You are on page 1of 36

‫جمعية علم وخبر ‪/279‬اد‪/2005/‬تعديل ‪/54‬اد‪2007/‬‬

‫الفهرس‬
‫‪4‬‬ ‫أ ‪ .‬صالح سالم‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫العودة إلى الكتّاب‬
‫ ‬ ‫ ‬
‫‪6‬‬ ‫الشيخ عبد املجيد الزنداني‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫األقمار الصناعية تشهد بنبوة محمد[‬
‫ ‬
‫‪10‬‬ ‫املهندس عبد الدائم الكحيل‬ ‫ ‬ ‫اإلحلاد واالنتحار وقوة تعاليم اإلسالم‬
‫‪18‬‬ ‫فكرة وإعداد فراس نور احلق‬ ‫علمي ‬
‫قافية الرأس مركز النوم واليقظة ـ إعجاز ‬
‫ ‬
‫‪26‬‬ ‫د‪ .‬هارون يحيى‬ ‫ ‬ ‫اليأس خدعة من الشيطان‬
‫ ‬
‫‪29‬‬ ‫أ‪ .‬باسم وحيد الدين علي‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫الرحمن ع ّلم القرآن‬
‫‪31‬‬ ‫بقلم الدكتور محمد عبد الرحمن املرعشلي‬ ‫اإلعجاز التشريعي في اإلسالم‬
‫‪35‬‬ ‫الدكتور عبد املنعم النمر‬ ‫ذو القرنني شخصية حيرت املفكرين أربعة عشر قر ًنا‬
‫‪42‬‬ ‫سماء الفارسي‬ ‫أداء الصالة وأثره في جلب الراحة‬
‫‪44‬‬ ‫د‪ .‬عبد الدائم الكحيل‬ ‫اإلعجاز العلمي في أعياد املسلمني‬
‫‪46‬‬ ‫جهاد خير الدين قرقوتي‬ ‫التربية البيئ ّية في اإلسالم‬
‫‪65‬‬ ‫محمد فرشوخ‬ ‫الكلمة الطيبة‬

‫رئيس التحرير‪:‬ع‪.‬ر‪.‬م‪ .‬محمد فرشوخ‬


‫العالقات العامة‪:‬الدكتور نادر الغزال‬
‫االشراف الفقهي واللغوي‪:‬القاضي املهندس أسامة منيمنة‬
‫الهيئة اإلدارية لـ «منتدى اإلعجاز العلمي في القرآن والسنة « في لبنان‪:‬‬
‫الرئيس واملدير املسؤول‪ :‬ع‪.‬ر‪.‬م‪ .‬محمد فرشوخ نائب الرئيس ‪ :‬د‪ ،‬نادر الغزال‬
‫أمني الصندوق ‪ :‬األستاذ باسم علي‬ ‫أمني السر ‪ :‬األستاذ بهيج مومنة‬
‫مستشار ‪ :‬االستاذ صالح سالم‬ ‫احملاسب ‪ :‬األستاذ زهير اجلندي‬
‫مستشار ‪ :‬د‪ .‬خالد حسني‬ ‫مستشار‪ :‬النقيب د‪ .‬غسان رعد‬
‫مطابع اللواء‬ ‫االخراج والطباعة‬
‫يوزع هذا العدد مجان ًا‬
‫صدر هذا العدد بدعم من إدارة جريدة اللواء‪،‬‬
‫ومبؤازرة الهيئة العاملية لإلعجاز العلمي في القرآن والسنة‪.‬‬ ‫ ‬
‫للمساهمة في توسيع انتشار هذه اجمللة‪ ،‬بنك عودة رقم احلساب‪:‬‬
‫‪878 074 461 002 062 01‬‬

‫‪3‬‬ ‫العدد اخلامس عشر ‪ -‬خريف ‪ 1431‬هـ ‪ 2010‬م ‪.‬‬


‫والسنة‬ ‫في القرآن‬ ‫والسنة‬ ‫في القرآن‬

‫كلمة العدد‬ ‫العودة إلى ّ‬


‫الكتاب‬
‫قصص من طفوالتهم‬ ‫ٍ‬ ‫أتذكر من طفولتي حني كان جدي ورفاقه يتسامرون ويحدثون عن مآثرهم وعن‬
‫أكبر إعجاز‬ ‫ومما كانوا يذكرونه ما كان يفعله شيخ الكتاب بهم حني لم تكن مدرسة وال جامعة‪ ،‬كيف كان القرآن‬
‫وصباهم‪.‬‬

‫واحلديث محور دراساتهم وكيف كانت قصص بطوالت الصحابة وأخالقهم ومرؤتهم وإيثارهم ومحبتهم‬
‫بات من املتعارف عليه أن املعنى األساسي لإلعجاز هو أن الله عز وجل أعجز‬ ‫وصدقهم تغلب على بقية الدروس‪ ،‬وكيف كانت أمثلة القواعد والعلوم واالجتماع تستقى من جمل القرآن‬
‫خلقه عن أن يأتي أحدهم بشيء مما أتى به سبحانه وتعالى‪.‬‬ ‫واحلديث؛ ومنها‪( :‬يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد)‪( ،‬إن الله ال يحب كل مختال فخور)‪( ،‬إمنا‬
‫وأن هدف اإلعجاز لم يكن ولن يكون املماحكة أو املفاضلة‪ ،‬بل الوصول باالنسان‬ ‫نطعمكم لوجه الله) إلى آخر اآليات الكرمية واألحاديث الشريفة‪.‬‬ ‫االفتتاحية‬
‫إلى االميان واليقني بأن لهذا الكون خالقًا واح��د ًا له االسماء احلسنى والصفات‬ ‫ولست هنا بصدد تذكر الطرائف والنوادر التي جرت معهم‪ ،‬والتي لم تكن بعيدة عن التمثل باآليات‬
‫أ ‪ .‬صالح سالم‬
‫العلى‪ ،‬جتب له الطاعة واالقرار بالعبودية‪.‬‬ ‫واألحاديث كأن يقول أحدهم لصاحب الدعوة‪ :‬يا فالن اجعلني على خزائن األرض إني حفيظ عليم‪ ،‬فيرد‬
‫ومن متكن من عرض إعجاز ما بطريقة تفضي إلى اقامة احلجة فقد أعجز واذا‬ ‫عليه الداعي‪ :‬أخرج منها فانك رجيم؛ أو أن يذ ّكر شيخ الكتاب من يعلو صوته في احلصة بقول الله تعالى‪:‬‬
‫افضت هذه الطريقة إلى اعتراف املنكر باأللوهية والوحدانية فقد أجنز‪.‬‬ ‫إن أنكر األصوات لصوت احلمير‪...‬‬
‫أما اإلعجاز األكبر فهو الذي يوصل إلى الهدف النهائي متخط ًيا إقامة احلجج‬ ‫الذي استوقفني هو الفارق في الطريقة بني إعداد الفتيان في تلك األيام وبني هذه األيام التي كثرت‬
‫وإبطال الذرائع وحتطيم األصنام احلسية واملعنوية‪.‬‬ ‫فيها املدارس وتراكمت فيها الكتب وتشعبت بها العلوم‪ .‬واذا بنا جند العنصر البشري ميشي القهقرى في‬
‫أخالقه وفي أدائه وفي نظرته الى األمور‪.‬‬
‫اإلعجاز األكبر هو في أن تنجح احملاولة وتبلغ الغاية القصوى وهي الداللة‬
‫اختفت البشاشة عن املالمح والبشر عن الوجوه واالبتسامة عن الشفاه وغ��اب تبادل السالم بني‬
‫على الله واعادة الضال إلى هداه واملسلم إلى تقواه وامللحد إلى اعتناق االسالم‬ ‫الناس‪.‬‬
‫واالعتقاد باألركان وتطبيق شعب االميان‪ .‬كثر هم الذين توقفوا عند تذكير املسلمني‬ ‫وصار الناس ميرون بصاحب احلاجة أو باملصاب فال يكترثون فحسب‪ ،‬بل يتوقفون للشماتة وليس‬
‫باالسالم واملؤمنني باالميان واحملسنني باالحسان‪ .‬وقلة هم الذين متكنوا وبفضل‬ ‫لتقدمي املساعدة‪.‬‬
‫الله من تطوير العقيدة عند الناس واالرتقاء بهم من احلسن إلى األحسن‪ .‬وفي ذلك‬ ‫صارت الناس تسأل عن دين احملتاج ومذهبه قبل أن تفكر بتقدمي املساعدة إليه‪ .‬وصار احملتاج ينظر‬
‫يوم لم ازدد فيه إلى الله قر ًبا»‪ .‬وذروة اإلعجاز هو‬
‫قال [» ال بورك لي بشروق شمس ٍ‬ ‫إلى املقتدر على أنه الغرمي والعدو والعلة التي أوصلته إلى طلب احلاجة‪.‬‬
‫عبد لم يعرف الله بعد‪ ،‬ومن ذلك قصة دخول‬ ‫القدرة على نقل ما في القلب إلى قلب ٍ‬ ‫صار الفتيان يهزأون بالعاجز واملع ّوق والعجوز‪ .‬ولم يعد للطريق حرمة ففيها القاذورات وعبرها‬
‫النبي على فتى يهودي يحتضر‪ ،‬متنى والد اليهودي على النبي ان يعني الفتى في تلك‬ ‫تتعرض الفتيات لشتى انواع املضايقات‪.‬‬
‫اللحظة احلرجة‪ .‬فقال النبي يا فتى قل ال اله اال الله محمد رسول الله‪ .‬فنظر الفتى‬ ‫لم نعد نسمع باألمانة فمن عثر على محفظة أخفاها‪ ،‬ولم يعد للمروءة مكان فال منقذ وال من ينقذون‪.‬‬
‫الى أبيه فأومأ له بااليجاب فقال كلمة اخلالص هذه وأسلم الروح‪ .‬وخرج النبي [‬ ‫صارت السرقة تسمى شجاعة واالعتداء يسمى إقدا ًما‪.‬‬
‫وهو يقول‪« :‬احلمد لله الذي انقذ بي نسم ًة من النار»‪.‬‬ ‫ما السبب يا ترى؟‬
‫هل هي احلرب األهلية؟ أم املناهج املدرسية حيث اختفت من كتب القراءة كل مشاهد القيم واملثل العليا‬
‫اإلعجاز األكبر هو في قول النبي [ لسيدنا علي كرم الله وجهه‪ :‬يا علي ألن‬
‫ليحل محلها وصف الطبيعة وهطول االمطار وخرير االنهار؟‬
‫ال واح ًدا خير لك مما طلعت عليه الشمس وما غربت‪.‬‬ ‫يهدي الله بك رج ً‬
‫أم هل هو فقدان املربني؟ ألن ال حاجة ألحد بهم بعد اليوم‪ .‬أم هو العالم املادي الذي نراه في املسلسالت‬
‫وأختم بسؤال جوابه عند القراء‪ :‬ما الذي يفعله الناس اليوم؟ هل يدخلون الناس‬ ‫الفضائية واألفالم السينمائية‪ .‬أم هو ذلك الشحن الطائفي واملذهبي الذي يؤجج النفوس ويلهب املشاعر‬
‫إلى الدين أم يخرجونهم منه؟‬ ‫حتى نسي الناس العدو احلقيقي وصار ابن احلي والبلدة والبلد خص ًما عني ًدا وعد ًوا لدو ًدا‪.‬‬
‫رحم الله أيام الكتّاب فقد كان املربي على بساطته وفطرته يستند إلى كالم الله وكالم رسول الله العداد‬
‫رئيس التحرير‬ ‫الناشئة فعالم يستند املعلمون واألهلون اليوم؟‬

‫‪5‬‬ ‫العدد اخلامس عشر ‪ -‬خريف ‪ 1431‬هـ ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫العدد اخلامس عشر ‪ -‬خريف ‪ 1431‬هـ ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫‪4‬‬
‫والسنة‬ ‫في القرآن‬ ‫والسنة‬ ‫في القرآن‬
‫اعجاز نبوي‬ ‫اعجاز نبوي‬

‫تفقدنا املسافة أو اجلهة بني أي موقعني متباعدين على سطح‬

‫متى متكن اإلنسان من استيفاء هذه الشروط؟‬


‫األرض‪.‬‬
‫األقمار الصناعية تشهد بنبوة محمد [‬
‫‪ .1‬لم يتمكن اإلنسان من وضع اخلرائط الدقيقة لألرض‬
‫إال ف��ي ال��ق��رن العشرين امل��ي�لادي بعد أن صنع الطائرات‬ ‫الشيخ عبد املجيد الزنداني*‬
‫والصواريخ بعيدة املدى التي حتمل األقمار الصناعية وآالت‬ ‫فسنرى في هذا البحث كيف حدد الرسول [ األوصاف واملعالم‬ ‫أمر الله املسلمني أن يتجهوا في صالتهم إلى قبلة واحدة هي‬
‫ خريطة األرض لألدريسي‬ ‫اجلزيرة العربية لألدريسي عام ‪1154‬م‬ ‫التصوير الدقيقة‪ ،‬وغيرها من األجهزة‪.‬‬ ‫التي جعلت املصلى في مسجد صنعاء وكأنه يراها وهذا من متام‬ ‫الكعبة املشرفة في مكة املكرمة فقال تعالى‪ { :‬فول وجهك شطر‬
‫عام ‪1154‬م‬ ‫‪ .2‬ولم يتمكن اإلنسان من وضع خطوط الطول والعرض‬ ‫بناء املسجد‪.‬‬ ‫املسجد احلرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره}(‪.)1‬‬
‫إحداثيات مسجد صنعاء فحدد الرسول [ موقع املسجد ومكانه‪،‬‬ ‫الدقيقة لألرض إال في القرن العشرين بعد أن متكن من وضع‬ ‫وبهذا الوصف الدقيق من ال��رس��ول [ يكون قد ح��دد خط ًا‬ ‫ومعنى { فول وجهك شطر املسجد احلرام} أي قبله كما قاله‬
‫اخلرائط الدقيقة لسطح األرض بأكمله ‪ -‬مشتم ًال على البحار وح��دد الزاوية الصحيحة بالنسبة ملكة‪ ،‬كما حدد القبلة الدقيقة‬ ‫مستقيم ًا من موضع مسجد صنعاء إلى الكعبة في املسجد احلرام‬ ‫املفسرون(‪.)2‬‬
‫للكعبة‪.‬‬ ‫واجلزر والقارات‪.‬‬ ‫مبكة املكرمة‪.‬‬ ‫أما الذي يصلي وهو يشاهد الكعبة فقد أمر بأن يتجه بجسمه‬
‫‪ .3‬ولم يتمكن من معرفة املرتفاعات واملنخفضات على سطح‬ ‫نحو عني الكعبة‪.‬‬
‫األرض إال في القرن العشرين بعد أن امتلك األجهزة الدقيقة التي مسجد صنعاء وأمر النبي [ ببنائه‪:‬‬ ‫فعن ابن عباس قال ملا دخل النبي [ البيت دعا في نواحيه ال���ش���روط امل��ط��ل��وب��ة ل��رس��م خ��ط ب�ين مدينتني‬
‫أو ًال ‪ :‬ما جاء في كتب احلديث‪:‬‬ ‫حتدد له إرتفاع كل جبل وانخفاض كل وادي على سطح األرض‪.‬‬ ‫كلها ولم يصل حتى خرج منه فلما خرج ركع ركعتني في قبل الكعبة متباعدتني‪:‬‬
‫روى الطبراني في املعجم األوسط(‪ )8‬فقال‪ :‬قال وبر بن يحنس‬ ‫إن املسافة بني صنعاء ومكة هي (‪815‬ك��م) تقريب ًا فإذا أردنا‬ ‫وقال هذه الكعبة(‪.)3‬‬
‫اخلزاعي قال لي رسول الله [‪« :‬إذا بنيت مسجد صنعاء فاجعله‬
‫هل توفرت هذه الشروط في زمن الرسول [‬ ‫وقد حكى(‪ )4‬القرطبي اإلجماع على أن استقبال عني الكعبة فرض رسم خط مستقيم بني مكة وصنعاء فال ب ّد مما يلي‪:‬‬
‫اجلواب ال ‪ ..‬ويعرف كل عاقل فض ًال عن الباحثني والدارسني عن ميني جبل يقال له ضني»‪.‬‬ ‫على املعاين ‪.‬‬
‫قال الهيثمي(‪ : )9‬رواه الطبراني في األوسط وإسناده حسن‪،‬‬ ‫فتأمل إلى أول خريطة لألرض وضعها اإلدريسي في عام (‪1154‬م)‬ ‫وإذا كانت مشاهدة الكعبة فضيلة يؤجر عليها املسلم‬
‫بعد الهجرة النبوية بحوالي خمس قرون ونصف لقد وضع اليمن وقد رواه ابن السكن‪ ،‬وابن مندة كما نقله احلافظ في اإلصابة ‪.‬‬
‫(‪)10‬‬ ‫كما ثبت ذلك من قول ابن مسعود(‪ :)5‬فإن الذي يصلي إلى‬
‫فقول الرسول [ ‪« :‬فاجعله عن ميني جبل يقال له ضني» يحدد‬ ‫جنوب شرق اجلزيرة ووضع ُعمان شمال شرق اجلزيرة وتأمل‬ ‫عني الكعبة أكمل توجه ًا نحو القبلة من غيره‪.‬‬
‫ً(‪)6‬‬
‫في اخلريطة التي وضعها (جيوفاني لردو) بعده بثالثة وتأمل إلى زاوية ميل املسجد الدقيقة نحو الكعبة‪.‬‬ ‫وعندما دخل اليمنيون في دين الله أف��واج��ا أرسل‬
‫ثاني ًا‪ :‬ما جاء في كتب التاريخ‪:‬‬ ‫خريطة اجلزيرة العربية املأخوذة باألقمار الصناعية لترى الفرق‬ ‫لهم معلمني يعلمونهم الدين‪ ،‬كان منهم علي بن أبي طالب‪،‬‬
‫قال احلافظ الرازي في كتابه (تاريخ صنعاء)‪.‬‬
‫(‪)11‬‬ ‫بني موقع مكة واليمن‪ ،‬فض ًال عن الفرق بني موقع مكة وصنعاء‪.‬‬ ‫ومعاذ بن جبل‪ ،‬وأبو موسى األشعري‪ ،‬ووبر بن يحنس‬
‫أن رسول الله [ أمر وبر بن ُيحنس األنصاري حني أرسله‬ ‫علم ًا بأن األدريسي وجيوفاني لردو من ر ّواد البشرية في رسم‬ ‫خطوط الطول والعرض على الكرة‬ ‫املرتفعات واملنخفضات على سطح األرض ‬ ‫وغيرهم رضي الله عنهم أجمعني‪.‬‬
‫خريطة األرض!! بعد زمن النبي [ بقرون ‪.‬‬ ‫األرضية‬ ‫وقد أمر رسول الله [ وبر بن يحنس اخلزاعي الذي‬
‫إلى صنعاء والي ًا عليها فقال‪« :‬ادعهم إلى اإلميان فإن اطاعوا لك‬
‫ً‬
‫وكل هذه الشروط لم تتوفر لإلنسان إال بعد أربعة عشر قرنا به فاشرع الصالة فإذا أطاعوا لك بها فمر ببناء املسجد لهم في‬ ‫وجهه إلى صنعاء أن يبني لهم مسجد ًا‪ ،‬عرف مبسجد‬
‫بستان باذان من الصخرة التي في أصل غمدان واستقبل به اجلبل‬ ‫من بعثة النبي [‪.‬‬ ‫أ‪ .‬وجود خريطة تعتمد على الصور احلقيقية لسطح األرض‬ ‫صنعاء‪ ،‬وحدد الرسول [ أوصاف املسجد‪ ،‬فحدد موضعه في‬
‫الذي يقال له ضني»‪.‬‬ ‫صنعاء‪ ،‬وحدد عالمة واضحة هي «جبل ضني» الذي يبعد عن املأخوذة بالطائرات أو األقمار الصناعية وذلك لنتمكن من حتديد‬
‫فلما ألقى اليهم وبر هذه الصفة من النبي [‪( :‬في املسجد قدِ م‬ ‫مالحظة‪:‬‬ ‫صنعاء حوالي (‪)30‬كم وبتحديد جبل ضني حدد لهم زاوية امليل موقع املسجد‪ .‬وموقع مكة حتديد ًا دقيق ًا‪.‬‬
‫أول قمر صناعي اطلق في تاريخ البشرية هو سبوتنك‬ ‫ب‪ .‬ال بد من معرفة خطوط الطول وخطوط العرض على سطح‬ ‫بني موضع املسجد واجلبل كما حدده ‪ -‬أي اجلبل ‪ -‬جهة القبلة‬
‫(‪ )Sputnik‬أطلقته روسيا في عام ‪1957‬م‪.‬‬ ‫الكرة األرضية ملعرفة زاوي��ة امليل بني املوقعني بالنسبة للشمال‬ ‫املسجد‪.‬‬
‫وف��ي ال��ع��ام ‪1958‬م اطلقت ال��والي��ات املتحدة قمرها‬ ‫وملا كان الرسول [ ‪ -‬املعصوم من اخلطأ ‪ -‬هو الذي حدد املغناطيسي‪.‬‬
‫الصناعي األول الذي سمي باملكتشف‪.‬‬ ‫ج‪ .‬البد من معرفة مقدار ارتفاع مكة وصنعاء عن سطح البحر‬ ‫الصفات التي يكون عليها املسجد من حيث دقة املوقع‪ ،‬وزاوية امليل‬
‫نحو الكعبة‪ ،‬وجهة املسجد بالنسبة للكعبة‪ ،‬فال شك أن هذا التوجيه لنتمكن من معرفة درجة اإلنحناء الناجت عن السطح الكروي لسطح‬
‫الرسول [ يحدد احداثيات‪ ،‬وقبلة مسجد‬ ‫سيكون دقيق ًا‪ ،‬لذلك كان أهل اليمن وال يزالون يعتبرونه أفضل األرض‪.‬‬
‫وخريطة جيوفاني لردو عام‬ ‫صنعاء‪:‬‬ ‫فاخلريطة املسطحة لألرض ال متثل احلقيقة ألن األرض كروية‬ ‫مساجد اليمن‪ ،‬ألنه بني طبق ًا لتوجيهات الرسول [ ووصفه(‪.)7‬‬
‫‪1452‬م‬ ‫اجلزيرة العربية في خريطة جيوفاني لرد‬ ‫وقبل أربعة عشر قرن ًا من الزمان ح��دد الرسول [‬ ‫وإذا ك��ان من أه��م صفات املسجد ضبط قبلته نحو الكعبة‪ ،‬وليس مسطحة‪ ،‬ووض��ع اخلرائط املسطحة ‪ -‬إذا كانت دقيقة ‪-‬‬

‫‪7‬‬ ‫العدد اخلامس عشر ‪ -‬خريف ‪ 1431‬هـ ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫العدد اخلامس عشر ‪ -‬خريف ‪ 1431‬هـ ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫‪6‬‬
‫والسنة‬ ‫في القرآن‬ ‫والسنة‬ ‫في القرآن‬
‫اعجاز نبوي‬ ‫اعجاز نبوي‬

‫{ وع�����ل�����ي�����ه ال�����ص��ل��اة‬ ‫امل��وق��ع ال��ذي ح��دده رس��ول الله [ لبنائه ‪ -‬كما ف��ي الصورة‬ ‫أبان بن سعيد فأسس املسجد على هذه الصفة في بستان باذان‬
‫وال��س�لام ل��م ي���زر ال��ي��م��ن وال‬ ‫أدن��اه؛ ثم أنطلقنا به على استقامته حتى من ّر به من ق ّمة جبل‬ ‫في أصل الصخرة واستقبل به ضين ًا)‪.‬‬
‫رأى جبل ض�ين‪ ،‬وال شاهد‬ ‫ضني كما في الصورة التالية؛ ثم أرسلناه أيضا على استقامته‬ ‫وقال الرازي ‪ :‬كتب رسول الله [ (إلى وبر يبني حائط باذان‬
‫بستان ب���اذان وال الصخرة‬ ‫خط ًا واحد ًا منطلق ًا من قبلة مسجد صنعاء الذي وصفه الرسول‬ ‫مسجد ًا ويجعله من الصخرة إلى موضع جدره ويستقبل بقبلته‬
‫امللملمة وال يعلم الناس في‬ ‫[ واحمل ّدد اآلن باملسمورة واملنقورة ما ّر ًا هذا اخلط بقمة جبل‬ ‫ضين ًا)‪.‬‬
‫زمنه املسافة التي تفصل بني‬ ‫ضني فإنّا سنجد أنه يصل إلى مكة أو ًال ثم يستق ّر في جدار‬ ‫املنقورة ‪ -‬احلد األمين‬ ‫احملراب من الداخل وسط املسجد‬ ‫وقول الرسول [ «فمر ببناء املسجد لهم في بستان باذان من‬
‫مكة وصنعاء‪.‬‬ ‫متوسط ًا ما بني الركن واحلجر األسود انظر إلى الصورة‬ ‫الكعبة ِّ‬ ‫الصخرة التي في أصل غمدان» وما جاء في كتاب النبي [ إلى‬
‫{ ك��ل م��ا س��ب��ق يشهد‬ ‫التالية؛ وعند اإلرتفاع إلى أعلى جند اخلط على هذا النحو‪:‬‬ ‫وبر (يبني حائط باذان مسجد ًا ويجعله من الصخرة إلى موضع‬
‫أن م��ا ق��ال��ه النبي [ ليس‬ ‫جدره) هو حتديد دقيق ملوضع املسجد ومكانه‪.‬‬
‫في مقدور بشر في عصره‬ ‫وجه اإلعجاز في حديث النبي [‪:‬‬ ‫وقول الرسول [ ‪« :‬واستقبل به اجلبل الذي يقال له ضني»‬
‫وح��ت��ى ب��ع��د ع��ص��ره بقرون‬ ‫وقوله أيض ًا‪« :‬واستقبل به ضين ًا» هو حتديد دقيق جلهة القبلة‪.‬‬
‫ط��وي��ل��ة وإمن�����ا ه���و الوحي‬ ‫{ ال يستطيع إنسان أن يرسم خط ًا مستقيم ًا على السطح‬
‫وال���ع���ل���م اإلاله�������ي وص����دق‬ ‫ا ل��ك��روي ل�لأرض ب�ين مدينتني متباعدتني إال إذا ت��و ف��رت له‬
‫النتيجة خط مستقيم من املسجد الذي‬ ‫ا خل��را ئ��ط الدقيقة ا مل��أ خ��وذة بالطائرات واأل ق��م��ار الصناعية‬ ‫مسجد صنعاء وموقعه اليوم‪:‬‬
‫ال��ل��ه ال��ق��ائ��ل‪{ :‬وم ��ا ينطق‬ ‫أمر النبي [‪ :‬ببنائه مار ًا بقمة جبل‬ ‫جبل ضني املأمور باستقباله في‬ ‫احملراب من اخلارج املستقبل به ضني‬
‫وحي‬ ‫وآالت التصوير الدقيقة‪ ،‬وعلم بخطوط الطول والعرض للكرة‬ ‫أو ًال‪ :‬لقد حافظ أهل اليمن قدمي ًا وحديث ًا على موقع املسجد‬
‫ع��ن ال�ه��وى إن ه��و إال ٌ‬ ‫ضني ليصل إلى وسط الكعبة املشرفة‬
‫األرضية و ع��رف إرتفاع ا مل��دن عن سطح البحر‪ ،‬ولم يتيسر‬
‫احلديث‬
‫أو ًال‪ :‬ذكرنا فيما سبق أن برنامج‬ ‫ال��ذي أم��ر به رس��ول الله [ ان يبنى فيه وذل��ك باحلفاظ على‬
‫يوحى}‪.‬‬
‫كل هذا لإلنسان إال بعد أربعة عشر قرن ًا من زمن الرسول‬ ‫غوغل إرث نستطيع من خالله أن نرى أجزاء واسعة من األرض مع‬ ‫معالم ح��دوده التي ح َّدها رسول الله [ لبنائه مثل الصخرة‬
‫‪---------------‬‬ ‫[ لكن ا ل��ر س��ول [ وقبل أ ل��ف وأر ب��ع مائة ع��ام ح��دد خط ًا‬ ‫حتديد كل جزء وتقريبه وقد ذكر رسول الله [ وح ّدد في احلديث‬ ‫امللملمة اح��د ح�� ّدي املسجد كما م�� ّر ذك��ره انف ًا وموقعه اليوم‬
‫* مت ألقاء هذه احملاضرة في مؤمتر اإلعجاز العلمي في  القرآن والسنة والذي‬ ‫مستقيم ًا بني مسجد صنعاء وجبل ضني والكعبة عندما حدد‬ ‫موضعني (موقع مسجد صنعاء ‪ -‬وجبل ضني) وهاذين املوضعني‬ ‫بني ساريتني من س��واري املسجد تسمى أحدهما (املسمورة)‬
‫عقد في الكويت‪ .‬‬ ‫أوصاف املسجد الذي أمر ببنائه في صنعاء‪.‬‬ ‫هما من ضمن املواضع التي مت تغطيتها باألقمار الصناعية في‬ ‫واألخرى(املنقورة) وبعض أهل اليمن يغالون في تعظيم مسجد‬
‫وللراغبني مبتابعة البحث بكامله مراجعة املوقع‪:‬‬ ‫برنامج غوغل إرث‪ ،‬وهذه صورتني لهما من البرنامج‪.‬‬
‫‪www.quran-m.com‬‬
‫{ ف��ح��دد ا مل��و ض��ع وا مل��ك��ان ب��ق��و ل��ه‪ « :‬ف��م��ر ببناء املسجد‬ ‫صنعاء فال يقبلون اليمني من اخلصم عند التنازع الشديد إال‬
‫املراجع‪:‬‬ ‫لهم في بستان باذان من الصخرة التي في أصل غمدان»‬ ‫خط ًا مستقيم ًا من وسط املسجد ‪-‬‬‫ثاني ًا‪ :‬لو أنّا أخرجنا ّ‬ ‫عند املسمورة واملنقورة‪ .‬أي في املسجد الذي وصفه رسول الله‬
‫‪ .1‬سورة البقرة  آية ‪.144 -‬‬ ‫ف��ي��م��ا ك��ت��ب��ه ع��ل��ي��ه ا ل��ص�لاة وا ل��س�لام ل��و ب��ر ب��ن ي��ح��ن��س بأن‬ ‫عليه وسلم وبينّ حدوده‪.‬‬
‫‪ .2‬عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه (فول وجهك شطر املسجد احلرام ) قال‬ ‫« ي��ب��ن��ي ح��ا ئ��ط ب���اذان م��س��ج��د ًا و ي��ج��ع��ل��ه م��ن ا ل��ص��خ��رة إلى‬ ‫ثاني ًا‪ :‬كل توسعة وقعت للمسجد لم يتأثر بها مسجدها القدمي‬
‫شطره قبله وهو قول أبي العالية ومجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير وقتادة‬ ‫موضع جدره»‪.‬‬ ‫الذي ح ّده رسول الله [ بل كانت عن ميينه وشماله وأمامه ويفصل‬
‫والربيع بن أنس وغيرهم‪( ..‬تفسير ابن كثير)‪.‬‬ ‫{ وح��دد عليه الصالة وال��س�لام زاوي��ة ميل مسجد صنعاء‬ ‫بينهما ساحة واسعة في الوسط وقد ذكر ذلك ال��رازي في كتابه‬
‫‪ .3‬صحيح البخاري ج ‪/1‬ص ‪.155‬‬ ‫من جبل ضني والكعبة بقوله [ «فأجعله عن ميني جبل يقال له‬ ‫تاريخ صنعاء ‪.‬‬
‫‪ .4‬فتح القدير ج‪/1‬ص ‪.153‬‬
‫‪ .5‬رواه البيهقي في شعب اإلميان ‪ 187/6‬رقم (‪.)7860‬‬
‫ضني»‪.‬‬ ‫ثالث ًا ‪ :‬وهذه بعض الصور من املسجد‪:‬‬
‫‪ .6‬بعد أن ظهرت لهم معجزة صدق الرسول [ عندما أخبرهم مبقتل كسرى‬ ‫{ وحدد اجلهة الدقيقة للكعبة باستعمال معلم واضح ألهل‬ ‫صورة من برنامج غوغل إرث‬ ‫صورة من برنامج غوغل إرث‬
‫في نفس الليلة التي قتل فيها‪ ،‬جاءت األخبار بعد ذلك مص ِّدقة خلبره عليه‬ ‫صنعاء (القدمية ) هو جبل ضني‪.‬‬ ‫لألرض‬ ‫للمسجد احلرام مبكة املكرمة‬ ‫برنامج غوغل إرث (‪: )Google Earth‬‬
‫الصالة والسالم‪.‬‬ ‫{ وجاءت الطائرات والصواريخ واألقمار الصناعية تصور‬ ‫إن برنامج غوغل إرث ‪ -‬واملوجود على شبكة اإلنترنت ‪ -‬يوفر‬
‫‪ .7‬انظر كتاب (تاريخ صنعاء) للحافظ الرازي‪.‬‬ ‫األرض مبدنها وجبالها وب��ح��اره��ا فقدمت لنا ص��ورة حقيقة‬ ‫جلميع مشتركي الشبكة الوصول إلى معظم املواقع على األرض ‪-‬‬
‫‪ .8‬املعجم األوسط ج‪ 253/1‬رقم (‪.)831‬‬ ‫لألماكن الثالثة التي بينها رسول الله [ مسجد صنعاء‪ ،‬جبل‬ ‫دول أو مدن أو قرى ‪ -‬مع تعيني هذه املواقع وتقريبها وتوضيحها‬
‫‪ .9‬مجمع الزوائد ج‪ 2 :‬ص ‪.12:‬‬ ‫ضني الكعبة ‪ -‬فإذا بها تقع على خط مستقيم رغم بعد املسافة‬
‫‪ .10‬اإلصابة ج‪ -6 :‬ص ‪.599‬‬
‫وذل��ك عبر ص��ور ثالثية األب��ع��اد التقطت م��ن األق��م��ار الصناعية‬
‫‪ .11‬هو احلافظ احملدث أحمد بن عبد الله بن محمد الرازي له ع ّدة مؤلفات منها‬
‫وك��روي��ة األرض وع��دم ت��و ّف��ر ال��ش��روط وال��وس��ائ��ل العلمية زمن‬ ‫والطائرات وهي صور حقيقية لها وذلك بحسب ما ورد على موقع‬
‫(تاريخ صنعاء) توفي عام ‪460‬هجرية‪.‬‬ ‫النبي [‪.‬‬ ‫البرنامج على شبكة اإلنترنت (‪.)12‬‬
‫‪  .12‬للمزيد من املعلومات عن البرنامج راجع موقعه على هذا الرابط‪:‬‬ ‫{ وكل ذلك مت بعبارة سهلة وعالمة واضحة جلية وعمل متقن‬ ‫صورة عبر األقمار الصناعية‬ ‫   صورة عبر األقمار الصناعية جلبل‬ ‫تطبيق حديث رسول الله [ على برنامج غوغل إرث‬
‫(‪.)earth.google.com‬‬ ‫دقيق‪.‬‬ ‫للجامع الكبير في صنعاء‬ ‫ضني في عمران وفي قمته معسكر صغير‬ ‫(‪.)Google Earth‬‬
‫‪9‬‬ ‫العدد اخلامس عشر ‪ -‬خريف ‪ 1431‬هـ ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫العدد اخلامس عشر ‪ -‬خريف ‪ 1431‬هـ ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫‪8‬‬
‫والسنة‬ ‫في القرآن‬ ‫والسنة‬ ‫في القرآن‬
‫اعجاز نفسي‬ ‫اعجاز نفسي‬

‫وال�لادي�ن�ي�ين‪ ،‬أي ال��ذي��ن ال ينتسبون‬


‫ألي دين‪ ،‬بل يعيشون بال هدف وبال‬

‫ف �ق��د أك� ��دت ال ��دراس ��ات العلمية‬


‫إميان‪.‬‬ ‫اإلحلاد واالنتحار وقوة تعاليم اإلسالم‬
‫امل�ت�ع�ل�ق��ة ب��االن �ت �ح��ار أن أك �ب��ر نسبة‬ ‫املهندس عبد الدائم الكحيل*‬
‫لالنتحار كانت في الدول األكثر إحلاد ًا‬ ‫طاملا تغنى امللحدون بإحلادهم وأفكارهم وحريتهم التي يتميزون بها عن غيرهم من املؤمنني «البسطاء» بنظرهم!‬
‫وعلى رأسها السويد التي تتمتع بأعلى‬ ‫وطاملا أحتفونا بسيل من إبداعاتهم غير املنطقية يدَّعون فيها أنهم عقالنيون ويتعاملون مع األمور بواقعية‪ ،‬وأنهم‬
‫نسبة لإلحلاد‪ .‬أما الدامنرك فكانت‬ ‫أكثر سعادة من غيرهم من املؤمنني الذين حكموا على أنفسهم باالنقياد للدين‪ ،‬وحرموا أنفسهم من ملذات احلياة!!‬
‫ثالث دول��ة في العالم من حيث نسبة‬ ‫ولكن يأتي الواقع والعلم ليكذب هؤالء ويفضح أساليبهم وكذبهم وأنهم مجرد أدوات للشيطان يستخدمها في‬
‫اإلحل��اد حيث تصل نسبة امللحدين‬ ‫حربه مع املؤمنني التي سيخسرها بال شك‪ ،‬وأن هؤالء امللحدين اتخذوا الشيطان ولي ًا لهم من دون الله‪ ،‬ليكونوا‬
‫(والالدينيني) إلى ‪ ،% 80‬وليس غريب ًا‬ ‫شركاء له في نار جهنم يوم القيامة‪.‬‬
‫تؤكد هذه الدراسة العلمية أن أعلى نسبة لالنتحار كانت بني امللحدين‪ ،‬ثم البوذيني ثم املسيحيني‬
‫أن تصدر منها الرسوم التي تستهزئ‬
‫ثم الهندوس وأخير ًا املسلمني الذين كانت نسبة االنتحار بينهم تقترب من الصفر‪ .‬انظروا معي إلى‬ ‫بنبي الرحمة صلى الله عليه وسلم‪.‬‬ ‫م��ن عظمة ال �ق��رآن أن��ه ل��م يهمل‬
‫العمود الذي ميثل نسبة االنتحار لدى امللحدين وهو أعلى نسبة لديهم‪ ،‬وتأملوا معي العمود الذي‬ ‫احلديث عن هؤالء بل وصفهم وصف ًا‬
‫ميثل نسبة االنتحار بني املسلمني وهو أقل نسبة على اإلطالق‪ ،‬هل توحي لك هذه احلقيقة العلمية‬ ‫قوة التعاليم اإلسالمية‬ ‫يليق بهم‪ ،‬يقول تعالى‪{ :‬ال َّل ُه َو ِل ُّي‬
‫بشيء!!‬ ‫تؤكد ال��دراس��ات العلمية على أن‬ ‫ات‬‫الظ ُل َم ِ‬ ‫ين َآ َم ُنوا ُيخْ ِر ُج ُه ْم ِم َن ُّ‬ ‫ا َّل ِذ َ‬
‫شرب س ًما)‪ ،‬والسبب الثالث هو القفز من على جسر أو من‬ ‫للتعاليم الدينية دور كبير في خفض‬ ‫ين َكف َُروا َأ ْو ِل َيا ُؤ ُه ُم‬‫ِإ َل��ى ال ُّنو ِر َوا َّل ِذ َ‬
‫أعلى بناء أي أن يرمي نفسه من مكان مرتفع وهو ما أشار‬ ‫نسبة االنتحار‪ ،‬وأن هذه التعاليم أقوى ما ميكن في اإلسالم!‬ ‫ُوت ُيخْ ِر ُجو َن ُه ْم ِم َن ال ُّنو ِر ِإ َلى‬ ‫الطاغ ُ‬ ‫َّ‬
‫إليه احلديث بقوله (ومن تردى من جبل)‪ ،‬انظروا كيف أن‬ ‫رمبا ندرك يا إخوتي ملاذا حذر نبي الرحمة صلى الله عليه‬ ‫اب ال َّنا ِر ُه ْم‬ ‫ات ُأو َل ِئ َك َأ ْص َح ُ‬ ‫الظ ُل َم ِ‬ ‫ُّ‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم لم يغفل عن مثل هذه الظاهرة‬ ‫وسلم من االنتحار في قوله‪( :‬من قتل نفسه بحديدة فحديدته‬ ‫يها َخ��ا ِل� ُ�دونَ } [ال�ب�ق��رة‪.]257 :‬‬ ‫ِف َ‬
‫فوضع العالج املناسب والقوي لها مسبق ًا!!‬ ‫في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خال ًدا مخل ًدا فيها‬ ‫ف �م��اذا ن��رج��و م��ن إن �س��ان أخرجه‬
‫أب � ًدا‪ ،‬وم��ن ش��رب س ًما فقتل نفسه‪ ،‬فهو يتحساه في نار‬ ‫الشيطان من النور إل��ى الظلمات؟‬
‫خطوات عالج االنتحار كما يراها العلماء اليوم‬ ‫جهنم خال ًدا مخل ًدا فيها أب � ًدا‪ ،‬ومن ت��ردى من جبل فقتل‬ ‫إنه مثل إنسان ميت يائس ال حياة‬
‫تؤكد الدراسة على أن نسبة االنتحار زادت كثير ًا في‬ ‫نفسه‪ ،‬فهو يتردى في نار جهنم خال ًدا مخل ًدا فيها أبد ًا)‬ ‫فيه وال استجابة لديه‪ ،‬وهذا ما أثبتته‬
‫اخلمسني سنة املاضية‪ ،‬وال يخفى علينا أن هذه الزيادة‬ ‫[رواه البخاري ومسلم]‪ .‬إن��ه أخطر حتذير على اإلطالق‬ ‫الدراسات العلمية اجلديدة!‬
‫رمبا تكون بسبب زيادة نسبة‬ ‫عرفته البشرية!! فهل هذا النبي يدعو للقتل واإلرهاب؟ أم‬
‫اإلحل� ��اد ف��ي اخل �م �س�ين سنة‬ ‫أنه حافظ على حياة أمته وأتباعه بهذا احلديث الشريف؟‬ ‫األبحاث العلمية تثبت‬
‫امللحدون هم‬
‫امل��اض �ي��ة‪ .‬وأك � ��دت دراس� ��ات‬ ‫ومن إعجاز هذا احلديث أنه شمل احلاالت األساسية التي‬
‫يأسا أخرى على أن الدول التي تضع‬ ‫أكثر الناس ً‬ ‫جزء من الدراسة املتعلقة بتأثير التعاليم الدينية على االنتحار‪ ،‬تأملوا معي كيف أن الباحث يؤكد أن هناك‬
‫تشكل أكثر من ‪ % 90‬من حاالت االنتحار‪.‬‬ ‫اختالف ًا كبير ًا بني الدول اإلسالمية وبني أي دولة أخرى من دول العالم بشكل ملفت لالنتباه! هذه النتيجة يا‬
‫أن امللحدين أكثر الناس يأس ًا!‬
‫قوانني صارمة تعاقب فيها من‬ ‫فلو تأملنا إحصائيات األمم املتحدة نالحظ أن معظم‬ ‫أحبتي تدحض إدعاء امللحدين أن اإلسالم دين يأمر باالنتحار!!! هذه الدراسة قام بها الدكتور جوس مانويل‬ ‫ت �ب�ي�ن ف ��ي دراس� � ��ة ح��دي �ث��ة أن‬
‫للدين دور كبير ي�ح��اول أن يقتل نفسه أو من‬ ‫نسب االنتحار يكون مبسدس أو سكني‪ ،‬وهو ما أشار إليه‬ ‫وضعت‬
‫ُ‬ ‫والباحثة أليساندرا فليشمان وهي دراسة علمية شاملة استندوا إلى مراجع األمم املتحدة املوثقة‪ ،‬وقد‬ ‫امل�ل�ح��دي��ن ه��م أك �ث��ر ال �ن��اس يأس ًا‬
‫هذه الصورة هنا لزيادة التوثيق العلمي ألن امللحدين كلما جاءهم إعجاز علمي جديد قالوا بأن هذه النتائج‬ ‫وإحباط ًا وتفكك ًا وتعاسة!!! ولذلك‬
‫في خفض نسبة يساعده على ذلك‪ ،‬هذه الدول‬ ‫احلديث بكلمة (من قتل نفسه بحديدة)‪ ،‬السبب الثاني هو‬
‫ملفقة وغير صحيحة! ولذلك أنصح كل من في قلبه شك من هذا البحث أن يرجع إلى هذه الدراسة وغيرها من‬
‫كانت نسبة االنتحار فيها أقل‪،‬‬ ‫االنتحار‬ ‫جت��رع سم أو استنشاق غ��از أو أخ��ذ حبوب مخدرة‪ ،‬أي‬ ‫الدراسات العلمية التي أثبتناها في قائمة املراجع في نهاية البحث ليجد مصداق ما نقول‪.‬‬
‫فقد وجدوا أن أعلى نسبة لالنتحار‬
‫أما الدول التي ال تضع قوانني‬ ‫طريقة كيميائية وه��و ما أش��ار إليه احلديث بقوله‪( :‬ومن‬ ‫‪http://www.med.uio.no/iasp/files/papers/Bertolote.pdf‬‬ ‫على اإلط�ل�اق ك��ان��ت ب�ين امللحدين‬
‫‪11‬‬ ‫العدد اخلامس عشر ‪ -‬خريف ‪ 1431‬هـ ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫العدد اخلامس عشر ‪ -‬خريف ‪ 1431‬هـ ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫‪10‬‬
‫والسنة‬ ‫في القرآن‬ ‫والسنة‬ ‫في القرآن‬
‫اعجاز نفسي‬ ‫اعجاز نفسي‬

‫أن الشخص املؤمن واملتزوج وال��ذي لديه عدد من األوالد‬ ‫حياتهم وتعاستهم!!‬ ‫‪ -3‬وضع العقوبة الرادعة والصارمة جد ًا‬ ‫صارمة تعاقب من يحاول االنتحار مثل السويد‬
‫أق��ل عرضة لإلصابة باالضطرابات النفسية‪ .‬طبع ًا هذه‬ ‫جاء بنتيجة هذه الدراسة احلقائق اآلتية‪:‬‬ ‫من خالل قوله تعالى‪َ ( :‬ف َس ْو َف ُن ْص ِلي ِه َن ًارا)‪.‬‬ ‫يعالج‬ ‫االسالم‬ ‫والدامنرك بحجة «حرية التعبير» فكانت تتمتع‬
‫الدراسة ُأجريت على أن��اس غير مسلمني‪ ،‬ألن «املسلمني‬ ‫‪ -1‬نسبة االنتحار لدى امللحدين أعلى ما ميكن!‬ ‫فسبحان الله‪ ،‬حتى هذه الظاهرة لم يغفل‬ ‫كما يحذر ويردع‬ ‫بأعلى نسبة انتحار‪.‬‬
‫هم أقل تعرض ًا لهذه الظاهرة ألن اإلسالم يحرم االنتحار‬ ‫‪ -2‬نسبة االنتحار كانت أعلى لدى غير املتزوجني‪.‬‬ ‫عنها ال �ق��رآن‪ ،‬ب��ل ح��ذر منها وأوج��د العالج‬ ‫م��ن ه�ن��ا ت��ؤك��د ال��دراس��ات ع�ل��ى أن��ه من‬
‫بشدة»‪ .‬وقالت الدراسة‪ :‬إن الدين عامل مهم في ردع الكآبة‬ ‫‪ -3‬نسبة االنتحار قليلة بني من لديهم أطفال أكثر‪.‬‬ ‫املناسب لها والتحذير املناسب منها‪ ،‬وهذا ما‬ ‫الضروري لعالج ظاهرة االنتحار البد من‬
‫واليأس!‬ ‫‪ -4‬امللحدون أكثر عدوانية من غيرهم‪.‬‬ ‫التحذير منها ووضع عقوبة رادعة لها‪ .‬إذ ًا هناك ثالث ساهم في تخفيف نسب االنتحار في الدول اإلسالمية إلى‬
‫وسؤالي لك أيها القارئ الكرمي‪ :‬هل أدركت معي ملاذا‬ ‫‪ -5‬اإلنسان املؤمن أقل غضب ًا وعدوانية واندفاع ًا‪.‬‬ ‫خطوات تنصح بها الدراسة لعالج هذه الظاهرة التي احلد األدنى (أقل من ‪ 1‬باأللف)‪ ،‬وهذا الكالم ال أقوله أنا يا‬
‫أم��ر نبي الرحمة ب��ال��زواج وإجن��اب األط�ف��ال؟ وه��ل أدركت‬ ‫‪ -6‬الدين يساعد على حتمل أعباء احلياة واإلجهادات‬ ‫ت�ق��ول فيها األمم امل�ت�ح��دة أن ع��ام ‪ 2020‬سيكون عدد أحبتي بل يقولونه بأنفسهم‪.‬‬
‫ملاذا قال‪( :‬ال رهبانية في اإلسالم)؟ طبع ًا ليحقق لنا احلياة‬ ‫ويقلل فرص اإلصابة باالضطرابات النفسية املختلفة‪.‬‬ ‫يقول الدكتور جوس مانويل والباحثة أليساندرا فليشمان‬ ‫املنتحرين مليون ونصف‪ ،‬وأن ‪ 30-15‬مليون شخص‬
‫السعيدة التي عجز الغرب عن حتقيقها على الرغم من‬ ‫س�ي�ح��اول��ون االن�ت�ح��ار ف��ي ع��ام واح��د ف�ق��ط‪ ،‬أي مبعدل في بحثهما وباحلرف الواحد‪:‬‬
‫التطور الطبي الهائل‪)...(.‬‬ ‫«إن نسبة االنتحار في ال��دول اإلسالمية (بخالف كل‬ ‫ج��رمي��ة انتحار واح��دة ك��ل ‪ 20‬ثانية‪ ،‬ومب�ع��دل محاولة‬
‫اخلالصة‪:‬‬ ‫انتحار كل ثانية أو ثانيتني!! وهذا عدد ضخم جد ًا وغير ال��دول األخ ��رى) تكاد تقترب م��ن الصفر (أق��ل م��ن واحد‬
‫سوف نستخدم نفس املعادالت التي يستخدمها امللحدون‬ ‫مسبوق‪ ،‬لذلك يؤكدون في عالجهم لهذه الظاهرة على باأللف)‪ ،‬وسبب ذلك أن الدين اإلسالمي يحرم االنتحار‬
‫«في منطقهم الفاسد» ونقول‪:‬‬ ‫بشدة»‪.‬‬ ‫أهمية اتخاذ هذه اخلطوات‪:‬‬
‫‪ -1‬املعادلة األول��ى‪ :‬مبا أن الباحثني جميع ًا وف��ي كل‬ ‫بعد كل ه��ذه احلقائق والبراهني يقولون إن القرآن‬ ‫‪ -1‬التحذير من اإلقدام على مثل هذا العمل‪.‬‬
‫دراسات االنتحار يؤكدون على وجود عالقة بني االنتحار‬ ‫‪ -2‬االهتمام مبن لديهم ميول انتحارية ومحاولة إعطائهم من تأليف محمد صلى الله عليه وسلم! ولكن من أين‬
‫وال� �ي ��أس‪ ،‬وأن ال�س�ب��ب األس��اس��ي ل�لان�ت�ح��ار ه��و اليأس‬ ‫شيئ ًا من األم��ل وع�لاج اليأس لديهم‪ ،‬ومنحهم شيئ ًا من ج��اء محمد صلى الله عليه وسلم بهذه املعلومات؟ من‬
‫واإلح �ب��اط وع��دم ال�س�ع��ادة‪ ،‬ومب��ا أن نسبة االن�ت�ح��ار هي‬ ‫أخ �ب��ره ب�خ�ط��ورة ه��ذه ال�ظ��اه��رة حتى يضع لها عالج ًا‬ ‫الرحمة والعطف‪.‬‬
‫األكبر بني امللحدين‪ ،‬إذ ًا امللحد يائس ومحبط وكئيب وغير‬ ‫بشكل مسبق؟ هل وجد هذه املعلومات في‬ ‫‪ -3‬وض ��ع ع �ق��وب��ات ص��ارم��ة مل��ن يحاول‬
‫سعيد! أتوقع بأن هذه نتيجة علمية بسيطة ال حتتاج ملزيد‬ ‫الكتب ال�س��ائ��دة ف��ي زم��ان��ه وال �ت��ي ال نكاد‬ ‫االسالم‬ ‫أتى‬ ‫االنتحار‪.‬‬
‫من التفكير‪.‬‬ ‫دراسة ثانية هي األولى من نوعها منشورة على مجلة طب النفس التي‬ ‫جند لالنتحار ذكر ًا فيها! إن الذي علمه يا‬ ‫بالعالج قبل‬
‫‪ -2‬املعادلة الثانية‪ :‬مبا أن الباحثني يؤكدون أن اإلنسان‬ ‫تصدر في أمريكا‪ ،‬والتي أثبتت وجود تأثير قوي للتعاليم الدينية على‬ ‫أحبتي هو الذي أرسله ليكون رحمة للعاملني‬ ‫ظهور املرض‬ ‫اخلطوات العالجية كما وضعها لقرآن‬
‫السعيد واملطمئن في حياته هو أبعد الناس عن االنتحار‪،‬‬ ‫احلد من ظاهرة االنتحار‪ ،‬وأثبتت كذلك أن الزواج له تأثير قوي في عالج‬ ‫اك ِإ اَّل‬
‫{و َما َأ ْر َس ْل َن َ‬
‫وهو الذي خاطبه بقوله‪َ :‬‬ ‫وس��ؤال��ي ي��ا أح�ب�ت��ي‪ :‬أل�ي��س ه��ذا م��ا فعله‬
‫ومبا أن نسبة االنتحار بني املسلمني تكاد تقترب من الصفر‪،‬‬ ‫االنتحار وكذلك إجناب األطفال وكذلك السعادة واالستقرار والعالقات‬ ‫ني} [األنبياء‪.]107 :‬‬ ‫َر ْح َم ًة ِل ْل َعا مَلِ َ‬ ‫القرآن عندما حذر من االنتحار ووضع عالج ًا‬
‫إذ ًا أن املسلم هو أكثر الناس سعادة! وأكثر الناس بعد ًا عن‬ ‫االجتماعية اجليدة‪.‬‬ ‫{و اَل َتقْ ُت ُلوا َأ ْنف َُس ُك ْم ِإ َّن‬
‫وعقوبة صارمة له؟ يقول تعالى‪َ :‬‬
‫يما * َو َم ْن َيفْ َعلْ َذ ِل َك ُع ْد َوا ًنا َو ُظ ْل ًما َف َس ْو َف األبحاث تثبت صدق قول النبي األعظم (ال رهبانية‬ ‫ال َّل َه َكانَ ب ُِك ْم َر ِح ً‬
‫‪http://ajp.psychiatryonline.org/cgi/content/abstract/161/12/2303‬‬
‫اليأس!‬
‫في اإلسالم)‬
‫ولذلك نقول للملحدين الذين يدعون أن املوت هو عملية‬ ‫‪ -7‬امللحدون كانوا أكثر الناس تفكك ًا اجتماعي ًا‪ ،‬وليس‬ ‫يرا} [النساء‪.]30-29 :‬‬ ‫ُن ْص ِلي ِه َن ًارا َو َكانَ َذ ِل َك َع َلى ال َّل ِه َي ِس ً‬
‫حتلل طبيعية‪ ،‬ال ت َّدعوا أنكم سعداء بإحلادكم‪ ،‬بل إن الله تعالى‬ ‫لديهم أي ارتباط اجتماعي لذلك كان اإلقدام على االنتحار‬ ‫وفي دراسة أجراها باحثون أمريكيون هي األولى من‬ ‫فقد وضع الله في هذه اآلية اخلطوات العالجية الثالث بكل‬
‫يعذبكم في الدنيا واآلخرة‪ ،‬وانظروا إلى قول احلق تبارك‬ ‫ال بالنسبة لهم‪.‬‬‫سه ً‬ ‫نوعها عام ‪ 2004‬وتهدف لدراسة عالقة االنتحار بالدين‪،‬‬ ‫دقة وموضوعية‪:‬‬
‫وتعالى‪ِ { :‬إن َُّه ْم َكف َُروا بِال َّل ِه َو َر ُسو ِل ِه َو َما ُتوا َو ُه ْم َف ِ‬
‫اسقُونَ *‬ ‫(و اَل َتقْ ُت ُلوا أجريت بعناية فائقة‪ ،‬ومت اختيار عدد كبير من األشخاص‬ ‫ُ‬
‫‪ -8‬ختمت الدراسة بتوصية‪ :‬إن الثقافة الدينية هي عالج‬ ‫‪ -1‬التحذير من االنتحار في قوله تعالى‪َ :‬‬
‫َو اَل ُت ْعجِ ْب َك َأ ْم َوا ُل ُه ْم َو َأ ْو اَل ُد ُه ْم ِإ مَّ َنا ُي ِر ُ‬
‫يد ال َّل ُه َأنْ ُي َع ِّذ َب ُه ْم ب َِها‬ ‫مناسب لظاهرة االنتحار‪.‬‬ ‫الذين حاولوا االنتحار أو انتحروا بالفعل‪ ،‬ومن خالل سؤال‬ ‫َأ ْنف َُس ُك ْم)‪.‬‬
‫ِفي الدُّ ْن َيا َو َت ْز َه َق َأ ْنف ُُس ُه ْم َو ُه ْم َكا ِف ُرونَ } [التوبة‪.]85-84 :‬‬ ‫نستطيع أن نستنتج أن اإلميان والزواج وإجناب األطفال‬ ‫‪ -2‬العالج النفسي لليأس الذي يعاني منه املنتحر بنداء أقاربهم وأصدقائهم ودراس��ة الواقع الديني واالجتماعي‬
‫ويحدثنا عن مصيرهم أيض ًا‪ ،‬يقول تعالى‪َ { :‬أ َل� ْ�م َي ْع َل ُموا‬ ‫ه��ي ع��وام��ل تبعد االن�ت�ح��ار ع��ن أول�ئ��ك ال��ذي��ن يعانون من‬ ‫مفعم بالرحمة اإللهية من خالل قوله تعالى‪ِ ( :‬إ َّن ال َّل َه َكانَ لهم‪ ،‬تبني أن أكثر املنتحرين هم امللحدون (والالدينيون) فقد‬
‫يها َذ ِل َك‬ ‫َأ َّن ُه َم ْن ُي َحا ِد ِد ال َّل َه َو َر ُسو َل ُه َف َأ َّن َل ُه َنا َر َج َه َّن َم َخا ِل ًدا ِف َ‬ ‫اضطرابات نفسية تدفعهم لالنتحار‪ .‬ألن الدراسة وجدت‬ ‫جاؤوا على رأس قائمة الذين قتلوا أنفسهم ليتخ َّلصوا من‬ ‫يما)‪.‬‬ ‫ب ُِك ْم َر ِح ً‬
‫‪13‬‬ ‫العدد اخلامس عشر ‪ -‬خريف ‪ 1431‬هـ ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫العدد اخلامس عشر ‪ -‬خريف ‪ 1431‬هـ ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫‪12‬‬
‫والسنة‬ ‫في القرآن‬ ‫والسنة‬ ‫في القرآن‬
‫اعجاز تاريخي‬ ‫اعجاز نفسي‬

