Professional Documents
Culture Documents
القوميّة
القوميّة
1
القومية
ر
األخالق حوليها، مقدمة :هذا نص رمتجم لد .ميستشافيك نيناد ،حول نظرية القومية وتعريفها وأنوعها وعن الجدل
ي
ر
ه للنسخة المؤرشفة يق الموسوعة عىل هذا الرابط، والمنشور عىل (موسوعة ستانفورد للفلسفة) .ننوه بأن التجمة ي
ا ر
األختة بعض التحديث أو التعديل من ر والت قد تختلف قليًل عن النسخة الدارجة للمقالة ،حيث أنه قد يطرأ عىلي
نخص بالشكر محرري موسوعة ستانفورد ،وعىل رأسهم د .إدوارد زالتا، ّ ً
وختاما، فينة ألخرى منذ تتمة هذه رالتجمة.
والنش عىل مجلة حكمة.عىل تعاونهم ،واعتمادهم رللتجمة ر
1Miscevic, Nenad, "Nationalism", The Stanford Encyclopedia of Philosophy (Summer 2018 Edition), Edward N.
Zalta (ed.), URL = <https://plato.stanford.edu/archives/sum2018/entries/nationalism/>.
يُستعمل لفظ 'القومية' عموما لوصف ظاهرتني )1( :موقف أعضاء أمة ما حني يهتمون هبويتهم
القومية ،و ( )2احلراك الذي يتخذه أعضاء أمة ما يف السعي لتقرير املصري (أو احلفاظ عليها) .تثري الظاهرة
ف غالبا ابعتبار األصل املشرتك أو اإلثنية أو
عر ُ
األوىل أسئلة حول مفهوم الوطن (أو اهلوية الوطنية) ،واليت تُ ّ
ادي؟ أما الظاهرة
الروابط الثقافية ،وخصوصا عما إذا جيب اعتبار عضوية الفرد يف وطن ما إراداي أم غري إر ّ
الثانية فتثري أسئلة عما إذا جيب فهم تقرير املصري على أنه يتضمن امتالك دولة م ٍ
عرتف هبا مع سلطة كاملة ُ
على القضااي الداخلية واخلارجية ،أم أن املراد شيءٌ أقل من هذا االعتبار.
ُ
أصبح من انفل القول اليوم متييز األوطان عن الدول ،فحيث تتشكل األوطان من جمتمعات إثنية أو
ثقافية ،تُعترب الدولة كياان سياسيا ذو نسبة سيادة ُمعتربة .وبينما تعترب دول عديدة أوطاان مبعىن ما ،إال أن هناك
أوطاان ال تُعترب دوال سائدة سيادة اتمة .وكمثال على هذا ،يُشكل شعب األمريكيني األصليني 'اإليروكوا' وطنا
لكنهم ال يُعتربون دولة ،ألهنم ال ميتلكون السلطة السياسية املطلوبة على شؤوهنم الداخلية واخلارجية .إذا اختار
أعضاء شعب اإليروكوا النضال لتشكيل دولة ذات سيادة ألجل احلفاظ على هويتهم فإن نضاهلم سيُبدي معامل
القومية اهلادفة إىل أتسيس دولة.
مت جتاهل موضوع القومية يف الفلسفة السياسية لفرتة طويلة ،ويعود سبب ذلك إىل اعتبارها من بقااي
عصور ابئدة .لكن القومية عادت إىل دائرة االهتمام الفلسفي خالل العقدين املاضيني ابتداء من التسعينات،
وذلك جزئيا بسبب الصدامات احلادة واملثرية للقلق كتلك اليت شهدهتا رواندا ويوغوسالفيا واجلمهورايت
السوفيتية سابقا .متيل عودة القومية إىل عرض صورة غامضة أخالقيا ومذهلة غالبا هلذا السبب .إن «الصحوة
الوطنية» أو الصراع من أجل حتقيق االستقالل السياسي غالبا ما يكون بطوليا ودمواي .فتشكل دولة قومية
غالبا ما يستجيب لشعور مشرتك عميق ،لكنه يؤدي أحياان إىل عواقب وخيمة تشمل الرتحيل القسري و
«إابدة» األجانب واملذابح اجلماعية املنظمة .يعكس النقاش األخالقي حول القومية توترا أخالقيا عميقا بني
قرتفة ابسم القومية من جهةضطهدة من جهة ،وامشئزازا من اجلرائم املُ ََ
من يتضامن مع اجلماعات القومية املُ َ
بسبل معاجلة االختالفات اإلثنيةأخرى .بل تُشري قضية القومية أكثر من ذلك إىل جمال إشكاالت أوسع تتعلق ُ
والثقافية داخل النُّظُم السياسية الدميقراطية ،ولعل هذه من أبرز اإلشكاالت يف النظرية السياسية املعاصرة.
لقد حتول مركز النقاش حول القومية خالل العقد األخري إىل قضااي العدالة الدولية ،ولعل هذا نتيجة
التغريات اليت شهدها املشهد الدويل ،فقد أصبحت احلروب الدموية كتلك اليت شهدهتا يوغوسالفيا أقل وضوحا،
يف حني استحوذت قضااي اإلرهاب و «صراع احلضارات» واهليمنة على النظام الدويل على االهتمام الشعيب.
وتتجلى إحدى نقاط الوصل بني النقاش املبكر والنقاش احلايل يف استعراض اخلالف بني رؤى العدالة الدولية
القائمة على سيطرة الدول الوطنية السيادية وبني الرؤى الكوزموبوليتية اليت تُصر على احلد من السيادة الوطنية،
أو تتعدى ذلك إىل تصور اختفائها النهائي .كما تُق ّد ُم قضااي ال ُقطر واحلقوق ال ُقطرية ،واليت تربط موضوع دول
قومية أو «الدولة القومية» مع إشكاالت هتم احلدود ال ٌقطرية واهلجرة واحلق يف املوارد وقضااي بيئية مهمة،
اهتماما جديدا للفالسفة.
سنقدم يف هذا املدخل قضااي التعريف والتصنيف املفاهيمي أوال يف القسم 1و ،2مث سنتطرق إىل
األفكار املطروحة يف النقاش يف القسم 3حيث سنقدم إبسهاب األفكار الداعمة للقومية على حساب نقيضتها
املناهضة هلا ،وذلك حىت مننح القومية الفلسفية جلسة اجتماع مناسبة.
-1ما الوطن؟
1-1املفهوم األساسي للقومية
1-2مفهوم الوطن
-2أنواع القومية
2-1مفاهيم القومية :نظرة دقيقة وشاملة
2-2ا ّدعاءات أخالقية :مركزية الوطن
-3النقاش األخالقي
3-1قوميات كالسيكية وليربالية
3-2أفكار مؤيدة للقومية :يف احلاجة األساسية للجماعة
3-3أفكار مؤيدة للقومية :قضااي العدالة
3-4الدولة الوطنية يف السياق الدويل
-4خامتة
-بيبليوغرافيا
-1ما الوطن؟
1-1املفهوم األساسي للقومية
على الرغم من أن لِ ِ
لفظ «القومية» معاين متعددة ،إال أنه يشمل الظاهرتني املذكورتني أعاله ،ومها:
( )1موقف أعضاء أمة ما حني يهتمون هبويتهم كأعضاء أمة ،و ( )2احلراك الذي يتخذه أعضاء أمة ما يف
السعي لتحقيق (أو احلفاظ) على شكل ما من أشكال السيادة السياسية (انظر مثال 1998- ،Nielsen
هتم مفهوم الوطن أو
،99ص .)9تتطلب الظاهرتني املذكورتني توضيحا وافيا أكثر .فاألوىل تثري إشكاالت ّ
اهلوية القومية ،ومعىن االنتماء إىل وطن ،وكم حري على املرء أن يهتم بوطنهُ .ميكن تعريف األمم واهلوية القومية
ابعتبار األصل أو اإلثنية أو الروابط الثقافية املشرتكة ،.وبينما يُنظر إىل عضوية الفرد يف وطنه على أهنا غري
إرادية ،إال أهنا أحياان تُعترب إرادية .أما درجة اهتمام املرء بوطنه اليت يتطلبها الوطنيون غالبا ما تكون ،إن مل
يكن دائما ،مرتفعة :فحسب وجهات النظر تلك ،تتقدم مزاعم الفرد لوطنه موقع الصدارة على املنافسة حول
الوالء والسلطة (انظر أعمال ،1979 ،Berlinو ،1991 ،Smithو ،2000 ،Levyوالنقاش يف
ٍ
لتحديد ابلغ الدقة انظر الصفحات األوىل من عمل ،2005 ،Crosbyوانظرعمل ،2003 ،Gansو
أيضا عمل ،2012 ،Yackففيه نقاش ُمشوق وغين حول املواقف القومية).
ّأما الظاهرة الثانية فتثري أسئلة حول ما إذا كانت السيادة تتطلب امتالك كيان سياسي كامل مع
سلطة كاملة على الشؤون الداخلية واخلارجية ،أو ما إذا كان امتالك ٍ
شيء أقل من هذا كافيا .فعلى الرغم من
أن السيادة تعين يف الغالب السلطة الكاملة على كيان سياسي كامل (انظر اجلزء األول من عمل ،Gellner
،1983وانظر 2012 ،Meadwellو ،2014ففيه نقاش مستفيض ُلرؤى غيلنر ،وانظر أيضا مقاالت
ل Malesevicو ،)2007 ،Hugarardإال أن هناك استثناءات كما يُقر بذلك ميلر (،Miller
،1992ص ،87و .)2000 ،Millerويدافع بعض الكتاب عن نسخة أانركية للقومية ُمعتدلة يف احلس
الوطين سبق أن أملح إليها ابكونني (( )Bakuninانظر مقال « :Robert Sparrowاحتادان سر قوتنا:
األانركية واحلس الوطين» يف عمل ( )Primoratzو.)2007 ،Pavkovic
على الرغم من القلق الذي تثريه التعريفات اليت وردت ،إال أن هناك قدرا مهما من االتفاق حول
شكل القومية النسقي اترخييا .إهنا تقدم أولوية الدعاءات الوطن على ّادعاءات الوالء الفردي والسيادة الكاملة
كهدف دائم لربانجمها السياسي .تُعترب السيادة ال ُقطرية حسب التقليد املعمول به عنصرا حم ِّددا لسلطة الدولة
وأساسيا للوطنية .لقد حظيت ابلتّمجيد يف األعمال الكالسيكية احلديثة كأعمال توماس هوبز وجون لوك
وروسو ،كما أهنا تعاود الظهور اليوم يف النقاش الدائر ابلرغم من شك الفالسفة اليوم فيها (انظر بقية املقال).
تضمنة يف السيادة
فالقضااي اليت هتم السيطرة على حراك املال والبشر (وخاصة اهلجرة) واحلقوق يف املوارد امل َّ
ُ
ال ُقطرية جعلت من املوضوع حمورا سياسيا يف عصر العوملة ،ومسألة مثرية فلسفيا ابلنسبة لل ّداعني إليها وملناهضيها
على السواء.
1.2مفهوم الوطن
تتعلق قضية القومية يف شكلها العام بتحديد معامل الفضاء بني اجملال اإلثين–الثقايف (ويشمل اجلماعات
اإلثنية الثقافية أو «األمم») ،وبني جمال التنظيم السياسي .لقد أتينا على ذكر أمهية املوقف الذي يتخذه أعضاء
أمة ما حني يهتمون هبويتهم الوطنية .تُثري هذه النقطة نوعني من األسئلة .ويشمل النوع األول أسئلة وصفية:
يُناقش هذا اجلزء من املقال األسئلة الوصفية ،وذلك بدءا ب (.1أ) مث (.1ب)( .أما األسئلة املعيارية
حث الناس على النضال من أجلفسنتناوهلا يف اجلزء الثالث الذي ُيهم النقاش األخالقي ).إن أراد أحدان ّ
مصاحلهم القومية ،فيجب أن تكون لديه فكرة ما عما هو الوطن وماذا يعين االنتماء إليه .لذلك ،ومن أجل
تشكيل وأتسيس تقييمهم وادعاءاهتم وإرشاداهتم للحراك الوطين ،قدم املفكرون املؤيدون لفكرة القومية شرحا
مبسطا لنظرايت اإلثنية والثقافة والقومية والدولة .يف املقابل ،دحض مناهضو القومية تلك الشروحات .هنالك
روح
اليوم بعض املسلمات حول اجلماعات اإلثنية واألوطان اليت تُعترب أساسية ملؤيدي القومية ،وهنالك أيضا ُش ٌ
نظرية تُق ّد ُم كأفكار داعمة للمسلمات األساسية املذكورة آنفا .فالتعريف والوضع الذي حتظى به اجلماعة
االجتماعية اليت تستفيد من الربانمج القومي ،واليت تدعى «األمة» أو «الوطن اإلثين» أو «اجلماعة اإلثنية»
مثال يُعترب أساسيا .ومبا أن القومية تربز على اخلصوص يف اجلماعات اليت ال زالت دون كيان الدولة السياسي،
فإن تعريف الوطن والقومية حصرا يف عالقتها ابالنتماء لدولة أمر غري وارد.
وفيرب (( ،1970 )Weberانظر بروابيكر ،2004 Brubakerففيه دفاع حديث عن هذا اخليار ،أما
عمل بروابيكر اآلخر ،2013فيقدم مقارنة هلذا اخليار مع الدين) .فوفقا لتعريفهم اإلرادي اخلالص ،يُعترب
الوطن مجاعة من الناس تتطلع إىل تنظيم سياسي مشرتك شبيه مبنظمة الدولة السياسية .فإن جنحت هذه اجلماعة
يف تشكيل دولة ،فإن والءات أعضاء اجلماعة تُصبح «مدنية» بطبيعتها (مقابل «إثنية») .وعلى الطرف اآلخر،
تُرّكز ّادعاءات مؤيدي القومية على اجلماعة اليت مل يكن لديها فرصة االختيار اإلرادي ومتلك أصال أو لغة أو
تقليد أو ثقافة مشرتكة :إن الوطن اإلثين النموذجي هو جمتمع ذو أصل وثقافة وعلى اخلصوص اللغة والتقاليد.
يُعد التمييز بني القومية «املدنية» والقومية «اإلثنية» ذو عالقة ابلطرح الذي قدمته مدارس أقْدم للعلوم
االجتماعية والسياسية( ،على الرغم من عدم تطابقهما) ،إذ يُزعم أن القومية املدنية من أورواب الغربية ،بينما
القومية اإلثنية من أورواب الوسطى والشرقية ،واليت بدأت يف األصل يف أملانيا (ويُعترب هانس كون Hans
1965 ،Kohnمن أبرز مؤيدي هذا التمييز) .متيل النقاشات الفلسفية اليت تتخذ من القومية تيمتها األساس
إىل الرتكيز على الشكل اإلثين الثقايف فقط ،وعلى هذا النهج سنكمل ما تبقى من املقال .سنسم كل مجاعة
تتطلع إىل تكوين دولة هلا على هذا األساس بـ «الوطن اإلثين» ،وذلك للتأكيد على أسسها اإلثنو-ثقافية
عوضا عن األسس املدنية .إن اخللفية اإلثنو ثقافية للفرد هي اليت ُحتدد ُعضويته يف اجلماعة ابلنسبة ملؤيدي
القومية .فال ُميكن ألحدان أن خيتار عضويته يف مجاعة ما ،بل على العكس من ذلك ،تعتمد العضوية على
عنصر صدفة األصل أو التنشئة االجتماعية امل بكرة .لكن ،لقد أصبح االشرتاك يف األصل ذا طابع أسطوري
ُ
ملعظم اجلماعات املعاصرة املشكلة للقومية :لقد اختلطت اجلماعات اإلثنية آلالف السنني اليوم.
