها‬
‫تحصل على عمالت أجنبية‪ ،‬حيث يحصل عليها البنك املركزي مقابل تقديم السلع املصدرة أوالسندات‬
‫أوالديون املترتبة‪ ،‬وبما أن العمالت إلاجنبية ال يمكن تداولها محليا‪ ،‬فإن البنك املركزي يتكفل بحفظها‬
‫وإصدار ما يقابل ذلك بالعملة الوطنية‪ ،‬ومن ثم نالحظ أن الصادرات تكون سببا في إصدار عملة وطنية‬
‫جديدة‪ ،‬وفي حالة حدوث العكس فإنه إذا قام البلد بعملية استيراد سلع وخدمات أو تم خروج أموال‬
‫خارج الوطن‪ ،‬فإنه يجب على املستورد أن يدفع ديونه بواسطة عملة أجنبية‪ ,‬فيقوم بتقديم مقابل ذلك‬
‫مبالغ نقدية بالعملة الوطنية إلى البنك املركزي الذي يعطي مقابل ذلك عملة أجنبية لتسديد قيمة‬
‫الواردات‪ ،‬وهكذا نالحظ أن احتياطي العمالت ألاجنبية ينخفض لدى البنك املركزي وتنخفض معها‬
‫الداخل‪1.‬‬ ‫كمية النقود املحلية املتداولة في‬
‫وعليه فإن رصيد ميزان املدفوعات يؤثر في كمية النقود املتداولة‪ ،‬فإذا كان موجبا (الصادرات‬
‫تكون أكبر من قيمة الواردات أو أن الداخل من رؤوس ألاموال يفوق الخارج منها) فإن كمية النقود‬
‫صحيح‪2.‬‬ ‫املتداولة ترتفع‪ ،‬والعكس‬
‫هذا املقابل يتحدد بالفارق بين أبواب املوجودات والالتزامات للبنك املركزي الذي يتضمن العناصر‬
‫الواردة في الجدول التالي‪:‬‬
‫جدول رقم (‪ :)30‬مقابل الذهب والعمالت ألاجنبية‬
‫املبلغ‬ ‫الالتزامـات‬ ‫املبلغ‬ ‫املوجـودات‬
‫××‬ ‫‪ -‬حسابات للخارج دائنة‬ ‫××‬ ‫‪ -‬ذه ــب‬
‫××‬ ‫تقييم‬ ‫إعادة‬ ‫‪ -‬احتياطات‬ ‫××‬ ‫‪ -‬أموال جاهزة تحت الطلب على الخارج‬
‫املوجودات بالذهب‬ ‫××‬ ‫‪ -‬سلف إلى صندوق تثبيت استقرار‬
‫الصرف‬
‫××‬ ‫مجموع الالتزامات‬ ‫××‬ ‫مجموع املوجودات‬
‫املصدر ‪ :‬مفتاح صالح‪ ،‬النقود والسياسة النقدية‪ :‬املفهوم‪ ،‬ألاهداف‪ ،‬ألادوات‪ ،‬دار الفجر للنشر والتوزيع‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪ ،7005‬ص‪.38 :‬‬

‫‪ 1‬مفتاح صالح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.38-37‬‬


‫‪ 2‬عادل أحمد حشيش‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.55-58 :‬‬

‫‪33‬‬
‫املحور الثاني _______________________________________________________ ألانظمة النقدية والعرض النقدي‬

‫‪ -2-2‬القروض املقدمة إلى إلاقتصاد‪ :‬يعتبر إلائتمان املقدم لإلقتصاد من العناصر املهمة التي تفسر‬
‫سبب إلاصدار النقدي ألنه هو العنصر الذي يمكن أن تتحكم فيه السلطات النقدية أكثر من غيره‪ ،‬ذلك‬
‫أن هذا إلائتمان املقدم هو عبارة عن قروض تقدم من طرف البنوك التجارية لتمويل العمليات‬
‫إلاقتصادية للمؤسسات ورجال ألاعمال من استثمار وإنتاج وتسويق‪ ،‬وخاصة عندما يكون املنتجون في‬
‫حاجة إلى أموال فيتقدمون إلى البنوك التجارية طالبين منحهم قروضا لتمويل نشاطاتهم‪ ،‬فتمنحهم‬
‫البنوك التجارية قروضا سواء كان ذلك بصفة مباشرة أوبخصم أوراق تجارية‪ ،‬أوفتح اعتمادات‪ ،‬وفي‬
‫جميع هذه الصور تكون هناك عملية خلق لنقود الودائع‪ ‬مقابل تقديم هذا إلائتمان مما يزيد في حجم‬
‫الكتلة النقدية‪ ،‬كما أن هذا يدفع البنوك التجارية إلى إعادة خصم أوراقها التجارية لدى البنك املركزي‬
‫أوتطلب قروضا منه باعتباره املقرض ألاخير‪ ،‬فيقوم البنك املركزي بإصدار نقود قانونية لتغطية‬
‫احتياجات البنوك التجارية وبالتالي فإن حجم الكتلة النقدية سيتأثر كلما طرأ تغير في إلائتمان املقدم‬
‫لإلقتصاد‪1.‬‬

‫بقي أن نطرح مشكل مدة القرض‪ ،‬فالبعض يعتبر أن القروض التي يجب اعتبارها في حساب‬
‫وسائل الدفع هي القروض قصيرة ألاجل فقط‪ ،‬نظرا ملا لها من عالقة بالودائع تحت الطلب‪ ،‬وهناك من‬
‫يدخل القروض املتوسطة والقروض طويلة ألاجل‪ ،2‬يمكن أن نضيف إلى ذلك أن تطور الجهاز املالي‬
‫والتمويلي في الوقت الراهن يميل إلى إعطاء الحق لدعاة إدخال القروض املتوسطة وطويلة ألاجل‪ ،‬ألن‬
‫جزءا هاما من ودائع تحت الطلب يستعمل في تمويل هذه القروض‪ ،‬نظرا لعدم كفاية الودائع ألجل‬
‫ألاجل‪3.‬‬ ‫والودائع الادخارية لتغطية الحاجة إلى التمويل املتوسط وطويل‬
‫‪ -0-2‬الذمم على للخزينة العامة‪ :‬تمثل الخزينة العامة الكيان املالي للدولة‪ ،‬وكثيرا ما تطلب الخزينة‬
‫قروضا من البنك املركزي والبنوك ألاخرى ملواجهة نفقاتها العامة مقابل سندات تصدرها على نفسها‪،‬‬
‫وتمثل هذه السندات أحد ألاجزاء املقابلة للكتلة النقدية ألن ارتفاعها يؤدي إلى زيادة كمية النقود‬
‫صحيح‪4 .‬‬ ‫املتداولة والعكس‬
‫وتقوم الخزينة العمومية بتسيير ميزانية الدولة عن طريق بنود النفقات وإلايرادات العامة فهي‬
‫تمثل الصندوق املالي للدولة‪ ،‬وتسعى الدولة إلى تحقيق التوازن بين عناصر امليزانية التي تسيرها‪ ،‬ولكن‬

‫‪ ‬سيتم التطرق بالشرح وألامثلة ملفهوم إنشاء النقود في العنصر املوالي‪.‬‬


‫‪ 1‬مفتاح صالح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.35 :‬‬
‫‪ 2‬املان محمد الشريف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.39 :‬‬
‫‪ 3‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.38 :‬‬
‫‪ 4‬عادل أحمد حشيش‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.55 :‬‬

‫‪33‬‬
‫املحور الثاني _______________________________________________________ ألانظمة النقدية والعرض النقدي‬

‫مع تطور وظائف الدولة الحديثة وتعاظم دورها وزيادت التكاليف عنها كثيرا‪ ،‬أخذت الدولة على عاتقها‬
‫القيام بوظائف أخرى وليس إلابقاء على توازن امليزانية مهما كانت ظروف معيشة ألافراد فلهذا عندما‬
‫يحدث اختالل في توازن ميزانيتها تلجأ الدولة إلى البنك املركزي ملنحها إلائتمان الالزم لسد هذا العجز‬
‫ومواجهة هذا إلاختالل‪ ،‬فتقدم له الخزينة مقابل ذلك سندات تعترف فيها بمديونيتها له تسمى أذون‬
‫الخزينة‪ ،‬ويقوم البنك املركزي بتقديم مقابل ذلك نقودا قانونية لصالح الخزينة‪ ،‬وتستخدم الخزينة‬
‫هذه النقود في تغطية تكاليف إلانفاق العام‪ ،‬وبهذا ترتفع كمية النقود املتداولة لدى ألافراد واملؤسسات‪،‬‬
‫كما أن نشاط الدولة امتد ليشمل جميع املجاالت إلاقتصادية وإلاجتماعية فأصبحت موارد الدولة غير‬
‫كافية لها في تمويل عملياتها‪ ،‬وبالتالي فهي تتقدم إلى السوق النقدية وإلى الجمهور لجلب املوارد النقدية‬
‫الالزمة‪ ،‬وتحصل هذه املؤسسات املصرفية واملالية والجمهور على السندات الحكومية وأذون الخزينة‬
‫مقابل حصول الخزينة على النقود‪ ،‬وبما أن هذه السندات لها سيولة عالية ومضمونة‪ ،‬فإنه يمكن‬
‫خصمها لدى البنوك التجارية‪ ،‬وإعادة خصمها لدى البنك املركزي‪ ،‬وبالتالي سيتحول جزء منها إلى نقود‬
‫قانونية وهوما يؤدي إلى التأثير على حجم الكتلة النقدية بالزيادة‪ ،‬وقد يكون التأثير بالنقصان عند إتباع‬
‫تقشفية(انكماشية)‪1.‬‬ ‫سياسة‬
‫ويتضمن هذا املقابل تسبيقات البنك املركزي وتسليفات البنوك واملؤسسات املالية ألاخرى‬
‫وقروض ألاعوان غير املاليين (ألاسر واملؤسسات)‪.‬‬
‫جدول رقم (‪ :)31‬مقابل قروض الخزينة العامة‬
‫××‬ ‫‪ - I‬قروض قبل البنك املركزي‪:‬‬
‫××‬ ‫‪ - 5‬قروض مباشرة للخزينة العامة ( صافية)‬
‫××‬ ‫أ‪ -‬قروض مباشرة‬
‫××‬ ‫ب‪ -‬مخصوم منها‪ :‬حساب الخزينة الجاري لدى البنك املركزي‬
‫××‬ ‫‪ – 7‬نقود التجزئة املوجودة لدى البنك املركزي‬
‫××‬ ‫‪ – 8‬سندات خزينة في محفظة السندات لدى البنك املركزي‬
‫××‬ ‫‪ - II‬قروض املصارف وسائر املؤسسات املالية‬
‫××‬ ‫‪ – 5‬أصول في الحسابات الجارية البريدية‬
‫××‬ ‫‪ – 7‬سندات خزينة في محفظة سندات املصارف‬
‫××‬ ‫‪ – III‬قروض ألاعوان الاقتصاديين غير املاليين‬
‫××‬ ‫‪ – 5‬نقود التجزئة عند التداول‬
‫××‬ ‫‪ – 7‬ودائع في الحسابات الجارية البريدية‬
‫××‬ ‫‪ – 8‬ودائع لدى الخزينة‬
‫××‬ ‫املجمـوع‬
‫املصدر ‪ :‬مفتاح صالح‪ ،‬النقود والسياسة النقدية‪ :‬املفهوم‪ ،‬ألاهداف‪ ،‬ألادوات‪ ،‬دار الفجر للنشر والتوزيع‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪ ،7005‬ص‪.35 :‬‬

‫‪ 1‬مفتاح صالح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.35-35 :‬‬

‫‪33‬‬
‫املحور الثاني _______________________________________________________ ألانظمة النقدية والعرض النقدي‬

‫ثالثا‪ :‬قياس العرض النقدي ومحدداته‬


‫ً‬
‫ومقياسا للدفع آلاجل‪ ،‬وتلعب‬ ‫ً‬
‫ومستودعا للقيمة‬ ‫تعتبر النقود وحدة للحساب ووسيلة للتبادل‬
‫النقود دو ًرا ً‬
‫هاما في تحديد مستوى ألاسعار‪ ،‬ومستوى إلانتاج‪ ،‬وتؤثر في ميزان املدفوعات‪ ،‬ومن الضروري‬
‫بمكان والحالة هذه‪ ،‬أن نعرف التغيرات في عرض النقود‪ ،‬بصرف النظر عن التعريف الذي نعتمده‬
‫للكتلة النقدية‪ ،‬ومصادر هذه التغيرات‪ ،‬لنستطيع اتخاذ إلاجراءات والسياسات املالئمة في الوقت‬
‫الدفع‪1.‬‬ ‫املناسب‪ ،‬ولتكون معدالت النمو متناسقة مع الحاجة الفعلية للنشاط الاقتصادي من وسائل‬

‫‪ -1‬مفهوم العرض النقدي‬


‫كما أشرنا سابقا فإن العرض النقدي هو كمية النقد املتداولة في الاقتصاد‪ ،‬وهي الكمية التي‬
‫نجدها في حوزة ألاعوان الاقتصاديين املكونة من ألافراد أو العائالت واملشروعات‪ ،‬أي كل الوحدات‬
‫املصرفي‪2.‬‬ ‫الاقتصادية باستثناء القطاع‬
‫ويقصد بالنقود املتداولة هنا هي كافة أشكال النقود التي يحوزها الافراد أو املؤسسات والتي‬
‫املجتمعات‪3.‬‬ ‫تختلف اشكالها بمدى التطور الاقتصادي والاجتماعي وتطور العادات املصرفية في‬
‫ويصدر النقد عن الجهاز املصرفي املكون أساسا من البنك املركزي والبنوك الابتدائية أو التجارية‬
‫(والى حد ما الخزينة العمومية)‪ ،‬أما كمية النقد املتداولة فإنها تتكون من النقد القانوني أو الائتماني‬
‫الذي يصدره البنك املركزي (ألاوراق النقدية والقطع الجزئية التي تصدر في بعض البلدان من طرف‬
‫الخزينة العمومية)‪ ،‬والنقد الكتابي أو نقد الودائع الذي تصدره البنوك الابتدائية‪.‬‬
‫فاملعروض النقدي (كمية النقود) يتم تحديدها من جانب السلطات النقدية وفقا لعدة عوامل‬
‫منها أثر الكمية النقدية على مستوى ألاسعار (معدل التضخم)‪ ،‬ومرحلة الدورة الاقتصادية (حالة‬
‫النشاط الاقتصادي)‪ ،‬ومعدل النمو ومستوى الرفاهية الاقتصادية‪ .‬وعليه يعمل البنك املركزي بشكل‬
‫مباشر في التأثير على حجم النقود الورقية‪ ،‬كما يؤثر في حجم النقود الكتابية التي تصدرها البنوك‬
‫التجارية من خالل عدة أدوات‪ ،‬أهمها تغير معدل الاحتياطي النقدي القانوني‪ ،‬سياسة السوق املفتوحة‬
‫الائتمان‪4.‬‬ ‫‪...‬إلخ‪ ،‬وذلك للتأثير على مضاعف‬

‫‪ 1‬بسام الحجار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.38 :‬‬


‫‪ 2‬إملان محمد الشريف‪ ،‬محاضرات في النظرية الاقتصادية الكلية‪ ،‬الجزء ألاول‪ ،‬ديوان املطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،7008،‬ص ‪. 777‬‬
‫‪ 3‬اكرم حداد‪ ،‬مشهور هذلول‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.98 :‬‬
‫‪ 4‬بلعزوز بن علي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.50-58 :‬‬

‫‪32‬‬
‫املحور الثاني _______________________________________________________ ألانظمة النقدية والعرض النقدي‬

‫يمثل العرض النقدي تلك الكمية من النقود املتوافرة في فترة زمنية معينة والذي يلعب دورا مهما‬
‫في التأثير على النشاط الاقتصادي للدولة بصفة عامة‪ ،‬ورغم كون املجمع النقدي (‪ )M3‬يمثل أوسع‬
‫مفهوم للعرض النقدي إال أننا وفي تحليلنا لهذا العنصر وشرح محدداته سنلجأ إلى التعريف البسيط له‬
‫بمعنى (‪ ،)M1‬أي أن‪ :‬عرض النقود ‪ = Ms‬النقود الورقية وكسور النقود ‪ +C‬الودائع الجارية ‪.D‬‬
‫كون املفهوم السابق أقل تعقيدا ويزودنا باألساس املطلوب لفهم عملية عرض النقود‪ ،‬فضال عن‬
‫كون نتائج التحليالت التي تستخدم التعريف (‪ )M1‬هي نفسها إلى حد كبير عند استخدام التعريفات‬
‫استخدامها‪1.‬‬ ‫ألاخرى للعرض‪ ،‬وإن كانت هذه ألاخيرة تثير بعض التعقيدات عند‬
‫ووفقا للمفهوم السابق فإن عرض النقود يتشكل من النقود التي يصدرها البنك املركزي‪ :‬النقود‬
‫الورقية وكسور النقود‪ ،‬وكذا الودائع تحت الطلب والتي هي بحوزة البنوك التجارية‪ ،‬وبما أن الودائع‬
‫تمثل العنصر ألاكبر من هذا العرض فإن فهم كيفية خلقها يعد أمرا ضروريا لفهم عملية عرض النقود‪.‬‬
‫ونشير هنا إلى أن البنوك تحتفظ بنسبة معينة من إجمالي ودائعها على شكل احتياطات (‪،)TR‬‬
‫وتنقسم هذه الاحتياطات إلى قسمين‪ :‬احتياطات قانونية (إجبارية) (‪ )rr‬حيث يلزم البنك املركزي البنوك‬
‫أن تحتفظ بنسبة معينة من مجموع ودائعها لديه دون أن تتقاض ى مقابال لذلك وهذه النسبة تدعى‬
‫معدل الاحتياطي القانوني (‪ ،)t‬احتياطات اختيارية (زائدة) (‪ )Er‬تكونها البنوك حسب رغبتها ملواجهة ما‬
‫قد يطرأ من ظروف أو صعوبات في املستقبل‪ ،‬أي أن‪:‬‬
‫إلاضافية ‪Er‬‬ ‫‪ ‬إلاجمالية بالبنوك ‪ = TR‬الاحتياطات القانونية ‪ + rr‬الاحتياطات‬
‫القانوني ‪t‬‬ ‫‪ ‬والاحتياطات القانونية ‪ = rr‬إجمالي الودائع ‪ × D‬معدل الاحتياطي‬
‫كما نذكر بمفهوم القاعدة النقدية حيث القاعدة النقدية‪ = MB :‬النقود الورقية وكسور النقود‬
‫إلاجمالية بالبنوك ‪TR‬‬ ‫‪ + C‬الاحتياطات‬
‫باإلضافة إلى ما سبق تناوله فإن البنك املركزي والبنوك التجارية ليسا املؤثرين الوحيدين في‬
‫عملية عرض النقود بل تلعب أيضا قرارات كل من املودعين واملقترصين دورا مهما في هذه العملية وهو‬
‫ما سيتبين في العناصر املوالية‪.‬‬
‫وآلان سنعمل على فهم آلية تحديد العرض النقدي من خالل فهم كيفية خلق نقود الودائع‪،‬‬
‫وهذا على نحو من التدرج‪ ،‬حيث سنتناول بداية النموذج املبسط لها ثم ننتقل إلى النموذج املوسع‬
‫ملضاعف النقود‪.‬‬

‫‪ 1‬محمود يونس‪ ،‬عبد النعيم مبارك‪ ،‬كمال أمين الوصال‪ ،‬اقتصاديات‪ :‬نقود وبنوك وأسواق مالية‪ ،‬الدار الجامعية ‪ ،7008‬ص‪.780 :‬‬

‫‪32‬‬
‫املحور الثاني _______________________________________________________ ألانظمة النقدية والعرض النقدي‬

‫‪ -2‬النموذج املبسط لعملية خلق نقود الودائع‬


‫ينشأ عن قيام البنك بوظيفة قبول الودائع ومنح الائتمان عملية هامة تتمثل في خلق نقود‬
‫الودائع‪ ،‬حيث تعتمد هذه العملية على القاعدة إلانجليزية التقليدية القائلة "القروض تخلق الودائع"‪،1‬‬
‫فعملية خلق النقود أو خلق الودائع الجارية تحدث عندما يقوم مصرف ما بإقراض جزء من موارده‬
‫املالية املتاحة‪ ،‬ثم يقوم املقترض أو املستفيد بإعادة القرض في إحدى املصارف التي يتكون منها الجهاز‬
‫املصرفي‪ ،‬ويطلق على هذه الودائع بالودائع املشتقة تميزا لها عن الودائع ألاصلية‪ ،‬التي تتمثل في قيام‬
‫الجهاز املصرفي‪2.‬‬ ‫أحدهم بإيداع نقود أو شيكات حصل عليها من غير طريق الاقتراض من وحدات‬
‫وعليه فإن عملية خلق النقود تعني "قدرة املصرف التجاري على تقديم أموال للجمهور ومنح‬
‫قروض من ودائع ليس لها وجود لدى املصرف‪ ،‬بل من ألاموال التي تودع لدى املصرف على شكل‬
‫الطلب"‪3.‬‬ ‫حسابات جارية وودائع تحت‬
‫هما‪4:‬‬ ‫وتستند عملية خلق الودائع على توافر ظاهرتين ضروريتين‬
‫‪ -5‬توافر الثقة من جانب جمهور املتعاملين في مقدرة البنوك التجارية على الوفاء بالتزاماتها عند‬
‫الطلب‪.‬‬
‫‪ -7‬قبول فكرة قانون ألاعداد الكبيرة أي توقع وجود تدفق مستمر من إيداعات العمالء يزيد عن‬
‫مسحوبات الودائع في كل لحظة زمنية‪.‬‬
‫كما نشير بهذا الصدد أن هناك فرقا بين ما يستطيع أن يخلقه بنك مفرد من نقود الودائع وما‬
‫التالية‪5:‬‬ ‫يخلقه مجموع البنوك‪ ،‬بحيث تتحدد مقدرة مجموع املصارف على خلق النقود بالعوامل‬
‫‪ -‬حجم الوديعة ألاولية‪.‬‬
‫‪ -‬نسبة الاحتياطي القانوني املعمول بها‪.‬‬
‫‪ -‬مدى احتفاظ املصارف مجتمعة بالزيادة في الودائع في خزينتها‪.‬‬
‫‪ -‬مدى رغبة املصارف مجتمعة في إلاقراض‪.‬‬
‫‪ -‬مدى تمكن املصارف مجتمعة من إلاقراض‪.‬‬
‫وإجماال فإن الودائع التي خلقتها البنوك التجارية تشكل وسائل دفع جديدة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Ammour Benhalima, Monnaie et régulation monétaire, Edition Dahleb, Alger, 1997, P: 17.‬‬
‫‪ 2‬أنس البكري‪ ،‬وليد صافي‪ ،‬النقود والبنوك بين النظرية والتطبيق‪ ،‬دار املستقبل للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،7057 ،‬ص‪.583 :‬‬
‫‪ 3‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.583 :‬‬
‫‪ 4‬محمد عزت غزالن‪ ،‬إقتصاديات النقود واملصارف‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،7007 ،‬ص‪.557 :‬‬
‫‪ 5‬محمد عبد العزيز عجمية‪ ،‬صبحي تادريس قريصة‪ ،‬النقود والبنوك والتجارة الخارجية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪،5893 ،‬‬
‫ص‪.57 :‬‬

‫‪33‬‬
‫املحور الثاني _______________________________________________________ ألانظمة النقدية والعرض النقدي‬

‫ومن أجل الوصول إلى فهم هذه العملية فإنه يتعين حساب "املضاعف" والذي يعرف على أنه‬
‫مؤشر كمي يقيس لنا الزيادة املضاعفة في حجم الودائع الناجمة عن زيادة أولية في هذه الودائع أو‬
‫احتياطات البنوك‪ ،‬أي أن حصول البنوك على دينار واحد كاحتياطي إضافي أو وديعة جديدة سيعمل‬
‫على زيادة حجم الودائع الكلي (على مستوى الاقتصاد) بأضعاف هذه القيمة وهي العملية التي تسمى‬
‫إنشاء (خلق) الودائع‪.‬‬
‫‪ ‬خلق الودائع (النقود)‪ :‬في حالة املصارف مجتمعة (كبنك واحد له عدة فروع)‪ :‬الحظت‬
‫الدراسات لعمليات الائتمان سواء كانت بقبول الودائع بمختلف أنواعها أو منح القروض أن العمالء ال‬
‫يسحبون الودائع من البنك التجاري في وقت واحد‪ ،‬بل ويمكن تغطية قيمة املسحوبات من خالل الودائع‬
‫لدى هذه البنوك‪.‬‬
‫وبالتالي يالحظ تجمع كمية كبيرة من الودائع ومبالغ طائلة لدى البنك التجاري يستطيع أن يقرض‬
‫جزءا ً‬
‫كبيرا ويحتفظ بنسبة معينة تتراوح من ‪ %80-%50‬منها ملواجهة متطلبات الساحبين‪ ،‬وفي هذه‬ ‫منها ً‬
‫أفضل‪1:‬‬ ‫الحالة يمكن لنا أن نفترض بعض الفرضيات التي تساعدنا في فهم عملية خلق الودائع بشكل‬
‫‪ ‬أن جميع البنوك التجارية اندمجت في بنك واحد فقط له عدة فروع منتشرة‪.‬‬
‫‪ ‬البنك التجاري يحتفظ بنسبة (‪ )%75‬كاحتياطي قانوني ويقوم باستثمار ‪ %25‬على شكل‬
‫قروض ممنوحة للمتعاملين‪( .‬أي ال تحتفظ باحتياطات إضافية (‪))Er=0‬‬
‫ً‬
‫‪ ‬أن جميع الناس يتعاملون مع املصارف التجارية وال يبقون أموالا في بيوتهم بل يحتفظون بكل‬
‫ما يملكون لدى البنك التجاري على شكل ودائع‪.‬‬
‫في هذه الحالة فإن‪:‬‬
‫إجمالي الودائع (مقدار التوسع في الودائع‪-‬التغير في عرض النقود) (∑‪ = )D‬مضاعف الودائع (‪× )m‬‬
‫الوديعة ألاولية (ألاصلية) (‪)Dp‬‬
‫حيث أن مضاعف خلق الودائع (‪ )m‬هو مقلوب معدل الاحتياطي القانوني (‪ )t‬أي (‪)m= 1/t‬‬
‫∑‪D = 1/t × Dp‬‬
‫أما مقدار الودائع التي تم خلقها أي الودائع املشتقة (‪ = )Di‬إجمالي الودائع (∑‪ – )D‬الوديعة‬
‫‪Di = ∑D - Dp‬‬ ‫ألاولية (‪:)Dp‬‬
‫ولفهم ما تقدم ذكره نورد املثال العددي التالي‪ :‬بافتراض إيداع وديعة أولية لدى أحد املصارف‬
‫التجارية مقدارها ‪ 70000‬دينار حصل عليها من أحد ألاشخاص لقاء قيامه ببيع سندات للبنك املركزي‬

‫‪ 1‬أنس البكري‪ ،‬وليد صافي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.535 :‬‬

‫‪33‬‬
‫املحور الثاني _______________________________________________________ ألانظمة النقدية والعرض النقدي‬

‫لدى املصرف التجاري‪ ،‬وأن معدل الاحتياطي القانوني املحدد من قبل البنك املركزي هو ‪ ،%75‬نحصل‬
‫يلي‪1 :‬‬ ‫على ما‬
‫‪ ‬خطوات خلق الودائع (النقود)‪:‬‬
‫‪ -‬يقوم البنك التجاري باالحتفاظ بـ ‪ %75‬كاحتياطي نقدي تحت الطلب لدى البنك املركزي‬
‫(‪ )5000‬دينار‪.‬‬
‫‪ -‬أقرض املبلغ املتبقي وهو ‪ 55000‬دينار إلى أحد ألاشخاص ولنفرض أنه (علي)‪.‬‬
‫‪ -‬افترض أن علي قام بشراء بضاعة باملبلغ وهو ‪ 55000‬دينار من شخص آخر اسمه (أحمد)‪.‬‬
‫‪ -‬افترض أن أحمد قام بإيداع املبلغ بحسابه لدى بنك تجاري حيث يقوم البنك الجاري باحتفاظ‬
‫بما قيمته ‪ %75‬من املبلغ (الوديعة الجديدة) ‪ %75‬من ‪.55000‬‬
‫‪ -‬يقوم البنك بإقراض املبلغ املتبقي لشخص يفرض أن اسمه طارق والذي بدوره يقوم بإيداع‬
‫املبلغ في املصرف أو أحد فروعه وتستمر العملية باقتطاع ‪ %75‬كاحتياطي نقدي و‪ %25‬مبلغ‬
‫يقرض من جديد‪ ،‬ونالحظ أن املبلغ املشتق هو أربعة أضعاف املبلغ الحقيقي ‪ 90000‬دينار‪.‬‬
‫ويمكن تلخيص هذه العمليات السابقة من خالل جدول يوضح ذلك‬
‫جدول رقم (‪ :)30‬عملية خلق النقود‬
‫املبلغ املستثمر‬ ‫الاحتياطي النقدي‬ ‫الوديعة‬ ‫رقم الوديعة‬
‫‪550000‬‬ ‫‪5000‬‬ ‫‪70000‬‬ ‫‪5‬‬
‫‪55757‬‬ ‫‪8250‬‬ ‫‪55000‬‬ ‫‪7‬‬
‫‪9582.5‬‬ ‫‪7950.5‬‬ ‫‪55757‬‬ ‫‪8‬‬
‫‪3879.57‬‬ ‫‪7508.89‬‬ ‫‪9582.5‬‬ ‫‪5‬‬
‫‪5‬‬
‫‪3‬‬
‫‪2‬‬
‫‪9‬‬
‫‪8‬‬
‫‪13333‬‬ ‫‪23333‬‬ ‫‪13333‬‬
‫املصدر‪ :‬أنس البكري‪ ،‬وليد صافي‪ ،‬النقود والبنوك بين النظرية والتطبيق‪ ،‬دار املستقبل للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪،‬‬
‫‪ ،7057‬ص‪.533 :‬‬
‫‪∑D = 70000 × 1/0.75 = 90000‬‬

‫‪ 1‬أنس البكري‪ ،‬وليد صافي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.535-535 :‬‬

‫‪38‬‬
‫املحور الثاني _______________________________________________________ ألانظمة النقدية والعرض النقدي‬

‫أي أن البنوك قد ضاعف الودائع بمقدار ‪ 1‬مرات عن الوديعة ألاولى‪ ،‬كما نالحظ من خالل نتائج‬
‫الجدول أن ما شكله املبلغ املستثمر (املقرض) إضافة إلى املبلغ املودع كاحتياطي نقدي يساوي مجموع‬
‫الوديعة لدى املصرف‪.‬‬
‫مجموع الوديعة = الاحتياطي (‪ + )%75‬الوديعة املستثمرة (‪)%25‬‬
‫‪80000 = 20000 + 60000‬‬

‫‪ -0‬مضاعف النقود املوسع‬


‫يسمح لنا املضاعف املوسع بتحليل العرض النقدي بصورة أكثر عمقا حيث يقيس هذا املضاعف‬
‫التغير املضاعف الحاصل في العرض النقدي (‪ )Ms‬نتيجة لتغير معين في القاعدة النقدية (‪،)MB‬‬
‫فبالتخلي عن الافتراضات السابقة وألاخذ بعين الاعتبار قرارات كل من املودعين وكذا البنوك فإن لدينا‬
‫يلي‪1 :‬‬ ‫ما‬
‫‪ ‬ألافراد ال يودعون كل أموالهم في البنوك بل هناك جزء منها على شكل سيولة نقدية ‪ C‬كما نفترض‬
‫𝐶‬
‫أن نسبة النقود في التداول إلى الودائع الجارية ثابتة ( ثابتة)‪.‬‬
‫‪D‬‬
‫‪ ‬البنوك تحتفظ باحتياطات إضافية زائدة عن إلاحتياطات القانوية كما نفترض أن نسبة هذه‬
‫𝑟𝐸‬
‫ثابتة)‪.‬‬ ‫إلاحتياطات إلاضافية إلى الودائع الجارية ثابتة (‬
‫𝐷‬
‫ننطلق من املعادلة السابقة‪:‬‬
‫‪MB = rr + Er + C‬‬
‫𝑟𝐸‬ ‫𝐶‬
‫)𝐷 × 𝐷( ‪MB = (𝑡 × 𝐷 ) + ( 𝐷 × 𝐷) +‬‬
‫𝑟𝐸‬ ‫𝐶‬
‫‪MB = 𝐷 (𝑡 +‬‬ ‫)𝐷 ‪+‬‬
‫𝐷‬

‫وبقسة طرفي املعادلة على القيمة بين القوسين نجد‪:‬‬


‫‪1‬‬
‫=‪D‬‬ ‫‪× MB …………..1‬‬
‫‪Er C‬‬
‫‪t‬‬ ‫‪‬‬
‫‪D D‬‬
‫وباستخدام تعريف العرض النقدي على أنه ‪ = Ms‬النقود الورقية وكسور النقود ‪ +C‬الودائع‬
‫الجارية ‪ ،D‬فإن‪:‬‬
‫𝐶‬ ‫𝐶‬
‫𝐷 × )𝐷 ‪Ms = C + D = 𝐷 × 𝐷 + 𝐷 = (1 +‬‬

‫وبالتعويض عن (‪ )D‬بقيمتها في املعادلة ‪ 5‬نحصل على‪:‬‬

‫‪ 1‬محمود يونس‪ ،‬عبد النعيم مبارك‪ ،‬كمال أمين الوصال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.785 :‬‬

‫‪30‬‬
‫املحور الثاني _______________________________________________________ ألانظمة النقدية والعرض النقدي‬

‫‪C‬‬
‫‪1‬‬
‫= ‪Ms‬‬ ‫‪D‬‬ ‫‪× MB‬‬
‫‪Er C‬‬
‫‪t‬‬ ‫‪‬‬
‫‪D D‬‬
‫العرض النقدي (‪ = )Ms‬مضاعف النقود (‪ × )m‬القاعدة النقدية (‪)MB‬‬

‫فإذا افترضنا أن النقود في التداول هي‪ 500 :‬مليون دج وأن الودائع الجارية ‪ 900‬مليون دج‬
‫وأن معدل إلاحتياطي القانوني هو ‪ ،%50‬كما تشكل هذه البنوك إحتياطات إختيارية قدرها ‪%0.5‬‬
‫فإن‪:‬‬
‫‪rr = 0.1 × 800 = 80 M.DA‬‬
‫‪Er = 0.001 × 800 = 0.8 M.DA‬‬
‫‪MB = 400 + 80 +0.8 = 480.8 M.DA‬‬
‫‪400‬‬
‫‪1‬‬
‫=‪m‬‬ ‫‪800‬‬ ‫‪= 2.5‬‬
‫‪0.8 400‬‬
‫‪0.1 ‬‬ ‫‪‬‬
‫‪800 800‬‬
‫أي أن زيادة دينار واحد في القاعدة النقدية ستؤدي إلى زيادة مضاعفة في العرض النقدي بمقدار مرتين‬
‫ونصف‪.‬‬

‫‪ -1‬محددات عرض النقود‬


‫يلي‪1:‬‬ ‫تتمثل العوامل ألاساسية املحددة لعرض النقود فيما‬
‫‪ ‬التغير في نسبة الاحتياطات القانونية (‪ :)t‬حيث يرتبط مضاعف النقود وعرض النقود عكسيا بنسبة‬
‫الاحتياطات إلاجبارية‪ ،‬فإذا زادت نسبة الاحتياطي املطلوب على الودائع الشيكية مع بقاء العوامل‬
‫ألاخرى كما هي‪ ،‬فإن مستوى الاحتياطات ال يمكنه دعم نفس كمية الودائع الشيكية ألن الاحتياطات‬
‫املطلوبة لهذه الكمية من الودائع أصبحت أكبر من ذي قبل‪.‬‬
‫𝐶‬
‫‪ ‬التغير في نسبة العملة املتداولة ( )‪ :‬حيث يرتبط مضاعف النقود وعرض النقود عكسيا بنسبة‬
‫‪D‬‬
‫𝐶‬
‫العملة في التداول (‪ ،)D‬فزيادة هذه النسبة يعني أن املودعين يحولون ودائعهم الشيكية إلى عملة‪،‬‬
‫وهذه ألاخير على عكس الودائع الشيكية ال تولد توسعا مضاعفا في الودائع وبالتالي سينخفض‬
‫املستوى الكلي للتوسع املضاعف في الودائع وستنخفض بالتالي قيمة املضاعف‪.‬‬

‫‪ 1‬محمود يونس‪ ،‬عبد النعيم مبارك‪ ،‬كمال أمين الوصال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.808-789 :‬‬

‫‪33‬‬
‫املحور الثاني _______________________________________________________ ألانظمة النقدية والعرض النقدي‬

‫𝑟𝐸‬
‫‪ ‬التغير في نسبة الاحتياطات إلاضافية ( 𝐷 )‪ :‬حيث يرتبط مضاعف النقود وعرض النقود عكسيا‬
‫𝑟𝐸‬
‫بنسبة الاحتياطات إلاضافية ( 𝐷 )‪ ،‬فعندما تحتفظ البنوك باحتياطات زائدة من الودائع الشيكية‬
‫فإن البنوك ستقلص القروض التي تمنحها وسيتسبب ذلك في انخفاض مستوى الودائع الشيكية‬
‫وانخفاض عرض النقود وبالتالي انخفاض مضاعف النقود‪.‬‬
‫‪ ‬أسعار الفائدة السوقية (‪ :)i‬ترتبط الاحتياطات إلاضافية ارتباطا عكسيا مع سعر الفائدة (تكلفة‬
‫𝑟𝐸‬
‫الفرصة البديلة) وهو ما يعني أن انخفاض سعر الفائدة سيؤدي إلى رفع النسبة ( 𝐷 ) والتي ترتبط‬
‫عكسيا مع العرض النقدي ومضاعف النقود‪ ،‬وبالرجوع إلى نظرية اختيار املحفظة فإن ارتفاع‬
‫العوائد املتوقعة على ألاصول البديلة بالنسبة إلى العوائد املتوقعة على أصل ما فإن الطلب على‬
‫هذا ألاصل سينخفض‪ ،‬وعليه فكلما زاد معدل الفائدة السوقي فإن العائد املتوقع على القروض‬
‫وألاوراق املالية سيرتفع بالنسبة إلى العائد الصفري على الاحتياطات الزائدة وستنخفض نسبة هذه‬
‫الاحتياطات‪.‬‬
‫‪ ‬التدفق املتوقع لخروج الودائع من البنك‪ :‬ترتبط الاحتياطات إلاضافية ارتباطا طرديا مع التدفق‬
‫املتوقع لخروج الودائع من البنك‪ ،‬حيث ستلجأ البنوك إلى زيادة الاحتياطات الزائدة (‪ )Er‬إذا زاد‬
‫التدفق املتوقع للودائع خارج البنك لتشكيل تأمين أو احتياط ضده‪.‬‬

‫فضال عن وجود محددات أخرى كنتيجة ملمارسة البنك املركزي تشمل‪ :‬أدوات الساسة النقدية‬
‫أهمها التغيرات في القاعدة النقدية غير املقترضة‪ ،‬التغيرات في القروض املخصومة من البنك املركزي‪،‬‬
‫وسعر الخصم‪1.‬‬ ‫أسعار الفائدة السوقية‬

‫‪ 1‬محمود يونس‪ ،‬عبد النعيم مبارك‪ ،‬كمال أمين الوصال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.808-805 :‬‬

‫‪33‬‬
‫المحور الثالث‪ :‬النظريات النقدية‬

‫أوال‪ :‬النظرية الكمية للنقود‬

‫ثانيا‪ :‬نظرية تفضيل السيولة لكينز‬

‫ثالثا‪ :‬النظرية الكمية الحديثة "تحليل ملتون فريدمان"‬


‫املحور الثالث ____________________________________________________________________ النظريات النقدية‬

‫تمهيد‬
‫عنيت النظرية النقدية بصفة أساسية حتى مطلع العقد الثالث من القرن العشرين بتفسير‬
‫العوامل أو القوى التي تتداخل في تحديد قيمة النقود‪ ،‬وبالتالي في تحديد مستوى ألاسعار‪ ،‬وقد سادت‬
‫في هذا املجال نظرية كمية النقود‪ ،‬ومع أزمة الكساد العالمي نقلت ألافكار الجديدة لكينز الاهتمام في‬
‫هذا الصدد من كمية النقود إلى الانفاق الكلي أو الطلب الكلي الفعلي‪ ،‬واتجه الفكر الاقتصادي من‬
‫البحث في أسباب تغير قيمة النقود إلى دراسة معالم سلوك النقود‪ ،‬وأثر ذلك على مستوى النشاط‬
‫الاقتصادي وعلى حجم العمالة والدخل وإلانتاج‪ ،‬وبظهور الارتفاع في ألاسعار والتضخم كمشكلة كبرى‬
‫منذ بداية النصف الثاني من القرن العشرين في الدول الرأسمالية املتقدمة عاد الاهتمام من جديد إلى‬
‫تحليل مستوى ألاسعار والربط بينه وبين كمية النقود‪ ،‬ولكن في ظل مبادئ أكثر واقعية من تلك التي‬
‫القرن‪1.‬‬ ‫سادت حتى الثالثينيات من ذلك‬

‫أوال‪ :‬النظرية الكمية للنقود (‪)Quantity Theory Of Money‬‬

‫من أهم الكتابات التي ركزت على قيمة النقود‪ ،‬ما كتبه ''أرفينج فيشر ‪ ''Irving Fisher‬في مقاله‬
‫عام ‪ 1111‬عن القوة الشرائية للنقود‪ :‬محدداتها وعالقتها باالئتمان والفائدة وألازمات‪ .‬لتفسير حالة‬
‫الكساد التي مرت بها أوروبا أثناء الحرب العاملية ألاولى‪ ،‬والتقلبات التي حدثت في قيمة النقود بانجلترا‬
‫قبل الحرب خالل فترات ثالث متميزة‪ :‬الفترة بين عامي ‪ ،1281،1281‬عندما مالت ألاسعار نحو الهبوط‬
‫مع زيادة كل من حجم املبادالت وزيادة كمية الذهب املنتجة‪ ،‬والفترة من ‪ 1281‬حتى ‪ 1281‬عندما مالت‬
‫ألاسعار نحو الارتفاع مع زيادة كمية النقود وزيادة حجم املبادالت‪ ،‬والفترة بين عامي ‪1211‬و ‪ 1118‬عندما‬
‫زادت كمية النقود مع اكتشاف مناجم جديدة للذهب وزيادة حجم املبادالت في هذه الفترات املمتدة إلى‬
‫الزمن‪2.‬‬ ‫حوالي قرن من‬

‫‪ -1‬معادلة التبادل‬
‫جاء أوضح عرض لنظرية كمية النقود على يد الاقتصادي ألامريكي "آرفنج فيشر" في عام ‪1118‬م‪،‬‬
‫حيث قام بشرح العالقة بين الكمية الكلية للنقود (العرض النقدي ‪ ،)M‬وإلانفاق الكلي على السلع‬
‫والخدمات (‪ ،)PY‬واستخدم في تحليله معادلة تسمى معادلة التبادل إلثبات العالقة الارتباطية السببية‬

‫‪ 1‬سوزي عدلي ناشد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.18 :‬‬


‫‪ 2‬السيد محمد أحمد السريتي‪ ،‬محمد عزت محمد غزالن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.311 :‬‬

‫‪75‬‬
‫املحور الثالث ____________________________________________________________________ النظريات النقدية‬

‫بين التغير في كمية النقو‪ ،‬والتغير في املستوى العام لألسعار‪ ،‬فلو افترضنا أن أحد ألافراد يرغب في‬
‫الحصول على عشر وحدات من سلعة معينة‪ ،‬وأن ثمن الوحدة من هذه السلعة ‪ 811‬وحدة نقدية‪ ،‬في‬
‫هذه الحالة على الفرد أن يدفع ‪ 8111‬وحدة نقدية (‪ )811×11‬أي عدد الوحدات × ثمن الوحدة‪ ،‬أما‬
‫بالنسبة إلى املنتج‪ ،‬فإنه سوف ال يتنازل عن الوحدات العشرة من إنتاجه إال إذا حصل على ‪ 8111‬وحدة‬
‫نقدية (هذا على مستوى الوحدة الاقتصادية) أما على مستوى الاقتصاد القومي‪ ،‬فنجد أن مجموع قيم‬
‫املبادالت التي تمت على مستوى الاقتصاد القومي في خالل نفس الفترة (‪ ،)PY‬يساوي كمية النقود‬
‫املتداولة × سرعة دورانها أي أن كمية النقود × سرعة دورانها = كمية املبادالت × املستوى العام‬
‫لألسعار‪1.‬‬

‫)‪P.T = MV …………………… (1‬‬


‫حيث أن‪:‬‬
‫‪ M‬ترمز إلى كمية النقود املعروضة في لحظة زمنية معينة‪.‬‬
‫‪ V‬ترمز إلى سرعة دوران النقود (متوسط عدد املرات التي تستخدم فيها وحدة النقد في شراء السلع‬
‫والخدمات املنتجة من قبل الاقتصاد القومي في فترة زمنية معينة هي عادة السنة)‪.‬‬
‫‪ P‬ترمز إلى املستوى العام لألسعار‪.‬‬
‫‪ T‬ترمز إلى كمية املبادالت من السلع والخدمات في نفس اللحظة الزمنية من املعادلة‪.‬‬

‫‪ ‬فرضيات النظرية‪ :‬تستند نظرية كمية النقود (النظرية الكالسيكية) على مجموعة من الفرضيات‬
‫يلي‪2:‬‬ ‫كما‬
‫‪ .1‬ثبات الحجم الحقيقي لإلنتاج عند مستوى التشغيل الكامل للموارد الاقتصادية‪ :‬ينطلق الفكر‬
‫الكالسيكي في تحليله للنشاط الاقتصادي‪ ،‬من أن النقود ال تؤدي سوى وظيفة واحدة أال وهي وسيلة‬
‫للتبادل (‪ )Medium of Exchange‬لذلك فإن دور النقود هو محايد في الاقتصاد‪ ،‬ويستند هذا التحليل‬
‫الطلب الخاص به ( ‪Supply Creates its‬‬ ‫إلى قانون (‪ )Say‬لألسواق الذي ينص على أن العرض يخلق‬
‫‪ )Own Demend‬أي أن الطلب الكلي ال بد أن يتعادل مع العرض الكلي عند مستوى التشغيل الكامل‪،‬‬
‫بحيث تختفي البطالة في املجتمع‪ ،‬ألن التغيرات في كل من جانبي العرض والطلب سرعان ما تختفي‬
‫بفضل فاعلية آلية السوق وجهاز الثمن‪.‬‬

‫‪ 1‬حسين بني هاني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.28-21 :‬‬


‫‪ 2‬طاهر فاضل البياتي‪ ،‬ميرال روحي سمارة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.111-181 :‬‬

‫‪75‬‬
‫املحور الثالث ____________________________________________________________________ النظريات النقدية‬

‫‪ .8‬سرعة دوران النقود‪ :‬أكدت النظرية على أن سرعة دوران النقود ثابتة انطالقا من أن وظيفة النقود‬
‫تقتصر على كونها وسيط للمبادالت‪ ،‬أما وظائفها ألاخرى كأداة لالدخار أو مخزن للقيمة فهو ليس في‬
‫حساباتها‪ ،‬انطالقا من أن املجتمع يحتفظ بالنقود لتسوية املدفوعات وتوفير التسهيالت املصرفية‬
‫وأشكال الائتمان السائدة وهيكل الصناعة القائم التي تعتبر ثابتة في املدى القصير‪ ،‬إال أنها تميل إلى‬
‫التغير في املدى الطويل‪.‬‬
‫‪ .1‬العالقة املباشرة بين تغير املستوى العام لألسعار وكمية النقود املعروضة‪ :‬تنطلق النظرية الكمية في‬
‫هذا الافتراض من تأكيدها على الفصل بين العوامل النقدية والعوامل الحقيقية (غير النقدية) حيث‬
‫استبعدت خضوع حجم الناتج القومي (‪ )T‬وسرعة دوران النقود (‪ )v‬لتأثير العوامل النقدية‪ ،‬ألن‬
‫حجم الانتاج (‪ )T‬يتوقف على عوامل حقيقية ترتبط بالطاقة الانتاجية لالقتصاد‪ ،‬كما أن (‪ )v‬تتوقف‬
‫على عوامل غير نقدية (عادات ألافراد في تسوية التزاماتهم) مما يجعل تأثير التغير في كمية النقود‬
‫املعروضة مباشرا على املستوى العام لألسعار‪.‬‬
‫وتقرر املعادلة رقم (‪ ،)P.T = MV( )1‬أن كمية النقود املعروضة مضروبة في سرعة دورانها يجب‬
‫أن تعادل الدخل القومي النقدي (كمية السلع والخدمات × املستوى العام لألسعار)‪ .‬ويجب أن تعادل‬
‫إلانفاق القومي‪ .‬وعليه فإن املعادلة رقم (‪ )1‬ليست أكثر من متطابقة رياضية‪ ،‬كما أنها ال تقرر أية عالقة‬
‫بين أي متغيرين من متغيراتها‪ ،‬ولتحويل معادلة التبادل إلى نظرية تفسر كيفية تحديد الدخل القومي‬
‫النقدي‪ ،‬يتطلب هذا التحويل فهم العوامل التي تحدد سرعة دوران النقود‪ ،‬حيث اعتقد "فيشر" أن‬
‫سرعة دوران النقود تتحدد عن طريق العوامل املؤسسية في الاقتصاد‪ ،‬والتي تؤثر على الطريقة التي‬
‫ينجز بها ألافراد معامالتهم‪ ،‬وقد رأى "آرفنج فيشر" أن العوامل املؤسسية في أي اقتصاد‪ ،‬والتي تؤثر على‬
‫سرعة دوران النقود ثابتة تقريبا في آلاجال القصيرة‪ ،‬كما افترض الكالسيك أن ألاجور وألاسعار مرنة‬
‫ً‬
‫وانخفاضا‪ ،‬كما افترضوا أيضا أن الاقتصاد القومي يعمل دائما عند مستوى‬ ‫مرونة كاملة ار ً‬
‫تفاعا‬
‫التشغيل الكامل‪ ،‬لهذا فإن مستوى إلانتاج الذي سيتم إنتاجه في الاقتصاد القومي‪ ،‬سيكون ً‬
‫دائما عند‬
‫مستوى إنتاج العمالة الكاملة‪ ،‬أي يمكن اعتبار (‪ً )T‬‬
‫ثابتا في ألاجل القصير في معادلة التبادل‪ .‬وبناء على‬
‫الافتراضات سالفة الذكر‪ ،‬فإن نظرية كمية النقود تجعل سرعة دوران النقود‪ ،‬ومستوى إلانتاج‬
‫الحقيقي الكلي ثابتين‪ ،‬وبهذا فإنه لن يبقى من املتغيرات في معادلة التبادل‪ ،‬سوى متغيرين فقط يسمح‬
‫لهما بالتغير‪ ،‬وهذان املتغيران هما كمية النقود املعروضة (‪ ،)M‬واملستوى العام لألسعار(‪ )P‬وعلى هذا‬

‫‪ ‬كالعادات املصرفية والاقتصاد في الانفاق وكثافة السكان وسرعة املواصالت‪ ،‬وقد أكد فيشر أن هذه العوامل تؤثر على سرعة دوران‬
‫النقود في ألاجل الطويل فقط‪ ،‬أنظر‪ :‬حمدي عبد العظيم‪ ،‬السياسات املالية والنقدية‪ :‬دراسة مقارنة بين الفكر الوضعي والفكر‬
‫إلاسالمي‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬مصر‪ ،8118 ،‬ص‪.11 :‬‬

‫‪75‬‬
‫املحور الثالث ____________________________________________________________________ النظريات النقدية‬

‫تصل نظرية كمية النقود إلى العالقة السببية بين ‪ P‬و‪ M‬والتي يمكن صياغتها في صورة الفرض ألاساس ي‬
‫التالي‪1:‬‬

‫بافتراض أن حجم إلانتاج الحقيقي الكلي ثابت عند مستوى التشغيل الكامل وثبات سرعة دوران‬
‫النقود في الفترة القصيرة‪ ،‬فإن مضاعفة كمية النقود سيؤدي إلى مضاعفة املستوى العام لألسعار‪.‬‬
‫فإذا أدت الزيادة في كمية النقود إلى ارتفاع املستوى العام لألسعار بنفس النسبة‪ ،‬فإن الدخل‬
‫القومي النقدي (‪ y‬والذي هو ‪ )PT‬سيزيد بنفس نسبة الزيادة في كمية النقود‪ .‬وتفسير ذلك كما يلي‪:‬‬
‫لو افترضنا أن إلانتاج الحقيقي الكلي يساوي ‪ 81‬مليون وحدة إنتاج‪ ،‬وسرعة دوران الدينار الواحد هي‬
‫‪ 11‬مرات في املتوسط خالل السنة‪ ،‬وأن العرض النقدي (‪ 8 = )M‬مليون دينار‪ ،‬من املعادلة رقم (‪)1‬‬
‫‪20‬‬
‫ينتج أن )‪ P(20) = 2 (10‬وبالتالي‪ ، P = 20 = 1 :‬أي أن املستوى العام لألسعار ‪ p‬يساوي ‪.1‬‬
‫وعلى فرض أن حجم إلانتاج الحقيقي الكلي عند مستوى التشغيل الكامل بقي ً‬
‫ثابتا ‪ 81‬مليون‬
‫وحدة إنتاج‪ ،‬وأن سرعة دوران النقود للدينار الواحدة بقيت ثابتة عند مستوى ‪ 11‬مرات في املتوسط‬
‫خالل السنة‪ ،‬وأن العرض النقدي قد ارتفع من ‪ 8‬مليون دينار إلى ‪ 8‬مليون دينار‪ ،‬فإن املستوى العام‬
‫‪40‬‬
‫=‪P‬‬ ‫أي‪ P(20) = 4 (10) :‬وبالتالي‪= 2 :‬‬ ‫‪PT = MV‬‬ ‫لألسعار الجديد يصبح‪:‬‬
‫‪20‬‬
‫وهذا يعني أن املستوى العام لألسعار قد ارتفع إلى الضعف مع زيادة كمية النقود إلى الضعف‪.‬‬
‫ً‬
‫تفسيرا لتغير املستوى العام لألسعار‪،‬‬ ‫ويرى الاقتصاديون الكالسيك‪ ،‬أن نظرية كمية النقود تقدم‬
‫وبالتالي التغير في الدخل القومي النقدي‪ ،‬عن طريق التغيرات التي تحدث في كمية النقود في ظل افتراض‬
‫ثبات إلانتاج الحقيقي الكلي عند مستوى التشغيل الكامل (العمالة الكاملة)‪ ،‬وثبات سرعة دوران النقود‬
‫في الفترة القصيرة‪.‬‬
‫وتخبرنا نظرية كمية النقود عن مقدار كمية النقود التي يتم حيازتها عند كل مستوى من مستويات‬
‫لذلك‪2:‬‬ ‫الدخل القومي النقدي‪ ،‬ولهذا اعتبرت نظرية للطلب على النقود‪ ،‬وفيما يلي بيان‬
‫𝑉𝑀‬ ‫𝑇𝑃‬
‫‪ ،‬ينتج أن‪:‬‬ ‫𝑉‬
‫=‬
‫𝑉‬
‫بالرجوع إلى معادلة التبادل‪ ،MV = PT :‬وبقسمة طرفي املعادلة على (‪)V‬‬
‫𝑇𝑃‬
‫=𝑀‬ ‫𝑉‬
‫(‪.................. )8‬‬
‫فإذا اعتبرنا أن (‪ )M‬في املعادلة رقم (‪ )8‬هي العرض النقدي‪ ،‬وكتبناها بالصورة ‪ ،Ms‬وافترضنا أن السوق‬
‫النقدي في حالة توازن فإن‪ :‬العرض النقدي = الطلب على النقود‪ ،‬وبالرموز فإن‪ ،Md = Ms :‬وعليه فإنه‬
‫يمكن كتابة املعادلة رقم (‪ )8‬على الصورة التالية‪:‬‬

‫‪ 1‬حسين بني هاني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.21-21 :‬‬


‫‪ 2‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.28-21 :‬‬

‫‪06‬‬
‫املحور الثالث ____________________________________________________________________ النظريات النقدية‬

‫‪1‬‬
‫𝑉 = ‪Md‬‬ ‫(‪(PT)......................)5‬‬
‫وتفيد املعادلة رقم (‪ ،)5‬أنه مع ثبات (‪ )V‬سرعة دوران النقود‪ ،‬فإن كمية النقود التي يطلبها‬
‫ألافراد (‪ )Md‬تحدد بمستوى املعامالت املتولدة من مستوى الدخل النقدي (‪ )PT‬وبناء عليه فقد قام‬
‫أنصار النظرية الكمية للنقود بصياغة الفرضية ألاساسية التالية‪:‬‬
‫إن الطلب على النقود هو دالة للدخل القومي النقدي فقط‪ ،‬و هذا الطلب غير حساس للتغير في‬
‫سعر الفائدة‪ ،‬بمعنى أن سعر الفائدة ليس له أي أثر على الطلب على النقود‪.‬‬
‫وقد توصل "آرفنج فيشر" إلى نفس الفرضية سالفة الذكر العتقاده أن ألافراد يطلبون النقود إلنجاز‬
‫هما‪1:‬‬ ‫املعامالت فقط‪ ،‬وكان يرى أن الطلب على النقود يتحدد بعاملين‬
‫‪ -‬مستوى املبادالت املتولدة عن مستوى الدخل القومي النقدي (‪)PT‬‬
‫‪ -‬مدى تطور املؤسسات التي تؤثر على الطريقة التي يؤدي بها ألافراد املبادالت‪ ،‬والتي تحدد سرعة‬
‫دوران النقود‪.‬‬
‫‪ ‬وعلى الرغم من ذلك فإن نظرية كمية النقود قد وجهت لها عدة انتقادات‪ :‬إذ تتوقف صحة أية‬
‫نظرية على صحة الفروض التي تقوم عليها لذا ركزت الانتقادات على فروض النظرية وفيما يلي أهم‬
‫الانتقادات‪2:‬‬

‫‪ -1‬لم توضح معادلة فيشر العوامل التي تحدد قيمة النقود ألنها متطابقة حسابية (‪ )MV=PT‬توضح‬
‫أن النقود املدفوعة تساوي النقود املستلمة وهذه حقيقة واضحة‪ ،‬كما أنها ال تذكر شيئا عن العالقة‬
‫بين كمية النقود وألاسعار أي أنها ال توضح أيهما السبب وأيهما هو النتيجة‪ ،‬وبالتالي فإنها ليست ذي‬
‫فائدة للتحليل الاقتصادي‪ ،‬ألن العالقة بين كمية النقود وألاسعار عالقة معقدة إضافة إلى كونها‬
‫عالقة غير مباشرة‪.‬‬
‫‪ -8‬تعتبر نظرية كمية النقود نظرية ساكنة (‪ )Static‬وليست نظرية ديناميكية (‪ )Dynamic‬فهي تنطبق‬
‫على حالة الاقتصاد الساكن والذي تكون فيه املتغيرات الاقتصادية مستقرة أو ساكنة‪ ،‬إال أن الواقع‬
‫أثبت أن املتغيرات الاقتصادية تتغير وبالتالي فال يمكن استخدام هذه النظرية في دراسة التقلبات‬
‫الاقتصادية في ظل الاقتصاد الحركي‪.‬‬
‫‪ -1‬إن افتراض النظرية ثبات عناصر معادلة التبادل ألاخرى غير (‪ )M.P‬هو افتراض غير حقيقي‪ ،‬ألنها تؤثر‬
‫بدورها وتتأثر بالعناصر ألاخرى‪ ،‬أما كونها ساكنة فهو منافي ملنطق عمل الاقتصاد الرأسمالي وهذا ما‬

‫‪ 1‬حسين بني هاني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.28 :‬‬


‫‪ 2‬طاهر فاضل البياتي‪ ،‬ميرال روحي سمارة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.111-111 :‬‬

‫‪06‬‬
‫املحور الثالث ____________________________________________________________________ النظريات النقدية‬

‫افرزته ظاهرة الكساد العالمي حيث لم تستطيع زيادة كمية النقود املعروضة زيادة ألاسعار‪ ،‬ألن‬
‫ألاسعار قد ترتفع نتيجة زيادة في معدل تفضيل السيولة‪.‬‬
‫‪ -8‬لم تعط النظرية الاهتمام الالزم لوظائف النقود ألاخرى (كمخزن للقيمة) وتسديد املدفوعات آلاجلة‪،‬‬
‫ألن معادلة التبادل إنما تنظر إلى النقود فقط كوسيط في عمليات التبادل وهذا ما يتعارض مع واقع‬
‫الطلب محل النقد ومن قبل املجتمع‪.‬‬
‫‪ -5‬لم تأخذ نظرية كمية النقود باالعتبار سعر الفائدة ودوره في الاقتصاد وهذا ما أكده جون روبنسن‬
‫(‪ )Joon Robinson‬حيث أشار إلى أن التغيرات في كمية النقود تعود إلى تأثير سعر الفائدة‪ ،‬ألن أية‬
‫نظرية ال تشير إلى تأثير سعر الفائدة ال تعتبر نظرية للنقود‪ ،‬ألن العالقة بين كمية النقود املعروضة‬
‫وألاسعار عالقة غير مباشرة‪ ،‬وأن الوسيط بين هذه العالقة هو سعر الفائدة الذي في حالة انخفاضه‬
‫فأنه يشجع رجال ألاعمال على القيام باالستثمارات ومن ثم يتوسع الانفاق الاستهالكي وأن الاثنين‬
‫يحددان املستوى العام لألسعار‪.‬‬
‫‪ -1‬لقد وجه كينز انتقادا مهما لهذه النظرية ينطلق من أن معادلة املبادلة الكالسيكية (‪ )MV=TP‬تفصل‬
‫بين النقود والنظرية العامة للقيمة‪ ،‬وهذا ما دفعه إلى جعل كل من النظرية النقدية ونظرية ألاسعار‬
‫متكاملتان وذلك عندما طرح نظريته العامة في التفضل النقدي‪.‬‬

‫‪ -2‬نظرية ألارصدة "معادلة كمبردج" (‪)The Cambridge Equation‬‬


‫ظهرت هذه الصيغة من خالل مناقشات فكرية تمت في جامعة كامبردج بين ''الفريد مارشال‬
‫وبيجو و روبرتسون وهايك وهوتري''‪ ،‬وتتميز صيغة كامبردج عن صيغة املبادالت في إدخالها فكرة الطلب‬
‫على النقود صراحة من خالل حجم ألارصدة النقدية (الحقيقية) التي يرغب ألافراد في الاحتفاظ بها‬
‫لغرض املعامالت‪ ،‬كما تم استبدال املبادالت الكلية ليحل محلها الناتج النهائي‪( ،‬حيث تضم املبادالت‬
‫الوسيط) ‪1‬‬ ‫الكلية‪ ،‬الناتج الكلي‪ ،‬كل من املبادالت والناتج النهائي واملبادالت والناتج‬
‫ومعادلة كمبردج أو معادلة ألارصدة النقدية (‪ )Cash Balance Equation‬معادلة رياضية تقوم‬
‫على افتراض وجود عالقة بين ألارصدة النقدية التي يرغب ألافراد في الاحتفاظ بها من جهة والدخول‬
‫النقدية لألفراد من جهة أخرى‪ ،‬وبناء على العالقة املذكورة فإن هناك نسبة من الدخل كنقود سائلة‬
‫يحتفظ بها ألافراد ألغراض إلانفاق على شراء السلع والخدمات الاستهالكية‪ ،‬كما أن هناك نسبة أخرى‬
‫مالية‪2.‬‬ ‫من الدخل يحتفظ بها ألافراد في أصول‬

