Professional Documents
Culture Documents
إعداد الطالب
تحت إشراف
ب
ج
اإلستفتاح
4
الشكر والتقدير
:أنتهز هذه الفرصة السعيد ألتقدم بالشكر الجزيل والتقدير الكبير إلى كل من
إلى مربية روحي المعلمة مصرية عمفا الحاجة ،والمعلمة عوان هللا عمفا الحاجة ،والشيخ-
المغفورله أسرار محمد الحاج ،والشيخ حسن رحمة ،وجميع أساتيذ المعهد كبون جامبو
اإلسالمي بارك هللا لهم في عمرهم
وإلى مدير معهد الحكم السلفية العالي األستاذ Gدوكتور Gأرواني شيرزي Gوإلى مسؤول Gقسم -
الفقة وأصوله تخصيص مقاصد الشريعة مشرف البحث األستاذ Gإبن مزكى مودي ،وجميع
أساتيذ معهد الحكم السلفية العالي أطالهم هللا علما ونفعا للمسلمين
وخصوصا إلى أبي وأمي أطال هللا بقائهما -
5
مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال
مقدمة
القرآن هو كالم هللا العظيم الرحيم وهو رحمة لجميع الناس ،وال يوجد كتاب يشمل في فوائده
إال القرآن .وهو مكمل للكتب السابقة ،ويصبح الموضوع Gاألساسي للكتب التالية ،لفهم الحياة
والدين.
من هذا القرآن الكريم انبثقت نظريات مختلفة من اإلنسانية والعدالة والمصلحة .منها
األيديولوجية األساسية لألمة اإلندونيسية ،وهي بانكاسيال .بسبب القرآن ،ولدت بانكاسيال
وأصبحت مصدر القانون وأيديولوجية األمة التي توحد كل مستوى من مستويات المجتمع ،
.المسلمين وغير المسلمين
ولكن ،كثير من األشخاص الذين ال يعقلون بعقل سليم ،وتجمد قلوبهم ،وتحتقرحقًا Gكلماتهم ،
يقولون :بانكاسيال طاغوت ،وبانكاسيال ليست من اإلسالم ،والناس يتمسك بإيديولوجية
بانكاسيال هو الكافر .في الواقع ،كثير منهم يصطدم Gبالقرآن ببانكاسيال وكأنهم يفهمون حقًا
محتويات القرآن ،رغم أنهم عندما يقرؤون القرآن ،والقراءة اليصل إلى حنجرهم ،ناهيك عن
.الوصول إلى قلوبهم
لذلك ،سنشرح في هذه المناسبة عن بانكاسيال وهي أجمل اللؤلؤة لألمة اإلندونيسية التي
خرجت من بحر حكمة القرآن ،من وجهة نظر الفقه واألصول الفقه والمقاصد الشريعة عند
.العالم الكبير الشيخ اإلمام عز الدين بن عبد السالم في كتابه قواعد األحكام في مصالح األنام
ننسجم فوائد أيديولوجيا بانكاسيال بفوائد النظريات من ذلك الكتاب ،مع الحجج المأخوذة من
القرآن والحديث ،لكي يُفهم أن بانكاسيال هو أحد ثمرة الحكمة من القرآن بغير تعريض.
1
تاج الدين السبكي ،ولب األصول لإلمام زكريا األنصاري ، Gوكتب أخرى من كتب األصول،
.والعديد من الكتب األخرى الداعمة
:في هذه الكتابة العلمية ،نقسم أسإلة البحث إلى ثالثة مسائل وهي
أوال ،ما المصلحة العامة وقسمتها Gعند اإلمام عزالدين بن عبد السالم في كتاب
قواعد األحكام في مصالح األنام؟
ثانيا ،ما هي باعكاسيال وكيف Gتاريخ تشكيل باعكاسيال بحيث تصبح صياغة
أيديولوجية األمة اإلندونيسية؟
ثالثا ،كيف تنسجم أيديولوجية بانكاسيال بمفهوم معنى المصالح عند اإلمام عز الدين
بن عبد السالم؟
أوال ،كي نعرف Gحقيقة المصلحة وتوزيعها Gعند اإلمام عزالدين بن عبد السالم.
ثانيا ،لكي نفهم طبيعة باعكاسيال وتاريخ تكوينها Gبحيث تصبح أيديولوجية األمة
اإلندونيسية ويمكن أن توحد فهم أيديولوجية جميع اإلندونيسيين المتنوعة.
ثالثا ،لكي نشهد أن أيديولوجية بانكاسيال ال تتعارض بالقرآن الكريم والحديث
الشريف ،ناهيك تتعارض بدين الرحمة للعالمين ،من خالل نهج فهم المصلحة عند
اإل مام عز الدين بن عبد السالم.
المبحث األول تكلم عن معنى المصلحة وهذا البحث ينقسم إلى ثالثة مطالب:
المطلب األول في شواهد القرآن الكريم Gوالحديث الشريف Gفي بيان المصلحة
المطلب الثالث في رأي اإلمام عزالدين بن عبد السالم في بيان المصلحة و قسمتهاG
المبحث الثاني تكلم عن أيديولوجية بانكاسيال وهذا البحث ينقسم إلى ثالثة مطالب:
2
المطلب األول في أيديولوجية وتاريخ تطورها Gفي اإلسالم
المبحث الثالث تكلم عن إنسجام باعكاسيال بمصلحة الشريعة وهذا البحث ينقسم إلى
إثنان مطالب:
المطلب الثاني في انسجام بانكاسيال بمفهوم Gالمصلحة عند اإلمام عز الدين بن عبد السالم
3
مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال
)المبحث األول(
سنتكلم عن معنى المصلحة ،وهذا المبحث ينقسم إلى ثالثة مطالب:
المطلب األول في شواهد القرآن الكريم والحديث الشريف في بيان المصلحة
إذا بحثنا عن مصطلح المصلحات في القرآن الكريم والحديث الشريف ،فوجدنا Gهناك كثيرا
جدا ألن الغرض من القرآن الكريم والحديث الشريف هو تحقيق المصلحة لجميع
المخلوقات ،وال سيما اإلنسان ،لينال مصلحة الدنيا واآلخرة .وهناك مثال كثير أيضا من
أمثلة المصلحة ،فلذلك نحن نشرح هنا بعض حجج المصلحة فقط التي تتعلق باإلنسانية
واألخوة والوحدة ،ألن الغرض من باعكاسيال هو ذلك،
قال هللا تعالى ﴿ :وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون﴾. 1 .1
تفسيرها :أي ال يهلك ربك أهل القرى بمجرد كونهم مشركين ،إذا كانوا مصلحين في
المعامالت بينهم ،أي إن عذاب االستئصال ال ينزل ألجل كون القوم معتقدين للشرك بل
إنما ينزل ذلك إذا أساءوا في المعامالت وسعوا في اإليذاء للناس ،وظلم Gالخلق لفرط
مسامحته تعالى في حقوقه ولذلك تقدم حقوق العباد على حقوقه تعالى عند تزاحم
2
الحقوق.
يتضح من هذه اآلية أن الناس الذين يصلحون يمكن أن يمنعوا أهل البالد من عقاب هللا عز
وجل ولو كان أن هذا الناس ليسوا مسلمين ،ويتضح هنا أن مصطلح الصاحلين يختلفون
بالمصلحين .فأما الصالحين فهم الذين يفعلون الخير ألنفسهم فقط ،وأما المصلحون فهم الذين
يفعلون الخير لجميع الناس بل لجميع المخلوقات كلها ،ومن هذه اآلية نفهم أيضًا أن
المصلحون أفضل من الصالحين.
.٢﴾3قال هللا تعالى ﴿ :وإذا قيل لهم ال تفسدوا في األرض قالوا Gإنما نحن مصلحون
1
سورة هود ١١آية١١٧ :
2
الشيخ النووي الجاوي ،مراح لبيد لكشف معنى القرأن المجيد ،دار الكتب العلمية -بيروت الطبعة األولى ١٤١٧ -هـ ج ١ :ص:
٥٢٠
3
سورة البقرة ٢آية١١ :
4
مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال
تفسيرها :قال السدي في تفسيره عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة
الطيب الهمداني عن ابن مسعود Gوعن أناس من أصحاب النبي صلى هللا عليه وسلم( :وإذا
.قيل لهم ال تفسدوا في األرض قالوا إنما نحن مصلحون) قال :هم المنافقون
أما (ال تفسدوا في األرض) ،قال :الفساد هو الكفر والعمل بالمعصية .وقال أبو جعفر عن
الربيع بن أنس عن أبي العالية في قوله تعالى (وإذا قيل لهم ال تفسدوا في األرض) قال :يعني
ال تعصوا في األرض وكان فسادهم ذلك معصية هللا ألنه من عصى هللا في األرض أو أمر
.4بمعصيته فقد أفسد في األرض ألن صالح األرض والسماء بالطاعة
هذه اآلية هي آية مقارنة اآلية السابقة ،تدل على أن ضد المصلحين هم المفسدون ،أي
المنافقون الذين يرتكبون المعصية والفساد في االرض ،ويفهم أيضا إن شرط Gالمصلحين ليس
بجعل عالقة بين الناس فقط ،ولكن جعل عالقة مع هللا أيضا يعني باإليمان الكامل .ومن
المفهوم أن طاعة هللا تعالى هي صور Gمن صوار Gالمصلحة ،وعصيان هللا هو صور من
.صوار المفسدة
.٣قال هللا تعالى ﴿ :وال تجعلوا هللا عرضة أليمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس وهللا
﴾5سميع عليم
تفسيرها :أقوال هي راجعة إلى هذه الوجوه التي ذكرناها ،فمن ذلك قول الزجاج :معنى اآلية:
أن يكون الرجل إذا طلب منه الفعل الذي فيه خير اعتل باهلل ،فقال :علي يمين ،وهو لم يحلف
وقيل :معناها :ال تحلفوا باهلل كاذبين إذا أردتم البر والتقوى Gواإلصالح ،وقيل :معناها إذا
حلفتم على أن ال تصلوا أرحامكم وال تتصدقوا وال تصلحوا وعلى أشباه ذلك من أبواب البر
.6فكفروا Gعن اليمين
يتضح من هذه اآلية أنه خطأ كبير إذا جعل الدين عرضة للعالقات بين الناس ،وهذا الفعل
ممنوع تما ًما ،يعني بجعل اسم هللا ذريعة لمخالفة اليمين والوعد بين الناس ،مع إن فيهما
.خيرا وتقوى وإصالحا ،ال اليمين والوعد مع إن فيهما شرا ومعصية ومفسدا
4
اإلمام ابن كثير ،تفسير ابن كثير G،دار الكتب العلمية ،منشورات محمد علي بيضون -بيروت Gالطبعة األولى ١٤١٩ -هـ ج١:
ص٩١ :
5
سورة البقرة ٢آية٢٢٤:
6
اإلمام الشوكاني ،تفسير فتح القدير ،دار ابن كثير ،دار الكلم الطيب -دمشق ،بيروت الطبعة األولى ١٤١٤ -هـ ج ١:ص٢٦٤ :
5
مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال
.٤قال هللا تعالى ﴿:وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا Gفأصلحوا Gبينهما فإن بغت إحداهما على
األخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر هللا فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا
﴾ 7إن هللا يحب المقسطين
تفسيرها :يقول تعالى آمرا باإلصالح بين الفئتين الباغين بعضهم على بعض( :وإن طائفتان
من المؤمنين اقتتلوا Gفأصلحوا بينهم) ا فسماهم Gمؤمنين مع االقتتال ،وبهذا استدل البخاري
وغيره على أنه ال يخرج من اإليمان بالمعصية وإن عظمت ،ال كما يقوله الخوارج ومن
.تابعهم من المعتزلة ونحوهمG
وهكذا ثبت في صحيح البخاري من حديث الحسن عن أبي بكرة رضي هللا عنه قال :إن
رسول هللا صلى هللا عليه وسلم خطب يوما ،ومعه على المنبر الحسن بن علي رضي هللا
عنهما ،فجعل ينظر Gإليه مرة ،وإلى الناس أخرى ويقول :إن ابني هذا سيد ولعل هللا تعالى أن
.يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين
فكان كما قال صلوات هللا وسالمه عليه ،أصلح هللا به بين أهل الشام وأهل العراق بعد
.8الحروب الطويلة ،والواقعات المهولة
يفهم من هذه اآلية واجب الحفظ على السالم والمصلحة بين الجماعات ،وشرح تحريم
العداوة وجعل المفسدة ناهيك عن اقتتال بعضهم بعضا ،وشرح Gأن قتال البغاة جائز إذا كان
.مفسدا .ألنه جلب المصلحة ،أي السالم بين الناس
.٥قال هللا تعالى ﴿ :ال خير في كثير من نجواهم إال من أمر بصدقة أو معروف أو إصالح
﴾9بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات هللا فسوف Gنؤتيه أجرا عظيما
تفسيرها :ال خير في كثير من كالم الناس وتناجيهم Gكجماعة طعمة إال إذا كان التناجي في
أحد أمور ثالث -١:األمر بالصدقة إلعانة المحتاج ومواساة الفقير والمسكين -٢ .األمر
بالمعروف G:وهو ما تعارف عليه الشرع من كل ما فيه مصلحة عامة أو خير عام.
