You are on page 1of 481

‫اﻟﻤﺘﻤﻴﺰة‬

‫ﱢ‬ ‫اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‬
‫ﱠ‬ ‫اﻟﺘﺮاث واﻟﺪراﺳﺎت‬ ‫ﱠٌ‬
‫ﻋﻠﻤﻴﺔ‪ُ ،‬ﺗﻌﻨﻰ ﺑﻨﺸﺮ ﱡ‬ ‫ٌ‬
‫وﻗﻔﻴﺔ‬

‫ﻋﻤﺎن ـ ﺗﺮﻛﻴﺎ ـ اﺳﻄﻨﺒﻮل‬


‫اﻷردن ـ ﱠ‬
‫‪thakhaer@gmail.com - 00905050524253‬‬
٣
‫ﲜﲝﲞﲟ‬

‫الحمـد هلل‪ ،‬والصلاة والسلام علـى رسـول اهلل‪ ،‬وعلـى آلـه وصحبـه ومـن‬
‫وااله‪ ،‬وبعـد‪.‬‬
‫ٍ‬
‫جسيمة‪ ،‬أعظمها مضاعفة‬ ‫ٍ‬
‫عظيمة‪ ،‬وعطايا‬ ‫فقد أكرم اهلل أ ّمة نب ّيه ﷺ بنع ٍم‬
‫ٍ‬
‫ألعمال صغيرة ال تستغرق وقتًا‬ ‫وخصها باألجور الكبيرة‬
‫ّ‬ ‫الحسنات واألجور‪،‬‬
‫وتعويضا لها عن ِق َص ِر أعمارها بالنسبة‬
‫ً‬ ‫كبيرا؛ رفع ًة لها في اآلخرة‪،‬‬ ‫ً‬
‫طويل‪ ،‬أو جهدً ا ً‬
‫ٍ‬
‫سابقة‬ ‫بليلة خير من ألف شهر‪ ،‬وصيام يو ٍم يك ّفر ذنوب ٍ‬
‫سنة‬ ‫لألمم السابقة‪ ،‬فخصها ٍ‬
‫ّ‬
‫ٍ‬
‫وقادمة‪ ،‬وغير ذلك من المواسم الرحمانية والنفحات الربانية التي َمن ََحها لهذه األ ّمة‬
‫دون غيرها من األمم‪.‬‬
‫جمع األحاديث التي د ّلت بمنطوقها ومفهومها‬
‫وقد حاولنا في هذه األوراق ْ‬
‫ورتّبت حسب األجور‬
‫على مضاعفة الحسنات واألجور للعاملين من المؤمنين‪ُ ،‬‬
‫حسب الخ ّطة‬
‫المترتّبة عليها‪ ،‬ودراستها دراسة موضوعية في ضوء السنة النبوية‪ْ ،‬‬
‫اآلتي ذكْرها‪:‬‬
‫الجهود والدراسات السابقة‬
‫برسالة مستق ّل ٍة استوفى‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫وتفتيش من أ ْفرد هذا الموضوع‬ ‫ٍ‬
‫بحث‬ ‫لم أجد بعد‬
‫ٍ‬
‫رسالة صغيرة الحجم لم يقصد فيها االستيعاب‬ ‫جميع مباحث الموضوع كله‪ ،‬سوى‬
‫‪٣‬‬

‫‪6‬‬

‫لجميع قضايا الدراسة التي نقوم بها‪ ،‬إضاف ًة إلى دراسات خاصة لبعض مواضيع‬
‫مرتين‪ ،‬أو مضاعفة األجور في العبادات‬
‫الرسالة مثل‪ :‬مبحث من ُيؤتى أجرهم ّ‬
‫داخل المساجد الثالثة التي ُيشدّ إليها الرحال‪ ،‬وهذه الجهود والدراسات على‬
‫النحو التالي‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ «األسباب واألعمال التي ُيضاعف بها الثواب» للشيخ عبد الرحمن بن‬
‫ناصر السعدي (ت ‪1376‬ﻫ)‪ ،‬وهي رسال ٌة صغيرة الحجم‪ ،‬تك ّلم فيها المؤلف‬
‫ٍ‬
‫تفصيل في المباحث‪ ،‬وهو في‬ ‫عن أسباب مضاعفة األجور على وجه العموم دون‬
‫ٍ‬
‫لسؤال ُو ّجه إليه‪ ،‬فأجاب عليه بهذه الرسالة‪ ،‬ومن األمور التي ذكرها‪:‬‬ ‫األصل جواب‬
‫اإلخالص‪ ،‬وصحة العقيدة‪ ،‬وأن تكون األعمال التي نفعها لإلسالم والمسلمين له‬
‫وأثر وعنا ٌء‪ ،‬والعمل الذي إذا قام به العبد شاركه فيه غيره‪ ،‬وإذا كان العمل له‬
‫وقع ٌ‬‫ٌ‬
‫عظيم‪ ،‬وأن يكون العبدُ َح َسن اإلسالم‪ ،‬ورفعة العامل عند اهلل‪ ،‬إلى آخر ما ذكره‬
‫ٌ‬ ‫وقع‬
‫ٌ‬
‫في هذه الرسالة‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ «مسألة مضاعفة الصلوات في المساجد الثالثة هل تقع في النوافل أم ال؟»‬


‫للحافظ أبي سعيد خليل بن َك ْيك ْلدي العالئي (ت ‪761‬ﻫ)‪ .‬ذكر فيها المؤلف «مسألة‬
‫التطوع بالصالة في أحد المساجد الثالثة هل فعلها فيها أفضل من فعلها في البيوت؟‬
‫أو العكس؟ وهل المضاعفة شاملة للفرض والنفل؟ أم هي خاصة بالفرض؟ وذكر‬
‫وصحح‬
‫َّ‬ ‫فيها أقوال أهل العلم في المسألة ونقلها من مصادر شتى‪ ،‬وتك ّلم على أدلتها‪،‬‬
‫وض ّعف‪ ،‬وح ّقق ود ّقق‪ ،‬وقد توصل فيها إلى َّ‬
‫أن المضاعفة شاملة للفرائض‪ ،‬وكذا‬
‫للنوافل التي تشرع لها الجماعة كالتراويح والعيدين والكسوف‪ ،‬أو يختص فعلها‬
‫في المسجد كتحية المسجد وركعتي الطواف‪ ،‬وما عدا ذلك ففعله في البيت أفضل‬
‫‪7‬‬ ‫المقدمة‬

‫من المسجد‪ .‬وهذا الذي اختاره العالئي هو الذي رجحه جمع من المحققين‪ ،‬كما‬
‫ذكره هو عن بعضهم وغيرهم ممن أتى بعده»(‪.)1‬‬
‫ٍ‬
‫بحث مح ّك ٍم في مجلة مركز بحوث ودراسات‬ ‫وقد نُشر هذا التحقيق في‬
‫المدينة المنورة‪( ،‬ص ‪ 11‬ـ ‪.)49‬‬

‫مرت ْين» للحافظ جالل الدين عبد الرحمن بن‬


‫‪ 3‬ـ «مطلع ال َبدْ َر ْين فيمن ُيؤتى أجره ّ‬
‫أبي بكر السيوطي (ت ‪911‬ﻫ)‪ .‬ذكر فيها جمل ًة من األحاديث الدالة على مضاعفة‬
‫األجر إلى ضعفين‪ ،‬من هؤالء‪ :‬زوجات النبي ﷺ‪ ،‬ومؤمن أهل الكتاب‪ ،‬والعبد‬
‫المملوك الذي أطاع اهلل وأطاع سيده‪ ،‬ومن كانت عنده أمة فأدبها ثم أعتقها‬
‫وتزوجها‪ ،‬وقارئ القرآن وهو عليه ٌّ‬
‫شاق‪ ،‬والحاكم إذا اجتهد فأصاب‪ ،‬والمتصدق‬
‫عمر ميسرة المسجد‪ ،‬ومن ترك‬
‫مرت ْين‪ ،‬ومن ّ‬
‫مرت ْين ّ‬
‫على األقارب‪ ،‬والذي يتوضأ ّ‬
‫الصف األول مخافة أن يؤذي الناس‪ ،‬ومن س ّن سن ًة حسن ًة‪ ،‬واإلمام والمؤ ّذن‪،‬‬
‫علما فأدركه‪ ،‬ومن أسبغ‬
‫والذي توضأ بعد أن تيمم وأعاد الصالة‪ ،‬ومن طلب ً‬
‫الوضوء في البرد الشديد‪ ،‬والجبان‪ ،‬ومن دنا من اإلمام واستمع وأنصت‪ ،‬ومن قتله‬
‫أهل الكتاب‪ ،‬شهيد البحر‪ ،‬وغزو البحر‪ ،‬ومن يمشي حافي القدمين‪ ،‬ومن يجامع‬
‫زوجته في ّ‬
‫كل جمعة‪ ،‬والمستمع للقرآن‪ ،‬والسرية إذا أخفقت‪ ،‬والمحافظة على‬
‫صالة العصر‪ ،‬والغني التقي‪ ،‬والجاهد المجاهد‪ ،‬والوضوء قبل الطعام وبعده‪ ،‬ومن‬
‫أسر عمله فظهر ففرح‪ ،‬والماشي في الجنازة‪ ،‬والصدقة يوم الجمعة‪ ،‬وقراءة القرآن‬
‫ّ‬
‫في المصحف‪ ،‬والحج من أرض ُعمان‪.‬‬
‫ٍ‬
‫بقصيـدة تتكون مـن (‪ )16‬بيتًـا‪ ،‬جمع فيهـا ما نثره في الرسـالة‬ ‫ثـم ختـم كتابه‬

‫((( من مقدّ مة الدكتور سليمان العمير للرسالة السابقة ص (‪.)11‬‬


‫‪٣‬‬

‫‪8‬‬

‫السـابقة‪ ،‬وقـد حقق هذه الرسـالة‪ :‬سـليم الهاللي‪ ،‬فـي (‪ )80‬صفحة‪ ،‬ونشـرها في‬
‫دار الهجـرة بالدمـام‪ ،‬عـام ‪1410‬ﻫ‪ ،‬الموافـق ‪1989‬م‪ .‬وقـد عيب على السـيوطي‬
‫مـا يلي‪:‬‬

‫ـ ِذكْره لألحاديث الضعيفة والموضوعة‪ ،‬وعدم اقتصاره على الصحيح‪.‬‬

‫ـ فاتـه ِذكـر بعـض األحاديث التي هي على شـرطه ـ حتى ولـو كانت ضعيفة ـ‬
‫مثـل‪ :‬مـن أخـذ القذاة مـن المسـجد بقدر قـذاة العيـن‪ ،‬ومن شـارك في فتـح بالد‬
‫الـروم آخـر الزمان‪.‬‬

‫مرتين» للدكتور محب الدين عبد السبحان‬


‫ممن ُيؤتون األجر ّ‬
‫‪ 4‬ـ «الصحيح ّ‬
‫نور الدين واعظ‪ ،‬المحاضر في قسم الكتاب والسنة‪ ،‬بك ّلية الدعوة وأصول الدين‪،‬‬
‫بجامعة أم القرى‪.‬‬

‫وقد بنى بحثه على كتاب السيوطي السابق الذكْر‪ ،‬واقتصر على الصحيح من‬
‫األحاديث فقط‪ ،‬ونشره في مجلة جامعة أم القرى بمكة‪.‬‬

‫ومما ألف في هذا لكنني لم أقف عليه‪:‬‬

‫ـ «جـزء فـي المضاعفـة» للشـيخ العالمـة أبـي عبـد اهلل محمـد بن إسـماعيل‬
‫اليمنـي‪ ،‬المعـروف بابـن أبي الصيـف‪( ،‬ت ‪609‬ﻫ)‪ ،‬ذكـره له اإلمام الزركشـي في‬
‫كتابـه «إعلام السـاجد» ص (‪ ،)124 ،122‬وهـو في عـداد المفقود‪ ،‬ولـم أقف له‬
‫علـى أثر‪.‬‬

‫ـ «أزهار الروضتين فيمن ُيؤتى أجره مرتين» للشيخ أحمد بن الصديق الغماري‪،‬‬
‫‪9‬‬ ‫المقدمة‬

‫وهو مخطوط‪ ،‬منه نسخ ٌة في دار الكتب المصرية‪ ،‬لم أتمكن من الحصول على‬
‫ٍ‬
‫نسخة منها بعد‪.‬‬
‫خطة البحث‪:‬‬
‫يشتمل البحث على تمهيد وأربعة فصول وخاتمة‪.‬‬
‫التمهيد‬
‫وفيه ثمانية مباحث‪:‬‬
‫واصطالحا‪.‬‬
‫ً‬ ‫المبحث األول‪ :‬تعريف مضاعفة األجور لغة‬
‫المبحث الثاني‪ :‬أنواع مضاعفة األجور‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬خصوصية األمة المحمدية بمضاعفة األجور‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬اآليات القرآنية الواردة في مضاعفة األجور‪.‬‬
‫المبحث الخامس‪ :‬موقف المخالفين في مضاعفة األجور‪.‬‬
‫المبحث السادس‪ :‬أسباب مضاعفة األجور‪.‬‬
‫المبحث السابع‪ :‬الحكمة الشرعية من مضاعفة األجور‪.‬‬
‫المبحث الثامن‪ :‬المسائل واألحكام الشرعية المتع ّلقة بمضاعفة األجور‪.‬‬
‫الفصل األول‬
‫المضاعفة العامة في كل األعمال‬
‫وفيه مبحثان‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬المضاعفة العامة في أبواب العبادات والمعامالت‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬المضاعفة العامة في أبواب اآلداب والفضائل‪.‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪10‬‬

‫الفصل الثاني‬
‫ّ‬
‫محددة ومتنوعة‬ ‫وبأجور‬
‫ٍ‬ ‫خاصة‬
‫ٍ‬ ‫بأعمال‬
‫ٍ‬ ‫المضاعفة‬
‫وفيه خمسة مباحث‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬المضاعفة مرتين‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬النبوة‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مؤمن أهل الكتاب‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬العبد المملوك الذي أسلم وأطاع سيده‪.‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬من أعتق َأ َم ًة بعد أن رباها ثم تزوجها‪.‬‬
‫المطلب الخامس‪ :‬قارئ القرآن وهو يشتد عليه يتتعتع فيه‪.‬‬
‫المطلب السادس‪ :‬الصدقة على الفقراء والمحتاجين من األرحام واألقارب‪.‬‬
‫المطلب السابع‪ :‬الجاهد المجاهد‪.‬‬
‫المطلب الثامن‪ :‬المحافظ على صالة العصر‪.‬‬
‫المطلب التاسع‪ :‬من تيمم ثم أعاد الصالة بعد أن وجد الماء‪.‬‬
‫المطلب العاشر‪ :‬الحاكم والقاضي إذا اجتهد وأصاب الحكم‪.‬‬
‫المطلب الحادي عشر‪ :‬الغريق في البحر‪.‬‬
‫المطلب الثاني عشر‪ :‬اتّباع الجنازة وانتظار الميت حتى يوضع في القبر‪.‬‬
‫جهز غاز ًيا‪.‬‬
‫المطلب الثالث عشر‪ :‬من ّ‬
‫المبحث الثاني‪ :‬المضاعفة عشر مرات‪:‬‬
‫‪11‬‬ ‫المقدمة‬

‫المطلب األول‪ :‬الصلوات الخمس‪.‬‬


‫المطلب الثاني‪ :‬الصالة على النبي ﷺ‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬إلقاء السالم بلفظ‪« :‬السالم عليكم»‪.‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬النفقة على النفس واألهل‪.‬‬
‫المطلب الخامس‪ :‬إماطة األذى عن الطريق‪.‬‬
‫المطلب السادس‪ :‬ذكْر اهلل‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬المضاعفة من عشرين مرة إلى ستين مرة‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬ر ّد السالم بلفظ‪« :‬السالم عليكم ورحمة اهلل»‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬قول المؤمن‪« :‬سبحان اهلل»‪ ،‬و«ال إله إال اهلل»‪ ،‬و«اهلل أكبر»‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬شاهد الصالة عند األذان‪.‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬صالة الجماعة‪.‬‬
‫السر دون أن يراه أحدٌ ‪.‬‬
‫المطلب الخامس‪ :‬صالة النافلة في ّ‬
‫المطلب السادس‪ :‬من داوم على األذان اثنتي عشرة سنة‪.‬‬
‫المطلب السابع‪ :‬ر ّد السالم بلفظ‪« :‬السالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته»‪.‬‬
‫المطلب الثامن‪ :‬قول المؤمن‪« :‬الحمد هلل رب العالمين»‪.‬‬
‫المطلب التاسع‪ :‬صالة الرجل في الفالة‪.‬‬
‫المطلب العاشر‪ :‬المتمسك بالدين آخر الزمان‪.‬‬
‫مرة‪:‬‬
‫مرة إلى سبعمائة ّ‬
‫المبحث الرابع‪ :‬المضاعفة من سبعين ّ‬
‫‪٣‬‬

‫‪12‬‬

‫المطلب األول‪ :‬قتل الوزغ من أول ضربة‪.‬‬


‫المطلب الثاني‪ :‬المجاهد في سبيل اهلل‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬الصالة في المسجد األقصى‪.‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬النفقة في الجهاد في سبيل اهلل‪.‬‬
‫المطلب الخامس‪ :‬النفقة في الحج‪.‬‬
‫مرة إلى ألف ألف مرة‪:‬‬
‫المبحث الخامس‪ :‬المضاعفة من ألف ّ‬
‫المطلب األول‪ :‬الصالة في المسجد النبوي‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الصالة في المسجد األقصى‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬الصالة في المسجد الحرام‪.‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬دعاء دخول السوق‪.‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عبادات أخرى‬
‫ٍ‬ ‫المضاعفة بأجور‬
‫وفيه خمسة مباحث‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬المضاعفة بأجر حجة‪:‬‬
‫متطهرا إلى صالة مكتوبة‪.‬‬
‫ً‬ ‫المطلب األول‪ :‬الخروج من البيت‬
‫المطلب الثاني‪ :‬العمرة في رمضان‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬المضاعفة بأجر عمرة‪ ،‬أو حجة وعمرة‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬صالة تسبيح الضحى‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬المشي إلى صالة تطوع‪.‬‬
‫‪13‬‬ ‫المقدمة‬

‫المطلب الثالث‪ :‬الصالة في مسجد قباء‪.‬‬


‫المطلب الرابع‪ :‬صالة اإلشراق بعد صالة الفجر والمكث في المسجد‪.‬‬
‫كاملة‪ ،‬أو ألف ٍ‬
‫ليلة‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬المضاعفة بأجر قيام وصيام ٍ‬
‫سنة‬
‫والدنـو مـن اإلمـام واالسـتماع‬
‫ّ‬ ‫المطلـب األول‪ :‬الغسـل والتبكيـر والمشـي‬
‫لخطبـة الجمعـة‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الرباط في سبيل اهلل‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬المضاعفة بأجر قيام ليلة‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬صالة الفجر والعشاء في جماعة‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬صالة القيام مع اإلمام حتى ينصرف‪.‬‬
‫المبحث الخامس‪ :‬المضاعفة بأجر صيام الدهر‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬صوم ثالثة أيا ٍم من ّ‬
‫كل شهر‪.‬‬
‫وست من شوال‪.‬‬
‫ٍّ‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬صيام شهر رمضان‬
‫الفصل الرابع‬
‫وبأجور مطلقة‬
‫ٍ‬ ‫خاصة‬
‫ٍ‬ ‫بأعمال‬
‫ٍ‬ ‫المضاعفة‬
‫وفيه ثالثة مباحث‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬مضاعفة األجر بمغفرة الذنوب‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مغفرة الذنوب المتقدمة‪:‬‬
‫ركني الكعبة‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ً‬
‫أول‪ :‬الحج دون رفث وال فسوق‪ ،‬والمسح على‬
‫ثان ًيا‪ :‬قيام رمضان وصيامه‪ ،‬وقيام ليلة القدر‪ ،‬وصيام عاشوراء‪.‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪14‬‬

‫ثال ًثا‪ :‬المحافظة على الصلوات الخمس‪ ،‬وموافقة تأمين المؤ ّمن تأمين المالئكة‬
‫في سورة الفاتحة‪.‬‬

‫راب ًعا‪ :‬قراءة سورة الملك‪ ،‬وصالة التسابيح‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬النطق بالشهادتين بعد األذان‪ ،‬والوضوء بمثل وضوء النبي ﷺ وصالة‬
‫ً‬
‫ركعتين بعده‬

‫سادسا‪ :‬مصافحة المؤمن ألخيه المؤمن‪.‬‬


‫ً‬
‫سابعا‪ :‬صالة ٍ‬
‫مائة أو أربعين من المسلمين على الميت‪.‬‬ ‫ً‬
‫ثامنًا‪ :‬سقيا البهائم والرحمة بالحيوان‪.‬‬

‫تاس ًعا‪ :‬من يموت له ثالثة من الولد لم يبلغوا الحنث‪.‬‬

‫عاشرا‪ :‬قول سبحان اهلل والحمد هلل واهلل أكبر عقب الصالة‪.‬‬
‫ً‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مغفرة الذنوب المتقدّ مة والمتأخرة‪:‬‬

‫ـ صوم يوم عرفة‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬مضاعفة األجور باستمرار عمله بعد الموت وعدم انقطاعه‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬الرباط في سبيل اهلل والموت فيه‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬العلم النافع‪ ،‬والصدقة الجارية‪ ،‬والولد الصالح يدعو لوالديه‪.‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬مضاعفة األجور بالثواب العام غير المقيد‪:‬‬

‫والرمي في سبيل اهلل‪.‬‬


‫فرسا في سبيل اهلل‪ّ ،‬‬
‫المطلب األول‪ :‬من ح ّبس ً‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الطواف بالبيت سب ًعا‪.‬‬
‫‪15‬‬ ‫المقدمة‬

‫المطلب الثالث‪ :‬المشي إلى الصالة في المسجد‪ ،‬وسدّ ال ُف َرج في الصالة‪،‬‬


‫وكثرة الركوع والسجود‪.‬‬
‫المطلب الرابع‪َ :‬ح َس ُن العبادة إذا مرض أو سافر‪ ،‬واالبتالء بالمرض‪.‬‬
‫المطلب الخامس‪ :‬التصدق بالناقة‪ ،‬وإنظار المعسر‪.‬‬
‫المطلب السادس‪ :‬المحافظة على شيبة الشعر‪.‬‬
‫المطلب السابع‪ :‬إحياء السنة الحسنة والداللة على الخير‪.‬‬
‫المطلب الثامن‪ :‬العفو في القصاص والجراحات‪.‬‬
‫المطلب التاسع‪ :‬عتق العبد المؤمن واألمة المؤمنة‪.‬‬
‫المطلب العاشر‪ :‬تفطير الصائم‪.‬‬
‫المطلب الحادي عشر‪ :‬تجهيز الغازي واإلنفاق على أهله‪.‬‬
‫***‬
‫التمهيد‬

‫واصطالحا‪.‬‬
‫ً‬ ‫المبحث األول‪ :‬تعريف مضاعفة األجور لغة‬
‫المبحث الثاني‪ :‬أنواع مضاعفة األجور‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬خصوصية األمة المحمدية بمضاعفة األجور‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬اآليات القرآنية الواردة في مضاعفة األجور‪.‬‬
‫المبحث الخامس‪ :‬موقف المخالفين في مضاعفة األجور‪.‬‬
‫المبحث السادس‪ :‬أسباب مضاعفة األجور‪.‬‬
‫المبحث السابع‪ :‬الحكمة الشرعية من مضاعفة األجور‪.‬‬
‫المبحث الثامن‪ :‬المسائل واألحكام الشرعية المتع ّلقة بمضاعفة األجور‪.‬‬
‫***‬
‫‪19‬‬ ‫التمهيد‬

‫المبحث األول‬
‫ً‬
‫واصطالحا‬ ‫تعريف مضاعفة األجور ً‬
‫لغة‬
‫أوالً‪ :‬تعريف المضاعفة لغة‪:‬‬
‫ف»‪ ،‬فالضاد والعين والفاء‪ :‬أصالن متباينان‪،‬‬
‫«ض َع َ‬
‫أصلها مأخوذ من مادة‪َ :‬‬
‫والض ْعف‪ .‬يقال‪َ :‬ض ُعف‬
‫الض ْعف‪ُّ ،‬‬‫يدل أحدهما على ضدِّ القوة‪ ،‬والصحة(‪ ،)1‬ومنه‪َّ :‬‬
‫وض ْع َفى(‪.)4‬‬
‫وض َع َفة(‪َ ،)3‬‬ ‫َي ْض ُعف‪ ،‬ورجل َض ِعيف‪ ،‬والجمع‪ِ :‬ض َعاف‪ُ ،‬‬
‫وض َعفاء(‪َ ،)2‬‬
‫وأض َع ْف ُت الشيء إِ ْضعاف ًا‪ ،‬وضاع ْفتُه‬ ‫واألصل اآلخر‪ :‬يدل على زيادة الشيء مث َله(‪ْ ،)5‬‬
‫وض َّع ْفتُه ت َْض ِعيف ًا‪ ،‬إذا ِز ْد َت على أصله‪ ،‬فجع ْلتَه ِم ْث َل ْين أو أكثر‪َ ،‬‬
‫وض َع ْف ُت القوم‬ ‫ُم َضا َعفة‪َ ،‬‬
‫وضعف الشيء‪ :‬مث ُله‪ِ ،‬‬
‫وض ْع َفاه‪:‬‬ ‫ْ‬
‫ف عليهم(‪ِ ،)6‬‬ ‫َأ ْض ُع ُف ُه ْم َض ْعف ًا‪َ :‬ك َث ْرت ُُهم‪ ،‬فصار لِ َي ِّ‬
‫الض ْع ُ‬
‫مثاله‪ ،‬وأضعافه‪ :‬أمثاله‪ ،‬كما َّ‬
‫دل عليه قوله تعالى‪﴿ :‬ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ﴾‬
‫مـرتَـ ْيـن ‪ .‬وقـال تـعـالى‪﴿ :‬ﯸﯹﯺﯻﯼ‬ ‫[األحزاب‪ ،]٣٠ :‬أي َّ‬
‫(‪)7‬‬

‫ﯽ﴾ [اإلسراء‪ ،]٧٥ :‬والمقصود‪ِ :‬ض ْعف العذاب‪ ،‬ح ًّيا و َم ْيتًا‪ ،‬و ُأ ْض ِعف القوم إذا‬
‫ضوعف لهم‪ ،‬وو َّقع فالن في أضعاف كتابه‪ :‬أي توقيعه في أثناء سطوره‪ ،‬أو حاشيته(‪.)8‬‬

‫(( ( انظر‪« :‬مقاييس اللغة» البن فارس (‪« ،)362/3‬المصباح المنير» للفيومي (‪.)361/2‬‬
‫(( ( انظر‪« :‬مقاييس اللغة» البن فارس (‪.)362/3‬‬
‫((( انظر‪« :‬الصحاح» للجوهري (‪.)1309/4‬‬
‫(( ( انظر‪« :‬المصباح المنير» للفيومي (‪.)361/2‬‬
‫(( ( انظر‪« :‬مقاييس اللغة» البن فارس (‪.)362/3‬‬
‫(( ( انظر‪« :‬العين» للخليل بن أحمد (‪.)282/1‬‬
‫(( ( انظر‪« :‬لسان العرب» البن منظور (‪.)206/9‬‬
‫((( انظر‪« :‬الصحاح» للجوهري (‪.)1390/4‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪20‬‬
‫الم ْثل‪ ،‬ثم استعمل في ِ‬
‫الم ْثل وفيما زاد عليه‪،‬‬ ‫الضعف في كالم العرب‪ِ :‬‬
‫وأصل ِّ ْ‬
‫دون أن يكون للزيادة حد‪ ،‬حتى جاز في كالمهم أن يقال‪ِ :‬ض ْع ُفه‪ ،‬أي‪ :‬مثاله‪ ،‬وثالثة‬
‫غير محصورة‪ ،‬فلو قيل في الوصية‪َ :‬أ ْع ُطو ُه ِض ْعف نصيب‬ ‫ف زيادة ُ‬ ‫الض ْع َ‬ ‫أمثاله؛ ألن ِّ‬
‫ف‬‫ولدي‪ُ ،‬أ ْعطِي ِم ْث َل ْيه‪ ،‬ولو قيل‪ِ :‬ض ْع َف ْيه‪ُ ،‬أ ْعطِي ثالثة أمثاله‪ ،‬على ما جرى به ُع ْر ُ‬
‫واصطالح ُهم(‪ .)1‬قال تعالى‪﴿ :‬ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ﴾ [سبأ‪ ،]٣٧ :‬لم‬ ‫ُ‬ ‫الناس‬
‫األضعاف‪ ،‬وأولى األشياء به أن ُي ْج َع َل‬
‫َ‬ ‫ُي ِرد به ِم ْث ًل‪ ،‬وال ِم ْث َل ْين‪ ،‬بل أراد ِّ‬
‫بالض ْعف‬
‫الضعف محصور وهو ِ‬
‫الم ْثل‪ ،‬وأكثره ال حصر له(‪ .)2‬وقال تعالى‪:‬‬ ‫عشر َة أمثاله‪ُّ ،‬‬‫ْ‬
‫فأقل ِّ ْ‬
‫الثواب للقوم و َأ ْض َع ُفوا هم‪ :‬حصل‬
‫َ‬ ‫﴿ﯡ ﯢ ﯣ﴾ [الروم‪ ،]٣٩ :‬و َأ ْض َع ْف ُت‬
‫الم َضا َعف(‪ ،)4‬وما ُأ ْض ِع َ‬
‫ف من شيء(‪،)5‬‬ ‫الم ْض ُعوف‪ :‬الشيء ُ‬ ‫لهم التضعيف ‪ ،‬ومنه َ‬
‫(‪)3‬‬

‫ِ‬ ‫و ُأ ْض ِعف القوم‪ :‬إذا ُض ِ‬


‫والض ْعف‪ :‬الك ْفل‪ .‬قال تعالى‪﴿ :‬ﯓ ﯔ‬ ‫وعف لهم(‪ِّ ،)6‬‬
‫أيضا(‪.)7‬‬
‫ﯕ ﯖ﴾ [الحديد‪ ،]٢٨ :‬وهو هنا في األجر‪ ،‬ويأتي في اإلثم ً‬

‫اصطالحا‪:‬‬
‫ً‬ ‫ثان ًيا‪ :‬تعريف المضاعفة‬

‫مرات(‪.)8‬‬
‫اصطالحا فهي‪ :‬تثنية الشيء بمثله مرة أو َّ‬
‫ً‬ ‫أما المضاعفة‬

‫(( ( انظر‪« :‬المصباح المنير» للفيومي (‪.)361/2‬‬


‫(( ( انظر‪« :‬لسان العرب» البن منظور (‪.)205/9‬‬
‫(( ( انظر‪« :‬لسان العرب» البن منظور (‪.)361/2‬‬
‫(( ( انظر‪« :‬مجمل اللغة» البن فارس (‪.)562/1‬‬
‫(( ( انظر‪« :‬المحكم» البن سيده (‪.)412/1‬‬
‫(( ( انظر‪« :‬مختار الصحاح» للرازي ص (‪.)184‬‬
‫(( ( «طلبة الطلبة في االصطالحات الفقهية» للنسفي ص (‪.)286‬‬
‫((( «معجم المصطلحات المالية واالقتصادية في لغة الفقهاء» لنزيه حماد ص (‪.)291‬‬
‫‪21‬‬ ‫التمهيد‬

‫وقيل‪ :‬الزيادة على المقدار‪ ،‬بمثلها أو أكثر(‪.)1‬‬

‫الخالصة‪ :‬يتبين للباحث بالنظر في الكالم السابق أمران‪:‬‬

‫مستقى من التعريف اللغوي‪.‬‬


‫ً‬ ‫األول‪ :‬أن التعريف االصطالحي للمضاعفة‬

‫المذكور ْين فـي المعنى المراد‬


‫َ‬ ‫الثانـي‪ :‬ال فـرق بين التعريفيـن االصطالح َّي ْيـن‬
‫منهمـا‪ ،‬وإنما الخلاف لفظي فقـط‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫وعليه؛ فالمضاعفة هي زيادة مثلية أو أكثر في األجور‪.‬‬

‫ثال ًثا‪ :‬تعريف األجور لغة‪:‬‬

‫األجـور فـي اللغـة‪ :‬أصلها مأخـوذ من مـادة « َأ َج َـر»‪ ،‬فالهمـزة والجيـم والراء‬
‫ِ‬
‫أصلان؛ األول منهمـا‪ :‬الك َـراء علـى العمـل‪ ،‬كاألجـر‪ ،‬واألُ ْجـرة‪ ،‬مـن َأ َج َـر ُ‬
‫يأج ُر‪،‬‬
‫ـت مـن أجر‬ ‫المسـتأجر‪ ،‬واألُ َجـارة‪ :‬مـا أعط ْي َ‬
‫َ‬ ‫واسـم المفعـول‪ :‬مأجـور‪ ،‬واألجيـر‪:‬‬
‫فـي عمـل‪ ،‬ومنه‪َ :‬م ْه ُـر المرأة(‪ .)2‬قـال تعالـى‪﴿ :‬ﭮ ﭯ﴾ [النسـاء‪،]٢٤ :‬‬
‫واألُ ْج َـرة‪ ،‬واألُ َجـارة‪ ،‬واألَ َجـارة‪ِ ،‬‬
‫واإل َجـارة بمعنـى‪ ،‬وهـي‪ :‬مـا أعطيت مـن َأ ْجر‬
‫(‪)3‬‬

‫علـى عمـل(‪ ،)4‬واألخيـرة منهمـا‪ :‬بمعنـى الحمايـة‪ ،‬واألجـر علـى المصيبـة(‪.)5‬‬

‫واألجـر‪ :‬الثـواب ‪ ،‬وآجـره اهلل‪ْ :‬يأ ُج ُـره َأ ْج ًرا‪ ،‬إذا أثابـه‪ ،‬وفي قولـه تعالى‪﴿ :‬ﮫ‬
‫(‪)6‬‬

‫(( ( «التوقيف على مهمات التعاريف» للمناوي ص (‪.)307‬‬


‫(( ( انظر‪« :‬العين» للخليل بن أحمد (‪« ،)173/6‬مقاييس اللغة» البن فارس (‪ 62/1‬ـ ‪.)63‬‬
‫(( ( انظر‪« :‬المحكم» البن سيده (‪.)485/7‬‬
‫(( ( انظر‪« :‬شمس العلوم» للحميري (‪.)190/1‬‬
‫«المنجد في اللغة» لكراع النمل ص (‪.)114‬‬
‫ّ‬ ‫(( ( انظر‪:‬‬
‫(( ( انظر‪« :‬لسان العرب» البن منظور (‪.)10/4‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪22‬‬

‫أجيـرا‪،‬‬ ‫ـذه‬ ‫﴾ [القصـص‪ ،]٢٦ :‬أي‪ :‬ات ِ‬


‫َّخ ْ‬
‫ً‬ ‫ﮬﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ‬
‫فخيـر َمن اسـتعملت على عملـك َم ْن َق ِ‬
‫ـوي عليـه‪ ،‬وأ َّدى األمانة فيـه‪ ،‬وقوله‪﴿ :‬ﯞ‬
‫﴾ [القصـص‪ ،]٢٧ :‬أي‪ :‬تكـون أجيرا لـي(‪ِ .)1‬‬
‫والج َوار ِ‬
‫واإل َجارة‪:‬‬ ‫ً‬ ‫ﯟﯠﯡﯢ‬
‫الحلف ( ‪. )2‬‬
‫ِ‬
‫والثاني‪َ :‬ج ْبر ال َع ْظم الكَسير‪ ،‬ويقال فيه‪ُ :‬أ ِج َرت يدُ ه‪ ،‬و َأ َج َرت يدُ ه(‪ْ ،)3‬تأ ُجر ْ‬
‫أجر ًا‬
‫و ُأ ُجور ًا‪ ،‬وذلك إذا ُجبِرت على غير استواء(‪ ،)4‬و َب ِرئَت على اعوجاج(‪.)5‬‬
‫ويمكن الجمع بين األصلين‪ :‬بكون أجرة العامل شي ًئا ُي ْج َبر به حاله فيما لحقه‬
‫من َكدٍّ فيما عمله(‪.)6‬‬
‫اصطالحا‪:‬‬
‫ً‬ ‫راب ًعا‪ :‬تعريف األجور‬
‫ذهب أكثر أهل العلم إلى أن األجر هو الثواب‪ ،‬فيقولون‪ :‬أجر العبادة‪،‬‬
‫يعوض العبد‬ ‫أجرا؛ ّ‬
‫ألن اهلل تعالى ّ‬ ‫«س ّمي الثواب ً‬
‫ويقصدون‪ :‬ثوابها‪ ،‬يقول البعلي‪ُ :‬‬
‫على طاعته‪ ،‬ويص ّبره على مصيبته»(‪.)7‬‬
‫عرفه الشنقيطي بقوله‪« :‬هو جزاء العمل»(‪.)8‬‬
‫لذلك ّ‬

‫((( انظر‪« :‬تهذيب اللغة» لألزهري (‪.)123/11‬‬


‫«المخصص» البن سيده (‪.)70/4‬‬
‫ّ‬ ‫(( ( انظر‪:‬‬
‫(( ( انظر‪« :‬مقاييس اللغة» البن فارس (‪ 62/1‬ـ ‪.)63‬‬
‫«المنجد في اللغة» لكراع النمل ص (‪.)115‬‬
‫ّ‬ ‫(( ( انظر‪:‬‬
‫((( انظر‪« :‬تهذيب اللغة» لألزهري (‪.)123/11‬‬
‫(( ( انظر‪« :‬مقاييس اللغة» البن فارس (‪.)63/1‬‬
‫((( «المطلع على ألفاظ المقنع» للبعلي ص (‪.)316‬‬
‫((( «أضواء البيان» للشنقيطي (‪.)11/7( ،)197/3‬‬
‫‪23‬‬ ‫التمهيد‬

‫وقال أبو حيان‪« :‬هو ما يترتب على عمل الطاعة» (‪.)1‬‬


‫وقـال الراغـب األصفهانـي‪« :‬األجـر واألجـرة‪ :‬مـا يعـود مـن ثـواب العمل‪،‬‬
‫دنيو ًّيـا كان أو أخرو ًّيـا»(‪.)2‬‬
‫وبنا ًء على ما سبق‪ ،‬يمكن صياغة تعريف األجور‪ ،‬بأنها‪:‬‬
‫ٍ‬
‫عمـل هـو قربـ ٌة هلل تعالـى‪،‬‬ ‫أخـروي‪ ،‬علـى‬
‫ٌّ‬ ‫دنيـوي أو‬
‫ٌّ‬ ‫ثـواب مـن اهلل تعالـى‪،‬‬
‫أمـرا واج ًبـا‪ ،‬أو مندو ًبـا‪ ،‬ووعد عليـه بالجـزاء النافع‪ ،‬ما ّد ًيـا كان أو‬
‫أمـر به سـبحانه ً‬
‫معنو ًّيا ‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬تعريف مضاعفة األجور‪:‬‬
‫ً‬
‫من خالل ما سبق يمكن القول ّ‬
‫بأن المراد بمضاعفة األجور هو‪:‬‬
‫ٍ‬
‫مندوب إليه شر ًعا‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫واجب أو‬ ‫ٍ‬
‫لعمل‬ ‫وخاص ٍة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫عام ٍة‬ ‫ٍ‬
‫بأجور ّ‬ ‫تكثير ثواب األعمال‬
‫وقصد الفاعل ون ّيته‪.‬‬
‫تختلف باختالف الزمان‪ ،‬والمكان‪ْ ،‬‬
‫***‬

‫((( «البحر المحيط» ألبي حيان (‪.)460/3‬‬


‫((( «مفردات غريب القرآن» للراغب األصفهاني ص (‪.)64‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪24‬‬

‫المبحث الثاني‬
‫أنواع مضاعفة األجور‬
‫موزعة على النحو التالي‪:‬‬
‫أنواع عدّ ٌة ّ‬
‫ٌ‬ ‫لمضاعفة األجور‬
‫‪ 1‬ـ مضاعفة عامة في جميع األعمال‪:‬‬
‫واعتبارات عدّ ٍة‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ألسباب‬ ‫ٍ‬
‫حسنات‪ ،‬وتزداد بفضل اهلل إلى ما يشاء اهلل‬ ‫تبدأ بعشر‬
‫يأتي بيانها‪.‬‬
‫ومتنوعة‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ٍ‬
‫وبأجور محدّ دة‬ ‫‪ 2‬ـ مضاعفة خاصة ألعمال خاصة‬
‫تبدأ من مضاعفة األجر مرتين حتى تصل مليون حسنة‪ ،‬واهلل يضاعف لمن‬
‫يشاء‪ ،‬وهذه المضاعفة زائدة عن المضاعفة العامة السابقة‪ ،‬وهي من تمام رحمة اهلل‬
‫وتفضله على عباده‪.‬‬
‫ّ‬
‫ٍ‬
‫عبادات أخرى‪:‬‬ ‫‪ 3‬ـ المضاعفة بأجور‬
‫وعمرة معا‪ ،‬وأجر قيام وصيام ٍ‬
‫سنة‬ ‫ٍ‬ ‫حج ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ً‬ ‫كالمضاعفة بأجر حجة‪ ،‬أو عمرة‪ ،‬أو ّ‬
‫ٍ‬
‫كاملة م ًعا‪ ،‬وأجر صيام الدهر‪ ،‬وأجر قيام ليلة‪.‬‬
‫ٍ‬
‫مطلقة‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫وبأجور‬ ‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬
‫بأعمال ّ‬ ‫‪ 4‬ـ المضاعفة‬
‫كمضاعفـة األجر بمغفرة الذنوب المتقدّ مـة‪ ،‬أو المتقدمة والمتأخرة‪ ،‬ومضاعفة‬
‫األجـر باسـتمرار عمله بعد الموت وعـدم انقطاعه‪ ،‬ومضاعفة األجـور بالثواب العام‬
‫غير المق ّيد‪.‬‬
‫***‬
‫‪25‬‬ ‫التمهيد‬

‫المبحث الثالث‬
‫خصوصية األمة المحمدية بهذه المضاعفة‬
‫خـص اهلل تعالـى األمـة المحمديـة بخصائـص عظيمة وميـزات جسـيمة‪ ،‬منها‬
‫ّ‬
‫مضاعفـة األجور والحسـنات على الطاعـات واألعمال الصالحات‪ ،‬سـواء مضاعفة‬
‫عامـة أو خاصـة؛ إكرا ًمـا لهـم‪ ،‬ورحمة بهم‪.‬‬

‫يقول تعالى‪﴿ :‬ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ‬


‫ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ﴾ [سبأ‪.]٣٧ :‬‬

‫قال ال ُق َشيري‪ :‬أي‪ُ « :‬ي َضا َع ُ‬


‫ف على ما كان لمن تقدّ مهم من األمم»(‪.)1‬‬
‫وقال البقاعي‪ :‬أي‪« :‬مضاع ًفا بالنسبة إلى جزاء من تقدّ مهم من األمم»(‪.)2‬‬
‫عمل‬ ‫أن أ ّمته ّ‬
‫أقل ً‬ ‫ولما عدّ العز بن عبد السالم خصائص النبي ﷺ قال‪« :‬منها ّ‬
‫أجرا»(‪.)3‬‬
‫ممن قبلهم وأكثر ً‬
‫ومن األدلة الصريحة على هذه الخصوصية ما رواه عبد اهلل بن عمر ‪،‬‬
‫أن رسول اهلل ﷺ قال‪« :‬إِنَّما َأج ُلكُم فِي َأج ِل من َخال ِمن األُممِ‪ ،‬ما بين ص ِ‬
‫الة ال َع ْص ِر‬ ‫َ َ َ َْ َ َ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫َ َ ْ‬
‫س‪ ،‬وإِنَّما م َث ُلكُم وم َث ُل اليه ِ‬
‫ود َوالن ََّص َارى‪ ،‬ك ََر ُج ٍل ْاس َت ْع َم َل ُع َّم ًال‪،‬‬ ‫إِ َلى َمغ ِْر ِ‬
‫َُ‬ ‫الش ْم ِ َ َ َ ْ َ َ‬ ‫ب َّ‬
‫ت اليهود إِ َلى نِص ِ‬‫اط‪َ ،‬فع ِم َل ِ‬
‫اط ِقير ٍ‬
‫ار ع َلى ِقير ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ف‬ ‫ْ‬ ‫َُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َف َق َال‪َ :‬م ْن َي ْع َم ُل لي إِ َلى ن ْصف الن ََّه ِ َ‬
‫ار إِ َلى ص ِ‬
‫ف الن ََّه ِ‬‫اط‪ُ ،‬ثم َق َال‪ :‬من يعم ُل لِي ِمن نِص ِ‬ ‫اط ِقير ٍ‬ ‫ار ع َلى ِقير ٍ‬
‫الة ال َع ْص ِر‬ ‫َ‬ ‫ْ ْ‬ ‫َ ْ ََْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الن ََّه ِ َ‬
‫الة العص ِر ع َلى ِقير ٍ‬
‫اط‬ ‫ار إِ َلى ص ِ‬ ‫ت النَّصارى ِمن نِص ِ‬
‫ف الن ََّه ِ‬ ‫اط‪َ ،‬فع ِم َل ِ‬
‫اط ِقير ٍ‬
‫ع َلى ِقير ٍ‬
‫َ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫(( ( «لطائف اإلشارات» للقشيري (‪.)185/3‬‬


‫(( ( «نظم الدرر» للبقاعي (‪.)516/15‬‬
‫للعز بن عبد السالم ص (‪.)61‬‬
‫(( ( «بداية السول في تفضيل الرسول ﷺ» ّ‬
‫‪٣‬‬

‫‪26‬‬

‫س َع َلى ِق َيرا َط ْي ِن‬ ‫الش ْم ِ‬‫ب َّ‬ ‫اط‪ُ ،‬ثم َق َال‪ :‬من يعم ُل لِي ِمن ص ِ‬
‫الة ال َع ْص ِر إِ َلى َمغ ِْر ِ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ ْ ََْ‬ ‫َّ‬
‫ِقير ٍ‬
‫َ‬
‫س‪َ ،‬ع َلى ِق َيرا َط ْي ِن‬ ‫الش ْم ِ‬ ‫ب َّ‬ ‫ون ِمن ص ِ‬
‫الة ال َع ْص ِر إِ َلى َمغ ِْر ِ‬ ‫ين َي ْع َم ُل َ ْ َ‬
‫ِ‬
‫ق َيرا َط ْي ِن‪َ ،‬أال َف َأ ْنت ُُم ا َّلذ َ‬
‫ِ‬
‫َضب ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت ال َي ُهو ُد َوالن ََّص َارى‪َ ،‬ف َقا ُلوا‪ :‬ن َْح ُن َأ ْك َث ُر َع َم ًل‬ ‫ق َيرا َط ْي ِن‪َ ،‬أال َلك ُُم األَ ْج ُر َم َّر َت ْي ِن‪َ ،‬فغ َ‬
‫هلل‪َ :‬ه ْل َظ َل ْم ُتك ُْم ِم ْن َح ِّقك ُْم َش ْيئًا؟ َقا ُلوا‪ :‬ال‪َ ،‬ق َال‪َ :‬فإِ َّن ُه َف ْضلِي ُأ ْعطِ ِيه‬
‫اء‪َ ،‬ق َال ا ُ‬ ‫َو َأ َق ُّل َع َط ً‬
‫َم ْن ِشئْت»(‪.)1‬‬
‫أجـرا مـن أهـل التـوراة وأهـل‬
‫قـال ابـن بطـال‪« :‬لمـا كان المسـلمون أكثـر ً‬
‫اإلنجيـل؛ ّ‬
‫دل ذلـك على فضـل القرآن على التـوراة واإلنجيل؛ ألن المسـلمين إنما‬
‫اسـتحقوا هـذه الفضيلـة بالقـرآن الـذي فضلهـم اهلل بـه‪ ،‬وجعل فيه للحسـنة عشـر‬
‫أمثالهـا وللسـيئة واحـدة‪ ،‬وتفضـل عليهـم بـأن أعطاهـم علـى تالوته لـكل حرف‬
‫عشـر حسـنات» (‪.)2‬‬
‫بالعمـال‪ :‬تفـاوت أجورهـم‪ّ ،‬‬
‫وأن‬ ‫ّ‬ ‫وقـال ابـن كثيـر‪« :‬المـراد من هـذا التّشـبيه‬
‫ٍ‬
‫بأمـور ُأ َخـر معتبـرة عنـد اهلل تعالـى‪،‬‬ ‫ذلـك ليـس منو ًطـا بكثـرة العمـل وق ّلتـه‪ ،‬بـل‬
‫ٍ‬
‫قليـل أجدى مـا ال يجديـه العمـل الكثيـر‪ ،‬هذه ليلـة القـدر العمل‬ ‫ٍ‬
‫عمـل‬ ‫وكـم مـن‬
‫محمـد ﷺ أنفقوا في‬
‫شـهر سـواها‪ ،‬وهؤالء أصحـاب ّ‬ ‫ٍ‬ ‫فيهـا أفضـل مـن عبادة ألف‬
‫الذهب مثـل ٍ‬
‫أحد ما بلـغ مـدّ أحدهـم وال نصيفه من‬ ‫ٍ‬
‫أوقـات لـو أنفـق غيرهـم مـن ّ‬
‫ٍ‬
‫تمـر(‪ ،)3‬وهـذا رسـول اهلل ﷺ بعثـه اهلل علـى رأس أربعيـن سـن ًة من عمـره‪ ،‬وقبضه‬
‫ٌ‬
‫ثالث‬ ‫ٍ‬
‫ثلاث وسـتّين على المشـهور‪ ،‬وقـد ّبرز فـي هذه المـدّ ة التي هـي‬ ‫وهـو ابـن‬
‫الصالحـة على سـائر األنبيـاء قبله‪،‬‬
‫وعشـرون سـنة فـي العلـوم النّافعـة واألعمـال ّ‬

‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪.)2268‬‬


‫(( ( «شرح ابن بطال على صحيح البخاري» (‪.)256/10‬‬
‫((( يأتي تخريجه‪.‬‬
‫‪27‬‬ ‫التمهيد‬

‫نـوح الـذي لبث فـي قومـه ألف سـنة ّإل خمسـين عا ًمـا يدعوهـم إلى‬
‫حتّـى علـى ٍ‬
‫صباحـا ومسـا ًء‬
‫ً‬ ‫ونهـارا‪،‬‬
‫ً‬ ‫عبـادة اهلل وحـده ال شـريك لـه‪ ،‬ويعمـل بطاعـة اهلل ً‬
‫ليلا‬
‫صلـوات اهلل وسلامه عليـه وعلى سـائر األنبيـاء أجمعيـن» (‪.)1‬‬
‫أج ِرهـا‪ ،‬مـع‬‫وقـال ابـن حجـر‪« :‬فـي الحديـث تفضيـل هـذه األمـة‪ ،‬وتوفيـر ْ‬
‫ق َّلـة ِ‬
‫دينهـا‪،‬‬
‫ـوة يقينهـا ومراعـاة أصـل َ‬ ‫«وإِن ََّمـا فضلـت بِ ُق َّ‬‫عملهـا» (‪ ،)2‬زاد العينـي‪َ :‬‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫َفـإِن زلـت َفأكْثـر زللها فِـي ا ْل ُفـروع‪ ،‬بِ ِ‬
‫َان قبلهـم َك َق ْول ِهـم‪﴿ :‬ﭟ ﭠ‬ ‫خ َلف مـن ك َ‬ ‫ُ‬
‫ﭡ﴾ [األعـراف‪ ،]١٣٨ :‬وكامتناعهـم مـن َأ ْخذ الكتـاب َحتَّى نتق ا ْل َج َبـل َف ْوقهم‪ ،‬و‪:‬‬
‫﴿ﭛﭜﭝﭞ﴾ [المائدة‪.)3(»]٢٤ :‬‬
‫ويقول ابن كثير‪« :‬هذه األمة إنما َش ُرفت وتضاعف ثوابها ببركة سيادة نب ّيها‪،‬‬
‫وشرفه‪ ،‬وعظمته»(‪.)4‬‬
‫يقول الشيخ محمد أنور شاه الكشميري‪« :‬ضابطة الحسنة بعشرة أمثالها من‬
‫خصوص األمة المرحومة‪ ،‬أهدي به النبي ﷺ في ليلة اإلسراء»(‪.)5‬‬
‫***‬

‫(( ( «البداية والنهاية» البن كثير (‪.)76/3‬‬


‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)449/4‬‬
‫((( «عمدة القاري» للعيني (‪.)52/5‬‬
‫(( ( «البداية والنهاية» البن كثير (‪.)76/3‬‬
‫((( «العرف الشذي شرح سنن الترمذي» للكشميري (‪.)181/2‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪28‬‬

‫المبحث الرابع‬
‫اآليات القرآنية الواردة في المضاعفة‬

‫ومعضدة للفضل الجسيم الذي‬


‫ّ‬ ‫جاءت اآليات القرآنية مؤكّدة لألصل العظيم‪،‬‬
‫موزعة ـ على سبيل المثال ال الحصر ـ‬
‫ورد في تضاعيف أحاديث المضاعفة‪ ،‬وهي ّ‬
‫على النحو التالي(‪:)1‬‬

‫ً‬
‫مطلقا‪.‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬اآليات الواردة في مضاعفة األجر‬

‫وهي أنواع‪:‬‬

‫ّأو ًل‪ :‬اآليات التي جاءت بلفظ مضاعفة األجر‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ قال تعالى‪﴿ :‬ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭﯮ‬


‫ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ﴾ [البقرة‪.]٢٤٥ :‬‬

‫قال الطبري‪« :‬إنه ِعدَ ٌة من اهلل تعالى ِذك ُْره ُم ْقرضه و ُمنْفق ماله في سبيل اهلل من‬
‫إضعاف الجزاء له على قرضه ونفقته‪ ،‬ما ال َحدّ له وال نهاية»(‪.)2‬‬ ‫ِ‬

‫‪ 2‬ـ قال تعالى‪﴿ :‬ﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃ‬


‫ﮄﮅ﴾ [النساء‪.]٤٠ :‬‬

‫‪ 3‬ـ قال تعالى‪﴿ :‬ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ‬


‫ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ﴾ [سبأ‪.]٣٧ :‬‬

‫(( ( أ َفدْ ُت بعض ترتيب هذا المبحث من كتاب شيخنا الدكتور صالح ِسن ِْدي «المسائل العقدية المتع ّلقة‬
‫بالحسنات والسيئات جم ًعا ودراس ًة» (‪ 645/2‬ـ ‪.)672‬‬
‫((( «تفسير الطبري» (‪.)286/5‬‬
‫‪29‬‬ ‫التمهيد‬

‫قال ابن جرير الطبري‪« :‬هؤالء لهم من اهلل على أعمالهم الصالحة الضعف من‬
‫عشر‪ ،‬وبنحو الذي قلنا قال أهل التأويل»(‪.)1‬‬
‫الثواب‪ ،‬بالواحدة ٌ‬
‫وقال الثعلبي‪« :‬لهم جزاء الضعف بما عملوا من الثواب بالواحد عشرة»(‪.)2‬‬
‫عشرا‪ ،‬إلى‬
‫ً‬ ‫وقال الواحدي‪« :‬يضاعف اهلل لهم حسناتهم‪ ،‬فيجزي بالواحدة‬
‫سبعمائة إلى ما زاد»(‪.)3‬‬
‫عشرا‬
‫وقال البغوي‪« :‬أي‪ :‬يض ّعف اهلل لهم حسناتهم‪ ،‬فيجزي بالحسنة الواحدة ً‬
‫إلى سبعمائة»(‪.)4‬‬
‫عشرا»(‪.)5‬‬
‫وقال الزمخشري‪« :‬أن تضاعف لهم حسناتهم‪ ،‬الواحدة ً‬
‫ٍ‬
‫جنس‪ ،‬أي‪ :‬بالتضعيف‪ ،‬إذ بعضهم يجازى‬ ‫«الض ْعف هنا‪ :‬اسم‬
‫وقال ابن عطية‪ِّ :‬‬
‫إلى عشرة‪ ،‬وبعضهم أكثر من سبعمائة بحسب األعمال ومشيئة اهلل تعالى فيها»(‪.)6‬‬
‫وبنحوه قال ابن الجوزي في «زاد المسير»(‪ ،)7‬والرازي في «مفاتيح الغيب»(‪.)8‬‬

‫‪ 4‬ـ قال تعالى‪﴿ :‬ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘﯙ ﯚ ﯛ‬


‫ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ﴾ [الروم‪.]٣٩ :‬‬

‫((( «تفسير الطبري» (‪.)297/19‬‬


‫((( «الكشف والبيان» للثعلبي (‪.)91/8‬‬
‫((( «التفسير الوسيط» للواحدي (‪.)496/3‬‬
‫(( ( «معالم التنزيل» للبغوي (‪.)682/3‬‬
‫((( «الكشاف» للزمخشري (‪.)586/3‬‬
‫(( ( «المحرر الوجيز» البن عطية (‪.)422/4‬‬
‫((( «زاد المسير» البن الجوزي (‪.)501/3‬‬
‫((( «مفاتيح الغيب» للرازي (‪.)209/25‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪30‬‬

‫قال الن ََّس ِف ّي‪ :‬أي‪« :‬ذوو األضعاف في الحسنات»(‪.)1‬‬


‫ثان ًيا‪ :‬اآليات التي جاءت بلفظ زيادة األجر‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ قــال تعالــى‪﴿ :‬ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ‬


‫ﮪ ﮫ ﮬ﴾ [النســاء‪.]١٧٣ :‬‬
‫قال ابن كثير‪« :‬أي‪ :‬يتق ّبل منهم الحسن ويضاعفه لهم» (‪.)2‬‬

‫‪ 2‬ـ قال تعالى‪﴿ :‬ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ‬


‫ﭳ ﭴ﴾ [النور‪.]٣٨ :‬‬
‫قال السمعاني‪« :‬أي‪ :‬يعطيهم أكثر مما عملوا وأحسن» (‪.)3‬‬
‫قال الشنقيطي‪« :‬الظاهر أن هذه الزيادة من فضله هي مضاعفة الحسنات» (‪.)4‬‬
‫‪ 3‬ـ قال تعالى‪﴿ :‬ﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰ﴾ [الشورى‪.]٢٣ :‬‬
‫الح ْسـن هو التضعيف الـذي وعد اهلل تعالـى به مؤمني‬
‫قـال ابن عط ّيـة‪« :‬زيادة ُ‬
‫عباده»(‪.)5‬‬

‫ثال ًثا‪ :‬اآليات التي أفادت بأن جزاء الحسنة ٌ‬


‫خير منها‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ قال تعالى‪﴿ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ﴾ [النمل‪.]٨٩ :‬‬

‫‪ 2‬ـ قال تعالى‪﴿ :‬ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ‬


‫ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ﴾ [القصص‪.]٨٤ :‬‬

‫((( «تفسير النسفي» (‪.)702/2‬‬


‫(( ( «تفسير ابن كثير» (‪.)69/9‬‬
‫(( ( «تفسير السمعاني» (‪« .)168/4‬تاريخ اإلسالم» للذهبي (‪.)640/10‬‬
‫((( «أضواء البيان» للشنقيطي (‪.)549/5‬‬
‫(( ( «المحرر الوجيز» البن عطية (‪.)34/5‬‬
‫‪31‬‬ ‫التمهيد‬

‫قـال ابـن الجوزي فـي بيان معنـى ﴿ﭔ ﭕ ﭖ﴾‪« :‬فيـه قـوالن‪ :‬أحدهما‪ :‬فله‬
‫ٍ‬
‫بحسـنة‬ ‫خيـر منهـا يصـل إليه‪ ،‬وهـو الثـواب‪ ،‬والثانـي‪ :‬فله أفضـل منهـا؛ ألنه يأتي‬
‫ٌ‬
‫حـق‪ ،‬وال مانـع مـن أن يكونـا مرادفين‬
‫ف ُيعطـى عشـر أمثالهـا»(‪ ،)1‬و«كال المعنييـن ٌّ‬
‫جمي ًعا» (‪.)2‬‬

‫راب ًعا‪ :‬اآليات التي وردت بتعظيم األجر‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ قال تعالى‪﴿ :‬ﯓ ﯔ ﯕ ﯖﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ‬


‫ﯝ ﯞ ﯟﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ﴾ [البقرة‪.]١١٠ :‬‬

‫‪ 2‬ـ قال تعالى‪﴿ :‬ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕﮖ ﮗ ﮘ ﮙ‬


‫ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢﮣ ﮤ ﮥﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ﴾ [المزمل‪.]٢٠ :‬‬
‫ٍ‬
‫ضعف‪ ،‬إلى‬ ‫قال السعدي في تفسيرها‪« :‬الحسنة بعشر أمثالها‪ ،‬إلى سبعمائة‬
‫ٍ‬
‫كثيرة»(‪.)3‬‬ ‫ٍ‬
‫أضعاف‬

‫خامسا‪ :‬اآليات التي وردت بلفظ العطاء‪:‬‬


‫ً‬
‫ـ قال تعالى‪﴿ :‬ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ﴾ [النبأ‪.]٣٦ :‬‬

‫تفض ًل من اهلل عليهم بذلك الجزاء‪ ،‬وذلك أنه جزاهم‬


‫قال الطبري‪« :‬عطا ًء‪ّ :‬‬
‫ٍ‬
‫بعض بالواحد سبعمائة‪ ،‬فهذه الزيادة وإن كانت جزا ًء‬ ‫ٍ‬
‫بعض‪ ،‬وفي‬ ‫عشرا في‬
‫بالواحد ً‬
‫فعطاء من اهلل»(‪.)4‬‬

‫((( «زاد المسير» البن الجوزي (‪ 372/3‬ـ ‪.)373‬‬


‫((( «المسائل العقدية المتعلقة بالحسنات والسيئات» للدكتور صالح سندي (‪.)649/2‬‬
‫(( ( «تيسير الكريم الرحمن» للسعدي ص (‪.)894‬‬
‫((( «تفسير الطبري» (‪.)174/24‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪32‬‬
‫ٍ‬
‫حساب‪:‬‬ ‫سادسا‪ :‬بعض اآليات التي وردت بأن األجر بغير‬
‫ً‬

‫ـ قال تعالى‪﴿ :‬ﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎ‬


‫ﰏﰐﰑﰒﰓﰔﰕﰖﰗﰘ﴾ [الزمر‪.]١٠ :‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬اآليات الواردة في تعيين قدر المضاعفة‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ قال تعالى‪﴿ :‬ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ‬


‫ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ﴾ [األنعام‪.]١٦٠ :‬‬
‫مفصل ٌة لمـا ُأجمل في اآليـة األخرى‪ ،‬وهي‬
‫قـال ابن كثيـر‪« :‬هذه اآليـة الكريمة ّ‬
‫قولـه تعالـى‪﴿ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ﴾ [النمـل‪ ،]٨٩ :‬وقـد وردت األحاديـث‬
‫(‪)1‬‬

‫مطابق ًة لهـذه اآلية»(‪.)2‬‬


‫ولعل قول ابن كثير السابق يحمل على ّ‬
‫أقل المضاعفة والحدّ األدنى منها‪ ،‬وإال‬
‫فاآلية تحتمل المضاعفة ألكثر من عشرة‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ قال تعالى‪ ﴿ :‬ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ‬


‫ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﮓ ﮔ ﮕ ﮖ﴾ [البقرة‪.]٢٦١ :‬‬
‫***‬

‫((( سيأتي ذكرها في تضاعيف هذه األطروحة‪.‬‬


‫(( ( «تفسير ابن كثير» (‪.)378/3‬‬
‫‪33‬‬ ‫التمهيد‬

‫المبحث الخامس‬
‫موقف المخالفين في مضاعفة األجور‬
‫رغم توافر اآليات الصريحة‪ ،‬وتضافر األحاديث الصحيحة التي تثبت مضاعفة‬
‫األجور‪ ،‬إال أن هناك فري ًقا ـ وهو ٌ‬
‫نادر بفضل اهلل ـ يذهب إلى عدم مضاعفة األجور‬
‫في الشريعة اإلسالمية‪ ،‬وقد كفانا الر ّد عليه اإلمام القرطبي في تفسيره عند قوله‬
‫تعالى‪﴿ :‬ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ‬
‫ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝﯞ ﯟ ﯠ ﯡ﴾ [الحديد‪.]٢٨ :‬‬
‫أن الحسنة إنما لها من‬ ‫ّ‬
‫استدل بعض العلماء بهذه اآلية على ّ‬ ‫قال ‪« :‬وقد‬
‫كل نو ٍع من اإليمان‪ ،‬وينطلق‬‫اسم عا ٌّم ينطلق على ّ‬ ‫ٍ‬
‫األجر مثل واحد‪ ،‬فقال‪ :‬الحسنة ٌ‬
‫واحد فليس له عليها من الثواب إال مثل‬‫ٍ‬ ‫على عمومه‪ ،‬فإذا انطلقت الحسنة على نو ٍع‬
‫ٍ‬
‫حسنة تشتمل على نوع ْين كان الثواب عليها مثل ْين؛ بدليل هذه‬ ‫ٍ‬
‫واحد‪ .‬وإن انطلقت على‬
‫اآلية‪ ،‬فإنه قال‪﴿ :‬ﯔﯕﯖ﴾ والكفل‪ :‬النصيب كـ «المثل»‪ ،‬فجعل لمن اتقى اهلل‬
‫وآمن برسوله نصيبين‪ ،‬نصي ًبا لتقوى اهلل‪ ،‬ونصي ًبا إليمانه برسوله‪ّ ،‬‬
‫فدل على ّ‬
‫أن الحسنة‬
‫عشر هي التي جمعت عشرة أنوا ٍع من الحسنات‪ ،‬وهو اإليمان الذي‬
‫التي جعل لها ٌ‬
‫جمع اهلل تعالى في صفته عشرة أنواع‪ ،‬لقوله تعالى‪﴿ :‬ﮢ ﮣﮤ﴾‬
‫[األحزاب‪ ]٣٥ :‬اآلية بكمالها‪ .‬فكانت هذه األنواع العشرة التي هي ثوابها أمثالها فيكون‬
‫ٌ‬
‫تأويل فاسدٌ ؛ لخروجه عن عموم الظاهر‪ ،‬في قوله تعالى‪:‬‬ ‫لكل نو ٍع منها ٌ‬
‫مثل‪ .‬وهذا‬
‫﴿ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ﴾ بما ال يحتمله تخصيص العموم؛ ّ‬
‫ألن ما جمع‬
‫ٍ‬
‫حسنة إال بمثلها‪ .‬وبطل أن يكون جزاء الحسنة‬ ‫عشر حسنات فليس يجزى عن كل‬
‫عشر أمثالها واألخبار دا ّلة عليه‪ ،‬ولو كان كما ُذ ِكر لما كان بين الحسنة والسيئة ٌ‬
‫فرق»(‪.)1‬‬

‫((( «الجامع ألحكام القرآن» للقرطبي (‪.)267/17‬‬


‫‪٣‬‬

‫‪34‬‬

‫المبحث السادس‬
‫أسباب مضاعفة األجور‬
‫أسباب عدّ ة‪ ،‬من أهمها‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫لمضاعفة األجور‬
‫وقوة إيمانه وإخالصه‪:‬‬
‫وفضله ّ‬
‫‪ 1‬ـ ُح ْس ُن إسالم المؤمن ْ‬
‫لحديث أبي هريرة ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ﷺ‪« :‬إِ َذا َأ ْح َس َن َأ َحدُ ك ُْم‬
‫ف‪َ ،‬وك ُُّل َس ِّيئ ٍَة‬
‫إِسالمه َفك ُُّل حسن ٍَة يعم ُلها ُت ْكتَب َله بِع ْش ِر َأم َثالِها إِ َلى سب ِع ِمائ َِة ِضع ٍ‬
‫ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫َ َ ََْ َ‬ ‫ْ َُ‬
‫َب َل ُه بِ ِم ْثلِ َها»(‪.)1‬‬
‫َي ْع َم ُل َها ُت ْكت ُ‬
‫قال ابن رجب‪« :‬جاءت األحاديث بفضل من َح ُسن إسالمه‪ ،‬وأنه تضاعف‬
‫حسناته وتك ّفر سيئاته‪ ،‬والظاهر أن كثرة المضاعفة تكون بحسب ُحسن اإلسالم»‪،‬‬
‫ثم قال‪« :‬فالمضاعفة للحسنة بعشر أمثالها ال ُبدّ منه‪ ،‬والزيادة على ذلك تكون‬
‫بحسب إحسان اإلسالم»(‪.)2‬‬
‫ومما يشهد لهذا األصل العظيم المتمثل في أن فضل المؤمن وقوة إيمانه‬
‫خص اهلل سبحانه أفضل البشر بعد األنبياء إيمانًا‪،‬‬
‫سبب عظيم لمضاعفة أجره‪« :‬ما ّ‬
‫ٌ‬
‫وأبرهم قلو ًبا بمزيد فضله؛ فضاعف حسناتهم‪ ،‬وك ّثر أجورهم بما ال يدركهم فيه‬
‫ّ‬
‫أحدٌ بعدهم»(‪.)3‬‬
‫سعيد الخدري ‪ ‬قال‪َ :‬ق َال النَّبِ ُّي ﷺ‪« :‬ال ت َُس ُّبوا‬ ‫ٍ‬ ‫والدليل‪ :‬حديث أبي‬
‫َأ ْص َحابِي‪َ ،‬ف َل ْو َأ َّن َأ َحدَ ك ُْم َأ ْن َف َق ِم ْث َل ُأ ُح ٍد َذ َه ًبا َما َب َلغَ ُمدَّ َأ َح ِد ِه ْم‪َ ،‬وال ن َِصي َف ُه»(‪.)4‬‬

‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)42‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)129‬‬


‫(( ( جامع العلوم والحكم البن رجب (‪.)295/1‬‬
‫((( «المسائل العقدية المتعلقة بالحسنات والسيئات» للدكتور صالح سندي (‪.)662/2‬‬
‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)3673‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)2540‬‬
‫‪35‬‬ ‫التمهيد‬

‫صريح على ّ‬
‫أن «العمل القليل من أحد الصحابة يفضل العمل الكثير‬ ‫ٌ‬ ‫فهذا ٌ‬
‫دليل‬
‫من غيرهم؛ وذلك لكمال إخالصهم‪ ،‬وصادق إيمانهم»(‪.)1‬‬
‫حق أزواج‬ ‫عز ّ‬
‫وجل في ّ‬ ‫أيضا‪« :‬ويشهد لهذا المعنى‪ :‬ما ذكره اهلل ّ‬
‫وقال ابن رجب ً‬
‫نبيه ﷺ فقال‪﴿ :‬ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ‬
‫ﭝ ﭞ ﭟ﴾ [األحزاب‪ّ ،]٣١ :‬‬
‫فدل على ّ‬
‫أن من عظمت منزلته ودرجته عند اهلل‬
‫فإن عمله يضاعف له أجره‪ .‬وقد تأول بعض السلف من بني هاشم دخول آل النبي‬
‫ﷺ في هذا المعنى لدخول أزواجه؛ فلذلك من حسن إسالمه بتحقيق إيمانه وعمله‬
‫الصالح فإنه يضاعف له أجر عمله بحسب حسن إسالمه وتحقيق إيمانه وتقواه واهلل‬
‫أعلم‪ .‬ويشهد لذلك‪ :‬أن اهلل ضاعف لهذه األمة؛ لكونها خير أ ّم ٍة أخرجت للناس‬
‫مرتين‪ ،‬قال اهلل تعالى﴿ﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔ‬‫أجرها ّ‬
‫ﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡ﴾ [الحديد‪.)2(»]٢٨ :‬‬
‫ٍ‬
‫موطن آخر‪« :‬وأما من أحسن عمله وأتقنه‪ ،‬وعمله على الحضور‬ ‫وقال في‬
‫والمراقبة‪ ،‬فال ريب أنه يضاعف بذلك أجره وثوابه في هذا العمل بخصوصه على‬
‫من عمل ذلك بعينه على وجه السهو والغفلة»(‪.)3‬‬
‫وقال ابن ُه َبيرة‪« :‬ثم ضوعفت ـ أي الحسنة ـ‪ ،‬يعني‪ :‬إنما يكون ذلك على‬
‫مقدار خلوص النية وإيقاعها في مواضعها»(‪.)4‬‬

‫(( ( «شرح العقيدة الواسطية» لهراس ص (‪.)166‬‬


‫(( ( جامع العلوم والحكم البن رجب (‪ 162/1‬ـ ‪.)163‬‬
‫(( ( «فتح الباري» البن رجب (‪.)149/1‬‬
‫(( ( لم أجده في المطبوع من كتابه (اإلفصاح)‪ ،‬فلعله في الجزء المفقود منه‪ ،‬ينظر «شرح األربعين‬
‫النووية» المنسوبة البن دقيق العيد (‪.)124‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪36‬‬

‫فسر ابن كثير قوله تعالى‪﴿ :‬ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ﴾ [البقرة‪ ]٢٦١ :‬بقوله‪:‬‬


‫لذلك ّ‬
‫«أي‪ :‬بحسب إخالصه في عمله» (‪.)1‬‬
‫وقال ابن القيم‪ :‬واهلل يضاعف لمن يشاء فوق ذلك بحسب حال المن ِْفق وإيمانه‬
‫وإخالصه وإحسانه‪ ،‬فإن ثواب اإلنفاق يتفاوت بحسب ما يقوم بالقلب من اإليمان‬
‫واإلخالص والتثبيت عند النفقة(‪.)2‬‬
‫أن الواحدة‬ ‫ويقول الشيخ عبد الرحمن السعدي‪« :‬أما الحسنة‪ّ ،‬‬
‫فأقل التضعيف ّ‬
‫ٍ‬
‫بأسباب‪ ،‬منها‪ :‬قوة إيمان العامل‪ ،‬وكمال إخالصه‪ ،‬فك ّلما‬ ‫ٍ‬
‫بعشر‪ ،‬وقد تزيد على ذلك‬
‫قوي اإليمان واإلخالص تضاعف ثواب العمل»(‪.)3‬‬
‫‪ 2‬ـ ن ْفع الحسنة والحاجة إليها‪:‬‬
‫قال ابن رجب أثناء حديثه عن أسباب المضاعفة‪« :‬الحاجة إلى ذلك العمل‬
‫الحج‪ ،‬وفي األقارب‪ ،‬وفي اليتامى والمساكين‪،‬‬
‫ّ‬ ‫وفضل ِه‪ ،‬كالنفقة في الجهاد‪ ،‬وفي‬
‫ِ‬

‫وأوقات الحاجة إلى النفقة»(‪.)4‬‬


‫ويقول ابن القيم‪ :‬واهلل يضاعف فوق ذلك بحسب حال المنفق وإيمانه‬
‫وإحسانه‪ ،‬ون ْفع نفقته وقدرها‪ ،‬ووقوعها موقعها؛ فإن ثواب اإلنفاق يتفاوت بحسب‬
‫نفع اإلنفاق ومصارفه بمواقعه‪ ،‬وبحسب طيب المن َفق وزكاته(‪.)5‬‬
‫لذلك ضوعف أجر الصحابة رضوان اهلل عليهم‪ ،‬وأصبح القليل الذي ينفقه‬

‫(( ( «تفسير ابن كثير» (‪.)325/1‬‬


‫ف ٍ‬
‫يسير‪.‬‬ ‫((( «إعالم المو ّقعين» البن القيم (‪ )184/1‬بتصر ٍ‬
‫ّ‬
‫((( «بهجة قلوب األبرار» للسعدي ص (‪.)83‬‬
‫((( «جامع العلوم والحكم» البن رجب (‪.)295/1‬‬
‫بتصرف ٍ‬
‫يسير‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫((( «إعالم المو ّقعين» البن القيم (‪)184/1‬‬
‫‪37‬‬ ‫التمهيد‬

‫أحدهم أكثر ثوا ًبا من الكثير الذي ينفقه غيرهم‪ ،‬قال النووي‪« :‬وسبب تفضيل‬
‫ّ‬
‫وألن إنفاقهم‬ ‫نفقتهم‪ :‬أنها كانت في وقت الضرورة وضيق الحال؛ بخالف غيرهم؛‬
‫كان في نصرته ﷺ وحمايته‪ ،‬وذلك معدو ٌم بعده‪ ،‬وكذا جهادهم وسائر طاعتهم‪،‬‬
‫هذا كله مع ما كان في أنفسهم من الشفقة‪ ،‬والتو ّدد‪ ،‬والخشوع‪ ،‬والتواضع‪ ،‬واإليثار‪،‬‬
‫والجهاد في اهلل حق جهاده‪ ،‬وفضيلة الصحبة ولو لحظة ال يوازيها ٌ‬
‫عمل‪ ،‬وال تنال‬
‫ٍ‬
‫بقياس‪ ،‬ذلك فضل اهلل يؤتيه من يشاء»(‪.)1‬‬ ‫ٍ‬
‫بشيء‪ ،‬والفضائل ال تؤخذ‬ ‫درجتها‬
‫‪ 3‬ـ مشقة الحسنة الحاصلة بأدائها‪:‬‬
‫قال ابن دقيق العيد‪« :‬األجور قد تتفاوت بحسب زيادة المشقات‪ ،‬الس ّيما ما‬
‫كان أجره بحسب مش ّقته‪ ،‬إذ لمش ّقته َد ْخ ٌل في األجر»(‪.)2‬‬
‫ومن األدلة النبوية عليه‪ :‬حديث أبي هريرة ‪ ‬قال‪َ :‬جا َء َر ُج ٌل إِ َلى النَّبِ ِّي‬
‫ِ‬ ‫الصدَ َق ِة َأ ْع َظ ُم َأ ْج ًرا؟ َق َال‪َ :‬‬
‫«أ ْن ت ََصدَّ َق َو َأن َ‬ ‫ﷺ َف َق َال‪ :‬يا رس َ ِ‬
‫يح‬
‫ْت َصح ٌ‬ ‫ول اهلل‪َ ،‬أ ُّي َّ‬ ‫َ َ ُ‬
‫ت‪ :‬لِ ُف ٍ‬
‫الن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يح تَخْ َشى ال َف ْق َر‪َ ،‬وت َْأ ُم ُل الغنَى‪َ ،‬وال ت ُْم ِه ُل َحتَّى إِ َذا َب َلغَت ُ‬
‫الح ْل ُقو َم‪ُ ،‬ق ْل َ‬ ‫ِ‬
‫َشح ٌ‬
‫الن»(‪.)3‬‬‫َان لِ ُف ٍ‬ ‫ك ََذا‪َ ،‬ولِ ُف ٍ‬
‫الن ك ََذا َو َقدْ ك َ‬
‫البـر ك ّلمـا َص ُع َبـت كان أجرهـا أعظـم؛ ّ‬
‫ألن‬ ‫قـال ابـن بطـال‪« :‬فيـه ّ‬
‫أن أعمـال ّ‬
‫وسـول له‬
‫ّ‬ ‫الصحيـح الشـحيح إذا خشـي الفقـر وأ ّمـل الغنـى َص ُعبـت عليـه النفقة‪،‬‬
‫مؤثر‬
‫الشـيطان طـول العمـر وحلـول الفقـر بـه؛ فمـن تصدّ ق فـي هـذه الحال فهـو ٌ‬
‫لثـواب اهلل علـى هوى نفسـه»(‪.)4‬‬

‫(( ( «شرح النووي على صحيح مسلم» (‪.)93/16‬‬


‫(( ( «إحكام األحكام» البن دقيق العيد (‪.)228/4‬‬
‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)1419‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)1032‬‬
‫(( ( «شرح ابن بطال على صحيح البخاري» (‪.)417/3‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪38‬‬

‫ظاهر في ّ‬
‫أن الثواب والفضل في العبادة يكثر بكثرة النصب‬ ‫ٌ‬ ‫وقال النووي‪« :‬هذا‬
‫والنفقة‪ ،‬والمراد‪ :‬النصب الذي ال يذمه الشرع‪ ،‬وكذا النفقة» (‪.)1‬‬
‫أجرا‬
‫عبادات تكون أكثر ً‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫محمول على الغالب‪ ،‬وإال فهناك‬ ‫ّ‬
‫ولعل كالم النووي‬
‫مثل(‪ ،)2‬وسيأتي ذكرهما بعد ٍ‬
‫قليل‪.‬‬ ‫على سهولتها؛ لشرف الزمان والمكان ً‬

‫‪ 4‬ـ التحويل وتعدّ ي النّ ْفع‪:‬‬


‫يتكرر فعل الطاعة من شخص يكون سب ًبا في تعليم غيره‪ ،‬فيفعلها غيره‪،‬‬
‫ومعناه أن ّ‬
‫فيكتب له أجرها‪ .‬وقد ذكر ابن حجر بعض أسباب المضاعفة‪ ،‬وقال‪ :‬منها «تعدّ ي النّ ْفع‬
‫دي قال‪« :‬ومثل‬
‫الس ْع ّ‬
‫كالصدقة الجارية‪ ،‬والعلم النافع‪ ،‬والسنة الحسنة» ‪ ،‬وكذلك ذكر ّ‬
‫(‪)3‬‬

‫ٌ‬
‫مشارك»(‪.)4‬‬ ‫أعمال ُأ َخر‪ ،‬ويقتدي به غيره‪ ،‬أو يشاركه فيه‬
‫ً‬ ‫العمل الذي يثمر‬
‫‪ 5‬ـ شرف الزمان‪:‬‬

‫مثل‪ :‬العمرة في رمضان‪ ،‬وقيام ليلة القدر التي قال اهلل فيها‪﴿ :‬ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ‬
‫ﭡ ﭢ﴾ [القدر‪ ،]٣ :‬قال السعدي في تفسيره‪« :‬أي‪ :‬تعادل من فضلها ألف ٍ‬
‫شهر‪،‬‬
‫خير من العمل في ألف ٍ‬
‫شهر خالية منها‪ ،‬وهذا مما تتحير فيه‬ ‫فالعمل الذي يقع فيها‪ٌ ،‬‬
‫القوة‬
‫األلباب‪ ،‬وتندهش له العقول؛ حيث م َّن ‪ ‬على هذه األمة الضعيفة ّ‬
‫عمرا‬ ‫وال ُقوى ٍ‬
‫بليلة يكون العمل فيها يقابل ويزيد على ألف ٍ‬
‫معمر ً‬
‫شهر؛ عمر رجل َّ‬ ‫َ‬
‫طويل ن ّي ًفا وثمانين سنة» (‪.)5‬‬
‫َ‬

‫(( ( «شرح النووي على صحيح مسلم» (‪.)402/8‬‬


‫(( ( انظر‪« :‬فتح الباري» البن حجر (‪.)611/3‬‬
‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)326/11‬‬
‫((( «بهجة قلوب األبرار» للسعدي ص (‪.)83‬‬
‫(( ( «تيسير الكريم الرحمن» للسعدي ص (‪.)931‬‬
‫‪39‬‬ ‫التمهيد‬

‫‪ 6‬ـ شرف المكان‪:‬‬

‫كالصالة في المسجد الحرام‪ ،‬والمسجد النبوي‪ ،‬والمسجد األقصى‪ ،‬وسيأتي‬


‫ذكرها بالتفصيل‪.‬‬

‫‪ 7‬ـ شرف العمل‪:‬‬

‫أشار إلى شرف العمل اب ُن حجر في «الفتح»(‪ ،)1‬ومن األدلة عليه‪ :‬حديث أبي‬
‫هلل َق َال‪ :‬إِ َذا َت َل َّقانِي َع ْب ِدي بِ ِش ْب ٍر‪َ ،‬ت َل َّق ْي ُت ُه‬ ‫ول اهلل ﷺ َق َال‪« :‬إِ َّن ا َ‬
‫هريرة ‪َ ،‬عن رس ِ ِ‬
‫ْ َ ُ‬
‫بِ ِذ َراعٍ‪َ ،‬وإِ َذا َت َل َّقانِي بِ ِذ َراعٍ‪َ ،‬ت َل َّق ْي ُت ُه بِ َباعٍ‪َ ،‬وإِ َذا َت َل َّقانِي بِ َبا ٍع َأ َت ْي ُت ُه بِ َأ ْس َر َع»(‪.)2‬‬

‫قال الخطابي‪« :‬هذا َم َث ٌل‪ ،‬ومعناه‪ُ :‬ح ْسن ال َقبول‪ ،‬ومضاعفة الثواب على قدر‬
‫ً‬
‫ممثل بف ْعل من أقبل نحو‬ ‫العمل الذي يتقرب به العبد إلى ربه‪ ،‬حتى يكون ذلك‬
‫صاحبه َقدْ ر ٍ‬
‫شبر‪ ،‬فاستقبله صاحبه ذرا ًعا‪ ،‬وكمن مشى إليه‪ ،‬فهرول إليه صاحبه ً‬
‫قبول‬
‫له وزياد ًة في إكرامه»(‪.)3‬‬
‫‪ 8‬ـ قوة دفع العمل للمعارضات‪:‬‬
‫فمن رحمة اهلل بعبده أن يرزقه من العمل ما يكون سب ًبا في دفع المعارضات وما‬
‫عدي معدّ ًدا بعض أسباب المضاعفات‪« :‬وكالعمل‬
‫الس ّ‬
‫يتعرض له في حياته‪ ،‬يقول ّ‬
‫وقوته ودفعه المعارضات كما ذكره ﷺ في قصة أصحاب الغار‪،‬‬
‫الذي قوي بحسنه ّ‬
‫البغي التي سقت الكلب»(‪.)4‬‬
‫ّ‬ ‫وقصة‬

‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)326/11‬‬


‫((( أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (‪.)2675‬‬
‫((( نقله العراقي في «طرح التثريب» (‪.)235/8‬‬
‫((( «بهجة قلوب األبرار» للسعدي ص (‪.)83‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪40‬‬

‫ويقصد بـ «حديث أصحاب الغار»‪:‬‬

‫ول اهللِ ﷺ‪َ ،‬ق َال‪َ « :‬ب ْين ََما َثال َث ُة َن َف ٍر ِم َّم ْن ك َ‬
‫َان َق ْب َلك ُْم‬ ‫َع ِن ا ْب ِن ُع َم َر ‪َ ،‬أ َّن َر ُس َ‬
‫ض‪ :‬إِ َّنه واهللِ‬ ‫ِ‬ ‫ون‪ ،‬إِ ْذ َأ َصا َب ُه ْم َم َط ٌر‪َ ،‬ف َأ َو ْوا إِ َلى َغ ٍ‬
‫ار َفا ْن َط َب َق َع َل ْي ِه ْم‪َ ،‬ف َق َال َب ْع ُض ُه ْم ل َب ْع ٍ ُ َ‬ ‫َي ْم ُش َ‬
‫الصدْ ُق‪َ ،‬فل َيدْ ُع ك ُُّل َر ُج ٍل ِمنْك ُْم بِ َما َي ْع َل ُم َأ َّن ُه َقدْ َصدَ َق فِ ِيه‪،‬‬‫ْجيك ُْم إِ َّل ِّ‬ ‫الء‪ ،‬ال ُين ِ‬ ‫يا ه ُؤ ِ‬
‫َ َ‬
‫َان لِي َأ ِج ٌير َع ِم َل لِي َع َلى َف َر ٍق(‪ِ )1‬م ْن َأ ُرزٍّ‪،‬‬ ‫ْت َت ْع َل ُم َأ َّن ُه ك َ‬ ‫احدٌ ِمن ُْه ْم‪ :‬ال َّل ُه َّم إِ ْن ُكن َ‬‫َف َق َال و ِ‬
‫َ‬
‫ت‬ ‫ك ال َف َر ِق َفز ََر ْع ُت ُه‪َ ،‬ف َص َار ِم ْن َأ ْم ِر ِه َأنِّي ْاشت ََر ْي ُ‬ ‫ب َوت ََر َك ُه‪َ ،‬و َأنِّي َع َمدْ ُت إِ َلى َذلِ َ‬ ‫َف َذ َه َ‬
‫ك ال َب َق ِر َف ُس ْق َها‪َ ،‬ف َق َال لِي‪:‬‬ ‫ت َل ُه‪ :‬ا ْع ِمدْ إِ َلى تِ ْل َ‬ ‫ب َأ ْج َر ُه‪َ ،‬ف ُق ْل ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫منْ ُه َب َق ًرا‪َ ،‬و َأ َّن ُه َأتَاني َي ْط ُل ُ‬
‫ك ال َف َر ِق‬ ‫ك ال َب َق ِر‪َ ،‬فإِن ََّها ِم ْن َذلِ َ‬‫ت َل ُه‪ :‬ا ْع ِمدْ إِ َلى تِ ْل َ‬ ‫إِن ََّما لِي ِعنْدَ َك َف َر ٌق ِم ْن َأ ُرزٍّ‪َ ،‬ف ُق ْل ُ‬
‫ت(‪َ )2‬عن ُْه ُم‬ ‫اح ْ‬‫ك َف َف ِّر ْج َعنَّا‪َ ،‬فان َْس َ‬ ‫ك ِم ْن َخ ْش َيتِ َ‬ ‫ت َذلِ َ‬ ‫ْت َت ْع َل ُم َأنِّي َف َع ْل ُ‬‫َف َسا َق َها‪َ ،‬فإِ ْن ُكن َ‬
‫ْت‬‫ان‪َ ،‬ف ُكن ُ‬‫ان َكبِ َير ِ‬‫ان َش ْيخَ ِ‬ ‫َان لِي َأ َب َو ِ‬
‫ْت َت ْع َل ُم َأ َّن ُه ك َ‬ ‫اآلخ ُر‪ :‬ال َّل ُه َّم إِ ْن ُكن َ‬
‫الصخْ َرةُ‪َ ،‬ف َق َال َ‬ ‫َّ‬
‫ْت َو َقدْ َر َقدَ ا َو َأ ْهلِي َو ِع َيالِي‬‫جئ ُ‬ ‫يه َما ك َُّل َل ْي َل ٍة بِ َل َب ِن َغنَ ٍم لِي‪َ ،‬ف َأ ْب َط ْأ ُت َع َل ْي ِه َما َل ْي َل ًة‪َ ،‬ف ِ‬
‫آتِ ِ‬
‫ت َأ ْن ُأ ِ‬ ‫ْت ال َأ ْس ِق ِ‬ ‫ِ‬
‫وق َظ ُه َما‪،‬‬ ‫يه ْم َحتَّى َي ْش َر َب َأ َب َو َ‬
‫اي َفك َِر ْه ُ‬ ‫الجوعِ‪َ ،‬ف ُكن ُ‬ ‫َيت ََضا َغ ْو َن(‪ )3‬م َن ُ‬
‫ت َأ ْن َأ َد َع ُه َما‪َ ،‬ف َي ْستَكِنَّا لِ َش ْر َبتِ ِه َما‪َ ،‬ف َل ْم َأز َْل َأ ْنتَظِ ُر َحتَّى َط َل َع ال َف ْج ُر‪َ ،‬فإِ ْن ُكن َ‬
‫ْت‬ ‫َوك َِر ْه ُ‬
‫الصخْ َر ُة َحتَّى َن َظ ُروا إِ َلى‬‫ت َعن ُْه ُم َّ‬ ‫ك َف َف ِّر ْج َعنَّا‪َ ،‬فان َْس َ‬
‫اح ْ‬ ‫ك ِم ْن َخ ْش َيتِ َ‬ ‫ت َذلِ َ‬ ‫َت ْع َل ُم َأنِّي َف َع ْل ُ‬
‫ِ‬ ‫ْت َتع َلم َأ َّنه ك َ ِ‬ ‫السم ِ‬
‫َّاس إِ َل َّي‪،‬‬
‫ب الن ِ‬ ‫َان لي ا ْبنَ ُة َع ٍّم‪ ،‬م ْن َأ َح ِّ‬ ‫اآلخ ُر‪ :‬ال َّل ُه َّم إِ ْن ُكن َ ْ ُ ُ‬ ‫اء‪َ ،‬ف َق َال َ‬ ‫َّ َ‬

‫آصع‬ ‫يك‪ِ :‬م ْك َيال َي َس ُع ِس َّت َة َع َش َر ِر ْط ًال‪َ ،‬و ِه َي ا ْثنَا َع َش َر ُمدّ ًا‪َ ،‬أ ْو َث َ‬
‫ل َث ُة ُ‬
‫(( ( قال ابن األثير‪« :‬ال َفرق بِالتَّح ِر ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫از»‪« .‬النهاية في غريب الحديث واألثر» البن األثير (‪.)437 /3‬‬ ‫أهل ا ْل ِح َج ِ‬ ‫ِ‬
‫عنْدَ ْ‬
‫ت‪ :‬قال ابن األثير‪« :‬أي‪ :‬اندفعت واتّسعت»‪« .‬النهاية في غريب الحديث واألثر» البن األثير‬
‫اح ْ‬
‫(( ( فان َْس َ‬
‫(‪.)433/2‬‬
‫َـون‪ :‬قـال ابـن األثير‪« :‬أي‪ :‬يصيحـون ويبكون»‪« .‬النهايـة في غريب الحديـث واألثر» البن‬
‫(( ( يتضاغ ْ‬
‫األثير (‪.)92/3‬‬
‫‪41‬‬ ‫التمهيد‬

‫َار‪َ ،‬ف َط َل ْبت َُها َحتَّى َقدَ ْر ُت‪َ ،‬ف َأ َت ْيت َُها‬ ‫ت‪ ،‬إِ َّل َأ ْن آتِ َي َها بِ ِمائ َِة ِدين ٍ‬ ‫َو َأنِّي َر َاو ْدت َُها َع ْن َن ْف ِس َها َف َأ َب ْ‬
‫ت‪ :‬ات َِّق اهللَ‬ ‫بِ َها َفدَ َف ْعت َُها إِ َل ْي َها‪َ ،‬ف َأ ْم َكنَتْنِي ِم ْن َن ْف ِس َها‪َ ،‬ف َل َّما َق َعدْ ُت َب ْي َن ِر ْج َل ْي َها‪َ ،‬ف َقا َل ْ‬
‫ت‬ ‫ْت َت ْع َل ُم َأنِّي َف َع ْل ُ‬ ‫َار‪َ ،‬فإِ ْن ُكن َ‬ ‫الما َئ َة ِدين ٍ‬
‫ْت ِ‬ ‫ت َوت ََرك ُ‬ ‫َوال َت ُف َّض الخَ ات ََم إِ َّل بِ َح ِّق ِه‪َ ،‬ف ُق ْم ُ‬
‫هلل َعن ُْه ْم َفخَ َر ُجوا»(‪.)1‬‬ ‫ك َف َف ِّر ْج َعنَّا‪َ ،‬ف َف َّر َج ا ُ‬ ‫ك ِم ْن َخ ْش َيتِ َ‬ ‫َذلِ َ‬
‫و«حديث ال َب ِغ ّي» التي سقت الكلب‪:‬‬
‫وم َس ٍة‪َ ،‬م َّر ْت‬ ‫ول اهللِ ﷺ‪َ ،‬ق َال‪ُ « :‬غ ِفر ِلمر َأ ٍة م ِ‬
‫َ َْ ُ‬
‫َع ْن َأبِي ُهر ْير َة ‪َ ،‬ع ْن رس ِ‬
‫َ ُ‬ ‫َ َ‬
‫ت ُخ َّف َها‪َ ،‬ف َأ ْو َث َق ْت ُه‬ ‫ث‪َ ،‬ق َال‪ :‬كَا َد َي ْق ُت ُل ُه ال َع َط ُش‪َ ،‬فنَ َز َع ْ‬ ‫س َركِ ٍّي(‪َ )2‬ي ْل َه ُ‬ ‫ب َع َلى َر ْأ ِ‬ ‫بِ َك ْل ٍ‬
‫اء‪َ ،‬فغ ُِف َر َل َها بِ َذلِ َ‬
‫ك»(‪.)3‬‬ ‫ت َله ِمن الم ِ‬ ‫بِ ِ‬
‫خ َم ِ‬
‫ار َها‪َ ،‬فنَ َز َع ْ ُ َ َ‬
‫***‬

‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)3465‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)2743‬‬


‫«الر ِك ُّي‪ِ :‬جن ٌْس لِ َّلر ِك َّي ِة‪َ ،‬و ِه َي ا ْلبِ ْئر»‪« .‬النهاية في غريب الحديث واألثر» البن األثير‬
‫((( قال ابن األثير‪َّ :‬‬
‫(‪.)261/2‬‬
‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)3321‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)2254‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪42‬‬

‫المبحث السابع‬
‫الح ْك َمة الشرعية من المضاعفة‬
‫ِ‬

‫لمضاعفة األجور ِحك ٌَم جليل ٌة‪ ،‬تتمثل في النقاط التالية‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ تعويض األمة عن ِق َص ِر أعمارها بالنسبة ألعمار األمم السابقة‪:‬‬

‫قال ابن ُهبيرة(‪« :)1‬إن اهلل تعالى لما صرم هذه األمة أخلفها على ما قصر من‬
‫أعمارها بتضعيف أعمالها فمن هم بحسنة احتسب له بتلك الهمة حسنة كاملة ألجل‬
‫أنها همة مفردة وجعلها كاملة لئال يظن ظان أن كونها مجرد همة تنقص الحسنة أو‬
‫تهضمها فبين ذلك‪ ،‬بأن قال حسنة كاملة وإن هم بالحسنة وعملها فقد أخرجها من‬
‫الهمة إلى ديوان العمل وكتب له بالهمة حسنة ثم ضوعفت»‪.‬‬

‫وطاعـات كثيرةٌ‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫أعمـار طويلـ ٌة‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫وأكّـد هـذا النيسـابوري بقولـه‪« :‬كان لألمـم‬
‫َف َو َضـع اهلل لهـذه األمـة ليلـة القدر ً‬
‫خيرا مـن ألف شـهر‪ ،‬وأضعاف األعمـال‪ :‬كقوله‬

‫تعالـى‪﴿ :‬ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓﮔ﴾ [األنعـام‪ ،]١٦٠ :‬وقولـه تعالـى‪﴿ :‬ﮄ‬


‫ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊﮋ ﮌ ﮍﮎ﴾ [البقـرة‪ ،]٢٦١ :‬وقولـه تعالى‪﴿ :‬ﰓ ﰔ‬
‫ﰕ ﰖ ﰗ ﰘ﴾ [الزمـر‪.)2(»]١٠ :‬‬

‫‪ 2‬ـ رحمة اهلل بالعبد حتى ال يهلك في اآلخرة؛ لكثرة سيئاته‪:‬‬

‫أن الخصماء يتع ّلقون بهم يوم القيامة فيذهبون بأعمالهم‬


‫يقول النيسابوري‪« :‬لو ّ‬

‫(( ( لـم أجـده فـي المطبـوع مـن كتابـه (اإلفصـاح)‪ ،‬فلعلـه فـي الجـزء المفقـود منـه‪ ،‬ينظـر «شـرح‬
‫األربعيـن النوويـة» المنسـوبة البـن دقيـق العيـد (‪.)124‬‬
‫((( «غرائب القرآن» للنيسابوري (‪.)192/3‬‬
‫‪43‬‬ ‫التمهيد‬

‫إلى أن تب ّقى اإلضعاف‪ ،‬فيقول اهلل‪ :‬أضعافهم ليست من فعلهم‪ ،‬هي من رحمتي فال‬
‫أقتص منهم أبدا»(‪.)1‬‬
‫ّ‬
‫وأكد األلوسي هذا األمر بقوله‪« :‬حكمة التضعيف‪ّ :‬‬
‫لئل يفلس العبد إذا اجتمع‬
‫تسع‪ ،‬فمظالم العباد ت َُو ّفى من‬
‫الخصماء في طاعته‪ ،‬ف ُيدْ فع إليهم واحدة‪ ،‬و ُيبقى له ٌ‬
‫ألن التضعيف ٌ‬
‫فضل من اهلل تعالى‪ ،‬وأصل الحسنة‬ ‫التضعيفات‪ ،‬ال من أصل حسناته؛ ّ‬
‫ٍ‬
‫بواحدة» (‪ ،)2‬وللطحاوي كال ٌم نحوه(‪.)3‬‬ ‫الواحدة ٌ‬
‫عدل منه‪ ،‬واحد ٌة‬
‫ـول اهللِ‬
‫ومـن األدلة علـى ذلك‪ :‬حديـث عبد اهلل بن عبـاس ‪َ ،‬ع ْن رس ِ‬
‫َ ُ‬
‫َات والسـيئ ِ‬
‫َات»‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ﷺ فِيمـا يـر ِوي َعـن رب ِ‬
‫ـه ‪َ ،‬ق َ‬
‫الح َسـن َ َّ ّ‬
‫َـب َ‬
‫«إن اهللَ َكت َ‬
‫ـال‪ّ :‬‬ ‫ْ َ ِّ‬ ‫َ َ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ـم َي ْع َم ْل َهـا‪َ ،‬ك َت َب َهـا اهللُ عنْـدَ ُه َح َسـنَ ًة كَام َلـ ًة‪َ ،‬وإِ ْن َه َّ‬
‫ـم بِ َهـا‬ ‫«وإِ ْن َه َّ‬
‫ـم بِ َسـ ِّيئَة َف َل ْ‬ ‫وفيـه‪َ :‬‬
‫ـك»(‪.)4‬‬ ‫ـك َع َلـى اهللِ إِ َّل َهالِ ٌ‬ ‫هلل َو َل َي ْهلِ ُ‬
‫اهـا ا ُ‬
‫ِ‬
‫هلل َسـ ِّي َئ ًة َواحـدَ ةً‪َ ،‬و َم َح َ‬
‫ِ‬
‫َف َعم َل َهـا‪َ ،‬ك َت َب َهـا ا ُ‬
‫ـك َع َلـى اهللِ إِ َّل َهالِ ٌ‬
‫ـك»‪ :‬أي‪ :‬من ُحتّم‬ ‫«و َل َي ْهلِ ُ‬
‫قـال القاضـي عياض‪« :‬قولـه‪َ :‬‬
‫عليـه الهلاك‪َ ،‬و ُسـدَّ عليـه أبواب الهـدى؛ لسـعة رحمـة اهلل تعالى وكرمـه إذ جعل‬
‫الهم‬
‫السـيئة حسـنة ولم يكتبهـا حتى ُيعمل بهـا‪ ،‬فإذا ُعملـت كتبت واحـدةً‪ ،‬وكتب ّ‬
‫عشـرا إلـى سـبعمائة وأضعا ًفا كثيـرة‪ّ ،‬‬
‫وكل هذا‬ ‫ً‬ ‫بالحسـنة حسـن ًة‪ ،‬وكتبها إذا عملها‬
‫ٌ‬
‫فضـل مـن اهلل‪ ،‬إذ ضاعف حتـى تكثر وتزيد على السـيئات؛ لكثرة سـيئات بنى آدم‪،‬‬
‫وض ِّيـق عليـه َر ْحبها حتى غلبـت عليه سـيئا ُت ُه مـع إفرادها‬ ‫فمـن ُح ِ‬
‫ـرم هذه السـعة‪ُ ،‬‬

‫((( المصدر السابق (‪.)192/3‬‬


‫((( «روح المعاني» لأللوسي (‪.)127/3‬‬
‫(( ( «شرح مشكل اآلثار» للطحاوي (‪.)181/1‬‬
‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)6491‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)131‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪44‬‬

‫حسـناتِ ِه مـع تضعيفهـا‪ ،‬فهـو الهالـك الـذى سـبق عليه ذلـك فـي أ ّم الكتـاب» (‪،)1‬‬
‫وبنحوه قال المنـاوي(‪.)2‬‬
‫وقال النووي‪« :‬في أحاديث الباب ـ يعني‪ :‬المضاعفة ـ بيان ما أكرم اهلل تعالى‬
‫به هذه األمة ـ زادها اهلل شر ًفا ـ وخ ّففه عنهم مما كان على غيرهم من اإلصر وهو‪:‬‬
‫ّ‬
‫والمشاق»(‪.)3‬‬ ‫الثقل‬

‫‪ 3‬ـ زيادة الثواب والكرامة‪:‬‬

‫قـال اهلل تعالى فـي معـرض االمتنان علـى المسـلمين‪﴿ :‬ﭹﭺﭻﭼ‬


‫ﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊ‬
‫ﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔ﴾ [النسـاء‪ 69 :‬ـ ‪.]70‬‬

‫أيضا‪﴿ :‬ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ‬
‫وقال ً‬
‫ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ‬
‫ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ﴾‬
‫[الحديد‪ 28 :‬ـ ‪.]29‬‬
‫قال ابن تيمية‪« :‬إرساله ﷺ أعظم ٍ‬
‫نعمة أنعم اهلل بها على عباده‪ ،‬يجمع اهلل أل ّمته‬
‫بخاتم المرسلين‪ ،‬وإمام المتقين‪ ،‬وسيد ولد آدم أجمعين‪ ،‬ما ّفرقه في غيرهم من‬
‫الفضائل‪ ،‬وزادهم من فضله أنواع الفواضل‪ ،‬بل أتاهم كفلين من رحمته»(‪.)4‬‬

‫(( ( «إكمال المعلم» للقاضي عياض (‪.)427/1‬‬


‫((( انظر‪« :‬فيض القدير» للمناوي (‪.)247/2‬‬
‫(( ( «شرح النووي على صحيح مسلم» (‪.)152/2‬‬
‫((( «الجواب الصحيح» البن تيمية (‪.)76/1‬‬
‫‪45‬‬ ‫التمهيد‬

‫وقال الكرماني‪« :‬من فضل اهلل وسعة رحمته‪ ،‬حيث جعل الحسنة كالعشر‪،‬‬
‫ٍ‬
‫زيادة»(‪.)1‬‬ ‫والسيئة كما هي بال‬

‫‪ 4‬ـ التّخْ ِفيف على ال َع ْب ِد في الحساب‪:‬‬


‫قـال ابـن دقيـق العيـد‪ّ :‬‬
‫«إن اهلل ‪ ‬إذا حاسـب عبـده المسـلم يـوم‬
‫القيامـة‪ ،‬وكانـت حسـناته متفاوتـة‪ ،‬فيهـ ّن الرفيعـة المقـدار‪ ،‬وفيهـ ّن دون ذلـك‪،‬‬
‫فإنـه سـبحانه بجوده وفضله يحسـب سـائر الحسـنات بسـعر تلـك الحسـنة العليا؛‬
‫ٍ‬
‫سـعر بين‬ ‫ألن جـوده جـل جاللـه أعظـم مـن أن يناقـش من رضـي عنه فـي تفاوت‬
‫حسـنتين‪ ،‬وقـد قـال ّ‬
‫جـل جاللـه‪﴿ :‬ﮖﮗﮘﮙﮚﮛ﴾‬
‫[النحـل‪.)2(»]٩٧ :‬‬
‫***‬

‫((( «الكواكب الدراري» للكرماني (‪ 169/1‬ـ ‪.)170‬‬


‫(( ( «شرح األربعين النووية» المنسوب له (‪.)126‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪46‬‬

‫المبحث الثامن‬
‫المسائل واألحكام الشرعية المتعلّقة بالمضاعفة‬

‫مهمـ ٌة‪ ،‬ينبغـي التعريـف بهـا‪ ،‬واإلشـارة‬


‫للمضاعفـة أحـكا ٌم عـدّ ةٌ‪ ،‬ومسـائل ّ‬
‫إليهـا‪ ،‬منها‪:‬‬

‫وجه إدخال مغفرة الذنوب في المضاعفة‪:‬‬


‫المسألة األولى‪ْ :‬‬
‫ّ‬
‫دل قوله تعالى‪﴿ :‬ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ﴾ [هود‪ ]١١٤ :‬على ّ‬
‫أن الحسنة‬
‫وجه إدخال هذه المغفرة بالمضاعفة؟‬
‫تذهب السيئة‪ ،‬فما ْ‬

‫والجواب عن ذلك‪ ،‬قول اهلل تعالى‪﴿ :‬ﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸ‬


‫ﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂ﴾ [الفرقان‪.]٧٠ :‬‬

‫«فأخبرهم اهلل تعالى في هذه اآلية أنّهم إن أسلموا وتابوا من ذنوبهم‪ ،‬وعملوا‬
‫ٍ‬
‫حسنات‪ ،‬وغفر لهم ما سلف‬ ‫األعمال الصالحة‪ ،‬ك ّفر اهلل عنهم سيئاتهم‪ ،‬وأبدلها‬
‫منهم في جاهليتهم»(‪.)1‬‬

‫قال ابن كثير‪« :‬في معنى قوله‪﴿ :‬ﭺ ﭻ﴾ [الفرقان‪ ]70 :‬قوالن‪:‬‬

‫أحدهما‪ :‬أنهم بدّ لوا مكان عمل السيئات بعمل الحسنات‪ .‬قال علي بن أبي‬
‫طلحة‪ ،‬عن ابن عباس ‪ ‬في قوله تعالى‪﴿ :‬ﭹ ﭺ ﭻ﴾ [الفرقان‪]70 :‬‬

‫قال‪ :‬هم المؤمنون‪ ،‬كانوا من قبل إيمانهم على السيئات‪ ،‬فرغب اهلل بهم عن ذلك‬
‫فحولهم إلى الحسنات‪ ،‬فأبدلهم مكان السيئات الحسنات‪.‬‬

‫والقول الثاني‪ :‬أن تلك السيئات الماضية تنقلب بنفس التوبة النصوح حسنات‪،‬‬

‫((( «منار القاري شرح مختصر صحيح البخاري» لحمزة قاسم (‪.)69/5‬‬
‫‪47‬‬ ‫التمهيد‬

‫وما ذاك إال أنه كلما تذكر ما مضى ندم واسترجع واستغفر‪ ،‬فينقلب الذنب طاعة‬
‫بهذا االعتبار‪ .‬فيوم القيامة وإن وجده مكتوبا عليه لكنه ال يضره وينقلب حسنة في‬
‫صحيفته»(‪.)1‬‬

‫يقول الشيخ محمد آدم األثيوبي ـ حفظه اهلل ـ‪« :‬ال تنافي بين القولين‪ ،‬فاآلية‬
‫أن ًّ‬
‫كل‬ ‫صحة الدليل على ّ‬
‫عا ّمة لكليهما‪ ،‬وال داعي لقصرها على أحد المعنيين؛ مع ّ‬
‫من التبديلين مقصو ٌد باآلية‪ ،‬فتبديل اهلل تعالى أحوالهم الس ّيئة بعد التوبة النصوح‬
‫إلى األحوال الحسنة مما ال نقاش فيه‪ ،‬وتبديل اهلل تعالى لهم ذنوبهم بالحسنات‪،‬‬
‫ثابت في الحديث الصحيح‪ ،‬فاتّضح أن التبديل‬ ‫سيئة حسنة‪ٌ ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫يعطيهم مكان ّ‬
‫كل‬
‫ثابت لهم‪ ،‬واآلية الكريمة دا ّل ٌة عليه داللة واضحة‪ .‬واهلل‬
‫واألخروي م ًعا ٌ‬
‫ّ‬ ‫الدنيوي‬
‫ّ‬
‫تعالى أعلم بالصواب»(‪.)2‬‬

‫ول اهللِ ﷺ‪:‬‬ ‫ومن األدلة النبوية على ذلك‪ :‬ما رواه َأ ُبو َذ ٍّر ‪َ ‬ق َال‪َ :‬ق َال َر ُس ُ‬
‫وجا ِمن َْها‪َ ،‬ر ُج ٌل ُي ْؤتَى‬ ‫َّار ُخ ُر ً‬ ‫آخ َر َأ ْه ِل الن ِ‬ ‫ول ا ْلجنَّ َة‪ ،‬و ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫«إِنِّي َلَ ْع َل ُم آخ َر َأ ْه ِل ا ْل َجنَّة ُد ُخ ً َ َ‬
‫َار ُذنُوبِ ِه‪َ ،‬و ْار َف ُعوا َعنْ ُه كِ َب َار َها‪َ ،‬ف ُت ْع َر ُض َع َل ْي ِه‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫بِه َي ْو َم ا ْلق َي َامة‪َ ،‬ف ُي َق ُال‪ :‬ا ْع ِر ُضوا َع َل ْيه صغ َ‬
‫ت َي ْو َم ك ََذا َوك ََذا ك ََذا‬ ‫ت َي ْو َم ك ََذا َوك ََذا ك ََذا َوك ََذا‪َ ،‬و َع ِم ْل َ‬ ‫َار ُذنُوبِ ِه‪َ ،‬ف ُي َق ُال‪َ :‬ع ِم ْل َ‬‫صغ ُ‬
‫ِ‬

‫ار ُذنُوبِ ِه َأ ْن ُت ْع َر َض َع َل ْي ِه‪،‬‬ ‫يع َأ ْن ُينْكِ َر َو ُه َو ُم ْش ِف ٌق ِم ْن كِ َب ِ‬ ‫ِ‬


‫ول‪َ :‬ن َع ْم‪َ ،‬ل َي ْستَط ُ‬ ‫َوك ََذا‪َ ،‬ف َي ُق ُ‬
‫اء َل َأ َر َاها َها‬ ‫ت َأ ْش َي َ‬ ‫ول‪َ :‬ر ِّب‪َ ،‬قدْ َع ِم ْل ُ‬ ‫َان ك ُِّل َس ِّيئ ٍَة َح َسنَ ًة‪َ ،‬ف َي ُق ُ‬‫ك َمك َ‬ ‫َف ُي َق ُال َل ُه‪َ :‬فإِ َّن َل َ‬
‫ول اهللِ ﷺ َض ِح َك َحتَّى َبدَ ْت ن ََو ِ‬
‫اج ُذ ُه(‪.)3‬‬ ‫ُهنَا»‪َ .‬ف َل َقدْ َر َأ ْي ُت َر ُس َ‬

‫(( ( «تفسير ابن كثير» (‪.)127/6‬‬


‫((( «ذخيرة العقبى في شرح المجتبى» لألثيوبي (‪.)275/31‬‬
‫((( أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (‪.)190‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪48‬‬

‫المسألة الثانية‪ :‬األعداد الواردة في المضاعفة‪ ،‬هل هي مقصودة‪ ،‬أم ال مفهوم‬


‫للعدد‪ ،‬وهي كناية عن المضاعفة؟‬

‫يقول الرازي في تفسيره‪« :‬قال بعضهم‪ :‬التقدير بالعشرة ليس المراد منه‬
‫إلي معرو ًفا ألكافئنّك‬
‫التحديد‪ ،‬بل أراد األضعاف مطل ًقا‪ ،‬كقول القائل‪ :‬لئن أسد ْيت ّ‬
‫عشرا‪ ،‬وال يريد‬
‫ً‬ ‫بعشرة أمثاله‪ ،‬وفي الوعيد‪ُ :‬يقال‪ :‬لئن ك ّلمتني واحد ًة ألكلمنّك‬
‫التّحديد‪ ،‬فكذا ها هنا‪ ،‬والدليل على أنه ال يمكن حمله على التحديد‪ :‬قوله تعالى‪:‬‬

‫﴿ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ‬
‫ﮍﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﮓ ﮔ ﮕ ﮖ﴾ [البقرة‪.)1(»]٢٦١ :‬‬

‫السدِّ ّي في تفسير قوله تعالى‪﴿ :‬ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ‬


‫لذلك قال ُّ‬
‫ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ﴾ [البقرة‪« :]٢٤٥ :‬هذا الت َّْضعيف ال يعلم أحدٌ ما هو» (‪.)2‬‬

‫«كل ما جـاء في الحديـث من ِذكْر األسـباع‪ ،‬قيـل‪ :‬هو على‬


‫قـال ابـن ُقرقـول‪ّ :‬‬
‫وحصر عـدده‪ ،‬وقيل‪ :‬هـو بمعنى التكثيـر والتضعيف ال ُيحصـر عدده»‪ ،‬ثم‬
‫ْ‬ ‫ظاهـره‬
‫نقـل عـن الهروي قولـه‪« :‬العـرب تضـع التسـبيع موضـع التكثيـر والتضعيف وإن‬
‫جاوز عـدده»(‪.)3‬‬

‫والصحيح عدم التقييد‪ ،‬وتحمل األجور الواردة في هذه األحاديث على ّ‬


‫أقل‬
‫الموعود من اهلل‪ ،‬وهو قابل للزيادة بفضل اهلل وسعة رحمته‪.‬‬

‫((( «مفاتيح الغيب» للرازي (‪.)190/14‬‬


‫((( «تفسير الطبري» (‪.)286/5‬‬
‫((( «مطالع األنوار على صحاح اآلثار» البن قرقول (‪.)445/5‬‬
‫‪49‬‬ ‫التمهيد‬

‫ٍ‬
‫معينة ال تعني أنها أفضل من غيرها من‬ ‫المسألة الثالثة‪ :‬مضاعفة األجر لعبادة‬
‫الفرائض‪.‬‬
‫يقـول األلوسـي‪« :‬اعلـم أن الشـارع قـد يرتّـب الثـواب للعمـل؛ ّ‬
‫لئلا ُيتـرك‪،‬‬
‫بـل ير ّغـب فيـه‪ ،‬فلا يكون ذلـك العمـل أفضل مـن العمـل المؤكّـد عليه الـذي لم‬
‫يترتّـب عليـه ذلك الثـواب‪ ،‬فمن ذلك صلاة الضحى‪ ،‬مـع أن الراتبة لفـرض الظهر‬
‫أفضـل مـن الضحـى‪ ،‬وإنمـا رتّـب الثـواب على ذلـك؛ لكثـرة الغفلـة فيـه‪ ،‬وأمثال‬
‫ذلـك كثيـر ٌة فـي األخبار‪ ،‬فلا يفضل علـى الراتـب المؤكّـد وإن لم يع ّيـن أجره غير‬
‫الراتـب مـن النوافـل وإن رتـب أجره‪ ،‬وقد اتّفـق أهل العلم أنـه ال يبلغ مرتبـة الراتبة‬
‫ٌ‬
‫نفـل مـن األحـكام وإن لـم يتع ّيـن قـدر أجرها‪ ،‬فإن السـنن شـرعت لتتميـم نقائص‬
‫الفرائـض‪ ،‬والنوافـل غيـر الراتبـة لتتميـم نقائـص السـنن الراتبـة‪ ،‬فلا ينـوب ٌ‬
‫نفـل‬
‫ٍ‬
‫فـرض ال يسـقط بالنوافـل» (‪ ،)1‬وبنحـوه قال‬ ‫ٍ‬
‫فـرض يجـب قضـاؤه‪ ،‬فقضـاء‬ ‫منـاب‬
‫السـيوطي في «قـوت المغتـذي»(‪.)2‬‬
‫***‬

‫((( «روح المعاني» لأللوسي (‪.)127/3‬‬


‫((( «قوت المغتذي على جامع الترمذي» للسيوطي (‪.)677/2‬‬
‫الفصل األول‬
‫المضاعفة العامة في ّ‬
‫كل األعمال‬

‫المبحث األول‪ :‬المضاعفة العامة في أبواب العبادات والمعامالت‪.‬‬


‫المبحث الثاني‪ :‬المضاعفة العامة في أبواب اآلداب والفضائل‪.‬‬
‫***‬
‫الفصل األول‬
‫المضاعفة العامة في كل األعمال‬

‫تج ّلت حكمة اهلل في التشريع‪ ،‬ورحمته في المك َّلفين‪ ،‬أن ضاعف لهم الحسنة‬
‫يتقرب بها العبد إلى ر ّبه(‪ ،)1‬وقد‬ ‫ٍ‬
‫الواحدة إلى عشر حسنات في جميع األعمال التي ّ‬
‫وردت هذه المضاعفة في أحاديث كثيرة سيأتي ذكرها بعد قليل‪ ،‬وهذه المضاعفة‬
‫عا ّمة في جميع األعمال‪ ،‬وتختلف عن المضاعفة المخصوصة التي ستأتي في‬
‫الفصول القادمة‪.‬‬
‫جم ٌع من أهل العلم‪ ،‬منهم‪:‬‬
‫نص على هذه المضاعفة ْ‬
‫وقد ّ‬
‫أمر‬ ‫‪ 1‬ـ جمال الدين ابن الجوزي‪ :‬قال‪« :‬اعلم ّ‬
‫أن هذا الثواب على الحسنة ٌ‬
‫عشرا‪ ،‬فهذا‬ ‫عز ّ‬
‫وجل‪ ،‬وقد جعل لنا على الحسنة من تلك المقادير ً‬ ‫معلو ٌم عند اهلل ّ‬
‫الراتب‪ ،‬وقد ُي َضاعف ذلك للمؤمن على قدر إخالصه ورضاه عنه إلى‬ ‫الر ْسم ّ‬
‫ّ‬
‫سبعمائة‪ ،‬وإلى سبعين أل ًفا وأكثر»(‪.)2‬‬
‫‪ 2‬ـ محيي الدين النووي‪ :‬قال‪ّ :‬‬
‫«إن التضعيف بعشرة أمثالها ال ُبدّ بفضل اهلل ورحمته‬
‫ٍ‬
‫أضعاف‬ ‫ٍ‬
‫ضعف وإلى‬ ‫وو ْعده الذى ال يخلف‪ ،‬والزيادة بعد بكثرة التضعيف إلى سبعمائة‬
‫ٍ‬
‫بعض على حسب مشيئته ‪.)3(»‬‬ ‫ٍ‬
‫كثيرة يحصل لبعض الناس دون‬

‫(( ( انظر‪« :‬تيسير اللطيف المنان في خالصة تفسير القرآن» للسعدي (‪.)336/1‬‬
‫(( ( «كشف المشكل من حديث الصحيحين» البن الجوزي (‪.)206/2‬‬
‫(( ( «شرح النووي على صحيح مسلم» (‪.)12/17‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪54‬‬

‫‪ 3‬ـ زيـن الديـن ابن رجـب الحنبلي‪ :‬قـال‪« :‬المضاعفة للحسـنة بعشـر أمثالها‬
‫ال ُبـدّ منه»(‪.)1‬‬
‫‪ 4‬ـ ابن رسالن الشافعي‪ :‬قال‪« :‬إن ّ‬
‫أقل ما َوعد اهلل به من األضعاف أن الحسنة‬
‫بعشر أمثالها‪ ،‬وقد وعد بالواحدة سبعمائة‪ ،‬ووعد ثوا ًبا بغير حساب» (‪.)2‬‬
‫‪ 5‬ـ شـهاب الديـن ابـن حجـر‪ :‬قـال‪« :‬تضعيـف حسـنة العمـل إلـى عشـرة‬
‫جائـز وقوعـه بحسـب الزيـادة في اإلخلاص وصدق‬
‫ٌ‬ ‫مجـزو ٌم بـه‪ ،‬ومـا زاد عليهـا‬
‫العـزم وحضـور القلـب»(‪.)3‬‬
‫‪ 6‬ـ عـز الديـن الشـهير باألمير الصنعانـي‪ :‬قال «ثبـت بإخباره ﷺ أن الحسـنة‬
‫حتمـا مـن فضلـه تعالـى‪ ،‬فالتضعيـف إلـى أكثـر منهـا فضـل من اهلل‬
‫بعشـر أمثالهـا ً‬
‫لمـن أراده تعالى»(‪.)4‬‬
‫ٍ‬
‫بعشر‪ ،‬وقد‬ ‫‪ 7‬ـ الشيخ عبد الرحمن السعدي‪ :‬قال‪ّ :‬‬
‫«أقل التضعيف أن الواحدة‬
‫ٍ‬
‫بأسباب»(‪.)5‬‬ ‫تزيد على ذلك‬
‫وتحمل هذه المضاعفة العامة على ّ‬
‫أقل ما يكتبه اهلل للعبد‪ ،‬وهو الحدّ األدنى‬
‫ٍ‬
‫وألسباب‬ ‫ضعف‪ ،‬إلى أضعاف كثيرة(‪،)6‬‬‫ٍ‬ ‫الذي يستحقه‪ ،‬ثم يضاعفه اهلل إلى سبعمائة‬
‫ٍ‬
‫عدة سبق ذكرها‪.‬‬

‫((( «جامع العلوم والحكم» البن رجب (‪.)295/2‬‬


‫((( نقله العظيم آبادي في «عون المعبود» (‪.)70/1‬‬
‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)326/11‬‬
‫(( ( «التنوير شرح الجامع الصغير» للصنعاني (‪.)589/7‬‬
‫((( «بهجة قلوب األبرار» للسعدي ص (‪.)83‬‬
‫(( ( انظر‪« :‬الكواكب الدراري» للكرماني (‪.)80/9‬‬
‫‪55‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬المضاعفة العامة في كل األعمال‬

‫ّ‬
‫الملا علـي القـاري‪« :‬مضاعفـة العشـر هـو أقـل التضاعـف الموعـود‬ ‫يقـول‬
‫بقولـه تعالـى ﴿ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ﴾ [األنعـام‪ ،]١٦٠ :‬واهلل يضاعف لمن‬
‫يشاء» (‪.)1‬‬
‫ٍ‬
‫حسنات أمثالها؛ أي‪:‬‬ ‫قال القرطبي في تفسير اآلية السابقة‪« :‬والتقدير‪َ :‬ف َل ُه عشر‬
‫له من الجزاء عشرة أضعاف مما يجب له‪ ،‬ويجوز أن يكون له ٌ‬
‫مثل‪ ،‬ويضاعف المثل‬
‫فيصير عشرة» (‪.)2‬‬
‫***‬

‫(( ( «مرقاة المفاتيح» للقاري (‪.)1471/4‬‬


‫((( «الجامع ألحكام القرآن» للقرطبي (‪.)151/7‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪56‬‬

‫المبحث األول‬
‫المضاعفة العامة في أبواب العبادات والمعامالت‬
‫تنوعت اآلثار النبوية في بيان هذه المضاعفة العامة التي شملت أبواب العبادات‬
‫ّ‬
‫والمعامالت‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ َعن َأبِي ُهرير َة ‪َ ،‬أ َّن رس َ ِ‬
‫ث‬ ‫ول اهلل ﷺ‪َ ،‬ق َال‪ِّ :‬‬
‫«الص َيا ُم ُج َّن ٌة َفال َي ْر ُف ْ‬ ‫َ ُ‬ ‫ََْ‬ ‫ْ‬
‫َوال َي ْج َه ْل‪َ ،‬وإِ ِن ْام ُرؤٌ َقا َت َل ُه َأ ْو َشات ََم ُه َف ْل َي ُق ْل‪ :‬إِنِّي َصائِ ٌم‪َ ،‬م َّر َت ْي ِن‪َ ،‬وا َّل ِذي َن ْف ِسي بِ َي ِد ِه‬
‫ك‪َ ،‬يت ُْر ُك َط َع َام ُه َو َش َرا َب ُه‬ ‫المس ِ‬ ‫وف(‪َ )1‬ف ِم الصائِ ِم َأ ْطيب ِعنْدَ اهللِ َتعا َلى ِمن ِريحِ ِ‬ ‫َلخُ ُل ُ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َّ‬
‫الح َسنَ ُة بِ َع ْش ِر َأ ْم َثالِ َها»(‪.)2‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الص َيا ُم لي‪َ ،‬و َأنَا َأ ْج ِزي بِه َو َ‬
‫ِ‬
‫َو َش ْه َو َت ُه م ْن َأ ْج ِل ِّ‬
‫قال البيضاوي‪« :‬والمعنى‪ّ :‬‬
‫أن الحسنات ُيضا َعف جزاؤها من عشر أمثالها إلى‬
‫ِ‬
‫سبعمائة م ْث ٍل‪ْ ،‬‬
‫بحسب ما بينها من التفاوت‪ ،‬ويدل على أدناها قوله تعالى ﴿ﮎ ﮏ‬
‫ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ﴾ [األنعام‪.)3(»]١٦٠ :‬‬
‫هلل َع َّز َو َج َّل‪ :‬ك ُُّل‬
‫ول ا ُ‬ ‫ول اهللِ ﷺ‪َ « :‬ي ُق ُ‬ ‫‪ 2‬ـ َع ْن َأبِي ُه َر ْي َر َة ‪َ ‬‬
‫قال‪َ :‬ق َال َر ُس ُ‬
‫عمائَة ِضع ٍ‬
‫ف‪ ،‬ا ْلحسنَ ُة ع ْشر َأم َثالِها إِ َلى سب ِ‬
‫ف‪َ ،‬ق َال اهللُ َع َّز َو َج َّل‪:‬‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫َع َم ِل ا ْب ِن آ َد َم ُي َضا َع ُ َ َ َ ُ ْ َ‬
‫لصائِ ِم َف ْر َحت ِ‬
‫َان‪:‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الص ْو َم‪َ ،‬فإِ َّن ُه لي َو َأنَا َأ ْج ِزي بِه‪َ ،‬يدَ ُع َش ْه َو َت ُه َو َط َع َام ُه م ْن َأ ْجلي‪ ،‬ل َّ‬ ‫إِ َّل َّ‬
‫اء َر ِّب ِه»(‪.)4‬‬‫َفرح ٌة ِعنْدَ فِ ْط ِر ِه‪ ،‬و َفرح ٌة ِعنْدَ لِ َق ِ‬
‫َ ْ َ‬ ‫ْ َ‬

‫يح ال َف ِم‪َ .‬و َأ ْص ُل َها فِي النَّ َبات َأ ْن َينْ ُبت َّ‬
‫الش ْي ُء َب ْعدَ‬ ‫(( ( خلوف‪ :‬قال ابن األثير‪« :‬ا ْل ِ‬
‫خ ْل َف ُة بِا ْلك َْس ِر‪َ :‬ت َغ ُّير ِر ِ‬
‫ف ِخ ْل َف ًة ُ‬ ‫الر ِائ َح ِة ْالُو َلى‪ُ .‬ي َق ُال‪َ :‬خ َل َ‬ ‫َّ ِ ِ‬
‫وخ ُلو ًفا»‪« .‬النهاية‬ ‫فمه َي ْخ ُل ُ‬
‫ف ُ‬ ‫الش ْيء؛ لَن ََّها رائح ٌة َحدَ ثت َب ْعدَ َّ‬
‫في غريب الحديث واألثر» البن األثير (‪.)67/2‬‬
‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)1894‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)1151‬‬
‫((( «تحفة األبرار شرح مصابيح السنة» للبيضاوي (‪.)489/1‬‬
‫((( أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (‪.)1151‬‬
‫‪57‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬المضاعفة العامة في كل األعمال‬

‫الصوم»‪ :‬فإن ثوابه ال يقادر قدره‪ ،‬وال يقدر إحصاءه‬ ‫«إل ّ‬ ‫قال البيضاوي‪« :‬قوله‪ّ :‬‬
‫إال اهلل تعالى‪ ،‬فلذلك يتو ّلى جزاءه بنفسه‪ ،‬وال َي ِك ُل ُه إلى مالئكته»‪ ،‬ثم قال‪:‬‬

‫«والموجب الختصاص الصوم بهذا الفضل أمران‪:‬‬

‫أن سـائر العبـادات ممـا ي ّطلـع عليـه العبـاد‪ ،‬والصـوم ٌّ‬


‫سـر بينـه‬ ‫أحدهمـا‪ّ :‬‬
‫خالصـا لوجـه اهلل‪ ،‬ويعاملـه بـه طال ًبا لرضـاه‪ ،‬وإليه أشـار‬
‫ً‬ ‫وبيـن اهلل تعالـى‪ ،‬يفعلـه‬
‫بقوله‪َ « :‬فإِنّـه لِي»‪.‬‬

‫أن سائر الحسنات راجع ٌة إلى صرف المال‪ ،‬واشتغال البدن بما فيه‬
‫وثانيهما‪ّ :‬‬
‫كسر النّ ْفس‪ ،‬وتعريض البدن للنقصان والنحول‪ ،‬مع ما فيه‬
‫يتضمن ْ‬
‫ّ‬ ‫رضاه‪ ،‬والصوم‬
‫من الصبر على مضض الجوع وحرقة العطش‪ ،‬فبينه وبينها أمدٌ بعيدٌ ‪ ،‬وإليه أشار‬
‫بقوله‪َ « :‬يدَ ُع َش ْه َو َت ُه َو َط َع َام ُه ِلَ ْجلِي»»(‪.)1‬‬

‫فإن قلت‪ :‬جميع العبادات والطاعات هلل فلم خص الصوم بإضافته إليه بقوله‪:‬‬
‫«الص ْو ُم لِي»؟‬
‫َّ‬
‫وقـد أجـاب عليـه الكرماني بقوله‪« :‬سـبب إضافته‪ :‬أنـه لم يعبد أحـد غير اهلل به‬
‫فلـم يعظـم الكفـار في عصر مـن األعاصر معبـود ًا لهم بالصيـام وإن كانـوا يعظمونه‬
‫بصـورة السـجود والصدقـة وغيـر ذلك وقيـل‪ :‬إنه ليس للصائـم فيه حـظ إذ ال يطلع‬
‫عليـه أحـد‪ ،‬وكيف يكون وفيه كسـر النفـس وتعريض البـدن للنقصـان والصبر على‬
‫حرقـة العطـش ومضض الجوع‪ ،‬وقيل‪ :‬إضافته للتشـريف كقولـه تعالى ﴿ﮆﮇ﴾‬
‫[الشمس‪.)2(»]١٣ :‬‬

‫((( «تحفة األبرار شرح مصابيح السنة» للبيضاوي (‪.)490/1‬‬


‫((( «الكواكب الدراري» للكرماني (‪.)80/9‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪58‬‬

‫يما َي ْر ِوي َع ْن َر ِّب ِه َع َّز َو َج َّل َق َال‪:‬‬ ‫ِ‬


‫اس ‪َ ،‬ع ِن النَّبِ ِّي ﷺ‪ ،‬ف َ‬ ‫‪ 3‬ـ عن ا ْب ِن َع ّب ٍ‬
‫ٍ‬ ‫َات ُث َّم َب َّي َن َذلِ َ‬
‫َات والسيئ ِ‬‫ِ‬
‫ك‪َ ،‬ف َم ْن َه َّم بِ َح َسنَة َف َل ْم َي ْع َم ْل َها َك َت َب َها ا ُ‬
‫هلل‬ ‫الح َسن َ َّ ِّ‬ ‫َب َ‬ ‫«إِ َّن ا َ‬
‫هلل َكت َ‬
‫َام َل ًة‪َ ،‬فإِ ْن هو هم بِها َفع ِم َلها َك َتبها اهلل َله ِعنْدَ ه ع ْشر حسن ٍ‬
‫َات إِ َلى َس ْب ِع‬ ‫َله ِعنْدَ ه حسنَ ًة ك ِ‬
‫ُ َ َ َ َ‬ ‫ُ َ َ َّ َ َ َ َ َ ُ ُ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫ُ‬
‫هلل َل ُه ِعنْدَ ُه َح َس َن ًة‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ ِ ٍ‬ ‫ِ ِ ِ ٍ‬
‫مائَة ض ْعف إِ َلى َأ ْض َعاف كَث َيرة‪َ ،‬و َم ْن َه َّم بِ َس ِّيئَة َف َل ْم َي ْع َم ْل َها َك َت َب َها ا ُ‬
‫احدَ ةً» (‪.)1‬‬ ‫َام َل ًة‪َ ،‬فإِ ْن هو هم بِها َفع ِم َلها َك َتبها اهلل َله سي َئ ًة و ِ‬
‫ك ِ‬
‫ُ َ َ َّ َ َ َ َ َ ُ ُ َ ِّ َ‬
‫سبب إلى‬ ‫ٌ‬ ‫ألن إرادة الخير‬ ‫بمجرد اإلرادة؛ ّ‬ ‫ّ‬ ‫قال الطوفي‪« :‬إنما كُتِ َبت الحسنة‬
‫خير؛ ألن إرادة الخير من عمل القلب»(‪.)2‬‬
‫العمل‪ ،‬وإرادة الخير ٌ‬
‫قال ابن حجر‪« :‬واست ُْش ِكل بأنه‪ :‬إذا كان كذلك‪ ،‬فكيف ال تضاعف؛ لعموم‬
‫قوله ﴿ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ﴾ [األنعام‪]١٦٠ :‬؟ وأجيب‪ :‬بحمل اآلية على‬
‫أيضا‪ّ :‬‬
‫بأن عمل القلب إذا‬ ‫المجرد‪ ،‬واستشكل ً‬
‫ّ‬ ‫الهم‬
‫عمل الجوارح‪ ،‬والحديث على ّ‬
‫اعتبر في حصول الحسنة فكيف لم يعتبر في حصول السيئة؟ وأجيب‪ّ :‬‬
‫بأن ترك عمل‬
‫السيئة التي وقع الهم بها يك ّفرها؛ ألنه قد نسخ قصده السيئة وخالف هواه‪ ،‬ثم ّ‬
‫إن‬
‫بمجرد الترك سواء كان ذلك لمان ٍع أم ال‪ ،‬و َيت ِ‬
‫ّج ُه أن‬ ‫ّ‬ ‫ظاهر الحديث حصول الحسنة‬
‫ُيقال‪ :‬يتفاوت عظم الحسنة بحسب المانع‪ ،‬فإن كان خارج ًّيا مع بقاء قصد الذي ّ‬
‫هم‬
‫واستمرت النية‬
‫ّ‬ ‫بف ْعل الحسنة فهي عظيمة القدر والس ّيما إن قارنها ند ٌم على تفويتها‪،‬‬
‫هم من ِق َب ِل نفسه فهي دون ذلك‪،‬‬
‫على فعلها عند القدرة‪ ،‬وإن كان الترك من الذي ّ‬
‫قصد اإلعراض عنها جملة‪ ،‬والرغبة عن فعلها وال سيما إن وقع العمل‬ ‫إال ّ‬
‫إن قارنها ْ‬
‫ٍ‬
‫معصية‪ ،‬فالذي يظهر‬ ‫في عكسها‪ ،‬كأن يريد أن يتصدّ ق بدرهم ً‬
‫مثل فصرفه بعينه في‬

‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)6491‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)131‬‬


‫((( نقله ابن حجر في «الفتح» (‪.)325/11‬‬
‫‪59‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬المضاعفة العامة في كل األعمال‬

‫في األخير أن ال ُتكْتب له حسنة ً‬


‫أصل‪ ،‬وأما ما قبله فعلى االحتمال‪ ،‬واستدل بقوله‬
‫ٌ‬
‫مشكل‪:‬‬ ‫ألن ذلك هو الكمال‪ ،‬لكنّه‬ ‫«حسنَة ك ِ‬
‫َام َلة» على أنها تُكتب حسنة مضاعفة؛ ّ‬ ‫َ َ‬
‫أن ّ ً‬
‫كل منهما ُيكتب له حسنة؟ وأجيب‪:‬‬ ‫يلزم منه مساواة من نوى الخير بمن فعله في ّ‬
‫ّ‬
‫بأن التضعيف في اآلية يقتضي اختصاصه بالعامل؛ لقوله تعالى ﴿ﮎ ﮏ ﮐ﴾‬
‫[األنعام‪ ،]١٦٠ :‬والمجيء بها هو العمل‪ ،‬وأما النّاوي‪ :‬فإنما ورد أنه ُيكتب له حسنة‪،‬‬
‫قدر زائدٌ على أصل الحسنة‪،‬‬
‫ومعناه‪ُ :‬يكتب له مثل ثواب الحسنة‪ ،‬والتّضعيف ٌ‬
‫والعلم عند اهلل تعالى» (‪.)1‬‬

‫تصريح بالمذهب الصحيح‬


‫ٌ‬ ‫اف كَثِ َير ٍة» فيه‪:‬‬
‫قال النووي‪« :‬قوله‪« :‬إِ َلى َأ ْضع ٍ‬
‫َ‬
‫ٍ‬
‫ضعف‪ ،‬وحكى أبو الحسن‬ ‫أن التضعيف ال يقف على سبعمائة‬ ‫المختار عند العلماء ّ‬
‫ٍ‬
‫ضعف‪،‬‬ ‫أقضى القضاة الماوردي عن بعض العلماء‪ّ :‬‬
‫أن التضعيف ال يتجاوز سبعمائة‬
‫وهو ٌ‬
‫غلط لهذا الحديث‪ ،‬واهلل أعلم»(‪.)2‬‬
‫ٍ‬
‫بسيئة ولم يفعلها تُكتب له حسنة إنما هو‬ ‫هم‬
‫ومن مسائل هذا الحديث‪ :‬أن من ّ‬
‫حق من تركها لوجه اهلل وخوف عقابه؛ ّ‬
‫ألن ْترك المعصية على ثالث مراتب‪ ،‬كما‬ ‫في ّ‬
‫يقول ابن كثير ‪:‬‬

‫«تارك السيئة الذي ال يعملها على ثالثة أقسا ٍم‪:‬‬


‫ـ تار ًة يتركها هلل ع ّز ّ‬
‫وجل‪ :‬فهذا ُت ْكتُب له حسن ٌة على ك ّفه عنها هلل تعالى‪ ،‬وهذا‬
‫عمل ون ّي ٌة‪ ،‬ولهذا جاء أنّه ُيكتب له حسن ٌة‪ ،‬كما جاء في بعض ألفاظ الصحيح‪َ « :‬فإِن ََّما‬
‫ٌ‬
‫ت ََرك ََها ِم ْن َج َّرائِي»‪ ،‬أي‪ :‬من أجلي‪.‬‬

‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)325/11‬‬


‫(( ( «شرح النووي على صحيح مسلم» (‪.)152/2‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪60‬‬

‫خيرا‬ ‫هـول عنهـا‪ :‬فهذا ال لـه وال عليـه؛ ألنه لم َين ِ‬


‫ْـو ً‬ ‫ـ وتـار ًة يتركهـا نسـيانًا و ُذ ً‬

‫وال َف َعل ًّ‬


‫شـرا‪.‬‬
‫س بِ َما ُي َق ِّر ُب ِمن َْها‪:‬‬‫الس ْع ِي فِي َأ ْس َبابِ َها َوال َّت َل ُّب ِ‬
‫َار ًة َيت ُْرك َُها َع ْجزًا َوك ََس ًل َب ْعدَ َّ‬
‫ـ َوت َ‬
‫يتنزل منزلة فاعلها‪ ،‬كما جاء في الحديث في الصحيحين‪« :‬إِ َذا ا ْل َت َقى ا ْل ُم ْسلِ َم ِ‬
‫ان‬ ‫فهذا ّ‬
‫ول اهللِ‪َ :‬ه َذا ا ْل َقاتِ ُل َف َما َب ُال‬ ‫ُول فِي الن ِ‬
‫َّار»‪َ ،‬قا ُلوا‪َ :‬يا َر ُس َ‬ ‫بِ َس ْي َف ْي ِه َما َفا ْل َقاتِ ُل َوا ْل َم ْقت ُ‬
‫احبِ ِه»(‪.)2(»)1‬‬
‫َان ح ِريصا ع َلى َقت ِْل ص ِ‬
‫َ‬ ‫ُول؟ َق َال‪« :‬إِ َّن ُه ك َ َ ً َ‬ ‫ا ْلم ْقت ِ‬
‫َ‬
‫‪ 4‬ـ عن أبي هريرة ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ﷺ‪« :‬إِ َذا َأ ْح َس َن َأ َحدُ ك ُْم إِ ْس َ‬
‫الم ُه‬
‫ف‪َ ،‬وك ُُّل َس ِّيئ ٍَة َي ْع َم ُل َها‬
‫َفك ُُّل حسن ٍَة يعم ُلها ُت ْكتَب َله بِع ْش ِر َأم َثالِها إِ َلى سب ِع ِمائ َِة ِضع ٍ‬
‫ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫َ َ ََْ َ‬
‫َب َل ُه بِ ِم ْثلِ َها»(‪.)3‬‬
‫ُت ْكت ُ‬
‫الولي العراقي‪« :‬ظاهره يقتضي ّ‬
‫أن أقل التضعيف عشرة أمثال‪ ،‬وغايته‬ ‫ّ‬ ‫قال‬
‫سبعمائة ضع ٍ‬
‫المفسرون في قوله تعالى‪﴿ :‬ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﮓ‬ ‫ّ‬ ‫ف‪ ،‬وقد اختلف‬ ‫ْ‬
‫ﮔ﴾ [البقرة‪ ،]٢٦١ :‬فقيل المراد‪ :‬يضاعف هذا التضعيف وهو السبعمائة‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫المراد يضاعف فوق السبعمائة لمن يشاء‪ ،‬وقد ورد التضعيف بأكثر من السبعمائة»(‪.)4‬‬
‫وقـال ابـن حجـر‪ :‬واختلـف فـي اآليـة السـابقة «هـل المـراد المضاعفـة إلى‬
‫ٍ‬
‫ضعـف فقـط‪ ،‬أو زيـادة علـى ذلك؟» ثم قـال‪« :‬فـاألول هـو المح ّقق من‬ ‫سـبعمائة‬
‫سـياق اآليـة‪ ،‬والثانـي محتمل‪ ،‬ويؤيـد الجواز‪ :‬سـعة الفضـل»(‪.)5‬‬

‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)31‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)2888‬‬


‫(( ( «تفسير ابن كثير» (‪.)378/3‬‬
‫((( سبق تخريجه‪.‬‬
‫((( «طرح التثريب» للعراقي (‪.)103/4‬‬
‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)326/11‬‬
‫‪61‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬المضاعفة العامة في كل األعمال‬

‫والصحيح أن المضاعفة تزيد على سبعمائة كما أفادتها هذه الرسالة في مطاوي‬
‫مباحثها‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب‪َ ،‬و َأ ُبو َسـ َل َم َة‬ ‫الم َسـ ِّي ِ‬
‫الزهـري قال‪َ :‬أ ْخ َب َرني َسـعيدُ ْب ُن ُ‬ ‫ّ‬ ‫ـه ٍ‬
‫اب‬ ‫ـن ا ْب ِن ش َ‬‫‪ 5‬ـ و َع ِ‬
‫ـول اهللِ ﷺ‪،‬‬ ‫ـال‪ُ :‬أ ْخبِ َـر َر ُس ُ‬ ‫ـرو ‪َ ‬ق َ‬ ‫ـن‪َ ،‬أ َّن َع ْبـدَ اهللِ ْبـ َن َع ْم ٍ‬ ‫الر ْح َم ِ‬ ‫ِ‬
‫ا ْبـ ُن َع ْبـد َّ‬
‫ـت َل ُه‪َ :‬قـدْ ُق ْل ُت ُه‬
‫ـت‪َ ،‬ف ُق ْل ُ‬ ‫ـار‪َ ،‬و َلَ ُقو َمـ َّن ال َّل ْي َـل َما ِع ْش ُ‬ ‫ِ‬
‫ـول‪َ :‬واهلل َلَ ُصو َمـ َّن الن ََّه َ‬ ‫َأنِّـي َأ ُق ُ‬
‫َـم‪َ ،‬و ُص ْم ِم َن‬ ‫ِ‬
‫ـك‪َ ،‬ف ُص ْم َو َأ ْفط ْـر‪َ ،‬و ُق ْم َون ْ‬ ‫يع َذلِ َ‬ ‫ِ‬
‫َّك ال ت َْسـتَط ُ‬ ‫ْـت َو ُأ ِّمـي َق َال‪َ « :‬فإِن َ‬‫بِ َأبِـي َأن َ‬
‫ـك ِم ْث ُل ِص َيـا ِم الدَّ ْه ِر»‪.‬‬ ‫ـر َأ ْم َثالِ َها‪َ ،‬و َذلِ َ‬ ‫ـه ِر َثال َثـ َة َأ َّيـامٍ‪َ ،‬فـإِ َّن َ‬
‫الح َسـنَ َة بِ َع ْش ِ‬ ‫َّ‬
‫الش ْ‬
‫ُق ْل ُت‪ :‬إِنِّي ُأطِ ُيق َأ ْف َض َل ِم ْن َذلِ َك‪َ ،‬ق َال‪َ « :‬ف ُص ْم َي ْو ًما َو َأ ْفطِ ْر َي ْو َم ْي ِن»‪.‬‬
‫ك‬‫ـم َي ْو ًمـا َو َأ ْفطِ ْـر َي ْو ًمـا‪َ ،‬ف َذلِ َ‬
‫ـال‪َ « :‬ف ُص ْ‬ ‫يـق َأ ْف َض َـل ِمـ ْن َذلِ َ‬
‫ـك‪َ ،‬ق َ‬ ‫ـت‪ :‬إِنِّـي ُأطِ ُ‬
‫ُق ْل ُ‬
‫يـق َأ ْف َض َل ِمـ ْن َذلِ َك‪.‬‬ ‫ـت‪ :‬إِنِّـي ُأطِ ُ‬ ‫الص َيـامِ»‪َ ،‬ف ُق ْل ُ‬ ‫ـو َأ ْف َض ُ‬ ‫ِ‬
‫ـل ِّ‬ ‫ص َيـا ُم َد ُاو َد ‪َ ،‬و ُه َ‬
‫«ل َأ ْف َض َل ِم ْن َذلِ َ‬
‫ك»(‪.)1‬‬ ‫َف َق َال النَّبِ ُّي ﷺ‪َ :‬‬

‫***‬

‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)1976‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)1159‬‬


‫‪٣‬‬

‫‪62‬‬

‫المبحث الثاني‬
‫المضاعفة العامة في أبواب اآلداب والفضائل‬
‫لم تقتصر المضاعفة على أبواب العبادات والمعامالت فحسب؛ بل شملت‬
‫أبواب اآلداب والفضائل‪ ،‬من ذلك‪:‬‬
‫«م ْن َق َر َأ َح ْر ًفا ِم ْن‬ ‫ود ‪ ‬قال‪َ :‬ق َال رس ُ ِ‬
‫ول اهلل ﷺ‪َ :‬‬ ‫َ ُ‬
‫‪ 1‬ـ عن َعبد اهللِ ب ِن مسع ٍ‬
‫ْ َ ْ ُ‬ ‫ْ‬
‫ف‬ ‫ف َح ْر ٌ‬ ‫ف‪َ ،‬و َلكِ ْن َألِ ٌ‬
‫ول الم َح ْر ٌ‬‫الح َسنَ ُة بِ َع ْش ِر َأ ْم َثالِ َها‪َ ،‬ل َأ ُق ُ‬ ‫ِ‬ ‫كِت ِ ِ‬
‫َاب اهلل َف َل ُه بِه َح َسنَ ٌة‪َ ،‬و َ‬
‫ف» (‪.)1‬‬‫يم َح ْر ٌ‬ ‫و َلم حر ٌ ِ‬
‫ف َوم ٌ‬ ‫َ ٌ َْ‬
‫أيضا‪:‬‬
‫ومنها ً‬
‫‪ 2‬ـ عن أبي سعيد الخدري ‪ ‬قال‪ :‬سمعت رسول اهلل ﷺ يقول‪« :‬إِ َذا َأ ْس َل َم‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الم ُه‪ُ ،‬ي َك ِّف ُر اهللُ َعنْ ُه ك َُّل َس ِّيئ ٍَة ك َ‬
‫اص‪:‬‬ ‫َان َب ْعدَ َذل َك الق َص ُ‬ ‫َان َز َل َف َها(‪َ ،)2‬وك َ‬ ‫ال َع ْبدُ َف َح ُس َن إِ ْس ُ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ ٍ‬ ‫ِ‬
‫الس ِّي َئ ُة بِم ْثل َها إِ َّل َأ ْن َيت ََج َاو َز ا ُ‬
‫هلل َعن َْها»(‪.)3‬‬ ‫الح َسنَ ُة بِ َع ْش ِر َأ ْم َثال َها إِ َلى َس ْب ِع مائَة ض ْعف‪َ ،‬و َّ‬
‫َ‬
‫قال ابن حجر‪« :‬قوله‪« :‬إذا أسلم العبد» هذا الحكم يشترك فيه الرجال والنساء‪،‬‬
‫ِ‬
‫وذكْره بلفظ المذكّر تغلي ًبا»(‪.)4‬‬

‫(( ( أخرجه الترمذي في «سننه» رقم (‪ ،)2910‬وإسناده حسن‪.‬‬


‫(( ( َز َلفهـا‪ :‬قـال ابـن األثيـر‪َ :‬‬
‫«ز َلفهـا‪ :‬أي أسـلفها وقدّ مهـا»‪ .‬النهايـة في غريـب الحديث البـن األثير‬
‫(‪.)309/2‬‬
‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» مع ّل ًقا رقم (‪ ،)41‬ووصله النسائي في «سننه» رقم (‪.)4998‬‬
‫قال ابن حجر في «الفتح» (‪ 98/1‬ـ ‪« :)99‬وقد وصله أبو ذر الهروي في روايته للصحيح‪ ،‬فقال َع ِق َبه‪:‬‬ ‫ ‬
‫أخبرناه النضروي هو العباس بن الفضل‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا الحسن بن إدريس‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا هشام بن خالد‪،‬‬
‫أيضا (‪.)44/2‬‬
‫حدثنا الوليد بن مسلم عن مالك به»‪ .‬وانظر لألهمية‪ :‬تغليق التعليق البن حجر ً‬
‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)99/1‬‬
‫‪63‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬المضاعفة العامة في كل األعمال‬

‫«ح ْسن اإلسالم» في الحديث‪ :‬فقد فسره ابن رجب بمعنيين‪:‬‬


‫وأما معنى ُ‬
‫محرماته‪ ،‬والمعنى الثاني‪ :‬أن تقع طاعات المسلم على‬
‫«أحدهما‪ :‬بإكمال واجتناب ّ‬
‫وأتمها‪ ،‬بحيث يستحضر العامل في حال عمله قرب اهلل منه وا ّطالعه‬ ‫ِ‬
‫أكمل وجوه َها ّ‬
‫عليه‪ ،‬فيعمل له على المراقبة والمشاهدة لر ّبه بقلبه»(‪.)1‬‬
‫وقال ابن حجر‪« :‬أي‪ :‬صار إسالمه حسنًا باعتقاده وإخالصه‪ ،‬ودخوله فيه‬
‫بالباطن والظاهر‪ ،‬وأن يستحضر عند عمله قرب ربه منه واطالعه عليه»(‪.)2‬‬
‫يما َر َوى َع ْن َر ِّب ِه‪َ ،‬ق َال‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫اس ‪َ ،‬ع ْن َر ُسول اهلل ﷺ‪ ،‬ف َ‬ ‫‪ 3‬ـ و َع ِن ا ْب ِن َع َّب ٍ‬
‫ت َل ُه‬ ‫يم‪َ ،‬م ْن َه َّم بِ َح َسن ٍَة َف َل ْم َي ْع َم ْل َها‪ ،‬كُتِ َب ْ‬ ‫ِ‬
‫ول اهلل ﷺ‪« :‬إِ َّن َر َّبك ُْم ‪َ ‬رح ٌ‬
‫َق َال رس ُ ِ‬
‫َ ُ‬
‫اف كَثِ َير ٍة‪َ ،‬و َم ْن َه َّم بِ َس ِّيئ ٍَة‬ ‫ت َله ع ْشرا‪ ،‬إِ َلى سب ِع ِمائ ٍَة‪ ،‬إِ َلى َأ ْضع ٍ‬
‫َ‬ ‫َ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َح َسنَ ًة‪َ ،‬فإِ ْن َعم َل َها‪ ،‬كُت َب ْ ُ َ ً‬
‫ك‬ ‫هلل‪َ ،‬و َل َي ْهلِ ُ‬ ‫وها ا ُ‬
‫ِ‬
‫ت َل ُه َواحدَ ةً‪َ ،‬أ ْو َي ْم ُح َ‬ ‫ت َل ُه َح َسنَ ًة‪َ ،‬فإِ ْن َع ِم َل َها كُتِ َب ْ‬‫َف َل ْم َي ْع َم ْل َها‪ ،‬كُتِ َب ْ‬
‫ك»(‪.)3‬‬ ‫َع َلى اهللِ َت َعا َلى إِ َّل َهالِ ٌ‬
‫هلل‪ :‬إِ َذا َأ َرا َد َع ْب ِدي‬ ‫ول ا ُ‬ ‫ول اهللِ ﷺ َق َال‪َ « :‬ي ُق ُ‬ ‫‪ 4‬ـ و َع ْن َأبِي ُه َر ْي َر َة ‪َ ،‬أ َّن َر ُس َ‬
‫وها بِ ِم ْثلِ َها‪َ ،‬وإِ ْن ت ََرك ََها‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وها َع َل ْيه َحتَّى َي ْع َم َل َها‪َ ،‬فإِ ْن َعم َل َها َفا ْك ُت ُب َ‬ ‫َأ ْن َي ْع َم َل َس ِّي َئ ًة‪َ ،‬فال َت ْك ُت ُب َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وها َل ُه َح َسنَ ًة‪،‬‬‫وها َل ُه َح َسنَ ًة‪َ ،‬وإِ َذا َأ َرا َد َأ ْن َي ْع َم َل َح َسنَ ًة َف َل ْم َي ْع َم ْل َها َفا ْك ُت ُب َ‬‫م ْن َأ ْجلي َفا ْك ُت ُب َ‬
‫ف»(‪.)4‬‬ ‫َفإِ ْن ع ِم َلها َفا ْك ُتبوها َله بِع ْش ِر َأم َثالِها إِ َلى سب ِع ِمائ َِة ِضع ٍ‬
‫ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫ُ َ ُ َ‬ ‫َ َ‬
‫ول اهللُ َع َّز َو َج َّل‪َ :‬م ْن َج َ‬
‫اء‬ ‫ول اهللِ ﷺ‪َ « :‬ي ُق ُ‬ ‫‪ 5‬ـ و َع ْن َأبِي َذ ٍّر ‪َ ‬ق َال‪َ :‬ق َال َر ُس ُ‬
‫الس ِّيئ َِة َف َج َزاؤُ ُه َس ِّي َئ ٌة ِم ْث ُل َها َأ ْو َأ ْغ ِف ُر‪َ ،‬و َم ْن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بِا ْل َح َسنَة َف َل ُه َع ْش ُر َأ ْم َثال َها َو َأ ِزيدُ ‪َ ،‬و َم ْن َج َ‬
‫اء بِ َّ‬

‫(( ( «فتح الباري» البن رجب (‪.)162/1‬‬


‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)99/1‬‬
‫(( ( أخرجه أحمد في «مسنده» رقم (‪ ،)2519‬وإسناده صحيح‪.‬‬
‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)7501‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)128‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪64‬‬

‫ت ِمنْ ُه َبا ًعا‪َ ،‬و َم ْن َأتَانِي‬ ‫ت ِمنْ ُه ِذ َرا ًعا‪َ ،‬و َم ْن َت َق َّر َب ِمنِّي ِذ َرا ًعا َت َق َّر ْب ُ‬‫َت َق َّر َب ِمنِّي ِش ْب ًرا َت َق َّر ْب ُ‬
‫ض َخطِي َئ ًة َل ُي ْش ِر ُك بِي َش ْيئًا َل ِقي ُت ُه بِ ِم ْثلِ َها‬ ‫اب ْالَ ْر ِ‬ ‫َي ْم ِشي َأ َت ْي ُت ُه َه ْر َو َل ًة‪َ ،‬و َم ْن َل ِق َينِي بِ ُق َر ِ‬
‫َمغ ِْف َرة»(‪.)1‬‬
‫أن التضعيف‬ ‫قال النووي‪« :‬قوله تعالى « َف َل ُه َع ْش ُر َأ ْم َثالِ َها َأ ْو َأ ِزيد» معناه‪ّ :‬‬
‫بعشرة أمثالها ال ُبدّ بفضل اهلل ورحمته وو ْعده الذى ال ُيخلف‪ ،‬والزيادة بعد بكثرة‬
‫كثيرة يحصل لبعض الناس دون بعض‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫أضعاف‬ ‫ٍ‬
‫ضعف وإلى‬ ‫التضعيف إلى سبعمائة‬
‫على حسب مشيئته ‪.)2(»‬‬
‫َّاس َأ ْر َب َع ٌة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ٍ‬
‫‪ 6‬ـ َع ْن ُخ َر ْي ِم ْب ِن َفاتك ْالَ َسد ِّي ‪َ ،‬ع ِن النَّبِ ِّي ﷺ َق َال‪« :‬الن ُ‬
‫ُور(‪َ )3‬ع َل ْي ِه‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َو ْالَ ْع َم ُال س َّت ٌة‪ُ ،‬م َو َّس ٌع َع َل ْيه في الدُّ ْن َيا َو ْالخ َرة‪َ ،‬و ُم َو َّس ٌع َل ُه في الدُّ ْن َيا َو َم ْقت ٌ‬
‫ُور َع َل ْي ِه فِي ْال ِخ َر ِة‪َ ،‬و ُم َو َّس ٌع َع َل ْي ِه فِي ْال ِخ َر ِة‬ ‫ِ ِ‬
‫ُور َع َل ْيه في الدُّ ْن َيا َو َم ْقت ٌ‬
‫ِ ِ‬
‫في ْالخ َرة‪َ ،‬و َم ْقت ٌ‬
‫ِ‬
‫َان‪ ،‬و ِم ْث ٌل بِ ِم ْث ٍل‪ ،‬وع َشر ُة َأ ْضع ٍ‬ ‫ُور َع َل ْي ِه فِي الدُّ ْن َيا‪َ ،‬و ْالَ ْع َم ُال ِس َّت ٌة‪ُ :‬م ِ‬
‫اف‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫وج َبت ِ َ‬ ‫َم ْقت ٌ‬
‫ات‬ ‫ات ُم ْسلِ ًما َأ ْو ُم ْؤ ِمنًا َل ُي ْش ِر ُك بِاهللِ َش ْيئًا َد َخ َل ا ْل َجنَّ َة‪َ ،‬و َم ْن َم َ‬ ‫ف‪َ ،‬م ْن َم َ‬‫وسبع ِمائ َِة ِضع ٍ‬
‫ْ‬ ‫َ َ ُْ‬
‫ف‪َ ،‬و َم ْن‬ ‫ت َل ُه َح َسنَ ٌة َل ت َُضا َع ُ‬ ‫كَافِ ًرا َد َخ َل الن ََّار‪َ ،‬و َم ْن َه َّم بِ َح َسن ٍَة َحتَّى ُي ْش ِع َر َها َق ْل َب ُه كُتِ َب ْ‬
‫ت َل ُه َع َش َر ُة‬ ‫ف َع َل ْي ِه‪َ ،‬و َم ْن َع ِم َل َح َسنَ ًة كُتِ َب ْ‬ ‫احدَ ٌة َل ْم ت َُضا َع ْ‬ ‫ت ع َلي ِه سي َئ ٌة و ِ‬ ‫ِ‬
‫َعم َل َس ِّي َئ ًة كُت َب ْ َ ْ َ ِّ َ‬
‫ِ‬

‫ف»(‪.)4‬‬ ‫ت َله بِسب ِع ِمائ َِة ِضع ٍ‬ ‫َأم َثالِها‪ ،‬ومن َأ ْن َف َق َن َف َق ًة فِي سبِ ِ ِ ِ‬
‫ْ‬ ‫يل اهلل كُت َب ْ ُ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ ََ ْ‬
‫خاص بالنفقة في‬ ‫ٌّ‬ ‫إن العمل الذي يضاعف إلى سبعمائة‬‫قال ابن حجر‪« :‬قيل‪ّ :‬‬
‫«و َم ْن َع ِم َل‬
‫سبيل اهلل‪ ،‬وتمسك قائله بما في حديث خريم بن فاتك المشار إليه‪ :‬وفيه‪َ :‬‬

‫((( أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (‪.)2687‬‬


‫(( ( «شرح النووي على صحيح مسلم» (‪.)12/17‬‬
‫ُور‪ :‬قال ابن األثير‪« :‬أي‪ُ :‬مض ّي ٌق و ُمق ّل ٌل»‪ .‬النهاية في «غريب الحديث» البن األثير (‪.)12/4‬‬
‫(( ( َم ْقت ٌ‬
‫(( ( أخرجه ابن أبي شيبة في «مسنده» رقم (‪ ،)743‬وإسناده صحيح‪.‬‬
‫‪65‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬المضاعفة العامة في كل األعمال‬

‫ت َله بِسب ِع ِمائ َِة ِضع ٍ‬ ‫ت َله ع َشر ُة َأم َثالِها‪ ،‬ومن َأ ْن َف َق َن َف َق ًة فِي سبِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ف»‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫يل اهلل كُت َب ْ ُ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َح َسنَ ًة كُت َب ْ ُ َ َ ْ َ َ َ ْ‬
‫أن النفقة في سبيل اهلل تضاعف إلى سبعمائة‪ ،‬وليس فيه َن ْفي‬
‫صريح في ّ‬
‫ٌ‬ ‫وتع ّقب‪ :‬بأنه‬
‫صريحا‪ ،‬ويدل على التعميم حديث أبي هريرة الماضي وفيه‪« :‬ك ُُّل‬ ‫ً‬ ‫ذلك عن غيرها‬
‫ف»»(‪.)1‬‬ ‫حسن ٍَة بِع َشرة َأم َثالِها‪ ،‬إِ َلى سب ِع ِمائ َِة ِضع ٍ‬
‫ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫دل‬ ‫بحسنة‪ ،‬كما ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ينص على كتابة الحسنة‬ ‫ٌ‬ ‫وقد ُي ْش ِكل على هذا الفصل‬
‫حديث ّ‬
‫عليه حديث َأبِي ُهرير َة ‪َ ،‬أ َّن رس َ ِ‬
‫هلل‪،‬‬‫«م ْن َق َال‪ :‬ال إِ َل َه إِ َّل ا ُ‬ ‫ول اهلل ﷺ َق َال‪َ :‬‬ ‫َ ُ‬ ‫ََْ‬
‫الح ْمدُ ‪َ ،‬و ُه َو َع َلى ك ُِّل َش ْي ٍء َق ِد ٌير‪ ،‬فِي َي ْو ٍم ِما َئ َة َم َّر ٍة‪،‬‬ ‫ك َو َل ُه َ‬‫الم ْل ُ‬
‫يك َل ُه‪َ ،‬ل ُه ُ‬ ‫َو ْحدَ ُه ال َش ِر َ‬
‫َت َل ُه‬ ‫ت َعنْ ُه ِما َئ ُة َس ِّيئ ٍَة‪َ ،‬وكَان ْ‬ ‫ت َله ِما َئ ُة حسن ٍَة‪ ،‬وم ِ‬
‫ح َي ْ‬ ‫َ َ َُ‬
‫ِ‬
‫اب‪َ ،‬وكُت َب ْ ُ‬ ‫َت َل ُه َعدْ َل َع ْش ِر ِر َق ٍ‬ ‫كَان ْ‬
‫اء بِ ِه‪ ،‬إِ َّل َأ َحدٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك َحتَّى ُي ْمس َي‪َ ،‬و َل ْم َي ْأت َأ َحدٌ بِ َأ ْف َض َل م َّما َج َ‬ ‫ان َي ْو َم ُه َذلِ َ‬ ‫ِح ْرزًا ِم َن َّ‬
‫الش ْي َط ِ‬
‫ك»(‪.)2‬‬ ‫َع ِم َل َأ ْك َث َر ِم ْن َذلِ َ‬
‫ٍ‬
‫تهليلة‬ ‫كل‬ ‫ٍ‬
‫حسنة؛ فتكون ّ‬ ‫فمنطوق هذا الحديث‪ :‬كتابة المائة تهليلة بمائة‬
‫يوجه الحديث بأن‬ ‫ٍ‬
‫بحسنة‪ ،‬قال الدكتور صالح سندي ـ حفظه اهلل ـ‪« :‬ويمكن أن ّ‬
‫ُيقال‪ :‬لع ّله لم يضاعف هذا الثواب من جهة العدد؛ لوجود ٍ‬
‫بدل عنه وهو ما ُيعطاه من‬
‫ثواب عتق عشر رقاب مع محو مائة س ّيئة وحصول التحرز من الشيطان‪ ،‬وال شك أن‬
‫هذا القدر من الثواب أعظم من مضاعفة الحسنة بعشر أمثالها»(‪.)3‬‬
‫***‬

‫ف ٍ‬
‫يسير‪.‬‬ ‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪ )326/11‬بتصر ٍ‬
‫ّ‬
‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)3293‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)2691‬‬
‫((( «المسائل العقدية المتعلقة بالحسنات والسيئات» للدكتور صالح سندي (‪ 654‬ـ ‪.)655‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬
‫ٍ‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫المضاعفة‬

‫مر َت ْين‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬المضاعفة ّ‬
‫المبحث الثاني‪ :‬المضاعفة عشر مر ٍ‬
‫ات‪.‬‬ ‫ّ‬
‫مرة‪.‬‬
‫مرة إلى ستين ّ‬
‫المبحث الثالث‪ :‬المضاعفة من عشرين ّ‬
‫مرة‪.‬‬
‫مرة إلى سبعمائة ّ‬
‫المبحث الرابع‪ :‬المضاعفة من سبعين ّ‬
‫مرة‪.‬‬
‫مرة إلى ألف ألف ّ‬
‫المبحث الخامس‪ :‬المضاعفة من ألف ّ‬
‫***‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪69‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫المبحث األول‬
‫مر َت ْين‬
‫المضاعفة ّ‬

‫المطلب األول‪ُّ :‬‬


‫الن ُب ّوة‪.‬‬
‫ٍ‬
‫ميزات عظيم ًة‪،‬‬ ‫وأجرا‪ ،‬وجعل لهم‬ ‫رفع اهلل مقام النبوة‪ ،‬وأعلى قدر أنبيائه مكان ًة‬
‫ً‬
‫مر َت ْين‪.‬‬
‫منها‪ :‬مضاعفة األجر لهم ّ‬
‫ود ‪َ ‬ق َال‪َ :‬د َخ ْل ُت َع َلى النَّبِ ِّي ﷺ َو ُه َو ُيو َع ُك(‪،)1‬‬ ‫فعن َعب ِد اهلل ب ِن مسع ٍ‬
‫ْ َ ْ ُ‬ ‫ْ‬
‫ك َر ُج ِ‬
‫الن‬ ‫«أ َج ْل‪ ،‬ك ََما ُيو َع ُ‬ ‫َف َم ِس ْس ُت ُه بِ َي ِدي َف ُق ْل ُت‪ :‬إِن ََّك َلتُو َع ُك َو ْعكًا َش ِديدً ا؟ َق َال‪َ :‬‬

‫ان؟ َق َال‪َ « :‬ن َع ْم‪َ ،‬ما ِم ْن ُم ْسلِ ٍم ُي ِصي ُب ُه َأ ًذى‪َ ،‬م َر ٌض َف َما‬
‫فقلت َل َك َأجر ِ‬
‫َْ‬ ‫ُ‬ ‫ِمنْك ُْم»‪َ .‬ق َال‪:‬‬
‫هلل َس ِّيئَاتِ ِه‪ ،‬ك ََما ت َُح ُّط َّ‬
‫الش َج َر ُة َو َر َق َها»(‪.)3‬‬ ‫ِ‬
‫س َوا ُه‪ ،‬إِ َّل َح َّط(‪ )2‬ا ُ‬
‫خصهم بـ«شـدّ ة األوجـاع واألوصاب لما‬ ‫وهـذه منّـ ٌة عظيم ٌة مـن اهلل ألنبيائه ْ‬
‫أن ّ‬
‫ويتم‬
‫خصهـم بـه من قـوة اليقيـن وشـدة الصبـر واالحتسـاب؛ ليكمل لهـم الثـواب ّ‬
‫ّ‬
‫لهـم الخيـر»(‪ )4‬و«يعظـم لهم به األجر‪ ،‬ويسـتخرج منهـم حاالت الصبـر‪ ،‬والرضى‪،‬‬
‫والشـكر‪ ،‬والتسـليم‪ ،‬والتوكل‪ ،‬والتفويـض‪ ،‬والتضـرع‪ ،‬والدعاء؛ إعظا ًمـا ألجرهم‪،‬‬
‫وتوفيـ ًة لثوابهم‪ ،‬وتأكيـدً ا لتصابرهم في رحمـة الممتحنين‪ ،‬والشـفقة على المبتلين‪،‬‬

‫وو ِع َك َف ُه َو‪:‬‬
‫المرض َو ْعكًا ُ‬
‫ُ‬ ‫هو ا ْل ُح َّمى‪َ ،‬و ِق َيل‪ :‬أ َل ُمها‪َ ،‬و َقدْ َو َع َك ُه‬
‫(( ( يوعك‪ :‬قال ابن األثير‪« :‬ا ْل َو ْعك‪َ :‬‬
‫َم ْو ُع ٌ‬
‫وك»‪« .‬النهاية في غريب الحديث واألثر» (‪.)207 /5‬‬
‫حط الشيء يح ّطه إذا أنزله‬
‫تحط عنه خطاياه وذنوبه‪ ،‬وهي ف ْعلة من ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫حط‪ :‬قال ابن األثير‪« :‬أي‪:‬‬ ‫(( (‬
‫وألقاه»‪« .‬النهاية في غريب الحديث واألثر» (‪.)402/1‬‬
‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)5648‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)2571‬‬
‫(( ( «التوضيح لشرح الجامع الصحيح» البن الملقن (‪.)269/27‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪70‬‬

‫ليتأسـوا بهـم‪ ،‬ويقتدوا‬


‫ويذكّـره بـه عـن دونهـم‪ ،‬وموعظـة لمن ليـس فـي درجتهـم ّ‬
‫برضاهم وصبرهم‪ ،‬ومحو السـيئات التي سـلفت منهم‪ ،‬السـ ّيما لمن اجترأ الصغائر‬
‫على األنبيـاء»(‪.)1‬‬
‫ـع(‪ِ )2‬م ْن رس ِ‬
‫ـول اهللِ‬ ‫ِ‬
‫ت َأ َحـدً ا َع َل ْيه َأ َشـدّ ا ْل َو َج ُ‬
‫«مـا َر َأ ْي ُ‬
‫َ ُ‬ ‫تقـول عائشـة ‪َ :‬‬
‫ﷺ»(‪.)3‬‬
‫أيضا‪ ،‬قال ابن حجر‪:‬‬ ‫أيضا ّ‬
‫أن األجور تزداد على قدْ ر المشقة ً‬ ‫ويفيد الحديث ً‬
‫«الحاصل أنه أثبت أن المرض إذا اشتد ضاعف األجر ثم زاد عليه بعد ذلك أن‬
‫ُح ّط السيئات كلها» (‪.)4‬‬
‫المضاعفة تنتهي إلى أن ت َ‬
‫لذلـك جـاء في الحديـث اآلخر الـذي رواه أبو سـعيد الخـدري ‪ ‬قال‪:‬‬
‫ـدي َع َل ْي ِه َف َو َجـدْ ُت َح َّر ُه َب ْيـ َن َيدَ َّي‬ ‫ـك‪َ ،‬فو َضع ُت ي ِ‬
‫ـو ُيو َع ُ َ ْ َ‬ ‫ـي ﷺ َو ُه َ‬ ‫ـت َع َلـى النَّبِ ِّ‬ ‫َد َخ ْل ُ‬
‫ف‬ ‫ـك ُي َض َّع ُ‬ ‫ـال‪« :‬إِنَّـا ك ََذلِ َ‬ ‫ـك َق َ‬‫ـول اهللِ َمـا َأ َشـدَّ َها َع َل ْي َ‬‫ـت‪َ :‬يـا َر ُس َ‬ ‫َفـو َق ال ِّلح ِ‬
‫ـاف‪َ ،‬ف ُق ْل ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫لا ًء؟ َق َال‪:‬‬ ‫ـول اهللِ َأ ُّي الن ِ‬
‫َّـاس َأ َشـدُّ َب َ‬ ‫ـت‪َ :‬يـا َر ُس َ‬ ‫ـف َلنَـا ْالَ ْج ُـر» ُق ْل ُ‬ ‫لا ُء‪َ ،‬و ُي َض َّع ُ‬ ‫َلنَـا ا ْل َب َ‬
‫َان َأ َحدُ ُه ْم َل ُي ْب َت َلى‬‫ـون‪ ،‬إِ ْن ك َ‬‫الصالِ ُح َ‬ ‫ـال‪ُ « :‬ث َّم َّ‬‫ـول اهللِ ُث َّم َم ْن؟ َق َ‬ ‫ـت‪َ :‬يا َر ُس َ‬ ‫«الَ ْنبِ َي ُ‬
‫ـاء»‪ُ ،‬ق ْل ُ‬ ‫ْ‬
‫َان َأ َحدُ ُه ْم َل َي ْف َـر ُح بِا ْل َب َل ِء‪،‬‬
‫ـاء َة َيحويهـا‪َ ،‬وإِ ْن ك َ‬ ‫جـدُ َأ َحدُ ُه ْ‬
‫ـم إِ َّل ا ْل َع َب َ‬ ‫ـر‪َ ،‬حتَّـى َما َي ِ‬ ‫بِا ْل َف ْق ِ‬
‫كَمـا ي ْفـرح َأحدُ كُم بِالر َخ ِ‬
‫ـاء» (‪.)5‬‬ ‫َ َ َ ُ َ ْ َّ‬

‫(( ( «إكمال المعلم بفوائد مسلم» للقاضي عياض (‪.)19/8‬‬


‫ٍ‬
‫مرض وج ًعا»‪« .‬شرح‬ ‫(( ( الوجع‪ :‬قال النووي‪« :‬قال العلماء‪ :‬الوجع هنا المرض‪ ،‬والعرب تسمي ّ‬
‫كل‬
‫النووي على صحيح مسلم» (‪.)126/16‬‬
‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)5646‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪..)2570‬‬
‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)112/10‬‬
‫(( ( أخرجه ابن ماجه في «سننه» رقم (‪ ،)4024‬وإسناده حسن‪.‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪71‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫قال الطحاوي‪« :‬تأ َّم ْلنا هذه اآلثار‪ ،‬فوجدنا رسول اهلل ﷺ ّ‬
‫لما كان ال خطايا له‬
‫الو ْعك‪َ ،‬ج َعل له مكان ذلك من األجر ما كان‬ ‫ُح ّط عنه بما كان يصيبه في بدنه من َ‬ ‫ت َ‬
‫ودل ما في حديث أبي سعيد من قول رسول اهلل‬ ‫يجعل له فيه مما ُذ ِك َر في هذه اآلثار‪ّ .‬‬
‫ﷺ جوا ًبا له عما سأله عنه فيه‪« :‬إِنّا ك ََذلِ َ‬
‫ك يشدّ د علينا البالء‪ ،‬و ُي َضاعف لنا األجر»‪،‬‬
‫أنه أراد بذلك نفسه وسائر أنبياء اهلل عز وجل صلوات اهلل عليهم»(‪.)1‬‬

‫المل علي القاري مع ّل ًقا على قوله‪ّ :‬‬


‫«ألن لك أجر ْين؟»‪ُ « :‬ي ْحتَمل أن يكون‬ ‫ويقول ّ‬
‫مرت ْين على أنه ّ‬
‫أقل ما في المضاعفة‪.‬‬ ‫المراد بالتثنية التكثير» ‪ ،‬ويحمل التضعيف ّ‬
‫(‪)2‬‬

‫وجمهور العلماء على ّ‬


‫أن المرض يزيد في الدرجات ويضاعف في الحسنات‬
‫التبرم من‬ ‫ٌ‬
‫ومشروط بالصبر وعدم ّ‬ ‫ويحط من السيئات(‪ ،)3‬لك ّن هذا األجر مرته ٌن‬
‫القدر‪ ،‬والسخط منه(‪.)4‬‬
‫وإخبار النبي ﷺ بما عنده من المرض لم يؤ ّثر في هذه المضاعفة‪ ،‬بل أخذ‬
‫العلماء من هذا الحديث ً‬
‫دليل على «جواز أن يخبر الرجل بشدة ألمه لقوله ﷺ‪:‬‬
‫ك ك ََما ُيو َعك َر ُج َلن»»(‪.)5‬‬ ‫ُ‬
‫«أو َع ُ‬

‫بالء األنبياء‪ ،‬ثم‬


‫«باب أشدّ الناس ً‬
‫وقد ّبوب البخاري على هذا الحديث بقوله‪ٌ :‬‬
‫األَ ّول ّ‬
‫فاألول»(‪.)6‬‬

‫(( ( «شرح مشكل اآلثار» للطحاوي (‪.)549/5‬‬


‫(( ( «مرقاة المفاتيح» للقاري (‪.)1129/3‬‬
‫(( ( انظر‪« :‬عمدة القاري» للعيني (‪.)212 /21‬‬
‫(( ( انظر‪« :‬دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين» البن عالن الدمشقي (‪.)180/1‬‬
‫(( ( «اإلفصاح» البن هبيرة (‪.)40/2‬‬
‫(( ( «صحيح البخاري» رقم (‪.)5648‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪72‬‬

‫قال ابن حجر مع ّل ًقا‪ْ :‬‬


‫«وجه داللة حديث الباب على الترجمة‪ :‬من جهة قياس‬
‫األنبياء على نب ّينا محمد ﷺ‪ ،‬وإلحاق األولياء بهم لقربهم منهم وإن كانت درجتهم‬
‫منح ّطة عنهم‪ ،‬والسر فيه‪ّ :‬‬
‫أن البالء في مقابلة النعمة‪ ،‬فمن كانت نعمة اهلل عليه أكثر‬
‫ِ‬
‫الحر على العبد‪ ،‬وقيل ألمهات المؤمنين‪﴿ :‬ﯭ‬ ‫كان بالؤه أشد‪ ،‬ومن َث ّم ُضوعف َحدّ ّ‬
‫ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ﴾ [األحزاب‪.)1( »]٣٠ :‬‬
‫أيضـا فـي ٍ‬
‫بـاب آخـر‪ ،‬قـال‪« :‬بـاب َو ْضـع اليـد علـى‬ ‫وبـوب عليـه البخـاري ً‬
‫ّ‬
‫المريـض»(‪.)2‬‬
‫ف‬
‫وتعر ٌ‬
‫تأنيس له‪ّ ،‬‬
‫ٌ‬ ‫قال ابن الملقن‪« :‬أ َّما ُحكْم الباب َف َو ْضع اليد على المريض‬
‫لشدّ ة مرضه؛ ليدعو له العائد على حسب ما يبدو منه‪ ،‬وربما َر َقاه بيده‪ ،‬ومسح على‬
‫صالحا ُي َت َب ّرك بيده ودعائه كما فعل عليه الصالة‬
‫ً‬ ‫ألمه‪ ،‬فانتفع به العليل إذا كان عائده‬
‫والسالم‪ ،‬وذلك من ُح ْسن األدب وال ّلطف بالعليل‪ ،‬وينبغي امتثال أفعاله كلها‬
‫السنّة ّ‬
‫أن العائد‬ ‫خاصة به» ‪ ،‬لذلك قال ابن ُهبيرة‪« :‬من ُّ‬
‫(‪)3‬‬
‫واالقتداء به فيها ما لم تكن ّ‬
‫يحس الرجل من‬
‫ّ‬ ‫ليتعرف بذلك حاله‪ ،‬فيخبره بما يجد منه‪ ،‬فلقد‬
‫ّ‬ ‫يمس المريض؛‬
‫ّ‬
‫لمس صاحبه ما ال يحس به الملموس من نفسه»(‪.)4‬‬
‫ك»‪ٌ :‬‬
‫«دليل ّ‬
‫أن الرجل إذا‬ ‫وفي قول ابن مسعود ‪ ‬للنبي ﷺ‪« :‬إِن َ‬
‫ّك لمت ََو ِّع ٌ‬
‫عزيزا عليه صدّ قه فيما يراه منه»(‪.)5‬‬
‫مريضا ً‬
‫عاد ً‬

‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)112/10‬‬


‫(( ( «صحيح البخاري»‪ ،‬رقم (‪.)5659‬‬
‫(( ( «التوضيح لشرح الجامع الصحيح» البن الملقن (‪.)297/27‬‬
‫(( ( «اإلفصاح» البن هبيرة (‪.)41/2‬‬
‫(( ( «اإلفصاح» البن هبيرة (‪.)41/2‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪73‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫ومن فوائد أحاديث هذا المطلب‪:‬‬


‫ستحب للعائد أن ّ‬
‫يبشر المريض بثوابه‪ ،‬ويذكّره بأجر صبره على ألمه؛‬ ‫ّ‬ ‫‪ 1‬ـ أنه ُي‬
‫ك َأ ْج َر ْين»‪ ،‬وقول رسول اهلل ﷺ‪َ :‬‬
‫«أ َجل»‪ ،‬فصدّ قه في ذلك‪،‬‬ ‫لقول ابن مسعود‪« :‬إِ ّن َل َ‬
‫ولم ينكره عليه؛ ألنها ُب ْش َرى لسائر األ ّمة في المرض(‪.)1‬‬
‫وقال ابن بطال‪« :‬وقوله عليه الصالة والسالم البن مسعود‪َ :‬‬
‫«أ َجل» أنه ينبغي‬
‫للمريض أن يحسن جواب زائره ويتقبل ما يعده من ثواب مرضه ومن إقالته»(‪.)2‬‬
‫السنَّة ـ كما قال المه ّلب بن أبي ُص ْفرة ـ‪« :‬أن يخاطب العليل بما‬ ‫‪ 2‬ـ فيه ّ‬
‫أن من ُّ‬
‫يس ّليه من ألمه‪ ،‬ويغبطه بأسقامه بتذكيره بالكفارة لذنوبه‪ ،‬وتطهيره من آثاره‪ ،‬ويطمعه‬
‫من اإلقالة‪ ،‬كقوله‪« :‬ال بأس عليك مما تجده‪ ،‬بل يك ّفر اهلل به ذنوبك‪ ،‬ثم يفرج عنك‬
‫فيجمع لك األجر والعافية»؛ ّ‬
‫لئل يسخط أقدار اهلل واختياره له وتفقده إ َّياه بأسباب‬
‫الرحمة‪ ،‬وال يتركه إلى نزغات الشيطان والسخط‪ ،‬فربما جازاه اهلل بالتسخيط سخ ًطا‪،‬‬
‫قدرا يكون سب ًبا إلى أن ّ‬
‫يحل به ما قاله من الموت الذي‬ ‫وبسوء ال ّظ ّن عقا ًبا فيوافق ً‬
‫حكم به على نفسه»(‪.)3‬‬
‫***‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مؤمن أهل الكتاب‬

‫وعمت رسالته الرحيمة‬


‫الحق ليظهره على الدين كله‪ّ ،‬‬
‫أرسل اهلل رسوله بالهدى ودين ّ‬
‫السمحة الثقلين‪ ،‬قال اهلل تعالى‪﴿ :‬ﮐﮑﮒﮓﮔ﴾ [األنبياء‪.]١٠٧ :‬‬

‫((( انظر‪« :‬اإلفصاح» البن هبيرة (‪.)41/2‬‬


‫(( ( «شرح ابن بطال على صحيح البخاري» (‪.)382/9‬‬
‫((( نقله ابن بطال في «شرحه على صحيح البخاري» (‪.)382/9‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪74‬‬

‫خص مؤمن أهل الكتاب دون غيره من الكفار‬


‫وكان من ترغيب دعوته‪ :‬أن ّ‬
‫عظيم لليهود أو النصارى في المسارعة‬
‫ٌ‬ ‫ترغيب‬
‫ٌ‬ ‫مرت ْين‪« ،‬وفي هذا‬
‫بمضاعفة أجره ّ‬
‫إلى اعتناق اإلسالم الذي هو خاتمة األديان‪ّ ،‬‬
‫وأن ما أرادوه من الثواب في المحافظة‬
‫ٌ‬
‫محفوظ لهم إلى ما ينالون من ثواب اإليمان الجديد‪ ،‬والعمل بالقرآن‬ ‫على دينهم‬
‫حق ح ّقه‪ ،‬وال َي ْح ِر ُم ً‬
‫عامل أجره»(‪.)1‬‬ ‫المجيد‪ ،‬فاإلسالم ال يغمط لذي ٍّ‬
‫ان‪َ :‬ر ُج ٌل‬ ‫النبي ﷺ قال‪َ « :‬ثال َث ٌة َل ُه ْم َأ ْج َر ِ‬ ‫فعن أبي موسى األشعري ‪ ‬أن ّ‬
‫وك إِ َذا َأ َّدى َح َّق اهللِ َو َح َّق‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِم ْن َأ ْه ِل الكِت ِ‬
‫َاب‪َ ،‬آم َن بِنَبِ ِّيه َو َآم َن بِ ُم َح َّمد ﷺ‪َ ،‬وال َع ْبدُ َ‬
‫الم ْم ُل ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫موالِ ِيه‪ ،‬ورج ٌل كَان ْ ِ‬
‫َت عنْدَ ُه َأ َم ٌة َف َأ َّد َب َها َف َأ ْح َس َن ت َْأدي َب َها‪َ ،‬و َع َّل َم َها َف َأ ْح َس َن َت ْعل َ‬
‫يم َها‪ُ ،‬ث َّم‬ ‫ََ ُ‬ ‫ََ‬
‫ان»(‪.)2‬‬ ‫َأ ْع َت َق َها َف َتز ََّو َج َها َف َل ُه َأ ْج َر ِ‬

‫والمقصـود بأهـل الكتـاب هـم‪ :‬اليهـود والنصـارى؛ ّ‬


‫ألن المراد بالكتـاب إذا‬
‫ُأطلـق ل ْفـظ «أهـل الكتـاب» هـو‪ :‬التـوراة واإلنجيـل‪ ،‬كمـا تظاهـرت بـه نصـوص‬
‫الكتاب والسـنة(‪.)3‬‬
‫أن النصرانية ناسخ ٌة‬
‫أن المراد به هنا‪ :‬اإلنجيل؛ باعتبار ّ‬
‫وذهب بعضهم إلى ّ‬
‫لليهودية‪ ،‬قال ابن حجر‪« :‬وال يحتاج إلى اشتراط النسخ؛ ّ‬
‫ألن عيسى عليه الصالة‬
‫ٍ‬
‫خالف‪ ،‬فمن أجابه منهم نُسب إليه‪ ،‬ومن‬ ‫والسالم كان قد أرسل إلى بني إسرائيل بال‬
‫كذبه منهم واستمر على يهوديته لم يكن مؤمنًا‪ ،‬فال يتناوله الخبر؛ ّ‬
‫ألن شرطه أن‬ ‫ّ‬
‫يكون مؤمنًا بنبيه»(‪.)4‬‬

‫((( «األدب النبوي» للشاذلي الخولي ص (‪.)101‬‬


‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)97‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)154‬‬
‫((( انظر‪« :‬الفتح» البن حجر (‪.)257/1‬‬
‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)190/1‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪75‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫المل علي القاري‪« :‬فإن ُق ْل َت‪ :‬يؤ ّيد إرادة اإلنجيل وحده رواية البخاري‪:‬‬ ‫قال ّ‬
‫يسى ُث ّم َآم َن بِي َف َل ُه َأ ْج َران»‪ُ .‬ق ْل ُت‪ :‬ال يؤ ّيده؛ ّ‬ ‫ِ‬
‫النص على عيسى إنما‬‫ألن ّ‬ ‫« َفإِ َذا َآم َن بِع َ‬
‫صحة إيمانه بأن لم يبلغه دعوة‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫مؤمن بموسى دون عيسى‪ ،‬مع ّ‬ ‫لحكمة هي بعد بقاء‬ ‫هو‬
‫حمل أهل الكتاب‬ ‫ِ‬
‫عيسى إلى بعثة نب ّينا فآمن به‪ ،‬وهذا وإن اس ُت ْبعد وجوده لكن في ْ‬
‫على ما يشمله فائدة‪ ،‬هي‪ّ :‬‬
‫أن اليهود من بنى إسرائيل ومن دخل في اليهودية من‬
‫يهودي مؤم ٌن بنبيه موسى‪ ،‬ولم ّ‬
‫يكذب‬ ‫ٌّ‬ ‫غيرهم ولم يبلغه دعوة عيسى يصدق عليه أنه‬
‫نب ًّيا آخر بعده‪ ،‬فإذا أدرك بعثة نبينا وآمن به تناوله الخبر المذكور واألجر المسطور‪،‬‬
‫متهودون‪ ،‬ولم تبلغهم دعوة عيسى؛ الختصاص رسالته‬
‫عرب نحو اليمن ّ‬
‫ومن هؤالء ٌ‬
‫ببني إسرائيل إجما ًعا دون غيرهم‪ ،‬فاتّضح بهذا ّ‬
‫أن المراد‪ :‬التوراة واإلنجيل كما هو‬
‫المعهود ذهنًا في نصوص الكتاب والسنة»(‪.)1‬‬
‫ٌ‬
‫«محمـول علـى اقتصـار الـراوي‬ ‫وأجـاب المباركفـوري بقولـه‪ّ :‬‬
‫إن هـذا‬
‫واختصـاره» (‪.)2‬‬
‫ويدخل معهم من دخل في اليهودية من غير بني إسرائيل‪َ ،‬أ ْو لم يكن بحضرة‬
‫عيسى ‪ ‬فلم تبلغه دعوته يصدق عليه أنه يهودي مؤمن‪ ،‬إذ هو مؤم ٌن بنبيه‬
‫موسى ‪ ‬ولم يكذب نب ًّيا آخر بعده‪ ،‬فمن أدرك بعثة محمد ﷺ ممن كان بهذه‬
‫المثابة وآمن به ال يشكل أنه يدخل في الخبر المذكور‪ .‬قال ابن حجر‪« :‬ومن هذا‬
‫القبيل‪ :‬العرب الذين كانوا باليمن وغيرها‪ ،‬ممن دخل منهم في اليهودية ولم تبلغهم‬
‫دعوة عيسى ‪‬؛ لكونه ُأرسل إلى بني إسرائيل خاصة»(‪.)3‬‬

‫(( ( «مرقاة المفاتيح» للقاري (‪.)78/1‬‬


‫((( «مرعاة المفاتيح» للمباركفوري (‪.)55/1‬‬
‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪ 190/1‬ـ ‪.)191‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪76‬‬
‫و ُأ ْش ِ‬
‫ـك َل علـى مـا سـبق‪ :‬اليهـود الذين كانـوا بحضرة النبـي ﷺ‪ ،‬والذيـن نزلت‬
‫فيهـم اآليـات التالية من سـورة القصـص‪﴿ :‬ﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘ‬
‫ﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟ ﭠﭡﭢﭣ ﭤﭥﭦﭧﭨ ﭩﭪﭫﭬ‬
‫ﭭ ﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹ ﭺﭻ‬
‫ﭼﭽﭾﭿﮀﮁ ﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉ‬
‫ﮊﮋﮌﮍ﴾ [القصـص‪ ٥١ :‬ـ ‪.]٥٥‬‬
‫ت َه ِذ ِه اآل َي ُة فِي َع َش َر ٍة َأنَا‬
‫فعن رفاعة القرظي ـ وكان من س ْبي ُق َر ْيظة ـ قال‪َ « :‬ن َز َل ْ‬
‫َأ َحدُ ُه ْم ﴿ ﭒﭓﭔﭕﭖﭗ﴾»(‪.)1‬‬
‫«فهؤالء من بني إسرائيل‪ ،‬ولم يؤمنوا بعيسى‪ ،‬بل استمروا على اليهودية إلى أن‬
‫آمنوا بمحمد ﷺ‪ ،‬وقد ثبت أنهم يؤتون أجرهم مرتين»(‪.)2‬‬
‫قال القاضي البيضاوي مع ّل ًقا‪ُ « :‬يحتمل إجراء الحديث على عمومه‪ ،‬إذ ال يبعد‬
‫أن يكون طرآن اإليمان بمحمد ﷺ سب ًبا لقبول تلك األديان وإن كانت منسوخة»(‪.)3‬‬
‫قـال ابـن حجـر‪« :‬ويمكـن أن ُيقـال فـي حق هـؤالء الذيـن كانـوا بالمدينـة إنه‬
‫لـم تبلغهـم دعـوة عيسـى ‪‬؛ ألنها لم تنتشـر في أكثـر البالد‪ ،‬فاسـتمروا على‬
‫يهوديتهـم مؤمنين بنبيهم موسـى ‪ ‬إلى أن جاء اإلسلام فآمنـوا بمحمد ﷺ‪،‬‬
‫فبهـذا يرتفع اإلشـكال إن شـاء اهلل تعالى»(‪.)4‬‬

‫((( أخرجه الطبري في «تفسيره» (‪ ،)594/19‬وإسناده حسن‪.‬‬


‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)191/1‬‬
‫(( ( «تحفـة األبـرار شـرح مصابيـح السـنة» للبيضـاوي (‪ ،)45/1‬ونقلـه الطيبـي فـي شـرحه علـى‬
‫المشـكاة المسـمى «الكاشـف عـن حقائـق السـنن» (‪ ،)450/2‬وعـزاه ابـن حجـر فـي «الفتـح»‬
‫(‪ )191/1‬للطيبـي‪ ،‬والصحيـح أنـه قـول البيضـاوي‪.‬‬
‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)191/1‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪77‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫والصحيح شمولية الحديث لليهود والنصارى‪ ،‬يؤكده الحديث التالي‪:‬‬


‫ـة رس ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ـو َم ا ْل َفت ِْح‪،‬‬ ‫ـول اهلل ﷺ َي ْ‬ ‫ـال‪ :‬إِنِّـي َلت َْح َت َراح َل َ ُ‬
‫َعـ ْن َأبِـي ُأ َما َمـ َة ‪َ ‬ق َ‬
‫ـل ا ْلكِتَا َب ْي ِن َف َلـ ُه َأ ْج ُر ُه‬
‫ـن َأ ْه ِ‬ ‫ِ‬
‫«م ْن َأ ْسـ َل َم م ْ‬
‫يما َق َال‪َ :‬‬
‫يلا وك َ ِ‬
‫َان ف َ‬
‫ِ‬
‫ـو ًل َح َسـنًا َجم ً َ‬ ‫ـال َق ْ‬ ‫َف َق َ‬
‫ين َف َلـ ُه َأ ْج ُر ُه َو َلـ ُه َما َلنَا‬ ‫ـن‪ ،‬و َلـه ما َلنَـا وع َلي ِه مـا ع َلينَا‪ ،‬ومن َأسـ َلم ِمن ا ْلم ْش ِ ِ‬
‫ـرك َ‬ ‫َ َ ْ َ َ ْ ََ ْ ْ َ َ ُ‬ ‫َم َّر َت ْي ِ َ ُ َ‬
‫َو َع َل ْي ِه َمـا َع َل ْينَا»(‪.)1‬‬
‫واعلم ّ‬
‫أن أهل الكتاب على أقسا ٍم‪:‬‬
‫قسم غ ّيروا وبدّ لوا وماتوا على ذلك‪ ،‬فهؤالء كفرةٌ‪.‬‬
‫‪1‬ـ ٌ‬
‫‪ 2‬ـ وقسم لم يبدّ لوا ولم يغ ّيروا وماتوا قبل بعثة النبي ﷺ‪ ،‬فهؤالء مؤمنون‪،‬‬
‫أجر واحدٌ ‪.‬‬
‫ولهم ٌ‬
‫أيضا‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ وقسم أدركوا بعثة النبي ﷺ‪ ،‬ودعاهم فلم يؤمنوا به‪ ،‬فهؤالء كفر ٌة ً‬
‫‪ 4‬ـ وقسم آمنوا به وصدّ قوا ما جاء به‪ ،‬فهؤالء لهم أجران‪ ،‬والحديث فيهم(‪.)2‬‬
‫ويرجع سبب المضاعفة ألمرين‪:‬‬
‫ـ إ ّما إليمانه بنب ّيه أوالً‪ ،‬ثم إليمانه بالنبي ﷺ(‪ ،)3‬وعليه فال يلحق به الكافر‬
‫المشرك إذا أسلم(‪.)4‬‬
‫ـ وإ ّما الحتمال أن يكون تعدد أجره؛ لكونه لم يعاند كما عاند غيره ممن أضله اهلل‬
‫على عل ٍم‪ ،‬فحصل له األجر الثاني بمجاهدته نفسه على مخالفة أنظاره(‪.)5‬‬