وبذا مييل املفكرون املؤيدون للقومية إىل التأكيد على العضوية الثقافية للفرد فقط ويتحدثون عن
«العضوية الوطنية» ويتغاضون عن جزء «اإلثنية» (انظر ،1992 ،Millerو ،2000و ،Tamer
،2013 ،1993و .)2003 ،Gansيضيف ُمقرتح ميشيل ساميور بتقدميه «تعريف اجتماعي ثقايف»
بُعدا سياسيا إىل البعد الثقايف حصرا ،ويقول :الوطن هو كل مجاعة ثقافية مرتبطة ،إمكاان وليس ابلضرورة،
أبصل مشرتك وجتمعها روابط مدنية ( .)2000 Seymourهذا هو نوع التعريف يقبله معظم أطراف النقاش
نصري اإلثنو ثقايف واملدين ،إال أنه أقرب إىل
اليوم .وحسب هذا التعريف ،فإن الوطن يبدو فئة ُُمتلطة تشمل عُ ْ
الطرف اإلثنو ثقايف اخلالص منه إىل الطرف املدين اخلالص.
لنعد اآلن إىل جذر قضية «أصالة» اجلماعات اإلثنوثقافية أو األمم اإلثنية .عادة ما منيّز يف العلوم
السياسية واالجتماعية بني نوعني من الرؤى :أوال ،هناك رؤى «بدائية» ،وحسب هذه الرؤى ،فإن األمم اإلثنو
ثقافية إما ُوجدت «منذ األزل» (وهذه رؤية متطرفة ،ونسخة كاريكاتورية شيئا ما ،وتبقى أقرب الصور إىل
البالغة القومية اليت عرفها القرن التاسع عشر) ،أو أهنا ُوجدت على األقل ملدة طويلة خالل العصر املا قبل
حديث (انظر .1997 ،Hastingsانظر نقاشا مستفيضا ألفكاره يف كتاب Nations and
،Nationalismاجلزء التاسع .)2003 ،يقود أنثوين مسيث ( )Anthony Smithمدرسة أمساها
«اإلثنو-رمزية» ،وتقدم األخرية نسخة شعبية معتدلة هلذه الرؤية (انظر أعماله املنشورة سنوات ،2009
و 2001و 2008وكتابه سنة 2009وورقة له حول املوضوع سنة .)2011انظر أيضا أعمال جون
هاتشينسون ( ،)John Hutchinsonواليت تقدم تطويرا جذااب هلذه الرؤية (وخاصة عمله املنشور سنة
)2005وعمل روشوالد ( ،2006( )Roshwaldوقد حظيت أعمال الكاتبني معا بنقاش مستفيض يف
صص اجلزء السابع
كتاب ،2008 ،Nations and Nationalismاجلزئني 1و 8ابلتتابع) ،وقد ُخ ّ
ألنثوين مسيث وتناول سؤال القومية اإلثنية (واجمللد من حترير ليوس وكروزيب Leousو،)007Grosby2
كما قدم مؤخرا آزار كات وألكسندر ايكبسون Azar Gatو Alexander Yakobsonدفاعا اترخييا
الش ْوكِي ،هناك أوراق غري مهمة» ميكن تناوهلا واحدة بعد
اخلرشوف ّ
عن هذه الرؤية ( .)2013إن األمم تشبه ُ
األخرى ،لكن مثة أيضا القلب أو اجلوهر ،وهذا القلب هو ما يتبقى بعد أن يتم تناول أوراق اخلرشوف (ويعود
أصل هذه االستعارة إىل ستانلي هوفمان ( .)Stanley Hoffmanللتفصيل يف هذا الشأن انظر النقاش
لتفصيل اترخيي و ٍ
اف يف هذا الشأن انظر جمموع بني ( 2003 ،)Smithو ( .)2003 ،)Özkirimliو ٍ
املقاالت احلديثة يف ( )Derksو ( .)2009 ،)Roymansأما الرؤى الثانية فهي الرؤى احلداثية ،اليت
تضع أصل األمم يف العصور احلديثة .وميكن تصنيفها قدما حسب إجابتهم على سؤال إضايف وهو :إىل أي
مدى تُعترب األمة اإلثنو ثقافية واقعية؟ تقول الرؤية احلداثية الواقعية أبن األمة واقع معاش ،لكنها تبقى بناءا
حديثا ووسيلة جناح تقبع يف أصل الرأمسالية (انظر ،1983 ،Gellnerو،1993 ،Hobsbawm
و 2001 ،Breuillyو .)2011وتقع الرؤية احلداثية الواقعية على ٍ
طرف نقيض مع الرؤية الراديكالية
املناهضة للواقعية ،فاألمم حسب هذه الرؤية كياانت « ُمتخيَّلة» ذات سلطة واقعية :واملقصود هو أن االعتقاد
فيها يُسيطر على املؤمنني هبا (انظر .)1965 ،Bendict Andersonأما الرؤية املتطرفة املناهضة للواقعية
فتقول أبن األمم جمرد «بناءات» (انظر ،2001 ،Walkerوانظر أيضا ،2011 ،Malesvicوالذي
يقدم نظرة عامة وحديثة إضافة إىل عرض مهم لألعمال حول املوضوع) .تبدو هذه الرؤى املختلفة على أهنا
دعم الدعاءات أخالقية ُمتلفة حول األمم .انظر مثال جمموع املقاالت املهمة من حترير ( )Breenو
( ،2010 ،)O'Neillوأيضا ( )Lecoursو ( .)2010( )Morenoويقدم عمل (،)Vincent
2001واجمللد املوسوعي من حترير ( )Delantyو ( ،)2006( )Kumarيُقدم نظرة عامة حول القومية
والنظرية السياسية .هناك أيضا عرض عام متأخر هلذه الرؤى ،والذي جيمع بني النظرية السياسية والتاريخ والبحث
الكمي من أتليف ( .)2013( )Wimmerوهناك أيضا كتب حول املوضوع كعمل ()De Lange
( )2010وعمل ( )Bechhoverو (.2009 )McCrone
لنعد اآلن إىل السؤال ( 1ج) حول طبيعة املواقف املؤيدة للقومية .تتعلق قضية التبسيط اليت شغلت
علماء السياسة واجملتمع ابلشعور اإلثنو قومي ،وهي القضية النسقية للموقف املؤيد للقومية .هل من غري العاقل
والرومنسية والالمباالة أن يشغل أحدان نفسه ابلقشور كما يبدو؟ لقد أحدث هذا السؤال شرخا بني املؤلفني
الذين ينظرون إىل القومية على أهنا أمر العقالين وبني آخرين حياولون شرحها على أهنا شعورا عاقال نوعا ما.
يقرتح من يعتربوهنا ال عقالنية تفسريات ُمتلفة لسبب اإلمجاع حوهلا رغم تنافيها مع العقل .يقول بعضهم بنربة
الناقد على أن القومية تقوم على «وعي زائف» .لكن ،ما مصدر هذا الوعي الزائف؟ تقول أبسط اإلجاابت
أبن مصدره هو تالعب «النُّخب» املباشر ب «العامة» .أما على الطرف النقيض فيعتقد الناقد األبرز للقومية
( )1960( )Elie Kedourieأبن هذه الال عقالنية تلقائية .وذهبت ( )Liah Greenfeldقبل عقد
مضى ربط العقالنية ابملرض العقلي يف مقاهلا املستفز سنة ( ،)2005انظر أيضا كتاهبا املنشور سنة (.)2006
أما على الطرف العاكس فقد قدم ( )Michael Walzerاعتبارا متعاطفا مع املشاعر القومية يف عمله
املنشور سنة ( .)2002أما الكتاب املرتكزين على التقليد املاركسي فيقدمون قراءات عميقة ُمتلفة .فعلى سبيل
املثال ،يرى البنيوي الفرنسي ( )Etienne Balibarأبن القومية هي نتيجة «اإلنتاج» اإليديولوجي الذي
يتحقق آبليات ال عالقة هلا ابلسذاجة التلقائية لألفراد ،لك نها تبقى على صلة بعوامل اجتماعية بنيوية وغري
ذاتية( .انظر Balibarو( .)1992 ،Wallersteinيقدم 1997 Glennأيضا نظرة شاملة
للمقارابت املاركسية) .أما اآلن فسنتناول طروح املفكرين الذين يعتربون أن املشاعر القومية مشاعر عقالنية،
ولو بشكل فضفاض جدا .يعتقد بعض الكتاب أبنه من العقالين يف أغلب األحيان أن يصبح األفراد قوميني
أو وطنيني (انظر .)1985 ،Hardinأتمل عملة القومية بوجهيها :فعلى الوجه األول ،يُعترب الوالء جلماعة
إثنو قومية واالنسجام معها ذا صلة ابلتعاون داخل اجلماعة ،والتعاون أسهل يف صف اجلماعة اإلثنو قومية اليت
يشكل الفرد جزءا منها .خذ على سبيل املثال الروابط اإلثنية يف مجاعة متعددة اإلثنيات ،فالفيتنامي الذي انتقل
حديثا إىل الوالايت املتحدة سيتلقى العون املرغوب من بين جلدته من الفيتناميني :فاللغة والتقاليد والتطلعات
املشرتكة كلها ستساعده كثريا يف شق طريقه يف حميط جديد عليه .فما إن يُوطد صاحبنا عالقته بزمالئه فإن
انتماءه إىل اجلماعة يُصبح أمرا واقعا ،إذا فمن املنطقي أن يستمر تعاوهنم هذا بينما تضمن املشاعر اإلثنية
املشرتكة أواصر الثقة والروابط الوثيقة اليت تضمن التعاون .مسالة أخرى حني تتغري املوالة :وكي نبقى يف مثالنا
مىت يكون من املفيد أكثر للفيتنامي تطوير والء وطين للوالايت املتحدة؟ لقد حظي هذا السؤال بنقاش مسهب
يف عمل ( ،)1998( )David Laitinوالذي حظي بتلخيص يف عمله املنشور سنة ،2001وهو العمل
الذي مت تطبيقه خبصوص احلقوق اللغوية يف عمل كل من ( )Laitinو( .2004 ،)Reichانظر أيضا
( ،)2007( ،)Laitinوالذي اعتمد على مواد من االحتاد السوفييت سابقا .أما على الوجه اآلخر من العملة،
فإن النفور من التعاون مع األجنيب قد يقود أحياان إىل صراعات مريرة بني القوميات اإلثنية املختلفة .هل إبمكاننا
إذا تفسري قطيب الصراع اإلثنو قومي بشكل منطقي؟ يقرتح كتاب ك ( )Russel Hardinتقدمي إجابة تنبع
من نظرة عامة تعاجل سؤال :مىت يكون السلوك العدواين عقالنيا؟ أي إن وجد فرد ما صعوبة يف الثقة بشخص
آخر ،فمن املسئولية أن يتخذ احليطة .فإذا اختذ الطرفان سياسة احليطة جتاه اآلخر فإن كل منهما مييل إىل
اعتبار عدوانيا بشكل تصاعدي .ومن هنا يُصبح من العقالين اعتبار كل منهما لآلخر على أنه العدو .ومن
الشك اجملرد وعرب خطوات صغرية ينشب الصراع( .إن التطور السليب املذكور غالبا ما يُق ّد ُم على أنه عرض من
أعراض معضلة السجني ،انظر مدخل ُمعضلة السجني) .من السهل نسبيا حتديد الظروف اليت ينطبق فيها هذا
النمط العام على التضامن والصراعات القومية (انظر .)2013 ،Wimmerيسمى منط التفكري الذي
رمسناه توا «هنج االختيار العقالين» .لقد م ّكن منط التفكري هذا تطبيق األدوات املفاهيمية املأخوذة من حتليالت
االقتصاد واللعب النظري لسلوك التعاون والالتعاون يف تفسري اإلثنو قومية.
إنه ملا يستحق الذكر أن نقول أبن اخليار العقالين الفرداين ،والذي يتمحور حول العقالنية الشخصية
يواجه كثر .يُظهر تقليد يف السيكولوجيا االجتماعية ،والذي بدأه ( ،)1981( )Henry Tajfelأبن األفراد
قد ينتمون إىل مجاعة عشوائية اال ختيار حىت وإن كان االنتماء إليها دون فائدة .هل مثة عقالنية من أي نوع
حتدد هذه النزعة إىل االنتماء؟ ُجييب بعض املؤلفني ك ( Soberو )1998 ،Wilsonابإلجياب .ويقرتحون
أبن هناك نوعا غري شخصي من العقالنية التطورية .فاألفراد الذين يعملون على تطوير مشاعر االنتماء والوالء
جلماعة ما ينتهي هبم األمر إىل حتسني فرصهم يف السباق التطوري ،ابلتايل حنن ورثنا مثل هذه النزعات .يف
البدء ،كانت مشاعر االنتماء حمجوزة لألقارب ،داعمة تكاثر جينات املرء .بيد أن التطور الثقايف استوىل على
آليات االنتماء اليت نشأت بدءا يف التطور البيولوجي .وكنتيجة هلذا ،فإننا نستثمر ما كان حمجوزا أصال للقرابة
شروح ُمسهبة من املنظورات السوسيو-بيولوجية كثريا فيما بينها ،وتشكل برانجما
يف مجاعتنا الثقافية .ختتلف ٌ
حبثيّا واعدا (يقدم عمل 2001 Goetzeنظرة عامة حول املوضوع) .مثة أعمال متنامية جتمع بني تلك
املسائل وبني العلوم املعرفية بدءا بعمل ( ،)2001 Searle-Whiteمرورا بـ ( ،)2009 Hoganو
(.)2012 Yack
أما فيما خيص السؤال األخري (1د) ،فإن األمة تُرى بطبيعة احلال على أهنا جمتمع غري إرادي ينتمي
إليه الفرد ابلوالدة والتنشئة ،ويتقوى االنتماء إليها إبقرار الفرد الواعي هبا .يُعرب ()Avishai Margalit
و( )Joseph Razعن نظرة شائعة عندما يقولون عن االنتماء إىل أمة ما« :إن أهلية العضوية يف أمة ما
ُحت ّدد حتما مبعيار قياس غري إرادي .ال ميكن ألحد منا أن خيتار انتماءه إىل مجاعة ما .إن الفرد ينتمي بناءا
على جوابه عن سؤال :من أكون؟» ( ،1990ص .)447جيلب االنتماء إذا فوائد مجّة للفرد« :إن االنتماء
معىن الختياراته بني البدائل ،وهذا ما
إىل شكل من أشكال احلياة القومية يعين عيش الفرد وسط إطار يقدم ً
ميكنه من حتديد هويته ،Margalit 1997( ».ص .)83ملاذا يعترب االنتماء القومي غري إرادي؟ إن االنتماء
أي لغة ستكون لغته أو لغتهاالقومي غالبا ما يُعزى إىل الطبيعة الالإرادية لالنتماء اللغوي :فالطفل ال يقرر َ
األصل ،وغالبا ما تُعترب اللغة األم أهم ٍ
ُمزون للمفاهيم واملعرفة واألمهية االجتماعية والثقافية .فكل هذه األشياء
تضمنةٌ يف اللغة ،وال توجد خارج إطارها .فالتنشئة االجتماعية املبكرة هي تنشئة يف كنف ثقافة ما ،وغالبا ما
ُم َّ
تدخل هذه الثقافة يف اعتبارها قافة قومية .يقول (« :)Margalitمثة أشخاص يعربون عن أنفسهم تعبريا
عربُ عنها 'بطريقة كورية' أو 'إيسلندية' ،1997( ».ص
ُم ْفرنسا (من فرنسا) ،بينما ميلك آخرون شكل حياة يُ ّ
.) 80إذا فاالنتماء الناتج عن الوضع املذكور غالبا ما يتخذ صيغة ال إرادية( .ابلطبع هناك استثناءات للرؤية
الالإرادية املذكورة ،فعلى سبيل املثال ،جند املنظرين القوميني الذين يتقبلون تغيري القومية اإلرادي لدى بعض
األفراد( .انظر تعريف 1882 ،Ernest Renanالشهري لألمة ،واليت تتشكل حسب رأيه من
«االستفتاءات اليومية»).
