You are on page 1of 51

‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ‬

‫‪1‬‬
‫القومية‬

‫• موسوعة ستانفورد للفلسفة‬


‫ترجمة‪:‬‬

‫ر‬
‫األخالق حوليها‪،‬‬ ‫مقدمة‪ :‬هذا نص رمتجم لد‪ .‬ميستشافيك نيناد‪ ،‬حول نظرية القومية وتعريفها وأنوعها وعن الجدل‬
‫ي‬
‫ر‬
‫ه للنسخة المؤرشفة يق الموسوعة عىل هذا الرابط‪،‬‬ ‫والمنشور عىل (موسوعة ستانفورد للفلسفة)‪ .‬ننوه بأن التجمة ي‬
‫ا‬ ‫ر‬
‫األختة بعض التحديث أو التعديل من‬ ‫ر‬ ‫والت قد تختلف قليًل عن النسخة الدارجة للمقالة‪ ،‬حيث أنه قد يطرأ عىل‬‫ي‬
‫نخص بالشكر محرري موسوعة ستانفورد‪ ،‬وعىل رأسهم د‪ .‬إدوارد زالتا‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫وختاما‪،‬‬ ‫فينة ألخرى منذ تتمة هذه رالتجمة‪.‬‬
‫والنش عىل مجلة حكمة‪.‬‬‫عىل تعاونهم‪ ،‬واعتمادهم رللتجمة ر‬

‫‪1‬‬‫‪Miscevic, Nenad, "Nationalism", The Stanford Encyclopedia of Philosophy (Summer 2018 Edition), Edward N.‬‬
‫‪Zalta (ed.), URL = <https://plato.stanford.edu/archives/sum2018/entries/nationalism/>.‬‬

‫حكمة © ‪Copyright 2017‬‬ ‫‪1‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ‬

‫يُستعمل لفظ 'القومية' عموما لوصف ظاهرتني‪ )1( :‬موقف أعضاء أمة ما حني يهتمون هبويتهم‬
‫القومية‪ ،‬و (‪ )2‬احلراك الذي يتخذه أعضاء أمة ما يف السعي لتقرير املصري (أو احلفاظ عليها)‪ .‬تثري الظاهرة‬
‫ف غالبا ابعتبار األصل املشرتك أو اإلثنية أو‬
‫عر ُ‬
‫األوىل أسئلة حول مفهوم الوطن (أو اهلوية الوطنية)‪ ،‬واليت تُ ّ‬
‫ادي؟ أما الظاهرة‬
‫الروابط الثقافية‪ ،‬وخصوصا عما إذا جيب اعتبار عضوية الفرد يف وطن ما إراداي أم غري إر ّ‬
‫الثانية فتثري أسئلة عما إذا جيب فهم تقرير املصري على أنه يتضمن امتالك دولة م ٍ‬
‫عرتف هبا مع سلطة كاملة‬ ‫ُ‬
‫على القضااي الداخلية واخلارجية‪ ،‬أم أن املراد شيءٌ أقل من هذا االعتبار‪.‬‬
‫ُ‬
‫أصبح من انفل القول اليوم متييز األوطان عن الدول‪ ،‬فحيث تتشكل األوطان من جمتمعات إثنية أو‬
‫ثقافية‪ ،‬تُعترب الدولة كياان سياسيا ذو نسبة سيادة ُمعتربة‪ .‬وبينما تعترب دول عديدة أوطاان مبعىن ما‪ ،‬إال أن هناك‬
‫أوطاان ال تُعترب دوال سائدة سيادة اتمة‪ .‬وكمثال على هذا‪ ،‬يُشكل شعب األمريكيني األصليني 'اإليروكوا' وطنا‬
‫لكنهم ال يُعتربون دولة‪ ،‬ألهنم ال ميتلكون السلطة السياسية املطلوبة على شؤوهنم الداخلية واخلارجية‪ .‬إذا اختار‬
‫أعضاء شعب اإليروكوا النضال لتشكيل دولة ذات سيادة ألجل احلفاظ على هويتهم فإن نضاهلم سيُبدي معامل‬
‫القومية اهلادفة إىل أتسيس دولة‪.‬‬

‫مت جتاهل موضوع القومية يف الفلسفة السياسية لفرتة طويلة‪ ،‬ويعود سبب ذلك إىل اعتبارها من بقااي‬
‫عصور ابئدة‪ .‬لكن القومية عادت إىل دائرة االهتمام الفلسفي خالل العقدين املاضيني ابتداء من التسعينات‪،‬‬
‫وذلك جزئيا بسبب الصدامات احلادة واملثرية للقلق كتلك اليت شهدهتا رواندا ويوغوسالفيا واجلمهورايت‬
‫السوفيتية سابقا‪ .‬متيل عودة القومية إىل عرض صورة غامضة أخالقيا ومذهلة غالبا هلذا السبب‪ .‬إن «الصحوة‬
‫الوطنية» أو الصراع من أجل حتقيق االستقالل السياسي غالبا ما يكون بطوليا ودمواي‪ .‬فتشكل دولة قومية‬
‫غالبا ما يستجيب لشعور مشرتك عميق‪ ،‬لكنه يؤدي أحياان إىل عواقب وخيمة تشمل الرتحيل القسري و‬
‫«إابدة» األجانب واملذابح اجلماعية املنظمة‪ .‬يعكس النقاش األخالقي حول القومية توترا أخالقيا عميقا بني‬
‫قرتفة ابسم القومية من جهة‬‫ضطهدة من جهة‪ ،‬وامشئزازا من اجلرائم املُ ََ‬
‫من يتضامن مع اجلماعات القومية املُ َ‬
‫بسبل معاجلة االختالفات اإلثنية‬‫أخرى‪ .‬بل تُشري قضية القومية أكثر من ذلك إىل جمال إشكاالت أوسع تتعلق ُ‬
‫والثقافية داخل النُّظُم السياسية الدميقراطية‪ ،‬ولعل هذه من أبرز اإلشكاالت يف النظرية السياسية املعاصرة‪.‬‬

‫لقد حتول مركز النقاش حول القومية خالل العقد األخري إىل قضااي العدالة الدولية‪ ،‬ولعل هذا نتيجة‬
‫التغريات اليت شهدها املشهد الدويل‪ ،‬فقد أصبحت احلروب الدموية كتلك اليت شهدهتا يوغوسالفيا أقل وضوحا‪،‬‬

‫حكمة © ‪Copyright 2017‬‬ ‫‪2‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ‬

‫يف حني استحوذت قضااي اإلرهاب و «صراع احلضارات» واهليمنة على النظام الدويل على االهتمام الشعيب‪.‬‬
‫وتتجلى إحدى نقاط الوصل بني النقاش املبكر والنقاش احلايل يف استعراض اخلالف بني رؤى العدالة الدولية‬
‫القائمة على سيطرة الدول الوطنية السيادية وبني الرؤى الكوزموبوليتية اليت تُصر على احلد من السيادة الوطنية‪،‬‬
‫أو تتعدى ذلك إىل تصور اختفائها النهائي‪ .‬كما تُق ّد ُم قضااي ال ُقطر واحلقوق ال ُقطرية‪ ،‬واليت تربط موضوع دول‬
‫قومية أو «الدولة القومية» مع إشكاالت هتم احلدود ال ٌقطرية واهلجرة واحلق يف املوارد وقضااي بيئية مهمة‪،‬‬
‫اهتماما جديدا للفالسفة‪.‬‬

‫سنقدم يف هذا املدخل قضااي التعريف والتصنيف املفاهيمي أوال يف القسم ‪ 1‬و ‪ ،2‬مث سنتطرق إىل‬
‫األفكار املطروحة يف النقاش يف القسم ‪ 3‬حيث سنقدم إبسهاب األفكار الداعمة للقومية على حساب نقيضتها‬
‫املناهضة هلا‪ ،‬وذلك حىت مننح القومية الفلسفية جلسة اجتماع مناسبة‪.‬‬

‫‪ -1‬ما الوطن؟‬
‫‪ 1-1‬املفهوم األساسي للقومية‬
‫‪ 1-2‬مفهوم الوطن‬
‫‪ -2‬أنواع القومية‬
‫‪ 2-1‬مفاهيم القومية‪ :‬نظرة دقيقة وشاملة‬
‫‪ 2-2‬ا ّدعاءات أخالقية‪ :‬مركزية الوطن‬
‫‪ -3‬النقاش األخالقي‬
‫‪ 3-1‬قوميات كالسيكية وليربالية‬
‫‪ 3-2‬أفكار مؤيدة للقومية‪ :‬يف احلاجة األساسية للجماعة‬
‫‪ 3-3‬أفكار مؤيدة للقومية‪ :‬قضااي العدالة‬
‫‪ 3-4‬الدولة الوطنية يف السياق الدويل‬
‫‪ -4‬خامتة‬
‫‪ -‬بيبليوغرافيا‬

‫حكمة © ‪Copyright 2017‬‬ ‫‪3‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ‬

‫‪-‬مرشد املُبتدئ لألعمال األساسية عن القومية‬


‫‪-‬مراجع‬
‫‪ -‬وسائل أكادميية‬
‫‪ -‬مصادر أخرى على اإلنرتنت‬
‫‪ -‬مداخل ذات صلة ابملوضوع‪.‬‬