‫(( ( أخرجه أحمد في «مسنده» رقم (‪ ،)22234‬وإسناده حسن‪.‬‬


‫((( انظر‪« :‬فيض القدير» للمناوي (‪.)333/3‬‬
‫(( ( انظر‪« :‬شرح النووي على صحيح مسلم» (‪.)189/2‬‬
‫((( انظر‪« :‬دليل الفالحين» البن عالن الدمشقي (‪.)159/7‬‬
‫(( ( انظر‪« :‬فتح الباري» البن حجر (‪.)146/6‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪78‬‬

‫وقد يشكل على هذه المضاعفة قوله تعالى‪﴿ :‬ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ﴾‬


‫وأن‬ ‫إن ما جاء في اآلية هو ٌ‬
‫عدل من اهلل‪ّ ،‬‬ ‫[النجم‪ .]٣٩ :‬وأجاب العيني على هذا بقوله‪ّ :‬‬
‫المضاعفة الواردة في األحاديث هو ٌ‬
‫فضل من اهلل تعالى(‪.)1‬‬
‫ومن أحاديث هذا الباب الذي تشهد لهذه المسألة‪:‬‬
‫أن أبا سفيان ‪ ‬أخبره‪َ « :‬أ َّن ِه َر ْق َل َأ ْر َس َل‬ ‫ما رواه ابن عباس ‪ّ ،‬‬
‫ول اهللِ ﷺ ا َّل ِذي َب َع َث بِ ِه ِد ْح َي ُة‬ ‫َاب رس ِ‬ ‫ِ‬
‫ش»‪ .‬وفيه‪ُ « :‬ث َّم َد َعا بِكت ِ َ ُ‬ ‫ْب ِم ْن ُق َر ْي ٍ‬ ‫إِ َل ْي ِه فِي َرك ٍ‬
‫الر ِحيمِ‪ِ ،‬م ْن‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إِ َلى َعظي ِم ُب ْص َرى‪َ ،‬فدَ َف َع ُه إِ َلى ه َر ْق َل‪َ ،‬ف َق َر َأ ُه َفإِ َذا فيه‪« :‬بِ ْس ِم اهلل َّ‬
‫الر ْح َم ِن َّ‬
‫الهدَ ى‪َ ،‬أ َّما َب ْعدُ ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ٍ ِ ِ‬
‫الرومِ‪َ :‬سال ٌم َع َلى َم ِن ا َّت َب َع ُ‬ ‫ُم َح َّمد َع ْبد اهلل َو َر ُسوله إِ َلى ه َر ْق َل َعظي ِم ُّ‬
‫ت َفإِ َّن‬ ‫هلل َأ ْج َر َك َم َّر َت ْي ِن‪َ ،‬فإِ ْن ت ََو َّل ْي َ‬
‫كا ُ‬ ‫إل ْسالمِ‪َ ،‬أ ْسلِ ْم ت َْس َل ْم‪ُ ،‬ي ْؤتِ َ‬
‫وك بِ ِد َعا َي ِة ا ِ‬
‫َفإِنِّي َأ ْد ُع َ‬
‫ِ‬
‫ين»(‪.)3(»)2‬‬‫ك إِ ْث َم األَ ِريس ِّي َ‬ ‫َع َل ْي َ‬
‫ومعنى‪ِ َ :‬‬
‫«أ ْسل ْم ت َْس َل ْم» ـ كما قال السفيري ـ‪« :‬أي‪ :‬إِ ْن َأ ْس َل ْمت تبق ً‬
‫سالما‪ ،‬وهذا‬
‫نوع من البديع وهو الجناس‪،‬‬
‫من محاسن الكالم وبليغه وإيجازه واختصاره‪ ،‬وفيه ٌ‬
‫فهو كقوله تعالى ﴿ﰝ ﰞ ﰟ﴾ [النمل‪.)4(»]٤٤ :‬‬

‫ك اهللُ‬‫«أ ْسلِ ْم ت َْس َل ْم‪ُ ،‬ي ْؤتِ َ‬


‫و«قال العلماء‪ :‬في قوله ﷺ في كتابه الذي كتبه إلى قيصر‪َ :‬‬
‫أن قيصر كان على دين عيسى ‪ ‬حين كان ح ًّقا‬ ‫َأ ْج َر َك َم َّر َت ْي ِن»‪ ،‬هذا ّ‬
‫يدل على ّ‬
‫قبل التبديل والنسخ‪ ،‬وإال َف َل ْم َي ُك ْن له أجره مرتين لو أسلم‪ّ ،‬‬
‫ويدل على أنه وأصحابه‬

‫(( ( انظر‪« :‬عمدة القاري» للعيني (‪)98/1‬‬


‫َ‬
‫والخ َول‪ ،‬يعني‪ :‬لصدّ ه إياهم عن الدّ ين‪ .‬انظر‪« :‬النهاية في‬ ‫(( ( األريس ّيين‪ :‬قال أبو عبيد‪ :‬هو الخدم‬
‫غريب الحديث واألثر» البن األثير (‪.)38/1‬‬
‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)7‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)1773‬‬
‫((( «شرح البخاري» للسفيري (‪.)267/1‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪79‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫[آل‬ ‫أهل كتاب؛ ألنه خاطبه بـ ﴿ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ﴾‬


‫عمران‪ .]٦٤ :‬ويحتمل أنه يكون تضعيف األجر له مرتين من جهة إسالمه ومن جهة ّ‬
‫أن‬
‫إسالمه يكون سب ًبا لدخول أتباعه في دين اإلسالم»(‪.)1‬‬

‫والحكمة في تخصيص قوله تعالى‪﴿ :‬ﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰ‬


‫ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂﮃ‬
‫ﮄﮅﮆﮇﮈﮉ﴾ [آل عمران‪ ]٦٤ :‬باإلرسال إلى هرقل دون‬
‫غيرها من ِ‬
‫اآلي الكريمات‪ :‬أنه نصراني‪ ،‬والنصارى جمعت هذه األمور الثالثة‪:‬‬
‫عبدوا غير اهلل وهو عيسى‪ ،‬وأشركوا باهلل فقالوا‪ :‬إنه ثالث ثالثة‪ ،‬واتخذوا األحبار‬
‫والرهبان أربا ًبا من دون اهلل‪ ،‬قال اهلل تعالى ﴿ﯘ ﯙ ﯚ‬
‫ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ﴾ [التوبة‪.)2(]٣١ :‬‬

‫وكذلك ما رواه ابن عمر ‪ ،‬أن رسول اهلل ﷺ قال‪« :‬إِن ََّما َأ َج ُلك ُْم فِي‬
‫س‪َ ،‬وإِن ََّما َم َث ُلك ُْم َو َم َث ُل‬‫الش ْم ِ‬
‫ب َّ‬ ‫َأج ِل من َخال ِمن األُممِ‪ ،‬ما بين ص ِ‬
‫الة ال َع ْص ِر إِ َلى َمغ ِْر ِ‬ ‫َ َ َ َْ َ َ‬ ‫َ َ ْ‬
‫ار َع َلى‬ ‫ف الن ََّه ِ‬ ‫ود‪ ،‬والنَّصارى‪ ،‬كَرج ٍل اس َتعم َل عم ًال‪َ ،‬ف َق َال‪ :‬من يعم ُل لِي إِ َلى نِص ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫َ ْ ََْ‬ ‫َ ُ ْ ْ َ ُ َّ‬ ‫ال َي ُه َ َ َ‬
‫اط ِقير ٍ‬‫ار ع َلى ِقير ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ٍ ِ ٍ‬
‫اط‪ُ ،‬ث َّم َق َال‪َ :‬م ْن َي ْع َم ُل‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ق َيراط ق َيراط‪َ ،‬ف َعم َلت ال َي ُهو ُد إِ َلى ن ْصف الن ََّه ِ َ‬
‫ف‬ ‫ت النَّصارى ِمن نِص ِ‬ ‫اط‪َ ،‬فع ِم َل ِ‬ ‫اط ِقير ٍ‬ ‫الة العص ِر ع َلى ِقير ٍ‬ ‫ار إِ َلى ص ِ‬ ‫ف الن ََّه ِ‬ ‫لِي ِمن نِص ِ‬
‫ْ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ ْ‬
‫اط‪ُ ،‬ثم َق َال‪ :‬من يعم ُل لِي ِمن ص ِ‬
‫الة ال َع ْص ِر‬ ‫اط ِقير ٍ‬ ‫الة العص ِر ع َلى ِقير ٍ‬ ‫ار إِ َلى ص ِ‬ ‫الن ََّه ِ‬
‫ْ َ‬ ‫َ ْ ََْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫َ‬
‫ون ِمن ص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الة ال َع ْص ِر‬ ‫ين َي ْع َم ُل َ ْ َ‬ ‫س َع َلى ق َيرا َط ْي ِن ق َيرا َط ْي ِن‪َ ،‬أال‪َ ،‬ف َأ ْنت ُُم ا َّلذ َ‬ ‫الش ْم ِ‬ ‫ب َّ‬ ‫إِ َلى َمغ ِْر ِ‬
‫َضب ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت ال َي ُهو ُد‪،‬‬ ‫س‪َ ،‬ع َلى ق َيرا َط ْي ِن ق َيرا َط ْي ِن‪َ ،‬أال َلك ُُم األَ ْج ُر َم َّر َت ْي ِن‪َ ،‬فغ َ‬ ‫الش ْم ِ‬ ‫ب َّ‬ ‫إِ َلى َمغ ِْر ِ‬

‫((( «شرح البخاري» للسفيري (‪ 266/1‬ـ ‪.)267‬‬


‫(( ( انظر‪« :‬التوضيح لشرح الجامع الصحيح» البن الملقن (‪.)404/2‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪80‬‬

‫اء‪َ ،‬ق َال اهللُ‪َ :‬ه ْل َظ َل ْم ُتك ُْم ِم ْن َح ِّقك ُْم‬


‫َوالن ََّص َارى‪َ ،‬ف َقا ُلوا‪ :‬ن َْح ُن َأ ْك َث ُر َع َم ًل َو َأ َق ُّل َع َط ً‬
‫َش ْيئًا؟ َقا ُلوا‪ :‬ال‪َ ،‬ق َال‪َ :‬فإِ َّن ُه َف ْضلِي ُأ ْعطِ ِيه َم ْن ِشئْت»(‪.)1‬‬
‫«تضمن الحديث ّ‬
‫أن أجر النصارى كان أكثر من أجر اليهود؛‬ ‫ّ‬ ‫قال ابن حجر‪:‬‬
‫ألن اليهود عملوا نصف النهار بقيراط والنصارى نحو ربع النهار بقيراط ولعل ذلك‬
‫باعتبار ما حصل لمن آمن من النصارى بموسى وعيسى فحصل لهم تضعيف األجر‬
‫مرتين بخالف اليهود فإنهم لما بعث عيسى كفروا به»(‪.)2‬‬
‫عظيم لليهود أو النصارى في المسارعة إلى‬
‫ٌ‬ ‫«ترغيب‬
‫ٌ‬ ‫وهذه األحاديث فيها‬
‫اعتناق اإلسالم الذي هو خاتمة األديان‪ّ ،‬‬
‫وأن ما أرادوه من الثواب في المحافظة‬
‫ٌ‬
‫محفوظ لهم إلى ما ينالون من ثواب اإليمان الجديد‪ ،‬والعمل بالقرآن‬ ‫على دينهم‬
‫المجيد‪ ،‬فاإلسالم ال يغمط لذي حق حقه‪ ،‬وال يحرم عام ً‬
‫ال أجره»(‪.)3‬‬
‫أج ِرها‪ ،‬مـع ق َّلة‬
‫قـال ابن حجـر‪« :‬وفـي الحديث تفضيـل هذه األمـة‪ ،‬وتوفيـر ْ‬
‫عم ِلها» (‪.)4‬‬
‫َ‬
‫ومن فوائد أحاديث هذا المطلب‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ ينسـحب حكـم الرجل الكتابـي على المرأة الكتابية؛ ّ‬
‫«ألن النسـاء شـقائق‬
‫الرجـال كمـا هـو مضطـرد في جل األحـكام حيـث يدخلن مـع الرجال تبعـا إال ما‬
‫خصـه الدليل»(‪.)5‬‬

‫((( سبق تخريجه‪.‬‬


‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)449/4‬‬
‫((( «األدب النبوي» للشاذلي الخولي ص (‪.)101‬‬
‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)449/4‬‬
‫(( ( «فيض القدير» للمناوي (‪.)333/3‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪81‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫‪ 2‬ـ فيـه أنـه ـ كمـا قال ابن رجـب ـ‪« :‬ليس ّ‬


‫كل مـن له أجره مرتيـن يكون أفضل‬
‫مـن غيـره»(‪ ،)1‬زاد المنـاوي‪« :‬ال يلزم على ذلـك أن الصحابي الـذي كان كتابي ًا أجره‬
‫زائـد علـى أجر كبـار الصحابة كالخلفـاء األربعـة؛ ألن اإلجماع خصهـم وأخرجهم‬
‫من هـذا الحكم»(‪.)2‬‬
‫ٍ‬
‫صدق في اإليمان‪،‬‬ ‫قال الباحث‪ :‬ألنه يكون عند المسلم من غير أهل الكتاب من‬
‫ٍ‬
‫وكثير من العبادة ما يفوق عمل مؤمن أهل الكتاب‪ ،‬وهذا في‬ ‫ٍ‬
‫وإخالص في العمل‪،‬‬
‫الغالب‪ ،‬واهلل تعالى أعلم‪.‬‬
‫يضم مع هؤالء الثالث أمهات المؤمنين مع ّ‬
‫أن له ّن األجر‬ ‫‪ 3‬ـ «قيل‪ :‬وإنما لم ّ‬
‫خاص به ّن‪ ،‬وما هنا عا ٌّم»(‪ ،)3‬زاد ابن ّ‬
‫علن الدمشقي‪« :‬االقتصار‬ ‫ٌّ‬ ‫مرت ْين؛ ّ‬
‫ألن ذلك‬
‫عليهم؛ لدعاية المقام إليه»(‪.)4‬‬
‫‪ 4‬ـ اعلم «أنه ال مفهوم للعدد المذكور في حديث أبي موسى‪ ،‬فالمراد هذه‬
‫األشياء وأمثالها‪ ،‬وليس المقصود بذكرها ن ْفي ما عداها‪ ،‬فإن التنصيص باسم الشيء‬
‫ال ّ‬
‫يدل على ن ْفي الحكم عما عداه‪ ،‬وهو مذهب الجمهور» (‪.)5‬‬
‫والنصراني كما ضوعف له األجر فقد‬
‫ّ‬ ‫اليهودي‬
‫ّ‬ ‫‪ 5‬ـ ذهب الطيبي إلى ّ‬
‫أن‬
‫ضوعف له الوزر والعقوبة؛ ألنهم «أولى الناس بالنبي ـ ﷺ ـ بمعرفتهم به؛ ألنه‬
‫مكتوب عندهم في التوراة واإلنجيل‪ ،‬فإذا كفروا به استوجبوا من العذاب ضعف‬

‫(( ( «فتح الباري» البن رجب (‪.)232/2‬‬


‫(( ( «فيض القدير» للمناوي (‪.)333/3‬‬
‫(( ( «مرقاة المفاتيح» للقاري (‪.)80/1‬‬
‫((( «دليل الفالحين» البن عالن (‪.)158/7‬‬
‫((( «مرعاة المفاتيح» للمباركفوري (‪.)57/1‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪82‬‬

‫عذاب الناس‪ ،‬والعكس إذا آمنوا؛ ألنه في قوة أنه من الجهنميين‪ ،‬فهو من أسلوب‬
‫قوله‪ :‬فالن من العلماء‪ ،‬أي له مساهمة معهم في العلم‪ ،‬وأن الوصف كاللقب‬
‫المشهور له»(‪.)1‬‬
‫***‬

‫المطلب الثالث‪ :‬العبد المملوك الذي أسلم وأطاع سيده‪.‬‬

‫كم َلت‬ ‫ً‬


‫عاقل مم ّي ًزا‪ ،‬فإذا آمن ُ‬ ‫جعل اهلل للعبد شرف اآلدمية‪ ،‬وخلقه داركًا‬
‫درجته(‪ ،)2‬بل ب ّين الحديث أن العبد المملوك إذا أسلم وأطاع سيده حصل له أجران‪.‬‬
‫ذر‬‫وإن كان عبده نس ًبا؛ لقول النّبي ﷺ ألبي ٍّ‬ ‫أخا لمواله ِدينًا‪ْ ،‬‬ ‫و ُيعدّ العبد ً‬
‫ت‬ ‫َان َأ ُخو ُه ت َْح َ‬ ‫ت َأ ْي ِديك ُْم‪َ ،‬ف َم ْن ك َ‬ ‫الغفاري‪« :‬إِ َّن إِ ْخ َوا َنك ُْم َخ َو ُلك ُْم(‪َ )3‬ج َع َل ُه ُم ا ُ‬
‫هلل ت َْح َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬
‫وه ْم‬ ‫َيده‪َ ،‬ف ْل ُي ْطع ْم ُه م َّما َي ْأك ُُل‪َ ،‬و ْل ُي ْلبِ ْس ُه م َّما َي ْل َب ُس‪َ ،‬وال ُت َك ِّل ُف ُ‬
‫وه ْم َما َيغْل ُب ُه ْم‪َ ،‬فإِ ْن َك َّل ْفت ُُم ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُوهم»(‪.)4‬‬ ‫َما َيغْل ُب ُه ْم َف َأعين ُ‬
‫األخوة والمثل ّية ثابت ٌة بين العبد وس ّيده‪ ،‬إال ّ‬
‫أن درجته‬ ‫ّ‬ ‫ّبي ﷺ َّ‬
‫أن‬ ‫«فأخبر الن ّ‬
‫ِ‬
‫صريحا بمضاعفة األجر للعبد المملوك‬
‫ً‬ ‫نَقصت بم ْلك ّ‬
‫الر َقبة»(‪)5‬؛ لذلك جاء النص‬
‫إذا أسلم وأطاع س ّيده‪.‬‬

‫((( «شرح الطيبي على المشكاة المسمى الكاشف عن حقائق السنن» (‪.)451/2‬‬
‫(( ( انظر‪« :‬القبس في شرح الموطأ» البن العربي (‪.)959/3‬‬
‫ُون و ِ‬ ‫ِ‬
‫احدً ا‪ ،‬وي َق ُع‬ ‫الرجل وأتبا ُعه‪ ،‬وأحدُ هم َخائ ٌل‪َ .‬و َقدْ َيك ُ َ‬
‫«الخ َو ُل‪َ :‬ح َش ُم ُ‬
‫(( ( َخ َولكم‪ :‬قال ابن األثير‪َ :‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بد واأل َمة‪َ ،‬و ُه َو َم ْأ ُخو ٌذ ِم َن الت ْ‬
‫َع َلى الع ِ‬
‫الرعاية»‪ .‬النهاية في غريب‬ ‫َّخ ِويل‪ :‬التَّمليك‪َ .‬وق َيل‪ :‬م َن ِّ‬ ‫َ‬
‫الحديث (‪.)88/2‬‬
‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)2545‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪..)1661‬‬
‫((( «القبس في شرح موطأ مالك بن أنس» البن العربي (‪.)959/1‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪83‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫ان‪َ :‬ر ُج ٌل‬ ‫النبي ﷺ قال‪َ « :‬ثال َث ٌة َل ُه ْم َأ ْج َر ِ‬ ‫وعن أبي موسى األشعري ‪ ‬أن ّ‬
‫وك إِ َذا َأ َّدى َح َّق اهللِ َو َح َّق‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِم ْن َأ ْه ِل الكِت ِ‬
‫الم ْم ُل ُ‬‫َاب‪َ ،‬آم َن بِنَبِ ِّيه َو َآم َن بِ ُم َح َّمد ﷺ‪َ ،‬وال َع ْبدُ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫موالِ ِيه‪ ،‬ورج ٌل كَان ْ ِ‬
‫َت عنْدَ ُه َأ َم ٌة َف َأ َّد َب َها َف َأ ْح َس َن ت َْأدي َب َها‪َ ،‬و َع َّل َم َها َف َأ ْح َس َن َت ْعل َ‬
‫يم َها‪ُ ،‬ث َّم‬ ‫ََ ُ‬ ‫ََ‬
‫ان»(‪.)1‬‬ ‫َأ ْع َت َق َها َف َتز ََّو َج َها َف َل ُه َأ ْج َر ِ‬

‫فمن صفة العبد المملوك الصالح أنه «لسيده الخاد ُم المطيع والحافظ األمين‪،‬‬
‫يخلص لسيده في سائر أعماله‪ ،‬يحرص على ماله وينميه‪ ،‬ويحافظ على بناته وبنيه‪،‬‬
‫يرشده إلى ما يراه الخير‪ ،‬وينبهه إلى مواطن الشر‪ ،‬وهو لربه مؤد للحقوق‪ ،‬قائم‬
‫بالواجبات فال يلهيه القيام بخدمة سيده‪ ،‬عن القيام بحق بارئه‪ ،‬فإذا ما نودي للصالة‬
‫هرول إليها‪ ،‬وإذا ما دعي لمكرمة أجابها‪ ،‬وإذا ما رغب إليه سيده في اقتراف جريمة‬
‫نصحه وأطاع ربه‪ ،‬فهو بأوامر الدين قائم‪ ،‬ولنواهيه تارك‪ ،‬وللقرآن ذاكر‪ ،‬وللسوء‬
‫مخاصم»(‪.)2‬‬
‫َف َو ْج ُه المضاعفة في هذا الحديث هو حصول العبد على«أجر عبوديته هلل‬
‫الر ّق» (‪،)3‬‬
‫وتحمله مضض العبودية‪ ،‬واإلذعان لحقوق ّ‬
‫ّ‬ ‫تعالى‪ ،‬وأجر طاعته لسيده‪،‬‬
‫يقول القاضي عياض‪« :‬ذلك ّ‬
‫أن جميع تصرف العبد غال ًبا في امتثال األوامر؛ إما هلل‬
‫وإما لمالكه‪ ،‬بخالف الحر الذى يتصرف باختياره‪ ،‬فالعبد طائع لمواله بما ملكه اهلل‬
‫من منافعه‪ ،‬وطاعته له طاعة هلل‪ ،‬فأجره أبدً ا متصل»(‪.)4‬‬
‫وطاعة العبد لسيده مرتهن ٌة ْ‬
‫بنصحه له ورعايته لماله‪ ،‬كما بينته الرواية األخرى‪.‬‬

‫((( سبق تخريجه‪.‬‬


‫((( «األدب النبوي» للشاذلي الخولي ص (‪.)101‬‬
‫((( «شرح صحيح البخاري» البن بطال (‪.)137/1‬‬
‫(( ( «إكمال المعلم» للقاضي عياض (‪.)436/5‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪84‬‬

‫ول اهللِ ﷺ َق َال‪« :‬ال َع ْبدُ إِ َذا ن ََص َح َس ِّيدَ ُه‪َ ،‬و َأ ْح َس َن‬
‫َف َع ِن ابن عمر ‪َ ‬أ َّن َر ُس َ‬
‫ِع َبا َد َة َر ِّب ِه‪ ،‬ك َ‬
‫َان َل ُه َأ ْج ُر ُه َم َّر َت ْين»(‪.)1‬‬
‫قال أبو الوليد الباجي في تفسير معنى الن ّْصح الوارد في الحديث‪ُ « :‬ي ِريد حفظه‬
‫وأنماه وامتثل أمره في الطاعة والمباح‪ ،‬ولم َيخنْ ُه‪ ،‬و َأ ْح َسن مع ذلك عبادة ر ّبه عز‬
‫أجر عام َل ْين؛ ألنه ٌ‬
‫عامل بطاعة اهلل‪،‬‬ ‫وجل له أجره مرتين‪ ،‬يريد ـ واهلل أعلم ـ أنه له ْ‬
‫مأمور بذلك»(‪.)2‬‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫وعامل بطاعة سيده وهو‬
‫ـض المملوك علـى ن ُْص ِح سـ ّيده؛ ألنّـه را ٍع فـي ماله‪،‬‬
‫قـال ابـن بطـال‪« :‬فيـه َح ّ‬
‫مسـئول عمـا اسـت ِ‬
‫أن أثـر نصحه طاعـة اهلل؛ فلهذا تب ّيـن فضل أجره‬ ‫ُرعي‪ ،‬فبان ّ‬ ‫ٌ ّ‬ ‫وهـو‬
‫فـي طاعة اهلل علـى طاعة مـواله»(‪.)3‬‬
‫الصالِحِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫أن رسول اهلل ﷺ قال‪« :‬ل ْل َع ْبد ا ْل َم ْم ُلوك ّ‬
‫وعن أبي هريرة ‪ّ ،‬‬
‫ان»‪ ،‬ولفظ مسلم‪« :‬ا ْل ُم ْصلِحِ »(‪ .)4‬قال أبو هريرة مع ّل ًقا ـ عقب الحديث السابق ـ‪:‬‬
‫َأ ْج َر ِ‬
‫ج َها ُد فِي َسبِ ِ‬
‫يل اهللِ‪َ ،‬وا ْل َح ُّج‪َ ،‬وبِ ُّر ُأ ِّمي‪َ ،‬لَ ْح َب ْب ُ‬
‫ت‬ ‫«وا َّل ِذي َن ْف ُس َأبِي ُه َر ْي َر َة بِ َي ِد ِه‪َ ،‬ل ْو َل ا ْل ِ‬
‫َ‬
‫وك»‪.‬‬ ‫وت َو َأنَا َم ْم ُل ٌ‬
‫َأ ْن َأ ُم َ‬
‫رواية أخرى عن أبي هريرة مرفو ًعا‪« :‬إِ َذا َأ َّدى ا ْل َع ْبدُ َح َّق اهللِ َو َح َّق َم َوالِ ِيه‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫وفي‬
‫َان َل ُه َأ ْج َر ِ‬
‫ان»(‪.)5‬‬ ‫ك َ‬
‫ٍ‬
‫روايـة أخرى عن َأبِي ُهريـرةَ‪َ ،‬عن رس ِ ِ‬
‫ـول اهلل ﷺ َق َال‪« :‬إِ َذا َأ َط َ‬
‫ـاع ا ْل َع ْبدُ َر َّب ُه‬ ‫ْ َ ُ‬ ‫َْ َ‬ ‫وفـي‬

‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)2546‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)1664‬‬


‫(( ( «المنتقى شرح المو ّطأ» للباجي (‪.)307/7‬‬
‫((( «شرح صحيح البخاري» البن بطال (‪.)66/7‬‬
‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)2548‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪..)1665‬‬
‫((( أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (‪.)1666‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪85‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫ـق َأ ُبو َرافِعٍ‪َ ،‬ف َبكَـى َف ِق َيل َل ُه‪َ :‬مـا ُي ْب ِك َ‬


‫يك؟‬ ‫ـال(‪َ :)1‬ف ُأ ْعتِ َ‬
‫ان»‪َ ،‬ق َ‬‫َان َلـ ُه َأ ْج َر ِ‬ ‫َو َأ َط َ‬
‫ـاع َسـ ِّيدَ ُه ك َ‬
‫ـب َأ َحدُ ُه َما(‪.)2‬‬ ‫ِ‬ ‫ـال‪ :‬ك َ ِ‬
‫َان لي َأ ْج َران َف َذ َه َ‬ ‫َف َق َ‬

‫قـال النـووي‪« :‬المملـوك المصلـح‪ :‬هـو الناصـح لسـ ّيده‪ ،‬والقائم بعبـادة ر ّبه‬
‫بالـر ّق»(‪.)3‬‬
‫وإن لـه أجر ْين؛ لقيامـه بالح َّق ْين‪ ،‬والنكسـاره ّ‬
‫المتوجبـة عليـه‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫وانتصـر لـه ابـن حجر بقولـه‪« :‬اسـم الصالح يشـمل ما تقـدم من الشـرطين‪،‬‬
‫وهمـا‪ :‬إحسـان العبـادة والنصـح للسـيد‪ .‬ونصيحـة السـيد تشـمل أداء حقـه مـن‬
‫الخدمـة وغيرهـا»(‪.)4‬‬

‫األناسي عباد اهلل تعالى‪ ،‬فأراد تمييزه‬


‫ّ‬ ‫وصف الع ْبد بالمملوك‪ّ :‬‬
‫«أن جميع‬ ‫وسبب ْ‬
‫ٍ‬
‫مملوك»(‪،)6‬‬ ‫أعم من أن يكون مملوكًا وغير‬ ‫بكونه مملوكًا للناس» (‪ ،)5‬و ّ‬
‫«ألن العبد ّ‬
‫ٍ‬
‫مأجور على العبودية»(‪.)7‬‬ ‫«لئل ي ُظ ّن ٌّ‬
‫ظان أنه غير‬ ‫وقيل‪ :‬إنما ب ّين الشارع ذلك ّ‬

‫ـذي‬ ‫ـوك ا َّل ِ‬


‫«الم ْم ُل ُ‬
‫وعـن أبـي موسـى األشـعري ‪ ‬أن النبـي ﷺ قـال‪َ :‬‬
‫ـة وال َّطا َع ِة‬
‫ـق والن َِّصيح ِ‬
‫َ‬ ‫الح ِّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫يح ِس ِ‬
‫ـن ع َبـا َد َة َر ِّبـه و ُي َؤ ِّدي إ َلى َسـ ِّيده ا َّلـذي َل ُه َع َل ْيـه م َن َ‬
‫ُ ْ ُ‬
‫ان»(‪.)8‬‬ ‫أج َـر ِ‬
‫َل ُه ْ‬

‫((( القائل هو‪ :‬ثابت ال ُبناني الراوي عن أبي رافع‪ .‬انظر‪« :‬شرح النووي على صحيح مسلم» (‪.)139/1‬‬
‫((( أخرجه إسحاق بن راهويه في «مسنده» رقم (‪ ،)21‬وإسناده صحيح‪.‬‬
‫(( ( «شرح النووي على صحيح مسلم» (‪.)136/11‬‬
‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)175/5‬‬
‫((( «عمدة القاري» للعيني (‪.)121/2‬‬
‫((( «عمدة القاري» للعيني (‪)109/13‬‬
‫(( ( «التوضيح لشرح الجامع الصحيح» البن الملقن (‪.)226/16‬‬
‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪.)2551‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪86‬‬

‫ان‪َ :‬أ ْج ُر َما َأ ْح َس َن ِع َبا َد َة َر ِّب ِه‪َ ،‬و َأ ْج ُر َما َأ َّدى إِ َلى َملِيكِ ِه ا َّل ِذي‬ ‫زاد بعضهم‪َ « :‬ل ُه َأ ْج َر ِ‬
‫َع َل ْي ِه ِم َن ا ْل َح ِّق»(‪.)1‬‬
‫استمر العبد في هذين الفرضين حتى‬ ‫أن األجر مع َّل ٌق إذا‬ ‫رواية أخرى تب ّين ّ‬ ‫ٍ‬ ‫وفي‬
‫ّ‬
‫الوفاة‪ ،‬فعن أبي هريرة ‪ ،‬أن رسول اهلل ﷺ قال‪« :‬نِ ِعما لِ ْلمم ُل ِ‬
‫وك َأ ْن ُيت ََو َّفى‬ ‫َّ َ ْ‬
‫ُي ْح ِس ُن ِع َبا َد َة اهللِ‪َ ،‬و َص َحا َب َة َس ِّي ِد ِه‪ ،‬نِ ِع َّما َل ُه»(‪.)2‬‬
‫عبـد قـال‪ :‬يـا فلان‪ ،‬أبشـر‬ ‫زاد البيهقـي‪« :‬وكان عمـر ‪ ‬إذا مـر علـى ٍ‬
‫ّ‬
‫باألجـر مرتيـن» (‪.)3‬‬
‫أن من كان عليه فرضان فقام بهما وأ ّداهما كان‬ ‫البر‪« :‬هذا ّ‬
‫يدل على َّ‬ ‫قال ابن عبد ّ‬
‫أفضل ممن كان عليه واحد وأ ّداه‪ ،‬وكذلك سائر ما زاد من الفرائض واهلل أعلم‪ ،‬وهذا‬
‫وبر الوالدين‪ ،‬وغير ذلك مما يطول ِذكْره»(‪.)4‬‬
‫والحج‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫يدخل فيه‪ :‬الزكاة‪،‬‬
‫قال المه ّلب مع ّل ًقا على األجر ْين السابق ْين‪« :‬ال ُيقال‪ّ :‬‬
‫إن األجر ْين متساويان؛‬
‫والعيني(‪،)7‬‬
‫ّ‬ ‫وأقره ابن المل ّقن(‪،)6‬‬ ‫ّ‬
‫ألن طاعة اهلل أوجب من طاعة المخلوقين» ‪ّ ،‬‬
‫(‪)5‬‬

‫وتع ّقبه العراقي بقوله‪« :‬طاعة المخلوق المأمور بها هي من طاعة اهلل‪ ،‬وذلك كطاعة‬
‫أولي األمر وطاعة الزوج والمالك والوالد»(‪.)8‬‬

‫(( ( أخرجه أبو يعلى في «مسنده» رقم (‪ ،)7308‬وإسناده صحيح‪.‬‬


‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)2549‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)1667‬‬
‫(( ( أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» رقم (‪ ،)15811‬وإسناده صحيح‪.‬‬
‫البر (‪.)541/8‬‬
‫(( ( «االستذكار» البن عبد ّ‬
‫((( نقله ابن بطال في «شرح البخاري» (‪.)67/7‬‬
‫(( ( «التوضيح لشرح الجامع الصحيح» (‪.)225/16‬‬
‫((( «عمدة القاري» للعيني (‪.)109/13‬‬
‫((( «طرح التثريب» للعراقي (‪.)225/6‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪87‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫مرت ْين» أنه ُي ْؤجر على‬ ‫فإن قال ٌ‬


‫قائل‪ُ :‬يفهم من قوله في الحديث‪« :‬له أجره ّ‬
‫مر ًة واحدةً؛ ألنه يأتي بعملين‬ ‫كل ٍ‬
‫عمل إال ّ‬ ‫مرت ْين‪ ،‬مع أنّه ال ُيؤجر على ّ‬
‫العمل الواحد ّ‬
‫كل ٍ‬
‫آت‬ ‫مختلفين عبادة اهلل والنصح لسيده فيؤجر على كل من العملين مرة‪ ،‬وكذا ّ‬
‫ٍ‬
‫واحدة أجرها وال خصوصية للعبد بذلك‪ .‬قال العراقي‪:‬‬ ‫بطاعتين ُي ْؤ َجر على ّ‬
‫كل‬
‫يحتمل أمرين‪:‬‬

‫أحدهما‪ :‬أنه لما كان جنس العمل مختل ًفا؛ ألن أحدهما طاعة اهلل واآلخر طاعة‬
‫خصه بحصول أجره مرتين؛ ألنه يحصل له الثواب على عمل ال يأتي في‬
‫مخلوق ّ‬
‫حق غيره‪ ،‬بخالف من ال يأتي في ح ّقه إال طاعة خاصة فإنه يحصل أجره مرة واحدة‪،‬‬
‫ٍ‬
‫واحد لكن تظهر مشاركة المطيع ألميره‬ ‫ٍ‬
‫جنس‬ ‫عمل أجر‪ ،‬وأعماله من‬‫أي‪ :‬على كل ٍ‬
‫والمرأة لزوجها والولد لوالده له في ذلك‪.‬‬

‫ثانيهما‪ :‬يمكن أن يكون في العمل الواحد طاعة اهلل وطاعة سيده فيحصل له‬
‫على العمل الواحد األجر مرتين المتثاله بذلك أمر اهلل‪ ،‬وأمر سيده المأمور بطاعته‬
‫واهلل أعلم(‪.)1‬‬

‫وقـال القاضـي عيـاض‪« :‬إمـا أن يكـون التضعيـف المـراد بـه كثـرة األجـور‬
‫الحـر‪ ،‬أو يكـون علـى وجـه التضعيـف المعـروف فـي أجـر‬
‫ّ‬ ‫وزيادتهـا علـى أجـر‬
‫العمـل الواحـد مـن طاعـة اهلل تعالـى‪ ،‬بمـا امتحـن بـه مـن الـرق وربقـة العبودية‪،‬‬
‫ٍ‬
‫ألسـباب أخر من المـرض‪ ،‬والمقام‬ ‫تفض ً‬
‫لا مـن اهلل تعالـى عليه‪ ،‬كمـا ُض ّعف ذلك‬ ‫ّ‬
‫بالمدينـة وغير ذلـك»(‪.)2‬‬

‫(( ( انظر‪« :‬طرح التثريب» للعراقي (‪.)226/6‬‬


‫(( ( «إكمال المعلم» للقاضي عياض (‪.)436/5‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪88‬‬

‫وذهب الصنعاني إلى أن المراد بقوله‪« :‬كان له أجران» ليس «أجر طاعة ر ّبه‬
‫ٍ‬
‫عامل‪ ،‬بل المراد يضاعف له أجر‬ ‫وأجر طاعة مواليه‪ ،‬فإنه معلو ٌم أن اهلل ال يضيع عمل‬
‫كل عمل نظير قوله تعالى‪﴿ :‬ﭙ ﭚ ﭛ﴾ [األحزاب‪.)1( »]٣١ :‬‬

‫قال الباحث‪ :‬هذا هو الصحيح‪ ،‬يؤكّده عموم قول النبي ﷺ في الحديث‬


‫مرت ْين»‪.‬‬ ‫السابق‪« :‬ثالث ٌة ُي ْ‬
‫ؤتون أجرهم ّ‬
‫ومن فوائد أحاديث هذا المطلب‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ قال المه ّلب‪« :‬فيه دليل َع َلى أن من أحسن في معنيين من أي فعل كان من‬
‫أفعال البر فله أجره مرتين واهلل يضاعف لمن يشاء‪ ،‬وحصول األجر مرتين بكونه‬
‫أدى حق اهلل وحق مواليه كما نطق به الحديث»(‪.)2‬‬

‫الر ِّق وذ ِّلتِه‪،‬‬


‫فضل الصبر على مضض ِّ‬
‫أيضا على ْ‬ ‫البر‪« :‬فيه ٌ‬
‫دليل ً‬ ‫‪ 2‬ـ قال ابن عبد ّ‬
‫والقيام به مع ذلك بحق السيد‪ ،‬ولهذا وما كان مثله كان العتق للرقاب من أفضل‬
‫العمل وأوجبها لجسيم الثواب» (‪.)3‬‬

‫حج‬ ‫‪ 3‬ـ قول أبي هريرة السابق فيه ٌ‬


‫دليل على‪« :‬أنه ليس على العبد جها ٌد وال ٌّ‬
‫عدو‪ ،‬فيلزم الجهاد ّ‬
‫كل مسل ٍم يكون بتلك البلد‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫في حال العبودية‪ ،‬إال أن ينزل ببلد ٌّ‬
‫ووسعه‪ .‬وأما الحج‪ :‬فإنما لم يجب عليه من أجل‬
‫فيجب على العبد منه بقدر طاقته ْ‬
‫أنه غير مالك لنفسه‪ ،‬وليس له أن يخرج عن تصرف سيده وما به الحاجة إليه‪ ،‬وإنما‬
‫ً‬
‫سبيل‪ ،‬والعبد غير مستطيع‪ .‬وأما ّبر الوالدين‪ :‬فيلزم‬ ‫خاطب اهلل من استطاع إليه‬

‫(( ( «التنوير شرح الجامع الصغير» للصنعاني (‪.)515/1‬‬


‫((( نقله ابن الملقن في «التوضيح لشرح الجامع الصحيح» (‪.)476/3‬‬
‫البر (‪.)541/8‬‬
‫(( ( «االستذكار» البن عبد ّ‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪89‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫العبد منه من خفض الجناح‪ ،‬ولين القول والتذ ّلل ما يلزم المسلمين‪ ،‬وأما السعي‬
‫عليهما بالنفقة والكسوة فال يلزمه؛ ألن نفقته وكسوته على مواله‪ ،‬وكسبه لمواله‪،‬‬
‫ٍ‬
‫شيء منه إال بإذنه» (‪.)1‬‬ ‫تصرف له في‬
‫وال ّ‬
‫يتعرض ـ يعني أبا هريرة ـ للعبادات المالية ـ كالزكاة‬
‫‪ 4‬ـ قال ابن حجر‪« :‬لم ّ‬
‫وغيرها ـ‪ ،‬إما لكونه كان إذ ذاك لم يكن له ٌ‬
‫مال يزيد على قدر حاجته‪ ،‬فيمكنه صرفه‬
‫في القربات بدون إذن السيد‪ ،‬وإما ألنه كان يرى ّ‬
‫أن للعبد أن يتصرف في ماله بغير‬
‫إذن السيد»(‪.)2‬‬
‫***‬

‫المطلب الرابع‪ :‬من أعتق أَ َم ًة بعد أن ربّاها ثم تزوجها‪.‬‬

‫لما َج َرت العادة بامتالك الرجل لإلماء والجواري‪ ،‬فإنهن يك ّن خد ًما عنده‬
‫ويأتمرن بأمره‪ ،‬فإن أحسن إلى َأ َمتِ ِه فأكرمها وأطعمها وأدبها وع ّلمها ثم أعتقها‬
‫مرتين‪.‬‬
‫وتزوجها فإن اهلل يضاعف له األجر ّ‬
‫ان‪َ :‬ر ُج ٌل‬ ‫النبي ﷺ قال‪َ « :‬ثال َث ٌة َل ُه ْم َأ ْج َر ِ‬ ‫فعن أبي موسى األشعري ‪ ‬أن ّ‬
‫وك إِ َذا َأ َّدى َح َّق اهللِ َو َح َّق‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِم ْن َأ ْه ِل الكِت ِ‬
‫َاب‪َ ،‬آم َن بِنَبِ ِّيه َو َآم َن بِ ُم َح َّمد ﷺ‪َ ،‬وال َع ْبدُ َ‬
‫الم ْم ُل ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫موالِ ِيه‪ ،‬ورج ٌل كَان ْ ِ‬
‫َت عنْدَ ُه َأ َم ٌة َف َأ َّد َب َها َف َأ ْح َس َن ت َْأدي َب َها‪َ ،‬و َع َّل َم َها َف َأ ْح َس َن َت ْعل َ‬
‫يم َها‪ُ ،‬ث َّم‬ ‫ََ ُ‬ ‫ََ‬
‫ان»(‪.)3‬‬ ‫َأ ْع َت َق َها َف َتز ََّو َج َها َف َل ُه َأ ْج َر ِ‬

‫قال ابن بطال مب ّينًا سبب هذه المضاعفة‪« :‬الذى يعتق َأ َم َت ُه فيتزوجها فله أجر‬

‫((( «شرح صحيح البخاري» البن بطال (‪.)67/7‬‬


‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)176/5‬‬
‫((( سبق تخريجه‪.‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪90‬‬

‫آخذ ٍّ‬
‫بحظ‬ ‫مفارق للكبر‪ٌ ،‬‬
‫ٌ‬ ‫العتْق والت ّْزويج‪ ،‬وأجر التأديب والتعليم‪ .‬ومن فعل هذا فهو‬
‫ٍ‬
‫ومنصب» (‪ ،)1‬وانتصر لهذا‬ ‫ٍ‬
‫شرف‬ ‫ٌ‬
‫وتارك للمباهاة بنكاح ذات‬ ‫وافر من التواضع‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫أجر إلعتاقها وتزويجها‪،‬‬ ‫«أجر في ُم َقاب َلة تعليمها وتأديبها‪َ ،‬و ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫الرأي‪ :‬المناوي وقال‪:‬‬
‫عرفي‪َ ،‬وال َّثانِي َش ْر ِع ّي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫وغاير َبين الت َّْأ ِديب والتعليم َم َع َأنه قد يدْ خل فِ ِيه‪ِ ،‬لَ ّن األول‬
‫َأو‪ :‬األول ُد ْن َي ِو ّي‪َ ،‬وال َّثانِي أخروي»(‪.)2‬‬
‫وذهب العيني إلى أن المضاعفة إنما هي بسبب العتق والزواج دون التأديب‬
‫َان َولم ي ْعتَبر ا ْلكل؟ قلت‪ِ :‬لَن الت َّْأ ِديب‬
‫والتعليم‪ ،‬قال‪َ « :‬فإِن قلت‪ :‬لِم لِم يعتَبر إالَّ ا ْثنَت ِ‬
‫َ ْ ْ‬
‫والتعليم يوجبان ْالجر فِي ْالَ ْجنَبِ ّي َو ْالَ ْو َلد َو َج ِميع النَّاس َفلم يكن ُم ْخت ًَّصا باإلماء‪،‬‬
‫ال ْعتِ َبار إال فِي ا ْل ِج َه َت ْي ِن‪ ،‬وهما‪ :‬ا ْلعتْق والتزوج‪َ .‬فإِن قلت‪ :‬إِذا ك َ‬
‫َان ا ْل ُم ْعتَبر‬ ‫َفلم يبق ِ‬
‫ْ‬
‫َأمر ْين‪َ ،‬ف َما َف ِائدَ ة ذكر ْالَمر ْي ِن اآلخرين؟ قلت‪ِ :‬لَن الت َّْأ ِديب والتعليم أكمل لِ ْل ِ‬
‫جر‪،‬‬
‫إِ ْذ تزوج ا ْل َم ْر َأة المؤدبة المعلمة َأكثر بركَة َوأقرب إِ َلى َأن تعين َز َ‬
‫وجها على دينه»(‪.)3‬‬
‫قـال القـاري‪« :‬وكان هـذا هـو الحامـل لهـم ـ أي أهـل العلـم ـ مـن تفسـيرهم‬
‫األجريـن بواحـد علـى العتـق وآخر علـى التـزوج؛ ألنه يصيـر محسـن ًا إليها إحسـان ًا‬
‫أعظـم بعـد إحسـان أعظـم بالعتـق؛ ألن األول فيـه تخليـص مـن قهـر الرق وأسـره‪،‬‬
‫والثانـي فيـه الترقـي إلـى إلحـاق المقهور بقاهـره‪ ،‬قال تعالـى في الزوجـات‪﴿ :‬ﮘ‬
‫ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ﴾ [البقـرة‪.)4(»]٢٢٨ :‬‬
‫قـال المنـاوي‪َ « :‬ق َـرن العتـق بالتزويج؛ لمـا فيه من قمـع الكبـر وإذالل النفس‬

‫((( «شرح صحيح البخاري» البن بطال (‪.)173/1‬‬


‫(( ( «التيسير بشرح الجامع الصغير» للمناوي (‪.)481/1‬‬
‫((( «عمدة القاري» للعيني (‪.)119/2‬‬
‫(( ( «مرقاة المفاتيح» للقاري (‪.)79/1‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪91‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫وتـرك التعاظـم‪ ،‬إذ لـم يكتف سـيدها بعتقها حتـى تزوجها ولم يتزوج ذات شـرف‬
‫وأصالـة ومال»(‪.)1‬‬
‫َت‬
‫«م ْن كَان ْ‬ ‫رواية أخرى َعن َأبِي موسى ‪َ ،‬ق َال‪َ :‬ق َال رس ُ ِ‬ ‫ٍ‬
‫ول اهلل ﷺ‪َ :‬‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫وفي‬
‫َان َل ُه َأ ْج َران»(‪.)3‬‬ ‫ار َي ٌة َف َعا َل َها(‪َ ،)2‬ف َأ ْح َس َن إِ َل ْي َها ُث َّم َأ ْع َت َق َها َو َتز ََّو َج َها ك َ‬ ‫َل ُه َج ِ‬
‫ول اهللِ ﷺ‪َ :‬‬ ‫ٍ‬
‫«أ ُّي َما‬ ‫وسى ‪َ ‬ق َال‪َ :‬ق َال َر ُس ُ‬ ‫وفي رواية أخرى َع ْن َأبِي ُم َ‬
‫يم َها‪َ ،‬و َأ َّد َب َها َف َأ ْح َس َن ت َْأ ِدي َب َها‪ُ ،‬ث َّم َأ ْع َت َق َها‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َت عنْدَ ُه َوليدَ ةٌ‪َ ،‬ف َع َّل َم َها َف َأ ْح َس َن َت ْعل َ‬
‫رج ٍل كَان ْ ِ‬
‫َ ُ‬
‫ان‪،‬‬‫َاب‪َ ،‬آم َن بِنَبِ ِّي ِه َو َآم َن بِي َف َل ُه َأ ْج َر ِ‬ ‫ان‪َ ،‬و َأ ُّي َما َر ُج ٍل ِم ْن َأ ْه ِل الكِت ِ‬ ‫َو َتز ََّو َج َها َف َل ُه َأ ْج َر ِ‬
‫ان»(‪.)4‬‬ ‫وك َأ َّدى َح َّق َم َوالِ ِيه َو َح َّق َر ِّب ِه َف َل ُه َأ ْج َر ِ‬ ‫و َأيما مم ُل ٍ‬
‫َ ُّ َ َ ْ‬
‫ِ‬ ‫صلها‪َ :‬ما َو َلد من ْ ِ‬
‫ثم‬
‫ال َماء في ملك الرجل‪َّ ،‬‬ ‫ومعنى الوليدة‪« :‬أي‪َ :‬أ َمة‪َ ،‬و َأ َ‬
‫َت ِعنْدَ ُه َأ َم ًة َي َط ُؤ َها»‪« :‬أي‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ (‪)5‬‬
‫كل َأ َمة» ‪ ،‬وجاء في رواية أخرى‪َ :‬‬
‫«ر ُج ٌل كَان ْ‬ ‫ُأطلق على ّ‬
‫أيضا يحصل له الثواب في تربيتها»(‪.)6‬‬ ‫يجامعها‪ ،‬وفائدة هذا القيد أنه مع هذا ً‬
‫رواية أخرى َع ْن َصالِ ِح ْب ِن َصالِ ٍح ا ْل َه ْمدَ انِ ِّي َق َال‪َ :‬ر َأ ْي ُت َر ُج ًل ِم ْن َأ ْه ِل‬ ‫ٍ‬ ‫وفي‬
‫ون فِي‬ ‫ان َي ُقو ُل َ‬
‫اس َ‬ ‫ِ ِ‬
‫الش ْعبِ َّي‪َ ،‬ف َق َال‪َ :‬يا َأ َبا َع ْم ٍرو‪ ،‬إِ َّن َم ْن ق َب َلنَا م ْن َأ ْه ِل ُخ َر َ‬
‫ان َس َأ َل َّ‬
‫اس َ‬
‫ُخ َر َ‬
‫الش ْعبِ ُّي‪َ :‬حدَّ َثنِي َأ ُبو‬ ‫ب َبدَ َن َت ُه‪َ ،‬ف َق َال َّ‬ ‫الرج ِل إِ َذا َأ ْعت ََق َأم َته‪ُ ،‬ثم ت ََزوجها‪َ :‬فهو كَالر ِ‬
‫اك ِ‬ ‫َ ُ َّ َّ َ َ ُ َ َّ‬ ‫َّ ُ‬
‫ول اهللِ ﷺ َق َال‪َ « :‬ث َل َث ٌة ُي ْؤت َْو َن َأ ْج َر ُه ْم َم َّر َت ْي ِن‪:‬‬‫وسى‪َ ،‬ع ْن َأبِ ِيه‪َ ،‬أ َّن َر ُس َ‬
‫ُب ْر َد َة ْب ُن َأبِي ُم َ‬

‫(( ( «فيض القدير» للمناوي (‪.)333/3‬‬


‫(( ( عالها‪ :‬قال ابن األثير‪« :‬أي‪ :‬أنفق عليها»‪« .‬النهاية في غريب الحديث» (‪.)321/3‬‬
‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)2544‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)154‬‬
‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪.)5083‬‬
‫((( «عمدة القاري» للعيني (‪.)79/20‬‬
‫(( ( «مرقاة المفاتيح» للقاري (‪.)78/1‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪92‬‬
‫َاب َآم َن بِنَبِ ِّي ِه‪َ ،‬و َأ ْد َر َك النَّبِ َّي ﷺ َف َآم َن بِ ِه َوا َّت َب َع ُه َو َصدَّ َق ُه‪َ ،‬ف َل ُه َأ ْج َر ِ‬
‫ان‪،‬‬ ‫َر ُج ٌل ِم ْن َأ ْه ِل ا ْلكِت ِ‬
‫َت َل ُه َأ َم ٌة َفغ ََذ َاها‬
‫ان‪َ ،‬و َر ُج ٌل كَان ْ‬ ‫وك َأ َّدى َح َّق اهللِ َت َعا َلى َو َح َّق َس ِّي ِد ِه‪َ ،‬ف َل ُه َأ ْج َر ِ‬
‫َو َع ْبدٌ َم ْم ُل ٌ‬
‫َف َأ ْح َس َن ِغ َذ َاء َها‪ُ ،‬ث َّم َأ َّد َب َها َف َأ ْح َس َن َأ َد َب َها‪ُ ،‬ث َّم َأ ْع َت َق َها َو َتز ََّو َج َها َف َل ُه َأ ْج َر ِ‬
‫ان» (‪.)1‬‬
‫ومعنى استدالل أهل العراق‪ّ :‬‬
‫أن الناقة تُهدى إلى بيت اهلل‪ ،‬ومن أهدى بدنة‬
‫ُيكره له ركوبها؛ ألنه قد جعلها هلل‪ ،‬وأخرجها عن ملكه‪ ،‬وكذلك من أعتق َأ َم ًة فقد‬
‫محررة هلل‪ ،‬فهي بمنزلة البدنة‪ ،‬فإذا تزوجها كان كأنه قد ركب بدنته‪ ،‬فر ّد‬
‫جعلها ّ‬
‫عليهم الشعبي بهذا الحديث‪.‬‬

‫ولعظيم هذا األجر‪ :‬قام النبي ﷺ ِبف ْع ِل ِه مع صف ّية بنت ُح َي ٍّي ‪ ،‬فعن‬
‫«س َبى النَّبِ ُّي ﷺ َص ِف َّي َة َف َأ ْع َت َق َها َو َتز ََّو َج َها»‪َ .‬ف َق َال َثابِ ٌت‬ ‫َأنَس ْب ِن َمالك ‪ ‬قال‪َ :‬‬
‫ِ ٍ‬

‫«أ ْصدَ َق َها َن ْف َس َها َف َأ ْع َت َق َها»(‪.)2‬‬ ‫ِلَن ٍ‬


‫َس‪َ :‬ما َأ ْصدَ َق َها؟ َق َال‪َ :‬‬

‫ويخلـص بمجمـوع الروايـات أن مضاعفـة األجـر مرتين فـي موضـوع األَ َم ِة‬
‫يكـون لمن‪:‬‬

‫ـن ِغ َذ َاء َهـا»‪ :‬يقـول المنـاوي‪« :‬غذاهـا‪ :‬بتخفيـف الـذال‬


‫‪ 1‬ـ « َغ َذ َاهـا َف َأ ْح َس َ‬
‫المعجمـة»(‪ ،)3‬زاد الصنعانـي‪ :‬أي‪« :‬أكـرم مثواهـا وأحسـن معيشـتها»(‪.)4‬‬

‫«أ َّد َب َها َف َأ ْح َس َن َأ َد َب َها»‪ :‬أي «ع ّلمها الخصال الحميدة مما يتع ّلق بآداب‬
‫‪2‬ـ َ‬

‫الخدمة؛ إذ األدب هو حسن األحوال من القيام والقعود‪ ،‬وحسن األخالق‪ ،‬فأحسن‬

‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)3446‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪..)154‬‬


‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)4201‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)1365‬‬
‫(( ( «التيسير بشرح الجامع الصغير» للمناوي (‪.)481/1‬‬
‫(( ( «التنوير شرح الجامع الصغير» للصنعاني (‪.)236/5‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪93‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫تأديبها بأن يكون بلطف من غير عنف»(‪ ،)1‬وقال المناوي‪« :‬أ ّدبها بأن راضها بحسن‬
‫الرفق‬ ‫ِ‬
‫األخالق‪ ،‬وحملها على جميل الخصال‪ ،‬فأحسن تأديبها بأن استعمل معها ّ‬
‫والتأنّي‪ ،‬وبذل الجهد في إصالحها»(‪.)2‬‬
‫ِ‬
‫يم َهـا»‪ :‬أي‪« :‬علمهـا ما ال ُبدّ من أحكام الشـريعة لها‪،‬‬ ‫‪ 3‬ـ « َع َّل َم َهـا َف َأ ْح َس َ‬
‫ـن َت ْعل َ‬
‫فاألهـم»(‪ ،)3‬زاد المناوي‪« :‬وما يتيسـر من مندوباته‬
‫ّ‬ ‫األهـم‬
‫ّ‬ ‫فأحسـن تعليمهـا بتقديم‬
‫ومطلوباته»(‪.)4‬‬
‫ٍ‬
‫ثمـرة‬ ‫يقـول الصنعانـي مع ّل ًقـا علـى هـذه األمـور بقولـه‪« :‬جمـع لهـا بيـن‬
‫ظاهرهـا بحسـن الغـذاء‪ ،‬وباطنهـا بحسـن الديـن واألخلاق فـإن اآلداب الظاهرة‬
‫نتيجـة األخلاق الباطنـة»(‪.)5‬‬
‫‪ 4‬ـ « ُث ّم َأ ْع َت َق َها»‪ :‬أي‪ :‬جعلها ُح ّرة بعد ذلك ك ّله ابتغا ًء لمرضاة اهلل(‪.)6‬‬
‫‪ 5‬ـ « َتز ََّو َج َها»‪ :‬أي‪« :‬تحصينًا له‪ ،‬ورحم ًة عليها»(‪.)7‬‬
‫بـ«ثم» التي‬
‫ّ‬ ‫يقول الصنعاني مع ّل ًقا على قوله‪« :‬ثم أعتقها وتزوجها»‪« :‬ع ّبر عنه‬
‫للتراخي؛ إلفادة أنه قد ك َُم َل ْت لديه بحسن الظاهر والباطن‪ ،‬فالنفس عليها شحيح ٌة‪،‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ َع ُظ َم الموقع بإخراجها عن ملك اليمين‪.‬‬ ‫كامل‪ ،‬فإذا أعتقها‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫واإل ْلف بها‬

‫(( ( «مرقاة المفاتيح» للقاري (‪.)79/1‬‬


‫(( ( «التيسير بشرح الجامع الصغير» للمناوي (‪.)481/1‬‬
‫(( ( «مرقاة المفاتيح» للقاري (‪ ،)79/1‬وانظر‪« :‬التيسير» للمناوي (‪.)481/1‬‬
‫(( ( «فيض القدير» للمناوي (‪.)333/3‬‬
‫(( ( «التنوير شرح الجامع الصغير» للصنعاني (‪.)236/5‬‬
‫((( انظر‪« :‬مرقاة المفاتيح» للقاري (‪.)79/1‬‬
‫(( ( «مرقاة المفاتيح» للقاري (‪.)79/1‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪94‬‬

‫وبهضم نفسه بجعل‬


‫ْ‬ ‫«وتزّوجها» أي‪ :‬كمل عليها نعمة الحرية باإلعفاف والكفالة‪،‬‬
‫مملوكته زوجته‪ ،‬فال غرو عظم أجره في ذلك»(‪.)1‬‬
‫ومن فوائد أحاديث هذا المطلب‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ قال القاضي عياض‪« :‬ال خالف بين أهل العلم في جواز تزويج الرجل‬
‫معتقته‪ ،‬وإنما اختلفوا فيمن جعل صداقها عتقها‪ ،‬وهل يكون صداق ًا أم ال؟»(‪،)2‬‬
‫والصحيح ّ‬
‫أن عتقها هو صداقها بنص الروايات السابقة‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ قال الشوكاني‪« :‬فيه ٌ‬
‫دليل على مشروعية تعليم اإلماء وإحسان تأديبهن ثم‬
‫إعتاقهن والتزوج بهن‪ ،‬وأن ذلك مما يستحق به فاعله أجرين»(‪.)3‬‬
‫تزوج‬ ‫‪ 3‬ـ فيـه دليـل علـى ّ‬
‫أن «الكفـاءة معتبـرة فـي الرجـل دون المـرأة‪ :‬فـإذا َّ‬
‫كفـؤا له فال غبـار عليـه‪ ،‬ألن القوامة بيـده‪ ،‬واألوالد ينسـبون‬
‫الرجـل امـرأة ليسـت ً‬
‫إليـه‪ ،‬والطالق بيـده»(‪.)4‬‬
‫***‬

‫المطلب الخامس‪ :‬قارئ القرآن وهو يشتد عليه ويتعتع فيه‪.‬‬

‫القرآن الكريم هو كالم اهلل الذي تع ّبد األمة بتالوته وقراءته وحسن تالوته‪،‬‬
‫وح ْفظِ ِه وتعهده بالقراءة من الفضل ما ال يخفى‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬
‫وجعل اهلل لتالوته ِ‬

‫﴿ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ‬

‫(( ( «التنوير شرح الجامع الصغير» للصنعاني (‪.)236/5‬‬


‫(( ( «إكمال المعلم» للقاضي عياض (‪.)469/1‬‬
‫(( ( «نيل األوطار» للشوكاني (‪.)184/6‬‬
‫((( «صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب األئمة» لكمال سالم (‪)107 /3‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪95‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿﰀ ﰁ‬
‫ﰂ ﰃ﴾ [فاطر‪ ٢٩ :‬ـ ‪.]٣٠‬‬

‫مطـرف بـن عبـد اهلل ‪ ‬إذا قـرأ هـذه اآليـة يقـول‪« :‬هـذه آيـة‬
‫ّ‬ ‫وكان‬
‫القـراء»(‪)1‬؛ «وذلـك لمـا أثبته لهم مـن األجر العظيـم وال ّثواب المضاعـف‪ ،‬فهم ال‬
‫ّ‬
‫القرطبي‪« :‬هذه‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫وفضلا» (‪ ،)2‬قـال‬ ‫ينعمـون باألجـر واف ًيـا‪ ،‬وإنّما يزيدهـم اهلل إكرا ًما‬
‫الزيـادة هـي ّ‬
‫الشـفاعة في اآلخـرة»(‪.)3‬‬ ‫ّ‬

‫ومن جملة عناية الشريعة بالقرآن‪ :‬ترغيب الناس في قراءته بمضاعفة األجور‬
‫وتشق عليه أجر ْين‪.‬‬
‫ّ‬ ‫لقارئه‪ ،‬حتى جعل لمن لم يحسن القراءة‬

‫الس َف َر ِة(‪ )5‬ا ْلكِ َرا ِم‬


‫آن َم َع َّ‬
‫أن النبي ﷺ قال‪« :‬الم ِ‬
‫اه ُر(‪ )4‬بِا ْل ُق ْر ِ‬ ‫َ‬ ‫فعن عائشة ‪ّ ‬‬
‫اق‪َ ،‬ل ُه َأ ْج َر ِ‬
‫ان»(‪.)7‬‬ ‫ا ْل َب َر َر ِة(‪َ ،)6‬وا َّل ِذي َي ْق َر ُأ ا ْل ُق ْر َ‬
‫آن َو َي َت َت ْعت َُع فِ ِيه‪َ ،‬و ُه َو َع َل ْي ِه َش ٌّ‬

‫ومعنى الماهر بالقرآن أنه مع السفرة الكرام البررة يحتمل أمرين‪:‬‬

‫(( ( «تفسير ابن كثير» (‪.)545/6‬‬


‫((( «نضرة النعيم في مكارم أخالق الرسول الكريم» للحميد (‪.)1181/4‬‬
‫(( ( «تفسير القرطبي» (‪.)345/14‬‬
‫(( ( الماهر‪ :‬قال النووي‪« :‬هو الحاذق الكامل الحفظ الذي ال يتوقف وال يشق عليه القراءة بجودة‬
‫حفظه وإتقانه»‪« .‬شرح النووي على صحيح مسلم» (‪.)84/6‬‬
‫الس َفرة‪ :‬قال النووي‪« :‬جمع سافر كـَ (كاتب) و(كَتبة)‪ ،‬والسافر‪ :‬الرسول‪ ،‬والسفرة الرسل؛ ألنهم‬
‫(( ( ّ‬
‫ُيسفرون إلى الناس برساالت اهلل‪ ،‬وقيل‪ :‬السفرة الكتبة ـ أي‪ :‬الكتبة ـ »‪« .‬شرح النووي على صحيح‬
‫مسلم» (‪.)84/6‬‬

‫ البررة‪ :‬قال النووي‪« :‬المطيعون‪ ،‬من ّ‬


‫البر وهو‪ :‬الطاعة»‪« .‬شرح النووي على صحيح مسلم» (‪.)84/6‬‬ ‫(((‬
‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)4937‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)798‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪96‬‬

‫‪ 1‬ـ أن يكون معنى كونه مع المالئكة أن له في اآلخرة منازل يكون فيها رفيق ًا‬
‫للمالئكة السفرة التصافه بوصفهم بِ َح ْم ِل كتاب اهلل تعالى‪.‬‬
‫الس َفرة وسالك مسلكهم(‪.)1‬‬
‫‪ 2‬ـ يراد أنه عامل بعمل َّ‬
‫ٌ‬
‫حافظ له‪،‬‬ ‫قال القاضي البيضاوي‪« :‬الماهر بالقرآن‪ :‬من حيث إنه حامل للقرآن‪،‬‬
‫الس َفرة ومعدو ٌد‬
‫أمي ٌن عليه‪ ،‬ويؤ ّديه إلى المؤمنين‪ ،‬ويكشف لهم ما يلتبس عليهم‪ ،‬مع َّ‬
‫من عدادهم‪ ،‬فإنهم الحاملون ألصله‪ ،‬الحافظون له‪ ،‬ينزلون به على أنبياء اهلل ورسله‪،‬‬
‫ويؤدون إليهم ألفاظه‪ ،‬ويكشفون عليهم معانيه» (‪.)2‬‬
‫وأمـا معنـى التعتعة فـي الحديث السـابق‪ :‬فقد قال النـووي‪« :‬هو الـذي يتر ّدد‬
‫فـي تالوته؛ لضعـف حفظه»(‪.)3‬‬
‫وقـال القاضـي البيضـاوي‪« :‬أي‪ :‬يتو ّقـف فـي تالوتـه‪ ،‬والتعتعـة فـي الكالم‪:‬‬
‫ٍ‬
‫حفـظ»(‪.)5‬‬ ‫عـي»(‪ ،)4‬زاد المنـاوي‪« :‬أو ض ْعـف‬ ‫ٍ‬
‫لحصـر أو ٍّ‬ ‫التـر ّدد فيـه‬
‫وأجر ب َت ْع َت َعتِه في تالوته ومش ّقته(‪.)6‬‬
‫ٌ‬ ‫أجر بالقراءة‬
‫أما الذي َي َت َت ْعتَع فيه فله أجران‪ٌ :‬‬
‫أجرا من‬ ‫وقد ُيشكل على البعض أن الذي يتعتع في القرآن وهو عليه ٌّ‬
‫شاق أكثر ً‬
‫الماهر فيه‪ ،‬وقد أجاب على هذا اإلمام إسحاق بن راهويه بقوله‪« :‬أجران‪ :‬يعني نفس‬
‫ٍ‬
‫حرف ُيضاعف له حتى يصير له أجران‪ ،‬والماهر به هو فوقه‪،‬‬ ‫أجر ّ‬
‫كل‬ ‫الحروف‪ ،‬أي‪ُ :‬‬

‫((( انظر‪« :‬إكمال المعلم» للقاضي عياض (‪.)166/3‬‬


‫(( ( «تحفة األبرار شرح مصابيح السنة» (‪.)519/1‬‬
‫(( ( انظر‪« :‬شرح النووي على صحيح مسلم» (‪.)85/6‬‬
‫(( ( «تحفة األبرار شرح مصابيح السنة» (‪.)520/1‬‬
‫(( ( «فيض القدير» للمناوي (‪.)259/6‬‬
‫(( ( انظر‪« :‬شرح النووي على صحيح مسلم» (‪.)85/6‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪97‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫كما جاء في أجر من كرر كلمات المؤذن يعني‪ :‬مثل أجر الكلمات التي تك ّلم بها‬
‫ٍ‬
‫ويابس‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫رطب‬ ‫مثل ِ‬
‫أجر من سمعه من‬ ‫المؤ ّذن‪ ،‬ويفضله المؤ ّذن بما صار مؤ ّذنًا فله ُ‬
‫ص بها المؤ ّذن»(‪.)1‬‬
‫كالمتشحط في دمه‪ ،‬وهو ّأول من ُيكسى‪ ،‬وأشباه ذلك ُخ ّ‬
‫ّ‬ ‫وهو‬
‫وبنحوه أجاب القاضي عياض بقوله‪« :‬ليس معناه الذي َي َت َت ْعت َُع عليه له من‬
‫أجور‬
‫ٌ‬ ‫الس َفرة‪ ،‬وله‬
‫أجرا؛ ألنه مع ّ‬
‫األجر أكثر من الماهر به‪ ،‬بل الماهر به أفضل وأكثر ً‬
‫كثيرةٌ‪ ،‬ولم يذكر هذه المنزلة لغيره‪ ،‬وكيف يلحق به من لم ِ‬
‫يعتن بكتاب اهلل تعالى‬
‫ِ‬
‫وحفظه وإتقانه وكثرة تالوته وروايته كاعتنائه حتى مهر فيه واهلل أعلم»(‪.)2‬‬
‫يصح‬
‫أجرا من الماهر‪ ،‬وال ّ‬ ‫قال القاضى عياض‪« :‬ليس فيه ٌ‬
‫دليل على أنّه أعظم ً‬
‫أجور كثيرةٌ‪ ،‬ولم‬‫ٌ‬ ‫الس َفرة فمنزلته عظيم ٌة‪ ،‬وله‬ ‫هذا إذا كان عالم ًا به؛ ّ‬
‫ألن من هو َم َع َّ‬
‫بأجر من‬ ‫ِ‬
‫تحصل هذه المنزلة لغيره ممن لم يمهر مهارته‪ ،‬وال يسوى أجر من َعل َم ْ‬
‫يعتن بكتاب اهلل‬‫لم يعلم‪ ،‬فكيف يفضله؟»(‪ ،)3‬زاد النووي‪« :‬وكيف يلحق به من لم ِ‬
‫وحفظه وإتقانه وكثرة تالوته وروايته كاعتنائه حتى مهر فيه واهلل أعلم»(‪.)4‬‬ ‫تعالى ِ‬

‫توهم السامع من ِذكْر األجر ْين أنهما يزيدان على أجر‬


‫قال ابن الجوزي‪« :‬ربما ّ‬
‫ألن المضاعفة للماهر ال تحصى‪َّ ،‬‬
‫فإن الحسنة قد تضاعف‬ ‫وليس كذلك؛ َّ‬
‫َ‬ ‫الماهر‪،‬‬
‫إلى سبعمائة وأكثر‪ ،‬واألجر شيء مقدَّ ٌر فالحسنة لها ثواب معلو ٌم ففاعلها يعطى‬
‫المقصر منه أجران»(‪.)5‬‬
‫ّ‬ ‫ذلك الثواب مضاع ًفا إلى عشر َّ‬
‫مرات‪ ،‬ولهذا‬

‫((( «مسند إسحاق بن راهويه» (‪.)709/3‬‬


‫(( ( «إكمال المعلم» للقاضي عياض (‪ )166/3‬بتصر ٍ‬
‫ف‪.‬‬ ‫ّ‬
‫(( ( «إكمال المعلم» للقاضي عياض (‪.)167/3‬‬
‫(( ( «شرح النووي على صحيح مسلم» (‪.)85/6‬‬
‫((( نقله السيوطي في «قوت المغتذي على جامع الترمذي» (‪.)727/2‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪98‬‬

‫تحريض على تحصيل القراءة واالجتهاد فيها‪،‬‬


‫ٌ‬ ‫وعليه؛ ّ‬
‫فإن الحديث السابق فيه‬
‫وال يلزم منه ّ‬
‫أن الذي يتتعتع فيه له من األجر أكثر من الماهر‪ ،‬بل الماهر أفضل‬
‫المقربين‪ ،‬أو‬
‫ّ‬ ‫أجور كثير ٌة حيث اندرج في سلك المالئكة‬
‫ٌ‬ ‫أجرا مع السفرة‪ ،‬وله‬
‫وأكثر ً‬
‫المقربين(‪.)1‬‬
‫ّ‬ ‫األنبياء والمرسلين‪ ،‬أو الصحابة‬
‫***‬

‫المطلب السادس‪ :‬الصدقة على الفقراء والمحتاجين من األرحام واألقارب‪.‬‬

‫ٍ‬
‫بيسـر وسـهولة‪ ،‬وجعل في‬ ‫أنعـم اهلل علـى اإلنسـان بالمـال ليقيم شـأن حياته‬
‫هـذا المـال ح ًّقـا معلو ًمـا للفقـراء والمحتاجيـن منهم‪ ،‬وقـد وصف اهلل المسـلمين‬
‫بصفـات كان منهـا‪ :‬قولـه تعالـى ﴿ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ﴾‬
‫[المعـارج‪ ٢٤ :‬ـ ‪.]٢٥‬‬
‫ور ّغبـت الشـريعة باالهتمـام بفقـراء القرابة واألرحـام‪ ،‬حتى جعلـت للمنفق‬
‫عليهـم أجر ْين‪:‬‬
‫ث‪َ ،‬عن َزينَب ـ امر َأ ِة َعب ِد اهللِ ب ِن مسع ٍ‬ ‫ار ِ‬
‫الح ِ‬
‫ود ‪ ‬ـ َقا َل ْت‪:‬‬ ‫ْ َ ْ ُ‬ ‫ْ ْ َ َْ ْ‬ ‫ف َع ْن َع ْم ِرو ْب ِن َ‬
‫َب‬
‫َت َز ْين ُ‬‫الم ْس ِج ِد‪َ ،‬ف َر َأ ْي ُت النَّبِ َّي ﷺ َف َق َال‪« :‬ت ََصدَّ ْق َن َو َل ْو ِم ْن ُحلِ ِّيك َُّن»‪َ ،‬وكَان ْ‬ ‫ِ‬
‫ُكن ُْت في َ‬
‫ول اهللِ ﷺ‬ ‫ُتن ِْف ُق َع َلى َع ْب ِد اهللِ‪َ ،‬و َأ ْيتَا ٍم فِي َح ْج ِر َها‪َ ،‬ق َال‪َ :‬ف َقا َل ْت لِ َع ْب ِد اهللِ‪َ :‬س ْل َر ُس َ‬
‫ْت‬‫َأيج ِزي َعنِّي َأ ْن ُأن ِْف َق َع َلي َك و َع َلى َأيتَا ٍم فِي حج ِري ِمن الصدَ َق ِة؟ َف َق َال‪ :‬س ِلي َأن ِ‬
‫َ‬ ‫َ َّ‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ ْ‬
‫اب‪،‬‬ ‫ار َع َلى ال َب ِ‬‫ول اهللِ ﷺ‪َ ،‬فا ْن َط َل ْق ُت إِ َلى النَّبِ ِّي ﷺ‪َ ،‬ف َو َجدْ ُت ا ْم َر َأ ًة ِم َن األَن َْص ِ‬ ‫َر ُس َ‬
‫الل‪َ ،‬ف ُق ْلنَا‪َ :‬س ِل النَّبِ َّي ﷺ َأ َي ْج ِزي َعنِّي َأ ْن ُأن ِْف َق َع َلى‬
‫اجتِي‪َ ،‬ف َم َّر َع َل ْينَا بِ ٌ‬ ‫ِ‬
‫اجت َُها م ْث ُل َح َ‬
‫َح َ‬

‫(( ( انظـر‪« :‬مرقـاة المفاتيـح» شـرح مشـكاة المصابيـح (‪« ،)1455/4‬دليـل الفالحين لطـرق رياض‬
‫الصالحيـن» البـن علان الدمشـقي (‪.)479/6‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪99‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫«م ْن ُه َما؟»‬ ‫ُخبِ ْر بِنَا‪َ ،‬فدَ َخ َل َف َس َأ َل ُه‪َ ،‬ف َق َال‪َ :‬‬‫َز ْو ِجي‪َ ،‬و َأ ْيتَا ٍم لِي فِي َح ْج ِري؟ َو ُق ْلنَا‪ :‬ال ت ْ‬
‫ب؟» َق َال‪ :‬ا ْم َر َأ ُة َع ْب ِد اهللِ‪َ ،‬ق َال‪َ « :‬ن َع ْم‪َ ،‬ل َها َأ ْج َر ِ‬
‫ان‪َ ،‬أ ْج ُر‬ ‫ي ال َّز َيانِ ِ‬ ‫َب‪َ ،‬ق َال‪َ :‬‬
‫«أ ُّ‬ ‫َق َال‪َ :‬ز ْين ُ‬
‫الصدَ َق ِة»(‪.)1‬‬ ‫ِ‬
‫ال َق َرا َبة َو َأ ْج ُر َّ‬
‫الخدْ ِر ِّي َر ِضي اهلل َت َعا َلى عن ُه قال‪َ :‬خ َر َج‬ ‫يد ُ‬ ‫رواية أخرى‪ :‬عن أبِي س ِع ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫وفي‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رس ُ ِ‬
‫َّاس‪َ ،‬و َأ َم َر ُه ْم‬ ‫ول اهلل ﷺ في َأ ْض ًحى َأ ْو ف ْط ٍر إِ َلى ُ‬
‫الم َص َّلى‪ُ ،‬ث َّم ان َْص َر َ‬
‫ف‪َ ،‬ف َو َع َظ الن َ‬ ‫َ ُ‬
‫اء‪،‬‬‫اء‪َ ،‬ف َق َال‪« :‬يا مع َشر النِّس ِ‬ ‫بِالصدَ َق ِة‪َ ،‬ف َق َال‪« :‬أيها النَّاس‪ ،‬تَصدَّ ُقوا»‪َ ،‬فمر ع َلى النِّس ِ‬
‫َ َ ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ َ‬ ‫َّ‬
‫ول اهللِ؟ َق َال‪ُ « :‬تكْثِ ْر َن‬‫َّار» َف ُق ْل َن‪َ :‬وبِ َم َذلِ َك َيا َر ُس َ‬
‫ت ََصدَّ ْق َن‪َ ،‬فإِنِّي َر َأ ْي ُتك َُّن َأ ْك َث َر َأ ْه ِل الن ِ‬
‫الر ُج ِل‬ ‫ين‪َ ،‬أ ْذه ِ‬ ‫ات َع ْق ٍل َو ِد ٍ‬
‫َاقص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال َّلعن‪ ،‬و َت ْك ُفر َن الع ِشير(‪ ،)2‬ما ر َأي ُ ِ‬
‫ب َّ‬‫ب ل ُل ِّ‬ ‫َ َ‬ ‫ت م ْن ن َ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ َ َ ْ‬
‫ف‪َ ،‬ف َل َّما َص َار إِ َلى َمن ِْزلِ ِه‪َ ،‬جا َء ْت‬ ‫ازمِ‪ِ ،‬من إِحدَ اكُن‪ ،‬يا مع َشر النِّس ِ‬
‫اء» ُث َّم ان َْص َر َ‬ ‫الح ِ‬
‫َّ َ َ ْ َ َ‬ ‫ْ ْ‬ ‫َ‬
‫ي‬ ‫َب‪َ ،‬ف َق َال‪َ :‬‬ ‫ود‪ ،‬تَست َْأ ِذ ُن َع َلي ِه‪َ ،‬ف ِق َيل‪ :‬يا رس َ ِ ِ ِ‬ ‫َزينَب‪ ،‬امر َأ ُة اب ِن مسع ٍ‬
‫«أ ُّ‬ ‫ول اهلل‪َ ،‬هذه َز ْين ُ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ُ َْ ْ َ ْ ُ‬
‫ود‪َ ،‬ق َال‪َ « :‬ن َع ْم‪ ،‬ائ َْذنُوا َل َها»‪َ ،‬ف ُأ ِذ َن َل َها‪َ ،‬قا َل ْت‪َ :‬يا نَبِ َّي اهللِ‪،‬‬‫ب؟» َف ِق َيل‪ :‬امر َأ ُة اب ِن مسع ٍ‬
‫َْ ْ َ ْ ُ‬ ‫ال َّز َيانِ ِ‬
‫َان ِعن ِْدي ُح ِل ٌّي لِي‪َ ،‬ف َأ َر ْد ُت َأ ْن َأت ََصدَّ َق بِ ِه‪َ ،‬ف َز َع َم ا ْب ُن‬ ‫الصدَ َق ِة‪َ ،‬وك َ‬
‫إِن ََّك َأ َم ْر َت ال َي ْو َم بِ َّ‬
‫ود‪،‬‬ ‫ود‪َ :‬أ َّنه وو َلدَ ه َأح ُّق من تَصدَّ ْق ُت بِ ِه َع َلي ِهم‪َ ،‬ف َق َال النَّبِي ﷺ‪« :‬صدَ َق ابن مسع ٍ‬ ‫م سع ٍ‬
‫ْ ُ َ ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ُ َ َ ُ َ َ ْ َ‬ ‫َ ْ ُ‬
‫ت بِ ِه َع َل ْي ِه ْم»(‪.)3‬‬ ‫ك وو َلدُ ِك َأح ُّق من تَصدَّ ْق ِ‬
‫َ َ ْ َ‬
‫ِ‬
‫ز َْو ُج َ َ‬
‫َب ـ ا ْم َر َأ ِة َع ْب ِد اهللِ ـ َقا َل ْت‪َ :‬ج َم ْع ُت َم ْو ِئ ًل لِي‬
‫و َع ْن َم ْس ُروق بن األجدع‪َ ،‬ع ْن َز ْين َ‬
‫الصدَ َق ِة‪،‬‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الصدَ َقة‪َ ،‬ف َأ َت ْي ُت َعائ َش َة‪َ ،‬ف ُق ْل ُت‪َ :‬يا ُأ َّم ا ْل ُم ْؤمني َن‪ ،‬إِنِّي َج َم ْع ُت َم ْوئ ًل لي م َن َّ‬
‫م َن َّ‬
‫ِ‬

‫ول اهللِ ﷺ‪ :‬فِي َأ ِّي َذلِ َك َأ ْج َع ُل ُه؟ َأفِي َر َق َب ٍة ُأ ْعتِ ُق َها؟ َأ ْم فِي َسبِ ِ‬
‫يل اهللِ؟ َأ ْم َع َلى‬ ‫َف َس ِلي َر ُس َ‬

‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)1466‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)1000‬‬


‫لنَّها ُتع ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫(( ( العشير‪ :‬قال ابن األثير‪ُ « :‬ي ِريدُ َّ‬
‫اش ُره‬ ‫الصديق‪َ َ َ ،‬‬ ‫كالم َصادق في َّ‬
‫الم َعاشر‪ُ ،‬‬
‫الزوج‪ ،‬وال َعشير‪ُ :‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الصحبة»‪« .‬النهاية في غريب الحديث واألثر» (‪.)240/3‬‬ ‫و ُي َعاش ُرها‪َ ،‬و ُه َو َفع ٌيل‪ ،‬م َن الع ْش َرة‪ُّ :‬‬
‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)1462‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)889‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪100‬‬

‫ول اهللِ ﷺ َع َلى َع ِائ َش َة‪َ ،‬ف َذك ََر ْت َل ُه َع ِائ َش ُة‪،‬‬
‫ود(‪َ )1‬و َبنِي َأخٍ َأ ْيتَا ٍم؟ َفدَ َخ َل َر ُس ُ‬‫َزو ٍج مجه ٍ‬
‫ْ َ ْ ُ‬
‫الصدَ َق َة َع َلى ِذي‬ ‫ٍ ِ‬
‫ول اهلل ﷺ‪« :‬ت ََصدَّ ْق ُه َع ْن ز َْوجٍ َم ْج ُهود َو َبني َأخٍ َأ ْيتَامٍ‪ ،‬إِ َّن َّ‬
‫َف َق َال رس ُ ِ‬
‫َ ُ‬
‫ف َم َّر َت ْي ِن فِي ْالَ ْج ِر» (‪.)2‬‬
‫ا ْل َق َرا َب ِة ت َْض َع ُ‬
‫ومن األحاديث الواردة في هذا الباب‪:‬‬
‫الضبي‪ ،‬قال‪َ :‬ق َال رس ُ ِ‬
‫ول اهلل ﷺ‪« :‬إِ َّن َّ‬
‫الصدَ َق َة َع َلى‬ ‫َ ُ‬ ‫ما رواه سلمان بن عامر ّ ّ ّ‬
‫َان َصدَ َق ٌة َو ِص َل ٌة» (‪.)3‬‬
‫الر ِح ِم ا ْثنَت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ا ْل ِم ْسكِ ِ‬
‫ين َصدَ َق ٌة‪َ ،‬و َع َلى ذي َّ‬
‫أجر‬
‫األجنبي ففيها ٌ‬
‫ّ‬ ‫قال المناوي مع ّل ًقا‪« :‬فيها أجران‪ ،‬بخالف الصدقة على‬
‫واحدٌ ‪ ،‬وفيه‪ :‬التصريح ّ‬
‫بأن العمل قد يجمع ثواب عمل ْين لتحصيل مقصودهما به‬
‫فلعامله سائر ما ورد في ثوابهما بفضل اهلل ومنّته»‪.‬‬
‫ولهذا األجر العظيم كان النبي ﷺ يوصي من أراد دفع زكاته وصدقاته أن‬
‫يدفعها إلى قرابته وأرحامه‪ ،‬من ذلك‪:‬‬
‫ول اهللِ‪َ ،‬ألِ َي َأ ْج ٌر َأ ْن ُأن ِْف َق َع َلى َبنِي‬‫روتْه ُأ ّم َس َل َم َة ‪َ ‬قا َل ْت‪ُ :‬ق ْل ُت‪َ :‬يا َر ُس َ‬ ‫ما َ‬
‫ت َع َل ْي ِه ْم»(‪.)4‬‬ ‫ك َأجر ما َأ ْن َف ْق ِ‬ ‫ِ‬ ‫َأبِي س َلم َة‪ ،‬إِنَّما هم بنِي؟ َف َق َال‪ِ ِ َ :‬‬
‫«أنْفقي َع َل ْي ِه ْم‪َ ،‬ف َل ْ ُ َ‬ ‫َ ُ ْ َ َّ‬ ‫َ َ‬
‫َان َأ ُبو َط ْل َح َة َأ ْك َث َر األَن َْص ِ‬
‫ار‬ ‫وكذلك ما رواه أنس بن مالك ‪ ‬قال‪ :‬ك َ‬
‫الم ْس ِج ِد‪،‬‬
‫َت ُم ْس َت ْقبِ َل َة َ‬ ‫ب َأ ْم َوالِ ِه إِ َل ْي ِه َب ْي ُر َحا َء‪َ ،‬وكَان ْ‬
‫َان َأ َح ُّ‬ ‫بِا ْل َم ِدين َِة َم ًال ِم ْن ن ْ‬
‫َخ ٍل‪َ ،‬وك َ‬

‫ال فِي ق َّلة‬


‫َان َذا َدا َّبة َضعيفة ِم َن ال َّت َعب‪َ .‬فاس َت َعار ُه لِ ْل َح ِ‬
‫ْ َ‬ ‫«ر ُجل ُم ْج ِهد‪ :‬إِ َذا ك َ‬
‫(( ( مجهود‪ :‬قال ابن األثير‪َ :‬‬
‫ا ْلمال»‪« .‬النهاية في غريب الحديث واألثر» البن األثير (‪)320 /1‬‬
‫(( ( أخرجه الطبراني في معجمه الكبير رقم (‪ ،)9288‬وإسناده ضعيف‪ ،‬لكن يشهد له أحاديث الباب‪،‬‬
‫وعليه؛ فالحديث حسن لغيره‪.‬‬
‫((( أخرجه النسائي في «سننه» رقم (‪ ،)2583‬وإسناده ضعيف؛ لكنه صحيح لغيره بشواهده‪.‬‬
‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)1467‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)1001‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪101‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫ب‪َ ،‬ق َال َأن ٌَس‪َ :‬ف َل َّما ُأن ِْز َل ْت َه ِذ ِه‬ ‫ول اهللِ ﷺ يدْ ُخ ُلها وي ْشرب ِمن م ٍ‬
‫اء فِ َيها َط ِّي ٍ‬ ‫َان َر ُس ُ‬
‫َوك َ‬
‫َ ََ َ ُ ْ َ‬ ‫َ‬
‫اآل َي ُة‪﴿ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ﴾ [آل عمران‪َ ،]٩٢ :‬قا َم َأ ُبو َط ْل َح َة إِ َلى‬
‫ول‪﴿ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ‬ ‫ول اهللِ‪ ،‬إِ َّن اهللَ ‪َ ‬ي ُق ُ‬ ‫ول اهللِ ﷺ َف َق َال‪َ :‬يا َر ُس َ‬ ‫رس ِ‬
‫َ ُ‬
‫ب َأ ْم َوالِي إِ َل َّي َب ْي ُر َحا َء‪َ ،‬وإِن ََّها َصدَ َق ٌة هللِ‪َ ،‬أ ْر ُجو‬‫ﭖ ﭗ﴾ [آل عمران‪َ ]٩٢ :‬وإِ َّن َأ َح َّ‬
‫ول اهللِ‬‫اك اهللُ‪َ ،‬ق َال‪َ :‬ف َق َال َر ُس ُ‬ ‫ول اهللِ َح ْي ُث َأ َر َ‬ ‫بِ َّر َها َو ُذ ْخ َر َها ِعنْدَ اهللِ‪َ ،‬ف َض ْع َها َيا َر ُس َ‬
‫ت‪َ ،‬وإِنِّي َأ َرى َأ ْن‬ ‫ت َما ُق ْل َ‬ ‫ك َم ٌال َرابِ ٌح‪َ ،‬و َقدْ َس ِم ْع ُ‬ ‫ك َم ٌال َرابِ ٌح(‪َ ،)2‬ذلِ َ‬ ‫ﷺ‪َ « :‬بخٍ (‪َ ،)1‬ذلِ َ‬
‫ول اهللِ‪َ ،‬ف َق َس َم َها َأ ُبو َط ْل َح َة فِي‬ ‫ِ‬
‫ين»‪َ .‬ف َق َال َأ ُبو َط ْل َح َة‪َ :‬أ ْف َع ُل َيا َر ُس َ‬ ‫ت َْج َع َل َها في األَ ْق َربِ َ‬
‫اربِ ِه َو َبنِي َع ِّم ِه(‪.)3‬‬
‫َأ َق ِ‬

‫قال النووي‪« :‬فيه‪ :‬أن القرابة يرعى ح ّقها في صلة األرحام وإن لم يجتمعوا إال‬
‫النبي ﷺ أمر أبا طلحة أن يجعل صدقته في األقربين‪ ،‬فجعلها في‬ ‫أب ٍ‬
‫بعيد؛ ّ‬ ‫في ٍ‬
‫ألن ّ‬
‫ُأ َب ّي بن كعب وحسان بن ثابت وإنما يجتمعان معه في الجدّ ّ‬
‫السابع»(‪.)4‬‬

‫ُكرر للمبالغة‪ ،‬وهي‬


‫بالشيء‪ ،‬وت ّ‬
‫ْ‬ ‫(( ( بخٍ ‪ :‬قال ابن األثير‪َ « :‬ب ْخ َب ْخ‪ :‬هي كلم ٌة تُقال عند المدْ ح ّ‬
‫والرضى‬
‫ْت فقلت‪َ :‬ب ٍخ َب ٍخ‪ ،‬وربما ُشدّ دت‪ .‬و َب ْخ َب ْخت الرجل‪:‬‬ ‫وص ْل َت َج َر ْر َت ّ‬
‫ونون َ‬ ‫مبن ّي ٌة على السكون‪ ،‬فإن َ‬
‫إذا قلت له ذلك‪ ،‬ومعناها‪ :‬تعظيم األمر وتفخيمه‪ ،‬وقد ك ُثر مجيئها في الحديث»‪« .‬النهاية في غريب‬
‫الحديث واألثر» (‪.)101/1‬‬
‫((( وقع في رواية البخاري رقم (‪ )2318‬عن يحيي بن يحيى عن مالك بلفظ‪« :‬رائح»‪ ،‬وفي بعض‬
‫المصادر (رايح)‪.‬‬
‫رجـل البِن وت ِ‬
‫َام ٌـر‪ ،‬أي‪:‬‬ ‫ٌ‬ ‫وأفـاد المـازري ّ‬
‫أن مـن رواه «رابـح» بالبـاء فمعنـاه‪ :‬ذو ٍ‬
‫ربـح‪ ،‬كما يقـال‪:‬‬ ‫ ‬
‫ٌ‬
‫«رايـح» باليـاء فمعنـاه‪ :‬أنـه قريب العائـدة‪ .‬انظـر‪ :‬المعلم بفوائد مسـلم‬
‫ٌ‬ ‫ٍ‬
‫وتمـر‪ ،‬ومـن رواه‬ ‫ذو ٍ‬
‫لبـن‬
‫للمـازري (‪.)20/2‬‬
‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)1461‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)998‬‬
‫(( ( «شرح النووي على صحيح مسلم» (‪.)86/7‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪102‬‬

‫ار ِ‬
‫الح ِ‬
‫ث‪‬‬ ‫اس‪َ ،‬أ َّن َم ْي ُمو َن َة بِن َْت َ‬ ‫ب َم ْو َلى ا ْب ِن َع َّب ٍ‬ ‫ومنها ما رواه ك َُر ْي ٌ‬
‫ور َع َل ْي َها‬ ‫ِ‬ ‫َأ ْخ َب َر ْت ُه‪َ ،‬أن ََّها َأ ْع َت َق ْت َولِيدَ ًة َو َل ْم ت َْست َْأ ِذ ِن النَّبِ َّي ﷺ‪َ ،‬ف َل َّما ك َ‬
‫َان َي ْو ُم َها ا َّلذي َيدُ ُ‬
‫«أو َفع ْل ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫فِ ِيه‪َ ،‬قا َل ْت‪َ :‬أ َشعر َت يا رس َ ِ‬
‫ت؟»‪َ ،‬قا َل ْت‪َ :‬ن َع ْم‪،‬‬ ‫ول اهلل َأنِّي َأ ْع َت ْق ُت َوليدَ تي‪َ ،‬ق َال‪َ َ َ :‬‬ ‫َْ َ َ ُ‬
‫َان َأ ْع َظ َم ِلَ ْج ِر ِك»(‪.)2‬‬
‫ك(‪ )1‬ك َ‬ ‫َّك َلو َأع َطيتِها َأ ْخوا َل ِ‬
‫َ‬ ‫«أ َما إِن ْ ْ ْ َ‬
‫ِ‬ ‫َق َال‪َ :‬‬

‫الر ِحم والصدقة‪ ،‬وفي اإلعتاق‬ ‫أن «في إعطائها صلة ّ‬ ‫وسبب إعظام األجر‪ّ :‬‬
‫الصدقة فقط» (‪.)3‬‬
‫قـال ابـن الجـوزي‪ّ :‬‬
‫«دل هذا الحديـث على ّ‬
‫أن صلـة األقارب وإغنـاء الفقراء‬
‫أفضـل مـن العتـق والصدقـة علـى األجانـب»(‪ ،)4‬وأكّـد النـووي هـذا بقولـه‪« :‬فيه‬
‫فضيلـة صلة األرحام واإلحسـان إلـى األقارب‪ ،‬وأنـه أفضل من العتـق»(‪ ،)5‬وتعقبه‬
‫ابـن حجـر بقولـه‪« :‬ليـس فـي الحديـث أيضـ ًا حجـة علـى أن صلـة الرحـم أفضل‬
‫مـن العتـق؛ ألنهـا واقعـة عيـن‪ ،‬والحـق أن ذلـك يختلف باختلاف األحـوال»(‪،)6‬‬
‫لما ق ّيدهـا بالحاجة فقـال‪« :‬في هذا‬
‫أدق ّ‬ ‫ٍ‬
‫موطـن آخـر ّ‬ ‫لذلـك كان كالم النـووي فـي‬

‫(( ( قال النووي‪« :‬هكذا وقعت هذه اللفظة في صحيح مسلم‪( :‬أخوالك) باللّم‪َ ،‬و َو َق َعت في رواية غير‬
‫األصيلي في البخاري وفي رواية األصيلي‪( :‬أخواتك) بالتاء‪ .‬قال القاضي ـ يعني‪ :‬عياض ـ‪ :‬ولع ّله‬
‫صحيح‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫أصح‪ ،‬بدليل رواية مالك في «المو ّطأ»‪( :‬أع َط ْيتَها أختك)‪ .‬قلت ـ أي‪ :‬النووي ـ‪ :‬الجميع‬
‫ّ‬
‫وال تعارض‪ ،‬وقد قال ﷺ ذلك ك ّله»‪« .‬شرح النووي على صحيح مسلم» (‪.)86/7‬‬
‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)2592‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)999‬‬
‫((( «عون المعبود شرح سنن أبي داود» للعظيم آبادي (‪.)75/5‬‬
‫(( ( «كشف المشكل من حديث الصحيحين» البن الجوزي (‪.)433/4‬‬
‫(( ( «شرح النووي على صحيح مسلم» (‪.)86/7‬‬
‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)219/5‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪103‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫الحديـث مـن الفوائـد‪ّ :‬‬


‫أن الصدقـة علـى األقـارب أفضـل مـن األجانـب إذا كانوا‬
‫محتاجين» (‪.)1‬‬

‫ثـم قـال النـووي‪« :‬فيـه االعتنـاء بأقـارب األم إكرا ًما بح ّقهـا‪ ،‬وهو زيـاد ٌة في‬
‫ّبرهـا»(‪ ،)2‬يقـول المـازري‪« :‬إن لـم يكـن لهـا قرابـ ٌة ّإل مـن ِق َب ِ‬
‫ـل األ ِّم ّ‬
‫فـإن الوجـه‬
‫خـص قرابة‬
‫ّ‬ ‫تخصيـص األخـوال‪ ،‬وإن كان لهـا قرابـ ٌة مـن الجهت ْيـن فيحتمـل أنـه‬
‫بالبـر كانـت قرابتهـا أولـى‬
‫ّ‬ ‫األم بذلـك ورآهـم َأ ْو َلـى؛ ّ‬
‫ألن األم لمـا كانـت أولـى‬
‫بالصدقـة»(‪.)3‬‬

‫تصرف المرأة بمالها بغير إذن زوجها‪« ،‬فلو كان أمر المرأة ال يجوز‬
‫وفيه جواز ّ‬
‫في مالها بغير إذن زوجها‪َ ،‬ل َر ّد رسول اهلل ﷺ َعتَاقها‪َ ،‬‬
‫وص َرف الجارية إلى الذي هو‬
‫أفضل من ال َعتَاق»(‪.)4‬‬

‫وحصـول األجر ْيـن علـى الصدقـة وصلـة الرحـم أجـراه بعـض السـلف في‬
‫يـق‪َ ،‬ق َال‪:‬‬ ‫عبـادات أخـرى تجمـع بيـن العبـادة وصلـة الرحـم‪ ،‬فعـن َي ْح َيـى ْبـن َعتِ ٍ‬ ‫ٍ‬

‫ـو َل َأ ْه ُل َها َمـا تَبِ ْعت َُها‪،‬‬ ‫ـع ا ْل ِجن َ‬


‫َـازةَ‪َ ،‬ل ْ‬ ‫ْـر إِنِّـي َلَ ْت َب ُ‬ ‫ـن ِس ِ‬
‫ـيرين‪َ :‬يـا َأ َبا َبك ٍ‬ ‫ـت لِمحم ِ‬
‫ـد ْب ِ‬ ‫ُق ْل ُ ُ َ َّ‬
‫«أجـر و ِ‬
‫احـدٌ ؟! َب ْل َأ ْج َـر ِ‬ ‫ُـون لِـي فِـي َذلِ َ‬
‫ان‪،‬‬ ‫ـال ُم َح َّمـدٌ ‪َ ٌ ْ َ :‬‬
‫ـك َأ ْج ٌـر؟ َف َق َ‬ ‫َأت َْر ُجـو َأ ْن َيك َ‬
‫ـي»(‪.)5‬‬ ‫ك ا ْل َم ِّيـت َو ِص َلت َ‬
‫ُـك ا ْل َح َّ‬ ‫ت َْشـيِي ُع َ‬

‫(( ( «شرح النووي على صحيح مسلم» (‪.)86/7‬‬


‫((( المصدر السابق (‪.)86/7‬‬
‫«الم ْع ِلم بفوائد مسلم» للمازري (‪.)20/2‬‬
‫ُ‬ ‫(( (‬
‫(( ( «شرح معاني اآلثار» للطحاوي (‪.)353/4‬‬
‫(( ( أخرجه الدوالبي في «الكنى» رقم (‪.)994‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪104‬‬

‫ومن فوائد أحاديث هذا المطلب‪:‬‬

‫البخاري ق ّيد هذا‬


‫ّ‬ ‫تبرع المرأة بمالها بغير إذن زوجها»(‪ ،)1‬لكن‬
‫‪ 1‬ـ «فيه جواز ّ‬
‫بقوله‪« :‬إذا لم تكن سفيهة‪ ،‬فإذا كانت سفيهة لم يجز»(‪.)2‬‬

‫فوته الرجل من حميم ماله‪ ،‬وغبيط عقاره عن ورثته بالصدقة أنه‬ ‫‪ 2‬ـ «فيه ّ‬
‫أن ما ّ‬
‫لئل يفقد أهله ن ْفع ما خوله اهلل عز وجل‪،‬‬
‫يستحب له أن ير ّده إلى أقاربه غير الورثة؛ ّ‬
‫ُّ‬
‫وفى كتاب اهلل ما يؤيد هذا‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ‬
‫الصدقة على األقارب‬
‫أن ّ‬‫ﭬ ﭭ ﭮ﴾ [النساء‪ ،]٨ :‬فثبت بهذا المعنى ّ‬
‫وضعفاء األهلين أفضل منها على سائر الناس إذا كانت صدقة تطوع»(‪.)3‬‬

‫قال ابن حجر مع ّل ًقا‪« :‬لكن ال يلزم من ذلك أن تكون هبة ذي الرحم أفضل‬
‫محتاجا ونفعه بذلك متعدّ ًيا واآلخر بالعكس»(‪.)4‬‬
‫ً‬ ‫مطل ًقا؛ الحتمال أن يكون المسكين‬

‫‪ 3‬ـ «استعمل الفقهاء الصدقة الفريضة في غير األقارب؛ ّ‬


‫لئل يصرفوها في‬
‫ما يجري بين األهلين من الحقوق والصالت والمرافق؛ ألنهم إذا جعلوا الصدقة‬
‫الفريضة في هذا المعتاد بين األهلين‪ ،‬فكأنهم لم يخرجوها من أموالهم إال النتفاعهم‬
‫بها‪ ،‬وتوقير تلك الصالت بها‪ ،‬فإذا زال هذا المعنى جازت الزكاة لألقارب الذين ال‬
‫تلزمهم نفقتهم»(‪.)5‬‬

‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)330/3‬‬


‫(( ( «صحيح البخاري»‪ ،‬رقم (‪.)2592‬‬
‫(( ( «شرح ابن بطال على صحيح البخاري» (‪.)481/3‬‬
‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)330/3‬‬
‫(( ( «شرح ابن بطال على صحيح البخاري» (‪.)481/3‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪105‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫أيضـا النـووي‪ ،‬قـال‪« :‬وهـذا المذكور في‬


‫وممـن ق ّيـد هـذه الصدقـة بالتطوع ً‬
‫حديـث امرأة بن مسـعود والمـرأة األنصاريـة من النفقة علـى أزواجهمـا وأيتام في‬
‫حجورهمـا‪ ،‬ونفقـة أم سـلمة علـى بنيهـا‪ ،‬المـراد بـه كلـه‪ :‬صدقـة تطوع‪ ،‬وسـياق‬
‫األحاديـث يدل عليـه»(‪.)1‬‬
‫ِ‬
‫‪ 4‬ـ قال ابن حجر‪« :‬فيه‪ :‬ع َظ ُة النساء‪ ،‬وترغيب ّ‬
‫ولي األمر في أفعال الخير‬
‫للرجال والنساء‪ ،‬والتحدّ ث مع النساء األجانب عند أ ْمن الفتنة‪ ،‬والتخويف من‬
‫المؤاخذة بالذنوب‪ ،‬وما يتو ّقع بسببها من العذاب»(‪.)2‬‬

‫ث َأ َراك اهلل»‪ ،‬قال العيني‪ :‬فيه َ‬


‫«ج َواز‬ ‫‪ 5‬ـ في قوله ﷺ‪َ « :‬ف َض ْع َها َيا َر ُسول اهلل َح ْي ُ‬
‫ِ‬
‫المال‬‫َأمر الرجل لغيره َأن يت ََصدَّ ق َعن ُه‪َ ،‬أو يقف َعن ُه‪َ ،‬وك ََذل َك إِذا َق َال اآلخر‪ُ :‬خذ َه َذا َ‬
‫فاجعله َح ْي ُث َأ َراك اهلل من ُو ُجوه ا ْل َخ ْير»(‪.)3‬‬
‫ِ‬
‫الصدَ َقة إِذا كَانَت َجزل ًة ُمد َح َص َ‬
‫احبها بها و ُغبِط؛‬ ‫‪ 6‬ـ قال ابن الملقن‪ :‬فيه « َأ ّن َّ‬
‫ِ‬
‫عوضه اهلل فيها‬‫فسله بما يناله من ربح اآلخرة‪ ،‬وما ّ‬ ‫رابح»‪ّ ،‬‬ ‫ل َق ْوله ﷺ‪َ « :‬بخٍ َذلك َم ٌال ٌ‬
‫عما عجله في الدنيا الفانية»(‪.)4‬‬

‫***‬

‫(( ( «شرح النووي على صحيح مسلم» (‪.)88/7‬‬


‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)330/3‬‬
‫((( «عمدة القاري» للعيني (‪.)31/9‬‬
‫(( ( «التوضيح لشرح الجامع الصحيح» البن الملقن (‪.)434/10‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪106‬‬

‫اه ُد‪.‬‬
‫ج ِ‬ ‫اه ُد ُ‬
‫الم َ‬ ‫المطلب السابع‪َ :‬‬
‫الج ِ‬

‫الجهـاد فـي سـبيل اهلل قربـ ٌة مـن أعظـم القربـات‪ ،‬وعبـاد ٌة جليلـ ٌة مـن ّ‬
‫أجـل‬
‫العبـادات التي شـرعها اهلل لعباده‪ ،‬ويكفي فـي عظيم قدرها وجسـيم منزلتها أن يبذل‬
‫العبـد روحـه رخيصـة في سـبيل اهلل؛ ليحصل على صفقـة رابحة مع ر ّبـه‪ ،‬والتي جاء‬

‫القـرآن بذكْرهـا‪ ،‬فقـال اهلل‪﴿ :‬ﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞ‬


‫ﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭ‬
‫ﯮ ﯯﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻﯼ‬
‫ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ﴾ [التوبـة‪.]١١١ :‬‬

‫ويتفاوت أجر الجهاد باختالف حال المجاهد ومكانه وإخالصه‪ ،‬ومن هؤالء‬
‫من رزقه اهلل أجره مرتين‪ ،‬وهو‪ :‬الجاهد المجاهد‪.‬‬

‫ف َع ْن َس َل َم َة ْب ِن األَك َْو ِع ‪َ ،‬ق َال‪َ :‬خ َر ْجنَا َم َع النَّبِ ِّي ﷺ إِ َلى َخ ْي َب َر‪َ ،‬ف ِس ْرنَا‬
‫َان َع ِام ٌر َر ُج ًل‬ ‫َل ْي ًل‪َ ،‬ف َق َال َر ُج ٌل ِم َن ال َق ْو ِم لِ َع ِام ٍر‪َ :‬يا َع ِام ُر َأال ت ُْس ِم ُعنَا ِم ْن ُهنَ ْي َهاتِ َك؟ َوك َ‬
‫ول‪:‬‬ ‫َش ِ‬
‫اع ًرا‪َ ،‬فن ََز َل َي ْحدُ و بِال َق ْو ِم َي ُق ُ‬

‫َـصـدَّ ْقــنــــا َوال َص َّل ْيـ ـنَا‬‫َوال ت َ‬ ‫ـوال َأ ْنـ َ‬


‫ـت َمــا ْاهتَدَ ْينَــا‬ ‫ـم َلـ ْ‬
‫ال َّل ُهـ َّ‬
‫و َثـب ِ‬
‫ـــت األَ ْقـــدَ ا َم إِ ْن ال َق ْينَــا‬ ‫ــر فِــدَ ا ًء َل َ‬
‫ــك َمــا َأ ْب َق ْيـنَا‬ ‫ِ‬
‫َ ِّ‬ ‫َفا ْغف ْ‬
‫ِ‬
‫إِنَّــــا إِ َذا ص َ‬
‫يـــح بِنَـــا َأ َب ْيــــنَا‬ ‫َو َأ ْل ِق َيـــ ْن َس ِكـيـنَــــ ًة َعـ َلـ ْيـنـا‬
‫ــاح َع َّو ُلــوا َع َل ْيـــنَا‬ ‫الص َي ِ‬ ‫َوبِ ِّ‬
‫السائِ ُق؟»‪َ ،‬قا ُلوا‪َ :‬ع ِام ُر ْب ُن األَك َْوعِ‪َ ،‬ق َال‪َ « :‬ي ْر َح ُم ُه اهلل»‬ ‫«م ْن َه َذا َّ‬ ‫ول اهلل ﷺ‪َ :‬‬ ‫َف َق َال َر ُس ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َاه ْم‬
‫اص ْرن ُ‬ ‫َق َال َر ُج ٌل م َن ال َق ْو ِم‪َ :‬و َج َب ْت َيا نَبِ َّي اهلل‪َ ،‬ل ْوال َأ ْم َت ْع َتنَا بِه؟ َف َأ َت ْينَا َخ ْي َب َر َف َح َ‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪107‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫ِ‬
‫َحتَّى َأ َصا َب ْتنَا َم ْخ َم َص ٌة َشديدَ ةٌ‪ُ ،‬ث َّم إِ َّن اهللَ َت َعا َلى َفت ََح َها َع َل ْي ِه ْم‪َ ،‬ف َل َّما َأ ْم َسى الن ُ‬
‫َّاس‬
‫«ما َه ِذ ِه الن َِّير ُ‬
‫ان‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َم َسا َء ال َي ْو ِم ا َّلذي ُفت َح ْت َع َل ْي ِه ْم‪َ ،‬أ ْو َقدُ وا ن َيرانًا كَث َيرةً‪َ ،‬ف َق َال النَّبِ ُّي ﷺ‪َ :‬‬
‫ع َلى َأي َشي ٍء ت ِ‬
‫ي َل ْحمٍ؟» َقا ُلوا‪َ :‬ل ْح ِم ُح ُم ِر‬ ‫ون؟» َقا ُلوا‪َ :‬ع َلى َل ْح ٍم‪َ ،‬ق َال‪َ « :‬ع َلى َأ ِّ‬ ‫ُوقدُ َ‬ ‫ِّ ْ‬ ‫َ‬
‫ول اهللِ‪َ ،‬أ ْو ن َُه ِري ُق َها‬ ‫ِ‬ ‫اإلن ِْس َّي ِة‪َ ،‬ق َال النَّبِ ُّي ﷺ‪َ :‬‬
‫ِ‬
‫وها»‪َ ،‬ف َق َال َر ُج ٌل‪َ :‬يا َر ُس َ‬ ‫وها َواكْس ُر َ‬ ‫«أ ْه ِري ُق َ‬
‫َو َن ْغ ِس ُل َها؟ َق َال‪َ :‬‬
‫«أ ْو َذ َ‬
‫اك»‪.‬‬
‫ود ٍّي لِ َي ْض ِر َب ُه‪،‬‬
‫اق يه ِ‬ ‫ِ‬
‫َاو َل بِه َس َ َ ُ‬
‫َان سي ُ ِ ِ‬
‫ف َعام ٍر َقص ًيرا‪َ ،‬ف َتن َ‬ ‫اف ال َق ْو ُم ك َ َ ْ‬ ‫َف َل َّما ت ََص َّ‬
‫ات ِمنْ ُه‪َ ،‬ق َال‪َ :‬ف َل َّما َق َف ُلوا َق َال َس َل َم ُة‪:‬‬ ‫اب َع ْي َن ُر ْك َب ِة َع ِام ٍر َف َم َ‬ ‫ِِ‬
‫اب(‪َ )1‬س ْيفه‪َ ،‬ف َأ َص َ‬ ‫َو َي ْر ِج ُع ُذ َب ُ‬
‫اك َأبِي َو ُأ ِّمي‪َ ،‬ز َع ُموا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رآنِي رس ُ ِ‬
‫ك؟» ُق ْل ُت َل ُه‪َ :‬فدَ َ‬ ‫«ما َل َ‬‫ول اهلل ﷺ َو ُه َو آخ ٌذ بِ َيدي‪َ ،‬ق َال‪َ :‬‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫َأ َّن َع ِام ًرا َحبِ َط َع َم ُل ُه؟ َق َال النَّبِ ُّي ﷺ‪« :‬ك ََذ َب(‪َ )2‬م ْن َقا َل ُه‪ ،‬إِ َّن َل ُه َلَ ْج َر ْي ِن ـ َو َج َم َع َب ْي َن‬
‫اهدٌ ‪َ ،‬ق َّل َع َربِ ٌّي َم َشى بِ َها ِم ْث َل ُه»(‪.)3‬‬ ‫اهدٌ مج ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إِ ْص َب َع ْيه ـ إِ َّن ُه َل َج ُ َ‬
‫قال النووي في ضبط كلمة «الجاهد» وبيان معناها‪:‬‬
‫والمتأخرين‪َ « :‬لج ِ‬
‫اهدٌ » ـ بِك َْسر الهاء وتنوين‬ ‫ّ‬ ‫«هكذا رواه الجمهور من المتقدّ مين‬
‫َ‬
‫أيضا ـ وفسروا « َلج ِ‬
‫اهدٌ » بـ‪ :‬الجا ّد في‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫«م َجاهدٌ » ـ ّ‬
‫بضم الميم وتنوين الدّ ال ً‬ ‫الدّ ال ـ ُ‬
‫علمه وعمله‪ ،‬أي‪ :‬إنه لجا ٌّد في طاعة اهلل‪ ،‬والمجاهد في سبيل اهلل‪ :‬وهو الغازي‪ .‬وقال‬
‫القاضي ـ يعني‪ :‬عياض ـ (‪ :)4‬فيه وج ٌه آخر أنه َج َمع اللفظ ْين توكيدً ا‪ ،‬قال ابن األنباري‪:‬‬

‫ضر ُب بِه»‪« .‬النهاية في غريب الحديث واألثر»‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫الس ْيف‪َ :‬ط َر ُفه ا َّلذي ُي َ‬ ‫(( ( ذباب‪ :‬قال ابن األثير‪ُ « :‬ذ َب ُ‬
‫اب َّ‬
‫البن األثير (‪.)152 /2‬‬
‫(( ( كذب‪ :‬قال ابن حجر في «فتح الباري» (‪« :)467/7‬أي‪ :‬أخطأ»؛ ألن الحجازيين يطلقون الكذب‬
‫ويريدون به الخطأ‪ ،‬كما أفاده ابن حبان في الثقات (‪.)114/6‬‬
‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)4196‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)1802‬‬
‫(( ( انظر كالم القاضي عياض في كتابه‪« :‬إكمال المعلم» (‪.)184/6‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪108‬‬

‫شيء اشتقت له من لفظه لف ًظا آخر على غير بنائه؛ زيادة‬ ‫ٍ‬ ‫العرب إذا بالغت في تعظيم‬
‫و«شعر َش ِ‬
‫اع ٌر» ونحو‬ ‫في التوكيد‪ ،‬وأعربوه بإعرابه‪ ،‬فيقولون‪« :‬جاد م ِجدٌّ » و« َلي ٌل َل ِئ ٌل» ِ‬
‫ٌْ‬ ‫ْ‬ ‫ٌّ ُ‬
‫اهد» ـ بفتح‬‫ذلك‪ .‬قال القاضي‪ :‬ورواه بعض رواة البخاري وبعض رواة مسلم‪َ « :‬ل َج َ‬
‫«مجاهدَ » ـ بفتح الميم ونصب الدال بال تنوين ـ (‪،)1‬‬ ‫ٍ‬
‫ماض‪َ ،‬‬ ‫والدال على أنّه ٌ‬
‫فعل‬ ‫ّ‬ ‫الهاء ـ‬
‫قال‪ :‬واألول هو الصواب» (‪.)2‬‬
‫النـووي فـي تعريـف «الجاهـد المجاهـد» ابـ ُن ُق ْرقـول فقـال‪« :‬أي‪:‬‬
‫َّ‬ ‫وسـبق‬
‫اإلسلام‪ ،‬مجاهـد ألعدائه‪.‬‬‫جاهـدٌ جـا ٌّد مبالغ في سـبل الخيـر والبر وإعلاء كلمة ِ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫مجاهـدً ا بعد جاهد‬ ‫قـال ابـن دريد‪ :‬يقـال‪َ :‬ر ُج ٌل جاهـدٌ ‪ ،‬أي‪ :‬جا ٌّد فـي أمره‪ ،‬وك ّ‬
‫َـرر َ‬
‫ويـدل علـى صحتـه قوله فـي الروايـة األخرى‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫للمبالغـة‪ ،‬كمـا قيـل‪َ :‬جـا ٌّد ُم ِجـدٌّ ‪،‬‬
‫اهـدً ا»(‪.)4(»)3‬‬‫اهـدً ا مج ِ‬
‫ات ج ِ‬
‫ُ َ‬ ‫«م َ َ‬
‫َ‬
‫وأكّده ابن الملقن ـ وتبعه العيني(‪ )5‬ـ بقوله‪« :‬والمعنى‪« :‬لجا ٌّد» في األجر‪،‬‬
‫و«مجاهدٌ » للمبالغة فيه‪ ،‬يعني‪ :‬مبالغ في سبيل اهلل»(‪ .)6‬فيكون المعنى‪ :‬أجر الجهد‬
‫في الطاعة‪ ،‬وأجر المجاهدة في سبيل اهلل‪.‬‬
‫وذهب ابن ب ّطال إلى أن المعنى يحتمل‪:‬‬

‫اضي فِي‬
‫((( قال العيني في «عمدة القاري» (‪ )184/22‬موضحا الرواية الثانية‪« :‬ويروى بِ َل ْفظ ا ْلم ِ‬
‫َ‬ ‫َُْ َ‬ ‫ً‬
‫األول وبلفظ جمع المجهدة فِي ال َّثانِي»‪.‬‬
‫(( ( «شرح النووي على صحيح مسلم» (‪ 168/12‬ـ ‪)169‬‬
‫(( ( رواها مسلم رقم (‪.)1802‬‬
‫((( «مطالع األنوار على صحاح اآلثار» البن قرقول (‪ 176/2‬ـ ‪.)177‬‬
‫((( «عمدة القاري» للعيني (‪.)184/22‬‬
‫(( ( «التوضيح لشرح الجامع الصحيح» البن الملقن (‪.)552/28‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪109‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫ـ أن يكـون لمـا أمـات نفسـه وقتلهـا فـي سـبيله تفضـل اهلل عليه بـأن ضاعف‬
‫أجـره مرتين‪.‬‬

‫ـ وقيـل‪ :‬أخـذ األجريـن لموته في سـبيل اهلل‪ ،‬واآلخـر لِ َما كان يحـدو به القوم‬
‫مـن ِشـ ْعره‪ ،‬ويدعو اهلل فـي ثباتهم عنـد لقاء عدوهـم‪ ،‬وذلك تحضيض للمسـلمين‬
‫وتقوية لنفوسهم(‪.)1‬‬

‫وعليه فالمعنى يحتمل األمور التالية‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ كل من اجتهد في الطاعة وجاهد في سبيل اهلل حتى نال الشهادة‪ ،‬كُتب له‬
‫مرتين‪ ،‬وفيها دعوة كريمة ّ‬
‫لكل من وهب نفسه للجهاد أن يضيف إلى جهاده‬ ‫األجر ّ‬
‫أصنا ًفا من الطاعة‪ّ ،‬‬
‫كالصيام وقراءة القرآن وقيام الليل والصدقة وغير ذلك‪ ،‬فيكون‬
‫ممن ُيؤتى أجره مرتين بإذن اهلل‪.‬‬

‫مرتين؛ ألن المبارزة‬ ‫‪2‬ـ ّ‬


‫كل من أمات نفسه وقتلها في سبيل اهلل كُتب له األجر ّ‬
‫ٌ‬
‫مقتول‪ ،‬وبكال الف ْعل ْين‬ ‫في الحروب قبل المعركة ال تخلو من أمرين‪ :‬إما ٌ‬
‫قاتل أو‬
‫سليم‬
‫ٌ‬ ‫واحتجاج‬
‫ٌ‬ ‫صحيح‬
‫ٌ‬ ‫لخوض غمار الموت‪ ،‬وهذا وج ٌه‬
‫تشجيع لغيره ْ‬
‫ٌ‬ ‫يكون ف ْعله‬
‫لمن أباح العمليات الجهادية أن يقتل اإلنسان نفسه ل َقتْل غيره من األعداء‪.‬‬

‫حرض المجاهدين بِ ِش ْع ِره وكالمه وعباراته ونشيده الحماسي المؤ ّثر‬


‫‪ 3‬ـ كل من ّ‬
‫سواء على المنابر أو القنوات اإلعالمية المرئية والمسموعة أو شبكات التواصل‬
‫ٍ‬
‫مكان آخر‪ ،‬وتس ّبب في تثبيتهم في المعركة‪ ،‬ثم مات في سبيل اهلل‪،‬‬ ‫أي‬
‫االجتماعي أو ّ‬
‫جم ِع ِه بين جهاد الكلمة والسيف‪.‬‬
‫كان ممن ُيكتب له األجر مرتين؛ العتبار ْ‬

‫((( انظر‪« :‬شرح ابن بطال على صحيح البخاري» (‪.)323/9‬‬


‫‪٣‬‬

‫‪110‬‬

‫وقـد عـدّ النبـي ﷺ اللسـان وكالمه مـن أنـواع الجهـاد‪ ،‬فعن كعب بـن مالك‬
‫ْـز َل‪َ ،‬ف َق َال‪:‬‬ ‫ْـز َل فِي ِّ‬
‫الشـ ْع ِر َما َأن َ‬ ‫ـي ﷺ‪ :‬إِ َّن ا َ‬
‫هلل َع َّـز َو َج َّـل َقدْ َأن َ‬ ‫‪َ ‬أنَّـه َق َ ِ‬
‫ـال للنَّبِ ِّ‬ ‫ُ‬
‫ـد ِه‪َ ،‬لـك ََأ َّن مـا تَرمونَهـم بِ ِ‬
‫ـه‬ ‫ـذي َن ْف ِسـي بِي ِ‬ ‫اهـدُ بِسـي ِف ِه ولِسـانِ ِه‪ ،‬وا َّل ِ‬ ‫«إِ َّن ا ْلم ْؤ ِمـن يج ِ‬
‫َ ُْ ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ َ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫ُ‬
‫النَّ ْب ِل»(‪.)2‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫ـح‬
‫ن َْض ُ‬
‫وقد أخرج ابن عبد البر في االستيعاب من طريق محمد بن سيرين قوله‪ :‬كان‬
‫شعراء المسلمين‪ :‬حسان بن ثابت‪ ،‬وعبد اهلل بن رواحة‪ ،‬وكعب بن مالك رضوان اهلل‬
‫يخوفهم الحرب‪ ،‬وعبد اهلل يع ّيرهم بالكفر‪ ،‬وكان حسان يقبل على‬
‫عليهم‪ ،‬فكان كعب ّ‬
‫األنساب‪ .‬قال ابن سيرين‪ :‬فبلغني أن َد ْو ًسا إنما أسلمت فر ًقا من قول كعب بن مالك‪:‬‬

‫وخيبر ثـــم أغمدنـــا الســـيوفا‬ ‫ٍ‬


‫وتــــر‬ ‫قضينـــا مـــن تهامـــة ّ‬
‫كل‬
‫دوســـا أو ثقيفـــا‬
‫قواطعهـــن‪ً :‬‬ ‫نخ ّبرهـــا ولـــو نطقـــت لقالت‬
‫فقالت دوس‪ :‬انطلقوا فخذوا ألنفسكم‪ ،‬ال ينزل بكم ما نزل بثقيف(‪.)3‬‬
‫ولذلك لما نزل قوله تعالى‪﴿ :‬ﯘﯙﯚ﴾ [الشعراء‪ ،]٢٢٤ :‬وسمع‬
‫النبي ﷺ عن هذه‬
‫كعب َّ‬‫كعب تلك اآليات خاف فأنكر على نفسه الشعر‪ ،‬ولذا سأل ٌ‬
‫اآلية فأجابه «بأنه ليس كذلك على اإلطالق؛ فإن ذلك من شأن الهائمين أودية الضالل‪،‬‬
‫ذب الكفار من اللسان‬
‫وأما المؤمن فهو خارج من ذلك الحكم؛ ألنه إحدى عدّ تيه في ّ‬
‫والسنان‪ ،‬بل هو أعدى وأنكى‪ ،‬فإنه أشد عليهم من رشق النبل»(‪.)4‬‬

‫نضح الماء‪ ،‬والمعنى‪ :‬أن هجاءهم أثر فيهم‬


‫مستعار من ْ‬
‫ٌ‬ ‫(( ( نضح النبل‪ :‬قال البيضاوي‪« :‬أي‪ :‬رميه‪،‬‬
‫تأثير النبل‪ ،‬وقام مقام الرمي في النكاية بهم»‪« .‬تحفة األبرار شرح مصابيح السنة» له (‪.)232/3‬‬
‫(( ( أخرجه أحمد في «المسند» رقم (‪ ،)27174‬وإسناده صحيح‪.‬‬
‫(( ( «االستيعاب في معرفة األصحاب» البن عبد البر (‪ 1324/3‬ـ ‪.)1325‬‬
‫(( ( «شرح مشكاة المصابيح» للطيبي (‪.)3104/10‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪111‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫حسان بن ثابت بالر ّد عليهم‪،‬‬ ‫َ‬ ‫رسول اهلل ﷺ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬


‫رسول اهلل ﷺ أمر‬ ‫ولما آذت ٌ‬
‫قريش‬
‫«اه ُجوا ُق َر ْي ًشا‪َ ،‬فإِ َّن ُه َأ َشدُّ َع َل ْي َها ِم ْن َر ْش ٍق‬
‫فقال له ـ كما روت عائشة ‪ ‬ـ‪ْ :‬‬
‫ان َف َش َفى َو ْاش َت َفى»(‪.)1‬‬ ‫اه ْم َح َّس ُ‬ ‫بِالنَّ ْب ِل»‪ ،‬فلما هجاهم قال النبي ﷺ‪َ :‬‬
‫«ه َج ُ‬
‫«إخبار ّ‬
‫أن جهاد اللسان كالجهاد بالسيف‪ ،‬ومنه‪ :‬األمر‬ ‫ٌ‬ ‫وفي هذا الحديث‬
‫ّ‬
‫الضال‪ ،‬وتعليم الجاهل»(‪.)2‬‬ ‫بالمعروف والنهي عن المنكر‪ ،‬وإرشاد‬
‫بأن من جمع بين أمرين‪ ،‬أحدهما‪ :‬الجهاد‪ ،‬وثانيهما‪ٌ :‬‬
‫عمل‬ ‫ويمكن القول ّ‬
‫الحق‬
‫دي يخدم باب الجهاد في سبيل اهلل ويعلي كلمة اهلل في األرض وينصر دينه ّ‬
‫تع ّب ٌّ‬
‫مرتين‪.‬‬
‫فإنه يضاعف له األجر ّ‬
‫«حبِ َط عملـه» هو اسـتداللهم‬
‫عامـرا َ‬
‫ً‬ ‫حجـة من قـال مـن الصحابـة ّ‬
‫بـأن‬ ‫وأ ّمـا ّ‬
‫بقولـه تعالـى‪﴿ :‬ﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁ﴾ [النسـاء‪ .]٢٩ :‬وقـد أجـاب‬
‫ـه‪ِ ،‬‬
‫إذ الخطأ ال‬ ‫علـى هـذا ابـن المل ّقـن بقوله‪« :‬هـذا إنما هـو فيمن يتعمـدُ قتْـل ن ْف ِس ِ‬
‫ّ‬
‫ينهـى عنه أحـدٌ »(‪.)3‬‬

‫ومن فوائد أحاديث هذا المطلب‪:‬‬

‫مرتين(‪.)4‬‬
‫أن المجاهد إذا ارتدّ عليه سالحه فقتله له أجره ّ‬ ‫‪ 1‬ـ فيه ٌ‬
‫دليل على ّ‬
‫إن بقاء‬ ‫ٌ‬
‫محمول على القتل في ساحة المعركة‪ ،‬والجواب‪ّ :‬‬ ‫ٍ‬
‫ولقائل يقول‪ّ :‬‬
‫إن هذا‬
‫اللفظ على عمومه أولى‪ ،‬وال دليل على تقييده‪ّ ،‬‬
‫فكل من قتل بسبب خطأ في استعمال‬

‫((( أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (‪.)2490‬‬


‫(( ( «التنوير شرح الجامع الصغير» للصنعاني (‪.)529/3‬‬
‫(( ( «التوضيح لشرح الجامع الصحيح» البن الملقن (‪.)552/28‬‬
‫(( ( انظر‪« :‬الموسوعة الفقهية الميسرة» للعوايشة (‪.)143/7‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪112‬‬

‫السالح سواء في التدريب العسكري أو أثناء أداء مهامه الجهادية فإنه يحصل هذه‬
‫المضاعفة المباركة‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ فيه ٌ‬
‫دليل على ّ‬
‫أن من قتل نفسه في المعركة خطأ ُحكْمه حكم من قتله غيره‬
‫في ترك الغسل(‪.)1‬‬
‫أن من َقتَل َن ْفسه فهو شهيدٌ (‪.)2‬‬
‫‪ 3‬ـ فيه‪ّ :‬‬

‫وهاتـان الفائدتـان اسـتنبطهما الشـوكاني مـن حديـث أبي سلام َعـ ْن َر ُج ٍل‪،‬‬
‫ـب َر ُج ٌـل ِمـ َن‬ ‫ـال‪َ :‬أ َغرنَـا َع َلـى ح ِ‬
‫ـي مـ ْن ُج َه ْينَـ َة َف َط َل َ‬
‫َ ٍّ‬ ‫ْ‬ ‫ـي ﷺ َق َ‬ ‫ِمـ ْن َأ ْص َح ِ‬
‫ـاب النَّبِ ِّ‬
‫ـول اهللِ‬
‫ف‪َ ،‬ف َق َال َر ُس ُ‬ ‫لا ِمنْهـم َف َضربه‪َ ،‬ف َأ ْخ َط َأه و َأصاب َن ْفسـه بِالسـي ِ‬ ‫ِِ‬
‫ُ َ َ َ َ ُ َّ ْ‬ ‫ا ْل ُم ْسـلمي َن َر ُج ً ُ ْ َ َ ُ‬
‫ِِ‬ ‫ﷺ‪َ :‬‬
‫ـات‪َ ،‬ف َل َّفـ ُه‬
‫َّـاس َف َو َجـدُ و ُه َقـدْ َم َ‬
‫ين»‪َ ،‬فا ْبتَـدَ َر ُه الن ُ‬ ‫ُـم َيـا َم ْع َش َـر ا ْل ُم ْسـلم َ‬
‫«أ ُخوك ْ‬
‫ـول اهلل‪َ ،‬أ َش ِ‬ ‫ـه وص َّلـى َع َلي ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ ِ‬ ‫رس ُ ِ‬
‫ـهيدٌ‬ ‫ـه َو َد َفنَـ ُه‪َ ،‬ف َقا ُلـوا‪َ :‬يـا َر ُس َ‬ ‫ْ‬ ‫ـول اهلل ﷺ بِث َيابِـه َود َمائ َ َ‬ ‫َ ُ‬
‫ـم َو َأنَا َلـ ُه َش ِ‬
‫ـهيدٌ »(‪.)3‬‬ ‫ـو؟ َق َ‬
‫ـال‪َ « :‬ن َع ْ‬ ‫ُه َ‬
‫‪ 4‬ـ قال ابن حجر مع ّل ًقا على قول النبي ﷺ‪« :‬يرحمه اهلل»‪« :‬في رواية إياس‬
‫ابن سلمة قال‪« :‬غفر لك ربك»‪ ،‬قال‪« :‬وما استغفر رسول اهلل ﷺ إلنسان يخصه إال‬
‫الس ّر في قول الرجل‪« :‬لوال أمتعتنا به»»(‪.)4‬‬
‫استشهد»‪ ،‬وبهذه الزيادة يظهر ّ‬
‫***‬

‫((( انظر‪« :‬نيل األوطار» للشوكاني (‪.)38/4‬‬


‫((( انظر‪« :‬نيل األوطار» للشوكاني (‪.)38/4‬‬
‫(( ( أخرجه أبو داود في «سننه» رقم (‪ ،)2539‬وإسناده ضعيف؛ لكن يشهد له حديث الباب‪ ،‬وعليه؛‬
‫فالحديث حسن لغيره‪.‬‬
‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)466/7‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪113‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫الع ْ‬
‫صر‪.‬‬ ‫افظ على صالة َ‬
‫حِ‬ ‫الم َ‬
‫المطلب الثامن‪ُ :‬‬

‫يصح إسالم‬
‫الصالة رك ٌن ركي ٌن من أركان اإلسالم العظيم‪ ،‬وأحد أعمدته التي ال ّ‬
‫كافرا‪ ،‬وقد أمر اهلل بالمحافظة عليها بعامة‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫رجل بدونها‪ ،‬حتى عدّ العلماء تاركها ً‬
‫وبصالة العصر بخاصة‪ ،‬فقال في كتابه‪﴿ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ‬
‫ﭖ ﭗ ﭘ﴾ [البقرة‪ ،]٢٣٨ :‬قال المفسرون‪ :‬أي صالة العصر‪.‬‬
‫يقول اإلمام النووي‪« :‬الذي تقتضيه األحاديث الصحيحة‪ّ :‬‬
‫أن الصالة الوسطى‬
‫هي العصر‪ ،‬وهو المختار»‪ .‬ثم قال‪« :‬قال صاحب الحاوي‪ :‬نص الشافعي أنها‬
‫الصبح‪ ،‬وصحت األحاديث أنها العصر‪ ،‬ومذهبه اتباع الحديث‪ ،‬فصار مذهبه أنها‬
‫العصر»‪ ،‬قال‪« :‬وال يكون في المسألة قوالن‪ ،‬كما َو ِه َم بعض أصحابنا»(‪.)1‬‬
‫َ‬
‫رسـول اهلل ﷺ والمؤمنيـن عنها يـوم الخندق دعـا عليهم‬ ‫الكفـار‬
‫ُ‬ ‫ولمـا شـغل‬
‫أن رسـول اهلل ﷺ قال يـوم الخندق‪:‬‬ ‫بالهلاك‪ ،‬فعـن علـي بن أبـي طالـب ‪ّ ‬‬
‫لاة الوسـ َطى حتَّـى َغاب ِ‬
‫ـن الص ِ‬ ‫«م َ َ‬
‫ـت‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ‬ ‫َـارا‪َ ،‬شـ َغ ُلونَا َع ِ َّ‬
‫ـم ن ً‬ ‫ـم َو ُق ُب َ‬
‫ور ُه ْ‬ ‫لأ اهللُ ُب ُيوت َُه ْ‬ ‫َ‬
‫ـم ُس»(‪.)2‬‬ ‫َّ‬
‫الش ْ‬
‫رواية أخرى عند مسلم من طريق عبد اهلل بن مسعود ‪ ‬قال‪َ :‬ح َب َس‬ ‫ٍ‬ ‫وفي‬
‫ول اهللِ ﷺ َعن ص َل ِة ا ْلعص ِر‪ ،‬حتَّى احمر ِ‬
‫الش ْم ُس‪َ ،‬أ ِو ْ‬
‫اص َف َّر ْت‪،‬‬ ‫ت َّ‬ ‫ْ َ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫ا ْل ُم ْش ِرك َ‬
‫ُون َر ُس َ‬
‫هلل َأ ْج َوا َف ُه ْم‪،‬‬
‫لا ُ‬‫الص َل ِة ا ْل ُو ْس َطى‪َ ،‬ص َل ِة ا ْل َع ْص ِر‪َ ،‬م َ َ‬ ‫ول اهللِ ﷺ‪َ :‬‬
‫«ش َغ ُلونَا َع ِن َّ‬ ‫َف َق َال َر ُس ُ‬
‫َارا»(‪.)3‬‬ ‫َو ُق ُب َ‬
‫ور ُه ْم ن ً‬

‫ّ‬
‫المهذب» للنووي (‪.)61/3‬‬ ‫((( «المجموع شرح‬
‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)2931‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)627‬‬
‫((( أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (‪..)628‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪114‬‬

‫وعوقب من تفوته هذه الصالة بقوله ﷺ ـ كما في حديث عبد اهلل بن عمر‬
‫‪ ‬ـ‪« :‬ا َّل ِذي َت ُفو ُت ُه َصال ُة ال َع ْص ِر‪ ،‬ك ََأن ََّما ُوتِ َر َأ ْه َل ُه َو َما َله»(‪.)1‬‬
‫خصهـا ّ‬
‫بالذكْـر ألنّهـا تأتي وقـت تعب النـاس من‬ ‫البـر‪« :‬إنمـا ّ‬
‫قـال ابـن عبـد ّ‬
‫مقاسـاة أعمالهـم وحرصهـم علـى قضـاء أشـغالهم وتسـويفهم بهـا إلـى انقضـاء‬
‫وظائفهـم»(‪.)2‬‬
‫وألهمية هذه الصالة‪ ،‬جاء الوعد من اهلل لمن حافظ عليها أن يؤتى أجره مرتين‪:‬‬
‫ول اهللِ ﷺ ا ْل َع ْص َر‬ ‫الغفاري ‪ ‬قال‪َ :‬ص َّلى بِنَا َر ُس ُ‬ ‫ّ‬ ‫فعن أبي َب ْص َرة‬
‫الص َل َة ُع ِر َض ْ‬ ‫ص(‪َ ،)3‬ف َق َال‪ِ ِ َّ :‬‬ ‫بِا ْل ُم َخ َّم ِ‬
‫وها‪َ ،‬ف َم ْن‬ ‫َان َق ْب َلك ُْم َف َض َّي ُع َ‬
‫ت َع َلى َم ْن ك َ‬ ‫«إن َهذه َّ‬
‫اهدُ »(‪.)4‬‬ ‫الش ِ‬
‫َان َل ُه َأ ْج ُر ُه َم َّر َت ْي ِن‪َ ،‬و َل َص َل َة َب ْعدَ َها َحتَّى َي ْط ُل َع َّ‬
‫َحا َف َظ َع َل ْي َها ك َ‬
‫ووجه المضاعفة فيها‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ أن هـذه الصلاة عرضـت علـى اليهود والنصـارى فض ّيعوهـا‪ ،‬فمن حافظ‬
‫عليهـا كُتـب لـه أجـر المحافظـة عليهـا خال ًفـا لمن قبلهـم‪ ،‬ثم كُتـب له أجـر عمله‬
‫كسـائر الصلوات(‪.)5‬‬
‫وأجر لترك البيع والشراء بالزهادة‪ّ ،‬‬
‫فإن‬ ‫ٌ‬ ‫أجر للمحافظة على العبادة‪،‬‬
‫‪ 2‬ـ وقيل‪ٌ :‬‬
‫وقت العصر كان زمان سوقهم وأوان شغلهم(‪.)6‬‬

‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)552‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)626‬‬


‫((( نقله النووي في شرحه على صحيح مسلم (‪.)126/5‬‬
‫المخمص‪ :‬طريق في جبل عير إلى مكة‪ .‬معجم البلدان للحموي (‪.)73/5‬‬
‫َّ‬ ‫(( (‬
‫((( أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (‪.)830‬‬
‫((( انظر‪« :‬شرح المشكاة» للطيبي المسمى الكاشف عن حقائق السنن (‪.)1124/4‬‬
‫((( انظر‪« :‬مرقاة المفاتيح» شرح مشكاة المصابيح للقاري (‪.)829/3‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪115‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫ومـرة‬
‫لفضلهـا؛ ألنهـا وسـطى‪ّ ،‬‬ ‫أجـر ْ‬
‫مرتيـن‪ٌ ،‬‬
‫‪ 3‬ـ قـال ابـن حجـر‪« :‬يؤجـر ّ‬
‫للمحافِ ْ‬
‫ـظ عليهـا؛ ألن مشـاركة بقية الصلـوات لها في هـذا ال تؤ ّثر فـي تخصيصها‬
‫ّ‬
‫الحـث‬ ‫بمجمـوع األمر ْيـن»(‪ .)1‬وفـي هـذا الحديـث «فضيلـة العصـر‪ ،‬وشـدّ ة‬
‫عليهـا»(‪.)2‬‬

‫عمل ُع ِر َض على‬
‫كل ٍ‬‫أن َّ‬
‫«تحصل لي ّ‬
‫ّ‬ ‫يقول الشيخ محمد أنور شاه الكشميري‪:‬‬
‫فقصروا فيه‪ ،‬فإن حاف ْظنَا عليه فلنا فيه األجران»(‪.)3‬‬
‫بني إسرائيل َّ‬

‫***‬

‫تيمم ثم أعاد الصالة بعد أن وجد الماء‪.‬‬


‫المطلب التاسع‪ :‬من ّ‬

‫يسر اهلل للعبد أمور عباداته‪ ،‬وجعل له العديد من الرخص الشرعية لرفع المشقة‬
‫ّ‬
‫التيمم حال ف ْقد الماء للصالة‪ ،‬كما قال تعالى‪﴿ :‬ﭷ‬
‫والحرج عنه‪ ،‬من ذلك رخصة ّ‬
‫ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ﴾ [المائدة‪.]٦ :‬‬

‫تيمم للصالة ثم ص ّلى‪ ،‬وبعد صالته‬ ‫ٍ‬


‫شخص ّ‬ ‫ومن مسائل هذا الباب‪ :‬مسألة‬
‫مرت ْين‪:‬‬
‫وجد الماء‪ ،‬فجاءت السنة بمضاعفة أجر من أعاد الصالة ّ‬
‫ت‬‫فعن أبي سعيد ا ْل ُخدْ ِري ‪َ ‬ق َال‪َ :‬خرج رج َل ِن فِي س َف ٍر‪َ ،‬فح َضر ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ت‪،‬‬ ‫الص َل ُة و َليس معهما ماء‪َ ،‬ف َتيمما ص ِعيدً ا َطيبا َفص َّليا‪ُ ،‬ثم وجدَ ا ا ْلماء فِي ا ْلو ْق ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ِّ ً َ َ َّ َ َ‬ ‫َ ْ َ َ َ ُ َ َ ٌ َ َّ َ َ‬ ‫َّ‬
‫ول اهللِ ﷺ فذكرا َذلِك‬ ‫الص َلة َوا ْل ُو ُضوء َو َل ْم ُي ِع ِد ْال َخ ُر‪ُ ،‬ث َّم َأ َت َيا َر ُس َ‬
‫َف َأ َعا َد َأ َحدُ ُه َما َّ‬

‫(( ( نقله القاري في «مرقاة المفاتيح» (‪.)829/3‬‬


‫(( ( «شرح النووي على صحيح مسلم» (‪.)113/6‬‬
‫((( «فيض الباري على صحيح البخاري» للكشميري (‪.)282/1‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪116‬‬

‫ُك» َو َق َال لِ َّل ِذي ت ََو َّض َأ َو َأ َعا َد‪:‬‬ ‫السنَّ َة َو َأ ْجز ََأت َ‬
‫ْك َص َلت َ‬ ‫ت ُّ‬ ‫َل ُه‪َ ،‬ف َق َال لِ َّل ِذي َل ْم ُي ِعدْ ‪َ :‬‬
‫«أ َص ْب َ‬
‫«لك ْالَ ْج ُر َم َّر َت ْي ِن»(‪.)1‬‬ ‫َ‬
‫وأجر لصالته‬
‫ٌ‬ ‫أجر لصالته األولى‪،‬‬
‫ووجه المضاعفة ـ كما قال العيني ـ هو‪ٌ :‬‬
‫الثانية(‪.)2‬‬
‫«أجر الصالة بالتراب‪ ،‬وأجر الصالة بالماء»(‪ ،)3‬زاد الشوكاني‪:‬‬
‫يقول الصنعاني‪ْ :‬‬
‫وتوضأ وص ّلى ّ‬
‫مر َت ْين‪ ،‬وال‬ ‫ّ‬ ‫تيمم‬ ‫ٍ‬
‫عامل‪ ،‬وقد ّ‬ ‫«فذلك لكون اهلل سبحانه ال يضيع عمل‬
‫يستلزم ثبوت األجر له إصابته»(‪.)4‬‬
‫ومن فوائد أحاديث هذا المطلب‪:‬‬
‫السنَة تعجيل الصالة للمتيمم‬ ‫‪ 1‬ـ قال الخطابي‪« :‬في هذا الحديث من الفقه ّ‬
‫أن ُّ‬
‫في أول وقتها‪،‬‬
‫للمتطهـر بالماء»(‪ .)5‬وتعقبه العيني بقوله‪« :‬ال نسـ ّلم ذلـك؛ ّ‬
‫ألن الحديث‬ ‫ّ‬ ‫ـو‬
‫ك َُه َ‬
‫يتلـوم مـا بينه وبيـن آخر‬
‫ال يـدل علـى هـذا‪ ،‬بـل المـروي عـن ابـن عمر أنـه قـال‪ّ :‬‬
‫الوقت» (‪.)6‬‬
‫‪ 2‬ـ وفيه إشار ٌة إلى ّ‬
‫أن العمل باألحوط أفضل(‪.)7‬‬

‫((( أخرجه أبو داود في «سننه» رقم (‪ ،)338‬وإسناده صحيح‪.‬‬


‫(( ( «شرح سنن أبي داود» للعيني (‪.)156/2‬‬
‫(( ( «سبل السالم» للصنعاني (‪.)144/1‬‬
‫((( «السيل الجرار» للشوكاني (‪.)88/1‬‬
‫(( ( «معالم السنن» للخطابي (‪.)105/1‬‬
‫(( ( «شرح سنن أبي داود» للعيني (‪.)157/2‬‬
‫((( انظر‪« :‬مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح» للقاري (‪.)485/2‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪117‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫أن الرجل إذا ص ّلى بالتيمم‪ ،‬ثم وجد الماء قبل خروج الوقت ال‬
‫‪ 3‬ـ ومنها‪ّ :‬‬
‫إعادة عليه(‪ ،)1‬ونقل بعضهم اإلجماع عليه(‪)2‬؛ ّ‬
‫ألن اإلجزاء عبارة عن كون الفعل‬
‫مسق ًطا لإلعادة(‪.)3‬‬
‫‪ 4‬ـ ومنها‪ :‬أنه ال يجب طلب الماء لمن عدمه في غير موضعه الذي هو فيه‪ ،‬وقد‬
‫أخذ بذلك إسحاق‪ ،‬واستنبطه من فعل ابن عمر هذا(‪.)4‬‬
‫***‬

‫المطلب العاشر‪ :‬الحاكم والقاضي إذا اجتهد وأصاب الحكم‪.‬‬

‫للقضاء بين الناس منزلة عالية‪ ،‬فهو الميزان العدل الذي تقوم به مصالح العباد‪ ،‬وبه‬
‫أجر واحدٌ ‪.‬‬
‫وألهميته جعل اهلل لمن أصاب فيه أجر ْين‪ ،‬ولمن أخطأ ٌ‬
‫ّ‬ ‫ُي ْؤ َخذ للمظلوم ح ّقه‪،‬‬
‫فعن أبي قيس مولى عمرو بن العاص‪ ،‬عن عمرو بن العاص ‪ ‬أن النبي‬
‫اجت ََهدَ ُث َّم َأ ْخ َط َأ‬ ‫اب َف َل ُه َأ ْج َر ِ‬ ‫ِ‬
‫ان‪َ ،‬وإِ َذا َحك ََم َف ْ‬ ‫اجت ََهدَ ُث َّم َأ َص َ‬ ‫ﷺ قال‪« :‬إِ َذا َحك ََم َ‬
‫الحاك ُم َف ْ‬
‫َف َل ُه َأ ْج ٌر»(‪.)5‬‬
‫والمقصود بالحاكم‪« :‬هو الذي عنده من العلم الذي يصلح به للفتوى‪ ،‬ويؤهله‬
‫للقضاء»(‪.)6‬‬

‫(( ( انظر‪« :‬شرح سنن أبي داود» للعيني (‪ ،)156/2‬نخب األفكار للعيني (‪ ،)440/2‬سبل السالم‬
‫للصنعاني (‪.)144/1‬‬
‫((( انظر‪« :‬مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح» للقاري (‪.)485/2‬‬
‫((( انظر‪« :‬نيل األوطار» للشوكاني (‪.)332/1‬‬
‫(( ( انظر‪« :‬فتح الباري» البن رجب (‪.)232/2‬‬
‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)7352‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪..)1716‬‬
‫((( «بهجة قلوب األبرار» وقرة عيون األخيار للسعدي ص (‪.)133‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪118‬‬

‫واجتهاد الحاكم على نوعين‪:‬‬


‫‪ 1‬ـ اجتها ٌد في إدخال القضية التي وقع فيها التحاكم باألحكام الشرعية‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ واجتهـا ٌد فـي تنفيـذ ذلك الحق علـى القريب والصديـق وضدهما‪ ،‬بحيث‬
‫يكـون النـاس عنـده فـي هذا البـاب واحـدً ا‪ ،‬ال يفضـل أحدً ا علـى ٍ‬
‫أحـد‪ ،‬وال يميله‬
‫مأجـور على كل حـال‪ :‬إن أصاب فله أجـران‪ ،‬وإن‬
‫ٌ‬ ‫الهـوى‪ ،‬فمتـى كان كذلـك فهو‬
‫معفـو عنه؛ ألنـه بغيـر اسـتطاعته‪ .‬وال َعـدْ ُل كغيره‬
‫ٌّ‬ ‫أجـر واحـدٌ ‪ ،‬وخطـؤه‬
‫أخطـأ فلـه ٌ‬
‫مع َّل ٌق باالسـتطاعة(‪.)1‬‬
‫وهـذا االجتهـاد إنمـا هـو فـي الفـروع المحتملـة للوجـوه المختلفـة دون‬
‫األصـول التي هـي أركان الشـريعة وأمهات األحـكام التي ال تحتمـل الوجوه‪ ،‬وال‬
‫ٍ‬
‫معذور فـي الخطـأ‪ ،‬وكان حكمه في‬ ‫مدخـل فيهـا للتأويل؛ ّ‬
‫فـإن من أخطأ فيهـا غير‬
‫ذلك مـردو ًدا(‪.)2‬‬
‫وقد ّفرق شيخ اإلسالم ابن تيمية بين الحاكم المجتهد وصاحب الهوى بقوله‪:‬‬
‫مأمور في الظاهر‬
‫ٌ‬ ‫«إن العالم قد فعل ما أمر به من ُح ْس ِن القصد واالجتهاد‪ ،‬وهو‬
‫ّ‬
‫باعتقاد ما قام عنده دليله‪ ،‬بخالف أصحاب األهواء‪ .‬فإنهم ﴿ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ‬
‫ﯲ ﯳ ﯴ﴾ [النجم‪ ،]٢٣ :‬ويجزمون بما يقولونه بالظن والهوى جز ًما ال‬
‫يقبل النقيض مع عدم العلم بجزمه‪ ،‬فيعتقدون ما لم يؤمروا باعتقاده ال باطنًا وال‬
‫ظاهرا‪ .‬ويقصدون ما لم يؤمروا بقصده‪ ،‬ويجتهدون اجتها ًدا لم ُي ْؤمروا به‪ ،‬فلم‬
‫ً‬
‫يصدر عنهم من االجتهاد والقصد ما يقتضي مغفرة ما لم يعلموه‪ ،‬فكانوا ظالمين‬
‫شبيها بالضالين‪ .‬فالمجتهد االجتهاد العلمي‬
‫شبيها بالمغضوب عليهم‪ ،‬أو جاهلين ً‬
‫ً‬

‫((( انظر‪« :‬بهجة قلوب األبرار» وقرة عيون األخيار للسعدي ص (‪.)133‬‬
‫((( انظر‪« :‬شرح المشكاة» للطيبي المسمى بالكاشف عن حقائق السنن (‪.)2594/8‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪119‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫الحق‪ ،‬وقد سلك طريقه‪ .‬وأما متّبع الهوى المحض‪:‬‬


‫غرض سوى ّ‬
‫المحض ليس له ٌ‬
‫فهو ممن يعلم الحق ويعاند عنه» (‪.)1‬‬
‫وصـادف‬
‫َ‬ ‫ووجـه المضاعفـة فـي الحاكـم إذا أصـاب‪ّ :‬‬
‫أن الحاكـم إذا اجتهـد‬
‫وأجـر مصادفة‬
‫ُ‬ ‫أجـر التتبع‪،‬‬
‫نفـس الدليـل الـوارد في ذلك عن الشـارع فلـه أجران‪ُ ،‬‬
‫أجر واحـدٌ وهو‬
‫الدليـل‪ ،‬وإن لـم يصـادف عيـن الدليـل وإنما صـادف حكمه فلـه ٌ‬
‫أجـر التت ّبع(‪.)2‬‬
‫ُ‬
‫يقـول شـيخ اإلسلام ابـن تيميـة ‪« :‬تب ّيـن ّ‬
‫أن المجتهـد مـع خطئـه لـه‬
‫در َك الصـواب فـي جميع‬ ‫مغفـور لـه؛ ّ‬
‫ألن ْ‬ ‫ٌ‬ ‫أجـر؛ وذلـك ألجـل اجتهـاده‪ ،‬وخطـؤه‬
‫ٌ‬
‫أعيـان األحكام إمـا ُمت َّ‬
‫َعذ ٌر أو مت َع ّس ٌـر‪ ،‬وقد قال تعالـى‪﴿ :‬ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ‬
‫ـال َت َعا َلـى‪﴿ :‬ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ﴾‬ ‫ﮰ﴾ [الحـج‪َ ،]٧٨ :‬و َق َ‬
‫[البقـرة‪.)3(»]١٨٥ :‬‬
‫ُ‬
‫«خطأ المجتهد في عدم مصادفة الدليل في‬ ‫أما الخطأ الوارد في الحديث فهو‬
‫تلك المسألة‪ ،‬ال الخطأ الذي يخرج به عن الشريعة؛ ألنه إذا خرج عن الشريعة فال‬
‫أجر له» (‪.)4‬‬
‫يقـول الخطابـي‪« :‬إنمـا يؤجـر المخطـئ علـى اجتهاده فـي طلب الحـق؛ ألن‬
‫اجتهـاده عبـادة وال يؤجـر علـى الخطأ بل يوضـع عنه اإلثـم فقط‪ .‬وهـذا فيمن كان‬
‫مـن المجتهديـن جامعـ ًا آللة االجتهـاد عارفـ ًا باألصول وبوجـوه القيـاس‪ .‬فأما من‬

‫(( ( «القواعد النورانية الفقهية» البن تيمية ص (‪ ،)186‬ومجموع الفتاوى له (‪.)43/29‬‬


‫(( ( انظر‪« :‬فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب مالك» البن عليش المالكي (‪.)98/1‬‬
‫(( ( «رفع المالم عن األئمة األعالم» البن تيمية ص (‪.)39‬‬
‫(( ( «فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب مالك» البن عليش المالكي (‪.)98/1‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪120‬‬

‫لـم يكـن محل ً‬


‫ا لالجتهـاد فهـو متكلـف وال يعـذر بالخطـأ فـي الحكـم بـل يخاف‬
‫عليـه أعظم الـوزر»(‪.)1‬‬
‫يقول النووي‪« :‬قال العلماء‪ :‬أجمع المسلمون على أن هذا الحديث في حاك ٍم‬
‫وأجر بإصابته‪ ،‬وإن أخطأ‬
‫ٌ‬ ‫أجر باجتهاده‬ ‫عال ٍم ٍ‬
‫أهل للحكم‪ ،‬فإن أصاب فله أجران‪ٌ :‬‬
‫محذوف تقديره‪ :‬إذا أراد الحاكم فاجتهد‪ .‬قالوا‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫أجر باجتهاده‪ .‬وفي الحديث‬
‫فله ٌ‬
‫آثم‬
‫الحكْم‪ ،‬فإن َحكَم فال أجر له‪ ،‬بل هو ٌ‬ ‫للحكْم فال ّ‬
‫يحل له ُ‬ ‫ٍ‬
‫بأهل ُ‬ ‫فأ ّما من ليس‬
‫ٍ‬
‫أصل‬ ‫وال ين ّفذ حكمه‪ ،‬سواء وافق الحق أم ال؛ ّ‬
‫ألن إصابته اتفاقة ليست صادرة عن‬
‫ٍ‬
‫عاص في جميع أحكامه‪ ،‬سواء وافق الصواب أم ال‪ ،‬وهي مردود ٌة ك ّلها‪،‬‬ ‫شرعي فهو‬
‫ٍّ‬
‫ٍ‬
‫شيء من ذلك»(‪.)2‬‬ ‫وال يعذر في‬
‫قال ابن الجوزي‪« :‬فإن قيل‪ :‬فقد تساوى االجتهاد في موضع اإلصابة وموضع‬
‫األجر هناك؟ فالجواب من وجه ْين‪ :‬أحدهما‪ّ :‬‬
‫أن المخطئ‬ ‫وعف‬‫الخطأ‪َ ،‬ف ِلم ُض ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫وإن كان مجتهدً ا ففي اجتهاده تقصير‪ ،‬فلو أمعن في طلب األد ّلة لوقع بالصواب‪،‬‬
‫فقصر في أجره لتقصيره في الطلب‪ .‬والثاني‪ :‬أن المصيب مو ّف ٌق‪ ،‬والمو ّفق مصطفى‪،‬‬
‫ف لهذه األمة دون سائر األمم»(‪.)3‬‬ ‫وعف له األجر لمكان اصطفائه‪ ،‬كما ُض ِ‬
‫وع َ‬ ‫فض ِ‬
‫ُ‬
‫يقول العيني‪« :‬تفاوت ْالجر مع التّساوي في العمل لكون المصيب فاز‬
‫بالصواب‪ ،‬وفاز بتضاعف األجر‪ ،‬وذلك فضل اهلل يؤتيه من يشاء‪ ،‬ولعله للمصيب‬
‫زيادة في العمل إما كم ّية‪ ،‬وإما كيف ّية»(‪.)4‬‬

‫(( ( «معالم السنن» للخطابي (‪.)160/4‬‬


‫(( ( «شرح النووي على صحيح مسلم» (‪ 13/12‬ـ ‪.)14‬‬
‫(( ( «كشف المشكل من حديث الصحيحين» البن الجوزي (‪.)110/4‬‬
‫((( «عمدة القاري» للعيني (‪.)66/25‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪121‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫ولفظ أبي هريرة‪َ « :‬ف َأ َص َ‬


‫اب َف َل ُه َأ ْج َران» قال المناوي‪« :‬فإن قيل‪ :‬اإلصابة مقارنة‬
‫للحكم‪ ،‬فما معنى الفاء المفيدة للترتيب والتعقيب؟ فالجواب‪ّ :‬‬
‫إن فيه إشارة إلى‬
‫والتعجب من حصولها باالجتهاد» (‪.)1‬‬
‫ّ‬ ‫علو رتبة اإلصابة‪،‬‬
‫ّ‬
‫ومن فوائد هذا الحديث‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ فيه ٌ‬
‫دليل على أن اهلل وكل بعض األحكام إلى اجتهاد العلماء‪ ،‬وجعل لهم‬
‫األجر على االجتهاد(‪.)2‬‬
‫‪ 2‬ـ األجر الذي يأخذه المخطئ؛ إنما هو ألجل اجتهاده في طلب الصواب‪ ،‬ال‬
‫على خطئه(‪ .)3‬ولما كان االجتهاد في طلب الحق عبادة ترتب عليه األجر(‪.)4‬‬
‫‪ 3‬ـ فيه ر ْفع اإلثم عن المجتهد إذا أخطأ‪ ،‬وقد بوب البخاري على هذا في صحيحه‬
‫شير إلى‬ ‫«باب ِ‬
‫أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ»‪ ،‬قال ابن حجر مع ّل ًقا‪ُ « :‬ي ُ‬ ‫فقال‪ُ :‬‬
‫أنه ال يلزم من ر ّد ُحكْمه أو فتواه إذا اجتهد فأخطأ أن يأثم بذلك‪ ،‬بل إذا بذل وسعه أجر‪،‬‬
‫وعف أجره‪ ،‬لكن لو أقدم فحكم أو أفتى بغير عل ٍم َل ِح َقه اإلثم»(‪.)5‬‬
‫فإن أصاب ُض ِ‬

‫الحق عند اهلل واحدٌ ‪ ،‬لكن اهلل وسع لألمة‪ ،‬وجعل اختالف المجتهدين‬
‫أن ّ‬‫‪ 4‬ـ فيه ّ‬
‫رحمة(‪.)6‬‬
‫‪ 5‬ـ فيه ّ‬
‫أن المجتهد يخطئ ويصيب‪ ،‬وإال لما كان لقوله‪« :‬فأخطأ» معنى(‪.)7‬‬

‫(( ( «فيض القدير» للمناوي (‪.)331/1‬‬


‫(( ( انظر‪« :‬شرح النووي على صحيح مسلم» (‪.)90/1‬‬
‫(( ( انظر‪« :‬عمدة القاري» للعيني (‪.)66/25‬‬
‫((( انظر‪« :‬التيسير بشرح الجامع الصغير» للمناوي (‪.)90/1‬‬
‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪ 318/13‬ـ ‪.)319‬‬
‫((( انظر‪« :‬فيض القدير» للمناوي (‪.)331/1‬‬
‫((( المصدر السابق (‪.)331/1‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪122‬‬

‫المطلب الحادي عشر‪ :‬الغريق في البحر‪.‬‬

‫ركوب البحر من األمور التي دعت إليها الشريعة‪ ،‬ور ّغبت بالغزو فيه كما ّ‬
‫دل‬
‫الر ْفع ـ‪:‬‬
‫عليه حديث عبد اهلل بن عمرو بن العاص ‪ ‬موقو ًفا ـ وله حكم ّ‬
‫ات فِي ا ْل َب ّر‪َ ،‬و َم ْن َجا َز(‪ )1‬ا ْل َب ْح َر َفك ََأن ََّما َجا َز‬
‫« َغزْو ٌة فِي ا ْلبح ِر َأ ْف َض ُل ِمن ع ْش ِر َغزَو ٍ‬
‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬
‫ط(‪ )3‬فِي َد ِم ِه»(‪.)4‬‬
‫ْالَو ِدي َة‪ ،‬وا ْلمائِدُ (‪ )2‬فِي الس ِفين َِة كَا ْلمت ََشح ِ‬
‫ُ ّ‬ ‫َّ‬ ‫ْ َ َ َ‬
‫ـر ِم ْث ُل‬
‫ـال‪َ « :‬غـز َْو ٌة فِـي ا ْل َب ْح ِ‬
‫ـول اهللِ ﷺ َق َ‬ ‫وعـن َأبِـي الـدَّ ْر َد ِاء ‪َ ،‬أ َّن َر ُس َ‬
‫يل اهللِ‬ ‫ط فِي َد ِم ِه فِي َسـبِ ِ‬ ‫ات فِي ا ْلبر‪ ،‬وا َّل ِذي يسـدَ ر(‪ )5‬فِي ا ْلبح ِر كَا ْلمت ََشـح ِ‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ ْ ُ‬ ‫َ ِّ َ‬
‫ـر َغزَو ٍ‬
‫َع ْش ِ َ‬
‫ُس ْب َحا َن ُه»(‪.)6‬‬
‫«لَ ْن َأ ْغ ُز َو فِي ا ْل َب ْح ِر‬
‫لذلك كان عبد اهلل بن عمرو بن العاص ‪ ‬يقول‪َ :‬‬
‫ب إِ َل َّي ِم ْن َأ ْن ُأن ِْف َق ِقنْ َط ًارا ُم َت َق َّب ًل فِي َسبِ ِ‬
‫يل اهللِ»(‪.)7‬‬ ‫َغ ْز َو ًة َأ َح ُّ‬

‫(( ( َجازَ‪ :‬قال ابن األثير‪« :‬أي‪ :‬قطع وسار»‪ .‬النهاية في غريب الحديث البن األثير (‪.)315/1‬‬
‫الس ِفين َِة باأل ْمواج»‪ .‬النهاية‬ ‫واضطِ َر ِ‬
‫اب َّ‬ ‫رأس ِه ِم ْن ِر ِ‬
‫يح ال َب ْح ِر ْ‬ ‫(( ( المائد‪ :‬قال ابن األثير‪« :‬هو ا َّل ِذي يدَ ار بِ ِ‬
‫ُ ُ‬ ‫ُ َ‬
‫في غريب الحديث البن األثير (‪.)379/4‬‬
‫المتشحط‪ :‬قال الخطابي‪« :‬الذي يضطرب في دمه»‪ .‬أعالم الحديث للخطابي (‪.)1467/2‬‬
‫ّ‬ ‫(( (‬
‫(( ( أخرجه عبد الرزاق الصنعاني في مصنّفه رقم (‪ ،)9630‬وإسناده ضعيف‪ ،‬لكن يشهد له الحديث‬
‫الذي بعده؛ وعليه؛ فالحديث حسن لغيره‪.‬‬
‫وار وهـو كَثِيرا مـا يع ِرض ِ‬ ‫ِ‬
‫لراكـب ا ْل َب ْح ِ‬
‫ـر‪ُ .‬ي َق ُال‬ ‫«السـدَ ُر بِالت َّْح ِريـك‪ :‬كالـدُّ ِ َ ُ َ ً َ َ ْ‬
‫(( ( يسـدَ ر‪ :‬قـال ابـن األثيـر‪َّ :‬‬
‫ِ‬ ‫ـر ِمن َأسـم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫البحر»‪« .‬النهاية في غريب الحديـث واألثر» البن‬ ‫اء‬ ‫والسـد ُر بِا ْلك َْس ِ ْ ْ َ‬
‫َسـد َر َي ْسـدَ ُر َسـدَ ر ًا‪َّ ،‬‬
‫األثيـر (‪.)354/2‬‬
‫(( ( أخرجـه ابـن ماجه في «سـننه» رقم (‪ ،)2777‬وإسـناده ضعيف‪ ،‬لكن يشـهد له الحديـث الذي قبله‪،‬‬
‫وعليه؛ فالحديث حسـن لغيره‪.‬‬
‫(( ( أخرجه سعيد بن منصور في «سننه» رقم (‪.)2396‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪123‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫وكان من جملة ترغيبه في ركوبه أن جعل للغريق فيه أجر شهيدين‪:‬‬

‫ف َع ْن ُأ ِّم َح َرا ٍم بنت ملحان ‪َ ،‬ع ِن النَّبِ ِّي ﷺ َأ َّن ُه َق َال‪« :‬المائِدُ فِي ا ْل َب ْح ِر‬
‫ا َّل ِذي ي ِصيبه ا ْل َقيء(‪َ )1‬له َأجر َش ِه ٍ‬
‫يد‪َ ،‬وا ْلغ َِر ُق َل ُه َأ ْج ُر َش ِهيدَ ْي ِن»(‪.)2‬‬ ‫ُ ُُ ْ ُ ُ ْ ُ‬
‫لطاعـة‪ ،‬يقـول‬ ‫ٍ‬ ‫وق ّيـد بعـض أهـل العلـم هـذا الحديـث بمـن ركـب البحـر‬
‫طاعة كالغزو‬ ‫ٍ‬ ‫مظهـر الديـن الزيداني عن المائد‪« :‬له أجر شـهيد إن كان يمشـي إلـى‬
‫طريـق سـوى البحر‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫التجـار؛ فـإن لـم يكـن لهـم‬
‫والحـج وتحصيـل العلـم‪ ،‬وأمـا ّ‬
‫وكانـوا يتّجـرون للقـوت ال لجمـع المـال فهـم داخلون في هـذا األجـر»(‪ ،)3‬ونقله‬
‫كالمقريـن له‪ ،‬وكذا اشـترطه المنـاوي(‪ ،)6‬ويدخل فيه من‬
‫ّ‬
‫(‪)5‬‬
‫القـاري(‪ )4‬والصنعانـي‬
‫يمـوت غري ًقـا فـي التدريبـات العسـكرية التـي يسـتعد فيهـا المجاهـدون لمقارعة‬
‫األعداء‪.‬‬

‫يقول ابن عبد البر‪« :‬أكثر أهل العلم يجيزون ركوب البحر في طلب الحالل إذا‬
‫تعذر البر وركب البحر في حين يغلب عليه فيه السكون وفي كل ما أباحه اهلل ولم‬
‫يحظره على حديث أم حرام وغيره إال أنهم يكرهون ركوبه في االستغزار من طلب‬
‫الدنيا واالستكثار من جمع المال»(‪.)7‬‬

‫(( ( ال َق ْيء‪ :‬قال ابن األثير‪« :‬استخراج ما في الجوف»‪ .‬النهاية في غريب الحديث البن األثير (‪.)130/4‬‬
‫((( أخرجه أبو داود في «سننه» رقم (‪ ،)2493‬وإسناده حسن‪.‬‬
‫(( ( «المفاتيح في شرح المصابيح» للمظهر الزيداني (‪.)359/4‬‬
‫((( انظر‪« :‬مرقاة المفاتيح» للقاري (‪.)2485/6‬‬
‫((( انظر‪« :‬التنوير شرح الجامع الصغير» للصنعاني (‪.)98/9‬‬
‫((( انظر‪« :‬التيسير بشرح الجامع الصغير» للمناوي (‪.)450/2‬‬
‫(( ( «التمهيد» البن عبد البر (‪.)240/1‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪124‬‬

‫حض على ركوب‬


‫أن الحديث‪« :‬فيه ٌّ‬ ‫ّ‬
‫فاستدل بعموم الحديث على ّ‬ ‫أما األلباني‬
‫حضا مطل ًقا غير مق ّي ٍد ٍ‬
‫بغزو ونحوه»(‪.)1‬‬ ‫البحر ًّ‬
‫ووجه المضاعفة للغريق‪« :‬أحدهما‪ :‬لقعود الطاعة‪ ،‬واألخر‪ :‬للغرق‪ٌّ ،‬‬
‫وكل‬
‫منهما في حكم الشهادة»(‪.)2‬‬
‫ومن فوائد أحاديث هذا المطلب‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ قال المناوي‪« :‬فيه ٌّ‬
‫حث على ركوب البحر للغزو»(‪.)3‬‬
‫البر‪ ،‬و‬
‫أن غزو البحر أفضل من غزو ّ‬ ‫ّ‬
‫استدل ابن قدامة بهذا الحديث على ّ‬ ‫‪2‬ـ‬
‫خطرا‪ ،‬فإنه بين خطر القتل والغرق‪ ،‬وال يمكنه الفرار‬
‫قال‪« :‬ألن غزو البحر أعظم ً‬
‫دون أصحابه»(‪ ،)4‬فلما َع ُظم َخ َط ُره َع ُظم أجره(‪.)5‬‬
‫‪ 3‬ـ قال ابن العربي‪« :‬إذا ركب البحر َف َما َد فيه‪ ،‬فإذا كان على هذا الحال‪ ،‬فهل‬
‫يركبه أم ال؟ فقيل‪ :‬ال يركب؛ ألنه مع ِّط ٌل للصلوات‪ ،‬وقيل‪ :‬يركبه ويص ّلي‪ ،‬ألنه‬
‫مرض يعتريه في سبيل اهلل»(‪.)6‬‬
‫ٌ‬
‫ارتج لم يجز ركوبه‬ ‫البر‪« :‬ال خالف بين أهل العلم ّ‬
‫أن البحر إذا ّ‬ ‫‪ 4‬ـ قال ابن عبد ّ‬
‫ٍ‬
‫ألحد بوجه من الوجوه في حين ارتجاجه»(‪.)7‬‬

‫((( «سلسلة األحاديث الضعيفة» لأللباني (‪.)693/1‬‬


‫(( ( «مرقاة المفاتيح» للقاري (‪.)2485/6‬‬
‫(( ( «فيض القدير» للمناوي (‪.)249/6‬‬
‫((( «الكافي في فقه اإلمام أحمد» البن قدامة (‪ ،)120/4‬وبنحوه قال في «المغني» (‪.)200/9‬‬
‫((( انظر‪« :‬فقه السنة» للسيد سابق (‪.)639/2‬‬
‫((( «المسالك في شرح موطأ مالك» (‪.)104/5‬‬
‫(( ( «التمهيد» البن عبد البر (‪.)238/1‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪125‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫المطلب الثاني عشر‪ّ :‬اتباع الجنازة وانتظار الميت حتى يوضع في القبر‪.‬‬

‫جعـل اهلل للمؤمـن ح ًّقـا فـي الحيـاة وبعـد الممـات‪ ،‬ومـن جملة حقوقـه بعد‬
‫السـنّة النبو ّيـة‬
‫موتـه‪ :‬تجهيـزه وتغسـيله‪ ،‬والصلاة عليـه‪ ،‬ودفنـه‪ .‬لذلـك جـاءت ّ‬
‫مر ّغبـة فـي اتبـاع الجنائـز وانتظار الميـت حتى يوضع فـي قبره‪ ،‬وضاعفـت له بهذا‬
‫مرت ْين‪.‬‬
‫الف ْعـل األجـر ّ‬
‫الجنَـا َز َة َحتَّى‬‫ـهدَ َ‬ ‫ـن َش ِ‬ ‫«م ْ‬
‫فعـن أبـي هريـرة ‪ ‬قال‪ ،‬قـال رسـول اهلل ﷺ‪َ :‬‬
‫القيرا َط ِ‬‫ِ‬ ‫َان َله ِقيرا َط ِ ِ‬ ‫اط‪َ ،‬و َم ْن َش ِ‬ ‫ـي‪َ ،‬ف َلـ ُه ِق َير ٌ‬
‫ان؟‬ ‫ـان»‪ ،‬ق َيل‪َ :‬و َمـا َ‬ ‫ـن ك َ ُ َ‬ ‫ـهدَ َحتَّـى تُدْ َف َ‬ ‫ُي َص ِّل َ‬
‫اب‪َ :‬ق َال َسـالِ ُم‬ ‫ـه ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـال‪ِ :‬‬
‫يم ْي ِن» زاد مسـلم في صحيحه‪َ :‬ق َال ا ْب ُن ش َ‬ ‫الج َب َل ْي ِن ال َعظ َ‬
‫ـل َ‬ ‫«م ْث ُ‬ ‫َق َ‬
‫يث‬ ‫ف‪َ ،‬ف َل َّمـا َب َل َغ ُه َح ِد ُ‬ ‫ـم َين َْص ِر ُ‬
‫َان ا ْب ُن ُع َم َر‪ُ ،‬ي َص ِّلـي َع َل ْي َها ُث َّ‬
‫ـن ُع َم َـر‪َ :‬وك َ‬ ‫ابـن َعب ِ‬
‫ـد اهللِ ْب ِ‬ ‫ْ ُ ْ‬
‫يـط كَثِ َيرةً»(‪.)1‬‬
‫َأبِـي ُه َر ْي َـرةَ‪َ ،‬ق َال‪َ « :‬ل َقـدْ َض َّي ْعنَا َق َر ِار َ‬

‫واختلف في ضبط كلمة‪ُ « :‬ي َص ِّلي»‪ ،‬قال ابن حجر‪ُ «« :‬ي َص ِّلي»‪ :‬بكسر ّ‬
‫اللم‪،‬‬
‫و ُيروى بفتحها‪ ،‬فعلى األول ال يحصل الموعود به إال لمن تُوجد منه الصالة‪ ،‬وعلى‬
‫مانع‪،‬‬ ‫الثاني قد ُيقال‪ :‬يحصل له ذلك ولو لم ِّ‬
‫يصل‪ ،‬أما إذا قصد الصالة وحال دونه ٌ‬
‫فال ّظاهر حصول الثواب له مطل ًقا‪ ،‬واهلل أعلم»(‪.)2‬‬

‫الراء‪ ،‬و ُيروى بالعكس‪،‬‬


‫بضم ّأوله وفتح ّ‬
‫ّ‬ ‫ثم قال ابن حجر‪« :‬قوله‪« :‬و ُي ْف َرغ»‪:‬‬
‫وقد َأ ْث َبتَت هذه الرواية ّ‬
‫أن القيراطين إنما يحصالن بمجموع الصالة والدفن‪ّ ،‬‬
‫وأن‬
‫ٌ‬
‫قيراط واحدٌ ‪ ،‬وهذا هو المعت ََمد»(‪.)3‬‬ ‫الصالة دون الدفن يحصل بها‬

‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)1325‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)945‬‬


‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)109/1‬‬
‫((( المصدر السابق‪.‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪126‬‬

‫والمقصود بهذا الحديث‪ :‬هو من شهدها مصدّ ًقا بثوابها‪ ،‬محتس ًبا وطال ًبا ثوابها‬
‫أحد(‪ ،)1‬كما بينته الرواية األخرى‪:‬‬ ‫من اهلل‪ ،‬ال رياء وال تطييبا لقلب ٍ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫احتِ َسا ًبا‪َ ،‬وك َ‬
‫َان‬ ‫يمانًا َو ْ‬
‫ِ‬
‫«م ِن ا َّت َب َع َجنَا َز َة ُم ْسلمٍ‪ ،‬إِ َ‬
‫عن أبي هريرة ‪ ‬مرفو ًعا‪َ :‬‬
‫معه حتَّى يص َّلى ع َليها وي ْفر َغ ِمن د ْفنِها‪َ ،‬فإِ َّنه ير ِجع ِمن األَج ِر بِ ِقيرا َطي ِن‪ ،‬ك ُُّل ِقير ٍ‬
‫اط‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ َْ ُ َ ْ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫َ َْ ََ ُ‬ ‫َ َُ َ ُ َ‬
‫اط»(‪.)2‬‬‫ِم ْث ُل ُأح ٍد‪ ،‬ومن ص َّلى ع َليها ُثم رجع َقب َل َأ ْن تُدْ َفن‪َ ،‬فإِ َّنه ير ِجع بِ ِقير ٍ‬
‫ُ َْ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ َّ َ َ َ ْ‬ ‫ُ ََ ْ َ‬
‫و«أمـا التّقييـد بـ «اإليمان واالحتسـاب» فلا ُبدّ منـه؛ ّ‬
‫ألن ترتّـب الثواب على‬
‫المجردة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫العمـل يسـتدعي سـ ْبق الن ّية‪َ ،‬ف َي ْخ ُرج مـن َف َع َل ذلك على سـبيل المكافـأة‬
‫أو علـى سـبيل المحابـاة»(‪ .)3‬وتقييدهـا بــ «جنازة مسـلم»‪« :‬يقتضي أنـه ال أجر في‬
‫اتّبـاع الكافر»(‪.)4‬‬

‫مبو ًبا عليه في صحيحه‪:‬‬


‫وقد جعل البخاري ف ْعل هذا األمر من اإليمان‪ ،‬فقال ّ‬
‫أيضا حجة ألهل السنة‬ ‫اب اتّباع الجنائز من اإليمان»(‪ ،)5‬يقول ابن بطال‪« :‬هذا الباب ً‬
‫« َب ُ‬
‫«م ْن َتبِ َع َجنَا َز َة ُم ْسلِ ٍم‬ ‫ٌ‬
‫إيمان؛ ألنه ﷺ جعل اتّباع الجنازة إيمانًا بقوله‪َ :‬‬ ‫أن األعمال‬ ‫ّ‬
‫أن مباشرة العمل الذي فيه‬ ‫احتِ َسا ًبا»»(‪ ،)6‬و«مطابقة الحديث للترجمة من حيث ّ‬ ‫إِ َ‬
‫يمانًا َو ْ‬
‫الثواب قدر قيراطين ـ والقيراط مثل جبل ٍ‬
‫أحد ـ شعبة من شعب اإليمان»(‪.)7‬‬

‫((( انظر‪« :‬مرقاة المفاتيح» للقاري (‪.)1194/3‬‬


‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪.)47‬‬
‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)197/3‬‬
‫((( «شرح البخاري» للسفيري (‪.)73/2‬‬
‫(( ( «صحيح البخاري»‪ ،‬رقم (‪.)47‬‬
‫((( «شرح صحيح البخاري» البن بطال (‪.)107/1‬‬
‫((( «عمدة القاري» للعيني (‪.)270/1‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪127‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫مقدار من الثواب معلو ٌم‬


‫ٌ‬ ‫وفي تحديد مقدار القيراط يقول النووي‪«« :‬ا ْل ِق َير ُ‬
‫اط»‪:‬‬
‫يدل على ِع َظ ِم مقداره في هذا الموضع‪ ،‬وال يلزم‬ ‫عند اهلل تعالى‪ ،‬وهذا الحديث ّ‬
‫من هذا أن يكون هذا هو القيراط المذكور فيمن اقتنى كلبا إال كلب ٍ‬
‫صيد أو زر ٍع أو‬ ‫ً‬
‫ص من أجره ّ‬ ‫ٍ‬
‫كل يو ٍم قيراط‪ ،‬وفي روايات‪ :‬قيراطان ‪ ،‬بل ذلك ٌ‬
‫قدر معلو ٌم‪،‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫ماشية َن ُق َ‬
‫ويجوز أن يكون مثل هذا ّ‬
‫وأقل وأكثر» (‪.)2‬‬
‫ـب األكثـر إلـى ّ‬
‫أن المـراد بالقيراط فـي حديث‬ ‫وأمـا ابـن حجـر فيقـول‪َ « :‬ذ َه َ‬
‫البـاب جـز ٌء مـن أجـزاء معلومـة عنـد اهلل‪ ،‬وقـد ّقربهـا النبـي ﷺ للفهـم بتمثيلـه‬
‫القيـراط بأحـد»(‪.)3‬‬
‫يقول الطحاوي‪« :‬فإن قال ـ يعني‪ٌ :‬‬
‫قائل ـ‪ :‬فهل وجدتم للشيء الذي القيراط‬
‫منه ذكر مقدار في شيء من اآلثار؟ قيل له‪ :‬ما وجدنا ذلك واهلل أعلم ما هو‪ ،‬وقد‬
‫يجوز أن يكون أخفى ذلك حتى يعلمه أهله إذا لقوه عز وجل ﴿ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ‬
‫ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ﴾ [السجدة‪ ،]١٧ :‬واهلل نسأله التوفيق» (‪.)4‬‬
‫الطيبـي ً‬
‫قائلا‪« :‬قوله‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ـل ُأ ُحـد»‪ :‬فقـد ع ّلق‬ ‫«ج َب ِ‬
‫وجـ ُه تمثيـل القيـراط بـ َ‬
‫وأمـا ْ‬
‫ِ‬
‫«م ْثـل ُأحـد» تفسـير للمقصـود مـن الـكالم‪ ،‬ال لِ َل ْف ِ‬
‫ـظ القيـراط‪ ،‬والمـراد منـه‪ :‬أنـه‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫ألن َل ْفـظ القيـراط ُم ْب ٌ‬
‫هم من وجهيـن‪ ،‬ف َب َّين‬ ‫بنصيـب ٍ‬
‫كبيـر من األجـر؛ وذلك ّ‬ ‫ٍ‬ ‫يرجـع‬

‫المتأخرين‪ :‬الظاهر أن هذا القيراط دون القيراط في خبر (من شهد‬ ‫ّ‬ ‫((( يقول المناوي‪« :‬قال بعض‬
‫ألن هذا من َقبِيل المطلوب ت َْركُه‪ ،‬وذلك من المطلوب فِ ْعله‪،‬‬
‫الجنازة حتى يصلى عليها فله قيراط)؛ ّ‬
‫وعادة ّ‬
‫الشارع تعظيم الحسنات وتخفيف مقابلها كر ًما منه»‪« .‬فيض القدير» له (‪.)81/6‬‬
‫(( ( «شرح النووي على صحيح مسلم» (‪ 14/7‬ـ ‪.)15‬‬
‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪ 194/3‬ـ ‪.)195‬‬
‫(( ( «شرح مشكل اآلثار» للطحاوي (‪.)307/3‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪128‬‬
‫«م ْثل ُأح ٍ‬
‫ـر»‪ ،‬وبيـن المقدار المـراد منه بقولـه‪ِ :‬‬ ‫ِ‬
‫ـد»»(‪.)1‬‬ ‫ُ‬ ‫المـوزون بقولـه‪« :‬م َن األَ ْج ِ َ َّ‬
‫أما ابن المن ّير فقال‪« :‬أراد تعظيم الثواب فم ّثله للعيان بأعظم الجبال َخ ْل ًقا‪ ،‬وأكثرها‬
‫حبنَا ون ِ‬
‫ِ‬
‫ُح ُّب ُه»(‪ ،)3(»)2‬زاد ابن‬ ‫إلى النفوس المؤمنة ُح ًّبا؛ ألنه الذي قال في حقه «إِنّه َج َب ٌل ُي ّ َ‬
‫قريب من المخا َطبِين‪ ،‬يشترك أكثرهم في معرفته»(‪ .)4‬و«فيه تقدير‬ ‫ٌ‬ ‫حجر‪« :‬وألنّه أيض ًا‬
‫األعمال بنسبة األوزان إما تقري ًبا لألفهام‪ ،‬وإما على حقيقته‪ ،‬واهلل أعلم»(‪.)5‬‬

‫ف األَ ْجر في هذا المقام؛ للترغيب في «شهود الميت‪ ،‬والقيام‬ ‫وإنما ُض ِ‬


‫وع َ‬
‫والحض على االجتماع له‪ ،‬والتنبيه على عظيم فضل اهلل وتكريمه للمسلم‬
‫ّ‬ ‫بأمره‪،‬‬
‫وحق‬ ‫في تكثير الثواب لمن يتو ّلى أمره بعد موته» (‪ ،)6‬وألن ات ّباع الجنازة فيه ٌّ‬
‫حق هلل‪ٌّ ،‬‬
‫وحق ألقاربه األحياء(‪.)7‬‬
‫للم ّيت‪ٌّ ،‬‬

‫ومن األحاديث التي تشهد لهذا الباب‪:‬‬

‫«م ْن َص َّلى َع َلى‬ ‫ول اهللِ ﷺ‪َ ،‬أ َّن رس َ ِ‬ ‫ما رواه َث ْو َبان م ْو َلى رس ِ‬
‫ول اهلل ﷺ َق َال‪َ :‬‬ ‫َ ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫اط ِم ْث ُل ُأ ُح ٍد»(‪.)8‬‬
‫ان‪ ،‬ا ْل ِق َير ُ‬
‫اط‪َ ،‬فإِ ْن َش ِهدَ َد ْفن ََها َف َل ُه ِق َيرا َط ِ‬
‫َجنَاز ٍَة َف َل ُه ِق َير ٌ‬

‫«م ْن َتبِ َع‬ ‫وكذلك ما رواه البراء بن عازب ‪ ‬قال‪َ :‬ق َال رس ُ ِ‬
‫ول اهلل ﷺ‪َ :‬‬ ‫َ ُ‬

‫((( «شرح المشكاة» للطيبي (‪ ،)1393/4‬وانظر‪ :‬إحكام األحكام البن دقيق العيد (‪.)373/1‬‬
‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)2889‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪..)1365‬‬
‫((( نقله ابن حجر في «الفتح» (‪ ،)195/3‬وبنحوه قال العيني في «عمدة القاري» (‪.)273/1‬‬
‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)195/3‬‬
‫((( المصدر السابق (‪.)198/3‬‬
‫((( المصدر السابق (‪.)193/3‬‬
‫(( ( انظر‪« :‬بهجة قلوب األبرار» للسعدي ص (‪.)82‬‬
‫((( أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (‪.)946‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪129‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫اط‪َ ،‬و َم ْن َم َشى َم َع ا ْل َجنَاز َِة َحتَّى تُدْ َف َن‬


‫َان َل ُه ِم َن ْالَ ْج ِر ِق َير ٌ‬
‫َجنَا َز ًة َحتَّى ُي َص َّلى َع َل ْي َها ك َ‬
‫اط ِم ْث ُل ُأ ُح ٍد»(‪.)1‬‬
‫ان‪َ ،‬وا ْل ِق َير ُ‬
‫َان َل ُه ِم َن ْالَ ْج ِر ِق َيرا َط ِ‬
‫ك َ‬
‫«م ْن َتبِ َع َجنَا َز ًة َحتَّى‬ ‫أبي بن كعب ‪َ ،‬ع ِن النَّبِ ِّي ﷺ َق َال‪َ :‬‬ ‫ومنها مار واه ّ‬
‫ان‪َ ،‬و َم ْن َتبِ َع َها َحتَّى ُي َص َّلى َع َل ْي َها‪َ ،‬ف َل ُه ِق َير ٌ‬
‫اط‪،‬‬ ‫ُي َص َّلى َع َل ْي َها‪َ ،‬و ُي ْف َر َغ ِمن َْها‪َ ،‬ف َل ُه ِق َيرا َط ِ‬
‫َوا َّل ِذي َن ْف ُس ُم َح َّم ٍد بِ َي ِد ِه َل ُه َو َأ ْث َق ُل فِي ِميزَانِ ِه ِم ْن ُأ ُح ٍد»(‪.)2‬‬
‫«م ْن َتبِ َع‬ ‫وكذلك ما رواه عبد اهلل بن ا ْلم َغ َّف ِل ‪َ ‬ق َال‪َ :‬ق َال رس ُ ِ‬
‫ول اهلل ﷺ‪َ :‬‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬
‫ان‪َ ،‬فإِ ْن َر َج َع َق ْب َل َأ ْن ُي ْف َر َغ ِمن َْها َف َل ُه ِق َير ٌ‬
‫اط» (‪.)3‬‬ ‫ِجنَا َز ًة َحتَّى ُي ْف َر َغ ِمن َْها َف َل ُه ِق َيرا َط ِ‬

‫وبمجموع األحاديث َيبِي ُن أن القيراط ْين يستحقهما من‪ :‬ص ّلى على الجنازة‪،‬‬
‫وشهدها ومشى معها‪ ،‬وحضر دفنها وإهالة التراب عليها‪ .‬يقول النووي‪ :‬وهذا هو‬
‫وأقره ابن حجر في «الفتح»(‪.)5‬‬
‫الصحيح ‪ّ ،‬‬
‫(‪)4‬‬

‫ومن فوائد أحاديث هذا المطلب‪:‬‬


‫‪ 1‬ـ قال النووي‪« :‬قد َي ْست َِد ُّل بلفظ «االتباع» في هذا الحديث وغيره من يقول‪:‬‬
‫ْ‬
‫المش ُي وراء الجنازة أفضل من أمامها‪ ،‬وهو قول علي بن أبي طالب ومذهب‬
‫األوزاعي وأبي حنيفة‪ .‬وقال جمهور الصحابة والتابعين ومالك والشافعي وجماهير‬
‫العلماء‪ْ :‬‬
‫المشي قدّ امها أفضل‪ ،‬وقال الثوري وطائفة‪ :‬هما سوا ٌء»(‪.)6‬‬

‫((( أخرجه النسائي في «سننه» رقم (‪ ،)1940‬وإسناده صحيح‪.‬‬


‫(( ( أخرجه أحمد في «المسند» رقم (‪ ،)21201‬وإسناده ضعيف؛ لكنه حس ٌن لغيره بالمتابعات‪.‬‬
‫((( أخرجه النسائي في «سننه» رقم (‪ ،)1942‬وإسناده صحيح‪.‬‬
‫(( ( انظر‪« :‬شرح النووي على صحيح مسلم» (‪.)14/7‬‬
‫(( ( انظر‪« :‬فتح الباري» البن حجر (‪.)109/1‬‬
‫(( ( «شرح النووي على صحيح مسلم» (‪.)14/7‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪130‬‬

‫‪ 2‬ـ يقول القاضي عياض‪ :‬وفي إطالق هذا الحديث وغيره إشارة إلى أنه ال‬
‫ٍ‬
‫استئذان‪ ،‬وهو مذهب جماهير‬ ‫يحتاج المنصرف عن اتباع الجنازة بعد دفنها إلى‬
‫العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ في قول ابن عمر‪« :‬لقد فرطنا في قراريط كثيرة» ٌ‬
‫دليل على ما كان الصحابة‬
‫عليه من الرغبة في الطاعات حين يبلغهم‪ ،‬والتأسف على ما يفوتهم منها وإن كانوا‬
‫ال يعلمون عظم موقعه(‪.)1‬‬
‫‪ 4‬ـ قال العراقي‪« :‬فيه ّ‬
‫أن األفضل لمش ّيع الجنازة أن يكون ماش ًيا‪ ،‬وهو كذلك‬
‫رخص في ذلك‪ ،‬وبعضهم شدّ د فيه وك َِر َه‬ ‫أن بعضهم ّ‬ ‫ٍ‬
‫خالف أعلمه‪ ،‬إال ّ‬ ‫من غير‬
‫الركوب»(‪.)2‬‬
‫ّ‬
‫***‬

‫ج ّه َز غازيًا‪.‬‬
‫المطلب الثالث عشر‪ :‬من َ‬

‫شرف اهلل الجهاد وأعلى قدره‪ ،‬ورزق أهله من األجور العظيمة والعطايا‬
‫ّ‬
‫الجسيمة ما لم يمنحها لغيرهم‪ .‬لذلك كان شرف العناية بالمجاهدين له شأن عظيم‬
‫في اإلسالم‪ ،‬وجعل اهلل للقائمين على تجهيز المجاهدين أجرين‪.‬‬
‫فعن عبد اهلل بن عمرو ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ﷺ‪« :‬لِ ْلغ ِ‬
‫َازي َأ ْج ُر ُه‪،‬‬
‫ولِ ْلج ِ‬
‫اع ِل َأ ْج ُر ُه َو َأ ْج ُر ا ْلغ ِ‬
‫َازي»(‪.)3‬‬ ‫َ َ‬
‫جعل»؛ أي‪ :‬أجرة إلى ٍ‬
‫غاز ليغزو‪ ،‬قال ابن‬ ‫والمقصود بالجاعل‪ :‬هو من «يدفع ً‬

‫(( ( انظر‪« :‬شرح النووي على صحيح مسلم» (‪.)15/7‬‬


‫((( «طرح التثريب» للعراقي (‪.)286/3‬‬
‫((( أخرجه أبو داود في «سننه» رقم (‪ ،)2526‬وإسناده صحيح‪.‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪131‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫ِ‬
‫صحيح(‪ ،)1‬فيكون للغازي أجرة سعيه‪ ،‬وللجاعل أجران‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫ومي‪« :‬وهذا عندنا‬ ‫الم َلك ّ‬
‫الر ّ‬ ‫َ‬
‫أجرة إعطاء المال في سبيل اهلل‪ ،‬وأجرة كونه سب ًبا لغزو ذلك الغازي»(‪ .)2‬وقال المناوي‪:‬‬
‫استئجارا؛ لعدم جوازه»(‪.)3‬‬
‫ً‬ ‫تطو ًعا ال‬
‫المجهز للغازي ّ‬
‫ِّ‬ ‫«الجاعل‪:‬‬
‫أن المعرفة إذا ُأعيدت كان الثاني َع ْين‬ ‫«تقرر في علم البيان ّ‬
‫يقول الطيبي‪ّ :‬‬
‫األول‪ ،‬فالمراد بالغازي األول‪ :‬هو الذي ُج ِعل له ُج ْع ٌل‪ ،‬فمن شرط للغازي ُج ْع ًل‬
‫فله أجر بذل المال الذي جعله ُج ْع ًل‪ ،‬وأجر غزاء المجعول له فإنه حصل بسببه»(‪.)4‬‬
‫واختلف العلماء في حكم ذلك‪ّ :‬‬
‫«فرخص فيه‪ :‬الزهري ومالك بن أنس‪ ،‬وقال‬
‫أصحاب الرأي‪ :‬ال بأس به‪ ،‬وك َِر َه ُه قو ٌم‪ ،‬وروي عن ابن عمر أنه قال‪ :‬أرى الغازي‬
‫يبيع غزوه وأرى هذا يفر من عدوه‪ ،‬وكرهه علقمة‪ ،‬وقال الشافعي‪ :‬ال يجوز أن يغزو‬
‫بجعل فلو أخذه فعليه ر ّده»(‪.)5‬‬
‫وذهـب القاضـي البيضـاوي إلـى تأويل الحديـث ْ‬
‫بـأن « ُيحمـل الجاعل على‬
‫المجهـز للغـازي والمعيـن لـه ببذل مـا يحتاج إليـه‪ ،‬ويتمكن بـه من الغـزو من غير‬
‫ِّ‬
‫ٍ‬
‫وشرط» (‪.)6‬‬ ‫ٍ‬
‫اسـتئجار‬
‫***‬