‫‪ 1‬السيد محمد أحمد السريتي‪ ،‬محمد عزت محمد غزالن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.118 :‬‬
‫‪ 2‬حسين بني هاني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.22 :‬‬

‫‪06‬‬
‫املحور الثالث ____________________________________________________________________ النظريات النقدية‬

‫فإذا افترضنا أن الفرد له نمط انفاق للدخل منتظم بحيث يكون رصيده املتبقي من الدخل في‬
‫‪1‬‬
‫نهاية الشهر مساويا للصفر‪ ،‬فإن متوسط ما يحتفظ به من دخل (الطلب على النقود) شهريا هو‬
‫‪2‬‬
‫‪1‬‬
‫من دخله‪ ،‬وإذا تماثل ألافراد في تصرفاتهم إلانفاقية فإن الطلب على النقود‬ ‫دخله‪ ،‬وسنويا هو‬
‫‪24‬‬
‫(الغرض هو املعامالت) سيمثل نسبة (‪ )k‬من اجمالي الدخل النقدي وتعرف هذه النسبة باسم نسبة‬
‫أن‪1 :‬‬ ‫التفضيل النقدي في الاقتصاد‪ ،‬أي‬
‫(‪MD= KP ...........(7‬‬

‫‪ :K‬نسبة التفضيل النقدي‪،‬‬ ‫حيث ‪ :Md‬الطلب على النقود‬


‫‪ :Y‬الدخل الحقيقي‪.‬‬ ‫‪ =P‬متوسط أسعار السلع النهائية‬
‫وبمقارنة الصيغة السابقة بصيغة املبادالت الكلية يمكن معاملة نسبة التفضيل النقدي باعتبارها‬
‫مقلوب سرعة الدوران النقدية‪ ،‬على اعتبار أن كل من النسبتين تعبر عن عالقة ميكانيكية بين التغير في‬
‫كمية النقود والتغير في مستوى ألاسعار‪ ،‬ومن ناحية أخرى يمكن النظر إلى الصيغة الداخلية على اعتبار‬
‫أن نسبة التفضيل النقدي تعكس عنصر الاختيار في الطلب على النقود في مقابل ألاصول ألاخرى‪ ،‬وبذلك‬
‫تكون نسبة التفضيل النقدي دالة في مجموعة من العوامل التي تحدد السلوك الاقتصادي‪.‬‬
‫وعلى افتراض أن (‪ )K‬هي نسبة من الدخل يحتفظ بها ألافراد لغايات الاحتياط‪ ،‬فإنها تتوقف على‬
‫التالية‪2:‬‬ ‫العوامل‬
‫‪ -‬ثروة الفرد التي لها عالقة مباشرة بـ (‪ )K‬فكلما زادت قلت (‪.)K‬‬
‫‪ -‬توقعات ألافراد التي ترتبط بنسبة (‪ )K‬فكلما كانت متشائمة زادت (‪ )K‬والعكس في حالة التفاؤل‪.‬‬
‫‪ -‬مستويات ألاسعار فكلما ارتفعت ألاسعار انخفضت القيمة الحقيقية لألرصدة النقدية وهذا ما‬
‫يدفع ألافراد إلى زيادة نسبة (‪ )K‬ومن ثم زيادة ألارصدة النقدية لدى ألافراد وذلك ألجل إعادة‬
‫التوازن نتيجة ارتفاع ألاسعار‪.‬‬
‫ومعادلة كل من كمبردج والتبادل تتفقان في أن العالقة بين الطلب على النقود‪ ،‬واملعروض منها‪،‬‬
‫يحددان التوازن الاقتصادي‪ ،‬هذا التماثل بين معادلة التبادل عند ''فيشر'' وعند اقتصاديي ''كمبردج''‬
‫ال يعني التطابق العام بينهما‪ ،‬إذ أن اقتصاديي ''كمبردج'' عندما قاموا بدراسة الطلب على النقود‪ ،‬لم‬
‫ينظروا فقط إلى مستوى املبادالت واملؤسسات التي تؤثر على الطريقة التي يؤدي بها ألافراد املدفوعات‬
‫كمحددات أساسية لهذا الطلب كما فعل ''فيشر''‪ ،‬ولكنهم سألوا عن مقدار النقود التي يرغب ألافراد‬

‫‪ 1‬السيد محمد أحمد السريتي‪ ،‬محمد عزت محمد غزالن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.115 :‬‬
‫‪ 2‬طاهر فاضل البياتي‪ ،‬ميرال روحي سمارة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.111 :‬‬

‫‪06‬‬
‫املحور الثالث ____________________________________________________________________ النظريات النقدية‬

‫في حيازتها في ظل ظروف معينة‪ ،‬بحيث أن ألافراد أصبح لديهم مرونة أكثر ‪-‬في ظل مدخل ''كمبردج'' عن‬
‫مدخل ''فيشر''‪ -‬في قرارهم الخاص بحيازة النقود‪ ،‬فاألفراد في مدخل '' كمبردج ''ليسوا مقيدين بقيود‬
‫مؤسسة –مرتبطة بتطور املؤسسات‪ ،‬وظهور أدوات جديدة تقلل كمية النقود املستخدمة في التداول‪،‬‬
‫النقود‪1.‬‬ ‫هذا مع العلم بأن مدخل كمبردج لم يشمل تحليل أثر التغير في سعر الفائدة على الطلب على‬
‫في هذه الصيغة الداخلية لنظرية كمية النقود تطلب النقود لغرض أداء املعامالت ولغرض‬
‫التحوط وألامان في مقابلة السيولة املطلوبة الطارئة‪ ،‬هو ما يشير ضمنيا إلى الطلب على النقود كمستودع‬
‫مؤقت للقوة الشرائية‪ ،2‬إذ تنطلق فرضية هذه النظرية من أن للنقود وظيفة أخرى اضافة لكونها وسيلة‬
‫للمبادلة هي مخزن للقيمة‪ ،‬ووفقا لهذه النظرية فإن قيمة النقود تتحدد بعرض النقود والطلب عليها‪،‬‬
‫وأن التغير في قيمة النقود يكون ناجما عن الاختالل في طرفي املعادلة والذي يتحدد في لحظة زمنية معينة‬
‫التالية‪4:‬‬ ‫وليس عبر فترة من الزمن كما هو الحال في طريقة املعامالت‪ ،3‬ولهذا وصلوا إلى النتيجة‬

‫إن الطلب على النقود كجزء من الثروة (أصل من ألاصول) يتناسب طرديا مع حجم الدخل النقدي‬
‫يستخلص مما سبق‪ ،‬أن الطلب على النقود في ظل مدخل '' كمبردج '' (سواء لغرض مبادلة السلع‬
‫والخدمات أو لغرض حيازة النقود كأصل من ألاصول)‪ ،‬يتناسب طرديا مع الدخل النقدي‪.‬‬
‫ورغم تماثل مدخل '' كمبردج ''‪ .‬ومدخل '' فيشر '' إال أن هناك اختالفا بين املدخلين‪ ،‬فمعادلة‬
‫''كمبردج'' تركز على التغيرات التي تطرأ على املستوى العام لألسعار‪ ،‬من خالل تحليلها لجانب الطلب‬
‫على النقود‪ ،‬ومعرفة التغيرات في مكونات الطلب على النقود‪ ،‬أما معادلة التبادل (معادلة فيشر) فإنها‬
‫تركز في تحليلها لتلك التغيرات التي تطرأ على املستوى العام لألسعار من خالل تحليلها لجانب العرض‬
‫النقدي والتعرف على العوامل التي تؤثر عليه‪ ،‬وبوجه عام فإن التحليل الكالسيكي للطلب على النقود‬
‫يشمل مدخل ''فيشر'' ومدخل ''كمبردج''‪ ،‬وقد حاول التحليل الكالسيكي أن يجيب على السؤالين‬
‫التالين‪5:‬‬

‫‪ -‬ما مقدار كمية النقود التي يرغب ألافراد في حيازتها؟‬


‫‪ -‬ما هي محددات طلب ألافراد على النقود؟‬

‫‪ 1‬حسين بني هاني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.11-21 :‬‬


‫‪ 2‬السيد محمد أحمد السريتي‪ ،‬محمد عزت محمد غزالن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.111-115 :‬‬
‫‪ 3‬طاهر فاضل البياتي‪ ،‬ميرال روحي سمارة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.118 :‬‬
‫‪ 4‬حسين بني هاني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.11 :‬‬
‫‪ 5‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.11 :‬‬

‫‪06‬‬
‫املحور الثالث ____________________________________________________________________ النظريات النقدية‬

‫كما ذهب التحليل الكالسيكي إلى القول بأن الطلب على النقود دالة طردية للدخل النقدي‪ ،‬كما‬
‫افترض ثبات سرعة دوران النقود في ألاجل القصير‪ ،‬وأن سعر الفائدة ال يؤثر على الطلب على النقود‪.‬‬
‫‪ ‬أوجه الاختالف بين نظرية ألارصدة النقدية ونظرية كمية النقود‪ :‬بالرغم من وجود تشابه بين‬
‫النظريتين وذلك من خالل تركيزهما على التغيرات النقدية وتأثيرها على مستوى ألاسعار والذي كان‬
‫ً‬
‫مباشرا في ظل نظرية كمية النقود وغير مباشر من خالل مستوى الدخل النقدي الذي يؤثر على مستوى‬
‫يلي‪1 :‬‬ ‫ألاسعار في نظرية ألارصدة‪ ،‬إال أن هناك مجموعة من نقاط الاختالف وهي كما‬
‫‪ -‬افترضت نظرية كمية النقود ثبات حجم الانتاج عند مستوى التشغيل الكامل وبالتالي فإن‬
‫التغيرات تنعكس على املستوى العام لألسعار‪ ،‬في حين تركز نظرية ألارصدة النقدية على تحليل‬
‫أثر التغيرات النقدية على حجم الانتاج واملستوى العام لألسعار‪.‬‬
‫‪ -‬لقد استعرض فيشر نظرية كمية النقود من وجهة نظر انفاق النقود بينما عرضت نظرية ألارصدة‬
‫النقدية من وجهة نظر الاحتفاظ بالنقود على شكل أرصدة نقدية‪ ،‬ورغم هذا الاختالف إال أن‬
‫الواقع أظهر أنهما يؤديان نفس الغرض ألن النقود التي يحتفظ بها ألافراد ستنفق في النهاية‪.‬‬
‫‪ -‬أكدت نظرية ألارصدة النقدية‪ ،‬أن التفضيل النقدي هو العامل املؤثر واملحدد ملستوى الدخل‬
‫النقدي وأن التغير في نسبته ينعكس على مستويات إلانتاج وألاسعار حتى لو بقيت كمية النقود‬
‫املعروضة ثابتة‪ ،‬أما نظرية كمية النقود فإنها تستبعد إمكان تغيير مستويات ألاسعار إذا ظل‬
‫عرض النقد ً‬
‫ثابتا دون تغير‪.‬‬
‫‪ ‬نقد نظرية ألارصدة النقدية‪ :‬بالرغم من محاولة نظرية ألارصدة النقدية تفادي أخطاء نظرية كمية‬
‫النقود سيما ثبات سرعة تداول النقود والعالقة التناسبية املباشرة بين كمية النقود واملستوى العام‬
‫لألسعار‪ ،‬وبالرغم من كون النظرية تمثل خطوة إيجابية في مجال التحليل النقدي‪ ،‬إال أنها تعرضت‬
‫أهمها‪2 :‬‬ ‫لعدة انتقادات‬
‫‪ -‬أغفلت النظرية دافع املضاربة كحافز لالحتفاظ بالنقود وبالتالي فقد أخفقت النظرية في تفسير‬
‫إمكانية حصول تغير في كمية النقود املعروضة دون تغيير مقابل مستوى الدخل ألسباب أخرى‬
‫غير التفضيل النقدي لغرض املعامالت‪.‬‬
‫‪ -‬إن إغفال النظر للطلب على النقود لغرض املضاربة قد أدى إلى فشل النظرية في الربط بين نظرية‬
‫الفائدة ونظريات الدخل القومي من خالل تحليلها للطلب على النقود‪.‬‬

‫‪ 1‬طاهر فاضل البياتي‪ ،‬ميرال روحي سمارة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.115-118 :‬‬
‫‪ 2‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.111-115 :‬‬

‫‪07‬‬
‫املحور الثالث ____________________________________________________________________ النظريات النقدية‬

‫‪ -‬عجز النظرية عن التمييز الدقيق بين تغيرات ألاسعار وتغيرات إلانتاج الناجمة عن تغيرات الدخل‪.‬‬
‫‪ -‬أغفلت النظرية تأثير العوامل املرتبطة باالدخار والاستثمار على مستوى الطلب الفعال وتأثير ذلك‬
‫على مستوى النشاط الاقتصادي‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬نظرية تفضيل السيولة لكينز (‪)Keyen’s liquidity preference theory‬‬

‫‪ -1‬نظرية كينز في الطلب على النقود‬


‫يعتبر كثير من علماء الاقتصاد نظرية ''كينز'' بمثابة ثورة حقيقية في الفكر الاقتصادي النقدي‬
‫ألنها قامت على فروض تخالف الفروض التي قامت عليها نظرية الاقتصاديين الكالسيك التي سادت‬
‫لفترة من الزمن‪ ،‬ففي الوقت الذي قررت فيه نظرية الاقتصاديين الكالسيك حيادية النقود‪ ،‬قامت‬
‫نظرية ''كينز'' على أساس أهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه النقود على مستوى الاقتصاد القومي‪،‬‬
‫بمعنى أن التغير في كمية النقود يؤثر بالتبعية على جميع املتغيرات الاقتصادية سواء كانت انتاجا‬
‫الخ‪1.‬‬ ‫استهالكا‪ ،‬ادخارا‪ ،‬استثمارا‪ ،‬عمالة‪....‬‬
‫لقد وضع كينز معادلة عرفت بمعادلة كمية ألارصدة الحقيقية ( ‪The Equation of real quantity‬‬

‫‪ ،2)funds‬يمثل فيها كل من باعثا املعامالت والتحوط وظيفة الوسيط في التبادل ودافع ألامان كمستودع‬
‫مؤقت للقوة الشرائية عند '' فيشر'' ومدرسة كامبردج‪ .‬وبذلك عالج ''كينز'' الطلب على النقود من خالل‬
‫الدوافع املسببة لهذا الطلب‪ ،3‬حيث قرر ''كينز'' أن التغير في املستوى العام لألسعار الناتج عن تغير‬
‫كمية النقود هو مجرد انعكاس ملستوى العمالة‪ ،‬والدخل القومي ولذلك بدأ كينز بتحليل الطلب الكلي‬
‫الاقتصادي‪4.‬‬ ‫الفعال الذي اعتبره املحور ألاساس ي للدخل‪ ،‬وبالتالي التوازن‬
‫وقد أرجع ''كينز'' الطلب على النقود إلى ثالثة عوامل (محددات) هي‪:‬‬
‫‪ )1‬دافع املعامالت (‪ :)Transactions motive‬يستمد باعث املبادالت وجوده من وظيفة النقود كوسيلة‬
‫للتبادل‪ ،‬وهو أكثر الدوافع الثالثة شيوعا للطلب على النقود‪ ،5‬وقد أرجع '' كينز '' هذا الدافع إلى سببين‬
‫هما‪6 :‬‬ ‫(دافعين)‬

‫‪ 1‬حسين بني هاني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.18 :‬‬


‫‪ 2‬طاهر فاضل البياتي‪ ،‬ميرال روحي سمارة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.111 :‬‬
‫‪ 3‬السيد محمد أحمد السريتي‪ ،‬محمد عزت محمد غزالن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.111 :‬‬
‫‪ 4‬حسين بني هاني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.18 :‬‬
‫‪ 5‬ضياء مجيد‪ ،‬الاقتصاد النقدي‪ :‬املؤسسات النقدية‪ ،‬البنوك التجارية‪ ،‬البنوك املركزية‪ ،‬مؤسسة شباب الجامعة‪ ،‬مصر‪ ،8111 ،‬ص‪:‬‬
‫‪.118‬‬
‫‪ 6‬حسين بني هاني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.11-18 :‬‬

‫‪00‬‬
‫املحور الثالث ____________________________________________________________________ النظريات النقدية‬

‫أ‪ -‬دافع الدخل‪ :‬فمن املعلوم أن ألافراد يحصلون على دخولهم في نهاية كل فترة زمنية معينة‪ ،‬لهذا‬
‫ال بد وأن تنقض ي فترة زمنية ما بين تسلم ألافراد لدخولهم‪ ،‬وبين اشباعهم لحاجاتهم ورغباتهم‪،‬‬
‫وبعبارة أخرى أنه يوجد فاصل زمني ما بين استالم الدخل‪ ،‬وانفاقه في صورة إنفاق جار وخالل‬
‫هذا الفاصل الزمني‪ ،‬ال بد لألفراد أن يحتفظوا بمقدار معين من النقود في صورة سائلة لتحقيق‬
‫طلباتهم العاجلة‪.‬‬
‫ب‪ -‬دافع املشروع‪ :‬من املتفق عليه بين علماء الاستثمار أن هناك حدا أدنى من السيولة ال بد وأن‬
‫يحتفظ به املشروع‪ ،‬لكي يستطيع مواجهة النفقات الطارئة والعاجلة وإال فقد املشروع سيولته‪،‬‬
‫وبعبارة أخرى‪ ،‬فإن جميع املشروعات ال بد وأن تحتفظ بجزء من أموالها في صورة سائلة كهامش‬
‫أمان تستطيع أن تحقق عن طريقه توازن هياكلها املالية‪.‬‬
‫‪ )2‬دافع الاحتياط (‪( )percautionary motive‬دافع الحيطة والحذر)‪ :‬يعود هذا الدافع إلى حالة‬
‫الاليقين من ظروف املستقبل التي يمكن أن يتعرض لها ألافراد أو املؤسسات‪ ،‬وعلى ذلك فهم يحتفظون‬
‫بجزء من دخلهم النقدي لهذا الغرض‪ ،1‬فلو افترضنا أن شخصا يفكر في شراء جهاز كمبيوتر‪ ،‬وفي أحد‬
‫ألايام زار معرضا لبيع أجهزة الكمبيوتر‪ .‬الذي أعلن عنى منح خصم مقداره ‪ %81‬من الثمن املكتوب على‬
‫نوع الجهاز الذي يرغبه ويريده ذلك الشخص‪ ،‬فإذا كان ذلك الشخص يملك نقدا جاهزا كاحتياط عند‬
‫حدوث هذا الخصم عندها يمكنه شراء جهاز الكمبيوتر فورا‪ ،‬أما إذا لم يكن لديه رصيد نقدي جاهز‬
‫لالحتياط‪ ،‬فلن يستطيع اغتنام فرصة الخصم وبالتالي شراء الجهاز الذي يريده‪ ،‬باإلضافة إلى ذلك فإن‬
‫ألارصدة النقدية لالحتياط الزمة أيضا للوفاء بقيمة الفواتير التي تأتي إلى الفرد في وقت غير متوقع‪ ،‬مثل‬
‫تصليح سيارة‪ ،‬أو سداد فاتورة عالج في مستشفى‪...‬الخ‪.‬‬
‫ولقد اعتقد كينز أن كمية النقود املطلوبة لالحتياط تتحدد مبدئيا بمستوى املعامالت التي يتوقعها‬
‫ألافراد في املستقبل‪ .‬حيث كان يرى أن هذه املعامالت تتناسب مع الدخل‪ ،‬ولهذا السبب افترض ''كينز''‬
‫النقدي‪2.‬‬ ‫أن الطلب على ألارصدة النقدية لغرض الاحتياط‪ ،‬يرتبط طرديا بالدخل‬
‫‪ )3‬دافع املضاربة (‪ :)speculative motive‬يقصد باملضاربة عملية بيع وشراء ألاوراق املالية من أسهم‬
‫وسندات في أسواق املال بغية الحصول على الربح‪ ،‬الذي يمثل الفرق بين ثمن شراء الورقة املالية وثمن‬
‫السوق‪3 .‬‬ ‫بيعها‪ ،‬حيث يعتمد مقدار الربح على مقدرة املضارب على التنبؤ بأحوال‬

‫‪ 1‬ضياء مجيد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.111 :‬‬


‫‪ 2‬حسين بني هاني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.18 :‬‬
‫‪ 3‬ضياء مجيد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.181 :‬‬

‫‪05‬‬
‫املحور الثالث ____________________________________________________________________ النظريات النقدية‬

‫فقد اعتقد ''كينز'' أن سعر الفائدة يلعب دورا هاما في التأثير على الطلب على النقود كمكون‬
‫للثروة‪ ،‬ولهذا قام بتقسيم ألاصول التي يمكن أن تستخدم كمخزن للثروة إلى نوعين‪" :‬النقود والسندات"‪،‬‬
‫وحيث أن النقود كأصل سائل كامل السيولة ال يدر عائدا ماديا‪ ،‬في حين أن السندات تعطي عائدا ماديا‬
‫يتكون من الفائدة النقدية على السند باإلضافة إلى املكسب الرأسمالي املحتمل من السند املتمثل في‬
‫ارتفاع سعر السند في السوق عن السعر املكتوب على السند (أي الفرق بين سعر السند السوقي وسعر‬
‫هو‪1:‬‬ ‫السند الاسمي)‪ ،‬وكان السؤال الذي سعى ''كينز'' لإلجابة عليه‬
‫ملاذا يقرر ألافراد الاحتفاظ بثرواتهم في شكل نقود بدال من السندات؟‬
‫لقد افترض ''كينز'' أن العائد املتوقع على النقود يساوي صفرا‪ ،‬وكينز يقصد بالنقود التي ال تعطي‬
‫عائدا نقديا أو ماديا تلك النقود التي يكنزها الفرد‪ ،‬كما أن نقود الودائع تحت الطلب ال تعطي فائدة‪،‬‬
‫وال سيما في الزمن الذي عاش فيه ''كينز'' أما العائد على السندات فيتكون من مدفوعات الفائدة‪،‬‬
‫باإلضافة إلى املكسب الرأسمالي املتوقع‪.‬‬
‫من هنا فإنه إذا توقع ألافراد ارتفاع سعر السند السوقي‪ ،‬فانهم سيقومون بشراء سندات اليوم‬
‫بسعر سوقي منخفض‪ ،‬على أمل في بيعها في املستقبل بسعر سوقي مرتفع‪ ،‬وملا كان شراء السندات سيتم‬
‫بالنقود‪ ،‬وحيث أن الفرد سيدفع نقودا لشراء السندات‪ ،‬فان حيازته للنقود اليوم ستنخفض‪ ،‬أي أن‬
‫طلبه على النقود اليوم سينخفض‪.‬‬
‫أما إذا توقع ألافراد انخفاض سعر السند السوقي عن سعر السند الاسمي في املستقبل‪ ،‬فإن معنى‬
‫ذلك أن هناك خسارة رأسمالية ستحل بهم إذا لم يقوموا ببيع ما لديهم من سندات اليوم‪ ،‬ولتالفي تلك‬
‫الخسارة املتوقعة‪ ،‬فإنهم سيقومون ببيع سنداتهم آلان مقابل نقود بمعنى أن حيازتهم للنقود ستزيد‪،‬‬
‫هذا هو املنطق الذي استخدمه ''كينز'' في توضيع العالقة بين سعر الفائدة السوقي والطلب على النقود‪،‬‬
‫وبهذا املنطق صاع ''كينز'' الفرضية التالية‪:‬‬
‫''يرتبط الطلب على النقود ارتباطا عكسيا مع سعر الفائدة فمع ارتفاع سعر الفائدة ينخفض‬
‫الطلب على النقود‪ ،‬ومع انخفاض سعر الفائدة يزيد طلب ألافراد على النقود مع ثبات العوامل‬
‫ألاخرى''‬
‫ولكن ملاذا يسمى الطلب على النقود املرتبط بسعر الفائدة بالطلب على النقود ألغراض املضاربة؟‬
‫الجواب هو أن السبب في تسمية هذا الطلب '' بطلب املضاربة '' يرجع إلى أن ألافراد يحتفظون بجزء‬
‫من ثرواتهم في شكل نقود سائلة لكي يضاربوا على أسعار السندات أي لكي يستفيدوا من املتغير املتوقع‬

‫‪ 1‬حسين بني هاني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.15-18 :‬‬

‫‪05‬‬
‫املحور الثالث ____________________________________________________________________ النظريات النقدية‬

‫في سعر السند السوقي عن سعر السند الاسمي‪ .‬وهذا التغير الذي ينتج بدوره عن تغير سعر الفائدة‬
‫السوقي املتوقع عن سعر الفائدة الاسمي‪ ،‬فاملضارب الذي يتحقق توقعه سيحقق ربحا‪ ،‬واملضارب الذي‬
‫يخطئ توقعه سيحقق خسائر‪ ،‬وفي كلتا الحالتين فإن املضارب ال بد وأن يحتفظ بنقد سائل إلتمام‬
‫عملية املضاربة ملحاولة الاستفادة من تقلبات سعر الفائدة السوقي‪ ،‬من هنا فقد ارتبط الطلب على‬
‫سعر الفائدة‪1.‬‬ ‫النقود لغرض املضاربة بعالقة عكسية مع‬
‫السابق‪2:‬‬ ‫واملثال التالي يوضح املفهوم‬
‫الحالة ألاساسية‪ :‬عند إصدار السند‬
‫سعر السند ‪ 111‬وحدة نقدية‪ ،‬سعر الفائدة ألاسمى ‪ %11‬سنويا‪،‬‬
‫مقدار الفائدة السنوية = ‪ 11‬وحدات نقدية‪.‬‬
‫الحالة ألاولى‪:‬‬
‫إذا انخفض سعر السند في السوق إلى ‪ 51‬وحدة نقدية‪ ،‬في هذه الحالة يكون سعر السند قد‬
‫انخفض إلى النصف‪ ،‬كما أن مقدار عائد الفائدة على السند لن يتغير ويساوي ‪ 11‬وحدات نقدية‪.‬‬
‫‪10‬‬ ‫الفائدة مقدار السنوية‬
‫= ‪%20 = 50‬‬ ‫سعر السند السوقي‬
‫السعر السوقي للفائدة =‬
‫وفي هذه الحالة يصبح سعر الفائدة في السوق ضعف معدل الفائدة الاسمي‪.‬‬
‫الحالة الثانية‪:‬‬
‫إذا ارتفع السعر السوقي للسند للضعف أي إلى ‪ 811‬وحدة نقدية مع بقاء حصول السند على‬
‫عائد الفائدة ثابت مقداره ‪ 11‬وحدات نقدية فإن‪:‬‬
‫‪10‬‬ ‫الفائدة مقدار السنوية‬
‫= ‪%5 = 200‬‬ ‫سعر السند السوقي‬
‫السعر السوقي للفائدة =‬
‫في هذا النموذج يالحظ في الحالة ألاولى أن السعر السوقي للسند قد انخفض إلى النصف وبالتالي‬
‫ارتفع املعدل السنوي للفائدة إلى الضعف‪ ،‬وفي الحالة الثانية عندما ارتفع السعر السوقي للسند إلى‬
‫الضعف‪ ،‬انخفض املعدل السوقي للفائدة إلى النصف‪ ،‬إذن توجد عالقة عكسية بين السعر السوقي‬
‫للسند وسعر الفائدة السوقي‪.‬‬
‫في ضوء ما تقدم‪ ،‬يمكن القول أن تفضيل ألافراد للسيولة من أجل املضاربة‪ ،‬إنما يرتبط أساسا‬
‫بعامل عدم التأكد‪ ،‬وتوقع حدوث تغيرات في أسعار ألاوراق املالية ذات سعر الفائدة الثابت‪ ،‬وسعر‬

‫‪ 1‬حسين بني هاني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.11-15 :‬‬


‫‪ 2‬السيد محمد أحمد السريتي‪ ،‬محمد عزت محمد غزالن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.181-111 :‬‬

‫‪05‬‬
‫املحور الثالث ____________________________________________________________________ النظريات النقدية‬

‫الفائدة السوقي السائد‪ ،‬وإن التحليل الكينزي يقرر أن سعر الفائدة يتحدد بعامل واحد فقط‪ ،‬يتمثل‬
‫في الطلب على النقود ألغراض السيولة النقدية‪ ،‬على الرغم من وجود عوامل أخرى ال تقل أهمية عن‬
‫الدخل‪1.‬‬ ‫الطلب على النقود ألغراض السيولة النقدية في تحديد سعر الفائدة‪ ،‬في مقدمتها‬
‫الجديد الذي قدمه كينز هو وجود منطقة من منحنى طلب النقود ال ينخفض سعر الفائدة بعدها‬
‫مهما زاد البنك املركزي من كمية النقود املعروضة‪ ،‬وأطلق عليها كينز اسم "منطقة مصيدة" أو "فخ‬
‫السيولة" ولكن املتابعة العملية لم ترصد وجود هذه الظاهرة‪ ،‬فأصبحت عبارة عن تصور نظري لحالة‬
‫النقود‪2.‬‬ ‫متطرفة من الطلب على‬
‫‪ ‬غير أن نظرية ''كينز'' لم تخل من الانتقادات التي وجهت إليها من قبل عدد من الباحثين وعلماء‬
‫يلي‪3:‬‬ ‫الاقتصاد‪ ،‬يمكن إيجاز أهمها بما‬
‫‪ -1‬لم يشر ''كينز'' إلى التغيرات في مستوى الدخل التي تؤثر على سعر الفائدة ألنه اعتقد أن سعر الفائدة‬
‫يتحدد بتالقي منحى عرض النقود مع منحى الطلب على النقود ألغراض السيولة‪ ،‬لهذا اعتبر سعر‬
‫الفائدة ظاهرة نقدية في التحليل الكينزي‪ ،‬هذا باإلضافة إلى أن من الصعب تحديد الطلب على‬
‫النقود ألاغراض السيولة‪ ،‬دون معرفة مستوى الدخل الذي يؤثر على الطلب على النقود لألغراض‬
‫املختلفة‪.‬‬
‫‪ -8‬من املعلوم أن طلب ألافراد على النقود بدافع املضاربة يتأثر بسعر الفائدة فيحتفظ ألافراد بأرصدة‬
‫نقدية سائلة عندما تكون أسعار الفائدة منخفضة جدا‪ ،‬ذلك أن تضحية ألافراد نتيجة الحتفاظهم‬
‫بأرصدتهم النقدية في شكل نقدي تكون ضئيلة‪ ،‬نظرا النخفاض سعر الفائدة السوقي‪ ،‬هذا باإلضافة‬
‫إلى أنه عندما تكون أسعار الفائدة منخفضة‪ ،‬فإنه من املتوقع أن تتجه أسعار الفائدة هذه نحو‬
‫الارتفاع‪ ،‬فال يتعرض ألافراد لخسارة رأسمالية بسبب احتفاظهم بالسندات‪ ،‬والعكس صحيح‪ ،‬فإذا‬
‫كان سعر الفائدة مرتفعا‪ ،‬فإن ألافراد يحتفظون بقدر صغير من ثروتهم في صورة نقدية سائلة‪،‬‬
‫ذلك ألن التضحية التي تترتب على احتفاظ ألافراد بنقود سائلة تكون كبيرة‪ .‬خاصة إذا كان سعر‬
‫الفائدة مرتفعا‪ ،‬هذا باإلضافة إلى أنه عندما تكون أسعار الفائدة مرتفعة‪ ،‬فإنه من املتوقع أن تتجه‬
‫هذه ألاسعار نحو الانخفاض‪ ،‬فيحقق ألافراد ربحا رأسماليا من احتفاظهم بالسندات في الوقت‬
‫الحاضر‪ .‬هذه التقلبات في أسعار الفائدة تعود إلى عدة عوامل أهمها؛ إلاجراءات التي تتخذها‬
‫السلطة النقدية حسب ما تقتضيه الظروف الاقتصادية‪.‬‬

‫‪ 1‬حسين بني هاني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.11 :‬‬


‫‪ 2‬السيد محمد أحمد السريتي‪ ،‬محمد عزت محمد غزالن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.181 :‬‬
‫‪ 3‬حسين بني هاني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.18-11 :‬‬

‫‪56‬‬
‫املحور الثالث ____________________________________________________________________ النظريات النقدية‬

‫‪ -1‬لم توضح نظرية "كينز" مستوى سعر الفائدة في ألاجل الطويل‪ ،‬وإنما اكتفت بإيضاح العوامل‬
‫املحددة لسعر الفائدة في ألاجل القصير‪ ،‬وهذا إهمال ألثر الزمن في تحديد سعر الفائدة‪ ،‬وخاصة في‬
‫أسواق الائتمان املصرفي‪( ،‬أي إنها أهملت التفصيل الزمني ‪.)Time Preference‬‬
‫‪ -8‬إن التحليل الكينزي يقرر أن سعر الفائدة يتحدد بعامل واحد فقط‪ ،‬يتمثل في الطلب على النقود‬
‫ألغراض السيولة‪ ،‬في حين توجد عوامل أخرى ال تقل أهمية في تحديد سعر الفائدة‪ ،‬وفي مقدمة‬
‫هذه العوامل "الدخل"‪.‬‬

‫‪ -2‬منهج الكينزيين الجدد "التجديدات" (‪)Post-Keynesin development‬‬


‫رغم نجاح النظرية الكينزية وسيادتها لفترة من الوقت في تفسير دوافع الطلب على النقود عند‬
‫ألافراد والعوامل املحددة لهذا الطلب‪ ،‬إال أن مجموعة من املفكرين الاقتصاديين وعلى رأسهم بومول‬
‫وتوبن قدموا إضافات جوهرية على النظرية الكينزية من خالل توصلهم كل على حدا الى دالة للطلب‬
‫على النقود تبين أن احتفاظ الافراد باالرصدة النقدية ولغايات املبادالت والاحتياط تتأثر بسعر الفائدة‬
‫فقط‪1.‬‬ ‫أيضا وليس كما افترض كينز بالدخل‬
‫‪ -1-2‬تجديد بومول (‪ :)Walium J.Baumol‬توصل بومول إلى دالته حول الطلب على النقود من نظرية‬
‫املخزون (‪ )Inventory Theory‬والتي تفترض أن ألافراد يحتفظون بجزء من أرصدتهم على شكل نقود‬
‫سائلة و الجزء الاخر على شكل ودائع جارية‪ ،‬و أن هذين الشكلين يعبران عن الدوافع التقليدية للطلب‬
‫على النقود و أن الافراد قد ينتقلون من هذين الشكلين للمخزون النقدي الى أشكال اخرى اعتمادا على‬
‫تغير سعر الفائدة أو على ارتفاع الدخل‪ ،‬والذي ليس بالضرورة حسب رأي بومول أن يرتفع معه حجم‬
‫املبادالت التي يجريها ألافراد أو نسبة الارصدة التي يحتفظون بها لغايات الاحتياط‪ ،‬و هذا يعني أن بومول‬
‫قد توصل الى أن الطلب على النقد ألغراض املعامالت و الاحتياط يمكن أن يكون حساسا بالنسبة لسعر‬
‫الفائدة فاذا كان سعر الفائدة مرتفع بشكل جيد و كان دخل الفرد مرتفع أيضا عندها سيقوم ألافراد‬
‫باالحتفاظ بجزء من دخلهم إلجراء املبادالت و لالحتياط و الجزء املتبقي سيتوجه الى الاستثمار‪ ،‬و أن‬
‫دخلهم‪2.‬‬ ‫فترة الاستثمار تتحدد بالنظر الى الطريقة التي يستلم بها هؤالء الافراد‬
‫فعلى سبيل املثال إذا كان فرد يستلم راتب مقداره ‪ 111‬دينار في الشهر فهو سيوزع هذا املبلغ على‬
‫عدد أسابيع الشهر أي ‪ 151‬اسبوعيا واملبلغ املتبقي ‪ 851‬سيستثمره بالسندات و في نهاية ألاسبوع ألاول‬

‫‪ 1‬أكرم حداد‪ ،‬مشهور هذلول‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.118 :‬‬


‫‪ 2‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.112-118 :‬‬

‫‪56‬‬
‫املحور الثالث ____________________________________________________________________ النظريات النقدية‬

‫و بداية ألاسبوع الثاني سيبيع السندات و يأخذ ‪ 151‬دينار اخرى ملصروفه و يبقى ‪ 111‬دينار مستثمرة‬
‫وهكذا لبقية الشهر‪ ،‬ويوضح الشكل التالي آلالية التي يتم بها ذلك‪:‬‬
‫شكل رقم (‪ :)40‬توزيع الدخل الشهري‬
‫الدخل‬
‫‪600‬‬

‫‪500‬‬
‫الاستثمارات في السندات‬
‫‪400‬‬

‫‪300‬‬

‫‪200‬‬

‫‪100‬‬

‫ألاسبوع‬
‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬

‫املصدر‪ :‬أكرم حداد‪ ،‬مشهور هذلول‪ ،‬النقود واملصارف‪ :‬مدخل تحليلي ونظري‪ ،‬دار وائل للنشر والتوزيع‪ ،‬ألاردن‪،‬‬
‫‪ ،8115‬ص‪.112 :‬‬
‫ورغم أن التطبيق العملي سيواجه بصعوبة كبيرة تختلف عن الاقتراض النظري إال أن الدخل‬
‫املرتفع وسعر الفائدة املرتفع سيدفع ألافراد إلى التفكير بذلك‪.‬‬
‫شكل رقم (‪ :)40‬منحنى الطلب على النقد‬
‫‪i‬‬
‫‪i2‬‬
‫‪Md1, Md2‬‬
‫‪i1‬‬

‫غير مرن‬

‫‪Md‬‬
‫املصدر‪ :‬أكرم حداد‪ ،‬مشهور هذلول‪ ،‬النقود واملصارف‪ :‬مدخل تحليلي ونظري‪ ،‬دار وائل للنشر والتوزيع‪ ،‬ألاردن‪،‬‬
‫‪ ،8115‬ص‪.111 :‬‬
‫ويوضح الشكل منحنى الطلب على النقود ألغراض املعامالت والاحتياط كما يراه بومول حيث يوضح‬
‫الشكل مرونة هذا الطلب لسعر الفائدة إذا ارتفعت من ‪ i1‬الى ‪.i2‬‬
‫وبناء على التحليل السابق يمكن تلخيص العوامل املؤثرة في العدد ألامثل للمعامالت في سوق‬
‫كالتالي‪1:‬‬ ‫ألاوراق املالية‪ ،‬مع بقاء العوامل ألاخرى ثابتة‪،‬‬

‫‪ 1‬السيد محمد أحمد السريتي‪ ،‬محمد عزت محمد غزالن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.111 :‬‬

‫‪56‬‬
‫املحور الثالث ____________________________________________________________________ النظريات النقدية‬

‫‪ ‬ارتفاع سعر الفائدة‪ :‬ينقل منحنى العائد الحدي ألعلى مما يزيد من العدد ألامثل للمعامالت على‬
‫ألاوراق املالية‪.‬‬
‫‪ ‬زيادة عمولة تنفيذ املعاملة في سوق ألاوراق املالية‪ :‬ويؤدي إلى رفع التكاليف الحدية وخفض‬
‫العدد ألامثل للمعامالت على ألاوراق املالية‪.‬‬
‫‪ -2-2‬تجديد توبن (‪ :)James Tobin‬لقد كانت مساهمة توبن في النظرية الكينزية محاولة منه في ربط‬
‫الاقتصاد النقدي باالقتصاد الحقيقي و في محاولة منه لسد بعض ثغرات الطلب على النقود في النظرية‬
‫الكينزية‪ ،‬فحاول تفسير هذا الطلب على أساس اختالف املوازنة بين العوائد و املخاطر بين املضاربين‬
‫وتسمى نظريته بنظرية التوازن العام للمحفظة الاستثمارية ( ‪the general equilibrium portfolio‬‬
‫‪1.)theory‬‬

‫حيث يتكون الطلب على النقود لغرض التحوط نتيجة لظهور عنصر عدم التأكد في شأن تمويل‬
‫املعامالت الطارئة خالل فترة الدخل (الشهر في مثالنا) باإلضافة إلى ظهور عنصر املخاطرة في عائد وقيمة‬
‫ألاصول املالية‪ ،‬مع مخاطر تدهور القوة الشرائية للنقود عند استخدامها كمستودع مؤقت للقوة‬
‫الشرائية‪ ،‬وعادة ما يميل سلوك الفرد إلى مساواة دخله مع انفاقه في السنة وليس الشهر‪ ،‬ففي بعض‬
‫شهور السنة يظهر فائض رصيد نقدي عنده نتيجة لتجاوز دخله إلنفاقه الشهري‪ ،‬وفي شهور أخرى‬
‫يظهر عجز في الرصيد النقدي نتيجة لتجاوز الانفاق للدخل الشهري ولكن عادة ما يتساوى دخل الفرد‬
‫السنوي‪2.‬‬ ‫السنوي مع انفاقه‬
‫وقد جاءت اضافته ردا على فتراض كينز أن الافراد إما أن يحتفظوا بنقد أو سندات فقط وبدال‬
‫من ذلك أوضح أن الافراد قد يحتفظون بنقد أو سندات في آن معا كما أنهم قد يحتفظون بالسلع‪ ،‬وأن‬
‫الفرد ال يهتم بالعائد فقط وإنما عليه أيضا أن يهتم باملخاطر فهم يريدون العائد باإلضافة إلى تقليل‬
‫املخاطر من خالل التنويع بين النقد والسندات والسلع‪ ،‬فإذا كانت التضحية بالعوائد مقابل تخفيض‬
‫املخاطر أكبر مما يرغب به ألافراد فسيزيد في هذه الحالة طلبه على السندات ويقل على النقود والعكس‬
‫صحيح‪3.‬‬

‫إال أن نظريته لم تسلم هي ألاخرى من الانتقاد والذي تجسد في السؤال الذي لم يجب عنه توبن‬
‫وهو‪ :‬ملاذا يحتفظ الافراد بالنقد وال يحتفظون مثال بأذونات الخزينة علما بأن عليها عائدا ومخاطرها‬
‫منخفضة؟‬

‫‪ 1‬أكرم حداد‪ ،‬مشهور هذلول‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪111 :‬‬


‫‪ 2‬السيد محمد أحمد السريتي‪ ،‬محمد عزت محمد غزالن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.115 :‬‬
‫‪ 3‬أكرم حداد‪ ،‬مشهور هذلول‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.181-111 :‬‬

‫‪56‬‬
‫املحور الثالث ____________________________________________________________________ النظريات النقدية‬

‫ثالثا‪ :‬النظرية الكمية الحديثة "تحليل ملتون فريدمان"‬


‫(‪:)Modern Quantity Theory Of Money‬‬

‫تسمى أحيانا أخرى بنظرية مدرسة شيكاغو (‪ )Chicago School‬ويتزعمها الاقتصادي ألامريكي‬
‫( ‪the quantity theory of‬‬ ‫املعاصر (‪ )Milton Friedman‬والذي نشر نظريته هذه في مقالته املشهورة‬
‫‪ ،)money‬حيث تبنى فريدمان التحليل الكالسيكي في نظريته للطلب على النقود و لكن بتمعن وشمولية‬
‫أكثر فرضتها التطورات الاقتصادية والاجتماعية منذ عهد الكالسيك كما أنه لم يهمل التحليل الكينزي‬
‫بل أخذ ببعض جوانبه‪ ،1‬وظهرت هذه النظرية بعد عشرين ً‬
‫عاما من ظهور النظرية العامة "لكينز" وكانت‬
‫ً‬
‫أساسا إلى وضع الحلول الكفيلة للتخفيف من حدة التضخم بعدما فشلت نظرية "كينز" في عالج‬ ‫تهدف‬
‫الظاهرة‪2.‬‬ ‫هذه‬
‫لقد أشار فريدمان إلى أن هنالك خمس أشكال مختلفة يمكن أن يحتفظ من خاللها ألافراد‬
‫يلي‪3:‬‬ ‫بالثروة‪ ،‬كما‬
‫‪ .1‬النقود (‪.)Money‬‬
‫‪ .8‬ألاذونات أو سندات الخزينة )‪.)Bonds‬‬
‫‪ .1‬سندات امللكية )‪.)Equities‬‬
‫‪ .8‬السلع املادية غير البشرية )‪)Physical non – human goods‬‬
‫‪ .5‬رأس املال البشري )‪.)Human capital‬‬
‫وقد تناول فريدمان الطلب على النقود كأصل في حافظة الثروة الفردية لدى أفراد القطاع العائلي‬
‫باعتبارهم الحائزين النهائيين لهذه الثروة‪ ،‬وكأصل في حافظة رأس املال لدى أفراد ومؤسسات القطاع‬
‫الانتاجي‪ .‬ومهد فريدمان لطرح نظريته في الطلب على النقود بالتساؤل عن سبب احتفاظ ألافراد‬
‫واملؤسسات بالنقود‪ ،‬وكانت إجابته أن احتفاظ ألافراد بالنقود يعود العتبارها أصل السيولة الذي يؤدي‬
‫الوظائف التقليدية للنقود‪ ،‬واحتفاظ مؤسسات الانتاج بالنقود كونه أحد أشكال رأس املال املستخدم‬
‫في العملية الانتاجية‪ .‬وشملت دالة الطلب على النقود أهم العوامل املفسرة لسلوك الطلب على النقود‬
‫املال‪4.‬‬ ‫كأصل في حافظة الثروة وفي حافظة رأس‬

‫‪ 1‬أكرم حداد‪ ،‬مشهور هذلول‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.181 :‬‬


‫‪ 2‬حسين بني هاني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.12 :‬‬
‫‪ 3‬طاهر فاضل البياتي‪ ،‬ميرال روحي سمارة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.181 :‬‬
‫‪ 4‬السيد محمد أحمد السريتي‪ ،‬محمد عزت محمد غزالن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.111-112 :‬‬

‫‪56‬‬
‫املحور الثالث ____________________________________________________________________ النظريات النقدية‬

‫‪ -1‬الطلب على النقود عند حائزي الثروة النهائيين‬


‫يرى "ملتون فريدمان" أن الطلب على النقود عند حائزي الثروة النهائيين‪ ،‬يعتمد على أربع متغيرات‬
‫هي‪1:‬‬

‫‪ -1-1‬الثروة الكلية‪ :‬فقد رأى "فريدمان" أن طلب حائزي الثروة النهائيين على ألارصدة النقدية الحقيقية‪،‬‬
‫يعتمد على مقدار الثروة الكلية املتاحة لهم‪ .‬وأن مقدار الثروة الكلية‪ ،‬هو مقدار معين ثابت في نقطة‬
‫ً‬
‫مفروضا على حائزي الثروة عند توزيع هذه الثروة بين‬ ‫زمنية معينة‪ ،‬ومن ثم فإن ذلك املقدار يمثل ً‬
‫قيدا‬
‫عناصرها املختلفة‪ ،‬وبالتالي اعتقد "فريدمان" أن الثروة الكلية قيد يناظر قيد امليزانية‪ ،‬وقد ّ‬
‫عرف‬
‫"فريدمان" الثروة الكلية بأنها املقدار الكلي الذي يقسم بين أشكال مختلفة لألصول التي يقبل حائزي‬
‫الثروة على حيازتها‪ ،‬إال أنه من املعلوم أن تقديرات الثروة الكلية ناد ًرا ما تكون متاحة‪ ،‬ولهذا ما هو‬
‫ّ‬
‫الدخل الذي يمكن أن يستخدم كمؤشر للثروة؟‪ ،‬ميز "فريدمان" بين الدخل الدائم ( ‪Permanent‬‬

‫‪ )Income‬والدخل الجاري (‪ .)Current Income‬إال أن الدخل الجاري كما يقيمه إلاحصائيون‪ ،‬ينطوي‬
‫ً‬
‫على عيب كمقياس للثروة‪ ،‬ألن الدخل الجاري معرض لتقلبات شاذة وغريبة من سنة إلى أخرى‪ ،‬فضال‬
‫عن أنه دخل يقاس لألجل القصير‪ ،‬ومن ثم يتطلب استخدام الدخل الجاري كمؤشر أو بديل للثروة‬
‫فكرة طويلة ألاجل لهذا الدخل وهذا بالفعل ما فعله "فريدمان"‪ .‬أما الدخل الدائم‪ ،‬فهو القيمة املتوقع‬
‫الحصول عليه من وراء الثروة في ألاجل الطويل‪ ،‬ومن ثم فإن الدخل الدائم‪ ،‬هو دخل متوسط يحسب‬
‫ً‬
‫اعتمادا على الدخول الجارية التي تأتي من عناصر الثروة املختلفة‪ ،‬وهو ال يتقلب من عام إلى آخر‪ .‬وإذا‬
‫ً‬
‫انخفاضا) يكون أقل من معدل تغير الدخل الجاري‪ .‬وبهذا يكون‬ ‫تقلب‪ ،‬فإن معدل تغيره (ار ً‬
‫تفاعا أو‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫صالحا الستخدامه مؤشرا للثروة‪،‬‬ ‫الدخل الدائم دخال يتميز باالستقرار‪ .‬وهذا الاستقرار‪ ،‬هو ما يجعله‬
‫وعلى هذا فإن طلب حائزي الثروة النهائيين على ألارصدة النقدية الحقيقية يتوقف على مستوى الدخل‬
‫الدائم الذي يحصلون عليه من وراء هذا الثروة‪.‬‬
‫‪ -2-1‬تقسيم الثروة بين بشرية وغير بشرية‪ :‬فقد رأى "فريدمان" أن حائزي ألاصول (الثروة) يمتلكون‬
‫ئيسيا‪ ،‬يتمثل في قدراتهم الشخصية في الحصول على دخل وهذا ما ّ‬‫أساسيا ر ً‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫يعبر عنه باملقدرة‬ ‫أصال‬
‫الشخصية على اكتساب الدخل‪ ،‬وهذه املقدرة هي ثروة بشرية تختلف عن عناصر الثروة غير البشرية‪،‬‬
‫مثل ألاراض ي واملباني وآلاالت‪ .‬ويمكن استخدام القدرة الشخصية على اكتساب الدخل كمؤشر للثروة‬
‫البشرية وهذا الدخل هو الذي يمكن الفرد من حيازة مقدار معين من النقود كأصل سائل كامل السيولة‪،‬‬
‫ً‬
‫إشباعا كبقية السلع التي يقتنيها الفرد‪ .‬وكلما كانت القدرة الشخصية (مقدار الثروة البشرية) على‬ ‫يعطي‬

‫‪ 1‬حسين بني هاني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.118-11 :‬‬

‫‪57‬‬
‫املحور الثالث ____________________________________________________________________ النظريات النقدية‬

‫اكتساب الدخل مرتفعة زاد الطلب على النقود كأصل ضمن عناصر الثروة‪ ،‬أو ضمن عناصر محفظة‬
‫أصول الفرد‪ ،‬ولهذا كانت الثروة البشرية التي يقتنيها حائزو الثروة النهائيين هي إحدى محددات الطلب‬
‫على النقود‪ ،‬إال أن تحويل الثروة البشرية إلى ثروة غير بشرية أو العكس قد يتم في حدود ضيقة ً‬
‫نظرا‬
‫لوجود قيود تحد من هذا التحويل‪ .‬ومن أوضح ألامثلة على تحويل الثروة البشرية إلى ثروة غير بشرية‬
‫(مادية)‪ ،‬قيام الفرد باستخدام قدرته على الكسب في الحصول على دخل يستخدم في شراء ثروة غير‬
‫بشرية (ألاراض ي‪ ،‬املباني‪ ،‬آلاالت‪ ... ،‬الخ)‪ ،‬في هذه الحالة يتم تحويل الثروة البشرية إلى ثروة غير بشرية‬
‫(مادية)‪ ،‬إال أن هذا التحويل لم يتم بال حدود لوجود قيود مؤسسية تمنع ألافراد من اقتناء سلع معينة‪،‬‬
‫ً‬
‫أو شراء عقارات في أماكن معينة (كاملوانئ البحرية مثال)‪ ،‬أو شراء طائرات مقاتلة ويمكن للفرد أن‬
‫يستخدم الثروة غير البشرية لتمويل اكتساب املهارة واملقدرة الشخصية العالية‪ .‬فلو قام فرد ببيع جزء‬
‫من ألارض التي يملكها لتمويل عملية تعليمه الجامعي أو تدريبه في الخارج‪( ،‬نتوقع من الفرد أن يبقي على‬
‫جزءا من ثروته في شكل‬‫جزء من أرضه الستمرار عملية التدريب أو التعليم)‪ .‬وبهذا سنجد أن لدى الفرد ً‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وجزءا آخر في شكل غير بشري (ألاراض ي واملباني)‪ ،‬هذا‬ ‫بشري‪ ،‬متمثال في قدرته الشخصية على الكسب‪،‬‬
‫الخليط من الثروة لدى حائزي الثروة النهائيين‪ ،‬يحدد طلب الفرد على ألارصدة النقدية الحقيقية‪ ،‬إال‬
‫أنه ً‬
‫نظرا النخفاض قابلية الثروة البشرية‪ ،‬للبيع في السوق‪ ،‬فإن ارتفاع نسبة الثروة البشرية إلى الثروة‬
‫غير البشرية في محفظة أصول الفرد‪ ،‬يصاحبه زيادة في الطلب على النقود‪.‬‬
‫‪ -3-1‬العوائد املتوقعة على النقود وألاصول ألاخرى‪ :‬فاملعدل إلاسمي للعائد على العملة التي نحملها في‬
‫جيوبنا أو العائد على الودائع تحت الطلب‪( ،‬حيث يتم دفع تكاليف خدمات البنك) يكون ً‬
‫سالبا‪ ،‬وقد‬
‫ً‬
‫موجبا إذا كان البنك‬ ‫يكون املعدل إلاسمي للعائد على النقود املوجودة في حساب الودائع تحت الطلب‬
‫يدفع فائدة على الودائع تحت الطلب‪ .‬ومعدل العائد إلاسمي هو مقدار ما يحصل عليه الشخص من‬
‫ً‬
‫(مقوما بالنقود) أما معدل العائد‬ ‫ً‬
‫مقسوما على القيمة إلاسمية لألصل‬ ‫دخل (فائدة) من وراء النقود‪،‬‬
‫إلاسمي على ألاصول ألاخرى‪ ،‬فيمكن تقسيمه إلى قسمين‪:‬‬
‫‪ -‬عائد أو تكلفة تدفع ً‬
‫حاليا مثل الفائدة على السند أو الربح املوزع على السهم وتكاليف تخزين‬
‫ألاصول الطبيعية‪.‬‬
‫‪ -‬التغيرات في ألاسعار إلاسمية للسلع‪ ،‬وهذا الجزء له أهمية خاصة في ظل ظروف التضخم‪.‬‬
‫ً‬
‫مقسوما على السعر إلاسمي‬ ‫ومجموع العائد إلاسمي على ألاصل ‪ +‬التغير في سعر ألاصل إلاسمي‬
‫لألصل يسمى "معدل العائد"‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫املحور الثالث ____________________________________________________________________ النظريات النقدية‬

‫أما بالنسبة إلى النقود‪ ،‬فإن معدل العائد عليها يساوي؛ معدل الفائدة على النقود ‪ +‬معدل التغير‬
‫في القوة الشرائية للنقود‪.‬‬
‫ً‬
‫صفرا‪ ،‬باإلضافة إلى أن‬ ‫فإذا كان املقصود بالنقود‪ ،‬وحدات العملة‪ ،‬فإن معدل الفائدة يساوي‬
‫ً‬
‫وموجبا في حالة ميل ألاسعار‬ ‫معدل التغير في القوة الشرائية للنقود يكون سالبا في حالة التضخم‪،‬‬
‫لالنخفاض‪ ،‬وبهذا يمكن القول أن‪ :‬معدل العائد على وحدات العملة = صفر ‪ +‬مقدار سالب = مقدار‬
‫سالب‪ ،‬وهذا يكون في حالة التضخم‪.‬‬
‫أما في حالة ميل ألاسعار لالنخفاض فإن‪ :‬معدل العائد على وحدات العملة = صفر ‪ +‬مقدار موجب‬
‫= مقدار موجب‬
‫وبما أن معدل العائد على وحدات العملة يكون ً‬
‫سالبا في حالة التضخم فإن الذي يتبادر إلى‬
‫الذهن أن هذا سيؤدي إلى انخفاض الطلب على النقود كأصل‪ ،‬وكجزء من الثروة في محفظة ألاصول‪.‬‬
‫ً‬
‫صحيحا بالتأكيد ملاذا؟‬ ‫ولكن هذا ليس‬
‫ً‬
‫الجواب هو أنه لو أخذنا مثال السندات كأصل بديل للنقود‪ ،‬فإنه حالة التضخم سيميل سعر‬
‫الفائدة إلى الارتفاع‪ ،‬فينخفض بالتالي السعر السوقي للسندات‪ ،‬ألامر الذي يسبب خسارة رأسمالية لحائز‬
‫السند إذا أقدم على بيعه‪ ،‬وقد تفوق الخسارة الرأسمالية الفائدة إلاسمية التي حصل عليها حامل‬
‫السند‪ .‬مما يجعل معدل العائد على السند ً‬
‫سالبا بمقدار يفوق معدل العائد السالب على النقود‪ ،‬ومن‬
‫هنا فإن الطلب على النقود يفضل الطلب على السندات‪ ،‬كما أن السهم قد ال يعطي حامله أي ربح‪،‬‬
‫ً‬
‫صفرا‪ ،‬فإذا كانت قيمة السهم السوقية تميل‬ ‫ومن ثم يصبح مقدار العائد إلاسمي على السهم يساوي‬
‫ً‬
‫موجبا‪ ،‬ويصبح بالتالي معدل العائد على‬ ‫ً‬
‫أسماليا‬ ‫إلى الارتفاع‪ ،‬فإن السهم يحقق لحامله عند بيعه ر ً‬
‫بحا ر‬
‫ً‬
‫موجبا‪ ،‬وفي هذه الحالة يفضل ألافراد حيازة ألاسهم على حيازة النقود ألن معدل العائد على‬ ‫السهم‬
‫سالبا في حالة التضخم‪ ،‬والعكس‬‫ً‬ ‫السهم موجب‪ ،‬وأكثر من معدل العائد على النقود (الذي يكون‬
‫صحيح)‪.‬‬
‫وعلى الرغم من أن منهج التحليل سالف الذكر واضح ويؤدي إلى نتيجة مفادها أن ارتفاع معدل‬
‫الفائدة على السندات‪ ،‬ومعدل الربح املوزع على ألاسهم‪ ،‬سيؤدي إلى انخفاض الطلب على النقود‪ .‬إال‬
‫أن "فريدمان" لم يرغب في الوصول إلى هذه النتيجة‪ ،‬ألنه كان يريد التوصل إلى نفس النتيجة التي انتهى‬
‫إليها "آرفنج فيشر" وهي أن سعر الفائدة ال يؤثر على الطلب على النقود‪ ،‬وبعبارة أخرى أن الطلب على‬
‫النقود غير حساس للتغير في سعر الفائدة‪ ،‬ولكي يصل "فريدمان" إلى نفس النتيجة التي انتهى إليها "آرفنج‬
‫فيشر" فإنه وضع الافتراض التالي‪:‬‬

‫‪55‬‬
‫املحور الثالث ____________________________________________________________________ النظريات النقدية‬

‫ً‬
‫بديال ً‬
‫قريبا للقيمة الحالية للثروة البشرية والقيمة الحالية لثروة أفراد القطاع املنزلي‬ ‫تعتبر النقود‬
‫ً‬
‫بديال ً‬
‫قريبا لألصول ألاخرى كالسندات‪.‬‬ ‫(السلع الاستهالكية املعمرة)‪ ،‬لكنها ليست‬
‫وعليه فإن الفائدة على السندات ذات تأثير ضئيل ً‬
‫جدا على الطلب على النقود‪ ،‬وحيث أن سعر‬
‫الفائدة أو معدل العائد على رأس مال قطاع ألاعمال وألاصول املالية غير النقدية‪( ،‬وهي ألاصول التي‬
‫اعتبرت أكثر أهمية عند "كينز")‪ ،‬هي متغيرات غير مشاهدة‪ ،‬فإن الدخل النقدي الدائم‪ ،‬أو الدخل‬
‫الحقيقي الدائم‪ ،‬ومستوى ألاسعار‪ ،‬هي املتغيرات الرئيسية التي تشرح الطلب على النقود‪ ،‬وأن مستوى‬
‫ألاسعار‪ ،‬ومعدل التغير فيه‪ ،‬يعكس العائد على اقتناء السلع الطبيعية التي تتغير أسعارها مع التضخم‪.‬‬
‫‪ -0-1‬متغيرات أخرى محددة للمنفعة املرتبطة بالخدمات التي تؤديها النقود بالنسبة للمنافع التي‬
‫تؤديها ألاصول ألاخرى‪ :‬وهذه املتغيرات مرتبطة بخاصية السيولة التي أشار إليها "كينز" وأهم هذه‬
‫املتغيرات ما يلي‪:‬‬
‫ً‬
‫حقيقيا أو ثروة حقيقية‪،‬‬ ‫‪ ‬الخدمات التي تؤديها النقود‪ :‬فهل الخدمات التي تؤديها النقود ّ‬
‫تعد دخال‬
‫طاملا أن تلك الخدمات تعتبر من حيث املبدأ ضرورية لحائز ألاصول مثلها‪ ،‬مثل الخبز‪ ،‬وفي هذه‬
‫الحالة تكون مرونة الطلب الدخلية على النقود أقل من الواحد الصحيح (طلب غير مرن)‪ ،‬حيث‬
‫يزيد الطلب على خدمات النقود بنسبة أقل من نسبة الزيادة في الدخل‪ ،‬وإذا اعتبرت الخدمات‬
‫التي تؤديها النقود خدمات كمالية مثلها مثل سلع الترفيه كالعطور فإنه في هذه الحالة يزيد الطلب‬
‫عليها بنسبة أكبر من نسبة الزيادة في الدخل‪.‬‬
‫متغيرا آخر يحتمل أن يكون ً‬
‫هاما من الناحية التجريبية‪ :‬وهو‬ ‫ً‬ ‫‪ ‬يرى بعض الاقتصاديين أن هناك‬
‫ً‬
‫اهتماما ً‬ ‫ً‬
‫كبيرا لعامل السيولة‪ ،‬أي‬ ‫درجة الاستقرار املتوقع أن تسود مستقبال‪ ،‬فقد يعطي الفرد‬
‫اهتماما لقدرته على بيع مكونات محفظة أصوله في السوق بسرعة وبدون خسائر (أي يعطي‬ ‫ً‬ ‫يعطي‬
‫ً‬
‫اهتماما لقدرته على بيع مكونات محفظة أصوله مقابل النقود)‪ ،‬وهذا الاهتمام يزداد إذا توقع‬
‫الفرد سيادة عدم الاستقرار الاقتصادي‪ ،‬إال أن هذا املتغير من الصعب التعبير عنه ً‬
‫كميا‪ ،‬حتى ولو‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫واضحا‪ ،‬فمثال إن نشوب حرب ينجم عنه توقع استقرار ألاسعار‬ ‫كان اتجاه تغير النشاط الاقتصادي‬
‫بعد أن تضع الحرب أوزارها‪ ،‬ألامر الذي يفسر لنا ملاذا يترتب على الحرب زيادة ملحوظة في الطلب‬
‫على ألارصدة النقدية الحقيقية لالحتفاظ بها‪ ،‬ومن ثم انخفاض سرعة دوران النقود‪.‬‬
‫‪ ‬حجم التحويالت الرأسمالية املوجودة في حوزة حائزي الثروة النهائيين‪ :‬فكلما ارتفع معدل دوران‬
‫السلع الرأسمالية (أي قصرت فترة مبادلتها بالنقود أو بسلع أخرى) ارتفعت نسبة النقود في‬