‫‪ -1‬ما الوطن؟‬
‫‪ 1-1‬املفهوم األساسي للقومية‬

‫على الرغم من أن لِ ِ‬
‫لفظ «القومية» معاين متعددة‪ ،‬إال أنه يشمل الظاهرتني املذكورتني أعاله‪ ،‬ومها‪:‬‬
‫(‪ )1‬موقف أعضاء أمة ما حني يهتمون هبويتهم كأعضاء أمة‪ ،‬و (‪ )2‬احلراك الذي يتخذه أعضاء أمة ما يف‬
‫السعي لتحقيق (أو احلفاظ) على شكل ما من أشكال السيادة السياسية (انظر مثال ‪1998- ،Nielsen‬‬
‫هتم مفهوم الوطن أو‬
‫‪ ،99‬ص ‪ .)9‬تتطلب الظاهرتني املذكورتني توضيحا وافيا أكثر‪ .‬فاألوىل تثري إشكاالت ّ‬
‫اهلوية القومية‪ ،‬ومعىن االنتماء إىل وطن‪ ،‬وكم حري على املرء أن يهتم بوطنه‪ُ .‬ميكن تعريف األمم واهلوية القومية‬
‫ابعتبار األصل أو اإلثنية أو الروابط الثقافية املشرتكة‪ ،.‬وبينما يُنظر إىل عضوية الفرد يف وطنه على أهنا غري‬
‫إرادية‪ ،‬إال أهنا أحياان تُعترب إرادية‪ .‬أما درجة اهتمام املرء بوطنه اليت يتطلبها الوطنيون غالبا ما تكون‪ ،‬إن مل‬
‫يكن دائما‪ ،‬مرتفعة‪ :‬فحسب وجهات النظر تلك‪ ،‬تتقدم مزاعم الفرد لوطنه موقع الصدارة على املنافسة حول‬
‫الوالء والسلطة (انظر أعمال ‪ ،1979 ،Berlin‬و‪ ،1991 ،Smith‬و‪ ،2000 ،Levy‬والنقاش يف‬
‫ٍ‬
‫لتحديد ابلغ الدقة انظر الصفحات األوىل من عمل ‪ ،2005 ،Crosby‬وانظر‬‫عمل ‪ ،2003 ،Gans‬و‬
‫أيضا عمل ‪ ،2012 ،Yack‬ففيه نقاش ُمشوق وغين حول املواقف القومية)‪.‬‬

‫حكمة © ‪Copyright 2017‬‬ ‫‪4‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ‬

‫ّأما الظاهرة الثانية فتثري أسئلة حول ما إذا كانت السيادة تتطلب امتالك كيان سياسي كامل مع‬
‫سلطة كاملة على الشؤون الداخلية واخلارجية‪ ،‬أو ما إذا كان امتالك ٍ‬
‫شيء أقل من هذا كافيا‪ .‬فعلى الرغم من‬
‫أن السيادة تعين يف الغالب السلطة الكاملة على كيان سياسي كامل (انظر اجلزء األول من عمل ‪،Gellner‬‬
‫‪ ،1983‬وانظر ‪ 2012 ،Meadwell‬و‪ ،2014‬ففيه نقاش مستفيض ُلرؤى غيلنر‪ ،‬وانظر أيضا مقاالت‬
‫ل ‪ Malesevic‬و‪ ،)2007 ،Hugarard‬إال أن هناك استثناءات كما يُقر بذلك ميلر (‪،Miller‬‬
‫‪ ،1992‬ص ‪ ،87‬و‪ .)2000 ،Miller‬ويدافع بعض الكتاب عن نسخة أانركية للقومية ُمعتدلة يف احلس‬
‫الوطين سبق أن أملح إليها ابكونني (‪( )Bakunin‬انظر مقال ‪« :Robert Sparrow‬احتادان سر قوتنا‪:‬‬
‫األانركية واحلس الوطين» يف عمل (‪ )Primoratz‬و‪.)2007 ،Pavkovic‬‬

‫على الرغم من القلق الذي تثريه التعريفات اليت وردت‪ ،‬إال أن هناك قدرا مهما من االتفاق حول‬
‫شكل القومية النسقي اترخييا‪ .‬إهنا تقدم أولوية الدعاءات الوطن على ّادعاءات الوالء الفردي والسيادة الكاملة‬
‫كهدف دائم لربانجمها السياسي‪ .‬تُعترب السيادة ال ُقطرية حسب التقليد املعمول به عنصرا حم ِّددا لسلطة الدولة‬
‫وأساسيا للوطنية‪ .‬لقد حظيت ابلتّمجيد يف األعمال الكالسيكية احلديثة كأعمال توماس هوبز وجون لوك‬
‫وروسو‪ ،‬كما أهنا تعاود الظهور اليوم يف النقاش الدائر ابلرغم من شك الفالسفة اليوم فيها (انظر بقية املقال)‪.‬‬
‫تضمنة يف السيادة‬
‫فالقضااي اليت هتم السيطرة على حراك املال والبشر (وخاصة اهلجرة) واحلقوق يف املوارد امل َّ‬
‫ُ‬
‫ال ُقطرية جعلت من املوضوع حمورا سياسيا يف عصر العوملة‪ ،‬ومسألة مثرية فلسفيا ابلنسبة لل ّداعني إليها وملناهضيها‬
‫على السواء‪.‬‬

‫يرى الوطنيون الدولة ال ُقطرية‪ ،‬كوحدة سياسية‪ ،‬على أهنا ِ'م ٌ‬


‫لك' جلماعة إثنية ثقافية بشكل مركزي‪،‬‬
‫أهنا ومجاعة مسئولة بشكل فعال عن محاية وتثبيت تقاليدها‪ .‬تتجسد وجهة النظر هذه يف القومية الكالسيكية‬
‫«اإلحيائية» اليت ازدهرت يف القرن التاسع عشر يف أورواب ويف أمريكا الالتينية‪ .‬انتشرت هذه القومية الكالسيكية‬
‫الحقا عرب العامل وال زالت آاثرها ابدية يف ممارسات عدد من القوميات املعاصرة‪.‬‬

‫‪ 1.2‬مفهوم الوطن‬

‫حكمة © ‪Copyright 2017‬‬ ‫‪5‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ‬

‫تتعلق قضية القومية يف شكلها العام بتحديد معامل الفضاء بني اجملال اإلثين–الثقايف (ويشمل اجلماعات‬
‫اإلثنية الثقافية أو «األمم»)‪ ،‬وبني جمال التنظيم السياسي‪ .‬لقد أتينا على ذكر أمهية املوقف الذي يتخذه أعضاء‬
‫أمة ما حني يهتمون هبويتهم الوطنية‪ .‬تُثري هذه النقطة نوعني من األسئلة‪ .‬ويشمل النوع األول أسئلة وصفية‪:‬‬

‫(‪.1‬أ) ما الوطن وما اهلوية القومية؟‬

‫(‪.1‬ب) ماذا يعين االنتماء لوطن؟‬

‫(‪.1‬ج) هل العضوية يف وطن ما إرادية أم ال إرادية؟‬

‫أما النوع الثاين فيشمل أسئلة معيارية‪:‬‬


‫(‪ .1‬د) هل موقف االهتمام ابهلوية القومية صائب دائما؟‬
‫(‪ .2‬هـ) إىل أي مدى جيب على املرء االهتمام هبا؟‬

‫يُناقش هذا اجلزء من املقال األسئلة الوصفية‪ ،‬وذلك بدءا ب (‪.1‬أ) مث (‪.1‬ب)‪( .‬أما األسئلة املعيارية‬
‫حث الناس على النضال من أجل‬‫فسنتناوهلا يف اجلزء الثالث الذي ُيهم النقاش األخالقي‪ ).‬إن أراد أحدان ّ‬
‫مصاحلهم القومية‪ ،‬فيجب أن تكون لديه فكرة ما عما هو الوطن وماذا يعين االنتماء إليه‪ .‬لذلك‪ ،‬ومن أجل‬
‫تشكيل وأتسيس تقييمهم وادعاءاهتم وإرشاداهتم للحراك الوطين‪ ،‬قدم املفكرون املؤيدون لفكرة القومية شرحا‬
‫مبسطا لنظرايت اإلثنية والثقافة والقومية والدولة‪ .‬يف املقابل‪ ،‬دحض مناهضو القومية تلك الشروحات‪ .‬هنالك‬
‫روح‬
‫اليوم بعض املسلمات حول اجلماعات اإلثنية واألوطان اليت تُعترب أساسية ملؤيدي القومية‪ ،‬وهنالك أيضا ُش ٌ‬
‫نظرية تُق ّد ُم كأفكار داعمة للمسلمات األساسية املذكورة آنفا‪ .‬فالتعريف والوضع الذي حتظى به اجلماعة‬
‫االجتماعية اليت تستفيد من الربانمج القومي‪ ،‬واليت تدعى «األمة» أو «الوطن اإلثين» أو «اجلماعة اإلثنية»‬
‫مثال يُعترب أساسيا‪ .‬ومبا أن القومية تربز على اخلصوص يف اجلماعات اليت ال زالت دون كيان الدولة السياسي‪،‬‬
‫فإن تعريف الوطن والقومية حصرا يف عالقتها ابالنتماء لدولة أمر غري وارد‪.‬‬

‫ف الوالءات «املدنية» حصرا غالبا يف خانة «الوطنية ‪ »patriotism‬أو «الوطنية الدستورية»‬


‫تُصنّ ُ‬
‫(انظر ‪ ،1996 ،Habermas‬انظر أيضا النقاش يف عمل ‪ ،2000 ،Markell‬ولفهم أفضل للوطنية‪،‬‬
‫انظر ‪ Primoratz‬و‪ .)2007 ،Pavkovic‬يرتكنا هذا مع خيارين متطرفني وعدد من األفكار الوسطية‪.‬‬
‫أما اخليار املتطرف األول فقد قدمته ثلة صغرية ومتميزة من املنظرين ومن بينهم رينان (‪1882 )Renan‬‬

‫حكمة © ‪Copyright 2017‬‬ ‫‪6‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ‬