‫ألن المؤ ّلف حنفي المذهب‪.‬‬


‫(( ( أي‪ :‬عند األحناف؛ ّ‬
‫((( «شرح مصابيح السنة» البن الملك (‪.)336/4‬‬
‫((( «التيسير بشرح الجامع الصغير» (‪.)299/2‬‬
‫((( «شرح المشكاة» للطيبي (‪.)2654/8‬‬
‫(( ( «معالم السنن» للخطابي (‪.)245/2‬‬
‫((( «تحفة األبرار شرح مصابيح السنة» للبيضاوي (‪.)598/2‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪132‬‬

‫المبحث الثاني‬
‫المضاعفة عشر مرات‬

‫المطلب األول‪ :‬الصلوات الخمس‪.‬‬

‫تُعدّ الصالة من أعظم أركان اإلسالم بعد الشهادتين‪ ،‬وأجمع العلماء على ُك ْفر‬
‫تاركها جحو ًدا‪ ،‬مما يد ّلل على مكانتها في الشريعة اإلسالمية‪.‬‬
‫ولعظيم مكانتها ضاعف اهلل أجرها إلى عشر درجات‪ ،‬وهذه المضاعفة زائدة عن‬
‫المضاعفة العامة في كل األعمال التي سبق الحديث عنها‪ .‬وكانت أول ما فرضها اهلل‬
‫خمسين صالة‪ ،‬ثم خففها اهلل إلى خمس صلوات في اليوم والليلة‪.‬‬
‫ين َص َلةً‪َ ،‬فنَاز ََل َر َّبك ُْم َأ ْن‬ ‫ِ‬ ‫فعن ابن عباس ‪ ‬قال‪ِ ُ :‬‬
‫«أم َر َنبِ ُّيك ُْم ﷺ بِخَ ْمس َ‬
‫يجع َلها َخمس ص َلو ٍ‬
‫ات»(‪.)1‬‬ ‫َ ْ َ َ ْ َ َ َ‬
‫مرة بعد ُأ ْخ َرى َعن ربكُم» (‪ )2‬من‬
‫ومعنى نازل أي‪« :‬طلب الن ُُّزول وراجع وسأل ّ‬
‫ٍ‬
‫صلوات‪.‬‬ ‫الصلوات عن أ ّمته حتى أوصلها إلى خمس‬ ‫أجل أن يخ ّفف اهلل عدد ّ‬
‫النبـي ﷺ قـال فـي حديـث اإلسـراء‪َ « :‬ف َق َال‬
‫ّ‬ ‫وعـن أنـس بـن مالـك ‪ّ ‬‬
‫أن‬
‫ـال‪ :‬إِ َّن ُه ال ُي َبـدَّ ُل ال َق ْو ُل َلدَ َّ‬
‫ي‪ ،‬ك ََمـا َف َر ْض ُت ُه‬ ‫ـار‪َ :‬يـا ُم َح َّمـدُ ‪َ ،‬ق َال‪َ :‬ل َّب ْي َك َو َسـ ْعدَ ْي َك‪َ ،‬ق َ‬ ‫الج َّب ُ‬
‫َ‬
‫َاب‪،‬‬ ‫ـون فِـي ُأ ِّم الكِت ِ‬
‫ـر َأ ْم َثالِ َها‪َ ،‬ف ِه َي َخ ْم ُس َ‬ ‫َاب‪َ ،‬ق َال‪َ :‬فك ُُّل َح َسـن ٍَة بِ َع ْش ِ‬ ‫ـك فِـي ُأ ِّم الكِت ِ‬ ‫َع َل ْي َ‬
‫ِ‬
‫ـف َعنَّا‪،‬‬ ‫ـال‪َ :‬خ َّف َ‬ ‫ت؟ َف َق َ‬ ‫ـف َف َع ْل َ‬
‫ـال‪َ :‬ك ْي َ‬ ‫وسـى‪َ ،‬ف َق َ‬ ‫ـع إِ َلـى ُم َ‬
‫ـك‪َ ،‬ف َر َج َ‬ ‫ـس َع َل ْي َ‬‫ـي َخ ْم ٌ‬ ‫َوه َ‬
‫َأ ْع َطانَـا بِك ُِّل َح َسـن ٍَة َع ْش َـر َأ ْم َثالِ َها»(‪.)3‬‬

‫(( ( أخرجه ابن ماجه في «سننه» رقم (‪ ،)194‬وإسناده ضعيف؛ لكنه حسن لغيره بشواهده‪.‬‬
‫((( حاشية السيوطي على «سنن ابن ماجه» (‪.)100/1‬‬
‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)7517‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)162‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪133‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫و َعن مالِ ِك ب ِن صعصع َة ‪َ ،‬ع ِن النَّبِي ﷺ َأ َّنه َق َال‪« :‬بينَا َأنَا ِعنْدَ البي ِ‬
‫ت َب ْي َن‬ ‫َْ‬ ‫َْ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ْ َ ْ َ َ‬ ‫ْ َ‬
‫ون َصالةً‪،‬‬ ‫ت َع َل َّي َخ ْم ُس َ‬ ‫ان» ثم ذكر حديث اإلسراء‪ ،‬وفيه‪ُ « :‬ث َّم ُف ِر َض ْ‬ ‫النَّائِ ِم َوال َي ْق َظ ِ‬
‫ون َصالةً‪،‬‬ ‫ت َع َل َّي َخ ْم ُس َ‬ ‫ت‪ُ :‬ف ِر َض ْ‬ ‫وسى‪َ ،‬ف َق َال‪َ :‬ما َص َن ْع َ‬
‫ت؟ ُق ْل ُ‬ ‫ت َحتَّى ِجئ ُ‬
‫ْت ُم َ‬ ‫َف َأ ْق َب ْل ُ‬
‫َك ال تُطِ ُيق‪،‬‬ ‫الم َعا َل َج ِة‪َ ،‬وإِ َّن ُأ َّمت َ‬ ‫يل َأ َشدَّ ُ‬ ‫ت َبنِي إِ ْس َرائِ َ‬ ‫ْك‪َ ،‬عا َل ْج ُ‬ ‫َّاس ِمن َ‬‫َق َال‪َ :‬أنَا َأ ْع َل ُم بِالن ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين‪ُ ،‬ث َّم م ْث َل ُه‪ُ ،‬ث َّم َثالث َ‬
‫ين‪ُ ،‬ث َّم‬ ‫ت‪َ ،‬ف َس َأ ْل ُت ُه‪َ ،‬ف َج َع َل َها َأ ْر َبع َ‬ ‫ك‪َ ،‬ف َس ْل ُه‪َ ،‬ف َر َج ْع ُ‬ ‫َف ْار ِج ْع إِ َلى َر ِّب َ‬
‫وسى‪َ ،‬ف َق َال‪ِ :‬م ْث َل ُه‪َ ،‬ف َج َع َل َها َخ ْم ًسا‪،‬‬ ‫ت ُم َ‬ ‫ين‪ُ ،‬ث َّم ِم ْث َل ُه َف َج َع َل َع ْش ًرا‪َ ،‬ف َأ َت ْي ُ‬ ‫ِ‬
‫م ْث َل ُه َف َج َع َل ع ْش ِر َ‬
‫ِ‬

‫ت بِخَ ْي ٍر‪،‬‬ ‫ت‪َ :‬س َّل ْم ُ‬ ‫ت‪َ :‬ج َع َل َها َخ ْم ًسا‪َ ،‬ف َق َال ِم ْث َل ُه‪ُ ،‬ق ْل ُ‬ ‫ت؟ ُق ْل ُ‬ ‫وسى َف َق َال‪َ :‬ما َص َن ْع َ‬ ‫ت ُم َ‬ ‫َف َأ َت ْي ُ‬
‫ِ ِ‬ ‫يضتِي‪َ ،‬و َخ َّف ْف ُ‬ ‫ِ‬
‫الح َسنَ َة َع ْش ًرا»(‪.)1‬‬ ‫ت َع ْن ع َبادي‪َ ،‬و َأ ْج ِزي َ‬ ‫ت َف ِر َ‬ ‫ي إِنِّي َقدْ َأ ْم َض ْي ُ‬ ‫َفنُود َ‬
‫صلوات وخففت َعن ع َبادي من خمسين‬ ‫ومعناه أي‪« :‬أنفذت فريضتي بِ ْ‬
‫خمس َ‬
‫إِ َلى خمس‪ ،‬وأجزي ا ْل َح َسنَة عشرا َفيحصل َث َواب خمسين َص َلة لكل َص َلة َث َواب‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫صلوات‪َ .‬فإِن قلت‪ :‬ك َ‬
‫الص َلة من َر ُسولنَا‬ ‫َيف َج َازت َهذه ا ْل ُم َر َ‬
‫اج َعة في َباب َّ‬ ‫عشر َ‬
‫الس َلم؟ قلت‪ِ :‬لَن َُّه َما عرفا َأن ْالَمر األول غير‬‫الص َلة َو َّ‬‫وسى َع َل ْي ِه َما َّ‬
‫ُم َح َّمد و ُم َ‬
‫َّخ ِفيف»(‪.)2‬‬ ‫َان َو ِ‬
‫اج ًبا قط ًعا َل يقبل الت ْ‬ ‫اجب قط ًعا‪َ ،‬و َلو ك َ‬ ‫َو ِ‬

‫النبي ﷺ إلى ربه إشارة موسى ‪،‬‬


‫يقول ابن ُهبيرة‪« :‬والحكمة في ترديد ّ‬
‫فإنه إذا قلنا‪ّ :‬‬
‫إن موسى كان في السماء السابعة‪ ،‬فهو يكون أول األنبياء لقا ًء له عند‬
‫َع ْوده‪ ،‬فما كان ليترك موسى ‪ ‬هذه النصيحة لمحمد ﷺ وأمته تجوزه وهو‬
‫يعلمها حتى يؤديها إلى رسول اهلل ﷺ‪ ،‬وقبول رسول اهلل ﷺ من موسى عليه الصالة‬
‫والسالم؛ ألنه ﷺ عرف ن ُْصح موسى وإشفاقه على أ ّمته»(‪.)3‬‬

‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)3207‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)164‬‬


‫((( «عمدة القاري» للقاري (‪.)129/15‬‬
‫(( ( اإلفصاح عن معاني «الصحاح» البن هبيرة (‪.)117/5‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪134‬‬

‫ومن فوائد أحاديث هذا المطلب‪:‬‬


‫‪ 1‬ـ قال ابن هبيرة‪« :‬في هذا من الفقه‪ :‬أن اهلل ‪َ ‬ع ِل َم ّ‬
‫أن موسى‬
‫‪ ‬سيسأل محمدً ا ﷺ عما فرض عليه ربه‪ ،‬وأنه سيتر ّدد محمد ﷺ فيما‬
‫خمسا وأربعين صالة في العدد وتكملة في‬
‫ً‬ ‫بينهما‪ ،‬فيضع اهلل عن أمة محمد ﷺ‬
‫التضعيف؛ ليجعل ذلك سب ًبا قو ًيا في تأنيس موسى ‪ ‬إلى محمد ﷺ؛ ّ‬
‫لئل‬
‫ظان ّ‬
‫أن موسى ‪ ‬يغش على رسول اهلل ﷺ بتجاوزه مقامه»(‪.)1‬‬ ‫يظ ّن ٌّ‬
‫أيضـا‪« :‬أمـا استشـارة النبـي ﷺ لجبريل ‪ ‬فيما ذكره موسـى‬
‫‪ 2‬ـ وقـال ً‬
‫لـه؛ فإنـه ممـا يـدل على كمـال أدب رسـول اهلل ﷺ‪ ،‬حيـث لم يسـرع العـود إلى ربه‬
‫مراج ًعـا فـي إسـقاط فريضـة فرضهـا على أمتـه حتى ينظـر ما عنـد جبريل ‪‬‬
‫فـي ذلـك‪ ،‬فلمـا رأى من جبريل ‪ ‬سـهولة ذلك عنده‪ ،‬رجـع ﷺ‪ ،‬وكان ذلك‬
‫ٍ‬
‫وتقدير‪ ،‬حتى كمـل المثوبـة‪ ،‬وخ ّفف العبادة‪ ،‬وسـاق إلى‬ ‫ٍ‬
‫بتيسـير مـن اهلل تعالـى‬ ‫كله‬
‫موسـى ‪ ‬المحمـدة‪ ،‬وزاد موسـى ومحمد ‪ّ ‬‬
‫كل واحـد منهما و ًّدا‬
‫لصاحبـه‪ ،‬وإلـى جبريل حسـن المسـاعدة‪ّ .‬‬
‫وكل من أولئـك فإن رسـول اهلل ﷺ اعتدّ‬
‫لهمـا بذلك»(‪.)2‬‬
‫أيضا من السر أن اهلل تعالى كان قادرا في أول ٍ‬
‫مرة أن‬ ‫أيضا‪« :‬فيه ً‬
‫‪ 3‬ـ وقال ً‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫محم ٍد ﷺ الخمس واألربعين وال ير ّدده‪ ،‬ولكن أراد اهلل عز وجل تدريب‬
‫يضع عن ّ‬
‫محمد ﷺ في المراجعة بالسؤال والطلب ألجل أمته‪ ،‬فالرحمة الحقيقية هي من‬
‫الرب تعالى لعباده‪ ،‬وإنما هو ّ‬
‫جل جالله يرتبها في الوسائط حف ًظا لما بينه وبين‬
‫خلقه من ستور الهيبة‪ ،‬وإال فهو سبحانه خلق محمدً ا رحمة للعالمين من رحمته‬

‫(( ( «اإلفصاح» البن هبيرة (‪.)118/5‬‬


‫(( ( «اإلفصاح» البن هبيرة (‪.)119/5‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪135‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫خمسا بخمسين‪ ،‬أوقع في قلب‬


‫ً‬ ‫بهم‪ ،‬ولما كان من قضاء اهلل تعالى وقدره أن يجعلها‬
‫رسول اهلل ﷺ الحياء من رجوعه مرة أخرى‪ ،‬فإنه سبحانه سبق في فضله تضعيف‬
‫هذه الخمس؛ ليكون سعر الحسنات ك ّلها‪ ،‬فكان تسمية رسول اهلل ﷺ للنزول بعد‬
‫أن ثبت ذلك له في سعر الحسنات أل ّمته أولى»(‪.)1‬‬
‫***‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الصالة على النبي ﷺ‬

‫رفع اهلل قدْ ر نب ّيه ﷺ فأعلى ذكْره في العالمين‪ ،‬وجعله مقرونًا في الشهادتين‪،‬‬
‫فال يصح إيمان ٍ‬
‫عبد إال بالنطق بهما‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ب اهلل لنب ّيه أن أعلى أجر من أكثر من الصالة عليه‪ ،‬وضاعف‬
‫ومن جملة ما َو َه َ‬
‫كل صالة يصليها عليه‪.‬‬ ‫مرات مع ّ‬ ‫ٍ‬ ‫له األجر عشر‬
‫ـال‪« :‬مـن ص َّلـى ع َلـي و ِ‬ ‫فعـن أبـي هريـرة ‪َ ،‬أ َّن رس َ ِ‬
‫احدَ ًة‬ ‫َ َّ َ‬ ‫ـول اهلل ﷺ َق َ َ ْ َ‬ ‫َ ُ‬
‫َص َّلـى اهلل َع َل ْي ِه َع ْش ًـرا»(‪.)2‬‬
‫رواية أخرى عن أبي هريرة ‪ ‬مرفو ًعا‪« :‬من ص َّلى ع َلي مر ًة و ِ‬
‫احدَ ةً‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫وفي‬
‫َ َّ َ َّ َ‬ ‫َ ْ َ‬
‫َات»(‪.)3‬‬‫َكتَب اهلل ع َّز وج َّل َله بِها ع ْشر حسن ٍ‬
‫َ ُ َ َ َ ُ َ َ َ َ َ‬
‫ومعنى صالة العبد على النبي ﷺ‪« :‬طلب التعظيم والتبجيل لجناب رسول اهلل‬
‫ﷺ»(‪ ،)4‬يقول المناوي‪َ « :‬أي‪ :‬طلب لي من اهلل َ‬
‫دوام التشريف»(‪.)5‬‬

‫(( ( «اإلفصاح» البن هبيرة (‪.)119/5‬‬


‫((( أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (‪.)408‬‬
‫(( ( أخرجه أحمد في «المسند» رقم (‪ ،)7562‬وإسناده حسن‪.‬‬
‫((( «شرح المشكاة» للطيبي (‪.)1042/3‬‬
‫(( ( «التيسير بشرح الجامع الصغير» للمناوي (‪.)417 /2‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪136‬‬
‫ٍ‬
‫أقوال‪:‬‬ ‫واختلف العلماء في تفسير المراد بصالة اهلل على العبد على‬
‫األول‪ :‬صالة اهلل بمعنى الرحمة‪:‬‬
‫«ص َلة اهللِ َع َل ْيه»‪ :‬رحمته له وتضعيف أجره على‬
‫يقول القاضي عياض‪« :‬معنى َ‬
‫عشرا‪ ،‬كقوله تعالى‪﴿ :‬ﮎﮏﮐﮑﮒﮓ﴾ [األنعام‪ ،)1(»]١٦٠ :‬زاد‬ ‫الصالة ً‬
‫أقل المضاعفة» (‪ .)2‬قال الترمذي‪ُ :‬ر ِو َي عن سفيان الثوري وغير‬
‫القاري‪« :‬والظاهر أنه ّ‬
‫الر ّب الرحمة‪ ،‬وصالة المالئكة االستغفار»(‪.)3‬‬ ‫ٍ‬
‫واحد من أهل العلم قالوا‪« :‬صالة ّ‬
‫وممن ذهب إلى هذا‪ :‬العيني(‪ ،)4‬والسيوطي(‪ ،)5‬والمناوي(‪ ،)6‬والسندي‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬إقبال اهلل عليه بعطفه‪:‬‬
‫قال الشـوكاني‪« :‬وقيـل‪ :‬المراد بصالته عليهم‪ :‬إقباله عليهـم بعطفه‪ ،‬وإخراجهم‬
‫مـن ظلمـة إلـى رفعـة ونـور كمـا قـال سـبحانه‪﴿ :‬ﰆﰇﰈﰉﰊ‬
‫ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ﴾ [األحـزاب‪.)7(»]٤٣ :‬‬
‫الثالث‪ :‬صالة اهلل بمعنى ذكْره بين المالئكة‪:‬‬
‫يقول اإلمام أبو العالية ـ كما نقله عنه البخاري في صحيحه ـ‪« :‬صالة اهلل ثناؤه‬
‫عليه عند المالئكة وصالة المالئكة الدعاء»(‪.)8‬‬

‫(( ( «إكمال المعلم» للقاضي عياض (‪.)306/2‬‬


‫(( ( «مرقاة المفاتيح» للقاري (‪.)742/2‬‬
‫(( ( «سنن الترمذي»‪ ،‬رقم (‪.)485‬‬
‫(( ( انظر‪« :‬شرح سنن أبي داود» للعيني (‪.)440/5‬‬
‫(( ( انظر‪« :‬الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج» للسيوطي (‪.)139/2‬‬
‫((( انظر‪« :‬التيسير بشرح الجامع الصغير» للمناوي (‪.)417/2‬‬
‫((( نقله المباركفوري في «مرعاة المفاتيح» (‪ 260/3‬ـ ‪.)261‬‬
‫(( ( «صحيح البخاري» رقم (‪.)4797‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪137‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫قـال القاضـي عيـاض‪« :‬وقد تكـون ـ أي‪ :‬صلاة اهلل على العبـد ـ على وجهها‬
‫«وإِ ْن َذك ََرنِي فِي‬
‫وظاهرهـا تشـري ًفا لـه بين مالئكتـه‪ ،‬كما قال فـي الحديـث اآلخـر‪َ :‬‬
‫ل َخ ْي ٍر ِمن ُْهـم»(‪.)2(»)1‬‬
‫لإ َذك َْر ُت ُه فِـي َم َ ٍ‬
‫َم َ ٍ‬

‫وتع ّقبـه القـاري بقوله‪« :‬ال حاجـة إلى التقييد بسـماع المالئكة؛ ألنـه جاء «إِ ْن‬
‫ـه‪َ ،‬ذك َْر ُت ُه فِي َن ْف ِسـي»(‪.)4(»)3‬‬
‫َذكَرنِـي فِي َن ْف ِس ِ‬
‫َ‬
‫المباركفوري بقوله‪« :‬إذا كانت الصالة على ظاهرها‬
‫ّ‬ ‫وأجاب على هذا التعقيب‬
‫وتكريما له‪ ،‬فال ُبدّ من التقييد بسماع المالئكة؛ ليظهر عندهم‬
‫ً‬ ‫كال ًما تشري ًفا للمصلي‪،‬‬
‫شرافته وكرامته بسماعهم صالة اهلل عليه»(‪.)5‬‬

‫يقول ابن العربي‪« :‬إن ِقيل‪ :‬قد قال اهلل تعالى‪﴿ :‬ﮎﮏﮐﮑﮒﮓ﴾‬
‫أن القرآن اقتضى َّ‬
‫أن من‬ ‫[األنعام‪ ،]١٦٠ :‬فما فائدة هذا الحديث؟ قلنا‪ :‬أعظم ٍ‬
‫فائدة‪ ،‬وذلك َّ‬
‫عشرا‪ ،‬والصالة على النَّبي ﷺ حسنة‪َ ،‬ف ُم ْقت ََضى القرآن أن ُيعطى‬ ‫ٍ‬
‫جاء بحسنة ت َُضا َعف ً‬
‫ٍ‬
‫عشر درجات في الجنَّة‪ ،‬فأخبر اهلل تعالى أنه ُيص ِّلي على من ص َّلى على رسوله ً‬
‫عشرا‪،‬‬
‫أن اهلل تعالى لم‬ ‫ِ‬
‫الحسنة ُم َضا َعف ًة»‪ .‬ثم قال‪« :‬وتح ّقق ذلك‪َّ :‬‬ ‫أعظم من‬ ‫ِ‬
‫وذك ُْر اهلل للعبد‬
‫ُ‬
‫ذكر نب ّيه ِذكْره لمن َذكَر ُه»(‪.)6‬‬
‫يجعل جزاء ِذك ِْره إال ذكره‪ ،‬وكذلك جعل جزاء ِ‬

‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)7405‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)2675‬‬


‫(( ( «إكمال المعلم» للقاضي عياض (‪ ،)306/2‬ونقله الطيبي في «شرح المشكاة» (‪)1042/3‬‬
‫منسو ًبا إلى القاضي عياض‪ ،‬إال أن القاري في «مرقاته» (‪ )742/2‬ن ََس َبه إلى الطيبي وهو َو ْه ٌم‪.‬‬
‫(( ( سبق تخريجه قبل قليل في الموضع السابق‪.‬‬
‫(( ( «مرقاة المفاتيح» للقاري (‪.)742/2‬‬
‫((( «تحفة األحوذي» للمباركفوري (‪.)497/2‬‬
‫أيضا (‪.)164/3‬‬
‫((( «عارضة األحوذي» البن العربي (‪ ،)230/2‬و«المسالك في شرح موطأ مالك» له ً‬
‫‪٣‬‬

‫‪138‬‬

‫ّ‬
‫وحط عشر‬ ‫ٍ‬
‫حسنات‪،‬‬ ‫قال العراقي‪« :‬لم يقتصر على ذلك حتى َزا َده كتابة عشر‬
‫ٍ‬
‫درجات‪ ،‬كما ورد في أحاديث»(‪.)1‬‬ ‫ٍ‬
‫سيئات‪ ،‬ورفع عشر‬

‫واألحاديث التي أشار إليها العراقي هي‪:‬‬

‫مـا جـاء فـي الحديـث القدسـي الـذي رواه أبـو طلحـة األنصـاري ‪‬‬
‫اءنِي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ـو ٍم َوا ْلبِ ْش ُـر ُي َرى في َو ْج ِهـه‪َ ،‬ف َق َال‪« :‬إِنَّـ ُه َج َ‬ ‫ـول اهللِ ﷺ َجـا َء َذ َ‬
‫ات َي ْ‬ ‫قـال‪َ :‬أ َّن َر ُس َ‬
‫ك إِ َّل‬‫ـن ُأ َّمتِ َ‬ ‫ِ‬
‫ـك َأ َحدٌ م ْ‬ ‫ـال‪َ :‬أ َمـا ُي ْر ِض َ‬
‫يـك َيـا ُم َح َّمـدُ َأ ْن َل ُي َص ِّل َ‬
‫ـي َع َل ْي َ‬ ‫يـل ﷺ‪َ ،‬ف َق َ‬‫ِج ْب ِر ُ‬
‫ت َع َل ْي ِه َع ْش ًـرا»‪ ،‬زاد‬ ‫ك َأ َحـدٌ ِم ْن ُأ َّمتِ َ‬
‫ك إِ َّل َسـ َّل ْم ُ‬ ‫ـت َع َل ْي ِه َع ْش ًـرا‪َ ،‬و َل ُي َسـ ِّل َم َع َل ْي َ‬
‫َص َّل ْي ُ‬
‫بعضهـم‪« :‬قلت‪ :‬بلـى»(‪.)2‬‬

‫قـال الطيبـي‪« :‬هـذا بعـض مـا ُأعطـي مـن ّ‬


‫الرضـا فـي قولـه تعالـي‪﴿ :‬ﮄ‬
‫ﮅﮆﮇ﴾ [الضحـى‪ ،]٥ :‬وهـذه البشـارة في الحقيقة راجع ٌة إلـى األ ّمة‪ ،‬ومن‬
‫ـم ظهـر تمكّـن البِ ْشـر في أسـارير وجهـه ‪ ‬ظر ًفـا ومكانًـا للبِ ْشـر والطالقة‪،‬‬
‫َث ّ‬
‫وهـذا رمـز إلـى نوع من الشـفاعة‪ ،‬فـإذا كانـت الصالة عليـه ﷺ توجب هـذه الكرامة‬
‫وتشـمره للشـفاعة الكبرى؟ رزقنـا اهلل إياها‬
‫ّ‬ ‫مـن اهلل سـبحانه وتعالي‪ ،‬فما ظنك بقيامه‬
‫ولجميع المسـلمين»(‪.)3‬‬

‫وأن اهلل سبحانه يس ّلم على من س ّلم‬


‫كالصالة‪ّ ،‬‬
‫السالم عليه ّ‬
‫أن ّ‬ ‫«وفيه ٌ‬
‫دليل على ّ‬

‫على رسول اهلل ﷺ كما يص ّلي على من ص ّلى على رسوله ً‬


‫عشرا»(‪.)4‬‬

‫ٍ‬
‫بتصرف‪.‬‬ ‫((( «طرح التثريب» للعراقي (‪)239/3‬‬
‫((( أخرجه النسائي في «سننه» رقم (‪ ،)1295‬وإسناده ضعيف؛ لكنه حسن لغيره بشواهده‪.‬‬
‫((( «شرح المشكاة» للطيبي (‪.)1045/3‬‬
‫((( «مرعاة المفاتيح» للمباركفوري (‪.)278/3‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪139‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫آت ِم ْن َر ِّبي َع َّز َو َج َّل‬


‫«أتَانِي ٍ‬
‫وفي رواية أخرى عن أبي طلحة ‪ ‬مرفو ًعا‪َ :‬‬
‫ك ص َل ًة َكتَب اهلل َله بِها ع ْشر حسن ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َف َق َال‪ :‬من ص َّلى ع َلي َ ِ‬
‫َات‪َ ،‬و َم َحا َعنْ ُه َع ْش َر‬ ‫َ ُ ُ َ َ َ َ َ‬ ‫ك م ْن ُأ َّمت َ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ ْ َ‬
‫ات‪َ ،‬و َر َّد َع َل ْي ِه ِم ْث َل َها»(‪.)1‬‬
‫َات‪ ،‬ور َفع َله ع ْشر درج ٍ‬
‫َ َ َ ُ َ َ ََ َ‬
‫سيئ ٍ‬
‫َ ِّ‬
‫ومعنـى «محـا عنْه ع ْشـر سـيئ ٍ‬
‫َات»‪« :‬محاها مـن صحائفه‪ ،‬أو غفرهـا وأغفلها‬ ‫َ ِّ‬ ‫َ َ َ ُ َ‬
‫تقـرر عندهم مـن ّ‬
‫أن الكبائر ال‬ ‫حتـى ْ‬
‫كأن لـم يكـن‪ ،‬والمـراد بها‪ :‬من الصغائـر؛ لما ّ‬
‫يمحوهـا إال التوبة»(‪.)2‬‬

‫«م ْن َص َّلى‬ ‫وكذلك ما رواه أنس بن مالك ‪ ‬قال‪َ :‬ق َال رس ُ ِ‬


‫ول اهلل ﷺ‪َ :‬‬ ‫َ ُ‬
‫َات‪َ ،‬و ُرفِ َع ْ‬
‫ت‬ ‫ت ع ْنه ع ْشر َخطِيئ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫هلل َع َل ْيه َع ْش َر َص َل َوات‪َ ،‬و ُح َّط ْ َ ُ َ ُ‬
‫ِ‬
‫َع َل َّي َص َل ًة َواحدَ ًة َص َّلى ا ُ‬
‫ات»(‪.)3‬‬ ‫َله ع ْشر درج ٍ‬
‫ُ َ ُ ََ َ‬
‫ومن فوائد أحاديث هذا المطلب‪:‬‬

‫ول اهللِ ﷺ‬ ‫َّاس بِرس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫‪ 1‬ـ قال ابن حبان‪« :‬في َه َذا ا ْل َخ َب ِر َدل ٌيل َع َلى َأ َّن َأ ْو َلى الن ِ َ ُ‬
‫يث‪ ،‬إِ ْذ َل ْي َس ِم ْن َه ِذ ِه ْالُ َّم ِة َق ْو ٌم َأ ْك َث َر َص َل ٍة َع َل ْي ِه ﷺ‬
‫ُون َأصحاب ا ْلح ِد ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫في ا ْلق َيا َمة َيك ُ ْ َ ُ َ‬
‫وفعل»(‪.)5‬‬ ‫ً‬ ‫قول‬‫ِمن ُْه ْم»(‪ ،)4‬زاد القاري‪« :‬وقال غيره‪ :‬ألنهم يصلون عليه ً‬

‫‪ 2‬ـ قال ابن ُه َبيرة‪« :‬في هذا الحديث من فضل رسول اهلل ﷺ ما ُيشعر ّ‬
‫أن الواحد‬
‫مر ًة واحدةً‪ ،‬لم َي ْر َض اهلل عز وجل أن يتو ّلى الصالة على‬
‫من أ ّمته إذا صلى على نب ّيه ّ‬

‫(( ( أخرجه أحمد في «المسند» رقم (‪ ،)16352‬وإسناده ضعيف؛ لكنه حسن لغيره بشواهده‪.‬‬
‫(( ( «التنوير شرح الجامع الصغير» للصنعاني (‪.)290/1‬‬
‫((( أخرجه النسائي في «سننه» رقم (‪ ،)1297‬وإسناده حسن‪.‬‬
‫((( «صحيح ابن حبان» رقم (‪.)911‬‬
‫(( ( «مرقاة المفاتيح» للقاري (‪.)743/2‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪140‬‬

‫نبي ُم ْر َس ٌل‪ ،‬وال َم َل ٌك ُم َق ّر ٌب‪ ،‬ولكن هو ّ‬


‫جل جالله‬ ‫ذلك العبد المص ّلي على نبيه ٌّ‬
‫يص ّلي عليه‪ .‬ثم ال يرضى له عز وجل بأن يص ّلي عليه ّ‬
‫جل جالله صال ًة واحدةً‪ ،‬بإزاء‬
‫ٍ‬
‫صلوات‪[ ،‬فهل] ّ‬
‫يعذبه بالنار بعد ذلك؟!!»(‪.)1‬‬ ‫ٍ‬
‫واحدة؛ ولكن يص ّلي عليه عشر‬ ‫ٍ‬
‫صالة‬
‫‪ 3‬ـ قال السندي‪« :‬ال ُي َقال‪ :‬ي ْلزم ِمنْ ُه َت ْف ِضيل ا ْل ُم َص ِّلي على النَّبِي صلى اهلل َت َعا َلى‬
‫احدَ ٍة على النَّبِي‬
‫َع َلي ِه وسلم‪ ،‬حي ُث يص ِّلي اهلل َتعا َلى َع َلي ِه عشرا فِي م َقاب َلة ص َل ٍة و ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َْ ُ َ‬ ‫ْ َ‬
‫ّظر إِ َلى َأ ّن ا ْلمص ّلي َد َعا َبها‬ ‫صلى اهلل َتعا َلى َع َلي ِه وسلم؛ ألَنّا ن ُقول‪ِ :‬هي و ِ‬
‫احدَ ٌة بِالن ِ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬
‫احدَ ةً‪َ ،‬ف َل َع َّل اهلل َت َعا َلى ُي َص ِّلي على النَّبِي صلى اهلل َت َعا َلى َع َل ْي ِه َوسلم بذلك َما‬‫مر ًة و ِ‬
‫ّ َ‬
‫اح ٍد َل‬‫ّظر إِ َلى حاله‪ ،‬وكم من و ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اح ٍد بِالن ِ‬ ‫َل يعدّ و َل يحصى‪ ،‬على َأ ّن الص َلة على و ِ‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ َ ُ ْ‬
‫ألف‪َ ،‬فمن َأ ْين ال َّت ْف ِضيل؟»(‪.)2‬‬ ‫اويه ٌ‬‫ُي َس ِ‬

‫يقول المباركفوري‪« :‬وقد يستشكل بأنه كيف يجوز أن تكون الصالة على‬
‫عشرا؟ وأجيب‪ّ :‬‬
‫بأن الواحدة صفة فعل المصلي‪،‬‬ ‫النبي ﷺ واحدة وعلى المص ّلي ً‬
‫ٍ‬
‫وجزاءها عشر صلوات من اهلل عليه على ما قال تعالى‪﴿ :‬ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ‬
‫ﮓ﴾ [األنعام‪ .]١٦٠ :‬وال يفهم منه أن الصالة على النبي ﷺ من اهلل تكون واحدة‪،‬‬
‫أن الصالة على النبي ﷺ من اهلل تكون واحدةً‪ّ ،‬‬
‫فلعل‬ ‫واسع‪ ،‬ولو س ّلمنا ّ‬
‫ٌ‬ ‫ّ‬
‫فإن فضل اهلل‬
‫ٍ‬
‫صالة‪ ،‬أو تزيد في الشرف‬ ‫هذه الصالة الواحدة من اهلل تساوي في الشرف مائة ألف‬
‫مر ٍة‪ ،‬كما ّ‬
‫أن الجوهرة الواحدة الثمينة النفيسة تساوي في الثمن‬ ‫والكرامة بمائة ألف ّ‬
‫مائة ألف ٍ‬
‫فلس‪ ،‬واهلل أعلم»(‪.)3‬‬
‫***‬

‫(( ( «اإلفصاح عن معاني الصحاح» البن هبيرة (‪.)165/8‬‬


‫(( ( «حاشية السندي على سنن النسائي» (‪.)26/2‬‬
‫((( «مرعاة المفاتيح» للمباركفوري (‪.)260/3‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪141‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫المطلب الثالث‪ :‬إلقاء السالم بلفظ‪« :‬السالم عليكم»‪.‬‬

‫خلق اهلل الناس شعو ًبا وقبائل للتعارف‪ ،‬وجعل مفتاح التعارف في المجتمع‪،‬‬
‫ون ا ْل َجنَّ َة َحتَّى‬‫«ل تَدْ ُخ ُل َ‬ ‫وطريق التوادد في األمة‪ :‬إفشاء السالم بينهم‪ ،‬فقال ﷺ‪َ :‬‬
‫ت ُْؤ ِمنُوا‪َ ،‬و َل ت ُْؤ ِمنُوا َحتَّى ت ََحا ُّبوا‪َ ،‬أ َو َل َأ ُد ُّلك ُْم َع َلى َش ْي ٍء إِ َذا َف َع ْلت ُُمو ُه ت ََحا َب ْبت ُْم؟ َأ ْف ُشوا‬
‫الس َل َم َب ْينَك ُْم»(‪.)1‬‬
‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫خير؟ قال‪ُ « :‬ت ْطع ُم ال َّط َعا َم‪َ ،‬و َت ْق َر ُأ َّ‬
‫السال َم َع َلى‬ ‫أي اإلسالم ٌ‬ ‫ولما ُسئ َل ّ‬
‫النبي ﷺ‪ّ :‬‬
‫ت َو َم ْن َل ْم َت ْع ِرف»(‪.)2‬‬
‫َم ْن َع َر ْف َ‬
‫«الس َلم َع َل ْيكُم» له عشر‬
‫ولمزيد الترغيب فيه‪ :‬جعل اهلل من ألقى السالم بلفظ‪َّ :‬‬
‫ٍ‬
‫حسنات‪ ،‬وكلما زاد في اللفظ زاد في األجر‪.‬‬

‫س‬ ‫ول اهللِ ﷺ َو ُه َو فِي َم ْج ِل ٍ‬ ‫ف َع ْن َأبِي ُهر ْير َة ‪َ ،‬أ َّن ر ُج ًل مر َع َلى رس ِ‬
‫َ ُ‬ ‫َ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫الس َل ُم َع َل ْيك ُْم‬ ‫َف َق َال‪ :‬الس َلم َع َليكُم‪َ ،‬ف َق َال‪« :‬ع ْشر حسن ٍ‬
‫آخ ُر َف َق َال‪َّ :‬‬ ‫َات»‪َ ،‬ف َم َّر َر ُج ٌل َ‬ ‫َ ُ َ َ‬ ‫َّ ُ ْ ْ‬
‫آخر َف َق َال‪ :‬الس َلم َع َليكُم ورحم ُة اهللِ‬ ‫ورحم ُة اهللِ‪َ ،‬ف َق َال‪ِ :‬‬
‫َّ ُ ْ ْ َ َ ْ َ‬ ‫ون َح َسنَ ًة»‪َ ،‬ف َم َّر َر ُج ٌل َ ُ‬ ‫«ع ْش ُر َ‬ ‫ََ ْ َ‬
‫ول اهللِ‬ ‫س َو َل ْم ُي َس ِّل ْم‪َ ،‬ف َق َال َر ُس ُ‬ ‫ون َح َسنَ ًة»‪َ ،‬ف َقا َم َر ُج ٌل ِم َن ا ْل َم ْج ِل ِ‬
‫َو َب َركَا ُت ُه‪َ ،‬ف َق َال‪َ « :‬ث َل ُث َ‬
‫اء َأ َحدُ ك ُُم ا ْل َم ْجلِ َس َف ْل ُي َس ِّل ْم‪َ ،‬فإِ ْن َبدَ ا َل ُه َأ ْن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك َما نَس َي َصاح ُبك ُْم‪ ،‬إِ َذا َج َ‬ ‫«ما َأ ْو َش َ‬‫ﷺ‪َ :‬‬
‫َي ْجلِ َس َف ْل َي ْجلِ ْس‪َ ،‬وإِ َذا َقا َم َف ْل ُي َس ِّل ْم‪َ ،‬ما ْالُو َلى بِ َأ َح َّق ِم َن ْال ِخ َر ِة»(‪.)3‬‬

‫موزعة على‬ ‫ٍ‬


‫حسـنات‪ّ ،‬‬ ‫وعليـه؛ فك ّلمـا زاد المسـلم لفظة في سلامه زاد عشـر‬
‫النحـو التالي‪:‬‬

‫((( أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (‪.)54‬‬


‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)12‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)39‬‬
‫((( أخرجه البخاري في «األدب المفرد» رقم (‪ ،)986‬وإسناده صحيح‪.‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪142‬‬
‫ٍ‬
‫حسنات؛ ألنه دعا بالسالم فقط‪.‬‬ ‫ـ «السالم عليكم» عشر‬
‫ـ «السالم عليكم ورحمة اهلل» عشرون حسن ًة؛ ألنه دعا بالسالم والرحمة‪.‬‬
‫ـ «السالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته» ثالثون حسن ًة؛ ألنه دعا بالسالم والرحمة‬
‫والبركة‪.‬‬
‫أن ًّ‬
‫كل من «السلام»‬ ‫أن الحسـنة بعشـر أمثالها‪« ،‬وذلـك بنا ًء علـى ّ‬ ‫تقـرر ّ‬
‫وقـد ّ‬
‫ٍ‬
‫بواحـدة منهـا حصل له عشـر‬ ‫و«رحمـة اهلل» و«بركاتـه» حسـن ٌة مسـتق ّل ٌة‪ ،‬فـإذا أتـى‬
‫ٍ‬
‫حسـنات‪ ،‬وإن أتـى بهـا كلهـا حصل لـه ثالثون حسـن ًة»(‪.)1‬‬
‫ٍ‬
‫روايات أخر‪:‬‬ ‫ُ‬
‫وأكّدت هذه الزيادة في األجر في‬
‫«م ْن َق َال‪:‬‬ ‫ف ‪َ ‬ق َال‪َ :‬ق َال رس ُ ِ‬ ‫منها ما رواه سهل بن حنَي ٍ‬
‫ول اهلل ﷺ‪َ :‬‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ ْ‬
‫َات‪َ ،‬ع َلى َسبِ ِ‬ ‫ت َله ع ْشر حسن ٍ‬ ‫ِ‬
‫يل َما َق َال‪﴿ :‬ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ‬ ‫الس َل ُم َع َل ْيك ُْم كُت َب ْ ُ َ ُ َ َ‬ ‫َّ‬
‫ت َل ُه ِع ْش ُر َ‬
‫ون َح َسنَ ًة‪،‬‬ ‫الس َل ُم َع َل ْيك ُْم َو َر ْح َم ُة اهللِ كُتِ َب ْ‬ ‫ﮓ﴾ [األنعام‪َ ،]١٦٠ :‬و َم ْن َق َال‪َّ :‬‬
‫ون َح َسنَ ًة»(‪.)2‬‬ ‫ت َل ُه َث َل ُث َ‬ ‫الس َل ُم َع َل ْيك ُْم َو َر ْح َم ُة اهللِ َو َب َركَا ُت ُه‪ ،‬كُتِ َب ْ‬
‫َو َم ْن َق َال‪َّ :‬‬
‫ـال‪َ :‬جـا َء َر ُج ٌـل إِ َلـى النَّبِ ِّي ﷺ‬ ‫ـن ‪َ ‬ق َ‬ ‫ان ْبـن ُح َص ْي ٍ‬ ‫ومنهـا مـا رواه ِع ْم َـر ُ‬
‫ـي ﷺ‪َ « :‬ع ْش ٌـر»‪ُ ،‬ث َّم‬ ‫ـال النَّبِ ُّ‬‫ـس‪َ ،‬ف َق َ‬ ‫ـم َج َل َ‬ ‫ُـم‪َ ،‬ف َـر َّد ‪ُ ،‬ث َّ‬ ‫لا ُم َع َل ْيك ْ‬ ‫الس َ‬
‫ـال‪َّ :‬‬ ‫َف َق َ‬
‫ـه‪َ ،‬فج َلس‪َ ،‬ف َق َال‪ِ :‬‬ ‫لام َع َليكُم ورحمـ ُة اهللِ‪َ ،‬فرد َع َلي ِ‬
‫ون»‬ ‫«ع ْش ُـر َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َّ ْ‬ ‫الس َ ُ ْ ْ َ َ ْ َ‬ ‫آخ ُـر َف َق َال‪َّ :‬‬ ‫َجـا َء َ‬
‫لام َع َليكُـم ورحم ُة اهللِ وبركَاتُـه‪َ ،‬فرد َع َلي ِ‬
‫ـه‪َ ،‬ف َج َل َس‪َ ،‬ف َق َال‪:‬‬ ‫ُ َ َّ ْ‬ ‫َََ‬ ‫الس َ ُ ْ ْ َ َ ْ َ‬ ‫آخ ُر َف َق َال‪َّ :‬‬‫ـم َجـا َء َ‬‫ُث َّ‬
‫ون»(‪.)3‬‬ ‫« َث َل ُث َ‬

‫(( ( «دليل الفالحين» البن عالن الدمشقي (‪.)329/5‬‬


‫(( ( أخرجه ابن أبي شيبة في «مسنده» رقم (‪ ،)56‬وإسناده ضعيف؛ لكنه حسن لغيره بشواهده‪.‬‬
‫((( أخرجه أبو داود في «سننه» رقم (‪ ،)5195‬وإسناده حسن‪.‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪143‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫«م ِن ا ْبتَدَ َأ َق ْو ًما بِ َس َل ٍم‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬


‫رجل من أصحاب النبي ﷺ قال‪َ :‬‬ ‫رواية عن‬ ‫وجاء في‬
‫«وإِ ْن َر ُّدوا» (‪ ،)1‬وهذا الحديث يحمل على‬ ‫ٍ‬
‫َف َض َل ُه ْم بِ َع ْش ِر َح َسنَات»‪ ،‬زاد بعضهم‪َ :‬‬
‫اقتصار من س ّلم بلفظ‪« :‬السالم عليكم» لألحاديث السابقة‪ .‬ووجه المضاعفة‪« :‬أنّه‬
‫السالم‪ ،‬وأرشدهم إلى ما شرع إلظهار األمان بين األنام وأولى الناس باهلل‬
‫ذكّرهم ّ‬
‫ورسوله من بدأهم بالسالم»(‪.)2‬‬

‫ومن فوائد أحاديث هذا المطلب‪:‬‬

‫أن ابتداء السالم وإن كان ُسنّ ًة أفضل من ر ّده وإن كان واج ًبا(‪)3‬؛ لذلك حرص‬
‫‪1‬ـ ّ‬
‫الصحابة على فعله‪ ،‬وكان ابن عمر يخرج إلى السوق من أجل إلقاء السالم‪ ،‬فقد‬
‫أخرج مالك في الموطأ عن الطفيل بن أبي بن كعب أنه كان يأتي ابن عمر فيغدو معه‬
‫اط(‪ )4‬وال صاحب‬ ‫إلى السوق قال‪ :‬فإذا غدونا إلى السوق لم يمر ابن عمر على س َّق ٍ‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫مسكين وال ٍ‬
‫أحد إال سلم عليه‪ .‬قال الطفيل‪ :‬فجئت ابن عمر يو ًما فاستتبعني‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بيعة وال‬
‫إلى السوق فقلت‪ :‬ما تصنع بالسوق وأنت ال تقف على البيع وال تسأل عن السلع‬
‫وال تساوم بها وال تجلس مجالس السوق؟ قال‪ :‬فقلت‪ :‬اجلس بنا ها هنا نتحدث‪،‬‬
‫فقال ابن عمر‪ :‬يا أبا بطن ـ وكان الطفيل ذا ٍ‬
‫بطن ـ إنما نغدو من أجل السالم‪ ،‬نس ّلم‬
‫على من لقينا(‪.)5‬‬

‫((( أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنّفه» رقم (‪ ،)26717‬وإسناده ضعيف؛ لكنه حسن لغيره بشواهده‪.‬‬
‫(( ( «فيض القدير» للمناوي (‪.)155/6‬‬
‫(( ( «فيض القدير» للمناوي (‪.)155/6‬‬
‫(( ( َسـقاط‪ :‬قـال القـاري‪« :‬هـو الـذي يبيـع السـقط وهـو الـرديء مـن المتـاع»‪« .‬مرقـاة المفاتيـح»‬
‫للقـاري (‪.)2957/7‬‬
‫(( ( أخرجه مالك في «المو ّطأ» ـ رواية سويد الحدثاني ـ رقم (‪.)667‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪144‬‬

‫‪ 2‬ـ فيه أن أفصل صيغ االبتداء‪« :‬السالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته»‪ ،‬وأفضل‬
‫ِص َي ِغ الر ّد‪« :‬وعليكم السالم ورحمة اهلل وبركاته»‪ّ ،‬‬
‫وأقل الر ّد‪« :‬عليكم السالم» ال‬
‫مجرد قوله‪« :‬عليكم» أو‪« :‬وعليكم» من غير ِذكْر «السالم» (‪.)1‬‬
‫ّ‬
‫ب أن يقول المبتدئ‬
‫‪ 3‬ـ ّبوب النووي لهذا الحديث في رياضه بقوله‪ُ :‬ي ْست ََح ُّ‬
‫الم َس َّلم‬
‫بالسالم‪« :‬السالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته»‪ ،‬فيأتي بضمير الجمع وإن كان ُ‬
‫عليه واحدً ا‪ ،‬ويقول المجيب‪« :‬وعليكم السالم ورحمة اهلل وبركاته»‪ ،‬فيأتي بواو‬
‫العطف في قوله‪« :‬وعليكم» (‪.)2‬‬
‫‪ 4‬ـ ينبغي لمن ُر ّد ‪ ‬أن ير ّد مثله أو يزيد عليه‪ ،‬وإن زاد الملقي زاد الرا ّد؛‬
‫استجاب ًة لقوله تعالى‪﴿ :‬ﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆ﴾ [النساء‪.]٨٦ :‬‬
‫***‬

‫المطلب الرابع‪ :‬النفقة على النفس واألهل‬

‫لقد ك ّلف اهلل اإلنسان بالسعي في األرض لينفق على نفسه وعلى من ألزمه اهلل‬
‫أجرا مضاع ًفا‬
‫بالنفقة عليهم من والديه وزوجه وأوالده‪ ،‬وزيادة في الترغيب جعل ً‬
‫على ذلك‪.‬‬
‫اح َن ُعو ُد ُه ِم ْن َشك ًْوى‬ ‫ف‪َ ،‬ق َال‪َ :‬د َخ ْلنَا َع َلى َأبِي ُع َب ْيدَ َة ْب ِن ا ْل َج َّر ِ‬ ‫اض ب ِن ُغ َطي ٍ‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫فعن ع َي ِ ْ‬
‫ات َأ ُبو ُع َب ْيدَ ةَ؟ َقا َل ْت‪َ :‬واهللِ َل َقدْ‬ ‫ف َب َ‬ ‫اعدَ ٌة ِعنْدَ َر ْأ ِس ِه‪ ،‬قلنا‪َ :‬ك ْي َ‬
‫َأصابه‪ ،‬وامر َأ ُته تُحي َف ُة َق ِ‬
‫َ َُ َ َْ ُ َْ‬
‫َان م ْقبِ ًل بِوج ِه ِه َع َلى ا ْلح ِائ ِ‬
‫ط ـ َف َأ ْق َب َل‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ات بِ َأ ْج ٍر‪َ ،‬ف َق َال َأ ُبو ُع َب ْيدَ ةَ‪َ :‬ما بِ ُّت بِ َأ ْج ٍر ـ َوك َ ُ‬
‫َب َ‬
‫َع َلى ا ْل َق ْو ِم بِ َو ْج ِه ِه‪َ ،‬ف َق َال‪َ :‬أال ت َْس َأ ُلونَنِي َع َّما ُق ْل ُت؟ َقا ُلوا‪َ :‬ما َأ ْع َج َبنَا َما ُق ْل َت‪َ ،‬فن َْس َأ ُل َك‬

‫(( ( «دليل الفالحين» البن عالن الدمشقي (‪)329/5‬‬


‫((( «رياض الصالحين» للنووي باب رقم (‪.)132‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪145‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫اض َل ًة(‪ )1‬فِي َسبِ ِ‬


‫يل اهللِ‪َ ،‬فبِ َس ْب ِع‬ ‫ول‪« :‬من أ ْن َف َق َن َف َق ًة َف ِ‬
‫ول اهلل ﷺ َي ُق ُ َ‬
‫َعنْه‪َ .‬ق َال‪ :‬س ِمع ُت رس َ ِ‬
‫َ ْ َ ُ‬ ‫ُ‬
‫يضا‪َ ،‬أ ْو َما َز(‪َ )2‬أ ًذى‪َ ،‬فا ْل َح َسنَ ُة بِ َع ْش ِر‬ ‫ِمائ ٍَة‪َ ،‬و َم ِن أ ْن َف َق َع َلى َن ْف ِس ِه َو َأ ْهلِ ِه‪َ ،‬أ ْو َعا َد َم ِر ً‬
‫الء فِي َج َس ِد ِه َف ُه َو َل ُه ِح َّط ٌة»‪.‬‬
‫َأم َثالِها‪ ،‬والصوم جنَّ ٌة ما َلم يخْ ِر ْقها‪ ،‬وم ِن ابتَاله اهلل بِب ٍ‬
‫َ ََ ْ ُ ُ َ‬ ‫ْ َ َ َّ ْ ُ ُ َ ْ َ‬
‫يضا‪َ ،‬أ ْو َأ ْن َف َق َع َلى َأ ْهلِ ِه‪َ ،‬أ ْو َما َز َأ ًذى َع ْن َط ِر ٍ‬
‫يق‪،‬‬ ‫«م ْن َعا َد َم ِر ً‬
‫وفي رواية ابن أبي شيبة‪َ :‬‬
‫َف َح َسنَ ٌة بِ َع َش َر ِة َأ ْم َثالِ َها»(‪.)3‬‬
‫قـال القاضـي عيـاض‪« :‬قال بعـض أهل العلـم‪ :‬إنفاق المـال في ح ّقه ينقسـم‬
‫ثالثة أقسـام‪:‬‬
‫ِ‬
‫عما يجب لهم‪،‬‬‫فاألول‪ :‬أن ينفق على نفسه‪ ،‬وأهله‪ ،‬ومن تلزمه نفقته غير ُم ْقت ٍر ّ‬
‫ف في ذلك‪ .‬وهذه النفقة أفضل من الصدقة‪ ،‬ومن جميع النفقات‪.‬‬ ‫وال مس ِر ٍ‬
‫ُ ْ‬
‫ثان‪ :‬وهو أداء الزكاة‪ ،‬وإخراج حق اهلل تعالى لمن وجب له‪ .‬وقد قيل‪:‬‬ ‫وقسم ٍ‬

‫من أدى الزكاة فقد سقط عنه اسم البخل‪.‬‬


‫ٌ‬
‫ثالث‪ :‬وهو صلة األهل البعداء ومواساة الصديق‪ ،‬وإطعام الجائع‪،‬‬ ‫وقسم‬
‫ٌ‬

‫(( ( وقعت في جميع المتون وكتب الشروح بلفظ‪« :‬نفقة فاضلة» بالضاد المعجمة‪ ،‬أما في كتب اللغة‬
‫والغريب بلفظ‪« :‬فاصلة» بالصاد المهملة‪ ،‬حيث ذكروها في مادة (فصل)‪ ،‬قال الجوهري في‬
‫«الصحاح» (‪« :)1791/5‬الفاصلة التي في الحديث‪ :‬تفسيره أنها التي فصلت بين إيمانه وكفره»‪،‬‬
‫وبمثله قال ابن فارس في «مجمل اللغة» (‪ ،)722/1‬و«مقاييس اللغة» (‪ ،)506/4‬والراغب‬
‫األصفهاني في غريب القرآن ص (‪ ،)638‬وابن األثير في «النهاية في غريب الحديث واألثر»‬
‫أثبت في المتن لفظ‪:‬‬
‫(‪ )451/3‬وزاد‪« :‬وقيل‪ :‬يقطعها من ماله ويفصل بينها وبين مال نفسه»‪ .‬وإنما ُّ‬
‫«الفاضلة» العتبار باب الرواية والسماع‪.‬‬
‫نحاه وأزالـه»‪« .‬النهايـة في غريـب الحديث واألثر» البـن األثير‬ ‫(( ( َمـازَ‪ :‬قـال ابـن األثيـر‪َ « :‬م َ‬
‫ـاز‪ :‬أي ّ‬
‫(‪.)380/4‬‬
‫(( ( أخرجه أحمد في «المسند» رقم (‪ ،)1690‬وإسناده حسن‪.‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪146‬‬

‫وصدقة التطوع كلها‪ ،‬فهذه نفقة مندوب إليها مأجور عليها‪ ،‬فمن أنفق في هذه‬
‫الوجوه الثالثة فقد وضع المال في موضعه‪ ،‬وأنفقه في حقه»(‪.)1‬‬
‫ومن فوائد أحاديث هذا المطلب‪:‬‬
‫أن مذهب أبي عبيدة بن الجراح أن المصائب يترتب عليها تكفير الذنوب‬ ‫‪1‬ـ ّ‬
‫بت ٍ‬
‫بأجر»‪ .‬قال العراقي مع ّل ًقا‪:‬‬ ‫دون األجور‪ ،‬وذلك في قوله في حديث الباب‪« :‬ما ّ‬
‫المصرحة برفع الدرجات وكتب الحسنات»(‪.)2‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«كأن هؤالء لم يبلغهم األحاديث‬
‫صرح فيه باألجر لمن‬ ‫ّ‬
‫«كأن أبا عبيدة لم يسمع الحديث الذي ّ‬ ‫يقول ابن حجر‪:‬‬
‫أصابته المصيبة‪ ،‬أو سمعه وحمله على التقييد بالصبر‪ ،‬والذي نفاه مطلق حصول‬
‫األجر العاري عن الصبر»(‪.)3‬‬
‫‪ 2‬ـ قال القاري‪« :‬في الحديث ٌّ‬
‫حث على صلة األرحام واإلحسان إلى األقارب‬
‫والشفقة على الورثة‪ ،‬فإن صلة القريب واإلحسان إليه أفضل من األبعد‪ ،‬وفيه‬
‫استحباب اإلنفاق في وجوه الخير‪ ،‬وأنه إنما يثاب على عمله بن ّيته»(‪.)4‬‬
‫***‬

‫المطلب الخامس‪ :‬إماطة األذى عن الطريق‪.‬‬

‫أمر اهلل بحسن التعامل مع الناس وعدم أذيتهم ولو بالكالم فقال‪﴿ :‬ﯦ‬
‫ﯧ ﯨ﴾ [البقرة‪ ،]٨٣ :‬وجعل إماطة األذى عن الناس من أدنى شعب اإليمان‬

‫((( نقله ابن بطال في «شرحه على صحيح البخاري» (‪.)409/3‬‬


‫((( «طرح التثريب» للعراقي (‪.)240/3‬‬
‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)109/10‬‬
‫(( ( «مرقاة المفاتيح» للقاري (‪.)2037/5‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪147‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫ون ـ َأ ْو‬‫ان بِ ْض ٌع َو َس ْب ُع َ‬
‫يم ُ‬ ‫ول اهللِ ﷺ‪ِ ْ :‬‬
‫«ال َ‬ ‫كما روى َأبو ُه َر ْي َر َة ‪َ ‬ق َال‪َ :‬ق َال َر ُس ُ‬
‫يق‪،‬‬ ‫َاها إِ َما َط ُة ْالَ َذى َع ِن ال َّط ِر ِ‬
‫هلل‪َ ،‬و َأ ْدن َ‬ ‫بِ ْض ٌع َو ِست َ‬
‫ُّون ـ ُش ْع َب ًة‪َ ،‬ف َأ ْف َض ُل َها َق ْو ُل َل إِ َل َه إِ َّل ا ُ‬
‫ان»(‪.)1‬‬ ‫يم ِ‬ ‫اء ُش ْع َب ٌة ِم َن ْ ِ‬
‫ال َ‬ ‫َوا ْل َح َي ُ‬
‫وللترغيـب فـي هـذا األمـر أكثـر‪ :‬ضاعـف اهلل األجـر لمـن أمـاط األذى إلى‬
‫ٍ‬
‫حسـنات‪.‬‬ ‫عشر‬
‫ـال‪َ :‬د َخ ْلنَـا َع َلى َأبِـي ُع َب ْيـدَ َة ْب ِن ا ْل َج َّـر ِ‬ ‫ـن ُغ َطي ٍ‬ ‫فعـن ِع َي ِ‬
‫اح ‪‬‬ ‫ـف‪َ ،‬ق َ‬ ‫ـاض ْب ِ ْ‬
‫ـات َأ ُبو‬‫ف َب َ‬ ‫ـه‪ ،‬قلنـا‪َ :‬ك ْي َ‬ ‫اعـدَ ٌة ِعنْدَ ر ْأ ِس ِ‬ ‫َنعـوده ِمـن َشـكْوى َأصابـه‪ ،‬وامر َأتُـه تُحي َف ُة َق ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ ُ َ َْ ُ َْ‬ ‫ً‬ ‫ُ ُُ ْ‬
‫َان ُم ْقبِ ًل‬
‫ـر ـ َوك َ‬ ‫ـت بِ َأ ْج ٍ‬
‫ـال َأ ُبـو ُع َب ْيدَ ةَ‪َ :‬مـا بِ ُّ‬ ‫ـات بِ َأ ْج ٍ‬
‫ـر‪َ ،‬ف َق َ‬ ‫ـت‪َ :‬واهللِ َل َقـدْ َب َ‬ ‫ُع َب ْيـدَ ةَ؟ َقا َل ْ‬
‫ـأ ُلونَنِي َع َّمـا ُق ْل ُت؟‬ ‫ـه‪َ ،‬ف َق َال‪َ :‬أال ت َْس َ‬ ‫ـط ـ َف َأ ْقب َـل َع َلى ا ْل َقـو ِم بِوج ِه ِ‬
‫ْ َ ْ‬ ‫َ‬
‫ـه َع َلـى ا ْلح ِائ ِ‬
‫َ‬
‫بِوج ِه ِ‬
‫َ ْ‬
‫«م ِن‬ ‫ـول اهللِ ﷺ َي ُق ُ‬ ‫ـم ْع ُت َر ُس َ‬ ‫ـأ ُل َك َعنْه‪َ .‬ق َال‪ :‬س ِ‬ ‫ـت‪َ ،‬فن َْس َ‬ ‫َقا ُلـوا‪َ :‬مـا َأ ْع َج َبنَـا َما ُق ْل َ‬
‫ـول‪َ :‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ـه و َأهلِ ِ‬
‫ـه‪َ ،‬أ ْو َعا َد‬ ‫ِ ِ‬ ‫يل اهللِ‪َ ،‬فبِسـب ِع ِمائ ٍ‬
‫َـة‪َ ،‬و َم ِن أ ْن َف َ‬ ‫اض َلـ ًة فِي َسـبِ ِ‬ ‫ـق َن َف َقـ ًة َف ِ‬
‫ـق َع َلى َن ْفس َ ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫أ ْن َف َ‬
‫يضـا‪َ ،‬أو مـا َز َأ ًذى‪َ ،‬فا ْلحسـنَ ُة بِع ْش ِ ِ‬
‫ـم َيخْ ِر ْق َهـا‪َ ،‬و َم ِن‬ ‫ـو ُم ُجنَّـ ٌة َمـا َل ْ‬ ‫الص ْ‬ ‫ـر َأ ْم َثال َهـا‪َ ،‬و َّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َم ِر ً‬
‫ـو َل ُه ِح َّطـ ٌة»(‪.)2‬‬ ‫ِِ‬ ‫ٍ ِ‬
‫هلل بِ َبلاء في َج َسـده َف ُه َ‬ ‫ا ْبتَلا ُه ا ُ‬
‫الغفـاري‬
‫ّ‬ ‫ذر‬
‫وهـذا الحديـث يقيـد الثـواب المطلـق الـوارد فـي حديـث أبـي ٍّ‬
‫ـال ُأ َّمتِـي َح َسـن َُها َو َسـ ِّيئ َُها‪،‬‬
‫ـي َأ ْع َم ُ‬
‫ـت َع َل َّ‬ ‫ـال‪ُ « :‬ع ِر َض ْ‬‫ـي ﷺ‪َ ،‬ق َ‬ ‫ـن النَّبِ ِّ‬
‫‪َ ،‬ع ِ‬
‫ـاوي‬‫يـق‪َ ،‬و َو َجـدْ ُت فِـي َم َس ِ‬ ‫ـن ال َّط ِر ِ‬ ‫ـن َأ ْع َمالِ َهـا ْالَ َذى ُي َم ُ‬
‫ـاط َع ِ‬ ‫اس ِ‬ ‫َفوجـدْ ُت فِـي مح ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫ُـون فِـي ا ْلمس ِ ِ‬ ‫َأ ْع َمالِ َهـا النُّخَ ا َعـ َة َتك ُ‬
‫أقل‬‫ـن»(‪ ،)3‬ويحمل الحديث علـى أن ّ‬ ‫ـجد‪َ ،‬ل تُدْ َف ُ‬ ‫َ ْ‬
‫يتحصلـه العبد في إماطة األذى هو عشـر حسـنات‪ ،‬واهلل يضاعف لمن يشـاء‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ثـواب‬

‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)9‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)35‬‬


‫(( ( سبق تخريجه‪.‬‬
‫((( أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (‪.)553‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪148‬‬
‫المطلب السادس‪ْ :‬‬
‫ذكر اهلل‪.‬‬

‫ً‬
‫أول‪ :‬التسبيح‪.‬‬

‫أمر اهلل تعالى نبيه ﷺ بالتسبيح لعظيم فضله وجسيم أثره‪ ،‬فقال‪﴿ :‬ﮁ ﮂ‬
‫ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ﴾ [ق‪.]٣٩ :‬‬

‫قال ابن حجر في بيان معنى التسبيح‪« :‬يعني‪ :‬قول «سبحان اهلل»‪ ،‬ومعناه‪ :‬تنزيه اهلل‬
‫عما ال يليق به من كل نقص فيلزم نفي الشريك والصاحبة والولد وجميع الرذائل‬
‫ويطلق التسبيح ويراد به جميع ألفاظ الذكر ويطلق ويراد به صالة النافلة»(‪.)1‬‬
‫ٍ‬
‫حسنات‪.‬‬ ‫وللترغيب فيها ضاعف اهلل أجر الحسنة فيه إلى عشر‬

‫ج ُز َأ َحدُ ُك ِم‬ ‫ول اهللِ ﷺ َأ َّن ُه َق َال‪َ :‬‬


‫«أ َي ْع ِ‬ ‫ف َع ْن س ْعد بن أبي وقاص ‪َ ،‬ع ْن رس ِ‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫يح ٍة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ف َح َسنَة؟» َق َال‪َ :‬و َم ْن ُيط ُيق َذل َك؟ َق َال‪ُ « :‬ي َس ِّب ُح ما َئ َة ت َْسبِ َ‬ ‫ب فِي ا ْل َي ْو ِم َأ ْل َ‬ ‫ِ‬
‫َأ ْن َيكْس َ‬
‫ف َس ِّيئ ٍَة»(‪.)2‬‬
‫ف َح َسن ٍَة‪َ ،‬وت ُْم َحى َعنْ ُه َأ ْل ُ‬ ‫َب َل ُه َأ ْل ُ‬‫َف ُي ْكت ُ‬
‫ـع‬ ‫وفـي روايـة أخـرى عـن سـعد بـن أبـي وقـاص ‪ُ :‬كنَّـا ُج ُل ً‬
‫وسـا َم َ‬
‫ـف َح َسـن ٍَة؟» َق َ‬
‫ـال‪:‬‬ ‫ـو ٍم َأ ْل َ‬ ‫ِ‬ ‫«أ َي ْع ِ‬
‫جـ ُز َأ َحدُ كُـ ِم َأ ْن َيكْس َ‬
‫ـب ك َُّل َي ْ‬ ‫ـول اهللِ ﷺ‪َ ،‬ف َق َ‬
‫ـال‪َ :‬‬ ‫رس ِ‬
‫َ ُ‬
‫ـف َح َسـن ٍَة؟ َق َال‪:‬‬
‫ـب َأ َحدُ نَـا َأ ْل َ‬ ‫ـائ ِه‪ :‬يـا نَبِـي اهللِ‪َ ،‬كي َ ِ‬
‫ـف َيكْس ُ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫ـائ ٌل ِمـن ج َلس ِ‬
‫ْ ُ َ‬
‫َفس َـأ َله س ِ‬
‫َ ُ َ‬
‫ـف َخطِيئ ٍ‬ ‫ـط َعنْـ ُه َأ ْل ُ‬‫ـف َح َسـن ٍَة‪َ ،‬أ ْو ُي َح ُّ‬
‫َـب َلـ ُه َأ ْل ُ‬ ‫«يسـبح ِمائَـ َة تَسـبِ ٍ‬
‫َـة»(‪.)3‬‬ ‫يحة َف ُي ْكت ُ‬
‫ْ َ‬ ‫ُ َ ِّ ُ‬
‫يدي‪« :‬كذا هو في كتاب مسلم‪« :‬أو ّ‬
‫يحط»‪ .‬قال البرقاني‪ :‬ورواه شعبة‬ ‫الح َم ّ‬
‫قال ُ‬

‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)206/11‬‬


‫(( ( أخرجه أحمد في «المسند» رقم (‪ ،)1496‬وإسناده صحيح‪.‬‬
‫((( أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (‪.)2698‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪149‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫ّ‬
‫«ويحط»‬ ‫وأبو عوانة ويحيى القطان عن موسى الذي رواه مسلم من جهته فقالوا‪:‬‬
‫بغير ٍ‬
‫ألف»(‪.)1‬‬
‫قال الحافظ ـ يعني‪ :‬ابن حجر ـ في فتاويه‪« :‬وهو كما قال البرقاني والحميدي‪،‬‬
‫لكن وجدته في مسند أحمد من طريق شعبة وغيره‪ ،‬بـ«الواو» تارة‪ ،‬وبـ«أو» تارة‪،‬‬
‫وكان ِ‬
‫اإلمام أحمد شديد الحرص على ألفاظ الرواية»(‪.)2‬‬
‫قال الطيبي‪« :‬يختلف معنى «الواو» إذا أريد بها أحد األمرين‪ ،‬وأما إذا أريد بها‬
‫التنويع فهما سيان في القصد»(‪.)3‬‬
‫ّ‬
‫وكأن‬ ‫زاد القاري فقال‪« :‬وقد تأتي الواو بمعنى «أو» فال منافاة بين الروايتين‪،‬‬
‫المعنى‪ّ :‬‬
‫إن من قالها يكتب له ألف حسنة إن لم يكن عليه خطيئة‪ ،‬وإن كانت عليه‬
‫فيحط بعض ويكتب بعض‪ ،‬ويمكن أن تكون «أو» بمعنى الواو‪ ،‬أو بمعنى «بل»‬
‫فحينئذ يجمع له بينهما‪ ،‬وفضل اهلل أوسع من ذلك»(‪.)4‬‬
‫وقال في شرح الحصن(‪«« :)5‬أو» هنا للتنويع في اختالف الحالة‪ .‬فالكتابة للمتقي‪،‬‬
‫ّ‬
‫«ويحط»»(‪.)6‬‬ ‫ّ‬
‫والحط للمخطي‪ ،‬أو بمعنى‪« :‬الواو» الموضوعة للجمع كما يدل قوله‪:‬‬
‫***‬

‫((( «الجمع بين الصحيحين» للحميدي (‪.)199/1‬‬


‫(( ( انظر‪« :‬دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين» (‪)229 /7‬‬
‫((( «شرح المشكاة» للطيبي (‪.)1821/6‬‬
‫(( ( «مرقاة المفاتيح» للقاري (‪.)1595/4‬‬
‫((( هـو كتـاب‪« :‬الحـرز الثمين للحصن الحصيـن» للم ّ‬
‫ل علي القـاري‪ .‬انظر‪ :‬كشـف الظنون لحاجي‬
‫خليفة (‪.)669/1‬‬
‫((( نقله المباركفوري في «مرعاة المفاتيح» (‪.)458/7‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪150‬‬

‫مرة‪:‬‬
‫ثان ًيا‪ :‬قول المؤمن قبل النوم‪« :‬سبحان اهلل والحمد هلل واهلل أكبر» مائة ّ‬
‫ً‬
‫موصول‬ ‫أذكارا‪ ،‬ليكون بدء يوم اإلنسان ونهايته‬
‫ً‬ ‫أذكارا‪ ،‬وللنوم‬
‫ً‬ ‫جعل اهلل للنهار‬
‫بذكر اهلل‪ ،‬ومن هذه األذكار‪ ،‬قول‪« :‬سبحان اهلل‪ ،‬والحمد هلل‪ ،‬واهلل أكبر» مائة مرة‪،‬‬
‫ٍ‬
‫حسنات‪.‬‬ ‫مر ًة إلى عشر‬ ‫وللترغيب فيه ضاعف اهلل أجر من قالها ّ‬
‫َان َل‬ ‫َان‪َ ،‬أ ْو َخ َّلت ِ‬ ‫ف َع ْن َع ْب ِد اهللِ ْب ِن َع ْم ٍرو ‪َ ،‬ع ِن النَّبِ ِّي ﷺ‪َ ،‬ق َال‪َ :‬‬
‫«خ ْص َلت ِ‬
‫يل‪ُ ،‬ي َس ِّب ُح‬‫ُي َحافِ ُظ َع َل ْي ِه َما َع ْبدٌ ُم ْسلِ ٌم إِ َّل َد َخ َل ا ْل َجنَّ َة‪ُ ،‬ه َما َي ِس ٌير‪َ ،‬و َم ْن َي ْع َم ُل بِ ِه َما َقلِ ٌ‬
‫ان‪،‬‬‫ون َو ِما َئ ٌة بِال ِّل َس ِ‬
‫ك َخ ْم ُس َ‬ ‫فِي ُد ُب ِر ك ُِّل َص َل ٍة َع ْش ًرا‪َ ،‬و َي ْح َمدُ َع ْش ًرا‪َ ،‬و ُي َك ِّب ُر َع ْش ًرا‪َ ،‬ف َذلِ َ‬
‫ين إِ َذا َأ َخ َذ َم ْض َج َع ُه‪َ ،‬و َي ْح َمدُ َث َل ًثا‬ ‫ِ‬ ‫ف َو َخ ْم ُس ِمائ ٍَة فِي ا ْل ِميز ِ‬
‫َان‪َ ،‬و ُي َك ِّب ُر َأ ْر َب ًعا َو َث َلث َ‬ ‫َو َأ ْل ٌ‬
‫ف فِي ا ْل ِميز ِ‬
‫َان» َف َل َقدْ َر َأ ْي ُت‬ ‫ان‪َ ،‬و َأ ْل ٌ‬ ‫ك ِما َئ ٌة بِال ِّل َس ِ‬ ‫ين‪َ ،‬ف َذلِ َ‬ ‫ِ‬
‫ين‪َ ،‬و ُي َس ِّب ُح َث َل ًثا َو َث َلث َ‬
‫ِ‬
‫َو َث َلث َ‬
‫ف ُه َما َي ِس ٌير َو َم ْن َي ْع َم ُل بِ ِه َما َق ِل ٌيل؟‬ ‫ول اهللِ َك ْي َ‬ ‫ول اهللِ ﷺ َي ْع ِقدُ َها بِ َي ِد ِه‪َ ،‬قا ُلوا‪َ :‬يا َر ُس َ‬
‫َر ُس َ‬
‫ان ـ فِي َمن َِام ِه َف ُين َِّو ُم ُه َق ْب َل َأ ْن َي ُقو َل ُه‪َ ،‬و َي ْأتِ ِيه فِي َص َلتِ ِه‬ ‫َق َال‪َ « :‬ي ْأتِي َأ َحدَ ك ُْم ـ َي ْعنِي َّ‬
‫الش ْي َط َ‬
‫اج ًة َق ْب َل َأ ْن َي ُقو َل َها»(‪.)1‬‬
‫َف ُي َذك ُِّر ُه َح َ‬
‫ومعنى قوله‪« :‬فذلك خمسون ومائة باللسان وألف وخمسمائة في الميزان»‪،‬‬
‫هو «أن عدد الكلمات المحصاة خلف ّ‬
‫كل صالة ثالثون‪ ،‬والصلوات خمس في‬
‫اليوم والليلة فإذا ضرب أحدهما في اآلخر بلغ هذا العدد»(‪.)2‬‬
‫«ل َي ْأتِي بِ ِه َما»‪.‬‬
‫وفي رواية أخرى‪َ :‬‬

‫يظهر هذا الحديث شرط ْين رئيس ْين لحصول هذا األجر‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ المحافظـة عليهـا؛ وجـاءت في لفـظ آخـر‪« :‬ال يحصيهما»‪ ،‬قـال القاري‪:‬‬

‫((( أخرجه أبو داود في «سننه» رقم (‪ ،)5065‬وإسناده صحيح‪.‬‬


‫(( ( «التيسير بشرح الجامع الصغير» للمناوي (‪.)516/1‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪151‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫المأتـي‬
‫ِّ‬ ‫«أي‪ :‬ال يحافـظ عليهمـا‪ ،‬كمـا فـي روايـة «أو ال يأتـي بهمـا»‪َ .‬ع ّبـر عـن‬
‫بـه باإلحصـاء؛ ألنـه مـن جنـس المعـدودات‪ ،‬أو ال يطيقهمـا‪ ،‬أو ال يأتـي عليهمـا‬
‫باإلحصـاء كالعـا ّد للشـيء»(‪.)1‬‬
‫‪ 2‬ـ المداومة عليها؛ للفظ‪« :‬ومن يعمل بهما»‪ ،‬قال القاري‪« :‬أي‪ :‬على وصف‬
‫المداومة»(‪.)2‬‬
‫وقيل‪ :‬األظهر أنه ليس المراد إجراء هذه األلفاظ على اللسان فقط‪ ،‬بل التذكّر‬
‫والتي ّقظ في فهم معانيها‪ ،‬وإن لم يحرم من البركة من ي ْذكرها وقلبه ٍ‬
‫اله عنها(‪.)3‬‬ ‫َ‬ ‫ُ َْ‬ ‫ْ‬
‫مجرد ِذكْرها بال ّلسان؛ لقوله في‬‫حمل الحديث على ّ‬ ‫قال الباحث‪ :‬والصحيح ْ‬
‫الحديث‪« :‬فتلك مائة باللسان»‪ ،‬مع ق ْطعنا بزيادة أجر من َف ِه َم معانيها وتد ّبرها على‬
‫من كان ُغ ْف ًل عنها‪.‬‬
‫وأما مسألة هل يجوز الزيادة على هذه األذكار أم ال؟‬
‫قـال القرافـي فـي قواعـده‪« :‬مـن البـدع المكروهـة الزيـادة فـي المندوبـات‬
‫المحـدودة شـر ًعا‪ ،‬كمـا ورد فـي التسـبيح والتحميـد والتكبيـر ثال ًثـا وثالثين عقب‬
‫الفرائـض‪ ،‬فيفعـل أكثر؛ مـن ذلك ألن شـأن العظماء إذا حـدوا شـي ًئا أن يوقف ويعد‬
‫الخـارج عنه مسـي ًئا للأدب»(‪.)4‬‬
‫ع ّلق ابن حجر على قول القرافي السابق بقوله‪« :‬يؤ ّيد ذلك ّ‬
‫أن األذكار المتغايرة‬
‫اإلتيان بجميعها متوالية لم تحسن الزيادة‬‫إذا ورد لكل منها عدد خصوص مع طلب ِ‬

‫(( ( «مرقاة المفاتيح» للقاري (‪.)1668/4‬‬


‫(( ( «مرقاة المفاتيح» للقاري (‪.)1668/4‬‬
‫((( «مرعاة المفاتيح» للمباركفوري (‪.)146/8‬‬
‫((( نقله ابن الملقن في كتابه «اإلعالم بفوائد عمدة األحكام» (‪.)53/4‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪152‬‬

‫على العدد المخصوص لما في ذلك من قطع المواالة الحتمال أن يكون للمواالة‬
‫في ذلك حكمة خاصة تفوت بفواتها‪ ،‬واهلل أعلم» (‪.)1‬‬
‫ِ‬ ‫وعن علي بن أبي طالب ‪ِ َّ :‬‬
‫النبي ﷺ‪،‬‬ ‫السال ُم‪ ،‬أتَت َّ‬ ‫«أن َفاط َم َة َع َل ْي َها َّ‬
‫اد ْف ُه‪َ ،‬ف َذك ََر ْت‬‫ت َْشكُو إ َلي ِه ما َت ْل َقى فِي ي ِدها ِمن الرحى‪ ،‬وب َلغَها أنه جاءه ر ِق ٌيق َف َلم تُص ِ‬
‫ْ َ‬ ‫ُ َ َُ َ‬ ‫َ َّ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬
‫أخ ْذنا َم َض ِ‬ ‫ِ‬ ‫ذلِ َ ِ ِ ِ‬
‫اج َعنَا َف َذ َه ْبنا‬ ‫اءنَا َو َقدْ َ‬ ‫أخ َب َر ْت ُه َعائ َش ُة‪َ .‬ق َال‪َ :‬ف َج َ‬ ‫ك ل َعائ َشة‪َ .‬ق َال‪َ :‬ف َل َّما َج َ‬
‫اء ْ‬
‫اء َف َق َعدَ َب ْينِي َو َب ْينَها َحتَّى َو َجدْ ُت َب ْر َد َقدَ َم ْي ِه َع َلى َب ْطنِي‪،‬‬ ‫ِ‬
‫َن ُقو ُم َف َق َال‪َ :‬ع َلى َمكَانك َُما َف َج َ‬
‫اج َعك َُما ـ ْأو َأو ْيت َُما إ َلى‬ ‫أخ ْذتُما َم َض ِ‬ ‫َف َق َال‪َ :‬أال أ ُد ُّلكُما َع َلى َخ ْي ٍر ِم َّما َسأ ْلتُما؟ إ َذا َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ين‪َ ،‬ف ُه َو‬ ‫ين‪َ ،‬و َك ِّب َرا ْأر َبع ًا َو َثالث َ‬
‫اح َمدا َثالثا َو َثالث َ‬ ‫ين‪َ ،‬و ْ‬ ‫ف َراشك َُما ـ َف َس ِّبحا َثالث ًا َو َثالث َ‬
‫ادمٍ»(‪.)2‬‬ ‫َخير َلكُما ِمن َخ ِ‬
‫ْ‬ ‫ٌْ‬
‫عظيما‪ ،‬لكن كيف يكون‬
‫ً‬ ‫شك ّ‬
‫أن للتسبيح ونحوه ثوا ًبا‬ ‫قال القاري‪« :‬قيل‪ :‬ال ّ‬
‫خيرا بالنسبة إلى مطلوبها وهو االستخدام؟ وأجيب‪ّ :‬‬
‫لعل اهلل تعالى ُيعطي للمس ّبح‬ ‫ً‬
‫قوة يقدر بها على الخدمة أكثر مما يقدر الخادم عليه‪ ،‬أو يسهل األمور عليه بحيث‬
‫ّ‬
‫يكون فعل ذلك بنفسه أسهل عليه من أمر الخادم بذلك‪ ،‬أو أن معناه‪ّ :‬‬
‫أن نفع التسبيح‬
‫في اآلخرة‪ ،‬ونفع الخادم في الدنيا ﴿ﭖ ﭗ ﭘ﴾ [األعلى‪.)3(»]١٧ :‬‬
‫ونقل القاري عن ابن الجزري قوله‪« :‬في بعض الروايات الصحيحة التكبير‬
‫ّأو ًل‪ ،‬وكان شيخنا الحافظ ابن كثير ّ‬
‫يرجحه ويقول‪ :‬تقدّ م التسبيح يكون عقيب‬
‫الصالة‪ ،‬وتقدّ م التكبير عند النوم»(‪.)4‬‬

‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)330/2‬‬


‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)5361‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)2727‬‬
‫((( «عمدة القاري» للعيني (‪.)20/21‬‬
‫((( نقله المال علي القاري في «مرقاة المفاتيح» (‪.)1657/4‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪153‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫عمل بالروايتين‪ ،‬وهو َأ ْولى‬


‫ثم قال‪« :‬األظهر أنه يقدم تارة ويؤخر أخرى ً‬
‫أن المراد تحصيل هذا‬ ‫أن الظاهر ّ‬ ‫وأحرى من ترجيح الصحيح على األصح‪ ،‬مع ّ‬
‫يضر‪ ،‬وفي تخصيص الزيادة بالتكبير إيماء إلى المبالغة في‬ ‫ِ‬
‫العدد وبأ ّيهن ُبد َئ ال ّ‬
‫إثبات العظمة والكبرياء‪ ،‬فإنه يستلزم الصفات التنزيهية والثبوتية المستفادة من‬
‫التسبيح والحمد‪ ،‬واهلل أعلم»(‪.)1‬‬
‫قال الطيبي‪« :‬وفي الحديث داللة على مكان أم المؤمنين عائشة ‪ ‬عند‬
‫الرسول ﷺ‪ ،‬ومحبته إياها حيث خصتها فاطمة ‪ ‬بالسفارة بينها وبين أبيها‪،‬‬
‫دون سائر األزواج»(‪.)2‬‬
‫ومن فوائد أحاديث هذا المطلب‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ فيه أن أدبار الصلوات أوقات فاضلة يرتجى فيها إجابة الدعوات وقبول‬
‫الطاعات ويصل بها متعاطيها إلى الدرجات العالية والمنازل الغالية(‪.)3‬‬
‫سيئات بهذا‬
‫ٌ‬ ‫‪ 2‬ـ أن هذه األذكار «تدفع هذا العدد من السيئات‪ ،‬وإن لم تكن له‬
‫العدد ترفع له بها درجات‪ ،‬وق ّلما يعمل اإلنسان في اليوم والليلة هذا القدر من‬
‫الو ْرد مع حصول مغفرة السيئات ال ُبدّ أن ُي ْح ِرز بهذا ِ‬
‫الو ْرد‬ ‫فصاحب هذا ِ‬
‫ُ‬ ‫السيئات‪،‬‬
‫فضيلة هذه الدرجات»(‪.)4‬‬
‫‪ 3‬ـ فيه بشارة عظيمة لمن داوم على هذه األذكار بحسن الخاتمة‪ ،‬لقوله في‬
‫الحديث‪« :‬إال دخل الجنة»(‪.)5‬‬

‫(( ( «مرقاة المفاتيح» للقاري (‪.)1657/4‬‬


‫((( «شرح المشكاة» للطيبي (‪.)1876/6‬‬
‫((( «اإلعالم بفوائد عمدة األحكام» البن الملقن (‪.)54/4‬‬
‫((( «حاشية السندي على سنن ابن ماجه» (‪.)298/1‬‬
‫((( «مرعاة المفاتيح» للمباركفوري (‪.)146/8‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪154‬‬

‫‪ 4‬ـ بلغ من اهتمام النبي ﷺ بهذه األذكار أنه كان يعقدها بيده‪ ،‬قال المباركفوري‪:‬‬
‫«أي‪ :‬بأصابعها أو بأناملها أو بعقدها‪ .‬والمراد‪ :‬يضبط األذكار المذكورة ويحفظ‬
‫عددها أو يعقد ألجلها بيده» (‪.)1‬‬
‫***‬
‫ك‪َ ،‬و َل ُه ا ْل َح ْمدُ ‪،‬‬ ‫«ل إِ َل َه إِ َّل اهللُ‪َ ،‬و ْحدَ ُه َل َش ِر َ‬
‫يك َل ُه‪َ ،‬ل ُه ا ْل ُم ْل ُ‬ ‫ثال ًثا‪ :‬قول المؤمن‪َ :‬‬
‫َو ُه َو َع َلى ك ُِّل َش ْي ٍء َق ِد ٌير» حين يصبح أو يمسي‪:‬‬
‫ح ّثت الشريعة على أن يبتدئ المسلم يومه بذكر اهلل تعالى‪ ،‬ويختمه بذكره‬
‫وفضل ّ‬
‫الذكْر‬ ‫أيضا‪ ،‬وجعلت له من األجور العديدة ً‬
‫دليل على مكانة هذه األوقات ْ‬ ‫ً‬
‫ٍ‬
‫مرات كان كمن أعتق رقبة‪.‬‬ ‫فيها‪ ،‬حتى جعل النبي ﷺ من قالها عشر‬
‫«م ْن َق َال‪َ :‬ل إِ َل َه إِ َّل اهللُ‪،‬‬ ‫فع ِن ا ْلبر ِاء بن عازب ‪َ ‬ق َال‪َ :‬ق َال رس ُ ِ‬
‫ول اهلل ﷺ‪َ :‬‬ ‫َ ُ‬ ‫َ ََ‬
‫ك و َله ا ْلحمدُ ‪ ،‬وهو ع َلى ك ُِّل َشي ٍء َق ِدير ع ْشر مر ٍ‬ ‫َو ْحدَ ُه َل َش ِر َ‬
‫ات ك َُّن‬ ‫ٌ َ َ َ َّ‬ ‫ْ‬ ‫يك َل ُه‪َ ،‬ل ُه ا ْل ُم ْل ُ َ ُ َ ْ َ ُ َ َ‬
‫َل ُه َعدْ َل ن ََس َم ٍة»(‪.)2‬‬
‫النبي ﷺ قال‪:‬‬ ‫رواية أخرى من حديث أبي أيوب األنصاري ‪ّ ،‬‬ ‫ٍ‬
‫أن ّ‬ ‫وفي‬
‫الح ْمدُ َو ُه َو على ك ُّل َش ْي ٍء‬ ‫ك َو َل ُه َ‬
‫الم ْل ُ‬
‫يك َل ُه‪َ ،‬ل ُه ُ‬‫«م ْن َق َال ال إل َه إِال اهللُ َو ْحدَ ُه ال َش ِر َ‬ ‫َ‬
‫س ِمن و َل ِد إِسم ِ‬ ‫َق ِدير ع ْشر مر ٍ‬
‫يل»(‪.)3‬‬ ‫اع َ‬ ‫ْ َ‬ ‫كان ك ََم ْن أ ْعت ََق َأ ْر َب َع َة َأ ْن ُف ٍ ْ َ‬
‫ات‪َ ،‬‬ ‫ٌ َ َ َ َّ‬
‫ومن األحاديث الواردة في فضل هذا الذكر في هذه األوقات‪:‬‬

‫«م ْن َق َال ُد ُب َر‬ ‫ما جاء عن أبي ذر الغفاري ‪ ‬قال‪َ :‬ق َال رس ُ ِ‬
‫ول اهلل ﷺ‪َ :‬‬ ‫َ ُ‬ ‫ٍّ‬

‫((( «مرعاة المفاتيح» للمباركفوري (‪.)146/8‬‬


‫((( أخرجه النسائي في «سننه» رقم (‪ ،)9876‬وإسناده صحيح‪.‬‬
‫((( أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (‪..)2693‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪155‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫يك َل ُه‪َ ،‬ل ُه‬‫َص َل ِة ا ْل َف ْج ِر َو ُه َو َثانِي ِر ْجلِ ِه َق ْب َل َأ ْن َي َت َك َّل َم‪َ :‬ل إِ َل َه إِ َّل اهللُ‪َ ،‬و ْحدَ ُه َل َش ِر َ‬
‫يت‪ ،‬بِي ِد ِه ا ْلخَ ير‪ ،‬وهو ع َلى ك ُِّل َشي ٍء َق ِدير ع ْشر مر ٍ‬ ‫ِ‬
‫ات‪،‬‬ ‫ٌ َ َ َ َّ‬ ‫ْ‬ ‫ُْ َ ُ َ َ‬ ‫ك َو َل ُه ا ْل َح ْمدُ ‪ُ ،‬ي ْحيِي َو ُيم ُ َ‬ ‫ا ْل ُم ْل ُ‬
‫احدَ ٍة َقا َل َها ِمن ُْه َّن َح َسنَ ًة‪َ ،‬و َم َحى َعنْ ُه َس ِّي َئ ًة‪َ ،‬و ُرفِ َع بِ َها َد َر َج ًة‪َ ،‬وك َ‬
‫َان‬ ‫َكتَب اهلل َله بِك ُِّل و ِ‬
‫َ‬ ‫َ ُ ُ‬
‫وه‪َ ،‬و ُح ِر َس ِم َن‬
‫ك فِي ِحر ٍز ِمن ك ُِّل مكْر ٍ‬
‫َ ُ‬ ‫ْ ْ‬ ‫َان َي ْو َم ُه َذلِ َ‬
‫احدَ ٍة َقا َل َها َعت َُق َر َق َب ٍة‪َ ،‬وك َ‬ ‫َله بِك ُِّل و ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫الش ْر ُك بِاهللِ»(‪.)1‬‬ ‫ك ا ْل َي ْو ِم إِ َّل ِّ‬‫ْب َأ ْن ُيدْ ِر َك ُه فِي َذلِ َ‬
‫ان‪َ ،‬و َل ْم َينْ َب ِغ لِ َذن ٍ‬ ‫الش ْي َط ِ‬
‫َّ‬

‫قال الطيبي‪« :‬فيه استعار ٌة ما أحسن موقعها ّ‬


‫فإن الداعي إذا دعا بكلمة التوحيد‬
‫فقد أدخل نفسه حر ًما آمنًا‪ ،‬فال يستقيم للذنب أن ّ‬
‫يحل ويهتك حرمة اهلل‪ ،‬فإذا خرج‬
‫أي ذنب أن‬ ‫ٍ‬
‫لذنب ّ‬ ‫عن حرم التوحيد أدركه الشرك ال محالة‪ ،....‬والمعنى ال ينبغي‬
‫يدرك الداعي‪ ،‬ويحيط به من جوانبه فيستأصله سوى الشرك»(‪.)2‬‬

‫أيضا عن‪َ :‬أبِي ُه َر ْي َر َة ‪ ‬مرفو ًعا(‪ ،)3‬وكذلك َع ْن‬


‫مروي ً‬
‫ٌّ‬ ‫وهذا الحديث‬
‫الس َب ِئ ِّي ‪ ‬مرفو ًعا(‪.)4‬‬ ‫ُع َم َار َة ْب ِن َشبِ ٍ‬
‫يب َّ‬
‫لكل‬ ‫وقد أفاد هذا الحديث مثوبة المؤمن لكل ٍ‬
‫قائل لهذا الذكر الكريم درجة ّ‬
‫ٍ‬
‫عبارة‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫درجات ّ‬
‫لكل‬ ‫ٍ‬
‫مرة‪ ،‬ثم جاءت الروايات األخرى بمضاعفة هذا األجر إلى عشر‬

‫ـال‪َ :‬ل إِ َلـ َه إِ َّل اهللُ‪،‬‬ ‫«م ْن َق َ‬ ‫ـال‪َ :‬ق َال رس ُ ِ‬ ‫فعـن َأبِـي ُه َر ْي َـر َة ‪َ ‬ق َ‬
‫ـول اهلل ﷺ‪َ :‬‬ ‫َ ُ‬
‫ـن َقا َل َها‬ ‫ك‪ ،‬و َلـه ا ْلحمـدُ ‪ ،‬وهو ع َلى ك ُِّل َش ٍ ِ‬ ‫َو ْحـدَ ُه َل َش ِ‬
‫ـيء َقد ٌير‪َ ،‬م ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ َ َ‬ ‫يك َل ُه‪َ ،‬لـ ُه ا ْل ُم ْل ُ َ ُ َ ْ‬
‫ـر َ‬
‫ـي َعنْ ُه بِ َهـا ِما َئ ُة َسـ ِّيئ ٍَة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ـب َل ُه بِ َهـا مائَـ ُة َح َسـنَة‪َ ،‬و ُمح َ‬
‫ِ‬
‫يـن ُي ْصبِ ُ‬
‫ـح‪ ،‬كُت َ‬
‫ٍ ِ‬
‫َع ْش َـر َم َّـرات ح َ‬

‫(( ( أخرجه الترمذي في «سننه» رقم (‪ ،)3474‬وإسناده حسن‪.‬‬


‫((( «شرح المشكاة» للطيبي (‪.)1064/3‬‬
‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)3293‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)2691‬‬
‫(( ( أخرجه الترمذي في «سننه» رقم (‪ ،)3534‬وإسناده حسن‪.‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪156‬‬
‫ـال ِم ْث َل َذلِ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ين‬
‫ـك ح َ‬ ‫َـت َلـ ُه َعـدْ َل َر َق َبـة‪َ ،‬و ُحف َظ بِ َهـا َي ْو َمئـذ َحتَّى ُي ْمس َ‬
‫ـي‪َ ،‬و َم ْن َق َ‬ ‫َوكَان ْ‬
‫ك»(‪.)1‬‬ ‫ـل َذلِ َ‬ ‫َان َل ُه ِم ْث ُ‬
‫ُي ْم ِسـي‪ ،‬ك َ‬

‫الز َر ِق ِّي ‪ ‬مرفو ًعا(‪.)2‬‬ ‫اش ُّ‬ ‫مروي عن َأبِي َع َّي ٍ‬ ‫ٌّ‬ ‫ومثله‬

‫قال ابن حجر‪« :‬جمع القرطبي في «المفهم»(‪ )3‬بين االختالف على اختالف‬
‫بحق هذه الكلمات‬
‫أحوال الذاكرين‪ ،‬فقال‪ :‬إنما يحصل الثواب الجسيم لمن قام ّ‬
‫فاستحضر معانيها بقلبه‪ ،‬وتأ ّملها بفهمه‪ ،‬ثم لما كان الذاكرون في إدراكاتهم وفهومهم‬
‫مختلفين كان ثوابهم بحسب ذلك‪ ،‬وعلى هذا ينزل اختالف مقادير الثواب في‬
‫األحاديث‪ ،‬فإن في بعضها ثوا ًبا مع ّينًا‪ ،‬ونجد ذلك الذكر بعينه في رواية أخرى أكثر‬
‫أو أقل‪ ،‬كما اتفق في حديث أبي هريرة وأبي أيوب‪ .‬قلت ـ والكالم البن حجر ـ‪ :‬إذا‬
‫الجمع‪ ،‬وإذا اتّحدت فال‪ ،‬وقد يتع ّين الجمع‬
‫ْ‬ ‫تعدّ دت مخارج الحديث فال بأس بهذا‬
‫أيضا أن يختلف المقدار بالزمان‪ ،‬كالتقييد بما‬
‫الذي قدّ ْمتُه‪ ،‬ويحتمل فيما إذا تعددت ً‬
‫بعد صالة الصبح ً‬
‫مثل‪ ،‬وعدم التقييد إن لم يحمل المطلق في ذلك على المقيد» (‪.)4‬‬

‫ومن فوائد أحاديث هذا المطلب‪:‬‬


‫‪ 1‬ـ قال القاضي عياض‪ِ :‬‬
‫«ذك ُْر هذا العدد من المائة ٌ‬
‫دليل على أنها غاية للثواب‬
‫المذكور‪ ،‬وأما قوله‪« :‬إال أحد عمل أكثر من ذلك» فيحتمل أن تراد الزيادة على‬
‫هذا العدد‪ ،‬فيكون لقائله من الفضل بحسابه ّ‬
‫لئل يظ ّن أنها من الحدود التي نهى عن‬

‫((( أخرجه النسائي في «سننه» رقم (‪ ،)9770‬وإسناده صحيح‪.‬‬


‫((( أخرجه النسائي في «السنن الكبرى» رقم (‪ ،)9771‬وإسناده حسن‪.‬‬
‫(( ( «المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم» للقرطبي (‪.)20/7‬‬
‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)205/11‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪157‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫اعتدائها وأنه ال فضل في الزيادة عليها كما في ركعات السنن المحدودة وأعداد‬
‫الطهارة ويحتمل أن تراد الزيادة من غير هذا الجنس من الذكر أو غيره إال أن يزيد‬
‫أحد عم ً‬
‫ال آخر من األعمال الصالحة»(‪.)1‬‬
‫قـال النـووي‪« :‬يحتمل أن يكون المراد مطلق الزيادة سـواء كانـت من التهليل‬
‫أو غيره»(‪.)2‬‬
‫‪ 2‬ـ قال النووي‪« :‬ظاهر إطالق الحديث ّ‬
‫أن األجر يحصل لمن قال هذا التهليل‬
‫في اليوم متوال ًيا أو متفرق ًا في مجلس أو مجالس في أول النهار أو آخره لكن األفضل‬
‫أن يأتي به أول النهار متوالي ًا ليكون له حرز ًا في جميع نهاره وكذا في أول الليل‬
‫ليكون له حرزا في جميع ليله»(‪.)3‬‬
‫***‬

‫تصرف ٍ‬
‫يسير‪.‬‬ ‫(( ( «إكمال المعلم» للقاضي عياض (‪ )93/8‬مع ّ‬
‫(( ( «شرح النووي على صحيح مسلم» (‪.)17/17‬‬
‫((( المصدر السابق‪.‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪158‬‬

‫المبحث الثالث‬
‫مضاعفة األجر عشرين مرة إلى ستين مرة‬

‫المطلب األول‪ّ :‬‬


‫رد السالم بلفظ‪« :‬السالم عليكم ورحمة اهلل»‪.‬‬

‫ورد فيه الحديث التالي‪:‬‬


‫س‬ ‫ول اهللِ ﷺ َو ُه َو فِي َم ْج ِل ٍ‬ ‫َع ْن َأبِي ُهر ْير َة ‪َ ،‬أ َّن ر ُج ًل مر َع َلى رس ِ‬
‫َ ُ‬ ‫َ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫الس َل ُم َع َل ْيك ُْم‬ ‫َف َق َال‪ :‬الس َلم َع َليكُم‪َ ،‬ف َق َال‪« :‬ع ْشر حسن ٍ‬
‫آخ ُر َف َق َال‪َّ :‬‬ ‫َات»‪َ ،‬ف َم َّر َر ُج ٌل َ‬ ‫َ ُ َ َ‬ ‫َّ ُ ْ ْ‬
‫آخر َف َق َال‪ :‬الس َلم َع َليكُم ورحم ُة اهللِ‬ ‫ورحم ُة اهللِ‪َ ،‬ف َق َال‪ِ :‬‬
‫َّ ُ ْ ْ َ َ ْ َ‬ ‫ون َح َسنَ ًة»‪َ ،‬ف َم َّر َر ُج ٌل َ ُ‬ ‫«ع ْش ُر َ‬ ‫ََ ْ َ‬
‫ول اهللِ‬ ‫س َو َل ْم ُي َس ِّل ْم‪َ ،‬ف َق َال َر ُس ُ‬ ‫ون َح َس َن ًة»‪َ ،‬ف َقا َم َر ُج ٌل ِم َن ا ْل َم ْج ِل ِ‬
‫َو َب َركَا ُت ُه‪َ ،‬ف َق َال‪َ « :‬ث َل ُث َ‬
‫اء َأ َحدُ ك ُُم ا ْل َم ْجلِ َس َف ْل ُي َس ِّل ْم‪َ ،‬فإِ ْن َبدَ ا َل ُه َأ ْن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك َما نَس َي َصاح ُبك ُْم‪ ،‬إِ َذا َج َ‬ ‫«ما َأ ْو َش َ‬‫ﷺ‪َ :‬‬
‫َي ْجلِ َس َف ْل َي ْجلِ ْس‪َ ،‬وإِ َذا َقا َم َف ْل ُي َس ِّل ْم‪َ ،‬ما ْالُو َلى بِ َأ َح َّق ِم َن ْال ِخ َر ِة»(‪.)1‬‬
‫ووجه الدّ اللة في قول المسلم‪« :‬السالم عليكم ورحمة اهلل» أنه ُيكتب له عشرون‬
‫حسنة‪ ،‬وقد سبق الحديث عنه بالتفصيل في المطلب الثالث من المبحث الثاني‪.‬‬
‫***‬

‫المطلب الثاني‪ :‬قول المؤمن‪« :‬سبحان اهلل»‪ ،‬و«ال إله إال اهلل»‪ ،‬و«اهلل أكبر»‪.‬‬

‫للتسبيح منزل ٌة كبيرة في حياة المؤمن؛ لما يترتب عليه من عظيم األجر وجسيم‬
‫المثوبة‪ ،‬وقد جعل النبي ﷺ ثواب التسبيح مغفرة جميع ذنوبه‪ ،‬فعن َأنَس ْبن َمالِ ٍك‬
‫‪َ ‬ق َال‪َ :‬أ َخ َذ النَّبِ ُّي ﷺ ُغ ْصنًا َفنَ َف َض ُه(‪َ )2‬ف َل ْم َينْت َِف ْض‪ُ ،‬ث َّم َن َف َض ُه َف َل ْم َينْت َِف ْض‪ُ ،‬ث َّم‬

‫((( سبق تخريجه‪.‬‬


‫(( ( َن َف َضه‪ :‬قال ابن األثير‪« :‬أي‪ :‬أزاله ودفعه»‪ .‬النهاية في غريب الحديث البن األثير (‪.)97/5‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪159‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫ان اهللِ‪َ ،‬وا ْل َح ْمدَ هللِ‪َ ،‬و َل إِ َل َه إِ َّل اهللُ‪َ ،‬ينْ ُف ْض َن ا ْلخَ َطا َيا ك ََما‬
‫َن َف َض ُه َفا ْن َت َف َض‪َ ،‬ق َال‪« :‬إِ َّن ُس ْب َح َ‬
‫الش َج َر ُة َو َر َق َها»(‪.)1‬‬
‫َتنْ ُف ُض َّ‬

‫ول اهللِ‪َ ،‬أ ْو ِصنِي‪َ .‬ق َال‪« :‬إِ َذا َع ِم ْل َ‬


‫ت َس ِّي َئ ًة‬ ‫و َع ْن َأبِي َذ ٍّر ‪َ ‬ق َال‪ُ :‬ق ْل ُت‪َ :‬يا َر ُس َ‬
‫ِ‬ ‫َف َأ ْتبِعها حسنَ ًة تَمحها»‪َ .‬ق َال‪ُ :‬ق ْل ُت‪ :‬يا رس َ ِ ِ‬
‫هلل؟ َق َال‪:‬‬ ‫ول اهلل‪َ ،‬أم َن ا ْل َح َسنَات َل إِ َل َه إِ َّل ا ُ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َْ َ َ ْ ُ َ‬
‫«هي َأ ْف َض ُل ا ْلحسن ِ‬
‫َات»(‪.)2‬‬ ‫ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫وترغي ًبا بهذا الذكر الكريم ضاعف اهلل أجر قائله إلى عشرين حسنة‪.‬‬

‫اص َط َفى ِم َن‬


‫هلل ْ‬
‫ِ ٍ‬
‫ف َع ْن َأبِي ُه َر ْي َرةَ‪َ ،‬و َأبِي َسعيد ا ْل ُخدْ ِر ِّي‪َ ،‬ع ِن النَّبِ ِّي ﷺ َق َال‪« :‬إِ َّن ا َ‬
‫هلل َأ ْك َب ُر‪َ ،‬ف َم ْن َق َال‪ُ :‬س ْب َح َ‬ ‫ِ‬ ‫ا ْلك ََل ِم َأربعا‪ :‬سبح َ ِ‬
‫ان‬ ‫ان اهلل‪َ ،‬وا ْل َح ْمدُ هلل‪َ ،‬و َل إِ َل َه إِ َّل ا ُ‬
‫هلل‪َ ،‬وا ُ‬ ‫ًَْ ُ ْ َ‬
‫ون َس ِّي َئ ًة‪َ ،‬و َم ْن َق َال‪ :‬اهللُ َأ ْك َب ُر َف ِم ْث ُل‬
‫ت َعنْ ُه ِع ْش ُر َ‬ ‫ون َح َسنَ ًة‪َ ،‬و ُح َّط ْ‬ ‫ب َل ُه ِع ْش ُر َ‬ ‫ِ ِ‬
‫اهلل‪ ،‬كُت َ‬
‫ين ِم ْن ِق َب ِل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك‪َ ،‬و َم ْن َق َال‪ :‬ا ْل َح ْمدُ هلل َر ِّب ا ْل َعا َلم َ‬ ‫ك‪َ ،‬و َم ْن َق َال‪َ :‬ل إِ َل َه إِ َّل اهللُ َف ِم ْث ُل َذلِ َ‬‫َذلِ َ‬
‫ت َعنْ ُه َث َل ُث َ‬
‫ون َس ِّي َئ ًة»(‪.)3‬‬ ‫ون َح َسنَ ًة َو ُح َّط ْ‬ ‫ب َل ُه َث َل ُث َ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫َن ْفسه كُت َ‬
‫فد ّلت هذه اآلثار على اختيار اهلل لهذه الكلمات دون غيرهن؛ لفضلهن وعظيم‬
‫ويتقربوا إِ َل ْي ِه‬
‫ّ‬ ‫يشتَغل ا ْلعباد بِ ِه‪،‬‬
‫حقيق بِ َأن ْ‬
‫ٌ‬ ‫عز ّ‬
‫وجل َف ُه َو‬ ‫«و َما اصطفاه اهلل ّ‬‫داللته ّن‪َ ،‬‬
‫وثواب َعظِي ٍم َفإِ ّن‬
‫ٍ‬ ‫نصيب ٍ‬
‫وافر‬ ‫ٍ‬ ‫بمح ّبته‪ ،‬واالستكثار ِمنْ ُه‪َ ،‬وقد ْاشت ََمل من ْالجر على‬
‫احدَ ٍة من َه ِذه ْالَ ْر َبع ا ْلك َِل َمات‬
‫كل و ِ‬ ‫ِ‬
‫عشرين َس ِّي َئة في ّ َ‬ ‫عشرين َح َسنَة وتكفير ْ‬ ‫ُث ُبوت ْ‬
‫ون فِ ِيه ويرغب إِ َل ْي ِه الراغبون»(‪.)4‬‬ ‫ِ‬
‫م َّما يتنافس ا ْل ُم َتن ُ‬
‫َافس َ‬

‫((( أخرجه البخاري في «األدب المفرد» رقم (‪ ،)634‬وإسناده حسن‪..‬‬


‫(( ( أخرجه أحمد في «المسند» رقم (‪ ،)21487‬وإسناده ضعيف؛ لكنه حسن لغيره بشواهده‪.‬‬
‫((( أخرجه النسائي في «السنن الكبرى» رقم (‪ ،)10608‬وإسناده صحيح‪.‬‬
‫(( ( «تحفة الذاكرين بعدة الحصن الحصين» للشوكاني ص (‪.)371‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪160‬‬
‫ٍ‬
‫وقـت شـاء فإنـه يكتـب لـه الثـواب على‬ ‫ٍ‬
‫صلاة‪ ،‬أو أي‬ ‫فمـن قالهـن دبـر ّ‬
‫كل‬
‫النحـو التالي‪:‬‬

‫وح ّطت عنه عشرون سيئة‪.‬‬


‫ـ إن قال‪« :‬سبحان اهلل» كُتب له عشرون حسنة‪ُ ،‬‬
‫قال الصنعاني‪« :‬يحتمل أنه كتب للكلمة األولى عشر‪ ،‬ولألخرى عشر‪ ،‬وأنهما‬
‫حسنتان‪ ،‬ويحتمل أنها حسنة واحدة ضوعف أجرها»‪ .‬وق ّيد ّ‬
‫حط الذنوب بقوله‪:‬‬
‫ّ‬
‫«كأن المراد‪ :‬من الصغائر»(‪.)1‬‬

‫ّ‬
‫وحط عنه عشرون سيئة‪.‬‬ ‫ـ وإن قال‪« :‬اهلل أكبر» له عشرون حسنة‪،‬‬

‫ّ‬
‫وحط عنه عشرون سيئة‪.‬‬ ‫ـ وإن قال‪« :‬ال إله إال اهلل» له عشرون حسنة‪،‬‬

‫ّ‬
‫وحط عنه ثالثون سيئة‪.‬‬ ‫ـ وإن قال‪« :‬الحمد هلل رب العالمين» له ثالثون حسنة‪،‬‬

‫وب ّيـن الصنعانـي وجـه الزيـادة فـي الحمـد هلل عـن غيرهـا بقولـه‪« :‬كأن زيادة‬
‫العشـر لزيـادة وصفـه الـرب تعالى‪ ،‬فـدل علـى أن قـول‪« :‬الحمد هلل» فيه عشـرون‬
‫حسـنة كقرائنه»(‪.)2‬‬

‫«لمـح به إلى قولـه تعالـى‪﴿ :‬ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ﴾‬


‫قـال الطيبي‪ّ :‬‬
‫[البقـرة‪ ،]٣٠ :‬ويمكـن أن تجعـل هـذه الكلمـة مختصـرة مـن قولـه‪« :‬سـبحان اهلل‬
‫مر أن «سـبحان اهلل» تنزي ٌه لذاته عما ال يليق‬
‫والحمد هلل وال إله إال اهلل واهلل أكبر»؛ لما ّ‬
‫وتقديـس لصفاتـه مـن النقائص‪ ،‬فينـدرج فيه معنـى قوله «ال إلـه إال اهلل»‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫بجاللـه‪،‬‬
‫صريـح فـي معنـى «والحمـد هلل»؛ ّ‬
‫ألن اإلضافـة بمعنـى اللام‬ ‫ٌ‬ ‫وقولـه‪« :‬وبحمـده»‬

‫(( ( «التنوير شرح الجامع الصغير» للصنعاني (‪.)269/3‬‬


‫(( ( «التنوير شرح الجامع الصغير» للصنعاني (‪.)270/3‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪161‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫فـي الحمـد‪ ،‬ومسـتلز ٌم بمعنـى «اهلل أكبـر»؛ ألنـه إذا كان كل الفضـل واإلفضـال هلل‬
‫ومن اهلل وليس من غيره فال يكون أحد أكبر منه»(‪.)1‬‬
‫ٍ‬
‫كلمة إنما هو مع إيضامها إلى األخرى‬ ‫«والظاهر أن هذا النوع من الجزاء ّ‬
‫لكل‬
‫من قرائنها المذكورات فلو انفردت سبحان اهلل عنها ما كان لها إال عشر حسنات‬
‫كغيرها من الطاعات ويضاعف اهلل لمن يشاء ولعل إفراد جملة الحمد هلل إشارة إلى‬
‫أن ما ذكر من األجر لهذه الكلمات ثابت ولو انفردت»(‪.)2‬‬
‫***‬

‫المطلب الثالث‪ :‬شاهد الصالة عند األذان‪.‬‬

‫ر ّغبت الشريعة اإلسالمية بصالة الجماعة‪ ،‬وجعلت جزاء من يحضر صالة‬


‫الجماعة قبل األذان‪ ،‬وينتظر صالة الجماعة‪ ،‬أن يضاعف له األجر إلى خمس‬
‫وعشرين حسنة‪ ،‬ويكفر له ما بين األذان والصالة‪.‬‬
‫ول اهللِ ﷺ َي ُق ُ‬
‫ول‪« :‬ا ْل ُم َؤ ِّذ ُن ُي ْغ َف ُر َل ُه‬ ‫ف َع ْن َأبِي ُه َر ْي َر َة ‪َ ‬ق َال‪َ :‬س ِم ْع ُت َر ُس َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َمدَ ى َص ْوتِ ِه‪َ ،‬و َي ْس َتغ ِْف ُر َل ُه ك ُُّل َر ْط ٍ‬
‫ب َو َيابِ ٍ‬
‫ون‬‫عش ُر َ‬ ‫َب َل ُه َخ ْم ٌس َو ْ‬ ‫الص َلة ُي ْكت ُ‬
‫س‪َ ،‬و َشاهدُ َّ‬
‫َح َسنَ ًة‪َ ،‬و ُي َك َّف ُر َعنْ ُه َما َب ْين َُه َما»(‪.)3‬‬
‫س َس ِم َع ُه‪،‬‬ ‫رواية‪« :‬إِ َّن ا ْل ُم َؤ ِّذ َن ُي ْغ َف ُر َل ُه َمدَ ى َص ْوتِ ِه‪َ ،‬و ُي َصدِّ ُق ُه ك ُُّل َر ْط ٍ‬
‫ب َو َيابِ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫وفي‬
‫ون َد َر َج ًة»(‪.)4‬‬ ‫اه ِد َع َل ْي ِه َخ ْم ٌس َو ِع ْش ُر َ‬
‫لش ِ‬
‫َولِ َّ‬

‫((( «شرح المشكاة» للطيبي (‪ 1821/6‬ـ ‪.)1822‬‬


‫(( ( «التنوير شرح الجامع الصغير» للصنعاني (‪.)270/3‬‬
‫((( أخرجه أبو داود في «سننه» رقم (‪ ،)515‬وإسناده حسن‪.‬‬
‫(( ( أخرجه عبد الرزاق الصنعاني في «مصنّفه» رقم (‪ ،)1863‬وإسناده حسن‪.‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪162‬‬

‫ممن كان ً‬
‫غافل عن‬ ‫والمقصود بشاهد الصالة‪ :‬أي‪ :‬حاضر الصالة مع الجماعة ّ‬
‫ٍ‬
‫خمس وعشرين صالة‪.‬‬ ‫وقتها‪ ،‬فهذا ُيكتب له أجر‬
‫واختلف العلماء في بيان العطف الوارد في قوله‪« :‬وشاهد الصالة» إلى قولين‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ ذهب الطيبي إلى ّ‬
‫أن قوله «وشاهد الصالة» عطف على قوله‪« :‬المؤمن يغفر‬
‫له»‪ .‬أي‪ :‬والذي يحضر لصالة الجماعة‪ .‬وهذا يعني‪ّ :‬‬
‫أن شاهد الصالة وقت األذان‬
‫يحصل له مغفرة الذنوب‪ ،‬وزيادة على ذلك خمس وعشرون درج ًة‪.‬‬
‫يؤ ّيـد هـذا الـرأي‪ :‬روايـة حديـث «تفضـل صلاة الجماعـة علـى الفذ بسـب ٍع‬
‫وعشـرين درجة»(‪.)1‬‬
‫وذهـب إلـى هذا الـرأي‪ :‬المناوي فـي «فيـض القديـر»(‪ ،)2‬والمباركفوري في‬
‫«مرعـاة المفاتيح»(‪.)3‬‬
‫ٍ‬
‫رطب»‪ ،‬أي‪ :‬يشهد للمؤذن حاضرها‬ ‫‪ 2‬ـ وقيل‪ :‬بعطف «شاهد» على ّ‬
‫«كل‬
‫خمس وعشرون صالة‪ ،‬ورجحه القاري وقال‪« :‬فإذا‬
‫ٌ‬ ‫ف ُيكتب له ـ أي‪ :‬للمؤذن ـ‬
‫كتب لشاهد الجماعة بأذانه ذلك كان فيه إشارة إلى كتب مثله للمؤذن‪ ،‬ومن ثم‬
‫عطفت هذه الجملة على «المؤذن يغفر له» لبيان أن له ثوابين المغفرة وكتابة مثل‬
‫عطف خاص‬
‫ُ‬ ‫عطف على «كل رطب»‬
‫ٌ‬ ‫تلك الكتابة‪ ،‬واألظهر عندي أن شاهد الصالة‬
‫على عام؛ ألنه مبتدأ كما اختاره الطيبي‪ ،‬ثم يحتمل أن يكون الضمير في «يكتب له»‬
‫للشاهد‪ ،‬وهو أقرب لف ًظا وسيا ًقا‪ ،‬أو للمؤ ّذن وهو أنسب معنًى وسيا ًقا»(‪.)4‬‬

‫((( يأتي تخريجه‪.‬‬


‫(( ( «فيض القدير» للمناوي (‪.)246/6‬‬
‫((( «مرعاة المفاتيح» للمباركفوري (‪.)374/2‬‬
‫(( ( «مرقاة المفاتيح» للقاري (‪.)567/2‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪163‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫قال العيني‪« :‬فإن قيل‪ :‬ما الحكمة في تعيين الخمس والعشرين؟ قلت‪ :‬الذي‬
‫ظهر لي في هذا المقام من األنوار اإللهية‪ ،‬واألَسرار الربانية‪ ،‬والعنايات المحمد ّية‪:‬‬
‫حسنة بعشر أمثالها بالنّص‪ ،‬وأنه لو صلى في َبيته كان َيحصل له ثواب عشر‬
‫أن كل َ‬
‫صلوات‪ ،‬وكذا لو صلى في ُسوقه كان يحصل له ثواب عشر صلوات‪ ،‬كل صالة‬
‫ٍ‬
‫بعشر‪ ،‬ثم إنه لو صلى بالجماعة يحصل له ما كان يحصل له من الصالة في َبيته وفي‬
‫سوقه‪ ،‬و ُيضاعف له مثله‪ ،‬فيصير ثواب عشرين صالةً‪ .‬وأما زيادة الخمسة؛ فلكونه‬
‫فرضا من الفروض الخمسة‪ ،‬فأنعم اهلل عليه ثواب خمس صلوات أخرى نظير‬
‫أدى ً‬
‫عدد الفروض الخمسة‪ ،‬زيادة على العشرين‪ ،‬إنعام ًا وفض ً‬
‫ال منه عليه‪ ،‬فيصير الجملة‬
‫خمس ًة وعشرين‪ .‬وجواب آخر‪ :‬أن مراتب األعداد‪ :‬آحاد وعشرات ومئات وألوف‪،‬‬
‫والمائة من األوساط‪ ،‬وخير األمور‪ :‬أوساطها‪ ،‬والخمسة والعشرون ربع المائة‪،‬‬
‫وللربع حكم الكل»(‪.)1‬‬

‫ومن فوائد أحاديث هذا المطلب‪:‬‬


‫ٍ‬
‫لمسافة أكثر ضوعف له األجر أكثر‪.‬‬ ‫أن المؤ ّذن ك ّلما َع َل صوته وامتدّ‬
‫ـ ّ‬

‫يقول العيني في شرح لفظة‪ُ « :‬يغفر له مدى صوته»‪« :‬المعنى‪ :‬أنه يستكمل مغفرة اهلل‬
‫الصوت‪ ،‬فيبلغ الغاية من المغفرة إذا بلغ الغاية من الصوت‪،‬‬
‫إذا استوفى ُوس َعه في رفع َ‬
‫والظاهر‪ :‬أنه من باب التمثيل والتشبيه‪ ،‬بمعنى أن المكان الذي ينتهي إليه الصوت لو‬
‫ذنوب تمأل تلك المسافة‪ ،‬لغفرها اهلل‬
‫ٌ‬ ‫قدر أن يكون ما بين أقصاه وبين مقامه الذي هو فيه‬
‫له»(‪ .)2‬و«قيل‪ :‬لو كانت صحيفة خطاياه تبلغ مقدار ما يبلغ صوته لغفر له‪ ،‬وقيل‪ :‬يعطى‬

‫(( ( «شرح سنن أبي داود» للعيني (‪.)463/2‬‬


‫((( المصدر السابق (‪.)462/2‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪164‬‬

‫في الجنة قدر مبلغ صوته‪ ،‬وقيل‪ :‬كناية عن أنها مغفرة واسعة طويلة عريضة»(‪.)1‬‬
‫ٍ‬
‫ويابس‪ ،‬و«هذا يتناول‬ ‫ٍ‬
‫رطب‬ ‫ـ من فضائل المؤ ّذن‪ :‬أنه يشهد له يوم القيامة ّ‬
‫كل‬
‫اإلنس والج ّن وسائر الحيوانات‪ ،‬وسائر األشياء المخلوقة من الرطب واليابس»(‪.)2‬‬
‫ً‬
‫«تكميل لسرورهم‪ ،‬وتطيي ًبا لقلوبهم‪ ،‬وبكثرة الشهود تزداد‬ ‫ويأتي هذا اإلكرام لهم‬
‫ّقرة عيونهم»(‪.)3‬‬
‫رص على صالة الجماعة ك ّفر اهلل عنه خطاياه وذنوبه بين الصالة‬ ‫ـ فيه ّ‬
‫أن من َح َ‬
‫التي ّ‬
‫صلها والصالة التي تليها‪ ،‬وهذا يشمل جميع الذنوب عدا الكبائر(‪.)4‬‬
‫***‬

‫المطلب الرابع‪ :‬صالة الجماعة‪.‬‬

‫عظيم عند اهلل تم ّثل في مضاعفة أجره إلى‬


‫ٌ‬ ‫لصالة الجماعة في المسجد ٌ‬
‫فضل‬
‫ٍ‬
‫خمس وعشرين درجة‪ ،‬أو سب ٍع وعشرين درجة‪ ،‬وقد ورد في كال األمرين روايات‬
‫موزعة على النحو التالي‪:‬‬
‫ّ‬
‫‪ 1‬ـ روايات خمس وعشرين درجة‪:‬‬
‫«صال ُة‬ ‫الخدْ ِر ِّي ‪َ ،‬أ َّن ُه َس ِم َع النَّبِ َّي ﷺ َي ُق ُ‬
‫ول‪َ :‬‬ ‫يد ُ‬‫منها ما رواه أبو س ِع ٍ‬
‫َ‬
‫الجماع ِة َت ْف ُض ُل صال َة ال َف ِّذ بِخَ م ٍ ِ‬
‫س َوع ْش ِر َ‬
‫ين َد َر َج ًة»(‪.)5‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬

‫(( ( «التنوير شرح الجامع الصغير» للصنعاني (‪.)443/10‬‬


‫(( ( «شرح سنن أبي داود» للعيني (‪.)462/2‬‬
‫((( المصدر السابق‪.‬‬
‫(( ( «التيسير بشرح الجامع الصغير» للمناوي (‪.)451/2‬‬
‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪.)646‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪165‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫ول‪َ « :‬ت ْف ُض ُل‬ ‫ول اهللِ ﷺ َي ُق ُ‬ ‫وكذلك ما رواه أبو هريرة ‪ ‬قال‪َ :‬س ِم ْع ُت َر ُس َ‬
‫ين ُجز ًْءا‪َ ،‬وت َْجت َِم ُع َمالئِ َك ُة ال َّل ْي ِل‬ ‫صال ُة الج ِمي ِع صال َة َأح ِدكُم وحدَ ه‪ ،‬بِخَ م ٍ ِ‬
‫س َوع ْش ِر َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ َ ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ار فِي ص ِ‬
‫َو َمالئِ َك ُة الن ََّه ِ‬
‫ول َأ ُبو ُه َر ْي َرةَ‪َ :‬فا ْق َر ُءوا إِ ْن ش ْئت ُْم‪﴿ :‬ﭴ‬ ‫الة ال َف ْج ِر» ُث َّم َي ُق ُ‬ ‫َ‬
‫ﭵﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ﴾ [اإلسراء‪.)1(]٧٨ :‬‬
‫«ص َل ُة ا ْل َج َما َع ِة ت َِزيدُ‬ ‫ِ‬
‫ومنها كذلك ما روته َعائ َش َة ‪َ ،‬ع ِن النَّبِ ِّي ﷺ َق َال‪َ :‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َع َلى َص َلة ا ْل َف ِّذ َخ ْم ًسا َوع ْش ِر َ‬
‫ين َد َر َج ًة»(‪.)2‬‬
‫‪ 2‬ـ روايات سبع وعشرين درجة‪:‬‬
‫الج َما َع ِة‬
‫«صال ُة َ‬
‫منها ما رواه َعبد اهللِ بن ُعمر ‪َ :‬أ َّن رس َ ِ‬
‫ول اهلل ﷺ َق َال‪َ :‬‬ ‫َ ُ‬ ‫ْ ُ ََ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫َت ْف ُض ُل َصال َة ال َف ِّذ بِ َس ْب ٍع َوع ْش ِر َ‬
‫ين َد َر َج ًة»(‪.)3‬‬
‫وقد سلك العلماء مسالك عدّ ة في الجمع بين رواتي «خمس وعشرين» و«سب ٍع‬
‫وعشرين» على النحو التالي‪:‬‬
‫جزءا» خص به قوم ًا بأعيانهم‪،‬‬ ‫فريق إلى ّ‬
‫أن في قوله‪« :‬خمسة وعشرين ً‬ ‫فذهب ٌ‬
‫وأراد بقوله‪« :‬سبع وعشرين» قوم ًا آخرين(‪.)4‬‬
‫وقـال آخـر‪ :‬إنـه ﷺ َأ ْع َلـم بفضيلـة صلاة الجماعة علـى صالة ّ‬
‫الفذ بخمسـة‬
‫وعشـرين جـزء ًا‪ ،‬ثـم ُأ ْع ِلـم بعـد ذلـك بفضيلـة صلاة الجماعـة بسـبع وعشـرين‬
‫درجـة‪َ ،‬ف َأ ْع َل َ‬
‫ـم بذلـك(‪ ،)5‬وتك ّلف البعض بـر ّده باعتبار ت ّعـذر معرفـة التاريخ‪ ،‬لكن‬

‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)648‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)649‬‬


‫((( أخرجه النسائي في «سننه» رقم (‪ ،)839‬وإسناده صحيح‪.‬‬
‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)645‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)650‬‬
‫(( ( انظر‪« :‬المنتقى شرح المو ّطأ» للباجي (‪.)229/1‬‬
‫((( المصدر السابق‪.‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪166‬‬
‫ٍ‬
‫وقـت ما‬ ‫العلمـاء تعقبـوه ّ‬
‫بـأن الفضائـل ال ُتن َْسـخ(‪ ،)1‬وقـد ذكـر النبـي ﷺ فـي كل‬
‫فالسـ ْب ُع‬
‫أعلمـه اهلل تعالـى‪ ،‬وأوحـاه إليـه مـن الفضـل‪ ،‬فبلغـه كمـا أوحـي إليـه ‪َّ ،‬‬
‫(‪)2‬‬

‫متأخـر ٌة عـن َ‬
‫الخ ْمس(‪.)3‬‬

‫وفهم بعضهم أن كالم أبي الوليد الباجي ُيشعر أن الصالة بسبع وعشرين درجة‬
‫في بعض الصلوات‪ ،‬وبخمس وعشرين في بعضها اآلخر؛ الختالف الصلوات في‬
‫اء فِي َج َما َع ٍة َت ْع ِد ُل‬
‫ذلك؛ لما ورد في حديث عثمان ‪ ‬مرفو ًعا‪« :‬ص َل ُة ا ْل ِع َش ِ‬
‫َ‬
‫الص ْبحِ فِي َج َما َع ٍة َت ْع ِد ُل ِق َيا َم َل ْي َل ٍة(‪.)5( »)4‬‬ ‫ِ ِ ِ ٍ‬
‫ق َيا َم ن ْصف َل ْي َلة‪َ ،‬و َص َل ُة ُّ‬
‫وفصل بعضهم فقال‪ :‬إن الدرجة أصغر من الجزء‪ ،‬فإذا جزئت أجزاء كانت‬
‫ّ‬
‫خمسة وعشرين جز ًءا‪ ،‬وإذا عُدَّ ت درجات كانت سب ًعا وعشرين درجة‪ ،‬ور ّد ُم ُغ ْل َط ْ‬
‫اي‬
‫هذا القول(‪ ،)6‬وكذا العيني؛ لورود اختالف العدد والقدر في الروايات مع اتحاد لفظ‬
‫الدرجة في الصحيحين(‪.)7‬‬
‫وقيـل‪ّ :‬‬
‫إن صلاة الجماعـة فـي المسـجد أفضل من صلاة الفذ في المسـجد‬
‫الفذ في‬ ‫بخمـس وعشـرين درجة‪ ،‬وصلاة الجماعة في المسـجد أفضل من صلاة ّ‬ ‫ٍ‬
‫الج َما َع ِة‬ ‫ِ‬
‫الر ُج ِل فـي َ‬ ‫بيته بسـب ٍع وعشـرين درجـة‪ ،‬ور ّد هـذا القول‪ ،‬بروايـة‪َ :‬‬
‫«صلا ُة َّ‬

‫(( ( انظر‪« :‬شرح سنن ابن ماجه» لمغلطاي (‪.)1319/4‬‬


‫(( ( انظر‪« :‬فتح الباري» البن رجب (‪ 15/6‬ـ ‪.)16‬‬
‫(( ( انظر‪« :‬عمدة القاري» للعيني (‪.)259/4‬‬
‫((( يأتي تخريجه‪.‬‬
‫(( ( انظر‪« :‬المنتقى شرح المو ّطأ» للباجي (‪.)229/1‬‬
‫(( ( انظر‪« :‬شرح سنن ابن ماجه» لمغلطاي (‪.)1319/4‬‬
‫(( ( انظر‪« :‬عمدة القاري» للعيني (‪.)259/4‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪167‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫ين ِض ْع ًفا(‪.)2(»)1‬‬ ‫ـوق ِه‪َ ،‬خ ْم ًسـا َو ِع ْش ِ‬


‫ـر َ‬
‫ـف ع َلـى صالتِ ِه فِـي بيتِ ِه‪ ،‬وفِي س ِ‬
‫َْ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ت َُض َّع ُ َ‬
‫الخ َطا إليها‪ ،‬وفضيلة انتظارها‪ ،‬تفضل بخمس‬
‫وقيل‪ :‬الصالة الخالية من فضيلة ُ‬
‫وعشرين‪ ،‬والتي فيها الفضيلتان تفضل بسبع وعشرين(‪.)3‬‬
‫وذهب بعضهم‪ :‬إلى ّ‬
‫أن اختالف الحال باختالف المصلين والصالة‪ ،‬فمن‬
‫كملها‪ ،‬وحافظ عليها‪ ،‬كان فوق من أخذ بشيء من ذلك(‪ ،)4‬فصالة الجماعة يتفاوت‬
‫َّ‬
‫رجحه أبو‬
‫ثوابها في نفسها‪ ،‬بإكمالها في نفسها‪ ،‬وإقامة حقوقها وخشوعها‪ ،‬على ما َّ‬
‫موسى المديني(‪.)5‬‬

‫واختلفوا‪ ،‬فمنهم من قال‪ :‬يتفاوت ثوابها بما يقترن بها من المشي إلى المسجد‪،‬‬
‫و ُب ْع ِده‪ ،‬وكثرة الجماعة فيه‪ ،‬وكونه عتيق ًا‪ ،‬وكون المشي على طهارة‪ ،‬والتبكير إلى‬
‫المساجد‪ ،‬والمسابقة إلى الصف األول عن يمين اإلمام‪ ،‬أو وراءه‪ ،‬وإدراك تكبيرة‬
‫اإلحرام معه‪ ،‬والتأمين معه‪ ،‬وانتظار الصالة بعد الصالة‪ ،‬وغير ذلك‪ ،‬وهو األظهر(‪.)6‬‬

‫وحاول البعض الجمع باعتبار أنه ال تنافي بين الحديثين؛ لكون العدد ال مفهوم‬
‫وأن ِذكْر القليل ال ينافي الكثير(‪.)8‬‬ ‫له عند ٍ‬
‫كثير من العلماء(‪ّ ،)7‬‬

‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)647‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)649‬‬


‫(( ( انظر‪« :‬شرح سنن ابن ماجه» لمغلطاي (‪.)1319/4‬‬
‫((( المصدر السابق (‪.)1319/4‬‬
‫((( المصدر السابق (‪.)1319/4‬‬
‫(( ( انظر‪« :‬فتح الباري» البن رجب (‪.)16/6‬‬
‫((( المصدر السابق‪.‬‬
‫((( المصدر السابق‪.‬‬
‫(( ( انظر‪« :‬عمدة القاري» للعيني (‪.)259/4‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪168‬‬

‫ُّوربِ ْشـتِي‪ :‬وجه قصر أبـواب الفضيلة على خمس وعشـرين تارة‪ ،‬وعلى‬
‫وقـال الت ِ‬
‫سـبع وعشـرين أخـرى‪ ،‬فالمرجـع فـي ذلك إلـى علـوم النبـوة‪ ،‬التي قصـرت عقول‬
‫األلبـاء عـن إدراك ُج َملهـا وتفاصيلهـا‪ ،‬ولعـل الفائـدة فيما كشـف به حضـر ُة النبوة‪،‬‬
‫وهـي اجتمـاع المسـلمين مص َط ِّفين كصفـوف الصلاة‪ ،‬واالقتـداء باإلمـام‪ ،‬وإظهار‬
‫شـعائر اإلسلام‪ ،‬وغيرهـا‪ .‬ور ّده العينـي‪ :‬بأنـه قد ظهر لـه أن النصوص دلـت على أن‬
‫الحسـنة بعشـر أمثالهـا‪ ،‬فإذا صلـى في بيتـه َح َّصل ثواب عشـر صلـوات‪ ،‬ومثل ذلك‬
‫صالتـه في سـوقه‪ ،‬فـإذا صلـى جماعة ضوعـف له مثلـه إلى عشـرين صلاة‪ ،‬وزيادة‬
‫فرضا مـن الفروض الخمسـة‪ ،‬فأنعم عليه ثـواب خمس صلوات‬
‫الخمـس؛ ألنـه أدى ً‬
‫أخـرى مقابـل عـدد الفـروض الخمسـة‪ ،‬وزيـادة عشـرين إنعامـ ًا وفضل ً‬
‫ا منـه عليه‪،‬‬
‫فتصيـر الجملـة خمسـة وعشـرين‪ ،‬أو ّ‬
‫ألن مراتب األعـداد آحاد‪ ،‬وعشـرات‪ ،‬ومئات‪،‬‬
‫و ُأ ُلـوف‪ ،‬والمئات من األوسـاط‪ ،‬وخير األمور أوسـطها‪ ،‬والخمسـة والعشـرون ربع‬
‫المائـة‪ ،‬وللربع حكـم الكل(‪.)1‬‬
‫وأما زيادة السبع‪ :‬فذكر ِ‬
‫الك ْرماني أنه يحتمل ذلك؛ لمناسبة أعداد ركعات اليوم‬ ‫َّ ْ‬
‫والليلة‪ ،‬إذ الفرائض سبع عشرة ركعة‪ ،‬والسنن الرواتب المؤكدة عشر ركعات(‪.)2‬‬
‫ور ّده العيني‪ :‬بكون الرواتب اثنتي عشرة ركعة‪ ،‬فتصير تسعة وعشرين‪ ،‬فال تطابق‬
‫ثواب‬
‫الواقع‪ ،‬ثم قال‪ :‬إن أيام ال ُع ُمر سبعة‪ ،‬فإذا صلى الجماعة يزاد له على العشرين ُ‬
‫سبع صلوات كل صالة من صلوات كل يوم وليلة‪ ،‬من األيام السبعة‪ ،‬وأما الوتر‬
‫فشرع بعد ذلك(‪.)3‬‬

‫(( ( انظر‪« :‬عمدة القاري» للعيني (‪ 259/4‬ـ ‪.)260‬‬


‫(( ( انظر‪« :‬الكواكب الدراري» للكرماني (‪.)139/4‬‬
‫(( ( انظر‪« :‬عمدة القاري» للعيني (‪ 259/4‬ـ ‪.)260‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪169‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫ونقل السيوطي‪ :‬أن بعضهم ذهب إلى ّ‬


‫أن اهلل تعالى يعطي من شاء ما شاء‪ ،‬فيزيد‬
‫رجح رواية َ‬
‫الخ ْمس؛ لكون رواتها‬ ‫وينقص‪ ،‬كما يبسط الرزق‪ ،‬وأن بعض العلماء َّ‬
‫رجح رواية السبع؛ لكونها زيادة من عدل حافظ(‪.)1‬‬
‫أكثر‪ ،‬وأن بعضهم َّ‬
‫***‬

‫السر دون أن يراه ٌ‬


‫أحد‪.‬‬ ‫المطلب الخامس‪ :‬صالة النافلة في ّ‬

‫تصح عبادة إنسان إال بها‪،‬‬


‫ّ‬ ‫كبير في قبول العبادة‪ ،‬وال‬
‫دور ٌ‬‫إلخالص العبادة ٌ‬
‫الغراء ّ‬
‫أن إخالص الرجل في عبادته إذا زاد ضوعف له‬ ‫وكان من محاسن شريعتنا ّ‬
‫السر دون أن يراه أحدٌ ‪ ،‬فإنه يضاعف‬
‫في األجر‪ ،‬ومن هذه العبادات‪ :‬صالة النافلة في ّ‬
‫ٍ‬
‫خمسة وعشرين ضع ًفا‪.‬‬ ‫له األجر إلى‬
‫الر ُج ِل َت َط ُّو ًعا‬ ‫صهيب الرومي ‪ ‬قال‪َ :‬ق َال رس ُ ِ‬ ‫ٍ‬
‫«ص َل ُة َّ‬
‫ول اهلل ﷺ‪َ :‬‬ ‫َ ُ‬ ‫ّ‬ ‫فعن‬
‫خمسا وعشرين» (‪‌ .)2‬‬
‫ً‬ ‫َّاس‪َ :‬ت ْع ِد ُل َص َل َت ُه على أعين الناس‬
‫ث َل َي َرا ُه الن ُ‬
‫َح ْي ُ‬

‫وسبب هذه المضاعفة هو‪:‬‬


‫الر َياء‪،‬‬ ‫أخفى ك َ‬
‫َان أبعد َعن ِّ‬ ‫إخالصا‪ ،‬وك ّلما ك َ‬
‫َان ْ‬ ‫ً‬ ‫أن «ال َّن ْفل» ُش ِر َع ّ‬
‫للتقرب به‬ ‫‪1‬ـ ّ‬
‫و«ال َف ْرض» ُش ِر َع إلشادة الدّ ين فإظهاره َأ ْو َلى(‪.)3‬‬
‫رجل من أصحاب النبي ﷺ قال‪ :‬قال رسول اهلل‬ ‫ٍ‬ ‫رواية أخرى عن‬ ‫ٍ‬ ‫‪ 2‬ـ جاء في‬
‫َّاس‪َ ،‬ك َف ْض ِل َص َل ِة ا ْل َج َما َع ِة َع َلى‬
‫الر ُج ِل فِي َب ْيتِ ِه َي ِزيدُ َع َلى َت َط ُّو ِع ِه ِعنْدَ الن ِ‬
‫ﷺ‪َ « :‬ت ُط ُّو ُع َّ‬

‫(( ( «تنوير الحوالك» للسيوطي (‪.)114/1‬‬


‫(( ( أخرجه أبو يعلى الموصلي في مسنده الكبير ـ كما في المطالب العالية البن حجر رقم (‪ )574‬ـ‪،‬‬
‫وإسناده ضعيف‪ ،‬لكنه حسن لغيره بشواهده‪.‬‬
‫(( ( «التيسير بشرح الجامع الصغير» للمناوي (‪.)98/2‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪170‬‬

‫الر ُج ِل َو ْحدَ ُه» (‪ ،)1‬وهذا الحديث وإن كان ظاهره الوقف‪ ،‬فإنه يأخذ حكم‬ ‫ِ‬
‫َص َلة َّ‬
‫بالر ْأي واالجتهاد‪.‬‬
‫الرفع؛ ألنه ال ُيقال ّ‬
‫ِ‬
‫الس ّـر ُت َعـاد ُل ْ‬
‫أجـر صلاة العبد في‬ ‫بوضـوح ّ‬
‫أن صلاة النافلـة فـي ّ‬ ‫ٍ‬ ‫وهـذا يب ّيـن‬
‫البغـوي في «شـرح السـنة» عـن القاسـم بـن محمد ـ‬
‫ُّ‬ ‫جماعـة المسـجد‪ ،‬وقـد نقـل‬
‫الس ّـر على العالنية‬ ‫وهـو‪ :‬ابـن أبي بكـر الصديق ـ قولـه‪ّ :‬‬
‫«إن صالة النافلـة تفضل في ّ‬
‫كفضـل الفريضـة في الجماعـة» (‪.)2‬‬

‫ت‬‫لذلك كان من الهدي النبوي أن تُص َّلى النوافل في البيت‪َ ،‬فعن َزي ِد ب ِن َثابِ ٍ‬
‫َ ْ ْ ْ‬ ‫َ‬
‫ول اهللِ ﷺ‬ ‫الم ْس ِج ِد ِم ْن َح ِص ٍير‪َ ،‬ف َص َّلى َر ُس ُ‬ ‫ِ‬
‫َّخ َذ ُح ْج َر ًة في َ‬‫‪َ ،‬أ َّن النَّبِ َّي ﷺ ات َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اجت ََم َع إِ َل ْيه ن ٌ‬
‫َاس‪ُ ،‬ث َّم َف َقدُ وا َص ْو َت ُه َل ْي َل ًة‪َ ،‬ف َظنُّوا َأ َّن ُه َقدْ نَا َم‪َ ،‬ف َج َع َل‬ ‫ف َيها َل َيال َي َحتَّى ْ‬
‫ت ِمن صن ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يعك ُْم‪َ ،‬حتَّى‬ ‫«ما ز ََال بِك ُُم ا َّلذي َر َأ ْي ُ ْ َ‬ ‫َب ْع ُض ُه ْم َي َتن َْحن َُح ل َي ْخ ُر َج إِ َل ْي ِه ْم‪َ ،‬ف َق َال‪َ :‬‬
‫َّاس فِي ُب ُيوتِك ُْم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ب َع َل ْيك ُْم َما ُق ْمت ُْم بِه‪َ ،‬ف َص ُّلوا َأ ُّي َها الن ُ‬
‫ِ‬
‫َب َع َل ْيك ُْم‪َ ،‬و َل ْو كُت َ‬ ‫يت َأ ْن ُي ْكت َ‬‫َخ ِش ُ‬
‫ِ ِ ِِ‬ ‫ِ‬
‫الم ْكتُو َب َة» (‪.)3‬‬
‫الصال َة َ‬ ‫الم ْرء في َب ْيته إِ َّل َّ‬ ‫َفإِ َّن َأ ْف َض َل َصالة َ‬
‫وكان زيد بن ثابت ‪ ‬يفتي بهذا بعد سماعه هذا الحديث‪.‬‬

‫ـج ِد‪َ ،‬ف َق َال‬


‫ْـت ال ُأ َص ِّلـي إِالَّ فِـي ا ْلمس ِ‬
‫َ ْ‬ ‫يقـول السـائب بـن خ ّبـاب ‪ُ :‬كن ُ‬
‫ـج ِد‬
‫الته فِي ا ْل َم ْس ِ‬
‫ـل ِمن ص ٍ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫الر ُج ِل فـي َب ْيته َأ ْف َض ُ ْ َ‬
‫«صال ُة َّ‬
‫ٍ‬
‫لـي َز ْيـدُ ْب ُن َثابِـت ‪َ :‬‬
‫ِ‬

‫ُور»(‪.)4‬‬ ‫إِالَّ ا ْلم ْكتُوبـ َة‪ ،‬وصلا ُة الرج ِ ِ ِ ِ‬


‫ـل في َب ْيتـه ن ٌ‬ ‫َّ ُ‬ ‫َ َ َ َ‬

‫(( ( أخرجه عبد الرزاق الصنعاني في «مصنّفه» رقم (‪ ،)4835‬وإسناده صحيح‪.‬‬


‫(( ( «شرح السنة» للبغوي (‪.)130/4‬‬
‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)7290‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)781‬‬
‫((( رواه ابن أبي شيبة في «المصنّف» رقم (‪.)6520‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪171‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫الرياء‪،‬‬ ‫قال النووي‪« :‬إنما ّ‬


‫حث على النّافلة في البيت؛ لكونه أخفى وأبعد من ّ‬
‫وليتبرك البيت بذلك فتنزل فيه الرحمة‪ ،‬وينفر منه الشيطان» (‪.)1‬‬
‫ّ‬
‫ومن فوائد أحاديث هذا المطلب‪:‬‬
‫غالبي‪ ،‬فال مفهوم له‪،‬‬ ‫الرجل‬ ‫ِ‬
‫ٌّ‬ ‫ـ أن هذا األجر يشمل الرجال والنساء م ًعا‪ ،‬و«ذك ُْر ّ‬
‫فالمرأة كذلك‪ ،‬والنساء شقائق الرجال»(‪.)2‬‬
‫نص أهل العلم أن المراد بهذه الصالة هي صالة النافلة ال الفريضة‪ ،‬يقول‬
‫ـ ّ‬
‫الطحاوي‪« :‬في حديث زيد هذا تفضيل رسول اهلل ﷺ الصلوات النوافل في البيوت‬
‫عليها في المساجد‪ ،‬وكان الخطاب بذلك منه عليه الصالة والسالم الذي خاطبهم‬
‫به على أن صلواتهم في منازلهم أفضل من صلواتهم في مسجده غير الصلوات‬
‫المكتوبات»(‪.)3‬‬
‫يقول النووي‪« :‬الصواب‪ّ :‬‬
‫أن المراد النافلة‪ ،‬وجميع أحاديث الباب تقتضيه‪،‬‬
‫وال يجوز َح ْمله على الفريضة»(‪.)4‬‬
‫ويقـول العراقـي‪« :‬اتّفـق العلمـاء علـى أفضل ّيـة ف ْعـل النّوافـل المطلقـة فـي‬
‫أيضـا‪ :‬ابـن العربـي فـي شـرح الموطـأ(‪.)6‬‬
‫البيـت»(‪ ،)5‬ونقـل اإلجمـاع ً‬
‫إن ف ْعل صالة التراويح بالجماعة أفضل َح َم َل حديث‬
‫ـ قال البيهقي‪« :‬من قال‪ّ :‬‬

‫(( ( «شرح النووي على صحيح مسلم» (‪)68/6‬‬


‫(( ( «فيض القدير» للمناوي (‪.)220/4‬‬
‫(( ( «شرح مشكل اآلثار» للطحاوي (‪.)73/2‬‬
‫(( ( «شرح النووي على صحيح مسلم» (‪.)67/6‬‬
‫((( «طرح التثريب» للعراقي (‪.)36/3‬‬
‫((( «المسالك في شرح موطأ مالك» البن العربي (‪.)171/3‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪172‬‬

‫زيد بن ثابت على غير صالة التراويح أو على زمان النبي ﷺ حين كان يخشى أن‬
‫تُكتب عليهم» (‪.)1‬‬
‫التطوع في البيوت‪ّ ،‬‬
‫وأن ف ْعلها‬ ‫ّ‬ ‫يدل الحديث على استحباب ف ْعل صالة‬ ‫ـ ّ‬
‫فيها أفضل من فِ ْعلها في المساجد ولو كانت المساجد فاضل ًة كالمسجد الحرام‪،‬‬
‫والمسجد النبوي‪ ،‬والمسجد األقصى‪ ،‬والدليل عليه رواية زيد بن ثابت ‪‬‬
‫ج ِدي َه َذا‪ ،‬إِ َّل‬
‫«ص َل ُة ا ْل َم ْر ِء فِي َب ْيتِ ِه َأ ْف َض ُل ِم ْن َص َلتِ ِه فِي َم ْس ِ‬
‫عند أبي داود بلفظ‪َ :‬‬
‫ا ْل َم ْكتُو َب َة»(‪.)2‬‬
‫البر‪« :‬فإذا كانت النافلة في البيت أفضل منها في مسجد النبي‬ ‫يقول ابن عبد ّ‬
‫ٍ‬
‫فضل أبين من هذا؟ ولهذا كان مالك‬ ‫فأي‬ ‫ٍ‬
‫‪ ‬ـ والصالة فيه بألف صالة ـ ُّ‬
‫كل ٍ‬
‫نافلة»(‪.)3‬‬ ‫والشافعي ومن سلك سبيلهما َير ْون االنفراد في البيت أفضل في ّ‬
‫يقول شمس الحق العظيم أبادي‪« :‬فعلى هذا‪ ،‬لو ص ّلى نافل ًة في مسجد المدينة‬
‫صلها في‬‫صالة على القول بدخول النوافل في عموم الحديث‪ ،‬وإذا ّ‬ ‫ٍ‬ ‫كانت بألف‬
‫ٍ‬
‫صالة‪ ،‬وهذا ُحك ُْم المسجد الحرام وبيت المقدس»(‪.)4‬‬ ‫بيته كانت أفضل من ألف‬
‫ـ قال النووي‪« :‬خير صالة المرء في بيته إال المكتوبة‪ :‬هذا عا ٌّم في جميع النوافل‬
‫المرتّبة مع الفرائض والمطلقة‪ ،‬إال في النوافل التي هي من شعائر اإلسالم‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫ٍ‬
‫جماعة‬ ‫األصح‪ ،‬فإنها مشروعة في‬ ‫العيد والكسوف واالستسقاء وكذا التراويح على‬
‫ّ‬
‫في المسجد‪ ،‬واالستسقاء في الصحراء‪ ،‬وكذا العيد إذا ضاق المسجد»(‪.)5‬‬

‫((( «فضائل األوقات» للبيهقي رقم (‪.)124‬‬


‫((( أخرجه أبو داود في «سننه» رقم (‪ ،)1044‬وإسناده صحيح‪.‬‬
‫(( ( «االستذكار» البن عبد البر (‪.)73/2‬‬
‫(( ( «عون المعبود» للعظيم أبادي (‪.)256/3‬‬
‫(( ( «شرح النووي على صحيح مسلم» (‪.)70/6‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪173‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫المطلب السادس‪ :‬من داوم على األذان ثنتي عشرة سنة‬


‫ٍ‬
‫عبادة‬ ‫وشرف جسيم؛ ألنه مؤتم ٌن على ّ‬
‫أجل‬ ‫ٌ‬ ‫عظيم‪،‬‬ ‫ٌ‬
‫فضل‬ ‫للمؤ ّذن عند اهلل‬
‫ٌ‬
‫ُش ِر َع ْت بعد الشهادتين وهي الصالة المفروضة‪ ،‬لذلك جاء في األحاديث أنه ُيغفر‬
‫ٍ‬
‫ويابس‪ ،‬وغير ذلك من األجور الوفيرة التي‬ ‫ٍ‬
‫رطب‬ ‫له مدى صوته‪ ،‬ويشهد له ّ‬
‫كل‬
‫جاءت بها الروايات النبوية‪.‬‬

‫«م ْن َأ َّذ َن‬


‫ومن فضائل األذان‪ :‬ما جاء عن ا ْب ِن ُع َم َر ‪َ ،‬أ َّن النَّبِ َّي ﷺ َق َال‪َ :‬‬
‫ُّون َح َسنَ ًة‪َ ،‬وبِك ُِّل إِ َق َام ٍة‬
‫ب َل ُه بِت َْأ ِذين ِ ِه ك َُّل َي ْو ٍم ِست َ‬ ‫ِ‬ ‫ثِنْت َْي َع ْش َر َة َسنَ ًة َو َج َب ْ‬
‫ت َل ُه ا ْل َجنَّ ُة‪َ ،‬وكُت َ‬
‫ون َح َسنَ ًة»(‪.)1‬‬ ‫َث َل ُث َ‬
‫تم له‬
‫وهذا الحديث يفيد في ظاهره أن المؤذن ال ُيكتب له هذا القدر إال إذا ّ‬
‫كل ما ُذ ِكر على ذلك(‪.)2‬‬
‫التأذين ثنتي عشرة سنة؛ ألنه رتّب ّ‬
‫ٍ‬
‫عباس ‪ ‬مرفو ًعا‪:‬‬ ‫حديث آخر من حديث ابن‬ ‫ٌ‬ ‫وورد في أجر المؤذن‬
‫ت َل ُه َب َر َاء ٌة ِم َن الن ِ‬
‫َّار»(‪.)3‬‬ ‫ين ُم ْحت َِس ًبا كُتِ َب ْ‬‫ِ ِ‬
‫«م ْن َأ َّذ َن َس ْب َع سن َ‬
‫َ‬
‫أما المناوي فقد شرط شر ًطا آخر لتحصيل هذا األجر‪ ،‬هو‪ :‬أن يحتسب األذان‬
‫ًّ‬
‫مستدل بحديث ابن عباس السابق‪ ،‬والصحيح أن‬ ‫أجرا(‪،)4‬‬
‫عند اهلل دون أن يتخذ عليه ً‬
‫الحديث ضعيف جدًّ ا ال تقوم به الحجة على اشتراط هذا‪ ،‬ويفيد هذا شمول األجر‬
‫لمن احتسب أو أخذ ً‬
‫مال عليه‪.‬‬

‫(( ( أخرجه ابن ماجه في «سننه» رقم (‪ ،)728‬وإسناده ضعيف‪ ،‬لكنه حسن لغيره بالمتابعات‪.‬‬
‫(( ( «التنوير شرح الجامع الصغير» للصنعاني (‪.)70/10‬‬
‫(( ( أخرجه الترمذي في «سننه» رقم (‪ ،)206‬وإسناده ضعيف جدًّ ا‪.‬‬
‫((( انظر‪« :‬التيسير بشرح الجامع الصغير» للمناوي (‪.)393/2‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪174‬‬

‫ووجه اشتراط مدة ثنتي عشرة عا ًما الكتساب هذا األجر ب ّينه الجالل البلقيني‬
‫أن ال ُع ْم َر األقصى مئة وعشرون سن ًة‪ ،‬واالثنتي عشر عشرها‪ ،‬ومن‬
‫بقوله‪« :‬حكمته‪ّ :‬‬
‫سنة اهلل ّ‬
‫أن العشر يقوم مقام الكل ﴿ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ﴾ [األنعام‪،]١٦٠ :‬‬
‫فكأنه تصدّ ق بالدّ عاء إلى اهلل ّ‬
‫كل عمره ولو عاش هذا القدر الذي هذا عشره فكيف‬
‫دونه؟ وأما خبر سبع سنين فإنها عشر العمر الغالب» (‪.)1‬‬
‫وتعقبه الصنعاني بقوله‪« :‬استحقها استحقاق الوجوب الذي ال خالف فيه‪،‬‬
‫و ُذ ِكر لهذه المدة وج ٌه من الحكمة ال تنهض»(‪.)2‬‬
‫ومن فوائد أحاديث هذا المطلب‪:‬‬
‫ظاهر للمؤذن المثابر على أذانه هذه المدة المذكورة‬
‫ٌ‬ ‫ـ في هذا الحديث ٌ‬
‫فضل‬
‫خالصا لوجه اهلل تعالى‪،‬‬
‫ً‬ ‫مشروط بمن أ ّذن‬
‫ٌ‬ ‫فيه‪ ،‬يقول األلباني‪« :‬وال يخفى ّ‬
‫أن ذلك‬
‫«وإن مما ُي ْؤ َسف له ح ًّقا ّ‬
‫أن‬ ‫ّ‬ ‫ال يبتغي من ورائه رز ًقا‪ ،‬وال ريا ًء‪ ،‬وال سمع ًة»‪ .‬ثم قال‪:‬‬
‫هذه العبادة العظيمة‪ ،‬والشعيرة اإلسالمية‪ ،‬قد انصرف أكثر علماء المسلمين عنها‬
‫ٍ‬
‫مسجد ما إال ما شاء اهلل‪ ،‬بل ربما‬ ‫في بالدنا‪ ،‬فال تكاد ترى أحدً ا منهم يؤ ّذن في‬
‫خجلوا من القيام بها‪ ،‬بينما تراهم يتهافتون على اإلمامة‪ ،‬بل ويتخاصمون! فإلى اهلل‬
‫المشتكى من غربة هذا الزمان»(‪.)3‬‬
‫أيضا‬ ‫الش ْطر من ْ‬
‫أجر األذان(‪ .)4‬وفيه ً‬ ‫أجر إقامة الصالة على َّ‬
‫أن ْ‬ ‫ـ فيه ٌ‬
‫دليل على ّ‬
‫داللة على ّ‬
‫أن اإلقامة فرادى ألنها نصف أجر األذان(‪.)5‬‬

‫(( ( نقله المناوي في «فيض القدير» (‪.)47/6‬‬


‫(( ( «التنوير شرح الجامع الصغير» للصنعاني (‪.)70/10‬‬
‫((( «سلسلة األحاديث الصحيحة» لأللباني (‪.)104/1‬‬
‫((( «اللباب في الجمع بين السنة والكتاب» للمنبجي (‪.)205/1‬‬
‫(( ( «المنتقى من مسموعات مرو» للضياء المقدسي رقم (‪.)155‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪175‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫رجح‬ ‫ـ أخذ العلماء من هذا الحديث ً‬


‫دليل على أفضلية المؤذن على اإلمام‪ ،‬وقد ّ‬
‫هذا ابن تيمية بقوله‪« :‬لم يجئ في فضل اإلمامة مثل هذا ـ أي‪ :‬مثل فضائل المؤذن ـ؛‬
‫وألن اإلمامة من باب اإلمامة والوالية إذ هي اإلمامة الصغرى‪ ...،‬وهي فتنة لما فيها‬
‫من الشرف والرئاسة حتى ربما كان طلبها مثل طلب الواليات واإلمارات الذي هو‬
‫مضر بالدِّ ين»(‪.)1‬‬
‫من إرادة العلو في األرض وهذا ٌّ‬
‫قال النووي‪« :‬أجاب هؤالء عن مواظبة النبي ﷺ على اإلمامة‪ ،‬وكذا من بعده‬
‫من الخلفاء واألئمة ولم يؤ ّذنوا‪ :‬بأنهم كانوا مشغولين بمصالح المسلمين التي‬
‫يتفرغوا لألذان ومراعاة أوقاته‪ ،‬وأما اإلمامة فال‬
‫ال يقوم غيرهم فيها مقامهم‪ ،‬فلم ّ‬
‫صحيح عن عمر بن‬‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بإسناد‬ ‫ٍ‬
‫صالة‪ ،‬ويؤيد هذا التأويل ما رواه البيهقي‬ ‫بدّ لهم من‬
‫خ َل َف ِة َلَ َّذن ُ‬
‫ْت»(‪.)3(»)2‬‬ ‫ان مع ا ْل ِ‬ ‫الخطاب ‪ ‬قال‪َ « :‬لو ُكن ُ ِ‬
‫ْت ُأط ُيق ْالَ َذ َ َ َ‬ ‫ْ‬
‫***‬

‫المطلب السابع‪ّ :‬‬


‫رد السالم بلفظ‪« :‬السالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته»‪.‬‬

‫ورد فيه الحديث التالي‪:‬‬


‫س‬ ‫ول اهللِ ﷺ َو ُه َو فِي َم ْج ِل ٍ‬ ‫َع ْن َأبِي ُهر ْير َة ‪َ ،‬أ َّن ر ُج ًل مر َع َلى رس ِ‬
‫َ ُ‬ ‫َ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫الس َل ُم َع َل ْيك ُْم‬ ‫َف َق َال‪ :‬الس َلم َع َليكُم‪َ ،‬ف َق َال‪« :‬ع ْشر حسن ٍ‬
‫آخ ُر َف َق َال‪َّ :‬‬ ‫َات»‪َ ،‬ف َم َّر َر ُج ٌل َ‬ ‫َ ُ َ َ‬ ‫َّ ُ ْ ْ‬
‫آخر َف َق َال‪ :‬الس َلم َع َليكُم ورحم ُة اهللِ‬ ‫ورحم ُة اهللِ‪َ ،‬ف َق َال‪ِ :‬‬
‫َّ ُ ْ ْ َ َ ْ َ‬ ‫ون َح َس َن ًة»‪َ ،‬ف َم َّر َر ُج ٌل َ ُ‬ ‫«ع ْش ُر َ‬ ‫ََ ْ َ‬
‫ول اهللِ‬ ‫س َو َل ْم ُي َس ِّل ْم‪َ ،‬ف َق َال َر ُس ُ‬‫ون َح َسنَ ًة»‪َ ،‬ف َقا َم َر ُج ٌل ِم َن ا ْل َم ْج ِل ِ‬
‫َو َب َركَا ُت ُه‪َ ،‬ف َق َال‪َ « :‬ث َل ُث َ‬

‫(( ( «شرح عمدة الفقه» البن تيمية ص (‪.)138‬‬


‫(( ( أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» رقم (‪.)2041‬‬
‫ّ‬
‫المهذب» للنووي (‪.)79/3‬‬ ‫((( «المجموع شرح‬
‫‪٣‬‬

‫‪176‬‬

‫اء َأ َحدُ ك ُُم ا ْل َم ْجلِ َس َف ْل ُي َس ِّل ْم‪َ ،‬فإِ ْن َبدَ ا َل ُه َأ ْن‬ ‫ِ‬
‫ك َما نَس َي َصاح ُبك ُْم‪ ،‬إِ َذا َج َ‬
‫ِ‬ ‫«ما َأ ْو َش َ‬ ‫ﷺ‪َ :‬‬
‫َي ْجلِ َس َف ْل َي ْجلِ ْس‪َ ،‬وإِ َذا َقا َم َف ْل ُي َس ِّل ْم‪َ ،‬ما ْالُو َلى بِ َأ َح َّق ِم َن ْال ِخ َر ِة»(‪.)1‬‬

‫وموضع الشاهد‪ :‬استحقاق من قال‪« :‬السالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته» أجر‬
‫ثالثين حسنة‪ ،‬وقد سبق الحديث عنه بالتفصيل في المبحث السابق‪.‬‬

‫المطلب الثامن‪ :‬قول المؤمن‪« :‬الحمد هلل رب العالمين»‪.‬‬

‫من سمات المؤمن أنه يحمد اهلل سبحانه في جميع أوقاته‪ ،‬واختالف أحواله‪،‬‬
‫مخلصا األجر التالي‪:‬‬
‫ً‬ ‫وقد رتّب من مضاعفة األجر لمن قالها‬
‫يد ا ْل ُخـدْ ِر ِّي ‪ ،‬كالهمـا َع ِ‬ ‫ـع ٍ‬ ‫َعـن َأبِـي هريـرةَ‪ ،‬و َأبِـي س ِ‬
‫ـي ﷺ‬ ‫ـن النَّبِ ِّ‬ ‫َ‬ ‫َُْ َ َ‬ ‫ْ‬
‫ان اهللِ‪َ ،‬وا ْل َح ْمـدُ هللِ‪َ ،‬و َل إِ َلـ َه إِ َّل اهللُ‪،‬‬
‫ـن ا ْلـك ََل ِم َأ ْر َب ًعا‪ُ :‬سـ ْب َح َ‬ ‫ِ‬
‫ـال‪« :‬إِ َّن اهللَ ْ‬
‫اص َط َفـى م َ‬ ‫َق َ‬
‫ت َعنْ ُه ِع ْش ُـر َ‬
‫ون‬ ‫ون َح َسـنَ ًة‪َ ،‬و ُح َّط ْ‬ ‫ب َل ُه ِع ْش ُـر َ‬ ‫ـال‪ :‬سـبح َ ِ ِ‬
‫ان اهلل‪ ،‬كُت َ‬ ‫ـن َق َ ُ ْ َ‬ ‫هلل َأ ْك َب ُـر‪َ ،‬ف َم ْ‬
‫َوا ُ‬
‫ـال‪َ :‬ل إِ َلـ َه إِ َّل اهللُ َف ِم ْث ُل َذلِ َ‬
‫ـك‪َ ،‬و َم ْن‬ ‫ـك‪َ ،‬و َم ْن َق َ‬ ‫ـل َذلِ َ‬
‫ـال‪ :‬اهللُ َأ ْك َب ُـر َف ِم ْث ُ‬
‫ـن َق َ‬ ‫َسـ ِّي َئ ًة‪َ ،‬و َم ْ‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫ـال‪ :‬ا ْلحمـدُ هللِ رب ا ْلعا َل ِميـن ِم ِ‬
‫ون َح َسـنَ ًة َو ُح َّط ْ‬
‫ـت َعنْ ُه‬ ‫ـن ق َب ِل َن ْفسـه كُت َ‬
‫ـب َل ُه َث َل ُث َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ ِّ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َق َ‬
‫َث َل ُث َ‬
‫ون َسـ ِّي َئ ًة»(‪.)2‬‬
‫«وقد زاد في ثواب الحمد عندما يقوله العبد ِمن ِق َبل نفسه عن األربع؛ َّ‬
‫ألن‬
‫رب‪ ،‬أو حدوث نعمة‪ ،‬فكأنَّه وقع في‬ ‫كأكل أو ُش ٍ‬
‫ٍ‬ ‫الحمد ال يقع غال ًبا إال بعد سبب‬
‫سدي إليه وقت الحمد‪ ،‬فإذا أنشأ العبد الحمد من ِق َبل نفسه دون أن يدفعه‬‫مقابلة ما ُأ َ‬
‫لذلك تجدُّ د ٍ‬
‫نعمة‪ ،‬زاد ثوابه»(‪.)3‬‬ ‫ُّ‬

‫((( سبق تخريجه‪.‬‬


‫((( سبق تخريجه‪.‬‬
‫(( ( «فقه األدعية واألذكار» للدكتور عبد الرزاق البدر ص (‪)140‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪177‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫يقول الصنعاني‪« :‬ولعل إفراد جملة «الحمد هلل» إشارة إلى أن ما ذكر من األجر‬
‫لهذه الكلمات ثابت ولو انفردت»(‪.)1‬‬
‫ومن فوائد أحاديث هذا المطلب‪:‬‬
‫وفضل التحميد على التسبيح؛ لزيادة‬ ‫‪1‬ـ ّ‬
‫أن هذا الحديث حجة عند من قدّ م ّ‬
‫أجر األول عن الثاني‪ .‬يقول النخعي‪« :‬كانوا يرون أن الحمد أكثر الكالم تضعي ًفا»(‪،)2‬‬
‫أي‪ :‬زيادة في الحسنات‪.‬‬
‫يقول الثوري‪« :‬ليس ُيضاعف من الكالم مثل‪ :‬الحمد هلل»(‪)3‬؛ وذلك ألن‬
‫يتضمن إثبات جميع أنواع الكمال هلل‪ ،‬فيدخل فيه التوحيد»(‪ .)4‬وقيل‪:‬‬
‫ّ‬ ‫«الحمد‬
‫ّ‬
‫«ألن في التحميد إثبات سائر صفات الكمال‪ ،‬والتسبيح تنزيه عن سمات النقص‪،‬‬
‫واإلثبات أكمل من السلب»(‪.)5‬‬
‫أيضا‪ ،‬ولكن‬ ‫‪ 2‬ـ ذهب البعض إلى ّ‬
‫أن التحميد أفضل من التهليل لهذا الحديث ً‬
‫ر ّده العلماء بحديث البطاقة المشهور وفيه «ما يفيد ّ‬
‫أن ال إله إال اهلل ال يعدلها شي ٌء»(‪.)6‬‬
‫ظاهر‪ .‬وأما‬
‫ٌ‬ ‫يقول المناوي‪« :‬قال بعضهم‪ :‬والحمد أفضل من التسبيح‪ ،‬ووجهه‬
‫القول بأنه أكثر ثوا ًبا من التهليل فمردو ٌد»(‪.)7‬‬

‫(( ( «التنوير شرح الجامع الصغير» للصنعاني (‪.)270/3‬‬


‫((( «جامع العلوم والحكم» البن رجب (‪.)20/2‬‬
‫((( المصدر السابق‪.‬‬
‫((( المصدر السابق‪.‬‬
‫(( ( «فيض القدير» للمناوي (‪.)211/2‬‬
‫(( ( «فيض القدير» للمناوي (‪.)211/2‬‬
‫(( ( «التيسير بشرح الجامع الصغير» للمناوي (‪.)246/1‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪178‬‬

‫ذر ‪ ‬المرفوع‪:‬‬
‫قال ابن حجر‪« :‬ويعارض ذلك في الظاهر حديث أبي ّ‬
‫ان اهللِ َوبِ َح ْم ِده»(‪.»)1‬‬
‫ب ا ْلك ََل ِم إِ َلى اهللِ‪ُ :‬س ْب َح َ‬
‫«إِ َّن َأ َح َّ‬
‫ٍ‬
‫بأوجه منها‪ّ :‬‬
‫«أن أفضلية سبحان اهلل وبحمده لدخول معاني‬ ‫وج ِم َع بين ذلك‬
‫ُ‬
‫الكلمات األربع تحتها إما بالتصريح أو باالستلزام فقد صرحت بالتنزيه والتحميد‪،‬‬
‫وإذا كان معناها‪ :‬تنزيهه تعالى عما ال يليق بجالله اندرج فيه معنى ال إله إال اهلل‪ ،‬وإذا‬
‫ٌ‬
‫وإفضال منه تعالى فال شيء أكبر منه‪ ،‬وأما أفضلية ال إله إال اهلل فلذكر‬ ‫كل ٌ‬
‫فضل‬ ‫كان ٌّ‬
‫صريحا» (‪.)2‬‬
‫ً‬ ‫الوحدانية‬

‫***‬

‫المطلب التاسع‪ :‬صالة الرجل في الفالة‪.‬‬

‫السـ َف ُر من األمور الشـا ّقة في حياة اإلنسـان‪ ،‬ولمشـقته ّ‬


‫يسـرت الشـريعة‬ ‫يعـدّ َّ‬
‫أمـورا عـدّ ةً‪ ،‬منهـا‪ :‬اإلفطـار في الصـوم‪ ،‬وقصـر الصالة‬
‫ً‬ ‫اإلسلامية علـى المؤمـن‬
‫مـع الجمـع وغيره‪.‬‬

‫وترغي ًبا في الصالة في السفر مع تمام الخشوع فيها وإتمام ركوعها وسجودها؛‬
‫ضاعف اهلل أجر هذه الصالة إلى خمسين صالة‪.‬‬

‫«الص َلا ُة فِـي‬


‫ـول اهلل ﷺ‪َّ :‬‬
‫ـال رس ُ ِ‬
‫ـال‪َ :‬ق َ َ ُ‬ ‫يد ا ْل ُخـدْ ِر ِّي ‪َ ‬ق َ‬ ‫ـع ٍ‬‫فعـن َأبِـي س ِ‬
‫َ‬ ‫َ ْ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ـة َت ْع ِد ُل َخ ْم ًسـا َو ِع ْش ِ‬
‫جماع ٍ‬
‫ين َص َلةً‪َ ،‬فإِ َذا َص َّل َها فـي َف َلة َف َأت ََّم ُركُو َع َها َو ُس ُ‬
‫ـجو َد َها‬ ‫ـر َ‬ ‫َ َ َ‬
‫اح ِد بـن ِزي ٍ‬‫ِ‬ ‫ـال َأ ُبـو َد ُاو َد ـ راوي الحديث ـ‪َ :‬ق َ‬ ‫ـين َص َ‬ ‫ِ‬ ‫َب َلغ ْ‬
‫اد‬ ‫ـال َع ْبدُ ا ْل َو ْ ُ َ‬ ‫لاةً»‪َ .‬ق َ‬ ‫َـت َخ ْمس َ‬

‫((( أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (‪.)2731‬‬


‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)207 /11‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪179‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫ـه فِـي ا ْل َج َما َع ِة»‬


‫ـف ع َلى ص َلتِ ِ‬ ‫ـل فِي ا ْل َف َ ِ‬
‫لاة ت َُضا َع ُ َ َ‬ ‫الر ُج ِ‬ ‫«ص َ‬
‫لا ُة َّ‬
‫ِ ِ‬
‫ـذا ا ْل َحديـث‪َ :‬‬ ‫فِـي َه َ‬
‫ـاق ا ْل َح ِد َ‬
‫يث(‪.)1‬‬ ‫َو َس َ‬

‫س‬ ‫الر ُج ِل فِي َج َما َع ٍة ت َِزيدُ َع َلى َص َلتِ ِه َو ْحدَ ُه بِخَ ْم ٍ‬‫«ص َل ُة َّ‬
‫ٍ‬
‫وفي رواية أخرى‪َ :‬‬
‫َت َص َل ُت ُه‬‫ض ِق ٍّي(‪َ )2‬ف َأت ََّم ُركُو َع َها َو ُس ُجو َد َها َب َلغ ْ‬
‫ين َد َر َج ًة‪َ ،‬فإِ ْن َص َّل ُه بِ َأ ْر ِ‬ ‫ِ‬
‫َوع ْش ِر َ‬
‫ِ‬
‫بِخَ ْمس َ‬
‫ين َد َر َج ًة» (‪.)3‬‬
‫رواية أخرى‪« :‬وإِ ْن صالَّها بِ َأر ِ ٍ‬‫ٍ‬
‫ض َفالة َف َأت ََّم ُو ُض َ‬
‫وء َها َو ُركُو َع َها َو ُس ُجو َد َها‬ ‫َ َ َ ْ‬ ‫وفي‬
‫ين َد َر َجة»(‪.)4‬‬ ‫ِ‬ ‫َب َلغ ْ‬
‫َت َصال ُت ُه َخ ْمس َ‬

‫والمقصود بـ«الفالة»‪ :‬األرض المتسعة التي ال ماء فيها‪ ،‬والجمع‪َ « :‬ف ًلى»‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫وح ًصى(‪.)5‬‬
‫َح َصاة َ‬

‫قال صاحب القاموس المحيط‪«« :‬الفالة»‪ :‬القفر‪ ،‬أو‪ :‬المفازة ال ماء فيها‪ ،‬أو‬
‫الصحراء الواسعة»(‪.)6‬‬

‫وهذا يعني أن الصالة في الفالة تعادل ضعف صالة الجماعة‪ ،‬و ُيشترط لهذا‬
‫األجر‪ :‬أن يصليها العبد بخشو ٍع تا ٍم‪ّ ،‬‬
‫يتم فيها الوضوء والركوع والسجود على‬
‫«فأتم وضوءها وركوعها وسجودها»‪« ،‬أي‪ :‬أتى بالثالثة‬
‫ّ‬ ‫الوجه المشروع‪ ،‬للفظ‪:‬‬

‫((( أخرجه أبو داود في «سننه» رقم (‪ ،)560‬وإسناده حسن‪.‬‬


‫(( ( ِق ٍّي‪ :‬قال المنذري في «الترغيب والترهيب» رقم (‪« :)598‬أي الفالة‪ ،‬كما بينتها رواية أبي داود»‪.‬‬
‫((( أخرجه ابن حبان في «صحيحه» رقم (‪ ،)2055‬وإسناده حسن‪.‬‬
‫((( أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنّفه» رقم (‪ ،)8390‬وإسناده حسن‪.‬‬
‫(( ( «نيل األوطار» للشوكاني (‪.)155/3‬‬
‫((( «القاموس المحيط» للفيروز أبادي ص (‪.)1322‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪180‬‬
‫ٍ‬
‫صالة‬ ‫شرط ّ‬
‫لكل‬ ‫ٌ‬ ‫تا ّمة الشروط واألركان والسنن»(‪ .)1‬قال الصنعاني‪« :‬الظاهر ّ‬
‫أن هذا‬
‫فخرج على األغلب»‪.‬‬

‫واختلف العلماء في صالة الفالة وتحديد األجر المترتب عليها‪ ،‬هل هو لمن‬
‫صالها جماع ًة أو منفر ًدا؟ على قولين‪:‬‬
‫أن هذا األجر لمن ّ‬
‫صلها جماع ًة في الفالة‪:‬‬ ‫األول‪ّ :‬‬
‫لاة‪َ ،‬و َذلِ َك يحصل َلـ ُه فِي‬ ‫أن العبـد «يحصـل َلـ ُه أجـر خمسـين َص َ‬ ‫ألن المعنـى ّ‬ ‫ّ‬
‫ـع ا ْل َج َما َعـة؛ ِلَن ا ْل َج َما َعة َل تتأكـد فِي حق ا ْل ُم َسـافِر ُلو ُجود ا ْل َم َشـ َّقة‪َ ،‬فإِذا‬
‫لاة َم َ‬ ‫الص َ‬
‫َّ‬
‫صالهـا َم َع ا ْل َج َما َعة‬
‫َ‬ ‫صالهـا ُمنْ َفـر ًدا َل يحصل َل ُه َه َذا الت َّْض ِعيـف‪َ ،‬وإِن ََّما يحصل َل ُه إِذا‬
‫َ‬
‫ون ُأ ْخ َـرى ل َّلتِي‬
‫ـع ا ْل َج َما َعة‪َ ،‬و َخ ْم َسـة َو ِع ْش ُـر َ‬
‫صالها َم َ‬
‫َ‬ ‫َخ ْم َسـة َو ِع ْش ُـر َ‬
‫ون ألجـل َأنـه‬
‫ـذي ُه َو‬ ‫صلته وسـجودها‪ ،‬وهو فِي السـفر ا َّل ِ‬ ‫ـي ضعـف تِ ْل َك ألجـل َأنه أتـم ُركُوع َ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫ه َ‬
‫َم َظنَّـة الت َّْخ ِفيف»(‪.)2‬‬

‫أعـم مـن أن يص ّليها‬ ‫ٍ‬


‫وقـال ابـن رسلان‪« :‬قولـه‪« :‬فـإذا صالها فـي فالة» هـو ّ‬
‫ٍ‬
‫جماعـة»‪ .‬ثـم قـال‪« :‬لكـ ْن َح ْمله علـى الجماعـة أولى‪ ،‬وهـو الذي‬ ‫منفـر ًدا أو فـي‬
‫يظهـر من السـياق»(‪.)3‬‬

‫وقال المناوي‪« :‬والمراد في جماعة كما يفيده السياق» (‪.)4‬‬


‫أن هذا األجر لمن ّ‬
‫صلها منفر ًدا في الفالة‪.‬‬ ‫الثاني‪ّ :‬‬

‫(( ( «التيسير بشرح الجامع الصغير» للمناوي (‪.)98/2‬‬


‫((( «عمدة القاري» للعيني (‪.)166/5‬‬
‫(( ( نقله الشوكاني في «نيل األوطار» (‪.)155/3‬‬
‫(( ( «التيسير بشرح الجامع الصغير» للمناوي (‪.)98/2‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪181‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫يقول المناوي ـ وقد خالف قوله األول ـ‪« :‬ظاهره‪ّ :‬‬


‫أن الصالة مع االنفراد في‬
‫الفالة مع اإلتيان بكماالتها يضاعف ثوابها على ثواب الصالة الجماعة ضعفين‪،‬‬
‫وكأن وجهه‪ :‬أنه إذا كان في الفالة منفر ًدا مع إتمام األركان وتو ّفر الخشوع وغير‬
‫ّ‬
‫ذلك من المكمالت يحضره من المالئكة ومؤمني الج ّن ما ال يحصى» (‪.)1‬‬
‫بـوب المنذري فـي ترغيبه لهذا الحديـث بقوله‪« :‬الترغيـب في الصالة»‬
‫ولمـا ّ‬
‫قـال‪« :‬وقـد ذهب بعـض العلمـاء إلـى تفضيلها علـى الصالة فـي الجماعـة»‪ ،‬قال‬
‫الصنعانـي‪« :‬وسـاق ـ أي‪ :‬المنـذري ـ مـن األحاديـث مـا يرشـد إلـى ّ‬
‫أن المـراد‬
‫صالتـه منفـر ًدا في الفلاة»(‪.)2‬‬
‫حق المسافر لوجود‬ ‫سره ّ‬
‫أن الجماعة ال تتأكّد في ّ‬ ‫ّ‬
‫«كأن ّ‬ ‫وقال ابن حجر‪:‬‬
‫المشقة» (‪ ،)3‬فع ّلق الصنعاني على هذا بقوله‪« :‬كالمه يؤيد ما قدمناه من أن المراد‬
‫صالة الفالة فرادى»(‪.)4‬‬
‫ظاهر في تفضيل صالة الفالة مع االنفراد‬
‫ٌ‬ ‫الصنعاني في موض ٍع آخر‪« :‬هو‬
‫ّ‬ ‫وقال‬
‫على صالة غير الفالة مع الجماعة»(‪.)5‬‬
‫وانتصـر لهـذا الـرأي الشـوكاني بقولـه‪« :‬واألَ ْو َلـى َح ْملـه على االنفـراد؛ ّ‬
‫ألن‬
‫مرجـع الضميـر فـي حديـث البـاب من قولـه «صالهـا» إلى مطلـق الصلاة ال إلى‬
‫ّ‬
‫ويـدل على ذلـك‪ :‬الروايـة التـي ذكرها أبـو داود عن‬ ‫ٍ‬
‫جماعـة‪.‬‬ ‫المق ّيـد بكونهـا فـي‬

‫(( ( «فيض القدير» للمناوي (‪.)245/4‬‬


‫(( ( «التنوير شرح الجامع الصغير» للصنعاني (‪.)28/7‬‬
‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)134/2‬‬
‫(( ( «التنوير شرح الجامع الصغير» للصنعاني (‪.)28/7‬‬
‫(( ( «التنوير شرح الجامع الصغير» للصنعاني (‪.)80/7‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪182‬‬

‫عبـد الواحـد بن زيـاد؛ ألنه جعـل فيها صلاة الرجل في الفلاة مقابلـة لصالته في‬
‫الجماعة» (‪.)1‬‬

‫ثم قال‪« :‬والحكمة في اختصاص صالة الفالة بهذه المزية أن المصلي فيها‬
‫يكون في الغالب مسافر ًا‪ ،‬والسفر مظنة المشقة‪ ،‬فإذا صالها المسافر مع حصول‬
‫وأيضا الفالة في الغالب من مواطن الخوف‬
‫المشقة تضاعفت إلى ذلك المقدار‪ً ،‬‬
‫والفزع لما جبلت عليه الطباع البشرية من التوحش عند مفارقة النوع اإلنساني‪،‬‬
‫فاإلقبال مع ذلك على الصالة أمر ال يناله إال من بلغ في التقوى إلى حدٍّ يقصر عنه‬
‫وأيضا في مثل هذا الموطن تنقطع الوساوس التي‬
‫كثير من أهل اإلقبال والقبول‪ً .‬‬
‫ٌ‬
‫تقود إلى الرياء‪ ،‬فإيقاع الصالة فيها شأن أهل اإلخالص»(‪.)2‬‬

‫ومن فوائد أحاديث هذا المطلب‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ قال أبو زرعة العراقي عن حديث الباب‪« :‬هو حجة على مالك في ذهابه‬
‫إلى أنه ال فضل لجماعة على جماعة‪ ،‬وتعلقه بأنه جعل في الخبر السابق الجماعات‬
‫كلها بخمس أو سبع وعشرين فاقتضى تساوي الجماعات ال ينهض؛ ألن أقل ما‬
‫تحصل به الجماعة محصل للتضعيف وال مانع من تضعيف آخر من نحو كثرة‬
‫جماعة أو شرف بقعة أو نحوه» (‪.)3‬‬

‫‪ 2‬ـ قال الشوكاني‪« :‬الحديث يدل على أفضلية الصالة في الفالة مع تمام‬
‫الركوع والسجود وأنها تعدل خمسين صالة في جماعة كما في رواية عبد الواحد‪،‬‬

‫(( ( «نيل األوطار» للشوكاني (‪.)155/3‬‬


‫((( المصدر السابق (‪ 155/3‬ـ ‪.)156‬‬
‫((( «طرح التثريب» للعراقي (‪ 300/2‬ـ ‪ )301‬بتصر ٍ‬
‫ف‪.‬‬ ‫ّ‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪183‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫وعلى هذا الصالة في الفالة تعدل ألف صالة ومائتين وخمسين صالة في غير‬
‫جماعة‪ ،‬وهذا إن كانت صالة الجماعة تتضاعف إلى خمسة وعشرين ضعفا فقط‪،‬‬
‫فإن كانت تتضاعف إلى سبعة وعشرين كما تقدم فالصالة في الفالة تعدل ألفا‬
‫وثالثمائة وخمسين صالة‪ ،‬وهذا على فرض أن المصلي في الفالة صلى منفردا‪،‬‬
‫فإن صلى في جماعة تضاعف العدد المذكور بحسب تضاعف صالة الجماعة على‬
‫االنفراد وفضل اهلل واسع» (‪.)1‬‬
‫***‬

‫المتمسك بالدين آخر الزمان‪.‬‬


‫ّ‬ ‫المطلب العاشر‪:‬‬

‫بات من المعلوم أن اإلسالم بدأ غري ًبا وسيعود كما بدأ‪ ،‬كما روى أبو هريرة‬
‫ال ْس َل ُم َغ ِري ًبا‪َ ،‬و َس َي ُعو ُد ك ََما َبدَ َأ َغ ِري ًبا‪َ ،‬ف ُطو َبى‬
‫‪ ‬أن النبي ﷺ قال‪َ « :‬بدَ َأ ْ ِ‬
‫آحاد من الناس وق ّل ٍة‪ ،‬ثم انتشر وظهر‪ ،‬ثم‬ ‫ٍ‬ ‫لِ ْلغُرب ِ‬
‫اء»(‪ ،)2‬ومعناه‪« :‬أن اإلسالم بدأ في‬ ‫ََ‬
‫آحاد وق ّل ٍة»‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫سيلحقه النقص واإلخالل حتى ال يبقى إال في‬
‫ولذلك ضاعف اهلل أجر المتمسك بدينه آخر الزمان حيث الفتن والشبهات‬
‫وغلبة الشهوات إلى خمسين ضع ًفا‪.‬‬
‫ـت‪:‬‬ ‫الشـ ْعباني قـال‪َ :‬س َـأ ْل ُت َأ َبـا َث ْع َل َبـ َة ا ْل ُخ َشـنِ َّي ‪َ ،‬ف ُق ْل ُ‬ ‫فعـن أبـي أميـة ُّ‬
‫ـة‪﴿ :‬ﭮﭯ﴾ [المائـدة‪]١٠٥ :‬؟ َق َال‪:‬‬ ‫ـذ ِه ْالي ِ‬ ‫ـول فِـي ه ِ‬ ‫ـف َت ُق ُ‬‫َيـا َأ َبـا َث ْع َل َبـ َة‪َ ،‬ك ْي َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ـل ا ْئت َِم ُروا‬ ‫ـال‪َ « :‬ب ِ‬ ‫ـول اهللِ ﷺ‪َ ،‬ف َق َ‬ ‫ـأ ْل ُت َعن َْها َر ُس َ‬ ‫يـرا‪َ ،‬س َ‬ ‫َأ َمـا َواهللِ َل َقـدْ َس َ‬
‫ـأ ْل َت َعن َْهـا َخبِ ً‬
‫َـر‪َ ،‬حتَّى إِ َذا َر َأ ْي َ‬
‫ـوا َع ِن ا ْل ُمنْك ِ‬ ‫ِ‬
‫ـحا ُم َطا ًعـا‪َ ،‬و َه ًوى ُم َّت َب ًعـا‪َ ،‬و ُد ْن َيا‬
‫ت ُش ًّ‬ ‫َاه ْ‬‫بِا ْل َم ْع ُـروف‪َ ،‬و َتن َ‬

‫(( ( «نيل األوطار» للشوكاني (‪.)155/3‬‬


‫((( أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (‪.)145‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪184‬‬

‫ْك ا ْل َع َوا َّم‪َ ،‬فإِ َّن‬


‫ـك‪َ ،‬و َد ْع َعن َ‬ ‫ك ـ َي ْعنِي ـ بِنَ ْف ِس َ‬
‫ـاب ك ُِّل ِذي َر ْأ ٍي بِ َر ْأيِ ِه‪َ ،‬ف َع َل ْي َ‬‫ُم ْؤ َث َـرةً‪َ ،‬وإِ ْع َج َ‬
‫ـم ِم ْث ُل َأ ْج ِر‬ ‫يه ْ‬ ‫ـر‪ ،‬لِ ْل َع ِام ِل فِ ِ‬ ‫يـه ِم ْث ُل َق ْب ٍ‬
‫ـض َع َلى ا ْل َج ْم ِ‬ ‫ِمـن ورائِكُـم َأيـام الصب ِر‪ ،‬الصبر فِ ِ‬
‫َّ ْ ُ‬ ‫ْ َّ َ َّ ْ‬ ‫ْ ََ‬
‫ـول اهللِ‪َ ،‬أ ْج ُر َخ ْم ِسـي َن‬ ‫ـه»‪َ ،‬و َزا َدنِي َغ ْي ُر ُه َق َال‪َ :‬يا َر ُس َ‬ ‫ون ِم ْث َل عملِ ِ‬ ‫لا َي ْع َم ُل َ‬‫ـين َر ُج ً‬ ‫ِ‬
‫َ َ‬ ‫َخ ْمس َ‬
‫ـين ِمنْك ُْم»(‪.)1‬‬ ‫ِ‬
‫«أ ْج ُـر َخ ْمس َ‬ ‫ـم؟ َق َال‪َ :‬‬
‫من ُْه ْ‬
‫ِ‬

‫«يأتِي َع َلى الن ِ‬


‫َّاس‬ ‫وفي رواية أخرى عن أنس بن مالك قال‪ :‬قال رسول اهلل ﷺ‪ْ :‬‬
‫ث مر ٍ‬ ‫ان الصابِر ِمنْهم ع َلى ِدين ِ ِه َله َأجر َخم ِس ِ‬
‫ات»(‪.)2‬‬ ‫ين منْك ُْم َحتَّى َأ َعا َد َها َث َل َ َ َّ‬ ‫ُ ُْ ْ َ‬ ‫ز ََم ٌ َّ ُ ُ ْ َ‬
‫المتمسك بدينه آخر الزمان على الصحابة األُ َول‬
‫ّ‬ ‫وظاهر هذا الحديث تفضيل‬
‫الذين بذلوا الغالي والنفيس من أجل دين اهلل‪ ،‬وما ورد في فضلهم من اآلثار‪ ،‬كحديث‬
‫ِ‬ ‫«خير الن ِ ِ‬
‫ين َي ُلون َُه ْم‪،‬‬‫َّاس َق ْرني‪ُ ،‬ث َّم ا َّلذ َ‬ ‫عبد اهلل بن مسعود ‪ ‬عن النَّبِ ِّي ﷺ َق َال‪ُ ْ َ :‬‬
‫يء َأ ْق َوا ٌم ت َْسبِ ُق َش َها َد ُة َأ َح ِد ِه ْم َي ِمينَ ُه‪َ ،‬و َي ِمينُ ُه َش َها َد َت ُه»(‪،)3‬‬
‫ج ُ‬‫ين َي ُلون َُه ْم‪ُ ،‬ث َّم َي ِ‬ ‫ِ‬
‫ُث َّم ا َّلذ َ‬
‫وحديث أبي سعيد الخدري ‪ ‬أن النبي ﷺ قال‪« :‬ال ت َُس ُّبوا َأ ْص َحابِي‪َ ،‬ف َل ْو َأ َّن‬
‫َأ َحدَ ك ُْم َأ ْن َف َق ِم ْث َل ُأ ُح ٍد َذ َه ًبا َما َب َلغَ ُمدَّ َأ َح ِد ِه ْم َوال ن َِصي َف ُه»(‪.)4‬‬
‫وللعلماء في الجمع بين هذه األحاديث ٌ‬
‫أقوال‪ ،‬منها‪:‬‬
‫«خ ْي ُـر‬
‫‪ 1‬ـ قـال ابـن عبـد البـر‪« :‬قيـل فـي توجيـه أحاديـث البـاب مـع قولـه‪َ :‬‬
‫ّـاس َق ْرنِـي»‪ّ :‬‬
‫إن َق ْرنَـه إنمـا ُف ِّضل ألنهم كانـوا غرباء فـي إيمانهم‪ ،‬لكثـرة الك ّفار‪،‬‬ ‫الن ِ‬
‫وصبرهـم علـى أذاهـم‪ ،‬وتمسـكهم بدينهـم‪ّ ،‬‬
‫وإن آخـر هذه األمـة إذا أقامـوا الدين‬
‫وتمسـكوا بـه وصبـروا علـى طاعـة ربهـم فـي حين ظهـور الشـر والفسـق والهرج‬
‫ّ‬

‫((( أخرجه أبو داود في «سننه» رقم (‪ ،)4341‬وإسناده ضعيف‪ ،‬لكنه حسن لغيره بشواهده‪.‬‬
‫(( ( أخرجه ابن ب ّطة في «اإلبانة» رقم (‪ ،)30‬وإسناده ضعيف‪ ،‬لكنه حسن لغيره بشواهده‪.‬‬
‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)2652‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)3651‬‬
‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)3673‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)2541‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪185‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫والمعاصـي والكبائـر كانـوا عنـد ذلـك أيضـ ًا غربـاء وزكـت أعمالهـم فـي ذلـك‬
‫الزمـن كمـا زكت أعمـال أوائلهـم»(‪.)1‬‬

‫المتأخرين ـ على ق َّلة ما يجدون من الخير‪:‬‬


‫ّ‬ ‫‪ 2‬ـ قال ابن العربي‪« :‬لهم ـ أي‪:‬‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫الصحبة ال يعدله‬
‫للصحابة فضل ُّ‬ ‫«أ ْجر َخ ْمسين» لو لم تكن ّ‬
‫للصحابة ُص ْح َبة‪ ،‬ولكن ّ‬
‫شي ٌء‪ ،‬وهذا على التّفضيل والخصوص» (‪.)2‬‬

‫‪ 3‬ـ قال الطيبي‪« :‬فيه ـ أي‪ :‬حديث الباب ـ تأويالن‪:‬‬

‫أحدهمـا‪ :‬أن يكـون أجـر كل واحـد منهـم علـى تقديـر أنـه غيـر مبتلـى ولـم‬
‫ُي َضا َعـف أجـره‪.‬‬

‫ثانيهما‪ :‬أن يراد أجر خمسين منهم ممن لم يبتلوا ببالئه» (‪.)3‬‬
‫األولين على هؤالء؛ َّ‬
‫ألن غاية ما‬ ‫‪ 4‬ـ وقال ابن الزملكاني‪« :‬هذا ال يمنع تفضيل َّ‬
‫في هذا َّ‬
‫أن هؤالء األخيرين يعملون على مشقة شديدة‪ ،‬إذ القابض على دينه كالقابض‬
‫على الجمر‪ ،‬فيضاعف ثواب العامل منهم على عمله لقلة من يعمل ذلك العمل‪ ،‬وال‬
‫يلزم من ذلك أفضليته على من تقدَّ م‪ ،‬بل يكُون ذلك العمل الخاص الذي عمله‬
‫هذا المتأخر مضاعف الثواب لقلة األعوان عليه‪ ،‬كما قال ﷺ‪« :‬إِ َّنك ُْم ت ِ‬
‫َجدُ ون َع َلى‬
‫بأمور ال يجدها المتأخر‬ ‫ٍ‬ ‫الش ِّر َأ ْع َوانًا»‪ .‬ويمتاز المتقدّ م‬
‫ون َع َلى َّ‬ ‫الخَ ْي ِر َأ ْع َوانًا َو َل ت ِ‬
‫َجدُ َ‬
‫الخاصة وتفضلها بأضعاف كثيرة‪ ،‬كيف وقد‬
‫َّ‬ ‫توازي هذه المضاعفة في هذه األعمال‬
‫األولين‪« :‬لو أنفق أحدكم مثل ُأ ْحد ذه ًبا ما بلغَ ُمدَّ أحدهم وال‬
‫حق َّ‬‫قال النَّبي ﷺ في ّ‬

‫(( ( «التمهيد» البن عبد البر (‪ 251/20‬ـ ‪.)252‬‬


‫((( «المسالك في شرح موطأ مالك» البن العربي (‪.)103/2‬‬
‫(( ( «شرح مشكاة المصابيح» للطيبي (‪.)3265/10‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪186‬‬