-٣.اإلصالح بين الناس في خصوماتهم Gومنازعاتهم
7
سورة الحجرات ٤٩آية٩:
8
اإلمام ابن كثير ،تفسير ابن كثير G،دار الكتب العلمية ،منشورات محمد علي بيضون -بيروت Gالطبعة األولى ١٤١٩ -هـ ج٧:
ص٣٤٩:
9
سورة النساء ٤آية ١١٤:
6
مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال
وذلك كما جاء في حديث رواه ابن مردويه والترمذي Gوابن ماجه عن أم حبيبة قالت :قال
رسول هللا صلى هللا عليه وسلم :كالم ابن آدم كله عليه ،ال له ،إال ذكر هللا عز وجل ،أو أمر
.10بمعروف ،أو نهي عن منكر
يتضح من هذه اآلية ،أنه ال خير في جماعة إال إن يكن هناك أشخاص ينصحون بعضهم
بعضا في بناء المجتمع ،وتنفيذ الخير االجتماعي ،وتصالح بعضهم Gبعضا ،ناهيك إذا كانت
.ذلك المجموعة واسعة جدًا مثل بلدنا إندونيسيا
.١حديث عن اإلمام البخاري رضي هللا عنه :حدثنا عبد العزيز بن عبد هللا ،حدثنا إبراهيم بن
سعد ،عن صالح ،عن ابن شهاب أن حميد بن عبد الرحمن ،أخبره أن أمه أم كلثوم بنت عقبة،
أخبرته :أنها سمعت رسول هللا ﷺ يقول :ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس ،فينمي Gخيرا،
.11أو يقول خيرا
شرحه :وما زاده مسلم والنسائي Gمن رواية يعقوب بن إبراهيم بن سعد عن أبيه في آخره ولم
أسمعه يرخص في شيء مما يقول الناس إنه كذب إال في ثالث فذكرها Gوهي الحرب وحديث
. الرجل المرأته واإلصالح بين الناس
قال الطبري Gذهبت طائفة إلى جواز الكذب لقصد اإلصالح وقالوا إن الثالث المذكورة
كالمثال وقالوا الكذب المذموم Gإنما هو فيما فيه مضرة أو ما ليس فيه مصلحة ،وقال آخرون
.ال يجوز الكذب في شيء مطلقا وحملوا Gالكذب المراد هنا على التورية والتعريض
واتفقوا على أن المراد بالكذب في حق المرأة والرجل إنما هو فيما ال يسقط حقا عليه أو عليها
أو أخذ ما ليس له أو لها ،وكذا في الحرب في غير التأمين ،واتفقوا على جواز الكذب عند
االضطرار ،كما لو قصد Gظالم قتل رجل وهو مختف عنده فله أن ينفي كونه عنده ويحلف
.12على ذلك وال يأثم ،وهللا أعلم
10
الشيخ د .وهبة الزحيلي ،التفسير المنير ،دار الفكر المعاصر -دمشق الطبعة الثانية ١٤١٨ ،هـ ج ٥:ص٢٦٨:
11
اإلمام البخاري ،جميع الصحيح ،دار طوق النجاة الطبعة األولى ١٤٢٢ ،ھ ج ٣:ص١٨٣ :
12
اإلمام ابن حجر ،فتح البارئ ،دار المعرفة -بيروت ١٣٧٩ ،ھ ج ٥:ص٣٠٠:
7
مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال
من هذا الحديث يشرح أهمية الحفاظ على األخوة بين الناس ،حتى الكذب مسموح به عندما
.يكون الكذب هو الحفاظ على األخوة ،ولو يختلف العلماء في حقيقة حكم الكذب
.٢حديث عن اإلمام النسائي رضي هللا عنه :أخبرنا قتيبة ،قال :حدثنا الليث ،عن ابن
عجالن ،عن القعقاع بن حكيم ،عن أبي صالح ،عن أبي هريرة ،عن رسول هللا ﷺ قال:
13المسلم من سلم الناس من لسانه ويده ،والمؤمن أمنه الناس على دمائهم Gوأموالهم
شرحه :قيل األلف والالم فيه للكمال نحو زيد الرجل أي الكامل في الرجولية قال الخطابي
المراد أفضل المسلمين من جمع إلى أداء حقوق هللا تعالى أداء حقوق الناس وقال غيره
يحتمل أن يكون المراد بذلك اإلشارة إلى حسن معاملة العبد مع ربه ألنه إذا أحسن معاملة
.14إخوانه فأولى Gأن يحسن معاملة ربه من التنبيه باألدنى على األعلى
.٣حديث عن اإلمام البخاري رضي هللا عنه :حدثنا قيس بن حفص ،حدثنا عبد الواحد ،حدثنا
الحسن ،حدثنا مجاهد ،عن عبد هللا بن عمرو ،عن النبي ﷺ قال :من قتل نفسا معاهدا لم يرح
.15رائحة الجنة ،وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاما
من هذا الحديث يفهم أن الدين اإلسالم يضمن ويحترم غير المسلمين طالما أن هذا االشخاص
ال يفسدون في الشيئ ،ويفهم أن شروط دخول الجنة ونيل إرضاء هللا تعالى ،ال تقتصر على
احترام إخواننا المسلمين فقط ،بل احترام الناس بين األديان أيضا ،حتى تكون هناك عالقة
.اإلنسانية جيدة بين المسلمين وغير المسلمين في العالم
.٤حديث عن اإلمام مسلم رضي هللا عنه :حدثنا محمد بن رافع ،حدثنا عبد الرزاق بن همام،
حدثنا معمر ،عن همام بن منبه ،قال :هذا ما حدثنا أبو هريرة ،عن محمد رسول هللا صلى هللا
عليه وسلم ،فذكر أحاديث منها ،وقال رسول هللا ﷺ :كل سالمى من الناس عليه صدقة ،كل
يوم تطلع فيه الشمس ،قال :تعدل بين االثنين صدقة ،وتعين الرجل في دابته فتحمله عليها ،أو
ترفع له عليها متاعه صدقة ،قال :والكلمة الطيبة صدقة ،وكل خطوة تمشيها إلى الصالة
.16صدقة ،وتميط Gاألذى عن الطريق صدقة
13
امام النسائي ،سنن النسائي ،مكتب المطبوعات اإلسالمية -حلب الطبعة الثانية ١٤٠٦ ،ھ ج ٨ :ص ١٠٤ :رقم٤٩٩٥ :
14
امام السيوطي ،حاشية السيوطي على سنن النسائي ،دار ابن عفان للنشر والتوزيع الخبر الطبعة األولى ١٤١٦هـ ج ٨:ص:
١٠٥
15
اإلمام البخاري ،جميع الصحيح ،دار طوق النجاة الطبعة األولى ١٤٢٢ ،ھ ج ٩:ص ١٢ :رقم٦٩١٤:
16
االمام مسلم ،جميع الصحيح ،دار إحياء التراث العربي -بيروت ،ج ٢:ص ٦٩٩:رقم١٠٠٩:
8
مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال
شرحه :قوله صلى هللا عليه وسلم (كل سالمى من الناس عليه صدقة كل يوم تطلع فيه
الشمس) قال العلماء المراد صدقة ندب وترغيب ال إيجاب وإلزام قوله صلى هللا عليه وسلم
(يعدل بين االثنين صدقة) أي يصلح بينهما بالعدل 17.هذا الحديث يحثنا على تحقيق العدل بين
الناس ،ألن كل ما يعمل به يعد صدقة ،إذا فعلنا الخير ليقوم األخوة بيننا ،وخاصة في بلدنا
.إندونيسياG
.٥حديث عن اإلمام أبي داود رضي هللا عنه :حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ،ومسدد Gالمعنى،
قاال :حدثنا سفيان ،عن عمرو ،عن أبي قابوس ،مولى لعبد هللا بن عمرو ،عن عبد هللا بن
عمرو ،يبلغ به النبي ﷺ :الراحمون يرحمهم Gالرحمن ارحموا أهل األرض يرحمكم من في
.18السماء
شرحه :قال عليه السالم :الراحمون يرحمهم Gالرحمن ،وقال في صفة محمد عليه السالم:
.بالمؤمنين رؤف رحيم 19ثم قال تعالى :ولو كنت فظا غليظ القلب النفضوا من حولك
إن المقصود Gمن البعثة أن يبلغ الرسول تكاليف هللا تعالى إلى الخلق ،وهذا المقصود ال يتم إال
إذا مالت قلوبهم Gإليه وسكنت نفوسهم Gلديه ،وهذا المقصود ال يتم إال إذا كان رحيما Gكريما،
يتجاوز عن ذنبهم ،ويعفو عن إساءتهم ،ويخصهم Gبوجوه البر والمكرمة والشفقة ،فلهذه
األسباب وجب أن يكون الرسول مبرأ عن سوء الخلق ،وكما يكون كذلك وجب أن يكون غير
غليظ القلب ،بل يكون كثير الميل إلى إعانة الضعفاء ،كثير القيام بإعانة الفقراء ،كثير
.20التجاوز عن سيئاتهم G،كثير الصفح عن زالتهمG
نحن مكلفون بإتباع النبي وإتباع جميع أفعاله و جميع طبيعة النبي الذي ينشر الرحمة
إلخواننا من الناس ،واعانة الضعفاء والعفو عن المسيئين وصفات جيدة أخرى لجعل السالم
.بين إخواننا من الناس
17
االمام النووي ،شرح النووي على المسلم ،دار إحياء التراث العربي -بيروت الطبعة الثانية ١٣٩٢ ،ھ ج ٧ :ص٩٤:
18
امام ابي داود ،سنن ابي داود ،المكتبة العصرية ،صيدا -بيروت Gج ٤:ص ٢٨٥:رقم٤٩٤١:
19
سورة التوبة 40آية ١٢٨ :
20
اإلمام الرازي ،مفاتيح الغيب ،دار إحياء التراث العربي -بيروت Gالطبعة الثالثة ١٤٢٠ -هـ ج ٩:ص٤٠٧ :
9
مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال
أما حاصل عدة األدلة ،من القرآن الكريم والحديث الشريف ، Gفهي أن اإلسالم دين يعلم ويفيد
المصالح العامة لجميع األمة ،خاصة للمسلمين ،ثم معنى المصلحات في حد ذاتها واسعة
جدًا ،فمن ذلك فعل الخير لبعضنا البعض بين الناس حتى يتم إنشاء عالقات اإلنسانية جيدة،
وأن يعدل بين الناس بال نظر الى الدين والمرتبة ،وان يساعد بعضهم Gبعضا ،وان ال يظلم
جميع المخلوقات ،وان يعاصم Gدائ ًما تقوية األخوة ومحبة بعضهم Gببعض ،وان يصلح بين
.اإلخوة عند العداوة
إذا بحثنا معنى حقيقة المصلحة في كتب و آراء العلماء الماضي ،سنجد أنه لم يتعرّف معظم
العلماء الماضي في ماهية المصلحة ،من الممكن أن تكون معنى المصلحة واضحة وعمو ًما
جدا ال تقتصر في معنى فقط ،وسنجد Gأقوال العلماء قليال يشرحون بالتفصيل معنى حقيقة
المصلحة أو تعريف المصلحة أو تقسيم المصلحة أو أمثلة المصلحة على أقوال منتظمG.
وسنجد غالبا تعريفا بالعموم ،او أمثلة المصلحة في العبارات وتقسيمها اليزال كونها قليال،
:فلذلك سنشرح هنا التعبيرات العامة للعلماء التي تتعلق بالمصلحة ،فمن ذلك
.١قول الشيخ اإلمام أبو حامد محمد بن محمد الغزالي الطوسي (المتوفى٥٠٥ :هـ) في كتابه
:المستصفى ،في الموضوع األصل الرابع من األصول الموهومة االستصالح
أما المصلحة فهي عبارة في األصل عن جلب منفعة أو دفع مضرة ،ولسنا نعني به ذلك ،فإن
جلب المنفعة ودفع المضرة مقاصد الخلق وصالح الخلق في تحصيل مقاصدهم ،لكنا نعني
بالمصلحة المحافظة على مقصود الشرع
ومقصود الشرع من الخلق خمسة :وهو أن يحفظ عليهم دينهم ونفسهم وعقلهم ونسلهم
ومالهم ،فكل ما يتضمن حفظ هذه األصول الخمسة فهو مصلحة ،وكل ما يفوت هذه األصول
.21فهو مفسدة ودفعها Gمصلحة
21
اإلمام الغزالي ،المستصفى ،دار الكتب العلمية الطبعة األولى١٤١٣ ،هـ ج ١:ص١٧٣:
10
مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال
كان اإلمام الغزالي واض ًحا Gفي تحديد معنى المصلحة ،فقد أعطى فهما ً عاما ً للمصلحة ،يعني
جلب المنافع ودفع الضرر ،فيقسم المقاصد من الشريعة أو المصلحة إلى خمسة أقسام :حفظ
الدين والنفس والعقل والنسل والمال ،ثم يقسّم درجات المقاصد إلى ثالث الدرجات فهي
.ضروريات Gوحاجيات وتحسينيات ،ويرجى Gأن تقراء بنفسك في كتابه المستصفى ،لتزيد فهما
.٢قول الشيخ اإلمام إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الغرناطي الشهير بالشاطبيG
(:المتوفى٧٩٠ :هـ) ،في كتابه الموافقات في الموضوع Gكتاب المقاصد
وهي أن وضع الشرائع إنما هو لمصالح العباد في العاجل واآلجل معا ،وهذه دعوى ال بد من
إقامة البرهان عليها صحة أو فسادا ،وليس هذا موضع ذلك ،وقد Gوقع الخالف فيها في علم
الكالم إلى قوله والمعتمد Gإنما هو أنا استقرينا من الشريعة أنها وضعت لمصالح العباد
استقراء ال ينازع فيه الرازي وال غيره ،فإن هللا تعالى يقول في بعثه الرسل وهو األصل:
﴿رسال مبشرين ومنذرين لئال يكون للناس على هللا حجة بعد الرسل﴾﴿ ،22وما أرسلناك إال
﴾23.24رحمة للعالمين
أوضح اإلمام الشاطبي Gأن مصالح للعباد سواء مصالح في الدنيا أو مصالح في اآلخرة هو
المقاصد من وضع الشريعة بإقامة حججها ،فال يوجد خالف ذلك بين أهل العلم .وحجته بأن
الرسل أرسلوا Gرحمة لجميع العلم ،ويمكن فهم ذلك أيضا لوجود Gحجج كثيرة من القرآن أو
.الحديث التي تتوضح ذلك
.٣قول الشيخ اإلمام محمد بن علي الطيب أبو الحسين البصري المعتزلي( Gالمتوفى٤٣٦ G:هـ)
في كتابه المعتمد في أصول الفقه ،في مقدمة كتابه حين يتكلم هل االسم اللغوي يجوز Gأن ينقله
:الشرع إلى معنى آخر؟ .فيقول
فأما الداللة على حسن نقل االسم عن معناه إلى معنى آخر بالشرع Gفهي أنه ال يمتنع تعلق
مصلحة بذلك كما ال يمتنع ثبوتها Gفي جميع العبادات وال يكون فيه وجه قبح وإذا لم يمتنع ذلك
22
سورة النساء 4آية ١٦٥ :
23
سورة األنبياء 21 Gآية ١٠٧ :
24
اإلمام الشاطبي ،الموافقات ،دار ابن عفان الطبعة األولى ١٤١٧ھ ج ٢:ص٩:
11
مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال
لم يمتنع حسنه إذ المصلحة وجه حسن وأيضا فقد جاءت الشريعة بعبادات لم تكن معروفة في
25
اللغة فلم يكن بد من وضع اسم لها لتتميز به من غيرها.
وأوضح الشيخ أبو حسين البصري المعتزلي Gأن المصلحات وجه حسن في نقل معنى اإلسم
األصلي إلى معنى آخر بالشرع ،ثم يقاس هذا األسلوب في تحديد شريعة العبادة ،و تكتب
ايضا في ذلك الكتاب عبارات المصلحة لتحقيق قوانين علم اصول الفقة ،ألنه من العلماء
الذي طريق Gفكريته بطريق فكرية معتزلية ،لذلك تغلب نظرياته بأساس العقل وأسلوب العقل
.تبنى في الغالب جلب المنفعة ودفع Gالضرر
.٤قول أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم األندلسي القرطبي Gالظاهري الشهير بإبن
حزم (المتوفى٤٥٦ G:هـ) في كتابه اإلحكام في أصول األحكام في الموضوع ،الباب التاسع
والثالثون في إبطال القول بالعلل في جميع أحكام الدين ،حين يبطل قول القائل الذي يقول إن
:هللا تعالى ال يفعل شيئا إال لمصالح عباده
فبطل قوله إن هللا تعالى ال يفعل شيئا إال لمصالح عباده وصح بالضرورة أنه يفعل ما يشاء
لصالح ما شاء ولفساد ما شاء ولنفع من شاء ولضر من شاء ليس ههنا شيء يوجب إصالح
من صلح وال إفساد Gمن أفسد وال هدي من هدى وال إضالل من أضل وال إحسان إلى من
أحسن إليه وال اإلساءة إلى من أساء إليه لكن فعل ما شاء ﴿ال يسأل عما يفعل وهم
﴾26.27يسألون
وأوضح اإلمام ابن حزم أن المصالح والضرر من قدر هللا ،وال يتدخل فيها قدر اإلنسان
إطالقا ً إما مصالح في الدنيا أو في اآلخرة ،كما أوضح في ذلك الكتاب و أنه في استنباطG
أحكام الشريعة يجب أن ال يكون هناك تدخل فكرة اإلنسان لمجرد أنه قائم على أساس نفسا.