‫وفيرب (‪( ،1970 )Weber‬انظر بروابيكر ‪ ،2004 Brubaker‬ففيه دفاع حديث عن هذا اخليار‪ ،‬أما‬
‫عمل بروابيكر اآلخر ‪ ،2013‬فيقدم مقارنة هلذا اخليار مع الدين)‪ .‬فوفقا لتعريفهم اإلرادي اخلالص‪ ،‬يُعترب‬
‫الوطن مجاعة من الناس تتطلع إىل تنظيم سياسي مشرتك شبيه مبنظمة الدولة السياسية‪ .‬فإن جنحت هذه اجلماعة‬
‫يف تشكيل دولة‪ ،‬فإن والءات أعضاء اجلماعة تُصبح «مدنية» بطبيعتها (مقابل «إثنية»)‪ .‬وعلى الطرف اآلخر‪،‬‬
‫تُرّكز ّادعاءات مؤيدي القومية على اجلماعة اليت مل يكن لديها فرصة االختيار اإلرادي ومتلك أصال أو لغة أو‬
‫تقليد أو ثقافة مشرتكة‪ :‬إن الوطن اإلثين النموذجي هو جمتمع ذو أصل وثقافة وعلى اخلصوص اللغة والتقاليد‪.‬‬
‫يُعد التمييز بني القومية «املدنية» والقومية «اإلثنية» ذو عالقة ابلطرح الذي قدمته مدارس أقْدم للعلوم‬
‫االجتماعية والسياسية‪( ،‬على الرغم من عدم تطابقهما)‪ ،‬إذ يُزعم أن القومية املدنية من أورواب الغربية‪ ،‬بينما‬
‫القومية اإلثنية من أورواب الوسطى والشرقية‪ ،‬واليت بدأت يف األصل يف أملانيا (ويُعترب هانس كون ‪Hans‬‬
‫‪ 1965 ،Kohn‬من أبرز مؤيدي هذا التمييز)‪ .‬متيل النقاشات الفلسفية اليت تتخذ من القومية تيمتها األساس‬
‫إىل الرتكيز على الشكل اإلثين الثقايف فقط‪ ،‬وعلى هذا النهج سنكمل ما تبقى من املقال‪ .‬سنسم كل مجاعة‬
‫تتطلع إىل تكوين دولة هلا على هذا األساس بـ «الوطن اإلثين»‪ ،‬وذلك للتأكيد على أسسها اإلثنو‪-‬ثقافية‬
‫عوضا عن األسس املدنية‪ .‬إن اخللفية اإلثنو ثقافية للفرد هي اليت ُحتدد ُعضويته يف اجلماعة ابلنسبة ملؤيدي‬
‫القومية‪ .‬فال ُميكن ألحدان أن خيتار عضويته يف مجاعة ما‪ ،‬بل على العكس من ذلك‪ ،‬تعتمد العضوية على‬
‫عنصر صدفة األصل أو التنشئة االجتماعية امل بكرة‪ .‬لكن‪ ،‬لقد أصبح االشرتاك يف األصل ذا طابع أسطوري‬
‫ُ‬
‫ملعظم اجلماعات املعاصرة املشكلة للقومية‪ :‬لقد اختلطت اجلماعات اإلثنية آلالف السنني اليوم‪.‬‬

‫وبذا مييل املفكرون املؤيدون للقومية إىل التأكيد على العضوية الثقافية للفرد فقط ويتحدثون عن‬
‫«العضوية الوطنية» ويتغاضون عن جزء «اإلثنية» (انظر ‪ ،1992 ،Miller‬و‪ ،2000‬و ‪،Tamer‬‬
‫‪ ،2013 ،1993‬و ‪ .)2003 ،Gans‬يضيف ُمقرتح ميشيل ساميور بتقدميه «تعريف اجتماعي ثقايف»‬
‫بُعدا سياسيا إىل البعد الثقايف حصرا‪ ،‬ويقول‪ :‬الوطن هو كل مجاعة ثقافية مرتبطة‪ ،‬إمكاان وليس ابلضرورة‪،‬‬
‫أبصل مشرتك وجتمعها روابط مدنية (‪ .)2000 Seymour‬هذا هو نوع التعريف يقبله معظم أطراف النقاش‬
‫نصري اإلثنو ثقايف واملدين‪ ،‬إال أنه أقرب إىل‬
‫اليوم‪ .‬وحسب هذا التعريف‪ ،‬فإن الوطن يبدو فئة ُُمتلطة تشمل عُ ْ‬
‫الطرف اإلثنو ثقايف اخلالص منه إىل الطرف املدين اخلالص‪.‬‬

‫حكمة © ‪Copyright 2017‬‬ ‫‪7‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ‬

‫لالدعاءات القومية خالل القرنني املاضيني‪ .‬فالكتاابت األملانية تتحدث‬


‫لقد اختلفت األسس الوصفية ّ‬
‫عن «روح الشعوب»‪ ،‬بينما تتحدث كتاابت متأخرة أغلبها فرنسي عن «العقلية اجلمعية» واليت تُعزى إليها‬
‫قوى سببية‪ .‬وتُعترب عبارة «الشخصية القومية» اخلاصة بكل وطن إحدى بنات أفكار العبارات السابقة‪ ،‬واليت‬
‫ال زالت على صلة ابملوضوع إىل اليوم حتت غطاء تسميات كـ «أشكال احلياة» واملشاعر القومية (انظر‬
‫‪ ، 1997 Margalit‬انظر املرجع كامال يف اهلوامش أسفله)‪ .‬لقد كان ربط الرؤى القومية ابالستعارات‬
‫العضوية للمجتمع ممارسة دارجة ملدة قرن حىت حلول هناية احلرب العاملية الثانية‪ .‬لقد اقرتح أشعيا برلني‬
‫(‪ )Isaiah Berlin‬يف بداية السبعينات‪ ،‬وهو وقت متأخر جدا‪ ،‬تعريفا جزئيا للقومية على أساس أهنا تتشكل‬
‫من االعتقاد أبن الشعوب تنتمي إىل مجاعة إنسانية خاصة‪ ،‬وأبن «‪...‬شخصيات األفراد الذين يشكلون‬
‫اجلماعة تتشكل بتأثري من شخصيات اجلماعة‪ ،‬كما ال ميكن فهمها دون العودة إىل الشخصيات اجلماعية‪»...‬‬
‫(نشر ألول مرة سنة ‪ ،1972‬وأعيد طبعه مبدينة برلني سنة ‪ ،1979‬ص ‪ .)341‬فمؤيد القومية حسب أشعيا‬
‫برلني ي ّدعي القول أبن «منط احلياة يف جمتمع ما يُشبه منط حياة الكائن احليوي» (انظر املرجع السابق)‪ ،‬وأبن‬
‫حاجات هذا الكائن احليوي ُحتدد اهلدف األمسى لكل أعضائه‪ .‬يتحاشى معظم مؤيدي القومية‪ ،‬وخاصة‬
‫الفالسفة‪ ،‬لغة كهذه‪ .‬لقد استعيض عن استعارة الكائن احليوي والشخصية احملكي عنها ابستعارة رئيسية أال‬
‫وهي اهلوية الوطنية واليت تركز على العضوية الثقافية‪ ،‬وتُستعمل لكل من هوية اجلماعة وهوية أعضائها القائمة‬
‫على أساس اجتماعي‪ ،‬أي على هوية 'جورج' القومية على أنه مواطن إجنليزي أو بريطاين على سبيل املثال‪.‬‬
‫يُفكك عدد من املؤلفني هذه االستعارة بطرق ُمتلفة‪ ،‬فبعضهم يُشدد على ال إرادية العضوية يف اجملتمع‪ ،‬والبعض‬
‫عرف هبا املرء نفسه يف اجملتمع‪ ،‬بينما يربطها آخرون طرف اثلث ابهلوية الشخصية‬
‫اآلخر يُؤكد على قوة اليت يُ ّ‬
‫لكل عضو من اجملتمع‪ .‬قدم فالسفة مؤيدون للقومية كآليزداير مكنتاير (‪)MacIntyre Alisdair‬‬
‫(‪ )1994‬وشارلز اتيلور (‪ ،)1989( )Charles Taylor‬وميشيل ساميور (‪ )M. Seymour‬يف‬
‫رؤى مهمة سامهت يف تقدمي واحلفاظ على مواضيع مهمة كاجملتمع والعضوية والتقليد‬
‫معاجلتهم هلذه القضااي ً‬
‫واهلوية االجتماعية ضمن النقاش الفلسفي املعاصر‪.‬‬

‫لنعد اآلن إىل جذر قضية «أصالة» اجلماعات اإلثنوثقافية أو األمم اإلثنية‪ .‬عادة ما منيّز يف العلوم‬
‫السياسية واالجتماعية بني نوعني من الرؤى‪ :‬أوال‪ ،‬هناك رؤى «بدائية»‪ ،‬وحسب هذه الرؤى‪ ،‬فإن األمم اإلثنو‬
‫ثقافية إما ُوجدت «منذ األزل» (وهذه رؤية متطرفة‪ ،‬ونسخة كاريكاتورية شيئا ما‪ ،‬وتبقى أقرب الصور إىل‬

‫حكمة © ‪Copyright 2017‬‬ ‫‪8‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ‬