‫فصح َّ‬
‫أن خير القرون قرن النَّبي ﷺ؛ ُلرؤيتهم له‪ ،‬وصالتهم خلفه‪ ،‬وغزوهم‬ ‫َّ‬ ‫نصيفه»‪،‬‬
‫بين يديه وغير ذلك»(‪.)1‬‬
‫‪ 5‬ـ نقل المباركفوري عن صاحب اللمعات(‪ )2‬قوله‪ّ :‬‬
‫«يدل على فضل هؤالء‬
‫في األجر على الصحابة من هذه الحيث ّية‪ ،‬وقد جاء أمثال هذا أحاديث أخر‪ ،‬وتوجيهه‬
‫كما ذكروا أن الفضل الجزئي ال ينافي الفضل ال ُك ّلي»(‪.)3‬‬

‫‪ 6‬ـ ونقـل العظيـم أبادي عـن صاحب كتاب «فتـح الودود»(‪ )4‬في تفسـير قوله‬
‫يشـق فعلها في‬
‫النبـي ﷺ‪« :‬أجـر خمسـين منكـم» قـال‪« :‬هـذا فـي األعمـال التـي ّ‬
‫تلـك األيـام ال ُمطل ًقا»(‪.)5‬‬
‫بأن للصحبة فضيل ًة ومز ّي ًة‬
‫«ج َمع الجمهور بين األحاديث ّ‬
‫‪ 7‬ـ وقال الصنعاني‪َ :‬‬
‫ال يوازيها شي ٌء من األعمال‪ ،‬فلمن َص ِح َبه ﷺ فضيلتها وإن َقصر عمله‪ ،‬وأجره‬
‫باعتبار االجتهاد في العبادة‪ ،‬وتكون خير ّيتهم على من سيأتي باعتبار كثرة األجر‪،‬‬
‫ال بالنظر إلى ثواب األعمال‪ ،‬وهذا قد يكون في حق بعض الصحابة‪ ،‬وأما مشاهير‬
‫الصحابة فإنهم حازوا السبق من ّ‬
‫كل نو ٍع من أنواع الخير‪ ،‬وبهذا يحصل الجمع بين‬
‫وأيضا فإن المفاضلة بين األعمال بالنظر إلى األعمال المتساوية في‬
‫ً‬ ‫األحاديث‪.‬‬

‫((( نقله السيوطي في «قوت المغتذي على جامع الترمذي» (‪.)762/2‬‬


‫((( لعله‪ :‬الشيخ عبد الحق الدهلوي (ت ‪1052‬ﻫ) واسم كتابه‪« :‬أشعة اللمعات في شرح المشكاة»‪.‬‬
‫«هدية العارفين» للبغدادي (‪.)503/1‬‬
‫(( ( تحفة األحوذي للمباركفوري (‪ 337/8‬ـ ‪.)338‬‬
‫(( ( لعله‪ :‬الشيخ أبو الحسن محمد بن عبد الهادي السندي الحنفي نزيل المدينة المنورة (ت ‪1138‬ﻫ)‪،‬‬
‫واسم كتابه‪« :‬فتح الودود بشرح سنن أبي داود»‪« .‬هدية العارفين» للبغدادي (‪.)318/2‬‬
‫(( ( «عون المعبود» للعظيم أبادي (‪ 332/11‬ـ ‪.)333‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪187‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫مختصة بالصحابة لم يكن لمن عداهم شي ٌء من ذلك النوع‪،‬‬


‫ّ‬ ‫النوع‪ ،‬وفضيلة الصحبة‬
‫ُون َق ْو ٌم» إلى آخره ٌ‬
‫دليل على أنه لم يكن في القرن ْين األولين من‬ ‫وفي قوله‪ُ « :‬ث َّم َيك ُ‬
‫بعد الصحابة من يتّصف بهذه الصفات المذمومة‪ ،‬ولك ّن الظاهر ّ‬
‫أن المراد بحسب‬
‫األغلب»(‪.)1‬‬
‫ومن فوائد أحاديث هذا المطلب‪:‬‬
‫ـين ِمنْك ُْم» ال ّ‬
‫يـدل على‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫قـال ابن حجـر‪« :‬حديـث‪« :‬ل ْل َعامـل من ُْه ْم َأ ْجـر َخ ْمس َ‬
‫مجـرد زيادة األجـر ال يسـتلزم ثبوت‬
‫ّ‬ ‫أفضليـة غيـر الصحابـة علـى الصحابـة؛ ّ‬
‫ألن‬
‫وأيضـا‪ :‬فاألجـر إنمـا يقـع تفاضلـه بالنسـبة إلى مـا يماثله في‬
‫األفضليـة المطلقـة‪ً .‬‬
‫ذلـك العمـل‪ ،‬فأمـا ما فاز بـه من شـاهد النبي ﷺ مـن زيـادة فضيلة المشـاهدة فال‬
‫يعدلـه فيها أحـد»(‪.)2‬‬
‫***‬

‫(( ( «سبل السالم» للصنعاني (‪.)581/2‬‬


‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)7/7‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪188‬‬

‫المبحث الرابع‬
‫مرة‬
‫مرة إلى سبعمائة ّ‬
‫مضاعفة األجر من سبعين ّ‬

‫المطلب األول‪ :‬قتل الوزغ من أول ضربة‪.‬‬

‫ّ‬
‫وحث على‬ ‫يعـدّ الـوزغ(‪ )1‬من الحشـرات المؤذيـة التي أمر النبـي ﷺ بقتلهـا‪،‬‬
‫اإلسـراع في ذلك‪.‬‬
‫ـي ﷺ َ‬
‫«أ َم َـر بِ َقت ِ‬
‫ْـل ا ْل َو َز ِغ َو َس َّ‬
‫ـما ُه‬ ‫فعـن سـعد بن أبـي وقـاص ‪َ ،‬أ َّن النَّبِ َّ‬
‫ُف َو ْي ِس ًقا» (‪.)2‬‬
‫ول اهللِ ﷺ‪َ ،‬‬ ‫و َعن ُأم َش ِر ٍ‬
‫«أ َم َر بِ َقت ِْل َ‬
‫الو َزغِ» َو َق َال‪« :‬ك َ‬
‫َان‬ ‫يك ‪َ ،‬أ َّن َر ُس َ‬ ‫ْ ِّ‬
‫ِ‬
‫َينْ ُف ُخ َع َلى إِ ْب َراه َ‬
‫يم ‪.)3(»‬‬
‫قـال ابـن عبد البر‪« :‬واآلثـار بذلك كثيـر ٌة جـدًّ ا»(‪ ،)4‬زاد العراقـي‪« :‬وقد ألحقه‬
‫أصحابنـا بالفواسـق الخمـس(‪ )5‬فـي نـدب قتلـه‪ ،‬وورد الترغيـب في قتلـه في عدة‬
‫أحاديث»(‪.)6‬‬

‫الوزَغ‪ :‬جمع وزغة‪ ،‬وهي ـ كما يقول الدّ ِميري ـ‪« :‬بفتح الواو والزاي والغين المعجمة‪ ،‬دويبة‬
‫(( ( َ‬
‫أيضا على‪:‬‬
‫أبرص‪ ،‬واتفقوا على أن الوزغ من الحشرات المؤذيات‪ ،‬وتجمع ً‬
‫ٌ‬ ‫معروفة‪ ،‬وهي سا ٌّم‬
‫أوزاغ‪ ،‬ووزغان»‪« .‬حياة الحيوان الكبرى» للدميري (‪.)544/2‬‬
‫((( أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (‪.)2238‬‬
‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)3307‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)2237‬‬
‫(( ( «التمهيد» البن عبد البر (‪.)188/15‬‬
‫(( ( وهـن‪« :‬الغُـراب‪ ،‬و ِ‬
‫الحـدَ َأةُ‪َ ،‬وال َع ْق َـر ُب‪َ ،‬وال َف ْ‬
‫ـور»‪ .‬انظـر‪« :‬صحيـح البخاري»‬ ‫ـأ َرةُ‪َ ،‬وال َك ْل ُ‬
‫ـب ال َع ُق ُ‬ ‫َ ُ َ‬
‫رقـم (‪.)1829‬‬
‫((( «طرح التثريب» للعراقي (‪.)70/5‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪189‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫وس ّمي بالفويسق‪ :‬ألن أصل الفسق الخروج‪ ،‬وهذا فاسق لخروجه عن أطباع‬
‫ُ‬
‫جنسه إلى األذى‪ ،‬إذ الوزغة عندها من أنواع الضر واألذى ما خرجت به عن أجناسها‬
‫من الحشرات المستضعفات(‪.)1‬‬
‫تمرغ فيه‪ ،‬فيصير‬ ‫ِ‬
‫زاد الدَّ ميري‪« :‬ومن شأن هذا الحيوان أنه إذا تمكن من الملح ّ‬
‫مادة لتولد البرص» (‪.)2‬‬
‫قال المه ّلب‪« :‬في تسمية النبي ﷺ الوزغ‪ :‬فواس ما ّ‬
‫يدل على عقرها‪ ،‬كما سمى‬
‫العقورات كلها‪ :‬فواسق» (‪.)3‬‬
‫أما عن سبب تصغيره بالفويسق‪ :‬فذهب التوربشتي إلى أنه للتعظيم كما في‬
‫دويهية‪ ،‬وقيل‪ :‬للتحقير؛ إللحاقه ﷺ بالفواسق الخمس(‪.)4‬‬
‫قال القاري‪« :‬واألول أظهر فتدبر» (‪.)5‬‬
‫وللعلماء في سبب قتله أقوال‪ ،‬من أهمها(‪:)6‬‬
‫‪ 1‬ـ أنّه من الحشرات المؤذيات‪ ،‬ومن ذوات السموم‪ ،‬وقد عدّ ه األطباء فيما‬
‫يؤذي أو يقتل نهشه‪.‬‬
‫ويمج في اإلناء‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ 2‬ـ ويقال‪ :‬إنه يسقي الح ّيات‬

‫(( ( «كشف المشكل من حديث الصحيحين» البن الجوزي (‪ ،)244/1‬و«إكمال المعلم بفوائد‬
‫مسلم» للقاضي عياض (‪.)174/7‬‬
‫((( «حياة الحيوان» للدميري (‪.)17/2‬‬
‫((( نقله ابن بطال في «شرح البخاري» (‪.)494/4‬‬
‫((( «شرح المشكاة» للطيبي (‪.)2824/9‬‬
‫(( ( «مرقاة المفاتيح» للقاري (‪.)2671/7‬‬
‫أيضا (‪.)59/2‬‬
‫((( انظر‪« :‬التيسير بشرح الجامع الصغير» للمناوي (‪« ،)192/1‬فيض القدير» له ً‬
‫‪٣‬‬

‫‪190‬‬

‫‪ 3‬ـ كان ينفخ النار على إبراهيم ‪ ‬لما ألقاه قومه في النار‪.‬‬
‫ٌ‬
‫«بيان لخبث هذا النوع وفساده‪ ،‬وأنه بلغ في ذلك‬ ‫قال القاضي البيضاوي‪ :‬فيه‬
‫مبل ًغا استعمله الشيطان‪ ،‬فحمله على أن ينفخ في النار التي ألقي فيها خليل اهلل‬
‫صلوات اهلل عليه‪ ،‬وسعى في إشعالها‪ ،‬وهو في الجملة من ذوات السموم المؤذية»(‪.)1‬‬
‫خصوصا الملح‪ ،‬فإنها إذا لم تجد‬
‫ً‬ ‫قال ابن الملك‪« :‬ومن شغفها إفساد الطعام‬
‫طري ًقا إلى إفساده ارتقت السقف وألقت خرأها في موضع يحاذيه‪ ،‬وفي الحديث‬
‫بيان أن جبلتها على اإلساءة»(‪.)2‬‬
‫ّ‬
‫للحث على‬ ‫ٍ‬
‫ضربة‪،‬‬ ‫وبخاص ٍة في أول‬ ‫أجرا على قتل الوزغ‪،‬‬
‫ّ‬ ‫وقد رتّب الشارع ً‬
‫فوته(‪.)3‬‬
‫المبادرة بقتله خوف ْ‬
‫«م ْن َقت ََل َو َز َغ ًة فِي َأ َّو ِل َض ْر َب ٍة‬
‫ول اهلل ﷺ‪َ :‬‬
‫فعن أبي هريرة ‪ ‬قال‪َ :‬ق َال رس ُ ِ‬
‫َ ُ‬
‫ون ْالُو َلى‪،‬‬ ‫الض ْر َب ِة ال َّثانِ َي ِة َف َل ُه ك ََذا َوك ََذا َح َسنَ ًة‪ ،‬لِدُ ِ‬
‫َف َل ُه ك ََذا َوك ََذا َح َسنَ ًة‪َ ،‬و َم ْن َق َت َل َها فِي َّ‬
‫ون ال َّثانِ َي ِة» (‪.)4‬‬
‫الض ْر َب ِة ال َّثالِ َث ِة َف َل ُه ك ََذا َوك ََذا َح َسنَ ًة‪ ،‬لِدُ ِ‬
‫َوإِ ْن َق َت َل َها فِي َّ‬
‫تنص على أمرين‪:‬‬
‫وهذا األجر المبهم الوارد في هذا الحديث ب ّينته روايات أخرى ّ‬
‫‪ 1‬ـ من قتلها في أول ضربة له سبعون حسنة‪:‬‬
‫ف َع ْن َأبِي ُه َر ْي َر َة ‪َ ،‬ع ِن النَّبِ ِّي ﷺ‪َ ،‬أ َّن ُه َق َال في قتل الوزغ‪« :‬فِي َأ َّو ِل َض ْر َب ٍة‬
‫ين َح َسنَ ًة»(‪.)5‬‬ ‫ِ‬
‫َس ْبع َ‬

‫((( «تحفة األبرار» للبيضاوي (‪.)94/3‬‬


‫((( «شرح مصابيح السنة» البن ملك الرومي (‪.)518/4‬‬
‫(( ( «شـرح النـووي علـى صحيـح مسـلم» (‪ 236/14‬ـ ‪ ،)237‬و«الديبـاج علـى صحيـح مسـلم بن‬
‫الحجـاج» للسـيوطي (‪.)256/5‬‬
‫((( أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (‪.)2240‬‬
‫(( ( تقدم تخريجه آنف ًا‪.‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪191‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫‪ 2‬ـ من قتلها في أول ضربة له مائة حسنة‪.‬‬


‫«م ْن َقت ََل َو َز ًغا فِي َأ َّو ِل َض ْر َب ٍة‬
‫ف َع ْن َأبِي ُه َر ْي َر َة ‪َ ،‬ع ِن النَّبِ ِّي ﷺ‪َ ،‬أ َّن ُه َق َال‪َ :‬‬
‫ك»(‪.)1‬‬ ‫ون َذلِ َ‬ ‫ك‪َ ،‬وفِي ال َّثالِ َث ِة ُد َ‬
‫ون َذلِ َ‬
‫ت َل ُه ِما َئ ُة َح َسن ٍَة‪َ ،‬وفِي ال َّثانِ َي ِة ُد َ‬
‫كُتِ َب ْ‬
‫وللعلماء في الجواب على هذا االختالف في األجر أقوال‪:‬‬
‫قال النووي‪:‬‬
‫‪1‬ـ ّ‬
‫إن هذا مفهو ٌم للعدد وال ُيعمل به عند األصوليين وغيرهم‪ ،‬فذكْر «سبعين»‬
‫ال يمنع المائة فال معارضة بينهما‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ لع ّله أخبرنا بـ«سبعين» ّ‬
‫ثم تصدّ ق اهلل تعالى بالزيادة فأعلم بها النبي ﷺ‬
‫حين أوحى إليه بعد ذلك‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ أنه يختلف باختالف قاتلي الوزغ بحسب نياتهم وإخالصهم وكمال‬
‫أحوالهم ونقصها‪ ،‬فتكون المائة للكامل منهم والسبعين لغيره‪ .‬واهلل أعلم(‪.)2‬‬
‫وقال ابن هبيرة‪« :‬إنما أزاد األجر على قدر قوة القلب في قتل الوزغ‪ ،‬فإذا‬
‫ضعف القلب تردد الضارب بين جبن وخور فاحتاج إلى ضربة ثانية وثالثة»(‪.)3‬‬
‫ويقول القاضي عياض‪« :‬أما تخصيصها في تكثير األجر لمن قتلها في المرة‬
‫األولى‪ ،‬وتضعيفه على من ضربها ولم يقتلها إال في الثانية أو في الثالثة‪ ،‬فمن أسرار‬
‫الحكمة والتكليف‪ ،‬وأكثر ما جاءت مضاعفة األجور على تكثير العمل ومعاودته‬
‫وتكراره‪ ،‬وهذا بعكسه؛ ولعل السر في ذلك‪ :‬الحض على المبادرة لقتلها والحد فيه‪،‬‬
‫وترك التواني حتى تفوت سليمة‪ ،‬واهلل أعلم»(‪.)4‬‬

‫((( أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (‪.)2240‬‬


‫(( ( انظر‪« :‬شرح النووي على صحيح مسلم» (‪ 237/14‬ـ ‪.)238‬‬
‫(( ( «اإلفصاح عن معاني الصحاح» البن هبيرة (‪.)111/8‬‬
‫(( ( «إكمال المعلم» للقاضي عياض (‪.)174/7‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪192‬‬

‫ول اهللِ ﷺ‪َ ،‬ق َال لِ ْل َو َزغِ‪ُ « :‬ف َو ْي ِس ٌق»‪َ ،‬و َل ْم َأ ْس َم ْع ُه‬
‫أما قول عائشة ‪َ ،‬أ َّن َر ُس َ‬
‫َأ َم َر بِ َقتْلِ ِه(‪.)1‬‬
‫ٌ‬
‫مقول عن عائشة‪ ،‬والضمير للنبي ﷺ‪،‬‬ ‫فقد أجاب ابن حجر عليه بقوله‪« :‬هو‬
‫مباحا‪ ،‬وكونها لم تسمعه ال ّ‬
‫يدل على منْع‬ ‫وقضية تسميته إياه «فويس ًقا» أن يكون َقتْله ً‬
‫ذلك فقد سمعه غيرها» (‪ .)2‬ونقل عن ابن التين قوله‪« :‬هذا ال حجة فيه؛ ألنه ال يلزم‬
‫من عدم سماعها عدم الوقوع وقد حفظ غيرها كما ترى»(‪.)3‬‬
‫وقد ثبت عن عائشة ‪ ‬خالف ذلك‪:‬‬
‫فعن سعيد بن المسيب‪َ :‬أ َّن ا ْم َر َأ ًة َد َخ َل ْت َع َلى َع ِائ َش َة ‪َ ‬وبِ َي ِد َها ُعك ٌ‬
‫َّاز‪،‬‬
‫َف َقا َل ْت‪َ :‬ما َه َذا؟ َف َقا َل ْت‪« :‬لِ َه ِذ ِه ا ْل َو َز ِغ ِلَ َّن َنبِ َّي اهللِ ﷺ َحدَّ َثنَا َأ َّن ُه َل ْم َيك ُْن َش ْي ٌء إِ َّل‬
‫يم ‪ ‬إِ َّل َه ِذ ِه الدَّ ا َّب ُة َف َأ َم َرنَا بِ َقتْلِ َها‪.)4(»....‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُي ْطف ُئ َع َلى إِ ْب َراه َ‬
‫ومن فوائد أحاديث هذا المطلب‪:‬‬
‫ٍ‬
‫مكان‪ ،‬سواء في البيت أو‬ ‫‪ 1‬ـ ينبغي على المسلم أن يتتبع األوزاغ في كل‬
‫المسجد أو السوق لما في قتله من األجر(‪.)5‬‬
‫البر اإلجماع على جواز قتل الوزغ في ّ‬
‫الحل والحرم(‪.)6‬‬ ‫‪ 2‬ـ نقل ابن عبد ّ‬
‫***‬

‫(( ( أحرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)1831‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)2239‬‬


‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)41/4‬‬
‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)353/6‬‬
‫((( أخرجه النسائي في «صحيحه» رقم (‪ ،)2834‬وإسناده صحيح‪.‬‬
‫(( ( «شرح رياض الصالحين» للعثيمين (‪.)692/6‬‬
‫(( ( «التمهيد» البن عبد البر (‪.)187/15‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪193‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫المطلب الثاني‪ :‬المجاهد في سبيل اهلل‪.‬‬

‫أعدّ اهلل للمجاهد في سبيله من األجور ما يتناسب مع عظيم بذله للروح والنفس‬
‫والمال وأعز ما يملك في سبيل اهلل‪ ،‬وحسب المجاهد من الفضل قول اهلل تعالى‪:‬‬
‫﴿ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠﯡ ﯢ ﯣ‬
‫ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯﯰ ﯱ‬
‫ﯲ ﯳ ﯴ ﯵﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ﴾‬
‫[التوبة‪.]١١١ :‬‬
‫وترغي ًبا في هذه العبادة الجليلة جعل اهلل لفاعلها من المضاعفة ما يجعل‬
‫المسلم يسعى للتنافس فيه‪.‬‬
‫يد‪َ ،‬م ْن‬‫ول اهللِ ﷺ َق َال‪« :‬يا َأبا س ِع ٍ‬ ‫يد ا ْل ُخدْ ِر ِّي ‪َ ،‬أ َّن َر ُس َ‬ ‫فعن َأبِي س ِع ٍ‬
‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬
‫ت َله ا ْلجنَّ ُة»‪َ ،‬فع ِجب َلها َأبو س ِع ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َر ِض َي بِاهللِ َر ًّبا‪َ ،‬وبِ ْ ِ‬
‫يد‪،‬‬ ‫َ َ َ ُ َ‬ ‫ال ْس َل ِم دينًا‪َ ،‬وبِ ُم َح َّمد َنبِ ًّيا‪َ ،‬و َج َب ْ ُ َ‬
‫«و ُأ ْخ َرى ُي ْر َف ُع بِ َها ا ْل َع ْبدُ ِما َئ َة َد َر َج ٍة فِي‬ ‫َف َق َال‪َ :‬أ ِعدْ َها َع َلي يا رس َ ِ‬
‫ول اهلل‪َ ،‬ف َف َع َل‪ُ ،‬ث َّم َق َال‪َ :‬‬ ‫َّ َ َ ُ‬
‫ول اهللِ؟‬ ‫ض»‪َ ،‬ق َال‪َ :‬و َما ِه َي َيا َر ُس َ‬ ‫اء َو ْالَ ْر ِ‬ ‫ا ْلجن َِّة‪ ،‬ما بين ك ُِّل درج َتي ِن كَما بين السم ِ‬
‫َ َ ْ َ َّ َ‬ ‫ََ َ ْ‬ ‫َ َ َْ َ‬
‫ج َها ُد فِي َسبِ ِ‬
‫يل اهللِ»(‪.)1‬‬ ‫ج َها ُد فِي َسبِ ِ‬
‫يل اهللِ‪ ،‬ا ْل ِ‬ ‫َق َال‪« :‬ا ْل ِ‬

‫وفي قوله‪« :‬فعجب لها أبو سعيد» أسلوب «تفخيم ألمر الجهاد وتعظيم شأنه‪،‬‬
‫ٌ‬
‫مشتمل على جميع ما أمر اهلل به‬ ‫ّ‬
‫فإن قوله‪« :‬من رضي باهلل ر ًّبا وباإلسالم دينًا‪»...‬‬
‫ونهى عنه‪ ،‬ومنه‪ :‬الجهاد‪ .‬وكذا إبهامه بقوله‪« :‬وأخرى»‪ ،‬وإبرازه في صورة البشارة‬
‫ليسأل عنها فيجاب بما يجاب؛ ّ‬
‫ألن التبيين بعد اإلبهام أوقع في النفس‪ ،‬وكذا تكراره‬
‫ثالث مرات‪ .‬ونظير الحديث قوله تعالى‪﴿ :‬ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ‬

‫((( أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (‪.)1884‬‬


‫‪٣‬‬

‫‪194‬‬

‫ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ‬
‫ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪﯫ ﯬ ﯭ‬
‫ﯮ ﯯ﴾ [الصف‪ 10 :‬ـ ‪.)1(»]12‬‬
‫«م ْن َآم َن بِاهللِ َو َر ُسولِ ِه‪َ ،‬و َأ َقا َم‬ ‫و َع ْن َأبِي ُه َر ْي َر َة ‪َ ،‬ع ِن النَّبِ ِّي ﷺ‪َ ،‬ق َال‪َ :‬‬
‫يل اهللِ‪َ ،‬أ ْو‬ ‫اج َر فِي َسبِ ِ‬ ‫الج َّن َة‪َ ،‬ه َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َان َح ًّقا َع َلى اهلل َأ ْن ُيدْ خ َل ُه َ‬ ‫ان‪ ،‬ك َ‬ ‫الصالةَ‪َ ،‬و َصا َم َر َم َض َ‬ ‫َّ‬
‫َّاس بِ َذلِ َك؟ َق َال‪« :‬إِ َّن‬ ‫ج َلس فِي َأر ِض ِه ا َّلتِي ولِدَ فِ َيها»‪َ ،‬قا ُلوا‪ :‬يا رس َ ِ‬
‫ول اهلل‪َ ،‬أ َفال ُننَ ِّب ُئ الن َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬
‫ين فِي َسبِيلِ ِه‪ ،‬ك ُُّل َد َر َج َت ْي ِن َما َب ْين َُه َما ك ََما َب ْي َن‬ ‫ِ ِ‬ ‫فِي الجن َِّة ِما َئ َة درج ٍة‪َ ،‬أعدَّ ها ا ِ‬
‫هلل ل ْل ُم َجاهد َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ‬
‫الجن َِّة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الجنَّة‪َ ،‬و َأ ْع َلى َ‬
‫ِ‬
‫ض‪َ ،‬فإِ َذا َس َأ ْلت ُُم اهللَ َف َس ُلو ُه الف ْر َد ْو َس‪َ ،‬فإِ َّن ُه َأ ْو َس ُط َ‬
‫السم ِ‬
‫اء َواألَ ْر ِ‬ ‫َّ َ‬
‫الجن َِّة»(‪.)2‬‬ ‫ِ‬
‫الر ْح َم ِن‪َ ،‬ومنْ ُه َت َف َّج ُر َأن َْه ُار َ‬
‫َو َف ْو َق ُه َع ْر ُش َّ‬
‫«الدرجة‪ :‬المنزلة الرفيعة‪ ،‬و ُيراد بها‬
‫َ‬ ‫قال القرطبي في تفسير معنى الدرجات‪:‬‬
‫غرف الجنّة ومراتبها التي أعالها الفردوس»(‪.)3‬‬
‫أن هذا على ظاهره‪ّ ،‬‬
‫وأن الدرجات هنا‪ :‬المنازل‬ ‫قال القاضي عياض‪« :‬يحتمل ّ‬
‫ٍ‬
‫بعض في الظاهر‪ ،‬وهذه صفة منازل الجنة‪ ،‬ويحتمل أن يكون‬ ‫التي بعضها أرفع من‬
‫المراد‪ :‬الرفعة بالمعنى‪ ،‬من كثرة وعظيم اإلحسان‪ ،‬مما لم يخطر على قلب بشر‪،‬‬
‫ً‬
‫تفاضل‬ ‫البر والكرامة يتفاضل‬
‫وبوأه من ّ‬
‫واصف‪ ،‬وأن أنول ما أنعم به عليه ّ‬
‫ٌ‬ ‫وال يصفه‬
‫بعضا‪ ،‬ومثل تفاضله في البعد بما بين السماء واألرض»‪ .‬ثم قال‬
‫كبيرا‪ ،‬و ُينسي بعضه ً‬
‫ً‬
‫القاضي عياض‪« :‬واألول أظهر»(‪.)4‬‬

‫((( «شرح المشكاة» للطيبي (‪.)2660/8‬‬


‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪.)7423‬‬
‫((( «المفهم» للقرطبي (‪.)710/3‬‬
‫ف ٍ‬
‫يسير‪.‬‬ ‫(( ( «إكمال المعلم» للقاضي عياض (‪ )155/6‬مع تصر ٍ‬
‫ّ‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪195‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫قـال الطيبـي‪« :‬فـإن ُق ْل َ‬


‫ـت‪ :‬كيـف التوفيق بين هـذا الحديـث وبين مـا َو َر َد في‬
‫صفـة أهـل الجنـة‪« :‬مائـة درجة‪ ،‬مـا بيـن كل درجتيـن كما بيـن السـماء واألرض‪،‬‬
‫تفسـير‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫محمـول علـى هـذا المق ّيد‪ ،‬أو‬ ‫قلـت‪ :‬هـو ُم ْط َل ٌ‬
‫ـق‬ ‫والفـردوس أعالهـا»(‪)1‬؟ ُ‬
‫للمجاهديـن بالعمـوم‪ ،‬والدرجات بحسـب مراتبهم في الجهاد‪ ،‬فيكـون الفردوس‬
‫حـق جهـاده» (‪.)2‬‬
‫لمـن جاهد ّ‬
‫ومن فوائد أحاديث هذا المطلب‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ قال القرطبي‪« :‬ال ُيظ ّن من هذا ّ‬
‫أن درجات الجنة محصورة بهذا العدد‪ ،‬بل‬
‫هي أكثر من ذلك‪ ،‬وال يعلم حصرها وعددها إال اهلل تعالى‪ ،‬فإذا اجتمعت لإلنسان‬
‫فضيلة الجهاد مع فضيلة القرآن جمعت له تلك الدرجات كلها‪ ،‬وهكذا كلما زادت‬
‫أعماله زادت درجاته»(‪.)3‬‬
‫ّ‬
‫الحث على ما يحصل به أقصى درجات الجنان من‬ ‫‪ 2‬ـ قال الطيبي‪« :‬فيه‬
‫المجاهدة مع النفس‪ ،‬لقوله تعالى‪﴿ :‬ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ﴾ [الحج‪.)4(»]٧٨ :‬‬
‫‪ 3‬ـ قال ابن حجر‪« :‬فيه إشارة إلى ّ‬
‫أن درجة المجاهد قد ينالها غير المجاهد‬
‫إما بالنية الخالصة أو بما يوازيه من األعمال الصالحة؛ ألنه ﷺ أمر الجميع بالدعاء‬
‫بالفردوس بعد أن أعلمهم أنه أعدّ ه للمجاهدين»(‪.)5‬‬
‫***‬

‫(( ( سبق تخريجه قبل قليل‪.‬‬


‫((( «شرح المشكاة» للطيبي (‪.)2623/8‬‬
‫((( «المفهم» للقرطبي (‪.)710/3‬‬
‫((( «شرح المشكاة» للطيبي (‪.)2623/8‬‬
‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)13/6‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪196‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬الصالة في المسجد األقصى‪.‬‬

‫للمسجد األقصى مكان ٌة سامي ٌة في قلوب الموحدين‪ ،‬ومنزل ٌة سامق ٌة في أفئدة‬


‫من ذاق طعم اإليمان وعرف قدْ ر هذه األرض وشرفها وفضلها؛ ألنه قبلة المسلمين‬
‫األولى‪ ،‬وثاني المساجد وجو ًدا على وجه األرض‪ ،‬ومنه ُعرج بالنبي ﷺ إلى‬
‫السموات العلى‪ ،‬وقد قرنه اهلل في مطلع سورة اإلسراء بالمسجد الحرام ليأخذا م ًعا‬
‫شرف التقديس ويشتركا في األحكام والفضيلة‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭑ ﭒ ﭓ‬
‫ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ‬
‫ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ﴾ [اإلسراء‪.]١ :‬‬
‫وللترغيب أكثر في الصالة في هذا المسجد المبارك ضاعف اهلل أجر الصالة‬
‫فيه‪ ،‬واختلف في تحديد هذا األجر بنا ًء على االختالف في األحاديث الواردة فيه‪،‬‬
‫وهاك التفصيل‪.‬‬
‫أن الصلاة فـي المسـجد األقصـى تضاعـف إلـى‬
‫‪ 1‬ـ األحاديـث الـواردة فـي ّ‬
‫(‪ )250‬صلاة‪:‬‬
‫الص َل ُة فِي َم ْس ِج ِد َك َه َذا َأ ْف َض ُل‬ ‫َعن َأبِي َذر ‪َ ‬ق َال‪ُ :‬ق ْل ُت‪ :‬يا رس َ ِ‬
‫ول اهلل َّ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ٍّ‬ ‫ْ‬
‫ج ِدي ه َذا َأ ْف َض ُل ِمن َأرب ِع ص َلو ٍ‬ ‫«ص َل ٌة فِي َم ْس ِ‬ ‫ت ا ْل َم ْق ِد ِ‬
‫ِمن ص َل ٍة فِي بي ِ‬
‫ات‬ ‫ْ َْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫س؟ َف َق َال‪َ :‬‬ ‫َْ‬ ‫ْ َ‬
‫فِ ِيه‪َ ،‬و َلن ِ ْع َم ا ْل ُم َص َّلى‪ِ ،‬ه َي َأ ْر ُض ا ْل َم ْح َش ِر َوا ْل َمن َْش ِر» (‪.)1‬‬
‫أن الصلاة فـي المسـجد األقصـى تضاعـف إلـى‬
‫‪ 2‬ـ األحاديـث الـواردة فـي ّ‬
‫(‪ )500‬صلاة‪:‬‬
‫لاة فِـي‬
‫ـل الص ِ‬ ‫ِ‬
‫ـال َر ُسـول اهلل ﷺ‪َ « :‬ف ْض ُ َّ‬ ‫َعـن َأبِـي الـدَّ ْر َد ِاء ‪َ ‬ق َ‬
‫ـال‪َ :‬ق َ‬

‫((( أخرجه الطبراني في «مسند الشاميين» رقم (‪ ،)2714‬وإسناده ضعيف؛ لكنه حسن لغيره بمتابعاته‪.‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪197‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫لاة َوفِـي‬ ‫ـف ص ٍ‬


‫ـجدي َأ ْل ُ َ‬
‫لاة وفِـي مس ِ ِ‬
‫َ ْ‬ ‫َ‬
‫ـف ص ٍ‬
‫َ‬
‫المسـجد الحـرام علـى غيـره مائَـة َأ ْل ِ‬

‫لاة»(‪.)1‬‬ ‫خمسـمئَة ص ٍ‬ ‫ِ‬ ‫مسـجد بيـت المقـدس‬


‫َ‬
‫ج ِد ا ْل َح َرا ِم ِما َئ ُة‬
‫«ص َل ٌة فِي ا ْل َم ْس ِ‬
‫ول اهلل ﷺ‪َ :‬‬
‫و َعن جابِ ٍر ‪َ ‬ق َال‪َ :‬ق َال رس ُ ِ‬
‫َ ُ‬ ‫ْ َ‬
‫س َخ ْم ُس ِمائ ٍَة»(‪.)2‬‬‫ت ا ْل َم ْق ِد ِ‬ ‫ج ِد بي ِ‬ ‫ج ِدي َأ ْل ٌ ِ‬
‫ف‪َ ،‬وفي َم ْس ِ َ ْ‬ ‫ف‪َ ،‬وفِي َم ْس ِ‬
‫َأ ْل ٍ‬

‫قال الطحاوي‪« :‬في هذا ّ‬


‫أن الصالة في مسجد النبي عليه الصالة والسالم‬
‫كصالتين يعني في بيت المقدس»(‪.)3‬‬
‫أن الصلاة فـي المسـجد األقصـى تضاعـف إلـى‬
‫‪ 3‬ـ األحاديـث الـواردة فـي ّ‬
‫(ألـف) صالة‪:‬‬
‫ت‬ ‫ول اهللِ َأ ْفتِنَا فِي بي ِ‬ ‫َع ْن َم ْي ُمو َن َة ـ َم ْو َل ِة النَّبِ ِّي ﷺ ـ (‪َ )4‬قا َل ْت‪ُ :‬ق ْل ُت‪َ :‬يا َر ُس َ‬
‫َْ‬
‫ف َص َل ٍة‬ ‫«أر ُض ا ْلمح َش ِر وا ْلمن َْش ِر ا ْئتُوه َفص ُّلوا فِ ِيه‪َ ،‬فإِ َّن ص َل ًة فِ ِيه ك ََأ ْل ِ‬
‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫س َق َال‪ْ َ :‬‬ ‫ا ْل َم ْق ِد ِ‬
‫َح َّم َل إِ َل ْي ِه؟ َق َال‪َ « :‬فت ُْه ِدي َل ُه َز ْيتًا ُي ْس َر ُج فِ ِيه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫في َغ ْي ِره» ُق ْل ُت‪َ :‬أ َر َأ ْي َت إِ ْن َل ْم َأ ْستَط ْع َأ ْن َأت َ‬
‫ِ‬

‫ك َف ُه َو ك ََم ْن َأتَا ُه»(‪.)5‬‬ ‫َف َم ْن َف َع َل َذلِ َ‬


‫التوجه‬
‫ّ‬ ‫وإنما كان سبب سؤال ميمونة‪ :‬ب ّين لنا هل ّ‬
‫تحل الصالة فيه بعد أن نُسخ‬
‫إليه(‪ ،)6‬فجاء الجواب بنعم‪ ،‬وفيه بيان مضاعفة الصالة فيه إلى ألف صالة‪.‬‬

‫(( ( أخرجه البزار في «مسنده» رقم (‪ ،)4142‬وإسناده ضعيف‪.‬‬


‫(( ( أخرجه الفاكهي في «أخبار مكة» رقم (‪ ،)1184‬وإسناده ضعيف جدًّ ا‪.‬‬
‫(( ( «شرح مشكل اآلثار» للطحاوي (‪.)69/2‬‬
‫(( ( جـاء فـي روايـة الطبرانـي فـي «المعجم الكبيـر» رقـم (‪« :)54‬عن ميمونـة وليسـت بميمونة زوج‬
‫النبي ﷺ»‪.‬‬
‫(( ( أخرجه ابن ماجه في «سننه» رقم (‪ ،)1407‬وإسناده حسن‪.‬‬
‫((( «حاشية السندي على سنن ابن ماجه» (‪.)429/1‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪198‬‬

‫أن الصلاة فـي المسـجد األقصـى تضاعـف إلـى‬


‫‪ 4‬ـ األحاديـث الـواردة فـي ّ‬
‫(‪ 50‬ألـف) صلاة‪:‬‬
‫الر ُج ِل فِي َب ْيتِ ِه‬ ‫«ص َل ُة َّ‬ ‫ول اهلل ﷺ‪َ :‬‬
‫َس ب ِن مالِ ٍك ‪َ ‬ق َال‪َ :‬ق َال رس ُ ِ‬
‫َ ُ‬ ‫َع ْن َأن ِ ْ َ‬
‫ج ِد‬ ‫ين َص َلةً‪َ ،‬و َص َل ُت ُه فِي ا ْل َم ْس ِ‬ ‫ج ِد ا ْل َقبائِ ِل بِخَ م ٍ ِ‬
‫س َوع ْش ِر َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫بِ َص َل ٍة‪َ ،‬و َص َل ُت ُه فِي َم ْس ِ‬
‫ف‬ ‫ج ِد ْالَ ْقصى بِخَ م ِسين َأ ْل ِ‬ ‫س ِمائ َِة َص َل ٍة‪َ ،‬و َص َل ُت ُه فِي ا ْل َم ْس ِ‬ ‫ا َّل ِذي ُي َج َّم ُع فِ ِيه بِخَ ْم ِ‬
‫ْ َ‬ ‫َ‬
‫ج ِد ا ْل َح َرا ِم بِ ِمائ َِة‬
‫ف َص َل ٍة‪َ ،‬و َص َل ٌة فِي ا ْل َم ْس ِ‬ ‫ج ِدي بِخَ م ِسين َأ ْل ِ‬
‫ْ َ‬ ‫َص َل ٍة‪َ ،‬و َص َل ُت ُه فِي َم ْس ِ‬
‫ف َص َل ٍة»(‪.)1‬‬ ‫َأ ْل ِ‬

‫صح في أجر الصالة في المسجد األقصى هو‪:‬‬


‫ومن خالل ما سبق يبين لنا أن ما ّ‬
‫ـ الصالة فيه بـ(‪ )250‬صالة‪.‬‬
‫ـ الصالة فيه بـ(‪ )1000‬صالة‪.‬‬
‫وال تناقض بين الحديثين‪ ،‬إذ يجمع بينهما أن يكون ُرتّب األجر عليه ً‬
‫أول (‪)250‬‬
‫صالة‪ ،‬ثم ضاعفها اهلل إلى (‪ ،)1000‬ففضل اهلل واسع‪ ،‬ورحمته وسعت ّ‬
‫كل شيء‪.‬‬
‫يقول المناوي‪« :‬ال تنافي في الروايات المختلفة في التضعيف ؛ الحتمال أن‬
‫حديث األقل قبل حديث األكثر‪ ،‬ثم تفضل اهلل باألكثر شيئ ًا بعد شيء‪ ،‬ويحتمل أن‬
‫يكون تفاوت األعداد لتفاوت األحوال» (‪.)2‬‬
‫وأما قول العراقي‪« :‬أصح طرق أحاديث الصالة ببيت المقدس أنها بألف‬
‫صالة» (‪ )3‬ال يلزم منه ضعف غيرها‪ ،‬وقد صح كما سبق حديث (‪ )250‬صالة‪.‬‬

‫(( ( أخرجه ابن ماجه في «سننه» رقم (‪ ،)1413‬وإسناده ضعيف جدًّ ا‪.‬‬
‫(( ( «مرقاة المفاتيح» للقاري (‪.)587/2‬‬
‫((( «طرح التثريب» للعراقي (‪.)51/6‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪199‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫ومن فوائد أحاديث هذا المطلب‪:‬‬


‫‪ 1‬ـ قال أبو زرعة العراقي‪« :‬إن قلت‪ :‬لم ُس ّمي المسجد األقصى ولم يكن بعد‬
‫ول اهللِ‪،‬‬
‫المسجد الحرام غيره‪ ،‬ففي الصحيحين عن أبي َذ ٍّر ‪َ ،‬ق َال‪ُ :‬ق ْل ُت َيا َر ُس َ‬
‫الح َرا ُم» َق َال‪ُ :‬ق ْل ُت‪ُ :‬ث َّم َأ ٌّي؟ َق َال‬ ‫«الم ْس ِ‬
‫جدُ َ‬ ‫َأ ُّي َم ْس ِج ٍد ُو ِض َع فِي األَ ْر ِ‬
‫ض َأ َّو َل؟ َق َال‪َ :‬‬
‫ون َس َن ًة‪ُ ،‬ث َّم َأ ْين ََما َأ ْد َر َكت َ‬
‫ْك‬ ‫َان َب ْين َُه َما؟ َق َال‪َ :‬‬
‫«أ ْر َب ُع َ‬ ‫«الم ْس ِ‬
‫جدُ األَ ْق َصى» ُق ْل ُت‪ :‬ك َْم ك َ‬ ‫َ‬
‫الصال ُة َب ْعدُ َف َص ِّل ْه‪َ ،‬فإِ َّن ال َف ْض َل فِ ِيه»(‪)1‬؟ قلت ـ أي‪ :‬العراقي ـ‪ :‬علم اهلل تعالى ّ‬
‫أن‬ ‫َّ‬
‫مسجد المدينة سيبنى فيكون قاص ًيا أي بعيدً ا من مسجد مكة‪ ،‬ويكون مسجد بيت‬
‫فسمي بذلك باعتبار ما يؤول حاله إليه‪ ،‬واهلل تعالى أعلم»(‪.)2‬‬
‫القدس أقصى‪ّ ،‬‬
‫وقـال ابـن حجـر‪« :‬قيـل لـه األقصى لبعـد المسـافة بينـه وبيـن الكعبـة وقيل‬
‫ألنـه لم يكـن وراءه موضع عبـادة وقيـل لبعده عن األقـذار والخبائـث‪ ،‬والمقدس‬
‫المطهـر عن ذلـك»(‪.)3‬‬
‫‪ 2‬ـ ظاهر الحديث أنه ال فرق في تضعيف الصالة بين الفرض والنفل(‪.)4‬‬
‫‪ 3‬ـ قال العيني‪« :‬فيه فضيلة بيت المقدس‪ ،‬وجواز ب ْعث الزيت إلى المساجد‬
‫ٍ‬
‫حرب‪ ،‬يجوز لمن في‬ ‫لإلصباح وإن كانت في غير بلده‪ ،‬وإذا كان مسجدٌ في دار‬
‫والحصر والقناديل‬
‫دار اإلسالم أن يبعث له زيتًا ُيسرج فيه‪ ،‬و ُيقاس على هذا ال ُبسط ُ‬
‫ونحو ذلك مما يحتاج إليه المسجد»(‪.)5‬‬

‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)3366‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)520‬‬


‫((( «طرح التثريب» للعراقي (‪.)46/6‬‬
‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)408/6‬‬
‫(( ( انظر‪« :‬طرح التثريب» للعراقي (‪.)54/6‬‬
‫(( ( «شرح سنن أبي داود» للعيني (‪.)363/2‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪200‬‬

‫قال الباحث‪ :‬وهذا االهتمام يتع ّين في حق المسجد األقصى هذه األيام أكثر‬
‫من سابقتها؛ لما يتعرض له األقصى من اغتصاب وتهويد وتدنيس لم ُيعهد من قبل‪،‬‬
‫وال حول وال قوة إال باهلل‪.‬‬

‫***‬

‫المطلب الرابع‪ :‬النفقة في الجهاد في سبيل اهلل‪.‬‬

‫كل ما يتع ّلق معـه‪ ،‬حتى ضاعف‬ ‫أعلـى اهلل شـأن الجهاد في سـبيله‪ ،‬وأعلى معـه ّ‬
‫النفقـة فيـه إلى سـبعمائة ضعف؛ ترغي ًبـا في فِ ْع ِل َهـا‪ ،‬وتشـجي ًعا على َب ْ‬
‫ـذل المزيد في‬
‫سبيل اهلل‪.‬‬

‫ـق َن َف َق ًة فِي‬
‫ـن َأ ْن َف َ‬
‫«م ْ‬
‫ـول اهلل ﷺ‪َ :‬‬ ‫َ ُ‬ ‫ـن َفاتِ ٍك ‪َ ‬ق َ‬
‫ـال‪َ :‬ق َال رس ُ ِ‬ ‫فعـن ُخ َر ْيـ ِم ْب ِ‬
‫ف»(‪.)1‬‬ ‫َـة ِضع ٍ‬
‫ت َله بِسـب ِع ِمائ ِ‬ ‫سـبِ ِ ِ ِ‬
‫ْ‬ ‫يل اهلل كُت َب ْ ُ َ ْ‬ ‫َ‬
‫وهذه المضاعفة الواردة في هذا الحديث ـ كما قال ّ‬
‫المل علي القاري ـ هي‪:‬‬
‫ّ‬
‫«أقل الموعود‪ ،‬واهلل يضاعف لمن يشاء»(‪.)2‬‬

‫خاص بالنفقة في سبيل اهلل‪ ،‬وتمسك‬


‫إن العمل الذي ُيضاعف إلى سبعمائة ٌّ‬ ‫قيل‪ّ :‬‬
‫ف»‪.‬‬ ‫قائلوه بما جاء في الحديث السابق «بِسب ِعمائ َِة ِضع ٍ‬
‫ْ‬ ‫َ ْ َ‬
‫صريح في ّ‬
‫أن النفقة في سبيل اهلل تُضاعف إلى‬ ‫ٌ‬ ‫قال ابن حجر‪« :‬وتُع ّقب بأنّه‬
‫صريحا»‪.‬‬
‫ً‬ ‫سبعمائة‪ ،‬وليس فيه ن ْف ُي ذلك عن غيرها‬
‫ّ‬
‫اسـتدل ابن حجـر على هذا التعميـم بحديث أبي هريـرة ‪ ‬مرفو ًعا‪:‬‬ ‫ثم‬

‫(( ( أخرجه الترمذي في «سننه» رقم (‪ ،)1625‬وإسناده صحيح‪.‬‬


‫(( ( «مرقاة المفاتيح» للقاري (‪.)2477/6‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪201‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫ـر َأم َثالِها إِ َلى سـب ِع ِمائ َِة ِضع ٍ‬


‫ف»(‪.)1‬‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫ف‪ ،‬ا ْل َح َسـنَ ُة بِ َع ْش ِ ْ َ‬
‫«ك ُُّل َع َم ِل بن آ َد َم ُي َضا َع ُ‬
‫وقـال‪« :‬اخت ُِلـف فـي قولـه تعالـى‪﴿ :‬ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ﴾ [البقـرة‪ ،]٢٦١ :‬هل‬
‫ٍ‬
‫سـبعمائة فقط‪ ،‬أو زيـاد ٌة على ذلـك؟ فاألول هـو المح ّقق‬ ‫المـراد‪ :‬المضاعفـة إلـى‬
‫مـن سـياق اآلية‪ ،‬والثانـي ُمحت ٌ‬
‫َمـل‪ ،‬ويؤ ّيد الجـواز سـعة الفضل»(‪.)2‬‬
‫يقـول ابـن الجوزي‪« :‬اعلـم ّ‬
‫أن هـذا الثواب على الحسـنة أمر معلـوم عند اهلل عز‬
‫الراتب‪ ،‬وقد‬
‫عشـرا‪ ،‬فهذا الرسـم ّ‬
‫ً‬ ‫وجـل‪ ،‬وقـد جعل لنا على الحسـنة من تلك المقادير‬
‫ُيضاعـف ذلـك للمؤمـن على قـدر إخالصه ورضـاه عنه إلى سـبعمائة‪ ،‬وإلى سـبعين‬
‫أل ًفـا وأكثـر‪ ،‬كمـا قـال أبـو هريـرة فـي قولـه تعالـى‪﴿ :‬ﯪﯫﯬﯭ﴾‬
‫ألف‪ ،‬وألفي ٍ‬
‫ألف»(‪.)3‬‬ ‫[البقرة‪ ،]٢٤٥ :‬قال‪ :‬ألف ٍ‬
‫ْ‬
‫ٍ‬
‫حديث آخر‪:‬‬ ‫أيضا في‬
‫ووردت هذه المضاعفة ً‬
‫ـاري ‪َ ‬ق َال‪ :‬جاء رج ٌـل بِنَا َق ٍة م ْخ ُطوم ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ـة‪َ ،‬ف َق َال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ُ‬ ‫فعـن َأبِي َم ْسـ ُعود ْالَن َْص ِ ِّ‬
‫ك بِ َهـا َي ْو َم ا ْل ِق َي َام ِة َسـ ْب ُع ِمائَـة نَا َقة ك ُّل َها‬
‫ـول اهللِ ﷺ‪َ « :‬ل َ‬ ‫ـذ ِه فِـي َسـبِ ِ‬
‫يل اهللِ‪َ ،‬ف َق َال َر ُس ُ‬ ‫ه ِ‬
‫َ‬
‫َمخْ ُط َ‬
‫وم ٌة(‪.)5(»)4‬‬
‫بـوب النـووي علـى هـذا الحديـث بقولـه‪« :‬بـاب فضـل الصدقـة فـي‬ ‫ولمـا ّ‬
‫سـبيل اهلل تعالـى وتضعيفهـا» قـال‪« :‬قيل‪ :‬يحتمـل أن المراد لـه أجر سـبعمائة ٍ‬
‫ناقة‪،‬‬

‫((( سبق تخريجه‪.‬‬


‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)326/11‬‬
‫(( ( «كشف المشكل من حديث الصحيحين» البن الجوزي (‪.)206/2‬‬
‫قريب من الزمام»‪« .‬شرح النووي على صحيح‬
‫ٌ‬ ‫(( ( مخطومة‪ :‬قال النووي‪« :‬أي‪ :‬فيها خطام‪ ،‬وهو‬
‫مسلم» (‪.)38/13‬‬
‫((( أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (‪.)1892‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪202‬‬
‫ٍ‬
‫واحدة‬ ‫ويحتمـل أن يكـون علـى ظاهـره‪ ،‬ويكـون له فـي الجنـة بهـا سـبعمائة‪ّ ،‬‬
‫كل‬
‫للتنـزه‪ ،‬كمـا جـاء فـي خيـل الجنـة ونجبها‪،‬‬
‫ّ‬ ‫منهـن مخطومـة يركبهـن حيـث شـاء‬
‫وهـذا االحتمـال أظهـر‪ ،‬واهلل أعلـم» (‪.)1‬‬

‫وهذا الذي ذكره النووي هو كالم القاضي عياض وفيه زيادة قوله‪« :‬وقد يكون‬
‫ذلك إشارة إلى تضعيف ثوابه‪ ،‬وتسمية الثواب باسم الحسنة والطاعة‪ ،‬لكن قوله‪:‬‬
‫يقوي أنه على ظاهره‪ ،‬ومعناه‪ :‬عليها خطام‪ ،‬وهو مثل الزمام» (‪.)2‬‬
‫«مخطومة» ّ‬
‫ويفيد هذا الحديث بتقييد النفقة المضاعفة الواردة في الحديث التالي على‬
‫حملها في الجهاد في سبيل اهلل‪:‬‬
‫ْ‬
‫اح َن ُعـو ُد ُه ِم ْن‬ ‫ـال‪َ :‬د َخ ْلنَا َع َلـى َأبِـي ُع َب ْيدَ َة ْب ِ‬
‫ـن ا ْل َج َّر ِ‬ ‫ف‪َ ،‬ق َ‬ ‫ـن ُغ َطي ٍ‬
‫ـاض ْب ِ ْ‬ ‫عـن ِع َي ِ‬
‫ـات َأ ُبـو ُع َب ْيدَ ةَ؟‬
‫ف َب َ‬ ‫ـه‪ ،‬قلنـا‪َ :‬ك ْي َ‬ ‫اعـدَ ٌة ِعنْـدَ ر ْأ ِس ِ‬‫َشـكْوى َأصابـه‪ ،‬وامر َأتُـه تُحي َفـ ُة َق ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ ُ َ َْ ُ َْ‬ ‫ً‬
‫لا بِ َو ْج ِه ِه‬‫َان ُم ْقبِ ً‬
‫ـر ـ َوك َ‬ ‫ـت بِ َأ ْج ٍ‬‫ـال َأ ُبو ُع َب ْيـدَ ةَ‪َ :‬ما بِ ُّ‬
‫ـر‪َ ،‬ف َق َ‬ ‫ـت‪َ :‬واهللِ َل َقـدْ َب َ‬
‫ـات بِ َأ ْج ٍ‬ ‫َقا َل ْ‬
‫ـت؟ َقا ُلوا‪:‬‬ ‫ـال‪َ :‬أال ت َْس َـأ ُلونَنِي َع َّما ُق ْل ُ‬
‫ـو ِم بِ َو ْج ِه ِه‪َ ،‬ف َق َ‬ ‫ِ ِ‬
‫َع َلـى ا ْل َحائـط ـ َف َأ ْق َب َـل َع َلـى ا ْل َق ْ‬
‫«م ِ‬
‫ـن أ ْن َف َق‬ ‫ـول اهللِ ﷺ َي ُق ُ‬ ‫ـم ْع ُت َر ُس َ‬ ‫مـا َأ ْعجبنَـا مـا ُق ْل َت‪َ ،‬فنَس َـأ ُل َك َعنْـه‪َ .‬ق َال‪ :‬س ِ‬
‫ول‪َ :‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ‬
‫ـه و َأهلِ ِ‬
‫ـه‪َ ،‬أ ْو َعـا َد‬ ‫ِ ِ‬ ‫يل اهللِ‪َ ،‬فبِسـب ِع ِمائ ٍ‬
‫َـة‪َ ،‬و َم ِ‬ ‫اض َلـ ًة فِـي َسـبِ ِ‬ ‫َن َف َقـ ًة َف ِ‬
‫ـق َع َلـى َن ْفس َ ْ‬ ‫ـن أ ْن َف َ‬ ‫َ ْ‬
‫ِ‬
‫ـو ُم ُجنَّ ٌة َمـا َل ْم َيخْ ِر ْق َهـا‪َ ،‬و َم ِن‬ ‫ـر َأ ْم َثال َهـا‪َ ،‬و َّ‬
‫الص ْ‬ ‫يضـا‪َ ،‬أ ْو َمـا َز َأ ًذى‪َ ،‬فا ْل َح َسـنَ ُة بِ َع ْش ِ‬ ‫َم ِر ً‬
‫ـو َل ُه ِح َّطـ ٌة»(‪.)3‬‬ ‫ِِ‬ ‫ٍ ِ‬
‫ا ْبتَلا ُه اهللُ بِ َبلاء في َج َسـده َف ُه َ‬
‫ولما قال عبد الرحمن بن َغنْم لمعاذ بن جبل ‪« :‬إِن ََّما النَّ َف َق ُة َس ْب ُع ِمائ َِة‬

‫(( ( «شرح النووي على صحيح مسلم» (‪.)38/13‬‬


‫(( ( «إكمال المعلم بفوائد مسلم» للقاضي عياض (‪.)315/6‬‬
‫((( سبق تخريجه‪.‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪203‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫ون فِي َأ ْه ِل ِيه ْم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ٍ‬


‫يم َ‬‫وها َو ُه ْم ُمق ُ‬‫ض ْعف» أجابه بقوله‪َ « :‬ق َّل َف ْه ُم َك‪ ،‬إِن ََّما َذل َك إِ َذا َأ ْن َف ُق َ‬
‫َغير َغ َز ٍاة‪َ ،‬فإِ َذا َغ ُزوا و َأ ْن َف ُقوا َخب َأ اهلل َلهم من ِخ َزان َِة رحمتِ ِه ما ينْ َقطِع َعنْه َع ِلم ا ْل ِعب ِ‬
‫اد‬ ‫َ ْ َ َ َ ُ ُ ُ َ‬ ‫َّ ُ ُ ْ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬
‫ون»(‪.)1‬‬‫َو ِص َفت ُُه ْم‪َ ،‬ف ُأو َل ِئ ِك ِح ْز ُب اهللِ‪َ ،‬و ِح ْز ُب اهللِ ُه ُم ا ْل َغالِ ُب َ‬

‫***‬

‫المطلب الخامس‪ :‬النفقة في الحج‪.‬‬

‫تعظيما لبيته المحرم‪ ،‬وجعله أحد أركان اإلسالم الخمس لمن‬


‫ً‬ ‫أمر اهلل بالحج‬
‫ٍ‬
‫استطاع إليه سبيالً‪ ،‬وال يصح إيمان عبد إال باإليمان به‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮬ ﮭ ﮮ‬
‫ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ﴾ [آل عمران‪.]٩٧ :‬‬
‫ضعف‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ولفضيلة هذه العبادة؛ ضاعف اهلل النفقة فيها إلى سبعمائة‬
‫ول اهللِ ﷺ‪« :‬النَّ َف َق ُة فِي ا ْل َح ِّج‬
‫فعن ُب َر ْيدة بن الحصيب ‪ ‬قال‪َ :‬ق َال َر ُس ُ‬
‫يل اهللِ بِسب ِع ِمائ َِة ِضع ٍ‬
‫ف»(‪.)2‬‬ ‫كَالنَّ َف َق ِة فِي َسبِ ِ‬
‫ْ‬ ‫َ ْ‬
‫قـال المنـاوي‪« :‬هذا الحج األكبر‪ ،‬ويلحـق به الحج األصغر وهـو العمرة»(‪،)3‬‬
‫وقـال ابـن رجـب‪« :‬فيه ٌ‬
‫دليـل علـى ّ‬
‫أن النفقة فـي الحـج والعمرة تدخل فـي جملة‬
‫النفقة في سـبيل اهلل»(‪.)4‬‬
‫ومن فوائد أحاديث هذا المطلب‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ قـال الحرا ّلـي‪« :‬الحـج هو‪ :‬حشـر الخالئق مـن األقطار للوقـوف بين يدي‬

‫(( ( «المعجم الكبير» للطبراني (‪ ،)77/20‬رقم (‪.)143‬‬


‫(( ( أخرجه أحمد في «المسند» رقم (‪ ،)2300‬وإسناده ضعيف‪ ،‬لكنه حسن لغيره بشواهده‪.‬‬
‫(( ( «التيسير بشرح الجامع الصغير» للمناوي (‪.)504/1‬‬
‫((( «لطائف المعارف» البن رجب ص (‪« ،)230‬تفسير ابن رجب الحنبلي» (‪.)146/1‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪204‬‬

‫الغفـار فـي خاتمة منيتهم ومشـارفة وفاتهم لتكون لهم آمنة من حشـر مـا بعد مماتهم‬
‫فكمـل به بنـاء الدين وفرض في آخر سـني الهجـرة»(‪.)1‬‬
‫‪ 2‬ـ قـال المنـاوي‪ :‬فيـه «بيـان عظيم فضلـه‪ ،‬كيف وقـد جعلت مواقفـه أعال ًما‬
‫علـى السـاعة‪ ،‬والحـج آيـة الحشـر وأهـل الحشـر ﴿ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ﴾‬
‫[عبـس‪.)2(»]٣٧ :‬‬
‫الحج يصرف فيه من سـهم سـبيل اهلل‬
‫ّ‬ ‫أن‬ ‫‪ 3‬ـ قـال ابـن رجب‪ُ « :‬ي ْسـت ّ‬
‫َدل به على ّ‬
‫المذكـور فـي آيـة الـزكاة‪ ،‬كمـا هو أحـد قولـي العلمـاء‪ ،‬فيعطى مـن الـزكاة من لم‬
‫يحج مـا يحج بـه»(‪.)3‬‬
‫***‬

‫(( ( نقله المناوي في «فيض القدير» (‪.)406/3‬‬


‫(( ( «فيض القدير» للمناوي (‪.)406/3‬‬
‫((( «لطائف المعارف» البن رجب ص (‪ ،)230‬تفسير ابن رجب الحنبلي (‪.)146/1‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪205‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫المبحث الخامس‬
‫مضاعفة األجر من ألف مرة إلى ألف ألف مرة‬

‫المطلب األول‪ :‬الصالة في المسجد النبوي‪.‬‬

‫ثاني المساجد التي تُشدّ إليها الرحال‪ ،‬وثاني أكثر‬


‫يعدّ المسجد النبوي الشريف َ‬
‫المساجد التي يضاعف فيها أجر الصالة‪ ،‬فقد ورد في السنة النبوية ما يدلل على‬
‫ٍ‬
‫ضعف‪.‬‬ ‫مضاعف أجر الصالة فيه إلى ألف‬
‫ج ِدي َه َذا َخ ْي ٌر ِم ْن‬
‫«صال ٌة فِي َم ْس ِ‬
‫فعن َأبِي ُه َر ْي َر َة ‪َ :‬أ َّن النَّبِ َّي ﷺ َق َال‪َ :‬‬
‫الم ْس ِ‬ ‫الة فِ ِ‬
‫فص ٍ‬ ‫ِ‬
‫الح َرا َم»(‪.)1‬‬
‫جدَ َ‬ ‫يما س َوا ُه‪ ،‬إِ َّل َ‬
‫َ‬ ‫َأ ْل َ‬
‫ـوا ُه ِم َن‬ ‫ـف ص َلا ٍة فِ ِ‬
‫يما س َ‬‫َ‬ ‫َ‬
‫ـذا ك ََأ ْل ِ‬
‫ـج ِدي َه َ‬ ‫«ص َل ٌة فِـي َم ْس ِ‬ ‫ٍ‬
‫وفـي روايـة أخـرى‪َ :‬‬
‫ين ِم ْن َص َل ِة‬
‫ـر َ‬‫ـجدَ ا ْل َح َـرا َم‪َ ،‬و َص َل ُة ا ْل َج ِمي ِع َت ْع ِد ُل َخ ْم ًسـا َو ِع ْش ِ‬
‫ـاج ِد‪ ،‬إِ َّل ا ْل َم ْس ِ‬
‫ا ْل َم َس ِ‬
‫ا ْل َف ِّذ » (‪.)2‬‬
‫رواية أخرى‪« :‬إِ َّن ِمنْ َب ِري َع َلى َح ْو ِضي‪َ ،‬وإِ َّن َما َب ْي َن ِمنْ َب ِري َو َب ْيتِي َل َر ْو َض ٌة ِم ْن‬
‫ٍ‬ ‫وفي‬
‫اج ِد‪ ،‬إِ َّل ا ْل َم ْس ِ‬
‫جدَ‬ ‫يما ِس َوا ُه ِم َن ا ْل َم َس ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اض ا ْلجن َِّة‪ ،‬وص َل ٌة فِي مس ِ ِ‬
‫جدي ك ََأ ْلف َص َلة ف َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ِر َي ِ َ َ َ‬
‫ا ْل َح َرا َم»(‪.)3‬‬
‫ج ِدي َه َذا‬
‫«ص َل ٌة فِي َم ْس ِ‬
‫وعن عبد اهلل بن عمر ‪ ،‬عن النبي ﷺ قال‪َ :‬‬
‫يما ِس َوا ُه‪ ،‬إِ َّل ا ْل َم ْس ِ‬
‫جدَ ا ْل َح َرا َم»(‪.)4‬‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َأ ْف َض ُل م ْن َأ ْلف َص َلة ف َ‬

‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)1190‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)1394‬‬


‫(( ( أخرجه أحمد في «المسند» رقم (‪ ،)10299‬وإسناده صحيح‪.‬‬
‫(( ( أخرجه أحمد في «المسند» رقم (‪ ،)10837‬وإسناده حسن‪.‬‬
‫((( أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (‪.)1395‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪206‬‬

‫َت َشك َْوى‪َ ،‬ف َقا َل ْت‪ :‬إِ ْن‬ ‫عباس ‪َ ‬أ َّن ُه َق َال‪ :‬إِ َّن ا ْم َر َأ ًة ْاش َتك ْ‬ ‫ٍ‬ ‫وعن ابن‬
‫وج‪،‬‬ ‫َج َّه َز ْت ت ُِريدُ ا ْل ُخ ُر َ‬ ‫ت ا ْل َم ْق ِد ِ‬
‫س‪َ ،‬ف َب َر َأ ْت‪ُ ،‬ث َّم ت َ‬
‫لص ِّلين فِي بي ِ‬
‫هلل َلَ ْخ ُر َج َّن َف َ ُ َ َ َّ َ ْ‬
‫ِ‬
‫َش َفاني ا ُ‬
‫اج ِل ِسي َفك ُِلي َما‬ ‫ِ‬
‫َف َجا َء ْت َم ْي ُمو َن َة َز ْو َج النَّبِ ِّي ﷺ ت َُس ِّل ُم َع َل ْي َها‪َ ،‬ف َأ ْخ َب َرت َْها َذل َك‪َ ،‬ف َقا َل ْت‪ْ :‬‬
‫«ص َل ٌة‬
‫ول‪َ :‬‬ ‫ول اهللِ ﷺ‪َ ،‬ي ُق ُ‬ ‫ول ﷺ‪َ .‬فإِنِّي َس ِم ْع ُت َر ُس َ‬ ‫ت‪َ ،‬و َص ِّلي فِي مس ِج ِد الرس ِ‬
‫َّ ُ‬ ‫َ ْ‬
‫صنَع ِ‬
‫َ ْ‬
‫جدَ ا ْل َك ْع َب ِة»(‪.)1‬‬‫اج ِد‪ ،‬إِ َّل َم ْس ِ‬‫يما ِس َوا ُه ِم َن ا ْل َم َس ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فيه َأ ْف َض ُل م ْن َأ ْلف َص َلة ف َ‬
‫ِ ِ‬

‫«صال ٌة فِي‬ ‫ول اهللِ ﷺ َي ُق ُ‬


‫ول‪َ :‬‬ ‫وعن سعد بن أبي وقاص ‪َ ‬أ َّن ُه َس ِم َع َر ُس َ‬
‫يما ِس َوا ُه‪ ،‬إِال ا ْل َم ْس ِ‬
‫جدَ ا ْل َح َرا َم»(‪.)2‬‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مس ِ ِ‬
‫جدي َه َذا َخ ْي ٌر م َن ألف َصالة ف َ‬ ‫َ ْ‬
‫ج ِدي َأ ْف َض ُل ِم ْن‬ ‫«ص َل ٌة فِي َم ْس ِ‬ ‫ول اهلل ﷺ‪َ :‬‬
‫و َعن جابِ ٍر ‪َ ‬ق َال‪َ :‬ق َال رس ُ ِ‬
‫َ ُ‬ ‫ْ َ‬
‫ج ِد ا ْل َح َرا ِم َأ ْف َض ُل ِم ْن‬
‫جدَ ا ْل َح َرا َم‪َ ،‬و َص َل ٌة فِي ا ْل َم ْس ِ‬ ‫يما ِس َوا ُه‪ ،‬إِ َّل ا ْل َم ْس ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬
‫َأ ْلف َص َلة ف َ‬
‫يما ِس َوا ُه»(‪.)3‬‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫مائَة َأ ْلف َص َلة ف َ‬
‫ف َص َل ٍة» قيل‪ :‬كذا في بعض األصول‪ ،‬وفي‬ ‫«من مائ َِة َأ ْل ِ‬‫ِ‬
‫يقول السندي‪« :‬قوله‪َ ْ :‬‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أيضا‪ ،‬قلت ـ أي‪ :‬السندي ـ‪:‬‬ ‫الروايتان في ابن ماجه ً‬ ‫بعضها‪« :‬م ْن َمائَة َص َلة»‪ ،‬وهاتان ّ‬
‫صالة على أنها مائة بالنظر إلى مسجده ﷺ فصارت مائة‬ ‫ٍ‬ ‫والتوفيق بينهما بحمل مائة‬
‫ٍ‬
‫ألف بالنظر إلى المساجد األخرى‪ ،‬واهلل تعالى أعلم»(‪ ،)4‬لذلك قال ال ّط َح ّ‬
‫اوي بعد‬
‫أن روى الحديث‪« :‬كأنّه يعني مسجده عليه الصالة والسالم»(‪.)5‬‬

‫((( أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (‪.)1396‬‬


‫(( ( أخرجه أحمد في «المسند» رقم (‪ ،)1605‬وإسناده حسن‪.‬‬
‫(( ( أخرجه ابن ماجه في «سننه» رقم (‪ ،)1406‬وإسناده صحيح‪.‬‬
‫(( ( حاشية السندي على مسند أحمد‪ ،‬نق ً‬
‫ل عن تعليق الشيخ شعيب األرنؤوط على «المسند» (‪.)46/23‬‬
‫((( «شـرح مشـكل اآلثـار» للطحـاوي (‪ ،)62/2‬وانظـر لألهميـة‪« :‬مصنف عبـد الـرزاق الصنعاني»‬
‫رقـم (‪.)9133‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪207‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫يؤكد هذا الجمع الرواية التالية‪:‬‬

‫ج ِدي‬ ‫«ص َل ٌة فِي َم ْس ِ‬ ‫ول اهلل ﷺ‪َ :‬‬


‫الزبي ِر ‪َ ‬ق َال‪َ :‬ق َال رس ُ ِ‬
‫َ ُ‬
‫ِ ِ‬
‫َع ْن َع ْبد اهلل ْب ِن ُّ َ ْ‬
‫جدَ ا ْل َح َرا َم‪َ ،‬و َص َل ٌة فِي‬
‫اج ِد‪ ،‬إِ َّل ا ْل َم ْس ِ‬‫يما ِس َوا ُه ِم َن ا ْل َم َس ِ‬‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َه َذا َأ ْف َض ُل م ْن َأ ْلف َص َلة ف َ‬
‫ج ِد ا ْل َح َرا ِم َأ ْف َض ُل ِم ْن ِمائ َِة َص َل ٍة فِي َه َذا»(‪.)1‬‬
‫ا ْل َم ْس ِ‬

‫الص َل َة فِي ا ْل َم ْس ِج ِد‬


‫ونقل الحميدي عن سفيان بن عيينة قوله‪َ « :‬ف َي َر ْو َن َأ َّن َّ‬
‫ول ﷺ‪،‬‬ ‫اج ِد إِ َّل مس ِجدَ الرس ِ‬ ‫ف َص َل ٍة فِيما ِس َوا ُه ِم َن ا ْلمس ِ‬
‫ا ْلحرا ِم َأ ْف َض ُل ِمن ِمائ َِة َأ ْل ِ‬
‫ْ‬
‫َّ ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫َفإِن ََّما َف ْض ُل ُه َع َل ْي ِه بِ ِمائ َِة َص َلة»(‪.)2‬‬

‫ج ِدي َه َذا‬
‫«ص َل ٌة فِي َم ْس ِ‬‫وعن ُج َبير بن ُم ْطعم ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ﷺ‪َ :‬‬
‫ِ‬
‫ف َص َل ٍة ـ أو قال‪ :‬مائة ـ فِي غيره إِ َّل ا ْل َم ْس ِ‬
‫جدَ ا ْل َح َرا َم»(‪.)3‬‬ ‫َأ ْف َض ُل ِمن َأ ْل ِ‬
‫ْ‬
‫ول اهللِ ﷺ َر ُج ًل َف َق َال َل ُه‪َ :‬‬
‫«أ ْي َن‬ ‫وعن أبي سعيد الخدري ‪ ‬قال‪َ :‬و َّد َع َر ُس ُ‬
‫ج ِد َأ ْف َض ُل‬
‫س‪َ ،‬ف َق َال َل ُه النَّبِ ُّي ﷺ‪َ « :‬ل َص َل ٌة فِي َه َذا ا ْل َم ْس ِ‬
‫ت ُِريدُ ؟» َق َال‪ُ :‬أ ِريدُ َب ْي َت ا ْل َم ْق ِد ِ‬
‫ف َص َل ٍة فِي َغ ْي ِر ِه إِ َّل ا ْل َم ْس ِ‬
‫جدَ ا ْل َح َرا َم»(‪.)4‬‬ ‫يعنِي ِمن َأ ْل ِ‬
‫ْ‬ ‫َْ‬
‫وقد اختلف العلماء في تحديد المراد باالستثناء الوارد في األحاديث السابقة‬
‫وهو قوله ﷺ‪« :‬فيما سواه إال المسجد الحرام»‪ ،‬ويعود سبب االختالف إلى‬
‫اختالفهم في مكة والمدينة أيتهما أفضل؟‬
‫قـال النـووي‪« :‬مذهب الشـافعي وجماهير العلمـاء ّ‬
‫أن مكّة أفضل مـن المدينة‪،‬‬

‫(( ( أخرجه أحمد في «المسند» رقم (‪ ،)16117‬وإسناده صحيح‪..‬‬


‫(( ( «مسند الحميدي» رقم (‪.)970‬‬
‫((( أخرجه أبو داود الطيالسي في «مسنده» رقم (‪ ،)992‬وإسناده ضعيف‪ ،‬لكنه حسن لغيره بمتابعاته‪.‬‬
‫(( ( أخرجه أحمد في «المسند» رقم (‪ ،)11733‬وإسناده ضعيف‪ ،‬لكنه حسن لغيره بشواهده‪.‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪208‬‬

‫ّ‬
‫وأن مسـجد مكـة أفضل من مسـجد المدينة‪ .‬وعكسـه مالك وطائفة‪ ،‬فعند الشـافعي‬
‫والجمهـور معنـاه‪ :‬إال المسـجد الحـرام‪ ،‬فـإن الصلاة فيـه أفضـل مـن الصلاة في‬
‫مسـجدي‪ ،‬وعنـد مالـك وموافقيـه إال المسـجد الحـرام فـإن الصلاة في مسـجدي‬
‫تفضلـه بدون األلـف»(‪.)1‬‬
‫ومن فوائد أحاديث هذا المطلب‪:‬‬
‫يختص هذا التفضيل‬
‫ّ‬ ‫‪ 1‬ـ قال النووي‪« :‬اعلم ّ‬
‫أن مذهبنا ـ يعني‪ :‬الشافعية ـ أنه ال‬
‫يعم الفرض والنفل جمي ًعا‪ ،‬وبه قال‬
‫بالصالة في هذين المسجدين بالفريضة‪ ،‬بل ّ‬
‫مخالف إطالق‬
‫ٌ‬ ‫بالفرض‪ ،‬وهذا‬
‫يختص ْ‬‫ّ‬ ‫مطرف من أصحاب مالك‪ ،‬وقال الطحاوي‪:‬‬
‫هذه األحاديث الصحيحة واهلل أعلم»(‪.)2‬‬
‫‪ 2‬ـ ذهب النووي إلى أن المضاعفة المذكورة للصالة في هذا المسجد مختصة‬
‫بنفس مسجده ﷺ الذي كان في زمانه دون ما زيد فيه بعده‪ ،‬وقال‪« :‬ينبغي أن يحرص‬
‫المص ّلي على ذلك ويتف ّطن لما ذكرته»(‪.)3‬‬
‫ظاهر»(‪.)4‬‬
‫ٌ‬ ‫ونظر‬
‫ٌ‬ ‫وتعقبه العراقي بقوله‪« :‬وفيه ُب ْعدٌ‬
‫قال المال علي القاري‪« :‬واعترضه ابن تيمية وأطال فيه‪ ،‬والمحب الطبري‪،‬‬
‫تختص بما‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫استدل بها‪ ،‬وبأنه سلم في مسجد مكة أن المضاعفة ال‬ ‫آثارا‬
‫وأوردا ً‬
‫كان موجو ًدا في زمنه ﷺ‪ ،‬وبأن اإلشارة في الحديث إنما هي إلخراج غيره من‬

‫(( ( «شرح النووي على صحيح مسلم» (‪ ،)163/9‬وقد توسع ولي الدين العراقي في ذكر أدلة الفريقين‬
‫وترجيح قول الجمهور فيه في كتاب «طرح التثريب» (‪ 49/6‬ـ ‪.)50‬‬
‫(( ( «شرح النووي على صحيح مسلم» (‪.)164/9‬‬
‫(( ( «شرح النووي على صحيح مسلم» (‪.)163/9‬‬
‫((( «طرح التثريب» للعراقي (‪.)46/6‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪209‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫المساجد المنسوبة إليه عليه الصالة والسالم‪ ،‬وبأن اإلمام مالكًا سئل عن ذلك‪،‬‬
‫فأجاب بعدم الخصوصية وقال‪ :‬ألنه عليه الصالة والسالم أخبر بما يكون بعده‪،‬‬
‫وز ِو َيت له األرض‪ ،‬فعلم بما يحدث بعده‪ ،‬ولوال هذا ما استجاز الخلفاء الراشدون‬
‫ُ‬
‫أن يستزيدوا فيه بحضرة الصحابة‪ ،‬ولم ينكر ذلك عليهم»(‪.)1‬‬

‫ج ِدي» فيه ـ كما قال ابن رجب ـ «تصريح‬


‫«ص َل ٌة فِي َم ْس ِ‬
‫‪ 3‬ـ قوله في الحديث‪َ :‬‬
‫من النبي ﷺ بإضافة المسجد إلى نفسه‪ ،‬وهو إضافة للمسجد إلى غير اهلل في‬
‫التسمية‪ ،‬فدل على جواز إضافة المساجد إلى من بناها وعمرها»(‪.)2‬‬

‫ولمـا بـوب البخـاري فـي «صحيحـه» بـاب‪« :‬هـل ُيقـال مسـجد بنـي فالن»‬
‫اسـتدل علـى الجـواز بتسـمية الصحابـة لمسـجد بنـي زريـق فـي عهـد النبي ﷺ‪،‬‬
‫وع ّلـق عليـه ابـن رجـب بقوله‪« :‬وجـه االسـتدالل من هـذا الحديث على مـا بوبه‪:‬‬
‫أن فيـه إضافـة المسـجد إلـى بني زريـق‪ ،‬وهـذا وإن كان من قـول عبـد اهلل بن عمر‬
‫أن تعريف المسـجد بذلك ّ‬
‫يدل على اشـتهاره بهـذه اإلضافة في‬ ‫ليـس مرفو ًعـا‪ ،‬إال ّ‬
‫النبـي ﷺ بين المسـلمين شـيء إال وهو غير‬
‫ّ‬ ‫زمـن المسـابقة‪ ،‬ولم يشـتهر فـي زمن‬
‫خصوصا األسـماء؛ فقـد كان النبي ﷺ‬
‫ً‬ ‫أقر عليه‪،‬‬
‫محظـورا لما ّ‬
‫ً‬ ‫ممتنـع؛ ألنـه لو كان‬
‫يغ ّيـر أسـماء كثيـرة يكرههـا من أسـماء األماكـن واآلدميين‪ ،‬ولـم يغير هذا االسـم‬
‫للمسـجد‪ ،‬فدل على جـوازه»(‪.)3‬‬

‫وأما حجة من منع هذا اإلطالق فهو قوله تعالى‪﴿ :‬ﭷﭸﭹﭺﭻ‬

‫(( ( «مرقاة المفاتيح» للقاري (‪.)585/2‬‬


‫(( ( «فتح الباري» البن رجب (‪.)153/3‬‬
‫(( ( «فتح الباري» البن رجب (‪.)153/3‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪210‬‬

‫ﭼﭽﭾ﴾ [الجن‪ ،]١٨ :‬وأجاب عليه ابن رجب بقوله‪« :‬أما إضافة المسجد إلى‬
‫ما يعرفه به فليس بداخل في ذلك‪ ،‬وقد كان النبي ﷺ يضيف مسجده إلى نفسه‪،‬‬
‫فيقول‪« :‬مسجدي هذا»‪ ،‬ويضيف مسجد قباء إليه‪ ،‬ويضيف مسجد بيت المقدس‬
‫إلى إيلياء‪ ،‬وكل هذه إضافات للمساجد إلى غير اهلل لتعريف أسمائها‪ ،‬وهذا غير‬
‫داخل في النهي‪ .‬واهلل أعلم»(‪.)1‬‬

‫نص على‬
‫خص ابن خزيمة أجر هذا الحديث للرجال دون النساء‪ ،‬وقد ّ‬
‫‪4‬ـ ّ‬
‫هذا بقوله في إحدى أبواب صحيحه‪« :‬باب اختيار صالة المرأة في حجرتها على‬
‫صالتها في دارها‪ ،‬وصالتها في مسجد قومها على صالتها في مسجد النبي ﷺ‪،‬‬
‫ٍ‬
‫صالة في غيرها من المساجد‪،‬‬ ‫وإن كانت صالة في مسجد النبي ﷺ تعدل ألف‬
‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أن قول النبي ﷺ‪« :‬ص َل ٌة فِي مس ِ ِ‬
‫جدي َه َذا َأ ْف َض ُل م ْن َأ ْلف َص َلة ف َ‬
‫يما‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫والدليل على ّ‬
‫اجد»(‪ )2‬أراد به‪ :‬صالة الرجال دون صالة النساء»(‪.)3‬‬ ‫ِس َوا ُه ِم َن ا ْل َم َس ِ‬

‫وع ّلق األلباني عليه بقوله‪« :‬الصواب ت َْرك الحديث على عمومه‪ ،‬فيشمل النساء‬
‫أيضا‪ ،‬وأنه ال ينافي ّ‬
‫أن صالتهن في بيوتهن خير له ّن‪ ،‬كما ال ينافي أن صالة السنة‬ ‫ً‬
‫ٍ‬
‫مسجد من المساجد‬ ‫في البيت أفضل من صالتها في المسجد‪ ،‬لكنه لو صالها في‬
‫الخاص بها‪ ،‬والمرأة كذلك»(‪.)4‬‬
‫ّ‬ ‫الثالثة يكون له أجر التفضيل‬

‫***‬

‫(( ( «فتح الباري» البن رجب (‪.)152/3‬‬


‫((( سبق تخريجه‪.‬‬
‫(( ( «صحيح ابن خزيمة» رقم (‪.)1689‬‬
‫((( «جلباب المرأة المسلمة» لأللباني ص (‪.)156‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪211‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الصالة في المسجد األقصى‪.‬‬

‫ورد فيه الحديث التالي‪:‬‬

‫ت ا ْل َم ْق ِد ِ‬
‫س‬ ‫ول اهللِ َأ ْفتِنَا فِي بي ِ‬
‫َْ‬ ‫َع ْن َم ْي ُمو َن َة ـ َم ْو َل ِة النَّبِ ِّي ﷺ ـ َقا َل ْت‪ُ :‬ق ْل ُت‪َ :‬يا َر ُس َ‬
‫ف َص َل ٍة فِي َغ ْي ِر ِه»‬ ‫«أر ُض ا ْلمح َش ِر وا ْلمن َْش ِر ا ْئتُوه َفص ُّلوا فِ ِيه‪َ ،‬فإِ َّن ص َل ًة فِ ِيه ك ََأ ْل ِ‬
‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َق َال‪ْ َ :‬‬
‫َح َّم َل إِ َل ْي ِه؟ َق َال‪َ « :‬فت ُْه ِدي َل ُه َز ْيتًا ُي ْس َر ُج فِ ِيه‪َ ،‬ف َم ْن َف َع َل‬ ‫ِ‬
‫ُق ْل ُت‪َ :‬أ َر َأ ْي َت إِ ْن َل ْم َأ ْستَط ْع َأ ْن َأت َ‬
‫َذلِ َ‬
‫ك َف ُه َو ك ََم ْن َأتَا ُه»(‪.)1‬‬

‫ووجه الداللة مضاعفة أجر من صلى في المسجد األقصى إلى ألف صالة‪،‬‬
‫وقد سبق الحديث عنه في مبحث المضاعفة بـ(‪ )250‬صالة‪.‬‬

‫***‬

‫المطلب الثالث‪ :‬الصالة في المسجد الحرام‪.‬‬

‫المكرمة أفضل المساجد على اإلطالق‪ ،‬وال‬


‫ّ‬ ‫يعدّ المسجد الحرام في مكة‬
‫يضاهيه مسجد في الفضل واألجر‪ ،‬ولعظيم مكانته ضاعف اهلل فيه أجر الصالة فيه‬
‫إلى مائة ألف صالة‪.‬‬

‫ج ِدي َأ ْف َض ُل ِم ْن‬ ‫«ص َل ٌة فِي َم ْس ِ‬ ‫ول اهلل ﷺ‪َ :‬‬


‫فعن جابِ ٍر ‪َ ‬ق َال‪َ :‬ق َال رس ُ ِ‬
‫َ ُ‬ ‫َ ْ َ‬
‫ج ِد ا ْل َح َرا ِم َأ ْف َض ُل ِم ْن‬
‫جدَ ا ْل َح َرا َم‪َ ،‬و َص َل ٌة فِي ا ْل َم ْس ِ‬
‫يما ِس َوا ُه‪ ،‬إِ َّل ا ْل َم ْس ِ‬‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬
‫َأ ْلف َص َلة ف َ‬
‫يما ِس َوا ُه»(‪.)2‬‬‫ٍ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫مائَة َأ ْلف َص َلة ف َ‬

‫((( سبق تخريجه‪.‬‬


‫((( سبق تخريجه‪.‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪212‬‬

‫يختص ذلك‬
‫ّ‬ ‫قال العراقي‪« :‬المراد بـ«المسجد الحرام»‪ :‬جميع الحرم‪ ،‬وال‬
‫بالمكان المعدّ للصالة فيه‪ ،‬قال أصحابنا‪ :‬لو ذكر الناذر بقع ًة أخرى من بقاع الحرم‬
‫كالصفا والمروة‪ ،‬ومسجد الخيف‪ ،‬ومنى‪ ،‬ومزدلفة‪ ،‬ومقام إبراهيم عليه الصالة‬
‫والسالم‪ ،‬وقبة زمزم وغيرها‪ ،‬فهو كما لو قال‪ :‬المسجد الحرام‪ ،‬حتى لو قال‪ :‬آتي‬
‫دار أبي جهل أو دار الخيزران كان الحكم كذلك؛ لشمول حرمة الحرم في تنفير‬
‫الصيد وغيره للجميع»(‪.)1‬‬

‫يختـص التضعيـف بالمسـجد الـذي كان فـي زمنـه ﷺ‪ ،‬بل‬


‫ّ‬ ‫أيضـا‪« :‬ال‬
‫وقـال ً‬
‫يعـم ّ‬
‫الكل‪ ،‬بل المشـهور عند‬ ‫يشـمل جميـع ما زيد فيه؛ ّ‬
‫ألن اسـم المسـجد الحرام ّ‬
‫صحح النـووي أنه يعـم جميع الحرم‬
‫يعـم جميع مكـة‪ ،‬بل ّ‬ ‫أصحابنـا ّ‬
‫أن التضعيـف ّ‬
‫الذي يحرم صيـده»(‪.)2‬‬

‫ومن فوائد أحاديث هذا المطلب‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ قال المناوي‪« :‬استدل به الجمهور بالتقرير المتقدم على تفضيل مكة‬
‫على المدينة ألن األمكنة تشرف بفضل العبادة فيها على غيرها مما تكون العبادة به‬
‫مرجوحة وهو مذهب الثالثة وعكس مالك على المشهور بين صحبه لكن قال ابن‬
‫عبد البر‪ :‬روى عنه ما يدل على أن مكة أفضل»(‪.)3‬‬

‫‪ 2‬ـ قال العلماء‪ :‬ضوعف األجر في مكة؛ لجاللة المكان وقداسته‪ ،‬ولذلك‬
‫الهم بها حتى ولو لم تُفعل‪ ،‬يقول ابن‬
‫بمجرد ّ‬
‫ّ‬ ‫ضوعف فيه الوزر‪ ،‬وتُكتب فيه السيئة‬

‫((( «طرح التثريب» للعراقي (‪.)46/6‬‬


‫((( «طرح التثريب» للعراقي (‪.)53/6‬‬
‫(( ( «فيض القدير» للمناوي (‪.)227/4‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪213‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫القيم عن المسجد الحرام‪« :‬ومن خواصه أنه يعاقب فيه على الهم بالسيئات وإن لم‬
‫يفعلها‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ﴾ [الحج‪.]٢٥ :‬‬
‫فتأ ّمل كيف عدّ ى فعل اإلرادة هاهنا بالباء‪ ،‬وال يقال‪ :‬أردت بكذا إال لما ضمن معنى‬
‫هم بأن يظلم فيه بأن يذيقه العذاب‬
‫فعل»هم«‪ ،‬فإنه يقال‪ :‬هممت بكذا‪ ،‬فتو ّعد من ّ‬
‫ّ‬
‫األليم‪ .‬ومن هذا تضاعف مقادير السيئات فيه ال كمياتها‪ ،‬فإن السيئة جزاؤها سيئة‪،‬‬
‫لكن سيئة كبيرة جزاؤها مثلها‪ ،‬وصغيرة جزاؤها مثلها‪ ،‬فالسيئة في حرم اهلل وبلده‬
‫وعلى بساطه آكد وأعظم منها في طرف من أطراف األرض‪ ،‬ولهذا ليس من عصى‬
‫الملك على بساط ملكه كمن عصاه في الموضع البعيد من داره وبساطه‪ ،‬فهذا فصل‬
‫النزاع في تضعيف السيئات‪ ،‬واهلل أعلم»(‪.)1‬‬
‫***‬

‫المطلب الرابع‪ :‬دعاء دخول السوق‪.‬‬


‫ً‬
‫شامل جميع األوقات اليومية‪ ،‬حتى‬ ‫جعل اهلل تسبيحه وتحميده والتضرع إليه‬
‫كثيرا هو‪ :‬دعاء‬
‫في األمور الدنيوية‪ ،‬ومن أهم هذه األعمال التي ضاعف فيه األجر ً‬
‫دخول السوق‪.‬‬
‫ِ‬ ‫فعن ابن عمر ‪َ ‬ق َال‪َ :‬ق َال رس ُ ِ‬
‫وق‪:‬‬‫الس َ‬ ‫ين َيدْ ُخ ُل ُّ‬‫«م ْن َق َال ح َ‬ ‫ول اهلل ﷺ‪َ :‬‬ ‫َ ُ‬
‫يت‪َ ،‬و ُه َو َح ٌّي َل‬ ‫ك َو َل ُه ا ْل َح ْمدُ ‪ُ ،‬ي ْحيِي َو ُي ِم ُ‬‫يك َل ُه‪َ ،‬ل ُه ا ْل ُم ْل ُ‬‫َل إِ َل َه إِ َّل اهللُ َو ْحدَ ُه َل َش ِر َ‬
‫ف َح َسن ٍَة‪َ ،‬و َم َحا‬
‫ف َأ ْل ِ‬ ‫َب اهللُ َل ُه َأ ْل َ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫يم ُ ِ ِ‬
‫وت‪ ،‬بِ َيده ا ْلخَ ْي ُر ُك ُّل ُه‪َ ،‬و ُه َو َع َلى ك ُِّل َش ْيء َقد ٌير‪َ ،‬كت َ‬ ‫َُ‬
‫ف َس ِّيئ ٍَة‪َ ،‬و َبنَى َل ُه َب ْيتًا فِي ا ْل َجن َِّة»‪.‬‬
‫ف َأ ْل ِ‬
‫َعنْ ُه َأ ْل َ‬

‫وق‪َ ،‬ف َق َال‪َ :‬ل إِ َل َه إِ َّل ا ُ‬


‫هلل َو ْحدَ ُه َل َش ِر َ‬
‫يك َل ُه‪َ ،‬ل ُه‬ ‫«م ْن َد َخ َل ُّ‬
‫الس َ‬ ‫وفي رواية أخرى‪َ :‬‬

‫(( ( «زاد المعاد» البن القيم (‪.)52/1‬‬


‫‪٣‬‬

‫‪214‬‬

‫وت‪ ،‬بِ َي ِد ِه الخَ ْي ُر َو ُه َو َع َلى ك ُِّل َش ْي ٍء‬ ‫يت‪َ ،‬و ُه َو َح ٌّي َل َي ُم ُ‬ ‫الح ْمدُ ُي ْحيِي َو ُي ِم ُ‬ ‫الم ْل ُك َو َل ُه َ‬
‫ُ‬
‫ف َد َر َج ٍة»(‪.)1‬‬
‫ف َأ ْل ِ‬
‫ف َس ِّيئ ٍَة‪َ ،‬و َر َف َع َل ُه َأ ْل َ‬‫ف َأ ْل ِ‬
‫ف َح َسن ٍَة‪َ ،‬و َم َحا َعنْ ُه َأ ْل َ‬
‫ف َأ ْل ِ‬
‫هلل َل ُه َأ ْل َ‬ ‫َقد ٌير‪َ ،‬كت َ‬
‫َب ا ُ‬
‫ِ‬

‫يقول محمد بن واسع ـ أحد رواة الحديث ـ‪« :‬ف َق ِد ْمت خراسان‪ ،‬فأت ْي ُت ُقتيبة‬
‫بهدية‪ ،‬فحدّ ْثتُه بالحديث‪ ،‬فكان قتيبة بن مسلم يركب في‬ ‫ٍ‬ ‫ابن مسلم فقلت له‪ :‬أت ْيتك‬
‫موكبه حتى يأتي باب السوق فيقولها‪ ،‬ثم ينصرف»‪.‬‬
‫ووجه تسمية مكان البيع بالسوق‪:‬‬
‫ـ ألن الناس يسوقون أنفسهم وأمتعتهم إليه‪.‬‬
‫ـ أو ألنه محل السوقة وهي الرعية(‪.)2‬‬
‫وخص هذا المكان بهذا الذكر ألمرين‪:‬‬
‫ّ‬
‫‪ 1‬ـ قال الطيبي‪« :‬ألنّه مكان الغفلة عن ذكر اهلل واالشتغال بالتجارة فهو موضع‬
‫سلطنة الشيطان ومجمع جنوده فالذاكر هناك يحارب الشيطان ويهزم جنوده فهو‬
‫خليق بما ذكر من الثواب» (‪ .)3‬ولذلك كان سلمان الفارسي ‪ ‬يوصي طالبه‬
‫وق و َل ِ‬ ‫«ل َتكُون ََّن إِ ِن ْاس َت َط ْع َ‬
‫آخ َر َم ْن َيخْ ُر ُج‬ ‫ت َأ َّو َل َم ْن َيدْ ُخ ُل ُّ‬
‫الس َ َ‬ ‫وجلسه بقوله‪َ :‬‬
‫ّ‬
‫ِ‬ ‫ِمن َْها‪َ ،‬فإِن ََّها َم ْع َر َك ُة َّ‬
‫الش ْي َط ِ‬
‫ان‪َ ،‬وبِ َها َينْص ُ‬
‫ب َرا َيتَه»(‪.)4‬‬
‫يقول النووي‪« :‬شـ ّبه السـوق وف ْعل الشـيطان بأهلها ون ْيله منهـم بـ«المعركة»؛‬
‫ّ‬
‫كالغـش والخـداع واأل ْيمان الخائنـة والعقود‬ ‫لكثـرة مـا يقع فيها مـن أنـواع الباطل‬

‫(( ( أخرجه الترمذي في «سننه» رقم (‪ ،)3428‬وإسناده ضعيف‪ ،‬لكنه حسن لغيره بمتابعاته‪.‬‬
‫((( انظر‪« :‬مرقاة المفاتيح» للقاري (‪.)1687/4‬‬
‫(( ( نقله القاري في «مرقاة المفاتيح» (‪.)1687/4‬‬
‫(( ( أخرجه مسلم في «صحيحه»‪ ،‬رقم (‪.)2451‬‬
‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪215‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫الفاسـدة والنجـش والبيع على بيع أخيه والشـراء على شـرائه والسـوم على سـومه‬
‫وبخـس المكيـال والميـزان»‪ .‬ثـم قـال‪« :‬وقولـه‪« :‬وبهـا تنصـب رايته» إشـارة إلى‬
‫وحملهـم علـى هـذه‬
‫ثبوتـه هنـاك‪ ،‬واجتمـاع أعوانـه إليـه للتحريـش بيـن النـاس‪ْ ،‬‬
‫المفاسـد المذكـورة ونحوهـا‪ ،‬فهي موضعـه وموضـع أعوانه»(‪.)1‬‬
‫العـدو اللعين ومـا يترتب‬
‫ّ‬ ‫فجـاء هـذا الذكْـر لتحصيـن العبـد من شـرور هـذا‬
‫علـى فتنه مـن مفاسـد دينيـة ودنيوية‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ وقال القاري‪« :‬ألن اهلل ينظر إلى عباده نظر الرحمة في كل لحظة ولمحة‬
‫فيحرم منها أهل الغفلة وينالها أهل الحضرة»(‪.)2‬‬
‫وقال في موض ٍع آخر‪« :‬لعل وجه الحكمة في ذلك‪ :‬أن اهلل تعالى ينظر في كل‬
‫ساعة إلى عباده نظر رحمة وعناية‪ ،‬فكل من غفل فاته‪ ،‬وكل من شهد وحضر أدركه‪،‬‬
‫بل وأخذ من نصيب غيره»(‪.)3‬‬
‫سوق هذا األجر العظيم لهذا العمل‬
‫يقول الحكيم الترمذي مب ّينًا الحكمة من ْ‬
‫دو قد انتهز الفرصة من أهل ْالَ ْس َواق لما رأى من َأ ْح َوالهم من‬ ‫«ه َذا ّ‬
‫ألن ال َع ّ‬ ‫المهم‪َ :‬‬
‫وسالحا لفتنته‪َ ،‬فدَ َخ ُلوا أسواقهم‬
‫ً‬ ‫وشحهم ورغبتهم فِي الدُّ ْن َيا وصيرها عدَّ ًة‬ ‫ّ‬ ‫حرصهم‬
‫اص َلة‪ ،‬والحرص كام ٌن‪ ،‬فنصب كرسيه فِي‬ ‫وهم طالبون للمعاش‪ ،‬والر ْغبة فيهم ح ِ‬
‫َ‬ ‫َ َّ َ‬
‫بث ُجنُوده‪َ ،‬و َق َال‪ :‬دونكم من رجال َم َ‬
‫ات أبوهم وأبوكم‬ ‫وسط أسواقهم‪ ،‬وركز رايته‪َ ،‬و ّ‬
‫ومنفق س ْلعة بِا ْلحلف ا ْلك ِ‬
‫َاذب‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ان‪،‬‬ ‫وطائش فِي َ‬
‫ميز ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫َح ّي‪َ ،‬فمن َبين مط ّفف فِي ٍ‬
‫كيل‪،‬‬
‫َ‬

‫(( ( «شرح النووي على صحيح مسلم» (‪.)7/16‬‬


‫(( ( «مرقاة المفاتيح» للقاري (‪.)1687/4‬‬
‫(( ( «مرقاة المفاتيح» للقاري (‪.)2947/7‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪216‬‬

‫بجنُوده َحم َل ًة َف َه َز َم ُه ْم َعن مقاومهم إِ َلى المكاسب َّ‬


‫الردي َئة‪ ،‬وإضاعة‬ ‫َوحمل َع َل ْي ِهم ُ‬
‫الص َل َوات‪َ ،‬ومنع ا ْل ُح ُقوق‪َ ،‬ف َما داموا فِي َه ِذه ا ْل َغ ْف َلة على مثل َه ِذه ْالَ ْح َوال فهم على‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫يما َبينهم يرد سخط اهلل‬ ‫خطر من َربهم من ُنزول ا ْل َع َذاب‪َ ،‬وت َغير ْالُ ُمور فالذاكر ف َ‬
‫نسخا لتِ ْلك ْالَ ْع َمال‪َ ،‬ق َال َت َعا َلى‪:‬‬
‫ً‬ ‫َت َعا َلى‪ ،‬ويطفئ َث ِائر َغ َضبه؛ ِلَن فِي ك َِل َماته َه ِذه‬
‫﴿ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ﴾ [البقرة‪،]٢٥١ :‬‬
‫َفيدْ َفع َعن أهل ا ْل َغ ْف َلة بالذاكري‪ ،‬ن َو َعن غير ا ْل ُم َص ِّلي بالمصلين‪َ ،‬وفِي َه ِذه ا ْلك َِل َمات‬
‫ضها إِ َلى بعض فِي‬ ‫ِ‬ ‫ا َّلتِي‬
‫السوق؛ لَن ُق ُلوبهم قد َوله َب ْع َ‬ ‫نسخ ألفعال أهل ُّ‬‫ذكرها ﷺ ٌ‬ ‫َ‬
‫َان ً ِ ِ‬
‫نسخا ل َو َله ُق ُلوبهم‪َ ،‬وإِذا َق َال‪َ :‬‬
‫«وحده َل‬ ‫النَّ ْفع والضر‪َ ،‬فإِذا َق َال‪َ :‬‬
‫«ل إِ َله إِ َّل اهلل» ك َ‬
‫نوال َأو معر ٍ‬
‫وف َأو‬ ‫ضها بِ َب ْعض فِي ٍ‬ ‫شريك َل ُه» يكون‬
‫َ ُْ‬ ‫نسخا لما تع ّلقت ُق ُلوبهم َب ْع َ‬ ‫ً‬
‫نسخ لما َير ْو َن من صنع‬‫ضر‪َ ،‬و َقوله‪َ « :‬ل ُه ا ْلملك َوله ا ْل َحمد» ٌ‬ ‫َر َجاء نف ٍع َأو خوف ٍّ‬
‫ٍ‬
‫بعض‪َ ،‬و َقوله‪« :‬يحيي‬ ‫بتحمل َبعضهم بذلك إِ َلى‬
‫ّ‬ ‫َأ ْيديهم‪ ،‬وتصرفهم فِي ْالُ ُمور‬
‫َو ُي ِميت» ٌ‬
‫نسخ لحركاتهم َو َما يرجون فِي أسواقهم للتبايع‪ ،‬أحياهم َحتَّى انتشرت‬
‫«و ُه َو َح ٌّي َل َي ُموت» نفى َعن ُه َما ينْسب‬
‫متحرك‪َ ،‬و َقوله‪َ :‬‬ ‫ٌ‬ ‫الحركات‪ ،‬ويميتهم َف َل ي ْبقى‬
‫إِ َلى المخلوقين من ا ْل َم ْوت‪َ ،‬و َقوله‪« :‬بِ َي ِد ِه ا ْلخَ ْير» َأي‪َ :‬ه ِذه ْالَ ْش َياء ا َّلتِي تطلبونها من‬
‫ا ْل َخ ْير فِي ْالَ ْس َواق َو ُه َو على كل َش ْيء قدير»(‪.)1‬‬

‫ويقول المناوي أثناء حديثه عن المساجد وفضلها‪« :‬ومنه ينفر الشيطان فيعدو‬
‫إلى السوق وينصب كرسيه وسطه ويركز رايته ويبث جنوده ويقول دونكم من رجال‬
‫مات أبوهم وأبوكم حي فمن بين مطفف في كيل وطائش في وزن ومنفق سلعته‬
‫بيمين مفتراه ويحمل عليهم بجنوده حملة فيهزمهم ويقلبهم إلى المكاسب الرديئة‬

‫((( «نوادر األصول» للحكيم الترمذي (‪ 161/2‬ـ ‪.)162‬‬


‫عة‬ ‫ّ‬
‫ومتنو ٍ‬ ‫ّ‬
‫محدد ٍة‬ ‫وبأجور‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪217‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫وإضاعة الصلوات ومنع الحقوق فال يزال هذا دأب الشيطان مع أهل الغفلة من‬
‫أول دخول أولهم إلى آخر خروج آخرهم فهذا ما أشار إليه المصطفى ﷺ بقوله‬
‫في الحديث السابق والدواء النافع من ذلك لداخله تقوى اهلل ولزوم الذكر المشهور‬
‫المندوب لداخل السوق الذي يكتب لقائله فيه ألف ألف حسنة ويحط عنه ألف‬
‫ألف خطيئة ويرفع له ألف ألف درجة»(‪.)1‬‬
‫ومن فوائد أحاديث هذا المطلب‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ من ذكر اهلل في هذا الموطن دخل في قوله تعالى‪﴿ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ‬


‫ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ﴾ [النور‪.)2(]٣٧ :‬‬
‫ف َأ ْل َ‬
‫ف َس ّيئَة»‪« :‬أي‪:‬‬ ‫«م َحا َعنْ ُه َأ ْل َ‬
‫‪ 2‬ـ يقول السندي مع ّل ًقا على قول النبي ﷺ‪َ :‬‬
‫إن كانت‪ ،‬وإال تُزاد في الحسنة بقدر ذلك»(‪.)3‬‬
‫***‬

‫(( ( «فيض القدير» للمناوي (‪.)350/2‬‬


‫(( ( انظر‪« :‬شرح المشكاة» للطيبي (‪.)1899/6‬‬
‫((( «حاشية السندي على سنن ابن ماجه» (‪.)29/2‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عبادات أخرى‬
‫ٍ‬ ‫المضاعفة بأجور‬

‫المبحث األول‪ :‬المضاعفة بأجر حجة‪.‬‬


‫المبحث الثاني‪ :‬المضاعفة بأجر عمرة‪ ،‬أو حجة وعمرة‪.‬‬
‫كاملة‪ ،‬أو ألف ٍ‬
‫ليلة‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬المضاعفة بأجر قيام وصيام ٍ‬
‫سنة‬
‫المبحث الرابع‪ :‬المضاعفة بأجر قيام ليلة‪.‬‬
‫المبحث الخامس‪ :‬المضاعفة بأجر صيام الدهر‪.‬‬
‫***‬
‫‪221‬‬ ‫عبادات أخرى‬
‫ٍ‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬المضاعفة بأجور‬

‫المبحث األول‬
‫المضاعفة بأجر حجة‬

‫مكتوبة‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫ّ‬
‫متطه ًرا إلى صال ٍة‬ ‫المطلب األول‪ :‬الخروج من البيت‬

‫بات من المعلوم ّ‬
‫أن «فضل بناء المسجد ومالزمته وانتظار الصالة فيه ترجع‬
‫محل الصالة‪ ،‬ومعتكف العابدين‪ ،‬ومطرح الرحمة‪،‬‬‫إلى أنه من شعائر اإلسالم‪ ،‬وأنه ّ‬
‫ٍ‬
‫صالة مكتوبة‬ ‫متطه ًرا إلى‬ ‫ويشبه الكعبة من ٍ‬
‫وجه»(‪ )1‬هو مضاعفة من خرج من بيته‬
‫ّ‬
‫الحاج المحرم‪.‬‬
‫ّ‬ ‫كان له أجر‬
‫«م ْن َخ َر َج ِم ْن َب ْيتِ ِه ُم َت َط ِّه ًرا إِ َلى‬‫ول اهلل ﷺ َق َال‪َ :‬‬
‫َفعن َأبِي ُأمام َة ‪َ ‬أ َّن رس َ ِ‬
‫َ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫الض َحى َل َين ِْص ُب ُه إِ َّل‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫َص َلة َم ْكتُو َبة َف َأ ْج ُر ُه ك ََأ ْج ِر ا ْل َح ِّ‬
‫اج ا ْل ُم ْح ِرمِ‪َ ،‬و َم ْن َخ َر َج إِ َلى ت َْسبِيحِ ُّ‬
‫إِياه َف َأجره ك ََأج ِر ا ْلمعت َِم ِر‪ ،‬وص َل ٌة ع َلى َأ َث ِر ص َل ٍة َل َلغْو بينَهما كِت ِ ِ‬
‫ين»(‪.)2‬‬ ‫َاب في ع ِّل ِّي َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ َْ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َّ ُ ْ ُ ُ ْ ُ ْ‬
‫«م ْن َم َشى إِ َلى َص َل ٍة َم ْكتُو َب ٍة فِي‬ ‫و َع ْن َأبِي ُأ َما َم َة ‪َ ،‬ع ِن النَّبِ ِّي ﷺ‪َ ،‬ق َال‪َ :‬‬
‫ا ْل َج َما َع ِة‪َ ،‬ف ِهي ك ََح َّج ٍة‪َ ،‬و َم ْن َم َشى إِ َلى َص َل ِة َت َط ُّو ٍع َف ِهي َك ُع ْم َر ٍة ت ََّام ٍة»(‪.)3‬‬
‫ٍ‬
‫مختلفة‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫بأجور‬ ‫ٍ‬
‫عبادات‬ ‫وقد اشتمل الحديث على ثالث‬
‫ٍ‬
‫مكتوبة‪ ،‬وهذا له أجر الحاج المحرم‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫صالة‬ ‫متطه ًرا إلى‬
‫األول‪ :‬الخروج ّ‬
‫الحاج‪،‬‬
‫ّ‬ ‫«مضاعف كأجـر‬
‫ٌ‬ ‫ومعنـى قولـه‪« :‬فأجره كأجر الحـاج المحـرم»‪ :‬أي‪:‬‬
‫أو مثـل أجره»(‪.)4‬‬

‫(( ( «حجة اهلل البالغة» للدّ هلوي (‪.)325/1‬‬


‫((( أخرجه أبو داود في «سننه» رقم (‪ ،)558‬وإسناده حسن‪.‬‬
‫((( أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» رقم (‪ ،)7764‬وإسناده حسن‪.‬‬
‫(( ( «مرقاة المفاتيح» للقاري (‪.)612/2‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪222‬‬

‫يقـول زيـن العـرب‪« :‬أي‪ :‬كأصـل أجـره‪ ،‬وقيل‪ :‬كأجـره من حيث إنـه يكتب له‬
‫كالحـاج‪ ،‬وإن تغايـر األجران كثـرة وقلـة أو كمية‪ ،‬وكيفيـة‪ ،‬أو من‬ ‫أجر‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫بـكل خطـوة ٌ‬
‫حيـث إنـه يسـتوفي أجـر المصلين مـن وقت الخـروج إلـى أن يرجـع‪ ،‬وإن لم يصل‬
‫إال فـي بعـض تلـك األوقات كالحـاج‪ ،‬فإنه يسـتوفي أجر الحـاج إلـى أن يرجع وإن‬
‫يحـج إال في عرفـة»(‪.)1‬‬
‫ّ‬ ‫لم‬

‫التطهر من الصالة بمنزلة اإلحرام من‬


‫ّ‬ ‫اج ا ْل ُم ْح ِرم»‪« :‬لِك َْو ِن‬
‫«الح ّ‬
‫ووجه تشبيهه بـ َ‬
‫ْ‬
‫أتم‪ ،‬فكذلك‬ ‫الحج لعدم جوازهما بدونهما‪ ،‬ثم ّ‬
‫إن الحاج إذا كان محر ًما كان ثوابه ّ‬
‫متطه ًرا كان ثوابه أفضل»(‪.)2‬‬
‫ّ‬ ‫الخارج إلى الصالة إذا كان‬

‫المتطهر الخارج من بيته للصالة المكتوبة بأجر‬


‫ّ‬ ‫يقول التوربشتي‪« :‬ش ّبه أجر‬
‫الحاج المحرم‪ ،‬حيث إنه يستوفي أجره من لدن يخرج من بيته إلى أن يرجع إليه‬
‫كالحاج المحرم فإنه يستوفي أجره من حيث يخرج إلى أن يرجع‪ ،‬وذلك مثل قولنا‪:‬‬
‫ٌ‬
‫فالن كاألسد‪ ،‬فال يقتضي من تشبيهه به سائر الوجوه‪ ،‬بل يحمل على الشجاعة‪،‬‬
‫فكذلك األجران ال يقتضيان المشاركة من سائر الوجوه»(‪.)3‬‬

‫««م ْن َخ َر َج ِم ْن َب ْيتِ ِه» أي‪ :‬قاصدً ا إلى المسجد ألداء الفرائض‪،‬‬


‫قال الطيبي‪َ :‬‬
‫فنزل الن ّية مع التطهر‬
‫الحج؛ ألنه القصد الخاص‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫وإنما قدّ رنا القصد ً‬
‫حال ليطابق‬
‫منزلة اإلحرام‪ ،‬وأمثال هذه األحاديث ليست للتسوية‪ ،‬كيف وإلحاق الناقص‬
‫بالكامل يقتضي فضل الثاني وجو ًبا ليفيد المبالغة‪ ،‬وإال كان عب ًثا‪ ،‬فش ّبه ﷺ حال‬

‫((( «شرح المصابيح» لزين العرب المصري (‪ 157/2‬ـ ‪ )158‬بتصر ٍ‬


‫ف‪.‬‬ ‫ّ‬
‫(( ( «مرقاة المفاتيح» للقاري (‪.)612/2‬‬
‫((( نقله الطيبي في «شرح المشكاة» (‪.)949/3‬‬
‫‪223‬‬ ‫عبادات أخرى‬
‫ٍ‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬المضاعفة بأجور‬

‫المص ّلي القاصد إلى الصالة المكتوبة بحال الحاج المحرم في الفضل مبالغة‬
‫وترغي ًبا للمص ّلي؛ ليركع مع الراكعين‪ ،‬وال يتقاعد عن الجماعات»(‪.)1‬‬
‫الثاني‪ :‬الخروج إلى تسبيح الضحى‪ ،‬وهذا له أجر المعتمر‪:‬‬
‫يتطـوع بها‬ ‫ٍ‬
‫صالة‬ ‫الض َحـى»‪« :‬يريـد بـه صلاة الضحـى‪ّ ،‬‬
‫وكل‬ ‫ومعنـى «تسـبيح ُّ‬
‫ّ‬
‫فهي تسـبيح وسـبحة»(‪ ،)2‬و«يطلق التسـبيح على الصلاة النافلة لوجـود معنى النفل‬
‫أخص بهذا االسـم من حيث ّ‬
‫إن التسـبيحات‬ ‫فـي كل منهما»(‪ ،)3‬وألن «النافلة جاءت ّ‬
‫في الفرائـض نوافل»(‪.)4‬‬
‫ٍ‬
‫واحدة منهما ُيس ّبح فيهما‪،‬‬ ‫أن ّ‬
‫كل‬ ‫قال الطيبي‪« :‬المكتوبة والنافلة ِ‬
‫وإن اتّفقتا في ّ‬
‫أن التسبيحات في الفرائض نوافل‪،‬‬ ‫أن النافلة جاءت بهذا االسم أخص من ِ‬
‫جهة ّ‬ ‫إال ّ‬
‫ّ‬
‫فكأنه قيل للنافلة تسبيحة على أنها شبيهة باألذكار في كونها غير واجبة»(‪.)5‬‬
‫وقـال ابـن حجـر المكّـي‪« :‬ومن هـذا أخذ أئمتنـا قولهم‪ :‬السـنة فـي الضحى‬
‫فعلهـا فـي المسـجد‪ ،‬ويكون من جملة المسـتثنيات مـن خبر‪« :‬أفضل صلاة المرء‬
‫في بيته إال المكتوبـة»(‪.)7(»)6‬‬
‫وتع ّقبه القاري بقوله‪« :‬الحديث ّ‬
‫يدل على جوازه ال على أفضل ّيته‪ ،‬أو ُي ْحمل‬

‫((( «شرح المشكاة» للطيبي (‪.)949/3‬‬


‫(( ( «معالم السنن» للخطابي (‪.)161/1‬‬
‫(( ( «شرح سنن أبي داود» للعيني (‪.)38/3‬‬
‫(( ( شرح المصابيح لزين العرب المصري (‪)158/2‬‬
‫((( «شرح المشكاة» للطيبي (‪.)949/3‬‬
‫((( سبق تخريجه‪.‬‬
‫(( ( نقله القاري في «مرقاة المفاتيح» (‪.)612/2‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪224‬‬

‫على من يكون له مسكن‪ ،‬أو في مسكنه شاغل ونحوه على أنّه ليس للمسجد ِذك ٌْر‬
‫متوج ًها إلى صالة‬
‫ّ‬ ‫في الحديث ً‬
‫أصل‪ ،‬فالمعنى‪ :‬من خرج من بيته أو سوقه أو شغله‬
‫الضحى تاركًا أشغال الدنيا»(‪.)1‬‬
‫الثالث‪ :‬الصالة عقب الصالة‪ ،‬فهذه تُكتب في عليين‪:‬‬
‫قال العيني‪« :‬الصالة التي ُت ْكتَب في ع ِّل ِّيين موصوف ٌة بشيئ ْين‪ ،‬األول‪ :‬أن تكون‬
‫لغو وأباطيل من الكذب والغيبة‬ ‫ٍ‬
‫مكتنفة بصالة أخرى‪ ،‬والثاني‪ :‬أن ال يكون بينهما ٌ‬
‫والنميمة ونحو ذلك» (‪.)2‬‬
‫ومن فوائد أحاديث هذا المطلب‪:‬‬
‫فرضا(‪.)3‬‬ ‫‪ 1‬ـ استدل به العلماء على ّ‬
‫أن ال ُع ْمرة ُسنّة وليست ً‬
‫الم ْعت َِم ِر» إشار ٌة إلى ّ‬
‫أن نسبة ثواب‬ ‫«أ ْج ُره ك ََأ ْج ِر ُ‬
‫‪ 2‬ـ قال التوربشتي‪« :‬في قوله‪َ :‬‬
‫الخروج للنافلة من الصلوات إلى الخروج لفرائضها نسبة ثواب الخروج للعمرة‬
‫إلى الخروج إلى الحج»(‪.)4‬‬
‫***‬

‫المطلب الثاني‪ :‬العمرة في رمضان‬

‫تنوعت العبادات في رمضان؛ لكثرة فضائله‪ ،‬وعظيم بركاته‪ ،‬حتى عُدّ عمل‬
‫ّ‬
‫العمرة فيه يعدل حجة مع النبي ﷺ‪.‬‬

‫(( ( «مرقاة المفاتيح» للقاري (‪.)612/2‬‬


‫(( ( «شرح سنن أبي داود» للعيني (‪.)38/3‬‬
‫(( ( «مرقاة المفاتيح» للقاري (‪.)613/2‬‬
‫((( نقله الطيبي في «شرح المشكاة» (‪.)949/3‬‬
‫‪225‬‬ ‫عبادات أخرى‬
‫ٍ‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬المضاعفة بأجور‬

‫اس ‪َ ،‬ق َال‪َ :‬لما رجع النَّبِي ﷺ ِمن حجتِ ِه َق َال ِلُم ِسن ٍ‬
‫َان‬ ‫ف َع ِن ا ْب ِن َع َّب ٍ‬
‫ِّ‬ ‫ْ َ َّ‬ ‫ُّ‬ ‫َّ َ َ َ‬
‫َاضح ِ‬ ‫ِ‬ ‫الن‪َ ،‬ت ْعنِي َز ْو َج َها‪ ،‬ك َ‬ ‫ك ِمن الحج؟» َقا َل ْت‪َ :‬أبو ُف ٍ‬ ‫اري ِة‪« :‬ما منَع ِ‬
‫ان‬ ‫َان َل ُه ن َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ِّ‬ ‫األَن َْص ِ َّ َ َ َ‬
‫ان َت ْق ِضي َح َّج ًة‬ ‫اآلخ ُر َي ْس ِقي َأ ْر ًضا َلنَا‪َ ،‬ق َال‪َ « :‬فإِ َّن ُع ْم َر ًة فِي َر َم َض َ‬ ‫َح َّج َع َلى َأ َح ِد ِه َما‪َ ،‬و َ‬
‫َأ ْو َح َّج ًة َم ِعي»(‪.)1‬‬
‫ول اهللِ ﷺ ا ْل َح َّج‬ ‫اس ‪َ ‬ق َال‪َ :‬أ َرا َد َر ُس ُ‬ ‫رواية أخرى َع ِن ا ْب ِن َع َّب ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫وفي‬
‫ول اهللِ ﷺ َع َلى َج َم ِل َك‪َ ،‬ف َق َال‪َ :‬ما ِعن ِْدي َما‬ ‫َف َقا َل ْت‪ :‬امر َأ ٌة لِ َز ْو ِج َها َأ ِح َّجنِي م َع رس ِ‬
‫َ َ ُ‬ ‫َْ‬
‫يل اهللِ َع َّز‬ ‫يس فِي َسبِ ِ‬ ‫اك َحبِ ٌ‬ ‫ُأ ِح ُّج ِك َع َل ْي ِه‪َ ،‬قا َل ْت‪َ :‬أ ِح َّجنِي َع َلى َج َم ِل َك ُف َل ٍن‪َ ،‬ق َال‪َ :‬ذ َ‬
‫الس َل َم َو َر ْح َم َة اهللِ‪َ ،‬وإِن ََّها‬ ‫ِ‬ ‫وج َّل‪َ ،‬ف َأتَى رس َ ِ‬
‫ول اهلل ﷺ َف َق َال‪ :‬إِ َّن ا ْم َر َأتي َت ْق َر ُأ َع َل ْي َك َّ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ‬
‫ول اهللِ ﷺ‪َ ،‬ف ُق ْل ُت‪َ :‬ما ِعن ِْدي َما ُأ ِح ُّج ِك‬ ‫س َأ َلتْنِي ا ْل َح َّج م َع َك‪َ ،‬قا َل ْت‪َ :‬أ ِح َّجنِي م َع رس ِ‬
‫َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫«أ َما‬‫يل اهللِ‪َ ،‬ف َق َال‪َ :‬‬ ‫يس فِي َسبِ ِ‬ ‫اك َحبِ ٌ‬ ‫َع َل ْي ِه‪َ ،‬ف َقا َل ْت َأ ِح َّجنِي َع َلى َج َم ِل َك ُف َل ٍن‪َ ،‬ف ُق ْل ُت‪َ :‬ذ َ‬
‫يل اهللِ؟» َق َال‪َ :‬وإِن ََّها َأ َم َرتْنِي َأ ْن َأ ْس َأ َل َك َما َي ْع ِد ُل‬ ‫َان فِي َسبِ ِ‬ ‫َّك َل ْو َأ ْح َج ْجت ََها َع َل ْي ِه ك َ‬
‫إِن َ‬
‫الس َل َم َو َر ْح َم َة اهللِ َو َب َركَاتِ ِه‪َ ،‬و َأ ْخبِ ْر َها َأن ََّها‬ ‫ول اهللِ ﷺ‪َ :‬‬
‫«أ ْق ِرئ َْها َّ‬ ‫َح َّج ًة َم َع َك‪َ ،‬ف َق َال َر ُس ُ‬
‫ان(‪.)2‬‬ ‫َت ْع ِد ُل َح َّج ًة َم ِعي» َي ْعنِي‪ُ :‬ع ْم َر ًة فِي َر َم َض َ‬
‫مبو ًبا على هذا الحديث‪ :‬فيه ّ‬
‫«أن الشيء يشبه الشيء و ُي ْجعل‬ ‫قال ابن خزيمة ّ‬
‫ِعدْ له إذا أشبهه في بعض المعاني ال في جميعه؛ إذ العمرة لو عدلت حجة في جميع‬
‫أحكامها ل ُقضي العمرة من الحج‪ ،‬ولكان المعتمر في رمضان إذا كان عليه حجة‬
‫اإلسالم تُسقط عمرته في رمضان حجة اإلسالم عنه‪ ،‬فكان النّاذر َح ًّجا لو اعتمر في‬
‫نذر الحج»(‪.)3‬‬ ‫رمضان كانت عمرته في رمضان قضا ًء لِ َما أوجب على نفسه من ْ‬

‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)1863‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)1256‬‬


‫((( أخرجه أبو داود في «سننه» رقم (‪ ،)1990‬وإسناده حسن‪.‬‬
‫(( ( «صحيح ابن خزيمة» رقم (‪.)3077‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪226‬‬

‫قـال النـووي في بيـان قوله « َت ْق ِضـي ِح ّجة»‪« :‬أي‪ :‬تقـوم مقامها فـي الثواب ال‬
‫أنهـا تعدلهـا فـي ّ‬
‫كل شـيء‪ ،‬فإنـه لـو كان عليه حجـة فاعتمر فـي رمضـان ال تجزئه‬
‫عـن الحجة»(‪.)1‬‬
‫قال الكرماني‪« :‬فإن قلت‪ :‬ظاهره يقتضي ّ‬
‫أن عمر ًة في رمضان تقوم مقام حجة‬
‫اإلسالم‪ ،‬فهل هو كذلك؟ قلت أي‪ :‬الكرماني‪ :‬معناه كحجة اإلسالم في الثواب‪،‬‬
‫والقرينة اإلجماع على عدم قيامها مقامها»(‪.)2‬‬

‫تطو ًعا؛ إلجماع‬


‫«أن الحج الذي ندبها إليه كان ّ‬ ‫قال ابن بطال‪ :‬فيه ٌ‬
‫دليل على ّ‬
‫األمة على ّ‬
‫أن العمرة ال تجزئ عن حجة الفريضة‪ ،‬فأمرها بذلك على الندب ال على‬
‫اإليجاب»(‪.)3‬‬
‫وتعقبه ابن المن ّير ّ‬
‫بأن الحجة المذكورة هي حجة الوداع‪ ،‬قال‪« :‬وكانت أول‬
‫إنذارا‪ .‬قال‪ :‬فعلى هذا‬
‫ً‬ ‫حج أبي بكر كان‬ ‫فرضا؛ ّ‬
‫ألن ّ‬ ‫حجة أقيمت في اإلسالم ً‬
‫يستحيل أن تكون تلك المرأة كانت قامت بوظيفة الحج»(‪.)4‬‬

‫قال ابن حجر مع ّل ًقا‪« :‬وما قاله غير مس ّل ٍم‪ ،‬إذ ال مانع أن تكون ّ‬
‫حجت مع أبي‬
‫أن الحج إنما ُف ِرض في السنة العاشرة‬
‫بكر وسقط عنها الفرض بذلك‪ ،‬لكنه بنى على ّ‬
‫حتى يسلم مما يرد على مذهبه من القول بأن الحج على الفور وعلى ما قاله ابن‬
‫خزيمة فال يحتاج إلى شيء مما بحثه ابن بطال‪ ،‬فالحاصل أنه أعلمها أن العمرة في‬

‫(( ( «شرح النووي على صحيح مسلم» (‪.)2/9‬‬


‫((( «الكواكب الدراري» للكرماني (‪.)7/9‬‬
‫(( ( «شرح ابن بطال على صحيح البخاري» (‪.)438/4‬‬
‫((( نقله ابن حجر في «فتح الباري» (‪.)604/3‬‬
‫‪227‬‬ ‫عبادات أخرى‬
‫ٍ‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬المضاعفة بأجور‬

‫رمضان تعدل الحجة في الثواب ال أنها تقوم مقامها في إسقاط الفرض لإلجماع‬
‫على أن االعتمار ال يجزئ عن حج الفرض»(‪.)1‬‬
‫علن‪« :‬الظاهر أن المراد بالعدل هنا‪ّ :‬‬
‫أن في القليل مثل ثواب‬ ‫ويقول ابن ّ‬
‫ً‬
‫حامل للناس على‬ ‫لئل يلزم تساوي القليل والكثير‪ ،‬فيكون‬ ‫ٍ‬
‫مضاعفة؛ ّ‬ ‫الكثير من غير‬
‫ِ‬
‫اإلعراض ِ‬
‫عن الكثير‪ ،‬وهذا أولى من قول الطيبي أنه من باب المبالغة‪ ،‬وإلحاق‬
‫الناقص بالكامل ترغي ًبا وح ًّثا عليه؛ ّ‬
‫ألن اهلل امت ّن على ضعفاء عباده العاجزين عن‬
‫ِ‬
‫اإلتيان بذلك الكثير‪ ،‬بأن جعل لهم ما يصلون به إلى مراتب األقوياء القادرين على‬
‫الكثير‪ ،‬وال يلزم منه الرغبة عن الكثير‪ ،‬لما تقرر من الفرق بينهما»(‪.)2‬‬
‫ٍ‬
‫ألسباب‪:‬‬ ‫قال ابن العربي‪« :‬وعدل العمرة في رمضان بحجة يكون‬

‫أحدهـا‪ :‬أن ينسـحب فضـل رمضـان علـى العمـرة فيجتمـع مـن الوجه ْين ما‬
‫يعـادل الحج‪.‬‬

‫ثانيهمـا‪ :‬إن المعتمـر فـي رمضـان أجـاب داعـي الحـج وهـو قولـه تعالـى‪:‬‬
‫﴿ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ﴾ [الحـج‪ ،]٢٧ :‬ومـن ُدعي فأجاب‪ ،‬ومن أجاب‬
‫دعـاءه تع ّيـن عليـه الثواب‪ .‬وقوله فـي الزيادة‪ :‬تعـدل حجة معي زيادة فـي التفضيل‬
‫فـإن النبـي ﷺ‪ ،‬إذا وقـف مـع الخلـق فدعـا ودعوا معـه كانـت تلك وسـيلة كريمة‬
‫إلـى اإلجابـة‪ ،‬فلمـا اسـتأثر اهلل تعالـى برسـوله خ َّلـف فينا شـهر رمضان ننـال تلك‬
‫البركـة فيه كما قال اهلل تعالـى‪﴿ :‬ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ﴾ [األنفال‪،]٣٣ :‬‬
‫ثـم اسـتأثر اهلل تعالى برسـوله ثـم قـال‪﴿ :‬ﯫ ﯬ﴾ اآلية؛ إلـى قوله‪﴿ :‬ﯶ‬

‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)604/3‬‬


‫((( «دليل الفالحين» البن علّن (‪.)77/7‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪228‬‬

‫ﯷ﴾ [األنفـال‪ ،]٣٣ :‬فصـار االسـتغفار خل ًفـا لنـا مـن األمن من العـذاب من‬
‫وجود شـخصه الكريم معنـا»(‪.)1‬‬
‫وقال الترمذي قبلها‪« :‬قال أحمد ـ يعني‪ :‬ابن حنبل ـ‪ ،‬وإسحاق ـ يعني‪ :‬ابن‬
‫راهويه ـ‪ :‬قد ثبت عن النبي ﷺ أن عمرة في رمضان تعدل حجة»(‪.)2‬‬
‫ول اهللِ ﷺ‪ُ « :‬ع ْم َر ٌة فِي َر َم َض َ‬
‫ان‪،‬‬ ‫ب ْب ِن َخنْ َب ٍ‬
‫ش ‪َ ‬ق َال‪َ :‬ق َال َر ُس ُ‬ ‫و َع ْن َو ْه ِ‬
‫َت ْع ِد ُل َح َّج ًة»(‪.)3‬‬
‫ـل‬‫ـال‪ :‬إِ َّن ُأ َّم َم ْع ِق ٍ‬
‫ـول اهللِ ﷺ َف َق َ‬
‫ـل ‪َ ‬أنَّـ ُه َجـاء إِ َلـى رس ِ‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫و َعـ ْن َأبِـي َم ْع ِق ٍ‬
‫ـال‪ُ « :‬ع ْم َر ٌة‬ ‫ـت َع َل ْي َهـا َح َّجـ ًة َم َع َك‪َ ،‬ف َل ْم َي َت َي َّس ْـر َل َهـا َذلِ َك‪َ ،‬ف َمـا ُي ْج ِ‬
‫ـز ُئ َعن َْها؟ َق َ‬ ‫َج َع َل ْ‬
‫يسـا‪َ ،‬ف ُأ ْعطِ َيهـا إِ َّيا ُه‬ ‫لا جع ْلتُـه فِي سـبِ ِ ِ‬
‫يل اهلل َحبِ ً‬ ‫َ‬
‫ِ ِ‬
‫ـال‪َ :‬فـإِ َّن عنْدي َج َم ً َ َ ُ‬
‫ـان»‪َ .‬ق َ‬‫فِـي َر َم َض َ‬
‫َفت َْر َك ُبـ ُه؟ َق َ‬
‫ـال‪َ « :‬ن َع ْم»(‪.)4‬‬
‫ومن فوائد أحاديث هذا المطلب‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ قال ابن التين‪« :‬قوله كـ «حجة»‪ :‬يحتمل أن يكون على بابه‪ ،‬ويحتمل أن‬
‫مخصوصا بهذه المرأة»‪.‬‬
‫ً‬ ‫يكون لبركة رمضان‪ ،‬ويحتمل أن يكون‬
‫«ثم ال ُع ْمرة‬
‫قال ابن حجر‪« :‬والظاهر حمله على العموم» ‪ ،‬وقال القاري‪ّ :‬‬
‫(‪)5‬‬

‫بوقوع أفعالها في رمضان ال إحرامها كما مال إليه ابن حجر فتد ّبر»(‪.)6‬‬

‫((( «القبس في شرح موطأ مالك بن أنس» البن العربي (‪ 563/1‬ـ ‪.)564‬‬
‫(( ( «سنن الترمذي»‪ ،‬رقم (‪.)939‬‬
‫(( ( أخرجه ابن ماجه في «سننه» رقم (‪ ،)2991‬وإسناده صحيح‪.‬‬
‫((( أخرجه النسائي في «السنن الكبرى» رقم (‪ ،)4214‬وإسناده ضعيف‪ ،‬لكنه حسن لغيره بمتابعاته‪.‬‬
‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)605/3‬‬
‫(( ( «مرقاة المفاتيح» للقاري (‪.)1742/5‬‬
‫‪229‬‬ ‫عبادات أخرى‬
‫ٍ‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬المضاعفة بأجور‬

‫وقال الخطابي‪« :‬قوله كـ «حجة»‪ :‬يريد في الثواب‪ ،‬والفضائل ال تُدرك بقياس‪،‬‬


‫واهلل يؤتي فضله من يشاء»(‪.)1‬‬

‫«حجة»‪ :‬يحتمل أن يكون ذلك لبركة رمضان وأن‬


‫ّ‬ ‫وقال الباجي‪« :‬قوله كـ‬
‫الحسنات تضاعف فيه حتى يوازي ثواب العمرة فيه ثواب حجة في غيره واهلل‬
‫يضاعف لمن يشاء»(‪.)2‬‬
‫‪ 2‬ـ قال ابن الجوزي‪« :‬فيه ّ‬
‫أن ثواب العمل يزيد بزيادة شرف الوقت‪ ،‬أو خلوص‬
‫القصد‪ ،‬أو حضور قلب العامل» (‪« )3‬كما يزيد ثواب الكثير بمزيد الحضور‪ ،‬ودوام‬
‫الشهود الذين يبلغ الشخص بهما مبل ًغا ال يحصل له بدون ذلك»(‪.)4‬‬

‫وأن‬ ‫ٍ‬
‫أوقات‪ّ ،‬‬ ‫بعضا في‬ ‫البر‪« :‬فيه ّ‬
‫أن األعمال قد يفضل بعضها ً‬ ‫وقال ابن عبد ّ‬
‫الشهور بعضها أفضل من بعض‪ ،‬والعمل في بعضها أفضل من بعض‪ّ ،‬‬
‫وأن شهر‬
‫رمضان مما يضاعف فيه عمل البر وذلك دليل على عظيم فضله»(‪.)5‬‬

‫النبـي ﷺ إال فـي أشـهر الحـج‪ ،‬وقـد ثبـت‬


‫ّ‬ ‫‪ 3‬ـ قـال ابـن حجـر‪« :‬لـم يعتمـر‬
‫فضـل العمـرة فـي رمضان بحديـث الباب‪ ،‬فأيهمـا أفضل؟ الـذي يظهـر ّ‬
‫أن العمرة‬ ‫ْ‬
‫فـي رمضـان لغيـر النبي ﷺ أفضـل‪ ،‬وأما فـي ح ّقه فما صنعـه هو أفضـل؛ ّ‬
‫ألن فعله‬
‫لبيـان جـواز مـا كان أهـل الجاهليـة يمنعونه‪ ،‬فـأراد الـرد عليهـم بالقـول والفعل‪،‬‬

‫((( «شرح صحيح البخاري» البن بطال (‪.)438/4‬‬


‫(( ( «المنتقى شرح المو ّطأ» ألبي الوليد الباجي (‪.)234/2‬‬
‫(( ( «كشف المشكل» من حديث الصحيحين البن الجوزي (‪.)352/2‬‬
‫((( «دليل الفالحين» البن عالن (‪.)77/7‬‬
‫(( ( «التمهيد» البن عبد البر (‪.)55/22‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪230‬‬

‫مكروهـا لغيـره لكان فـي حقه أفضـل واهلل أعلـم»(‪.)1‬‬


‫ً‬ ‫وهـو لـو كان‬

‫وقـال ابـن الق ّيـم‪« :‬اجتمع فـي عمرة رمضـان أفضل الزمـان‪ ،‬وأفضـل البقاع‪،‬‬
‫ولكـ ّن اهلل لـم يكـن ليختـار لنبيـه ﷺ فـي عمـره إال أولـى األوقـات وأح ّقهـا بهـا‪،‬‬
‫فكانـت العمـرة فـي أشـهر الحج نظيـر وقوع الحـج في أشـهره‪ ،‬وهذه األشـهر قد‬
‫خصهـا اهلل تعالـى بهـذه العبـادة‪ ،‬وجعلهـا وقتًـا لهـا‪ ،‬والعمـرة حج أصغـر‪ ،‬فأولى‬
‫ّ‬
‫األزمنـة بها أشـهر الحج وذو القعدة أوسـطها‪ ،‬وهذا مما نسـتخير اهلل فيـه فمن كان‬
‫عنـده فضل علـم فليرشـد إليه‪.‬‬

‫وقـد يقـال‪ :‬إن رسـول اهلل ﷺ كان يشـتغل فـي رمضـان مـن العبـادات بما هو‬
‫أهـم مـن العمـرة‪ ،‬ولم يكـن يمكنـه الجمع بين تلـك العبـادات وبين العمـرة‪ ،‬فأخر‬
‫العمـرة إلـى أشـهر الحـج ووفـر نفسـه على تلـك العبـادات فـي رمضان مـع ما في‬
‫تـرك ذلـك مـن الرحمة بأمتـه والرأفة بهـم‪ ،‬فإنه لو اعتمـر في رمضان لبـادرت األمة‬
‫إلـى ذلـك‪ ،‬وكان يشـق عليهـا الجمـع بيـن العمـرة والصـوم وربمـا ال تسـمح أكثر‬
‫النفـوس بالفطـر فـي هـذه العبـادة حرصـ ًا علـى تحصيـل العمـرة وصـوم رمضان‪،‬‬
‫فتحصـل المشـقة‪ ،‬فأخرهـا إلى أشـهر الحج‪ ،‬وقـد كان يتـرك كثير ًا مـن العمل وهو‬
‫يحـب أن يعمله خشـية المشـقة عليهم»(‪.)2‬‬
‫‪ 4‬ـ قال ابن عبد البر‪« :‬فيه ّ‬
‫أن الحج أفضل من العمرة؛ وذلك واهلل أعلم لما فيه‬
‫من زيادة المشقة في العمل واإلنفاق»(‪.)3‬‬

‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)605/3‬‬


‫(( ( «زاد المعاد» البن القيم (‪ 91/2‬ـ ‪.)92‬‬
‫(( ( «التمهيد» البن عبد البر (‪.)55/22‬‬
‫‪231‬‬ ‫عبادات أخرى‬
‫ٍ‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬المضاعفة بأجور‬

‫‪ 5‬ـ قال المناوي‪ :‬فيه أنه « ُيس ّن إكثار العمرة في رمضان‪ ،‬وعليه الشافعية»(‪.)1‬‬
‫‪ 6‬ـ قـال الخطابـي‪« :‬فيـه مـن الفقـه‪ :‬جـواز إحبـاس الحيـوان‪ .‬وفيـه‪ :‬أنـه جعل‬
‫بأسـا أن‬
‫الحـج مـن السـبيل‪ ،‬وقـد اختلف النـاس في ذلـك‪ ،‬وكان ابن عبـاس ال يرى ً‬
‫يعطـي الرجـل مـن زكاتـه فـي الحـج‪ ،‬وروي مثـل ذلك عـن ابـن عمـر‪ ،‬وكان أحمد‬
‫وإسـحاق يقـوالن‪ :‬يعطـي مـن ذلـك فـي الحـج‪ ،‬وقـال سـفيان وأصحـاب الـرأي‬
‫والشـافعي‪ :‬ال تصـرف الزكاة إلى الحج‪ ،‬وسـهم السـبيل‪ :‬الغـزاة والمجاهـدون»(‪.)2‬‬
‫***‬

‫(( ( «فيض القدير» للمناوي (‪.)361/4‬‬


‫(( ( «معالم السنن» للخطابي (‪.)215/2‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪232‬‬

‫المبحث الثاني‬
‫المضاعفة بأجر عمرة‪ ،‬أو حجة وعمرة‬

‫المطلب األول‪ :‬صالة تسبيح الضحى‪.‬‬

‫ع ّظم اهلل أجر النوافل‪ ،‬وضاعف من أجورها؛ ليهتم الناس بها‪ ،‬وييقبلون على‬
‫إقامتها‪ ،‬من ذلك‪ :‬صالة تسبيح الضحى‪ ،‬ومما في ورد في أجرها‪:‬‬
‫«م ْن َخ َر َج ِم ْن َب ْيتِ ِه ُم َت َط ِّه ًرا إِ َلى‬ ‫ما رواه أبو ُأمام َة ‪َ ،‬أ َّن رس َ ِ‬
‫ول اهلل ﷺ َق َال‪َ :‬‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ‬
‫الض َحى َل َين ِْص ُب ُه إِ َّل‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫َص َلة َم ْكتُو َبة َف َأ ْج ُر ُه ك ََأ ْج ِر ا ْل َح ِّ‬
‫اج ا ْل ُم ْح ِرمِ‪َ ،‬و َم ْن َخ َر َج إِ َلى ت َْسبِيحِ ُّ‬
‫إِياه َف َأجره ك ََأج ِر ا ْلمعت َِم ِر‪ ،‬وص َل ٌة ع َلى َأ َث ِر ص َل ٍة َل َلغْو بينَهما كِت ِ ِ‬
‫ين»(‪.)1‬‬ ‫َاب في ع ِّل ِّي َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ َْ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َّ ُ ْ ُ ُ ْ ُ ْ‬
‫والشاهد منه‪ :‬استحقاق من خرج من بيته إلى المسجد ليصلى الضحى أجر‬
‫ٍ‬
‫عمرة‪ ،‬وقد سبق الحديث عنه في المبحث السابق‪.‬‬
‫***‬

‫المطلب الثاني‪ :‬المشي إلى صالة تطوع‪.‬‬

‫لصالة التطوع منزل ٌة في الشريعة اإلسالمية‪ ،‬وقد حرص السلف والخلف‬


‫عليها‪ ،‬لما لها من عظيم األجر‪ ،‬وقد ورد في السنة أن من مشى إلى صالة تطوع كتب‬
‫له أجر عمرة‪.‬‬
‫«م ْن َم َشى إِ َلى َص َل ٍة َم ْكتُو َب ٍة فِي‬ ‫ف َع ْن َأبِي ُأ َما َم َة ‪َ ،‬ع ِن النَّبِ ِّي ﷺ‪َ ،‬ق َال‪َ :‬‬
‫ا ْل َج َما َع ِة‪َ ،‬ف ِهي ك ََح َّج ٍة‪َ ،‬و َم ْن َم َشى إِ َلى َص َل ِة َت َط ُّو ٍع َف ِهي َك ُع ْم َر ٍة ت ََّام ٍة»(‪.)2‬‬

‫((( سبق تخريجه‪.‬‬


‫((( سبق تخريجه‪.‬‬
‫‪233‬‬ ‫عبادات أخرى‬
‫ٍ‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬المضاعفة بأجور‬

‫تام ٍة» أي‪« :‬كثوابها‪ ،‬لكن ال يلزم التساوي في المقدار»(‪.)1‬‬ ‫ٍ‬


‫ومعنى‪َ « :‬ك ُع ْم َرة ّ‬
‫يقول الصنعاني‪« :‬أما النافلة فاألفضل في فعلها البيوت‪ ،‬فيحتمل أن يراد‪ :‬من‬
‫مشى من مسجده إلى بيته ألداء النافلة فيه‪ ،‬ويحتمل من خرج من بيته إلى نافلة شرع‬
‫فيها الجماعة في المساجد كاالستسقاء ونحوه»(‪.)2‬‬

‫***‬

‫المطلب الثالث‪ :‬الصالة في مسجد قباء‪.‬‬

‫يعدّ مسجد قباء رابع المساجد التي ورد الفضل في الصالة فيه‪ ،‬بعد المسجد‬
‫الحرام‪ ،‬والمسجد النبوي‪ ،‬والمسجد األقصى‪ ،‬وقد ضاعف اهلل أجر من ص ّلى فيه‬
‫صالة كأجر أداء عمرة في بيت اهلل الحرام‪.‬‬
‫ـر األَن َْص ِ‬
‫ـار َّي‬ ‫فعـن أبـي األَبـر ِد مو َلـى بنِـي َخ ْطمـ َة‪َ ،‬أنَّـه س ِ‬
‫ـم َع ُأ َسـ ْيدَ ْبـ َن ُظ َه ْي ٍ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َْ‬
‫«الص َل ُة فِي‬
‫ـال‪َّ :‬‬ ‫ـن النَّبِ ِّي ﷺ َق َ‬ ‫ث‪َ ،‬ع ِ‬ ‫ـي ﷺ ُي َحـدِّ ُ‬ ‫َان ِمـ ْن َأ ْص َح ِ‬
‫ـاب النَّبِ ِّ‬ ‫‪َ ،‬وك َ‬
‫اء َك ُع ْم َـر ٍة»(‪.)3‬‬
‫ـج ِد ُقب ٍ‬
‫َم ْس ِ َ‬

‫ومعنى قوله‪َ « :‬ك ُع ْم َر ٍة» أي‪« :‬الصالة الواحدة َي ْع ِد ُل ثوابها ُع ْم َرة»(‪.)4‬‬

‫«م ْن َخ َـر َج َحتَّى َي ْأتِ َي‬ ‫وعن سـهل بن حنَيـف ‪ ‬قال‪َ :‬ق َال رس ُ ِ‬
‫ـول اهلل ﷺ‪َ :‬‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ ْ‬
‫َان َل ُه َعـدْ َل ُع ْم َـر ٍة»‪ .‬هذا لفظ النسـائي‪،‬‬ ‫ـجدَ ُقبـاء ـ َفص َّلـى فِ ِ‬
‫يـه ك َ‬ ‫ـجدَ ـ َم ْس ِ َ َ َ‬
‫ـذا ا ْل َم ْس ِ‬
‫َه َ‬

‫(( ( «فيض القدير» للمناوي (‪.)228/6‬‬


‫(( ( «التنوير شرح الجامع الصغير» للصنعاني (‪.)407/10‬‬
‫(( ( أخرجه الترمذي في «سننه» رقم (‪ ،)324‬وإسناده حسن‪.‬‬
‫(( ( «التيسير بشرح الجامع الصغير» للمناوي (‪.)106/2‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪234‬‬

‫ـاء‪َ ،‬ف َص َّلـى فِ ِيه َص َلاةً‪ ،‬ك َ‬


‫َان‬ ‫ـم َأتَى َم ْس ِ‬
‫ـجدَ ُق َب َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ـن َت َط َّه َر فـي َب ْيته ُث َّ‬
‫«م ْ‬
‫ولفـظ ابـن ماجـه‪َ :‬‬
‫َل ُه ك ََأ ْج ِ‬
‫ـر ُع ْم َرة»(‪.)1‬‬
‫ولم يحدَّ د مقدار الصالة التي يترتب عليها هذا األجر‪ ،‬وقد جاءت روايتان‬
‫مختلفتان تب ّينان مقدار هذه الصالة‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ صالة ركعتين‪:‬‬
‫«م ْن ت ََو َّض َأ َف َأ ْح َس َن‬ ‫ف ‪َ ،‬أ َّن رس َ ِ‬ ‫فعن سه ِل ب ِن حنَي ٍ‬
‫ول اهلل ﷺ َق َال‪َ :‬‬ ‫َ ُ‬ ‫َ ْ ْ ُ ْ‬
‫اء َر ْك َع َت ْي ِن كَان ْ‬
‫َت َل ُه ُع ْم َرةً» (‪.)2‬‬ ‫ا ْلو ُضوء‪ُ ،‬ثم ص َّلى فِي مس ِ ِ‬
‫جد ُق َب َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ َّ َ‬ ‫ُ‬
‫‪ 2‬ـ صالة أربع ركعات‪:‬‬

‫«م ْن ت ََو َّض َأ َف َأ ْح َس َن‬ ‫ف ‪َ ‬ق َال‪َ :‬ق َال رس ُ ِ‬ ‫فعن سه ِل ب ِن حنَي ٍ‬
‫ول اهلل ﷺ‪َ :‬‬ ‫َ ُ‬ ‫َ ْ ْ ُ ْ‬
‫ك َك َعدْ ِل ُع ْم َر ٍة»(‪.)3‬‬
‫َان َذلِ َ‬ ‫جدَ ُقباء َفركَع فِ ِيه َأربع ر َكع ٍ‬
‫ات ك َ‬ ‫ََْ َ َ‬ ‫اء َم ْس ِ َ َ َ َ‬ ‫وء ُه ُث َّم َج َ‬
‫ُو ُض َ‬
‫والجواب أن الحديث الثاني ضعيف جدًّ ا ال يصلح لمعارضة حديث الركعتين‪،‬‬
‫وعلى فرض صحته فقد قال القاري‪« :‬ويجمع بأنه يحتمل أن ثواب العمرة رتب أوال‬
‫على أربع ركعات‪ ،‬ثم سهل اهلل على عباده وتفضل عليهم‪ ،‬فرتبه على ركعتين»(‪.)4‬‬
‫قـال السـندي‪« :‬قوله‪« :‬عـدل عمـرة»‪ ،‬العـدْ ل‪ :‬بِا ْلك َْس ِ‬
‫ـر َوا ْل َفتْـح بِ َم ْعنـى ا ْلمثل‪،‬‬
‫ـس من جنسـه‪َ .‬وقيـل بِا ْل َعك ِ‬
‫ْس‪.‬‬ ‫َوقيـل بِا ْل َفتْـح‪َ :‬مـا عادله من جنسـه‪ ،‬وبالكسـر‪َ :‬ما َل ْي َ‬
‫مس ِ‬ ‫ِ‬ ‫مس ِ‬ ‫ِ‬
‫ـاوي‬ ‫حتما َوا ْلك َْسـر في ا ْل َ‬
‫ـاوي ً‬ ‫السـندي ـ‪َ :‬و ْالَ ْق َرب َأ ّن ا ْل َفتْح في ا ْل َ‬
‫ّ‬ ‫قلـت ـ أي‬

‫((( أخرجه النسائي في «سننه» رقم (‪ ،)699‬وإسناده حسن‪.‬‬


‫((( أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» رقم (‪ ،)5561‬وإسناده حسن‪.‬‬
‫((( أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنّفه» رقم (‪ ،)32525‬وإسناده ضعيف جدًّ ا‪.‬‬
‫(( ( «مرقاة المفاتيح» للقاري (‪.)590/2‬‬
‫‪235‬‬ ‫عبادات أخرى‬
‫ٍ‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬المضاعفة بأجور‬

‫الحسـي ُيـدْ رك بِ َفتْـح ا ْلعيـن‪ ،‬والعقلـي بالفكر ا ْل ُم ْحتَـاج إِ َلى خفـض العين‬ ‫عقلا‪ ،‬إِ ْذ ّ‬
‫ً‬
‫وغمضهـا‪َ ،‬و َه َذا مثـل «العوج» و«العالقة»‪ ،‬فهمـا بِا ْل َفتْح‪ :‬فِي المبصرات‪ ،‬وبالكسـر‪:‬‬
‫اضع ا ْل َح ِكيـم لم يهمل ُمنَاسـ َبة‬‫ـذا مبنِـي علـى مـا َقا ُلـوا‪َ :‬أ ّن ا ْلو ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫فـي المعقـوالت‪َ ،‬و َه َ َ ْ ّ‬
‫ِ‬

‫الح ِديث‪ :‬كسـر‬ ‫ِ‬


‫ـذا َف ْالَ ْق َـرب في َ‬ ‫لحـق ا ْل ِحك َْمـة‪ ،‬و َعلـى َه َ‬
‫ْالَ ْل َفـاظ بالمعانـي َق َضـا ًء ّ‬
‫العيـن‪َ ،‬وبِـه ُضبط فِي بعض النّسـخ المصححـة َواهلل َت َعا َلى أعلـم َوا ْلم ْعنَـى ك َ‬
‫َان فعله‬
‫عم َرة‬
‫عم َـرة و َعلى األول عـدل ْ‬ ‫َان مـن ْالجر مثـل أجر ْ‬ ‫عم َـرة َلـ ُه إِ ْذ ك َ‬
‫ا ْل َم ْذكُـور مثـل ْ‬
‫ِ‬
‫الر ْفـع فليفهم»(‪.)1‬‬‫بِالنّصـب و َعلـى ال َّثاني بِ َّ‬
‫معتبرا في نيل‬
‫ً‬ ‫تطهر في بيته» ّ‬
‫لعل هذا القيد لم يكن‬ ‫قال السندي‪« :‬قوله‪« :‬من ّ‬
‫لمجرد التنبيه على ّ‬
‫أن الذهاب إلى المسجد ليس إال لمن‬ ‫ّ‬ ‫هذا الثواب‪ ،‬بل ذكره‬
‫كان قريب الدار منه بحيث يمكن أن يتطهر في بيته ويص ّلي فيه بتلك الطهارة كأهل‬
‫المدينة وأهل قباء ال يحتاج إلى شدّ الرحال إذ ليس ذاك لغير المساجد الثالثة» (‪.)2‬‬
‫لذلك كان النبي ﷺ يأتي هذا المسجد كل سبت ماش ًيا وراك ًبا؛ يص ّلي فيه‬
‫ركعتين‪« ،‬وذلك ٍ‬
‫كاف في فضله»(‪.)3‬‬
‫اء راكِبا وم ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ول اهللِ ﷺ َي ْأتِي َم ْس ِ‬ ‫و َع ِن ا ْب ِن ُع َم َر ‪َ ‬ق َال‪« :‬ك َ‬
‫َان َر ُس ُ‬
‫اش ًيا‪،‬‬ ‫جدَ ُق َب َ ً َ َ‬
‫َف ُي َص ِّلي فِ ِيه َر ْك َع َت ْي ِن»(‪.)4‬‬
‫الض َحى إِ َّل‬ ‫َان ال ُي َص ِّلي ِم َن ُّ‬ ‫«أ َّن ا ْب َن ُع َم َر ‪ ،‬ك َ‬ ‫رواية أخرى بلفظ‪َ :‬‬ ‫ٍ‬ ‫وفي‬
‫وف بِا ْلبي ِ‬
‫ت‪ُ ،‬ث َّم ُي َص ِّلي َر ْك َع َت ْي ِن‬ ‫فِي َي ْو َم ْي ِن‪َ :‬ي ْو َم َي ْقدَ ُم بِ َم َّك َة‪َ ،‬فإِ َّن ُه ك َ‬
‫َان َي ْقدَ ُم َها ُض ًحى َف َي ُط ُ َ ْ‬

‫(( ( «حاشية السندي على سنن النسائي» (‪.)37/2‬‬


‫((( «حاشية السندي على سنن ابن ماجه» (‪.)431/1‬‬
‫((( «حاشية السندي على سنن ابن ماجه» (‪.)431/1‬‬
‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)1194‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)1399‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪236‬‬
‫ٍ‬ ‫اء‪َ ،‬فإِ َّنه ك َ ِ ِ‬
‫جدَ ُقب ٍ‬ ‫ِ‬
‫جدَ‬ ‫َان َي ْأتيه ك َُّل َس ْبت‪َ ،‬فإِ َذا َد َخ َل َ‬
‫الم ْس ِ‬ ‫ُ‬ ‫الم َقامِ‪َ ،‬و َي ْو َم َي ْأتي َم ْس ِ َ‬ ‫ف َ‬ ‫َخ ْل َ‬
‫ُور ُه‬ ‫ول اهللِ ﷺ ك َ‬
‫َان َيز ُ‬ ‫ث‪َ :‬أ َّن َر ُس َ‬ ‫ك َِر َه َأ ْن َيخْ ُر َج ِمنْ ُه َحتَّى ُي َص ِّل َي فِ ِيه‪َ ،‬ق َال‪َ :‬وك َ‬
‫َان ُي َحدِّ ُ‬
‫اش ًيا»(‪.)1‬‬ ‫راكِبا وم ِ‬
‫َ ً ََ‬
‫ج ِد ُقب ٍ‬ ‫ِ‬
‫اء‬ ‫«لَ ْن ُأ َص ِّل َي في َم ْس ِ َ‬ ‫لذلك كان سعد بن أبي وقاص ‪ ‬يقول‪َ :‬‬
‫اء َل َض َر ُبوا إِ َل ْي ِه‬
‫ون ما فِي ُقب ٍ‬
‫َ‬ ‫ت ا ْل َم ْق ِد ِ‬
‫س َم َّر َت ْي ِن‪َ ،‬ل ْو َي ْع َل ُم َ َ‬ ‫ب إِ َل َّي ِم ْن َأ ْن آتِ َي َب ْي َ‬
‫َر ْك َع َت ْي ِن َأ َح ُّ‬
‫البِل»(‪.)2‬‬ ‫َأ ْك َبا َد ْ ِ‬

‫مستحب‪،‬‬
‫ٌّ‬ ‫التقرب بالمساجد ومواضع الصلحاء‬
‫أن ّ‬ ‫قال الطيبي‪« :‬فيه ٌ‬
‫دليل على ّ‬
‫ّ‬
‫وأن الزيارة يوم السبت سنة»(‪.)3‬‬

‫قال الحافظ الزين العراقي‪« :‬فيه ندب زيارة مسجد قباء والصالة فيه ويس ّن‬
‫كونه يوم السبت لحديث ابن عمر المتفق عليه بذلك ومن حكمته أنه كان يوم السبت‬
‫يتفرغ لنفسه ويشتغل بقية الجمعة من أول األحد بمصالح األمة»(‪.)4‬‬

‫«إن مجيئه ﷺ إلى قباء إنما كان لمواصلة األنصار وتف ّقد‬
‫ويقول ابن حجر‪ّ :‬‬
‫السر في تخصيص‬ ‫حالهم وحال من ّ‬
‫تأخر منهم عن حضور الجمعة معه‪ ،‬وهذا هو ّ‬
‫بالس ْبت»(‪ ،)5‬وبنحوه قال المباركفوري في «مرعاته»(‪.)6‬‬
‫ذلك ّ‬

‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪..)1191‬‬


‫((( أخرجه ابن ش ّبة في تاريخ مكّة ص (‪ ،)42‬وإسناده صحيح‪.‬‬
‫((( «شرح المشكاة» للطيبي (‪.)930/3‬‬
‫(( ( نقله المناوي في «فيض القدير» (‪.)244/4‬‬
‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)70/3‬‬
‫((( «مرعاة المفاتيح» للمباركفوري (‪.)402/2‬‬
‫‪237‬‬ ‫عبادات أخرى‬
‫ٍ‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬المضاعفة بأجور‬

‫ومن فوائد أحاديث هذا المطلب‪:‬‬


‫الر َح ُال إِ ّل إِ َلى َث َل َث ِة َم َس ِ‬
‫ـاجد»(‪)1‬؛‬ ‫‪ 1‬ـ قال العراقي‪« :‬ال ينافي هذا خبر َ‬
‫«ل ت َُشـدّ ّ‬
‫ّ‬
‫ألن بيـن قبـاء والمدينـة ثالثـة أميـال‪ ،‬وما قرب مـن المصر ليـس في الذهـاب إليه‬
‫شـدّ رحل»(‪.)2‬‬
‫َق َال ا ْل َب ِ‬
‫اج ُّي‪« :‬وقوله‪« :‬كان يأتي قباء راك ًبا وماش ًيا» ليس بمخالف لما نهي عنه‬
‫من أن تعمل المطي إال إلى ثالثة مساجد‪ :‬مسجده ﷺ‪ ،‬والمسجد الحرام‪ ،‬ومسجد‬
‫إيلياء؛ ألن إتيان قباء من المدينة ليس من باب إعمال المطي؛ ألن إعمال المطي من‬
‫صفات األسفار البعيدة وقطع المسافات الطوال‪ ،‬وال يقال لمن خرج إلى المسجد‬
‫من داره راك ًبا أنه أعمل المطي‪ ،‬وإنما يحمل ذلك على عرف االستعمال في كالم‬
‫العرب‪ ،‬وال يدخل تحت المنع من إعمال المطي أن يركب إنسان إلى مسجد من‬
‫المساجد القريبة منه في جمعة أو غيرها؛ ألنه ال خالف في جواز ذلك‪ ،‬بل هو‬
‫ٍ‬
‫كثيرة‪ ،‬فإن الذي منع منه أن يسافر السفر البعيد إلى غير الثالثة‬ ‫ٍ‬
‫أوقات‬ ‫واجب في‬
‫ٌ‬
‫بلد ٍ‬‫أن آتيا أتى قباء وقصد من ٍ‬
‫بعيد وتكلف فيه من السفر ما يوصف‬ ‫المساجد‪ ،‬ولو ّ ً‬
‫من إعمال المطي‪ ،‬لكان مرتك ًبا للنهي عنه على هذا القول»(‪.)3‬‬
‫‪ 2‬ـ قال المباركفوري‪« :‬فيه دالل ٌة على جواز تخصيص بعض األيام ببعض‬
‫األعمال الصالحة والمداومة على ذلك»(‪ ،)4‬ولكن هذا التخصيص مر ّده إلى الشارع‬
‫خصصه الشرع‪.‬‬
‫خصص إال ما ّ‬
‫الحكيم‪ ،‬فال ُي ّ‬

‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)1189‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)1397‬‬


‫((( «طرح التثريب» للعراقي (‪ 44/6‬ـ ‪.)45‬‬
‫(( ( «المنتقى شرح المو ّطأ» للباجي (‪.)298/1‬‬
‫((( «مرعاة المفاتيح» للمباركفوري (‪.)402/2‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪238‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬صالة اإلشراق بعد صالة الفجر والمكث في المسجد‪.‬‬

‫لصالة الفجر مكانة عند اهلل تعالى‪ ،‬وقد مدحها بقوله‪﴿ :‬ﭴ ﭵﭶ ﭷ ﭸ‬
‫ﭹ ﭺ ﭻ﴾ [اإلسراء‪ ،]٧٨ :‬ولمزيد الترغيب فيها ضاعف اهلل أجر من صالها‬
‫في جماعة ثم قعد في مصاله يذكر اهلل حتى تطلع الشمس ثم صلى صالة اإلشراق‬
‫تامة ٍ‬
‫تامة‪.‬‬ ‫تامة ٍ‬ ‫وعمرة ٍ‬
‫ٍ‬ ‫حج ٍة‬‫بعدها كأجر ّ‬
‫«م ْن َص َّلى ال َغدَ ا َة فِي‬ ‫ول اهلل ﷺ‪َ :‬‬
‫فعن َأنَس بن مالك ‪َ ‬ق َال‪َ :‬ق َال رس ُ ِ‬
‫َ ُ‬ ‫َ ْ‬
‫َت َل ُه ك ََأ ْج ِر َح َّج ٍة‬ ‫َج َما َع ٍة ُث َّم َق َعدَ َي ْذك ُُر اهللَ َحتَّى َت ْط ُل َع َّ‬
‫الش ْم ُس‪ُ ،‬ث َّم َص َّلى َر ْك َع َت ْي ِن كَان ْ‬
‫َو ُع ْم َر ٍة ت ََّام ٍة ت ََّام ٍة ت ََّام ٍة»(‪.)1‬‬
‫«استمر في مكانه ومسجده الذي ص ّلى فيه‪ ،‬فال‬
‫ّ‬ ‫ومعنى « َق َعدَ َي ْذك ُُر ا َ‬
‫هلل» أي‪:‬‬
‫ٍ‬
‫وعظ في المسجد‪ ،‬بل وكذا لو رجع‬ ‫لطواف أو لطلب عل ٍم أو مجلس‬ ‫ٍ‬ ‫ينافيه القيام‬
‫الذكْر»(‪ .)2‬قال مظهر الدين الزيداني‪« :‬ثم ص ّلى بعد أن ترتفع‬
‫واستمر على ِّ‬
‫ّ‬ ‫إلى بيته‬
‫الشمس قدر رمح حتى يخرج وقت الكراهة‪ ،‬وهذه الصالة تسمى صالة اإلشراق‬
‫الضحى»(‪.)3‬‬
‫وهي ّأول ّ‬
‫ومن الوظائف المشروعة للعبد في هذه الفترة‪ :‬الدعاء والذكر والقراءة‬
‫والفكر(‪« ،)4‬ومن هنا ك َِر َه ٌ‬
‫مالك الكالم بعد صالة الفجر إلى طلوع الشمس؛ ألجل‬
‫ٍ‬
‫حينئذ» (‪.)5‬‬ ‫االنشغال ِّ‬
‫بالذكْر‪ ،‬و ُيكْره النوم عندهم‬

‫(( ( أخرجه الترمذي في «سننه» رقم (‪ ،)586‬وإسناده ضعيف‪ ،‬لكنه حسن لغيره بمتابعاته‪.‬‬
‫(( ( «مرقاة المفاتيح» للقاري (‪.)770/2‬‬
‫(( ( «المفاتيح شرح المصابيح» لمظهر الدين الزيداني (‪.)179/2‬‬
‫((( انظر‪« :‬الموسوعة الفقهية الكويتية» (‪.)98/43‬‬
‫(( ( «الموسوعة الفقهية الكويتية» (‪.)246/21‬‬
‫‪239‬‬ ‫عبادات أخرى‬
‫ٍ‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬المضاعفة بأجور‬

‫ومن فوائد أحاديث هذا المطلب‪:‬‬


‫ص أول النهار بهذه العبادة لكونه «أحق بأن تستغرق بالذكر؛ ّ‬
‫ألن النشاط‬ ‫‪ 1‬ـ ُخ ّ‬
‫فيها أكثر»(‪.)1‬‬
‫ـة َأ ْو ُع ْم َـر ٍة»‪ ،‬قال الطيبي‪« :‬هذا التشـبيه مـن باب إلحاق‬
‫ـر حج ٍ‬
‫‪ 2‬ـ قولـه «ك ََأ ْج ِ ّ‬
‫النّاقـص بالكامـل ترغي ًبا‪ ،‬أو شـ ّبه اسـتيفاء أجـر المص ّلي تا ًّما بالنسـبة إليه باسـتيفاء‬
‫الحـج والعمـرة بالتمـام إشـارة إلى‬
‫ّ‬ ‫وصـف‬
‫أجـر الحـاج تا ًّمـا بالنسـبة إليـه‪ ،‬وأ ّمـا ْ‬
‫المبالغة» (‪.)2‬‬
‫***‬

‫(( ( «مرقاة المفاتيح» للقاري (‪.)769/2‬‬


‫((( «شرح المشكاة» للطيبي (‪.)1062/3‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪240‬‬

‫المبحث الثالث‬
‫ليلة‬
‫كاملة‪ ،‬أو ألف ٍ‬
‫ٍ‬ ‫سنة‬
‫المضاعفة بأجر قيام وصيام ٍ‬

‫ّ‬
‫والدنو من اإلمام واالستماع‬ ‫المطلب األول‪ :‬الغسل والتبكير والمشي‬
‫لخطبة الجمعة‪.‬‬

‫ليـوم الجمعـة فضائـل عديـدة‪ ،‬شـرع مـن أجلهـا بعـض العبـادات الجليلـة‬
‫إكرا ًمـا لـه‪ ،‬مثل‪ :‬الغسـل والتبكيـر والقرب مـن اإلمـام وغيرها‪ ،‬ورتّـب على ذلك‬
‫عظيما‪.‬‬
‫ً‬ ‫أجـرا‬
‫ً‬
‫«م ْن‬‫ول‪َ :‬‬ ‫ول اهللِ ﷺ َي ُق ُ‬ ‫س ال َّث َق ِف ُّي ‪ ‬قال‪َ :‬س ِم ْع ُت َر ُس َ‬ ‫فعن َأ ْوس ْبن َأ ْو ٍ‬
‫َب‪َ ،‬و َدنَا ِم َن ْ ِ‬
‫ال َما ِم‬ ‫ِ‬
‫َغ َّس َل َي ْو َم ا ْل ُج ُم َعة َوا ْغت ََس َل‪ُ ،‬ث َّم َبك ََّر َوا ْب َتك ََر‪َ ،‬و َم َشى َو َل ْم َي ْرك ْ‬
‫َان َل ُه بِك ُِّل ُخ ْط َو ٍة َع َم ُل َسن ٍَة َأ ْج ُر ِص َي ِام َها َو ِق َي ِام َها»(‪.)1‬‬
‫است ََم َع َو َل ْم َي ْلغُ ك َ‬
‫َف ْ‬
‫عبادات يفعلها العبد قبل صالة الجمعة وأثناء‬ ‫ٍ‬ ‫ويشتمل هذا الحديث على‬
‫خطبتها‪ ،‬منها‪:‬‬

‫ّأو ًل‪ :‬غسل واغتسل‪:‬‬

‫«غسل واغتسل» فقال‪« :‬قال وكيع بن‬ ‫ونقل الترمذي قولين في تفسير معنى ّ‬
‫الجراح‪ :‬ا ْغتَس َل هو و َغس َل امر َأتَه‪ ،‬ويروى َع ِن اب ِن المبار ِك‪َ :‬أ َّنه َق َال فِي ه َذا الح ِد ِ‬
‫يث‪:‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ َُ َ‬ ‫َُْ َ‬ ‫َ ُ َ َ َّ ْ َ‬
‫«م ْن َغ َّس َل َوا ْغت ََس َل»‪َ :‬ي ْعنِي َغ َس َل َر ْأ َس ُه َوا ْغت ََس َل»(‪.)2‬‬
‫َ‬
‫والحكمـة مـن إصابة أهلـه بالجماع قبل الخـروج إلى الجمعـة؛ ليكون أملك‬

‫((( أخرجه أبو داود في «سننه» رقم (‪ ،)345‬وإسناده صحيح‪.‬‬


‫(( ( «سنن الترمذي»‪ ،‬رقم (‪.)496‬‬
‫‪241‬‬ ‫عبادات أخرى‬
‫ٍ‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬المضاعفة بأجور‬

‫لنفسـه‪ ،‬وأحفـظ فـي طريقه لبصـره‪ ،‬ومن هذا قـول العـرب‪َ « :‬ف ْح ٌل ُغ َسـلة» إذا كان‬
‫الضراب(‪.)1‬‬
‫كثيـر ّ‬
‫وانتصر للثاني‪:‬‬
‫ـ اإلمام أحمد‪ ،‬قال الطيبي‪« :‬كان اإلمام أحمد يذهب إلى األول ـ أي‪ :‬التشديد ـ‪،‬‬
‫ثم رجع إلى التخفيف»(‪.)2‬‬
‫غسل» يريد َغ َسل رأسه‪ ،‬و«اغت ََسل» يريد اغتسل‬
‫ـ ابن حبان‪ ،‬قال‪« :‬قوله‪« :‬من َّ‬
‫مم احتاجوا إلى تعاهدها»(‪.)3‬‬ ‫بنفسه؛ ّ‬
‫ألن القوم كانت لهم ُج ٌ‬
‫ـ البيهقي‪ ،‬قال‪« :‬قوله‪« :‬غسل واغتسل» يعني‪ :‬غسل رأسه‪ ،‬وقوله‪« :‬واغتسل»‪:‬‬
‫وروينا هذا التفسير عن مكحول وسعيد بن عبد العزيز الشامي‪ ،‬وهو ب ّي ٌن‬ ‫يعني‪ :‬جسده‪ّ .‬‬
‫في رواية أبي هريرة عن النبي ﷺ‪ ،‬ثم في رواية ابن عباس‪ ،‬وإنما َأ ْف َرد الرأس ّ‬
‫بالذكْر؛ ألنّهم‬
‫ثم يغتسلون»(‪.)4‬‬ ‫كانوا يجعلون فيه الدُّ ْهن أو الخ ْط ِم ّي وغيرها‪ ،‬وكانوا يغسلونه ً‬
‫أول ّ‬
‫ـ النووي‪ ،‬قال بعد أن ذكر روايتي التخفيف والتشديد‪« :‬والمختار ما اختاره‬
‫البيهقي وغيره من المحققين أنه بالتخفيف‪ّ ،‬‬
‫وأن معناه‪ :‬غسل رأسه»(‪.)5‬‬
‫األول ُيحمل على غسل الرأس‪ ،‬والثاني‬
‫أن ّ‬ ‫المل علي القاري‪ ،‬قال‪« :‬األظهر ّ‬
‫ـ ّ‬
‫على االغتسال للجمعة»(‪.)6‬‬

‫(( ( انظر‪« :‬شرح السنة» للبغوي (‪ ،)237/4‬و«الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي» لألزهري ص (‪.)44‬‬
‫((( «شرح المشكاة» للطيبي (‪.)1276/4‬‬
‫((( «صحيح ابن حبان» رقم (‪.)2781‬‬
‫((( «معرفة السنن واآلثار» للبيهقي (‪ ،)396/4‬وبمثله قال في «السنن الصغير» رقم (‪.)615‬‬
‫ّ‬
‫المهذب» للنووي (‪.)543/4‬‬ ‫((( «المجموع شرح‬
‫(( ( «مرقاة المفاتيح» للقاري (‪.)1034/3‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪242‬‬

‫وسبب الخالف في تفسير المراد بها هو اختالفهم في ضبط كلمة «غسل»‬


‫«م ْن َغ َّس َل‬
‫هل هو بالتخفيف أو بالتشديد‪ ،‬يقول ابن خزيمة‪« :‬من قال في الخبر‪َ :‬‬
‫َوا ْغت ََس َل»‪ ،‬فمعناه‪َ :‬جامع فأوجب الغسل على زوجته أو َأ َمتِ ِه واغتسل‪ ،‬ومن قال‪:‬‬
‫واغتسل»‪ ،‬أراد‪َ :‬غ َسل رأسه واغتسل‪ ،‬فغسل سائر الجسد»(‪.)1‬‬
‫َ‬ ‫« َغ َسل‬
‫ونقل ال َب َغ ّ‬
‫وي في شرح السنّة قول ْين آخر ْين في تفسير المراد بهما‪:‬‬
‫«م َشى‬
‫‪ 1‬ـ قيل‪ :‬معنى اللفظ ْين واحدٌ ‪ ،‬وقصد به التأكيد والمبالغة‪ ،‬كقوله‪َ :‬‬
‫َو َل ْم َي ْركَب» هما لفظان معناهما واحدٌ ‪ ،‬والعرب ُّ‬
‫تشتق من اللفظة لفظة أخرى عند‬
‫شاعر»‪.‬‬ ‫الئل»‪ِ ،‬‬
‫و«ش ْع ٌر‬ ‫و«ليل ٌ‬
‫ٌ‬ ‫المبالغة‪ ،‬كقولهم‪« :‬جا ٌّد مجدٌّ »‪،‬‬
‫ٌ‬
‫‪ 2‬ـ وقيل‪َ « :‬غ ّسل» يعني‪ :‬أعضاء وضوئه‪ ،‬و«ا ْغت ََسل» يعني‪ :‬سائر جسده(‪.)2‬‬
‫ثان ًيا‪ :‬بكّر وابتكر‪:‬‬
‫قال الخطابي‪« :‬زعم بعضهم ّ‬
‫أن معنى « َبك َّر»‪ :‬أدرك باكورة الخطبة وهي أولها‪،‬‬
‫ومعنى «ابتكر»‪َ :‬ق ِدم في الوقت»(‪.)3‬‬
‫ٍ‬
‫شيء‬ ‫وقال ابن األثير‪َ «« :‬بكّر»‪ :‬أتى الصالة في أول وقتها‪ّ ،‬‬
‫وكل من أسرع إلى‬
‫ٍ‬
‫شيء باكورته‪،‬‬ ‫فقد بكّر إليه‪ ،‬وأما «ابتكر» فمعناه‪ :‬أدرك ّأول الخطبة‪ ،‬وأول ّ‬
‫كل‬
‫وابتكر الرجل‪ :‬إذا أكل باكورة الفواكه»(‪ .)4‬وقال بمثله‪ :‬العيني(‪ ،)5‬والسيوطي في‬
‫حاشيته على سنن الترمذي(‪.)6‬‬

‫(( ( «صحيح ابن خزيمة» رقم (‪.)1758‬‬


‫((( انظر‪« :‬شرح السنة» للبغوي (‪.)237/4‬‬
‫(( ( نقله الخطابي في «معالم السنن» (‪.)108/1‬‬
‫((( «النهاية في غريب الحديث واألثر» البن األثير (‪.)148/1‬‬
‫(( ( «شرح سنن أبي داود» للعيني (‪.)168/2‬‬
‫(( ( انظر‪« :‬قوت المغتذي على جامع الترمذي» للسيوطي (‪.)215/1‬‬
‫‪243‬‬ ‫عبادات أخرى‬
‫ٍ‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬المضاعفة بأجور‬

‫ونقل العلماء قولين آخرين‪:‬‬


‫‪ 1‬ـ قال بعض أهل العلم‪« :‬بكّر» أي‪ :‬تصدّ ق قبل خروجه‪ ،‬ور ّد هذا القول‪:‬‬
‫خارج عن الن ََّسق»(‪.)1‬‬
‫ٌ‬ ‫فأمر‬ ‫ّ‬
‫المل علي القاري بقوله‪« :‬أ ّما َح ْمله على مباكرة الصدقة ٌ‬
‫‪ 2‬ـ وقيل‪ :‬معنى اللفظتين واحدٌ من‪َ « :‬ف َعل وافتعل»‪ ،‬وإنما ّ‬
‫كرر للزيادة في‬
‫وألن العرب إذا بالغت في الشيء اشت ّقت من اللفظة األولى لفظ ًة‬ ‫ّ‬ ‫المبالغة والتأكيد؛‬
‫«جا ٌّد ُم ِجدٌّ »‪َ ،‬و« َل ْي ٌل َل ِئ ٌل» (‪ .)2‬وممن‬
‫على غير بنائها‪ ،‬ثم أتبعوها إعرابها‪ ،‬فيقولون‪َ :‬‬
‫قال بالقول الثاني‪ :‬ابن العربي في عارضته(‪.)3‬‬
‫ثال ًثا‪َ :‬م َشى َو َل ْم َي ْركَب‪.‬‬
‫قال العيني‪« :‬وقوله‪« :‬ولم يركب» تأكيدٌ لقوله «ومشى»‪ ،‬ويحتمل أن ال يكون‬
‫تأكيدً ا‪ ،‬ويكون المعنى‪ :‬ولم يركب بالكل ّية في الذهاب واإلياب؛ ألنه إذا مشى في‬
‫الذهاب فقط‪ ،‬أو في اإلياب فقط‪ ،‬أو مشى شيئ ًا يسير ًا في الذهاب‪ ،‬أو اإلياب‪،‬‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ ال يكون قوله‪« :‬ولم‬ ‫يصدق عليه أنه مشى‪ ،‬ولم يصدق عليه أنه لم يركب‪،‬‬
‫يركب» تأكيدً ا»(‪ ،)4‬ورجحه القاري في «مرقاته»(‪.)5‬‬
‫احتراز من شيئ ْين‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫قال النووي‪« :‬المختار أنه‬
‫الم ِض ّي ّ‬
‫والذهاب وإن كان راك ًبا‪.‬‬ ‫حمل ْ‬
‫المشي على ُ‬ ‫أحدهما‪ :‬ن ْفي ّ‬
‫توهم ْ‬

‫(( ( «مرقاة المفاتيح» للقاري (‪.)1035/3‬‬


‫((( انظـر‪« :‬النهايـة فـي غريـب الحديـث واألثـر» البـن األثيـر (‪« ،)148/1‬شـرح سـنن أبـي داود»‬
‫للعينـي (‪.)168/2‬‬
‫((( «عارضة األحوذي» (‪.)235/2‬‬
‫(( ( «شرح سنن أبي داود» للعيني (‪.)168/2‬‬
‫(( ( «مرقاة المفاتيح» للقاري (‪.)1035/3‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪244‬‬

‫أن المراد‬‫الركوب بالك ّلية؛ ألنه لو اقتصر على « َم َشى» الحتمل ّ‬


‫والثاني‪ :‬ن ْفي ّ‬
‫شيء من المشي ولو في بعض الطريق‪ ،‬فنفى ذلك االحتمال وب ّين أن المراد‬ ‫ٍ‬ ‫وجود‬
‫كالمقر له(‪.)2‬‬ ‫ندي بمعناه‬ ‫ٍ‬
‫ّ‬ ‫الس ّ‬
‫مشى جميع الطريق ولم يركب في شيء منها» ‪ .‬ونقله ّ‬
‫(‪)1‬‬

‫أن ْ‬
‫المش َي في الس ْعي إليها أفضل؛ إال أن يكون بعيدً ا‬ ‫شك ّ‬
‫قال العيني‪« :‬وال ّ‬
‫بـ«المش ِي» في الذهاب إليها‬
‫ْ‬ ‫فوتَها فالركوب أفضل‪ ،‬وهل المراد‬
‫عن إقامتها وخشي ْ‬
‫فقط‪ ،‬أو الذهاب والرجوع؟ أما في الذهاب إليها فهو آكدٌ ‪ ،‬وأما في الرجوع فهو‬
‫أيضا»(‪.)3‬‬ ‫مندوب إليه ً‬ ‫ٌ‬
‫است ََم َع َو َل ْم َي ْلغُ ‪:‬‬ ‫راب ًعا‪َ :‬دنَا ِم َن ْ ِ‬
‫ال َما ِم َف ْ‬
‫وقوله‪« :‬دنا فاستمع»‪ ،‬فقد قال النووي‪« :‬هما شيئان مختلفان‪ ،‬وقد يستمع وال‬
‫يدنوا من الخطبة‪ ،‬وقد يدنوا وال يستمع‪ ،‬فندب إليهما جمي ًعا‪ ،‬وقوله‪« :‬ولم يلغ»‬
‫معناه‪ :‬ولم يتك ّلم؛ ألن الكالم حال الخطبة ٌ‬
‫لغو»(‪.)4‬‬
‫وقال األزهري‪« :‬أي‪ :‬استمع إلى الخطيب‪ ،‬ولم يشتغل بغيره»‪ ،‬ثم قال‪:‬‬
‫«و«ال ّلغو» في كالم العربي على وجهين‪ :‬أحدهما‪ :‬فضول الكالم وباطله الذي‬
‫يجري على غير عقد ومنه‪ :‬لغو اليمين‪ ،‬والوجه اآلخر‪ :‬من ال ّلغو ما كان فيه مأثم‬
‫ورفث وفحش»(‪ ،)5‬وقال القاري‪«« :‬لم يلغ» أي‪ :‬بالكالم مع األنام‪ ،‬وبالفعل العبث‬
‫من أفعال العوام»(‪.)6‬‬

‫ّ‬
‫المهذب» للنووي (‪.)544/4‬‬ ‫((( «المجموع شرح‬
‫((( «حاشية السندي على سنن ابن ماجه» (‪.)338/1‬‬
‫((( «عمدة القاري» للعيني (‪.)176/6‬‬
‫ّ‬
‫المهذب» للنووي (‪.)544/4‬‬ ‫((( «المجموع شرح‬
‫((( «الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي» لألزهري ص (‪.)44‬‬
‫(( ( «مرقاة المفاتيح» للقاري (‪.)1035/3‬‬
‫‪245‬‬ ‫عبادات أخرى‬
‫ٍ‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬المضاعفة بأجور‬

‫بتفضله ُيعطي‬
‫جل َو َعال ّ‬ ‫بأن اهلل ّ‬ ‫وي ْفهم من تبويب ابن حبان ونصه‪ِ :‬‬
‫«ذكْر البيان ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ َ‬
‫أن األَ ْجر المترتّب‬ ‫خطوة عبادة ٍ‬
‫سنة»(‪ّ ،)1‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫معلومة ّ‬
‫بكل‬ ‫ٍ‬
‫بأوصاف‬ ‫الجائي إلى الجمعة‬
‫إنما لمن َأتَى بجميع العبادات ك ّلها في صالة الجمعة‪ ،‬يقول الشوكاني في «نيل‬
‫األوطار»‪« :‬والحديث ّ‬
‫يدل على مشروعية الغسل يوم الجمعة‪ ،‬وعلى مشروعية‬
‫الجم َع بين هذه‬
‫ْ‬ ‫والدنو من اإلمام‪ ،‬واالستماع وترك اللغو‪ّ ،‬‬
‫وأن‬ ‫ّ‬ ‫التبكير‪ ،‬والمشي‬
‫سبب الستحقاق ذلك الثواب الجزيل»(‪.)2‬‬
‫األمور ٌ‬
‫ومن فوائد أحاديث هذا المطلب‪:‬‬

‫التقرب‪ ،‬سواء كان‬


‫يصح منه ّ‬ ‫«وا ْغت ََس َل»‪« :‬يدخل فيه بعمومه ّ‬
‫كل من ّ‬ ‫‪ 1‬ـ قوله‪َ :‬‬
‫ذكرا أو أنثى‪ُ ،‬ح ًّرا أو َع ْبدً ا»(‪.)3‬‬
‫ً‬
‫صحيحا‬
‫ً‬ ‫‪ 2‬ـ قال القاري‪« :‬قال بعض األئمة‪ :‬لم ن َْسمع من الشريعة حدي ًثا‬
‫ً‬
‫مشتمل على مثل هذا الثواب‪ ،‬أي‪ :‬فيتأكّد العمل لينال األمل»(‪ ،)4‬وقال العراقي‪:‬‬
‫أصح من حديث‪« :‬من بكّر وابتكر»»‪،‬‬
‫ّ‬ ‫«ال أعلم حدي ًثا كثير الثواب مع ق ّلة العمل‬
‫قال السخاوي بعد أن نقله‪« :‬سمع ذلك شيخنا ـ يعني‪ :‬ابن حجر ـ من شيخه ـ يعني‬
‫مرة»(‪.)5‬‬
‫العراقي ـ‪ ،‬وحدّ ثنا به كذلك غير ّ‬
‫المشي إلى مطلق الصالة ر ْفع درجة في كل‬
‫«و َر َد في ْ‬
‫‪ 3‬ـ قال المباركفوري‪َ :‬‬

‫((( «صحيح ابن حبان» رقم (‪.)2781‬‬


‫(( ( «نيل األوطار» للشوكاني (‪ ،)296/1‬ونقله المباركفوري بر ّمته في «مرعاة المفاتيح» (‪.)472/4‬‬
‫((( «عمدة القاري» للعيني (‪.)171/6‬‬
‫(( ( «مرقاة المفاتيح» للقاري (‪.)1035/3‬‬
‫((( «فتح المغيث» للسخاوي (‪.)183/4‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪246‬‬

‫خطوة‪ ،‬وكتابة حسنة‪َ ،‬و َم ْحو س ّيئة‪ ،‬أ ّما ثبوت َأ ْجر َع َمل َسنَة‪ ،‬كما في هذا الحديث‪،‬‬
‫فهو من خصائص الجمعة»(‪.)1‬‬
‫‪ 4‬ـ قال السندي في شرح قوله في الحديث‪« :‬ذها ًبا وإيا ًبا»‪« :‬أي‪ :‬ذها ًبا وإيا ًبا‪،‬‬
‫خطوة من خطوات ذلك اليوم وإتمام العمر»(‪.)2‬‬ ‫ٍ‬ ‫أو ذها ًبا فقط‪ ،‬أو ّ‬
‫بكل‬
‫***‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الرباط في سبيل اهلل‪.‬‬

‫يعـدّ الرباط في سـبيل اهلل من العبادات الجليلة التي ندب اإلسلام إلى إحيائها‪،‬‬
‫واالجتهـاد فـي تطبيقهـا؛ ذ ًّبا عن حمـى الدين‪ ،‬وصونًـا ألعراض المسـلمين‪ ،‬ورتّب‬
‫عظيما‪.‬‬
‫ً‬ ‫أجـرا‬
‫عليه ً‬
‫َّاس‬‫ـان ‪ ‬الن َ‬ ‫ان ْب ُن َع َّف َ‬‫ب ُع ْث َم ُ‬ ‫ـال‪َ :‬خ َط َ‬ ‫الز َب ْي ِر ‪َ ‬ق َ‬ ‫ف َعـ ْن َع ْب ِد اهللِ ْب ِ‬
‫ـن ُّ‬
‫ـول اهللِ ﷺ َل ْم َي ْمنَ ْعنِـي َأ ْن ُأ َحدِّ َثك ُْم‬ ‫ـم ْع ُت َح ِدي ًثـا ِم ْن رس ِ‬
‫َ ُ‬
‫ـال‪ :‬يـا َأيها النَّاس‪ ،‬إِنِّي س ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َف َق َ َ ُّ َ‬
‫ـول اهللِ‬ ‫ـه َأو لِيدَ ع‪ ،‬س ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫بِ ِ‬
‫ـه إِ َّل ِّ‬
‫ـم ْع ُت َر ُس َ‬ ‫ُـم‪َ ،‬ف ْل َي ْخت َْر ُم ْخت ٌَار لنَ ْفس ْ َ ْ َ‬ ‫الضـ ُّن بِك َْم َوبِ َص َحا َبتك ْ‬
‫ـة ِص َي ِام َهـا‬ ‫ـف َلي َل ٍ‬
‫ْ‬
‫َـت ك ََأ ْل ِ‬‫يل اهللِ ُسـ ْب َحا َن ُه‪ ،‬كَان ْ‬ ‫ـط َل ْي َلـ ًة فِـي َسـبِ ِ‬‫ـن َرا َب َ‬‫«م ْ‬‫ـول‪َ :‬‬ ‫ﷺ َي ُق ُ‬
‫ام َهـا»(‪.)3‬‬ ‫و ِقي ِ‬
‫َ َ‬
‫ـم ْع ُت ُع ْث َم َ‬
‫ان‬ ‫ان بـن عفان َقال‪ :‬س ِ‬ ‫روايـة أخرى عـن َأبِي َصالِ ٍ‬
‫ـح َم ْو َلى ُع ْث َم َ‬ ‫ٍ‬ ‫وفـي‬
‫َ‬
‫ـول اهللِ ﷺ‬ ‫ـم ْع ُت ُه ِم ْن رس ِ‬ ‫ـول‪ :‬إِنِّـي َكتَم ُتكُـم ح ِدي ًثـا س ِ‬
‫ْ ْ َ‬ ‫ـر َي ُق ُ‬ ‫‪ ‬وهـو َع َلـى ِ‬
‫المنْ َب ِ‬ ‫َ ُ َ‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫اهيـ َة َت َفر ِقكُـم َعنِّـي‪ُ ،‬ثـم بـدَ ا لِـي َأ ْن ُأحدِّ َثكُمـوه لِي ْختَـار امـر ٌؤ لِنَ ْف ِس ِ‬
‫ـه َمـا َبـدَ ا َل ُه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫َ ْ ُ‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ‬ ‫ْ‬ ‫ُّ‬ ‫ك ََر َ‬

‫((( «مرعاة المفاتيح» للمباركفوري (‪.)472/4‬‬


‫((( «حاشية السندي على سنن ابن ماجه» (‪.)338/1‬‬
‫(( ( أخرجه ابن ماجه في «سننه» رقم (‪.)2766‬‬
‫‪247‬‬ ‫عبادات أخرى‬
‫ٍ‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬المضاعفة بأجور‬

‫ف يو ٍم فِ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اط يو ٍم فِي سـبِ ِ ِ‬ ‫ـول اهللِ ﷺ َي ُق ُ‬
‫ـول‪ِ :‬‬ ‫س ِ‬
‫ـوا ُه‬ ‫يل اهلل َخ ْي ٌـر م ْن َأ ْل َ ْ َ‬
‫يما س َ‬ ‫َ‬ ‫«ر َب ُ َ ْ‬ ‫ـم ْع ُت َر ُس َ‬ ‫َ‬
‫المن ِ‬
‫َـازل»(‪.)1‬‬ ‫ِ‬
‫م َن َ‬
‫العدو‬
‫ّ‬ ‫ومعنى الرباط المذكور في الحديث‪ :‬أي «الزم ثغر الجهاد»(‪ ،)2‬وراقب‬
‫للم ْس ِلمين»(‪ ،)4‬وهو في األصل‪:‬‬ ‫ِ‬
‫للعدو وح ْف ًظا ُ‬
‫ّ‬ ‫في الثغور المتاخمة لبالده(‪)3‬؛ «إخاف ًة‬
‫فسمى المقام‬ ‫كل من الفريقين خيولهم في ثغره‪ٌّ ،‬‬
‫وكل منهما معدٌّ لصاحبه ‪َّ ،‬‬
‫(‪)5‬‬ ‫أن يربط ٌّ‬
‫في الثغر ربا ًطا‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪﴿ :‬ﯮ ﯯ﴾ [آل عمران‪.)6(]٢٠٠ :‬‬

‫«خ ْي ٌر ِم ْن‬ ‫ودل الحديث على أن «حسنة الجهاد ٍ‬


‫بألف» (‪)7‬؛ لقوله في الحديث‪َ :‬‬ ‫ّ‬
‫َازل»‪ ،‬يقول المناوي‪« :‬و ُأ ِخذ من تعبيره بالجمع المح ّلى‬
‫المن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف يو ٍم فِ ِ‬
‫ِ‬
‫َأ ْل َ ْ َ‬
‫يما س َوا ُه م َن َ‬
‫بأل االستغراقية ـ أي‪ :‬المنازل ـ ّ‬
‫أن المرابط أفضل من المجاهد في المعركة»(‪.)8‬‬

‫أن المرابط في رباطه يحصن دماء المسلمين‪ ،‬والمجاهد في‬ ‫ووجه ذلك‪ّ :‬‬
‫المعركة يسفك دماء الكفار‪ِ ،‬‬
‫وح ْف ُظ َد ِم المسلم مقدّ ٌم على إراقة دم الكافر‪ ،‬وهو‬
‫مروي عن عبد اهلل بن عمر ‪ ‬ونصه‪« :‬فرض اهلل الجهاد لسفك دماء المشركين‪،‬‬
‫ٌّ‬
‫إلي من سفك دماء‬
‫أحب ّ‬
‫ّ‬ ‫والرباط لحقن دماء المسلمين‪ ،‬وحقن دماء المسلمين‬

‫(( ( أخرجه الترمذي في «سننه» رقم (‪ ،)1667‬وإسناده حسن‪.‬‬


‫((( «حاشية السندي على سنن ابن ماجه» (‪.)174/2‬‬
‫(( ( «إحكام األحكام شرح عمدة األحكام» البن دقيق العيد (‪.)301/2‬‬
‫(( ( «التنوير شرح الجامع الصغير» للصنعاني (‪.)230/10‬‬
‫((( انظر‪« :‬كشف المشكل من حديث الصحيحين» البن الجوزي (‪.)35/4‬‬
‫(( ( انظر‪« :‬شرح سنن ابن ماجه» للسيوطي (‪.)198/1‬‬
‫(( ( «التيسير بشرح الجامع الصغير» للمناوي (‪.)28/2‬‬
‫((( المصدر السابق‪.‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪248‬‬

‫المشركين»(‪ ،)1‬لكن قال المناوي عقبه‪« :‬واعترض» أي‪ :‬على هذا القول‪ ،‬ولعله يشير‬
‫ف َل ْي َل ٍة» ال ّ‬
‫يدل على أفضليته ـ يعني‪ :‬المرابط ـ‬ ‫إلى قول السيوطي ونصه‪« :‬قوله‪« :‬ك ََأ ْل ِ‬

‫حق من فرض عليه المرابطة» (‪.)2‬‬ ‫ألن هذا في ّ‬ ‫من المعركة‪ ،‬ومن انتظار الصالة؛ ّ‬
‫الرباط أم الغارات في أرض‬ ‫أحب َ‬
‫إليك ِّ‬ ‫ُّ‬ ‫ٌ‬
‫مالك‪ :‬أ ّيما‬ ‫«س ِئ َل‬
‫قال ابن العربي‪ُ :‬‬
‫العدو على‬
‫ِّ‬ ‫الس ْير في أرض‬
‫العدو؟ فقال‪ :‬أ ّما الغارات فال أدري‪ ،‬كأنّه كرهها‪ ،‬وأ ّما َّ‬
‫ِّ‬
‫إلي»(‪.)3‬‬
‫أحب ّ‬
‫السنَّة ـ فذلك ُّ‬
‫اإلصابة ـ يريد ُّ‬
‫قال الباحث‪ :‬تختلف هذه المفاضلة باختالف األحوال واألزمنة واألماكن‪،‬‬
‫فأحيانًا يكون الرباط أفضل‪ ،‬وأحيانًا العكس‪ ،‬يقول ابن رشد جام ًعا بين األقوال‬
‫أن ُيقال‪:‬‬ ‫يصح ْ‬
‫ّ‬ ‫اختالف من القول‪ ،‬إذ ال‬
‫ٌ‬ ‫السابقة‪« :‬ال ينبغي أن ُيحمل هذا على أنّه‬
‫إن أحدهما أفضل من صاحبه على اإلطالق‪ ،‬وإنّما ذلك على َقدْ ِر ما ُي َرى و ُين َّزل‪،‬‬ ‫َّ‬
‫أن ذلك عند شدّ ة الخوف على ال ّثغور‪َ ،‬‬
‫وخ ْوف‬ ‫ف ُيحمل قول ابن عمر ‪ ‬على ّ‬
‫أن الجهاد أفضل عند ق ّلة الخوف على‬‫العدو عليها‪ ،‬وما ُر ِو َي عن مالك من ّ‬
‫ِّ‬ ‫هجوم‬
‫أن اإلمام مالك ك َِر َه‬
‫العدو عليها» (‪ ،)4‬ويرى ابن رشد ّ‬
‫ِّ‬ ‫ال ّثغور‪ ،‬واألمن من هجوم‬
‫استثقال السمها‪ ،‬ال لمعناها إذا كانت على َو ْج ِه َها(‪،)5‬‬
‫ً‬ ‫الغارات في هذه الرواية‬
‫حق من ُف ِرض عليه المرابطة‪ ،‬وتع ّين‬
‫حمل الطيبي القول األول على أنه «في ّ‬
‫ولذلك َ‬
‫بنصب اإلمام»(‪.)6‬‬
‫ْ‬