‫‪55‬‬
‫املحور الثالث ____________________________________________________________________ النظريات النقدية‬

‫محفظة ألاصول (أي زاد الطلب على النقود)‪ ،‬وهذا املتغير من املتغيرات التي أهملت في نظرية‬
‫كمية النقود التي تمت صياغتها على يد "فيشر"‪.‬‬

‫‪ -2‬الطلب على النقود من قبل مؤسسات ألاعمال‬


‫يقصد بمؤسسات ألاعمال‪ ،‬كافة أشكال املنشآت التي تقوم بإنتاج سلعة‪ ،‬أو تقديم خدمة‪ ،‬ويكون‬
‫هدفها تحقيق أقص ى ربح ممكن‪ ،‬وعندما بحث "ملتون فريدمان" طلب مؤسسات ألاعمال على النقود‬
‫قرر أن مؤسسات ألاعمال ال تخضع لقيد الثروة الكلية الذي يخضع له حائزي ألاصول النهائيين‪ ،‬ألن‬
‫الكمية الكلية من رأس املال املتجسد في ألاصول إلانتاجية وبما فيها النقود هي متغيرات يمكن أن تحصل‬
‫عليها املؤسسة لتعظيم عوائدها طاملا أن بإمكانها أن تحصل على رأس املال‪ ،‬ولذلك رأى "ملتون فريدمان"‬
‫ً‬
‫مؤشرا للثروة الكلية وكمتغير‬ ‫ً‬
‫مقياسا أو‬ ‫أنه ال يوجد مبرر أو سبب العتبار الثروة الكلية أو الدخل الدائم‬
‫ألاعمال‪1.‬‬ ‫في دالة الطلب على النقود بواسطة مؤسسات‬
‫وقد اعتبر "كينز" أنه قد يكون من املرغوب فيه إدخال متغير مماثل لقيد الثروة الكلية (والذي‬
‫يتم التعبير عنه بالدخل الدائم) في دالة الطلب على النقود بواسطة مؤسسات ألاعمال وهذا التعبير هو‬
‫حجم املنشأة‪ ،‬والذي يتحدد على أسس مختلفة‪ ،‬وبالتحديد كمؤشر لقيمة إنتاجية وحدة النقود‪ ،‬عند‬
‫مختلف كميات النقود املتاحة للمؤسسة‪ ،‬وبهذا يكون املتغير املناسب في هذه الحالة هو املعامالت الكلية‬
‫والقيمة املضافة الصافية والدخل الصافي ورأس املال الكلي في صورة غير نقدية (صافي حقوق امللكية)‪،‬‬
‫إال أن قصور البيانات قد يفسر قلة التقديرات التي أجريت بالنسبة لدالة طلب مؤسسات ألاعمال‬
‫وحائزي الثروة النهائيين‪ ،‬وبهذا يصبح هناك عدم وضوح بالنسبة ألفضل املتغيرات الواجب إدخالها في‬
‫دالة الطلب على النقود ملؤسسات ألاعمال‪ ،‬ومن الجدير بالذكر أن تقسيم الثروة إلى ثروة بشرية وغير‬
‫مناسبا ملؤسسات ألاعمال‪ ،‬ألن مؤسسات ألاعمال تستطيع شراء خدمات الثروة البشرية‪،‬‬‫ً‬ ‫بشرية ليس‬
‫السوق‪2.‬‬ ‫وخدمات الثروة غير البشرية من‬
‫أما مقارنة معدل العائد على النقود بمعدل العائد على ألاصول البديلة فهو مالئم غاية املالءمة‬
‫كمتغير يحدد املقدار الذي يجب على مؤسسات ألاعمال أن تحوزه من النقود (أي املقدار الذي تطلبه‬
‫من النقود)‪ ،‬فمعدالت العائد على ألاصول البديلة للنقود تحدد التكلفة الصافية التي تتحملها مؤسسات‬
‫ألاعمال نتيجة حيازة مقدار معين من النقود‪ ،‬إال أن معدالت العائد على الاصول البديلة‪ ،‬والتي تعتبر‬

‫‪ 1‬أحمد عبد الفتوح علي الناقة ‪ ،‬نظرية النقود وألاسواق املالية‪ :‬مدخل حديث للنظرية النقدية وألاسواق املالية‪ ،‬مكتبة إلاشعاع‪،‬‬
‫مصر‪ ،8111 ،‬ص ص‪.821-825 :‬‬
‫‪ 2‬حسين بني هاني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.115 :‬‬

‫‪55‬‬
‫املحور الثالث ____________________________________________________________________ النظريات النقدية‬

‫ً‬
‫مالئمة بالنسبة لحائزي الثروة النهائيين تختلف عن تلك املالئمة بالنسبة ملؤسسات ألاعمال‪ ،‬فمثال تعتبر‬
‫ً‬
‫متغيرا ذا أهمية ضئيلة‬ ‫معدالت الفائدة على القروض التي تتقاضاها البنوك من مؤسسات ألاعمال‬
‫بالنسبة لحائزي الثروة النهائيين إال أن معدالت الفائدة على القروض غاية في ألاهمية بالنسبة ملؤسسات‬
‫ألاعمال‪ ،‬ألن قروض البنوك تمثل إحدى الطرق التي تستخدمها مؤسسات ألاعمال لحيازة رأس املال‬
‫نقدية‪1.‬‬ ‫املتجسد في شكل أرصدة‬

‫‪ -3‬معادلة الطلب على النقود‬


‫التالية‪2:‬‬ ‫عبر "فريدمان" عن الطلب على النقود كأرصدة حقيقية بالصيغة‬
‫𝑑𝑀‬
‫)‪= f(yp ,rb-rm ,re-rm ,πe-rm , h-rm‬‬
‫‪P‬‬
‫‪+‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬
‫𝑑𝑀‬
‫= الطلب على النقود كأرصدة حقيقية‪.‬‬ ‫‪P‬‬
‫حيث أن‬
‫‪ = yp‬الثروة (يعبر عنها بالدخل الدائم وهو التعبير عن الثروة الفردية التي تتغير بالتغيرات التي تحصل في‬
‫الدخل وهو متوسط الدخل املتوقع في ألامد الطويل)‪.‬‬
‫‪ = rb‬العوائد املتوقعة من السندات‪.‬‬ ‫‪ =rm‬العوائد املتوقعة من النقود‪.‬‬
‫‪ = πe‬معدل التضخم املتوقع‪.‬‬ ‫‪ =re‬العوائد املتوقعة من ألاسهم‪.‬‬
‫‪ = h‬الثروة البشرية‪.‬‬

‫و تدل الاشارة املوجبة الى العالقة الطردية كما تدل الاشارة السالبة الى العالقة السلبية‪.‬‬

‫ومن املعادلة السابقة يتضح أن الطلب على ألارصدة النقدية الحقيقية يعتمد على العائد املتوقع‬
‫من السندات وألاسهم مقارنة بالعائد على النقود‪ ،‬وأن الطلب على النقود يرتبط بعالقة عكسية مع‬
‫العائدين على الطلب‪ ،‬فإذا ارتفع العائد على ألاسهم والسندات مقارنة بالعائد على النقود‪ ،‬ارتفعت‬
‫تكلفة الفرصة البديلة لالحتفاظ باألرصدة النقدية فينخفض الطلب عليها‪ ،‬كما يؤثر (‪ )π‬الذي يمثل‬
‫معدل التضخم املتوقع مقارنة بالعائد على النقود (‪ )rm‬تأثيرا عكسيا في الطلب على النقود‪ ،‬فعندما‬
‫يرتفع معدل التضخم املتوقع فهذا يعني انخفاض القوة الشرائية للنقود مما يؤدي إلى انخفاض الطلب‬
‫ألاخرى‪3.‬‬ ‫عليها ويزداد الطلب على السلع‬

‫‪ 1‬أحمد عبد الفتوح علي الناقة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.828-821 :‬‬
‫‪ 2‬أكرم حداد‪ ،‬مشهور هذلول‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.181-181 :‬‬
‫‪ 3‬طاهر فاضل البياتي‪ ،‬ميرال روحي سمارة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.181 :‬‬

‫‪56‬‬
‫املحور الثالث ____________________________________________________________________ النظريات النقدية‬

‫ومع ذلك يعود فريدمان ليقرر أن السندات وألاسهم ليست بدائل قريبة للنقود وبالتالي فإن‬
‫العائد على السندات وألاسهم ليس له تأثير كبير على الطلب على النقود‪ ،‬وبالتالي يخلص إلى النتيجة التي‬
‫أسعار الفائدة‪1.‬‬ ‫مفادها أن الطلب على النقود غير حساس للتغير في‬

‫‪ -0‬الاختالفات بين النظرية الكينزية والنظرية الكمية الحديثة‬


‫كالتالي‪2:‬‬ ‫هناك عدة اختالفات بين النظرية الكينزية ونظرية فريدمان يمكن تلخيصها‬
‫‪ -‬أضاف فريدمان حزمة ألاصول املالية شاملة السندات وألاسهم وألاصول الحقيقية والثروة‬
‫البشرية كأصول بديلة أو مكملة في دالة الطلب على ألارصدة النقدية الحقيقية في شكل عائد كل‬
‫أصل بالنسبة إلى عائد النقود‪ ،‬واقتصرت دالة الطلب على النقود عند كينز على سعر الفائدة على‬
‫السندات باعتباره ممثل جيد ألسعار الفائدة على ألاصول البديلة للنقود‪.‬‬
‫‪ -‬افترض كينز ثبات سعر الفائدة على السندات‪ ،‬بينما افترض فريدمان تغير العائد املتوقع من‬
‫النقود بسبب ارتباط حركة أسعار الفائدة على أشكال الائتمان املصرفي بربحية املصارف في نفس‬
‫الاتجاه‪ ،‬وذلك نظرا لوجود درجة عالية من التنافس بين الوحدات املصرفية سواء في عملية‬
‫جذب الودائع أو في عملية تقديم القروض والسلفيات والتسهيالت الائتمانية‪ .‬إن وجود سقف‬
‫قانوني ألسعار الفائدة في هذه الصناعة ال يؤدي إلى الحد من شدة املنافسة‪ ،‬نظرا اللتفاف البنوك‬
‫حول هذا القيد بالتميز في تقديم الخدمات املصرفية لعمالئها سواء بتأدية خدمات مصرفية‬
‫جديدة أو بتوفير مستوى أعلى من الخدمة املصرفية القائمة‪.‬‬
‫‪ -‬يتعامل فريدمان مع النقود والسلع باعتبارهما بدائل‪ ،‬حيث يفاضل ألافراد بين الاحتفاظ بالنقود‬
‫والاحتفاظ بالسلع‪ ،‬وهذا يعني أن التغيرات في كمية النقود لها بالضرورة تأثير مباشر على الانفاق‬
‫الكلي‪.‬‬
‫‪ -‬تعتبر نظرية كينز أن أسعار الفائدة محدد هام للطلب على النقود‪ ،‬بينما تفترض نظرية فريدمان‬
‫أن التغيرات في أسعار الفائدة لها تأثير ضئيل على طلب النقود‪ ،‬وبناء على ذلك اختصر فريدمان‬
‫العوامل املؤثرة في طلب النقود لتقتصر على الدخل الدائم‪.‬‬
‫‪ -‬يتسم طلب النقود عند كينز بكونه دالة غير مستقرة بسبب مكون الطلب على النقود لغرض‬
‫املضاربة الذي يعتمد على عنصر التوقعات ألسعار ألاوراق املالية (السندات) التي تتقلب بشكل‬

‫‪ 1‬أحمد عبد الفتوح علي الناقة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.811 :‬‬


‫‪ 2‬السيد محمد أحمد السريتي‪ ،‬محمد عزت محمد غزالن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.181-181 :‬‬

‫‪56‬‬
‫املحور الثالث ____________________________________________________________________ النظريات النقدية‬

‫غير منتظم يؤدي إلى وجود تغير غير محسوب لقيمة الحد املطلق في معادلة منحنى الطلب على‬
‫النقود‪ ،‬وهو ما يؤدي إلى تغير وضع املنحنى‪ ،‬وبالتالي ال يمكن التنبؤ بدقة بنتيجة تطبيق سياسة‬
‫نقدية‪ ،‬وهو ما أدى إلى تهميش كينز للسياسة النقدية كأسلوب تدخل من جانب أحد فعاليات‬
‫النظام الاقتصادي وهو البنك املركزي والتركيز على استخدام أدوات السياسة املالية لتصحيح‬
‫الانحراف في أداء الوحدات الاقتصادية سواء العامة أو الخاصة‪ ،‬أما بالنسبة لفريدمان فدالة‬
‫الطلب على النقود مستقرة في عالقتها بمتغير تفسيرها الرئيس ي وهو الدخل الدائم‪ ،‬وبالتالي يمكن‬
‫تطبيق سياسة نقدية والحصول على نتائج محددة وموثوق في دقتها‪.‬‬

‫‪ -0‬نقد نظرية كمية النقود الحديثة‪:‬‬


‫أهمها‪1:‬‬ ‫تعرضت نظرية كمية النقود الحديثة إلى عدة انتقادات‬
‫‪ -‬لقد أكد فريدمان في دالة الطلب على النقود على متغيرين فقط وهما الدخل الدائم والتوقعات‬
‫التضخمية‪ ،‬اللذان اعتبرهما املحددين ألاساسيين في تحديد الطلب على النقود والتغيرات التي‬
‫تطرأ عليها‪ ،‬وبذلك أهمل العوامل ألاخرى‪.‬‬
‫‪ -‬افترض فريدمان أن الدخل الدائم (‪ )Y‬واتجاهات التضخم (‪ )n‬يتسمان بدرجة عالية من‬
‫الاستقرار‪ ،‬بحيث يمكن التنبؤ بتأثيرها على الطلب على ألارصدة الحقيقية وبذلك يكون قد‬
‫اضفى مزيدا من الاستقرارية على دالة الطلب مقارنة بدالة العرض‪ ،‬أما أنصار التحليل الكينزي‬
‫فيرون أن دالة الطلب ال تتسم باالستمرارية وذلك لكثرة العوامل املؤثرة في محددات الطلب‬
‫إضافة إلى صعوبة قياس التغير في الطلب الناجم عن هذه العوامل‪.‬‬
‫‪ -‬أغفل فريدمان الطلب على النقود لغرض املضاربة كدافع رئيس لالحتفاظ بالنقود وهذا ما‬
‫دفعه إلى افتراض ضعف استجابة الطلب على ألارصدة النقدية للتغيرات في أسعار الفائدة‪،‬‬
‫وهذا عكس التحليل الكينزي الذي أعطى أهمية كبيرة لدور أسعار الفائدة في تحديد الطلب على‬
‫النقود‪.‬‬
‫‪ -‬بالرغم من اعتراف النظرية الحديثة بعدم ثبات سرعة تداول النقود وامكانية تغيرها مع زيادة‬
‫كمية النقود املعروضة وتوقعات ارتفاع ألاسعار‪ ،‬إال أنها ركزت بشكل أكبر على تأثير تغير عرض‬
‫النقد على حجم الانفاق مقارنة بتأثيرها على سرعة التداول‪ ،‬معنى ذلك أن السياسة النقدية‬
‫تكون أكثر فعالية في تحقيق التوازن الاقتصادي‪.‬‬

‫‪ 1‬طاهر فاضل البياتي‪ ،‬ميرال روحي سمارة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.188-181 :‬‬

‫‪56‬‬
‫المحور الرابع‪ :‬السياسة النقدية‬

‫أوال‪ :‬ماهية السياسة النقدية ومراحل تطورها‬

‫ثانيا‪ :‬أهداف السياسة النقدية ومستويات فعاليتها‬

‫ثالثا‪ :‬أدوات السياسة النقدية وقنوات إبالغها‬


‫املحور الرابع _____________________________________________________________________ السياسة النقدية‬

‫تمهيد‬
‫بعد أن تم التطرق في املحاور الثالث السابقة ملفاهيم النقد والعرض النقدي وكذا أهم النظريات‬
‫التي سعت لتحليل وتبيان دور النقود في الاقتصاد‪ ،‬تبرز جليا ضرورة فهم الطريقة التي من خاللها يتم‬
‫توظيف النقد في تحقيق ألاهداف الاقتصادية العامة على غرار النمو والتشغيل واستقرار ألاسعار‪ ،‬وهو‬
‫ما يصطلح عليه بالسياسة النقدية‪.‬‬
‫إذ تعد السياسة النقدية من بين أهم السياسات الاقتصادية التي يعتمد عليها في تحقيق مختلف‬
‫ألاهداف الاقتصادية إلى جانب بقية السياسات ألاخرى كالسياسة املالية‪ ،‬وقد مرت هذه السياسة‬
‫بالعديد من املراحل أمالها تطور الفكر الاقتصادي واملالي حيث أثير بشأن دورها وفعاليتها الكثير من‬
‫النقاش والتحليل‪ ،‬كما تطورت في املقابل ألادوات والوسائل التي توظفها هذه السياسة النقدية من أجل‬
‫استهداف املتغيرات الاقتصادية التي بإمكانها تحقيق التغير املرجو‪.‬‬
‫وباعتبار البنك املركزي الجهة التي يناط بها تحديد أهداف السياسة النقدية وتنفيذها‪ ،‬فإنه يأخذ‬
‫في الاعتبار الظروف الاقتصادية السائدة ويسعى إلى وضع توليفة مثلى من ألاهداف من بين مجموعة‬
‫قد تعتبر متناقضة إلى حد ما‪ ،‬مع ضرورة التنسيق بين مجموع السياسات الاقتصادية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬ماهية السياسة النقدية ومراحل تطورها‬


‫تعتبر السياسة النقدية أحد أهم الركائز ألاساسية التي تقوم عليها السياسة الاقتصادية العامة‬
‫إلى جانب السياسات ألاخرى كالسياسة املالية والتجارية للتأثير على مستوى النشاط الاقتصادي من‬
‫خالل تأثيرها على املتغيرات املكونة له كاالستثمار‪ ،‬الدخل‪ ،‬ألاسعار‪ .‬ويرجع ظهور السياسة النقدية إلى‬
‫أواخر القرن التاسع عشر‪ ،‬عندما انحصر دورها في الحفاظ على استقرار املعروض النقدي بهدف‬
‫الحفاظ على استقرار ألاسعار داخل الاقتصاد‪ ،‬وأخذ الاهتمام بها يتزايد خاصة أثناء ألازمات وحاالت‬
‫عدم الاستقرار‪ ،‬لتأخذ منعطفا جديدا في كل مرة وذلك حسب الظروف السائدة ووجهة نظر املفكرين‬
‫لذا أصبحت تمثل جزء ال يتجزأ من عناصر السياسة الاقتصادية العامة‪.‬‬

‫‪ -1‬مفهوم السياسة النقدية‬


‫تعددت واختلفت تعاريف السياسة النقدية باختالف وجهات نظر الباحثين واملدارس‬
‫الاقتصادية‪ ،‬غير أنها تلتقي عموما حول العناصر الرئيسية املكونة لهذه السياسة‪ ،‬وفيما يلي أهم‬
‫التعاريف املقدمة للسياسة النقدية‪:‬‬

‫‪48‬‬
‫املحور الرابع _____________________________________________________________________ السياسة النقدية‬

‫يعرفها بول سامويلسون بأنها "أهداف البنك املركزي في ممارسة سلطته للتحكم في النقود‪ ،‬أسعار‬
‫الفائدة وشروط الائتمان‪ ،‬وتتمثل ألادوات الرئيسية لها في عمليات السوق املفتوحة ومتطلبات الاحتياطي‬
‫وسعر الخصم"‪1.‬‬

‫كما تعرف بأنها "مجموعة إلاجراءات التي تتخذها السلطة النقدية في املجتمع بغرض الرقابة على‬
‫الائتمان والتأثير عليه بما يتفق وتحقيق ألاهداف التي تصبو إليها الحكومات‪ ،‬فالنقود ال تدير نفسها‬
‫بنفسها بل يجب أن تتدخل السلطة النقدية في الدولة إلدارة النقود وتوجيهها لبلوغ ألاهداف املرجوة‪،‬‬
‫الحكومة"‪2.‬‬ ‫وقد تكون السياسة النقدية أداة لتحقيق الغاية التي ترنو إليها‬
‫أيضا تعتبر السياسة النقدية "مجموعة من القواعد وألاساليب والوسائل وإلاجراءات والتدابير‬
‫التي تقوم بها السلطة النقدية للتأثير والتحكم في عرض النقود بما يتالءم مع النشاط الاقتصادي‬
‫لتحقيق أهداف معينة‪ ،‬خالل فترة زمنية معينة"‪.‬‬
‫وتجدر إلاشارة أن للسياسة النقدية معنيين‪ ،‬ألاول يسمى املعنى الضيق ويقصد به "إلاجراءات التي‬
‫تستخدمها السلطات النقدية ملراقبة عرض النقد وتحقيق أهداف اقتصادية معينة"‪ ،‬أما املعنى الواسع‬
‫فيعني "جميع إلاجراءات النقدية واملصرفية التي تستهدف مراقبة حجم النقد والائتمان‪ ،‬وكذلك‬
‫الحكومي"‪3.‬‬ ‫الاقتراض الحكومي أي حجم وتركيب الدين‬
‫إذن يمكن تقديم تعريف شامل للسياسة النقدية على أنها مجموع إلاجراءات والتدابير التي تتخذها‬
‫السلطة النقدية من أجل التحكم في كمية النقد والائتمان في الاقتصاد وتحديد الكمية املثلى التي تسمح‬
‫بتحقيق ألاهداف النهائية لهذه السياسة (نمو اقتصادي‪ ،‬تشغيل كامل‪ ،‬استقرار ألاسعار‪ ،‬استقرار ميزان‬
‫املدفوعات)‪ ،‬والتي تمثل في الوقت نفسه ألاهداف العامة للسياسة الاقتصادية‪.‬‬

‫‪ -2‬مراحل تطور السياسة النقدية‬


‫تطور مضمون السياسة النقدية بتطور مراحل الفكر الاقتصادي‪ ،‬حيث تباينت وجهات نظر‬
‫املدارس الاقتصادية حول جدوى هذه السياسة ومدى فعاليتها في تحقيق ألاهداف الاقتصادية‪ ،‬وفيما‬
‫يلي رأي ألهم هذه املدارس‪:‬‬

‫‪ 1‬لحلو موس ى بوخاري‪ ،‬سياسة الصرف ألاجنبي وعالقتها بالسياسة النقدية‪ ،‬مكتبة حسين العصرية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،0202 ،‬ص ‪.95:‬‬
‫‪ 2‬محمود سحنون‪ ،‬الاقتصاد النقدي واملصرفي‪ ،‬دار بهاء الدين للنشر والتوزيع‪ ،‬قسنطينة‪ ،‬الجزائر‪ ،0222 ،‬ص‪.001 :‬‬
‫‪ 3‬عباس كاظم الدعمي‪ ،‬السياسات النقدية واملالية وأداء سوق ألاوراق املالية‪( ،‬تحليل كلي)‪ ،‬مجموعة النيل العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪ ،0222‬ص‪.52 :‬‬

‫‪48‬‬
‫املحور الرابع _____________________________________________________________________ السياسة النقدية‬

‫‪ -1-2‬السياسة النقدية في التحليل الكالسيكي‪ :‬يتضح موقف الاقتصاديين الكالسيك قبل حدوث أزمة‬
‫الكساد العظيم سنة ‪ 0505‬بالنسبة للسياسة النقدية من خالل نظرتهم إلى النقود ووظائفها‪ ،‬إذ جاءت‬
‫النظرة الكالسيكية للنقود على أنها مجرد وسيط للتبادل وقاموا بنفي و وظيفتها بوصفها أداة لالدخار أو‬
‫الاكتناز‪ ،‬ف التحليل النقدي الكالسيكي قائم على أساس الفصل بين العوامل الحقيقية والعوامل‬
‫النقدية‪ ،‬حيث تتحدد العوامل الحقيقة في القطاع الحقيقي كالدخل والاستخدام وإلانتاج بمعزل عن‬
‫العوامل النقدية‪ ،‬أما القطاع النقدي فتتحدد فيه كمية النقود‪ ،‬وترى نظرية كمية النقود أن أي تغيير‬
‫في عرض النقود يؤدي إلى تغييرات متناسبة طرديا في املستوى العام لألسعار ومن ثم تغييرات متناسبة‬
‫عكسيا في قيمة النقود‪ ،‬ومن هنا يتضح أن السياسة النقدية عند الكالسيك هي سياسة محايدة يتمثل‬
‫دورها في خلق نقود بقصد تنفيذ املعامالت أي أن حجم املعامالت هو الذي يحدد كمية النقود الواجب‬
‫توفيرها‪1.‬‬

‫‪ -2-2‬السياسة النقدية في التحليل الكينزي‪ :‬تميزت هذه املرحلة بظهور الفكر الكينزي على يد‬
‫الاقتصادي البريطاني "جون ميرنارد كينز" الذي كان ينظر إلى النقود نظرة حركية وليست ستاتيكية‪،‬‬
‫ولكن بسبب عجز السياسة النقدية على إعطاء حلول للخروج من أزمة الكساد سنة ‪ 0505‬بدأ كينز‬
‫يدعو لالهتمام بالسياسة املالية في معالجة املشاكل الاقتصادية‪ ،‬حيث أن الاختالل و عدم التوازن‬
‫الاقتصادي حسب الكنزيين يعود إلى عدم التعادل بين معدالت التغير في إلانفاق الحكومي بواسطة‬
‫السياسة املالية‪ ،‬ففي حالة الانكماش البد للحكومة أن تزيد من الطلب الفعال على السلع والخدمات‬
‫في السوق من خالل زيادة حجم إلانفاق الجاري أو الاستثماري‪ ،‬بواسطة تخفيض الضرائب على‬
‫الاستهالك وعلى ألارباح بالنسبة للمستثمرين‪ ،‬أما عجز امليزانية فيتم تمويله عن طريق القروض العامة‬
‫و إلاصدار النقدي الجديد من قبل البنك املركزي‪ ،‬بينما تتم معالجة التضخم من خالل تخفيض حجم‬
‫إلانفاق الحكومي بما يؤدي إلى تخفيض املستوى العام لألسعار‪.‬‬
‫كما أكد الكينزيون على دور السياسة النقدية في معالجة آلاثار غير املرغوبة الناتجة عن تطبيق‬
‫السياسة املالية بوصفها سياسة تابعة لهذه ألاخيرة وتساهم في تحقيق الاستقرار الاقتصادي وتخفيض‬
‫حدة التقلبات‪ ،‬حيث يقرر التحليل الكينزي أن لهذه ألاخيرة تأثير مباشر على مستوى سعر الفائدة ثم‬
‫على قرارات و مستويات الاستثمار وعلى حجم التشغيل و إلانتاج والدخل الوطني ويعتمد هذا التأثير على‬
‫سعر الفائدة‪ ،‬حيث تؤدي زيادة العرض النقدي إلى انخفاض سعر الفائدة بنسبة تعتمد على مرونة‬

‫‪ 1‬عباس كاظم الدعمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.05-09 :‬‬

‫‪48‬‬
‫املحور الرابع _____________________________________________________________________ السياسة النقدية‬

‫التفضيل النقدي (السيولة) وكلما كان الطلب على السيولة تام املرونة تكون فعالية السياسة النقدية‬
‫غير محدود‪1.‬‬ ‫معدومة في التأثير على سعر الفائدة ألن تفضيل السيولة لدى ألافراد يكون‬
‫‪ -3-2‬السياسة النقدية في التحليل النقدوي‪ :‬يرى فريدمان أن النقود هي أحد وسائل الاحتفاظ بالثروة‬
‫التي يمكن أن تتجسد في صور أخرى مثل السندات وألاسهم العادية والسلع العينية و رأس املال البشري‪،‬‬
‫وبناء على هذا التحليل فإن الطلب على النقود يعتمد على املقدار إلاجمالي للثروة املحتفظ بها بأشكالها‬
‫املختلفة وتكلفة كل نوع من هذه ألاشكال وعائداتها وألاذواق باإلضافة إلى تفصيالت مالكي الثروة‪،2‬‬
‫ويتوقف املقدار الحقيقي للنقود على سعر الفائدة واملعدل املتوقع للتضخم و الثروة‪ ،‬أما فيما يخص‬
‫عرض النقود يرى فريدمان بأن له أهمية كبيرة في تحقيق الاستقرار الاقتصادي فأية تقلبات في عرض‬
‫النقود ستؤدي إلى تقلبات في النشاط الاقتصادي‪.‬‬
‫لذا يقرر فريدمان أنه من أجل املحافظة على التشغيل الكامل دون التضخم يستوجب أن ينمو‬
‫الناتج الوطني الصافي بنفس املقدار من الزيادة في العرض النقدي‪ ،‬ففي املدى القصير تؤدي زيادة العرض‬
‫النقدي إلى الزيادة في الناتج وألاسعار أما في املدى الطويل فتؤدي إلى زيادة املستوى العام لألسعار‪،‬‬
‫وبالتالي اعتبر فريدمان أن معدل النمو طويل ألاجل بالنسبة إلى الناتج يتحدد بعوامل حقيقية من معدل‬
‫الادخار‪ ،‬وهيكل الصناعة وأن الزيادة في املعروض النقدي في املدى الطويل ألاجل تسبب ارتفاعا في‬
‫معدل التضخم وليس ارتفاعا في معدل النمو‪ ،‬لذلك من الضروري ضبط التغير في عرض النقود بنسبة‬
‫ثابتة ومستقرة تبعا ملعدل النمو الاقتصادي والذي بدوره يحقق استقرارا نقديا وهذا هو دور السياسة‬
‫النقدية‪3.‬‬

‫ثانيا‪ :‬أهداف السياسة النقدية ومستويات فعاليتها‬

‫تسعى السياسة النقدية إلى تحقيق مجموعة من ألاهداف املختلفة التي تنقسم إلى أهداف أولية‬
‫ووسيطة ونهائية وتحقيق هذه ألاخيرة يتم بواسطة الاستراتيجية الحديثة للبنك املركزي التي تعتمد على‬
‫ألاهداف ألاولية والوسيطة للوصول إلى ألاهداف النهائية وذلك باستخدام أدوات مالئمة‪.‬‬
‫تقوم هذه الاستراتيجية بوضع هدف يتمثل في معدل سنوي لنمو الكتلة النقدية‪ ،‬وبناء على اتجاه‬
‫ودرجة الفرق بين ألاهداف والتقديرات يرفع البنك أو يخفض معدل املجاميع النقدية وبالتالي التحكم‬

‫‪1‬سعيد سامي الحالق‪ ،‬محمد محمود العجلوني‪ ،‬النقود والبنوك واملصارف املركزية‪ ،‬دار اليازوري للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬الاردن‪،0202 ،‬‬
‫ص ص‪.011-010 :‬‬
‫‪ 2‬عباس كاظم الدعمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.25 :‬‬
‫‪ 3‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.10-12 :‬‬

‫‪48‬‬
‫املحور الرابع _____________________________________________________________________ السياسة النقدية‬

‫في عرض النقود باإلضافة إلى التحكم في الفائدة على ألارصدة النقدية لدى البنوك‪ ،‬ونظرا لصعوبة‬
‫منها‪1:‬‬ ‫التحكم في أسعار الفائدة والعرض النقدي تم تزويد إلاجراءات السابقة بإجراءات جديدة‬
‫‪ -‬توسيع الهامش الذي يسمح فيه ملعدل الفائدة بالتقلبات ضمنه‪.‬‬
‫‪ -‬استخدام مجموع احتياطات البنوك كهدف أولي لضبط كمية النقود‪ ،‬ولذلك فقد تم التركيز على‬
‫احتياطات البنوك غير املقترضة كوسيلة لضبط مجموع الاحتياطات‪.‬‬

‫إذا يعمل البنك املركزي على التأثير في ألاهداف ألاولية التي يمكن الوصول إليها مباشرة من خالل‬
‫ألادوات املباشرة وغير املباشرة للسياسة النقدية‪ ،‬والتي تؤثر بدورها على ألاهداف الوسيطة وصوال إلى‬
‫لألهداف النهائية التي يمثلها مربع كالدور والشكل املوالي يوضح ذلك‪.‬‬

‫شكل رقم (‪ :)60‬استراتيجية السياسة النقدية الحديثة‬

‫ألاهداف النهائية للسياسة النقدية‪:‬‬ ‫أدوات السياسة النقدية‪:‬‬


‫نمو اقتصادي‬ ‫سياسة معدل إعادة الخصم ‪-‬سياسة السوق‬
‫محاربة التضخم‬ ‫املفتوحة ‪-‬السياسة الانتقائية للقروض ‪-‬‬
‫عمالة كاملة‬ ‫سياسة تأطير القروض ‪-‬سياسة معدالت‬
‫توازن ميزان املدفوعات‬ ‫الفائدة ‪-‬الاحتياطي القانوني‬

‫ألاهداف الوسيطة‪:‬‬ ‫ألاهداف التشغيلية (ألاولية)‪:‬‬

‫سعر الصرف‬
‫الاحتياطات النقدية‬
‫مستويات العرض النقدي‬
‫مستويات معدل الفائدة‬ ‫ظروف السوق‬

‫املصدر‪ :‬لحلو موس ى بوخاري‪ ،‬سياسة الصرف ألاجنبي وعالقتها بالسياسة النقدية‪ ،‬مكتبة حسين العصرية‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،0202 ،‬ص‪.10 :‬‬

‫‪ 1‬لحلو موس ى بوخاري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.10-12 :‬‬

‫‪44‬‬
‫املحور الرابع _____________________________________________________________________ السياسة النقدية‬

‫‪ -1‬ألاهداف ألاولية للسياسة النقدية‬


‫تعد ألاهداف ألاولية متغيرات يحاول البنك املركزي من خاللها التأثير على ألاهداف الوسيطة‬
‫وتتمثل فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -1-1‬مجمعات الاحتياطات النقدية‪ :‬تعرف القاعدة النقدية بأنها تلك ألاصول التي يمكن استخدامها‬
‫في املعامالت وتتكون القاعدة النقدية من جانب استخداماتها من العملة في التداول و الاحتياطي و لكل‬
‫نوع من مجاميع الاحتياطي مؤيدون و معارضون‪ ،‬حيث دافعت البنوك املركزية في أمريكا عن القاعدة‬
‫النقدية باإلضافة إلى مجلس املحافظين الذين دافعوا عن مختلف أنواع مجاميع الاحتياطي كهدف أولي‬
‫للسياسة النقدية‪ ،‬لينتقل النقاش إلى الاقتصاديين حول كل مجمع وأي هذه املجاميع أكثر مراقبة من‬
‫الوسيطة‪1.‬‬ ‫قبل السلطات النقدية وأيها أكثر ارتباطا بنمو مجمل النقود التي تشكل ألاهداف‬
‫‪ -2-1‬ظروف السوق‪ :‬وهي املجموعة الثانية من ألاهداف ألاولية التي تسمى ظروف السوق‪ ،‬والتي تحتوي‬
‫على الاحتياطات الحرة‪ ،‬ومعدل ألارصدة البنكية و أسعار الفائدة ألاخرى في سوق النقد التي يمارس‬
‫عليها البنك املركزي رقابة قوية ‪2‬‬

‫وتعني أيضا قدرة املقترضين ومواقفهم السريعة أو البطيئة في معدل نمو الائتمان ومدى ارتفاع‬
‫وانخفاض أسعار الفائدة وشروط إلاقراض ألاخرى وسعر فائدة ألارصدة النقدية ملدة قصيرة يوم أو‬
‫اثنين بين البنوك‪ ،‬حيث تم استخدام أنواع مختلفة من ألارقام القياسية منها ما كان مستخدما في‬
‫الفترات املاضية كاالحتياطات الحرة التي تشمل الاحتياطات الفائضة لدى البنك املركزي مطروحا منها‬
‫الاحتياطات التي اقترضتها هذه البنوك من املصرف املركزي وتسمى صافي الاقتراض‪ ،‬تكون الاحتياطات‬
‫الحرة موجبة إذا كانت الاحتياطات الفائضة أكبر من املقترضة وتكون سالبة في حالة العكس‪ ،‬أما ثاني‬
‫ألارقام القياسية فهو أسعار الفائدة على أذونات الخزينة و ألاوراق التجارية و سعر الفائدة الذي تفرضه‬
‫البنوك‪3.‬‬ ‫البنوك على أفضل عمالئها و سعر الفائدة ما بين‬
‫تعد ألاهداف ألاولية حلقة ربط قوية التأثير باألدوات النقدية والتأثير على ألاهداف الوسيطة‪،‬‬
‫ولذلك فالهدف ألاولي ألافضل هو ذلك الهدف الذي يتصف بالتأثير والتجاوب بسرعة مع تغيير ألادوات‬
‫النقدية املستخدمة ويسهل قيادة الاتجاه املرغوب تحقيقه لألهداف الوسيطة املستعملة‪.‬‬

‫‪ 1‬لحلو موس ى بوخاري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.10-10:‬‬


‫‪ 2‬إكن لونيس‪ ،‬السياسة النقدية ودورها في ضبط العرض النقدي في الجزائر خالل الفترة ‪ ،2662-2666‬مذكرة لنيل شهادة املاجستير‬
‫في العلوم الاقتصادية‪ ،‬تخصص نقود وبنوك كلية العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير قسم العلوم الاقتصادية‪ ،‬جامعة الجزائر‬
‫‪ ،0200-0202‬ص‪.25 :‬‬
‫‪ 3‬لحلو موس ى بوخاري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.12-10 :‬‬

‫‪48‬‬
‫املحور الرابع _____________________________________________________________________ السياسة النقدية‬

‫‪ -2‬ألاهداف الوسيطة للسياسة النقدية‬


‫ألاهداف الوسيطة هي املتغيرات النقدية التي تقوم السلطة النقدية بضبطها للوصول إلى ألاهداف‬
‫النهائية‪ ،‬وتتمثل ألاهداف الوسيطة بمتغيرات نقدية كلية مثل املجمعات النقدية وسعر الفائدة وسعر‬
‫يلي‪1:‬‬ ‫الصرف‪ ،‬ولهذه ألاهداف مجموعة من الشروط الواجب توفرها واملتمثلة فيما‬
‫‪ -‬القابلية للقياس‪ :‬يعتبر قياس الهدف بدقة وفي الوقت املناسب أمرا أساسيا للحكم على مدى‬
‫فعالية السياسة النقدية ونعني بالقياس أن البيانات متاحة في الوقت املناسب ودقيقة‪.‬‬
‫‪ -‬القدرة على التحكم والسيطرة في الهدف الوسيط‪ :‬للتأكد من بناء الاستراتيجية بشكل جيد‬
‫وجني ثمارها‪ ،‬يجب على البنك املركزي أن تكون لديه قدرة على التحكم في الهدف الوسيط بهدف‬
‫إعادة ذلك املتغير إلى املسار املستهدف في حالة خروجه عن الطريق املرسوم له لتحقيق الهدف‬
‫النهائي‪.‬‬
‫‪ -‬إمكانية التنبؤ باألثر على الهدف النهائي‪ :‬بمعنى مدى توافر إمكانية للتنبؤ باألثر على الهدف النهائي‬
‫حتى يقوم الهدف الوسيط بدوره بشكل جيد‪ ،‬حيث ال يزال النقاش قائما حول أفضلية سعر‬
‫الفائدة والعرض النقدي كأهداف وسيطة مرتبطة باألهداف النهائية‪.‬‬

‫‪ -1-2‬مستوى معدل الفائدة‪ :‬يرتبط تحديد معدالت الفائدة بنمو الكتلة النقدية ويعتبر من أبرز‬
‫محددات سلوك العائالت واملستثمرين فيما يخص الادخار والاستثمار‪ ،‬لذا يجب على السلطات العامة‬
‫الاهتمام بتقلبات معدالت الفائدة‪ ،‬وإلاشكالية املطروحة هنا هو كيفية تحديد املستوى ألامثل لهذه‬
‫املعدالت خاصة و أنها تتأثر بمعدالت الفائدة السائدة في الخارج في ظل اقتصاد السوق إلى جانب طلب‬
‫وعرض رؤوس ألاموال‪ ،‬باإلضافة إلى ارتباطها بالسياسة النقدية للدولة التي يجب أن تعمل على إبقاء‬
‫تغيرات معدالت الفائدة ضمن هوامش غير واسعة نسبيا تحقق التوازن في ألاسواق وتجنب وقوع ضغوط‬
‫تضخمية أو كساد‪.‬‬
‫‪ -2-2‬سعر صرف النقد مقابل العمالت ألاخرى يعتبر سعر صرف النقد مؤشرا هاما على ألاوضاع‬
‫الاقتصادية لبلد ما حيث يعد كهدف وسيط للسلطة النقدية‪ ،‬ويعمل انخفاض سعر الصرف على‬
‫تحسين وضعية ميزان املدفوعات لكنه في املقابل يشجع الضغوط التضخمية‪ ،‬ففي حالة املحافظة على‬
‫مستوى منخفض أكثر من العملة يشجع ذلك الضغوط التضخمية ويؤدي إلى إتباع سياسة سهلة في‬
‫ألاجل القصير تدفع في املقابل في ألاجل الطويل إلى إضعاف القدرة الصناعية للدولة والانخفاض النسبي‬

‫‪ 1‬لحلو موس ى بوخاري‪ ،‬نفس املرجع‪ ،‬ص ص‪.11-12 :‬‬

‫‪89‬‬
‫املحور الرابع _____________________________________________________________________ السياسة النقدية‬

‫ملستوى معيشة ألافراد‪ ،‬أما في حالة الحفاظ على مستوى مرتفع أكثر‪ ،‬يفرض ذلك على ألاعوان‬
‫الاقتصاديين ضغطا انكماشيا وهو ما يؤدي إلى خروج بعض املؤسسات غير القادرة على التأقلم و بالتالي‬
‫تنخفض مستويات النمو‪ ،‬لذا تعمل السلطات النقدية للحفاظ على استقرار سعر الصرف لضمان‬
‫استقرار وضعية البالد تجاه الخارج عن طريق ربط عملتها بعمالت قوية قابلة للتحويل والحرص على‬
‫عملتها‪1.‬‬ ‫دعم استقرار سعر صرف‬
‫‪ -3-2‬العرض النقدي الستخدام هذا املتغير كهدف وسيط لبلوغ ألاهداف النهائية للسياسة النقدية‬
‫البد أن تكون هناك قدرة على تحديده إحصائيا أو بمعنى آخر أن يستطيع القائمون على السياسة‬
‫النقدية تحديد ألاصول املالية التي نسميها العملة أو النقود باعتبار أن تحديد العرض النقدي أصبح‬
‫مسألة صعبة للغاية بسبب تغير سرعة تداول النقود‪ ،‬نتيجة لحركات رؤوس ألاموال الرسمية وغير‬
‫الرسمية وظهور املشتقات املالية الحديثة‪ ،‬لذا يبقى إلاشكال املطروح حول نوع العرض النقدي الذي‬
‫يمكن ضبطه بسهولة‪ ،‬وهل يتم اللجوء إلى العرض النقدي باملعنى الضيق (‪ )M1‬أم العرض النقدي‬
‫املالية‪2.‬‬ ‫باملعنى الواسع (‪ )M2‬أم العرض النقدي (‪ )M3‬خاصة في ظل وجود املشتقات‬

‫‪ -3‬ألاهداف النهائية للسياسة النقدية‬


‫تعتبر ألاهداف ألاولية والوسيطة في الاستراتيجية الحديثة للسياسة النقدية أدوات مساعدة‬
‫لتحقيق ألاهداف النهائية لهذه ألاخيرة والتي تتمثل في‪:‬‬
‫‪ -1-3‬العمالة الكاملة‪ :‬يقصد بالعمالة توفر فرصة العمل لكل شخص قادر على العمل و باحث عنه‪،‬‬
‫فارتفاع معدالت البطالة يؤدي إلى زيادة عرض العمل وبالتالي انخفاض ألاجور الحقيقة للعاملين‪ ،‬لذا‬
‫تسعى السياسة النقدية إلى التأثير في عرض النقود بما يؤدي إلى ارتفاع ألاسعار فيسبب ذلك انخفاض‬
‫ألاجر الحقيقي مما يدفع أصحاب العمل إلى تشغيل املزيد من ألايدي العاملة لزيادة حجم مشروعاتهم‪،‬‬
‫ويرجع اهتمام الحكومات بحل مشكلة البطالة إلى ما تمثله من خطورة على املستوى الاجتماعي حيث‬
‫يحس العاطلون بفشلهم و تهميشهم في املجتمع‪ ،‬كما أن القضاء على البطالة يعمل على تعظيم هدف‬
‫النمو الاقتصادي‪3.‬‬

‫‪ 1‬بنابي فتيحة‪ ،‬السياسة النقدية والنمو الاقتصادي ‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة املاجستير في العلوم الاقتصادية‪ ،‬تخصص اقتصاديات املالية‬
‫والبنوك‪ ،‬كلية العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‪ ،‬جامعة أمحمد بوقرة بومرداس‪ ،‬الجزائر‪ ،0225-0222 ،‬ص ص‪.029-021:‬‬
‫‪ 2‬لحلو موس ى بوخاري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.11-19 :‬‬
‫‪ 3‬محمد ضيف هللا القطابري‪ ،‬دور السياسة النقدية في الاستقرار والتنمية الاقتصادية (نظرية‪-‬تحليلية‪-‬قياسية)‪ ،‬دار غيداء للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬ألاردن‪ ،‬عمان‪ ،0225 ،‬ص‪.00.‬‬

‫‪89‬‬
‫املحور الرابع _____________________________________________________________________ السياسة النقدية‬

‫‪ -2-3‬تحقيق استقرار ألاسعار‪ :‬يجمع الاقتصاديون في الوقت الحاضر على أن الهدف الرئيس ي للسياسة‬
‫النقدية ينبغي أن يكون هو الحفاظ على استقرار ألاسعار وعلى القدرة الشرائية للعملة املحلية‪ ،‬ويعني‬
‫هذا أن يكون معدل التضخم منخفضا كأن يتراوح مثال بين ‪ %0‬و‪ %1‬سنويا‪ ،‬و أن تلتزم السلطة النقدية‬
‫بعدم تطبيق سياسات تمويل العجز عن طريق زيادة املعروض النقدي‪.‬‬
‫يرى كل من الكنزيين والنقديين أن التضخم املرتفع يحدث فقط عندما يكون معدل نمو العرض‬
‫النقدي مرتفعا‪ ،‬وحسب فريدمان فإنه ال يمكن القضاء على التضخم املستمر ملدة طويلة إال بسياسة‬
‫نقدية انكماشية بواسطة تخفيض معدالت العرض النقدي مع معرفة أسباب التوسع النقدي والوضع‬
‫الاقتصادي‪1.‬‬

‫‪ -3-3‬تحقيق التوازن الخارجي‪ :‬عن طريق تحقيق التوازن في ميزان املدفوعات بحيث يكون لصالح الدولة‬
‫من خالل تشجيع الصادرات و تقليل الواردات باستخدام املعروض النقدي أو سعر الفائدة أو سياسات‬
‫سعر الصرف‪ ،‬ففي حالة حدوث عجز في ميزان املدفوعات يمكن للبنك املركزي معالجته من خالل قيامه‬
‫برفع سعر إعادة الخصم ما يدفع بالبنوك التجارية إلى رفع أسعار الفائدة على القروض‪ ،‬وبالتالي التقليل‬
‫من الائتمان والطلب املحلي على السلع والخدمات‪ ،‬مما يؤدي إلى انخفاض املستوى العام لألسعار داخل‬
‫الدولة ومن ثم تشجيع الصادرات املحلية و تقليل الطلب على السلع ألاجنبية‪ ،‬كما أن ارتفاع أسعار‬
‫املدفوعات‪2.‬‬ ‫الفائدة املحلية يجلب املزيد من رؤوس ألاموال مما يساعد على تخفيض العجز في ميزان‬
‫‪ -4-3‬رفع معد النمو الاقتصادي يعد تحقيق معدل مرتفع للنمو الاقتصادي من ألاهداف طويلة ألاجل‪،‬‬
‫في حين يعتبر استقرار ألاسعار والنقد من ألاهداف قصيرة ألاجل‪ ،‬والتوفيق بين هذين الهدفين أمر في‬
‫غاية الصعوبة خصوصا في الدول النامية التي تعاني الكثير من العقبات فيما يخص السياسات إلانتاجية‬
‫و التجارية وموازين املدفوعات‪ ،‬لذا تسعى السياسة النقدية إلى املساهمة في رفع معدالت النمو في هذه‬
‫البلدان من خالل تحقيق معدل مرتفع للمدخرات والتأثير على معدل الاستثمار في السلع الرأسمالية من‬
‫خالل التوسع الائتماني حتى يمكنها الوصول إلى معدالت النمو املطلوبة‪ ،‬باإلضافة إلى توجيه الائتمان‬
‫السحري‪3.‬‬ ‫املصرفي و املدخرات نحو ألاهداف التنموية أو ما يسمى باملربع‬

‫من خالل ما تقدم يمكن تلخيص ألاهداف النهائية للسياسة النقدية فيما يعرف بمربع كالدور أو‬
‫باملربع السحري‪ ،‬في الشكل البياني التالي‪:‬‬

‫‪ 1‬لحلو موس ى بوخاري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.16-11 :‬‬


‫‪ 2‬السيد متولي عبد القادر‪ ،‬اقتصاديات النقود والبنوك‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬عمان‪ ،‬ألاردن‪ ،0202 ،‬ص ص‪.051-059 :‬‬
‫‪ 3‬محمد ضيف هللا القطابري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.02-00 :‬‬

‫‪89‬‬
‫املحور الرابع _____________________________________________________________________ السياسة النقدية‬

‫شكل رقم (‪ :)60‬ألاهداف النهائية للسياسة النقدية‬


‫التوازن الخارجي‬

‫ارتفاع الاسعار‬ ‫معدل النمو‬

‫معدل البطالة‬

‫املصدر‪ :‬عبد املجيد قدي‪ ،‬املدخل إلى السياسات الاقتصادية الكلية (دراسة تحليلية تقييميه)‪ ،‬ديون املطبوعات‬
‫الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،0222،‬ص‪.21 :‬‬
‫من خالل الشكل أعاله يتضح أن كل اقتراب من أحد ألاهداف يمثل في الوقت نفسه ابتعادا عن‬
‫ألاهداف ألاخرى نتيجة تعارض بعض أهداف السياسة النقدية‪ ،‬وهذا يطرح مسألة ألاولوية في طرح‬
‫هذه ألاهداف من طرف واضعي السياسة الاقتصادية مع مراعاة ألاوضاع الاقتصادية التي تمر بها‬
‫الدولة‪ ،‬باإلضافة إلى درجة التقدم الاقتصادي وطبيعة النظام الاقتصادي‪.‬‬

‫‪ -4‬مفهوم ومستويات فعالية السياسة النقدية‬


‫سيتم في هذا العنصر التطرق بداية إلى تعريف فعالية السياسة النقدية وتطورها‪ ،‬ومن ثم‬
‫مستويات فعاليتها‪.‬‬
‫‪ -1-4‬تعريف فعالية السياسة النقدية وتطور مضمونها‪:‬‬
‫‪ -1-1-4‬تعريف فعالية السياسة النقدية‪ :‬يقصد بفعالية السياسة النقدية "مدى قدرة السياسة‬
‫النقدية على التأثير في مجمل النشاط الاقتصادي بغية تحقيق ألاهداف التي تسعى إليها السياسة‬
‫النقدية‪ ،‬ومن تلك ألاهداف تحقيق معدالت نمو عالية في الاقتصاد الوطني و قدر مناسب من الاستقرار‬
‫الاقتصادي و استقرار مناسب أيضا في قيمة العملة و تسريع عملية التنمية الاقتصادية و الاجتماعية‬
‫خاصة في البلدان النامية‪ ،‬و ألجل ذلك البد من وجود أدوات مالزمة للسياسة النقدية بغية تحقيق تلك‬
‫ألاهداف"‪1.‬‬

‫‪ 1‬سعيد سامي الحالق‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.025.‬‬

‫‪89‬‬
‫املحور الرابع _____________________________________________________________________ السياسة النقدية‬

‫ويمكن تعريفها أيضا "بأنها حجم التأثير الذي يترتب على تغير معين في العرض النقدي الحقيقي‬
‫الكلي"‪1.‬‬ ‫على إلانتاج‬
‫إن فعالية السياسة النقدية ال ترتبط بقوة تأثيرها فقط‪ ،‬بل أيضا بالسرعة التي يتم فيها‬
‫بلوغ الهدف املنشود‪ ،‬وتتميز الفترات الفاصلة بين تطبيق إلاجراءات وبروز آثارها بأنها طويلة نسبيا وهذا‬
‫ما قاد العديد من املختصين إلى الشك في فعالية إلاجراءات النقدية‪ ،‬لذلك من الضروري تحديد هذه‬
‫يلي‪2:‬‬ ‫الفترات التي تعتبر عملية بالغة الدقة وتشمل هذه الفترات ما‬
‫أ‪-‬الفترة السياسية‪ :‬تمثل الفترة الضرورية التخاذ القرارات التي تفرضها ألاوضاع الاقتصادية التي‬
‫تنقسم إلى فترة املالحظة وفترة التقرير‪:‬‬
‫‪ ‬فترة املالحظة‪ :‬وتتكون من الوقت الذي تشترطه املؤسسة إلاحصائية‪ .‬ففي الدول املتقدمة تعد‬
‫املؤشرات الظرفية شهريا وإلاحصائيات املتعلقة بها تعرف في النصف الثاني من الشهر الالحق‪.‬‬
‫‪ ‬فترة التقرير‪ :‬تمثل الوقت الضروري للتأكد من أن الحركة املالحظة ليست عرضية والتي تختلف‬
‫تبعا للظروف الاقتصادية‪ ،‬وتكون هذه الفترة طويلة كلما كانت السلطات النقدية غير أكيدة من‬
‫ألاثر املترتب على عملها‪.‬‬
‫ب‪ -‬الفترة املالية‪ :‬التي تمثل الوقت املطلوب للمصرف املركزي لكي يجعل من قرارات السلطات قرارات‬
‫فعلية‪ ،‬وللمصارف حتى تتكيف مع الواقع وتتضمن هذه إلاجراءات تغيير معدالت الفائدة و شروط‬
‫إلاقراض و التدخالت املخصصة لإلحداث تغيير في الكتلة النقدية‪.‬‬
‫ج‪-‬الفترة الاقتصادية‪ :‬وهي الفترة التي يتم من خاللها تعديل املتغيرات الاقتصادية بدورها على حسب‬
‫القيم الجديدة للمتغيرات النقدية‪.‬‬
‫‪ -2-1-4‬تطور مضمون فعالية السياسة النقدية‪ :‬تستند السياسية النقدية في أي وقت إلى النظريات‬
‫وألافكار النقدية السائدة في ذلك الوقت‪ ،‬وتعتبر انعكاسا لها وتتحدد من خاللها ألاهداف املرجوة من‬
‫السياسة النقدية والطريقة املستخدمة لبلوغ تلك ألاهداف‪.‬‬
‫فقبل أزمة الكساد العظيم كانت السياسة النقدية تهدف إلى حماية قيمة العملة من التقلبات‬
‫التي تؤثر في مستوى ألاسعار بواسطة التحكم في كمية النقود (وسائل الدفع)‪ ،‬ثم تطور ألامر ليصبح‬

‫‪ 1‬بركان زهية‪ ،‬فعالية السياسة النقدية في مكافحة التضخم في ظل العوملة (دراسة حالة الجزائر)‪ ،‬رسالة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه‬
‫في العلوم الاقتصادية‪ ،‬تخصص نقود ومالية‪ ،‬كلية العلوم الاقتصادية وعلوم التسيير‪ ،‬جامعة دالي ابراهيم الجزائر‪ ،0202-0225 ،‬ص‪:‬‬
‫‪.020‬‬
‫‪ 2‬وسام مالك‪ ،‬النقود والسياسات النقدية الداخلية (قضايا نقدية ومالية)‪ ،‬دار املنهل اللبناني للطباعة والنشر‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪،0222 ،‬‬
‫ص ص‪.122-120 :‬‬

‫‪88‬‬
‫املحور الرابع _____________________________________________________________________ السياسة النقدية‬

‫الهدف منها مساندة السياسة الاقتصادية في تحقيق أهدافها‪ ،‬وهي املرحلة التي ظهرت فيها ألافكار‬
‫الكينزية إثر ألازمة العاملية‪ ،‬وانتقل الاهتمام من فعالية السياسة النقدية في تحقيق الاستقرار الاقتصادي‬
‫إلى السياسة املالية التي تعمل في القطاع الحقيقي مباشرة‪ ،‬إال أن أهمية هذه ألاخيرة تراجعت بعد‬
‫الحرب العاملية الثانية نتيجة فشل أدواتها املتمثلة في زيادة الضرائب وتخفيض إلانفاق في محاربة‬
‫التضخم‪ ،‬لذلك عاد الاهتمام بالسياسة النقدية باعتبارها السياسة ألاكثر فعالية في تحقيق أهداف‬
‫السياسة الاقتصادية من خالل التحكم في العرض النقدي‪ ،‬وهي املرحلة التي ثار فيها النقاش بين أنصار‬
‫السياسة املالية (الكنزيين) وأنصار السياسة النقدية على يد الاقتصادي ألامريكي( ملتون فريدمان)‪،‬‬
‫الذي يرى ومن معه من منظرين أن السياسة النقدية و حدها كفيلة بتحقيق الاستقرار الاقتصادي‪،‬‬
‫وعلى العكس من ذلك يرى أنصار السياسة املالية أن هذه ألاخيرة لديها التأثير ألاقوى في إعادة الاقتصاد‬
‫إلى مستوى التوازن وتحقيق ألاهداف املنشودة وتوالت الدراسات التي تؤيد الفريقين إلى أن جاء‬
‫الاقتصادي ألامريكي (لوالتر هللر) الذي يؤمن بأهمية السياستين املالية والنقدية في تحقيق الاستقرار‬
‫بينهما‪1.‬‬ ‫الاقتصادي من خالل املزج‬
‫ومما الشك فيه أن اتجاهات السياسة النقدية تختلف في الاقتصاديات املتقدمة عنها في‬
‫الاقتصاديات املتخلفة تبعا الختالف مطالب وأهداف املجتمعات التي تخدمها وألاهمية النسبية لهذه‬
‫املطالب‪ ،‬ففي الاقتصاديات الرأسمالية املتقدمة نجد السياسة النقدية في املقام ألاول تهدف إلى تثبيت‬
‫النشاط الاقتصادي عند مستوى التشغيل الكامل للموارد املتاحة و ذلك ملواجهة التقلبات املتعاقبة‪،‬‬
‫وأدى الاهتمام بمستوى التشغيل وإلانتاج إلى زيادة الاهتمام بالسياسة املالية باعتبارها أداة فعالة لها‬
‫تأثيرها على مستوى النشاط الاقتصادي ليصبح دور السياسة النقدية في هذه الحالة دور مساعد‬
‫للسياسة املالية‪.‬‬
‫أما في الاقتصاديات املتخلفة التي تطلع للتنمية الاقتصادية نجد أن السياسة النقدية تهدف أو‬
‫تتجه نحو تعبئة أكبر قدر ممكن من املوارد لخدمة التنمية السريعة واملتوازنة لالقتصاد الوطني‪ ،‬وذلك‬
‫بواسطة تطوير النظم النقدية والائتمانية السائدة باإلضافة إلى الرقابة على عرض النقود واستخدامات‬
‫املصرفي‪2.‬‬ ‫الائتمان‬

‫‪ 1‬محمد ضيف هللا القطابري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.02-05 :‬‬


‫‪ 2‬محب خله توفيق‪ ،‬الاقتصاد النقدي واملصرفي دراسة تحليلية للمؤسسات والنظريات‪ ،‬دار الفكر الجامعي الاسكندرية‪ ،‬مصر‪،0200 ،‬‬
‫ص‪.215 :‬‬

‫‪88‬‬
‫املحور الرابع _____________________________________________________________________ السياسة النقدية‬

‫وهي‪1:‬‬ ‫‪ -2-4‬مستويات فعالية السياسة‪ :‬هناك أربع مستويات من الفعالية‬


‫‪ -1-2-4‬املستوى ألاول‪ :‬فعالية السياسة النقدية‪ :‬يعني مدى قدرة السياسة النقدية على التأثير في‬
‫مجمل النشاط الاقتصادي بغية تحقيق ألاهداف التي تسعى إليها السلطة النقدية‪ ،‬ودرجة هذا التأثير‬
‫فمثال إذا كان هدف الساسة النقدية هو الحد من التضخم فإن الفعالية تنصب على الكيفية التي تمكن‬
‫البنك املركزي من تحقيق هذا الهدف‪.‬‬
‫‪ -2-2-4‬املستوى الثاني‪ :‬فعالية وسائل انتقال السياسة النقدية‪ :‬يقصد بوسائل انتقال السياسة‬
‫النقدية ألادوات واملتغيرات التي تقع بين يدي البنك املركزي ويمكنه التأثير عليها لتحقيق الهدف املبتغى‪،‬‬
‫أما فعالية وسائل انتقال السياسة النقدية فتعني مدى إمكانية استخدام أدوات السياسة النقدية‬
‫الكفيلة بتحقيق ألاهداف املرجوة من استعمال هذه ألادوات في معالجة ألاوضاع الاقتصادية والنقدية‬
‫غير املرغوب فيها‪ ،‬وترتبط أيضا بمدى إمكانية تحقيق النتائج املتوقعة من هذا الاستخدام‪.‬‬
‫‪ -3-2-4‬املستوى الثالث‪ :‬فعالية السياسة النقدية في إطار السياسات الاقتصادية ألاخرى‪ :‬يدل مفهوم‬
‫فعالية السياسة النقدية في هذا املستوى على مدى التنسيق واملالئمة بين استخدام وسائل انتقال‬
‫السياسة النقدية من جهة وبين استخدام أدوات ووسائل السياسات الاقتصادية ألاخرى من جهة ثانية‬
‫بهدف تجنب آلاثار الناتجة عن عدم التنسيق بين السياسات فيما بينها‪ ،‬فتعارض ألاهداف من شأنه أن‬
‫يؤدي إلى تعارض الوصول إلى تلك ألاهداف‪ ،‬وتعتبر السياسة املالية أهم السياسات التي يمكن إجراء‬
‫التنسيق بينها وبين السياسة النقدية باعتبارهما تهدفان إلى تحقيق أهداف قد تتعارض أحينا ‪ :‬هدف‬
‫استقرار ألاسعار وهدف التشغيل التام للموارد الاقتصادية‪.‬‬
‫‪ -4-2-4‬املستوى الرابع‪ :‬فعالية السياسة النقدية في إطار البيئة التي تعمل فيها السلطة النقدية‪:‬‬
‫ونقصد بها مدى تجاوب املؤسسات املالية‪ ،‬خاصة البنوك التجارية مع البنك املركزي في تحقيق هدف‬
‫استقرار ألاسعار إلى جانب مدى استقاللية البنك املركزي و أثارها على فعالية السياسة النقدية وتدل‬
‫أيضا على توفر املعلومات الكافية عن الوحدات الاقتصادية و النقدية الرئيسية (القطاع إلانتاجي‪،‬‬
‫القطاع املالي‪ ،‬القطاع الخارجي)حتى تتمكن السلطة النقدية من اتخاذ قرارات سليمة تؤدي إلى بلوغ‬
‫ألاهداف املسطرة باإلضافة إلى مدى تواجد أسواق نقدية ومالية وجهاز مصرفي قوي و متكامل ‪.‬‬

