You are on page 1of 59

‫معهد الحڪم السلفية العالي‬

‫قسم الفقة وأصوله تخصيص مقاصد الشريعة‬

‫مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال عند اإلمام عزالدين بن عبد‬


‫السالم (دراسة‪ ،‬نظرية‪ ،‬تطبيقية‪ ،‬من خالل كتاب قواعد األحكام! في مصالح األنام)‬

‫إعداد الطالب‬

‫محمد خالد أزهري‬

‫تحت إشراف‬

‫فضيلة األستاذ إبن مزكي مودي‬

‫باباكن‪ -‬شوارنجين‪ -‬شربون‬


‫العام الدراسي‪ ١٤٤٣-١٤٤٢ :‬ھ‪ ٢٠٢٢-٢٠٢١ /‬م‬
‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬
‫إهداء‬

‫‪:‬أهدينا عمل هذه الكتابة إلى‬


‫حضرة نيينا المصطفى سيدنا محمد صلى هللا عليه وسلم وآله الطيبين الطاهرين‬ ‫‪‬‬
‫وصحبه المهتدين‬
‫وحضرة الوالد والوالدة وجميع أهلنا وأقربائنا‪ G‬حفظهم هللا تعالى‬ ‫‪‬‬
‫وحضرة المصنف وجميع العلماء الصالحين رحمهم هللا تعالى‬ ‫‪‬‬
‫وحضرة األستاذ والمشايخ معهد باباكان شوارنجين‪ G‬شربون‬ ‫‪‬‬
‫وجميع المسلمين والمؤمنين أجمعين‬ ‫‪‬‬

‫ب‬
‫ج‬
‫اإلستفتاح‬

‫‪:‬قال تعالى في محكمة التنزيل‬


‫ضةً َأِليْمانِ ُك ْ‪G‬م َأ ْن تَبَرُّ وا َوتَتَّقُوا‪َ G‬وتُصْ لِحُوا بَ ْينَ النَّ ِ‬
‫اس َواهللُ َس ِمي ٌع َعلِي ٌم﴿‬ ‫﴾ َوال تَجْ َعلُوا اهللَ عُرْ َ‬
‫)سورة البقرة (‪ )٢‬آية‪(٢٢٤ :‬‬
‫‪:‬قال رسول‪ G‬هللا ﷺ‬
‫ض ُع هللاُ َرحْ َمتَهُ ِإاَّل َعلَى َر ِحي ٍْم "‪ ،‬قَالُوا‪ :‬يَا َرسُوْ َل هللاِ ُكلُّنَا يَرْ َح ُم‪ ،‬قَ َ‬
‫ال‪" :‬‬ ‫َوالَّ ِذي نَ ْف ِسي بِيَ ِد ِه اَل يَ َ‬
‫اس َكافَّةً‬
‫احبَهُ‪َ ،‬ولَ ِك ْن يَرْ َح ُم النَّ َ‬
‫ص ِ‬‫ْس بِ َرحْ َم ِة َأ َح ِد ُك ْم َ‬
‫" " لَي َ‬
‫)مستدرك‪ G‬الحاكم‪ ،‬رقم‪(٧٣١٠:‬‬

‫‪4‬‬
‫الشكر والتقدير‬

‫‪:‬أنتهز هذه الفرصة السعيد ألتقدم بالشكر الجزيل والتقدير الكبير إلى كل من‬
‫إلى مربية روحي المعلمة مصرية عمفا الحاجة‪ ،‬والمعلمة عوان هللا عمفا الحاجة‪ ،‬والشيخ‪-‬‬
‫المغفورله أسرار محمد الحاج‪ ،‬والشيخ حسن رحمة‪ ،‬وجميع أساتيذ المعهد كبون جامبو‬
‫اإلسالمي بارك هللا لهم في عمرهم‬
‫وإلى مدير معهد الحكم السلفية العالي األستاذ‪ G‬دوكتور‪ G‬أرواني شيرزي‪ G‬وإلى مسؤول‪ G‬قسم ‪-‬‬
‫الفقة وأصوله تخصيص مقاصد الشريعة مشرف البحث األستاذ‪ G‬إبن مزكى مودي‪ ،‬وجميع‬
‫أساتيذ معهد الحكم السلفية العالي أطالهم هللا علما ونفعا للمسلمين‬
‫وخصوصا إلى أبي وأمي أطال هللا بقائهما ‪-‬‬

‫‪5‬‬
‫مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال‬

‫مقدمة‬
‫القرآن هو كالم هللا العظيم الرحيم وهو رحمة لجميع الناس‪ ،‬وال يوجد كتاب يشمل في فوائده‬
‫إال القرآن‪ .‬وهو مكمل للكتب السابقة‪ ،‬ويصبح الموضوع‪ G‬األساسي للكتب التالية‪ ،‬لفهم الحياة‬
‫والدين‪.‬‬

‫من هذا القرآن الكريم انبثقت نظريات مختلفة من اإلنسانية والعدالة والمصلحة‪ .‬منها‬
‫األيديولوجية األساسية لألمة اإلندونيسية ‪ ،‬وهي بانكاسيال‪ .‬بسبب القرآن ‪ ،‬ولدت بانكاسيال‬
‫وأصبحت مصدر القانون وأيديولوجية األمة التي توحد كل مستوى من مستويات المجتمع ‪،‬‬
‫‪.‬المسلمين وغير المسلمين‬

‫ولكن‪ ،‬كثير من األشخاص الذين ال يعقلون بعقل سليم ‪ ،‬وتجمد قلوبهم‪ ،‬وتحتقرحقًا‪ G‬كلماتهم ‪،‬‬
‫يقولون‪ :‬بانكاسيال طاغوت ‪ ،‬وبانكاسيال ليست من اإلسالم ‪ ،‬والناس يتمسك بإيديولوجية‬
‫بانكاسيال هو الكافر‪ .‬في الواقع ‪ ،‬كثير منهم يصطدم‪ G‬بالقرآن ببانكاسيال وكأنهم يفهمون حقًا‬
‫محتويات القرآن‪ ،‬رغم أنهم عندما يقرؤون القرآن‪ ،‬والقراءة اليصل إلى حنجرهم‪ ،‬ناهيك عن‬
‫‪.‬الوصول إلى قلوبهم‬

‫لذلك‪ ،‬سنشرح في هذه المناسبة عن بانكاسيال وهي أجمل اللؤلؤة لألمة اإلندونيسية التي‬
‫خرجت من بحر حكمة القرآن‪ ،‬من وجهة نظر الفقه واألصول الفقه والمقاصد الشريعة عند‬
‫‪.‬العالم الكبير الشيخ اإلمام عز الدين بن عبد السالم في كتابه قواعد األحكام في مصالح األنام‬

‫ننسجم فوائد أيديولوجيا بانكاسيال بفوائد النظريات من ذلك الكتاب ‪ ،‬مع الحجج المأخوذة من‬
‫القرآن والحديث ‪ ،‬لكي يُفهم أن بانكاسيال هو أحد ثمرة الحكمة من القرآن بغير تعريض‪.‬‬

‫ضا بعض المعلومات اإلضافية من العديد من كتب األحاديث النبوية ‪،‬‬


‫إن شاء هللا ‪ ،‬سنأخذ أي ً‬
‫منها‪ :‬الجامع الصحيح لإلمام البخاري ‪ ،‬والجامع الصحيح لإلمام مسلم ‪ ،‬وكتب أخرى من‬
‫الحديث النبوي الصحيح ‪ ،‬والعديد‪ G‬من كتب الفقه‪ ،‬منها‪ :‬فتح المعين في شرح قرة العين للشيخ‬
‫زين الدين المليباري ‪ ،‬ومنهاج الطالبين لإلمام النووي‪ ، G‬و العديد من كتب الفقهية األخرى‬
‫للعلماء الشافعية و غيرهم ‪ ،‬والعديد من كتب أصول الفقه ‪ ،‬منها‪ :‬كتاب جمع الجوامع لإلمام‬

‫‪1‬‬
‫تاج الدين السبكي ‪ ،‬ولب األصول لإلمام زكريا األنصاري‪ ، G‬وكتب أخرى من كتب األصول‪،‬‬
‫‪.‬والعديد من الكتب األخرى الداعمة‬

‫‪ :‬في هذه الكتابة العلمية‪ ،‬نقسم أسإلة البحث إلى ثالثة مسائل وهي‬

‫أوال ‪ ،‬ما المصلحة العامة وقسمتها‪ G‬عند اإلمام عزالدين بن عبد السالم في كتاب‬
‫قواعد األحكام في مصالح األنام؟‬
‫ثانيا ‪ ،‬ما هي باعكاسيال وكيف‪ G‬تاريخ تشكيل باعكاسيال بحيث تصبح صياغة‬
‫أيديولوجية األمة اإلندونيسية؟‬
‫ثالثا ‪ ،‬كيف تنسجم أيديولوجية بانكاسيال بمفهوم معنى المصالح عند اإلمام عز الدين‬
‫بن عبد السالم؟‬

‫‪:‬أهداف البحث ‪ ،‬فهي‬

‫أوال ‪ ،‬كي نعرف‪ G‬حقيقة المصلحة وتوزيعها‪ G‬عند اإلمام عزالدين بن عبد السالم‪.‬‬
‫ثانيا ‪ ،‬لكي نفهم طبيعة باعكاسيال وتاريخ تكوينها‪ G‬بحيث تصبح أيديولوجية األمة‬
‫اإلندونيسية ويمكن أن توحد فهم أيديولوجية جميع اإلندونيسيين المتنوعة‪.‬‬
‫ثالثا ‪ ،‬لكي نشهد أن أيديولوجية بانكاسيال ال تتعارض بالقرآن الكريم والحديث‬
‫الشريف ‪ ،‬ناهيك تتعارض بدين الرحمة للعالمين‪ ،‬من خالل نهج فهم المصلحة عند‬
‫اإل مام عز الدين بن عبد السالم‪.‬‬

‫‪:‬أما خطة هذه الكتابة فتنقسم إلى ثالث المباحث‬

‫المبحث األول تكلم عن معنى المصلحة وهذا البحث ينقسم إلى ثالثة مطالب‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫المطلب األول في شواهد القرآن الكريم‪ G‬والحديث الشريف‪ G‬في بيان المصلحة‬

‫المطلب الثاني في آراء العلماء في بيان حقيقة المصلحات‬

‫المطلب الثالث في رأي اإلمام عزالدين بن عبد السالم في بيان المصلحة و قسمتها‪G‬‬

‫المبحث الثاني تكلم عن أيديولوجية بانكاسيال وهذا البحث ينقسم إلى ثالثة مطالب‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫‪2‬‬
‫المطلب األول في أيديولوجية وتاريخ تطورها‪ G‬في اإلسالم‬

‫المطلب الثاني في بانكاسيال وتاريخ تكوينها‪G‬‬

‫المطلب الثالث في سباب بانكاسيال تصبح أيديولوجية األمة اإلندونيسية‬

‫المبحث الثالث تكلم عن إنسجام باعكاسيال بمصلحة الشريعة وهذا البحث ينقسم إلى‬ ‫‪‬‬
‫إثنان مطالب‪:‬‬

‫المطلب األول في المعنى والغرض من باعكاسيال‬

‫المطلب الثاني في انسجام بانكاسيال بمفهوم‪ G‬المصلحة عند اإلمام عز الدين بن عبد السالم‬

‫‪3‬‬
‫مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال‬

‫)المبحث األول(‬
‫سنتكلم عن معنى المصلحة‪ ،‬وهذا المبحث ينقسم إلى ثالثة مطالب‪:‬‬
‫المطلب األول في شواهد القرآن الكريم والحديث الشريف في بيان المصلحة‬ ‫‪‬‬

‫إذا بحثنا عن مصطلح المصلحات في القرآن الكريم والحديث الشريف‪ ،‬فوجدنا‪ G‬هناك كثيرا‬
‫جدا ألن الغرض من القرآن الكريم والحديث الشريف هو تحقيق المصلحة لجميع‬
‫المخلوقات ‪ ،‬وال سيما اإلنسان‪ ،‬لينال مصلحة الدنيا واآلخرة‪ .‬وهناك مثال كثير أيضا من‬
‫أمثلة المصلحة‪ ،‬فلذلك نحن نشرح هنا بعض حجج المصلحة فقط التي تتعلق باإلنسانية‬
‫واألخوة والوحدة ‪ ،‬ألن الغرض من باعكاسيال هو ذلك‪،‬‬

‫فأما شواهد المصلحة من القران الكريم وتفسيرمعناها‪ ،‬فهي‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫قال هللا تعالى ‪﴿ :‬وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها‪ ‬مصلحون﴾‪. 1‬‬ ‫‪.1‬‬

‫تفسيرها‪ :‬أي ال يهلك ربك أهل القرى بمجرد كونهم مشركين‪ ،‬إذا كانوا مصلحين في‬
‫المعامالت بينهم‪ ،‬أي إن عذاب االستئصال ال ينزل ألجل كون القوم معتقدين للشرك بل‬
‫إنما ينزل ذلك إذا أساءوا في المعامالت وسعوا في اإليذاء للناس‪ ،‬وظلم‪ G‬الخلق لفرط‬
‫مسامحته تعالى في حقوقه ولذلك تقدم حقوق العباد على حقوقه تعالى عند تزاحم‬
‫‪2‬‬
‫الحقوق‪.‬‬

‫يتضح من هذه اآلية أن الناس الذين يصلحون يمكن أن يمنعوا أهل البالد من عقاب هللا عز‬
‫وجل ولو كان أن هذا الناس ليسوا مسلمين‪ ،‬ويتضح هنا أن مصطلح الصاحلين يختلفون‬
‫بالمصلحين‪ .‬فأما الصالحين فهم الذين يفعلون الخير ألنفسهم فقط‪ ،‬وأما المصلحون فهم الذين‬
‫يفعلون الخير لجميع الناس بل لجميع المخلوقات كلها‪ ،‬ومن هذه اآلية نفهم أيضًا أن‬
‫المصلحون أفضل من الصالحين‪.‬‬

‫‪ .٢﴾3‬قال هللا تعالى ‪﴿ :‬وإذا قيل لهم ال تفسدوا في األرض قالوا‪ G‬إنما نحن‪ ‬مصلحون‬

‫‪1‬‬
‫سورة‪ ‬هود ‪ ١١‬آية‪١١٧ :‬‬
‫‪2‬‬
‫الشيخ النووي الجاوي‪ ،‬مراح لبيد لكشف معنى القرأن المجيد‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ -‬بيروت الطبعة األولى ‪ ١٤١٧ -‬هـ ج‪ ١ :‬ص‪:‬‬
‫‪٥٢٠‬‬
‫‪3‬‬
‫سورة‪ ‬البقرة ‪ ٢‬آية‪١١ :‬‬

‫‪4‬‬
‫مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال‬

‫تفسيرها‪ :‬قال السدي في تفسيره عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة‬
‫الطيب الهمداني عن ابن مسعود‪ G‬وعن أناس من أصحاب النبي صلى هللا عليه وسلم‪( :‬وإذا‬
‫‪.‬قيل لهم ال تفسدوا في األرض قالوا إنما نحن مصلحون) قال‪ :‬هم المنافقون‬

‫أما (ال تفسدوا في األرض)‪ ،‬قال‪ :‬الفساد هو الكفر والعمل بالمعصية‪ .‬وقال أبو جعفر عن‬
‫الربيع بن أنس عن أبي العالية في قوله تعالى (وإذا قيل لهم ال تفسدوا في األرض) قال‪ :‬يعني‬
‫ال تعصوا في األرض وكان فسادهم ذلك معصية هللا ألنه من عصى هللا في األرض أو أمر‬
‫‪.4‬بمعصيته فقد أفسد في األرض ألن صالح األرض والسماء بالطاعة‬

‫هذه اآلية هي آية مقارنة اآلية السابقة‪ ،‬تدل على أن ضد المصلحين هم المفسدون‪ ،‬أي‬
‫المنافقون الذين يرتكبون المعصية والفساد في االرض‪ ،‬ويفهم أيضا إن شرط‪ G‬المصلحين ليس‬
‫بجعل عالقة بين الناس فقط‪ ،‬ولكن جعل عالقة مع هللا أيضا يعني باإليمان الكامل‪ .‬ومن‬
‫المفهوم أن طاعة هللا تعالى هي صور‪ G‬من صوار‪ G‬المصلحة‪ ،‬وعصيان هللا هو صور من‬
‫‪.‬صوار المفسدة‬

‫‪ .٣‬قال هللا تعالى ‪﴿ :‬وال تجعلوا هللا عرضة أليمانكم أن تبروا وتتقوا‪ ‬وتصلحوا بين الناس وهللا‬
‫‪﴾5‬سميع عليم‬

‫تفسيرها‪ :‬أقوال هي راجعة إلى هذه الوجوه التي ذكرناها‪ ،‬فمن ذلك قول الزجاج‪ :‬معنى اآلية‪:‬‬
‫أن يكون الرجل إذا طلب منه الفعل الذي فيه خير اعتل باهلل‪ ،‬فقال‪ :‬علي يمين‪ ،‬وهو لم يحلف‬

‫وقيل‪ :‬معناها‪ :‬ال تحلفوا باهلل كاذبين إذا أردتم البر والتقوى‪ G‬واإلصالح‪ ،‬وقيل‪ :‬معناها إذا‬
‫حلفتم على أن ال تصلوا أرحامكم وال تتصدقوا وال تصلحوا وعلى أشباه ذلك من أبواب البر‬
‫‪.6‬فكفروا‪ G‬عن اليمين‬

‫يتضح من هذه اآلية أنه خطأ كبير إذا جعل الدين عرضة للعالقات بين الناس‪ ،‬وهذا الفعل‬
‫ممنوع تما ًما ‪ ،‬يعني بجعل اسم هللا ذريعة لمخالفة اليمين والوعد بين الناس‪ ،‬مع إن فيهما‬
‫‪.‬خيرا وتقوى وإصالحا‪ ،‬ال اليمين والوعد مع إن فيهما شرا ومعصية ومفسدا‬
‫‪4‬‬
‫اإلمام ابن كثير‪ ،‬تفسير ابن كثير‪ G،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬منشورات محمد علي بيضون ‪ -‬بيروت‪ G‬الطبعة األولى ‪ ١٤١٩ -‬هـ ج‪١:‬‬
‫ص‪٩١ :‬‬
‫‪5‬‬
‫سورة‪ ‬البقرة ‪ ٢‬آية‪٢٢٤:‬‬
‫‪6‬‬
‫اإلمام الشوكاني‪ ،‬تفسير فتح القدير‪ ،‬دار ابن كثير‪ ،‬دار الكلم الطيب ‪ -‬دمشق‪ ،‬بيروت الطبعة األولى ‪ ١٤١٤ -‬هـ ج‪ ١:‬ص‪٢٦٤ :‬‬

‫‪5‬‬
‫مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال‬

‫‪ .٤‬قال هللا تعالى ‪﴿:‬وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا‪ G‬فأصلحوا‪ G‬بينهما فإن بغت إحداهما على‬
‫األخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر هللا فإن فاءت‪ ‬فأصلحوا‪ ‬بينهما بالعدل وأقسطوا‬
‫‪﴾ 7‬إن هللا يحب المقسطين‬

‫تفسيرها‪ :‬يقول تعالى آمرا باإلصالح بين الفئتين الباغين بعضهم على بعض‪( :‬وإن طائفتان‬
‫من المؤمنين اقتتلوا‪ G‬فأصلحوا بينهم) ا فسماهم‪ G‬مؤمنين مع االقتتال‪ ،‬وبهذا استدل البخاري‬
‫وغيره على أنه ال يخرج من اإليمان بالمعصية وإن عظمت‪ ،‬ال كما يقوله الخوارج ومن‬
‫‪.‬تابعهم من المعتزلة ونحوهم‪G‬‬

‫وهكذا ثبت في صحيح البخاري من حديث الحسن عن أبي بكرة رضي هللا عنه قال‪ :‬إن‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم خطب يوما‪ ،‬ومعه على المنبر الحسن بن علي رضي هللا‬
‫عنهما‪ ،‬فجعل ينظر‪ G‬إليه مرة‪ ،‬وإلى الناس أخرى ويقول‪ :‬إن ابني هذا سيد ولعل هللا تعالى أن‬
‫‪.‬يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين‬

‫فكان كما قال صلوات هللا وسالمه عليه‪ ،‬أصلح هللا به بين أهل الشام وأهل العراق بعد‬
‫‪.8‬الحروب الطويلة‪ ،‬والواقعات المهولة‬

‫يفهم من هذه اآلية واجب الحفظ على السالم والمصلحة بين الجماعات ‪ ،‬وشرح تحريم‬
‫العداوة وجعل المفسدة ناهيك عن اقتتال بعضهم بعضا ‪ ،‬وشرح‪ G‬أن قتال البغاة جائز إذا كان‬
‫‪.‬مفسدا‪ .‬ألنه جلب المصلحة‪ ،‬أي السالم بين الناس‬

‫‪ .٥‬قال هللا تعالى ‪﴿ :‬ال خير في كثير من نجواهم إال من أمر بصدقة أو معروف أو إصالح‬
‫‪﴾9‬بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات هللا فسوف‪ G‬نؤتيه أجرا عظيما‬

‫تفسيرها‪ :‬ال خير في كثير من كالم الناس وتناجيهم‪ G‬كجماعة طعمة إال إذا كان التناجي في‬
‫أحد أمور ثالث‪ -١:‬األمر بالصدقة إلعانة المحتاج ومواساة الفقير والمسكين‪ -٢ .‬األمر‬
‫بالمعروف‪ G:‬وهو ما تعارف عليه الشرع من كل ما فيه مصلحة عامة أو خير عام‪.‬‬
‫‪ -٣.‬اإلصالح بين الناس في خصوماتهم‪ G‬ومنازعاتهم‬
‫‪7‬‬
‫سورة الحجرات ‪ ٤٩‬آية‪٩:‬‬
‫‪8‬‬
‫اإلمام ابن كثير‪ ،‬تفسير ابن كثير‪ G،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬منشورات محمد علي بيضون ‪ -‬بيروت‪ G‬الطبعة األولى ‪ ١٤١٩ -‬هـ ج‪٧:‬‬
‫ص‪٣٤٩:‬‬
‫‪9‬‬
‫سورة النساء ‪ ٤‬آية ‪١١٤:‬‬

‫‪6‬‬
‫مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال‬

‫وذلك كما جاء في حديث رواه ابن مردويه والترمذي‪ G‬وابن ماجه عن أم حبيبة قالت‪ :‬قال‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ :‬كالم ابن آدم كله عليه‪ ،‬ال له‪ ،‬إال ذكر هللا عز وجل‪ ،‬أو أمر‬
‫‪.10‬بمعروف‪ ،‬أو نهي عن منكر‬

‫يتضح من هذه اآلية‪ ،‬أنه ال خير في جماعة إال إن يكن هناك أشخاص ينصحون بعضهم‬
‫بعضا في بناء المجتمع‪ ،‬وتنفيذ الخير االجتماعي‪ ،‬وتصالح بعضهم‪ G‬بعضا‪ ،‬ناهيك إذا كانت‬
‫‪.‬ذلك المجموعة واسعة جدًا مثل بلدنا إندونيسيا‬