‫‪religious family integration, 1933–1980. AJS 1986; 92:628–656‬‬ ‫يم} [التوبة‪.]63 :‬‬‫ال ْز ُي ا ْل َع ِظ ُ‬
‫خْ ِ‬
‫هيئة نوم أصحاب الكهف والعلم احلديث‬ ‫‪3. Kelleher MJ, Chambers D, Corcoran P, Williamson E, Keeley HS:‬‬
‫;‪Religious sanctions and rates of suicide worldwide. Crisis 1998‬‬

‫‪4. Durkheim E: Suicide. Translated by Spaulding JA, Simpson G.‬‬


‫‪19:78–86‬‬
‫ولكن باب التوبة مفتوح أمام من كتب الله له الهداية!‬
‫فعلى الرغم من إحلاد هؤالء وكفرهم واستهزائهم‪ ،‬فإن‬
‫الله تعالى برحمته يفتح لهم باب التوبة‪ ،‬يقول تعالى‪َ { :‬ف ِإنْ‬
‫إعداد األستاذ هشام طلبة*‬
‫َي ُتو ُبوا َي ُك َخ ْي ًرا َل ُه ْم َو ِإنْ َي َت َو َّل ْوا ُي َع ِّذ ْب ُه ُم ال َّل ُه َع َذا ًبا َأ ِل ً‬
‫يما‬
‫‪New York, Free Press, 1951‬‬
‫‪5. Stack S, Lester D: The effect of religion on suicide ideation. Soc‬‬
‫‪Psychiatry Psychiatr Epidemiol 1991; 26:168–170‬‬ ‫ال ْر ِض ِم ْن َو ِل ٍّي َو اَل َن ِص ٍير}‬ ‫ال ِ َخ��ر ِة َو َما َل ُه ْم ِفي أْ َ‬ ‫ِفي الدُّ ْن َيا َو آْ َ‬
‫‪6. Neeleman J, Wessely S, Lewis G: Suicide acceptability in African-‬‬ ‫[التوبة‪ .]74 :‬وهذه التعاسة التي يعيشونها هي نوع من‬
‫;‪and white Americans: the role of religion. J Nerv Ment Dis 1998‬‬ ‫أنواع العذاب الدنيوي األليم الذي حدثنا عنه القرآن‪ ،‬أليست‬
‫‪186:12–16‬‬
‫‪7. Neeleman J, Halpern D, Leon D, Lewis G: Tolerance of su -‬‬
‫هذه معجزة قرآنية أن حدثنا الله عن واقع هؤالء قبل أربعة‬
‫‪cide, religion, and suicide rates: an‬‬ ‫عشر قرن ًا؟!‬
‫‪ecological and individual study in 19‬‬ ‫وأخير ًا رسالتي إلى كل ملحد‪:‬‬
‫;‪Western countries. Psychol Med 1997‬‬ ‫املؤمن أقل الناس غضبًا‬ ‫ان �ظ��ر وأع �م��ل ع�ق�ل��ك وت��أم��ل في‬
‫‪27:1165–1171‬‬ ‫وعدوانية‬ ‫احلقائق العلمية والدراسات املنشورة‬
‫‪8. Hovey JD: Religion and suicidal ideation‬‬
‫‪in a sample of Latin American imm -‬‬ ‫(أكثر من مئة دراسة منشورة بأيدي‬
‫‪grants. Psychol Rep 1999; 85:171–177‬‬ ‫غير مسلمني) وال�ت��ي تؤكد على أن امللحدين ه��م أكثر‬
‫‪9. Cook JM, Pearson JL, Thompson R, Black BS, Rabins PV: Su -‬‬
‫‪cidality in older African Americans: findings from the EPOCH‬‬
‫الناس يأس ًا وإحباط ًا وتفكك ًا‪ ،‬وأن نسبة االنتحار بينهم‬
‫‪study. Am J Geriatr Psychiatry 2002; 10:437–446‬‬ ‫هي األعلى‪ ،‬وأن هؤالء امللحدين هم أقل الناس سعادة‬
‫‪10. Morphew JA: Religion and attempted suicide. Int J Soc Psychi -‬‬ ‫واطمئنان ًا بسبب بعدهم عن الدين‪ ،‬فلماذا توهم نفسك‬
‫‪try 1968; 14:188–192‬‬ ‫بأنك سعيد بتحررك من قيود الدين؟ ارجع يا صديقي‬
‫‪11. Malone KM, Oquendo MA, Hass G, Ellis SP, Li S, Mann JJ: Pr -‬‬
‫‪tective factors against suicidal acts in major depression: reasons‬‬
‫إل��ى لغة العقل وال�ع�ل��م وامل�ن�ط��ق‪ .‬وأن�ص�ح��ك ب��أن تعالج‬
‫صورة  الكهف «سحاب» في األردن الذي أوى إليه فتية أهل الكهف املذكورين في القرآن الكرمي‬
‫‪for living. Am J Psychiatry 2000; 157:1084–1088‬‬ ‫نفسك بهذا الدعاء الرائع‪:‬‬
‫قصة أصحاب الكهف من أعجب قصص القرآن الكرمي وأكثرها اآلية الرابعة ( َو ُي ْن ِذ َر ا ّل ِذ َين َقا ُلو ْا ا ّتخَ َذ ال ّل ُه َو َلداً) ليتسق مع قوله‬ ‫‪12. Kok LP: Race, religion and female suicide attempters in Sing -‬‬ ‫َر َّب َنا لاَ ُت ِز ْغ ُق ُلو َب َنا َب ْع َد ِإ ْذ هَ َد ْي َت َنا َوهَ ْب َل َنا مِ نْ َل ُد ْن َك‬
‫تشوي ًقا‪ .‬واحلق أنها وبقية قصص تلك السورة فيها الكثير من قبلها في اإلسراء بعد احلمد‪( ..‬ا ّل ِذي َل ْم َي ّت ِخ ْذ َو َلداً)‪.‬‬ ‫‪pore. Soc Psychiatry Psychiatr Epidemiol 1988; 23:236–239‬‬ ‫َر ْح َم ًة ِإ َّن َك َأ ْن َت ا ْل َوهَّ ُ‬
‫اب‬
‫أنواع اإلعجاز التاريخي والعلمي‪ ,‬والبياني بديهة‪..‬‬ ‫‪13. Nelson FL: Religiosity and self-destructive crises in the instit -‬‬
‫‪----------------‬‬
‫محور املقال‬ ‫‪tionalized elderly. Suicide Life Threat Behav 1977; 7:67–74‬‬
‫فكما أن قصة يوسف هي أحسن القصص‪ ,‬فإن قصص سورة‬ ‫‪14. Linehan MM, Goodstein JL, Nielsen SL, Chiles JA: Reasons‬‬
‫* وللراغبني مبتابعة البحث بكامله مراجعة املوقع‪:‬‬
‫وفي السورة العديد من أمثال تلك الصور املعجزة‪ .‬لكن مقالنا‬ ‫الكهف هي أعجبها‪.‬‬ ‫‪www.kaheel7.com‬‬
‫‪for staying alive when you are thinking of killing yourself: the‬‬ ‫دراسة للباحثني جوس مانويل وأليساندرا فليشمان حول عالقة االنتحار‬
‫يم َك��ا ُن��و ْا ِم� ْ�ن آ َيا ِت َنا يركز على اإلعجاز في مسألة هيئة أصحاب الكهف وتقلبهم أثناء‬ ‫�اب ا ْل َك ْه ِف َو ّ‬
‫الر ِق ِ‬ ‫{ َأ ْم َح ِس ْب َت َأ ّن َأ ْص� َ�ح� َ‬ ‫;‪Reasons for Living Inventory. J Consult Clin Psychol 1983‬‬ ‫بالدين‪:‬‬
‫نومهم‪ ,‬حيث يقول تعالى { َو حَ ْت َس ُب ُه ْم َأ ْيقَاظ ًا َو ُه ْم ُر ُقو ٌد َو ُن َق ّل ُب ُه ْم‬ ‫َع َجباً‪َ ...‬وا ّتخَ َذ َسبِي َل ُه ِفي ا ْل َب ْح ِر َع َجباً}‪.‬‬ ‫‪51:276–286‬‬ ‫‪http://www.med.uio.no/iasp/files/papers/Bertolote.pdf‬‬
‫‪15. Spitzer RL, Williams JBW, Gibbon M, First MB: Structured‬‬
‫يد َلوِ‬ ‫ِالو ِص ِ‬ ‫اس ٌط ِذ َرا َع� ْ�ي� ِه ب َ‬
‫الش َمالِ َو َك ْل ُب ُه ْم َب ِ‬ ‫َات ّ‬ ‫َات َالي ِم ِني َوذ َ‬ ‫ومن عجائبها أننا لو تدبرنا مطلعها لوجدناه يتسق متا ًما مع ذ َ‬ ‫‪Religious Affiliation and Suicide Attempt, 2004.‬‬
‫‪Clinical Interview for DSM-III-R—Patient Version 1.0 (SCID-‬‬ ‫‪American Psychiatric Association,‬‬
‫أواخر السورة السابقة لها‪ .‬وهي سورة اإلسراء‪ ,‬وهذا من إعجاز ّاط َل ْع َت َع َل ْيهِ ْم َل ْو ّل ْي َت ِم ْن ُه ْم ِف َرار ًا َو مَلُ ِل ْئ َت ِم ْن ُه ْم ُر ْعباً}‪.18 -‬‬ ‫‪P). Washington, DC, American Psychiatric Press, 1990‬‬ ‫‪http://ajp.psychiatryonline.org/cgi/co -‬‬
‫املناسبة في القرآن الكرمي‪ ,‬حيث يبدو وكأنه سلسلة من حلق‬ ‫‪16. Overall JE, Gorham DR: The Brief Psychiatric Rating Scale. Ps -‬‬ ‫‪tent/full/161/12/2303‬‬
‫متهيد‬ ‫متداخلة حيث نقرأ في آخر آيات سورة اإلس��راء‪َ ( -:‬و ُق ِل حْ َ‬
‫ال ْم ُد‬ ‫‪chol Rep 1962; 10:799–812‬‬ ‫بعض املراجع التي اعتمدت عليها الدراسة‪:‬‬
‫‪17. Zuckerman, Phil. «Atheism: Contemporary Rates and Patterns»,‬‬
‫قبل أن نستعرض آراء املفسرين لتلك اآلية‪ ,‬نقول أنها تشمل‬ ‫ِل ّل ِه ا ّل ِذي َل ْم َي ّت ِخ ْذ َو َل��داً‪ .)......‬ثم نقرأ في أول الحقتها سورة‬ ‫‪chapterinTheCambridgeCompanion toAtheism,ed.byMichael‬‬
‫‪1. Stack S: The effect of religious commitment on suicide: a cross-‬‬
‫‪national analysis. J Health Soc Behav 1983; 24:362–374‬‬
‫الكهف (الحْ َ ْم ُد ِل ّلهِ) وكأنه استجابة لألمر اإللهي السابق‪ .‬ثم يقول في أربعة أقسام أو مراحل يترتب بعضها على بعض بشكل معجز‪-:‬‬ ‫‪Martin, Cambridge University Press: Cambridge, UK (2005).‬‬ ‫‪2. Breault KD: Suicide in America: a test of Durkheim’s theory of‬‬
‫‪15‬‬ ‫العدد اخلامس عشر ‪ -‬خريف ‪ 1431‬هـ ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫العدد اخلامس عشر ‪ -‬خريف ‪ 1431‬هـ ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫‪14‬‬
‫والسنة‬ ‫في القرآن‬ ‫والسنة‬ ‫في القرآن‬
‫اعجاز تاريخي‬ ‫اعجاز تاريخي‬

‫اآلية الصغيرة التى نحن بصددها (الكهف‬ ‫– أن ذلك يجدد خاليا العني‪ .‬وأن بقاء‬ ‫وعدم تقليب الكلب عن ميينه وشماله يدل على أن تقليبهم ليس من‬ ‫‪َ « -1‬و حَ ْت َس ُب ُه ْم َأ ْيقَاظ ًا َو ُه ْم ُر ُقو ٌد»‪.‬‬
‫‪ )18‬تشمل أربعة مراحل – كما أسلفنا –‬ ‫تعالى‬ ‫الله‬ ‫حماهم‬ ‫العني مفتوحة فترات طويلة يعرضها‬ ‫أسباب سالمتهم من البلى وإال لكان كلبهم مثلهم فيه‪ ..‬وقد يقال‪:‬‬ ‫الش َمالِ »‪.‬‬ ‫َات ّ‬ ‫َات َالي ِم ِني َوذ َ‬ ‫‪َ « -2‬و ُن َق ّل ُب ُه ْم ذ َ‬
‫تترتب املرحلة فيها على سابقتها‪ .‬فكأمنا‬ ‫من الدخالء مبنظرهم‬ ‫للجفاف ولذلك ترمش عيوننا‪ ,‬ناهيك‬ ‫إنهم لم يفنوا وأما كلبهم ففني وصار رمة مبسوطة عظام ذراعيه‬ ‫يد»‪.‬‬ ‫ِالو ِص ِ‬ ‫اس ٌط ِذ َرا َع ْي ِه ب َ‬ ‫‪َ « -3‬و َك ْل ُب ُه ْم َب ِ‬
‫ً‬
‫أيقاظا وهم رقود «‬ ‫ع��ن ت �ق��رح ال �ق��رن �ي��ة‪ .‬وك�ل�ن��ا يعلم أن املرعب وبالكلب يحرسهم تقول اآلي��ة‪ :‬وحتسبهم‬ ‫‪َ « -4‬لوِ ّاط َل ْع َت َع َل ْيهِ ْم َل ْو ّل ْي َت ِم ْن ُه ْم ِف َرار ًا َو مَلُ ِل ْئ َت ِم ْن ُه ْم ُر ْعباً»‪ (« .‬احلق أنه لو كان قد بلى لالحظوا ذلك عند استيقاظهم )‪.‬‬
‫نتيجة « تقلبهم ذات اليمني وذات الشمال‬ ‫الفراعنة ف��ي حتنيطهم ملومياواتهم‬ ‫د‪ -‬قولهم فى مسألة « لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا‬
‫( تقل ًبا شدي ًدا ) ‪ .‬وقد شكل هذا العامل – التقلب الشديد‬
‫(‪)2‬‬
‫كانوا ينتزعون العني ألنها أول األعضاء املعرضة للتلف‪.‬‬ ‫ومللئت منهم رعبا»‬ ‫أو ًال‪ -:‬آراء املفسرين‪-:‬‬
‫وأصحاب الكهف كانوا في موقع جبلي تكثر فيه األتربة‪ – .‬م��ع ع��ام��ل آخ��ر ه��و ك��ون «كلبهم ب��اس��ط ذراع �ي��ه بالوصيد «‬ ‫أغلب التفاسير ذكرت أن سبب ذلك هو املهابة التي ألبسها‬ ‫أ‌‪ -‬قولهم في مسألة أن يحسبهم املطلع عليهم مستيقظني‬
‫فإذا كان الله قد ضرب على آذانهم املفتحة أص ًال‪ ,‬فمن باب كأمنا يحرسهم من الدخالء‪ .‬تسبب هذان العامالن {التقلب‪,‬‬ ‫الله إياهم‪ ,‬منها تفسير ابن كثير واجلاللني والبقاعي والكشاف‬ ‫بينما هم نيام‪...‬‬
‫للزمخشري‪.‬‬ ‫ذكر فريق من املفسرين أن سبب ذلك هو بقاء عيونهم مفتحة‬
‫الكلب} في أنه «لو أطلعت عليهم لوليت منهم فرا ًرا ومللئت منهم‬ ‫أولى أن تغلق عيونهم على األقل ألغلب الفترات‪.‬‬
‫أم� � ��ا ال� �ب� �ي� �ض���اوي فقد‬
‫رع ًبا»‪ ..‬إذ لو تخيلنا دخي ًال صعد إلى كهفهم فى هذا املكان‬ ‫ب‪ -‬بالنسبة ملسألة تقلب أصحاب الكهف‬ ‫وأن تعرضها للهواء هكذا أبقى لها !! ذهب إلى ذلك ابن كثير‬
‫أض� ��اف إل ��ى ال�ه�ي�ب��ة انفتاح‬
‫ذك��ر بعض املفسرين – بغير سند م��ن ن��ص ق��رآن��ي أو املقفر فوجد أول ما وجد كل ًبا يفاجئه عند املدخل ليس نائ ًما على‬ ‫وتفسير اجلاللني وصاحب التحرير والتنوير وغيرهم‪.‬‬
‫عيونهم ووحشة املكان‪ .‬ومن‬
‫حديث شريف – أن أصحاب الكهف كانوا يتقلبون في العام جنبه أو متقل ًبا بل متحفزًا باسط ًا ذراعيه(‪ )3‬فإذا لم يخيفه منظر‬ ‫املفسرين م��ا أع��زى ذل��ك إلى‬
‫كما ذك��ر فريق آخ��ر من املفسرين أن سبب ذل��ك هو انفتاح‬
‫الكلب ومد ببصره إلى الداخل لوجد منظ ًرا عجي ًبا‪ ,‬سبعة آدميني‬ ‫مرة أو مرتني‪.‬‬ ‫طول شعورهم وأظفارهم‪ ,‬وهو‬ ‫العيون أثناء النوم إضافة إلى كثرة تقلبهم أثناء نومهم أو أحد‬
‫والعلم احلديث يقول العكس متا ًما‪ .‬إذ يقول أستاذ ظاهرهم أنهم نائمون‪ .‬لكنهم يتقلبون فى نومهم تقل ًبا ليس كتقلب‬ ‫ما حكاه القرطبي عن الزجاج‬ ‫هذين العاملني‪ .‬ذهب إلى ذلك البقاعي والزمخشرى والبيضاوي‬
‫علم النفس السويسري‪« /‬ألكسندر بوربلى » �‪ Alexan‬النائم كما يعرف الناس‪ .‬إذ لو سكن هذا تقلب هذا‪ .‬فيراهم «‬ ‫والنحاس والقشيري‪.‬‬ ‫والشوكاني‪.‬‬
‫‪ .der A. Borbély, MD‬في كتابه ‪ Secrets Of Sleep‬نيا ًما كاأليقاظ‪ ,‬يتقلبون وال يستيقظون»(‪ )4‬وهذه هيئة تثير الرعب‬ ‫أما سيد قطب فقال في «‬ ‫وأخي ًرا ذهب فريق إلى أن سبب أن يحسبهم املطلع عليهم‬
‫«أسرار النوم»(‪ )1‬وحتديدا في الصفحة رقم ‪ ..»:251‬والنوم فى قلب املطلع عليهم‪.‬‬ ‫الظالل « كال ًما متفر ًدا شديد‬ ‫ً‬
‫أيقاظا بينما هم نائمون هو كثرة تقلبهم فقط‪ .‬مثل تفسير « في‬
‫• فأنى حملمد صلى الله عليه وسلم بعلم سيكولوجية النوم‬ ‫يكون عمي ًقا في البداية‪ ,‬ولكنه يصبح سطح ًيا بدرجة أكبر‬ ‫اإلقناع‪-:‬‬ ‫ظالل القرآن « رحم الله صاحبه ومن قبله نقل األلوسي عن الزجاج‬
‫كلما انقضت الساعات‪ .‬وه��ذه الظاهرة نفسها تنعكس احلديثة ومعدل تقلب النائم؟!!‬ ‫( ثم ميضى السياق يكمل‬ ‫مثل ذلك واستدل عليه بذكر ذلك بعد‪.‬‬
‫وتأمل معي دقة ترتيب فقرات هذه اآلية و متاسكها ودقة‬ ‫في حقيقة نشاهدها وهى أن النائم يغير أوضاعه مبعدل‬ ‫املشهد العجيب‪ .‬وهم يقلبون‬ ‫ب‪ -‬قولهم في مسألة تقلب أصحاب الكهف وسبب ذلك‪:‬‬
‫ت�ك��رار أك�ب��ر كلما زادت الفترة ال�ت��ي قضاها ف��ي النوم ألفاظها‪..‬‬ ‫من جنب إلى جنب في نومتهم‬ ‫ذ ك��ر أغلب املفسرين أن سبب ذ ل��ك هو أال تأكل األرض‬
‫وص�ل��ى ال�ل��ه على م��ن ن��زل عليه هذا‬ ‫طو ًال‪.»!!.‬‬ ‫صورة لغالف كتاب أسرار النوم ال�ط��وي�ل��ة‪ .‬فيحسبهم الرائي‬ ‫أجسامهم‪ ,‬أو ما يسمى اليوم قرحة ا ل�ف��راش‪ .‬ذ ك��روا ذلك‬
‫الكالم‪.‬‬ ‫م��ا بالنا إذ ًا مب��ن ن��ام��وا ثالثمائة‬ ‫إيقاظا وهم رق��ود‪ .‬وكلبهم –‬ ‫ً‬ ‫نق ًال عن ابن عباس‪ .‬ومنهم من زاد أنهم كانوا يتقلبون مرة‬
‫الفتية بني متقلب‬ ‫على عادة الكالب‪ -‬باسط ذراعيه بالفناء قري ًبا من باب الكهف كأنه‬ ‫وا ح��دة في العام ي��وم ع��ا ش��وراء أو م��ر ت�ين!! ومنهم من قال‬
‫‪---------------‬‬ ‫سنني وازدادوا تس ًعا؟ كيف يكون‬
‫* كاتب وباحث في اإلعجاز الغيبي للقرآن الكرمي‪.‬‬
‫راقد‬ ‫وبني‬ ‫معدل تغيير أوضاعهم أثناء نومهم؟‬ ‫يحرسهم‪ .‬وهم في هيئتهم هذه يثيرون الرعب في قلب من يطلع‬ ‫أن تقلبهم كان كثي ًر ا مثل تفسير البقاعي وبعض ما طرحه‬
‫وللراغبني مبتابعة البحث بكامله مراجعة املوقع‬ ‫عليهم‪ .‬إذ يراهم نيا ًما كاأليقاظ‪ ,‬يتقلبون وال يستيقظون‪ .‬وذلك من‬ ‫األلوسي‪.‬‬
‫أي ك�ي��ف ي �ك��ون م �ع��دل تقلبهم ذات‬
‫‪www.quran-m.com‬‬ ‫تدبير الله كي ال يعبث بهم عابث‪ ,‬حتى يحني الوقت املعلوم )‪.‬‬ ‫ج‪ -‬قولهم في مسألة الكلب وحاله‪:‬‬
‫(‪ )1‬سلسلة عالم املعرفة‪ ,‬العدد ‪ ,163‬ترجمة د ‪ /‬احمد عبد العزيز‬
‫اليمني وذات الشمال؟ ال بد أنه كان معد ًال مرتف ًعا جد ًا‪.‬‬
‫سالمة‬ ‫مما قاله بعض املفسرين كذلك ويرفضه العقل‪ ,‬قولهم أن‬ ‫أسهب الكثير من قدامى املفسرين في وص��ف الكلب‪ ,‬لونه‬
‫سبب الرعب منهم طول شعورهم وأظفارهم‪ .‬إذ لم يلحظوا (‪ )2‬هذا ما أثبته العلم احلديث وذكرناه آنفا كما يؤكد ذلك اإلتيان بالفعل‬
‫ثانيا‪ -:‬رأي العلم احلديث‪-:‬‬ ‫واسمه وأنه أنطقه الله بعد أن طردوه أول مرة!! وأنه كان أسد َا‬
‫املضارع « نقلبهم « مما يفيد استمرار احلدث‪ ,‬وهذا ما رآه صاحب‬ ‫ذلك حني استيقظوا‪ ,‬بل قالوا‪ :‬لبثنا يوما أو بعض يوم‪.....‬‬ ‫أ‌‪ -‬بالنسبة ملا ذهب إليه بعض املفسرين في تفسيرهم لقوله‬ ‫وسمى األسد كلبا!! كما روى البيضاوي والقرطبي وابن كثير‪,‬‬
‫تفسير التحرير والتنوير‪.‬‬ ‫تعالى‪َ ( :‬و حَ ْت َس ُب ُه ْم َأ ْيقَاظ ًا َو ُه ْم ُر ُقو ٌد) بأن ذلك حدث لبقاء عيونهم‬ ‫وهي روايات لم يذكروا لها أية أحاديث نبوية‪ ,‬وبالطبع لم يذكره‬
‫(‪ )3‬قريبا من ذلك كان يفعله الفراعنة إلخافة اللصوص الذين يقتربون‬
‫من مقابرهم وكنوزهم املدفونة‪ .‬إذ كانوا يضعون فى مداخلها متاثيل‬ ‫مفتحة وأن ذلك ابقي للعني‪,‬ال يؤيده العلم احلديث أ ًب��دا‪ ,‬كما أن‬ ‫النص القرآني‪.‬‬
‫لكالب باسطة ذراعيها وكائنات مرعبة‪.‬‬
‫ثالثا‪ -:‬اخلالصة‪-:‬‬ ‫النص لم يذكره‪ ,‬فالعني على العكس من األنف واألذن تغلق عندما‬ ‫أما تفسير التحرير والتنوير فقد قال في ذلك كال ًما يعتد به‪.....‬‬
‫(‪ )4‬سيد قطب « فى ظالل القرآن‪.‬‬ ‫من أهم أوجه إعجاز القرآن أنه يفسر بعضه ً‬
‫بعضا‪ .‬وهذه‬ ‫ننام‪ .‬وكما أخبرني أ‪.‬د طارق عبده مصطفى أستاذ طب العيون‬ ‫« لم يذكر التقلب لكلبهم بل استمر في مكانه باسط ذراعيه‪...‬‬
‫‪17‬‬ ‫العدد اخلامس عشر ‪ -‬خريف ‪ 1431‬هـ ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫العدد اخلامس عشر ‪ -‬خريف ‪ 1431‬هـ ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫‪16‬‬
‫والسنة‬ ‫في القرآن‬ ‫والسنة‬ ‫في القرآن‬
‫اعجاز طبي‬ ‫اعجاز طبي‬

‫اإلشارة العلمية في احلديث الشريف‪:‬‬ ‫الش ْي َطان َو َت ْث ِبيطه‪َ ،‬و َق ْو له َص َّلى ال َّله َعلَ ْي ِه َو َس َّل َم ‪َ ( :‬و ِإ لاَّ َأ ْص َب َح‬ ‫َّ‬
‫أث��ار فضولي وان��ا أدرس هذا احلديث تخصيص الشيطان‬
‫قافية الرأس أو (مؤخرة الرأس) في عقد العقد عن سائر الرأس‬
‫الش ْي َطان‬‫َخ ِبيث ال َّن ْفس َك� ْ�س�َل�اَ ن)‪َ ،‬م ْعنَا ُه لمِ َ��ا َعلَ ْي ِه مِ � ْن ُع َقد َّ‬
‫اس� ِت�ي�َل�اَ ِئ� ِه َم� َع َأ َّن � ُه لَ� ْم َي � َز ْل َذ ِل� َ�ك َع� ْن�هُ‪َ ،‬و َظاهِ ر‬
‫َو آ َث��ار َت ْث ِبيطه َو ْ‬
‫قافية الرأس مركز النوم‬
‫فبادرت باستشارة فضيلة الدكتور عبد اخلالق شريبه وطلبت منه‬
‫البحث في املواقع الطبية املتخصصة بالدماغ عن وظائف هذه‬
‫ا لحْ َ ��دِ ي��ث َأ نَّ َم� ْن لَ� ْم َي ْج َمع َب�ْي�نْ ا لأْ ُ ُم��ور ا ل� َّث�َل�اَ َث��ة َو هِ � َ�ي ‪ :‬ال ِّذ ْكر‬
‫اخل فِ ي َم ْن ُي ْص ِبح َخ ِبيث ال َّن ْفس‬ ‫الصلاَ ة‪َ ،‬ف ُه َو َد ِ‬ ‫َو ا لْ ُو ُضوء َو َّ‬ ‫واليقظة ـ إعجاز علمي‬
‫َك ْسلاَ ن‪.‬‬
‫املنطقة وهل لها عالقة بالنوم واليقظة‪.‬‬ ‫فكرة وإعداد فراس نور احلق*‬
‫وإليكم نتائج البحث‪:‬‬ ‫شرح ابن حجر العسقالني للحديث‬
‫التشكيل الشبكي‪:‬‬ ‫التوثيق الطبي الدكتور عبد اخلالق شريبة **‬
‫‪The reticular formation‬‬ ‫(كتاب فتح الباري)‪:‬‬
‫‪The reticular formation is a part of the brain that‬‬ ‫َع ْن َأ ِبى ُه َر ْي َر َة ‪ -‬رضي الله عنه ‪َ -‬أنَّ َر ُسو َل ال َّل ِه ‪ -‬صلى‬
‫)‪is involved in awaking/sleeping cycle.(1‬‬
‫وذكر اإلمام ابن حجر العسقالني في شرحه لهذا احلديث‬ ‫الله عليه وسلم ‪َ -‬قا َل‬
‫التشكيل الشبكي هو جزء من املخ له عالقة بدورة النوم‬ ‫قريب ًا من شرح النووي وزاد عليه (يضرب أي بيده على العقدة‬ ‫ان َع َلى َقافِ َيةِ َر ْأ ِس َأ َحدِ ُك ْم ِإ َذا هُ َو َنا َم‬ ‫الش ْي َط ُ‬‫« َي ْعقِ ُد َّ‬
‫ال ذلك وقيل معنى يضرب يحجب احلس واالستيقاظ‪.‬‬ ‫تأكي ًدا وإحكا ًما لها قائ ً‬ ‫يل َفا ْر ُق ْد‪َ ،‬ف ِإ ِن‬
‫ض ِر ُب ُك َّل عُ ْق َد ٍة َع َل ْي َك َل ْي ٌل َط ِو ٌ‬ ‫ال َث عُ َق ٍد‪َ ،‬ي ْ‬ ‫َث َ‬
‫موقعه‪:‬‬ ‫عن النائم حتى ال يستيقظ ومنه قوله تعالى فضربنا على آذانهم‬ ‫ض َأ ا ْن َح َّلتْ عُ ْق َد ٌة‪،‬‬‫اس َت ْي َق َظ َف َذ َك َر ال َّل َه ا ْن َح َّلتْ عُ ْق َد ٌة‪َ ،‬ف ِإنْ َت َو َّ‬‫ْ‬
‫صورة للتشكيل الشبكي(‪ )Reticular formation‬وهو يقع‬
‫‪Location‬‬ ‫أي حجبنا وقيل معنى يضرب يحجب احلس عن النائم حتى ال‬ ‫يطا َط ِّي َب ال َّن ْف ِس‪َ ،‬و ِإالَّ‬ ‫ص َب َح َن ِش ً‬ ‫َّ‬
‫صلى ا ْن َحلتْ عُ ْق َد ٌة َف َأ ْ‬ ‫َّ‬ ‫َف ِإنْ َ‬
‫أسفل اجلمجمة في مؤخرة املخ كما نرى أو قافية الرأس كما أخبر‬
‫‪The reticular formation is present in the brain‬‬ ‫يستيقظ ومنه قوله تعالى فضربنا على آذانهم أي حجبنا احلس أن‬ ‫احلديث الشريف‬ ‫النَ »‪ .‬متفق عليه‪.‬‬ ‫يث ال َّن ْف ِس َك ْس َ‬ ‫ص َب َح َخ ِب َ‬ ‫َأ ْ‬
‫‪stem.‬‬ ‫يلج في اذانهم فينتبهوا‪.‬‬ ‫الس ْحر‪َ ،‬وقِ ي َل‪َ :‬ي ْحتَمِ ل َأ ْن َي ُكون‬ ‫َي ُقول ُه ُي َؤ ِّثر فِ ي َت ْث ِبيط النَّائِم َك َتأْث ِ‬
‫ِير ِّ‬ ‫خالصة البحث‪:‬‬
‫خالصة الكالم‪ :‬قافية الرأس هي مؤخرته أو آخره وقيل أوسطه ‪It is centered roughly in the pons. It is the core of‬‬
‫‪the brainstem running through the mid-brain, pons‬‬ ‫فِ ْعلاً َي ْف َعل ُه َكفِ ْعلِ ال َّن َّفا َثات فِ ي الْ ُع َقد‪َ ،‬وقِ ي َل‪ُ :‬ه َو مِ ْن َع ْقد الْ َقلْب‬ ‫أشار احلديث الشريف إلى أن الشيطان يعقد على مؤخرة‬
‫وضرب الشيطان على العقد من أجل حجب احلس عن النائم حتى‬ ‫َوت َْصمِ يمه‪َ ،‬ف َك َأ َّن ُه ُي َو ْسوِ س فِ ي َن ْفسه َو ُي َح ِّدث ُه ِب َأنَّ َعلَ ْيك لَ ْيلاً َطوِ يلاً‬
‫‪and medulla(2).‬‬ ‫رأس النائم ثالثة عقد ثم يضرب عليها ليصده عن قيام الليل‬
‫‪the brainstem (or brain stem) is the posterior‬‬ ‫ال يستيقظ ويشعره بالكسل‪.‬‬ ‫الش ْي َطان َع ْن‬ ‫َف َت َأ َّخ ْر َع ْن الْقِ َيام‪َ ،‬وقِ ي َل‪ُ :‬ه َو َم َجاز‪ُ ،‬ك ِّن َي لَ ُه َع ْن َت ْث ِبيط َّ‬ ‫وصالة الفجر بإنزال النعاس عليه فيستيقظ بعدها خبيث النفس‬
‫‪part of the brain, adjoining and structurally‬‬ ‫قِ َيام ال َّل ْيل‪.‬‬ ‫كسالن‪ ،‬فإن هو استيقظ وذكر الله وتوضأ وصلى ركعتني أنحلت‬
‫‪continuous with the spinal cord.‬‬ ‫َق ْوله َص َّلى ال َّله َعلَ ْي ِه َو َس َّل َم‪َ ( :‬فِ��إ َذا ا ِْس َت ْي َق َظ َف َذ َك َر ال َّله َع َّز‬ ‫تلك العقد بإذن الله‪ ،‬وهذا إشارة واضحة إلى أن مركز التحكم‬
‫‪It is including the medulla oblongata, pons and‬‬ ‫َو َج َّل ِان َْح َّل ْت ُع ْق َدة‪َ ،‬و ِإ َذا َت َو َّض َأ ِان َْح َّل ْت َع ْن ُه ُع ْق َد َتانِ ‪َ ،‬ف ِإ َذا َص َّلى‬
‫‪midbrain(3).‬‬
‫باليقظة والنوم موجود في مؤخرة الرأس (مؤخرة الدماغ) وهذا‬
‫يطا َط ِّيب ال َّن ْفس‪َ ،‬و ِإلاَّ َأ ْص َب َح َخ ِبيث‬ ‫ِان َْح َّل ْت الْ ُع َقد‪َ ،‬ف َأ ْص َب َح ن َِش ً‬ ‫ما أثبته العلم احلديث وهذا دليل واضح أن النبي صلى الله عليه‬
‫التشكيل الشبكي موجود في جذع املخ‪ ،‬وجذع املخ عبارة عن‬
‫ال َّن ْفس َك ْسلاَ ن) فِ ي ِه َف َوائِد مِ ْن َها‪ :‬الحْ َّ ��ث َعلَى ذِ ْك��ر ال َّله َت َعالَى‬ ‫وسلم كان مؤي ًدا من الله بالوحي وانه نبي مرسل من عند من يعلم‬
‫اجلزء اخللفي من املخ‪ ،‬وهو متداخل ومتصل تركيب ًيا مع احلبل‬
‫وصة َم ْش ُهو َرة فِ ي‬ ‫عِ نْد الاِ ْستِي َقاظ‪َ ،‬و َج��ا َء ْت فِ ي ِه َأ ْذ َك��ار َمخْ ُص َ‬ ‫السر وأخفى‪ .‬التفاصيل‪:‬‬
‫الشوكي‪ ،‬ويتكون من ثالثة أج��زاء النخاع املستطيل واجلسر‬
‫الص ِحيح (‪.)...‬‬ ‫َّ‬ ‫شرح النووي للحديث (شرح صحيح مسلم)‪:‬‬
‫(القنطرة) واملخ املتوسط ‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫الصلاَ ة َو ِإ ْن َقل ْت‪.‬‬ ‫َومِ ْن َها‪ :‬الت َّْح ِريض َعلى ال ُو ُضوء ِحي َن ِئذٍ َو َعلى َّ‬ ‫الش ْعر‪.‬‬ ‫آخر ال َّرأْس‪َ ،‬وقَافِ َية ُك ّل َش ْيء ِ‬
‫آخ ُر ُه‪َ ،‬ومِ ْن ُه قَافِ َية َّ‬ ‫الْقَافِ َية‪ِ :‬‬
‫ويتركز التشكيل الشبكي تقريبا في منطقة اجلسر أو القنطرة‬
‫َو َق ْوله َص َّلى ال َّله َعلَ ْي ِه َو َس َّل َم‪َ ( :‬و ِإ َذا َت َو َّض َأ ِان َْح َّل ْت ُع ْق َد َتانِ ) َم ْعنَا ُه‪:‬‬ ‫َق ْوله‪َ ( :‬علَ ْيك لَ ْيلاً َطوِ يلاً ) َه َك َذا ُه َو فِ ي ُم ْع َظم ن َُسخ ِبلاَ دنَا ِب َص ِح ِيح‬
‫من جذع املخ‪ ،‬وهو يعتبر نواة جذع املخ حيث يجري في أجزائه‬
‫تمَ َام ُع ْق َد َتينْ ِ ‪َ ،‬أ ْي ِان َْح َّل ْت ُع ْق َدة َثا ِن َية‪َ ،‬وتمَ َّ ِب َها ُع ْق َد َتانِ َق ْوله َص َّلى‬ ‫اضي َع ْن ِر َوا َية الأْ َ ْك َث ِري َن ( َعلَ ْيك لَ ْيلاً َطوِ يلاً )‬‫ُم ْسلِم‪َ ،‬و َك َذا َن َقلَ ُه الْ َق ِ‬
‫الثالثة النخاع املستطيل واجلسر (القنطرة) واملخ املتوسط ‪.‬‬
‫ال َّله َعلَ ْي ِه َو َس َّل َم‪:‬‬ ‫َّص ِب َعلَى الإْ ِ ْغ َراء‪َ ،‬و َر َوا ُه َب ْعضه ْم ( َعلَ ْيك لَ ْيل َطوِ يل) ِبال َّر ْف ِع َأ ْي‬ ‫ِبالن ْ‬
‫وظيفته‪Function :‬‬ ‫���������������������������� ‪Midbrain , Pons , Medu l‬‬
‫صورة تبني أجزاء جذع املخ الثالثة‬
‫يطا َط ِّيب ال َّن ْفس) َم ْعنَا ُه ‪ :‬ل ُِس ُر ِ‬
‫ور ِه بمِ َ ا َو َّف َق ُه‬ ‫( َف َأ ْص َب َح ن َِش ً‬ ‫َبقِ َي َعلَ ْيك لَ ْيل َطوِ يل‪َ ،‬واخْ َتلَ َف الْ ُعلَ َماء فِ ي َه��ذِ ِه الْ ُع َقد فَقِ ي َل‪ُ :‬ه َو‬
‫‪Reticular formation is a complex network of‬‬ ‫‪ la oblongata‬وهي التي حتتوي بداخلها على التشكيل الشبكي‪،‬‬
‫‪neurons and axons that is located throughout the‬‬ ‫ومتتد هذه األجزاء من مؤخرة الرأس إلى أن تتحد باحلبل الشوكي‬ ‫الطا َعة‪َ ،‬و َو َع َد ُه ِب ِه مِ ْن َث َو ابه َم َع َما ُي َب ِار ك‬ ‫ال َّله ا لْ َك ِر مي لَ ُه مِ ْن َّ‬ ‫الس ْحر ِللإْ ِ ن َْسانِ َو َم ْن ُع ُه مِ ْن الْقِ َيام َقا َل‬ ‫َع ْقد َحقِ يقِ ّي بمِ َ ْعنَى َع ْقد ِّ‬
‫‪brainstem. regulates consciousness, sleep, and‬‬ ‫‪Spinal cord‬‬ ‫لَ ُه فِ ي َن ْفسه‪َ ،‬و ت ََص ُّر فه فِ ي ُك ّل ُأ ُموره‪َ ،‬م َع َما زَا َل َع ْن ُه مِ ْن ُع َقد‬ ‫ال َّله َت َعالَى‪َ { :‬و ِم� ْ�ن شَ ّر ال َّن َّفا َثات ِفي ا ْل ُعقَد} َف َعلَى َه َذا ُه َو َق ْول‬
‫‪19‬‬ ‫العدد اخلامس عشر ‪ -‬خريف ‪ 1431‬هـ ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫العدد اخلامس عشر ‪ -‬خريف ‪ 1431‬هـ ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫‪18‬‬
‫والسنة‬ ‫في القرآن‬ ‫والسنة‬ ‫في القرآن‬
‫اعجاز قرآني‬ ‫اعجاز طبي‬

‫اإلعجاز العلمي في القرآن الكرمي‬


‫)‪wakefulness.(4‬‬
‫‪Reticular formation‬‬
‫‪sends nonspecific impulses‬‬
‫‪throughout the cortex to‬‬
‫)‪«awaken» the entire brain.(5‬‬

‫ملرحلة الشيخوخة وأرذل العمر‬ ‫‪If Reticular formation is‬‬


‫‪stimulated in a sleeping subject,‬‬
‫‪Subject awakens.‬‬
‫‪If Reticular formation is‬‬
‫األستاذ الدكتور محمد عبد احلميد العدالني*‬
‫‪stimulated in a wake subject,‬‬
‫‪subject becomes more alert . If‬‬
‫ازداد االهتمام في السنوات األخيرة مبرحلة الشيخوخة‪ ،‬سواء من حيث الرعاية أو من الناحية الطبية لتأخير‬ ‫‪Inhibited or damaged, Subject‬‬
‫أعراض الشيخوخة‪ ،‬وقد بالغ البعض في مجال الطب حيث عكفت بعض األبحاث لدراسة أحوال الشيخوخة إلطالة‬ ‫‪shows impaired alterness, and‬‬
‫عمر اإلنسان‪ ،‬ولكن سنة الله ماضية في كون هذه املرحلة هي املرحلة األخيرة من عمر اإلنسان التي وصفها الله‬ ‫)‪increased NREM .(6‬‬
‫بالضعف كما وصفها بأرذل العمر‪ .‬كما أن اآلجال مضروبة ومكتوبة في اللوح احملفوظ‪.‬‬ ‫ال �ت �ش �ك �ي��ل ال �ش �ب �ك��ي ع� �ب ��ارة عن‬
‫مجموعة من شبكة معقدة من اخلاليا‬
‫ورمبا نقل املصريون القدماء عقيدتهم هذه عن رسالة سيدنا‬ ‫ال شك أن الشيخوخة طور من أطوار العمر تزعج اإلنسان املقبل‬ ‫واحمل��اور العصبية املتواجدة في جذع‬
‫ً‬
‫عليها وتكدر اإلنسان الذي هو فيها‪ ...‬وعبر الشاعر العربي عن إدريس عليه السالم الذي عاش في منف ( البدرشني حاليا ) قبل‬ ‫امل ��خ‪ ،‬وه��و مسئول ع��ن تنظيم الوعي‪،‬‬
‫العصر الفرعوني‪ ...‬واعتنق املصريون عقيدة التوحيد وملا جاء‬ ‫ذلك بقوله‪:‬‬ ‫والنوم‪ ،‬واالستيقاظ‪.‬‬
‫ح �ي��ث ي� �ق ��وم ب���إرس���ال إش � ��ارات‬
‫العصر الفرعوني حرفوا اسم إدريس إلى ازوريس‪ ...‬وتدل أوراق‬ ‫ذهب الشباب فما له من عودة‬
‫ع�ص�ب�ي��ة إل ��ى ال �ق �ش��رة امل �خ �ي��ة فتقوم‬
‫وأتى املشيب فأين منه املهرب البردي في اآلثار املصرية القدمية على أن قدماء املصريني قاموا‬ ‫بإيقاظ املخ‪ ..‬لذلك إذا حدثت استثارة‬
‫عبر عصورهم مبحاوالت كثيرة السترداد الشباب‪ ...‬ولكنهم لم‬ ‫وقال شاعر آخر‪:‬‬ ‫للتشكيل الشبكي في حالة النوم‪ ،‬فإن‬
‫صورة جانبية جلذع املخ الذي يقع التشكيل الشبكي املسئول عن االستيقاظ من النوم بداخله ‪.‬‬
‫ينجحوا‪ ...‬وحاول الهنود القدامى ولكنهم لم يكونوا بأسعد حظا‬ ‫أال ليت الشباب يعود يوم ًا‬ ‫ذلك يؤدي إلى االستيقاظ‪ ،‬وإذا حدث‬
‫فأخبره مبا فعل املشيب من املصريني القدماء‪ ...‬وكذلك فعلت األمم السابقة في الصني‬ ‫* املشرف على موقع موسوعة اإلعجاز العلمي في القرآن‪.‬‬ ‫له استثارة في حالة اليقظة‪ ،‬فإن ذلك‬
‫وللراغبني مبتابعة البحث بكامله مراجعة املوقع‪:‬‬ ‫يؤدي إلى زي��ادة اليقظة واالنتباه‪ ،‬أما إذا مت تثبيطه أو حدث‬
‫‪ -1‬اج�ت�ه��اد السابقني وامل�ع��اص��ري��ن وم��رح�ل��ة التنكيس وغيرها من أمم الشرق األدنى واألقصى‪.‬‬
‫‪www.quran-m.com‬‬
‫أم��ا في أوروب��ا فقد اهتمت شعوبها عبر القرون بالبحث عن‬ ‫والشيخوخة‪:‬‬ ‫له تلف م��ا‪ ،‬ف��إن ذل��ك ي��ؤدي إل��ى قلة اليقظة‪ ،‬واالستغراق في‬
‫** طبيب وكاتب مصري‬
‫كان سبب بحث الناس عبر العصور عن شفاء للشيخوخة هو شفاء أو عالج للشيخوخة‪ ..‬فمنذ عهد اإلغريق كان اهتمام الناس‬ ‫‪References‬‬
‫النوم‪.‬‬
‫_‪(1) http://thebrain.mcgill.ca/flash/a/a_11/a_11‬‬ ‫‪Effects‬‬
‫شعورهم الداخلي باخلوف من املوت ورغبتهم في البقاء أحياء‪ ...‬بهذا املوضوع‪ ..‬فما دام األمر يخص صحة اإلنسان فإنه ميثل من‬ ‫‪cr/a_11_cr_cyc/a_11_cr_cyc.html‬‬ ‫‪of injury Mass lesions in the brain stem cause‬‬
‫ونسمع في أساطير األولني عن رحلة البحث عن سر اخللود وإكسير تفكير اإلنسان املقام األول‪ ...‬وحتكي لنا أساطير اإلغريق العديد‬ ‫‪(2)The Human Brain: An Introduction to its Functional‬‬ ‫‪severe alterations in level of consciousness such as‬‬
‫الشباب الدائم‪...‬واعتقد فريق من الناس قدمي ًا أن نبات ًا في قاع من احمل��اوالت في هذا املوضوع مثل محاولة يوسانيانس وكيف‬ ‫‪Anatomy 5th ed by J Nolte chpt 11 pp. 262–290‬‬
‫)‪coma due to their effects on the reticular formation.(7‬‬
‫‪(3)Donald medical dictionary‬‬
‫البحر إذا أكل منه املسنون عادوا إلى الشباب‪ ..‬وتبني أنها نباتات اعتقد أن « ينبوع ًا للشباب « موجود في مكان ما في العالم واعتقد‬ ‫‪(4)http://www.thefreedictionary.com/reticular+formation‬‬ ‫وفي احلديث إشارة واضحة إلى مركز النوم واليقظة الذي‬
‫أن أي إنسان يعاني من الشيخوخة إذا نزل في ذلك الينبوع فسوف‬ ‫بحرية ال تفيد شيئ ًا في ذلك‪..‬‬ ‫‪(5)http://www.sleephomepages.org/sleepsyllabus/e.html‬‬ ‫يقع في قافية الرأس أو مؤخرة الرأس‪ .‬فمن الذي أخبر رسول‬
‫وفي مصر القدمية كان املصري القدمي ال يهاب امل��وت ولكنه يخرج منه شاب ًا فأثار فضول الناس‪...‬‬ ‫‪(6)http://psych.fullerton.edu/mwhite/306pdf/30620%‬‬
‫الله صلى الله عليه وسلم عن املركز املسؤول عن النوم واليقظة‬
‫‪brain%20mechanisms%20and%20sleep.pdf‬‬
‫وراح��وا يبحثون عن ذلك الينبوع‪ ...‬وص��ار البحث عن ينبوع‬ ‫يخاف احلساب بعد املوت‪ ...‬وكانوا يعتقدون أن‬ ‫‪(7) Tindall SC (1990). «Level of consciousness». in Walker HK, Hall‬‬ ‫في عصر لم يكن فيه جراحة وال تشخيص وال أشعة‪ .‬إنه الله‬
‫الشباب شغلهم الشاغل‪ ...‬ومرت العصور والناس ال‬ ‫امل��وت رحلة إلى حياة أخ��رى وإل��ى عالم سفلي‪..‬‬ ‫‪WD, Hurst JW. Clinical Methods: The History, Physical, and‬‬ ‫تعالى ال��ذي أرس��ل رسوله باحلق‪ .‬فصدق الله وص��دق رسوله‬
‫ضد‬ ‫دواء‬ ‫ال‬
‫تكف عن البحث عنه حتى العصور الوسطى‪ ..‬وكان‬ ‫وكانوا يكررون دائم ًا قولهم‪ ( :‬إن املوتى يعيشون )‬ ‫‪Laboratory Examinations and the Ana banana. Butterworth‬‬
‫واحلمد لله رب العاملني‪.‬‬
‫آخ��ر احمل��اوالت في البحث تلك الرحلة التي ق��ام بها‬ ‫الشيخوخة‬ ‫( إنك لم ترحل ميت ًا إنك رحلت حي ًا )‪...‬‬
‫‪Publishers.‬‬
‫‪----------------‬‬
‫‪21‬‬ ‫العدد اخلامس عشر ‪ -‬خريف ‪ 1431‬هـ ‪2010‬‬ ‫العدد اخلامس عشر ‪ -‬خريف ‪ 1431‬هـ ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫‪20‬‬
‫والسنة‬ ‫في القرآن‬ ‫والسنة‬ ‫في القرآن‬
‫اعجاز قرآني‬ ‫اعجاز قرآني‬