‫طيبة عبد العزيز‪ ،‬سياسة استهداف التضخم كإطار حديث إلدارة السياسة النقدية (دراسة حالة الجزائر للفترة ‪،)2663-1224‬‬ ‫‪1‬‬

‫مذكرة لنيل شهادة املاجستير في العلوم الاقتصادية‪ ،‬تخصص نقود ومالية‪ ،‬كلية العلوم إلانسانية والعلوم الاجتماعية‪ ،‬قسم العلوم‬
‫الاقتصادية‪ ،‬جامعة حسيبة بن بوعلي‪ ،‬الشلف‪ ،0229-0221،‬ص ص‪.96-99:‬‬

‫‪88‬‬
‫املحور الرابع _____________________________________________________________________ السياسة النقدية‬

‫ثالثا‪ :‬أدوات السياسة النقدية وقنوات إبالغها‬


‫يستخدم البنك املركزي باعتباره القائم على السلطة النقدية واملسؤول املباشر على إعداد وتنفيذ‬
‫السياسة النقدية مجموعة من ألادوات ليتحكم في كمية النقود املتداولة من خالل التأثير على حجم‬
‫ونوع الائتمان املصرفي‪ ،‬من أجل تحقيق ألاهداف املسطرة في السياسة النقدية سواء كانت أولية أو‬
‫وسيطة أو نهائية‪ ،‬وهذا حسب الظروف الاقتصادية في البلد‪ .‬ويمكن تصنيف أدوات السياسة النقدية‬
‫إلى أدوات كمية ونوعية وأخرى حديثة وهذا ما سيتم تناوله في العنصر ألاول‪ ،‬وإلى جانب هذه ألادوات‬
‫يستخدم البنك املركزي مجموعة من آلاليات ألاخرى التي تعرف بقنوات إبالغ السياسة النقدية‪ ،‬من‬
‫خاللها تحدث قرارات السياسة النقدية أثرا على سلوك ألاعوان الاقتصاديين‪ ،‬ومنه على هدف النمو‬
‫واستقرا ألاسعار ويمكن تقسيمها إلى قنوات إلابالغ السعرية والائتمانية‪ ،‬وهذا ما سنتطرق إليه في‬
‫العنصر الثاني‪.‬‬

‫‪ -1‬أدوات السياسة النقدية‬


‫تقوم استراتيجية السياسة النقدية على مجموعة من ألاهداف التي تسعى إلى تحقيقها ولكي يتم‬
‫ذلك البد من استخدام ألادوات املناسبة لذلك باختالف أنواعها‪ ،‬حيث يمكن تصنيفها إلى أدوات مباشرة‬
‫وغير مباشرة باإلضافة إلى ألادوات الحديثة‪.‬‬
‫‪ -1-1‬ألادوات الكمية (غير املباشرة) للسياسة النقدية‪:‬‬
‫هي مجموعة من ألادوات التي تهدف بشكل غير مباشر إلى التأثير على مستوى الائتمان في اقتصاد‬
‫ما بهدف التأثير على تكلفة القروض ومستوى السيولة البنكية‪ ،‬من أجل إحداث تغيير في كمية النقود‬
‫إلاجمالية‪1.‬‬ ‫املتداولة‬
‫‪ -1-1-1‬سياسة معدل إعادة الخصم‪ :‬سعر إعادة الخصم هو عبارة عن سعر الفائدة الذي يتقاضاه‬
‫البنك املركزي من البنوك التجارية نظير إعادة خصم ما لديها من أوراق تجارية وأذونات الخزينة أو لقاء‬
‫ما يقدمه إليها من سلف وقروض‪ ،2‬ويعتبر سعر إعادة الخصم من أقدم ألادوات املستخدمة من طرف‬
‫البنك املركزي‪ ،‬ففي حالة التضخم يقوم البنك املركزي برفع معدل إعادة الخصم ليحد من قدرة البنوك‬
‫التجارية على التوسع في الائتمان بهدف الحد من ألاوضاع التضخمية‪ ،‬فارتفاع تكلفة الائتمان املتمثلة‬
‫في سعر الفائدة تؤدي إلى ارتفاع تكلفة التمويل‪ ،‬ويقرر املستثمرون عدم الاقتراض‪ ،‬وقد يلجؤون إلى‬

‫‪ 1‬خبابة عبد هللا‪ ،‬الاقتصاد املصرفي (النقود‪-‬البنوك التجارية‪-‬البنوك إلاسالمية‪-‬السياسة النقدية)‪ ،‬دار الجامعة الجديدة إلاسكندرية‪،‬‬
‫مصر‪ ،0202 ،‬ص‪.055 :‬‬
‫‪ 2‬محب خله توفيق‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.200 :‬‬

‫‪88‬‬
‫املحور الرابع _____________________________________________________________________ السياسة النقدية‬

‫استثمار أموالهم في ألاسواق املالية بشراء ألاسهم والسندات‪ ،‬وبالتالي تخرج ألاموال من ف السيولة‬
‫ويتقلص حجم الكتلة النقدية‪ ،‬أما في حالة إتباع البنك املركزي لسياسة توسعية‪ ،‬فإنه يقوم بتخفيض‬
‫معدل إعادة الخصم حتى يسمح للبنوك بخصم ما لديها من أوراق تجارية أو الاقتراض للتوسع في منح‬
‫الائتمان‪ ،‬فيقدم املستثمرون على البنوك التجارية للحصول على التمويل بتكلفة منخفضة عندما يكون‬
‫سعر الخصم أقل بكثير من سعر الفائدة السوقي‪ ،‬فهناك حافز كبير للبنوك للحصول على القروض‬
‫املخصومة بسعر خصم منخفض وإعادة استخدام حصيلة القروض في شراء سندات بسعر أعلى‪ ،‬لذلك‬
‫يقوم البنك املركزي بوضع قواعد للحد من عدد املرات التي تلجأ فيها البنوك التجارية إلى البنك املركزي‬
‫املخصومة‪1.‬‬ ‫للحصول على القروض‬
‫تعد سياسة إعادة الخصم أداة غير فعالة في حالة الكساد منه في حالة التضخم حيث يؤدي‬
‫الكساد إلى زعزعة ثقة رجال ألاعمال في الاستثمار حتى وان أصبح سعر الفائدة صفر إن لم يتوفر الدافع‬
‫إلى الاستثمار أي الربح‪ ،‬لذا غدت هذه ألاداة مؤشرا أمام البنوك اتجاه السلطات النقدية فيما يتعلق‬
‫بسياسة الائتمان‪ ،2‬خاصة في ظل تدهور أهمية الكمبياالت كوسيلة لتمويل التجارة لزيادة سلطة الدولة‬
‫على السوق النقدية من خالل إلافراط في إصدار أذونات الخزينة مما أدى إلى إضعاف دور البنوك‬
‫املركزية‪ ،‬باإلضافة إلى استخدام وسائل حديثة وأكثر فعالية كالسياسة السوق املفتوحة والاحتياطي‬
‫إلالزامي‪3.‬‬

‫‪ -2-1-1‬سياسة السوق املفتوحة‪ :‬تتمثل هذه ألاداة في قيام البنك املركزي بشراء (طلب) أو بيع (عرض)‬
‫بعض ألاصول التي يملكها مثل أذونات الخزينة أو السندات الحكومية وألاوراق املالية والتجارية بهدف‬
‫تحويلها إلى أصول نقدية وامتصاص السيولة أو ضخها‪ ،‬وبالتالي زيادة املعروض النقدي أو تقليصه بهدف‬
‫الدفع‪4.‬‬ ‫التأثير في سوق النقد مباشرة ومن ثم التأثير على قدرة البنوك التجارية في التأثير بكمية وسائل‬
‫حيث تحدث هذه السياسة أثرا مباشرا على كمية الاحتياطات النقدية املوجودة لدى البنوك‬
‫يلي‪5:‬‬ ‫التجارية وسعر الفائدة من خالل ما‬
‫في حالة الركود يقوم البنك املركزي بشراء كمية من ألاوراق املالية‪ ،‬ويدفع مقابلها نقدا للبنوك‬
‫التجارية فترتفع الاحتياطات النقدية لها وبالتالي تستطيع أن تقوم بعمليات إلاقراض مما يؤدي إلى‬

‫‪ 1‬بلعزوز بن علي‪ ،‬محاضرات في النظرات والسياسات النقدية‪ ،‬ديوان املطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،0221 ،‬ص‪.002 :‬‬
‫‪ 2‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.009-001 :‬‬
‫‪ 3‬لحلو موس ى بوخاري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.60 :‬‬
‫‪ 4‬السيد متولي عبد القادر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.052 :‬‬
‫‪ 5‬صالح مفتاح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.090 :‬‬

‫‪84‬‬
‫املحور الرابع _____________________________________________________________________ السياسة النقدية‬

‫انخفاض سعر الفائدة نتيجة زيادة الطلب على ألاوراق املالية‪ ،‬كما أن زيادة العرض النقدي تؤدي إلى‬
‫انخفاض أسعار الفائدة مما يرفع من حجم الاستثمار والدخل والعمالة‪ .‬أما في حالة التضخم فإن البنك‬
‫املركزي يعمل على الحد من الائتمان وامتصاص العرض النقدي الفائض‪ ،‬وذلك بإتباع سياسة‬
‫انكماشية ويدخل هذا ألاخير إلى السوق بائعا لألوراق املالية للبنوك التجارية التي تدفع ثمنها نقدا فتقل‬
‫الاحتياطات النقدية لديها وتنخفض قدرتها على منح الائتمان مما يقلل في ألاخير من حجم الاستثمار‬
‫والدخل والعمالة‪ ،‬فتنخفض أسعار السندات ويرتفع سعر الفائدة‪ ،‬وتعتبر سياسة السوق املفتوحة‬
‫فعالة مقارنة بسياسة سعر الخصم نظرا ملا تتمتع به من خصائص منها‪:‬‬
‫‪ -‬أن عمليات السوق املفتوحة تكون بيد البنك املركزي للسيطرة على الائتمان كما أن املبادرة‬
‫للدخول في السوق املفتوحة بيعا أو شراء تعود للبنك املركزي‪.‬‬
‫‪ -‬يستطيع البنك املركزي القيام بعملة شراء ألاوراق املالية ويتبعها بعملية البيع خالل فترة قصيرة‬
‫باإلضافة إلى القيام بعملية إعادة الشراء وهذا ما يجعله يتمتع بمرونة كبيرة للتحكم في الائتمان‪،‬‬
‫وبالتالي التحكم في املعروض النقدي في فترة قصيرة‪.‬‬
‫إال أن نجاح سياسة السوق املفتوحة يتوقف على مدى وجود أوراق مالية كافية في السوق تسمح‬
‫للبنك املركزي بالتأثير على السوق في حالة البيع أو الشراء‪ ،‬وفي حالة الانكماش قد ال يتحقق الهدف من‬
‫ذلك عندما يدخل البنك املركزي مشتريا للسندات وترتفع الاحتياطات النقدية للبنوك التجارية وتزداد‬
‫مقدرتها إلاقراضية‪ ،‬ومع ذلك فإن الطلب على القروض قد ال يكون كبيرا للخروج من ظروف الانكماش‬
‫بسبب حالة التشاؤم التي تسود بين رجال ألاعمال‪ ،‬كما أن انخفاض أسعار الفائدة ال يعتبر عامال محفزا‬
‫على الاستثمار عندما تكون معدالت ألارباح منخفضة باإلضافة إلى أن تطبيق هذه ألاداة يتطلب توفر‬
‫التنمية‪1.‬‬ ‫أسواق مالية واسعة ومنظمة خاصة في الدول التي تسعى إلى‬
‫‪ -3-1-1‬سياسة تعديل نسبة الاحتياطي إلاجباري‪ :‬هي إلزام أو إجبار البنوك باالحتفاظ بنسبة معينة‬
‫من التزاماتها الحاضرة على شكل رصيد دائن لدى البنك املركزي‪ ،‬ويمكن للبنك املركزي أن يقوم بتغيير‬
‫هذه النسبة بقرار منه عند اللزوم‪ ،2‬وفي الوقع فإن قدرة البنك املركزي على التأثير في املصارف التجارية‬
‫تعتمد على حاجة هذه ألاخيرة للتزود بالسيولة (إعادة التمويل) فكلما كانت حاجتها إلى إعادة التمويل‬
‫كبيرة كلما زادت تبعيتها والعكس صحيح‪ ،‬ولهذا وجدت البنوك املركزية أنه من الضروري إلحكام‬
‫سيطرتها على حجم الائتمان الذي تمنحه البنوك التجارية أن تحد من استقالليتها عن طريق خلق تسرب‬

‫‪ 1‬صالح مفتاح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.090 :‬‬


‫‪ 2‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.090 :‬‬

‫‪88‬‬
‫املحور الرابع _____________________________________________________________________ السياسة النقدية‬

‫في احتياطاتها النقدية يسمى أو يعرف بمتطلبات الاحتياطي النقدي القانوني وتستخدم البنوك املركزية‬
‫هذه ألاداة بغرض تحقيق أهداف السياسة النقدية من جهة ولحماية البنوك التجارية من جهة أخرى‪،‬‬
‫وذلك بوضع نسبة من الودائع كاحتياطي لديها حتى ال تتوسع بدرجة كبيرة في الائتمان مما يؤثر على‬
‫حجم السيولة لديها كما يقوم البنك املركزي بتوظيف وتعديل معدل الاحتياطي إلالزامي لعالج املشاكل‬
‫الاقتصادية‪.‬‬
‫في حالة الكساد يقوم البنك املركزي بتخفيض معدل الاحتياطي إلالزامي فتزداد الاحتياطات‬
‫املتوفرة لدى البنوك التجارية ومن ثم تزداد إمكانياتها على منح الائتمان‪ ،‬أما في حالة التضخم فإنه‬
‫يقوم برفع معدل الاحتياطي إلالزامي وتنخفض الاحتياطات التي بحوزة البنوك التجارية مما يعني‬
‫ألاسعار‪1.‬‬ ‫انخفاض قدرتها على منح الائتمان‪ ،‬ويقل حجم الائتمان ومعدل التوظيف‪ ،‬والطلب فتنخفض‬
‫تعتبر هذه ألاداة من السياسات الناجحة في فترات التضخم باعتبار أن البنوك التجارية ال تجد‬
‫وسيلة لالستجابة لتعليمات البنك املركزي في املهلة املحددة لرفع الاحتياطي النقدي إال عن طريق خفض‬
‫القروض وحجم الاستثمار‪ ،‬والودائع‪ ،‬وعلى العكس في حالة الكساد ألن قدرة البنوك على خلق ائتمان‬
‫وزيادة حجم القروض ال يقابله طلب على هذه القروض من طرف ألافراد واملؤسسات نظرا النتشار‬
‫الكساد‪ .‬وفي املقابل ال تعتبر هذه ألاداة مرنة ألنها تعامل البنوك الصغيرة والكبيرة على حد سواء وكذا‬
‫البنوك التي لديها احتياطات‪ ،‬ورغم ذلك تبقى هذه ألاداة أكثر فعالية وأقل تكلفة مقارنة باألداتين‬
‫السابقتين للسياسة النقدية (سعر الخصم والسوق املفتوحة) خاصة في الدول النامية التي ال تتوفر‬
‫واسعة‪2.‬‬ ‫على أسواق مالية ونقدية‬
‫‪ -2-1‬ألادوات الكيفية (املباشرة ) للسياسة النقدية‪:‬‬
‫يقصد باألدوات النوعية ألاساليب املباشرة التي يستخدمها املصرف املركزي بهدف التأثير على‬
‫نوعية الائتمان وتوجيهه لتحقيق أغراض اقتصادية معينة‪ ،‬وعادة ما تستخدم ألادوات النوعية في الدول‬
‫النامية بشكل أكبر مقارنة بالدول املتقدمة لغياب فعالية آلية السوق في تلك الدول ولعجز بعض‬
‫كامل‪3.‬‬ ‫القطاعات الاقتصادية فيها بشكل‬

‫‪ 1‬زكريا الدوري‪ ،‬يسرى السامرائي‪ ،‬البنوك املركزية والسياسة النقدية‪ ،‬دار اليازوري العلمية للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬الاردن‪ ،0221 ،‬ص‪:‬‬
‫‪.000‬‬
‫‪ 2‬صالح مفتاح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.099-091 :‬‬
‫‪ 3‬أكرم حداد‪ ،‬مشهور هذلول‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.052 :‬‬

‫‪999‬‬
‫املحور الرابع _____________________________________________________________________ السياسة النقدية‬

‫‪ -1-2-1‬سياسة تأطير القروض‪ :‬تسعى هذه ألاداة إلى تحديد أو الحد من نمو املصدر ألاساس ي لخلق‬
‫النقود بشكل قانوني وهو القروض املمنوحة من طرف البنوك واملؤسسات املالية‪ ،‬كما تعني أيضا‬
‫تخصيص الائتمان‪.‬‬
‫ففي حالة التضخم يقوم البنك املركزي بوضع سياسة تأطير القروض بهدف منح الائتمان حسب‬
‫القطاعات ذات ألاولوية التي لم تكن سببا في إحداث التضخم‪ ،‬باإلضافة إلى تقييد الائتمان تجاه البعض‬
‫ألاخر الذي يكون سببا في التضخم‪ ،‬ويمكن أن تكون هذه السياسة مرتبطة بمعيار أجل القروض فيقوم‬
‫البنك املركزي بتقييد بعض القروض القصيرة أو املتوسطة أو طويلة ألاجل‪ ،‬أما عندما ينتشر التضخم‬
‫بحدة يقوم هذا ألاخير بصياغة سياسة تأطير قروض إجبارية بتحديد الحد ألاقص ى للقروض املمنوحة‬
‫من طرف البنوك التجارية أو تحديد معدل نمو القروض‪ ،‬واستخدم هذا ألاسلوب كأداة للسياسة‬
‫النقدية باعتباره إجراء مضادا للتضخم ألول مرة سنة ‪ 0512‬في فرنسا‪ ،‬وعادة ما تكون هذه السياسة‬
‫مرفقة ببرامج استقرار للكتلة النقدية كالتقليل من النفقات العمومية وتشجيع الادخار وإصدار السندات‬
‫الفائضة‪1.‬‬ ‫والقيام بكل الوسائل الكفيلة بتخفيض الكتلة النقدية‬
‫‪ -2-2-1‬السياسة الانتقائية للقروض‪ :‬للقيام بهذه السياسة يعمد البنك املركزي على استخدام أدوات‬
‫يلي‪2:‬‬ ‫انتقائية للسيطرة على القروض املوزعة من طرف البنوك وتتمثل أدوات هذه السياسة فيما‬
‫‪ -‬تسديد خزينة الدولة لجزء من الفوائد املتعلقة ببعض أنواع التمويالت املرتبطة بالتصدير‪،‬‬
‫السكن‪ ،‬الزراعة‪ ،‬حيث أن الجزء الذي تأخذه الخزينة على عاتقها يغطي الفارق بين معدل‬
‫الفائدة على القروض وتكلفة املوارد التي تمول القروض والذي قد يأخذ شكل إلاعانة املباشرة‪.‬‬
‫‪ -‬إعادة خصم ألاوراق فوق مستوى السقوف‪ ،‬عندما يشجع البنك املركزي بعض ألانشطة فإنه‬
‫يقوم بإعادة خصم الكمبياالت الخاصة بهذه القروض‪.‬‬
‫‪ -‬فرض أسعار فائدة تفاضلية إلعادة الخصم بهدف التأثير على القروض املمنوحة لبعض ألانشطة‬
‫التي ترغب الدولة في تشجيعها وهذا تبعا للظروف الاقتصادية السائدة انكماشية أو تضخمية‪.‬‬
‫‪ -‬سياسة التمييز في أسعار الفائدة‪ ،‬حيث تعمل السلطات النقدية على تخفيض أسعار الفائدة على‬
‫التمويالت املقدمة في املجاالت التي تشجعها الدولة بهدف تقليل تكاليف إنتاج معين‪.‬‬
‫‪ -‬وضع قيود على الائتمان الاستهالكي بهدف كبح الطلب على السلع ويستخدم هذا القيد لتقليل‬
‫التضخم في الاقتصاد‪.‬‬

‫‪ 1‬صالح مفتاح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.096-091 :‬‬


‫‪ 2‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص‪092-096 :‬‬

‫‪999‬‬
‫املحور الرابع _____________________________________________________________________ السياسة النقدية‬

‫‪ -‬تغيير الهامش الحدي على قروض ألاوراق املالية وذلك من خالل تعيين الهامش الذي على املشتري‬
‫دفعه للبنوك التجارية عندما يرغب في شراء ألاوراق املالية‪.‬‬
‫‪ -‬اشتراط البنك املركزي الحصول على موافقة في منح القروض عندما تتجاوز القروض حدا معينا‪.‬‬
‫‪ -‬متطلبات إلايداع املسبق مقابل الاستيراد‪ ،‬حيث يشترط البنك املركزي الحصول على ترخيص‬
‫مسبق لالستيراد أو التحويل ألاجنبي‪ ،‬بوضع إيداعات مسبقة من قبل املستوردين لديه وهي طريقة‬
‫لتقيد الاستيراد خالل فترة العجز في ميزان املدفوعات للبلد‪.‬‬
‫‪ -3-2-1‬سياسة معدالت الفائدة‪ :‬تهدف البنوك التجارية ألن تكون استثماراتها مربحة ولكي يتحقق ذلك‬
‫يجب عليها أن تأخذ بعين الاعتبار معدالت الفوائد املدفوعة من قبل الزبائن (املدينة) على القروض‬
‫املمنوحة بواسطة البنوك ومعدالت الفوائد الدائنة املدفوعة من قبل املصارف على الودائع ألجل‪،‬‬
‫باإلضافة إلى معدالت الفوائد على إعادة التمويل التي يفرضها البنك املركزي من خالل تدخالته املباشرة‬
‫أو غير املباشرة‪ ،‬أو بمعنى أخر حتى تكون استثمارات البنوك التجارية مربحة يجب أن تتجاوز الفوائد‬
‫والعمالت املقبوضة الفوائد املدفوعة وتكلفة إعادة التمويل ومجموع التكاليف ألاخرى‪ ،‬نجد أنه في‬
‫العديد من البلدان املتقدمة والنامية قد يتدخل البنك املركزي بفرض معدالت فوائد على القطاع‬
‫املصرفي وإذا كانت تترك الحرية في الغالب للمصارف لكي تحدد بنفسها معدالت الفائدة املدينة فإن‬
‫ي‪1.‬‬ ‫التأثير على هذه املعدالت ال يجري إال بشكل غير مباشر من خالل معدل الفائدة املصرفي ألاساس‬
‫تقوم املصارف في الدول املتقدمة بتحديد سعر فائدة منخفض من أجل تنشيط الاستثمارات‪،‬‬
‫لكن هذه السياسة تعد في بعض ألاحيان سببا في ظهور ضغوط تضخمية تؤدي إلى جمود اقتصادي‬
‫مثلما حصل في بداية الثمانينيات من القرن العشرين‪ ،‬ألامر الذي استدعى اتخاذ إجراءات أخرى ملوجهة‬
‫التضخم عن طريق إقرار زيادات متتالية ملعدالت الفائدة الدائنة إال أن هناك صعوبة في التوفيق بين‬
‫معدالت فائدة تحقق التوازن بين النمو الاستثماري من ناحية وتفادي التضخم والكساد من ناحية‬
‫أخرى‪ ،‬وهنا تكمن فعالية هذه السياسة التي يجب أن تراعي معطيات أخرى من بينها التعويض العادل‬
‫التضخم‪2.‬‬ ‫للمدخرين خاصة على املدى الطويل باإلضافة إلى ممارسة التأثير على إلاقراض بهدف كبح‬
‫‪ -3-1‬ألادوات الحديثة للسياسة النقدية‪:‬‬
‫هي مجموعة من إلاجراءات املباشرة التي تسمى بأدوات الرقابة املباشرة‪ ،‬وتتنوع هذه إلاجراءات‬
‫كالتدخل املباشر في أعمال البنوك التجارية وإلاقناع ألادبي ومن أهم هذه ألادوات املستخدمة ما يلي‪:‬‬

‫‪ 1‬وسام مالك‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.096 :‬‬


‫‪ 2‬بنابي فتيحة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.001 :‬‬

‫‪999‬‬
‫املحور الرابع _____________________________________________________________________ السياسة النقدية‬

‫‪ ‬إلاقناع ألادبي‪ :‬ويشير إلى قيام البنك املركزي بإقناع البنوك وتوجيه النصائح لها فيما يتعلق‬
‫بتوجهاتها الائتمانية من أجل الالتزام بالسياسة التي يرسمها‪ ،‬خاصة فيما يتعلق بطريقة تصرف‬
‫البنوك باحتياطاتها وودائعها النقدية والتقليل من القروض املمنوحة لإلفراد في أوقات الكساد‬
‫التضخم‪1.‬‬ ‫لزيادة حجم إلانتاج الكلي وتحقيق العمالة وتضييق الائتمان في حالة‬
‫‪ ‬التوجيهات وألاوامر‪ :‬يقوم البنك املركزي بإصدار تعليمات مباشرة موجهة إلى البنوك التجارية‬
‫واملؤسسات املالية لتوجيهها إلى السياسات املرغوبة من خالل حجم الائتمان وطبيعته‪ ،‬مثل قيام‬
‫البنك املركزي باستخدام جزء من ألاصول املالية للبنوك التجارية في شراء السندات الحكومية‬
‫أو إقراضها ألصحاب املشاريع الاستثمارية طويلة ألاجل‪ ،‬كما يقوم البنك املركزي بتحديد النسبة‬
‫التي يتعين على البنوك مراعاتها بين رأس املال والاحتياطي وجملة أصولها‪ ،‬أو فرض حد أقص ى‬
‫معينة‪2.‬‬ ‫إلجمالي قروض البنوك واستثماراتها بالنسبة ألنواع‬
‫‪ ‬قيام البنك املركزي بعمليات التفتيش على عمليات البنوك التجارية بشكل دوري (شهري أو‬
‫سنوي أو نصف سنوي)‪ :‬بهدف معرفة مدى تطبيق البنوك التجارية للتعليمات وألاوامر املوجهة‬
‫إليها من طرف البنك املركزي‪ ،‬باإلضافة إلى تلقي البنك املركزي لتقارير عن أنشطة البنوك السنوية‬
‫لديها‪3.‬‬ ‫التي تبين حالة البنوك وسيولتها وحجم الودائع والقروض‬
‫‪ ‬قيام البنك املركزي بالتشاور مع البنوك التجارية‪ :‬خصوصا عند صياغة السياسة إلاقراضية‬
‫أو الائتمانية للجهاز املصرفي وذلك بالتشاور مع مسؤولي البنوك وحضورهم اجتماعات البنك‬
‫لالجتماع‪4.‬‬ ‫املركزي التي يعقدها دوريا أو كلما دعت الحاجة‬

‫‪ -2‬قنوات إبالغ السياسة النقدية‬


‫تمثل قنوات إبالغ السياسة النقدية املتغيرات التي تسمح بنقل أثر السياسة النقدية من ألاهداف‬
‫الوسيطة إلى ألاهداف النهائية‪ ،‬حيث يمر أثر السياسة النقدية إلى الاقتصاد ويؤثر على سلوك ألاعوان‬
‫الاقتصاديين ومنه ألاهداف املتصلة باالستقرار الاقتصادي والنمو الاقتصادي عبر ثالث قنوات رئيسية‬
‫هي‪:‬‬

‫‪ 1‬بنابي فتيحة مرجع سابق‪ ،‬ص‪.006 :‬‬


‫‪ 2‬جمال بن دعاس‪ ،‬السياسة النقدية في النظاميين إلاسالمي والوضعي (دراسة مقارنة)‪ ،‬دار الخلدونية للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪،0226،‬‬
‫ص ص‪.029-021 :‬‬
‫‪ 3‬صالح مفتاح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.012 :‬‬
‫‪ 4‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.012 :‬‬

‫‪999‬‬
‫املحور الرابع _____________________________________________________________________ السياسة النقدية‬

‫‪ -1-2‬قناة معدالت الفائدة‪ :‬حسب النظرية الكينزية فإن قناة معدل الفائدة تعتبر القناة الرئيسية التي‬
‫ينتقل عبرها أثر السياسة النقدية إلى النمو‪ ،‬حيث يؤدي انتهاج سياسة نقدية توسعية إلى خفض معدالت‬
‫الفائدة الحقيقية وهو ما يعمل على تحفيز الاستثمار الذي يدفع باتجاه نمو الناتج والتشغيل‪ ،‬ويطبق‬
‫عمل السلطات النقدية مباشرة على املعدالت القصيرة وعلى سيولة البنوك واملؤسسات املالية‪ ،‬وتكون‬
‫الاستثمارات مشروطة أكثر باملعدالت الطويلة‪ ،‬ولكن هذا يخص الحد من ارتفاع ألاسعار الذي يتعلق‬
‫النقدية‪1.‬‬ ‫أكثر بالسياسة‬
‫‪ -2-2‬قناة معدالت ألاسعار‪ :‬القناة ألاخرى لتبليغ أثر السياسة النقدية تتعلق بمعدالت الصرف وأسعار‬
‫ألاصول املالية‪ ،‬فبالنسبة ملعدالت الصرف فإنه من شأن تبني سياسة نقدية توسعية أن يؤثر على سعر‬
‫الصرف باتجاه الانخفاض وهو ما يؤدي إلى تشجيع الصادرات وتخفيض الواردات وبالتالي سيؤثر إيجابيا‬
‫الاقتصادي‪2.‬‬ ‫على ميزان املدفوعات وبدرجة أقل على النشاط‬
‫وتؤثر السياسة النقدية على الطلب الكلي في الاقتصاد من خالل قدرتها في املدى املتوسط والطويل‬
‫على تحديد القيمة الاسمية أو النقدية للسلع والخدمات‪ ،‬حيث تؤثر على سبيل املثال أسعار الفائدة‬
‫الرسمية على أسعار ألاصول املالية من خالل تأثير التغير في سعر الخصم أو إعادة الشراء على أسعار‬
‫ألاوراق املالية الحكومية كاألذون والسندات وخاصة تلك املربوطة بأسعار فائدة طويلة ألاجل‪ ،‬حيث‬
‫تنخفض القيمة السوقية للورقة املالية طويلة ألاجل نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة الرسمية والعكس‬
‫صحيح‪ ،3‬ويوضح املخطط التالي آلية انتقال آثار هذه السياسة إلى القطاع الحقيقي عبر قناة أسعار‬
‫الفائدة‪.‬‬
‫شكل رقم (‪ :)60‬آلية انتقال آثار السياسة النقدية لالقتصاد الحقيقي من خالل أسعار الفائدة‬

‫املصدر‪ :‬صندوق النقد العربي‪ ،‬التقرير الاقتصادي العربي املوحد ‪ ،2611‬أبو ظبي‪ ،‬إلامارات العربية املتحدة‪ ،‬ص‪:‬‬
‫‪.002‬‬

‫‪ 1‬صالح مفتاح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.011 :‬‬


‫‪ 2‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.019 :‬‬
‫‪ 3‬صندوق النقد العربي‪ ،‬التقرير الاقتصادي العربي املوحد ‪ ،2611‬أبو ظبي‪ ،‬إلامارات العربية املتحدة‪ ،‬ص‪.002 :‬‬

‫‪998‬‬
‫املحور الرابع _____________________________________________________________________ السياسة النقدية‬

‫مع هذا‪ ،‬تتميز الاقتصاديات املتقدمة بالتأثير املباشر في املدى القصير للتغيرات في أسعار الفائدة‬
‫الرسمية على أسعار ألاصول املتمثلة أساسا في ألاوراق املالية غير أن طبيعة أسواق املالية العربية وهيكل‬
‫اقتصاداتها تحد من سرعة انتقال أثر استخدام أدوات السياسة النقدية على أسعار ألاصول‪ ،‬كما أن‬
‫التغيرات في أسعار الفائدة الرسمية لم تسجل أثرا ملموسا على أسعار الصرف في الدول العربية نظرا‬
‫النتهاج العديد منها سياسة تثبيت عملتها مقابل الدوالر وقيام مجموعة أخرى بالتدخل في أسواق الصرف‬
‫املدفوعات‪1.‬‬ ‫للحفاظ عليه عند مستوى يحول دون حدوث خلل في ميزان‬
‫استكماال للتحليل السابق وفيما يخص قناة الاستثمار فإنها تستند إلى مؤشر (‪ )Tobin‬لالستثمار‬
‫أو ما يعرف بنظرية (‪ )Q‬وهي نظرية حركية في الاستثمار مبنية على أن الاستثمار يتوقف على نسبة القيمة‬
‫السوقية لألصل الرأسمالي إلى تكلفة إلاحالل‪ ،‬وهي النسبة التي تسمى نسبة أو معامل (‪ )Q‬فإذا رمزنا إلى‬
‫‪M‬‬
‫=‪Q‬‬ ‫‪R‬‬
‫القيمة السوقية لألصل الرأسمالي ب (‪ )M‬وإلى تكلفة إلاحالل بـ (‪ )R‬فإن‪:‬‬
‫حيث أشار توبان )‪ (Tobin‬إلى أن املؤسسات يجب أن تستثمر ملا تكون ‪ ،Q>1‬فعندما تكون (‪)Q‬‬
‫مرتفعة فإن الاستثمار يكون قويا وبالعكس عندما تكون (‪ )Q‬منخفضة فاملستثمرون لهم أفضلية لشراء‬
‫املؤسسات في السوق‪ ،‬هذا يجعل الاستثمار يميل إلى الركود ويضعف النمو أو يكون سالبا‪ ،‬والسياسة‬
‫النقدية تؤثر على املعامل (‪ )Q‬فعندما تكون هذه السياسة توسعية فإنها تسرع لألفراد التخلص من‬
‫النقود ومبادلتها بسلع ويكون عندها املعامل (‪ )Q‬مرتفعا‪ ،‬أما السياسة النقدية التضييقية فهي تنتج‬
‫بالطبع أثرا معاكسا حيث يبيع ألاعوان الاقتصاديون ألاصول الحقيقية سعيا منهم للحصول أكثر على‬
‫(‪ )Q‬منخفضا‪2.‬‬ ‫النقود ويكون عندها املعامل‬
‫كما أن هناك مساهمة متميزة في هذا إلاطار لالقتصادي (‪ )Franco Modigliani‬تخص أثر السياسة‬
‫النقدية من خالل أثر زيادة الثروة على الاستهالك‪ ،‬حيث يرتبط املستوى الاستهالكي بحجم الادخار الذي‬
‫يتحدد بالدخل الحالي واملوارد املتحصل عليها مدى الحياة والتي تتكون أساسا من ألاسهم هذه ألاخيرة‬
‫يزداد الطلب عليها عند اتباع سياسة نقدية توسعية مما يرفع من أسعارها ويؤدي إلى زيادة ثروات‬
‫ألافراد والذين يرفعون من استهالكهم وبالتالي سيرتفع الطلب الكلي ويزداد إلانتاج‪.‬‬
‫‪ -3-2‬قناة القرض‪ :‬إن عدم الاتفاق الذي واجه القناة التقليدية لسعر الفائدة دفع نحو التركيز على قناة‬
‫الائتمان عبر آليتين هما‪:‬‬

‫‪ 1‬صندوق النقد العربي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.002 :‬‬


‫‪ 2‬صالح مفتاح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.011-019 :‬‬

‫‪998‬‬
‫املحور الرابع _____________________________________________________________________ السياسة النقدية‬

‫‪ -1-3-2‬قناة إلاقراض املصرفي‪ :‬حيث يرتبط حجم الائتمان الذي توزعه البنوك باتجاه السياسة‬
‫النقدية املطبقة فمن شأن زيادة العرض النقدي من خالل إتباع سياسة نقدية توسعية أن يشجع‬
‫البنوك على إلاقراض ويدفع إلى زيادة احتياطاتها مما يدفعها إلى إلاقراض أكثر بتأثير مضاعف القرض‪،‬‬
‫ومن جانب آخر فإن انخفاض معدالت الفائدة يقلل مشاكل الخطر املعنوي والانتقاء املوجه إلى تحريك‬
‫وترشيد القرض حسب املفهوم الذي قدمه كل من الاقتصاديين )‪ (Weyss & Stiglitz‬والذي يشير إلى‬
‫أن البنوك توزع قروضا قليلة عندما ال ترغب املؤسسات والعائالت في الحصول عليها بالشروط املطبقة‪1.‬‬

‫‪ -2-3-2‬قناة ميزانيات منشآت ألاعمال‪ :‬يرجع أصل وجود هذه القناة إلى مشكل عدم تماثل املعلومات‬
‫في أسواق الائتمان‪ ،‬حيث يؤدي انخفاض عرض النقود إلى خفض صافي قيمة املؤسسات وضماناتها‬
‫إضافة إلى أن ارتفاع أسعار الفائدة سيخفض التدفق النقدي لتلك الشركات‪ ،‬مما يرفع من مخاطر‬
‫إقراضها وهو ما ال يحفز البنوك على منحها قروضا وخاصة الصغيرة منها ألامر الذي يحد من الاستثمار‬
‫ونمو الناتج‪2.‬‬

‫‪ 1‬صالح مفتاح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.011 :‬‬


‫‪ 2‬علي توفيق الصادق‪ ،‬معبد علي الجارحي‪ ،‬نبيل عبد الوهاب لطيفة‪ ،‬السياسات النقدية في الدول العربية‪ ،‬معهد السياسات الاقتصادية‪،‬‬
‫صندوق النقد العربي‪ ،‬أبو ظبي‪ ،0551 ،‬ص ص‪.12-10 :‬‬

‫‪998‬‬
‫المحور الخامس‪ :‬النظام المالي "األنظمة المصرفية‬
‫واألسواق المالية"‬

‫أوال‪ :‬تعريف النظام المالي وأهم ووظائفه‬

‫ثانيا‪ :‬تعريف النظام المصرفي ومؤسساته‬

‫ثالثا‪ :‬تعريف السوق المالية وتقسيماتها‬


‫املحور الخامس _______________________________________ النظام املالي "ألانظمة املصرفية وألاسواق املالية"‬

‫تمهيد‬
‫يعد النظام املصرفي واملالي جزءا أساسيا من البناء الاقتصادي السائد في أي دولة ويلعب دورا‬
‫أي من النظم الاقتصادية والاجتماعية‪ ،‬هذا الدور وتلك ألاهمية يأخذها من خالل سعي‬
‫مهما في ظل ٍ‬
‫املجتمعات لتحقيق التنمية والرفاه‪ ،‬فالوظيفة ألاساسية ألي نظام مالي هي إتاحة أكبر قدر من املرونة‬
‫وتوفير أنسب حجم من وسائل الدفع إلتمام مختلف الصفقات والعقود ودعم فرص الابتكار والتطوير‬
‫والتحديث‪.‬‬
‫نتناول في هذا املحور املفاهيم ألاساسية للنظام املالي ومكوناته‪ ،‬وإجماال فإن ألانظمة املالية تقسم‬
‫إلى قسمين رئيسيين يضم كل منهما مجموعة من املؤسسات التي تؤدي أدوارا مختلفة في الربط بين‬
‫وحدات الفائض املالي ووحدات العجز املالي وهما النظام املصرفي من جهة وألاسواق املالية من جهة‬
‫أخرى‪ ،‬وتبعا لهذا التقسيم تتعدد أنواع النظم املالية املترتبة على ذلك‪ ،‬وهو ما سيتم التطرق له الحقا‬
‫بالتفصيل في املحور املوالي‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تعريف النظام املالي وأهم وظائفه‬


‫يمثل النظام املالي في الواقع جزءا هاما من مكونات النظام الاقتصادي‪ ،‬وأحد املؤثرات الرئيسية‬
‫في مستوى النشاط‪ ،‬ليس فقط نتيجة تأثيره على مختلف القطاعات الاقتصادية ألاخرى ولكن ألن له‬
‫تأثيرات اجتماعية تمتد إلى مختلف شرائح املجتمع بشكل مباشر وغير مباشر من خالل الوظائف التي‬
‫تؤديها املؤسسات وألاسواق املالية في الاقتصاد وما يترتب عليها من نتائج اقتصادية واجتماعية‪.‬‬

‫‪ -1‬تعريف النظام املالي‬


‫يعرف النظام املالي على أنه مجموع الهيئات وآلاليات التي تسمح لبعض ألاعوان خالل فترة زمنية‬
‫معينة بالحصول على موارد للتمويل وآلخرين باستخدام وتوظيف مدخراتهم‪ ،1‬فهو يسمح للوحدات‬
‫الاقتصادية ذات العجز باإلنفاق أكثر مما تملك خالل فترة زمنية معينة وفي املقابل نجده يتيح للوحدات‬
‫فوائضها‪2.‬‬ ‫ذات الفائض توظيف‬
‫ويتكون هذا النظام من شبكة من املؤسسات املالية وألاسواق والتي تتوفر على كافة الظروف‬
‫املختلفة‪3.‬‬ ‫وآلاليات التي تتحكم في إنتاج حيازة وتبادل ألاصول وألادوات املالية‬

‫‪ 1‬عبد املجيد قدي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.062 :‬‬


‫‪2‬‬
‫‪Robert Ferrandier, Vincent Koen, Marchés de Capitaux et Techniques Financières, 4 édition, Economica,‬‬
‫‪Paris, 1997, P: 9.‬‬
‫‪ 3‬سعيد عبد الحميد مطاوع‪ ،‬ألاسواق املالية املعاصرة‪ ،‬مكتبة أم القرى‪ ،‬مصر‪ ،0222 ،‬ص‪.0 :‬‬

‫‪801‬‬
‫املحور الخامس _______________________________________ النظام املالي "ألانظمة املصرفية وألاسواق املالية"‬

‫إذن باإلمكان تعريف النظام املالي على أنه مجموع الترتيبات املؤسساتية والقانونية التي تتحكم‬
‫وتؤثر في تدفق ألاموال في الاقتصاد بواسطة مختلف ألادوات املالية التي تحوزها مؤسساته وأسواقه‪،‬‬
‫وهي ألاركان الثالث الرئيسية في أي تعريف لهذا النظام‪.‬‬

‫‪ -2‬وظائف النظام املالي‬


‫إن ألانظمة املالية تهدف في املقام ألاول لخدمة مقاصد النمو الاقتصادي والتنمية في البلدان على‬
‫اختالف نماذج هياكلها الاقتصادية‪ ،‬وبش يء من التفصيل فإن النظام املالي سواء تعلق ألامر بالبنوك أو‬
‫ألاسواق املالية ومن خالل الوظائف التالية يعمل على تعبئة أكبر قدر من املوارد املالية املتاحة ومن ثم‬
‫تخصيصها ملختلف أنواع النشاط الاقتصادي كما يسمح بضمان تخصيص أكفأ للموارد املالية املتاحة‬
‫في الاقتصاد والتقليل من مشاكل عدم تماثل املعلومات‪:‬‬
‫‪ -1-2‬تعبئة املدخرات‪ :‬تعد وظيفة تعبئة املدخرات من أولى الوظائف التي ارتبطت بظهور املؤسسات‬
‫املالية منذ نشوئها‪ ،‬حيث تسعى مؤسسات الوساطة املالية إلى جذب أكبر قدر ممكن من املدخرات‬
‫وألاموال والتي على ضوئها تبنى سياسات إلاقراض والاستثمار لهذه املؤسسات‪ ،‬وهذا من خالل إتاحة‬
‫مجموع متنوعة من الوسائط وألاوعية الادخارية التي تالئم متطلبات شرائح واسعة من وحدات الفائض‬
‫وتتالءم وتفضيالتهم فيما يتعلق بالسيولة املخاطرة والعائد‪ ،‬وكذا إدخال تجديدات مستمرة عليها‬
‫يدعمها في ذلك التطور الهائل في نظم املعلومات والاتصال‪ ،‬وعليه فإن تطور وظائف النظام املالي وزيادة‬
‫كفاءة أدائه يتناسب إيجابيا مع قدرة الوسطاء املاليين على حشد حجم متزايد من املوارد املالية ويرفع‬
‫مقدرتهم على تقديم التمويل املناسب للمشروعات الاقتصادية وباملحصلة تعزيز النمو الاقتصادي‪.‬‬
‫في املقابل فإن وجود نظام مالي متخلف سيعمل على زيادة الاكتناز السائل وتفضيل ألاصول غير‬
‫املنتجة كبديل لحفظ الثروة ودفع ألافراد إلى التعامل مع القطاع غير الرسمي‪ ،‬مما يزيد من نسبة‬
‫التسرب ويؤدي إلى انخفاض كفاءة النظام املالي في جمع املوارد املالية وتخصيصها مما ينعكس سلبا‬
‫على معدالت الاستثمار الحقيقي والنمو‪.‬‬
‫وتذهب أغلب نماذج التنمية إلى اعتبار أن ارتفاع حجم الادخار يؤدي إلى تراكم كبير لرأس املال‬
‫ويسرع من النمو الاقتصادي‪ ،‬وعلى الرغم من وجود من يرى أن العالقة تسير بالعكس من النمو إلى‬
‫الادخار فإن وجتهي النظر تؤكدان على أهمية وإيجابية العالقة بين الادخار والنمو والتي قد تسير فعليا في‬
‫كال الاتجاهين باختالف مرحلة التطور الاقتصادي للمجتمع‪ ،‬وهو ما تؤكده التجارب التنموية الناجحة‬

‫‪801‬‬
‫املحور الخامس _______________________________________ النظام املالي "ألانظمة املصرفية وألاسواق املالية"‬

‫لعدد من دول آسيا والتي سبقتها معدالت ادخار عالية بلغت في الصين على سبيل املثال أكثر من ‪%02‬‬
‫‪1.0222-2111‬‬ ‫من حجم الناتج املحلي إلاجمالي للفترة‬
‫‪ -2-2‬تشجيع الاستثمار‪ :‬يعد الاستثمار املحرك الرئيس ي للفعاليات الاقتصادية وللنمو الاقتصادي فقد‬
‫عده الكالسيك ألاساس في رفع معدل تراكم رأس املال واملحور ألاساس ي للنمو الاقتصادي‪ ،‬كما يعد من‬
‫وجهة النظر الكينزية مؤثرا رئيسيا في تحديد الطلب الكلي الفعال ومن ثم معدل النمو الاقتصادي‪ ،‬في‬
‫حين اعتبره كل من (‪ )Harrod‬و(‪ )Domar‬السبب الرئيس ي للنمو في ألاجل الطويل‪ ،‬ويعتبر توفير التمويل‬
‫الالزم للمشاريع الاستثمارية من بين الوظائف الرئيسية التي تقدمها مؤسسات النظام املالي املختلفة‬
‫سواء تم ذلك من خالل مؤسسات الوساطة املالية عبر ما يعرف بالتمويل غير املباشر أو من خالل‬
‫ألاسواق املالية عبر قناة التمويل املباشر‪ ،‬وتعمل هذه املؤسسات على تقديم أنواع متعددة من التمويل‬
‫من حيث الطبيعة والغرض وفترات الاستحقاق تراعي الخصوصية املالية والاقتصادية للمشاريع املمولة‪،‬‬
‫وبهذا فإن الائتمان املقدم للوحدات الاقتصادية يساهم في رفع حجم الاستثمار إلاجمالي مما ينعكس‬
‫إيجابا على النمو الاقتصادي‪.‬‬
‫‪ -3-2‬جمع ونقل املعلومات‪ :‬تستفيد املؤسسات املالية من مزايا اقتصاديات الحجم فيما يخص‬
‫تخفيض تكاليف الحصول على املعلومات املتعلقة باملشاريع الاستثمارية املختلفة‪ ،‬كما تتمتع هذه‬
‫املؤسسات املالية بمقدرتها الكبيرة على تجميع وتحليل هذه املعلومات والحكم على املراكز املالية لوحدات‬
‫العجز وهو ما ال يتوفر لغيرها في هذا املجال‪ ،2‬أو من خالل لجوئها إلى املختصين في ميدان التحليل املالي‬
‫حيث تكون تكلفة استخدامهم منخفضة جدا ألنها تتوزع على عدد كبير من العمليات‪ ،3‬والبنوك بجمعها‬
‫للمعلومات فإنها ترجح كفة املشاريع ألاجدى اقتصاديا ألامر الذي يحد من حجم املخاطر ويشجع الابتكار‬
‫التقني‪ ،4‬كما يساعد ذلك على اتخاذ القرار املالي ألامثل لطالبي ألاموال ولعارضيها وكذا الابتعاد عن‬
‫التوظيفات ضعيفة املردود وعالية املخاطر مما يساعد على انسياب املوارد املالية بكفاءة أكبر نحو أفضل‬
‫الفرص الاستثمارية‪ ،‬وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى تحسين حجم ونوعية الاستثمارات وتطوير توزيع رأس‬
‫املال ويدفع إلى رفع معدالت النمو الاقتصادي‪.‬‬

‫‪ 1‬عبد الرحمان بن سانية‪ ،‬الانطالق الاقتصادي بالدول النامية في ظل التجربة الصينية‪ ،‬أطروحة دكتوراه في العلوم الاقتصادية‪،‬‬
‫تخصص اقتصاد التنمية‪ ،‬كلية العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‪ ،‬جامعة أبي بكر بلقايد تلمسان‪ ،0222/0220 ،‬ص‪.060 :‬‬
‫‪ 2‬سعيد عبد الحميد مطاوع‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.21 :‬‬
‫‪ 3‬صبح محمود‪ ،‬الابتكارات املالية‪ :‬املؤسسات وألاوراق املالية الغائبة عن السوق املالي املصري‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪ ،2111‬ص ص‪.22-22 :‬‬
‫‪ 4‬وليد عبد مواله‪ ،‬دور القطاع التمويلي في التنمية‪ ،‬جسر التنمية‪ ،‬املعهد العربي للتخطيط‪ ،‬الكويت‪ ،‬العدد ‪ ،58‬السنة الثامنة‪ ،‬يوليو‬
‫‪ ،0221‬ص‪.2 :‬‬

‫‪880‬‬
‫املحور الخامس _______________________________________ النظام املالي "ألانظمة املصرفية وألاسواق املالية"‬

‫أيضا فإن وجود سوق مالية متطورة سيعمل على توفير وسائل أفضل للمعلومات والرصد مما‬
‫الرأسمالية‪1.‬‬ ‫يزيد من ثقة املستثمرين ويقلل من التكلفة‬
‫وباإلضافة إلى الدور السابق في تجميع املعلومات فإن الدور الثاني الذي يقوم به النظام املالي هو‬
‫نقل املعلومات وهي الوظيفة التي تضطلع بها ألاسواق املالية على وجه الخصوص وهذا بإدخال هذه‬
‫املعلومات في أسعار أسهم وسندات وباقي ألاصول املالية للمؤسسات‪ ،‬حيث يستفيد املدخرون‬
‫واملستثمرون من املعلومات من خالل النظر إلى عوائد ألاصل محل الاهتمام‪ ،‬ويمثل إدخال املعلومات‬
‫التي تؤدي عملها بكفاءة‪2.‬‬ ‫املتاحة في عوائد ألاصول أو الاستثمارات املالية الظاهرة املميزة لألسواق املالية‬
‫‪ -4-2‬إدارة وتوزيع املخاطر‪ :‬كما ينقل النظام املالي ألاموال فإنه يقوم أيضا بنقل املخاطر‪ ،‬فشركات‬
‫التأمين على سبيل املثال هي وسيط مالي متخصص في تحويل املخاطر‪ ،‬وفي غالب ألاحيان فإن ألاموال‬
‫املالي‪3.‬‬ ‫واملخاطر يتصالن ببعضهما البعض وهما عنصران متالزمان ينتقالن في نفس الوقت في النظام‬
‫وللنظام املالي املتطور دور مهما في التقليل من مخاطر النشاط الاقتصادي ليس من خالل نشاط‬
‫قطاع التأمين فحسب ولكن كذلك من خالل توفير املعلومات واملعرفة املتخصصة وتقليل كلفة البحث‬
‫وتقييم املنشآت واملدراء وظروف السوق إلى جانب تقليل املخاطر من خالل املقدرة على تنويع‬
‫الاستثمارات‪4.‬‬

‫إن عوائد الاستثمار تنطوي على نوعين من املخاطر‪ ،‬ينجم ألاول عن نقص املعلومات التقنية‬
‫والثاني يرتبط باملخاطر املستقبلية للطلب على إلانتاج‪ ،‬حيث لهذه املخاطر تأثير واضح على كفاءة‬
‫تخصيص املوارد‪ ،‬ويعمل الوسطاء املاليون على تنويع حافظاتهم املالية وفقا العتبارات العائد والسيولة‬
‫واملخاطرة بما يخفض من قيمة املخاطر املجمعة قياسا إلى ما تمثله مخاطر مشروع منفرد على مدخر‬
‫أو مستثمر واحد‪ ،5‬فتنويع هذه املحفظة يجعل من التقلبات الحادة في قيمتها تنخفض‪ ،‬على اعتبار أن‬
‫الطريقة‪6.‬‬ ‫عوائد الاستثمار داخل املحفظة ال تتغير بنفس‬

‫‪ 1‬روبيرتو زاهلر‪ ،‬التطور املالي في شيلي‪ ،‬الندوة الثالثة حول تطور القطاع املالي والنمو الاقتصادي‪ ،‬معهد السياسات الاقتصادية‪ ،‬صندوق‬
‫النقد العربي‪ ،‬أبو ظبي‪ 5-7 ،‬ديسمبر ‪ ،0222‬ص‪.206 :‬‬
‫‪ 2‬صبح محمود‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.22-22 :‬‬
‫‪ 3‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.22-22 :‬‬
‫‪ 4‬زياد فريز‪ ،‬التطور املالي والنمو الاقتصادي‪ :‬حالة ألاردن‪ ،‬الندوة الثالثة حول تطور القطاع املالي والنمو الاقتصادي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪:‬‬
‫‪.001‬‬
‫‪ 5‬شذا جمال الخطيب‪ ،‬العوملة املالية ومستقبل ألاسواق العربية لرأس املال‪ ،‬مؤسسة طابا‪ ،‬مصر‪ ،0220 ،‬ص‪.22 :‬‬
‫‪ 6‬صبح محمود‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.22-22:‬‬

‫‪888‬‬
‫املحور الخامس _______________________________________ النظام املالي "ألانظمة املصرفية وألاسواق املالية"‬

‫ومن جانب آخر يوفر السوق املالي املتطور مزيدا من السيولة ومن عرض ألاموال املتاحة لالستثمار‬
‫ومزيدا من خيارات التنويع أمام املستثمرين الذين يكون باستطاعتهم تنويع عنصر املجازفة مع زيادة‬
‫املختلفة‪1.‬‬ ‫توفر ألادوات املالية‬
‫‪ -5-2‬تعزيز الرقابة والحوكمة‪ :‬من خالل وظائف القطاع املالي في جمع املعلومات وإدارة املخاطر وتنويعها‬
‫فإنه يتيح رقابة فعالة على املقترضين والشركات‪ ،2‬فالتقييم شبه املتواصل للشركات استنادا إلى كل‬
‫املعلومات املتوفرة يساند كفاءة تخصيص رأس املال‪ ،‬كما أن البورصات السائلة تتيح شراء الشركات‬
‫املديرين‪3.‬‬ ‫غير الكفؤة من قبل شركات أخرى ألامر الذي يدعم الكفاءة من خالل فرض الانضباط على‬
‫كما تستطيع البورصات تحسين إدارة وضبط الشركات من خالل تمكين أصحابها من ربط رواتب‬
‫املديرين بقيمة الشركة مما يخفف من مشاكل الوكالة (‪ ،)Agency Problem‬وهذا من خالل إدخال‬
‫املديرين‪4.‬‬ ‫التوازن بين حوافز ومصالح‬
‫‪ -6-2‬توفير السيولة وخفض تكاليف املعامالت‪ :‬يهتم املستثمرون بشكل كبير بسيولة استثماراتهم املالية‬
‫التي تعني قدرة ألاصل على التحول بسرعة وبأقل تكلفة إلى نقد وهذا من أجل الاستجابة بسرعة إلى‬
‫الفرص الجديدة أو ألاحداث غير املتوقعة‪ ،‬حيث يوفر النظام املالي من خالل مؤسساته وأسواقه املالية‬
‫نظاما للمتاجرة يجعل من ألاصول املالية أكثر سيولة‪ ،‬فالقدرة على تحويل ألاصول املالية منخفضة‬
‫السيولة إلى حقوق سائلة على النحو الذي يالئم رغبات املدخر يعد أحد معايير الكفاءة للنظام املالي‪،5‬‬
‫وفي هذا السياق فإن سيولة سوق ألاوراق املالية توفر فرصا مميزة تقابل رغبات مختلف ألاطراف‬
‫املتعاملة في هذه السوق‪ ،‬وتوفق بين متطلبات التمويل طويل ألاجل لالستثمارات وعدم رغبة املستثمرين‬
‫أو تخوفهم من التخلي عن مدخراتهم لفترة طويلة ألامر الذي يجعل الاستثمار أقل مخاطرة وأكثر جاذبية‪.‬‬
‫كما أن وجود أسواق مالية متطورة بأدائها وأدواتها قادرة على الاستجابة السريعة ملتطلبات‬
‫الاقتصاد من السيولة بالحجم والوقت املالئمين بات ضرورة حتمية ملواجهة املتغيرات املحلية والدولية‪،‬‬
‫كما أن اللجوء إليها بدال عن الجهاز املصرفي لن يؤدي إلى زيادة الكتلة النقدية (بما قد يؤدي إلى تضخم‬

‫‪ 1‬روبيرتو زاهلر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.207 :‬‬


‫‪ 2‬وليد عبد مواله‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.2 :‬‬
‫‪ 3‬بيتر ج مونتيل‪ ،‬التمويل والرفاهية والنمو‪ ،‬الندوة الثالثة حول تطور القطاع املالي والنمو الاقتصادي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.07 :‬‬
‫‪ ‬تتمثل في معرفة كيف يمكن للمالك (املقرض) التأكد –في غياب التعهد املسبق– من أن الوكيل سيتخذ قرارات في إدارة املوارد من شأنها‬
‫خدمة مصلحة املالك‪.‬‬
‫‪ 4‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.07 :‬‬
‫‪ 5‬صبح محمود‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.22-22 :‬‬

‫‪881‬‬
‫املحور الخامس _______________________________________ النظام املالي "ألانظمة املصرفية وألاسواق املالية"‬

‫غير مرغوب أو ضغط على ميزان املدفوعات) وإنما إلى إعادة توزيعها‪ ،‬كما يحافظ على الطاقة الاقتراضية‬
‫الحاجة‪1.‬‬ ‫للمنشأة التجارية عند‬
‫من جهة أخرى يؤدي تطور القطاع املالي إلى تقليل تكاليف معامالت الادخار والاستثمار وتكاليف‬
‫الاختيار املعاكس وألاخطار املعنوية للشركات وهو ما يخفض التكلفة الرأسمالية الكلية للشركات والتكلفة‬
‫النسبية لرأس املال الخارجي مما يزيد من إمكانية إقامتها ملشاريع مربحة‪ ،2‬كما يؤدي خفض تكاليف‬
‫املعامالت وتسهيل تعبئة املدخرات إلى تشجيع التخصص والابتكار التقني ألامر الذي يقود إلى زيادة‬
‫إلانتاجية وتحسين استخدام املوارد وبالنتيجة يسمح بتعزيز النمو الاقتصادي‪ ،‬ومن شأن دور النظام‬
‫املالي في خفض تكلفة املعامالت أن يساهم في تشجيع التبادل كون التخصص والتبادل التجاري يتطلبان‬
‫الذاتي‪3.‬‬ ‫معامالت اقتصادية أكثر مما تتطلبه نفس العمليات في إطار بيئة الاكتفاء‬
‫املصارف بدورها تستطيع التوسط بكلفة أقل من خالل تجميع كافة مطلوباتها وكافة أصولها‬
‫واستغالل وفورات الحجم والنطاق‪ ،‬فمن شأن تجميع موارد املقرضين أن يسمح للمصارف بتمويل‬
‫املشاريع ذات العائد املرتفع بالجملة وبالتالي تجاوز مشكل عدم قابلية التجزئة‪ ،‬باإلضافة إلى حماية‬
‫املصارف من مخاطر السيولة والسماح لها بتوفير ألاصول ذات آلاجال القصيرة وكذا الاستفادة من مبدأ‬
‫ألاعداد الكبيرة إلصدار خصومات سائلة‪ ،‬وفي الوقت نفسه الاحتفاظ بنسبة قليلة من هذه املوارد في‬
‫صورة أصول سائلة واستثمار الباقي في املشاريع املنتجة‪ ،‬أما تجميع ألاصول فإنه يوفر للبنوك مزايا‬
‫التنويع التي توفر للمصارف حماية من املخاطر الخصوصية وينحصر انكشافها في تعرضها فقط للمخاطر‬
‫النظامية‪ ،‬وعليه فإن من شأن ما سبق أن يخفف تكاليف املتابعة املتوجبة على مقرض ي تلك املصارف‬
‫أدنى‪4.‬‬ ‫وأن يسمح لها باستقطاب ألارصدة بأسعار فائدة‬

‫ثانيا‪ :‬تعريف النظام املصرفي ومؤسساته‬


‫تعد املصارف وألاسواق املالية من أهم مكونات النظام املالي كما تمت إلاشارة إليه سابقا‪ ،‬وفيما‬
‫يلي سيتم استعراض مفهوم النظام املصرفي الذي يمثل الشق ألاهم للنظام املالي في العديد من البلدان‬
‫خصوصا النامية منها‪ ،‬فضال عن التطرق بش يء من التفصيل ألهم مؤسساته‪.‬‬

‫‪ 1‬عبد الحق بوعتروس‪ ،‬إدارة وتنظيم بورصة القيم املنقولة‪ ،‬مؤتمر ألاسواق املالية ودورها في جذب الاستثمارات‪ ،‬كلية الاقتصاد‪ ،‬جامعة‬
‫تشرين‪ ،‬سوريا‪ ،0222 ،‬ص‪.8 :‬‬
‫‪ 2‬روبيرتو زاهلر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.206 :‬‬
‫‪ 3‬وليد عبد مواله‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.2 :‬‬
‫‪ 4‬بيتر ج مونتيل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.02 :‬‬