‫فأما شواهد المصلحة من الحديث الشريف وشرح معناها‪ ،‬فهي‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪ .١‬حديث عن اإلمام البخاري رضي هللا عنه‪ :‬حدثنا عبد العزيز بن عبد هللا‪ ،‬حدثنا إبراهيم بن‬
‫سعد‪ ،‬عن صالح‪ ،‬عن ابن شهاب أن حميد بن عبد الرحمن‪ ،‬أخبره أن أمه أم كلثوم بنت عقبة‪،‬‬
‫أخبرته‪ :‬أنها سمعت رسول هللا ﷺ يقول‪ :‬ليس الكذاب الذي‪ ‬يصلح بين الناس‪ ،‬فينمي‪ G‬خيرا‪،‬‬
‫‪.11‬أو يقول خيرا‬

‫شرحه‪ :‬وما زاده مسلم والنسائي‪ G‬من رواية يعقوب بن إبراهيم بن سعد عن أبيه في آخره ولم‬
‫أسمعه يرخص في شيء مما يقول‪ ‬الناس‪ ‬إنه كذب إال في ثالث فذكرها‪ G‬وهي الحرب وحديث‬
‫‪. ‬الرجل المرأته واإلصالح‪ ‬بين الناس‬

‫قال الطبري‪ G‬ذهبت طائفة إلى جواز الكذب لقصد اإلصالح وقالوا إن الثالث المذكورة‬
‫كالمثال وقالوا الكذب المذموم‪ G‬إنما هو فيما فيه مضرة أو ما ليس فيه مصلحة‪ ،‬وقال آخرون‬
‫‪.‬ال يجوز الكذب في شيء مطلقا وحملوا‪ G‬الكذب المراد هنا على التورية والتعريض‬

‫واتفقوا على أن المراد بالكذب في حق المرأة والرجل إنما هو فيما ال يسقط حقا عليه أو عليها‬
‫أو أخذ ما ليس له أو لها‪ ،‬وكذا في الحرب في غير التأمين‪ ،‬واتفقوا على جواز الكذب عند‬
‫االضطرار‪ ،‬كما لو قصد‪ G‬ظالم قتل رجل وهو مختف عنده فله أن ينفي كونه عنده ويحلف‬
‫‪.12‬على ذلك وال يأثم‪ ،‬وهللا أعلم‬

‫‪10‬‬
‫الشيخ د‪ .‬وهبة الزحيلي‪ ،‬التفسير المنير‪ ،‬دار الفكر المعاصر ‪ -‬دمشق الطبعة الثانية‪ ١٤١٨ ،‬هـ ج‪ ٥:‬ص‪٢٦٨:‬‬
‫‪11‬‬
‫اإلمام البخاري‪ ،‬جميع الصحيح‪ ،‬دار طوق النجاة الطبعة األولى‪ ١٤٢٢ ،‬ھ ج‪ ٣:‬ص‪١٨٣ :‬‬
‫‪12‬‬
‫اإلمام ابن حجر‪ ،‬فتح البارئ‪ ،‬دار المعرفة ‪ -‬بيروت‪ ١٣٧٩ ،‬ھ ج‪ ٥:‬ص‪٣٠٠:‬‬

‫‪7‬‬
‫مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال‬

‫من هذا الحديث يشرح أهمية الحفاظ على األخوة بين الناس‪ ،‬حتى الكذب مسموح به عندما‬
‫‪.‬يكون الكذب هو الحفاظ على األخوة‪ ،‬ولو يختلف العلماء في حقيقة حكم الكذب‬

‫‪ .٢‬حديث عن اإلمام النسائي رضي هللا عنه‪ :‬أخبرنا قتيبة‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا الليث‪ ،‬عن ابن‬
‫عجالن‪ ،‬عن القعقاع بن حكيم‪ ،‬عن أبي صالح‪ ،‬عن أبي هريرة‪ ،‬عن رسول هللا ﷺ قال‪:‬‬
‫‪13‬المسلم من سلم الناس‪ ‬من‪ ‬لسانه ويده‪ ،‬والمؤمن‪ ‬أمنه الناس على دمائهم‪ G‬وأموالهم‬

‫شرحه‪ :‬قيل األلف والالم فيه للكمال نحو زيد الرجل أي الكامل في الرجولية قال الخطابي‬
‫المراد أفضل المسلمين من جمع إلى أداء حقوق هللا تعالى أداء حقوق الناس وقال غيره‬
‫يحتمل أن يكون المراد بذلك اإلشارة إلى حسن معاملة العبد مع ربه ألنه إذا أحسن معاملة‬
‫‪.14‬إخوانه فأولى‪ G‬أن يحسن معاملة ربه من التنبيه باألدنى على األعلى‬

‫‪ .٣‬حديث عن اإلمام البخاري رضي هللا عنه‪ :‬حدثنا قيس بن حفص‪ ،‬حدثنا عبد الواحد‪ ،‬حدثنا‬
‫الحسن‪ ،‬حدثنا مجاهد‪ ،‬عن عبد هللا بن عمرو‪ ،‬عن النبي ﷺ قال‪ :‬من‪ ‬قتل نفسا‪ ‬معاهدا‪ ‬لم يرح‬
‫‪.15‬رائحة الجنة‪ ،‬وإن ريحها ليوجد‪ ‬من‪ ‬مسيرة أربعين عاما‬

‫من هذا الحديث يفهم أن الدين اإلسالم يضمن ويحترم غير المسلمين طالما أن هذا االشخاص‬
‫ال يفسدون في الشيئ‪ ،‬ويفهم أن شروط دخول الجنة ونيل إرضاء هللا تعالى‪ ،‬ال تقتصر على‬
‫احترام إخواننا المسلمين فقط‪ ،‬بل احترام الناس بين األديان أيضا‪ ،‬حتى تكون هناك عالقة‬
‫‪.‬اإلنسانية جيدة بين المسلمين وغير المسلمين في العالم‬

‫‪ .٤‬حديث عن اإلمام مسلم رضي هللا عنه‪ :‬حدثنا محمد بن رافع‪ ،‬حدثنا عبد الرزاق بن همام‪،‬‬
‫حدثنا معمر‪ ،‬عن همام بن منبه‪ ،‬قال‪ :‬هذا ما حدثنا أبو هريرة‪ ،‬عن محمد رسول هللا صلى هللا‬
‫عليه وسلم‪ ،‬فذكر أحاديث منها‪ ،‬وقال رسول هللا ﷺ‪ :‬كل سالمى من الناس عليه صدقة‪ ،‬كل‬
‫يوم تطلع فيه الشمس‪ ،‬قال‪ :‬تعدل بين االثنين صدقة‪ ،‬وتعين الرجل في دابته فتحمله عليها‪ ،‬أو‬
‫ترفع له عليها متاعه صدقة‪ ،‬قال‪ :‬والكلمة الطيبة صدقة‪ ،‬وكل خطوة تمشيها إلى الصالة‬
‫‪.16‬صدقة‪ ،‬وتميط‪ G‬األذى عن الطريق صدقة‬
‫‪13‬‬
‫امام النسائي‪ ،‬سنن النسائي‪ ،‬مكتب المطبوعات اإلسالمية ‪ -‬حلب الطبعة الثانية‪ ١٤٠٦ ،‬ھ ج‪ ٨ :‬ص‪ ١٠٤ :‬رقم‪٤٩٩٥ :‬‬
‫‪14‬‬
‫امام السيوطي‪ ،‬حاشية السيوطي على سنن النسائي‪ ،‬دار ابن عفان للنشر والتوزيع الخبر الطبعة األولى ‪ ١٤١٦‬هـ ج‪ ٨:‬ص‪:‬‬
‫‪١٠٥‬‬
‫‪15‬‬
‫اإلمام البخاري‪ ،‬جميع الصحيح‪ ،‬دار طوق النجاة الطبعة األولى‪ ١٤٢٢ ،‬ھ ج‪ ٩:‬ص‪ ١٢ :‬رقم‪٦٩١٤:‬‬
‫‪16‬‬
‫االمام مسلم‪ ،‬جميع الصحيح‪ ،‬دار إحياء التراث العربي ‪ -‬بيروت‪ ،‬ج‪ ٢:‬ص‪ ٦٩٩:‬رقم‪١٠٠٩:‬‬

‫‪8‬‬
‫مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال‬

‫شرحه‪ :‬قوله صلى هللا عليه وسلم (كل سالمى من الناس عليه صدقة كل يوم تطلع فيه‬
‫الشمس) قال العلماء المراد صدقة ندب وترغيب ال إيجاب وإلزام قوله صلى هللا عليه وسلم‬
‫(يعدل بين االثنين صدقة) أي يصلح بينهما بالعدل‪ 17.‬هذا الحديث يحثنا على تحقيق العدل بين‬
‫الناس‪ ،‬ألن كل ما يعمل به يعد صدقة‪ ،‬إذا فعلنا الخير ليقوم األخوة بيننا‪ ،‬وخاصة في بلدنا‬
‫‪.‬إندونيسيا‪G‬‬

‫‪ .٥‬حديث عن اإلمام أبي داود رضي هللا عنه‪ :‬حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‪ ،‬ومسدد‪ G‬المعنى‪،‬‬
‫قاال‪ :‬حدثنا سفيان‪ ،‬عن عمرو‪ ،‬عن أبي قابوس‪ ،‬مولى لعبد هللا بن عمرو‪ ،‬عن عبد هللا بن‬
‫عمرو‪ ،‬يبلغ به النبي ﷺ‪ :‬الراحمون‪ ‬يرحمهم‪ G‬الرحمن ارحموا أهل األرض يرحمكم من في‬
‫‪.18‬السماء‬

‫شرحه‪ :‬قال عليه السالم‪ :‬الراحمون‪ ‬يرحمهم‪ G‬الرحمن‪ ،‬وقال في صفة محمد عليه السالم‪:‬‬
‫‪.‬بالمؤمنين رؤف رحيم‪ 19‬ثم قال تعالى‪ :‬ولو كنت فظا غليظ القلب النفضوا من حولك‬

‫إن المقصود‪ G‬من البعثة أن يبلغ الرسول تكاليف هللا تعالى إلى الخلق‪ ،‬وهذا المقصود ال يتم إال‬
‫إذا مالت قلوبهم‪ G‬إليه وسكنت نفوسهم‪ G‬لديه‪ ،‬وهذا المقصود ال يتم إال إذا كان رحيما‪ G‬كريما‪،‬‬
‫يتجاوز عن ذنبهم‪ ،‬ويعفو عن إساءتهم‪ ،‬ويخصهم‪ G‬بوجوه البر والمكرمة والشفقة‪ ،‬فلهذه‬
‫األسباب وجب أن يكون الرسول مبرأ عن سوء الخلق‪ ،‬وكما يكون كذلك وجب أن يكون غير‬
‫غليظ القلب‪ ،‬بل يكون كثير الميل إلى إعانة الضعفاء‪ ،‬كثير القيام بإعانة الفقراء‪ ،‬كثير‬
‫‪.20‬التجاوز عن سيئاتهم‪ G،‬كثير الصفح عن زالتهم‪G‬‬

‫نحن مكلفون بإتباع النبي وإتباع جميع أفعاله و جميع طبيعة النبي الذي ينشر الرحمة‬
‫إلخواننا من الناس‪ ،‬واعانة الضعفاء والعفو عن المسيئين وصفات جيدة أخرى لجعل السالم‬
‫‪.‬بين إخواننا من الناس‬

‫‪17‬‬
‫االمام النووي‪ ،‬شرح النووي على المسلم‪ ،‬دار إحياء التراث العربي ‪ -‬بيروت الطبعة الثانية‪ ١٣٩٢ ،‬ھ ج‪ ٧ :‬ص‪٩٤:‬‬
‫‪18‬‬
‫امام ابي داود‪ ،‬سنن ابي داود‪ ،‬المكتبة العصرية‪ ،‬صيدا ‪ -‬بيروت‪ G‬ج‪ ٤:‬ص‪ ٢٨٥:‬رقم‪٤٩٤١:‬‬
‫‪19‬‬
‫سورة التوبة ‪ 40‬آية ‪١٢٨ :‬‬
‫‪20‬‬
‫اإلمام الرازي‪ ،‬مفاتيح الغيب‪ ،‬دار إحياء التراث العربي ‪ -‬بيروت‪ G‬الطبعة الثالثة ‪ ١٤٢٠ -‬هـ ج‪ ٩:‬ص‪٤٠٧ :‬‬

‫‪9‬‬
‫مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال‬

‫أما حاصل عدة األدلة‪ ،‬من القرآن الكريم والحديث الشريف‪ ، G‬فهي أن اإلسالم دين يعلم ويفيد‬
‫المصالح العامة لجميع األمة‪ ،‬خاصة للمسلمين‪ ،‬ثم معنى المصلحات في حد ذاتها واسعة‬
‫جدًا ‪ ،‬فمن ذلك فعل الخير لبعضنا البعض بين الناس حتى يتم إنشاء عالقات اإلنسانية جيدة‪،‬‬
‫وأن يعدل بين الناس بال نظر الى الدين والمرتبة‪ ،‬وان يساعد بعضهم‪ G‬بعضا‪ ،‬وان ال يظلم‬
‫جميع المخلوقات‪ ،‬وان يعاصم‪ G‬دائ ًما تقوية األخوة ومحبة بعضهم‪ G‬ببعض‪ ،‬وان يصلح بين‬
‫‪.‬اإلخوة عند العداوة‬

‫المطلب الثاني في آراء العلماء في بيان حقيقة! المصلحات‬ ‫‪‬‬

‫إذا بحثنا معنى حقيقة المصلحة في كتب و آراء العلماء الماضي‪ ،‬سنجد أنه لم يتعرّف معظم‬
‫العلماء الماضي في ماهية المصلحة‪ ،‬من الممكن أن تكون معنى المصلحة واضحة وعمو ًما‬
‫جدا ال تقتصر في معنى فقط‪ ،‬وسنجد‪ G‬أقوال العلماء قليال يشرحون بالتفصيل معنى حقيقة‬
‫المصلحة أو تعريف المصلحة أو تقسيم المصلحة أو أمثلة المصلحة على أقوال منتظم‪G.‬‬
‫وسنجد غالبا تعريفا بالعموم‪ ،‬او أمثلة المصلحة في العبارات وتقسيمها اليزال كونها قليال‪،‬‬
‫‪:‬فلذلك سنشرح هنا التعبيرات العامة للعلماء التي تتعلق بالمصلحة‪ ،‬فمن ذلك‬

‫‪ :‬قول العلماء في المصلحة التي تتعلق بالمقاصد الشريعة‪ ،‬وهي‬

‫‪ .١‬قول الشيخ اإلمام أبو حامد محمد بن محمد الغزالي الطوسي (المتوفى‪٥٠٥ :‬هـ) في كتابه‬
‫‪ :‬المستصفى‪ ،‬في الموضوع األصل الرابع من األصول الموهومة االستصالح‬

‫أما المصلحة فهي عبارة في األصل عن جلب منفعة أو دفع مضرة‪ ،‬ولسنا نعني به ذلك‪ ،‬فإن‬
‫جلب المنفعة ودفع المضرة مقاصد الخلق وصالح الخلق في تحصيل مقاصدهم‪ ،‬لكنا نعني‬
‫بالمصلحة المحافظة على مقصود الشرع‬

‫ومقصود الشرع من الخلق خمسة‪ :‬وهو أن يحفظ عليهم دينهم ونفسهم وعقلهم ونسلهم‬
‫ومالهم‪ ،‬فكل ما يتضمن حفظ هذه األصول الخمسة فهو مصلحة‪ ،‬وكل ما يفوت هذه األصول‬
‫‪.21‬فهو مفسدة ودفعها‪ G‬مصلحة‬

‫‪21‬‬
‫اإلمام الغزالي‪ ،‬المستصفى‪ ،‬دار الكتب العلمية الطبعة األولى‪١٤١٣ ،‬هـ ج‪ ١:‬ص‪١٧٣:‬‬

‫‪10‬‬
‫مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال‬

‫كان اإلمام الغزالي واض ًحا‪ G‬في تحديد معنى المصلحة‪ ،‬فقد أعطى فهما ً عاما ً للمصلحة‪ ،‬يعني‬
‫جلب المنافع ودفع الضرر ‪ ،‬فيقسم المقاصد من الشريعة أو المصلحة إلى خمسة أقسام‪ :‬حفظ‬
‫الدين والنفس والعقل والنسل والمال‪ ،‬ثم يقسّم درجات المقاصد إلى ثالث الدرجات فهي‬
‫‪.‬ضروريات‪ G‬وحاجيات وتحسينيات‪ ،‬ويرجى‪ G‬أن تقراء بنفسك في كتابه المستصفى‪ ،‬لتزيد فهما‬

‫‪ .٢‬قول الشيخ اإلمام إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الغرناطي الشهير بالشاطبي‪G‬‬
‫‪(:‬المتوفى‪٧٩٠ :‬هـ) ‪ ،‬في كتابه الموافقات في الموضوع‪ G‬كتاب المقاصد‬

‫وهي أن وضع الشرائع إنما هو لمصالح العباد في العاجل واآلجل معا‪ ،‬وهذه دعوى ال بد من‬
‫إقامة البرهان عليها صحة أو فسادا‪ ،‬وليس هذا موضع ذلك‪ ،‬وقد‪ G‬وقع الخالف فيها في علم‬
‫الكالم إلى قوله والمعتمد‪ G‬إنما هو أنا استقرينا من الشريعة أنها وضعت لمصالح العباد‬
‫استقراء ال ينازع فيه الرازي وال غيره‪ ،‬فإن هللا تعالى يقول في بعثه الرسل وهو األصل‪:‬‬
‫﴿رسال مبشرين ومنذرين لئال يكون للناس على هللا حجة بعد الرسل﴾‪﴿ ،22‬وما أرسلناك إال‬
‫‪﴾23.24‬رحمة للعالمين‬

‫أوضح اإلمام الشاطبي‪ G‬أن مصالح للعباد سواء مصالح في الدنيا أو مصالح في اآلخرة هو‬
‫المقاصد من وضع الشريعة بإقامة حججها‪ ،‬فال يوجد خالف ذلك بين أهل العلم‪ .‬وحجته بأن‬
‫الرسل أرسلوا‪ G‬رحمة لجميع العلم‪ ،‬ويمكن فهم ذلك أيضا لوجود‪ G‬حجج كثيرة من القرآن أو‬
‫‪.‬الحديث التي تتوضح ذلك‬

‫‪.٣‬قول الشيخ اإلمام محمد بن علي الطيب أبو الحسين البصري المعتزلي‪( G‬المتوفى‪٤٣٦ G:‬هـ)‬
‫في كتابه المعتمد في أصول الفقه‪ ،‬في مقدمة كتابه حين يتكلم هل االسم اللغوي يجوز‪ G‬أن ينقله‬
‫‪ :‬الشرع إلى معنى آخر؟‪ .‬فيقول‬

‫فأما الداللة على حسن نقل االسم عن معناه إلى معنى آخر بالشرع‪ G‬فهي أنه ال يمتنع تعلق‬
‫مصلحة بذلك كما ال يمتنع ثبوتها‪ G‬في جميع العبادات وال يكون فيه وجه قبح وإذا لم يمتنع ذلك‬

‫‪22‬‬
‫سورة النساء ‪ 4‬آية ‪١٦٥ :‬‬
‫‪23‬‬
‫سورة األنبياء‪ 21 G‬آية ‪١٠٧ :‬‬
‫‪24‬‬
‫اإلمام الشاطبي‪ ،‬الموافقات‪ ،‬دار ابن عفان الطبعة األولى ‪ ١٤١٧‬ھ ج‪ ٢:‬ص‪٩:‬‬

‫‪11‬‬
‫مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال‬

‫لم يمتنع حسنه إذ المصلحة‪ ‬وجه حسن وأيضا فقد جاءت الشريعة بعبادات لم تكن معروفة في‬
‫‪25‬‬
‫اللغة فلم يكن بد من وضع اسم لها لتتميز به من غيرها‪.‬‬

‫وأوضح الشيخ أبو حسين البصري المعتزلي‪ G‬أن المصلحات وجه حسن في نقل معنى اإلسم‬
‫األصلي إلى معنى آخر بالشرع ‪ ،‬ثم يقاس هذا األسلوب في تحديد شريعة العبادة‪ ،‬و تكتب‬
‫ايضا في ذلك الكتاب عبارات المصلحة لتحقيق قوانين علم اصول الفقة‪ ،‬ألنه من العلماء‬
‫الذي طريق‪ G‬فكريته بطريق فكرية معتزلية‪ ،‬لذلك تغلب نظرياته بأساس العقل وأسلوب العقل‬
‫‪.‬تبنى في الغالب جلب المنفعة ودفع‪ G‬الضرر‬

‫‪ .٤‬قول أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم األندلسي القرطبي‪ G‬الظاهري الشهير بإبن‬
‫حزم (المتوفى‪٤٥٦ G:‬هـ) في كتابه اإلحكام في أصول األحكام في الموضوع‪ ،‬الباب التاسع‬
‫والثالثون في إبطال القول بالعلل في جميع أحكام الدين‪ ،‬حين يبطل قول القائل الذي يقول إن‬
‫‪:‬هللا تعالى ال يفعل شيئا إال لمصالح عباده‬

‫فبطل قوله إن هللا تعالى ال يفعل شيئا إال‪ ‬لمصالح‪ ‬عباده وصح بالضرورة أنه يفعل ما يشاء‪ ‬‬
‫لصالح ما شاء ولفساد ما شاء ولنفع من شاء ولضر من شاء ليس ههنا شيء يوجب إصالح‬
‫من صلح وال إفساد‪ G‬من أفسد وال هدي من هدى وال إضالل من أضل وال إحسان إلى من‬
‫أحسن إليه وال اإلساءة إلى من أساء إليه لكن فعل ما شاء ﴿ال يسأل عما يفعل وهم‬
‫‪﴾26.27‬يسألون‬

‫وأوضح اإلمام ابن حزم أن المصالح والضرر من قدر هللا‪ ،‬وال يتدخل فيها قدر اإلنسان‬
‫إطالقا ً إما مصالح في الدنيا أو في اآلخرة ‪ ،‬كما أوضح في ذلك الكتاب و أنه في استنباط‪G‬‬
‫أحكام الشريعة يجب أن ال يكون هناك تدخل فكرة اإلنسان لمجرد أنه قائم على أساس نفسا‪.‬‬
‫أما القول بأن هللا ال يفعل شيئا ً إال لمصالح‪ ،‬فقد بطل ألن المصالح والمفاسد حق هللا نفسه‪.‬و‬
‫‪.‬نقلت هذا الراي لمقابلة راي اإلمام الشيخ أبو حسين البصري المعتزلي‪G‬‬