‫البالغة القومية اليت عرفها القرن التاسع عشر)‪ ،‬أو أهنا ُوجدت على األقل ملدة طويلة خالل العصر املا قبل‬
‫حديث (انظر ‪ .1997 ،Hastings‬انظر نقاشا مستفيضا ألفكاره يف كتاب ‪Nations and‬‬
‫‪ ،Nationalism‬اجلزء التاسع‪ .)2003 ،‬يقود أنثوين مسيث (‪ )Anthony Smith‬مدرسة أمساها‬
‫«اإلثنو‪-‬رمزية» ‪ ،‬وتقدم األخرية نسخة شعبية معتدلة هلذه الرؤية (انظر أعماله املنشورة سنوات ‪،2009‬‬
‫و‪ 2001‬و‪ 2008‬وكتابه سنة ‪ 2009‬وورقة له حول املوضوع سنة ‪ .)2011‬انظر أيضا أعمال جون‬
‫هاتشينسون (‪ ،)John Hutchinson‬واليت تقدم تطويرا جذااب هلذه الرؤية (وخاصة عمله املنشور سنة‬
‫‪ )2005‬وعمل روشوالد (‪ ،2006( )Roshwald‬وقد حظيت أعمال الكاتبني معا بنقاش مستفيض يف‬
‫صص اجلزء السابع‬
‫كتاب ‪ ،2008 ،Nations and Nationalism‬اجلزئني ‪ 1‬و‪ 8‬ابلتتابع)‪ ،‬وقد ُخ ّ‬
‫ألنثوين مسيث وتناول سؤال القومية اإلثنية (واجمللد من حترير ليوس وكروزيب ‪ Leous‬و‪،)007Grosby2‬‬
‫كما قدم مؤخرا آزار كات وألكسندر ايكبسون ‪ Azar Gat‬و‪ Alexander Yakobson‬دفاعا اترخييا‬
‫الش ْوكِي‪ ،‬هناك أوراق غري مهمة» ميكن تناوهلا واحدة بعد‬
‫اخلرشوف ّ‬
‫عن هذه الرؤية (‪ .)2013‬إن األمم تشبه ُ‬
‫األخرى‪ ،‬لكن مثة أيضا القلب أو اجلوهر‪ ،‬وهذا القلب هو ما يتبقى بعد أن يتم تناول أوراق اخلرشوف (ويعود‬
‫أصل هذه االستعارة إىل ستانلي هوفمان (‪ .)Stanley Hoffman‬للتفصيل يف هذا الشأن انظر النقاش‬
‫لتفصيل اترخيي و ٍ‬
‫اف يف هذا الشأن انظر جمموع‬ ‫بني (‪ 2003 ،)Smith‬و (‪ .)2003 ،)Özkirimli‬و ٍ‬
‫املقاالت احلديثة يف (‪ )Derks‬و (‪ .)2009 ،)Roymans‬أما الرؤى الثانية فهي الرؤى احلداثية‪ ،‬اليت‬
‫تضع أصل األمم يف العصور احلديثة‪ .‬وميكن تصنيفها قدما حسب إجابتهم على سؤال إضايف وهو‪ :‬إىل أي‬
‫مدى تُعترب األمة اإلثنو ثقافية واقعية؟ تقول الرؤية احلداثية الواقعية أبن األمة واقع معاش‪ ،‬لكنها تبقى بناءا‬
‫حديثا ووسيلة جناح تقبع يف أصل الرأمسالية (انظر ‪ ،1983 ،Gellner‬و‪،1993 ،Hobsbawm‬‬
‫و‪ 2001 ،Breuilly‬و‪ .)2011‬وتقع الرؤية احلداثية الواقعية على ٍ‬
‫طرف نقيض مع الرؤية الراديكالية‬
‫املناهضة للواقعية‪ ،‬فاألمم حسب هذه الرؤية كياانت « ُمتخيَّلة» ذات سلطة واقعية‪ :‬واملقصود هو أن االعتقاد‬
‫فيها يُسيطر على املؤمنني هبا (انظر‪ .)1965 ،Bendict Anderson‬أما الرؤية املتطرفة املناهضة للواقعية‬
‫فتقول أبن األمم جمرد «بناءات» (انظر ‪ ،2001 ،Walker‬وانظر أيضا ‪ ،2011 ،Malesvic‬والذي‬
‫يقدم نظرة عامة وحديثة إضافة إىل عرض مهم لألعمال حول املوضوع)‪ .‬تبدو هذه الرؤى املختلفة على أهنا‬
‫دعم الدعاءات أخالقية ُمتلفة حول األمم‪ .‬انظر مثال جمموع املقاالت املهمة من حترير (‪ )Breen‬و‬
‫(‪ ،2010 ،)O'Neill‬وأيضا (‪ )Lecours‬و (‪ .)2010( )Moreno‬ويقدم عمل (‪،)Vincent‬‬

‫حكمة © ‪Copyright 2017‬‬ ‫‪9‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ‬

‫‪ 2001‬واجمللد املوسوعي من حترير (‪ )Delanty‬و (‪ ،)2006( )Kumar‬يُقدم نظرة عامة حول القومية‬
‫والنظرية السياسية‪ .‬هناك أيضا عرض عام متأخر هلذه الرؤى‪ ،‬والذي جيمع بني النظرية السياسية والتاريخ والبحث‬
‫الكمي من أتليف (‪ .)2013( )Wimmer‬وهناك أيضا كتب حول املوضوع كعمل (‪)De Lange‬‬
‫(‪ )2010‬وعمل (‪ )Bechhover‬و (‪.2009 )McCrone‬‬

‫االدعاءات املعيارية على أرض واقعية أنطولوجية‬


‫لقد قدم مفكرون قدماء جمهودا فكراي مهما للتأسيس ّ‬
‫ص األمم‪ ،‬بدءاً مبفكرين عظماء كهريدر (‪ )Herder‬وأوتّو ابور (‪ )Otto Bauer‬مرورا مبهندسي‬
‫صلبة ختُ ّ‬
‫الدعاية الذين حنوا منحى كل من هريدر وابور‪ .‬فاألمم ابلنسبة هلؤالء واقع حال‪ ،‬أي كياانت ملموسة‪ .‬لكن‬
‫النقاش األخالقي املعاصر حاول التقليل من أمهية الشرخ بني الواقعي واملتخيَّل‪ .‬لقد ذهب فالسفة معاصرين‬
‫ُ‬
‫إىل القول أبن االدعاءات القومية التطبيعية التقوميية متوافقة مع الطابع «املتخيّل» لألمة‪( .‬انظر يف هذا الصدد‬
‫ُ‬
‫مثال أعمال ‪ ،1982 ،McCormick‬و‪ ،1992 ،Miller‬و‪ ،2000‬و‪،1992 ،Tamir‬‬
‫و‪ ،2003 ،Gans‬و‪ ،2009 ،Moore‬و‪ ،2010‬و‪ ،2009 ،Dagger‬وقد حظيت املسألة بنقاش‬
‫شيق يف عمل ‪ .)2006 ،Frost‬يُشري كل املؤلفني املذكورين آنفا إىل أن التخيل املشرتك ميكنه ربط الشعوب‬
‫ببعضها‪ ،‬وأبن التفاعل احلقيقي الناتج عن هذه اللحمة ميكن أن يقود إىل الشعور اجلمعي بواجبات أخالقية‬
‫سامية بني أفراد الشعب الواحد‪.‬‬

‫لنعد اآلن إىل السؤال (‪ 1‬ج) حول طبيعة املواقف املؤيدة للقومية‪ .‬تتعلق قضية التبسيط اليت شغلت‬
‫علماء السياسة واجملتمع ابلشعور اإلثنو قومي‪ ،‬وهي القضية النسقية للموقف املؤيد للقومية‪ .‬هل من غري العاقل‬
‫والرومنسية والالمباالة أن يشغل أحدان نفسه ابلقشور كما يبدو؟ لقد أحدث هذا السؤال شرخا بني املؤلفني‬
‫الذين ينظرون إىل القومية على أهنا أمر العقالين وبني آخرين حياولون شرحها على أهنا شعورا عاقال نوعا ما‪.‬‬
‫يقرتح من يعتربوهنا ال عقالنية تفسريات ُمتلفة لسبب اإلمجاع حوهلا رغم تنافيها مع العقل‪ .‬يقول بعضهم بنربة‬
‫الناقد على أن القومية تقوم على «وعي زائف»‪ .‬لكن‪ ،‬ما مصدر هذا الوعي الزائف؟ تقول أبسط اإلجاابت‬
‫أبن مصدره هو تالعب «النُّخب» املباشر ب «العامة»‪ .‬أما على الطرف النقيض فيعتقد الناقد األبرز للقومية‬
‫(‪ )1960( )Elie Kedourie‬أبن هذه الال عقالنية تلقائية‪ .‬وذهبت (‪ )Liah Greenfeld‬قبل عقد‬
‫مضى ربط العقالنية ابملرض العقلي يف مقاهلا املستفز سنة (‪ ،)2005‬انظر أيضا كتاهبا املنشور سنة (‪.)2006‬‬
‫أما على الطرف العاكس فقد قدم (‪ )Michael Walzer‬اعتبارا متعاطفا مع املشاعر القومية يف عمله‬

‫حكمة © ‪Copyright 2017‬‬ ‫‪10‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ‬