أما القول بأن هللا ال يفعل شيئا ً إال لمصالح ،فقد بطل ألن المصالح والمفاسد حق هللا نفسه.و
.نقلت هذا الراي لمقابلة راي اإلمام الشيخ أبو حسين البصري المعتزليG
25
أبو الحسين البصري المعتزلي ،المعتمد ،دار الكتب العلمية -بيروت الطبعة األولى ١٤٠٣ ،ھ ج ١:ص ١٩:
26
سورة األنبياء 21 Gآية ٢٣:
27
اإلمام ابن حزم ،اإلحكام في أصول األحكام دار اآلفاق الجديدة ،بيروت ج ٨:ص١٢٥:
12
مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال
.٥قول تاج الدين عبد الوهاب بن تقي الدين السبكي (المتوفى٧٧١ :هـ) في كتابه جمع
الجوامع في الموضوع مسالك العلة الخامس يعني المناسب واإلخالة الذي يكون قوال منقوال
:عن الشيخ ابن الحاجب في كتاب المختصرG
والمناسب :المالئم ألفعال العقالء عادة ،وقيل :ما يجلب نفعا أو يدفع ضررا وقال أبو زيد :ما
لو عرض على العقول لتلقته بالقبول ،وقيل :وصف Gظاهر منضبط يحصل عقال من ترتيب
الحكم عليه ما يصلح كونه مقصودا للشارع من حصول مصلحة أو دفع مفسدة فإن كان خفيا
.أو غير منضبط Gاعتبر مالزمه وهو المظنة
والمناسب ضروري ،فحاجي ،فتحسيني ،والضروري Gكحفظ الدين فالنفس فالعقل فالنسب
فالمال والعرض ،ويلحق به مكمله كحد قليل المسكر والحاجي Gكالبيع فاإلجارة ،وقد يكون
ضروريا Gكاإلجارة لتربية الطفل ،ومكمله كخيار البيع ،والتحسيني غير معارض القواعد
.28كسلب العبد أهلية الشهادة ،والمعارض Gكالكتابة
شرح اإلمام تاج الدين السبكي المصلحة في الموضوع مسالك العلة الخامس وهي المناسب
الذي نقل عن رأي اإلمام ابن الحاجب في كتاب المختصر ،فقال كالهما أن المصالح التي
تجلب المنفعة وتدفع الضرر يمكن أن تكون أحد مسالك العلة في باب القياس ،ألن ذلك الفكر
يعم لجميع العاقل ،و ألن الغرض من الشريعة هو جلب النفع ودفع الضرر ،ثم بعد ذلك يقسم
اإلمام تاج الدين السبكي المناسب تقسيم المصلحات عند اإلمام الغزالي في كتاب المستصفى.
وهي ضروري ،فحاجي ،فتحسيني ،والضروري Gيقسم بحفظ الدين فالنفس فالعقل فالنسب
.فالمال والعرض
فالحاصل من آراء وأقوال Gالعلماء الواردة أن المصالح المقاصدي Gهي كلمة التي قد اصطلح
علماء القديم لتعبير كل ما يمكن جلب المنافع ودفع الضرر سواء في الدنيا أو في اآلخرة ،وال
يزال أن يختلف فيما هل المصلحة يمكن أن تكون مصدرًا في تحديد أحكام الشريعة أوأساس
من أساسي للشريعة قط؟ .ولكن كذلك ،بعد أن نتعلم أن المصلحة عضو من أعضاء الشريعة،
فكل ما يمكن جلب المصلحة وال يصطدم بأحكام Gالدين هو من الشريعة مثل إيديولوجية
28
اإلمام تاج الدين السبكي ،جمع الجوامع ،دار ابن الجوزي الطبعة األولى ١٤٣٦ھ ج ١:ص٣١٩ - ٣١٥ :
13
مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال
بانكاسيال ،ألنها تتضمن مصالح العامة لموحدة فهم إيديولوجي األمة إندونيسية كي ال تكونوا
.تتفرقوا بسبب تمسكهم على إفراد إيديولوجيهمG
المطلب الثالث في رأي اإلمام عزالدين بن عبد السالم في بيان المصلحة و قسمتها
وقد بينا أن للعلماء وجهة النظرية المختلفة عن المصلحة ،في هذا المطلب ،نريد أن نشرح
رأي اإلمام عزالدين بن عبد السالم في معنى المصلحة وتقسيمها في كتاب قواعد األحكام في
مصالح األنام ،ولكن اإلمام عزالدين بن عبد السالم قد بين وقسم Gالمصلحة في ذلك الكتاب
تبيينا وتقسيما واضحا ،وها نحن ذا سنبين رأيه عن المصلحة باإلختصار ،لكي ال يكون هذه
.الكتابة طوال جدا
تعريف المصلحة
قبل أن يعرف اإلمام عز الدين معنى المصالح ،يقدم في فصل في بيان جلب مصالح الدارين
ودرء مفاسدهما على الظنون ثم قال في هذا الفصل " :االعتماد في جلب معظم مصالح
الدارين ودرء مفاسدهما على ما يظهر Gفي الظنون .وللدارين مصالح إذا فاتت فسد أمرهما،
ومفاسد إذا تحققت هلك أهلهما ،وتحصيل Gمعظم هذه المصالح بتعاطي أسبابها مظنون غير
مقطوع به؛
فإن عمل اآلخرة ال يقطعون بحسن الخاتمة وإنما يعملون بناء على حسن الظنون ،وهم مع
ذلك يخافون أن ال يقبل منهم ما يعملون ،وقد Gجاء التنزيل بذلك في قوله تعالى﴿ :والذين
يؤتون ما آتوا وقلوبهم Gوجلة أنهم إلى ربهم راجعون﴾ ،29فكذلك أهل الدنيا إنما يتصرفون
".30بناء على حسن الظنون
من هذا القول يفيد أن المصلحة بنيت على حسن ظنون العباد وليس قطعيا إلختالف العباد
بظنونهم ،فسنجد Gمصالحا مختلفا بإختالف Gأفراد ظنونهم ويفيد ايضا أن المصالح عموما
.ينقسم الى مصالح الدنيا ومصالح اآلخرة
29
سورة المؤمنون 23آية ٦٠ :
30
اإلمام عز الدين بن عبد السالم ،قواعد األحكام في مصالح األنام ،مكتبة الكليات األزهرية -القاهرة ،ج ١:ص٤:
14
مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال
وقال أيضا " :التكاليف كلها راجعة إلى مصالح العباد في دنياهم وأخراهم وهللا غني عن
عبادة الكل ،وال تنفعه طاعة الطائعين ،وال تضره معصية العاصين بل لو كانوا كلهم على
أفجر قلب رجل واحد منهم لم ينقص ذلك من ملكه شيئا ،ولو كانوا كلهم على أتقى قلب رجل
واحد منهم لم يزد ذلك في ملكه شيئا ،ولم يبلغوا ضره فيضروه وال نفعه فينفعوه ،وكل ضال
".31إال من هداه هللا
أما تعريف المصالح عنده كما قال في فصل فيما استثني من تحصيل المصالح ودرء المفاسد
فيذكر مع تعريف Gالمفاسد ،فقال" :ويعبر Gعن المصالح والمفاسد بالخير Gوالشر ،والنفع
والضر ،والحسنات والسيئات .ألن المصالح كلها خيور نافعات حسنات ،والمفاسد Gبأشرها
شرور مضرات سيئات"32.يعني كل ما يجلب الخير والنفع والحسنات هو مصلحة ،وكل ما
.يجلب الشر والضرر Gوالسيئات هو مفسدة
تقسيم المصالح
لما علم أنه كانت طريقة معرفة المصلحة في الدنيا بالعقل فيقول" :ومعظم مصالح الدنيا
ومفاسدها معروف Gبالعقل وذلك معظم الشرائع؛ إذ ال يخفى على عاقل قبل ورود Gالشرع أن
تحصيل المصالح المحضة ،ودرء المفاسد المحضة عن نفس اإلنسان وعن غيره محمود
حسن ،وأن تقديم أرجح المصالح فأرجحها Gمحمود حسن ،وأن درء أفسد المفاسد فأفسدهاG
محمود حسن ،وأن تقديم أرجح المصالح فأرجحها Gمحمود حسن ،وأن درء أفسد المفاسد
فأفسدها Gمحمود حسن ،وأن تقديم المصالح الراجحة على المرجوحة محمود حسن ،وأن درء
".33المفاسد الراجحة على المصالح المرجوحة محمود حسن واتفق الحكماء على ذلك
31
اإلمام عز الدين بن عبد السالم ،قواعد األحكام في مصالح األنام ،مكتبة الكليات األزهرية -القاهرة ،ج ٢:ص٧٣:
32
اإلمام عز الدين بن عبد السالم ،قواعد األحكام في مصالح األنام ،مكتبة الكليات األزهرية – القاهرة ج ١:ص٥:
33
اإلمام عز الدين بن عبد السالم ،قواعد األحكام في مصالح األنام ،مكتبة الكليات األزهرية -القاهرة ،ج ١:ص٥:
15
مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال
وفي ذلك القول ترتيب اختيار Gالمصلحة بطبع شائع في كل إنسان الذي يعقل بعقل سليم كما
قاله " :فإن الطباع مجبولة على ذلك بحيث ال يخرج عنه إال جاهل غلبت عليه الشقاوة أو
هكذا يعرف مصالح الدنيا 34
.أحمق زادت عليه الغباوة"،
أما تعريف مصالح اآلخرة فقال " :وأما مصالح اآلخرة ومفاسدها فال تعرف إال بالنقل،
ومصالح الدارين ومفاسدهما Gفي رتب متفاوتة فمنها؛ ما هو في أعالها ،ومنها ما هو في
أدناها ،ومنها ما يتوسط بينهما ،وهو منقسم إلى متفق عليه ومختلف فيه .فكل مأمور به ففيه
مصلحة الدارين أو إحداهما ،وكل منهي عنه ففيه مفسدة فيهما أو في إحداهما ،فما كان من
االكتساب محصال ألحسن المصالح فهو أفضل األعمال ،وما كان منها محصال ألقبح المفاسد
".35فهو أرذل األعمال
يعني أن مصالح اآلخرة ال يُعرف إال بحجج الشريعة كالقرآن الكريم والحديث الشريف،
فالعقل ال يستعمل إال لتنهيج القرآن الكريم والحديث الشريف حتى يصبح دليال شرعيا .ولكن
يستعمل لتحقيق المصلحة كاعتبار ما هو أكثر المصالح فيجب تقديمه على مصالح اآلخر
.وكذلك المفاسد فيجب تقديم األفساد فاألفساد
ال تأتى المصلحة إال بجلب أسبابها ،فقال وقسم المصالح " :المصالح ضربان :أحدهما حقيقي
وهو األفراح واللذات ،والثاني مجازي Gوهو أسبابها ،وربما Gكانت أسباب المصالح مفاسد
فيؤمر Gبها أو تباح ال لكونها مفاسد بل لكونها مؤدية إلى مصالح ،وذلك كقطع األيدي المتآكلة
،حفظا لألرواح ،وكالمخاطرة باألرواح في الجهاد
وكذلك العقوبات الشرعية كلها ليست مطلوبة لكونها مفاسد بل لكونها المقصودة من شرعها
كقطع السارق وقطع Gالطريق وقتل الجناة ورجم Gالزناة وجلدهم وتغريبهم :وكذلك التعزيرات،
كل هذه مفاسد أوجبها الشرع لتحصيل ما رتب عليها من المصالح الحقيقة ،وتسميتها
".36بالمصالح من مجاز تسمية السبب باسم المسبب
34
اإلمام عز الدين بن عبد السالم ،قواعد األحكام في مصالح األنام ،مكتبة الكليات األزهرية -القاهرة ،ج ١:ص٦ :
35
اإلمام عز الدين بن عبد السالم ،قواعد األحكام في مصالح األنام ،مكتبة الكليات األزهرية -القاهرة ،ج ١:ص٨ :
36
اإلمام عز الدين بن عبد السالم ،قواعد األحكام في مصالح األنام ،مكتبة الكليات األزهرية -القاهرة ،ج ١:ص١٤ :
16
مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال
كل ما يمكن جلب المصالح فهو من مصالح المجازي ولو كان مفسدا .نعم ،إذا كان ال يمكن
جلب المصالح إال بجلب ذلك المفسد ،وهذا ربما وقع في أحكام الشريعة التي ذكرها اإلمام
.سابقا ،وكما في القاعدة :يغتفر في الوسائل ما ال يغتفر في المقاصد
والمفاسد يقسم ضربين كتقسيم المصالح المذكور بقوله " :كذلك المفاسد ضربان :أحدهما
حقيقي وهو الغموم واآلالم ،والثاني مجازي Gوهو أسبابها ،وربما Gكانت أسباب المفاسد
مصالح فنهى الشرع عنها ال لكونها مصالح بل ألدائها إلى المفاسد وذلك كالسعي في تحصيل
اللذات المحرمات والشبهات المكروهات والترفهات بترك مشاق الواجبات والمندوبات Gفإنها
مصالح نهي عنها ال لكونها مصالح بل ألدائها إلى المفاسد الحقيقة وتسميتها Gمفاسد من مجاز
".37تسمية السبب باسم المسبب
فإذا كان الشيء نافعًا او مصالحا ولكن ذلك مسببا لضرر فهو حرام في الدين ويسمى مفاسد
مجازي كما قال اإلمام عزالدين" :ألن فعل المكلف ينظر هللا اليه في نيته أو مقصوده" كما
في الحديث :إنما األعمال بالنية ،وإنما المرئ ما نوى ،فمن كانت هجرته إلى هللا ورسوله،
فهجرته إلى هللا ورسوله ،ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها ،فهجرته إلى ما
38
هاجر إليه.