‫‪25‬‬
‫أبو الحسين البصري المعتزلي‪ ،‬المعتمد‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ -‬بيروت الطبعة األولى‪ ١٤٠٣ ،‬ھ ج‪ ١:‬ص ‪١٩:‬‬
‫‪26‬‬
‫سورة األنبياء‪ 21 G‬آية ‪٢٣:‬‬
‫‪27‬‬
‫اإلمام ابن حزم‪ ،‬اإلحكام في أصول األحكام دار اآلفاق الجديدة‪ ،‬بيروت ج‪ ٨:‬ص‪١٢٥:‬‬

‫‪12‬‬
‫مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال‬

‫‪ .٥‬قول تاج الدين عبد الوهاب بن تقي الدين السبكي (المتوفى‪٧٧١ :‬هـ) في كتابه جمع‬
‫الجوامع في الموضوع مسالك العلة الخامس يعني المناسب واإلخالة الذي يكون قوال منقوال‬
‫‪ :‬عن الشيخ ابن الحاجب في كتاب المختصر‪G‬‬

‫والمناسب‪ :‬المالئم ألفعال العقالء عادة‪ ،‬وقيل‪ :‬ما يجلب نفعا أو يدفع ضررا وقال أبو زيد‪ :‬ما‬
‫لو عرض على العقول لتلقته بالقبول‪ ،‬وقيل‪ :‬وصف‪ G‬ظاهر منضبط يحصل عقال من ترتيب‬
‫الحكم عليه ما يصلح كونه مقصودا للشارع من حصول مصلحة أو دفع مفسدة فإن كان خفيا‬
‫‪.‬أو غير منضبط‪ G‬اعتبر مالزمه وهو المظنة‬

‫‪ :‬ثم يقسم المناسب باعتبار نفض المقصود‬

‫والمناسب ضروري‪ ،‬فحاجي‪ ،‬فتحسيني‪ ،‬والضروري‪ G‬كحفظ الدين فالنفس فالعقل فالنسب‬
‫فالمال والعرض‪ ،‬ويلحق به مكمله كحد قليل المسكر والحاجي‪ G‬كالبيع فاإلجارة‪ ،‬وقد يكون‬
‫ضروريا‪ G‬كاإلجارة لتربية الطفل‪ ،‬ومكمله كخيار البيع‪ ،‬والتحسيني غير معارض القواعد‬
‫‪.28‬كسلب العبد أهلية الشهادة‪ ،‬والمعارض‪ G‬كالكتابة‬

‫شرح اإلمام تاج الدين السبكي المصلحة في الموضوع مسالك العلة الخامس وهي المناسب‬
‫الذي نقل عن رأي اإلمام ابن الحاجب في كتاب المختصر‪ ،‬فقال كالهما أن المصالح التي‬
‫تجلب المنفعة وتدفع الضرر يمكن أن تكون أحد مسالك العلة في باب القياس‪ ،‬ألن ذلك الفكر‬
‫يعم لجميع العاقل‪ ،‬و ألن الغرض من الشريعة هو جلب النفع ودفع الضرر‪ ،‬ثم بعد ذلك يقسم‬
‫اإلمام تاج الدين السبكي المناسب تقسيم المصلحات عند اإلمام الغزالي في كتاب المستصفى‪.‬‬
‫وهي ضروري‪ ،‬فحاجي‪ ،‬فتحسيني‪ ،‬والضروري‪ G‬يقسم بحفظ الدين فالنفس فالعقل فالنسب‬
‫‪.‬فالمال والعرض‬

‫فالحاصل من آراء وأقوال‪ G‬العلماء الواردة أن المصالح المقاصدي‪ G‬هي كلمة التي قد اصطلح‬
‫علماء القديم لتعبير كل ما يمكن جلب المنافع ودفع الضرر سواء في الدنيا أو في اآلخرة‪ ،‬وال‬
‫يزال أن يختلف فيما هل المصلحة يمكن أن تكون مصدرًا في تحديد أحكام الشريعة أوأساس‬
‫من أساسي للشريعة قط؟‪ .‬ولكن كذلك‪ ،‬بعد أن نتعلم أن المصلحة عضو من أعضاء الشريعة‪،‬‬
‫فكل ما يمكن جلب المصلحة وال يصطدم بأحكام‪ G‬الدين هو من الشريعة مثل إيديولوجية‬
‫‪28‬‬
‫اإلمام تاج الدين السبكي‪ ،‬جمع الجوامع‪ ،‬دار ابن الجوزي الطبعة األولى ‪ ١٤٣٦‬ھ ج‪ ١:‬ص‪٣١٩ - ٣١٥ :‬‬

‫‪13‬‬
‫مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال‬

‫بانكاسيال‪ ،‬ألنها تتضمن مصالح العامة لموحدة فهم إيديولوجي األمة إندونيسية كي ال تكونوا‬
‫‪.‬تتفرقوا بسبب تمسكهم على إفراد إيديولوجيهم‪G‬‬

‫المطلب الثالث في رأي اإلمام عزالدين بن عبد السالم في بيان المصلحة و قسمتها‬ ‫‪‬‬

‫وقد بينا أن للعلماء وجهة النظرية المختلفة عن المصلحة‪ ،‬في هذا المطلب‪ ،‬نريد أن نشرح‬
‫رأي اإلمام عزالدين بن عبد السالم في معنى المصلحة وتقسيمها في كتاب قواعد األحكام في‬
‫مصالح األنام‪ ،‬ولكن اإلمام عزالدين بن عبد السالم قد بين وقسم‪ G‬المصلحة في ذلك الكتاب‬
‫تبيينا وتقسيما واضحا‪ ،‬وها نحن ذا سنبين رأيه عن المصلحة باإلختصار‪ ،‬لكي ال يكون هذه‬
‫‪.‬الكتابة طوال جدا‬

‫تعريف المصلحة‬

‫قبل أن يعرف اإلمام عز الدين معنى المصالح‪ ،‬يقدم في فصل في بيان جلب مصالح الدارين‬
‫ودرء مفاسدهما على الظنون ثم قال في هذا الفصل ‪" :‬االعتماد في جلب معظم مصالح‬
‫الدارين ودرء مفاسدهما على ما يظهر‪ G‬في الظنون‪ .‬وللدارين مصالح إذا فاتت فسد أمرهما‪،‬‬
‫ومفاسد إذا تحققت هلك أهلهما‪ ،‬وتحصيل‪ G‬معظم هذه المصالح بتعاطي أسبابها مظنون غير‬
‫مقطوع به؛‬

‫فإن عمل اآلخرة ال يقطعون بحسن الخاتمة وإنما يعملون بناء على حسن الظنون‪ ،‬وهم مع‬
‫ذلك يخافون أن ال يقبل منهم ما يعملون‪ ،‬وقد‪ G‬جاء التنزيل بذلك في قوله تعالى‪﴿ :‬والذين‬
‫يؤتون ما آتوا وقلوبهم‪ G‬وجلة أنهم إلى ربهم راجعون﴾ ‪ ،29‬فكذلك أهل الدنيا إنما يتصرفون‬
‫‪".30‬بناء على حسن الظنون‬

‫من هذا القول يفيد أن المصلحة بنيت على حسن ظنون العباد وليس قطعيا إلختالف العباد‬
‫بظنونهم‪ ،‬فسنجد‪ G‬مصالحا مختلفا بإختالف‪ G‬أفراد ظنونهم ويفيد ايضا أن المصالح عموما‬
‫‪.‬ينقسم الى مصالح الدنيا ومصالح اآلخرة‬

‫‪29‬‬
‫سورة المؤمنون‪ 23‬آية ‪٦٠ :‬‬
‫‪30‬‬
‫اإلمام عز الدين بن عبد السالم‪ ،‬قواعد األحكام في مصالح األنام‪ ،‬مكتبة الكليات األزهرية ‪ -‬القاهرة‪ ،‬ج‪ ١:‬ص‪٤:‬‬

‫‪14‬‬
‫مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال‬

‫وقال أيضا ‪" :‬التكاليف كلها راجعة إلى مصالح العباد في دنياهم وأخراهم وهللا غني عن‬
‫عبادة الكل‪ ،‬وال تنفعه طاعة الطائعين‪ ،‬وال تضره معصية العاصين بل لو كانوا كلهم على‬
‫أفجر قلب رجل واحد منهم لم ينقص ذلك من ملكه شيئا‪ ،‬ولو كانوا كلهم على أتقى قلب رجل‬
‫واحد منهم لم يزد ذلك في ملكه شيئا‪ ،‬ولم يبلغوا ضره فيضروه وال نفعه فينفعوه‪ ،‬وكل ضال‬
‫‪".31‬إال من هداه هللا‬

‫أما تعريف المصالح عنده كما قال في فصل فيما استثني من تحصيل المصالح ودرء المفاسد‬
‫فيذكر مع تعريف‪ G‬المفاسد‪ ،‬فقال‪" :‬ويعبر‪ G‬عن المصالح والمفاسد بالخير‪ G‬والشر‪ ،‬والنفع‬
‫والضر‪ ،‬والحسنات والسيئات‪ .‬ألن المصالح كلها خيور نافعات حسنات‪ ،‬والمفاسد‪ G‬بأشرها‬
‫شرور مضرات سيئات"‪32.‬يعني كل ما يجلب الخير والنفع والحسنات هو مصلحة‪ ،‬وكل ما‬
‫‪.‬يجلب الشر والضرر‪ G‬والسيئات هو مفسدة‬

‫تقسيم المصالح‬

‫فصل في بيان مصالح الدنيا واآلخرة‬

‫لما علم أنه كانت طريقة معرفة المصلحة في الدنيا بالعقل فيقول‪" :‬ومعظم مصالح الدنيا‬
‫ومفاسدها معروف‪ G‬بالعقل وذلك معظم الشرائع؛ إذ ال يخفى على عاقل قبل ورود‪ G‬الشرع أن‬
‫تحصيل المصالح المحضة‪ ،‬ودرء المفاسد المحضة عن نفس اإلنسان وعن غيره محمود‬
‫حسن‪ ،‬وأن تقديم أرجح المصالح فأرجحها‪ G‬محمود حسن‪ ،‬وأن درء أفسد المفاسد فأفسدها‪G‬‬
‫محمود حسن‪ ،‬وأن تقديم أرجح المصالح فأرجحها‪ G‬محمود حسن‪ ،‬وأن درء أفسد المفاسد‬
‫فأفسدها‪ G‬محمود حسن‪ ،‬وأن تقديم المصالح الراجحة على المرجوحة محمود حسن‪ ،‬وأن درء‬
‫‪".33‬المفاسد الراجحة على المصالح المرجوحة محمود حسن واتفق الحكماء على ذلك‬

‫‪31‬‬
‫اإلمام عز الدين بن عبد السالم‪ ،‬قواعد األحكام في مصالح األنام‪ ،‬مكتبة الكليات األزهرية ‪ -‬القاهرة‪ ،‬ج‪ ٢:‬ص‪٧٣:‬‬
‫‪32‬‬
‫اإلمام عز الدين بن عبد السالم‪ ،‬قواعد األحكام في مصالح األنام‪ ،‬مكتبة الكليات األزهرية – القاهرة ج‪ ١:‬ص‪٥:‬‬
‫‪33‬‬
‫اإلمام عز الدين بن عبد السالم‪ ،‬قواعد األحكام في مصالح األنام‪ ،‬مكتبة الكليات األزهرية ‪ -‬القاهرة‪ ،‬ج‪ ١:‬ص‪٥:‬‬

‫‪15‬‬
‫مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال‬

‫وفي ذلك القول ترتيب اختيار‪ G‬المصلحة بطبع شائع في كل إنسان الذي يعقل بعقل سليم كما‬
‫قاله ‪" :‬فإن الطباع مجبولة على ذلك بحيث ال يخرج عنه إال جاهل غلبت عليه الشقاوة أو‬
‫هكذا يعرف مصالح الدنيا‬ ‫‪34‬‬
‫‪.‬أحمق زادت عليه الغباوة"‪،‬‬

‫أما تعريف مصالح اآلخرة فقال ‪" :‬وأما مصالح اآلخرة ومفاسدها فال تعرف إال بالنقل‪،‬‬
‫ومصالح الدارين ومفاسدهما‪ G‬في رتب متفاوتة فمنها؛ ما هو في أعالها‪ ،‬ومنها ما هو في‬
‫أدناها‪ ،‬ومنها ما يتوسط بينهما‪ ،‬وهو منقسم إلى متفق عليه ومختلف فيه‪ .‬فكل مأمور به ففيه‬
‫مصلحة الدارين أو إحداهما‪ ،‬وكل منهي عنه ففيه مفسدة فيهما أو في إحداهما‪ ،‬فما كان من‬
‫االكتساب محصال ألحسن المصالح فهو أفضل األعمال‪ ،‬وما كان منها محصال ألقبح المفاسد‬
‫‪".35‬فهو أرذل األعمال‬

‫يعني أن مصالح اآلخرة ال يُعرف إال بحجج الشريعة كالقرآن الكريم والحديث الشريف‪،‬‬
‫فالعقل ال يستعمل إال لتنهيج القرآن الكريم والحديث الشريف حتى يصبح دليال شرعيا‪ .‬ولكن‬
‫يستعمل لتحقيق المصلحة كاعتبار ما هو أكثر المصالح فيجب تقديمه على مصالح اآلخر‬
‫‪.‬وكذلك المفاسد فيجب تقديم األفساد فاألفساد‬

‫فصل في مصالح الحقيقي ومصالح المجازي‬

‫ال تأتى المصلحة إال بجلب أسبابها‪ ،‬فقال وقسم المصالح ‪" :‬المصالح ضربان‪ :‬أحدهما حقيقي‬
‫وهو األفراح واللذات‪ ،‬والثاني مجازي‪ G‬وهو أسبابها‪ ،‬وربما‪ G‬كانت أسباب المصالح مفاسد‬
‫فيؤمر‪ G‬بها أو تباح ال لكونها مفاسد بل لكونها مؤدية إلى مصالح‪ ،‬وذلك كقطع األيدي المتآكلة‬
‫‪،‬حفظا لألرواح‪ ،‬وكالمخاطرة باألرواح في الجهاد‬

‫وكذلك العقوبات الشرعية كلها ليست مطلوبة لكونها مفاسد بل لكونها المقصودة من شرعها‬
‫كقطع السارق وقطع‪ G‬الطريق وقتل الجناة ورجم‪ G‬الزناة وجلدهم وتغريبهم‪ :‬وكذلك التعزيرات‪،‬‬
‫كل هذه مفاسد أوجبها الشرع لتحصيل ما رتب عليها من المصالح الحقيقة‪ ،‬وتسميتها‬
‫‪".36‬بالمصالح من مجاز تسمية السبب باسم المسبب‬

‫‪34‬‬
‫اإلمام عز الدين بن عبد السالم‪ ،‬قواعد األحكام في مصالح األنام‪ ،‬مكتبة الكليات األزهرية ‪ -‬القاهرة‪ ،‬ج‪ ١:‬ص‪٦ :‬‬
‫‪35‬‬
‫اإلمام عز الدين بن عبد السالم‪ ،‬قواعد األحكام في مصالح األنام‪ ،‬مكتبة الكليات األزهرية ‪ -‬القاهرة‪ ،‬ج‪ ١:‬ص‪٨ :‬‬
‫‪36‬‬
‫اإلمام عز الدين بن عبد السالم‪ ،‬قواعد األحكام في مصالح األنام‪ ،‬مكتبة الكليات األزهرية ‪ -‬القاهرة‪ ،‬ج‪ ١:‬ص‪١٤ :‬‬

‫‪16‬‬
‫مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال‬

‫كل ما يمكن جلب المصالح فهو من مصالح المجازي ولو كان مفسدا‪ .‬نعم‪ ،‬إذا كان ال يمكن‬
‫جلب المصالح إال بجلب ذلك المفسد‪ ،‬وهذا ربما وقع في أحكام الشريعة التي ذكرها اإلمام‬
‫‪.‬سابقا‪ ،‬وكما في القاعدة ‪ :‬يغتفر في الوسائل ما ال يغتفر في المقاصد‬

‫والمفاسد يقسم ضربين كتقسيم المصالح المذكور بقوله ‪" :‬كذلك المفاسد ضربان‪ :‬أحدهما‬
‫حقيقي وهو الغموم واآلالم‪ ،‬والثاني مجازي‪ G‬وهو أسبابها‪ ،‬وربما‪ G‬كانت أسباب المفاسد‬
‫مصالح فنهى الشرع عنها ال لكونها مصالح بل ألدائها إلى المفاسد وذلك كالسعي في تحصيل‬
‫اللذات المحرمات والشبهات المكروهات والترفهات بترك مشاق الواجبات والمندوبات‪ G‬فإنها‬
‫مصالح نهي عنها ال لكونها مصالح بل ألدائها إلى المفاسد الحقيقة وتسميتها‪ G‬مفاسد من مجاز‬
‫‪".37‬تسمية السبب باسم المسبب‬

‫فإذا كان الشيء نافعًا او مصالحا ولكن ذلك مسببا لضرر فهو حرام في الدين ويسمى مفاسد‬
‫مجازي كما قال اإلمام عزالدين‪" :‬ألن فعل المكلف ينظر هللا اليه في نيته أو مقصوده" كما‬
‫في الحديث‪ :‬إنما األعمال بالنية‪ ،‬وإنما المرئ ما نوى‪ ،‬فمن كانت هجرته إلى هللا ورسوله‪،‬‬
‫فهجرته إلى هللا ورسوله‪ ،‬ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها‪ ،‬فهجرته إلى ما‬
‫‪38‬‬
‫هاجر إليه‪.‬‬

‫‪:‬الهجرة خير ولكن إذا كانت نيتها شرا فشر وكما قول بعض العلماء‬

‫‪،‬حقيقة حكم محل وزمن ‪ #‬كيفية شرط ومقصود‪ G‬حسن‬

‫‪.39‬يعني من أجزاء النية مقصود‪ ،‬إذا كان مقصودها‪ G‬خيرا فخير أو شرا فشر‬

‫فالحاصل‪ ،‬ليس كل نافع بمصلحة إذا يتأدى مفسدة‪ ،‬وليس كل ضرر‪ G‬بمفسدة إذا يتأدى‬
‫مصلحة‪ ،‬كقوله ‪" :‬فائدة‪ :‬المصالح المحضة قليلة وكذلك المفاسد المحضة‪ ،‬واألكثر منها‬
‫اشتمل على المصالح والمفاسد ويدل عليه قوله ‪ -‬عليه السالم ‪" :‬حفت الجنة بالمكاره وحفت‬
‫النار بالشهوات"‪ .‬والمكاره مفاسد من جهة كونها مكروهات مؤلمات‪ ،‬والشهوات مصالح من‬

‫‪37‬‬
‫اإلمام عز الدين بن عبد السالم‪ ،‬قواعد األحكام في مصالح األنام‪ ،‬مكتبة الكليات األزهرية ‪ -‬القاهرة‪ ،‬ج‪ ١:‬ص‪١٤ :‬‬
‫‪38‬‬
‫اإلمام المسلم‪ ،‬صحيح مسلم ج‪ ٣:‬ص‪ ١٥١٥:‬رقم‪١٩٠٧:‬‬
‫‪39‬‬
‫امام الرملي الكبير‪ ،‬حاشية أسنى المطالب في شرح روض الطالب‪ ،‬دار الكتاب اإلسالمي ج‪ ١:‬ص‪٢٨ :‬‬

‫‪17‬‬
‫مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال‬

‫جهة كونها شهوات ملذات مشتهيات‪ ،‬واإلنسان بطبعه يؤثر ما رجحت مصلحته على‬
‫‪".40‬مفسدته‪ ،‬وينفر مما رجحت مفسدته على مصلحته‬

‫فصل في معرفة المصالح والمفاسد بالمكاشفة‬

‫ما أعجبنا به أنه تقسيم المصالح والمفاسد من وجه المكاشفة التي يصطلح بها علماء‬
‫الصوفية‪ ،‬يعني هي حال خصوصي‪ ،‬كما قال إمام القشيري‪ :‬واعلم أن المكاشفة في كالمهم‬
‫عبارة عن ظهور الشيء للقلب باستيالء ذكره من غير بقاء للريب‪ ،‬وربما‪ G‬أرادوا بالمكاشفة‬
‫ما يقرب مما يراه الرائي بين اليقظة والنوم‪ 41،‬فقال إنه ليست كل المصالح أو المفاسد‬
‫معروفة لجميع اإلنسان ‪ ،‬فهناك في بعض المصالح أوالمفاسد ما ال يعرفها إال عدد قليل من‬
‫‪.‬الناس‪ ،‬وبعضها معروفة لبعض علمائهم‪ ،‬وبعضها‪ G‬معروفة لكثير من الناس‬

‫فما معرفتها بالمكاشفة فهي كقوله ‪":‬المصالح والمفاسد أقسام‪ : G‬أحدها ‪ :‬ما تعرفه األذكياء‬
‫واألغبياء الثاني ما يختص بمعرفته األذكياء‪ ،‬الثالث ما يختص بمعرفته األولياء‪ ،‬ألن هللا‬
‫تعالى ضمن لمن جاهد في سبيله أن يهديه إلى سبيله فقال‪﴿ :‬والذين جاهدوا فينا لنهدينهم‬
‫سبلنا﴾‪ 42،‬وألن األولياء يهتمون بمعرفة أحكامه وشرعه فيكون بحثهم عنه أتم واجتهادهم‬
‫‪.43‬فيه أكمل‪ ،‬مع أن من عمل بما يعلم ورثه هللا علم ما لم يعلم‬

‫فصل في المصالح الكفايات واألعيان وكذا المفاسد‬

‫المصالح إما أن تكون فروض الكفايات وأن تكون فروض‪ G‬األعيان‪ ،‬ألهمها في الدين فقال ‪:‬‬
‫"اعلم أن المصالح ضربان‪ :‬أحدهما ما يثاب على فعله لعظم المصلحة في فعله‪ ،‬ويعاقب على‬
‫تركه لعظم المفسدة في تركه وهو ضربان‪ :‬أحدهما فرض على الكفاية كتعلم األحكام‬
‫الشرعية الزائدة على ما يتعين تعلمه على المكلفين إلى نيل رتبة الفتيا‪ ،‬وكجهاد‪ G‬الطلب وجهاد‬
‫‪،44‬الدفع‪ ،‬واألمر بالمعروف‪ G‬والنهي عن المنكر‬

‫‪40‬‬
‫اإلمام عز الدين بن عبد السالم‪ ،‬قواعد األحكام في مصالح األنام‪ ،‬مكتبة الكليات األزهرية ‪ -‬القاهرة‪ ،‬ج‪ ١:‬ص‪١٤ :‬‬
‫‪41‬‬
‫امام عبد الكريم بن هوازن القشيري (المتوفى‪٤٦٥ :‬ھ)‪ ،‬الرسالة القشيريةالمؤلف‪ ،‬دار المعارف‪،‬ج‪ ٢:‬ص‪٣٨٧:‬‬
‫‪42‬‬
‫سورة العنكبوت‪ 29 G‬آية ‪٦٩ :‬‬
‫‪43‬‬
‫اإلمام عز الدين بن عبد السالم‪ ،‬قواعد األحكام في مصالح األنام‪ ،‬مكتبة الكليات األزهرية ‪ -‬القاهرة‪ ،‬ج‪ ١:‬ص‪٢٨ :‬‬
‫‪44‬‬
‫اإلمام عز الدين بن عبد السالم‪ ،‬قواعد األحكام في مصالح األنام‪ ،‬مكتبة الكليات األزهرية ‪ -‬القاهرة‪ ،‬ج‪ ١:‬ص‪٥٠ :‬‬