‫‪881‬‬
‫املحور الخامس _______________________________________ النظام املالي "ألانظمة املصرفية وألاسواق املالية"‬

‫‪ -1‬تعريف النظام املصرفي‬


‫يشكل مجموع املصارف ومؤسسات الائتمان ألاخرى النظام املصرفي والذي يعرف على أنه مجموع‬
‫املؤسسات التي تتعامل باالئتمان وتسعى إلى توفير التمويل املطلوب على الصعيدين القومي والفردي‪.1‬‬
‫إذ يعد النظام املصرفي أحد املكونات الرئيسية للنظام املالي ويضم إلى جانب املكون ألاهم له وهي‬
‫املصارف بشتى أنواعها مختلف الوسطاء املاليين آلاخرين‪ ،‬بينما يقف البنك املركزي على قمة هرم هذا‬
‫النظام بوصفه بنك البنوك وامللجأ ألاخير لإلقراض‪.‬‬
‫كما يقصد بالجهاز املصرفي "مجموع املصارف العاملة في بلد ما‪ ،‬وهو يضم مجمل النشاطات التي‬
‫تمارس بها العمليات املصرفية وخاصة تلك املتعلقة بمنح الائتمان‪ ،‬وهو يشمل السلطات املسؤولة عن‬
‫املتخصصة"‪2.‬‬ ‫السياسة النقدية واملتمثلة في البنك املركزي والخزينة العامة واملؤسسات املالية‬
‫وهو كذلك "مجموع املؤسسات التي تتخذ التعامل بالنقود بأشكالها املختلفة الوظيفة الرئيسية‬
‫لها‪ ،‬وتشكل هذه املؤسسات مع القواعد والقوانين والنظم وألاعراف التي تحكم نشاطها الجهاز املصرفي‬
‫للدولة"‪3‬‬

‫ويأخذ الجهاز املصرفي شكل هرم يقف في قمته البنك املركزي‪ ،‬وفي طرفي قاعدته البنوك التجارية‬
‫واملؤسسات املصرفية الوسيطة‪ ،‬ويعبر هذا الجهاز عن مؤسسات الجهاز املصرفي والقوانين وألانظمة‬
‫وظائفها‪4.‬‬ ‫التي تعمل في ظلها هذه املؤسسات من أجل أداء‬

‫‪ -2‬مؤسسات النظام املصرفي‬


‫تتعدد وتتنوع أشكال املؤسسات النقدية واملالية التي تعرفها ألانظمة املصرفية في مختلف الدول‪،‬‬
‫إذ يعد النظام املصرفي ُم َمثال في هذه املؤسسات وكذا مختلف ألانظمة والقوانين التي تعمل في ظلها‪،‬‬
‫من أساسيات اقتصاد كل دولة‪ ،‬ألامر الذي يحتم وجود صور مختلفة ألداء هذه البنوك واملؤسسات‬
‫ألعمالها ومستويات متدرجة في عالقتها ببعضها‪.‬‬
‫ويتضمن هذا العنصر ألاشكال الرئيسية الثالث للبنوك وهي‪ :‬البنك املركزي‪ ،‬البنوك التجارية‪،‬‬
‫البنوك املتخصصة‪.‬‬

‫‪ 1‬أسامة محمد الفولي‪ ،‬مجدي محمود شهاب‪ ،‬مبادئ النقود والبنوك‪ ،‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪ ،‬مصر‪ ،2111 ،‬ص‪.285 :‬‬
‫‪ 2‬خبابة عبد هللا‪ ،‬الاقتصاد املصرفي‪ :‬البنوك إلالكترونية‪-‬البنوك التجارية‪-‬السياسة النقدية‪ ،‬مؤسسة شباب الجامعة‪ ،‬إلاسكندرية‪،‬‬
‫مصر‪ ،0225 ،‬ص‪.271 :‬‬
‫‪ 3‬خالد علي الدليمي‪ ،‬النقود واملصارف والنظرية النقدية‪ ،‬دار ألانيس طباعة ونشر وتوزيع‪ ،‬مصراته‪ ،‬الجماهيرية الليبية‪ ،2115 ،‬ص‪.81 :‬‬
‫‪ 4‬نعمة هللا نجيب‪ ،‬محمود يونس‪ ،‬عبد النعيم مبارك‪ ،‬مقدمة اقتصاديات النقود والصيرفة والسياسات النقدية‪ ،‬الدار الجامعية‪،‬‬
‫إلاسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،0222 ،‬ص‪.206 :‬‬

‫‪881‬‬
‫املحور الخامس _______________________________________ النظام املالي "ألانظمة املصرفية وألاسواق املالية"‬

‫‪ -1-2‬البنك املركزي‪ :‬يمثل املصرف املركزي أهم مؤسسة تشرف على شؤون النقد والائتمان في العصر‬
‫الحاضر‪ ،‬فهو يأتي على رأس النظام املصرفي وهو يتمتع بالسيادة والاستقاللية وتعتبر نشاطاته ذات‬
‫أهمية بالغة‪ ،‬وتعتبر املصارف املركزية أحدث صورة لتطور الجهاز املصرفي‪ ،‬فقد نشأت هذه املصارف‬
‫كمرحلة أخيرة من مراحل تطور الفن املصرفي ولهذا فقد ظهرت متأخرة نسبيا مقارنة بظهور املصارف‬
‫التجارية‪.‬‬
‫ويالحظ عند تتبع مراحل نشأة البنوك املركزية أنها غالبا ما تنشأ كبنك تجاري هام تمنحه‬
‫الحكومات سلطات إلاصدار‪ ،‬ورغم أن مصرف السويد الذي تأسس عام ‪ 2686‬يعد أول املصارف‬
‫املركزية وجودا‪ ،‬فإن مصرف إنجلترا الذي تأسس عام ‪ 2610‬يعتبر أول مصرف إصدار يقوم بدور‬
‫املركزي‪1.‬‬ ‫املصرف‬
‫وخالل النصف الثاني من القرن التاسع عشر أخذت البنوك املركزية تنتشر في الدول ألاوروبية‪،‬‬
‫وبدأت تدريجيا تباشر وظيفتها الرئيسية في الرقابة على الائتمان من حيث كميته ونوعه وسعره‪ ،‬ومع‬
‫القرن العشرين استقرت ألاوضاع تقريبا بالنسبة للبنوك املركزية حيث امتنع أغلبها تدريجيا عن القيام‬
‫وحدها‪2.‬‬ ‫باألعمال التجارية‪ ،‬كما اقتصر حق إصدار البنكنوت على البنوك املركزية‬
‫أما فيما يخص مفهوم البنك املركزي فقد تعددت املفاهيم التي يقدمها الاقتصاديون للبنك‬
‫املركزي كون أي تعريف له يرتبط بوظائفه املتطورة‪ ،‬وإجماال يمكن استخالص املفاهيم التالية‪" :‬البنك‬
‫املركزي هو تلك املؤسسة التي تشغل مكانا رئيسيا في سوق النقد وهو الذي يقف على قمة النظام‬
‫املصرفي‪ ،‬ويهدف أساسا إلى خدمة الصالح الاقتصادي العام في ظل مختلف النظم النقدية‬
‫واملصرفية"‪ ،3‬و"البنك املركزي يتمتع بشخصية اعتبارية مستقلة ويستمد وجوده كمؤسسة عامة ويقوم‬
‫بجميع أعماله وفقا ألحكام القانون وله الحق في أن يمتلك ويتصرف في ممتلكاته وأن يتعاقد وأن يقيم‬
‫الدعاوي‪ ،‬وتقام عليه باسمه ويكون له ختم خاص به ويعفى من كافة الضرائب والرسوم‪ ،‬وأهداف‬
‫الاستقرار النقدي‪4".‬‬ ‫البنك املركزي هي الحفاظ على‬
‫‪ ‬خصائص البنك املركزي‪ :‬للبنك املركزي مجموعة من الخصائص التي تعكس دوره وأهميته وهي‬
‫كاآلتي‪:‬‬

‫‪ 1‬حسين بني هاني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.255 :‬‬


‫‪ 2‬إسماعيل محمد هاشم‪ ،‬مذكرات في النقود والبنوك‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬بيروت‪ ،2116 ،‬ص‪.00 :‬‬
‫‪ 3‬صبحي تادريس قريصة‪-‬مدحت محمد العقاد‪ ،‬النقود والبنوك والعالقات الاقتصادية الدولية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫‪ ،2152‬ص‪.200 :‬‬
‫‪ 4‬فائق شقير‪-‬عاطف ألاخرس‪-‬عبد الرحمان سالم‪ ،‬محاسبة البنوك‪ ،‬دار املسيرة للنشر والتوزيع والطباعة‪ ،‬عمان‪ ،‬ألاردن‪ ،0222 ،‬ص ص‪:‬‬
‫‪.25-27‬‬

‫‪881‬‬
‫املحور الخامس _______________________________________ النظام املالي "ألانظمة املصرفية وألاسواق املالية"‬

‫‪ -2‬يقوم البنك املركزي بإصدار ما يعرف بالنقود القانونية "أي تحويل ألاصول الحقيقية إلى أصول‬
‫نقدية وتحويل ألاصول النقدية إلى أصول حقيقية "‪ ،1‬وهكذا يتركز إلاصدار في يد بنك واحد تدعمه‬
‫الدولة فيضفي على هذه الهيئة قدرا كبيرا من الثقة‪.‬‬
‫‪ -0‬النقود القانونية التي يصدرها البنك املركزي تختلف عن أنواع النقود ألاخرى (نقود الودائع)‪ ،‬فهي‬
‫تتميز بخصائص معينة كونها نقود مقبولة عامة ولها قوة إبراء غير محدودة وتتميز بسيولتها التامة‬
‫عكس نقود الودائع التي تصدرها البنوك التجارية وبشكل متعدد‪.‬‬
‫‪ -2‬ال توجد مصادر متعددة ومستقلة مصدرة للنقود بل هناك وحدة مركزية واحدة تشرف على‬
‫إلاصدار‪ ،‬مع إمكان وجود فروع للبنك املركزي لتسهيل مهامه ولكي تكون أكثر دقة وتنظيما‪.‬‬
‫‪ -0‬ال يتعامل البنك املركزي مباشرة مع ألافراد‪ ،‬ويتم ذلك بشكل غير مباشر من خالل تعامله مع‬
‫البنوك التجارية والسوق النقدية واملالية‪ ،‬فالبنك املركزي ال يقبل ودائع ألافراد في حين أن وظيفة‬
‫قبول الودائع تعد من أهم وظائف البنوك التجارية‪.‬‬
‫‪ -8‬يختلف هدف البنك املركزي عن هدف البنوك التجارية أو املشروعات الخاصة من حيث تحقيق‬
‫الربح‪ ،‬فيجب أن يكون هدفه تحقيق مصلحة الاقتصاد القومي من خالل تنظيم سير الائتمان‬
‫وكذلك إتباع السياسات النقدية‪ ،‬وبالتالي فهو ال يضع ضمن أولوياته تحقيق الربح في تعامالته‪.‬‬
‫‪ -6‬يمثل البنك املركزي مركز الصدارة وقمة الجهاز املصرفي‪ ،‬وذلك لقدرته على إصدار النقود والرقابة‬
‫على أحوال الائتمان في البالد من خالل الرقابة على البنوك التجارية والتأثير في قدرتها على خلق‬
‫النقود‪ ،‬وهناك عالقة وثيقة بين البنك املركزي والحكومة من حيث أنه املوجه العام لالقتصاد‬
‫وهو ما يعني ضرورة ملكية الدولة لهذا البنك‪ ،‬كما يعد البنك املركزي مستشارها املالي ويطلق‬
‫عليه اسم بنك الدولة‪.‬‬
‫‪ ‬وظائف البنك املركزي‪ :‬رغم أن النشاط الذي تقوم به البنوك املركزية يختلف باختالف طبيعة‬
‫الهيكل الائتماني لكل دولة وخصائص البنية الاقتصادية التي يزاول البنك نشاطه فيها‪ ،‬فقد وجد أن‬
‫هناك قدرا من التماثل بين الوظائف ألاساسية التي تؤديها في مختلف الدول‪ ،2‬وتتمثل الوظائف‬
‫ألاساسية للبنك املركزي فيما يلي‪:‬‬

‫‪ 1‬مصطفى رشدي شيحة‪ ،‬الاقتصاد النقدي واملصرفي‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬مصر‪ ،2158 ،‬ط‪ ،8‬ص‪.275 :‬‬
‫‪ 2‬عبد النعيم مبارك‪ ،‬مبادئ علم الاقتصاد‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬مصر‪ ،2117 ،‬ص‪.002 :‬‬

‫‪881‬‬
‫املحور الخامس _______________________________________ النظام املالي "ألانظمة املصرفية وألاسواق املالية"‬

‫البنك املركزي بنك إصدار‪" :‬إن عملية إصدار النقد الورقي هي إحدى الوظائف ألاساسية والهامة‬
‫للمصارف املركزية‪ ،‬وتأتي أهمية هذه الوظيفة من الدور الذي تحتله النقود الورقية في حياة املجتمعات‬
‫الحاضر"‪1.‬‬ ‫في الوقت‬
‫ويوفر تركيز هذه الوظيفة في يد بنك واحد عاملي الثقة والاستقرار للنقود املصدرة‪ ،‬غير أن سلطة‬
‫إلاصدار ليست مطلقة بل يجب توفر غطاء لها "أي الحصول على رصيد احتياطي للعملة قبل القيام‬
‫‪‬‬
‫بعملية إلاصدار"‪ ،2‬حيث ظهر عدد من نظم إلاصدار املختلفة والتي يمكن أن نميزها على النحو آلاتي‪:‬‬
‫–نظام الغطاء الذهبي الكامل –نظام إلاصدار الجزئي الوثيق –نظام غطاء الذهب النسبي‪– .‬نظام الحد‬
‫ألاقص ى لإلصدار –نظام إلاصدار الحر‪.‬‬
‫البنك املركزي بنك البنوك‪ :‬يعتبر البنك املركزي ذو أهمية خاصة بالنسبة للبنوك التجارية فهو املقرض‬
‫ألاخير للنظام الائتماني ككل‪ ،‬وفي إطار وظيفته كبنك للبنوك فهو يقوم بـ‪:‬‬
‫‪ -‬الاحتفاظ باالحتياطات النقدية‪" :‬بمعنى أن البنوك ألاخرى تتعامل مع البنك املركزي بالضبط كما‬
‫يتعامل العمالء مع بنوكهم‪ ،‬وعلى ذلك فهو يتلقى ودائع فوائض البنوك سواء تم ذلك بصفة‬
‫اختيارية أو إلزامية‪ ،‬كما يقوم بإقراض البنوك حين تعوزها السيولة ملقابلة احتياجات العمالء‬
‫الائتمان"‪3.‬‬ ‫للسحب أو ألغراض‬
‫‪ -‬إلاشراف على عمليات املقاصة‪ :‬يلجأ بعض العمالء إلى تقديم شيكات مسحوبة على حسابات‬
‫جارية لدى بنوك أخرى وهذا لتحصيلها لدى بنكهم‪ ،‬ويتم ذلك عن طريق قسم املقاصة بالبنك‬
‫املركزي‪ ،‬حيث يقوم البنك املركزي بتسوية الفروقات بين املصارف املختلفة‪ ،‬وبما أن البنوك‬
‫التجارية لديها احتياطات نقدية لدى البنك املركزي فهذا يسهل تسوية الحسابات في دفاتر البنك‬
‫املركزي وتكون الصورة واضحة على املبالغ املستحقة لكل بنك‪.‬‬
‫البنك املركزي بنك الحكومة ومستشارها املالي‪ :‬تربط البنك املركزي بالحكومة في مختلف دول العالم‬
‫روابط وثيقة فهو مصرفها ومستشارها املالي‪ ،‬بحيث يقدم لها خبرته فيما يتعلق باألمور النقدية واملالية‪،‬‬
‫كما تحتفظ الدولة بودائعها لدى البنك املركزي‪" ،‬ويتولى القيام باألعمال املصرفية الخاصة بالقطاع‬
‫الحكومي والقطاع العام‪ ،‬كما أنه الجهة التي تودع لديها ألارصدة العامة والضرائب –إلايرادات العامة‪-‬‬
‫وغير ذلك‪ ،‬كما أنه يمثل جهة إلاقراض التي يمكن للدولة أن تلجأ إليها للحصول على قروض وتسهيالت‬

‫‪ 1‬أحمد زهير شامية‪ ،‬النقود واملصارف‪ ،‬دار زهران للنشر‪ ،‬ألاردن‪ ،2112 ،‬ص‪.225 :‬‬
‫‪ 2‬ضياء مجيد املوسوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪082 :‬‬
‫‪ ‬للتعرف أكثر على هذه ألانظمة أنظر‪ :‬إسماعيل محمد هاشم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.52-77 :‬‬
‫‪ 3‬أحمد صالح عطية‪ ،‬محاسبة الاستثمار والتمويل في البنوك التجارية‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬مصر‪ ،0222/0220 ،‬ص‪.22 :‬‬

‫‪881‬‬
‫املحور الخامس _______________________________________ النظام املالي "ألانظمة املصرفية وألاسواق املالية"‬

‫ائتمانية ملقابلة عجز املوازنة العامة"‪" ،1‬وكذلك يتولى البنك إضافة إلى وظيفة مصرف الحكومة مهمة‬
‫تقديم املشورة إلى الحكومة في الشؤون النقدية والائتمانية نظرا لعالقته الوثيقة مع البنوك التجارية‬
‫والائتمانية‪2".‬‬ ‫من ناحية ومن ناحية أخرى يستند إلى خبرته الطويلة في ألامور النقدية‬
‫البنك املركزي رقيبا على الائتمان‪" :‬إن وظيفة املصرف املركزي في الرقابة على الائتمان تعتبر من‬
‫الوظائف املهمة جدا وذلك في مختلف البلدان الرأسمالية والبلدان ذات الاقتصاد املختلط‪ ،‬وأهمية‬
‫هذه الرقابة تأتي للصلة الوثيقة بسن حجم الائتمان‪ ،‬حيث يرتبط بهذا الحجم وسـائل الدفع‪ ،‬وأثر هذا‬
‫على مستويات ألاسعار"‪ ،3‬وهي وظيفة ترتبط بتحقيق الاستقرار في أسواق املال والنقد‪ ،‬وهو السبيل‬
‫لتحقيق الاستقرار النسبي لالقتصاد القومي‪ ،‬وتصنف وسائل البنك املركزي في الرقابة على الائتمان إلى‬
‫ثالثة أنواع هي‪:‬‬
‫‪ -‬الرقابة الكمية‪ :‬هذا النوع من الرقابة يهدف إلى التأثير في حجم الائتمان (كميته) وال شأن لهذه‬
‫الرقابة بنوعية الائتمان‪ ،‬وسبل تنفيذ هذا التأثير سبل غير مباشرة‪.‬‬
‫‪ -‬الرقابة الكيفية‪ :‬تهدف الرقابة الكيفية إلى توجيه الائتمان إلى وجوه الاستعمال املرغوب فيها وذلك‬
‫بالتمييز في السعر أو في مدى توافر الائتمان‪.‬‬
‫‪ -‬الرقابة املباشرة‪" :‬تنصب هذه الرقابة على الجانب الكمي والكيفي لعملية الائتمان‪ ،‬ويقصد بذلك‬
‫ما يباشره البنك املركزي تجاه البنوك التجارية من إقناع أدبي لكي تتصرف باالتجاه الذي يرغبه‪4".‬‬

‫‪ -2-2‬البنوك التجارية‪ :‬تعد البنوك التجارية أحد أهم ركائز التقدم الاقتصادي‪ ،‬فهي تسهم في تمويل‬
‫املشاريع الاستثمارية واشباع الحاجات املتعددة للعمالء سواء أفراد أو مؤسسات‪ ،‬كما تساهم في توسيع‬
‫حجم السوق من خالل تيسير وتنشيط املعامالت املالية والتجارية‪.‬‬
‫‪ ‬تعريف البنوك التجارية‪ :‬يعرف البنك التجاري على أنه "مؤسسة تعمل في السوق النقدية وتطلع‬
‫أساسا بتلقي الودائع القابلة للسحب لدى الاطالع أو بعد أجل"‪ ،5‬وقبول البنوك التجارية للودائع أدى‬
‫إلى تسميتها أحيانا ببنوك الودائع ملا تتميز به عن املصارف ألاخرى من قبول الودائع تحت الطلب‬

‫‪ 1‬أحمد فريد مصطفى‪ ،‬سهير محمد السيد حسن‪ ،‬النقود والتوازن النقدي‪ ،‬مؤسسة شباب الجامعة‪ ،‬إلاسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،0222 ،‬ص‪:‬‬
‫‪.011‬‬
‫‪ 2‬محمد مروان السمان‪ ،‬محمد ظافر محبك‪ ،‬أحمد زهير شامية‪ ،‬مبادئ التحليل الاقتصادي‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬ألاردن‪،2115 ،‬‬
‫ص ص‪.082-080 :‬‬
‫‪ 3‬خالد علي الدليمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.222 :‬‬
‫‪ 4‬محمد أحمد الراز‪ ،‬محاضرات في النقود والبنوك‪ ،‬مكتبة القاهرة الحديثة‪ ،‬مصر‪ ،2170 ،‬ص‪.08 :‬‬
‫‪ 5‬مروان عطون‪ ،‬املؤسسات النقدية‪ ،‬املطبوعات الجامعية‪ ،‬جامعة قسنطينة‪ ،‬الجزائر‪ ،2150 ،‬ص‪.86 :‬‬

‫‪881‬‬
‫املحور الخامس _______________________________________ النظام املالي "ألانظمة املصرفية وألاسواق املالية"‬

‫والحسابات الجارية وينتج عنه ما يسمى خلق النقود‪ ،1‬كما يمكن النظر إلى الجانب آلاخر لهذه البنوك‬
‫والذي يتمثل في استخداماتها‪ ،‬حيث أنها تعرف كذلك بعبـارة بنـوك قرض بما أن وظيـفتها هي تعبئة ادخار‬
‫قصير‪2.‬‬ ‫املودعيـن تحت صيـغة الودائع تحت النظر وإعادة تدويرها عن طريق القرض ألجل‬
‫ويمكن القول بصفة عامة أن النظم املصرفية في البالد ألاوروبية قد تأثرت في وظائفها إلى حد ما‬
‫باختالف مراحل تطورها الاقتصادي‪ ،‬إال أن هذا الاختالف بدأ بالزوال مع ظهور مفهوم البنوك الشاملة‪.‬‬
‫‪ ‬خصائص البنوك التجارية‪ :‬للبنوك التجارية مجموعة من الخصائص التي تميزها عن بقية البنوك‬
‫واملؤسسات املالية ألاخرى‪ ،‬ونورد أهم العناصر التي تصنع هذا الفرق فيما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬مبدأ التدرج‪ :‬حيث تتواجد البنوك التجارية في الدرجة الثانية من الترتيب الرأس ي للجهاز املصرفي‪،‬‬
‫وهذا بعد البنك املركزي الذي يعتبر في قمة هذا الترتيب ويباشر رقابته عليها بوسائل مختلفة‪.‬‬
‫‪ ‬رأينا فيما سبق أن لكل دولة بنك مركزي واحد وهو ما يمثل التطبيق الصحيح ملبدأ "وحدة بنك"‪،‬‬
‫غير أن البنوك التجارية تتعدد وتتنوع وتنتشر عبر العديد من املناطق وحتى خارج الدولة ألام وال‬
‫يحدها في ذلك غير حجم السوق وفرص الربح املتوقعة‪.‬‬
‫‪" ‬تتميز املصارف التجارية بخاصية توليد ودائع جارية (تحت الطلب) جديدة من خالل عمليات‬
‫إلاقراض والاستثمار في ألاوراق املالية املختلفة‪ ،‬والودائع الجارية الجديدة (املشتقة) تشكل نقود‬
‫لم تكن موجودة أصال وتستمد صفة النقود من كونها قابلة للسحب بصكوك"‪ ،3‬وتتعدد املصادر‬
‫بالنسبة لهذه النقود باختالف البنك التجاري كما تتباين أشكالها‪ ،‬أما النقود القانونية التي‬
‫يصدرها البنك املركزي فهي ذات مصدر وحيد وشكل محدد لجميع وحداتها‪ ،‬كما أنها متماثلة في‬
‫قيمتها "املطلقة" بصرف النظر عن اختالف الزمان واملكان‪.‬‬
‫‪ ‬تعد البنوك التجارية مشروعات رأسمالية هدفها ألاول هو تحقيق الربح‪ ،‬وهي تسعى للتوسع وانتهاز‬
‫الفرص املتاحة أمامها لزيادة توظيفاتها بعكس ما يهدف إليه البنك املركزي من تحقيق للتوازن‬
‫ودعم لالستقرار املالي والاقتصادي‪.‬‬
‫‪ -3-2‬البنوك املتخصصة‪ :‬تعد البنوك املتخصصة من املؤسسات التي تضطلع بدور تنموي هام وأساس ي‬
‫في مجاالت متعددة‪ ،‬وهي في ذلك تمارس نوعا من التخصص باتجاه قطاع اقتصادي معين تركز فيه‬

‫‪ 1‬زياد سليم رمضان‪ ،‬إدارة ألاعمال املصرفية‪ ،‬دار الصفاء للنشر والتوزيع‪ ،‬ألاردن‪ ،2117،‬ط‪ ،6‬ص‪.02 :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Pascal Gouchon, Vocabulaire d'actualité économique, Edition ellipses, Paris, 1994, P : 30.‬‬
‫‪ 3‬رضا صاحب أبو حمد آل علي‪ ،‬إدارة املصارف "مدخل تحليلي كمي معاصر"‪ ،‬دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬ألاردن‪،0220 ،‬‬
‫ص‪.0 :‬‬

‫‪881‬‬
‫املحور الخامس _______________________________________ النظام املالي "ألانظمة املصرفية وألاسواق املالية"‬

‫نشاطها التمويلي والخدمي بشكل احترافي يمكنها من دعم عملياته وأنشطته املختلفة‪ ،‬في مسعى متكامل‬
‫للنهوض بمختلف القطاعات الاقتصادية والاستراتيجية منها خاصة‪.‬‬
‫‪ ‬تعريف البنوك املتخصصة‪ :‬يعرف الباحثون والعاملون في املجال املالي واملصرفي البنوك‬
‫املتخصصة بأنها البنوك التي تقوم بالعمليات املصرفية التي تخدم نوعا معينا من النشاط الاقتصادي‪،‬‬
‫وفقا للقرارات الصادرة بتأسيسها‪ ،‬والتي ال يكون قبول الودائع تحت الطلب من أوجه أنشطتها‬
‫ألاساسية‪1.‬‬

‫يتضح مما سبق أن البنوك املتخصصة هي مؤسسات بنكية تتوجه لخدمة وتمويل قطاع معين‪،‬‬
‫والتخصص املشار إليه مقصود بذاته بغرض حصر أنشطة هذه البنوك في مجال محدد دون غيره من‬
‫املجاالت‪.‬‬
‫وتأسيسا على املفهوم السابق أيضا‪ ،‬تختلف طبيعة وآجال القروض والتسهيالت التي تمنحها‬
‫البنوك املتخصصة حسب النوع النشاط الذي يتم التعامل معه‪ ،‬على سبيل املثال في بنوك التجارة‬
‫الخارجية قد يصل أجل القروض إلى ستة أشهر‪ ،‬بينما يصل في البنك العقاري إلى ما يقرب من ‪22‬‬
‫سنة‪ ،‬من ناحية ثانية تنحصر موارد البنوك املتخصصة في مصادر أخرى بخالف الودائع تشمل رأس‬
‫املال‪ ،‬والاحتياطات‪ ،‬والسندات‪ ،‬والقروض املستثمرة من قبل البنوك التجارية‪ ،‬ونتيجة لذلك ال تستطيع‬
‫تلك البنوك أن تنطلق بال حدود في أنشطتها‪ ،‬حيث ترتبط في املقام ألاول بقدر املوارد املتاحة لديها‬
‫بعكس الحال بالنسبة للبنوك التجارية التي تتوافر لديها موارد طائلة نتيجة تلقيها الودائع‪ ،‬ومن ثمة‬
‫مدى‪2.‬‬ ‫يمكنها الانطالق في أنشطتها إلى أبعد‬
‫بيد أن املتغيرات الراهنة في املجال املالي واملصرفي فتحت آفاقا واسعة أمام هذه املؤسسات‬
‫املتخصصة‪ ،‬في مجال إتاحة املوارد املالية وإقراضها‪ ،‬حيث أصبح بإمكانها الحصول على الودائع بشروط‬
‫معينة كما سمح توريق الديون والقروض لها أن تتوسع في أنشطتها وأعمالها‪.‬‬
‫‪ ‬خصائص البنوك املتخصصة‪ :‬تتميز البنوك املتخصصة بمجموعة من الخصائص التي من خاللها‬
‫يتضح الفرق بينها وبين غيرها من املؤسسات املالية واملصرفية ألاخرى‪ ،‬ورغم تعدد أنواع وأشكال هذه‬
‫آلاتية‪3:‬‬ ‫البنوك وتباين مجاالت عملها فإنها تشترك بصفة عامة في الخصائص‬

‫‪ 1‬حسين بني هاني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.022 :‬‬


‫‪ 2‬أحمد صالح عطية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.27-26 :‬‬
‫‪ 3‬عبد الغفار حنفي‪ ،‬إدارة املنشآت املتخصصة "إدارة البنوك"‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬إلاسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،2117 ،‬ص‪.17 :‬‬

‫‪810‬‬
‫املحور الخامس _______________________________________ النظام املالي "ألانظمة املصرفية وألاسواق املالية"‬

‫‪ -‬ال تتلقى الودائع من ألافراد وإنما تعتمد على رؤوس أموالها وما تصدره من سندات تستحق الدفع‬
‫بعد آجال طويلة‪ ،‬وما تعقده من قروض طويلة ألاجل تحصل عليها من البنك املركزي والبنوك‬
‫التجارية‪.‬‬
‫‪ -‬قد يكون جانب من أهداف هذه البنوك قوميا اجتماعيا‪ ،‬لذلك قد تساعدها الدولة وتمنحها‬
‫القروض بسعر فائدة مميز‪.‬‬
‫‪ -‬ال يقتصر نشاط هذه البنوك على عمليات إلاقراض فقط‪ ،‬بل قد تقوم باالستثمار املباشر إما عن‬
‫طريق إنشاء مشروعات جديدة‪ ،‬أو املساهمة في رؤوس أموال املشروعات وتقديم الخبرات الفنية‬
‫واملشورة في مجال تخصص البنك‪.‬‬
‫ويمكن مالحظة هذه الخصائص والفروق من خالل دراسة ميزانية هذه البنوك ومقارنتها‬
‫بميزانيات البنوك ألاخرى كالبنوك التجارية مثال‪ ،‬وهذا من جانب ألاصول والخصوم‪ ،‬فالبنوك‬
‫املتخصصة تتميز بعدم تلقيها لودائع ألافراد إال أشكال محددة ومعينة ويكون اعتمادها بشكل رئيس ي‬
‫على رؤوس أموالها ومساهميها وما تصدره من سندات وإلاعانات التي تقدمها جهات أخرى كالدولة‪ ،‬فيما‬
‫نجد أن البنوك التجارية تتلقى ودائع ألافراد والتي تشكل النسبة ألاكبر من مواردها فيما يشكل رأس‬
‫مالها بالنسبة ملجموع أصولها نسبة ضئيلة‪ ،‬أيضا وفيما يخص الاستخدامات نجد أن البنوك املتخصصة‬
‫تدعم وتمول املشاريع التي تتسم بطول آجالها فيما تعتمد البنوك التجارية على ودائعها في تمويل‬
‫النشاطات التي تتميز بقصر آجال استحقاقها وهي عموما أنشطة تجارية بعكس البنوك املتخصصة والتي‬
‫تتوجه لدعم النشاطات التنموية بمختلف القطاعات‪.‬‬
‫‪ ‬أشكال البنوك املتخصصة ووظائفها‪ :‬يتوقف نوع البنك وتخصصه على العالقة بين الودائع التي‬
‫تودع لديه وطريقة استثمارها‪ ،‬وتختلف طريقة الاستخدام للموارد املالية للبنك في العمليات املصرفية‬
‫التجارية قصيرة ألاجل ومنح قروض متوسطة أو طويلة ألاجل‪ ،‬واستثمارها في إنشاء املشروعات‬
‫‪1‬‬
‫الصناعية أو التجارية أو الاشتراك في إنشائها‪ ،‬ولهذا نرى أنواعا متعددة من البنوك‪.‬‬
‫حيث تتعدد وتتنوع وظائف البنوك املتخصصة حسب املجال والنشاط الذي تخدمه‪ ،‬كما يتعدد‬
‫ما تضعه من إمكانيات وأدوات لصالح عمالئها بهذه ألانشطة‪ ،‬وفيما يلي استعراض ألهم أشكال هذه‬
‫البنوك ووظائف كل شكل منها‪:‬‬

‫‪ 1‬أحمد نور‪ ،‬محاسبة املنشأة املالية‪-‬البنوك وشركات التأمين‪ ،‬دار النهضة العربية للطباعة والنشر‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،2150 ،‬ص ص‪-22 :‬‬
‫‪.28‬‬

‫‪818‬‬
‫املحور الخامس _______________________________________ النظام املالي "ألانظمة املصرفية وألاسواق املالية"‬

‫بنوك الاستثمار‪ :‬من الصعب وضع تعريف محدد لبنوك الاستثمار وذلك بسبب تعدد ألانشطة التي‬
‫تضطلع بها في الوقت الحاضر‪ ،‬فهي تسمى بنوك تجارة في إنجلترا "‪ ،"Merchant Banks‬وفي الواليات‬
‫" ‪Banques‬‬ ‫‪ ،"Investment‬وفي فرنسا بنوك أعمال‬ ‫"‪Banks‬‬ ‫املتحدة ألامريكية بنوك استثمار‬
‫‪1."d'Affaires‬‬

‫على أنه مهما اختلفت التسميات فإن الدور ألاساس ي لهذه البنوك هو إلاسهام في تمويل وإدارة‬
‫آلاتي‪2:‬‬ ‫الاستثمارات لتحقيق التنمية‪ ،‬وعموما يمكن حصر أهم الوظائف التي تقوم بها تلك البنوك في‬
‫‪ -‬التعرف على فرص الاستثمار ودراسة جدواها الاقتصادية‪ ،‬ثم إلاشراف واملشـاركة في تأسيس‬
‫املشروعات الجديدة‪ ،‬واتخاذ السبل الكافية للترويج لها‪ ،‬وتدبير أوجه التمويل وكذا الكوادر إلادارية‬
‫الالزمة إلدارتها‪.‬‬
‫‪ -‬تقديم املشورة الفنية ملشروعات الاستثمار القائمة‪ ،‬وإصدار الاستشارات املالية في عمليات‬
‫الاندماج والسيطرة وإعادة تنظيم الشركات وإنشاء الشركات التابعة‪ ،‬فضال عن تقديمها‬
‫لالستشارات القانونية في مجاالت إلاصدارات الجديدة وعمليات البورصة‪.‬‬
‫‪ -‬تيسير عمليات التجارة الدولية من خالل تقديم بعض الخدمات الهامة في هذا املجال مثل قبول‬
‫ألاوراق التجارية الالزمة لتمويل عمليات التجارة الخارجية‪ ،‬وممارسة عمليات التعزيز املصرفي‪،‬‬
‫وقبول ودفع قيمة السلع املستوردة للمشروعات الاستثمارية‪ ،‬ومنح كفاالت إلافراج عن السفن‪.‬‬
‫‪ -‬تقديم مجموعة من الخدمات الهامة في مجال سوق الصرف ألاجنبي‪ ،‬مثل توفير العمالت ألاجنبية‬
‫بالكميات املطلوبة للعمالء‪.‬‬
‫وقد أدى الدور الهام الذي تلعبه بنوك الاستثمار إلى تحول بعضها لبنوك قابضة لعدد كبير من‬
‫الشركات التابعة والتي فضلت بدورها التعامل مصرفيا مع البنك ألام‪ ،‬ألامر الذي أوجد نوعا من‬
‫التداخل في وظائف بنوك الاستثمار مع البنوك التجارية‪.‬‬
‫البنوك الصناعية‪ :‬تعرف هذه البنوك على أنها "بنوك تهدف بصفة خاصة إلى تقديم العديد من‬
‫التسهيالت املباشرة وغير املباشرة إلى املنشآت الصناعية لفترات متوسطة وطويلة ألاجل‪ ،‬كما تسهم في‬
‫إنشاء الشركات الصناعية‪ ،‬وبذلك تخرج من مفهوم البنوك التجارية التي تعتمد على إلاقراض قصير‬
‫ألاجل‪3".‬‬

‫‪ 1‬عبد النعيم مبارك‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.025-072 :‬‬


‫‪ 2‬أحمد صالح عطية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.26-28 :‬‬
‫‪ 3‬خالد أمين عبد هللا‪ ،‬العمليات املصرفية 'الطرق املحاسبية الحديثة'‪ ،‬دار وائل للنشر‪ ،‬عمان‪ ،‬ألاردن‪ ،0222 ،‬ط‪ ،0‬ص‪.21 :‬‬

‫‪811‬‬
‫املحور الخامس _______________________________________ النظام املالي "ألانظمة املصرفية وألاسواق املالية"‬

‫في‪1:‬‬ ‫بالتالي فمجال عمل هذه البنوك هو املجال الصناعي وبذلك تنحصر وظائفها‬
‫‪ -‬تأمين املوارد الالزمة للعمليات الجارية في املشروعات الصناعية بما تنطوي عليه من مواد خام‬
‫وأجور وخالفه‪.‬‬
‫‪ -‬تأمين املوارد الالزمة للعمليات الرأسمالية في املشروعات الصناعية كما في حالة التوسعات‪،‬‬
‫والتجديدات‪ ،‬وإضافة خطوط إنتاجية جديدة‪.‬‬
‫‪ -‬تأمين املوارد الالزمة لتأسيس وإنشاء املشروعات الصناعية الجديدة بما ينطوي عليه ذلك من‬
‫دراسات جدوى ومباني وآالت وتجهيزات وخالفه‪.‬‬
‫البنوك الزراعية‪ :‬هي البنوك التي تقدم خدماتها إلى القطاع الزراعي عن طريق تمويل شراء البذور‬
‫والتقاوي وألاسمدة واملبيدات‪ ،‬واستئجار آلاالت الزراعية واملساهمة في تنمية الثروة الحيوانية‪ ،‬وبما أن‬
‫هذه الخدمات الزراعية تعتمد على دورات موسمية‪ ،‬لذلك تكون فترات التمويل متوسطة ألاجل‬
‫لتشمل‪3:‬‬ ‫ومرتبطة باملواسم الزراعية"‪ ،2‬وتمتد وظائف هذه البنوك‬
‫‪ -‬تمويل العمليات الجارية للمشروعات الزراعية القائمة عن طريق منح السلف النقدية والعينية‬
‫للمزارعين لتولي أعباء إعداد وتمهيد ألارض للزراعة والتسميد والحصاد وتربية املواش ي والدواجن‬
‫واملناحل وغيرها‪.‬‬
‫‪ -‬تمويل العمليات الرأسمالية للمشروعات الزراعية التي تقوم بزيادة طاقتها إلانتاجية عن طريق‬
‫إضافة مساحات جديدة أو شراء آالت زراعية جديدة أو إنشاء مناحل أو خطوط إنتاج وتسمين‬
‫دواجن وحيوانات‪.‬‬
‫‪ -‬تمويل عمليات استصالح ألاراض ي الجديدة بما يحقق هدف التوسع ألافقي‪.‬‬
‫‪ -‬تمويل عمليات التوسع الرأس ي لتحسين نوعية وإنتاجية املحاصيل الزراعية واملناحل وغيرها‪.‬‬
‫البنوك العقارية‪ :‬هي البنوك التي تتعامل مع قطاع معين هو قطاع إلاسكان واملرافق والذي يحتاج إلى‬
‫توافر أموال كبيرة ومستعدة للتوظيف آلجال طويلة وبأسعار مناسبة تقابل طول مدة القرض واملخاطر‬
‫الادخار‪4.‬‬ ‫التي يتعرض لها‬

‫‪ 1‬أحمد صالح عطية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.27 :‬‬


‫‪ 2‬خالد أمين عبد هللا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.21 :‬‬
‫‪ 3‬أحمد صالح عطية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.25 :‬‬
‫‪ 4‬زينب عوض هللا‪ ،‬أسامة محمد الفولي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.277 :‬‬

‫‪811‬‬
‫املحور الخامس _______________________________________ النظام املالي "ألانظمة املصرفية وألاسواق املالية"‬

‫ويتحقق مردودان مصاحبان لنشاط هذا النوع من البنوك‪ ،‬أحدهما مردود اقتصادي وآلاخر‬
‫مردود اجتماعي للدولة‪.‬‬
‫يتمثل املردود الاقتصادي في الدخل العائد على البنك املتمثل في الفرق بين أسعار بيع الوحدات‬
‫املبنية وتكاليف تشييدها‪ ،‬ويتمثل املردود الاجتماعي في إسهام البنك في توفير عدد كبير من الوحدات‬
‫املبنية سواء ألغراض السكن أو ألغراض أخرى‪ ،‬مما يلبي احتياجات قطاعات عديدة من ألافراد ذوي‬
‫املستويات الاقتصادية املتفاوتة‪ ،‬ويتوفر لدى هذا النوع من البنوك املتخصصة أطقم من الخبراء‬
‫واملتخصصين في مجاالت ألانشطة العقارية بأنواعها بما فيها إعداد دراسات الجدوى الاقتصادية‬
‫والفنية‪ ،‬من ناحية ثانية تعد املخاطر التي تتعرض لها البنوك العقارية أقل بكثير من مخاطر البنوك‬
‫كافية‪1.‬‬ ‫الزراعية نتيجة حصول ألاولى على ضمانات عقارية‬

‫ثالثا‪ :‬تعريف السوق املالية وتقسيماتها‬


‫تزايدت ألاهمية التي حظيت بها ألاسواق املالية خالل العقود ألاخيرة من القرن العشرين‪ ،‬وأضحت‬
‫هذه ألاسواق في القرن الحالي سمة مميزة لالقتصاديات الرأسمالية املتقدمة والقناة ألاهم التي يتم من‬
‫خاللها تمويل الاقتصاد والتقدم التكنولوجي السريع‪ ،‬ورغم ما قد يرتبط بعمل هذه ألاسواق من‬
‫اضطرابات تتحول في بعضها إلى أزمات مالية شديدة فإن دورها آخذ في التنامي في الدول ذات‬
‫الاقتصاديات الناشئة وحتى تلك النامية‪.‬‬

‫‪ -1‬تعريف السوق املالية‬


‫تعرف السوق املالية بأنها‪ :‬أحد قنوات جمع املدخرات املالية وتوجيهها لتمويل مختلف املشاريع‬
‫الاستثمارية بهدف إحداث دفع في عجلة التنمية الاقتصادية‪ ،2‬كما تعرف أنها بمثابة آلية يتم من خاللها‬
‫تحويل املوارد املالية من الوحدات الاقتصادية املدخرة‪ ،‬والتي يتوافر لديها فوائض مالية وتمثل عرض‬
‫ألاموال‪3.‬‬ ‫ألاموال‪ ،‬إلى الوحدات الاقتصادية التي تعاني من عجز في املوارد املالية وتعكس الطلب على‬
‫أي أن السوق املالي حلقة وصل بين القطاعات التي تقوم باالدخار وتأخذ ألاشكال (ألافراد‪،‬‬
‫الحكومة‪ ،‬منشآت ألاعمال) وبحاجة إلى توظيف مدخراتها في مشروعات أكثر فائدة‪ ،‬والقطاعات املنتجة‬

‫‪ 1‬أحمد صالح عطية‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.21 :‬‬


‫‪ 2‬صالح محمد الحناوي‪ ،‬جالل إبراهيم العبد‪ ،‬بورصة ألاوراق املالية‪ :‬بين النظرية والتطبيق‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬إلاسكندرية‪ ،‬مصر‪،0228،‬‬
‫ص‪.02 :‬‬
‫‪ 3‬وليم عاطف اندراوس‪ ،‬سوق ألاوراق املالية بين ضرورات التحول الاقتصادي التحرير املالي ومتطلبات تطويرها‪ ،‬دار الفكر الجامعي‬
‫إلاسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،0226 ،‬ص‪.28 :‬‬

‫‪811‬‬
‫املحور الخامس _______________________________________ النظام املالي "ألانظمة املصرفية وألاسواق املالية"‬

‫التي هي بحاجة إلى املصادر املالية التي تساعدها على الاستمرار في تأدية وظيفتها الاقتصادية وتعد منشآت‬
‫الاستثمارية‪1.‬‬ ‫ألاعمال ألاوسع طلبا لألموال بسبب طبيعتها‬
‫كما تعرف على أنها ذلك إلاطار الذي يجمع بائعي ألاوراق املالية بمشتريها بغض النظر عن الوسيلة‬
‫التي يتحقق بها أو املكان الذي يتم فيه‪ ،‬ولكن بشرط توفر قنوات اتصال فعالة فيما بين املتعاملين في‬
‫فيها‪2.‬‬ ‫السوق تجعل ألاثمان السائدة في أي لحظة واحدة بالنسبة ألية ورقة مالية متداولة‬

‫‪ -2‬أقسام السوق املالية‬


‫تعاظم الدور الذي تؤديه هذه ألاسواق في النظم الاقتصادية املعاصرة وأضحت في الدول املتقدمة‬
‫قناة رئيسية في التوسط بين املقرضين واملستثمرين‪ ،‬وتنقسم هذه ألاسواق إلى قسمين رئيسيين وهما‪:‬‬
‫‪ -1-2‬سوق رأس املال‪ :‬وهي السوق التي تهتم باالستثمارات طويلة ألاجل والتي تنفذ إما في صورة قروض‬
‫مباشرة طويلة ألاجل أو في صورة إصدارات ألوراق مالية طويلة ألاجل حيث تمتاز بالتنظيم ووجود وكالء‬
‫متخصصين في الصفقات املالية الكبيرة‪ ،3‬وتنقسم هذه السوق بدورها إلى أسواق آجلة يتم تنفيذ‬
‫عقودها في وقت الحق وأسواق حاضرة يطلق عليها أحيانا تسمية أسواق ألاوراق املالية حيث تنتقل‬
‫ملكية الورقة إلى حائزها فور إتمام الصفقة وتضم سوق أولية لإلصدار وأخرى ثانوية يتم فيها تداول‬
‫ألاولي‪4.‬‬ ‫إلاصدارات التي تمت في السوق‬
‫كما تنقسم السوق الثانوية إلى أسواق منظمة وأسواق غير منظمة تتمثل ألاولى فيما يعرف‬
‫بالبورصة في حين يشمل النوع الثاني السوق الثالث الذي يضم السماسرة غير ألاعضاء في البورصة‬
‫والسوق الرابع الذي يتكون من بيوت السمسرة وألافراد ألاغنياء الذين يعملون فيما بينهم في شراء وبيع‬
‫كبيرة‪5.‬‬ ‫ألاوراق املالية بأحجام‬
‫‪ -2-2‬السوق النقدية‪ :‬تمثل هذه السوق إلاطار الذي يتم من خالله انتقال رؤوس ألاموال قصيرة ألاجل‬
‫بين عارض ي هذه ألاموال ومن يحتاج إلى تغطية احتياجاته التمويلية القصيرة غالبا‪ ،‬وتنقسم السوق‬
‫النقدية إلى سوق أولي يتم فيه طرح إلاصدارات النقدية بأسعار فائدة تتحدد حسب مصدر ألاموال‬

‫‪ 1‬عبد النافع عبد هللا الزراري‪ ،‬غازي فرح‪ ،‬ألاسواق املالية‪ ،‬دار وائل للنشر عمان‪ ،0222 ،‬ص‪.21 :‬‬
‫‪ 2‬أنس البكري‪ ،‬وليد الصافي‪ ،‬ألاسواق املالية والدولية‪ ،‬دار املستقبل للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،0221 ،‬ص‪.26 :‬‬
‫‪ 3‬حسين بني هاني‪ ،‬ألاسواق املالية‪ :‬طبيعتها‪ ،‬تنظيمها‪ ،‬أدواتها املشتقة‪ ،‬دار الكندي‪ ،‬عمان‪ ،0220 ،‬ص‪.28 :‬‬
‫‪ 4‬عبد الغفار حنفي‪ ،‬رسمية زكي قرياقص‪ ،‬ألاسواق واملؤسسات املالية‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬مصر‪ ،0220 ،‬ص ص‪.000-002 :‬‬
‫‪ 5‬منير إبراهيم هندي‪ ،‬ألاوراق املالية وأسواق رأس املال‪ ،‬منشأة املعارف‪ ،‬إلاسكندرية‪ ،0226 ،‬ص ص‪.222-221 :‬‬

‫‪811‬‬
‫املحور الخامس _______________________________________ النظام املالي "ألانظمة املصرفية وألاسواق املالية"‬

‫وسمعة املقترض والسوق الثانوية التي يتم فيها تداول إلاصدارات السابقة بأسعار يحددها الطلب‬
‫والعرض‪1.‬‬

‫بدوره السوق الثانوي يمكن تقسيمه إلى‪ :‬سوق ما بين البنوك (‪ )Marché Interbancaire‬والذي‬
‫يتدخل فيه بشكل حصري البنك املركزي‪ ،‬البنوك‪ ،‬الخزينة العمومية‪ ،‬ويمثل املفهوم الضيق للسوق‬
‫النقدي‪ ،‬وسوق ألاصول املالية القابلة للتداول الذي يتم فيه تداول أوراق مالية قصيرة ألاجل وهو‬
‫مفتوح أمام كافة الوحدات (أفراد‪ ،‬مؤسسات اقتصادية‪ ،‬هيئات حكومية) ويمثل املفهوم الواسع لسوق‬
‫النقد‪ ،‬والشكل املوالي يوضح أقسام السوق املالية‪:‬‬
‫شكل رقم (‪ :)90‬أقسام السوق املالية‬

‫األسواق المالية‬

‫السوق النقدية‬ ‫سوق رأس المال‬

‫سوق ثانوي‬ ‫سوق أولي‬ ‫أسواق آجلة‬ ‫أسواق حاضرة‬

‫سوق ما بين البنوك‬ ‫أسواق العقود‬


‫سوق ثانوي‬ ‫سوق أولي‬

‫سوق األصول المالية القابلة للتداول‬ ‫أسواق الخيارات‬

‫أسواق غير منظمة‬ ‫أسواق منظمة‬


‫أسواق المبادالت‬

‫السوق الرابع‬ ‫السوق الثالث‬

‫املصدر‪ :‬عباس كاظم الدعمي‪ ،‬السياسات النقدية واملالية وأداء سوق ألاوراق املالية‪ ،‬دار صفاء للنشر والتوزيع‬
‫عمان‪ ،0222 ،‬ص‪.208 :‬‬
‫عموما فإن املؤسسات املالية تقسم وفقا لدليل إلاحصاءات النقدية واملالية الصادر عن صندوق‬
‫يلي‪2:‬‬ ‫النقد الدولي إلى وسطاء ماليين ومؤسسات مالية مساعدة حسب ما‬

‫‪ 1‬السيد متولي عبد القادر‪ ،‬ألاسواق املالية والنقدية في عالم متغير‪ ،‬دار الفكر للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،0222 ،‬ص ص‪.10-12 :‬‬
‫‪ 2‬صندوق النقد الدولي‪ ،‬دليل إلاحصاءات النقدية واملالية‪ ،0222 ،‬ص ص‪.02-26 :‬‬

‫‪811‬‬
‫املحور الخامس _______________________________________ النظام املالي "ألانظمة املصرفية وألاسواق املالية"‬

‫الوسطاء املاليون‪ :‬يشمل الوسطاء املاليون املؤسسات املالية التي تمارس نشاطا إنتاجيا من خالل‬
‫الحصول على أموال لحسابها الخاص ومن ثم إعادة توجيهها إلى املؤسسات التي هي بحاجة لهذه ألاموال‬
‫مقابل امتالك أصول مالية‪ ،‬وتختلف هذه املؤسسات من حيث طبيعة تركيب أصولها وخصومها‬
‫وألادوات والخدمات املالية التي تقدمها‪ ،‬كما تختلف من دولة إلى أخرى باختالف خصائصها وتعريفها‬
‫للنقود بمعناها الواسع‪ ،‬ويشمل هذا التصنيف ألانواع التالية‪:‬‬
‫‪ ‬مؤسسات إلايداع‪ :‬تضم البنك املركزي ومؤسسات إلايداع ألاخرى وأهمها‪ :‬البنوك التجارية‪ ،‬بنوك‬
‫الاستثمار‪ ،‬بنوك الادخار‪ ،‬اتحادات الائتمان وجمعيات التسليف العقاري‪ ،‬البنوك الريفية‬
‫والزراعية‪.‬‬
‫‪ ‬مؤسسات مالية أخرى‪ :‬تشمل املؤسسات التي تعنى بصورة رئيسية بتقديم الخدمات املالية ومن‬
‫أهمها‪ :‬وسطاء التعاقد‪ :‬يتمثلون أساسا في شركات التأمين وصناديق التقاعد‪ ،‬وسطاء ماليون‬
‫آخرون‪ :‬شركات التمويل‪ ،‬مجمعات الاستثمار املشترك‪ ،‬ضامنو الاكتتاب في ألاوراق املالية وتجار‬
‫ألاوراق املالية‪ ،‬وسطاء املشتقات املالية‪ ،‬الوسطاء املاليون املتخصصون‪.‬‬
‫املؤسسات املالية املساعدة‪ :‬ال تعمل هذه املؤسسات على الحصول ألاموال أو منحها لحسابها الخاص‬
‫فهي ال تقوم بإصدار أوراق مالية خاصة بها وإنما يتمثل دورها في املساعدة على تمرير وتداول ألاوراق‬
‫املالية التي أصدرتها مؤسسات أخرى‪ ،‬ضمن هذا التصنيف نجد‪ :‬بورصات ألاوراق املالية‪ ،‬السماسرة‬
‫والوكالء‪ ،‬شركات الصرافة‪ ،‬شركات التأمين وصناديق التقاعد املساعدة‪... ،‬إلخ‪.‬‬

‫‪811‬‬
‫المحور السادس‪ :‬قنوات التمويل في االقتصاد‬

‫أوال‪ :‬التمويل المباشر‬

‫ثانيا‪ :‬التمويل غير المباشر‬

‫ثالثا‪ :‬أشكال األنظمة المالية‬


‫املحور السادس __________________________________________________________ قنوات التمويل في الاقتصاد‬

‫تمهيد‬
‫يعتمد تمويل النشاط الاقتصادي على مدى مناسبة وكفاءة توزيع وتخصيص املوارد املالية في‬
‫الاقتصاد‪ ،‬وهو ما يتطلب وجود شبكة متطورة من املؤسسات وألاسواق املالية فضال عن بقية الشروط‬
‫املوضوعية واملؤسساتية التي تسمح ملجموع وحدات النظام املالي بأداء وظائفها على أحسن وجه‪ ،‬ورغم‬
‫كون هذه ألاخيرة تشترك في هدفها املتمثل في ضمان تمويل ألانشطة الاقتصادية فإنها تختلف في طريقة‬
‫تحقيق هذا الهدف وبالضرورة ستختلف النتائج املترتبة على ذلك‪.‬‬
‫ويأخذ تدفق ألاموال في الاقتصاد بشكل عام حسب املفهوم الذي طرحه الاقتصاديان ( ‪J. Gurley‬‬

‫‪ )& E. Shaw, 1960‬أحد الشكلين إما تمويال مباشر وإما تموال غير مباشر‪ ،‬وتترتب على سيادة أحد هذين‬
‫الشكلين ظهور نمط تمويلي يتجه إما للبنوك أو يتجه نحو ألاسواق املالية وفق ما يغرف باقتصاديات‬
‫املديونية أو اقتصاديات ألاسواق املالية‪.‬‬
‫وسيتم في هذا املحور استعراض قناتي انتقال ألاموال في الاقتصاد ضمن العنصرين ألاول والثاني‬
‫في حين سيخص العنصر الثالث لتوضيح أشكال النظم املالية املترتبة على ذلك مع تدعيم الشرح بأشكال‬
‫بيانية مساعدة‪.‬‬

‫أوال‪ :‬التمويل املباشر‬

‫‪ -1‬أسلوب التمويل املباشر‬


‫يشير إلى العالقة املباشرة بين أصحاب الفائض وأصحاب العجز دون تدخل أي وسيط آخر سواء‬
‫بنكي أو غير بنكي‪ ،‬حيث يقوم أصحاب العجز بإصدار أوراق مالية ألصحاب الفائض وتتمثل هذه ألاوراق‬
‫في سندات الدين على الدخول املستقبلية أو سندات الدين على ألاصول‪ ،‬وتعتبر أصول جديدة بالنسبة‬
‫بإصدارها‪1.‬‬ ‫لألعوان الذين يتحصلون عليها بينما تعتبر ديون أو التزامات ملن يقومون‬
‫إذن يمثل هذا ألاسلوب القناة التي يتم من خاللها تلبية احتياجات وحدات العجز بشكل مباشر‬
‫(من دون تدخل أي وسيط) من قبل وحدات الفائض (‪ ،)Surplus Units‬من خالل إصدار وحدات العجز‬
‫الفائض‪2.‬‬ ‫(‪ )Deficit Units‬أوراقا مالية تعرف باألوراق ألاولية يتم تحصيلها مباشرة من قبل وحدات‬

‫‪1‬‬
‫‪Fréderic Mishkin, Monnaie, banques et marchés financiers, 8 ème édition, Pearson éducation, France, 2004,‬‬
‫‪p: 28.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Xavier Bradley, Christian Descamps, Monnaie, Banque, Financement, Paris, Dalloz, 2005, p: 5.‬‬

‫‪921‬‬
‫املحور السادس __________________________________________________________ قنوات التمويل في الاقتصاد‬

‫حيث يعرف (‪ )Gurley & Shaw‬ألاوراق املالية ألاولية أو املباشرة (‪ )Direct Securities‬كما تدعى‬
‫أيضا‪ ،‬على أنها "مجموع كل الديون وكل ألاسهم املصدرة من قبل ألاعوان غير املاليين"‪ 1‬والتي تأخذ شكل‬
‫أسهم وسندات وغيرها من ألاصول املالية ألاخرى‪.‬‬
‫ويوفر التمويل املباشر من خالل ألاسواق املالية عددا من الخصائص أهمها القدرة على تخصيص‬
‫موارد مالية ضخمة لصالح املؤسسات واملستثمرين والحكومات‪ ،‬وكذا تدفقا مهما للمعلومات املتصلة‬
‫بهذه ألاموال واملراكز املالية ملختلف أطراف العملية باإلضافة إلى السرعة الكبيرة في التنفيذ والتكاليف‬
‫املنخفضة املصاحبة إلتمام الصفقات‪.‬‬
‫يلي‪2:‬‬ ‫ومن الصعوبات التي تنطوي على هذا النوع من التمويل ما‬
‫‪ -‬صعوبة تعارف طرفي العالقة من حيث الزمان واملكان‪ ،‬خصوصا إذا كان كل منهما في منطقة‬
‫أخرى باإلضافة إلى تعذر معرفة ما إذا كان ذلك الفرد له فائض مالي إال إذا كانت هناك معرفة‬
‫شخصية بينهما‪.‬‬
‫‪ -‬صعوبة توافق رغبات ألافراد من حيث املبلغ فقد يكون طرف ما بحاجة إلى أموال أكبر مما يملكه‬
‫صاحب الفائض املالي‪.‬‬
‫‪ -‬عدم قدرة املقرض على تقدير ألاخطار التي يمكن أن يتعرض لها‪ ،‬كعدم قدرة املقترض على الوفاء‬
‫بالتزاماته مما يحد من إمكانية املقرض على إقراض أمواله وتوظيفها‪.‬‬
‫‪ -‬عدم قدرة أصحاب الفائض املالي على استرجاع أموالهم ألن التمويل املباشر يتميز بتجميد ألاموال‬
‫إلى غاية تاريخ التسديد‪.‬‬
‫شكل رقم (‪ :)11‬التمويل املباشر في النظام املالي‬
‫‪-‬املقرضون‬ ‫‪-‬املقترضون‬

‫‪-7‬العائالت‬ ‫‪-7‬املؤسسات‬
‫ألاسواق‬
‫‪-2‬املؤسسات‬ ‫‪-2‬الدولة واملجتمع العام‬
‫ألاموال‬ ‫املالية‬ ‫ألاموال‬
‫‪-3‬الدولة واملجتمع العام‬ ‫‪-3‬العائالت‬

‫‪-4‬بقية العالم‬ ‫‪-4‬بقية العالم‬

‫‪Source : Fréderic Mishkin, Monnaie, banques et marchés financiers, 8 ème édition, Pearson‬‬
‫‪éducation, France, 2004, p: 28.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Robert Ferrandier, Vincent Koen, Op. Cit, P: 21.‬‬
‫‪ 2‬عبد الغفار حنفي‪ ،‬رسمية قرياقص‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.71‬‬

‫‪931‬‬
‫املحور السادس __________________________________________________________ قنوات التمويل في الاقتصاد‬

‫‪-2‬أسلوب التمويل شبه املباشر‬


‫بالنظر لعدم كفاية الشكل املباشر إلنجاز نموذج لتدفق ألارصدة بين وحدات العجز ووحدات‬
‫الفائض‪ ،‬ظهر نوع آخر يدعى بالتمويل شبه املباشر‪ ،‬إذ ينشأ هذا النوع من خالل بروز بعض الوحدات‬
‫(طبيعية‪ ،‬معنوية) ملمارسة دور السماسرة والتجار لألصول املالية‪ ،‬والذين يؤثرون بشكل واضح في‬
‫عملية التقاء أصحاب العجز وأصحاب الفائض‪ ،‬وعلى الرغم من اختالف دور السماسرة عن دور التجار‬
‫في إطار تحمل التجار ملخاطر ال يواجهها السماسرة إال أن كالهما يمارس دورا وسيطا في عملية التقاء‬
‫تيار الطلب وتيار العرض في ألاسواق املالية‪ ،‬ويمكن توضيح كيفية أداء السوق عبر شكل التمويل املباشر‬
‫التالي‪1:‬‬ ‫واملوضح من خالل الشكل‬

‫شكل رقم (‪ :)11‬التمويل شبه املباشر في النظام املالي‬

‫وحدات‬ ‫أصول مباشرة‬ ‫السماسرة‬ ‫أصول مباشرة‬ ‫وحدات‬


‫العجز‬ ‫موارد مالية‬ ‫والتجار‬ ‫تدفق موارد‬ ‫الفائض‬

‫املصدر‪ :‬محمود محمد الداغر‪ ،‬ألاسواق املالية‪ :‬مؤسسات‪ ،‬أوراق‪ ،‬بورصات‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬ألاردن‪ ،2002 ،‬ص‪.47 :‬‬