-2أنواع القومية
2-1مفاهيم القومية :الضيقة والواسعة
لقد أوضحنا منذ بداية هذا املدخل أبن القومية تركز على أمرين )1( :موقف أعضاء أمة ما حني
يهتمون هبويتهم القومية ،و ( )2احلراك الذي يتخذه أعضاء أمة ما يف السعي لتحقيق (أو احلفاظ على)
االستقالل السياسي .إن النقطة األساسية سياسيا هي رقم ( :)2أي احلراك الذي يؤطره القوميون .وهذا ما
نلتفت إليه هنا ،بدءا ابلسيادة والقطر اليت هي نقط االرتكاز يف كل نضاالت السيادة الوطنية .تثري هذه النقط
مسألة مهمة:
( 2أ) :هل تتطلب السيادة السياسية داخل قُطر أو عليه إقامة دولة أو شيئا أقل أبسا من الدولة؟
إن اجلواب التقليدي هو أن الدولة مطلوبة .أما اجلواب األكثر حتررا فهو أبن شكال من أشكال
االستقالل السياسي يكفي .ومىت ما انقشنا هذا ،فبإمكاننا االلتفات إىل القضااي املعيارية ذات الصلة.
( 2ب) :ما نوع احلراك املسموح أخالقيا لتحقيق السيادة واحلفاظ عليها؟
( 2ج) :حتت أي ظروف من املسموح أخالقيا اختاذ حراك من هذا النوع
لننظر أوال إىل اجلواب القومي التقليدي على السؤال ( 2أ) .السيادة القومية تتطلب دولة «مملوكة كحق
مكتسب» من قبل الوطن اإلثين ( 1997 Oldinquestالذي أخذ التعبري عن عمل الكاتب
.)Czeslaw Miloszيتضمن تطوير أجوبة على نفس منطق التفكري ذكر أو التلميح إىل أجوبة ُمصوصة
فيما يتعلق بـ ( 2ب) و ( 2ج) ،أي أن استعمال القوة يف الصراع من أجل احلصول االستقالل الوطين ضد
السلطة املركزية املهددة يكاد يكون وسيلة مشروعة دائما من أجل حتقيق السيادة .بيد أن القومية ال هتتم خبلق
الدولة فقط ولكن ابحلفاظ عليها وتقويتها .تُستعمل القومية أحياان لدعم مربرات متدد الدولة (ولو كلف األمر
إشعال فتيل احلروب) ،ويف اتّباع سياسات العزل .يُ ّربُر التوسع غالبا مبغازلة شعار الضم احلريف لكل أعضاء
األمة حتت دولة واحدة ،وأحياان حتت ذرائع املصاحل ال ُقطرية أو املوارد .أما فيما خيص احلفاظ على السيادة عرب
السبل السلمية أو اإليديولوجية البحتة ،فإن القومية السياسية تبقى على صلة وثيقة ابلقومية الثقافية ،حيث
تصر األخرية على احلفاظ على الثقافة وتوارثها أو ،حىت نكون أكثر دقة ،على احلفاظ على خصال ثقافية
قومية حمددة يف شكلها األنقى ،يتم ذلك عرب تكريس اإلبداع الفين والرتبية والبحث هلذا الغرض .وابلطبع فقد
تكون اخلصال اإلثنو قومية موضوع احلفظ خصاال حقيقية أو ُمتلقة يف جزء منها أو كلها .ويدعي املعيار ذو
الصلة ،حسب النهج التقليدي هنا أيضا ،أبن من حق كما من واجب الفرد «املقدس» دعوة غريه إىل هذا
التقليد ،كما أن قوته تتجاوز مصاحل أخرى وحقوقا أخرى (ويُعترب هذا السبيل الذي حتتاج األمم إىل اتّباعه يف
صراعها من أجل حتقيق االستقالل) .ونتيجة هلذا ،فإن للقومية الكالسيكية قول يف ترتيب املواقف حسب
االستحقاق أيضا ،حيث ُمينح والء املرء ألمته منزلة الواجب األساس لدى كل أعضاء األمة ،ويُعترب هذا جوااب
على السؤال ( 1هـ) ،أما السؤال ( 1و) فتجيب عنه القومية الكالسيكية أبن اجملال أمامه مفتوحا .ابختصار
ومن أجل اإلشارة املستقبلية:
القومية الكالسيكية :هي الربانمج السياسي الذي يرى أبن اخللق واحلفاظ على دولة ذات سيادة كاملة ملك
جلماعة قومية إثنية («شعب» أو «أمة») كواجب ّأويل لكل أعضاء اجلماعة .ويزعم أبن الواجب األول لكل
عض و من اجلماعة هو االلتزام ابلثقافة اإلثنو قومية املتعارف عليها يف كل القضااي الثقافية ،ويقوم هذا على
االعتقاد أبن وحدة الثقافة املناسبة (أو «الطبيعية») هي األمة اإلثنية.
غالبا ما يكون القوميون الكالسيكيون يقظون فيما خيص نوع الثقافة الذي حيمونه وينشرونه ،ابإلضافة
إىل املوقف الذي يتشكل لدى الشعوب جتاه دولتهم القومية .حيمل هذا املوقف املتيقظ أخطارا حمتملة :فقد
ُ
عرف على أهنا قومية فريسة حلماس قومي تسقط بعض عناصر الثقافة ذات الطابع الكوين أو تلك اليت ال تُ ّ
كهذا .كما تضع القومي ة الكالسيكية متطلبات إضافية يف حياة أفرادها اليومية ،من اقتناء املنتجات الوطنية
ولو أبسعار مرتفعة عوض بديالهتا املستوردة حىت وإن كانت أرخص منها ،أو إجناب أعضاء قوميني مستقبليني
بقدر طاقة الفرد( .انظر 1997 ،Yuval-Daviesو.)2012 ،Yack
هناك رؤى معتدلة ُمتلفة إضافة إىل القومية الكالسيكية (وقريباهتا األكثر راديكالية) تُصنف اليوم
على أهنا قومية .وقد حتول النقاش الفلسفي فعال إىل هذه الرؤى املعتدلة أو الشديدة االعتدال ،ويقرتح معظم
الفالسفة الذين يصفون أنفسهم على أهنم قوميني برامج قومية معتدلة جدا .دعوين أصنفها إبجياز:
إن القومية يف معناها األعرض مواقف وادعاءات وتوجيهات مركبة للعمل تتطلع إىل قيمة سياسية وأخالقية
وثقافية أساسية لألمة وللجنسية والواجبات املستقاة (ألفراد األمة األعضاء ولكل أطراف اثلثة منضوية سواء
كانت أفرادا أم مجاعة) من هذه القيمة.
ميكن للقوميات هب ذا املعىن األعرض أن تتباين يف تصوراهتا لألمة نوعا ما يف مربراهتا ومدى قيمتها
واجباهتا املوصوفة( .رغم أن هذه التصورات تبقى ضمنية يف خطاهبا) .وميكن أن ينطبق املصطلح على حاالت
فرتضة ملا قبل الدولة اليت ميكن
أخرى ال تشملها القومية الكالسيكية ،مثال يف حالة األشكال السياسية املُ َ
للهوية اإلثنية اختاذها) .إن القومية املعتدلة أقل تطلبا من القومية الكالسيكية ،وتوسم أحياان بـ «الوطنية».
(وحيجز «الوطنية» ،يف استعمال آخر وهو تقدير اجملتمع الوطين والوالء للدولة ،وهذا يضعها يف موضع تضاد
ُ
تشعب القومية األكثر صلة ابلفلسفة هي تلك اليت
مع القومية اليت تقوم على اجلماعات اإلثنو ثقافية) .إن ّ
تؤثر على املوقف األخالقي لالدعاءات واملمارسات القومية املوصى هبا .سنسم هنا الرؤى الفلسفية املدروسة
اليت قُ ّدمت لصاحل القومية بـ «القومية النظرية» ،ويعمل املضاف إليه 'النظرية' يف التمييز هذه الرؤى عن اخلطاب
القومي األقل تعقيدا واألكثر شيوعا يف املمارسة اليومية .ميكن رسم مواضع االدعاءات النظرية القومية التقييمية
املركزية على خارطة النظرية السياسية بشكل مفيد ومبسط نوع ما كما سيلي:
جيب على االدعاءات القومية اليت تقدم األمة على أهنا حمور الفعل السياسي أن جتيب على سؤالني
عامني مهمني .أوال ،هل هناك مجاعة اجتماعية كبرية (أصغر من البشرية كلها) هلا أمهية أخالقية خاصة؟ يقول
ّ
اجلواب القومي بوجود واحدة فقط وهي األمة .فعندما يستوجب الظرف اختاذ قرار حاسم ،فاألولوية لألمة.
تضم ٌن يف تعريفات القومية املعتمدة اليت وردت يف أعمال أشعيا برلني ،واليت انقشناها يف
(وهذا اجلواب ُم ّ
ُ
املدخل ،1وعمل مسيث .)2001اثنيا ،ما هي أسس واجبات الفرد جتاه اجلماعة املتمركزة أخالقيا؟ هل
قرون
تقوم على عضوية إرادية أو غري إرادية يف اجلماعة؟ عادة ما خيتار املفكرون القوميون جواب الال إرادية يُ ّ
أبن الدعم اإلرادي هلوية الفرد الوطنية اإلرادي إجناز مهم أخالقيا .أما على اخلارطة الفلسفية ،فإن الرؤى
الداعمة للقومية عموما تُناسب املوقف الطائفي العام متاما .فمعظم الفالسفة الداعمني للقومية هم طائفيون
اخ تاروا األمة كمجتمع مفضل (على النقيض من أشباههم الطائفيون الذي يفضلون جمتمعات أبعد يف املدى
كتلك اليت حتددها التقاليد الدينية العاملية ).بيد أن يرفض بعض املؤلفني الذين يصفون أنفسهم على أهنم
قوميون ليرباليني التعزيز الطائفي ،من أبرزهم (.)2007 ،2003 ،2001( )Will Kymlicka
قبل املضي يف املزاعم األخالقية ،دعوين أخط ابختصار القضااي ووجهات النظر املرتبطة ابلقطر
(أشري هنا إىل أنين أتبع تصنيف A. Kollers
واحلقوق القطرية واليت تُعد جوهرية للربامج السياسية القومية ُ
( ،2009اجلزء األول) اجليد فيما خيص املوضوع) .ملاذا يُعترب القطر مهما للجماعات اإلثنو قومية؟ وما هو
مدى وأسس احلقوق القطرية؟ تكمن أمهية ال ُقطر األساسية يف السيادة وكل إمكانيات الرقابة الداخلية
واالستبعاد اخلارجي احملتملة .أضف إىل ذلك وجهة نظر روسو اليت تفيد أبن أشكال التعلق السياسي ابلقطر
مقيدة بشكل أساسي وأن احلب ،أو الصداقة املدنية اجلماهريية حىت نوفيها حقها من االعتدال ،يتطلب
ابلنسبة جلماعة الفرد استبعاد ٍ
بعض «ما» ،فتغدو أمهية األمر واضحة متاما .ماذا عن أسس املطالبة ابحلقوق
القطرية؟ يعتمد القوميون والرؤى الداعمة للقومية غالبا على ارتباط أعضاء األمة بقطرهم القومي وعلى القيم
ؤسسة للقطر ابلنسبة لألمة لتربير ادعاء احلق يف القطر( .انظر ميلر 2000 ،و ،2009 ،Meisselsمع ِ
املُ ّ
بعض التبسيط الذي أضفناه أسفله) .ويشبه هذا يف نو ٍاح عدة التربير الذي يقدمه من يقولون حبقوق السكان
األصليني( ،انظر ،Tullyو ،)2008 ،Hendrixكما أنه يشبه أيضا ما قدمه ( )Kollersسنة
( ) 2009يف نظريته اإلثنو جغرافية الالقومية ،غري أنه خيتلف يف تفضيله للجماعات اإلثنو قومية على أهنا
حاملة احلق الوحيدة .تقف وجهات نظر التعلق هذه يف تضارب صارخ مع الرؤى األكثر براغماتية عن احلقوق
القطرية كسبل لفض الصراع (انظر مثال .)2000 ،Levyإن عائلة الرؤى الفردانية اليت ترسخ احلقوق القطرية
يف حقوق ومصاحل األفراد هي إحدى البدائل املتداولة ،مثل حقوق اإلنسان يف (،)2004 ،Buchanan
وحقوق امللكية ما قبل سياسية عند جون لوك يف ( ،)2001 ،Simmonsوحقوق األفراد يف مصادر الثروة
( ،)1999 ،Steinerوحقوق املمارسة السياسية ( .)2005 ،Wellmanتقع فكرة (( )Poggeإن
صح أتويلنا هلا على هذا املنوال) أبن الفلسفة السياسية ليس لديها أسئلة أو مشاكل قطرية ،واليت يسميها
بعض من الكتّاب
(« )Kollersالتوجه التفكيكي» ،يف الطرف النقيض من الرؤى املناهضة للقومية .ويُعترب ٌ
املذكورين نقادا للقومية عامليني ،من أبرزهم ( )Buchananو (.)Pogge
منر اآلن على البُعد املعياري للقومية .سنصف أوال جوهر الربانمج القومي ذاته ،أي نرسم ونصنف
االدعاءات القومية املعيارية والتقيمية املعتادة .ميكن أن يُنظر إىل هذه االدعاءات على أهنا أجوبة على املعيار
الفرعي ألسئلتنا األولية ( )1املواقف الداعمة للقومية ،و ( )2واحلراك القومي.
سنُالحظ أبن هذه االدعاءات توصي مسارات عمل متعددة ،يهمها من الناحية املركزية ضمان
واستدامة التنظيم سياسي ،أي تنظيم الدولة ،جملتمع إثنو قومي ُمعطى (ابلتايل مقدما أجوبة أكثر حتديدا ألسئلتنا
املعيارية ( 1هـ) ،و ( 1و) ،و ( 2ب) ،و ( 2ج)) .فضال على أهنا حتفز أعضاء اجلماعة على نشر حمتوايت
إثنو ثقافية معروفة على أهنا خصائص جوهرية للحياة الثقافية داخل الدولة .وأخريا ،سنناقش اجتاهات الفكر
املتعددة املوالية للقومية واملطروحة دفاعا عن تلك االدعاءات .ولكي نبدأ ،دعوان نعُد إىل االدعاءات اليت هتتم
مبواصلة تعزيز سلطة الدولة والثقافة القوميتني .تلك اليت يطرحا القومي على أهنا أعراف سلوكية .تتعلق التنوعات
الفلسفية األكثر أمهية بثالث جوانب من االدعاءات املعيارية كتلك:
( )1الطبيعة املعيارية لالدعاء وقوته :هل يعزز احلق فقط (فلنقل ،امتالك واستدامة شكل من احلكم الذايت
السياسي ،أي الدولة كمثال مفضل ومعتاد ،أم حياة ثقافية تتمحور حول ثقافة إثنو قومية معروفة) ،أم
يعزز واجبا أخالقيا (امتالكه واستدامته) ،أم واجبا أخالقيا وشرعيا وسياسيا؟ إن االدعاء األقوى يكمن
القومية الكالسيكية املعتادة .فقواعد السلوك املعتادة أخالقية وكذلك واجبات داخلها قابلة للتطبيق قانونيا
جلميع األطراف مبن فيهم األعضاء يف األمة اإلثنية حاملا تتأسس الدولة .بينما تتحدث نسخة أضعف
منها رغم كوهنا متطلبة عن الواجب األخالقي فقط («الواجب املقدس») .يف حني تكتفي النسخة األكثر
ليربالية ابدعاء حق اجلماعة اإلثنو قومية امتالك دولة «امتالكا مشروعا».