:الهجرة خير ولكن إذا كانت نيتها شرا فشر وكما قول بعض العلماء
.39يعني من أجزاء النية مقصود ،إذا كان مقصودها Gخيرا فخير أو شرا فشر
فالحاصل ،ليس كل نافع بمصلحة إذا يتأدى مفسدة ،وليس كل ضرر Gبمفسدة إذا يتأدى
مصلحة ،كقوله " :فائدة :المصالح المحضة قليلة وكذلك المفاسد المحضة ،واألكثر منها
اشتمل على المصالح والمفاسد ويدل عليه قوله -عليه السالم " :حفت الجنة بالمكاره وحفت
النار بالشهوات" .والمكاره مفاسد من جهة كونها مكروهات مؤلمات ،والشهوات مصالح من
37
اإلمام عز الدين بن عبد السالم ،قواعد األحكام في مصالح األنام ،مكتبة الكليات األزهرية -القاهرة ،ج ١:ص١٤ :
38
اإلمام المسلم ،صحيح مسلم ج ٣:ص ١٥١٥:رقم١٩٠٧:
39
امام الرملي الكبير ،حاشية أسنى المطالب في شرح روض الطالب ،دار الكتاب اإلسالمي ج ١:ص٢٨ :
17
مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال
جهة كونها شهوات ملذات مشتهيات ،واإلنسان بطبعه يؤثر ما رجحت مصلحته على
".40مفسدته ،وينفر مما رجحت مفسدته على مصلحته
ما أعجبنا به أنه تقسيم المصالح والمفاسد من وجه المكاشفة التي يصطلح بها علماء
الصوفية ،يعني هي حال خصوصي ،كما قال إمام القشيري :واعلم أن المكاشفة في كالمهم
عبارة عن ظهور الشيء للقلب باستيالء ذكره من غير بقاء للريب ،وربما Gأرادوا بالمكاشفة
ما يقرب مما يراه الرائي بين اليقظة والنوم 41،فقال إنه ليست كل المصالح أو المفاسد
معروفة لجميع اإلنسان ،فهناك في بعض المصالح أوالمفاسد ما ال يعرفها إال عدد قليل من
.الناس ،وبعضها معروفة لبعض علمائهم ،وبعضها Gمعروفة لكثير من الناس
فما معرفتها بالمكاشفة فهي كقوله ":المصالح والمفاسد أقسام : Gأحدها :ما تعرفه األذكياء
واألغبياء الثاني ما يختص بمعرفته األذكياء ،الثالث ما يختص بمعرفته األولياء ،ألن هللا
تعالى ضمن لمن جاهد في سبيله أن يهديه إلى سبيله فقال﴿ :والذين جاهدوا فينا لنهدينهم
سبلنا﴾ 42،وألن األولياء يهتمون بمعرفة أحكامه وشرعه فيكون بحثهم عنه أتم واجتهادهم
.43فيه أكمل ،مع أن من عمل بما يعلم ورثه هللا علم ما لم يعلم
المصالح إما أن تكون فروض الكفايات وأن تكون فروض Gاألعيان ،ألهمها في الدين فقال :
"اعلم أن المصالح ضربان :أحدهما ما يثاب على فعله لعظم المصلحة في فعله ،ويعاقب على
تركه لعظم المفسدة في تركه وهو ضربان :أحدهما فرض على الكفاية كتعلم األحكام
الشرعية الزائدة على ما يتعين تعلمه على المكلفين إلى نيل رتبة الفتيا ،وكجهاد Gالطلب وجهاد
،44الدفع ،واألمر بالمعروف Gوالنهي عن المنكر
40
اإلمام عز الدين بن عبد السالم ،قواعد األحكام في مصالح األنام ،مكتبة الكليات األزهرية -القاهرة ،ج ١:ص١٤ :
41
امام عبد الكريم بن هوازن القشيري (المتوفى٤٦٥ :ھ) ،الرسالة القشيريةالمؤلف ،دار المعارف،ج ٢:ص٣٨٧:
42
سورة العنكبوت 29 Gآية ٦٩ :
43
اإلمام عز الدين بن عبد السالم ،قواعد األحكام في مصالح األنام ،مكتبة الكليات األزهرية -القاهرة ،ج ١:ص٢٨ :
44
اإلمام عز الدين بن عبد السالم ،قواعد األحكام في مصالح األنام ،مكتبة الكليات األزهرية -القاهرة ،ج ١:ص٥٠ :
18
مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال
والثاني :فرض على األعيان كتعلم ما يتعين تعلمه من أحكام الشريعة ،وقراءة الفاتحة،
وأركان الصالة ،وغير ذلك من عبادات األعيان ،وكذلك الحج والعمرة والصلوات والزكاة
والصيام 45.وأما درء المفاسد فال يشرح عن ذلك ألن جلب المصالح يتضمن أيضا درء
.المفاسد
45
اإلمام عز الدين بن عبد السالم ،قواعد األحكام في مصالح األنام ،مكتبة الكليات األزهرية -القاهرة ،ج ١:ص٥١ :
19
مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال
)المبحث الثاني(
:سنتكلم عن أيديولوجية بانكاسيال ،وهذا المبحث ينقسم إلى ثالثة مطالب
المطلب األول في أيديولوجية اإلسالم
األيديولوجيا علم لألفكار المعنية هي فكرة عن المستقبل ولذا يمكن استنتاج أن األيديولوجياG
هي علم عن المستقبل ،وهذه الفكرة هي فكرة األمنية عن المستقبل ،أي ُمثُل األيديولوجية
المستقبلية ليست مجرد فكرة ،وهي فكرة تتبعها مجموعة كبيرة من الناس أو األمة ،وبسبب
هذه األيديولوجية يفعلوا الناس إلى إدراك الفكرة وال يجوز تسميتها أيديولوجية إذا لم تكن
.48كذلك
ولقد ولد اإلسالم من الوحي وعملية التفكير التي أدت إلى إيمان راسخ بوجود هللا سبحانه
وتعالى باعتباره الخالق والمنظم Gلحياة الكون وجميع محتوياته ومنها البشر .ويخرج اإلسالم
قواعد الحياة أي الشريعة اإلسالمية الكملية المخصصة لإلنسان ،واإلسالم مستمد من القرآن
الكريم والحديث الشريف ومن هذا االعتقاد تزيد اإليمان بوجود Gرسل من البشرية يرشدون
.البشر ويعلمون طاعة خالقهم ويؤمنون باآلخرة ويوم Gاللقاء باهلل تعالى
بدأت األيديولوجية اإلسالمية تتجلى في نظام الحكم منذ عام ٦٦٢م .في المدينة المنورة على
يد الرسول محمد صلى هللا عليه وسلم ،وكان تاريخها Gأن هذه األيديولوجية كانت قادرة على
توفير Gالحلول واالزدهار للناس ولو كانت فيها كثير من المسائل ،ولكن قد تم تنفيذ
اإليديولوجية اإلسالمي منذ ٣مارس ١٩٢٤م .عند إنهدمت الخالفة العثمانية ومنذ ذلك
.الحين لم يعد اإلسالم يستعمل أيديولوجية في نظام الحكم السياسية
46
غونوان ستيارغا ،حقوق اإلنسانية على أساس إيديولوجية باعكاسيال،كانيسيوس G-يوجياكارتا ١٩٩٣م
47
احمد عطية ،طريقة اإلسالم الجديد ،مكتبة طريق العزة -بوجور ٢٠٠٤م
48
شاربني ،إسالم في طرف المتحركة :إيديولوجي ،فكرة ومحركة ،فيالر ميدييا - Gيوجياكارتا ٢٠٠٥م
20
مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال
اإلسالم هو دين المجتمع العالمي ،واإلسالم Gليس مخصصًا لجنس البشر المعين ،وال يقتصر
اإلسالم على محل المعين من األرض ،فقد أنزل اإلسالم للبشرية جمعاء في جميع أقطار
األرض ،واإلسالم هو دين للبشر حتى يلقى هذا العالم يوم الهالك ،لذلك كان النبي محمد
صلى هللا عليه وسلم هو آخر نبي أرسله هللا تعالى ،بل ﴿ما كان محمد أبا أحد من رجالكم
﴾.49ولكن رسول هللا وخاتم النبيين وكان هللا بكل شيء عليما
اإلسالم دين يهتم بالبشر بكل طاقاتهم G،لذلك كان من المتفق عليه أم ال ،أن يعلم على أن حياة
اإلنسان ليست جامدة وثابتة بل متحركة ومتغيرة ،وهذه الحركة والتغيير Gيشمل الجانب
.اإلنساني بأكمله والجانب المادي والعالقات التفاعلية بين البشر والحوار بين العقول
وهكذا فإن اإلسالم دين على كل العصور ودين خالد وكامل في مبادئه وشرائعه الواردة في
القرآن الكريم واألحاديث الشريف الصحيحة ،كما أن بعض المسائل وموضوعات لها قوانين
.50عامة تضمن جميع أنواع الحاالت طالما أن هذه القوانين ال تتعارض بقوانين الدين
21
مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال
باالستقالل غير المشروط Gفي مرسوم غونسيكان (أعلى سلطة مدنية من الحكومة العسكرية
51
اليابانية في جاوة ومادورا).
يقترح محمد يامين في ٢٩مايو ١٩٤٥عن مرشح لإليديولوجية األساسية الخمسة باللسان
وهي:
-١صفة الوطنية -2صفة اإلنسانية -3صفة األلوهية -4صفة الرعية -5رفاهية الرعية
ويقترح محمد يامين أيضا عن مرشح لإليديولوجية األساسية الخمسة بالكتابة وهي:
ثم يقترح أحمد سوكارنو في ١يونيو ١٩٤٥عن مرشح لإليديولوجية األساسية الخمسة التي
يسميها باعكاسيال وهي:
51
وزارة التربية والتعليم والثقافة ، ٢٠١٤ .تعليم باعكاسيال المواطنة .جاكرتا :وزارة التربية والتعليم والثقافة
22
مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال
ثم يبين أن هذه األساس الخمسة تمكن أن تختصر Gإلى ثالثة األساس (تريسيال) وهي:
52
وتمكن أن تختضر مرة أخرى إلى أحد األساس (أيغاسيال) وهي :التعاون.
عقدت جلسة إدارة المخبرات إلعداد اإلستقالل اإلندونيسي Gفي الفترة من ٢٩مايو إلى ١
يونيو ١٩٤٥لم يثبت بعد على االقتراحات الثالثة للصياغة األساسية لدولة اإلندونيسيا .وفيG
ذلك الوقت ،تم تشكيل لجنة من تسعة األشخاص المعروف Gباسم "اللجنة التسعة" مع
األعضاء فأسماؤهم:
أحمد سوكارنو ، Gدكتور Gمحمد حتا ،حاج واحد هشيم ،السيد محمد يامين ،عبد القهار مذكر،
السيد ماراميس ،أبي كوسنو جوكروسوجوصا ،حاج أغوس ساليم ،أحمد سوبارجوG
-١األلوهية بوجوب تنفيذ الشريعة اإلسالمية لمعتنقه -2اإلنسانية العادلة والمتأدبة -3وحدة
اإلندونيسية -4الشعبية الموجهة بحكمة الشورى لنيابية -5العدالة اإلجتماعية على جميع
اإلندونيسيين
وبعد االستقالل ،اقترح رعية اإلندونيسيا Gالشرقية أن الكلمات التي تلتزم بوجوب تنفيذ
الشريعة اإلسالمية لمعتنقه يجب إزالتها ،وإال فسيكون أن يفصل رعية اإلندونيسيا الشرقية
أنفسهم عن الدولة اإلندونيسية ،فيقترح دكتور محمد حتا في جلسة لجنة إلعداد اإلستقالل في
١٨أغسطس ١٩٤٥فاستبدلوها باأللوهية األحدية.
ثم بعد ذلك ،باعتبارات مختلفة اإلندونيسيا التي تشمل التنوع العرق والدين والثقافة ،أصدرت
قانون رئيس الجمهورية رقم ١٢سنة ١٩٦٨بتاريخ ١٣أبريل ١٩٦٨عن صيغة أساس
الدولة في الدولة اإلندونيسية ،صيغة باعكاسيال التي تنص على صحيح ،هو الصيغة الواردة
52
ماتروجى ٢٠٠٩ ،التاريخ جاكرتا :إرالنجا
23
مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال
في إفتتاح القوانين األساسي عام ١٩٤٥التي صدق عليها لجنة إلعداد إستقالل اإلندونيسياG
١٨أغسطس ١٩٤٥بالصيغة التالية:
أما أسباب باعكاسيال تصبح إيديولوجية وأساس دولة اإلندونيسيا Gمن وجهة نظر تاريخية فقد
:تم شرحها ،أما أسباب األخرى
فألن باعكاسال إيديولوجي Gشعب اإلندونيسيين الملصق قبل اإلستقالل هي روح وشخصية
وطريقة حياة الشعب اإلندونيسي Gكما يتضح من الحقيقة التاريخية بأن باعكاسيال هي مصدر
قوة للنضال ألنها جعلت أمة إندونيسية موحدة وأن في باعكاسيال قيم الفلسفية وعقالنية ،وقد
كان باعكاسيال تم اختباره متينًا وقويًا كأساس في تنظيم حياة الدولة .وباعكاسيال هي أيضًا
شكل من أشكال االتفاق الوطني Gألن دولة القومية اإلندونيسية هي دولة تم االتفاق عليها من
.قبل مؤسسي دولة اإلندونيسيا
وقال دكتور نوتونيجورو )١٩٦٧( Gاألصول الخمسة أن الواردة في باعكاسيال ليست األشياء
التي ظهرت مؤخر تشكيل الدولة اإلندونيسية ،ولكن قبل ذلك وإلى األبد يمتلكها الشعب
اإلندونيسيين ،وهي حقيقي ويعيش في النفوس مجتمع شعب واألمة في إندونيسيا .تم تأكيده
من خالل القوانين رئيس الجمهورية إندونيسيا Gرقم ١٢سنة ١٩٦٨بتاريخ ١٣أبريل
١٩٦٨.
وألن المعنى الواردة في باعكاسيال تشمل المصالح العامة منها األلوهية بخالل فهم األلوهية
كأسلوب حياة ،ستخلق Gمجتمعًا تقيًا ،أي الشعب اإلندونيسي الذي يجتهد بالكاملة لتحقيق رضا
إله في كل عمل صالح يفعلونه و الدولة القائمة على األلوهية هي دولة تضمن االستقالل،
.ويجوز Gعلى كل مقيم أن يعتنق الدين والعبادة حسب دياناته ومعتقداته
53
ماتروجى ٢٠٠٩ ،التاريخ جاكرتا :إرالنجا
24
مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال
واإلنسانية العادلة والمتأدبة هي النظام كمبدأ للحياة ألن كل إنسان لديه القدرة على أن يصبح
إنسانًا صالحًا ومتأدبة ،والمؤكد Gأن الحضارة اإلنسانية المتقدمة أسهل لبناء حياة الشعب
اإلندونيسي Gولبناء السعادة وتحقيقها بجهد يمكن القيام به في موقف الحياة بالتسامح والسالم.
ومع وحدة وجود اإلندونيسي ،ليس من أجل الخالفات ،فإن الشعب اإلندونيسي موجود Gهنا
إلظهار الحب لجميع المجموعات الرهط في إندونيسيا G.بخالل التمسك بالعدالة المساواة
والتوازن وتحقيق العدالة االجتماعية لجميع اإلندونيسيين ،فهذا لتحقيق مجتمع موحد جيدًا.
.54حيث يتمتع كل عضو بنفس الفرصة للنمو والتطور وتعلم Gالعيش وتنمية جودة المجتمع
54
وزارة التربية والتعليم والثقافة ، ٢٠١٤ .تعليم باعكاسيال المواطنة .جاكرتا :وزارة التربية والتعليم والثقافة
25
مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال
)المبحث الثالث(
سنتكلم عن انسجام باعكاسيال بمصلحة الشريعة ،وهذا المبحث ينقسم إلى إثنان مطالب:
المطلب األول في المعنى والغرض من باعكاسيال الذي يوافق بالشريعة
إن كثيرا من الناس الذين يعتقدون أن بانكاسيال والغرض فيها تتعارض بالقرآن الكريم
والحديث الشريف وال تتفق بالدين اإلسالم وال تتفق بإيديولوجية اإلسالمية وال تتفق بالشريعة
اإلسالمية ،ويريد الكثيرون منهم إجاب استبدال أيديولوجية بانكاسيال وتغييرها Gباأليديولوجية
اإلسالمية واستبدال Gاألحكام القانونية فيها باألحكم اإلسالمية ،ويأملون أن القوانين المطبقة في
إندونيسيا Gتستبدل بقوانين الفقه اإلسالمي مثل القانون الجنائي وقانون الزواج ،وقانون
.الميراث وغيرها
ولكن هنا ال نريد أن نجادلهم في ذلك ,ألن كل شخص لديه وجهات نظره الخاصة ،وألن هللا
وبقوله تعالى ﴿ :فتقطعوا Gأمرهم بينهم زبرا كل 55
تعالى يقول ﴿ :واخفض جناحك للمؤمنين﴾
حزب بما لديهم فرحون﴾ 56،فلذلك إنما نريد هنا أن نشرح بوجه الحكمة ،أن أحكام الواردة
العامة المجملة في باعكاسيال ال تتعارض بالدين و األيديولوجية اإلسالمية وال تتعارض
بالقوانين اإلسالمية ،بل تحتوي Gفيها كثيرا من المصالح الشاملة التي ال توجد في أيديولوجياتG
.أخرى
إن باعكاسيال لها خمسة أجزاء تكمل بعضها Gبعضا ولن تكون كاملة إذا عدم أحد جزئها،
سنوافق Gهنا كل جزء من باعكاسيال بالقرآن الكريم والحديث الشريف والقانون الفقهي ،حتى
نعرف أن كل جزء وارد في بانكاسيال ال تتعارض وال تتخالف بالقرآن الكريم والحديث
الشريف والقوانين الفقهي .وهنا ال نشرح ذلك شرحا طوال كامال لكيال تطول هذه الكتابة
األلوهية في كل إنسان هي شيء يجب أن يؤمن به اإلنسان وال بد منه حت ًما ،ألن هذه هي
طبيعة المخلوقات ،وهناك العديد من الحجج المنطقية التي تظهر Gأن اإلنسان والكون بأكمله قد
خلقهم كلهم اله وهناك كثير من األدلة التي تظهر Gذلك ،فمن ذلك أن يستحل أن يكون شيء
55
سورة الجحر ١٥آية٨٨ :
56
سورة المؤمنون ٢٣آية٥٣ :
26
مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال
موجود وليس له موجد فهو مستحيل بالعقل ،ألن كل ما هو موجود Gالبد منه موجد .كما قاله
بعض العلماء :إذا تكلموا عن صفة هللا القديم :فتحصل من هذا أن العالم ال يخلو عن
الحوادث وما ال يخلو عن الحوادث فهو إذن حادث ،وإذا ثبت حدوثه كان افتقاره إلى المحدث
.57من المدركات بالضرورة
وألن من األمور التي يجب أن يعلم بها المكلف معرفة ربه كما قال بعضهم ( :أول الواجبات
المعرفة) أي معرفة هللا تعالى (في األصح) ،ألنها مبنى سائر Gالواجبات ،إذ ال يصح بدونها
واجب ،بل وال مندوب ،وقيل أولها النظر المؤدي إلى المعرفة ألنه مقدمتها ،وقيل أولها أول
النظر لتوقف النظر على أول أجزائه ،وقيل أولها القصد إلى النظر لتوقف Gالنظر على قصده،
58
والكل صحيح ،ورجح األول ألن المعرفة أول مقصود وما سواها مما ذكر أول وسيلة.