‫‪18‬‬
‫مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال‬

‫والثاني‪ :‬فرض على األعيان كتعلم ما يتعين تعلمه من أحكام الشريعة‪ ،‬وقراءة الفاتحة‪،‬‬
‫وأركان الصالة‪ ،‬وغير ذلك من عبادات األعيان‪ ،‬وكذلك الحج والعمرة والصلوات والزكاة‬
‫والصيام‪ 45.‬وأما درء المفاسد فال يشرح عن ذلك ألن جلب المصالح يتضمن أيضا درء‬
‫‪.‬المفاسد‬

‫‪45‬‬
‫اإلمام عز الدين بن عبد السالم‪ ،‬قواعد األحكام في مصالح األنام‪ ،‬مكتبة الكليات األزهرية ‪ -‬القاهرة‪ ،‬ج‪ ١:‬ص‪٥١ :‬‬

‫‪19‬‬
‫مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال‬

‫)المبحث الثاني(‬
‫‪:‬سنتكلم عن أيديولوجية بانكاسيال‪ ،‬وهذا المبحث ينقسم إلى ثالثة مطالب‬
‫المطلب األول في أيديولوجية اإلسالم‬ ‫‪‬‬

‫معان مختلفة‪ ،‬ويأتي إديديو‪ G‬من كلمة الفعل في اليونانية‬


‫ٍ‬ ‫يستعمل مصطلح األيديولوجيا‪ G‬في‬
‫إدييا‪ ،‬وهي الفكرة أوالفهم أواألفكار‪ ، G‬وتأتي‪ G‬كلمة لوجي من الكلمة اليونانية لوجوس التي‬
‫تعني فكرة أوفهم‪ G‬أوالعلم ‪ ،‬فلذلك من حيث المصطلحات األيديولوجيا‪ G‬هي معرفة عن‬
‫الفكرة‪ 46.‬ومعنى األيديولوجيا في اللغة العربية مبدأ هو المصدر‪ G‬الميمي من بدأ يبدأ بدأ ومبدأ‬
‫‪.47‬ومعنى األيديولوجيا في اصطالح هو مبدأ أو أساس الفكرة الذي يبنى على فروعها‪G‬‬

‫األيديولوجيا علم لألفكار المعنية هي فكرة عن المستقبل ولذا يمكن استنتاج أن األيديولوجيا‪G‬‬
‫هي علم عن المستقبل‪ ،‬وهذه الفكرة هي فكرة األمنية عن المستقبل‪ ،‬أي ُمثُل األيديولوجية‬
‫المستقبلية ليست مجرد فكرة ‪ ،‬وهي فكرة تتبعها مجموعة كبيرة من الناس أو األمة‪ ،‬وبسبب‬
‫هذه األيديولوجية يفعلوا الناس إلى إدراك الفكرة وال يجوز تسميتها أيديولوجية إذا لم تكن‬
‫‪.48‬كذلك‬

‫ولقد ولد اإلسالم من الوحي وعملية التفكير التي أدت إلى إيمان راسخ بوجود هللا سبحانه‬
‫وتعالى باعتباره الخالق والمنظم‪ G‬لحياة الكون وجميع محتوياته ومنها البشر‪ .‬ويخرج اإلسالم‬
‫قواعد الحياة أي الشريعة اإلسالمية الكملية المخصصة لإلنسان ‪ ،‬واإلسالم مستمد من القرآن‬
‫الكريم والحديث الشريف ومن هذا االعتقاد تزيد اإليمان بوجود‪ G‬رسل من البشرية يرشدون‬
‫‪.‬البشر ويعلمون طاعة خالقهم ويؤمنون باآلخرة ويوم‪ G‬اللقاء باهلل تعالى‬

‫بدأت األيديولوجية اإلسالمية تتجلى في نظام الحكم منذ عام ‪ ٦٦٢‬م‪ .‬في المدينة المنورة على‬
‫يد الرسول محمد صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬وكان تاريخها‪ G‬أن هذه األيديولوجية كانت قادرة على‬
‫توفير‪ G‬الحلول واالزدهار للناس ولو كانت فيها كثير من المسائل‪ ،‬ولكن قد تم تنفيذ‬
‫اإليديولوجية اإلسالمي منذ ‪ ٣‬مارس ‪ ١٩٢٤‬م‪ .‬عند إنهدمت الخالفة العثمانية ومنذ ذلك‬
‫‪.‬الحين لم يعد اإلسالم يستعمل أيديولوجية في نظام الحكم السياسية‬
‫‪46‬‬
‫غونوان ستيارغا‪ ،‬حقوق اإلنسانية على أساس إيديولوجية باعكاسيال‪،‬كانيسيوس‪ G-‬يوجياكارتا ‪ ١٩٩٣‬م‬
‫‪47‬‬
‫احمد عطية‪ ،‬طريقة اإلسالم الجديد‪ ،‬مكتبة طريق العزة‪ -‬بوجور ‪ ٢٠٠٤‬م‬
‫‪48‬‬
‫شاربني‪ ،‬إسالم في طرف المتحركة ‪ :‬إيديولوجي‪ ،‬فكرة ومحركة‪ ،‬فيالر ميدييا‪ - G‬يوجياكارتا ‪ ٢٠٠٥‬م‬

‫‪20‬‬
‫مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال‬

‫اإلسالم هو دين المجتمع العالمي‪ ،‬واإلسالم‪ G‬ليس مخصصًا لجنس البشر المعين‪ ،‬وال يقتصر‬
‫اإلسالم على محل المعين من األرض‪ ،‬فقد أنزل اإلسالم للبشرية جمعاء في جميع أقطار‬
‫األرض‪ ،‬واإلسالم هو دين للبشر حتى يلقى هذا العالم يوم الهالك‪ ،‬لذلك كان النبي محمد‬
‫صلى هللا عليه وسلم هو آخر نبي أرسله هللا تعالى‪ ،‬بل ﴿ما كان محمد أبا أحد من رجالكم‬
‫‪﴾.49‬ولكن رسول هللا وخاتم النبيين وكان هللا بكل شيء عليما‬

‫اإلسالم دين يهتم بالبشر بكل طاقاتهم‪ G،‬لذلك كان من المتفق عليه أم ال‪ ،‬أن يعلم على أن حياة‬
‫اإلنسان ليست جامدة وثابتة بل متحركة ومتغيرة‪ ،‬وهذه الحركة والتغيير‪ G‬يشمل الجانب‬
‫‪.‬اإلنساني بأكمله والجانب المادي والعالقات التفاعلية بين البشر والحوار بين العقول‬

‫وهكذا فإن اإلسالم دين على كل العصور ودين خالد وكامل في مبادئه وشرائعه الواردة في‬
‫القرآن الكريم واألحاديث الشريف الصحيحة‪ ،‬كما أن بعض المسائل وموضوعات لها قوانين‬
‫‪.50‬عامة تضمن جميع أنواع الحاالت طالما أن هذه القوانين ال تتعارض بقوانين الدين‬

‫المطلب الثاني في بانكاسيال وتاريخ تكوينها‬ ‫‪‬‬

‫مدة قبل االستقالل‬


‫كان شعب اإلندونيسي مستعم ًرا‪ G‬للدوالت أخرى منها الهولنديين والبرتغاليين والبريطانيين‪G‬‬
‫واليابانيين‪ ،‬وكان الهولنديون أطول اإلستعمار‪ G‬مدة‪ .‬وقبل وصول هؤالء الدولة األجانب إلى‬
‫أراضي إندونيسيا‪ G‬كانت هناك ممالك مستقلة كبيرة مثل سريويجايا‪ ،‬وماجاباهيت‪ ،‬وديماك‪،‬‬
‫وماتارام‪ ، G‬وتيرنات‪ G‬وتيدور‪ G‬وكانت اصطدموا االستعمار لذلك يقوم الشعب اإلندونيسي‪ G‬دائ ًما‬
‫بمقاومة على شكل الغزو وسياسي‪ ،‬إنتهى االستعمار‪ G‬الهولندي في ‪ ٨‬مارس ‪ ١٩٤٢‬منذ ذلك‬
‫الحين استعمرت اليابانيين إندونيسيا ولكنه سرع‪.‬‬

‫مدة إعداد اإلسقالل‬


‫وكان من عام ‪ ،١٩٩٤‬بدأت اليابانيين في الخسارة في ضد الحلفاء وجذبوا‪ G‬تعاطف شعب‬
‫اإلندونيسي‪ G‬ليكون استعدادا لمعاونة ضد القوات بوعد االستقالل‪ ،‬وأعلنه رئيس الوزراء‬
‫كايسو في ‪ ٧‬سبتمبر‪ ١٩٩٤ G‬ولكن ال يححقوه مدة طويال بسبب الضغط المستمر ‪ ،‬في ‪٢٩‬‬
‫أبريل ‪ ،١٩٤٥‬أعطت اليابانيون الوعد الثاني باالستقالل لشعب اإلندونيسي‪ ، G‬وهو الوعد‬
‫‪49‬‬
‫سورة األحزاب ‪ 33‬اآلية ‪٤٠ :‬‬
‫‪50‬‬
‫فوزي أمر هريادي‪ ،‬إيديولوجية اإلسالم خالدة ومتحركة‬

‫‪21‬‬
‫مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال‬

‫باالستقالل غير المشروط‪ G‬في مرسوم غونسيكان (أعلى سلطة مدنية من الحكومة العسكرية‬
‫‪51‬‬
‫اليابانية في جاوة ومادورا)‪.‬‬

‫مدة المشاورة واقتراح أساس دولة اإلندونيسيا‬


‫يحتوي المرسوم‪ G‬على أساس إنشاء إدارة المخبرات إلعداد استقالل اإلندونيسيا تتمثل مهمتها‬
‫في المخبرات وجمع المقترحات لتقديمها إلى الحكومة اليابانية للنظر فيها من أجل استقالل‬
‫إندونيسيا‪ G.‬وتم التولية العضوية في ‪ ٢٨‬مايو ‪ ١٩٤٥‬ويؤدي الجلسة األولى في ‪ ٢٩‬مايو إلى‬
‫‪ ١‬يونيو‪ .١٩٤٥ G‬وكانت في هذه الجلسة المناقشة الخاصة حول المرشح لأليديولوجية‬
‫األساسية لدولة اإلندونيسيا‪ G‬المستقلة‪ .‬وفي هذه الجلسة أن تتحدث العديد من األعضاء وكان‬
‫من بينهم محمد يامين وأحمد سوكارنو‪ G،‬اللذان يقترح كل منهما مرشحًا لأليديولوجية‬
‫األساسية لدولة اإلندونيسيا‪ G‬المستقلة‬

‫يقترح محمد يامين في ‪ ٢٩‬مايو ‪ ١٩٤٥‬عن مرشح لإليديولوجية األساسية الخمسة باللسان‬
‫وهي‪:‬‬

‫‪-١‬صفة الوطنية ‪-2‬صفة اإلنسانية ‪-3‬صفة األلوهية ‪-4‬صفة الرعية ‪-5‬رفاهية الرعية‬

‫ويقترح محمد يامين أيضا عن مرشح لإليديولوجية األساسية الخمسة بالكتابة وهي‪:‬‬

‫‪-١‬األلوهية الواحدة ‪-2‬اإلنسانية العادلة والمتأدبة ‪-3‬وحدة اإلندونيسية ‪-4‬الشعبية الموجهة‬


‫بحكمة الشورى‪ G‬لنيابية ‪-5‬العدالة اإلجتماعية على جميع اإلندونيسيين‬

‫ويقترح سوفومو في ‪ ٣١‬مايو ‪ ١٩٤٥‬عن مرشح لإليديولوجية األساسية وهي‪:‬‬

‫‪-١‬الوحدة ‪-2‬القرابة ‪-3‬توازن الظاهر والباطن ‪-4‬المشاورة ‪-5‬عدالة الرعية‬

‫ثم يقترح أحمد سوكارنو في ‪ ١‬يونيو ‪ ١٩٤٥‬عن مرشح لإليديولوجية األساسية الخمسة التي‬
‫يسميها باعكاسيال وهي‪:‬‬

‫‪-١‬الوطنية (شعبية اإلندونيسية) ‪-2‬الدولية (صفة اإلنسانية) ‪-3‬الموافقة أو الديموقراطية ‪-4‬‬


‫رفاهية اإلجتماعية ‪ -5‬األلوهية الثقافية‬

‫‪51‬‬
‫وزارة التربية والتعليم والثقافة‪ ، ٢٠١٤ .‬تعليم باعكاسيال المواطنة‪ .‬جاكرتا‪ :‬وزارة التربية والتعليم والثقافة‬

‫‪22‬‬
‫مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال‬

‫ثم يبين أن هذه األساس الخمسة تمكن أن تختصر‪ G‬إلى ثالثة األساس (تريسيال) وهي‪:‬‬

‫‪-1‬اإلجتماعي الوطنية ‪-2‬اإلجتماعي الديموقراطي‪-3 G‬األلوهية‬

‫‪52‬‬
‫وتمكن أن تختضر مرة أخرى إلى أحد األساس (أيغاسيال) وهي‪ :‬التعاون‪.‬‬

‫عقدت جلسة إدارة المخبرات إلعداد اإلستقالل اإلندونيسي‪ G‬في الفترة من ‪ ٢٩‬مايو إلى ‪١‬‬
‫يونيو ‪ ١٩٤٥‬لم يثبت بعد على االقتراحات الثالثة للصياغة األساسية لدولة اإلندونيسيا‪ .‬وفي‪G‬‬
‫ذلك الوقت‪ ،‬تم تشكيل لجنة من تسعة األشخاص المعروف‪ G‬باسم "اللجنة التسعة" مع‬
‫األعضاء فأسماؤهم‪:‬‬

‫أحمد سوكارنو‪ ، G‬دكتور‪ G‬محمد حتا‪ ،‬حاج واحد هشيم ‪ ،‬السيد محمد يامين‪ ،‬عبد القهار مذكر‪،‬‬
‫السيد ماراميس‪ ،‬أبي كوسنو جوكروسوجوصا‪ ،‬حاج أغوس ساليم‪ ،‬أحمد سوبارجو‪G‬‬

‫مدة إثبات افتتاح القوانين األساسية‬


‫يثبت لجنة التسعة برئيس أحمد سوكارنو‪ G‬في ‪ ٢٢‬يونيو ‪ ١٩٤٥‬إفتتاح القوانين األساسية‬
‫المعروف بميثاق‪ G‬جاكرتا الذي يحتوي فقرة الرابع على ما يلي‪:‬‬

‫‪-١‬األلوهية بوجوب تنفيذ الشريعة اإلسالمية لمعتنقه ‪-2‬اإلنسانية العادلة والمتأدبة ‪-3‬وحدة‬
‫اإلندونيسية ‪-4‬الشعبية الموجهة بحكمة الشورى لنيابية ‪-5‬العدالة اإلجتماعية على جميع‬
‫اإلندونيسيين‬

‫وبعد االستقالل‪ ،‬اقترح رعية اإلندونيسيا‪ G‬الشرقية أن الكلمات التي تلتزم بوجوب تنفيذ‬
‫الشريعة اإلسالمية لمعتنقه يجب إزالتها ‪ ،‬وإال فسيكون أن يفصل رعية اإلندونيسيا الشرقية‬
‫أنفسهم عن الدولة اإلندونيسية‪ ،‬فيقترح دكتور محمد حتا في جلسة لجنة إلعداد اإلستقالل في‬
‫‪ ١٨‬أغسطس ‪ ١٩٤٥‬فاستبدلوها باأللوهية األحدية‪.‬‬

‫ثم بعد ذلك‪ ،‬باعتبارات مختلفة اإلندونيسيا التي تشمل التنوع العرق والدين والثقافة‪ ،‬أصدرت‬
‫قانون رئيس الجمهورية رقم ‪ ١٢‬سنة ‪ ١٩٦٨‬بتاريخ ‪ ١٣‬أبريل ‪ ١٩٦٨‬عن صيغة أساس‬
‫الدولة في الدولة اإلندونيسية‪ ،‬صيغة باعكاسيال التي تنص على صحيح‪ ،‬هو الصيغة الواردة‬

‫‪52‬‬
‫ماتروجى‪ ٢٠٠٩ ،‬التاريخ جاكرتا‪ :‬إرالنجا‬

‫‪23‬‬
‫مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال‬

‫في إفتتاح القوانين األساسي عام ‪ ١٩٤٥‬التي صدق عليها لجنة إلعداد إستقالل اإلندونيسيا‪G‬‬
‫‪ ١٨‬أغسطس ‪ ١٩٤٥‬بالصيغة التالية‪:‬‬

‫‪-١‬األلوهية الواحدة ‪-2‬اإلنسانية العادلة والمتأدبة ‪-3‬وحدة اإلندونيسية ‪-4‬الشعبية الموجهة‬


‫‪53‬‬
‫بحكمة الشورى‪ G‬لنيابية‪-5‬العدالة االجتماعية على جميع اإلندونيسيين‬

‫المطلب الثالث في سباب بانكاسيال تصبح إيديولوجية األمة اإلندونيسيا‬ ‫‪‬‬

‫أما أسباب باعكاسيال تصبح إيديولوجية وأساس دولة اإلندونيسيا‪ G‬من وجهة نظر تاريخية فقد‬
‫‪ :‬تم شرحها‪ ،‬أما أسباب األخرى‬

‫فألن باعكاسال إيديولوجي‪ G‬شعب اإلندونيسيين الملصق قبل اإلستقالل هي روح وشخصية‬
‫وطريقة حياة الشعب اإلندونيسي‪ G‬كما يتضح من الحقيقة التاريخية بأن باعكاسيال هي مصدر‬
‫قوة للنضال ألنها جعلت أمة إندونيسية موحدة وأن في باعكاسيال قيم الفلسفية وعقالنية‪ ،‬وقد‬
‫كان باعكاسيال تم اختباره متينًا وقويًا كأساس في تنظيم حياة الدولة‪ .‬وباعكاسيال هي أيضًا‬
‫شكل من أشكال االتفاق الوطني‪ G‬ألن دولة القومية اإلندونيسية هي دولة تم االتفاق عليها من‬
‫‪.‬قبل مؤسسي دولة اإلندونيسيا‬

‫وقال دكتور نوتونيجورو‪ )١٩٦٧( G‬األصول الخمسة أن الواردة في باعكاسيال ليست األشياء‬
‫التي ظهرت مؤخر تشكيل الدولة اإلندونيسية‪ ،‬ولكن قبل ذلك وإلى األبد يمتلكها الشعب‬
‫اإلندونيسيين ‪ ،‬وهي حقيقي ويعيش في النفوس مجتمع شعب واألمة في إندونيسيا‪ .‬تم تأكيده‬
‫من خالل القوانين رئيس الجمهورية إندونيسيا‪ G‬رقم ‪ ١٢‬سنة ‪ ١٩٦٨‬بتاريخ ‪ ١٣‬أبريل‬
‫‪١٩٦٨.‬‬

‫وألن المعنى الواردة في باعكاسيال تشمل المصالح العامة منها األلوهية بخالل فهم األلوهية‬
‫كأسلوب حياة‪ ،‬ستخلق‪ G‬مجتمعًا تقيًا‪ ،‬أي الشعب اإلندونيسي الذي يجتهد بالكاملة لتحقيق رضا‬
‫إله في كل عمل صالح يفعلونه و الدولة القائمة على األلوهية هي دولة تضمن االستقالل‪،‬‬
‫‪.‬ويجوز‪ G‬على كل مقيم أن يعتنق الدين والعبادة حسب دياناته ومعتقداته‬

‫‪53‬‬
‫ماتروجى‪ ٢٠٠٩ ،‬التاريخ جاكرتا‪ :‬إرالنجا‬

‫‪24‬‬
‫مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال‬

‫واإلنسانية العادلة والمتأدبة هي النظام كمبدأ للحياة ألن كل إنسان لديه القدرة على أن يصبح‬
‫إنسانًا صالحًا ومتأدبة‪ ،‬والمؤكد‪ G‬أن الحضارة اإلنسانية المتقدمة أسهل لبناء حياة الشعب‬
‫اإلندونيسي‪ G‬ولبناء السعادة وتحقيقها بجهد يمكن القيام به في موقف الحياة بالتسامح والسالم‪.‬‬
‫ومع وحدة وجود اإلندونيسي‪ ،‬ليس من أجل الخالفات‪ ،‬فإن الشعب اإلندونيسي موجود‪ G‬هنا‬
‫إلظهار الحب لجميع المجموعات الرهط في إندونيسيا‪ G.‬بخالل التمسك بالعدالة المساواة‬
‫والتوازن وتحقيق العدالة االجتماعية لجميع اإلندونيسيين‪ ،‬فهذا لتحقيق مجتمع موحد جيدًا‪.‬‬
‫‪.54‬حيث يتمتع كل عضو بنفس الفرصة للنمو والتطور وتعلم‪ G‬العيش وتنمية جودة المجتمع‬

‫‪54‬‬
‫وزارة التربية والتعليم والثقافة‪ ، ٢٠١٤ .‬تعليم باعكاسيال المواطنة‪ .‬جاكرتا‪ :‬وزارة التربية والتعليم والثقافة‬

‫‪25‬‬
‫مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال‬

‫)المبحث الثالث(‬
‫سنتكلم عن انسجام باعكاسيال بمصلحة الشريعة‪ ،‬وهذا المبحث ينقسم إلى إثنان مطالب‪:‬‬
‫المطلب األول في المعنى والغرض من باعكاسيال الذي يوافق بالشريعة‬ ‫‪‬‬

‫إن كثيرا من الناس الذين يعتقدون أن بانكاسيال والغرض فيها تتعارض بالقرآن الكريم‬
‫والحديث الشريف وال تتفق بالدين اإلسالم وال تتفق بإيديولوجية اإلسالمية وال تتفق بالشريعة‬
‫اإلسالمية‪ ،‬ويريد الكثيرون منهم إجاب استبدال أيديولوجية بانكاسيال وتغييرها‪ G‬باأليديولوجية‬
‫اإلسالمية واستبدال‪ G‬األحكام القانونية فيها باألحكم اإلسالمية‪ ،‬ويأملون أن القوانين المطبقة في‬
‫إندونيسيا‪ G‬تستبدل بقوانين الفقه اإلسالمي مثل القانون الجنائي وقانون الزواج‪ ،‬وقانون‬
‫‪.‬الميراث وغيرها‬