( )2قوة االدعاء القومي يف عالقته حبقوق ومصاحل خارجية ُمتلفة :وإلعطاء مثال حقيقي ،هل استعمال اللغة
احمللية مهم للغاية لدرجة أنه جيب انعقاد املؤمترات الدولية هبا ،ولو على حساب خسارة مشاركني مهمني من
اخلارج؟ يوزن قوة االدعاء القومي هنا مقابل ادعاءات أخرى ،مبا فيها ادعاءات مصاحل وحقوق األفراد
واجلماعات .إذ تقع التباينات يف القوة املقارنة لالدعاءات القومية على سلم ذي قطبني متناقضني .فمن جهة،
وهي جهة غري حمببة ،حتظى االدعاءات القومية املتطرفة ابألولوية مقارنة مع أي ادعاءات أخرى ،مبا فيها حقوق
اإلنسان .وابجتاه الوسط ،تقع القومية الكالسيكية اليت متنح االدعاءات املتمحورة حول القومية أولوية على
املصاحل الفردية واحتياجات عدة (من ضمنها الفوائد اجلماعية النفعية) ،ولكن ليس ابلضرورة أولوية على حقوق
اإلنسان( .انظر مثال ،1994 ،McIntyre ،و .)1997 ،Oldenquistأما على اجلهة املقابلة ،وهي
اجلهة األكثر إنسانية واعتداال وليربالية ،فتحظى االدعاءات القومية املركزية بوضع شرعي ()Prima facie
فقط( .انظر ،1993 ،Tamirو ،2003 ،Gansوعمل ،2013 ،Millerوهو األكثر حداثة بني
الثالثة ،الذي يبحث عن تنازالت يف الفكرة).
( )3ألي مجاعة تُعترب االدعاءات القومية مقبولة؟ وما مداها؟ تدعي إحدى املقارابت أبن هذه االدعاءات
مقبولة من قبل كل القوميات اإلثنية وابلتايل هي كونية .أحد األمثلة هو الزعم أبن «على كل اجلماعات اإلثنية
أن متتلك دولة هلا» ،ولكي نضعه بشكل رمسي:
القومية الكونية :هي الربانمج السياسي الذي يدعي أبن على كل مجاعة إثنية قومية أن متتلك دولة شرعية
وعليها تعزيز مصاحل تلك الدولة.
وكبديل ،ميكن لالدعاء أن يكون أكثر ختصيصا ،كاالدعاء القائل« :من حق اجلماعة (أ) أن متتلك دولة هلا»
حيث ال يتضمن هذا أي شيء حول أي مجاعة أخرى.
القومية التخصيصية :هو الربانمج السياسي الذي يدعي أبن جيب على أمة إثنية قومية ما أن حتصل على
دولة خاصة هبا ،دون أن يشمل االدعاء نفس كل األمم اإلثنية .ويدعي هذا بطريقتني:
ب -وعرب حتديد من ستستبعد« :جيب أن حتصل اجلماعة (أ) على دولة بينما ال جيب على اجلماعة
(ب) أن تفعل( ».القومية اجلائرة)
ُوصفت أكثر احلاالت الفرعية من التخصصية صعوبة وشوفونية ،أي (ب) ،أحد النزوع ،بـ«اجلائرة»،
مبا أهنا تُنكر علنا امتياز حق امتالك دولة لبعض الشعوب .يقرتح ( ،)T. Poggeيف عمله الصادر سنة
( )1997تقسيما إضافيا للعنصر (ب) :املوقف «الرفيع» ،وهو الذي ينكر حق بعض 'أنواع' اجلماعات يف
امتالك دولة خاصة هبا ،واملوقف «املنحط» ،وهو املوقف الذي ينكر امتياز امتالك دولة جلماعات 'ُمصوصة'.
العاميون غالبا عن
اجلادون عن النوع الكوين فقط ،بينما يدافع املنظرون القوميون ّ يُدافع املنظرون القوميون ّ
نسخة أاننية غامضة (" على بعض األمم احلق امتالك دولة ،على رأسها أميت!") .وأتيت القومية الكالسيكية
لتني ،التخصيصية والكونية. على ّ ِ
الشاك ْ
على الرغم من أن أبعاد االختالف الثالث :القوة الداخلية ،والقوة املقا ِرنة ،واملدى ،مستقلون منطقيا،
إال أهنم على متشابكني سيكولوجيا وسياسيا .فالشعوب اليت تتميز ابلراديكالية يف انحية ما ،متيل أيضا إىل أن
تكون راديكالية يف مناح أخرى .أي مبعىن آخر ،تبدو رزمة من املواقف األكثر استقرارا ،حبيث تنتمي املواقف
املتطرفة (أو املعتدلة) يف بُعد واحد سيكولوجيا وسياسيا إىل املواقف املتطرفة (أو املعتدلة) يف أبعاد أخرى .إن
اجلمع بني املواقف املتطرفة يف بـُ ْع ٍد مع مواقف معتدلة يف أبعاد أخرى يُعترب غري مستقر سيكولوجيا واجتماعيا.
لقد كانت الصورة القومية لألخالق قريبة تقليداي من املنظور املهيمن يف نظرية العالقات الدولية اليت تُدعى
«الواقعية» .وللتوضيح ،فاملنظور يقول أبن األخالقيات تنتهي عند حدود الدولة القومية ،أما ما جتاوزها فال
يُعد سوى أانركية .ويبدو هذا الطرح واضحا يف عمل ( ،1965( ،)Freiderich Meineckeاملقدمة)،
ويف عمل ( ،)1962( ،)Raymond Aronويبدو أقل وضوحا وعلنا يف عمل ( Hans
،)1946( ،)Morgenthauولفهم أفضل الرتباط الطرح يف األعمال املذكورة انظر مقال ( Micahel
،)2007( )C. Williamsوانظر أيضا الكتاب من حترير ( ،)2008( )Duncan Bellففيه تتويج
لالدعاء القومي الكالسيكي حول الدولة القومية ،أي ما يفيد أبن من حق األمة اإلثنية أو الشعب أن حيصلوا
على دولة خاصة هبم ويقرتح ما سيحصل مستقبال وهو أن تدخل الدول القومية يف منافسة مع أخرايت ابسم
شعوهبا املش ّكلة هلا.
.3النقاش األخالقي
لنعد اآلن إىل تعريفنا املعياري األول والقائم حول ( )1املواقف و ( )2األفعال ،هل ميكن تربير االحنياز
القومي ،وإىل أي مدى؟ ما نوع األفعال املناسبة لتحقيق السيادة؟ وعلى وجه اخلصوص ،هل الدول اإلثنو-
قومية واملنتجات الثقافية القومية احملمية مؤسساتيا مستقلة عن اإلرادة الفردية ألعضائها ،وإىل أي مدى ميكن
ُ
للمرء أن يصل حلمايتها؟ إن النقاش الفلسفي ،سواء مع أو ضد القومية ،هو نقاش حول الشرعية األخالقية
الدعاءاهتا األساسية .فالقضية األخالقية احلامسة هنا خصوصا هي :هل يُعترب كل شكل من أشكال القومية
مسموحا به ومربر أخالقيا ،وإن مل يكن ،فإىل أي حد تُعترب بعض أشكاهلا سيئة؟ (انظر ،Chatterjee
و ،2003 ،Smithملزيد من التفصيل يف النقاش ،وانظر أيضا Felthamو).2010 Cottingham
ملاذا تتطلب االدعاءات القومية الدفاع عنها؟ تبدو هذه االدعاءات عقالنية يف بعض األحيان :على
سبيل املثال ،جند معاانة األمم اليت ال متلك دوال خاصة هبا ،فتاريخ اليهود واألرمن ومعاانة األكراد اترخييا
وحاضرا تضفي مصداقية على فكرة أن أسوأ مشاكلهم ستحل لو امتلكوا دولتهم اخلاصة .وعلى الرغم من
هذا ،توجد أسباب مهمة تدفعنا إىل سرب أغوار االدعاءات القومية أوال .فالسبب األعم هو أنه جيب أن نوضح
أوال أبن الشكل السياسي للدولة القومية له قيمة يف ذاته ،وأبن للمجتمع القومي قيمة سياسية وأخالقية
قدم لصاحله متتلك املصداقية املعيارية .مىت ما حتقق هذا ،فإن هناك حاجة
خاصة ،وأبن االدعاءات اليت تُ ُ
لدفاع إضايف .إذ تبدو بعض االدعاءات األخالقية يف موقع صراع مع قيم ُمتلفة متيل الشعوب إىل تقبلها ،ولو
يف ظروف احلياة املعاصرة العادية على األقل .فبعض هذه القيم تعترب أساسية للمجتمعات الدميقراطية الليربالية،
بينما تظل أخرى مهمة خصوصا الزدهار اإلبداع والثقافة .تتضمن القيم األساسية اجملموعة األوىل؛ احلرية
الفردية واحلياد النبيل (خاصة جتاه أعضاء اجلماعات املختلفني ثقافيا عن الفرد املعين) .غالبا ما تتدخل
الواجبات اخلاصة على الفرد جتاه ثقافته اإلثنو قومية مع حقه يف احلرية الفردية ،وعند أتملها جيدا ،يبدو أن
اب من احلركة
هذه الواجبات تتعارض مع حقوق األفراد اآلخرين ،كاحلق يف اخلصوصية مثال .لقد الحظ ُكتّ ٌ
النسوية أبن االقرتاح القومي القائل أبن النساء ميتلكن واجبا أخالقيا يكمن يف إجناب أعضاء جدد لألمة
ورعايتهم من أجل األمة يتصادم مع خصوصية النساء وحريتهن الفردية (انظر ،1997 ،Yuval Davis
و ،1999 ،Moller-Okinو ،2002و ،2005والنقاش الذي أتى يف اجمللد حول 'أوكني' و،Satz
وآخرين .)2009كما أن قيمة أخرى مهددة وهي التنوع داخل اجملتمع اإلثنو قومي ،واليت قد ُجتهض أيضا
يف التجانس الذي تفرضه ثقافة قومية مركزية.
تقع بني هاتني اجملموعتني من القيم امله ّددة ،أي القيم اليت تقوم على احلرية الفردية وتلك على حرية
ُ
قيم تقوم أساسا من احلاجات الطبيعية للشعب الذي يعيش حتت ظروف عادية.)2001 ،Barry( ، اإلبداعٌ ،
يتعايش اليوم مواطنون من خلفيات إثنية ُمتلفة يف الدول املعاصرة ويقدرون نوعية احلياة هذه .يبدو واقع
التعايش هذا إجنازا جيب احلفاظ عليه .فالقومية ال تشجع تعدد الثقافات واختالفها على هذه الشاكلة ،ودليلنا
على هذا نظرية القومية (وخاصة القومية الكالسيكية) والتجربة .لكن املشكل أيخذ شكال أكثر تعقيدا .فمن
خالل التجبة ،ال يبدو من الصدفة القول أبن شكل القومية اخلصوصية اجلائرة منتشرة جدا ،واليت ت ّدعي حق
أمة الفرد يف الدولة ،بينما تُنكر حق اآلخرين فيه .إن مصدر املشكل هو املنافسة على املصادر احملدودة ،فكما
أوضح ذلك ( :)1983( )Ernest Gellnerهنالك قطر صغري جدا ال يكفي لكل اجلماعات اإلثنية
املتنافسة يف سبيل خلق دولة خاصة هبا ،وميكن قول األمر نفسه على املنتجات اليت يطالب القوميني أبن تكون
لبين جلدهتم دون غريهم من ساكين القطر .فحسب بعض الكتاب ك ( )1997 ،McCabeيُعترب الطرح
'اجلائر' أكثر انسجاما من أي شكل من أشكال القومية األخرى :فِإ ْن منح املرء تقديرا وافيا جلماعته اإلثنية،
فاألسهل أن يوليها والءه التام .إذ لو فضل املرء ثقافته دون تردد على غريها يف كل شيء ،فإن االهتمام بغريها
يصبح مضيعة حمضة للوقت واالهتمام .يف حني يقدم الطرح الكوين العادل تعقيدات سيكولوجية وسياسية
مهمة .واليت أتيت من صراع بني االرتباط العفوي للفرد جبماعته ،وبني واجب اعتبار اجلماعات كلها على أهنا
متساوية .وقد جيعل الصراع املذكور املوقف اإلنساين العادل غري مستقر سيكولوجيا ،ويصعب التمسك به يف
حاليت األزمة أو احلرب ،كما أنه يصبح غري فعال سياسيا.
إن الفالسفة املتعاطفني مع القومية واعون ابلشرور اليت أتت هبا القومية التارخيية ،وعادة ما حيافظون
على مسافة جتاهها .عادة ما يتحدثون عن «تراكمات ُمتلفة شوهت مسعة القومية» ،كما أهنم حريصون على
«فصل فكرة القومية نفسها عن هذه الرتاكمات ،1992 ،Miller( ».و ،1987و .)2000شارك
الكتاب الوقورون املؤيدون للقومية يف حوار فلسفي ال زال جاراي بني املؤيدين واملناهضني هلذا املزعم( .انظر
ُمتارات املقاالت ل McKimو ،1997 ،McMahanو CoutureوNielsen
و ،1998 ،Seymourو ،2000 ،Miscevicو Primoratzو .)2007 ،Pavkovicمن
أجل مساعدة القارئ على أن يشق دربه عرب هذا النقاش ،سنلخص ابقتضاب االعتبارات املفتوحة أمام اإلثنو
قومي (ة) للدفاع عن قضيته(ها)( .قارن ما سنقدمه هنا مع عمل ( ،)1997( )Lichtenbergففيه نظرة
جمملة مفيدة حول املوضوع ).ميكن استخدام دروب فكرية أخرى مبنية على هذه االعتبارات للدفاع عن ُمتلف
مشارب القومية ،من الراديكايل إىل املعتدل جدا.
من املهم تقدمي حتذير يتعلق ابالفرتاضات األساسية والدعائم البارزة يف كل خط فكري ملخص أدانه:
حتداي ،أن االفرتاضات غالبا ما تعيش حياة مستقلة يف املنت الفلسفي .ويلعب بعضها دورا رئيسا يف الدفاعات
قرتحة عن الرؤى التقليدية املختلفة ،واليت هلا عالقة ضعيفة مبفهوم األمة على وجه اخلصوص.