‫((( نقله ابن العربي في‪ :‬المسالك في شرح موطأ مالك (‪.)19/5‬‬
‫((( شرح سنن ابن ماجه للسيوطي (‪)198/1‬‬
‫(( ( المسالك في شرح مو ّطأ مالك (‪.)19/5‬‬
‫(( ( البيان والتحصيل البن رشد (‪.)522/2‬‬
‫(( ( انظر‪ :‬البيان والتحصيل البن رشد (‪.)523/2‬‬
‫((( «شرح المشكاة» للطيبي (‪.)2648/8‬‬
‫‪249‬‬ ‫عبادات أخرى‬
‫ٍ‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬المضاعفة بأجور‬

‫وقد وردت أحاديث أخرى في فضل رباط ليلة في سبيل اهلل‪ ،‬منها‪:‬‬
‫رسـول اهلل ﷺ َق َال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ـاع ِد ِّي َر ِضي اهلل َت َعا َلى عن ُه‪َّ ،‬‬
‫أن‬ ‫ما رواه سـهل بن سـع ٍد الس ِ‬
‫َ ْ َّ‬
‫الجن َِّة‬ ‫ط أح ِدك ِ‬
‫ُـم م َن َ‬ ‫ْ‬ ‫ـو َ‬
‫يل اهلل َخير ِمن الدُّ ْنيـا وما ع َليها ومو ِضع س ٍ‬
‫َ َ َ َ َْ َ ْ ُ َ ْ‬ ‫ٌْ َ‬ ‫ـو ٍم فِي َسـبِ ِ‬ ‫«ر ُ‬
‫بـاط َي ْ‬ ‫ِ‬
‫يل اهلل َأو ال َغـدْ َو ُة َخ ْي ٌر ِم َن‬‫وح َها ال َع ْبـدُ فِي َسـبِ ِ‬ ‫ـن الدُّ ْن َيـا َو َما َع َل ْي َهـا َّ‬
‫والر ْو َحـ ُة َي ُر ُ‬
‫ِ‬
‫َخ ْي ٌـر م َ‬
‫الدُّ ْن َيا َو َمـا َع َل ْي َها»(‪.)1‬‬
‫خير من الثواب الحاصل لمن‬ ‫قال المناوي‪« :‬المراد‪ّ :‬‬
‫أن هذا القدر من الثواب ٌ‬
‫لو حصلت الدنيا كلها ألنفقها في الطاعة» (‪.)2‬‬

‫ويقول المه ّلب‪« :‬إنّما صار رباط يو ٍم في سبيل اهلل ً‬


‫خيرا من الدّ نيا وما فيها؛‬
‫خيرا من الدنيا وما فيها‬ ‫ٍ‬ ‫ألنه ٌ‬
‫عمل يؤ ّدي إلى الجنة‪ ،‬وصار موضع سوط في الجنة ً‬
‫وإن َص ُغ َر في التّمثيل لنا وليس فيها‬ ‫ٍ‬
‫شيء في الجنة ـ ْ‬ ‫أن الدنيا فانية‪ّ ،‬‬
‫وكل‬ ‫من أجل ّ‬
‫خيرا من‬
‫صغير ـ فهو أ ْد َوم وأبقى من الدنيا الفانية المنقطعة‪ ،‬فكان الدائم الباقي ً‬
‫ٌ‬
‫«ألن صيام ٍ‬
‫شهر وقيامه خير‬ ‫المنقطع»(‪ ،)3‬وهذا الحديث ال يعارض حديث الباب؛ ّ‬
‫من الدنيا وما عليها»(‪.)4‬‬
‫ول اهللِ ﷺ َي ُق ُ‬
‫ول‪:‬‬ ‫ومنها ما رواه َس ْل َمان الفارسي ‪َ ‬ق َال‪َ :‬س ِم ْع ُت َر ُس َ‬
‫ات َج َرى َع َل ْي ِه َع َم ُل ُه ا َّل ِذي ك َ‬
‫َان‬ ‫اط َي ْو ٍم َو َل ْي َل ٍة َخ ْي ٌر ِم ْن ِص َيا ِم َش ْه ٍر َو ِق َي ِام ِه‪َ ،‬وإِ ْن َم َ‬ ‫«ر َب ُ‬ ‫ِ‬
‫َّان»(‪.)5‬‬ ‫ي َع َل ْي ِه ِر ْز ُق ُه‪َ ،‬و َأ ِم َن ا ْل َفت َ‬
‫َي ْع َم ُل ُه‪َ ،‬و ُأ ْج ِر َ‬

‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪.)2892‬‬


‫(( ( «فيض القدير» للمناوي (‪.)12/4‬‬
‫((( نقله ابن بطال في «شرحه على صحيح البخاري» (‪.)86/5‬‬
‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)86/6‬‬
‫((( أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (‪.)1913‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪250‬‬

‫ظاهري بين هذه األد ّلة‪ ،‬وأجاب أهل العلم‬


‫ٍّ‬ ‫ٍ‬
‫تعارض‬ ‫وقد يظ ّن البعض وجود‬
‫على هذا التعارض الظاهري بأجوبة‪ ،‬منها‪:‬‬

‫الرباط‬
‫ـ قال البيهقي‪« :‬القصد من هذا ونحوه من األخبار بيان تضعيف أجر ّ‬
‫على غيره‪ ،‬وذلك يختلف باختالف الناس في نياتهم وإخالصهم‪ ،‬ويختلف‬
‫باختالف األوقات» (‪.)1‬‬

‫ـ وقال العيني‪« :‬ال تعارض؛ ألنه باختالف العاملين‪ ،‬أو باختالف العمل بالنسبة‬
‫إلى الكثرة والق ّلة»(‪.)2‬‬

‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫شـهر‬ ‫ـ وقـال المنـاوي‪« :‬ربـاط يـو ٍم واحـد فـي سـبيل اهلل ٌ‬
‫خيـر مـن صيـام‬
‫خيـر من الدنيا‬
‫تطو ًعـا؛ بدليـل قولـه‪« :‬وقيامه»‪ ،‬ال يناقضه ما قبلـه أنه ـ أي‪ :‬الرباط ـ ٌ‬
‫ّ‬
‫ٍ‬
‫وقـت»(‪ ،)4‬وقال‬ ‫كل‬ ‫ٍ‬
‫متـوال ّ‬ ‫(‪)3‬‬
‫ألن فضـل اهلل [مسـتزاد‪ ،‬وجوده وكرمـه]‬ ‫ومـا فيهـا؛ ّ‬
‫«خير ِمـن َأ ْل ٍ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ـة َخير ِم ِ‬
‫ـاط يـو ٍم و َلي َل ٍ‬ ‫قبلهـا‪ِ :‬‬
‫ف‬ ‫ـه ٍر َوق َيامـه» ال يعارضه َ ْ ٌ ْ‬
‫ـن ص َيا ِم َش ْ‬
‫ٌْ ْ‬ ‫««ر َب ُ َ ْ َ ْ‬
‫ٍ‬
‫موطن آخر‪:‬‬ ‫ـومٍ»؛ الحتمـال إعالمـه ّ‬
‫بالزيـادة‪ ،‬أو الختالف العامليـن»(‪ ،)5‬زاد فـي‬ ‫َي ْ‬
‫«الحتمـال إعالمـه بالزيـادة‪ ،‬أو الختلاف العامليـن‪ ،‬أو العمـل‪ ،‬أو اإلخالص‪ ،‬أو‬
‫الزمن» (‪.)6‬‬

‫(( ( شعب اإليمان للبيهقي رقم (‪.)4233‬‬


‫((( «عمدة القاري» للعيني (‪.)176/14‬‬
‫أيضا (‪.)13/4‬‬
‫((( ما بين المعقوفتين زيادة من «فيض القدير» للمناوي ً‬
‫(( ( «التيسير بشرح الجامع الصغير» للمناوي (‪.)28/2‬‬
‫(( ( «التيسير بشرح الجامع الصغير» للمناوي (‪.)27/2‬‬
‫(( ( «فيض القدير» للمناوي (‪.)13/4‬‬
‫‪251‬‬ ‫عبادات أخرى‬
‫ٍ‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬المضاعفة بأجور‬

‫ومن فوائد أحاديث هذا المطلب‪:‬‬


‫وجه تقديم الرباط على الصيام والقيام‪ّ :‬‬
‫أن نفع الرباط متعدٍّ ‪ ،‬ونفع الصيام‬ ‫‪1‬ـ ْ‬
‫والقيام قاصر وخاص لفاعله(‪.)1‬‬

‫غر ربا ًطا لموضع الخوف‪ّ ،‬‬


‫ثم ارتفعت‬ ‫‪ 2‬ـ يقول أبو الوليد الباجي‪« :‬إذا كان ال َّث ُ‬
‫الرباط ُ‬
‫يزول‬ ‫كم ِّ‬ ‫العدو عنهم‪َ ،‬ف ّ‬
‫إن ُح ُ‬ ‫ِّ‬ ‫لقوة اإلسالم بذلك الموضع‪ ،‬أو ُب ْع ِد‬ ‫المخافة َّ‬
‫مقرا له في شرحه على المو ّطأ(‪.)3‬‬ ‫عنهم» ‪ ،‬ونقله ابن العربي ًّ‬
‫(‪)2‬‬

‫ٍ‬
‫واحد‪ ،‬ففيه‬ ‫أن الرباط يصدق بيو ٍم‬ ‫ٌ‬
‫«دليل على ّ‬ ‫‪ 3‬ـ يقول المناوي‪ :‬في الحديث‬
‫ر ٌّد على مالك في قوله‪ :‬أق ّله أربعون يو ًما»(‪.)4‬‬
‫ٍ‬
‫خالص‬ ‫كل ٍ‬
‫عمل‬ ‫«كثيرا ما ُيضاف السبيل إلى اهلل‪ ،‬والمراد به‪ّ :‬‬
‫ً‬ ‫أيضا‪:‬‬
‫‪ 4‬ـ ويقول ً‬
‫تقرب به إليه‪ ،‬لكن غلب إطالقه على الجهاد حتى صار حقيقة شرعية فيه في ٍ‬
‫كثير‬ ‫ُي ّ‬
‫من المواطن»(‪.)5‬‬
‫‪ 5‬ـ يدلل الحديث على أهمية أن يشغل المرابط نفسه بالطاعة والعبادة والذكر؛‬
‫ألن حسنته بألف‪ ،‬فتسبيحه بألف‪ ،‬وركعته بألف‪ ،‬وتالوته بألف‪ ،‬فمن رزقه اهلل ربا ًطا‬
‫ٍ‬
‫إحسان للحراسة‪ ،‬وإكثار من الذكر والتالوة‪ ،‬والتفكر في‬ ‫فليحسن استثمار وقته‪ ،‬من‬
‫السماء‪ ،‬وإثراء الوقت بثقافة الجهاد والرباط والفنون القتالية وغير ذلك‪.‬‬
‫***‬

‫((( «دليل الفالحين» البن عالن (‪.)91/7‬‬


‫(( ( «المنتقى شرح المو ّطأ» للباجي (‪.)162/3‬‬
‫((( انظر‪« :‬المسالك في شرح مو ّطأ مالك» البن العربي (‪.)19/5‬‬
‫(( ( «فيض القدير» للمناوي (‪.)12/4‬‬
‫(( ( «فيض القدير» للمناوي (‪.)12/4‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪252‬‬

‫المبحث الرابع‬
‫المضاعفة بأجر قيام ليلة‬

‫المطلب األول‪ :‬صالة الفجر والعشاء في جماعة‪.‬‬


‫ٍ‬
‫عالية‬ ‫ٍ‬
‫منزلة‬ ‫رغبت الشريعة اإلسالمية بصالتي الفجر والعشاء؛ لما لهما من‬
‫َّاس َما فِي‬ ‫ول اهلل ﷺ َق َال‪َ « :‬ل ْو َي ْع َل ُم الن ُ‬
‫في األجر‪ ،‬فعن َأبِي ُهرير َة ‪َ ‬أ َّن رس َ ِ‬
‫َ ُ‬ ‫ََْ‬ ‫َ ْ‬
‫ِ‬ ‫ف األَ َّو ِل‪ُ ،‬ث َّم َل ْم َي ِ‬ ‫ِ‬
‫ون َما‬ ‫جدُ وا إِ َّل َأ ْن َي ْست َِه ُموا َع َل ْيه ْ‬
‫الست ََه ُموا‪َ ،‬و َل ْو َي ْع َل ُم َ‬ ‫الص ِّ‬
‫النِّدَ اء َو َّ‬
‫الص ْبحِ ‪َ ،‬لَت َْو ُه َما َو َل ْو َح ْب ًوا»(‪.)1‬‬ ‫ِ‬ ‫ج ِير الس َتب ُقوا إِ َلي ِه‪ ،‬و َلو يع َلم َ ِ‬ ‫فِي الت َّْه ِ‬
‫ون َما في ال َعت ََمة َو ُّ‬ ‫ْ َ ْ َْ ُ‬ ‫ْ َ‬
‫«لَت َْو ُه َما َو َل ْو َح ْب ًوا» أي‪« :‬لحضروا المسجد ألجلهما ولو مع‬
‫ومعنى قوله‪َ :‬‬
‫ٍ‬
‫كلفة‪ ،‬وفيه ُ‬
‫تنزيل من يعلم وال يعمل بعلمه منزلة من ال َي ْعلم‪ ،‬وإال فكم ممن يعلم‬
‫ذلك بخبر الشارع وال يحضر بال ٍ‬
‫كلفة»(‪.)2‬‬
‫وفي رواية أخرى عن أبي هريرة ‪ ‬قال‪َ :‬ق َال النَّبِ ُّي ﷺ‪َ « :‬ل ْي َس َصال ٌة َأ ْث َق َل‬
‫ون َما فِ ِ‬
‫يه َما َلَت َْو ُه َما َو َل ْو َح ْب ًوا‪َ ،‬ل َقدْ‬ ‫الع َش ِ‬
‫اء‪َ ،‬و َل ْو َي ْع َل ُم َ‬ ‫ع َلى المنَافِ ِقين ِمن ال َفج ِر و ِ‬
‫ْ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫آخ َذ ُش َع ًل ِم ْن ن ٍ‬
‫َار‪َ ،‬ف ُأ َح ِّر َق‬ ‫يم‪ُ ،‬ث َّم ُآم َر َر ُج ًل َي ُؤ ُّم الن َ‬
‫َّاس‪ُ ،‬ث َّم ُ‬ ‫ِ‬
‫ت َأ ْن ُآم َر ُ‬
‫الم َؤ ِّذ َن‪َ ،‬ف ُيق َ‬ ‫َه َم ْم ُ‬
‫ع َلى من ال يخْ رج إِ َلى الص ِ‬
‫الة َب ْعد»(‪.)3‬‬ ‫َّ‬ ‫َ َ ْ َ ُ ُ‬
‫يقـول ابن رجـب‪« :‬وإنّما َث ُق َلـت هاتان الصالتـان على المنافقيـن؛ ّ‬
‫ألن المنافق‬
‫ال ينشـط للصلاة إال إذا رآه النـاس‪ ،‬كمـا قـال تعالـى‪﴿ :‬ﭾﭿﮀﮁﮂ‬
‫ﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊ﴾ [النسـاء‪ ،]١٤٢ :‬وصلاة العشـاء والصبـح‬

‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)615‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)437‬‬


‫((( «مرعاة المفاتيح» للمباركفوري (‪.)336/2‬‬
‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)657‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)651‬‬
‫‪253‬‬ ‫عبادات أخرى‬
‫ٍ‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬المضاعفة بأجور‬

‫ٍ‬
‫مخلص يكتفـي برؤيـة اهلل عز‬ ‫كل‬ ‫ٍ‬
‫ظلمـة‪ ،‬فلا َينْشـط للمشـي إليهمـا إال ّ‬ ‫يقعـان فـي‬
‫وجل وحـده لعلمه بـه»(‪.)1‬‬

‫النبي ﷺ يص ّلي هاتين الصالتين‪ ،‬فإنه كان يغلس‬ ‫ٍ‬


‫موطن آخر‪« :‬كان ّ‬ ‫ويقول في‬
‫ٍ‬
‫حينئذ مصباح‪ ،‬فلم يكن‬ ‫بالفجر غال ًبا ويؤخر العشاء اآلخرة‪ ،‬ولم يكن في مسجده‬
‫يحضر معه هاتين الصالتين إال مؤم ٌن يحتسب األجر في شهودهما‪ ،‬فكان المنافقون‬
‫وأيضا فالمشي إلى المساجد‬ ‫أن ذلك يخفى على النبي ﷺ‪ً ،‬‬ ‫يتخلفون عنهما ويظنون ّ‬
‫أشق؛ لما فِ ِيه من المشي فِي الظلم؛ ولهذا ورد التبشير َع َلى َذلِ َك‪،‬‬
‫فِي هذين الوقتين ّ‬
‫بالنور التام يوم القيامة»(‪.)2‬‬

‫أجر‬ ‫ٍ‬ ‫ـف اهلل َأ ْجر مـن ّ‬


‫صلهما في جماعـة إلى ْ‬ ‫ولمزيـد الترغيـب فيهمـا‪َ :‬ضا َع َ‬
‫قيام ال ّل ْيـل ُك ّل ِه‪.‬‬

‫ان ‪ ‬ا ْل َم ْس ِجدَ‬ ‫الر ْح َم ِن ْبن َأبِي َع ْم َر َة َق َال‪َ :‬د َخ َل ُع ْث َم ُ‬


‫ان ْب ُن َع َّف َ‬ ‫فعن َع ْبد َّ‬
‫ول اهللِ‬ ‫ب‪َ ،‬ف َق َعدَ َو ْحدَ ُه‪َ ،‬ف َق َعدْ ُت إِ َل ْي ِه‪َ ،‬ف َق َال‪َ :‬يا ا ْب َن َأ ِخي َس ِم ْع ُت َر ُس َ‬
‫َب ْعدَ َص َل ِة ا ْل َم ْغ ِر ِ‬
‫الص ْب َح‬ ‫اء فِي َج َما َع ٍة َفك ََأن ََّما َقا َم نِ ْص َ‬
‫ف ال َّل ْي ِل‪َ ،‬و َم ْن َص َّلى ُّ‬
‫ِ‬
‫«م ْن َص َّلى ا ْلع َش َ‬ ‫ول‪َ :‬‬ ‫ﷺ َي ُق ُ‬
‫فِي َج َما َع ٍة َفك ََأن ََّما َص َّلى ال َّل ْي َل ُك َّل ُه»(‪.)3‬‬

‫يصل‬ ‫ٍ‬
‫جماعـة كمن قـام الليل ولـم ّ‬ ‫أن مـن ص ّلـى في‬ ‫و«المـراد مـن الحديـث‪ّ :‬‬
‫ٍ‬
‫جماعـة»(‪ ،)4‬يقـول ابـن رجـب‪ُ « :‬ك ّلما َش ّ‬
‫ـي إلـى المسـجد كان أفضل‪،‬‬‫الم ْش ُ‬
‫ـق َ‬ ‫فـي‬

‫(( ( «اختيار األولى في شرح حديث اختصام المأل األعلى» البن رجب ص (‪.)61‬‬
‫أيضا‪« :‬دليل الفالحين» البن علّن الدمشقي (‪.)556/6‬‬
‫(( ( «فتح الباري» البن رجب (‪ ،)35/6‬وانظر ً‬
‫((( أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (‪.)656‬‬
‫(( ( «كشف المشكل من حديث الصحيحين» البن الجوزي (‪.)174/1‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪254‬‬

‫ولهـذا ُف ّضل المشـي إلى صالة العشـاء وصالة الصبـح‪ ،‬و ُعدل بقيام الليـل ك ّله»(‪.)1‬‬
‫َ‬
‫سـليمان ب َن أبـي حثمة فـي صالة‬ ‫لذلـك لمـا َف َقـد عمـر بـن الخ ّطـاب ‪‬‬
‫الصبـح‪ّ ،‬‬
‫وأن عمـر بـن الخطـاب غـدا إلـى السـوق‪ ،‬ومسـكن سـليمان بيـن السـوق‬
‫فمـر علـى الشـفاء أم سـليمان‪ ،‬فقـال لهـا‪ :‬لـم َأ َر سـليمان فـي‬
‫والمسـجد النبـوي‪ّ ،‬‬
‫الصبـح‪ ،‬فقالـت‪ :‬إنه بات يصلـي فغلبته عيناه‪ ،‬فقـال عمر‪« :‬ألَ ْن َأ ْش َ‬
‫ـهد َص َلا َة ُّ‬
‫الص ْبحِ‬
‫لـي َأ ْن َأ ُقو َم َل ْي َلـ ًة»(‪.)2‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فـي ا ْل َج َما َعـة َأ َح ّ‬
‫ـب إِ ّ‬
‫و َف ْقدُ عمر لسليمان ٌ‬
‫دليل «على مواظبة سليمان لصالة الصبح معه‪ ،‬وذلك‬
‫الختصاصه به والقرابة التي بينهما‪ ،‬وسؤاله ـ أي‪ :‬عمر ـ أ ّم سليمان من كرم األخالق‬
‫ومواصلة األهلين»(‪.)3‬‬

‫الص ْب َح فِي َج َما َع ٍة َفك ََأن ََّما‬


‫«و َم ْن َص َّلى ُّ‬
‫وللعلماء قوالن في تفسير المراد بقوله‪َ :‬‬
‫َص َّلى ال َّل ْي َل ُك َّل ُه»‪ ،‬هما‪:‬‬

‫حدها تفي بِ َث َواب قيام‬ ‫فريق من أهل العلم إلى ّ ِ‬


‫الص َلة َو َ‬ ‫أن َهذه َّ‬ ‫‪ 1‬ـ ذهب ٌ‬
‫ِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫للص َلة‬‫يحتَاج إِ َلى االنتباه بِ َو ْقت ُيمكن ُه فيه الته ّيؤ َّ‬
‫جما َعة ْ‬
‫ألن مصليها في َ‬ ‫ال َّل ْيل ُك ّله؛ ّ‬
‫لذلِك ن ََال‬ ‫ِ ٍِ‬
‫َوإِ ْد َراك ا ْل َج َما َعة‪َ ،‬والن َّْوم حينَئذ مستلذ‪َ ،‬فإِ ّن ال َعادة لم تجر بِالن َّْو ِم َ‬
‫قبلها؛ َف َ‬
‫جما َعة‪ ،‬وهو قول‬ ‫مص ّلي الصبح فِي جما َعة ضعف َثواب من صلى ا ْل َ ِ‬
‫عشاء في َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ ْ‬
‫فبوب له بقوله‪« :‬باب فضل صالة‬
‫الظاهرية(‪ ،)4‬وانتصر له ابن خزيمة في صحيحه ّ‬

‫(( ( «اختيار األولى في شرح حديث اختصام المأل األعلى» البن رجب ص (‪.)61‬‬
‫(( ( أخرجه مالك في «المو ّطأ» رقم (‪.)7‬‬
‫(( ( «المنتقى شرح المو ّطأ» ألبي الوليد الباجي (‪.)231/1‬‬
‫((( انظر‪« :‬كشف المشكل» البن الجوزي (‪.)175/1‬‬
‫‪255‬‬ ‫عبادات أخرى‬
‫ٍ‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬المضاعفة بأجور‬

‫العشاء والفجر في الجماعة‪ ،‬والبيان أن صالة الفجر في الجماعة أفضل من صالة‬


‫ضعفي فضل العشاء في الجماعة»(‪.)1‬‬
‫ْ‬ ‫العشاء في الجماعة‪ ،‬وأن فضلها في الجماعة‬

‫وممن نقل هذا القول‪ :‬ابن الجوزي(‪ ،)2‬والعيني(‪ ،)3‬والمناوي(‪ ،)4‬والقاري(‪)5‬؛‬


‫حمل الحديث على ظاهره‪ ،‬فيكون أجر من صلى الفجر والعشاء في جماعة‬ ‫باعتبار ْ‬
‫كمن قام ليل ًة كامل ًة ونصف ٍ‬
‫ليلة‪.‬‬

‫لذلك كان لصالة الفجر خصوصية أن يكون مص ّليها في جماعة في ذمة اهلل‪،‬‬
‫«م ْن َص َّلى ُّ‬
‫الص ْب َح‬ ‫كما روى جندب بن عبد اهلل ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ﷺ‪َ :‬‬
‫هلل ِم ْن ِذ َّمتِ ِه بِ َش ْي ٍء َف ُيدْ ِر َك ُه َف َي ُك َّب ُه فِي ن ِ‬
‫َار َج َهن ََّم»(‪.)6‬‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬
‫َف ُه َو في ذ َّمة اهلل‪َ ،‬ف َل َي ْط ُل َبنَّك ُُم ا ُ‬
‫أن المراد بذلك‪ :‬كأنّما صلى الليل من يص ّلي العشاء‬
‫‪ 2‬ـ وذهب آخرون إلى ّ‬
‫(‪)7‬‬ ‫ٍ‬
‫واحدة بنصف الليل‪ ،‬وانتصر لهذا القول‪ :‬النووي‬ ‫كل‬ ‫ٍ‬
‫جماعة‪ ،‬فتكون ّ‬ ‫والفجر في‬
‫وابن حجر(‪ ،)8‬والمناوي(‪ ،)9‬وتأول العيني معنى الحديث بقوله‪« :‬يعني‪ :‬ومن ص ّلى‬
‫الصبح والعشاء‪ ،‬وطرق هذا الحديث ك ّلها ُم ّ‬
‫صرحة بذلك‪ ،‬وأن ًّ‬
‫كل منهما يقوم مقام‬

‫(( ( «صحيح ابن خزيمة» رقم (‪.)1473‬‬


‫((( انظر‪« :‬كشف المشكل من حديث الصحيحين» البن الجوزي (‪.)175/1‬‬
‫(( ( «شرح سنن أبي داود» للعيني (‪.)32/3‬‬
‫(( ( «التيسير بشرح الجامع الصغير» للمناوي (‪.)426/2‬‬
‫(( ( «مرقاة المفاتيح» للقاري (‪،)543/2‬‬
‫((( أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (‪.)657‬‬
‫(( ( انظر‪« :‬شرح النووي على صحيح مسلم» (‪.)13/7( ،)66/6‬‬
‫((( انظر‪« :‬فتح الباري» البن حجر العسقالني (‪.)24/3‬‬
‫(( ( «التيسير بشرح الجامع الصغير» للمناوي (‪.)426/2‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪256‬‬
‫ليلة‪ ،‬ومعناه‪ :‬فكأنما قام نصف ٍ‬
‫ليلة أو ليل ًة لم‬ ‫نصف ليلة‪ ،‬وأن اجتماعهما يقوم مقام ٍ‬
‫ٍ‬
‫جماعة لحصل له فضلها‪،‬‬ ‫صل فيها العتمة والصبح في جماعة‪ ،‬إذ لو ص ّلى ذلك في‬
‫ُي ّ‬
‫«نزل صالة ٍّ‬
‫كل من طرفي الليل‬ ‫وفضل القيام زائدٌ عليه» (‪ ،)1‬أما البيضاوي فيقول‪ّ :‬‬
‫منزلة نوافل نصفه‪ ،‬وال يلزم منه أن يبلغ ثوابه ثواب من قام الليل ك ّله؛ ّ‬
‫ألن هذا تشبي ٌه‬
‫في مطلق مقدار الثواب‪ ،‬وال يلزم من تشبيه الشيء بالشيء ْ‬
‫أخذه بجميع أحكامه‪،‬‬
‫ولو كان قدر الثواب سواء لم يكن لمصلي العشاء والفجر جماعة منفعة في قيام‬
‫الليل غير التعب»(‪.)2‬‬
‫ومن فوائد أحاديث هذا المطلب‪:‬‬
‫ـاء َل ْي َل َة ا ْل َقـدْ ِر َف َقـدْ َأ َخ َذ‬ ‫‪ 1‬ـ كان سـعيد بـن المسـيب يقـول‪« :‬مـن َش ِ ِ‬
‫ـهدَ ا ْلع َش َ‬ ‫َ ْ‬
‫ـهدَ صالة العشـاء في‬ ‫أن من َش ِ‬ ‫ـه ِمن َْهـا»(‪ ،)3‬ولع ّلـه اسـتند إلـى حديـث البـاب ّ‬
‫بِح ِّظ ِ‬
‫َ‬
‫ليلـة ال َقدْ ر عَـدَ ل له ذلك‬ ‫ـهدَ العشـاء في ِ‬ ‫جماعـة فكأنمـا قـام نصف ال ّليل‪« ،‬فمن َش ِ‬
‫ص بذلك صالة العشـاء‬ ‫وافر منهـا‪ُ ،‬‬
‫وخ ّ‬ ‫حـظ ٌ‬‫قيـام نصفهـا‪ ،‬وهـذا بفضـل اهلل تعالى ٌّ‬
‫دون صلاة الفجـر على مـا جاء فيهـا؛ ألن صالة العشـاء من الليلة‪ ،‬وليسـت صالة‬
‫الصبح مـن الليلة»(‪.)4‬‬
‫‪ 2‬ـ قال القاضي عياض‪« :‬وفيه ـ أي‪ :‬الحديث ـ اختصاص بعض الصلوات من‬
‫يختص به غيرها»(‪.)5‬‬
‫ّ‬ ‫الفضل بما ال‬

‫(( ( «شرح سنن أبي داود» للعيني (‪ 32/3‬ـ ‪ ،)33‬وانظر‪« :‬مرقاة المفاتيح» للقاري (‪.)543/2‬‬
‫(( ( نقله المناوي في «فيض القدير» (‪ ،)165/6‬والزرقاني في «شرح المو ّطأ» (‪.)472/1‬‬
‫(( ( أخرجه مالك في «المو ّطأ» رقم (‪.)897‬‬
‫(( ( «المنتقى شرح المو ّطأ» ألبي الوليد الباجي (‪.)89/2‬‬
‫(( ( «إكمال المعلم» للقاضي عياض (‪.)626/2‬‬
‫‪257‬‬ ‫عبادات أخرى‬
‫ٍ‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬المضاعفة بأجور‬

‫‪ 3‬ـ يقول القاري في شرح قوله‪« :‬فكأنما ص ّلى الليل»‪« :‬ع َّبر هنا بـ«ص ّلى»‪،‬‬
‫ُسمى قيا ًما»(‪.)1‬‬ ‫وفيما سبق بـ«قام»؛ تفنّنًا وإيما ًء إلى ّ‬
‫أن صالة الليل ت ّ‬
‫‪ 4‬ـ قـال ابـن ّ‬
‫علان الدمشـقي فـي شـرح قولـه‪« :‬فكأنمـا قـام نصـف الليل»‪:‬‬
‫«أي‪ :‬بصلاة التهجـد‪ِ ،‬‬
‫إذ القيـام فـي عـرف الشـارع عبـارة عـن ذلـك‪ ،‬ففيـه فضل‬ ‫ّ‬
‫الجماعة فـي العشـاء»(‪.)2‬‬
‫***‬

‫المطلب الثاني‪ :‬صالة القيام مع اإلمام حتى ينصرف‪.‬‬

‫ُت َعدّ مالزمة اإلمام في صالة القيام والتراويح ومتابعته واالستمرار معه حتى‬
‫عظيما‪،‬‬
‫ً‬ ‫أجرا‬
‫ينصرف من صالته من العبادات الجليلة التي رتّب الشارع عليها ً‬
‫فجعل من فعل هذا ـ وقد قام جز ًءا من الليل ـ ك ََم ْن قام الليل ك ّله‪.‬‬
‫ول اهللِ ﷺ َر َم َض َ‬
‫ان‪َ ،‬ف َل ْم َي ُق ْم بِنَا‬ ‫الغفاري ‪ ‬قال‪ُ :‬صمنَا م َع رس ِ‬
‫ْ َ َ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ذر‬
‫عن أبي ٍّ‬
‫َت الس ِ‬
‫اد َس ُة‬ ‫الشه ِر حتَّى ب ِقي سبع‪َ ،‬ف َقام بِنَا حتَّى َذهب ُث ُل ُث ال َّلي ِل‪َ ،‬ف َلما كَان ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َش ْي ًئا م َن َّ ْ َ َ َ َ ْ ٌ‬
‫ول اهللِ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب َش ْط ُر ال َّل ْي ِل‪َ ،‬ف ُق ْل ُت‪َ :‬يا َر ُس َ‬‫َل ْم َي ُق ْم بِنَا‪َ ،‬ف َل َّما كَانَت ا ْل َخام َس ُة َقا َم بِنَا َحتَّى َذ َه َ‬
‫الر ُج َل إِ َذا َص َّلى َم َع ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ف‬ ‫ال َما ِم َحتَّى َين َْص ِر َ‬ ‫َل ْو َن َّف ْل َتنَا ق َيا َم َهذه ال َّل ْي َلة‪َ ،‬ق َال‪َ :‬ف َق َال‪« :‬إِ َّن َّ‬
‫َت ال َّثالِ َث ُة َج َم َع َأ ْه َل ُه‬‫َت الرابِع ُة َلم ي ُقم‪َ ،‬ف َلما كَان ِ‬ ‫ح ِسب َله ِقيام َلي َل ٍة»‪َ ،‬ق َال‪َ :‬ف َلما كَان ِ‬
‫َّ‬ ‫َّ َ ْ َ ْ‬ ‫َّ‬ ‫ُ َ ُ َ ُ ْ‬
‫َّاس‪َ ،‬ف َقا َم بِنَا َحتَّى َخ ِشينَا َأ ْن َي ُفو َتنَا ا ْل َف َل ُح‪َ ،‬ق َال‪ُ :‬ق ْل ُت‪َ :‬و َما ا ْل َف َل ُح؟ َق َال‪:‬‬ ‫َون َسا َء ُه َوالن َ‬
‫ِ‬

‫الش ْهر(‪.)3‬‬ ‫ور‪ُ ،‬ث َّم َل ْم َي ُق ْم بِ ِق َّي َة َّ‬


‫الس ُح ُ‬
‫ُّ‬

‫(( ( «مرقاة المفاتيح» للقاري (‪.)543/2‬‬


‫((( «دليل الفالحين» البن عالن (‪.)556/6‬‬
‫((( أخرجه أبو داود في «سننه» رقم (‪ ،)1375‬وإسناده صحيح‪.‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪258‬‬

‫ب َل ُه ِق َيا ُم‬ ‫الما ِم حتَّى ينْص ِر َ ِ‬


‫ف كُت َ‬ ‫«م ْن َقا َم َم َع ْ ِ َ َ َ َ‬ ‫قال ابن خزيمة‪« :‬وفي قوله ﷺ‪َ :‬‬
‫ب َل ُه‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ال َما ِم إِ َلى ا ْل َف َرا ِغ م ْن َص َلته كُت َ‬ ‫َل ْي َلتِ ِه» َد َل َل ٌة َع َلى َأ َّن ا ْل َق ِ‬
‫ار َئ َو ْالُ ِّم َّي إِ َذا َقا َما َم َع ْ ِ‬
‫ض ال َّل ْي ِل» (‪ ،)1‬والمقصود بصالة‬ ‫ْب ِق َيا ِم َب ْع ِ‬
‫ْب ِق َيا ِم َل ْي َل ٍة‪َ ،‬أ ْف َض ُل ِم ْن َكت ِ‬ ‫ِِ‬
‫ق َيا ُم َل ْي َلته‪َ ،‬و َكت ُ‬
‫ِ‬

‫القيام هنا‪ :‬صالة التراويح(‪.)2‬‬


‫ومن فوائد أحاديث هذا المطلب‪:‬‬
‫اد َس ِة‪َ ،‬و َقا َم بِنَا فِي الخَ ِام َس ِة»‪،‬‬
‫‪ 1‬ـ قال ابن حبان‪« :‬قول أبي ذر‪َ « :‬لم ي ُقم بِنَا فِي الس ِ‬
‫ّ‬ ‫ٍّ ْ َ ْ‬
‫يريد‪ :‬مما بقي من العشر ال مما مضى منه‪ ،‬وكان الشهر الذي خاطب النبي ﷺ أ ّمته‬
‫بهذا الخطاب فيه تس ًعا وعشرين‪ ،‬فليلة السادسة من باقي تس ٍع وعشرين تكون ليلة أرب ٍع‬
‫وعشرين‪ ،‬وليلة الخامسة من باقي تس ٍع وعشرين تكون ليلة الخامس والعشرين»(‪.)3‬‬
‫ور»‪« :‬أصل‬ ‫ت‪َ :‬و َما ا ْل َف َل ُح؟ َق َال‪ّ :‬‬
‫الس ُح ُ‬ ‫‪ 2‬ـ قال الخ ّطابي في شرح قوله‪ُ « :‬ق ْل ُ‬
‫فالحا إذ كان سب ًبا لبقاء الصوم ومعينًا عليه»(‪.)4‬‬
‫السحور ً‬
‫وس ّمي ّ‬
‫الفالح البقاء‪ُ ،‬‬
‫جائز أن ُيضاف إلى‬
‫أن قيام رمضان ٌ‬ ‫البر‪« :‬هذا ُك ّله ّ‬
‫يدل على ّ‬ ‫‪ 3‬ـ قال ابن عبد ّ‬
‫لحضه عليه وعمله به‪ّ ،‬‬
‫وأن عمر إنما س ّن منه ما قد سنّه رسول اهلل ﷺ»(‪.)5‬‬ ‫النبي ﷺ؛ ّ‬
‫ّ‬
‫‪ 4‬ـ قال ّ‬
‫المل علي القاري‪« :‬يفيد الحديث تفاوت القيام بتفاوت الليالي‬
‫الفاضلة؛ بدليل ّ‬
‫أن ليلة السابع والعشرين أحياها كلها؛ ألنها عند أكثر العلماء ليلة‬
‫ثم جمع لها أهله ونساءه‪ ،‬وغيرها لم يحيه كله بل تفاوت بينها»(‪.)6‬‬
‫القدر‪ ،‬ومن ّ‬

‫(( ( «صحيح ابن خزيمة» رقم (‪.)2211‬‬


‫(( ( «التيسير بشرح الجامع الصغير» للمناوي (‪.)284/1‬‬
‫((( «صحيح ابن حبان» رقم (‪.)2547‬‬
‫(( ( «معالم السنن» للخطابي (‪.)282/1‬‬
‫البر (‪.)64/2‬‬
‫(( ( «االستذكار» البن عبد ّ‬
‫(( ( «مرقاة المفاتيح» للقاري (‪.)967/3‬‬
‫‪259‬‬ ‫عبادات أخرى‬
‫ٍ‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬المضاعفة بأجور‬

‫المبحث الخامس‬
‫المضاعفة بأجر صيام الدهر‬

‫شهر‪.‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬صيام ثالثة أيام من ّ‬


‫كل‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫وخصه لنفسـه دون باقي األحـكام؛ لخصوصيـة اإلخالص‬ ‫ّ‬ ‫شـرع اهلل الصيـام‬
‫ـول اهللِ ﷺ‪:‬‬ ‫ـال َر ُس ُ‬ ‫قال‪َ :‬ق َ‬ ‫فيـه دون غيـره‪ ،‬وجـاء في حديـث َأبِـي ُه َر ْي َـر َة ‪َ ‬‬
‫ـف‪ ،‬ا ْل َح َسـنَ ُة َع ْش ُـر َأ ْم َثالِ َهـا إِ َلـى‬ ‫ـل ا ْب ِ‬
‫ـن آ َد َم ُي َضا َع ُ‬ ‫ـل‪ :‬ك ُُّل َع َم ِ‬‫هلل َعـ َّز َو َج َّ‬
‫ـول ا ُ‬ ‫« َي ُق ُ‬
‫ـزي بِ ِ‬ ‫ـو َم‪َ ،‬فإِنَّـ ُه لِـي َو َأنَـا َأ ْج ِ‬ ‫عمائَة ِضع ٍ‬ ‫سـب ِ‬
‫ـه‪َ ،‬يـدَ ُع‬ ‫ـل‪ :‬إِ َّل َّ‬
‫الص ْ‬ ‫هلل َعـ َّز َو َج َّ‬ ‫ـف‪َ ،‬ق َ‬
‫ـال ا ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ‬
‫ـر ِه‪ ،‬و َفرح ٌة ِعنْـدَ لِ َق ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫لصائِـ ِم َف ْر َحت ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫اء‬ ‫َان‪َ :‬ف ْر َحـ ٌة عنْدَ ف ْط ِ َ ْ َ‬ ‫ـن َأ ْجلـي‪ ،‬ل َّ‬ ‫ـه َو َت ُه َو َط َع َامـ ُه م ْ‬
‫َش ْ‬
‫َر ِّب ِه » (‪.)1‬‬
‫ومن عبادة الصيام التي ورد فيها مضاعفة األجر إلى صوم الدهر‪ :‬صيام ثالثة‬
‫أيا ٍم من ّ‬
‫كل شهر‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب‪َ ،‬و َأ ُبو َس َل َم َة ْب ُن‬ ‫الم َس ِّي ِ‬ ‫الـزهـري قال‪َ :‬أ ْخ َب َرني َسعيدُ ْب ُن ُ‬ ‫ّ‬ ‫ـه ٍ‬
‫ـاب‬ ‫َف َع ِن ا ْب ِن ش َ‬
‫ول‪:‬‬ ‫ول اهللِ ﷺ‪َ ،‬أنِّي َأ ُق ُ‬ ‫الر ْح َم ِن‪َ ،‬أ َّن َع ْبدَ اهللِ ْب َن َع ْم ٍرو ‪َ ‬ق َال‪ُ :‬أ ْخبِ َر َر ُس ُ‬ ‫ِ‬
‫َع ْبد َّ‬
‫ْت َو ُأ ِّمي‬ ‫َواهللِ َلَ ُصو َم َّن الن ََّه َار‪َ ،‬و َلَ ُقو َم َّن ال َّل ْي َل َما ِع ْش ُت‪َ ،‬ف ُق ْل ُت َل ُه‪َ :‬قدْ ُق ْل ُت ُه بِ َأبِي َأن َ‬
‫ك‪َ ،‬ف ُص ْم َو َأ ْفطِ ْر‪َ ،‬و ُق ْم َون َْم‪َ ،‬و ُص ْم ِم َن َّ‬
‫الش ْه ِر َثال َث َة َأ َّيامٍ‪،‬‬ ‫يع َذلِ َ‬ ‫ِ‬
‫َّك ال ت َْستَط ُ‬ ‫َق َال‪َ « :‬فإِن َ‬
‫ك ِم ْث ُل ِص َيا ِم الدَّ ْه ِر»‪ُ ،‬ق ْل ُت‪ :‬إِنِّي ُأطِ ُيق َأ ْف َض َل ِم ْن‬ ‫الح َسنَ َة بِ َع ْش ِر َأ ْم َثالِ َها‪َ ،‬و َذلِ َ‬
‫َفإِ َّن َ‬
‫َذلِ َك‪َ ،‬ق َال‪َ « :‬ف ُص ْم َي ْو ًما َو َأ ْفطِ ْر َي ْو َم ْي ِن»‪ُ ،‬ق ْل ُت‪ :‬إِنِّي ُأطِ ُيق َأ ْف َض َل ِم ْن َذلِ َك‪َ ،‬ق َال‪:‬‬
‫« َفصم يوما و َأ ْفطِر يوما‪َ ،‬ف َذلِ َ ِ‬
‫الص َيامِ»‪َ ،‬ف ُق ْل ُت‪:‬‬ ‫ك ص َيا ُم َد ُاو َد ‪َ ،‬و ُه َو َأ ْف َض ُل ِّ‬ ‫ُ ْ ًَْ َ ْ ًَْ‬
‫ك»‪ .‬زاد مـسـلم‪َ :‬ق َال‬ ‫«ل َأ ْف َض َل ِم ْن َذلِ َ‬ ‫إِنِّي ُأطِ ُيق َأ ْف َض َل ِم ْن َذلِ َك‪َ ،‬ف َق َال النَّبِ ُّي ﷺ‪َ :‬‬

‫((( سبق تخريجه‪.‬‬


‫‪٣‬‬

‫‪260‬‬

‫ُون َقبِ ْل ُت ال َّث َل َث َة ْالَ َّيا َم ا َّلتِي َق َال َر ُس ُ‬


‫ول اهللِ ﷺ‪،‬‬ ‫َع ْبدُ اهللِ ْب ُن َع ْم ٍرو ‪َ :‬‬
‫«لَ ْن َأك َ‬
‫ب إِ َل َّي ِم ْن َأ ْه ِلي َو َمالِي»(‪.)1‬‬
‫َأ َح ُّ‬
‫«ص ْو ُم َث َل َث ِة َأ َّيا ٍم ِم ْن َّ‬
‫الش ْهر‬ ‫وعن ُقرة بن إياس ‪َ ‬ق َال‪َ :‬ق َال رس ُ ِ‬
‫ول اهلل ﷺ‪َ :‬‬ ‫َ ُ‬ ‫ّ‬
‫َص ْوم الدَّ ْه ِر َوإِ ْف َط ُار ُه»(‪.)2‬‬

‫َو َو ْج ُه ن َْه ِي ّ‬
‫النبي ﷺ عبدَ اهلل بن عمرو بن العاص ‪ ‬عن صوم الدهر‬
‫«بأن لنفسه عليه ح ًّقا‪ ،‬وألهله ح ًّقا‪ ،‬ولضيفه ح ًّقا»(‪.)3‬‬
‫ّ‬

‫ـو َم‪،‬‬
‫الص ْ‬ ‫ـي ﷺ‪َ ،‬أنِّـي َأ ْس ُـر ُد َّ‬ ‫ـغ النَّبِ َّ‬
‫فعـن عبـد اهلل بـن عمـرو ‪ ‬قـال‪َ :‬ب َل َ‬
‫َّك ت َُصـو ُم َوال ُت ْفطِ ُر‪،‬‬
‫«أ َل ْم ُأ ْخ َب ْـر َأن َ‬
‫ـال‪َ :‬‬‫ـي َوإِ َّما َل ِقي ُت ُه‪َ ،‬ف َق َ‬
‫َو ُأ َص ِّلـي ال َّل ْي َـل‪َ ،‬فإِ َّما َأ ْر َس َـل إِ َل َّ‬
‫ـك َو َأ ْهلِ َ‬
‫ك‬ ‫ـك َح ًّظـا‪َ ،‬وإِ َّن لِنَ ْف ِس َ‬ ‫َـم‪َ ،‬فـإِ َّن لِ َع ْين ِ َ‬
‫ك َع َل ْي َ‬ ‫ِ‬
‫ـم َو َأ ْفط ْـر‪َ ،‬و ُق ْ‬
‫ـم َون ْ‬ ‫َوت َُص ِّلـي؟ َف ُص ْ‬
‫ـك َح ًّظا»(‪.)4‬‬
‫َع َل ْي َ‬
‫ك ح ًّقا‪ ،‬ولِجس ِ‬ ‫ِ‬ ‫لفظ آخر‪َ « :‬فـإِ َّن لِز َْو ِج َ‬
‫وفـي ٍ‬
‫ـد َك‬ ‫ك َح ًّقـا‪َ ،‬ولز َْو ِر َك َع َل ْي َ َ َ َ َ‬
‫ك َع َل ْي َ‬
‫(‪)5‬‬

‫َع َل ْي َ‬
‫ك َح ًّقا»(‪.)6‬‬
‫ٍ‬
‫رواية جرير بن عبد اهلل البجلي ‪‬‬ ‫وجاء تحديد هذه األيام الثالثة في‬

‫((( سبق تخريجه‪.‬‬


‫((( أخرجه أبو داود الطيالسي في «مسنده» رقم (‪ ،)1170‬وإسناده صحيح‪.‬‬
‫(( ( «سبل السالم» للصنعاني (‪.)591/1‬‬
‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)1977‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)1159‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫«الزور‪ِ َّ :‬‬
‫َصوم ون َْوم‬
‫االسم‪ ،‬ك َ‬
‫األصل مصدَ ر ُوضع َموضع ْ‬
‫الزائ ُر‪َ ،‬و ُه َو في ْ‬ ‫(( ( ز َْو ِر َك‪ :‬قال ابن األثير‪ُ ْ َّ :‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بِ َم ْعنَى َص ِائم ون َِائم‪َ .‬و َقدْ َيك ُ‬
‫جمع َزائ ٍر‪ ،‬ك ََراكب َ‬
‫وركْب»‪ .‬النهاية في غريب الحديث البن‬ ‫ُ‬ ‫الز ْو ُر‬
‫ُون َّ‬
‫األثير (‪.)318/2‬‬
‫((( «صحيح مسلم»‪ ،‬رقم (‪.)1159‬‬
‫‪261‬‬ ‫عبادات أخرى‬
‫ٍ‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬المضاعفة بأجور‬

‫«ص َيا ُم َث َل َث ِة َأ َّيا ٍم ِم ْن ك ُِّل َش ْه ٍر ِص َيا ُم الدَّ ْه ِر‪َ ،‬و َأ َّيا ُم ا ْلبِ ِ‬
‫يض َصبِ َ‬
‫يح َة َث َل َ‬
‫ث‬ ‫مرفو ًعا‪ِ :‬‬

‫َع ْش َرةَ‪َ ،‬و َأ ْر َب َع َع ْش َرةَ‪َ ،‬و َخ ْم َس َع ْش َرةَ»(‪.)1‬‬

‫وبوب البخاري في صحيحه با ًبا بقوله‪« :‬باب صيام أيام البيض‪ :‬ثالث عشرة‪،‬‬
‫ّ‬
‫وأربع عشرة‪ ،‬وخمس عشرة»(‪.)2‬‬

‫قال ابن حجر‪« :‬قيل‪ :‬المراد بالبيض‪ :‬الليالي‪ ،‬وهي التي يكون فيها القمر من‬
‫أول الليل إلى آخره‪ ،‬حتى قال الجواليقي‪ :‬من قال األيام البيض فجعل البيض صفة‬
‫األيام فقد أخطأ‪ .‬وفيه نظر؛ ّ‬
‫ألن اليوم الكامل هو النهار بليلته‪ ،‬وليس في الشهر يو ٌم‬
‫فصح قول األيام البيض‬
‫ّ‬ ‫أبيض كله إال هذه األيام؛ ألن ليلها أبيض ونهارها أبيض‪،‬‬
‫على الوصف» (‪.)3‬‬

‫وممـن كان يصـوم هـذه األيـام الـواردة فـي الحديـث‪ :‬عمـر بـن الخطـاب‪،‬‬
‫الغفاري ‪ ،‬ومن التابعين‪ :‬الحسـن البصري‬
‫ّ‬ ‫وعبـد اهلل بن مسـعود‪ ،‬وأبـو ذر‬
‫وإبراهيم النخعي(‪.)4‬‬

‫معينات‪ ،‬لعموم‬ ‫ٍ‬ ‫شهر غير‬ ‫كل ٍ‬‫واختار قوم من أهل العلم صيام ثالثة أيا ٍم من ّ‬
‫«ص َيا ِم َثال َث ِة َأ َّيا ٍم ِم ْن ك ُِّل‬
‫بثالث‪ِ :‬‬
‫ٍ‬ ‫حديث أبي هريرة ‪ ‬قال‪ :‬أوصاني النبي ﷺ‬
‫الض َحى‪َ ،‬و َأ ْن ُأوتِ َر َق ْب َل َأ ْن َأنَا َم»(‪.)5‬‬
‫َش ْه ٍر‪َ ،‬و َر ْك َعت َِي ُّ‬

‫((( أخرجه النسائي في «سننه» رقم (‪ ،)2420‬وإسناده حسن‪.‬‬


‫(( ( «صحيح البخاري»‪ ،‬رقم (‪.)1981‬‬
‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)226/4‬‬
‫(( ( «شرح ابن بطال على صحيح البخاري» (‪.)125/4‬‬
‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)1981‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)721‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪262‬‬

‫ث‪،‬‬‫وحديـث أبـي الـدرداء ‪ ‬مرفو ًعا بلفـظ‪َ :‬أوصانِـي حبِيبِـي ﷺ بِ َث َل ٍ‬


‫َ‬ ‫ْ َ‬
‫لا ِة ُّ‬
‫الض َحـى‪َ ،‬وبِ َأ ْن َل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َلـ ْن َأ َد َع ُهـ َّن َمـا ِع ْش ُ‬
‫ـت‪« :‬بِص َيا ِم َث َل َثـة َأ َّيا ٍم م ْن ك ُِّل َش ْ‬
‫ـه ٍر‪َ ،‬و َص َ‬
‫َأنَـا َم َحتَّـى ُأوتِ َر»(‪.)1‬‬
‫الترمذي الحكم َة من تخصيص هذه األمور الثالث بالوصية‬ ‫ُّ‬ ‫الحكيم‬
‫ُ‬ ‫ويذكر‬
‫الها‪ ،‬فصوم َث َل َثة َأ َّيا ٍم‬ ‫كل ٍ‬
‫شهر فالحسنة بِ ْ‬
‫عشر َأ ْم َث َ‬ ‫فيقول‪« :‬أ ّما ِص َيام َث َل َثة َأ َّيا ٍم من ّ‬
‫وبركعتي‬
‫ْ‬ ‫شهر يعدل َث َلثِي َن َي ْو ًما‪ ،‬فقد َصار ال َع ْبد بِ َه َذا َص ِائ ًما فِي َج ِميع ُع ُم ِره‬
‫كل ٍ‬ ‫من ّ‬
‫َان َص ِائ ًما‬
‫الض َحى َق ِائ َما بِ َه َذا فِي ن ََهاره ُك ّله‪َ .‬ف َأما فِي ليله فالفوز بِ َص َلة ا ْلوتر‪َ ،‬فإِذا ك َ‬ ‫ُّ‬
‫دل َلة اهلل ألهل َّ‬
‫الس َعا َدة‬ ‫الز َمان ُك ّله‪َ ،‬ف َه ِذ ِه َ‬
‫استكْمل َّ‬ ‫َق ِائ ًما فِي ن ََهاره وبوتره ً‬
‫فائزا فقد ْ‬
‫اجتنَاب ا ْل َم َح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ارم‪َ ،‬فمن داوم على‬ ‫على َما بِه يستكملون العبودة بعد َأ َداء ا ْل َف َرائض َو ْ‬
‫ونائم؛‬ ‫وشارب‬ ‫طاعم‬ ‫ديوان الصائمين القائمين الفائزين َو ُه َو‬ ‫ِ‬ ‫َه َذا ك َ‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫اسمه في َ‬ ‫َان ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ليع َلم يسر اهلل َتعا َلى ِ ِ‬
‫يما اقتضاهم‬ ‫لهذه ْالمة َورفع ا ْل َحرج َعن ُْهم في دينه وسماحته ف َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬
‫ِم َّما َل ُه خلقهم»(‪.)2‬‬
‫«وممـن كان يصـوم ثالثـة أيـام مـن ّ‬
‫كل شـهر ويأمر بهـن‪ :‬علي بن أبـى طالب‪،‬‬
‫ومعـاذ بـن جبل‪ ،‬وأبـو ذر‪ ،‬وأبو هريـرة ‪ ،‬وكان بعض السـلف يختار الثالثة‬
‫مـن أول الشـهر‪ ،‬وهو‪ :‬الحسـن البصـرى‪ ،‬وكان بعضهـم يختار االثنيـن والخميس‪،‬‬
‫وهـى أم سـلمة زوج النبـي ﷺ‪ ،‬وقالـت‪ :‬إنـه أمرهـا بذلـك‪ .‬وكان بعضهـم يختـار‬
‫السـبت واألحـد واالثنيـن‪ ،‬ومن الشـهر الذي يليـه‪ :‬الثالثـاء واألربعـاء والخميس‪،‬‬
‫ومـن الشـهر الـذي يليـه كذلـك‪ ،‬وهـى عائشـة أم المؤمنيـن‪ ،‬ومنهم مـن كان يصوم‬
‫آخـر الشـهر‪ ،‬وهـو النخعي ويقـول‪ :‬هو كفارة لمـا مضى‪ ،‬فأمـا الذين اختـاروا صوم‬

‫((( أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (‪.)722‬‬


‫(( ( «نوادر األصول في أحاديث الرسول» للحكيم الترمذي (‪.)196 /3‬‬
‫‪263‬‬ ‫عبادات أخرى‬
‫ٍ‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬المضاعفة بأجور‬

‫االثنيـن والخميـس‪ّ :‬‬


‫ألن األعمال ُت ْع َـر ُض على اهلل في اإلثنيـن والخميس‪ ،‬فأحبوا أن‬
‫تعـرض أعمالهـم علـى اهلل وهم صيـام‪ ،‬وأما الذين اختـاروا ما اختارت عائشـة ّ‬
‫فلئل‬
‫يكـون يوم مـن أيام السـنة إال قد صامـه»(‪.)1‬‬
‫قال الطبري‪« :‬والصواب عندي في ذلك ّ‬
‫أن جميع األخبار عن النبي ﷺ‬
‫لما َص ّح عنه أنه اختار لمن أراد صوم الثالثة األيام من كل شهر‬
‫صحاح‪ ،‬ولكن ّ‬
‫ٌ‬
‫األيام البيض‪ ،‬فالصواب اختيار ما اختار عليه الصالة والسالم‪ ،‬وإن كان غير محظور‬
‫ال ال فرض ًا»(‪.)2‬‬
‫عليه أن يجعل صوم ذلك ما شاء من أيام الشهر‪ ،‬إذ كان ذلك نف ً‬

‫الناس في تعيينها من الشهر اختال ًفا في تعيين‬


‫ُ‬ ‫قال ابن دقيق العيد‪« :‬اختلف‬
‫األحب واألفضل ال غير»(‪.)3‬‬
‫ّ‬
‫قـال ابـن حجـر‪« :‬والـذي يظهـر أن الـذي أمر بـه وحث عليـه ووصى بـه أولى‬
‫مـن غيـره وأمـا هـو فلعلـه كان يعـرض له ما يشـغله عـن مراعـاة ذلـك أو كان يفعل‬
‫ذلـك لبيان الجـواز وكل ذلك فـي حقه أفضل وتترجح البيض بكونها وسـط الشـهر‬
‫ووسـط الشـيء أعدله»(‪.)4‬‬
‫ٍ‬
‫رواية أخرى‪:‬‬ ‫وجاء الترغيب في هذه األيام الثالثة في‬
‫ِ‬ ‫َع ْن َأبِي َقتَا َد َة ‪ ‬قال‪َ :‬ر ُج ٌل َأتَى النَّبِ َّي ﷺ‪َ ،‬ف َق َال‪َ :‬ك ْي َ‬
‫ف ت َُصو ُم؟ َف َغض َ‬
‫ب‬

‫((( «شـرح ابـن بطـال علـى صحيـح البخـاري» (‪ ،)126/4‬وانظـر‪« :‬المنتقـى مـن شـرح المو ّطـأ»‬
‫للباجـي (‪.)77/2‬‬
‫((( نقله ابن بطال في «شرح البخاري» (‪ .)126/4‬ولعله في «تهذيب السنن واآلثار»‪.‬‬
‫(( ( «إحكام األحكام» البن دقيق العيد (‪.)30/2‬‬
‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)227/4‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪264‬‬

‫ال ْس َل ِم ِدينًا‪،‬‬ ‫ول اهللِ ﷺ‪َ ،‬ف َل َّما َر َأى ُع َم ُر ‪َ ،‬غ َض َب ُه‪َ ،‬ق َال‪َ :‬ر ِضينَا بِاهللِ َر ًّبا‪َ ،‬وبِ ْ ِ‬ ‫َر ُس ُ‬
‫ب َر ُسولِ ِه‪َ ،‬ف َج َع َل ُع َم ُر ‪ُ ‬ي َر ِّد ُد‬ ‫ب اهللِ َو َغ َض ِ‬ ‫َوبِ ُم َح َّم ٍد نَبِ ًّيا‪َ ،‬ن ُعو ُذ بِاهللِ ِم ْن َغ َض ِ‬
‫ف بِ َم ْن َي ُصو ُم الدَّ ْه َر ُك َّل ُه؟‬ ‫ول اهللِ‪َ ،‬ك ْي َ‬‫َه َذا ا ْلك ََل َم َحتَّى َس َك َن َغ َض ُب ُه‪َ ،‬ف َق َال ُع َم ُر‪َ :‬يا َر ُس َ‬
‫ف َم ْن َي ُصو ُم َي ْو َم ْي ِن‬ ‫«ل َصا َم َو َل َأ ْف َط َر» ـ َأ ْو َق َال ـ « َل ْم َي ُص ْم َو َل ْم ُي ْفطِ ْر» َق َال‪َ :‬ك ْي َ‬ ‫َق َال‪َ :‬‬
‫ف َم ْن َي ُصو ُم َي ْو ًما َو ُي ْفطِ ُر َي ْو ًما؟‬ ‫ك َأ َحدٌ ؟» َق َال‪َ :‬ك ْي َ‬ ‫«و ُيطِ ُيق َذلِ َ‬ ‫ِ‬
‫َو ُي ْفط ُر َي ْو ًما؟ َق َال‪َ :‬‬
‫ف َم ْن َي ُصو ُم َي ْو ًما َو ُي ْفطِ ُر َي ْو َم ْي ِن؟ َق َال‪:‬‬ ‫اك َص ْو ُم َد ُاو َد ‪َ »‬ق َال‪َ :‬ك ْي َ‬ ‫َق َال‪َ « :‬ذ َ‬
‫ان‬‫ث ِم ْن ك ُِّل َش ْه ٍر‪َ ،‬و َر َم َض ُ‬ ‫ول اهللِ ﷺ‪َ « :‬ث َل ٌ‬ ‫ك»‪ُ .‬ث َّم َق َال َر ُس ُ‬ ‫ت َذلِ َ‬ ‫«و ِد ْد ُت َأنِّي ُط ِّو ْق ُ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ب َع َلى اهلل َأ ْن ُي َك ِّف َر َّ‬
‫السنَ َة‬ ‫ان‪َ ،‬ف َه َذا ص َيا ُم الدَّ ْه ِر ُك ِّله‪ ،‬ص َيا ُم َي ْو ِم َع َر َف َة‪َ ،‬أ ْحتَس ُ‬
‫إِ َلى َر َم َض َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫السنَ َة ا َّلتِي َب ْعدَ ُه‪َ ،‬و ِص َيا ُم َي ْو ِم َع ُ‬ ‫ِ‬
‫ب َع َلى اهلل َأ ْن ُي َك ِّف َر َّ‬
‫السنَ َة‬ ‫ور َاء‪َ ،‬أ ْحتَس ُ‬
‫اش َ‬ ‫ا َّلتي َق ْب َل ُه‪َ ،‬و َّ‬
‫ا َّلتِي َق ْب َل ُه»(‪.)1‬‬

‫ألن َحاله َل‬ ‫وسبب غضب النبي ﷺ من سؤال األعرابي‪« :‬أنّه ك َِر َه َم ْس َألته؛ ّ‬
‫َيف َأصوم؟ ليجيبه بِ َما ُه َو‬ ‫ِ‬
‫َان َحقه َأن َي ُقول‪ :‬ك َ‬ ‫ُينَاسب َحال النَّبِي ﷺ في َّ‬
‫الص ْوم‪َ ،‬فك َ‬
‫م ْقتَضى حاله كَما أجاب َغيره‪ .‬وقيل‪ِ ِ ّ :‬‬
‫الس ّر»(‪.)2‬‬ ‫ألن فيه إِ ْظ َهار عمل ِّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫والحكمة في صوم هذه األيام ـ كما ذكر بعض أهل العلم ـ‪:‬‬

‫تعم العباد ُة نهارها‪.‬‬


‫النور لياليها ناسب أن ّ‬
‫عم ُ‬ ‫ـ أنه لما ّ‬
‫بالتقرب‬
‫ّ‬ ‫أن الكسوف يكون فيها غال ًبا‪ ،‬وال يكون في غيرها‪ ،‬وقد ُأ ْ‬
‫مرنا‬ ‫ـ وقيل‪ّ :‬‬
‫البر عند الكسوف(‪.)3‬‬
‫إلى اهلل تعالى بأعمال ّ‬

‫((( أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (‪.)1162‬‬


‫(( ( «الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج» للسيوطي (‪.)249/3‬‬
‫((( «حاشية السيوطي على سنن النسائي» (‪.)221/4‬‬
‫‪265‬‬ ‫عبادات أخرى‬
‫ٍ‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬المضاعفة بأجور‬

‫ومن فوائد أحاديث هذا المطلب‪:‬‬

‫القوة ما يستديم به العمل؛ ألنه إذا َأ ْج َهدَ‬


‫حق الجسم أن ُيت َْرك فيه من ّ‬ ‫‪1‬ـ ّ‬
‫أن ّ‬
‫َن ْف َس ُه َق َط َعها عن العبادة وفترت(‪.)1‬‬

‫التعمق في العبادة لعدم إجهاد النفس في العمل خشية‬


‫ّ‬ ‫‪ 2‬ـ ْنهي النبي ﷺ عن‬
‫االنقطاع‪ ،‬فأحب األعمال إلى اهلل أدومها وإن ّ‬
‫قل‪ ،‬ومتى دخل المؤمن في شيء من‬
‫العبادة لم يصلح له االنصراف عنها(‪.)2‬‬

‫‪ 3‬ـ فيه جواز اإلخبار عن األعمال الصالحة واألوراد ومحاسن األعمال وال‬
‫يخفى أن محل ذلك عند أمن الرياء(‪.)3‬‬

‫‪ 4‬ـ فيه أن طاعة الوالد ال تجب في ترك العبادة‪ ،‬ولهذا احتاج عمرو إلى شكوى‬
‫ولده عبد اهلل ولم ينكر عليه النبي ﷺ ترك طاعته ألبيه(‪.)4‬‬

‫‪ 5‬ـ فيه ّ‬
‫أن النفل المطلق ال ينبغي تحديده بل يختلف الحال باختالف األشخاص‬
‫واألوقات واألحوال(‪.)5‬‬

‫***‬

‫(( ( «شرح ابن بطال على صحيح البخاري» (‪.)120/4‬‬


‫(( ( «شرح ابن بطال على صحيح البخاري» (‪.)121/4‬‬
‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)225/4‬‬
‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)225/4‬‬
‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)225/4‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪266‬‬

‫وست من شوال‪.‬‬
‫ٍّ‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬صيام شهر رمضان‬

‫لم ُي ْع َط ٌ‬
‫شهر من الشهور من عظيم المكانة‪ ،‬وجسيم الفضائل‪ ،‬وكثير األجور‬
‫مثل ما ُأعطي شهر رمضان الكريم‪ ،‬ولجاللة مكانته ضاعف اهلل أجر من صامه وأتبعه‬
‫ستًّا من شوال كأجر من صام الدّ هر‪.‬‬
‫اري ‪َ ،‬أ َّنه حدَّ َثه‪َ ،‬أ َّن رس َ ِ‬
‫ول اهلل ﷺ َق َال‪َ :‬‬
‫«م ْن َصا َم‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ َ ُ‬ ‫وب ْالَن َْص ِ ِّ‬ ‫ف َع ْن َأبِي َأ ُّي َ‬
‫َان ك ِ‬
‫َص َيا ِم الدَّ ْه ِر» (‪.)1‬‬ ‫ال‪ ،‬ك َ‬‫ان ُثم َأ ْت َب َع ُه ِستًّا ِم ْن َش َّو ٍ‬
‫َر َم َض َ َّ‬
‫ص شوال؛ ألنه زمن يستدعي الرغبة فيه إلى الطعام لوقوعه عقب الصوم‬ ‫ُ‬
‫«وخ ّ‬
‫«مجاز‪ ،‬فأخرجه مخرج‬
‫ٌ‬ ‫فالصوم حينئذ أشق فثوابه أكثر» (‪ ،)2‬وقوله‪« :‬صيام الدهر»‪:‬‬
‫السنَة»(‪.)3‬‬ ‫تقرير يشير إلى ّ‬
‫أن مراده بالدّ ْهر َّ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬
‫والحث‪ ،‬وهذا‬ ‫التشبيه؛ للمبالغة‬

‫قال النووي‪« :‬إنما كان ذلك كصيام الدهر ألن الحسنة بعشر أمثالها فرمضان‬
‫ً‬
‫«تنزيل لضابطة الحسنة بعشر‬ ‫بعشرة أشهر والستة بشهرين» (‪ ،)4‬زاد الكشميري‪:‬‬
‫وبقي شهران‪ ،‬وإذا ضربنا ستة‬
‫َ‬ ‫أمثالها فإنه إذا صام رمضان يكون أجر عشرة أشهر‪،‬‬
‫في عشرة حصل ستون يو ًما» (‪ ،)5‬فيكون بذلك حصل صيام (‪ )360‬يو ًما وهي مدة‬
‫العام الواحد‪ ،‬وهذا التفصيل ورد على لسان النبي ﷺ‪.‬‬

‫((( أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (‪.)1164‬‬


‫(( ( «فيض القدير» للمناوي (‪.)161/6‬‬
‫(( ( «فيض القدير» للمناوي (‪.)161/6‬‬
‫((( «شـرح النـووي علـى صحيـح مسـلم» (‪ ،)56/8‬وانظر لألهمية‪« :‬كشـف المشـكل مـن حديث‬
‫الصحيحيـن» البـن الجـوزي (‪.)92/2‬‬
‫((( «العرف الشذي شرح سنن الترمذي» للكشميري (‪.)181/2‬‬
‫‪267‬‬ ‫عبادات أخرى‬
‫ٍ‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬المضاعفة بأجور‬

‫ان بِ َع َش َر ِة َأ ْش ُه ٍر‬ ‫ول اهللِ ﷺ َق َال‪ِ :‬‬


‫«ص َيا ُم َش ْه ِر َر َم َض َ‬ ‫ان ‪َ ،‬أ َّن َر ُس َ‬ ‫ف َع ْن َث ْو َب َ‬
‫ك ِص َيا ُم َسن ٍَة»(‪.)1‬‬
‫ال بِ َش ْه َر ْي ِن َف َذلِ َ‬
‫َو ِصيام ِست َِّة َأيا ٍم ِم ْن َش َّو ٍ‬
‫َّ‬ ‫َ ُ‬
‫قال الصنعاني‪« :‬وليس فيه ٌ‬
‫دليل على مشروعية صيام الدّ هر»(‪ ،)2‬وحجة من‬
‫استدل به على ذلك قولهم‪« :‬المشبه به أفضل من المشبه‪ ،‬فكان صيام الدهر أفضل‬
‫من هذه المشبهات فيكون مستحبا وهو المطلوب»(‪.)3‬‬
‫وتعقبهـم الحافـظ ابن حجر بقوله‪« :‬التشـبيه في األمر المقـدّ ر ال يقتضي جوازه‬
‫ً‬
‫فضلا عـن اسـتحبابه‪ ،‬وإنمـا المـراد حصـول الثـواب على تقديـر مشـروعية صيام‬
‫ثالثمائـة وسـتين يو ًمـا‪ ،‬ومـن المعلـوم أن المك ّلف ال يجوز لـه صيام جميع السـنة‪،‬‬
‫ٍ‬
‫وجـه»(‪.)4‬‬ ‫فلا ّ‬
‫يـدل التشـبيه على أفضلية المشـبه بـه من كل‬
‫ومن فوائد أحاديث هذا المطلب‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ فـي الحديـث داللـة ظاهـرة للجمهـور في اسـتحباب صيـام هذه السـتة‪،‬‬
‫ٍ‬
‫كمالك قال‪ :‬مـا رأيت أحـدً ا من أهـل العلم يصومهـا‪ ،‬وحجة‬ ‫بخلاف مـن كرههـا‬
‫«لئل ُي َظـ ّن وجوبـه(‪ ،)5‬ودليل الشـافعي وموافقيه‬
‫مـن كرههـا ـ كما قـال النـووي ـ‪ّ :‬‬
‫هـذا الحديـث الصحيـح الصريـح وإذا ثبتت السـنة ال تتـرك لترك بعـض الناس أو‬

‫((( أخرجه النسائي في «السنن الكبرى» رقم (‪ ،)2873‬وإسناده صحيح‪.‬‬


‫(( ( «سبل السالم» للصنعاني (‪.)582/1‬‬
‫(( ( «نيل األوطار» للشوكاني (‪.)303/4‬‬
‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)223/4‬‬
‫(( ( قـال أبـو الوليد الباجـي في «المنتقى شـرح المو ّطـأ» (‪« :)76/2‬إنمـا كره ذلك مالـك؛ لما خاف‬
‫مـن إلحـاق عـوام النـاس ذلـك برمضـان‪ ،‬وأن ال يميـزوا بينهـا وبينـه حتـى يعتقـدوا جميـع ذلك‬
‫فرضا»‪.‬‬
‫ً‬
‫‪٣‬‬

‫‪268‬‬

‫أكثرهـم أو كلهـم لهـا وقولهـم قـد يظـن وجوبهـا ينتقض بصـوم عرفة وعاشـوراء‬
‫وغيرهمـا مـن الصوم المنـدوب» (‪.)1‬‬
‫الح ِديث َما‬
‫وقد اعتذر ابن الجوزي لمن قال بالكراهة بقوله‪ُ « :‬يشبه َأن يكون َ‬
‫ِ‬
‫بلغهما‪َ ،‬أو َما َص َّح عن َ‬
‫ْدهما»(‪.)2‬‬
‫‪ 2‬ـ قال النووي‪« :‬األفضل أن تصام الستة متوالية عقب يوم الفطر‪ ،‬فإن ّفرقها‬
‫أو ّ‬
‫أخرها عن أوائل شوال إلى أواخره حصلت فضيلة المتابعة؛ ألنه يصدق أنه أتبعه‬
‫ستًّا من شوال»(‪.)3‬‬
‫قـال الترمـذي فـي سـننه‪« :‬اختـار ابـن المبـارك أن تكـون سـتة أيـام فـي أول‬
‫ٍ‬
‫شـوال‬ ‫الشـهر»‪ ،‬وقـال‪« :‬قـد ُروي عن ابن المبـارك أنه قال‪« :‬إن صيام سـتة أيا ٍم من‬
‫متفر ًقـا فهو جائـز»»(‪.)4‬‬
‫ّ‬
‫***‬

‫(( ( «شرح النووي على صحيح مسلم» (‪.)56/8‬‬


‫(( ( «كشف المشكل من حديث الصحيحين» البن الجوزي (‪.)93/2‬‬
‫(( ( «شرح النووي على صحيح مسلم» (‪.)56/8‬‬
‫(( ( «سنن الترمذي»‪ ،‬رقم (‪.)759‬‬
‫الفصل الرابع‬
‫وبأجور مطلقة‬
‫ٍ‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫المضاعفة‬

‫المبحث األول‪ :‬مضاعفة األجر بمغفرة الذنوب‪:‬‬


‫المبحث الثاني‪ :‬مضاعفة األجور باستمرار عمله بعد الموت وعدم انقطاعه‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬مضاعفة األجور بالثواب العام غير المقيد‪.‬‬
‫***‬
‫‪271‬‬ ‫وبأجور مطلقة‬
‫ٍ‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬المضاعفة‬

‫المبحث األول‬
‫مضاعفة األجر بمغفرة الذنوب‬

‫المطلب األول‪ :‬مغفرة الذنوب المتقدمة‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬الحج دون رفث وال فسوق‪ ،‬والمسح على ركني الكعبة‪:‬‬
‫ٍ‬
‫فسوق‪:‬‬ ‫‪ 1‬ـ الحج دون ٍ‬
‫رفث وال‬
‫الحج ركن ركين من أركان اإلسالم‪ ،‬وال يصح إسالم ٍ‬
‫عبد إال باإليمان به‪ ،‬وقد‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬
‫حج البيت‬ ‫أوجبه اهلل على من استطاع إليه ً‬
‫سبيل‪ ،‬وللترغيب فيه أكثر جعل أجر من ّ‬
‫فلم يرفث ولم يفسق مغفرة ذنوبه كلها‪ ،‬حتى يعود إلى بيته كيوم ولدته أمه‪.‬‬
‫«م ْن َح َّج هللِ َف َل ْم َي ْر ُف ْ‬
‫ث‪،‬‬ ‫فعن أبي ُه َر ْي َر َة ‪َ ،‬ق َال‪َ :‬س ِم ْع ُت النَّبِ َّي ﷺ َي ُق ُ‬
‫ول‪َ :‬‬
‫َو َل ْم َي ْف ُس ْق‪َ ،‬ر َج َع َك َي ْوم َو َلدَ ْت ُه ُأ ُّم ُه» (‪.)1‬‬

‫«م ْن َأتَى َه َذا ا ْل َب ْي َ‬


‫ت» عموم شمول اللفظ «فيشمل الحج‬ ‫ويفيد لفظ مسلم‪َ :‬‬
‫أعم من أن يكون‬ ‫«حج» معناه‪ :‬قصد‪ ،‬وهو ً‬
‫أيضا ّ‬ ‫ّ‬ ‫والعمرة»(‪ ،)2‬يقول العيني‪« :‬لفظ‬
‫للحج أو العمرة»(‪.)3‬‬
‫ّ‬

‫يقـول القاضي عياض‪« :‬هذا مـن قوله تعالـى‪﴿ :‬ﭙﭚﭛﭜﭝﭞ‬


‫ﭟﭠﭡ﴾ [البقرة‪.)4(»]١٩٧ :‬‬

‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)1521‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)1350‬‬


‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)382/3‬‬
‫((( «عمدة القاري» للعيني (‪.)158/10‬‬
‫(( ( «إكمال المعلم» للقاضي عياض (‪.)462/4‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪272‬‬

‫وأما قوله‪َ « :‬ي ْر ُف ْ‬


‫ث»‪ ،‬فالرفث يطلق على الجماع‪ ،‬ويطلق على التعريض به‪،‬‬
‫جامع‬
‫ٌ‬ ‫اسم‬
‫وعمم األزهري التعريف بقوله‪« :‬الرفث‪ٌ :‬‬
‫وعلى الفحش في القول ‪ّ ،‬‬
‫(‪)1‬‬

‫ّ‬
‫لكل ما يريده الرجل من المرأة»(‪.)2‬‬
‫وأما المراد بـ«الفسوق» هنا‪ :‬فهو «السيئات‪ ،‬وقيل‪ :‬المعاصي‪ ،‬وقيل‪ :‬ما أصاب‬
‫من محارم اهلل والصيد‪ ،‬وقيل‪ :‬الفسوق‪ :‬قول الزور‪ ،‬وقيل‪ :‬الذبح لألنصاب‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫لم يذكر هنا الجدال المذكور في اآلية مع الرفث والفسوق؛ ألن المجادلة ارتفعت‪،‬‬
‫إنما كانت من العرب وسائر قريش في موضوع الوقوف بعرفة أو المزدلفة‪ ،‬فأسلمت‬
‫قريش وارتفعت المجادلة‪ ،‬ووقف الكل بعرفة»(‪.)3‬‬
‫ألن ما أتى به من العمل قد ك ّفر‬ ‫«ر َج َع َك َي ْو ِم َو َلدَ ْت ُه ُأ ّم ُه» أي‪« :‬ال َذن َ‬
‫ْب له؛ ّ‬ ‫ومعنى َ‬
‫سائر ذنوبه‪ ،‬فصار كيوم ولدته أمه ال ذنب له»(‪.)4‬‬
‫الص َغ ِائر والكبائر والتبعات»(‪.)5‬‬
‫«ه َذا يت ََض َّمن غفران َّ‬ ‫يقول القرطبي‪َ :‬‬
‫تحتَاج إِ َلى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يما ي َت َع َّلق بِ َحق اهلل؛ لَ ّن مظالم النَّاس ْ‬
‫زاد العيني‪« :‬و ُي َقال‪َ :‬ه َذا ف َ‬
‫استرضاء ا ْل ُخ ُصوم‪َ .‬فإِن قلت‪ :‬ال َع ْبد َم ْأ ُمور باجتناب َما ذكر فِي كل ا ْل َح َالت‪َ ،‬ف َما‬
‫َخ ِصيص َحا َلة ا ْل َحج؟ قلت‪ِ :‬لَن َذلِك َم َع ا ْل َحج أسمج وأقبح‪ ،‬كلبس ا ْل َح ِرير‬ ‫معنى ت ْ‬
‫الص َلة»(‪.)6‬‬ ‫ِ‬
‫في َّ‬

‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)382/3‬‬


‫(( ( «تهذيب اللغة» لألزهري (‪.)58/15‬‬
‫(( ( «إكمال المعلم» للقاضي عياض (‪.)462/4‬‬
‫(( ( «المنتقى شرح المو ّطأ» للباجي (‪.)81/3‬‬
‫((( «المفهم» للقرطبي (‪.)464/3‬‬
‫((( «عمدة القاري» للعيني (‪.)159/10‬‬
‫‪273‬‬ ‫وبأجور مطلقة‬
‫ٍ‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬المضاعفة‬

‫أيضا‪:‬‬
‫ومن األحاديث الواردة في هذا الباب ً‬
‫ول اهللِ ﷺ‪« :‬تَابِ ُعوا َب ْي َن‬ ‫ود ‪َ ‬ق َال‪َ :‬ق َال َر ُس ُ‬ ‫ما رواه َعبد اهللِ بن مسع ٍ‬
‫ْ َ ْ ُ‬ ‫ْ‬
‫الذ َه ِ‬‫يد َو َّ‬‫ث الح ِد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الح ِّج َوال ُع ْم َر ِة‪َ ،‬فإِن َُّه َما َين ِْف َي ِ‬
‫ان ال َف ْق َر َو ُّ‬
‫ب‬ ‫ُوب ك ََما َينْفي الك ُير َخ َب َ َ‬
‫الذن َ‬ ‫َ‬
‫الف َّض ِة‪ ،‬و َليس لِ ْلحج ِة المبر ِ‬ ‫و ِ‬
‫اب إِ َّل َ‬
‫الجنَّ ُة»(‪.)1‬‬ ‫ورة َث َو ٌ‬ ‫َ َّ َ ْ ُ َ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫َ‬
‫ومعناه‪« :‬إذا حججتم فاعتمروا‪ ،‬أو إذا اعتمرتم فحجوا»(‪ ،)2‬فإنه ينفي الفقر‬
‫ويزيله‪ ،‬و«هو يحتمل الفقر الظاهر بحصول غنى اليد‪ ،‬والفقر الباطن بحصول غنى‬
‫القلب»(‪« ،)3‬وإزالته الفقر‪ :‬كزيادة الصدقة بالمال»(‪ ،)4‬وإضافة إليه يمحو الذنوب‬
‫الحج والعمرة في إزالة الذنوب بإزالة النار خبث‬
‫ّ‬ ‫الصغيرة والكبيرة‪ ،‬و«م ّثل متابعة‬
‫ألن اإلنسان مركوز في جب ّلته القوة‬
‫الذهب اإلبريز الذي استصحبه من معدنه؛ ّ‬
‫الشهوانية والغضبية‪ ،‬ويحتاج إلى رياضة تزيلها عنه‪ ،‬هذا إذا كان معصو ًما‪ ،‬فكيف‬
‫بمن تابع هوى النفس‪ ،‬خليع العذار‪ ،‬منهمكًا في المعاصي؟ والحج جامع ألنواع‬
‫الرياضات من إنفاق المال‪ ،‬وجهد النفس بالجوع والعطش والسهر‪ ،‬وقطع المهامه‬
‫واقتحام المهالك‪ ،‬ومفارقة األوطان‪ ،‬ومهاجرة اإلخوان واألخدان»(‪.)5‬‬
‫وخص الحديد وبدأ به مع كونه أشدّ المنطبعات صالب ًة‪ ،‬وأكثرها خب ًثا‪« ،‬إشارة إلى‬
‫ّ‬
‫وإن اشتدّ ‪ ،‬والذنوب وإن خبثت وعظمت‪ ،‬يزيلهما المداومة على النسكين»(‪.)6‬‬ ‫أن الفقر ِ‬

‫(( ( أخرجه الترمذي في «سننه» رقم (‪ ،)810‬وإسناده حسن‪.‬‬


‫((( «شرح المشكاة» للطيبي (‪.)1945/6‬‬
‫(( ( تحفة األحوذي للمباركفوري (‪.)454/3‬‬
‫((( «شرح المشكاة» للطيبي (‪.)1945/6‬‬
‫((( «شرح المشكاة» للطيبي (‪.)1945/6‬‬
‫(( ( «فيض القدير» للمناوي (‪.)234/1‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪274‬‬

‫ال ْس َل َم فِي َق ْلبِي َأ َت ْي ُت‬ ‫هلل ْ ِ‬


‫ـ وعن عمرو بن العاص ‪ ‬قال‪َ :‬ل َّما َج َع َل ا ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫النَّبِ َّي ﷺ‪َ ،‬ف ُق ْل ُت‪ :‬ا ْب ُس ْط َي ِمين ََك َف ْ ُ‬
‫«ما‬‫ل َب ِاي ْع َك‪َ ،‬ف َب َس َط َيمينَ ُه‪َ ،‬ق َال‪َ :‬ف َق َب ْض ُت َيدي‪َ ،‬ق َال‪َ :‬‬
‫ك َيا َع ْم ُرو؟» َق َال‪ُ :‬ق ْل ُت‪َ :‬أ َر ْد ُت َأ ْن َأ ْشت َِر َط‪َ ،‬ق َال‪« :‬ت َْشت َِر ُط بِ َما َذا؟» ُق ْل ُت‪َ :‬أ ْن ُي ْغ َف َر‬ ‫َل َ‬
‫َان َق ْب َل َها؟‬‫َان َق ْب َل ُه؟ َو َأ َّن ا ْل ِه ْج َر َة ت َْه ِد ُم َما ك َ‬
‫ال ْس َل َم َي ْه ِد ُم َما ك َ‬
‫ت َأ َّن ْ ِ‬‫«أ َما َعلِ ْم َ‬‫لِي‪َ ،‬ق َال‪َ :‬‬
‫َو َأ َّن ا ْل َح َّج َي ْه ِد ُم َما ك َ‬
‫َان َق ْب َل ُه؟»(‪.)1‬‬
‫قال التوربشتي‪« :‬اإلسالم يهدم ما كان قبله مطل ًقا‪ ،‬مظلمة كانت أو غيرها‪،‬‬
‫صغير ًة أو كبيرةً‪ ،‬وأما الهجرة والحج فإنهما ال يك ّفران المظالم‪ ،‬وال يقطع فيهما‬
‫بغفران الكبائر التي بين العبد ومواله‪ ،‬فيحمل الحديث على هدمهما الصغيرة‬
‫المتقدمة‪ ،‬ويحتمل هدمهما الكبائر التي تتعلق بحقوق العباد بشرط التوبة‪ .‬عرفنا‬
‫ذلك من أصول الدين فرددنا المجمل إلى المفصل‪ ،‬وعليه اتفاق الشارحين»(‪،)2‬‬
‫و«إنّما ذكر الهجرة والحج مع اإلسالم تأكيدً ا في بشارته‪ ،‬وترغي ًبا في متابعته‪ ،‬وفيه‬
‫ٍ‬
‫واحد بمفرده يك ّفر ما قبله»(‪.)3‬‬ ‫وأن ّ‬
‫كل‬ ‫ِع َظم موقع ٍّ‬
‫كل من الثالثة‪ّ ،‬‬
‫ومن فوائد أحاديث هذا المطلب‪:‬‬
‫النبي ﷺ قاله وهو بمكّة؛ ّ‬
‫«ألن‬ ‫أن ّ‬ ‫«م ْن َح ّج َه َذا ا ْل َب ْي َ‬
‫ت» ّ‬ ‫‪ 1‬ـ يستفاد من قوله‪َ :‬‬
‫«ه َذا» ُي َشار إلى الحاضر»(‪.)4‬‬
‫بـ َ‬
‫الصنْعاني في قوله‪َ « :‬ين ِْف َي ِ‬
‫ان ا ْل َف ْق َر»‪« :‬فيه أنّه ال بأس أن يقصد بالعبادة‬ ‫‪ 2‬ـ قال ّ‬
‫كاألجر»(‪.)5‬‬
‫ْ‬ ‫طلب الرزق‬

‫((( أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (‪.)121‬‬


‫(( ( نقله القاري في «مرقاة المفاتيح» (‪.)102/1‬‬
‫(( ( «فيض القدير» للمناوي (‪.)167/2‬‬
‫((( «عمدة القاري» للعيني (‪.)158/10‬‬
‫(( ( «التنوير شرح الجامع الصغير» للصنعاني (‪.)482/1‬‬
‫‪275‬‬ ‫وبأجور مطلقة‬
‫ٍ‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬المضاعفة‬

‫‪ 3‬ـ قال المناوي‪« :‬فيه مشروعية إدامة الحج والعمرة‪ ،‬وإحياء الكعبة وإيقاع‬
‫حجوا‪ ،‬وقد جبلت‬ ‫المناسك بهما‪ ،‬وهو في ّ‬
‫كل عام فرض كفاية على القادرين وإن ّ‬
‫القلوب على محبة ذلك»(‪.)1‬‬
‫‪ 2‬ـ المسح على ركني الكعبة‪:‬‬
‫تُعدّ الكعبة من أعظم األماكن التي شرفها اهلل‪ ،‬وأحب عبادتها‪ ،‬وندب إلى كثرة‬
‫وخص بعض عبادات بها لها عظيم األجر‪ ،‬من ذلك‪ :‬المسح على‬
‫ّ‬ ‫الطواف حولها‪،‬‬
‫ركني الكعبة‪.‬‬
‫الر ْكنَ ْي ِن ِز َحا ًما َما‬ ‫ِ‬ ‫ف َع ْن ُع َب ْي ِد ْب ِن ُع َم ْير‪َ ،‬أ َّن ا ْب َن ُع َم َر ‪ ‬ك َ‬
‫َان ُي َزاح ُم َع َلى ُّ‬
‫اح ُم َع َلى‬ ‫اب النَّبِي ﷺ ي ْفع ُله‪َ ،‬ف ُق ْل ُت‪ :‬يا َأبا َعب ِد الرحم ِن‪ ،‬إِن ََّك ت َُز ِ‬ ‫َر َأ ْي ُت َأ َحدً ا ِم ْن َأ ْص َح ِ‬
‫َ َ ْ َّ ْ َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ِّ‬
‫اح ُم َع َل ْي ِه‪َ ،‬ف َق َال‪ :‬إِ ْن َأ ْف َع ْل‪،‬‬
‫اب النَّبِي ﷺ ي َز ِ‬
‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫الر ْكنَ ْي ِن ِز َحا ًما َما َر َأ ْي ُت َأ َحدً ا ِم ْن َأ ْص َح ِ‬
‫ُّ‬
‫ول‪« :‬إِ َّن َم ْس َح ُه َما َك َّف َار ٌة لِ ْلخَ َطا َيا»(‪.)2‬‬
‫ول اهللِ ﷺ َي ُق ُ‬ ‫َفإِنِّي َس ِم ْع ُت َر ُس َ‬
‫ومعناه أن ابن عمر كان يغالب الناس على الركنين‪ ،‬ويزاحمهم زحاما غير ٍ‬
‫مؤذ(‪.)3‬‬ ‫ً‬
‫عظيما»(‪.)4‬‬
‫ً‬ ‫يقول الطيبي‪« :‬أي‪ :‬زحا ًما‬
‫ويقول القاري‪« :‬وهو يحتمل أن يكون في جميع األشواط‪ ،‬أو في أوله‪ ،‬وآخره‪،‬‬
‫فإنهما آكد أحوالها»(‪.)5‬‬
‫الزحام في االستالم إال في بدء الطواف‪ ،‬وآخره‪،‬‬
‫أحب ّ‬
‫ّ‬ ‫الشافعي‪« :‬ال‬
‫ّ‬ ‫ويقول‬
‫لك ّن المراد ازدحام ال يحصل فيه أذى لألنام»(‪.)6‬‬

‫(( ( «فيض القدير» للمناوي (‪.)234/1‬‬


‫(( ( أخرجه الترمذي في «سننه» رقم (‪ ،)959‬وإسناده صحيح‪.‬‬
‫((( انظر‪« :‬مرقاة المفاتيح» للقاري (‪.)1791/5‬‬
‫((( «شرح المشكاة» للطيبي (‪.)1983/6‬‬
‫((( انظر‪« :‬مرقاة المفاتيح» للقاري (‪.)1791/5‬‬
‫(( ( «األم» للشافعي (‪.)187/2‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪276‬‬

‫والستالم أركان الكعبة مذهبان عند الصحابة‪:‬‬


‫‪ 1‬ـ يسـتلم جميـع األركان األربعـة‪ ،‬وهـو مذهـب‪ :‬معاويـة بـن أبـي سـفيان‪،‬‬
‫وعبـد اهلل بـن الزبيـر‪ ،‬وأنـس بـن مالـك ‪ ،‬وغيرهـم‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ ال يستلم إال الركن األسود والركن اليماني‪ ،‬وهما المقصودان في حديث‬
‫الباب‪ ،‬وهو مذهب‪ :‬ابن عباس وعمر بن الخطاب وعبد اهلل بن عمر ‪‬؛‬
‫ألنهما على قواعد إبراهيم ‪.)1(‬‬
‫يقول الطحاوي‪« :‬إنما لم يستلم إال اليمانيين؛ ألنهما مبنيان َع َلى منتهى البيت‬
‫مما يليهما بخالف اآلخرين؛ ألن الحجر وراءهما وهو من البيت‪ ،‬وقام اإلجماع‬
‫َع َلى األولين»(‪.)2‬‬
‫وقد اعتذر ابن التين ألصحاب القول األول بقوله‪« :‬إنما كان ابن الزبير‬
‫يستلمه ّن كله ّن؛ ألنه استوفى القواعد»(‪.)3‬‬
‫عوضا من الركنين الذين بقيا في الحجر»‪ ،‬ثم قال‪:‬‬
‫وقال الداودي‪« :‬جعلهما ً‬
‫«وظن معاوية أنهما هما ركنا البيت الذي وضع عليه من أول»(‪.)4‬‬
‫ومن فوائد أحاديث هذا المطلب‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ قال المباركفوري‪« :‬فيه الحرص على الفضائل‪ ،‬وارتكاب التّعب والمش ّقة‬
‫في تحصيلها»(‪.)5‬‬

‫((( «عمدة القاري» للعيني (‪.)255/9‬‬


‫(( ( «شرح معاني اآلثار» للطحاوي (‪.)184/2‬‬
‫(( ( نقله ابن الملقن في «التوضيح» (‪ 387/11‬ـ ‪.)388‬‬
‫(( ( نقله ابن الملقن في «التوضيح» (‪.)388/11‬‬
‫(( ( «مرعاة المفاتيح» (‪.)115/9‬‬
‫‪277‬‬ ‫وبأجور مطلقة‬
‫ٍ‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬المضاعفة‬

‫‪ 2‬ـ من األدعية المستحب ذكرها عند الركنين‪ :‬ما رواه عبد اهلل بن السائب‬
‫«ر َّبنَا آتِنَا فِي الدُّ ْن َيا َح َسنَ ًة‬
‫الر ْكنَ ْي ِن‪َ :‬‬ ‫‪َ ‬ق َال‪َ :‬س ِم ْع ُت َر ُس َ‬
‫ول اهللِ ﷺ َي ُق ُ‬
‫ول َما َب ْي َن ُّ‬
‫اب الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َّار»(‪ ،)1‬يقول القرطبي‪ :‬الذي عليه أكثر أهل العلم‬ ‫َوفي ْالخ َرة َح َسنَ ًة‪َ ،‬وقنَا َع َذ َ‬
‫أن المراد بالحسنتين نعيم الدنيا واآلخرة‪ .‬قال‪ :‬وهذا هو الصحيح فإن اللفظ يقتضي‬
‫هذا كله‪ ،‬فإن «حسنة» نكرة في سياق الدعاء فهو محتمل لكل حسنة من الحسنات‬
‫على البدل‪ ،‬وحسنة اآلخرة الجنة بإجماع(‪« ،)2‬والحديث يدل على مشروعية الدعاء‬
‫باآلية المذكورة في الطواف بين الركنين اليمانيين»(‪.)3‬‬
‫***‬
‫ثان ًيا‪ :‬قيام رمضان وصيامه‪ ،‬وقيام ليلة القدر‪ ،‬وصيام عاشوراء‪.‬‬
‫‪ .1‬قيام رمضان وصيامه‪:‬‬
‫فضيل‪ ،‬يعدّ من أفضل الشهور‪ ،‬ورتّب فيه من‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بشهر‬ ‫أكرم اهلل أ ّمة اإلسالم‬
‫األجور ما يشمل نهاره وليله‪ ،‬فجعل صيام نهاره وقيام ليله من الموجبات للمغفرة‪.‬‬
‫فعن َأبِي ُهرير َة ‪َ ‬ق َال‪َ :‬ق َال رس ُ ِ‬
‫ان إِ َ‬
‫يمانًا‬ ‫«م ْن َصا َم َر َم َض َ‬
‫ول اهلل ﷺ‪َ :‬‬ ‫َ ُ‬ ‫ََْ‬ ‫َ ْ‬
‫احتِ َسا ًبا ُغ ِف َر َل ُه َما َت َقدَّ َم ِم ْن َذ ْنبِ ِه»(‪.)4‬‬
‫َو ْ‬
‫ـان إِ َ‬
‫يمانًا‬ ‫ـن َقـا َم َر َم َض َ‬
‫«م ْ‬ ‫ـول اهللِ ﷺ َق َ‬
‫ـال‪َ :‬‬ ‫و َعـ ْن َأبِـي ُه َر ْي َـر َة ‪َ ،‬أ َّن َر ُس َ‬
‫واحتِسـابا‪ُ ،‬غ ِفـر َلـه ما َت َقـدَّ م ِمن َذ ْنبِ ِ‬
‫ـه»(‪.)5‬‬ ‫َ ْ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َ ْ َ ً‬

‫((( أخرجه أبو داود في «سننه» رقم (‪ ،)1892‬وإسناده حسن‪.‬‬


‫(( ( انظر‪« :‬المفهم» للقرطبي (‪.)30/7‬‬
‫((( «مرعاة المفاتيح» للمباركفوري (‪.)116/9‬‬
‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)1901‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)760‬‬
‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)37‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)759‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪278‬‬

‫ومعنى «إيمانًا واحتسا ًبا»‪ :‬كما يقول ابن بطال «يعني‪ :‬مصدّ ًقا بفرض صيامه‪،‬‬
‫ومصدّ ًقا بالثواب على قيامه وصيامه‪ ،‬ومحتس ًبا مريدً ا بذلك وجه اهلل‪ ،‬بري ًئا من الرياء‬
‫والسمعة‪ ،‬راج ًيا عليه ثوابه»(‪.)1‬‬

‫وعالما بفضيلة القيام ووجوب‬


‫ً‬ ‫«أي تصدي ًقا بالمعبود اآلمر له‪،‬‬
‫ويقول ابن الجوزي‪ْ :‬‬
‫الصيام‪ ،‬وخو ًفا من عقاب تركه‪ ،‬ومحتس ًبا جزيل أجره‪ ،‬وهذه صفة المؤمن»(‪.)2‬‬

‫وقال ابن األثير‪« :‬االحتساب في األعمال الصالحة وعند المكروهات هو البدار‬


‫البر‪ ،‬والقيام بها على‬
‫إلى طلب األجر وتحصيله بالتسليم والصبر‪ ،‬أو باستعمال أنواع ّ‬
‫المرجو منها»(‪ .)3‬وعليه فإنه «ينبغي اإلتيان بالصوم‬
‫ّ‬ ‫الوجه المرسوم فيها؛ طل ًبا للثواب‬
‫ٍ‬
‫كراهية‬ ‫ّكال على وعده من غير‬‫امتثال ألمره تعالى‪ ،‬وات ً‬
‫والقيام بنية خالصة وطوية صافية ً‬
‫الكف عن قضاء الوطر‪ ،‬بل يحتسب‬
‫ّ‬ ‫ٍ‬
‫وماللة لما يصيبه من أذى الجوع والعطش‪ ،‬وكلفة‬
‫ّ‬
‫ويستلذ مضاضته»(‪.)4‬‬ ‫النصب والتعب في طول أيامه‪ ،‬وال يتمنى سرعة انصرامه‪،‬‬
‫و«هذا ٌ‬
‫دليل ب ّي ٌن ّ‬
‫أن األعمال الصالحة ال تزكو وال تتقبل إال مع االحتساب‬
‫وصدْ ق النيات»(‪ ،)5‬وفيه ٌ‬
‫«دليل على ّ‬
‫أن األعمال الصالحة إنما يقع بها غفران الذنوب‬
‫وتكفير السيئات مع صدق الن ّيات»(‪.)6‬‬

‫(( ( «شرح ابن بطال على صحيح البخاري» (‪.)95/1‬‬


‫(( ( «كشف المشكل من حديث الصحيحين» البن الجوزي (‪ ،)376/3‬ونقله ابن الجوزي بتصر ٍ‬
‫ف‬ ‫ّ‬
‫من ابن هبيرة في «اإلفصاح عن معاني الصحاح» (‪.)187/6‬‬
‫((( «النهاية في غريب الحديث واألثر» البن األثير (‪.)382/1‬‬
‫(( ( «فيض القدير» للمناوي (‪.)160/6‬‬
‫(( ( «شرح ابن بطال على صحيح البخاري» (‪.)21/4‬‬
‫(( ( «التمهيد» البن عبد البر (‪.)106/7‬‬
‫‪279‬‬ ‫وبأجور مطلقة‬
‫ٍ‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬المضاعفة‬

‫كل من ال ّلفظ ْين وهما‪« :‬إيمانًا واحتسا ًبا» يغني عن اآلخر‪ ،‬إذ المؤمن‬
‫«فإن قيل‪ٌّ :‬‬
‫ال يكون إال محتس ًبا‪ ،‬والمحتسب ال يكون إال مؤمنًا‪ ،‬فهل لغير التأكيد فيه فائد ٌة أم‬
‫مخلصا‪ ،‬بل للرياء ونحوه‪ ،‬والمخلص‬ ‫ٍ‬
‫لشيء ر ّبما ال يفعله‬ ‫ال؟ الجواب‪ :‬المصدّ ق‬
‫ً‬
‫مأمورا به‪ ،‬سب ًبا للمغفرة ونحوه‪،‬‬
‫ً‬ ‫في الفعل ربما ال يكون مصدّ ًقا بثوابه وبكونه طاع ًة‬
‫أو الفائدة هو‪ :‬التأكيد‪ ،‬ونعمت الفائدة»(‪.)1‬‬
‫وقوله‪ُ « :‬غ ِفر َل ُه َما َت َقدَّ َم ِم ْن َذ ْنبِ ِه»‪ٌ :‬‬
‫«قول عا ٌّم ُيرجى لمن فعل ما ذكره في الحديث‬
‫ّ‬
‫و«كل‬ ‫أن يغفر له جميع الذنوب صغيرها وكبيرها؛ ألنه لم يستثن ذن ًبا دون ٍ‬
‫ذنب»(‪،)2‬‬
‫تم عدد رمضان أم نقص واهلل أعلم»(‪.)3‬‬
‫هذه الفضائل تحصل سواء ّ‬
‫يقول الطيبي‪« :‬ذكر الخالل الثالث من الصيام والقيام واإلحياء‪ ،‬ورتّب على‬
‫إشعارا بأنه نتيجة الفتوحات اإللهية‪ ،‬ومستنبع‬ ‫أمرا واحدً ا من الغفران؛‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬
‫ً‬ ‫كل واحد ً‬
‫العواطف الربانية‪ ،‬قال اهلل تعالى‪﴿ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ‬
‫ﭝ ﭞ ﭟ﴾ [الفتح‪ 1 :‬ـ ‪.)4(»]2‬‬
‫ومن فوائد أحاديث هذا المطلب‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ قال ولي الدين العراقي‪« :‬ليس المراد بقيام رمضان قيام جميع ليله‪ ،‬بل‬
‫التهجد‪ ،‬وبصالة التراويح وراء‬
‫ّ‬ ‫يحصل ذلك بقيا ٍم ٍ‬
‫يسير من الليل‪ ،‬كما في مطلق‬
‫ٍ‬
‫جماعة»(‪ ،)5‬وأما قول النووي‬ ‫اإلمام كالمعتاد في ذلك‪ ،‬وبصالة العشاء والصبح في‬

‫ف ٍ‬
‫يسير‪.‬‬ ‫((( «الكواكب الدراري» للكرماني (‪ )159/1‬مع تصر ٍ‬
‫ّ‬
‫(( ( «شرح ابن بطال على صحيح البخاري» (‪« ،)150/4‬شرح سنن أبي داود» للعيني (‪.)275/5‬‬
‫(( ( «شرح النووي على صحيح مسلم» (‪.)199/7‬‬
‫((( «شرح المشكاة» للطيبي (‪.)1573/5‬‬
‫((( «طرح التثريب» للعراقي (‪.)161/4‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪280‬‬

‫أن القيام يحصل بصالة التراويح‪ ،‬فقد ع ّلق عليه الشوكاني بقوله‪« :‬يعني‪ :‬أنه يحصل‬
‫بها المطلوب من القيام ال أن قيام رمضان ال يكون إال بها‪ ،‬وأغرب الكرماني فقال‪:‬‬
‫اتفقوا على أن المراد بقيام رمضان صالة التراويح» (‪.)1‬‬
‫ٌ‬
‫إيمان؛ ألنه ﷺ‬ ‫أيضا على ّ‬
‫أن األعمال‬ ‫‪ 2‬ـ قال ابن بطال‪« :‬هذا الحديث حج ٌة ً‬
‫جعل الصيام والقيام إيمانًا» (‪.)2‬‬

‫‪ 3‬ـ قال ابن عبد البر‪« :‬في هذا الحديث من الفقه‪ :‬فضل قيام رمضان وظاهره‬
‫يبيح فيه الجماعة واالنفراد ألن ذلك كله فعل خير وقد ندب اهلل إلى فعل الخير» (‪.)3‬‬

‫‪ 4‬ـ قال الكرماني‪« :‬فإن قيل‪ :‬المعذور كالمريض إذا ترك الصوم فيه ولو‬
‫صائما‪ ،‬وكانت نيته الصوم لوال العذر هل يدخل تحت هذا‬
‫ً‬ ‫مريضا لكان‬
‫ً‬ ‫لم يكن‬
‫الحكم؟ الجواب‪ :‬نعم‪ ،‬كما أن المريض إذا ص ّلى قاعدً ا ٍ‬
‫لعذر له ثواب صالة القائم‪،‬‬
‫قاله األئمة» (‪.)4‬‬
‫‪ 5‬ـ قال القاضي عياض‪« :‬ال خالف بين المسلمين في ّ‬
‫أن قيام رمضان من‬
‫السنن‪ ،‬ومن فضائل األعمال ومندوبات الخير‪ّ ،‬‬
‫وأن الجمع فيه لمر َّغ ٌ‬
‫ب فيه غير‬
‫منكر األمر إال لمن ال ُيلتفت إلى قوله من المبتدعة»(‪.)5‬‬

‫***‬

‫(( ( «نيل األوطار» للشوكاني (‪.)61/3‬‬


‫(( ( «شرح ابن بطال على صحيح البخاري» (‪.)95/1‬‬
‫البر (‪.)105/7‬‬
‫(( ( «التمهيد» البن عبد ّ‬
‫((( «الكواكب الدراري» للكرماني (‪.)159/1‬‬
‫(( ( «إكمال المعلم» للقاضي عياض (‪.)113/3‬‬
‫‪281‬‬ ‫وبأجور مطلقة‬
‫ٍ‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬المضاعفة‬

‫‪ .2‬قيام ليلة القدر‪:‬‬


‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫فضل اهلل ليالي رمضان عن غيرها بوجود ليلة فاضلة قال فيها سبحانه‪﴿ :‬ﭝ‬
‫ّ‬
‫ﭞ ﭟﭠ ﭡﭢ﴾ [القدر‪ ،]٣ :‬وجعل أجر من قامها إيمانًا واحتسا ًبا مغفرة ذنوبه‪.‬‬
‫يمانًـا‬ ‫ـن َقـا َم َل ْي َلـ َة ال َقـدْ ِر إِ َ‬
‫«م ْ‬ ‫ـي ﷺ‪َ ،‬ق َ‬
‫ـال‪َ :‬‬ ‫ـن النَّبِ ِّ‬
‫ف َعـ ْن َأبِـي ُه َر ْي َـر َة ‪َ ،‬ع ِ‬
‫احتِ َسـا ًبا ُغ ِف َـر َل ُه َما‬ ‫يمانًا َو ْ‬ ‫ـان إِ َ‬
‫ـه‪َ ،‬و َم ْن َصا َم َر َم َض َ‬‫واحتِسـابا‪ُ ،‬غ ِفـر َلـه ما َت َقدَّ م ِمـن َذ ْنبِ ِ‬
‫َ ْ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َ ْ َ ً‬
‫َت َقـدَّ م ِمن َذ ْنبِ ِ‬
‫ـه»(‪.)1‬‬ ‫َ ْ‬
‫وسبب تسميتها بـ «ليلة القدر»‪ّ :‬‬
‫«أن اهلل تعالى قدر فيها أو يقدر فيها أمور السنة‪،‬‬
‫أو لعظم قدرها‪ ،‬أو لعظم قدر الطاعات فيها وجزيل ثوابها»(‪.)2‬‬
‫يقول النووي‪« :‬قد ُي َقال» إن أحدهما ـ يقصد‪« :‬قيام رمضان» و«قيام ليلة القدر» ـ‬
‫يغني عن اآلخر؟ وجوابه َأ ْن ُي َقال‪ :‬قيام رمضان من غير موافقة ليلة القدر ومعرفتها‬
‫سبب للغفران وإن لم‬
‫ٌ‬ ‫سبب لغفران الذنوب‪ ،‬وقيام ليلة القدر لمن وافقها وعرفها‬
‫ٌ‬
‫يقم غيرها»(‪.)3‬‬
‫ولـي الديـن العراقي مع ّل ًقا‪« :‬األحسـن عنـدي الجواب بأنـه عليه الصالة‬
‫قـال ّ‬
‫والسلام ذكر للغفـران طريق ْين‪:‬‬
‫أحدهمـا‪ :‬يمكـن تحصيلهـا يقينًـا‪ ،‬إال أنهـا طويلـة شـاقة‪ ،‬وهـي قيـام شـهر‬
‫رمضـان بكمالـه‪.‬‬
‫والثانـي‪ :‬ال سـبيل إلى اليقيـن فيها إنما هو الظـن والتخميـن إال أنها مختصرة‬

‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)1901‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)760‬‬


‫((( «التوضيح» البن الملقن (‪.)572/13‬‬
‫(( ( «شرح النووي على صحيح مسلم» (‪.)41/6‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪282‬‬

‫قصيـرة‪ ،‬وهـي قيـام ليلـة القـدر خاصـة‪ ،‬وال يتوقـف حصـول المغفـرة بقيـام ليلة‬
‫القـدر علـى معرفتهـا‪ ،‬بـل لـو قامهـا غير عـارف بها غفـر له ما تقـدم مـن ذنبه لكن‬
‫بشـرط أن يكـون إنما قـام بقصد ابتغائهـا» (‪.)1‬‬
‫قال القاضي عياض‪« :‬لعل هذا فيمن لم يقم رمضان فيغفر له؛ لقيامه ليلة‬
‫إخالصا واحتسا ًبا» (‪ ،)2‬لذلك قال العيني‪« :‬المراد من‬
‫ً‬ ‫القدر‪ ،‬أو من لم يكن قيامه‬
‫قيام رمضان من غير موافقة ليلة القدر‪ ،‬فلم ُي ْغ ِن أحدهما عن اآلخر»(‪.)3‬‬
‫«م ْن َي ُق ْم َل ْي َل َة‬ ‫وفي رواية أخرى َعن َأبِي ُهرير َة ‪َ ‬ق َال‪َ :‬ق َال رس ُ ِ‬
‫ول اهلل ﷺ‪َ :‬‬ ‫َ ُ‬ ‫ََْ‬ ‫ْ‬
‫احتِ َسا ًبا‪ُ ،‬غ ِف َر َل ُه َما َت َقدَّ َم ِم ْن َذ ْنبِ ِه»(‪.)4‬‬ ‫ال َقدْ ِر إِ َ‬
‫يمانًا َو ْ‬
‫قال النووي‪« :‬من يقم ليلة القدر فيوافقها معناه‪ :‬يعلم أنها ليلة القدر»(‪ ،)5‬قال‬
‫ولي الدين العراقي‪« :‬إنما معنى توفيقها له أو موافقته لها أن يكون الواقع أن تلك‬
‫ّ‬
‫الليلة التي قامها بقصد ليلة القدر هي ليلة القدر في نفس األمر وإن لم يعلم هو ذلك‪،‬‬
‫وما ذكره النووي من أن معنى الموافقة العلم بأنها ليلة القدر مردود وليس في اللفظ‬
‫ما يقتضي هذا وال المعنى يساعده»(‪.)6‬‬
‫قال ابن الجوزي مع ّل ًقا على من وافق ليلة القدر‪« :‬هذا ٌ‬
‫دليل على زيادة أجر‬
‫المجتهد إذا أصاب»(‪.)7‬‬

‫((( «طرح التثريب» للعراقي (‪.)164/4‬‬


‫(( ( «إكمال المعلم» للقاضي عياض (‪.)113/3‬‬
‫(( ( «شرح سنن أبي داود» للعيني (‪.)279/5‬‬
‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)35‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)760‬‬
‫(( ( «شرح النووي على صحيح مسلم» (‪.)41/6‬‬
‫((( «طرح التثريب» للعراقي (‪.)164/4‬‬
‫(( ( «كشف المشكل من حديث الصحيحين» البن الجوزي (‪.)376/3‬‬
‫‪283‬‬ ‫وبأجور مطلقة‬
‫ٍ‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬المضاعفة‬

‫لذلك ناسب أن يكون من جملة دعائه ﷺ في هذه الليلة المباركة ما روته‬


‫ول اهللِ َأ َر َأ ْي َت إِ ْن َع ِل ْم ُت َأ ُّي َل ْي َل ٍة َل ْي َل ُة ال َقدْ ِر َما‬
‫عائشة ‪ ‬قالت‪ُ :‬ق ْل ُت‪َ :‬يا َر ُس َ‬
‫ب ا ْل َع ْف َو َفا ْع ُ‬ ‫ِ‬ ‫ول فِ َيها؟ َق َال‪ُ « :‬قولِي‪ :‬ال َّل ُه َّم إِن َ‬
‫َأ ُق ُ‬
‫ف َعنِّي»(‪.)1‬‬ ‫َّك ُع ُف ٌّو تُح ُّ‬
‫قدير‪ ،‬يعني‪:‬‬
‫عفو ٌ‬‫«وال َع ُف ّو‪ :‬هو المتجاوز عن سيئات عباده‪ ،‬وهو ‪ٌّ ‬‬
‫يعفو مع المقدرة‪ ،‬ليس كبني آدم إذا عجز عن الشيء سامح‪ ،‬إنما يعفو مع القدرة ّ‬
‫جل‬
‫يحب العافين عن الناس‪ ،‬فمن عفا‬
‫ّ‬ ‫وعال‪ ،‬وهذا هو كمال العفو‪ ،‬وهو ‪‬‬
‫يحب الذين يأخذون من الناس العفو‪ ،‬بل أمر‬
‫ّ‬ ‫وأصلح فأجره على اهلل‪ ،‬وهو سبحانه‬
‫بذلك فقال‪﴿ :‬ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ﴾ [األعراف‪.)2(»]١٩٩ :‬‬
‫أهم المطالب انفكاك اإلنسان من‬
‫أن ّ‬‫علن الدمشقي‪« :‬فيه إيما ٌء إلى ّ‬
‫قال ابن ّ‬
‫يتأهل لالنتظام‬ ‫تبعات الذنوب‪ ،‬وطهارته من دنس العيوب‪ّ ،‬‬
‫فإن بالطهارة من ذلك ّ‬
‫في سلك حزب اهلل‪ ،‬وحزب اهلل هم المفلحون»(‪ ،)3‬و«فيه ٌ‬
‫دليل على استحباب‬
‫الدعاء في هذه الليلة بهذه الكلمات»(‪.)4‬‬
‫ومن فوائد أحاديث هذا المطلب‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ قال العيني‪« :‬ما النّكتة في وقوع الجزاء بالماضي مع ّ‬
‫أن المغفرة في زمن‬
‫ً‬
‫فضل من اهلل‬ ‫االستقبال؟ وأجيب‪ :‬لإلشعار بأنّه متي ّقن الوقوع‪ ،‬متح ّقق الثبوت‪،‬‬
‫تعالى على عباده»(‪.)5‬‬

‫(( ( أخرجه الترمذي في «سننه» رقم (‪ ،)3513‬وإسناده حسن‪.‬‬


‫(( ( «شرح رياض الصالحين» للعثيمين (‪.)223/5‬‬
‫((( «دليل الفالحين» البن عالن (‪.)657/6‬‬
‫((( «مرعاة المفاتيح» للمباركفوري (‪.)134/7‬‬
‫((( «عمدة القاري» للعيني (‪.)227/1‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪284‬‬

‫‪ 2‬ـ قال ابن رجب‪« :‬ال ّ‬


‫يتأخر تكفير الذنوب بها ـ أي‪ :‬قيام ليلة القدر ـ إلى انتهاء‬
‫الشهر بخالف قيام رمضان وصيامه‪ ،‬وقد ُي َقال‪ :‬يغفر له عند استكمال القيام في آخر‬
‫ٍ‬
‫ليلة منه عند تمام نهارها وتأخر المغفرة بالصوم إلى إكمال النهار بالصوم»(‪.)1‬‬
‫***‬
‫‪ .3‬صيام عاشوراء‪:‬‬
‫من العبادات التي شرعها اهلل في شهر اهلل المحرم صوم اليوم العاشر فيه؛ ألنه‬
‫نجى اهلل فيه نب ّيه موسى ‪ ‬من فرعون‪ ،‬وجعل ثواب صيامه كفارة‬ ‫ٌ‬
‫مبارك ّ‬ ‫يو ٌم‬
‫ٍ‬
‫سابقة‪.‬‬ ‫ذنوب ٍ‬
‫سنة‬
‫ِ‬ ‫ف َع ْن َأبِي َقتَا َد َة ‪ ‬قال‪َ :‬ر ُج ٌل َأتَى النَّبِ َّي ﷺ‪َ ،‬ف َق َال‪َ :‬ك ْي َ‬
‫ب‬ ‫ف ت َُصو ُم؟ َف َغض َ‬
‫ال ْس َل ِم ِدينًا‪،‬‬ ‫ول اهللِ ﷺ‪َ ،‬ف َل َّما َر َأى ُع َم ُر ‪َ ،‬غ َض َب ُه‪َ ،‬ق َال‪َ :‬ر ِضينَا بِاهللِ َر ًّبا‪َ ،‬وبِ ْ ِ‬ ‫َر ُس ُ‬
‫ب َر ُسولِ ِه‪َ ،‬ف َج َع َل ُع َم ُر ‪ُ ‬ي َر ِّد ُد‬ ‫ب اهللِ َو َغ َض ِ‬ ‫َوبِ ُم َح َّم ٍد نَبِ ًّيا‪َ ،‬ن ُعو ُذ بِاهللِ ِم ْن َغ َض ِ‬
‫ف بِ َم ْن َي ُصو ُم الدَّ ْه َر ُك َّل ُه؟‬ ‫ول اهللِ‪َ ،‬ك ْي َ‬‫َه َذا ا ْلك ََل َم َحتَّى َس َك َن َغ َض ُب ُه‪َ ،‬ف َق َال ُع َم ُر‪َ :‬يا َر ُس َ‬
‫ف َم ْن َي ُصو ُم َي ْو َم ْي ِن‬ ‫«ل َصا َم َو َل َأ ْف َط َر» ـ َأ ْو َق َال ـ « َل ْم َي ُص ْم َو َل ْم ُي ْفطِ ْر» َق َال‪َ :‬ك ْي َ‬ ‫َق َال‪َ :‬‬
‫ف َم ْن َي ُصو ُم َي ْو ًما َو ُي ْفطِ ُر َي ْو ًما؟‬ ‫ك َأ َحدٌ ؟» َق َال‪َ :‬ك ْي َ‬ ‫«و ُيطِ ُيق َذلِ َ‬
‫َو ُي ْفط ُر َي ْو ًما؟ َق َال‪َ :‬‬
‫ِ‬

‫ف َم ْن َي ُصو ُم َي ْو ًما َو ُي ْفطِ ُر َي ْو َم ْي ِن؟ َق َال‪:‬‬ ‫اك َص ْو ُم َد ُاو َد ‪َ »‬ق َال‪َ :‬ك ْي َ‬ ‫َق َال‪َ « :‬ذ َ‬
‫ان‬‫ث ِم ْن ك ُِّل َش ْه ٍر‪َ ،‬و َر َم َض ُ‬ ‫ول اهللِ ﷺ‪َ « :‬ث َل ٌ‬ ‫ك»‪ُ .‬ث َّم َق َال َر ُس ُ‬ ‫ت َذلِ َ‬ ‫«و ِد ْد ُت َأنِّي ُط ِّو ْق ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ب َع َلى اهلل َأ ْن ُي َك ِّف َر َّ‬
‫السنَ َة‬ ‫ان‪َ ،‬ف َه َذا ص َيا ُم الدَّ ْه ِر ُك ِّله‪ ،‬ص َيا ُم َي ْو ِم َع َر َف َة‪َ ،‬أ ْحتَس ُ‬ ‫إِ َلى َر َم َض َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫السنَ َة ا َّلتِي َب ْعدَ ُه‪َ ،‬و ِص َيا ُم َي ْو ِم َع ُ‬ ‫ِ‬
‫السنَ َة‬ ‫ب َع َلى اهلل َأ ْن ُي َك ِّف َر َّ‬ ‫ور َاء‪َ ،‬أ ْحتَس ُ‬ ‫اش َ‬ ‫ا َّلتي َق ْب َل ُه‪َ ،‬و َّ‬
‫ا َّلتِي َق ْب َل ُه»(‪.)2‬‬

‫(( ( نقله المناوي في «فيض القدير» (‪.)191/6‬‬


‫((( سبق تخريجه‪.‬‬
‫‪285‬‬ ‫وبأجور مطلقة‬
‫ٍ‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬المضاعفة‬

‫قال النووي‪« :‬قال العلماء‪ :‬سبب غضبه كراهة مسألته؛ ألنه خشي من جوابه‬
‫مفسدة‪ ،‬وهي أنه ربما يعتقد السائل وجوبه‪ ،‬أو يستق ّله‪ ،‬أو يقتصر عليه‪ ،‬والنبي ﷺ‬
‫ً‬
‫مشتغل بمصالح المسلمين‪ ،‬وحقوق أزواجه‬ ‫إنما لم يبالغ في الصوم؛ ألنه كان‬
‫فيتضرر بعضهم‪ ،‬وكان حق السائل أن يقول كيف‬ ‫ولئل يقتدي به كل ٍ‬
‫أحد‬ ‫وأضيافه‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫فيخص السؤال بنفسه ليجاب بمقتضى حاله‪ ،‬كما أجاب غيره‬
‫ّ‬ ‫أصوم‪ ،‬أو كم أصوم‪،‬‬
‫بمقتضى أحوالهم»(‪.)1‬‬

‫قـال الطيبـي‪« :‬كان األصل أن ُي َقـال‪« :‬أرجو من اهلل أن ي َك ّفـر» فوضع موضعه‪:‬‬
‫«أحتسـب»‪ ،‬وعـدّ اه بــ‪« :‬على» الذي للوجوب على سـبيل الوعـد؛ مبالغة لحصول‬
‫الثواب»(‪.)2‬‬

‫أيضا‪ ،‬فعن َع ِائ َش َة أم المؤمنين ‪‬‬ ‫مشهورا في الجاهلية ً‬ ‫ً‬ ‫وكان هذا اليوم‬
‫َان النَّبِ ُّي ﷺ َي ُص ُ‬
‫وم ُه‬ ‫اهلِ َّي ِة‪َ ،‬وك َ‬
‫اشوراء تَصومه ُقري ٌش فِي الج ِ‬
‫َ‬ ‫َان َي ْو ُم َع ُ َ َ ُ ُ ُ َ ْ‬ ‫َأن ََّها َقا َل ْت‪« :‬ك َ‬
‫يض َة‪َ ،‬وت ُِر َك‬
‫ان ال َف ِر َ‬
‫َان َر َم َض ُ‬
‫ان ك َ‬ ‫الم ِدينَ َة َص َام ُه َو َأ َم َر بِ ِص َي ِام ِه‪َ ،‬ف َل َّما َنز ََل َر َم َض ُ‬ ‫ِ‬
‫َف َل َّما َقد َم َ‬
‫اء َل ْم َي ُص ْمه»(‪.)3‬‬
‫اء َص َام ُه َو َم ْن َش َ‬
‫َان َم ْن َش َ‬
‫ور ُاء‪َ ،‬فك َ‬ ‫َع ُ‬
‫اش َ‬
‫الز ْرقانـي عـن بعـض أهـل العلـم قولـه‪« :‬اختلف العلمـاء فـي الحقائق‬
‫ونقـل ُّ‬
‫ٍ‬
‫معـان ُأخـر؟ والمختار أن سـنن العرب قبل‬ ‫مسـمياتها على‬ ‫الشـرعية‪ :‬هـل هي باقي ٌة‬
‫ّ‬
‫ورود الشـرع ّ‬
‫يـدل على أنهم كانوا يسـتعملون هـذه األلفاظ في معانيها الشـرعية من‬
‫وتقربـوا بجميع‬ ‫ٍ‬
‫أقـوال وأفعـال‪ ،‬فعرفـوا الصالة والـزكاة والصـوم والحـج والعمرة ّ‬

‫(( ( «شرح النووي على صحيح مسلم» (‪.)50/8‬‬


‫((( «شرح المشكاة» للطيبي (‪.)1608/5‬‬
‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)4504‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)1125‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪286‬‬
‫ٍ‬
‫بألفـاظ ابتدعها لهم‪،‬‬ ‫ذلـك‪ ،‬فمـا خاطبهم الشـرع إال بما عرفـوه تحقي ًقا‪ ،‬ال أنـه أتاهم‬
‫رمـزا»(‪.)1‬‬ ‫ٍ‬
‫بألفـاظ لغويـة ال ُيعرف منهـا المقصود إال ً‬ ‫أو‬
‫ولذلك كان النبي ﷺ يصومه‪ ،‬الحتمالين‪:‬‬
‫بحكْم الموافقة ألهل الجاهلية كالحج‪.‬‬
‫‪1‬ـ ُ‬
‫‪ 2‬ـ أو أذن اهلل له في صيامه على أنه فعل ٍ‬
‫خير(‪.)2‬‬

‫قـال الباجـي‪« :‬يحتمـل أنه ﷺ لمـا ُبعث ترك صومـه‪ ،‬فلما هاجر وعلـم أنه من‬
‫شـريعة موسـى صامـه وأمر بصيامـه‪ٌّ ،‬‬
‫وكل منهمـا يقتضـي الوجوب‪ ،‬ثم نسـخ بقوله‬
‫«فلمـا فـرض رمضان» في السـنة الثانية من شـهر شـعبان‪ ،‬وكان هو الفريضـة‪ ،‬وترك‬
‫يـوم عاشـوراء‪ ،‬فمن شـاء صامـه ومن شـاء تركه؛ ألنـه ليـس متحت ًّما‪ ،‬فعلـى هذا لم‬
‫ٍ‬
‫واحـدة‪ ،‬وعلى القـول بفرض ّيته فقد نُسـخ‪ ،‬ولـم ُي ْر َو‬ ‫يقـع األمـر بصومـه إال في ٍ‬
‫سـنة‬
‫أمرا بصيامه بعـد فرض رمضان‪ ،‬بـل تركهم على مـا كانوا عليه‬
‫أنـه ﷺ جـدّ د للنـاس ً‬
‫من غيـر نهي عن صيامـه»(‪.)3‬‬
‫ـن َع َّب ٍ‬
‫اس‬ ‫ـن ا ْب ِ‬ ‫يتحـرى هـذا اليـوم لصيامه‪ ،‬ف َع ِ‬ ‫ّ‬ ‫وألهميتـه؛ فقـد كان النبـي ﷺ‬
‫ـر ِه إِ َّل َه َذا‬
‫ـو ٍم َف َّض َل ُه َع َلـى َغ ْي ِ‬ ‫ِ‬
‫ـي ﷺ َيت ََح َّـرى ص َيـا َم َي ْ‬ ‫«مـا َر َأ ْي ُ‬
‫ـت النَّبِ َّ‬ ‫ـال‪َ :‬‬ ‫‪َ ‬ق َ‬
‫ِ‬ ‫ـور َاء‪َ ،‬و َه َذا َّ‬
‫ـان»(‪.)4‬‬ ‫ـه َر َر َم َض َ‬‫ـه َر َي ْعني َش ْ‬
‫الش ْ‬ ‫اش َ‬ ‫ـو َم َع ُ‬
‫ـو َم‪َ ،‬ي ْ‬
‫ال َي ْ‬
‫ول اهللِ ﷺ َي ْأ ُم ُرنَا بِ ِص َيا ِم َي ْو ِم‬ ‫و َع ْن َجابِ ِر ْب ِن َس ُم َر َة ‪َ ،‬ق َال‪« :‬ك َ‬
‫َان َر ُس ُ‬

‫((( «شرح الزرقاني على الموطأ» (‪.)262/2‬‬


‫(( ( انظر‪« :‬المفهم» للقرطبي (‪.)192/3‬‬
‫(( ( «المنتقى شرح المو ّطأ» للباجي (‪.)263/2‬‬
‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪2006‬م)‪ ،‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)1132‬‬
‫‪287‬‬ ‫وبأجور مطلقة‬
‫ٍ‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬المضاعفة‬

‫اهدُ نَا ِعنْدَ ُه‪َ ،‬ف َل َّما ُف ِر َض َر َم َض ُ‬


‫ان‪َ ،‬ل ْم َي ْأ ُم ْرنَا‪َ ،‬و َل ْم َين َْهنَا‬ ‫ِ‬
‫ور َاء‪َ ،‬و َي ُح ُّثنَا َع َل ْيه‪َ ،‬و َي َت َع َ‬
‫اش َ‬ ‫َع ُ‬
‫اهدْ نَا ِعنْدَ ُه»(‪.)1‬‬ ‫َو َل ْم َي َت َع َ‬
‫قال ابن حجر‪« :‬هذا يقتضي أن يوم عاشوراء أفضل األيام للصائم بعد رمضان‪،‬‬
‫لك ّن ابن عباس أسند ذلك إلى علمه فليس فيه ما يرد علم غيره»(‪ ،)2‬ولكن الصحيح‬
‫أن يوم عرفة أفضل كما سيأتي بيانه في مطلب صوم يوم عرفة‪.‬‬
‫«وإنّما جمع ابن عباس ‪ ‬بين عاشوراء ورمضان وإن كان أحدهما‬
‫واج ًبا واآلخر مندو ًبا؛ الشتراكهما في حصول الثواب؛ ّ‬
‫ألن معنى‪َ « :‬يت ََح ّرى» أي‪:‬‬
‫يقصد صومه؛ لتحصيل ثوابه والرغبة فيه(‪.)3‬‬
‫ومن فوائد أحاديث هذا المطلب‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ قـال ابـن المل ّقـن‪« :‬اتّفـق العلمـاء على ّ‬
‫أن صـوم يوم عاشـوراء سـنّة وليس‬
‫ٍ‬
‫بواجـب‪ ،‬واختلفـوا فـي حكمه أول اإلسلام‪ .‬فقال أبـو حنيفة‪ :‬كان واج ًبـا‪ ،‬واختلف‬
‫أصحـاب الشـافعي علـى وجهين‪ :‬أشـهرهما‪ :‬أنـه لم يزل سـنة من حين شـرع لم يك‬
‫واج ًبـا ّ‬
‫قـط فـي هـذه األمـة‪ ،‬ولكنـه كان يتأكّد االسـتحباب‪ ،‬فلمـا نزل صـوم رمضان‬
‫صـار مسـتح ًّبا دون ذلـك االسـتحباب‪ .‬والثانـي‪ :‬كان واج ًبـا كقول أبي حنيفـة‪ ،‬وقال‬
‫فرضـا وهـو ٍ‬
‫بـاق علـى فرضيتـه لم ُينسـخ‪.‬‬ ‫عيـاض‪ :‬كان بعـض السـلف يقـول‪ :‬كان ً‬
‫ٍ‬
‫بفـرض‪ ،‬إنما هو‬ ‫قـال‪ :‬وانقـرض القائلـون بهـذا‪ ،‬وحصـل اإلجمـاع علـى أنـه ليـس‬
‫مستحب » (‪.)4‬‬
‫ٌّ‬

‫((( أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (‪.)1128‬‬


‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)249/4‬‬
‫(( ( انظر‪« :‬فتح الباري» البن حجر (‪.)249/4‬‬
‫تصرف ٍ‬
‫يسير من «عمدة القاري» للعيني (‪.)118/11‬‬ ‫((( «التوضيح» البن الملقن (‪ ،)532/13‬مع ّ‬
‫‪٣‬‬

‫‪288‬‬

‫‪ 2‬ـ قـال ابن عالن الدمشـقي‪« :‬قوله‪« :‬يك ّفر السـنة الماضيـة»‪ :‬ينبغي أن يكون‬
‫والم َك َّفـر واهلل‬
‫الم َك ِّفـر ُ‬ ‫هـو آخرهـا‪ ،‬ال آخـر ذي الحجـة؛ ّ‬
‫لئلا يلـزم الفصـل بيـن ُ‬
‫أعلم» (‪.)1‬‬
‫‪ 3‬ـ قال القرطبي‪َ « :‬يحتمل أن النبي ﷺ صامه في المدينة استئال ًفا لليهود كما‬
‫استألفهم باستقبال قبلتهم‪ ،‬ويحتمل غير ذلك‪ .‬وعلى ٍّ‬
‫كل فلم يصمه اقتدا ًء لهم فإنه‬
‫كان يصومه قبل ذلك‪ ،‬وكان ذلك في الوقت الذي يجب فيه موافقة أهل الكتاب فيما‬
‫لم ُينْ َه عنه»(‪.)2‬‬
‫***‬
‫المؤمن‬
‫ّ‬ ‫ثال ًثا‪ :‬المحافظة على الصلوات الخمس‪ ،‬وموافقة تأمين‬
‫تأمين المالئكة في سورة الفاتحة‪:‬‬
‫‪ .1‬المحافظة على الصلوات الخمس‪:‬‬
‫فرض اهلل الصالة‪ ،‬وجعلها الميزان الفارق بين إسالم العبد وكفره‪ ،‬وأثاب لمن‬
‫حافظ عليها تكفير ذنوبه‪.‬‬
‫اب‬‫«أ َر َأ ْيت ُْم َل ْو َأ َّن ن ََه ًرا بِ َب ِ‬ ‫ول اهللِ ﷺ َي ُق ُ‬
‫ول‪َ :‬‬ ‫ف َع ْن َأبِي ُه َر ْي َر َة ‪َ ،‬أ َّن ُه َس ِم َع َر ُس َ‬
‫ك ُي ْب ِقي ِم ْن َد َرنِ ِه» َقا ُلوا‪ :‬ال ُي ْب ِقي ِم ْن‬ ‫ول‪َ :‬ذلِ َ‬‫َأ َح ِدك ُْم َي ْغت َِس ُل فِ ِيه ك َُّل َي ْو ٍم َخ ْم ًسا‪َ ،‬ما َت ُق ُ‬
‫هلل بِ ِه الخَ َطا َيا»(‪.)3‬‬ ‫س‪َ ،‬ي ْم ُحو ا ُ‬ ‫ات الخَ ْم ِ‬ ‫ك ِم ْث ُل الص َلو ِ‬
‫َّ َ‬ ‫َد َرنِ ِه َش ْي ًئا‪َ ،‬ق َال‪َ « :‬ف َذلِ َ‬
‫ـل الص َلو ِ‬ ‫ـال رس ُ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫و َعـ ْن َجابِ ِ‬
‫ـر ْب ِ‬
‫ات‬ ‫«م َث ُ َّ َ‬
‫ـول اهلل ﷺ‪َ :‬‬ ‫ـن َع ْبـد اهلل ‪َ ‬ق َال‪َ :‬ق َ َ ُ‬

‫((( «دليل الفالحين» البن عالن (‪.)59/7‬‬


‫ف‪.‬‬‫((( «المفهم» للقرطبي (‪ )192/3‬بتصر ٍ‬
‫ّ‬
‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)528‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)283‬‬
‫‪289‬‬ ‫وبأجور مطلقة‬
‫ٍ‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬المضاعفة‬

‫ـاب َأح ِدكُم‪ ،‬ي ْغت َِس ُ ِ‬ ‫ـل ن َْه ٍر َج ٍ‬


‫ـل منْ ُه ك َُّل َي ْ‬
‫ـو ٍم َخ ْم َس‬ ‫ـار‪َ ،‬غ ْم ٍر َع َلـى َب ِ َ ْ َ‬ ‫ـس ك ََم َث ِ‬
‫ا ْلخَ ْم ِ‬
‫(‪)1‬‬

‫مر ٍ‬
‫ات » (‪.)2‬‬ ‫َ َّ‬
‫س‪،‬‬ ‫ول اهللِ ﷺ‪« :‬م َث ُل الص َلو ِ‬
‫ات ا ْلخَ ْم ِ‬ ‫و َع ْن َأبِي ُأ َما َم َة ‪َ ‬ق َال‪َ :‬ق َال َر ُس ُ‬
‫َّ َ‬ ‫َ‬
‫اب َأح ِدكُم ي ْغت َِس ُل فِ ِيه ك َُّل يو ٍم َخمس مر ٍ‬ ‫ِ‬
‫ات‪َ ،‬ف َما َذا‬ ‫ْ َ َ َّ‬ ‫َْ‬ ‫ك ََم َث ِل ن ََه ٍر َع ْذ ًب َي ْج ِري عنْدَ َب ِ َ ْ َ‬
‫َي ْب َقى َع َل ْي ِه ِم َن الدَّ َر ِن»(‪.)3‬‬

‫و«الدَّ َرن»‪« :‬كناية عن اآلثام‪ ،‬وشبه َذلِ َك بصغار الذنوب؛ ألن الدرن صغير‬
‫بالنسبة إلى ما هو أكبر منه كالجراحات وشبهها»(‪.)4‬‬

‫يقول ابن رجب‪« :‬هذا مثل ضربه النبي ﷺ لمحو الخطايا بالصلوات الخمس‪،‬‬
‫فجعل مثل ذلك مثل من ببابه نهر يغتسل فيه كل يوم خمس ٍ‬
‫مرار‪ ،‬كما أن درنه‬
‫ووسخه ينقى بذلك حتى ال يبقى منه شيء‪ ،‬فكذلك الصلوات الخمس في كل يوم‬
‫تمحو الذنوب والخطايا حتى ال يبقى منها شيء»(‪.)5‬‬

‫ثم قال‪« :‬وتمثيله ﷺ بالنهر هو مبالغة في إنقاء الدرن؛ فإن النهر الجاري يذهب‬
‫الدرن الذي غسل فيه وال يبقى له فيه أثر‪ ،‬بخالف الماء الراكد؛ فإن الدرن الذي‬

‫(( ( الغ َْمـر‪ :‬قـال القاضـي عيـاض‪« :‬بالفتـح وسـكون الميـم‪ ،‬الكثيـر مـن ّ‬
‫كل شـيء‪ ،‬وفـي «المو ّطـأ»‪:‬‬
‫أن المـاء العـذب أبلـغ فـي اإلنقـاء من غيـره‪ ،‬كمـا ّ‬
‫أن المـاء الكثيـر أبلغ من‬ ‫(عـذب َغ ٍ‬
‫مـر)‪ ،‬وذلـك ّ‬ ‫ٍ‬

‫القليـل»‪« .‬إكمـال المعلـم» (‪.)644/2‬‬


‫((( أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (‪.)668‬‬
‫(( ( أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» رقم (‪ ،)7684‬وإسناده ضعيف‪ ،‬لكنه حسن لغيره بشواهده‪.‬‬
‫((( «التوضيح» البن الملقن (‪.)134/6‬‬
‫(( ( «فتح الباري» البن رجب (‪.)221/4‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪290‬‬

‫غسل فيه يمكث في الماء‪ ،‬وربما ظهر مع كثرة االغتسال فيه على طول الزمان»(‪.)1‬‬
‫ويقول ابن هبيرة‪« :‬في هذا الحديث من الفقه أن رسول اهلل ﷺ أقام الصلوات‬
‫الخمس في غسل الذنوب مقام الماء في غسل األوساخ‪ ،‬وإنما ضرب المثل بالنهر؛‬
‫ّ‬
‫ألن النهر لجريته ال يقف فيه الماء األول الذي اغتسل به في المرة األولى‪ ،‬وإنما‬
‫يتجدد عند كل مرة من االغتسال ماء جديد‪.‬‬
‫فشبه رسول اهلل ﷺ الصلوات الخمس بالمرات الخمس في االغتسال‪ّ ،‬‬
‫وأن‬
‫المرة األولى أزالت ما وجدته من الخطايا بإزالة ذهبت بها الجرية‪ ،‬ثم جاءت‬
‫تلك ّ‬
‫الغسلة الثانية فغسلت ما عساه تجدد‪ ،‬ثم ذهبت به الجرية‪ ،‬ثم جاءت الغسلة الثالثة‬
‫كذلك‪ ،‬فكانت الغسالت ماحية ما يتجدّ د بين كل غسلت ْين من ّ‬
‫الذنوب‪.‬‬
‫وهـذا ّ‬
‫ألن الذنـوب إنما تصدر عـن األعضاء‪ ،‬أعضـاء اآلدمي التي يسـتعملها‬
‫فـي الصلاة فيكون غسـل ما نظـر إليه نفسـه‪ ،‬ونطق بلسـانه‪ ،‬وبطش بيديه‪ ،‬ومشـى‬
‫برجليـه بـأن شـغل ًّ‬
‫كل مـن ذلـك فـي عبـادة ر ّبه مـرة بعـد مـرة‪ ،‬وكان ذلـك ماح ًيا‬
‫آلثـار الخطايا‪.‬‬
‫ألن الماء هو الماحي للكتابة‪ ،‬وقد سبق ّ‬
‫أن الكاتبين‬ ‫وإنما ضرب المثل بالماء؛ ّ‬
‫يكتبان حركات العبد وأنفاسه‪ ،‬فكانت الصلوات مزيلة ما يرقمانه كما يزيل الماء أثر‬
‫الكتابة المكتوبة بالمداد»(‪.)2‬‬
‫وقـال ابـن المل ّقـن‪« :‬إنمـا يك ّفـر الوضـوء الذنـوب؛ ألنّـه يـراد به الصلاة‪ ،‬كما‬
‫طلـب بالمـراد‪ ،‬وهـو الصلاة‪ ،‬وذلـك أقوى فـي التكفيـر‪ ،‬وأولـى باإلسـقاط‪ ،‬وكما‬

‫(( ( «فتح الباري» البن رجب (‪.)224/4‬‬


‫(( ( «اإلفصاح عن معاني الصحاح» البن هبيرة (‪ 199/6‬ـ ‪.)200‬‬
‫‪291‬‬ ‫وبأجور مطلقة‬
‫ٍ‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬المضاعفة‬

‫يطهـر الماء الوسـخ‪ ،‬فكذلك يذهـب الهموم والغمـوم الداخلة َع َلى العبـد ً‬
‫أيضا‪ ،‬فإن‬
‫الهمـوم أصلها الذنـوب»(‪.)1‬‬

‫ت َصال ًة إِال َو َأنَا َأ ْر ُجو َأ ْن َتك َ‬


‫ُون‬ ‫«ما َص َّل ْي ُ‬
‫لذلك كان ابن عمر ‪ ‬يقول‪َ :‬‬
‫َك َّف َار ًة لِ َما َأ َم َام َها»(‪.)2‬‬
‫ومن فوائد أحاديث هذا المطلب‪:‬‬
‫قـال ابـن رجـب‪« :‬اسـتدل بهـذا الحديـث بعض مـن يقـول‪ :‬إن الصلاة تكفر‬
‫مجـرد الصالة‬
‫ّ‬ ‫الكبائـر والصغائـر‪ ،‬لكـ ّن الجمهـور القائلـون بـأن الكبائـر ال يك ّفرها‬
‫خرجه مسـلم مـن حديث‬ ‫بـدون توبـة‪ ،‬يقولـون‪ :‬هـذا العموم خـص منـه الكبائر بما ّ‬
‫ـس‪َ ،‬وا ْل ُج ْم َعـ ُة إِ َلـى‬ ‫ات ا ْلخَ ْم ُ‬ ‫ـو ُ‬ ‫«الص َل َ‬ ‫أبـي هريـرة ‪ ‬عـن النبـي ﷺ قـال‪َّ :‬‬
‫َـب ا ْل َك َبائِ َـر»(‪ ،)3‬وفيه‬ ‫اج َتن َ‬ ‫ـن إِ َذا ْ‬ ‫ـان إِ َلـى َر َم َض َ‬
‫ـان‪ُ ،‬م َك ِّف َـر ٌ‬
‫ات َمـا َب ْين َُه َّ‬ ‫ـة‪َ ،‬و َر َم َض ُ‬ ‫ا ْلجمع ِ‬
‫ُ ْ َ‬
‫لا ٌة َم ْكتُو َب ٌة‬‫ـر ٍئ ُم ْسـلِ ٍم ت َْح ُض ُـر ُه َص َ‬ ‫ـن ْام ِ‬ ‫أيضـا عـن عثمان عـن النبي ﷺ قـال‪ِ :‬‬
‫«ما م َ‬‫َ‬ ‫ً‬
‫الذن ِ‬ ‫ـن ُّ‬ ‫ِ‬ ‫َت َك َّف ِ‬ ‫وء َهـا َو ُخ ُشـو َع َها َو ُركُو َع َهـا‪ ،‬إِ َّل كَان ْ‬ ‫ِ‬
‫ُوب َما‬ ‫ـار ًة ل َما َق ْب َل َها م َ‬
‫َ‬ ‫ـن ُو ُض َ‬‫َف ُي ْحس ُ‬
‫يـر ًة َو َذلِ َ‬
‫ـك الدَّ ْه َر ُك َّلـ ُه»(‪.)5(»)4‬‬ ‫َلـم ي ْ ِ‬
‫ـؤت َكبِ َ‬ ‫ْ ُ‬
‫المؤمن تأمين المالئكة في سورة الفاتحة‪:‬‬
‫ِّ‬ ‫‪ .2‬موافقة تأمين‬
‫أمـر النبـي ﷺ بمتابعـة اإلمـام‪ ،‬حتـى جعـل ثـواب مـن وافـق تأمينـه تأميـن‬
‫اإلمـام مغفـرة ذنوبـه‪.‬‬

‫(( ( «التوضيح» البن المل ّقن (‪.)135/6‬‬


‫((( أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنّف» رقم (‪.)7734‬‬
‫((( أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (‪.)233‬‬
‫((( يأتي تخريجه‪.‬‬
‫(( ( «فتح الباري» البن رجب (‪.)222/4‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪292‬‬

‫إل َما ُم َف َأ ِّمنُوا‪َ ،‬فإِ َّن ُه َم ْن َوا َف َق‬


‫ف َع ْن َأبِي ُه َر ْي َر َة ‪َ ‬أ َّن النَّبِ َّي ﷺ َق َال‪« :‬إِ َذا َأ َّم َن ا ِ‬
‫المالئِك َِة ُغ ِف َر َل ُه َما َت َقدَّ َم ِم ْن َذ ْنبِ ِه»(‪.)1‬‬
‫ين َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت َْأمينُ ُه ت َْأم َ‬
‫والمقصود بتأمين اإلمام‪ :‬دعاؤه بقراءة آخر الفاتحة‪ ،‬بدليل رواية أبي هريرة‬
‫‪ ‬األخرى َأ َّن رس َ ِ‬
‫ول اهلل ﷺ َق َال‪« :‬إِ َذا َق َال ا ِإل َما ُم‪﴿ :‬ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ‬ ‫َ ُ‬
‫المالئِك َِة‬
‫ين‪َ ،‬ف َم ْن َوا َف َق َق ْو ُل ُه َق ْو َل َ‬
‫ِ‬
‫ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ﴾ [الفاتحة‪َ ]٧ :‬ف ُقو ُلوا آم َ‬
‫ُغ ِف َر َل ُه َما َت َقدَّ َم ِم ْن َذ ْنبِ ِه»(‪.)2‬‬
‫أن اإلمام ال يؤ ّمن‪ ،‬بل فيه ٌ‬
‫دليل على‬ ‫قال ابن رجب‪« :‬ليس فيه ما ّ‬
‫يدل على ّ‬
‫اقتران تأمين المأمومين بتأمين اإلمام»(‪.)3‬‬
‫وأكده ابن حجر بقوله‪« :‬ظاهر سياق األمر ّ‬
‫أن المأموم إنما يؤ ّمن إذا أ ّمن اإلمام‬
‫أن رسول اهلل ﷺ كان يجهر بآمين ولوال جهره به لم‬ ‫ٌ‬
‫«دليل على ّ‬ ‫ال إذا ترك»(‪ ،)4‬وفيه‬
‫يكن لمن يتحرى متابعته في التأمين على سبيل المداركة طريق إلى معرفته فدل أنه‬
‫كان يجهر به جهر ًا يسمعه من وراءه»(‪.)5‬‬
‫أن اإلمام يجهر بآمين‪ ،‬ويقولها من‬ ‫وأكّده ابن عبد البر بقوله‪« :‬هو ٌ‬
‫دليل على ّ‬
‫إلما ُم َف َأ ّمنُوا»»(‪ّ ،)6‬‬
‫و«أولوا‬ ‫خلفه إذا قالها‪ ،‬ولوال جهر اإلمام بها ما قيل لهم‪« :‬إِ َذا ّأم َن ا ِ‬
‫قوله‪« :‬إِ َذا َأ َّم َن» على ّ‬
‫أن المراد إذا أراد التأمين ليقع تأمين اإلمام والمأموم م ًعا»(‪.)7‬‬

‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)780‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)410‬‬


‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)4475‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)410‬‬
‫(( ( «فتح الباري» البن رجب (‪.)95/7‬‬
‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)266/2‬‬
‫(( ( «معالم السنن» للخطابي (‪.)223/1‬‬
‫(( ( «االستذكار» البن عبد البر (‪.)473/1‬‬
‫(( ( «تنوير الحوالك شرح موطأ مالك» للسيوطي (‪.)85/1‬‬
‫‪293‬‬ ‫وبأجور مطلقة‬
‫ٍ‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬المضاعفة‬

‫يقول الخطابي‪« :‬قوله‪« :‬إذا قال اإلمام‪﴿ :‬ﭲ ﭳ﴾ فقولوا‪ :‬آمين» معناه‪:‬‬
‫فأمنوا»‬
‫قولوا مع اإلمام حتى يقع تأمينكم وتأمينه م ًعا‪ ،‬فأ ّما قوله‪« :‬إذا ّأمن اإلمام ّ‬
‫فإنه ال يخالفه وال ّ‬
‫يدل على أنهم ّ‬
‫يؤخرونه عن وقت تأمينه‪ ،‬وإنّما هو كقول القائل‪:‬‬
‫إذا َر َحل األمير فارحلوا‪ ،‬يريد‪ :‬إ َذا أخذ األمير في الرحيل فته ّيؤوا لالرتحال ليكون‬
‫رحيلكم مع رحيله‪ ،‬وبيان هذا في الحديث اآلخر ّ‬
‫أن اإلمام يقول آمين‪ ،‬والمالئكة‬
‫فأحب أن‬
‫ّ‬ ‫تقول آمين‪ ،‬فمن وافق تأمينه تأمين المالئكة ُغفر له ما تقدم من ذنبه‪،‬‬
‫ٍ‬
‫واحد رجاء المغفرة»(‪.)1‬‬ ‫يجتمع التأمينان في ٍ‬
‫وقت‬
‫وقـال ابن رجب‪« :‬تأمين المالئكة هو على دعاء القارئ‪ ،‬هذا هو الصحيح الذي‬
‫يفهـم من الحديـث»(‪ ،)2‬ومعناه‪« :‬اسـتغفارهم للمص ّليـن ودعاؤهم ْ‬
‫أن يسـتجيب اهلل‬
‫منهـم‪ ،‬كمـا قـال تعالـى‪﴿ :‬ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ‬
‫ﯣﯤﯥﯦ﴾ [غافـر‪ ]٧ :‬اآليـة‪ ،‬فـإذا كان تأميـن العبـد مـع تأميـن المالئكة‬
‫مجاب‪ ،‬وشـفاعتهم يـوم القيامة‬ ‫ٍ‬
‫واحد‪ ،‬وتأميـن المالئكة‬ ‫ٍ‬
‫زمـن‬ ‫يرتفعـان إلـى اهلل في‬
‫ٌ‬
‫مقبولـ ٌة فيمـن استشـفعوا له‪ ،‬فال يجوز فـي تفضـل اهلل أن يجاب الشـفيع إال وقد ّ‬
‫عم‬
‫المشـفوع لـه الغفـران واهلل أعلم»(‪.)3‬‬
‫أيضا‪« :‬ظاهر األحاديث‪ّ :‬‬
‫يدل على أن ُيوصل التأمين بالفاتحة من غير‬ ‫وقال ً‬
‫ٍ‬
‫سكوت»(‪.)4‬‬
‫ـول اهللِ ﷺ َق َ‬
‫ـال‪« :‬إِ َذا َق َال‬ ‫وفـي روايـة أخـرى َع ْن َأبِـي ُه َر ْي َـر َة ‪َ ‬أ َّن َر ُس َ‬

‫(( ( «معالم السنن» للخطابي (‪.)224/1‬‬


‫(( ( «فتح الباري» البن رجب (‪ 97/7‬ـ ‪.)98‬‬
‫((( «شرح صحيح البخاري» البن بطال (‪.)398/2‬‬
‫(( ( «فتح الباري» البن رجب (‪.)99/7‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪294‬‬

‫ـت إِ ْحدَ ُاه َمـا األُ ْخ َرى‬


‫يـن‪َ ،‬ف َوا َف َق ْ‬ ‫ـت المالئِكَـ ُة فِي الس ِ ِ‬ ‫َأحدُ كُـم‪ِ :‬آميـن‪ ،‬و َقا َل ِ‬
‫ـماء‪ :‬آم َ‬
‫َّ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ـن َذ ْنبِه»(‪.)1‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُغف َـر َلـ ُه َما َت َقـدَّ َم م ْ‬
‫ين»‪ :‬مخ ّففة الميم‪ ،‬ويجوز ممدو ًدا‬ ‫ِ‬
‫ومقصورا على وزن‬
‫ً‬ ‫قال البغوي‪«« :‬آم ْ‬
‫فعيل‪ ،‬ومعناه‪ :‬اللهم اسمع واستجب‪ ،‬وقيل معناه‪ :‬كذلك فليكن»(‪.)2‬‬
‫ين» االستجابة‪ ،‬أي‪ :‬اللهم استجب لنا‪ ،‬واسمع‬ ‫ِ‬
‫وقال ابن عبد البر‪« :‬معنى «آم ْ‬
‫دعاءنا‪ ،‬واهدنا سبيل من أنعمت عليه ورضيت عنه‪ ،‬وقيل معناها‪ :‬أشهد هلل‪ ،‬وقيل‬
‫معناها‪ :‬كذلك فعل اهلل»(‪.)3‬‬
‫والمراد بـ «موافقة المالئكة»‪« :‬الموافقة في القول والزمان‪ ،‬خال ًفا لمن قال‬
‫لما ذكر الحديث قال‪:‬‬ ‫المراد‪ :‬الموافقة في اإلخالص والخشوع كابن حبان‪ ،‬فإنّه ّ‬
‫ٍ‬
‫إعجاب(‪ ،)4‬وكذا جنح إليه غيره(‪ )5‬فقال‬ ‫يريد موافقة المالئكة في اإلخالص بغير‬

‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)781‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)410‬‬


‫(( ( «شرح السنة» للبغوي (‪.)63/3‬‬
‫(( ( «االستذكار» البن عبد البر (‪.)473/1‬‬
‫(( ( انظر‪« :‬صحيح ابن حبان» رقم (‪.)1804‬‬
‫((( مثل‪ :‬الباجي في «المنتقى شرح الموطأ» (‪ )162/1‬قال‪« :‬وقوله ﷺ‪( :‬فإنه من وافق تأمينه تأمين‬
‫المالئكة) من اإلخالص والخشوع وحضور النية والسالمة من الغفلة‪ ،‬وقيل‪ :‬معنى ذلك أن‬
‫يكون دعاؤه للمؤمنين كدعاء المالئكة لهم‪ ،‬فمن كان دعاؤه على ذلك فقد وافق دعاءهم‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫إن المالئكة الحفظة المتعاقبين يشهدون الصالة مع المؤمنين فيؤ ّمنون إذا أ ّمن اإلمام‪ ،‬فمن َف َعل‬ ‫ّ‬
‫وقولهم آمين عند تأمين اإلمام ُغ ِفر له‪ ،‬وقال بعض الناس‪ :‬معنى‬ ‫م ْثل ف ْعلهم في حضورهم الصالة ْ‬
‫ف‬
‫تعس ٌ‬ ‫تأويالت فيها ّ‬
‫ٌ‬ ‫الموافقة اإلجابة‪ ،‬فمن استُجيب له كما ُيستجاب للمالئكة ُغ ِفر له ذنبه‪ .‬وهذه‬
‫حمل الحديث على ظاهره ما لم يمنع من‬ ‫واألو َلى ْ‬
‫ْ‬ ‫يدل على شيء منها دليل‪.‬‬‫ال ُيحتاج إليه‪ ،‬وال ّ‬
‫أن من قال آمين عند قول المالئكة آمين ُغ ِفر له‪ ،‬وإلى هذا ذهب الداودي‪ ،‬وال‬
‫مانع‪ ،‬ومعناه‪ّ :‬‬
‫ذلك ٌ‬
‫يمتنع أن يكون الباري تعالى يفعل ذلك بمن وافق قوله آمين قول المالئكة آمين»‪.‬‬
‫‪295‬‬ ‫وبأجور مطلقة‬
‫ٍ‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬المضاعفة‬

‫خاصة‪،‬‬
‫نحو ذلك من الصفات المحمودة‪ ،‬أو في إجابة الدعاء‪ ،‬أو في الدعاء بالطاعة ّ‬
‫أو المراد بتأمين المالئكة‪ :‬استغفارهم للمؤمنين»(‪ ،)1‬قال القرطبي وابن دقيق العيد‪:‬‬
‫أيضا(‪.)3‬‬
‫«واألول أظهر» (‪ ،)2‬وانتصر له ابن األثير ً‬
‫قال ابن المن ّير‪« :‬الحكمة في إيثار الموافقة في القول والزمان أن يكون المأموم‬
‫ألن المالئكة ال غفلة عندهم‪ ،‬فمن وافقهم‬ ‫ٍ‬
‫يقظة لإلتيان بالوظيفة في مح ّلها؛ ّ‬ ‫على‬
‫كان متي ّق ًظا»(‪.)4‬‬
‫وظاهر الحديث يقتضي غفران ما تقدّ م من ذنوبه‪ ،‬ومال إلى ذلك‪ :‬الباجي(‪،)5‬‬
‫«خص العلماء هذا وأشباهه بتكفير الصغائر‬
‫ّ‬ ‫وابن الملقن(‪ ،)6‬والعراقي‪ ،‬زاد األخير‪:‬‬
‫فقط وقالوا‪ :‬إنما يك ّفر الكبائر التوبة‪ ،‬وكأنهم لما رأوا التقييد في بعض ذلك بالصغائر‬
‫حملوا ما أطلق في غيرها عليها»(‪.)7‬‬
‫أيضا‪« :‬وقيل‪ :‬إن المتوضئ ُت ْغفر ذنوبه‪ ،‬ويكون مشيه إلى‬
‫وقال ابن الملقن ً‬
‫الصالة نافلة‪ ،‬أو يكون هذا القول قبل تبشير اهلل عباده بالشيء على لسان نبيه عليه‬
‫أفضل الصالة والسالم‪ ،‬ثم يزيدهم أو يرفع له درجات إذا لم يكن َث ّم ذنوب‪ ،‬ويحتمل‬
‫أن يصيب ذن ًبا فيما بين الوضوء والتأمين»(‪.)8‬‬

‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)265/2‬‬


‫((( «المفهم» للقرطبي (‪« ،)44/2‬إحكام األحكام» البن دقيق العيد (‪.)228/1‬‬
‫(( ( «الشافي في شرح مسند الشافعي» البن األثير (‪.)574/1‬‬
‫((( نقله ابن حجر في «فتح الباري» (‪.)265/2‬‬
‫(( ( انظر‪« :‬المنتقى شرح المو ّطأ» للباجي (‪.)162/1‬‬
‫((( انظر‪« :‬التوضيح» البن الملقن (‪.)354/29‬‬
‫((( «طرح التثريب» للعراقي (‪.)266/2‬‬
‫((( «التوضيح» البن الملقن (‪.)354/29‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪296‬‬

‫ومن فوائد أحاديث هذا المطلب‪:‬‬


‫‪ 1‬ـ قال ابن رجب‪« :‬ال يستجب أن َي ِص َل آمين بذك ٍْر آخر‪ ،‬مثل أن يقول‪ :‬آمين رب‬
‫ستحب أن يقدّ م على التأمين دعاء؛ ّ‬
‫ألن التأمين‬ ‫ّ‬ ‫العالمين؛ ألنه لم تأت به السنة‪ ،‬وال ُي‬
‫أهم األدعية وأج ّلها»(‪.)1‬‬
‫على دعاء الفاتحة‪ ،‬وهو هداية الصراط المستقيم‪ ،‬وهو ّ‬
‫ٍ‬
‫زيادة‬ ‫«المستحب االقتصار على التأمين عقب الفاتحة من غير‬ ‫وقال العراقي‪:‬‬
‫ّ‬
‫عليه اتّبا ًعا للحديث»(‪.)2‬‬
‫ٍ‬
‫بواجب عند جمهور‬ ‫‪ 2‬ـ قال ابن رجب‪« :‬التأمين سنّ ٌة في الصالة وليس‬
‫العلماء»(‪ ،)3‬وبمثله قال ابن الجوزي(‪.)4‬‬
‫وقال العيني‪« :‬األَمر فيه لالستحباب بإجماع العلماء‪ ،‬خال ًفا البن َح ْزم‪ ،‬فإنه‬
‫فرض التأمين على المأموم»(‪.)5‬‬
‫‪ 3‬ـ قال ابن حجر‪« :‬ظاهر الحديث ّ‬
‫أن المراد بالمالئكة جميعهم‪ ،‬وقيل‪ :‬الحفظة‬
‫منهم‪ ،‬وقيل‪ :‬الذين يتعاقبون منهم إذا قلنا إنهم غير الحفظة‪ ،‬والذي يظهر ّ‬
‫أن المراد‬
‫بهم‪ :‬من يشهد تلك الصالة من المالئكة ممن في األرض أو في السماء»(‪« ،)6‬وفيه‬
‫ّ‬
‫أن اهلل تعالى جعل للمالئكة قوة اإلدراك بالسمع وهم في السماء لما ينطق به بنو آدم‬
‫في األرض أو لبعض ذلك؛ ألنه جعل مكان تأمين المالئكة في السماء»(‪.)7‬‬

‫(( ( «فتح الباري» البن رجب (‪.)98/7‬‬


‫((( «طرح التثريب» للعراقي (‪.)269/2‬‬
‫(( ( «فتح الباري» البن رجب (‪.)100/7‬‬
‫(( ( «كشف المشكل من حديث الصحيحين» البن الجوزي (‪.)353/3‬‬
‫(( ( «شرح سنن أبي داود» للعيني (‪.)198/4‬‬
‫ف ٍ‬
‫يسير‪.‬‬ ‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪ )265/2‬بتصر ٍ‬
‫ّ‬
‫((( «طرح التثريب» للعراقي (‪.)266/2‬‬
‫‪297‬‬ ‫وبأجور مطلقة‬
‫ٍ‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬المضاعفة‬

‫‪ 4‬ـ و«فيه فضيلة اإلمام؛ ّ‬


‫ألن تأمين اإلمام يوافق تأمين المالئكة‪ ،‬ولهذا شرعت‬
‫للمأموم موافقته» (‪.)1‬‬
‫ّ‬
‫استدل به ابن بطال على أن دعاء المالئكة مستجاب(‪.)2‬‬ ‫‪5‬ـ‬
‫أن المالئكة لما َس ِم َع ْت‬ ‫‪ 6‬ـ قال ابن هبيرة‪« :‬في هذا الحديث ما ّ‬
‫يدل على ّ‬
‫«اهدنا» بلفظ الجمع‪ ،‬قالت‪« :‬آمين»؛ ألنّه دعا ٌء ّ‬
‫للكل‪ ،‬فمن كانت إرادته من المصلين‬
‫الكل ُغ ِف َر له»(‪.)3‬‬
‫هداية ّ‬

‫***‬
‫راب ًعا‪ :‬قراءة سورة الملك‪ ،‬وصالة التسابيح‪:‬‬
‫‪ .1‬قراءة سورة الملك‪:‬‬
‫ٍ‬
‫وأجور‪ ،‬ليست في غيرها من سور القرآن‪،‬‬ ‫خص اهلل بعض سور القرآن بفضائل‬
‫ّ‬
‫من ذلك‪ :‬سورة الملك‪.‬‬
‫ور ًة ِم َن ال ُق ْر ِ‬
‫آن َث َل ُث َ‬
‫ون آ َي ًة‬ ‫ف َع ْن َأبِي ُه َر ْي َر َة ‪َ ،‬ع ِن النَّبِ ِّي ﷺ َق َال‪« :‬إِ َّن ُس َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َش َفع ْ ِ‬
‫ور ُة ﴿ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ﴾»(‪.)4‬‬ ‫ت ل َر ُج ٍل َحتَّى ُغف َر َل ُه‪َ ،‬وه َي ُس َ‬ ‫َ‬
‫«وفي هذا اإلبهام والتطويل فيه‪ ،‬ثم البيان بقوله‪« :‬وهي تبارك الذي» نوع تفخي ٍم‬
‫وتعظي ٍم لشأنها‪ ،‬إذ لو قيل‪ :‬إن سورة تبارك شفعت لم تكن بهذه المنزلة»(‪.)5‬‬

‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)266/2‬‬


‫((( «شرح صحيح البخاري» البن بطال (‪.)439/3‬‬
‫(( ( «اإلفصاح» البن هبيرة (‪.)122/6‬‬
‫(( ( أخرجه الترمذي في «سننه» رقم (‪ ،)2891‬وإسناده ضعيف‪ ،‬لكنه حسن لغيره بشواهده‪.‬‬
‫((( «شرح المشكاة» للطيبي (‪.)1668/5‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪298‬‬

‫وسبب مغفرة هذه السورة لقارئها‪« :‬يحتمل أنه لحفظه إياها‪ ،‬أو لقراءته لها‪ ،‬أو‬
‫لتوسله بها‪ ،‬أو بقراءة غيره لها على ن ّيته» (‪.)1‬‬
‫قال ابن حبان‪« :‬قوله ﷺ‪« :‬تَس َتغ ِْفر لِص ِ‬
‫احبِ َها» أراد به ثواب قراءتها‪ ،‬فأطلق‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫االسم على ما تو ّلد منه وهو الثواب‪ ،‬كما ُيطلق اسم السورة نفسها عليه‪ ،‬إذ العرب‬
‫تُطلق في لغتها اسم ما تو ّلد من الشيء على نفسه كما ذكرناه»(‪.)2‬‬

‫بخ ْلق الحياة‪،‬‬


‫ووجه اختصاص هذه السورة بالمغفرة والشفاعة هو‪« :‬افتتاحها َ‬
‫وختْمها بالماء الذي هو سبب الحياة‪ ،‬فأنتجت الشفاعة التي هي سبب الحياة الكاملة‬
‫وأيضا‪ :‬افتتاحها بعظائم عظمته‪ ،‬ثم بباهر قدرته وإتقان صنعته‪ ،‬ثم بذ ّم‬
‫للمشفوع له‪ً ،‬‬
‫من نازع في ذلك أو أعرض عنه‪ ،‬ثم بذكْر عقابهم وماله عليهم من النعيم‪ ،‬ثم ختمها‬
‫بما اختصها به من بين سائر السور وهو اإلنعام بالماء المعين الذي هو سبب الحياة‬
‫المناسب لذلك ك ّله أثمر المعافاة عن سوء القطيعة بتشفيع هذه السورة في قارئها‬
‫وجعلها مانعة عنه منجية له»(‪.)3‬‬

‫ومن فوائد أحاديث هذا المطلب‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ استدل به من قال أن البسملة ليست آية من القرآن‪ ،‬باعتبار أنه نص في‬
‫الحديث على أنها ثالثون آية‪ ،‬قال ابن عبد الهادي‪« :‬ال يختلف العا ّدون أنها ثالثون‬
‫من غير البسملة»(‪ ،)4‬وقال الزيلعي‪« :‬افتتاحه بقوله‪﴿ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ﴾ ٌ‬
‫دليل‬

‫(( ( «التنوير شرح الجامع الصغير» للصنعاني (‪.)618/3‬‬


‫((( «صحيح ابن حبان» رقم (‪.)787‬‬
‫((( «دليل الفالحين» البن عالن (‪.)497/6‬‬
‫(( ( «تنقيح التحقيق» البن عبد الهادي (‪.)164/2‬‬
‫‪299‬‬ ‫وبأجور مطلقة‬
‫ٍ‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬المضاعفة‬

‫ٍ‬
‫سورة الفتتحها‬ ‫أن البسملة ليست منها»(‪ ،)1‬إذ «لو كانت البسملة من أول ّ‬
‫كل‬ ‫على ّ‬
‫ﷺ بذلك»(‪.)2‬‬
‫‪ 2‬ـ قال الصنعاني‪« :‬األحاديث في فضائلها كثيرة‪ ،‬قال بعض العلماء‪ :‬أما‬
‫أحاديث دفعها عذاب القبر فمتواترة»(‪.)3‬‬
‫‪ .2‬صالة التسابيح‪:‬‬
‫تقـرب بـه العبد‬
‫شـرع اهلل النوافـل للتقـرب إلـى اهلل بهـا‪ ،‬وهـي مـن أحـب ما ّ‬
‫بعـد الفرائـض‪ ،‬ومـن عظيـم هـذه النوافـل التي جعـل اهلل لها مـن الثـواب العظيم‪:‬‬
‫صالة التسـابيح‪.‬‬
‫ب‪َ « :‬يا‬ ‫اس ْب ِن َع ْب ِد ا ْل ُم َّط ِل ِ‬
‫ول اهللِ ﷺ َق َال لِ ْل َع َّب ِ‬ ‫اس ‪َ ،‬أ َّن َر ُس َ‬ ‫ف َع ِن ا ْب ِن َع َّب ٍ‬
‫ك َع ْشر ِخ َص ٍ‬
‫ال‪ ،‬إِ َذا‬ ‫ك‪َ ،‬أ َل َأ ْح ُب َ‬
‫وك(‪َ ،)4‬أ َل َأ ْف َع ُل بِ َ‬ ‫اس‪َ ،‬يا َع َّما ُه‪َ ،‬أ َل ُأ ْعطِ َ‬
‫يك‪َ ،‬أ َل َأ ْمن َُح َ‬ ‫َع َّب ُ‬
‫َ‬
‫يم ُه َو َح ِدي َث ُه‪َ ،‬خ َط َأ ُه َو َع ْمدَ ُه‪َ ،‬ص ِغ َير ُه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك َأ َّو َل ُه َوآخ َر ُه‪َ ،‬قد َ‬ ‫ك َذ ْن َب َ‬ ‫ك َغ َف َر اهللُ َل َ‬ ‫ت َذلِ َ‬ ‫ْت َف َع ْل َ‬ ‫َأن َ‬
‫ات َت ْق َر ُأ فِي ك ُِّل َر ْك َع ٍة َفاتِ َح َة‬
‫ال‪َ :‬أ ْن تُص ِّلي َأربع ر َكع ٍ‬
‫َ َ ََْ َ َ‬ ‫َو َكبِير ُه‪ِ ،‬سر ُه َو َع َلنِي َت ُه‪َ ،‬ع ْشر ِخ َص ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫ان اهللِ‪،‬‬ ‫ت‪ُ :‬س ْب َح َ‬ ‫ْت َقائِ ٌم‪ُ ،‬ق ْل َ‬‫ت ِم َن ا ْل ِق َر َاء ِة فِي َأ َّو ِل َر ْك َع ٍة َو َأن َ‬ ‫ورةً‪َ ،‬فإِ َذا َف َر ْغ َ‬
‫َاب َو ُس َ‬ ‫ا ْلكِت ِ‬
‫ْت‬ ‫َوا ْل َح ْمدُ هللِ‪َ ،‬و َل إِ َل َه إِ َّل اهللُ‪َ ،‬واهللُ َأ ْك َب ُر‪َ ،‬خ ْم َس َع ْش َر َة َم َّرةً‪ُ ،‬ث َّم ت َْرك َُع‪َ ،‬ف َت ُقو ُل َها َو َأن َ‬
‫اجدً ا‪َ ،‬ف َت ُقو ُل َها‬‫الركُوعِ‪َ ،‬ف َت ُقو ُل َها َع ْش ًرا‪ُ ،‬ث َّم ت َْه ِوي َس ِ‬ ‫راكِع ع ْشرا‪ُ ،‬ثم تَر َفع ر ْأس َ ِ‬
‫ك م َن ُّ‬ ‫َ ٌ َ ً َّ ْ ُ َ َ‬
‫ك ِمن السج ِ‬ ‫ْت َس ِ‬
‫ود َف َت ُقو ُل َها َع ْش ًرا‪ُ ،‬ث َّم ت َْس ُجدُ ‪َ ،‬ف َت ُقو ُل َها‬ ‫اجدٌ َع ْش ًرا‪ُ ،‬ث َّم ت َْر َف ُع َر ْأ َس َ َ ُّ ُ‬ ‫َو َأن َ‬

‫((( «نصب الراية» للزيلعي (‪.)335/1‬‬


‫((( «عمدة القاري» للعيني (‪.)292/5‬‬
‫(( ( «التنوير شرح الجامع الصغير» للصنعاني (‪.)619/3‬‬
‫والح َباء‪ :‬ال َعطِ ّيـة»‪« .‬النهاية في غريب‬
‫َـذا وبِك ََذا‪ :‬إِ َذا أ ْع َطـاه‪ِ .‬‬ ‫(( ( َأ ْح ُبـوك‪ :‬قـال ابن األثير‪ُ « :‬ي َق ُ‬
‫ـال‪َ :‬ح َباه ك َ َ‬
‫الحديث» البن األثيـر (‪.)336/1‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪300‬‬

‫ون‪ ،‬فِي ك ُِّل َر ْك َع ٍة َت ْف َع ُل‬ ‫ك َخ ْم ٌس َو َس ْب ُع َ‬ ‫ك‪َ ،‬ف َت ُقو ُل َها َع ْش ًرا‪َ ،‬ف َذلِ َ‬ ‫َع ْش ًرا‪ُ ،‬ث َّم ت َْر َف ُع َر ْأ َس َ‬
‫ت َأ ْن ت َُص ِّل َي َها فِي ك ُِّل َي ْو ٍم َم َّر ًة َفا ْف َع ْل‪َ ،‬فإِ ْن َل ْم َت ْف َع ْل‬
‫ات‪ ،‬إِ ِن ْاس َت َط ْع َ‬‫ك فِي َأرب ِع ر َكع ٍ‬
‫َْ َ َ‬ ‫َذلِ َ‬
‫َف ِفي ك ُِّل ُج ُم َع ٍة َم َّرةً‪َ ،‬فإِ ْن َل ْم َت ْف َع ْل َف ِفي ك ُِّل َش ْه ٍر َم َّرةً‪َ ،‬فإِ ْن َل ْم َت ْف َع ْل َف ِفي ك ُِّل َسن ٍَة َم َّرةً‪،‬‬
‫َفإِ ْن َل ْم َت ْف َع ْل‪َ ،‬ف ِفي ُع ُم ِر َك َم َّرةً» (‪.)1‬‬
‫حظ جسي ٍم من ّ‬
‫الذكْر بمنزلة‬ ‫سرها أنها صالة ذات ّ‬
‫قال الدهلوي‪« :‬صالة التسبيح ّ‬
‫«سميت صالة‬
‫الصالة التا ّمة الكاملة التي سنّها رسول اهلل ﷺ بأذكارها» ‪ ،‬وإنما ّ‬
‫(‪)2‬‬

‫التسبيح لما فيها من كثرة التسبيح‪ ،‬ففيها في ّ‬


‫كل ركعة خمس وسبعون تسبيحة»(‪.)3‬‬
‫وقـال العيني‪« :‬سـميت صلاة التسـبيح؛ ألن ُمصليها ُيسـبح اهلل فيه بعـد الفراغ‬
‫مـن القـراءة وفـي الركـوع‪ ،‬وعنـد رفـع رأسـه مـن الركـوع‪ ،‬وفـي السـجود‪ ،‬وبيـن‬
‫السـجدتين»(‪.)4‬‬
‫وقد ع ّبر النبي ﷺ عن الذنوب التي تغفرها هذه الصالة بلفظ‪« :‬عشر خصال»‪،‬‬
‫قال العيني‪« :‬وهي أن تغفر له َ‬
‫أول ذنبه وآخره‪ ،‬وقديمه وحديثه‪ ،‬وخطأه وعمده‪،‬‬
‫وسره وعالنيته‪ ،‬وقد اندرج في هذا سائر أنواع الذنب‪ ،‬وال يمكن‬
‫وصغيره وكبيره‪ّ ،‬‬
‫أيضا»(‪.)5‬‬
‫أن ُيقال فيه‪ :‬المراد من الذنوب‪ :‬الصغائر‪ ،‬ألنه صرح بغفران الكبيرة ً‬
‫ومن فوائد أحاديث هذا المطلب‪:‬‬
‫ٍ‬
‫جميل من أساليب التعليم‪ ،‬حيث قدّ م بين‬ ‫‪ 1‬ـ استعمال النبي ﷺ ألسلوب‬

‫((( أخرجه أبو داود في «سننه» رقم (‪ ،)1297‬وإسناده حسن‪.‬‬


‫(( ( «حجة اهلل البالغة» للدهلوي (‪.)32/2‬‬
‫(( ( «الموسوعة الفقهية الكويتية» (‪.)150/27‬‬
‫(( ( «شرح سنن أبي داود» للعيني (‪.)197/5‬‬
‫(( ( «شرح سنن أبي داود» للعيني (‪.)199/5‬‬
‫‪301‬‬ ‫وبأجور مطلقة‬
‫ٍ‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬المضاعفة‬

‫تقريرا للتأكيد‪ ،‬وتأييدً ا‬


‫ً‬ ‫و«كرر ألفا ًظا متقاربة المعنى؛‬
‫ّ‬ ‫يدي فائدته عبارات جميلة‪،‬‬
‫للتشويق‪ ،‬وتوطئ ًة لالستماع إليه لتعظيم هذه الصالة»(‪.)1‬‬
‫‪ 2‬ـ استشكل البعض اعتبار الخطأ من جملة الذنب‪ ،‬مع أن الخطأ ال إثم فيه‪،‬‬
‫إثم‪،‬‬
‫نقص‪ ،‬وإن لم يكن فيه ٌ‬ ‫وأجاب عليه القاري بقوله‪ّ :‬‬
‫«إن المراد بالذنب ما فيه ٌ‬
‫ويؤ ّيده قوله تعالى‪﴿ :‬ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ﴾ [البقرة‪ ،]٢٨٦ :‬ويحتمل‬
‫أن ُيراد مغفرة ما يترتّب على الخطأ من نحو اإلتالف من ثبوت بدلها في الذمة‪،‬‬
‫ومعنى المغفرة حينئذ‪ :‬إرضاء الخصوم»(‪.)2‬‬
‫***‬
‫خامسا‪ :‬النطق بالشهادتين بعد اآلذان‪ ،‬والوضوء بمثل وضوء النبي ﷺ وصالة‬
‫ً‬
‫ركعتين بعده‪:‬‬
‫‪ .1‬النطق بالشهادتين بعد األذان‪:‬‬
‫بفضل عظي ٍم؛ الشتمالهما على ٍ‬
‫إقرار هلل بالوحدانية‪ ،‬ولنبيه‬ ‫ٍ‬ ‫خص اهلل الشهادتين‬
‫ّ‬
‫بالرسالة‪ ،‬وجعل من جملة استعمالهما بعد األذان‪ ،‬ورتب عليها مغفرة الذنوب‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ف َع ْن َس ْع ِد ْب ِن َأبِي َو َّق ٍ‬
‫«م ْن َق َال ح َ‬
‫ين‬ ‫اص ‪َ ،‬ع ْن َر ُسول اهلل ﷺ َأ َّن ُه َق َال‪َ :‬‬
‫يك َل ُه‪َ ،‬و َأ َّن ُم َح َّمدً ا َع ْبدُ ُه َو َر ُسو ُل ُه‪،‬‬
‫َي ْس َم ُع ا ْل ُم َؤ ِّذ َن َأ ْش َهدُ َأ ْن َل إِ َل َه إِ َّل اهللُ َو ْحدَ ُه َل َش ِر َ‬
‫ال ْس َل ِم ِدينًا‪ُ ،‬غ ِف َر َل ُه َذ ْن ُبه»(‪.)3‬‬ ‫يت بِاهللِ َر ًّبا َوبِ ُم َح َّم ٍد َر ُس ً‬
‫ول‪َ ،‬وبِ ْ ِ‬ ‫َر ِض ُ‬
‫بـوب ابـن خزيمـة لهـذا الحديـث فـي صحيحـه بقولـه‪« :‬بـاب فضيلـة‬
‫وقـد ّ‬

‫(( ( «مرقاة المفاتيح» للقاري (‪.)993/3‬‬


‫(( ( «مرقاة المفاتيح» للقاري (‪.)994/3‬‬
‫((( أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (‪.)386‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪302‬‬

‫ّ‬
‫وجـل بوحدانيتـه‪ ،‬وللنبـي ﷺ برسـالته وعبوديتـه‪ ،‬وبالرضـا بـاهلل‬ ‫الشـهادة هلل عـز‬
‫ً‬
‫رسـول‪ ،‬وباإلسلام دينًا عنـد سـماع األذان‪ ،‬وما ُيرجى مـن مغفرة‬ ‫ٍ‬
‫وبمحمـد‬ ‫ر ًّبـا‪،‬‬
‫الذنـوب بذلـك» (‪.)1‬‬
‫ومعنى «حين يسمع المؤذن» أي‪« :‬صوته‪ ،‬أو أذانه‪ ،‬أو قوله‪ ،‬وهو األظهر‪،‬‬
‫تشهده األول أو األخير‪ ،‬وهو قوله آخر‬
‫وهو يحتمل أن يكون المراد به حين يسمع ّ‬
‫األذان‪« :‬ال إله إال اهلل» وهو أنسب‪ ،‬ويمكن أن يكون معنى يسمع‪ :‬يجيب‪ ،‬فيكون‬
‫ّب على اإلجابة بكمالها‬ ‫وأن الظاهر ّ‬
‫أن الثواب المذكور مترت ٌ‬ ‫صريحا في المقصود‪ّ ،‬‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫وألن قوله كهذه الشهادة في أثناء األذان ربما يفوته اإلجابة في بعض‬ ‫مع هذه الزيادة‪،‬‬
‫الكلمات اآلتية» (‪.)2‬‬
‫ول اهللِ ﷺ َي ُق ُ‬
‫ول‪َ « :‬ذ َاق‬ ‫ب ‪ ،‬أ َّن ُه َس ِم َع َر ُس َ‬ ‫اس ْب ِن َع ْب ِد ا ْل ُم َّط ِل ِ‬
‫و َع ِن ا ْل َع َّب ِ‬
‫ول» (‪.)3‬‬‫ال ْس َل ِم ِدينًا‪َ ،‬وبِ ُم َح َّم ٍد َر ُس ً‬
‫ان َم ْن َر ِض َي بِاهللِ َر ًّبا‪َ ،‬وبِ ْ ِ‬ ‫يم ِ‬ ‫ال َ‬‫َط ْع َم ْ ِ‬

‫وقد بوب ابن حبان لهذا الحديث في صحيحه بقوله‪« :‬ذكْر إِ ْثبات طعم اإليمان‬
‫لمن قال ما وص ْفنا عند األذان ُم ْعت َِقدً ا لِ َما يقول» (‪.)4‬‬
‫يتشـهد يقـول‪« :‬وأنـا‪ ،‬وأنـا»‪ ،‬ف َعـ ْن‬ ‫ّ‬ ‫لذلـك كان النبـي ﷺ إذا سـمع المـؤ ّذن‬
‫«و َأنَـا‪،‬‬ ‫ـهدُ ‪َ ،‬ق َ‬ ‫َان إِ َذا س ِ‬
‫ـم َع ا ْل ُم َ‬ ‫َع ِائ َشـ َة ‪َ ،‬أ َّن َر ُس َ‬
‫ـول اهللِ ﷺ ك َ‬
‫ـال‪َ :‬‬ ‫ـؤ ِّذ َن َيت ََش َّ‬ ‫َ‬
‫َو َأنَا»(‪.)5‬‬

‫(( ( «صحيح ابن خزيمة» رقم (‪.)421‬‬


‫(( ( «مرقاة المفاتيح» للقاري (‪.)562/2‬‬
‫((( أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (‪.)34‬‬
‫((( «صحيح ابن حبان» رقم (‪.)1694‬‬
‫((( أخرجه أبو داود في «سننه» رقم (‪ ،)526‬وإسناده صحيح‪.‬‬
‫‪303‬‬ ‫وبأجور مطلقة‬
‫ٍ‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬المضاعفة‬

‫ومن فوائد أحاديث هذا المطلب‪:‬‬


‫‪ 1‬ـ قال ابن ُهبيرة‪« :‬في هذا الحديث من الفقه‪ّ :‬‬
‫أن اإلنسان ينبغي له عند‬
‫ٍ‬
‫صالة أن يجدّ د لفظ اإلسالم؛ لما عساه أن يكون قد عارضه فيما‬ ‫دخول وقت ّ‬
‫كل‬
‫شرك‪ ،‬أو عرض له عارض شبهة فلم يجل صدأه بالنظر‬ ‫ٍ‬ ‫بين الصالتين من ٍّ‬
‫شك أو‬
‫ٍ‬
‫جديد‬ ‫واالستدالل‪ ،‬فإذا جدّ د الشهادة محا ذلك ون ّقاه‪ ،‬فيدخل إلى الصالة بإسال ٍم‬
‫ليس فيه ما ير ّد الصالة وال يفسدها»(‪.)1‬‬
‫ً‬
‫رسول‪ ،‬وباإلسالم دينًا»‬ ‫وبمحم ٍد‬
‫ّ‬ ‫«رضيت باهلل ر ًّبا‪،‬‬
‫ُ‬ ‫‪ 2‬ـ وقال ابن هبيرة‪« :‬قوله‪:‬‬
‫ترتيب ّ‬
‫يدل على كمال التوفيق‪ ،‬فإنه بدأ بذكر اهلل‪ ،‬ثم ع ّقبه بذكر رسوله‪ ،‬ثم ثلث‬ ‫ٌ‬ ‫فهذا‬
‫بذكر اإلسالم»(‪.)2‬‬
‫***‬
‫‪ .2‬الوضوء بمثل وضوء النبي ﷺ وصالة ركعتين بعده‪:‬‬
‫ع ّلم النبي ﷺ أ ّمته صفة الوضوء الصحيح‪ ،‬وجعل لمن اقتدى بوضوئه وأتبعه‬
‫صالة ركعتين بعده مغفرة ذنوبه‪.‬‬
‫ان ‪ ‬دعا بِإِن ٍ‬
‫َاء‪َ ،‬ف َأ ْف َر َغ‬ ‫ان َأ َّن ُه َر َأى ُع ْث َم َ‬
‫ان ْب َن َع َّف َ‬ ‫فعن ُح ْم َران َم ْو َلى ُع ْث َم َ‬
‫ََ‬
‫الث ِمر ٍار‪َ ،‬ف َغس َلهما‪ُ ،‬ثم َأد َخ َل ي ِمينَه فِي ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫اس َتن َْش َق‪،‬‬ ‫اإلنَاء‪َ ،‬ف َم ْض َم َض‪َ ،‬و ْ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ ُ َ َّ ْ‬ ‫َع َلى َك َّف ْيه َث َ َ‬
‫الث ِم َر ٍار‪ُ ،‬ث َّم َم َس َح بِ َر ْأ ِس ِه‪ُ ،‬ث َّم َغ َس َل‬ ‫ُثم َغس َل وجهه َثال ًثا‪ ،‬ويدَ ي ِه إِ َلى ِ‬
‫الم ْر َف َق ْي ِن َث َ‬ ‫ََ ْ‬ ‫َّ َ َ ْ َ ُ‬
‫«م ْن ت ََو َّض َأ ن َْح َو ُو ُضوئِي‬ ‫ول اهلل ﷺ‪َ :‬‬
‫الث ِمر ٍار إِ َلى ال َكعبي ِن‪ُ ،‬ثم َق َال‪َ :‬ق َال رس ُ ِ‬
‫َ ُ‬ ‫َّ‬ ‫َْْ‬
‫ِ‬
‫ِر ْج َل ْيه َث َ َ‬
‫يه َما َن ْف َس ُه‪ُ ،‬غ ِف َر َل ُه َما َت َقدَّ َم ِم ْن َذ ْنبِ ِه»‪ ،‬زاد مسلم في‬
‫ث فِ ِ‬
‫َه َذا‪ُ ،‬ث َّم َص َّلى َر ْك َع َت ْي ِن ال ُي َحدِّ ُ‬

‫(( ( «اإلفصاح عن معاني الصحاح» البن هبيرة (‪.)347/1‬‬


‫(( ( «اإلفصاح عن معاني الصحاح» البن هبيرة (‪.)347/1‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪304‬‬

‫ون‪َ :‬ه َذا ا ْل ُو ُضو ُء َأ ْس َب ُغ َما َيت ََو َّض ُأ بِ ِه‬


‫اؤنَا َي ُقو ُل َ‬
‫َان ُع َل َم ُ‬
‫صحيحه‪ :‬قال ابن شهاب‪« :‬ك َ‬
‫لص َل ِة»(‪.)1‬‬ ‫ِ‬
‫َأ َحدٌ ل َّ‬
‫ان ‪‬‬ ‫ان ْب َن َع َّف َ‬ ‫ان َق َال‪َ :‬أ َت ْي ُت ُع ْث َم َ‬
‫وفي رواية أخرى عن ُح ْم َران ْبن َأ َب َ‬
‫الو ُضو َء‪ُ ،‬ث َّم َق َال‪َ :‬ر َأ ْي ُت النَّبِ َّي ﷺ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫بِ َط ُه ٍ‬
‫الم َقاعد‪َ ،‬فت ََو َّض َأ َف َأ ْح َس َن ُ‬
‫ور َو ُه َو َجال ٌس َع َلى َ‬
‫س‪َ ،‬ف َأحسن الو ُضوء ُثم َق َال‪« :‬من تَو َّض َأ ِم ْث َل ه َذا الو ُض ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وء‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫َ َّ‬ ‫الم ْجل ِ ْ َ َ ُ‬ ‫ت ََو َّض َأ َو ُه َو في َه َذا َ‬
‫جدَ َف َرك ََع َر ْك َع َت ْي ِن‪ُ ،‬ث َّم َج َل َس‪ُ ،‬غ ِف َر َل ُه َما َت َقدَّ َم ِم ْن َذ ْنبِ ِه» َق َال‪َ :‬و َق َال النَّبِ ُّي‬
‫الم ْس ِ‬
‫ُث َّم َأتَى َ‬
‫ﷺ‪« :‬ال َت ْغت َُّروا»(‪.)2‬‬

‫أن لِ ُح ْمران عن عثمان حديثين في هذا‪:‬‬


‫قال ابن حجر‪« :‬والحاصل ّ‬

‫أحدهمـا‪ :‬مق ّيـدٌ بتـرك حديـث النفـس‪ ،‬وذلك فـي صلاة ركعتيـن مطل ًقا غير‬
‫مقي ٍ‬
‫ـد بالمكتوبة‪.‬‬ ‫ّ‬
‫واآلخـر‪ :‬فـي الصلاة المكتوبة في الجماعة أو في المسـجد من غيـر ٍ‬
‫تقييد بترك‬
‫حديث النفس»(‪.)3‬‬

‫ومعنى‪« :‬ال تغتروا» ـ كما قال ابن حجر ـ أي‪« :‬ال تحملوا الغفران على عمومه‬
‫في جميع الذنوب فتسترسلوا في الذنوب ات ً‬
‫ّكال على غفرانها بالصالة‪ّ ،‬‬
‫فإن الصالة‬
‫ٍ‬
‫ألحد عليها‪ .‬وظهر لي ـ والكالم البن‬ ‫التي تك ّفر الذنوب هي المقبولة‪ ،‬وال ا ّطالع‬
‫جواب آخر وهو‪ :‬أن المك ّفر بالصالة هي الصغائر فال ّ‬
‫تغتروا فتعملوا الكبيرة‬ ‫ٌ‬ ‫حجر ـ‬
‫خاص بالصغائر‪ ،‬أو ال تستكثروا من الصغائر‬
‫ٌّ‬ ‫بنا ًء على تكفير الذنوب بالصالة‪ ،‬فإنّه‬

‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)159‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)226‬‬


‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)6433‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)232‬‬
‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)251/11‬‬
‫‪305‬‬ ‫وبأجور مطلقة‬
‫ٍ‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬المضاعفة‬

‫خاص‬
‫ٌّ‬ ‫فإنها باإلصرار تُعطى حكم الكبيرة فال يك ّفرها ما يك ّفر الصغيرة‪ ،‬أو ّ‬
‫أن ذلك‬
‫ٌ‬
‫مرتبك في المعصية»(‪.)1‬‬ ‫بأهل الطاعة فال يناله من هو‬
‫ـان ْبـ َن َع َّف َ‬
‫ان‬ ‫وفـي روايـة أخـرى عـن ُحمـران مولى عثمـان قـال‪َ :‬أ َت ْي ُ‬
‫ـت ُع ْث َم َ‬
‫ـول اهللِ ﷺ َأح ِ‬ ‫ـون َع ْن رس ِ‬ ‫ٍ‬
‫اد َ‬
‫يث‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ـم َق َال‪ :‬إِ َّن ن ً‬
‫َاسـا َيت ََحدَّ ُث َ‬ ‫‪ ‬بِ َو ُضـوء َفت ََو َّض َـأ‪ُ ،‬ث َّ‬
‫ـول اهللِ ﷺ تَو َّض َأ ِم ْث َـل و ُض ِ‬ ‫ِ‬
‫ـذا‪ُ ،‬ث َّم َق َال‪:‬‬
‫وئي َه َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ـت َر ُس َ‬ ‫َل َأ ْد ِري َمـا ه َ‬
‫ـي؟ إِ َّل َأنِّـي َر َأ ْي ُ‬
‫ـج ِد‬
‫َـت َص َل ُت ُه َو َم ْشـ ُي ُه إِ َلى ا ْل َم ْس ِ‬ ‫َـذا ُغ ِفر َلـه ما َت َقـدَّ م ِمن َذ ْنبِ ِ‬
‫ـه‪َ ،‬وكَان ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫ـأ َهك َ َ ُ َ‬ ‫ـن ت ََو َّض َ‬
‫«م ْ‬
‫َ‬
‫نَافِ َلة» (‪.)2‬‬
‫ومعنى‪« :‬كانت صالته نافل ًة»‪« :‬أي‪ّ :‬‬
‫أن الوضوء لما ك ّفر ذنوبه كانت صالته وإن‬
‫كانت فريض ًة نافل ًة‪ ،‬أي‪ :‬زائدة له في األجر على كفارة الذنوب‪ ،‬والنافل ُة الزياد ُة في‬
‫تكفر‪ ،‬فإما أن تكون ُمدَّ خر ًة تك ِّف ُر ما َب ْعدَ ها أو تُرفع له‬
‫كالم العرب‪ ،‬أي لم يبق له ما ُ‬
‫بها درجات»(‪.)3‬‬
‫ور ُه َف َما‬
‫ان َط ُه َ‬ ‫وفي رواية اخرى عن ُحمران بن عثمان قال‪ُ :‬كن ُْت َأ َض ُع لِ ُع ْث َم َ‬
‫ول اهللِ ﷺ ِعنْدَ‬ ‫ان‪َ :‬حدَّ َثنَا َر ُس ُ‬‫يض َع َل ْي ِه ُن ْط َف ًة َو َق َال ُع ْث َم ُ‬ ‫َأتَى َع َل ْي ِه َي ْو ٌم إِ َّل َو ُه َو ُي ِف ُ‬
‫«ما َأ ْد ِري ُأ َحدِّ ُثك ُْم بِ َش ْي ٍء‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫انْص َرافنَا م ْن َص َلتنَا َهذه ـ َق َال م ْس َع ٌر‪ُ :‬أ َر َاها ا ْل َع ْص َر ـ َف َق َال‪َ :‬‬
‫ِ ِ ِ‬
‫ِ‬ ‫َان َخ ْي ًرا َف َحدِّ ْثنَا‪َ ،‬وإِ ْن ك َ‬‫ول اهللِ إِ ْن ك َ‬ ‫ُت؟» َف ُق ْلنَا َيا َر ُس َ‬ ‫َأ ْو َأ ْسك ُ‬
‫هلل ورسول ُه‬ ‫َان َغ ْي َر َذل َك َفا ُ‬
‫َب اهللُ َع َل ْي ِه‪َ ،‬ف ُي َص ِّلي َه ِذ ِه‬ ‫ِ‬
‫ور ا َّلذي َكت َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫«ما م ْن ُم ْسل ٍم َي َت َط َّه ُر‪َ ،‬ف ُيت ُّم ال ُّط ُه َ‬ ‫َأ ْع َل ُم‪َ ،‬ق َال‪َ :‬‬
‫ات لِ َما َب ْين ََها»(‪.)4‬‬ ‫َت َك َّفار ٍ‬
‫َ‬ ‫ات ا ْلخَ ْم َس‪ ،‬إِ َّل كَان ْ‬ ‫الص َلو ِ‬
‫َّ َ‬

‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪)251/11‬‬


‫((( أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (‪.)229‬‬
‫(( ( «إكمال المعلم» للقاضي عياض (‪.)18/2‬‬
‫((( أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (‪.)231‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪306‬‬

‫يمر على عثمان يو ٌم إال اغتسل فيه محافظة على تكثير الطهارة‪،‬‬
‫ومعناه‪ :‬لم يكن ّ‬
‫وسبب توقف النبي ﷺ أو سكوته أنه خاف مفسدة اتكالهم‪ ،‬ثم رأى المصلحة في‬
‫التحديث(‪.)1‬‬

‫ان َفدَ َعا‬ ‫وفي رواية أخرى عن سعيد بن العاص ‪ ‬قال‪ُ :‬كن ُْت ِعنْدَ ُع ْث َم َ‬
‫«ما ِم َن ْام ِر ٍئ ُم ْسلِ ٍم ت َْح ُض ُر ُه َص َل ٌة َم ْكتُو َب ٌة‬ ‫ور َف َق َال َس ِم ْع ُت َر ُس َ‬
‫ول اهللِ ﷺ َي ُق ُ‬
‫ول‪َ :‬‬ ‫بِ َط ُه ٍ‬
‫َت َك َّف َار ًة لِ َما َق ْب َل َها ِم َن ُّ‬
‫الذن ِ‬
‫ُوب َما َل ْم‬ ‫وء َها َو ُخ ُشو َع َها َو ُركُو َع َها‪ ،‬إِ َّل كَان ْ‬ ‫ِ‬
‫َف ُي ْحس ُن ُو ُض َ‬
‫ت َكبِ َير ًة َو َذلِ َ‬
‫ك الدَّ ْه َر ُك َّل ُه» (‪.)2‬‬ ‫ي ْؤ ِ‬
‫ُ‬
‫وقوله‪« :‬ما َلم ي ْؤ ِ‬
‫ت َكبِ َيرةً» تقييدٌ للمغفرة بأنها للصغائر دون الكبائر‪ ،‬وذلك‬ ‫َ ْ ُ‬
‫مستمر بجميع الزمان(‪.)3‬‬
‫ٌّ‬
‫ومن األحاديث الواردة في هذا الباب‪:‬‬

‫الس َل ِم ُّي ‪ُ :‬كن ُْت‬ ‫ما رواه أبو ُأ َما َم َة ‪َ ‬ق َال‪َ :‬ق َال َع ْم ُرو ْب ُن َع َب َس َة ُّ‬
‫َّاس َع َلى َض َل َل ٍة‪َ ،‬و َأن َُّه ْم َل ْي ُسوا َع َلى َش ْي ٍء َو ُه ْم َي ْع ُبدُ َ‬
‫ون‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َو َأنَا في ا ْل َجاهل َّية َأ ُظ ُّن َأ َّن الن َ‬
‫اح َلتِي‪َ ،‬ف َق ِد ْم ُت َع َل ْي ِه‪،‬‬
‫ان‪َ ،‬فس ِمع ُت بِرج ٍل بِم َّك َة ي ْخبِر َأ ْخبارا‪َ ،‬ف َقعدْ ُت َع َلى ر ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ُ َ ً‬ ‫َ ُ‬ ‫ْالَ ْو َث َ َ ْ‬
‫َخ ِف ًيا ُج َر َءا ُء َع َل ْي ِه َق ْو ُم ُه‪َ ،‬ف َت َل َّط ْف ُت َحتَّى َد َخ ْل ُت َع َل ْي ِه بِ َم َّك َة‪،‬‬
‫ول اهللِ ﷺ ُم ْست ْ‬ ‫َفإِ َذا َر ُس ُ‬
‫ِ‬ ‫«أنَا َنبِ ٌّي»‪َ ،‬ف ُق ْل ُت‪َ :‬و َما نَبِ ٌّي؟ َق َال‪َ :‬‬ ‫ْت؟ َق َال‪َ :‬‬‫َف ُق ْل ُت َل ُه‪َ :‬ما َأن َ‬
‫هلل»‪ ،‬وفيه‪:‬‬ ‫«أ ْر َس َلني ا ُ‬
‫َق َال‪َ :‬ف ُق ْل ُت‪ :‬يا نَبِي اهللِ َفا ْلو ُضوء حدِّ ْثنِي َعنْه‪َ ،‬ق َال‪ِ :‬‬
‫«ما منْك ُْم َر ُج ٌل ُي َق ِّر ُب َو ُض َ‬
‫وء ُه‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َّ‬
‫يم ِه‪ُ ،‬ث َّم إِ َذا َغ َس َل‬‫اش ِ‬ ‫َفيتَم ْضم ُض‪ ،‬ويس َتن ِْش ُق َفينْتَثِر إِ َّل َخر ْت َخ َطايا وج ِه ِه‪ ،‬وفِ ِيه و َخي ِ‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ ُ‬ ‫ََ ْ‬ ‫َ َ َ‬

‫(( ( انظر‪« :‬الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج» للسيوطي (‪.)19/2‬‬


‫((( أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (‪.)228‬‬
‫بالنص‪.‬‬ ‫(( ( انظر‪« :‬شرح النووي على صحيح مسلم» (‪ )17/2‬مع تصر ٍ‬
‫ف‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪307‬‬ ‫وبأجور مطلقة‬
‫ٍ‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬المضاعفة‬

‫اء‪ُ ،‬ث َّم َيغ ِْس ُل َيدَ ْي ِه‬ ‫اف لِحيتِ ِه مع ا ْلم ِ‬
‫ْ َ َ َ َ‬
‫وجهه كَما َأمره اهلل‪ ،‬إِ َّل َخر ْت َخ َطايا وج ِه ِه ِمن َأ ْطر ِ‬
‫ْ َ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ ْ َُ َ ََُ ُ‬
‫اء‪ُ ،‬ث َّم َي ْم َس ُح َر ْأ َس ُه‪ ،‬إِ َّل َخ َّر ْت‬ ‫َاملِ ِه مع ا ْلم ِ‬
‫إِ َلى ا ْل ِمر َف َقي ِن‪ ،‬إِ َّل َخر ْت َخ َطايا يدَ ي ِه ِمن َأن ِ‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ ْ ْ‬ ‫َّ‬ ‫ْ ْ‬
‫اء‪ُ ،‬ث َّم َيغ ِْس ُل َقدَ َم ْي ِه إِ َلى ا ْل َك ْع َب ْي ِن‪ ،‬إِ َّل َخ َّر ْت‬ ‫اف َشع ِر ِه مع ا ْلم ِ‬
‫ْ َ َ َ‬
‫َخ َطايا ر ْأ ِس ِه ِمن َأ ْطر ِ‬
‫ْ َ‬ ‫َ َ‬
‫هلل َو َأ ْثنَى َع َل ْي ِه َو َم َّجدَ ُه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َخ َطا َيا ِر ْج َل ْيه م ْن َأنَامله َم َع ا ْل َماء‪َ ،‬فإِ ْن ُه َو َقا َم َف َص َّلى‪َ ،‬ف َحمدَ ا َ‬
‫ف ِم ْن َخطِيئَتِ ِه ك ََه ْيئَتِ ِه َي ْو َم َو َلدَ ْت ُه ُأ ُّم ُه»‪.‬‬‫بِا َّل ِذي ُه َو َل ُه َأ ْه ٌل‪َ ،‬و َف َّر َغ َق ْل َب ُه هللِ‪ ،‬إِ َّل ان َْص َر َ‬
‫ـول اهللِ ﷺ‪َ ،‬ف َق َال‬ ‫ب رس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ث َع ْم ُـرو ْب ُن َع َب َسـ َة بِ َه َذا ا ْل َحديـث َأ َبا ُأ َما َمـ َة َصاح َ َ ُ‬ ‫َف َحـدَّ َ‬
‫الر ُج ُل»‪،‬‬ ‫ـذا َّ‬‫اح ٍد ُي ْع َطى َه َ‬ ‫ول فِي م َقـا ٍم و ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َلـ ُه َأ ُبـو ُأ َما َم َة‪َ « :‬يا َع ْم َرو ْب َن َع َب َسـ َة‪ ،‬ا ْن ُظ ْـر َما َت ُق ُ‬
‫ـال َع ْم ٌـرو‪َ « :‬يا َأ َبـا ُأ َما َم َة‪َ ،‬ل َقـدْ كَبِ َر ْت ِسـنِّي‪َ ،‬و َر َّق َع ْظ ِمـي‪َ ،‬وا ْقت ََر َب َأ َج ِلـي‪َ ،‬و َما بِي‬ ‫َف َق َ‬
‫ـول اهللِ ﷺ إِ َّل‬ ‫ـول اهللِ‪َ ،‬ل ْو َلم َأسـم ْع ُه ِم ْن رس ِ‬ ‫ْـذ َب َع َلـى اهللِ َو َل َع َلـى رس ِ‬ ‫حاجـ ٌة َأ ْن َأك ِ‬
‫َ َ‬
‫َ ُ‬ ‫ْ ْ َ‬ ‫َ ُ‬
‫ـت بِ ِه َأبـدً ا‪ ،‬و َل ِكنِّي س ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َم َّـرةً‪َ ،‬أ ْو َم َّر َت ْي ِ‬
‫ـم ْع ُت ُه‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ـن‪َ ،‬أ ْو َث َل ًثـا َحتَّـى عَـدَّ َسـ ْب َع َم َّـرات‪َ ،‬ما َحدَّ ْث ُ َ‬
‫َأ ْك َث َر ِمـ ْن َذلِ َك»(‪.)1‬‬
‫مرات‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫وظاهر العبارة األخيرة «أنه ال يرى التّحديث إال بما سمعه أكثر من سبع‬
‫مر ًة واحد ًة جاز له الرواية‪ ،‬بل تجب عليه إذا تعين لها‪ .‬وجوابه‪:‬‬ ‫أن من سمع ّ‬ ‫ومعلو ٌم ّ‬
‫ِ‬
‫المرات بيانًا لصورة حاله ولم‬ ‫أن معناه لو لم أتح ّققه وأجزم به لما حدّ ْث ُت به‪ ،‬وذكْر ّ‬ ‫ّ‬
‫شرط واهلل أعلم»(‪.)2‬‬ ‫ٌ‬ ‫أن ذلك‬ ‫يرد ّ‬
‫ومنها‪ :‬مارواه عقبة بن َع ِام ٍر ا ْلجهنِي ‪َ ،‬أ َّن رس َ ِ‬
‫ول اهلل ﷺ َق َال‪َ :‬‬
‫«ما‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ َ ِّ‬
‫وء‪َ ،‬و ُي َص ِّلي َر ْك َع َت ْي ِن‪ُ ،‬ي ْقبِ ُل بِ َق ْلبِ ِه َو َو ْج ِه ِه َع َل ْي ِه َما‪ ،‬إِ َّل‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫م ْن َأ َحد َيت ََو َّض ُأ َف ُي ْحس ُن ا ْل ُو ُض َ‬
‫ِ‬

‫ت َل ُه ا ْل َجنَّ ُة»(‪.)3‬‬
‫َو َج َب ْ‬

‫((( أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (‪.)832‬‬


‫(( ( «شرح النووي على صحيح مسلم» (‪.)118/6‬‬
‫((( أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (‪.)234‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪308‬‬

‫قال النووي‪« :‬قد يقال‪ :‬إذا ك ّفر الوضوء فماذا تك ّفر الصالة؟ وإذا ك ّفرت الصالة‬
‫فماذا تك ّفر الجمعات ورمضان؟ وكذلك صوم يوم عرفة كفارة سنتين‪ ،‬ويوم عاشوراء‬
‫كفارة سنة‪ ،‬وإذا وافق تأمينه تأمين المالئكة ُغ ِفر له ما تقدم من ذنبه؟ والجواب‪ :‬ما‬
‫صالح للتكفير‪ ،‬فإن وجد ما يك ّفره‬ ‫ٍ‬
‫واحد من هذه المذكورات‬ ‫أن ّ‬
‫كل‬ ‫أجابه العلماء ّ‬
‫ٌ‬
‫من الصغائر ك ّفره‪ ،‬وإن لم يصادف صغير ًة وال كبير ًة كُتبت به حسنات‪ُ ،‬‬
‫ورفعت به‬
‫رجونَا أن يخ ّفف من‬
‫درجات‪ ،‬وإن صادفت كبير ًة أو كبائر ولم يصادف صغير ًة ْ‬
‫الكبائر‪ ،‬واهلل أعلم» (‪.)1‬‬
‫خ َصال َصالِ َحة‬
‫احد من ه ِذه ا ْل ِ‬
‫َ‬
‫وقال العيني في الجمع بينها‪« :‬إِن المراد َأن كل و ِ‬
‫َ‬ ‫َُ‬
‫َان فاعلها سليم ًا من‬ ‫الص َغ ِائر‪َ ،‬فإِن صادفها كفرتها‪َ ،‬وإِن لم يصادفها َفإِن ك َ‬
‫لتكفير َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َاب‪َ ،‬أو َ‬
‫فعلها‬ ‫الص َغائر لكَونه َصغير ًا غير ُم َك ّلف‪َ ،‬أو موفق ًا لم ي ْعمل َصغ َيرة‪َ ،‬أو َع َ‬
‫ملها َوت َ‬ ‫َّ‬
‫وعقبها بحسنة أذهبتها‪ ،‬ك ََما َق َال َت َعا َلى‪﴿ :‬ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ﴾ [هود‪،]١١٤ :‬‬
‫علماء‪ :‬ويرجى َأن‬
‫َف َه َذا يكْتب َل ُه َبها َح َسنَات‪َ ،‬و ْير َفع َل ُه َبها َد َر َجات‪َ .‬و َق َال بعض ا ْل َ‬
‫ُي َخفف بعض ا ْلكَبِ َيرة َأو ا ْل َك َب ِائر» (‪.)2‬‬
‫***‬
‫سادسا‪ :‬مصافحة المؤمن ألخيه المؤمن‪:‬‬
‫ً‬
‫حرصت الشريعة على انتشار المحبة والوئام بين المسلمين‪ ،‬وحافظت على‬
‫العالقة بينهما‪ ،‬فشرعت المصافحة بينهما ألمرين‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ ألنها من تمام التحية‪.‬‬

‫(( ( «شرح النووي على صحيح مسلم» (‪.)113/3‬‬


‫((( «عمدة القاري» للعيني (‪.)234/1‬‬
‫‪309‬‬ ‫وبأجور مطلقة‬
‫ٍ‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬المضاعفة‬

‫‪ 2‬ـ وتزيد في المودة والمحبة(‪.)1‬‬


‫َس ْب ِن َمالِ ٍك ‪َ ‬ق َال‪:‬‬ ‫وأول من جاء بالمصافحة هم‪ :‬أهل اليمن‪ ،‬ف َع ْن َأن ِ‬
‫َلما جاء َأ ْه ُل ا ْليم ِن َق َال رس ُ ِ‬
‫اءك ُْم َأ ْه ُل ا ْل َي َم ِن»‪َ ،‬‬
‫«و ُه ْم َأ َّو ُل َم ْن َجا َء‬ ‫ول اهلل ﷺ‪َ « :‬قدْ َج َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ََ‬ ‫َّ َ َ‬
‫بِا ْل ُم َصا َف َح ِة»(‪.)2‬‬
‫وللترغيب في هذا األمر‪ ،‬جاء الثواب الكبير عليه بمغفرة الذنوب‪:‬‬
‫ان‪،‬‬‫«ما ِم ْن ُم ْسلِ َم ْي ِن َي ْلت َِق َي ِ‬ ‫فع ِن ا ْلبر ِاء بن عازب ‪َ ‬ق َال‪َ :‬ق َال رس ُ ِ‬
‫ول اهلل ﷺ‪َ :‬‬ ‫َ ُ‬ ‫َ ََ‬
‫ان إِ َّل ُغ ِف َر َل ُه َما َق ْب َل َأ ْن َي ْفت َِر َقا»(‪.)3‬‬
‫َف َيت ََصا َف َح ِ‬

‫وهـذا العمـوم مق ّيـدٌ فـي روايـة أخـرى‪َ :‬ع ِن ا ْل َب َـر ِاء بـن عـازب ‪َ ‬ق َال‪:‬‬
‫هلل َو ْاسـ َت ْغ َف َرا ُه ُغ ِف َـر‬ ‫ِ‬ ‫ـول اهللِ ﷺ‪« :‬إِ َذا ا ْل َت َقـى ا ْل ُم ْسـلِ َم ِ‬
‫ان وت ََصا َف َحـا َو َحمـدَ ا ا َ‬ ‫ـال َر ُس ُ‬ ‫َق َ‬
‫َل ُه َما» ( ‪. )4‬‬
‫وهذا الجزاء إنما يترتب لمن أتى باألمور التالية‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ ر ّد السالم قبل المصافحة‪ ،‬وقال به القاري(‪ ،)5‬والصنعاني(‪.)6‬‬
‫‪ 2‬ـ المصافحـة‪ ،‬ومعناهـا كمـا قـال ابـن األثيـر‪« :‬مفاعلـة مـن إلصـاق صفح‬
‫الكـف بالكـف وإقبـال الوجـه بالوجـه»(‪ ،)7‬وتكـون بيـن ذكر ْيـن أو أنثي ْيـن أو ٍ‬
‫ذكر‬

‫(( ( انظر‪« :‬التمهيد» البن عبد البر (‪.)16/21‬‬


‫((( أخرجه أبو داود في «سننه» رقم (‪ ،)5213‬وإسناده صحيح‪.‬‬
‫((( أخرجه أبو داود في «سننه» رقم (‪ ،)5212‬وإسناده ضعيف‪ ،‬لكنه حسن لغيره بشواهده‪.‬‬
‫((( أخرجه ابن أبي الدنيا في «كتاب اإلخوان» رقم (‪ ،)112‬وإسناده حسن‪.‬‬
‫(( ( «مرقاة المفاتيح» للقاري (‪.)2979/7‬‬
‫(( ( «التنوير شرح الجامع الصغير» للصنعاني (‪.)597/1‬‬
‫((( «النهاية في غريب الحديث واألثر» البن األثير (‪.)34/3‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪310‬‬
‫كل منهما يـده في ِ‬
‫يـد صاحبه‬ ‫بـ«وضـع ٍّ‬
‫ْ‬ ‫وأنثـى هـي حليلتـه أو محرمـه(‪ ،)1‬وتكـون‬
‫عقـب تالقيهما بلا تراخٍ بعـد سلامهما»(‪ ،)2‬وقال ابن رسلان‪« :‬ال تحصل السـنة‬
‫إال بتالقـي بشـرة الكفيـن بلا حائـل َكك ِّ‬
‫ُـم»(‪« ،)3‬وأما تقبيـل اليد فليس من مسـمى‬
‫المصافحة» (‪.)4‬‬
‫«و َذك ََرا اهللَ»‪.‬‬
‫حمد اهلل تعالى‪ ،‬وفي رواية‪َ :‬‬
‫‪3‬ـ ْ‬
‫‪ 4‬ـ اسـتغفار اهلل‪ ،‬ومعنـاه‪ :‬طلبـا مغفـرة الذنـوب مـن موالهما(‪ ،)5‬وهـو قوله‪:‬‬
‫«يغفـر اهلل لنـا ولكـم» (‪ ،)6‬لذلـك كان الجـزاء أن يغفـر اهلل لهمـا ببركة هـذا الدعاء‪.‬‬
‫والمغفـرة تتح ّقـق بمجـرد االفتـراق باألبـدان‪ ،‬أو الفـراغ من المصافحـة‪ ،‬وهو‬
‫أظهـر فـي المبالغـة(‪ ،)7‬وتكـون هـذه المغفـرة للصغائـر(‪ ،)8‬وسـببها‪« :‬المصافحـة‪،‬‬
‫والحمـد‪ ،‬واالسـتغفار‪ ،‬وهـذه فائـد ٌة جليلـ ٌة في مالقـاة المسـلمين لمن فعلهـا» (‪،)9‬‬
‫يسـتحب عند المصافحـة ذكر اهلل‬
‫ّ‬ ‫و«فـي الحديث سـنّ ّية المصافحة عنـد ال ّل ّ‬
‫قي‪ ،‬وأنه‬
‫تعالى واالسـتغفار»(‪.)10‬‬

‫(( ( «فيض القدير» للمناوي (‪.)300/1‬‬


‫(( ( «التيسير بشرح الجامع الصغير» للمناوي (‪.)79/1‬‬
‫(( ( نقله المناوي في «فيض القدير» (‪.)300/1‬‬
‫(( ( «التنوير شرح الجامع الصغير» للصنعاني (‪.)597/1‬‬
‫((( انظر‪« :‬التيسير بشرح الجامع الصغير» للمناوي (‪« ،)79/1‬مرقاة المفاتيح» للقاري (‪.)2964/7‬‬
‫(( ( «عون المعبود» للعظيم آبادي (‪.)81/14‬‬
‫((( انظر‪« :‬مرقاة المفاتيح» للقاري (‪.)2964/7‬‬
‫((( انظر‪« :‬التيسير بشرح الجامع الصغير» للمناوي (‪.)79/1‬‬
‫((( انظر‪« :‬التنوير شرح الجامع الصغير» للصنعاني (‪.)597/1‬‬
‫(‪ ((1‬انظر‪« :‬عون المعبود» للعظيم آبادي (‪.)81/14‬‬
‫‪311‬‬ ‫وبأجور مطلقة‬
‫ٍ‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬المضاعفة‬

‫كبيرا‪ ،‬ف َع ْن َقتَا َد َة بن ِد َعامة‪َ ،‬ق َال‪:‬‬


‫انتشارا ً‬
‫ً‬ ‫لذلك انتشرت هذه السنة بين الصحابة‬
‫الم َصا َف َح ُة فِي َأ ْص َح ِ‬
‫اب النَّبِ ِّي ﷺ؟ َق َال‪َ « :‬ن َع ْم»(‪.)1‬‬ ‫ِ‬ ‫ُق ْل ُت ِلَن ٍ‬
‫َس ‪َ :‬أكَانَت ُ‬
‫الم ْس ِ‬
‫جدَ ‪َ ،‬فإِ َذا‬ ‫ت َ‬ ‫«حتَّى َد َخ ْل ُ‬‫قصة توبته قال‪َ :‬‬ ‫وعن كعب بن مالك ‪ ‬في ّ‬
‫َّاس‪َ ،‬ف َقا َم إِ َل َّي َط ْل َح ُة ْب ُن ُع َب ْي ِد اهللِ ُي َه ْر ِو ُل َحتَّى َصا َف َحنِي‬ ‫ِ‬
‫ول اهلل ﷺ َجال ٌس َح ْو َل ُه الن ُ‬
‫رس ُ ِ‬
‫َ ُ‬
‫اها لِ َط ْل َحة»(‪.)2‬‬
‫ين َغ ْي ُر ُه‪َ ،‬وال َأن َْس َ‬ ‫اج ِر َ‬ ‫الم َه ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َو َهنَّاني‪َ ،‬واهلل َما َقا َم إِ َل َّي َر ُج ٌل م َن ُ‬
‫ومن فوائد أحاديث هذا المطلب‪:‬‬
‫مجمع عليها عند التالقي»(‪.)3‬‬
‫ٌ‬ ‫‪ 1‬ـ قال النووي‪ :‬المصافحة «سنّ ٌة‬
‫مسلما ـ وإن لم يعرفه ـ السالم عليه‬
‫ً‬ ‫قال المناوي‪ُ « :‬ينْدَ ب ّ‬
‫لكل مسل ٍم إذا لقي‬
‫تحريما‪ ،‬واألجذم واألبرص كراهي ًة(‪.)5‬‬
‫ً‬ ‫ومصافحته»(‪ ،)4‬واستثنى العلماء‪ :‬األمرد الجميل‬
‫قال ابن حجر‪ُ « :‬يستثنى من عموم األمر بالمصافحة‪ :‬المرأة األجنبية‪ ،‬واألمرد‬
‫الحسن»(‪)6‬؛ وذلك لتحريمهما‪.‬‬
‫النظر إليه‬
‫يقول النووي‪« :‬ينبغي أن يحترز من مصافحة األمرد الحسن الوجه‪ ،‬فإن َ‬
‫المس أشدّ ‪ ،‬فإنه ّ‬
‫يحل‬ ‫مسه‪ ،‬بل ّ‬
‫النظر إليه َح ُر َم ُّ‬ ‫حرام‪ ،‬وقد قال أصحابنا‪ّ :‬‬
‫كل َمن َح ُر َم ُ‬
‫يتزوجها‪ ،‬وفي حال البيع والشراء واألخذ والعطاء ونحو‬
‫النظر إلى األجنبية إذا أراد أن ّ‬
‫ذلك‪ ،‬وال يجوز مسها في شيء من ذلك‪ ،‬واهلل أعلم»(‪.)7‬‬

‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪.)6263‬‬


‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)4418‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)2769‬‬
‫(( ( «األذكار» للنووي ص (‪.)265‬‬
‫(( ( «فيض القدير» للمناوي (‪.)300/1‬‬
‫((( انظر‪« :‬فيض القدير» للمناوي (‪.)300/1‬‬
‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)55/11‬‬
‫(( ( «األذكار» للنووي ص (‪.)266‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪312‬‬

‫‪ 2‬ـ قال النووي‪« :‬اعلم ّ‬


‫أن هذه المصافحة مستح ّبة عند كل لقاء‪ ،‬وأما ما اعتاده‬
‫صالتي الصبح والعصر‪ ،‬فال َ‬
‫أصل له في الشرع على هذا‬ ‫ْ‬ ‫الناس من المصافحة بعد‬
‫ُ‬
‫الوجه‪ ،‬ولكن ال بأس به‪ ،‬فإن أصل المصافحة سنّة‪ ،‬وكونهم حا َفظوا عليها في بعض‬
‫وفرطوا فيها في كثير من األحوال أو أكثرها‪ ،‬ال يخرج ذلك البعض عن‬
‫األحوال‪ّ ،‬‬
‫كونه من المصافحة التي ورد الشرع بأصلها»(‪.)1‬‬
‫أيضـا‪« :‬الظاهر من آداب الشـريعة تعيين اليمنـى من الجائي‬
‫‪ 3‬ـ قـال المنـاوي ً‬
‫السـنّة‪ ،‬فال تحصل باليسـرى في اليسـرى وال فـي اليمنى»(‪.)2‬‬
‫لحصول ّ‬
‫وقـال المباركفـوري‪« :‬اعلـم ّ‬
‫أن السـنّة أن تكـون المصافحـة باليـد الواحـدة‬
‫ـ أعني‪ :‬اليمنى ـ من الجانبين‪ ،‬سواء كانت عند اللقاء أو عند البيعة»(‪.)3‬‬
‫ستحب مع المصافحة‪ :‬البشاشة بالوجه والدعاء بالمغفرة‬ ‫ّ‬ ‫‪ 4‬ـ قال النووي‪ُ « :‬ي‬
‫«ل تَح ِقر َّن ِمن ا ْلمعر ِ‬ ‫ِ‬
‫وف َش ْيئًا‪،‬‬ ‫َ َ ُْ‬ ‫وغيرها» ‪ ،‬لحديث َأبِي َذ ٍّر‪َ ،‬ق َال‪َ :‬ق َال ل َي النَّبِ ُّي ﷺ‪َ ْ َ :‬‬
‫(‪)4‬‬

‫اك بِ َو ْج ٍه َط ْل ٍق» (‪.)5‬‬


‫َو َل ْو َأ ْن َت ْل َقى َأ َخ َ‬
‫***‬
‫سابعا‪ :‬صالة ٍ‬
‫مائة أو أربعين من المسلمين على الميت‪:‬‬ ‫ً‬
‫َش َر َع اهلل للمؤمن حقو ًقا في الحياة وبعد الممات‪ ،‬وجعل من جملة حقوقه على‬
‫المسلمين بعد موته‪ :‬غسله وتكفينه والصالة عليه‪ ،‬ورغب في تكثير عدد المصلين‬
‫رجاء مغفرة ذنوب الميت‪.‬‬

‫(( ( «األذكار» للنووي ص (‪.)266‬‬


‫(( ( «فيض القدير» للمناوي (‪.)300/1‬‬
‫((( «تحفة األحوذي» للمباركفوري (‪.)429/7‬‬
‫(( ( «األذكار» للنووي ص (‪.)266‬‬
‫((( أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (‪.)2626‬‬
‫‪313‬‬ ‫وبأجور مطلقة‬
‫ٍ‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬المضاعفة‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ـن َص َّلـى َع َل ْيـه مائَـ ٌة م َ‬
‫ـن‬ ‫«م ْ‬ ‫ـن النَّبِ ِّ‬
‫ـي ﷺ َق َ‬
‫ـال‪َ :‬‬ ‫ف َعـ ْن َأبِـي ُه َر ْي َـر َة ‪َ ،‬ع ِ‬
‫ين ُغ ِف َـر َلـ ُه» (‪.)1‬‬ ‫ِِ‬
‫ا ْل ُم ْسـلم َ‬
‫ورجح المناوي أن المغفرة تشمل الصغائر والكبائر من الذنوب(‪ ،)2‬وسبب‬
‫المغفرة هو‪ :‬قبول شفاعة هؤالء المائة فيه(‪ ،)3‬كما ب ّينته رواية عائشة ‪َ ‬ع ِن‬
‫ون‬‫ُون ِما َئ ًة‪ُ ،‬ك ُّل ُه ْم َي ْش َف ُع َ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫النَّبِي ﷺ َق َال‪ِ :‬‬
‫«ما م ْن َم ِّيت ت َُص ِّلي َع َل ْيه ُأ َّم ٌة م َن ا ْل ُم ْسلم َ‬
‫ين َي ْب ُلغ َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬
‫ب ْب َن‬ ‫ِ‬
‫سلم بن أبي مطيع ـ راوي الحديث ـ‪َ :‬ف َحدَّ ْث ُت بِه ُش َع ْي َ‬ ‫َل ُه‪ ،‬إِ َّل ُش ِّف ُعوا فِ ِيه»‪َ ،‬ق َال ّ‬
‫اب َف َق َال‪َ :‬حدَّ َثنِي بِ ِه َأن َُس ْب ُن َمالِ ٍك‪َ ،‬ع ِن النَّبِ ِّي ﷺ(‪.)4‬‬
‫ا ْل َح ْب َح ِ‬

‫ومن األحاديث الواردة في هذا الباب‪:‬‬

‫اس ‪َ ،‬أ َّن ُه َم َ‬


‫ات ا ْب ٌن َل ُه‬ ‫اس‪َ ،‬ع ْن َع ْب ِد اهللِ ْب ِن َع َّب ٍ‬
‫ما رواه كُريب َم ْو َلى ا ْب ِن َع َّب ٍ‬
‫ِ‬ ‫اجت ََم َع َل ُه ِم َن الن ِ‬
‫اجت ََم ُعوا َل ُه‪،‬‬
‫َاس َقد ْ‬ ‫َّاس‪َ ،‬ق َال‪َ :‬ف َخ َر ْج ُت‪َ ،‬فإِ َذا ن ٌ‬ ‫َف َق َال‪َ :‬يا ك َُر ْي ُ‬
‫ب‪ ،‬ا ْن ُظ ْر َما ْ‬
‫ون؟ َق َال‪َ :‬ن َع ْم‪َ ،‬ق َال‪َ :‬أ ْخ ِر ُجو ُه‪َ ،‬فإِنِّي َس ِم ْع ُت َر ُس َ‬
‫ول اهللِ‬ ‫ول ُه ْم َأ ْر َب ُع َ‬‫َف َأ ْخ َب ْر ُت ُه‪َ ،‬ف َق َال‪َ :‬ت ُق ُ‬
‫ُون‬ ‫وت‪َ ،‬ف َي ُقو ُم َع َلى َجنَازَتِ ِه َأ ْر َب ُع َ‬
‫ون َر ُج ًل‪َ ،‬ل ُي ْش ِرك َ‬ ‫«ما ِم ْن َر ُج ٍل ُم ْسلِ ٍم َي ُم ُ‬
‫ول‪َ :‬‬ ‫ﷺ‪َ ،‬ي ُق ُ‬
‫هلل فِ ِيه» (‪.)5‬‬ ‫ِ‬
‫بِاهلل َش ْيئًا‪ ،‬إِ َّل َش َّف َع ُه ُم ا ُ‬
‫وتفيد روايات هذا الباب أن حصول المغفرة مق ّيدٌ بأمر ْين‪:‬‬

‫األول‪ :‬أن يكونوا شافعين فيه‪ ،‬أي‪ :‬مخلصين له الدعاء‪ ،‬سائلين له المغفرة‪.‬‬

‫(( ( أخرجه ابن ماجه في «سننه» رقم (‪ ،)1488‬وإسناده صحيح‪.‬‬


‫((( انظر‪« :‬التيسير بشرح الجامع الصغير» للمناوي (‪.)428/2‬‬
‫((( انظر‪« :‬حاشية السندي على سنن ابن ماجه» (‪.)453/1‬‬
‫((( أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (‪.)947‬‬
‫((( أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (‪.)948‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪314‬‬

‫الثاني‪ :‬أن يكونوا مسلمين ليس فيهم من يشرك باهلل شي ًئا‪ ،‬كما في حديث ابن‬
‫عباس(‪.)1‬‬

‫قـال ابـن بطـال‪« :‬فـإن قال ٌ‬


‫قائـل‪ :‬مـا وجه اختلاف العدد فـي هـذه األحاديث‬
‫الـواردة فيمـن يص ّلـي على الميـت فيغفر لـه بصالتهم؟ قيـل‪ :‬وجه ذلـك واهلل أعلم‬
‫أنهـا وردت جوا ًبـا لسـؤال سـائل ْين مختلف ْيـن؛ ألنـه ﷺ لم يكـن ينطق عـن الهوى‪،‬‬
‫سـائل سـأله‪ :‬مـن ص ّلى عليـه مائة رجل هل يشـفعون فيـه؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬وسـأله‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫فكأن‬
‫ً‬
‫رجلا؟ فقال مثل ذلـك‪ .‬ولعله لو سـئل عـن أقل من‬ ‫آخـر‪ :‬مـن صلـى عليه أربعـون‬
‫أربعيـن لقال مثل ذلـك»(‪.)2‬‬

‫زاد النووي‪« :‬ويحتمل أن يكون النبي ﷺ أخبر بقبول شفاعة مائة فأخبر به‬
‫أيضا أن ُيقال‪ :‬هذا‬
‫قل عددهم فأخبر به‪ ،‬ويحتمل ً‬ ‫ثم بقبول شفاعة أربعين وإن ّ‬
‫يحتج به جماهير األصوليين‪ ،‬فال يلزم من اإلخبار عن قبول شفاعة‬ ‫مفهوم ٍ‬
‫عدد‪ ،‬وال‬
‫ّ‬
‫ٌ‬
‫معمول بها‬ ‫كل األحاديث‬ ‫ٍ‬
‫وحينئذ ّ‬ ‫مائة منع قبول ما دون ذلك‪ ،‬وكذا في األربعين‪،‬‬
‫ويحصل الشفاعة بأقل األمرين»(‪ ،)3‬وارتضاه ابن عالن الدمشقي(‪.)4‬‬

‫النص‪،‬‬ ‫ِ‬
‫وقال الصنعاني‪« :‬ال تنافي بينهما؛ إذ مفهوم العدد ُيطرح مع وجود ّ‬
‫ٌ‬
‫معمول بها‪ ،‬وتُقبل الشفاعة بأدناها»(‪.)5‬‬ ‫فجميع األحاديث‬

‫((( انظر‪« :‬نيل األوطار» للشوكاني (‪.)68/4‬‬


‫((( «شرح صحيح البخاري» البن بطال (‪.)302/3‬‬
‫ٍ‬
‫بتصرف‪.‬‬ ‫(( ( «شرح النووي على صحيح مسلم» (‪)17/7‬‬
‫((( «دليل الفالحين» البن عالن (‪.)411/6‬‬
‫(( ( «سبل السالم» للصنعاني (‪.)483/1‬‬
‫‪315‬‬ ‫وبأجور مطلقة‬
‫ٍ‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬المضاعفة‬

‫قال ابن بطال‪« :‬إنما ع ّين «المائة» و«األربعين» في األحاديث المتقدّ مة‪ ،‬وهو‬
‫من ح ّيز الكثرة؛ ّ‬
‫ألن الشفاعة كلما كثر المشفعون فيها كان أوكد لها‪ ،‬وال تخلو‬
‫ٌ‬
‫فاضل ال تر ّد شفاعته‪ ،‬أو يكون‬ ‫جماعة من المسلمين لهم هذا المقدار أن يكون فيها‬
‫اجتماع هذا العدد بالضراعة إلى اهلل شفي ًعا عنده»(‪.)1‬‬
‫ومن فوائد أحاديث هذا المطلب‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ قـال الشـوكاني‪« :‬فيه اسـتحباب تكثير جماعة الجنـازة ويطلب بلوغهم إلى‬
‫هـذا العدد الـذي يكون من موجبات الفـوز» (‪.)2‬‬
‫وقـال الصنعانـي‪« :‬في الحديث ٌ‬
‫دليـل على فضيلة تكثير الجماعـة على الم ّيت‪،‬‬
‫وأن شـفاعة المؤمن نافع ٌة مقبولـ ٌة عنده تعالى»(‪.)3‬‬
‫ّ‬

‫‪ 2‬ـ قال التوربشتي في «شرح المصابيح»‪« :‬ال تضاد بين حديث عائشة وحديث‬
‫ابن عباس؛ ألن السبيل في أمثال هذا الحديث أن األقل من العددين متأخر؛ ألن اهلل‬
‫تعالى إذا وعد المغفرة لمعنى واحد لم يكن من سنته أن ينقص من الفضل الموعود‬
‫ً‬
‫فضل وتكر ًما على عباده‪ .‬فجعلنا حديث ابن عباس في‬ ‫بعد ذلك‪ ،‬بل يزيد عليه‬
‫متأخرا عن حديث عائشة في المائة للمعنى الذي ذكرنا»(‪.)4‬‬
‫ً‬ ‫أربعين‬
‫ثامنًا‪ُ :‬س ْقيا البهائم والرحمة بالحيوان‪:‬‬

‫أجورا عظيم ًة‪ ،‬لكنه لم يقصرها عليهم‪،‬‬


‫ً‬ ‫أمر اهلل بالتراحم بين الناس‪ ،‬ورتّب عليه‬

‫((( «شرح صحيح البخاري» البن بطال (‪.)302/3‬‬


‫(( ( «نيل األوطار» للشوكاني (‪.)68/4‬‬
‫(( ( «سبل السالم» للصنعاني (‪.)483/1‬‬
‫((( نقله المباركفوري في «مرعاة المفاتيح» (‪.)394/5‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪316‬‬

‫بل جعل للبهائم حق ًا في هذه الرحمة‪ ،‬وجعل جزاء هذه الرحمة مغفرة الذنوب حتى‬
‫ولو كانت كثيرةً‪.‬‬
‫ومس ٍ‬ ‫ِ ِ ٍ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ـة‪َ ،‬م َّر ْت‬ ‫ف َعـ ْن َأبِـي ُه َر ْي َر َة ‪َ ،‬ع ْن َر ُسـول اهلل ﷺ‪َ ،‬ق َال‪ُ « :‬غف َر ل ْم َر َأة ُم َ‬
‫ـت ُخ َّف َهـا‪َ ،‬ف َأ ْو َث َق ْت ُه‬ ‫ـب ع َلـى ر ْأ ِ ِ‬
‫ـال‪ :‬كَا َد َي ْق ُت ُلـ ُه ال َع َط ُ‬
‫ـش‪َ ،‬فنَ َز َع ْ‬ ‫ـث‪َ ،‬ق َ‬ ‫ـي َي ْل َه ُ‬
‫س َرك ٍّ‬ ‫َ‬ ‫بِ َك ْل ٍ َ‬
‫ك»(‪.)1‬‬ ‫ـاء‪َ ،‬فغ ُِف َر َل َهـا بِ َذلِ َ‬
‫ـت َلـه ِمن الم ِ‬
‫ار َهـا‪َ ،‬فنَ َز َع ْ ُ َ َ‬
‫بِ ِ‬
‫خ َم ِ‬

‫يق‪،‬‬ ‫رواية أخرى َع ْن َأبِي ُه َر ْي َر َة ‪َ :‬أ َّن النَّبِ َّي ﷺ َق َال‪َ « :‬ب ْينَا َر ُج ٌل بِ َط ِر ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫وفي‬
‫ث‪َ ،‬ي ْأك ُُل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْاشتَدَّ َع َل ْيه ال َع َط ُش‪َ ،‬ف َو َجدَ بِئ ًْرا‪َ ،‬فنَز ََل ف َيها‪َ ،‬ف َش ِر َب ُث َّم َخ َر َج‪َ ،‬فإِ َذا َك ْل ٌ‬
‫ب َي ْل َه ُ‬
‫ش ِم ْث ُل ا َّل ِذي ك َ‬
‫َان َب َلغَ‬ ‫ب ِم َن ال َع َط ِ‬ ‫ش‪َ ،‬ف َق َال َّ‬
‫الر ُج ُل‪َ :‬ل َقدْ َب َلغَ َه َذا ال َك ْل َ‬ ‫ال َّث َرى ِم َن ال َع َط ِ‬
‫ول اهللِ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ب‪َ ،‬ف َشك ََر اهللُ َل ُه َف َغ َف َر َل ُه»‪َ ،‬قا ُلوا‪َ :‬يا َر ُس َ‬ ‫اء‪َ ،‬ف َس َقى ال َك ْل َ‬‫منِّي‪َ ،‬فنَز ََل البِئ َْر َف َمال ُخ َّف ُه َم ً‬
‫ات َكبِ ٍد َر ْط َب ٍة َأ ْج ٌر»(‪.)2‬‬
‫وإِ َّن َلنَا فِي البه ِائ ِم َلَجرا؟ َف َق َال‪« :‬فِي ك ُِّل َذ ِ‬
‫ًْ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫وجمع ابن حجر بين هاتين الروايتين على تعدد الحادثة‪ ،‬واحتمال كون قصة‬
‫الرجل تختلف عن قصة المرأة ‪ ،‬زاد العيني‪« :‬بل يقطع بِ َأ َّن ُه قضيتان‪ :‬إِ ْحدَ َ‬
‫اهما‬ ‫(‪)3‬‬

‫اح ٍد»(‪.)4‬‬
‫والُ ْخرى‪ :‬ل ْلمر َأة‪ ،‬وإِنَّما ي َقال‪ :‬يحتَمل تعدد ا ْل َق ِضية َأن َلو كَانَت لو ِ‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َْ َ َ ُ‬ ‫للرجل‪َ ْ ،‬‬
‫ومعنى « َف َشك ََر اهللُ َل ُه َف َغ َف َر َل ُه» أي‪َ « :‬قبِ َل عمله وأثابه وغفر له»(‪.)5‬‬
‫ُ‬
‫الغفران‬ ‫قال ابن العربي‪« :‬اختلف النّاس في تأويله‪ :‬فمنهم من قال‪ :‬إنّما كان‬

‫((( سبق تخريجه‪.‬‬


‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)2466‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)2244‬‬
‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)516/6‬‬
‫((( «عمدة القاري» للعيني (‪.)54/16‬‬
‫(( ( «شرح النووي على صحيح مسلم» (‪.)242/14‬‬
‫‪317‬‬ ‫وبأجور مطلقة‬
‫ٍ‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬المضاعفة‬

‫ألن ُر ِز َق التّوب َة‪،‬‬ ‫َ‬


‫الفعل سب ًبا ْ‬ ‫ب بأن و َّف َقه اهلل بعد ذلك للت ِ‬
‫ّوبة‪ ،‬فكان هذا‬ ‫المذنِ ِ‬
‫ُ‬ ‫لهذا ُ‬
‫والتّوب ُة ٌ‬
‫سبب للمغفرة‪.‬‬

‫ألن اهلل تعالى إذا كانت له‬ ‫الزنا بِ ِع َظ ِم ِه؛ ّ‬ ‫إن هذا َ‬
‫الفعل بنفسه َك َّف َر ِّ‬ ‫ومنهم من قال‪َّ :‬‬
‫الحسنات‪ ،‬حتّى َت ْغ ِلب السي َئ ِ‬
‫ات‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ضاعف له‬ ‫وس َب َق ْت له عندَ ُه عناي ٌة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫َ َ ِّ‬ ‫َ‬ ‫في ال َع ْبد إرادةٌ‪َ ،‬‬
‫حيح‪ ،‬فليس بممتن ٍع أن ُض ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫ف‬‫وع َ‬ ‫الص ِ‬ ‫كالجبل العظي ِم‪ ،‬كما في الحديث ّ‬ ‫تكون‬ ‫حتّى‬
‫الزنا ً‬
‫فضل من اهلل‪.‬‬ ‫األجر حتّى َو َازى ِّ‬
‫ُ‬ ‫لهذا‬

‫ب ذلك»(‪.)1‬‬
‫فاس ْتو َج َ‬
‫س ْ‬ ‫ألن فيه إحيا َء َن ْف ٍ‬
‫وازا ُه بنفسه و َفدَ ا ُه؛ ّ‬
‫وقيل‪ :‬بل َ‬
‫ومن فوائد أحاديث هذا المطلب‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ قال ابن ُهبيرة‪« :‬في هذا الحديث من الفقه‪ :‬اعتراض الشدائد لإلنسان في‬
‫أوقاته‪ ،‬وهي وإن كانت شدة في وقتها؛ فإنها سيقلبها اهلل نعمة في وقت آخر‪ ،‬فإن‬
‫ذلك اإلنسان لما اشتد به العطش‪ ،‬ذكر به غيره‪ ،‬فعرفه مبلغ الظمأ من الظمآن‪ ،‬فأوى‬
‫إلى ذلك الكلب حين رآه في مثل حاله‪ ،‬فكان ذلك سب ًبا لرحمته الكلب‪ ،‬و‪‬‬
‫به‪ ،‬من حيث إنه أباله ً‬
‫أول حتى راضه وأدبه‪ ،‬فجعل رياضته تلك سب ًبا لرحمته خلقه‪،‬‬
‫فرحمه ‪.)2(»‬‬

‫أيضا من الفقـه‪ :‬أن الرحمة في القلـوب ـ حتى البهائم ـ‬


‫أيضـا‪« :‬فيـه ً‬
‫‪ 2‬ـ وقـال ً‬
‫سـبب خيـرة وأجـر‪ ،‬واسـتعطاف لـرب السـماء واألرض؛ فإنـه يرحـم مـن عبـاده‬
‫الرحمـاء»(‪.)3‬‬

‫((( «المسالك في شرح موطأ مالك» البن العربي (‪.)400/7‬‬


‫(( ( «اإلفصاح عن معاني الصحاح» البن هبيرة (‪ 411/6‬ـ ‪.)412‬‬
‫(( ( «اإلفصاح عن معاني الصحاح» البن هبيرة (‪.)412/6‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪318‬‬

‫أيضا‪« :‬فيه‪ :‬أن رحمة الدواب ـ حتى الكالب التي ال أجر في اقتنائها بل‬
‫‪ 3‬ـ وقال ً‬
‫أجرا‪ ،‬فدل على أن رحمة ما هو أكرم منها من الدواب كالشاة‪ ،‬والبقر وغيرها‪ ،‬فيها‬
‫وزر ـ ً‬
‫أجر‪ ،‬فذكر ذلك على عادته في اإلتيان بجميع الكلم فقال‪« :‬في كل كبد رطبة أجر»»(‪.)1‬‬
‫قال القاضي عياض‪« :‬هذا عا ٌّم في سائر الحيوان‪ّ ،‬‬
‫وأن اإلحسان إلى جميعها‪،‬‬
‫ك ّن مملوكات أو غير مملوكات‪ ،‬طاعة هلل مأجور صاحبها‪ ،‬مك ّفر لسيئاته‪ .‬وبحسب‬
‫ذلك العقاب على اإلساءة لها والوزر»(‪.)2‬‬
‫ت‬ ‫ول اهللِ ﷺ َق َال‪« :‬ع ِّذب ِ‬ ‫كما جاء في حديث َع ْب ِد اهللِ ْب ِن ُع َم َر ‪َ ،‬أ َّن َر ُس َ‬
‫ُ َ‬
‫ت فِ َيها الن ََّار‪ ،‬ال ِه َي َأ ْط َع َمت َْها َوال َس َقت َْها‪ ،‬إِ ْذ‬ ‫ْام َر َأ ٌة فِي ِه َّر ٍة َس َج َنت َْها َحتَّى َمات ْ‬
‫َت‪َ ،‬فدَ َخ َل ْ‬
‫ض»(‪.)3‬‬ ‫اش األَ ْر ِ‬‫َح َب َست َْها‪َ ،‬وال ِه َي ت ََر َكت َْها ت َْأك ُُل ِم ْن َخ َش ِ‬

‫يقول النووي‪« :‬في هذا الحديث الحث على اإلحسان إلى الحيوان المحترم‬
‫وهو ما ال يؤمر بقتله فأما المأمور بقتله فيمتثل أمر الشرع في قتله والمأمور بقتله‬
‫كالكافر الحربي والمرتد والكلب العقور والفواسق الخمس وما في معناهن وأما‬
‫المحترم فيحصل الثواب بسقيه واإلحسان إليه أيض ًا بإطعامه وغيره سواء كان‬
‫مملوك ًا أو مباح ًا وسواء كان مملوك ًا له أو لغيره واهلل أعلم»(‪.)4‬‬
‫‪ 4‬ـ قال ابن حجر‪« :‬فيه الحث على اإلحسان إلى الناس ألنه إذا حصلت‬
‫المغفرة بسبب سقي الكلب فسقي المسلم أعظم أجر ًا»(‪.)5‬‬

‫(( ( «اإلفصاح عن معاني الصحاح» البن هبيرة (‪.)412/6‬‬


‫(( ( «إكمال المعلم بفوائد مسلم» للقاضي عياض (‪.)181/7‬‬
‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)3482‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)2242‬‬
‫(( ( «شرح النووي على صحيح مسلم» (‪.)241/14‬‬
‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)42/5‬‬
‫‪319‬‬ ‫وبأجور مطلقة‬
‫ٍ‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬المضاعفة‬

‫‪ 5‬ـ قال ابن حجر‪« :‬استدل به على جواز صدقة التطوع للمشركين وينبغي أن‬
‫يكون محله ما إذا لم يوجد هناك مسلم فالمسلم أحق وكذا إذا دار األمر بين البهيمة‬
‫واآلدمي المحترم واستويا في الحاجة فاآلدمي أحق واهلل أعلم»(‪.)1‬‬

‫***‬
‫تاسعا‪ :‬من يموت له ثالثة من الولد لم يبلغوا ِ‬
‫الحنْث‪.‬‬ ‫ً‬
‫من سنن اهلل في الحياة الدنيا‪ :‬االبتالء بجميع صوره‪ ،‬سواء في‪ :‬النفس أو‬
‫المال‪ ،‬أو األهل‪ ،‬أو غير ذلك‪ ،‬ومن ذلك ف ْقد األوالد‪ ،‬لذلك جاء الجزاء لمن ابتُلي‬
‫ٍ‬
‫ثالثة من الولد بمغفرة الذنوب‪.‬‬ ‫بفقد‬

‫«ما ِم ْن ُم ْسلِ َم ْي ِن َي ُم ُ‬
‫وت َب ْين َُه َما‬ ‫فعن أبي ذر ‪ ‬قال‪َ :‬ق َال رس ُ ِ‬
‫ول اهلل ﷺ‪َ :‬‬ ‫َ ُ‬ ‫ٍّ‬
‫ِِ‬ ‫َث َل َث ُة َأو َل ٍد َلم يب ُلغُوا ا ْل ِ‬
‫اه ْم»(‪.)2‬‬ ‫هلل َل ُه َما بِ َف ْض ِل َر ْح َمته إِ َّي ُ‬
‫ْث إِ َّل َغ َف َر ا ُ‬‫حن َ‬ ‫ْ َْ‬ ‫ْ‬
‫َّاس ِم ْن ُم ْسلِمٍ‪ُ ،‬يت ََو َّفى َل ُه‬
‫«ما ِم َن الن ِ‬ ‫َس ‪َ ،‬ق َال‪َ :‬ق َال النَّبِ ُّي ﷺ‪َ :‬‬ ‫و َع ْن َأن ٍ‬
‫ِِ‬ ‫الث َلم يب ُلغُوا ِ‬
‫اه ْم»(‪.)3‬‬ ‫الجنَّ َة بِ َف ْض ِل َر ْح َمته إِ َّي ُ‬
‫هلل َ‬ ‫ْث‪ ،‬إِ َّل َأ ْد َخ َل ُه ا ُ‬ ‫الحن َ‬ ‫َث ٌ ْ َ ْ‬
‫«ما ِم ْن ُم ْسلِ َم ْي ِن َي ُم ُ‬
‫وت َل ُه َما‬ ‫ول اهلل ﷺ‪َ :‬‬
‫و َعن َأبِي ُهرير َة ‪َ ‬ق َال‪َ :‬ق َال رس ُ ِ‬
‫َ ُ‬ ‫ََْ‬ ‫ْ‬
‫اه ْم بِ َف ْض ِل َر ْح َمتِ ِه ا ْل َجنَّ َة‪َ .‬ق َال‪ُ :‬ي َق ُال‬ ‫ْث‪ ،‬إِ َّل َأ ْد َخ َل ُه َما ا ُ‬
‫هلل َوإِ َّي ُ‬ ‫حن َ‬ ‫َث َل َث ُة َأو َل ٍد َلم يب ُلغُوا ا ْل ِ‬
‫ْ َْ‬ ‫ْ‬
‫ون ِم ْث َل‬
‫ات‪َ .‬ف َي ُقو ُل َ‬‫ث مر ٍ‬
‫يء َأ َب َوانَا» َق َال َث َل َ َ َّ‬ ‫ج َ‬ ‫ون‪َ :‬حتَّى َي ِ‬ ‫َل ُه ْم‪ :‬ا ْد ُخ ُلوا ا ْل َجنَّ َة‪َ .‬ق َال‪َ :‬ف َي ُقو ُل َ‬
‫َذلِ َك َق َال‪َ « :‬ف ُي َق ُال َل ُه ْم‪ :‬ا ْد ُخ ُلوا ا ْل َجنَّ َة َأ ْنت ُْم َو َأ َب َواك ُْم»(‪.)4‬‬

‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)42/5‬‬


‫((( أخرجه النسائي في «سننه» رقم (‪ ،)1874‬وإسناده صحيح‪.‬‬
‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪.)1248‬‬
‫(( ( أخرجه أحمد في «المسند» رقم (‪ ،)10622‬وإسناده صحيح‪.‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪320‬‬

‫الح ُلم فتكتب عليهم اآلثام»(‪.)1‬‬ ‫ِ‬


‫والمراد بقوله‪« :‬لم يبلغوا الحنْث»‪« :‬أي‪ :‬لم يبلغوا ُ‬
‫«م ْن ُم ْسلِمٍ» تقييده به؛ ليخرج به الكافر‪ ،‬قال ابن حجر‪« :‬والحديث‬
‫ويفيد قوله‪ِ :‬‬

‫ظاهر في اختصاص ذلك بالمسلم‪ ،‬لكن هل يحصل ذلك لمن مات له أوال ٌد في‬
‫نظر»‪.‬‬
‫الكفر ثم أسلم‪ ،‬فيه ٌ‬
‫الس َل ِم ِّي َق َال‪،‬‬
‫استدل ‪ ‬على عدم ذلك بحديث َع ْم ِرو ْب ِن َع َب َس َة ُّ‬ ‫ّ‬ ‫ثم‬
‫«م ْن ُولِدَ َل ُه َث َل َث ُة َأ ْو َل ٍد فِي ْ ِ‬
‫ال ْس َلمِ‪َ ،‬ف َماتُوا َق ْب َل َأ ْن‬ ‫ول اهللِ ﷺ َي ُق ُ‬
‫ول‪َ :‬‬ ‫َس ِم ْع ُت َر ُس َ‬
‫ِِ‬ ‫يب ُلغُوا ا ْل ِ‬
‫ْث‪َ ،‬أ ْد َخ َل ُه اهللُ َع َّز َو َج َّل ا ْل َجنَّ َة بِ َر ْح َمته إِ َّي ُ‬
‫اه ْم» (‪.)2‬‬ ‫حن َ‬ ‫َْ‬
‫ب َث َل َث ًة ِم ْن‬ ‫«م ِن ْ‬
‫احت ََس َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ويؤكّده رواية َأن ٍ‬
‫َس ‪َ ،‬ع ْن َر ُسول اهلل ﷺ َق َال‪َ :‬‬
‫ُص ْلبِ ِه َد َخ َل ا ْل َجنَّ َة»(‪.)3‬‬

‫ب» معناه‪« :‬صبر راض ًيا بقضاء اهلل‪ ،‬راج ًيا لرحمته وغفرانه» (‪ ،)4‬وهذا‬
‫و«احت ََس َ‬
‫ْ‬
‫ال يكون إال من المؤمن‪.‬‬
‫ٍ‬
‫لكافر يموت أوالده‪ .‬ويحتمل‬ ‫َ‬
‫«شرط فيه اإلسالم؛ ألنه ال نجاة‬ ‫قال ابن الملقن‪:‬‬
‫تمسه النار‬ ‫أن يكون ذلك كما قال ابن التين‪ّ :‬‬
‫ألن أجره على مصابه يكفر عنه ذنوبه‪ ،‬فال ّ‬
‫التي يعاقب بها أهل الذنوب‪ ،‬ففي هذا تسلية للمسلمين في مصابهم بأوالدهم»(‪.)5‬‬
‫ٍ‬
‫بحث‪ ،‬والذي‬ ‫قال ابن حجر‪« :‬هل يدخل في األوالد أوالد األوالد؟ ّ‬
‫محل‬

‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)120/3‬‬


‫(( ( أخرجه سعيد بن منصور في «سننه» رقم (‪ ،)2419‬وإسناده ضعيف‪ ،‬لكنه حسن لغيره بشواهده‪.‬‬
‫((( أخرجه النسائي في «سننه» رقم (‪ ،)1872‬وإسناده حسن‪.‬‬
‫((( «الكواكب الدراري» للكرماني (‪.)58/7‬‬
‫(( ( «التوضيح» البن المل ّقن (‪.)435/9‬‬
‫‪321‬‬ ‫وبأجور مطلقة‬
‫ٍ‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬المضاعفة‬

‫أن أوالد الصلب يدخلون‪ ،‬والس ّيما عند ف ْق ِد الوسائط بينهم وبين األب‪ ،‬وفي‬
‫يظهر ّ‬
‫التقييد بكونهم «من صلبه» ما ّ‬
‫يدل على إخراج أوالد البنات»(‪.)1‬‬

‫ومن فوائد أحاديث هذا المطلب‪:‬‬

‫والحب له‬
‫ّ‬ ‫ص الصغير بذلك؛ ّ‬
‫ألن الشـفقة عليه أعظـم‪،‬‬ ‫‪ 1‬ـ قـال ابـن حجر‪ُ :‬‬
‫«خ ّ‬
‫أشـدّ ‪ ،‬والرحمـة لـه أوفر‪ ،‬وعلى هـذا فمن بلـغ الحنث ال يحصـل لمن َف َقـدَ ه ما ذكر‬
‫كثير من‬
‫صـرح ٌ‬ ‫مـن هـذا الثـواب‪ ،‬وإن كان فـي َف ْقـد الولـد ٌ‬
‫أجر فـي الجملة‪ ،‬وبهـذا ّ‬
‫وفرقـوا بيـن البالغ وغيره بأنـه يتصور منـه العقوق المقتضي لعـدم الرحمة‬
‫العلمـاء‪ّ ،‬‬
‫بخلاف الصغيـر فإنـه ال يتصـور منـه ذلـك إذ ليـس بمخاطب»‪ .‬ثـم قـال‪« :‬ويقويه‪:‬‬
‫قولـه فـي بقية الحديـث‪« :‬بفضـل رحمته إياهـم»؛ ألن الرحمـة للصغار أكثـر؛ لعدم‬
‫حصول اإلثم منهـم»(‪.)2‬‬
‫‪ 2‬ـ قال ابن حجر‪« :‬هل يلتحق بالصغار من بلغ مجنونًا ً‬
‫مثل واستمر على ذلك‬
‫فمات‪ ،‬فيه نظر؛ ّ‬
‫ألن كونهم ال إثم عليهم يقتضي اإللحاق‪ ،‬وكون االمتحان بهم‬
‫يخف بموتهم يقتضي عدمه‪ ،‬ولم يقع التقييد في طرق الحديث بشدة الحب وال‬
‫عدمه‪ ،‬وكان القياس يقتضي ذلك لما يوجد من كراهة بعض الناس لولده وتبرمه‬
‫منه والس ّيما من كان ض ّيق الحال‪ ،‬لكن لما كان الولد مظنة المحبة والشفقة نيط به‬
‫الحكم وإن تخلف في بعض األفراد»(‪.)3‬‬
‫‪ 3‬ـ قـال ابـن بطـال‪« :‬فيـه ٌ‬
‫دليـل علـى أن أطفـال المسـلمين بالجنـة»‪ ،‬قـال ابن‬

‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)120/3‬‬


‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)120/3‬‬
‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪ 120/3‬ـ ‪.)121‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪322‬‬

‫عبـد البـر(‪ )1‬وابـن الملقـن‪ :‬وهـو إجمـاع‪ ،‬زاد األخيـر‪« :‬وال عبـرة بالمج ّبـرة حيـث‬
‫مهجـور مردو ٌد‬
‫ٌ‬ ‫جعلوهـم تحت المشـيئة‪ ،‬فال يعتدّ بخالفهـم وال بوفاقهم‪ ،‬وهو ٌ‬
‫قول‬
‫بالسـنّة‪ ،‬وإجمـاع من ال يجوز عليهم الغلط؛ السـتحالة غفران الذنـوب لآلباء رحمة‬
‫لهـم دون أوالدهم‪ ،‬فـإن اآلباء رحمـوا بهم»(‪.)2‬‬

‫***‬

‫عاشرا‪ :‬قول سبحان اهلل والحمد هلل واهلل أكبر عقب الصالة‪:‬‬
‫ً‬
‫من األوراد الجليلة التي جاءت بها السنة الغراء عقب الصلوات اليومية‪:‬‬
‫التسبيح والتحميد والتكبير‪ ،‬وقد ضمن النبي ﷺ لقائلها عدم الخيبة في الدنيا‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ات َل َيخ ُ‬
‫يب‬ ‫ب ْب ِن ُع ْج َر َة ‪َ ،‬ع ْن َر ُسول اهلل ﷺ َق َال‪ُ :‬‬
‫«م َع ِّق َب ٌ‬ ‫ف َع ْن َك ْع ِ‬

‫ث َو َث َل ُث َ‬
‫ون‬ ‫ون ت َْسبِ َ‬
‫يح ًة‪َ ،‬و َث َل ٌ‬ ‫اع ُل ُه َّن ـ ُد ُب َر ك ُِّل َص َل ٍة َم ْكتُو َب ٍة‪َ ،‬ث َل ٌ‬
‫ث َو َث َل ُث َ‬ ‫َقائِ ُلهن ـ َأو َف ِ‬
‫ُ َّ ْ‬
‫ت َْح ِميدَ ةً‪َ ،‬و َأ ْر َب ٌع َو َث َل ُث َ‬
‫ون َت ْكبِ َيرةً» (‪.)3‬‬

‫أيضا‪ :‬ما رواه أبو هريرة ‪ ‬قال‪َ :‬جا َء ال ُف َق َرا ُء‬ ‫ومن فضائلها العظيمة ً‬
‫ات ال ُع َل‪َ ،‬والن َِّعي ِم‬ ‫ال بِالدَّ رج ِ‬
‫َ َ‬ ‫ور(‪ِ )4‬م َن األَم َو ِ‬
‫ْ‬ ‫ب َأ ْه ُل الدُّ ُث ِ‬‫إِ َلى النَّبِ ِّي ﷺ‪َ ،‬ف َقا ُلوا‪َ :‬ذ َه َ‬
‫ون كَما ن َُصوم‪َ ،‬و َل ُهم َف ْض ٌل ِم ْن َأم َو ٍ‬ ‫الم ِقي ِم ُي َص ُّل َ‬
‫ون‬‫ال َي ُح ُّج َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ون ك ََما ن َُص ِّلي‪َ ،‬و َي ُصو ُم َ َ‬ ‫ُ‬
‫«أال ُأ َحدِّ ُثك ُْم إِ ْن َأ َخ ْذت ُْم َأ ْد َر ْكت ُْم َم ْن‬
‫ون‪َ ،‬ق َال‪َ :‬‬ ‫ون‪ ،‬ويج ِ‬ ‫ِ‬
‫ون‪َ ،‬و َيت ََصدَّ ُق َ‬
‫اهدُ َ‬ ‫بِ َها‪َ ،‬و َي ْعتَم ُر َ َ ُ َ‬

‫(( ( «التمهيد» البن عبد البر (‪.)348/6‬‬


‫((( «التوضيح» البن الملقن (‪.)432/9‬‬
‫((( أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (‪.)596‬‬
‫ال ْثنَ ْي ِن َوا ْل َج ِميع»‪.‬‬
‫الواحد و ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ويقع َع َلى‬
‫الكثير‪ُ ،‬‬
‫ُ‬ ‫ور‪َ :‬ج ْم ُع َد ْث ٍر‪َ ،‬و ُه َو ُ‬
‫المال‬ ‫(( ( الدُّ ُثور‪ :‬قال ابن األثير‪« :‬الدُّ ُث ُ‬
‫«النهاية في غريب الحديث واألثر» البن األثير (‪.)100/2‬‬
‫‪323‬‬ ‫وبأجور مطلقة‬
‫ٍ‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬المضاعفة‬

‫َس َب َقك ُْم َو َل ْم ُيدْ ِر ْكك ُْم َأ َحدٌ َب ْعدَ ك ُْم‪َ ،‬و ُكنْت ُْم َخ ْي َر َم ْن َأ ْنت ُْم َب ْي َن َظ ْه َرا َن ْي ِه إِ َّل َم ْن َع ِم َل ِم ْث َل ُه‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫اخ َت َل ْفنَا َب ْينَنَا‪َ ،‬ف َق َال‬
‫ين»‪َ ،‬ف ْ‬ ‫ف ك ُِّل َصالة َثال ًثا َو َثالث َ‬ ‫ون َخ ْل َ‬‫ون َو ُت َك ِّب ُر َ‬
‫ون َوت َْح َمدُ َ‬ ‫ت َُس ِّب ُح َ‬
‫َب ْع ُضنَا‪ :‬ن َُس ِّب ُح َثال ًثا َو َثالثِي َن‪َ ،‬ون َْح َمدُ َثال ًثا َو َثالثِي َن‪َ ،‬و ُن َك ِّب ُر َأ ْر َب ًعا َو َثالثِي َن‪َ ،‬ف َر َج ْع ُت‬
‫ُون ِمن ُْه َّن ُك ِّل ِه َّن َثال ًثا‬
‫الح ْمدُ هللِ‪َ ،‬واهللُ َأ ْك َب ُر‪َ ،‬حتَّى َيك َ‬ ‫ول‪« :‬سبح َ ِ‬
‫ان اهلل‪َ ،‬و َ‬
‫ِ‬
‫إِ َل ْيه‪َ ،‬ف َق َال‪َ :‬ت ُق ُ ُ ْ َ‬
‫ِ‬
‫ين»(‪.)1‬‬ ‫َو َثالث َ‬
‫وللترغيب في هذا ّ‬
‫الذكْر أكثر جاء الفضل فيه بتكفير ذنوب قائلها‪:‬‬

‫هلل فِي ُد ُب ِر ك ُِّل َص َل ٍة َث َل ًثا‬‫«م ْن َس َّب َح ا َ‬


‫ِ ِ‬
‫ف َع ْن َأبِي ُه َر ْي َرةَ‪َ ،‬ع ْن َر ُسول اهلل ﷺ قال‪َ :‬‬
‫ون‪،‬‬ ‫ك تِ ْس َع ٌة َوتِ ْس ُع َ‬ ‫ين‪َ ،‬فتْلِ َ‬ ‫ِ‬
‫هلل َث َل ًثا َو َث َلث َ‬
‫ِ‬
‫هلل َث َل ًثا َو َث َلث َ‬
‫ين‪َ ،‬و َك َّب َر ا َ‬
‫ِ‬
‫ين‪َ ،‬و َحمدَ ا َ‬
‫ِ‬
‫َو َث َلث َ‬
‫ك َو َل ُه ا ْل َح ْمدُ َو ُه َو َع َلى‬ ‫يك َل ُه‪َ ،‬ل ُه ا ْل ُم ْل ُ‬‫َو َق َال‪ :‬ت ََما َم ا ْل ِمائ َِة‪َ :‬ل إِ َل َه إِ َّل اهللُ َو ْحدَ ُه َل َش ِر َ‬
‫َت ِم ْث َل َز َب ِد ا ْل َب ْح ِر» (‪.)2‬‬
‫ك ُِّل َش ْي ٍء َق ِد ٌير ُغ ِف َر ْت َخ َطا َيا ُه َوإِ ْن كَان ْ‬

‫والمـراد بـ«الخطايـا»‪« :‬الذنـوب الصغائـر‪ ،‬ويحتمـل الكبائـر‪ ،‬وإن كانـت فـي‬


‫الكثـرة أو فـي العظمـة مثـل زبـد البحـر‪ ،‬وهـو مـا يعلـو علـى وجهـه عنـد هيجانـه‬
‫يضـر الفصل بين‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ومحـل هـذا الذكر عقـب الصلـوات «المكتوبة‪ ،‬وال‬ ‫وتموجـه»(‪،)3‬‬
‫ّ‬
‫المكتوبـة والذكـر عقبها بالراتبـة»(‪.)4‬‬

‫يقول الغزالي‪« :‬ال تظ ّن أن اإلجابة الموعودة بإزاء تحريك اللسان بهذه‬


‫الكلمات من غير حصول معانيها في القلب‪ ،‬فـ«سبحان اهلل»‪ :‬كلم ٌة ّ‬
‫تدل على‬

‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)843‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)595‬‬


‫((( أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (‪.)595‬‬
‫(( ( «مرقاة المفاتيح» للقاري (‪.)767/2‬‬
‫((( «دليل الفالحين» البن عالن (‪.)218/7‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪324‬‬

‫تدل على معرفة النعمة من الواحد الحق‪ ،‬و«التّكبير»‪ّ :‬‬


‫يدل‬ ‫التقديس‪ ،‬و«الحمد هلل»‪ُّ :‬‬
‫على التعظيم‪ ،‬فاإلجابة بإزاء هذه المعارف التي هي أبواب اإليمان واليقين» (‪.)1‬‬
‫ومن فوائد أحاديث هذا المطلب‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ فيه «جواز العدّ واإلحصاء لألذكار‪ ،‬ور ٌّد على من كره ذلك‪ ،‬وظاهره بأنه‬
‫يسبح ثال ًثا وثالثين‪ ،‬ويحمد ثال ًثا وثالثين‪ ،‬ويك ّبر ثال ًثا وثالثين‪ ،‬وهو ْأولى من أن‬
‫يأتي بها مجموعة‪ ،‬بأن يقول‪ :‬سبحان اهلل والحمد هلل واهلل أكبر ثال ًثا وثالثين على ما‬
‫سلكه بعضهم»(‪.)2‬‬
‫‪ 2‬ـ قال ابن حجر‪« :‬استنبط من هذا‪ّ :‬‬
‫أن مراعاة العدد المخصوص في األذكار‬
‫معتبرة‪ ،‬وقد كان بعض العلماء يقول‪ :‬إن األعداد الواردة كالذكْر عقب الصلوات إذا‬
‫مخصوص فزاد اآلتي بها على العدد المذكور ال يحصل له ذلك‬
‫ٌ‬ ‫ثواب‬
‫ٌ‬ ‫رتّب عليها‬
‫الثواب المخصوص؛ الحتمال أن يكون لتلك األعداد حكمة وخاصية تفوت بمجاوزة‬
‫ذلك العدد‪ .‬قال شيخنا الحافظ أبو الفضل ـ يعني‪ :‬العراقي ـ في شرح الترمذي‪ :‬وفيه‬
‫نظر؛ ألنه أتى بالمقدار الذي رتب الثواب على اإلتيان به فحصل له الثواب بذلك فإذا‬
‫زاد عليه من جنسه كيف تكون الزيادة مزيلة لذلك الثواب بعد حصوله»‪.‬‬
‫ثم قال ابن حجر‪« :‬ويمكن أن يفترق الحال فيه بالنية‪ ،‬فإن نوى عند االنتهاء إليه‬
‫امتثال األمر الوارد ثم أتى بالزيادة فاألمر كما قال شيخنا ال محالة‪ ،‬وإن زاد بغير ٍ‬
‫نية‬
‫بأن يكون الثواب رتب على عشرة ً‬
‫مثل فرتبه هو على مائة فيتجه القول الماضي»(‪.)3‬‬
‫***‬

‫((( «إحياء علوم الدين» للغزالي (‪.)82/4‬‬


‫(( ( «فيض القدير» للمناوي (‪.)86/4‬‬
‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)330/2‬‬
‫‪325‬‬ ‫وبأجور مطلقة‬
‫ٍ‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬المضاعفة‬

‫ّ‬
‫المتقدمة والمتأخرة‪.‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬مغفرة الذنوب‬

‫ـ صوم يوم عرفة‪:‬‬

‫عز‬
‫ليتقرب إلى اهلل ّ‬
‫جعل اهلل لإلنسان أيا ًما فضيلة يهتبلها في مواسم الطاعات؛ ّ‬
‫وجل بها‪ ،‬من هذه األيام‪ :‬يوم عرفة‪ ،‬وقد جاء في مضاعفة أجر صيامه ما لم يجتمع‬
‫ليو ٍم آخر‪ ،‬وذلك في مغفرة ذنوب صائمه المتقدّ مة والمتأخرة‪.‬‬

‫ـف ت َُصـو ُم؟‬ ‫ـال‪َ :‬ك ْي َ‬ ‫ـي ﷺ‪َ ،‬ف َق َ‬ ‫ف َعـ ْن َأبِـي َقتَـا َد َة ‪ ‬قـال‪َ :‬ر ُج ٌـل َأتَـى النَّبِ َّ‬
‫ـال‪َ :‬ر ِضينَـا بِـاهللِ َر ًّبـا‪،‬‬
‫ـول اهللِ ﷺ‪َ ،‬ف َل َّمـا َر َأى ُع َم ُـر ‪َ ،‬غ َض َبـ ُه‪َ ،‬ق َ‬ ‫ـب َر ُس ُ‬ ‫ِ‬
‫َف َغض َ‬
‫ب َر ُسـولِ ِه‪َ ،‬ف َج َع َل‬ ‫ـب اهللِ َو َغ َض ِ‬ ‫ـد نَبِ ًّيـا‪َ ،‬ن ُعو ُذ بِـاهللِ ِم ْن َغ َض ِ‬
‫لا ِم ِدينًـا‪ ،‬وبِمحم ٍ‬
‫َ ُ َ َّ‬ ‫َوبِ ْ ِ‬
‫ال ْس َ‬
‫ـول اهللِ‪،‬‬
‫ـال ُع َم ُـر‪َ :‬يـا َر ُس َ‬
‫ـذا ا ْلـك ََل َم َحتَّـى َسـ َك َن َغ َض ُبـ ُه‪َ ،‬ف َق َ‬
‫ُع َم ُـر ‪ُ ‬ي َـر ِّد ُد َه َ‬
‫ـم َو َل ْم‬ ‫«ل َصـا َم َو َل َأ ْف َط َـر» ـ َأ ْو َق َ‬
‫ـال ـ « َل ْم َي ُص ْ‬ ‫ـف بِ َمـ ْن َي ُصـو ُم الدَّ ْه َـر ُك َّلـ ُه؟ َق َال‪َ :‬‬
‫َك ْي َ‬
‫ـك َأ َحدٌ ؟» َق َال‪:‬‬ ‫«و ُيطِ ُيق َذلِ َ‬
‫ـال‪َ :‬‬ ‫ـن َو ُي ْفطِ ُر َي ْو ًما؟ َق َ‬
‫ف َم ْن َي ُصـو ُم َي ْو َم ْي ِ‬ ‫ُي ْفطِ ْـر» َق َ‬
‫ـال‪َ :‬ك ْي َ‬
‫ف‬ ‫ـو ُم َد ُاو َد ‪َ »‬ق َ‬
‫ـال‪َ :‬ك ْي َ‬ ‫اك َص ْ‬ ‫ـال‪َ « :‬ذ َ‬ ‫ـف َمـ ْن َي ُصـو ُم َي ْو ًمـا َو ُي ْفطِ ُر َي ْو ًمـا؟ َق َ‬ ‫َك ْي َ‬
‫ـول اهللِ‬ ‫ت َذلِ َك»‪ُ .‬ث َّم َق َال َر ُس ُ‬
‫«و ِد ْد ُت َأنِّـي ُط ِّو ْق ُ‬
‫ـن؟ َق َال‪َ :‬‬ ‫َمـ ْن َي ُصـو ُم َي ْو ًما َو ُي ْفطِ ُر َي ْو َم ْي ِ‬
‫ـه‪ِ ،‬ص َيا ُم‬
‫ـذا ِصيـام الدَّ ه ِر ُك ِّل ِ‬
‫ان‪َ ،‬ف َه َ َ ُ ْ‬ ‫ـان إِ َلـى َر َم َض َ‬
‫ـه ٍر‪َ ،‬و َر َم َض ُ‬ ‫ـن ك ُِّل َش ْ‬ ‫ثم ْ‬
‫ﷺ‪َ « :‬ث َلا ٌ ِ‬

‫السـ َن َة ا َّلتِي َب ْعـدَ ُه‪َ ،‬و ِص َيا ُم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ـب َع َلـى اهلل َأ ْن ُي َك ِّف َر َّ‬
‫السـ َن َة ا َّلتـي َق ْب َل ُه‪َ ،‬و َّ‬
‫ِ‬
‫ـو ِم َع َر َفـ َة‪َ ،‬أ ْحتَس ُ‬
‫َي ْ‬
‫السـنَ َة ا َّلتِـي َق ْب َل ُه»(‪.)1‬‬ ‫ِ‬
‫ـب َع َلـى اهلل َأ ْن ُي َك ِّف َر َّ‬
‫ِ‬
‫ـور َاء‪َ ،‬أ ْحتَس ُ‬
‫اش َ‬ ‫ـو ِم َع ُ‬‫َي ْ‬

‫قال ابن حجر‪« :‬ظاهره ّ‬


‫أن صيام يوم عرفة أفضل من صيام يوم عاشوراء»(‪.)2‬‬

‫((( سبق تخريجه‪.‬‬


‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)249/4‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪326‬‬

‫السنَ َة ا َّلتِي‬ ‫ِ‬


‫ب َع َلى اهلل َأ ْن ُي َك ِّف َر َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وفي رواية أخرى‪« :‬ص َيا ُم َي ْو ِم َع َر َف َة‪ ،‬إِنِّي َأ ْحتَس ُ‬
‫السنَ َة ا َّلتِي َب ْعدَ ه»(‪.)1‬‬
‫َق ْب َل ُه َو َّ‬
‫النبي ﷺ قد أعلم صيام يوم عرفة يك ّفر السنة التي قبله‪،‬‬
‫«فإن ّ‬‫قال ابن خزيمة‪ّ :‬‬
‫والتي بعده‪ّ ،‬‬
‫فدل ّ‬
‫أن العمل الصالح قد يتقدّ م الفعل‪ ،‬فيكون العمل الصالح المتقدّ م‬
‫يك ّفر السنة التي تكون بعده»(‪.)2‬‬

‫ورجـح النـووي(‪ ،)3‬والمظهـر الزيدانـي(‪ ،)4‬والصنعانـي(‪ّ )5‬‬


‫أن مغفـرة الذنـوب‬ ‫ّ‬
‫وفصل البلقينـي في ذلك فقـال ـ كما‬
‫بصيـام عرفـة إنمـا هـو للصغائـر دون الكبائـر‪ّ ،‬‬
‫نقلـه عنـه المناوي ـ‪« :‬الناس أقسـام‪ :‬منهم مـن ال صغائر له وال كبائـر فصوم عرفة له‬
‫رفـع درجـات‪ ،‬ومن لـه صغائر فقط بلا إصرار فهو مكفـر له باجتنـاب الكبائر‪ ،‬ومن‬
‫لـه صغائـر مـع اإلصـرار فهي التـي تكفـر بالعمـل الصالح كصلاة وصـوم‪ ،‬ومن له‬
‫كبائـر وصغائـر فالمكفـر له بالعمـل الصالح الصغائر فقـط‪ ،‬ومن له كبائـر فقط يكفر‬
‫عنه بقـدر مـا كان يكفر من الصغائـر»(‪.)6‬‬

‫ووجـه المضاعفـة الزائـدة فيه عـن صوم يـوم عاشـوراء ـ كما يقول ابـن حجر ـ‪:‬‬
‫منسـوب إلى‬
‫ٌ‬ ‫منسـوب إلـى سـيدنا موسـى ‪ ،‬ويـوم عرفـة‬
‫ٌ‬ ‫إن يـوم عاشـوراء‬

‫(( ( أخرجه الترمذي في «سننه» رقم (‪ ،)749‬وإسناده صحيح‪.‬‬


‫(( ( «صحيح ابن خزيمة» رقم (‪.)2087‬‬
‫(( ( «شرح النووي على صحيح مسلم» (‪.)113/3‬‬
‫(( ( «المفاتيح شرح المصابيح» للمظهر الزيداني (‪.)41/3‬‬
‫(( ( «التنوير شرح الجامع الصغير» للصنعاني (‪.)278/10‬‬
‫(( ( «فيض القدير» للمناوي (‪.)162/6‬‬
‫‪327‬‬ ‫وبأجور مطلقة‬
‫ٍ‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬المضاعفة‬

‫سـيدنا محمد ﷺ؛ لذلك كان يومـه أفضل‪ ،‬وأجره أعظم(‪ ،)1‬وبنحوه قال السـيوطي(‪.)2‬‬
‫ٍ‬
‫شـيء مـن العبـادات أنـه يك ّفـر الزمان المسـتقبل‪،‬‬ ‫«وهـذا ال يوجـد مثلـه في‬
‫بنص‬ ‫خـاص برسـول اهلل ﷺ غفـر اهلل لـه مـا تقدم مـن ذنبـه وما ّ‬
‫تأخـر ّ‬ ‫ٌّ‬ ‫وإنمـا ذلـك‬
‫القـرآن العزيز»(‪.)3‬‬

‫وقد استشكل بعض أهل العلم مسألة تكفير يوم عرفة لِ َسن ٍَة لم تأت بعد؛ ألن‬
‫ٍ‬
‫بأقوال‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫شيء ُيغفر‪ ،‬وقد أجاب العلماء عليه‬ ‫المغفرة تستدعي سبق‬

‫‪ 1‬ـ حمله ابن العربي على أن المراد بالحديث تكفيره لسنة ماضية ومستقبلية‬
‫إذا لم يجد قبله ذنوب عامين‪ ،‬فإن وجد قبله ذنوب عامين كان هما العام ْين ال ّلذ ْين‬
‫يك ّفران(‪ ،)4‬وظاهر حديث أبي قتادة ير ّده‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ وقال الماوردي‪« :‬فيه تأويالن‪ :‬أحدهما‪ :‬إن اهلل يغفر له ذنوب سنتين‪،‬‬
‫ثانيهما‪ :‬إن اهلل تعالى يعصمه في هاتين السنتين فال يعصي فيهما»(‪.)5‬‬

‫‪ 3‬ـ وقال مظهر الدين الزيداني‪« :‬قيل‪ :‬تكفير السنة اآلتية أن يحفظه من الذنوب‬
‫قدرا يكون كفار ًة للسنة الماضية‪ ،‬والقابلة‬
‫فيها‪ ،‬وقيل‪ :‬أن يعطيه من الرحمة والثواب ً‬
‫ذنوب»(‪.)6‬‬
‫ٌ‬ ‫إذا جاءت واتفقت له‬

‫(( ( انظر‪« :‬فتح الباري» البن حجر (‪.)249/4‬‬


‫((( انظر‪« :‬مطلع البدرين فيمن يؤتى أجره مرتين» للسيوطي ص (‪.)47‬‬
‫((( «طرح التثريب» للعراقي (‪.)164/4‬‬
‫(( ( انظر‪« :‬القبس في شرح موطأ مالك بن أنس» البن العربي (‪.)575/2‬‬
‫(( ( «الحاوي الكبير» للماوردي (‪.)472/3‬‬
‫(( ( «المفاتيح شرح المصابيح» لمظهر الدين الزيداني (‪.)41/3‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪328‬‬

‫‪ 4‬ـ وقال العراقي‪« :‬مغفرة ما ّ‬


‫تأخر من الذنوب‪ :‬إ ّما أن ُيراد بها العصمة من‬
‫الذنوب حتى ال يقع فيها‪ ،‬وإما أن يراد به تكفيرها ولو وقع فيها‪ ،‬ويكون المك ِّفر‬
‫متقدّ ًما على المك َّفر»(‪.)1‬‬

‫‪ 5‬ـ وقـال الصنعانـي‪ :‬إن تكفيـره للسـنة المسـتقبلية هـو التجنّـب عـن‬
‫المعاصـي ( ‪. )2‬‬

‫‪ 6‬ـ وقـال المباركفـوري‪« :‬هـو كنايـ ٌة عـن عـدم الوقـوع‪ ،‬يعنـي‪ :‬يحفظهم اهلل‬
‫فـي المسـتقبل عـن الكبائـر‪ ،‬فلا تقـع منهـم كبيـرة‪ ،‬وقيـل‪ :‬معنـاه ّ‬
‫أن ذنوبهـم تقع‬
‫مغفـورةً»(‪.)3‬‬

‫ومن فوائد أحاديث هذا المطلب‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ قـال الترمذي في «السـنن»‪« :‬اسـتحب أهـل العلم صيام عرفـة إال بعرفة»(‪،)4‬‬
‫وقـال المنـذري‪« :‬اختلفـوا في صـوم يوم عرفـة بعرفة‪ ،‬فقـال ابن عمـر ‪ :‬لم‬
‫يصمـه النبـي ﷺ‪ ،‬وال أبـو بكـر‪ ،‬وال عمـر‪ ،‬وال عثمـان‪ ،‬وأنـا ال أصومـه‪ .‬وكان مالك‬
‫والثـوري يختـاران الفطـر‪ ،‬وكان ابـن الزبيـر وعائشـة ‪ ‬يصومـان يـوم عرفة‪،‬‬
‫وروي ذلـك عـن عثمـان بـن أبـي العـاص‪ ،‬وكان إسـحاق يميل إلـى الصـوم‪ ،‬وكان‬
‫عطـاء يقـول‪ :‬أصـوم في الشـتاء‪ ،‬وال أصـوم في الصيـف‪ .‬وقال قتـادة‪ :‬ال بـأس به إذا‬
‫ضعـف عن الدعاء‪ .‬وقال الشـافعي‪ :‬يسـتحب صوم يـوم عرفة لغير الحـاج‪ ،‬فأما‬ ‫لـم ي ِ‬
‫ُ‬

‫((( «طرح التثريب» للعراقي (‪.)164/4‬‬


‫(( ( «التنوير شرح الجامع الصغير» للصنعاني (‪.)278/10‬‬
‫((( «مرعاة المفاتيح» للمباركفوري (‪.)315/4‬‬
‫(( ( «سنن الترمذي» رقم (‪.)749‬‬
‫‪329‬‬ ‫وبأجور مطلقة‬
‫ٍ‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬المضاعفة‬

‫إلـي أن يفطـر لتقويتـه علـى الدعـاء‪ .‬وقـال أحمد بـن حنبـل‪ :‬إن َقدَ َر‬
‫الحـاج فأحـب ّ‬
‫علـى أن يصـوم صـام‪ ،‬وإن أفطـر فذلك يـوم يحتاج فيـه إلى القـوة»(‪.)1‬‬
‫‪ 2‬ـ قال ابن العربي‪« :‬مع ّ‬
‫حث النبي ﷺ على صومه‪ ،‬وإخباره عن فضله‪ ،‬فإنه‬
‫حجه وذلك لوجهين‪:‬‬
‫أفطره يوم ِّ‬
‫يشق على أمته‪.‬‬ ‫أحدهما‪ّ :‬‬
‫لئل ّ‬
‫حاجا‪ ،‬فإنه أقوى له على الدعاء والعبادة‪ ،‬فيكون‬
‫الثاني‪ :‬ليس ّن فطره لمن كان ًّ‬
‫الحاج»(‪.)2‬‬
‫ّ‬ ‫للحاج من عموم الحديث‪ ،‬ويبقى الفضل لغير‬
‫ّ‬ ‫تخصيصا‬
‫ً‬ ‫ذلك‬
‫***‬

‫((( «الترغيب والترهيب» للمنذري (‪.)113/2‬‬


‫((( «القبس في شرح موطأ مالك بن أنس» البن العربي (‪.)575/2‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪330‬‬

‫المبحث الثاني‬
‫مضاعفة األجور باستمرار عمله بعد الموت وعدم انقطاعه‬

‫المطلب األول‪ :‬الرباط في سبيل اهلل والموت فيه‪.‬‬

‫مـن العبـادات الجليلـة التي يتعـدّ ى نفعهـا إلى عمـوم المسـلمين‪ :‬الرباط في‬
‫سـبيل اهلل‪ ،‬والتفانـي فيه حتـى الموت‪ ،‬لذلك جـازى اهلل فاعله باسـتمرار عمله بعد‬
‫الموت‪.‬‬
‫اط َي ْو ٍم‬ ‫ول‪ِ :‬‬
‫«ر َب ُ‬ ‫ول اهللِ ﷺ َي ُق ُ‬ ‫ان الفارسي ‪َ ‬ق َال‪َ :‬س ِم ْع ُت َر ُس َ‬ ‫ف َع ْن َس ْل َم َ‬
‫ي‬ ‫ات َج َرى َع َل ْي ِه َع َم ُل ُه ا َّل ِذي ك َ‬
‫َان َي ْع َم ُل ُه‪َ ،‬و ُأ ْج ِر َ‬ ‫َو َل ْي َل ٍة َخ ْي ٌر ِم ْن ِص َيا ِم َش ْه ٍر َو ِق َي ِام ِه‪َ ،‬وإِ ْن َم َ‬
‫َّان»(‪.)1‬‬ ‫َع َل ْي ِه ِر ْز ُق ُه‪َ ،‬و َأ ِم َن ا ْل َفت َ‬
‫ـات ُم َرابِ ًطـا فِي‬ ‫ـن َم َ‬ ‫«م ْ‬
‫ـال‪َ :‬‬ ‫ـول اهللِ ﷺ َق َ‬ ‫و َعـ ْن َأبِـي ُهر ْيـر َة ‪َ ،‬عـ ْن رس ِ‬
‫َ ُ‬ ‫َ َ‬
‫ـل‪ ،‬و َأجرى ع َلي ِ‬
‫ـه ِر ْز َق ُه‪،‬‬ ‫ـه الصالِحِ ا َّل ِ‬ ‫ـه َأجـر عملِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫سـبِ ِ ِ‬
‫َان َي ْع َم ُ َ ْ َ َ ْ‬ ‫ـذي ك َ‬ ‫َّ‬ ‫يل اهلل َأ ْج َـرى َع َل ْي ْ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫ـة ِآمنًا ِم َن ا ْل َفـ َزعِ»(‪.)2‬‬ ‫َّـان‪ ،‬وبع َثـه اهلل يـوم ا ْل ِقيام ِ‬
‫ـن ا ْل َفت ِ َ َ َ ُ ُ َ ْ َ َ َ‬ ‫ـن م َ‬
‫و َأ ِم ِ‬
‫َ َ‬
‫ت ُيخْ ت َُم‬ ‫ول‪« :‬ك ُُّل مي ٍ‬ ‫ول اهللِ ﷺ َي ُق ُ‬ ‫و َع ْن ُع ْق َب َة ْب ِن َع ِام ٍر ‪َ ‬ق َال‪َ :‬س ِم ْع ُت َر ُس َ‬
‫َ ِّ‬
‫ث‪َ ،‬و ُي َؤ َّم ُن ِم ْن‬
‫يل اهللِ‪َ ،‬فإِ َّن ُه ُي ْج َرى َل ُه َأ ْج ُر َع َملِ ِه َحتَّى ُي ْب َع َ‬
‫َع َلى َع َملِ ِه‪ ،‬إِ َّل ا ْل ُم َرابِ َط فِي َسبِ ِ‬
‫َفت ِ‬
‫َّان ا ْل َق ْب ِر»(‪.)3‬‬
‫يقول القاضي البيضاوي في تعريف «المرابطة»‪« :‬هو أن يربط هؤالء خيولهم‬
‫في ثغرهم‪ ،‬وهؤالء خيولهم في ثغرهم‪ ،‬ويكون ٌّ‬
‫كل منهم معدًّ ا لصاحبه‪ ،‬متر ّب ًصا‬

‫((( سبق تخريجه‪.‬‬


‫(( ( أخرجه ابن ماجه في «سننه» رقم (‪ ،)2767‬وإسناده ضعيف‪ ،‬لكنه حسن لغيره بمتابعاته‪.‬‬
‫(( ( أخرجه أحمد في «المسند» رقم (‪ ،)17359‬وإسناده حسن‪.‬‬
‫‪331‬‬ ‫وبأجور مطلقة‬
‫ٍ‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬المضاعفة‬

‫لقصده‪ ،‬ثم اتّسع فيها‪ ،‬فأطلقت على ربط الخيل واستعدادها لغزو العدو حيث كان‬
‫وكيف كان‪ ،‬وقد يتجوز به للمقام بأرض والتوقف فيها‪ ،‬وهو في الحديث يحتمل‬
‫كل واحد من المعنيين»(‪.)1‬‬
‫ٍ‬
‫سبب‬ ‫ٍ‬
‫موقوفة على‬ ‫للنمو إال المضاعفة‪ ،‬وهي غير‬ ‫يقول القرطبي‪« :‬ال معنى‬
‫ّ‬
‫البر ال يتمكن منها إال‬ ‫دائم من اهلل تعالى؛ ّ‬
‫ألن أعمال ّ‬ ‫فضل ٌ‬‫فتنقطع بانقطاعه‪ ،‬بل هي ٌ‬
‫والتحرز منه ببيضة الدين وإقامة شعائر اإلسالم‪ ،‬وهذا العمل‬
‫ّ‬ ‫العدو‪،‬‬
‫ّ‬ ‫بالسالمة من‬
‫الذي يجري عليه ثوابه هو ما عمله من األعمال الصالحة»(‪.)2‬‬

‫يقـول النـووي‪« :‬هـذه فضيل ٌة ظاهـر ٌة للمرابـط» (‪« )3‬الـذي يدركه المـوت وهو‬
‫فـي رباطه»(‪)4‬؛ ّ‬
‫ألن مجمـوع الروايات تبين الكرامة الجسـيمة والعط ّيـة العظيمة التي‬
‫رزقهـا اهلل لمـن يمـوت مراب ًطا في سـبيل اهلل‪ ،‬وهـي على النحـو التالي‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ ُيجـرى عليـه ثـواب عمله الذي كان يعمـل قبل الموت حتى يبعـث‪ :‬ومعناه‪:‬‬
‫أنـه يجـري «عليـه عملـه الـذي كان يعملـه في حـال رباطـه وأجـر رباطـه» (‪ ،)5‬فـ«ال‬
‫ينقطـع أجـره وثوابـه»(‪ ،)6‬و«ظاهـره كل عمـل صالـح؛ ألن اسـم الجنـس المضـاف‬
‫مـن صيـغ العمـوم ويحتمـل جهـاده ال غيـر»(‪ ،)7‬يقـول النـووي‪« :‬جريان عملـه عليه‬

‫((( «تحفة األبرار شرح مصابيح السنة» للبيضاوي (‪.)579/2‬‬


‫((( «الجامع ألحكام القرآن» (‪)325/4‬‬
‫(( ( «شرح النووي على صحيح مسلم» (‪.)61/13‬‬
‫(( ( «فيض القدير» للمناوي (‪.)34/5‬‬
‫(( ( «الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج» للسيوطي (‪.)507/4‬‬
‫((( «تحفة األبرار شرح مصابيح السنة» للبيضاوي (‪.)579/2‬‬
‫(( ( «التنوير شرح الجامع الصغير» للصنعاني (‪.)204/8‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪332‬‬

‫بعـد موتـه فضيلـة مختصة بـه ال يشـاركه فيهـا أحـدٌ »(‪ ،)1‬تؤكـده رواية عقبة بـن عامر‬
‫ـه‪ ،‬إِ َّل ا ْل ُم َرابِ َط فِي َسـبِ ِ‬
‫يل اهللِ‪َ ،‬فإِنَّـ ُه ُي ْج َرى َل ُه‬ ‫ـت يخْ تَم ع َلى عملِ ِ‬ ‫ٍ‬
‫األخيـرة وفيـه‪« :‬ك ُُّل َم ِّي ُ ُ َ َ َ‬
‫ث»‪.‬‬ ‫َأ ْج ُـر َع َملِ ِه َحتَّـى ُي ْب َع َ‬

‫الء‪،‬‬‫حديث آخر يرويه خارجة بن زيد بن ثابت عن ُأم الع ِ‬ ‫ٍ‬ ‫وقد ُأكّد هذا المعنى في‬
‫َ ْ ِّ َ‬
‫ان بن م ْظع ٍ‬ ‫و ِهي امر َأ ٌة ِمن نِس ِائ ِهم(‪ ،)2‬بايع ْت رس َ ِ‬
‫ون‬ ‫ول اهلل ﷺ‪َ ،‬قا َل ْت‪َ :‬ط َار َلنَا ُع ْث َم ُ ْ ُ َ ُ‬ ‫ْ َ ْ َ ََ َ ُ‬ ‫َ َ َْ‬
‫اش َتكَى َف َم َّر ْضنَا ُه َحتَّى‬ ‫فِي الس ْكنَى‪ِ ،‬حي َن ا ْقتَر َعت األَن َْصار َع َلى س ْكنَى الم َه ِ‬
‫اج ِري َن‪َ ،‬ف ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬
‫ول اهللِ ﷺ‪َ ،‬ف ُق ْل ُت‪َ :‬ر ْح َم ُة اهللِ َع َل ْي َك‬ ‫ت ُُو ِّف َي‪ُ ،‬ث َّم َج َع ْلنَا ُه فِي َأ ْث َوابِ ِه‪َ ،‬فدَ َخ َل َع َل ْينَا َر ُس ُ‬
‫يك؟» ُق ْل ُت‪ :‬ال َأ ْد ِري‬ ‫ب‪َ ،‬ف َشهادتِي َع َلي َك َل َقدْ َأكْرم َك اهلل‪َ ،‬ق َال‪« :‬وما يدْ ِر ِ‬ ‫الس ِائ ِ‬
‫ََ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َأ َبا َّ‬
‫ين‪ ،‬إِنِّي َلَ ْر ُجو َل ُه الخَ ْي َر ِم َن اهللِ‪َ ،‬واهللِ َما َأ ْد ِري ـ َو َأنَا‬ ‫ِ‬
‫«أ َّما ُه َو َف َقدْ َج َ‬
‫اء ُه ال َيق ُ‬ ‫َواهللِ‪َ ،‬ق َال‪َ :‬‬
‫ول اهللِ ـ ما ي ْفع ُل بِي وال بِكُم»‪َ ،‬قا َلت ُأم الع ِ‬
‫الء‪َ :‬ف َواهللِ ال ُأ َزكِّي َأ َحدً ا َب ْعدَ ُه‪َ ،‬قا َل ْت‪:‬‬ ‫َر ُس ُ‬
‫ْ ُّ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫ول اهللِ ﷺ َف َذكَر ُت َذلِ َك َله‪َ ،‬ف َق َال‪َ « :‬ذ ِ‬
‫اك‬ ‫ان فِي الن َّْو ِم َع ْينًا ت َْج ِري‪َ ،‬ف ِج ْئ ُت َر ُس َ‬ ‫َو َر َأ ْي ُت لِ ُع ْث َم َ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫«ش ْيء من عمله َب ِقي َل ُه َث َوابه َج ِار ًيا كالصدقة»(‪ ،)4‬ويقول الطيبي‪:‬‬ ‫َع َم ُل ُه َي ْج ِري َل ُه»(‪ ،)3‬أي‪َ :‬‬
‫«إنما كان الماء معبر ًا بالعمل وجريانه بجريانه؛ ألن العمل مسبب عن العلم»(‪.)5‬‬

‫ويقول العيني‪« :‬أنكر َصاحب ال َّت ْل ِويح(‪َ )6‬أن يكون َل ُه َش ْيء من ْالُ ُمور ال َّث َل َثة‬
‫ذكرها ُمسلم من َح ِديث أبي ُه َر ْي َرة ‪َ ‬رفعه‪« :‬إِ َذا َم َ‬
‫ات ا ْب ُن آ َد َم ا ْن َق َط َع َع َم ُل ُه‬ ‫َ‬ ‫ا َّلتِي‬

‫(( ( «شرح النووي على صحيح مسلم» (‪.)61/13‬‬


‫((( قال ابن حجر‪ :‬هي والدة خارجة بن زيد بن ثابت‪« .‬فتح الباري» البن حجر (‪.)265/7‬‬
‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪.)7018‬‬
‫((( «عمدة القاري» للعيني (‪.)156/24‬‬
‫((( «شرح المشكاة» للطيبي (‪.)3007/9‬‬
‫(( ( هـو‪ :‬علاء الديـن مغلطاي الحنفي‪ ،‬واسـم كتابه‪« :‬التلويح شـرح الجامع الصحيح»‪ .‬انظر‪« :‬كشـف‬
‫الظنون» لحاجي خليفـة (‪.)541/1‬‬
‫‪333‬‬ ‫وبأجور مطلقة‬
‫ٍ‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬المضاعفة‬

‫الح ِديث(‪َ ،)1‬و ُر ّد َع َل ْي ِه‪ :‬بِ َأ َّن ُه ك َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬


‫دها‪،‬‬ ‫َان َل ُه ولدٌ َص ٌ‬
‫الح شهد َبدْ ًرا َو َما ب ْع َ‬ ‫إِ ّل م ْن َث َلث‪َ »..‬‬
‫َان ُع ْث َمان من‬
‫خل َفة أبي بكر ‪َ ،‬ف ُه َو أحد ال َّث َل َثة‪َ ،‬وقد ك َ‬ ‫ات فِي َ‬
‫الس ِائب َم َ‬
‫َو ُه َو َّ‬
‫ْالَ ْغنِ َياء‪َ ،‬ف َل يبعد َأن يكون َل ُه َصدَ َقة استمرت بعد َموته»(‪ ،)2‬لذلك قال ابن الملقن‪:‬‬
‫صح أن المرء‬ ‫«إجراء عمله عليه‪ ،‬لع ّله إما ٍ‬
‫لخير قدّ مه مؤ ّبدً ا‪ ،‬أو لغير ذلك‪ ،‬وإال فقد ّ‬
‫ٍ‬
‫ثالث»(‪.)3‬‬ ‫إذا مات انقطع عمله إال من‬
‫‪ 2‬ـ يؤمـن الفتـان‪ :‬أي‪ :‬عـذاب القبـر وفتنـه(‪ ،)4‬واختلفـوا في ضبط كلمـة «أمن‬
‫ـن» بفتـح الهمـزة‬ ‫الفتـان»‪ ،‬قـال النـووي‪« :‬ضبطـوا «أمـن» بوجهيـن‪ ،‬أحدهمـا‪ِ َ :‬‬
‫«أم َ‬
‫ٍ‬
‫وبـواو»(‪.)5‬‬ ‫«أ ِ‬
‫ومـن» بضم الهمـزة‬ ‫وكسـر الميـم مـن غيـر ٍ‬
‫واو‪ ،‬والثانـي‪ُ :‬‬

‫وأمـا «الفتان» فـورد ضبطان‪« :‬ال ُفتّـان» و«ال َفتّان»‪ ،‬يقول القاضـي عياض‪« :‬رواية‬
‫األكثريـن‪ :‬بضـم الفاء جمـع فاتن‪ ،‬وروايـة الطبراني‪ :‬بالفتـح وفي رواية أبـي داود في‬
‫ومـن من فتّانـي القبر»»(‪ ،)6‬وذهـب القرطبي إلى أن الفتـان تكون للجنس‬ ‫«أ ِ‬
‫«السـنن»‪ُ :‬‬

‫(( ( يأتي تخريجه في المطلب التالي‪.‬‬


‫((( «عمدة القاري» للعيني (‪.)156/24‬‬
‫تعرت‬
‫أيضا‪« :‬العين في المنام تختلف وجوهها‪ ،‬فإذا ّ‬
‫((( «التوضيح» البن الملقن (‪ ،)177/32‬وفيه ً‬
‫الهم‪ ،‬وكان ماؤها صاف ًيا د ّلت على العمل الصالح‪ ،‬كما فسره عليه الصالة والسالم‪ ،‬وتدل‬
‫من دالئل ّ‬
‫دائما‪ ،‬وعلم علمه الناس‬
‫من العمل على ما ال ينقطع ثوابه كوقف أرض عليه‪ ،‬أو غلة يجري ثوابها ً‬
‫وحزن‪ ،‬وقد ّ‬
‫تدل على العين الباكية وعلى‬ ‫ٌ‬ ‫غم‬ ‫ٍ‬
‫عمل به من علمه‪ ،‬فإن كان ماؤها غير صاف فهو ٌّ‬
‫الفتنة؛ لقوله تعالى‪﴿ :‬ﭻﭼﭽ﴾ [القمر‪ ]12 :‬فكانت فتنة جرت بهالكهم‪ .‬أال ترى قوله‬
‫تعالى‪﴿ :‬ﭨﭩﭪﭫﭬ﴾ [الجن‪ 17 :‬ـ ‪ ]16‬وقد يدل على الماء العين الجارية‪ ،‬ويستدل‬
‫العابر على ِ‬
‫هذه الوجوه بأحوال الرائين وبزيادة الرؤيا ونقصانها»‪.‬‬
‫(( ( «مرقاة المفاتيح» للقاري (‪.)2458/6‬‬
‫(( ( «شرح النووي على صحيح مسلم» (‪.)61/13‬‬
‫(( ( «إكمال المعلم» للقاضي عياض (‪.)342/6‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪334‬‬

‫أي‪ّ :‬‬
‫كل ذي فتنـة(‪ ،)1‬زاد السـيوطي‪ :‬أو المـراد فتـان القبـر مـن إطلاق صيغـة الجمع‬
‫علـى اثنيـن‪ ،‬أو على أنهـم أكثر مـن اثنين(‪.)2‬‬

‫مـراد‪َ :‬أن َُّه َما‬


‫وقال السـندي‪ُ :‬ف ّسـر علـى الضبـط األول بـ«المنكر والنكيـر»‪َ ،‬وا ْل َ‬
‫ـه للسـؤال‪ ،‬بـل َيك ِْفـي َموتـه مراب ًطـا فِي َسـبِيل اهلل َشـاهدً ا علـى ِص َحة‬ ‫َل يجيئـان إِ َلي ِ‬
‫ْ‬
‫ايمانـه‪َ ،‬أو أنهمـا َل يضرانـه َو َل يزعجانـه‪ ،‬و َعلى ال َّثانِي‪ :‬بـ«الشـيطان َون َْحـوه» ِم َّمن‬
‫الن َْسـان فِـي ف ْتنَـة ا ْل َق ْبـر‪َ ،‬أي َع َذابه(‪.)3‬‬‫ُيوقع ْ ِ‬

‫‪ 3‬ـ يجرى عليه رزقه‪« :‬وهو موافق لقوله تعالى في الشهداء‪﴿ :‬ﮝ ﮞ ﮟ‬
‫ﮠ ﮡ﴾ [آل عمران‪.)4(»]١٦٩ :‬‬

‫‪ 4‬ـ يبعث يوم القيامة آمنًا من الفزع‪ :‬و«هو غير الفتان» (‪)5‬؛ «ليكون من اآلمنين‬
‫الذين ال خوف عليهم وال هم يحزنون»(‪ ،)6‬قال السيوطي‪« :‬فِ ِيه إِ َش َارة الى َق ْوله َت َعا َلى‪:‬‬
‫﴿ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ﴾ [األنبياء‪ ،]١٠٣ :‬قيل‪ُ :‬ه َو َع َذاب النَّار‪َ ،‬وقيل‪ :‬ا ْلعرض‬
‫ت‪َ ،‬وقيل‪ :‬إطباق‬‫َّخ ُّلص من النَّار بِا ْلمو ِ‬
‫َع َل ْي َها‪َ ،‬وقيل‪ :‬ذبح ا ْل َم ْوت فيئس ا ْلك َّفار َعن الت َ‬
‫َْ‬
‫ِ‬
‫النَّار على ا ْلك َّفار‪َ ،‬وقيل‪ :‬النفخة ْالَخ َيرة؛ ل َق ْوله َت َعا َلى‪﴿ :‬ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ‬
‫ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ﴾ [النمل‪.)7(»]٨٧ :‬‬

‫((( «المفهم» للقرطبي (‪.)756/7‬‬


‫(( ( «الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج» للسيوطي (‪.)507/4‬‬
‫(( ( انظر‪« :‬حاشية السندي على سنن النسائي» (‪.)39/6‬‬
‫(( ( «شرح النووي على صحيح مسلم» (‪.)61/13‬‬
‫(( ( «التنوير شرح الجامع الصغير» للصنعاني (‪.)222/6‬‬
‫(( ( «فيض القدير» للمناوي (‪.)14/4‬‬
‫((( «حاشية السيوطي على سنن ابن ماجه» (‪.)201/1‬‬
‫‪335‬‬ ‫وبأجور مطلقة‬
‫ٍ‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬المضاعفة‬

‫ومن فوائد أحاديث هذا المطلب‪:‬‬


‫يس َ‬ ‫احد بِه َذا ِ‬
‫ـتدل غير و ِ‬
‫ـأل‬ ‫الحديث على َأن المرابط َل ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫«اس َّ‬
‫‪ 1‬ـ قال السـيوطي‪ْ :‬‬
‫فِي َقبره كالشـهيد» (‪.)1‬‬
‫‪ 2‬ـ استشكل البعض على هذا الحديث بأنه يخل بالحصر الوارد في حديث‬
‫ان ا ْن َق َط َع َعنْ ُه َع َم ُل ُه إِ َّل ِم ْن َث َل َث ٍة‪:‬‬ ‫ول اهللِ ﷺ‪َ ،‬ق َال‪« :‬إِ َذا َم َ‬
‫ات ْ ِ‬
‫الن َْس ُ‬ ‫َأبِي ُه َر ْي َرةَ‪َ ،‬أ َّن َر ُس َ‬
‫ار َي ٍة‪َ ،‬أ ْو ِع ْل ٍم ُينْ َت َف ُع بِ ِه‪َ ،‬أ ْو َو َل ٍد َصالِحٍ َيدْ ُعو َل ُه»(‪ ،)2‬وقد أجاب العلماء‬‫إِ َّل ِم ْن َصدَ َق ٍة َج ِ‬
‫على هذا الحديث بأجوبة منها‪:‬‬
‫ـ قـال القاضـي عيـاض‪« :‬معنـاه‪ّ :‬‬
‫أن الرجـل إذا مـات ال يـزاد في ثـواب ما عمل‬
‫وال ينقـص منه شـيء إال المغـازي فإن ثواب مرابطتـه تنمو وتتضاعـف‪ ،‬وليس فيه ما‬
‫ٍ‬
‫بعض‪ :‬هـذا الحديث‬ ‫يـدل علـى أن عملـه يزاد بضم غيـره إليـه أو ال يزاد فاندفـع قول‬
‫يـكاد يخـل بالحصـر المذكـور فـي خبـر‪« :‬إذا مـات ابـن آدم انقطـع عملـه إال مـن‬
‫ثلاث»(‪ .)3‬وتعقبـه الصنعانـي بقولـه‪« :‬ال حاجـة إلـى هذا بل نقـول يزاد فيـه وحكمه‬
‫مـع الحصـر في الحديـث المذكور حكم نظائـره في أنه قـال ذلك قبل العلـم بما ذكر‬
‫مـن المرابط في سـبيل اهلل»(‪.)4‬‬
‫ـ وقال المناوي‪« :‬وال ينافيه عد جمع نحو عشرة ممن يجري عليهم ثوابهم بعد‬
‫موتهم ألن المجرى على هذا ثواب عمله وثواب رباطه وأما أولئك فشيء واحد»(‪.)5‬‬

‫(( ( «الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج» للسيوطي (‪.)507/4‬‬


‫(( ( يأتي تخريجه في المطلب التالي‪.‬‬
‫(( ( نقله الصنعاني في «التنوير» (‪.)190/8‬‬
‫(( ( «التنوير شرح الجامع الصغير» للصنعاني (‪.)190/8‬‬
‫(( ( «فيض القدير» للمناوي (‪.)13/4‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪336‬‬

‫ات بـن آدم ا ْن َقطع َعن ُه‬ ‫الح ِديث َح ِديـث إِذا َم َ‬ ‫ـذا َ‬ ‫«ل ُينَافِـي َه َ‬ ‫ـ وقـال السـندي‪َ :‬‬
‫ـؤ َلء ال َّث َل َثـة َفإِن‬ ‫عملـه إال مـن َث َل َثـة‪َ ،‬فـإِن ُ‬
‫الم َـراد َب َيـان َأنـه َل ي ْبقـى ا ْل َع َمـل إال َ‬
‫له ُ‬
‫َعملهـم َب ٍ‬
‫ـاق َف ْليت ََأ َّمل»(‪.)1‬‬ ‫َ‬
‫***‬

‫المطل�ب الثان�ي‪ :‬العل�م الناف�ع‪ ،‬والصدق�ة الجاري�ة‪ ،‬والول�د الصال�ح يدع�و‬


‫لوالديه‪.‬‬

‫حرصت الشريعة على ترغيب العبد المسلم بالسعي إلى عدم انقطاع عمله بعد‬
‫ٍ‬
‫عبادات‬ ‫مفتوحا ال تنقطع الكتابة فيه‪ ،‬فرغبت في‬ ‫ّ‬
‫سجل حسناته‬ ‫موته‪ ،‬وأن يبقى‬
‫ً‬
‫ٍ‬
‫مهمة تجري للعبد أجورها بعد موته‪.‬‬
‫ان ا ْن َق َط َع َعنْ ُه‬ ‫ول اهللِ ﷺ‪َ ،‬ق َال‪« :‬إِ َذا َم َ‬
‫ات ْ ِ‬
‫الن َْس ُ‬ ‫ف َع ْن َأبِي ُه َر ْي َر َة ‪َ ،‬أ َّن َر ُس َ‬
‫ار َي ٍة‪َ ،‬أ ْو ِع ْل ٍم ُينْ َت َف ُع بِ ِه‪َ ،‬أ ْو َو َل ٍد َصالِحٍ َيدْ ُعو َل ُه»(‪.)2‬‬
‫َع َم ُل ُه إِ َّل ِم ْن َث َل َث ٍة‪ :‬إِ َّل ِم ْن َصدَ َق ٍة َج ِ‬

‫ومعنى الحديث‪ :‬أن عمل الميت ينقطع بموته‪ ،‬وينقطع تجدد الثواب له إال في‬
‫هذه األشياء الثالثة لكونه كان سببها‪ ،‬فإن الولد من كسبه‪ ،‬وكذلك العلم الذي خلفه‬
‫ٍ‬
‫تصنيف‪ ،‬وكذلك الصدقة الجارية وهي الوقف(‪.)3‬‬ ‫من تعلي ٍم أو‬
‫ولي الدين العراقي‪« :‬إنما أجري على هؤالء الثالثة الثواب بعد موتهم؛‬
‫وقال ّ‬
‫لوجود ثمرة أعمالهم بعد موتهم‪ ،‬كما كانت موجودة في حياتهم»(‪.)4‬‬

‫(( ( «حاشية السندي على سنن النسائي» (‪.)39/6‬‬


‫((( أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (‪.)1631‬‬
‫((( انظر‪« :‬إكمال المعلم» للقاضي عياض (‪« ،)373/5‬شرح النووي على صحيح مسلم» (‪.)85/11‬‬
‫((( نقله السيوطي في «حاشيته على سنن النسائي» (‪.)251/6‬‬
‫‪337‬‬ ‫وبأجور مطلقة‬
‫ٍ‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬المضاعفة‬

‫ويضاف إلى هذه األمور الثالث‪ :‬من مات في رباطه(‪ ،)1‬وقد جمعت هذه‬
‫األمور األربعة رواية أخرى‪:‬‬

‫«أ ْر َب ٌع ت َْج ِري‬ ‫ول‪َ :‬‬ ‫ول اهللِ ﷺ َي ُق ُ‬ ‫اه ِل ِّي ‪َ ‬ق َال‪َ :‬س ِم ْع ُت َر ُس َ‬ ‫فعن َأبِي ُأمام َة ا ْلب ِ‬
‫َ َ َ‬ ‫َ ْ‬
‫يل اهللِ‪َ ،‬و َر ُج ٌل َع َّل َم ِع ْل ًما َف َأ ْج ُر ُه‬
‫ات ُم َرابِ ًطا فِي َسبِ ِ‬
‫ت‪َ :‬ر ُج ٌل َم َ‬ ‫ع َلي ِهم ُأجورهم بعدَ ا ْلمو ِ‬
‫َ ْ ْ ُ ُ ُ ْ َْ َْ‬
‫َي ْج ِري َع َل ْي ِه َما َع ِم َل بِ ِه‪َ ،‬و َر ُج ٌل َأ ْج َرى َصدَ َق ًة َف َأ ْج ُر َها َي ْج ِري َع َل ْي ِه َما َج َر ْت َع َل ْي ِه ْم‪،‬‬
‫«و َم ْن َع َّل َم ِع ْل ًما‬ ‫ِ‬
‫َو َر ُج ٌل ت ََر َك َو َلدً ا َصال ًحا َيدْ ُعو َل ُه»(‪ ،)2‬وفي رواية أخرى عند أحمد‪َ :‬‬
‫ي َل ُه ِم ْث ُل َما َع َّل َم»‪.‬‬
‫ُأ ْج ِر َ‬
‫وقد اشتمل هذا الحديث على أربعة أصناف ال ينقطع عملهم بعد الموت‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ من مات في رباطه‪ :‬وقد سبق الحديث عنه في المطلب السابق‪.‬‬

‫صالحا يدعو له‪ :‬يقول النووي‪ :‬فيه فضيلة الزواج لرجاء‬


‫ً‬ ‫‪ 2‬ـ من أنجب ولدً ا‬
‫ٍ‬
‫ولد صالح‪ ،‬وأن الدعاء يصل ثوابه للميت باإلجماع(‪.)3‬‬
‫‪ 3‬ـ من أوقف لنفسه صدقة جارية‪ :‬يقول النووي‪ :‬فيه ٌ‬
‫دليل لصحة الوقف‬
‫وعظيم ثوابه‪ ،‬وأن الصدقة يصل ثوابها للميت باإلجماع(‪ ،)4‬وقال القاضي عياض‪:‬‬
‫«فيه ٌ‬
‫دليل على جواز الوقف والحبس‪ ،‬ور ٌّد على منعه من الكوفيين؛ ألن الصدقة‬
‫الجارية بعد الموت إنما تكون بالوقوف»(‪.)5‬‬

‫(( ( سبق الحديث عنه في المطلب السابق‪.‬‬


‫(( ( أخرجه أحمد في «المسند» رقم (‪ ،)22318‬وإسناده ضعيف‪ ،‬لكنه حسن لغيره بشواهده‪.‬‬
‫(( ( انظر‪« :‬شرح النووي على صحيح مسلم» (‪.)85/11‬‬
‫(( ( «شرح النووي على صحيح مسلم» (‪.)85/11‬‬
‫(( ( «إكمال المعلم» للقاضي عياض (‪.)373/5‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪338‬‬

‫علما فعمل به الناس وتعلموه وع ّلموه‪ :‬يقول النووي‪ :‬فيه بيان فضيلة‬
‫‪ 4‬ـ من ع ّلم ً‬
‫العلم والحث على االستكثار منه والترغيب في توريثه بالتعليم والتصنيف واإليضاح‬
‫وأنه ينبغي أن يختار من العلوم األنفع فاألنفع(‪.)1‬‬

‫قال السيوطي‪« :‬ذكر القاضي تاج الدين السبكي أن التصنيف في ذلك أقوى؛‬
‫ممر األزمان»(‪.)2‬‬
‫لطول بقائه على ّ‬
‫أن َن ْف َ‬
‫ـع التصانيف أكثـر من نفع‬ ‫وقـال ابـن الجـوزي‪« :‬رأ ْي ُت من الـرأي القويـم ّ‬
‫التعليـم بالمشـافهة؛ ألني أشـافه فـي عمري عـد ًدا مـن المتعلمين‪ ،‬وأشـافه بتصنيفي‬
‫خل ًقـا ال ت ُْحصـى ما ُخ ِل ُقوا بعـد‪ ،‬ودليل هذا ّ‬
‫أن انتفاع النـاس بتصانيف المتقدّ مين أكثر‬
‫مـن انتفاعهم بما يسـتفيدونه من مشـايخهم‪ ،‬فينبغـي للعالم أن يتو ّفر علـى التصانيف‬
‫إن ُو ّفـق للتصنيـف المفيـد؛ فإنه ليـس كل من صنّف صنّـف‪ ،‬وليـس المقصود جمع‬
‫ّ‬
‫وجـل عليهـا من شـاء مـن عباده‪،‬‬ ‫عـز‬
‫شـيء كيـف كان‪ ،‬وإنمـا هـي أسـرار يطلـع اهلل ّ‬
‫ويو ّفقـه لكشـفها‪ ،‬فيجمـع مـا ّ‬
‫فـرق‪ ،‬أو يرتب ما شـتّت‪ ،‬أو يشـرح ما أهمـل‪ ،‬هذا هو‬
‫التصنيـف المفيد»(‪.)3‬‬

‫ومن فوائد أحاديث هذا المطلب‪:‬‬

‫وض َحتْه رواي ٌة أخرى بلفظ‪« :‬ما ُعمل به»‪ ،‬يقول‬


‫‪ 1‬ـ قوله‪« :‬أو علم ينتفع به» ّ‬
‫الصنعاني‪« :‬أي مدة ما عمل العاملون به بعده‪ ،‬فيق ّيد الن ّْشر باالنتفاع به‪ ،‬و ُيحتمل أن‬
‫يراد من شأنه أن ينتفع به سواء وقع االنتفاع أم ال‪ ،‬ويحمل عليه ما هنا من العمل أن‬

‫(( ( انظر‪« :‬شرح النووي على صحيح مسلم» (‪.)85/11‬‬


‫(( ( «الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج» للسيوطي (‪.)228/4‬‬
‫(( ( «صيد الخاطر» البن الجوزي ص (‪.)242‬‬
‫‪339‬‬ ‫وبأجور مطلقة‬
‫ٍ‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬المضاعفة‬

‫المراد من شأنه ذلك» (‪ ،)1‬ويقاس عليه‪ :‬الصدقة الجارية ودعاء الولد الصالح فإنهما‬
‫مستمرا‪.‬‬
‫ًّ‬ ‫يستمران في نفع الميت ما دام جريانهما‬
‫‪ 2‬ـ المـراد بالعلـم إذا أطلـق‪ :‬الكتاب والسـنة‪ ،‬يقول الصنعانـي‪« :‬وما كان من‬
‫ٍ‬
‫عادلـة فله حكمها‪ ،‬وتعليم‬ ‫ٍ‬
‫فريضة‬ ‫ٍ‬
‫قائمة‪ ،‬أو‬ ‫محكمة‪ ،‬أو سـن ٍّة‬
‫ٍ‬ ‫العلـوم وسـيلة إلى ٍ‬
‫آية‬
‫العلم يشـمل‪ :‬التأليف والتدريس والن َّْسـخ وتصحيح كتب أهل اإلسلام»(‪.)2‬‬
‫***‬

‫(( ( «التنوير شرح الجامع الصغير» للصنعاني (‪.)237/2‬‬


‫((( المصدر السابق (‪.)237/2‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪340‬‬

‫المبحث الثالث‬
‫مضاعفة األجور بالثواب العام غير المقيد‬

‫والرمي في سبيل اهلل‪.‬‬


‫فرسا في سبيل اهلل‪ّ ،‬‬
‫المطلب األول‪ :‬من ح ّبس ً‬

‫فرسا في سبيل اهلل‪:‬‬ ‫ً‬


‫أول‪ :‬من ح ّبس ً‬
‫أمـر اهلل تعالـى عبـاده المؤمنيـن بإعـداد آالت الحـرب لمقاتلـة الكفـار‬
‫حسـب الطاقـة واإلمـكان واالسـتطاعة(‪ ،)1‬وجعـل منهـا ربـاط الخيـل فـي سـبيله‬
‫فقـال‪﴿ :‬ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ‬
‫ﯥ﴾ [األنفـال‪.]٦٠ :‬‬
‫ـس َف َر ًسـا فِـي‬ ‫اح َت َب َ‬ ‫ـن ْ‬ ‫«م ِ‬ ‫ـي ﷺ‪َ :‬‬ ‫ـال النَّبِ ُّ‬
‫وعـن َأبِـي ُه َر ْي َـر َة ‪َ ‬قـال‪َ :‬ق َ‬
‫يمانًـا بِـاهللِ َوت َْص ِدي ًقا بِ َو ْع ِد ِه‪َ ،‬فإِ َّن ِشـ َب َع ُه َو ِر َّيـ ُه َو َر ْو َث ُه َو َب ْو َل ُه فِـي ِميزَانِ ِه َي ْو َم‬ ‫سـبِ ِ ِ‬
‫يل اهلل إِ َ‬ ‫َ‬
‫الق َي َام ِة»(‪.)2‬‬
‫ِ‬

‫ـس» أي‪ :‬ربطـه وحبسـه علـى نفسـه ممـا عسـى أن يحـدث من‬ ‫«اح َت َب َ‬
‫ومعنـى ْ‬
‫ثلمـة فـي ٍ‬
‫ثغـر(‪ ،)3‬أو غير ذلـك‪ ،‬وقد يجـيء بمعنـى الوقف علـى غيره من‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫غـزو أو‬
‫المجاهدين (‪.)4‬‬
‫ً‬
‫امتثال ألمره‪،‬‬ ‫خالصا هلل تعالى؛‬
‫ً‬ ‫يمانًا بِاهللِ َوت َْص ِدي ًقا بِ َو ْع ِد ِه»‪ :‬أي ربطه‬
‫ومعنى «إِ َ‬
‫وتصدي ًقا بوعده بالثواب المترتّب على االحتباس‪ ،‬وقيل‪ :‬بوعده للثواب يوم‬

‫(( ( انظر‪« :‬عمدة القاري» للعيني (‪.)146/14‬‬


‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪.)2853‬‬
‫((( «تحفة األبرار شرح مصابيح السنة» للقاضي البيضاوي (‪.)602/2‬‬
‫((( انظر‪« :‬مرقاة المفاتيح» للقاري (‪.)2501/6‬‬
‫‪341‬‬ ‫وبأجور مطلقة‬
‫ٍ‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬المضاعفة‬

‫تبس امتثاالً واحتساب ًا‪َ ،‬و َذلِ َك َأن اهلل َت َعا َلى‬ ‫اح َ‬‫القيامة(‪ ،)1‬يقول الطيبي‪« :‬تلخيصه َأنه ْ‬
‫يما َو َعدتنِي»(‪.)2‬‬ ‫ِ‬
‫تبس َفك ََأ َّن ُه َق َال‪ :‬صدقت ف َ‬
‫اح َ‬‫وعد ال َّث َواب على االحتباس‪َ ،‬فمن ْ‬
‫عظيم «في اقتناء الخيل وتوقيفها في سبيل اهلل ليجاهد‬
‫ٌ‬ ‫وفي هذا الحديث ترغيب‬
‫عليها الغزاة‪ ،‬فإن العبد إذا فعل ذلك يثاب حتى على أرواثها وأبوالها»(‪.)3‬‬
‫ؤجر في ن ّيته كما يؤجر العامل؛ ّ‬
‫ألن هذا إنما‬ ‫وهذا ٌ‬
‫دليل على «أن المرء المؤمن ُي َ‬
‫فيعوض من أجر العمل المعدوم في ترك استعماله‬ ‫ِ‬
‫احتبس فرسه ليقاتل عليه و ُيغير‪ّ ،‬‬
‫نافع؛ ألن اإلرهاب بارتباطه في‬
‫أجرا له‪ ،‬مع أنه في رباطه ٌ‬ ‫فيه‪ ،‬بِ َعدّ نفقاته وأرواثه ً‬
‫نافع»(‪.)4‬‬
‫نفس العدو وسماعهم عنه ٌ‬
‫ومن األحاديث الواردة في فضل االهتمام بالخيل في سبيل اهلل‪:‬‬

‫ول اهللِ ﷺ َق َال‪« :‬الخَ ْي ُل لِ َر ُج ٍل َأ ْج ٌر‪َ ،‬ولِ َر ُج ٍل‬ ‫ما رواه أبو ُه َر ْي َر َة ‪َ :‬أ َّن َر ُس َ‬
‫يل اهللِ‪َ ،‬ف َأ َط َال بِ َها‬‫ِست ٌْر‪َ ،‬و َع َلى َر ُج ٍل ِوز ٌْر‪َ ،‬ف َأ َّما ا َّل ِذي َل ُه َأ ْج ٌر‪َ :‬ف َر ُج ٌل َر َب َط َها فِي َسبِ ِ‬
‫الر ْو َض ِة كَان ْ‬
‫َت َل ُه‬ ‫الم ْرجِ َأ ِو َّ‬
‫ت فِي طِيلِها(‪َ )6‬ذلِ َ ِ‬
‫ك م َن َ‬ ‫َ َ‬ ‫فِي َم ْرجٍ (‪َ )5‬أ ْو َر ْو َض ٍة‪َ ،‬ف َما َأ َصا َب ْ‬

‫(( ( انظر‪« :‬عمدة القاري» للعيني (‪.)146/14‬‬


‫((( «شرح المشكاة» للطيبي (‪.)2667/8‬‬
‫((( «منار القاري شرح مختصر صحيح البخاري» لحمزة قاسم (‪.)99/4‬‬
‫((( «شرح صحيح ابن بطال على صحيح البخاري» (‪.)59/5‬‬
‫ِ ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬
‫ُخ َّلى‬ ‫ذات نبات كَث ٍير‪ ،‬ت َْم ُر ُج فيه الدَّ ُّ‬
‫واب‪َ ،‬أ ْي ت َ‬ ‫الواسع ُة ُ‬ ‫األرض‬
‫ُ‬ ‫الم ْرج‪ :‬قال ابن األثير‪َ :‬‬
‫«الم ْر ُج‪:‬‬ ‫(( ( َ‬
‫ف َشا َء ْت»‪« .‬النهاية في غريب الحديث واألثر» البن األثير (‪.)315/4‬‬ ‫ت َْس َر ُح ُم ْخ ِتلط ًة َك ْي َ‬
‫(( ( طِ َيلها‪ :‬قال ابن األثير‪« :‬ال ِّط َول وال ِّط َيل بِا ْلك َْس ِر‪ :‬الح ْبل ال َّط ِويل ُي َشدُّ َأ َحدُ َط َر َفيه فِي وتِد َأ ْو َغيره‬
‫لوج ِهه‪ .‬و َط َّو َل و َأ َط َال بِ َم ْعنًى‪َ :‬أ ْي شدّ ها‬ ‫وال َّطرف ْال َخر فِي يد ال َفرس ليدُ ِ ِ‬
‫ور فيه و َي ْر َعى َو َل َي ْذ َهب ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫في الحبل»‪« .‬النهاية في غريب الحديث» البن األثير (‪.)145/3‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪342‬‬

‫َت آ َث ُار َها‪َ ،‬و َأ ْر َوا ُث َها‬


‫َّت َش َر ًفا َأ ْو َش َر َف ْي ِن(‪ )1‬كَان ْ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫اس َتن ْ‬ ‫َح َسنَات‪َ ،‬و َل ْو َأ َّن ُه ا ْن َق َط َع ط َي ُل َها‪َ ،‬ف ْ‬
‫ك حسن ٍ‬ ‫ت ِمنْه و َلم ي ِرد َأ ْن يس ِقي ك َ ِ‬ ‫ٍ‬
‫َات‬ ‫َان َذل َ َ َ‬ ‫َح َسنَات َل ُه‪َ ،‬و َل ْو َأن ََّها َم َّر ْت بِن ََه ٍر‪َ ،‬ف َش ِر َب ْ ُ َ ْ ُ ْ َ ْ َ‬
‫ك َأ ْج ٌر‪َ ،‬و َر ُج ٌل َر َب َط َها َت َغنِّ ًيا َو َت َع ُّف ًفا ُث َّم َل ْم َين َْس َح َّق اهللِ فِي ِر َقابِ َها َوال‬ ‫َل ُه‪َ ،‬ف ِه َي لِ َذلِ َ‬
‫إل ْسالمِ‪َ ،‬ف ِه َي‬ ‫اء َونِ َو ًاء(‪ِ )2‬لَ ْه ِل ا ِ‬
‫ك ست ٌْر‪َ ،‬و َر ُج ٌل َر َب َط َها َفخْ ًرا َو ِر َي ً‬
‫ورها‪َ ،‬ف ِهي لِ َذلِ َ ِ‬
‫َ‬ ‫ُظ ُه ِ َ‬
‫ك ِوز ٌْر»(‪.)3‬‬ ‫َع َلى َذلِ َ‬
‫بيان ّ‬
‫أن الخيل إنما تكون في نواصيها الخير والبركة إذا كان‬ ‫«وفي الحديث ٌ‬
‫اتخاذها في الطاعة‪ ،‬أو في األمور المباحة‪ ،‬وإال فهي مذموم ٌة»(‪.)4‬‬
‫«الحض على اكتساب الخيل وتفضيلها‬
‫ّ‬ ‫البر‪ :‬في هذا الحديث‬
‫قال ابن عبد ّ‬
‫تعظيم منه‬
‫ٌ‬ ‫على سائر الدواب؛ ألنه ﷺ لم يأت عنه في غيرها مثل هذا القول‪ ،‬وبذلك‬
‫وحض على اكتسابها وندب إلى ارتباطها في سبيل اهلل عدّ ة للقاء العدو‪ ،‬إذ‬
‫ٌّ‬ ‫لشأنها‪،‬‬
‫هي أقوى اآلالت في جهاده‪ ،‬فهذه الخيل المعدّ ة للجهاد هي التي في نواصيها الخير‪،‬‬
‫وأما إذا كانت معدّ ة للفتن وقتْل المسلمين وسلبهم وتفريق جمعهم وتشرديهم عن‬
‫أوطانهم فتلك خيل الشيطان‪ ،‬وأربابها حزبه‪ ،‬وفي مثلها واهلل أعلم ورد ّ‬
‫أن اكتسابها‬
‫وزرا لمن لم يرتبطها‪ ،‬ويجاهد‬
‫وز ٌر على صاحبها؛ ألنه قد جاء عنه أنها قد تكون ً‬
‫ْ‬
‫فخرا ومناوأ ًة للمسلمين‪ ،‬وأ ًذى لهم‪ ،‬وعونًا عليهم‪ ،‬وإذا كان‬
‫عليها‪ ،‬وكان قد اتخذها ً‬
‫ذلك كذلك فمعلوم أن ندبه إلى اكتسابها من أجل جهاد العدو عليها»(‪.)5‬‬

‫استِنَان ًا‪َ :‬أ ْي عَدَ ا لِ َم َر ِحه ونش َاطِه َش ْو ًطا َأ ْو َش ْو َط ْي ِن‬


‫«اس َت َّن ال َف َرس َي ْس َت ُّن ْ‬
‫(( ( استنّت شر ًفا‪ :‬قال ابن األثير‪ْ :‬‬
‫اكب َع َل ْي ِه»‪« .‬النهاية في غريب الحديث واألثر» البن األثير (‪.)410/2‬‬ ‫و َل ر ِ‬
‫َ َ‬
‫واء‪ :‬قال ابن األثير‪« :‬أي‪ :‬معادا ًة لهم»‪« .‬النهاية في غريب الحديث» البن األثير (‪.)123/5‬‬ ‫ِ‬
‫(( ( ن ً‬
‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪.)2371‬‬
‫((( «تحفة األحوذي» للمباركفوري (‪.)217/5‬‬
‫(( ( «التمهيد» البن عبد البر (‪.)97/14‬‬
‫‪343‬‬ ‫وبأجور مطلقة‬
‫ٍ‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬المضاعفة‬

‫ول اهللِ ﷺ‪َ ،‬ف َق َال‪:‬‬‫ومنها‪ :‬مارواه أبو هريرة ‪ ‬قال‪َ :‬جاء ر ُج ٌل إِ َلى رس ِ‬
‫َ ُ‬ ‫َ َ‬
‫«ل َأ ِجدُ ه» َق َال‪« :‬ه ْل تَستَطِيع إِ َذا َخرج المج ِ‬
‫اهدُ‬ ‫الج َها َد؟ َق َال‪َ :‬‬ ‫ُد َّلنِي َع َلى َعم ٍل َي ْع ِد ُل ِ‬
‫َ َ ُ َ‬ ‫َ ْ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫يع َذلِ َك؟ َق َال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َأ ْن تَدْ ُخ َل َم ْس ِ‬
‫جدَ َك َف َت ُقو َم َوال َت ْفت َُر‪َ ،‬وت َُصو َم َوال ُت ْفط َر؟» َق َال‪َ :‬و َم ْن َي ْستَط ُ‬
‫َات»(‪.)1‬‬‫اه ِد َليستَن فِي طِولِ ِه‪َ ،‬في ْكتَب َله حسن ٍ‬ ‫َأبو هريرةَ‪« :‬إِ َّن َفرس المج ِ‬
‫ُ ُ ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ُّ‬ ‫َ َ ُ َ‬ ‫ُ ُ ََْ‬
‫ونشاط ليس عليها فارس(‪،)2‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بمرح‬ ‫ويتحرك‬ ‫و«االستنان»‪ :‬أن يجري الفرس‬
‫ّ‬
‫«فيعدو في حبله الذي قد ُشدّ به»(‪.)3‬‬
‫تتحرك لنفسها في طولها من غير‬
‫ّ‬ ‫قال ابن هبيرة‪ :‬والمعنى «إذا كانت فرسه‬
‫تحريك المجاهد لها‪ ،‬فتكتب له بذلك حسنات‪ ،‬وما له في ذلك فعل‪ ،‬فكيف بما له‬
‫فيه فعل من تحريكها واإلسراع بها‪ ،‬والجهاد عليها؟ والمراد‪ :‬أن هذا العمل يحتسب‬
‫فيه بما ليس من فعل العامل‪ ،‬وليس غيره من األعمال كذلك‪ ،‬فلذلك ُف ِّضل»(‪،)4‬‬
‫وكالم أبي هريرة إنما استفاده من الحديث السابق‪.‬‬
‫ومن فوائد أحاديث هذا المطلب‪:‬‬
‫َات فِي ِميزَانِ ِه» ٌ‬
‫دليل «على أنه‬ ‫َان ِشبعه و ِريه وبو ُله ورو ُثه حسن ٍ‬
‫‪ 1‬ـ في قوله‪« :‬ك َ َ ُ ُ َ ُّ ُ َ َ ْ ُ َ َ ْ ُ َ َ‬
‫كما توزن األعمال كذلك األجرام المتع ّلقه بها»(‪ ،)5‬وخالف ابن حجر فقال‪« :‬قوله‪:‬‬
‫«و َر ْو ُث ُه» يريد ثواب ذلك ال ّ‬
‫أن األرواث بعينها تُوزن»(‪ ،)6‬وسبقه لهذا الرأي ابن‬ ‫َ‬

‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)2785‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)1878‬‬


‫((( انظر‪« :‬المعلم بفوائد مسلم» للمازري (‪.)16/2‬‬
‫(( ( «كشف المشكل من حديث الصحيحين» البن الجوزي (‪.)519/3‬‬
‫(( ( «اإلفصاح» البن هبيرة (‪.)286/7‬‬
‫(( ( «حاشية السندي على سنن النسائي» (‪.)225/6‬‬
‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)57/6‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪344‬‬

‫بطال‪ ،‬قال‪« :‬وما وصف الرسول ﷺ من الروث وغيره فإنما يريد ثوابه؛ ّ‬
‫ألن الروث‬
‫ال يوزن بل أجره‪ ،‬وال نقول إن زنة األجر زنة الروث بل أضعافه إلى ما شاء اهلل»‪،‬‬
‫ومال إليه القاري في مرقاته(‪.)1‬‬
‫‪ 2‬ـ قـال المه ّلب‪« :‬في هذا الحديث جواز و ْقف الخيل للمدافعة عن المسـلمين‪،‬‬
‫و ُيسـتنبط منـه جـواز وقف غير الخيـل من المنقـوالت‪ ،‬ومن غير المنقـوالت من باب‬
‫أولى»(‪.)2‬‬
‫‪ 3‬ـ قال ابن أبي جمرة‪« :‬يستفاد من هذا الحديث‪ :‬أن هذه الحسنات تقبل من‬
‫صاحبها؛ لتنصيص الشارع على أنها في ميزانه بخالف غيرها فقد ال تقبل فال تدخل‬
‫الميزان»(‪.)3‬‬
‫ثان ًيا‪ :‬الرمي في سبيل اهلل‪.‬‬
‫أمـر اهلل تعالـى باالسـتعداد للعـدو ّ‬
‫بـكل ما يتمكن المسـلم مـن إعـداده فقال‪:‬‬
‫بالر ْم ِ‬
‫ـي فـي‬ ‫﴿ﯘﯙﯚﯛﯜﯝ﴾ [األنفـال‪ ،]٦٠ :‬وجـاء تفسـير القـوة ّ‬
‫أن النبـي صلـى اهلل عليـه قـال بعـد أن تلـى اآلية‬ ‫حديـث عقبـة بـن عامـر ‪ّ ،‬‬
‫ـي»(‪.)4‬‬
‫الر ْم ُ‬ ‫ـي‪َ ،‬أ َل إِ َّن ا ْل ُق َّ‬
‫ـو َة َّ‬ ‫الر ْم ُ‬ ‫ـي‪َ ،‬أ َل إِ َّن ا ْل ُق َّ‬
‫ـو َة َّ‬ ‫الر ْم ُ‬
‫ـو َة َّ‬ ‫السـابقة‪َ :‬‬
‫«أ َل إِ َّن ا ْل ُق َّ‬
‫القوة تظهر بإعداد غيره من‬
‫بالرمي ـ وإن كانت ّ‬
‫القوة ّ‬
‫فسر ّ‬
‫قال القرطبي‪« :‬إنما ّ‬
‫العدو وأسهل مؤنة؛ ألنه قد يرمي رأس‬
‫ّ‬ ‫الر ْمي أشدّ نكاي ًة في‬
‫آالت الحرب ـ؛ لكون ّ‬
‫الكتيبة فيصاب‪ ،‬فينهزم من خلفه»(‪.)5‬‬

‫((( انظر‪« :‬مرقاة المفاتيح» للقاري (‪.)2501/6‬‬


‫(( ( نقله ابن بطال في «شرحه على صحيح البخاري» (‪ ،)58/5‬وابن حجر في «فتح الباري» (‪.)57/6‬‬
‫((( نقله ابن حجر في «فتح الباري» (‪.)57/6‬‬
‫((( أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (‪.)1917‬‬
‫((( «المفهم» للقرطبي (‪.)759/7‬‬
‫‪345‬‬ ‫وبأجور مطلقة‬
‫ٍ‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬المضاعفة‬

‫اللخمـي قال‪:‬‬‫ّ‬ ‫ولذلـك جـاءت العقوبـة لمـن تع ّلمه ثم نسـيه‪ ،‬فقـد روى ُف َق ْي ٌ‬
‫ـم‬
‫يـر َي ُش ُّ‬
‫ـق‬ ‫ْـت كَبِ ٌ‬‫ـن َو َأن َ‬ ‫ـن ا ْل َغ َر َض ْي ِ‬ ‫َخت َِل ُ‬
‫ـف َب ْيـ َن َه َذ ْي ِ‬ ‫ـر ‪ :‬ت ْ‬ ‫ـن َع ِام ٍ‬ ‫قلـت لِ ُع ْق َبـ َة ْب ِ‬
‫ث‪:‬‬ ‫ـال ا ْل َح ِار ُ‬‫ـم ُأ َعانِ ِيه‪َ ،‬ق َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ـو َل ك ََل ٌم َسـم ْع ُت ُه م ْن َر ُسـول اهلل ﷺ َل ْ‬ ‫ـال ُع ْق َبـ ُة‪َ :‬ل ْ‬
‫ـك‪َ ،‬ق َ‬ ‫َع َل ْي َ‬
‫ـم ت ََركَـ ُه‪َ ،‬ف َل ْي َس‬ ‫ِ‬ ‫ـال‪ :‬إِنَّـ ُه َق َ‬ ‫اسـ َة‪َ :‬و َمـا َذ َ‬
‫اك؟ َق َ‬ ‫ـت ِل ْب ِ‬ ‫َف ُق ْل ُ‬
‫الر ْم َي‪ُ ،‬ث َّ‬
‫ـم َّ‬‫«م ْن َعل َ‬ ‫ـال‪َ :‬‬ ‫ـن َش َم َ‬
‫ِمنَّـا» َأ ْو « َقـدْ َع َصى»(‪.)1‬‬
‫الرمي بعد علمه‪ ،‬وهو مكرو ٌه‬
‫عظيم في نسيان ّ‬
‫ٌ‬ ‫يقول النووي‪« :‬هذا تشديدٌ‬
‫كراه ًة شديد ًة لمن تركه بال ُع ْذ ٍر»(‪.)2‬‬
‫وللترغيب فيه أكثر جاء بعظيم األجر لمن تعلمه ورمى به‪:‬‬
‫ول اهللِ‬ ‫اصرنَا م َع رس ِ‬ ‫ِ‬ ‫َف َع ْن َأبِي ن ِ‬
‫الس َلم ِّي ‪َ ‬ق َال‪َ :‬ح َ ْ َ َ ُ‬ ‫يح عمرو بن عبسة ُّ‬ ‫َج ٍ‬
‫«م ْن َب َلغَ بِ َس ْه ٍم فِي َسبِ ِ‬
‫يل اهللِ َع َّز‬ ‫ف‪َ ،‬ف َس ِم ْع ُت َر ُس َ‬
‫ول اهللِ ﷺ َي ُق ُ‬
‫ول‪َ :‬‬
‫ﷺ بِ َقص ِر ال َّط ِائ ِ‬
‫ْ‬
‫َو َج َّل َف َل ُه َد َر َج ٌة»‪ ،‬زاد ابن المبارك‪َ :‬ق َال َر ُج ٌل‪َ :‬يا نَبِ َّي اهللِ‪ ،‬إِ ْن َر َم ْي ُت َف َب َل ْغ ُت‪َ ،‬ف ِلي‬
‫ْت َي ْو َمئِ ٍذ ِس َّت َة َع َش َر َس ْه ًما»(‪.)3‬‬‫َد َر َج ٌة؟ َق َال‪َ « :‬ن َع ْم»‪َ ،‬ق َال‪َ :‬ف َر َمى َف َب َل َغ‪َ ،‬ق َال‪َ « :‬ف َب َلغ ُ‬
‫ول اهللِ ﷺ‬ ‫الس َل ِم ِّي َق َال‪َ :‬س ِم ْع ُت َر ُس َ‬ ‫يح ُّ‬
‫أيضا عن َأبِي ن ِ‬
‫َج ٍ‬ ‫وفي رواية أخرى ً‬
‫يل اهللِ َف ُه َو ِعدْ ُل(‪ُ )4‬م َح َّر ٍر»(‪.)5‬‬ ‫«م ْن َر َمى بِ َس ْه ٍم فِي َسبِ ِ‬ ‫ول‪َ :‬‬ ‫َي ُق ُ‬

‫((( أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (‪.)1917‬‬


‫(( ( «شرح النووي على صحيح مسلم» (‪.)65/13‬‬
‫((( أخرجه أبو داود في «سننه» رقم (‪ ،)3965‬وإسناده صحيح‪.‬‬
‫يث‪ .‬وهما بِمعنَى ِ‬
‫الم ْثل‪.‬‬ ‫العدْ ل والعدْ ل بِا ْلكَس ِر وا ْل َفت ِْح فِي ا ْلح ِد ِ‬ ‫(( ( ِعدْ ل‪ :‬قال ابن األثير‪َ « :‬تكَرر ِذكْر ِ‬
‫َ ُ َ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ ُ‬
‫َو ِق َيل‪ُ :‬ه َو بِا ْل َفت ِْح َما َعا َد َله ِم ْن جن ِْسه‪َ ،‬وبِا ْلك َْس ِر َما َل ْي َس ِم ْن جن ِْسه‪َ .‬و ِق َيل بِا ْل َعك ِ‬
‫ْس»‪« .‬النهاية في‬
‫غريب الحديث» البن األثير (‪.)191/3‬‬
‫(( ( أخرجه الترمذي في «سننه» رقم (‪ ،)1638‬وإسناده صحيح‪.‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪346‬‬
‫ٍ‬
‫كافـر فهو لـه درجة‪ ،‬ومن‬ ‫سـهما إلى صدر‬
‫ً‬ ‫ومعنـى الروايتيـن‪ّ :‬‬
‫أن مـن أوصـل‬
‫ٍ‬
‫رقبـة وإن لـم يوصـل إليـه(‪ ،)1‬ويكون‬ ‫سـهما كان لـه مـن الثـواب مثـل ِعـدْ ل‬ ‫رمـى‬
‫ً‬
‫يسـتحق الرجل‬ ‫فيسـتحق برميـه مـن الثـواب مـا‬ ‫حـرره‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ذلـك السـهم «مثـل عبـد ّ‬
‫ٍ‬
‫رقبـة»(‪.)2‬‬ ‫بتحرير‬
‫ومن فوائد أحاديث هذا المطلب‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ فيه دليل على فضيلة الرمي في سبيل اهلل سواء أصاب العدو أو لم يصب‪،‬‬
‫والمقصود بـ«الرمي»‪ :‬الذي يكون بنية جهاد الكفار وإعالء كلمة اإلسالم(‪.)3‬‬
‫سالح يحل ّ‬
‫محل رمي السهم في الصناعات الحربية‬ ‫ٍ‬ ‫‪ 2‬ـ يقاس على السهم أي‬
‫الحديثة من الصواريخ والقذائف الصاروخية‪ ،‬ويكون أجر الرمي بها واالهتمام‬
‫بتصنيعها وشرائها أعظم من أجر غيرها من األسلحة؛ التفاقها مع نتائج استعمال‬
‫السهام في الحروب والمعارك‪.‬‬
‫***‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الطواف بالبيت َس ْب ًعا‪.‬‬

‫ُيعدّ الطواف بالبيت العتيق من العبادات التي يحب اهلل فعلها‪ ،‬ورغبت الشريعة‬
‫تعظيما لهذا البيت العتيق‪ ،‬وإلعماره بالطاعة والعبادة على مدار الساعة‪.‬‬
‫ً‬ ‫بفعلها‬

‫وللترغيـب فـي هـذه العبـادة أكثـر َكتَـب اهلل لـكل مـن طـاف بـه ً‬
‫أجرا يـزداد‬
‫بزيـادة الطـواف‪.‬‬

‫(( ( انظر‪« :‬شرح المشكاة» للطيبي (‪.)2669/8‬‬


‫((( «تحفة األبرار شرح مصابيح السنة» للبيضاوي (‪.)605/2‬‬
‫((( انظر‪« :‬فيض القدير» للمناوي (‪.)138/6‬‬
‫‪347‬‬ ‫وبأجور مطلقة‬
‫ٍ‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬المضاعفة‬

‫اف بِا ْلبي ِ‬ ‫ول اهللِ ﷺ َي ُق ُ‬ ‫ف َع ِن ا ْب ِن ُع َم َر ‪َ ‬ق َال‪َ :‬س ِم ْع ُت َر ُس َ‬


‫ت‬ ‫«م ْن َط َ َ ْ‬ ‫ول‪َ :‬‬
‫ت َل ُه َد َر َج ٌة‪َ ،‬وك َ‬
‫َان‬ ‫ت َعنْ ُه َس ِّي َئ ٌة‪َ ،‬و ُرفِ َع ْ‬ ‫ت بِك ُِّل ُخ ْطو ٍة حسنَ ٌة‪ ،‬وم ِ‬
‫ح َي ْ‬ ‫َ َ َ َُ‬ ‫َس ْب ًعا ُي ْح ِص ِيه‪ ،‬كُتِ َب ْ‬
‫َل ُه َعدْ ُل َر َق َب ٍة»(‪.)1‬‬

‫الر ْح َم ِن َمـا َأ َر َ‬ ‫ِ‬ ‫ـد ْب ِن ُع َم ْي ٍ‬‫ـن ُعبي ِ‬ ‫ِ ِ‬


‫اك‬ ‫لا َق َال‪َ :‬يـا َأ َبا َع ْبـد َّ‬
‫ـر‪َ ،‬أ َّن َر ُج ً‬ ‫و َعـ ْن َع ْبـد اهلل ْب ِ َ ْ‬
‫ـول اهللِ ﷺ َي ُق ُ‬ ‫ـال‪ :‬إِنِّي س ِ‬ ‫ت َْسـت َِل ُم إِ َّل َه َذ ْي ِ‬
‫ول‪« :‬إِ َّن َم ْس َ‬
‫ـح ُه َما‪:‬‬ ‫ـم ْع ُت َر ُس َ‬ ‫َ‬ ‫ـن؟ َق َ‬ ‫الر ْكنَ ْي ِ‬
‫ـن ُّ‬
‫اف سـبعا‪َ ،‬فهـو ك َِعدْ ِل ر َقب ٍ‬ ‫ـان ا ْلخَ طِيئَـ َة»‪ ،‬وس ِ‬ ‫َي ُح َّط ِ‬
‫ـة»‪ ،‬زاد أحمد‪:‬‬ ‫َ َ‬ ‫«م ْن َط َ َ ْ ً ُ َ‬ ‫ول‪َ :‬‬ ‫ـم ْع ُت ُه َي ُق ُ‬ ‫َ َ‬
‫«و َص َّلـى َر ْك َع َت ْين»(‪.)2‬‬
‫َ‬
‫وهذه الزيادة مطلوبة؛ ألن «صالة الركعتين من روادف السبع»(‪.)3‬‬

‫متطه ًرا على‬


‫ّ‬ ‫ومعنى األحاديث السابقة‪ :‬أن من «طاف بالكعبة سبعة أشواط‬
‫الصفة المشروعة‪ ،‬وصلى ركعتي الطواف خلف مقام إبراهيم ‪ ،»‬كان أجره‬
‫المترتب على فعله ذاك على النحو التالي‪:‬‬

‫ت َعنْ ُه َس ِّي َئ ٌة‪َ ،‬و ُرفِ َع ْ‬


‫ت َل ُه َد َر َج ٌة‪.‬‬ ‫ت بِك ُِّل ُخ ْطو ٍة حسنَ ٌة‪ ،‬وم ِ‬
‫ح َي ْ‬ ‫َ َ َ َُ‬ ‫‪ 1‬ـ كُتِ َب ْ‬

‫َان َل ُه َعدْ ُل َر َق َب ٍة‪.‬‬


‫‪2‬ـك َ‬

‫«الس ّر في هذا الفضل شيئان‪:‬‬


‫يقول الشيخ ولي اهلل الدهلوي‪ّ :‬‬
‫شبحا للخوض في رحمة اهلل‪ ،‬وعطف دعوات المأل‬
‫ً‬ ‫أحدهما‪ :‬أنه لما كان‬
‫األعلى إليه‪ ،‬ومظنة لذلك ذكر له أقرب خاصية لذلك‪.‬‬

‫(( ( أخرجه أبو داود الطيالسي في «مسنده» رقم (‪ ،)2012‬وإسناده ضعيف‪ ،‬لكنه حسن لغيره بشواهده‪.‬‬
‫((( أخرجه النسائي في «سننه» رقم (‪ ،)2922‬وإسناده صحيح‪.‬‬
‫((( «حاشية السندي على سنن ابن ماجه» (‪.)224/2‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪348‬‬

‫ثانيهما‪ :‬أنه إذا فعله اإلنسان إيمانًا بأمر اهلل‪ ،‬وتصدي ًقا لموعوده‪ ،‬كان تبيانًا‬
‫وشرحا له»(‪.)1‬‬
‫ً‬ ‫إليمانه‬

‫ومن فوائد هذا الحديث‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ ينبغـي لمـن طـاف فـي البيـت أن يحافـظ علـى تسـبيع هـذه األشـواط‪،‬‬
‫كل سـب ٍع‬ ‫ٍ‬
‫أطواف ركعتيـن‪ ،‬يقول مالك‪« :‬من السـنة أن يتبع ّ‬ ‫ويصلـي بعـد كل سـبعة‬
‫ٍ‬
‫طائـف أسـبو ًعا ـ أي‪ :‬سـب ًعا ـ أن‬ ‫ركعتيـن»(‪ ،)2‬قـال ابـن تيميـة‪« :‬هـذه السـنة ّ‬
‫لـكل‬
‫يصلي بعـده ركعتيـن»(‪.)3‬‬

‫‪ 2‬ـ الطواف المعتبر الذي يترتب عليه األجر السابق هو‪« :‬من طاف بهذا البيت‬
‫حق طوافه‪ ،‬بأن يوفي سننه‪ ،‬وآدابه‪ ،‬وواجباته‪ ،‬من الطهارة‪ ،‬وستر العورة‪ ،‬والصالة‪،‬‬
‫ٍ‬
‫مرات»(‪.)4‬‬ ‫ويستمر عليه أسبو ًعا‪ ،‬أي‪ :‬سبع‬

‫‪ 3‬ـ لم يأت وقت محدّ د يب ّين زمن هذا الطواف‪ ،‬و«هذه األحاديث عا ّمة في ّ‬
‫كل‬
‫ِ‬
‫يخصها ويخرجها عن عمومها»(‪.)5‬‬ ‫األوقات‪ ،‬ولم ْيأت ما ّ‬

‫***‬

‫(( ( «حجة الله البالغة» للدهلوي (‪.)101/2‬‬


‫(( ( «المنتقى شرح المو ّطأ» للباجي (‪.)289/2‬‬
‫((( «شرح عمدة الفقة» البن تيمية (‪.)448/3‬‬
‫((( «شرح المشكاة» للطيبي (‪.)1983/6‬‬
‫(( ( «عون المعبود» للشمس آبادي (‪.)242/5‬‬
‫‪349‬‬ ‫وبأجور مطلقة‬
‫ٍ‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬المضاعفة‬

‫�رج ف�ي‬ ‫وس�د ُ‬


‫الف َ‬ ‫ّ‬ ‫المطل�ب الثال�ث‪ :‬المش�ي إل�ى الصلاة ف�ي المس�جد‪،‬‬
‫الصلاة‪ ،‬وكث�رة الرك�وع والس�جود‪.‬‬

‫ً‬
‫أول‪ :‬المشي إلى الصالة في المسجد‪:‬‬

‫تعدّ المساجد بيوت اهلل في األرض‪ ،‬وقد أكرم اهلل من زار بيوته وسعى للصالة‬
‫فيها‪ ،‬وحرص على تعظيم الصالة فها باألجر الجزيل‪ ،‬وضاعف له من األجور ما‬
‫تبينه الروايات التالية‪:‬‬
‫ـال رس ُ ِ‬ ‫فعـن َع ْبـدَ اهللِ ْب َن َع ْم ِ‬
‫«م ْن‬‫ـول اهلل ﷺ‪َ :‬‬ ‫ـرو ْب ِن ا ْل َعـاص ‪َ ‬قال‪َ :‬ق َ َ ُ‬
‫ـة َفخَ ْطـو ٌة تَمحـو سـي َئ ًة‪ ،‬و َخ ْطـو ٌة ُت ْكتَب َلـه حسـنَ ٌة‪َ ،‬ذ ِ‬
‫اه ًبا‬ ‫ـج ِد ا ْلجماع ِ‬ ‫اح إِ َلـى َم ْس ِ‬
‫ُ ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ُ َ ِّ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َر َ‬
‫َو َر ِ‬
‫اج ًعا» (‪.)1‬‬

‫ات‬ ‫«ذكْر ح َّط ا ْل َخ َطايا ور ْف ِع الدَّ رج ِ‬ ‫وقد بوب ابن حبان على الحديث بقوله‪ِ :‬‬
‫َ َ‬ ‫َ ََ‬ ‫ُ َ‬ ‫ّ‬
‫الص َل َة َحتَّى َي ْر ِج َع إِ َلى َب ْيتِ ِه»‪ ،‬ثم قال َع ِقب الحديث‪« :‬ال َع َر ُب‬ ‫بِا ْل ُخ َطى َم ْن َأتَى َّ‬
‫ت ا ْل ِف ْع َل إِ َلى ا ْل ِف ْع ِل‬‫اع ِل‪ ،‬وربما َأ َضا َف ِ‬
‫َ ُ َّ َ‬
‫يف إِ َلى ا ْل َف ِ‬ ‫الف ْع َل إِ َلى ْالَ ْم ِر ك ََما ت ُِض ُ‬ ‫يف ِ‬ ‫ت ُِض ُ‬
‫ابن َع ْم ٍرو َأ َّن النَّبِ َّي ﷺ َح َل َق َر ْأ َس ُه فِي َح َّج ِة‬ ‫َن ْف ِس ِه كما تضيفه إلى األمر‪ ،‬فإخبار ِ‬
‫يف ا ْل ِف ْع ُل إِ َلى ْالَ ْم ِر‬‫ا ْل َو َداعِ‪َ ،‬أ َرا َد بِ ِه‪َ :‬أ َّن ا ْل َحالِ َق َف َع َل َذلِ َك بِ ِه َل َن ْف ُس النَّبِ ِّي ﷺ‪َ ،‬ف ُأ ِض َ‬
‫«خ ْط َو ٌة ت َْم ُحو‬‫اع ِل‪َ ،‬وفِي َخ َب ِر َع ْب ِد اهللِ ْب ِن َع ْم ٍرو ا َّل ِذي َذك َْرنَا ُه‪ُ :‬‬ ‫اف َذلِ َك إِ َلى ا ْل َف ِ‬‫ك ََما ُي َض ُ‬
‫الس ِّي َئ َة َن ْف َس َها‪َ ،‬و َل ِك َّن اهللَ َج َّل‬ ‫ِ‬ ‫سي َئ ًة» َأ َض َ ِ‬
‫اف ا ْلف ْع َل إِ َلى ا ْلف ْع ِل‪َ ،‬ل َأ َّن ا ْل ُخ ْط َو َة ت َْم ُحو َّ‬ ‫َ ِّ‬
‫َو َع َل ُه َو ا َّل ِذي َي َت َف َّض ُل على عبده بذلك»(‪ ،)2‬زاد المناوي قال‪« :‬لما كان مشيه برجليه‬
‫سب ًبا لذلك ـ أي‪ :‬لكتابة الحسنة ومحو الس ّيئة ـ صارت كأنها فاعلة‪ ،‬وهذا أبلغ في‬

‫(( ( أخرجه أحمد في «المسند» رقم (‪ ،)6599‬وإسناده ضعيف‪ ،‬لكنه حسن لغيره بمتابعاته‪.‬‬
‫(( ( «صحيح ابن حبان» (‪ 387/5‬ـ ‪.)388‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪350‬‬

‫الترغيب‪ ،‬وأشوق إلى األعمال الصالحة»‪ ،‬ثم قال‪ :‬وفيه ٌ‬


‫دليل على «أنه قد يجتمع‬
‫رافع‪ ،‬واآلخر مك ّف ٌر‪ٌّ ،‬‬
‫كل منهما باعتبار فال إشكال فيه»(‪.)1‬‬ ‫في العمل شيئان‪ :‬أحدهما ٌ‬
‫وها إِ َلى‬ ‫ٍ‬ ‫و َعن َأبِي ُهرير َة ‪َ ،‬عن رس ِ ِ‬
‫ول اهلل ﷺ َق َال‪« :‬ك ُُّل ُخ ْط َوة َيخْ ُط َ‬ ‫ْ َ ُ‬ ‫ََْ‬ ‫ْ‬
‫َب َل ُه بِ َها َح َسنَ ٌة‪َ ،‬و ُي ْم َحى َعنْ ُه بِ َها َس ِّي َئ ٌة»(‪.)2‬‬ ‫ِ‬
‫الص َلة‪ُ ،‬ي ْكت ُ‬
‫َّ‬
‫ومن أجل هذا جاء النهي عن االستعجال في المشي إلى الصالة؛ «ألن المرء‬
‫خطوة يخطوها إلى الصالة حسنة»(‪ ،)3‬فعن أبي ُه َر ْي َر َة ‪ ‬قال‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫تُكتب له ّ‬
‫بكل‬
‫َان َي ْع ِمدُ‬ ‫الة‪َ ،‬فإِ َّنه فِي ص ٍ‬
‫الة َما ك َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫«من تَو َّض َأ َف َأحسن و ُضوءه‪ُ ،‬ثم َخرج ع ِامدً ا إِ َلى الص ِ‬
‫َّ‬ ‫َ ُ َّ َ َ َ‬ ‫ْ َ َ ُ‬ ‫َ ْ َ‬
‫َب َل ُه بِإِ ْحدَ ى ُخ ْط َو َت ْي ِه َح َسنَ ٌة‪َ ،‬و ُي ْم َحى َعنْ ُه بِ ْ‬
‫األخ َرى َس ِّي َئ ٌة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الصالة‪َ ،‬وإِ َّن ُه ُي ْكت ُ‬ ‫إِ َلى َّ‬
‫َفإِ َذا َس ِم َع َأ َحدُ ك ُُم ا ِ‬
‫إل َق َام َة َفال َي ْس َع‪َ ،‬فإِ َّن َأ ْع َظ َمك ُْم َأ ْج ًرا َأ ْب َعدُ ك ُْم َد ًارا»‪َ ،‬قا ُلوا‪ :‬لِ َم َيا‬
‫يعجل في‬ ‫الزرقاني‪« :‬ال ُيسرع وال ّ‬ ‫«م ْن َأ ْج ِل َك ْث َر ِة ا ْلخُ َطا»(‪ ،)4‬قال ُّ‬ ‫َأبا هريرةَ؟ َق َال‪ِ :‬‬
‫َ ُ ََْ‬
‫مشيته‪ ،‬بل يمشي على هينته؛ ّ‬
‫لئل يخرج عن الوقار المشروع في إتيان الصالة‪ ،‬وألنه‬
‫الخ َطا‪ ،‬وكثرتها ُم َر ّغ ٌ‬
‫ب فيه لكتب الحسنات ومحو السيئات»(‪.)5‬‬ ‫ّ‬
‫تقل به ُ‬

‫«م ْن َت َط َّه َر فِي َب ْيتِ ِه‪ُ ،‬ث َّم َم َشى‬ ‫و َعن َأبِي ُهرير َة ‪َ ‬ق َال‪َ :‬ق َال رس ُ ِ‬
‫ول اهلل ﷺ‪َ :‬‬ ‫َ ُ‬ ‫ََْ‬ ‫ْ‬
‫َت خ ْط َوتَا ُه إِ ْحدَ ُاه َما ت َُح ُّط‬ ‫يض ًة ِم ْن َف َرائِ ِ‬
‫ض اهللِ‪ ،‬كَان ْ‬ ‫وت اهللِ لِ َي ْق ِض َي َف ِر َ‬‫ت من بي ِ‬ ‫ٍ‬
‫إِ َلى َب ْي َ ْ ُ ُ‬
‫َخطِي َئ ًة‪َ ،‬و ْالُ ْخ َرى ت َْر َف ُع َد َر َج ًة»(‪.)6‬‬

‫(( ( «فيض القدير» للمناوي (‪.)320/1‬‬


‫(( ( أخرجه أحمد في «المسند» رقم (‪ ،)7801‬وإسناده صحيح‪.‬‬
‫(( ( «صحيح ابن حبان» (‪.)523/5‬‬
‫(( ( أخرجه مالك في «المو ّطأ» رقم (‪ ،)33‬وإسناده صحيح‪.‬‬
‫((( «شرح الزرقاني على الموطأ» (‪.)162/1‬‬
‫((( أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (‪.)666‬‬
‫‪351‬‬ ‫وبأجور مطلقة‬
‫ٍ‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬المضاعفة‬

‫الر ُج ُل ِم ْن َب ْيتِ ِه إِ َلى‬ ‫ِ‬


‫و َع ْن َأبِي ُه َر ْي َر َة ‪َ ‬ع ِن النَّبِ ِّي ﷺ َق َال‪« :‬ح َ‬
‫ين َيخْ ُر ُج َّ‬
‫َب َح َسنَ ًة َو ِر ْج ٌل ت َْم ُحو َس ِّي َئ ًة»(‪.)1‬‬ ‫مس ِ ِ ِ‬
‫جده‪َ ،‬ف ِر ْج ٌل ُت ْكت ُ‬ ‫َ ْ‬
‫«صال ُة َأ َح ِدك ُْم فِي َج َما َع ٍة‪،‬‬ ‫ول اهلل ﷺ‪َ :‬‬
‫و َعن َأبِي ُهرير َة ‪َ ،‬ق َال‪َ :‬ق َال رس ُ ِ‬
‫َ ُ‬ ‫ََْ‬ ‫ْ‬
‫ك بِ َأ َّن ُه إِ َذا ت ََو َّض َأ َف َأ ْح َس َن‬‫ين َد َر َج ًة‪َ ،‬و َذلِ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ِِ‬ ‫ِِ ِ‬
‫ت َِزيدُ َع َلى َصالته في ُسوقه َو َب ْيته بِ ْض ًعا َوع ْش ِر َ‬
‫الصالةُ‪َ ،‬ل ْم َيخْ ُط َخ ْط َو ًة‬ ‫الصالةَ‪ ،‬ال َين َْه ُز ُه(‪ )2‬إِ َّل َّ‬ ‫الم ْس ِ‬
‫جدَ ال ُي ِريدُ إِ َّل َّ‬ ‫وء‪ُ ،‬ث َّم َأتَى َ‬
‫الو ُض َ‬
‫ُ‬
‫المالئِ َك ُة ت َُص ِّلي َع َلى َأ َح ِدك ُْم َما َدا َم فِي‬ ‫ِ‬
‫ت َعنْ ُه بِ َها َخطي َئ ٌة‪َ ،‬و َ‬ ‫إِ َّل ُرفِ َع بِ َها َد َر َج ًة‪َ ،‬أ ْو ُح َّط ْ‬
‫ث فِ ِيه‪َ ،‬ما َل ْم ُي ْؤ ِذ‬
‫ُم َص َّل ُه ا َّل ِذي ُي َص ِّلي فِ ِيه‪ ،‬ال َّل ُه َّم َص ِّل َع َل ْي ِه‪ ،‬ال َّل ُه َّم ْار َح ْم ُه َما َل ْم ُي ْح ِد ْ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫الصال ُة ت َْحبِ ُس ُه»(‪.)3‬‬ ‫فيه‪َ ،‬و َق َال‪َ :‬أ َحدُ ك ُْم في َصالة َما كَانَت َّ‬
‫«ل ُي ِريدُ إِ ّل َّ‬
‫الص َلة» ظاهره ونصه اشتراط أن يخرج لها ال‬ ‫قال المناوي‪« :‬قوله‪َ :‬‬
‫ٍ‬
‫كعيادة ـ أي‪ :‬لمريض ـ لم ينل الفضل المذكور‪ ،‬وهو‬ ‫ٍ‬
‫ولعبادة‬ ‫لغيرها‪ ،‬فلو خرج لها‬
‫ٍ‬
‫تجارة»(‪.)4‬‬ ‫ٍ‬
‫لنسك ونحو‬ ‫كمن حج‬
‫واألحاديث في هذا الباب كثيرة‪ ،‬حتى قال ابن رجب‪« :‬وهذا مما تواترت‬
‫السنن به»(‪.)5‬‬
‫ولعظيـم هـذا األجـر‪ ،‬وحـرص النبـي ﷺ علـى صحابتـه فـي تحصيلـه؛ كان‬
‫يأمـر أصحـاب البيـوت البعيدة مـن المسـجد أن يبقوا فـي أماكنهم لتكثيـر خطاهم‬

‫((( أخرجه النسائي في «سننه» رقم (‪ ،)705‬وإسناده صحيح‪.‬‬


‫(( ( ال َين َْه ُز ُه‪ :‬قال الخطابي‪« :‬أي‪ :‬ال يبعثه وال يشخصه إال ذلك‪ ،‬ومن هذا انتهاز الفرصة وهو االنبعاث‬
‫لها والمبادرة إليها»‪« .‬معالم السنن» (‪.)161/1‬‬
‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)2119‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)649‬‬
‫(( ( «فيض القدير» للمناوي (‪.)217/4‬‬
‫(( ( «فتح الباري» البن رجب (‪.)30/6‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪352‬‬

‫ـج ِد‪،‬‬
‫اع َح ْو َل ا ْلمس ِ‬
‫َ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫إلى المسـجد‪ ،‬ف َعـ ْن َجابِ ِر ْب ِن َع ْبـد اهلل ‪َ ‬ق َال‪َ :‬خ َلـت ا ْلبِ َق ُ‬
‫ـول اهللِ ﷺ‪،‬‬ ‫ـك َر ُس َ‬ ‫ـغ َذلِ َ‬ ‫ـج ِد‪َ ،‬ف َب َل َ‬
‫ب ا ْلمس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ـأ َرا َد َبنُـو َسـل َم َة َأ ْن َينْتَق ُلـوا إِ َلـى ُق ْـر ِ َ ْ‬ ‫َف َ‬
‫ـج ِد»‪َ ،‬قا ُلـوا‪َ :‬ن َع ْم‪َ ،‬يا‬ ‫ون َأ ْن َت ْنت َِق ُلوا ُق ْـر َب ا ْل َم ْس ِ‬ ‫ِ‬
‫ـم‪« :‬إِنَّـ ُه َب َلغَنـي َأ َّنك ْ‬
‫ُـم ت ُِريـدُ َ‬ ‫ـال َل ُه ْ‬
‫َف َق َ‬
‫ُـم‪ِ ،‬د َي َارك ُْم‬
‫َـب آ َث ُارك ْ‬
‫ُـم ُت ْكت ْ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ـال‪َ « :‬يا َبني َسـل َم َة د َي َارك ْ‬ ‫ـك‪َ ،‬ف َق َ‬ ‫ـول اهللِ َقـدْ َأ َر ْدنَـا َذلِ َ‬
‫َر ُس َ‬
‫َـب آ َث ُارك ُْم»(‪.)1‬‬
‫ُت ْكت ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وفي رواية أخرى عنه قال‪ :‬كَان ْ ِ‬
‫َت د َي ُارنَا نَائ َي ًة َع ِن ا ْل َم ْس ِجد‪َ ،‬ف َأ َر ْدنَا َأ ْن نَبِ َ‬
‫يع ُب ُيو َتنَا‪،‬‬
‫ول اهللِ ﷺ‪َ ،‬ف َق َال‪« :‬إِ َّن َلك ُْم بِك ُِّل َخ ْط َو ٍة َد َر َج ًة»(‪.)2‬‬ ‫َفنَ ْقت َِر َب ِم َن ا ْل َم ْس ِج ِد‪َ ،‬فن ََهانَا َر ُس ُ‬

‫َس ْب ِن َمالِ ٍك ‪َ ‬ق َال‪َ :‬ق َال النَّبِ ُّي ﷺ‪َ « :‬يا َبنِي َسلِ َم َة َأال ت َْحت َِس ُب َ‬
‫ون‬ ‫و َع ْن َأن ِ‬
‫آ َث َارك ُْم»(‪.)3‬‬
‫ومعنى‪« :‬تُكتب آثاركم» ـ كما يقول القاضي البيضاوي ـ‪« :‬المراد بـ«اآلثار»‪:‬‬
‫الخطى إلى المساجد‪ ،‬أي‪ُ :‬ت َعدّ خطاكم وتكتبها الكتبة للثواب‪ ،‬أو «ما يؤثر»‪ :‬أي‪:‬‬
‫ُيكتب في السنن واآلثار حرصكم على الطاعات وجدّ كم واجتهادكم في حضور‬
‫الجماعات»(‪.)4‬‬
‫َّاس َأ ْج ًرا فِي‬‫«أ ْع َظ ُم الن ِ‬ ‫وسى األشعري ‪َ ‬ق َال‪َ :‬ق َال النَّبِ ُّي ﷺ‪َ :‬‬ ‫و َع ْن َأبِي ُم َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إل َما ِم َأ ْع َظ ُم‬ ‫الصالة َأ ْب َعدُ ُه ْم‪َ ،‬ف َأ ْب َعدُ ُه ْم َم ْم ًشى‪َ ،‬وا َّلذي َينْتَظ ُر َّ‬
‫الصال َة َحتَّى ُي َص ِّل َي َها َم َع ا ِ‬ ‫َّ‬
‫َأ ْج ًرا ِم َن ا َّل ِذي ُي َص ِّلي‪ُ ،‬ث َّم َينَا ُم»(‪.)5‬‬

‫((( أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (‪.)665‬‬


‫((( أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (‪.)664‬‬
‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪.)655‬‬
‫((( «تحفة األبرار شرح مصابيح السنة» للبيضاوي (‪.)256/1‬‬
‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)651‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)662‬‬
‫‪353‬‬ ‫وبأجور مطلقة‬
‫ٍ‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬المضاعفة‬

‫الح ِد ْيث ّ‬
‫يدل َع َلى فضل المشي إلى المسجد من المكان‬ ‫قال ابن رجب‪« :‬هذا َ‬
‫البعيد‪ ،‬وأن األجر يكثر ويعظم بحسب بعد المكان َعن المسجد‪ ،‬وعلى فضل السبق‬
‫إلى المسجد فِي أول الوقت‪ ،‬وانتظار الصالة فِ ِيه َم َع اإلمام»(‪.)1‬‬

‫َان َر ُج ٌل َل َأ ْع َل ُم َر ُج ًل َأ ْب َعدَ ِم َن ا ْل َم ْس ِج ِد‬ ‫ب ‪َ ‬ق َال‪ :‬ك َ‬ ‫و َع ْن ُأ َب ِّي ْب ِن َك ْع ٍ‬


‫ُخطِ ُئ ُه َص َلةٌ‪َ ،‬ق َال‪َ :‬ف ِق َيل َل ُه‪َ :‬أ ْو ُق ْل ُت َل ُه‪َ :‬ل ْو ْاشت ََر ْي َت ِح َم ًارا ت َْر َك ُب ُه فِي‬‫َان َل ت ْ‬ ‫ِمنْ ُه‪َ ،‬وك َ‬
‫ْب ا ْل َم ْس ِج ِد‪ ،‬إِنِّي ُأ ِريدُ َأ ْن‬ ‫اء‪َ ،‬ق َال‪َ :‬ما َي ُس ُّرنِي َأ َّن َمن ِْزلِي إِ َلى َجن ِ‬ ‫اء‪ ،‬وفِي الرمض ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ ْ َ‬ ‫ال َّظ ْل َم َ‬
‫ول اهللِ‬‫وعي إِ َذا َر َج ْع ُت إِ َلى َأ ْه ِلي‪َ ،‬ف َق َال َر ُس ُ‬ ‫ي ْكتَب لِي مم َشاي إِ َلى ا ْلمس ِج ِد‪ ،‬ورج ِ‬
‫َُ ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫َْ َ‬ ‫ُ َ‬
‫ك َذلِ َ‬
‫ك ُك َّل ُه»(‪.)2‬‬ ‫هلل َل َ‬
‫ﷺ‪َ « :‬قدْ َج َم َع ا ُ‬
‫الخ َطا في الرجوع من الصالة كما يثبت في‬
‫قال النووي‪« :‬فيه إثبات الثواب في ُ‬
‫الذهاب»(‪.)3‬‬

‫ومن فوائد المشي إلى الصالة‪:‬‬


‫ـ ّ‬
‫أن من مشى إلى المسجد ووجد الجماعة قد انقضت كتب اهلل له أجر من‬
‫ول اهللِ‬ ‫صالها وحضرها ال ينقص من أجره شي ًئا‪ ،‬ف َع ْن َأبِي ُه َر ْي َر َة ‪َ ‬ق َال‪َ :‬ق َال َر ُس ُ‬

‫َّاس َقدْ َص َّل ْوا َأ ْع َطا ُه ا ُ‬


‫هلل َج َّل َو َع َّز‬ ‫«م ْن ت ََو َّض َأ َف َأ ْح َس َن ُو ُض َ‬
‫وء ُه‪ُ ،‬ث َّم َر َ‬
‫اح َف َو َجدَ الن َ‬ ‫ﷺ‪َ :‬‬
‫ك ِم ْن َأ ْج ِر ِه ْم َش ْيئًا»(‪.)4‬‬
‫ِم ْث َل َأ ْج ِر َم ْن َص َّل َها َو َح َض َر َها َل َينْ ُق ُص َذلِ َ‬

‫ومعنـاه‪ :‬أن مـن توضأ وذهب للمسـجد لصالة الجماعـة‪ ،‬فوجدها قد انقضت‪،‬‬

‫(( ( «فتح الباري» البن رجب (‪.)25/6‬‬


‫((( أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (‪.)663‬‬
‫(( ( «شرح النووي على صحيح مسلم» (‪.)168/5‬‬
‫((( أخرجه أبو داود في «سننه» رقم (‪ ،)564‬وإسناده ضعيف‪ ،‬لكنه حسن لغيره بشواهده‪.‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪354‬‬

‫أعطـاه اهلل مثـل أجـر مـن صالها فـي الجماعة مـن أولهـا‪ ،‬وال ينقص أجـر المص ّلي‬
‫ٍ‬
‫واحـد مـن المص ّليـن بالجماعـة‬ ‫ّ‬
‫«لـكل‬ ‫وحـده مـن أجـر المصليـن بالجماعـة‪ ،‬بـل‬
‫ٌ‬
‫كامـل علـى حـدة‪ ،‬وذلـك لكمـال فضـل اهلل وسـعة رحمته‪،‬‬ ‫أجـر‬
‫المصلـي وحـده ٌ‬
‫وهـذا إذا لـم يكـن التأخير ناشـ ًئا عـن التقصيـر‪ ،‬ولع ّلـه ُيعطـى بالنية أصـل الثواب‪،‬‬
‫وبالتحسـر ما فاتـه من المضاعفـة»(‪.)1‬‬
‫ّ‬
‫ار ا ْل َم ْو ُت‪َ ،‬ف َق َال‪ :‬إِنِّي‬ ‫ب‪َ ،‬ق َال‪َ :‬ح َض َر َر ُج ًل ِم َن ْالَن َْص ِ‬ ‫و َعن س ِع ِ‬
‫يد ْب ِن ا ْل ُم َس ِّي ِ‬ ‫ْ َ‬
‫ول اهللِ ﷺ َي ُق ُ‬
‫ول‪« :‬إِ َذا ت ََو َّض َأ‬ ‫احتِ َسا ًبا‪َ ،‬س ِم ْع ُت َر ُس َ‬ ‫ِ‬
‫ُم َحدِّ ُثك ُْم َحدي ًثا َما ُأ َحدِّ ُثك ُُمو ُه إِ َّل ْ‬
‫ِ‬
‫هلل‬
‫َب ا ُ‬ ‫الص َلة َل ْم َي ْر َف ْع َقدَ َم ُه ا ْل ُي ْمنَى إِ َّل َكت َ‬
‫وء‪ُ ،‬ث َّم َخ َر َج إِ َلى َّ‬ ‫َأ َحدُ ك ُْم َف َأ ْح َس َن ا ْل ُو ُض َ‬
‫َع َّز َو َج َّل َل ُه َح َسنَ ًة‪َ ،‬و َل ْم َي َض ْع َقدَ َم ُه ا ْل ُي ْس َرى إِ َّل َح َّط اهللُ َع َّز َو َج َّل َعنْ ُه َس ِّي َئ ًة َف ْل ُي َق ِّر ْب‬
‫جدَ َو َقدْ‬ ‫جدَ ‪َ ،‬ف َص َّلى فِي َج َما َع ٍة ُغ ِف َر َل ُه‪َ ،‬فإِ ْن َأتَى ا ْل َم ْس ِ‬ ‫َأ َحدُ ك ُْم َأ ْو لِ ُي َب ِّعدْ َفإِ ْن َأتَى ا ْل َم ْس ِ‬

‫َان ك ََذلِ َ‬
‫ك‪َ ،‬فإِ ْن َأتَى ا ْل َم ْس ِ‬
‫جدَ َو َقدْ‬ ‫َص َّل ْوا َب ْع ًضا َو َب ِق َي َب ْع ٌض َص َّلى َما َأ ْد َر َك َو َأت ََّم َما َب ِق َي ك َ‬
‫ك»(‪.)2‬‬ ‫َان ك ََذلِ َ‬
‫الص َل َة ك َ‬ ‫َص َّل ْوا َف َأت ََّم َّ‬
‫ومعناه‪ :‬أنه إن أتى المسجد ووجد «الجماعة قد صلوا الصالة ولم يدركهم‬
‫فأتم هو الصالة‪ ،‬كان األمر كما كان في الصورتين ـ يعني‪:‬‬
‫معهم في جزء من الصالة ّ‬
‫أيضا ـ؛ ألن األعمال بالنيات‪ ،‬وقد كانت نيته أن يصلي معهم فغفر له بذلك؛‬
‫غفر له ً‬
‫ّ‬
‫لئل يخيب في سعيه ذلك»(‪.)3‬‬

‫ص تحصيل الحسنة باليمنى؛ لشرف جهة اليمين‪ ،‬وحكمة‬ ‫قال العراقي‪ُ :‬‬
‫«خ ّ‬

‫(( ( «عون المعبود» للعظيم آبادي (‪.)192/2‬‬


‫((( أخرجه أبو داود في «سننه» رقم (‪ ،)563‬وإسناده ضعيف‪ ،‬لكنه حسن لغيره بشواهده‪.‬‬
‫(( ( «شرح سنن أبي داود» للعيني (‪.)48/3‬‬
‫‪355‬‬ ‫وبأجور مطلقة‬
‫ٍ‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬المضاعفة‬

‫ترتب الحسنة على رفعها حصول رفع الدرجة بها‪ ،‬وحكمة ترتّب ّ‬
‫حط السيئة على‬
‫الحط للوضع‪ ،‬فلم يترتّب ّ‬
‫حط السيئة على رفع اليسرى كما‬ ‫ّ‬ ‫وضع اليسرى مناسبة‬
‫فعل باليمنى بل على وضعها‪ ،‬أو يقال‪ :‬إن قاصد المشي للعبادة أول ما يبدأ برفع‬
‫إشعار ّ‬
‫بأن‬ ‫ٌ‬ ‫اليمنى للمشي‪ ،‬فترتّب األجر على ابتداء العمل»(‪ ،)1‬زاد المناوي‪« :‬وفيه‬
‫ِ‬
‫غالبي»(‪.)2‬‬
‫ّ‬ ‫هذا الجزاء للماشي ال للراكب ـ أي‪ :‬بال ُع ْذ ٍر ـ وذكْر ِّ‬
‫الر ْجل‬
‫ـ عدّ النبي ﷺ المشي إلى الصالة من األمور التي يتصدّ ق بها المسلم على‬
‫المى ِم َن‬ ‫ول اهلل ﷺ‪« :‬ك ُُّل ُس َ‬
‫أعضاء جسده‪ ،‬فعن َأبِي ُهرير َة ‪َ ‬ق َال‪َ :‬ق َال رس ُ ِ‬
‫َ ُ‬ ‫ََْ‬ ‫َ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّاس َع َل ْي ِه َصدَ َق ٌة‪ ،‬ك َُّل َي ْو ٍم َت ْط ُل ُع فِ ِيه َّ‬
‫ين‬‫الش ْم ُس‪َ ،‬ي ْعد ُل َب ْي َن ال ْثنَ ْي ِن َصدَ َق ٌة‪َ ،‬و ُيع ُ‬ ‫الن ِ‬
‫الر ُج َل َع َلى َدا َّبتِ ِه َف َي ْح ِم ُل َع َل ْي َها‪َ ،‬أ ْو َي ْر َف ُع َع َل ْي َها َمتَا َع ُه َصدَ َق ٌة‪َ ،‬والكَلِ َم ُة ال َّط ِّي َب ُة َصدَ َق ٌة‪،‬‬
‫َّ‬
‫يق َصدَ َق ٌة»(‪.)3‬‬ ‫يط األَ َذى َع ِن ال َّط ِر ِ‬ ‫الة َصدَ َق ٌة‪َ ،‬و ُي ِم ُ‬ ‫وك ُُّل ُخ ْطو ٍة يخْ ُطوها إِ َلى الص ِ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ـ سبب لدعاء النبي ﷺ للمريض بالشفاء‪ :‬فعن َع ْب ِد اهللِ ْب ِن َع ْم ِرو ْب ِن ا ْل َع ِ‬
‫اص‬
‫يضا َف ْلي ُقل‪ :‬اللهم ْاش ِ‬ ‫‪َ ،‬أ َّن رس َ ِ‬
‫ف‬ ‫ُ َّ‬ ‫َ‬ ‫الر ُج ُل َي ُعو ُد َم ِر ً‬
‫اء َّ‬‫ول اهلل ﷺ َق َال‪« :‬إِ َذا َج َ‬ ‫َ ُ‬
‫ك إِ َلى َّص َل ٍة»(‪.)4‬‬
‫ك َعدُ ًّوا‪َ ،‬و َي ْم ِشي َل َ‬ ‫َع ْبدَ َك‪َ ،‬ينْك َُأ َل َ‬

‫بالعدو لعموم نفعه وتعديه إلى الغير‪ ،‬و«جمع بين النكاية‬


‫ّ‬ ‫وإنما قدّ م النكاية‬
‫عدو اهلل‪ ،‬والثاني س ْع ٌي‬
‫كدح في إنزال العقاب على ّ‬ ‫والمشي إلى الصالة؛ ّ‬
‫ألن األول ٌ‬
‫في إنزال الرحمة»(‪.)5‬‬

‫(( ( نقله المناوي في «فيض القدير» (‪.)320/1‬‬


‫(( ( «فيض القدير» للمناوي (‪.)320/1‬‬
‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)2989‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)1009‬‬
‫((( أخرجه أبو داود في «سننه» رقم (‪ ،)3107‬وإسناده حسن‪.‬‬
‫(( ( «فيض القدير» للمناوي (‪.)402/1‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪356‬‬

‫قال الباحث‪ :‬وفي إقران النبي ﷺ النكاية بالعدو مع المشي إلى الصالة إشارة‬
‫العدو‪ ،‬وأنّه كلما كان مشي‬
‫ّ‬ ‫إلى أهمية المشي إلى الصالة في االستعداد للمعارك مع‬
‫المؤمن إلى المسجد أكثر كان نكايته للعدو أشدّ ‪.‬‬
‫ومن فوائد أحاديث هذا المطلب‪:‬‬
‫فضل كثرة المشي و ُب ْعد الدار عن المسجد‪ ،‬وما تؤدي إليه زيادة الخطوات‬
‫‪1‬ـ ْ‬
‫من زيادة الحسنات وتكفير السيئات ورفع الدرجات‪.‬‬
‫كبير للمسلم أن يحتسب خطواته‬
‫استحباب ٌ‬
‫ٌ‬ ‫‪ 2‬ـ في قوله‪« :‬أال تحتسبون آثاركم»‬
‫إلى المسجد عند اهلل تعالى‪ ،‬ويستحضر فضل ذلك في أثناء سيره(‪.)1‬‬
‫البر إذا كانت خالصة تُكتب‬ ‫‪ 3‬ـ قال المباركفوري‪« :‬وفي الحديث ّ‬
‫أن أعمال ّ‬
‫آثارها حسنات» (‪.)2‬‬
‫***‬
‫ثان ًيا‪ :‬سدّ ال ُف َرج في الصالة‪:‬‬
‫ر ّغبـت الشـريعة بوصـل الصفـوف‪ ،‬ودعـت لواصلهـا بوصـل اهلل لـه‪ ،‬فعـن‬
‫ـوف َو َحـا ُذوا َب ْي َن‬
‫الص ُف َ‬ ‫ـال‪ِ َ :‬‬
‫ـول اهللِ ﷺ‪َ ،‬ق َ‬
‫عبـد اهلل بـن عمـر ‪َ ‬أ َّن َر ُس َ‬
‫يمـوا ُّ‬
‫«أق ُ‬
‫ات لِ َّ‬
‫لشـ ْي َط ِ‬
‫ان‪َ ،‬و َم ْن‬ ‫َـذروا ُفرج ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ـب َو ُسـدُّ وا ا ْلخَ َل َل َولينُوا بِ َأ ْيـدي إِ ْخ َوانك ُْم‪َ ،‬و َل ت َ ُ ُ َ‬ ‫ا ْل َمنَاكِ ِ‬
‫ـع َص ًّفا َق َط َعـ ُه اهلل»(‪.)3‬‬
‫هلل‪َ ،‬و َم ْن َق َط َ‬
‫ـل َص ًّفـا َو َص َلـ ُه ا ُ‬
‫َو َص َ‬

‫ومعناه‪ :‬أنه من وصل ص ًّفا بوقوفه فيه‪ ،‬وصله اهلل برحمته‪ ،‬ورفع درجته‪ ،‬وقربه‬

‫((( «منار القاري شرح مختصر صحيح البخاري» لحمزة قاسم (‪.)127/2‬‬
‫((( «مرعاة المفاتيح» للمباركفوري (‪.)406/2‬‬
‫((( أخرجه أبو داود في «سننه» رقم (‪ ،)666‬وإسناده حسن‪.‬‬
‫‪357‬‬ ‫وبأجور مطلقة‬
‫ٍ‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬المضاعفة‬

‫ٍ‬
‫حاجة‪،‬‬ ‫من منازل األبرار‪ ،‬ومواطن األخيار‪ ،‬ومن قطع ص ًّفا بأن كان فيه فخرج منه لغير‬
‫ٍ‬
‫حاجة قطعه اهلل وأبعده من‬ ‫الصف فرجة بال‬‫ّ‬ ‫صف وترك بينه وبين من في‬
‫أو جاء إلى ٍّ‬
‫ثوابه ومزيد رحمته‪ ،‬والجزاء من جنس العمل‪ ،‬وهذا يحتمل الخبر والدعاء(‪ ،)1‬وقال‬
‫القاري‪« :‬فيه تهديدٌ شديدٌ ‪ ،‬ووعيدٌ ٌ‬
‫بليغ‪ ،‬ولذا عدّ ه ابن حجر ـ يعني‪ :‬الهيتمي(‪ )2‬ـ‬
‫من الكبائر»(‪ ،)3‬وع ّلق عليه ابن ّ‬
‫علن الدمشقي بقوله‪« :‬فيه أبلغ ٍّ‬
‫حث على وصل‬
‫صف حتى يكمل ما قبله‪ ،‬وأبلغ‬
‫ٍّ‬ ‫الصفوف بسد فروجها وتكميلها‪ ،‬بأن ال يشرع في‬
‫صف آخر ناقص أو فيه فرجة‪ ،‬ومن‬
‫ّ‬ ‫صف وبين يديه‬
‫ّ‬ ‫زج ٍر عن قطعها بأن يقف في‬
‫ْ‬
‫تأ ّمل بركة دعائه للواصل وخطر دعائه المقبول الذي ال يرد على القاطع وكان عنده‬
‫الوصل و َف ّر عن القطع ما أمكنه»(‪.)4‬‬
‫أدنى ذرة من اإليمان بادر إلى ْ‬
‫الصف وسدّ خلله والترغيب في ذلك في‬
‫ِّ‬ ‫يقول ابن حجر‪« :‬ورد األمر بتعديل‬
‫أحاديث كثيرة أجمعها هذا الحديث»(‪.)5‬‬
‫ولذلك كان عمر بن الخطاب ‪« ‬ي ْأمر بِتَس ِوي ِة الص ُف ِ‬
‫وف َفإِ َذا َجا ُءو ُه‬ ‫ُّ‬ ‫َ ُُ ْ َ‬
‫ِ‬
‫يسوي الناس في‬ ‫َف َأ ْخ َب ُرو ُه َأ ْن َقد ْ‬
‫است ََو ْت َك َّب َر»(‪ ،)6‬قال الباجي‪« :‬مقتضاه‪ :‬أنه وكّل من ّ‬
‫مندوب»(‪.)7‬‬
‫ٌ‬ ‫الصفوف وهو‬