‫ولكن هنا ال نريد أن نجادلهم في ذلك‪ ,‬ألن كل شخص لديه وجهات نظره الخاصة‪ ،‬وألن هللا‬
‫وبقوله تعالى ‪﴿ :‬فتقطعوا‪ G‬أمرهم بينهم زبرا كل‬ ‫‪55‬‬
‫تعالى يقول ‪﴿ :‬واخفض جناحك للمؤمنين﴾‬
‫حزب بما لديهم فرحون﴾‪ 56،‬فلذلك إنما نريد هنا أن نشرح بوجه الحكمة‪ ،‬أن أحكام الواردة‬
‫العامة المجملة في باعكاسيال ال تتعارض بالدين و األيديولوجية اإلسالمية وال تتعارض‬
‫بالقوانين اإلسالمية‪ ،‬بل تحتوي‪ G‬فيها كثيرا من المصالح الشاملة التي ال توجد في أيديولوجيات‪G‬‬
‫‪.‬أخرى‬

‫إن باعكاسيال لها خمسة أجزاء تكمل بعضها‪ G‬بعضا ولن تكون كاملة إذا عدم أحد جزئها‪،‬‬
‫سنوافق‪ G‬هنا كل جزء من باعكاسيال بالقرآن الكريم والحديث الشريف والقانون الفقهي‪ ،‬حتى‬
‫نعرف أن كل جزء وارد في بانكاسيال ال تتعارض وال تتخالف بالقرآن الكريم والحديث‬
‫الشريف والقوانين الفقهي‪ .‬وهنا ال نشرح ذلك شرحا طوال كامال لكيال تطول هذه الكتابة‬

‫األول هو‪ :‬األلوهية األحدية‬

‫األلوهية في كل إنسان هي شيء يجب أن يؤمن به اإلنسان وال بد منه حت ًما‪ ،‬ألن هذه هي‬
‫طبيعة المخلوقات‪ ،‬وهناك العديد من الحجج المنطقية التي تظهر‪ G‬أن اإلنسان والكون بأكمله قد‬
‫خلقهم كلهم اله وهناك كثير من األدلة التي تظهر‪ G‬ذلك‪ ،‬فمن ذلك أن يستحل أن يكون شيء‬

‫‪55‬‬
‫سورة الجحر ‪ ١٥‬آية‪٨٨ :‬‬
‫‪56‬‬
‫سورة المؤمنون ‪ ٢٣‬آية‪٥٣ :‬‬

‫‪26‬‬
‫مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال‬

‫موجود وليس له موجد فهو مستحيل بالعقل‪ ،‬ألن كل ما هو موجود‪ G‬البد منه موجد‪ .‬كما قاله‬
‫بعض العلماء‪ :‬إذا تكلموا عن صفة هللا القديم ‪ :‬فتحصل من هذا أن العالم ال يخلو عن‬
‫الحوادث وما ال يخلو عن الحوادث فهو إذن حادث‪ ،‬وإذا ثبت حدوثه كان افتقاره إلى المحدث‬
‫‪.57‬من المدركات بالضرورة‬

‫وألن من األمور التي يجب أن يعلم بها المكلف معرفة ربه كما قال بعضهم ‪( :‬أول الواجبات‬
‫المعرفة) أي معرفة هللا تعالى (في األصح) ‪ ،‬ألنها مبنى سائر‪ G‬الواجبات‪ ،‬إذ ال يصح بدونها‬
‫واجب‪ ،‬بل وال مندوب‪ ،‬وقيل أولها النظر المؤدي إلى المعرفة ألنه مقدمتها‪ ،‬وقيل أولها أول‬
‫النظر لتوقف النظر على أول أجزائه‪ ،‬وقيل أولها القصد إلى النظر لتوقف‪ G‬النظر على قصده‪،‬‬
‫‪58‬‬
‫والكل صحيح‪ ،‬ورجح األول ألن المعرفة أول مقصود وما سواها مما ذكر أول وسيلة‪.‬‬
‫‪.‬لذلك من الطبيعي أن يكون الجزء األول من باعكاسيال هو األلوهية ألنها أساس الحياة‬

‫أما آيات القرأن التي توضح األلوهية األحدية فقد كثر‪ ،‬منها سورة اإلخالص تتضمن فيها‬
‫األحدية المطلقة بل فيها يشرح ان التدخل صفة المخلقات في صفة اإلله فقال الشيخ د‪ .‬وهبة‬
‫بن مصطفى الزحيلي في التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج‪ :‬تضمنت هذه السورة‬
‫أهم أركان العقيدة والشريعة اإلسالمية‪ ،‬وهي توحيد‪ G‬هللا وتنزيهه‪ ،‬واتصافه بصفات الكمال‪،‬‬
‫ونفي الشركاء‪ ،‬وفي هذا الرد على النصارى‪ G‬القائلين بالتثليث‪ ،‬وعلى المشركين الذين عبدوا‬
‫‪.59‬مع هللا آلهة أخرى‬

‫وقوله تعالى في سورة البقرة ‪﴿ :‬وإلهكم إله واحد ال إله إال هو الرحمن الرحيم﴾‪ ،60‬قال اإلمام‬
‫السمرقندي‪ : G‬وإلهكم إله واحد‪ ،‬قال مقاتل ‪ :‬يعني ربكم رب واحد‪ .‬وقال الضحاك‪ :‬كان‬
‫لمشركي العرب ثالثمائة وستون صنما يعبدونها‪ G‬من دون هللا تعالى‪ ،‬فدعاهم هللا إلى التوحيد‬
‫‪.61‬واإلخالص لعبادته فقال‪ :‬وإلهكم إله واحد‬

‫وقوله تعالى في سورة آل عمران ‪﴿ :‬قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أال‬
‫نعبد إال هللا وال نشرك به شيئا وال يتخذ بعضنا‪ G‬بعضا أربابا من دون هللا فإن تولوا فقولوا‬
‫‪57‬‬
‫امام الغزالي‪ ،‬إحياء علوم الدين دار المعرفة‪-‬بيروت ج‪ ١ :‬ص‪١٠٦ :‬‬
‫‪58‬‬
‫الشيخ زكريا األنصاري‪ ،‬غاية الوصول في شرح لب األصول دار الكتب العربية الكبرى ص‪١٧٣ :‬‬
‫‪59‬‬
‫الشيخ د‪ .‬وهبة بن مصطفى الزحيلي‪ ،‬دار الفكر المعاصر ‪ -‬دمشق الطبعة الثانية‪ ١٤١٨ ،‬هـ ج‪ ٣٠:‬ص‪٤٣١:‬‬
‫‪60‬‬
‫سورة البقرة ‪ 2‬آية ‪١٦٣ :‬‬
‫‪61‬‬
‫أبو الليث نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي (المتوفى‪٣٧٣ :‬هـ) بحر العلوم‪،‬ج‪ ١ :‬ص‪١٠٩ :‬‬

‫‪27‬‬
‫مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال‬

‫اشهدوا بأنا مسلمون﴾‪ 62‬قال اإلمام إبن كثير ‪ :‬والكلمة تطلق على الجملة المفيدة‪ ،‬كما قال‬
‫هاهنا‪ ،‬ثم وصفها‪ G‬بقوله سواء بيننا وبينكم أي عدل ونصف نستوي‪ G‬نحن وأنتم‪ G‬فيها‪ ،‬ثم فسرها‬
‫بقوله‪ :‬أال نعبد إال هللا وال نشرك به شيئا ال وثنا وال صليبا وال صنما وال طاغوتا وال نارا وال‬
‫‪.63‬شيئا‪ ،‬بل نفرد العبادة هلل وحده ال شريك له‪ ،‬وهذه دعوة جميع الرسل‬

‫واألدلة من الحديث الشريف‪ G‬التي يشرح األلوهية األحدية كثيرة منها حديث عن ابن عمر‪،‬‬
‫رضي هللا عنهما قال‪ :‬قال رسول‪ G‬هللا ﷺ‪ :‬بني اإلسالم على خمس‪ :‬شهادة أن ال إله إال هللا‬
‫وأن محمدا رسول هللا‪ ،‬وإقام‪ G‬الصالة‪ ،‬وإيتاء الزكاة‪ ،‬والحج‪ ،‬وصوم رمضان‪ 64.‬أي أعمال‬
‫اإلسالم خمس هي له الدعائم بالنسبة للبناء ال وجود‪ G‬له إال بها‪ .‬فقال النبي في اوله شهادة‬
‫‪.‬األلوهية األحدية‬

‫يقول الكثير من الناس أن المبادئ األولى لبانكاسيال‪ ،‬أي الجزء األول من بانكاسيال ‪ ،‬هي‬
‫األلوهية األحدية‪ ،‬هي طبيعتها‪ G‬عامة‪ ،‬كأنها تأمر الناس إلى دين آخر غير اإلسالم و التمنع‬
‫الناس من الكفر‪ ،‬كأنها تخبر جواز متدين ولو ليس اإلسالم‪ ،‬فأقول ال‪ ،‬فهذه إنما خبيرة جائزة‬
‫فقط والنبي‪ G‬صلى هللا عليه وسلم نفسه لم يجبر اليهودي والنصارى والمجوسي في المدينة‬
‫على دخول اإلسالم ويسامح لهم بتمسك دياناتهم طالما أنها ال تسبب األذى والتمرد‪ G.‬كما قاله‬
‫‪﴾65‬تعالى ‪﴿ :‬ال إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي‬

‫فلو استبدال هذه المبادئ األولى بمصطلح األلوهية هللا سبحانه وتعالى‪ ،‬فسيكون هناك الكثير‬
‫من المشاكل لمن يعارضها‪ G‬ألنه قد وجد في بلدنا إندونيسيا‪ G‬العديد من األديان‪ .‬وسيحتمل جدًا‬
‫أن تكون في هذا البلد عداوة بين األديان‪ ،‬خاصة إذا كان التسامحي عادما في هذا البلد‪،‬‬
‫فحكيمة إذا يستعمل مصطلح األلوهية األحدية ألنه ستوحد األخوة بين األديان دون الشعور‬
‫بالتفضيل والشعور‪ G‬بالمتفضل على بعض وهذه العداوة مفاسد ظاهر وألن دفع المفاسد أولى‬
‫من جلب المصالح‬

‫كما قال بعضهم في شرح القاعدة الضرر يزال ‪ :‬ونشأ من ذلك قاعدة رابعة‪ :‬هي " إذا‬
‫تعارض مفسدتان روعي أعظمهما ضررا‪ G‬بارتكاب أخفهما "‪ .‬ونظيرها‪ :‬قاعدة خامسة‪ ،‬وهي‬
‫‪62‬‬
‫سورة آل عمران ‪ 3‬آية ‪٦٤ :‬‬
‫‪63‬‬
‫اإلمام ابن كثير‪ ،‬تفسير ابن كثير‪ G،‬دار الكتب العلمية ‪ -‬بيروت‪ G‬الطبعة األولى ‪ ١٤١٩ -‬هـ ج‪ ٢:‬ص‪٤٧ :‬‬
‫‪64‬‬
‫اإلمام البخاري‪ ،‬جميع الصحيح‪ ،‬دار طوق النجاة الطبعة األولى‪ ١٤٢٢ ،‬ھ ج‪ ١:‬ص‪ ١١ :‬رقم‪٨:‬‬
‫‪65‬‬
‫سورة البقرة ‪ 2‬آية ‪٢٥٦ :‬‬

‫‪28‬‬
‫مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال‬

‫" درء المفاسد أولى من جلب المصالح " فإذا تعارض مفسدة ومصلحة‪ ،‬قدم دفع المفسدة‬
‫غالبا‪ ،‬ألن اعتناء الشارع بالمنهيات أشد من اعتنائه بالمأمورات‪ ،‬ولذلك قال ﷺ ‪":‬إذا‬
‫‪"66‬أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم‪ ،‬وإذا نهيتكم‪ G‬عن شيء فاجتنبوه‬

‫وكيف إذا كان أحد اهل بلدنا إندونيسيا ال يتمسك بإيديولوجي‪ G‬األلوهية مع أنه يعلم على إيجاب‬
‫ذلك؟‪ ،‬فهذه المسألة يرجع إلى سياسة السالطين هل يشاوروها‪ G‬أم ال‪ ،‬ألن السلطان له حق‬
‫السياسة‪ .‬وألنه في إندونيسيا ال إكراه في إيجاب تمسك الدين وال إكراه على تمسك أحد‬
‫األديان‪ ،‬فال يعزر‪ G‬عليه إذال يكون عنده دين أو يتمسك الدين األخرى غير الدين القانوني في‬
‫إندونيسيا‪ G‬وهو اإلسالم والمسيحية والكاثوليكية والبوذية والهندوسية والكونفوشيوسية‪ .‬ولكن‬
‫قلنا هذا الشخص خطاء ألنه يعارض محصلة المشاورة التي يشاورها‪ G‬العديد من مأسس هذا‬
‫البلد إندونيسيا‪ .‬فمن هذا يمكن أن نستنتج أن المبدأ األول‪ ،‬وهو الربوبية الواحدة‪ ،‬يحمل على‬
‫‪.‬حفظ واحدة من القواعد الخمسة ‪ ،‬وهي حفظ الدين‬

‫الثاني هو ‪ :‬اإلنسانية العادلة والمتأدبة‬

‫معنى اإلنسانية هنا هو طبيعة الخير اللصوق‪ G‬غريزيًا في كل إنسان وكثير من األشياء تندرج‬
‫في اإلنسانية‪ ،‬منها التراحم‪ ،‬والتسامح‪ ،‬والتعاون‪ ،‬وغير ذلك‪ .‬وكثير من آية القرأن الكريم أن‬
‫يشرح اإلنسانية ألن الدين اإلسالم ليس بمطلوب العالقة مع الخالق جل وعز قط كالصلواة‬
‫‪.‬والحج ولكن مطلوب العالقة أيضا مع إخواننا‪ G‬من الناس على أساس اإلنسانية‬

‫فمن آية القرأن الكريم‪ G‬الذي يشرح اإلنسانية من جانب مساواة الرتبة قوله تعالى ‪﴿ :‬يا أيها‬
‫الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم‪ G‬شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند هللا أتقاكم‬
‫إن هللا عليم خبير﴾‪ 67،‬قال اإلمام الشوكاني ‪ :‬والمقصود‪ G‬من هذا‪ ،‬أن هللا سبحانه خلقهم كذلك‬
‫لهذه الفائدة ال للتفاخر بأنسابهم‪ ،‬ودعوى أن هذا الشعب أفضل من هذا الشعب‪ ،‬وهذه القبيلة‬
‫أكرم من هذه القبيلة‪ ،‬وهذا البطن أشرف‪ G‬من هذا البطن‪ .‬ثم علل سبحانه ما يدل عليه الكالم‬
‫من النهي عن التفاخر‪ 68.‬خاصة في بلدنا إندونيسيا‪ ،‬التي تضم العديد من القبائل والثقافات‬
‫واللغات المختلفة ‪ ،‬من المهم إظهار المساواة‪ ،‬وإزالة الفخر بيننا‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫إمام جالل الدين السيوطي‪ ،‬األشباه والنظائر دار الكتب العلميةالطبعة األولى‪١٤١١ ،‬هـ‪ ،‬ا ج‪ ١:‬ص‪٨٧:‬‬
‫‪67‬‬
‫سورة الحجرات ‪ ٤٩‬آية ‪١٣ :‬‬
‫‪68‬‬
‫اإلمام الشوكاني‪ ،‬تفسير فتح القدير‪ ،‬دار الكلم الطيب ‪ -‬دمشق‪ ،‬بيروت الطبعة األولى ‪ ١٤١٤ -‬هـ ج‪ ٥:‬ص‪٧٩ :‬‬

‫‪29‬‬
‫مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال‬

‫فمن اإلنسانية التراحم بين الناس‪ ،‬كما جاء في الحديث عن عبد هللا بن عمرو بن العاصي‪،‬‬
‫يبلغ به النبي صلي هللا عليه وسلم ‪ ،‬قال ﷺ ‪" :‬الراحمون يرحمهم‪ G‬الرحمن‪ ،‬ارحموا أهل‬
‫األرض يرحمكم‪ G‬أهل السماء‪ ،‬والرحم شجنة من الرحمن‪ ،‬من وصلها وصلتة‪ ،‬ومن قطعها‬
‫‪70‬‬
‫بتته"‪ 69،‬وقوله ﷺ عن جرير‪ G‬بن عبد هللا ‪ " :‬من ال يرحم الناس اليرحمه هللا عز وجل"‪،‬‬
‫وحديث عن أسامة بن زيد حين مات احد ابنه صلي هللا عليه وسلم قال‪ :‬فبكى رسول هللا‬
‫صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬فقال له عبادة بن الصامت‪ :‬ما هذا يا رسول‪ G‬هللا؟ قال ﷺ ‪" :‬الرحمة‬
‫‪"71‬التي جعلها هللا في بني آدم‪ ،‬وإنما يرحم هللا من عباده الرحماء‬

‫ومنها التعاون بيننا‪ ،‬إذا كان أحد جيراننا أو أقاربنا‪ G‬أو أصدقائنا‪ ،‬أو غيرهم يبتلى بمسألة‪،‬‬
‫يجب أن نعين بقدر ما نستطيع به‪ ،‬ألن إعنة بعضنا البعض من األوامر الدينية‪ .‬كقول بعضهم‬
‫‪ :‬ولذلك ندب هللا تعالى إلى التعاون به وقرنه بالتقوى له تعالى فقال تعالى‪﴿ :‬وتعاونوا على‬
‫‪﴾ 72‬البر والتقوى‬

‫ألن في التقوى رضا هللا تعالى‪ ،‬وفي البر رضا الناس‪ .‬ومن جمع بين رضا هللا تعالى ورضا‬
‫الناس فقد تمت سعادته وعمت نعمته‪ 73.‬وقال اإلمام النووي في بعض المسائل الفقهية في باب‬
‫التعزية ‪ :‬واعلم أن التعزية هي التصبير وذكر‪ G‬ما يسلي صاحب الميت ويخفف حزنه ويهون‬
‫مصيبته وهي مستحبة‪ ،‬فإنها‪ G‬مشتملة على األمر بالمعروف‪ G‬والنهي عن المنكر‪ ،‬وهي داخلة‬
‫أيضا في قول هللا تعالى‪ :‬وتعاونوا على البر والتقوى وهذا من أحسن ما يستدل به في التعزية‪.‬‬
‫وثبت في الصحيح أن رسول هللا ﷺ قال‪" :‬وهللا في عون العبد ما كان العبد في عون‬
‫‪".74‬أخيه‬

‫ولكن اإلنسانية هنا منعوتة بالعدالة‪ ،‬يعني أن كل ما نفعله من اإلنسانية يجب أن يقوم على‬
‫أساس العدالة‪ ،‬ألنه بالعدالة يمكن للبشر أن يفهموا مساواة الرتبة بعضهم‪ G‬بعضا‪ ،‬ويمكن للبشر‬
‫أن يتعاونوا بالقسط على بعضهم بعضا‪ ،‬حتى في القرآن نفسه يؤكد على العدل في العديد من‬
‫‪69‬‬
‫إمام أبو عبد هللا أحمد بن محمد الشيباني دار الحديث ‪ -‬القاهرة الطبعة األولى‪ ١٤١٦ ،‬هـ ج‪ ٦ :‬ص‪ ٤٧:‬رقم‪٦٤٩٥:‬‬
‫‪70‬‬
‫إمام أبو نعيم أحمد بن عبد هللا األصبهاني حلية األولياء‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ -‬بيروت طبعة ‪١٤٠٩‬هـ ج‪ ٨:‬ص‪١١٥:‬ـ‬
‫‪71‬‬
‫إمام ابن ماجة سنن ابن ماجة‪ ،‬دار إحياء الكتب العربية ج‪ ١:‬ص‪ ٥٠٦:‬رقم‪١٥٥٨:‬‬
‫‪72‬‬
‫سورة المائدة ‪ 5‬آية ‪٢ :‬‬
‫‪73‬‬
‫أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن حبيب‪ G‬الشهير بالماوردي‪ ،‬أدب الدنيا والدين‪ ،‬دار مكتبة الحياة ‪ ١٩٨٦‬م ص‪١٨٣ :‬‬
‫‪74‬‬
‫أبو زكريا يحيى بن شرف النووي‪ ،‬األذكار النووية‪ ،‬دار ابن كثير‪ G‬دمشق ‪ -‬بيروت‪ G‬الطبعة الثانية ‪ ١٤١٠‬هـ ‪ -‬ص‪٢٥٥ :‬‬

‫‪30‬‬
‫مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال‬

‫اآليات‪ ،‬منها في سورة النحل ‪﴿:‬إن هللا يأمر بالعدل واإلحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن‬
‫قال اإلمام البيضاوي‪ G‬في تفسيره‪ :‬أن العدل‬ ‫‪75‬‬
‫الفحشاء والمنكر والبغي‪ G‬يعظكم لعلكم تذكرون‪﴾G‬‬
‫التوسط في األمور اعتقادا‪ ،‬كالتوحيد المتوسط بين التعطيل والتشريك‪ ،‬والقول بالكسب‬
‫المتوسط بين محض الجبر والقدر‪ ،‬وعمال كالتعبد بأداء الواجبات المتوسط‪ G‬بين البطالة‬
‫‪76‬‬
‫والترهب‪ ،‬وخلقا كالجود المتوسط‪ G‬بين البخل والتبذير‪G.‬‬

‫ويجب تطبيق‪ G‬العدالة على كل إنسان بال نظر عن القرابة وغيرها وال ليكون قريبًا‪ G‬يخفف‬
‫عقوبته‪ ،‬كما قاله تعالى في سورة النساء ‪﴿ :‬يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء هلل‬
‫ولو على أنفسكم أو الوالدين واألقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فاهلل أولى بهما فال تتبعوا الهوى‬
‫أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا‪ G‬فإن هللا كان بما تعملون خبيرا﴾‪ 77‬فقال امام الرازي في‬
‫تفسيره ‪ :‬القوام مبالغة من قائم‪ ،‬والقسط العدل‪ ،‬فهذا أمر منه تعالى لجميع المكلفين بأن يكونوا‬
‫مبالغين في اختيار العدل واالحتراز عن الجور‪ G‬والميل‪ ،‬وقوله ‪ :‬شهداء هلل أي تقيمون‬
‫شهاداتكم لوجه هللا كما أمرتم بإقامتها‪ ،‬ولو كانت الشهادة على أنفسكم أو آبائكم أو أقاربكم‪،‬‬
‫‪.78‬وشهادة اإلنسان على نفسه‬

‫وبال نظر عن أنه عدوه أو أنه كافر‪ G‬فيبالغ عقوبته‪ ،‬هذا مغضوب عند هللا تعالى‪ ،‬كما قاله‬
‫السيوطي‪ G‬عند أن يفسر سورة المائدة ‪ 5‬آية ‪﴿ : ٨‬يأيها الذين آمنوا كونوا قوامين) قائمين (هلل)‬
‫بحقوقه (شهداء بالقسط) بالعدل (وال يجرمنكم) يحملنكم (شنآن) بغض (قوم) أي الكفار (على‬
‫أال تعدلوا) فتنالوا منهم لعداوتهم‪( G‬اعدلوا) في العدو والولي (هو) أي العدل (أقرب للتقوى‬
‫واتقوا هللا إن هللا خبير بما تعملون﴾ فيجازيكم‪ G‬به‪ 80. 79‬يعني وإن كان المداع عليه كافرا‪G‬‬
‫اليجوز تظليمه بكفره ألن الحكم اإلنساني ال ينظر إلى دينه لكن ينظر إلي أفعاله من وجه‬
‫‪.‬اإلجتماعية اإلنسانية‬