املُ ََ
ولالختصار ،سأقلص كل خط فكري إىل حجة موجزة ،فالنقاش احلقيقي أعمق من أن يوجز يف
سطور قليلة .وسأشري ما بني قوسني إىل دروب نقدية ابرزة اليت هامجت مطروحة قدما يف النقاش( .نوقشت
بشكل مفصل يف ( .))Miscevic 2001ستُقسم األطروحات األساسية الداعمة للقومية اليت تدعي
التأسيس الدعاءاهتا األساسية حول الدولة والثقافة إىل قسمني .تُدافع اجملموعة األوىل من احلجج عن االدعاء
أبن اجملتمعات القومية متلك قيمة عليا ،واليت تُرى غالبا على أهنا غري ذرائعية ومستقلة عن رغبات واختيارات
األفراد املشكلني للجماعة ،وحتاج أبنه جيب محايتهم من طرف الدولة وسياسات الدولة الرمسية .أما اجملموعة
الثانية فأقل عمقا 'فلسفيا' (أو 'مشولية') ،وتتضمن أطروحات عن متطلبات العدالة ،مستقلة عن التصورات
املهمة حول الثقافة والقيم الثقافية.
ستُقدم اجملموعة األوىل هنا بتفصيل أكثر مبا أهنا شكلت لب النقاش .إذ أهنا تصور اجملتمع على أنه
املصدر العميق للقيمة أو كوسيلة نقل فريدة تربط أعضاءه بقيم مهمة .وهبذا املعىن ،ميكننا القول أبن أطروحات
هذه اجملموعة ُجمتمعاتية مبعىن «عميق» بشكل ُمصوص ،مبا أهنا تقوم على خصائص أساسية للوضع البشري.
هنا التوصيف:
املنظور املُجتمعايت العميق :هو منظور نظري حول القضااي السياسية (أي حول القومية يف حالنا هذا) يربر
نظاما سياسيا معينا (أي الدولة القومية هنا) عن طريق حشد افرتاضات فلسفية عميقة حول الطبيعة اإلنسانية
واللغة والروابط االجتماعية واهلوية (مبعىن فلسفي أعمق).
وأييت الشكل العام ألطروحات املجتمعاتية العميقة كاآليت :أوال الطرح اجملتمعايت :هناك خري ال جدال
ُ
عليه (كهوية الشخص مثال) ،ووجد نوع ما من اجملتمع حتمي المتالكه ومحايته .مث أييت االدعاء القائل أبن
األمة اإلثنو ثقافية هي نوع اجملتمع املثايل املناسب هلذه املهمة .ومما يدعو لألسف أن هذا الطرح اندرا ما يُدافع
عنه ابلتفصيل يف الدراسات .لكن هاهنا منوذج من ( ،)Margalitوالذي اقتبسنا مجلته األخرية أعاله:
مث يتبع استنتاج الدويل :من أجل أن حيتفظ اجملتمع هبويته ويدعم هوية أعضائه ،عليه أن يتخذ شكل
ا لدولة السياسي (دائما أو على األقل بشكل طبيعي) .إن االستنتاج من هذا النوع هو أن من حق اجملتمع
اإلثنو قومي امتالك دولة إثنو قومية ومن حق وواجب مواطنيها تفضيل ثقافتهم اإلثنية مقابل أي ثقافة إثنية
أخرى.
على الرغم من أن االفرتاضات الفلسفية العميقة يف هذه األفكار تتفرع من التقاليد الطائفية ،إال أن
أشكاال ضعيفة أخرى ُِ
اقرتحت من قبل فالسفة أكثر ليربالية .تقرتح الدروب الفكرية اجملتمعاتية األصلية لصاحل
القومية أن هناك قيمة ما يف احلفاظ على التقاليد الثقافية اإلثنو قومية ويف مشاعر االنتماء ألمة مشرتكة ويف
قومي ليربايل أبن هذه ليست قيم مركزية للحياة السياسية ،لكنها قيم
التضامن بني أعضاء األمة .قد يدعي ٌّ
ضتني جافّتان وجتريديتان وغري انفعاليتان
احمل ْ
على كل حال .بل تبدو الرؤى املناقضة دراماتيكيا كالفردية والكونية ْ
ابملقارنة .وعندما أقول الكونية (الكوزمبوليتية) ،فأان أقصد املبدأ السياسي واألخالقي من النوع اآليت:
أ .تتوجه الواجبات األخالقية األساسية على الفرد حنو كل البشر (بغض النظر عن البعد اجلغرايف
والثقايف) ،وأن
ب .على الرتتيبات السياسية أن تعكس أبمانة هذا الواجب األخالقي الكوين (على شكل ترتيبات
تتجاوز الدولة وحتظى ابألولوية على الدول القومية).
حيبّذ عدد من الفالسفة خليطا من الكونية-الليربالية والوطنية -القومية حني ُجيربون على االختيار بني
قوى الطرح القومي والطرح الكوينُ .ميجد ب .ابربر ( )B/ Barberيف كتاابته «اخلليط املدهش للكونية
والرؤية ضيقة األفق ( »)parochialismوالذي حيدد يف نظره اهلوية القومية األمريكية( .انظر Cohen
،1996ص .)31ويدعي تشارلز اييلور أبنه «ليس أمامنا خيار سوى أن نكون كونيني ووطنيني( ».انظر
املرجع السابق ،ص .)121ويقرتح هيالري بوتنام أن الوالء ملا هو أفضل يف التقاليد املتعددة اليت يشارك فيها
كل منا ،ما يبدو على أنه خط وسيط بني الوطنية الضيقة األفق وبني كونية ابلغة التجريد( .انظر املرجع
السابق ،ص .)114قد تنبأ أشعيا برلني ( )1979واتيلور ( )1993 ،1989هبذا التنازل ،كما مت العمل
بنسخه العدة ابلتفصيل من قبل كتّاب مثل ( ،)1993( )Yael Tamirودافيد ميلر (David Miller
،)2007 ،2000 ،1995وكاي نيلسون ( ،)1998 Kai Nelsonومايكل ساميور ( Michel
،)2000 Seymourوشامي كانز (( ،)2003( Chaim Gansانظر أيضا النقاش حول عمل ميلر
يف عمل ( De Schutterو .)2011 Tinneveltوقد احتل صدارة االهتمام يف العقدين املاضيني يف
النقاش وحىت أنه حفز إلعادة قراءة القومية التارخيية من منظوره ،على سبيل املثال يف (2005 Millerأ)
و( ،)2002 Sung Hu Kimو ( .)2007 Brian Vickيتقبل معظم الكتاب القوميني الليرباليني
نسخا ُمتلفة ضعيفة لألطروحات اليت سنسطرها اتليا ،جاعلة إايهم داعمني الدعاءات قومية معتدلة أو ابلغة
االعتدال.
جيب أن يُذكر هنا مقرتحا أكثر مثالية ،ويعود إىل ( ،)2003 Chandran Kukathasوالذي
جيمع بشكل جيد بني تعددية ثقافية مع متيز جمتمعات ُمصوصة والذي حتتفي به القومية الكالسيكية .يتضمن
«أرخبيله الليربايل» من وحدات تدعى «اجلُُزر» ختتلف متاما فيما بينها ،لكنها متجانسة ثقافيا من الداخل يف
غالبها .قد تكون بعض هذه اجلزر غري حمببة إطالقا ابملعايري الليربالية ،بيد أن ما جيعل األرخبيل ليرباليا ابجململ
هو أن كل جمتمع يضمن ألعضائه املعارضني حقهم يف الرحيل (وهو ما قد يكلف مثنا ابهظا إن مل جيد أعضاؤها
السابقني مكاان يوفر هلم حياة كرمية) .لذلك قد يكون أول مستوى من التنظيم السياسي غري ليرباليا (أيمل
كوكااثس أال يصبح احلال كذلك) ،بينما يكون املستوى الثاين ليرباليّا بقوة .جيمع هذا املقرتح بطريقة جيدة
اخلصائص التقليدية للقومية الكالسيكية مع خصال ليربالية جدا ،أانركية تقريبا للمجمل .ومن سوء احلظ،
ِ
موحدة ،وهذا ما ال ميلكه كوكااثس .إن اخلطر
يصعب ختيل ما قد حيفظ حلمة هذا األرخبيل دون دولة قوية ّ
اجللي هو احندار حنو أرخبيل متعدد األقطاب ،ببعض جزر كبرية وقوية (كجزيرة إسالمية ضخمة ،جزيرة ضخمة
أوروبية النوع ،وهلم جرا).
فألعد إىل اخلط الرئيسي للشرح .هذه هي عناصر ضعف اإلثنو قومية الكالسيكية اليت يقرتحها
القوميون الليرباليون القوميون ،والقوميون الليرباليون املقيدون ،والقوميون الكونيون .أوال ،لالدعاءات اإلثنو قومية
ُ
نقطة قوة بديهية واحدة ،وال ميكنها أن تتجاوز حقوق الفرد .اثنيا ،ال ميكن لالدعاءات اإلثنو قومية الشرعية
أن ترقى تلقائيا إىل احلق يف الدولة ،بل إىل احلق يف مستوى معني من االستقالل الثقايف .النموذجان األساسيان
لالستقالل مها إما قطري وغري قطري؛ يتضمن األول تفويض اختاذ القرار القطري ،أما الثاين فيعين االستقالل
الثقايف املمنوح لألفراد بغض النظر عن مكان إقامتهم داخل الدولة( .لنقاش حمفز جدا عن االمتيازات املقا ِرنة
املثبّطات يف كل منهما ،انظر مقاالت راينر ابوبوك ( )Reiner Baubockوويل كيمليكا ( Will
ُ
)Kymlickaيف عمل دييكوف( ،)2004( )Dieckoffحيث يدافع األول عن االختيار الغري قطري،
بينما يدافع الثاين عن االختيار القطري ).اثلثا ،ختضع القومية اإلثنية للوطنية املدنية واليت ال عالقة هلا أو متلك
قبل األساطري اإلثنو قومية و"املغلوطات املهمة" املشاهبة هلا إن كانت غري
عالقة نزرة ابملعايري اإلثنية .رابعا ،تُ ُ
مؤذية أو مهينة ،ففي تلك احلالة مسموح هبا أخالقيا يف احلالتني رغم مغلوطيتها .وأخريا ،جيب أن تستمد أي
شرعية قد متتلكها االدعاءات اإلثنو قومية من اخليارات اليت يتخذها األفراد أصحاب العالقة حبرية.
.1الطرح من منطلق قيمة داخلية :تُعترب كل مجاعة إثنو قومية ذات قيمة يف ذاهتا ولذاهتا مبا
أهنا توجد فقط ضمن اإلطار الطبيعي احلاوي لتقاليد ثقافات ُمتلفة حيث تُنتج وتنتقل املعاين
والقيم املهمة .إن أعضاء تلك اجلماعات أقرب لبعضهم بطرق عديدة عرب تكلم نفس اللغة
وتشارك العادات والتقاليد عمن ال يتشاركون معهم نفس الثقافة .وابلتايل يصبح اجملتمع شبكة
من األعضاء املرتبطني أخالقيا ،أي جمتمع أخالقي بروابط التزام خاصة وقوية جدا .يتعلق
التزام ابرز لكل فرد ابلسمات احملددة للمجتمع اإلثين ،على رأسها اللغة والعادات :جيب
رعايتهما ومحايتهما وحفظهما وتقويتهما .وغالبا ما يُنتقد االفرتاض العام أبن الواجبات
األخالقية تزيد مع القرب الثقايف على أنه ُمعضل .واألدهى من ذلك ،فحىت لو سلمنا هبذا
االفرتاض العام نظراي فإنه ينهار مع التجربة .فغالبا ما ينقلب احلراك القومي على اجلريان
القريبني (والشبيهني) عوضا عن على الغُرابء البعيدين ،إىل حد أن يف سياقات مهمة عديدة
ال يفيد االستنجاد ابلقرب .بيد أنه قد يستعيد قوته الواعدة ضد مجاعات بعيدة ثقافيا.
.2الطرح من منطلق االزدهار :إن اجملتمع اإلثنو قومي أساسي من أجل ازدهار كل واحد من
أعضائه .فداخل هذه اجلماعة فقط على وجه اخلصوص ميكن للفرد اكتساب مفاهيم وقيم
أساسية لفهم احلياة الثقافية للمجتمع عموما ،وحياته اخلاصة ابلتحديد .لقد كان مثة جدل
مستفيض من جهة املناصرين للقومية عما إذا كان تنوع القيم جوهري للفصل بني اجلماعات
القومية .أشار القوميّون الليرباليون الكنَديون ساميور ( )1999واتيلور وكيمليكا إىل أن
'االختالفات يف القيم بني مناطق ُمتلفة من كندا' ،اليت تتطلع إىل قومية منفصلة ،هي
'شحيحة" .استنتج كيمليكا ( ،1993ص )155أن انفصال القيم ليس هو املهم .ال تزال
هذه النتيجة متسقة مع طرح االزدهار إن مل تؤخذ 'املفاهيم والقيم' على أهنا قومية بشكل
خاص ،كما يدعي القوميون املجتمعاتيون ( ،1994 MacIntyreوMargalit
ُ
.) 1997يشري نقاد القومية إىل أن االزدهار قد حيمل مثنا ابهظا جدا ،خصوصا على هيئة
العدوان على اجلريان .ويشري ب .ايك ( )B. Yackإىل اخلطر يف األوضاع اليت تتضافر فيها
.3الطرح من منطلق اهلوية :يؤكد الفالسفة اجملتمعاتيون على أمهية الرتبية على الطبيعة كقوة
رئيسة يف حتديد هويتنا كشعوب ،إننا نصبح ما حنن عليه بسبب الظروف االجتماعية
والسياقات اليت ننضج فيها .هلذا االدعاء شيء من الصحة .فهوية كل فرد منا تعتمد على
مشاركته\ها يف احلياة اجلماعية (انظر ،1994 MacIntyreو،1998 Nielsen
و .)2000 Lagerspetzفنيلسون مثال يكتب:
«لكي نضع األمور كما هي ،إننا اتئهون إن مل نُعرف أنفسنا بشيء من الواقع االجتماعي املوضوعي :أي أمة،
وليس ابلضرورة دولة ،بتقاليدها اخلاصة .فما جنده لدى الشعوب هو احلاجة ليس لقول ما ميكنهم فعله فحسب
وإمنا أن يقولوا من يكونون ،وهذا مغروس عميقا كاحلاجة لتطوير مواهبهم .وهذا موجود وليس ُمتلق ،موجود
يف تعرف املرء على نفسه من خالل اآلخرين يف ثقافة مشرتكة قائمة على اجلنسية أو العرق أو الدين أو اخللط
بني الثالثة...وحتت الظروف احلديثة ،ال ميكن حتقيق هذا احلفاظ وتغذية الوعي القومي هذا دون دولة قومية
تتوافق مع هذا الوعي القومي» ،1993( .ص .)32
ابعتبار أن أخالق الفرد تعتمد على امتالكه هلوية شخصية انضجة ومستقلة ،فإن الظروف االجتماعية
دعم( .لالطالع على الوجه اآلخر للفكرة،
اليت حتتضن وترعى تطور اهلوية الشخصية هذه جيب أن ُحتفظ وتُ ّ
انكار أمهية اهلوية الثابتة واملتجانسة واليت تقرتح هوايت هجينة ،انظر مقاالت Iyall SmithوLeavy
.)2008يدعي الفالسفة القوميون أبن األمة هي الصيغة الصحيحة للحفاظ وتشجيع جمتمعات ماحنة للهوية
كهذه .وعليه ،جيب تنظيم احلياة اجلماعية حول ثقافات قومية خاصة .ويقرتح القوميون الكالسيكيون أن جيب
أن ُمتنح دوهلا اخلاصة ،بينما يقرتح القوميون الليرباليون أبن على الثقافات أن حتصل على األقل على نوع ما من
احلماية السياسية( .لالطالع على نقاش القضااي اللغوية اليت تُربط غالبا ابهلوية ،انظر Kymlicka
و 2003 Pattenو.)2003 Patten
.4الطرح من منطلق الفهم األخالقي :إن القيمة األخالقية شق مهم على وجه اخلصوص من
القيمة .إن بعض القيم عاملية كاحلرية واملساواة ،لكن تلك جتريدية للغاية و"هشة" .فالقيم
الغنية و «املتينة» ملحوظة فقط ضمن تقاليد معينة ألولئك الذين طبقوا من كل قلبهم عادات
ومعايري التقليد املعين .فكما يضعها تشارلز اتيلور« :إن اللغة اليت أتينا لتقبلها هي تلك اليت
تعرب عن قضااي لصاحلنا ،1989( ».ص .)35تقدم األمة إطارا طبيعيا للتقاليد األخالقية،
وابلتايل للفهم األخالقي ،إهنا مدرسة األخالق األوىل( .وأشري هنا لإلنصاف أبن اتيلور نفسه
مرتدد يف شأن صيغة األخالق القومية) .ما يُالحظ غالبا يف هذا اخلط من الفكر أن أمما
بعينها ال متتلك أخالقا ختصها وحدها ،كما أن األخالق «املتينة» ،إن استفضنا ،قد ختتلف
عرب انقسامات أخرى كالطبقة والتقسيم اجلندري أكثر مما هي عرب اجلماعات اإلثنو قومية.