‫املنشور سنة (‪ .)2002‬أما الكتاب املرتكزين على التقليد املاركسي فيقدمون قراءات عميقة ُمتلفة‪ .‬فعلى سبيل‬
‫املثال‪ ،‬يرى البنيوي الفرنسي (‪ )Etienne Balibar‬أبن القومية هي نتيجة «اإلنتاج» اإليديولوجي الذي‬
‫يتحقق آبليات ال عالقة هلا ابلسذاجة التلقائية لألفراد‪ ،‬لك نها تبقى على صلة بعوامل اجتماعية بنيوية وغري‬
‫ذاتية‪( .‬انظر ‪ Balibar‬و‪( .)1992 ،Wallerstein‬يقدم ‪ 1997 Glenn‬أيضا نظرة شاملة‬
‫للمقارابت املاركسية)‪ .‬أما اآلن فسنتناول طروح املفكرين الذين يعتربون أن املشاعر القومية مشاعر عقالنية‪،‬‬
‫ولو بشكل فضفاض جدا‪ .‬يعتقد بعض الكتاب أبنه من العقالين يف أغلب األحيان أن يصبح األفراد قوميني‬
‫أو وطنيني (انظر ‪ .)1985 ،Hardin‬أتمل عملة القومية بوجهيها‪ :‬فعلى الوجه األول‪ ،‬يُعترب الوالء جلماعة‬
‫إثنو قومية واالنسجام معها ذا صلة ابلتعاون داخل اجلماعة‪ ،‬والتعاون أسهل يف صف اجلماعة اإلثنو قومية اليت‬
‫يشكل الفرد جزءا منها‪ .‬خذ على سبيل املثال الروابط اإلثنية يف مجاعة متعددة اإلثنيات‪ ،‬فالفيتنامي الذي انتقل‬
‫حديثا إىل الوالايت املتحدة سيتلقى العون املرغوب من بين جلدته من الفيتناميني‪ :‬فاللغة والتقاليد والتطلعات‬
‫املشرتكة كلها ستساعده كثريا يف شق طريقه يف حميط جديد عليه‪ .‬فما إن يُوطد صاحبنا عالقته بزمالئه فإن‬
‫انتماءه إىل اجلماعة يُصبح أمرا واقعا‪ ،‬إذا فمن املنطقي أن يستمر تعاوهنم هذا بينما تضمن املشاعر اإلثنية‬
‫املشرتكة أواصر الثقة والروابط الوثيقة اليت تضمن التعاون‪ .‬مسالة أخرى حني تتغري املوالة‪ :‬وكي نبقى يف مثالنا‬
‫مىت يكون من املفيد أكثر للفيتنامي تطوير والء وطين للوالايت املتحدة؟ لقد حظي هذا السؤال بنقاش مسهب‬
‫يف عمل (‪ ،)1998( )David Laitin‬والذي حظي بتلخيص يف عمله املنشور سنة ‪ ،2001‬وهو العمل‬
‫الذي مت تطبيقه خبصوص احلقوق اللغوية يف عمل كل من (‪ )Laitin‬و(‪ .2004 ،)Reich‬انظر أيضا‬
‫(‪ ،)2007( ،)Laitin‬والذي اعتمد على مواد من االحتاد السوفييت سابقا‪ .‬أما على الوجه اآلخر من العملة‪،‬‬
‫فإن النفور من التعاون مع األجنيب قد يقود أحياان إىل صراعات مريرة بني القوميات اإلثنية املختلفة‪ .‬هل إبمكاننا‬
‫إذا تفسري قطيب الصراع اإلثنو قومي بشكل منطقي؟ يقرتح كتاب ك (‪ )Russel Hardin‬تقدمي إجابة تنبع‬
‫من نظرة عامة تعاجل سؤال‪ :‬مىت يكون السلوك العدواين عقالنيا؟ أي إن وجد فرد ما صعوبة يف الثقة بشخص‬
‫آخر‪ ،‬فمن املسئولية أن يتخذ احليطة‪ .‬فإذا اختذ الطرفان سياسة احليطة جتاه اآلخر فإن كل منهما مييل إىل‬
‫اعتبار عدوانيا بشكل تصاعدي‪ .‬ومن هنا يُصبح من العقالين اعتبار كل منهما لآلخر على أنه العدو‪ .‬ومن‬
‫الشك اجملرد وعرب خطوات صغرية ينشب الصراع‪( .‬إن التطور السليب املذكور غالبا ما يُق ّد ُم على أنه عرض من‬
‫أعراض معضلة السجني‪ ،‬انظر مدخل ُمعضلة السجني)‪ .‬من السهل نسبيا حتديد الظروف اليت ينطبق فيها هذا‬
‫النمط العام على التضامن والصراعات القومية (انظر ‪ .)2013 ،Wimmer‬يسمى منط التفكري الذي‬

‫حكمة © ‪Copyright 2017‬‬ ‫‪11‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ‬

‫رمسناه توا «هنج االختيار العقالين»‪ .‬لقد م ّكن منط التفكري هذا تطبيق األدوات املفاهيمية املأخوذة من حتليالت‬
‫االقتصاد واللعب النظري لسلوك التعاون والالتعاون يف تفسري اإلثنو قومية‪.‬‬

‫إنه ملا يستحق الذكر أن نقول أبن اخليار العقالين الفرداين‪ ،‬والذي يتمحور حول العقالنية الشخصية‬
‫يواجه كثر‪ .‬يُظهر تقليد يف السيكولوجيا االجتماعية‪ ،‬والذي بدأه (‪ ،)1981( )Henry Tajfel‬أبن األفراد‬
‫قد ينتمون إىل مجاعة عشوائية اال ختيار حىت وإن كان االنتماء إليها دون فائدة‪ .‬هل مثة عقالنية من أي نوع‬
‫حتدد هذه النزعة إىل االنتماء؟ ُجييب بعض املؤلفني ك (‪ Sober‬و‪ )1998 ،Wilson‬ابإلجياب‪ .‬ويقرتحون‬
‫أبن هناك نوعا غري شخصي من العقالنية التطورية‪ .‬فاألفراد الذين يعملون على تطوير مشاعر االنتماء والوالء‬
‫جلماعة ما ينتهي هبم األمر إىل حتسني فرصهم يف السباق التطوري‪ ،‬ابلتايل حنن ورثنا مثل هذه النزعات‪ .‬يف‬
‫البدء‪ ،‬كانت مشاعر االنتماء حمجوزة لألقارب‪ ،‬داعمة تكاثر جينات املرء‪ .‬بيد أن التطور الثقايف استوىل على‬
‫آليات االنتماء اليت نشأت بدءا يف التطور البيولوجي‪ .‬وكنتيجة هلذا‪ ،‬فإننا نستثمر ما كان حمجوزا أصال للقرابة‬
‫شروح ُمسهبة من املنظورات السوسيو‪-‬بيولوجية كثريا فيما بينها‪ ،‬وتشكل برانجما‬
‫يف مجاعتنا الثقافية‪ .‬ختتلف ٌ‬
‫حبثيّا واعدا (يقدم عمل ‪ 2001 Goetze‬نظرة عامة حول املوضوع)‪ .‬مثة أعمال متنامية جتمع بني تلك‬
‫املسائل وبني العلوم املعرفية بدءا بعمل (‪ ،)2001 Searle-White‬مرورا بـ (‪ ،)2009 Hogan‬و‬
‫(‪.)2012 Yack‬‬

‫أما فيما خيص السؤال األخري (‪1‬د)‪ ،‬فإن األمة تُرى بطبيعة احلال على أهنا جمتمع غري إرادي ينتمي‬
‫إليه الفرد ابلوالدة والتنشئة‪ ،‬ويتقوى االنتماء إليها إبقرار الفرد الواعي هبا‪ .‬يُعرب (‪)Avishai Margalit‬‬
‫و(‪ )Joseph Raz‬عن نظرة شائعة عندما يقولون عن االنتماء إىل أمة ما‪« :‬إن أهلية العضوية يف أمة ما‬
‫ُحت ّدد حتما مبعيار قياس غري إرادي‪ .‬ال ميكن ألحد منا أن خيتار انتماءه إىل مجاعة ما‪ .‬إن الفرد ينتمي بناءا‬
‫على جوابه عن سؤال‪ :‬من أكون؟» (‪ ،1990‬ص ‪ .)447‬جيلب االنتماء إذا فوائد مجّة للفرد‪« :‬إن االنتماء‬
‫معىن الختياراته بني البدائل‪ ،‬وهذا ما‬
‫إىل شكل من أشكال احلياة القومية يعين عيش الفرد وسط إطار يقدم ً‬
‫ميكنه من حتديد هويته‪ ،Margalit 1997( ».‬ص ‪ .)83‬ملاذا يعترب االنتماء القومي غري إرادي؟ إن االنتماء‬
‫أي لغة ستكون لغته أو لغتها‬‫القومي غالبا ما يُعزى إىل الطبيعة الالإرادية لالنتماء اللغوي‪ :‬فالطفل ال يقرر َ‬
‫األصل‪ ،‬وغالبا ما تُعترب اللغة األم أهم ٍ‬
‫ُمزون للمفاهيم واملعرفة واألمهية االجتماعية والثقافية‪ .‬فكل هذه األشياء‬
‫تضمنةٌ يف اللغة‪ ،‬وال توجد خارج إطارها‪ .‬فالتنشئة االجتماعية املبكرة هي تنشئة يف كنف ثقافة ما‪ ،‬وغالبا ما‬
‫ُم َّ‬

‫حكمة © ‪Copyright 2017‬‬ ‫‪12‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ‬

‫تدخل هذه الثقافة يف اعتبارها قافة قومية‪ .‬يقول (‪« :)Margalit‬مثة أشخاص يعربون عن أنفسهم تعبريا‬
‫عربُ عنها 'بطريقة كورية' أو 'إيسلندية'‪ ،1997( ».‬ص‬
‫ُم ْفرنسا (من فرنسا)‪ ،‬بينما ميلك آخرون شكل حياة يُ ّ‬
‫‪ .) 80‬إذا فاالنتماء الناتج عن الوضع املذكور غالبا ما يتخذ صيغة ال إرادية‪( .‬ابلطبع هناك استثناءات للرؤية‬
‫الالإرادية املذكورة‪ ،‬فعلى سبيل املثال‪ ،‬جند املنظرين القوميني الذين يتقبلون تغيري القومية اإلرادي لدى بعض‬
‫األفراد‪( .‬انظر تعريف ‪ 1882 ،Ernest Renan‬الشهري لألمة‪ ،‬واليت تتشكل حسب رأيه من‬
‫«االستفتاءات اليومية»)‪.‬‬

‫‪ -2‬أنواع القومية‬
‫‪ 2-1‬مفاهيم القومية‪ :‬الضيقة والواسعة‬

‫لقد أوضحنا منذ بداية هذا املدخل أبن القومية تركز على أمرين‪ )1( :‬موقف أعضاء أمة ما حني‬
‫يهتمون هبويتهم القومية‪ ،‬و (‪ )2‬احلراك الذي يتخذه أعضاء أمة ما يف السعي لتحقيق (أو احلفاظ على)‬
‫االستقالل السياسي‪ .‬إن النقطة األساسية سياسيا هي رقم (‪ :)2‬أي احلراك الذي يؤطره القوميون‪ .‬وهذا ما‬
‫نلتفت إليه هنا‪ ،‬بدءا ابلسيادة والقطر اليت هي نقط االرتكاز يف كل نضاالت السيادة الوطنية‪ .‬تثري هذه النقط‬
‫مسألة مهمة‪:‬‬