.لذلك من الطبيعي أن يكون الجزء األول من باعكاسيال هو األلوهية ألنها أساس الحياة
أما آيات القرأن التي توضح األلوهية األحدية فقد كثر ،منها سورة اإلخالص تتضمن فيها
األحدية المطلقة بل فيها يشرح ان التدخل صفة المخلقات في صفة اإلله فقال الشيخ د .وهبة
بن مصطفى الزحيلي في التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج :تضمنت هذه السورة
أهم أركان العقيدة والشريعة اإلسالمية ،وهي توحيد Gهللا وتنزيهه ،واتصافه بصفات الكمال،
ونفي الشركاء ،وفي هذا الرد على النصارى Gالقائلين بالتثليث ،وعلى المشركين الذين عبدوا
.59مع هللا آلهة أخرى
وقوله تعالى في سورة البقرة ﴿ :وإلهكم إله واحد ال إله إال هو الرحمن الرحيم﴾ ،60قال اإلمام
السمرقندي : Gوإلهكم إله واحد ،قال مقاتل :يعني ربكم رب واحد .وقال الضحاك :كان
لمشركي العرب ثالثمائة وستون صنما يعبدونها Gمن دون هللا تعالى ،فدعاهم هللا إلى التوحيد
.61واإلخالص لعبادته فقال :وإلهكم إله واحد
وقوله تعالى في سورة آل عمران ﴿ :قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أال
نعبد إال هللا وال نشرك به شيئا وال يتخذ بعضنا Gبعضا أربابا من دون هللا فإن تولوا فقولوا
57
امام الغزالي ،إحياء علوم الدين دار المعرفة-بيروت ج ١ :ص١٠٦ :
58
الشيخ زكريا األنصاري ،غاية الوصول في شرح لب األصول دار الكتب العربية الكبرى ص١٧٣ :
59
الشيخ د .وهبة بن مصطفى الزحيلي ،دار الفكر المعاصر -دمشق الطبعة الثانية ١٤١٨ ،هـ ج ٣٠:ص٤٣١:
60
سورة البقرة 2آية ١٦٣ :
61
أبو الليث نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي (المتوفى٣٧٣ :هـ) بحر العلوم،ج ١ :ص١٠٩ :
27
مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال
اشهدوا بأنا مسلمون﴾ 62قال اإلمام إبن كثير :والكلمة تطلق على الجملة المفيدة ،كما قال
هاهنا ،ثم وصفها Gبقوله سواء بيننا وبينكم أي عدل ونصف نستوي Gنحن وأنتم Gفيها ،ثم فسرها
بقوله :أال نعبد إال هللا وال نشرك به شيئا ال وثنا وال صليبا وال صنما وال طاغوتا وال نارا وال
.63شيئا ،بل نفرد العبادة هلل وحده ال شريك له ،وهذه دعوة جميع الرسل
واألدلة من الحديث الشريف Gالتي يشرح األلوهية األحدية كثيرة منها حديث عن ابن عمر،
رضي هللا عنهما قال :قال رسول Gهللا ﷺ :بني اإلسالم على خمس :شهادة أن ال إله إال هللا
وأن محمدا رسول هللا ،وإقام Gالصالة ،وإيتاء الزكاة ،والحج ،وصوم رمضان 64.أي أعمال
اإلسالم خمس هي له الدعائم بالنسبة للبناء ال وجود Gله إال بها .فقال النبي في اوله شهادة
.األلوهية األحدية
يقول الكثير من الناس أن المبادئ األولى لبانكاسيال ،أي الجزء األول من بانكاسيال ،هي
األلوهية األحدية ،هي طبيعتها Gعامة ،كأنها تأمر الناس إلى دين آخر غير اإلسالم و التمنع
الناس من الكفر ،كأنها تخبر جواز متدين ولو ليس اإلسالم ،فأقول ال ،فهذه إنما خبيرة جائزة
فقط والنبي Gصلى هللا عليه وسلم نفسه لم يجبر اليهودي والنصارى والمجوسي في المدينة
على دخول اإلسالم ويسامح لهم بتمسك دياناتهم طالما أنها ال تسبب األذى والتمرد G.كما قاله
﴾65تعالى ﴿ :ال إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي
فلو استبدال هذه المبادئ األولى بمصطلح األلوهية هللا سبحانه وتعالى ،فسيكون هناك الكثير
من المشاكل لمن يعارضها Gألنه قد وجد في بلدنا إندونيسيا Gالعديد من األديان .وسيحتمل جدًا
أن تكون في هذا البلد عداوة بين األديان ،خاصة إذا كان التسامحي عادما في هذا البلد،
فحكيمة إذا يستعمل مصطلح األلوهية األحدية ألنه ستوحد األخوة بين األديان دون الشعور
بالتفضيل والشعور Gبالمتفضل على بعض وهذه العداوة مفاسد ظاهر وألن دفع المفاسد أولى
من جلب المصالح
كما قال بعضهم في شرح القاعدة الضرر يزال :ونشأ من ذلك قاعدة رابعة :هي " إذا
تعارض مفسدتان روعي أعظمهما ضررا Gبارتكاب أخفهما " .ونظيرها :قاعدة خامسة ،وهي
62
سورة آل عمران 3آية ٦٤ :
63
اإلمام ابن كثير ،تفسير ابن كثير G،دار الكتب العلمية -بيروت Gالطبعة األولى ١٤١٩ -هـ ج ٢:ص٤٧ :
64
اإلمام البخاري ،جميع الصحيح ،دار طوق النجاة الطبعة األولى ١٤٢٢ ،ھ ج ١:ص ١١ :رقم٨:
65
سورة البقرة 2آية ٢٥٦ :
28
مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال
" درء المفاسد أولى من جلب المصالح " فإذا تعارض مفسدة ومصلحة ،قدم دفع المفسدة
غالبا ،ألن اعتناء الشارع بالمنهيات أشد من اعتنائه بالمأمورات ،ولذلك قال ﷺ ":إذا
"66أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ،وإذا نهيتكم Gعن شيء فاجتنبوه
وكيف إذا كان أحد اهل بلدنا إندونيسيا ال يتمسك بإيديولوجي Gاأللوهية مع أنه يعلم على إيجاب
ذلك؟ ،فهذه المسألة يرجع إلى سياسة السالطين هل يشاوروها Gأم ال ،ألن السلطان له حق
السياسة .وألنه في إندونيسيا ال إكراه في إيجاب تمسك الدين وال إكراه على تمسك أحد
األديان ،فال يعزر Gعليه إذال يكون عنده دين أو يتمسك الدين األخرى غير الدين القانوني في
إندونيسيا Gوهو اإلسالم والمسيحية والكاثوليكية والبوذية والهندوسية والكونفوشيوسية .ولكن
قلنا هذا الشخص خطاء ألنه يعارض محصلة المشاورة التي يشاورها Gالعديد من مأسس هذا
البلد إندونيسيا .فمن هذا يمكن أن نستنتج أن المبدأ األول ،وهو الربوبية الواحدة ،يحمل على
.حفظ واحدة من القواعد الخمسة ،وهي حفظ الدين
معنى اإلنسانية هنا هو طبيعة الخير اللصوق Gغريزيًا في كل إنسان وكثير من األشياء تندرج
في اإلنسانية ،منها التراحم ،والتسامح ،والتعاون ،وغير ذلك .وكثير من آية القرأن الكريم أن
يشرح اإلنسانية ألن الدين اإلسالم ليس بمطلوب العالقة مع الخالق جل وعز قط كالصلواة
.والحج ولكن مطلوب العالقة أيضا مع إخواننا Gمن الناس على أساس اإلنسانية
فمن آية القرأن الكريم Gالذي يشرح اإلنسانية من جانب مساواة الرتبة قوله تعالى ﴿ :يا أيها
الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم Gشعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند هللا أتقاكم
إن هللا عليم خبير﴾ 67،قال اإلمام الشوكاني :والمقصود Gمن هذا ،أن هللا سبحانه خلقهم كذلك
لهذه الفائدة ال للتفاخر بأنسابهم ،ودعوى أن هذا الشعب أفضل من هذا الشعب ،وهذه القبيلة
أكرم من هذه القبيلة ،وهذا البطن أشرف Gمن هذا البطن .ثم علل سبحانه ما يدل عليه الكالم
من النهي عن التفاخر 68.خاصة في بلدنا إندونيسيا ،التي تضم العديد من القبائل والثقافات
واللغات المختلفة ،من المهم إظهار المساواة ،وإزالة الفخر بيننا.
66
إمام جالل الدين السيوطي ،األشباه والنظائر دار الكتب العلميةالطبعة األولى١٤١١ ،هـ ،ا ج ١:ص٨٧:
67
سورة الحجرات ٤٩آية ١٣ :
68
اإلمام الشوكاني ،تفسير فتح القدير ،دار الكلم الطيب -دمشق ،بيروت الطبعة األولى ١٤١٤ -هـ ج ٥:ص٧٩ :
29
مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال
فمن اإلنسانية التراحم بين الناس ،كما جاء في الحديث عن عبد هللا بن عمرو بن العاصي،
يبلغ به النبي صلي هللا عليه وسلم ،قال ﷺ " :الراحمون يرحمهم Gالرحمن ،ارحموا أهل
األرض يرحمكم Gأهل السماء ،والرحم شجنة من الرحمن ،من وصلها وصلتة ،ومن قطعها
70
بتته" 69،وقوله ﷺ عن جرير Gبن عبد هللا " :من ال يرحم الناس اليرحمه هللا عز وجل"،
وحديث عن أسامة بن زيد حين مات احد ابنه صلي هللا عليه وسلم قال :فبكى رسول هللا
صلى هللا عليه وسلم ،فقال له عبادة بن الصامت :ما هذا يا رسول Gهللا؟ قال ﷺ " :الرحمة
"71التي جعلها هللا في بني آدم ،وإنما يرحم هللا من عباده الرحماء
ومنها التعاون بيننا ،إذا كان أحد جيراننا أو أقاربنا Gأو أصدقائنا ،أو غيرهم يبتلى بمسألة،
يجب أن نعين بقدر ما نستطيع به ،ألن إعنة بعضنا البعض من األوامر الدينية .كقول بعضهم
:ولذلك ندب هللا تعالى إلى التعاون به وقرنه بالتقوى له تعالى فقال تعالى﴿ :وتعاونوا على
﴾ 72البر والتقوى
ألن في التقوى رضا هللا تعالى ،وفي البر رضا الناس .ومن جمع بين رضا هللا تعالى ورضا
الناس فقد تمت سعادته وعمت نعمته 73.وقال اإلمام النووي في بعض المسائل الفقهية في باب
التعزية :واعلم أن التعزية هي التصبير وذكر Gما يسلي صاحب الميت ويخفف حزنه ويهون
مصيبته وهي مستحبة ،فإنها Gمشتملة على األمر بالمعروف Gوالنهي عن المنكر ،وهي داخلة
أيضا في قول هللا تعالى :وتعاونوا على البر والتقوى وهذا من أحسن ما يستدل به في التعزية.
وثبت في الصحيح أن رسول هللا ﷺ قال" :وهللا في عون العبد ما كان العبد في عون
".74أخيه
ولكن اإلنسانية هنا منعوتة بالعدالة ،يعني أن كل ما نفعله من اإلنسانية يجب أن يقوم على
أساس العدالة ،ألنه بالعدالة يمكن للبشر أن يفهموا مساواة الرتبة بعضهم Gبعضا ،ويمكن للبشر
أن يتعاونوا بالقسط على بعضهم بعضا ،حتى في القرآن نفسه يؤكد على العدل في العديد من
69
إمام أبو عبد هللا أحمد بن محمد الشيباني دار الحديث -القاهرة الطبعة األولى ١٤١٦ ،هـ ج ٦ :ص ٤٧:رقم٦٤٩٥:
70
إمام أبو نعيم أحمد بن عبد هللا األصبهاني حلية األولياء ،دار الكتب العلمية -بيروت طبعة ١٤٠٩هـ ج ٨:ص١١٥:ـ
71
إمام ابن ماجة سنن ابن ماجة ،دار إحياء الكتب العربية ج ١:ص ٥٠٦:رقم١٥٥٨:
72
سورة المائدة 5آية ٢ :
73
أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن حبيب Gالشهير بالماوردي ،أدب الدنيا والدين ،دار مكتبة الحياة ١٩٨٦م ص١٨٣ :
74
أبو زكريا يحيى بن شرف النووي ،األذكار النووية ،دار ابن كثير Gدمشق -بيروت Gالطبعة الثانية ١٤١٠هـ -ص٢٥٥ :
30
مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال
اآليات ،منها في سورة النحل ﴿:إن هللا يأمر بالعدل واإلحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن
قال اإلمام البيضاوي Gفي تفسيره :أن العدل 75
الفحشاء والمنكر والبغي Gيعظكم لعلكم تذكرون﴾G
التوسط في األمور اعتقادا ،كالتوحيد المتوسط بين التعطيل والتشريك ،والقول بالكسب
المتوسط بين محض الجبر والقدر ،وعمال كالتعبد بأداء الواجبات المتوسط Gبين البطالة
76
والترهب ،وخلقا كالجود المتوسط Gبين البخل والتبذيرG.