(انظر ،)2007( Laegardمن أجل نقاش حديث راقي ومثري لبعض املخرجات املفاجئة
ُ
لالدعاء أبن هناك «قيما قومية» ،وما حيدث عندما تُع ّد القيم الليربالية الكالسيكية «قيماً
قومية»).
.5الطرح من منطلق التنوع :تساهم كل ثقافة وطنية بشكل فريد يف تنوع الثقافات البشرية.
يكتب أشعيا برلني ،وهو أحد أشهر املدافعني عن هذا الطرح يف القرن العشرين ،يف أتويله
لفكرة يوهان هريدر الذي كان أول من منح الفكرة أمهيتها:
« إن 'علوم فراسة' الثقافات أمر فريد .إذ تقدم كل واحدة صقال رائعا للمؤهالت البشرية يف زمنها ومكاهنا
وبيئتها اخلاصة .ومينع علينا إصدار أحكام ذات قيمة ُمقارنة ،ألن ذلك هو قياس ما ال يُقاس 1976( ».ص
.)206
وعليه فإن حامل القيمة األساس هو ُجممل الثقافات اليت كل ثقافة قومية وأسلوب حياة يسامهان يف
اجململ يشتقان قيمتهما اخلاصة .ابلتايل الطرح من منطلق التنوع هو تعددي ،إذ أنه يعزو القيمة لكل ثقافة
بعينها من املنظور اجلمعي الكلي للثقافات .إذا افرتضنا أن األمة (اإلثنو )-قومية هي وحدة الطبيعية للثقافة،
فإن احلفاظ على التنوع الثقايف يرقى إىل احلماية املؤسساتية لنقاء الثقافة (اإلثنو )-قومية .ميكن محاية تعدد
األمناط الثقافية ودعمها عرب ربطها ب «أشكال احلياة» اإلثنو قومية .غري أنه ميكن لعدم اتساق براغمايت أن
حيدد هذا الطرح .إن املسألة هي من إبمكانه أن يقرتح شرعيا تنوعا إثنو قومي على أنه مثايل :فالقومي مرتبط
بشدة بثقافته (ها) ،بينما الكوزموبولييت متحمس للغاية للحفاظ على الصالت ما بني الثقافات اليت تتجاوز
فكرة امتالك دولة قومية واحدة ،فضال على ذلك ،هل للتنوع قيمة لدرجة أنه يستحق احلماية حيثما ُوِجد؟
هل جيب أن تقتصر محاية التنوع على أوجه حمددة من الثقافة أو (الثقافات) املقرتحة بعمومية اتمة؟ (انظر
ُ
Francois Grinيف Kymlickaو )2003( Pattenمن أجل صيغة حمددة ومعتدلة لطرح من
منطلق التنوع ،ملتمسني األنطولوجيا مع التنوع احليوي جتانسه غري أهنما يركزان على التعدد اللغوي حصرا).
إن اخلط الفكري ( )1ليس فردانيا .وميكن تقدمي ( )5دون اإلشارة إىل األفراد :قد يكون التنوع خريا
يف ذاته ،وقد يكون خريا لألمم .لكن خطوط التفكري األخرى يف اجملموعة اليت قُدمت للتو مرتبطة مجعيها أبمهية
احلياة االجتماعية يف عالقتها ابلفرد .لقد خرجت من املنظور اجملتمعايت «العميق» ،والتيمة املكررة فيها هي
أمهية واقع أن العضوية يف اجملتمع ليست اختيارية وإمنا ال إرادية .مثة أساس طائفي عام يف كل طرح (أي جمتمع
أمر حاسم هلوية املرء أو الزدهاره أو أي صاحل مهم ،جمتمع ال ميلك الفرد فيه خيار االنتماء من عدمه) .واليت
تُعترب عنصر حس ٍم يف هوية الفرد ،أو يف ازدهاره أو يف خري مهم أخ ٍر ما ).ويرتبط هذا األساس ابدعاء وصفي
ضيق ومرتكز على األمة ،ومفاده أن األمة القومية هي حتديدا نوع اجملتمع أكثر مالئمة هلذا املهمة بشكل مثايل.
بيد أن القوميني الليرباليني ال جيدون هذه الفكرة مقنعة متاما .فحسب منظورهم ،قد ال تدعم أساسات هذه
األطروحات ُحزمة الطموحات القومية كاملة وقد ال تص بشكل غري مشروط .انظر (.)2008( )Hale
تستحق خالصة هايل أن تُقتبس « :إن اإلثنية مدفوعة ابختزال غري يقيين ،بينما السياسات اإلثنية مدفوعة
ابملصاحل 2008( ».ص .)241مع هذا ،مثة الكثري يف تلك األطروحات ،وقد تدعم القومية الليربالية وتتخذ
موقفا أكثر اعتداال لصاحل الثقافات القومية.
خنتم هذا اجلزء من املقال ابإلشارة إىل موقف داع ٍم للقومية على قدر كبري من التشويق واألمهية طوره
دايفيد ميلر ( )David Millerعلى مدى عقود ،بدءا بعمله الصدر سنة 1990وصوال إىل عمله الصادر
سنة . 2013إن ميلر يقبل تنوعا متعدد الثقافات داخل اجملتمع ،لكنه يؤكد على هوية قومية ممتدة ،متخذا
اهلوية القومية الربيطانية مثاله الرئيس ،واليت تشمل اإلجنليز واألسكتلنديني وهوايت إثنية أخرى .ويطالب بـ
«هوية شاملة متاحة ألعضاء كل اجلماعات الثقافية 2013( ».ص .)91يزعم ميلر أن هوية كهذه ضرورية
للتضامن االجتماعي األساسي وتتجاوز الوطنية الدستورية البسيطة بكثري .قد يذكر مشكك ما يلي :إن مشكل
اجملتمع املتعدد الثقافات هو أن اهلوية القومية كانت اترخييا مسألة روابط إثنو قومية ،وتطلبت تشاهبا يف السمات
الثقافية الغالبة ذات الثقل (كاللغة املشرتكة« ،والتاريخ املشرتك كما يُتذكر» ،والعادات ،والدين وهلم جرا) .غري
أن الدول متعددة الثقافات عادة ما تضم مجاعات بتاريخ ولغات ودايانت وحىت مظاهر ُمتلفة جدا .كيف إذا
ميكن حتقيق «اهلوية القومية» املمتدة بدءا ابهلوية الضعيفة لالنتماء املشرتك إىل دولة معينة؟ يبدو كأن املرء واقع
يف معضلة .يتطلب ترسيخ التضامن االجتماعي يف اهلوية القومية أن تكون األخرية هشة وأن يبدو أهنا ستنتهي
إىل هوية ثقافية وحدوية .قد تكون الوطنية الدستورية التصرف الوحيد الذي إبمكانه ترسيخ تضامن كهذا بينما
حيافظ على التنوع الثقايف األصلي.
معاصرا ُمعتمدا ،انظر أيضا 1998 Mooreوغانز .2003انظر أيضا J. Levyكما ورد يف
،2004 Dieckoffففيه مناظرات وتبادل لألفكار حول املوضوع ،انظر أيضا اجمللد حول االنفصال يف
Pavkovicو ،2007 Radanو ،2005 Chritopher Heath Wellmanكما يقدم كوهن
2006 Kohenجملدا مهما عن املنظور القانوين ،بينما يقدم عمل 2013 Casertanoحاالت
مدروسة مهمة ،ويقدم ايك 2012يف اجلزء العاشر حكما مفرطا يف السلبية عن املوضوع).
طرح احلق يف الدفاع عن النفس والتعويض عن مظامل املاضي :مينح القمع والظلم اجلماعة ()2
الضحية حقا مشروعا يف االنفصال .فإن تعرضت مجاعة أقلية إىل القمع من قبل مجاعة األغلبية إىل حد أن كل
عضو ابلتقريب يف مجاعة األقلية يعيش حياة شظف أسوأ من تلك اليت يعيشها جل أعضاء مجاعة األغلبية
ومقنعة جدا .يُعترب هذا
بسبب انتمائه لألقلية ،فإن االدعاءات القومية ابسم األقلية تُعترب عقالنية وأخالقيا ُ
شرعي فقط يف حاالت
الطرح جوااب ُمقيَدا عن أسئلتنا ( 2ب) و ( 3ج) :إن استعمال القوة لتحقيق السيادة ٌّ
الدفاع عن النفس أو التعويض عن املظامل .وابلطبع فال زال يوجد الكثري مما جيب فعله يف سبيل حتديد من قد
تُستعمل القوة ضده شرعيا ،وكم من األذى قد يقع يف صف كم من األعداء .ويُقر الطرح أيضا حقا تعويضيا
منوذجيا مقبوال من وجهة نظر ليربالية( .انظر النقاش يف Kukathasو ،2000 Pooleوأيضا بيوكاانن
،1991و 1992 Waldronحول مظامل املاضي).
طرح املساواة :إن أعضاء مجاعة األقليات غالبا ما يعانون احلرمان يف عالقتهم مع الثقافة ()3
املسيطرة ،ألهنم حباجة ماسة ألولئك الذين يتكلمون نفس اللغة وينتمون إىل نفس الثقافة لتدبري شؤون حياهتم
اليومية .وألن حرية تدبري الشؤون وقضاء احلاجات اليومية خري عام ،ونعلم أنه من الصعب تغيري اتكال الفرد
على ثقافة األقلية املنتمي إليها أو التخلي عنها لبلوغ اخلري املذكور ،فإن هذا االتكال قد يقود إىل بعض أشكال
الالمساواة إن مل تـُتّخذ إجراءات خاصة هبذا الشأن .جيب على بناء األمة التلقائي الذي تقوده األغلبية أن
يراعي أشكال احليف هذه .وعليه ،يتطلب احلياد الليربايل نفسه أن تُقدم األغلبية بعض املنتجات الثقافية
األساسية كمنح احلقوق الفارقية (انظر كيمليكا 1995ب ،و ،2001و .)2003إن أشكال احلماية
الدستورية ،وحق اجلماعة األقلية يف إطارها الدستوري اخلاص هي تصويب تستعيد األقلية مبوجبه املساواة مع
األغلبية ،وتوجيه للدولة القومية الناجتة عنه إىل مسار االعتدال والتعدد الثقايف( .انظر كيمليكا 2001
و( .)2003ونشري أيضا إىل اقرتاح حديث مثري لالهتمام قدمه ،)2006( Robert E. Goodin
لي حتفيز يقفان خلف التعدد الثقايف ونوعان ممكنان انجتان عنهما ،ومها :التعددية ِ
والذي مييز فيه ما بني عام ْ
الثقافية املتعددة اللغات ،والتعددية الثقافية الوقائية .واألخري من نوع طرح كيمليكا ،ويركز على محاية مصاحل
األقلية من حيف األغلبية ،بينما ينضح األول من ُمثُل التعدد وقيمة االختالف ،واللذين ،يف حال توافرمها يف
دولة ما ،يسمحان «بتوسعة دائرة خيارات الفرد املستقل 2006( ».ص ).)290
طرح النجاح :جنحت الدولة القومية يف املاضي يف تعزيز املساواة والدميقراطية ،كما يقول ()4
( )Craig Calhounيف كتاب حديث له ...« :فتخيّل الدميقراطية يتطلب التفكري يف» الناس «على أهنم
نشطون ومنسجمون ،واعتبار الذات على أهنا عضو وذات فاعلة .إن الليربالية متنح فكرة الذات الفردية الفاعلة
شيئا منها ،لكنها تقدم القليل يف أفضل األحوال فيما خيص العضوية واالنسجام اجلماعي وقدرة العامة .إن
القومية هي التّش ّكل اخلطايب األكثر أتثريا يف هتميش أبعاد الدميقراطية هذه يف العصر احلديث 2007( ».ص
.) 174يعترب التضامن اإلثنو قومي حافزا قواي خلف التوزيع العادل للمنتجات( .انظر ،1995 Miller
و .)2000 ،1996 Canovanوتبدو الدولة القومية أيضا عنصرا أساسا يف أتمني احلياة األخالقية
للمجتمعات يف املستقبل ،ألهنا شكل املؤسسة السياسي الوحيد القادر على محاية اجملتمعات من هتديد العوملة
واالستيعاب القسري( .انظر عمل 1999 Masonالذي يقدم فيه نقاشا نقداي مسهبا هلذه الفكرة ).إن
كاهلون واع حبدود مدحه للقومية حيث أتى على ذكر بعضها يف نفس الصفحة اليت اقتبسنا منها أعاله.
قدم مؤخرا ( )A. Roshwaldيف كتابه الذي صدر سنة 2006نظرة ُحمبِطة عن جناح الدولة
كتاب أشار فيه إىل الطبيعة املتناقضة واملتضاربة لالدعاءات القومية .نقتبس أسفله ملخصا وافيا عنه
القوميةٌ ،
ورد يف ( )A. Smithيقول فيه:
«إن القومية ابلنسبة لروشوالد عتيقة وحديثة يف اآلن نفسه ،فهي تستخدم تصورين توأمني للزمن الدائري
واخلطي :إهنا تنشد تقرير املصري بينما حترص على إبراز كوهنا ضحية ،وتصر على خاصية اصطفاء األمة وتدعي
لنفسها كونية مهمتها يف اآلن عينه ،كما أهنا تكشف أخريا عن تعايش الدم النقي واملختلط ،وعن تطابق األمة
اإلثنية واملدنية .وعلى الرغم من هذه التناقضات ،إال أن القومية قادرة أبدا على جتديد نفسها والتكيف مع
وضعيات ُمتلفة( »...مسيث 2008ب ،ص.)638
قد جيد من يدعمون الرأمسالية مناشدة من نوع أكثر إشكاال للنجاح من نظرية ()Liah Greenfeld
اليت تعترب أبن « القومية هي العامل املسؤول عن إعادة توجيه النشاط االقتصادي ابجتاه النمو» وأبن «املوقع
الغري مسبوق الذي حظي به اجملال االقتصادي يف الوعي احلديث ليس إال نتيجة ديناميكيات اجملتمع األمريكي،
واليت تتحدد بدورها ابخلصائص الفريدة للقومية األمريكية 2001( ».ص .)1تنتقد غرينفيلد القومية بشدة،
وقد خيطر ببال أحد حشد نظريتها (بعد جتريده من موقفها النقدي) للدفاع عن القومية.