‫أن الذي يقع في الشيخوخة ال يشفيه دواء وال ينفعه عالج وفي هذا‬ ‫املقدمة وهي في املواضع األربعة أتت على املعنى اللغوي حيث دلت‬ ‫نك َو ِل ًّيا} [سورة مرمي‪.]4،5 ،‬‬ ‫بونس دي ليون سنة ‪ 1512‬في احمليط األطلسي وسار غرب ًا حتى َعا ِق ًرا َف َه ْب ِلي ِمن َّل ُد َ‬
‫احلديث النبوي الشريف الكثير من احلقائق العلمية‬ ‫على كبر السن‪ .‬ومما ينبغي اإلشارة إليه أن استخدام كلمة (الشيخ)‬ ‫ال ْن َسانَ ب َِوا ِل َد ْي ِه ِإ ْح َسا ًنا َح َم َل ْت ُه ُأ ُّم ُه ُك ْر ًها َو َو َض َع ْت ُه‬
‫{ َو َو َّص ْي َنا إْ ِ‬ ‫وصل إلى العالم اجلديد‪ ..‬ولكنه لم يكتشف شيئ ًا‪ ..‬ولكنه اكتشف‬
‫• ولو تدبر الناس ما جاء في احلديث النبوي في هذا املوضوع‬ ‫عند التفصيل األصح أنها خاصة بالرجل‪ ،‬أما املرأة فيطلق عليها‬ ‫ُك ْر ًها َو َح ْم ُل ُه َو ِف َصا ُل ُه َثلاَ ُثونَ شَ ْه ًرا َح َّتى ِإذَا َب َل َغ َأشُ دَّ ُه َو َب َل َغ َأ ْر َب ِع َني‬ ‫ما هو أهم من ينبوع الشباب‪ ..‬اكتشف قارة أمريكا الشمالية‪...‬‬
‫ما أضاعوا كل هذا اجلهد وما خسروا كل تلك األموال في البحث‬ ‫عجوز كما في قوله تعالى (قالت يا ويلتا أألد وأنا عجوز وهذا بعلي‬ ‫وظل العلماء حتى العصر احلالي يبحثون عن عالج للشيخوخة َس َن ًة َق َال َر ِّب َأ ْوز ِْع ِني َأنْ َأشْ ُك َر ِن ْع َم َت َك ا َّل ِتي َأ ْن َع ْم َت َع َل َّي َو َع َلى َوا ِل َد َّي‬
‫والعناء فيما ال طائل من ورائه‪ ...‬فقد أخرج أبو داود والترمذي عن‬ ‫شيخا )(هود )‬ ‫الا َت ْر َضا ُه َو َأ ْص ِل ْح ِلي ِفي ُذ ِّر َّي ِتي ِإنِّي ُت ْب ُت ِإ َل ْي َك َو ِإنِّي ِم َن‬ ‫واستعادة الشباب ولكنهم لم ينجحوا ولعل آخر احمل��اوالت كانت َو َأنْ َأ ْع َملَ َص حِ ً‬
‫زياد بن عالقة‪ ،‬عن أسامة بن شريك قال‪ :‬قالت األعراب‪ :‬يا رسول‬ ‫قال في اللسان «العجز‪:‬الضعف‪ ،‬والعجوز من النساء ‪:‬الشيخة‬ ‫محاولة الدكتورة أنا أصالن من رومانيا في منتصف هذا القرن‪ ..‬ا مْلُ ْس ِل ِم َني} [سورة األحقاف ‪ ،‬اآلية ‪.]15‬‬
‫الله! أنتداوى؟ قال‪ :‬نعم عباد الله تداووا فإن الله عز وجل لم يضع‬ ‫وقد وردت تسمية املرأة الكبيرة بالعجوز أربع مرات في القرآن هي ‪:‬‬ ‫وبالرغم من أن هذه املرحلة تتخذ في األسلوب القرآني أسماء‬ ‫وصاحبتها ضجة إعالمية كبيرة إال أنه في النهاية لم يكتب لها‬
‫داء إال وضع له دواء إال دا ًء واحد ًا قالوا‪ :‬وما هو قال‪ :‬الهرم‪( .‬أي‪:‬‬ ‫اآلية السابقة‪ ،‬وقوله‪{ :‬وقالت عجوز عقيم}(الذاريات ‪ )٢٩‬وقوله‪:‬‬ ‫النجاح وأخير ًا تأكد لدى العلماء أنه ال يوجد أي دواء يشفي من عديدة حسب اآليات القرآنية التي ورد فيها احلديث عن هذه املرحلة‬
‫الشيخوخة ال دواء لها)‪.‬‬ ‫{إال عجوز ًا في الغابرين} مرتني (الشعراء ‪- ١٧١‬الصافات‬ ‫الشيخوخة‪ ..‬فالشيخوخة هي نتيجة تغير بيولوجي حتمي في جسم إال أن هذه األسماء في احلقيقة أقرب إلى الوصف منه إلى التسمية‬
‫وروى مسلم عن السيدة عائشة رضي الله عنها‪ :‬أن األعراب‬ ‫قال ابن منظور‪( :‬النكس‪ :‬قلب الشيء على رأسه) واملقام يتعلق‬ ‫ومن هذه األسماء‪:‬‬ ‫اإلنسان ال يوقفه شفاء ‪ -‬وال يفيده عالج‬
‫سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الساعة فنظر إلى أحدث‬ ‫بوصف احلالة في أواخر العمر بعد بلوغ غاية الكفاءة في مرحلة‬ ‫• الكبر ‪ :‬لقوله تعالى‪{ :‬وأصابه الكبر}‬ ‫العالمات الطبية‬ ‫ولطاملا أضاع الناس من جهد ومال ودراسة‬
‫إنسان فيهم وقال (إن يعش هذا ال يدركه الهرم قامت عليكم ساعتكم)‬ ‫الشباب‪ ،‬ولذا التعبير بفعل (النكس) في اآلية الكرمية يعني انقالب‬ ‫(البقرة ‪)٢٦٦‬‬ ‫وراء البحث عن دواء لعالج الشيخوخة فما‬
‫وإذا عاش إنسان ولم يدركه الهرم فإن هذ يدل على أنه يعيش في‬ ‫احل��ال في اخللق‪ ،‬وق��د ورد فعل (النكس) في قوله تعالى‪ُ { :‬ث َّم‬ ‫• العجز ‪ :‬لقوله ت�ع��ال��ى‪{ :‬فصكت‬ ‫للشيخوخة‬ ‫وجدوا شيئ ًا‪  ....‬‬
‫الالزمن‪ ..‬وال يكون ذلك في عاملنا هذا وإمنا في العالم اآلخر حيث‬ ‫وسه ِْم} األنبياء ‪.65‬‬ ‫ُن ِك ُسو ْا َع َلى ُر ُء ِ‬ ‫وجهها وقالت عجوز عقيم} (الذاريات ‪٢٩‬‬ ‫‪ -2‬وص ��ف ال� �ق ��رآن ال �ك��رمي ملرحلة‬
‫تقوم الساعة‪ ...‬ونفهم من احلديث النبوي الشريف أيض ًا‪ :‬أن كل‬ ‫وكذلك قوله تعالى‪َ {:‬و َمن ُّن� َع� ِّ�م� ْ�ر ُه ُن َن ِّك ْس ُه ِف��ى خْ َ‬
‫ال � ْل� ِ�ق}؛ قال‬ ‫)‬ ‫الشيخوخة وأرذل العمر (مرحلة التنكيس)‪.‬‬
‫إنسان طال به العمر ال بد أن يدركه الهرم ألن الزمن يجري في‬ ‫األلوسي‪( :‬فيه تشبيه)أي تشبيه انقالب حال من بلغ الشيخوخة‬ ‫• أرذل العمر ‪ :‬لقوله تعالى ‪{ :‬ومنكم م��ن ي��رد إل��ى أرذل‬ ‫{ َوال ّل ُه َخ َلق َُك ْم ّمن ُت� َ�ر ٍاب ُث ّم ِمن ن ّْطفَةٍ ُث ّم َج َع َل ُك ْم َأ ْز َواج � ًا َو َما‬
‫اإلنسان واإلنسان يجري في الزمن ال يتوقف أبد ًا في هذه الدنيا‪...‬‬ ‫بقلب الشيء على رأسه‪ ،‬قال ابن منظور‪( :‬فصار بدل القوة ضع ًفا‬ ‫َص ِم ْن العمر} (النحل ‪) ٧٠‬‬ ‫حَ ْت ِم ُل ِم ْن ُأ ْن َث َى َو َال َت َض ُع ِإ ّال ِب ِع ْل ِم ِه َو َما ُي َع ّم ُر ِمن ّم َع ّم ٍر َو َال ُينق ُ‬
‫وال يتوقف الزمن إال في احلياة األخرى‪ ...‬لذلك فإن فيها اخللود وال‬ ‫وبدل الشباب َه َر ًما)‬ ‫• معمر ‪ :‬لقوله تعالى‪{ :‬وما يعمر من معمر}‬ ‫ير} [سورة‪ :‬فاطر ‪ -‬اآلية‪:‬‬ ‫ُع ُم ِر ِه ِإ ّال ِفي ِك َت ٍاب ِإ ّن َذ ِل َك َع َلى ال ّل ِه َي ِس ٌ‬
‫يهرم الناس فيها أبد ًا‪...‬‬ ‫وق��ال أب��و السعود‪( :‬ف�لا ي��زال يتزايد ضعفه وتتناقص قوته‬ ‫• الشيبة ‪ :‬لقوله تعالى‪{ :‬ثم جعل من بعد قوة ض ًعفا وشيبة}‬ ‫‪]11‬‬
‫فذلك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اجلنة‪ ( :‬إن لكم‬ ‫وتنتقص بنيته ويتغير شكله وصورته حتى يعود إلى حالة شبيهة‬ ‫اس ِإن ُكن ُت ْم ِفي َر ْي ٍب ِّم َن ا ْل َب ْع ِث (الروم ‪) ٥٤‬‬ ‫يقول الله عز وجل { َيا َأ ُّي َها ال َّن ُ‬
‫أن تصحو فال تسقموا أبد ًا‪ ..‬وأن لكم أن تشبوا ال تهرموا أبد ًا)‪.‬‬ ‫بحال الصبي ف��ي ضعف اجلسد وقلة العقل واخل�ل��و ع��ن الفهم‬ ‫• ‪ -‬الضعف ‪ :‬لقوله تعالى‪{ :‬ث��م جعل م��ن بعد ق��وة ض ًعفا‬ ‫َف ِإنَّا َخ َل ْق َنا ُكم ِّمن ُت َر ٍاب ُث َّم ِمن ن ُّْطفَةٍ ُث َّم ِم ْن َع َلقَةٍ ُث َّم ِمن ُّم ْضغَةٍ ُّمخَ َّلقَةٍ‬
‫‪ -4‬االع �ج��از العلمى وال�ن�ظ��رة الطبية احل��دي�ث��ة ملرحلة‬ ‫واإلدراك‪.‬‬ ‫ال ْر َحا ِم َما نَشَ اء ِإ َلى َأ َج ٍل ُّم َس ًّمى ُث َّم وشيبة} (الروم ‪) ٥٤‬‬ ‫َوغ َْي ِر ُمخَ َّلقَةٍ ِّل ُن َبينِّ َ َل ُك ْم َو ُن ِق ُّر ِفي أْ َ‬
‫وأكد ابن كثير في موضع آخر على اشتمال النص الكرمي الداللة الشيخوخة وأرذل العمر (مرحلة التنكيس)‪.‬‬ ‫لذا آثرت استخدام (الشيخوخة‪ -‬التنكيس) اس ًما للمرحلة ألن‬ ‫نكم َّمن ُي َر ُّد‬ ‫نكم َّمن ُي َت َو َّفى َو ِم ُ‬ ‫نُخْ ِر ُج ُك ْم ِط ْف ًال ُث َّم ِل َت ْب ُل ُغوا َأشُ دَّ ُك ْم َو ِم ُ‬
‫قسم العلماء مراحل عمر االنسان الى ثالثة مراحل‪:‬‬ ‫على تغيرات باطنة للشيخوخة باإلضافة إلى التغيرات الظاهرة؛‬ ‫ال ْر َض َها ِم َد ًة َف ِإذَا القرآن ذكرها اس ًما لها في معرض تعداد أطوار خلق اإلنسان‪ ،‬قال‬ ‫ِإ َلى َأ ْرذَلِ ا ْل ُع ُم ِر ِل َك ْيلاَ َي ْع َل َم ِمن َب ْع ِد ِع ْل ٍم شَ ْيئ ًا َو َت َرى أْ َ‬
‫أ‪ -‬مرحلة الضعف األولى‪ :‬وتشمل اجلنني والطفولة‪.‬‬ ‫فقال‪( :‬تتغير الصفات الظاهرة والباطنة) ورجح اآللوسي اختالف‬ ‫شيوخا}‬ ‫ِيج} [سورة تعالى ‪{ :‬ثم يخرجكم ًطفال ثم لتبلغوا أشدكم ثم لتكونوا ً‬ ‫َأ َنز ْل َنا َع َل ْي َها ا مْلَاء ا ْه َت َّز ْت َو َر َب ْت َو َأ َنب َت ْت ِمن ُك ِّل َز ْو ٍج َبه ٍ‬
‫ب‪ -‬مرحلة القوة‪ :‬وتشمل األشد‪.‬‬ ‫زم‪--‬ان اب �ت��داء تغيرات الشيخوخة‪ ،‬وع�ب��ارت��ه ه��ي‪( :‬واحل��ق أن‬ ‫(غافر ‪ ) ٦٧‬بل ذكرها في معرض تعريف املخاطبني بسن املتكلم عنه‬ ‫احلج‪ ،‬اآلية ‪.] 5‬‬
‫ج‪ -‬مرحلة الضعف والشيبة‪ :‬وتشمل الشيخوخة وأرذل‬ ‫زم��ان ابتداء الضعف وانتقاص البنية مختلف الختالف األمزجة‬ ‫{ َو َق َضى َر ُّب َك َأ اَّل َت ْع ُب ُدوا ِإ اَّل ِإ َّيا ُه َوبِا ْل َوا ِل َد ْي ِن ِإ ْح َسا ًنا ِإ َّما َي ْب ُل َغ َّن كما في قول املرأتني ملوسى {وأبونا شيخ كبير} (القصص ‪٢٣‬‬
‫العمر (مرحلة التنكيس)‪.‬‬ ‫والعوارض)‬ ‫شيخا} (هود ‪ ،)٧٢‬وقول إخوة‬ ‫ِع ْن َد َك ا ْل ِك َب َر َأ َح ُد ُه َما َأ ْو ِكلاَ ُه َما َفلاَ َتقُلْ َل ُه َما ُأ ٍّف َو اَل َت ْن َه ْر ُه َما َو ُقلْ )‪ ،‬وقول زوج إبراهيم {وهذا بعلي ً‬
‫وعلى هذا يتفق الكثيرون على تعريف الشيخوخة بأنها مرحلة‬ ‫‪ -3‬األحاديث النبوية الشريفة ملرحلة الشيخوخة وأرذل‬ ‫كبيرا} (يوسف)‬ ‫شيخا ً‬ ‫الر ْح َم ِة َو ُقلْ َر ِّب يوسف {إن له أ ًبا ً‬ ‫الذ ِّل ِم َن َّ‬ ‫َل ُه َما َق ْو اًل َك ِر ًميا [‪َ ]23‬و ْاخ ِف ْض َل ُه َما َج َن َاح ُّ‬
‫العمر التي تبدأ فيها الوظائف اجلسدية والعقلية في التدهور بصورة‬ ‫العمر (مرحلة التنكيس)‪.‬‬ ‫• الشيخوخة‪ :‬مصدر من (الشيخ)‪ :‬والشيخ الذي استبانت‬ ‫يرا [‪[ }]24‬سورة االسراء] ‪.‬‬ ‫ْار َح ْم ُه َما َك َما َر َّب َيا ِني َص ِغ ً‬
‫روى الترمذي‪ ،‬عن أبي هريرة رضي الله عنه‪ :‬أن النبي صلى أكثر وضوح ًا مما كانت عليه في الفترات السابقة من العمر‪.‬‬ ‫ال َر ِّب َأن ََّى َي ُكونُ ِلي ُغ َال ٌم َو َق ْد َب َل َغ ِن َي ا ْل ِك َب ُر َوا ْم َر َأ ِتي َعا ِق ٌر فيه السن وظهر عليه الشيب وجمعه‪ :‬أشياخ‪ ،‬وشيخان‪ ،‬وشيوخ‪،‬‬ ‫{ َق َ‬
‫في قوله تعالى‪َ { :‬و َمن ُّن َع ِّم ْر ُه ُن َن ِّك ْس ُه ِفى خْ َ‬
‫ال ْل ِق َأ َفال َي ْع ِق ُلون}‬ ‫الله عليه وسلم قال‪( :‬مثل ابن آدم وإلى جنبه تسع وتسعون منية إن‬ ‫شيوخا} (سورة غافر‬ ‫وقد ورد األخير في القرآن {ثم لتكونوا ً‬ ‫ال َك َذ ِل َك ال ّل ُه َي ْف َع ُل َما َيشَ اء} [سورةآل عمران‪ ،‬اآلية ‪.] 40‬‬ ‫َق َ‬
‫(يس ‪)68‬؛ يتضمن التعبير اإلخبار بأسلوب معجز بليغ عن حالة‬ ‫أخطأته املنايا وقع في الهرم حتى ميوت)‪.‬‬ ‫ال َر ِّب ِإنِّي َو َه َن ا ْل َع ْظ ُم ِم ِّني َواشْ َت َعلَ ا َّل��ر ْأ ُس شَ ْي ًبا َو َل ْم َأ ُكن ‪)٦٧‬‬ ‫{ َق َ‬
‫ قوله صلى الله عليه وسلم‪ :‬وقع في الهرم حتى ميوت يشير إلى عامة من التدهور واالرت��داد تتسع لتشمل كافة التغيرات اخلفية‬ ‫• وكلمة الشيخ وردت في القرآن أربع مرات سبق ذكرها في‬ ‫ب ُِد َعا ِئ َك َر ِّب شَ ِق ًّيا * َو ِإنِّي ِخف ُْت ا مْلَ َوا ِل َي ِمن َو َرا ِئي َو َكا َن ِت ا ْم َر َأ ِتي‬
‫‪23‬‬ ‫العدد اخلامس عشر ‪ -‬خريف ‪ 1431‬هـ ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫العدد اخلامس عشر ‪ -‬خريف ‪ 1431‬هـ ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫‪22‬‬
‫والسنة‬ ‫في القرآن‬ ‫والسنة‬ ‫في القرآن‬
‫اعجاز قرآني‬ ‫اعجاز قرآني‬

‫ويسخر الله من الذين يبحثون عن مهرب من املوت أو عن منجى‬ ‫تتخلص متام ًا من جميع النفايات وجميع بقايا التفاعالت التي‬ ‫للشيخوخة التي لم يعرف أحد عنها شي ًئا عند التنزيل وكشفتها أما بالنسبة للخاليا العصبية والعضلية فإنها ال تتجدد‪ ،‬وكل خلية‬
‫جتري بداخلها‪ ،‬فتتجمع تلك النفايات على شكل جزيئات‪ ،‬قد تكون منه بالتخلف عن نصرة الله‪ ،‬والفرار يوم الزحف بقوله ‪{ :‬أينما‬ ‫الدراسات العلمية حدي ًثا‪ ،‬والنص الكرمي ورد ضمن منظومة من متوت يفقدها اجلسم ويشغل النسيج الليفي مكانها‪.‬‬
‫نشيطة أحيان ًا فتتحد بوحدات اخللية احليوية كمصانع اخللية تكونوا يدرككم املوت ولو كنتم في بروج مشيدة} [النساء ‪]78 :‬‬ ‫وإذا غصنا مع املجهر اإللكتروني إلى داخل اخلاليا الهرمة‪،‬‬ ‫النصوص تعالج موضوع مراحل العمر عامة أو الشيخوخة خاصة‬
‫(الشبكة السيتوبالسمية) ‪ ...‬ويؤدي هذا االحتاد إلى نقص فعالية {الذين قالوا إلخوانهم و قعدوا لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرءوا عن‬ ‫ف��إن��ه سيرينا ترسبات أط�ل��ق عليها بعض العلماء اس��م أصباغ‬ ‫في تكامل وائتالف بال اختالف‪.‬‬
‫هذه الوحدات وبالتالي فعالية اخللية ككل‪ ،‬وتسير هذه العملية ببطء أنفسكم املوت إن كنتم صادقني} [آل عمران‪.]168 :‬‬ ‫إن الذين تخطوا سني عمرهم اخلمسني أو فوق‪ ،‬يشعرون أن الشيخوخة‪ ،‬وه��ي م��واد كيميائية غربية تتجمع ف��ي خ�لاي��ا املخ‬
‫قد أش��ار ال�ق��رآن الكرمي إل��ى حتمية امل��وت في مواضيع عدة‬ ‫شديد‪ ،‬فال تظهر آثارها إال على مدى سنوات طويلة ‪...‬‬ ‫كل ش��يء فيهم يتغير ويهبط‪ ،‬ويتمرد على ذل��ك النظام ال��ذي كان والعضالت وتكسبها لون ًا خاص ًا‪ ،‬وهي عبارة عن بروتينات وأشباه‬
‫التغيرات اجلسمية‪ :‬في هذه املرحلة حتدث العديد من التغيرات منها قوله تعالى‪{ :‬كل نفس ذائقة املوت و إمنا توفون أجوركم يوم‬ ‫يسري في أجسامهم قبل ذل��ك‪ ،‬وك��أن بصمات السنني قد تركت بروتينات ودهون متأكسدة هذه املواد تتشابك أحيان ًا لتشكل شبكة‬
‫القيامة} آل عمران‪.185 :‬‬ ‫اجلسمية أبرزها في‬ ‫آثارها على ظاهرهم وباطنهم‪ ،‬فبشرة اجللد الغضة اللينة أصبحت على مر األيام وكأنها خيوط العنكبوت التي تكبل اخللية وتسير بها‬
‫وي�ق��ول مخاطبا ال��رس��ول عليه ال�ص�لاة و ال�س�لام ف��ي سورة‬ ‫ُ‬ ‫ احلواس ‪ :‬البصر ‪ :‬قد يبدأ البعض باستخدام النظارات ألول‬ ‫متجعدة ومتهدلة‪ ،‬وحت��ول��ت س��وداء الشعر إل��ى بيضاء‪ ،‬وبرزت إلى النهاية التي ال مفر منها‪ ،‬أال وهي املوت‪.‬‬
‫مرة‪ ،‬فال يستطيعون قراءة اخلط الصغير والقريب‪ ،‬وقد يحتاجون األنبياء‪{ :‬وم��ا جعلنا من قبلك اخللد أفإين م� َّ�ت فهم اخل��ال��دون ‪.‬‬ ‫ي��وج��د ف��ي جسم اإلن �س��ان ‪ 75‬ترليون‬ ‫ع��روق األط� ��راف‪ ،‬وض�ع��ف البصر وزاغ‪،‬‬
‫إلى إضافة ‪ %33‬من الضوء الذي اعتادوا عليه لتعويض نقص الضوء كل نفس ذآئقة املوت ونبلوكم بالشر واخلير فتنة وإلينا ترجعون}‬ ‫(ألف مليار) خلية ويقوم اجلسم يومي ًا بتوليد‬ ‫وانخفضت كفاءة السمع‪ ،‬ونقصت معدالت‬
‫املليارات من اخلاليا‪ .‬إن التدخني والكحول‬
‫بالضمور‬ ‫العظام‬ ‫تبدأ‬ ‫اإلستقالب العامة‪.‬‬
‫ال��ذي يصل إل��ى الشبكية بسبب ع��دة عوامل منها فقدان القرنية [األنبياء ‪.] 34 :‬‬ ‫والثالثني‬ ‫اخلامسة‬ ‫سن‬ ‫من‬
‫اس ا َّتقُوا َر َّب ُك ْم َو ْاخشَ ْوا َي ْو ًما اَل َي ْج ِزي َوا ِل ٌد َع ْن َو َل ِد ِه‬ ‫واإلشعاعات الشمسية وتلوث اجلو ببنزين‬ ‫ولقد اختلفت اآلراء كذلك في الوقت الذي‬
‫{ َيا َأ ُّي َها ال َّن ُ‬ ‫لشفافيتها تدريجيا ً وفقدان املرونة في احلدقة فال تتسع كما كانت‬
‫ال َيا ُة‬‫سابق ًا‪ ،‬ويعاني البعض من ( املاء األبيض ) كما أن حساسية العني َو اَل َم ْو ُلو ٌد ُه َو َج ٍاز َع ْن َوا ِل ِد ِه شَ ْي ًئا ِإ َّن َو ْع َد ال َّل ِه َحقٌّ َفلاَ َت ُغ َّرن َُّك ُم حْ َ‬ ‫السيارات وتلوث الطعام باملواد الكيميائية‬ ‫تبدأ فيه الشيخوخة‪ ،‬وأوضحت دراسات‬
‫عدة أن التقدم في السن‪ ،‬وبالتالي ظهور أعراض الشيخوخة سواء واألسمدة ومبيدات احلشرات يؤدي إلى خلل في انقسام اخلاليا‬
‫السا َع ِة َو ُي َن ِّز ُل‬‫لأللوان تتأثر بسبب اصفرار العدسة ويحدث التدهور أيضا ً في الدُّ ْن َيا َو اَل َي ُغ َّرن َُّك ْم بِال َّل ِه ا ْل َغ ُرو ُر [‪ِ ]33‬إ َّن ال َّل َه ِع ْن َد ُه ِع ْل ُم َّ‬ ‫صحي ًا أو نفسي ًا أو عقلي ًا قد يبدأ في أي مرحلة من مراحل العمر ‪( ...‬طفرات جينية ) مع تقدم العمر يحدث ضعف بهذا اجلهاز مما‬
‫ْس َماذَا َت ْك ِس ُب غ ًَدا َو َما‬ ‫ال ْر َح��ا ِم َو َما َت ْدرِي َنف ٌ‬ ‫خاليا الشبكية ‪ ..‬ويقول اخلبراء‪ :‬مع بلوغ سن الستني تكون أعيينا ا ْل َغ ْي َث َو َي ْع َل ُم َما ِفي أْ َ‬
‫فالقدرات عامة تبدأ في التغير ابتداء من سن العشرين‪ ،‬ومن جهة يسمح بحدوث هذه السرطانات (ما يقارب ‪ %40‬من الوفيات) حتدث‬
‫ِير [‪ }]34‬سورة لقمان‬ ‫يم َخب ٌ‬ ‫وت ِإ َّن ال َّل َه َع ِل ٌ‬‫ْس ِب َأ ِّي َأ ْر ٍض مَ ُت ُ‬ ‫قد تعرضت لكمية من الطاقة الضوئية تفوق ما ينتج عنه تفجير نووي َت ْدرِي َنف ٌ‬ ‫أخرى فمن املعروف أن سن الشخص قد ال يكون بالضرورة متفق ًا بسبب أمراض القلب والشرايني و ‪ %25‬بسبب السرطانات و‪%15‬‬
‫يك ْم ُث َّم ُت َردُّونَ ِإ َلى َعا ِل ِم‬ ‫( ُقلْ ِإ َّن ا مْلَ ْو َت ا َّل ِذي َت ِف ُّرونَ ِم ْن ُه َف ِإ َّن ُه ُملاَ ِق ُ‬ ‫‪ [ ! ..‬ويجر ضعف البصر ضع ًفا في بقية احلواس‪ ،‬كالسمع والشم‬
‫بسبب احلوادث وااللتهابات و‪ %10‬أمراض وراثية‬ ‫واحتفاظه بوظائفه البدنية‪.‬‬
‫الش َها َد ِة َف ُي َن ِّب ُئ ُك ْم بمِ َا ُك ْن ُت ْم َت ْع َم ُلونَ } [اجلمعة(‪.])8‬‬ ‫ا ْل َغ ْي ِب َو َّ‬ ‫والذوق وحتى اللمس؛ فتتقهقر حدة احلواس جميعها تقري ًبا]‪.‬‬
‫و لقد وجد العلماء أن معدل هذا التدهور يتراوح بني ( ‪0،5‬‬ ‫وهكذا يدخل اجلسم في مرحلة الضعف ببطء بعد أن ترك تلك‬
‫الشيب‪ :‬وهو حتول لون الشعر عن لونه الطبيعي إلى البياض‪---------------- .‬‬
‫ويعد الشيب أكثر العالمات استخداما للداللة على دخول اإلنسان * أستاذ االم��راض الباطنية– كلية الطب في جامعة املنصورة  جمهورية مصر‬ ‫املرحلة حيث كان طف ًال‪ ،‬ثم دخل في مرحلة القوة والشباب‪ ،‬حتى أن ‪ % ) 1 ،3 - ،‬في كل عام‪.‬‬
‫العربية‪ .‬وللراغبني مبتابعة البحث بكامله مراجعة املوقع‪:‬‬
‫ً‬ ‫و كمثال‪ ،‬فإن القلب يقوم في الدقيقة الواحدة ( ‪) 80 - 70‬‬ ‫زاوية الفك السفلي تكون منفرجة عند األطفال‪ ،‬ثم تصبح قائمة أو‬
‫‪www.quran-m.com‬‬ ‫العمر الثالث وه��و الشيخوخة ول��ذل��ك اق�ت��رن ذك��ره م��ع االنحدار‬ ‫حادة عند الشباب‪ ،‬ثم تعود لتصبح منفرجة عند الكهولة كما كانت عملية انقباض و استرخاء‪ ،‬وفي اليوم أكثر من مائة ألف انقباض‪،‬‬
‫للضعف في وصف مراحل العمر عندما قال تعالى‪{ :‬ثم جعل من املراجع‪:‬‬
‫وقت الطفولة‪ ،‬وصدق الله إذ يقول ( الله الذي خلقكم من ضعف ثم و في العام أكثر من (‪ )36‬مليون انقباض واسترخاء‪ ،‬فلنتصور ذلك‬
‫بعد قوة ض ًعفا وشيبة} (سورة الروم ‪ .)٥٤‬والتفسير العلمي للشيب القرآن الكرمي‪.‬‬
‫لسان العرب ج‪ 6‬ص‪243‬‬ ‫العبء الذي يقوم به على مر السنني‪ ،‬إن كفاءته ستنخفض حتم ًا‬ ‫جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعف ًا و شيبة )‪.‬‬
‫ابن كثير ج‪2‬ص ‪577‬‬
‫هو غياب احلبيبات الصبغية التي تعطي الشعر مظهره األسود‬ ‫و شيء آخر‪ ،‬هو أن خاليا اجلسم تكون في حالة جتدد مستمر‪ ،‬وبالتالي سينخفض معدل ورود الدم إلى األنسجة األخرى‪ ،‬والكلية‬
‫ولكنها مع السن تختفي املادة السوداء أو امللونة بها‪{ .‬وهن العظم أحكام القرآن ج‪ 5‬ص‪219‬‬ ‫عن طريق عمليات الهدم والبناء فتتغلب عمليات البناء أو التعمير التي تفرز مادة الرينني لتزيد ضغط الدم في محاولة منها لرفع معدل‬
‫لسان العرب ج‪3‬ص‪236‬‬ ‫مني وأشتعل الرأس شيباً}‪.‬‬ ‫في النصف األول من حياة اإلنسان ثم تتوازى عمليات البناء مع ورود الدم إليها وهكذا يدخل اجلسم في حلقة مغلقة تؤدي إلصابة‬
‫الدر املنثور ج‪6‬ص‪397‬‬
‫الهيكل العظمي فى اجلسم له ع��دة وظائف هامة منها يعمل‬ ‫عمليات ال�ه��دم‪ ،‬و في النصف األخير من احلياة تتغلب عمليات اإلنسان بارتفاع الضغط عندما يتقدم في السن‪ .‬إن هبوط كفاءة‬
‫• الشيخوخة‪ ..‬تنكيس في اخللق د‪ .‬محمد دودح‬
‫كهيكل تتصل به العضالت واألرب�ط��ة واألوت ��ار مما يساعد على • الشيخوخة بني القرآن والسنة والعلم احلديث ‪/‬اجلزءالسادس‬ ‫الهدم أو التنكس على عمليات التعمير وه��ذا ما يفسر لنا سرعة أي عضو هو انعكاس لهبوط كفاءة الوحدات التي تكونه‪ ،‬والوحدات‬
‫احلركة واالنتقال من مكان آلخر ثبت طب ًيا أن عظام اإلنسان تبلغ • النشاة ال��ى التنكيس اد مجاهد اب��و املجد مرحلة االش��د اد محمدعبداحلميد‬ ‫التئام الكسور واجلروح عند الصغار‪ ،‬وبطئها عند املسنني‪ ،‬وهكذا احليوية الوظيفية في أي عضو هي اخلاليا‪.‬‬
‫العدالني‪.‬‬ ‫الذروة في سن اخلامسة والثالثني ثم تأخذ في الضمور والتناقص‬
‫• مؤيد االنصاري قبل أن أرد إلى أرذل العمر !!! ‪2009-27-02‬‬
‫فماذا وجد العلماء وهم يبحثون عن أسباب الشيخوخة على‬ ‫تتضح لنا روعة هذه اآلية القرآنية ‪{ -‬ومن نعمره ننكسه في اخللق‬
‫مبعدل ثابت هو ‪ ٪٢‬سنو ًيا للرجال أما املرأة فإن معدل فقد العظام • �‪Encyclopedia Britannica, 2001.Encarta, 2001.Scientific American pres‬‬ ‫أفال يعقلون} سورة يس‪ . 68 :‬وهي تبني لنا حقيقة علمية ثابتة‪ .‬و مستوى اخللية ؟‪.‬‬
‫‪entsJune, 2000.Compton’s Encyclopedia, 1998‬‬ ‫خصوصا بعد انقطاع الطمث‪.‬‬ ‫ً‬ ‫يصل إلى ‪ ٪ ١‬سنو ًيا‬ ‫الواقع أن ملخص ما وصلوا إليه أن اخلاليا ال تستطيع أن‬ ‫سنة حيوية تقوم عليها كل عمليات الكائنات احلية على اإلطالق ‪.‬‬
‫‪25‬‬ ‫العدد اخلامس عشر ‪ -‬خريف ‪ 1431‬هـ ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫العدد اخلامس عشر ‪ -‬خريف ‪ 1431‬هـ ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫‪24‬‬
‫والسنة‬ ‫في القرآن‬ ‫والسنة‬ ‫في القرآن‬
‫اعجاز نفسي‬ ‫اعجاز نفسي‬

‫فإنه سيعيش بإذن الله حياة طيبة تعمها‬ ‫إال أنه بعد وقوع احلادث واخلسارة املادية أو‬
‫السعادة ويزينها الصفاء واإلميان ‪.‬‬

‫املؤمنون متفائلون ومتلذذون‬


‫اليأس ينشر حوله‬
‫ً‬
‫مناخا سلبيًا‬
‫املعنوية‪ ،‬يجب على املؤمن أن ال يفقد في كل‬
‫حال من األحوال األمل واإلميان طوال حياته‪،‬‬
‫فالكل معرض في حياته إلى عراقيل ومشاكل‬
‫اليأس خدعة من الشيطان‬
‫بحالوة اإلميان‬ ‫ميكن أن تؤثر سل ًبا عليه‪ ,‬ومن املعروف أنه ال ميكن ألي شخص‬ ‫د‪ .‬هارون يحيى*‬
‫املؤمن الذي يقرأ هذه اآلية من القرآن إميانا واحتسابا {‪...‬‬ ‫معرفة ما سيحدث في املستقبل ‪ .‬احلقيقة الوحيدة هي أن كل ما‬ ‫شعارهم‪.‬‬ ‫الذي ال ينجح في ما يقوم به‪ ،‬والذي يفقد شي ًئا قي ًما‪ ،‬والذي‬
‫وال تيأسوا من روح الله إنه ال ييأس من روح الله إال القوم الكافرون}‪.‬‬ ‫يعيشه اإلنسان مكتوب بقدر عند الله منذ األزل‪ .‬فكل شخص‬ ‫من ناحية أخ��رى‪ ،‬فإن الناس اليائسني ينشرون اليأس بني‬ ‫يفشل في امتحان والذي يخشى احلصول على نتائج سلبية‪ ،‬إذا‬
‫(سورة يوسف‪ )87 ،‬جتده ال يعرف معنى اليأس‪ .‬فالله يخبرنا أن‬ ‫سيعيش حت ًما كل ما كتبه الله له فهذا هو قدره بكل تأكيد‪.‬‬ ‫الناس الذين من حولهم‪ ،‬فينتج عن ذلك مناخ سلبي ومتشائم‪.‬‬ ‫كان هذا الشخص يرى هذه املخاوف من منظور واحد‪ ،‬فإنه قد‬
‫اإلحباط واليأس ليستا من صفات املؤمن‪ ،‬ولكنها صفات الكافرين‬ ‫ميكننا تفسير ذلك من خالل تقدمي مثال من احلياة اليومية ‪:‬‬ ‫وفي هذه احلالة يصبحون في خدمة الشيطان وذلك بوعي أو بغير‬ ‫سلم نفسه عمو ًما الستياء كبير بسبب هذه النتائج غير املتوقعة‬
‫الضالني عن هدى الله في الدنيا واآلخرة‪{ :‬و يتجنبها األشقى}‬ ‫نحاول تصور املشهد في أذهاننا ‪ :‬تصادم سيارتني‪ .‬كل من هذين‬ ‫وعي‪ ،‬ألنه من خالل الناس املتشائمني يريد الشيطان خلق حالة‬ ‫‪.‬في مثل هذه احلاالت‪ ،‬فإن اإلنسان املؤمن يتبنى موق ًفا مختل ًفا‬
‫(سورة األعلى‪ ...{ )11 ،‬وعسى أن حتبوا شيئا وهو شر لكم والله‬ ‫الشخصني يسيران بسرعة لاللتحاق إما بعائالتهم أو الذهاب إلى‬ ‫سلبية للعقول وهذه خدعة من خدع الشيطان كما توضح اآلية في‬ ‫متا ًما‪ ،‬فهو يعلم أن كل ما يحدث له هو من عند الله تعالى‪ ،‬وبذلك‬
‫يعلم وأنتم ال تعلمون} (سورة البقرة‪)216 ،‬‬ ‫مقر عملهم‪ .‬كل واحد منهم يأخذ سيارته في وقت محدد ويسير‬ ‫وحونَ ِإ َلى َأ ْو ِل َيآ ِئهِ ْم ِل ُي َجا ِد ُل ُ‬
‫وك ْم َو ِإنْ‬ ‫الش َي ِاط َني َل ُي ُ‬
‫قوله تعالى‪ِ { :‬إ َّن َّ‬ ‫يظهر رد فعل حكيم عند مواجهتها‪ .‬كما يبينه الله تعالى في القرآن‬
‫وكما قال الله تعالى في هذه اآليات األخيرة‪ ،‬املؤمن الصادق‬ ‫في الطريق‪.‬‬ ‫َأ َط ْع ُت ُمو ُه ْم ِإن َُّك ْم مَلُ ْش ِر ُكونَ } (سورة االنعام‪)121 ،‬‬ ‫الكرمي‪َ { :‬و َنبلوكم ب َّ‬
‫ِالش ِّر واخلير} (س��ورة األنبياء‪ )35 ،‬لذلك‬
‫في إميانه ال يعرف اليأس‪ ،‬فعند الضراء‪ ،‬ال يسلم نفسه للسخط‬ ‫من املمكن قبل الدخول إلى املكان الذي سيقع فيه احلادث‪،‬‬ ‫أما املؤمنون فإنهم ال يتأثرون بعمل الشيطان‪ ,‬املؤمنون دائما‬ ‫فاملؤمن عندما يصادف صعوبات أو مشقات في حياته فإنه ال‬
‫واالحباط بسبب الهموم‪ ،‬بل من احلكمة واإلميان بالله أن يرى منافع‬ ‫يتردد كل واحد منهما لكن في األخير يسيران في الطريق التي‬ ‫متفائلون ب��إذن الله ويبقون بعيدين عن احلياة املتشائمة وبذلك‬ ‫يستسلم لليأس بأي حال من األحوال‪.‬‬
‫ما يكرهه‪ ،‬كالثواب على الصبر وغفران الذنوب‪ .‬والذي يعمل على‬ ‫سيقع فيها احلادث‪ .‬فمن املمكن أن أحد أو كال السائقني طوال‬ ‫يفوزون برضا الله وثوابه في الدنيا واآلخرة‪ ،‬فيعيشون في بركة‬
‫حتليل األحداث بصفة ايجابية‪ ،‬سوف يفهم أن األحداث مت إنشاؤها‬ ‫حياتهم ي�ق��ودان سيارتهما‪ ،‬ولكن مجرد حلظة واح��دة من فقد‬ ‫الذي يشجع الناس على اليأس هو الشيطان‬
‫الله فتصبح حياتهم سعيدة‪.‬‬
‫بطريقة مثالية وبدون تقصير وسيالحظ أن إميانه سيزيد‪ .‬واملؤمن‬ ‫االنتباه على الطريق لتعديل جهاز الراديو اخلاص به مثال‪ ،‬فيصبح‬
‫إذا سعى املؤمن للتمسك بأخالق ال�ق��رآن‪ ،‬جت��ده قري ًبا من‬ ‫الشيطان يحاول دائ ًما أن يشعر اإلنسان بقلة الثقة في نفسه‬
‫الذي يهب حياته فقط إلرضاء الله ويخصصها للفوز باجلنة يحاول‬ ‫بذلك كل شيء محددا من أجل التخطيط لوقوع هذا احلادث‪ .‬كل‬
‫الله‪ ،‬شاك ًرا في السراء وصاب ًرا في الضراء قاه ًرا للشيطان فال‬ ‫واليأس عند التفكير في مستقبله املجهول فيجعله متشائ ًما في‬
‫التصرف والتفكير من خالل هذه األخالق القرآنية‪ ،‬ألنه عندما ينال‬ ‫التفاصيل تقود الشخصني إل��ى وق��وع احل��ادث واألمثلة عديدة‬
‫ومختلفة في هذا الباب‪ .‬ولكن السبب الرئيسي هو أن هذا احلدث‬ ‫تفكيره‪ .‬فالشيطان يعمل لكي ال يؤمن الناس بالله وال يطيعوه‪ .‬فال‬
‫يستطيع التأثيرفيه بأي شكل من األشكال‪.‬‬
‫القوة واالستعانة والدعم من الله‪ ،‬يدرك أن كل حدث سيؤدي إلى‬ ‫يريد الشيطان من الناس أن يؤمنوا وال أن يثقوا بالله لتكون حياتهم‬
‫مقدر لهذين الشخصني حتى قبل أن يولدوا‪ .‬وبالتالي يجب تقبل‬ ‫الرضا بقدر الله هو احلل للتخلص من اليأس‬
‫منفعة‪ .‬ولذلك‪ ،‬فإن املؤمن الذي يثق في الله فإنه سوف يعيش بإذن‬ ‫القضاء والبحث عن اجلانب االيجابي لهذه التجارب واألهم عدم‬ ‫تعيسة وبدون حماس‪ ،‬على عكس ما يحبه الله تعالى من عباده ‪,‬‬
‫الله حياة طيبة تعمها السعادة ويزينها الصفاء واإلميان ‪.‬‬ ‫الوقوع في اليأس الذي يحاول الشيطان زرعه في اإلنسان‪ ،‬فيكون‬ ‫خلق الله تبارك وتعالى كل ش��يء في‬ ‫فانه تبارك وتعالى يدعوا للخير واإلميان‬
‫يقول الله عز وجل في هذه اآلية حيث يخبرنا عن حكمته في‬ ‫الكون مبشيئته‪ .‬فكل شيء كائن أو سيكون‪،‬‬ ‫مبشيئته وبقدره كما جاء في كتابه الكرمي‪.‬‬
‫اخللق‪{ :‬قالوا بشرناك باحلق فال تكن من القانطني}‪( .‬سورة‬
‫شكر الله في مثل هذه احلاالت هو اخليار األفضل واألجمل كما‬
‫قد خلقه الله منذ األزل بقدر‪ ،‬سبحانه له‬
‫يقطع‬ ‫الله‬ ‫بقضاء‬ ‫الرضى‬ ‫فالشيطان ال يريد أن يتقرب الناس إلى الله‬
‫تدعونا إلى ذلك أخالق القرآن ‪ :‬مصداقا لقوله تبارك وتعالى ‪:‬‬
‫{قل لن يصيبنا إال ما كتب الله لنا هو موالنا وعلى الله فليتوكل احلجر‪)55‬‬ ‫ملك السموات واألرض وهو على كل شيء‬ ‫الشيطان‬ ‫طريق‬ ‫أو أن يعيشوا باألخالق احلميدة والقيم‬
‫املؤمنون}‪( .‬في سورة التوبة‪)51 ،‬‬ ‫قدير‪.‬‬ ‫الفاضلة للقرآن‪ .‬وعند وقوع حادث‪ ،‬فإن‬
‫الله يختبر الناس مبصاعب تتناسب مع طاقاتهم}‬ ‫ومن املستحيل أن يغير قدره في أي حال من األحوال‪ .‬ومنه فإن‬ ‫الشيطان يوسوس لإلنسان محاو ًال حتطيم معنوياته ليجعله من‬
‫* ما هو مهم في احلدث الذي يبدو لنا سلبيا هو أن نرى فيه‬
‫{ َال ُي َك ِّل ُف ال ّل ُه َنفْس ًا ِإ َّال ُو ْس َع َها َل َها َما َك َس َب ْت َو َع َل ْي َها َما‬ ‫اجلانب اإليجابي‪ ،‬والفوائد التي تنبثق من هذا احلدث ‪.‬‬ ‫اليائسني احملبطني لينجر عن ذلك للعجز وللتعب‪ ،‬حتى أنه في املؤمن الذي يدرك هذا‪ ،‬يعرف أن كل ما يحدث من حوله هو جزء‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫حَ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫* والذي يسعى لقراءة هذه األحداث من زاوية ايجابية لرؤية اك َت َس َب ْت َر َّب َنا ال ُت َؤاخذ َنا ِإن نَّسي َنا أ ْو أ ْخطأ َنا َر َّب َنا َوال تملْ َعل ْي َنا‬ ‫بعض املجتمعات أصبح اليأس منط حياة‪ .‬فالناس الذين وضعهم من مصيره املكتوب في اللوح احملفوظ عند الله‪ ،‬كما قال الطحاوي‬
‫الفضل من وراءه��ا‪ ،‬س��وف يجد أن ه��ذه األح��داث قد مت خلقها ِإ ْصر ًا َك َما َح َم ْل َت ُه َع َلى ا َّل ِذ َين ِمن َق ْب ِل َنا َر َّب َنا َو َال حُ َت ِّم ْل َنا َما َال َطا َق َة َل َنا ِب ِه‬ ‫الشيطان حتت نفوذه‪ ،‬يكونون مولعني باألغاني احلزينة واألفالم رحمه الله‪[ :‬فلو اجتمع اخللق كلهم على شيء كتبه الله تعالى أنه‬
‫نت َم ْو َال َنا‬ ‫َو ْاع ُف َع َّنا َواغْ ِف ْر َل َنا َو ْار َح ْم َنا َأ َ‬ ‫بطريقة مثالية وب��دون تقصير‪ ،‬وسيزيد من‬ ‫التي تكون ذات طابع تشاؤمي وكل ما يعبر عن اليأس واإلحباط‪ ،‬كائن‪ ،‬ليجعلوه غير كائن‪ ،‬لم يقدروا عليه‪ ،‬ولو اجتمعوا كلهم على‬
‫انص ْر َنا َع َلى ا ْلق َْو ِم ا ْل َكا ِف ِر َين} [سورة‬ ‫ُ‬ ‫ف‬ ‫َ‬
‫بايجابية‬ ‫النظرة‬ ‫اهتداءه ومن إميانه‪.‬‬ ‫فتراهم يتذوقون ذلك ويتحسسونه مما يؤثر سل ًبا في معنوياتهم شيء كتبه الله تعالى فيه أنه غير كائن‪ ،‬ليجعلوه كائن ًا‪ ،‬لم يقدروا‬
‫البقرة‪]286 :‬‬ ‫* من يتخذ الله وكيال‪ ،‬يكون مؤمنًا بقدره‪،‬‬ ‫وأفكارهم وبالتالي في حياتهم ويضر ب�ت��وازن عقولهم ومنطق عليه‪ ،‬جف القلم مبا هو كائن إلى يوم القيامة] فعلى سبيل املثال‪،‬‬
‫أظ �ه��ر ال �ل��ه ف��ي ال �ق��رآن ال �ك��رمي أنه‬ ‫من ثمرات االميان‬ ‫س��وف ي��درك على أي ح��ال ال��رض��ا‪ .‬ولذلك‪،‬‬ ‫شخصا عزيزًا على قلبه‪،‬‬
‫ً‬ ‫أحكامهم فال ميكنهم اتخاذ قرارات سليمة طول حياتهم إذ اليأس ميكن أن يفقد اإلنسان جميع ممتلكاته أو‬

‫‪27‬‬ ‫العدد اخلامس عشر ‪ -‬خريف ‪ 1431‬هـ ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫العدد اخلامس عشر ‪ -‬خريف ‪ 1431‬هـ ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫‪26‬‬
‫والسنة‬ ‫في القرآن‬ ‫والسنة‬ ‫في القرآن‬
‫قرآن‬ ‫اعجاز نفسي‬