‫((( انظر‪« :‬التيسير بشرح الجامع الصغير» للمناوي (‪.)198/1‬‬


‫((( انظر‪« :‬الزواجر عن اقتراف الكبائر» للهيتمي (‪.)241/1‬‬
‫(( ( «مرقاة المفاتيح» للقاري (‪.)854/3‬‬
‫((( «دليل الفالحين» البن عالن (‪.)573/6‬‬
‫ف ٍ‬
‫يسير‪.‬‬ ‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪ )211/2‬بتصر ٍ‬
‫ّ‬
‫(( ( أخرجه مالك في «المو ّطأ» رقم (‪ )375‬عن نافع عن عمر به‪.‬‬
‫ف ٍ‬
‫يسير‪.‬‬ ‫(( ( «المنتقى شرح المو ّطأ» للباجي (‪ )279/1‬بتصر ٍ‬
‫ّ‬
‫‪٣‬‬

‫‪358‬‬

‫َس ْب ِن َمالِ ٍك‬


‫وجعل النبي ﷺ تسوية الصفوف من تمام الصالة وحسنها‪ ،‬ف َع ْن َأن ِ‬
‫ف‪ِ ،‬م ْن ت ََما ِم‬ ‫«س ُّووا ُص ُفو َفك ُْم‪َ ،‬فإِ َّن ت َْس ِو َي َة َّ‬
‫الص ِّ‬ ‫‪َ ‬ق َال‪َ :‬ق َال رس ُ ِ‬
‫ول اهلل ﷺ‪َ :‬‬ ‫َ ُ‬
‫الص َل ِة»(‪.)1‬‬
‫َّ‬
‫إل َما ُم لِ ُي ْؤت ََّم بِ ِه‪َ ،‬فال‬
‫و َع ْن َأبِي ُه َر ْي َر َة ‪َ ،‬ع ِن النَّبِ ِّي ﷺ َأ َّن ُه َق َال‪« :‬إِن ََّما ُج ِع َل ا ِ‬
‫ك‬‫هلل لِ َم ْن َح ِمدَ ُه‪َ ،‬ف ُقو ُلوا‪َ :‬ر َّبنَا َل َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تَخْ تَل ُفوا َع َل ْيه‪َ ،‬فإِ َذا َرك ََع‪َ ،‬ف ْار َك ُعوا‪َ ،‬وإِ َذا َق َال‪َ :‬سم َع ا ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يموا‬‫ون‪َ ،‬و َأق ُ‬ ‫وسا َأ ْج َم ُع َ‬ ‫اس ُجدُ وا‪َ ،‬وإِ َذا َص َّلى َجال ًسا‪َ ،‬ف َص ُّلوا ُج ُل ً‬ ‫الح ْمدُ ‪َ ،‬وإِ َذا َس َجدَ َف ْ‬‫َ‬
‫ف ِمن حس ِن الص ِ‬ ‫ِ‬ ‫الص َّ ِ‬
‫الة»(‪.)2‬‬ ‫َّ‬ ‫الصالة‪َ ،‬فإِ َّن إِ َق َام َة َّ‬
‫الص ِّ ْ ُ ْ‬ ‫ف في َّ‬ ‫َّ‬
‫ومعنى «تمام الصالة»‪ :‬اإلتيان بها على وجه الكمال‪.‬‬

‫الصف إذا أقيم في الصالة كان ذلك من حسنها‪،‬‬


‫ّ‬ ‫ومعنى «حسن الصالة»‪ :‬أن‬
‫فإذا لم يقم نقص من حسنها بحسب ما نقص من إقامة الصف(‪.)3‬‬

‫والحكمـة مـن ذلـك ك ّلـه‪« :‬تأكيـد التـراص والتقـارب بيـن الصفـوف؛ لعظم‬
‫فائدتهمـا‪ ،‬وهـي‪ :‬منْع دخول الشـيطان بينهم المسـتلزم لتسـ ّلطه وإغوائه ووسوسـته‬
‫وعـود بركة ما فيها‬
‫ْ‬ ‫حتـى يفسـد عليهم صالتهم وخشـوعهم الذي هـو روح الصالة‪،‬‬
‫مـن األنفـاس الطاهـرة علـى البقيـة‪ ،‬وال مذهـب للشـيطان وكيـده أعظم مـن الذكر‬
‫الصـادر مـن القلب الصالـح»(‪.)4‬‬

‫***‬

‫((( أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (‪.)433‬‬


‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)722‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)417‬‬
‫(( ( انظر‪« :‬فتح الباري» البن رجب (‪.)278/6‬‬
‫((( «دليل الفالحين» البن علّن (‪.)424/6‬‬
‫‪359‬‬ ‫وبأجور مطلقة‬
‫ٍ‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬المضاعفة‬

‫ثال ًثا‪ :‬كثرة الركوع والسجود‪:‬‬

‫الركوع والسجود من العبادات الجليلة التي أمر اهلل بهما‪ ،‬ور ّغب فيهما النبي‬
‫ٍ‬
‫درجة ومغفرة خطيئة‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫سجدة يسجدها العبد رفعة‬ ‫ﷺ‪ ،‬حتى جعل لكل‬
‫ول اهللِ‬ ‫ان ‪ ‬م ْو َلى رس ِ‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫فعن َم ْعدَ ان ْبن َأبِي َط ْل َح َة ا ْل َي ْع َم ِر ُّي‪َ ،‬ق َال‪َ :‬ل ِق ُ‬
‫يت َث ْو َب َ‬
‫ب ْالَ ْعم ِ‬ ‫ﷺ‪َ ،‬ف ُق ْل ُت‪َ :‬أ ْخبِرنِي بِعم ٍل َأ ْعم ُله يدْ ِخ ُلنِي ا ِ‬
‫ال‬ ‫َ‬ ‫هلل بِه ا ْل َجنَّ َة؟ َأ ْو َق َال ُق ْل ُت‪ :‬بِ َأ َح ِّ‬‫ُ‬ ‫َ ُُ‬ ‫ََ‬ ‫ْ‬
‫ول اهللِ‬ ‫َت‪ُ .‬ث َّم َس َأ ْل ُت ُه ال َّثالِ َث َة َف َق َال‪َ :‬س َأ ْل ُت َع ْن َذلِ َك َر ُس َ‬ ‫َت‪ُ .‬ث َّم َس َأ ْل ُت ُه َف َسك َ‬ ‫إِ َلى اهللِ‪َ ،‬ف َسك َ‬
‫ك اهللُ بِ َها‬ ‫َّك َل ت َْس ُجدُ هللِ َس ْجدَ ةً‪ ،‬إِ َّل َر َف َع َ‬ ‫ود هللِ‪َ ،‬فإِن َ‬‫ك بِ َك ْثر ِة السج ِ‬ ‫ﷺ‪َ ،‬ف َق َال‪َ « :‬ع َل ْي َ‬
‫َ ُّ ُ‬
‫يت َأ َبا الدَّ ْر َد ِاء َف َس َأ ْل ُت ُه َف َق َال لِي‪ِ :‬م ْث َل‬
‫ان‪ُ :‬ث َّم َل ِق ُ‬‫ْك بِ َها َخطِي َئ ًة» َق َال َم ْعدَ ُ‬ ‫َد َر َج ًة‪َ ،‬و َح َّط َعن َ‬
‫ان(‪.)1‬‬ ‫َما َق َال لِي‪َ :‬ث ْو َب ُ‬

‫يم َع َل ْي ِه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ول اهلل‪َ ،‬أ ْخبِ ْرني بِ َع َم ٍل َأ ْستَق ُ‬
‫وعن أبي فاطمة ‪َ ‬ق َال‪ُ :‬ق ْل ُت‪ :‬يا رس َ ِ‬
‫َ َ ُ‬
‫هلل بِ َها َد َر َج ًة‪،‬‬ ‫َّك َل ت َْس ُجدُ هللِ َس ْجدَ ًة إِ َّل َر َف َع َ‬ ‫ك بِالسج ِ‬
‫ود؛ َفإِن َ‬
‫كا ُ‬ ‫َو َأ ْع َم ُل ُه‪َ ،‬ق َال‪َ « :‬ع َل ْي َ ُّ ُ‬
‫ْك َخطِي َئ ًة»(‪.)2‬‬
‫َو َح َّط بِ َها َعن َ‬

‫«ما ِم ْن َع ْب ٍد‬
‫ول‪َ :‬‬ ‫ول اهللِ ﷺ‪َ ،‬ي ُق ُ‬ ‫ت ‪َ ،‬أ َّن ُه َس ِم َع َر ُس َ‬ ‫و َعن ُعباد َة ب ِن الص ِام ِ‬
‫َّ‬ ‫ْ َ َ ْ‬
‫ِ‬
‫َب اهللُ َل ُه بِ َها َح َسنَ ًة‪َ ،‬و َم َحا َعنْ ُه بِ َها َس ِّي َئ ًة‪َ ،‬و َر َف َع َل ُه بِ َها َد َر َج ًة‪،‬‬ ‫َي ْس ُجدُ هلل َس ْجدَ ًة إِ َّل َكت َ‬
‫ود»(‪.)3‬‬ ‫َفاس َتكْثِروا ِمن السج ِ‬
‫َ ُّ ُ‬ ‫ْ ُ‬
‫ف بن عبد اهلل ‪َ ‬ق َال‪ُ :‬كن ُْت َأ ْم ِشي َم َع َك ْع ٍ‬
‫ب َف َم َر ْرنَا بِ َر ُج ٍل َي ْرك َُع‬ ‫و َعن م َطر ٍ‬
‫ْ ُ ِّ‬
‫َو َي ْس ُجدُ ‪َ ،‬ل َيدْ ِري َأ َع َلى َش ْف ٍع ُه َو َأ ْم َع َلى ِوت ٍْر؟ َق َال‪ُ :‬ق ْل ُت‪َ :‬لُ ْر ِشدَ َّن َه َذا‪َ ،‬فت َ‬
‫َخ َّل ْف ُت‬

‫((( أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (‪.)488‬‬


‫(( ( أخرجه ابن ماجه في «سننه» رقم (‪ ،)1422‬وإسناده حسن‪.‬‬
‫(( ( أخرجه ابن ماجه في «سننه» رقم (‪ ،)1424‬وإسناده صحيح‪.‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪360‬‬

‫يت»‪ُ ،‬ق ْل ُت‪َ :‬م ْن‬ ‫ْت َأ ْم َع َلى ِوت ٍْر؟ َق َال‪َ « :‬قدْ ك ُِف ُ‬ ‫َف ُق ْل ُت‪َ :‬يا َأ َبا َع ْب ِد اهللِ‪َ ،‬أ َع َلى َش ْف ٍع َأن َ‬
‫َب اهللُ َل ُه بِ َها‬ ‫ِ‬
‫«م ْن َس َجدَ هلل َس ْجدَ ًة َكت َ‬ ‫ون» َق َال‪ُ :‬ث َّم َق َال‪َ :‬‬ ‫اك؟ َق َال‪« :‬ا ْلكِ َرا ُم ا ْلكَاتِ ُب َ‬
‫َك َف َ‬
‫ْت؟ َق َال‪َ :‬أ ُبو‬ ‫َح َسنَ ًة‪َ ،‬و َر َف َع َل ُه بِ َها َد َر َج ًة‪َ ،‬و َح َّط َعنْ ُه بِ َها َخطِي َئ ًة» َق َال‪ُ :‬ث َّم ُق ْل ُت‪َ :‬م ْن َأن َ‬
‫ب‪َ :‬‬
‫«أ ْي َن‬ ‫السنَّ َة»‪َ ،‬ق َال‪َ :‬ف َق َال َك ْع ٌ‬
‫ف ُّ‬ ‫ت ُم َط ِّر ًفا ُأ ُّم ُه‪َ ،‬أبِي َذ ٍّر َي ْع ِر ُ‬ ‫َذ ٍّر‪َ ،‬ق َال‪َ :‬ف ُق ْل ُت‪َ « :‬ثكِ َل ْ‬
‫ف ُي ْر ِشدُ َر ُج ًل َرآ ُه َل َيدْ ِري َأ َع َلى َش ْف ٍع ُه َو َأ ْم َع َلى ِوت ٍْر؟‬ ‫ف؟» َق َال ِق َيل‪ :‬ت َ‬
‫َخ َّل َ‬ ‫ُم َط ِّر ٌ‬
‫َب اهللُ َل ُه بِ َها َح َسنَ ًة َو َر َف َع َل ُه بِ َها َد َر َج ًة‪َ ،‬و َح َّط َعنْ ُه‬ ‫ِ‬
‫«م ْن َس َجدَ هلل َس ْجدَ ًة َكت َ‬
‫ب‪َ :‬‬ ‫َف َق َال َك ْع ٌ‬
‫بِ َها َخطِي َئ ًة»(‪.)1‬‬

‫وهذه األد ّلة هي ّ‬


‫حجة من ذهب إلى أن كثرة الركوع والسجود أفضل من طول‬
‫القيام‪ ،‬أما من ذهب إلى أفضيلة طول القيام على كثرة الركوع والسجود فاحتج ٍ‬
‫بأدلة‬
‫من أشهرها‪:‬‬

‫الص َل ِة‬ ‫ـول اهللِ ﷺ‪َ :‬‬


‫«أ ْف َض ُل َّ‬ ‫ـال‪َ :‬ق َال َر ُس ُ‬ ‫‪ 1‬ـ َعـ ْن َجابِ ٍ‬
‫ـر بن عبد اهلل ‪َ ،‬ق َ‬
‫ُـوت»(‪ .)2‬قـال النـووي‪« :‬المراد بالقنـوت هنا القيـام باتفـاق العلماء فيما‬ ‫ـول ا ْل ُقن ِ‬
‫ُط ُ‬
‫علمت» (‪.)3‬‬

‫ول اهللِ ﷺ ُس ِئ َل‪َ :‬أ ُّي‬


‫‪ 2‬ـ و َع ْن َع ْب ِد اهللِ ْب ِن ُح ْب ِش ٍّي ا ْل َخ ْث َع ِم ِّي ‪َ ،‬أ َّن َر ُس َ‬
‫ول ا ْل ِق َيامِ»(‪ ،)4‬وهذه الرواية تؤكد أن المقصود بالقنوت في‬ ‫ال َأ ْف َض ُل؟ َق َال‪ُ « :‬ط ُ‬‫ْالَ ْعم ِ‬
‫َ‬
‫الرواية األخرى هو القيام‪.‬‬

‫((( أخرجه عبد الرزاق الصنعاني في مصنّفه رقم (‪ ،)3562‬وإسناده صحيح‪.‬‬


‫((( أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (‪.)756‬‬
‫(( ( «شرح النووي على صحيح مسلم» (‪ 35/6‬ـ ‪.)36‬‬
‫((( أخرجه أبو داود في «سننه» رقم (‪ ،)1325‬وإسناده حسن‪.‬‬
‫‪361‬‬ ‫وبأجور مطلقة‬
‫ٍ‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬المضاعفة‬

‫قال العيني عن القول الثاني‪« :‬وبه قال الجمهور من التابعين وغيرهم»(‪.)1‬‬

‫إن َأ ْم َر ّ‬
‫النبي ﷺ بكثرة السجود ال ينافي فضيلة طول‬ ‫وتوسط السندي فقال‪ّ :‬‬
‫القيام إذ ما أوصاه ﷺ بكثرة السجود دون طول القيام(‪ ،)2‬وبنحوه قال المباركفوري‬
‫أن السجود أفضل من القيام؛ ّ‬
‫ألن صيغة‬ ‫في «المرعاة»‪ :‬أنه ال دليل في الحديث على ّ‬
‫أيضا‪ ،‬وال يلزم منه فضل السجود‬
‫«أفعل» التفضيل إنما وردت في فضل طول القيام ً‬
‫الذي ّ‬
‫دل عليه الحديث على طول القيام(‪.)3‬‬

‫قال الصنعاني‪« :‬لما رأت طائفة تعارض األدلة مالت إلى التفصيل وقالت‪:‬‬
‫واحتجت على هذا‬
‫ّ‬ ‫القيام بالليل أفضل‪ ،‬وكثرة الركوع والسجود بالنهار أفضل‪،‬‬
‫التفصيل بأن صالة الليل قد ُخ ّصت بالقيام‪ ،‬كما قال تعالى‪﴿ :‬ﭔ ﭕ﴾ [المزمل‪،]٢ :‬‬
‫ولذا ُي َقال‪ :‬قيام الليل‪ ،‬وال ُيقال‪ :‬قيام النهار»(‪.)4‬‬

‫قال شيخ اإلسالم ابن تيمية‪« :‬تنازع الناس‪ ،‬هل األفضل طول القيام؟ أم كثرة‬
‫أصحها ّ‬
‫أن كليهما سواء‪ ،‬فإن‬ ‫ّ‬ ‫الركوع والسجود؟ أو كالهما سواء؟ على ثالثة أقوال‪:‬‬
‫القيام اختص بالقراءة‪ ،‬وهي أفضل من الذكر والدعاء‪ ،‬والسجود نفسه أفضل من‬
‫القيام‪ ،‬فينبغي أنه إذا طول القيام أن يطيل الركوع والسجود‪ ،‬وهذا هو طول القنوت‬
‫ول ال ُقن ِ‬
‫الص َل ٍة َأ ْف َضل؟ َف َقال‪ُ « :‬ط ُ‬ ‫ِ‬
‫ُوت»‪ّ .‬‬
‫فإن‬ ‫الذي أجاب به النبي ﷺ لما ق َيل َل ُه‪َ :‬أ ّي َّ‬
‫القنوت هو إدامة العبادة‪ ،‬سواء كان في حال القيام‪ ،‬أو الركوع‪ ،‬أو السجود‪ ،‬كما‬

‫((( «عمدة القاري» للعيني (‪.)185/7‬‬


‫((( انظر‪« :‬حاشية السندي على سنن ابن ماجه» (‪.)435/1‬‬
‫(( ( انظر‪« :‬مرعاة المفاتيح» للمباركفوري (‪.)216/3‬‬
‫(( ( «التنوير شرح الجامع الصغير» للصنعاني (‪ 569/2‬ـ ‪.)570‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪362‬‬

‫قال تعالى‪﴿ :‬ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ﴾ [الزمر‪ ،]٩ :‬فسماه قانتًا في حال‬


‫سجوده‪ ،‬كما سماه قانتًا في حال قيامه»(‪.)1‬‬
‫وعليه فإن هذه المسألة تختلف باختالف األحوال واألشخاص‪ ،‬فربما يكون‬
‫في حق حافظ القرآن القيام أكثر‪ ،‬وفي حق غير الحافظ الركوع والسجود أكثر‪ ،‬أو أن‬
‫صاحب الحاجة وراجي الخير من اهلل يكون في حقه الركوع والسجود أفضل ألنه‬
‫مظنة الدعاء والطلب والقرب من رحمة اهلل وفضله‪.‬‬
‫حـث النبـي ﷺ على كثـرة السـجود‪ :‬ما جاء فـي حديـث َأبِـي ُه َر ْي َر َة‬ ‫وسـبب ّ‬
‫ـو َس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـول اهللِ ﷺ َق َ‬
‫ـال‪َ :‬‬ ‫‪َ ‬أ َّن َر ُس َ‬
‫ـاجدٌ ‪،‬‬ ‫ُـون ا ْل َع ْبـدُ م ْ‬
‫ـن َر ِّبـه‪َ ،‬و ُه َ‬ ‫«أ ْق َـر ُب َمـا َيك ُ‬
‫موافـق لقولـه تعالـى‪﴿ :‬ﯴ ﯵ﴾ [العلـق‪]١٩ :‬؛‬ ‫ٌ‬ ‫َف َأكْثِ ُـروا الدُّ َعـاء»(‪ ،)2‬وهـو‬
‫أعز أعضاء اإلنسـان‬ ‫«وألن السـجود غايتـه التواضـع هلل والعبودية له‪ ،‬وفيـه تمكين ّ‬ ‫ّ‬
‫وأخسـها وهـو‪ :‬التـراب الـذي يـداس‬ ‫ّ‬ ‫وأرفعهـا وهـو‪ :‬وجهـه مـن أدنـى األشـياء‬
‫ٍ‬
‫سـجدة يسـجدها العبـد ر ْفع درجة‪ ،‬فلا يزال العبـد يتر ّقى‬ ‫ويمتهـن»(‪ ،)3‬ففـي ّ‬
‫«كل‬
‫فـي المداومـة على السـجود درجـة فدرجة حتـى يفوز بالقـدح من القـرب إلى اهلل‬
‫تعالى» (‪.)4‬‬

‫أيضا‪ :‬أنه ٌ‬
‫سبب للقرب من النبي ﷺ ومرافقته في الجنة‪:‬‬ ‫ومن فوائده ً‬
‫ـول اهللِ ﷺ‬ ‫يـت م َع رس ِ‬
‫ـال‪ُ :‬كن ُْت َأبِ ُ َ َ ُ‬ ‫ـب ْالَ ْسـ َل ِم ِّي ‪َ ‬ق َ‬ ‫فعـن َربِي َعـة ْبن َك ْع ٍ‬
‫ـأ ُل َك ُم َرا َف َقت ََك فِـي ا ْل َجن َِّة‪َ .‬ق َال‪:‬‬
‫ـل» َف ُق ْل ُت‪َ :‬أ ْس َ‬
‫«س ْ‬ ‫ِ‬ ‫ـه وح ِ ِ‬
‫اجتـه َف َق َال لي‪َ :‬‬
‫ِ ِ‬
‫َف َأ َت ْيتُـ ُه بِ َو ُضوئ َ َ َ‬

‫(( ( «الفتاوى الكبرى» البن تيمية (‪ 120/2‬ـ ‪.)121‬‬


‫((( أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (‪.)482‬‬
‫تصرف ٍ‬
‫يسير‪.‬‬ ‫(( ( «إكمال المعلم» للقاضي عياض (‪ )403/2‬مع ّ‬
‫((( «شرح المشكاة» للطيبي (‪.)1027/3‬‬
‫‪363‬‬ ‫وبأجور مطلقة‬
‫ٍ‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬المضاعفة‬

‫ـك بِ َك ْثر ِة السـج ِ‬


‫ـال‪َ « :‬ف َأ ِعنِّي َع َلى َن ْف ِس َ‬ ‫ـو َذ َ‬
‫اك‪َ .‬ق َ‬ ‫«أ ْو َغ ْي َـر َذلِ َ‬
‫َ‬
‫ود»(‪.)1‬‬ ‫َ ُّ ُ‬ ‫ـك»‪ُ ،‬ق ْل ُت‪ُ :‬ه َ‬
‫وفيه‪ّ :‬‬
‫«أن مرافقة المصطفى ﷺ في الجنة من الدرجات العالية التي ال مطمع‬
‫في الوصول إليها إال بحضور الزلفى عند اهلل في الدنيا بكثرة السجود»(‪« ،)2‬وانظر‬
‫فإن من‬ ‫سر ٍ‬
‫دقيق‪ّ ،‬‬ ‫أيها المتأمل في هذه الشريطة وارتباط القرينتين؛ لتقف على ٍّ‬
‫أراد مرافقة الرسول ﷺ ال يناله إال بالقرب من اهلل‪ ،‬ومن رام قرب اهلل لم ينله إال‬
‫بقرب حبيبه‪﴿ ،‬ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ﴾ [آل عمران‪ ،]٣١ :‬أوقع متابعة‬
‫الرسول ﷺ بين المحبتين‪ ،‬وذلك أن محبة العبد منوطة بمتابعته‪ ،‬ومحبة اهلل العبد‬
‫متوقفة على متابعة رسوله ﷺ»(‪.)3‬‬
‫وعن َأبِي َفاطِ َم َة ْالَ ْز ِد ِّي‪َ ،‬أ ِو ْالَ َس ِد ِّي‪َ ،‬ق َال‪َ :‬ق َال لِي النَّبِ ُّي ﷺ‪َ « :‬يا َأ َبا َفاطِ َم َة‪ ،‬إِ ْن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الس ُجو َد»(‪.)4‬‬ ‫َأ َر ْد َت َأ ْن َت ْل َقاني َف َأكْث ِر ُّ‬
‫ومن فوائد أحاديث هذا المطلب‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ قال العراقي‪« :‬ليس المراد هنا السجود المنفصل عن الصالة كـ«التالوة»‬
‫أن عمل‬ ‫ٍ‬
‫لعارض‪ ،‬وإنما المراد سجود الصالة‪ ،‬وهذا يفيد ّ‬ ‫ّ‬
‫و«الشكر» فإنه إنما ُيشرع‬
‫السر أفضل من عمل العالنية»(‪ ،)5‬ويتعين السجود في النوافل أكثر من الفرائض‬
‫ّ‬
‫مأمور به اإلنسان شر ًعا(‪.)6‬‬
‫ٌ‬ ‫باعتبار أن الثاني‬

‫((( أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (‪.)489‬‬


‫(( ( «فيض القدير» للمناوي (‪.)334/4‬‬
‫((( «شرح المشكاة» للطيبي (‪.)1027/3‬‬
‫(( ( أخرجه أحمد في «المسند» رقم (‪ ،)15526‬وإسناده ضعيف‪ ،‬لكنه حسن لغيره بمتابعاته‪.‬‬
‫((( نقله الصنعاني في «سبل السالم» (‪.)333/1‬‬
‫(( ( انظر‪« :‬سبل السالم» للصنعاني (‪.)333/1‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪364‬‬

‫‪ 2‬ـ قال الصنعاني‪« :‬قوله‪« :‬تسـجد هلل سـجدة» يحتمل واحدة من السـجدات‪،‬‬
‫فتؤخـذ منه مشـروعية السـجدة مفرد ًة عـن الصالة لغيـر التالوة والشـكر فقد علما‬
‫مـن غيـره‪ ،‬ويحتمـل أن يراد بهـا الصالة كما قـد ع ّبر بهـا عنها في غيـره من إطالق‬
‫الجزء علـى ّ‬
‫الكل»(‪.)1‬‬
‫***‬

‫ح َس ُن العبادة إذا مرض أو سافر‪ ،‬واالبتالء بالمرض‪.‬‬


‫المطلب الرابع‪َ :‬‬
‫ً‬
‫أول‪َ :‬ح َس ُن العبادة إذا مرض أو سافر‪:‬‬
‫متص ًل بعبادة ربه‪ً ،‬‬
‫مقبل عليه في جميع أحواله‪ ،‬فإن اهلل يكافئه‬ ‫إذا كان العبد ّ‬
‫ٍ‬
‫جليلة تتمثل باستمرار كتابة أجر عبادته حال مرضه وتقصيره في عبادته التي‬ ‫بعط ّي ٍة‬
‫سفرا في‬
‫مسافرا ً‬
‫ً‬ ‫كان اعتاد عليها شريطة أن ال يكون المرض بفعله(‪ ،)2‬أو حال كونه‬
‫غير معصية(‪.)3‬‬
‫ول اهللِ ﷺ‪« :‬إِ َذا َم ِر َض ال َع ْبدُ ‪،‬‬
‫فعن أبي موسى األشعري ‪ ‬قال‪َ :‬ق َال َر ُس ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب َل ُه ِم ْث ُل َما ك َ‬ ‫ِ‬
‫يحا»(‪.)4‬‬ ‫يما َصح ً‬‫َان َي ْع َم ُل ُمق ً‬ ‫َأ ْو َسا َف َر‪ ،‬كُت َ‬
‫«اللف والنشر المقلوب‪ ،‬فاإلقامة في مقابل‬
‫ّ‬ ‫وقد استعمل النبي ﷺ طريقة‬
‫فمنِع منها‪،‬‬
‫حق من كان يعمل طاع ًة ُ‬
‫السفر‪ ،‬والصحة في مقابل المرض‪ ،‬وهو في ّ‬
‫وكانت نيته لوال المانع أن يدوم عليها»(‪.)5‬‬

‫(( ( «التنوير شرح الجامع الصغير» للصنعاني (‪.)510/2‬‬


‫((( انظر‪« :‬التيسير بشرح الجامع الصغير» للمناوي (‪.)130/1‬‬
‫(( ( انظر‪« :‬فتح الباري» البن حجر (‪.)136/6‬‬
‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪.)2996‬‬
‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)136/6‬‬
‫‪365‬‬ ‫وبأجور مطلقة‬
‫ٍ‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬المضاعفة‬

‫قال المه ّلب‪« :‬أصل هذا في كتاب اهلل‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ‬
‫ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ﴾‬
‫[التين‪ 4 :‬ـ ‪ ،]6‬يريد‪ّ :‬‬
‫أن لهم أجرهم في حال الكبر والضعف عما كانوا يفعلونه في‬
‫آفة من ٍ‬
‫سفر وغيره‬ ‫مرض من غير الزمانة‪ ،‬وكل ٍ‬
‫ٍ‬ ‫الصحة غير مقطوع لهم؛ فلذلك كل‬
‫يمنع من العمل الصالح المعتاد؛ فإن اهلل قد تفضل بإجراء أجره على من منع ذلك‬
‫العمل بهذا الحديث»(‪.)1‬‬
‫قال شيخ اإلسالم ابن تيمية‪« :‬وهذه قاعدة الشريعة ّ‬
‫أن من كان عاز ًما على‬
‫الفعل عز ًما جاز ًما‪ ،‬وفعل ما يقدر عليه منه كان بمنزلة الفاعل‪ ،‬فهذا الذي كان له‬
‫عمل في صحته وإقامته عزمه أن يفعله‪ ،‬وقد فعل في المرض والسفر ما أمكنه‪ ،‬فكان‬ ‫ٌ‬
‫بمنزلة الفاعل‪ .‬كما ثبت في الصحيح من قوله ﷺ‪« :‬إِ َّن بِا ْل َم ِدين َِة َأ ْق َو ًاما‪َ ،‬ما ِس ْرت ُْم‬
‫ول اهللِ‪َ ،‬و ُه ْم بِا ْل َم ِدين َِة؟ َق َال‪:‬‬ ‫م ِسيرا‪ ،‬وال َق َطعتُم و ِ‬
‫اد ًيا إِ َّل كَانُوا َم َعك ُْم»‪َ ،‬قا ُلوا‪َ :‬يا َر ُس َ‬ ‫ْ ْ َ‬ ‫َ ً َ‬
‫ِ ِ‬
‫«و ُه ْم بِا ْل َمدينَة‪َ ،‬ح َب َس ُه ُم ال ُع ْذ ُر» ‪ ،‬وقد قال تعالى‪﴿ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ‬ ‫َ‬
‫(‪)2‬‬

‫ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ﴾ [النساء‪ ]٩٥ :‬اآلية‪ ،‬فهذا ومثله‬


‫يبين أن المعذور يكتب له مثل ثواب الصحيح‪ ،‬إذا كانت نيته أن يفعل‪ ،‬وقد عمل‬
‫ما يقدر عليه‪ ،‬وذلك ال يقتضي أن يكون نفس عمله مثل عمل الصحيح‪ ،‬فليس‬

‫((( نقله ابن بطال في «شرحه على صحيح البخاري» (‪.)154/5‬‬


‫(( ( سند الحديث‪ :‬قال اإلمام البخاري في «صحيحه» (كتاب المغازي)‪ ،‬باب (‪ ،)82‬رقم (‪:)4423‬‬
‫َحدَّ َثنَا َأ ْح َمدُ ْب ُن ُم َح َّم ٍد‪َ ،‬أ ْخ َب َرنَا َع ْبدُ اهللِ ـ وهو‪ :‬ابن المبارك ـ‪َ ،‬أ ْخ َب َرنَا ُح َم ْيدٌ ال َّط ِو ُيل‪َ ،‬ع ْن َأن ِ‬
‫َس ْب ِن‬ ‫ ‬
‫الم ِدين َِة َف َق َال‪ ،‬وذكر الحديث‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ول اهللِ ﷺ َر َج َع ِم ْن َغ ْز َو ِة َت ُب َ‬
‫وك َفدَ نَا م َن َ‬ ‫َمالِ ٍك ‪َ ،‬أ َّن َر ُس َ‬
‫تخريج الحديث‪:‬‬ ‫ ‬
‫أخرجه البخاري في «صحيحه» (كتاب الجهاد والسير)‪ ،‬باب (‪ )35‬من حبسه العذر عن الغزو‪ ،‬رقم‬ ‫ ‬
‫(‪ )2839‬من طريق حماد بن زيد عن حميد الطويل به بنحوه‪.‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪366‬‬

‫في الحديث أن صالة المريض نفسها في األجر مثل صالة الصحيح‪ ،‬وألن صالة‬
‫المنفرد والمعذور في نفسها مثل صالة الرجل في الجماعة‪ ،‬وإنما فيه أن يكتب له‬
‫من العمل ما كان يعمل وهو صحيح مقيم‪ ،‬كما يكتب له أجر صالة الجماعة إذا فاتته‬
‫مع قصده لها‪ .‬وأيض ًا فليس كل معذور يكتب له مثل عمل الصحيح‪ ،‬وإنما يكتب له‬
‫إذا كان يقصد عمل الصحيح‪ ،‬ولكن عجز عنه‪.‬‬
‫قائما‪ ،‬ثم ترك‬ ‫ٍ‬
‫فالحديث يدل على أن َم ْن عادته الصالة في جماعة والصالة ً‬
‫ذلك لمرضه‪ ،‬فإنه يكتب له ما كان يعمل وهو صحيح مقيم‪ ،‬وكذلك من تطوع‬
‫على الراحلة في السفر‪ ،‬وقد كان يتطوع في الحضر قائم ًا‪ ،‬يكتب له ما كان يعمل‬
‫في اإلقامة‪ .‬فأما من لم تكن عادته الصالة في جماعة‪ ،‬وال الصالة قائم ًا إذا مرض‪،‬‬
‫فصلى وحده‪ ،‬أو صلى قاعد ًا‪ ،‬فهذا ال يكتب له مثل صالة المقيم الصحيح»(‪.)1‬‬
‫فتعذر فانفرد كُتِب‬
‫السبكي‪« :‬من كانت عادته أن يصلي جماعة ّ‬
‫ّ‬ ‫تقي الدين‬
‫قال ّ‬
‫له ثواب الجماعة‪ ،‬ومن لم تكن له عادة لكن أراد الجماعة ّ‬
‫فتعذر فانفرد يكتب له‬
‫مجر ٌد‪ ،‬ولو‬
‫قصدٌ ّ‬
‫ثواب قصده ال ثواب الجماعة؛ ألنه وإن كان قصده الجماعة لكنه ْ‬
‫كان يتنزل منزلة من صلى جماعة كان دون من جمع واألولى سبقها فعل‪ ،‬ويدل‬
‫لألول حديث الباب ـ يقصد حديث أنس السابق ـ‪ ،‬وللثاني‪ :‬أن أجر الفعل يضاعف‬
‫ت َله حسنَة و ِ‬ ‫ٍ ِ‬
‫احدَ ة»(‪ ،»)2‬قال‪:‬‬ ‫«م ْن َه ّم بِ َح َسنَة كُت َب ْ ُ َ َ َ‬
‫وأجر القصد ال يضاعف بدليل‪َ :‬‬
‫إن الذي صلى منفر ًدا ولو كتب له أجر صالة الجماعة لكونه‬ ‫«ويمكن أن ُيقال‪ّ :‬‬
‫اعتادها فيكتب له ثواب صالة منفرد باألصالة وثواب مجمع بالفضل»(‪.)3‬‬

‫(( ( «الفتاوى الكبرى» البن تيمية (‪.)277/2‬‬


‫((( سبق تخريجه‪.‬‬
‫((( نقله ابن حجر في «الفتح» (‪.)136/6‬‬
‫‪367‬‬ ‫وبأجور مطلقة‬
‫ٍ‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬المضاعفة‬

‫ول اهللِ ﷺ‪« :‬إِ َّن ا ْل َع ْبدَ‬ ‫اص ‪َ ‬ق َال‪َ :‬ق َال َر ُس ُ‬ ‫ف َع ْن َع ْب ِد اهللِ ْب ِن َع ْم ِرو ْب ِن ا ْل َع ِ‬
‫ُب َل ُه ِم ْث َل‬ ‫ِ‬ ‫َان ع َلى َط ِري َق ٍة حسن ٍَة ِمن ا ْل ِعباد ِة‪ُ ،‬ثم م ِر َض‪ِ ،‬ق َ ِ ِ‬
‫يل ل ْل َم َلك ا ْل ُم َوك َِّل بِه‪ :‬ا ْكت ْ‬ ‫َ َ َ َّ َ‬ ‫َ َ‬ ‫إِ َذا ك َ َ‬
‫َان َطلِي ًقا‪َ ،‬حتَّى ُأ ْطلِ َق ُه‪َ ،‬أ ْو َأك ِْف َت ُه إِ َل َّي»(‪.)1‬‬
‫َع َملِ ِه إِ َذا ك َ‬

‫ول اهللِ ﷺ‪« :‬إِ َذا ا ْب َت َلى اهللُ ا ْل َع ْبدَ‬ ‫وعن َأنَس ْب ِن َمالِ ٍك ‪َ ‬ق َال‪َ :‬ق َال َر ُس ُ‬
‫َان َي ْع َم ُل ُه‪َ ،‬فإِ ْن َش َفا ُه‬ ‫ُب َل ُه َصالِ َح َع َملِ ِه ا َّل ِذي ك َ‬
‫هلل‪ :‬ا ْكت ْ‬
‫ِِ‬ ‫ٍ ِ‬
‫ا ْل ُم ْسل َم بِ َب َلء في َج َسده‪َ ،‬ق َال ا ُ‬
‫ِ‬

‫َغ َس َل ُه َو َط َّه َر ُه‪َ ،‬وإِ ْن َق َب َض ُه َغ َف َر َل ُه َو َر ِح َم ُه»(‪.)2‬‬

‫ومن فوائد أحاديث هذا المطلب‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ قال ابن بطال‪« :‬ليس هذا الحديث على العموم‪ ،‬وإنما هو لمن كانت له‬
‫ٍ‬
‫صالح فمنعه اهلل منها بالمرض أو السفر‪ ،‬وكانت نيته لو كان‬ ‫ٍ‬
‫عمل‬ ‫نوافل وعادة من‬
‫مقيما أن يدوم عليها وال يقطعها؛ فإن اهلل يتفضل عليه بأن يكتب له أجر‬
‫صحيحا أو ً‬
‫ً‬
‫صالح فال يدخل في معنى‬
‫ٌ‬ ‫ثوابها حين حبسه عنها‪ ،‬فأما من لم يكن له تن ّفل وال ٌ‬
‫عمل‬
‫الحديث؛ ألنه لم يمنعه مرضه من شيء فكيف يكتب له ما لم يكن يعمله؟ وما‬
‫يدل أن الحديث في النوافل ما روى معمر‪ ،‬عن عاصم بن أبى النجود‪ ،‬عن خيثمة‪،‬‬
‫عن عبد اهلل بن عمرو‪ :‬قال رسول اهلل ﷺ‪« :‬إن العبد إذا كان على طريق حسنة من‬
‫العبادة‪ ،‬ثم مرض قيل للملك الموكل به‪ :‬اكتب له مثل عمله إذا كان طلق ًا حتى‬
‫إلي» وقوله‪« :‬إذا كان على طريق حسنة من العبادة» ال يقال‪ :‬إال في‬
‫أطلقه أو أكفته ّ‬
‫النوافل‪ ،‬وال ُيقال ذلك لمؤدي الفرائض خاصة؛ ّ‬
‫ألن المريض والمسافر ال يسقط‬
‫عنهما صلوات الفرائض؛ فسنة المريض الجلوس‪ ،‬وسنة المسافر قصر الصالة‪ ،‬فلم‬

‫(( ( أخرجه أحمد في «المسند» رقم (‪ ،)6895‬وإسناده حسن‪.‬‬


‫(( ( أخرجه أحمد في «المسند» رقم (‪ ،)12503‬وإسناده حسن‪.‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪368‬‬

‫«حج َر‬
‫ّ‬ ‫يبق أن يكتب للمريض والمسافر إال أجر النوافل» (‪ ،)1‬وتعقبه ابن المن ّير بأنه‬
‫اس ًعا‪ ،‬بل تدخل فِ ِيه ا ْل َف َر ِائض ا َّلتِي َش ْأنه َأن ي ْعمل َبها َو ُه َو َص ِحيح‪ ،‬إِذا عجز َعن‬ ‫و ِ‬
‫َ‬
‫فعل؛ ِلَ َّن ُه َقا َم بِ ِه عز ًما َأن‬
‫مرض كتب َل ُه أجر َما عجز َعن ُه ً‬ ‫ِ‬ ‫ضها بِا ْل‬
‫ُج ْم َل َتها‪َ ،‬أو َعن َب ْع َ‬
‫يحا‪َ ،‬حتَّى َص َلة ا ْل َجالِس فِي ا ْل َف ْرض لمرضه يكْتب َل ُه َعن َْها أجر َص َلة‬ ‫ِ‬
‫َان َصح ً‬ ‫َلو ك َ‬
‫ا ْلقيام‪َ ،‬واهلل أعلم‪َ .‬و َظاهر الت َّْر َج َمة َأنه ّنزله على إِ ْط َلقه» (‪.)2‬‬
‫‪ 2‬ـ قال ابن حجر‪« :‬است ُِد ّل به على ّ‬
‫أن المريض والمسافر إذا تك ّلف العمل كان‬
‫مقيم» (‪.)3‬‬
‫صحيح ٌ‬
‫ٌ‬ ‫أفضل من عمله وهو‬
‫‪ 3‬ـ قـال المنـاوي‪« :‬أخـذ مـن الحديـث أن الحائـض والنفسـاء تثـاب علـى‬
‫قياسـا علـى المريـض والمسـافر‪َ ،‬و ُر ّد بال َف ْـر ِق‪ّ :‬‬
‫بأن‬ ‫تـرك الصلاة في زمـن الحيض ً‬
‫المريـض أو المسـافر كان يفعلهـا بنيـة الدوام مـع أهليته لهـا‪ ،‬والحائـض غير ذلك‪،‬‬
‫بـل نيتهـا تـرك الصالة في وقـت الحيض‪ ،‬بـل تحرم عليهـا نية الصالة زمـن الحيض‬
‫وإن كانـت ال تقضيهـا»(‪.)4‬‬
‫***‬
‫ثان ًيا‪ :‬االبتالء بالمرض‪.‬‬
‫كتـب اهلل علـى اإلنسـان جملـة من االبتلاء؛ ليختبـر صبـره وإيمانـه‪ ،‬وجعل‬
‫مـن جملة هـذا االبتلاء‪ :‬المرض ليكـون كفـارة ورفع درجـة‪ ،‬سـواء كان المرض‬
‫صغيرا‪.‬‬
‫ً‬ ‫كبيـرا أو‬
‫ً‬

‫((( انظر‪« :‬شرح ابن بطال على صحيح البخاري» (‪ 154/5‬ـ ‪.)155‬‬
‫(( ( «المتواري على صحيح البخاري» البن المنير ص (‪.)165‬‬
‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)137/6‬‬
‫(( ( «فيض القدير» للمناوي (‪.)444/1‬‬
‫‪369‬‬ ‫وبأجور مطلقة‬
‫ٍ‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬المضاعفة‬

‫ـش َع َلى َع ِائ َشـ َة‬ ‫اب ِمـ ْن ُق َر ْي ٍ‬ ‫ـال‪َ :‬د َخ َـل َشـ َب ٌ‬ ‫ـو ِد بـن يزيـد النخعـي َق َ‬ ‫ـن ْالَ ْس َ‬
‫ف َع ِ‬
‫ُب‬ ‫ُـون‪َ ،‬ف َقا َل ْت‪َ :‬مـا ُي ْض ِح ُكك ُْم؟ َقا ُلـوا‪ُ :‬ف َل ٌن َخ َّـر َع َلى ُطن ِ‬ ‫ـم َي ْض َحك َ‬ ‫ِ‬
‫ـي بِمنًـى‪َ ،‬و ُه ْ‬
‫ِ‬
‫َوه َ‬
‫ـت‪َ :‬ل ت َْضحكُـوا‪َ ،‬فإِنِّـي س ِ‬ ‫ٍ‬
‫ـم ْع ُت‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ـب‪َ ،‬ف َقا َل ْ‬‫ُف ْسـ َطاط‪َ ،‬فـكَا َد ْت ُعنُ ُقـ ُه َأ ْو َع ْينُـ ُه َأ ْن ت َْذ َه َ‬
‫ت َلـ ُه بِ َها َد َر َج ٌة‪،‬‬‫ـو َك ًة‪َ ،‬ف َمـا َف ْو َق َها إِ َّل كُتِ َب ْ‬ ‫«ما ِم ْن ُم ْسـلِ ٍم ُي َش ُ‬
‫ـاك َش ْ‬
‫رس َ ِ‬
‫ـول اهلل ﷺ‪َ ،‬ق َال‪َ :‬‬ ‫َ ُ‬
‫ت َعنْـ ُه بِ َهـا َخطِيئَة»(‪.)1‬‬ ‫وم ِ‬
‫ح َي ْ‬ ‫َُ‬
‫وعبر النبي ﷺ بـ«الشوكة» العتباره أدنى األذى(‪ ،)2‬فكيف بما هو أكبر وأشدّ ‪.‬‬
‫وفي قول عائشة ‪َ :‬‬
‫«ل ت َْض َحكُوا»‪ٌ :‬‬
‫نهي عن الضحك من مثل هذا إال‬
‫وكسرا‬
‫ً‬ ‫تعمده فمذمو ٌم؛ ألن فيه إشماتًا بالمسلم‪،‬‬
‫أن يحصل غلبة ال يمكن دفعه‪ ،‬وأما ّ‬
‫لقلبه(‪.)3‬‬
‫ـي ٍء‬
‫«ما م ْن َش ْ‬
‫ـول اهللِ ﷺ َأنَّـه َق َال‪ِ :‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫لا ٍد ‪َ ،‬ع ْن رس ِ‬
‫َ ُ‬ ‫ب ْب ِ‬
‫ـن َخ َّ‬ ‫ـن الس ِ‬
‫ـائ ِ‬ ‫ف َع ِ َّ‬
‫َـب َلـ ُه بِ َهـا َح َسـنَ ًة َأ َو َح َّ‬ ‫الش ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ـط َعنْـ ُه بِ َهـا‬ ‫ـوكَة تُصي ُبـ ُه إِ َّل َكت َ‬
‫ـن َحتَّـى َّ ْ‬‫يـب ا ْل ُم ْؤم َ‬
‫ُيص ُ‬
‫َخطِي َئ ًة » ( ‪. )4‬‬
‫ٍ‬
‫بأمور عدة‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫بمرض فإنه يجازى‬ ‫فد ّلت األحاديث على أن من ابتلي‬
‫‪ 1‬ـ كُتبت له حسنة‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ كُتبت له درجة‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ ُح ّطت عنه خطيئة‪.‬‬

‫((( أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (‪.)2527‬‬


‫((( انظر‪« :‬إكمال المعلم» للقاضي عياض (‪.)42/8‬‬
‫(( ( انظر‪« :‬شرح النووي على صحيح مسلم» (‪.)128/16‬‬
‫(( ( أخرجه أحمد في «المسند» رقم (‪ ،)16500‬وإسناده ضعيف‪ ،‬لكنه حسن لغيره بشواهده‪.‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪370‬‬

‫وتنوع األحاديث بذكر الكفارة تارة‪ ،‬وذكر الدرجة والحسنة تارة‪ ،‬وبذكرها‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الحط‪،‬‬ ‫تنويع باعتبار المصائب؛ فبعضها يترتّب عليه‬
‫ٌ‬ ‫جمي ًعا تارة أخرى‪ ،‬إنما هو‬
‫وبعضها يترتب عليه الحسنة‪ ،‬وبعضها يترتب عليها ّ‬
‫الكل(‪.)1‬‬
‫يقول النووي‪« :‬في هذه األحاديث بشار ٌة عظيم ٌة للمسلمين‪ ،‬فإنه ق ّلما ّ‬
‫ينفك‬
‫الواحد منهم ساعة من شيء من هذه األمور‪ ،‬وفيه تكفير الخطايا باألمراض واألسقام‬
‫ومصائب الدنيا وهمومها وإن ق ّلت مشقتها‪ ،‬وفيه رفع الدرجات بهذه األمور وزيادة‬
‫الحسنات‪ ،‬وهذا هو الصحيح الذي عليه جماهير العلماء»(‪.)2‬‬
‫ونقل القاضي عياض عن بعضهم أن المرض يك ّفر الذنوب فقط‪ ،‬وقال‪« :‬وقد‬
‫روي نحوه عن ابن مسعود‪ ،‬قال‪ :‬الوجع ال يكتب به األجر ولكن يك ّفر به الخطايا‪،‬‬
‫واعتمد على األحاديث التي جاء فيها تكفير الخطايا فقط‪ ،‬ولع ّله لم يبلغه»(‪.)3‬‬
‫وذهب البعض إلى أن الجزاء السابق ليس للمرض واالبتالء‪ ،‬بل للصبر‬
‫والرضا‪ ،‬وتعقبه ابن حجر بقوله‪« :‬األحاديث الصحيحة صريحة في ثبوت األجر‬
‫بمجرد حصول المصيبة‪ ،‬وأ ّما الصبر والرضا فقدْ ٌر زائدٌ يمكن أن ُيثاب عليهما زيادة‬
‫كفارات جز ًما سواء اقترن‬
‫ٌ‬ ‫على ثواب المصيبة»‪ ،‬ثم قال‪« :‬قال القرافي‪ :‬المصائب‬
‫بها الرضا أم ال‪ ،‬لكن إن اقترن بها الرضا عظم التكفير وإال ّ‬
‫قل‪ .‬كذا قال‪ ،‬والتحقيق‬
‫ٍ‬
‫لذنب يوازيها‪ ،‬وبالرضا يؤجر على ذلك‪ ،‬فإن لم يكن للمصاب‬ ‫أن المصيبة كفار ٌة‬
‫ذنب عوض عن ذلك من الثواب بما يوازيه»(‪.)4‬‬

‫((( انظر‪« :‬التيسير بشرح الجامع الصغير» للمناوي (‪.)367/2‬‬


‫(( ( «شرح النووي على صحيح مسلم» (‪.)128/16‬‬
‫(( ( «إكمال المعلم» للقاضي عياض (‪.)42/8‬‬
‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)105/10‬‬
‫‪371‬‬ ‫وبأجور مطلقة‬
‫ٍ‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬المضاعفة‬

‫ومن فوائد أحاديث هذا المطلب‪:‬‬


‫خاصا بالمرض‪ ،‬بل يشمل كل وج ٍع ت ََأ ّلم منه اإلنسان فهو‬
‫‪ 1‬ـ أن هذا الجزاء ليس ًّ‬
‫له كفارة ورفع درجة‪ ،‬يقول العراقي‪« :‬والذي يظهر أن الوجع أعم من المرض فإنه قد‬
‫يكون عن مرض‪ ،‬وقد يكون عن غيره كضرب‪ ،‬ونحوه‪ ،‬تقول‪ :‬أوجعني الضرب أي‬
‫ص‬ ‫ٍ‬
‫مرض َو َج ًعا‪ ،‬لكن ُخ ّ‬ ‫تسمي ّ‬
‫كل‬ ‫آلمني‪ ،‬وإن لم ينشأ عن ذلك األلم مرض‪ ،‬والعرب ّ‬
‫المرض بالذكر؛ لشدّ ة األمر فيه‪ ،‬ثم بين أن مطلق األلم‪ ،‬وإن لم يكن لمرض كذلك»(‪.)1‬‬
‫‪ 2‬ـ قال الصنعاني‪ :‬آالم القلوب من الهموم والغموم أولى بالحط ورفع‬
‫الدرجات؛ ألنها أشد على العبد من ألم الشوكة(‪.)2‬‬
‫***‬

‫الم ْع ِسر‪.‬‬
‫المطلب الخامس‪ :‬التصدق بالناقة‪ ،‬وإنظار ُ‬

‫ً‬
‫أول‪ :‬التصدق بالناقة ّ‬
‫والشاة‪:‬‬
‫ٍ‬
‫بعض في الرزق‪ ،‬وأعطى البعض دون اآلخر؛‬ ‫فضل اهلل الناس بعضهم على‬
‫ّ‬
‫ليرى من صدقاتهم وإنفاقهم على غيرهم فيمنحهم عظيم األجر والمثوبة‪ ،‬ومن‬
‫هؤالء‪ :‬المتصدّ ق بالناقة والشاة؛ لينتفع بها الناس‪.‬‬
‫«أ َل رج ٌل يمنَح(‪َ )4‬أه َل بي ٍ‬ ‫ِ‬
‫ت نَا َق ًة‪َ ،‬ت ْغدُ و‬ ‫ْ َْ‬ ‫ف َع ْن َأبِي ُه َر ْي َر َة ‪َ ،‬ي ْب ُل ُغ بِه(‪ُ ْ َ ُ َ َ :)3‬‬

‫ف ٍ‬
‫يسير‪.‬‬ ‫((( «طرح التثريب» للعراقي (‪ 238/3‬ـ ‪ )239‬مع تصر ٍ‬
‫ّ‬
‫((( انظر‪« :‬التنوير شرح الجامع الصغير» للصنعاني (‪.)504/9‬‬
‫(( ( َي ْب ُلغُ بِ ِه‪ :‬قال النووي‪« :‬معناه‪ :‬يبلغ به النبي ﷺ‪ ،‬فكأنه قال‪ :‬عن أبي هريرة قال‪ :‬قال رسول اهلل ﷺ‪( :‬أال رجل‬
‫يمنح)‪ ،‬وال فرق بين هاتين الصيغتين باتفاق العلماء»‪« .‬شرح النووي على صحيح مسلم» (‪.)107/7‬‬
‫(( ( َي ْمن َُح‪ :‬قال النووي‪« :‬أي‪ :‬يعطيهم ناقة يأكلون لبنها مدة ثم يردونها إليه‪ ،‬وقد تكون المنيحة عطية‬
‫‪٣‬‬

‫‪372‬‬
‫ِ‬
‫«و َي ْكت ُ‬
‫ُب اهللُ‬ ‫وح بِ ُع ٍّس‪ ،‬إِ َّن َأ ْج َر َها َل َعظ ٌ‬
‫يم» (‪ ،)2‬زاد الحميدي في مسنده‪َ :‬‬ ‫بِ ُع ٍّس(‪َ ،)1‬وت َُر ُ‬
‫َل ُه بِك ُِّل َح ْل َب ٍة َح َل َب َها َح َسنَة»(‪.)3‬‬
‫ِ‬ ‫وفي رواية أخرى َعن َأبِي ُهرير َة ‪َ ،‬أ َّن رس َ ِ‬
‫ول اهلل ﷺ َق َال‪« :‬ن ْع َم َّ‬
‫الصدَ َق ُة‬ ‫َ ُ‬ ‫ََْ‬ ‫ْ‬
‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫الص ِف ُّي(‪ِ )5‬من َْح ًة‪َ ،‬و َّ‬
‫وح بِ َ‬
‫آخ َر»(‪.)6‬‬ ‫الصف ُّي من َْح ًة‪َ ،‬ت ْغدُ و بِإِنَاء‪َ ،‬وت َُر ُ‬
‫الشا ُة َّ‬ ‫ال ِّل ْق َح ُة(‪َّ )4‬‬
‫قال ابن التين‪« :‬من روى «ن ْعم الصدقة» روى أحدهما بالمعنى؛ ّ‬
‫ألن المنحة‬
‫ٍ‬
‫صدقة‬ ‫أيضا عطية»‪ ،‬وتعقبه ابن حجر بقوله‪« :‬ال تالزم بينهما‪ّ ،‬‬
‫فكل‬ ‫العطية‪ ،‬والصدقة ً‬
‫عط ّية‪ ،‬وليس كل عطية صدقة‪ ،‬وإطالق الصدقة على المنحة مجاز‪ ،‬ولو كانت‬
‫المنحة صدقة لما ح ّلت للنبي ﷺ بل هي من جنس الهبة والهدية»(‪ ،)7‬وإنما قال‬
‫النبي ﷺ ذلك ّ‬
‫«لئل يحقر اإلنسان المنيحة»(‪.)8‬‬

‫للرقبة بمنافعها مؤبدة مثل الهبة»‪« .‬شرح النووي على صحيح مسلم» (‪.)106/7‬‬
‫«بضم العين وتشديد السين المهملة‪ ،‬وهو القدح الكبير»‪« .‬شرح النووي على‬
‫ّ‬ ‫(( ( ُع ّس‪ :‬قال النووي‪:‬‬
‫صحيح مسلم» (‪.)106/7‬‬
‫((( أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (‪.)1019‬‬
‫((( مسند الحميدي رقم (‪.)1093‬‬
‫(( ( ال ِّل ْقحة‪ :‬قال ابن حجر‪« :‬اللقحة‪ :‬الناقة ذات اللبن القريبة العهد بالوالدة‪ ،‬وهي مكسورة الالم‪،‬‬
‫ويجوز فتحها‪ ،‬والمعروف أن اللقحة بفتح الالم المرة الواحدة من الحلب»‪« .‬فتح الباري» البن‬
‫حجر (‪ 243/5‬ـ ‪.)244‬‬
‫الص ِف ّي‪ :‬قال ابن حجر‪« :‬بفتح الصاد وكسر الفاء‪ ،‬أي‪ :‬الكريمة الغزيرة اللبن‪ ،‬ويقال لها‪ :‬الصفية‬
‫(( ( ّ‬
‫أيضا»‪« .‬فتح الباري» البن حجر (‪.)244/5‬‬
‫ً‬
‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪.)5608‬‬
‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)244/5‬‬
‫((( اإلفصاح البن هبيرة (‪.)280/7‬‬
‫‪373‬‬ ‫وبأجور مطلقة‬
‫ٍ‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬المضاعفة‬

‫ٍ‬
‫بالعشـي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫بالغدو وإنا ًء‬
‫ّ‬ ‫وح بِ َ‬
‫آخ َر» أي‪« :‬تُحلـب إنا ًء‬ ‫ومعنـى‪َ « :‬ت ْغـدُ و بِإِنَاء‪َ ،‬وت ُ‬
‫َـر ُ‬
‫وقيـل‪ :‬تغـدو بأجر حلبها فـي الغـدو والـرواح»(‪ ،)1‬والثاني أقـرب للرواية األخرى‬
‫ِ‬
‫وفيهـا‪« :‬إِ َّن َأ ْج َر َها َل َعظ ٌ‬
‫يم»‪.‬‬
‫والمعنى‪ّ :‬‬
‫«أن من أفضل الصدقات المحمودة أن تُعير ناقتك الحلوب قرب‬
‫ّ‬
‫ويتغذى منها‪ ،‬حتى إذا انتهى‬ ‫والدتها لغيرك‪ ،‬فتلد عنده‪ ،‬وتبقى لديه يشرب من لبنها‪،‬‬
‫لبنها ر ّدها عليك»(‪.)2‬‬
‫ٍ‬
‫ـي ﷺ‪َ :‬أنَّـ ُه ن ََهـى َف َذك ََر‬ ‫ـن النَّبِ ِّ‬
‫روايـة أخـرى َعـ ْن َأبِـي ُه َر ْي َـر َة ‪َ ،‬ع ِ‬ ‫وفـي‬
‫ِ (‪)3‬‬ ‫ـت بِصدَ َق ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِخ َص ً‬
‫ـة‪َ ،‬ص ُبوح َها‬ ‫اح ْ َ‬ ‫يحـ ًة‪َ ،‬غـدَ ْت بِ َصدَ َقـة‪َ ،‬و َر َ‬
‫َـح َمن َ‬
‫ـن َمن َ‬
‫«م ْ‬
‫ـال‪َ :‬‬‫ـال‪َ ،‬و َق َ‬
‫و َغب ِ‬
‫وق َهـا(‪.)5(»)4‬‬ ‫َ ُ‬
‫يحة» بفتحها مع‬ ‫ِ‬ ‫قال النووي‪« :‬قال أهل اللغة‪ِ :‬‬
‫و«المن َ‬
‫َ‬ ‫«المن َْحة» بكسر الميم‪،‬‬
‫زيادة الياء‪ ،‬هي‪ :‬العطية‪ ،‬وتكون في الحيوان وفي الثمار وغيرهما‪ ،‬وفي الصحيح‬
‫ً‬
‫نخيل‪ ،‬ثم قد تكون المنيحة عط ّية للرقبة‬ ‫«من ََح ُأ ّم َأ ْي َم َن َ‬
‫عذا ًقا»(‪ )6‬أي‪:‬‬ ‫أن النبي ﷺ َ‬
‫بمنافعها وهي الهبة‪ ،‬وقد تكون عطية اللبن أو الثمرة مدّ ة‪ ،‬وتكون الرقبة باقية‬
‫على ملك صاحبها‪ ،‬وير ّدها إليه إذا انقضى ال ّلبن أو الثمر المأذون فيه»(‪ ،)7‬وقال‬

‫((( «عمدة القاري» للعيني (‪.)185/13‬‬


‫((( «منار القاري شرح مختصر صحيح البخاري» لحمزة قاسم (‪.)189/5‬‬
‫الص ُبوح‪ :‬قال الخطابي‪« :‬هو الغداء»‪ .‬معالم السنن للخطابي (‪.)253/4‬‬
‫(( ( َّ‬
‫(( ( ال َغ ُبوق‪ :‬قال الخطابي‪« :‬هو العشاء»‪ .‬معالم السنن للخطابي (‪.)253/4‬‬
‫((( أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (‪.)1019‬‬
‫(( ( يأتي تخريجه بعد ٍ‬
‫قليل‪.‬‬
‫(( ( «شرح النووي على صحيح مسلم» (‪.)107/7‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪374‬‬

‫تختص بذوات اللبن وبأرض الزراعة‪ ،‬يمنحه‬


‫ّ‬ ‫ابن قرقول‪«« :‬المنحة» و«المنيحة»‬
‫الناقة أو الشاة أو البقرة ينتفع بلبنها ووبرها وصوفها مدة ثم يصرفها‪ ،‬أو يعطيه أرضه‬
‫يزرعها نفسه ثم يصرفها عليه‪ ،‬وأصله كله العطية إما األصل وإما المنافع»(‪.)1‬‬
‫ولعظيم أجرها بادر األنصار رضوان اهلل عليهم إلى منح الصحابة بعض‬
‫وإيثارا لهم‪.‬‬
‫ً‬ ‫أراضيهم مح ّبة فيهم‬
‫الم ِدينَ َة ِم ْن َم َّك َة‪َ ،‬و َل ْي َس‬
‫ون َ‬ ‫اج ُر َ‬ ‫َس ْب ِن مالِ ٍك ‪َ ،‬ق َال‪َ :‬لما َق ِدم الم َه ِ‬
‫َ ُ‬ ‫َّ‬ ‫ف َع ْن َأن ِ َ‬
‫اس َم ُه ُم األَن َْص ُار َع َلى‬ ‫ض َوال َع َق ِ‬ ‫َت األَن َْص ُار َأ ْه َل األَ ْر ِ‬ ‫بِ َأي ِد ِيهم ـ يعنِي َشي ًئا ـ وكَان ِ‬
‫ار‪َ ،‬ف َق َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ْ ْ َْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َس‬ ‫َت ُأ ُّم ُه ُأ ُّم َأن ٍ‬
‫الم ُئو َن َة‪َ ،‬وكَان ْ‬‫وه ُم ال َع َم َل َو َ‬ ‫وه ْم ث َم َار َأ ْم َوال ِه ْم ك َُّل َعا ٍم‪َ ،‬و َي ْك ُف ُ‬ ‫َأ ْن ُي ْع ُط ُ‬
‫ول اهللِ ﷺ‬ ‫َس َر ُس َ‬ ‫ت ُأ ُّم َأن ٍ‬ ‫َت َأ ْع َط ْ‬ ‫َت ُأ َّم َع ْب ِد اهللِ ْب ِن َأبِي َط ْل َح َة‪َ « ،‬فكَان ْ‬ ‫ُأ ُّم ُس َل ْي ٍم كَان ْ‬
‫اب‪َ :‬ف َأ ْخ َب َرنِي‬ ‫اه َّن ال َّنبِ ُّي ﷺ ُأ َّم َأ ْي َم َن َم ْوال َت ُه ُأ َّم ُأ َس َام َة ْب ِن َز ْي ٍد»‪َ ،‬ق َال ا ْب ُن ِش َه ٍ‬ ‫ِ‬
‫ع َذا ًقا َف َأ ْع َط ُ‬
‫الم ِدين َِة َر َّد‬
‫ف إِ َلى َ‬ ‫«أ َّن النَّبِ َّي ﷺ َل َّما َف َر َغ ِم ْن َقت ِْل َأ ْه ِل َخ ْي َب َر‪َ ،‬فان َْص َر َ‬ ‫َأن َُس ْب ُن َمالِ ٍك‪َ :‬‬
‫ار ِه ْم‪َ ،‬ف َر َّد النَّبِ ُّي ﷺ إِ َلى‬ ‫وه ْم ِم ْن ثِ َم ِ‬ ‫ِ‬
‫ار َمنَائ َح ُه ُم ا َّلتي كَانُوا َمن َُح ُ‬
‫ون إِ َلى األَنْص ِ ِ‬
‫َ‬ ‫اج ُر َ‬ ‫الم َه ِ‬
‫ُ‬
‫ول اهللِ ﷺ ُأ َّم َأ ْي َم َن َمكَان َُه َّن ِم ْن َحائِطِ ِه»(‪.)2‬‬
‫ُأ ِّم ِه ِع َذا َق َها‪َ ،‬و َأ ْع َطى َر ُس ُ‬

‫«قال العلماء‪ :‬لما َق ِد َم المهاجرون؛ آثرهم األنصار بمنائح من أشجارهم‪،‬‬


‫فمنهم من َقبِ َلها منيح ًة محض ًة‪ ،‬ومنهم من َقبِ َلها بشرط أن يعمل في الشجر واألرض‬
‫ب نفسه أن يقبلها منيح ًة محض ًة؛ هذا لشرف نفوسهم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫وله نصف الثمار‪ ،‬ولم تط ْ‬
‫وكراهتهم أن يكونوا ك ًَّل‪ ،‬وكان هذا مساقاة وفي معنى المساقاة‪ ،‬فلما فتحت عليهم‬
‫خيبر استغنى المهاجرون بأنصبائهم فيها عن تلك المنائح‪ ،‬فر ُّدوها إلى األنصار‪،‬‬
‫ففيه فضيل ٌة ظاهر ٌة لألنصار في مواساتهم وإيثارهم‪ ،‬وما كانوا عليه من حب‬

‫(( ( «مطالع األنوار» البن قرقول (‪.)47/4‬‬


‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)2630‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)1771‬‬
‫‪375‬‬ ‫وبأجور مطلقة‬
‫ٍ‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬المضاعفة‬

‫اإلسالم‪ ،‬وإكرام أهله‪ ،‬وأخالقهم الجميلة‪ ،‬ونفوسهم الطاهرة‪ ،‬وقد َش ِهدَ اهلل تعالى‬
‫لهم بذلك فقال تعالى‪﴿ :‬ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ﴾‬
‫[الحشر‪ ]٩ :‬اآلية»(‪.)1‬‬

‫«والسنَّة أن ت َُر ّد المنيحة إلى أهلها إذا استُغني عنها‪ ،‬كما‬


‫ُّ‬ ‫قال ابن الملقن‪:‬‬
‫رد عليه الصالة والسالم إلى أم سليم عذاقها‪ ،‬وكما ر ّد المهاجرون إلى األنصار‬
‫منائحهم حين استغنوا بخيبر»(‪.)2‬‬

‫ومن فوائد أحاديث هذا المطلب‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ فضل المنيحة واستحبابها‪ ،‬وكونها من أفضل األعمال‪.‬‬

‫أيضـا علـى فضـل اللبـن وأنه مـن أفضل الغذاء الـذي يهدى‬ ‫‪2‬ـ ّ‬
‫دل الحديـث ً‬
‫ويتصدق به(‪.)3‬‬

‫الم ْع ِسر‪:‬‬
‫ثان ًيا‪ :‬إنظار ُ‬
‫أمر اهلل عز وجل بإنظار المعسر فقال‪﴿ :‬ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ﴾‬
‫أجورا عديدةً‪ ،‬منها‪:‬‬
‫ً‬ ‫ّب على إنظار المعسر‬
‫[البقرة‪ ،]٢٨٠ :‬ورت َ‬
‫ـ مغفرة اهلل لذنوبه وعفوه عنه‪ :‬فعن أبي ُه َر ْي َر َة ‪َ ،‬ع ِن النَّبِ ِّي ﷺ‪َ ،‬ق َال‪:‬‬
‫َّاس‪َ ،‬فإِ َذا َر َأى ُم ْع ِس ًرا َق َال لِ ِف ْت َيانِ ِه‪ :‬ت ََج َاوزُوا َعنْ ُه‪َ ،‬ل َع َّل اهللَ َأ ْن‬ ‫َان ت ِ‬
‫َاج ٌر ُيدَ ايِ ُن الن َ‬ ‫«ك َ‬
‫َيت ََج َاو َز َعنَّا‪َ ،‬فت ََج َاو َز ا ُ‬
‫هلل َعنْ ُه»(‪.)4‬‬

‫(( ( «شرح النووي على صحيح مسلم» (‪.)99/12‬‬


‫((( «التوضيح» البن الملقن (‪.)447/16‬‬
‫(( ( انظر‪« :‬منار القاري شرح مختصر صحيح البخاري» لحمزة قاسم (‪.)190/5‬‬
‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)2078‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)1562‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪376‬‬

‫قال ابن حجر‪« :‬يدخل في لفظ التجاوز‪ :‬اإلنظار والوضيعة وحسن التقاضي‪،‬‬
‫خالصا هلل ك ّفر ً‬
‫كثيرا من السيئات‪ ،‬وفيه أن األجر‬ ‫ً‬ ‫وفيه أن اليسير من الحسنات إذا كان‬
‫يتول ذلك بنفسه‪ ،‬وهذا ك ّله بعد تقرير ّ‬
‫أن شرع من قبلنا‬ ‫يحصل لمن يأمر به وإن لم ّ‬
‫إذا جاء في شرعنا في سياق المدح كان حسنًا عندنا»(‪.)1‬‬

‫ظـل إال ظلـه‪ :‬فعن أبي ال َي َسـر ‪‬‬ ‫ـ تن ّعمـه فـي ظـل اهلل يـوم القيامـة يوم ال ّ‬
‫ِ‬ ‫ـول اهللِ ﷺ َو ُه َو َي ُق ُ‬
‫«م ْن َأ ْن َظ َـر ُم ْعس ًـرا َأ ْو َو َض َع َعنْـ ُه‪َ ،‬أ َظ َّل ُه اهللُ‬
‫ـول‪َ :‬‬ ‫قـال‪ :‬سـمعت َر ُس َ‬
‫فِي ظِ ِّل ِه»(‪.)2‬‬

‫قال المناوي‪« :‬إنما استحق المنظر ذلك؛ ألنه آثر المديون على نفسه‪ ،‬وأراحه‬
‫فأراحه اهلل‪ ،‬والجزاء من جنس العمل»(‪.)3‬‬
‫ـ تيسـير اهلل ألمـوره فـي الدنيـا واآلخـرة‪ :‬ف َع ْن َأبِـي ُه َر ْي َـر َة ‪َ ‬ق َ‬
‫ـال‪َ :‬ق َال‬
‫هلل َع َل ْي ِه فِـي الدُّ ْن َيا َو ْال ِخ َـر ِة»(‪.)4‬‬ ‫ـن َي َّس َـر َع َلى ُم ْع ِس ٍ‬
‫ـر‪َ ،‬ي َّس َـر ا ُ‬ ‫«م ْ‬
‫رس ُ ِ‬
‫ـول اهلل ﷺ‪َ :‬‬ ‫َ ُ‬
‫والو ْضع عنه؛ إما ّ‬
‫كل‬ ‫قال النووي‪« :‬وفي هذه األحاديث‪ :‬فضل إنظار المعسر‪َ ،‬‬
‫الدَّ ْين‪ ،‬وإما بعضه من ٍ‬
‫كثير أو ٍ‬
‫قليل‪ ،‬وفضل المسامحة في االقتضاء وفي االستيفاء‪،‬‬
‫الوضع من الدَّ ْين‪ ،‬وأنه ال ُي ْحتَقر شي ٌء من‬ ‫ٍ‬
‫معسر‪ ،‬وفضل ْ‬ ‫ٍ‬
‫موسر أو‬ ‫سواء استوفي من‬
‫أفعال الخير؛ فلعله سبب السعادة والرحمة»(‪.)5‬‬

‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)309/4‬‬


‫((( أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (‪.)3006‬‬
‫(( ( «فيض القدير» للمناوي (‪.)89/6‬‬
‫((( أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (‪.)2699‬‬
‫(( ( «شرح النووي على صحيح مسلم» (‪.)224/10‬‬
‫‪377‬‬ ‫وبأجور مطلقة‬
‫ٍ‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬المضاعفة‬

‫بكل يوم ينظر فيه المعسر‪:‬‬ ‫وللترغيب فيه أكثر‪ ،‬ضاعف اهلل له األجر ّ‬

‫«م ْن َأ ْن َظ َر‬ ‫ول‪َ :‬‬ ‫ول اهللِ ﷺ َي ُق ُ‬ ‫فعن ُب َر ْيدَ َة بن الحصيب ‪َ ‬ق َال‪َ :‬س ِم ْع ُت َر ُس َ‬
‫«م ْن َأ ْن َظ َر ُم ْع ِس ًرا َف َل ُه بِك ُِّل َي ْو ٍم‬
‫ول‪َ :‬‬ ‫ُم ْع ِس ًرا َف َل ُه بِك ُِّل َي ْو ٍم ِم ْثلِ ِه َصدَ َق ٌة»‪َ ،‬ق َال‪ُ :‬ث َّم َس ِم ْع ُت ُه َي ُق ُ‬
‫«م ْن َأ ْن َظ َر ُم ْع ِس ًرا َف َل ُه بِك ُِّل َي ْو ٍم ِم ْثلِ ِه‬
‫ول‪َ :‬‬ ‫ول اهللِ َت ُق ُ‬ ‫ِم ْث َل ْي ِه َصدَ َق ٌة»‪ُ ،‬ق ْل ُت‪َ :‬س ِم ْعت َُك َيا َر ُس َ‬
‫«م ْن َأ ْن َظ َر ُم ْع ِس ًرا َف َل ُه بِك ُِّل َي ْو ٍم ِم ْث َل ْي ِه َصدَ َق ٌة»‪َ ،‬ق َال َل ُه‪« :‬بِك ُِّل‬ ‫ول‪َ :‬‬ ‫َصدَ َق ٌة»‪ُ ،‬ث َّم َس ِم ْعت َُك َت ُق ُ‬
‫ح َّل الدَّ ْي ُن‪َ ،‬فإِ َذا َح َّل الدَّ ْي ُن َف َأ ْن َظ َر ُه َف َل ُه بِك ُِّل َي ْو ٍم ِم ْث َل ْيه َصدَ َق ٌة»(‪.)1‬‬‫يو ٍم صدَ َق ٌة َقب َل َأ ْن ي ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َْ َ‬
‫َان َل ُه‬ ‫«و َم ْن َأ ْن َظ َر ُه َب ْعدَ ِح ِّل ِه ك َ‬ ‫قال السيوطي‪« :‬قوله [أي‪ :‬في رواية أخرى]‪َ :‬‬
‫ٍ‬
‫رجل ألف دره ٍم‪ ،‬فأنظره إلى عشرة‬ ‫ِم ْث ُل ُه»‪ ،‬أي‪ :‬مثل مال الدّ ين بأن كان له ً‬
‫مثل على‬
‫أيا ٍم‪ ،‬كان له ثواب صدقة عشرة آالف دره ٍم‪ ،‬وفي الصورة األولى لم يب ّين مقدار‬
‫الثواب؛ ألنه ليس فيه ٌ‬
‫أجل مع ّي ٌن‪ ،‬فال يضطر المقروض كما يضطر المديون بعد‬
‫حلول األجل»(‪.)2‬‬

‫ويقل بق ّلتها‪ّ ،‬‬


‫وسره ما‬ ‫«وزع أجره على األيام؛ ليكثر بكثرتها‪ّ ،‬‬
‫قال السبكي‪ّ :‬‬
‫عوضا‬
‫تشوق القلب لماله‪ ،‬فلذلك كان ينال كل يوم ً‬ ‫ِ‬
‫المنْظر من ألم الصبر‪ ،‬مع ّ‬
‫يقاسيه ُ‬
‫جديدً ا»(‪.)3‬‬
‫ومن فوائد أحاديث هذا المطلب‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ قـال الصنعانـي‪« :‬فيـه فضيلـ ٌة عظيمـ ٌة لمـن أنظر غريمـه بشـرط أن يكون‬
‫معسر ا» ( ‪.)4‬‬
‫ً‬

‫(( ( أخرجه أحمد في «المسند» رقم (‪ ،)23046‬وإسناده صحيح‪.‬‬


‫(( ( «شرح السيوطي» على سنن ابن ماجه (‪.)174/1‬‬
‫(( ( نقله المناوي في «فيض القدير» (‪.)90/6‬‬
‫(( ( «التنوير شرح الجامع الصغير» للصنعاني (‪.)152/10‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪378‬‬

‫‪ 2‬ـ قال السبكي‪« :‬تعلق بهذا من ذهب إلى أن إنظار المعسر أفضل من إبرائه‪،‬‬
‫فإن أجره وإن كان أوفر لكنه ينتهي بنهايته» (‪ ،)1‬وخالف هذا الرأي المناوي فقال‪:‬‬
‫األصح؛ ّ‬
‫ألن اإلبراء يحصل مقصود اإلنظار وزيادة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫«إبراؤه أفضل من إنظاره على‬
‫نظرا للمدارك»(‪.)2‬‬
‫وال مانع من أن المندوب يفضل الواجب أحيانًا ً‬
‫***‬

‫المطلب السادس‪ :‬المحافظة على شيبة الشعر‪.‬‬

‫جعل اهلل لإلنسان هيبة في شيب شعره‪ ،‬ونهى المسلمين عن نتفه؛ ألنه نور المؤمن‪،‬‬
‫اإلنسان عن الغرور والخ ّفة والطيش‪ ،‬ويميله إلى الطاعة‪ ،‬وتنكسر به نفسه عن‬
‫َ‬ ‫و«يمنع‬
‫الشهوات‪ ،‬وكل ذلك موجب للثواب يوم المآب»(‪« ،)3‬وذلك يجلب النور»(‪ ،)4‬وفي‬
‫التعرض إلزالته وتعقيبه»(‪.)5‬‬ ‫«ترغيب ٌ‬
‫بليغ في إبقائه‪ ،‬وترك ّ‬ ‫ٌ‬ ‫تشبيهه بالنور‬
‫وللترغيب في الحفاظ عليه ضاعف اهلل أجر من فعل ذلك أن كتب له بكل ٍ‬
‫شيبة‬
‫ّ‬
‫وحط عنه خطيئة‪.‬‬ ‫حسنة‪ ،‬ورفعه بها درجة‪،‬‬
‫«ل َتنْتِ ُفوا‬
‫ول اهللِ ﷺ‪َ :‬‬ ‫فعن عبد اهلل بن عمرو بن العاص ‪َ ‬ق َال‪َ :‬ق َال َر ُس ُ‬
‫ِ‬ ‫يب َش ْي َب ًة فِي ْ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ال ْس َل ِم إِ َّل كُت َ‬
‫ب َل ُه بِ َها َح َسنَ ٌة‪،‬‬ ‫ُور ا ْل ُم ْسلمِ‪َ ،‬ما م ْن ُم ْسل ٍم َيش ُ‬ ‫ب‪َ ،‬فإِ َّن ُه ن ُ‬ ‫َّ‬
‫الش ْي َ‬
‫َو ُرفِ َع بِ َها َد َر َج ًة‪َ ،‬أ ْو ُح َّط َع ْن ُه بِ َها َخطِي َئ ٌة»(‪.)6‬‬

‫(( ( نقله المناوي في «فيض القدير» (‪.)90/6‬‬


‫(( ( «فيض القدير» للمناوي (‪.)89/6‬‬
‫(( ( «فيض القدير» للمناوي (‪.)184/4‬‬
‫(( ( «التيسير بشرح الجامع الصغير» للمناوي (‪.)86/2‬‬
‫(( ( «نيل األوطار» للشوكاني (‪.)151/1‬‬
‫(( ( أخرجه أحمد في «المسند» رقم (‪ ،)6672‬وإسناده حسن‪.‬‬
‫‪379‬‬ ‫وبأجور مطلقة‬
‫ٍ‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬المضاعفة‬

‫الش ْي ِ‬
‫ب‬ ‫ف َّ‬‫وحط الخطيئة نداء بِ َشر ِ‬
‫ّ‬ ‫«والتصريح بكتْب الحسنة‪ ،‬ور ْفع الدّ رجة‪،‬‬
‫ٌ َ‬
‫وأهله‪ ،‬وأنه من أسباب كثرة األجور‪ ،‬وإيماء إلى ّ‬
‫أن الرغوب عنه بنتفه رغوب عن‬
‫المثوبة العظيمة» (‪.)1‬‬

‫والنهي عن إزالة الشيب يشمل شيب شعر اللحية والرأس وغيرهما‪ ،‬ووجه‬
‫اإلثابة على الحفاظ على الشيب أنه يحزن العبد نزوله به‪ ،‬لكونه عالمة من عالمات‬
‫قرب األجل‪ ،‬والخروج من الدنيا(‪.)2‬‬

‫قال النووي‪ُ « :‬يكره نتف الشيب‪ ،‬ولو قيل يحرم للنهي الصريح الصحيح لم‬
‫يبعد‪ ،‬وال فرق بين نتفه من اللحية والرأس» (‪ ،)3‬زاد الشوكاني‪« :‬والشارب والحاجب‬
‫والعذار ومن الرجل والمرأة»(‪.)4‬‬

‫«ما‬
‫وأما قول أنس بن مالك ‪ ‬ـ وقد سئل عن شيب النبي ﷺ؟ ـ فقال‪َ :‬‬
‫ٌ‬
‫«محمول على أن تلك‬ ‫هلل بِ َب ْي َض َ‬
‫اء»(‪ ،)5‬أي‪ :‬ما عابه اهلل(‪ ،)6‬قال ابن حجر‪ :‬هذا‬ ‫َشا َن ُه ا ُ‬
‫ً‬
‫وكمال؛‬ ‫ً‬
‫جمال‬ ‫الشعرات البيض لم يتغير بها شي ٌء من حسنه ﷺ»(‪« ،)7‬بل زادت‬
‫ٍ‬
‫سرور»(‪.)8‬‬ ‫وسرورا على‬
‫ً‬ ‫نورا على ٍ‬
‫نور‪،‬‬ ‫لحصول الوقار مع نور األنوار‪ ،‬فصار ً‬

‫(( ( «نيل األوطار» للشوكاني (‪.)151/1‬‬


‫((( انظر‪« :‬التنوير شرح الجامع الصغير» للصنعاني (‪.)505/9‬‬
‫ّ‬
‫المهذب» للنووي (‪ 292/1‬ـ ‪.)293‬‬ ‫((( «المجموع شرح‬
‫(( ( «نيل األوطار» للشوكاني (‪.)151/1‬‬
‫((( أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (‪.)2341‬‬
‫(( ( «إكمال المعلم» للقاضي عياض (‪.)308/7‬‬
‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)572/6‬‬
‫(( ( «مرقاة المفاتيح» للقاري (‪.)2830/7‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪380‬‬

‫عجب منه‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫أما ابن األثير فقد استغرب من قول أنس السابق وقال‪« :‬وذلك‬
‫يخرج وجهه‪ ،‬وهو أنه ﷺ لما رأى أبا قحافة‬ ‫الس ّيما في حق النبي ﷺ‪ ،‬ويمكن أن ّ‬
‫ولما َع ِلم أنس ذلك من عادته‪ ،‬قال‪« :‬ما‬
‫ورأسه كالثغامة‪ ،‬فأمرهم بتغييره وكرهه‪ّ ،‬‬
‫وحمل له على هذا الرأي»(‪ ،)1‬وع ّلق عليه‬
‫ً‬ ‫شانه اهلل ببيضاء» بنا ًء على هذا القول‪،‬‬
‫الزرقاني بأن قول ابن حجر أوجه وأولى(‪.)2‬‬
‫وأمـا األحاديـث الـواردة فـي تغييـر الشـيب بالسـواد فحملهـا العلمـاء علـى‬
‫بـاب الجهـاد دون غيـره‪ ،‬يقول القـاري‪« :‬ال ينافيه التغيير السـابق ـ يعني الشـيب ـ؛‬
‫إلرغـام األعـداء وإظهار الجلادة لهم كيال يظنـوا بهم الضعف في سـنّهم‪ ،‬والقدح‬
‫في شـجاعتهم وطعنهم»(‪.)3‬‬
‫ألجل لقاء‬
‫يقول ابن هبيرة‪« :‬إنما خضب أبو بكر وعمر بالحناء لغير الشيب؛ ْ‬
‫الحروب‪ ،‬فإن الشيوخ يستضعفون في الحرب‪ ،‬وإنما نهى عن التغيير بالسواد؛ ألن‬
‫تغريرا للنساء في النكاح»(‪.)4‬‬
‫ً‬ ‫فيه‬
‫***‬

‫المطلب السابع‪ :‬إحياء السنة الحسنة والداللة على الخير‪.‬‬


‫كبير‪ ،‬يتمثل في مضاعفة أجره‬
‫أجر ٌ‬‫للداعي إلى السنة والمجتهد في إحيائها ٌ‬
‫كل من تع ّلم هذه السنة و َع ِم َل بها‪.‬‬
‫بعدد ّ‬
‫ول اهللِ‬ ‫َاس ِم َن ْالَ ْع َر ِ‬
‫اب إِ َلى رس ِ‬
‫َ ُ‬
‫ِ ِ‬
‫ف َع ْن َج ِر ِير ْب ِن َع ْبد اهلل ‪َ ‬ق َال‪َ :‬جا َء ن ٌ‬

‫((( «جامع األصول» البن األثير (‪.)737/4‬‬


‫((( «شرح الزرقاني على الموطأ» (‪.)452/4‬‬
‫(( ( «مرقاة المفاتيح» للقاري (‪.)2830/7‬‬
‫(( ( «اإلفصاح عن معاني الصحاح» البن هبيرة (‪.)148/5‬‬
‫‪381‬‬ ‫وبأجور مطلقة‬
‫ٍ‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬المضاعفة‬

‫الصدَ َق ِة‪،‬‬‫َّاس َع َلى َّ‬ ‫اج ٌة‪َ ،‬ف َح َّث الن َ‬


‫ِ‬
‫وف َف َر َأى ُسو َء َحال ِه ْم َقدْ َأ َصا َبت ُْه ْم َح َ‬ ‫الص ُ‬ ‫ﷺ َع َل ْي ِه ِم ُّ‬
‫ار َجا َء بِ ُص َّر ٍة ِم ْن‬
‫َف َأ ْب َط ُئوا َعنْ ُه َحتَّى ُر ِئ َي َذلِ َك فِي َو ْج ِه ِه‪َ .‬ق َال‪ُ :‬ث َّم إِ َّن َر ُج ًل ِم َن ْالَن َْص ِ‬
‫ول اهللِ ﷺ‪:‬‬ ‫ور فِي َو ْج ِه ِه‪َ ،‬ف َق َال َر ُس ُ‬ ‫الس ُر ُ‬
‫ف ُّ‬ ‫آخ ُر‪ُ ،‬ث َّم َتتَا َب ُعوا َحتَّى ُع ِر َ‬ ‫َو ِر ٍق‪ُ ،‬ث َّم َجا َء َ‬
‫ب َل ُه ِم ْث ُل َأ ْج ِر َم ْن َع ِم َل بِ َها‪َ ،‬و َل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫«م ْن َس َّن فِي ْ ِ‬
‫ال ْس َل ِم ُسنَّ ًة َح َسنَ ًة‪َ ،‬ف ُعم َل بِ َها َب ْعدَ ُه‪ ،‬كُت َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ور ِه ْم َش ْي ٌء‪َ ،‬و َم ْن َس َّن فِي ْ ِ‬ ‫َينْ ُق ُص ِم ْن ُأ ُج ِ‬
‫ب‬ ‫ال ْس َل ِم ُسنَّ ًة َس ِّي َئ ًة‪َ ،‬ف ُعم َل بِ َها َب ْعدَ ُه‪ ،‬كُت َ‬
‫َار ِه ْم َش ْي ٌء»(‪.)1‬‬ ‫َع َل ْي ِه ِم ْث ُل ِوز ِْر َم ْن َع ِم َل بِ َها‪َ ،‬و َل َينْ ُق ُص ِم ْن َأ ْوز ِ‬

‫«م ْن َد َعا إِ َلى ُهدً ى‪ ،‬ك َ‬


‫َان َل ُه‬ ‫و َعن َأبِي ُهرير َة ‪َ ،‬أ َّن رس َ ِ‬
‫ول اهلل ﷺ‪َ ،‬ق َال‪َ :‬‬ ‫َ ُ‬ ‫ََْ‬ ‫ْ‬
‫ور ِه ْم َش ْيئًا‪َ ،‬و َم ْن َد َعا إِ َلى َض َل َل ٍة‪،‬‬
‫ك ِم ْن ُأ ُج ِ‬
‫ور َم ْن َتبِ َع ُه‪َ ،‬ل َي ْن ُق ُص َذلِ َ‬ ‫ِم َن ْالَ ْج ِر ِم ْث ُل ُأ ُج ِ‬
‫ك ِم ْن آ َث ِام ِه ْم َش ْيئًا»(‪.)2‬‬
‫ال ْث ِم ِم ْث ُل آ َثا ِم َم ْن َتبِ َع ُه‪َ ،‬ل َينْ ُق ُص َذلِ َ‬
‫َان َع َل ْي ِه ِم َن ْ ِ‬
‫ك َ‬
‫الح َسنَة» أي‪ :‬الطريقة المرضية التي ُيقتدى بها‪ ،‬والتمييز‬
‫بـ«السنّة َ‬
‫ُّ‬ ‫والمقصود‬
‫بين الحسنة والسيئة يكون بموافقة أصول الشرع وعدمها(‪.)3‬‬
‫ّ‬
‫الحث على استحباب س ّن األمور‬ ‫قال النووي‪« :‬هذان الحديثان صريحان في‬
‫الحسنة‪ ،‬وتحريم س ّن األمور السيئة‪ ،‬وأن من س ّن سنّ ًة حسن ًة كان له مثل أجر كل من‬
‫يعمل بها إلى يوم القيامة‪ ،‬ومن س ّن سنّ ًة س ّيئ ًة كان عليه مثل وزر كل من يعمل بها‬
‫ٍ‬
‫ضاللة كان‬ ‫وأن من دعا إلى هدً ى كان له مثل أجور متابعيه‪ ،‬أو إلى‬ ‫إلى يوم القيامة‪ّ ،‬‬
‫عليه مثل آثام تابعيه‪ ،‬سواء كان ذلك الهدى والضاللة هو الذي ابتدأه أم كان مسبوق ًا‬
‫أدب‪ ،‬أو غير ذلك»(‪.)4‬‬ ‫ٍ‬
‫عبادة‪ ،‬أو ٍ‬ ‫إليه‪ ،‬وسواء كان ذلك تعليم عل ٍم‪ ،‬أو‬

‫((( أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (‪.)2674‬‬


‫((( أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (‪.)2675‬‬
‫((( «حاشية السندي على سنن ابن ماجه» (‪.)90/1‬‬
‫(( ( «شرح النووي على صحيح مسلم» (‪ 226/16‬ـ ‪.)227‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪382‬‬

‫وال يشترط كتابة أجر محيي السنة والدال على هدى أن يفعل األمر في حياته‪،‬‬
‫بل يشمل أن ُيفعل في حياته أو بعد مماته إلى قيام الساعة(‪.)1‬‬

‫ويظهر بهذا فضل الصحابة والتابعين لهم بإحسان من العلماء والصلحاء الذين‬
‫لم تزل األمة تقتدي بهم‪ ،‬وتهتدي بسننهم إلى قيام الساعة‪.‬‬

‫علن‪« :‬و ُع ِلم من الحديث أن له ـ أي‪ :‬النبي ﷺ ـ من مضاعفة الثواب‬


‫يقول ابن ّ‬
‫بحسب مضاعفة أعمال أمته ما ال يحيط به ٌ‬
‫عقل‪ ،‬وال يحدّ ه َحدٌّ ؛ وذلك ّ‬
‫أن له مثل‬
‫ثواب أصحابه بالنسبة لما عملوه وما دلوا عليه من بعدهم المضاعف لهم ثوابه إلى‬
‫ٍ‬
‫مرتبة من مراتب المب ّلغين عنه عند انقضاء األمة‪ ،‬ومنه‬ ‫يوم القيامة‪ ،‬وهكذا في ّ‬
‫كل‬
‫ُيعلم عظيم فضل ّ‬
‫كل أهل مرتبة المتضاعف المتعدّ د بتعدّ د من بعدهم‪ ،‬فتأ ّمله لتعلم‬
‫فضل السلف على الخلف والمتقدمين على المتأخرين» (‪.)2‬‬

‫يقـول ابـن عبـد البـر‪« :‬أما قول بـن عمـر‪« :‬اللهـم اجعلني مـن أئمـة المتقين»‪،‬‬
‫ّ‬
‫وجـل‪﴿ :‬ﮭﮮﮯ﴾ [الفرقـان‪،]٧٤ :‬‬ ‫فهـو عندي مأخو ٌذ مـن قول اهلل ّ‬
‫عز‬
‫وفـي هـذا األسـوة الحسـنة ّ‬
‫أن تكـون همـة المؤمـن تدعـوه إلـى أن يكـون إما ًما في‬
‫وائتم به‬
‫ّ‬ ‫الخيـر‪ ،‬وإذا كان إما ًمـا فـي الخيـر كان لـه أجره وأجـر من عمل بمـا علمـه‪،‬‬
‫فيما علمـه وأجزاه عنـه»(‪.)3‬‬

‫جمع أبي بكر الصدّ يق ‪‬‬


‫ومن أوجه السنة الحسنة التي ذكرها العلماء‪ْ :‬‬
‫للقرآن الكريم‪ ،‬يقول ابن حجر‪« :‬إذا تأ ّمل المنصف ما فعله أبو بكر من ذلك‪ ،‬جزم‬

‫(( ( انظر‪« :‬شرح النووي على صحيح مسلم» (‪.)227/16‬‬


‫((( «دليل الفالحين» البن عالن (‪.)446/2‬‬
‫(( ( «االستذكار» البن عبد البر (‪.)542/2‬‬
‫‪383‬‬ ‫وبأجور مطلقة‬
‫ٍ‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬المضاعفة‬

‫«م ْن َس ّن ُسنّ ًة َح َسنَ ًة َف َل ُه‬


‫وينوه بعظيم منقبته؛ لثبوت قوله ﷺ‪َ :‬‬
‫بأنه يعد في فضائله‪ّ ،‬‬
‫َأ ْج ُر َها َو َأ ْج ُر َم ْن َع ِم َل بِ َها»‪ ،‬فما جمع القرآن أحدٌ بعده إال وكان له مثل أجره إلى يوم‬
‫القيامة‪ ،‬وقد كان ألبي بكر من االعتناء بقراءة القرآن ما اختار معه أن ير ّد على ابن‬
‫الدغنة جواره‪ ،‬ويرضى بجوار اهلل ورسوله»(‪.)1‬‬

‫***‬

‫المطلب الثامن‪ :‬العفو في القصاص والجراحات‪.‬‬

‫أمر اهلل بالتسامح والتغافر بين المسلمين‪ ،‬فقال‪﴿ :‬ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ‬


‫ﯿ ﰀ﴾ [الشورى‪ ،]٤٣ :‬ومن األمور التي رغبت الشريعة بالعفو فيها‪ :‬القصاص‬
‫أجورا عدّ ة‪.‬‬
‫ً‬ ‫والجراحات‪ ،‬ورتبت عليه‬
‫ش ِس َّن َر ُج ٍل ِم َن األَن َْص ِ‬
‫ار‬ ‫الس َفر سعيد بن ُي ْح ِمد قال‪َ :‬د َّق َر ُج ٌل ِم ْن ُق َر ْي ٍ‬ ‫فعن أبي َّ‬
‫الم ْؤ ِمنِي َن‪ ،‬إِ َّن َه َذا َد َّق ِسنِّي‪َ ،‬ق َال‬ ‫ِ‬
‫او َي َة‪َ :‬يا َأم َير ُ‬ ‫او َي َة‪َ ،‬ف َق َال لِ ُم َع ِ‬
‫اس َت ْعدَ ى َع َل ْي ِه ُم َع ِ‬
‫َف ْ‬
‫او َي َة َف َأ ْب َر َم ُه‪َ ،‬ف َل ْم ُي ْر ِض ِه‪َ ،‬ف َق َال َل ُه ُم َع ِ‬
‫او َي ُة‪:‬‬ ‫اآلخ ُر َع َلى ُم َع ِ‬
‫يك‪َ ،‬و َأ َل َّح َ‬ ‫او َي ُة‪ :‬إِنَّا َسن ُْر ِض َ‬
‫ُم َع ِ‬

‫ول اهللِ ﷺ‬ ‫احبِ َك‪َ ،‬و َأ ُبو الدَّ ْر َد ِاء َجالِ ٌس ِعنْدَ ُه‪َ ،‬ف َق َال َأ ُبو الدَّ ْر َد ِاء‪َ :‬س ِم ْع ُت َر ُس َ‬‫َش ْأن ََك بِص ِ‬
‫َ‬
‫اب بِ َش ْي ٍء فِي َج َس ِد ِه َف َيت ََصدَّ ُق بِ ِه إِ َّل َر َف َع ُه اهللُ بِ ِه َد َر َج ًة َو َح َّط‬ ‫ِ‬
‫«ما م ْن َر ُج ٍل ُي َص ُ‬ ‫ول‪َ :‬‬ ‫َي ُق ُ‬
‫َاي‬ ‫ِ‬
‫ول اهلل ﷺ؟ َق َال‪َ :‬سم َع ْت ُه ُأ ُذن َ‬
‫ْت س ِمع َته ِمن رس ِ ِ‬
‫ار ُّي‪َ :‬أ َأن َ َ ْ ُ ْ َ ُ‬ ‫َع ْن ُه بِ ِه َخطِي َئ ًة»‪َ ،‬ق َال األَن َْص ِ‬

‫َو َو َعا ُه َق ْلبِي‪َ ،‬ق َال‪َ :‬فإِنِّي َأ َذ ُر َها َل ُه(‪.)2‬‬

‫«م ْن ت ََصدَّ َق ِم ْن‬


‫ول اهلل ﷺ‪َ :‬‬ ‫َ ُ‬
‫و َعن عبادة ب ِن الص ِام ِ‬
‫ت ‪َ ‬ق َال‪َ :‬ق َال رس ُ ِ‬
‫َّ‬ ‫ْ‬

‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)13/9‬‬


‫(( ( أخرجه الترمذي في «سننه» رقم (‪ ،)1393‬وإسناده ضعيف‪ ،‬لكنه حسن لغيره بشواهده‪.‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪384‬‬
‫ك ِم ْن ُذنُوبِ ِه»(‪ ،)1‬ولفظ الطبراني‪ُ :‬‬
‫«أ ْعطِ َي بِ َقدْ ِر َما‬ ‫َج َس ِد ِه بِ َش ْي ٍء َك َّف َر اهللُ َعنْ ُه بِ َقدْ ِر َذلِ َ‬
‫ت ََصدَّ ق به» (‪.)2‬‬
‫عضوا أو أزال منفعته‬
‫ً‬ ‫ٌ‬
‫إنسان كأن قطع منه‬ ‫ومعنى الحديث‪ :‬أن من جنى عليه‬
‫فعفا عنه لوجه اهلل أثابه اهلل تعالى عليه بقدر الجناية‪ ،‬ويحتمل أن المراد بالتصدق‬
‫بذلك أن يباشر بعض الطاعة ببعض ببدنه كأن يزيل األذى عن الطريق بيده فيثاب‬
‫بقدر ذلك(‪.)3‬‬
‫ٍ‬
‫وجناية اتّفقت في بدنه‪ ،‬فعفا عن الجاني‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫مظلمة‬ ‫يقول الصنعاني‪« :‬فإن عفا عن‬
‫ُأ ْعطي في اآلخرة من األجر بقدر ما تصدّ ق مضاع ًفا على ما هو شأن كرم اهلل في‬
‫مضاعفة األجور» (‪.)4‬‬
‫وبمجموع ما سبق من الروايتين يتّضح جزاء من عفا وصفح في القصاص‬
‫والجراح على النحو التالي‪:‬‬
‫ـ يرفعه اهلل بها درجة‪.‬‬
‫ـ ّ‬
‫يحط بها خطيئة‪ ،‬وربما تصل لمغفرة الذنوب كلها‪.‬‬
‫ـ ُأعطي بقدْ ر ما تصدّ ق به من جسده‪.‬‬
‫ويوضح ابن تيمية سبب هذا األجر الجزيل لمستحقه بقوله‪« :‬إن اإلنسان إذا‬

‫(( ( أخرجه النسائي في السنن الكبرى رقم (‪ ،)11081‬وإسناده ضعيف‪ ،‬لكنه حسن لغيره بشواهده‪.‬‬
‫(( ( عزاه للطبراني في «المعجم الكبير»‪ :‬الهيثمي في مجمع الزوائد (‪ ،)473/6‬والسيوطي في الفتح‬
‫الكبير رقم (‪ ،)11622‬ولم أقف عليه في المطبوع‪ ،‬فلعله في الجزء المفقود منه حتى اآلن‪ ،‬ولم‬
‫أيضا‪.‬‬
‫أجد مسند عبادة بالكامل في المطبوع ً‬
‫((( انظر‪« :‬فيض القدير» للمناوي (‪.)106/6‬‬
‫(( ( «التنوير شرح الجامع الصغير» للصنعاني (‪.)179/10‬‬
‫‪385‬‬ ‫وبأجور مطلقة‬
‫ٍ‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬المضاعفة‬

‫ّ‬
‫والغل‬ ‫عفا وأحسن‪ ،‬أورثه اهلل بذلك من سالمة القلب إلخوانه‪ ،‬ونقائه من ّ‬
‫الغش‬
‫ً‬
‫عاجل‬ ‫وطلب االنتقام وإرادة ّ‬
‫الش ّر‪ ،‬وحصل له من حالوة العفو ما يزيد لذته ومنفعته‬
‫وآجل‪ ،‬على المنفعة الحاصلة له باالنتقام أضعا ًفا مضاعف ًة‪ ،‬ويدخل في قوله تعالى‪:‬‬
‫ً‬
‫﴿ﭩ ﭪ ﭫ﴾ [آل عمران‪ ،]١٣٤ :‬فيصير محبو ًبا هلل‪ ،‬ويصير حاله حال من‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ يفرح بما م ّن اهلل عليه أعظم‬ ‫أخذ منه درهم فعوض عليه ألو ًفا من الدنانير‪،‬‬
‫ذل يجده في نفسه‪ ،‬فإذا‬ ‫فرح يكون‪ .‬ويعلم أنه ما انتقم أحد قط لنفسه إال أورثه ذلك ًّ‬
‫ٍ‬
‫العز الحاصل له‬
‫فالعز الحاصل له بالعفو أحب إليه وأنفع له من ّ‬
‫ّ‬ ‫عفا أعزه اهلل تعالى‬
‫ذل في الباطن‪،‬‬ ‫عز في الظاهر‪ ،‬وهو يورث في الباطن ًّ‬
‫ذل‪ ،‬والعفو ٌّ‬ ‫باالنتقام‪ ،‬فإن هذا ٌّ‬
‫وظاهرا»‪ ،‬ثم قال‪« :‬والجزاء من جنس العمل‪ ،‬وهو يعلم أن‬
‫ً‬ ‫العز باطنًا‬
‫وهو يورث ّ‬
‫نفسه ظالم مذنب‪ ،‬وأن من عفا عن الناس عفا اهلل عنه‪ ،‬ومن غفر لهم غفر اهلل له‪ .‬فإذا‬
‫شهد أن عفوه عنهم وصفحه وإحسانه مع إساءتهم إليه سبب ألن يجزيه اهلل كذلك‬
‫من جنس عمله‪ ،‬فيعفو عنه ويصفح‪ ،‬ويحسن إليه على ذنوبه‪ ،‬ويسهل عليه عفوه‬
‫وصبره‪ ،‬ويكفي العاقل هذه الفائدة» (‪.)1‬‬
‫***‬

‫المطلب التاسع‪ :‬عتق العبد المؤمن واألمة المؤمنة‪.‬‬


‫خاص ٌة‪ ،‬وجعل االهتمام بالمسلم منهم‬
‫للرقيق في الشريعة اإلسالمية أحكا ٌم ّ‬
‫من عظيم األمور‪ ،‬وجليل األعمال‪ ،‬ومنها‪ :‬عتقهم وتحريرهم من هذا ّ‬
‫الرق‪.‬‬
‫ِ‬
‫«م ْن َأ ْعت ََق َر َق َب ًة ُم ْسـل َم ًة‪َ ،‬أ ْعت ََق ا ُ‬
‫هلل‬ ‫ف َعـ ْن َأبِـي ُه َر ْي َر َة ‪َ ،‬ع ِن النَّبِ ِّي ﷺ َق َال‪َ :‬‬
‫َّار‪َ ،‬حتَّى َف ْر َج ُه بِ َف ْر ِج ِه»(‪.)2‬‬
‫بِك ُِّل ُع ْض ٍو ِمنْ ُه ُع ْض ًوا ِم َن الن ِ‬

‫بتصرف ٍ‬
‫يسير‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫((( «جامع المسائل» البن تيمية (‪)169/1‬‬
‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)6715‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)1509‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪386‬‬

‫فجعلت ِكنَا َيـ ًة َع ْن‬ ‫ُـق‪ِ ،‬‬ ‫ـل العن ُ‬‫و«الرقبـة» ـ كمـا يقـول ابـن األثيـر ـ‪« :‬فِي ْالَ ْص ِ‬
‫ـال‪ :‬أ ْعتِ ُ‬
‫ـق َر َق َبـ ًة‪َ ،‬فك ََأنَّـ ُه َق َال‬ ‫لشـي ِء ِ‬
‫ببعضـه‪َ ،‬فـإِ َذا َق َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جميـ ِع َذات اإلنسـان؛ تسـمي ًة ل َّ ْ‬
‫أ ْعتِـق َع ْبـدً ا َأ ْو َأ َم ًة»(‪.)1‬‬
‫بالذكْر؛ ألنه ّ‬
‫محل أكبر الكبائر بعد‬ ‫خص ال َف ْرج ّ‬
‫قال بعض أهل العلم‪« :‬إنما ّ‬
‫حقير بالنسبة‬ ‫تحقير؛ ّ‬
‫ألن الفرج ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ِّ‬
‫الش ْرك»(‪ ،)2‬وقال مظهر الدين الزيداني‪« :‬ذكْر الفرج‬
‫إلى باقي األعضاء»(‪ ،)3‬قال القاري مع ّل ًقا‪« :‬واألظهر أن المراد بذكره المبالغة في‬
‫تع ّلق اإلعتاق بجميع أعضاء بدنه»(‪.)4‬‬

‫ول اهللِ ﷺ‬ ‫الس َل ِم ِّي ‪ ‬قال‪َ :‬س ِم ْع ُت َر ُس َ‬ ‫يح عمرو بن عبسة ُّ‬
‫َع ْن َأبِي ن ِ‬
‫َج ٍ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اء ك ُِّل َع ْظ ٍم‬ ‫هلل َع َّز َو َج َّل َجاع ٌل ِو َق َ‬ ‫«أ ُّي َما َر ُج ٍل ُم ْسل ٍم َأ ْعت ََق َر ُج ًل ُم ْسل ًما َفإِ َّن ا َ‬ ‫ول‪َ :‬‬ ‫َي ُق ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِم ْن ِع َظ ِام ِه َع ْظ ًما ِم ْن ِع َظا ِم ُم َح َّر ِر ِه ِم َن الن ِ‬
‫َّار‪َ ،‬و َأ ُّي َما ْام َر َأة َأ ْع َت َقت ْام َر َأ ًة ُم ْسل َم ًة َفإِ َّن ا َ‬
‫هلل‬
‫َّار َي ْو َم ا ْل ِق َي َام ِة»(‪.)5‬‬
‫اء ك ُِّل َع ْظ ٍم ِم ْن ِع َظ ِام َها َع ْظ ًما ِم ْن ِع َظا ِم ُم َح َّر ِر َها ِم َن الن ِ‬ ‫ِ‬
‫َجاع ٌل ِو َق َ‬
‫أن هذه الفضيلة ال تُنال إال‬ ‫الم ْعتَقة بـ«اإلسالم» ٌ‬
‫دليل على ّ‬ ‫الرقبة ُ‬
‫وفي «تقييد ّ‬
‫فضل‪ ،‬لكن ال يبلغ ما ُو ِعد به هنا‬
‫بعتق «المسلمة»‪ ،‬وإن كان في عتق الرقبة الكافرة ٌ‬
‫من األجر»(‪ ،)6‬قال القاري‪« :‬والتقييد باإلسالم‪ ،‬ليكون ثوابه أكثر»(‪ ،)7‬وألنه تمكي ٌن‬

‫((( «النهاية في غريب الحديث واألثر» البن األثير (‪.)249/2‬‬


‫(( ( نقله القاري في «المرقاة» (‪.)2213/6‬‬
‫(( ( «المفاتيح في شرح المصابيح» لمظهر الدين الزيداني (‪.)153/4‬‬
‫(( ( «مرقاة المفاتيح» للقاري (‪.)2213/6‬‬
‫((( أخرجه أبو داود في «سننه» رقم (‪ ،)3965‬وإسناده صحيح‪.‬‬
‫(( ( «عون المعبود» للعظيم آبادي (‪ 362/10‬ـ ‪.)363‬‬
‫(( ( «مرقاة المفاتيح» للقاري (‪.)2213/6‬‬
‫‪387‬‬ ‫وبأجور مطلقة‬
‫ٍ‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬المضاعفة‬

‫للعبد المسلم من مقاصده وتفريغه‪ ،‬والوجه الظاهر في استحباب عتق الكافر‬


‫ٌ‬
‫احتمال(‪.)1‬‬ ‫تحصيل الجزية منه للمسلمين‪ ،‬وأما تفريغه للتأمل فيسلم فهو‬

‫قال المه ّلب‪ :‬وفي الحديث «فضل العتق‪ ،‬وأنه من أرفع األعمال‪ ،‬ومما ّ‬
‫ينجي‬
‫به اهلل من النار‪ ،‬وفيه أن المجازاة قد تكون من جنس األعمال‪ ،‬فجوزي المعتق للعبد‬
‫بالعتق من النار‪ ،‬وإن كانت صدقة تصدق عليه واجتنى في اآلخرة»(‪.)2‬‬
‫ومن فوائد أحاديث هذا المطلب‪:‬‬
‫ً‬
‫رجلا‪ ،‬وللمـرأة أن تعتـق أمـرأة(‪ ،)3‬قـال‬ ‫‪ 1‬ـ أن األفضـل للرجـل أن يعتـق‬
‫المنـاوي‪« :‬الـكالم في األفضـل‪ ،‬فلو أعتـق ٌ‬
‫رجل امـرأة وعكسـه كان كذلك‪ ،‬لكن‬
‫الذكَر مطل ًقـا»(‪)4‬؛ ّ‬
‫«ألن‬ ‫المثليـة أولـى‪ ،‬بل في بعـض األحاديث مـا يقتضي تفضيـل ّ‬
‫فـي عتـق ّ‬
‫الذكَـر من المعانـي العا ّمـة ما ليس فـي األنثـى لصالح ّيته للقضـاء وغيره‬
‫ممـا ال يصلـح له اإلنـاث»(‪.)5‬‬
‫الم ْعتَق غير‬
‫يستحب أن يكون العبد ُ‬
‫ّ‬ ‫‪ 2‬ـ قال الخطابي‪« :‬كان بعض أهل العلم‬
‫الم ْعتِق قد نال الموعود في عتق أعضائه‬ ‫ِ‬
‫خص ٍّي؛ ّ‬
‫لئل يكون ناقص العضو‪ ،‬ليكون ُ‬
‫كلها من النار»(‪.)6‬‬
‫***‬

‫((( انظر‪« :‬مرقاة المفاتيح» للقاري (‪.)2213/6‬‬


‫(( ( نقله ابن الملقن في «التوضيح» (‪.)139/16‬‬
‫(( ( «عون المعبود» للعظيم آبادي (‪.)363/10‬‬
‫(( ( «التيسير بشرح الجامع الصغير» للمناوي (‪.)413/1‬‬
‫(( ( «فيض القدير» للمناوي (‪.)150/3‬‬
‫ف ٍ‬
‫يسير‪.‬‬ ‫(( ( «معالم السنن» للخطابي (‪ )81/4‬بتصر ٍ‬
‫ّ‬
‫‪٣‬‬

‫‪388‬‬

‫المطلب العاشر‪ :‬تفطير الصائم‪.‬‬

‫أيضا‬
‫عظيم عند اهلل؛ لعظم عبادة الصوم عنده‪ ،‬ومن باب تعظيمه ً‬
‫ٌ‬ ‫للصائم ٌ‬
‫فضل‬
‫صائما بأن يكتب له أجر الصائم ال ينقص من أجره شي ًئا‪.‬‬
‫ً‬ ‫مضاعفة أجر من ف ّطر‬

‫«م ْن َف َّط َر َصائِ ًما‬ ‫فعن َزي ِد ب ِن َخالِ ٍد الجهنِي ‪َ ‬ق َال‪َ :‬ق َال رس ُ ِ‬
‫ول اهلل ﷺ‪َ :‬‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ َ ِّ‬ ‫َ ْ ْ ْ‬
‫الصائِ ِم َش ْيئًا»(‪.)1‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ك َ ِ‬
‫َان َل ُه م ْث ُل َأ ْج ِره‪َ ،‬غ ْي َر َأ َّن ُه َل َينْ ُق ُص م ْن َأ ْج ِر َّ‬
‫ٍ‬
‫شيء‬ ‫وأطلق النبي ﷺ اإلفطار ولم يق ّيده‪ ،‬للداللة على حصول المقصود بأي‬
‫تمرة‪ ،‬أو مذقة لبن(‪ ،)2‬وكافأه عليه أن‬ ‫قل أو كثر‪ ،‬حتى ولو كانت شربة ماء‪ ،‬أو ٍ‬ ‫يف ّطره ّ‬
‫يمنحه اهلل أجر هذا الصائم دون أن ينقص من أجره شي ًئا‪.‬‬

‫ووجه المضاعفة في هذا الثواب‪« :‬أنّه من باب التعاون على ال ّت ْقوى‪ ،‬والدّ اللة‬
‫على الخ ْير»(‪.)3‬‬

‫ومن فوائد أحاديث هذا المطلب‪:‬‬

‫فللم ِعين‬ ‫أن ّ‬


‫كل من أعان مؤمنًا على عمل ٍّبر‪ُ ،‬‬ ‫‪ 1‬ـ قال الطبري‪« :‬فيه من الفقه‪ّ :‬‬
‫حاجا‬ ‫قواه على صومه‪ّ ،‬‬
‫فكل من أعان ًّ‬ ‫صائما أو ّ‬
‫ً‬ ‫عليه مثل أجر العامل‪ ،‬كما فيمن ف ّطر‬
‫حجته أو عمرته َحتَّى يأتي به على تمامه فله مثل أجره‪ .‬وكذا من أعان‬
‫معتمرا على ّ‬
‫ً‬ ‫أو‬
‫بحق من الحقوق بنفسه أو بماله َحتَّى يعليه على الباطل بمعونته فله مثل أجر‬
‫قائما ٍّ‬
‫ً‬
‫ِ‬
‫البر‪ ،‬وإذا كان َذل َك حكم المعونة على أعمال ّ‬
‫البر‬ ‫القائم به‪ ،‬ثم كذلك سائر أعمال ّ‬

‫(( ( أخرجه الترمذي في «سننه» رقم (‪ ،)807‬وإسناده صحيح‪.‬‬


‫(( ( انظـر‪« :‬عمـدة القـاري» للعينـي (‪« ،)269/10‬مرقـاة المفاتيـح» للقـاري (‪ 1367/4‬ـ ‪،)1368‬‬
‫«التنويـر شـرح الجامـع الصغيـر» للصنعانـي (‪.)329/10‬‬
‫(( ( «مرقاة المفاتيح» للقاري (‪.)1386/4‬‬
‫‪389‬‬ ‫وبأجور مطلقة‬
‫ٍ‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬المضاعفة‬

‫فمثله المعونة على المعاصي ومكروه الرب تعالى للمعين عليها من الوزر واإلثم‬
‫مثل ما لعاملها»(‪.)1‬‬
‫‪ 2‬ـ قال الصنعاني‪« :‬ينبغي للصائم قبول ما ُيعطاه أن ُي ْفطر به إعانة ألخيه على‬
‫اآلخرة وإجابته إن دعاه للعشاء»(‪.)2‬‬
‫***‬

‫المطلب الحادي عشر‪ :‬تجهيز الغازي واإلنفاق على أهله‪.‬‬

‫شرع اهلل الجهاد‪ ،‬ور ّغب فيه لعظيم أجره‪ ،‬وندب الناس إلى إعانة من وهب‬
‫جهز غاز ًيا أو خلفه‬
‫نفسه للجهاد والغزو‪ ،‬ومن أجل الترغيب في هذا جعل لكل من ّ‬
‫خيرا أن يكون له أجر وثواب الغازي حتى يرجع‪.‬‬
‫في أهله ً‬
‫«م ْن َج َّه َز‬
‫ول‪َ :‬‬ ‫ول اهللِ ﷺ َي ُق ُ‬ ‫اب ‪َ ‬ق َال‪َ :‬س ِم ْع ُت َر ُس َ‬ ‫ف َع ْن ُع َم َر ْب ِن ا ْل َخ َّط ِ‬

‫َان َل ُه ِم ْث ُل َأ ْج ِر ِه َحتَّى َي ُم َ‬
‫وت َأ ْو َي ْر ِج َع»(‪.)3‬‬ ‫يل اهللِ َحتَّى َي ْست َِق َّل‪ ،‬ك َ‬‫از ًيا فِي َسبِ ِ‬
‫َغ ِ‬

‫قـال ابـن األثيـر‪«« :‬تجهيـز الغـازي»‪ :‬تحميلـه‪ ،‬وإعـداد مـا يحتـاج إليـه فـي‬
‫ٍ‬
‫شـيء‬ ‫محتاجا إلى‬ ‫ّ‬
‫«يسـتقل»‪« :‬أي‪ :‬يقـدر علـى الغـزو وال يبقى‬ ‫غـزوه»(‪ ،)4‬ومعنـى‬
‫ً‬
‫من آالتـه»(‪.)5‬‬

‫(( ( نقله عنه ابن بطال في «شرح صحيح البخاري» (‪ ،)51/5‬وابن الملقن في «التوضيح لشرح الجامع‬
‫الصحيح» (‪.)483/17‬‬
‫(( ( «التنوير شرح الجامع الصغير» للصنعاني (‪.)329/10‬‬
‫(( ( أخرجه ابن ماجه في «سننه» رقم (‪ ،)2758‬وإسناده ضعيف‪ ،‬لكنه حسن لغيره بشواهده‪.‬‬
‫((( «النهاية في غريب الحديث واألثر» البن األثير (‪.)321/1‬‬
‫((( «حاشية السندي على سنن ابن ماجه» (‪.)172/2‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪390‬‬

‫قال ابن حجر‪« :‬أفاد هذا الحديث فائدتين‪:‬‬


‫ّب على تمام التجهيز‪ ،‬وهو المراد بقوله‪:‬‬ ‫إحداهما‪ّ :‬‬
‫أن الوعد المذكور مرت ٌ‬
‫ّ‬
‫يستقل»‪.‬‬ ‫«حتى‬
‫ثانيهما‪ :‬أنه يستوي معه في األجر إلى أن تنقضي تلك الغزوة»(‪.)1‬‬
‫از ًيا فِي‬
‫ـن َج َّهـ َز َغ ِ‬
‫«م ْ‬
‫ـال‪َ :‬‬ ‫ـول اهللِ ﷺ َق َ‬ ‫ـد ‪َ :‬أ َّن َر ُس َ‬ ‫ـن َخالِ ٍ‬ ‫وعـن َزي ِ‬
‫ـد ْب ِ‬ ‫ْ‬
‫ـر َف َقدْ َغـزَا»(‪.)2‬‬ ‫از ًيـا فِي َسـبِ ِ‬
‫يل اهللِ بِخَ ْي ٍ‬ ‫ـف َغ ِ‬
‫ـن َخ َل َ‬ ‫سـبِ ِ ِ‬
‫يل اهلل َف َقـدْ َغـزَا‪َ ،‬و َم ْ‬ ‫َ‬
‫ومعنـى « َف َقـدْ َغـزَا»‪« :‬أي‪ :‬حصـل لـه ٌ‬
‫أجر بسـبب الغـزو‪ ،‬وهـذا األجر يحصل‬
‫ٍ‬
‫خالف له فـي أهله بخير من قضـاء حاجة‬ ‫ّ‬
‫ولـكل‬ ‫ٍ‬
‫جهـاد‪ ،‬وسـواء قليله وكثيـره‪،‬‬ ‫بـكل‬
‫لهـم‪ ،‬وإنفـاق عليهـم‪ ،‬أو مسـاعدتهم فـي أمرهـم‪ ،‬ويختلف قـدْ ر الثـواب بق ّلة ذلك‬
‫وكثرته»(‪.)3‬‬
‫«م ْن َف َّط َر َصائِ ًما‪ ،‬ك َ‬
‫َان‬ ‫ِ‬ ‫ٍِ‬
‫و َع ْن َز ْيد ْب ِن َخالد ا ْل ُج َهن ِّي ‪َ ،‬ع ِن النَّبِ ِّي ﷺ َق َال‪َ :‬‬
‫ِ‬

‫الصائِ ِم َش ْيئًا‪َ .‬و َم ْن َج َّه َز‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬


‫الصائمِ‪ ،‬م ْن َغ ْي ِر َأ ْن َينْ ُق َص م ْن َأ ْج ِر َّ‬
‫ِ‬
‫ب َل ُه‪ ،‬م ْث ُل َأ ْج ِر َّ‬
‫ِ‬
‫َل ُه‪َ ،‬أ ْو كُت َ‬
‫َازي فِي َأ َّن ُه َل َينْ ُق ُص ِم ْن َأ ْج ِر‬ ‫ب َل ُه‪ِ ،‬م ْث ُل َأ ْج ِر ا ْلغ ِ‬ ‫ِ‬ ‫يل اهللِ‪ ،‬ك َ‬
‫َان َل ُه‪َ ،‬أ ْو كُت َ‬ ‫از ًيا فِي َسبِ ِ‬ ‫َغ ِ‬
‫َازي َش ْيئًا»(‪.)4‬‬‫ا ْلغ ِ‬

‫قال الطيبي‪« :‬نظم الصائم في سلك الغازي؛ النخراطهما في معنى المجاهدة‬


‫مع أعداء اهلل»(‪.)5‬‬

‫(( ( «فتح الباري» البن حجر (‪.)50/6‬‬


‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)2843‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)1895‬‬
‫(( ( «شرح النووي على صحيح مسلم» (‪.)40/13‬‬
‫(( ( أخرجه أحمد في «المسند» رقم (‪ ،)21676‬وإسناده صحيح‪.‬‬
‫((( «شرح المشكاة» للطيبي (‪.)1588/5‬‬
‫‪391‬‬ ‫وبأجور مطلقة‬
‫ٍ‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬المضاعفة‬

‫ألن ّ‬
‫الكل جها ٌد‪ ،‬ذلك لجيش‬ ‫«ضم الصائم إلى المجاهد؛ ّ‬
‫ّ‬ ‫وقال الصنعاني‪:‬‬
‫األعداء‪ ،‬واآلخر لجيش الشهوات»(‪.)1‬‬

‫البر والتقـوى‪ ،‬فإذا جهز اإلنسـان غاز ًيـا‪ ،‬يعني‪:‬‬


‫وهـذا كلـه «مـن التعاون علـى ّ‬
‫براحلتـه ومتاعـه وسلاحه فقـد غـزا‪ ،‬أي‪ :‬كتـب لـه أجـر الغـازي؛ ألنه أعانـه على‬
‫الخيـر‪ .‬وكذلـك مـن خلفـه فـي أهلـه بخير فقد غـزا‪ ،‬يعنـي‪ :‬لـو أن الغـازي أراد أن‬
‫ً‬
‫رجلا مـن‬ ‫يغـزو‪ ،‬ولكنـه أشـكل عليـه أهلـه مـن يكـون عنـد حاجاتهـم‪ ،‬فانتـدب‬
‫المسـلمين وقـال‪ :‬اخلفنـي فـي أهلـي بخيـر‪ ،‬فـإن هـذا الـذي خلفـه يكون لـه أجر‬
‫الغـازي؛ ألنه أعانـه»(‪.)2‬‬
‫ول اهللِ ﷺ َب َع َث َب ْع ًثا إِ َلى َبنِي َل ْح َي َ‬
‫ان‬ ‫يد ا ْل ُخدْ ِر ِّي ‪َ ،‬أ َّن َر ُس َ‬ ‫و َعن َأبِي س ِع ٍ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ث ِم ْن ك ُِّل َر ُج َل ْي ِن َأ َحدُ ُه َما‪َ ،‬و ْالَ ْج ُر َب ْين َُه َما»(‪.)3‬‬
‫ِم ْن ُه َذ ْي ٍل‪َ ،‬ف َق َال‪« :‬لِ َينْ َب ِع ْ‬

‫كفارا‪،‬‬
‫يقول النووي‪« :‬اتفق العلماء على أن بني لحيان كانوا في ذلك الوقت ً‬
‫فبعث إليهم بع ًثا يغزونهم‪ ،‬وقال لذلك البعث‪ :‬ليخرج من كل قبيلة نصف عددها‪،‬‬
‫ٌ‬
‫محمول على‬ ‫وهو المراد بقوله‪ :‬من كل رجلين أحدهما‪ ،‬وأما كون األجر بينهما فهو‬
‫ما إذا خلف المقيم الغازي في أهله ٍ‬
‫بخير»(‪.)4‬‬

‫خيرا‪ ،‬كذلك ضاعف‬ ‫وكما ضاعف اهلل أجر من أخلف المجاهدين في أهليهم ً‬
‫ول اهللِ ﷺ‪« :‬حرم ُة نِس ِ‬
‫اء‬ ‫الح َص ْيب ‪ ‬قال‪َ :‬ق َال َر ُس ُ‬
‫َُْ َ‬ ‫لهم الوزر‪ ،‬فعن ُب َر ْيدة بن ُ‬

‫(( ( «التنوير شرح الجامع الصغير» للصنعاني (‪.)330/10‬‬


‫(( ( «شرح رياض الصالحين» البن عثيمين (‪.)374/2‬‬
‫((( أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (‪.)1896‬‬
‫(( ( «شرح النووي على صحيح مسلم» (‪.)40/13‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪392‬‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ف َر ُج ًل‬ ‫ين ك َُح ْر َمة ُأ َّم َهات ِه ْم‪َ ،‬و َما م ْن َر ُج ٍل م َن ا ْل َقاعد َ‬
‫ين َيخْ ُل ُ‬ ‫ين َع َلى ا ْل َقاعد َ‬‫ا ْل ُم َجاهد َ‬
‫ف َل ُه َي ْو َم ا ْل ِق َي َام ِة‪َ ،‬ف َي ْأ ُخ ُذ ِم ْن َع َملِ ِه َما‬ ‫يه ْم‪ ،‬إِ َّل ُو ِق َ‬
‫ين فِي َأ ْهلِ ِه َف َيخُ و ُن ُه فِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫م َن ا ْل ُم َجاهد َ‬
‫ِ‬

‫اء‪َ ،‬ف َما َظنُّك ُْم؟»(‪.)1‬‬


‫َش َ‬
‫نظر‬ ‫ٍ‬
‫بريبة من ٍ‬ ‫التعرض له ّن‬ ‫قال النووي‪« :‬هذا في شيئين؛ أحدهما‪ :‬تحريم‬
‫ّ‬
‫محر ٍم‪ ،‬وغير ذلك‪ ،‬والثاني‪ :‬في ّبره ّن واإلحسان إليه ّن‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫محر ٍم‪ ،‬وخلوة‪ ،‬وحديث ّ‬
‫ّ‬
‫وقضاء حوائجهن التي ال يترتب عليها مفسدة‪ ،‬وال يتوصل بها إلى ٍ‬
‫ريبة ونحوها»(‪.)2‬‬
‫ف َل ُه َي ْو َم ا ْل ِق َي َام ِة‪َ ،‬ف َي ْأ ُخ ُذ ِم ْن َع َملِ ِه‬
‫يخونهن بقوله‪« :‬إِ َّل ُو ِق َ‬
‫ّ‬ ‫لذلك كانت العقوبة لمن‬
‫اء‪َ ،‬ف َما َظنُّك ُْم؟»‪ ،‬ومعناه‪« :‬ما تظنّون في رغبته في ْ‬
‫أخذ حسناته واالستكثار منها‬ ‫َما َش َ‬
‫في ذلك المقام‪ ،‬أي ال ُيبقي منها شي ًئا إن أمكنه‪ ،‬واهلل أعلم»(‪.)3‬‬

‫ومن فوائد أحاديث هذا المطلب‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ قال النووي‪« :‬فيه الحث على اإلحسان إلى من فعل مصلح ًة للمسلمين‬
‫و«أن ّ‬
‫كل من شارك في‬ ‫ّ‬ ‫أو قام ٍ‬
‫بأمر من مهماتهم» (‪ ،)4‬وبخاصة‪ :‬الرباط والجهاد‪،‬‬
‫مساعدة الغزاة‪ ،‬ومد يد المعونة للمجاهدين بإمدادهم بالمال‪ ،‬وتجهيزهم بالسالح‪،‬‬
‫أو بكفالة أهلهم وأوالدهم‪ ،‬فإن اهلل يمنحه مثل أجر المجاهد»(‪.)5‬‬
‫ـف َغ ِ‬
‫از ًيا» زوجات وأبناء الشـهداء الذي‬ ‫«و َم ْن َخ َل َ‬
‫‪ 2‬ـ يدخـل فـي عموم قولـه‪َ :‬‬

‫((( أخرجه مسلم في «صحيحه» رقم (‪.)1897‬‬


‫(( ( «شرح النووي على صحيح مسلم» (‪.)42/13‬‬
‫(( ( «شرح النووي على صحيح مسلم» (‪.)42/13‬‬
‫(( ( «شرح النووي على صحيح مسلم» (‪.)40/13‬‬
‫((( «منار القاري» لحمزة قاسم (‪.)97/4‬‬
‫‪393‬‬ ‫وبأجور مطلقة‬
‫ٍ‬ ‫بأعمال ّ‬
‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬المضاعفة‬

‫يدل‬ ‫خيـرا‪ّ ،‬‬ ‫قضـوا نحبهـم شـهداء‪ ،‬فالمطلـوب ّبرهم واإلحسـان إليهـم‪ ،‬وإخالفهم ً‬
‫ـم َيكُـ ْن َيدْ ُخ ُـل َب ْيتًـا بِا ْل َم ِدين َِة‬
‫ـي ﷺ َل ْ‬ ‫عليـه حديـث أنـس بـن مالـك ‪َ ‬أ َّن النَّبِ َّ‬
‫(‪)1‬‬
‫وها‬‫ـل َأ ُخ َ‬ ‫ـال‪« :‬إِنِّـي َأ ْر َح ُم َها ُقتِ َ‬ ‫ـه‪َ ،‬ف ِق َ‬
‫يـل َل ُه‪َ ،‬ف َق َ‬ ‫اج ِ‬
‫ِّ ُ‬
‫َغيـر بي ِ‬
‫ـت ُأم سـ َل ْي ٍم إِ َّل َع َلـى َأ ْز َو ِ‬ ‫ْ َ َْ‬
‫ِ‬
‫أعم مـن أن يكون‬ ‫َمعـي» ‪ ،‬قـال ابـن المنير مع ّل ًقـا على هـذا الدخول بقولـه‪« :‬ذلك ّ‬
‫(‪)2‬‬

‫فـي حياتـه‪ ،‬أو بعـد موته‪ ،‬والنبـي ﷺ كان يجبر قلب أم سـليم بزيارتهـا‪ ،‬ويعلل ذلك‬
‫ّ‬
‫بـأن أخاهـا قتـل معـه‪ ،‬ففيـه أنـه خلفه فـي أهلـه بخير بعـد وفاتـه‪ ،‬وذلك من حسـن‬
‫عهده ﷺ»(‪.)3‬‬
‫***‬

‫(( ( قـال ابـن حجـر‪ :‬هو حرام بـن ملحان‪ ،‬قتل فـي غزوة بئـر معونة‪ .‬انظـر‪« :‬فتح البـاري» البن حجر‬
‫(‪.)51/6‬‬
‫(( ( أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (‪ ،)2844‬ومسلم في «صحيحه» رقم (‪.)2455‬‬
‫((( نقله ابن حجر في «الفتح» (‪.)51/6‬‬
‫الخاتمة‬
‫ُ‬
‫َر َز َق َنا اهلل ُ‬
‫ح ْس َن َها َو ِزي َ‬
‫َادة‬

‫هاهو البحث قد انتهى أجله‪ ،‬ووصل للحدّ الذي ُقدّ ر له‪ ،‬وها هو الباحث قد‬
‫ٍ‬
‫ترحال مع أحاديث مضاعفة األجور الواردة في السنة النبوية‪،‬‬ ‫ألقى عصا التسيار بعد‬
‫وبعد دراسة هذه األحاديث دراسة موضوعية يمكن للباحث أن يسجل أبرز النتائج‬
‫التي توصل إليها من خالل هذه الدراسة‪ ،‬وأبرز التوصيات التي يوصي بها طلبة‬
‫العلم من خالل النقاط التالية‪:‬‬
‫ً‬
‫أول‪ :‬النتائج التي توصل إليها الباحث من خالل الدراسة‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ تُعدّ مضاعفة األجور في الشريعة اإلسالمية من ّ‬
‫أجل النعم على هذه األمة‬
‫المحمدية‪ ،‬ومن أعظم خصائصها التي تم ّيزت بها على سائر األمم السابقة‪.‬‬
‫ّ‬
‫عام ٍة‬ ‫ٍ‬
‫بأجور ّ‬ ‫‪ 2‬ـ التعريف الجامع لمضاعفة األجور هو‪ :‬تكثير ثواب األعمال‬
‫ٍ‬
‫مندوب إليه شر ًعا‪ ،‬تختلف باختالف الزمان‪ ،‬والمكان‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫واجب أو‬ ‫ٍ‬
‫لعمل‬ ‫وخاص ٍة‪،‬‬
‫ّ‬
‫وقصد الفاعل ون ّيته‪.‬‬
‫ْ‬
‫‪ 3‬ـ يكاد ينعقد اإلجماع عند علماء األمة على إثبات هذه المضاعفة لألجر‪،‬‬
‫ولم يخالف في ذلك إال ق ّلة قليلة ر ّد عليهم القرطبي في تفسيره ولم يذكرهم؛ لعدم‬
‫اعتبار قولهم في هذا الباب‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ أول أنـواع المضاعفـة هـي المضاعفـة العامـة فـي جميـع األعمـال وهي‬
‫‪٣‬‬

‫‪396‬‬

‫مضاعفـة الحسـنة إلـى عشـر حسـنات‪ ،‬وهي أقـل الموعود مـن اهلل كما د ّلـت عليه‬
‫نصـوص الكتاب والسـنة‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ يأتي بعد المضاعفة العامة المضاعفة الخاصة‪ ،‬وهي مضاعفة زائدة على‬
‫المضاعفة العامة‪ ،‬وتأتي على أنواع‪:‬‬
‫ومتنوعة‪ :‬تبدأ هذه المضاعفة‬
‫ّ‬ ‫ٍ‬
‫وبأجور محدّ دة‬ ‫ـ مضاعفة خاصة ألعمال خاصة‬
‫من مضاعفة األجر مرتين حتى تصل مليون حسنة‪ ،‬واهلل يضاعف لمن يشاء‪.‬‬
‫حج ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ـ المضاعفة بأجور عبادات أخرى‪ :‬كالمضاعفة بأجر حجة‪ ،‬أو عمرة‪ ،‬أو ّ‬
‫ٍ‬
‫كاملة م ًعا‪ ،‬وأجر صيام الدهر‪ ،‬وأجر قيام ليلة‪.‬‬ ‫وعمرة معا‪ ،‬وأجر قيام وصيام ٍ‬
‫سنة‬ ‫ٍ‬
‫ً‬
‫مطلقة‪ :‬كمضاعفة األجر بمغفرة الذنوب‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫وبأجور‬ ‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬
‫بأعمال ّ‬ ‫ـ المضاعفة‬
‫المتقدّ مة‪ ،‬أو المتقدمة والمتأخرة‪ ،‬ومضاعفة األجر باستمرار عمله بعد الموت‬
‫وعدم انقطاعه‪ ،‬ومضاعفة األجور بالثواب العام غير المق ّيد‪.‬‬
‫نص عليها العلماء‪:‬‬
‫‪ 6‬ـ من أسباب المضاعفة التي ّ‬
‫وقوة إيمانه وإخالصه‪.‬‬
‫وفضله ّ‬
‫ـ ُح ْس ُن إسالم المؤمن ْ‬
‫ـ ن ْفع الحسنة والحاجة إليها‪.‬‬
‫ـ مشقة الحسنة الحاصلة بأدائها‪.‬‬
‫ـ التحويل وتعدّ ي النّ ْفع إلى الغير‪.‬‬
‫ـ شرف الزمان كشهر رمضان‪.‬‬
‫ـ شرف المكان كمكة والمدينة والقدس‪.‬‬
‫ـ شرف العمل ومكانته‪.‬‬
‫‪397‬‬ ‫الخاتمة‬

‫ـ قوة دفع العمل للمعارضات‪.‬‬


‫‪ 7‬ـ الحكمة الشرعية من المضاعفة‪:‬‬
‫ـ تعويض األمة عن ِق َص ِر أعمارها بالنسبة ألعمار األمم السابقة‪.‬‬
‫ـ رحمة اهلل بالعبد حتى ال يهلك في اآلخرة؛ لكثرة سيئاته‪.‬‬
‫ـ زيادة الثواب والكرامة‪.‬‬
‫ّخ ِفيف على ال َع ْب ِد في الحساب‪.‬‬
‫ـ الت ْ‬

‫وجه إدخال مغفرة الذنوب في المضاعفة هو تبديل اهلل ذنوب العبد إلى‬
‫‪8‬ـ ْ‬
‫نص على ذلك علماء أهل‬
‫حسنات بعد توبته وإسالمه‪ ،‬وهو تبديل على الحقيقة كما ّ‬
‫السنة‪ّ ،‬‬
‫ودل عليه ظواهر النصوص في الكتاب والسنة‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ األعداد الواردة في مضاعفة األجور ال مفهوم لها أمام سعة رحمة اهلل‬
‫وعظيم فضله‪ ،‬وتُحمل هذه األعداد على ّ‬
‫أقل الموعود بعد المضاعفة العامة‪ ،‬واهلل‬
‫يضاعف لمن يشاء‪.‬‬
‫ثاني ًا‪ :‬التوصيات‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ يوصي الباحث المشتغلين بالسنة وعلومها االهتمام بالدراسات الموضوعية‬
‫ذات الصلة بحاجات الناس وعرضها بأسلوب يرغب الناس بالعمل بها‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ كما ويوصي طلبة العلم بالتوسع في مباحث هذه األطروحة‪ ،‬وإفراد بعض‬
‫مباحثها في دراسات مستقلة متوسعة تخدم السنة وعلومها من ٍ‬
‫جهة‪ ،‬وتقرب فوائدها‬
‫للناس من جهة أخرى‪.‬‬
‫***‬
‫الفهارس العامة‬

‫فهرس اآليات القرآنية‪.‬‬


‫فهرس األحاديث النبوية‪.‬‬
‫فهرس المصادر والمراجع‪.‬‬
‫فهرس الموضوعات‪.‬‬
‫***‬
‫فهرس اآليات القرآنية‬

‫الصفحة‬ ‫السورة‬ ‫اآلية‬

‫سورة الفاتحة‬
‫‪292‬‬ ‫‪٧‬‬ ‫﴿ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ﴾‬

‫سورة البقرة‬
‫‪160‬‬ ‫‪٣٠‬‬ ‫﴿ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ﴾‬

‫‪146‬‬ ‫‪٨٣‬‬ ‫﴿ﯦ ﯧ ﯨ﴾‬

‫﴿ﯓ ﯔ ﯕ ﯖﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟﯠ ﯡ‬
‫‪31‬‬ ‫‪١١٠‬‬
‫ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ﴾‬
‫‪119‬‬ ‫‪١٨٥‬‬ ‫﴿ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ﴾‬

‫‪271‬‬ ‫‪١٩٧‬‬ ‫﴿ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ﴾‬

‫‪113‬‬ ‫‪٢٣٨‬‬ ‫﴿ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ﴾‬

‫‪،48 ،28‬‬ ‫﴿ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭﯮ ﯯ ﯰ‬


‫‪٢٤٥‬‬
‫‪201‬‬ ‫ﯱ ﯲ ﯳ﴾‬

‫‪216‬‬ ‫‪٢٥١‬‬ ‫﴿ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ﴾‬


‫‪٣‬‬

‫‪402‬‬

‫الصفحة‬ ‫السورة‬ ‫اآلية‬

‫‪،36 ،32‬‬
‫﴿ﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋ‬
‫‪،48 ،42‬‬ ‫‪٢٦١‬‬
‫‪201 ،60‬‬ ‫ﮌ ﮍﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﮓ ﮔ ﮕ ﮖ﴾‬

‫‪375‬‬ ‫‪٢٨٠‬‬ ‫﴿ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ﴾‬

‫سورة آل عمران‬
‫‪363‬‬ ‫‪٣١‬‬ ‫﴿ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ﴾‬

‫﴿ﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸ‬
‫‪79‬‬ ‫‪٦٤‬‬
‫ﭹﭺ﴾‬

‫‪101‬‬ ‫‪٩٢‬‬ ‫﴿ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ﴾‬

‫‪203‬‬ ‫‪٩٧‬‬ ‫﴿ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ﴾‬

‫‪385‬‬ ‫‪١٣٤‬‬ ‫﴿ﭩ ﭪ ﭫ﴾‬

‫‪334‬‬ ‫‪١٦٩‬‬ ‫﴿ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ﴾‬

‫‪247‬‬ ‫‪٢٠٠‬‬ ‫﴿ﯮ ﯯ﴾‬

‫سورة النساء‬
‫‪104‬‬ ‫‪٨‬‬ ‫﴿ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ﴾‬

‫‪21‬‬ ‫‪٢٤‬‬ ‫﴿ﭮ ﭯ﴾‬

‫‪28‬‬ ‫‪٤٠‬‬ ‫﴿ﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃ ﮄﮅ﴾‬


‫‪403‬‬ ‫فهرس اآليات القرآنية الكريمة‬

‫الصفحة‬ ‫السورة‬ ‫اآلية‬

‫﴿ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ‬
‫‪44‬‬ ‫‪ 69‬ـ ‪70‬‬
‫ﮆ ﮇﮈ ﮉ ﮊ ﮋ﴾‬
‫‪144‬‬ ‫‪٨٦‬‬ ‫﴿ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ﴾‬

‫‪365‬‬ ‫‪٩٥‬‬ ‫﴿ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞ﴾‬

‫‪252‬‬ ‫‪١٤٢‬‬ ‫﴿ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ﴾‬

‫‪30‬‬ ‫‪١٧٣‬‬ ‫﴿ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬﮭ﴾‬

‫سورة المائدة‬
‫‪115‬‬ ‫‪٦‬‬ ‫﴿ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ﴾‬

‫‪27‬‬ ‫‪٢٤‬‬ ‫﴿ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ﴾‬

‫‪183‬‬ ‫‪١٠٥‬‬ ‫﴿ﭮ ﭯ﴾‬

‫سورة األنعام‬
‫‪،42 ،32‬‬
‫‪،58 ،55‬‬
‫﴿ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ‬
‫‪،137 ،59‬‬ ‫‪١٦٠‬‬
‫‪،140‬‬ ‫ﮞ﴾‬
‫‪174 ،142‬‬
‫سورة األعراف‬
‫‪27‬‬ ‫‪١٣٨‬‬ ‫﴿ﭟ ﭠ ﭡ﴾‬

‫‪283‬‬ ‫‪١٩٩‬‬ ‫﴿ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ﴾‬

‫سورة األنفال‬
‫‪227‬‬ ‫‪٣٣‬‬ ‫﴿ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ﴾‬
‫‪٣‬‬

‫‪404‬‬

‫الصفحة‬ ‫السورة‬ ‫اآلية‬

‫﴿ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ‬
‫‪340‬‬ ‫‪٦٠‬‬
‫ﯥ﴾‬

‫سورة التوبة‬
‫‪193 ،106‬‬ ‫‪١١١‬‬ ‫﴿ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠﯡ ﴾‬

‫سورة هود‬
‫‪308 ،46‬‬ ‫‪١١٤‬‬ ‫﴿ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ﴾‬

‫سورة النحل‬
‫‪45‬‬ ‫‪٩٧‬‬ ‫﴿ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ﴾‬

‫سورة اإلسراء‬
‫‪196‬‬ ‫‪١‬‬ ‫﴿ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ﴾‬

‫‪19‬‬ ‫‪٧٥‬‬ ‫﴿ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ﴾‬

‫‪238 ،165‬‬ ‫‪٧٨‬‬ ‫﴿ﭴ ﭵﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ﴾‬

‫سورة األنبياء‬
‫‪334‬‬ ‫‪١٠٣‬‬ ‫﴿ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ﴾‬

‫‪73‬‬ ‫‪١٠٧‬‬ ‫﴿ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ﴾‬

‫سورة الحج‬
‫‪213‬‬ ‫‪٢٥‬‬ ‫﴿ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ﴾‬

‫‪119‬‬ ‫‪٧٨‬‬ ‫﴿ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ﴾‬


‫‪405‬‬ ‫فهرس اآليات القرآنية الكريمة‬

‫الصفحة‬ ‫السورة‬ ‫اآلية‬

‫سورة النور‬
‫‪317‬‬ ‫‪٣٧‬‬ ‫﴿ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ﴾‬

‫‪30‬‬ ‫‪٣٨‬‬ ‫﴿ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ﴾‬

‫سورة الفرقان‬

‫﴿ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ‬
‫‪46‬‬ ‫‪٧٠‬‬
‫ﮀ ﮁ ﮂ﴾‬

‫‪382‬‬ ‫‪٧٤‬‬ ‫﴿ﮭ ﮮ ﮯ﴾‬

‫سورة الشعراء‬
‫‪110‬‬ ‫‪٢٢٤‬‬ ‫﴿ﯘ ﯙ ﯚ﴾‬

‫سورة النمل‬
‫‪334‬‬ ‫‪٨٧‬‬ ‫﴿ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ﴾‬

‫‪32 ،30‬‬ ‫‪٨٩‬‬ ‫﴿ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ﴾‬

‫سورة القصص‬
‫‪22‬‬ ‫‪٢٦‬‬ ‫﴿ﮫ ﮬﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ﴾‬

‫‪22‬‬ ‫‪٢٧‬‬ ‫﴿ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ﴾‬

‫‪76‬‬ ‫‪ ٥١‬ـ ‪٥٥‬‬ ‫﴿ﭒﭓﭔﭕﭖﭗ﴾‬

‫﴿ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ‬
‫‪30‬‬ ‫‪٨٤‬‬
‫ﰇ ﰈ ﰉ﴾‬
‫‪٣‬‬

‫‪406‬‬

‫الصفحة‬ ‫السورة‬ ‫اآلية‬

‫سورة الروم‬
‫‪20‬‬ ‫‪٣٩‬‬ ‫﴿ﯡ ﯢ ﯣ﴾‬

‫﴿ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ‬
‫‪29‬‬ ‫‪٣٩‬‬
‫ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ﴾‬

‫سورة السجدة‬
‫‪127‬‬ ‫‪١٧‬‬ ‫﴿ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ﴾‬

‫سورة األحزاب‬
‫‪72 ،19‬‬ ‫‪٣٠‬‬ ‫﴿ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ﴾‬

‫﴿ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ‬
‫‪35‬‬ ‫‪٣١‬‬
‫ﭟ﴾‬

‫‪33‬‬ ‫‪٣٥‬‬ ‫﴿ﮢ ﮣ ﮤ﴾‬

‫‪136‬‬ ‫‪٤٣‬‬ ‫﴿ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ﴾‬

‫سورة سبأ‬
‫‪20‬‬ ‫‪٣٧‬‬ ‫﴿ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ﴾‬

‫‪28 ،25‬‬ ‫‪٣٧‬‬ ‫﴿ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ﴾‬

‫سورة فاطر‬

‫﴿ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ‬
‫‪95‬‬ ‫‪ ٢٩‬ـ ‪٣٠‬‬
‫ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ﴾‬
‫‪407‬‬ ‫فهرس اآليات القرآنية الكريمة‬

‫الصفحة‬ ‫السورة‬ ‫اآلية‬

‫سورة الزمر‬
‫‪362‬‬ ‫‪٩‬‬ ‫﴿ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ﴾‬

‫‪32‬‬ ‫‪١٠‬‬ ‫﴿ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍﰎ ﴾‬

‫سورة غافر‬

‫﴿ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ‬
‫‪293‬‬ ‫‪٧‬‬
‫ﯦ﴾‬

‫سورة الشورى‬
‫‪30‬‬ ‫‪٢٣‬‬ ‫﴿ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ﴾‬

‫‪383‬‬ ‫‪٤٣‬‬ ‫﴿ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ﴾‬

‫سورة الفتح‬
‫‪279‬‬ ‫‪1‬ـ‪2‬‬ ‫﴿ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ﴾‬

‫سورة النجم‬

‫‪118‬‬ ‫‪٢٣‬‬ ‫﴿ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ﴾‬

‫‪78‬‬ ‫‪٣٩‬‬ ‫﴿ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ﴾‬

‫سورة الحديد‬

‫‪20‬‬ ‫‪٢٨‬‬ ‫﴿ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ﴾‬

‫‪،35 ،33‬‬
‫‪٢٨‬‬ ‫﴿ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ﴾‬
‫‪44‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪408‬‬

‫الصفحة‬ ‫السورة‬ ‫اآلية‬

‫سورة ق‬

‫‪148‬‬ ‫‪٣٩‬‬ ‫﴿ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ﴾‬

‫سورة الحشر‬

‫‪375‬‬ ‫‪٩‬‬ ‫﴿ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ﴾‬

‫سورة الصف‬
‫‪194‬‬ ‫‪ 10‬ـ ‪12‬‬ ‫﴿ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ﴾‬

‫سورة المعارج‬

‫‪98‬‬ ‫‪ ٢٤‬ـ ‪٢٥‬‬ ‫﴿ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ﴾‬

‫سورة الجن‬
‫‪209‬‬ ‫‪١٨‬‬ ‫﴿ﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾ﴾‬

‫سورة المزمل‬
‫‪31‬‬ ‫‪٢٠‬‬ ‫﴿ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕﮖ﴾‬

‫سورة النبأ‬
‫‪31‬‬ ‫‪٣٦‬‬ ‫﴿ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ﴾‬

‫سورة عبس‬
‫‪204‬‬ ‫‪٣٧‬‬ ‫﴿ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ﴾‬
‫‪409‬‬ ‫فهرس اآليات القرآنية الكريمة‬

‫الصفحة‬ ‫السورة‬ ‫اآلية‬

‫سورة الشمس‬
‫‪57‬‬ ‫‪١٣‬‬ ‫﴿ﮆ ﮇ﴾‬

‫سورة األعلى‬
‫‪152‬‬ ‫‪١٧‬‬ ‫﴿ﭖ ﭗ ﭘ﴾‬

‫سورة العلق‬
‫‪362‬‬ ‫‪١٩‬‬ ‫﴿ﯴ ﯵ﴾‬

‫سورة الضحى‬
‫‪138‬‬ ‫‪٥‬‬ ‫﴿ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ﴾‬

‫سورة القدر‬
‫‪281 ،29‬‬ ‫‪٣‬‬ ‫﴿ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ﴾‬

‫سورة التين‬
‫‪365‬‬ ‫‪4‬ـ‪6‬‬ ‫﴿ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﴾‬

‫***‬
‫فهرس أطراف األحاديث النبوية‬

‫الصفحة‬ ‫الحديث‬

‫‪139‬‬ ‫آت ِم ْن َر ِّبي َع َّز َو َج َّل َف َق َال‪َ :‬م ْن َص َّلى َع َل ْي َك ِم ْن ُأ َّمتِكَ‬


‫َأتَانِي ٍ‬

‫‪69‬‬ ‫الن ِمنْك ُْم‬


‫َأج ْل‪ ،‬كَما يو َع ُك رج ِ‬
‫َ ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬

‫ُب َل ُه َصالِ َح‬ ‫ِ ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬


‫‪367‬‬ ‫هلل‪ :‬ا ْكت ْ‬ ‫إِ َذا ا ْب َت َلى ا ُ‬
‫هلل ا ْل َع ْبدَ ا ْل ُم ْسل َم بِ َب َلء في َج َسده‪َ ،‬ق َال ا ُ‬

‫‪60 ،34‬‬ ‫إِ َذا َأ ْح َس َن َأ َحدُ ك ُْم إِ ْسال َم ُه َفك ُُّل َح َسن ٍَة َي ْع َم ُل َها‬
‫َان َله َأجر ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫‪84‬‬ ‫ان‬ ‫إِ َذا َأ َّدى ا ْل َع ْبدُ َح َّق اهلل َو َح َّق َم َواليه‪ ،‬ك َ ُ ْ َ‬

‫‪63‬‬ ‫وها َع َل ْي ِه َحتَّى َي ْع َم َل َها‬ ‫ِ‬


‫إِ َذا َأ َرا َد َع ْبدي َأ ْن َي ْع َم َل َس ِّي َئ ًة‪َ ،‬فال َت ْك ُت ُب َ‬

‫‪62‬‬ ‫إِ َذا َأ ْس َل َم ال َع ْبدُ َف َح ُس َن إِ ْسال ُم ُه‪ُ ،‬ي َك ِّف ُر ا ُ‬


‫هلل َعنْ ُه‬
‫َان َله َأجر ِ‬
‫‪84‬‬ ‫ان‬ ‫اع َس ِّيدَ ُه ك َ ُ ْ َ‬ ‫إِ َذا َأ َط َ‬
‫اع ا ْل َع ْبدُ َر َّب ُه َو َأ َط َ‬

‫‪60‬‬ ‫ُول فِي الن َِّار‬


‫ان بِ َس ْي َف ْي ِه َما َفا ْل َقاتِ ُل َوا ْل َم ْقت ُ‬
‫إِ َذا ا ْل َت َقى ا ْلمس ِلم ِ‬
‫ُ ْ َ‬

‫‪309‬‬ ‫اس َت ْغ َف َرا ُه ُغ ِف َر َل ُه َما‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬


‫إِ َذا ا ْل َت َقى ا ْل ُم ْسل َمان وت ََصا َف َحا َو َحمدَ ا اهللَ َو ْ‬

‫‪292‬‬ ‫الئك َِة‬


‫اإلمام َف َأمنُوا‪َ ،‬فإِ َّنه من وا َف َق ت َْأ ِمينُه ت َْأ ِمين الم ِ‬
‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ ْ َ‬ ‫إِ َذا َأ َّم َن ِ َ ُ ِّ‬

‫‪203‬‬ ‫إِذا أنْفق الرجل على َأهله َو ُه َو يحتسبها كَانَت َل ُه َصدَ َقة‬

‫‪354‬‬ ‫الص َل ِة َل ْم َي ْر َف ْع َقدَ َم ُه ا ْل ُي ْمنَى‬


‫إِ َذا ت ََو َّض َأ َأ َحدُ ك ُْم َف َأ ْح َس َن ا ْل ُو ُضو َء‪ُ ،‬ث َّم َخ َر َج إِ َلى َّ‬
‫يضا َف ْلي ُقل‪ :‬اللهم ْاش ِ‬
‫‪355‬‬ ‫ف َع ْبدَ َك‬ ‫ُ َّ‬ ‫َ‬ ‫إِ َذا َجا َء َّ‬
‫الر ُج ُل َي ُعو ُد َم ِر ً‬
‫‪٣‬‬

‫‪412‬‬

‫الصفحة‬ ‫الحديث‬
‫ِ‬
‫اكم َفاجتَهدَ َف َأصاب‪َ ،‬ف َله َأجر ِ‬
‫ان‪َ ،‬وإِ َذا َحك ََم َف َأ ْخ َط َأ‬
‫‪117‬‬ ‫ُ َْ‬ ‫َ َ‬ ‫الح ُ ْ َ‬ ‫إِ َذا َحك ََم َ‬

‫‪159‬‬ ‫إِ َذا َع ِم ْل َت َس ِّي َئ ًة َف َأتْبِ ْع َها َح َسنَ ًة ت َْم ُح َها‬

‫‪293‬‬ ‫الئ َك ُة فِي السم ِ‬


‫اء‪ِ :‬آمي َن‬ ‫ت الم ِ‬
‫إِ َذا َق َال َأحدُ كُم‪ِ :‬آمين‪ ،‬و َقا َل ِ‬
‫َّ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ْ‬
‫ات ابن آدم ا ْن َق َطع َعم ُله إِ ّل ِمن َث َل ٍ‬
‫‪326 ،335‬‬ ‫ث‬ ‫ْ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫إِ َذا َم َ ْ ُ َ َ‬

‫‪364‬‬ ‫ب َل ُه ِم ْث ُل َما ك َ‬
‫َان َي ْع َم ُل‬ ‫ِ‬
‫إِ َذا َم ِر َض ال َع ْبدُ ‪َ ،‬أ ْو َسا َف َر‪ ،‬كُت َ‬

‫‪288‬‬ ‫اب َأ َح ِدك ُْم َي ْغت َِس ُل فِ ِيه ك َُّل َي ْو ٍم َخ ْم ًسا‬


‫َأ َر َأ ْيت ُْم َل ْو َأ َّن ن ََه ًرا بِ َب ِ‬

‫‪337‬‬ ‫ات ُم َرابِ ًطا‬ ‫َأربع تَج ِري َع َلي ِهم ُأجورهم بعدَ ا ْلمو ِ‬
‫ت‪َ :‬ر ُج ٌل َم َ‬ ‫ْ ْ ُ ُ ُ ْ َْ َْ‬ ‫َْ ٌ ْ‬

‫يح ُة ال َعن ِْز‬‫ِ‬


‫‪172‬‬ ‫ون َخ ْص َل ًة َأ ْع ُ‬
‫اله َّن َمن َ‬ ‫َأ ْر َب ُع َ‬

‫‪211 ،197‬‬ ‫ف َص َل ٍة فِي‬


‫َأر ُض ا ْلمح َش ِر وا ْلمن َْش ِر ا ْئتُوه َفص ُّلوا فِ ِيه‪َ ،‬فإِ َّن ص َل ًة فِ ِيه ك ََأ ْل ِ‬
‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ‬

‫‪116‬‬ ‫السنَّ َة َو َأ ْج َز َأت َ‬


‫ْك َص َلت َ‬
‫ُك‬ ‫َأ َص ْب َت ُّ‬
‫َّاس َأجرا فِي الص ِ‬
‫الة َأ ْب َعدُ ُه ْم‪َ ،‬ف َأ ْب َعدُ ُه ْم َم ْم ًشى‬
‫‪352‬‬ ‫َّ‬ ‫َأ ْع َظ ُم الن ِ ْ ً‬
‫ول ا ْل ُقن ِ‬
‫الص َل ِة ُط ُ‬
‫‪360‬‬ ‫ُوت‬ ‫َأ ْف َض ُل َّ‬

‫‪225‬‬ ‫الس َل َم َو َر ْح َم َة اهللِ َو َب َركَاتِ ِه‪َ ،‬و َأ ْخبِ ْر َها َأن ََّها َت ْع ِد ُل َح َّج ًة َم ِعي‬
‫َأ ْق ِرئ َْها َّ‬
‫وف وحا ُذوا بين ا ْلمن ِ‬
‫َاك ِ‬ ‫ِ‬
‫‪356‬‬ ‫ب َو ُسدُّ وا ا ْل َخ َل َل‬ ‫َْ َ َ‬ ‫الص ُف َ َ َ‬ ‫َأق ُ‬
‫يموا ُّ‬

‫‪322‬‬ ‫َأال ُأ َحدِّ ُثك ُْم إِ ْن َأ َخ ْذت ُْم َأ ْد َر ْكت ُْم َم ْن َس َب َقك ُْم َو َل ْم ُيدْ ِر ْكك ُْم‬

‫‪152‬‬ ‫اج َعك َُما‬ ‫َ‬ ‫َأال أ ُد ُّلكُما َع َلى َخ ْي ٍر ِم َّما َسأ ْلتُما؟ إ َذا َ‬
‫أخ ْذتُما م َض ِ‬

‫‪344‬‬ ‫الر ْم ُي‪َ ،‬أ َل إِ َّن ا ْل ُق َّو َة َّ‬


‫الر ْم ُي‬ ‫َأ َل إِ َّن ا ْل ُق َّو َة َّ‬

‫‪371‬‬ ‫َأ َل رج ٌل يمنَح َأه َل بي ٍ‬


‫ت نَا َق ًة‪َ ،‬ت ْغدُ و بِ ُع ٍّس‬ ‫َ ُ َ ْ ُ ْ َْ‬
‫‪413‬‬ ‫فهرس أطراف األحاديث النبوية الشريفة‬

‫الصفحة‬ ‫الحديث‬

‫‪360‬‬ ‫َأ َل ْم ُأ ْخ َب ْر َأن ََّك ت َُصو ُم َوال ُت ْفطِ ُر‪َ ،‬وت َُص ِّلي؟ َف ُص ْم َو َأ ْفطِ ْر‪َ ،‬و ُق ْم َون َْم‬

‫‪102‬‬ ‫َان َأ ْع َظ َم ِلَ ْج ِر ِك‬


‫َّك َل ْو َأ ْع َط ْيتِ َها َأ ْخ َوا َل ِك ك َ‬
‫َأما إِن ِ‬
‫َ‬

‫‪274‬‬ ‫ال ْس َل َم َي ْه ِد ُم َما ك َ‬


‫َان َق ْب َل ُه‬ ‫َأ َما َع ِل ْم َت َأ َّن ْ ِ‬

‫الخير ِمن اهللِ‬ ‫ِ‬


‫‪332‬‬ ‫َأ َّما ُه َو َف َقدْ َجا َء ُه ال َيقي ُن‪ ،‬إِنِّي َلَ ْر ُجو َل ُه َ ْ َ َ‬

‫‪188‬‬ ‫َأ َم َر بِ َقت ِْل ا ْل َو َز ِغ َو َس َّما ُه ُف َو ْي ِس ًقا‬

‫‪132‬‬ ‫ُأ ِم َر نَبِ ُّيك ُْم ﷺ بِ َخ ْم ِسي َن َص َل ًة‬

‫‪178‬‬ ‫ان اهللِ َوبِ َح ْم ِده‬


‫ب ا ْلك ََل ِم إِ َلى اهللِ‪ُ :‬س ْب َح َ‬
‫إِ َّن َأ َح َّ‬

‫‪82‬‬ ‫َح َت َأ ْي ِديك ُْم‬


‫إِ َّن إِ ْخ َوا َنك ُْم َخ َو ُلك ُْم َج َع َل ُه ُم اهللُ ت ْ‬

‫‪257‬‬ ‫ب َل ُه ِق َيا ُم َل ْي َل ٍة‬ ‫الما ِم حتَّى ينْص ِر َ ِ‬


‫ف ُحس َ‬ ‫الر ُج َل إِ َذا َص َّلى َم َع ْ ِ َ َ َ َ‬
‫إِ َّن َّ‬

‫‪100‬‬ ‫الر ِح ِم‬ ‫ِ‬ ‫الصدَ َق َة َع َلى ا ْل ِم ْس ِك ِ‬


‫ين َصدَ َق ٌة‪َ ،‬و َع َلى ذي َّ‬ ‫إِ َّن َّ‬

‫‪367‬‬ ‫َان َع َلى َط ِري َق ٍة َح َسن ٍَة ِم َن ا ْل ِع َبا َد ِة‪ُ ،‬ث َّم َم ِر َض‬
‫إِ َّن ا ْل َع ْبدَ إِ َذا ك َ‬

‫‪176 ،159‬‬ ‫َ َ ْ‬ ‫اص َط َفى ِم َن ا ْلك ََل ِم َأ ْر َب ًعا‪ُ :‬س ْب َح َ‬


‫ان اهللِ‪ ،‬وا ْلحمدُ هللِ‬
‫إِ َّن اهللَ ْ‬

‫‪39‬‬ ‫هلل َق َال‪ :‬إِ َذا َت َل َّقانِي َع ْب ِدي بِ ِش ْب ٍر‪َ ،‬ت َل َّق ْي ُت ُه بِ ِذ َرا ٍع‬
‫إِ َّن ا َ‬
‫َات والسي َئ ِ‬
‫ِ‬ ‫ّ‬
‫‪43‬‬ ‫ات‬ ‫الح َسن َ َّ ّ‬
‫َب َ‬‫إن اهللَ َكت َ‬

‫‪58‬‬ ‫ات ُث َّم َب َّي َن َذلِ َك‬


‫َات والسي َئ ِ‬
‫ِ‬
‫الح َسن َ َّ ِّ‬
‫َب َ‬‫إِ َّن اهللَ َكت َ‬

‫‪161‬‬ ‫س َس ِم َع ُه‬ ‫إِ َّن ا ْل ُم َؤ ِّذ َن ُي ْغ َف ُر َل ُه َمدَ ى َص ْوتِ ِه‪َ ،‬و ُي َصدِّ ُق ُه ك ُُّل َر ْط ٍ‬
‫ب َو َيابِ ٍ‬

‫‪110‬‬ ‫اهدُ بِ َس ْي ِف ِه َولِ َسانِ ِه‪َ ،‬وا َّل ِذي َن ْف ِسي بِ َي ِد ِه‬
‫إِ َّن ا ْلم ْؤ ِمن يج ِ‬
‫ُ َ ُ َ‬

‫‪365‬‬ ‫إِ َّن بِا ْلم ِدين َِة َأ ْقواما‪ ،‬ما ِسرتُم م ِسيرا‪ ،‬وال َق َطعتُم و ِ‬
‫اد ًيا إِ َّل كَانُوا َم َعك ُْم‬ ‫ْ ْ َ‬ ‫َ ً َ ْ ْ َ ً َ‬ ‫َ‬
‫‪٣‬‬

‫‪414‬‬

‫الصفحة‬ ‫الحديث‬

‫َخ َشى ال َف ْق َر‬


‫يح ت ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َأ ْن ت ََصدَّ َق َو َأن َ‬
‫‪37‬‬ ‫يح َشح ٌ‬
‫ْت َصح ٌ‬

‫‪64 ،63‬‬ ‫يم‪َ ،‬م ْن َه َّم بِ َح َسن ٍَة َف َل ْم َي ْع َم ْل َها‬ ‫ِ‬


‫إِ َّن َر َّبك ُْم ‪َ ‬رح ٌ‬
‫‪159‬‬ ‫ان اهللِ‪َ ،‬وا ْل َح ْمدَ هللِ‪َ ،‬و َل إِ َل َه إِ َّل اهللُ‪َ ،‬ينْ ُف ْض َن ا ْل َخ َطا َيا‬
‫إِ َّن ُس ْب َح َ‬

‫‪297‬‬ ‫ون آ َي ًة َش َف َع ْت لِ َر ُج ٍل َحتَّى ُغ ِف َر َل ُه‬ ‫إِ َّن سور ًة ِمن ال ُقر ِ‬


‫آن َث َل ُث َ‬ ‫ُ َ َ ْ‬

‫‪347‬‬ ‫إِ َّن َلك ُْم بِك ُِّل َخ ْط َو ٍة َد َر َج ًة‬

‫‪275‬‬ ‫إِ َّن َم ْس َح ُه َما َك َّف َار ٌة لِ ْل َخ َطا َيا‬

‫‪205‬‬ ‫إِ َّن ِمنْ َب ِري َع َلى َح ْو ِضي‪َ ،‬وإِ َّن َما َب ْي َن ِمنْ َب ِري َو َب ْيتِي َل َر ْو َض ٌة‬

‫الص َل َة ُع ِر َض ْت َع َلى َم ْن ك َ‬ ‫َّ ِ ِ‬


‫‪111‬‬ ‫َان َق ْب َلك ُْم َف َض َّي ُع َ‬
‫وها‬ ‫إن َهذه َّ‬

‫‪71‬‬ ‫ف َلنَا ْالَ ْج ُر‬ ‫إِنَّا ك ََذلِ َك ُي َض َّع ُ‬


‫ف َلنَا ا ْل َب َل ُء‪َ ،‬و ُي َض َّع ُ‬

‫‪100‬‬ ‫َأن ِْف ِقي َع َلي ِهم‪َ ،‬ف َل ِك َأجر ما َأ ْن َف ْق ِ‬


‫ت َع َل ْي ِه ْم‬ ‫ُْ َ‬ ‫ْ ْ‬

‫‪169‬‬ ‫إِنَّك لن تنْفق َن َف َقة تبتغي َبها َوجه اهلل إِ َّل أجرت َع َل ْي َها‬

‫‪79 ،25‬‬ ‫الش ْم ِ‬


‫س‬ ‫ب َّ‬ ‫إِنَّما َأج ُلكُم فِي َأج ِل من َخال ِمن األُم ِم‪ ،‬ما بين ص ِ‬
‫الة ال َع ْص ِر إِ َلى َم ْغ ِر ِ‬ ‫َ َ َ َْ َ َ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫َ َ ْ‬

‫‪202‬‬ ‫إِنَّما النَّ َف َق ُة سبع ِمائ َِة ِضع ٍ‬


‫ف‬ ‫ْ‬ ‫َ ُْ‬ ‫َ‬

‫‪358‬‬ ‫َخت َِل ُفوا َع َل ْي ِه‪َ ،‬فإِ َذا َرك ََع‪َ ،‬ف ْار َك ُعوا‬
‫اإل َما ُم لِ ُي ْؤت ََّم بِ ِه‪َ ،‬فال ت ْ‬
‫إِن ََّما ُج ِع َل ِ‬

‫‪128‬‬ ‫إِنّه جب ٌل ي ِحبنَا ون ِ‬


‫ُح ُّب ُه‬ ‫ََ ُ ّ َ‬

‫‪393‬‬ ‫وها َم ِعي‬ ‫ِ‬


‫إِنِّي َأ ْر َح ُم َها ُقت َل َأ ُخ َ‬

‫‪47‬‬ ‫وجا ِمن َْها‬ ‫ِ‬ ‫آخ َر َأ ْه ِل ا ْل َجن َِّة ُد ُخ ً‬


‫ول ا ْل َجنَّ َة‪َ ،‬وآخ َر َأ ْه ِل الن َِّار ُخ ُر ً‬
‫إِنِّي َلَ ْع َلم ِ‬
‫ُ‬

‫‪111‬‬ ‫ْاه ُجوا ُق َر ْي ًشا‪َ ،‬فإِ َّن ُه َأ َشدُّ َع َل ْي َها ِم ْن َر ْش ٍق بِالنَّ ْب ِل‬
‫‪415‬‬ ‫فهرس أطراف األحاديث النبوية الشريفة‬

‫الصفحة‬ ‫الحديث‬

‫‪261‬‬ ‫بثالث‪ِ :‬ص َيا ِم َثال َث ِة َأ َّيا ٍم ِم ْن ك ُِّل َش ْه ٍر‬


‫ٍ‬ ‫أوصاني النبي ﷺ‬

‫‪148‬‬ ‫ف َح َسن ٍَة؟‬


‫ب فِي ا ْل َي ْو ِم َأ ْل َ‬ ‫ِ‬
‫َأ َي ْع ِج ُز َأ َحدُ ُك ِم َأ ْن َيكْس َ‬

‫‪91‬‬ ‫َت ِعنْدَ ُه َولِيدَ ةٌ‪َ ،‬ف َع َّل َم َها‬


‫َأ ُّي َما َر ُج ٍل كَان ْ‬

‫‪386‬‬ ‫َأيما رج ٍل مس ِل ٍم َأ ْعت ََق رج ًل مس ِلما َفإِ َّن اهلل َع َّز وج َّل ج ِ‬
‫اع ٌل‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َ ُ ُ ْ ً‬ ‫ُّ َ َ ُ ُ ْ‬

‫‪147‬‬ ‫ون ـ َأ ْو بِ ْض ٌع َو ِست َ‬


‫ُّون ـ ُش ْع َب ًة‬ ‫ان بِ ْض ٌع َو َس ْب ُع َ‬
‫يم ُ‬ ‫ِْ‬
‫ال َ‬

‫‪101‬‬ ‫َب ٍخ‪َ ،‬ذلِ َك َم ٌال َرابِ ٌح‪َ ،‬ذلِ َك َم ٌال َرابِ ٌح‪َ ،‬و َقدْ َس ِم ْع ُت َما ُق ْل َت‬
‫الس َلم َغ ِريبا‪ ،‬وسيعود كَما بدَ َأ َغ ِريبا‪َ ،‬ف ُطوبى لِ ْل ُغرب ِ‬
‫‪183‬‬ ‫اء‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ً َ َ َُ ُ َ َ‬ ‫َبدَ َأ ْ ِ ْ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ٍ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫بِس ِم اهللِ الرحم ِن ِ‬
‫‪78‬‬ ‫الرحي ِم‪ ،‬م ْن ُم َح َّمد َع ْبد اهلل َو َر ُسوله إِ َلى ه َر ْق َل َعظي ِم ُّ‬
‫الرو ِم‬ ‫َّ ْ َ َّ‬ ‫ْ‬

‫َاه ْوا َع ِن ا ْل ُمنْك َِر‪َ ،‬حتَّى إِ َذا َر َأ ْي َت ُش ًّحا ُم َطا ًعا‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪183‬‬ ‫َب ِل ا ْئتَم ُروا بِا ْل َم ْع ُروف‪َ ،‬و َتن َ‬
‫ت بين الن َِّائ ِم والي ْق َظ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪133‬‬ ‫ان‬ ‫َ َ‬ ‫َب ْينَا َأنَا عنْدَ ال َب ْي َ ْ َ‬

‫‪316‬‬ ‫َب ْينَا َر ُج ٌل بِ َط ِر ٍيق‪ْ ،‬اشتَدَّ َع َل ْي ِه ال َع َط ُش‪َ ،‬ف َو َجدَ بِ ْئ ًرا‪َ ،‬فن ََز َل فِ َيها‬

‫‪40‬‬ ‫ون‪ ،‬إِ ْذ َأ َصا َب ُه ْم َم َط ٌر‬ ‫َب ْين ََما َثال َث ُة َن َف ٍر ِم َّم ْن ك َ‬
‫َان َق ْب َلك ُْم َي ْم ُش َ‬

‫‪273‬‬ ‫ُوب‬ ‫تَابِعوا بين الحج والعمر ِة‪َ ،‬فإِنَّهما ين ِْفي ِ‬


‫ان ال َف ْق َر َو ُّ‬
‫الذن َ‬ ‫ُ َ َ َ‬ ‫ُ َ ْ َ َ ِّ َ ُ ْ َ‬

‫‪100‬‬ ‫الصدَ َق َة َع َلى ِذي ا ْل َق َرا َب ِة‬ ‫ٍ ِ‬


‫ت ََصدَّ ْق ُه َع ْن َز ْو ٍج َم ْج ُهود َو َبني َأخٍ َأ ْيتَا ٍم‪ ،‬إِ َّن َّ‬

‫السال َم َع َلى َم ْن َع َر ْف َت َو َم ْن َل ْم َت ْع ِرف‬ ‫ِ‬


‫‪141‬‬ ‫ُت ْطع ُم ال َّط َعا َم‪َ ،‬و َت ْق َر ُأ َّ‬

‫‪169‬‬ ‫الر ُج ِل فِي َب ْيتِ ِه َي ِزيدُ َع َلى َت َط ُّو ِع ِه ِعنْدَ الن ِ‬


‫َّاس‬ ‫َت ُط ُّو ُع َّ‬

‫‪165‬‬ ‫س َو ِع ْش ِري َن ُج ْز ًءا‬


‫الج ِمي ِع َصال َة َأ َح ِدك ُْم َو ْحدَ ُه‪ ،‬بِ َخ ْم ٍ‬
‫َت ْف ُض ُل َصال ُة َ‬
‫‪،284 ،264‬‬
‫ان‪َ ،‬ف َه َذا ِص َيا ُم الدَّ ْه ِر ُك ِّل ِه‬ ‫ث ِم ْن ك ُِّل َش ْه ٍر‪َ ،‬و َر َم َض ُ‬
‫ان إِ َلى َر َم َض َ‬ ‫َث َل ٌ‬
‫‪325‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪416‬‬

‫الصفحة‬ ‫الحديث‬
‫ان‪ :‬رج ٌل ِمن َأه ِل ِ‬
‫الكت ِ‬ ‫ِ‬
‫‪89 ،83 ،74‬‬ ‫َاب‬ ‫ْ ْ‬ ‫َثال َث ٌة َل ُه ْم َأ ْج َر َ ُ‬

‫‪91‬‬ ‫َث َل َث ٌة ُي ْؤت َْو َن َأ ْج َر ُه ْم َم َّر َت ْي ِن‪َ :‬ر ُج ٌل ِم ْن َأ ْه ِل ا ْل ِكت ِ‬


‫َاب‬

‫‪138‬‬ ‫َجا َءنِي ِج ْب ِر ُيل ﷺ‪َ ،‬ف َق َال‪َ :‬أ َما ُي ْر ِض َ‬


‫يك َيا ُم َح َّمدُ‬

‫َح ْر َم ِة ُأ َّم َهاتِ ِه ْم‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬


‫‪391‬‬ ‫ُح ْر َم ُة ن َساء ا ْل ُم َجاهدي َن َع َلى ا ْل َقاعدي َن ك ُ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬
‫‪351‬‬ ‫الر ُج ُل م ْن َب ْيته إِ َلى َم ْس ِجده‪َ ،‬ف ِر ْج ٌل ُت ْكت ُ‬
‫َب َح َسنَ ًة‬ ‫حي َن َي ْخ ُر ُج َّ‬

‫‪150‬‬ ‫َان َل ُي َحافِ ُظ َع َل ْي ِه َما َع ْبدٌ ُم ْس ِل ٌم إِ َّل َد َخ َل ا ْل َجنَّ َة‬


‫َان‪َ ،‬أو َخ َّلت ِ‬
‫ْ‬
‫َخص َلت ِ‬
‫ْ‬

‫‪184‬‬ ‫َّاس َق ْرنِي‪ُ ،‬ث َّم ا َّل ِذي َن َي ُلون َُه ْم‪ُ ،‬ث َّم ا َّل ِذي َن َي ُلون َُه ْم‪ُ ،‬ث َّم َي ِجي ُء َأ ْق َوا ٌم‬
‫َخ ْي ُر الن ِ‬

‫‪341‬‬ ‫الخ ْي ُل لِ َر ُج ٍل َأ ْج ٌر‪َ ،‬ولِ َر ُج ٍل ِست ٌْر‪َ ،‬و َع َلى َر ُج ٍل ِو ْز ٌر‪َ ،‬ف َأ َّما ا َّل ِذي َل ُه َأ ْج ٌر‬
‫َ‬

‫‪302‬‬ ‫ال ْس َل ِم ِدينًا‪َ ،‬وبِ ُم َح َّم ٍد َر ُس ً‬


‫ول‬ ‫اليم ِ‬
‫ان َم ْن َر ِض َي بِاهللِ َر ًّبا‪َ ،‬وبِ ْ ِ‬ ‫َذ َاق َط ْع َم ْ ِ َ‬

‫‪114‬‬ ‫ا َّل ِذي َت ُفو ُت ُه َصال ُة ال َع ْص ِر‪ ،‬ك ََأن ََّما ُوتِ َر َأ ْه َل ُه َو َما َله‬

‫‪249‬‬ ‫يل اهلل َخير ِمن الدُّ ْنيا وما َع َليها ومو ِضع سو ٍ‬
‫ط‬ ‫باط َي ْو ٍم فِي َسبِ ِ‬
‫ِر ُ‬
‫َ َ َ َْ َْ ُ َ ْ‬ ‫ٌْ َ‬

‫المن َِازل‬ ‫ِ‬ ‫ف يو ٍم فِ ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اط يو ٍم فِي سبِ ِ ِ‬


‫‪247‬‬ ‫يما س َوا ُه م َن َ‬
‫َ‬ ‫يل اهلل َخ ْي ٌر م ْن َأ ْل َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ِر َب ُ َ ْ‬

‫‪330 ،249‬‬ ‫ات َج َرى َع َل ْي ِه‬


‫اط َي ْو ٍم َو َل ْي َل ٍة َخ ْي ٌر ِم ْن ِص َيا ِم َش ْه ٍر َو ِق َي ِام ِه‪َ ،‬وإِ ْن َم َ‬
‫ِر َب ُ‬

‫اب الن َِّار‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬


‫‪277‬‬ ‫َر َّبنَا آتنَا في الدُّ ْن َيا َح َسنَ ًة َوفي ْالخ َرة َح َسنَ ًة‪َ ،‬وقنَا َع َذ َ‬

‫‪92‬‬ ‫َس َبى النَّبِ ُّي ﷺ َص ِف َّي َة َف َأ ْع َت َق َها َوت ََز َّو َج َها‬

‫‪357‬‬ ‫الص َل ِة‬ ‫سووا ص ُفو َفكُم‪َ ،‬فإِ َّن تَس ِوي َة الص ِّ ِ‬
‫ف‪ ،‬م ْن ت ََما ِم َّ‬ ‫ْ َ َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُّ ُ‬

‫‪113‬‬ ‫هلل َأ ْج َوا َف ُه ْم‬


‫لا ُ‬‫الص َل ِة ا ْل ُو ْس َطى‪َ ،‬ص َل ِة ا ْل َع ْص ِر‪َ ،‬م َ َ‬
‫َش َغ ُلونَا َع ِن َّ‬

‫‪99‬‬ ‫ت بِ ِه َع َل ْي ِه ْم‬
‫ود‪َ ،‬زوج ِك وو َلدُ ِك َأح ُّق من تَصدَّ ْق ِ‬
‫َ َ ْ َ‬ ‫ْ ُ َ َ‬
‫صدَ َق ابن مسع ٍ‬
‫ْ ُ َ ْ ُ‬ ‫َ‬
‫‪417‬‬ ‫فهرس أطراف األحاديث النبوية الشريفة‬

‫الصفحة‬ ‫الحديث‬

‫‪91‬‬ ‫الر ِح ِم‬ ‫ِ‬ ‫الصدَ َق ُة َع َلى ا ْل ِم ْس ِك ِ‬


‫ين َصدَ َق ٌة َو َع َلى ذي َّ‬ ‫َّ‬

‫‪351‬‬ ‫وق ِه َو َب ْيتِ ِه بِ ْض ًعا َو ِع ْش ِري َن‬


‫صال ُة َأح ِدكُم فِي جما َع ٍة‪ ،‬ت َِزيدُ َع َلى صالتِ ِه فِي س ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬

‫‪32202‬‬ ‫َص َل ُة ا ْل َج َما َع ِة ت َِزيدُ َع َلى َص َل ِة ا ْل َف ِّذ َخ ْم ًسا َو ِع ْش ِري َن َد َر َج ًة‬

‫‪164‬‬ ‫س َو ِع ْش ِري َن َد َر َج ًة‬


‫الج َما َع ِة َت ْف ُض ُل َصال َة ال َف ِّذ بِ َخ ْم ٍ‬
‫َصال ُة َ‬

‫‪165‬‬ ‫الج َما َع ِة َت ْف ُض ُل َصال َة ال َف ِّذ بِ َس ْب ٍع َو ِع ْش ِري َن َد َر َج ًة‬


‫َصال ُة َ‬

‫‪169‬‬ ‫الر ُج ِل َت َط ُّو ًعا َح ْي ُث َل َي َرا ُه الن ُ‬


‫َّاس‬ ‫َص َل ُة َّ‬

‫‪166‬‬ ‫ف َع َلى َصالتِ ِه فِي َب ْيتِ ِه‬


‫الج َما َع ِة ت َُض َّع ُ‬ ‫ِ‬
‫الر ُج ِل في َ‬
‫َصال ُة َّ‬

‫‪170‬‬ ‫الته فِي ا ْل َم ْس ِج ِد إِالَّ ا ْل َم ْكتُو َب َة‬


‫صال ُة الرج ِل فِي بيتِ ِه َأ ْف َض ُل ِمن ص ٍ‬
‫ْ َ‬ ‫َْ‬ ‫َّ ُ‬ ‫َ‬

‫‪198‬‬ ‫س َو ِع ْش ِري َن‬


‫الر ُج ِل فِي َب ْيتِ ِه بِ َص َل ٍة‪َ ،‬و َص َل ُت ُه فِي َم ْس ِج ِد ا ْل َق َب ِائ ِل بِ َخ ْم ٍ‬
‫َص َل ُة َّ‬

‫‪351‬‬ ‫س َو ِع ْش ِري َن َد َر َج ًة‬


‫الر ُج ِل فِي َج َما َع ٍة ت َِزيدُ َع َلى َص َلتِ ِه َو ْحدَ ُه بِ َخ ْم ٍ‬
‫َص َل ُة َّ‬

‫الص ْب ِح فِي َج َما َع ٍة‬ ‫ٍ ِ ِ ِ ِ ٍ‬ ‫ِ ِ ِ‬


‫‪166‬‬ ‫َص َل ُة ا ْلع َشاء في َج َما َعة َت ْعد ُل ق َيا َم ن ْصف َل ْي َلة‪َ ،‬و َص َل ُة ُّ‬

‫‪196 ،172‬‬ ‫َص َل ُة ا ْل َم ْر ِء فِي َب ْيتِ ِه َأ ْف َض ُل ِم ْن َص َلتِ ِه فِي َم ْس ِج ِدي َه َذا‪ ،‬إِ َّل ا ْل َم ْكتُو َب َة‬

‫‪197‬‬ ‫ف‪َ ،‬وفِي َم ْس ِج ِدي َأ ْل ٌ‬


‫ف‬ ‫ص َل ٌة فِي ا ْلمس ِج ِد ا ْلحرا ِم ِما َئ ُة َأ ْل ٍ‬
‫ََ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬

‫‪178‬‬ ‫الص َل ُة فِي َج َما َع ٍة َت ْع ِد ُل َخ ْم ًسا َو ِع ْش ِري َن َص َل ًة‬


‫َّ‬

‫‪233‬‬ ‫الص َل ُة فِي مس ِج ِد ُقب ٍ‬


‫اء َك ُع ْم َر ٍة‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َّ‬

‫‪196‬‬ ‫ات فِ ِيه‪َ ،‬و َلنِ ْع َم ا ْل ُم َص َّلى‬


‫ص َل ٌة فِي مس ِج ِدي ه َذا َأ ْف َض ُل ِمن َأرب ِع ص َلو ٍ‬
‫ْ َْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬

‫‪207‬‬ ‫ف َص َل ٍة ـ أو قال‪ :‬مائة ـ‬


‫ص َل ٌة فِي مس ِج ِدي ه َذا َأ ْف َض ُل ِمن َأ ْل ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬

‫‪206‬‬ ‫يما ِس َوا ُه‪ ،‬إِ َّل ا ْل َم ْس ِجدَ‬‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َص َل ٌة في َم ْسجدي َه َذا َأ ْف َض ُل م ْن َأ ْلف َص َلة ف َ‬
‫‪٣‬‬

‫‪418‬‬

‫الصفحة‬ ‫الحديث‬

‫‪210 ،207‬‬ ‫اج ِد‬


‫ف َص َل ٍة فِيما ِس َوا ُه ِم َن ا ْلمس ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ص َل ٌة فِي مس ِج ِدي ه َذا َأ ْف َض ُل ِمن َأ ْل ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬
‫الة فِ ِ‬
‫فص ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪206‬‬ ‫الم ْس ِجدَ َ‬
‫الح َرا َم‬ ‫يما س َوا ُه‪ ،‬إِ َّل َ‬
‫َ‬ ‫َصال ٌة في َم ْس ِجدي َه َذا َخ ْي ٌر م ْن َأ ْل َ‬

‫‪268 ،267‬‬ ‫يما ِس َوا ُه‬‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬


‫َصال ٌة في َم ْسجدي َه َذا َخ ْي ٌر م َن ألف َصالة ف َ‬

‫‪205‬‬ ‫اج ِد‬


‫ف َص َل ٍة فِيما ِس َوا ُه ِم َن ا ْلمس ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ص َل ٌة فِي مس ِج ِدي ه َذا ك ََأ ْل ِ‬
‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬

‫‪206‬‬ ‫اج ِد‪ ،‬إِ َّل َم ْس ِجدَ ا ْل َك ْع َب ِة‬


‫ف َص َل ٍة فِيما ِس َوا ُه ِم َن ا ْلمس ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ص َل ٌة فِ ِيه َأ ْف َض ُل ِمن َأ ْل ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬

‫‪291‬‬ ‫ان‬ ‫ات ا ْل َخ ْم ُس‪َ ،‬وا ْل ُج ْم َع ُة إِ َلى ا ْل ُج ْم َع ِة‪َ ،‬و َر َم َض ُ‬


‫ان إِ َلى َر َم َض َ‬ ‫الص َل َو ُ‬
‫َّ‬

‫‪260‬‬ ‫َص ْو ُم َث َل َث ِة َأ َّيا ٍم ِم ْن َّ‬


‫الش ْهر َص ْوم الدَّ ْه ِر َوإِ ْف َط ُار ُه‬

‫‪261‬‬ ‫ِص َيا ُم َث َل َث ِة َأ َّيا ٍم ِم ْن ك ُِّل َش ْه ٍر ِص َيا ُم الدَّ ْه ِر‪َ ،‬و َأ َّيا ُم ا ْلبِ ِ‬
‫يض‬

‫‪56‬‬ ‫الص َيا ُم ُجنَّ ٌة َفال َي ْر ُف ْث َوال َي ْج َه ْل‪َ ،‬وإِ ِن ا ْم ُر ٌؤ َقا َت َل ُه َأ ْو َشات ََم ُه‬
‫ِّ‬

‫‪267‬‬ ‫ان بِ َع َش َر ِة َأ ْش ُه ٍر َو ِص َيا ُم ِست َِّة َأ َّيا ٍم‬


‫ِص َيا ُم َش ْه ِر َر َم َض َ‬

‫‪326‬‬ ‫السنَ َة ا َّلتِي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ص َيا ُم َي ْو ِم َع َر َف َة‪ ،‬إِنِّي َأ ْحتَس ُ‬
‫ب َع َلى اهلل َأ ْن ُي َك ِّف َر َّ‬
‫السنَ َة ا َّلتي َق ْب َل ُه َو َّ‬

‫‪318‬‬ ‫َت‪َ ،‬فدَ َخ َل ْت فِ َيها الن ََّار‬


‫ت ا ْم َر َأ ٌة فِي ِه َّر ٍة َس َجنَت َْها َحتَّى َمات ْ‬
‫ُع ِّذب ِ‬
‫َ‬

‫‪147‬‬ ‫اس ِن َأ ْع َمالِ َها‬


‫ُع ِر َض ْت َع َلي َأ ْعم ُال ُأمتِي حسنُها وسي ُئها‪َ ،‬فوجدْ ُت فِي مح ِ‬
‫َ َ‬ ‫َّ َ َ َ َ َ ِّ َ َ َ‬ ‫َّ َ‬

‫‪359‬‬ ‫َع َلي َك بِالسج ِ‬


‫ود؛ َفإِن ََّك َل ت َْس ُجدُ هللِ َس ْجدَ ًة إِ َّل َر َف َع َك اهللُ بِ َها َد َر َج ًة‬ ‫ُّ ُ‬ ‫ْ‬

‫‪359‬‬ ‫َع َلي َك بِ َك ْثر ِة السج ِ‬


‫ود هللِ‪َ ،‬فإِن ََّك َل ت َْس ُجدُ هللِ َس ْجدَ ًة‬ ‫َ ُّ ُ‬ ‫ْ‬

‫‪228‬‬ ‫ان‪َ ،‬ت ْع ِد ُل َح َّج ًة‬


‫ُع ْم َر ٌة فِي َر َم َض َ‬

‫‪122‬‬ ‫ات فِي ا ْل َب ّر‬


‫َغ ْزو ٌة فِي ا ْلبح ِر َأ ْف َض ُل ِمن َع ْش ِر َغ َزو ٍ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬

‫‪316 ،41‬‬ ‫س َر ِك ٍّي َي ْل َه ُث‬ ‫وم َس ٍة‪َ ،‬م َّر ْت بِ َك ْل ٍ‬


‫ب َع َلى َر ْأ ِ‬ ‫ُغ ِفر ِلمر َأ ٍة م ِ‬
‫َ َْ ُ‬
‫‪419‬‬ ‫فهرس أطراف األحاديث النبوية الشريفة‬

‫الصفحة‬ ‫الحديث‬

‫‪363‬‬ ‫َف َأ ِعنِّي َع َلى َن ْف ِس َك بِ َك ْثر ِة السج ِ‬


‫ود‬ ‫َ ُّ ُ‬

‫‪225‬‬ ‫ان َت ْق ِضي َح َّج ًة َأ ْو َح َّج ًة َم ِعي‬


‫َفإِ َّن ُع ْم َر ًة فِي َر َم َض َ‬

‫‪259‬‬ ‫يع َذلِ َك‪َ ،‬ف ُص ْم َو َأ ْفطِ ْر‬ ‫ِ‬


‫َفإِن ََّك ال ت َْستَط ُ‬

‫‪260‬‬ ‫يع َذلِ َك‪َ ،‬ف ُص ْم َو َأ ْفطِ ْر‪َ ،‬و ُق ْم َون َْم‪َ ،‬و ُص ْم ِم َن َّ‬
‫الش ْه ِر َثال َث َة َأ َّيا ٍم‬ ‫ِ‬
‫َفإِن ََّك ال ت َْستَط ُ‬
‫فص ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫‪196‬‬ ‫الة‬ ‫الصالة في المسجد الحرام على غيره مائَة َأ ْل َ‬
‫َف ْض ُل َّ‬

‫‪132‬‬ ‫الج َّب ُار‪َ :‬يا ُم َح َّمدُ ‪َ ،‬ق َال‪َ :‬ل َّب ْي َك َو َس ْعدَ ْي َك‪َ ،‬ق َال‪ :‬إِ َّن ُه ال ُي َبدَّ ُل ال َق ْو ُل َلدَ َّي‬
‫َف َق َال َ‬

‫‪190‬‬ ‫فِي َأ َّو ِل َض ْر َب ٍة َس ْب ِعي َن َح َسنَ ًة‬

‫‪309‬‬ ‫َقدْ َجا َءك ُْم َأ ْه ُل ا ْل َي َم ِن‪َ ،‬و ُه ْم َأ َّو ُل َم ْن َجا َء بِا ْل ُم َصا َف َح ِة‬

‫‪353‬‬ ‫هلل َل َك َذلِ َك ُك َّل ُه‬


‫َقدْ َج َم َع ا ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪283‬‬ ‫ف َعنِّي‬ ‫الله َّم إِن ََّك ُع ُف ٌّو تُح ُّ‬
‫ب ا ْل َع ْف َو َفا ْع ُ‬ ‫ُقولي‪ُ :‬‬
‫‪375‬‬ ‫َّاس‪َ ،‬فإِ َذا َر َأى ُم ْع ِس ًرا َق َال لِ ِف ْت َيانِ ِه‬ ‫َان ت ِ‬
‫َاج ٌر ُيدَ ِاي ُن الن َ‬ ‫ك َ‬
‫ٍ ِ‬
‫اكبا وم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َان رس ُ ِ‬
‫‪235‬‬ ‫اش ًيا‪َ ،‬ف ُي َص ِّلي‬ ‫ول اهلل ﷺ َي ْأتي َم ْسجدَ ُق َباء َر ً َ َ‬ ‫ك َ َ ُ‬

‫‪286‬‬ ‫ورا َء‬ ‫ول اهللِ ﷺ َي ْأ ُم ُرنَا بِ ِص َيا ِم َي ْو ِم َع ُ‬


‫اش َ‬ ‫َان َر ُس ُ‬
‫ك َ‬

‫‪285‬‬ ‫اه ِل َّي ِة‬


‫اشوراء تَصومه ُقري ٌش فِي الج ِ‬
‫َ‬ ‫ك َ‬
‫َان َي ْو ُم َع ُ َ َ ُ ُ ُ َ ْ‬

‫‪107‬‬ ‫اهدٌ‬ ‫ك ََذب من َقا َله‪ ،‬إِ َّن َله َلَجري ِن ـ وجمع بين إِصبعي ِه ـ إِ َّنه َلج ِ‬
‫اهدٌ مج ِ‬
‫ُ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ ْ َ ْ َ َ َ َ َْ َ ْ ََْ‬ ‫َ َ ْ ُ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫‪350‬‬ ‫َب َل ُه بِ َها َح َسنَ ٌة‬ ‫وها إِ َلى َّ‬
‫الص َلة‪ُ ،‬ي ْكت ُ‬ ‫ك ُُّل ُخ ْط َوة َي ْخ ُط َ‬

‫‪355‬‬ ‫َّاس َع َل ْي ِه َصدَ َق ٌة‪ ،‬ك َُّل َي ْو ٍم َت ْط ُل ُع فِ ِيه َّ‬


‫الش ْم ُس‬ ‫ك ُُّل ُسال َمى ِم َن الن ِ‬

‫‪56‬‬ ‫عمائَة ِضع ٍ‬


‫ف‬ ‫ف‪ ،‬ا ْلحسنَ ُة َع ْشر َأم َثالِها إِ َلى سب ِ‬
‫ك ُُّل َع َم ِل ا ْب ِن آ َد َم ُي َضا َع ُ‬
‫ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ ْ َ‬ ‫َ َ‬
‫‪٣‬‬