‫لذلك يشرح العديد من فقهاء الفقه أن اإلجراءات القضائية المقسطية ليس في تحديد القانون‬
‫فقط ولكن في عملية تحديد القانون أيضا يجب أن تكون عادلة‪ ،‬مثل مساواة مجليس المداع‬
‫‪75‬‬
‫سورة النحل ‪ 16‬آية ‪٩٠ :‬‬
‫‪76‬‬
‫الشيخ د‪ .‬وهبة الزحيلي‪ ،‬التفسير المنير‪ ،‬دار الفكر المعاصر ‪ -‬دمشق الطبعة الثانية‪ ١٤١٨ ،‬هـ ج‪ ١٤:‬ص‪٢١٢:‬‬
‫‪77‬‬
‫سورة النساء ‪ 4‬آية ‪١٣٥ :‬‬
‫‪78‬‬
‫أبو عبد هللا محمد بن عمر الملقب بفخر الدين الرازي التفسير الكبير‪ ،‬دار إحياء التراث العربي ‪ -‬هـ ج‪ ١١:‬ص‪٢٤١:‬‬
‫‪79‬‬
‫سورة المائدة ‪ 5‬آية‪٨ :‬‬
‫‪80‬‬
‫جالل الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي تفسير الجاللين‪ ،‬دار الحديث ‪ -‬القاهرة الطبعة األولى ص‪١٣٧ :‬‬

‫‪31‬‬
‫مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال‬

‫والمداع عليه ومساواة فرصة التحدث المداع والمداع عليه‪ ،‬و مساواة حقوق المداع والمداع‬
‫عليه عند القانون‪ .‬كما قال بعض الفقهاء ‪ :‬وليسو القاضي بين الخصمين وجوبا في إكرامهما‬
‫وإن اختلفا شرفا‪ G‬وجواب سالمهما والنظر إليهما واالستماع للكالم وطالقة الوجه والقيام فال‬
‫يخص أحدهما بشيء مما ذكر ولو سلم أحدهما انتظر اآلخر ويغتفر طول الفصل للضرورة‬
‫أو قال له سلم ليجيبهما معا وال يمزح معه وإن شرف بعلم أو حرية واألولى‪ G‬أن يجلسهما بين‬
‫‪.81‬يديه‬

‫واإلنسانية هنا منعوتة أيضا بالمتأدبة‪ ،‬والمتأدبة قد تسمى إحسانا وأخالقا وهو أفضل من‬
‫العدل‪ ،‬ومن يؤمن باهلل ورسوله فليتأدب إلى غيره ألن النبي كان يحمد األخالق أواألدب غاية‬
‫التحميد كما في الحديث عن أبي هريرة‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول‪ G‬هللا ﷺ ‪" :‬أكمل المؤمنين إيمانا‬
‫أحسنهم خلقا"‪ 82.‬وعن عبد هللا بن عمرو‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول هللاﷺ ‪" :‬أحبكم إلي أحاسنكم‬
‫أخالقا" ولم يكن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فاحشا وال متفحشا‪83.‬و عن جابر‪ ،‬أن رسول‬
‫هللا ﷺقال‪ :‬إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخالقا‪ ،‬وإن أبغضكم‬
‫إلي وأبعدكم‪ G‬مني مجلسا يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون‪ ،‬قالوا‪ :‬يا رسول هللا‪،‬‬
‫‪.84‬قد علمنا الثرثارون والمتشدقون فما المتفيهقون؟ قال‪ :‬المتكبرون‬

‫وبل األدب أواإلحسان ثلث الشريعة‪ ،‬ألن الشريعة تبنى على ثالثة أجزاء وهي اإليمان‬
‫واإلسالم واإلحسان‪ ،‬كما جاء في الحديث عن أبي هريرة‪ ،‬قال‪ :‬كان رسول هللا ﷺ يوما‬
‫بارزا للناس‪ ،‬فأتاه رجل‪ ،‬فقال‪ :‬يا رسول هللا‪ ،‬ما اإليمان؟ قال‪" :‬أن تؤمن باهلل‪ ،‬ومالئكته‪،‬‬
‫وكتابه‪ ،‬ولقائه‪ ،‬ورسله‪ ،‬وتؤمن بالبعث اآلخر"‪ ،‬قال‪ :‬يا رسول هللا‪ ،‬ما اإلسالم؟ قال‪:‬‬
‫"اإلسالم أن تعبد هللا‪ ،‬وال تشرك به شيئا‪ ،‬وتقيم الصالة المكتوبة‪ ،‬وتؤدي‪ G‬الزكاة المفروضة‪،‬‬
‫وتصوم‪ G‬رمضان" قال‪ :‬يا رسول هللا‪ ،‬ما اإلحسان؟ قال‪" :‬أن تعبد هللا كأنك تراه‪ ،‬فإنك إن ال‬
‫تراه فإنه يراك‪ 85".‬و الشيخ الجالجلي البصرى يقول‪ :‬التوحيد‪ G‬موجب يوجب اإليمان فمن ال‬
‫إيمان له فال توحيد له واإليمان موجب بوجب الشريعة فمن ال شريعة له فال إيمان له وال‬

‫‪81‬‬
‫زين الدين أحمد بن عبد العزيز المليباري فتح المعين بشرح قرة العين ‪ ،‬دار بن حزم الطبعة األولى ص‪٦١٩ :‬‬
‫‪82‬‬
‫الحاكم محمد بن عبد هللا المستدرك على الصحيحين‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ -‬بيروت الطبعة األولى‪ ١٤١١ ،‬ھ ج‪ ١:‬ص‪٤٣:‬‬
‫‪83‬‬
‫أبو داود مسند أبي داود الطيالسي‪ ،‬دار هجر ‪ -‬مصر الطبعة األولى‪ ١٤١٩ ،‬هـ ج‪ ٤:‬ص‪ ٦:‬رقم‪٢٣٦٠:‬‬
‫‪84‬‬
‫الترمذي‪ ،‬الجامع الكبير ‪ -‬سنن الترمذي‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي ‪ -‬بيروت سنة ‪ ١٩٩٨‬م ج‪ ٣:‬ص‪ ٤٣٨:‬رقم‪٢٠١٨:‬‬
‫‪85‬‬
‫مسلم بن الحجاج المسند الصحيح ‪ ،‬دار إحياء التراث العربي ‪ -‬بيروت ج‪ ١:‬ص‪ ٣٩:‬رقم‪٩:‬‬

‫‪32‬‬
‫مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال‬

‫توحيد والشريعة موجب يوجب األدب فمن ال أدب له ال شريعة له وال إيمان وال توحيد‪ G‬وقال‬
‫‪.86‬ابن عطاء‪ :‬األدب الوقوف‪ G‬مع المستحسنات‬

‫فالحاصل‪ ،‬تحتوي باعكاسيال شطر األهمية في الدين‪ ،‬وهو األدب ألنه يتميز باألدب اإلنسان‬
‫عن الحيوانات‪،‬و باألدب يمكن معرفة رتبة علم الشخص وأي قوانين عندما يطابقه باألدب‬
‫ستكون شريفة وأشد إنسانيتها‪ ،‬وكل اإلندونيسي‪ G‬الذين ليس لديهم أداب فليسوا بمصطدم‬
‫بانكاسيال قط ولكن مصطدم أيضا أساس الدين‪ .‬فمن هذا يمكن أن نستنتج أن المبدأ الثاني‪،‬‬
‫‪.‬وهو اإلنسانية العادلة والمتأدبة‪ ،‬يحمل على حفظ القواعد الخمسة‪ ،‬وهي منها حفظ النفس‬

‫الثالث هو ‪ :‬وحدة اإلندونيسيا‬

‫كان قبل ورود‪ G‬دين اإلسالم في جزيرة العربية‪ ،‬تقسيم العرب مطابقا لقبائلهم وكل قبيلة منهم‬
‫تتفاضل بعضهم‪ G‬بعضا‪ ،‬وإذا كانت هناك مشكلة بين القبائل كان حلها القتال‪ ،‬وقيل كاد كل‬
‫سنة تقاتل العرب‪ ،‬ألن هناك لم يكن شعور بالوحدة على أنفسهم‪ .‬وكان حين بنو هاشم وبنو‪G‬‬
‫زهرة وتيم تقاتل يشهد ذلك رسول هللا ﷺ‪ ،‬وإذا فرغ ذلك القتال وتوحد كل قبيلة فاز رسول‬
‫هللا صلى هللا عليه وسلم كما روي عن عبد الرحمن بن عوف رضي هللا عنه عن النبي ﷺ‬
‫قال‪" :‬حلف المطيبين‪ ،‬مع عمومتي وأنا غالم ‪ ,‬فما أحب أن لي حمر النعم وأني أنكثه"‪ 87.‬أي‬
‫اجتمع بنو هاشم وبنو زهرة وتيم في دار ابن جدعان في الجاهلية وجعلوا طيبا في جفنه‬
‫‪.‬وغمسوا أيديهم فيه‪ ،‬وتحالفوا على التناصر واألخذ للمظلوم‪ G‬من الظالم‪ ،‬فسموا‪ G‬المطيبين‬

‫ألن رسول هللا ﷺ يغضب تفريقا ويحب وحدة ولو كان حلفها في الجاهلية‪ ،‬كما في الحديث‬
‫روي عن جبير بن مطعم‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول هللا ﷺ ‪" :‬ال حلف في اإلسالم‪ ،‬وأيما حلف كان‬
‫‪".88‬في الجاهلية لم يزده اإلسالم إال شدة‬

‫ولما قدم ﷺ بالمدينة حالف رسول هللا صلى هللا عليه وسلم بين المهاجرين واألنصار‪ ،‬كما‬
‫روي عن عاصم األحول‪ ،‬قال‪ :‬سمعت أنس بن مالك‪ ،‬يقول‪ :‬حالف رسول هللا ﷺ بين‬
‫المهاجرين واألنصار‪ G‬في دارنا‪ ،‬فقيل له‪ :‬أليس قال رسول هللا ﷺ ‪" :‬ال حلف في اإلسالم"‪،‬‬

‫‪86‬‬
‫عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك القشيري (المتوفى‪٤٦٥ :‬هـ)‪ ،‬الرسالة القشيرية‪ ،‬دار المعارف ‪-‬القاهرة ج‪ ٢:‬ص‪٤٤٦:‬‬
‫‪87‬‬
‫صهيب عبد الجبار الجامع الصحيح للسنن والمسانيد ج‪ ٣٦:‬ص‪٩:‬‬
‫‪88‬‬
‫مسلم بن الحجاج ‪ ،‬المسند الصحيح ‪ ،‬دار إحياء التراث العربي ‪ -‬بيروت ج‪ ٤:‬ص‪ ١٩٦١:‬رقم‪٢٥٣٠:‬‬

‫‪33‬‬
‫مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال‬

‫فقال‪" :‬حالف رسول هللا صلى هللا عليه وسلم بين المهاجرين واألنصار في دارنا مرتين أو‬
‫‪".89‬ثالثا‬

‫الجزء الثالث من باعكاسيال‪ ،‬وهو وحدة اإلندونيسيا أشد مهما ألنه بدون الوحدة لن تتوصل‬
‫كل أمنية‪ .‬وبهذه الوحدة يمكننا تحقيق أجزاء األخرى من بانكاسيال‪ ،‬وبهذه الوحدة يمكننا أن‬
‫تقام األلوهية الواحدة‪ ،‬وبهذه الوحدة يمكننا أن تقام اإلنسانية العادلة والمتأدبة وبهذه الوحدة‬
‫يمكننا أن تقام الرعية التي تقاد حكمة العارفية‪ ،‬وبهذه الوحدة يمكننا أن تقام العدالة االجتماعية‬
‫على جميع اإلندونيسيين‪ .‬فالمهم علينا جدا أن نحفظ وحدة األندونيسيا ونجتنب تفريقا ليتوصل‬
‫كل أمنية التي نرجوها‪ ،‬ومعنى‪ G‬الوحدة ليست بوحدة دين اإلسالم فقط ولكن العهد هو الوحدة‬
‫أيضا‪ ،‬كما قال بعض المفسرين في قوله تعالى ‪﴿ :‬واعتصموا‪ G‬تمسكوا بحبل هللا﴾ هو العهد أو‬
‫‪90‬الدين أو القرآن أو اإلسالم‪ ،‬وكل ذلك مترادف‪ G‬المعنى‬

‫اإلسالم ال يريد التفريق بين أهل البلد‪ ،‬بل يريد اإلسالم تقوية األخوة بين أهل البلد‪ ،‬فقد وحد‬
‫رسول هللا ﷺ القبائل في المدينة المنورة ووحد‪ G‬أهل األديان في وحدة أخوة‪ .‬وإذا كان من‬
‫أهل البلد يريد التفريق بإسم اإلسالم أوالقرآن والحديث فنتفق أن نقول أنه كاذب ويطلق‪ G‬عليه‬
‫البغي في السالم‪ ،‬فيجب على السلطان قتاله‪ ،‬ولكن اإلصالح خير منه‪ ،‬كما قال امامنا‬
‫الشافعي رحمة هللا عليه إذا يشرح البغاة في كتابه األم‪ :‬وأمر هللا تعالى إن فاءوا أن يصلح‬
‫بينهما بالعدل ولم يذكر تباعة في دم وال مال وإنما ذكر هللا تعالى الصلح آخرا كما ذكر‬
‫اإلصالح بينهم أوال قبل اإلذن بقتالهم فأشبه هذا وهللا تعالى أعلم أن تكون التباعات في‬
‫الجراح والدماء وما فات من األموال ساقطة بينهم قال وقد‪ G‬يحتمل قول هللا عز وجل ﴿فإن‬
‫فاءت فأصلحوا‪ G‬بينهما بالعدل﴾‪ 91‬أن يصلح بينهم بالحكم إذا كانوا قد فعلوا ما فيه حكم فيعطي‬
‫بعضهم من بعض ما وجب له لقول هللا عز وجل ﴿بالعدل﴾‪ 92‬أخذ الحق لبعض الناس من‬
‫بعض‪ 93.‬فمن هذا يمكن أن نستنتج أن المبدأ الثالث‪ ،‬وهو وحدة اإلندونيسيا‪ ،‬يحمل على حفظ‬
‫‪.‬القواعد الخمسة‪ ،‬وهي منها حفظ الدين والنفس‬

‫‪89‬‬
‫أبو داود سليمان بن األشعث سنن أبي داود المكتبة العصرية‪ ،‬صيدا ‪ -‬بيروت‪ G‬ج‪ ٣:‬ص‪ ١٢٩:‬رقم‪٢٩٢٦:‬‬
‫‪90‬‬
‫الشيخ د‪ .‬وهبة بن مصطفى الزحيلي‪ ،‬التفسير المنير‪ ،‬دار الفكر المعاصر ‪ -‬دمشق الطبعة الثانية‪ ١٤١٨ ،‬ھ ج‪ ٤:‬ص‪٢٥:‬‬
‫‪91‬‬
‫سورة الحجرات ‪ 49‬آية ‪٩ :‬‬
‫‪92‬‬
‫سورة الحجرات ‪49‬آية ‪٩ :‬‬
‫‪93‬‬
‫اإلمام الشافعي (المتوفى‪٢٠٤ :‬هـ)‪ ،‬األم‪ ،‬دار المعرفة ‪ -‬بيروت ‪١٤١٠‬هـ ج‪ ٤ :‬ص‪٢٢٧ :‬‬

‫‪34‬‬
‫مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال‬

‫الرابع هو ‪ :‬الشعبية الموجهة بحكمة الشورى لنيابية‬

‫ما يقصده هذا الجزء الرابع من باعكاسيال هو أن الحكومة والقيادة يجب أن تستند على أساس‬
‫المشاورة والمتوكلة‪ ،‬فلذلك في أي مسألة وأي مشكلة‪ ،‬سواء كانت مرطبة بتحديد قانون‬
‫الوالية العام أوتحديد القوانين األخرى‪ G‬الخاص‪ ،‬كلها يجب أن تستند إلى نتائج المشاورة التي‬
‫يجريها الناس القادة أو األشخاص الذين لهم الحق في ذلك‪ .‬فلذلك يشترط‪ G‬في المشاورة أن‬
‫يكون أشخاصها‪ G‬مؤتمن كما قال النبي ﷺ عن أبي هريرة قال‪ :‬قال رسول هللا ﷺ ‪:‬‬
‫‪94‬‬
‫المستشار مؤتمن‪.‬‬

‫كان في القرأن آي المشاورة‪ ،‬منها ‪﴿ :‬وشاورهم‪ G‬في األمر﴾‪ 95‬فقال إبن كثير في تفسيرها ‪:‬‬
‫ولهذا قال تعالى‪﴿ :‬فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم‪ G‬في األمر﴾ ولذلك كان رسول هللا ﷺ‬
‫يشاور أصحابه في األمر إذا حدث تطييبا لقلوبهم ليكون أنشط لهم فيما يفعلونه‪ ،‬كما شاورهم‬
‫يوم بدر في الذهاب إلى العير‪ ،‬فقالوا‪ :‬يا رسول هللا‪ ،‬لو استعرضت بنا عرض البحر لقطعناه‬
‫معك‪ ،‬ولو سرت بنا إلى برك الغماد لسرنا معك‪ ،‬وال نقول لك كما قال قوم‪ G‬موسى لموسى‪:‬‬
‫﴿اذهب أنت وربك‪ G‬فقاتال إنا هاهنا قاعدون﴾‪ :‬ولكن نقول اذهب‪ ،‬فنحن معك‪ ،‬وبين يديك‪ ،‬وعن‬
‫يمينك‪ ،‬وعن شمالك مقاتلون‪ .‬وروي‪ G‬عن عبد الرحمن بن غنم أن رسول هللا ﷺ‪ ،‬قال ألبي‬
‫بكر وعمر ‪:‬لو اجتمعنا في مشورة ما خالفتكما‪ .‬وروى ابن مردويه عن علي بن أبي طالب‬
‫‪.96‬قال‪ :‬سئل رسول هللا ﷺ عن العزم؟ فقال ‪ :‬مشاورة أهل الرأي ثم اتباعهم‬

‫ومن قول العلماء الذي يحث على المشاورة قول اإلمام النووي رحمة هللا عليه ‪ :‬واعلم أنه‬
‫يستحب لمن هم بأمر أن يشاور‪ G‬فيه من يثق بدينه وخبرته وحذقه ونصيحته وورعه وشفقته‪.‬‬
‫ويستحب أن يشاور جماعة بالصفة المذكورة ويستكثر‪ G‬منهم‪ ،‬ويعرفهم مقصوده من ذلك‬
‫األمر‪ ،‬ويبين لهم ما فيه من مصلحة ومفسدة إن علم شيئا من ذلك‪ ،‬ويتأكد األمر بالمشاورة‬
‫في حق والة األمور‪ G‬العامة كالسلطان والقاضي‪ G‬ونحوهما واألحاديث‪ G‬الصحيحة في مشاورة‬
‫عمر بن الخطاب رضي‪ G‬هللا عنه أصحابه ورجوعه إلى أقوالهم‪ G‬كثيرة مشهورة‪ ،‬ثم فائدة‬

‫‪94‬‬
‫ابن ماجة‪ ،‬سنن ابن ماجه‪ ،‬دار إحياء الكتب العربية ‪ -‬فيصل عيسى البابي الحلبي ج‪ ٢:‬ص‪ ١٢٣٣:‬رقم‪٣٧٤٥:‬‬
‫‪95‬‬
‫سورة آل عمران ‪ ٣‬آية ‪١٥٩ :‬‬
‫‪96‬‬
‫اإلمام ابن كثير‪ ،‬تفسير ابن كثير‪ G،‬دار الكتب العلمية ‪ -‬بيروت‪ G‬الطبعة األولى ‪ ١٤١٩ -‬هـ ج‪ ٢:‬ص‪١٣١:‬‬

‫‪35‬‬
‫مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال‬

‫المشاورة القول من المستشار إذا كان بالصفة المذكورة‪ ،‬ولم تظهر المفسدة فيما أشار به‪،‬‬
‫‪.97‬وعلى المستشار‪ G‬بذل الوسع في النصيحة وإعمال الفكر في ذلك‬

‫ثم قال بعض األصوليين عند تشريح القواعد األصولية اللغوية في طريق داللة النص ‪ :‬مثال‬
‫الثالث قوله تعالى‪﴿ :‬فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم‪ G‬في األمر﴾ يفهم منه بطريق‪ G‬اإلرشارة‬
‫إيجاب إيجاب طائفة من األمة تمثلها وتستشار‪ G‬في أمرها؛ ألن تنفيذ األمر ومشاورة األمة‬
‫يستلزم ذلك‪ 98.‬وداللة هذه األية داللة اإلشارة‪ ،‬فداللة اإلشارة هي داللة النص عن معنى الزم‬
‫لما يفهم من عبارته غير مقصود‪ G‬من سياقه؛ يحتاج فهمه إلى فضل تأمل أو أدناه‪ ،‬حسب‬
‫ظهور وجه التالزم وخفائه‪ .‬ومن لوازم هذا االختصاص ثبوت هذه األحكام‪ ،‬فهي أحكام‬
‫الزمة لمعنى مفهوم من عبارة النص وغر مقصودة من سياقه‪ ،‬ولذا كان فهمها من إشارته ال‬
‫‪.99‬من عبارته‬

‫فمن هذا يمكن أن نستنتج أن المبدأ الرابع ‪ ،‬وهو الرعية التي تقاد حكمة العارفية في‬
‫المشاورة والمتوكلة ‪ ،‬يحمل على حفظ القواعد الخمسة ‪ ،‬وهي منها حفظ النفس والمال‬
‫‪.‬والعرض‬

‫الخامس هو ‪ :‬العدالة اإلجتماعية على جميع اإلندونيسيين‬

‫قد سبق دليل عدل التحكيم في تشريح الجزء الثاني من باعكاسيال اإلنسانية العادالة والمتأدبة‪،‬‬
‫ولكن هنا نشرح العدالة اإلجتماعية هي العدالة التي تنعت اإلجتماعي بين الناس كحقوق‬
‫األكل والشرب والبيوت والنكاح وغير ذلك من معاملة اإلنسان ألن لكل اإلندونيسيين حقوق‬
‫مستوى في ذلك‪ .‬ويجب على األمير أو السلطان أن يسعى تأتيها‪ .‬وقال بعض المفسرين عن‬
‫معنى القسط أو العدل‪ :‬يأمر تعالى عباده المؤمنين أن يكونوا قوامين بالقسط أي بالعدل‪ ،‬فال‬
‫يعدلوا عنه يمينا وال شماال‪ ،‬وال تأخذهم في هللا لومة الئم وال يصرفهم عنه صارف‪ ،‬وأن‬
‫يكونوا متعاونين متساعدين متعاضدين متناصرين فيه‪ 100.‬فمعنى العدل هنا أن يتعاون‬
‫‪.‬ويتساعد ويتناصر بيننا‪ ،‬فال يكلف على األمير أو السلطان فقط بل على جميع اإلندونيسيين‪G‬‬