‫الرحمن ّ‬
‫علم القرآن‬
‫على املواجه‪ ،‬ألن املؤمن يعلم من البداية‬
‫أن َم��ن لديه اإلمي��ان م��ن السهل عليه أن‬
‫ينتصر‪ .‬فيثق بالله ويعلم أنه يستمد قوته‬
‫القوة‬ ‫يستمد‬
‫والعزمية من الله‬
‫املؤمن‬
‫سيمتحن كل مسلم بأشكال متعددة طوال‬
‫ح �ي��ات��ه‪ .‬ل�ك��ن م��ن أه ��م األس � ��رار ف��ي هذا‬
‫املوضوع وال��ذي يحتاج كل مؤمن ملعرفته‬
‫من الله‪ ،‬ويتحدى املصائب بإميانه وبالقيم‬ ‫هو‪ :‬أنك إن واجهتك مصيبة‪ ،‬أو عقبة صعب‬
‫عليك جتاوزها‪ ،‬فإن الله قد أعطاك القوة لتتجاوز املصائب وتنجح األخالقية التي استمدها من القرآن الكرمي‪.‬‬
‫‪ -15‬إعجاز القرآن في أخبار السماء‬ ‫احلقيقة الثانية في هذا املوضوع أن املؤمنني يستمدون القوة‬ ‫في االمتحان‪ .‬ولنعلم بداي ًة أن هذا القانون من سنن الله في خلقه‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ِّ‬
‫واإلمي��ان بهذا القانون من أهم ما يتزود به املؤمن ليتجاوز هذا م��ن ال�ل��ه‪ ،‬فالله سبحانه ُي��ذل�ل الصعوبات للمؤمن احل��ق‪ .‬وهذا‬
‫القانون الثابت مما أخبر به الله في القرآن الكرمي‪{ :‬إن مع العسر‬ ‫االمتحان‪.‬‬
‫أ‪ .‬باسم وحيد الدين علي وع‪ .‬محمد فرشوخ‬ ‫عندما تواجهك مصيبة ما وتعتقد أنك أضعف من أن تتغلب يسرا} والسر اآلخر الذي أخبر به لله في القرآن الكرمي أنه بينما‬
‫عليها‪ ،‬أو أنك لن تتغ َّلب عليها بوسائلك ومعرفتك اخلاصة‪ ،‬عندها ُت َذ ّلل املصاعب وتفتح أبواب اخلير و ُت ّيسر طرقه للمؤمنني امللتزمني‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‪ ،‬احلمد لله رب العاملني والصالة والسالم على سيدنا محمد وعلى آل��ه وصحبه‬ ‫ستفتقر إلى القوة التي تواجه بها مصابك‪ .‬على أي حال‪ ،‬فمن بهذه القيم األخالقية‪ ،‬فإن اآلخرين الذين يظنون أنهم يستغنون‬
‫أجمعني‪.‬‬ ‫املستحيل أن جتد مثل طريقة التفكير هذه عند أي مؤمن حقيقي‪ ،‬بأنفسهم ويرفضون قيم اإلس�لام وأخالقه فإن الله مي ّد لهم في‬
‫نستعرض اليوم بعض أخبار السماء والتي أتى بها القرآن الكرمي ولم تكن األمم تعرفها من قبل أو اندثرت أخبارها‬ ‫يؤمن بالله ويخشاه‪ ،‬ويؤمن بالدار اآلخرة‪ ،‬ويعلم أن كل شيء ُخلق غ ّيهم ويستدرجهم من حيث ال يعلمون بتسهيل وتيسير أبواب‬
‫حرفها األقدمون‪ .‬وال ميكن متييز ذلك إال مبراجعة الكتب التي كانت متداولة قبل نزول القرآن على قلب النبي‬ ‫أو ّ‬ ‫احلرام لهم ليواجهوا غضب الله‪:‬‬ ‫و ُق ِّدر له قدره‪ ،‬والذي يبادر في فعل اخليرات‪.‬‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ،‬لنجد خلوها من املعلومات التي تفرد بها القرآن الكرمي‪ .‬ويجدر بالذكر أن الرسل قد أتوا‬ ‫{إن م��ع العسر ي�س��ر ًا * إن م��ع العسر ي�س��ر ًا * ف��إذا فرغت‬ ‫ولكن ميكن أن ت��رى مثل ه��ذا النوع من املنطق الكاذب‬
‫مبثل ذلك أو بعضه‪ ،‬وكلهم مؤمتنون على الرسالة ذاتها‪ ،‬لكن سمة اإلنسان هي النسيان‪ ،‬فما أن ميضي الرسول إلى‬ ‫عند الذين يتصرفون وفق ًا ملا ي��راه ا جل�ه��ال‪ .‬عندما يواجه فانصب * وإلى ربك فارغب} [سورة اإلنشراح‪]6-5:‬‬
‫جوار ربه حتى يقدم الناس على حذف ما ال يناسبهم واملبالغة فيما ينفعهم‪ .‬فكان القرار اإللهي في نهاية األمر بنزول‬ ‫{ونيسرك لليسرى} [سورة األعلى‪ ]8:‬‬ ‫مثل ه��ؤالء الناس املصائب واال ض�ط��را ب��ات‪ ،‬سيكون عليهم‬
‫القرآن وحفظه من التحريف لقوله تعالى في سورة احلجر‪{ :‬إنا نحن ّنزلنا الذكر وإنا له حلافظون}‪.‬‬ ‫ِال ْس َنى‬ ‫{ ِإ َّن َس ْع َي ُك ْم َلشَ َّتى * َف َأ َّما َمن َأ ْع َطى َوا َّتقَى * َو َصدَّ َق ب حْ ُ‬ ‫أن يبذلوا كل ما أمكنهم للتغلب عليها‪ ،‬وعلى الفور يقعون‬
‫فريسة الضعف‪ .‬أول كلماتهم تعبر اال س�ت�س�لام واليأس‪َ * ،‬ف َس ُن َي ِّس ُر ُه ِل ْل ُي ْس َرى}[سورة الليل‪]7-5:‬‬
‫وأخبار السماء التي أتى بها القرآن الكرمي املعجز‪ ،‬تبدو ألول وهلة أنها معروفة‪ ،‬لكنها لم تكن كذلك قبل نزول‬ ‫{ َأ َّم��ا َم��ن َب ِخلَ َو ْاس َت ْغ َنى * َو َك � َّ�ذ َب ب حْ ُ‬
‫ِال ْس َنى * َف َس ُن َي ِّس ُر ُه‬ ‫كلمات تشكو من الوضع الذي يجدون أنفسهم فيه‪ .‬وكذلك‬
‫القرآن الكرمي‪.‬‬ ‫معتقداتهم تشبه كالمهم‪ ،‬فهم من خالل هذا الكالم اليائس ِل ْل ُع ْس َرى}[سورة الليل‪]10-8:‬‬
‫بينّ الله القيم األخالقية التي تضفي سهولة على هذه الدنيا‬ ‫ا ل ��ذي ي�ق�ن�ع��ون أ ن�ف�س�ه��م ب��ه‪ ،‬ي�ش�ك�ل��ون س�ل��و ك�ه��م ويجعلون‬
‫من ه��ذه األخبار خلق السماوات واألرض في ستة أيام‪ ،‬الله‪ ،‬وض��اق إدراك��ه عن التمييز بني ق��درة الله املطلقة‪ ،‬وبني‬ ‫واآلخ ��رة‪ ،‬وب�ين وي� ّ�س��ر ك��ل م��ا ه��و صحيح‪ ،‬وه��دان��ا إل��ى أسباب‬ ‫أنفسهم عاجزين متام ًا ‪.‬‬
‫وهنا صحح القرآن الكرمي ما ال يليق بالله تعالى أنه استراح طاقة الناس احملدودة‪ ،‬فقال في سورة فاطر‪ِ { :‬إ َّن ال َّل َه يمُ ْ ِس ُك‬ ‫السعادة والبركة في حياتنا‪ .‬وكشف عن أسباب بقاء بعض الناس‬ ‫وم��ن أك�ب��ر األخ �ط��اء ال�ت��ي يرتكبها ال �ن��اس الذين‬
‫ول َو َل ِئن َزا َل َتا ِإنْ َأ ْم َس َك ُه َما ِم ْن َأ َح ٍد ِّمن‬ ‫ال ْر َض َأن َت ُز اَ‬ ‫ات َو أْ َ‬
‫الس َما َو ِ‬ ‫أسرى للمصاعب واملتاعب‪ ،‬وضعفاء‪ ،‬ومستائني‬ ‫يتصرفون بهذه الطريقة‪ ،‬أنهم يفشلون في تقدير الله‬
‫في اليوم السابع‪ .‬فرد القرآن الكرمي على مقولة االستراحة َّ‬ ‫حق قدره بل قد ينسونه‪ .‬فيقضون حياتهم وهم يتخيلون بالله نتجاوز وحائرين‪ .‬أما الذين تفيض قلوبهم باإلميان بالله‬
‫ُورا [‪.}]41‬‬ ‫يما غَ ف ً‬‫بعد اخللق‪ ،‬بأن الله تعالى القوي القادر على خلق هذا الكون َب ْع ِد ِه ِإ َّن ُه َكانَ َح ِل ً‬ ‫وبحبه وإجالله وتقديسه وباخلوف منه سبحانه فهم‬ ‫أنهم قادرون على فعل كل شيء بأنفسهم‪ .‬واحلقيقة أن‬
‫ثم نفى عن ذاته العل ّية صفة التعب‪ ،‬واحلاجة إلى الراحة‪،‬‬ ‫العظيم‪ ،‬تعالى عن أن ميسه تعب أو إرهاق‪ ،‬فالتعب واإلرهاق‬ ‫مشقة‬
‫ٍ‬ ‫حل ولكل‬ ‫يجدون  دائم ًا لكل مشكلة صعبة ّ‬ ‫املصائب‬
‫ات َو أْ َ‬ ‫أس��وأ املصاعب وأش��د األح��وال هي أم��ور ميكن حلها‬
‫ال ْر َض َو َما‬ ‫من صفات املخلوقات‪ ،‬إذ أن املخلوق هو احملدود القدرة‪ ،‬فأظهر فقال في س��ورة ق‪َ { :‬و َل � َق� ْ�د َخ َل ْق َنا ال� َّ�س� َ�م��ا َو ِ‬ ‫تيسير‪.‬‬ ‫بلحظة إذا أراد الله ذلك‪.‬‬
‫وب [‪ .}]38‬وقال في سورة‬ ‫القرآن الكرمي أو ًال عظمة اخللق‪ ،‬ثم ن ّبه‪ ،‬إلى أنه من السهل على َب ْي َن ُه َما ِفي ِس َّت ِة َأ َّي ٍام َو َما َم َّس َنا ِمن ُّل ُغ ٍ‬ ‫يجب أن يعيش املؤمن دون أن ينسى هذا السر املهم‪ ،‬ويعرف‬ ‫الله جبار وقادر أن يفعل ما يريد في حلظة إرادته‪ ،‬وأكبر وأعظم‬
‫ات َو أْ َ‬
‫ال ْر َض َو َل ْم‬ ‫الس َما َو ِ‬ ‫الله أن يعي َد خل َقه مرات ومرات‪ .‬قال تعالى في سورة الروم‪ :‬األحقاف‪َ { :‬أ َو َل ْم َي َر ْوا َأ َّن ال َّل َه ا َّل ِذي َخ َل َق َّ‬ ‫مما ميكن أن يتخيله البشر‪ .‬وإن أخطر األوضاع‪ ،‬واملصائب التي أنه سوف يستمد قوته من الله في مواجهة كل الصعوبات‪ ،‬وبأن‬
‫يد ُه َو ُه َو َأ ْه َونُ َع َل ْي ِه َو َل ُه مْالَ َث ُل أْ َ‬
‫ال ْع َلى َي ْع َي ِبخَ ْل ِقهِ َّن ِبقَا ِد ٍر َع َلى َأنْ ُي ْحي َِي مْالَ ْو َتى َب َلى ِإ َّن ُه َع َلى ُك ِّل شَ ْيءٍ‬ ‫{ َو ُه َو ا َّل ِذي َي ْب َد ُأ خْ َ‬
‫ال ْلق ُث َّم ُي ِع ُ‬ ‫تكون كاجلبال ميكن أن يسويها ويزيلها بكل سهولة ويسر‪ .‬إذا جميع االبواب ستفتح له عندما ُيق ِبل على الله‪ ،‬فاإلقبال على الله‬
‫يم [‪ .}]27‬ومع أن خلقَ َق ِد ٌير [‪.}]33‬‬ ‫ات َو أْ َ‬
‫ال ْر ِض َو ُه َو ا ْل َع ِز ُيز حْ َ‬ ‫أراد الله ذلك‪ ،‬وهذا أمر مهم عند من يدرك ذلك ويقضي حياته هو احلل الوحيد الذي يوفر السالم والراحة والسعادة والبركة‬
‫ال ِك ُ‬ ‫الس َما َو ِ‬ ‫ِفي َّ‬
‫وباملناسبة‪ ،‬فقد أوضح اخلالق العظيم في القرآن الكرمي‪،‬‬ ‫السماوات واألرض شيء خطير‪ ،‬لقوله تعالى في سورة غافر‪:‬‬ ‫في الدنيا‪.‬‬ ‫على هذا اإلميان‪.‬‬
‫معنى أيام اخللق الستة‪ ،‬ملن اعتقد من السالفني أن اخللق قد مت‬ ‫اس َو َل ِك َّن َأ ْك َث َر‬ ‫ات َو أْ َ‬
‫ال ْر ِض َأ ْك َب ُر ِم ْن َخ ْل ِق ال َّن ِ‬ ‫الس َما َو ِ‬ ‫خَ َ‬
‫{ل ْل ُق َّ‬ ‫خضوع له‪----------------- ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫َم��ن يك ّرس كل حلظة من حياته لله ويعيش في‬
‫في ستة أيام من أيامنا هذه‪ ،‬فع ّرف اليوم في السماء في سورة‬ ‫اس اَل َي ْع َل ُمونَ [‪.}]57‬‬
‫ال َّن ِ‬ ‫نفسه والثقة بالله وسيكون ف��ي أم��ان عندما * وللراغبني مبتابعة البحث بكامله مراجعة املوقع‪:‬‬ ‫س ُيظهر االنقياد َ‬
‫ند َر ِّب َك َك َأ ْل ِف َس َنةٍ مِّمَّا َت ُعدُّ ونَ‬ ‫تتحداه املصائب‪ .‬ومهما بلغت املشكلة أو املصيبة فهو قادر‬
‫احلج بقوله تعالى‪َ { :‬و ِإ َّن َي ْو ًما ِع َ‬ ‫فإن املولى تعالى ي ُر ّد على من َق ُصر فهمه عن معرفة عظمة‬ ‫‪www.harunyahya.com‬‬

‫‪29‬‬ ‫العدد اخلامس عشر ‪ -‬خريف ‪ 1431‬هـ ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫العدد اخلامس عشر ‪ -‬خريف ‪ 1431‬هـ ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫‪28‬‬
‫والسنة‬ ‫في القرآن‬ ‫والسنة‬ ‫في القرآن‬
‫اعجاز تشريعي‬ ‫قرآن‬

‫ال‬‫يم [‪َ ]77‬و ِإ َّن َع َل ْي َك َل ْع َن ِتي ِإ َلى َي ْو ِم الدِّ ِين [‪َ ]78‬ق َ‬ ‫[‪ .}]47‬وع� ّرف يوم ًا آخر من أي��ام السماء في س��ورة املعارج َف ِإ ن ََّك َر جِ ٌ‬
‫اإلعجاز التشريعي في اإلسالم‬ ‫نظ ِر َين‬ ‫ال َف ِإ ن ََّك ِم َن مْالُ َ‬ ‫وح ِإ َل ْي ِه ِفي َي ْو ٍم َكانَ ِمق َْدا ُر ُه َر ِّب َف َأ ِنظ ْر ِني ِإ َلى َي ْو ِم ُي ْب َعثُونَ [‪َ ]79‬ق َ‬
‫�ال َف ِب ِع َّز ِت َك أَ ُل غْ وِ َي َّن ُه ْم‬
‫[‪ِ ]80‬إ َل��ى َي� ْ�و ِم ا ْل َو ْق ِت مْالَ ْع ُلو ِم [‪َ ]81‬ق� َ‬
‫بقوله تعالى‪َ { :‬ت ْع ُر ُج مْالَلاَ ِئ َك ُة َو ُّ‬
‫الر ُ‬
‫ني َأ ْل َف َس َنةٍ [‪.}]4‬‬ ‫َخ ْم ِس َ‬
‫ني [‪. }]83‬‬ ‫ويفهم من ذلك أن يوم ًا قد يعني مرحل ًة متتد دهور ًا مبقاييسنا‪َ ،‬أ ْج َم ِع َني [‪ِ ]82‬إ اَّل ِع َبا َد َك ِم ْن ُه ُم مْالُخْ َل ِص َ‬
‫اجلزء األ ّول‪ :‬مزايا وخصائص اإلعجاز التشريعي في القرآن الكرمي‬ ‫وقد ذ َكر الله تعالى ذلك‪ ،‬رحم ًة بنا لينقذنا‪ ،‬وينبهنا‪ ،‬إلى خطر‬ ‫وقد ال تعدو عند الله تعالى أكثر من مقدار [كن فيكون]‪.‬‬
‫إبليس وأعوانه‪ ،‬ولكي نأخذ ِحذرنا من شرك الشيطان وحبائله‪،‬‬ ‫ومن نبأ السماء أيض ًا حلظ ُة ِ‬
‫خلق ابنِ آدم وما رافقها وتالها‬
‫(‪)1‬‬
‫بقلم الدكتور محمد عبد الرحمن املرعشلي‬ ‫الش ْي َطانَ َل ُك ْم َع ُد ٌّو َفات َِّخ ُذو ُه‬‫قال تعالى في سورة فاطر‪ِ { :‬إ َّن َّ‬ ‫من أمور‪ ،‬تفرد بها القرآن الكرمي وحده‪ ،‬ولم يكن مبقدور أحد‬
‫ير [‪.}]6‬‬ ‫الس ِع ِ‬
‫اب َّ‬‫َع ُد ًّوا ِإ مَّ َنا َي ْد ُعو ِح ْز َب ُه ِل َي ُكو ُنوا ِم ْن َأ ْص َح ِ‬ ‫يعرف نبأها‪ ،‬لوال أن الله تعالى شرفنا‬ ‫من قبل ومن بعد أن ِ‬
‫في الوقت الذي يشعر الناس فيه بالقلق وبخلل واضطراب في القانون الدولي املعاصر‪ ،‬مع انتشار ظاهرة‬ ‫وما إخبا ُرنا عن هذه املواجهة إال لتعليمنا وحتذيرنا من‬ ‫بذكرها في كتابه الفريد العظيم‪ ،‬فاجلن من نار وآدم من تراب‪،‬‬
‫وحب السيطرة في العالم وشيوع الظلم والفساد‪ ،‬وغلبة القوة واألهواء والشهوات‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الفوضى واإلرهاب والعنف‬ ‫خطر اإلصغاء إليه واتباع سبيله‪.‬‬ ‫وش ّرف آدم بأن خلقه بيده‪ ،‬ونفخ فيه من روحه‪ ،‬وعلمه األسماء‬
‫وفساد األخ�لاق‪ ،‬يأتي ه��ذا البحث ل�لإش��ارة إل��ى املنابع املثالية للتشريع املعجز وه��و ال�ق��رآن‪ ،‬ليبرز ما قدمته‬ ‫الكتب السالفة‪ ،‬فال يجد فيها‬ ‫َ‬ ‫ويفاجأ الباحث حني يراجع‬ ‫كلها‪ ،‬مما تعرفه املالئكة ومما ال تعلمه‪ ،‬كي يعرف اإلنسان قدر‬
‫النصوص من تشريعات وأحكام وقوانني حتقق السعادة لإلنسان ال يستطيع وضعها الفكر البشري على وجه‬ ‫ذك��ر ًا ملواقف الشيطان وأساليبه‪ ،‬حتى أن خبر إغوائه آلدم‬ ‫هذا الشرف العظيم الذي أعطي له‪ ،‬ويرد على فضل الله تعالى‬
‫التحدي‪ ،‬إذ أثـبـتـت النظم الوضعية القدمية واحلديثة عبر تاريخ البشرية الطويل فشلها في تأمني االستقرار‬ ‫وحواء في اجلنة ورد في التوراة بأن احل ّية هي التي أغوتهما‪،‬‬ ‫ب��االع�ت��راف واإلي �ق��ان واخل�ض��وع واالم�ت�ث��ال‪ ،‬فقال ف��ي سورة‬
‫ومصلحة اإلنسان وسعادته‪ ،‬كما فشلت في جلب مصاحله ومنافعه‪ ،‬ودفع مفاسده وشروره مبا يحقق سعادته في‬ ‫ولم ُيذ َكر إبليس باسمه وبحقيقته‪ ،‬وقلما نقرأ في غير القرآن عن‬ ‫احلجر‪:‬‬
‫وقت اعترف فيه العالم وحتى خصوم هذا الدين من غير املسلمني باإلعجاز التشريعي اإلسالمي املتمثل مبصدرية‬ ‫الشيطان ووسائله‪ ،‬ومغرياته وحبائله‪.‬‬ ‫ون‬ ‫نسانَ ِمن َص ْل َص ٍال ِّم ْن َح َم ٍإ َّم ْس ُن ٍ‬ ‫{ َو َلق َْد َخ َل ْق َنا ا ِإل َ‬
‫القرآن‪ ،‬وذلك أوال ً من خالل االعتراف العلمي العاملي بأن هذا التشريع يستحق أن ُيدرس دراسة علمية على‬ ‫وفي اخلالصة نتساءل‪ ،‬ما هو املقصود من إيراد أخبار‬ ‫ال‬‫الس ُمو ِم [‪َ ]27‬و ِإ ْذ َق َ‬ ‫�آن َخ َل ْق َنا ُه ِمن َق ْب ُل ِمن نَّا ِر َّ‬ ‫[‪َ ]26‬و جْ َ‬
‫ال� َّ‬
‫أمي وأمة أمية! و ث��ا ن�ي��ا ً ‪ :‬االعتراف التشريعي‬
‫بلد ّ‬
‫أمي‪ ،‬في ٍ‬
‫أعلى املستويات مع علمهم أنه لم يأت به إال رجل ّ‬ ‫التعرف إل��ى خالق هذا‬ ‫ُ‬ ‫السماء ف��ي ال�ق��رآن ال �ك��رمي؟ أه��و‬ ‫لا ِئ� َ�ك� ِة ِإ ِّن��ي َخ��ا ِل� ٌ�ق َب��شَ � ً�ر ا ِّم��ن َص� ْل� َ�ص� ٍ‬
‫�ال ِّم� ْ�ن َح َم ٍإ‬ ‫َر ُّب� َ�ك ِل� ْل� َ�م� َ‬
‫العاملي من خالل املؤمترات القانونية العاملية مثل مؤمتر الهاي في القانون املقارن عام ‪1356‬ه �ـ‪1937/‬م الذي‬ ‫ال�ك��ون؟ أم توسي ُع م��دارك العبد حتى ينصرف إل��ى األهم‬ ‫وحي َف َق ُعو ْا َل ُه‬ ‫ون [‪َ ]28‬ف ِإ َذ ا َس َّو ْي ُت ُه َو َنفَخْ ُت ِفي ِه ِمن ُّر ِ‬ ‫َّم ْس ُن ٍ‬
‫اعتبر الشريعة اإلسالمية مصدر ًا من مصادر التشريع‪ ،‬ومؤمتر جمعية احملامني الدولية في الهاي عام ‪1948‬م‪،‬‬ ‫ني االنسان باملعرفة لكي ال يغتر‬ ‫واألدوم واألجدى؟ أم حتص ُ‬ ‫ين [‪. }]29‬‬ ‫َساجِ ِد َ‬
‫ومؤمتر كلية احلقوق في باريس عام ‪1951‬م باسم «أسبوع الفقه اإلسالمي»‪ ،‬وثالث ًا ‪ :‬ع��دم احتياج التشريع‬ ‫وال ُيغ َّرر به‪ ،‬فال يتوجه إال لربه وخالقه ؟ أم لهذه الغايات‬ ‫حق وكتاب صدق‪ ،‬لم ُيخْ ِف‬ ‫كتاب ٍ‬
‫ُ‬ ‫مي‬
‫القرآن الكر َ‬
‫َ‬ ‫وألن‬
‫اإلسالمي للتعديل والتطوير خالف ًا لكل قوانني ودساتير الدنيا(‪ ،)2‬كل ذلك بفضل مزايا وخصائص اإلعجاز‬ ‫وغيرها مجتمعة؟‬ ‫أدب إبليس‬ ‫ا ل�ل��ه تعالى فيه شيئ ًا ع��ن ع �ب��اده‪ ،‬حتى ق�ل� َة ِ‬
‫التشريعي في القرآن الكرمي‪ ،‬وهو ما سنتناوله بشيءٍ من التفصيل‪.‬‬ ‫فنجد أن الله تعالى يحب خلقه‪ ،‬وال يرضى لعباده الكفر‪،‬‬ ‫م��ع الله ع��ز و ج��ل‪ ،‬ذ ك��ر ه��ا ربنا ف��ي ا ل�ق��رآن‪ ،‬و ل��م ي��ر فيها‬
‫ولم يترك وسيلة لإلقناع إال اعتمدها في القرآن الكرمي‪ ،‬ولم‬ ‫انتقاص ًا من هيبته وال من جالله عند ا ل�ن��اس‪ .‬و ل��و كتب‬
‫يكن املصحف الشريف مبا عرض من تشريع ُم ْع َت َبر كأمثلِ نظام (–‬ ‫(‪)3‬‬
‫ما هي مزايا اإلعجاز التشريعي في القرآن؟‬ ‫والنبي محمد ًا عليه‬ ‫يترك أمة إال خال فيها نذير‪ ،‬وادخر القرآن‬ ‫أ ح��د ن��ا م��ذ ك��را ت��ه‪ ،‬أل خ�ف��ى ب�ع�ض� ًا مم��ا ي�خ�ج��ل م��ن عرضه‬
‫ً‬ ‫َّ‬
‫في الواقع عرفت البشرية في عصور التاريخ ألوانا مختلفة من في وقت تهاوت فيه الشرائع القدمية وجلأت إليه القوانني احلديثة‬ ‫ال�ص�لاة وال�س�لام للزمن األخ�ي��ر م��ن عمر الدنيا‪ ،‬وسلحهما‬ ‫ع�ل��ى ا ل �ن��اس‪ ،‬ل�ك��ن ا ل �ل��ه ت�ع��ا ل��ى و ه��و ا حل ��ق‪ ،‬و ه��و أصدق‬
‫الشرائع الوضعية القدمية كشريعة حمورابي والقانون الروماني‪ – ،‬حيث كانت تشريعاته منارات يهتدي بها املش ّرعون والقانونيون)‬
‫ع ّبرت عن عقائدها وقيمها‪ ،‬ولكن واحد ًا منها لم يبلغ من العظمة إال بفضل مزايا متكاملة وصفات وخصائص ومن أهمها‪:‬‬ ‫باألدلة والبراهني‪ ،‬العلمية والروحية‪ ،‬فإذا بأصحاب العقول‬ ‫القائلني‪ ،‬كشف بالتفصيل ع��ن ذ ل��ك ا مل��و ق��ف ا ل��ذي خرج‬
‫‪ -1‬الدعوة إلى الوحدانية املطلقة اخلالصة من جميع شوائب‬ ‫والروعة واإلج�لال مبلغ القرآن في إعجازه التشريعي‪ .‬كيف ال‪،‬‬ ‫يذعنون وبأصحاب القلوب يؤمنون‪.‬‬ ‫فيه إبليس من رحمة الله‪ ،‬بسبب غيرته وحسده ونفسه‬
‫وشريعة القرآن ج��اءت شفاء ًا للصدور‪ ،‬وه��دى للعقول‪ ،‬ورحمة ال��زي��غ وال�ش��رك وال�ض�لال واإلحل ��اد‪ ،‬وه��ذا م�ص��داق قوله تعالى‬ ‫ومما سلف‪ ،‬تظهر لنا وجوه إعجاز القرآن الكرمي في خبر‬ ‫حلظة ُخلِق فيها آدم‪ ،‬ع��دو ًا له‬ ‫ٍ‬ ‫األ م��ارة‪ ،‬فأصبح من أول‬
‫الناس قد جاءتكم موعظة من {وإلهكم إله واحد ال إله هو الرحمن الرحيم}(‪ ،)5‬وقد جاء القرآن‬ ‫للمؤمنني كما قال تعالى {يا أيها ُ‬ ‫السماء‪ ،‬وم��ا مضى من أن�ب��اء‪ ،‬والتي ال يعلمها إال الله‪ ،‬ولم‬ ‫ولذريته من بعده‪ .‬فقال تعالى في س��ورة ص‪َ { :‬ف َس َج َد‬
‫الكرمي بأحكام العقيدة واضحة وبسيطة‬ ‫ربكم وش�ف��اء مل��ا ف��ي ال�ص��دور وه��دى ورحمة‬ ‫يحفظها سوى الله‪ .‬ولوال ما ورد في القرآن الكرمي منها‪ ،‬لقال‬ ‫يس ْاس َت ْك َب َر َو َكانَ ِم ْن‬ ‫مْالَلاَ ِئ َك ُة ُك ُّل ُه ْم َأ ْج َم ُعونَ [‪ِ ]73‬إ اَّل ِإ ْب ِل َ‬
‫وشاملة لكل ما يحتاج إليه البشر ابتدا ًء‬ ‫مؤمترات عاملية اعترفت‬ ‫ل �ل �م��ؤم �ن�ين}(‪ )4‬ف�م��ا ه��و س��ر عظمة وروعة‬ ‫يس َما َم َن َع َك َأ ن َت ْس ُج َد مِلَا َخ َلق ُ‬ ‫ا ْل َكا ِف ِر َين [‪َ ]74‬ق َ‬
‫من اإلمي��ان بالله واليوم اآلخ��ر واألنبياء‬ ‫وإجالل اإلعجاز التشريعي؟ وملاذا عامل ّية هذا‬
‫من قال‪ ،‬ما شاء أن يقول‪ ،‬بال رقيب وال ضابط وال حسيب‪ ،‬وها‬ ‫ْت‬ ‫ال َيا ِإ ْب ِل ُ‬
‫والرسل واملالئكة‪.‬‬ ‫بصواب التشريع االسالمي‬ ‫اإلعجاز وما هو ِس ّر خلوده؟! في الواقع لم‬
‫هي املكتشفات العلمية تؤكد للمتشككني‪ ،‬صحة ما ورد في‬ ‫ال َأ َنا َخ ْي ٌر ِّم ْن ُه‬
‫نت ِم َن ا ْل َعا ِل َني [‪َ ]75‬ق َ‬‫ب َِي َد َّي َأ ْس َت ْك َب ْر َت َأ ْم ُك َ‬
‫القرآن الكرمي ودقته‪.‬‬ ‫�اخ� ُ�ر ْج ِم ْن َها‬
‫�ال َف� ْ‬‫�ين [‪َ ]76‬ق� َ‬ ‫َخ َل ْق َت ِني ِم��ن َّن� ٍ�ار َو َخ� َل� ْق� َت� ُه ِم��ن ِط ٍ‬
‫‪31‬‬ ‫العدد اخلامس عشر ‪ -‬خريف ‪ 1431‬هـ ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫العدد اخلامس عشر ‪ -‬خريف ‪ 1431‬هـ ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫‪30‬‬
‫والسنة‬ ‫في القرآن‬ ‫والسنة‬ ‫في القرآن‬
‫اعجاز تشريعي‬ ‫اعجاز تشريعي‬

‫وغيره من أساطني الفكر الشيوعي القدماء‬ ‫‪ -9‬دق��ة األس� �ل ��وب(‪ )19‬ف��ي نصوص‬ ‫فئة معينة دون غيرها ليتهاوى‬ ‫مصالح ٍ‬ ‫‪ -2‬الترغيب بطلب العلم واحلث على‬
‫– س��ارت الشيوعية في معقلها نحو األخذ‬ ‫التشريع يتوافق‬ ‫التشريع املعجز حيث يكمن في الصياغات‬ ‫عند سقوطها كما يحصل ف��ي إصدار‬ ‫تطوير‬ ‫الى‬ ‫يحتاج‬ ‫الناس‬ ‫تشريع‬ ‫العمل‪ ،‬فاإلسالم يحثّ على طلب العلم الذي‬
‫من النظم الرأسمالية وغيرها‪ ،‬حيث أجازت‬ ‫السليمة‬ ‫الفطرة‬ ‫مع‬ ‫النبوي‬
‫ّ‬ ‫القرآنية الرائعة وج��وام��ع الكلم‬ ‫بعض ال�ق��وان�ين ملصالح فئة معينة‪ ،‬إن‬ ‫وشرع الله ثابت وواضح‬ ‫هو «فريضة على كل مسلم ومسلمة»(‪ .)6‬وعند‬
‫منذ أواخ��ر السبعينات امللكية الفردية وإن‬ ‫التي أتت مبجموعة من املبادئ التشريعية‬ ‫هذا يعني على ترشيد اخللق إلى الوحدة‪،‬‬ ‫مسلم في «الصحيح»‪« :‬ما مِ ْن َر ُج� ٍ�ل يسلك‬
‫كانت في نطاق ضيق‪ ،‬والتنافس في العمل‪،‬‬ ‫وجزة رائعة‪ ،‬ومن أمثلته‪ :‬قوله‬ ‫في قوالب ُم َ‬ ‫واالئ� �ت�ل�اف وم �ح��و ال�ع�ص�ب�ي��ات وإزال� ��ة‬ ‫يلتمس فيه عِ لْم ًا إال س ّهل الله له طريق ًا‬
‫طريق ًا ُ‬
‫تعالى {ولكم في ال ِقصاص حياة} حيث دل هذا النص املوجز ال بل وأسقط الشيوعيون أنفسهم صنم لينني في الساحة احلمراء‬
‫َّ‬ ‫(‪)20‬‬ ‫إلى اجلنة‪ ، »...‬قال تعالى {هل يستوي الذين يعلمون والذين الفوارق والتنازع على الصعيد االجتماعي‪.‬‬ ‫(‪)7‬‬

‫جلزاء‪ ،‬وعلى مبوسكو فيما بعد ثم انهار أخير ًا اإلحتاد السوفياتي‪ ،‬وأما الفكر‬ ‫على مشروعِ ية القِ صاص(‪ ،)21‬وعلى وجوب ا ِمل ْثلِية في ا َ‬ ‫‪ -6‬الشمولية حيث تتناول آيات القرآن الكرمية في مجموع‬ ‫ال يعلمون}(‪.)8‬‬
‫أن احلكمة فيه هي حماية حياة املجتمع مبا فيه اجلاني نفسه‪ ،‬وقد الشيوعي الصيني فقد تنصل من كثير من مبادئ ماركس ولينني‪،‬‬ ‫الديني مع نصوص التشريع أحكامها كل ما حتتاج إليه البشرية من تشريعات خاصة وتشريعات‬ ‫ّ‬ ‫‪ -3‬تالحم املؤمنني بالوازع‬
‫نص عند اجلاهليني بل قد وردت على ألسنة قادته اجلدد انتقادات لألفكار الشيوعية‬ ‫قارن ال ُبلغاء بني هذا النص القرآني وبني أوجز ّ‬ ‫ً‬
‫حيث ي��وقِ ��ظ التشريع القرآني ضمير امل��ؤم��ن ويحيي فيه وازعا عامة حتقق االستقرار والطمأنينة للبشر‪ .‬قال تعالى {ما ّفرطنا‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫بشكل تكاد تكون املقا َرنة بينهما البالية وأيضا فإن السلطة لم تتسلمها طبقة العمال والفالحني‬
‫(‪)26‬‬
‫العرب البلغاء فوجدوه يفوق عليه ٍ‬ ‫داخل نفسه ُيراقبه ويقوده إلى الصراط املستقيم‪ ،‬وفي احلديث‪ :‬في الكتاب من ش��يء}(‪ ،)12‬لقد شملت نصوص القرآن مقاصد‬
‫ُظلْم ًا؛ يقول اخلطيب القزويني في التعليق على النص القرآني – كما وعدوا – ومن جانب آخر فإن الطبقة العمالية نفسها رفضت‬ ‫«اإلحسان أن تعبد الله كأنك تراه‪ ،‬فإن لم تكن تراه فإنه يراك»(‪ ،)9‬شاملة في العقائد‪ ،‬وفي مجال العبادات واملعامالت واألخالق‪،‬‬
‫�ذف فيه‪ ،‬وفضله الفكر الشيوعي رفض ًا بات ًا كما حصل في بولندا‪ ،‬كل ذلك شكل‬ ‫املذكور‪« :‬ف��إنَّ معناه كثير‪ ،‬ولفظه يسير‪ ،‬وال ح� َ‬ ‫وه��ذا بعكس ما يجري في النظم الوضعية حيث يستطيع كثير واملجال االجتماعي‪ ،‬واملجال السياسي واحلكم وتنظيم عالقات‬
‫ُ‬
‫على ما كان عندهم أوجز كالم في هذا املعنى – وهو القتل أنفى طعنات قاصمة لظهر الشيوعية التي جاءت لتضرب الدين وعلى‬ ‫للغش وال �ه��رب من الدولة في حاالت السلم واحلرب‪ ،‬وفي املجال االقتصادي‪ ،‬ومجال‬ ‫م��ن األذك �ي��اء التالعب بالقوانني باختراقها ّ‬
‫األخص الدين اإلسالمي احلق‪ ،‬ومن جهة أخرى دل على فساد‬ ‫للقتل – بقلة حروف ما ُيناظره منه(‪.)22‬‬ ‫مستلزماتها ونتائجها كالفِ رار من الضرائب كما هو مشاهد في حقوق اإلنسان‪ ،‬ولذلك كله وصف الله تعالى دينه الذي أنزله على‬
‫‪ -10‬موافقة التشريعات للفِ طرة والعقول املستقيمة‪ .‬وصف الفكر الشيوعي وعدم مالءمته للفطرة التي فطر الله الناس عليها‪،‬‬ ‫وأمتمت‬
‫ُ‬ ‫محمد ‪ #‬بأنه قد أكمله فقال‪{ :‬اليوم أكملت لكم دي َنكم‬ ‫الغرب وأميركا‪.‬‬
‫للدين حنيفاً؛ وكذلك األم��ر في النظام الرأسمالي ال��ذي أدى إلى االنهيارات‬ ‫{فأقم َو ْج َه َك ِ‬ ‫ْ‬ ‫الله تعالى دينه بأنه دين الفطرة بقوله‪:‬‬ ‫ورضيت لكم اإلسالم ديناً} ‪.‬‬
‫(‪)13‬‬
‫ُ‬ ‫‪ -4‬مرونة التشريع حيث استطاعت الشريعة اإلسالمية الغ ّراء عليكم نعمتي‬
‫الدين املالية عام ‪ 2010-2009‬حيث تبخرت األموال إضافة إلى اجلشع‬ ‫الناس عليها ال تبديلَ خللق الله ذلك ُ‬ ‫فطر َة الله التي َف َطر َ‬ ‫‪ -7‬ال��واق�ع�ي��ة ب��ال� ّرخ��ص فالقرآن‬ ‫التط ّور مع كل جديد‪ ،‬دخلت مختلف البيئات‬
‫أكثر الناس ال يعلمون} ‪ ،‬ويدل على موافقة أحكام واالحتكار‪ ،‬والفساد والتحلل األخ�لاق��ي‪ ،‬والفساد االجتماعي‪،‬‬ ‫(‪)23‬‬
‫ولكن َ‬‫الق ِّي ُم ّ‬ ‫رضي املؤمنون بالتشريع ع�ل�اوة على أن��ه يقيم احل�ي��اة اإلنسانية‬ ‫والظروف واألزمان منذ أكثر من أربعة عشر‬
‫اإلسالم للفطرة اإلنسانية النظيفة رجوعها إلى الله تعالى في حاالت والتفكك األس��ري‪ ،‬ومشاكل ال��دي��ون والتضخم والبطالة‪ ،‬فهذه‬ ‫املثالية على أفضل صورة وأرقى مثال‪،‬‬ ‫فاستقروا‬ ‫به‬ ‫وعملوا‬ ‫ق ْرن ًا فما ضاق ذرعها بجديد‪ ،‬بل استجابت‬
‫الشدة‪ ،‬والشعور بقربه تعالى في حالة احملنة‪ ،‬ثم تلك التراجعات التراجعات الفكرية في العالم الغربي والشرقي نراها كلها‬ ‫يقوم أيض ًا على أساس مراعاة الواقع‪،‬‬ ‫لكل مطلب‪.‬‬
‫في عالم األفكار واألنظمة البشرية لصالح أحكام اإلسالم‪ ،‬سواء لصالح اإلسالم وذلك ألنها تراجعات إلى الفطرة(‪ ،)27‬فهذا إعجاز‬ ‫والتك ّيف مع تغ ّير األحوال واملعاش بحيث‬ ‫والسـنة‬
‫فنصوص الشريعة من الكتاب ُّ‬
‫كانت في نطاق العقيدة‪ ،‬أو االجتماع أو االقتصاد‪ ،‬أو غيرها‪ ،‬ومن ال شك فيه‪.‬‬ ‫– وإن كانت متناهية وم�ح��دودة ومعلومة‪ -‬واحل ��وادث ال تنتهي يتناسب احلكم مع األوض��اع اجلديدة فال يكون هناك َح َ��رج وال‬
‫‪ -11‬الوسطية وال�ت��وازن‪ .‬أما وسطية الشريعة فتكمن في‬ ‫أمثلة ذل��ك‪ -1 :‬حترمي أميركا للخمر في بداية العقد الثالث من‬ ‫وتتج ّدد‪ ،‬فإنها – أي النصوص – تتضمن املبادئ العامة والقواعد مش ّقة على الناس ببروز األحكام البديلة املُس ّماة « ُر َخص الشرع‬
‫القرن العشرين‪ -2،‬عودة أميركا إلى إباحة الطالق بعد أن كان توازنها بني متطلبات الروح واملادة‪ ،‬وشؤون الدنيا واآلخرة‪ ،‬وبني‬ ‫الي ْسر وال ُيريد بكم‬ ‫وتخفيفاته»‪ ،‬ق��ال تعالى‪ُ { :‬يريد الله بكم ُ‬ ‫وح َدث‬
‫الكلية التي ال تنتهي أفرادها‪ ،‬والتي تستجيب لكل ما َج َّد َ‬
‫ُمح َّرم ًا بالقانون‪َ -3،‬منع ال َبغاء بقانون أصدرته إسبانيا‪ -4 ،‬تعالي حقوق الفرد واجلماعة‪ ،‬وحقوق الله تعالى‪ ،‬وحقوق العباد‪ ،‬وبني‬ ‫على َم� ّر العصور واألزم��ان من خ�لال االجتهاد‪ ،‬وه��ذا ما يجعل ال ُع ْسر}(‪ ،)14‬وقال تعالى {وما جعل عليكم في الدين من َح َرج}‬
‫َص َرخات تعدد الزوجات على ألْسنة مصلحي أوروبا‪ -5،‬اعتراف الواقعية واملثالية‪ ،‬والثبات وامل��رون��ة‪ ،‬حيث استطاع اإلس�لام أن‬ ‫كل زمان ومكان‪ ،‬وفي (‪ ،)15‬وإلى هذا أشار الشاطبي في املوافقات(‪ )16‬بعبارة «احلاج ّيات»‬ ‫الشريعة اإلسالمية صاحلة للتطبيق في ّ‬
‫زعيم فرنسي غداة هزمية فرنسا في احلرب العاملية الثانية‪{ :‬أن يقيم نظام ًا يعطي كل ذي حق حقه‪ ،‬ويقيم العدالة والقسطاس‬ ‫وهي ال ُّرخص كإباحة الفِ طر في رمضان للمسافر‪ ،‬والتي ّمم ملن‬
‫شطط وال غلو وال تقصير‪ ،‬وال إف��راط وال‬ ‫سبب انهيار دولتهم هو انغماسهم في الشهوات اجلنسية وإسرافهم املستقيم بال و ِك��س وال ٍ‬ ‫حل��رج والضيق‪ّ ،‬‬ ‫ذل��ك يقول العقاد‪« :‬وق��د استوعب اإلس�لام مذاهب االقتصاد –‬
‫ولعل هذا ما دعى‬ ‫كما استوعب مذاهب االجتماع‪ -‬في عصر املصارف والشركات ال يجد املاء‪ ،‬وفقدانها يعني ا َ َ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫تفريط(‪ ،)28‬فعلى سبيل املثال جند اليهودية قد غلت غل ّوا كبيرا في‬ ‫في املفاسد واملفاتن}(‪.)24‬‬ ‫«املش َّقة جتلب‬
‫الفقهاء واألصوليني إلى القاعدة الفقهية املشهورة َ‬
‫فالفكر اإلحلادي اليوم أصبح غير مرغوب فيه لدى السواد املادية وفي عقيدة اليهود نحو أنبيائهم (حيث َقذفوا السيدة مرمي‬ ‫وقروضها‪ ،‬دون أن يعوق مصلحة من مصاحلها البريئة في العرف التيسير»(‪.)17‬‬
‫األع �ظ��م‪ ،‬ذك��ر ص��اح��ب ك �ت��اب‪« :‬ال�ل��ه يتجلى ف��ي عصر العلم» عليها السالم)‪ ،‬وفي نظرهم إلى جنسهم باعتبارهم شعب الله‬ ‫‪ -8‬صلة األحكام التشريعية باملفاهيم األخالقية‪ ،‬فاألحكام‬ ‫املشروع‪ ،)10(»..‬ومع تطاول الزمان وتباعد األمكنة فإن التشريعات‬
‫أس�م��اء ع�ش��رات م��ن العلماء ف��ي مختلف تخصصاتهم وصلوا املختار‪ ،‬وكذلك غلت املسيحية في الروحية‪ ،‬وفي تأليه عيسى‪،‬‬ ‫اإلسالمية وأحكامها ال تتصادم مع مقتضيات العقول وضرورات التشريعية في اإلسالم واملفاهيم األخالقية ال ينفصالن‪ ،‬لذلك بات‬
‫إلى عميق اإلميان بالله تعالى عبر جتاربهم واخلوض في دقائق حيث جعلوه ر ّب ًا‪ ،‬وفي نظرهم إلى الدنيا وال َّر ْه َبنَة فيها‪ ،‬فاإلفراط‬ ‫من الضروري أن تـفهم األحكام في ظل املفاهيم األخالقية التي‬ ‫احلياة(‪.)11‬‬
‫والتفريط كله سيئة وكفر(‪ ،)29‬وكذلك القانون‬ ‫ع �ل��وم �ه��م(‪ ،)25‬وم ��ن ال �ن��اح �ي��ة التطبيقية‬ ‫ُي�ع� َّب��ر عنها ب�ـ «امل�ق��اص��د» الشرعية‪ .‬إذ‬ ‫‪ -5‬تساوي الناس كافة أمام التشريع‬
‫الروماني حيث نظر إلى الشعب الروماني‬ ‫االحكام التشريعية عامة‬ ‫للمذهب االقتصادي الشيوعي فإنه قد‬ ‫ال �ق��رآن��ي ف��ي ج�م�ي��ع احل �ق��وق والواجبات ثبات التشريع ال يتناقض جاء القرآن بإرشاد اخللق إلى فضائل‬
‫واعتبره س ّيد الشعوب‪ ،‬ولذلك لم يعط األهلية‬ ‫أصابته عدة انتكاسات؛ فبدل أن يسير‬ ‫األخالق وتنفيرهم من رذائلها‪ ،‬على ح ّد‬ ‫الشر والفساد العريض‪،‬‬ ‫اإلنسانية‪ ،‬مما يغلق ّ‬
‫ً(‪)30‬‬
‫الكاملة إال ملن ك��ان روم��ان�ي�ا ‪ ،‬وحتى في‬
‫الناس‬ ‫بني‬ ‫تفاضل‬ ‫وال‬ ‫وعادلة‬ ‫العالم نحو الشيوعية – كما تنبأ لينني‬ ‫التوسط بال إفراط وال تفريط ‪.‬‬
‫(‪)18‬‬ ‫مرونته‬ ‫مع‬ ‫والظلم والعبث واتباع الهوى فال يع ّبر عن‬
‫‪33‬‬ ‫العدد اخلامس عشر ‪ -‬خريف ‪ 1431‬هـ ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫العدد اخلامس عشر ‪ -‬خريف ‪ 1431‬هـ ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫‪32‬‬
‫والسنة‬ ‫في القرآن‬ ‫والسنة‬ ‫في القرآن‬
‫اعجاز تاريخي‬ ‫اعجاز تشريعي‬

‫سن‬
‫احلديث‪ :‬اشتراط اإلشهاد الشرعي لصحة الوقف‪ ،‬واشتراط ّ‬ ‫القوانني احلديثة جند أن النظام اخل��اص باألمم املتحدة أعطى‬

‫ذو القرنني شخصية حيرت‬ ‫معينة ملباشرة عقد ال��زواج‪ ،‬و َمنْع سماع الدعوى في عِ � ّدة وقائع‬
‫ب ّينها القانون إ ّال بوثائق رسمية(‪ ،)36‬وفي هذه املصالح املرسلة باب‬
‫من أب��واب املرونة في التشريع حيث تنتهي النصوص وال تنتهي‬
‫ميزات كثيرة للدول اخلمس الكبرى – من خالل الڤـيتو – مع أنها‬
‫منظمة دولية كان األجدر بها العدالة إذ دلت األح��داث إنها تكي ُل‬
‫مبكيالني‪.‬‬
‫املفكرين أربعة عشر ً‬
‫قرنا‬
‫وس ٌر من أسرار إعجاز القرآن التشريعي‪.‬‬‫احلوادث‪ِ ،‬‬
‫‪-----------------‬‬
‫(‪ )1‬أستاذ التفسير في كلية اإلمام األوزاعي للدراسات اإلسالمية – بيروت‪.‬‬
‫(‪ )2‬الزرقا «املدخل الفقهي العام» (‪ )307 ،24-23/1‬ط دار القلم – بيروت‪.‬‬
‫‪ -12‬تعليل النصوص مبصالح العباد ومقاصد التشريع ‪.‬‬
‫(‪)31‬‬