‫(‪ 2‬أ)‪ :‬هل تتطلب السيادة السياسية داخل قُطر أو عليه إقامة دولة أو شيئا أقل أبسا من الدولة؟‬

‫إن اجلواب التقليدي هو أن الدولة مطلوبة‪ .‬أما اجلواب األكثر حتررا فهو أبن شكال من أشكال‬
‫االستقالل السياسي يكفي‪ .‬ومىت ما انقشنا هذا‪ ،‬فبإمكاننا االلتفات إىل القضااي املعيارية ذات الصلة‪.‬‬

‫(‪ 2‬ب)‪ :‬ما نوع احلراك املسموح أخالقيا لتحقيق السيادة واحلفاظ عليها؟‬

‫(‪ 2‬ج)‪ :‬حتت أي ظروف من املسموح أخالقيا اختاذ حراك من هذا النوع‬

‫لننظر أوال إىل اجلواب القومي التقليدي على السؤال (‪ 2‬أ)‪ .‬السيادة القومية تتطلب دولة «مملوكة كحق‬
‫مكتسب» من قبل الوطن اإلثين (‪ 1997 Oldinquest‬الذي أخذ التعبري عن عمل الكاتب‬
‫‪ .)Czeslaw Milosz‬يتضمن تطوير أجوبة على نفس منطق التفكري ذكر أو التلميح إىل أجوبة ُمصوصة‬

‫حكمة © ‪Copyright 2017‬‬ ‫‪13‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ‬

‫فيما يتعلق بـ (‪ 2‬ب) و (‪ 2‬ج)‪ ،‬أي أن استعمال القوة يف الصراع من أجل احلصول االستقالل الوطين ضد‬
‫السلطة املركزية املهددة يكاد يكون وسيلة مشروعة دائما من أجل حتقيق السيادة‪ .‬بيد أن القومية ال هتتم خبلق‬
‫الدولة فقط ولكن ابحلفاظ عليها وتقويتها‪ .‬تُستعمل القومية أحياان لدعم مربرات متدد الدولة (ولو كلف األمر‬
‫إشعال فتيل احلروب)‪ ،‬ويف اتّباع سياسات العزل‪ .‬يُ ّربُر التوسع غالبا مبغازلة شعار الضم احلريف لكل أعضاء‬
‫األمة حتت دولة واحدة‪ ،‬وأحياان حتت ذرائع املصاحل ال ُقطرية أو املوارد‪ .‬أما فيما خيص احلفاظ على السيادة عرب‬
‫السبل السلمية أو اإليديولوجية البحتة‪ ،‬فإن القومية السياسية تبقى على صلة وثيقة ابلقومية الثقافية‪ ،‬حيث‬
‫تصر األخرية على احلفاظ على الثقافة وتوارثها أو‪ ،‬حىت نكون أكثر دقة‪ ،‬على احلفاظ على خصال ثقافية‬
‫قومية حمددة يف شكلها األنقى‪ ،‬يتم ذلك عرب تكريس اإلبداع الفين والرتبية والبحث هلذا الغرض‪ .‬وابلطبع فقد‬
‫تكون اخلصال اإلثنو قومية موضوع احلفظ خصاال حقيقية أو ُمتلقة يف جزء منها أو كلها‪ .‬ويدعي املعيار ذو‬
‫الصلة‪ ،‬حسب النهج التقليدي هنا أيضا‪ ،‬أبن من حق كما من واجب الفرد «املقدس» دعوة غريه إىل هذا‬
‫التقليد‪ ،‬كما أن قوته تتجاوز مصاحل أخرى وحقوقا أخرى (ويُعترب هذا السبيل الذي حتتاج األمم إىل اتّباعه يف‬
‫صراعها من أجل حتقيق االستقالل)‪ .‬ونتيجة هلذا‪ ،‬فإن للقومية الكالسيكية قول يف ترتيب املواقف حسب‬
‫االستحقاق أيضا‪ ،‬حيث ُمينح والء املرء ألمته منزلة الواجب األساس لدى كل أعضاء األمة‪ ،‬ويُعترب هذا جوااب‬
‫على السؤال (‪ 1‬هـ)‪ ،‬أما السؤال (‪ 1‬و) فتجيب عنه القومية الكالسيكية أبن اجملال أمامه مفتوحا‪ .‬ابختصار‬
‫ومن أجل اإلشارة املستقبلية‪:‬‬

‫القومية الكالسيكية‪ :‬هي الربانمج السياسي الذي يرى أبن اخللق واحلفاظ على دولة ذات سيادة كاملة ملك‬
‫جلماعة قومية إثنية («شعب» أو «أمة») كواجب ّأويل لكل أعضاء اجلماعة‪ .‬ويزعم أبن الواجب األول لكل‬
‫عض و من اجلماعة هو االلتزام ابلثقافة اإلثنو قومية املتعارف عليها يف كل القضااي الثقافية‪ ،‬ويقوم هذا على‬
‫االعتقاد أبن وحدة الثقافة املناسبة (أو «الطبيعية») هي األمة اإلثنية‪.‬‬

‫غالبا ما يكون القوميون الكالسيكيون يقظون فيما خيص نوع الثقافة الذي حيمونه وينشرونه‪ ،‬ابإلضافة‬
‫إىل املوقف الذي يتشكل لدى الشعوب جتاه دولتهم القومية‪ .‬حيمل هذا املوقف املتيقظ أخطارا حمتملة‪ :‬فقد‬
‫ُ‬
‫عرف على أهنا قومية فريسة حلماس قومي‬ ‫تسقط بعض عناصر الثقافة ذات الطابع الكوين أو تلك اليت ال تُ ّ‬
‫كهذا‪ .‬كما تضع القومي ة الكالسيكية متطلبات إضافية يف حياة أفرادها اليومية‪ ،‬من اقتناء املنتجات الوطنية‬

‫حكمة © ‪Copyright 2017‬‬ ‫‪14‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ‬

‫ولو أبسعار مرتفعة عوض بديالهتا املستوردة حىت وإن كانت أرخص منها‪ ،‬أو إجناب أعضاء قوميني مستقبليني‬
‫بقدر طاقة الفرد‪( .‬انظر ‪ 1997 ،Yuval-Davies‬و‪.)2012 ،Yack‬‬

‫هناك رؤى معتدلة ُمتلفة إضافة إىل القومية الكالسيكية (وقريباهتا األكثر راديكالية) تُصنف اليوم‬
‫على أهنا قومية‪ .‬وقد حتول النقاش الفلسفي فعال إىل هذه الرؤى املعتدلة أو الشديدة االعتدال‪ ،‬ويقرتح معظم‬
‫الفالسفة الذين يصفون أنفسهم على أهنم قوميني برامج قومية معتدلة جدا‪ .‬دعوين أصنفها إبجياز‪:‬‬

‫إن القومية يف معناها األعرض مواقف وادعاءات وتوجيهات مركبة للعمل تتطلع إىل قيمة سياسية وأخالقية‬
‫وثقافية أساسية لألمة وللجنسية والواجبات املستقاة (ألفراد األمة األعضاء ولكل أطراف اثلثة منضوية سواء‬
‫كانت أفرادا أم مجاعة) من هذه القيمة‪.‬‬

‫ميكن للقوميات هب ذا املعىن األعرض أن تتباين يف تصوراهتا لألمة نوعا ما يف مربراهتا ومدى قيمتها‬
‫واجباهتا املوصوفة‪( .‬رغم أن هذه التصورات تبقى ضمنية يف خطاهبا)‪ .‬وميكن أن ينطبق املصطلح على حاالت‬
‫فرتضة ملا قبل الدولة اليت ميكن‬
‫أخرى ال تشملها القومية الكالسيكية‪ ،‬مثال يف حالة األشكال السياسية املُ َ‬
‫للهوية اإلثنية اختاذها)‪ .‬إن القومية املعتدلة أقل تطلبا من القومية الكالسيكية‪ ،‬وتوسم أحياان بـ «الوطنية»‪.‬‬
‫(وحيجز «الوطنية» ‪ ،‬يف استعمال آخر وهو تقدير اجملتمع الوطين والوالء للدولة‪ ،‬وهذا يضعها يف موضع تضاد‬
‫ُ‬
‫تشعب القومية األكثر صلة ابلفلسفة هي تلك اليت‬
‫مع القومية اليت تقوم على اجلماعات اإلثنو ثقافية)‪ .‬إن ّ‬
‫تؤثر على املوقف األخالقي لالدعاءات واملمارسات القومية املوصى هبا‪ .‬سنسم هنا الرؤى الفلسفية املدروسة‬
‫اليت قُ ّدمت لصاحل القومية بـ «القومية النظرية»‪ ،‬ويعمل املضاف إليه 'النظرية' يف التمييز هذه الرؤى عن اخلطاب‬
‫القومي األقل تعقيدا واألكثر شيوعا يف املمارسة اليومية‪ .‬ميكن رسم مواضع االدعاءات النظرية القومية التقييمية‬
‫املركزية على خارطة النظرية السياسية بشكل مفيد ومبسط نوع ما كما سيلي‪:‬‬

‫جيب على االدعاءات القومية اليت تقدم األمة على أهنا حمور الفعل السياسي أن جتيب على سؤالني‬
‫عامني مهمني‪ .‬أوال‪ ،‬هل هناك مجاعة اجتماعية كبرية (أصغر من البشرية كلها) هلا أمهية أخالقية خاصة؟ يقول‬
‫ّ‬
‫اجلواب القومي بوجود واحدة فقط وهي األمة‪ .‬فعندما يستوجب الظرف اختاذ قرار حاسم‪ ،‬فاألولوية لألمة‪.‬‬
‫تضم ٌن يف تعريفات القومية املعتمدة اليت وردت يف أعمال أشعيا برلني‪ ،‬واليت انقشناها يف‬
‫(وهذا اجلواب ُم ّ‬
‫ُ‬
‫املدخل ‪ ،1‬وعمل مسيث ‪ .)2001‬اثنيا‪ ،‬ما هي أسس واجبات الفرد جتاه اجلماعة املتمركزة أخالقيا؟ هل‬