ويجب تطبيق Gالعدالة على كل إنسان بال نظر عن القرابة وغيرها وال ليكون قريبًا Gيخفف
عقوبته ،كما قاله تعالى في سورة النساء ﴿ :يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء هلل
ولو على أنفسكم أو الوالدين واألقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فاهلل أولى بهما فال تتبعوا الهوى
أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا Gفإن هللا كان بما تعملون خبيرا﴾ 77فقال امام الرازي في
تفسيره :القوام مبالغة من قائم ،والقسط العدل ،فهذا أمر منه تعالى لجميع المكلفين بأن يكونوا
مبالغين في اختيار العدل واالحتراز عن الجور Gوالميل ،وقوله :شهداء هلل أي تقيمون
شهاداتكم لوجه هللا كما أمرتم بإقامتها ،ولو كانت الشهادة على أنفسكم أو آبائكم أو أقاربكم،
.78وشهادة اإلنسان على نفسه
وبال نظر عن أنه عدوه أو أنه كافر Gفيبالغ عقوبته ،هذا مغضوب عند هللا تعالى ،كما قاله
السيوطي Gعند أن يفسر سورة المائدة 5آية ﴿ : ٨يأيها الذين آمنوا كونوا قوامين) قائمين (هلل)
بحقوقه (شهداء بالقسط) بالعدل (وال يجرمنكم) يحملنكم (شنآن) بغض (قوم) أي الكفار (على
أال تعدلوا) فتنالوا منهم لعداوتهم( Gاعدلوا) في العدو والولي (هو) أي العدل (أقرب للتقوى
واتقوا هللا إن هللا خبير بما تعملون﴾ فيجازيكم Gبه 80. 79يعني وإن كان المداع عليه كافراG
اليجوز تظليمه بكفره ألن الحكم اإلنساني ال ينظر إلى دينه لكن ينظر إلي أفعاله من وجه
.اإلجتماعية اإلنسانية
لذلك يشرح العديد من فقهاء الفقه أن اإلجراءات القضائية المقسطية ليس في تحديد القانون
فقط ولكن في عملية تحديد القانون أيضا يجب أن تكون عادلة ،مثل مساواة مجليس المداع
75
سورة النحل 16آية ٩٠ :
76
الشيخ د .وهبة الزحيلي ،التفسير المنير ،دار الفكر المعاصر -دمشق الطبعة الثانية ١٤١٨ ،هـ ج ١٤:ص٢١٢:
77
سورة النساء 4آية ١٣٥ :
78
أبو عبد هللا محمد بن عمر الملقب بفخر الدين الرازي التفسير الكبير ،دار إحياء التراث العربي -هـ ج ١١:ص٢٤١:
79
سورة المائدة 5آية٨ :
80
جالل الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي تفسير الجاللين ،دار الحديث -القاهرة الطبعة األولى ص١٣٧ :
31
مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال
والمداع عليه ومساواة فرصة التحدث المداع والمداع عليه ،و مساواة حقوق المداع والمداع
عليه عند القانون .كما قال بعض الفقهاء :وليسو القاضي بين الخصمين وجوبا في إكرامهما
وإن اختلفا شرفا Gوجواب سالمهما والنظر إليهما واالستماع للكالم وطالقة الوجه والقيام فال
يخص أحدهما بشيء مما ذكر ولو سلم أحدهما انتظر اآلخر ويغتفر طول الفصل للضرورة
أو قال له سلم ليجيبهما معا وال يمزح معه وإن شرف بعلم أو حرية واألولى Gأن يجلسهما بين
.81يديه
واإلنسانية هنا منعوتة أيضا بالمتأدبة ،والمتأدبة قد تسمى إحسانا وأخالقا وهو أفضل من
العدل ،ومن يؤمن باهلل ورسوله فليتأدب إلى غيره ألن النبي كان يحمد األخالق أواألدب غاية
التحميد كما في الحديث عن أبي هريرة ،قال :قال رسول Gهللا ﷺ " :أكمل المؤمنين إيمانا
أحسنهم خلقا" 82.وعن عبد هللا بن عمرو ،قال :قال رسول هللاﷺ " :أحبكم إلي أحاسنكم
أخالقا" ولم يكن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فاحشا وال متفحشا83.و عن جابر ،أن رسول
هللا ﷺقال :إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخالقا ،وإن أبغضكم
إلي وأبعدكم Gمني مجلسا يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون ،قالوا :يا رسول هللا،
.84قد علمنا الثرثارون والمتشدقون فما المتفيهقون؟ قال :المتكبرون
وبل األدب أواإلحسان ثلث الشريعة ،ألن الشريعة تبنى على ثالثة أجزاء وهي اإليمان
واإلسالم واإلحسان ،كما جاء في الحديث عن أبي هريرة ،قال :كان رسول هللا ﷺ يوما
بارزا للناس ،فأتاه رجل ،فقال :يا رسول هللا ،ما اإليمان؟ قال" :أن تؤمن باهلل ،ومالئكته،
وكتابه ،ولقائه ،ورسله ،وتؤمن بالبعث اآلخر" ،قال :يا رسول هللا ،ما اإلسالم؟ قال:
"اإلسالم أن تعبد هللا ،وال تشرك به شيئا ،وتقيم الصالة المكتوبة ،وتؤدي Gالزكاة المفروضة،
وتصوم Gرمضان" قال :يا رسول هللا ،ما اإلحسان؟ قال" :أن تعبد هللا كأنك تراه ،فإنك إن ال
تراه فإنه يراك 85".و الشيخ الجالجلي البصرى يقول :التوحيد Gموجب يوجب اإليمان فمن ال
إيمان له فال توحيد له واإليمان موجب بوجب الشريعة فمن ال شريعة له فال إيمان له وال
81
زين الدين أحمد بن عبد العزيز المليباري فتح المعين بشرح قرة العين ،دار بن حزم الطبعة األولى ص٦١٩ :
82
الحاكم محمد بن عبد هللا المستدرك على الصحيحين ،دار الكتب العلمية -بيروت الطبعة األولى ١٤١١ ،ھ ج ١:ص٤٣:
83
أبو داود مسند أبي داود الطيالسي ،دار هجر -مصر الطبعة األولى ١٤١٩ ،هـ ج ٤:ص ٦:رقم٢٣٦٠:
84
الترمذي ،الجامع الكبير -سنن الترمذي ،دار الغرب اإلسالمي -بيروت سنة ١٩٩٨م ج ٣:ص ٤٣٨:رقم٢٠١٨:
85
مسلم بن الحجاج المسند الصحيح ،دار إحياء التراث العربي -بيروت ج ١:ص ٣٩:رقم٩:
32
مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال
توحيد والشريعة موجب يوجب األدب فمن ال أدب له ال شريعة له وال إيمان وال توحيد Gوقال
.86ابن عطاء :األدب الوقوف Gمع المستحسنات
فالحاصل ،تحتوي باعكاسيال شطر األهمية في الدين ،وهو األدب ألنه يتميز باألدب اإلنسان
عن الحيوانات،و باألدب يمكن معرفة رتبة علم الشخص وأي قوانين عندما يطابقه باألدب
ستكون شريفة وأشد إنسانيتها ،وكل اإلندونيسي Gالذين ليس لديهم أداب فليسوا بمصطدم
بانكاسيال قط ولكن مصطدم أيضا أساس الدين .فمن هذا يمكن أن نستنتج أن المبدأ الثاني،
.وهو اإلنسانية العادلة والمتأدبة ،يحمل على حفظ القواعد الخمسة ،وهي منها حفظ النفس
كان قبل ورود Gدين اإلسالم في جزيرة العربية ،تقسيم العرب مطابقا لقبائلهم وكل قبيلة منهم
تتفاضل بعضهم Gبعضا ،وإذا كانت هناك مشكلة بين القبائل كان حلها القتال ،وقيل كاد كل
سنة تقاتل العرب ،ألن هناك لم يكن شعور بالوحدة على أنفسهم .وكان حين بنو هاشم وبنوG
زهرة وتيم تقاتل يشهد ذلك رسول هللا ﷺ ،وإذا فرغ ذلك القتال وتوحد كل قبيلة فاز رسول
هللا صلى هللا عليه وسلم كما روي عن عبد الرحمن بن عوف رضي هللا عنه عن النبي ﷺ
قال" :حلف المطيبين ،مع عمومتي وأنا غالم ,فما أحب أن لي حمر النعم وأني أنكثه" 87.أي
اجتمع بنو هاشم وبنو زهرة وتيم في دار ابن جدعان في الجاهلية وجعلوا طيبا في جفنه
.وغمسوا أيديهم فيه ،وتحالفوا على التناصر واألخذ للمظلوم Gمن الظالم ،فسموا Gالمطيبين
ألن رسول هللا ﷺ يغضب تفريقا ويحب وحدة ولو كان حلفها في الجاهلية ،كما في الحديث
روي عن جبير بن مطعم ،قال :قال رسول هللا ﷺ " :ال حلف في اإلسالم ،وأيما حلف كان
".88في الجاهلية لم يزده اإلسالم إال شدة
ولما قدم ﷺ بالمدينة حالف رسول هللا صلى هللا عليه وسلم بين المهاجرين واألنصار ،كما
روي عن عاصم األحول ،قال :سمعت أنس بن مالك ،يقول :حالف رسول هللا ﷺ بين
المهاجرين واألنصار Gفي دارنا ،فقيل له :أليس قال رسول هللا ﷺ " :ال حلف في اإلسالم"،
86
عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك القشيري (المتوفى٤٦٥ :هـ) ،الرسالة القشيرية ،دار المعارف -القاهرة ج ٢:ص٤٤٦:
87
صهيب عبد الجبار الجامع الصحيح للسنن والمسانيد ج ٣٦:ص٩:
88
مسلم بن الحجاج ،المسند الصحيح ،دار إحياء التراث العربي -بيروت ج ٤:ص ١٩٦١:رقم٢٥٣٠:
33
مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال
فقال" :حالف رسول هللا صلى هللا عليه وسلم بين المهاجرين واألنصار في دارنا مرتين أو
".89ثالثا
الجزء الثالث من باعكاسيال ،وهو وحدة اإلندونيسيا أشد مهما ألنه بدون الوحدة لن تتوصل
كل أمنية .وبهذه الوحدة يمكننا تحقيق أجزاء األخرى من بانكاسيال ،وبهذه الوحدة يمكننا أن
تقام األلوهية الواحدة ،وبهذه الوحدة يمكننا أن تقام اإلنسانية العادلة والمتأدبة وبهذه الوحدة
يمكننا أن تقام الرعية التي تقاد حكمة العارفية ،وبهذه الوحدة يمكننا أن تقام العدالة االجتماعية
على جميع اإلندونيسيين .فالمهم علينا جدا أن نحفظ وحدة األندونيسيا ونجتنب تفريقا ليتوصل
كل أمنية التي نرجوها ،ومعنى Gالوحدة ليست بوحدة دين اإلسالم فقط ولكن العهد هو الوحدة
أيضا ،كما قال بعض المفسرين في قوله تعالى ﴿ :واعتصموا Gتمسكوا بحبل هللا﴾ هو العهد أو
90الدين أو القرآن أو اإلسالم ،وكل ذلك مترادف Gالمعنى
اإلسالم ال يريد التفريق بين أهل البلد ،بل يريد اإلسالم تقوية األخوة بين أهل البلد ،فقد وحد
رسول هللا ﷺ القبائل في المدينة المنورة ووحد Gأهل األديان في وحدة أخوة .وإذا كان من
أهل البلد يريد التفريق بإسم اإلسالم أوالقرآن والحديث فنتفق أن نقول أنه كاذب ويطلق Gعليه
البغي في السالم ،فيجب على السلطان قتاله ،ولكن اإلصالح خير منه ،كما قال امامنا
الشافعي رحمة هللا عليه إذا يشرح البغاة في كتابه األم :وأمر هللا تعالى إن فاءوا أن يصلح
بينهما بالعدل ولم يذكر تباعة في دم وال مال وإنما ذكر هللا تعالى الصلح آخرا كما ذكر
اإلصالح بينهم أوال قبل اإلذن بقتالهم فأشبه هذا وهللا تعالى أعلم أن تكون التباعات في
الجراح والدماء وما فات من األموال ساقطة بينهم قال وقد Gيحتمل قول هللا عز وجل ﴿فإن
فاءت فأصلحوا Gبينهما بالعدل﴾ 91أن يصلح بينهم بالحكم إذا كانوا قد فعلوا ما فيه حكم فيعطي
بعضهم من بعض ما وجب له لقول هللا عز وجل ﴿بالعدل﴾ 92أخذ الحق لبعض الناس من
بعض 93.فمن هذا يمكن أن نستنتج أن المبدأ الثالث ،وهو وحدة اإلندونيسيا ،يحمل على حفظ
.القواعد الخمسة ،وهي منها حفظ الدين والنفس
89
أبو داود سليمان بن األشعث سنن أبي داود المكتبة العصرية ،صيدا -بيروت Gج ٣:ص ١٢٩:رقم٢٩٢٦:
90
الشيخ د .وهبة بن مصطفى الزحيلي ،التفسير المنير ،دار الفكر المعاصر -دمشق الطبعة الثانية ١٤١٨ ،ھ ج ٤:ص٢٥:
91
سورة الحجرات 49آية ٩ :
92
سورة الحجرات 49آية ٩ :
93
اإلمام الشافعي (المتوفى٢٠٤ :هـ) ،األم ،دار المعرفة -بيروت ١٤١٠هـ ج ٤ :ص٢٢٧ :
34
مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال
ما يقصده هذا الجزء الرابع من باعكاسيال هو أن الحكومة والقيادة يجب أن تستند على أساس
المشاورة والمتوكلة ،فلذلك في أي مسألة وأي مشكلة ،سواء كانت مرطبة بتحديد قانون
الوالية العام أوتحديد القوانين األخرى Gالخاص ،كلها يجب أن تستند إلى نتائج المشاورة التي
يجريها الناس القادة أو األشخاص الذين لهم الحق في ذلك .فلذلك يشترط Gفي المشاورة أن
يكون أشخاصها Gمؤتمن كما قال النبي ﷺ عن أبي هريرة قال :قال رسول هللا ﷺ :
94
المستشار مؤتمن.
كان في القرأن آي المشاورة ،منها ﴿ :وشاورهم Gفي األمر﴾ 95فقال إبن كثير في تفسيرها :
ولهذا قال تعالى﴿ :فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم Gفي األمر﴾ ولذلك كان رسول هللا ﷺ
يشاور أصحابه في األمر إذا حدث تطييبا لقلوبهم ليكون أنشط لهم فيما يفعلونه ،كما شاورهم
يوم بدر في الذهاب إلى العير ،فقالوا :يا رسول هللا ،لو استعرضت بنا عرض البحر لقطعناه
معك ،ولو سرت بنا إلى برك الغماد لسرنا معك ،وال نقول لك كما قال قوم Gموسى لموسى:
﴿اذهب أنت وربك Gفقاتال إنا هاهنا قاعدون﴾ :ولكن نقول اذهب ،فنحن معك ،وبين يديك ،وعن
يمينك ،وعن شمالك مقاتلون .وروي Gعن عبد الرحمن بن غنم أن رسول هللا ﷺ ،قال ألبي
بكر وعمر :لو اجتمعنا في مشورة ما خالفتكما .وروى ابن مردويه عن علي بن أبي طالب
.96قال :سئل رسول هللا ﷺ عن العزم؟ فقال :مشاورة أهل الرأي ثم اتباعهم
ومن قول العلماء الذي يحث على المشاورة قول اإلمام النووي رحمة هللا عليه :واعلم أنه
يستحب لمن هم بأمر أن يشاور Gفيه من يثق بدينه وخبرته وحذقه ونصيحته وورعه وشفقته.