‫والسـنَّة مع‬
‫إن إعمال العقل في أكثر النصوص من آيات القرآن ُّ‬
‫تد ّبر معانيها يقود إلى وج��ود عِ لة رعاية مصالح العِ باد – وهو‬
‫الدكتور عبد املنعم النمر*‬ ‫الس َنة من الكتاب» الصفحة (‪ ،)65-61‬الق ّره داغ��ي «اإلعجاز‬ ‫(‪ )3‬محمد سعيد منصور «منزلة ُّ‬ ‫الذي ذكره الشاطبي في «املوافقات» في مواضع كثيرة من اجلزء‬
‫التشريعي» الصفحة (‪.)34-9‬‬
‫الثاني‪ -‬ومبا تقتضيه املقاصد العامة للتشريع‪ ،‬وهنا يكمن ِس ّر‬
‫ق��ال ا ل�ل��ه ت�ع��ا ل��ى‪َ { :‬و َي� ْ�س � َأ ُل��و َن� َ�ك َع� ْ�ن ِذ ي ا ْلق َْر َنينْ ِ‬
‫(‪ )4‬يونس‪.57/‬‬
‫(‪ )5‬البقرة‪.163 /‬‬ ‫إعجازها‪.‬‬
‫ُق��لْ َس� َأ ْت� ُل��و َع َل ْي ُك ْم ِم� ْن� ُه ِذ ْك� ً�ر ا [ ‪ِ ]83‬إ َّن��ا َم َّك َّنا َل� ُه ِفي‬ ‫(‪ )6‬حديث حسن رواه ابن ماجه‪.‬‬ ‫وتنقسم امل�ص��ال��ح بالنسبة حل�ف��ظ م�ق��اص��د الشريعة‬
‫ال ْر ِض َو َآ َت ْي َنا ُه ِم ْن ُك ِّل شَ ْي ءٍ َس َب ًبا [ ‪َ ]84‬ف َأ ْت َب َع َس َب ًبا‬ ‫أْ َ‬
‫(‪ )7‬أخرجه مسلم‪.‬‬
‫(‪ )8‬الزمر‪.9 /‬‬
‫إل��ى ث�لاث��ة أق �س��ام‪ :‬ال �ض��روري��ات‪ ،‬واحل��اج �ي��ات والتحسينات‬
‫(‪ )9‬متفق عليه‪.‬‬ ‫التي ذكرها الشاطبي في «املوافقات»(‪ )32‬فالضروريات كما‬
‫[ ‪َ ]85‬ح� َّت��ى ِإ َذ ا َب� َل� َ�غ َم� ْغ� ِ�ر َب ا ل� َّ�ش� ْ�م� ِ�س َو َج� َ�د َه��ا َت ْغ ُر ُب‬ ‫(‪ )10‬العقاد «التفكير فريضة إسالمية» الصفحة (‪ )20‬ط دار القلم‪.‬‬ ‫سبق وأش��رن��ا إل�ي��ه مثل أرك��ان اإلس�ل�ام واإلمي ��ان‪ :‬إذا ُفقِ دت‬
‫ِفي عَينْ ٍ َح ِم َئةٍ َو َو َج َد ِع ْن َد َها َق ْو ًما ُق ْل َنا َيا َذ ا ا ْلق َْر َنينْ ِ‬ ‫(‪ )11‬الكبيسي «علم اإلعجاز القرآني» الصفحة (‪.)195‬‬
‫اختل نظام احلياة وع َّمـت فيه الفوضى‪ ،‬وه��ي خمس‪ :‬الدين‬ ‫ّ‬
‫(‪ )12‬األنعام‪.38 /‬‬
‫ال‬ ‫ِإ َّم��ا َأ نْ ُت َع ِّذ َب َو ِإ َّم��ا َأ نْ َت َّت ِخ َذ ِفيه ِْم ُح ْس ًنا [ ‪َ ]86‬ق َ‬ ‫(‪ )13‬املائدة ‪.3/‬‬ ‫والنفس‪ ،‬والعقل‪ ،‬والنَّسل‪ ،‬واملال وهي أقوى مراتب املصالح‪،‬‬
‫َأ َّما َم ْن َظ َل َم َف َس ْو َف ُن َع ِّذ ُب ُه ُث َّم ُي َر ُّد ِإ َلى َر ِّب ِه َف ُي َع ِّذ ُب ُه‬ ‫(‪ )14‬البقرة‪.185 /‬‬ ‫واحلاجيات هي ال ُّر َخص‪ ،‬كإباحة الفِ طر في رمضان للمسافر‪،‬‬
‫(‪ )15‬احلج‪.78 /‬‬
‫حل� َرج‪ ،‬واآلداب التحسينية كآداب‬ ‫وفقدانها يعني الضيق وا َ‬
‫�ال��ا َف َل ُه‬ ‫َع� َ�ذ ا ًب��ا ُن� ْ�ك� ً�ر ا [ ‪َ ]87‬و َأ َّم��ا َم� ْ�ن َآ َم� َ�ن َو َع� ِ�م��لَ َص� حِ ً‬ ‫(‪ )16‬الشاطبي «املوافقات في أصول الشريعة» (‪.)8/2‬‬
‫األكل‪ ،‬وستر ال َع ْورة‪ :‬إذا فقِ دت تصبح حياة الناس ُم ْسـتَن َكرة‬
‫(‪ )17‬السيوطي «األشباه والنظائر» الصفحة (‪ ،)70‬ابن جنيم «األشباه والنظائر» الصفحة (‪.)75‬‬
‫�س� ً�ر ا [ ‪]88‬‬ ‫�ول َل � ُه ِم� ْ�ن َأ ْم� ِ�ر َن��ا ُي� ْ‬ ‫ال� ْ�س� َن��ى َو َس � َن � ُق� ُ‬ ‫َج� َ�ز ا ًء حْ ُ‬ ‫(‪ )18‬الكبيسي «علم اإلعجاز القرآني» الصفحة (‪.)197‬‬ ‫في تقدير العقول الراجحة والفِ طر السليمة‪ ،‬فهي ترجع ملكارم‬
‫الش ْم ِس‬ ‫ُث� َّ�م َأ ْت� َ�ب� َ�ع َس� َ�ب� ً�ب��ا [ ‪َ ]89‬ح� َّت��ى ِإ َذ ا َب� َل� َ�غ َم� ْ�ط� ِل� َ�ع َّ‬ ‫والس َّنة» الصفحة (‪.)18‬‬
‫ُّ‬ ‫(‪ )19‬القره داغي «اإلعجاز التشريعي في القرآن‬
‫(‪ )20‬البقرة‪.179 /‬‬
‫األخالق ومحاسن العادات واملروءة‪.‬‬
‫َو َج� َ�د َه��ا َت� ْ�ط� ُل� ُ�ع َع� َل��ى َق� ْ�و ٍم َل� ْ�م جَ ْن � َع��لْ َل� ُه� ْ�م ِم� ْ�ن ُد و ِن َها‬ ‫(‪ )21‬القِ صاص‪ :‬هو أن ُيفعل بالفاعل مثل ما فعل‪ .‬اجلرجاني «التعريفات» الصفحة (‪.)257‬‬ ‫وتنقسم املصالح من حيث اعتبار الشارع لها إل��ى ثالثة‬
‫ِس ْت ًر ا [ ‪َ ]90‬ك َذ ِل َك َو َق ْد َأ َح ْط َنا بمِ َا َل َد ْي ِه خُ ْب ًر ا [ ‪ُ ]91‬ث َّم‬
‫(‪ )22‬اخلطيب «تلخيص املفتاح» الصفحة (‪ )661‬املطبوع ضمن «مجموع املتون»‪.‬‬ ‫أقسام(‪.)33‬‬
‫(‪ )23‬الروم‪.30 /‬‬
‫بالنص وأمثلتها‬ ‫ّ‬ ‫‪ -1‬املصالح املعتبرة التي قام الدليل عليها‬
‫السدَّ ْي ِن َو َج َد ِم ْن‬ ‫َأ ْت َب َع َس َب ًبا [ ‪َ ]92‬ح َّتى ِإ َذ ا َب َل َغ َبينْ َ َّ‬ ‫(‪ )24‬الزرقاني «مناهل العرفان» (‪ ،)409-407/2‬وانظر «علم اإلعجاز القرآني» للكبيسي الصفحة‬
‫(‪.)201-200‬‬ ‫كثيرة‪ ،‬منها‪ :‬قوله تعالى {ويسألونك عن احمليض ُْق��ل هو أذى‬
‫ُد و ِنه َِما َق ْو ًما اَل َي� َ�ك��ا ُد ونَ َي ْف َق ُهونَ َق� ْ�و اًل [ ‪َ ]93‬قا ُلوا‬ ‫(‪ )25‬انظر ملزيد من التفاصيل كتاب البوطي «نقض أوهام املادية اجلدلية (الديالكتيكية)»‪.‬‬ ‫فاعتزلوا النساء في احمليِض}(‪ ،)34‬فاملصلحة املعتبرة هي االبتعاد‬ ‫ِ‬
‫�وج َو َم � ْأ ُج� َ‬ ‫َي��ا َذ ا ا ْل � َق� ْ�ر َن�ْي�نْ ِ ِإ َّن َي � ْأ ُج� َ‬
‫(‪ )26‬ذكرت ذلك الصحف العاملية واحمللية بعد وفاة ماوتسي تونغ‪ ،‬وانتقاد ثورته‪.‬‬
‫�وج ُم � ْف� ِ�س� ُ�د ونَ ِفي‬ ‫(‪ )27‬راجع كتاب «ماذا خسر العالم بانحطاط املسلمني» للندوي الصفحة (‪ )378‬فما بعد‪.‬‬
‫عن األذى البدني والنفسي خالل احليض‪.‬‬
‫ال ْر ِض َف� َ�ه��لْ جَ ْن� َع� ُ�ل َل� َ�ك َخ� ْ�ر ًج��ا َع� َل��ى َأ نْ جَ ْت� َع��لَ َب ْي َن َنا‬ ‫أْ َ‬ ‫(‪ )28‬القرضاوي «اخلصائص العامة لإلسالم» الصفحة ‪.114‬‬ ‫‪ -2‬املصالح املُلغاة وهي التي شهد الشارع بر ّدها َ‬
‫وج ْعلِها‬
‫(‪ )29‬وإلى هذه اإلشارة‪ ،‬أشار البخاري رحمه الله‪ ،‬فقد أفرد في «صحيحه» كما في الفتح (‪)275/13‬‬ ‫ُملغاة وأمثلتها كثيرة‪ ،‬منها التسوية بني الذكور واإلناث في امليراث‪،‬‬
‫�ال َم��ا َم� َّ�ك � ِّن��ي ِف �ي � ِه َر ِّب ��ي َخ ْي ٌر‬ ‫َو َب� ْ�ي � َن � ُه� ْ�م َس � ًّ�د ا [ ‪َ ]94‬ق � َ‬ ‫باب ًا س ّماه‪ :‬ما يكره من التع ّمق والتنازع وال ُغ ُل ّو في الدين وال� ِب� َد ِع ساق حتته جمل ًة من أحاديث‬
‫فهي مصلحة ُم َت َو َّه َمة‪ُ ،‬ملغاة‪ ،‬بدليل قوله تعالى {يوصيكم الله‬
‫�ك� ْ�م َو َب� ْ�ي� َن� ُه� ْ�م َر ْد ًم��ا [ ‪]95‬‬ ‫َف� َأ ِع�ي� ُن��و ِن��ي ِب� ُق� َّ�و ةٍ َأ ْج� َع��لْ َب� ْ�ي� َن� ُ‬ ‫(‪ )30‬د‪ .‬صوفي أبو طالب‪« :‬الوجيز في القانون الروماني»‪ ،‬ط دار النهضة ص‪ 255-212 :‬ود‪ .‬شفيق‬
‫املصطفى ‪.r‬‬
‫في أوالدك��م للذكر ِم� ْث� ُ�ل ح� ّ�ظ األن �ث �ي�ين}(‪ ،)35‬ومنها لعب القمار‬
‫صورة لتمثال غورش العظيم في حديقة أوملبي في سدني‬
‫الص َد َفينْ ِ‬ ‫ال� ِ�د ي� ِ�د َح� َّت��ى ِإ َذ ا َس��ا َو ى َب�ْي�نْ َ َّ‬ ‫َآ ُت��و ِن��ي ُز َب� َ�ر حْ َ‬ ‫شحاته‪« :‬نظرية االلتزامات في القانون الروماني» ط‪ .‬وهبة الصفحة (‪.)396-282‬‬ ‫وسبق اخليل وشرب اخلمر‪ ،‬والزنى‪ ،‬واملثلية اجلنسية التي ألغتها‬
‫(‪ )31‬محمد سعيد منصور «منزلة السنة من الكتاب» الصفحة (‪.)64‬‬
‫ماذا قال املفسرون واملؤرخون عن ذو القرنني ؟‬ ‫�ال َآ ُت��و ِن��ي ُأ ْف ِر غْ‬ ‫�ار ا َق� َ‬ ‫�ال ا ْن� ُف��خُ ��وا َح� َّت��ى ِإ َذ ا َج� َع� َل� ُه َن� ً‬ ‫َق� َ‬ ‫(‪ )32‬الشاطبي «املوافقات» (‪.)12-8/2‬‬
‫نصوص القرآن الكرمي‪ ،‬فأين تشريعات القوانني الغربية من هذه‬
‫َع� َل� ْ�ي� ِه ِق� ْ�ط� ً�ر ا [ ‪َ ]96‬ف� َ�م��ا ْاس� َ�ط��ا ُع��وا َأ نْ َي� ْ�ظ� َ�ه� ُ�ر و ُه َو َم��ا ْاس َت َطا ُعوا‬ ‫(‪ )33‬الغزالي «املستصفى» (‪ ،)139/1‬ال ��رازي «احمل�ص��ول» (‪ ،)242-239/2‬البوطي «ضوابط‬ ‫املصالح امللغاة؟‬
‫يذكر تفسير الكشاف للزمخشري‪ :‬أنه اإلسكندر وقيل أنه عبد‬ ‫املصلحة» الصفحة (‪.)221‬‬ ‫‪ -3‬املصالح املُ ْرسلة‪ :‬وهي التي لم يقم دليل من الشارع ال‬
‫�ال َه� َ�ذ ا َر ْح� َ�م � ٌة ِم� ْ�ن َر ِّب��ي َف� � ِإ َذ ا َج��ا َء َو ْع� ُ�د َر ِّبي صالح‪ ،‬نبي‪ ،‬ملك‪ ،‬وذكر رواية عن الرسول صلى الله عليه وسلم‪ ،‬أنه‬ ‫َل � ُه َن� ْق� ً�ب��ا [ ‪َ ]97‬ق� َ‬ ‫(‪ )34‬البقرة‪.222/‬‬
‫على اعتبارها وال على إلغائها‪ ،‬وإمنا ُس ّم َيت ُم ْرسلة ألن الشارع‬
‫(‪ )35‬النساء‪.11/‬‬
‫َج� َع� َل� ُه َد َّك��ا َء َو َك��انَ َو ْع� ُ�د َر ِّب��ي َح� ًّق��ا [ ‪ [ } ]98‬س ��ورة الكهف]‪ .‬سمي ذا القرنني ألنه طاف قرني الدنيا يعني جانبيها شر ًقا وغر ًبا‪.‬‬ ‫(‪ )36‬خ ّالف «مصادر التشريع اإلسالمي فيما ال نص فيه» الصفحة (‪.)73‬‬ ‫أطلقها‪ ،‬فلم ُيق ّيدها باعتبار وال إلْغاء‪ .‬ومن أمثلة ذلك في تقنيننا‬
‫‪35‬‬ ‫العدد اخلامس عشر ‪ -‬خريف ‪ 1431‬هـ ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫العدد اخلامس عشر ‪ -‬خريف ‪ 1431‬هـ ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫‪34‬‬
‫والسنة‬ ‫في القرآن‬ ‫والسنة‬ ‫في القرآن‬
‫اعجاز تاريخي‬ ‫اعجاز تاريخي‬

‫لم تكن قد قامت بعد‪ ،‬إذ لم يوجد‬ ‫لذلك عجزه عن ال��رد‪ ..‬س��واء قلنا بأنهم وجهوا السؤال مباشرة‬ ‫وقيل كان لتاجه قرنان‪ .‬كان على رأسه ما يشبه القرنني‪ ..‬ويذكر‬
‫في ك�لام مؤرخي اليونان ما يلقي‬ ‫أو أوع��زوا به للمشركني في مكة ليوجهوه للرسول عليه الصالة‬ ‫اإلمام ابن كثير في تفسيره‪ :‬أنه اإلسكندر ثم يبطل هذا‪ .‬وقيل كان‬
‫الضوء على هذا اللقب‪.‬‬ ‫والسالم‪ .‬ثم قال‪ « :‬واحلاصل أن املفسرين لم يصلوا إلى نتيجة‬ ‫في زمن اخلليل إبراهيم عليه السالم وطاف معه بالبيت‪ .‬وقيل عبد‬
‫مقنعة في بحثهم عن ذي القرنني‪ ،‬القدماء منهم لم يحاولوا التحقيق‪،‬‬ ‫صالح‪ .‬وأورد في تاريخه « البداية والنهاية « جـ ‪ 2‬ص ‪ 102‬مثل ذلك‬
‫متثال كورش‬ ‫واملتأخرون حاولوه‪ ،‬ولكن كان نصيبهم الفشل‪ .‬وال عجب فالطريق‬ ‫وزاد أنه نبي أو َملَك‪ .‬أما القرطبى في تفسيره فقد أورد أقوا ًال كثيرة‬
‫ث��م بعد س �ن��وات مل��ا متكنت من‬ ‫الذي سلكوه كان طري ًقا خاط ًئا‪ .‬لقد صرحت اآلثار بأن السؤال كان‬ ‫أيضا‪ :‬كان من أهل مصر واسمه «مرزبان»‪ ،‬ونقل عن ابن هشام أنه‬ ‫ً‬
‫مشاهدة آث��ار إي��ران القدمية ومن‬ ‫من قبل اليهود‪ -‬وجهوه مباشرة أو أوعزوا لقريش بتوجيهه ‪-‬فكان‬ ‫االسكندر‪ ،‬كما نقل روايات عن الرسول صلى الله عليه وسلم‪ ،‬بأنه‬
‫مطالعة مؤلفات علماء اآلثار فيها زال‬ ‫الئ ًقا بالباحثني أن يرجعوا إل��ى أسفار‬ ‫ملك مسح األرض من حتتها باألسباب‪ .‬وعن‬
‫احلجاب‪ ،‬إذ ظهر كشف أثري قضى‬ ‫اليهود ويبحثوا هل يوجد فيها شيء يلقي‬ ‫عمر وعن علي رضي الله عنهما بأنه َملَك‪ ..‬أو‬
‫على سائر الشكوك‪ ،‬فتقرر لدي بال‬ ‫الضوء على شخصية ذي القرنني‪ ،‬إنهم‬ ‫عبد صالح وهي روايات غير صحيحة‪ .‬وقيل أنه‬
‫ريب أن املقصود بذي القرنني ليس‬ ‫لو فعلوا ذلك لفازوا باحلقيقة»‪.‬‬ ‫الصعب بن ذي يزن احلميري‪ ،‬وكلها روايات‬
‫إال كورش نفسه فال حاجة بعد ذلك‬ ‫ ملاذا ؟ ألن توجيه السؤال من اليهود‬ ‫وأقوال تخمينية وال سند لها‪ .‬أما اآللوسى في‬
‫أن نبحث ع��ن شخص آخ��ر غيره‪.‬‬ ‫للنبي عليه ال�ص�لاة وال �س�لام إلعجازه‬ ‫تفسيره‪ ،‬فقد جمع األقوال السابقة كلها تقري ًبا‪،‬‬
‫«إن��ه متثال على القامة اإلنسانية‪،‬‬ ‫ينبىء عن أن لديهم في كتبهم وتاريخهم‬ ‫وق��ال‪ :‬ال يكاد يسلم فيها رأي‪ ،‬ثم اختار أنه‬
‫ظ �ه��ر ف �ي��ه ك � ��ورش‪ ،‬وع �ل��ى جانبيه‬ ‫عل ًما به‪ ،‬مع تأكدهم بأن النبي عليه الصالة‬ ‫االسكندر املقدوني ودافع عن رأيه بأن تلمذته‬
‫جناحان‪ ،‬كجناحي العقاب‪ ،‬وعلى‬ ‫والسالم أو العرب لم يطلعوا على ما جاء‬ ‫حلا‪..‬‬‫ألرسطو‪ ،‬ال متنع من أنه كان عب ًدا صا ً‬
‫رأس��ه قرنان كقرني الكبش‪ ،‬فهذا‬ ‫ف��ي كتبهم‪ ..‬ف�ك��ان االجت ��اه السليم هو‬ ‫أما املفسرون احملدثون فكانوا كذلك ينقلون عن‬
‫صورة خلريطة تبني مكان سد ذي القرنني كما ذكره آزاد‬
‫التمثال يثبت بال شك أن تصور «ذي وعلى ذلك يكون املقصود بالعني احلمئة هو املاء املائل للكدرة والعكارة وليس صاف ًيا‪ .‬وذلك‬
‫البحث عن املصدر الذي أخذ منه اليهود‬ ‫األقدمني‪.‬‬
‫القرنني» كان قد تولد عند كورش‪ ،‬حني بلغ الشاطئ الغربي آلسيا الصغرى ورأى الشمس تغرب في بحر إيجه في املنطقة‬ ‫علمهم بهذا الشخص‪ ..‬ومصدرهم األول‬
‫ولذلك جند امللك في التمثال وعلى احملصورة بني سواحل تركيا الغربية شر ًقا واليونان غر ًبا وهي كثيرة اجلزر واخللجان‪.‬‬ ‫هو التوراة‪.‬‬ ‫موقف أبو الكالم آزاد من هذه األقوال‬
‫رأسه قرنان» أي أن التصور الذي‬ ‫ل��م ي��رت��ض أب��و ال �ك�لام آزاد (ع��ال��م الهند‬
‫بقول الشاعر العربي ‪:‬‬ ‫خلقه أو أوجده اليهود للملك املنقذ‬ ‫وأمسك أزاد باخليط‬ ‫املعروف ترجم معاني القرآن إلى اللغة األوردية)‬
‫ و مليحة شـــهدت لها ضراتها‬ ‫لهم «كورش» كان قد شاع وعرف حتى لدى كورش نفسه على أنه‬ ‫قو ًال من هذه األقوال‪ ،‬بل ردها‪ ،‬وقال عنها‪ :‬إنها‬
‫وه� ��ذا ه ��و ال� ��ذي اجت� ��ه إل �ي��ه أزاد‪،‬‬
‫والفضل ما شهدت به األعداء‬ ‫امللك ذو القرنني‪ ..‬أي ذو التاج املثبت على ما يشبه القرنني‪..‬‬ ‫قامت على افتراض خاطئ ال يدعمه دليل‪ ،‬وعني‬
‫وأمسك باخليط الدقيق الذي وصل به إلى‬
‫بالرد على من يقول بأنه اإلسكندر املقدوني‪ ..‬صورة لتمثال غورش العظيم في إيران يظهر‬
‫سمحا‪ ،‬نبي ًال مع‬
‫ميا‪ً ،‬‬ ‫فقد أجمعوا على أنه كان مل ًكا عاد ًال‪ ،‬كر ً‬ ‫كورش بني القرآن والتاريخ‬ ‫احلقيقة‪ ..‬وقرأ وبحث ووجد في األسفار‪،‬‬ ‫بوضوح فوق رأسه القرنني‬
‫أعدائه‪ ،‬صعد إلى املقام األعلى من اإلنسانية معهم‪ .‬وقد حدد أزاد‬ ‫وما ذكر فيها من رؤى لألنبياء من بني‬ ‫بأنه ال ميكن أن يكون هو املقصود بالذكر في‬
‫ومع أن ما وصل إليه أزاد قد يعتبر لدى الباحثني كاف ًيا‪ ،‬إال‬ ‫القرآن‪ ،‬إذ ال تعرف له فتوحات باملغرب‪ ،‬كما لم‬
‫الصفات التي ذكرها القرآن لذي القرنني‪ ،‬ورج��ع لهذه املصادر‬ ‫إسرائيل وما يشير إلى أصل التسمية‪:‬‬
‫أنه مفسر للقرآن وعليه أن يعقد املقارنة بني ما وصل إليه وبني ما‬
‫اليونانية فوجدها متالقية متا ًما مع القرآن الكرمي‪ ،‬وكان هذا دلي ًال‬ ‫«ذي القرنني» أو « لوقرانائيم» كما جاء‬ ‫يعرف عنه أنه بنى س ًدا‪ ،‬ثم إنه ما كان مؤمنًا ذو القرنني ال عالقة له‬
‫قو ًيا آخر على صحة ما وصل إليه من حتديد لشخصية ذي القرنني‪،‬‬
‫جاء به القرآن عن ذي القرنني أو عن امللك كورش‪ ..‬إذ أن هذا يعتبر‬
‫باالسكندر املقدوني‬ ‫بالله‪ ،‬وال شفي ًقا ع��اد ًال مع الشعوب املغلوبة‪،‬‬
‫الفيصل في املوضوع لدى املفسر املؤمن بالقرآن‪ ..‬ويقول أزاد‪:‬‬ ‫في ال�ت��وراة‪ ..‬وما يشير كذلك إلى امللك‬ ‫وتاريخه م��دون معروف‪ .‬كما عني بالرد على‬
‫حتدي ًدا ال يرقى إليه شك‪..‬‬ ‫الذي أطلقوا عليه هذه الكنية‪ ،‬وهو امللك‬ ‫بشهادة اليونان‬
‫أنه لم توجد مصادر فارسية ميكن االعتماد عليها في هذا‪ ،‬ولكن‬ ‫من يقول بأنه عربي ميني‪ ..‬بأن سبب النزول‬
‫الذي أسعفنا هو الكتب التاريخية اليونانية‪ ،‬ولعل شهادتها‪ ،‬تكون‬ ‫«كورش» أو «خورس» كما ذكرت التوراة‬ ‫هو سؤال اليهود للنبي عليه الصالة والسالم‬
‫فمن كورش أو قورش إ ًذا ؟‬ ‫أوث��ق وأدع ��ى للتصديق‪ ،‬إذ أن املؤرخني‬ ‫عن ذي القرنني لتعجيزه وإحراجه‪ .‬ولو كان عربيا من اليمن لكان وتكتب أيضا «غورش» أو «قورش»‪.‬‬
‫إنه من أسرة فارسية ظهر في منتصف‬ ‫اليونان من أمة كان بينها وبني الفرس عداء‬ ‫هل ميكن االعتماد على التوراة وحدها ؟‬ ‫هناك احتمال قوي لدى اليهود‪ -‬على األقل‪ -‬أن يكون عند قريش علم‬
‫القرن السادس قبل امليالد في وقت كانت‬ ‫مستحكم ومستمر‪ ،‬ف��إذا شهدوا لكورش ذو القرنني ملك فارسي‬ ‫يقول أزاد‪ « :‬خطر في بالي ألول مرة هذا التفسير لذي القرنني‬ ‫به‪ ،‬وبالتالي عند النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فيصبح قصد اليهود‬
‫فيه بالده منقسمة إلى دويلتني تقعان حتت‬ ‫صالح وعادل‬ ‫فإن شهادتهم تكون شهادة حق ال رائحة‬ ‫تعجيز الرسول عليه الصالة والسالم غير وارد وال محتمل‪ .‬لكنهم في القرآن‪ ،‬وأنا أطالع سفر دانيال ثم اطلعت على ما كتبه مؤرخو‬
‫ض�غ��ط ح�ك��وم�ت��ي ب��اب��ل وآش� ��ور القويتني‪،‬‬ ‫فيها للتحيز‪ ،‬ويستشهد أزاد في هذا املقام‬ ‫كانوا متأكدين حني سألوه بأنه لم يصله خبر عنه‪ ،‬وكانوا ينتظرون اليونان فرجح عندي هذا الرأي‪ ،‬ولكن شهادة أخرى خارج التوراة‬
‫‪37‬‬ ‫العدد اخلامس عشر ‪ -‬خريف ‪ 1431‬هـ ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫العدد اخلامس عشر ‪ -‬خريف ‪ 1431‬هـ ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫‪36‬‬
‫والسنة‬ ‫في القرآن‬ ‫والسنة‬ ‫في القرآن‬
‫سيرة‬ ‫اعجاز تاريخي‬

‫ه��ؤالء ب��اإلغ��ارة على ال�ب�لاد الغربية منها‬ ‫فاستطاع توحيد الدولتني الفارسيتني حتت‬

‫خير خلق الله‬ ‫واجلنوبية‪.‬‬


‫مكان السد‪:‬‬
‫ثم يحدد مكان السد بأنه في البقعة الواقعة بني بحر اخلرز‬
‫لتاجه قرنان‬ ‫حكمه‪ ،‬ثم استطاع أن يضم إليها البالد‬
‫ش��ر ًق��ا وغ��ر ًب��ا بفتوحاته التي أش��ار إليها‬
‫القرآن الكرمي‪ ،‬وأسس أول إمبراطورية فارسية‪ ،‬وحني هزم ملك‬
‫«قزوين» و»البحر األسود» حيث توجد سلسلة جبال القوقاز بينهما‪،‬‬ ‫بابل سنة ‪ 538‬ق‪.‬م‪ .‬أتاح لألسرى اليهود فيها الرجوع لبالدهم‪،‬‬
‫‪ -15‬صالته صلى الله عليه وسلم*‬ ‫وت�ك��اد تفصل ب�ين الشمال واجل�ن��وب إال ف��ي مم��ر ك��ان يهبط منه‬ ‫مزودين بعطفه ومساعدته وتكرميه‪ .‬كما أشرنا إلى ذلك من قبل‪..‬‬
‫املغيرون من الشمال للجنوب‪ ،‬وفي هذا املمر بنى ك��ورش سده‪،‬‬ ‫وظل حاك ًما فري ًدا في شجاعته وعدله في الشرق حتى توفي سنة‬
‫كما فصله القرآن الكرمي‪ ،‬وحتدثت عنه كتب اآلثار والتاريخ‪ .‬ويؤكد‬ ‫‪ 529‬ق‪.‬م‪.‬‬
‫بقلم أ‪.‬ع‪.‬‬ ‫أزاد كالمه بأن الكتابات األرمنية – وهي كشهادة محلية – تسمي‬
‫هذا اجلدار أو هذا السد من قدمي باسم « بهاك غورائي» أو «كابان‬ ‫سد يأجوج ومأجوج‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫ً‬ ‫غ��ورائ��ي» ومعنى الكلمتني واح��د وه��و مضيق «غ��ورش» أو «ممر‬ ‫إمنا نسميه بهذا ألنه بني ملنع اإلغ��ارات التي كانت تقوم بها‬
‫من فضل الله على الناس بعد أن انزل القرآن الكرمي أنه جعل النبي صلى الله عليه وسلم قارئا له‬
‫غورش» و»غ��ور» هو اسم «غورش أو ك��ورش»‪ .‬ويضيف أزاد فوق‬ ‫قبائل يأجوج ومأجوج من الشمال على اجلنوب‪ ،‬كما يسمى كذلك‬
‫ومفسر ًا ‪ ،‬وحافظ ًا ومحفظا‪ .‬وما اقتصر دوره على تعليم القرآن بل على تعليم شرع الله كله وتطبيقه‬ ‫هذا شهادة أخرى لها أهميتها ً‬
‫أيضا وهي شهادة لغة بالد جورجيا‬ ‫سد «ذي القرنني» ألنه هو الذي أقامه لهذا الغرض‪ ..‬ويقول أزاد‪« :‬‬
‫وأول ما دعا إليه بعد التوحيد والنطق بالشهادتني‪ ،‬كان حض الناس على الصالة وتعليمهم أنواعها‬ ‫التي هي القوقاز بعينها‪ .‬فقد سمي هذا املضيق باللغة اجلورجية‬
‫وكيفيتها‪.‬‬
‫لقد تضافرت الشواهد على أنهم لم يكونوا إال قبائل همجية بدوية‬
‫من الدهور الغابرة باسم « الباب احلديدي «‪.‬‬ ‫من السهول الشمالية الشرقية‪ ،‬تدفقت سيولها من قبل العصر‬
‫فبعد أن يعلم املسلم أهميتها وفرضيتها يتعلم من األسوة والقدوة صلى الله عليه وسلم كيف يؤديها‬ ‫ وبهذا يكون أزاد قد حدد مكان السد وكشف املراد من يأجوج‬ ‫التاريخي إلى القرن التاسع امليالدي نحو البالد الغربية واجلنوبية‪،‬‬
‫ويحسن القيام بها وال تؤخذ الصالة إال عن رس��ول الله كما نقلها عنه خيرة صحابته ونخبة علماء‬ ‫ومأجوج‪ ..‬وقد تعرض لدفع ما قيل أن املراد بالسد هو سد الصني‪،‬‬ ‫وقد سميت بأسماء مختلفة في عصور مختلفة‪ ،‬وعرف قسم منها في‬
‫املسلمني من بعدهم‪ ،‬لقوله صلى الله عليه وسلم‪-:‬ح‪ »:‬صلوا كما رأيتموني أصلي»‪.‬‬ ‫لعدم مطابقة مواصفات سد الصني ملواصفات سد ذي القرنني‬ ‫الزمن املتأخر باسم «ميغر» أو «ميكر» في أوروبا‪ ..‬وباسم التتار قي‬
‫ومن الضروري التذكير بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأت بالصالة من عنده وإمنا تعلمها من‬ ‫وألن هذا بني سنة ‪ 264‬ق‪.‬م‪ .‬بينما بني سد ذي القرنني في القرن‬ ‫آسيا‪ ،‬والشك أن فر ًعا لهؤالء القوم كانوا قد انتشروا على سواحل‬
‫سيدنا جبريل عليه السالم بأمر إلهي‪ ،‬وتعلم مواقيتها وشروطها وأركانها ومبطالتها وما إلى ذلك‪ ،‬قال‬ ‫السادس قبل امليالد‪ .‬كما تعرض للرد على ما قيل بأن املراد بالسد‬ ‫البحر األسود في سنة ‪ 600‬ق‪.‬م‪.‬‬
‫تعالى في سورة النجم‪{ :‬وما ينطق عن الهوى إن هو إال وحي يوحى}‪.‬‬ ‫هو جدار دربند‪ ،‬أو باب األبواب كما اشتهر عند العرب بأن جدار‬ ‫ً‬
‫وأغ��اروا على آسيا الغربية ن��زوال من جبال القوقاز‪ ،‬ولنا أن‬
‫وصالة النبي صلى الله عليه وسلم على نوعني‪ :‬صالة الفريضة وهن الصلوات اخلمس ثم سننهن‬ ‫دربند بناه أنوشروان (من ملوك فارس من ‪579 – 531‬م) بعد السد‬ ‫جن��زم ب��أن ه��ؤالء هم الذين شكت الشعوب اجلبلية غاراتهم إلى‬
‫الرواتب‪ ،‬ثم صلوات النفل في الليل والنهار‪ ،‬ولن جتد أحد ًا من اخللق يتقن جميع هذه الصلوات ويحافظ‬ ‫بألف سنة‪ ،‬وأن مواصفاته غير مواصفات سد ذي القرنني وهو ممتد‬ ‫«كورش» فبني السد احلديدي ملنعها»‪ ،‬وتسمى هذه البقعة الشمالية‬
‫عليهن‪ ،‬ويحسن أداءهن كما أداهن رسول الله صلى الله عليه وسلم‪.‬‬ ‫من اجلبل إلى الساحل ناحية الشرق وليس بني جبلني كما أنه من‬ ‫الشرقية املوطن األصلي لهؤالء باسم «منغوليا « وقبائلها الرحالة‬
‫وسنوجز في هذا العدد وصف صالته صلى الله عليه وسلم للفرائض والسنن الرواتب ‪ ،‬على أن نترك‬ ‫احلجارة وال أثر فيه للحديد والنحاس‪.‬‬ ‫«منغول»‪ ،‬وتقول لنا املصادر اليونانية أن أصل منغول هو «منكوك»‬
‫ال لي ً‬
‫ال ونهار ًا‪ .‬ولنستنتج بعد ذلك هل سمعنا أو رأينا‬ ‫للعدد القادم وصف صالته صلى الله عليه وسلم نف ً‬ ‫واملقصود مبطلع الشمس هو رحلته الثانية شر ًقا التي وصل‬ ‫أو «منجوك» وفي احلالتني تقرب الكلمة من النطق العبري «ماكوك»‬
‫صال ًة خير ًا من صالة خير خلق الله؟‬ ‫فيها إلى حدود باكستان وأفغانستان ليؤدب القبائل البدوية اجلبلية‬ ‫والنطق اليوناني «ميكاك» ويخبرنا التاريخ الصيني عن قبيلة أخرى‬
‫التي كانت تغير على مملكته‪ .‬واملراد ببني السدين أي بني جبلني من‬ ‫من هذه البقعة كانت تعرف باسم «يواسي» والظاهر أن هذه الكلمة‬
‫ني إنّ‬ ‫ض َحنِي ًفا ُم ْس ِل ًما َو َما َأنَا مِ ْن المْ ُ ْش ِركِ َ‬ ‫الس َم َو ِات َوالأْ َ ْر َ‬‫َف َط َر ّ‬ ‫نبدأ بوصف أدائه لصالة الفريضة‪:‬‬ ‫جبال القوقاز التي متتد من بحر اخلزر ( قزوين ) إلى البحر األسود‬ ‫ما زالت حترف حتى أصبحت يأجوج في العبرية‪ « ..‬ويقول ‪ « :‬إن‬
‫يك لَ ُه َو ِب َذل َِك‬
‫ني لاَ َش ِر َ‬ ‫اي وَممَ َ اتِي ِل ّل ِه َر ّب الْ َعالمَ ِ َ‬ ‫حيث إجته شما ًال‪ .‬ولقد كان أزاد بهذا البحث النفيس أول من حل‬ ‫كلمتي‪ « :‬يأجوج ومأجوج « تبدوان كأنهما عبريتان في أصلهما‬
‫َصلاَ تِي َون ُُسكِ ي َو َم ْح َي َ‬ ‫إح َرامِ ِه لَ ْف َظ َة ال ّل ُه َأ ْك َب ُر لاَ‬
‫[تكبيرة اإلح��رام]‪َ :‬كا َن َدأْ ُب � ُه فِ ي ْ‬ ‫لنا هذه اإلشكاالت التي طال عليها األمد‪ ،‬وحيرت كل املفكرين قبله‪.‬‬ ‫ولكنهما في أصلهما قد ال تكونان عبريتني‪ ،‬إنهما أجنبيتان اتخذتا‬
‫ني»‪َ .‬و ُروِ َي َع ْن ُه َأ ّن ُه َكا َن َي ْس َت ْفت ُِح ِب ُس ْب َحان ََك‬ ‫ُأمِ ْرت َو َأنَا َأ ّو ُل المْ ُ ْسلِمِ َ‬ ‫َغ ْي َر َها َولَ ْم َي ْن ُق ْل َأ َح ٌد َع ْن ُه ِس َوا َها‪َ .‬و َكا َن َي ْر َف ُع َي َد ْي ِه َم َع َها ممَ ْ ُدو َد َة‬ ‫وحقق لنا هذا الدليل‪ ،‬من دالئل النبوة الكثيرة‪ ..‬رحمه الله وطيب‬ ‫ص��ورة العبرية فهما تنطقان باليونانية «ك��اك ‪ »Gag‬و«ماكوك‬
‫اس ُمك َو َت َعالَى َج ّدك َولاَ إلَ َه َغ ْي ُر َك‪.‬‬ ‫ال ّل ُه ّم َو ِب َح ْمدِ ك َو َت َبا َر َك ْ‬ ‫وع ُأ ُذ َن ْيه َو ُروِ َي إلَى َمنْكِ َب ْيهِ‪.‬‬
‫الأْ َ َصا ِب ِع ُم ْس َت ْق ِبلاً ِب َها الْقِ ْبلَ َة إلَى ُف ُر ِ‬ ‫ثراه‪..‬‬ ‫‪ »Magog‬وقد ذكرتا بهذا الشكل في الترجمة السبعينية للتوراة‪،‬‬
‫الش ْي َطانِ ال ّر ِج ِيم‬ ‫[القراءة]‪َ :‬و َكا َن َي ُقو ُل َب ْع َد َذل َِك َأ ُعو ُذ ِب َال ّل ِه مِ ْن ّ‬ ‫اح] َ‪َ :‬كا َن َي ْس َت ْفت ُِح َت��ا َر ًة ِب‪« :‬ال ّل ُه ّم َباعِ ْد َب ْينِي َو َبينْ َ‬ ‫[الاِ ْستِ ْف َت ُ‬
‫وراجتا بالشكل نفسه في سائر اللغات األوروب�ي��ة «‪ .‬والكلمتان ‪-------------‬‬
‫* وزير أوقاف سابق وكاتب إسالمي مصري‪ .‬من مقال للدكتور عبد املنعم النمر‬
‫ُث ّم َي ْق َر ُأ الْ َفاتحِ َة َو َك��ا َن َي ْج َه ُر ِب ِب ْس ِم ال ّل ِه ال ّر ْح َمنِ ال ّر ِح ِيم َت��ا َر ًة أو‬ ‫اي َك َما َب��ا َع� ْد َت َب�ْي�نْ َ المْ َ� ْ�ش� ِ�ر ِق َوالمْ َ � ْغ� ِ�ر ِب ال ّل ُه ّم ا ْغ ِسلْنِي مِ ْن‬ ‫َخ َطا َي َ‬ ‫مبجلة العربي العدد ‪.184‬‬
‫تنطقان في القرآن الكرمي بهمز وبدون همز‪.‬‬
‫ُيخْ فِ ي َها َو َكان َْت قِ َرا َء ُت ُه َم ّدا َيقِ ُف عِ ْن َد ُك ّل آ َي ٍة وَيمَ ُ ّد ِب َها َص ْو َتهُ‪َ .‬ف ِإ َذا‬ ‫وق��د استطرد أزاد بعد ذل��ك لذكر األدوار‬
‫ُوب َوالخْ َ َطا َيا َك َما‬ ‫اي ِبالمْ َا ِء َوال ّثلْ ِج َوالْ َب َردِ ال ّل ُه ّم َن ّقنِي مِ ْن ال ّذن ِ‬ ‫َخ َطا َي َ‬ ‫وللراغبني مبتابعة البحث بكامله مراجعة املوقع‪:‬‬
‫ق‪.‬م‪.‬‬ ‫‪529‬‬ ‫سنة‬ ‫كورش‬ ‫توفي‬ ‫السبعة أو امل��وج��ات السبع التي ق��ام بها‬
‫‪ www.quran-m.com‬‬
‫ني » َف ِإ ْن َكا َن َي ْج َه ُر ِبالْقِ َرا َء ِة َر َف َع ِب َها‬ ‫َف َر َغ مِ ْن قِ َرا َء ِة الْ َفاتحِ َ ِة َقا َل « آمِ َ‬ ‫ض مِ ْن ال ّدن َِس» َوتَا َر ًة َي ُقو ُل‪َ « :‬و ّج ْه ُت َو ْجهِ َي ِل ّلذِ ي‬ ‫ُي َن ّقى ال ّث ْو ُب الأْ َ ْب َي ُ‬
‫‪39‬‬ ‫العدد اخلامس عشر ‪ -‬خريف ‪ 1431‬هـ ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫العدد اخلامس عشر ‪ -‬خريف ‪ 1431‬هـ ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫‪38‬‬
‫والسنة‬ ‫في القرآن‬ ‫والسنة‬ ‫في القرآن‬
‫سيرة‬ ‫سيرة‬

‫الس ُجودِ‬ ‫[الدعاء في السجود]‪َ :‬و َأ َم َر ِبالاِ ْج ِت َهادِ فِ ي ال ّد َعا ِء فِ ي ّ‬ ‫ال ّل ُه ّم لَ َك َس َج ْدت َو ِب َك آ َمنْت َولَ َك َأ ْسلَ ْمت َس َج َد َو ْجهِ ي ِل ّلذِ ي َخلَ َق ُه‬ ‫الس ْم ُع َوال ّل َسانُ َوالْ َقلْ ُب ِل َف َراغِ ِه َو َع َد ِم تمَ َ ّكنِ‬ ‫اط َأ فِ ي ِه ّ‬ ‫َت ُكونُ فِ ي َو ْق ٍت َت َو َ‬ ‫َص ْو َت ُه َو َقالَ َها َم ْن َخلْ َف ُه َو َكا َن لَ ُه َس ْك َتتَانِ َس ْك َت ٌة َبينْ َ ال ّت ْك ِب ِير َوالْقِ َرا َء ِة‬
‫اب لَ ُكم‪َ .‬و َكا َن َي ُقو ُل ال ّل ُه ّم ا ْغفِ ْر لِي َذ ْن ِبي ُك ّل ُه‬ ‫َو َقا َل إ ّن ُه قَمِ نٌ َأ ْن ُي ْست ََج َ‬ ‫َو َص ّو َر ُه َو َشقّ َس ْم َع ُه َو َب َص َر ُه َت َبا َر َك ال ّل ُه َأ ْح َس ُن الخْ َ الِقِ َ‬
‫ني‪.‬‬ ‫اس الْ َع َملِ‬ ‫الاِ ْش ِتغَالِ فِ ي ِه َف َي ْف َه ُم الْ ُق ْرآ َن َو َي َت َد ّب ُر ُه‪َ .‬و َأ ْي ًضا َف ِإ ّن َها َأ َس ُ‬ ‫َواخْ ُتل َِف فِ ي ال ّثا ِن َي ِة َف ُروِ َي َأ ّن َها َب ْع َد الْ َفاتحِ َ ةِ‪َ .‬وقِ ي َل إ ّن َها َب ْع َد الْقِ َرا َء ِة‬
‫دِ ّق ُه َو ِج ّل ُه َو َأ ّولَ ُه َو ِآخ َر ُه َو َعلاَ ِن َي َت ُه َو ِس ّر ُه َو َكا َن َي ُقو ُل ال ّل ُه ّم ا ْغفِ ْر لِي‬ ‫الس ْج َد َتينْ ِ ]‪ُ :‬ث ّم َكا َن َص ّلى ال ّل ُه َعلَ ْي ِه َو َس ّل َم‬ ‫وس َبينْ َ ّ‬ ‫[الجْ ُ ُل ُ‬ ‫َو َأ ّو ُل ُه َف ُأ ْعطِ َي ْت َف ْضلاً مِ ْن الاِ ْه ِت َم ِام ِب َها‪.‬‬ ‫وع‪.‬‬ ‫َو َق ْب َل ال ّر ُك ِ‬
‫َخطِ ي َئتِي َو َج ْهلِي َو ِإ ْس َرافِ ي فِ ي َأ ْم ِري َو َما َأن َْت َأ ْعلَ ُم ِب ِه مِ نّي ال ّل ُه ّم‬ ‫الس ُجودِ َرأْ َس ُه َق ْب َل َي َد ْي ِه‬ ‫َي ْر َف ُع َرأْ َس ُه ُم َك ّب ًرا َغ ْي َر َرافِ ٍع َي َد ْي ِه َو َي ْر َف ُع مِ ْن ّ‬ ‫[الركوع]‪َ :‬و َك��ا َن َص ّلى ال ّل ُه َعلَ ْي ِه َو َس ّل َم إ َذا َف� َر َغ مِ ْن الْقِ َرا َء ِة‬ ‫ني آ َي ًة إلَى مِ ا َئ ِة آ َي ٍة َو َصلاّ َها‬ ‫َو َك��ا َن َي ْق َر ُأ فِ ي الْ َف ْج ِر ِبن َْحوِ ِس ّت َ‬
‫ا ْغفِ ْر لِي ِج ّدي َو َه ْزلِي َو َخ َطئِي َو َع ْمدِ ي َو ُك ّل َذل َِك عِ نْدِ ي ال ّل ُه ّم ا ْغفِ ْر‬ ‫ُث ّم َي ْجل ُِس ُم ْفت َِر ًشا َي ْف ِر ُش ِر ْجلَ ُه الْ ُي ْس َرى َو َي ْجل ُِس َعلَ ْي َها َو َين ِْص ُب‬ ‫َس َك َت ِب َق ْد ِر َما َي َت َرا ّد إلَ ْي ِه َن َف ُس ُه ُث ّم َر َف َع َي َد ْي ِه َك َما َت َق ّد َم َو َك ّب َر َراكِ ًعا‬ ‫الش ْم ُس ُك ّو َر ْت)‬ ‫ِب ُسو َر ِة (ق) َو َصلاّ َها بـ(ال ّر ِوم) َو َصلاّ َها ب�ـ(إ َذا ّ‬
‫لِي َما َق ّد ْم ُت َو َما َأ ّخ ْرت َو َما َأ ْس� َر ْرت َو َما َأ ْعلَنْت َأن َْت إلَهِ ي لاَ إلَ َه‬ ‫الس ْج َد َتينْ ِ ‪ :‬ال ّل ُه ّم ا ْغفِ ْر لِي َوا ْر َح ْمنِي‬ ‫الْ ُي ْمنَى‪ُ .‬ث ّم َك��ا َن َي ُقو ُل َب�ْي�نْ َ ّ‬ ‫َو َو َض َع َك ّف ْي ِه َعلَى ُر ْك َب َت ْي ِه َكالْ َقا ِب ِض َعلَ ْيهِ َما َو َو ّت َر َي َد ْي ِه َفن َّح ُاه َما َع ْن‬ ‫َو َص�ّل�اّ َه��ا ب �ـ �ـ{ ِإ َذا ُزلْ� ِ�زلَ� ِ�ت} فِ ��ي ال� ّر ْك� َع� َت�ْي�نْ ِ كِ لَ ْيهِ َما َو َص�ّل�اّ َه��ا بـ ِ‬
‫اج َع ْل فِ ي َقلْ ِبي نُو ًرا َوفِ ي َس ْمعِ ي نُو ًرا‬ ‫إلاّ َأن َْت‪َ ،‬و َكا َن َي ُقو ُل ال ّل ُه ّم ْ‬ ‫اج ُب ْرنِي َوا ْهدِ نِي َوا ْر ُز ْقنِي ‪ ،‬و َك��ا َن َي ُقو ُل َر ّب ا ْغفِ ْر لِي َر ّب ا ْغفِ ْر‬ ‫َو ْ‬ ‫َج ْن َب ْي ِه َو َب َس َط َظ ْه َر ُه َو َم ّد ُه َوا ْع َت َد َل َولَ ْم َين ِْص ْب َرأْ َس ُه َولَ ْم َيخْ فِ ْض ُه َب ْل‬ ‫ـ(سو َر ِة المْ ُؤْمِ نُو َن)‬ ‫الس َف ِر َو َصلاّ َها َفا ْف َتت ََح ِب ُ‬ ‫(المْ ُ َع ّو َذ َتينْ ِ ) َو َكا َن فِ ي ّ‬
‫َوفِ ي َب َص ِري نُو ًرا َو َع ْن يمَ ِ ينِي نُو ًرا َو َع ْن ِش َمالِي نُو ًرا َو َأ َمامِ ي نُو ًرا‬ ‫ض ا ْف َتت ََح الْقِ َرا َء َة َولَ ْم َي ْس ُك ْت َك َما َكا َن َي ْس ُك ُت عِ ْن َد‬ ‫لِي َو َكا َن إ َذا َن َه َ‬ ‫َي ْج َع ُل ُه ِح َيا َل َظ ْه ِر ِه ُم َعادِ لاً لَهُ‪َ .‬و َكا َن َي ُقو ُل ُس ْب َحا َن َر ّب َي الْ َعظِ يم َوتَا َر ًة‬ ‫وسى َو َها ُرو َن فِ ي ال ّر ْك َع ِة الأْ ُولَى َأ َخ َذ ْت ُه َس ْعلَ ٌة‬ ‫َحتّى إ َذا َبلَ َغ ذِ ْك َر ُم َ‬
‫اج َع ْل لِي نُو ًرا‪.‬‬ ‫َو َخلْفِ ي نُو ًرا َو َف ْوقِ ي نُو ًرا َوتحَ ْ تِي نُو ًرا َو ْ‬ ‫الصلاَ ِة‬
‫ا ْف ِتت َِاح ّ‬ ‫َي ُقو ُل َم َع َذل َِك‪ُ »:‬س ْب َحان ََك ال ّل ُه ّم َر ّبنَا َو ِب َح ْمدِ ك ال ّل ُه ّم ا ْغفِ ْر لِي» َو َكا َن‬ ‫الس ْج َد ِة َو ُسو َر ِة ( َه ْل‬ ‫َف َر َك َع‪َ .‬و َكا َن ُي َص ّلي َها َي ْو َم الجْ ُ ْم َع ِة بـ(الم َتن ِْزي ُل) ّ‬
‫َو َكا َن َص ّلى ال ّل ُه َعلَ ْي ِه َو َس ّل َم َي ْد ُعو فِ ي َصلاَ ِت ِه َف َي ُقو ُل ال ّل ُه ّم إنّي‬ ‫[التشهد في آخر الركعة الثانية]‪َ :‬كا َن َص ّلى ال ّل ُه َعلَ ْي ِه َو َس ّل َم‬ ‫يح ٍات َو ُس ُجو ُد ُه َك َذل َِك‪ُ .‬ث ّم َكا َن َي ْر َف ُع‬ ‫ُر ُكو ُع ُه المْ ُ ْعتَا ُد مِ ْق َدا َر َع ْش ِر ت َْس ِب َ‬ ‫َأتَى َعلَى الإْ ِ ن َْسانِ )‪.‬‬
‫َأ ُعو ُذ ِب َك مِ ْن َع َذ ِاب الْ َق ْب ِر َو َأ ُعو ُذ ِب َك مِ ْن فِ ْت َن ِة المْ َ ِس ِيح ال ّد ّجالِ َو َأ ُعو ُذ‬ ‫ات‬ ‫َيت ََش ّه ُد َدا ِئ ًما فِ ي َهذِ ِه الجْ ِ لْ َس ِة َو ُي َع ّل ُم َأ ْص َحا َب ُه َأ ْن َي ُقو ُلوا ‪ :‬الت ِّح ّي ُ‬ ‫َرأْ َس ُه َب ْع َد َذل َِك َقا ِئلاً ‪َ :‬سمِ َع ال ّل ُه لمِ َ ْن َحمِ َد ُه َو َي ْر َف ُع َي َد ْي ِه َك َما َت َق ّد َم‪.‬‬ ‫الظ ْه ُر َف َكا َن ُيطِ ي ُل قِ َرا َء َت َها َأ ْح َيانًا‪َ ،‬و َأ ّم��ا الْ َع ْص ُر َف َعلَى‬ ‫َو َأ ّم��ا ّ‬
‫ات ال ّل ُه ّم إنّي َأ ُعو ُذ ِب َك مِ ْن المْ َأْ َث ِم َوالمْ َ ْغ َر ِم‪.‬‬ ‫ِب َك مِ ْن فِ ْت َن ِة المْحَ ْ َيا َوالمْ َ َم ِ‬ ‫السلاَ ُم َعلَ ْي َك َأ ّي َها ال ّن ِب ّي َو َر ْح� َم� ُة ال ّل ِه‬ ‫ات ّ‬ ‫ات َو ّ‬
‫الط ّي َب ُ‬ ‫ِل ّل ِه َو ّ‬
‫الصلَ َو ُ‬ ‫الس ْج َد َتينْ ِ‬ ‫وع َو َب�ْي�نْ َ ّ‬ ‫َو َك��ا َن َدا ِئ ًما ُيقِ ي ُم ُصلْ َب ُه إ َذا َر َف َع مِ ْن ال ّر ُك ِ‬ ‫الظ ْه ِر إ َذا َطالَ ْت َو ِب َق ْد ِر َها إ َذا َق ُص َر ْت‪.‬‬ ‫ّص ِف مِ ْن قِ � َرا َء ِة َصلاَ ِة ّ‬ ‫الن ْ‬
‫َو َكا َن َي ُقو ُل فِ ي َصلاَ ِت ِه َأ ْي ًضا ‪ :‬ال ّل ُه ّم ا ْغفِ ْر لِي َذ ْن ِبي َو َو ّس ْع لِي فِ ي‬ ‫ني َأ ْش َه ُد َأ ْن لاَ إلَ َه إلاّ‬
‫الصالحِ ِ َ‬ ‫السلاَ ُم َعلَ ْينَا َو َعلَى عِ َبادِ ال ّل ِه ّ‬ ‫َو َب َر َكا ُت ُه ّ‬ ‫إطالَ ُة‬ ‫اس َت َوى َقا ِئ ًما َقا َل َر ّبنَا لَ َك الحْ َ ْم ُد‪َ .‬و َكا َن مِ ْن َه ْد ِي ِه َ‬ ‫َو َكا َن إ َذا ْ‬ ‫الظ ْه ِر َوالْ َع ْص ِر فِ ي‬ ‫َو َكا َن َر ُسو ُل ال ّل ِه َص ّلى ال ّل ُه َعلَ ْي ِه َو َس ّل َم َي ْق َر ُأ فِ ي ّ‬
‫ات‬ ‫َد ِاري َو َب ِار ْك لِي فِ ي َما َر َز ْق َتنِي َو َكا َن َي ُقو ُل ال ّل ُه ّم إنّي َأ ْس َأ ُل َك ال ّث َب َ‬ ‫ال ّل ُه َو َأ ْش َه ُد َأنّ ُم َح ّم ًدا َع ْب ُد ُه َو َر ُسو ُلهُ‪َ .‬و َكا َن َص ّلى ال ّل ُه َعلَ ْي ِه َو َس ّل َم‬ ‫الس ُجودِ َف َص ّح َع ْن ُه َأ ّن ُه َكا َن َي ُقو ُل َسمِ َع‬ ‫وع َو ّ‬ ‫َه َذا ال ّر ْكنِ ِب َق ْد ِر ال ّر ُك ِ‬ ‫َاب َو ُسو َر َتينْ ِ َو ُي ْسمِ ُع الآْ َي َة ملن خلفه‬ ‫ال ّر ْك َع َتينْ ِ الأْ ُولَ َيينْ ِ ِب َفاتحِ َ ِة الْكِ ت ِ‬
‫مي َة َعلَى ال ّر ْشدِ َو َأ ْس َأ ُل َك ُش ْك َر ِن ْع َمتِك َو ُح ْس َن عِ َبا َدتِك‬ ‫فِ ي الأْ َ ْم ِر َوالْ َع ِز َ‬ ‫ُي َخ ّف ُف َه َذا الت َّش ّه َد ِج ّدا َحتّى َك َأ ّن ُه َعلَى ال ّر ْض ِف ‪َ -‬وهِ َي الحْ ِ َجا َر ُة‬ ‫الس َم َو ِات َومِ ْ��ل َء الأْ َ ْر ِض‬ ‫ال ّل ُه لمِ َ ْن َحمِ َد ُه ال ّل ُه ّم َر ّبنَا لَ َك الحْ َ ْم ُد مِ ْل َء ّ‬ ‫َأ ْح َيانًا‪.‬‬
‫َو َأ ْس َأ ُل َك َقلْ ًبا َسلِي ًما َول َِسانًا َصادِ ًقا َو َأ ْس َأ ُل َك مِ ْن َخ ْي ِر َما َت ْعلَ ُم َو َأ ُعو ُذ‬ ‫المْحُ ْ َما ُة‪.‬‬ ‫َومِ ْل َء َما ِش ْئ َت مِ ْن َش ْيءٍ َب ْع ُد َأ ْه َل ال ّثنَا ِء َوالمْ َ ْجدِ َأ َحقّ َما َقا َل الْ َع ْب ُد‬ ‫ات) َو َأ ّن ُه َق َر َأ‬ ‫و َق َر َأ فِ ي المْ َغ ِْر ِب بـ(املص) َو َأ ّن ُه َق َر َأ فِ ي َها ب ّ‬
‫ـ(الصا ّف ِ‬
‫ِب َك مِ ْن َش ّر َما َت ْعلَ ُم َو َأ ْس َتغْفِ ُر َك لمِ َا َت ْعلَ ُم َو َكا َن َي ُقو ُل فِ ي ُس ُجودِ ِه َر ّب‬ ‫[القراءة في الركعتني الثالثة والرابعة]‪َ :‬كا َن َي ْر َف ُع َي َد ْي ِه فِ ي‬ ‫َو ُك ّلنَا لَ َك َع ْب ٌد لاَ َما ِن َع لمِ َا َأ ْع َط ْيت َولاَ ُم ْعطِ َي لمِ َا َم َن ْعت َولاَ َي ْن َف ُع َذا الجْ َ ّد‬ ‫اس َم َر ّبك الأْ َ ْعلَى) َو َأ ّن ُه‬ ‫ـ(س ّب ْح ْ‬ ‫فِ ي َها بـ(حم ال ّد َخانِ ) َو َأ ّن ُه َق َر َأ فِ ي َها ب َ‬
‫َأ ْعطِ َن ْف ِسي َت ْق َوا َها َو َز ّك َها َأن َْت َخ ْي ُر َم ْن َز ّكا َها َأن َْت َو ِل ّي َها َو َم ْولاَ َها‪.‬‬ ‫َه َذا المْ َ ْو ِض ِع ُث ّم َكا َن َي ْق َر ُأ الْ َفاتحِ َ َة َو ْح َد َها َولَ ْم َي ْث ُب ْت َع ْن ُه َأ ّن ُه َق َر َأ فِ ي‬ ‫اي ِبالمْ َا ِء َوال ّثلْ ِج‬ ‫مِ ن َْك الجْ َ ّد و َكا َن َي ُقو ُل فِ ي ِه ال ّل ُه ّم ا ْغ ِسلْنِي مِ ْن َخ َطا َي َ‬ ‫َق َر َأ فِ ي َها بـ(ال ّت ِني َوال ّز ْي ُتونِ ) َو َأ ّن ُه َق َر َأ فِ ي َها بـ(المْ ُ َع ّو َذ َتينْ ِ ) َو َأ ّن ُه َق َر َأ فِ ي َها‬
‫[في السنن الرواتب]‪ :‬وهن‪ ،‬ركعتان قبل صالة الصبح وأربع‬ ‫ال ّر ْك َع َتينْ ِ الأْ ُخْ َر َيينْ ِ َب ْع َد الْ َفاتحِ َ ِة َش ْي ًئا‪.‬‬ ‫ض مِ ْن‬ ‫ُوب َوالخْ َ َطا َيا َك َما ُي َن ّقى ال ّث ْو ُب الأْ َ ْب َي ُ‬ ‫َوالْ َب َردِ َو َن ّقنِي مِ ْن ال ّذن ِ‬ ‫بـ(المْ ُ ْر َسلاَ ِت) َو َأ ّن ُه َكا َن َي ْق َر ُأ فِ ي َها ِبقِ َص ِار المْ ُ َف ّصلِ ‪.‬‬
‫قبل صالة الظهر وركعتان بعدها‪ ،‬وركعتان قبل صالة العصر‪،‬‬ ‫اض ُع ا ّلتِي َكا َن َي ْد ُعو‬ ‫الصلاَ ةِ ]‪َ :‬و َأ ّما المْ َ َو ِ‬ ‫اض ُع الد َّعاءِ فِ ي ّ‬ ‫[ َم َو ِ‬ ‫اي َك َما َبا َع ْد َت َبينْ َ المْ َ ْش ِر ِق َوالمْ َغ ِْر ِب‬ ‫ال ّدن َِس َو َباعِ ْد َب ْينِي َو َبينْ َ َخ َطا َي َ‬ ‫َو َأ ّما الْعِ َشا ُء الآْ ِخ َر ُة َف َق َر َأ فِ ي َها َص ّلى ال ّل ُه َعلَ ْي ِه َو َس ّل َم بـ( َوال ّت ِني‬
‫وركعتان بعد كل من صالتي املغرب والعشاء وركعات الوتر الثالث‬ ‫الصلاَ ِة َف َس ْب َع ُة َم َواطِ َن َأ َح ُد َها ‪َ :‬ب ْع َد َت ْك ِبي َر ِة الإْ ِ ْح َر ِام فِ ي‬ ‫َو َص ّح َع ْن ُه َأ ّن ُه َك ّر َر فِ ي ِه َق ْولَ ُه ِل َر ّبي الحْ َ ْم ُد ِل َر ّبي الحْ َ ْم ُد َحتّى َكا َن ِب َق ْد ِر‬ ‫َوال ّز ْي ُتونِ ) َو َو ّق َت لمِ ُ َعاذٍ فِ ي َها بـ( َو ّ‬
‫فِ ي َها فِ ي ّ‬ ‫اس َم‬ ‫و(س ّب ْح ْ‬ ‫الش ْم ِس َو ُض َحا َها) َ‬
‫آخر ًا‪ .‬ومن السنن املؤكدة بينهن قال ابن عمر رضي الله عنهما‪:‬‬ ‫َر ّبك الأْ َ ْعلَى) ( َوال ّل ْيلِ إ َذا َيغ َْشى) َون َْحوِ َها‪.‬‬
‫وع َو َب ْع َد الْ َف َر ِاغ مِ ْن الْقِ َرا َء ِة فِ ي‬ ‫َم َح ّل الاِ ْس ِت ْفت َِاح‪ .‬ال ّثانِي ‪َ :‬ق ْب َل ال ّر ُك ِ‬ ‫وع‪.‬‬ ‫ال ّر ُك ِ‬
‫َحفِ ْظ ُت مِ ْن ال ّن ِب ّي َص ّلى ال ّل ُه َعلَ ْي ِه َو َس ّل َم َع ْش َر َر َك َع ٍات‪َ :‬ر ْك َع َتينْ ِ َق ْب َل‬ ‫اج ًدا َولاَ َي ْر َف ُع َي َد ْيهِ‪ ،‬وإ َذا‬ ‫[السجود]‪ُ :‬ث ّم َكا َن ُي َك ّب ُر َو َي ِخ ّر َس ِ‬ ‫َو َأ ّما الجْ ُ ُم َع ُة َف َكا َن َي ْق َر ُأ فِ ي َها ِب ُسو َرت َْي (الجْ ُ ُم َعةِ) و(المْ ُنَافِ قِ َ‬
‫ّ‬
‫وع َك َما‬ ‫وع‪ .‬ال ّثالِثُ َب ْع َد الاِ ْع ِت َدالِ مِ ْن ال ّر ُك ِ‬ ‫ُوت َق ْب َل ال ّر ُك ِ‬ ‫الْوِ ت ِْر َوالْ ُقن ِ‬ ‫ني)‬
‫الظ ْه ِر َو َر ْك َع َتينْ ِ َب ْع َد َها َو َر ْك َع َتينْ ِ َب ْع َد المْ َغ ِْر ِب فِ ي َب ْي ِت ِه َو َر ْك َع َتينْ ِ َب ْع َد‬ ‫يث َع ْبدِ ال ّل ِه ْبنِ َأ ِبي َأ ْو َفى‬ ‫َث َب َت َذل َِك فِ ي « َص ِح ِيح ُم ْسل ٍِم « مِ ْن َحدِ ِ‬ ‫ض َر َف� َع َي َد ْي ِه َق ْب َل ُر ْك َب َت ْيهِ‪،‬‬ ‫َس َج َد َو َض� َع ُر ْك َب َت ْي ِه َق ْب َل َي َد ْي ِه َو ِإ َذا َن َه َ‬ ‫َاش َيةِ)‪.‬‬‫و(سو َر ِة َس ّب ْح) و(الْغ ِ‬ ‫َكامِ لَ َتينْ ِ ُ‬
‫الص ْبحِ َف َهذِ ِه لَ ْم َي ُك ْن َي َد ُع َها فِ ي‬ ‫الْعِ َشا ِء فِ ي َب ْي ِت ِه َو َر ْك َع َتينْ ِ َق ْب َل َصلاَ ِة ّ‬ ‫َو َكا َن إ َذا َس َج َد َم ّك َن َج ْب َه َت ُه َو َأ ْن َف ُه مِ ْن الأْ َ ْر ِض َون َّحى َي َد ْي ِه َع ْن َج ْن َب ْيهِ‪.‬‬ ‫َو َأ ّما قِ َرا َء ُت ُه فِ ي الأْ َ ْع َيادِ َفتَا َر ًة َكا َن َي ْق َر ُأ ُسو َرت َْي (ق) و(ا ْق َت َر َب ْت)‬
‫وع‬ ‫‪َ :‬كا َن َر ُسو ُل ال ّل ِه َص ّلى ال ّل ُه َعلَ ْي ِه َو َس ّل َم إ َذا َر َف َع َرأْ َس ُه مِ ْن ال ّر ُك ِ‬
‫السننَ ِ فِ ي َب ْي ِت ِه ‪ ،‬ولَ ْم َي ُك ْن ُي َص ّلي‬ ‫الحْ َ َض ِر َأ َب ًدا ‪ ،‬و َكا َن ُي َص ّلي َعا ّم َة ّ‬ ‫َو َكا َن َي َض ُع َي َد ْي ِه َح ْذو َمنْكِ َب ْي ِه َو ُأ ُذ َن ْي ِه ورفع مرفقيه‪َ .‬و َكا َن َي ْعتَدِ ُل فِ ي‬
‫الس َم َو ِات َومِ ْل َء‬ ‫َقا َل َسمِ َع ال ّل ُه لمِ َ ْن َحمِ َد ُه ال ّل ُه ّم َر ّبنَا لَ َك الحْ َ ْم ُد مِ ْل َء ّ‬ ‫َاش َيةِ)‪.‬‬‫(س ّب ْح) و(الْغ ِ‬ ‫َكامِ لَ َتينْ ِ َوتَا َر ًة ُسو َرت َْي َ‬
‫السننَ ِ إلاّ ُس ّنت َْي الْ َف ْج ِر َوالْوِ ت ِْر‪.‬‬ ‫الس َف ِر مِ ْن ّ‬ ‫فِ ي ّ‬ ‫الأْ َ ْر ِض َومِ ْل َء َما ِش ْئ َت مِ ْن َش ْيءٍ َب ْع ُد ال ّل ُه ّم َط ّه ْرنِي ِبال ّثلْ ِج َوالْ َب َردِ‬ ‫اف َأ َصا ِب ِع ِر ْجلَ ْي ِه الْقِ ْبلَ َة‪َ .‬و َكا َن َي ْب ُس ُط َك ّف ْي ِه‬ ‫ُس ُجودِ ِه َو َي ْس َت ْق ِب ُل ِب َأ ْط َر ِ‬ ‫[إطالة القراءة في الركعة األولى على الثانية]‪َ :‬و َكا َن َص ّلى ال ّل ُه‬
‫ومن صفات صالته صلى الله عليه وسلم االطمئنان بعد كل‬
‫ُوب َوالخْ َ َطا َيا َك َما ُي َن ّقى ال ّث ْو ُب‬ ‫َوالمْ َ��ا ِء الْ َب ِاردِ ال ّل ُه ّم َط ّه ْرنِي مِ ْن ال ّذن ِ‬ ‫َو َأ َصا ِب َع ُه َولاَ ُي َف ّر ُج َب ْي َن َها َولاَ َي ْق ِب ُض َها‪.‬‬ ‫الص ْب ِح َومِ ْن‬ ‫َعلَ ْي ِه َو َس ّل َم ُيطِ ي ُل ال ّر ْك َع َة الأْ ُولَى َعلَى ال ّثا ِن َي ِة مِ ْن َصلاَ ِة ّ‬
‫حركة في الصالة‪ ،‬وكان َ َي ُقو ُل لاَ تجُ ِْزئُ َصلاَ ٌة لاَ ُيقِ ي ُم فِ ي َها ال ّر ُج ُل‬
‫ض مِ ْن الْ َو َس ِخ ال ّرا ِب ُع فِ ي ُر ُكوعِ ِه َكا َن َي ُقو ُل ُس ْب َحان ََك ال ّل ُه ّم‬ ‫الأْ َ ْب َي ُ‬ ‫َو َكا َن َي ُقو ُل ُس ْب َحا َن َر ّب َي الأْ َ ْعلَى‪َ .‬و َكا َن َي ُقو ُل ُس ْب َحان ََك ال ّل ُه ّم‬ ‫ُك ّل َصلاَ ٍة َورُبمّ َ ا َكا َن ُيطِ ي ُل َها َحتّى لاَ ُي ْس َم َع َو ْق ُع َق َد ٍم َو َكا َن ُيطِ ي ُل‬
‫الس ُجودِ ‪ ،‬وعن االلتفات في الصالة قال لعائشة‪:‬‬ ‫وع َو ّ‬ ‫ُصلْ َب ُه فِ ي ال ّر ُك ِ‬ ‫َر ّبنَا َو ِب َح ْمدِ ك ال ّل ُه ّم ا ْغفِ ْر لِي الخْ َ امِ ُس فِ ي ُس ُجودِ ِه َو َكا َن فِ ي ِه َغال ُِب‬ ‫وس َر ّب المْ َلاَ ئِكِ‬ ‫وح ُق ّد ٌ‬ ‫َر ّبنَا َو ِب َح ْمدِ َك ال ّل ُه ّم ا ْغفِ ْر لِي‪َ ،‬و َكا َن َي ُقو ُل ُس ّب ٌ‬ ‫الصلَ َو ِات َو َه � َذا لأِ َنّ ُق � ْرآ َن الْ َف ْج ِر‬ ‫الص ْب ِح َأ ْك َث َر مِ ْن َسائ ِِر ّ‬ ‫َص�َل�اَ َة ّ‬
‫الش ْي َطانُ مِ ْن َصلاَ ِة الْ َع ْبدِ ‪ .‬وفقنا الله للتأسي‬ ‫ُهواخْ ِتلاَ ٌس َيخْ َتل ُِس ُه ّ‬
‫السلاَ ِم‬ ‫السا ِب ُع َب ْع َد الت َّش ّهدِ َو َق ْب َل ّ‬ ‫الس ْج َد َتينْ ِ ‪ّ .‬‬ ‫السادِ ُس َبينْ َ ّ‬ ‫ُد َعا ِئهِ‪ّ .‬‬ ‫وح َو َكا َن َي ُقو ُل ُس ْب َحان ََك ال ّل ُه ّم َو ِب َح ْمدِ ك لاَ إلَ َه إلاّ َأنْت َو َكا َن َي ُقو ُل‬ ‫َوال ّر ِ‬ ‫َم ْش ُهو ٌد َي ْش َه ُد ُه ال ّل ُه َت َعالَى َو َملاَ ِئ َك ُت ُه َوقِ ي َل َي ْش َه ُد ُه َملاَ ِئ َك ُة ال ّل ْيلِ‬
‫بصالة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما استطعنا‪.‬‬
‫‪------------------‬‬ ‫يث َف َضالَ َة ْبنِ ُع َب ْيدٍ َو َأ َم َر َأ ْي ًضا‬ ‫يث أ َ ِبي ُه َر ْي َر َة َ َحدِ ِ‬ ‫َو ِب َذل َِك َأ َم َر فِ ي َحدِ ِ‬ ‫اك مِ ْن َس َخطِ ك َوبمِ ُ َعا َفات َِك مِ ْن ُع ُقو َبتِك َو َأ ُعو ُذ‬ ‫ال ّل ُه ّم إنّي َأ ُعو ُذ ِب ِر َض َ‬ ‫يحو َن‪َ .‬و َأ ْي ًضا َف ِإ ّن ُه ْم‬ ‫ّاس ُم ْست َِر ُ‬ ‫يب ال ّن ْو ِم َوالن ُ‬ ‫َوال ّن َه ِار َف ِإ ّن َها َت ُكونُ َعقِ َ‬
‫* عن كتاب زاد املعاد لإلمام ابن قيم اجلوزية بتصرف‪.‬‬ ‫الس ُجودِ ‪.‬‬ ‫ِبال ّد َعا ِء فِ ي ّ‬ ‫ِب َك مِ نْك لاَ ُأ ْح ِصي َثنَا ًء َعلَ ْيك َأن َْت َك َما َأ ْث َن ْي َت َعلَى َن ْف ِس َك َو َكا َن َي ُقو ُل‬ ‫اب ال ّد ْن َيا‪َ .‬و َأ ْي ًضا َف ِإ ّن َها‬ ‫اش َو َأ ْس َب ِ‬ ‫اس ِت ْق َبالِ المْ َ َع ِ‬ ‫لَ ْم َيأْ ُخ ُذوا َب ْع ُد فِ ي ْ‬
‫‪41‬‬ ‫العدد اخلامس عشر ‪ -‬خريف ‪ 1431‬هـ ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫العدد اخلامس عشر ‪ -‬خريف ‪ 1431‬هـ ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫‪40‬‬
‫والسنة‬ ‫في القرآن‬ ‫والسنة‬ ‫في القرآن‬
‫اعجاز نفسي‬ ‫اعجاز نفسي‬