‫من خالل هذا الشكل يمكن مالحظة توسط السماسرة وتجار ألاوراق املالية في انتقال املوارد‬
‫املالية من وحدات الفائض وما يقابلها من أصول مباشرة (املقترض)‪ ،‬ويتميز السوق املالي شبه املباشر‬
‫عن سابقه في وجود جهة وسيطة تشارك في انخفاض تكلفة املعلومات أو البحث عن التمويل للعارضين‬
‫والطالبين على حد سواء‪ ،‬كذلك تساعد هذه الطريقة في تقليل أثر عدم التطابق بين رغبات وحدات‬
‫العجز وإمكانيات وحدات الفائض‪ ،‬فضال عن دور الوسيط (السمسار والتاجر) في استيعاب ألاعداد‬
‫املدخرين‪2.‬‬ ‫املتناثرة من‬

‫ثانيا‪ :‬التمويل غير املباشر‬


‫يتم انتقال ألاموال عبر هذه القناة من خالل وسطاء ماليين (بنكيين وغير بنكيين) يتدخلون في‬
‫عملية التحويل بالشكل الذي يفصل تماما بين وحدات الفائض ووحدات العجز‪ ،‬حيث يرتكز التمويل‬
‫غير املباشر على مفهوم الوساطة املالية والتي يعد (‪ )Gurley & Shaw‬أول من أعطى تعريفا لها على أنها‬

‫‪ 1‬محمود محمد الداغر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.40 :‬‬


‫‪ 2‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.47 :‬‬

‫‪939‬‬
‫املحور السادس __________________________________________________________ قنوات التمويل في الاقتصاد‬

‫عملية شراء أصول مالية أولية من املقترضين النهائيين مقابل إصدار أصول مالية ثانوية لصالح املقرضين‬
‫(املدخرين)‪1.‬‬

‫وفقا لهذا ألاسلوب في التمويل فإن مؤسسات الوساطة املالية تقوم بتقديم التمويل الالزم‬
‫لوحدات العجز مقابل حصولها على ألاصول املالية ألاولية (املباشرة) التي تصدرها هذه الوحدات‪ ،‬ومن‬
‫ثم تقوم بإصدار أصول مالية جديدة خاصة بها تدعى باألصول املالية غير املباشرة أو ألاصول الثانوية‬
‫بمواصفات مختلفة يتم تحديدها تبعا لرغبات وحدات الفائض التي تقوم بشراء هذه ألاصول‪ ،‬دون أن‬
‫يشترط تزامن أو تساوي مبالغ العمليتين‪ ،‬وبما أن ألاصول املالية التي تحصل عليها وحدات الفائض‬
‫تمثل التزاما على املؤسسة الوسيطة التي أصدرتها وال تمثل التزاما على وحدات العجز فقد سمي هذا‬
‫النوع من التمويل باملباشر‪ ،‬حيث تشمل ألاصول املالية غير املباشرة املطروحة من قبل املؤسسات‬
‫الوسيطة أدوات تمويل شائعة مثل الصكوك‪ ،‬شهادات إلايداع ألجل‪ ،‬حسابات الادخار‪ ،‬وغيرها‪ ،‬والتي‬
‫تتميز بسيولة مرتفعة وقابلية تداولها‪ ،‬وما يتيحه ذلك من مرونة لوحدات الفائض باإلضافة إلى انخفاض‬
‫املباشرة‪2.‬‬ ‫مخاطرها قياسا باألصول املالية‬
‫وما يميز هذا النوع من التمويل هو املقدرة الكبيرة للوسطاء املاليين في تعبئة املدخرات الصغيرة‬
‫وتسويق ألاصول املالية املباشرة لصالح وحدات العجز‪ ،‬وكذا كونه منخفض التكلفة للمعلومات نظرا‬
‫لوجود مؤسسات متخصصة في الوساطة‪ ،‬وما يوفره من مرونة للمقرض واملقترض في تجنب مخاطر‬
‫ألاصل املالي من خالل التداول والتسييل‪.‬‬
‫إن عمل املؤسسات املالية تجاوز املفهوم التقليدي للوساطة املالية بوصفها تحويال للمدخرات‬
‫بين وحدات الفائض ووحدات العجز إلى تحويل املخاطر وآلاجال ومعدالت السيولة والعائد وهو ما‬
‫يعكسه إلى حد بعيد تحويل خصائص ألاصول املالية غير املباشرة التي تطرحها هذه املؤسسات لقاء ما‬
‫تحصل عليه من أصول مالية مباشرة‪.‬‬
‫حيث تتميز ألاصول املالية الثانوية بشكل عام بأنها أقل آجاال وأكثر سيولة وأمانا من ألاصول‬
‫ألاولية كما أن جزءا مهما من هذه ألاصول غير املباشرة له قيمة إسمية يقينية ومؤمنة كاإليداعات‬
‫الجارية أو ألجل‪ ،‬حسابات الادخار‪ ،‬وغيرها‪ ،3‬وفي املقابل تتميز ألاصول ألاولية غالبا بطول آجالها‬
‫وضخامة حجمها باإلضافة إلى ارتفاع مخاطرتها‪ ،‬وعموما يمكن التمييز بين نوعين من الوساطة‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Jean-Louis Besson, Marchés, Banques et Politique Monétaire en Europe, Presses Universitaires de‬‬
‫‪Grenoble, France, 2003, P: 10.‬‬
‫‪ 2‬محمود محمد الداغر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.42 :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Robert Ferrandier, Vincent Koen, Op. Cit, PP: 31-32‬‬

‫‪932‬‬
‫املحور السادس __________________________________________________________ قنوات التمويل في الاقتصاد‬

‫‪ ‬وساطة سوقية‪ :‬وفيها يتدخل الوسيط ملجرد تمرير ألاصل املالي دون تغيير على خصائصه وتتم‬
‫أساسا من خالل وسطاء السوق املالية كما قد تتدخل فيها أحيانا مؤسسات الوساطة املالية‪.‬‬
‫‪ ‬وساطة ميزانية‪ :‬تختص بالوسطاء املاليين البنكيين وغير البنكيين حيث يظهر أثر هذه العملية على‬
‫ميزانية الوسيط املالي في جانبي ألاصول والخصوم‪ ،‬فهو يحصل على ألاصول ألاولية والتي تسجل‬
‫ضمن أصوله في مقابل إصدار أصول ثانوية متنوعة خاصة به تمثل محاسبيا جزءا من خصومه‬
‫والتزاماته‪ ،‬وهو ما يتضمن تحويال لخصائص ألاصل املالي من ناحية املخاطر وآلاجال‪.‬‬
‫ويمكن تلخيص عملية تدفق ألاموال في الاقتصاد عبر قناتي التمويل املباشر وغير املباشر وفق‬
‫الشكل التالي‪:‬‬
‫شكل رقم (‪ :)12‬تمويل الاقتصاد عبر قناتي التمويل املباشر والتمويل غير املباشر‬
‫أصحاب العجز‬ ‫أصحاب الفائض‬

‫خصوم‬ ‫أصول‬ ‫خصوم‬ ‫أصول‬


‫نفقات‬ ‫إيرادات‬ ‫نفقات‬ ‫إيرادات‬
‫‪ -‬إصدار دين أولي‬ ‫‪ -‬شراء دين أولي‬
‫‪ -‬شراء دين ثانوي‬

‫السوق المالية (وسطاء السوق)‬

‫‪‬‬ ‫دين أولي‬ ‫دين أولي‬

‫وسطاء ماليون بنكيون‬

‫‪‬‬ ‫دين أولي‪ :‬قروض‬ ‫دين ثانوي‪ :‬نقود‬

‫وسطاء ماليون غير بنكيين‬

‫‪‬‬ ‫دين أولي‪ :‬قروض‬ ‫دين ثانوي‪ :‬أشباه نقود‬

‫‪Source: Jean-François Goux, Economie Monétaire et Financière: Théories, Institutions,‬‬


‫‪Politiques, Economica, Paris, 3ème Édition, 1998, P: 122.‬‬

‫تعكس العملية ألاولى شكل التمويل املباشر حيث يتدخل وسيط السوق املالي فقط لتمرير ألاصول‬
‫املالية ألاولية من وحدات العجز إلى وحدات الفائض‪ ،‬أما العمليتان الثانية والثالثة فتمثالن الشكل‬

‫‪933‬‬
‫املحور السادس __________________________________________________________ قنوات التمويل في الاقتصاد‬

‫الذي يأخذه التمويل غير املباشر من خالل الحصول على أصول أولية يحتفظ بها ومن ثم تحويلها إلى‬
‫أصول ثانوية لصالح وحدات الفائض‪ ،‬مع وجود اختالف أساس ي بين العمليتين ألاخيرتين حيث ينتج عن‬
‫العملية الثانية أصل نقدي غير مباشر يعتبر نقدا جديدا في الاقتصاد يمكن استعماله في التسويات وهو‬
‫ما يعرف بالنقد الكتابي (نظير عملية خلق النقود من قبل البنوك التجارية تحديدا)‪ ،‬بينما ينتج عن‬
‫العملية الثالثة دين ثانوي ال يمكن اعتباره كوسيلة دفع إلتمام الصفقات وعليه فهو يمثل شبه نقد‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬أشكال ألانظمة املالية‬


‫يرجع الفضل في التمييز بين مفهومي اقتصاد املديونية واقتصاد ألاسواق املالية إلى دراسات‬
‫( ‪The Crisis In‬‬ ‫الباحث البريطاني (‪ )John Richard Hicks‬في كتابه الذي قدمه سنة ‪ 7714‬بعنوان‬
‫‪ ،)Keynesian Economics‬حيث يمثل أسلوبي التمويل املباشر وغير املباشر آليتين متكاملتين تنتقل‬
‫عبرهما ألاموال بين مختلف ألاعوان الاقتصاديين‪ ،‬غير أن أثر أحد هذين ألاسلوبين قد يطغى على آلاخر‬
‫وهو ما يؤدي إلى ظهور أنظمة مالية مرتكزة على املصارف والتي تعرف كذلك باقتصاديات املديونية‬
‫‪ )Économie‬وأخرى تعتمد بشكل أساس ي على ألاسواق املالية وتعرف أيضا‬ ‫(‪d’Endettement‬‬

‫باقتصاديات ألاسواق املالية (‪.)Économie de Marchés Financiers‬‬

‫‪ -1‬اقتصاديات املديونية‬
‫تمثل نظاما ماليا يسيطر فيه أساسا التمويل غير املباشر (البنكي وغير البنكي) من خالل التمويل‬
‫بالقروض‪ ،‬حيث يسند فيه للنظام البنكي املسؤولية ألاولى في تمويل الاقتصاد‪ ،1‬كما يدعى هذا النظام‬
‫أيضا باقتصاد السحب الزائد (‪ ،2)Overdraft Economy‬نظرا لكون البنوك تلعب الدور الرئيس ي في‬
‫تمويل النشاطات الاقتصادية املختلفة‪ ،‬وعادة ما تتجه إلعادة التمويل لدى البنك املركزي الذي يعتبر‬
‫زائدة‪3.‬‬ ‫املقرض ألاخير‪ ،‬لهذا قد يتواجد هذا النوع من الاقتصاد في وضع تضخمي وسيولة‬

‫يلي‪4:‬‬ ‫ويمكن إجمال أهم الخصائص التي يتميز بها اقتصاد الاستدانة فيما‬
‫‪ -‬تعد القروض الطريقة الرئيسية في تمويل النشاط الاقتصادي بسبب ضعف معدل التمويل الذاتي‬
‫وضيق السوق املالي‪ ،‬ويعد تأطير هذه القروض طريقة التنظيم الرئيسية للنشاط النقدي للبنوك‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Gilbert Koening, Analyse Monétaire et Financière, Edition Economica, Paris, 2000, P: 34.‬‬
‫‪ 2‬إملان محمد الشريف‪ ،‬محاضرات في النظرية الاقتصادية الكلية‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.724 :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Xavier Bradley, Christian Descamps, Op. Cit, P: 9.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Ammour Benhalima, Op. Cit, P: 72-73.‬‬

‫‪931‬‬
‫املحور السادس __________________________________________________________ قنوات التمويل في الاقتصاد‬

‫‪ -‬يتعدى دور الوساطة املالية الشكل التقليدي في تحويل املوارد التي تم جمعها إلى إنشاء وسائل‬
‫تمويل جديدة‪.‬‬
‫‪ -‬تعد إعادة التمويل في السوق النقدي غير كافية لذا تلجأ البنوك بصفة مستمرة إلى البنك املركزي‬
‫الذي يلعب دور املقرض ألاخير‪ ،‬إذ ال يمكنه تجنب التدخل للمحافظة على مستوى النشاط‬
‫الاقتصادي‪.‬‬
‫‪ -‬هناك مستويين من املديونية‪ :‬مديونية املؤسسات تجاه البنوك ومديونية هذه ألاخيرة تجاه البنك‬
‫املركزي‪.‬‬
‫‪ -‬تتحدد أسعار الفائدة بشكل إداري وال تعبر عن التوازن التلقائي بين الطلب والعرض على النقود‪.‬‬
‫‪ -‬عملية إنشاء النقود هي عملية داخلية‪ ‬بمعنى أن املقابل ألاساس ي لإلصدار النقدي يتمثل في‬
‫القروض التي يطلبها ألاعوان الاقتصاديون‪.‬‬

‫شكل رقم (‪ :)11‬التمويل في نظام اقتصاديات الاستدانة‬

‫أعوان غير ماليين‬ ‫أعوان غير ماليين‬


‫أسهم وسندات‬ ‫أسهم وسندات‬
‫أصحاب عجز‬ ‫أصحاب فائض‬
‫سندات خزينة‬
‫سوق األوراق المالية‬

‫إعادة تمويل‬ ‫إعادة تمويل‬


‫السوق النقدية‬

‫قروض‬
‫أذونات خزينة سندات خزينة‬ ‫توظيفات‬
‫الخزينة العامة‬

‫إعادة تمويل (إعادة خصم)‬


‫الوسطاء الماليون البنكيون وغير البنكيين‬ ‫البنك المركزي‬

‫‪Source: Jean-François Goux, Economie Monétaire et Financière, Théories: Institutions,‬‬


‫‪Politiques, Economica, Paris, 3ème Édition, 1998, P: 127.‬‬

‫‪ ‬الكتلة النقدية هي التي تحدد القاعدة النقدية وليس العكس‪ ،‬فالبنوك تقوم بمنح القروض لألفراد واملؤسسات ومن ثم تقوم بإعادة‬
‫التمويل لدى البنك املركزي‪.‬‬

‫‪931‬‬
‫املحور السادس __________________________________________________________ قنوات التمويل في الاقتصاد‬

‫‪ -2‬اقتصاديات ألاسواق املالية‬


‫تتميز اقتصاديات ألاسواق املالية بالدور املهم الذي يلعبه السوق املالي في تمويل النشاط‬
‫الاقتصادي قياسا بما هو عليه في اقتصاديات الاستدانة‪ ،1‬وعليه فإن هذا النوع من ألانظمة يتسم‬
‫بوجود أسواق مالية ونقدية واسعة ومتطورة ومرنة يتم من خاللها توفير الجانب ألاكبر من حاجة ألاعوان‬
‫الاقتصاديين للتمويل والسيولة‪ ،‬في حين يكون ملؤسسات الوساطة املالية دور ثانوي أقل أهمية‪ ،‬ويتميز‬
‫هذا النظام أساسا بالخصائص التالية‪:‬‬
‫‪ -‬دور الوسطاء املاليين في هذا النظام يتمثل بشكل رئيس ي في تحويل آجال الاستحقاق وتقديم‬
‫الخدمات املالية وليس إنشاء وسائل الدفع‪.‬‬
‫‪ -‬يلعب القرض دورا تكميليا في تمويل املؤسسات نظرا الرتفاع طاقة التمويل الذاتي فيها‪.‬‬
‫‪ -‬تلجأ الدولة في تمويل العجز في ميزانيتها بصورة كبيرة إلى هذه ألاسواق من خالل ألاوراق املالية‬
‫التي تصدرها الخزينة العمومية‪ ،‬بعكس اقتصاد الاستدانة الذي يتم تمويل الدين العمومي فيه‬
‫من خالل إنشاء النقود‪.‬‬
‫‪ -‬تعد السوق النقدية املكان املفضل إلعادة تشكيل سيولة البنوك‪ ،‬كما أن اللجوء إلى البنك املركزي‬
‫يمثل حاالت قليلة ونادرة‪.‬‬
‫‪ -‬بإمكان الوسطاء املاليين الحصول على التمويل من خالل التدخل في السوق املالي وإصدار ألاصول‬
‫املالية‪.‬‬
‫‪ -‬تتحد أسعار الفائدة بشكل مرن من خالل قوى السوق وتعبر عن الطلب والعرض على رؤوس‬
‫ألاموال وتكلفة املوارد في نفس الوقت‪.‬‬
‫‪ -‬عملية إلاصدار النقدي عملية خارجية‪ ،‬حيث تلعب القاعدة النقدية ومعدل الفائدة دورا حاسما‬
‫في تحديد التوازن النقدي‪.‬‬
‫إذن تتميز اقتصاديات ألاسواق املالية بهيمنة التمويل املقدم من قبل ألاسواق املالية والنقدية‪،‬‬
‫وفي حين تكون السوق النقدية متسعة ومفتوحة ملختلف ألاعوان املاليين وغير املاليين فإن السياسة‬
‫الرئيسية في ضبط الكتلة النقدية تتمثل في سياسة السوق املفتوحة فضال عن استقاللية أكبر للبنوك‬
‫واملؤسسات املالية‪ ،‬وإجماال يأخذ التمويل في نظام اقتصاديات ألاسواق املالية الشكل التالي‪:‬‬

‫‪1 Gilbert Koening, Op. Cit, P: 38.‬‬

‫‪ ‬اتجاه العالقة يكون من القاعدة النقدية إلى الكتلة النقدية‪.‬‬

‫‪931‬‬
‫املحور السادس __________________________________________________________ قنوات التمويل في الاقتصاد‬

‫شكل رقم (‪ :)11‬التمويل في نظام اقتصاديات ألاسواق املالية‬

‫أعوان غير ماليين‬ ‫أعوان غير ماليين‬


‫سوق أولية‪ :‬أسهم‪ ،‬سندات‪ ،‬سندات الصندوق‬
‫أصحاب عجز‬ ‫أصحاب فائض‬

‫سوق ثانوية‪ :‬أذونات خزينة‪،‬‬ ‫سوق أولية وثانوية‪ :‬أذونات خزينة‪ ،‬أسهم‪،‬‬
‫شهادات إيداع‬ ‫سندات‪ ،‬سندات الصندوق‬
‫سوق أوراق مالية‬
‫وسوق نقدية مفتوحة‬

‫سوق أولية‪ :‬شهادات‬


‫سوق أولية‪ :‬أذونات خزينة‬ ‫عمليات السوق‬
‫إيداع‪ ،‬أسهم‪ ،‬سندات‬ ‫سوق ثانوي‪ :‬أذونات خزينة‪،‬‬
‫المفتوحة‬
‫سندات‪ ،‬سندات الصندوق‬ ‫الخزينة العامة‬

‫الوسطاء الماليون البنكيون وغير البنكيين‬ ‫البنك المركزي‬

‫‪Source: Jean-François Goux, Economie Monétaire et Financière, Théories: Institutions,‬‬


‫‪Politiques, Economica, Paris, 3ème Édition, 1998, P: 126.‬‬

‫على الرغم مما تقدم فإن التطورات العميقة التي تشهدها الصناعة املالية والاقتصاد العالمي‬
‫على حد سواء أدت إلى تراجع الفواصل بين أسلوبي التمويل املباشر وغير املباشر وبالتبعية الحدود‬
‫الفاصلة بين اقتصاديات املديونية واقتصاديات ألاسواق املالية فاملصارف اليوم لم تعد تكتفي باملفاهيم‬
‫التقليدية للوساطة وقد تطورت أعمالها على نحو الفت بل وأصبحت من بين أهم املتدخلين في أسواق‬
‫ألاوراق املالية نفسها كما طورت وظائف ومنتجات مالية أكثر ارتباطا بنشاط هذه ألاخيرة‪ ،‬وربما نجد‬
‫أن ألانظمة املالية املتطورة اليوم هي مزيج بين نظام مصرفي متطور وحديث وأسواق نشطة ومتطورة‪.‬‬

‫‪931‬‬
‫المحور السابع‪ :‬سوق رأس المال‬

‫أوال‪ :‬تعريف سوق رأس المال وتقسيماتها‬

‫ثانيا‪ :‬خصائص سوق رأس المال واألطراف المتدخلة فيها‬

‫ثالثا‪ :‬األدوات المتداولة في سوق رأس المال وإجراءات التعامل‬


‫املحور السابع ______________________________________________________________________ سوق رأس املال‬

‫تمهيد‬
‫وضحنا في املحور الخامس أن السوق املالية أو سوق رؤوس ألاموال تتضمن قسمين رئيسيين هما‬
‫سوق رأس املال والسوق النقدية‪ ،‬ويفرق الاقتصاديون بين هذين القسمين بشكل أساس ي تبعا آلجال‬
‫استحقاق أدوات كل منهما‪ ،‬إذ تتميز سوق رأس املال بطول آجال أدواتها في حين ال تتعدى أجال‬
‫الصفقات املنجزة في السوق النقدية غالبا السنة الواحدة‪.‬‬
‫تحوز سوق رأس املال أهمية كبيرة جدا ضمن هيكل السوق املالية وترتبط بشكل وثيق بتدفقات‬
‫رأس املال املوجهة لتمويل الاستثمارات طويلة ألاجل وإنشاء أو تملك ألاصول الثابتة‪ ،‬حيث نمت أهمية‬
‫هذه السوق بشكل كبير خالل العقود ألاخيرة وأضحت قناة رئيسية في تمويل النشاط الاقتصادي‪ ،‬كما‬
‫ازداد تطورها خصوصا في الدول املتقدمة خصوصا مع الاعتماد املتزايد على توظيف املنتجات التي‬
‫تتيحها تقنيات الابتكار والهندسة املالية‪.‬‬
‫في هذا القسم الذي يتألف من ثالث عناصر سيم استعراض املفاهيم الرئيسية لسوق رأس املال‬
‫وتقسيماتها‪ ،‬وكذا خصائصها وأهم ألاطراف املتدخلة فيها‪ ،‬فضال عن التفصيل في أهم ألادوات التي‬
‫يجري التداول بها في هذه السوق‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تعريف سوق رأس املال وتقسيماتها‬


‫تتفق معظم التعاريف املقدمة لسوق رأس املال حول الخصائص الرئيسية لهذا الصنف من‬
‫ألاسواق خصوصا ما يتعلق بآجال عملياتها‪ ،‬كما يتفرع عن سوق رس املال أسواق ثانوية تتحدد تبعا‬
‫لشكل وطبيعة العالقة التي تربط بين عارض ي رؤوس ألاموال وطالبيها‪.‬‬

‫‪ -1‬تعريف سوق رأس املال‬


‫تمثل أسواق رأس املال (‪ )Capital Markets‬أسواقا يتم فيها تداول أدوات تمويل ذات استحقاقات‬
‫طويلة ألامد أي التي تتجاوز مدتها العام وأهم هذه ألادوات السندات‪ ،‬ألاسهم‪ ،‬وألاوراق املالية ألاخرى‪،‬‬
‫مركزية‪1.‬‬ ‫سواء كانت هذه ألادوات تعود إلى شركات خاصة أو مؤسسات حكومية أو خزينة‬
‫وهي أيضا أسواق متخصصة في الاستثمارات طويلة املدى والتي تتجاوز فترات سدادها السنة‬
‫الواحدة وتتعامل بشكل رئيس ي باألسهم (العادية واملمتازة) والسندات‪ ،‬سواء أكانت هذه ألادوات تعود‬
‫إلى شركات خاصة أو مؤسسات حكومية أو خزينة مركزية أو مصالح إقليمية ‪ ...‬فسوق رأس املال تمثل‬

‫‪ 1‬محمد صالح الحناوي‪ ،‬أساسيات الاستثمار في بورصة ألادوات املالية‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬إلاسكندرية‪ ،7991 ،‬ص‪.1.‬‬

‫‪931‬‬
‫املحور السابع ______________________________________________________________________ سوق رأس املال‬

‫محور العملية الاستثمارية في ألاسواق املالية وذلك بتحويل السيولة النقدية إلى أدوات تستمر لفترات‬
‫طويلة نسبيا وتحمل عوائد مستقرة ومنتظمة غالبا‪ ،‬فهي تعكس مستوى الركود أو الانتعاش أو الرخاء‬
‫الاقتصاد"‪1.‬‬ ‫في هذا‬
‫وعادة ما تسمى هذه ألاسواق بسوق رؤوس ألاموال طويلة ألاجل وهي "سوق يتم فيها التعامل‬
‫باألدوات املالية طويلة ألاجل كاألسهم والسندات‪ ،‬وتؤدي هذه السوق دورا كبيرا في تمويل الاحتياجات‬
‫املالية للمؤسسات واملشاريع الاقتصادية مقابل التخلي عن جزء أو كل ملكيتها بطرح ألاسهم على غرار‬
‫شركات املساهمة أو بإصدار سندات دين‪ ،‬ونفس الش يء يمكن أن يقال عن الحكومات في حال رغبتها في‬
‫الجديدة"‪2.‬‬ ‫الحصول على ألاموال الالزمة لتغطية العجز املالي أو لتمويل املشاريع‬
‫وتعرف كذلك أسواق رأس املال على أنها ألاسواق التي ينصب التعامل فيها على ألادوات املالية‬
‫املتوسطة وطويلة ألاجل أي التي تغطي فترة تزيد عن السنة الواحدة‪ ،‬وتتعامل هذه ألاسواق بشكل‬
‫رئيس ي باألسهم والسندات باإلضافة إلى املنتجات املبتكرة‪ ،3‬ويتم من خالل هذه السوق تعبئة املدخرات‬
‫من أصحاب الفوائض املالية وتحويلها إلى استثمارات منتجة من طرف أصحاب العجز املالي‪ ،‬ولتحقيق‬
‫هذه الغاية تقوم الحكومات واملؤسسات العمومية والخاصة بإصدار ألاوراق املالية لتغطية العجز في‬
‫موازينها وتمويل املشاريع الضخمة بالنسبة للحكومات‪ ،‬والتوسع في املشاريع القائمة أو تمويل املشاريع‬
‫للمؤسسات‪4.‬‬ ‫الجديدة بالنسبة‬
‫وتمتاز هذه ألاسواق بحسن التنظيم وكبر حجم الصفقات املنفذة بها من قبل املتخصصين‬
‫واملتعاملين فيها والذين يلعبون دورا مهما في تفعيل حركة التداول‪ ،‬وكذا تعدد أنواع ألاوراق املالية‬
‫املطروحة لالستثمار وارتفاع العائد منها ليتناسب وارتفاع درجات املخاطرة‪.‬‬

‫‪ -2‬أقسام سوق رأس املال‬


‫يمكن تقسيم أسواق رأس املال إلى أسواق حاضرة أو فورية وأسواق العقود آلاجلة‪ ،‬بحيث يقصد‬
‫باألسواق الفورية تلك ألاسواق التي يتم فيها تداول ألاوراق املالية طويلة ألاجل (ألاسهم والسندات)‬
‫حيث يتم تسليمها فور إتمام الصفقة‪ ،5‬أما عن أسواق العقود آلاجلة فهي أسواق تتعامل باألسهم‬

‫‪ 1‬هوشيار معروف‪ ،‬الاستثمارات وألاسواق املالية‪ ،‬دار صفاء للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،3002 ،‬ص‪.86.‬‬
‫‪ 2‬محفوظ جبار‪ ،‬البورصة وموقعها من أسواق العمليات املالية‪ ،‬الجزء ألاول‪ ،‬دار الهومة‪ ،‬الجزائر‪ ،3003 ،‬ص‪.13.‬‬
‫‪ 3‬عبد املنعم السيد علي‪ ،‬نزار سعد الدين العيس ى‪ ،‬النقود واملصارف وألاسواق املالية‪ ،‬الطبعة ألاولى‪ ،‬دار الحامد للنشر‪ ،‬عمان‪، 3002 ،‬‬
‫ص‪.779 :‬‬
‫‪ 4‬عبد النافع عبد هللا الزراري‪ ،‬غازي فرح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.44 :‬‬
‫‪ 5‬حسين هاني‪ ،‬ألاسواق املالية‪ :‬طبيعتها‪ ،‬تنظيمها‪ ،‬أدواتها املشتقة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.34 :‬‬

‫‪941‬‬
‫املحور السابع ______________________________________________________________________ سوق رأس املال‬

‫والسندات من خالل عقود واتفاقيات تبرم بين املتعاملين يتم تنفيذها في تاريخ الحق والغرض من وجود‬
‫مخاطر تغير أسعار ألاصول‪1.‬‬ ‫تلك ألاسواق‪ ،‬هو التغطية من‬
‫‪ -1-2‬ألاسواق الحاضرة أو الفورية (‪ :)the Spot Market‬وتعرف هذه ألاسواق بالسوق الحاضرة أو‬
‫الفورية إلمكانية انتقال حقوق امللكية فورا من البائع للورقة املالية إلى املشتري لها بعد دفع قيمتها‬
‫واستالمها من البائع بعد أن تم الاتفاق على شراءها (ألاسهم والسندات وألاوراق التجارية طويلة ألاجل)‪،‬‬
‫إلى‪2:‬‬ ‫وتنقسم ألاسواق الحاضرة من حيث العالقة بين املصدرين واملستثمرين‬
‫‪ -1-1-2‬ألاسواق ألاولية (أسواق إلاصدار) (‪ :)Priming Market‬وهي سوق إلاصدارات أي أنها السوق‬
‫التي تباع فيها ألاوراق املالية واملكتتب بها‪ ،‬إذ يتم فيها بيع ألاسهم والسندات الجديدة‪ ،‬أما البائع لها فهو‬
‫الشركة املصدرة لهذه ألاوراق‪ ،‬بمعنى آخر تنشأ هذه السوق عن عالقة بين املقرض واملقترض نتيجة‬
‫مبادلة السائل (النقود) باملوجودات املالية‪ ،‬وتنقسم السوق ألاولية من حيث طبيعة التمويل إلى نوعين‪:‬‬
‫‪ ‬سوق التمويل املباشر (‪ :)Direct Market‬السوق التي تتعامل بجميع أنواع ألاوراق املالية ألاولية‬
‫التي تصدرها الشركة املقترضة وتسوقها مباشرة أو من خالل خبراء التسويق (السماسرة‬
‫واملتاجرين) ومن دون تدخل الوسطاء‪ ،‬وتستخدم الشركة املقترضة أي أداة من ألاوراق املالية‬
‫سواء كانت ألاسهم أو السندات للقروض طويلة ألاجل‪ ،‬ويأخذ تحديد أسعار ألاوراق املالية أسلوب‬
‫املزايدة وبخاصة بالنسبة إلى ألاوراق املالية الحكومية‪.‬‬
‫‪ ‬أسواق التمويل غير املباشر (‪ :)Indirect Market‬ويقصد بها تلك السوق التي تتضمن جميع‬
‫املعامالت التي تتم من خالل الوسطاء املاليين الذين يقومون بشراء ألاوراق املالية من السوق‬
‫ألاولية من املقترضين ويبيعون أوراق مالية ثانوية في ألاسواق الثانوية من طرف آخر‪.‬‬

‫إذن يختص هذا السوق بالتعامل في إلاصدارات الجديدة سواء لتمويل مشروعات جديدة أو‬
‫املشروعات‪3.‬‬ ‫التوسع في مشروع قائم‪ ،‬وذلك من خالل الزيادة في رأس مال هذه‬
‫ويتم تصريف وبيع هذه ألاوراق املالية من خالل ما يسمى "بنك إلاستثمار" فهو وسيط بين‬
‫جمهور املستثمرين املحتملين لورقة مالية معينة وبين الجهة التي قررت إصدارها‪ ،‬حيث يقدم املساعدة‬
‫للجمهور"‪4.‬‬ ‫للجهة املعنية لكي يتم إصدار الورقة‪ ،‬كما قد يقوم بتمويل شراء إلاصدار بغية إعادة بيعه‬

‫‪ 1‬عبد الغفار حنفي‪ ،‬رسمية قرياقص‪ ،‬أسواق املال‪ :‬بورصات‪ ،‬مصارف‪ ،‬شركات تامين‪ ،‬شركات استثمار‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪،‬‬
‫إلاسكندرية‪ ،3000 ،‬ص‪.73 :‬‬
‫‪ 2‬منير إبراهيم هندي‪ ،‬إدارة ألاسواق واملنشآت املالية‪ ،‬املعارف للطباعة والنشر‪ ،‬إلاسكندرية‪ ،3003 ،‬ص‪.467.‬‬
‫‪ 3‬عبد الغفار حنفي‪ ،‬رسمية زكي قرياقص‪ ،‬ألاسواق واملؤسسات املالية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.367.‬‬
‫‪ 4‬منير إبراهيم هندي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.64.‬‬

‫‪949‬‬
‫املحور السابع ______________________________________________________________________ سوق رأس املال‬

‫وال يعد بنك الاستثمار السبيل الوحيد إلصدار ألاوراق املالية فهناك طريقتين أخرتين‪ :‬ألاسلوب‬
‫املباشر واملزاد‪ ،‬ويقصد باألسلوب املباشر قيام الجهة املصدرة للورقة باالتصال بعدد من كبار املستثمرين‬
‫مثل مؤسسات املالية الضخمة لكي تبيع لها ألاسهم والسندات التي أصدرتها‪ ،‬أما املزاد فهو أسلوب يتم‬
‫بمقتضاه دعوة املستثمرين املحتملين لتقديم عطاءات تتضمن الكميات املراد شرائها وسعر بيعها‪ ،‬ويتم‬
‫قبول العطاءات ذات السعر ألاعلى ثم العطاءات ذات السعر ألاقل فاألقل إلى أن يتم التصريف الكامل‬
‫لإلصدار‪1.‬‬

‫وجدير بالذكر أن هناك نوعين من الاكتتاب أثناء طرح ألاوراق املالية في السوق ألاولي اكتتاب عام‬
‫حيث يتم طرح ألاوراق املالية للبيع لصالح جميع املستثمرين في السوق‪ ،‬وآلاخر الاكتتاب الخاص حيث‬
‫يتم طرح ألاوراق املالية للبيع لعدد محدود من املستثمرين‪.‬‬
‫‪ -2-1-2‬ألاسواق الثانوية (أسواق التداول) (‪ :)Secondary Market‬ويسمى أيضا بسوق التداول‪،‬‬
‫ويقصد به ذلك السوق الذي بواسطته يتم التداول بيعا وشراء على ألاوراق املالية التي سبق وأن تم‬
‫إصدارها والتعامل بها في السوق ألاولي‪ ،2‬فالسوق الثانوية تقوم بدور ال يمكن الاستغناء عنه إذ تجعل‬
‫من وجود السوق ألاولية أمرا ممكنا بمعنى أنه بدون السوق الثانوية قد ال تنشا أصال سوق أولية لألوراق‬
‫املالية‪ ،‬ففي السوق الثانوية يمكن تسييل ألاوراق املالية‪ ،‬أي تحويلها بسهولة إلى نقود عن طريق البيع‬
‫وال شك أن إمكانية تسييل ألاوراق املالية تجعلها أكثر قبوال وجاذبية حيث يكون من السهل بيعها‬
‫خسائر‪3.‬‬ ‫وتحويلها إلى نقود بسرعة وبدون‬
‫وتقوم ألاسواق الثانية بوظيفتين هامتين وهما‪:‬‬
‫‪ -‬تسهل عملية بيع ألاوراق املالية من أجل زيادة النقدية حيث تجعل ألادوات املالية أكثر سيولة‪،‬‬
‫وهذا يساعد ويرغب الشركات املساهمة إلصدار ألاوراق املالية وبيعها باألسواق ألاساسية‪.‬‬
‫‪ -‬تحدد ألاسواق الثانوية أسعار ألاوراق املالية التي أصدرتها الشركات املساهمة لبيعها في ألاسواق‬
‫ألاساسية‪.‬‬
‫إن سوق التداول يلعب دورا هاما بالنسبة للوحدات الاقتصادية التي ترغب في إصدار أوراق مالية‬
‫جديدة‪ ،‬حيث أن ألاسعار السائدة في سوق التداول تعتبر مرشدا لهذه الوحدات عند تسعيرها ألوراقها‬
‫املالية‪ ،4‬ولن تدفع املنشآت التي تشتري ألاوراق املالية من ألاسواق ألاساسية للشركات املساهمة التي‬

‫‪ 1‬منير إبراهيم هندي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.64.‬‬


‫‪ 2‬مصطفى يوسف كافي‪ ،‬بورصة ألاوراق املالية‪ ،‬دار مؤسسة رسالن للنشر والتوزيع‪ ،‬سوريا‪ ،3009 ،‬ص‪.12 :‬‬
‫‪ 3‬وليم عاطف أندراوس‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.31.‬‬
‫‪ 4‬محمد صالح الحناوي‪ ،‬جالل إبراهيم العبد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.38 :‬‬

‫‪941‬‬
‫املحور السابع ______________________________________________________________________ سوق رأس املال‬

‫أصدرت هذه ألاوراق املالية أكثر من السعر الذي تعتقد أن ألاسواق الثانوية سوف تحدده لهذه ألاوراق‬
‫املالية‪ ،‬ألامر الذي يوضح مدى أهمية ألاسواق الثانوية للشركات املساهمة عند إصدارها لألوراق املالية‪،‬‬
‫ألاساسية‪1.‬‬ ‫ويجعل التركز والتحليل ينصب غالبا على سلوك ألاسواق الثانوية أكثر من ألاسواق‬

‫وتنقسم ألاسواق الثانوية لسوق رأس املال هي ألاخرى إلى قسمين هما‪:‬‬
‫‪ -1-2-1-2‬ألاسواق املنظمة (‪ :)the Organized Market‬تمثل هذه السوق اجتماع بصفة دورية‪ ،‬في‬
‫مكان محدد بين وسطاء سوق ألاوراق املالية (السماسرة) لتنفيذ أوامر عمالئهم امللقاة قبل أو أثناء فترة‬
‫العمل أو هي التقاء العرض والطلب بأية وسيلة من وسائل الاتصال املعروفة للتعامل في أوراق مالية‬
‫معينة‪ ،‬تتوفر فيها شروط محددة وفقا لقواعد ونظم معينة بهدف وضع هذا التعامل على أسس سليمة‪2.‬‬

‫وتدعى هذه ألاسواق بالبورصات وهي تخضع للقوانين والقواعد التي تضعها الجهات الرقابية‬
‫وتتداول فيها عادة ألاوراق املالية املسجلة والتي تتحدد أسعارها من خالل املزاد ألن التعامل يجري في‬
‫مكان مادي محدد‪ ،‬هذا مع مالحظة أن هناك شروط لتسجيل ألاسهم في البورصة تتعلق بأرباح الشركة‬
‫وحجم أصولها والحصة املتاحة للجمهور من خالل الاكتتاب العام وبمجرد استيفاء الشركة لتلك‬
‫الشروط فإنها تحصل على موافقة لجنة ألاوراق املالية بالبورصة كما يتعين عليها نشر تقارير مالية ربع‬
‫السنوية‪3.‬‬ ‫سنوية بجانب الحسابات الختامية‬
‫كما تعرف البورصة بأنها‪" :‬املكان الذي يسهل فيه تدفق ألاموال من حوزة املدخرين وانسيابها إلى‬
‫املستثمرين مقابل حصول الطرف ألاول على ورقة مالية (أسهم وسندات) والطرف الثاني على املدخرات‬
‫النقدية‪ ،‬ألامر الذي يترتب عليه تحويل املدخرات النقدية إلى أوراق مالية"‪ ،4‬وهي أيضا‪" :‬السوق التي‬
‫تجمع بائعي ألاوراق املالية طويلة ألاجل بمشتريها وذلك بغض النظر عن الوسيلة التي يتحقق من خاللها‬
‫هذا الجمع أو املكان الذي يتم فيه‪ ،‬بشرط توافر قنوات اتصال فعالة بين املتعاملين في السوق من‬
‫سماسرة محترفين ومؤهلين ومتخصصين في هذا النوع من املعامالت بحيث تكون ألاسعار السائدة في أية‬
‫متداولة"‪5.‬‬ ‫لحظة زمنية معينة هي واحدة بالنسبة ألي ورقة مالية‬

‫‪ 1‬غالب عوض الرفاعي‪ ،‬عبد الحفيظ بلعربي‪ ،‬اقتصاديات النقود والبنوك‪ ،‬الجزء ألاول ألاساسيات‪ ،‬دار وائل للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪،‬‬
‫‪ ،3003‬ص ص‪.47-40 :‬‬
‫‪ 2‬زينب حسن عوض هللا‪ ،‬اقتصاديات النقود واملال‪ ،‬الدار الجامعية للنشر‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،7994 ،‬ص‪.797 .‬‬
‫‪ 3‬صالح السيد جودة‪ ،‬بورصة ألاوراق املالية‪ ،‬مكتبة ومطبعة إلاشعاع الفنية‪ ،‬إلاسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،3000 ،‬ص‪.32 :‬‬
‫‪ 4‬فيصل محمود الشواورة‪ ،‬الاستثمار في بورصة ألاوراق املالية‪ :‬ألاسس النظرية والعلمية‪ ،‬دار وائل للنشر‪ ،‬عمان‪ ،3006 ،‬ص‪.44 :‬‬
‫‪ 5‬محمد الصيرفي‪ ،‬البورصات‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬إلاسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،3008 ،‬ص‪.47 :‬‬

‫‪943‬‬
‫املحور السابع ______________________________________________________________________ سوق رأس املال‬

‫وقد ظهرت أول بورصة لألوراق املالية في فرنسا بموجب أمر ملكي عام ‪ ،7606‬وفي انجلترا استقرت‬
‫بورصة ألاوراق املالية في لندن عام ‪ 7608‬في مبنى أطلق عليه )‪ ،)Royal Exchange‬في حين تم إنشاء‬
‫‪Wall‬‬ ‫أول بورصة في أمريكا عام ‪ 7693‬وفي نفس الشارع الذي تتم فيه املعامالت والتي أطلق عليها‬
‫)‪1.)Street‬‬

‫‪ -1-2-1-2‬ألاسواق غير املنظمة (‪ :) the Unorganized Market over the Counter‬وفيها تتداول عادة‬
‫ألاوراق املالية غير املسجلة بالبورصة من خالل تجار وهي أسواق عرفية وليس لها إطار مؤسس ي أو هيكل‬
‫تنظيمي محدد‪ ،‬وتمثل بيوت السمسرة والوسطاء واملؤسسات املالية املنتشرة جغرافيا ويتم تحديد‬
‫واملشتري‪2.‬‬ ‫أسعار التعامل بالتفاوض بين البائع‬
‫كما يطلق اصطالح ألاسواق غير املنظمة على املعامالت التي تجرى خارج البورصات‪ ،‬والتي يطلق‬
‫عليها املعامالت على املنضدة )‪ (Over The- Counter OTC‬والتي تتوالها بيوت السمسرة املنتشرة في‬
‫جميع أنحاء العالم‪ ،‬تتميز هذه ألاسواق بعدم وجود مكان محدد إلجراء املعامالت إذ تتم من خالل شبكة‬
‫اتصاالت قوية باستخدام الهاتف والحاسب آلالي وغيرها للربط بين السماسرة والتجار واملستثمرين‪،‬‬
‫تتعامل هذه ألاسواق باألوراق املالية غير املسجلة في السوق املنظمة كما يمكن التعامل أيضا باألوراق‬
‫بالتفاوض‪3.‬‬ ‫املسجلة في السوق املنظمة‪ ،‬ووفقا لهذه السوق يتم تحديد سعر الورقة املالية‬
‫ويتضمن هذا السوق أسواق فرعية أخرى هي السوق الثالث والسوق الرابع‪:‬‬
‫‪ ‬السـوق الثـالـث‪ :‬يمثل السوق الثالث قطاع من السوق غير املنظم والذي يتكون من بيوت‬
‫السمسرة من غير أعضاء ألاسواق املنظمة‪ ،‬لكن لهم حق التعامل في ألاوراق املالية املسجلة في تلك‬
‫ألاسواق‪ ،‬والسبب في انتشار هذا النوع من ألاسواق هو أن التعامل فيها ال يقتصر على ساعات محددة‬
‫من اليوم‪ ،‬حتى أنه يمكن التعامل في ألاوراق املالية حتى بعد التوقف في السوق املنظمة‪ ،‬ومن خالل‬
‫هذه السوق يقدم السماسرة خدمات التعامل في ألاصول املالية للمؤسسات الاستثمارية الكبيرة وصناديق‬
‫الاستثمار إضافة إلى ألاموال التي تديرها البنوك نيابة عن عمالئها‪ ،‬بحيث تتميز معامالت هذه السوق‬
‫‪4‬‬
‫بانخفاض تكلفتها وكذا سرعة تنفيذها‪.‬‬
‫‪ ‬السـوق الرابـع‪ :‬تعرف هذه السوق بسوق ألاغنياء حيث يتم التعامل فيها باألوراق املالية بين‬
‫شركات الاستثمار الكبرى املصدرة لها واملستثمرين ألاغنياء دون الحاجة إلى سماسرة أو تجار ألاوراق‬

‫‪ 1‬زكريا سالمة عيس ى شطناوي‪ ،‬آلاثار الاقتصادية ألسواق ألاوراق املالية من منظور الاقتصاد إلاسالمي‪ ،‬دار النفائس‪ ،3009 ،‬ص‪.28 :‬‬
‫‪ 2‬صالح السيد جودة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.32.‬‬
‫‪ 3‬منير إبراهيم هندي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.701-708 :‬‬
‫‪ 4‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.770-709 :‬‬

‫‪944‬‬
‫املحور السابع ______________________________________________________________________ سوق رأس املال‬

‫املالية‪ ،‬بحيث تتم العمليات فيه عن طريق الاتصاالت املباشرة ليتم بعدها البيع والشراء بأسعار مرضية‬
‫‪1‬‬
‫لطرفي املعاملة وبتكلفة أقل‪.‬‬
‫‪ -2-2‬ألاسواق آلاجلة (‪ :)the Futures Markets‬مع التطور الذي شهدته أسواق املال برزت مجموعة‬
‫من ألادوات والوسائل املالية التي توفر املزيد من املرونة والسيولة والتغطية للمتعاملين في السوق‪ ،‬وتعد‬
‫ألاسواق آلاجلة من مظاهر التطور الحديث في ألاسواق املالية والدولية‪ ،‬إذ بدأ التعامل بأدوات هذه‬
‫ألاسواق في ظل التعليمات الحادة التي شهدتها الكثير من ألاسواق املالية العاملية خصوصا فيما يتعلق‬
‫بأسعار الفائدة وأسعار الصرف وأسعار ألاسهم‪ ،‬لذلك استخدمت هذه ألاوراق للتحوط ضد مخاطر‬
‫تقلبات تلك ألاسعار‪ ،‬ويتم في ألاسواق آلاجلة عقد الاتفاقيات بين مؤسستين أو ما بين مؤسسة مالية أو‬
‫سعر معين‪2.‬‬ ‫منشأة أعمال على إتمام بيع أصل مالي أو شراءه في وقت الحق مقابل‬

‫وتنقسم ألاسواق املالية آلاجلة إلى ألاقسام الثالث التالية‪:‬‬


‫‪ -1-2-2‬سوق العقود املستقبلية (‪ :)Future Contract Market‬وهو سوق لبيع ألاوراق املالية وشراءها‬
‫في املستقبل‪ ،‬حيث يستعمل املستثمرون هذه العقود للحماية ضد مخاطر التغير مستقبال خصوصا‬
‫فيما يتعلق بأسعار الفائدة والصرف‪ ،‬كما يلجأ إليها بعض املضاربين لغرض تحقيق املكاسب السريعة‪.‬‬
‫وتعرف العقود املستقبلية بأنها اتفاق ما بين طرفين لتسليم موجودات مالية أو حقيقية معينة أو‬
‫استالمها بسعر معين وفي وقت الحق‪ ،‬وبهذا التعريف يتضح أن هناك طرفا بائعا وآخر مشتريا له‪ ،‬أما‬
‫بالنسبة لألصول املتداولة أو التي يسري عليها التعامل فإنها تتنوع ما بين ألاصول الحقيقية كالسلع‬
‫الزراعية واملعادن والعمالت بأنواعها أو ألاصول املالية كاألسهم والسندات وغيرها‪ ،‬وتتميز العقود‬
‫باآلتي‪3:‬‬ ‫املستقبلية‬
‫‪ -‬العقود املستقبلية يتم تداولها في أسواق منظمة‪.‬‬
‫‪ -‬العقود املستقبلية ذات شروط وبنود نمطية ال تختلف من عقد آلخر‪.‬‬
‫وهكذا يمكن وصف العقود املستقبلية بأنها سلسلة من العقود آلاجلة اليومية‪ ،‬إذ تجري تسوية‬
‫عقود ألامس وتحرير عقود اليوم مرة أخرى وهكذا يوميا‪ ،‬لذلك فإن غرفة املقاصة (التسوية) تمارس‬
‫دور املركز قصير ألاجل مقابل املستثمر ذي املركز طويل ألاجل وعلى العكس من ذلك تأخذ مركزا طويل‬

‫‪ 1‬محمد صالح الحناوي‪ ،‬جالل إبراهيم العبد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.18 :‬‬
‫‪ 2‬عباس كاظم الدعمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.740-749 :‬‬
‫‪ 3‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.747 :‬‬

‫‪941‬‬
‫املحور السابع ______________________________________________________________________ سوق رأس املال‬

‫ألاجل مقابل أصحاب املراكز القصيرة ألاجل‪ ،‬لذا فإن املستثمر ال تساوره املخاوف إزاء الطرف آلاخر‬
‫بالعقد‪1.‬‬ ‫املقابل له‬
‫‪ -2-2-2‬سوق عقود الخيارات (‪ :)Option Contracts Market‬بدأ التعامل بالخيارات يتخذ أهمية‬
‫خاصة منذ أن بدأت بورصة خاصة بهذا النوع من التجارة عام ‪ 7912‬في مدينة شيكاغو‪ ،‬وقد اقتصر‬
‫التعامل في بداية ألامر على أسهم ‪ 71‬شركة فقط تتداول أسهمها في بورصة نيويورك‪ ،‬أما اليوم فقد‬
‫انتشر التعامل بالخيارات بالعديد من الواليات املتحدة ألامريكية‪ ،‬وعقود الخيارات هي اتفاق ما بين‬
‫طرفين من السوق املالية للتعامل بسعر محدد ألصل مالي في تاريخ الحق دون الالتزام بالتنفيذ للطرف‬
‫الثاني الذي تحمل تكلفة قيام العقد‪ ،‬بمعنى آخر فإن عقود الخيارات هي حق وليس التزام في بيع وشراء‬
‫ورقة مالية أو أصل معين‪ ،‬لذلك فإن الخيار عقد يقوم بموجبه محرر العقد أو بائع الخيار بمنح مشتري‬
‫العقد الحق في أن يشتري منه أو يبيع له أو باالثنين معا أصال معينا وبكمية معينة خالل مدة زمنية أو‬
‫( ‪Call‬‬ ‫بتاريخ محدد‪ ،‬وعلى هذا ألاساس فإن العقد يتضمن منح حق الشراء الذي يدعى خيار الشراء‬
‫‪ )Option‬أو خيار الطلب بينما يدعى العقد املتضمن حق البيع خيار البيع (‪ )Put Option‬أو خيار العرض‬
‫(‪2.)Exercice Option‬‬ ‫ويدعى السعر املحدد ألغراض تنفيذ العقد بسعر التنفيذ‬
‫‪ -3-2-2‬سوق عقود املبادالت (‪ : )Swaps Contacts Market‬عقد املبادلة هو اتفاق ما بين طرفين أو‬
‫أكثر لتبادل سلسلة من التدفقات النقدية خالل مدة الحقة‪ ،‬لذلك فهي سلسلة من عقود الحقة‬
‫التنفيذ‪ ،‬إذ تتم تسوية عقد املبادلة على فترات دورية‪ ،‬وعقد املبادلة ملزم لطرفي العقد على عكس ما‬
‫هو معروف في عقود الاختيار ‪ ،‬ثم إن املتحصالت أو املدفوعات (ألارباح والخسائر ) ال تتم تسويتها يوميا‬
‫مثلما هو معروف في العقود املستقبلية‪ ،‬يضاف إلى ذلك أن عقد املبادلة ال يتم تسويته مرة واحدة مثلما‬
‫هو الحال في العقود الالحقة وعلى هذا ألاساس عرفت عقود املبادلة بأنها سلسلة من عقود الحقة‬
‫التنفيذ‪ ،‬وتستخدم هذه العقود في الغالب لتغطية املخاطر وخاصة مخاطر تغيير أسعار الفائدة‬
‫والصرف‪ ،‬وعلى الرغم من توسع عقود املبادالت لتشمل أنواع عديدة من ألاصول إال أنها غالبا ما تركز‬
‫الدين‪3.‬‬ ‫على أوراق‬

‫‪ 1‬محمود محمد الداغر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.728 :‬‬


‫‪ 2‬عباس كاظم الدعمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.742 :‬‬
‫‪ 3‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.742 :‬‬

‫‪941‬‬
‫املحور السابع ______________________________________________________________________ سوق رأس املال‬

‫ثانيا‪ :‬خصائص سوق رأس املال وألاطراف املتدخلة فيها‬

‫‪ -1‬خصائص سوق رأس املال‬


‫يلي‪1:‬‬ ‫من أهم خصائص سوق رأس املال ما‬
‫‪ ‬يرتبط سوق رأس املال باألوراق املالية طويلة ألاجل‪.‬‬
‫‪ ‬له دور فعال في تمويل املشروعات إلانتاجية طويلة ألاجل‪.‬‬
‫‪ ‬سوق رأس املال أكثر تنظيما من ألاسواق ألاخرى ألن املتعاملين به من الوكالء املتخصصين‪.‬‬
‫‪ ‬الاستثمار في سوق رأس املال أكثر مخاطرة من السوق النقدي وأقل سيولة أيضا‪.‬‬
‫‪ ‬العدائد مرتفعة نسبيا في سوق رأس املال مقارنة مع الاستثمار في ألاسواق ألاخرى‪.‬‬
‫‪ ‬يشترط توفر سوق ثانوي يتم تداول أدوات الاستثمار املختلفة فيه‪ ،‬وذلك لتنشيط الاستثمار في‬
‫سوق رأس املال‪.‬‬

‫‪ -2‬أهمية سوق رأس املال‪:‬‬


‫أبرزها‪2:‬‬ ‫تؤدي أسواق رأس املال أدوارا اقتصادية مهمة‬
‫‪ ‬تعد الوسيلة ألاساسية التي تمكن املدخرين من توجيه مدخراتهم إلى الاستثمار في القطاعات‬
‫الاقتصادية املختلفة‪.‬‬
‫‪ ‬يساعد وجود سوق رأس املالي على تالفي آلاثار التضخمية من خالل تمويل املشروعات دون إلافراط‬
‫في خلق النقد‪.‬‬
‫‪ ‬تلعب دورا حيويا في تطوير منشآت ألاعمال ونموها كونها تمثل قناة تدفق ألاموال التي تمثل ألاسهم‬
‫بأنواعها وأدوات املديونية طويلة ألاجل في هذه السوق‪.‬‬

‫‪ -3‬ألاطـراف املتـدخلـة في سـوق ألاوراق املـاليـة‪:‬‬


‫ينشط في العمليات التي تتم في أسواق ألاوراق املالية عدد من ألاعوان الاقتصاديين‪ ،‬منهم من‬
‫يطلب مصادر التمويل ومنهم من يوفرها أو يساعد على توفيرها‪ ،‬يمثلون عادة أطراف رئيسية وهي‬
‫املصدرين‪ ،‬املستثمرين والوسطاء أو السماسرة‪ .‬وسنعمل من خالل هذا العنصر استعراض أبرز‬
‫املتدخلين على مستوى البورصة‪.‬‬

‫‪ 1‬أنس بكري‪ ،‬وليد الصافي‪ ،‬ألاسواق املالية والدولية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.23 :‬‬
‫‪ 2‬محمد إبراهيم الشلبي‪ ،‬طارق إبراهيم الشلبي‪ ،‬مقدمة في ألاسواق املالية والنقدية‪ ،‬دار النشر‪ ،‬عمان‪ ،3000 ،‬ص‪.23 :‬‬

‫‪941‬‬
‫املحور السابع ______________________________________________________________________ سوق رأس املال‬

‫‪ -1-3‬املسـتثمـرون التـأسيـسيـون‪ :‬وهم الهيئات املالية التي يتجلى دورها في الحياة الاقتصادية في عملية‬
‫جمع املدخرات املتدفقة من مختلف القطاعات في الدولة وتوظيفها في شكل أوراق مالية‪ ،1‬ونظرا‬
‫الستقرار وثبات قدرتها الادخارية والاستثمارية تعتبر هذه الهيئات من أكبر املالكين للسيولة‪ ،‬ومن أهم‬
‫مزودي البورصة برؤوس ألاموال وذلك على ألامد الطويل‪.‬‬
‫وتتكون هذه الفئة من البنوك بفروعها‪ ،‬شركات التأمين‪ ،‬صناديق التقاعد‪ ،‬صناديق إلايداع‬
‫وشركات الاستثمار‪ ،‬ولهذه الفئة ثقل مالي كبير في كافة الاقتصاديات الحديثة التي تتجه من وضعية‬
‫اقتصاد الاستدانة إلى وضعية اقتصاد السوق املالي‪ ،‬بحيث تلعب دورا كبيرا في تمويل تلك الاقتصاديات‪،‬‬
‫وتقديم أرباح معتبرة للمدخرين ألافراد مما يجعلها تجمع مدخرات ضخمة تضخها في الدورات‬
‫الشاملة‪2.‬‬ ‫الاقتصادية مرة أخرى وبالتالي تحقيق التنمية‬
‫‪ -2-3‬الشركـات الصنـاعيـة والتجـاريـة‪ :‬تعتبر هذه الفئة من بين املتدخلين الرئيسيين في البورصة‬
‫وألاسواق املالية بصفة عامة‪ ،‬فهي تلجأ لتلك ألاسواق للحصول على رؤوس ألاموال الالزمة لتمويل‬
‫استثماراتها وتوسعاتها‪ ،‬وذلك من خالل إصدارها لألسهم والسندات‪ ،‬وليتسنى لها ذلك يجب أن تكون‬
‫مسجلة في البورصة وأنها استوفت كامل الشروط الخاصة فيما يتعلق بالقيمة السوقية لها‪ ،‬نسبة رأس‬
‫املال املتخلى عنه للجمهور والنتائج املحققة في السنوات السابقة وغيرها‪ ،‬ولم يعد يقتصر تدخل هذه‬
‫الشركات فقط على إصدار ألاوراق املالية بمختلف أنواعها‪ ،‬وإنما أصبحت توظف كافة إمكانياتها‬
‫العادية‪3.‬‬ ‫وفوائضها املالية في أي مجال يمكنها من تحقيق أرباح قد تفوق أرباح نشاطاتها‬
‫‪ -3-3‬الحكـومـات‪ :‬تعتبر الحكومات أيضا من املتدخلين الرئيسيين في البورصة خاصة في أسواق‬
‫السندات‪ ،‬وذلك بإصدارها لصكوك مديونية بحيث تتمتع هذه إلاصدارات بجاذبية أكبر لتميزها بالضمان‬
‫وانخفاض درجة املخاطرة فيها‪ ،‬وتلجأ الحكومات إلى إصدار السندات لتغطية العجز في امليزانية العمومية‬
‫التضخم‪4.‬‬ ‫أو لتمويل املشاريع التنموية املختلفة‪ ،‬أو من أجل التحكم في معدالت‬
‫‪ -4-3‬الوسطـاء املـاليون‪ :‬يعد الوسطاء أو السماسرة من أهم الفاعلين الرئيسيين في أسواق ألاوراق‬
‫املالية ملا يقدمونه من خدمات للمتعاملين في هذه ألاسواق‪ ،‬فالسمسار يقوم بدور حلقة الوصل بين‬
‫املستثمرين في ألاوراق املالية والجهة املصدرة لها‪ ،‬وذلك مقابل عمولة يتقاضاها من الطرفين‪ ،‬كذلك‬

‫‪ 1‬محمد براق‪ ،‬السوق املالية ودورها في تمويل التنمية في الوطن العربي‪ ،‬الندوة العلمية الدولية حول التكامل الاقتصادي العربي كآلية‬
‫لتحسين وتفعيل الشراكة العربية‪-‬ألاوروبية‪ ،‬جامعة فرحات عباس‪ ،‬سطيف‪ 9-6 ،‬ماي ‪ ،3004‬ص‪.4 :‬‬
‫‪ 2‬محفوظ جبار‪ ،‬تنظيم وإدارة البورصة‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬دار هومة‪ ،‬الجزائر‪ ،3003 ،‬ص ص‪.32-79 :‬‬
‫‪ 3‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص‪36-34 :‬‬
‫‪ 4‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪39 :‬‬

‫‪941‬‬
‫املحور السابع ______________________________________________________________________ سوق رأس املال‬

‫ينحصر عمل الوسيط في التكفل بتقديم النصائح واملشورة للعمالء بشأن قرارات الاستثمار وما قد‬
‫ينطوي عليه من عمليات البيع والشراء للقيم املنقولة‪ ،1‬وعموما يمكن تصنيف الوسطاء املاليين إلى‪2:‬‬

‫‪ ‬السمـاسـرة الوكـالء‪ :‬يتمتع هؤالء السماسرة بالعضوية في البورصة‪ ،‬ويعملون لحساب بيوت‬
‫السمسرة أو لحسابهم الخاص بحيث يقوم هؤالء السماسرة بتنفيذ أوامر العمالء الخاصة بالشراء‬
‫أو البيع بالبورصة مقابل عمولة محددة‪.‬‬
‫‪ ‬سمـاسـرة الصـالـة‪ :‬يعملون لدى السماسرة الوكالء خاصة عندما يعرف السوق زيادة كبيرة في‬
‫حجم املعامالت‪ ،‬ويتعذر على السمسار الوكيل تنفيذها لوحده فيستعين بسماسرة الصالة بحيث‬
‫يحصلون على جزء من العمولة التي يحصل عليها السماسرة الوكالء لقاء الخدمات التي يقدمونها‪.‬‬
‫‪ ‬تجـار الصـالـة‪ :‬يتمثل دورهم في شراء وبيع ألاوراق املالية لحسابهم الخاص‪ ،‬وال يقومون بتنفيذ‬
‫أوامر املستثمرين بل يقومون بالبحث عن فرص البيع والشراء للحصول على فروقات ألاسعار لذا‬
‫يطلق عليهم املضاربين‪.‬‬
‫‪ ‬املتخـصصـون‪ :‬يجمع املتخصص بين نشاط السمسرة والتجارة‪ ،‬بحيث يتخصص كل منهم في‬
‫ورقة مالية أو مجموعة من ألاوراق‪ ،‬لذلك يعتبر املتخصص محتكر للسوق‪ ،‬ولهم دور في استقرار‬
‫ألاسعار وتحقيق التوازن في السوق من خالل الحفاظ على هامش ربح صغير‪.‬‬
‫‪ ‬تجـار الطـلبيـات الصغـيرة‪ :‬ينحصر نشاط الطلبيات الصغيرة في شراء ألاوراق املالية في طلبيات‬
‫بكميات كبيرة ثم إعادة بيعها بكميات صغيرة‪ ،‬ويحقق هؤالء التجار الربح من الفرق بين سعر‬
‫البيع وسعر الشراء وعادة ما يكون الهامش الذي يتحصلون عليه أكبر بالقياس بغيرهم من التجار‬
‫الذين يبيعون بكميات أكبر في الطلبية الواحدة‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬ألادوات املتداولة في سوق رأس املال وإجراءات التعامل‬