‫حكمة © ‪Copyright 2017‬‬ ‫‪15‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ‬

‫قرون‬
‫تقوم على عضوية إرادية أو غري إرادية يف اجلماعة؟ عادة ما خيتار املفكرون القوميون جواب الال إرادية يُ ّ‬
‫أبن الدعم اإلرادي هلوية الفرد الوطنية اإلرادي إجناز مهم أخالقيا‪ .‬أما على اخلارطة الفلسفية‪ ،‬فإن الرؤى‬
‫الداعمة للقومية عموما تُناسب املوقف الطائفي العام متاما‪ .‬فمعظم الفالسفة الداعمني للقومية هم طائفيون‬
‫اخ تاروا األمة كمجتمع مفضل (على النقيض من أشباههم الطائفيون الذي يفضلون جمتمعات أبعد يف املدى‬
‫كتلك اليت حتددها التقاليد الدينية العاملية‪ ).‬بيد أن يرفض بعض املؤلفني الذين يصفون أنفسهم على أهنم‬
‫قوميون ليرباليني التعزيز الطائفي‪ ،‬من أبرزهم (‪.)2007 ،2003 ،2001( )Will Kymlicka‬‬

‫قبل املضي يف املزاعم األخالقية‪ ،‬دعوين أخط ابختصار القضااي ووجهات النظر املرتبطة ابلقطر‬
‫(أشري هنا إىل أنين أتبع تصنيف ‪A. Kollers‬‬
‫واحلقوق القطرية واليت تُعد جوهرية للربامج السياسية القومية ُ‬
‫(‪ ،2009‬اجلزء األول) اجليد فيما خيص املوضوع)‪ .‬ملاذا يُعترب القطر مهما للجماعات اإلثنو قومية؟ وما هو‬
‫مدى وأسس احلقوق القطرية؟ تكمن أمهية ال ُقطر األساسية يف السيادة وكل إمكانيات الرقابة الداخلية‬
‫واالستبعاد اخلارجي احملتملة‪ .‬أضف إىل ذلك وجهة نظر روسو اليت تفيد أبن أشكال التعلق السياسي ابلقطر‬
‫مقيدة بشكل أساسي وأن احلب‪ ،‬أو الصداقة املدنية اجلماهريية حىت نوفيها حقها من االعتدال‪ ،‬يتطلب‬
‫ابلنسبة جلماعة الفرد استبعاد ٍ‬
‫بعض «ما»‪ ،‬فتغدو أمهية األمر واضحة متاما‪ .‬ماذا عن أسس املطالبة ابحلقوق‬
‫القطرية؟ يعتمد القوميون والرؤى الداعمة للقومية غالبا على ارتباط أعضاء األمة بقطرهم القومي وعلى القيم‬
‫ؤسسة للقطر ابلنسبة لألمة لتربير ادعاء احلق يف القطر‪( .‬انظر ميلر‪ 2000 ،‬و‪ ،2009 ،Meissels‬مع‬ ‫ِ‬
‫املُ ّ‬
‫بعض التبسيط الذي أضفناه أسفله)‪ .‬ويشبه هذا يف نو ٍاح عدة التربير الذي يقدمه من يقولون حبقوق السكان‬
‫األصليني‪( ،‬انظر ‪ ،Tully‬و‪ ،)2008 ،Hendrix‬كما أنه يشبه أيضا ما قدمه (‪ )Kollers‬سنة‬
‫(‪ ) 2009‬يف نظريته اإلثنو جغرافية الالقومية‪ ،‬غري أنه خيتلف يف تفضيله للجماعات اإلثنو قومية على أهنا‬
‫حاملة احلق الوحيدة‪ .‬تقف وجهات نظر التعلق هذه يف تضارب صارخ مع الرؤى األكثر براغماتية عن احلقوق‬
‫القطرية كسبل لفض الصراع (انظر مثال ‪ .)2000 ،Levy‬إن عائلة الرؤى الفردانية اليت ترسخ احلقوق القطرية‬
‫يف حقوق ومصاحل األفراد هي إحدى البدائل املتداولة‪ ،‬مثل حقوق اإلنسان يف (‪،)2004 ،Buchanan‬‬
‫وحقوق امللكية ما قبل سياسية عند جون لوك يف (‪ ،)2001 ،Simmons‬وحقوق األفراد يف مصادر الثروة‬
‫(‪ ،)1999 ،Steiner‬وحقوق املمارسة السياسية (‪ .)2005 ،Wellman‬تقع فكرة (‪( )Pogge‬إن‬
‫صح أتويلنا هلا على هذا املنوال) أبن الفلسفة السياسية ليس لديها أسئلة أو مشاكل قطرية‪ ،‬واليت يسميها‬

‫حكمة © ‪Copyright 2017‬‬ ‫‪16‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ‬

‫بعض من الكتّاب‬
‫(‪« )Kollers‬التوجه التفكيكي»‪ ،‬يف الطرف النقيض من الرؤى املناهضة للقومية‪ .‬ويُعترب ٌ‬
‫املذكورين نقادا للقومية عامليني‪ ،‬من أبرزهم (‪ )Buchanan‬و (‪.)Pogge‬‬

‫‪ 2-2‬ا ّدعاءات أخالقية‪ :‬مركزية الوطن‬

‫منر اآلن على البُعد املعياري للقومية‪ .‬سنصف أوال جوهر الربانمج القومي ذاته‪ ،‬أي نرسم ونصنف‬
‫االدعاءات القومية املعيارية والتقيمية املعتادة‪ .‬ميكن أن يُنظر إىل هذه االدعاءات على أهنا أجوبة على املعيار‬
‫الفرعي ألسئلتنا األولية (‪ )1‬املواقف الداعمة للقومية‪ ،‬و (‪ )2‬واحلراك القومي‪.‬‬

‫سنُالحظ أبن هذه االدعاءات توصي مسارات عمل متعددة‪ ،‬يهمها من الناحية املركزية ضمان‬
‫واستدامة التنظيم سياسي‪ ،‬أي تنظيم الدولة‪ ،‬جملتمع إثنو قومي ُمعطى (ابلتايل مقدما أجوبة أكثر حتديدا ألسئلتنا‬
‫املعيارية (‪ 1‬هـ)‪ ،‬و (‪ 1‬و)‪ ،‬و (‪ 2‬ب)‪ ،‬و (‪ 2‬ج))‪ .‬فضال على أهنا حتفز أعضاء اجلماعة على نشر حمتوايت‬
‫إثنو ثقافية معروفة على أهنا خصائص جوهرية للحياة الثقافية داخل الدولة‪ .‬وأخريا‪ ،‬سنناقش اجتاهات الفكر‬
‫املتعددة املوالية للقومية واملطروحة دفاعا عن تلك االدعاءات‪ .‬ولكي نبدأ‪ ،‬دعوان نعُد إىل االدعاءات اليت هتتم‬
‫مبواصلة تعزيز سلطة الدولة والثقافة القوميتني‪ .‬تلك اليت يطرحا القومي على أهنا أعراف سلوكية‪ .‬تتعلق التنوعات‬
‫الفلسفية األكثر أمهية بثالث جوانب من االدعاءات املعيارية كتلك‪:‬‬

‫(‪ )1‬الطبيعة املعيارية لالدعاء وقوته‪ :‬هل يعزز احلق فقط (فلنقل‪ ،‬امتالك واستدامة شكل من احلكم الذايت‬
‫السياسي‪ ،‬أي الدولة كمثال مفضل ومعتاد‪ ،‬أم حياة ثقافية تتمحور حول ثقافة إثنو قومية معروفة)‪ ،‬أم‬
‫يعزز واجبا أخالقيا (امتالكه واستدامته)‪ ،‬أم واجبا أخالقيا وشرعيا وسياسيا؟ إن االدعاء األقوى يكمن‬
‫القومية الكالسيكية املعتادة‪ .‬فقواعد السلوك املعتادة أخالقية وكذلك واجبات داخلها قابلة للتطبيق قانونيا‬
‫جلميع األطراف مبن فيهم األعضاء يف األمة اإلثنية حاملا تتأسس الدولة‪ .‬بينما تتحدث نسخة أضعف‬
‫منها رغم كوهنا متطلبة عن الواجب األخالقي فقط («الواجب املقدس»)‪ .‬يف حني تكتفي النسخة األكثر‬
‫ليربالية ابدعاء حق اجلماعة اإلثنو قومية امتالك دولة «امتالكا مشروعا»‪.‬‬

‫حكمة © ‪Copyright 2017‬‬ ‫‪17‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ‬

‫(‪ )2‬قوة االدعاء القومي يف عالقته حبقوق ومصاحل خارجية ُمتلفة‪ :‬وإلعطاء مثال حقيقي‪ ،‬هل استعمال اللغة‬
‫احمللية مهم للغاية لدرجة أنه جيب انعقاد املؤمترات الدولية هبا‪ ،‬ولو على حساب خسارة مشاركني مهمني من‬
‫اخلارج؟ يوزن قوة االدعاء القومي هنا مقابل ادعاءات أخرى‪ ،‬مبا فيها ادعاءات مصاحل وحقوق األفراد‬
‫واجلماعات‪ .‬إذ تقع التباينات يف القوة املقارنة لالدعاءات القومية على سلم ذي قطبني متناقضني‪ .‬فمن جهة‪،‬‬
‫وهي جهة غري حمببة‪ ،‬حتظى االدعاءات القومية املتطرفة ابألولوية مقارنة مع أي ادعاءات أخرى‪ ،‬مبا فيها حقوق‬
‫اإلنسان‪ .‬وابجتاه الوسط‪ ،‬تقع القومية الكالسيكية اليت متنح االدعاءات املتمحورة حول القومية أولوية على‬
‫املصاحل الفردية واحتياجات عدة (من ضمنها الفوائد اجلماعية النفعية)‪ ،‬ولكن ليس ابلضرورة أولوية على حقوق‬
‫اإلنسان‪( .‬انظر مثال‪ ،1994 ،McIntyre ،‬و‪ .)1997 ،Oldenquist‬أما على اجلهة املقابلة‪ ،‬وهي‬
‫اجلهة األكثر إنسانية واعتداال وليربالية‪ ،‬فتحظى االدعاءات القومية املركزية بوضع شرعي (‪)Prima facie‬‬
‫فقط‪( .‬انظر ‪ ،1993 ،Tamir‬و‪ ،2003 ،Gans‬وعمل ‪ ،2013 ،Miller‬وهو األكثر حداثة بني‬
‫الثالثة‪ ،‬الذي يبحث عن تنازالت يف الفكرة)‪.‬‬