‫وأصل اخلشوع‪ :‬السكون والطمأنينة واالنخفاض‪ ،‬وفي الشرع خشية وع��دم التفات الوجه إلى اليمني أو الشمال‪ ،‬وفي صحيح البخاري عن‬
‫عائشة رضي الله عنها أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن‬ ‫من الله تكون في القلب‪ ،‬فتظهر آثارها على اجلوارح‪.‬‬
‫وقد َع َّد الله من صفات الذين أعد لهم مغفرة وأج ًرا عظي ًما في قوله االلتفات في الصالة‪ .‬ق��ال‪( :‬هو اختالس يختلسه الشيطان من صالة‬
‫العبد)‪.‬‬ ‫في سورة األحزاب‪:‬‬
‫أداء الصالة وأثره في جلب الراحة‬
‫وفي حديث أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم‬ ‫ات} ثم‬ ‫ال ِاش َع ِ‬‫ال ِاش ِع َني َو خْ َ‬
‫ات} إلى قوله‪َ { :‬و خْ َ‬ ‫{ ِإ َّن ا مْلُ ْس ِل ِم َني َوا مْلُ ْس ِل َم ِ‬ ‫سماء الفارسي*‬
‫أنه قال‪( :‬ال يزال الله مقب ًال على العبد في صالته ما لم يلتفت‪ ،‬فإذا التفت انصرف‬ ‫يم}‪.‬‬ ‫ختم اآلية بقوله‪َ { :‬أ َعدَّ ال َّل ُه َل ُهم َّم ْغ ِف َر ًة َو َأ ْج ًرا َع ِظ ً‬ ‫عامة‪ ،‬أو االستشفاء من أم��راض معينة‪ ،‬أو لتصفية الذهن‪ ،‬أو موازنة‬ ‫حدثنا مسدد حدثنا عيسى بن يوسف حدثنا مسعد بن ك��رام عن‬
‫وقد بينّ الله أن الصالة صعبة وشاقة على غير اخلاشعني‪ ،‬وأنها الله عنه)‪.‬‬
‫وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه‪( :‬إذا صلى أحدكم فال يلتفت‪ ،‬فإنه‬ ‫الصال ِة‬ ‫وسيلة هينة على اخلاشعني فقال تعالى‪َ { :‬و ْاس َت ِعي ُنو ْا ب َّ‬
‫ِالص ْب ِر َو َّ‬ ‫اجلهاز العصبي وغيرها‪.‬‬ ‫عمرو بن مرة عن سالم بن أبي اجلعد قال مسعر ـ أظنه رجل من خزاعة‪:‬‬
‫ال ِاش ِع َني ا َّل ِذ َين َي ُظ ُّنونَ َأ َّن ُهم ُّم َ‬
‫ال ُقو ْا َر ِّبه ِْم َو َأ َّن ُه ْم ِإ َل ْي ِه يناجي ربه‪ ،‬إن ربه أمامه‪ ،‬وإنه يناجيه‪ ،‬فال يلتفت)‪.‬‬ ‫َو ِإن ََّها َل َكب َِير ٌة ِإ َّال َع َلى خْ َ‬ ‫من ه��ذا يتبني وج��ه شبه في ه��ذه الرياضة وب�ين إقامة الصالة عند‬ ‫(ليتني صليت فاسترحت‪ ،‬فكأنهم عابوا عليه ذلك‪ ،‬فقال‪ :‬سمعت رسول‬
‫وال تنس أيها املسلم ما في الركوع والسجود من تعظيم الله تعالى قو ًال وفع ًال‪،‬‬ ‫َراجِ ُعونَ }‪.‬‬ ‫املسلمني على وجهها الصحيح‪ ،‬فحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي‬ ‫الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول‪) :‬يا بالل أقم الصالة أرحنا بها‪ ( .‬معنى‬
‫كقولك في الركوع‪ :‬سبحان ربي العظيم‪ ،‬وفي السجود‪ :‬سبحان ربي األعلى‪ ،‬فليكن‬ ‫واخلشوع خشوعان‪:‬‬ ‫يقول(أرحنا بها يا ب�لال) يحدث في نفس املسلم أكثر مما حت��دث عنه‬ ‫احلديث هنا أي نستريح بأدائها من شغل القلب بها‪ ،‬وقيل‪ :‬كان اشتغال‬
‫‪ 1-‬خشوع القلب بجمع اله ّمة وحضور القلب‪ ،‬والتد ّبر ملا يجري على قلبك مع لسانك‪ ،‬فتذكر الله بقلبك ولسانك وجوارحك‪ ،‬إذ تنحني لله تعالى في الركوع‪،‬‬ ‫هذه الدراسة بشرط أداء الصالة بشروطها الصحيحة وحتقيق الطمأنينة‬ ‫الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالصالة راحة له‪ ،‬فكان يعد غيرها من‬
‫وتضع أش��رف أعضاء بدنك وه��و الوجه على األرض لله تعالى في السجود‪ ،‬فكن‬ ‫اللسان من القراءة والذكر‪ ،‬وملا تسمعه األذن من قراءة إمامه‪.‬‬ ‫واخلشوع‪ ،‬فنرى أن احلديث السابق له عالقة وطيدة بهذه الدراسة؛ حيث‬ ‫األعمال الدنيوية تع ًبا‪ ،‬فكان يستريح بالصالة ملا فيها من مناجاة الله ـ‬
‫‪ 2-‬وخ�ش��وع اجل ��وارح بسكونها وع��دم العبث واالل�ت�ف��ات إل��ى غير حاضر القلب في هذه األعمال‪ ،‬فالله تعالى ال يقبل إال من قلب مقبل منيب‪ ،‬ال من ساهٍ‬ ‫إن صالة الرسول صلى الله عليه وسلم فيها الطمأنينة واخلشوع‪.‬‬ ‫(وجعِ لَت ُق ّر ُة عيني في الصالة) وما أقرب الراحة من‬
‫تعالى ـ ولهذا قال‪ُ :‬‬
‫غافل‪ ،‬وفقنا الله لسلوك صراطه املستقيم‪ ،‬وثبتنا عليه حتى يأتينا اليقني‪ ،‬إنه على‬ ‫الهٍ ٍ‬ ‫مقصود الصالة‪.‬‬ ‫وفي حديث املسيء صالتَه تأكيد لذلك‪ ،‬وهو أن النبي صلى الله عليه‬ ‫قرة العني‪ .‬وهذا ما أثبتته هذه الدراسة التي بني أيدينا‪.‬‬
‫فمن أحسن في املوقف الذي بني يديه في الدنيا‪ ،‬بأن وقف خاش ًعا‪ ،‬كل شيء قدير‪.‬‬ ‫وسلم دخل املسجد‪ ،‬فدخل رجل فصلى‪ ،‬ثم جاء فسلم على النبي عليه‬ ‫ففي دراسة مقدمة من جامعة (توماس جفرسون‪ ،‬فيالدلفي) تفيد أن‬
‫وبهذا يتحقق قوله تعالى‪:‬‬ ‫مخلصا‪َ ،‬و ِج ًال‪ ،‬راغ ًبا راه ًبا‪ ،‬متّب ًعا لهدي رسول الله صلى الله عليه‬
‫ً‬ ‫ذلي ًال‪،‬‬ ‫الصالة والسالم فرد عليه النبي السالم‪ ،‬فقال صلى الله عليه وسلم‪:‬‬ ‫ممارسة رياضة اليوجا الكالسيكية لها أثر في تقليل مستويات هرمون‬
‫{ َو َأ ِق� � ِ�م ال� َّ�ص�لا َة َّإن ال� َّ�ص�لا َة َت ْن َهى َع� ِ�ن ال� َف� ْ�ح��شَ ��آ ِء َوا مْلُ�ن� َ�ك � ِر}‪ .‬إن الصالة‬ ‫وسلم على أحسن حالة وهيئة‪ .‬كما أمره الله‪ ،‬سهل عليه املوقف الثاني‬ ‫(ارجع َف َص ِّل فإنك لم ت َُص ِّل)‪ ،‬فصلى‪ ،‬ثم جاء فسلم على النبي عليه الصالة‬ ‫اإلجهاد أو ما يعرف باسم كورتيسول‪.‬‬
‫وخصوصا صالة قيام الليل التي تطول فيها فترة القيام والركوع‬ ‫ً‬ ‫بني يدي الله للحساب‪ ،‬فكان عليه سه ًال يسي ًرا‪ ،‬ومن أساء في هذا املوقف‬ ‫والسالم‪ ،‬فرد عليه السالم وقال‪( :‬ارجع فصل فإنك لم تصل) ثال ًثا فقال‪:‬‬ ‫شخصا في صحة جيدة‬ ‫ً‬ ‫مت في هذه الدراسة إخضاع عينة من ‪16‬‬
‫والسجود واجللوس وما فيها من نقاء وصفاء ذهني في الليل الهادئ‬ ‫الذي في الدنيا في صالته‪ ،‬ولم ُي ِق ْمها كما أمره الله‪ُ ،‬ش ّدد عليه املوقف‬ ‫والذي بعثك باحلق ما أحسن غيره‪ ،‬فعلمني‪ :‬قال صلى الله عليه وسلم‪:‬‬ ‫للدراسة مدة ‪ 8‬أيام‪.‬‬
‫يتحقق بها فائدة أكثر من هذه الدراسة‪ ،‬فاملسلم يجد ذلك عندما‬ ‫بني يدي الله للحساب‪ ،‬فكان عليه شدي ًدا عسي ًرا‪ ،‬وما ذلك إال ألن الصالة‬ ‫تيسر معك من القرآن‪،‬‬ ‫(إذا ُقمتَ إلى الصالة فك ّبر‪ ،‬ثم اقرأ ما ّ‬ ‫ففي ال�ي��وم األول مت قياس نسبة ه��رم��ون الكورتيسول ل��دى هؤالء‬
‫صباحا بعد قيام الليلة السابقة فيشعر بالراحة النفسية‬ ‫ً‬ ‫يصحو‬ ‫مع اخلشوع تز ّكي صاحبها‪ ،‬وته ّذب نفسه‪ ،‬وتنهاه عن الفحشاء واملنكر‪،‬‬ ‫قائما‪ ،‬ثم‬‫ثم ارك��ع حتى تطمئن راك� ً�ع��ا‪ ،‬ثم ارف��ع حتى تعتدل ً‬ ‫األشخاص‪ ،‬ثم بعد ذلك وملدة ‪ 7‬أيام مت قياس نسبة الهرمون قبل وبعد‬
‫والبدنية وكله نشاط الستقبال ي��وم جديد‪ ،‬فال عجب في ذل��ك وقد‬ ‫وتأمره باخللق الكرمي‪.‬‬ ‫اسجد حتى تطمئن ساجدًا‪ ،‬ثم افعل ذلك في صالتك كله) أخرجه‬ ‫جلسة من اليوجا استمرت ملدة ‪ 50‬دقيقة‪ .‬فكانت النتيجة أن ‪ 42‬منها من‬
‫انخفض مستوى هرمون اإلجهاد في جسمه‪ ،‬وتخلص من جميع آثار‬ ‫كما بينّ ذلك الله تعالى ومن لم تنهه صالته عن الفحشاء واملنكر‬ ‫البخاري‪.‬‬ ‫انخفاضا في نسبة هرمون الكرتيسول في الدم بعد‬ ‫ً‬ ‫بني ‪ 48‬عينة أظهرت‬
‫التوتر وما أصابه في اليوم السابق من هموم الدنيا‪.‬‬ ‫فإنه ال يزداد بها من الله إال ُبع ًدا‪ ،‬ذلك أن اخلشوع في الصالة إمنا‬ ‫فنالحظ هنا أن كل حركة من حركات الصالة تؤ َّدى بطمأنينة وسكون‪،‬‬ ‫ً‬
‫انخفاضا أكثر عندما قورنت مع النتائج في اليوم‬ ‫اجللسة‪ ،‬وكانت النسبة‬
‫وهذا إن دل على شيء فإمنا يدل على أن محم ًدا رسول الله‪ ،‬قال‬ ‫يحصل ملن ف ّرغ قلبه لها‪ ،‬واشتغل بها عما عداها‪ ،‬وآثرها على غيرها‪،‬‬ ‫فالصالة جترد من الدنيا وارتقاء بالنفس إلى مناجاة الله تعالى‪.‬‬ ‫األول‪.‬‬
‫وحى}‪..‬‬ ‫تعالى‪َ { :‬و َما َي ِنط ُق َع ِن ا ْل َه َوى ِإنْ ُه َو ِإ َّال َو ْح ٌى ُي َ‬ ‫فحينئذ تكون راحة له‪ ،‬وق ّرة عني كما بينّ النبي صلى الله عليه وسلم‬ ‫فكان الرسول صلى الله عليه وسلم يصلي بالركعة الواحدة بالسورة‬ ‫فهذه الدراسة تدعم الفكرة بأن ممارسة رياضة اليوجا تعمل على‬
‫فكيف علم النبي األمي حقيقة هذه الراحة‪ ،‬ولم يعلم أحد في ذاك‬ ‫في احلديث الذي رواه اإلمام أحمد والنسائي عن أنس رضي الله عنه‬ ‫من الطوال من سورة البقرة إلى سورة التوبة ومن ثم يركع في طمأنينة‬ ‫إحداث تغيرات في هرمون األدرينالني في جسم اإلنسان‪ ،‬حتى بني أولئك‬
‫الزمان بوجود هرمون اإلجهاد في جسم اإلنسان؟‬ ‫وجعلت‬‫إلي الطيب والنساء‪ُ ،‬‬ ‫(ح ِّب َب َّ‬
‫أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‪ُ :‬‬ ‫ويط ّول ركوعه‪ ،‬ثم يستوي قائ ًما ويدعو كذلك في طمأنينة وخشوع فترة‬ ‫الذين لم ميارسوا تلك الرياضة من قبل‪ ،‬وهذا ما قاله الدكتور (برينارد)‬
‫‪-----------------‬‬ ‫ق� ّرة عيني في الصالة) وق��ال النبي صلى الله عليه وسلم لبالل‪( :‬يا‬ ‫من الزمن‪ ،‬ثم يسجد بطمأنينة ويط ّول في السجود فيكثر الدعاء فتطول‬ ‫بروفيسور علم األعصاب في كلية (توماس جفرسون) للطب والذي قام‬
‫* وللراغبني مبتابعة البحث بكامله مراجعة املوقع‪:‬‬ ‫بالل أرحنا بالصالة)‪.‬‬ ‫مدة السجود‪.‬‬ ‫بدراسة مماثلة عام ‪.1994‬‬
‫‪www.eajaz.org‬‬ ‫ومن لوازم اخلشوع في الصالة الطمأنينة فيها وعدم العجلة والسرعة‪،‬‬ ‫وهكذا نرى أن ممارسة حركات رياضة اليوجا يشبه إلى حد كبير‬ ‫ما هي اليوجا؟‬
‫املراجع‪:‬‬ ‫ومن أجل هذا ع ّلق الله سبحانه وتعالى الفالح بخشوع املصلي في صالته‪،‬‬ ‫حركات الصالة‪ ،‬وأن توجيه األفكار والبعد عن مشاغل الدنيا تشبه إلى‬ ‫هي رياضة عمرها يزيد عن ‪ 5000‬سنة‪ ،‬ظهرت في شبه القارة الهندية‪،‬‬
‫ويستحيل حصول اخلشوع مع العجلة والنقر في الصالة‪ ،‬بل ال يحصل‬ ‫حد ما اخلشوع في الصالة‪ ،‬والذي يتفوق عليها بجعل املؤمن مناج ًيا لربه‬ ‫وهي تُعنى بالناحية اجلسدية والروحية‪ ،‬وقد اجتذبت ما ال يقل عن ‪20‬‬
‫‪ .1‬اللؤلؤ واملرجان فيما اتفق عليه الشيخان كتاب الصالة (‪ )16 11‬باب رقم ‪224‬‬ ‫اخلشوع إال مع الطمأنينة‪ ،‬وكلما زاد املصلي طمأنينة زاد خشو ًعا‪ ،‬وكلما‬ ‫وأنه واقف بني يديه فيجعله أكثر أمنًا وطمأنينة وسكونًا‪.‬‬ ‫مليون إنسان من جميع أنحاء أوروبا وأمريكا‪.‬‬
‫ص‪.81‬‬ ‫َق َّل خشوعه اشتدت عجلته حتى تصير حركات بدنه مبنزلة العبث الذي ال‬ ‫والبحث السابق الذي أجري على ممارسي رياضة اليوجا ميكن أن‬ ‫واليوجا مجموعة حركات يقوم بها املتدرب يبدأ بها من وضع الوقوف‬
‫‪ .2‬عون املعبود شرح سنن أبي داود‪.‬‬ ‫يصحبه خشوع‪ ،‬وال إقبال على العبادة‪ ،‬وال معرفة حلقيقة العبودية‪.‬‬ ‫يكون دلي ًال على الفائدة املرجوة من الصالة اإلسالمية ملا بينهما من قدر‬ ‫الهادئ‪ ،‬وإجالء األفكار من الرأس وتصفية الذهن لفترة زمنية‪ ،‬ثم االنتقال‬
‫‪ .3‬كتاب اإليضاح والتبيني لبعض صفات املؤمنني للشيخ عبدالعزيز بن عبدالله‬ ‫وعلى املصلي حينئذ أن يتذكر وقوفه بني يدي الله تعالى يوم القيامة‬ ‫مشترك من احلركات والتأمل‪.‬‬ ‫إلى حركة أخرى ببطء‪ ،‬واالستقرار على احلركة مدة زمنية دون حراك‪،‬‬
‫الراجحي‪.‬‬ ‫للحساب‪.‬‬ ‫وحتتاج الصالة اخلاشعة إلى مزيد من األبحاث العلمية على املصلني‪،‬‬ ‫واالنتقال بعدها إلى الوضع األول وهكذا‪...‬‬
‫‪ .4‬صحيح البخاري‪ .‬‬ ‫ومن ذلك عدم التفات القلب إلى الشواغل والهواجس بقدر املستطاع‪،‬‬ ‫لبيان فائدتها الدنيوية في حتقيق الراحة اجلسدية والنفسية لهم‪.‬‬ ‫ويقوم بها الناس لتحقيق هدف معني‪ ،‬إما لإلبقاء على صحة اجلسم‬
‫‪43‬‬ ‫العدد اخلامس عشر ‪ -‬خريف ‪ 1431‬هـ ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫العدد اخلامس عشر ‪ -‬خريف ‪ 1431‬هـ ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫‪42‬‬
‫والسنة‬ ‫في القرآن‬ ‫والسنة‬ ‫في القرآن‬
‫اعجاز‬ ‫اعجاز‬

‫سن لقومه‬ ‫إنسان على وجه األرض (من غير األنبياء واملرسلني) َّ‬ ‫بقي ركنان مهمان ولكن املؤمن يؤديهما مرة في العام! فالركن‬
‫عيد ًا يأتي بعد عبادة عظيمة لله تعالى؟ هل ميكن للنبي صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ ،‬لو لم يكن رسو ًال من عند الله‪ ،‬أن يش ّرع لقومه مثل‬
‫الرابع من أركان اإلسالم هو الصيام وقد فرضه الله علينا مرة كل‬
‫سنة‪ ،‬ومبا أن هذه العبادة عظيمة والله يعطي عليها من األجر ما‬
‫هذه العبادة؟‬
‫ال يعطيه على غيرها (إال الصوم فإنه لي وأنا أجزي به)‪ ،‬فقد ختم‬
‫اإلعجاز العلمي في أعياد املسلمني‬
‫ملاذا لم يجعل النبي من انتصاراته عيد ًا؟ ملاذا لم يجعل من‬ ‫الله سبحانه وتعالى هذه العبادة بيوم العيد!!‬ ‫د‪ .‬عبد الدائم الكحيل*‬
‫زواجه عيد ًا؟ ملاذا لم يجعل من فتح مكة عيد ًا‪ ...‬بل إن أهم حدث‬ ‫مل��اذا؟ ليفرح املؤمن بفطره ويفرح مبغفرة الله لذنوبه ويفرح‬
‫في حياة النبي وهو النب ّوة‪ ،‬عندما نزل عليه الوحي‪ ،‬حتى هذا‬ ‫برحمة الله تعالى بعد شهر كامل من الصيام والقيام والطاعة‪...‬‬ ‫أما حديث ًا فقد ظهرت مجموعة من األعياد أهمها «عيد األم»‬ ‫سبحان الله! حتى في مناسبة العيد هناك إعجاز‪ ،‬ليبقى املؤمن‬
‫اليوم لم يجعله عيد ًا‪ ...‬سبحان الله‪ ،‬ملاذا؟ ألنه يريد أن يقول لنا‪:‬‬ ‫(وف��ي احل��دي��ث الشريف‪ :‬للصائم فرحتان‪ ،‬فرحة عند افطاره‬ ‫حيث خصصوا يوم ًا لألمهات كل عام‪ ،‬مع العلم أن اإلسالم جعل‬ ‫في حالة خشوع لله عز وجل وليكون ذلك دلي ًال على صدق رسالة‬
‫إن العيد مناسبة جلميع املسلمني وليست مناسبة تخص إنسان ًا‬ ‫وفرحة عند لقاء رب��ه)‪ ...‬سبحان الله‪ ،‬انظروا إلى هذه املناسبة‪،‬‬ ‫االهتمام باألم على مدار السنة‪ ،‬وليس مرتبط ًا بيوم محدد‪ ،‬ويكفي‬ ‫اإلسالم‪....‬‬
‫واحد ًا حتى ولو كان أعظم اخللق على اإلطالق؟‬ ‫مناسبة العيد‪ ،‬لم ترتبط بأي حدث بشري إمنا ارتبطت بعبادة لله‬ ‫أن نقرأ قوله تعالى في حق األبوين‪{ :‬فَلاَ َتقُلْ َل ُه َما ُأ ٍّف َو اَل َت ْن َه ْر ُه َما‬ ‫لألسف الشديد نرى بعض الناس ال يقتنعون باإلعجاز العلمي‪،‬‬
‫لو فكرنا قلي ًال بهذا العيد واملناسبة التي ارتبط بها لرأينا‬ ‫تعالى‪ ،‬وليس أي عبادة بل عبادة خاصة ومن أحب العبادات لله‬ ‫الذ ِّل ِم َن َّ‬
‫الر ْح َم ِة َو ُقلْ‬ ‫اح ُّ‬ ‫َو ُقلْ َل ُه َما َق ْو اًل َك ِر ًميا * َو ْاخ ِف ْض َل ُه َما َج َن َ‬ ‫وينظرون إلى القرآن على أنه كتاب هداية فقط‪ ،‬بل نرى بعضهم‬
‫برهان ًا واضح ًا على صدق هذا النبي عليه الصالة والسالم‪ ،‬وأنه‬ ‫عز وجل‪.‬‬ ‫يرا} [اإلسراء‪.]24-23 :‬‬ ‫َر ِّب ْار َح ْم ُه َما َك َما َر َّب َيا ِني َص ِغ ً‬ ‫يبالغون في انتقادهم لدعاة اإلعجاز‪ ،‬ومنهم من يصف باحثي‬
‫ل��م ي��أت بشيء م��ن ع�ن��ده‪ ،‬ب��ل ه��و كما وصفه رب��ه بهذه الكلمات‬ ‫بقي الركن اخلامس من أركان اإلسالم أال وهو احلج‪ ،‬فهذه‬ ‫هناك أعياد لالستقالل وأعياد للنصر مبعركة ما وأعياد تخص‬ ‫«بالتجار» الذين يتاجرون بعواطف املسلمني‪ ...‬بل‬ ‫ّ‬ ‫اإلعجاز العلمي‬
‫يوم الثورة ‪ ...‬وغير ذلك مما ظهر حديث ًا‪ .‬ومن أسوأ األعياد «عيد‬ ‫قال أحدهم‪ :‬لم يبق سوى أن يخرجوا لنا بإعجاز جديد مبناسبة‬
‫وحى} [النجم‪:‬‬ ‫الرائعة‪َ { :‬و َما َي ْن ِط ُق َع ِن ا ْل َه َوى * ِإنْ ُه َو ِإ اَّل َو ْح ٌي ُي َ‬
‫العبادة مهمة جد ًا وهي مفروضة على املستطيع مرة في العمر على‬
‫‪ .]4-3‬فاحلمد لله على نعمة اإلسالم‪ ...‬وكل عام وأنتم بخير‪.‬‬ ‫األقل‪ ،‬وتتكرر كل عام مرة ويخرج فيها املؤمن من الذنوب كيوم‬ ‫احل��ب» فهو مناسبة ملمارسة العشق واللهو والفاحشة وتبذير‬ ‫العيد!‬
‫ولدته أمه‪ ،‬حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم قال‪( :‬احلج املبرور ‪-------------------‬‬ ‫األموال‪ ...‬وهناك الكثير من املناسبات واألعياد كلها مرتبط بحدث‬ ‫بالفعل هناك بعض املبالغات في اإلعجاز العلمي والعددي‪،‬‬
‫* وللراغبني مبتابعة البحث بكامله مراجعة املوقع‪:‬‬ ‫ليس له جزاء إال اجلنة) وهو عبادة خالصة لله تعالى‪.‬‬ ‫بشري ما‪.‬‬ ‫ولكنها قليلة وال تؤثر على هذا العلم الرائع‪ .‬ولكن اإلنسان عندما‬
‫‪www.kaheel7.com‬‬ ‫اآلن لنتأمل عيد الفطر وع�ي��د األض�ح��ى‪ ،‬م��ا ه��ي مناسبة‬ ‫يبحث في معجزات القرآن يرى في كل شيء معجزة تتجلى لتقول‬
‫وبسبب أهمية هذه العبادة فقد جعل الله عيد األضحى في‬
‫هذين العيدين؟ العجيب يا أحبتي أنني بحثت عن تاريخ والدة‬ ‫لنا‪« :‬إن اإلسالم هو احلق»‪ ،‬وهذا هو الهدف من اإلعجاز العلمي‪.‬‬
‫إلـى األحـبـة الـقـراء‪:‬‬ ‫نهاية هذه العبادة‪ ،‬أي أن العيد يأتي بعد عبادة عظيمة وخالصة‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم وهو يوم مبارك بال شك‪ ،‬ولكنني‬ ‫أن يث ُبت املؤمن على احلق‪ ،‬وأن تكون املعجزة دلي ًال على صدق‬
‫لله جل جالله‪ .‬بل إن تطبيق هذا العيد لم يرتبط مبعصية الله تعالى‪،‬‬
‫يس ّر مجلة «اإلعجاز» تل ّقي كل البحوث‬ ‫ ‬ ‫بل بطاعته أيض ًا‪ ،‬وهذا شيء رائ��ع‪ .‬فالعيد هو مناسبة للتراحم‬ ‫لم أجد أن النبي طلب من أصحابه أن يحتفلوا فيه! وبحثت عن‬ ‫رسالة اإلسالم‪ ،‬وأظن أننا بحاجة لهذه املعجزات في عصر كهذا‬
‫واملقاالت الهادفة الى تنوير املجتمع وتثقيفه بصرف‬ ‫والتواصل وصلة الرحم وإدخال السرور على األطفال واحملرومني‬ ‫أيام انتصار النبي في معركة بدر تلك املعركة احلاسمة التي‬ ‫امتأل باإلحلاد والتشكيك وضعف اإلميان‪.‬‬
‫النظر عن هوية الكاتب‪ ،‬ومعتقده‪ ،‬وطائفته‪ ،‬وإنتمائه‪ .‬وال‬ ‫واليتامى‪...‬‬ ‫كانت بداية تأسيس ال��دول��ة اإلسالمية‪ ،‬ووج��دت أن النبي لم‬ ‫واآلن لنطرح ال �س��ؤال ال�ت��ال��ي‪ :‬ه��ل يوجد إع�ج��از ف��ي أعياد‬
‫ً‬
‫انظروا معي إلى زكاة الفطر مثال‪ ،‬إنها فريضة قبل العيد‪ ،‬ال شرط لها إال أن يتقيد بأصول البحث العلمي‪ ،‬والبعد‬ ‫يأمر أصحابه بأن يتخذوا ذلك اليوم عيد ًا لهم‪.‬‬ ‫املسلمني التي شرعها الله لنا؟ وهل ميكن أن جند دلي ًال جديد ًا‬
‫ميكن أن مير العيد هكذا‪ ،‬بل هناك أشخاص محتاجون وفقراء‬ ‫هناك مناسبات كثيرة هامة م َّر بها النبي األعظم صلى الله عليه‬ ‫قمت به‬
‫على صدق هذا النبي األمي عليه الصالة والسالم؟ هذا ما ُ‬
‫عن التحريض‪ ،‬والنقد الهدام‪ ،‬وعن السياسة‪ ،‬وأن‬ ‫وسلم أهمها‪ ،‬يوم الهجرة‪ ،‬ومع أنه يوم عظيم وهو بداية التاريخ‬ ‫وكانت املفاجأة‪ ...‬لنقرأ‪.‬‬
‫ّ‬
‫ذكرك الله بهم‪ ،‬ينبغي أن تعطيهم مما أعطاك الله‪ ،‬وإال فإن عبادتك يكون هاجسه بعث األمل في نفوس الناس لتخطي آثار‬ ‫الهجري إال أن النبي لم يتخذه عيد ًا‪ ،‬وهناك يوم مهم أال وهو يوم‬ ‫عندما تنظر أخ��ي ال�ق��ارئ إل��ى بقية األمم من غير املسلمني‬
‫ناقصة!! وهناك صالة خاصة ال تؤدى إال في العيدين وهي صالة‬
‫احلرب وبناء املجتمع املتسامح‪.‬‬ ‫العيد‪ ...‬كأن الله تعالى يريد أن يربطك بالعبادة اخلشوع في كل‬ ‫فتح مكة‪ ...‬ذلك النصر املبني ال��ذي أعز الله به املسلمني وخذل‬ ‫وتتأمل في أعيادها‪ ،‬ماذا جتد؟ إنك جتد العيد لديهم مرتبط بوالدة‬
‫حلظة‪ ،‬حتى في حلظات الفرح واألعياد!‬ ‫الكافرين‪ ،‬ومع أنه يوم مبارك ومهم جد ًا إال أن النبي لم يأمر قومه‬ ‫هذا القائد الروحي‪ ،‬أو بانتصار ذلك الزعيم على أعدائه أو بتحقيق‬
‫عزيزي القارئ‪،‬‬ ‫وهنا يا إخوتي البد من وقفة تأمل‪ :‬البشر شرعوا للناس أعياد ًا‬ ‫باتخاذه عيد ًا‪ ...‬سبحان الله‪ ،‬إذ ًا ما هي مناسبة العيد؟‬ ‫مكاسب مادية أو جناحات عسكرية أو سياسية‪ ...‬أي أن العيد‬
‫إن العيد عند املسلمني يأتي بعد عبادة عظيمة لله الواحد عز‬ ‫مرتبط بأحداث بشرية‪.‬‬
‫ضع هذه املجلة في املكتب أوفي البيت واترك املجال‬ ‫وجاءت كلها مرتبطة بأحداث بشرية وارتبطت باللهو والترف‪ ،‬ولكن‬
‫وج��ل‪ ،‬ولكن كيف؟ أحبتي في الله‪ ،‬إن أرك��ان اإلس�لام خمسة‪،‬‬ ‫بعض الشعوب لديها عيد مرتبط مبوت زعيمها‪ ،‬وبعضهم اتخذ‬
‫عندما جند أعياد املسلمني ارتبطت بعبادة لله تعالى وطاعته‪ ،‬ماذا ملن حتب لكي ّيطلع عليها‪ .‬وال تهملها أو تخزنها باك ًرا‪ ،‬فقد‬ ‫فاملؤمن في كل حلظة يشهد بوحدانية الله‪ ،‬وه��ذا الركن األول‪،‬‬ ‫من زواج هذا الزعيم عيد ًا‪ ،‬ومنهم من جعل بعض الظواهر الكونية‬
‫يدل ذلك؟ إنه بال شك يدل على أن مصدر هذه األعياد هو مصدر‬
‫إلهي!! بكلمة ثانية‪ :‬يدل على أن اإلسالم دين من عند الله تعالى! يكون لك فيها أجر تذكير الناس بالله ع ّز وج ّل‪ .‬قال تعالى‬ ‫ويقيم الصالة كل يوم خمس مرات‪ ،‬وهذا الركن الثاني‪ ،‬ويؤدي‬ ‫املخيفة عيد ًا لهم مثل كسوف الشمس أو غير ذلك مما يعتقدون أن‬
‫كال انها تذكرة فمن شاء ذكره‪.‬‬ ‫وسؤالي اآلن‪ :‬بالله عليكم! هل هذا إعجاز أم ماذا؟ هل هناك‬ ‫الزكاة والصدقة في كل حلظة وعلى مدار العام وهذا هو الركن‬ ‫هناك إله ًا للشمس وإله ًا للبرق وإله ًا للكواكب‪ ...‬وهذه معتقدات‬
‫الثالث‪.‬‬ ‫جاء اإلسالم ليبطلها‪.‬‬
‫‪45‬‬ ‫العدد اخلامس عشر ‪ -‬خريف ‪ 1431‬هـ ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫العدد اخلامس عشر ‪ -‬خريف ‪ 1431‬هـ ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫‪44‬‬
‫والسنة‬ ‫في القرآن‬ ‫والسنة‬ ‫في القرآن‬
‫اعجاز بيئي‬ ‫اعجاز بيئي‬