‫تمثل سوق ألاوراق املالية مجاال واسعا لتداول مختلف ألاوراق املالية‪ ،‬بحيث يتم التعامل فيها‬
‫من قبل جمهور املستثمرين عبر آليات البيع والشراء وتحديد ألاسعار من خالل مجموعة من ألاعضاء‬
‫يمارسون دور الوساطة إلتمام تعامالتهم‪ ،‬وتتباين أهداف املستثمرين املاليين من وراء استثماراتهم في‬
‫ألاوراق املالية إال أن الهدف ألاكثر شيوعا هو تعظيم املكاسب من وراء ذلك‪ ،‬ويتحقق ذلك من خالل‬
‫توفر أدوات منهجية تساعد املستثمر في اتخاذ القرار املرتبط باالستثمار‪.‬‬

‫‪ 1‬مصطفى يوسف كافي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.733 :‬‬


‫‪ 2‬محمد منير إبراهيم‪ ،‬إدارة ألاسواق واملنشآت املالية‪ ،‬منشأة املعارف‪ ،‬إلاسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،3003 ،‬ص ص‪.404-403 :‬‬

‫‪941‬‬
‫املحور السابع ______________________________________________________________________ سوق رأس املال‬

‫تعتبر ألاوراق املالية من أدوات الاستثمار املالي وهي أصول مالية من وجهة نظر املستثمرين فيها‪،‬‬
‫وتعتبر محرك أسواق ألاوراق املالية باعتبارها السلعة ألاساسية املتداولة فيها‪ ،‬ويمكن تصنيف هذه‬
‫ألاوراق املالية حسب ماهيتها إلى أوراق مالية تمثل ملكية وأخرى تعبر عن مديونية‪ ،‬فضال عن أنواع‬
‫أخرى حديثة ومتجددة‪.‬‬

‫‪ -1‬أدوات امللكية‬
‫يمثل السهم الحصة التي يقدمها الشريك في رأس مال الشركة كما يطلق لفظ السهم على الصك‬
‫املثبت لهذا الحق‪ ،‬والحكمة في تساوي قيمة ألاسهم وعدم قابلية السهم للتجزئة وهو تسهيل عملية‬
‫توزيع ألارباح على املساهمين وتقديم ألاغلبية في الجمعيات العامة للشركة‪ ،‬ويترتب على مبدأ تساوي‬
‫قيمة ألاسهم املساواة في الحقوق التي يمنحها السهم وهي الحق في ألارباح والتصويت ونتائج التصفية‬
‫الالتزامات‪1.‬‬ ‫وكذلك املساواة في‬
‫‪ -1-1‬ألاسهم العادية (‪ :)Common Stocks‬يعرف السهم العادي على أنه وثيقة مالية تصدر من شركة‬
‫مساهمة بقيمة اسمية ثابتة‪ ،‬تضمن حقوقا متساوية ملالكيها وتطرح على الجمهور عن طريق الاكتتاب‬
‫العام في ألاسواق ألاولية ويسمح لها بالتداول في ألاسواق الثانوية وهكذا فإن ألاسهم العادية هي ألاداة‬
‫ألاولى التي تصدرها الشركة‪ ،‬وفي حالة تصفية ممتلكات الشركة فإنها آخر ما يجري تسديده و لحامليها‬
‫حصة امللكية في الشركة ولهم ألاولوية في طلب ألارباح حيث يسبقهم في هذا الطلب أصحاب ألاسهم‬
‫املمتازة‪2.‬‬

‫يلي‪3:‬‬ ‫‪ ‬خصائص ألاسهم العادية‪ :‬من أهمها ما‬


‫‪ -‬حق امللكية‪ ،‬حيث يكون املساهم مالكا جزئيا ملوجودات الشركة وذلك بقدر نسبة مساهمته‪.‬‬
‫‪ -‬أصحاب ألاسهم العادية يمتلكون حق ألاولوية في ألاسهم الجديدة التي يجري عرضها لالكتتاب‬
‫العام‪.‬‬
‫‪ -‬يحق للمساهمين بيع جزء أو كل ألاسهم التي يمتلكونها في ألاسواق املالية الثانوية غير أنهم في‬
‫املقابل ال يحق لهم مطالبة الشركة بقيمة هذه ألاسهم قبل تصفيتها‪.‬‬
‫‪ -‬للسهم العادي قيمة اسمية تمثل القيمة املثبتة على صك السهم وقيمة دفترية تمثل قيمة حقوق‬
‫امللكية مقسومة على عدد ألاسهم العادية املصدرة‪ ،‬وأخيرا قيمة سوقية تعكس القيمة التي يباع‬

‫‪ 1‬صالح السيد جودة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.746 :‬‬


‫‪ 2‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.158 :‬‬
‫‪ 3‬هوشيار معروف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.94 :‬‬

‫‪911‬‬
‫املحور السابع ______________________________________________________________________ سوق رأس املال‬

‫بها السهم في سوق ألاوراق املالية وهذه القيمة تتوقف على‪ :‬معدالت ألارباح‪ ،‬ظروف العرض‬
‫‪1‬‬
‫والطلب ونمط تداول ألاوراق املالية في البورصة وغيرها‪.‬‬
‫‪ ‬بجانب ألاسهم العادية التقليدية ظهرت حديثا أنواع جديدة من ألاسهم العادية وهي كالتالي‪:‬‬
‫‪ -‬ألاسهـم العاديـة لألقسـام إلانتـاجيـة‪ :‬وهي ألاسهم التي ربطت فيها التوزيعات التي يحصل عليها‬
‫‪2‬‬
‫حاملها باألرباح التي يحققها قسم معين من ألاقسام إلانتاجية بالشركة‪.‬‬
‫‪ -‬ألاسهـم العاديـة ذات التـوزيعـات املخصـومـة‪ :‬وهي ألاسهم العادية التي يجري فيها خصم‬
‫‪3‬‬
‫التوزيعات من إلايرادات قبل حساب الضريبة‪.‬‬
‫‪ -‬ألاسهـم العـاديـة املضمـونـة‪ :‬هذا النوع من ألاسهم يعطي لحاملها الحق في مطالبة الشركة‬
‫بالتعويض إذا ما انخفضت القيمة السوقية لألسهم إلى حد معين خالل فترة محددة عقب‬
‫‪4‬‬
‫إلاصدار‪.‬‬
‫‪ -2-1‬ألاسهم املمتازة (‪ :)Prefrred Shares‬يمثل السهم املمتاز سند ملكية وإن كانت ملكيته تختلف‬
‫عن امللكية التي تنشأ عن ألاسهم العادية ولهذا السهم قيمة اسمية ودفترية وأخرى سوقية وليس له‬
‫تاريخ استحقاق‪ ،‬إذ تجمع ألاسهم املمتازة بين سمات ألاسهم العادية والسندات فهي تتفق مع ألاسهم‬
‫العادية من حيث أنها مستند ملكية ليس له تاريخ استحقاق محدد‪ ،‬وأن مسؤولية حملة هذه ألاسهم‬
‫محدودة بمقدار مساهمتهم في رأس املال كما ال يحق لحملة هذه ألاسهم املطالبة بنصيبهم من ألارباح‪،‬‬
‫التوزيعات‪5.‬‬ ‫إال إذا قررت إلادارة إجراء‬
‫يلي‪6:‬‬ ‫‪ ‬مميزات ألاسهم املمتازة‪ :‬من أهمها ما‬
‫‪ -‬حق تراكم العوائد وذلك بتجميعها لفترات متتالية ثم استالمها بعد عدة سنوات‪ ،‬ضمن الفترة‬
‫املحددة لهذا السهم وإن هذا الحق كثيرا ما يحرم منه أصحاب ألاسهم العادية‪.‬‬
‫‪ -‬حق تحويل السهم املمتازة إلى أسهم عادية وذلك عندما يجد أصحاب ألاسهم املمتازة أن حصص‬
‫السهم العادية من ألارباح املوزعة عالي نسبيا مقارنة بعوائد ألاسهم التي يمتلكونها‪.‬‬

‫‪ 1‬وليم اندراوس‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.81-88 :‬‬


‫‪ 2‬عبد الغفار حنفي‪ ،‬رسمية قرياقص‪ ،‬أسواق املال‪ :‬بورصات‪ ،‬مصارف‪ ،‬شركات تأمين‪ ،‬شركات استثمار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪319 :‬‬
‫‪ 3‬فيصل محمود الشواورة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪63 :‬‬
‫‪ 4‬منير إبراهيم هندي‪ ،‬ألاوراق املالية وأسواق رأس املال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.79 :‬‬
‫‪ 5‬مروان عطون‪ ،‬ألاسواق النقدية واملالية‪ :‬البورصات ومشكالتها في عالم النقد واملال‪ ،‬ديوان املطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪،3002 ،‬‬
‫ص‪.64 :‬‬
‫‪ 6‬هوشيار معروف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.703 :‬‬

‫‪919‬‬
‫املحور السابع ______________________________________________________________________ سوق رأس املال‬

‫‪ -‬هناك التزام هام اتجاه الشركة والذي هو قابلية الاستدعاء وقد يكون ذلك وفق شروط معينة‬
‫مثال بعد فترة محددة من تاريخ إلاصدار بعوائد يتخذ القرار بشأنها آنذاك‪.‬‬

‫‪ -2‬أدوات املديونية‬
‫يعتبر السند ورقة متداولة تمثل دينا طويل ألاجل على الشركة املصدرة أو أي هيئة أخرى وهو‬
‫جزء من الدين الكلي لها‪ ،‬وعليه فإن السندات هي تلك ألاوراق املالية التي تمثل وسيلة تستعملها‬
‫الشركات للحصول على رؤوس ألاموال في شكل ديون طويلة ألاجل عندما ال تكفي ألاموال الخاصة التي‬
‫يقدمها املساهمون لتمويل املشاريع‪ ،‬وبذلك فإن حملة السندات ما هم في حقيقة ألامر إال دائنين بالنسبة‬
‫فوائد‪1.‬‬ ‫للشركات كما أن لحملة السندات ألاسبقية في حالة التصنيف والحصول على‬
‫يلي‪2:‬‬ ‫‪ -1-2‬الخصائص الرئيسية للسندات‪ :‬تتمثل خصائص السندات فيما‬
‫‪ -‬السند أداة استثمارية ثابتة الدخل‪ :‬يعتبر السند من أدوات الاستثمار ثابتة الدخل ألن حامله‬
‫يتقاض ى فائدة سنوية ثابتة‪ ،‬بينما يتغير الدخل السنوي لحامل السهم العادي تبعا لتغيير ألارباح‬
‫السنوية التي تحققها الشركة املصدرة وتبعا لتغيير نسب توزيع ألارباح‪ ،‬ويشبه السند في ثبات‬
‫دخله السنوي السهم املمتاز‪.‬‬
‫‪ -‬محدودية ألاجل‪ :‬يصدر السند بأجل محدد يستحق بحلوله وينص على هذا ألاجل صراحة في‬
‫عقد إلاصدار‪ ،‬وهذا على عكس السهم الذي ال يحدد بأجل بل يبقى قائما مادامت الشركة‬
‫املصدرة قائمة‪ ،‬ويعتبر أجل السند عنصرا هاما في تحديد معدل فائدة السند وكذلك سعره‬
‫السوقي‪.‬‬
‫‪ -‬القابلية للتداول‪ :‬يشبه السند السهم في هذه الخاصية وتسري بخصوص تداول السند نفس‬
‫ألاحكام املطبقة بشأن تداول السهم وخاصية التداول تساهم في توفير سيولة إضافية للسندات‬
‫طويلة ألاجل في السوق الثانوي‪.‬‬

‫بـ‪3:‬‬ ‫أيضا تتميز السندات‬

‫‪ 1‬عبد الغفار حنفي‪ ،‬استراتيجيات الاستثمار في بورصة ألاوراق املالية‪ :‬أسهم‪ ،‬سندات‪ ،‬وثائق الاستثمار‪ ،‬الخيارات‪ ،‬الدار الجامعية‪،‬‬
‫إلاسكندرية‪ ،3001،‬ص‪.314 :‬‬
‫‪ 2‬محمد مطر‪ ،‬إدارة الاستثمارات‪ ،‬إلاطار النظري والتطبيقات العملية‪ ،‬دار وائل للنشر‪ ،‬عمان‪ ،3004 ،‬ص‪.337 :‬‬
‫‪ 3‬هوشيار معروف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.770 :‬‬

‫‪911‬‬
‫املحور السابع ______________________________________________________________________ سوق رأس املال‬

‫‪ -‬أنها أدوات تعاقدية تقوم على التزامات مالية بين املصدر واملستثمر‪ ،‬تحدد فيها العوائد الدورية‬
‫وحتى نهاية فترة التسديد بمعدالت ثابتة‪ ،‬وذلك مهما تقلبت ألاسعار السوقية ومهما كانت ربحية‬
‫الجهات املصدرة وظروفها املالية‪.‬‬
‫‪ -‬تتحرك عوائد السندات في اتجاه معاكس ألسعارها وذلك ألن مستثمري السندات يخصمون‬
‫التدفقات النقدية املستقبلية الثابتة عند ألاسعار املرتفعة للعوائد‪ ،‬وهنا فإن املعدالت ألاعلى‬
‫للخصم تعطي قيما حالية أدنى للسندات‪.‬‬
‫‪ -‬يتميز السند باألمان في استرداد املبلغ املستثمر والفوائد املترتبة عليه عند الاستحقاق‪.‬‬
‫‪ -2-2‬أنواع السندات‪ :‬تقسم السندات إلى أنواع عدة حسب معيار التقسيم‪ ،‬وفيما يلي أهم هذه‬
‫التقسيمات‪:‬‬
‫إلاصدار‪1:‬‬ ‫تقسيم السندات على أساس جهة‬
‫‪ -‬السندات الحكومية‪ :‬تمثل السندات الحكومية أداة دين طويل ألاجل شأنها في ذلك شأن‬
‫السندات التي تصدرها شركات ألاعمال‪ ،‬وهي عبارة عن أوراق مالية تصدرها الحكومات لتمويل‬
‫احتياجاتها الجارية والاستثمارية ومنها موازنة العجز في املوازنة أو مواجهة التضخيم وامتصاص‬
‫السيولة الفائضة لدى ألافراد‪ ،‬وممارسة التأثير في السوق النقدية من خالل بيع السندات كـأحد‬
‫عمليات السوق املفتوحة‪.‬‬
‫‪ -‬السندات ألاهلية‪ :‬تصدر عن املؤسسات املالية والشركات املساهمة العاملة في القطاع الخاص‪،‬‬
‫ومن أمثلتها ما يعرف بالسندات العادية والسندات املضمونة بعقار‪.‬‬
‫إلاصدار‪2:‬‬ ‫تقسيم السندات على أساس شكل‬
‫‪ -‬سند لحامله‪ :‬يكون السند لحامله عندما يصدر خاليا من اسم املستثمر كما يوجد في هذه الحالة‬
‫سجل ملكية لدى جهة إلاصدار وتنتقل ملكية السند بمجرد الاستالم‪.‬‬
‫‪ -‬سندات اسمية أو مسجلة‪ :‬يكون السند اسميا متى حمل اسم مالكه كما يوجد سجل خاص‬
‫بملكية السند لدى الجهة املصدرة‪.‬‬
‫تقسيم السندات على أساس ألاجل‪:‬‬
‫‪ -‬سندات قصيرة ألاجل‪ :‬وهي السندات التي ال يتجاوز أجلها عاما واحدا ويعتبر هذا النوع أداة تمويل‬
‫قصيرة ألاجل‪.‬‬

‫‪ 1‬محمود محمد‪ ،‬الداغر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.773 :‬‬


‫‪ 2‬محمد مطر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.332 :‬‬

‫‪913‬‬
‫املحور السابع ______________________________________________________________________ سوق رأس املال‬

‫‪ -‬سندات طويلة ألاجل‪ :‬وهي السندات التي يزيد اجلها عن ‪ 1‬أعوام وتعتبر أداة تمويل طويلة ألاجل‬
‫لذا تتداول في سوق رأس املال وتصدر بمعدالت فائدة أعلى من التي على السندات قصيرة ألاجل‪.‬‬
‫الضمان‪1:‬‬ ‫تقسيم السندات على أساس‬
‫‪ -‬السندات املضمونة‪ :‬تكفل لحاملها الحق في وضع يده على ألاصل محل الضمان والذي يكون في‬
‫العادة أصال حقيقيا وذلك في حالة توقف املدين عن الوفاء بأصل السند أو بفائدته‪ ،‬مثل‬
‫السندات العقارية‪.‬‬
‫‪ -‬السندات غير املضمونة‪ :‬يعتمد الدائن فقط على تعهد املصدر بالدفع‪ ،‬ويكون مضمونا فقط‬
‫بالديون العامة للمدين‪.‬‬
‫أو إلاطفاء‪2:‬‬ ‫تقسيم السندات حسب القابلية لالستدعاء‬
‫‪ -‬سندات غير قابلة لالستدعاء‪ :‬وهي السندات التي يكون لحاملها الحق في الاحتفاظ بها لحين انتهاء‬
‫أجلها وال يجوز للجهة املصدرة استدعائها لإلطفاء ألي سبب من ألاسباب‪ ،‬وألاصل أن تكون‬
‫السندات غير قابلة لالستدعاء إال إذا نصت على قابلية استدعائها بصراحة في عقد إلاصدار‪.‬‬
‫السندات القابلة لالستدعاء‪ :‬وهي السندات املشمولة بشرط الاستدعاء وتصدر عادة بعالوة‬ ‫‪-‬‬

‫استدعاء يقصد بها تشجيع املستثمر على شراءها‪.‬‬

‫‪ 3‬املشتقات املالية‬
‫تعرف املشتقات املالية بأنها أدوات استثمارية تشتق قيمتها من أصول مالية أو مادية‪ ،‬تستعمل‬
‫في التحوط من مخاطر تقلبات أسعار ألاصول املالية‪ ،‬ويمكن أن نوجز أهم أشكالها في العقود التالية‪:‬‬
‫املبادالت‪3.‬‬ ‫عقود الخيارات‪ ،‬العقود آلاجلة‪ ،‬العقود املستقبلية وعقود‬
‫‪ -1-3‬العقود املستقبلية (‪ :)Futures Contracts‬تعرف العقود املستقبلية على أنها عقود ملزمة نمطية‬
‫بين البائع واملشتري لشراء أو بيع أصل معين على أن يتم التسليم والاستالم في فترة قادمة متفق عليها‬
‫في تاريخ استحقاق العقد‪ ،‬عادة ما يفرض على طرفي العقد إيداع هامش ضمان في صورة نقدية أو‬
‫أوراق مالية لدى السمسار‪ ،‬هذه العقود يتم تداولها في أسواق منظمة وبمساعدة غرفة املقاصة أو‬
‫بيوت التسوية‪ .‬تستخدم هذه العقود في التحوط من املخاطر وكذا الاستثمار حيث يتم إعادة بيع العقد‬
‫قبل تاريخ الاستحقاق‪.‬‬

‫‪ 1‬محمد مطر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.334 :‬‬


‫‪ 2‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.334 :‬‬
‫‪ 3‬جبار محفوظ‪ ،‬أسواق رؤوس ألاموال‪ :‬الهياكل‪ ،‬ألادوات والاستراتيجيات‪ ،‬دار الهدى‪ ،‬الجزائر‪ ،3070 ،‬ص ص‪.346-348 :‬‬

‫‪914‬‬
‫املحور السابع ______________________________________________________________________ سوق رأس املال‬

‫‪ -2-3‬العقود آلاجلة (‪ :)Forwards Contracts‬العقود آلاجلة هي عقود غير نمطية تبرم بين طرفين‬
‫لشراء أو بيع كمية معينة من ألاصول وبسعر محدد وقت إتمام العقد‪ ،‬على أن يكون التسليم والاستالم‬
‫في فترة الحقة متفق عليها بمجرد إبرام العقد‪ ،‬تستعمل هذه العقود في التحوط من املخاطر‪.‬‬
‫جدول رقم (‪ :)80‬أهم الفروق بين العقود املستقبلية والعقود آلاجلة‬
‫العقود املستقبلية‬ ‫العقود آلاجلة‬ ‫وجه املقارنة‬
‫نمطية وتتداول في سوق منظمة هي البورصة‪.‬‬ ‫شخصية ويتم التوصل إليها بالتفاوض بين‬ ‫نوع العقود‬
‫أطراف العقد‪.‬‬
‫تتم مراقبة ألاسعار بصفة يومية مما يعني تعديل سعر العقد‬ ‫يظل السعر ثابتا خالل فترة العقد ويتم دفع‬ ‫ثبات السعر‬
‫بصفة مستمرة بحسب تغيرات سعر ألاصل محل العقد‪.‬‬ ‫املبلغ إلاجمالي في نهاية مدة العقد‪.‬‬ ‫املحدد في العقد‬
‫ال يتم إنهاء العقد بتسليم ألاصل‪ ،‬وفي حقيقة ألامر فإن‬ ‫يتم إنهاء العقد بالتسليم عادة‪.‬‬ ‫تسليم ألاصل‬
‫العقود التي يتم إنهاؤها بالتسليم ال تتجاوز نسبتها ‪ %3‬من‬
‫العقود املتداولة‬
‫مع كل تغير في السعر يحقق أحد طرفي العقد مكسبا يضاف‬ ‫ال توجد متطلبات للهامش املبدئي نظرا لعدم‬ ‫تسوية املكاسب‬
‫للهامش ويجوز سحبه‪ ،‬ويحقق الطرف آلاخر خسارة يجب‬ ‫مراقبة التحركات السوقية بصورة دورية‬ ‫والخسائر ألطراف‬
‫إيداعها مرة أخرى ليصل الهامش إلى الحد املطلوب‪.‬‬ ‫العقد‬
‫غرفة املقاصة أو التسوية تكون هي الطرف آلاخر من أي عقد‬ ‫‪ -‬نوايا أطراف العقد واملالءة التي يتمتعون بها‪.‬‬ ‫ضمانات تنفيذ‬
‫مستقبلي‪ ،‬فكل مشتري في أي عقد مستقبلي تكون غرفة‬ ‫‪-‬عادة ما تبرم هذه العقود بين مؤسستين‬ ‫الالتزامات الواردة‬
‫املقاصة هي البائع له‪ ،‬وكل بائع تكون هي املشتري منه‪.‬‬ ‫ماليتين أو مؤسسة مالية وأحد عمالئها‪.‬‬ ‫في العقد‬
‫‪ -‬ال يمكن تصفية العقد قبل استحقاقه إال‬
‫لدى طرفيه وبموافقتهما‪.‬‬
‫‪ -‬تنطوي على مخاطر ائتمان قليلة باملقارنة مع العقود آلاجلة‪.‬‬ ‫‪ -‬مرونة في التفاوض على أي شروط مرغوبة‬ ‫املزايا‬
‫‪ -‬تكون أكثر سهولة من العقود آلاجلة فأي طرف إذا رغب في‬ ‫من طرفي العقد‪.‬‬
‫تصفية موقفه يستطيع أن يدخل في مركز معاكس ملركزه‬ ‫‪ -‬سهولة الاستخدام‪.‬‬
‫ألاول‪.‬‬
‫‪ -‬يتعرض أطراف العقد آلاجل إلى مخاطر ال يمكن تطويعها لتلبية رغبات أطراف العقد‪ ،‬كونها عقود‬ ‫العيوب‬
‫الائتمان والتي تنتج عن عدم قدرة أحد نمطية ومحددة الشروط بواسطة البورصة‪.‬‬
‫أطراف العقد على الوفاء بالتزاماته‪.‬‬
‫‪ -‬أقل سيولة‪ ،‬حيث ال يتمكن أي طرف من‬
‫الخروج من العقد إال بإيجاد طرف آخر يحل‬
‫محله ويقبله الطرف آلاخر‪.‬‬
‫املصدر‪ :‬طارق عبد العال حماد‪ ،‬املشتقات املالية (مفاهيم‪-‬إدارة املخاطر‪-‬املحاسبة)‪ ،‬إلاسكندرية‪ ،‬الدار الجامعية‪،‬‬
‫‪ ،3007‬ص ص‪.774-773 :‬‬
‫‪ -3-3‬عقود الخيار (‪ :)Option Contracts‬الخيار عقد يعطي الحق لحامله(املشتري) في أن يشتري أو‬
‫يبيع أصال من ألاصول مقابل عمولة غير قابلة لالسترداد‪ ،‬على أن يتم تسليم ألاصل املعني وتسديد قيمته‬
‫في تاريخ الحق(تاريخ التنفيذ)‪ ،‬ويكون الطرف الثاني أو بائع الخيار ملزم بتسليم أو استالم ألاصل إذا ما‬
‫مارس املشتري حق التنفيذ‪ .‬ووفقا ملعيار توقيت التنفيذ تصنف الخيارات إلى خيار أمريكي بموجبه يسمح‬

‫‪911‬‬
‫املحور السابع ______________________________________________________________________ سوق رأس املال‬

‫للمشتري التنفيذ في أي وقت خالل فترة العقد‪ ،‬أما الخيار ألاوروبي ال يسمح للمشتري بالتنفيذ إال في‬
‫تاريخ انتهاء العقد‪.‬‬
‫‪ -4-3‬عقود املبادالت (‪ :)Swap Contracts‬تعرف أيضا ب(‪ )swaps‬وهي عقد بين طرفين يتم من خالله‬
‫استبدال تدفقات مالية محددة ناتجة عن القروض أو صفقات العمالت أو غيرها مقابل تركيبة أو‬
‫تدفقات أخرى بغرض تخفيض تكاليف تلك الصفقات‪ ،‬ومن أمثلة عقود املبادلة نجد عقود مبادلة‬
‫أسعار الفائدة‪ ،‬عقود مبادلة العمالت وتستعمل هذه العقود في التحوط من تقلبات أسعار الفائدة‬
‫وأسعار الصرف وغيرها من املخاطر‪.‬‬

‫‪-4‬إجـراءات التعـامـل في سـوق ألاوراق املـاليـة‬


‫يتم التعامل في سوق ألاوراق املالية من قبل جمهور املستثمرين على أساس ألاوامر التي يصدرها‬
‫العمالء للسماسرة والتي تختلف باختالف أهدافهم وتوقعاتهم لتنفيذ هذه املعامالت‪ ،‬ومع إصدار ألاوامر‬
‫وإدخالها حيز التنفيذ في البورصة تليها مجموعة الخطوات التي تنتهي بتسوية املعامالت‪ ،‬ويترتب عن‬
‫هذه العمليات تكلفة تتمثل في العمولة التي يتقاضاها السمسار حسب الاتفاق‪.‬‬
‫‪ -1-4‬ألاوامـر‪ :‬يعتبر ألامر بمثابة تفويض يمنحه املستثمر للوسيط املالي الذي يتعامل معه بغرض بيع أو‬
‫شراء املنتجات املالية املتداولة‪ ،‬وتختلف أوامر البيع والشراء لألوراق املالية باختالف سعر ووقت التنفيذ‬
‫أو كليهما معا‪ ،‬باإلضافة إلى الخصوصيات التي قد يشترطها املستثمر‪ ،‬وعليه يمكن تقسيم ألاوامر إلى‪:‬‬
‫‪ -1-1-4‬ألاوامـر املحـددة لسعـر التنفيـذ‪ :‬يقصد باألوامر املحددة لسعر التنفيذ تلك ألاوامر التي من خاللها‬
‫يحدد املستثمر سعرا معينا لتنفيذ الصفقة‪ .‬وفي هذا الصدد يوجد نوعين من ألاوامر‪:‬‬
‫‪ o‬أوامـر السـوق‪ :‬وطبقا لهذا ألامر يفوض املستثمر السمسار تنفيذ العملية املطلوبة على وجه السرعة‬
‫وبأفضل سعر يجرى على أساسه التعامل في السوق وقت استالم ألامر‪ ،‬ومن أهم مزايا هذا النوع‬
‫من ألاوامر‪ ،‬السرعة وضمان التنفيذ‪ ،‬أما أهم عيوبه فهي عدم التأكد من سعر التنفيذ نظرا‬
‫للتذبذبات املستمرة صعودا أو هبوطا في ألاسعار بشكل قد يلحق الخسائر باملستثمر الذي يستخدم‬
‫ألاوامر‪1.‬‬ ‫هذا النوع من‬
‫‪ o‬أوامـر محـددة‪ :‬يضع املستثمر للسمسار سعرا محددا لتنفيذ الصفقة‪ ،‬فإذا كان ألامر املحدد خاص‬
‫بالشراء فان السمسار سينفذ على أساس سعر أقل من السعر املحدد أو يتساوى معه‪ ،‬أما إذا كان‬
‫ألامر خاص بالبيع فانه يتم التنفيذ عند سعر أكبر من السعر املحدد أو يتساوى معه‪.‬‬

‫‪ 1‬منير إبراهيم هندي‪ ،‬ألاوراق املالية وأسواق رأس املال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.734 :‬‬

‫‪911‬‬
‫املحور السابع ______________________________________________________________________ سوق رأس املال‬

‫ومن أهم ما يميز هذا النوع من ألاوامر أن املستثمر متيقن من القيمة التي سيدفعها إذا كان‬
‫أمر شراء‪ ،‬والقيمة التي سيتحصل عليها في حالة أمر بيع‪ ،‬أما من أهم عيوبه فهو عدم التأكد من‬
‫أن سعر السوق قد يصل إلى السعر املحدد ومنه ال تنفذ الصفقة‪ ،‬حتى و إن كان سعر السوق‬
‫مساوي لسعر التنفيذ فان قاعدة "الوارد أوال ينفذ أوال" قد ال يسمح بتنفيذ ألامر بالسعر املحدد‬
‫‪1‬‬
‫إذا كان ترتيبه متأخرا‪.‬‬
‫‪ -2-1-4‬ألاوامـر املحـددة لوقـت التنفيـذ‪ :‬يقصد بها ألاوامر التي يكون فيها الزمن هو الحد الفاصل في‬
‫تنفيذها‪ ،‬وقد يكون ألامر مفتوحا أي ألجل غير محدد حيث يبقى ساري املفعول حتى يتم تنفيذه أو‬
‫إلغاؤه‪ ،‬وما يميز هذا النوع من ألاوامر أن الظروف املحددة لسعر الورقة املالية تتغير من لحظة ألخرى‬
‫وبالتالي على العميل أن يغير أوامره من فترة ألخرى حتى تتناسب مع ألاوضاع املتجددة‪.‬‬
‫نذكر منها‪2:‬‬ ‫‪ -3-1-4‬ألاوامـر التـي تجمـع بين سعـر ووقـت التنفيـذ‪ :‬تتحدد بتعدد الحاالت ويمكن أن‬
‫‪ o‬ألاوامـر املحـددة للسعـر خـالل فتـرة معينـة‪ :‬في هذه الحالة يحدد املستثمر للسمسار سعر معينا‬
‫للتنفيذ مع اشتراط فترة زمنية محددة إلتمام الصفقة‪ ،‬وبالتالي فهي تجمع بين مزايا ألاوامر املحددة‬
‫للسعر وألاوامر املحددة للزمن‪.‬‬
‫‪ o‬أوامـر مفتـوحـة لوقـت ومحـددة بسعـر‪ :‬هي تلك ألاوامر التي يشترط إلتمام الصفقة أن يصل سعر‬
‫السوق إلى السعر الذي يحدده املستثمر أو أفضل منه على أن ال يتم تحديد فترة معينة لتنفيذه‪،‬‬
‫فإذا كان السعر السوقي أعلى قليال (حالة أمر شراء) أو أقل قليال (حالة أمر بيع) عن السعر املحدد‬
‫فان ألامر لن ينفذ على إلاطالق‪.‬‬
‫‪ o‬ألاوامـر الخاصـة‪ :‬زيادة على ألاوامر السابقة ثمة أنواع خاصة من ألاوامر أهمها‪:‬‬
‫‪ -‬أوامـر إلايقـاف‪ :‬بمقتض ى هذا ألامر يحدد املستثمر سعر إيقاف‪ ،‬فإذا كان ألامر يتعلق بالبيع‬
‫فان سعر إلايقاف يجب أن يكون أقل من السعر السوقي في وقت إصدار ألامر‪ .‬وبالعكس إذا‬
‫إصدار ألامر‪3.‬‬ ‫كان ألامر يتعلق بالشراء فان سعر إلايقاف يكون أكبر من السعر السوقي في وقت‬
‫‪ -‬أوامـر إلايقـاف املحـددة‪ :‬تعالج أوامر إلايقاف املحددة عدم التأكد بشأن السعر الذي تنفذ به‬
‫الصفقة في حالة استخدام أوامر إلايقاف‪ ،‬ففي هذا النوع من ألاوامر يضع املستثمر حد أدنى‬
‫لسعر البيع وحد أقص ى لسعر الشراء وال يتم التعامل إال بذلك السعر أو بسعر أفضل منه‪،‬‬

‫‪ 1‬محمد صالح الحناوي‪ ،‬تقييم وتحليل ألاسهم والسندات‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬إلاسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،3004 ،‬ص ص‪34-32 :‬‬
‫‪ 2‬منير إبراهيم هندي‪ ،‬ألاوراق املالية وأسواق رأس املال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.720 :‬‬
‫‪ 3‬محفوظ جبار‪ ،‬تنظيم وإدارة البورصة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.90 :‬‬

‫‪911‬‬
‫املحور السابع ______________________________________________________________________ سوق رأس املال‬

‫ومن عيوب هذا النوع أن أسعار السوق قد تتغير بسرعة وبالتالي لن يتمكن السمسار من تنفيذ‬
‫بالسعر املحدد‪1.‬‬ ‫الصفقة‬
‫‪ -2-4‬تسـوية الصفقـات‪ :‬بالنسبة لتسوية الصفقات تكون بعد تنفيذ ألامر‪ ،‬ويقوم السمسار بدوره‬
‫بتسوية املعاملة حيث يتم تسليم ألاوراق املالية للمستثمر وبذلك يصبح املالك القانوني لألصل محل‬
‫الاستثمار‪ ،‬مع دفعه قيمة الصفقة والعمولة والرسوم وذلك خالل يوم التسوية‪ .‬والتسوية قد تكون‬
‫نقدية‪ ،‬وقد تكون بائتمان بين املستثمر وبين السمسار أو ما يسمى "التعامل باملكشوف"‪ ،‬أما بالنسبة‬
‫لشهادة امللكية فيمكن الاحتفاظ بها لدى املستثمر املالك‪ ،‬أو إبقائها في بيت السمسرة الوكيل‪ ،‬للداللة‬
‫والتسويق‪2.‬‬ ‫على امتالك هذه ألاخيرة أوراقا مالية قابلة للتداول‬
‫وغير مباشرة‪3.‬‬ ‫‪ -3-4‬تكـاليـف التنفيـذ‪ :‬ينطوي تنفيذ ألاوامر على نوعين من التكاليف‪ ،‬تكاليف مباشرة‬
‫‪ -1-3-4‬التكـاليـف املبـاشـرة‪ :‬تشتمل على تكاليف املعامالت باإلضافة إلى تكاليف أخرى‪ ،‬بالنسبة لتكاليف‬
‫املعامالت تحسب في شكل نسبة مئوية من املبلغ الكلي للصفقة وتشتمل هذه التكلفة على عدد من‬
‫العناصر أهمها‪ :‬عمولة السمسرة والتي تمثل ما يدفع للسمسار وتتحدد بالتفاوض‪ ،‬الخصم على السعر‬
‫والذي يمنحه املشتري للبائع‪ ،‬باإلضافة إلى الضرائب والرسوم املستحقة إلدارة البورصة عند نقل‬
‫وتحويل ملكية ألاوراق املالية‪.‬‬
‫إلى جانب تكاليف املعامالت هناك مصاريف يدفعها املستثمر عن ألاوامر الكسرية إلى جانب‬
‫الفوائد على ألاموال املقترضة بغرض الاستثمار في ألاوراق املالية‪ ،‬الفوائد التي يدفعها املستثمر على‬
‫عمليات الشراء غير النقدي والضريبة على التوزيعات والفوائد‪ ،‬وأخيرا الضريبة على ألارباح الرأسمالية‬
‫التي يحققها املستثمر‪.‬‬
‫‪ -2-3-4‬التكـاليـف غيـر املبـاشـرة‪ :‬تتمثل أهم عناصرها في‪:‬‬
‫‪ -‬تكلفة الفرصة البديلة والتي تتمثل في العائد الذي كان يمكن الحصول عليه لو تم توظيف تلك‬
‫ألاموال في مجاالت استثمار أخرى‪.‬‬
‫‪ -‬تكلفة الوقت والجهد املبذول من قبل املستثمر في تقييم وتحليل ألاوراق املالية محل الاستثمار‪.‬‬
‫‪ -‬التكلفة النفسية وهي تلك الحالة من القلق التي تنتاب املتعامل حول الاستثمار واحتمال تدهور‬
‫قيمته‪.‬‬

‫‪ 1‬منير إبراهيم هندي‪ ،‬ألاوراق املالية وأسواق رأس املال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪724-722 :‬‬
‫‪ 2‬مصطفى يوسف كافي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪727-720 :‬‬
‫‪ 3‬أحمد بوراس‪ ،‬أسواق رؤوس ألاموال‪ ،‬مطبوعات جامعة منتوري‪ ،‬قسنطينة‪ ،3002-3003 ،‬ص ص‪778-774 :‬‬

‫‪911‬‬
‫المحور الثامن‪ :‬السوق النقدية‬

‫أوال‪ :‬تعريف السوق النقدية وتقسيماتها‬

‫ثانيا‪ :‬خصائص السوق النقدية وأهم المتدخلين فيها‬

‫ثالثا‪ :‬أدوات السوق النقدية‬


‫املحور الثامن ______________________________________________________________________ السوق النقدية‬

‫تمهيد‬
‫تشكل السوق النقدية املكان املفضل إلعادة تشكيل السيولة البنكية وتوفير أدوات الدفع للبنوك‪،‬‬
‫وهو ما يجعل من السوق النقدية املتطورة واملنظمة إجراء هاما في طريق تدعيم إلاجراءات التنافسية‬
‫وتسهيل دور السلطات النقدية في ممارسة رقابة فعالة على الائتمان والنقود داخل الاقتصاد‪.‬‬
‫ضمن السوق النقدية وإلى جانب سوق ما بين البنوك "‪ "Marché Interbancaire‬التي يعتمد عليها‬
‫البنك املركزي بشكل أساس ي لتدخالته في إطار سياسة الضبط‪ ،‬تتواجد كذلك سوق لسندات الدين‬
‫القابلة للتداول "‪ "Marché des titres de créances négociables‬والتي من شأنها أن تشكل مع سوق ما‬
‫بين البنوك سوق نقدية جديدة وموسعة‪ ،‬إذ تعد هذه السوق بمثابة نقطة التقاء ما بين سوق رؤوس‬
‫ألاموال قصيرة ألامد وطويلة ألامد أين تعرض مجموع السندات قصيرة وطويلة ألاجل من سندات‬
‫عمومية وأذونات خزينة وشهادات إلايداع لألعوان ذوي القدرة املالية‪.‬‬
‫وعلى غرار املحور السابق تم تخصيص هذا الجزء الستعراض املفاهيم الرئيسية املتعلق بالسوق‬
‫النقدية وخصائصها باإلضافة إلى مكوناتها وأدواتها وأهم املتدخلين على مستواها‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تعريف السوق النقدية وتقسيماتها‬


‫كما ذكرنا سابقا فإن السوق املالية تتكون من سوق نقدية وسوق رأس املال‪ ،‬ويكمن الاختالف‬
‫أساسا في آجال استحقاق ألادوات املالية التي يجرى التعامل بها أو تداولها‪ ،‬إضافة إلى طبيعة املؤسسات‬
‫املالية العاملة في كل من السوقين‪ ،‬ألامر الذي تحدده أهم خصائص هذه السوق مقارنة بسوق رأس‬
‫املال‪ ،‬وبشكل عام فإن أغلب آجال الصفقات التي تتم في هذه السوق ال تتعدى السنة‪ ،‬وفيما يلي بعض‬
‫التعاريف املقدمة للسوق النقدية باإلضافة إلى أقسام هذه السوق‪.‬‬

‫‪ -1‬تعريف السوق النقدية‬


‫تعرف أسواق النقد (‪ )Money Markets‬على أنها ذلك الجزء من سوق املال الذي يتم فيه تداول‬
‫ألاوراق قصيرة ألاجل مثل أذونات الخزينة وألاوراق التجارية وشهادات إلايداع‪ ،‬والتي ال تتجاوز فترة‬
‫سدادها عاما واحدا‪ ،‬ويلجأ إلى أسواق النقد عادة املقترضون الذين يعانون من شح طارئ في السيولة‬
‫ألاجل‪1.‬‬ ‫وبالتالي يقومون ببيع أوراق مالية قصيرة‬

‫‪ 1‬محمود حامد عبد الرزاق‪ ،‬اقتصاديات النقود والبنوك وألاسواق املالية‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬إلاسكندرية‪ ،3102 ،‬ص‪.241 :‬‬

‫‪061‬‬
‫املحور الثامن ______________________________________________________________________ السوق النقدية‬

‫وتتمثل الجهات املتعاملة في هذه السوق في السماسرة والبنوك التجارية والجهات الحكومية وذلك‬
‫بالنسبة لألوراق املالية التي تصدرها الحكومة وهيئاتها املحلية‪ ،1‬حيث تقاس أوضاع أسواق النقد‬
‫بمستوى معدالت الفائدة قصيرة ألاجل‪ ،‬أو ما يسمى بمعدالت سوق النقد وينطوي تحتها عدد كبير من‬
‫املعدالت أبرزها معدل الخصم‪ ،‬معدل الفائدة على الاقتراض ما بين البنوك‪ ،‬ومعدل الفائدة على‬
‫شهادات إلايداع‪.‬‬
‫أيضا فإن أسواق النقد عبارة عن "ألاسواق التي يتم من خاللها إلاقراض والاقتراض بين البنوك‬
‫بشكل أساس ي‪ ،‬وترتكز على عامل أساس ي مهم هو سعر الفائدة والذي يتحدد بناء على العرض والطلب‬
‫على رؤوس ألاموال قصيرة ألاجل في السوق‪ ،‬ويعتبر سوق النقد رافدا هاما للتمويل قصير ألاجل إذ أنه‬
‫يوفر الفرصة للمقترضين بالحصول على ألاموال الالزمة باألجل القصيرة‪ ،‬ومن مزاياه املرونة والسيولة‬
‫املخاطرة"‪2.‬‬ ‫العالية وانخفاض درجة‬
‫ويعتبر السوق النقدي "أقدم أسواق رأس املال‪ ،‬حيث ارتبطت نشأته بظهور ألاوراق النقدية‪ ،‬وهو‬
‫سوق للتمويل قصير ألاجل يتم فيه تداول ألادوات املالية قصيرة ألاجل‪ ،‬وتقوم البنوك املركزية لكل بلد‬
‫بمهمة تنظيم العمليات املدرجة في السوق النقدي‪ ،‬وتتعامل في هذه السوق البنوك التجارية التي تقوم‬
‫باستثمار فوائضها وتحصيل احتياجاتها من السوق النقدي اعتمادا على احتياطاتها لدى البنك املركزي‪3.‬‬

‫‪ -2‬أقسام السوق النقدية‬


‫على شاكلة سوق رأس املال فإن السوق النقدية تتشكل بدورها من سوقين هما السوق ألاولي‬
‫والسوق الثانوي ‪ ،‬هذا ألاخير ينقسم كذلك إلى سوقين فرعيين‪ ،‬وهو ما يمكن توضيحه فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -1-2‬السوق ألاولي‪ :‬وهي السوق التي يتم فيها الحصول على ألاموال املراد توظيفها ألول مرة لجال‬
‫املالية‪4.‬‬ ‫قصيرة‪ ،‬بأسعار فائدة تتحدد حسب مصدر هذه ألاموال ومتانة املركز املالي للمقرض وسمعته‬
‫‪ -2-2‬السوق الثانوي‪ :‬وهي التي يجرى فيها تبادل إلاصدارات النقدية قصيرة ألاجل التي سبق إصدارها‬
‫في السوق ألاولي بأسعار تتحدد حسب قانون العرض والطلب‪ ،‬ويعتبر السوق الثانوي أكثر أهمية من‬
‫السوق ألاولي لكونه يختص بعمليات الشراء والبيع فيما بين أطراف جديدة لم يجر التعامل معها في‬

‫‪ 1‬منير إبراهيم هندي‪ ،‬ألاوراق املالية وأسواق رأس املال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.6 :‬‬
‫‪ 2‬جمال جويدان الجمل‪ ،‬دراسات في ألاسواق املالية والنقدية‪ ،‬دار الصفاء للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬ألاردن‪ ،3113 ،‬ص‪.21 :‬‬
‫‪ 3‬مروان عطون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.06 :‬‬
‫‪ 4‬عادل أحمد حشيش‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.053-051 :‬‬

‫‪060‬‬
‫املحور الثامن ______________________________________________________________________ السوق النقدية‬

‫السوق ألاولي‪ ،‬ويتكون سوق النقد الثانوي بصفة عامة من سوقين فرعيين على حسب نوع العمليات‬
‫ألاجل‪1.‬‬ ‫التي تتم في كل منهما وهما‪ :‬سوق الخصم وسوق القروض قصيرة‬
‫حيث تختلف تقسيمات أسواق النقد من بلد إلى آخر وذلك تبعا لدرجة تطور هذه ألاسواق ومدى‬
‫قدرة السلطات النقدية على تنظيمها ورقابتها‪ .‬ففي الواليات املتحدة ألامريكية التي تمثل نموذجا من‬
‫حيث التنظيم والرقابة تتكون سوقها النقدية الثانوية من سوقين فرعيتين‪ ،‬تتمثل ألاولى في سوق‬
‫الخصم (‪ )the Discount Market‬وفيها تخصم ألاوراق التجارية من كمياالت وأدوات الخزينة‪ ،‬وتؤدي‬
‫السوق‪2.‬‬ ‫البنوك التجارية والبنوك املركزية دورا كبيرا في هذه‬
‫وتتمثل السوق الفرعية الثانية للسوق النقدية في سوق القروض قصيرة ألاجل إذ توفر فرص‬
‫جيدة للمستثمرين لالدخار والاستثمار في أصول مالية ذات مرونة وسيولة مرتفعة‪ ،‬وعالوة على هذا تتميز‬
‫هذه السوق بانخفاض تكاليف الصفقات نظرا إلجراءاتها املرنة وتدني درجة مخاطرها لسببين وجيهين‬
‫هما‪3:‬‬

‫‪ -‬تدني درجة املخاطرة النقدية‪ :‬تتميز أسعار ألاوراق املالية بتذبذبها من حين لخر وحيث أن ألاوراق‬
‫املالية املتداولة في سوق النقد تتميز بقصر آجال استحقاقها فإن التغيرات الحاصلة في أسعار‬
‫الفائدة السوقية عادة ما تكون لها آثار محدودة على ألاسعار السوقية لهذه ألاوراق على نحو يجعل‬
‫هامش التغيير ما بين القيمة الاسمية والقيمة الحقيقية للورقة املالية ضيقا جدا إلى الحد الذي‬
‫ال يؤدي إلى تكبيد حاملها خسائر كبيرة فيما لو أقدم على بيعها أو خصمها قبل تاريخ استحقاقها‪.‬‬
‫‪ -‬تدني درجة مخاطرة الدين‪ :‬تتمثل مخاطرة الدين في عدم قدرة املقترض على تسديد ما عليه من‬
‫التزامات اتجاه دائنيه‪ ،‬وطاملا أن ألاوراق املالية املتداولة في سوق النقد تصدر عن مراكز مالية‬
‫ذات مالءة مالية قوية كالبنوك التجارية والبنوك املركزية فإن احتماالت عدم القدرة على الوفاء‬
‫بالدين ستكون جد ضئيلة إن لم تكن منعدمة تماما‪.‬‬

‫السوقين‪4‬‬ ‫وفيما يلي وصف موجز لكل من هذين‬


‫‪ -1-2-2‬سوق الخصم‪ :‬في هذه السوق يتم خصم أدوات الائتمان قصيرة ألاجل والتي من أهمها‪:‬‬

‫‪ 1‬زكريا الدوري‪ ،‬يسري السامرائي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.44 :‬‬


‫‪ 2‬محفوظ جبار‪ ،‬البورصة وموقعها من أسواق العمليات املالية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.66 :‬‬
‫‪ 3‬نوزاد الهيتي‪ ،‬مقدمة في ألاسواق املالية‪ ،‬أكاديمية الدراسات العليا والبحوث التطبيقية‪ ،‬طرابلس‪ ،0994 ،‬ص‪.20 :‬‬
‫‪ 4‬عادل أحمد حشيش‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.053-051 :‬‬

‫‪061‬‬
‫املحور الثامن ______________________________________________________________________ السوق النقدية‬

‫‪ ‬ألاوراق التجارية العادية‪( :‬الكمبياالت‪ ،‬السندات الاذنية ‪ ).....‬وهي أوراق تصدرها عادة الشركات‬
‫ذات السمعة التجارية الحسنة‪ ،‬وشركات التأمين وبعض الشركات غير املصرفية حيث أن أجل‬
‫استحقاق هذه إلاصدارات يكون قصيرا‪ ،‬ففي العادة يفضل معظم حائزيها من املستثمرين أن‬
‫يحتفظوا بها حتى أجل السداد على أن يقوموا ببيعها ولذلك يكون سوق تداول هذه ألاوراق‬
‫ضعيف نسبيا‪ ،‬ألامر الذي ينعكس على تعرض أسعارها في العادة لتقلبات كبيرة‪.‬‬
‫‪ ‬القبوالت املصرفية‪ :‬وهي سندات مسحوبة على املصرف من قبل عميل يطلب فيها من البنك أن‬
‫يدفع ألمره أو ألمر شخص ثالث مبلغا محددا من املال في املستقبل وفي موعد محدد سلفا‪ ،‬وتظهر‬
‫الحاجة إليها بصفة خاصة في ميدان تمويل التجارة الخارجية والداخلية‪.‬‬
‫‪ ‬أذونات الخزانة‪ :‬وهي سندات دين تصدرها الحكومة ألجال تتراوح بين ‪ 2‬و‪ 6‬أشهر‪ ،‬تقوم بطرحها‬
‫في السوق عادة عن طريق املصرف املركزي‪ ،‬وعادة ما يتم إصدار هذه ألاذونات كل شهر‪.‬‬
‫‪ -2-2-2‬سوق القروض قصيرة ألاجل‪ :‬وتشمل هذه السوق جميع أنواع القروض التي تعقد ألجال قصيرة‬
‫تتراوح بين أسبوع واحد وسنة كاملة‪ ،‬ويكون قوامها من املشروعات وألافراد من ناحية‪ ،‬واملصارف‬
‫التجارية وبعض مؤسسات إلاقراض املتخصصة في منح الائتمان قصير ألاجل من ناحية أخرى‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬خصائص السوق النقدية وأهم املتدخلين فيها‬

‫‪ -1‬أهمية السوق النقدية‬


‫تعد السوق النقدية جزءا من مجموع واسع هو سوق رؤوس ألاموال أين يتم تبادل حقوق طويلة‪،‬‬
‫متوسطة وقصيرة ألاجل‪ ،‬فالسوق النقدية كأية سوق أخرى لها أهميتها وخصائصها تميزها عن غيرها‬
‫يلي‪1:‬‬ ‫من ألاسواق‪ ،‬وتتمثل أهمية السوق النقدية فيما‬
‫‪ -‬تأمين السيولة النقدية وأدوات الدفع ألاخرى حسب حاجات التمويل الاقتصادي‪.‬‬
‫‪ -‬توظيف املوارد النقدية املتوفرة لدى البنوك التجارية ومختلف املؤسسات النقدية‪.‬‬
‫‪ -‬سد عجز الوحدات الاقتصادية في ألاجل القصير املدى‪.‬‬
‫‪ -‬توفير حاجات ألافراد من السيولة وإلانفاق الاستهالكي‪.‬‬
‫‪ -‬توفير الزيادات الطارئة من النفقات العامة للخزينة العمومية بإصدار أذون الخزينة‪.‬‬
‫ومن خالل العمليات السالفة الذكر تجد البنوك التجارية مجاال واسعا لتوظيف فوائضها النقدية‬
‫واملتمثلة في ألارصدة الدائنة للبنك التجاري لدى البنك املركزي عن طريق عرضها في السوق النقدية‪.‬‬

‫‪ 1‬محمود سحنون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.023-020 :‬‬

‫‪061‬‬
‫املحور الثامن ______________________________________________________________________ السوق النقدية‬

‫‪ -2‬خصائص السوق النقدي‬


‫يلي‪1:‬‬ ‫يمكن تلخيص خصائص السوق النقدي كما‬
‫‪ -‬يختلف السوق النقدي عن ألاسواق التي تتعامل باألدوات املالية الطويلة ألاجل‪ ،‬في أن السوق‬
‫النقدي ليس له مكان رسمي ليتم فيه تحويل النقود من املقرضين إلى املقترضين‪.‬‬
‫‪ -‬يصنف السوق النقدي على أنه سوق جملة ألن التعامل فيه يتم عادة بين تجار (‪ ،)Dealers‬حيث‬
‫قد تتم به صفقات بماليين الدوالرات للصفقة الواحدة‪.‬‬
‫‪ -‬عادة ما تكون العموالت على العمليات فيه قليلة ً‬
‫جدا‪ ،‬حيث تعتمد بشكل كبير على أنظمة‬
‫الاتصاالت املعاصرة بين املقرض واملقترض الذين يتقابلون من خالل بعض أجهزة الاتصال‬
‫إلالكترونية كالتليفون والكمبيوتر‪.‬‬
‫‪ -‬يتمتع السوق النقدي بكفاءة عالية حيث يتم تمكين املقرضون واملقترضون من تحويل مبالغ‬
‫بكميات كبيرة بسرعة فائقة وبتكاليف قليلة للعملية الواحدة‪ ،‬حيث قد يتم تحويل ماليين‬
‫الدوالرات في ليلة واحدة مقابل عمولة قليلة جدا قد تصل إلى دوالر واحد عن كل مليون من‬
‫الدوالرات‪.‬‬
‫‪ -‬يتمتع السوق النقدي بخاصية غير عادية‪ ،‬حيث يتم التعامل في السوق بدرجة عالية من الثقة‬
‫بين املتعاملين‪ ،‬خاصة وأن التعامل يتم ً‬
‫دائما بسرعة فائقة‪ ،‬مما ال يجعل هناك فرصة لالحتفاظ‬
‫بسجالت وقيود بصورة دائمة‪ ،‬وعليه وملا كان التعامل في هذا السوق يتم على أساس شخص ي‪،‬‬
‫فهناك مجال للشك في تفسير بعض املعاني في بعض الحاالت‪ .‬إال أن كافة املعامالت يجب أن‬
‫تحترم حتى لو تسببت في بعض الصعوبات للمستقبل‪.‬‬
‫‪ -‬يفترض التعامل في السوق أن ألاخطاء التي تحدث أخطاء غير مقصودة‪ ،‬وبالتالي يتم معالجتها‬
‫بسرعة بين ألاطراف‪.‬‬

‫‪ -3‬أهم املتدخلين‬
‫يشارك في أعمال السوق النقدي العديد من املؤسسات وألافراد‪ ،‬وأما املؤسسات الرئيسية‬
‫العاملة فيه فهي‪ :‬البنوك التجارية‪ ،‬والشركات‪ ،‬والبنك املركزي‪ ،‬واملتعاملون باألوراق املالية‪ ،‬سماسرة‬
‫ألاوراق املالية‪ ،‬واملستثمرون من ألافراد‪ ،‬وبعض املؤسسات املالية كصناديق الاستثمار وصناديق‬

‫‪ 1‬شقيري نوري موس ى وآخرون‪ ،‬املؤسسات املالية املحلية والدولية‪ ،‬دار املسيرة للنشر والتوزيع والطباعة‪ ،‬عمان‪ ،3119 ،‬ص ص‪-34 :‬‬
‫‪.39‬‬

‫‪061‬‬
‫املحور الثامن ______________________________________________________________________ السوق النقدية‬

‫التقاعد وشركات التأمين وغيرها‪ .‬إال أن البنوك التجارية تلعب الدور الرئيس ي في عمليات السوق‬
‫النقدي‪ .1‬وفيما يلي شرح ألهم املؤسسات العاملة في السوق النقدي‪.‬‬
‫‪ -1-3‬البنوك التجارية‪ :‬وهي من أهم وسطاء النقد‪ ،‬كما تعمل هذه البنوك أيضا في سوق رأس املال‪،‬‬
‫وهي مؤسسات تقوم بتعبئة املوارد املالية عن طريق إصدار التزامات على نفسها تتخذ شكل الودائع‬
‫الجارية‪ ،‬والتي تتداول باستخدام الشيكات والودائع الادخارية‪ ،‬والتي تدفع عند الطلب من قبل مالكيها‪،‬‬
‫وتسحب عادة عن طريق السحب النقدي املباشر من هذه الودائع‪ ،‬وكذلك الودائع آلاجلة لفترة محدودة‬
‫من الزمن‪ ،‬وتقوم البنوك التجارية باستخدام املوارد املالية لهذه الودائع في تقديم القروض للتجار‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫املستهلكين‪ ،‬قروض بضمان عقارات وكذلك في شراء أوراق مالية حكومية‪.‬‬
‫‪ -2-3‬الخزينة العمومية‪ :‬تعد الخزينة العمومية وحدة مالية وليست مؤسسة مالية‪ ،‬وظيفتها املالية‬
‫العمومية‪3.‬‬ ‫نجدها في ميزانية العمليات املالية للخزينة‬
‫وتعتبر الخزينة العمومية املقترض الرئيس ي في ألاسواق النقدية نظرا ملا تمثله حوالات الخزينة‬
‫والسندات الحكومية قصيرة ألاجل من أهمية في ألادوات التي يتم التعامل بها في هذه ألاسواق حيث‬
‫هذه‪4.‬‬ ‫تمثل الجزء املهم من أدوات التعامل‬
‫‪ -3-3‬املؤسسات ألاخرى وألافراد‪ :‬تشارك مؤسسات وشركات أخرى في أعمال السوق النقدي كشركات‬
‫التأمين وصناديق التقاعد وصناديق الادخار وغيرها عن طريق الاستثمار في أدوات السوق النقدي حيث‬
‫توفر لها عوائد مجزية وبدرجة عالية من السيولة‪ .‬فتستثمر في أذونات الخزينة والسندات قصيرة ألاجل‬
‫التي تدر عليها ً‬
‫عائدا وتتمتع بدرجة عالية من السيولة لتؤمن لها احتياجاتها الالزمة للوفاء بالتزاماتها‪.‬‬
‫كذلك فإن ألافراد يتعاملون في السوق النقدي بشكل كبير من خالل الودائع التي يحتفظون بها لدى‬
‫البنوك‪ ،‬ومن خالل أدوات الاستثمار قصيرة ألاجل املتداولة فيها‪ .‬فالسوق النقدي توفر لألفراد عوائد‬
‫مدفوعاتهم‪5.‬‬ ‫من استثماراتهم فيها وتعمل على تسهيل‬
‫‪ -4-3‬البنك املركزي‪ :‬يمارس البنك املركزي في هذا إلاطار دوره لتحقيق الاستقرار النقدي والاقتصادي‬
‫وتمويل عملية التنمية‪ ،‬من خالل عدة وظائف واملتمثلة في منح القروض للبنوك‪ ،‬إعادة خصم ألاوراق‬
‫التجارية واملالية‪ ،‬الاحتفاظ بجزء من الاحتياطات النقدية للبنوك‪ ،‬التسيير واملحافظة على احتياطات‬

‫‪ 1‬شقيري نوري موس ى وآخرون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.39 :‬‬


‫‪ 2‬محمود يونس‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.‬ص‪.044.‬‬
‫‪ 3‬بخزاز يعدل فريدة‪ ،‬تقنيات وسياسات التسيير املصرفي‪ ،‬ديوان املطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر ‪ ،3111،‬ص‪.771 :‬‬
‫‪ 4‬فليح حسن خلف‪ ،‬ألاسواق املالية والنقدية‪ ،‬جدارا للكتاب العالمي‪ ،‬ألاردن‪ ،3116 ،‬ص‪.013 :‬‬
‫‪ 5‬شقيري نوري موس ى وآخرون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.21 :‬‬

‫‪061‬‬
‫املحور الثامن ______________________________________________________________________ السوق النقدية‬

‫الذهب والعمالت ألاجنبية‪ ،‬مقاصة الحسابات بين البنوك واملؤسسات املالية‪ ،‬إصدار النقود الائتمانية‬
‫‪1‬‬
‫والرقابة على الائتمان‪.‬‬
‫وعليه فالبنوك املركزية تعمل بشكل مباشر وغير مباشر في السوق النقدي من خالل إدارتها‬
‫للسياسة النقدية للبلد‪ ،‬كما يعمل البنك املركزي في السوق النقدي من خالل قيامه بأعمال املراقبة‬
‫النقدي‪2.‬‬ ‫والتوجيه للبنوك التجارية التي تعتبر من املشاركين الرئيسيين في السوق‬
‫‪ -5-3‬وسطاء السوق النقدية‪:‬‬
‫‪ -‬السماسرة‪ :‬وهم الوسطاء باملعنى البسيط الذين ال يشترون وال يبيعون لحسابهم أي أوراق في‬
‫السوق النقدية‪ ،‬ويتلقون عمولة فقط على جمعهم املؤسسات العارضة للنقود املركزية مع‬
‫املؤسسات الطالبة لها دون أن يظهروا على أنهم أجزاء مقابلة في العملية‪ ،‬وفي الجزائر دور‬
‫س من طرف البنك مركزي‪.‬‬‫السمسار في السوق النقدية ُي َما َر ْ‬

‫‪ -‬بيوت إعادة الخصم‪ :‬وتأخذ شكل بنوك أو مؤسسات مالية يعتمد نشاطها على شراء وإعادة بيع‬
‫ّ‬
‫ألاوراق املتداولة في السوق النقدية مقابل النقود املركزية‪ ،‬وال تستطيع قبول ودائع الجمهور إال‬
‫في حدود ضيقة‪ ،‬كما تؤدي وظيفة مهمة وهي الوساطة بين البنوك والبنك املركزي في أغلب‬
‫تدخالت هذا ألاخير‪.‬‬
‫‪ -‬بيوت القبول‪ :‬هي مؤسسات خاصة بعمليات الاستيراد والتصدير تقوم بقبول ألاوراق التجارية‬
‫بالتوقيع على هذه ألاوراق املسحوبة على عمالئها‪ ،‬هذا ما يؤكد تعهدها بدفع قيمة ألاوراق عند‬
‫حلول تاريخ الاستحقاق الذي هو عادة ألجل قصير وهذا ما يساعد على زيادة تداول ألاوراق داخل‬
‫العالم"‪3.‬‬ ‫السوق النقدية‪" ،‬وتوجد بيوت القبول أساسا في إنجلترا‪ ،‬حيث كانت تتركز أغلب تجارة‬
‫‪ -‬بيوت التوفير‪ :‬يقصد بها املؤسسات التي تتلقى ألاموال قصيرة ألاجل من أجل توظيفها في‬
‫استثمارات طوية ألاجل‪ ،‬فمهمتها تتمثل في تجميع ما يوفره ألافراد من نقود وتوظيفه في استثمارات‬
‫هامة‪ ،‬على الرغم من ضآلتها‪ ،‬في شراء أسهم وسندات املشروعات‪ ،‬وهي تتمكن من ذلك بسبب‬
‫غير صاحبها‪4.‬‬ ‫وفرة املبالغ التي تجمعها‪ ،‬كما أنها ودائع شخصية ال يسمح بسحبها من‬