‫‪97‬‬
‫أبو زكريا النووي ‪ ،‬األذكار النووية‪ ،‬دار ابن كثير دمشق ‪ -‬بيروت الطبعة الثانية ‪ ١٤١٠‬هـ ج‪ ١:‬ص‪٥٠٥:‬‬
‫‪98‬‬
‫عبد الوهاب خالف‪ ،‬علم أصول الفقه وخالصة تاريخ التشريع‪ ،‬مطبعة المدني المؤسسة السعودية بمصر ج‪ ١:‬ص‪١٣٩:‬‬
‫‪99‬‬
‫عبد الوهاب خالف‪ ،‬علم أصول الفقه وخالصة تاريخ التشريع‪ ،‬مطبعة المدني المؤسسة السعودية بمصر ج‪ ١:‬ص‪١٣٨:‬‬
‫‪100‬‬
‫اإلمام ابن كثير‪ ،‬تفسير ابن كثير‪ G،‬دار الكتب العلمية ‪ -‬بيروت‪ G‬الطبعة األولى ‪ ١٤١٩ -‬هـ ج‪ ٢:‬ص‪٣٨٣:‬‬

‫‪36‬‬
‫مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال‬

‫فإذا كان بعضنا غنيا في رزقه ينبغي أن ينفق بعض رزقه على اآلخر‪ ،‬بقوله تعالى في سورة‬
‫النحل (‪ )١٦‬آية ‪﴿ : ٧١‬وهللا فضل بعضكم‪ G‬على بعض في الرزق‪ G‬فما الذين فضلوا‪ G‬برادي‬
‫رزقهم‪ G‬على ما ملكت أيمانهم فهم فيه سواء أفبنعمة هللا يجحدون﴾‪ 101‬فقال امام البيضاوي في‬
‫تفسيره ‪( :‬وهللا فضل بعضكم‪ G‬على بعض في الرزق‪ )G‬فمنكم‪ G‬غني ومنكم فقير‪ ،‬ومنكم موال‬
‫يتولون رزقهم‪ G‬ورزق غيرهم ومنكم مماليك حالهم على خالف ذلك‪( .‬فما الذين فضلوا‪ G‬برادي‬
‫رزقهم) بمعطي رزقهم‪( .‬على ما ملكت أيمانهم) على مماليكهم فإن ما يردون عليهم رزقهم‪G‬‬
‫الذي جعله هللا في أيديهم‪ 102.‬ويقاس عن عبارة ما ملكت أيمانهم كل فقير ومسكين‬
‫‪.‬واألشخاص الذين ال يستطيعون‪ G‬إكتفاء احتياجاتهم اليومية‬

‫كقوله تعالى ‪﴿ :‬ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما‪ G‬وأسيرا﴾‪ 103.‬قال الشيخ د‪ .‬وهبة بن‬
‫مصطفى الزحيلي في تفسيره ‪( :‬ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما‪ G‬وأسيرا) أي‬
‫ويطعمون الطعام في حال محبتهم‪ G‬وشهوتهم‪ G‬له المحتاج الفقير العاجز عن الكسب واليتيم‪G‬‬
‫الحزين الذي فقد أباه وعائله واألسير‪ G‬المقيد المحبوس أو المملوك سواء من أهل اإليمان أو‬
‫من المشركين‪ .‬وخص الطعام بالذكر لكونه إنقاذا للحياة وإصالحا لإلنسان وإحسانا‪ G‬ال‬
‫ينسى‪ 104.‬كما يعملون األشعريين في الحديث روي عن أبي موسى األشعري رضي‪ G‬هللا عنه‬
‫قال‪ :‬قال رسول هللا ﷺ‪ " :‬إن األشعريين إذا أرملوا في الغزو أو قل طعام عيالهم بالمدينة‬
‫جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية فهم مني وأنا‬
‫‪.105‬منهم‬

‫فالحاصل أن العدالة االجتماعية ليست التزا ًما قط على اإلمام أوالسلطان لوضع السياسات‬
‫التي تجعل جميع مواطينها‪ G‬ثروة من حيث ضروريات الحياة ولكننا‪ G‬ملزمون أيضًا بمساعدة‬
‫إخواننا إذا كان فضل الرزق عندنا‪ .‬واألفضل أن نعطيها للمحتاجين وليس هذا قط في الطعام‬
‫والشراب ولكن في كل مسألة حياتنا أن ينصح ديننا بمعاونة بعضنا البعض سواء مسلمين أو‬
‫غير مسلمين‪ .‬فمن هذا يمكن أن نستنتج أن المبدأ الخامسة‪ ،‬وهو العدالة اإلجتماعية على‬
‫‪.‬جميع اإلندونيسيين‪ ،‬يحمل على حفظ القواعد الخمسة ‪ ،‬وهي حفظ النفس والمال والعرض‬
‫‪101‬‬
‫سورة النحل ‪ 16‬آية‪٧١ :‬‬
‫‪102‬‬
‫ناصر الدين أبو سعيد البيضاوي‪ ،‬أنوار التنزيل‪ ،‬دار إحياء التراث العربي ‪ -‬بيروت ‪ ١٤١٨‬هـ ج‪ ٣ :‬ص‪٢٣٣ :‬‬
‫‪103‬‬
‫سورة اإلنسان ‪ 76‬األية ‪٨ :‬‬
‫‪104‬‬
‫الشيخ د‪ .‬وهبة بن مصطفى الزحيلي‪ ،‬التفسير المنير ‪ ،‬دار الفكر المعاصر ‪ -‬دمشق الطبعة الثانية‪ ١٤١٨ ،‬ھ‬
‫‪105‬‬
‫الشيخ صهيب عبد الجبار‪ ،‬الجامع الصحيح للسنن والمسانيد ج‪ ١٠ :‬ص‪٥٠٠ :‬‬

‫‪37‬‬
‫مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال‬

‫المطلب الثاني في انسجام بانكاسيال بمفهوم! المصلحة عند اإلمام عز الدين بن عبد‬ ‫‪‬‬
‫السالم‬

‫ألن مطلبا سابقا ً قد شرح حجج كل من القرآن الكريم والحديث الشريف فيما يتعلق بالمصالح‬
‫العامة إليديولوجية بانكاسيال‪ ،‬فهنا نوضح بعض أوجه التشابه أو اإلنسجام‪ G‬واإلرتباطات‪ G‬بين‬
‫إيديولوجية بانكاسيال ومفهوم معنى المصالح عند اإلمام عزالدين بن عبد السالم في كتابه‬
‫قواعد األحكام في مصالح األنام لكي يفهم أن إيديولوجية باعكاسيال هي مصالح لألنام‪ .‬ومن‬
‫‪:‬المصالح العامة في بانكاسيال كما سبق‪ ،‬هي‬

‫األلوهية‬

‫قال اإلمام عزالدين في فصل في بيان رتب المصالح‪ :‬وهي ضربان‪ :‬أحدهما مصلحة أوجبها‬
‫هللا عز وجل نظرا لعباده‪ ،‬وهي متفاوتة الرتب منقسمة إلى الفاضل واألفضل والمتوسط‬
‫بينهما‪ .‬فأفضل المصالح ما كان شريفا في نفسه‪ ،‬دافعا ألقبح المفاسد‪ ،‬جالبا ألرجح المصالح‪،‬‬
‫وقد سئل عليه السالم أي األعمال أفضل؟ فقال‪ :‬إيمان باهلل‪ ،‬قيل ثم أي؟ قال‪ :‬الجهاد في‬
‫سبيل هللا‪ ،‬قيل ثم أي؟ قال‪ :‬حج مبرور‪ .‬جعل اإليمان أفضل األعمال لجلبه ألحسن المصالح‪،‬‬
‫ودرئه ألقبح المفاسد‪ ،‬مع شرفه في نفسه وشرف‪ G‬متعلقه‪ ،‬ومصالحه ضربان‪ :‬أحدهما عاجلة‬
‫‪.106‬وهي إجراء أحكام اإلسالم‪ ،‬وصيانة النفوس واألموال‪ G‬والحرم واألطفال‬

‫ولذلك الجزء األول من باعكاسيال هو ألوهية ألنها أساس من أساس حياة الدنيا والدين‪.‬‬
‫فانسجم مفهوم معنى المصالح عند اإلمام عز الدين يعني تقديم اإليمان على غيره‪ .‬ألن كل‬
‫من المصالح الدنيا والدين يرجع إلى اإليمان والمعرفة باهلل‪ .‬ومن كانت كل أعمال صالحه‬
‫تبنى على اإليمان فقبل وصحح‪ .‬ومن كانت كل أعمال صالحه ال تبنى على اإليمان فالقبل‬
‫وال صحح‪ .‬ومصالح غيرها من باعكاسيال كالعدل أو الموحدة أو المشاورة المعنى لها إال‬
‫‪.‬باإليمان‪ ،‬فتجب تقديم أساس األلوهية على غيرها‬

‫العدل واإلحسان‬

‫‪106‬‬
‫عز الدين عبد العزيز بن عبد السالم قواعد األحكام في مصالح األنام مكتبة الكليات األزهرية ‪ -‬القاهرة ‪ ١٤١٤‬هـ ج‪ ١:‬ص‪٥٤:‬‬

‫‪38‬‬
‫مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال‬

‫قال اإلمام عز الدين بن عبد السالم ‪ :‬وأجمع آية في القرآن للحث على المصالح كلها والزجر‬
‫عن المفاسد بأسرها قوله تعالى‪﴿ :‬إن هللا يأمر بالعدل واإلحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن‬
‫الفحشاء والمنكر والبغي‪ G‬يعظكم لعلكم تذكرون‪ 107﴾G‬فإن األلف والالم في العدل واإلحسان‬
‫للعموم واالستغراق‪ ،‬فال يبقى من دق العدل وجله شيء إال اندرج في قوله ﴿إن هللا يأمر‬
‫بالعدل﴾ وال يبقى من دق اإلحسان وجله شيء إال اندرج في أمره باإلحسان‪ ،‬والعدل هو‬
‫‪.‬التسوية واإلنصاف‪ ،‬واإلحسان‪ :‬إما جلب مصلحة أو دفع مفسدة‬

‫ثم قال في بيان اإلحسان ‪ :‬اإلحسان ال يخلو عن جلب نفع أو دفع ضرر أو عنهما‪ .‬وتارة‬
‫يكون في الدنيا‪ ،‬وتارة يكون في العقبى‪ :‬أما في العقبى فتعليم‪ G‬العلم والفتيا واإلعانة على جميع‬
‫الطاعات وعلى دفع المعاصي والمخالفات‪ ،‬فيدخل فيه األمر بالمعروف‪ G‬والنهي عن المنكر‬
‫باليد واللسان‪ .‬وأما في الدنيا فباإلرفاق الدنيوية ودفع المضار الدنيوية‪ ،‬وكذلك إسقاط الحقوق‬
‫‪.108‬والعفو عن المظالم‬

‫عندما يكون اإلندونيسي‪ G‬له اإليمان بالقلب‪ ،‬فيكون األساس موجودًا بالفعل وعند الشريعة ال‬
‫يكتفي بحركة بالقلب فقط بل يجب أن تكون هناك حركة بالجوارح‪ ،‬لذلك ال بد من عمل الخير‬
‫الذي يأسس عمل غيره‪ .‬فالعدلة والمتأدبة أو إحسان يقوم مقام األسس ألعمل غيره ألن‬
‫العدالة يمكن الناس أن يوزن بين خير وشر أو بين جميل وقبيح أو بين إصالح و إفساد‪،‬‬
‫وباإلحسان يمكن الناس يفعلون الخير بتقديم األصالح فاألصالح أو باألفضال فاألفضال‬
‫أوباألهم فاألهم‪ ،‬بل يفعلون بعمل األصالح أواألفضل‪ G‬أواألهم فيفعلون مزيدا عن ذلك‪.‬‬
‫فانجسم مفهوم معنى المصالح عند األمام عز الدين بمصالح العدل والمتأدبة من بانكاسيال‪،‬‬
‫‪.‬وتقدم على أعمال المصالح غيره‬

‫الموحدة‬

‫قال اإلمام عز الدين بن عبد السالم في فصل في بيان العدل عند بيان أمر ابتداء اإلسالم ‪:‬‬
‫وإنما أمرهم في ابتداء اإلسالم بإفشاء السالم‪ .‬وإطعام الطعام‪ ،‬وصلة األرحام‪ ،‬والصدق‬
‫والعفاف‪ ،‬ألن ذلك كان مالئما لطباعهم حاثا على الدخول في اإلسالم‪ ،‬وكذلك ألف ﷺ‬

‫‪107‬‬
‫سورة النحل ‪16‬آية ‪٩٠ :‬‬
‫‪108‬‬
‫عز الدين عبد العزيز بن عبد السالم قواعد األحكام في مصالح األنام مكتبة الكليات األزهرية ‪ -‬القاهرة ‪ ١٤١٤‬هـ ج‪ ٢:‬ص‪:‬‬
‫‪١٨٩‬‬

‫‪39‬‬
‫مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال‬

‫جماعة على اإلسالم بما دفعه لهم من األموال‪ ،‬وامتنع من قتل جماعة من المنافقين قد عرف‬
‫بنفاقهم خوفا أن يتحدث الناس بأنه أخذ في قتل أصحابه فينفروا‪ G‬من الدخول في اإلسالم‪ ،‬فهذه‬
‫‪109‬‬
‫كلها مصالح أخر‪ ،‬لما في تقديمها من المفاسد المذكورة‪.‬‬

‫ثم قال في المثال التاسع عشر‪ :‬إذا شغر الزمان عن من له الوالية العظمى‪ ،‬وحضر‪ G‬اثنان‬
‫يصلحان للوالية‪ ،‬لم يجز الجمع بينهما‪ ،‬لما يؤدي إليه من الفساد باختالف اآلراء‪ :‬فتتعطل‪G‬‬
‫المصالح بسبب ذلك‪ ،‬ألن أحدهما يرى ما ال يرى اآلخر من جلب المصالح ودرء المفاسد‪،‬‬
‫فيختل أمر األمة فيما يتعلق بالمصالح والمفاسد‪ ،‬وإنما تنصب الوالة في كل والية عامة أو‬
‫خاصة للقيام بجلب مصالح المولى عليهم‪ ،‬وبدرء المفاسد عنه‪ ،‬بدليل قول موسى ألخيه‬
‫‪﴾.110‬هارون عليه السالم ‪﴿ :‬اخلفني في قومي‪ G‬وأصلح وال تتبع سبيل المفسدين‬

‫فإن كانا متساويين من كل وجه تخيرنا بينهما‪ ،‬ويحتمل أن يقرع بينهما دفعا لتأذي من يؤخر‬
‫منهما‪ ،‬وإن كان أحدهما أصلح تعينت والية األصلح؛ لما قدمناه من تقديم أصلح المصالح‬
‫فأصلحها‪ ،‬وأفضلها‪ G‬فأفضلها‪ G‬إال أن يكون األصلح بغيضا‪ G‬للناس أو محتقرا عندهم‪ ،‬ويكون‬
‫الصالح محببا إليهم عظيما في أعينهم‪ ،‬فيقدم الصالح على األصلح‪ ،‬ألن اإلقبال عليه موجب‬
‫للمسارعة إلى طواعيته وامتثال أمره في جلب المصالح ودرء المفاسد‪ ،‬فيصير حينئذ أرجح‬
‫ممن ينفر منه لتقاعد أعوانه عن المسارعة إلى ما يأمر به من جلب المصالح ودرء المفاسد‪،‬‬
‫‪.111‬فيصير الصالح بهذا السبب أصلح‬

‫قد انسجام مفهوم معنى المواحدة بالفصل الثالث من باعكاسيال وحدة اإلندونيسيا‪ ،‬ألنه عندما‬
‫يكون لكل إندونيسي أن يفعلوا أيديولوجية األلوهية وبعد ذلك يفعلوها بفعل العدالة أو‬
‫اإلحسان‪ ،‬فمن المهم جدًا أن تكون وحدة بين الدولة اإلندونيسية ألن بالوحدة ال يقع صراعا‬
‫طوياًل ‪ ،‬ألن بدون الوحدة أن اليقام اإلندونيسيون بأشياء مصالح‪ ،‬سيكون هناك إصطدم‬
‫لوجود اختالفات في الرأي عندما تكون هناك اختالفات في الرأي‪ ،‬وستكون هناك احتمالية‬
‫للصراع‪ ،‬وتنشأ النزاعات‪ ،‬فسيصعب تنفيذ مصالح األخرى‪ .‬وإن كانت في الدولة وحدة ولو‬
‫‪.‬إختلفوا بعضهم‪ G‬بعضا كان فيها وسيط‪ ،‬فيحكم بينهم‬
‫‪109‬‬
‫عز الدين عبد العزيز بن عبد السالم قواعد األحكام في مصالح األنام مكتبة الكليات األزهرية ‪ -‬القاهرة ‪ ١٤١٤‬هـ ج‪ ١:‬ص‪:‬‬
‫‪٦٤‬‬
‫‪110‬‬
‫سورة األعراف ‪ 7‬آية ‪١٤٢ :‬‬
‫‪111‬‬
‫عز الدين عبد العزيز بن عبد السالم قواعد األحكام في مصالح األنام مكتبة الكليات األزهرية ‪ -‬القاهرة ‪ ١٤١٤‬هـ ج‪ ١:‬ص‪٧٤:‬‬

‫‪40‬‬
‫مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال‬

‫المشاورة‬

‫قال اإلمام عز الدين بن عبد السالم ‪ :‬تنقسم المصالح والمفاسد إلى نفيس وخسيس‪ ،‬ودقيق‬
‫وجل‪ ،‬وكثر وقل‪ ،‬وجلي وخفي‪ ،‬وآجل أخروي وعاجل دنيوي‪ ،‬والدنيوي‪ G‬ينقسم إلى متوقع‬
‫وواقع‪ ،‬ومختلف فيه ومتفق عليه‪ ،‬وكذلك‪ G‬ترجيح بعض المصالح على بعض‪ ،‬وترجيح بعض‬
‫المصالح على بعض‪ ،‬وترجيح بعض المفاسد على بعض‪ ،‬ينقسم إلى المتفق عليه والمختلف‪G‬‬
‫فيه‪ ،‬فالسعيد من فعل ما اتفق على صالحه‪ ،‬وترك ما اتفق على فساده‪ ،‬وأسعد‪ G‬منه من ضم‬
‫إلى ذلك فعل ما اختلف في صالحه‪ ،‬وترك ما اختلف في فساده‪ ،‬فإن االحتياط لحيازة‬
‫المصالح بالفعل والجتناب‪ G‬المفاسد بالترك‪ ،‬وقليل من يفعل ذلك‪ .‬وقد يعبر عن القليل‬
‫‪.‬بالمعدوم‪G‬‬

‫فمن المصالح والمفاسد‪ G‬ما يشترك في معرفته الخاصة والعامة‪ ،‬ومنها‪ G‬ما ينفرد بمعرفته‬
‫خاصة الخاصة‪ ،‬وال يقف على الخفي من ذلك كله إال من وفقه هللا بنور‪ G‬يقذفه في قلبه‪ ،‬وهذا‬
‫جار في مصالح الدارين ومفاسدهما‪ ،‬وفي‪ G‬مثله طال الخالف والنزاع بين الناس في علوم‬
‫الشرائع والطبائع‪ ،‬وتدبير المسالك والمهالك‪ ،‬وغير ذلك من الواليات والنيات وجميع‬
‫التصرفات‪ ،‬وألجل االختالف في ذلك منع الشرع من نصب الخليفتين لما يقع بينهما من‬
‫االختالفات في المصالح واألصلح والمفاسد واألفسد‪ ،‬ألنه لو جوز نصبهما لتعطل تحصيل ما‬
‫‪.112‬خفي من المصالح واجتناب ما خفي من المفاسد‪ ،‬وكذلك ترجيح الخفي‬

‫من خالل المشاورة نعرف المصلحة العامة التي يعرفها الكثير من الناس بحيث يكون لكل‬
‫فرد أو معظم‪ G‬األشخاص في المشاورة رأي برأي المصلحة العامة فال تسبب نتائج المشاورة‬
‫الخالفات والنزاعات‪ .‬فلذلك هو ينسجم مصالح المشاورة في بانكاسيال مع مفهوم معنى تقديم‬
‫‪.‬المصالح العامة عند اإلمام عز الدين بن عبد السالم التي يعرفها‪ G‬الكثير من الناس‬

‫المعاونة‬

‫قال اإلمام عز الدين بن عبد السالم ‪ :‬اعلم أن هللا تعالى خلق الخلق وأحوج بعضهم إلى بعض‬
‫لتقوم كل طائفة بمصالح غيرها‪ ،‬فيقوم بمصالح األصاغر األكابر‪ ،‬واألصاغر بمصالح‬

‫‪112‬‬
‫عز الدين عبد العزيز بن عبد السالم قواعد األحكام في مصالح األنام مكتبة الكليات األزهرية ‪ -‬القاهرة ‪ ١٤١٤‬هـ ج‪ ١:‬ص‪:‬‬
‫‪٥٨-٥٧‬‬

‫‪41‬‬
‫مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال‬

‫األكابر‪ ،‬واألغنياء بمصالح الفقراء‪ ،‬والفقراء بمصالح األغنياء‪ ،‬والنظراء‪ G‬بمصالح النظراء‪،‬‬
‫والنساء بمصالح الرجال‪ ،‬والرجال بمصالح النساء‪ ،‬والرقيق بمصالح السادات‪ ،‬والسادات‬
‫بمصالح األرقاء‪ ،‬وهذا القيام منقسم إلى جلب مصالح الدارين أو أحدهما أو إلى دفع مفاسدهما‬
‫‪.113‬أو أحدهما‬

‫في حياة المواطنة والمجتمع‪ G‬من الضروري أن نكمل بعضنا‪ G‬البعض وأن نعاون بعضنا‪G‬‬
‫البعض بين اإلندونيسيين وعندما كان أحدنا بقليل من األكل والشرب ويفتقر إلى المالبس أو‬
‫المأوى‪ ،‬فيجب على أحدنا معاونة ذلك الشخص حتى يتم التساوي حقوق االجتماعي بحسب‬
‫إفتقاره‪ .‬وقد‪ G‬انسجم مصلح المعاونة في باعكاسيال بمفهوم معنى إحتياج بعض الناس بعضا‬
‫‪.‬عند اإلمام عز الدين بن عبد السالم‬

‫‪113‬‬
‫عز الدين عبد العزيز بن عبد السالم قواعد األحكام في مصالح األنام مكتبة الكليات األزهرية ‪ -‬القاهرة ‪ ١٤١٤‬هـ ج‪ ٢:‬ص‪٦٨:‬‬

‫‪42‬‬
‫مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال‬

‫(النتائج)‬
‫فأمااستنتاجات التي يمكن استخالصها من جميع المقاالت المذكورة والتي تشرح توافق‪G‬‬
‫أيديولوجية بانكاسيال مع فهم المصلحات عند اإلمام عز الدين بن عبد السالم في كتابه قواعد‬
‫‪:‬األحكام في مصالح األنام‪ ،‬والتي أوضحناها من المباحث األول والثاني والثالث ‪ ،‬فهي‬