ميكن ضم هذه األفكار السياسية إىل أفكار ُجمتمعاتية عميقة أخرى .لكن منظور املجتمعاتيني الصريح
ُ
يقدم «ثقافوية ليربالية »liberal culturalismتُناسب جمتمعات ُمتعددة إثنيا وثقافيا .وهي نسخة أكثر
بعدا عن القومية الكالسيكية من القومية الليربالية اليت تسم أعمال ( )Tamirو ( .)Nielsenوترفض أي
أساس فلسفي جمتمعي (أي من الطرح اجملتمعي) (انظر عرض كيمليكا املفصل ودفاعه عن الفكرة يف عمله
( ،)2001وعمله املتأخر ذو النفس املوسوعي ( )2007الذي يصر على نعت الثقافوية املذكورة ب
«القومية» ،وعمله ( )2003حيث قدم فيه مقتضبا عن الفكرة ،انظر أيضا غانز ( .))2003تشري فكرة بناء
األمة املعتدل إىل تعددية ثقافية مفتوحة ،حيث تتلقى كل مجاعة نصيبها يف احلقوق التعويضية ،لكن ،وعوضا
عن عزل نفسها ،تشارك كل مجاعة يف ثقافة مدنية مشرتكة متداخلة ،وحتافظ على تواصل مفتوح مع جمتمعات
فرعية أخرى .إن أخذان يف االعتبار اختالف اجملتمعات التعددية وحدة التفاعل العابر لألمة ،فإن االنفتاح
املذكور يبدو للكثريين على أنه الضامن الوحيد الستقرار احلياة االجتماعية والسياسية (انظر نقاش الطرح املذكور
اجلواسة prowling يف Shapiroوكيمليكا .)1997يعترب االنفتاح أمرا ضروراي لتفادي مصيدة «القطط ّ
»catsكما مستها ( .)2001( )Margaret Canovanحتذر كانوفان من أن «النظرايت القومية
اجلديدة حتوي عن غري قصد بواعث منحرفة على فعل املضاد متاما ملا قصده املنظرون» .ويبدو االعتدال املفرط
احلل الوحيد هلذه املعضلة .قد يقود جدل الدعوة إىل اعتدال االدعاءات القومية يف سياق اجملتمعات التعددية
بناء على هذا إىل موقف يُقدر االختالفات الثقافية ،لكنه يبقى موقفا ليرباليا وقد يصل إىل الكوزموبوليتية يف
تطلعاته احلامسة.
إن املوقف الليربايل معتدل ومدين ،وال زال هناك الكثري مما سيقال دفاعا عنه .إنه حياول مصاحلة حدوسنا
يف صاحل نوع ما من احلماية السياسية للمجتمعات الثقافية ذات األخالق السياسية الليربالية .ويطرح هذا ابلطبع
قضااي التطابق بني املبادئ الليربالية الكونية وأشكال تعلق الفرد أبمته اإلثنو ثقافيةِ .
يفصل القوميون الليرباليون
جدا ك ( )Tamirاألمة اإلثنو ثقافية) (ethno-cultural nationhoodعن وضعية امتالك دولة
مستقلة ( )statehoodفصال اتما .ويقرتحون أيضا أبن نوع حب البلد أو التعلق به يضعف يف وجود كل
أشكال االعتبارات الكونية ،وهو ما يقوض املصاحل القومية يف النهاية (انظر اتمري 1993ص ،115وانظر
أيضا 2001 Mooreو .)2003 Gansمثة نقاش دائر اليوم بني القوميني املتفلسفني
ُ
عرف( .فعلى( )philosophysingحول نسبة الضعف والتنازل اللتان تُعتربان مطابقتان ملوقف قومي كما يُ ّ
سبيل املثال تقدم كانوفان ( ،1996ج )10اتمري على أساس أنه ختلى عن مثل 'الدولة القومية' ،وعليه يكون
قد ختلى ابلتايل عن األمة .وينتقد ساميور ( )1999تغاضي اتيلور وكيمليكا املقصود عن الربامج القومية
األصيلة ،واقرتاحهما القاضي بتعويض القومية ابلتعددية الثقافية ).هناك أيضا خيط فكر انظم حاضر يف أعمال
بعض القوميني الليرباليني يُعترب على صلة مبصاحل كوزموبوليتية( ،انظر 1998 Nielsenو .)1999انظر
مقدمة عمل ( )Delantyو ( )2006( )Kumarومسامهة ديالنيت يف العمل املذكور من أجل االطالع
عن مقاربة أكثر سوسيولوجية جلدل العاملي واإلثنو قومي).
مت إدماج قضااي القومية ابطراد يف النقاش حول النظام العاملي يف السنني األخرية (انظر مداخل العوملة
والكوزموبوليتانية على املوسوعة) .يُعترب الرابط املفاهيمي األساسي هو االدعاء القائل أبن وضع الدول القومية
وضع طبيعي ومستقر ومناسب ،وتشكل كلها وحدات مناسبة للنظام العاملي .ويقوم االدعاء املذكور على
أساس االفرتاض القائل أبن كل دولة قومية تعين تباعا «شعبا» ما ،أي ساكنة متجانسة تقدر التضامن مع
مواطنيها .وتُعترب النظرة اليت تشكلت مع مقال جون راولز )« (John Rawlsقانون الشعوب» ،وهو املقال
ومهذبة من حيث املمكن السياسي
الذي أبدى حسن ظن كبري ابلنظام الدويل املكون من دول قومية متحررة ُ
والقيمة األخالقية العالية له .وحياجج نقاد راولز الكوزموبوليتيني ،وعددهم يزداد ،ما يناقض الوضع التقديري
الذي منحه للدولة القومية ،وينتقدون افرتاضه القائل بتجانس «الشعوب»( .انظر 2001 Poggeو،2002
و ،2000 O'Neillو ،2002 Nussbaumو ).1999 Barryيهم نقاش على عالقة هبذا دور
األقليات يف مسارات العوملة (انظر .)2004 Kaldorلقد ولّد اهتمام الفالسفة أبخالقيات النظام العاملي
مقرتحات مهمة حول وحدات بديلة أقل من األمة وعابرة هلا ،واليت قد تلعب دورا ُمميَزا عن دور الدول القومية،
وقد تصل مرحلة تكميل دور الدول القومية (انظر 2003 Heldالذي يقدم ملخصا رائعا عن هذا الطرح،
بينما يقدم ،2004 Walzerيف اجلزء 12نظرة شاملة رائعة وحديثة عن فكرة البدائل) .واملثري أكثر من
ذلك هو أن املقاربتان قد تلتقيان يف النهاية :فالقومية الليربالية املتعددة الثقافات ،والكوزموبوليتانية املعتدلة اليت
تقدر االختالف تشرتكان يف الكثري .وقد حذا هذا التقارب ( )Kok-Chor Tanللبحث فيه ،انظر عمله
الصادر سنة ( ،)2004وخصوصا اجلزء اخلامس .لكن التقارب بني الفكرتني يبدو أكثر يف مقاله الصادر سنة
،2011انظر أيضا كتابه الصادر سنة .)2012
القول بناء على هذا أبن الطرف النقيض الداعم للقومية يُعترب اليوم موقفا معتدال ،وجتسده أعمال ميلر املذكورة.
إليكم مقرتحا منوذجيا من أعماله خيص العدالة العاملية بناء على نظام الدول القومية:
«قد يُصبح ختصيص جزء مئوي من الناتج احمللي اإلمجايل ألهداف تنموية مسألة كربايء وطين ،وقد
خيص هذا األمر مشاريع يف دولة معينة أو جمموعة بلدان 2013( »....ص .)182
يُضيف ميلر ،قد يؤدي طرح مشابه غرض ختفيض نسب انبعاث غازات الدفيئة .يعترب هذا حتداي فعال،
وقد يسأل انقد ما ،إىل أين سيؤدي هذا يف ظروف عادية؟ ختيل لو مت تقبّل املقرتح من قبل الدول الصناعية
الرائدة فيما خيص موضوع تقدمي املعونة ،وأن كال منها اختارت املستفيدين من إجراء مماثل .افرتض أن الدولة
املتربعة (ب )1تبنت الدولة املستفيدة (ج ) 1وأقدمت على تقدمي العون .ماذا لو أن فصيال سياسيا معاداي
ُ
ل (ب )1من (ج )1دفع مبواطنيه إىل أحضان دولة متربعة أخرى؟ هل ستسمح الدولة (ب )1للفصيل
املعادي من (ج )1ابختيار من تشاء ،أم أهنا ستتدخل يف خياراهتا ب «لطف» ملنعها (يف وضع دويل ال توجد
نظمة)؟ وهكذا فإن احتاجت الدولة (ب )1لدعم دويل يف تعامالهتا مع دولة قوية أخرى فيه سلطة دولية م ِ
ُ
سنسميها هنا (ب ،)2فإهنا ستعتمد ابلتأكيد على الدولة (ج )1لتحصل على ما تريد .أيخذ هذا النظام
شكال استعماراي شيئا ما( .قد حتدث أشياء أكثر سوءا يف حالة أزمة اقتصادية :فإن كانت (ب )1متنح العون
الغذائي ل (ج ) 1لعقد من الزمن ،فإهنا ستصبح أكثر طمعا يف موارد (ج )1خالل األزمة ،ما الذي قد
مينعها آنذاك من ابتزاز (ج)1؟)
يبدو هذا أكثر مما توقعنا يف قضية تقدمي اإلعاانت .جند على الطرف النقيض كوزموبوليتانيني أقوايء ك
( )Thomas Poggeالذي يلوم النظام العاملي على احليف الذي يلحق الفقراء ،ويقرتح إعادة توزيع ُمعتربة
للمنتجات كمحاولة إلحقاق العدالة .وجند ما بني القطبني املذكورين آنفا ُكتّااب ك ()Mathias Risse
( ،) 2013والذي يقرتح تصورا رفيع البناء للعدالة اليت ستحافظ على النظام الدوليت (من الدولة) للسياسات
ص الدولة بواجبات مهمة:
الدولية ،لكنه حيافظ يف نفس الوقت على امللكية املشرتكة لكوكب األرض ،وخيُ ّ
يُسمح بوجود أشكال الالمساواة الطبقية ،لكن بشرط أن يتوفر لكل سكان األرض ما يكفي لسد حاجياهتم
األساسية.
ويقرتح ميلر أيضا مقرتحا داعما للقومية هو األكثر عمقا فكراي ،ويهم اهلجرة .ويسمح مقرتحه هذا
لالجئني بطلب اللجوء مؤقتا حىت يتحسن الوضع يف بلداهنم األصلية ،كما أنه يضع شروطا على اهلجرة
االقتصادية .ويهاجم ميلر عن ورود (من َوَرَد) طرح الدفاع عن معيار عاملي للمساواة ،والفرص ،والرفاه
االجتماعي ،إخل ،ألن معايري املساواة املنصفة مرتبطة بسياقات ختتلف عن بعضها البعض .نعم ،للشعوب احلق
يف احلد األدىن من مستوى املعيشة ،لكن احلق يف اهلجرة ي ِرُد فقط كآخر إجراء بعد أن تُستنفذ اإلجراءات يف
بلد املهاجر األصلي.
إن من رواد الطرف النقيض كما ذكران جوزيف كارينز ( )2013الذي يدافع عن احلدود املفتوحة دون
رؤى حديثة كأهنا تصب يف نفس االجتاه ،أي يف موقف وسط .وهناك جند مقرتحات
قيد أو شرط .وتبدو ً
كتلك اليت قدمها ( ،)2012( )Thomas Christianoوماثياس رييز ( ،)2013و ( Michael
.)2013( )Blakeيقرتح كريستيانو مثال العمل من أساس األعراف القائمة العادلة نسبيا اليت تفرض التعاون
بني الدول .إنه يعتقد أبن الطريقة املثلى للتقدم هي النقاش والتفاوض بشأن االتفاقات اجلماعية إلرضاء كل
ُ
من الدول املتربعة والدول املستفيدة وتكرميا لألعراف القانونية الدولية .قد ترسل دول فقرية عددا من العمال
ُ
إىل دولة غنية بشكل مؤقت .وسيعود هؤالء العمال إىل بلداهنم األصل لتعزيز التنمية فيها .وسيقدم القانون
الدويل إطارا لشرعنة اخلطوة ،وستقدم املفاوضات بني الدول من جهة أخرى حلوال عملية وعادلة كما أنمل.
-4خامتة
إن فلسفة القومية اليوم ال تعين نفسها كثريا ابلشكل اخلطري والعدواين من القومية احلاقدة اليت غالبا
ما حتتل الصدارة يف األخبار والبحث السوسيولوجي .وعلى الرغم من أنه ميكن هلذا الشكل من القومية الضارة
أن يكون ذات فائدة عملية ابلغة يف جتييش الشعوب املضطهدة واستعادة حسهم ابلكرامة ،إال أن تكاليفها
األخالقية أكثر إضرارا من فوائدها فيما يراه الفالسفة .ينأى الفالسفة القوميون أبنفسهم عن أشكال القومية
العدوانية هذه ،ويبحثون يف ُسبُل بناء والدفاع عن نسخ أكثر اعتداال ،وابلتايل أتت تلك لتغدو املركز األساسي
للنقاش الفلسفي احلديث.
حيمل هذا النقاش رسالة منهجية مهمة غالبا ال تُلحظ .يشري ال ُكتّاب املدافعون عن أمهية االعتبارات
ُ
الثقافية واإلثنو قومية إىل أتثريها العملي اهلائل ،ويؤكدون على العوامل الواقعية واالجتماعية والتارخيية .فال
عجب أن املفكر البارز الداعم للقومية ( )D. Millerعلى أمهية احلقائق االجتماعية والتارخيية للفلسفة
السياسية والقرارات األخالقية ( ،2013ج 1و .)2يصر ال ُكتّاب الكوزموبوليتيني حني ينهلون من املصادر
املعتادة للتنظري يف الفلسفة السياسية على املبادئ – املبادئ واحلقائق (مبا فيها احلقائق املفرتضة) واحلدس عرب
املمارسات الفكرية .بينما يؤكد مؤيدو القومية على احلقائق .ويُعترب مطلب ميلر «االنتباه إىل افرتاضات مبادئنا
ذات الطبيعة الواقعية» ( 2013ص )26مسة مميِّزة للمنهجية الداعمة للقومية.
لقد انطلقنا يف عرض االدعاءات اليت يدافع القوميون عنها من األكثر راديكالية منها إىل البدائل القومية
األكثر حتررا .وعرضنا يف دراسة أفكار هذه االدعاءات نقاشات جمتمعاتية متطلبة ميتافيزيقيا واليت تربض على
تصورات جمتمعاتية عن الثقافة كمبدئها القائل أبن األمة اإلثنو ثقافية هي اجملتمع األكثر أمهية لكل األفراد.
وهذا ادعاء جدير ابالحرتام ومثري لالهتمام .لكن معقوليته مل يتحقق بعد .لقد نتج عن النقاش األخالقي
للقومية عدة مضعفات للحجج القائمة على الثقافة واليت اقرتحها القوميون الليرباليون ،مما جيعل هذه النقاشات
أقل طموحا لكن أكثر معقولية بكثري .لقد أصبح القوميون الليرباليون متقبلني لفكرة أن تعرف املرء على نفسه
عرب تعددية الثقافات واجملتمعات مهم هلويته االجتماعية وذلك بعد أن ختلوا عن النموذج القومي القدمي لدولة
متلكها مجاعة أثنو ثقافية مهيمنة واحدة.