‫رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‪:‬‬ ‫برد وبشكل طبيعي‬ ‫إمنا هو محكوم ٍ‬
‫لتصحيح املسار من الداخل أو حتى احملافظة على البيئة حتتاج «اإلمي��ان بضع وسبعون شعبة –‬
‫أو بضع وستون شعبة – فأفضلها‬
‫قول ال إله إال الله وأدناها إماطة‬
‫إلى اعداد وتربية‬ ‫من اخلارج إن لزم األمر‪.‬‬ ‫التربية البيئ ّية في اإلسالم‬
‫األذى عن الطريق‪ ،‬واحلياء شعبة‬ ‫‪ -2‬اإلنسان والبيئة‪:‬‬ ‫جهاد خير الدين قرقوتي*‬
‫من األمي��ان» متفق عليه وق��ال أيض ًا‪« :‬التبسم في‬
‫قال إبن خلدون عالم اإلجتماع األندلسي ّومنذ قرون وجه أخيك صدقة‪».‬‬ ‫يحتوي اإلس�لام في مجمل تعاليمه على اإلحتياجات‬ ‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫لقد حث اإلسالم على فعل كل ما ينفع الناس وما يبعد‬ ‫عدة‪« :‬اإلنسان إبن بيئته»‪ ،‬فمن غير املعقول أال تؤثر بيئه‬ ‫احلمد لله والصالة والسالم على رسول الله وعلى آله احلقيق ّية والطبيع ّية لإلنسان‪ ،‬وهذه التعاليم هي التي تؤهله‬
‫اإلن�س��ان الطبيعية واجلغرافية على حركته وروح ��ه‪ .‬إنَّ عنهم الضرر كما أكد حرصه أيض ًا على املرافق العامة‬ ‫وأكثر من أي وق� ٍ�ت مضى‪ ،‬للعودة للعب دوره الطبيعي‬ ‫وصحبه ومن وااله‬
‫الروحانيات اإلنسانية التي تنمو وتزدهر في مناطق حارة ونظافتها والعناية بها‪ ،‬وأكد اإلسالم على القاعدة الشرعية‬ ‫والطليعي في منو اإلنسان وتطوره‪.‬‬
‫وصحراوية ذي الكثبان الرملية‪ ،‬ال ميكن أن تكون نفسها األساسية بأنه «ال ضرر وال ضرار»‪.‬‬ ‫وم��ع تقدم احلضارة امل��اد ّي��ة ف��إنَّ إحتياجات اإلنسان‬ ‫مقدمة‪:‬‬
‫واإلنسان هو العامل األساسي ألي بناء بيئي‪ ،‬وهو الذي‬ ‫في مناطق ساحلية رطبة أو في غابات كثيفة‪ ،‬فال شك بأن‬ ‫لدرجة‬
‫ٍ‬ ‫بدأت العلوم البيئية تدرس في اجلامعات الغربية‪ ,‬في اإلستهالك ّية وإمكانياته أصبحت متفلتة ومع ّقدة‬
‫الطقس احلار واملياه املاحلة واملناطق اجلبلية ال ميكن أن أكرمه الله فأحسن صنعه وم ّيزه عن باقي املخلوقات‪ ،‬هذا‬ ‫تضحي بإنسان ّية اإلنسان وأخالق ّياته‪.‬‬ ‫سبعينيات القرن املاضي ‪ ,‬ولم يظهر علم التربية البيئية إال أنها ّ‬
‫يكون لها التأثير ذاته على اإلنسان في املناطق الباردة‪ ،‬األنسان هو الكنز احلقيقي ال��ذي يتغافل عنه الكثيرون‪.‬‬ ‫ففي هذا املجتمع املا ّدي املعقد نحيت القيم اإلنسان ّية‬ ‫في تسعينيات القرن املاضي ‪ ,‬حيث بدأ الكالم عن إدراج‬
‫واملياه العذبة والسهول واملستنقعات‪ ،‬فكما أن هذه العوامل املهم أن نهتم ببناء البشر وليس احلجر‪ ،‬كما أنَّ إعتماد‬ ‫التربية البيئية تدريجيا» في مناهج وزارات التربية لدى عدد جانب ًا حتى أن القيم األخالق ّية أصبح ُينظر إليها بازدراء‬
‫الطبيعية الفيزيائية للناس تختلف بإختالف املناطق فإنَّ الثقافة البيئية أثناء هذا البناء كفيل بإيصالنا إلى بداية‬ ‫إن لم نقل باستهزاء‪.‬‬ ‫من الدول ‪.‬‬
‫الطريق الصحيح نحو بيئة إنسانية سليمة‪ .‬إنَّ هذه الثقافة‬ ‫التفاعل والردود تختلف‪.‬‬ ‫وفي أغلب دول العالم وشعوبها تتوجه البنية األساسية‬ ‫عندها تذكرت بعض اآليات واألحاديث النبوية وأفعال‬
‫والعالقات البيئية ال تتطلب زيادة نفقات على ما يسمى بوزارة البيئه‬ ‫إنَّ العوامل التاريخية واملناخ اإلجتماعي‬
‫اإلقتصادية والظروف اإلجتماعية كلها تلعب دور ًا أساسياً‬
‫الصحابة الكرام ‪ ,‬منذ حوالي ألف وأربعمائة ع��ام‪ ,‬وملا للتربية والتعليم بإجتاه الكسب امل��ادي اإلقتصادي حتى‬
‫وإمنا يجب أن تتركز على اإلنسان وعودته لدينه وفطرته‬ ‫ق��ررت الكتابة ع��ن التربية البيئية ف��ي اإلس�ل�ام ‪ ,‬شعرت أنَّ بعض الصفوف وبعض اإلختصاصات في اجلامعات‬
‫وحركته ورؤيته ومنط حياته حتى أنها السليمة‪ ،‬وليس بإضطهاده كما هو حاصل في املاضي‬ ‫ً‬
‫في توجيه اإلنسان‬ ‫بالعزة وال�ك��رام��ة وإع�ج��از ه��ذا ال��دي��ن ‪ ,‬وش�ع��رت أيضا» تغلق وألسباب إقتصادية جتار ّية‪ ،‬وذلك لعدم وجود العدد‬
‫تقف بعض األحيان حائال أمام طريق حرية اإلنسان وقدرته واحلاضر‪.‬‬ ‫بالتقصير جتاه هذا الدين العظيم ‪ ,‬فهو بني أيدينا وال نهتم الكافي من الزبائن‪ ،‬حتى أنَّ كلمة زبائن تستعمل في كافة‬
‫قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪« :‬أال كلكم راع‬ ‫على اإلختيار‪.‬‬ ‫به ‪ ,‬والنقرأ عنه إال اليسير بينما يبحث غيرنا قرونا» ليصل املجاالت وتلك كلمة ماد ّية بحتة‪.‬‬
‫إنَّ اإلنسان بحاجة للتوجيه والتغيير أمام بعض غرائزه وكلكم مسؤول عن رعيته‪ ،‬فاإلمام الذي يأم الناس‬ ‫بينما تقوم النظرة اإلسالمية للعالم بأجمله على العدالة‬ ‫إلى ما هو في متناول أيدينا ‪ ,‬ونحن عطاش نتلمس العلوم‬
‫حتدد راع وهو مسؤول عن رعيته‪ ،‬والرجل راع على أهل‬ ‫اجلامحة وكما أن العوامل الطبيعية والظروف البيئية‬
‫له إختياراته ومنط معيشته فعليه بالتالي أن يعمل جاهداً‬
‫واإلنصاف حتى أنَّ السموات واألرض إمنا خلقت على هذه‬ ‫املختلفة ونتذلل للحصول عليها من هنا وهناك ‪.‬‬
‫بيته وهو مسؤول عن رعيته‪ ،‬وامل��رأة راعية على‬ ‫إنّ اإلسالم الذي ينظم ويحدد عالقة اإلنسان بربه وعالقة القاعدة وأن كل شيء محسوب وبدقة في هذا الكون‪ .‬وإنَّ‬
‫أه��ل بيت زوج��ه��ا وأوالده���ا وه��ي مسؤولة عنهم‬ ‫لتحسني محيطه‪.‬‬ ‫اإلنسان بكافة مخلوقات الله إمنا يحوي بني ط ّياته احملافظة أي حتوير لهذه القواعد العامة التي حتكم العالم ستؤدي‬
‫إنَّ القواعد واألسس الرئيسية التي يعتمد عليها اإلنسان وعبد الرجل راع على مال سيده وهو مسؤول عنه‪،‬‬ ‫وعالقات بالضرورة إلى فوضى وإضطراب وإختالل التوازن في‬ ‫ٍ‬ ‫نظم‬
‫على البيئة والتي نعرفها على أنها جملة ٍ‬
‫من أجل هذا التحسني والتغيير لألفضل‪ ،‬إمنا تشكل أهم أال فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته‪».‬‬ ‫طبيع ّية واجتماعية يحيى في ضمنها اإلنسان وغيره من القوانني الطبيع ّية‪.‬‬
‫إنَّ التغيير ف��ي ال�ظ��واه��ر الطبيعية‪ ،‬محكوم بقوانني‬ ‫مواضيع اإلرادة واإلختيار اإلنساني‪.‬‬ ‫ل��ق��ول��ه ت� �ع ��ال ��ى‪{ :‬الرحمن*علم ال� �ق ��رآن*خ� �ل ��ق‬ ‫الكائنات احل ّية ويتفاعل معها إما سلب ًا أو إيجاب ًا‪.‬‬
‫قيم عليا نضحي من أجلها‪ ،‬وأسباب وعوامل‪ ،‬وأنَّ الطبيعة محددة ومرسومة ضمن‬ ‫ً‬
‫هذه املثل العليا إمنا هي‬
‫ً‬
‫إنّ الطريق الصحيح لبيئة سليمة إمن��ا يكون بتطبيق اإلنسان*علمه البيان * الشمس والقمر بحسبان * والنجم‬
‫فإن أردت فعال أن جتد إنسانا وبكل معنى الكلمة فعليك خطوط معينة‪ .‬وبالنسبة للمجتمع فإنَّ اإلسالم يؤكد على‬ ‫التربية البيئ ّية التي هي حرك ٌة دائمة يتمكن بفضلها األفراد والشجر يسجدان * والسماء رفعها ووض��ع امليزان * أال‬
‫أن تفتش عن شخص عقائدي يتحلى بقيم تتعدى النظرة النظم اإلجتماعية وأس�ب��اب أي تغيير إجتماعي‪ ،‬فيتكلم‬ ‫(سورة الرحمن)‬
‫واجلماعات من الوعي مبحيطهم ويكتسبون عبرها املعارف تطغوا في امليزان * واألرض وضعها لألنام}‬
‫عن األمم صعودها وإندثارها‪ ،‬قوتها وضعفها‪ ،‬متاسكها‬ ‫الشكلية واجلسد ّية‪.‬‬ ‫فالعوامل الطبيعية ليست حرة في تقرير وتقدير هذا‬ ‫والكفاءات والتجارب وكذلك العزم واإلرادة من أجل إيجاد‬
‫وهزالتها‪ ،‬ويتحدث عن أسباب ونتائج‬ ‫واإلس�لام يحدد ه��ذه القيم التي‬ ‫ال�ت��وازن وأن ردود الفعل ألي خلل‬ ‫حلول عمل ّية ملشاكل البيئة احلالي منها ومن أجل مستقبل‬
‫ذل� ��ك‪-‬وأنَّ األح ��داث التاريخية ليست‬ ‫ه��ي م��ن ع�ن��د ال �ل��ه وامل �س �ل��م يسعى‬ ‫طبيعي إمن ��ا ه��ي إلع� ��ادة التوازن‬ ‫أفضل‪.‬‬
‫وليدة الصدفة وأنَّ كل شيء في الطبيعة‬
‫النفس‬ ‫ملراقبة‬ ‫مكان‬ ‫ال‬ ‫ج��اه��د ًا ل �ل��وص��ول ل�ه��ا وال �ع �م��ل بها‬ ‫علم البيئة حديث لكن االسالم وإزاحة العوائق التي تقف بوجه هذا‬
‫في احلضارة املادية‬ ‫مرضاة لله‪.‬‬ ‫‪ -1‬اإلسالم والبيئة‪:‬‬
‫واملجتمع إمنا يخضع لقوانني ونظم‪.‬‬
‫فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ‬
‫التطور‪ ،‬وأنَّ أي خلل في أي مجال‬ ‫نبّه إليه منذ ‪ 1400‬سنة‬
‫‪47‬‬ ‫العدد اخلامس عشر ‪ -‬خريف ‪ 1431‬هـ ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫العدد اخلامس عشر ‪ -‬خريف ‪ 1431‬هـ ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫‪46‬‬
‫والسنة‬ ‫في القرآن‬ ‫والسنة‬ ‫في القرآن‬
‫اعجاز بيئي‬ ‫اعجاز بيئي‬

‫{‪ ...‬ما يريد الله ليجعل عليكم من‬ ‫على غيراملسلم من أهل الكتاب‪ ،‬حتى‬ ‫وال تذبحوا شاة وال بقرة وال بعير ًا‬ ‫إنَّ طبيعة اإلنسان املادية والروحية‬
‫حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته‬ ‫أن بعض املدافعني عن امل��دن كانوا تنمية الشعور باملسؤولية‬ ‫إال ألك��ل��ه‪ ،‬وس���وف مت���رون بأقوام‬ ‫تؤدي به في مراحل حياته إلى إنحناءات للبيئة السليمة مفعول‬
‫سورة املائدة‬
‫عليكم لعلكم تشكرون}‬ ‫ينضمون للقتال إلى جانب املسلمني طريق الى البيئة السليمة‬ ‫ق��د ف��رغ��وا أنفسهم ف��ي الصوامع‬ ‫ايجابي عل االنسان‬ ‫وإضطرابات نفسية وهو مسؤول عن‬
‫وكذلك قوله ّ‬
‫جل وعال‪:‬‬ ‫في وجه احلكام السابقني اجلائرين‪.‬‬ ‫فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له‪.».‬‬ ‫توجيه نفسه وضبط رغباتها‪ ،‬وإذا‬
‫{‪ ....‬إن الله يحب التوابني ويحب‬ ‫إنَّ ه��ذا ال�ت�ق��دم اإلن �س��ان��ي نحو‬ ‫وعلى هدي رس��ول الله صلى الله‬ ‫متلكته األن��ان�ي��ة وح��ب السلطة‪ ،‬فإنه‬
‫سورة البقرة‬
‫ه��ذه الشعوب لم ي��ؤد إل��ى دم��اره��ا‪ ،‬وإمن��ا أدى إل��ى تغيير املتطهرين}‬ ‫يسعى لتحقيق رغباته وغاياته وبكل الطرق الغير أخالقية‪ .‬عليه وسلم في تسامحه الديني واإلنساني‪ ،‬جند عمر بن‬
‫وحض أتباعه على طهارة ثيابهم وجسدهم وأسنانهم‬ ‫وإستبدال النظم اجلائرة بنظام ع��ادل وإل��ى تبديل عبادة‬ ‫إنَّ ذلك يقضي على املجتمع ويسممه‪ ،‬وإنَّ األفكار والعادات اخلطاب رضي الله عنه حني يدخل القدس فاحت ًا‪ ،‬وحتني‬
‫احلجر والبشر بعبادة الواحد األحد‪ .‬إنَّ اإلسالم جاء للبناء ومياه الشرب واملياه املستعملة حلاجاتهم وأماكن إقامتهم‬ ‫السيئة واأللهة القدمية واحلديثة وطواغيت العصر القدمي صالة العصر وهو في داخل كنيسة القدس الكبرى فيأبى‬
‫وشوارعهم وأحيائهم العامة وغذائهم‪ .‬وع��دم هدر املواد‬ ‫والتحسني وليس العكس كما يشيعه املفترون‪.‬‬ ‫والعصر احلديث إمنا يسعون جاهدين إلعتقال كل فكر أن يصلي فيها كي ال يتخذها املسلمون من بعد ذريعة‬
‫احمل��اف��ظ��ة على اآلث����ار‪ :‬لقد ق��ام اإلس�ل�ام ب ��دور هام الغذائية برميها في الزبالة وعدم اإلسراف في األكل ألن‬ ‫صحيح يؤدي بصاحبه ومعتنقيه إلى طريق الصواب‪ ،‬وذلك للمطالبة بها وإتخاذها مسجد ًا‪.‬‬
‫باحلفاظ على الثقافات واحلضارات القدمية من إغريقية ذلك ليس فقط ضد القواعد والنظم اإلقتصادية بل أيض ًا‬ ‫عمر رضي الله عنه الذي قطع الشجرة في مكان بيعة‬ ‫من أجل إستغالل البشر وإستعمالهم ملصاحلهم ولبناء‬
‫وفرعونية وبالد ما بني النهرين وفارسية وهندية‪ ،‬وحتى أنه بسبب ضرره الصحي الذي يعود على املستهلك نفسه‪،‬‬ ‫الشجرة‪ ،‬ألن الناس بدأوا بتقديس تلك الشجرة‪ ،‬هو ذاته‬ ‫احلجر لهم وحلاشيتهم‪.‬‬
‫إنَّ أسوأ اإلستغالل إمنا هو إستعمال اإلنسان لغايات الذي يخاف أن يحاسبه ربه على ناقة عثرت بأرض العراق‪،‬‬
‫كان يشجع على معرفة فكر األخرين والتحقيق والتمحيص وليس من العدل أن يهدر الناس الغذاء ويأكلونه بإسراف‪،‬‬
‫بكتبهم‪ ،‬فاملعرفة إمنا هي إستكمال ما وصل إليه اآلخرون‬ ‫أنانية بسيطة‪ ،‬وكم من الدماء والبكاء أريق بسبب هؤالء ويسأله عنها ربه ملا لم تعبد لها الطريق يا عمر‪.‬‬
‫في الوقت الذي ميوت فيه آخرون من اجلوع‪.‬‬
‫ومتابعة الطريق‪ ،‬وقد شجع املسلمون أيض ًا على دراسة‬ ‫الناس وحبهم للسلطة والكراسي‪ .‬لقوله تعالى‪ ...{ :‬ويريد‬
‫لقوله تعالى‪{ :‬يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد‬ ‫الذين يتبعون الشهوات أن متيلوا مي ًال‬
‫التاريخ وحركته وشعوبه والسفر للبالد البعيدة جلمع كل‬
‫عظيمامن� �ً}�ا ه���ي السبب ‪ -4‬استصدار التشريعات وتنوير سبل احلياة‪:‬‬
‫سورة النساء‬
‫سورة االعراف‬
‫وكلوا واشربوا وال تسرفوا إنه ال يحب املسرفني}‬ ‫وإنَّ ال� �ف� �س ��اد وأع � �م� ��ال ه� � ��ؤالء إ‬
‫ما هو خير للناس‪ ،‬وشجع على ترجمة الكتب من اللغات‬
‫« إنَّ النمو الصحي الكامل لإلنسان بحاجة لغذاء صحي‬ ‫ث��م ظ �ه��رت ف��ي ال�ع�ص��ور ال�ت��ال�ي��ة التعاليم التطبيقية‬ ‫ال� ��رئ � �ي � �س� ��ي ألي ت � �غ � �ي � �ي� ��رات ت� ��اري � �خ � �ي� ��ة م � ��دم � ��رة‪.‬‬
‫القدمية فكانت مراكز املعرفة وخاصة في دمشق وبعدها‬
‫وعالج صحي وإلى جو ومناخ صحي خال من التلوث وكل‬ ‫إنَّ إرهاب الشعوب وقهرها‪ ،‬هو من أخطر مظاهر اإلرهاب لإلسالم وإهتمامه ببيئة اإلن�س��ان ومحيطه واستصدار‬
‫في بغداد‪ ،‬كخاليا النحل دائمة احلركة في سبيل املعرفة‬
‫ما يشيع األمراض‪.‬‬ ‫البيئي وأكثرها سلبية على البيئة‪ .‬واحل��روب هي من أهم أعظم التشريعات‪ ،‬فمن بناء املؤسسات اخليرية واملدارس‬
‫وتقدم ورفاهية اإلنسان في كل مكان‪ .‬ورغم األخطاء وبعض‬
‫إنَّ الصلوات املفروضة اخلمس وما يتعلق بها من طهارة‬ ‫مظاهر الفساد وتخريب البيئة‪.‬‬
‫املمارسات في احلكم التي تتنافى مع قواعد اإلسالم فإنه‬ ‫واملستشفيات‪ ،‬وبناء اخلانات والزوايا للعبادة وللفقراء‬
‫اجلسد والثياب واملكان واإلجتاه للقبلة في الصالة وصوم‬
‫ينبغي علينا أن ال ننسى فضل اخلالفة اإلسالمية من أموية‬ ‫واملسافرين‪ ،‬والسبيل ملنع العطش‪ ,‬واملؤسسات اإلجتماعية‪،‬‬
‫رمضان‪ ،‬ينمي لدى اإلنسان معنى املسؤولية جتاه نفسه‬
‫وعباسية وعثمانية وخالل إثنى عشر قرن ًا على احلضارة‬ ‫والتكافل اإلجتماعي بإنشاء مؤسسات اليتامى واللقطاء‬ ‫‪ -3‬احلكم والبيئة‪:‬‬
‫وغيره وينمي إرادته التي تعطيه القدرة والقاعدة الصلبة‬
‫اإلسالمية وعلى العالم أجمع‪.‬‬ ‫واحلكم السليم القومي والعادل هو الذي يسود باألمن والعجزة والعميان وتزويدهم بكل ما يحتاجون إليه من سكن‬
‫لتنظيم وترتيب حياته‪.‬‬
‫إنَّ اإلسالم يرفض وبشكل قطعي األنانية وذلك الشعور‬ ‫والطمأنينة والرخاء هذا ما يعلمه اإلسالم لألمة املنتصرة‪ ،‬وغذاء ولباس وتعليم‪ ،‬ومن إمداد األمهات باحلليب والسكر‬
‫اإلصطناعي املادي‪ ،‬وهو يريد منا أن نحب لغيرنا ما نحب‬ ‫‪ -5‬أثر التوجيه الديني على البيئة‪:‬‬ ‫ال تزهوا بنصرها وال تعتدي وإمنا متنع البغي والفساد‪ ،‬مثل مبرات صالح الدين في دمشق‪ .‬ولم ينس اإلسالم في‬
‫إنَّ اإلنسان املسلم بنَّا ٌء بطبيعته‪ ،‬إنه يبني نفسه وبيته ألنفسنا‪ ،‬وأن نعامل غيرنا كما نحب أن يعاملونا‪ ،‬وأن‬ ‫ولتحل احلق **كما ورد في قوله تعالى‪{ :‬الذين إن مكناهم خضم املسؤوليات العظيمة‪ ،‬رحمته باحليوان ومنع حتميل‬
‫ومسجده وبيئته‪ ،‬وإنَّ جناحه في بناء بيئته إمنا يعتمد على نساوي بني الناس فالناس سواسية في احل��ق والعدالة‬ ‫في األرض أقاموا الصالة وآتوا الزكاة وأمروا باملعروف ونهوا عن الدواب فوق ما تطيق‪ ،‬وإقامة دور عجزة للحيوان وأوقاف ًا‬
‫جناحه في بناء نفسه والعكس صحيح‪ ،‬ومبعنى آخر فإنَّ اإلنسانية وق��ال رس��ول الله ‪« :‬اخللق كلهم عيال الله‬ ‫لتطبيبها ورعايتها‪.‬‬ ‫سورة احلج‬
‫املنكر ولله عاقبة األمور}‬
‫جناحه في حتسني بيئته إمنا يجعله على طريق حتسني ظرفه وأحبهم إل��ى الله أنفعهم لعياله»‪ .‬وق��ول عمر رضي‬ ‫إنَّ اإلسالم وبتقدمه املتوازن في كل اإلجتاهات واملناطق‬ ‫هذه الرحمة التي نقلها النبي األعظم صلى الله عليه‬
‫ووضعه‪.‬إنَّ هذه العالقة بني اإلنسان وبيئته جتعله شديد الله عنه‪« :‬متى إستعبدمت الناس وقد ولدتهم أمهاتهم‬ ‫ال‪ ،‬فهذا أب��و بكر الصديق وممارساته اإلنسانية‪ ،‬جعل األيدي مفتوحة إلستقبال هذا‬ ‫وسلم إل��ى أصحابه ق��و ًال وفع ً‬
‫اإلنتباه والتيقظ لتحسني وضعه العام وعلى كل املستويات‪ .‬أحرار ًا‪».‬‬ ‫ً‬
‫رضي الله عنه صاحب وخليفة رسول الله صلى الله عليه الفاحت اإلنسان الذي إنتظروه طويال‪ ،‬بعد أن كاد اليأس‬
‫ومن أجل بيئة سليمة وعالقة إنسانية جيدة فقد نظم‬ ‫مما دفعه إل��ى تأسيس قواعد مهمة في مجاالت النظافة‬ ‫يغلب عليهم‪ ،‬حتى أن املدن أخذت تفتح أبوابها وحصونها‬ ‫وسلم‪ ،‬يوصي جيش أسامة بن زيد‬
‫اإلس�لام هذه العالقة بني اجليران من‬ ‫واملأكل وامللبس واملشرب ومجاالت‬ ‫وقبل مدة من وصول جيوش اإلسالم‪،‬‬ ‫رض��ي الله عنهم ويقول‪« :‬ال متثلوا‬
‫الناحيتينت األخ�لاق�ي��ة و امل��ادي��ة حتى‬ ‫احلاكم يوجه ويحاسب‬ ‫الصحة البدنية والعقلية…‪.‬إلخ‪.‬‬ ‫ال صغير ًا وال شيخ ًا عتبة االميان اماطة االذى ف�ه��ي ج�ي��وش رح�م��ة ول�ي�س��ت جيوش‬ ‫وال تقتلوا طف ً‬
‫أن سيدنا جبريل عليه السالم أوصى‬ ‫ُ‬
‫إح �ت�لال‪ .‬وإنَّ م��ا ف��رض على املسلم‬ ‫كبير ًا‪ ،‬وال إمرأة وال تعقروا نخ ً‬
‫الرسول صلى الله عليه وسلم باجلار‬
‫وقد إعتبر اإلس�لام أنَّ الطهارة للمحافظة على البيئة‬ ‫من زكاة وغيره أشد مما كان يفرض‬
‫الطريق‬ ‫عن‬ ‫ال وال‬
‫والنظافة هدف إمياني‪ ،‬لقوله تعالى‪:‬‬ ‫حترقوه‪ ،‬وال تقطعوا شجرة مثمرة‪،‬‬
‫‪49‬‬ ‫العدد اخلامس عشر ‪ -‬خريف ‪ 1431‬هـ ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫العدد اخلامس عشر ‪ -‬خريف ‪ 1431‬هـ ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫‪48‬‬
‫والسنة‬ ‫في القرآن‬ ‫والسنة‬ ‫في القرآن‬
‫اعجاز كوني‬ ‫اعجاز بيئي‬

‫على ما فعل إذن؟‬ ‫احلديثة وبد ًال من أن حتسن وضع اإلنسان وبيئته إمنا‬ ‫فئة تكره بيئتها ومجتمعها وتسعى إلى‬ ‫ألن امل�ش��اك��ل ب�ين اجل �ي��ران يجب أن‬
‫وقد وجد أن عليه املسير في هذه الرحلة‪ ،‬رحلة احلياة‬ ‫قامت بإزدراء اإلنسان وإنسانيته وقوت أنانيته وساهمت‬ ‫هدمه واإلنتقام منه في أول فرصة تسنح‬ ‫علم البيئة يتطور‬ ‫تعالج بالتراضي بعي ًدا عن املقاضاة‬
‫ال على الله‬‫مستعين ًا بالله وبتعاليمه شاد ًا بها أزره متوك ً‬ ‫إل��ى حد بعيد في دم��ار األمم والقضاء على مواردها‪.‬‬ ‫لها‪ ،‬فما علينا إال أن نأخذ بأيديهم لكي‬ ‫في احملاكم وه��ذا أفضل في تسوية‬
‫ال بكل جهد ممكن للوصول إلى بر األمان ذاكر ًا قول‬ ‫عام ً‬ ‫إنَّ جشع ال��دول الغنية والكبيرة وإستمرارها في هدر‬ ‫يذوبوا معنا ونذوب معهم‪ ،‬فإن ظلمهم‬
‫تطور‬ ‫ان‬ ‫يجب‬ ‫والتشريعات‬ ‫مشاكلهم ولكي يستطيعوا اإلستمرار‬
‫احلبيب املصطفى صلى الله عليه وسلم‪« :‬أعقلها وتوكل‪.‬‬ ‫املوارد بهدف السيطرة والهيمنة على العالم إمنا تدمر‬ ‫البعض وإذا ُق ��د ِّر لهم ظ��رف صعب‬ ‫في العيش مع ًا وبهناء ومبسؤولية كما‬
‫هذا اإلنسان مليء بالتناقضات‪ ،‬فهو في غرائزه‬ ‫نفسها والعالم بأسره وإن سيطرة العقلية املادية على‬ ‫ق��ال صلى الله عليه وسلم‪ « :‬ما زال جبريل يوصيني فعلينا‪ ،‬أن نعمل على إخراجهم من ذلك الظلم لتأمني فرص‬
‫ا مل ��اد ي ��ة إ من ��ا ي��د ف��ع ب��إ ن �س��ا ن �ي �ت��ه ن �ح��و األ س� �ف ��ل‪ ،‬وفي‬ ‫األخالقيات وعدم التوازن بني القيم املادية واألخالقية‬ ‫احلياة الكرمية لهم‪ ،‬ولذلك تبدو النشاطات التعاونية في كل‬ ‫باجلار حتى ظننت أنه سيورثه» متفق عليه‪.‬‬
‫أ خ�لا ق�ي��ا ت��ه ف��إ ن��ه ي��د ف��ع ب�ه��ا إ ل��ى األ ع �ل��ى‪ .‬إنَّ إمتالك‬ ‫ستكون من نتائجها حدوث كوارث ال حدود لها واحلل‬ ‫وق��ال أي�ض� ًا‪« :‬وال��ل��ه الي��ؤم��ن‪ ,‬والله الي��ؤم��ن‪ ,‬والله اإلجتاهات مهمة جد ًا على مستوى اجلمعيات األهلية‪.‬‬
‫اإلنسان للمعرفة‪ ,‬يجعله يستفيد من هذه التناقضات‬ ‫يكمن بهذا التوازن والشعور باملسؤولية وأهمية إستمرار‬ ‫إنَّ املبدأ العام في اإلسالم ال ضرر وال ضرار‪ ،‬وحسب‬ ‫اليؤمن ! قيل من يا رسول الله؟ قال‪ :‬الذي اليأمن جاره‬
‫بحيث يستخدمها في مكانها املناسب‪ ،‬وهو مبجهوده‬ ‫النسل البشري وإنسانية اإلنسان‪.‬وأقولها بقناعة أن‬ ‫بوائقه! متفق عليه‪ .‬اذ ان الناس شركاء في اجلوار والشارع القوانني اإلقتصادية اإلسالمية فإن كل اخليرات من أرض‬
‫الدؤوب فإنه يعمل مسيطر ًا على عواطفه وأحاسيسه‬ ‫فضلها الله على غيرها من األمم وعلى‬ ‫أمة اإلسالم ومبا َّ‬ ‫وماء وفضاء هي للجميع وال ينبغي أن تكون ملك ًا خاص ًا‬ ‫واحمل ّلة وهي البيئة احمليطة مباشرة باملسلم وجيرانه‪.‬‬
‫و ي��و ظ��ف��ه��ا مل ��ا ف��ي��ه خ� �ي ��ره و ت � �ط� ��وره و حت� �س ��ن بيئته‬ ‫أنها أم��ة وسطية إمن��ا ه��ي الوحيدة ال�ق��ادرة على لعب‬ ‫وم��ن حتسني ش��روط البيئة االهتمام باللباس واألكل ألحد‪ ،‬ومن وجهة النظر اإلسالمية فإنَّ الثروات ليست وافرة‬
‫وإنسانيته‪.‬‬ ‫ال��دور املميز في احلاضر واملستقبل كما في املاضي‬ ‫فاملطلوب عدم اإلفراط في شيء‪ ،‬فال تفريط وال إفراط‪ ،‬وعدم وغزيرة‪ ،‬وإنَّ احلصول عليها ليس سه ً‬
‫ال‪،‬‬
‫إنَّ اإلسالم بحبه للخير وكرهه للشر إمنا يشدد‬ ‫باحلفاظ على اإلنسان وبيئته وذلك بالتوازن بني املادة‬ ‫وإنَّ إستخدام هذه الثروات الطبيعية وبشكل مدروس‬ ‫إع�لاء الصوت عند التحدث وإح�ت��رام ال��زوار ومعاملتهم‬
‫على رفضه لكل أنواع التلوث الضار في الطبيعة‬ ‫والقيم األخالقية والشعور باملسؤولية الكونية‪ ،‬توازن ال‬ ‫بإحترام ومحبة‪ ،‬وإفشاء السالم بني الناس فإن ذلك يولد ولإلبقاء عليها ملن يأتي بعدنا واألقتصاد فيها‬
‫والفكر واملجتمع‪ ،‬وقد شدد على األخوة اإلسالمية‬ ‫ينافي التطور وال يلغي العلم بل يشجع عليه ويوجهه ملا‬ ‫أمر ضروري جد ًا ومطلوب شرع ًا ألنه مبثابة الدم في‬ ‫احملبة بني النفوس ومساهمة املسلم في خدمة بيته وأهله‬
‫كأساس لثبات نظام الدولة والعدالة‪ ،‬هذا التأسيس‬ ‫فيه خير اإلنسان والبشرية بكافة أجناسها وقومياتها‬ ‫فهذا تواضع منه وتقرب إلى أهله ويزيد من احملبة واأللفة عروق األمة ‪.‬‬
‫الروحي للعالقة اإلنسانية يلعب دور ًا أساسي ًا في‬ ‫وأديانها وألوانها ولغاتها‪ .‬ولكن …ه��ل يقبلون باحلق‬ ‫إنَّ التعاليم اإلسالمية تؤكد على مسؤولية الفرد في‬ ‫وينمي التعاون في أهل بيته‪ ،‬وأن تكون حياته بسيطة وغير‬
‫ا حل �ف��اظ ع �ل��ى ح �ق��وق األ ف� ��راد و ح �م��ا ي��ة مصاحلهم‬ ‫وكلمته؟ وه��ل ي��وق�ف��ون نحر األرض وم��ن عليها؟ وهل‬ ‫معقدة بعيدة عن الرسميات والتكاليف والتشريفات وأن تكوين البيئة واحلفاظ عليها‪ ،‬كما تؤكد على تأثير البيئة‬
‫اإلجتماعية‪.‬إنَّ الوقاية من األضرار غير ممكنة من‬ ‫يتركون من هو أهل لذلك ويطلقون يديه؟ أم أنّ تعصبهم‬ ‫يكون دائم اإلبتسام‪ ،‬فاإلبتسام بوجه أخيك صدقة‪ .‬وأن على اإلنسان وعلى تكوين أفكاره وأخالقياته‪ ،‬وأنَّ خياراته‬
‫غير النقد الذاتي املستمر الذي يؤدي إلى صحوة‬ ‫األعمى وعنصريتهم متنعهم من ذلك‪!..‬‬ ‫يحترم الصغير منا الكبير ويطيعه وأن يحب كبيرنا صغيرنا محدودة ألن أقدار الناس متعلقة بعضهم ببعض‪.‬‬
‫للنفس والضمير احلر‪.‬‬ ‫إن اإلسالم يدعو اإلنسان باملبادرة للحركة نحو األفضل‬
‫َّ‬ ‫ال‪« :‬إهدنا وليس إهدني‪،‬‬ ‫عندما يطلب املسلم من الله قائ ً‬
‫ويحميه وينصحه‪ .‬ومن أهم السلوك اإلجتماعي اإلسالمي‬
‫‪-----------------‬‬ ‫وهو ال يجبره على ذلك فله إختياره ولو كان مس ّير ًا ومن‬ ‫وب�لا شك أال وه��و الضيافة‪ ،‬وق��د إشتهر املسلمون بذلك السالم علينا وعلى عباد الله الصاحلني‪ ،‬وليس السالم‬
‫* باحث في التربية والعلوم البيئية‪.‬‬ ‫دون إرادة فأين مبادرة ذلك اإلنسان وإرادته وملا احلساب‬ ‫وكان لديهم دور عامة للضيافة وخاص ًة لعابر السبيل ولم علي وعلى عباد الله الصاحلني»‪ ،‬إذن فهو دين جماعي‬
‫يخلو بيت من ٌجناح مخصص للضيافة وإك��رام الضيف وليس ف��ردي وإنَّ املسؤولية الفردية ج��زء من املسؤولية‬
‫اجلماعية‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫“ اإلعـجـاز “‬ ‫باملأكل واملشرب ومساعدته على تأمني حاجته‪.‬‬
‫إنَّ هذه امل��ودة والتراحم بني الناس تزيد من محبتهم‬
‫دينية علمية غير سياسية‪.‬‬ ‫لبعضهم وتشد أواصر األخوة وتزيد من دائرة األصدقاء‪ ،‬خامتة‪:‬‬
‫إنَّ الطمأنينة وسعادة النفس إمنا حتصالن بإنتصار‬ ‫فإنَّ تضحياتنا املادية ما هي إال تقاسم بيننا‪ ،‬فنحن كلنا‬
‫تبحث في إعجاز َْي القرآن الكرمي والسنة النبوية الشريفة‪.‬‬ ‫كشخص وقف يستريح اإلن�س��ان على نفسه وع�ل��ى ه��واه أي بإنتصارها على‬ ‫ٍ‬ ‫عبرة سبيل وما احلياة الدنيا إال‬
‫يساهم في إعدادها باحثون ومفكرون لبنانيون‪.‬‬ ‫األنا‪ .‬وإنَّ إنقياد اإلنسان وإذعانه للقيم املادية وإهماله‬ ‫في شجرة‪ ،‬ليعاود بعد ذلك املسير‪.‬‬
‫ً‬
‫حتت ّ‬
‫إن أعماال كدور لإلنتاج وتقدمي الغذاء وامللبس للمحتاج القيم األخالقية إمن��ا ي�ق��وده نحو التعاسة ويغرقه في‬
‫ال تتوخى الربح واالشتراك فيها مجاني‪.‬‬ ‫مهمة جد ًا‪ ،‬لكن ما نحن بحاجة إليه أكثر هو تأمني الرعاية مستنقع الوحشية ويجعل محيطه وبيئته كغابة كثيفة‬
‫ما على الراغبني باحلصول على نسخة منها سوى مراجعة مركز املنتدى وتزويده باسم الشخص أو‬ ‫والعلم والعمل لهؤالء لكي ال يستعطوا أح��د ًا‪ ،‬ونحن إذا ال يرى فيها حتى نفسه وال أخاه ويعيش فيها متخبط ًا‬
‫ذات ال �ي �م�ين وذات ال� �ش� �م ��ال‪ .‬إنَّ‬ ‫إكتفينا فقط بتأمني الغذاء وامللبس لهم‬
‫املؤسسة مع ذكر العنوان ورقم الهاتف‪ .‬اشترك مجا ًنا في مجلة اإلعجاز تصل إلى عنوانك‪.‬‬ ‫البيئة مناخ صحي واجتماعي اإلك�ت�ش��اف��ات العلمية واإلبتكارات‬ ‫فإننا نساعد ف��ي إض�ع��اف نفوسهم‬
‫وال� �ت� �ط ��ور ال��ص��ن��اع��ي والتقنيات‬ ‫وجعلهم فئة منفصلة عن هذا املجتمع‪،‬‬
‫‪51‬‬ ‫العدد اخلامس عشر ‪ -‬خريف ‪ 1431‬هـ ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫العدد اخلامس عشر ‪ -‬خريف ‪ 1431‬هـ ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫‪50‬‬
‫والسنة‬ ‫في القرآن‬ ‫والسنة‬ ‫في القرآن‬
‫اعجاز قرآني‬ ‫اعجاز قرآني‬

‫التي أعدها الله سبحانه وتعالى أله��ل اجلنة‪ ،‬مصداقا لقوله تعالى‪:‬‬
‫{وال��ذي��ن آم�ن��وا وعملوا ال�ص��احل��ات سندخلهم جنات جت��رى م��ن حتتها‬
‫األنهار خالدين فيها أبدا‪ ،‬لهم فيها أزواج مطهرة وندخلهم ظال ظليال}‬
‫مناذج الظل الضار (ظل العذابة)‪ ،‬نفصلها فيما يلى‪:‬‬
‫* ظل الدخان األسود‪ :‬يقول سبحانه وتعالى‪َ { :‬و ِظ ٍّل ِّمن َي ْح ُم ٍوم‪َّ ،‬ال‬
‫َبارِدٍ َو َال َك ِر ٍمي} (الواقعة‪ ،)44 ،43:‬ورد فى كتاب «جامع البيان في تفسير‬
‫إعجاز وصف الظل والظالل في القرآن الكرمي‬
‫(النساء‪ ،)57:‬وهو الظل املتراكب فوق بعضه ً‬
‫بعضا ومثاله فى الطبيعة ظل‬ ‫القران» لالمام الطبري‪...« :‬فعن ابن عباس ومنصور عن مجاهد « َوظِ ٍّل‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬يحيى وزيري*‬
‫بعضا‪ .‬لقد أوضحت القياسات العلمية‬ ‫ورق األشجار الذى يظلل بعضه ً‬ ‫مِ ْن َي ْح ُم ٍوم»‪ ،‬قاال‪ :‬دخان‪ ،‬وحدثنا بشر‪ ،‬قال‪ :‬ثنا يزيد‪ ،‬قال‪ :‬ثنا سعيد‪،‬‬ ‫به من األشجار‪ ،‬وجعل لكم فى اجلبال من املغارات والكهوف أماكن‬ ‫من بها الله سبحانه وتعالى على عباده‪،‬‬
‫الظالل هى أحدى النعم التى ّ‬
‫احلديثة أن أفضل شيء لتقليل درجة احل��رارة داخل الفراغات املبنية‪،‬‬ ‫موم} كنا نح َّدث أنها ظ ّل الدخان‪ ،‬وقال‪ :‬قال‬ ‫عن قتادة { َو ِظ ٍّل ِم ْن َي ْح ٍ‬ ‫تلجأون اليها عند احلاجة‪.»...‬‬ ‫والظل في اللغة نقيض الضح (بالكسر) أو هو الفيئ‪ ،‬أو هو بالغداة‬
‫يكون عن طريق تظليل األسقف العلوية للمبانى‪ ،‬مبعنى وج��ود سقف‬ ‫ابن زيد‪ ،‬في قوله‪َ { :‬و ِظ ٍّل ِم ْن َي ْح ُم ٍوم} قال‪ :‬ظ ّل الدخان دخان ج َهنم‪،‬‬ ‫ان ذكر كلمة «ظالال» بصيغة اجلمع وليس «ظال» باالفراد‪ ،‬فيه تنبيه‬ ‫والفيئ بالعشي‪ ،‬ومكان ظليل ذو ظل‪ ،‬والظلة شيء كالصفة يستتر به من‬
‫يظلل السقف األصلي للمبنى‪ ،‬وهو أحد مناذج الظل الظليل‪ ،‬حيث يعمل‬ ‫باردٍ َوال َك ِر ٍمي»‪ ،‬يقول تعالى ذكره‪ :‬ليس ذلك الظ ّل ببارد‪ ،‬كبرد‬ ‫وقوله‪»:‬ال ِ‬ ‫الى أن الظل الذى نراه بأعيننا ليس كله واحدا فى التأثير‪ ،‬وهذا من اعجاز‬ ‫احلر والبرد‪.‬‬
‫السقف اخلارجي (العلوي) على تظليل سقف املبنى األصلي من االشعاع‬ ‫ظالل سائر األشياء‪ ،‬ولكنه حا ّر‪ ،‬ألنه دخان من سعير جهنم‪ ،‬وليس بكرمي‬ ‫القرآن الكرمي‪.‬‬ ‫الدالالت العلمية آليات «الظل والظالل»‬
‫الشمسي املباشر‪ ،‬وخفض االنتقال احلراري للفراغات (املعمارية)‪.‬‬ ‫ألنهم مؤلم من استظ ّل به‪.‬‬ ‫د‪ -‬ذكر من��اذج محددة ألن��واع الظالل ‪ :‬من اعجاز وسبق القرآن‬ ‫فى القرآن الكرمي‪:‬‬
‫ذكر ظل الدخان األسود‪ :‬من أمثلة الظل الضار ما ورد فى قول‬ ‫شمولية ودقة الوصف القرآنى للظل والظالل‪:‬‬ ‫الكرمي أن يذكر من��اذج واضحة وم�ح��ددة ألن��واع الظل‪ ،‬وه��و ماسوف‬ ‫حت��دث ال�ق��رآن الكرمي عن «الظل وال�ظ�لال» فى العديد من اآليات‬
‫الله سبحانه وتعالى‪{ :‬وظل من يحموم‪ ،‬ال بارد وال كرمي} (الواقعة‪:‬‬ ‫من جوانب اعجاز ال�ق��رآن الكرمي أن يتحدث عن الظل والظالل‬ ‫نوضحه فيما يلى‪:‬‬ ‫القرآنية فى سور مختلفة‪ ،‬وفيما يلى حصر ألهم هذه اآليات مع تصنيفها‬
‫‪ .)43،44‬ان ذكر الظل الضار يعتبر سب ًقا قرآن ًيا‪ ،‬ألن اليحموم عبارة‬ ‫أساسا بحركة الشمس‬ ‫ً‬ ‫بوصفها أحد الظواهر الطبيعية‪ ،‬التى ترتبط‬ ‫‪ -1‬الظل النافع (ظل الرحمة)‪ :‬أورد القرآن الكرمي العديد من‬ ‫من الناحية املوضوعية‪ ،‬وذكر تفسير مختصر لكل آية‪:‬‬
‫عن دخان أسود حار سيئ املنظر‪ ،‬ومثاله مايعرف اآلن باسم «الضبخان»‬ ‫الظاهرية‪ ،‬بأسلوب يتسم بالشمولية وبدقة الوصف الذى ال يتنافى مع‬ ‫مناذج الظل النافع (ظل الرحمة)‪ ،‬نفصلها فيما يلى‪:‬‬ ‫أ‪ -‬التنبيه الى الفرق بني الظل واحلرور‪:‬‬
‫‪( smog‬السحابة السوداء)‪ ،‬ويتكون من الضباب والدخان‪ ،‬ولم تعرف‬ ‫احلقائق العلمية التى مت التأكد منها فى العصر احلديث‪ ،‬حيث أشارت‬ ‫* ظل الغمام (السحاب األبيض)‪ :‬يقول سبحانه وتعالى‪« :‬وظللنا‬ ‫ي�ق��ول سبحانه وت�ع��ال��ى‪{ :‬وم��ا يستوي األع�م��ى وال البصير‪ ،‬وال‬
‫ظاهرة الضبخان اال بعد الثورة الصناعية وانتشار امللوثات من أدخنة‬ ‫اآليات القرآنية الى ما يلى‪:‬‬ ‫عليهم الغمام وأنزلنا عليهم املن والسلوى‪ ،‬كلوا من طيبات مارزقناكم‬ ‫الظلمات والنور‪ ،‬وال الظل وال احلرور} (فاطر‪ :‬من ‪ 19‬إلى ‪.)21‬‬
‫وأبخرة ساخنة متصاعدة‪ ،‬فى وجود ظروف مناخية معينة‪ ،‬تؤدي الى‬ ‫أ‪ -‬التنبيه الى الفرق بني الظل واحلرور‪.‬‬ ‫وماظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون» (األع��راف‪ ،)160:‬أورد االمام‬ ‫إن اآلية الكرمية تؤكد وتنبه على حقيقة يلمسها جميع البشر حيث‬
‫تكون سحب سوداء من الضبخان حتجب الشمس‪ ،‬ولكنها تضر بالصحة‬ ‫ب‪ -‬الوصف الدقيق ألسلوب حركة الظالل اجماال وتفصيال‪.‬‬ ‫كالظ ّلة والغمام جمع‬ ‫القرطبى فى تفسيره مايلى‪ ..« :‬أي جعلناه عليكم ُّ‬ ‫يشعرون بالفرق الكبير بني األماكن املظللة واألماكن املعرضة مباشرة‬
‫وتزيد من ارتفاع درجات احلرارة والشعور بجو خانق‪ ،‬ومن جانب آخر‬ ‫ج‪ -‬التنبيه الى أن الظل ليس كله واحدا‪.‬‬ ‫غمامة‪ ،‬كسحابة وسحاب‪.‬‬ ‫للشمس وما ينتج عن ذلك من حر شديد‪.‬‬
‫فانها سيئة املنظر‪.‬‬ ‫د‪ -‬ذكر مناذج محددة لكل من نوعى الظل النافع (ظل الرحمة) والظل‬ ‫* الظل الظليل‪ :‬يقول سبحانه وت�ع��ال��ى‪« :‬وال��ذي��ن آم�ن��وا وعملوا‬ ‫ب‪ -‬وصف أسلوب حركة الظالل‪ * :‬ذكر حركتى الظل اجما ًال‪:‬‬
‫اخلالصة ونتائج البحث‪:‬‬ ‫الضار (ظل العذاب)‪.‬‬ ‫الصاحلات سندخلهم جنات جترى من حتتها األنهار خالدين فيها أبدا‪،‬‬ ‫يقول سبحانه وتعالى‪{ :‬ولله يسجد من فى السماوات واألرض طوعا‬
‫أورد البحث وجوه االعجاز العلمى في ذكر القرآن لنماذج محددة‬ ‫االعجاز فى ذكر مناذج محددة‬ ‫لهم فيها أزواج مطهرة وندخلهم ظال ظليال» (النساء‪ ،)57 :‬ولقد أورد‬ ‫وكرها وظاللهم بالغدو واآلص��ال} (الرعد‪ ،)15:‬يقول اإلمام القرطبى‬
‫لكل من الظل النافع والظل الضار‪ ،‬وهو ما يعد اعجازًا وسب ًقا قرآن ًيا‬ ‫للظل النافع والظل الضار‪:‬‬ ‫االمام ابن كثير فى تفسيره مايلى‪ ..« :‬وقوله‪َ { :‬و ُن ْد ِخ ُل ُه ْم ِظـ ًّال َظ ِليالً}‬ ‫في تفسير هذه اآلي��ة الكرمية‪« :‬ظ�لال اخللق ساجدة لله تعالى بالغدو‬
‫بكل املقاييس العلمية التى مت التوصل اليها حدي ًثا‪ ،‬حيث أن كل البشر‬ ‫نظ ًرا ألهمية الظالل بالنسبة لتوفير جو مريح بالنسبة للبشر خاصة‬ ‫أي‪ :‬ظ ًال عميق ًا كثير ًا غزير ًا طيب ًا أنيق ًا‪ ،‬قال ابن جرير‪ :‬حدثنا ابن بشار‪،‬‬ ‫واآلصال ألنها تبني في هذين الوقتني‪ ،‬ومتيل من ناحية إلى ناحية‪ ،‬وذلك‬
‫وق��ت ن��زول القرآن الكرمي منذ أكثر من أربعة عشر قرنًا لم يكونوا‬ ‫في املناطق احلارة‪ ،‬فلقد نبهت العديد من اآليات إلى العديد من األمثلة‬ ‫حدثنا عبد الرحمن‪ ،‬وحدثنا ابن املثنى‪ ،‬حدثنا ابن جعفر‪ ،‬قاال‪ :‬حدثنا‬ ‫تصريف الله إياها على مايشاء‪ ،‬وهو كقوله تعالى‪{ :‬أو لم يروا إلى ماخلق‬
‫يعرفون اال الظل النافع‪ ،‬ولم يتخيل أحد منهم أى وجود للظل الضار‬ ‫والنماذج ملا ميكن ان نسميه «بالظل النافع»‪ ،‬ومنها الظالل الناجتة عن‬ ‫شعبة‪ ،‬قال‪ :‬سمعت أبا الضحاك يحدث عن أبي هريرة‪ ،‬عن النبي صلى‬ ‫الله من شيء يتفيؤ ظالله عن اليمني والشمائل سجدا لله وهم داخرون}‬
‫أو ظل العذاب اال بعد أن نبهت اليه بعض اآليات القرآنية‪ ،‬وأثبته العلم‬ ‫الغمام (السحب البيضاء) كما في قوله تعالى‪{ :‬وظللنا عليهم الغمام}‬ ‫الله عليه وسلم قال‪« :‬إن في اجلنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مائة‬ ‫(النحل‪ ،)48:‬والسجود مبعنى امليل فسجود الظالل ميلها من جانب إلى‬
‫احلديث متمث ًال فيما يعرف باسم «الضبخان» أو «السحابة السوداء»‪.‬‬ ‫(األعراف‪ :‬من اآلية ‪.)160‬‬ ‫عام ال يقطعها‪ :‬شجرة اخللد»‪.‬‬ ‫جانب»‪.‬‬
‫ان حديث القرآن الكرمي عن وصف أسلوب حركة الظالل وأنواع الظل‬ ‫وف��ى بعض اآلي��ات القرآنية ورد ذك��ر الظل امل�م��دود مقرونًا باملاء‬ ‫* ذكر الظل املمدود مقترنا باملاء املسكوب‪ :‬يقول سبحانه وتعالى‪:‬‬ ‫ً‬
‫فهذه اآلية الكرمية قد نبهت الى حركتى الظل اجماال‪ ،‬حيث ركزت‬
‫املختلفة‪ ،‬بحيث يعطي رؤية شاملة ومتكاملة لهذه الظاهرة الطبيعية‪،‬‬ ‫املسكوب‪ ،‬حيث يقول سبحانه وتعالى‪{ :‬وأصحاب اليمني ما أصحاب‬ ‫{وأصحاب اليمني ما أصحاب اليمني في سدر مخضود وطلح منضود‬ ‫على وقتى الغدو واآلصال ألنها تبني فى هذين الوقتني‪ ،‬فاحلركة األولى‬
‫دومنا أي تعارض مع احلقائق العلمية احلديثة‪ ،‬يعتبر شاه ًدا للقرآن‬ ‫اليمني ف��ي س��در مخضود وطلح منضود وظ��ل مم��دود وم��اء مسكوب}‬ ‫وظل ممدود وماء مسكوب} (الواقعة‪ ،)31-27:‬ورد فى التفسير امليسر‪:‬‬ ‫للظل هى حركة االنتقال من جهة الغرب الى جهة الشرق‪ ،‬واحلركة الثانية‬
‫الكرمي بأنه كالم الله الذي أنزله بعلمه على املصطفى صلى الله عليه‬ ‫(الواقعة‪ :‬من‪ 27‬الى ‪ ،)31‬ان استخدام املاء لترطيب الهواء باإلضافة إلى‬ ‫«وأصحاب اليمني ما أعظم مكانتهم وجزاءهم‪ ،‬هم فى سدر ال شوك فيه‬ ‫هى حركة الظل باالمتداد واالن�ق�ب��اض‪ ،‬وه��ات��ان احلركتان متالزمتان‬
‫وس�ل��م‪ ،‬ليهدي ب��ه البشر ف��ي ك��ل زم��ان وم�ك��ان وليريهم طريق احلق‬ ‫عملية التظليل‪ ،‬يؤدى إلى زيادة خفض درجة حرارة الهواء مما يؤدي إلى‬ ‫وموز متراكب بعضه على بعض‪ ،‬وظل دائم اليزول وماء جار الينقطع‪.»..‬‬ ‫ومتزامنتان فى نفس الوقت‪.‬‬
‫الواضح املبني‪.‬‬ ‫زيادة الشعور بالراحة احلرارية خاصة في املناطق احلارة اجلافة مثل‬ ‫منوذجا ها ًما للظل النافع وهو الظل الدائم‪،‬‬
‫ً‬ ‫ان اآليات الكرمية تعطينا‬ ‫ج‪ -‬الظل ليس كله واحدا‪ :‬يقول الله سبحانه وتعالى‪{ :‬والله جعل‬
‫‪------------------‬‬
‫منطقة اجلزيرة العربية‪ ،‬والتي كانت ً‬
‫مهبطا للوحي القرآني‪.‬‬ ‫لكم مما خلق ظالال وجعل لكم من اجلبال أكنانا وجعل لكم سرابيل تقيكم مقترنًا باملاء اجلار املسكوب والذى يساهم مع الظل فى تخفيف درجة‬
‫* عضو الهيئة العاملية لالعجاز العلمى فى القرآن والسنة‪ .‬وللراغبني مبتابعة البحث‬ ‫ذكر الظل الظليل‬ ‫احلر وسرابيل تقيكم بأسكم‪ ،‬كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون} احلرارة‪.‬‬
‫بكامله مراجعة املوقع‪www.quran-m.com :‬‬ ‫أوضحت احدى اآليات القرآنية أن «الظل الظليل» هو إحدى املتع‬ ‫‪ -2‬الظل الضار (ظل العذاب)‪ :‬أورد القرآن الكرمي العديد من‬ ‫(النحل‪ ،)81:‬ورد فى التفسير امليسر مايلى‪« :‬والله جعل لكم ما تستظلون‬
‫‪59‬‬ ‫العدد اخلامس عشر ‪ -‬خريف ‪ 1431‬هـ ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫العدد اخلامس عشر ‪ -‬خريف ‪ 1431‬هـ ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫‪58‬‬
‫والسنة‬ ‫في القرآن‬ ‫والسنة‬ ‫في القرآن‬
‫اعجاز طبي‬ ‫اعجاز طبي‬