‫‪ 1‬خبابة عبد هللا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.040-041 :‬‬


‫‪ 2‬شقيري نوري موس ى وآخرون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.20-21 :‬‬
‫‪ 3‬عادل أحمد حشيش‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.052‬‬
‫‪ 4‬سوزي عدلي ناشد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.094 :‬‬

‫‪066‬‬
‫املحور الثامن ______________________________________________________________________ السوق النقدية‬

‫ثالثا‪ :‬أدوات السـوق النـقدية‬


‫تتوفر سوق النقد على مجموعة أدوات الاستثمار التالية‪ :‬شهادات إلايداع القابلة للتداول‪،‬‬
‫الكمبياالت املصرفية‪ ،‬ألاوراق التجارية‪ ،‬أذونات الخزانة‪ ،‬القبوالت املصرفية‪ ،‬قرض فائض الاحتياطي‬
‫إلالزامي‪ ،‬قرض الدوالر ألاوروبي واتفاقيات إعادة الشراء‪.‬‬
‫يلي‪1 :‬‬ ‫تتميز ألادوات املالية املستخدمة في السوق النقدي بما‬
‫‪ ‬أنها تستحق في مدة تقل عن السنة‪ ،‬ويستحق معظمها في مدة تقل عن الثالثة أشهر‪.‬‬
‫‪ ‬تتمتع بدرجة عالية من الضمان‪.‬‬
‫‪ ‬أسعارها ثابتة نسبيا‪ ،‬حيث أن التذبذب في أسعارها قليل ً‬
‫جدا‪.‬‬
‫‪ ‬تتمتع بدرجة عالية من السيولة نتيجة وجود سوق ثانوي دائم ونشط لها‪.‬‬
‫‪ ‬مخاطرها قليلة بالنسبة للمستثمر فيها‪.‬‬

‫‪ -1‬أذونات الخزينة (‪)Treasury Bills‬‬


‫هي أدوات دين قصيرة ألاجل وتستحق كل ‪ 2‬أو ‪ 6‬أو ‪ 03‬شهرا ويتم تداولها بمعدل خصم من‬
‫عجز الحكومات‪2.‬‬ ‫القيمة الاسمية لها‪ ،‬ويتم إصدارها لتمويل‬
‫إذ تمثل التزامات حكومية قصيرة ألاجل تصدرها الحكومة بصورة منتظمة لتغطية الاحتياجات‬
‫النقدية للحكومة الناتجة عن عدم انتظام تدفق واردات الحكومة من الضرائب التي تجبى من ألافراد‬
‫واملنشآت‪ .‬ويعتبر الاستثمار في هذه ألاذونات من الاستثمارات عديمة املخاطرة‪ ،‬كما وتعتبر أكثر أدوات‬
‫السوق النقدي من حيث تسويقها‪.‬‬
‫وتباع أذونات الخزينة بخصم‪ ،3‬أي تباع بسعر أقل من السعر الرسمي الذي تصدر به‪ ،‬وقيمة هذا‬
‫الخصم تمثل الفائدة التي يحصل عليها صاحبها‪ ،‬حيث تدفع قيمتها الاسمية كاملة عند الاستحقاق‪،‬‬
‫وقت‪4.‬‬ ‫وتكون صالحة أيضا إلعادة الخصم لدى البنك املركزي في كل‬
‫يلي‪5 :‬‬ ‫ويمكن تقدير نسبة العائد املخصوم على إلاذن كما‬
‫‪360‬‬ ‫القيمة الاسمية ‪ −‬القيمة السوقية‬
‫× ‪100‬‬ ‫×‬
‫عدد ألايام حتى ألاجل‬ ‫القيمة الاسمية‬

‫‪ 1‬شقيري نوري موس ى وآخرون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.20 :‬‬


‫‪ 2‬غالب عوض الرفاعي‪ ،‬عبد الحفيظ بلعربي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪42 :‬‬
‫‪ 3‬شقيري نوري موس ى وآخرون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.23 :‬‬
‫‪ 4‬زكريا الدوري‪ ،‬يسري السامرائي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.45 :‬‬
‫‪ 5‬محمد إبراهيم عبد الرحيم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.97 :‬‬

‫‪061‬‬
‫املحور الثامن ______________________________________________________________________ السوق النقدية‬

‫وتباع باملزاد العلني على أساس تنافس ي أو غير تنافس ي‪ ،‬في حالة املزاد التنافس ي يقوم املستثمرون‬
‫باإلعالن عن الكمية من أذونات الخزينة التي يرغبون في شرائها والسعر الذي يستعدون لدفعه ثمنا لها‪،‬‬
‫فكلما كان السعر املعروض مرتفعا كلما قل العائد عليها‪ ،‬وتقوم عادة العديد من املؤسسات التي ترغب‬
‫في الاستثمار في أذونات الخزينة بالتنافس على شرائها‪ ،‬ويتم نشر املعلومات عن املزادات بالنسبة ألذونات‬
‫الخزينة أسبوعيا في العديد من املنشورات‪.‬‬
‫التالية‪1 :‬‬ ‫وتتميز أذونات الخزينة عن غيرها من أدوات السوق النقدي بالخصائص‬
‫‪ -‬خلوها من املخاطر‪ :‬ألنها صادرة عن الحكومة‪ ،‬حيث تتميز بالثقة وألامان‪.‬‬
‫‪ -‬السيولة العالية‪ :‬تعتبر بديال عن النقدية‪ ،‬وعلى درجة عالية من السيولة‪ ،‬ويتضح ذلك من الفرق‬
‫بين السعر الذي يستعد املستثمرون لدفعه ثمنا لها والسعر الذي يبيعونها به‪ ،‬وهذا الفرق يتراوح‬
‫في العادة ما بين ‪ 3‬إلى ‪ 4‬نقاط وهو أقل من أي مثيل له ألية أداة مالية أخرى‪.‬‬
‫‪ -‬املعاملة الضريبية‪ :‬عادة ما يكون العائد عليها معفى من الضريبة‪.‬‬
‫‪ -‬تصدر في العادة بفئات قليلة مما يجعلها أكثر جاذبية من غيرها لالستثمار خاصة بالنسبة لصغار‬
‫املستثمرين‪.‬‬
‫‪ -‬تنوع املستثمرون فيها‪ ،‬فيستثمر فيها ألافراد‪ ،‬وصناديق الاستثمار املشتركة‪ ،‬والبنوك‪ ،‬والبنك‬
‫املركزي‪ ،‬واملستثمرون ألاجانب‪.‬‬

‫‪ -2‬اتفاقيات إعادة الشراء (‪:)Repurchase Agreements‬‬


‫هي قروض قصيرة ألاجل باستحقاق عادة ال يتجاوز أسبوعين‪ ،2‬وقد تتم في حاالت ليست بالقليلة‬
‫ليوم واحد أو لعدة أيام وبعضها قد يمتد لشهر فأكثر‪ ،‬ويتم استخدامها من قبل الجهات املتخصصة في‬
‫والشركات‪3.‬‬ ‫بيع وشراء ألاوراق املالية التي هي البنوك التجارية والتجار والسماسرة واملستثمرون‬
‫يلي‪4 :‬‬ ‫ويمكن تقدير العائد السنوي التفاقية إعادة الشراء كما‬
‫‪360‬‬ ‫سعر إعادة الشراء ‪ −‬سعر البيع‬
‫×‬
‫أجل الاستحقاق‬ ‫سعر البيع‬

‫‪ 1‬شقيري نوري موس ى وآخرون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.22-23 :‬‬


‫‪ 2‬محمد إبراهيم عبد الرحيم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.99 :‬‬
‫‪ 3‬فليح حسن خلف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.391 :‬‬
‫‪ 4‬نهال فريد مصطفى‪ ،‬السيدة عبد الفتاح إسماعيل‪ ،‬ألاسواق واملؤسسات املالية‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬مصر‪ ،3117 ،‬ص‪.61 :‬‬

‫‪061‬‬
‫املحور الثامن ______________________________________________________________________ السوق النقدية‬

‫أي أن العملية في حد ذاتها وكأنها عملية اقتراض برهن ألاوراق املالية لدى الطرف املقرض‪ ،‬ألن‬
‫ألاوراق املالية ستعود ثانية لصاحبها عند دفع القيمة مع عوائدها املتمثلة في فرق السعرين (البيع‬
‫وإعادة الشراء)‪ ،‬وعمولة ضئيلة متعارف عليها في السوق تسمى عمولة قص الشعر (‪ ،)Hair cut‬والتي‬
‫تتغير حسب املدة ودرجة سيولة ألاوراق املالية وحجم العملية‪ ،‬واملركز الائتماني للمشاركين في العملية‪،‬‬
‫ونشاط املتعامل (بائع الورقة والراغب في إعادة شرائها)‪ ،‬أي أن العمولة تعكس درجة املخاطرة في‬
‫العملية‪ ،‬وهناك أنواع مختلفة من عمليات إعادة الشراء لتناسب الاحتياجات املختلفة أي أن هذه‬
‫‪1‬‬ ‫العمليات تتميز باملرونة‪ ،‬ومن أنواعها‪:‬‬
‫‪ -‬إعادة شراء أوراق مماثلة‪ :‬ويطلق عليها اسم (‪ )dollar repo‬وفي هذه الحالة يسمح للبائع بإعادة‬
‫شراء أوراق مالية مشابهة لألوراق املالية ألاصلية‪.‬‬
‫‪ -‬إعادة شراء أوراق مالية تحمل نفس عائد الورقة ألاصلية‪ )fixed coupoa repo( :‬وبموجبها يوافق‬
‫البائع على إعادة شراء أوراق مالية تحمل نفس عائد الورقة ألاصلية‪.‬‬
‫‪ -‬ضمان عائد مشابه للعائد ألاصلية (‪ )yield maintenance‬ويعني إعادة شراء اوراق مالية تعطي‬
‫عائدا مشابها لعائد ألاوراق املالية ألاصلية‪ ،‬وليس بالضرورة أن يكون نفس العائد للورقة ألاصلية‪.‬‬

‫‪ -3‬القبوالت البنكية (‪)Bankers acceptances‬‬


‫تستخدم القبوالت البنكية لتشجيع التجارة الخارجية‪ ،2‬وهي عبارة عن حوالة مصرفية أو أمر‬
‫بالدفع قصير ألاجل منخفض املخاطر تصدرها في العادة شركة استيراد قابلة للدفع في موعد محدد في‬
‫املستقبل ومضمونة من قبل املصرف الذي يتعامل معه املستورد مقابل رسم أو عمولة‪ ،‬ممهورة من‬
‫مقبول‪3.‬‬ ‫قبل املصرف بختمه بعبارة‬
‫وهي سندات مسحوبة على بنك من قبل عميل يطلب فيه من البنك أن يدفع ألمره أو ألمر شخص‬
‫ثالث مبلغا محددا من املال في املستقبل في موعد محدد سلفا‪ ،‬وهذه السندات تكون لها قوة وضمان‬
‫باعتبارها ورقة من الدرجة ألاولى‪ ،‬وذلك لتعهد املصرف بدفع قيمتها عند الاستحقاق في حالة عدم قدرة‬
‫السداد‪4.‬‬ ‫العميل على‬

‫‪ 1‬شقيري نوري موس ى وآخرون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.22 :‬‬


‫‪ 2‬غالب عوض الرفاعي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪44 :‬‬
‫‪ 3‬محمد إبراهيم عبد الرحيم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.94 :‬‬
‫‪ 4‬زكريا الدوري‪ ،‬يسري السامرائي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.44 :‬‬

‫‪061‬‬
‫املحور الثامن ______________________________________________________________________ السوق النقدية‬

‫وتعتبر القبوالت البنكية من أقدم أدوات السوق النقدي استخداما‪ ،‬حيث كانت من ألادوات‬
‫املالية ألاولى التي استخدمها التجار والبنوك في العصور الوسطى حيث كان البنك يضمن الورقة التي‬
‫يوقعها أحد عمالئه‪ ،‬وتسمى هذه العملية في الوقت الحاضر بالقبول البنكي‪ ،‬واستمر التعامل بها كوسيلة‬
‫الخارجية‪1.‬‬ ‫لتمويل التجارة‬
‫وتتمثل عملية القبول البنكي اليوم بأن توقع الشركة املستوردة على تعهد بدقة على ضمان الدفع‬
‫بختم التعهد بعبارة "مقبول" (‪ )Accepted‬في مكان معين على التعهد‪ .‬ولهذا الاجراء هدفين‪ :‬تعزيز قوة‬
‫التعهد بأن تضاف قوة البنك املالية إلى القوة املالية للشركة املتعهدة‪ ،‬والثاني أنها تجعل من هذا التعهد‪،‬‬
‫أداة مالية قابلة للتداول في سوق النقد الثانوي‪ ،‬أي تكسب الورقة املالية (التعهد) سيولة عالية‪ .‬وتتميز‬
‫التالية‪2:‬‬ ‫القبوالت البنكية بالخصائص‬
‫‪ -‬يتم خلق هذا النوع من ألاوراق املالية بإحدى طرق ثالثة‪ :‬عن طريق الاستيراد املحلي‪ ،‬التصدير‬
‫املحلي‪ ،‬تخزين البضاعة في بلد أجنبي أو شحن البضاعة بين بلدين أجنبيين‪.‬‬
‫‪ -‬تتميز بأنها عالية السيولة‪ ،‬مضمونة‪ ،‬وتتمتع بعائد يتماش ى مع العوائد على ألادوات ألاخرى العاملة‬
‫في السوق النقدي‪ .‬خاصة شهادات الايداع القابلة للتداول‪.‬‬

‫‪ -4‬ألاوراق التجارية (‪)commercial papers‬‬


‫هي أدوات دين قصيرة ألاجل يتم إصدارها عن طريق الشركات املساهمة املعروفة‪ ،‬وفي حالة‬
‫تعرض الشركات املساهمة لنقص في السيولة فإنها تقوم ببيع ألاوراق التجارية لبعض الوسطاء املاليين‬
‫أو للمنشآت بدال من الاقتراض من البنوك‪ ،‬ويعتبر بيع ألاوراق التجارية من قبل هذه الشركات املساهمة‬
‫الثانوي‪4 .‬‬ ‫العمالقة نوعا من التمويل املباشر‪ ،3‬كما أنها تتسم بقابليتها للتداول في السوق‬
‫وهي عبارة عن سندات أذنية قصيرة ألاجل تصدرها الشركة من أجل الاقتراض بموجبها قرضا‬
‫قصير ألاجل‪ .‬وتباع من خالل تجار متخصصين في تجارة ألاوراق التجارية‪ .‬وقد تم التعامل بها منذ بداية‬
‫القرن الثاني عشر ولكن بأشكال مختلفة‪ ،‬وحتى تكون هذه ألاوراق التجارية ذات نوعية عالية يجب أن‬
‫تكون الشركة املصدرة لها ذات مركز ائتماني جيد‪ ،‬مدعمة بوجود سقف ائتماني عال ممنوح لها من‬

‫‪ 1‬شقيري نوري موس ى وآخرون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.24-22 :‬‬


‫‪ 2‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.24 :‬‬
‫‪ 3‬غالب عوض الرفاعي‪ ،‬عبد الحفيظ بلعربي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.44 :‬‬
‫‪ 4‬محمد إبراهيم عبد الرحيم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.94 :‬‬

‫‪011‬‬
‫املحور الثامن ______________________________________________________________________ السوق النقدية‬

‫قبل أحد البنوك‪ ،‬كما تصدر هذه ألاوراق لفترة استحقاق تتراوح ما بين شهرين إلى خمسة أشهر وبفائدة‬
‫النقدي‪1.‬‬ ‫قليلة‪ ،‬ويتم تداولها في السوق‬
‫ومن أهم ألاوراق التجارية الكمبياالت والسند الاذني‪ :‬وهي بمثابة تعهد ورقي تصدرها في العادة‬
‫شركات ذات سمعة تجارية حسنة وشركات غير مصرفية‪ ،‬يلتزم به املدين إلى الدائن في تاريخ محدد‪،‬‬
‫والفرق بين الكمبيالة والسند الاذني يتمثل في أن ألاولى تعد ورقة تجارية ناشئة عن نشاط تجاري داخلي‬
‫املزايا‪2.‬‬ ‫أو خارجي ويمكن خصمها لدى املؤسسات املالية واملصرفية بينما ال يتمتع السند الاذني بهذه‬

‫‪ -5‬شهادات إلايداع القابلة للتداول (‪))CDs) Deposits Negotiable Certificates of‬‬


‫صدرت شهادات إلايداع ألول مرة في نيويورك عام ‪ ،0960‬ثم امتد التعامل بها إلى سوق اليورو‬
‫دوالر نتيجة للنجاح الذي حققته في نيويورك‪ ،‬حيث تم إصدار أول إصدار من هذه الشهادات في لندن‬
‫عام ‪ .0966‬وتطور سوق هذه الشهادات بسرعة‪ .‬وهي عبارة عن شهادات تصدر عن البنك كدليل بأنه‬
‫قد تم إيداع مبلغ معين لديه ملدة معينة تبدأ من تاريخ إصدار الشهادة (الايداع) وتنتهي بتاريخ معين‬
‫(تاريخ استحقاق الشهادة‪ :‬أي تاريخ انتهاء مدة الايداع)‪ ،‬وتبين الشهادة سعر الفائدة‪ ،‬وطريقة احتسابها‬
‫‪3‬‬ ‫ودفعها عند الاستحقاق وشروط الايداع وشروط تداول الشهادة‪.‬‬
‫‪365‬‬
‫×‬ ‫وبالنسبة ملعدل الفائدة املعادل لشهادات إلايداع فيحسب كالتالي‪ 4:‬معدل الفائدة‬
‫‪360‬‬
‫التالية‪5:‬‬ ‫وتتميز شهادات الايداع القابلة للتداول بالخصائص‬
‫‪ -‬تختلف عن بقية أدوات السوق النقدي بأنها تستحق في مدة تزيد عن السنة‪ ،‬وأن الفائدة يتعدل‬
‫كل ثالثة أو ستة أشهر‪.‬‬
‫‪ -‬يتم تداولها في ألاسواق املحلية وألاجنبية‪.‬‬
‫‪ -‬هناك سوق أولي نشيط لها في مدينة نيويورك لإلصدارات املحلية ألامريكية منها‪ ،‬وسوق آخر‬
‫نشيط لها في مدينة لندن لشهادات الايداع ألاوروبية‪ .‬وهي سوق تعامل بين بنك وتاجر‪.‬‬
‫‪ -‬كما أن هناك سوق ثانوي نشيط يتيح لحملة شهادات الايداع القابلة للتحويل لبيعها قبل موعد‬
‫استحقاقها‪ ،‬حيث يقوم املستثمر فيها باالتصال بأحد الوسطاء أو التجار للقيام ببيع ما يريد بيعه‬

‫‪ 1‬شقيري نوري موس ى وآخرون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.24 :‬‬


‫‪ 2‬زكريا الدوري‪ ،‬يسري السامرائي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.44 :‬‬
‫‪ 3‬شقيري نوري موس ى وآخرون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.25-24 :‬‬
‫‪ 4‬نهال فريد مصطفى‪ ،‬السيدة عبد الفتاح إسماعيل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.65 :‬‬
‫‪ 5‬شقيري نوري موس ى وآخرون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.25 :‬‬

‫‪010‬‬
‫املحور الثامن ______________________________________________________________________ السوق النقدية‬

‫من هذه الشهادات أو شراء شهادات لحسابه‪ .‬أي أن هذه السوق الثانوية التي يتم التعامل فيها‬
‫هي سوق غير منظمة (‪.)Over the counter‬‬
‫‪ -‬تتميز بسيولتها حيث يمكن بيعها قبل استحقاقها في السوق الثانوي وبسعر الفائدة السائد عند‬
‫البيع الذي تحدده أوضاع السوق النقدي‪ .‬وتعتمد درجة سيولتها على البنك املصدر لها‪ ،‬ومدتها‪.‬‬
‫‪ -‬الضمان‪ :‬تعتبر شهادات الايداع التزاما على البنك املصدر لها‪ .‬حيث يكون البنك ملزما بدفع قيمتها‬
‫الاسمية والفائدة املستحقة عليها‪.‬‬
‫‪ -‬املرونة‪ :‬تصدر شهادات الايداع بتواريخ مختلفة حسب رغبة البنك املودع‪ ،‬كما تتسم الفائدة عليها‬
‫باملرونة أيضا حيث ترتبط بأسعار الفائدة السائدة في السوق على الودائع لجال مشابهة عند‬
‫إلاصدار‪ ،‬كما يمكن للمودع بيعها قبل استحقاق مدتها والحصول على الفائدة عن املدة التي‬
‫احتفظ فيها بشهادة الايداع‪.‬‬
‫‪ -‬يمكن اصدار شهادات ايداع لجال مختلفة‪ ،‬فمنها قصيرة ألاجل ومنها طويلة ألاجل التي تصل‬
‫مدتها إلى خمسة سنوات‪.‬‬
‫‪ -‬يتم إضافة الفائدة إلى أصل املبلغ املودع في نهاية الفترة املحسوب عنها الفائدة أي يتم احتساب‬
‫الفائدة على أساس الفائدة املركبة‪ .‬وتسمى كل فترة زمنية تحسب عنها الفائدة (‪ )Leg‬وهي الكلمة‬
‫املتعارف عليها في السوق‪ ،‬فلو فرضنا أن بنك أصدر شهادة ايداع ملدة ثالث سنوات‪ ،‬على أن يتم‬
‫دفع الفائدة كل ثالثة شهور‪ ،‬فيتم إضافة الفائدة إلى أصل الوديعة في نهاية كل ثالثة شهور‪.‬‬
‫‪ -‬تحمل شهادات الايداع فائدة أعلى قليال من الفائدة على أذونات الخزينة ألنها صادرة عن بنك‪،‬‬
‫وليس عن الحكومة كما هو الحال في أذونات الخزينة‪ ،‬وبالتالي فاملخاطر أكبر‪.‬‬
‫‪ -‬شهادات الايداع نوعان‪ :‬شهادات ايداع تصدرها بنوك أجنبية في الواليات املتحدة تسمى شهادات‬
‫ايداع أمريكية (‪ ،)Yankee Cds‬والنوع الثاني شهادات ايداع تصدرها البنوك ألامريكية في أسواق‬
‫أجنبية تسمى شهادات ايداع أوروبية (‪ ،)Euro CDs‬وكال النوعين يمكن أن تكون الفائدة عليه‬
‫على أساس الفائدة الثابتة‪ ،‬أو على أساس سعر الفائدة املتغير الذي يتغير طبقا للتغير في أسعار‬
‫الفوائد في السوق‪.‬‬

‫‪011‬‬
‫املحور الثامن ______________________________________________________________________ السوق النقدية‬

‫تقوم البنوك التجارية الكبرى في كثير من الدول الصناعية بإصدار شهادات إلايداع وتعتبرها‬
‫مصدرا هاما لزيادة السيولة‪ ،1‬فهي من أهم مصادر التمويل لهذه املصارف الذي تحصل عليه من قبل‬
‫الحكومية‪2.‬‬ ‫الشركات والصناديق املشتركة في السوق النقدية والوكاالت‬

‫‪ -6‬الحساب الجاري والحساب املدين‬


‫تلعب الحسابات الجارية والحسابات املدينة أدوارا حيوية في عمليات السوق النقدي‪ .‬فالحساب‬
‫الجاري الذي تقوم بفتحه لدى البنوك املؤسسات والشركات والحكومات وألافراد يتم من خالل السحب‬
‫عليه دفع أثمان ألاوراق املالية القصيرة ألاجل التي هي ألادوات الرئيسية لالستثمار في السوق النقدي‪،‬‬
‫كما يتم ايداع حصيلة بيع أثمان هذه ألاوراق في هذه الحسابات التي تحقق هدفين‪ :‬تسهيل دفع أثمان‬
‫ألاوراق املالية التي يتم الاستثمار بها‪ ،‬وتحقيق عائد من خالل الفوائد التي تدفع على بعض أنواعها من‬
‫قبل البنك للمودعين فيها‪.‬‬
‫كما يعتبر الحساب املدين من ألادوات التي تسهل عمليات الاقتراض قصير ألاجل من قبل البنوك‪.‬‬
‫فهو يشكل أحد ألادوات الاستثمارية في السوق النقدي بالنسبة للبنوك‪ ،‬ويشكل مصدرا تمويليا ألصحابه‬
‫يستطيعون من خالله استخدام املبالغ املخصصة لهم في هذه الحسابات املمنوحة من قبل البنوك في‬
‫ألاجل‪3.‬‬ ‫عمليات استثمارية قصيرة‬

‫‪ -7‬حسابات الايداع القصيرة ألاجل‬


‫تعتمدها البنوك كمصدر تمويل لسوق النقد فالبنوك متاح لها اجتذاب أنواع مختلفة من الودائع‬
‫وملا كانت كافة أنواع الودائع لدى البنوك تعتبر ودائع قصيرة ألاجل‪ .‬حتى لو تم ايداعها لفترة طويلة حيث‬
‫يستطيع املودع سحب الوديعة لذلك فإن هذه الودائع تمثل املصدر الرئيس ي لتمويل عمليات البنوك‬
‫التي تعتبر املحرك الرئيس ي لعمليات السوق النقدي‪ ،‬وأهم املؤسسات العاملة فيه‪ ،‬حيث تعتمد على‬
‫السوق‪4.‬‬ ‫الودائع املودعة لديها لتمويل عملياتها في هذا‬

‫‪ 1‬غالب عوض الرفاعي‪ ،‬عبد الحفيظ بلعربي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪44 :‬‬
‫‪ 2‬محمد إبراهيم عبد الرحيم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.94 :‬‬
‫‪ 3‬شقيري نوري موس ى وآخرون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.27 :‬‬
‫‪ 4‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.27 :‬‬

‫‪011‬‬
‫املحور الثامن ______________________________________________________________________ السوق النقدية‬

‫‪ -8‬القروض تحت الطلب‬


‫تشكل القروض تحت الطلب التي تمنحها البنوك لعمالئها أداة استثمارية في سوق النقد‪ ،‬كما‬
‫تعتمد البنوك وغيرها من املؤسسات املالية على نافذة الخصم التي يتيحها البنك املركزي لها كمصدر‬
‫تمويل يساعدها في عمليات السوق النقدي‪ ،‬ونافذة الخصم عبارة عن دائرة لدى البنك املركزي تلجأ‬
‫إليها البنوك واملؤسسات املالية لالقتراض ملدة قصيرة‪ ،‬تصل في معظمها إلى مدة أقصاها خمسة عشرة‬
‫يوما‪ ،‬مع أنه يمكن عمل الترتيبات لالقتراض ملدة أطول مقابل ضمانات وأسباب مقبولة‪ ،‬ومثال يقوم‬
‫‪1‬‬ ‫بنك الاحتياط الفيدرالي ألامريكي حاليا بمنح ثالثة أنواع من هذه القروض هي‪:‬‬
‫‪ -‬قروض لتعديل أوضاع الاحتياطي النقدي‪ :‬أي لتمكين البنوك من تغطية النقص في متطلبات‬
‫الاحتياطي النقدي لدى البنك املركزي‪.‬‬
‫‪ -‬قروض موسمية‪ :‬ملساعدة املؤسسات املالية التي تعاني من التذبذب املوسمي في عمليات إلاقراض‬
‫والودائع‪.‬‬
‫‪ -‬قروض أخرى ملساعدة املؤسسات املالية التي تعاني من مشاكل مالية ذات طبيعة طويلة ألاجل‪.‬‬
‫وعادة ما تكون القروض املمنوحة من قبل البنك املركزي أقل تكلفة من القروض التي يمكن‬
‫الحصول عليها من خالل السوق النقدي‪ ،‬فتلجأ البنوك لالقتراض من البنك املركزي في حاالت كثيرة‬
‫لالستفادة من ميزة انخفاض سعر الفائدة في نافذة الخصم عنها في السوق النقدي‪.‬‬
‫‪365‬‬
‫وبالنسبة ملعدل العائد لقرض الاحتياطي الالزامي فإنه يحسب كالتالي‪ 2:‬معدل الفائدة ×‬
‫‪360‬‬

‫‪ -9‬اليورودوالر (‪)Eurodollar‬‬
‫ازدادت ودائع الشركات ألامريكية بالدوالر في بنوك غير أمريكية نتيجة زيادة املعامالت التجارية‬
‫العاملية التي تقوم بها الشركات ألامريكية بالدوالر خارج الواليات املتحدة ألامريكية وخاصة في أوروبا‪،‬‬
‫وأطلق على هذا النوع من الودائع شهادات إلايداع باليورودوالر‪ ،‬كما كان للقيود على الحد ألاعلى ألسعار‬
‫الفوائد في أمريكا أثر في زيادة الودائع بالدوالر ألامريكي خارج الواليات املتحدة ألامريكية طمعا في الحصول‬
‫أعلى‪3.‬‬ ‫على أسعار فوائد‬
‫بينها‪4 :‬‬ ‫كما ساعد على تطوير عمليات سوق اليورو دوالر العديد من العوامل من‬

‫‪ 1‬شقيري نوري موس ى وآخرون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.24-27 :‬‬


‫‪ 2‬نهال فريد مصطفى‪ ،‬السيدة عبد الفتاح إسماعيل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.54 :‬‬
‫‪ 3‬شقيري نوري موس ى وآخرون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.24 :‬‬
‫‪ 4‬فليح حسن خلف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.397 :‬‬

‫‪011‬‬
‫املحور الثامن ______________________________________________________________________ السوق النقدية‬

‫‪ -‬الاتجاه املتزايد من قبل الدول نحو تخفيف القيود على حركة رؤوس ألاموال‪ ،‬وتحويل العمالت‬
‫بعضها إلى البعض آلاخر‪.‬‬
‫‪ -‬عدم إخضاع الودائع بالعمالت ألاجنبية إلى متطلبات الاحتياطيات القانونية التي يتم فرضها على‬
‫ودائع املصارف التجارية بالعملة املحلية‪.‬‬
‫كما أن بعض الشركات ألاوروبية وغيرها من الشركات غير ألامريكية التي تحصل على أثمان‬
‫ً‬
‫صادراتها بالدوالر‪ .‬فبدال من قيامها بتحويل حصيلة صادراتها من الدوالرات إلى عملتها املحلية‪ ،‬تقوم‬
‫باستثمار هذه الدوالرات في شهادات إيداع باليورودوالر‪ ،‬الستخدامها عند الحاجة لتسديد أثمان‬
‫مستورداتها في املستقبل‪.‬‬
‫وفيما يسمى بسوق اليورودوالر‪ ،‬تقوم البنوك بإقراض الدوالرات املتجمعة لديها إلى من يحتاجها‬
‫على شكل قروض اليورودوالر‪ ،‬وإلايداع أو إلاقراض بالدوالر في بلد غير أمريكا (باليورودوالر) يتم عادة‬
‫الواحدة‪1.‬‬ ‫بقيمة ال تقل عن املليون دوالر للصفقة‬

‫‪ 1‬شقيري نوري موس ى وآخرون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.24 :‬‬

‫‪011‬‬
‫قائمة المراجع‬
‫قائمة املراجع‬

‫أوال‪ :‬املراجع باللغة العربية‬


‫‪ -I‬الكتب‪:‬‬
‫أحمد بوراس‪ ،‬أسواق رؤوس ألاموال‪ ،‬مطبوعات جامعة منتوري‪ ،‬قسنطينة‪.2002-2002 ،‬‬ ‫‪.1‬‬
‫أحمد زهير شامية‪ ،‬النقود واملصارف‪ ،‬دار زهران للنشر‪ ،‬ألاردن‪.1992 ،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫أحمد نور‪ ،‬محاسبة املنشأة املالية‪-‬البنوك وشركات التأمين‪ ،‬دار النهضة العربية للطباعة والنشر‪ ،‬بيروت‪،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫لبنان‪.1991 ،‬‬
‫أحمد عبد الفتوح علي الناقة ‪ ،‬نظرية النقود وألاسواق املالية‪ :‬مدخل حديث للنظرية النقدية وألاسواق‬ ‫‪.1‬‬
‫املالية‪ ،‬مكتبة إلاشعاع‪ ،‬مصر‪.2001 ،‬‬
‫أحمد فريد مصطفى‪ ،‬محمد عبد املنع عفر‪ ،‬الاقتصاد النقدي واملصرفي بين النظرية والتطبيق‪ ،‬مؤسسة‬ ‫‪.5‬‬
‫شباب الجامعة‪ ،‬مصر‪.2000 ،‬‬
‫أحمد فريد مصطفى‪ ،‬سهير محمد السيد حسن‪ ،‬النقود والتوازن النقدي‪ ،‬مؤسسة شباب الجامعة‪،‬‬ ‫‪.6‬‬
‫إلاسكندرية‪ ،‬مصر‪.2000 ،‬‬
‫أحمد صالح عطية‪ ،‬محاسبة الاستثمار والتمويل في البنوك التجارية‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬مصر‪.2002/2002 ،‬‬ ‫‪.7‬‬
‫أكرم حداد‪ ،‬مشهور هذلول‪ ،‬النقود واملصارف‪ :‬مدخل تحليلي ونظري‪ ،‬دار وائل للنشر والتوزيع‪ ،‬ألاردن‪.2005 ،‬‬ ‫‪.9‬‬
‫إملان محمد الشريف‪ ،‬محاضرات في النظرية الاقتصادية الكلية‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬ديوان املطبوعات الجامعية‪،‬‬ ‫‪.9‬‬
‫الجزائر‪.2002 ،‬‬
‫‪ .10‬إملان محمد الشريف‪ ،‬محاضرات في النظرية الاقتصادية الكلية‪ ،‬الجزء ألاول‪ ،‬ديوان املطبوعات الجامعية‪،‬‬
‫الجزائر‪.2002،‬‬
‫‪ .11‬أنس البكري‪ ،‬وليد صافي‪ ،‬النقود والبنوك بين النظرية والتطبيق‪ ،‬دار املستقبل للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪.2012 ،‬‬
‫‪ .12‬أنس البكري‪ ،‬وليد الصافي‪ ،‬ألاسواق املالية والدولية‪ ،‬دار املستقبل للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪.2009 ،‬‬
‫‪ .12‬أسامة كامل‪ ،‬عبد الغني حامد‪ ،‬النقود والبنوك‪ ،‬مؤسسة لورد العاملية‪ ،‬البحرين‪.2006 ،‬‬
‫‪ .11‬أسامة محمد الفولي‪ ،‬مجدي محمود شهاب‪ ،‬مبادئ النقود والبنوك‪ ،‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪.1999‬‬
‫‪ .15‬إسماعيل محمد هاشم‪ ،‬مذكرات في النقود والبنوك‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬بيروت‪.1996 ،‬‬
‫‪ .16‬بلعزوز بن علي‪ ،‬محاضرات في النظرات والسياسات النقدية‪ ،‬ديوان املطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.2001 ،‬‬
‫‪ .17‬بسام الحجار‪ ،‬الاقتصاد النقدي واملصرفي‪ ،‬دار املنهل اللبناني‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.2006 ،‬‬
‫‪ .19‬بخزاز يعدل فريدة‪ ،‬تقنيات وسياسات التسيير املصرفي‪ ،‬ديوان املطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر ‪.2000،‬‬
‫‪ .19‬جمال بن دعاس‪ ،‬السياسة النقدية في النظاميين إلاسالمي والوضعي (دراسة مقارنة)‪ ،‬دار الخلدونية للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪.2007،‬‬

‫‪711‬‬
‫قائمة املراجع‬

‫‪ .20‬جمال جويدان الجمل‪ ،‬دراسات في ألاسواق املالية والنقدية‪ ،‬دار الصفاء للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬ألاردن‪،‬‬
‫‪.2002‬‬
‫‪ .21‬هوشيار معروف‪ ،‬الاستثمارات وألاسواق املالية‪ ،‬دار صفاء للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪.2002 ،‬‬
‫‪ .22‬وليم عاطف اندراوس‪ ،‬سوق ألاوراق املالية بين ضرورات التحول الاقتصادي التحرير املالي ومتطلبات‬
‫تطويرها‪ ،‬دار الفكر الجامعي إلاسكندرية‪ ،‬مصر‪.2006 ،‬‬
‫‪ .22‬وسام مالك‪ ،‬النقود والسياسات النقدية الداخلية (قضايا نقدية ومالية)‪ ،‬دار املنهل اللبناني للطباعة‬
‫والنشر‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.2000 ،‬‬
‫‪ .21‬زياد سليم رمضان‪ ،‬إدارة ألاعمال املصرفية‪ ،‬دار الصفاء للنشر والتوزيع‪ ،‬ألاردن‪ ،1997،‬ط‪.6‬‬
‫‪ .25‬زينب حسن عوض هللا‪ ،‬اقتصاديات النقود واملال‪ ،‬الدار الجامعية للنشر‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.1991 ،‬‬
‫‪ .26‬زينب عوض هللا‪ ،‬أسامة محمد الفولي‪ ،‬أساسيات الاقتصاد النقدي واملصرفي‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪،‬‬
‫بيروت‪.2002 ,‬‬
‫‪ .27‬زكريا الدوري‪ ،‬يسرى السامرائي‪ ،‬البنوك املركزية والسياسة النقدية‪ ،‬دار اليازوري العلمية للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫عمان‪ ،‬الاردن‪.2006 ،‬‬
‫‪ .29‬زكريا سالمة عيس ى شطناوي‪ ،‬آلاثار الاقتصادية ألسواق ألاوراق املالية من منظور الاقتصاد إلاسالمي‪ ،‬دار‬
‫النفائس‪.2009 ،‬‬
‫‪ .29‬حمدي عبد العظيم‪ ،‬السياسات املالية والنقدية‪ :‬دراسة مقارنة بين الفكر الوضعي والفكر إلاسالمي‪ ،‬الدار‬
‫الجامعية‪ ،‬مصر‪.2007 ،‬‬
‫‪ .20‬حسين بني هاني‪ ،‬اقتصاديات النقود والبنوك –املبادئ وألاساسيات‪ ،-‬دار ومكتبة الكندي للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫عمان‪ ،‬ألاردن‪.2011 ،‬‬
‫‪ .21‬حسين بني هاني‪ ،‬ألاسواق املالية‪ :‬طبيعتها‪ ،‬تنظيمها‪ ،‬أدواتها املشتقة‪ ،‬دار الكندي‪ ،‬عمان‪.2002 ،‬‬
‫‪ .22‬حسين محمد سمحان‪ ،‬إسماعيل يونس يامن‪ ،‬اقتصاديات النقود واملصارف‪ ،‬دار صفاء للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫ألاردن ‪.2011‬‬
‫‪ .22‬طاهر فاضل البياتي‪ ،‬ميرال روحي سمارة‪ ،‬النقود والبنوك واملتغيرات الاقتصادية املعاصرة‪ ،‬دار وائل للنشر‪،‬‬
‫ألاردن‪.2012 ،‬‬
‫‪ .21‬طارق عبد العال حماد‪ ،‬املشتقات املالية (مفاهيم‪-‬إدارة املخاطر‪-‬املحاسبة)‪ ،‬إلاسكندرية‪ ،‬الدار الجامعية‪،‬‬
‫‪.2001‬‬
‫‪ .25‬لحلو موس ى بوخاري ‪ ،‬سياسة الصرف ألاجنبي وعالقتها بالسياسة النقدية‪ ،‬مكتبة حسين العصرية‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫لبنان‪.2010 ،‬‬
‫‪ .26‬محب خله توفيق‪ ،‬الاقتصاد النقدي واملصرفي دراسة تحليلية للمؤسسات والنظريات‪ ،‬دار الفكر الجامعي‬
‫الاسكندرية‪ ،‬مصر‪.2011 ،‬‬
‫‪ .27‬محمد إبراهيم الشلبي‪ ،‬طارق إبراهيم الشلبي‪ ،‬مقدمة في ألاسواق املالية والنقدية‪ ،‬دار النشر‪ ،‬عمان‪.2000 ،‬‬
‫‪711‬‬
‫قائمة املراجع‬

‫‪ .29‬محمد إبراهيم عبد الرحيم‪ ،‬اقتصاديات النقود والبنوك‪ ،‬دار التعليم الجامعي‪ ،‬مصر‪.2011 ،‬‬
‫‪ .29‬محمد أحمد الراز‪ ،‬محاضرات في النقود والبنوك‪ ،‬مكتبة القاهرة الحديثة‪ ،‬مصر‪.1971 ،‬‬
‫‪ .10‬محمد الصيرفي‪ ،‬البورصات‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬إلاسكندرية‪ ،‬مصر‪.2006 ،‬‬
‫‪ .11‬محمد مطر‪ ،‬إدارة الاستثمارات‪ ،‬إلاطار النظري والتطبيقات العملية‪ ،‬دار وائل للنشر‪ ،‬عمان‪.2001 ،‬‬
‫‪ .12‬محمد منير إبراهيم‪ ،‬إدارة ألاسواق واملنشآت املالية‪ ،‬منشأة املعارف‪ ،‬إلاسكندرية‪ ،‬مصر‪.2002 ،‬‬
‫‪ .12‬محمد مروان السمان‪ ،‬محمد ظافر محبك‪ ،‬أحمد زهير شامية‪ ،‬مبادئ التحليل الاقتصادي‪ ،‬دار الثقافة للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬ألاردن‪.1999 ،‬‬
‫‪ .11‬محمد عبد العزيز عجمية‪ ،‬صبحي تادريس قريصة‪ ،‬النقود والبنوك والتجارة الخارجية‪ ،‬دار النهضة العربية‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬لبنان‪.1996 ،‬‬
‫‪ .15‬محمد عزت غزالن‪ ،‬إقتصاديات النقود واملصارف‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.2002 ،‬‬
‫‪ .16‬محمد صالح الحناوي‪ ،‬أساسيات الاستثمار في بورصة ألادوات املالية‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬إلاسكندرية‪.1997 ،‬‬
‫‪ .17‬محمد صالح الحناوي‪ ،‬تقييم وتحليل ألاسهم والسندات‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬إلاسكندرية‪ ،‬مصر‪2005 ،‬‬
‫‪ .19‬محمد صالح الحناوي‪ ،‬جالل إبراهيم العبد‪ ،‬بورصة ألاوراق املالية‪ :‬بين النظرية والتطبيق‪ ،‬الدار الجامعية‪،‬‬
‫إلاسكندرية‪ ،‬مصر‪.2005 ،‬‬
‫‪ .19‬محمد ضيف هللا القطابري‪ ،‬دور السياسة النقدية في الاستقرار والتنمية الاقتصادية (نظرية‪-‬تحليلية‪-‬‬
‫قياسية)‪ ،‬دار غيداء للنشر والتوزيع‪ ،‬ألاردن‪ ،‬عمان‪.2009 ،‬‬
‫‪ .50‬محمود حامد عبد الرزاق‪ ،‬اقتصاديات النقود والبنوك وألاسواق املالية‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬إلاسكندرية‪.2012 ،‬‬
‫‪ .51‬محمود يونس‪ ،‬عبد النعيم مبارك‪ ،‬مقدمة في النقود وأعمال البنوك وألاسواق املالية‪ ،‬الدار الجامعية‪،‬‬
‫إلاسكندرية‪.2002 ،‬‬
‫‪ .52‬محمود يونس‪ ،‬عبد النعيم مبارك‪ ،‬كمال أمين الوصال‪ ،‬اقتصاديات‪ :‬نقود وبنوك وأسواق مالية‪ ،‬الدار‬
‫الجامعية ‪.2002‬‬
‫‪ .52‬محمود محمد الداغر‪ ،‬ألاسواق املالية‪ :‬مؤسسات‪ ،‬أوراق‪ ،‬بورصات‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬ألاردن‪.2005 ،‬‬
‫‪ .51‬محمود سحنون‪ ،‬الاقتصاد النقدي واملصرفي‪ ،‬دار بهاء الدين للنشر والتوزيع‪ ،‬قسنطينة‪ ،‬الجزائر‪.2002 ،‬‬
‫‪ .55‬محفوظ جبار‪ ،‬ألاوراق املالية املتداولة في بورصة ألاسواق املالية‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬دار هومة الجزائر‪.2002 ،‬‬
‫‪ .56‬محفوظ جبار‪ ،‬البورصة وموقعها من أسواق العمليات املالية‪ ،‬الجزء ألاول‪ ،‬دار هومة‪ ،‬الجزائر‪.2002 ،‬‬
‫‪ .57‬محفوظ جبار‪ ،‬أسواق رؤوس ألاموال‪ :‬الهياكل‪ ،‬ألادوات والاستراتيجيات‪ ،‬دار الهدى‪ ،‬الجزائر‪.2010 ،‬‬
‫‪ .59‬محفوظ جبار‪ ،‬تنظيم وإدارة البورصة‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬دار هومة‪ ،‬الجزائر‪.2002 ،‬‬
‫‪ .59‬منير إبراهيم هندي‪ ،‬إدارة ألاسواق واملنشآت املالية‪ ،‬املعارف للطباعة والنشر‪ ،‬إلاسكندرية‪2002 ،‬‬
‫‪ .60‬منير إبراهيم هندي‪ ،‬ألاوراق املالية وأسواق رأس املال‪ ،‬منشأة املعارف‪ ،‬إلاسكندرية‪.2006 ،‬‬

‫‪711‬‬
‫قائمة املراجع‬

‫‪ .61‬مفتاح صالح‪ ،‬النقود والسياسة النقدية‪ :‬املفهوم‪ ،‬ألاهداف‪ ،‬ألادوات‪ ،‬دار الفجر للنشر والتوزيع‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪.2005‬‬
‫‪ .62‬مصطفى يوسف كافي‪ ،‬بورصة ألاوراق املالية‪ ،‬دار مؤسسة رسالن للنشر والتوزيع‪ ،‬سوريا‪.2009 ،‬‬
‫‪ .62‬مصطفى كمال السيد طايل‪ ،‬الصناعة املصرفية في ظل العوملة‪ ،‬اتحاد املصارف العربية‪ ،‬ألاردن‪.2009 ،‬‬
‫‪ .61‬مصطفى رشدي شيحة‪ ،‬إلاقتصاد النقدي واملصرفي‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬مصر‪ ،1995 ،‬ط‪.5‬‬
‫‪ .65‬مروان عطون‪ ،‬ألاسواق النقدية واملالية‪ :‬البورصات ومشكالتها في عالم النقد واملال‪ ،‬ديوان املطبوعات‬
‫الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.2002 ،‬‬
‫‪ .66‬مروان عطون‪ ،‬املؤسسات النقدية‪ ،‬املطبوعات الجامعية‪ ،‬جامعة قسنطينة‪ ،‬الجزائر‪.1992 ،‬‬
‫‪ .67‬نوزاد الهيتي‪ ،‬مقدمة في ألاسواق املالية‪ ،‬أكاديمية الدراسات العليا والبحوث التطبيقية‪ ،‬طرابلس‪.1999 ،‬‬
‫‪ .69‬نعمة هللا نجيب‪ ،‬محمود يونس‪ ،‬عبد النعيم مبارك‪ ،‬مقدمة اقتصاديات النقود والصيرفة والسياسات‬
‫النقدية‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬إلاسكندرية‪ ،‬مصر‪.2001 ،‬‬
‫‪ .69‬نهال فريد مصطفى‪ ،‬السيدة عبد الفتاح إسماعيل‪ ،‬ألاسواق واملؤسسات املالية‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪.2007‬‬
‫‪ .70‬سامر بطرس جلدة‪ ،‬النقود والبنوك‪ ،‬دار البداية ناشرون وموزعون‪ ،‬ألاردن‪.2009 ،‬‬
‫‪ .71‬سوزي عدلي ناشد‪ ،‬مقدمة في الاقتصاد النقدي واملصرفي‪ ،‬منشورات الحلبي القانونية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.2005 ،‬‬
‫‪ .72‬السيد محمد أحمد السريتي‪ ،‬محمد عزت محمد غزالن‪ ،‬اقتصاديات النقود والبنوك وألاسواق املالية‪،‬‬
‫مؤسسة رؤية‪ ،‬مصر‪.2010 ،‬‬
‫‪ .72‬السيد متولي عبد القادر‪ ،‬ألاسواق املالية والنقدية في عالم متغير‪ ،‬دار الفكر للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪.2010 ،‬‬
‫‪ .71‬السيد متولي عبد القادر‪ ،‬اقتصاديات النقود والبنوك‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬عمان‪ ،‬ألاردن‪.2010 ،‬‬
‫‪ .75‬سعيد سامي الحالق‪ ،‬محمد محمود العجلوني‪ ،‬النقود والبنوك واملصارف املركزية‪ ،‬دار اليازوري للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬الاردن‪.2010 ،‬‬
‫‪ .76‬سعيد عبد الحميد مطاوع‪ ،‬ألاسواق املالية املعاصرة‪ ،‬مكتبة أم القرى‪ ،‬مصر‪.2001 ،‬‬
‫‪ .77‬عادل أحمد حشيش‪ ،‬أساسيات الاقتصاد النقدي واملصرفي‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬مصر‪.2001 ،‬‬
‫‪ .79‬عباس كاظم الدعمي‪ ،‬السياسات النقدية واملالية وأداء سوق ألاوراق املالية‪( ،‬تحليل كلي)‪ ،‬مجموعة النيل‬
‫العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪.2002 ،‬‬
‫‪ .79‬عبد املجيد قدي‪ ،‬املدخل إلى السياسات الاقتصادية الكلية‪ ،‬ديوان املطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.2002 ،‬‬
‫‪ .90‬عبد املطلب عبد الحميد‪ ،‬اقتصاديات النقود والبنوك‪ :‬ألاساسيات واملستحدثات‪ ،‬الدار الجامعية‪،‬‬
‫إلاسكندرية‪ ،‬مصر‪.2007 ،‬‬
‫‪ .91‬عبد املنعم السيد علي‪ ،‬نزار سعد الدين العيس ى‪ ،‬النقود واملصارف وألاسواق املالية‪ ،‬الطبعة ألاولى‪ ،‬دار‬
‫الحامد للنشر‪ ،‬عمان‪.2002 ،‬‬

‫‪711‬‬
‫قائمة املراجع‬

‫‪ .92‬عبد النافع عبد هللا الزراري‪ ،‬غازي فرح‪ ،‬ألاسواق املالية‪ ،‬دار وائل للنشر عمان‪.2000 ،‬‬
‫‪ .92‬عبد النعيم مبارك‪ ،‬مبادئ علم الاقتصاد‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬مصر‪.1997 ،‬‬
‫‪ .91‬عبد الغفار حنفي‪ ،‬إدارة املنشآت املتخصصة "إدارة البنوك"‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬إلاسكندرية‪ ،‬مصر‪.1997 ،‬‬
‫‪ .95‬عبد الغفار حنفي‪ ،‬استراتيجيات الاستثمار في بورصة ألاوراق املالية‪ :‬أسهم‪ ،‬سندات‪ ،‬وثائق الاستثمار‪،‬‬
‫الخيارات‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬إلاسكندرية‪.2007،‬‬
‫‪ .96‬عبد الغفار حنفي‪ ،‬رسمية قرياقص‪ ،‬أسواق املال‪ :‬بورصات‪ ،‬مصارف‪ ،‬شركات تامين‪ ،‬شركات استثمار‪ ،‬دار‬
‫الجامعة الجديدة‪ ،‬إلاسكندرية‪.2000 ،‬‬
‫‪ .97‬عبد الغفار حنفي‪ ،‬رسمية زكي قرياقص‪ ،‬ألاسواق واملؤسسات املالية‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬مصر‪.2001 ،‬‬
‫‪ .99‬علي توفيق الصادق‪ ،‬معبد علي الجارحي‪ ،‬نبيل عبد الوهاب لطيفة‪ ،‬السياسات النقدية في الدول العربية‪،‬‬
‫معهد السياسات الاقتصادية‪ ،‬صندوق النقد العربي‪ ،‬أبو ظبي‪.1996 ،‬‬
‫‪ .99‬فائق شقير‪-‬عاطف ألاخرس‪-‬عبد الرحمان سالم‪ ،‬محاسبة البنوك‪ ،‬دار املسيرة للنشر والتوزيع والطباعة‪،‬‬
‫عمان‪ ،‬ألاردن‪.2000 ،‬‬
‫‪ .90‬فيصل محمود الشواورة‪ ،‬الاستثمار في بورصة ألاوراق املالية‪ :‬ألاسس النظرية والعلمية‪ ،‬دار وائل للنشر‪،‬‬
‫عمان‪.2009 ،‬‬
‫‪ .91‬فليح حسن خلف‪ ،‬ألاسواق املالية والنقدية‪ ،‬جدارا للكتاب العالمي‪ ،‬ألاردن‪.2006 ،‬‬
‫‪ .92‬صبحي تادريس قريصة‪-‬مدحت محمد العقاد‪ ،‬النقود والبنوك والعالقات الاقتصادية الدولية‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.1992 ،‬‬
‫‪ .92‬صبح محمود‪ ،‬الابتكارات املالية‪ :‬املؤسسات وألاوراق املالية الغائبة عن السوق املالي املصري‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪.1999 ،‬‬
‫‪ .91‬صالح السيد جودة‪ ،‬بورصة ألاوراق املالية‪ ،‬مكتبة ومطبعة إلاشعاع الفنية‪ ،‬إلاسكندرية‪ ،‬مصر‪.2000 ،‬‬
‫‪ .95‬رضا صاحب أبو حمد آل علي‪ ،‬إدارة املصارف "مدخل تحليلي كمي معاصر"‪ ،‬دار الفكر للطباعة والنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬ألاردن‪.2002 ،‬‬
‫‪ .96‬شقيري نوري موس ى وآخرون‪ ،‬املؤسسات املالية املحلية والدولية‪ ،‬دار املسيرة للنشر والتوزيع والطباعة‪ ،‬عمان‪،‬‬
‫‪.2009‬‬
‫‪ .97‬شذا جمال الخطيب‪ ،‬العوملة املالية ومستقبل ألاسواق العربية لرأس املال‪ ،‬مؤسسة طابا‪ ،‬مصر‪.2002 ،‬‬
‫‪ .99‬خالد أمين عبد هللا‪ ،‬العمليات املصرفية 'الطرق املحاسبية الحديثة'‪ ،‬دار وائل للنشر‪ ،‬عمان‪ ،‬ألاردن‪،2000 ،‬‬
‫ط‪.2‬‬
‫‪ .99‬خالد علي الدليمي‪ ،‬النقود واملصارف والنظرية النقدية‪ ،‬دار ألانيس طباعة ونشر وتوزيع‪ ،‬مصراته‪ ،‬الجماهيرية‬
‫الليبية‪.1999 ،‬‬
‫‪ .100‬خبابة عبد هللا‪ ،‬الاقتصاد املصرفي‪ :‬البنوك إلالكترونية‪-‬البنوك التجارية‪-‬السياسة النقدية‪ ،‬مؤسسة شباب‬
‫الجامعة‪ ،‬إلاسكندرية‪ ،‬مصر‪.2009 ،‬‬
‫‪717‬‬
‫قائمة املراجع‬

‫‪ .101‬خبابة عبد هللا‪ ،‬الاقتصاد املصرفي (النقود‪-‬البنوك التجارية‪-‬البنوك إلاسالمية‪-‬السياسة النقدية)‪ ،‬دار‬
‫الجامعة الجديدة إلاسكندرية‪ ،‬مصر‪.2012 ،‬‬
‫‪ .102‬ضياء مجيد‪ ،‬الاقتصاد النقدي‪ :‬املؤسسات النقدية‪ ،‬البنوك التجارية‪ ،‬البنوك املركزية‪ ،‬مؤسسة شباب‬
‫الجامعة‪ ،‬مصر‪.2000 ،‬‬
‫‪ .102‬غالب عوض الرفاعي‪ ،‬عبد الحفيظ بلعربي‪ ،‬اقتصاديات النقود والبنوك‪ ،‬الجزء ألاول ألاساسيات‪ ،‬دار وائل‬
‫للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪.2002 ،‬‬

‫‪ -II‬املقاالت‪:‬‬
‫‪ .101‬وليد عبد مواله‪ ،‬دور القطاع التمويلي في التنمية ‪ ،‬جسر التنمية‪ ،‬املعهد العربي للتخطيط‪ ،‬الكويت‪ ،‬العدد‬
‫‪ ،95‬السنة الثامنة‪ ،‬يوليو ‪.2009‬‬

‫‪ -III‬الندوات والتقارير‪:‬‬
‫‪ .105‬بيتر ج مونتيل‪ ،‬التمويل والرفاهية والنمو‪ ،‬الندوة الثالثة حول تطور القطاع املالي والنمو الاقتصادي‪ ،‬معهد‬
‫السياسات الاقتصادية‪ ،‬صندوق النقد العربي‪ ،‬أبو ظبي‪ 9-7 ،‬ديسمبر ‪.2002‬‬
‫‪ .106‬زياد فريز‪ ،‬التطور املالي والنمو الاقتصادي‪ :‬حالة ألاردن‪ ،‬الندوة الثالثة حول تطور القطاع املالي والنمو‬
‫الاقتصادي‪ ،‬معهد السياسات الاقتصادية‪ ،‬صندوق النقد العربي‪ ،‬أبو ظبي‪ 9-7 ،‬ديسمبر ‪.2002‬‬
‫‪ .107‬عبد الحق بوعتروس‪ ،‬إدارة وتنظيم بورصة القيم املنقولة‪ ،‬مؤتمر ألاسواق املالية ودورها في جذب‬
‫الاستثمارات‪ ،‬كلية الاقتصاد‪ ،‬جامعة تشرين‪ ،‬سوريا‪.2002 ،‬‬
‫‪ .109‬محمد براق‪ ،‬السوق املالية ودورها في تمويل التنمية في الوطن العربي‪ ،‬الندوة العلمية الدولية حول التكامل‬
‫الاقتصادي العربي كآلية لتحسين وتفعيل الشراكة العربية‪-‬ألاوروبية‪ ،‬جامعة فرحات عباس‪ ،‬سطيف‪9-9 ،‬‬
‫ماي ‪.2001‬‬
‫‪ .109‬صندوق النقد العربي‪ ،‬التقرير الاقتصادي العربي املوحد ‪ ،1011‬أبو ظبي‪ ،‬إلامارات العربية املتحدة‪.‬‬
‫‪ .110‬صندوق النقد الدولي‪ ،‬دليل إلاحصاءات النقدية واملالية‪.2000 ،‬‬
‫‪ .111‬روبيرتو زاهلر‪ ،‬التطور املالي في شيلي‪ ،‬الندوة الثالثة حول تطور القطاع املالي والنمو الاقتصادي‪ ،‬معهد‬
‫السياسات الاقتصادية‪ ،‬صندوق النقد العربي‪ ،‬أبو ظبي‪ 9-7 ،‬ديسمبر ‪.2002‬‬

‫‪ -IV‬ألاطروحات واملذكرات‪:‬‬
‫‪ .112‬إكن لونيس‪ ،‬السياسة النقدية ودورها في ضبط العرض النقدي في الجزائر خالل الفترة ‪ ،1002-1000‬مذكرة‬
‫لنيل شهادة املاجستير في العلوم الاقتصادية‪ ،‬تخصص نقود وبنوك كلية العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم‬
‫التسيير قسم العلوم الاقتصادية‪ ،‬جامعة الجزائر ‪.2011-2010‬‬

‫‪711‬‬
‫قائمة املراجع‬

‫‪ .112‬بنابي فتيحة‪ ،‬السياسة النقدية والنمو الاقتصادي‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة املاجستير في العلوم الاقتصادية‪،‬‬
‫تخصص اقتصاديات املالية والبنوك‪ ،‬كلية العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‪ ،‬جامعة أمحمد بوقرة‬
‫بومرداس‪ ،‬الجزائر‪.2009-2009 ،‬‬
‫‪ .111‬بركان زهية‪ ،‬فعالية السياسة النقدية في مكافحة التضخم في ظل العوملة (دراسة حالة الجزائر)‪ ،‬رسالة‬
‫مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه في العلوم الاقتصادية‪ ،‬تخصص نقود ومالية‪ ،‬كلية العلوم الاقتصادية وعلوم‬
‫التسيير‪ ،‬جامعة دالي ابراهيم الجزائر‪.2010-2009 ،‬‬
‫‪ .115‬طيبة عبد العزيز‪ ،‬سياسة استهداف التضخم كإطار حديث إلدارة السياسة النقدية (دراسة حالة الجزائر‬
‫للفترة ‪ ،)1002-1221‬مذكرة لنيل شهادة املاجستير في العلوم الاقتصادية‪ ،‬تخصص نقود ومالية‪ ،‬كلية العلوم‬
‫إلانسانية والعلوم الاجتماعية‪ ،‬قسم العلوم الاقتصادية‪ ،‬جامعة حسيبة بن بوعلي‪ ،‬الشلف‪.2005-2001،‬‬
‫‪ .116‬عبد الرحمان بن سانية‪ ،‬الانطالق الاقتصادي بالدول النامية في ظل التجربة الصينية‪ ،‬أطروحة دكتوراه في‬
‫العلوم الاقتصادية‪ ،‬تخصص اقتصاد التنمية‪ ،‬كلية العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‪ ،‬جامعة أبي‬
‫بكر بلقايد تلمسان‪.2012/2012 ،‬‬

‫ثانيا‪ :‬املراجع باللغة ألاجنبية‬

‫‪1.‬‬ ‫‪Ammour Benhalima, Monnaie et régulation monétaire, Edition Dahleb, Alger, 1997.‬‬
‫‪2.‬‬ ‫‪Fréderic Mishkin, Monnaie, banques et marchés financiers, 8 ème édition, Pearson‬‬
‫‪éducation, France, 2004.‬‬
‫‪3.‬‬ ‫‪Gilbert Koening, Analyse Monétaire et Financière, Edition Economica, Paris, 2000‬‬
‫‪4.‬‬ ‫‪Jean-François Goux, Economie Monétaire et Financière: Théories, Institutions,‬‬
‫‪Politiques, Economica, Paris, 3ème Édition, 1998.‬‬
‫‪5.‬‬ ‫‪Pascal Gouchon, Vocabulaire d'actualité économique, Edition ellipses, Paris, 1994‬‬
‫‪6.‬‬ ‫‪Robert Ferrandier, Vincent Koen, Marchés de Capitaux et Techniques Financières, 4‬‬
‫‪édition, Economica, Paris, 1997.‬‬
‫‪7.‬‬ ‫‪Xavier Bradley, Christian Descamps, Monnaie, Banque, Financement, Paris, Dalloz,‬‬
‫‪2005.‬‬

‫‪711‬‬

You might also like