جلبت القومية الليربالية قدما نقاشات أكثر اعتداال وأقل شحنا فلسفيا وميتافيزيقيا ،مبنية على اهتمامات
ختص العدالة .تشدد تلك على األمهية العملية للعضوية اإلثنو ثقافية وحقوق اجلماعات اإلثنو ثقافية يف التعويض
عن احليف الذي حلقها ويف حقوقها الدميقراطية يف التجمع وعلى الدور الذي ُحيتمل أن تلعبه الروابط اإلثنو
ثقافية يف تعزيز ترتيبات اجتماعية عادلة .لقد اقرتح ثقافيون ليرباليون ككيمليكا ِصيَغاً تعددية وموجزة للقومية
مبنية حول هذه احلجج .يف تلك النسخ املختزلة ،جيحد أو يرتك مشروع بناء الدول القومية الكالسيكية وتُعوض
بشكل هوية قومي أكثر وعيا ميكنه االزدهار جمتمع متعدد الثقافات .غري أن مشروعا جديدا كهذا قد يتطلب
توسعة أكرب ملنظوراتنا األخالقية .لقد علمنا القرن العشرين أبن الدول املتعددة الثقافات واملنقسمة إىل جمتمعات
صغرية ومعزولة ومغلقة وامللتصقة ببعضها فقط عرب ترتيبات مؤقتة هي دول غري مستقرة جوهراي .ولذا قد يتطلب
االستقرار من اجملتمع املتعدد الثقافات كما تصوره الثقافيون الليرباليون تعزيز تفاعل مكثف بني اجلماعات الثقافية
من أجل إحباط انعدام الثقة والتخفيف من التعصب ،وخلق أساس متني للتعايش .من جهة أخرى وكما ذكران
أعاله فيما يتعلق بقضااي العدالة القطرية ،ستنتشر الفئات االجتماعية إىل ما وراء حدود الدولة الواحدة حاملا
تتم شرعنة العضوية يف ثقافات ومجاعات متعددة (اجلماعات املرتبطة أبواصر دينية أو عرقية) ،مما سيشكل
مدخال حلد أدىن من املنظور الكوزموبولييت .وقد يقود اجلدل الداخلي الذي يدفعه القلق حول اهلوية اإلثنو
ثقافية إىل ترتيبات تعددية وقد تصبح كوزموبوليتية سياسية بعيدة ابألحرى عما يُفهم يشكل كالسيكي على
أنه قومية.
املراجع
مرشد المبتدئين إلى الكتب
كتابان كالسيكيان في علم االجتماع، أوال.هذه قائمة قصيرة بكتب عن القومية قابلة للقراءة ومقدمات مفيدة للكتب
:بآراء متضادة هما
• Heur, J., 2008, “Gender and Nationalism,” in Herb and Kaplan 2008.
• Hogan, J., 2009, Gender, Race and nation, London: Routledge.
• Hardin, R., 1985, One for All, The Logic of Group Conflict, Princeton, NJ:
Princeton University Press.
• Yack, B., 2012, Nationalism and the Moral Psychology of Community, Chicago:
University of Chicago Press.
: والذي بدأ بنبذة في،ثمة أطروحات واسعة لعمل اجتماعي وسياسي مثير لالهتمام على القومية
• Motyl, A. (ed.) 2001, Encyclopedia of Nationalism, Volumes I and II, New York:
Academic Press.
:هذه مراجعة موسوعية حديثة
• Herb, G.H. and D.H. Kaplan (2008), Nations and Nationalism: a Global
Historical Overview, four volumes, Santa Barbara, CA: ABC Clio.
:هذه دراسة اجتماعية تفصيلية للحياة تحت القانون القومي
• Cohen, J. (ed.), 1996, Martha Nussbaum and respondents, For Love of Country:
Debating the Limits of Patriotism, Boston: Beacon Press
:المصادر
• Carens, J., 2013, The Ethics of Immmigration, Oxford: Oxford University Press.
• Casertano, S., 2013, Our Land, Our Oil! Natural Resources, Local Nationalism, and Violent
Secession, Wiesbaden: Springer.
• Chatterjee, D.K. and B. Smith (eds.), 2003, Moral Distance, The Monist, Volume 86, Number 3.
• Christiano, T., 2008, “Immigration, Community and Cosmopolitanism” in San Diego Law
Review, 933(Nov–Dec): 938–962.
• –––, 2012, “The Legitimacy of International Institutions,” in A. Marmor (ed.), The Routledge
Companion to Philosophy of Law, London: Routledge.
• Christiano, T. and Christman, J. (eds.), 2009, Contemporary Debates in Political Philosophy,
Oxford: Wiley Blackwell.
• Cohen, J. (ed.), 1996, For Love of Country: Debating the Limits of Patriotism, Boston: Beacon
Press.
• Colm Hogan, P., 2009, Understanding Nationalism: On Narrative, Cognitive Science and
Identity, Ohio: Ohio State University Press.
• Couture, J., K. Nielsen and M. Seymour (eds.), 1998, Rethinking Nationalism, Canadian Journal
of Philosophy, Supplemental Volume 22.
• Crowley, B.I., 1987, The Self, the Individual and the Community, Oxford: Clarendon Press.
• Dagger, R., 2009, “Individualism and the Claims of Community” in T. Christiano and J.
Christman (eds.) 2009, PAGES.
• De Shutter, H. and Tinnevelt, R. (eds.), 2011, Nationalism and Global Justice – David Miller and
His Critics, London: Routledge.
• DeLange, D., 2010, The Embeddedness of Nations, London: Palgrave Macmillan.
• Delanty, G. and Kumar, K. (eds.), 2006, The SAGE Handbook of Nations and Nationalism,
Thousand Oaks, CA: Sage Publications.
• Derks, T. and N. Roymans (eds.), 2009, Ethnic Constructs in Antiquity-The role of Power and
Tradition, Amsterdam: University of Amsterdam Press.
• Eisenberg, A., and J. Spinner-Halev (eds.), 2005, Minorities Within Minorities, Cambridge:
Cambridge University Press.
• Feltham, B. and Cottingham, J. (eds.), 2010, Partiality and Impartiality: Morality, Special
Relationships, and the Wider World, Oxford: Oxford University Press.
• Frost, C., 2006, Morality and Nationalism, London: Routledge.
• Gans, C., 2003, The Limits of Nationalism, Cambridge: Cambridge University Press.
• Gat, A. and Yakobson, A., 2013, Nations: the long history and deep roots of political ethnicity
and nationalism, Cambridge: Cambridge University Press.
• Glenn, J., 1997, “Nations and nationalism: Marxist approaches to the subject,” Nationalism and
Ethnic Politics, 3(2): 79–100).
• Gellner, E., 1983, Nations and Nationalism, Oxford: Blackwell.
• –––, 2011, “Nationalism and Global Justice: A Survey of Some Challenges,” in Aurelio, D.P., De
Angelis, G. and Queiroz, R. (eds.), Sovereign Justic, Global Justice in a World of Nations,
Berlin/New York: de Gruyter.
• –––, 2012, Justice, Insitution and Luck, Oxford: Oxford University Press.
• Kolers, A., 2009, Land, Conflict and Justice, Cambridge: Cambridge University Press.
• Kukathas, C., and R. Poole (eds.), 2000, Australasian Journal of Philosophy (Special Issue on
Indigenous Rights), Volume 78.
• –––, 2003, The Liberal Archipelago: A Theory of Diversity and Freedom, Oxford: Oxford
University Press.
• Kuran Burcoglu, N. (ed.), 1997, Multiculturalism: Identity and Otherness, Istanbul: Bogazici
University Press.
• Kymlicka, W. (ed.), 1995, The Rights of Minority Cultures, Oxford: Oxford University Press.
• –––, 1995b, Multicultural Citizenship, Oxford: Oxford University Press.
• –––, 2001, Politics in the vernacular, Oxford: Oxford University Press.
• –––, 2003, “Liberal Theories of Multiculturalism,” in L.H. Meyer, S.L. Paulson, and T.W. Pogge
(eds.), Rights, culture and the Law, Oxford: Oxford University Press.
• –––, 2003a, “Futures of nationalism,” in Özkirimli, U. (ed.), Nationalism and its Futures,
London: Palgrave Macmillan.
• –––, 2007, “Community and Multiculturalism,” in Goodin, R. and Pettit, P. (eds.), A Companion
to Contemporary Political Philosophy, Oxford: Blackwell.
• –––, 2007a, Multicultural Odysseys: Navigating the New International Politics of Diversity,
Oxford: Oxford University Press.
• Kymlicka, W., and A. Patten (eds.), 2004, Language Rights and Political Theory, Oxford: Oxford
University Press.
• Lægaard, S., 2007, “Liberal nationalism and the nationalisation of liberal values,” Nations and
Nationalism, 13(1): 37–55.
• Lagerspetz, O., 2000, “On National Belonging” in Miscevic (ed.) 2000.
• Laitin, D., 1998, Identity in Formation: The Russian-Speaking Populations in the Near Abroad,
Ithaca: Cornell University Press.
• –––, 2001, “Political Science” in Motyl (ed.) 2001.
• –––, 2007, Nations, States, and Violence, Oxford: Oxford University Press.
• Laitin, D.D., and R. Reich, 2004, “A Liberal Democratic Approach to Language Justice,” in W.
Kymlicka and A. Patten (eds.), Language Rights and Political Theory, New York: Oxford
University Press.
• Lecours, A. and Moreno, L. (eds.), 2010, Nationalism and Democracy: Dichotomies,
Complementarities, Oppositions, London: Routledge.
• Leoussi, A.S., and Grossby, S. (eds.), 2007, Nationalism and Ethnosymbolism: History, Culture
and Ethnicity in the Formation of Nations, Edinburgh: Edimburgh University Press.
• Miscevic, N. (ed.), 2000, Nationalism and Ethnic Conflict. Philosophical Perspectives, La Salle
and Chicago: Open Court.
• –––, 2001, Nationalism and Beyond, Budapest, New York: Central European University Press.
• Moore, M. (ed.), 1998, National Self-Determination and Secession, Oxford: Oxford University
Pressb.
• –––, 2001, “Normative justifications for liberal nationalism: justice, democracy and national
identity,” Nations and Nationalism, 7(1): 1–20.
• –––, 2009, “Communitarianism and the Politics of Identity” in T. Christiano and J. Christman
(eds.) 2009, PAGES.
• Morgenthau, H., 1946, Scientific Man vs. Power Politics, Chicago: University of Chicago Press.
• Motyl, A. (ed.), 2001, Encyclopedia of Nationalism (Volume 1), New York: Academic Press.
• Nielsen, K., 1998, “Liberal Nationalism, Liberal Democracies and Secession,” University of
Toronto Law Journal, 48(2): 253–295.
• –––, 1998–99, “Cosmopolitanism, Universalism and Particularism in the age of Nationalism and
Multiculturalism,” Philosophical Exchange, 29: 3–34.
• O'Neill, 2000, Bounds of Justice, Cambridge: Cambridge University Press.
• Okin, S. M., 1999, “Is Multiculturalism Bad for Women?” and “Response,” in Boston Review,
1997; reprinted with some revisions in «Is Multiculturalism Bad for Women?» J. Cohen, M.
Howard, and M. Nussbaum (eds.), Princeton: Princeton University Press.
• –––, 2002, “ ‘Mistresses of Their Own Destiny’: Group Rights, Gender, and Realistic Rights of
Exit,” Ethics, 112: 205–230.
• –––, 2005, “Multiculturalism and Feminism: No Simple Question, No Simple Answers,” in
Eisenberg and Spinner-Halev (eds.) 2005.
• Oldenquist, A., 1997, “Who Are the Rightful Owners of the State?,” in P. Kohler and K. Puhl
(eds.), Proceedings of the 19th International Wittgenstein Symposium, Vienna: Holder Pichler
Tempsky.
• Özkirimli, U., 2003, “The nation as an artichoke? A critique of ethnosymbolist interpretations of
nationalism,” Nation and nationalism, 9(3): 339–355.
• Patten, A. , 2003, “Liberal Neutrality and Language Policy,” Philosophy and Public Affairs,
31(4): 356–386.
• Pavković, A. and P. Radan (eds.), 2007, Creating new states : theory and practice of secession,
London: Ashgate.
• Pogge, T., 1997, “Group Rights and Ethnicity,” in I. Shapiro and W. Kymlicka (eds.), Ethnicity
and Group Rights, Nomos Volume XXXIX, New York: New York University Press.
• –––, 2001, “Rawls on International Justice,” The Philosophical Quarterly, 51(203): 246–53.
• –––, 2002, World Poverty and Human Rights, Cambridge: Polity Press.
• Putnam, H., 1996, “Must we choose between patriotism and universal reason?,” in Cohen, J. (ed.)
1996.
• Rawls, J., 1999, The Law of Peoples, Cambridge, MA: Harvard University Press.
• Renan, E., 1882, “What is a nation?,” in Nation and Narration, H. Bhabha (ed.), London:
Routledge; reprinted in Nationalisms, J. Hutchinson and A. Smith (eds.), Oxford: Oxford
University Press.
• Risse, M., 2012a, “Global Justice” in Estlund, D., The Oxford Handbook of Political Philosophy,
Oxford: Oxford University Press.
• –––, 2012b, On Global Justice, Princeton: Princeton University Press.
• Roshwald, Aviel, 2006. The Endurance of Nationalism: Ancient Roots and Modern Dilemmas,
Cambridge: Cambridge University Press.
• Satz, D., Sutton, M., and Reich, R. (eds.), 2009, Toward a Humanist Justice: The Political
Philosophy of Susan Moller Okin, Oxford: Oxford University Press.
• Searle-White, J., 2001, The Psychology Of Nationalism, New York: Palgrave.
• Seymour, M., 1999, La nation en question, Montreal: L'Hexagone.
• –––, 2000, “On Redefining the Nation,” in Miscevic (ed.).
• Shapiro, I., and Kymlicka, W. (eds.), 1997, Ethnicity and Group Rights, Nomos, Volume XXXIX,
New York: New York University Press.
• Shapiro, I. and Brilmayer, L. (eds.), 1999, Global Justice, Nomos, Volume XLI, New York: New
York University Press.
• Simmons, A.J., 2001. “On The Territorial Rights of States,” Philosophical Issues, 11: 300–26.
• Smith, A.D., 1991, National Identity, Penguin, Harmondsworth.
• –––, 2001, Nationalism, Cambridge: Polity Press.
• –––, 2003, “The poverty of anti-nationalist modernism,” Nation and nationalism, 9(3): 357–370.
• –––, 2008a. The cultural foundations of nations: hierarchy, covenant and republic, Oxford:
Blackwell Publishing
• –––, 2008b, “Opening remarks,” Nations and Nationalism, 14(4): 637–663.
• –––, 2009, Ethno-symbolism and nationalism: A cultural approach, London: Routledge.
• –––, 2011, “National identity and vernacular mobilization in Europe”, Nations and Nationalism,
17(2): 223–256.
• Sober, E., and D.S. Wilson, 1998, Unto Others, Cambridge, MA: Harvard University Press.
• Spinner-Halev, J., 2008, “Democracy, Solidarity and Post-nationalism,” Political Studies, 56:
604–628.
• Steiner, H., 1999, “Just Taxation and International Redistribution,” in Shapiro and Brilmayer
(eds.) 1999, 171–91.
• Tajfel, H., 1981, Human groups and social categories, Cambridge: Cambridge University Press.
• Tamir, Y., 1993, Liberal Nationalism, Princeton: Princeton University Press.
• Taylor, C., 1989, Sources of the Self, Cambridge: Cambridge University Press.