‫عندها تقوم العضالت بالضغط‬ ‫احل�������ي�������وان‪ .‬وب�����ه�����ذا يصبح‬


‫ف��������و ًر ا وي����ح����دث حت������رك سريع‬
‫ل�لأح��ش��اء وال��ع��ض�لات الداخلية‬
‫بالقتل تخرج السموم‬
‫من الدم إلى اجلسم‬
‫احليوان الذي مات من الضرب‬
‫�ودع��ا ل��ل��ج��راث��ي��م الضارة‬‫م��س��ت� ً‬
‫ذبح احليوان قبل موته ضمان‬
‫واخل����ارج����ي����ة‪ ،‬ف��ت��ض��غ��ط بشدة‬
‫وت��ق��ذف ب��ك��ل م��ا ف��ي��ه��ا م��ن دماء‪،‬‬
‫وخ��ط � ًر ا ع��ل��ى ص��ح��ة اإلنسان‪.‬‬
‫أما إذا ذبح احليوان قبل موته‬ ‫لطهارة حلمه من اجلراثيم وامليكروبات‬
‫تخلص اجلسم من هذه املادة التي تسبب انتقال وت��ض��خ��ه��ا إل���ى ال��ق��ل��ب‪ ،‬ث���م ي��ق��وم ال��ق��ل��ب بدوره‬
‫هذه اجلراثيم إليه؛ ألن الدم هو السائل احليوي باإلسراع في دقاته بعد أن ميتلئ بالدماء متا ًما‬ ‫الدكتور جون هونوفر الرسن*‬
‫املهم في جسم الكائن احلي والذي يستطيع مقاومة ف��ي��ق��وم ب��إرس��ال��ه��ا م��ب��اش��رة إل��ى امل���خ‪ ،‬ول��ك��ن��ه��ا –‬
‫م�لاي�ين الطفيليات مب��ا يحويه م��ن ك��رات بيضاء بطبيعة احل��ال – تخرج للخارج وال تصل إليه‪،‬‬
‫تقدمي‪:‬‬
‫وأج��س��ام مضادة م��ادام الكائن ح ًيا وف��ي درجة ف��ت��ج��د احل���ي���وان ي��ت��ل��وى‪ ،‬وإذا ب��ه ي��ض��خ الدماء‬ ‫تعد قضية ال��ذب��ح ال�ت��ي ي��أم��ر بها اإلس�ل�ام قبل اإلف ��ادة م��ن حل��م احل �ي��وان – ال��ذي أح�ل��ه ال�ل��ه – م��ن جملة‬
‫حرارته الطبيعية‪ ،‬فإذا مات احليوان وتوقف الدم باستمرار حتى يفرغ جسم هذا احليوان متا ًما‬ ‫ال�ق�ض��اي��ا ال�س��اخ�ن��ة ال �ت��ي دارت م �ع��ارك ك�لام�ي��ة وح � ��وارات م��ع األق �ل �ي��ات امل�س�ل�م��ة‪ ،‬ف��ي ك��ل م��ن بريطانيا‪،‬‬
‫عن اجلريان أصبحت امليكروبات بدون مقاومة‪ ،‬م��ن ال��دم��اء‪..‬وب��ذل��ك يتخلص جسم ه��ذا احليوان‬ ‫وأم��ري �ك��ا‪ ،‬وف��رن �س��ا‪ ،‬وغ�ي��ره��ا ح��ول�ه��ا‪ .‬وت �ع��د جمعية ال��رف��ق ب��احل �ي��وان ف��ي ه��ذه ال �ب �ل��دان وغ�ي��ره��ا م��ن أبرز‬
‫وف��ي ه��ذه احل��ال��ة يكون أسلم ال��ط��رق ه��و اإلراقة من أكبر بيئة خصبة لنمو اجلراثيم‪ ،‬وأخطر مادة‬ ‫اجلمعيات التي تثير ه��ذه القضية‪ ،‬وتستنكرها‪ ،‬وتظهر مناظر األغ�ن��ام بعد قيام املسلمني بذبحها وهي‬
‫على اإلنسان‪.‬‬ ‫الكاملة لهذا الدم‪ ،‬وإخراجه من‬ ‫علما أن التقدم العلمي يقدم األدل��ة الواضحة على صحة تلك الشرائع الربانية‪،‬‬ ‫ترفس بأطرافها وتتلوى؛ ً‬
‫بالذبح يخرج الدم‬ ‫اجلسم في أسرع وقت ممكن‪ .‬‬ ‫وحكمتها السامية‪ ،‬وم��ن ذل��ك ما نسمعه من ك�لام أه��ل االختصاص في قضية ذب��ح احل�ي��وان امل�ق��ررة شرعً ا‪.‬‬
‫قبل لفظ السموم‬ ‫وق��د اكتشف العلم أن مراكز‬ ‫ولتجلية فوائد ذبح احليوان طب ًيا قبل اإلف��ادة من حلمه وبقية أجزائه‪ ،‬اعتبر الدكتور جون هونوفر الرسن‬
‫اخلالصة‪:‬‬ ‫اإلح��س��اس ب��األل��م ت��ت��ع��ط��ل إذا‬ ‫أن حلم امليتة يشكل مستودعً ا للجراثيم‪ ،‬ومستودع لألمراض الفتاكة‪ ،‬والقوانني في أوروبا حترم أكل امليتة‪.‬‬
‫إن ا حل �ي��وان ا مل��ذ ب��وح يفقد ا حل�ي��اة خ�لال ثالث‬ ‫ت��وق��ف ض���خ ال����دم ع��ن��ه��ا مل���دة ث�ل�اث ث����وان فقط‪،‬‬
‫ألن���ه���ا ب��ح��اج��ة إل����ى وج�����ود أك��س��ج�ين ف���ي الدم ث��وان فقط إذا ذ ب��ح بالطريقة الصحيحة‪ ،‬وإن ما‬ ‫اكتشف م��ؤ خ� ًر ا أن هناك عالقة ب�ين األمراض ف��ي ج��در ه��ذه األو ع �ي��ة ا ل��د م��و ي��ة فيصبح احليوان‬
‫باستمرار‪ .‬أي إن هذا احليوان ال يحس باأللم ن��راه ف��ي ا حل �ي��وان م��ن ر ف��س‪ ،‬و ت�ش�ن��ج‪ ،‬و م��ا شابه‬ ‫مستودعا ضخ ًما لهذه اجلراثيم الضارة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ا ل�ت��ي يحملها ا حل �ي��وان ا ل��ذي مي��وت مختنقا وبني‬
‫م��ع أن��ن��ا ن��راه ي��رف��س وي��ت��ح��رك وي��ت��ل��وى ويتخبط‪ .‬ذلك هي مؤثرات بقاء احلياة في اجلهاز العصبي‬ ‫وهناك تشابه في اخلطورة بني موت احليوان‬ ‫صحة اإلنسان‪ .‬حيث يعمل جدار األمعاء الغليظة‬
‫فهذا سببه أن اجلهاز العصبي ال يزال ح ًيا‪ ،‬وما وال ي�ش�ع��ر ا حل �ي��وان ا مل��ذ ب��وح ب�ه��ا ع�ل��ى اإلطالق‪ .‬‬ ‫للحيوان كحاجز مينع ا ن�ت�ق��ال ا جل��را ث�ي��م منها – خنقا وبني موته ضر ًبا‪ .‬حيث يصاب هذا احليوان‬
‫ت��زال فيه حيوية‪ ،‬ول��م يفقد منه غير وع��ي��ه فقط‪ .‬ل �ق��د وردت ك ��ل ه� ��ذه األ س� � ��رار ا ل �ط �ب �ي��ة واحلكم‬ ‫حيث توجد الفضالت – إلى جسم احليوان وإلى كذلك باملوت البطيء كاملختنق متا ًما فيقع له ما وقع‬
‫وفي هذه احلالة مادمنا لم نقطع العنق فإننا لم الصحية في طيات ه��ذا الكتاب العزيز حيث قال‬ ‫د م��ه ط��ا مل��ا ك��ان ا حل �ي��وان ع�ل��ى ق�ي��د ا حل �ي��اة‪ .‬فإذا للمختنق؛ وزي��ادة على ذلك فان الضرب يتسبب‬
‫ير‬‫ال ْن ِز ِ‬‫�ت َع َل ْي ُك ُم مْالَ ْي َت ُة َو ا ْل��دّ ُم َو حَ ْل� ُ�م خْ ِ‬ ‫{ح� ّ�ر َم� ْ‬
‫ُ‬ ‫نعتد على اجلهاز العصبي فتظل احلياة موجودة الله‪:‬‬ ‫حدث للحيوان خنق فانه ميوت مو تًا بطي ًئا‪ .‬وتكمن ف��ي مت��زي��ق األوع��ي��ة ال��دم��وي��ة ف��ي م��ك��ان الضرب‪،‬‬
‫ف��ي��ه‪ ،‬ل��ك��ن ال���ذي ي��ح��دث ف��ي ع��م��ل��ي��ة ال��ذب��ح – أي َو َمآ ُأ ِه ّل ِل َغ ْي ِر ال ّل ِه ِب ِه َو مْالُ ْن َخ ِن َق ُة َو مْالَ ْو ُقو َذ ُة َو مْالُ َت َر ّد َي ُة‬ ‫اخلطورة في هذا املوت البطيء عندما تفقد مقاومة كما ميزق اخلاليا فيه‪ ،‬فيختلط تركيب الدماء مع‬
‫الس ُب ُع ِإ ّال َما َذ ّك ْي ُت ْم َو َم��ا ُذ ب َِح‬ ‫يح ُة َو َم��آ َأ َك��لَ ّ‬ ‫ب��ط��ري��ق��ة امل��س��ل��م�ين – أن ي��ب��دأ اجل��ه��از العصبي َو ال ّن ِط َ‬ ‫اجلدار املغلف لألمعاء الغليظة تدريج ًيا مما يجعل تركيب اخلاليا مما يتسبب في ح��دوث تفاعالت‬
‫ب ‪ ( }...‬املائدة ‪)3‬‬ ‫ب��إرس��ال إش��ارات م��ن امل��خ إل��ى القلب طال ًبا منه َع َلى ال ّن ُص ِ‬ ‫اجلراثيم الضارة تخترق جدار األمعاء إلى الدماء ل��ل��م��واد ال��س��ام��ة ال���ض���ارة‪ .‬ول��ذل��ك ت��ل��ح��ظ وجود‬
‫إمداده بالدماء ألنها لم تصل إليه‪ .‬وكأنه ينادي‪------------------------ :‬‬ ‫ت����ورم ي��ق��ع ف���ي م���ك���ان الضرب‬ ‫وإلى اللحم املجاور‪ .‬ومن الدماء‬
‫* أ س� � �ت�� ��ا ذ ق � �س� ��م ا ل � �ب � �ك � �ت� ��ر ي� ��ا في‬ ‫إن ه���ذا ال��ت��ورم احل���ادث سببه‬ ‫تنتقل ه��ذه اجلراثيم مع الدورة‬
‫ل��ق��د ان��ق��ط��ع��ت ع��ن��ي الدماء‪..‬‬
‫الدموية إلى جميع أجزاء اجلسم ال يشعر احليوان بألم الذبح وج����ود ال��ت��ف��اع�لات الكيميائية‬
‫م� �س� �ت� �ش� �ف ��ي غ � �ي� ��س ه���و س� �ب� �ي� �ت���ا ل –‬
‫ا مل � �س � �ت � �ش � �ف� ��ى ا ل � ��ر س� � �م � ��ي – ا ك � �ب� ��ر‬
‫أرس��ل إل��ي��ن��ا د ًم��ا أي��ه��ا القلب‪،‬‬
‫م �س �ت �ش �ف �ي��ا ت ك��و ب �ن �ه��ا ج��ن ‪ .‬و للر ا غبني‬
‫الذبح‬ ‫بعد‬ ‫والرفس‬ ‫التشنج‬ ‫ي����ا ع�����ض��ل��ات‪..‬أم�����دي القلب‬ ‫الضارة التي أصبحت مولدات‬ ‫ألن ا حل �ي��وان ل��م مي��ت ب�ع��د‪ ،‬كما لكنه يشعر بألم الضرب‬
‫مب��ت��ا ب��ع��ة ا ل� �ب� �ح ��ث ب��ك��ا م��ل��ه مر ا جعة‬ ‫ب��ال��دم��اء‪ ،‬أي��ه��ا اجلسم‪..‬أخرج عضلي وبعد خروج الروح‬ ‫مل��واد س��ام��ة إل��ى ج��ان��ب التسلخ‬ ‫واخلنق وغيره‬ ‫ت��خ��رج م ��ن ج� ��دار ا ل���د م���اء إلى‬
‫‪www.eajaz.org‬‬ ‫ا مل � � ��و ق � � ��ع‬ ‫ال����دم����اء ف����إن امل����خ ف���ي خطر‪.‬‬ ‫ال����ذي ي��ح��دث��ه ال���ض���رب بجسم‬ ‫ا ل �ل �ح��م ب �س �ب��ب ن �ق��ص املقاومة‬
‫‪61‬‬ ‫العدد اخلامس عشر ‪ -‬خريف ‪ 1431‬هـ ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫العدد اخلامس عشر ‪ -‬خريف ‪ 1431‬هـ ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫‪60‬‬
‫والسنة‬ ‫في القرآن‬ ‫والسنة‬ ‫في القرآن‬
‫عالم احليوان‬ ‫عالم احليوان‬

‫طبيعي (في تكافل مدهش) داخل جسم‬


‫أحد أنواع (السلمندرات)‪ ،‬والسلمندرات‬ ‫نبات ينمو في خاليا حيوان‪:‬‬
‫هو نوع من أنواع البرمائيات كالضفادع‬
‫والسحليات وغيرها ‪. .‬‬
‫الطحلب املكتشف من أنواع الطحالب‬
‫معجزة (الطحلب) وحيوان (السلمندر)‬
‫(املائية) يلقب علمي ًا ‪Oophilia a m‬‬
‫‪ blystomatis‬أما السلمندر فهو من‬
‫آية من آيات الله في النفس واآلفاق‬
‫نوع ‪salamandre Ambystoma‬‬
‫بقلم وديعة عمراني*‬
‫‪( maculatum‬انظر الشكل ‪)2-1‬‬
‫فهذا النوع من السلمندرات يطرح‬ ‫بسم الله الرحمن والصالة والسالم‬
‫ع��ادة بيضه في اجل��داول وعيون املياه‪،‬‬ ‫على أشرف املرسلني سيدنا محمد وعلى‬
‫ومن خاصية هذا البيض أن يجمع حوله‬ ‫أله وصحبه أجمعني‪ .‬أما بعد‪ ،‬في مقالنا‬
‫بعض األن ��واع م��ن الطحالب البحرية‪،‬‬ ‫– هذا ‪ -‬سنحاول أن نطرح آية أخرى من‬
‫الشكل ‪ :1‬الطحلب املائي ‪Oophilia amblystomatis‬‬ ‫آيات الله في النفس واآلف��اق‪ ،‬وهو حدث‬
‫ولوقت قريب كان العلماء يعتقدون أن‬
‫وجود هذا النوع من الطحالب بالضبط‬ ‫مت اكتشافه مؤخر ًا !! صدم‬ ‫علمي غريب َّ‬
‫وب�ك�ث��اف��ة ح��ول ه��ذا ال�ب�ي��ض‪ ،‬إمن��ا كان‬ ‫وفاجأ العلماء بنوعيته وغرابته!! فطرحوا‬
‫ب �ه��دف تنقية امل �ي��اه ح ��ول ال�ب�ي��ض من‬ ‫حوله عدة عالمات استفهام ولسان حالهم‬
‫النفايات الغنية بالنيتروجني‪ ،‬مع زيادة‬ ‫يقول ‪ :‬أمعقول أن يحصل هذا في الطبيعة‬
‫تركيز األكسجني في احمليط املذكور‪.‬‬ ‫!! فما هو هذا احلدث ‪:‬‬
‫ولكن في مؤمتر علمي خاص بالفقريات‬ ‫ال – قمح‬ ‫‪ -1‬من الطبيعي أن جند – مث ً‬
‫عقد في بونتا دل ايستي في األوروغواي‬ ‫ينبت في احلقول واألراض ��ي الزراعية‪،‬‬
‫مجموعة أخرى من اآلراء واملالحظات‪.‬‬ ‫وينمو ويتكاثر حتى يطرح غلته‪ ،‬ولكن‬
‫فلقد الحظوا أن تلك الطحالب التي حتيط‬ ‫سيكون غ��ري�ب� ًا على مسامعنا أن نرى‬
‫ببيض السلمندرات لم تكتفي بتواجدها‬ ‫أن قمح ًا منى في معدة وج��وف إنسان‪،‬‬
‫في محيط ذلك البيض‪ ،‬وإمنا عملت على‬ ‫وتكاثر كتكاثره في تربة األرض‪.‬‬
‫صورة لسلمندر صغير عليه بقع صفراء‬ ‫‪ -2‬و من الطبيعي أن نسمع – أيض ًا‬
‫اخ �ت��راق خاليا ذل��ك البرمائي أيض ًا‪،‬‬
‫لتعيش وت�ن�م��و داخ �ل��ه ك�م��ا ت�ن�م��و في‬ ‫ومن املستحيل – على العقل – أن يتقبل غير ذلك !! وال‬ ‫‪ -‬ع��ن عنكبوت ينمو ويتكاثر ف��ي خفايا‬
‫املياه والبحريات‪ ،‬وهذه الظاهرة فاجأت‬ ‫سيما حصول أي نوع من التجانس بني النبات واحليوان‪،‬‬ ‫اجل ��دران وال�ن�ب��ات واألش �ج��ار وال �ه��واء الطلق‪ ،‬ول�ك��ن من‬
‫العلماء بشكل كبير‪ ،‬ألنها األول��ى من‬ ‫أو ال�ف�ق��ري��ات وال�لاف �ق��اري��ات‪ ،‬فيمكن‪ -‬م�ث�لا‪ -‬ل��ذب��اب��ة أن‬ ‫الصعب علينا أن نسمع عن نفس العنكبوت يعيش وينمو‬
‫نوعها !! أن يعيش طحلب ضوئي(نباتي)‬ ‫تتكاثر ف��وق جلد جاموس أو بقرة‪ ،‬أم أن تعيش داخلها‬ ‫ويتكاثر طبيعي ًا في جوف بقرة أو جاموسة !!‪..‬‬
‫داخل جسم للكائنات الفقارية!!‬ ‫بكل منظومتها احليوية والبيئية فان هذا يعتبر من األمور‬ ‫فكل نبات وحيوان‪ ،‬أو عصفور وحشرة‪ ،‬له بيئته اخلاصة‬
‫انه لغز كبير َح َّير العلماء بكل معنى‬ ‫املستحيلة ؟! أما ما مت اكتشافه‪ ..‬هو حدث غريب قلب كل‬ ‫التي يعيش فيها وينمو ويتكاثر بشكل طبيعي‪ ،‬النبات في‬
‫ال�ك�ل�م��ة‪ ،‬ألن أج �س��ام جميع الفقريات‬ ‫هذه املوازين رأس� ًا على عقب‪ ،‬فقد عثر العلماء على نوع‬ ‫األراضي‪ ،‬والسمك في البحار‪ ،‬والطيور في األرض والهواء‬
‫الشكل‪ : 2‬السلمندر البرمائي ‪salamandre Ambystoma maculatum‬‬ ‫مجهزة بجهاز مناعي جد متطور‪ ،‬يجعل‬ ‫خاص من الطحالب (البحرية) تعيش وتنمو وتتكاثر بشكل‬ ‫‪ ..‬وهكذا‪.‬‬
‫‪53‬‬ ‫العدد اخلامس عشر ‪ -‬خريف ‪ 1431‬هـ ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫العدد اخلامس عشر ‪ -‬خريف ‪ 1431‬هـ ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫‪52‬‬
‫والسنة‬ ‫في القرآن‬ ‫والسنة‬ ‫في القرآن‬
‫عالم احليوان‬ ‫عالم احليوان‬

‫وج��ود منطقة مضيئة ق��رب البيض‬ ‫من املستحيل دخول خلية أجنبية في تلك املنظمة‪ ،‬ألن اجلهاز مع خاليا الطحلب ‪:‬‬
‫عند تكوين اجلهاز العصبي جلنني‬ ‫املناعي عاد ًة سيحاربها ويرفضها !! ولكن على ما يبدو أنَّ‬
‫السلمندر‪ ،‬افترض العلماء أن تواجد‬ ‫امليتوكوندريا (املقتدرات) كما هو معلوم مكون أساسي‬
‫النظام املناعي لذلك النوع من (السلمندر) معطل‪ ،‬أو أنَّ‬
‫هذا الكم الهائل من الطحالب قرب‬ ‫من مكونات اخلاليا‪ ،‬فهي عضيات سابحة في بروتوبالزم‬
‫تلك الطحالب لها خاصية فريدة‪ ،‬أهلتها وأعطتها القدرة‬
‫البيض سيتيح اجن ��ذاب الطحالب‬ ‫اخللية‪ ،‬يعبر عنها مبحوالت الطاقة في اخللية (خزان عظيم‬
‫على اختراق ذلك النظام الدفاعي وجتاوزه‪.‬‬
‫إل��ى ال�ن�ف��اي��ات النيتروجينية التي‬ ‫لطاقة اخللية)‪ ،‬ألنها تُشبه م��ن الناحية الوظيفية باآللة‪،‬‬
‫وفي احلقيقة لكي يسمح هذا (السلمندر) البرمائي لذلك‬
‫نفاها جسم السلمندر‪ ،‬وبالتالي‬ ‫فبداخلها يتم استخالص كمية كبيرة من الطاقة املخزنة‬
‫النوع من الطحلب بالعيش داخله‪ ،‬مبا في ذلك تهيئ محيط‬
‫باملواد الغذائية (كربوهيدراتية ‪ -‬بروتينية ‪ -‬ده��ون) من‬
‫اس�ت�خ�ل��ص ال �ع �ل �م��اء ح�ق�ي�ق��ة هامة‬ ‫مناسب له‪ ،‬فال بد أن يستفيد هو أيض ًا من هذا التواجد‪،‬‬
‫مفادها ‪ :‬إذا كانت هناك طريقة لطرد‬ ‫خالل دورة معقدة تسمى علمي ًا (دورة كريبس) بالتزامن‬
‫وذلك وفق نظام التكافل‪ .‬ولذلك طرح العلماء دراسة تقول‬
‫النفايات يقوم بها جنني (السلمندر)‬ ‫بني األكسدة والفسفرة‪.‬‬
‫أن هذا الطحلب ُيعتبر مصدر طاقة كبير لذلك السلمندر‪،‬‬
‫داخ��ل البيض‪ ،‬فيجب بالتبعية أن‬ ‫تقوم املتقدرات بواسطة االنظيمات (اإلنزميات) املوجودة‬
‫وذلك بعملية التمثيل الضوئي التي يقوم بها الطحلب داخل‬
‫يكون هناك أي�ض� ًا وسيلة أو منفذ‬ ‫فيها باستخالص الطاقة من املركبات املتواجدة في اخللية‪،‬‬ ‫خاليا السلمندر‪ ،‬فتوفر بالتالي تلك العملية مصدر كبير‬
‫الشكل ‪ :4‬شكل حي ميكروسكوبي للمتقدرات (امليتوكوندريا) ‪Mitochondrie‬‬ ‫للدخول إل��ى البيض‪ ،‬تلك الوسيلة‬ ‫ثم تستخدم هذه الطاقة في عملية إنتاج أدينوسني ثالثي‬
‫أو ذل��ك املنفذ ث � َّم استغالله بشكل‬ ‫الفوسفات‪ ،‬وهو املركب الرئيسي خلزن الطاقة في اخلاليا‪،‬‬
‫جيد من طرف الطحالب‪ ،‬فتمكنت من‬ ‫و بعد تكوين أدينوسني ثالثي الفوسفات يتم نقله إلى خارج‬
‫اختراق البيض واقتحام خاليا جنني‬ ‫امل�ت�ق��درات‪ ،‬حيث يستخدم ف��ي العمليات املختلفة (مثال‬
‫(السلمندر)‪.‬‬ ‫عمليات االستقالب)‪.‬‬
‫وه� �ن ��اك م�لاح �ظ��ة أخ� ��رى هامة‬ ‫فامليتوكوندريا ‪ -‬كما ب َّينا أعاله ‪ -‬هي بنفسها تعمل‬
‫الح �ظ �ه��ا اخل� �ب ��راء ب ��أن الطحالب‬ ‫على أس��اس نظام تكافلي‪ ،‬ووج��وده��ا ق��رب ذاك النظام‬
‫ت�ك��ون م��وج��ودة بالفعل ف��ي مرحلة‬ ‫التكافلي الذي منحه لها الطحلب‪ ،‬سمح لها أخد املنتجات‬
‫مبكرة لنمو اجلنني‪ ،‬حيث لوحظت‬ ‫املشتقة منه وحتويلها إلى طاقة‪ ،‬فدور التكافل – اذن ‪-‬‬
‫خاليا ذلك الطحلب في قناة املبيض‬ ‫يبدو واضح ًا في هذه املعجزة !!‬
‫الشكل ‪ :3‬يظهر في الصورة نبات الطحلب (اللون األخضر الالمع)‬
‫(للسلمندر) األم ‪ ،‬وبالتالي ميكن أن‬ ‫ولكن اللغز اآلخ��ر ال��ذي َح ّير العلماء والباحثني في‬
‫وقد اخترق بيض السلمندر (سبحان اخلالق)‬
‫تنتقل تلك الطحالب م��ن نسل إلى‬ ‫هذه الظاهرة (املعجزة) هو الوقت بالضبط التي استطاعت‬
‫نسل‪ ،‬حتى خ��ارج اخللية وذل��ك في‬ ‫فيه تلك الطحالب اختراق خاليا جنني (السلمندر) ‪ ،‬فلقد‬ ‫لألوكسجني والكربوهيدرات والسكريات‪ ،‬التي تعتبر غذاء‬
‫الشكل ‪ :5‬مركب أدينوسني ثالثي الفوسفات‪ATP‬‬ ‫الغشاء الهالمي احمليط بالبيض عند‬ ‫الحظوا أن ع��دد الطحالب ينمو من��و ًا لوغاريتم ًيا مع منو‬ ‫وطاقة مهمينْ جلسم السلمندر‪.‬‬
‫طرحه تناسلي ًا‪.‬‬ ‫الضفدع‪ ،‬مشير ًا بذلك إلى فرضيتني‪:‬‬ ‫وف��ي ال��واق��ع عند رص��د ن�ش��اط (خ�لاي��ا) البيض لهذا‬
‫العلمية السابقة‪.‬‬ ‫اعتبر العلماء أنَّ ما مت اكتشافه‬ ‫الفرضية األول ��ى ت�ق��ول ‪ :‬أن الطحالب تتكاثر خارج‬ ‫الضفدع باملجهر االلكتروني الدقيق تبينَّ أن (امليتوكوندريا)‬
‫أمر معجز‪ ،‬فتح لهم الطريق أمام حقائق علمية أخرى كانت‬ ‫البيض في نفس الوقت الذي تتكاثر فيه اخلاليا اجلنينية‬ ‫اخلاصة بخاليا ذلك (البرمائي) جتتمع هي بدورها حول‬
‫غائبة عنهم‪ ،‬مما ح َّفزهم إلى توسيع دائرة أبحاثهم بغية تأمل علمي‪:‬‬ ‫(للسلمندر) ثم تخترق محيط البيض في مرحلة متأخرة‪،‬‬ ‫نظام هذا التكافل التي مينحه لها الطحلب‪ ،‬وذلك من خالل‬
‫حقيقة نقف إزاء ه��ذا احل��دث أم��ام أوج��ه ع��دي��دة من‬ ‫الوصول إلى مناذج أخرى من مناذج التكافل بني سائر‬ ‫أو أن تلك الطحالب تخترق خاليا ذلك احليوان بسرعة‬ ‫وظيفتها اخلاصة في حتويل السكريات داخل اخللية إلى‬
‫املخلوقات !! منطلقني من قناعة تامة أنهم لم يصلوا بعد إلى أوج��ه اإلع�ج��از‪ ،‬وأم��ام آي��ات عظيمة م��ن آي��ات الله في‬ ‫وتتكاثر مع كل انقسام خلاليا جنني (السلمندر) بشكل‬ ‫جزيئات لنقل الطاقة‪.‬‬
‫كل أسرار وقوانني الطبيعة‪ ،‬فما زالت هذه األخيرة تضعهم النفس واآلف��اق‪ ،‬فكما قلنا في مقدمة هذا البحث‪ ،‬أنه كان‬ ‫تلقائي‪.‬‬
‫أمام مفاجآت عدة !! يعجزون عن تفسيرها وفق معلوماتهم من املستحيل املطلق في األوساط العلمية الغربية‪ ،‬أن يتم‬ ‫شريط الفيديو مييل لترجيح الفرضية الثانية‪ ،‬فهو ُيظِ هر‬ ‫وظيفة امليتوكوندريا (املتقدرات) وتكافلها‬
‫‪55‬‬ ‫العدد اخلامس عشر ‪ -‬خريف ‪ 1431‬هـ ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫العدد اخلامس عشر ‪ -‬خريف ‪ 1431‬هـ ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫‪54‬‬
‫والسنة‬ ‫في القرآن‬ ‫والسنة‬ ‫في القرآن‬
‫عالم احليوان‬ ‫عالم احليوان‬

‫‪-----------------‬‬
‫* باحثة إسالمية ـ كلية العلوم‪ .‬وللراغبني‬
‫مبتابعة البحث بكامله مراجعة املوقع‪:‬‬
‫‪www.quran-m.com‬‬

‫مراجع عربية‪:‬‬
‫تفسير القرآن الكرمي (موقع اإلسالم)‬
‫‪http://quran.al-islam.com/‬‬
‫‪/arb‬‬
‫‪ Krebs Cycle -‬دورة كريبس‬

‫* مراجع أجنبية ‪:‬‬


‫نص االكتشاف ‪Une :‬‬
‫‪salamandre photosynthétique‬‬
‫‪: du jamais vu‬‬
‫‪http://www.futura-‬‬
‫الشكل ‪ : 7‬يوضح النموذج عملية صنع الطاقة داخل جهاز (امليتوكوندريا) الشكل البيضوي باللون األزرق ميثل‬ ‫‪sciences.com/fr/news/t/‬‬
‫(امليتوكوندريا) وبداخله تتم (دورة كريبس) (الدائرة باألصفر)‪ ،‬فينتج عن ذلك الطاقة واملاء احليوي وثاني أوكسيد‬ ‫‪zoologie/d/une-salamandre-‬‬
‫‪http://www.keepschool.com/cours-fiche-‬‬ ‫‪photosynthetique-du-‬‬
‫‪le_metabolisme_energetique_1.html‬‬ ‫‪jamais-vu_24633/#xtor=RSS-8‬‬
‫‪Le cycle de Krebs ou cycle des acides tricarboxyliques‬‬ ‫‪Une salamandre photosynthétique‬‬
‫‪http://webiologie.free.fr/cellules/metabolisme/krebs.html‬‬ ‫‪http://neofronteras.com/?p=3211‬‬ ‫الشكل ‪ : 6‬دورة إنتاج الطاقة (‪ )ATP‬التحلل والفسفرة‬
‫‪biochimie animée‬‬
‫‪http://www.fmed.ulaval.ca/bcx/‬‬
‫‪La mitochondrie, usine énergétique de la‬‬
‫‪cellule (cycle de Krebs) , parait jouer un rôle‬‬
‫ني [‪ِ ]139‬إذْ َأ َب َق ِإ َلى‬ ‫{و ِإ َّن ُيو ُن َس مَلِ َن مْالُ ْر َس ِل َ‬
‫احلق تعالى‪َ :‬‬ ‫العثور على مثال ه��ذا التكافل بني حيوان فقري ونبات‪،‬‬
‫‪bio_anim/cycle_krebs_02.html‬‬ ‫‪fondamental dans le vieillissement‬‬ ‫ني [‪]141‬‬ ‫اه َم َف َكانَ ِم َن مْالُ ْد َح ِض َ‬ ‫ون [‪َ ]140‬ف َس َ‬ ‫ا ْل ُف ْل ِك مْالَ ْش ُح ِ‬ ‫فأ ْن يعيش طحلب نباتي وسط خاليا (حيوان برمائي) بكل‬
‫‪Oophila amblystomatis‬‬ ‫‪http://www.esculape.com/bricabrac/‬‬ ‫ني‬‫يم [‪َ ]142‬ف َل ْو اَل َأ َّن ُه َكانَ ِم َن مْالُ َس ِّب ِح َ‬ ‫وت َو ُه َو ُم ِل ٌ‬‫ال ُ‬‫َفا ْل َتق ََم ُه حْ ُ‬
‫منظومته كما يعيش في املياه واألنهار‪ ،‬فذلك حدث يدخل‬
‫‪http://en.wikipedia.org/wiki/‬‬ ‫‪vieillimitochondrie.html‬‬
‫‪Le métabolisme énergétique‬‬
‫[‪َ ]143‬ل َلب َِث ِفي َب ْط ِن ِه ِإ َلى َي ْو ِم ُي ْب َعثُونَ [‪َ ]144‬ف َن َب ْذ َنا ُه بِا ْل َع َرا ِء‬ ‫في نطاق املعجزات‪.‬‬
‫‪Oophila_amblystomatis‬‬
‫يم [‪َ ]145‬و َأ ْن َب ْت َنا َع َل ْي ِه شَ َج َر ًة ِم ْن َيقْ ِط ٍني [‪]146‬‬ ‫َو ُه َو َس ِق ٌ‬ ‫فمن َأ َم��ر ذلك احليوان (البرمائي) أن يحتضن نبات‬
‫يدونَ [‪[ }]147‬الصافات ‪:‬‬ ‫َو َأ ْر َس ْل َنا ُه ِإ َلى ِم َئ ِة َأ ْل ٍف َأ ْو َي ِز ُ‬
‫طحلبي داخل خالياه ؟! مبا يتطلب ذلك من توفير كل البيئة‬
‫إضمن نسختك القادمة من «اإلعجاز»‬ ‫املناسبة للطحلب‪ ،‬ومب��ا يوافق أيض ًا جسم (السلمندر) ‪]147-139‬‬
‫لو عرضنا هذه اآلية الكرمية على علماء الغرب ملا ص َّدقوا‬ ‫ونظامه الدفاعي‪ ،‬انها حالة ن��ادرة ومعجزة كما وصفها‬
‫العلماء‪ ،‬هي معجزة من معجزات خالق هذا الكون‪ ،‬العليم بها !! ولكن ها هو احلق تعالى يرسل لهم من حني إلى حني‬
‫بغية تسهيل وصول املجلة إلى املشتركني الكرام ولإلسراع في إيصالها سوف يتوقف إرسال املجلة‬ ‫معجزات أخرى من معجزاته‪ ،‬ويريهم أية أخرى من آياته‬ ‫اخلبير بكل حيوان ونبات و قطرة ماء وخلية ونظام‪.‬‬
‫باليد عما قريب وستعتمد طريقة إرسالها بالبريد فقط عبر شركة «ليبان بوست»‪.‬‬ ‫(سن ُِريهِ ْم‬ ‫العظيمة في النفس واآلفاق‪ ،‬مصداق ًا لقوله تعالى َ‬
‫آ َيا ِتنَا فِ ي الآْ َف ِ‬
‫اق َوفِ ي َأن ُف ِسهِ ْم َحتَّى َي َت َبينَّ َ لَ ُه ْم َأ َّن ُه الحْ َ قُّ َأ َولَ ْم‬ ‫العبرة والقياس‪:‬‬
‫لذلك يرجى من املشتركني الكرام إرسال عناوينهم الواضحة إلى إدارة املجلة عبر الفاكس أو عبر البريد‬ ‫تذكرنا ه��ذه املعجزة مبعجزة إلهية عظيمة وصفها َي ْك ِف ِب َر ِّب َك َأ َّن ُه َعلَى ُك ِّل َش ْيءٍ َشهِ ي ٌد) [ فصلت ‪]53:‬‬
‫اإللكتروني أو هاتف ًيا على األرقام املدونة في أسفل الغالف األخير‪.‬‬ ‫فهل وصل الوقت ليقف أوالئك العلماء مع أنفسهم وقفة‬ ‫لنا احلق في قصة سيدنا يونس عليه السالم حني أمر‬
‫الله تعالى احلوت أن يلتقم (النبي يونس عليه السالم) الباحث عن احلق‪ ،‬ليؤمنوا مبا حتمل آيات الله تعالى من نور‬
‫ويحتفظ ب��ه ف��ي بطنه إل��ى أن يصل وق��ت إلقائه‪ ،‬يقول وبيان‪ ،‬أم سيظلون في عنادهم منكرون ومستكبرون!!‬
‫‪57‬‬ ‫العدد اخلامس عشر ‪ -‬خريف ‪ 1431‬هـ ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫العدد اخلامس عشر ‪ -‬خريف ‪ 1431‬هـ ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫‪56‬‬
‫والسنة‬ ‫في القرآن‬ ‫والسنة‬ ‫في القرآن‬
‫مقال حر‬ ‫مقال حر‬

3.Number of non-Muslims - mostly pagans - was to become the final prophet and messenger of God.
Iqraa - Read! 759.
Contemporary Muslim writers and speakers point
with pride to the fact that this number is dwarfed by:
Through Muhammad God convoyed his final and
complete message that included all the prior messages
to mankind in the Holy Quran. The divine message
1.The 13 million who died during the Russian that Muhammad was asked to promote was at a time
in the name of your Lord Revolution of 1917 and the 20 million killed by
Stalin,
2.The thousands who were killed in the French
when Arabia was drenched in uncivilized practices
and despair. e.g.
1.The rich were getting richer and the poor were
Within 100 years this evolution of the Islamic
Revolution and the Thousands who died in the
Dr. Yahia Abdul Rahman*
getting poorer and slavery was the order of the day,
System and model community started by the Prophet
American Civil war 2.The most fertile lands and border settlements of
Muhammad ‫س ّل َم‬
َ ‫ َص ّلى ال ّل ُه َعلَ ْي ِه َو‬a mercy to humankind. Muhammad over shadowed the long established
3.Thousands killed in Hiroshima and Nagasaki. Arabia was occupied by the Byzantine / Romans and
{God did confer a great favor on the believers Persian «Sassanian» and the Byzantine Empires. We Muslims like these comparisons because by the Persian Sassanid>s, and
when He sent among them an apostle from among Islam swept through Iran and Iraq to Bukhara, it gratifies our pride. However, there is another 3.The Kaabaa - the first house ever built to worship
themselves, rehearsing unto them the Signs of God, Uzbekistan in the east then to China and many other comparison that many of us, Muslims, are silent and glorify Allah - God - was full of over 370 idols.
sanctifying them, and instructing them in Scripture Asian lands, to Syria, Lebanon, Palestine, Egypt and about. That is the number of people who died in God could have revealed to Prophet Muhammad:
and Wisdom, while, before that, they had been in then North Africa to the West, to Spain, and many Islamic liberation efforts over the years and what was •Ya Muhammad - Start a social revolution by
manifest error}. Quran 3:164 European lands. achieved? Of course no one wants the pain of such which assets are taken from the rich and given to the
One of the most important aspects of our faith is to Before Prophet Muhammad , people of Arabia an admonishing fact but it is important to educate poor....but He almighty, did not do that!
understand, deeply love and most closely emulate the lived as nomads and their most recognized business ourselves about this issue. Following are some facts •Ya Muhammad - prepare a popular uprising to
character of the Prophet Muhammad. This aspect of was Poetry and trading. In 100 years Baghdad became to reflect on. liberate the lands of Arabia from the occupiers ...did
our faith is manifested when we pronounce Shahada. the center of the Civilized World. The 20th Century has seen grand «Islamic» He do that? The answer is no!
It consists of two inseparable parts: That God is one In a world that existed over 1,400 years ago with revolutionary movements, great «holy wars» in the •Ya Muhammad - start a military campaign and
and that Prophet Muhammad is His last Prophet and no radio, no TV and no radio & TV correspondents, Muslim world. Here is the cost: fight the unbelieving pagans in order to recapture the
Messenger. no telephone and cellular phones, no fax machines, no 1.Two and a half million dead in the Algerian War Kaabaa and clean it out of the idols ... did he do that?
Unfortunately we find that emulating the Prophet copiers, no e-mail, no internet and other facilities we of Liberation and independence The answer is no!
stops at trying to emulate the outward appearance of enjoy today how did Islam spread so rapidly? What 2.500,000 killed in the independence struggle of Read! in the name of your Lord
his image; i.e. the way he looked without focusing was the Secret? Why was the Prophet and his trained East Pakistan - now Bangladesh, We all know what the first word of the revelation
on the way he behaved as he applied the Quran to his successors and followers so successful in capturing 3.10 million lives lost in the formation of the of the Quran was: «Iqr>aa» (READ!). This aspect of
character and his way of living. Many of us, especially people>s imagination and propelled them as leaders Muslim state of Pakistan. the Quran that encourages us to acquire knowledge
those who are in the role of leaders and Imams of the of the world? 4.Several Million people have died for Islam in inspired the early Muslims to excel in all aspects of
Muslims do not put enough emphasis on educating the Casualties in military expeditions. Egypt, Iran, Iraq, Palestine, Syria, Yemen and various social and scientific fields.
masses on expressing his or her love of the Prophet by Research on the evolution of the Islamic System other countries. Today if we analyze the reading habits and education
emulating his character. and Community under the leadership of Prophet And for all these sacrifices very little was among Muslims, following are some facts:
Michael Hart, in his book « The 100: A Ranking Muhammad that changed the course of world history realized! 1.Muslims cannot read because over 70% of the
Of The Most Influential Persons In History: « chose was achieved at the cost of 1018 lives over a period of At the cost of 1018 lives, the revolution that 1.2 billion - we boast about are illiterate.
Muhammad to be at the top of his list followed by 23 years! Here are some facts to ponder: was started during the time of Prophet Muhammad 2.Muslims who know how to read, do not read! We
Newton and Jesus. He states: «He was the only man 1.Number of Military Defense Expeditions: 80, sparked a renaissance that changed the world. While do not educate ourselves.
in history who was supremely successful on both the Prophet participated in about 27 of them and a the «Islamic» movements of modern times have a.There are 57 member-countries of the
religious and secular levels.» small number did not even involve any fighting. yielded little achievement. Organization of Islamic Conference (OIC), and all of
The spread of Islam. 2.Number of Muslims who died in battle 259. At the age of 40 the Prophet was commissioned them put together have around 500 universities; one
63 . ‫ م‬2010 ‫ هـ‬1431 ‫ خريف‬- ‫العدد اخلامس عشر‬ . ‫ م‬2010 ‫ هـ‬1431 ‫ خريف‬- ‫العدد اخلامس عشر‬ 62
‫والسنة‬ ‫في القرآن‬ ‫والسنة‬ ‫في القرآن‬
‫الكلمة األخيرة‬ ‫مقال حر‬

university for every three million Muslims. The United knowledge is being diffused in a society. In Pakistan,

‫الكلمة الطيبة‬ States has 5,758 universities and India has 8,407. In
2004, Shanghai Jiao Tong University compiled an
<Academic Ranking of World Universities>, and not
there are 23 daily newspapers per 1,000 Pakistanis
while the same ratio in Singapore is 360. In the UK,
the number of book titles per million stands at 2,000
one university from Muslim-majority states was in while the same in Egypt is 20.
‫محمد فرشوخ‬ the top 500. h.As for the Arab world: the average Arab reads 12/
b.Some 98 per cent of the <literates> in the hour per year or the equivalent of 12/ page per year as
‫ ملاذا‬،‫انتاب الشباب شيء من القلق خالل شهر رمضان الفائت وصاروا يتخافتون فيما بينهم‬ Christian world had completed primary school, compared to the average American at 11 books per
while less than 50 per cent of the <literates> in the year and the average British at 7 books per year! 
‫ال يرد احلكيم على الهاتف وهل هو بخير لعله ذهب إلى العمرة أو سافر في احدى رحالته الدعوية‬ Muslim world did the same. Around 40 per cent of the In conclusion, the Muslim world urgently needs
.‫شر ًقا أو غر ًبا‬ <literates> in the Christian world attended university to increase its capacity to produce, diffuse, and apply
while no more than two per cent of the <literates> in knowledge.
‫إ ل��ى أن أ ت��ى ا خل�ب��ر م��ن أ ح��د املقربني أن احلكيم معتكف ف��ي املسجد طيلة العشر األوا خ��ر من‬ the Muslim world did the same. Even though the above statistics show a bleak
‫ وأن له جلستني عامتني يوم ًيا بعد صالة‬،‫ وأن باالمكان رؤيته خالل أداء الصلوات اخلمس‬.‫رمضان‬ c.Muslim-majority countries have 230 scientists picture, there are several initiatives in progress that
per one million Muslims. The US has 4,000 give me hope: «Muslims are gradually rediscovering
.‫ عدا عن اجللسات اخلاصة لذوي احلاجات واالستشارات‬.‫الصبح وبعد صالة العصر ملن يشاء‬ scientists per million and Japan has 5,000 per the importance of education. I am sincerely optimistic
‫عند ذلك توافقت مجموعة من الشباب على قصده مع أذان الفجر فوجدوه يقرأ القرآن بانتظار‬ million. In the entire Arab world, the total number of about the future because what is being done today
full-time researchers is 35,000 and there are only 50 and was done in the past 40 years is yielding positive
‫ كان في غاية‬.‫ وحني رآهم أومأ برأسه را ًد ا السالم مرح ًبا بهم بابتسامة عريضة‬.‫إقامة الصالة‬ technicians per one million Arabs (in the Christian results that, God-willing, will change not only
.‫التألق وفي منتهى األناقة‬ world there are up to 1,000 technicians per one the fortunes of the Muslims in America but all of
million). Furthermore, the Muslim world spends 0.2 humanity.»
‫ { َأ َل ْم َت َر َك ْي َف‬...‫في الصالة قرأ بصوت رخيم ميأل األسماع ويخترق القلوب من سورة ابراهيم‬ per cent of its GDP on research and development, In the end I would like to remind my self, my
‫] ُت ْؤ ِتي ُأ ُك َل َها ُك َّل‬24[ ‫الس َماء‬ َّ ‫ال َك ِل َم ًة َط ِّي َب ًة َك َش َجرةٍ َط ِّي َبةٍ َأ ْص ُل َها َثا ب ٌِت َو َف ْر ُع َها ِفي‬ً ‫َض َر َب ال ّل ُه َم َث‬ while the Christian world spends around five per family and each one of us - especially the mothers -
ُ ‫] َو َم‬25[ َ‫اس َل َع َّل ُه ْم َي َت َذ َّك ُر ون‬ َ ‫ِح ٍني ِب ِإ ذْ ِن َر ِّب َها َو َي ْض ِر ُب ال ّل ُه ا َأل ْم َث‬ cent of its GDP. let us PLEASE put our children in the habit of reading
ٍ‫ثل َك ِل َمةٍ َخبِي َثةٍ َك َش َج َر ةٍ َخبِي َثة‬ ِ ‫ال ِلل َّن‬ d.Oil rich Saudi Arabia, UAE, Kuwait and Qatar from the youngest age possible.
.‫] } فقدرنا انها ستكون موضوع اجللسة بعد الصالة‬26[ ‫ض َما َل َها ِمن ََق��ر ٍار‬ ِ ‫اج ُتث َّْت ِمن َف ْو قِ ا َأل ْر‬ ْ collectively produce goods and services (mostly oil) ______________________
.‫وهكذا كان‬ worth $500 billion; Spain alone produces goods and * Adapted from a Friday sermon delivered by Dr.
services worth over $1 trillion, Catholic Poland $489 Yahia Abdul Rahman at the Culver City Mosque in
‫بدأ اجللسة بالدعاء واالفتقار إلى الله والترحيب بالقادمني من بعيد ثم شرع يعرض ما قاله‬ billion and Buddhist Thailand $545 billion (Muslim California.
،‫ الكلمة الطيبة درجات‬:‫ ثم انطلق مبا فتح الله عليه قال‬.‫املفسرون من قبل في هذه اآليات الكرمية‬ GDP as a percentage of world GDP is fast declining). Over the last few decades Dr. Yahia has led a
e.The average number of books published per distinguished career in the world of banking and
‫يفهم منها أو ًال ك��ل كلمة طيبة ت�خ��رج م��ن ا ف��واه ا ل�ن��اس؛ تصلح ب�ين املتخاصمني و ت�ه��دئ م��ن روع‬ million in the Arab world is approximately 30 (0.7%), finance. In 1987, he founded the American Finance
َّ ‫ص َع ُد ا لْ َك ِل ُم‬
‫الط ِّي ُب‬ ْ ‫ ِإ لَ ْي ِه َي‬:‫املذعورين وتواسي قلوب احملزونني وفي ذلك قوله تعالى في سورة فاطر‬ compared to about 212 in the US and 584 in Europe. House - LARIBA in Pasadena, California. Specializing
f.The average number of copies printed of a «best
‫َو ا لْ َع َم ُل‬
in interest-free lending.
.ُ‫الصا ل ُِح َي ْر َف ُعه‬
َّ seller book» - outside the Holy Quran is, 7000 to For over a generation, Dr. Yahia has educated
‫ لقوله تعالى في سورة‬،‫ قول ال إله إال الله والدعوة إلى الله‬،‫والدرجة الثانية من الكلم الطيب‬ 10,000 copies compared to almost 225,000 copies Muslims and non-Muslims alike on how the integration
sold in one week for Mrs. Clinton Book and over 2.5 of the divine teaching of Islam into our lives provides
. } ‫يد‬ َ ْ‫اط ح‬
ِ ‫ال ِم‬ َّ ‫{و ُه ُد وا ِإ َلى‬
ِ ‫الط ِّي ِب ِم َن ا ْلق َْو لِ َو ُه ُد وا ِإ َلى ِص َر‬ َ :‫احلج‬ million of Harry Potter sold in one night. the greatest of benefits and blessings.
‫ وهو س ٌر من أسرار القرآن وإعجاز من‬،‫والدرجة الثالثة هي كالم الله تعالى في القرآن الكرمي‬ g.Daily newspapers per 1,000 people and number Complete article is found on the web site www.
of book titles per million are two indicators of whether IslamiCity.com. Article Ref: IC07043274-

65 . ‫ م‬2010 ‫ هـ‬1431 ‫ خريف‬- ‫العدد اخلامس عشر‬ . ‫ م‬2010 ‫ هـ‬1431 ‫ خريف‬- ‫العدد اخلامس عشر‬ 64
‫والسنة‬ ‫في القرآن‬ ‫والسنة‬ ‫في القرآن‬
‫الكلمة األخيرة‬ ‫الكلمة األخيرة‬

‫إعجازه الدائم املستمر‪.‬‬


‫القرآن أيها األحبة ليس كال ًما يقرأ ويعاد فحسب‪ ،‬وليس فقط آيات يستشهد بها عند احلاجة‬
‫لدعم فكرة أو تأييد موقف‪ .‬إ ن��ه ك�لام الله تعالى ا ل��ذي خلق االنسان وأعطاه البيان بالقرآن‪ .‬إنه‬
‫«الكاتالوج» كما يقال في لغة العوام‪ .‬من أراد أن يعرف بواطن النفس فعليه بالقرآن وان احتاج‬
‫ً‬
‫أمراضا كثيرة ويحرره‬ ‫أن يستشفي من أمراضها فعليه بتقصي اآليات‪ .‬القرآن يعالج في االنسان‬
‫من عقد نفسية خطيرة من حيث يدري أو ال يدري‪ ،‬وكلما عاش املرء مع القرآن كلما حترر من عقده‬
‫املستعصية وعاداته السيئة‪ ،‬ومن تعهد القرآن بالقراءة والتدبر تعهده القرآن بالطمأنينة والسكينة‪.‬‬
‫وب } (الرعد ‪.)28‬‬ ‫ين آ َم ُنو ْا َو َت ْط َم ِئ ُّن ُق ُلو ُب ُهم ب ِِذ ْك ِر ال ّل ِه َأ َال ب ِِذ ْك ِر ال ّل ِه َت ْط َم ِئ ُّن ا ْل ُق ُل ُ‬ ‫قال تعالى‪{ :‬ا َّل ِذ َ‬
‫لكن السر األهم في القرآن هو هذا النبع الفياض من املعاني‪ ،‬واملعني الذي ال ينضب من احلكم‪،‬‬
‫واألزاهير التي تتفتح بال انقطاع‪ .‬وكلما بلغ املؤمن معنًى عمي ًقا ظن أنه وصل إلى القعر واذ به‬
‫معان أعمق وأعمق‪ ،‬ومن تعود ختم القرآن وأحب القرآن وصاحبه والزمه وجالسه‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫يفاجأ بأن حتته‬
‫ملس هذا الس ّر وأقول ملس وال أقول عرف فاملعرفة حتتاج إلى جهد ال يبذله اال النخبة التي عرفت أن‬
‫وراء هذا الكلم الطيب كلمة طيبة أولى وواحدة هي‪[ :‬الله]‪.‬‬
‫ومن أراد أن يفهم املقصود فليقرأ من سورة النور قوله تعالى‪ :‬الله نور السموات واألرض‪ .‬من‬
‫زرع اسم الله في قلبه أضاءت له معارف السماء واألرض وأشرق قلبه باحلقيقة التي ليس فوقها‬
‫حقيقة فال موجود وال معبود وال مقصود إال الله تعالى‪ .‬وصارت الدنيا مطية اآلخرة واآلخرة معب ًر ا‬
‫لنيل القرب والرضى‪.‬‬
‫وهنا نصل إلى الدرجة األعلى من الكلم الطيب‪ ،‬وهي اسم الله األعظم الذي اذا سئل به أعطى‬
‫واذا دعي به أجاب‪ ،‬يزرع في أرض القلوب‪ ،‬ويسقى مباء احلب‪ ،‬ويحرث بصحبة أهل الله حتى إذا‬
‫متكن وجتذر ن ّقى القلب والعقل والنفس واجلسد مما يعكر ويشغل ويؤذي‪ ،‬وصار أمر املؤمن كله‬
‫حلا وال يفكر اال بالصالح والتقوى وال يضمر إال اخلير‬ ‫إلى خير‪ ،‬ال يقول اال خي ًر ا وال يعمل إال صا ً‬
‫واحلب‪.‬‬
‫كلما دعوته لبى‪ ،‬وكلما سألته أعطى وكلما استشرته أفاض باحلكمة واملوعظة احلسنة‪ .‬فصار‬
‫ح ًقا خليفة الله في أرضه‪.‬‬
‫حصل وجنى في الدنيا‬ ‫اترك التوسع في شرح الدرجة األخيرة هذه لوقت آخر‪ ،‬ومن صمد وثابر ّ‬
‫قبل اآلخرة وذلك هو الفوز الكبير‪ .‬استودعكم الله وكل عام وانتم بخير‪ .‬وانتهت اجللسة وقام اجلمع‬
‫الى صالة الضحى‪.‬‬

‫‪21‬‬ ‫العدد الرابع عشر ‪ -‬صيف ‪ 1431‬هـ ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫العدد اخلامس عشر ‪ -‬خريف ‪ 1431‬هـ ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫‪66‬‬

You might also like