ويستحب أن يشاور جماعة بالصفة المذكورة ويستكثر Gمنهم ،ويعرفهم مقصوده من ذلك
األمر ،ويبين لهم ما فيه من مصلحة ومفسدة إن علم شيئا من ذلك ،ويتأكد األمر بالمشاورة
في حق والة األمور Gالعامة كالسلطان والقاضي Gونحوهما واألحاديث Gالصحيحة في مشاورة
عمر بن الخطاب رضي Gهللا عنه أصحابه ورجوعه إلى أقوالهم Gكثيرة مشهورة ،ثم فائدة
94
ابن ماجة ،سنن ابن ماجه ،دار إحياء الكتب العربية -فيصل عيسى البابي الحلبي ج ٢:ص ١٢٣٣:رقم٣٧٤٥:
95
سورة آل عمران ٣آية ١٥٩ :
96
اإلمام ابن كثير ،تفسير ابن كثير G،دار الكتب العلمية -بيروت Gالطبعة األولى ١٤١٩ -هـ ج ٢:ص١٣١:
35
مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال
المشاورة القول من المستشار إذا كان بالصفة المذكورة ،ولم تظهر المفسدة فيما أشار به،
.97وعلى المستشار Gبذل الوسع في النصيحة وإعمال الفكر في ذلك
ثم قال بعض األصوليين عند تشريح القواعد األصولية اللغوية في طريق داللة النص :مثال
الثالث قوله تعالى﴿ :فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم Gفي األمر﴾ يفهم منه بطريق Gاإلرشارة
إيجاب إيجاب طائفة من األمة تمثلها وتستشار Gفي أمرها؛ ألن تنفيذ األمر ومشاورة األمة
يستلزم ذلك 98.وداللة هذه األية داللة اإلشارة ،فداللة اإلشارة هي داللة النص عن معنى الزم
لما يفهم من عبارته غير مقصود Gمن سياقه؛ يحتاج فهمه إلى فضل تأمل أو أدناه ،حسب
ظهور وجه التالزم وخفائه .ومن لوازم هذا االختصاص ثبوت هذه األحكام ،فهي أحكام
الزمة لمعنى مفهوم من عبارة النص وغر مقصودة من سياقه ،ولذا كان فهمها من إشارته ال
.99من عبارته
فمن هذا يمكن أن نستنتج أن المبدأ الرابع ،وهو الرعية التي تقاد حكمة العارفية في
المشاورة والمتوكلة ،يحمل على حفظ القواعد الخمسة ،وهي منها حفظ النفس والمال
.والعرض
قد سبق دليل عدل التحكيم في تشريح الجزء الثاني من باعكاسيال اإلنسانية العادالة والمتأدبة،
ولكن هنا نشرح العدالة اإلجتماعية هي العدالة التي تنعت اإلجتماعي بين الناس كحقوق
األكل والشرب والبيوت والنكاح وغير ذلك من معاملة اإلنسان ألن لكل اإلندونيسيين حقوق
مستوى في ذلك .ويجب على األمير أو السلطان أن يسعى تأتيها .وقال بعض المفسرين عن
معنى القسط أو العدل :يأمر تعالى عباده المؤمنين أن يكونوا قوامين بالقسط أي بالعدل ،فال
يعدلوا عنه يمينا وال شماال ،وال تأخذهم في هللا لومة الئم وال يصرفهم عنه صارف ،وأن
يكونوا متعاونين متساعدين متعاضدين متناصرين فيه 100.فمعنى العدل هنا أن يتعاون
.ويتساعد ويتناصر بيننا ،فال يكلف على األمير أو السلطان فقط بل على جميع اإلندونيسيينG
97
أبو زكريا النووي ،األذكار النووية ،دار ابن كثير دمشق -بيروت الطبعة الثانية ١٤١٠هـ ج ١:ص٥٠٥:
98
عبد الوهاب خالف ،علم أصول الفقه وخالصة تاريخ التشريع ،مطبعة المدني المؤسسة السعودية بمصر ج ١:ص١٣٩:
99
عبد الوهاب خالف ،علم أصول الفقه وخالصة تاريخ التشريع ،مطبعة المدني المؤسسة السعودية بمصر ج ١:ص١٣٨:
100
اإلمام ابن كثير ،تفسير ابن كثير G،دار الكتب العلمية -بيروت Gالطبعة األولى ١٤١٩ -هـ ج ٢:ص٣٨٣:
36
مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال
فإذا كان بعضنا غنيا في رزقه ينبغي أن ينفق بعض رزقه على اآلخر ،بقوله تعالى في سورة
النحل ( )١٦آية ﴿ : ٧١وهللا فضل بعضكم Gعلى بعض في الرزق Gفما الذين فضلوا Gبرادي
رزقهم Gعلى ما ملكت أيمانهم فهم فيه سواء أفبنعمة هللا يجحدون﴾ 101فقال امام البيضاوي في
تفسيره ( :وهللا فضل بعضكم Gعلى بعض في الرزق )Gفمنكم Gغني ومنكم فقير ،ومنكم موال
يتولون رزقهم Gورزق غيرهم ومنكم مماليك حالهم على خالف ذلك( .فما الذين فضلوا Gبرادي
رزقهم) بمعطي رزقهم( .على ما ملكت أيمانهم) على مماليكهم فإن ما يردون عليهم رزقهمG
الذي جعله هللا في أيديهم 102.ويقاس عن عبارة ما ملكت أيمانهم كل فقير ومسكين
.واألشخاص الذين ال يستطيعون Gإكتفاء احتياجاتهم اليومية
كقوله تعالى ﴿ :ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما Gوأسيرا﴾ 103.قال الشيخ د .وهبة بن
مصطفى الزحيلي في تفسيره ( :ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما Gوأسيرا) أي
ويطعمون الطعام في حال محبتهم Gوشهوتهم Gله المحتاج الفقير العاجز عن الكسب واليتيمG
الحزين الذي فقد أباه وعائله واألسير Gالمقيد المحبوس أو المملوك سواء من أهل اإليمان أو
من المشركين .وخص الطعام بالذكر لكونه إنقاذا للحياة وإصالحا لإلنسان وإحسانا Gال
ينسى 104.كما يعملون األشعريين في الحديث روي عن أبي موسى األشعري رضي Gهللا عنه
قال :قال رسول هللا ﷺ " :إن األشعريين إذا أرملوا في الغزو أو قل طعام عيالهم بالمدينة
جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية فهم مني وأنا
.105منهم
فالحاصل أن العدالة االجتماعية ليست التزا ًما قط على اإلمام أوالسلطان لوضع السياسات
التي تجعل جميع مواطينها Gثروة من حيث ضروريات الحياة ولكننا Gملزمون أيضًا بمساعدة
إخواننا إذا كان فضل الرزق عندنا .واألفضل أن نعطيها للمحتاجين وليس هذا قط في الطعام
والشراب ولكن في كل مسألة حياتنا أن ينصح ديننا بمعاونة بعضنا البعض سواء مسلمين أو
غير مسلمين .فمن هذا يمكن أن نستنتج أن المبدأ الخامسة ،وهو العدالة اإلجتماعية على
.جميع اإلندونيسيين ،يحمل على حفظ القواعد الخمسة ،وهي حفظ النفس والمال والعرض
101
سورة النحل 16آية٧١ :
102
ناصر الدين أبو سعيد البيضاوي ،أنوار التنزيل ،دار إحياء التراث العربي -بيروت ١٤١٨هـ ج ٣ :ص٢٣٣ :
103
سورة اإلنسان 76األية ٨ :
104
الشيخ د .وهبة بن مصطفى الزحيلي ،التفسير المنير ،دار الفكر المعاصر -دمشق الطبعة الثانية ١٤١٨ ،ھ
105
الشيخ صهيب عبد الجبار ،الجامع الصحيح للسنن والمسانيد ج ١٠ :ص٥٠٠ :
37
مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال
المطلب الثاني في انسجام بانكاسيال بمفهوم! المصلحة عند اإلمام عز الدين بن عبد
السالم
ألن مطلبا سابقا ً قد شرح حجج كل من القرآن الكريم والحديث الشريف فيما يتعلق بالمصالح
العامة إليديولوجية بانكاسيال ،فهنا نوضح بعض أوجه التشابه أو اإلنسجام Gواإلرتباطات Gبين
إيديولوجية بانكاسيال ومفهوم معنى المصالح عند اإلمام عزالدين بن عبد السالم في كتابه
قواعد األحكام في مصالح األنام لكي يفهم أن إيديولوجية باعكاسيال هي مصالح لألنام .ومن
:المصالح العامة في بانكاسيال كما سبق ،هي
األلوهية
قال اإلمام عزالدين في فصل في بيان رتب المصالح :وهي ضربان :أحدهما مصلحة أوجبها
هللا عز وجل نظرا لعباده ،وهي متفاوتة الرتب منقسمة إلى الفاضل واألفضل والمتوسط
بينهما .فأفضل المصالح ما كان شريفا في نفسه ،دافعا ألقبح المفاسد ،جالبا ألرجح المصالح،
وقد سئل عليه السالم أي األعمال أفضل؟ فقال :إيمان باهلل ،قيل ثم أي؟ قال :الجهاد في
سبيل هللا ،قيل ثم أي؟ قال :حج مبرور .جعل اإليمان أفضل األعمال لجلبه ألحسن المصالح،
ودرئه ألقبح المفاسد ،مع شرفه في نفسه وشرف Gمتعلقه ،ومصالحه ضربان :أحدهما عاجلة
.106وهي إجراء أحكام اإلسالم ،وصيانة النفوس واألموال Gوالحرم واألطفال
ولذلك الجزء األول من باعكاسيال هو ألوهية ألنها أساس من أساس حياة الدنيا والدين.
فانسجم مفهوم معنى المصالح عند اإلمام عز الدين يعني تقديم اإليمان على غيره .ألن كل
من المصالح الدنيا والدين يرجع إلى اإليمان والمعرفة باهلل .ومن كانت كل أعمال صالحه
تبنى على اإليمان فقبل وصحح .ومن كانت كل أعمال صالحه ال تبنى على اإليمان فالقبل
وال صحح .ومصالح غيرها من باعكاسيال كالعدل أو الموحدة أو المشاورة المعنى لها إال
.باإليمان ،فتجب تقديم أساس األلوهية على غيرها
العدل واإلحسان
106
عز الدين عبد العزيز بن عبد السالم قواعد األحكام في مصالح األنام مكتبة الكليات األزهرية -القاهرة ١٤١٤هـ ج ١:ص٥٤:
38
مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال
قال اإلمام عز الدين بن عبد السالم :وأجمع آية في القرآن للحث على المصالح كلها والزجر
عن المفاسد بأسرها قوله تعالى﴿ :إن هللا يأمر بالعدل واإلحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن
الفحشاء والمنكر والبغي Gيعظكم لعلكم تذكرون 107﴾Gفإن األلف والالم في العدل واإلحسان
للعموم واالستغراق ،فال يبقى من دق العدل وجله شيء إال اندرج في قوله ﴿إن هللا يأمر
بالعدل﴾ وال يبقى من دق اإلحسان وجله شيء إال اندرج في أمره باإلحسان ،والعدل هو
.التسوية واإلنصاف ،واإلحسان :إما جلب مصلحة أو دفع مفسدة
ثم قال في بيان اإلحسان :اإلحسان ال يخلو عن جلب نفع أو دفع ضرر أو عنهما .وتارة
يكون في الدنيا ،وتارة يكون في العقبى :أما في العقبى فتعليم Gالعلم والفتيا واإلعانة على جميع
الطاعات وعلى دفع المعاصي والمخالفات ،فيدخل فيه األمر بالمعروف Gوالنهي عن المنكر
باليد واللسان .وأما في الدنيا فباإلرفاق الدنيوية ودفع المضار الدنيوية ،وكذلك إسقاط الحقوق
.108والعفو عن المظالم
عندما يكون اإلندونيسي Gله اإليمان بالقلب ،فيكون األساس موجودًا بالفعل وعند الشريعة ال
يكتفي بحركة بالقلب فقط بل يجب أن تكون هناك حركة بالجوارح ،لذلك ال بد من عمل الخير
الذي يأسس عمل غيره .فالعدلة والمتأدبة أو إحسان يقوم مقام األسس ألعمل غيره ألن
العدالة يمكن الناس أن يوزن بين خير وشر أو بين جميل وقبيح أو بين إصالح و إفساد،
وباإلحسان يمكن الناس يفعلون الخير بتقديم األصالح فاألصالح أو باألفضال فاألفضال
أوباألهم فاألهم ،بل يفعلون بعمل األصالح أواألفضل Gأواألهم فيفعلون مزيدا عن ذلك.
فانجسم مفهوم معنى المصالح عند األمام عز الدين بمصالح العدل والمتأدبة من بانكاسيال،
.وتقدم على أعمال المصالح غيره
الموحدة
قال اإلمام عز الدين بن عبد السالم في فصل في بيان العدل عند بيان أمر ابتداء اإلسالم :
وإنما أمرهم في ابتداء اإلسالم بإفشاء السالم .وإطعام الطعام ،وصلة األرحام ،والصدق
والعفاف ،ألن ذلك كان مالئما لطباعهم حاثا على الدخول في اإلسالم ،وكذلك ألف ﷺ
107
سورة النحل 16آية ٩٠ :
108
عز الدين عبد العزيز بن عبد السالم قواعد األحكام في مصالح األنام مكتبة الكليات األزهرية -القاهرة ١٤١٤هـ ج ٢:ص:
١٨٩
39
مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال
جماعة على اإلسالم بما دفعه لهم من األموال ،وامتنع من قتل جماعة من المنافقين قد عرف
بنفاقهم خوفا أن يتحدث الناس بأنه أخذ في قتل أصحابه فينفروا Gمن الدخول في اإلسالم ،فهذه
109
كلها مصالح أخر ،لما في تقديمها من المفاسد المذكورة.