‫أ‪ .‬أن الشريعة اإلسالمية التي يدرسها النبي محمد صلى هللا عليه وسلم تعطي األولوية حقًا‬
‫للمصلحة ليست لمسلمين فقط ولكن أيضًا لمصالح العالم عموما‪ ،‬ومن الواضح أن آيات‬
‫القرآن وحديث النبي محمد صلى هللا عليه وسلم تولي اهتماما من أهم األهداف الدينية‪ ،‬وهي‬
‫لمصالح الناس كلها في تنفيذ الشريعة‪ ،‬ولوكان وجود العديد من الخالفات في الرأي بين‬
‫العلماء فيما يتعلق بمفهوم المصلحة والشرعية قويا‪ ،‬بل المقصود هو أن المصالح في اإلسالم‬
‫‪.‬كثير جدًا وتدبير‪ G‬في تحديد الشريعة اإلسالمية من أجل السالم بين الناس‬

‫ب‪ .‬األيديولوجية باعكاسيال هي أيديولوجية موافقية في دارنا إندونيسيا‪ ،‬ألن باعكاسيال للدولة‬
‫اإلندونيسية كالبيت الذي يبيتون فيه أشخاص المختلف‪ ،‬فإن باعكاسيال ليست مجرد‬
‫أيديولوجية وطنية ‪ ،‬ولكنها أيضًا موحد لألمة اإلندونيسية‪ ،‬ومن مهم أن اإلندونيسية تصير‪G‬‬
‫الدولة التي تحرص من العديد من القبائل والثقافات وغيرها‪ .‬بفضل العمل الذي قام به اآلباء‬
‫‪.‬المؤسسون إلندونيسيا يمكننا أن نتحد ونعيش في سالم تحت رعاية أيديولوجية بانكاسيال‬

‫ج‪ .‬يتوافق مفهوم أيديولوجية األمة اإلندونيسية هي باعكاسيال بشكل مفهوم المصالح الذي‬
‫عبر عنها اإلمام عزالدين بن عبد السالم في كتابه قواعد األحكام في مصالح األنام‪ ،‬وهذه‬
‫الفائدة مهمة جدًا في جعل الحياة الدينية والدولة‪ ،‬فضالً في جعل القانون العامة والخاصة‪.‬‬
‫وجعل التوازن بين الشريعة اإلسالمية وقانون‪ G‬الدولة‪ ،‬وهذا مطلوب بشدة في إدارة العالقات‬
‫‪.‬بيننا ونحن الشعب اإلندونيسي‬

‫‪43‬‬
‫مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال‬

‫(التوصيات)‬
‫أ‪ .‬من جميع المناقشات التي شرحناها‪ ،‬ربما يمكن دراسة هذا الموضوع‪ G‬بشكل أكبر‪ ،‬ألنه‬
‫من الممكن جدًا أن تكون كل األشياء التي وصفناها ال تزال كثيرا من األسئلة‪ ،‬ولذلك حسن‬
‫‪.‬جدًا إذا كانت مناقشة هذا الموضوع‪ G‬متواصال‬

‫ب‪ .‬وجدنا بعض األشياء التي نعتقد أنها غير مناسبة في كتاب قواعد األحكام في مصالح‬
‫األنام‪ ،‬لكن التناقض هو وجهة نظرنا الشخصية فقط إذا كان معادالً لمفهوم الحياة اليوم أآلن‪،‬‬
‫صا‪ ،‬لمعلوم أن لكل عصر فكرة ‪ ،‬ولكل فكرة عصر‬
‫‪.‬فهذا التناقض ليس نق ً‬

‫ج‪ .‬رجونا من خالل مناقشة الموضوعات التي أوضحناها‪ ،‬يمكن أن يكون هذا باعثا‬
‫لمسلمين‪ ،‬وخاصة لنا كاتب هذه الكتابة‪ ،‬لنكون قادرين على دراسة قوانين الشريعة اإلسالمية‬
‫بشكل أعمق‪ ،‬وأن نفهم من هذه الدراسة أن اإلسالم هو دين يقتضي مصالحا لجميع اإلنسان‬
‫‪ .‬حقا‬

‫)المصادر والمراجع(‪ ‬‬

‫‪ .١‬القرآن الكريم‬

‫‪ .٢‬قواعد األحكام! في مصالح األنام‬

‫لإلمام أبو محمد عز الدين عبد العزيز بن عبد السالم بن أبي القاسم بن الحسن السلمي‬
‫الدمشقي‪ ،‬الملقب بسلطان العلماء (المتوفى‪٦٦٠ :‬هـ) مكتبة الكليات األزهرية ‪ -‬القاهرة جديدة‬
‫مضبوطة منقحة‪ ١٤١٤ ،‬هـ‬

‫‪44‬‬
‫مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال‬

‫‪ .٣‬تفسير ابن كثير‬

‫لإلمام ابن كثير‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬منشورات‪ G‬محمد علي بيضون ‪ -‬بيروت الطبعة األولى ‪-‬‬
‫‪ ١٤١٩.‬هـ‬

‫‪ .٤‬بحر العلوم‬

‫للعالمة أبو الليث نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي (المتوفى‪٣٧٣ :‬هـ)‬

‫‪ .٥‬الجميع الصحيح‬

‫لإلمام البخاري‪ ،‬دار طوق النجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم‪ G‬محمد فؤاد‪ G‬عبد‬
‫‪.‬الباقي) الطبعة األولى‪ ١٤٢٢ ،‬ھ‬

‫‪ .٦‬األم‬

‫لإلمام الشافعي أبو عبد هللا محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن عبد المطلب‬
‫‪.‬بن عبد مناف المطلبي‪ G‬القرشي المكي (المتوفى‪٢٠٤ :‬هـ)‪ ،‬دار المعرفة ‪ -‬بيروت ‪١٤١٠‬هـ‬

‫‪ .٧‬األشباه والنظائر‬

‫للعالمة عبد الرحمن بن أبي بكر‪ ،‬جالل الدين السيوطي‪( G‬المتوفى‪٩١١ G:‬هـ) دار الكتب‬
‫‪.‬العلميةالطبعة األولى‪١٤١١ ،‬هـ‬

‫‪ .٨‬تفسير فتح القدير‬

‫لإلمام الشوكاني‪ ،‬دار ابن كثير‪ ،‬دار الكلم الطيب ‪ -‬دمشق‪ ،‬بيروت الطبعة األولى ‪١٤١٤ -‬‬
‫‪.‬هـ‬

‫‪ .٩‬مسند اإلمام أحمد بن حنبل‬

‫لإلمام أبو عبد هللا أحمد بن محمد بن حنبل بن هالل بن أسد الشيباني (المتوفى‪٢٤١ :‬هـ) دار‬
‫‪.‬الحديث ‪ -‬القاهرة الطبعة األولى‪ ١٤١٦ ،‬هـ‬

‫‪ . ١٠‬حلية األولياء وطبقات األصفياء‬

‫‪45‬‬
‫مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال‬

‫للعالمة أبو نعيم أحمد بن عبد هللا بن أحمد بن إسحاق بن موسى‪ G‬بن مهران‬
‫‪.‬األصبهاني(المتوفى‪٤٣٠ G:‬هـ)‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ -‬بيروت‪ G‬طبعة ‪١٤٠٩‬هـ‬

‫‪ .١١‬سنن ابن ماجة‬

‫لإلمام إبن ماجة أبو عبد هللا محمد بن يزيد القزويني‪ ،‬وماجة اسم أبيه يزيد (المتوفى‪G:‬‬
‫‪٢٧٣.‬هـ) ‪ ،‬دار إحياء الكتب العربية‬

‫‪ .١٢‬أدب الدنيا والدين‬

‫لإلمام أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن حبيب البصري‪ G‬البغدادي‪ ،‬الشهير بالماوردي‪G‬‬
‫‪(.‬المتوفى‪٤٥٠ :‬هـ)‪ ،‬دار مكتبة الحياة ‪ ١٩٨٦‬م‬

‫‪ .١٣‬األذكار النووية‬

‫لإلمام أبو زكريا‪ G‬محيي الدين يحيى بن شرف النووي‪( G‬المتوفى‪٦٧٦ G:‬هـ)‪ ،‬دار ابن كثير‬
‫‪.‬دمشق ‪ -‬بيروت الطبعة الثانية ‪ ١٤١٠‬هـ‬

‫‪ .١٤‬تفسير مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير‬

‫للعالمة أبو عبد هللا محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي الملقب بفخر الدين‬
‫الرازي خطيب الري (المتوفى‪٦٠٦ :‬هـ)‪ ،‬دار إحياء التراث العربي ‪ -‬بيروت الطبعة‪:‬الثالثة‬
‫‪ ١٤٢٠ -‬هـ‬

‫‪ .١٥‬تفسير الجاللين‬

‫لإلمام جالل الدين محمد بن أحمد المحلي (المتوفى‪٨٦٤ G:‬هـ) وإمام‪ G‬جالل الدين عبد الرحمن‬
‫‪.‬بن أبي بكر السيوطي‪( G‬المتوفى‪٩١١ G:‬هـ)‪ ،‬دار الحديث ‪ -‬القاهرة‪ ،‬الطبعة‪ :‬األولى‬

‫‪ .١٦‬فتح المعين بشرح قرة العين بمهمات الدين‬

‫للشيخ زين الدين أحمد بن عبد العزيز‪ G‬بن زين الدين بن علي بن أحمد المعبري‪ G‬المليباري‬
‫‪.‬الهندي (المتوفى‪٩٨٧ G:‬هـ)‪ ،‬دار بن حزم الطبعة‪ :‬األولى‬

‫‪46‬‬
‫مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال‬

‫‪ .١٧‬المستدرك على الصحيحين‬

‫لإلمام أبو عبد هللا الحاكم محمد بن عبد هللا بن محمد بن حمدويه بن نُعيم بن الحكم الضبي‬
‫الطهماني النيسابوري المعروف بابن البيع (المتوفى‪٤٠٥ G:‬هـ)‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ -‬بيروت‪G‬‬
‫‪.‬الطبعة األولى‪ ١٤١١ ،‬ھ‬

‫‪ .١٨‬مسند أبي داود الطيالسي‬

‫لإلمام أبو داود سليمان بن داود بن الجارود‪ G‬الطيالسي البصرى (المتوفى‪٢٠٤ G:‬هـ)‪ ،‬دار‬
‫‪.‬هجر ‪ -‬مصر الطبعة األولى‪ ١٤١٩ ،‬هـ‬

‫‪ .١٩‬الجامع الكبير ‪ -‬سنن الترمذي‬

‫لإلمام محمد بن عيسى بن َسوْ رة بن موسى بن الضحاك‪ ،‬الترمذي‪ ،‬أبو عيسى (المتوفى‪G:‬‬
‫‪٢٧٩.‬هـ)‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي ‪ -‬بيروت سنة ‪ ١٩٩٨‬م‬

‫‪ .٢٠‬الجميع الصحيح‬

‫لإلمام مسلم بن الحجاج أبو الحسن القشيري النيسابوري (المتوفى‪٢٦١ G:‬هـ)‪ ،‬دار إحياء‬
‫‪.‬التراث العربي ‪ -‬بيروت‬

‫‪ .٢١‬الرسالة القشيرية‬

‫للعالمة عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك القشيري (المتوفى‪٤٦٥ :‬هـ)‪ ،‬دار المعارف‪- G‬‬
‫‪.‬القاهرة‬

‫‪ .٢٢‬الجامع الصحيح للسنن والمسانيد‬

‫للشيخ صهيب عبد الجبار‬

‫‪ .٢٣‬سنن أبي داود‬

‫لإلمام أبو داود سليمان بن األشعث بن إسحاق بن بشير‪ G‬بن شداد بن عمرو األزدي‬
‫‪.‬ال َِّس ِجسْتاني (المتوفى‪٢٧٥ G:‬هـ)‪ ،‬المكتبة العصرية‪ ،‬صيدا ‪ -‬بيروت‬

‫‪47‬‬
‫مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال‬

‫‪ .٢٤‬التفسير المنير‬

‫‪.‬للشيخ د‪ .‬وهبة بن مصطفى الزحيلي‪ ،‬دار الفكر المعاصر ‪ -‬دمشق الطبعة الثانية‪ ١٤١٨ ،‬ھ‬

‫‪ .٢٥‬سنن ابن ماجه‬

‫لإلمام ابن ماجة أبو عبد هللا محمد بن يزيد القزويني‪ ،‬وماجة اسم أبيه يزيد (المتوفى‪G:‬‬
‫‪٢٧٣.‬هـ)‪ ،‬دار إحياء الكتب العربية ‪ -‬فيصل عيسى البابي الحلبي‬

‫‪ .٢٦‬علم أصول الفقه! وخالصة تاريخ التشريع‬

‫‪.‬للشيخ عبد الوهاب خالف (المتوفى‪١٣٧٥ :‬هـ)‪ ،‬مطبعة المدني المؤسسة السعودية بمصر‬

‫‪ .٢٧‬أنوار التنزيل وأسرار التأويل‬

‫للعالمة ناصر الدين أبو سعيد عبد هللا بن عمر بن محمد الشيرازي‪ G‬البيضاوي (المتوفى‪G:‬‬
‫‪٦٨٥.‬هـ)‪ ،‬دار إحياء التراث العربي ‪ -‬بيروت الطبعة األولى ‪ ١٤١٨ -‬هـ‬

‫‪ .٢٨‬منهاج الطالبين وعمدة المفتين‬

‫لإلمام أبو زكريا‪ G‬محيي الدين يحيى بن شرف النووي‪( G‬المتوفى‪٦٧٦ G:‬هـ)‪ ،‬دار الفكرالطبعة‬
‫‪.‬األولى‪١٤٢٥ ،‬هـ‬

‫‪ .٢٩‬حاشية أسنى المطالب في شرح روض الطالب‬

‫‪.‬لإلمام الرملي الكبير‪ ،‬دار الكتاب اإلسالمي‬

‫‪ .٣٠‬جمع الجوامع‬

‫‪.‬لإلمام تاج الدين السبكي‪ ،‬دار ابن الجوزي الطبعة األولى ‪ ١٤٣٦‬ھ‬

‫‪ .٣١‬اإلحكام في أصول األحكام!‬

‫‪.‬لإلمام ابن حزم‪ ،‬دار اآلفاق الجديدة‪-‬بيروت‬

‫‪ .٣٢‬المعتمد في أصول الفقه‬

‫‪48‬‬
‫مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال‬

‫‪.‬للشيخ أبو الحسين البصري المعتزلي‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ -‬بيروت الطبعة األولى‪ ١٤٠٣ ،‬ھ‬

‫‪ .٣٣‬الموافقات‬

‫‪.‬لإلمام الشاطبي‪ ،‬دار ابن عفان الطبعة األولى ‪ ١٤١٧‬ھ‬

‫‪ .٣٤‬المستصفى‬

‫‪.‬لإلمام إلمام الغزالي‪ ،‬دار الكتب العلمية الطبعة األولى‪١٤١٣ ،‬هـ‬

‫‪ .٣٥‬شرح النووي على المسلم‬

‫‪.‬لإلمام النووي‪ ،‬دار إحياء التراث العربي ‪ -‬بيروت الطبعة الثانية‪ ١٣٩٢ ،‬ھ‬

‫‪ .٣٦‬حاشية السيوطي على سنن النسائي‬

‫لإلمام السيوطي‪ ،‬دار ابن عفان للنشر والتوزيع ‪ -‬المملكة العربية السعودية ‪ -‬الخبر الطبعة‬
‫‪.‬األولى ‪ ١٤١٦‬هـ‬

‫‪ .٣٧‬فتح البارئ على الصحيح البخاري‬

‫‪.‬لإلمام ابن حجر‪ ،‬دار المعرفة ‪ -‬بيروت‪ ١٣٧٩ ،‬ھ‬

‫‪ .٣٨‬تفسير فتح القدير‬

‫لإلمام الشوكاني‪ ،‬دار ابن كثير‪ ،‬دار الكلم الطيب ‪ -‬دمشق‪ ،‬بيروت الطبعة األولى ‪١٤١٤ -‬‬
‫‪.‬هـ‬

‫‪ .٣٩‬سنن النسائي‬

‫‪.‬لإلمام النسائي‪ ،‬مكتب المطبوعات اإلسالمية ‪ -‬حلب الطبعة الثانية‪ ١٤٠٦ ،‬ھ‬

‫‪ .٤٠‬مراح لبيد لكشف معنى القرأن المجيد‬

‫‪.‬للشيخ النووي الجاوي‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ -‬بيروت الطبعة األولى ‪ ١٤١٧ -‬هـ‬

‫‪49‬‬
‫مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال‬

‫‪ .٤١‬تعليم باعكاسيال المواطنة‬

‫‪.‬وزارة التربية والتعليم والثقافة‪ ٢٠١٤-‬جاكرتا‪ :‬وزارة التربية والتعليم والثقافة‬

‫‪ .٤٢‬ماتروجى‬

‫‪ ٢٠٠٩.‬التاريخ جاكرتا‪ :‬إرالنجا‬

‫‪ .٤٣‬إيديولوجية اإلسالم خالدة ومتحركة‬

‫فوزي‪ G‬أمر هريادي‬

‫‪ .٤٤‬إسالم في طرف المتحركة ‪ :‬إيديولوجي‪ ،‬فكرة ومحركة‬

‫‪.‬شاربني‪ ،‬فيالر ميدييا ‪ -‬يوجياكارتا ‪ ٢٠٠٥‬م‬

‫‪ .٤٥‬طريقة اإلسالم الجديد‬

‫‪.‬احمد عطية‪ ،‬مكتبة طريق العزة‪ -‬بوجور‪ ٢٠٠٤ G‬م‬

‫‪ .٤٦‬حقوق اإلنسانية على أساس إيديولوجية باعكاسيال‬

‫‪.‬غونوان ستيارغا‪،‬كانيسيوس‪-‬يوجياكارتا ‪ ١٩٩٣‬م‬

‫‪50‬‬
‫مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال‬

‫(الفهرس)‬

‫‪.......................................................................................................‬ب‬
‫‌‬ ‫إهداء‬
‫‪...................................................................................................‬ج‬
‫‌‬ ‫اإلستفتاح‬
‫‪.............................................................................................‬د‬
‫‌‬ ‫الشكر والتقدير‬
‫مقدمة‪1........................................................................................................‬‬
‫(المبحث األول) تكلم عن معنى المصلحة‪5.............................................................‬‬
‫المطلب األول في شواهد القرآن الكريم‪ G‬والحديث الشريف‪ G‬في بيان المصلحة‪5...............‬‬
‫‪-‬شواهد المصلحة من القران الكريم وتفسيرمعناها‪5............................................G‬‬
‫‪-‬شواهد المصلحة من الحديث الشريف وشرح معناها ‪10......................................‬‬
‫المطلب الثاني في آراء العلماء في بيان حقيقة المصلحات ‪15....................................‬‬
‫‪ .١‬قول الشيخ اإلمام أبو حامد محمد بن محمد الغزالي الطوسي (المتوفى‪٥٠٥ G:‬هـ)‪16..‬‬
‫‪ .٢‬قول الشيخ اإلمام إبراهيم بن موسى الشهير بالشاطبي (المتوفى‪٧٩٠ :‬هـ) ‪17........‬‬
‫‪.٣‬قول الشيخ اإلمام محمد بن علي الطيب المعتزلي (المتوفى‪٤٣٦ :‬هـ)‪18................‬‬
‫‪ .٤‬قول الشيخ اإلمام أبو محمد علي بن أحمد الشهير بإبن حزم (المتوفى‪٤٥٦ G:‬هـ)‪19..‬‬
‫‪ .٥‬قول الشيخ اإلمام تاج الدين عبد الوهاب بن تقي الدين السبكي (المتوفى‪٧٧١ :‬هـ) ‪20‬‬
‫المطلب الثالث في رأي اإلمام عزالدين بن عبد السالم في بيان المصلحة وقسمتها‪21.......G‬‬
‫تعريف المصلحة‪22..................................................................................‬‬
‫تقسيم المصالح‪23.....................................................................................‬‬
‫فصل في بيان مصالح الدنيا واآلخرة‪24..........................................................‬‬
‫فصل في مصالح الحقيقي ومصالح المجازي ‪25................................................‬‬
‫فصل في معرفة المصالح والمفاسد بالمكاشفة‪28................................................‬‬
‫فصل في المصالح الكفايات واألعيان وكذا المفاسد ‪29........................................‬‬
‫(المبحث الثاني) تكلم عن أيديولوجية بانكاسيال ‪30....................................................‬‬
‫المطلب األول في أيديولوجية اإلسالم ‪30............................................................‬‬
‫المطلب الثاني في بانكاسيال وتاريخ تكوينها‪32.....................................................G‬‬
‫مدة قبل االستقالل‪32.................................................................................‬‬

‫‪51‬‬
‫مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال‬

‫مدة إعداد اإلسقالل ‪33...............................................................................‬‬


‫مدة المشاورة واقتراح أساس دولة اإلندونيسيا ‪33...............................................‬‬
‫مدة إثبات افتتاح القوانين األساسية‪35.............................................................‬‬
‫المطلب الثالث في سباب بانكاسيال تصبح إيديولوجية األمة اإلندونيسيا‪36....................G‬‬
‫(المبحث الثالث) تكلم عن انسجام باعكاسيال بمصلحة الشريعة ‪39.................................‬‬
‫المطلب األول في المعنى والغرض من باعكاسيال الذي يوافق بالشريعة‪39...................‬‬
‫األول هو‪ :‬األلوهية األحدية ‪40.....................................................................‬‬
‫الثاني هو ‪ :‬اإلنسانية العادلة والمتأدبة‪44.........................................................‬‬
‫الثالث هو ‪ :‬وحدة اإلندونيسيا‪51...................................................................G‬‬
‫الرابع هو ‪ :‬الشعبية الموجهة بحكمة الشورى لنيابية‪54........................................‬‬
‫الخامس هو ‪ :‬العدالة اإلجتماعية على جميع اإلندونيسيين ‪56.................................‬‬
‫المطلب الثاني في انسجام بانكاسيال بمفهوم‪ G‬المصلحة عند اإلمام عز الدين بن عبد السالم‪. .‬‬
‫‪59‬‬
‫األلوهية‪59.............................................................................................‬‬
‫العدل واإلحسان‪60...................................................................................‬‬
‫الموحدة‪62.............................................................................................‬‬
‫المشاورة ‪64...........................................................................................‬‬
‫المعاونة‪65.............................................................................................‬‬
‫(النتائج) ‪67..................................................................................................‬‬
‫(التوصيات)‪69..............................................................................................‬‬
‫(المصادر‪ G‬والمراجع)‪70...................................................................................‬‬
‫(الفهرس)‪79.................................................................................................‬‬

‫‪52‬‬
‫مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال‬

‫‪53‬‬

You might also like