‫‪420‬‬

‫الصفحة‬ ‫الحديث‬

‫‪259‬‬ ‫عمائَة ِضع ٍ‬


‫ف‬ ‫ف‪ ،‬ا ْلحسنَ ُة َع ْشر َأم َثالِها إِ َلى سب ِ‬
‫ك ُُّل َع َم ِل ا ْب ِن آ َد َم ُي َضا َع ُ‬
‫ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ ْ َ‬ ‫َ َ‬
‫ف ا ْلحسنَ ُة بِع ْش ِر َأم َثالِها إِ َلى سب ِع ِمائ َِة ِضع ٍ‬
‫‪201‬‬ ‫ف‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫ك ُُّل َع َم ِل بن آ َد َم ُي َضا َع ُ َ َ َ‬

‫‪330‬‬ ‫ت ُي ْخت َُم َع َلى َع َم ِل ِه‪ ،‬إِ َّل ا ْل ُم َرابِ َط فِي َسبِ ِ‬
‫يل اهللِ‬ ‫ك ُُّل مي ٍ‬
‫َ ِّ‬

‫‪312‬‬ ‫اك بِ َو ْج ٍه َط ْل ٍق‬ ‫َل تَح ِقر َّن ِمن ا ْلمعر ِ‬


‫وف َش ْي ًئا‪َ ،‬و َل ْو َأ ْن َت ْل َقى َأ َخ َ‬ ‫َ َ ُْ‬ ‫ْ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪141‬‬ ‫ون ا ْل َجنَّ َة َحتَّى ت ُْؤمنُوا‪َ ،‬و َل ت ُْؤمنُوا َحتَّى ت َ‬
‫َحا ُّبوا‬ ‫َل تَدْ ُخ ُل َ‬

‫‪34‬‬ ‫ال ت َُس ُّبوا َأ ْص َحابِي‪َ ،‬ف َل ْو َأ َّن َأ َحدَ ك ُْم َأ ْن َف َق ِم ْث َل ُأ ُح ٍد‬

‫‪184‬‬ ‫ال ت َُس ُّبوا َأ ْص َحابِي‪َ ،‬ف َل ْو َأ َّن َأ َحدَ ك ُْم َأ ْن َف َق ِم ْث َل ُأ ُح ٍد‪َ ،‬ذ َه ًبا َما َب َل َغ ُمدَّ‬

‫‪237‬‬ ‫َل ت َُشدّ الر َح ُال إِ ّل إِ َلى َث َل َث ِة مس ِ‬


‫اجد‬ ‫َ َ‬ ‫ّ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َل َتنْتِ ُفوا َّ‬
‫‪378‬‬ ‫يب‬ ‫ب‪َ ،‬فإِ َّن ُه ن ُ‬
‫ُور ا ْل ُم ْسل ِم‪َ ،‬ما م ْن ُم ْسل ٍم َيش ُ‬ ‫الش ْي َ‬

‫‪207‬‬ ‫ف َص َل ٍة فِي َغ ْي ِر ِه إِ َّل ا ْل َم ْس ِجدَ‬


‫َلص َل ٌة فِي ه َذا ا ْلمس ِج ِد َأ ْف َض ُل يعنِي ِمن َأ ْل ِ‬
‫ْ‬ ‫َْ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫‪201‬‬ ‫َل َك بِ َها َي ْو َم ا ْل ِق َيا َم ِة َس ْب ُع ِمائَة نَا َقة ك ُّل َها َم ْخ ُطو َم ٌة‬

‫‪84‬‬ ‫وك الصالِ ِح َأجر ِ‬


‫ان‬ ‫لِ ْلعب ِد ا ْلمم ُل ِ‬
‫َْ‬ ‫ّ‬ ‫َْ َ ْ‬

‫‪130‬‬ ‫ازي َأجره‪ ،‬ولِ ْلج ِ‬


‫اع ِل َأ ْج ُر ُه َو َأ ْج ُر ا ْل َغ ِ‬
‫ازي‬ ‫لِ ْل َغ ِ‬
‫ُُْ َ َ‬

‫‪192‬‬ ‫يم ‪ ‬إِ َّل َه ِذ ِه الدَّ ا َّب ُة َف َأ َم َرنَا بِ َقت ِْل َها‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َل ْم َي ُك ْن َش ْي ٌء إِ َّل ُي ْطف ُئ َع َلى إِ ْب َراه َ‬
‫ف األَ َّو ِل‪ُ ،‬ث َّم َل ْم َي ِجدُ وا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪252‬‬ ‫الص ِّ‬ ‫َل ْو َي ْع َل ُم الن ُ‬
‫َّاس َما في النِّدَ اء َو َّ‬

‫‪252‬‬ ‫ون َما فِ ِيه َما‬ ‫الع َش ِ‬


‫اء‪َ ،‬و َل ْو َي ْع َل ُم َ‬ ‫َليس صال ٌة َأ ْث َق َل َع َلى المنَافِ ِقين ِمن ال َفج ِر و ِ‬
‫َ َ ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ َ َ‬

‫‪391‬‬ ‫لِ َينْ َب ِع ْث ِم ْن ك ُِّل َر ُج َل ْي ِن َأ َحدُ ُه َما‪َ ،‬و ْالَ ْج ُر َب ْين َُه َما‬
‫‪،158 ،141‬‬ ‫ما َأو َش َك ما ن َِسي ص ِ‬
‫اح ُبك ُْم‪ ،‬إِ َذا َجا َء َأ َحدُ ك ُُم ا ْل َم ْج ِل َس َف ْل ُي َس ِّل ْم‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬
‫‪176‬‬
‫‪421‬‬ ‫فهرس أطراف األحاديث النبوية الشريفة‬

‫الصفحة‬ ‫الحديث‬

‫‪70‬‬ ‫ما ر َأ ْي ُت َأ َحدً ا َع َل ْي ِه َأ َشدّ ا ْل َو َج ُع ِم ْن رس ِ‬


‫ول اهللِ ﷺ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ‬

‫‪286‬‬ ‫َما َر َأ ْي ُت النَّبِ َّي ﷺ َيت ََح َّرى ِص َيا َم َي ْو ٍم َف َّض َل ُه َع َلى َغ ْي ِر ِه‬

‫‪170‬‬ ‫يعك ُْم‪َ ،‬حتَّى َخ ِش ُ‬


‫يت َأ ْن ُي ْكت َ‬
‫َب َع َل ْيك ُْم‬ ‫ما َز َال بِكُم ا َّل ِذي ر َأي ُت ِمن صنِ ِ‬
‫ْ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬

‫‪379‬‬ ‫َما َشا َن ُه اهللُ بِ َب ْي َضا َء‬

‫‪307‬‬ ‫َما ِم ْن َأ َح ٍد َيت ََو َّض ُأ َف ُي ْح ِس ُن ا ْل ُو ُضو َء‪َ ،‬و ُي َص ِّلي َر ْك َع َت ْي ِن‬
‫الث َلم يب ُل ُغوا ِ‬ ‫ِ‬ ‫ما ِمن الن ِ ِ‬
‫‪319‬‬ ‫الحن َْث‬ ‫َّاس م ْن ُم ْسل ٍم‪ُ ،‬يت ََو َّفى َل ُه َث ٌ ْ َ ْ‬ ‫َ َ‬

‫‪291‬‬ ‫َح ُض ُر ُه َص َل ٌة َم ْكتُو َب ٌة َف ُي ْح ِس ُن ُو ُضو َء َها َو ُخ ُشو َع َها‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫َما م َن ا ْم ِر ٍئ ُم ْسل ٍم ت ْ‬

‫‪306‬‬ ‫َح ُض ُر ُه َص َل ٌة َم ْكتُو َب ٌة َف ُي ْح ِس ُن ُو ُضو َء َها َو ُخ ُشو َع َها‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫َما م َن ا ْم ِر ٍئ ُم ْسل ٍم ت ْ‬

‫‪313‬‬ ‫وت‪َ ،‬ف َي ُقو ُم َع َلى َجن ََازتِ ِه َأ ْر َب ُع َ‬


‫ون َر ُج ًل‬ ‫َما ِم ْن َر ُج ٍل ُم ْس ِل ٍم َي ُم ُ‬

‫هلل بِ ِه‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬


‫‪383‬‬ ‫اب بِ َش ْيء في َج َسده َف َيت ََصدَّ ُق بِه إِ َّل َر َف َع ُه ا ُ‬
‫َما م ْن َر ُج ٍل ُي َص ُ‬
‫ما ِمن َشي ٍء ي ِصيب ا ْلم ْؤ ِمن حتَّى َّ ِ ِ‬
‫‪369‬‬ ‫الش ْوكَة تُصي ُب ُه إِ َّل َكت َ‬
‫َب َل ُه بِ َها َح َسنَ ًة‬ ‫ُ ُ َ َ‬ ‫َ ْ ْ ُ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫‪359‬‬ ‫َما م ْن َع ْبد َي ْس ُجدُ هلل َس ْجدَ ًة إِ َّل َكت َ‬
‫َب اهللُ َل ُه بِ َها َح َسنَ ًة‬

‫‪305‬‬ ‫هلل َع َل ْي ِه‪َ ،‬ف ُي َص ِّلي َه ِذ ِه‬ ‫ِ‬


‫ور ا َّلذي َكت َ‬
‫َب ا ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َما م ْن ُم ْسل ٍم َي َت َط َّه ُر‪َ ،‬ف ُيت ُّم ال ُّط ُه َ‬

‫‪369‬‬ ‫اك َش ْو َك ًة‪َ ،‬ف َما َف ْو َق َها إِ َّل كُتِ َب ْت َل ُه بِ َها َد َر َج ٌة‬
‫َما ِم ْن ُم ْس ِل ٍم ُي َش ُ‬

‫‪69‬‬ ‫َما ِم ْن ُم ْس ِل ٍم ُي ِصي ُب ُه َأ ًذى إِ َّل َح َّ‬


‫ات اهللُ َعنْ ُه َخ َطا َيا ُه‬

‫‪309‬‬ ‫ان إِ َّل ُغ ِف َر َل ُه َما َق ْب َل َأ ْن َي ْفت َِر َقا‬ ‫َ َ َ‬


‫ما ِمن مس ِلمي ِن ي ْلت َِقي ِ‬
‫ان‪َ ،‬فيتَصا َفح ِ‬
‫َ ْ ُ ْ َْ َ َ‬

‫‪319‬‬ ‫وت َب ْين َُه َما َث َل َث ُة َأ ْو َل ٍد َل ْم َي ْب ُل ُغوا ا ْل ِحن َْث‬


‫َما ِم ْن ُم ْس ِل َم ْي ِن َي ُم ُ‬

‫‪313‬‬ ‫ون ِما َئ ًة‬


‫ت ت َُص ِّلي َع َل ْي ِه ُأ َّم ٌة ِم َن ا ْل ُم ْس ِل ِمي َن َي ْب ُل ُغ َ‬
‫ما ِمن مي ٍ‬
‫َ ْ َ ِّ‬
‫‪٣‬‬

‫‪422‬‬

‫الصفحة‬ ‫الحديث‬

‫‪306‬‬ ‫َما ِمنْك ُْم َر ُج ٌل ُي َق ِّر ُب َو ُضو َء ُه َف َيت ََم ْض َم ُض‪َ ،‬و َي ْس َتن ِْش ُق َف َينْتَثِ ُر إِ َّل َخ َّر ْت َخ َطا َيا‬

‫‪95‬‬ ‫الس َف َر ِة ا ْل ِك َرا ِم ا ْل َب َر َر ِة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫الماه ُر بِا ْل ُق ْرآن َم َع َّ‬
‫َ‬

‫‪123‬‬ ‫المائدُ فِي ا ْلبح ِر ا َّل ِذي ي ِصيبه ا ْل َقيء َله َأجر َش ِه ٍ‬
‫يد‬ ‫ِ‬
‫ُ ُُ ْ ُ ُ ْ ُ‬ ‫َ ْ‬

‫‪289‬‬ ‫س ك ََم َث ِل ن َْه ٍر َج ٍ‬


‫ار‪َ ،‬غ ْم ٍر‬ ‫م َث ُل الص َلو ِ‬
‫ات ا ْل َخ ْم ِ‬ ‫َّ َ‬ ‫َ‬

‫‪289‬‬ ‫اب َأ َح ِدك ُْم‬


‫س‪ ،‬ك ََم َث ِل ن ََه ٍر َع ْذ ًب َي ْج ِري ِعنْدَ َب ِ‬ ‫م َث ُل الص َلو ِ‬
‫ات ا ْل َخ ْم ِ‬ ‫َّ َ‬ ‫َ‬

‫‪322‬‬ ‫اع ُل ُه َّن ـ ُد ُب َر ك ُِّل َص َل ٍة َم ْكتُو َب ٍة‬


‫خيب َق ِائ ُلهن ـ َأو َف ِ‬
‫ُ َّ ْ‬
‫ِ‬
‫ات َل َي ُ‬
‫ُم َع ِّق َب ٌ‬
‫ِ‬
‫‪113‬‬ ‫الو ْس َطى‬ ‫َارا‪َ ،‬ش َغ ُلونَا َع ِن َّ‬
‫الصالة ُ‬ ‫َم َ َ‬
‫ل اهللُ ُب ُيوت َُه ْم َو ُق ُب َ‬
‫ور ُه ْم ن ً‬

‫‪85‬‬ ‫وك ا َّل ِذي ُي ْح ِس ُن ِع َبا َد َة َر ِّب ِه و ُي َؤ ِّدي إ َلى َس ِّي ِد ِه ا َّل ِذي َل ُه‬
‫الم ْم ُل ُ‬
‫َ‬

‫‪143‬‬ ‫م ِن ابتَدَ َأ َقوما بِس َل ٍم َف َض َلهم بِع ْش ِر حسن ٍ‬


‫َات‬ ‫َ َ‬ ‫ُ ْ َ‬ ‫ْ ً َ‬ ‫َ ْ‬

‫‪126‬‬ ‫احتِ َسا ًبا‪َ ،‬وك َ‬


‫َان َم َع ُه َحتَّى ُي َص َّلى َع َل ْي َها‬ ‫يمانًا َو ْ‬
‫ِ‬
‫َم ِن ا َّت َب َع َجن ََاز َة ُم ْسل ٍم‪ ،‬إِ َ‬

‫‪340‬‬ ‫يمانًا بِاهللِ َوت َْص ِدي ًقا بِ َو ْع ِد ِه‬ ‫م ِن اح َتبس َفرسا فِي سبِ ِ ِ‬
‫يل اهلل إِ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ َ َ ً‬

‫‪320‬‬ ‫ب َث َل َث ًة ِم ْن ُص ْلبِ ِه َد َخ َل ا ْل َجنَّ َة‬ ‫َم ِن ْ‬


‫احت ََس َ‬

‫‪173‬‬ ‫ب َل ُه بِت َْأ ِذينِ ِه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫َم ْن َأ َّذ َن ثنْت َْي َع ْش َر َة َسنَ ًة َو َج َب ْت َل ُه ا ْل َجنَّ ُة‪َ ،‬وكُت َ‬

‫‪173‬‬ ‫َم ْن َأ َّذ َن َس ْب َع ِسنِي َن ُم ْحت َِس ًبا كُتِ َب ْت َل ُه َب َرا َء ٌة ِم َن الن َِّار‬

‫‪77‬‬ ‫َم ْن َأ ْس َل َم ِم ْن َأ ْه ِل ا ْل ِكتَا َب ْي ِن َف َل ُه َأ ْج ُر ُه َم َّر َت ْي ِن‪َ ،‬و َل ُه َما َلنَا َو َع َل ْي ِه َما َع َل ْينَا‬
‫َان َله َأجر ِ‬ ‫َم ْن َأ ْعت ََق َج ِ‬
‫‪77‬‬ ‫ان‬ ‫ار َي َت ُه َوت ََز َّو َج َها ك َ ُ ْ َ‬

‫‪385‬‬ ‫هلل بِك ُِّل ُع ْض ٍو ِمنْ ُه ُع ْض ًوا ِم َن الن َِّار‬ ‫ِ‬


‫َم ْن َأ ْعت ََق َر َق َب ًة ُم ْسل َم ًة‪َ ،‬أ ْعت ََق ا ُ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫‪194‬‬ ‫ان‬ ‫َم ْن آ َم َن بِاهلل َو َر ُسوله‪َ ،‬و َأ َقا َم َّ‬
‫الصالةَ‪َ ،‬و َصا َم َر َم َض َ‬
‫‪423‬‬ ‫فهرس أطراف األحاديث النبوية الشريفة‬

‫الصفحة‬ ‫الحديث‬

‫‪376‬‬ ‫هلل فِي ظِ ِّل ِه‬ ‫ِ‬


‫َم ْن َأ ْن َظ َر ُم ْعس ًرا َأ ْو َو َض َع َعنْ ُه‪َ ،‬أ َظ َّل ُه ا ُ‬
‫‪،147 ،145‬‬
‫اض َل ًة فِي َسبِ ِ‬
‫يل اهللِ‬ ‫م ِن أ ْن َف َق َن َف َق ًة َف ِ‬
‫َ‬
‫‪202‬‬
‫‪64‬‬ ‫يل اهللِ كُتِب ْت َله بِسب ِع ِمائ َِة ِضع ٍ‬
‫ف‬ ‫َم ْن َأ ْن َف َق َن َف َق ًة فِي َسبِ ِ‬
‫ْ‬ ‫َ ُ َ ْ‬

‫‪345‬‬ ‫َم ْن َب َل َغ بِ َس ْه ٍم فِي َسبِ ِ‬


‫يل اهللِ َع َّز َو َج َّل َف َل ُه َد َر َج ٌة‬

‫‪128‬‬ ‫َم ْن تَبِ َع َجن ََاز ًة َحتَّى ُي َص َّلى َع َل ْي َها ك َ‬


‫َان َل ُه‬

‫‪129‬‬ ‫َم ْن تَبِ َع َجن ََاز ًة َحتَّى ُي َص َّلى َع َل ْي َها‪َ ،‬و ُي ْف َر َغ ِمن َْها‬

‫‪129‬‬ ‫من تَبِع ِجن ََاز ًة حتَّى ي ْفر َغ ِمنْها َف َله ِقيرا َط ِ‬
‫ان‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َ ْ َ‬

‫هلل َعنْ ُه بِ َقدْ ِر َذلِ َك ِم ْن ُذنُوبِ ِه‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬


‫‪384‬‬ ‫َم ْن ت ََصدَّ َق م ْن َج َسده بِ َش ْيء َك َّف َر ا ُ‬

‫‪234‬‬ ‫َم ْن َت َط َّه َر فِي َب ْيتِ ِه ُث َّم َأتَى َم ْس ِجدَ ُق َبا َء‪َ ،‬ف َص َّلى فِ ِيه َص َل ًة‬

‫‪350‬‬ ‫وت اهللِ لِ َي ْق ِض َي َف ِر َ‬


‫يض ًة‬ ‫ت من بي ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِِ‬
‫َم ْن َت َط َّه َر في َب ْيته‪ُ ،‬ث َّم َم َشى إِ َلى َب ْي َ ْ ُ ُ‬

‫‪234‬‬ ‫َم ْن ت ََو َّض َأ َف َأ ْح َس َن ا ْل ُو ُضو َء‪ُ ،‬ث َّم َص َّلى فِي َم ْس ِج ِد ُق َبا َء َر ْك َع َت ْي ِن كَان ْ‬
‫َت َل ُه ُع ْم َر ًة‬

‫‪234‬‬ ‫من تَو َّض َأ َف َأحسن و ُضوءه ُثم جاء مس ِجدَ ُقباء َفركَع فِ ِيه َأربع ر َكع ٍ‬
‫ات‬ ‫َْ َ َ َ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َ ُ َّ َ َ َ ْ‬ ‫ْ َ َ ُ‬ ‫َ ْ َ‬

‫‪350‬‬ ‫الة‪َ ،‬فإِ َّنه فِي ص ٍ‬


‫الة‬ ‫من تَو َّض َأ َف َأحسن و ُضوءه‪ُ ،‬ثم َخرج َع ِامدً ا إِ َلى الص ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ ُ َّ َ َ‬ ‫ْ َ َ ُ‬ ‫َ ْ َ‬

‫‪353‬‬ ‫َّاس َقدْ َص َّل ْوا‬ ‫َم ْن ت ََو َّض َأ َف َأ ْح َس َن ُو ُضو َء ُه‪ُ ،‬ث َّم َر َ‬
‫اح َف َو َجدَ الن َ‬

‫الم ْس ِجدَ َف َرك ََع َر ْك َع َت ْي ِن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫‪304‬‬ ‫َم ْن ت ََو َّض َأ م ْث َل َه َذا ُ‬
‫الو ُضوء‪ُ ،‬ث َّم َأتَى َ‬

‫‪303‬‬ ‫ث‬ ‫من تَو َّض َأ نَحو و ُض ِ‬


‫وئي َه َذا‪ُ ،‬ث َّم َص َّلى َر ْك َع َت ْي ِن ال ُي َحدِّ ُ‬ ‫ْ َ ُ‬ ‫َ ْ َ‬

‫‪305‬‬ ‫َت َص َل ُت ُه َو َم ْش ُي ُه إِ َلى ا ْل َم ْس ِج ِد‬


‫َم ْن ت ََو َّض َأ َهك ََذا ُغ ِف َر َل ُه َما َت َقدَّ َم ِم ْن َذنْبِ ِه‪َ ،‬وكَان ْ‬

‫‪63‬‬ ‫الس ِّي َئ ِة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫َم ْن َجا َء بِا ْل َح َسنَة َف َل ُه َع ْش ُر َأ ْم َثال َها َو َأ ِزيدُ ‪َ ،‬و َم ْن َجا َء بِ َّ‬
‫‪٣‬‬

‫‪424‬‬

‫الصفحة‬ ‫الحديث‬

‫‪389‬‬ ‫َان َل ُه ِم ْث ُل َأ ْج ِر ِه‬


‫يل اهللِ َحتَّى َي ْست َِق َّل‪ ،‬ك َ‬
‫از ًيا فِي َسبِ ِ‬
‫َم ْن َج َّه َز َغ ِ‬

‫‪390‬‬ ‫از ًيا‬ ‫از ًيا فِي َسبِ ِ‬


‫يل اهللِ َف َقدْ َغ َزا‪َ ،‬و َم ْن َخ َل َ‬
‫ف َغ ِ‬ ‫َم ْن َج َّه َز َغ ِ‬

‫‪271‬‬ ‫َم ْن َح َّج هللِ َف َل ْم َي ْر ُف ْث‪َ ،‬و َل ْم َي ْف ُس ْق‪َ ،‬ر َج َع َك َي ْو ِم َو َلدَ ْت ُه ُأ ُّم ُه‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِِ‬
‫‪232 ،221‬‬ ‫َم ْن َخ َر َج م ْن َب ْيته ُم َت َط ِّه ًرا إِ َلى َص َلة َم ْكتُو َبة َف َأ ْج ُر ُه ك ََأ ْج ِر ا ْل َح ِّ‬
‫اج ا ْل ُم ْح ِر ِم‬

‫‪381‬‬ ‫َان َل ُه ِم َن ْالَ ْج ِر ِم ْث ُل ُأ ُج ِ‬


‫ور َم ْن تَبِ َع ُه‬ ‫َم ْن َد َعا إِ َلى ُهدً ى‪ ،‬ك َ‬

‫‪240‬‬ ‫ف َل ْي َل ٍة ِص َي ِام َها َو ِق َي ِام َها‬


‫َت ك ََأ ْل ِ‬ ‫َم ْن َرا َب َط َل ْي َل ًة فِي َسبِ ِ‬
‫يل اهللِ ُس ْب َحا َن ُه‪ ،‬كَان ْ‬

‫‪349‬‬ ‫اح إِ َلى َم ْس ِج ِد ا ْل َج َما َع ِة َف َخ ْط َو ٌة ت َْم ُحو َس ِّي َئ ًة‬


‫َم ْن َر َ‬

‫‪345‬‬ ‫يل اهللِ َف ُه َو ِعدْ ُل ُم َح َّر ٍر‬


‫َم ْن َر َمى بِ َس ْه ٍم فِي َسبِ ِ‬

‫‪323‬‬ ‫هلل َث َل ًثا َو َث َلثِي َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫من سبح ا ِ‬
‫هلل في ُد ُب ِر ك ُِّل َص َلة َث َل ًثا َو َث َلثي َن‪َ ،‬و َحمدَ ا َ‬
‫َ ْ َ َّ َ َ‬

‫هلل َل ُه بِ َها َح َسنَ ًة‪َ ،‬و َر َف َع َل ُه بِ َها َد َر َج ًة‬ ‫ِ‬


‫‪350‬‬ ‫َم ْن َس َجدَ هلل َس ْجدَ ًة َكت َ‬
‫َب ا ُ‬

‫‪381‬‬ ‫ب َل ُه ِم ْث ُل َأ ْج ِر َم ْن َع ِم َل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َم ْن َس َّن فِي ْ ِ‬


‫ال ْس َل ِم ُسنَّ ًة َح َسنَ ًة‪َ ،‬ف ُعم َل بِ َها َب ْعدَ ُه‪ ،‬كُت َ‬

‫‪125‬‬ ‫الجن ََاز َة َحتَّى ُي َص ِّل َي‪َ ،‬ف َل ُه ِق َير ٌ‬


‫اط‬ ‫َم ْن َش ِهدَ َ‬

‫‪277‬‬ ‫احتِ َسا ًبا ُغ ِف َر َل ُه َما َت َقدَّ َم ِم ْن َذنْبِ ِه‬ ‫ان إِ َ‬


‫يمانًا َو ْ‬ ‫َم ْن َصا َم َر َم َض َ‬
‫َان ك ِ‬
‫َص َيا ِم الدَّ ْه ِر‬ ‫ان ُثم َأ ْت َب َع ُه ِستًّا ِم ْن َش َّو ٍ‬
‫ال‪ ،‬ك َ‬
‫‪266‬‬ ‫َم ْن َصا َم َر َم َض َ َّ‬

‫‪255‬‬ ‫الص ْب َح َف ُه َو فِي ِذ َّم ِة اهللِ‪َ ،‬ف َل َي ْط ُل َبنَّك ُُم اهللُ ِم ْن ِذ َّمتِ ِه‬
‫َم ْن َص َّلى ُّ‬

‫‪253‬‬ ‫الص ْب َح‬ ‫َم ْن َص َّلى ا ْل ِع َشا َء فِي َج َما َع ٍة َفك ََأن ََّما َقا َم نِ ْص َ‬
‫ف ال َّل ْي ِل‪َ ،‬و َم ْن َص َّلى ُّ‬

‫هلل َحتَّى َت ْط ُل َع َّ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬


‫‪238‬‬ ‫الش ْم ُس‬ ‫َم ْن َص َّلى ال َغدَ ا َة في َج َما َعة ُث َّم َق َعدَ َي ْذك ُُر ا َ‬

‫‪128‬‬ ‫َم ْن َص َّلى َع َلى َجن ََاز ٍة َف َل ُه ِق َير ٌ‬


‫اط‪َ ،‬فإِ ْن َش ِهدَ‬
‫‪425‬‬ ‫فهرس أطراف األحاديث النبوية الشريفة‬

‫الصفحة‬ ‫الحديث‬

‫‪139‬‬ ‫احدَ ًة ص َّلى اهلل َع َلي ِه َع ْشر ص َلو ٍ‬


‫ات‬ ‫من ص َّلى َع َلي ص َل ًة و ِ‬
‫َ َ َ‬ ‫ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ‬ ‫َ ْ َ‬

‫هلل َع َّز َو َج َّل‬ ‫ِ‬


‫‪135‬‬ ‫َم ْن َص َّلى َع َل َّي َم َّر ًة َواحدَ ةً‪َ ،‬كت َ‬
‫َب ا ُ‬

‫‪135‬‬ ‫احدَ ًة َص َّلى اهلل َع َل ْي ِه َع ْش ًرا‬


‫من ص َّلى َع َلي و ِ‬
‫َّ َ‬ ‫َ ْ َ‬

‫‪313‬‬ ‫َم ْن َص َّلى َع َل ْي ِه ِما َئ ٌة ِم َن ا ْل ُم ْس ِل ِمي َن ُغ ِف َر َل ُه‬

‫‪442‬‬ ‫ت َس ْب ًعا ُي ْح ِص ِيه‪ ،‬كُتِ َب ْت بِك ُِّل ُخ ْط َو ٍة َح َسنَ ٌة‬


‫اف بِا ْلبي ِ‬
‫َم ْن َط َ َ ْ‬

‫‪347‬‬ ‫اف َس ْب ًعا‪َ ،‬ف ُه َو ك َِعدْ ِل َر َق َب ٍة‬


‫َم ْن َط َ‬

‫‪345‬‬ ‫الر ْم َي‪ُ ،‬ث َّم ت ََر َك ُه‪َ ،‬ف َل ْي َس ِمنَّا‬ ‫ِ‬
‫َم ْن َعل َم َّ‬
‫ِ‬
‫‪240‬‬ ‫َم ْن َغ َّس َل َي ْو َم ا ْل ُج ُم َعة َوا ْغت ََس َل‪ُ ،‬ث َّم َبك ََّر َوا ْب َتك ََر‪َ ،‬و َم َشى َو َل ْم َي ْرك ْ‬
‫َب‬
‫ِ‬ ‫من َف َّطر ص ِائما ك َ ِ‬
‫‪388‬‬ ‫َان َل ُه م ْث ُل َأ ْج ِره‪َ ،‬غ ْي َر َأ َّن ُه َل َينْ ُق ُ‬
‫ص‬ ‫َ ْ َ َ ً‬

‫‪390‬‬ ‫الص ِائ ِم‬ ‫ِ‬


‫ب َل ُه‪ ،‬م ْث ُل َأ ْج ِر َّ‬
‫ِ‬ ‫َم ْن َف َّط َر َص ِائ ًما‪ ،‬ك َ‬
‫َان َل ُه‪َ ،‬أ ْو كُت َ‬

‫‪154‬‬ ‫َم ْن َق َال إِ َذا َأ ْص َب َح‪َ :‬ل إِ َل َه إِ َّل اهللُ‪َ ،‬و ْحدَ ُه َل َش ِر َ‬
‫يك َل ُه‬

‫وق‪َ :‬ل إِ َل َه إِ َّل اهللُ َو ْحدَ ُه َل َش ِر َ‬


‫يك َل ُه‬ ‫ِ‬
‫‪213‬‬ ‫َم ْن َق َال حي َن َيدْ ُخ ُل ُّ‬
‫الس َ‬
‫ِ‬
‫‪301‬‬ ‫َم ْن َق َال حي َن َي ْس َم ُع ا ْل ُم َؤ ِّذ َن َأ ْش َهدُ َأ ْن َل إِ َل َه إِ َّل ا ُ‬
‫هلل َو ْحدَ ُه‬

‫‪154‬‬ ‫َم ْن َق َال ُد ُب َر َص َل ِة ا ْل َف ْج ِر َو ُه َو َثانِي ِر ْج ِل ِه َق ْب َل َأ ْن َي َت َك َّل َم‬

‫‪142‬‬ ‫من َق َال‪ :‬الس َلم َع َليكُم كُتِب ْت َله َع ْشر حسن ٍ‬
‫َات‬ ‫َّ ُ ْ ْ َ ُ ُ َ َ‬ ‫َ ْ‬

‫‪154‬‬ ‫يك َله‬ ‫َم ْن َق َال‪َ :‬ل إِ َل َه إِ َّل ا ُ‬


‫هلل‪َ ،‬و ْحدَ ُه َل َش ِر َ‬

‫‪65‬‬ ‫الم ْل ُك َو َل ُه َ‬
‫الح ْمدُ‬ ‫يك َل ُه‪َ ،‬ل ُه ُ‬ ‫َم ْن َق َال‪ :‬ال إِ َل َه إِ َّل ا ُ‬
‫هلل‪َ ،‬و ْحدَ ُه ال َش ِر َ‬

‫‪155 ،154‬‬ ‫َم ْن َق َال‪َ :‬ل إِ َل َه إِ َّل اهللُ‪َ ،‬و ْحدَ ُه َل َش ِر َ‬


‫يك َل ُه‪َ ،‬ل ُه ا ْل ُم ْل ُك َو َل ُه ا ْل َح ْمدُ‬
‫‪٣‬‬

‫‪426‬‬

‫الصفحة‬ ‫الحديث‬

‫‪277‬‬ ‫احتِ َسا ًبا‪ُ ،‬غ ِف َر َل ُه َما َت َقدَّ َم ِم ْن َذنْبِ ِه‬ ‫ان إِ َ‬
‫يمانًا َو ْ‬ ‫َم ْن َقا َم َر َم َض َ‬

‫‪281‬‬ ‫احتِ َسا ًبا‪ُ ،‬غ ِف َر َل ُه َما َت َقدَّ َم ِم ْن َذنْبِ ِه‬ ‫َم ْن َقا َم َل ْي َل َة ال َقدْ ِر إِ َ‬
‫يمانًا َو ْ‬

‫‪191‬‬ ‫َم ْن َقت ََل َو َز ًغا فِي َأ َّو ِل َض ْر َب ٍة كُتِ َب ْت َل ُه ِما َئ ُة َح َسن ٍَة‬

‫‪190‬‬ ‫الض ْر َب ِة‬


‫َم ْن َقت ََل َو َز َغ ًة فِي َأ َّو ِل َض ْر َب ٍة َف َل ُه ك ََذا َوك ََذا َح َسنَ ًة‪َ ،‬و َم ْن َق َت َل َها فِي َّ‬

‫‪62‬‬ ‫َاب اهللِ َف َل ُه بِ ِه َح َسنَ ٌة‬


‫َم ْن َق َر َأ َح ْر ًفا ِم ْن ِكت ِ‬

‫‪91‬‬ ‫َت َل ُه َج ِ‬
‫ار َي ٌة َف َعا َل َها‬ ‫َم ْن كَان ْ‬

‫‪330‬‬ ‫الصالِ ِح ا َّل ِذي‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ات مرابِ ًطا فِي سبِ ِ ِ‬
‫يل اهلل َأ ْج َرى َع َل ْيه َأ ْج َر َع َمله َّ‬ ‫َ‬ ‫َم ْن َم َ ُ َ‬

‫‪232‬‬ ‫َح َّج ٍة‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ٍ‬


‫َم ْن َم َشى إِ َلى َص َلة َم ْكتُو َبة في ا ْل َج َما َعة‪َ ،‬ف ِهي ك َ‬

‫‪373‬‬ ‫اح ْت بِ َصدَ َق ٍة‬ ‫ٍ‬


‫يح ًة‪َ ،‬غدَ ْت بِ َصدَ َقة‪َ ،‬و َر َ‬
‫ِ‬
‫َم ْن َمن ََح َمن َ‬

‫‪320‬‬ ‫ال ْس َل ِم‪َ ،‬ف َماتُوا َق ْب َل َأ ْن َي ْب ُل ُغوا ا ْل ِحن َْث‬


‫َم ْن ُولِدَ َل ُه َث َل َث ُة َأ ْو َل ٍد فِي ْ ِ‬

‫‪376‬‬ ‫َم ْن َي َّس َر َع َلى ُم ْع ِس ٍر‪َ ،‬ي َّس َر اهللُ َع َل ْي ِه فِي الدُّ ْن َيا َو ْال ِخ َر ِة‬

‫‪281‬‬ ‫احتِ َسا ًبا‪ُ ،‬غ ِف َر َل ُه َما َت َقدَّ َم ِم ْن َذنْبِ ِه‬ ‫َم ْن َي ُق ْم َل ْي َل َة ال َقدْ ِر إِ َ‬
‫يمانًا َو ْ‬

‫‪161‬‬ ‫س‬ ‫ا ْل ُم َؤ ِّذ ُن ُي ْغ َف ُر َل ُه َمدَ ى َص ْوتِ ِه‪َ ،‬و َي ْس َت ْغ ِف ُر َل ُه ك ُُّل َر ْط ٍ‬


‫ب َو َيابِ ٍ‬

‫‪64‬‬ ‫َّاس َأ ْر َب َع ٌة‪َ ،‬و ْالَ ْع َم ُال ِس َّت ٌة‪ُ ،‬م َو َّس ٌع َع َل ْي ِه فِي الدُّ ْن َيا َو ْال ِخ َر ِة‬
‫الن ُ‬

‫‪76‬‬ ‫ن ََز َل ْت َه ِذ ِه اآل َي ُة فِي َع َش َر ٍة َأنَا َأ َحدُ ُه ْم‬

‫‪372‬‬ ‫الص ِف ُّي ِمن َْح ًة‬ ‫الص ِف ُّي ِمن َْح ًة‪َ ،‬و َّ‬
‫الشا ُة َّ‬ ‫الصدَ َق ُة ال ِّل ْق َح ُة َّ‬
‫ِ‬
‫ن ْع َم َّ‬

‫‪112‬‬ ‫َن َع ْم َو َأنَا َل ُه َش ِهيدٌ‬

‫‪99‬‬ ‫الصدَ َق ِة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫َن َع ْم‪َ ،‬ل َها َأ ْج َران‪َ ،‬أ ْج ُر ال َق َرا َبة َو َأ ْج ُر َّ‬
‫‪427‬‬ ‫فهرس أطراف األحاديث النبوية الشريفة‬

‫الصفحة‬ ‫الحديث‬

‫‪86‬‬ ‫وك َأ ْن يتَو َّفى يح ِسن ِعباد َة اهللِ‬


‫نِ ِعما لِ ْلمم ُل ِ‬
‫ُ َ ُ ْ ُ َ َ‬ ‫َّ َ ْ‬

‫‪203‬‬ ‫يل اهللِ بِسب ِع ِمائ َِة ِضع ٍ‬


‫ف‬ ‫النَّ َف َق ُة فِي ا ْل َح ِّج كَالنَّ َف َق ِة فِي َسبِ ِ‬
‫ْ‬ ‫َ ْ‬

‫‪343‬‬ ‫َه ْل تَستَطِيع إِ َذا َخرج المج ِ‬


‫اهدُ َأ ْن تَدْ ُخ َل َم ْس ِجدَ َك َف َت ُقو َم َوال َت ْفت َُر‬ ‫َ َ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬

‫‪137‬‬ ‫ل َخ ْي ٍر ِمن ُْهم‬


‫ل َذك َْر ُت ُه فِي َم َ ٍ‬
‫َوإِ ْن َذك ََرنِي فِي َم َ ٍ‬

‫‪193‬‬ ‫ال ْس َل ِم ِدينًا‪َ ،‬وبِ ُم َح َّم ٍد نَبِ ًّيا‪َ ،‬و َج َب ْت َل ُه‬ ‫يا َأبا س ِع ٍ‬
‫يد‪َ ،‬م ْن َر ِض َي بِاهللِ َر ًّبا‪َ ،‬وبِ ْ ِ‬ ‫َ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪363‬‬ ‫َيا َأ َبا َفاط َم َة‪ ،‬إِ ْن َأ َر ْد َت َأ ْن َت ْل َقاني َف َأكْث ِر ُّ‬
‫الس ُجو َد‬

‫‪450‬‬ ‫َحت َِس ُب َ‬


‫ون آ َث َارك ُْم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َيا َبني َسل َم َة َأال ت ْ‬

‫َب آ َث ُارك ُْم‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬


‫‪352‬‬ ‫َب آ َث ُارك ُْم‪ ،‬د َي َارك ُْم ُت ْكت ْ‬
‫َيا َبني َسل َم َة د َي َارك ُْم ُت ْكت ْ‬

‫‪299‬‬ ‫وك‬ ‫اس‪َ ،‬يا َع َّما ُه‪َ ،‬أ َل ُأ ْعطِ َ‬


‫يك‪َ ،‬أ َل َأ ْمن َُح َك‪َ ،‬أ َل َأ ْح ُب َ‬ ‫َيا َع َّب ُ‬

‫‪184‬‬ ‫الصابِ ُر ِمن ُْه ْم َع َلى ِدينِ ِه َل ُه َأ ْج ُر َخ ْم ِسي َن ِمنْك ُْم‬ ‫ْيأتِي َع َلى الن ِ‬
‫َّاس َز َم ٌ‬
‫ان َّ‬

‫‪231‬‬ ‫الصابِ ُر ِمن ُْه ْم َع َلى ِدينِ ِه َل ُه َأ ْج ُر َخ ْم ِسي َن ِمنْك ُْم‬ ‫ْيأتِي َع َلى الن ِ‬
‫َّاس َز َم ٌ‬
‫ان َّ‬

‫***‬
‫فهرس المصادر والمراجع‬

‫‪ 1‬ـ األباطيل والمناكير والصحاح والمشاهير‪ ،‬للحسين بن إبراهيم بن الحسين بن جعفر الهمداني‬
‫الجورقاني ت‪543‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،4‬دار الصميعي بالرياض‪ ،‬ومؤسسة دار الدعوة التعليمية الخيرية بالهند‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬عبد الرحمن عبد الجبار الفريوائي‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ اإلبانة الكبرى‪ ،‬ألبي عبد اهلل عبيد اهلل بن محمد بن محمد بن حمدان المشهور بابن بطة‬
‫ال ُع ْك َب ِري ت‪ ،387‬دار الراية‪ ،‬الرياض‪ ،‬تحقيق‪ :‬رضا معطي وآخرين‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة‪ ،‬ألبي العباس شهاب الدين أحمد بن أبي بكر‬
‫ابن إسماعيل البوصيري الكناني ت‪840‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الوطن للنشر‪ ،‬الرياض‪ ،‬تحقيق‪ :‬دار المشكاة‬
‫للبحث العلمي‪ ،‬بإشراف أبي تميم ياسر بن إبراهيم‪.‬‬

‫‪ 4‬ـ اآلحاد والمثاني؛ ألبي بكر أحمد بن أبي عاصم عمرو بن الضحاك بن مخلد الشيباني‬
‫ت‪287‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الراية‪ ،‬الرياض‪ ،‬تحقيق‪ :‬باسم فيصل الجوابرة‪.‬‬

‫‪ 5‬ـ اإلحسان في تقريب صحيح ابن حبان‪ ،‬ألبي حاتم محمد بن حبان ال ُب ْستِي ت‪354‬ﻫ‪ ،‬بترتيب‬
‫عالء الدين علي بن بلبان‪ ،‬ط‪ ،2‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬شعيب األرنؤوط‪.‬‬

‫‪ 6‬ـ إحكام اإلحكام شرح عمدة األحكام‪ ،‬ابن دقيق العيد‪ ،‬مطبعة السنة المحمدية‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ أحكام العيدين‪ ،‬ألبي بكر جعفر بن محمد بن الحسن ِ‬
‫الف ْر َيابِي ت‪301‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬مكتبة العلوم‬
‫والحكم‪ ،‬المدينة المنورة‪ ،‬تحقيق‪ :‬مساعد سليمان راشد‪.‬‬

‫‪ 8‬ـ أحوال الرجال‪ ،‬ألبي إسحاق إبراهيم بن يعقوب بن إسحاق السعدي الجوزجاني ت‪259‬ﻫ‪،‬‬
‫حديث أكادمي‪ ،‬فيصل آباد‪ ،‬باكستان‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد العليم عبد العظيم البستوي‪.‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪430‬‬

‫الص ْي َر ِم ّي الحنفي‬
‫‪ 9‬ـ أخبار أبي حنيفة وأصحابه‪ ،‬ألبي عبد اهلل الحسين بن علي بن محمد بن جعفر َّ‬
‫ت‪436‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،2‬دار عالم الكتب‪ ،‬بيروت‪.‬‬

‫‪ 10‬ـ أخبار أصبهان أو تاريخ أصبهان‪ ،‬ألبي نعيم أحمد بن عبد اهلل بن أحمد بن إسحاق‪ ،‬ت‪430‬ﻫ‪،‬‬
‫ط‪ ،1‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬سيد كسروي حسن‪.‬‬

‫‪ 11‬ـ أخبار القضاة‪ ،‬ألبي بكر محمد بن خلف بن حيان بن صدقة الضبي البغدادي الملقب‬
‫بوكيع‪ ،‬ت‪306‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬المكتبة التجارية الكبرى بشارع محمد علي بمصر‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد العزيز مصطفى‬
‫المراغي‪.‬‬

‫‪ 12‬ـ أخبار مكة وما جاء فيها من اآلثار‪ ،‬ألبي الوليد محمد بن عبد اهلل بن أحمد الغساني المعروف‬
‫باألزرقي ت‪250‬ﻫ‪ ،‬دار األندلس للنشر‪ ،‬بيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬رشدي الصالح ملحس‪.‬‬

‫‪ 13‬ـ اختصار علوم الحديث‪ ،‬أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري الدمشقي‬
‫‪774‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،2‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد محمد شاكر‪.‬‬

‫‪ 14‬ـ أخالق النبي ﷺ وآدابه‪ ،‬ألبي محمد عبد اهلل بن محمد بن جعفر بن حيان المعروف بأبي‬
‫الشيخ األصبهاني ت‪369‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار المسلم‪ ،‬تحقيق‪ :‬صالح بن محمد الونيان‪.‬‬

‫‪ 15‬ـ أخالق أهل القرآن؛ ألبي بكر محمد بن الحسين بن عبد اهلل اآلجري البغدادي ت‪360‬ﻫ‪،‬‬
‫ط‪ ،3‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد عمرو عبد اللطيف‪.‬‬

‫‪ 16‬ـ اإلخوان‪ ،‬ألبي بكر عبد اهلل بن محمد بن عبيد بن سفيان المعروف بابن أبي الدنيا ت‪281‬ﻫ‪،‬‬
‫ط‪ ،1‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬مصطفى عبد القادر عطا‪.‬‬

‫الخ ْس َر ْو ِجردي الخراساني البيهقي‬


‫‪ 17‬ـ اآلداب‪ ،‬ألبي بكر أحمد بن الحسين بن علي بن موسى ُ‬
‫ت‪458‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬مؤسسة الكتب الثقافية‪ ،‬بيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬أبي عبد اهلل السعيد مندوه‪.‬‬

‫‪ 18‬ـ األدب المفـرد‪ ،‬ألبـي عبـد اهلل محمـد بـن إسـماعيل بن إبراهيـم البخـاري ت‪256‬ﻫ‪ ،‬ط‪،3‬‬
‫دار البشـائر اإلسلامية‪ ،‬بيـروت‪ ،‬تحقيـق‪ :‬محمـد فؤاد عبـد الباقي‪.‬‬

‫‪ 19‬ـ األدب النبوي‪ ،‬محمد عبد العزيز بن علي الشاذلي َ‬


‫الخ ْولي ت ‪1349‬ﻫ‪ ،‬دار المعرفة‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬ط‪1423 ،4‬ﻫ‪.‬‬
‫‪431‬‬ ‫فهرس المصادر والمراجع‬

‫‪ 20‬ـ األدب‪ ،‬ألبي بكر عبد اهلل بن محمد بن إبراهيم ابن أبي شيبة ت‪235‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار البشائر‬
‫اإلسالمية‪ ،‬لبنان‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد رضا القهوجي‪.‬‬

‫‪ 21‬ـ إرشاد القاصي والداني إلى تراجم شيوخ الطبراني‪ ،‬ألبي الطيب نايف بن صالح بن علي‬
‫المنصوري‪ ،‬دار الكيان بالرياض‪ ،‬ومكتبة ابن تيمية باإلمارات‪.‬‬

‫‪ 22‬ـ اإلرشاد في معرفة علماء الحديث‪ ،‬ألبي يعلى خليل بن عبد اهلل بن أحمد الخليلي القزويني‬
‫ت‪446‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬مكتبة الرشد‪ ،‬الرياض‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد سعيد عمر إدريس‪.‬‬

‫‪ 23‬ـ إرواء ال َغ ِليل في تخريج أحاديث منار السبيل‪ ،‬للشيخ محمد ناصر الدين األلباني ت‪1420‬ﻫ‪،‬‬
‫ط‪ ،2‬المكتب اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪ ،‬إشراف‪ :‬زهير الشاويش‪.‬‬

‫‪ 24‬ـ أسامي الضعفاء المطبوع مع سؤاالت البرذعي ألبي زرعة الرازي عبيد اهلل بن عبد الكريم‬
‫ت‪264‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الفاروق الحديثة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد بن علي األزهري‪.‬‬

‫‪ 25‬ـ األسامي والكنى‪ ،‬ألبي أحمد الحاكم ت‪378‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الغرباء األثرية‪ ،‬المدينة‪ ،‬تحقيق‪:‬‬
‫يوسف بن محمد الدخيل‪.‬‬

‫‪ 26‬ـ االستذكار؛ ألبي عمر يوسف بن عبد اهلل بن محمد بن عبد البر النمري القرطبي ت‪463‬ﻫ‪،‬‬
‫ط‪ ،1‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬سالم محمد عطا‪ ،‬ومحمد علي معوض‪.‬‬

‫‪ 27‬ـ االستيعاب في معرفة األصحاب‪ ،‬ألبي عمر يوسف بن عبد اهلل بن محمد بن عبد البر ابن‬
‫عاصم النمري القرطبي ت‪463‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الجيل‪ ،‬بيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬علي محمد البجاوي‪.‬‬

‫‪ 28‬ـ أسـد الغابـة فـي معرفـة الصحابـة‪ ،‬ألبـي الحسـن علي بـن أبي الكـرم محمد بـن محمد بن‬
‫الج َزري‪ ،‬عـز الدين ابـن األثيـر ت‪630‬ﻫ‪ ،‬ك‪1989‬م‪ ،‬دار الفكـر‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫عبـد الكريـم الشـيباني َ‬

‫الخ ْس َر ْو ِجردي الخراساني‬


‫‪ 29‬ـ األسماء والصفات‪ ،‬ألبي بكر أحمد بن الحسين بن علي بن موسى ُ‬
‫البيهقي ت‪458‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬مكتبة السوادي‪ ،‬جدة‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد اهلل محمد الحاشدي‪.‬‬

‫‪ 30‬ـ األشربة‪ ،‬لإلمام أحمد بن محمد بن حنبل ت‪241‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،2‬مكتبة التراث اإلسالمي‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬عبد اهلل بن حجاج‪.‬‬

‫‪ 31‬ـ اإلصابة في تمييز الصحابة‪ ،‬ألبي الفضل أحمد بن علي بن محمد بن حجر العسقالني‬
‫‪٣‬‬

‫‪432‬‬

‫ت‪852‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬عادل أحمد عبد الموجود‪ ،‬وعلي محمد معوض‪.‬‬

‫‪ 32‬ـ إصالح المال‪ ،‬ألبي بكر عبد اهلل بن محمد بن عبيد بن سفيان المعروف بابن أبي الدنيا‬
‫ت‪281‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬مؤسسة الكتب الثقافية‪ ،‬بيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد عبد القادر عطا‪.‬‬

‫‪ 33‬ـ أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن‪ ،‬لمحمد األمين بن محمد المختار بن عبد القادر‬
‫الجكني الشنقيطي ت‪1393 :‬ﻫ‪ ،‬دار الفكر بيروت‪1415 ،‬ﻫ‪.‬‬

‫‪ 34‬ـ أعالم الحديث في شرح صحيح البخاري‪ ،‬ألبي سليمان الخطابي‪ ،‬ط‪1409 ،1‬ﻫ‪ ،‬مركز‬
‫إحياء التراث بجامعة أم القرى‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد بن سعد آل سعود‪.‬‬

‫‪ 35‬ـ إعالم الموقعين عن رب العالمين‪ ،‬محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن‬
‫قيم الجوزية ت ‪751‬ﻫ‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد عبد السالم إبراهيم‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1411 ،1‬ﻫ‪.‬‬

‫‪ 36‬ـ اإلعالم بفوائد عمدة األحكام‪ ،‬ابن الملقن سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن أحمد‬
‫الشافعي المصري ت ‪804‬ﻫ‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد العزيز بن أحمد بن محمد المشيقح‪ ،‬دار العاصمة للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬المملكة العربية السعوديةط‪1417 ،1‬ﻫ‪.‬‬

‫‪ 37‬ـ اإلعالم بمن في تاريخ الهند من األعالم‪ ،‬عبد الحي بن فخر الدين بن عبد العلي الحسني‬
‫الطالبي ت ‪1341‬ﻫ‪ ،‬دار النشر‪ :‬دار ابن حزم‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪1420 ،1‬ﻫ‪.‬‬

‫‪ 38‬ـ األعالم‪ ،‬لخير الدين بن محمود بن محمد بن علي بن فارس الزركلي الدمشقي ت‪1396‬ﻫ‪،‬‬
‫ط‪ ،15‬دار العلم للماليين‪.‬‬

‫‪ 39‬ـ االغتباط بمن رمي من الرواة باالختالط‪ ،‬برهان الدين الحلبي أبو الوفا إبراهيم بن محمد بن‬
‫خليل الطرابلسي الشافعي سبط ابن العجمي ت ‪841‬ﻫ‪ ،‬تحقيق‪ :‬عالء الدين علي رضا‪ ،‬وسمى تحقيقه‬
‫(نهاية االغتباط بمن رمي من الرواة باالختالط) وهو دارسة وتحقيق وزيادات في التراجم على الكتاب‪،‬‬
‫دار الحديث‪ ،‬القاهرةط‪1988 ،1‬م‪.‬‬

‫‪ 40‬ـ األفراد‪ ،‬ألبي الحسن علي بن عمر الدارقطني ت‪ ،385‬ط‪ ،1‬نشر وتحقيق‪ :‬جابر بن عبد اهلل‬
‫السريع‪.‬‬

‫الشـيباني‪،‬‬
‫ّ‬ ‫(ه َب ْي َـرة بن) محمد بـن هبيرة الذهلي‬
‫‪ 41‬ـ اإلفصـاح عـن معانـي الصحـاح‪ ،‬ليحيى بن ُ‬
‫‪433‬‬ ‫فهرس المصادر والمراجع‬

‫أبـو المظفـر‪ ،‬عون الديـن‪ ،‬ت‪560‬ﻫ‪ ،‬تحقيق‪ :‬فؤاد عبـد المنعم أحمـد‪ ،‬دار الوطن‪1417 ،‬ﻫ‪.‬‬

‫‪ 42‬ـ إكمال اإلكمال‪ ،‬ألبي بكر محمد بن عبد الغني بن أبي بكر بن شجاع المعروف بابن نقطة‬
‫ت‪629‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬جامعة أم القرى‪ ،‬مكة المكرمة‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد القيوم عبد رب النبي‪.‬‬

‫‪ 43‬ـ إكمـال تهذيـب الكمـال في أسـماء الرجال‪ ،‬لعلاء الدين أبي عبـد اهلل ُم ُغ ْل َط ْ‬
‫اي بـن قليج بن‬
‫عبـد اهلل البكجـري المصري الحكـري الحنفـي ت‪762‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الفاروق الحديثـة‪ ،‬تحقيق‪ :‬أبي عبد‬
‫الرحمـن عادل بـن محمد وأبي محمد أسـامة بـن إبراهيم‪.‬‬

‫‪ 44‬ـ أمالي ابن بشران عبد الملك بن محمد بن عبد اهلل بن بشران بن محمد بن بشران البغدادي‬
‫ت‪430‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الوطن‪ ،‬الرياض‪ ،‬تحقيق‪ :‬أبي عبد الرحمن عادل بن يوسف العزازي‪.‬‬

‫‪ 45‬ـ األمالي الخميسية‪ ،‬ليحيى بن الحسين بن إسماعيل بن زيد الحسني الشجري الجرجاني‬
‫ت‪499‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد حسن محمد حسن إسماعيل‪.‬‬

‫‪ 46‬ـ أمالـي المحاملـي أبـي عبـد اهلل البغـدادي الحسـين بـن إسـماعيل بـن محمد بن إسـماعيل‬
‫الضبـي المحاملـي ت‪330‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬المكتبـة اإلسلامية‪ ،‬دار ابن القيم‪ ،‬عمـان األردن‪ ،‬والدمام‪ ،‬تحقيق‪:‬‬
‫إبراهيم القيسـي‪.‬‬

‫‪ 47‬ـ أمثال الحديث المروية عن النبي ﷺ‪ ،‬ألبي محمد الحسن بن عبد الرحمن بن خالد‬
‫الرامهرمزي ت‪360‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬مؤسسة الكتب الثقافية‪ ،‬بيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد عبد الفتاح تمام‪.‬‬

‫‪ 48‬ـ األمثال في الحديث النبوي‪ ،‬ألبي الشيخ أبي محمد عبد اهلل بن محمد بن جعفر بن حيان‬
‫األنصاري ت‪369‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،2‬الدار السلفية‪ ،‬بومباي‪ ،‬الهند‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد العلي عبد الحميد حامد‪.‬‬

‫‪ 49‬ـ األموال‪ ،‬ألبي أحمد حميد بن مخلد بن قتيبة بن عبد اهلل الخراساني المعروف بابن زنجويه‬
‫ت‪251‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات اإلسالمية‪ ،‬السعودية‪ ،‬تحقيق‪ :‬شاكر ذيب‬
‫فياض‪.‬‬

‫‪ 50‬ـ األموال‪ ،‬ألبي ُعبيد القاسم بن سالّم بن عبد اهلل الهروي البغدادي ت ‪224‬ﻫ‪ ،‬تحقيق‪ :‬خليل‬
‫محمد هراس‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيروت‪.‬‬

‫‪ 51‬ـ األنـس الجليـل بتاريـخ القـدس والخليـل‪ ،‬عبـد الرحمـن بـن محمـد بـن عبـد الرحمـن‬
‫‪٣‬‬

‫‪434‬‬

‫العليمـي الحنبلـي‪ ،‬أبو اليمـن‪ ،‬مجير الديـن ت ‪928‬ﻫ‪ ،‬تحقيق‪ :‬عدنـان يونس عبد المجيـد نباتة‪ ،‬مكتبة‬
‫دنديـس ـ عمان‪.‬‬

‫‪ 52‬ـ األنساب‪ ،‬ألبي سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور التميمي السمعاني‪ ،‬المروزي‬
‫ت‪562‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬مجلس دائرة المعارف العثمانية‪ ،‬حيدر آباد‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد الرحمن بن يحيى المعلمي‬
‫اليماني وغيره‪.‬‬

‫‪ 53‬ـ األوائل‪ ،‬ألبي القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير الشامي الطبراني ت‪360‬ﻫ‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫مؤسسة الرسالة‪ ،‬ودار الفرقان‪ ،‬بيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد شكور بن محمود الحاجي أمرير‪.‬‬

‫‪ 54‬ـ األوائل‪ ،‬ألبي بكر أحمد بن أبي عاصم عمرو بن الضحاك بن مخلد الشيباني ت‪287‬ﻫ‪ ،‬دار‬
‫الخلفاء للكتاب اإلسالمي‪ ،‬الكويت‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد بن ناصر العجمي‪.‬‬

‫‪ 55‬ـ األوسط في السنن واإلجماع واالختالف‪ ،‬ألبي بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري‬
‫ت‪319‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار طيبة‪ ،‬الرياض‪ ،‬تحقيق‪ :‬صغير أحمد بن محمد حنيف‪.‬‬

‫‪ 56‬ـ اإليمان‪ ،‬ألبي عبد اهلل محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى بن َمنْدَ ه العبدي ت ‪395‬ﻫ‪.‬‬

‫‪ 57‬ـ بحر الدم فيمن تكلم فيه اإلمام أحمد بمدح أو ذم‪ ،‬ليوسف بن حسن بن أحمد بن حسن ابن‬
‫عبد الهادي الصالحي‪ ،‬جمال الدين‪ ،‬ابن ابن ِ‬
‫الم ْب َرد الحنبلي ت ‪909‬ﻫ‪ ،‬تحقيق وتعليق‪ :‬الدكتورة روحية‬
‫عبد الرحمن السويفي‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1413 ،1‬ﻫ‪.‬‬

‫‪ 58‬ـ البحر الزخار المعروف بمسند البزار‪ ،‬ألبي بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق العتكي البزار‬
‫ت‪292‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬مكتبة العلوم والحكم‪ ،‬تحقيق‪ :‬محفوظ الرحمن زين اهلل‪.‬‬

‫‪ 59‬ـ البحـر المحيـط فـي التفسـير‪ ،‬ألبـي حيـان محمد بن يوسـف بن علي بن يوسـف بـن حيان‬
‫أثيـر الدين األندلسـي ت ‪745‬ﻫ‪ ،‬تحقيـق‪ :‬صدقي محمد جميـل‪ ،‬دار الفكر بيـروت‪1420 ،‬ﻫ‪.‬‬

‫‪ 60‬ـ بداية السول في تفضيل الرسول ﷺ‪ ،‬عبد العزيز بن عبد السالم بن أبي القاسم بن الحسن‬
‫السلمي الدمشقي‪ ،‬عز الدين الملقب بسلطان العلماء ت ‪660‬ﻫ‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد ناصر الدين األلباني‪،‬‬
‫المكتب اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1406 ،4‬ﻫ‪.‬‬
‫‪435‬‬ ‫فهرس المصادر والمراجع‬

‫‪ 61‬ـ البداية والنهاية‪ ،‬ألبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري الدمشقي ت‪،774‬‬
‫ط‪ ،1‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬تحقيق‪ :‬علي شيري‪.‬‬

‫‪ 62‬ـ البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع‪ ،‬محمد بن علي بن محمد بن عبد اهلل الشوكاني‬
‫اليمني ت ‪1250‬ﻫ‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪.‬‬

‫‪ 63‬ـ البدر المنير في تخريج األحاديث واألثار الواقعة في الشرح الكبير‪ ،‬البن الملقن سراج الدين‬
‫أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الشافعي المصري ت ‪804‬ﻫ‪ ،‬تحقيق‪ :‬مصطفى أبو الغيط وعبد اهلل بن‬
‫سليمان وياسر بن كمال‪ ،‬دار الهجرة للنشر والتوزيع‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪1425 ،1‬ﻫ‪.‬‬

‫‪ 64‬ـ البر والصلة‪ ،‬ألبي عبد اهلل الحسين بن الحسن بن حرب السلمي المروزي ت‪246‬ﻫ‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫دار الوطن‪ ،‬الرياض‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد سعيد بخاري‪.‬‬

‫الخ ْس َر ْو ِج ْردي البيهقي‬


‫‪ 65‬ـ البعث والنشور‪ ،‬ألبي بكر أحمد بن الحسين بن علي بن موسى ُ‬
‫ت‪458‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬مركز الخدمات واألبحاث الثقافية‪ ،‬بيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬الشيخ عامر أحمد حيدر‪.‬‬

‫‪ 66‬ـ بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث بن محمد بن داهر التميمي أبي محمد البغدادي‬
‫الخصيب الشهير بابن أبي أسامة ت‪282‬ﻫ‪ ،‬جمع هذه الزوائد أبو الحسن الهيثمي ت‪807‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬مركز‬
‫خدمة السنة النبوية والسيرة‪ ،‬المدينة المنورة‪ ،‬تحقيق‪ :‬حسين أحمد صالح الباكري‪.‬‬

‫‪ 67‬ـ بهجة قلوب األبرار وقرة عيون األخيار في شرح جوامع األخبار‪ ،‬ألبي عبد اهلل‪ ،‬عبد الرحمن بن‬
‫ناصر بن عبد اهلل بن ناصر بن حمد آل سعدي ت ‪1376‬ﻫ‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد الكريم بن رسمي ال الدريني‪،‬‬
‫مكتبة الرشد للنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪1422 ،1‬ﻫ‪.‬‬

‫‪ 68‬ـ بيان الوهم واإليهام في كتاب األحكام‪ ،‬ألبي الحسن ابن القطان علي بن محمد الفاسي‬
‫ت‪628‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار طيبة‪ ،‬الرياض‪ ،‬تحقيق‪ :‬الحسين آيت سعيد‪.‬‬

‫‪ 69‬ـ تاج التراجم‪ ،‬أبو الفداء زين الدين أبو العدل قاسم بن ُقط ُلوبغا السودوني (نسبة إلى معتق أبيه‬
‫سودون الشيخوني) الجمالي الحنفي ت ‪879‬ﻫ‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد خير رمضان يوسف‪ ،‬دار القلم ـ دمشق‪،‬‬
‫ط‪1413 ،1‬ﻫ‪.‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪436‬‬

‫الح َس ْيني‬
‫‪ 70‬ـ تاج العروس من جواهر القاموس‪ ،‬ألبي الفيض محمد بن محمد بن عبد الرزاق ُ‬
‫الزبِيدي ت‪1205‬ﻫ‪ ،‬دار الهداية‪ ،‬تحقيق‪ :‬مجموعة من المحققين‪.‬‬
‫الملقب بمرتضى َّ‬

‫‪ 71‬ـ تاريخ أبي زرعة الدمشقي عبد الرحمن بن عمرو بن عبد اهلل بن صفوان المل َّقب بشيخ‬
‫الشباب ت‪281‬ﻫ‪ ،‬نشر مجمع اللغة العربية‪ ،‬دمشق‪ ،‬دراسة وتحقيق‪ :‬شكر اهلل نعمة اهلل القوجاني‪ ،‬رسالة‬
‫ماجستير بجامعة بغداد‪.‬‬

‫‪ 72‬ـ تاريخ أسماء الثقات ممن نقل عنهم العلم‪ ،‬ألبي حفص عمر بن أحمد المعروف بابن شاهين‬
‫ت‪385‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬الدار السلفية‪ ،‬الكويت‪ ،‬تحقيق‪ :‬صبحي السامرائي‪.‬‬

‫‪ 73‬ـ تاريخ أسماء الضعفاء والكذابين‪ ،‬ألبي حفص عمر بن أحمد المعروف بابن شاهين‬
‫ت‪385‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬تحقيق‪ :‬عبد الرحيم محمد أحمد القشقري‪.‬‬

‫‪ 74‬ـ تاريخ اإلسالم ووفيات المشاهير واألعالم‪ ،‬ألبي عبد اهلل محمد بن أحمد بن عثمان بن‬
‫قا ْيماز الذهبي ت‪748‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،2‬دار الكتاب العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬عمر عبد السالم التدمري‪.‬‬

‫‪ 75‬ـ التاريخ األوسط‪ ،‬ألبي عبد اهلل محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري ت‪256‬ﻫ‪،‬‬
‫ط‪ ،1‬دار الوعي‪ ،‬مكتبة دار التراث‪ ،‬حلب والقاهرة‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمود إبراهيم زايد‪.‬‬

‫‪ 76‬ـ تاريخ الثقات‪ ،‬ألبي الحسن أحمد بن عبد اهلل بن صالح العجلي ت‪261‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد المعطي قلعجي‪.‬‬

‫‪ 77‬ـ تاريخ الرسل والملوك‪ ،‬لمحمد بن جرير بن يزيد بن كثير الطبري أبي جعفر ت‪310‬ﻫ‪ ،‬ط‪،2‬‬
‫دار التراث‪ ،‬بيروت‪.‬‬

‫‪ 78‬ـ التاريخ الصغير‪ ،‬ألبي عبد اهلل محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري ت‪256‬ﻫ‪،‬‬
‫دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمود إبراهيم زايد‪.‬‬

‫‪ 79‬ـ التاريخ الكبير المعروف بتاريخ ابن أبي خيثمة أبي بكر أحمد بن أبي خيثمة ت‪279‬ﻫ‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫دار الفاروق الحديثة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬تحقيق‪ :‬صالح بن فتحي هالل‪.‬‬

‫‪ 80‬ـ التاريخ الكبير‪ ،‬ألبي عبد اهلل محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة الجعفي موالهم‬
‫البخاري ت‪256‬ﻫ‪ ،‬دائرة المعارف العثمانية‪ ،‬حيدر آباد الدكن‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد عبد المعيد خان‪.‬‬
‫‪437‬‬ ‫فهرس المصادر والمراجع‬

‫‪ 81‬ـ تاريخ بغداد‪ ،‬للخطيب البغدادي أحمد بن علي بن ثابت أبي بكر‪ ،‬ت‪463‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬مصطفى عبد القادر عطا‪.‬‬

‫‪ 82‬ـ تاريخ دمشق‪ ،‬ألبي القاسم علي بن الحسن بن هبة اهلل المعروف بابن عساكر ت‪571‬ﻫ‪،‬‬
‫ط‪1415‬ﻫ‪1995 ،‬م‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬عمر بن غرامة العمروي‪.‬‬

‫‪ 83‬ـ تاريخ هاشم بن مرثد الطبراني ت‪ ،278‬عن يحيى بن معين‪ ،‬ط‪ ،2‬دار الفاروق الحديثة‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد بن علي األزهري‪.‬‬

‫‪ 84‬ـ تاريخ يحيى بن معين ت‪233‬ﻫ‪ ،‬رواية ابن محرز‪ ،‬ط‪ ،1‬مجمع اللغة العربية‪ ،‬دمشق‪ ،‬تحقيق‪:‬‬
‫محمد كامل القصار‪.‬‬

‫‪ 85‬ـ تاريخ يحيى بن معين ت‪233‬ﻫ‪ ،‬رواية عباس الدوري‪ ،‬ط‪ ،1‬مركز البحث العلمي وإحياء‬
‫التراث اإلسالمي‪ ،‬مكة المكرمة‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد محمد نور سيف‪.‬‬

‫‪ 86‬ـ تاريخ يحيى بن معين ت‪233‬ﻫ‪ ،‬رواية عثمان الدارمي ت‪280‬ﻫ‪ ،‬دار المأمون للتراث‪،‬‬
‫دمشق‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد محمد نور سيف‪.‬‬

‫‪ 87‬ـ التبيين ألسماء المدلسين‪ ،‬لبرهان الدين إبراهيم بن محمد بن خليل الطرابلسي الشهير بسبط بن‬
‫العجمي ت‪841‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬يحيى شفيق حسن‪.‬‬

‫‪ 88‬ـ تحفة األبرار شرح مصابيح السنة‪ ،‬للقاضي البيضاوي ت ‪685‬ﻫ‪ ،‬ط‪1433 ،1‬ﻫ‪2012 ،‬م‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬لجنة متخصصة من المحققين بإشراف نور الدين طالب‪ ،‬إدارة الثقافة اإلسالمية بالكويت‪.‬‬

‫‪ 89‬ـ تحفة األشراف بمعرفة األطراف‪ ،‬ألبي الحجاج جمال الدين يوسف بن الزكي عبد الرحمن‬
‫ابن يوسف المزي ت‪742‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،2‬الدار القيمة بالهند‪ ،‬والمكتب اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد‬
‫الصمد شرف الدين‪ ،‬وزهير الشاويش‪.‬‬

‫‪ 90‬ـ تحفة التحصيل في ذكر رواة المراسيل‪ ،‬لولي الدين أبي زرعة أحمد بن عبد الرحيم بن‬
‫الحسين العراقي ت‪826‬ﻫ‪ ،‬مكتبة الرشد‪ ،‬الرياض‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد اهلل نوارة‪.‬‬

‫‪ 91‬ـ تخريج األحاديث واآلثار الواقعة في تفسير الكشاف للزمخشري‪ ،‬جمال الدين أبو محمد‬
‫‪٣‬‬

‫‪438‬‬

‫عبد اهلل بن يوسف بن محمد الزيلعي ت ‪762‬ﻫ‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد اهلل بن عبد الرحمن السعد‪ ،‬دار ابن خزيمة‪،‬‬
‫الرياض‪ ،‬ط‪1414 ،1‬ﻫ‪.‬‬

‫‪ 92‬ـ التراجم الساقطة من كتاب إكمال تهذيب الكمال‪ ،‬ألبي عبد اهلل مغلطاي بن قليج المصري‬
‫المحدِّ ث‪ ،‬السعودية‪ ،‬تحقيق‪ :‬مجموعة من طالب الماجستير بجامعة الملك سعود‪.‬‬
‫ت‪762‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار َ‬

‫‪ 93‬ـ الترغيب في الدعاء والحث عليه‪ ،‬ألبي محمد عبد الغني بن عبد الواحد بن علي بن سرور‬
‫المقدسي ت‪600‬ﻫ‪ ،‬دار ابن حزم‪ ،‬بيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬فواز أحمد زمرلي‪.‬‬

‫‪ 94‬ـ الترغيب في فضائل األعمال وثواب ذلك‪ ،‬ألبي حفص عمر بن أحمد بن عثمان المعروف‬
‫بابن شاهين ت‪385‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد حسن إسماعيل‪.‬‬

‫‪ 95‬ـ الترغيب والترهيب من الحديث الشريف‪ ،‬لزكي الدين عبد العظيم بن عبد القوي بن عبد اهلل‬
‫المنذري ت‪656‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬إبراهيم شمس الدين‪.‬‬

‫‪ 96‬ـ تسمية مشايخ أبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب ت‪303‬ﻫ وذكر المدلسين«‪ ،‬ط‪ ،1‬دار عالم‬
‫الفوائد‪ ،‬مكة المكرمة‪ ،‬تحقيق‪ :‬الشريف حاتم بن عارف العوني‪.‬‬

‫‪ 97‬ـ تعجيل المنفعة بزوائد رجال األئمة األربعة‪ ،‬ألبي الفضل أحمد بن علي بن محمد بن حجر‬
‫العسقالني ت‪852‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار البشائر‪ ،‬بيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬إكرام اهلل إمداد الحق‪.‬‬

‫‪ 98‬ـ التعديل والتجريح لمن خرج له البخاري في الجامع الصحيح‪ ،‬ألبي الوليد سليمان بن‬
‫خلف بن سعد بن أيوب بن وارث التجيبي القرطبي الباجي األندلسي ت‪474‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار اللواء للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬الرياض‪ ،‬تحقيق‪ :‬أبو لبابة حسين‪.‬‬

‫الم ْر َو ِزي ت‪294‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬مكتبة‬


‫‪ 99‬ـ تعظيم قدر الصالة‪ ،‬ألبي عبد اهلل محمد بن نصر بن الحجاج َ‬
‫الدار‪ ،‬المدينة المنورة‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد الرحمن عبد الجبار الفريوائي‪.‬‬

‫‪ 100‬ـ تغليق التعليق‪ ،‬ألبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقالني ت‪852‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬المكتب‬
‫اإلسالمي‪ ،‬ودار عمار‪ ،‬بيروت وعمان‪ ،‬تحقيق‪ :‬سعيد عبد الرحمن موسى القزقي‪.‬‬

‫‪ 101‬ـ تفسير القرآن العظيم‪ ،‬ألبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي‬
‫ت ‪774‬ﻫ‪ ،‬تحقيق‪ :‬سامي بن محمد سالمة‪ ،‬دار طيبة للنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪1420 ،2‬ﻫ‪.‬‬
‫‪439‬‬ ‫فهرس المصادر والمراجع‬

‫‪ 102‬ـ تفسير القرآن العظيم‪ ،‬لعبد الرحمن بن أبي حاتم محمد بن إدريس الرازي ت‪327‬ﻫ‪ ،‬ط‪،3‬‬
‫مكتبة نزار مصطفى الباز‪ ،‬السعودية‪ ،‬تحقيق‪ :‬أسعد محمد الطيب‪.‬‬

‫‪ 103‬ـ تفسـير غريـب مـا فـي الصحيحيـن البخاري ومسـلم‪ ،‬ألبـي عبـد اهلل محمد بـن أبي نصر‬
‫الح ِميـدي ت‪488‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬مكتبـة السـنة‪،‬‬ ‫فتـوح بـن عبـد اهلل بـن فتـوح بـن حميـد األزدي الميورقـي َ‬
‫القاهـرة‪ ،‬مصـر‪ ،‬تحقيـق‪ :‬زبيـدة محمد سـعيد عبـد العزيز‪.‬‬

‫‪ 104‬ـ تقريب التهذيب‪ ،‬ألبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقالني ت‪853‬ﻫ‪ ،‬ط‪1430‬ﻫ‪،‬‬
‫‪2009‬م‪ ،‬دار الحديث‪ ،‬القاهرة‪ ،‬تحقيق‪ :‬حامد عبد اهلل المحالوي‪.‬‬

‫‪ 105‬ـ تَكم َلة ُمعجم ُ‬


‫المؤلفين‪ ،‬لمحمد خير بن رمضان بن إسماعيل يوسف‪ ،‬دار ابن حزم للطباعة‬
‫والنشر والتوزيع‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1418 ،1‬ﻫ‪.‬‬

‫‪ 106‬ـ التكميل لما فات تخريجه من إرواء الغليل‪ ،‬صالح بن عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم آل‬
‫الشيخ‪ ،‬دار العاصمة للنشر والتوزيع‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪1417 ،1‬ﻫ‪.‬‬

‫‪ 107‬ـ التلخيـص الحبيـر فـي تخريـج أحاديـث الرافعـي الكبيـر‪ ،‬أبو الفضـل أحمد بـن علي بن‬
‫محمـد بـن أحمـد بـن حجـر العسـقالني ت ‪852‬ﻫ‪ ،‬تحقيـق‪ :‬أبـو عاصم حسـن بـن عباس بـن قطب‪،‬‬
‫مؤسسـة قرطبة‪ ،‬مصـر‪ ،‬ط‪1416 ،1‬ﻫ‪.‬‬

‫‪ 108‬ـ تلخيص كتاب الموضوعات البن الجوزي‪ ،‬ألبي عبد اهلل محمد بن أحمد بن عثمان‬
‫الذهبي ت‪748‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬مكتبة الرشد‪ ،‬الرياض‪ ،‬تحقيق‪ :‬ياسر إبراهيم محمد‪.‬‬

‫‪ 109‬ـ التمهيد لما في الموطأ من المعاني واألسانيد؛ ألبي عمر يوسف بن عبد اهلل بن محمد ابن‬
‫عبد البر بن عاصم النمري القرطبي ت‪463‬ﻫ‪ ،‬ط‪1387‬ﻫ‪ ،‬وزارة عموم األوقاف والشئون اإلسالمية‪،‬‬
‫المغرب‪ ،‬تحقيق‪ :‬مصطفى بن أحمد العلوي‪ ،‬ومحمد عبد الكبير البكري‪.‬‬

‫‪ 110‬ـ التمييز‪ ،‬ألبي الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري ت‪261‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،3‬مكتبة‬
‫الكوثر‪ ،‬السعودية‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد مصطفى األعظمي‪.‬‬

‫‪ 111‬ـ تنزيـه الشـريعة المرفوعـة عـن األخبار الشـنيعة الموضوعـة‪ ،‬لعلي بن محمد بـن علي بن‬
‫‪٣‬‬

‫‪440‬‬

‫عبـد الرحمـن بـن عـراق الكنانـي ت‪963‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الكتـب العلمية‪ ،‬بيـروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبـد الوهاب‬
‫عبـد اللطيـف‪ ،‬وعبـد اهلل محمد الصديـق الغماري‪.‬‬

‫‪ 112‬ـ التنكيل بما في تأنيب الكوثري من األباطيل‪ ،‬عبد الرحمن بن يحيى بن علي بن محمد‬
‫المعلمي العتمي اليماني ت ‪1386‬ﻫ‪ ،‬مع تخريجات وتعليقات‪ :‬محمد ناصر الدين األلباني‪ ،‬زهير‬
‫الشاويش‪ ،‬عبد الرزاق حمزة‪ ،‬المكتب اإلسالمي‪ ،‬ط‪1406 ،2‬ﻫ‪.‬‬

‫‪ 113‬ـ تنوير الحوالك شرح موطأ مالك‪ ،‬لعبد الرحمن بن أبي بكر‪ ،‬جالل الدين السيوطي‪،‬‬
‫ت‪911‬ه‪ ،‬المكتبة التجارية الكبرى‪ ،‬مصر‪1389 ،‬ﻫ‪.‬‬

‫الص ِغ ِير‪ ،‬لمحمد بن إسماعيل بن صالح بن محمد الحسني‪ ،‬الكحالني‬ ‫ِ‬


‫َّنوير َش ْر ُح َ‬
‫الجامع َّ‬ ‫‪ 114‬ـ الت ُ‬
‫محمد إسحاق‬
‫َّ‬ ‫ثم الصنعاني‪ ،‬أبو إبراهيم‪ ،‬عز الدين‪ ،‬المعروف كأسالفه باألمير‪1182 ،‬ﻫ‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪.‬‬
‫محمد إبراهيم‪ ،‬مكتبة دار السالم‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪1432 ،1‬ﻫ‪.‬‬
‫َّ‬
‫‪ 115‬ـ تهذيب اآلثار وتفصيل الثابت عن رسول اهلل ﷺ من األخبار‪ ،‬ألبي جعفر محمد بن‬
‫جرير بن يزيد الطبري ت‪310‬ﻫ‪ ،‬مطبعة المدني‪ ،‬القاهرة‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمود محمد شاكر‪.‬‬

‫‪ 116‬ـ تهذيب األسماء واللغات‪ ،‬ألبي زكريا يحيى بن شرف النووي ت‪676‬ﻫ‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.‬‬

‫‪ 117‬ـ تهذيب التهذيب‪ ،‬ألبي الفضل أحمد بن علي ابن حجر العسقالني ت‪852‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬مطبعة‬
‫دائرة المعارف النظامية بالهند‪.‬‬

‫‪ 118‬ـ تهذيب الكمال في أسماء الرجال‪ ،‬لجمال الدين أبي الحجاج يوسف بن عبد الرحمن بن‬
‫يوسف القضاعي المزي ت‪742‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬بشار عواد معروف‪.‬‬

‫‪ 119‬ـ تهذيب اللغة‪ ،‬لمحمد بن أحمد بن األزهري الهروي‪ ،‬أبو منصور ت‪370 :‬ﻫ‪ ،‬تحقيق‪:‬‬
‫محمد عوض مرعب‪ ،‬دار إحياء التراث العربي بيروت‪ ،‬ط‪2001 ،1‬م‪.‬‬

‫‪ 120‬ـ التوحيـد وإثبـات صفـات الـرب عـز وجـل‪ ،‬ألبي بكـر محمد بن إسـحاق بـن خزيمة بن‬
‫المغيـرة بـن صالح بن بكر السـلمي النيسـابوري ت‪311‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،5‬مكتبة الرشـد‪ ،‬الريـاض‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد‬
‫العزيـز بن إبراهيم الشـهوان‪.‬‬
‫‪441‬‬ ‫فهرس المصادر والمراجع‬

‫‪ 121‬ـ التوضيح لشرح الجامع الصحيح‪ ،‬البن الملقن سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن‬
‫أحمد الشافعي المصري‪ ،‬ت‪804‬ﻫ‪ ،‬تحقيق‪ :‬دار الفالح للبحث العلمي وتحقيق التراث‪ ،‬دار النوادر‪،‬‬
‫دمشق‪ ،‬ط‪1429 ،1‬ﻫ‪.‬‬

‫‪ 122‬ـ التوقيف على مهمات التعاريف؛ لزين الدين عبد الرؤوف بن تاج العارفين بن علي بن زين‬
‫العابدين المناوي ت‪1031‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬عالم الكتب ‪ 38‬عبد الخالق ثروت‪ ،‬القاهرة‪.‬‬

‫‪ 123‬ـ تيسير الكريم الرحمن في تفسير كالم المنان‪ ،‬عبد الرحمن بن ناصر بن عبد اهلل السعدي‬
‫ت ‪1376‬ﻫ‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد الرحمن بن معال اللويحق‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬ط‪1420 ،1‬ﻫ‪.‬‬

‫‪ 124‬ـ تيسـير اللطيـف المنـان في خالصة تفسـير القرآن‪ ،‬أبـو عبد اهلل‪ ،‬عبد الرحمـن بن ناصر بن‬
‫عبـد اهلل بـن ناصـر بـن حمـد آل سـعدي ت ‪1376‬ﻫ‪ ،‬وزارة الشـئون اإلسلامية واألوقـاف والدعـوة‬
‫واإلرشـاد‪ ،‬المملكـة العربيـة السـعودية‪ ،‬ط‪1422 ،1‬ﻫ‪.‬‬

‫‪ 125‬ـ التيسير بشرح الجامع الصغير‪ ،‬زين الدين محمد المدعو بعبد الرؤوف بن تاج العارفين بن‬
‫علي بن زين العابدين الحدادي ثم المناوي القاهري ت ‪1031‬ﻫ‪ ،‬مكتبة اإلمام الشافعي‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪،3‬‬
‫‪1408‬ﻫ‪.‬‬

‫‪ 126‬ـ الثقات‪ ،‬ألبي حاتم محمد بن حبان ال ُب ْستِي ت‪354‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬دائرة المعارف العثمانية‪ ،‬حيدر‬
‫آباد الدكن‪ ،‬الهند‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪.‬‬

‫‪ 127‬ـ الثمر المستطاب في فقه السنة والكتاب‪ ،‬ألبي عبد الرحمن محمد ناصر الدين‪ ،‬بن الحاج‬
‫نوح بن نجاتي بن آدم‪ ،‬األشقودري األلباني ت ‪1420‬ﻫ‪ ،‬غراس للنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪1422 ،1‬ﻫ‪.‬‬

‫‪ 128‬ـ جامـع األصـول فـي أحاديـث الرسـول‪ ،‬لمجـد الدين أبـو السـعادات المبارك بـن محمد‬
‫بـن محمـد بـن محمـد ابـن عبـد الكريـم الشـيباني الجـزري ابـن األثيـر (المتوفـى‪606 :‬ﻫ‪ ،‬تحقيـق‪:‬‬
‫عبـد القـادر األرنـؤوط‪ ،‬التتمة تحقيق بشـير عيـون‪ ،‬مكتبة الحلوانـي‪ ،‬مطبعة الملاح‪ ،‬مكتبـة دار البيان‬
‫ط‪1389 ،1‬ﻫ‪.‬‬

‫‪ 129‬ـ جامع البيان في تأويل القرآن‪ ،‬محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب اآلملي‪ ،‬أبو جعفر‬
‫الطبري ت ‪310‬ﻫ‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد محمد شاكر‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬ط‪1420 ،1‬ﻫ‪.‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪442‬‬

‫‪ 130‬ـ جامع التحصيل في أحكام المراسيل‪ ،‬ألبي سعيد خليل بن َك ْي َك َل ِدي العالئي ت‪ ،761‬ط‪،2‬‬
‫عالم الكتب‪ ،‬بيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬حمدي عبد المجيد السلفي‪.‬‬

‫‪ 131‬ـ جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديث ًا من جوامع الكلم‪ ،‬زين الدين عبد الرحمن بن‬
‫السالمي‪ ،‬البغدادي‪ ،‬ثم الدمشقي‪ ،‬الحنبلي ت ‪795‬ﻫ‪ ،‬تحقيق‪ :‬الدكتور‬
‫أحمد بن رجب بن الحسن‪َ ،‬‬
‫محمد األحمدي أبو النور‪ ،‬دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪1424 ،2‬ﻫ‪.‬‬

‫‪ 132‬ـ الجامع ألحكام القرآن‪ ،‬أبو عبد اهلل محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح األنصاري‬
‫الخزرجي شمس الدين القرطبي ت ‪671‬ﻫ‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش‪ ،‬دار الكتب‬
‫المصرية ـ القاهرة‪ ،‬ط‪1384 ،2‬ﻫ‬

‫‪ 133‬ـ الجرح والتعديل‪ ،‬ألبي محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم محمد بن إدريس الرازي‬
‫ت‪327‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬دائرة المعارف العثمانية‪ ،‬حيدر آباد الدكن‪ ،‬الهند‪.‬‬
‫‪ 134‬ـ جزء األلف دينار‪ ،‬وهو الجزء الخامس من الفوائد المنتقاة واألفراد الغرائب ِ‬
‫الح َسان‪،‬‬
‫ألبي بكر أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك بن شبيب البغدادي القطيعي ت‪368‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار النفائس‪،‬‬
‫الكويت‪ ،‬تحقيق‪ :‬بدر عبد اهلل البدر‪.‬‬

‫‪ 135‬ـ جمهرة اللغة‪ ،‬ألبي بكر محمد بن الحسن بن دريد األزدي ت‪321‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار العلم‬
‫للماليين‪ ،‬بيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬رمزي منير بعلبكي‪.‬‬

‫‪ 136‬ـ الجهاد‪ ،‬ألبي بكر أحمد بن أبي عاصم عمرو بن الضحاك بن مخلد الشيباني ت‪287‬ﻫ‪،‬‬
‫ط‪ ،1‬مكتبة العلوم والحكم‪ ،‬المدينة المنورة‪ ،‬تحقيق‪ :‬مساعد سليمان الراشد الجميد‪.‬‬

‫‪ 137‬ـ حاشية السندي على سنن ابن ماجه = كفاية الحاجة في شرح سنن ابن ماجه‪ ،‬محمد بن‬
‫عبد الهادي التتوي‪ ،‬أبو الحسن‪ ،‬نور الدين السندي ت ‪1138‬ﻫ‪ ،‬دار الجيل‪ ،‬بيروت‪.‬‬

‫‪ 138‬ـ حاشية السندي على سنن النسائي (مطبوع مع السنن)‪ ،‬محمد بن عبد الهادي التتوي‪ ،‬أبو‬
‫الحسن‪ ،‬نور الدين السندي ت ‪1138‬ﻫ‪ ،‬مكتب المطبوعات اإلسالمية‪ ،‬حلب‪ ،‬ط‪1406 ،2‬ﻫ‪.‬‬

‫‪ 139‬ـ حاشية السيوطي على سنن النسائي (مطبوع السنن)‪ ،‬عبد الرحمن بن أبي بكر‪ ،‬جالل الدين‬
‫السيوطي ت ‪911‬ﻫ‪ ،‬مكتب المطبوعات اإلسالمية‪ ،‬حلب‪ ،‬ط‪1406 ،2‬ه‪.‬‬
‫‪443‬‬ ‫فهرس المصادر والمراجع‬

‫‪ 140‬ـ حديث أبي الفضل الزهري عبيد اهلل بن عبد الرحمن بن محمد بن عبيد اهلل بن سعد بن‬
‫إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف العوفي الزهري القرشي البغدادي ت‪381‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬أضواء السلف‪،‬‬
‫الرياض‪ ،‬تحقيق‪ :‬حسن محمد علي شبالة البلوط‪.‬‬

‫‪ 141‬ـ حلية األولياء وطبقات األصفياء‪ ،‬ألبي نعيم أحمد بن عبد اهلل بن أحمد بن إسحاق بن‬
‫موسى بن مهران األصبهاني ت‪430‬ﻫ‪ ،‬ط‪1394‬ﻫ‪1974 ،‬م‪ ،‬دار السعادة‪ ،‬مصر‪.‬‬

‫‪ 142‬ـ حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر‪ ،‬عبد الرزاق بن حسن بن إبراهيم البيطار الميداني‬
‫الدمشقي ت ‪1335‬ﻫ‪ ،‬حققه ونسقه وعلق عليه حفيده‪ :‬محمد بهجة البيطار‪ ،‬من أعضاء مجمع اللغة‬
‫العربية‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1413 ،2‬ﻫ‪.‬‬

‫‪ 143‬ـ حيـاة الحيـوان الكبـرى‪ ،‬لمحمـد بـن موسـى بـن عيسـى بن علـي الدميـري‪ ،‬أبـو البقاء‪،‬‬
‫كمـال الديـن الشـافعي ت ‪808‬ﻫ‪ ،‬دار الكتـب العلميـة‪ ،‬بيـروت‪ ،‬ط‪1424 ،2‬ﻫ‪.‬‬

‫‪ 144‬ـ خالصة األثر في أعيان القرن الحادي عشر‪ ،‬محمد أمين بن فضل اهلل بن محب الدين بن‬
‫محمد المحبي الحموي األصل‪ ،‬الدمشقي ت ‪1111‬ﻫ‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪.‬‬

‫‪ 145‬ـ خالصـة األحـكام فـي مهمـات السـنن وقواعـد اإلسلام‪ ،‬ألبـي زكريـا محيـي الديـن‬
‫يحيى بن شـرف النووي ت‪676‬ﻫ‪ ،‬حققه وخرج أحاديثه‪ :‬حسـين إسـماعيل الجمل‪ ،‬مؤسسـة الرسـالة‪،‬‬
‫لبنان‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1418 ،1‬ﻫ‪.‬‬

‫‪ 146‬ـ خالصة تذهيب تهذيب الكمال في أسماء الرجال؛ لصفي الدين أحمد بن عبد اهلل بن أبي‬
‫الخير بن عبد العليم الخزرجي األنصاري الساعدي ت‪923‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،5‬مكتب المطبوعات اإلسالمية‪ ،‬ودار‬
‫البشائر‪ ،‬حلب وبيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد الفتاح أبو غدة‪.‬‬

‫‪ 147‬ـ الخالفيات‪ ،‬للبيهقي ت‪458‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الصميعي‪ ،‬تحقيق‪ :‬مشهور حسن آل سلمان‪.‬‬

‫‪ 148‬ـ الـدر المنثـور فـي التفسـير بالمأثـور‪ ،‬لجلال الدين عبـد الرحمن بـن أبي بكر السـيوطي‬
‫ت‪911‬ﻫ‪ ،‬دار الفكـر‪ ،‬بيروت‪.‬‬

‫‪ 149‬ـ الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة‪ ،‬ألبي الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن‬
‫‪٣‬‬

‫‪444‬‬

‫حجر العسقالني ت ‪852‬ﻫ‪ ،‬مراقبة‪ :‬محمد عبد المعيد ضان‪ ،‬مجلس دائرة المعارف العثمانية‪ ،‬حيدر‬
‫اباد‪ ،‬ط‪1392 ،2‬ﻫ‪.‬‬

‫‪ 150‬ـ الدعاء‪ ،‬ألبي القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الشامي الطبراني‬
‫ت‪360‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬مصطفى عبد القادر عطا‪.‬‬

‫الخ ْس َر ْو ِج ْردي ت‪458‬ﻫ‪،‬‬


‫‪ 151‬ـ الدعوات الكبير‪ ،‬ألبي بكر أحمد بن الحسين بن علي بن موسى ُ‬
‫ط‪ ،1‬غراس للنشر والتوزيع‪ ،‬الكويت‪ ،‬تحقيق‪ :‬بدر عبد اهلل البدر‪.‬‬

‫الخ ْس َر ْو ِج ْردي ت‪458‬ﻫ‪،‬‬


‫‪ 152‬ـ دالئل النبوة‪ ،‬ألبي بكر أحمد بن الحسين بن علي بن موسى ُ‬
‫ط‪ ،1‬دار الكتب العلمية‪ ،‬ودار الريان للتراث‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد المعطي قلعجي‪.‬‬

‫‪ 153‬ـ دالئل النبوة‪ ،‬ألبي نعيم أحمد بن عبد اهلل بن أحمد األصبهاني ت‪430‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،2‬دار النفائس‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد رواس قلعجي‪ ،‬وعبد البر عباس‪.‬‬

‫‪ 154‬ـ دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين‪ ،‬محمد علي بن محمد بن عالن بن إبراهيم البكري‬
‫الصديقي الشافعي ت ‪1057‬ﻫ‪ ،‬اعتنى بها‪ :‬خليل مأمون شيحا‪ ،‬دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪1425 ،4‬ﻫ‪.‬‬

‫‪ 155‬ـ الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج‪ ،‬لعبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي ت ‪911‬ﻫ‪،‬‬
‫ط‪1416 ،1‬ﻫ‪1996 ،‬م‪ ،‬دار ابن عفان‪ ،‬السعودية‪ ،‬تحقيق‪ :‬أبي إسحاق الحويني‪.‬‬

‫‪ 156‬ـ ديوان الضعفاء‪ ،‬ألبي عبد اهلل محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي ت‪748‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،2‬مكتبة‬
‫النهضة الحديثة‪ ،‬مكة‪ ،‬تحقيق‪ :‬حماد بن محمد األنصاري‪.‬‬

‫‪ 157‬ـ ذخيرة الحفاظ‪ ،‬ألبي الفضل محمد بن طاهر المقدسي الشيباني المعروف بابن القيسراني‬
‫ت‪507‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار السلف‪ ،‬الرياض‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد الرحمن الفريوائي‪.‬‬

‫‪ 158‬ـ ذكر المدلسين‪ ،‬ألبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي ت‪303‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار عالم‬
‫الفوائد‪ ،‬مكة المكرمة‪ ،‬تحقيق‪ :‬الشريف حاتم بن عارف العوني‪.‬‬

‫‪ 159‬ـ ذيل ديوان الضعفاء‪ ،‬لشمس الدين أبي عبد اهلل محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي ت‪748‬ﻫ‪،‬‬
‫ط‪ ،1‬مكتبة النهضة الحديثة‪ ،‬مكة‪ ،‬تحقيق‪ :‬حماد بن محمد األنصاري‪.‬‬
‫‪445‬‬ ‫فهرس المصادر والمراجع‬

‫السالمي‪،‬‬
‫‪ 160‬ـ ذيل طبقات الحنابلة‪ ،‬لزين الدين عبد الرحمن بن أحمد بن رجب بن الحسن‪َ ،‬‬
‫البغدادي‪ ،‬ثم الدمشقي‪ ،‬الحنبلي ت ‪795‬ﻫ‪ ،‬تحقيق‪ :‬د عبد الرحمن بن سليمان العثيمين‪ ،‬مكتبة العبيكان‪،‬‬
‫الرياض‪ ،‬ط‪1425 ،1‬ﻫ‪.‬‬

‫‪ 161‬ـ رفـع الملام عـن األئمـة األعلام‪ ،‬تقـي الديـن أبـو ال َعبـاس أحمـد بـن عبـد الحليـم بن‬
‫عبـد السلام بن عبـد اهلل بن أبي القاسـم بـن محمد ابـن تيميـة الحراني الحنبلـي الدمشـقي ت ‪728‬ﻫ‪،‬‬
‫طبع ونشـر‪ :‬الرئاسـة العامـة إلدارات البحـوث العلمية واإلفتاء والدعوة واإلرشـاد‪ ،‬الريـاض‪ ،‬المملكة‬
‫العربية السـعودية‪1403 ،‬ﻫ‪.‬‬

‫‪ 162‬ـ الرواة الثقات المتكلم فيهم بما ال يوجب ردهم‪ ،‬ألبي عبد اهلل محمد بن أحمد بن عثمان‬
‫الذهبي ت‪748‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار البشائر اإلسالمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد إبراهيم الموصلي‪.‬‬

‫‪ 163‬ـ روح المعانـي فـي تفسـير القـرآن العظيـم والسـبع المثانـي‪ ،‬لشـهاب الديـن محمـود بـن‬
‫عبـد اهلل الحسـيني األلوسـي ت ‪1270‬ﻫ‪ ،‬تحقيق‪ :‬علي عبد البـاري عطية‪ ،‬دار الكتـب العلمية‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫ط‪1415 ،1‬ﻫ‪.‬‬

‫‪ 164‬ـ زاد المسير في علم التفسير‪ ،‬لجمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد‬
‫الجوزي ت ‪597‬ﻫ‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد الرزاق المهدي‪ ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1422 ،1‬ﻫ‪.‬‬

‫‪ 165‬ـ الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي‪ ،‬ألبي منصور محمد بن أحمد بن األزهر األزهري‬
‫الهروي‪ ،‬ط‪ ،1‬وزارة األوقاف والشئون اإلسالمية‪ ،‬الكويت‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد جبر األلفي‪.‬‬

‫‪ 166‬ـ الزهد والرقائق‪ ،‬ألبي عبد الرحمن عبد اهلل بن المبارك بن واضح الحنظلي المروزي‬
‫ت‪181‬ﻫ‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬حبيب الرحمن األعظمي‪.‬‬
‫الس ِ‬
‫ـري بـن مصعب بـن أبي بكر بن شـبر بـن صعفوق بن‬ ‫الس ِ‬
‫ـري َهنَّـاد بـن َّ‬ ‫‪ 167‬ـ الزهـد‪ ،‬ألبـي َّ‬
‫عمـرو بـن زرارة بـن عـدس بـن زيـد التميمـي الدارمـي الكوفـي ت‪243‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الخلفـاء للكتاب‬
‫اإلسلامي‪ ،‬الكويـت‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبـد الرحمن عبـد الجبـار الفريوائي‪.‬‬

‫‪ 168‬ـ الزهد‪ ،‬ألبي بكر أحمد بن أبي عاصم عمرو بن الضحاك الشيباني ت‪287‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،2‬دار‬
‫الريان للتراث‪ ،‬القاهرة‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد العلي عبد الحميد حامد‪.‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪446‬‬

‫‪ 169‬ـ الزهد‪ ،‬ألبي بكر عبد اهلل بن محمد بن عبيد بن سفيان المعروف بابن أبي الدنيا ت‪281‬ﻫ‪،‬‬
‫ط‪ ،1‬دار ابن كثير‪ ،‬دمشق‪.‬‬

‫‪ 170‬ـ الزهد‪ ،‬ألبي حاتم محمد بن إدريس الرازي ت‪277‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار أطلس للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫الرياض‪ ،‬تحقيق‪ :‬منذر سليم محمود الدومي‪.‬‬

‫‪ 171‬ـ الزهد‪ ،‬ألبي عبد اهلل أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني ت‪241‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،2‬دار ابن رجب‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬يحيى بن محمد سوس‪.‬‬

‫‪ 172‬ـ سبل السالم‪ ،‬لمحمد بن إسماعيل بن صالح بن محمد الحسني‪ ،‬الكحالني ثم الصنعاني‪،‬‬
‫أبو إبراهيم‪ ،‬عز الدين‪ ،‬المعروف كأسالفه باألمير ت ‪1182‬ﻫ‪ ،‬دار الحديث‪.‬‬

‫‪ 173‬ـ سلسلة األحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها‪ ،‬الشيخ محمد ناصر الدين األلباني‬
‫ت‪1420‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬مكتبة المعارف‪ ،‬الرياض‪.‬‬

‫‪ 174‬ـ سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر‪ ،‬لمحمد بن خليل المرادي ت ‪1206‬ﻫ‪ ،‬ط‪،3‬‬
‫‪1408‬ﻫ‪1988 ،‬م‪ ،‬دار البشائر اإلسالمية‪ ،‬دار ابن حزم‪ ،‬بيروت‪.‬‬

‫‪ 175‬ـ السلوك في طبقات العلماء والملوك‪ ،‬ألبي عبد اهلل الجندي محمد بن يوسف بن يعقوب‬
‫اليمني ت‪732‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،2‬مكتبة اإلرشاد‪ ،‬صنعاء‪ ،‬تحقيق محمد بن علي بن الحسين األكوع الحوالي‪.‬‬

‫‪ 176‬ـ السنة‪ ،‬ألبي عبد الرحمن عبد اهلل بن أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني ت‪290‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار‬
‫ابن القيم‪ ،‬الدمام‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد بن سعيد بن سالم القحطاني‪.‬‬

‫‪ 177‬ـ سنن ابن ماجه‪ ،‬ألبي عبد اهلل محمد بن يزيد القزويني ت‪273‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬مكتبة المعارف‪،‬‬
‫الرياض‪ ،‬تحقيق‪ :‬الشيخ محمد ناصر الدين األلباني‪.‬‬

‫‪ 178‬ـ سنن أبي داود‪ ،‬سليمان بن األشعث السجستاني ت‪275‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،3‬دار الكتب العلمية‪،‬‬
‫تحقيق محمد عبد العزيز الخالدي‪.‬‬

‫‪ 179‬ـ سنن الترمذي‪ ،‬ألبي عيسى محمد بن عيسى بن َس ْو َرة الترمذي ت‪279‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،3‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬خالد عبد الغني محفوظ‪.‬‬
‫‪447‬‬ ‫فهرس المصادر والمراجع‬

‫‪ 180‬ـ سنن الدارقطني أبي الحسن علي بن عمر بن أحمد بن مهدي البغدادي ت‪385‬ﻫ‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬تحقيق‪ :‬شعيب األرنؤوط وآخرين‪.‬‬

‫‪ 181‬ـ سنن الدارمي (مسند الدارمي)‪ ،‬ألبي محمد عبد اهلل بن عبد الرحمن بن الفضل بن بهرام‬
‫الدارمي التميمي السمرقندي ت‪255‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار المغني‪ ،‬السعودية‪ ،‬تحقيق‪ :‬حسين سليم أسد‪.‬‬

‫الخ ْس َر ْو ِج ْر ِدي ُ‬
‫الخ َراساني البيهقي‬ ‫‪ 182‬ـ السنن الصغير‪ ،‬ألبي بكر أحمد بن الحسين بن علي ُ‬
‫ت‪458‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬جامعة الدراسات اإلسالمية‪ ،‬كراتشي‪ ،‬باكستان‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد المعطي أمين قلعجي‪.‬‬

‫الخ ْس َر ْو ِج ْر ِدي ُ‬
‫الخ َراساني‬ ‫‪ 183‬ـ السنن الكبرى‪ ،‬ألبي بكر أحمد بن الحسين بن علي بن موسى ُ‬
‫البيهقي ت‪458‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،3‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد عبد القادر عطا‪.‬‬

‫‪ 184‬ـ السنن الكبرى‪ ،‬ألبي عبد اهلل أحمد بن شعيب النسائي ت‪303‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الكتب العلمية‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد الغفار سليمان البنداري‪ ،‬وسيد كسروي حسن‪.‬‬

‫‪ 185‬ـ سنن النسائي (المجتبى)‪ ،‬ألبي عبد اهلل أحمد بن شعيب بن علي النسائي ت‪303‬ﻫ‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫مكتبة المعارف‪ ،‬الرياض‪ ،‬تحقيق‪ :‬الشيخ محمد ناصر الدين األلباني‪.‬‬

‫‪ 186‬ـ السنن الواردة في الفتن‪ ،‬ألبي عمرو عثمان بن سعيد المقرئ الداني‪ ،‬ط‪ ،1‬دار العاصمة‪،‬‬
‫الرياض‪ ،‬تحقيق‪ :‬ضياء اهلل بن محمد إدريس المباركفوري‪.‬‬

‫‪ 187‬ـ سؤاالت ابن الجنيد ألبي زكريا يحيى بن معين ت‪233‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬مكتبة الدار‪ ،‬المدينة‬
‫المنورة‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد محمد نور سيف‪.‬‬

‫‪ 188‬ـ سؤاالت أبي داود السجستاني ت‪275‬ﻫ ألحمد بن محمد بن حنبل الشيباني ت‪241‬ﻫ‪،‬‬
‫ط‪ ،1‬مكتبة العلوم والحكم‪ ،‬المدينة المنورة‪ ،‬تحقيق‪ :‬زياد محمد منصور‪.‬‬

‫‪ 189‬ـ سؤاالت أبي عبد اهلل ابن بكير البغدادي ت‪388‬ﻫ ألبي الحسن الدارقطني ت‪385‬ﻫ‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫دار الفاروق الحديثة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد بن علي األزهري‪.‬‬

‫‪ 190‬ـ سؤاالت أبي عبيد اآلجري أبا داود السجستاني سليمان بن األشعث ت‪275‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬عمادة‬
‫البحث العلمي‪ ،‬الجامعة اإلسالمية‪ ،‬المدينة المنورة‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد علي قاسم العمري‪.‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪448‬‬

‫‪ 191‬ـ سؤاالت البرقاني أبي بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن غالب‪ ،‬للدارقطني‪ ،‬رواية الكرجي‪،‬‬
‫ط‪ ،1‬كتب خانه جميلي‪ ،‬الهور‪ ،‬باكستان‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد الرحيم محمد القشقري‪.‬‬

‫‪ 192‬ـ سؤاالت الحاكم ت‪405‬ﻫ للدارقطني ت‪385‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬مكتبة المعارف بالرياض‪ ،‬تحقيق‪:‬‬
‫د‪ .‬موفق بن عبد اهلل بن عبد القادر‪.‬‬

‫‪ 193‬ـ سؤاالت السلمي محمد بن الحسين بن محمد بن موسى بن خالد النيسابوري ت‪412‬ﻫ‪،‬‬
‫للدارقطني أبي الحسن علي بن عمر ت‪385‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬تحقيق‪ :‬سعد عبد اهلل الحميد وآخرين‪.‬‬

‫‪ 194‬ـ سؤاالت المروذي ألحمد (من كالم أحمد بن حنبل في علل الحديث وغيره ـ رواية‬
‫المروذي)‪ ،‬ط‪1409 ،1‬ﻫ‪ ،‬مكتبة المعارف‪ ،‬الرياض‪ ،‬تحقيق‪ :‬صبحي السامرائي‪.‬‬

‫‪ 195‬ـ سؤاالت حمزة بن يوسف السهمي ت‪427‬ﻫ للدارقطني ت‪385‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬مكتبة المعارف‬
‫بالرياض‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬موفق بن عبد اهلل بن عبد القادر‪.‬‬

‫‪ 196‬ـ سؤاالت محمد بن عثمان بن أبي شيبة لعلي بن المديني ت‪ ،234‬ط‪1404‬ﻫ‪ ،‬مكتبة‬
‫المعارف‪ ،‬تحقيق موفق عبد اهلل عبد القادر‪.‬‬

‫‪ 197‬ـ سؤاالت مسعود بن علي السجزي للحاكم أبي عبد اهلل النيسابوري ت‪405‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار‬
‫الغرب اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬موفق بن عبد اهلل بن عبد القادر‪.‬‬

‫‪ 198‬ـ سير أعالم النبالء‪ ،‬لشمس الدين أبي عبد اهلل محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي ت‪748‬ﻫ‪،‬‬
‫ط‪ ،3‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬تحقيق‪ :‬فريق من المحققين برئاسة الشيخ شعيب األرنؤوط‪.‬‬

‫‪ 199‬ـ السيل الجرار المتدفق على حدائق األزهار‪ ،‬محمد بن علي بن محمد بن عبد اهلل الشوكاني‬
‫اليمني ت ‪1250‬ﻫ‪ ،‬دار ابن حزم‪ ،‬ط‪.1‬‬

‫‪ 200‬ـ شجرة النور الزكية في طبقات المالكية‪ ،‬لمحمد مخلوف ت ‪1360‬ﻫ‪ ،‬ط‪1424 ،1‬ﻫ‪،‬‬
‫‪2003‬م‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد المجيد خيالي‪.‬‬

‫‪ 201‬ـ شذرات الذهب في أخبار من ذهب‪ ،‬ألبي الفالح عبد الحي بن أحمد بن محمد بن العماد‬
‫العكري ت‪1089‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار ابن كثير‪ ،‬دمشق وبيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد القادر األرنؤوط‪.‬‬
‫‪449‬‬ ‫فهرس المصادر والمراجع‬

‫‪ 202‬ـ شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة‪ ،‬ألبي القاسم هبة اهلل بن الحسن بن منصور الرازي‬
‫الاللكائي ت‪418‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،8‬دار طيبة‪ ،‬السعودية‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد سعد حمدان الغامدي‪.‬‬

‫‪ 204‬ـ شرح الزرقاني على موطأ اإلمام مالك‪ ،‬لمحمد بن عبد الباقي بن يوسف الزرقاني المصري‬
‫األزهري‪ ،‬تحقيق‪ :‬طه عبد الرءوف سعد‪ ،‬مكتبة الثقافة الدينية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪1424 ،1‬ﻫ‪.‬‬

‫‪ 205‬ـ شرح السنة‪ ،‬ألبي محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي ت‪516‬ﻫ‪ ،‬ط‪،2‬‬
‫المكتب اإلسالمي‪ ،‬دمشق وبيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬شعيب األرنؤوط وزهير الشاويش‪.‬‬

‫‪ 206‬ـ شرح الطيبي على مشكاة المصابيح المسمى بـ (الكاشف عن حقائق السنن)‪ ،‬لشرف الدين‬
‫الحسين بن عبد اهلل الطيبي‪ ،‬ت‪743‬ﻫ‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬عبد الحميد هنداوي‪ ،‬مكتبة نزار مصطفى الباز (مكة‬
‫المكرمة ـ الرياض)‪ ،‬ط‪1417 ،1‬ﻫ‪.‬‬

‫هراس ت ‪1395‬ﻫ‪،‬‬
‫‪ 207‬ـ شرح العقيدة الواسطية‪ ،‬ويليه ملحق الواسطية‪ ،‬محمد بن خليل حسن ّ‬
‫وخرج أحاديثه ووضع الملحق‪ :‬علوي بن عبد القادر السقاف‪ ،‬دار الهجرة للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫ضبط نصه َّ‬
‫الخبر‪ ،‬ط‪1415 ،3‬ﻫ‪.‬‬

‫‪ 208‬ـ شرح المصابيح‪ ،‬ألبي المفاخر زين العرب المصري ت ‪758‬ﻫ‪ ،‬ط‪1433 ،1‬ﻫ‪2012 ،‬م‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬لجنة متخصصة من المحققين بإشراف نور الدين طالب‪ ،‬إدارة الثقافة اإلسالمية بالكويت‪.‬‬

‫‪ 209‬ـ شرح رياض الصالحين‪ ،‬محمد بن صالح بن محمد العثيمين ت ‪1421‬ﻫ‪ ،‬دار الوطن‬
‫للنشر‪ ،‬الرياض‪1426 ،‬ﻫ‪.‬‬

‫‪ 210‬ـ شرح سنن ابن ماجه ـ اإلعالم بسنته ‪ ،‬لمغلطاي بن قليج بن عبد اهلل البكجري‬
‫المصري الحكري الحنفي‪ ،‬أبو عبد اهلل‪ ،‬عالء الدين‪ ،‬ت ‪762‬ﻫ‪ ،‬تحقيق‪ :‬كامل عويضة‪ ،‬مكتبة نزار‬
‫مصطفى الباز‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪1419 ،1‬ﻫ‪.‬‬

‫‪ 211‬ـ شـرح سـنن أبي داود‪ ،‬للبـدر العينـي‪ ،‬ت ‪855‬ﻫ‪ ،‬ط‪1420 ،1‬ﻫ‪1999 ،‬م‪ ،‬مكتبة الرشـد‪،‬‬
‫الريـاض‪ ،‬تحقيق‪ :‬خالـد المصري‪.‬‬

‫‪ 212‬ـ شرح سنن النسائي المسمى «ذخيرة العقبى في شرح المجتبى»‪ ،‬لمحمد بن علي بن آدم بن‬
‫الو َّل ِوي‪ ،‬دار المعراج الدولية للنشر‪ ،‬ودار آل بروم‪ ،‬ط‪2003 ،1416 ،1‬ﻫ‪.‬‬
‫موسى اإلثيوبي َ‬
‫‪٣‬‬

‫‪450‬‬

‫‪ 213‬ـ شرح صحيح البخارى البن بطال‪ ،‬البن بطال أبو الحسن علي بن خلف بن عبد الملك‬
‫ت ‪449‬ﻫ‪ ،‬تحقيق‪ :‬أبو تميم ياسر بن إبراهيم‪ ،‬مكتبة الرشد‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪1423 ،2‬ﻫ‪.‬‬

‫الم ْع ِل ِم ب َف َو ِائ ِد ُم ْس ِلم‪ ،‬لعياض بن‬ ‫الم َس َّمى إِ َ‬


‫كم ُال ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫‪ 214‬ـ َش ْر ُح َصحيح ُم ْسل ِم لل َقاضى ع َياض ُ‬
‫موسى بن عياض بن عمرون اليحصبي السبتي‪ ،‬أبو الفضل‪ ،‬ت‪544‬ﻫ‪،‬‬

‫‪ 215‬ـ شـرح عمـدة الفقـه‪ ،‬لتقـي الديـن أبـو العباس أحمـد بن عبـد الحليم بـن عبد السلام بن‬
‫عبـد اهلل بـن أبي القاسـم بن محمد ابـن تيمية الحرانـي الحنبلي الدمشـقي ت ‪728‬ﻫ‪ ،‬تحقيـق‪ :‬خالد بن‬
‫علـي بن محمـد المشـيقح‪ ،‬دار العاصمة‪ ،‬الريـاض‪ ،‬ط‪1418 ،1‬ﻫ‪.‬‬

‫‪ 216‬ـ شرح مشكل اآلثار‪ ،‬ألبي جعفر أحمد بن محمد بن سالمة بن عبد الملك بن سلمة األزدي‬
‫المصري الطحاوي ت‪321‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬تحقيق‪ :‬شعيب األرنؤوط‪.‬‬

‫‪ 217‬ـ شرح مصابيح السنة‪ ،‬البن الملك الرومي الحنفي ت ‪854‬ﻫ‪ ،‬ط‪1433 ،1‬ﻫ‪2012 ،‬م‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬لجنة متخصصة من المحققين بإشراف نور الدين طالب‪ ،‬إدارة الثقافة اإلسالمية بالكويت‪.‬‬

‫‪ 218‬ـ شرح معاني اآلثار‪ ،‬ألبي جعفر أحمد بن محمد بن سالمة بن عبد الملك بن سلمة األزدي‬
‫المصري الطحاوي ت‪321‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬عالم الكتب‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد زهري النجار‪ ،‬ومحمد سيد جاد الحق‪.‬‬

‫الخ ْس َر ْو ِج ْر ِدي‬
‫‪ 219‬ـ الجامع لشعب اإليمان‪ ،‬ألبي بكر أحمد بن الحسن بن علي بن موسى ُ‬
‫ُ‬
‫الخ َراساني البيهقي ت‪458‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬مكتبة الرشد بالرياض‪ ،‬والدار السلفية ببومباي‪ ،‬الهند‪ ،‬تحقيق‪ :‬علي‬
‫عبد الحميد حامد‪.‬‬

‫‪ 220‬ـ الشكر‪ ،‬ألبي بكر عبد اهلل بن محمد بن عبيد بن سفيان المعروف بابن أبي الدنيا ت‪281‬ﻫ‪،‬‬
‫ط‪ ،3‬المكتب اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬بدر عبد اهلل البدر‪.‬‬

‫‪ 221‬ـ شمس العلوم ودواء كالم العرب من الكلوم‪ ،‬لنشوان بن سعيد الحميرى اليمني‬
‫ت‪573 :‬ﻫ‪ ،‬تحقيق‪ :‬د حسين بن عبد اهلل العمري ومطهر بن علي اإلرياني و د‪.‬‬

‫‪ 222‬ـ الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية‪ ،‬ألبي نصر الفارابي إسماعيل بن محمد الجوهري‬
‫ت‪393‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،4‬دار العلم للماليين‪ ،‬بيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد عبد الغفور عطار‪.‬‬
‫‪451‬‬ ‫فهرس المصادر والمراجع‬

‫‪ 223‬ـ صحيح ابن خزيمة‪ ،‬ألبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة بن المغيرة السلمي النيسابوري‬
‫ت‪311‬ﻫ‪ ،‬المكتب اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪.‬‬

‫‪ 224‬ـ صحيح البخاري‪ :‬ألبي عبد اهلل محمد بن إسماعيل بن إبراهيم الجعفي‪ ،‬موالهم‪ ،‬البخاري‬
‫ت‪256‬ﻫ‪ ،‬دار ابن الجوزي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ترقيم وتبويب‪ :‬محمد فؤاد عبد الباقي‪ ،‬تقديم‪ :‬أحمد شاكر‪.‬‬

‫‪ 225‬ـ صحيح الجامع الصغير وزياداته‪ ،‬لـأبي عبد الرحمن محمد ناصر الدين‪ ،‬بن الحاج نوح بن‬
‫نجاتي بن آدم‪ ،‬األشقودري األلباني ت ‪1420‬ﻫ‪ ،‬المكتب اإلسالمي‪.‬‬

‫‪ 226‬ـ صحيح سنن أبي داود ـ األم ـ‪ ،‬لمحمد ناصر الدين األلباني ت ‪1420‬ﻫ‪ ،‬ط‪1423 ،1‬ﻫ‪،‬‬
‫‪ ،2002‬مؤسسة غراس للنشر والتوزيع‪ ،‬الكويت‪.‬‬

‫‪ 227‬ـ صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب األئمة‪ ،‬ألبي مالك كمال بن السيد سالم‪ ،‬المكتبة‬
‫التوفيقية‪ ،‬القاهرة‪2003 ،‬م‪.‬‬

‫‪ 228‬ـ صحيح مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري ت‪261‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار ابن رجب‪.‬‬

‫‪ 229‬ـ الضعفاء الصغير‪ ،‬ألبي عبد اهلل محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري‬
‫ت‪256‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬مكتبة ابن عباس‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد بن إبراهيم بن أبي العينين‪.‬‬

‫‪ 230‬ـ الضعفاء الكبير‪ ،‬ألبي جعفر محمد بن عمرو بن موسى بن حماد العقيلي ت‪322‬ﻫ‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫دار المكتبة العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد المعطي أمين قلعجي‪.‬‬

‫‪ 231‬ـ الضعفاء والمتروكون ألبي الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي ت‪597‬ﻫ‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد اهلل القاضي‪.‬‬

‫‪ 232‬ـ الضعفاء والمتروكون‪ ،‬ألبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي ت‪ ،303‬ط‪ ،1‬دار‬
‫المعرفة‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمود إبراهيم زايد‪.‬‬

‫‪ 233‬ـ الضعفاء والمتروكون‪ ،‬لعلي بن عمر‪ ،‬أبي الحسن الدارقطني ت‪385‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الفاروق‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬تحقيق‪ :‬أبي عمر محمد بن علي األزهري‪.‬‬

‫‪ 234‬ـ الضـوء الالمـع ألهل القرن التاسـع‪ ،‬شـمس الديـن أبو الخيـر محمد بن عبـد الرحمن بن‬
‫محمـد بـن أبـي بكر بن عثمان بـن محمد السـخاوي ت ‪902‬ﻫ‪ ،‬منشـورات دار مكتبة الحيـاة‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪452‬‬

‫‪ 235‬ـ طبقات الحنابلة‪ ،‬ألبي الحسين ابن أبي يعلى محمد بن محمد ت‪526‬ﻫ‪ ،‬دار المعرفة‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد حامد الفقي‪.‬‬

‫‪ 236‬ـ طبقات الشافعية الكبرى‪ ،‬لتاج الدين عبد الوهاب بن تقي الدين السبكي ت‪771‬ﻫ‪ ،‬ط‪،2‬‬
‫دار هجر‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمود محمد الطناحي‪ ،‬وعبد الفتاح محمد الحلو‪.‬‬

‫‪ 237‬ـ الطبقات الكبرى‪ ،‬ألبي عبد اهلل محمد بن سعد بن منيع الهاشمي البصري البغدادي‬
‫ت‪230‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد عبد القادر عطا‪.‬‬

‫‪ 238‬ـ طبقات المدلسين (تعريف أهل التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس)‪ ،‬ألبي الفضل‬
‫أحمد بن علي بن حجر العسقالني ت‪852‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬مكتبة المنار‪ ،‬عمان‪ ،‬تحقيق‪ :‬عاصم بن عبد اهلل‬
‫القريوتي‪.‬‬

‫‪ 239‬ـ طرح التثريب في شرح التقريب (المقصود بالتقريب‪ :‬تقريب األسانيد وترتيب المسانيد)‪،‬‬
‫أبو الفضل زين الدين عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن إبراهيم العراقي ت ‪806‬ﻫ‪،‬‬
‫أكمله ابنه‪ :‬أحمد بن عبد الرحيم بن الحسين الكردي الرازياني ثم المصري‪ ،‬أبو زرعة ولي الدين‪،‬‬
‫ابن العراقي ت ‪826‬ﻫ‪ ،‬الطبعة المصرية القديمة‪ ،‬وصورتها دور عدة منها (دار إحياء التراث العربي‪،‬‬
‫ومؤسسة التاريخ العربي‪ ،‬ودار الفكر العربي)‪.‬‬

‫‪ 240‬ـ طلبة الطلبة في االصطالحات الفقهية‪ ،‬ألبي حفص نجم الدين عمر بن محمد بن أحمد‬
‫النسفي‪ ،‬ط‪1311‬ﻫ‪ ،‬المطبعة العامرة‪ ،‬ببغداد‪.‬‬

‫‪ 241‬ـ الطهور‪ ،‬ألبي عبيد القاسم بن ّ‬


‫سلم الهروي ت‪224‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬مكتبة الصحابة‪ ،‬جدة‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬مشهور حسن سلمان‪.‬‬

‫‪ 242‬ـ عارضة األحوذي بشرح صحيح الترمذي‪ ،‬البن العربي المالكي‪ ،‬دار الكتب العلمية‪،‬‬
‫بيروت‪.‬‬

‫‪ 243‬ـ العرف الشذي شرح سنن الترمذي‪ ،‬محمد أنور شاه بن معظم شاه الكشميري الهندي‬
‫ت ‪1353‬ﻫ‪ ،‬تصحيح‪ :‬الشيخ محمود شاكر‪ ،‬دار التراث العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1425 ،1‬ﻫ‪.‬‬

‫‪ 244‬ـ علل الحديث‪ ،‬ألبي محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم محمد بن إدريس الرازي ت‪327‬ﻫ‪،‬‬
‫ط‪ ،1‬مطابع الحميضي‪ ،‬تحقيق‪ :‬سعد عبد اهلل الحميد وآخرين‪.‬‬
‫‪453‬‬ ‫فهرس المصادر والمراجع‬

‫‪ 245‬ـ العلل الكبير‪ ،‬ألبي عيسى محمد بن عيسى الترمذي ت‪279‬ﻫ‪ ،‬ترتيب أبي طالب القاضي‪،‬‬
‫ط‪ ،1‬عالم الكتب‪ ،‬ومكتبة النهضة العربية‪ ،‬بيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬صبحي السامرائي وآخرين‪.‬‬

‫‪ 246‬ـ العلل الواردة في األحاديث النبوية‪ ،‬ألبي الحسن علي بن عمر بن أحمد بن مهدي البغدادي‬
‫الدارقطني ت‪385‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار طيبة‪ ،‬الرياض‪ ،‬تحقيق‪ :‬محفوظ الرحمن زين اهلل‪.‬‬

‫‪ 247‬ـ العلل ومعرفة الرجال‪ ،‬ألبي عبد اهلل أحمد بن محمد بن حنبل ت‪241‬ﻫ‪ ،‬رواية عبد اهلل بن‬
‫أحمد‪ ،‬ط‪ ،2‬دار الخاني‪ ،‬الرياض‪ ،‬تحقيق‪ :‬وصي اهلل بن محمد عباس‪.‬‬

‫الم ُّروذي‪،‬‬
‫‪ 248‬ـ العلل ومعرفة الرجال‪ ،‬ألبي عبد اهلل أحمد بن محمد بن حنبل ت‪241‬ﻫ‪ ،‬رواية َ‬
‫ط‪ ،1‬مكتبة المعارف‪ ،‬الرياض‪ ،‬تحقيق‪ :‬صبحي البدري السامرائي‪.‬‬

‫‪ 249‬ـ العلل‪ ،‬ألبي الحسن علي بن عبد اهلل بن جعفر السعدي المديني البصري ت‪234‬ﻫ‪ ،‬ط‪،2‬‬
‫المكتب اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد مصطفى األعظمي‪.‬‬

‫‪ 250‬ـ عمدة القاري شرح صحيح البخاري‪ ،‬أبو محمد محمود بن أحمد بن موسى بن أحمد بن‬
‫حسين الغيتابى الحنفى بدر الدين العينى ت ‪855‬ﻫ‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪.‬‬

‫‪ 251‬ـ عمل اليوم والليلة (سلوك النبي ﷺ مع ربه عز وجل ومعاشرته مع العباد)‪ ،‬ألحمد بن‬
‫محمد بن إسحاق المعروف بابن السني الدينوري ت‪364‬ﻫ‪ ،‬دار القبلة للثقافة اإلسالمية‪ ،‬ومؤسسة علوم‬
‫القرآن‪ ،‬جدة وبيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬كوثر المدني‪.‬‬

‫‪ 252‬ـ عون المعبود شرح سنن أبي داود‪ ،‬ومعه حاشية ابن القيم‪ :‬تهذيب سنن أبي داود وإيضاح‬
‫علله ومشكالته‪ ،‬محمد أشرف بن أمير بن علي بن حيدر‪ ،‬أبو عبد الرحمن‪ ،‬شرف الحق‪ ،‬الصديقي‪،‬‬
‫العظيم آبادي ت ‪1329‬ﻫ‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1415 ،2‬ﻫ‪.‬‬

‫‪ 253‬ـ العين‪ ،‬ألبي عبد الرحمن الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي البصري ت‪170‬ﻫ‪،‬‬
‫دار ومكتبة الهالل‪ ،‬تحقيق‪ :‬مهدي المخزومي‪ ،‬وإبراهيم السامرائي‪.‬‬

‫الج َزري محمد بن محمد بن‬


‫‪ 254‬ـ غاية النهاية في طبقات القراء‪ ،‬لشمس الدين أبي الخير ابن َ‬
‫يوسف ت‪833‬ﻫ‪ ،‬ط‪1351‬ﻫ‪ ،‬برجستراسر‪ ،‬مكتبة ابن تيمية‪.‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪454‬‬

‫‪ 255‬ـ غرائـب القـرآن ورغائـب الفرقـان‪ ،‬نظام الدين الحسـن بن محمد بن حسـين النيسـابوري‬
‫ت ‪850‬ﻫ‪ ،‬تحقيـق‪ :‬الشـيخ زكريا عميـرات‪ ،‬دار الكتب العلميه‪ ،‬بيـروت‪ ،‬ط‪1416 ،1‬ﻫ‪.‬‬

‫‪ 256‬ـ غريب الحديث ألبي سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب ال ُب ْستي الخطابي‬
‫ت‪388‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،2‬دار الفكر‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد الكريم الغرباوي‪ ،‬وآخر‪.‬‬

‫‪ 257‬ـ غريب الحديث‪ ،‬البن قتيبة‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬موقع يعسوب‪.‬‬

‫‪ 258‬ـ غريب الحديث‪ ،‬ألبي إسحاق إبراهيم بن إسحاق الحربي ت‪285‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬جامعة أم‬
‫القرى‪ ،‬مكة المكرمة‪ ،‬تحقيق‪ :‬سليمان إبراهيم محمد العايد‪.‬‬

‫‪ 259‬ـ غريب الحديث‪ ،‬لجمال الدين أبي الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي‬
‫ت‪597‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد المعطي أمين قلعجي‪.‬‬

‫‪ 260‬ـ الفائق في غريب الحديث واألثر‪ ،‬ألبي القاسم محمد بن عمر بن أحمد الزمخشري‬
‫ت‪538‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،2‬دار المعرفة‪ ،‬لبنان‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد علي البجاوي‪ ،‬ومحمد أبي الفضل إبراهيم‪.‬‬

‫‪ 261‬ـ فتح الباب في الكنى واأللقاب‪ ،‬ألبي عبد اهلل محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى بن منده‬
‫العبدي ت‪395‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬مكتبة الكوثر‪ ،‬الرياض‪ ،‬تحقيق‪ :‬نظر محمد الفاريابي‪.‬‬

‫‪ 262‬ـ فتح الباري شرح صحيح البخاري‪ ،‬زين الدين عبد الرحمن بن أحمد بن رجب بن الحسن‪،‬‬
‫السالمي‪ ،‬البغدادي‪ ،‬ثم الدمشقي‪ ،‬الحنبلي ت ‪795‬ﻫ‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمود ‪ ،1‬محمود بن شعبان بن عبد‬
‫َ‬
‫المقصود‪ ،‬وآخرون‪ ،‬مكتبة الغرباء األثرية‪ ،‬المدينة النبوية‪ ،‬ط‪1417 ،1‬ﻫ‪.‬‬

‫‪ 263‬ـ فتح الباري شرح صحيح البخاري‪ ،‬ألبي الفضل أحمد بن علي ابن حجر العسقالني‬
‫ت‪852‬ﻫ‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪1379 ،‬ﻫ‪.‬‬

‫‪ 264‬ـ فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب اإلمام مالك‪ ،‬محمد بن أحمد بن محمد عليش‪،‬‬
‫أبو عبد اهلل المالكي ت ‪1299‬ﻫ‪ ،‬دار المعرفة‪.‬‬

‫‪ 265‬ـ الفتح الكبير في ضم الزيادة إلى الجامع الصغير‪ ،‬عبد الرحمن بن أبي بكر‪ ،‬جالل الدين‬
‫السيوطي ت ‪911‬ﻫ‪ ،‬تحقيق‪ :‬يوسف النبهاني‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1423 ،1‬ﻫ‪.‬‬
‫‪455‬‬ ‫فهرس المصادر والمراجع‬

‫الخ ْس َر ْو ِج ْر ِدي الخراساني البيهقي‬


‫‪ 266‬ـ فضائل األوقات‪ ،‬ألبي بكر أحمد بن الحسين بن علي ُ‬
‫ت‪458‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬مكتبة المنارة‪ ،‬مكة المكرمة‪ ،‬تحقيق‪ :‬عدنان عبد الرحيم مجيد القيسي‪.‬‬

‫‪ 267‬ـ فضائل الرمي في سبيل اهلل‪ ،‬أبو يعقوب إسحاق بن أبي إسحاق إبراهيم بن محمد ابن‬
‫عبد الرحمن السرخسي الهروي‪ ،‬المعروف بـ ال َق َّراب ت ‪429‬ﻫ‪ ،‬ضبط نصه وخرج أحاديثه وعلق عليه‬
‫وقدم له‪ :‬مشهور حسن محود سلمان‪ ،‬مكتبة المنار‪ ،‬األردن‪ ،‬الزرقاء ط‪1409 ،1‬ﻫ‪.‬‬

‫‪ 268‬ـ فضائل الصحابة‪ ،‬ألبي عبد اهلل أحمد بن محمد بن حنبل بن هالل الشيباني ت‪241‬ﻫ‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬وصي اهلل محمد عباس‪ ،‬ط‪ ،1‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت‪.‬‬

‫‪ 269‬ـ فضائل القرآن وما أنزل من القرآن بمكة وما أنزل بالمدينة‪ ،‬ألبي عبد اهلل محمد بن أيوب بن‬
‫يحيى بن الضريس الرازي ت‪ ،294‬ط‪ ،1‬دار الفكر‪ ،‬دمشق‪ ،‬تحقيق‪ :‬غزوة بدير‪.‬‬

‫‪ 270‬ـ فقه األدعية واألذكار‪ ،‬عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر‪ ،‬الكويت ط‪1423 ،،2‬ﻫ الفقيه‬
‫والمتفقه‪ ،‬ألبي بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي ت‪463‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،2‬دار ابن الجوزي‪،‬‬
‫السعودية‪ ،‬تحقيق أبي عبد الرحمن عادل بن يوسف الغرازي‪.‬‬

‫‪ 271‬ـ فهرسة ابن خير األشبيلي أبي بكر محمد بن خير بن عمر بن خليفة اللمتوني األُ َموي‬
‫ت‪ ،575‬ط‪ ،1‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد فؤاد منصور‪.‬‬

‫‪ 272‬ـ الفوائد‪ ،‬ألبي القاسم تمام بن محمد الرازي ت‪ ،414‬ط‪1412‬ﻫ‪ ،‬مكتبة الرشد‪ ،‬تحقيق‪:‬‬
‫حمدي عبد المجيد السلفي‪.‬‬

‫‪ 273‬ـ فيض الباري على صحيح البخاري‪( ،‬أمالي) محمد أنور شاه بن معظم شاه الكشميري‬
‫الهندي ثم الديوبندي ت ‪1353‬ﻫ‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد بدر عالم الميرتهي‪ ،‬أستاذ الحديث بالجامعة‬
‫اإلسالمية بدابهيل (جمع األمالي وحررها ووضع حاشية البدر الساري إلى فيض الباري)‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمية بيروت‪ ،‬لبنان ط‪1426 ،1‬ﻫ‪.‬‬

‫‪ 274‬ـ فيـض القديـر شـرح الجامـع الصغيـر‪ ،‬زيـن الدين محمـد المدعـو بعبد الـرؤوف بن تاج‬
‫العارفيـن بـن علـي بن زيـن العابديـن الحـدادي ثـم المنـاوي القاهـري ت ‪1031‬ﻫ‪ ،‬المكتبـة التجارية‬
‫الكبـرى‪ ،‬مصر ط‪.1‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪456‬‬

‫‪ 275‬ـ القاموس الفقهي لغة واصطالح ًا‪ ،‬لسعدي أبي جيب‪ ،‬ط‪ ،2‬دار الفكر‪ ،‬دمشق‪.‬‬

‫‪ 276‬ـ القاموس المحيط على طريقة المصباح المنير وأساس البالغة‪ ،‬لمجد الدين قاضي القضاة‬
‫أبي طاهر محمد بن يعقوب بن محمد الفيروز آبادي الشيرازي ت‪729‬ﻫ‪ ،‬ترتيب الطاهر أحمد الزاوي‪،‬‬
‫ط‪1399‬ﻫ‪1979 ،‬م‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬ودار المعرفة‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.‬‬

‫‪ 277‬ـ القبس في شرح موطأ مالك بن أنس‪ ،‬للقاضي محمد بن عبد اهلل أبو بكر بن العربي المعافري‬
‫االشبيلي المالكي‪ ،‬ت‪543‬ﻫ‪ ،‬تحقيق‪ :‬الدكتور محمد عبد اهلل ولد كريم‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪ 1992‬م‪.‬‬

‫‪ 278‬ـ القواعد النورانية الفقهية‪ ،‬تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السالم بن‬
‫عبد اهلل بن أبي القاسم بن محمد ابن تيمية الحراني الحنبلي الدمشقي ت ‪728‬ﻫ‪ ،‬حققه وخرج أحاديثه‪:‬‬
‫د‪ .‬أحمد بن محمد الخليل‪ ،‬دار ابن الجوزي‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪1422 ،1‬ﻫ‪.‬‬

‫‪ 279‬ـ قوت المغتذي على جامع الترمذي‪ ،‬عبد الرحمن بن أبي بكر‪ ،‬جالل الدين السيوطي‬
‫ت ‪911‬ﻫ‪ ،‬إعداد الطالب‪ :‬ناصر بن محمد بن حامد الغريبي إشراف‪ :‬فضيلة األستاذ الدكتور‪ /‬سعدي‬
‫الهاشمي‪ ،‬رسالة الدكتوراة‪ ،‬جامعة أم القرى‪ ،‬مكة المكرمة‪ ،‬كلية الدعوة وأصول الدين‪ ،‬قسم الكتاب‬
‫والسنة عام النشر‪1424 :‬ﻫ‪.‬‬

‫‪ 280‬ـ الكاشـف فـي معرفـة من له رواية في الكتب السـتة‪ ،‬لشـمس الدين أبي عبـد اهلل محمد بن‬
‫أحمـد بـن عثمـان بـن قا ْي َمـاز الذهبـي ت‪748‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار القبلـة للثقافـة اإلسلامية‪ ،‬ومؤسسـة علوم‬
‫القـرآن بجـدة‪ ،‬تحقيـق‪ :‬الشـيخ محمـد عوامة‪.‬‬

‫‪ 281‬ـ الكافي في فقه اإلمام أحمد‪ ،‬أبو محمد موفق الدين عبد اهلل بن أحمد بن محمد بن قدامة‬
‫الجماعيلي المقدسي ثم الدمشقي الحنبلي‪ ،‬الشهير بابن قدامة المقدسي ت ‪620‬ﻫ‪ ،‬دار الكتب العلمية‬
‫ط‪1414 ،1‬ﻫ‪.‬‬

‫‪ 282‬ـ الكامل في ضعفاء الرجال‪ ،‬ألبي أحمد عبد اهلل بن عدي الجرجاني ت‪365‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار‬
‫الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬تحقيق‪ :‬عادل أحمد عبد الموجود وعلي محمد معوض‪.‬‬
‫‪457‬‬ ‫فهرس المصادر والمراجع‬

‫‪ 283‬ـ التعريفات‪ ،‬لعلي بن محمد بن علي الزين الشريف الجرجاني ت‪816‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬تحقيق جماعة من العلماء‪.‬‬

‫‪ 284‬ـ كتاب الفوائد (الغيالنيات)‪ ،‬ألبي بكر محمد بن عبد اهلل بن إبراهيم بن عبدويه البغدادي‬
‫البزار ت‪354‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار ابن الجوزي‪ ،‬الرياض‪ ،‬تحقيق‪ :‬حلمي كامل أسعد عبد الهادي‪.‬‬

‫‪ 285‬ـ الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل‪ ،‬أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد‪ ،‬الزمخشري‬
‫جار اهلل ت ‪538‬ﻫ‪ ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1407 ،3‬ﻫ‪.‬‬

‫‪ 286‬ـ كشف األستار عن زوائد البزار‪ ،‬ألبي الحسن نور الدين علي بن أبي بكر بن سليمان‬
‫الهيثمي ت‪807‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬حبيب الرحمن األعظمي‪.‬‬

‫عمن رمي بوضع الحديث‪ ،‬لبرهان الدين الحلبي أبي الوفا إبراهيم بن‬
‫‪ 287‬ـ الكشف الحثيث َّ‬
‫محمد بن خليل الطرابلسي المعروف بسبط بن العجمي ت‪841‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬عالم الكتب‪ ،‬ومكتبة النهضة‬
‫العربية‪ ،‬بيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬صبحي السامرائي‪.‬‬

‫‪ 288‬ـ كشف المشكل من حديث الصحيحين‪ ،‬جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن‬
‫محمد الجوزي ت ‪597‬ﻫ‪ ،‬تحقيق‪ :‬علي حسين البواب‪ ،‬دار الوطن‪ ،‬الرياض‪.‬‬

‫‪ 289‬ـ الكشف والبيان عن تفسير القرآن‪ ،‬أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي‪ ،‬أبو إسحاق ت‬
‫‪427‬ﻫ‪ ،‬تحقيق‪ :‬اإلمام أبي محمد بن عاشور مراجعة وتدقيق‪ :‬األستاذ نظير الساعدي‪ ،‬دار إحياء التراث‬
‫العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان ط‪ ،1422 ،1‬ه‪.‬‬

‫‪ 290‬ـ كنز العمال في سنن األقوال واألفعال‪ ،‬لعلي بن حسام الدين بن قاضي خان القادري الشهير‬
‫بالمتقي الهندي ت‪975‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،5‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬تحقيق‪ :‬بكري حياني‪ ،‬وصفوة السقا‪.‬‬

‫‪ 291‬ـ الكنى واألسماء‪ ،‬ألبي الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري ت‪261‬ﻫ‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫عمادة البحث العلمي بالجامعة اإلسالمية‪ ،‬المدينة المنورة‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد الرحيم محمد القشقري‪.‬‬

‫‪ 292‬ـ الكنى واألسماء‪ ،‬ألبي بشر محمد بن أحمد بن حماد بن مسلم األنصاري الدوالبي الرازي‬
‫ت‪310‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار ابن حزم‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬تحقيق‪ :‬أبي قتيبة نظر محمد الفاريابي‪.‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪458‬‬

‫‪ 293‬ـ الكواكب الدراري شرح صحيح البخاري‪ ،‬لمحمد بن يوسف الكرماني ت ‪786‬ﻫ‪ ،‬ط‪،2‬‬
‫‪1401‬ﻫ‪1981 ،‬م‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪.‬‬

‫‪ 294‬ـ الكواكب السائرة بأعيان المئة العاشرة‪ ،‬نجم الدين محمد بن محمد الغزي ت ‪1061‬ﻫ‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬خليل المنصور‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان ط‪ 1418 ،1‬ه‪.‬‬

‫‪ 295‬ـ الآللئ المصنوعة في األحاديث الموضوعة‪ ،‬لجالل الدين عبد الرحمن بن أبي بكر‬
‫السيوطي ت‪911‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬صالح محمد عويضة‪.‬‬

‫‪ 296‬ـ اللباب في الجمع بين السنة والكتاب‪ ،‬جمال الدين أبو محمد علي بن أبي يحيى زكريا بن‬
‫مسعود األنصاري الخزرجي المنبجي ت ‪686‬ﻫ‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪.‬‬

‫‪ 297‬ـ لسان العرب‪ ،‬البن منظور محمد بن مكرم بن علي أبي الفضل جمال الدين األنصاري‬
‫الرويفعي األفريقي ت‪711‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،3‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪.‬‬

‫‪ 298‬ـ لسان الميزان‪ ،‬ألبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقالني ت‪852‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار البشائر‬
‫اإلسالمية‪ ،‬تحقيق‪ :‬الشيخ عبد الفتاح أبو غدة‪.‬‬

‫‪ 299‬ـ لطائف اإلشارات‪ ،‬عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك القشيري ت ‪465‬ﻫ‪ ،‬تحقيق‪:‬‬
‫إبراهيم البسيوني‪ ،‬الهيئة المصرية العامة للكتاب‪ ،‬مصر الطبعة‪ :‬الثالثة المتفق والمفترق‪ ،‬ألبي بكر‬
‫أحمد بن علي بن ثابت‪ ،‬الخطيب البغدادي ت‪463‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار القادري‪ ،‬دمشق‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد صادق‬
‫الحامدي‪.‬‬

‫‪ 300‬ـ المتجر الرابح في ثواب العمل الصالح‪ ،‬لشرف الدين الدمياطي‪ ،‬ط‪1410 ،1‬ﻫ‪ ،‬مؤسسة‬
‫الكتب الثقافية‪ ،‬بيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد بيضون‪.‬‬

‫‪ 301‬ـ المجالـس الوعظيـة فـي شـرح أحاديـث خيـر البريـة ﷺ مـن صحيـح اإلمـام البخـاري‪،‬‬
‫شـمس الديـن محمـد بـن عمر بن أحمـد السـفيري الشـافعي ت ‪956‬ﻫ‪ ،‬حققـه وخرج أحاديثـه‪ :‬أحمد‬
‫فتحـي عبـد الرحمـن‪ ،‬دار الكتـب العلمية‪ ،‬بيـروت‪ ،‬لبنـان ط‪1425 ،1‬ﻫ‪.‬‬

‫‪ 302‬ـ المجالسة وجواهر العلم‪ ،‬ألبي بكر أحمد بن مروان الدينوري ت‪333‬ﻫ‪ ،‬ط‪1419‬ﻫ‪،‬‬
‫جمعية التربية اإلسالمية بالبحرين‪ ،‬ودار ابن حزم ببيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬مشهور حسن سلمان‪.‬‬
‫‪459‬‬ ‫فهرس المصادر والمراجع‬

‫‪ 303‬ـ المجروحين من المحدثين والضعفاء والمتروكين‪ ،‬ألبي حاتم محمد بن حبان ال ُب ْستي‬
‫ت‪354‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الوعي‪ ،‬حلب‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمود إبراهيم زايد‪.‬‬

‫‪ 304‬ـ مجمع الزوائد ومنبع الفوائد‪ ،‬ألبي الحسن نور الدين علي بن أبي بكر بن سليمان الهيثمي‬
‫ت‪807‬ﻫ‪ ،‬ط‪1414‬ﻫ‪1994 ،‬م‪ ،‬مكتبة القدسي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬تحقيق‪ :‬حسام الدين القدسي‪.‬‬

‫‪ 305‬ـ مجمل اللغة‪ ،‬ألبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريا القزويني الرازي ت‪395‬ﻫ‪ ،‬ط‪،2‬‬
‫مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬زهير عبد المحسن سلطان‪.‬‬

‫الفتـاوى‪ ،‬ألبـي العباس أحمد بـن عبد الحليم بـن تيميـة ت‪728‬ﻫ‪ ،‬ط‪1416‬ﻫ‪،‬‬
‫َ‬ ‫‪ 306‬ـ مجمـوع‬
‫‪1995‬م‪ ،‬مجمـع الملـك فهـد لطباعـة المصحـف الشـريف‪ ،‬المدينة المنـورة‪ ،‬تحقيق عبـد الرحمن بن‬
‫محمد بن قاسـم‪.‬‬

‫‪ 307‬ـ المجموع شرح المهذب (مع تكملة السبكي والمطيعي)‪ ،‬أبو زكريا محيي الدين يحيى بن‬
‫شرف النووي ت ‪676‬ﻫ‪ ،‬دار الفكر‬

‫‪ 308‬ـ المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز‪ ،‬أبو محمد عبد الحق بن غالب بن عبد الرحمن بن‬
‫تمام بن عطية األندلسي المحاربي ت ‪542‬ﻫ‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد السالم عبد الشافي محمد‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1422 ،1‬ﻫ‪.‬‬

‫‪ 309‬ـ المحكم والمحيط األعظم‪ ،‬ألبي الحسن علي بن إسماعيل بن سيده المرسي ت‪458‬ﻫ‪،‬‬
‫ط‪ ،1‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد الحميد هنداوي‪.‬‬

‫‪ 310‬ـ المحلى باآلثار‪ ،‬ألبي محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم األندلسي القرطبي الظاهري‬
‫ت‪456‬ﻫ‪ ،‬ط دار الفكر‪ ،‬بيروت‪.‬‬

‫‪ 311‬ـ مختار الصحاح‪ ،‬لزين الدين أبو عبد اهلل محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الحنفي الرازي‬
‫ت‪666‬ﻫ‪ ،‬تحقيق‪ :‬يوسف الشيخ محمد‪ ،‬المكتبة العصرية بيروت‪ ،‬ط‪1420 ،5‬ﻫ‪.‬‬

‫‪ 312‬ـ مختصر األحكام المستخرج على جامع الترمذي‪ ،‬ألبي علي الحسن بن علي الطوسي‬
‫ت‪312‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬مكتبة الغرباء األثرية‪ ،‬المدينة المنورة‪ ،‬تحقيق‪ :‬أنيس أحمد طاهر األندونوسي‪.‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪460‬‬

‫‪ 313‬ـ مختصر الكامل في الضعفاء‪ ،‬ألبي العباس أحمد بن علي بن عبد القادر تقي الدين‬
‫المقريزي ت‪845‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬مكتبة السنة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬تحقيق‪ :‬أيمن بن عارف الدمشقي‪.‬‬

‫‪ 314‬ـ مدارك التنزيل وحقائق التأويل‪ ،‬ألبي البركات عبد اهلل بن أحمد بن محمود حافظ الدين‬
‫النسفي ت ‪710‬ﻫ‪ ،‬حققه وخرج أحاديثه‪ :‬يوسف علي بديوي راجعه وقدم له‪ :‬محيي الدين ديب مستو‪،‬‬
‫دار الكلم الطيب‪ ،‬بيروت ط‪1419 ،1‬ﻫ‪.‬‬

‫الخ ْس َر ْو ِج ْردي البيهقي‬


‫‪ 315‬ـ المدخل إلى السنن الكبرى‪ ،‬ألبي بكر أحمد بن الحسين بن علي ُ‬
‫ت‪458‬ﻫ‪ ،‬دار الخلفاء للكتاب اإلسالمي‪ ،‬الكويت‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد ضياء الرحمن األعظمي‪.‬‬

‫‪ 316‬ـ المدلسين‪ ،‬لولي الدين أبي زرعة أحمد بن عبد الرحيم بن الحسين العراقي ت‪826‬ﻫ‪،‬‬
‫ط‪ ،1‬دار الوفاء‪ ،‬تحقيق‪ :‬رفعت فوزي عبد المطلب‪ ،‬ونافذ حسين حماد‪.‬‬

‫‪ 317‬ـ المراسيل‪ ،‬ألبي داود سليمان بن األشعث السجستاني ت‪275‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬مؤسسة الرسالة‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬شعيب األرنؤوط‪.‬‬

‫‪ 318‬ـ المراسيل‪ ،‬ألبي محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم محمد بن إدريس التميمي الحنظلي‬
‫الرازي ت‪327‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬شكر اهلل نعمة اهلل َق ْو َجاني‪.‬‬

‫‪ 319‬ـ المرض والكفارات‪ ،‬ألبي بكر عبد اهلل بن محمد بن عبيد بن سفيان المعروف بابن أبي‬
‫الدنيا ت‪281‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬الدار السلفية‪ ،‬بومباي‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد الوكيل الندوي‪.‬‬

‫‪ 320‬ـ مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح‪ ،‬أبو الحسن عبيد اهلل بن محمد عبد السالم بن خان‬
‫محمد بن أمان اهلل بن حسام الدين الرحماني المباركفوري ت ‪1414‬ﻫ‪ ،‬إدارة البحوث العلمية والدعوة‬
‫واإلفتاء‪ ،‬الجامعة السلفية‪ ،‬بنارس الهند‪ ،‬ط‪1404 ،3‬ﻫ‪.‬‬

‫‪ 321‬ـ مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح‪ ،‬علي بن (سلطان) محمد‪ ،‬أبو الحسن نور الدين‬
‫المال الهروي القاري ت ‪1014‬ﻫ‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان ط‪1422 ،1‬ﻫ مروج الذهب ومعادن‬
‫الجوهر‪ ،‬لعلي بن الحسن بن علي أبي الحسن المسعودي ت‪346‬ﻫ‪ ،‬ط‪1409‬ﻫ‪ ،‬دار الهجرة‪ ،‬قم‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬أسعد داغر‪.‬‬
‫‪461‬‬ ‫فهرس المصادر والمراجع‬

‫‪ 322‬ـ المسالِك في شرح ُم َو َّطأ مالك‪ ،‬القاضي محمد بن عبد اهلل أبو بكر بن العربي المعافري‬

‫االشبيلي المالكي ت ‪543‬ﻫ‪ ،‬قرأه وع ّلق عليه‪ :‬محمد بن الحسين ُّ‬


‫السليماني وعائشة بنت الحسين‬
‫السليماني قدَّ م له‪ :‬يوسف ال َق َر َضاوي‪َ ،‬دار ال َغرب اإلسالمي ط‪1428 ،1‬ﻫ‪.‬‬
‫ُّ‬

‫‪ 323‬ـ المسائل العقدية المتع ّلقة بالحسنات والسيئات جم ًعا ودراس ًة‪ ،‬للدكتور صالح سندي‪،‬‬
‫ط‪1435 ،1‬ﻫ‪2014 ،‬م‪ ،‬دار اللؤلؤة‪ ،‬بيروت‪.‬‬

‫‪ 324‬ـ مستخرج أبي عوانة يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم النيسابوري اإلسفرائيني ت‪316‬ﻫ‪،‬‬
‫ط‪ ،1‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬أيمن بن عارف الدمشقي‪.‬‬

‫‪ 325‬ـ المسـتدرك علـى الصحيحيـن‪ ،‬ألبـي عبد اهلل محمد بـن عبد اهلل بن محمد بـن حمدويه بن‬
‫نعيـم بـن الحكـم الضبـي الطهمانـي النيسـابوري المعـروف بالحاكـم ابـن البيـع ت‪405‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار‬
‫الكتـب العلميـة‪ ،‬بيـروت‪ ،‬تحقيـق‪ :‬مصطفـى عبـد القـادر عطـا‪.‬‬

‫‪ 326‬ـ مسند أبي بكر بن أبي شيبة عبد اهلل بن محمد بن إبراهيم العبسي ت‪235‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار‬
‫الوطن‪ ،‬الرياض‪ ،‬تحقيق‪ :‬عادل بن يوسف العزازي‪ ،‬وأحمد بن فريد المزيدي‪.‬‬

‫الم ْو ِص ِلي أحمد بن علي بن المثنى بن يحيى بن عيسى بن هالل التميمي‬


‫‪ 327‬ـ مسند أبي يعلى َ‬
‫ت‪307‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار المأمون للتراث‪ ،‬دمشق‪ ،‬تحقيق‪ :‬حسين سليم أسد‪.‬‬

‫‪ 328‬ـ مسند إسحاق بن إبراهيم بن مخلد الحنظلي المروزي أبي يعقوب المعروف بابن راهويه‬
‫ت‪238‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬مكتبة اإليمان‪ ،‬المدينة المنورة‪ ،‬تحقيق عبد الغفور عبد الحق البلوشي‪.‬‬

‫الروياني ت‪307‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬مؤسسة قرطبة‪،‬‬


‫الروياني‪ ،‬ألبي بكر محمد بن هارون ُّ‬
‫‪ 329‬ـ مسند ُّ‬
‫القاهرة‪ ،‬تحقيق‪ :‬أيمن علي أبو يماني‪.‬‬

‫‪ 330‬ـ المسند الشاشي‪ ،‬ألبي سعيد الهيثم بن كليب بن سريج بن معقل الشاشي ت‪335‬ﻫ‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫مكتبة العلوم والحكم‪ ،‬المدينة المنورة‪ ،‬تحقيق‪ :‬محفوظ الرحمن زين اهلل‪.‬‬

‫‪ 331‬ـ مسند الشاميين‪ ،‬ألبي القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الشامي الطبراني‬
‫ت‪360‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬حمدي عبد المجيد السلفي‪.‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪462‬‬

‫‪ 332‬ـ مسند الشهاب‪ ،‬ألبي عبد اهلل محمد بن سالمة بن جعفر بن علي بن حكمون ال ُق َضاعي‬
‫ت‪454‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،2‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬حمدي عبد المجيد السلفي‪.‬‬

‫‪ 333‬ـ مسند الطيالسي‪ ،‬ألبي داود سليمان بن داود بن الجارود الطيالسي البصري ت‪204‬ﻫ‪،‬‬
‫ط‪ ،1‬دار هجر‪ ،‬مصر‪ ،‬تحقيق محمد بن عبد المحسن التركي‪.‬‬

‫‪ 334‬ـ مسـند الفـاروق أميـر المؤمنيـن أبـي حفص عمـر بن الخطـاب‪ ،‬ألبي الفداء إسـماعيل بن‬
‫عمـر بـن كثيـر الدمشـقي ت‪774‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الوفاء‪ ،‬المنصـورة‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبـد المعطي قلعجي‪.‬‬

‫‪ 335‬ـ مسند علي بن الجعد بن عبيد الجوهري البغدادي ت‪230‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬مؤسسة نادر‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬عامر أحمد حيدر‪.‬‬

‫‪ 336‬ـ المسند‪ ،‬ألبي سعيد الهيثم بن كليب بن سريج بن معقل الشاشي ت‪335‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬مكتبة‬
‫العلوم والحكم‪ ،‬المدينة المنورة‪ ،‬تحقيق‪ :‬محفوظ الرحمن زين اهلل‪.‬‬

‫‪ 337‬ـ المسند‪ ،‬ألبي عبد اهلل أحمد بن محمد بن حنبل بن هالل الشيباني ت‪241‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬مؤسسة‬
‫الرسالة‪ ،‬بيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬شعيب األرنؤوط وجماعة‪.‬‬

‫‪ 338‬ـ مشارق األنوار على صحاح اآلثار‪ ،‬للقاضي عياض بن موسى اليحصبي ت‪544‬ﻫ‪ ،‬المكتبة‬
‫العتيقة ودار التراث‪.‬‬

‫‪ 339‬ـ مشاهير علماء األمصار وأعالم فقهاء األقطار‪ ،‬ألبي حاتم محمد بن حبان ال ُب ْستي ت‪354‬ﻫ‪،‬‬
‫ط‪ ،1‬دار الوفاء‪ ،‬المنصورة‪ ،‬تحقيق‪ :‬مرزوق علي إبراهيم‪.‬‬

‫‪ 340‬ـ مشيخة ابن طهمان‪ ،‬أبو سعيد إبراهيم بن طهمان بن شعبة الخراساني الهروي ت‪168‬ﻫ‪،‬‬
‫ط‪1983‬م‪ ،‬معجم اللغة العربية‪ ،‬دمشق‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد طاهر مالك‪.‬‬

‫‪ 341‬ـ مشيخة قاضي المارستان‪ ،‬واسمها‪ :‬أحاديث الشيوخ الثقات (المشيخة الكبرى)‪ ،‬ألبي‬
‫بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد األنصاري الكعبي‪ ،‬المعروف بقاضي المارستان ت‪535‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار‬
‫عالم الفوائد‪ ،‬تحقيق‪ :‬الشريف حاتم بن عارف العوني‪.‬‬

‫‪ 342‬ـ مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجه‪ ،‬ألبي العباس شهاب الدين أحمد بن أبي بكر بن‬
‫‪463‬‬ ‫فهرس المصادر والمراجع‬

‫إسماعيل بن سليم بن قايماز بن عثمان البوصيري ت‪840‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،2‬دار العربية‪ ،‬بيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد‬
‫المنتقى الكشناوي‪.‬‬

‫‪ 343‬ـ المصباح المنير في غريب الشرح الكبير‪ ،‬ألبي العباس أحمد بن محمد بن علي الفيومي‬
‫الحموي ت‪770‬ﻫ تقريب ًا‪ ،‬المكتبة العلمية‪ ،‬بيروت‪.‬‬

‫‪ 344‬ـ المصنف في األحاديث واآلثار‪ ،‬ألبي بكر بن أبي شيبة عبد اهلل بن محمد بن إبراهيم ابن‬
‫عثمان العبسي ت‪235‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬مكتبة الرشد‪ ،‬الرياض‪ ،‬تحقيق‪ :‬كمال يوسف الحوت‪.‬‬
‫‪ 345‬ـ المصنف‪ ،‬ألبي بكر عبد الرزاق بن همام بن نافع ِ‬
‫الح ْم َيري اليماني الصنعاني ت‪211‬ﻫ‪،‬‬
‫ط‪ ،2‬المجلس العلمي‪ ،‬الهند‪ ،‬تحقيق‪ :‬حبيب الرحمن األعظمي‪.‬‬

‫‪ 346‬ـ المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية‪ ،‬ألبي الفضل أحمد بن علي ابن حجر العسقالني‬
‫ت‪852‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار العاصمة‪ ،‬ودار الغيث‪ ،‬تحقيق مجموعة من الباحثين في رسائل الماجستير‪.‬‬

‫‪ 347‬ـ مطالع األنوار على صحاح اآلثار‪ ،‬إلبراهيم بن يوسف بن أدهم الوهراني الحمزي‪ ،‬أبو‬
‫إسحاق ابن قرقول‪ ،‬ت‪569‬ﻫ‪ ،‬تحقيق‪ :‬دار الفالح للبحث العلمي وتحقيق التراث‪ ،‬وزارة األوقاف‬
‫والشؤون اإلسالمية‪ ،‬دولة قطر‪ ،‬ط‪1433 ،1‬ﻫ‪.‬‬

‫‪ 348‬ـ المطلع على ألفاظ المقنع‪ ،‬لمحمد بن أبي الفتح بن أبي الفضل البعلي‪ ،‬أبو عبد اهلل‪ ،‬شمس‬
‫الدين ت‪709 :‬ﻫ‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمود األرناؤوط وياسين محمود الخطيب‪ ،‬مكتبة السوادي‪ ،‬ط‪1423 ،1‬ﻫ‪.‬‬

‫‪ 349‬ـ معالم السنن شرح سنن أبي داود‪ ،‬ألبي سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم البستي المعروف‬
‫بالخطابي ت‪388‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬المطبعة العلمية‪ ،‬حلب‪.‬‬

‫‪ 350‬ـ معجم ابن األعرابي أبي سعيد أحمد بن محمد بن زياد بن بشر البصري الصوفي ت‪340‬ﻫ‪،‬‬
‫ط‪ ،1‬دار ابن الجوزي‪ ،‬السعودية‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد المحسن بن إبراهيم بن أحمد الحسيني‪.‬‬

‫‪ 351‬ـ معجم ابن المقرئ أبي بكر محمد بن إبراهيم بن علي بن عاصم األصبهاني الخازن‬
‫ت‪381‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬مكتبة الرشد‪ ،‬الرياض‪ ،‬تحقيق‪ :‬أبي عبد الرحمن عادل بن سعد‪.‬‬

‫‪ 352‬ـ معجم أبي يعلى أحمد بن علي بن المثنى الموصلي ت‪307‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬إدارة العلوم األثرية‪،‬‬
‫فيصل آباد‪ ،‬تحقيق‪ :‬إرشاد الحق األثري‪.‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪464‬‬

‫‪ 353‬ـ معجم األدباء (إرشاد األريب إلى معرفة األديب)‪ ،‬ألبي عبد اهلل ياقوت بن عبد اهلل الرومي‬
‫الحموي ت‪626‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬إحسان عباس‪.‬‬

‫‪ 354‬ـ المعجم األوسط‪ ،‬ألبي القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الشامي‬
‫الطبراني ت‪360‬ﻫ‪ ،‬دار الحرمين‪ ،‬القاهرة‪ ،‬تحقيق‪ :‬طارق بن عوض اهلل بن محمد‪ ،‬وعبد المحسن بن‬
‫إبراهيم الحسيني‪.‬‬

‫الح َم ِوي ت‪626‬ﻫ‪،‬‬


‫‪ 355‬ـ معجم البلدان‪ ،‬لشهاب الدين أبي عبد اهلل ياقوت بن عبد اهلل الرومي َ‬
‫ط‪ ،2‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪.‬‬

‫‪ 356‬ـ معجم الشيوخ الكبير‪ ،‬ألبي عبد اهلل محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي ت‪748‬ﻫ‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫مكتبة الصديق‪ ،‬الطائف‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد الحبيب الهيلة‪.‬‬

‫‪ 357‬ـ معجم الشيوخ‪ ،‬لتاج الدين عبد الوهاب بن تقي الدين السبكي ت‪771‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الغرب‬
‫اإلسالمي‪ ،‬تحقيق‪ :‬بشار عواد وآخرين‪.‬‬

‫‪ 358‬ـ معجم الصحابة‪ ،‬ألبي الحسين عبد الباقي بن قانع بن مرزوق بن واثق األموي البغدادي‬
‫ت‪351‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬مكتبة الغرباء األثرية‪ ،‬المدينة المنورة‪ ،‬تحقيق‪ :‬صالح بن سالم المصراتي‪.‬‬

‫‪ 359‬ـ معجم الصحابة‪ ،‬ألبي القاسم عبد اهلل بن محمد بن عبد العزيز البغوي ت‪317‬ﻫ‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫مكتبة دار البيان‪ ،‬الكويت‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد األمين بن محمد الجكني‪.‬‬

‫‪ 360‬ـ المعجم الصغير (الروض الداني)‪ ،‬ألبي القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير‬
‫اللخمي الشامي الطبراني ت‪360‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬المكتب اإلسالمي‪ ،‬دار عمار‪ ،‬بيروت وعمان‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد‬
‫شكور محمود الحاج أمرير‪.‬‬

‫‪ 361‬ـ المعجم الكبير‪ ،‬ألبي القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الشامي الطبراني‬
‫ت‪360‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،2‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬تحقيق‪ :‬حمدي عبد المجيد السلفي‪.‬‬

‫‪ 362‬ـ معجم المصطلحات المالية واالقتصادية في لغة الفقهاء لنزيه حماد‪ ،‬ط‪2008 ،1‬م‪ ،‬دار‬
‫القلم‪ ،‬دمشق‪.‬‬
‫‪465‬‬ ‫فهرس المصادر والمراجع‬

‫‪ 363‬ـ معجم المصطلحات واأللفاظ الفقهية‪ ،‬د‪ .‬محمد عبد الرحمن عبد المنعم‪ ،‬دار الفضيلة‪.‬‬

‫‪ 364‬ـ معجم المؤلفين‪ ،‬لعمر بن رضا بن محمد راغب بن عبد الغني كحالة الدمشقي ت‪1408‬ﻫ‪،‬‬
‫مكتبة المثنى‪ ،‬ودار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪.‬‬

‫‪ 365‬ـ المعجم الوسيط‪ ،‬للدكتور إبراهيم أنيس وآخرين‪ ،‬ط‪ ،2‬دار إحياء التراث العربي‪.‬‬

‫‪ 366‬ـ المعجم‪ ،‬ألبي بكر محمد بن إبراهيم بن علي بن عاصم األصبهاني الخازن المشهور بابن‬
‫المقرئ ت‪ ،381‬ط‪ ،1‬مكتبة الرشد‪ ،‬الرياض‪ ،‬تحقيق أبي عبد الرحمن عادل بن سعد‪.‬‬

‫‪ 367‬ـ معرفة الثقات من رجال أهل العلم والحديث ومن الضعفاء وذكر مذاهبهم وأخبارهم‪،‬‬
‫ألبي الحسن أحمد بن عبد اهلل بن صالح العجلي الكوفي ت‪261‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬مكتبة الدار‪ ،‬المدينة المنورة‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬عبد العليم عبد العظيم البستوي‪.‬‬

‫‪ 368‬ـ معرفة الرجال عن يحيى بن معين (تاريخ يحيى بن معين ت‪233‬ﻫ‪ ،‬رواية ابن محرز)‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫مجمع اللغة العربية‪ ،‬دمشق‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد كامل القصار‪.‬‬
‫الخسرو ِج ِ‬
‫ردي الخراساني‬ ‫‪ 369‬ـ معرفة السنن واآلثار‪ ،‬ألبي بكر أحمد بن الحسين بن علي ُ ْ َ ْ‬
‫البيهقي ت‪458‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الوفاء‪ ،‬المنصورة والقاهرة‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد المعطي أمين قلعجي‪.‬‬

‫‪ 370‬ـ معرفة الصحابة‪ ،‬ألبي عبد اهلل محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى بن منده العبدي‬
‫ت‪395‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬مطبوعات جامعة اإلمارات العربية المتحدة‪ ،‬تحقيق‪ :‬عامر حسن صبري‪.‬‬

‫‪ 371‬ـ معرفة الصحابة‪ ،‬ألبي نعيم أحمد بن عبد اهلل بن أحمد األصبهاني ت‪430‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار‬
‫الوطن‪ ،‬الرياض‪ ،‬تحقيق‪ :‬عادل بن يوسف العزازي‪.‬‬

‫‪ 372‬ـ معرفة القراء الكبار على الطبقات واألعصار‪ ،‬لشمس الدين أبي عبد اهلل محمد بن أحمد‬
‫ابن عثمان الذهبي ت‪748‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الكتب العلمية‪.‬‬

‫‪ 373‬ـ المعرفة والتاريخ‪ ،‬ألبي يوسف يعقوب بن سفيان الفسوي ت‪277‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،2‬مؤسسة‬
‫الرسالة‪ ،‬بيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬أكرم ضياء العمري‪.‬‬

‫الم ْعلم بفوائد مسلم‪ ،‬ألبي عبد اهلل محمد بن علي بن عمر الت َِّميمي المازري المالكي‪ ،‬ت‬
‫‪ 374‬ـ ُ‬
‫والمؤسسة الوطنية للكتاب‬
‫ّ‬ ‫‪536‬ﻫ‪ ،‬تحقيق‪ :‬فضيلة الشيخ محمد الشاذلي النيفر‪ ،‬الدار التونسية للنشر‪،‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪466‬‬

‫والمؤسسة الوطنية للترجمة والتحقيق والدّ راسات بيت الحكمة‪ ،‬ط‪1988 ،2‬م‪.‬‬
‫ّ‬ ‫بالجزائر‪،‬‬

‫‪ 375‬ـ مغانـي األخيـار في شـرح أسـامي رجـال معاني اآلثار‪ ،‬ألبـي محمد محمود بـن أحمد بن‬
‫موسـى بـن أحمد بن حسـين الغيتابـي الحنفي بـدر الديـن العينـي ت‪855‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الكتـب العلمية‪،‬‬
‫بيـروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد حسـن محمد حسـن إسـماعيل‪.‬‬

‫‪ 376‬ـ المغني عن حمل األسفار في األسفار‪ ،‬في تخريج ما في اإلحياء من األخبار (مطبوع‬
‫بهامش إحياء علوم الدين)‪ ،‬أبو الفضل زين الدين عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن‬
‫إبراهيم العراقي ت ‪806‬ﻫ‪ ،‬دار ابن حزم‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1426 ،1‬ﻫ‪.‬‬

‫‪ 377‬ـ المغني في الضعفاء‪ ،‬لشمس الدين أبي عبد اهلل محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبي‬
‫ت‪ ،748‬تحقيق د‪ .‬نور الدين عتر‪.‬‬

‫‪ 378‬ـ مفاتيح الغيب‪ ،‬أبو عبد اهلل محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي الملقب‬
‫بفخر الدين الرازي خطيب الري ت ‪606‬ﻫ‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة‪ :‬الثالثة‪1420 ،‬ﻫ‪.‬‬

‫‪ 379‬ـ المفاتيح في شرح المصابيح‪ ،‬لمظهر الدين الزيداني ت ‪727‬ﻫ‪ ،‬ط‪1433 ،1‬ﻫ‪2012 ،‬م‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬لجنة متخصصة من المحققين بإشراف نور الدين طالب‪ ،‬إدارة الثقافة اإلسالمية بالكويت‪.‬‬

‫‪ 380‬ـ المفردات في غريب القرآن‪ ،‬ألبيالقاسم الحسين بن محمد المعروف بالراغب األصفهانى‬
‫ت ‪502‬ﻫ‪ ،‬تحقيق‪ :‬صفوان عدنان الداودي‪ ،‬دار القلم‪ ،‬دمشق ب‪ ،‬ط‪1412 ،1‬ﻫ‪.‬‬

‫‪ 381‬ـ المفهـم لمـا أشـكل مـن تلخيـص مسـلم‪ ،‬للقرطبـي ت ‪656‬ﻫ‪ ،‬ط‪1417 ،1‬ﻫ‪ ،‬تحقيـق‪:‬‬
‫محيـي الديـن مسـتو‪ ،‬ويوسـف علي بديـوي‪ ،‬أحمـد السـيد‪ ،‬دار ابـن كثيـر‪ ،‬ودار الكلـم الطيب‪.‬‬

‫‪ 382‬ـ مقاييس اللغة‪ ،‬ألبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريا القزويني الرازي ت‪395‬ﻫ‪،‬‬
‫ط‪1979‬م‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد السالم محمد هارون‪.‬‬

‫‪ 383‬ـ المقتنى في سرد الكنى‪ ،‬ألبي عبد اهلل محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي ت‪748‬ﻫ‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫المجلس العلمي بالجامعة اإلسالمية‪ ،‬المدينة المنورة‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد صالح عبد العزيز المراد‪.‬‬

‫‪ 384‬ـ مقدمة ابن الصالح (معرفة أنواع علوم الحديث)‪ ،‬ألبي عمرو عثمان بن عبد الرحمن‬
‫‪467‬‬ ‫فهرس المصادر والمراجع‬

‫الشهير بابن الصالح ت‪643‬ﻫ‪ ،‬ط‪1406‬ﻫ‪1986 ،‬م‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬سوريا‪ ،‬ودار الفكر المعاصر‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬نور الدين عتر‪.‬‬

‫‪ 385‬ـ مكارم األخالق‪ ،‬ألبي القاسم سليمان بن أحمد الطبراني ت‪360‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد شمس الدين‪.‬‬

‫‪ 386‬ـ من تكلم فيه وهو موثق‪ ،‬لشمس الدين أبي عبد اهلل محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي‬
‫ت‪748‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬تحقيق‪ :‬عبد اهلل بن ضيف اهلل الرحيلي‪.‬‬

‫‪ 387‬ـ من سؤاالت أبي بكر أحمد بن محمد بن هانئ األثرم ألحمد بن حنبل الشيباني ت‪241‬ﻫ‪،‬‬
‫ط‪ ،1‬دار البشائر اإلسالمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬عامر حسن صبري‪.‬‬

‫‪ 388‬ـ من كالم أبي زكريا يحيى بن معين ت‪233‬ﻫ في الرجال‪ ،‬رواية ابن طهمان‪ ،‬دار المأمون‬
‫للتراث‪ ،‬دمشق‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد محمد نور سيف‪.‬‬

‫‪ 389‬ـ منار القاري شرح مختصر صحيح البخاري‪ ،‬حمزة محمد قاسم راجعه‪ :‬الشيخ عبد القادر‬
‫األرناؤوط عني بتصحيحه ونشره‪ :‬بشير محمد عيون‪ ،‬مكتبة دار البيان‪ ،‬دمشق‪ ،‬الجمهورية العربية‬
‫السورية‪ ،‬مكتبة المؤيد‪ ،‬الطائف‪1410 ،‬ﻫ‪.‬‬

‫‪ 390‬ـ المنتخب من مسند عبد بن حميد بن نصر الك َِّسي أو الك َِّشي ت‪249‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬مكتبة السنة‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬تحقيق‪ :‬صبحي البدري السامرائي‪ ،‬ومحمود محمد خليل الصعيدي‪.‬‬

‫‪ 391‬ـ المنتقى شرح الموطأ‪ ،‬أبو الوليد سليمان بن خلف بن سعد بن أيوب بن وارث التجيبي‬
‫القرطبي الباجي األندلسي ت ‪474‬ﻫ‪ ،‬مطبعة السعادة‪ ،‬بجوار محافظة مصر ط‪1332 ،1‬ه‪.‬‬

‫‪ 392‬ـ المنتقى من السنن المعتمدة‪ ،‬ألبي محمد عبد اهلل بن علي بن الجارود النيسابوري‬
‫ت‪307‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬مؤسسة الكتب الثقافية‪ ،‬بيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد اهلل عمر البارودي‪.‬‬

‫الهنائي األزدي‪ ،‬أبو الحسن الملقب بـ «كراع النمل»‬


‫المن ََّجد في اللغة‪ ،‬لعلي بن الحسن ُ‬
‫‪ 393‬ـ ُ‬
‫ت‪ :‬بعد ‪309‬ﻫ‪ ،‬تحقيق‪ :‬دكتور أحمد مختار عمر‪ ،‬دكتور ضاحي عبد الباقي‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪،2‬‬
‫‪ 1988‬م‪.‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪468‬‬

‫‪ 394‬ـ المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج‪ ،‬ألبي زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي‬
‫ت‪676‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،2‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪.‬‬

‫‪ 395‬ـ الموسوعة الفقهية الميسرة في فقه الكتاب والسنة المطهرة‪ ،‬حسين بن عودة العوايشة‪،‬‬
‫المكتبة اإلسالمية‪ ،‬عمان‪ ،‬ودار ابن حزم‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ ،1‬من ‪1429 ،1423‬ﻫ‪.‬‬

‫‪ 396‬ـ موضح أوهام الجمع والتفريق‪ ،‬ألبي بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي‬
‫ت‪463‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد المعطي أمين قلعجي‪.‬‬

‫‪ 397‬ـ الموضوعات الكبرى‪ ،‬ألبي الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي ت‪597‬ﻫ‪،‬‬
‫ط‪ ،1‬المكتبة السلفية بالمدينة المنورة‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد الرحمن محمد عثمان‪.‬‬

‫‪ 398‬ـ موطأ مالك بن أنس ـ رواية سويد بن سعيد الحدثاني‪ ،‬ط‪1994 ،1‬م‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد المجيد تركي‪.‬‬

‫‪ 399‬ـ الموطأ‪ ،‬لإلمام مالك بن أنس األصبحي ت‪179‬ﻫ‪ ،‬رواية يحيى بن يحيى الليثي ت‪244‬ﻫ‪،‬‬
‫دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬بشار عواد معروف‪.‬‬

‫‪ 400‬ـ ميزان االعتدال في نقد الرجال‪ ،‬لشمس الدين أبي عبد اهلل محمد بن أحمد بن عثمان‬
‫الذهبي‪ ،‬ت‪748‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬علي محمد البجاوي‪.‬‬

‫‪ 401‬ـ ناسخ الحديث ومنسوخه‪ ،‬ألبي حفص عمر بن أحمد بن عثمان البغدادي المعروف بابن‬
‫شاهين ت‪385‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬مكتبة المنار‪ ،‬الزرقاء‪ ،‬تحقيق‪ :‬سمير بن أمين الزهيري‪.‬‬

‫‪ 402‬ـ نخب األفكار في تنقيح مباني األخبار في شرح معاني اآلثار‪ ،‬أبو محمد محمود بن أحمد بن‬
‫موسى بن أحمد بن حسين الغيتابى الحنفى بدر الدين العينى ت ‪855‬ﻫ‪ ،‬تحقيق‪ :‬أبو تميم ياسر بن‬
‫إبراهيم‪ ،‬وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية‪ ،‬قطر ط‪1429 ،1‬ﻫ‪.‬‬

‫‪ 403‬ـ نضرة النعيم في مكارم أخالق الرسول الكريم‪ ،‬ﷺ المؤلف‪ :‬عدد من المختصين بإشراف‬
‫الشيخ‪ /‬صالح بن عبد اهلل بن حميد إمام وخطيب الحرم المكي‪ ،‬دار الوسيلة‪ ،‬جدة‪ ،‬ط‪.4‬‬

‫‪ 404‬ـ نظم الدرر في تناسب اآليات والسور‪ ،‬إبراهيم بن عمر بن حسن الرباط بن علي بن أبي بكر‬
‫البقاعي ت ‪885‬ﻫ‪ ،‬دار الكتاب اإلسالمي‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪469‬‬ ‫فهرس المصادر والمراجع‬

‫‪ 405‬ـ النفقة على العيال (العيال)‪ ،‬ألبي بكر عبد اهلل بن محمد بن عبيد بن سفيان المعروف بابن‬
‫أبي الدنيا ت‪281‬ﻫ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار ابن القيم‪ ،‬الدمام‪ ،‬السعودية‪ ،‬تحقيق‪ :‬نجم عبد الرحمن خلف‪.‬‬

‫‪ 406‬ـ النهايـة فـي غريـب الحديـث واألثـر‪ ،‬ألبي السـعادات مجد الديـن المبارك بـن محمد بن‬
‫الج َـزري ابـن األثيـر ت‪606‬ﻫ‪ ،‬ط‪1399‬ﻫ‪1979 ،‬م‪،‬‬
‫محمـد بـن محمـد بـن عبـد الكريـم الشـيباني َ‬
‫المكتبـة العلميـة‪ ،‬بيـروت‪ ،‬تحقيـق‪ :‬طاهـر أحمـد الـزاوي‪ ،‬ومحمـود محمـد الطناحـي‪.‬‬

‫‪ 407‬ـ النور السافر عن أخبار القرن العاشر‪ ،‬لعبد القادر العيدروسي ت ‪1037‬ﻫ‪ ،‬ط‪1405 ،1‬ﻫ‪،‬‬
‫دار الكتب العلمية‪.‬‬

‫‪ 408‬ـ نيل األوطار‪ ،‬محمد بن علي بن محمد بن عبد اهلل الشوكاني اليمني ت ‪1250‬ﻫ‪ ،‬تحقيق‪:‬‬
‫عصام الدين الصبابطي‪ ،‬دار الحديث‪ ،‬مصر ط‪1413 ،1‬ﻫ‪.‬‬

‫‪ 409‬ـ هدية العارفين أسماء المؤلفين وآثار المصنفين‪ ،‬إسماعيل بن محمد أمين بن مير سليم‬
‫الباباني البغدادي ت ‪1399‬ﻫ‪ ،‬طبع بعناية وكالة المعارف الجليلة في مطبعتها البهية إستانبول ‪1951‬‬
‫أعادت طبعه باألوفست‪ :‬دار إحياء التراث العربي بيروت‪ ،‬لبنان‪.‬‬

‫‪ 410‬ـ الوافي بالوفيات‪ ،‬لصالح الدين خليل بن أيبك بن عبد اهلل الصفدي ت‪764‬ﻫ‪ ،‬ط‪1420‬ﻫ‪،‬‬
‫‪2000‬م‪ ،‬دار إحياء التراث‪ ،‬بيروت‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد األرنؤوط‪ ،‬وتركي مصطفى‪.‬‬

‫‪ 411‬ـ الورع‪ ،‬ألبي بكر عبد اهلل بن محمد بن عبيد بن سفيان المعروف بابن أبي الدنيا ت‪281‬ﻫ‪،‬‬
‫ط‪ ،1‬الدار السلفية‪ ،‬الكويت‪ ،‬تحقيق‪ :‬أبي عبد اهلل محمد بن حمد الحمود‪.‬‬

‫‪ 412‬ـ الوسيط في تفسير القرآن المجيد‪ ،‬أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي‪،‬‬
‫النيسابوري‪ ،‬الشافعي ت ‪468‬ﻫ‪ ،‬تحقيق وتعليق‪ :‬الشيخ عادل أحمد عبد الموجود‪ ،‬الشيخ علي محمد‬
‫معوض‪ ،‬الدكتور أحمد محمد صيرة‪ ،‬الدكتور أحمد عبد الغني الجمل‪ ،‬الدكتور عبد الرحمن عويس‬
‫قدمه وقرظه‪ :‬األستاذ الدكتور عبد الحي الفرماوي‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان ط‪1415 ،1‬ﻫ‪.‬‬

‫‪ 413‬ـ وفيات األعيان وأنباء أبناء الزمان‪ ،‬أبو العباس شمس الدين أحمد بن محمد بن إبراهيم بن‬
‫أبي بكر ابن خلكان البرمكي اإلربلي ت ‪681‬ﻫ‪ ،‬تحقيق‪ :‬إحسان عباس‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪ ،‬طبع كل‬
‫جزء في عام مختلف ابتداء بـ ‪1900‬م‪ ،‬وانتهاء بـ‪1994‬م‪.‬‬

‫***‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫الصفحة‬ ‫الموضوع‬

‫الجهود والدراسات السابقة‪5. ........................................................................‬‬


‫منهج الباحث‪6. ......................................................................................‬‬
‫خطة البحث‪9. .......................................................................................‬‬
‫التمهيد‪9. ............................................................................................‬‬
‫واصطالحا‪19............................................‬‬
‫ً‬ ‫المبحث األول‪ :‬تعريف مضاعفة األجور لغ ًة‬
‫المبحث الثاني‪ :‬أنواع مضاعفة األجور ‪24.............................................................‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬خصوصية األمة المحمدية بهذه المضاعفة ‪25........................................‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬اآليات القرآنية الواردة في المضاعفة‪28...............................................‬‬
‫المبحث الخامس‪ :‬موقف المخالفين في مضاعفة األجور ‪33..........................................‬‬
‫المبحث السادس‪ :‬أسباب مضاعفة األجور‪34.........................................................‬‬
‫المبحث السابع‪ِ :‬‬
‫الحك َْمة الشرعية من المضاعفة ‪42...................................................‬‬
‫المبحث الثامن‪ :‬المسائل واألحكام الشرعية المتع ّلقة بالمضاعفة ‪46...................................‬‬
‫الفصل األول‪ :‬المضاعفة العامة في ّ‬
‫كل األعمال ‪51....................................................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬المضاعفة العامة في أبواب العبادات والمعامالت ‪56..................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬المضاعفة العامة في اآلداب والفضائل ‪62.............................................‬‬
‫دة ومتنو ٍ‬
‫عة ‪67...................................‬‬ ‫وبأجور محدّ ٍ‬
‫ٍ‬ ‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬
‫ّ‬ ‫بأعمال ّ‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المضاعفة‬
‫‪٣‬‬

‫‪472‬‬

‫الصفحة‬ ‫الموضوع‬
‫مر َت ْين‪69..............................................................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬مضاعفة األجر ّ‬
‫المطلب األول‪ :‬النُّ ُب ّوة‪69..............................................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مؤمن أهل الكتاب‪73.................................................................‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬العبد المملوك الذي أسلم وأطاع سيده‪82............................................‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬من أعتق َأ َم ًة بعد أن رباها ثم تزوجها ‪89...............................................‬‬
‫المطلب الخامس‪ :‬قارئ القرآن وهو يشتد عليه ويتعتع فيه‪94......................................... .‬‬
‫المطلب السادس‪ :‬الصدقة على الفقراء والمحتاجين من األرحام واألقارب ‪98.........................‬‬
‫اهدُ ‪106...............................................................‬‬‫اهدُ المج ِ‬
‫المطلب السابع‪ :‬الج ِ‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫الم َحافِظ على صالة ال َع ْصر‪113......................................................‬‬
‫المطلب الثامن‪ُ :‬‬
‫المطلب التاسع‪ :‬من تيمم ثم أعاد الصالة بعد أن وجد الماء‪115.......................................‬‬
‫المطلب العاشر‪ :‬الحاكم والقاضي إذا اجتهد وأصاب الحكم‪117.....................................‬‬
‫المطلب الحادي عشر‪ :‬الغريق في البحر ‪122.........................................................‬‬
‫المطلب الثاني عشر‪ :‬اتّباع الجنازة وانتظار الميت حتى يوضع في القبر‪125............................‬‬
‫المطلب الثالث عشر‪ :‬من َج ّه َز غاز ًيا ‪130.............................................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬مضاعفة األجر عشر مرات‪132.......................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الصلوات الخمس‪132...............................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الصالة على النبي ﷺ‪135............................................................‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬إلقاء السالم بلفظ‪« :‬السالم عليكم» ‪141.............................................‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬النفقة على النفس واألهل‪144........................................................‬‬
‫المطلب الخامس‪ :‬إماطة األذى عن الطريق‪146.......................................................‬‬
‫المطلب السادس‪ :‬ذكْر اهلل ‪148.......................................................................‬‬
‫‪473‬‬ ‫فهرس الموضوعات‬

‫الصفحة‬ ‫الموضوع‬
‫ً‬
‫أول‪ :‬التسبيح‪148....................................................................................‬‬
‫مرة ‪150..........................‬‬
‫ثان ًيا‪ :‬قول المؤمن قبل النوم‪« :‬سبحان اهلل والحمد هلل واهلل أكبر» مائة ّ‬
‫ك‪َ ،‬و َل ُه ا ْل َح ْمدُ ‪َ ،‬و ُه َو َع َلى ك ُِّل َش ْي ٍء َق ِد ٌير»‬ ‫«ل إِ َل َه إِ َّل ا ُ‬
‫هلل‪َ ،‬و ْحدَ ُه َل َش ِر َ‬
‫يك َل ُه‪َ ،‬ل ُه ا ْل ُم ْل ُ‬ ‫ثال ًثا‪ :‬قول المؤمن‪َ :‬‬
‫حين يصبح أو يمسي ‪154............................................................................‬‬
‫مرة‪ ،‬أو ثالثين‬
‫خمسا وعشرين مرة‪ ،‬أو سب ًعا وعشرين ّ‬
‫ً‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬مضاعفة األجر عشرين مرة‪ ،‬أو‬
‫مرة‪ ،‬أو خمسين مرة‪ ،‬أو ستين مرة‪158................................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬ر ّد السالم بلفظ‪« :‬السالم عليكم ورحمة اهلل» ‪158.....................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬قول المؤمن‪« :‬سبحان اهلل»‪ ،‬و«ال إله إال اهلل»‪ ،‬و«اهلل أكبر»‪158.........................‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬شاهد الصالة عند األذان ‪161........................................................‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬صالة الجماعة‪164...................................................................‬‬
‫السر دون أن يراه أحدٌ ‪169.........................................‬‬
‫المطلب الخامس‪ :‬صالة النافلة في ّ‬
‫المطلب السادس‪ :‬من داوم على األذان ثنتي عشرة سنة‪173............................................‬‬
‫المطلب السابع‪ :‬ر ّد السالم بلفظ‪« :‬السالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته» ‪175............................‬‬
‫المطلب الثامن‪ :‬قول المؤمن‪« :‬الحمد هلل رب العالمين»‪176..........................................‬‬
‫المطلب التاسع‪ :‬صالة الرجل في الفالة ‪178..........................................................‬‬
‫المتمسك بالدين آخر الزمان‪183.................................................. .‬‬
‫ّ‬ ‫المطلب العاشر‪:‬‬
‫مرة‪188. .‬‬
‫مرة‪ ،‬أو سبعمائة ّ‬
‫مرة‪ ،‬أو مائتين وخمسين ّ‬
‫مرة‪ ،‬أو مائة ّ‬
‫المبحث الرابع‪ :‬مضاعفة األجر سبعين ّ‬
‫المطلب األول‪ :‬قتل الوزغ من أول ضربة‪188.........................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬المجاهد في سبيل اهلل‪193............................................................‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬الصالة في المسجد األقصى ‪196....................................................‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬النفقة في الجهاد في سبيل اهلل ‪200....................................................‬‬
‫المطلب الخامس‪ :‬النفقة في الحج ‪203...............................................................‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪474‬‬

‫الصفحة‬ ‫الموضوع‬
‫مرة‪ ،‬أو ألف ألف مرة‪205....................‬‬
‫مرة‪ ،‬أو مائة ألف ّ‬
‫المبحث الخامس‪ :‬مضاعفة األجر ألف ّ‬
‫المطلب األول‪ :‬الصالة في المسجد النبوي‪205.......................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الصالة في المسجد األقصى ‪211.....................................................‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬الصالة في المسجد الحرام‪211......................................................‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬دعاء دخول السوق ‪213..............................................................‬‬
‫ٍ‬
‫عبادات أخرى‪219..................................................‬‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬المضاعفة بأجور‬
‫المبحث األول‪ :‬المضاعفة بأجر حجة‪221............................................................‬‬
‫ٍ‬
‫مكتوبة ‪221......................................‬‬ ‫ٍ‬
‫صالة‬ ‫متطه ًرا إلى‬
‫المطلب األول‪ :‬الخروج من البيت ّ‬
‫المطلب الثاني‪ :‬العمرة في رمضان ‪221...............................................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬المضاعفة بأجر عمرة‪ ،‬أو حجة وعمرة ‪224...........................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬صالة تسبيح الضحى ‪232............................................................‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬الصالة في مسجد قباء ‪233..........................................................‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬صالة اإلشراق بعد صالة الفجر والمكث في المسجد ‪238............................‬‬
‫كاملة‪ ،‬أو ألف ٍ‬
‫ليلة ‪240..............................‬‬ ‫ٍ‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬المضاعفة بأجر قيام وصيام ٍ‬
‫سنة‬
‫والدنو من اإلمام واالستماع لخطبة الجمعة‪240..............‬‬
‫ّ‬ ‫المطلب األول‪ :‬الغسل والتبكير والمشي‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الرباط في سبيل اهلل ‪246..............................................................‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬المضاعفة بأجر قيام ليلة ‪252.........................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬صالة الفجر والعشاء في جماعة ‪252.................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬صالة القيام مع اإلمام حتى ينصرف ‪257..............................................‬‬
‫المبحث الخامس‪ :‬المضاعفة بأجر صيام الدهر‪259...................................................‬‬
‫كل ٍ‬
‫شهر ‪259......................................................‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬صيام ثالثة أيا ٍم من ّ‬
‫‪475‬‬ ‫فهرس الموضوعات‬

‫الصفحة‬ ‫الموضوع‬
‫وست من شوال ‪266..............................................‬‬
‫ٍّ‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬صيام شهر رمضان‬
‫ٍ‬
‫وبأجور مطلقة ‪269...........................................‬‬ ‫خاص ٍة‬ ‫ٍ‬
‫بأعمال ّ‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬المضاعفة‬
‫المبحث األول‪ :‬مضاعفة األجر بمغفرة الذنوب ‪271..................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مغفرة الذنوب المتقدمة‪271..........................................................‬‬
‫ركني الكعبة ‪271.....................................‬‬
‫ْ‬ ‫أوالً‪ :‬الحج دون رفث وال فسوق‪ ،‬والمسح على‬
‫ثان ًيا‪ :‬قيام رمضان وصيامه‪ ،‬وقيام ليلة القدر‪ ،‬وصيام عاشوراء ‪277.....................................‬‬
‫المؤمن تأمين المالئكة في سورة الفاتحة‪288......‬‬
‫ّ‬ ‫ثال ًثا‪ :‬المحافظة على الصلوات الخمس‪ ،‬وموافقة تأمين‬
‫راب ًعا‪ :‬قراءة سورة الملك‪ ،‬وصالة التسابيح‪297.......................................................‬‬
‫خامسا‪ :‬النطق بالشهادتين بعد اآلذان‪ ،‬والوضوء بمثل وضوء النبي ﷺ وصالة ركعتين بعده ‪301.......‬‬
‫ً‬
‫سادسا‪ :‬مصافحة المؤمن ألخيه المؤمن ‪308..........................................................‬‬
‫ً‬
‫سابعا‪ :‬صالة ٍ‬
‫مائة أو أربعين من المسلمين على الميت‪312............................................‬‬ ‫ً‬
‫ثامنًا‪ :‬سقيا البهائم والرحمة بالحيوان‪315.............................................................‬‬
‫تاسعا‪ :‬من يموت له ثالثة من الولد لم يبلغوا ِ‬
‫الحنْث‪319..............................................‬‬ ‫ً‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مغفرة الذنوب المتقدّ مة والمتأخرة ‪325...............................................‬‬
‫ـ صوم يوم عرفة ‪325.................................................................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬مضاعفة األجور باستمرار عمله بعد الموت وعدم انقطاعه ‪330.......................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الرباط في سبيل اهلل والموت فيه‪330..................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬العلم النافع‪ ،‬والصدقة الجارية‪ ،‬والولد الصالح يدعو لوالديه ‪336.....................‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬مضاعفة األجور بالثواب العام غير المقيد ‪340.......................................‬‬
‫والرمي في سبيل اهلل ‪340................................‬‬
‫فرسا في سبيل اهلل‪ّ ،‬‬
‫المطلب األول‪ :‬من ح ّبس ً‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الطواف بالبيت َس ْب ًعا‪346.............................................................‬‬
‫‪٣‬‬

‫‪476‬‬

‫الصفحة‬ ‫الموضوع‬
‫المطلب الثالث‪ :‬المشي إلى الصالة في المسجد‪ ،‬وسدّ ال ُف َرج في الصالة‪ ،‬وكثرة الركوع والسجود‪349.‬‬
‫المطلب الرابع‪َ :‬ح َس ُن العبادة إذا مرض أو سافر‪ ،‬واالبتالء بالمرض‪364...............................‬‬
‫الم ْع ِسر ‪371...............................................‬‬
‫المطلب الخامس‪ :‬التصدق بالناقة‪ ،‬وإنظار ُ‬
‫المطلب السادس‪ :‬المحافظة على شيبة الشعر ‪378....................................................‬‬
‫المطلب السابع‪ :‬إحياء السنة الحسنة والداللة على الخير ‪380.........................................‬‬
‫المطلب الثامن‪ :‬العفو في القصاص والجراحات ‪383.................................................‬‬
‫المطلب التاسع‪ :‬عتق العبد المؤمن واألمة المؤمنة‪385................................................‬‬
‫المطلب العاشر‪ :‬تفطير الصائم‪388...................................................................‬‬
‫المطلب الحادي عشر‪ :‬تجهيز الغازي واإلنفاق على أهله‪389.........................................‬‬
‫الخاتمة ‪395.........................................................................................‬‬
‫الفهارس العامة‪399..................................................................................‬‬
‫ً‬
‫أول‪ :‬فهرس اآليات القرآنية‪401......................................................................‬‬
‫ثان ًيا‪ :‬فهرس أطراف األحاديث النبوية ‪411............................................................‬‬
‫خامسا‪ :‬فهرس المصادر والمراجع‪431...............................................................‬‬
‫ً‬
‫سادسا‪ :‬فهرس الموضوعات ‪473....................................................................‬‬
‫ً‬
‫***‬

You might also like