ثم قال في المثال التاسع عشر :إذا شغر الزمان عن من له الوالية العظمى ،وحضر Gاثنان
يصلحان للوالية ،لم يجز الجمع بينهما ،لما يؤدي إليه من الفساد باختالف اآلراء :فتتعطلG
المصالح بسبب ذلك ،ألن أحدهما يرى ما ال يرى اآلخر من جلب المصالح ودرء المفاسد،
فيختل أمر األمة فيما يتعلق بالمصالح والمفاسد ،وإنما تنصب الوالة في كل والية عامة أو
خاصة للقيام بجلب مصالح المولى عليهم ،وبدرء المفاسد عنه ،بدليل قول موسى ألخيه
﴾.110هارون عليه السالم ﴿ :اخلفني في قومي Gوأصلح وال تتبع سبيل المفسدين
فإن كانا متساويين من كل وجه تخيرنا بينهما ،ويحتمل أن يقرع بينهما دفعا لتأذي من يؤخر
منهما ،وإن كان أحدهما أصلح تعينت والية األصلح؛ لما قدمناه من تقديم أصلح المصالح
فأصلحها ،وأفضلها Gفأفضلها Gإال أن يكون األصلح بغيضا Gللناس أو محتقرا عندهم ،ويكون
الصالح محببا إليهم عظيما في أعينهم ،فيقدم الصالح على األصلح ،ألن اإلقبال عليه موجب
للمسارعة إلى طواعيته وامتثال أمره في جلب المصالح ودرء المفاسد ،فيصير حينئذ أرجح
ممن ينفر منه لتقاعد أعوانه عن المسارعة إلى ما يأمر به من جلب المصالح ودرء المفاسد،
.111فيصير الصالح بهذا السبب أصلح
قد انسجام مفهوم معنى المواحدة بالفصل الثالث من باعكاسيال وحدة اإلندونيسيا ،ألنه عندما
يكون لكل إندونيسي أن يفعلوا أيديولوجية األلوهية وبعد ذلك يفعلوها بفعل العدالة أو
اإلحسان ،فمن المهم جدًا أن تكون وحدة بين الدولة اإلندونيسية ألن بالوحدة ال يقع صراعا
طوياًل ،ألن بدون الوحدة أن اليقام اإلندونيسيون بأشياء مصالح ،سيكون هناك إصطدم
لوجود اختالفات في الرأي عندما تكون هناك اختالفات في الرأي ،وستكون هناك احتمالية
للصراع ،وتنشأ النزاعات ،فسيصعب تنفيذ مصالح األخرى .وإن كانت في الدولة وحدة ولو
.إختلفوا بعضهم Gبعضا كان فيها وسيط ،فيحكم بينهم
109
عز الدين عبد العزيز بن عبد السالم قواعد األحكام في مصالح األنام مكتبة الكليات األزهرية -القاهرة ١٤١٤هـ ج ١:ص:
٦٤
110
سورة األعراف 7آية ١٤٢ :
111
عز الدين عبد العزيز بن عبد السالم قواعد األحكام في مصالح األنام مكتبة الكليات األزهرية -القاهرة ١٤١٤هـ ج ١:ص٧٤:
40
مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال
المشاورة
قال اإلمام عز الدين بن عبد السالم :تنقسم المصالح والمفاسد إلى نفيس وخسيس ،ودقيق
وجل ،وكثر وقل ،وجلي وخفي ،وآجل أخروي وعاجل دنيوي ،والدنيوي Gينقسم إلى متوقع
وواقع ،ومختلف فيه ومتفق عليه ،وكذلك Gترجيح بعض المصالح على بعض ،وترجيح بعض
المصالح على بعض ،وترجيح بعض المفاسد على بعض ،ينقسم إلى المتفق عليه والمختلفG
فيه ،فالسعيد من فعل ما اتفق على صالحه ،وترك ما اتفق على فساده ،وأسعد Gمنه من ضم
إلى ذلك فعل ما اختلف في صالحه ،وترك ما اختلف في فساده ،فإن االحتياط لحيازة
المصالح بالفعل والجتناب Gالمفاسد بالترك ،وقليل من يفعل ذلك .وقد يعبر عن القليل
.بالمعدومG
فمن المصالح والمفاسد Gما يشترك في معرفته الخاصة والعامة ،ومنها Gما ينفرد بمعرفته
خاصة الخاصة ،وال يقف على الخفي من ذلك كله إال من وفقه هللا بنور Gيقذفه في قلبه ،وهذا
جار في مصالح الدارين ومفاسدهما ،وفي Gمثله طال الخالف والنزاع بين الناس في علوم
الشرائع والطبائع ،وتدبير المسالك والمهالك ،وغير ذلك من الواليات والنيات وجميع
التصرفات ،وألجل االختالف في ذلك منع الشرع من نصب الخليفتين لما يقع بينهما من
االختالفات في المصالح واألصلح والمفاسد واألفسد ،ألنه لو جوز نصبهما لتعطل تحصيل ما
.112خفي من المصالح واجتناب ما خفي من المفاسد ،وكذلك ترجيح الخفي
من خالل المشاورة نعرف المصلحة العامة التي يعرفها الكثير من الناس بحيث يكون لكل
فرد أو معظم Gاألشخاص في المشاورة رأي برأي المصلحة العامة فال تسبب نتائج المشاورة
الخالفات والنزاعات .فلذلك هو ينسجم مصالح المشاورة في بانكاسيال مع مفهوم معنى تقديم
.المصالح العامة عند اإلمام عز الدين بن عبد السالم التي يعرفها Gالكثير من الناس
المعاونة
قال اإلمام عز الدين بن عبد السالم :اعلم أن هللا تعالى خلق الخلق وأحوج بعضهم إلى بعض
لتقوم كل طائفة بمصالح غيرها ،فيقوم بمصالح األصاغر األكابر ،واألصاغر بمصالح
112
عز الدين عبد العزيز بن عبد السالم قواعد األحكام في مصالح األنام مكتبة الكليات األزهرية -القاهرة ١٤١٤هـ ج ١:ص:
٥٨-٥٧
41
مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال
األكابر ،واألغنياء بمصالح الفقراء ،والفقراء بمصالح األغنياء ،والنظراء Gبمصالح النظراء،
والنساء بمصالح الرجال ،والرجال بمصالح النساء ،والرقيق بمصالح السادات ،والسادات
بمصالح األرقاء ،وهذا القيام منقسم إلى جلب مصالح الدارين أو أحدهما أو إلى دفع مفاسدهما
.113أو أحدهما
في حياة المواطنة والمجتمع Gمن الضروري أن نكمل بعضنا Gالبعض وأن نعاون بعضناG
البعض بين اإلندونيسيين وعندما كان أحدنا بقليل من األكل والشرب ويفتقر إلى المالبس أو
المأوى ،فيجب على أحدنا معاونة ذلك الشخص حتى يتم التساوي حقوق االجتماعي بحسب
إفتقاره .وقد Gانسجم مصلح المعاونة في باعكاسيال بمفهوم معنى إحتياج بعض الناس بعضا
.عند اإلمام عز الدين بن عبد السالم
113
عز الدين عبد العزيز بن عبد السالم قواعد األحكام في مصالح األنام مكتبة الكليات األزهرية -القاهرة ١٤١٤هـ ج ٢:ص٦٨:
42
مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال
(النتائج)
فأمااستنتاجات التي يمكن استخالصها من جميع المقاالت المذكورة والتي تشرح توافقG
أيديولوجية بانكاسيال مع فهم المصلحات عند اإلمام عز الدين بن عبد السالم في كتابه قواعد
:األحكام في مصالح األنام ،والتي أوضحناها من المباحث األول والثاني والثالث ،فهي
أ .أن الشريعة اإلسالمية التي يدرسها النبي محمد صلى هللا عليه وسلم تعطي األولوية حقًا
للمصلحة ليست لمسلمين فقط ولكن أيضًا لمصالح العالم عموما ،ومن الواضح أن آيات
القرآن وحديث النبي محمد صلى هللا عليه وسلم تولي اهتماما من أهم األهداف الدينية ،وهي
لمصالح الناس كلها في تنفيذ الشريعة ،ولوكان وجود العديد من الخالفات في الرأي بين
العلماء فيما يتعلق بمفهوم المصلحة والشرعية قويا ،بل المقصود هو أن المصالح في اإلسالم
.كثير جدًا وتدبير Gفي تحديد الشريعة اإلسالمية من أجل السالم بين الناس
ب .األيديولوجية باعكاسيال هي أيديولوجية موافقية في دارنا إندونيسيا ،ألن باعكاسيال للدولة
اإلندونيسية كالبيت الذي يبيتون فيه أشخاص المختلف ،فإن باعكاسيال ليست مجرد
أيديولوجية وطنية ،ولكنها أيضًا موحد لألمة اإلندونيسية ،ومن مهم أن اإلندونيسية تصيرG
الدولة التي تحرص من العديد من القبائل والثقافات وغيرها .بفضل العمل الذي قام به اآلباء
.المؤسسون إلندونيسيا يمكننا أن نتحد ونعيش في سالم تحت رعاية أيديولوجية بانكاسيال
ج .يتوافق مفهوم أيديولوجية األمة اإلندونيسية هي باعكاسيال بشكل مفهوم المصالح الذي
عبر عنها اإلمام عزالدين بن عبد السالم في كتابه قواعد األحكام في مصالح األنام ،وهذه
الفائدة مهمة جدًا في جعل الحياة الدينية والدولة ،فضالً في جعل القانون العامة والخاصة.
وجعل التوازن بين الشريعة اإلسالمية وقانون Gالدولة ،وهذا مطلوب بشدة في إدارة العالقات
.بيننا ونحن الشعب اإلندونيسي
43
مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال
(التوصيات)
أ .من جميع المناقشات التي شرحناها ،ربما يمكن دراسة هذا الموضوع Gبشكل أكبر ،ألنه
من الممكن جدًا أن تكون كل األشياء التي وصفناها ال تزال كثيرا من األسئلة ،ولذلك حسن
.جدًا إذا كانت مناقشة هذا الموضوع Gمتواصال
ب .وجدنا بعض األشياء التي نعتقد أنها غير مناسبة في كتاب قواعد األحكام في مصالح
األنام ،لكن التناقض هو وجهة نظرنا الشخصية فقط إذا كان معادالً لمفهوم الحياة اليوم أآلن،
صا ،لمعلوم أن لكل عصر فكرة ،ولكل فكرة عصر
.فهذا التناقض ليس نق ً
ج .رجونا من خالل مناقشة الموضوعات التي أوضحناها ،يمكن أن يكون هذا باعثا
لمسلمين ،وخاصة لنا كاتب هذه الكتابة ،لنكون قادرين على دراسة قوانين الشريعة اإلسالمية
بشكل أعمق ،وأن نفهم من هذه الدراسة أن اإلسالم هو دين يقتضي مصالحا لجميع اإلنسان
.حقا
)المصادر والمراجع(
.١القرآن الكريم
لإلمام أبو محمد عز الدين عبد العزيز بن عبد السالم بن أبي القاسم بن الحسن السلمي
الدمشقي ،الملقب بسلطان العلماء (المتوفى٦٦٠ :هـ) مكتبة الكليات األزهرية -القاهرة جديدة
مضبوطة منقحة ١٤١٤ ،هـ
44
مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال
لإلمام ابن كثير ،دار الكتب العلمية ،منشورات Gمحمد علي بيضون -بيروت الطبعة األولى -
١٤١٩.هـ
.٤بحر العلوم
للعالمة أبو الليث نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي (المتوفى٣٧٣ :هـ)
.٥الجميع الصحيح
لإلمام البخاري ،دار طوق النجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم Gمحمد فؤاد Gعبد
.الباقي) الطبعة األولى ١٤٢٢ ،ھ
.٦األم
لإلمام الشافعي أبو عبد هللا محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن عبد المطلب
.بن عبد مناف المطلبي Gالقرشي المكي (المتوفى٢٠٤ :هـ) ،دار المعرفة -بيروت ١٤١٠هـ
.٧األشباه والنظائر
للعالمة عبد الرحمن بن أبي بكر ،جالل الدين السيوطي( Gالمتوفى٩١١ G:هـ) دار الكتب
.العلميةالطبعة األولى١٤١١ ،هـ
لإلمام الشوكاني ،دار ابن كثير ،دار الكلم الطيب -دمشق ،بيروت الطبعة األولى ١٤١٤ -
.هـ
لإلمام أبو عبد هللا أحمد بن محمد بن حنبل بن هالل بن أسد الشيباني (المتوفى٢٤١ :هـ) دار
.الحديث -القاهرة الطبعة األولى ١٤١٦ ،هـ
45
مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال
للعالمة أبو نعيم أحمد بن عبد هللا بن أحمد بن إسحاق بن موسى Gبن مهران
.األصبهاني(المتوفى٤٣٠ G:هـ) ،دار الكتب العلمية -بيروت Gطبعة ١٤٠٩هـ
لإلمام إبن ماجة أبو عبد هللا محمد بن يزيد القزويني ،وماجة اسم أبيه يزيد (المتوفىG:
٢٧٣.هـ) ،دار إحياء الكتب العربية
لإلمام أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن حبيب البصري Gالبغدادي ،الشهير بالماورديG
(.المتوفى٤٥٠ :هـ) ،دار مكتبة الحياة ١٩٨٦م
.١٣األذكار النووية
لإلمام أبو زكريا Gمحيي الدين يحيى بن شرف النووي( Gالمتوفى٦٧٦ G:هـ) ،دار ابن كثير
.دمشق -بيروت الطبعة الثانية ١٤١٠هـ
للعالمة أبو عبد هللا محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي الملقب بفخر الدين
الرازي خطيب الري (المتوفى٦٠٦ :هـ) ،دار إحياء التراث العربي -بيروت الطبعة:الثالثة
١٤٢٠ -هـ
.١٥تفسير الجاللين
لإلمام جالل الدين محمد بن أحمد المحلي (المتوفى٨٦٤ G:هـ) وإمام Gجالل الدين عبد الرحمن
.بن أبي بكر السيوطي( Gالمتوفى٩١١ G:هـ) ،دار الحديث -القاهرة ،الطبعة :األولى
للشيخ زين الدين أحمد بن عبد العزيز Gبن زين الدين بن علي بن أحمد المعبري Gالمليباري
.الهندي (المتوفى٩٨٧ G:هـ) ،دار بن حزم الطبعة :األولى
46
مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال
لإلمام أبو عبد هللا الحاكم محمد بن عبد هللا بن محمد بن حمدويه بن نُعيم بن الحكم الضبي
الطهماني النيسابوري المعروف بابن البيع (المتوفى٤٠٥ G:هـ) ،دار الكتب العلمية -بيروتG
.الطبعة األولى ١٤١١ ،ھ
لإلمام أبو داود سليمان بن داود بن الجارود Gالطيالسي البصرى (المتوفى٢٠٤ G:هـ) ،دار
.هجر -مصر الطبعة األولى ١٤١٩ ،هـ
لإلمام محمد بن عيسى بن َسوْ رة بن موسى بن الضحاك ،الترمذي ،أبو عيسى (المتوفىG:
٢٧٩.هـ) ،دار الغرب اإلسالمي -بيروت سنة ١٩٩٨م
.٢٠الجميع الصحيح
لإلمام مسلم بن الحجاج أبو الحسن القشيري النيسابوري (المتوفى٢٦١ G:هـ) ،دار إحياء
.التراث العربي -بيروت
.٢١الرسالة القشيرية
للعالمة عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك القشيري (المتوفى٤٦٥ :هـ) ،دار المعارف- G
.القاهرة
لإلمام أبو داود سليمان بن األشعث بن إسحاق بن بشير Gبن شداد بن عمرو األزدي
.ال َِّس ِجسْتاني (المتوفى٢٧٥ G:هـ) ،المكتبة العصرية ،صيدا -بيروت
47
مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال
.٢٤التفسير المنير
.للشيخ د .وهبة بن مصطفى الزحيلي ،دار الفكر المعاصر -دمشق الطبعة الثانية ١٤١٨ ،ھ
لإلمام ابن ماجة أبو عبد هللا محمد بن يزيد القزويني ،وماجة اسم أبيه يزيد (المتوفىG:
٢٧٣.هـ) ،دار إحياء الكتب العربية -فيصل عيسى البابي الحلبي
.للشيخ عبد الوهاب خالف (المتوفى١٣٧٥ :هـ) ،مطبعة المدني المؤسسة السعودية بمصر
للعالمة ناصر الدين أبو سعيد عبد هللا بن عمر بن محمد الشيرازي Gالبيضاوي (المتوفىG:
٦٨٥.هـ) ،دار إحياء التراث العربي -بيروت الطبعة األولى ١٤١٨ -هـ
لإلمام أبو زكريا Gمحيي الدين يحيى بن شرف النووي( Gالمتوفى٦٧٦ G:هـ) ،دار الفكرالطبعة
.األولى١٤٢٥ ،هـ
.٣٠جمع الجوامع
.لإلمام تاج الدين السبكي ،دار ابن الجوزي الطبعة األولى ١٤٣٦ھ
48
مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال
.للشيخ أبو الحسين البصري المعتزلي ،دار الكتب العلمية -بيروت الطبعة األولى ١٤٠٣ ،ھ
.٣٣الموافقات
.٣٤المستصفى
.لإلمام النووي ،دار إحياء التراث العربي -بيروت الطبعة الثانية ١٣٩٢ ،ھ
لإلمام السيوطي ،دار ابن عفان للنشر والتوزيع -المملكة العربية السعودية -الخبر الطبعة
.األولى ١٤١٦هـ
لإلمام الشوكاني ،دار ابن كثير ،دار الكلم الطيب -دمشق ،بيروت الطبعة األولى ١٤١٤ -
.هـ
.٣٩سنن النسائي
.لإلمام النسائي ،مكتب المطبوعات اإلسالمية -حلب الطبعة الثانية ١٤٠٦ ،ھ
.للشيخ النووي الجاوي ،دار الكتب العلمية -بيروت الطبعة األولى ١٤١٧ -هـ
49
مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال
.٤٢ماتروجى
50
مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال
(الفهرس)
.......................................................................................................ب
إهداء
...................................................................................................ج
اإلستفتاح
.............................................................................................د
الشكر والتقدير
مقدمة1........................................................................................................
(المبحث األول) تكلم عن معنى المصلحة5.............................................................
المطلب األول في شواهد القرآن الكريم Gوالحديث الشريف Gفي بيان المصلحة5...............
-شواهد المصلحة من القران الكريم وتفسيرمعناها5............................................G
-شواهد المصلحة من الحديث الشريف وشرح معناها 10......................................
المطلب الثاني في آراء العلماء في بيان حقيقة المصلحات 15....................................
.١قول الشيخ اإلمام أبو حامد محمد بن محمد الغزالي الطوسي (المتوفى٥٠٥ G:هـ)16..
.٢قول الشيخ اإلمام إبراهيم بن موسى الشهير بالشاطبي (المتوفى٧٩٠ :هـ) 17........
.٣قول الشيخ اإلمام محمد بن علي الطيب المعتزلي (المتوفى٤٣٦ :هـ)18................
.٤قول الشيخ اإلمام أبو محمد علي بن أحمد الشهير بإبن حزم (المتوفى٤٥٦ G:هـ)19..
.٥قول الشيخ اإلمام تاج الدين عبد الوهاب بن تقي الدين السبكي (المتوفى٧٧١ :هـ) 20
المطلب الثالث في رأي اإلمام عزالدين بن عبد السالم في بيان المصلحة وقسمتها21.......G
تعريف المصلحة22..................................................................................
تقسيم المصالح23.....................................................................................
فصل في بيان مصالح الدنيا واآلخرة24..........................................................
فصل في مصالح الحقيقي ومصالح المجازي 25................................................
فصل في معرفة المصالح والمفاسد بالمكاشفة28................................................
فصل في المصالح الكفايات واألعيان وكذا المفاسد 29........................................
(المبحث الثاني) تكلم عن أيديولوجية بانكاسيال 30....................................................
المطلب األول في أيديولوجية اإلسالم 30............................................................
المطلب الثاني في بانكاسيال وتاريخ تكوينها32.....................................................G
مدة قبل االستقالل32.................................................................................
51
مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال
52
مصالح عامة في إيديولوجية بانكاسيال
53