‫(‪ )3‬ألي مجاعة تُعترب االدعاءات القومية مقبولة؟ وما مداها؟ تدعي إحدى املقارابت أبن هذه االدعاءات‬
‫مقبولة من قبل كل القوميات اإلثنية وابلتايل هي كونية‪ .‬أحد األمثلة هو الزعم أبن «على كل اجلماعات اإلثنية‬
‫أن متتلك دولة هلا»‪ ،‬ولكي نضعه بشكل رمسي‪:‬‬

‫القومية الكونية‪ :‬هي الربانمج السياسي الذي يدعي أبن على كل مجاعة إثنية قومية أن متتلك دولة شرعية‬
‫وعليها تعزيز مصاحل تلك الدولة‪.‬‬

‫وكبديل‪ ،‬ميكن لالدعاء أن يكون أكثر ختصيصا‪ ،‬كاالدعاء القائل‪« :‬من حق اجلماعة (أ) أن متتلك دولة هلا»‬
‫حيث ال يتضمن هذا أي شيء حول أي مجاعة أخرى‪.‬‬

‫القومية التخصيصية‪ :‬هو الربانمج السياسي الذي يدعي أبن جيب على أمة إثنية قومية ما أن حتصل على‬
‫دولة خاصة هبا‪ ،‬دون أن يشمل االدعاء نفس كل األمم اإلثنية‪ .‬ويدعي هذا بطريقتني‪:‬‬

‫أ‪-‬إما احلذف (وهذه هي القومية التفصيلية الغري متأملة)‬

‫ب‪ -‬وعرب حتديد من ستستبعد‪« :‬جيب أن حتصل اجلماعة (أ) على دولة بينما ال جيب على اجلماعة‬
‫(ب) أن تفعل‪( ».‬القومية اجلائرة)‬

‫حكمة © ‪Copyright 2017‬‬ ‫‪18‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ‬

‫ُوصفت أكثر احلاالت الفرعية من التخصصية صعوبة وشوفونية‪ ،‬أي (ب)‪ ،‬أحد النزوع‪ ،‬بـ«اجلائرة»‪،‬‬
‫مبا أهنا تُنكر علنا امتياز حق امتالك دولة لبعض الشعوب‪ .‬يقرتح (‪ ،)T. Pogge‬يف عمله الصادر سنة‬
‫(‪ )1997‬تقسيما إضافيا للعنصر (ب)‪ :‬املوقف «الرفيع»‪ ،‬وهو الذي ينكر حق بعض 'أنواع' اجلماعات يف‬
‫امتالك دولة خاصة هبا‪ ،‬واملوقف «املنحط»‪ ،‬وهو املوقف الذي ينكر امتياز امتالك دولة جلماعات 'ُمصوصة'‪.‬‬
‫العاميون غالبا عن‬
‫اجلادون عن النوع الكوين فقط‪ ،‬بينما يدافع املنظرون القوميون ّ‬ ‫يُدافع املنظرون القوميون ّ‬
‫نسخة أاننية غامضة (" على بعض األمم احلق امتالك دولة‪ ،‬على رأسها أميت!")‪ .‬وأتيت القومية الكالسيكية‬
‫لتني‪ ،‬التخصيصية والكونية‪.‬‬ ‫على ّ ِ‬
‫الشاك ْ‬
‫على الرغم من أن أبعاد االختالف الثالث‪ :‬القوة الداخلية‪ ،‬والقوة املقا ِرنة‪ ،‬واملدى‪ ،‬مستقلون منطقيا‪،‬‬
‫إال أهنم على متشابكني سيكولوجيا وسياسيا‪ .‬فالشعوب اليت تتميز ابلراديكالية يف انحية ما‪ ،‬متيل أيضا إىل أن‬
‫تكون راديكالية يف مناح أخرى‪ .‬أي مبعىن آخر‪ ،‬تبدو رزمة من املواقف األكثر استقرارا‪ ،‬حبيث تنتمي املواقف‬
‫املتطرفة (أو املعتدلة) يف بُعد واحد سيكولوجيا وسياسيا إىل املواقف املتطرفة (أو املعتدلة) يف أبعاد أخرى‪ .‬إن‬
‫اجلمع بني املواقف املتطرفة يف بـُ ْع ٍد مع مواقف معتدلة يف أبعاد أخرى يُعترب غري مستقر سيكولوجيا واجتماعيا‪.‬‬

‫لقد كانت الصورة القومية لألخالق قريبة تقليداي من املنظور املهيمن يف نظرية العالقات الدولية اليت تُدعى‬
‫«الواقعية»‪ .‬وللتوضيح‪ ،‬فاملنظور يقول أبن األخالقيات تنتهي عند حدود الدولة القومية‪ ،‬أما ما جتاوزها فال‬
‫يُعد سوى أانركية‪ .‬ويبدو هذا الطرح واضحا يف عمل (‪ ،1965( ،)Freiderich Meinecke‬املقدمة)‪،‬‬
‫ويف عمل (‪ ،)1962( ،)Raymond Aron‬ويبدو أقل وضوحا وعلنا يف عمل ( ‪Hans‬‬
‫‪ ،)1946( ،)Morgenthau‬ولفهم أفضل الرتباط الطرح يف األعمال املذكورة انظر مقال ( ‪Micahel‬‬
‫‪ ،)2007( )C. Williams‬وانظر أيضا الكتاب من حترير (‪ ،)2008( )Duncan Bell‬ففيه تتويج‬
‫لالدعاء القومي الكالسيكي حول الدولة القومية‪ ،‬أي ما يفيد أبن من حق األمة اإلثنية أو الشعب أن حيصلوا‬
‫على دولة خاصة هبم ويقرتح ما سيحصل مستقبال وهو أن تدخل الدول القومية يف منافسة مع أخرايت ابسم‬
‫شعوهبا املش ّكلة هلا‪.‬‬

‫حكمة © ‪Copyright 2017‬‬ ‫‪19‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ‬

‫‪ .3‬النقاش األخالقي‬

‫‪ 1.3‬القوميات الكالسيكية والليربالية‬

‫لنعد اآلن إىل تعريفنا املعياري األول والقائم حول (‪ )1‬املواقف و (‪ )2‬األفعال‪ ،‬هل ميكن تربير االحنياز‬
‫القومي‪ ،‬وإىل أي مدى؟ ما نوع األفعال املناسبة لتحقيق السيادة؟ وعلى وجه اخلصوص‪ ،‬هل الدول اإلثنو‪-‬‬
‫قومية واملنتجات الثقافية القومية احملمية مؤسساتيا مستقلة عن اإلرادة الفردية ألعضائها‪ ،‬وإىل أي مدى ميكن‬
‫ُ‬
‫للمرء أن يصل حلمايتها؟ إن النقاش الفلسفي‪ ،‬سواء مع أو ضد القومية‪ ،‬هو نقاش حول الشرعية األخالقية‬
‫الدعاءاهتا األساسية‪ .‬فالقضية األخالقية احلامسة هنا خصوصا هي‪ :‬هل يُعترب كل شكل من أشكال القومية‬
‫مسموحا به ومربر أخالقيا‪ ،‬وإن مل يكن‪ ،‬فإىل أي حد تُعترب بعض أشكاهلا سيئة؟ (انظر ‪،Chatterjee‬‬
‫و‪ ،2003 ،Smith‬ملزيد من التفصيل يف النقاش‪ ،‬وانظر أيضا ‪ Feltham‬و‪).2010 Cottingham‬‬

‫ملاذا تتطلب االدعاءات القومية الدفاع عنها؟ تبدو هذه االدعاءات عقالنية يف بعض األحيان‪ :‬على‬
‫سبيل املثال‪ ،‬جند معاانة األمم اليت ال متلك دوال خاصة هبا‪ ،‬فتاريخ اليهود واألرمن ومعاانة األكراد اترخييا‬
‫وحاضرا تضفي مصداقية على فكرة أن أسوأ مشاكلهم ستحل لو امتلكوا دولتهم اخلاصة‪ .‬وعلى الرغم من‬
‫هذا‪ ،‬توجد أسباب مهمة تدفعنا إىل سرب أغوار االدعاءات القومية أوال‪ .‬فالسبب األعم هو أنه جيب أن نوضح‬
‫أوال أبن الشكل السياسي للدولة القومية له قيمة يف ذاته‪ ،‬وأبن للمجتمع القومي قيمة سياسية وأخالقية‬
‫قدم لصاحله متتلك املصداقية املعيارية‪ .‬مىت ما حتقق هذا‪ ،‬فإن هناك حاجة‬
‫خاصة‪ ،‬وأبن االدعاءات اليت تُ ُ‬
‫لدفاع إضايف‪ .‬إذ تبدو بعض االدعاءات األخالقية يف موقع صراع مع قيم ُمتلفة متيل الشعوب إىل تقبلها‪ ،‬ولو‬
‫يف ظروف احلياة املعاصرة العادية على األقل‪ .‬فبعض هذه القيم تعترب أساسية للمجتمعات الدميقراطية الليربالية‪،‬‬
‫بينما تظل أخرى مهمة خصوصا الزدهار اإلبداع والثقافة‪ .‬تتضمن القيم األساسية اجملموعة األوىل؛ احلرية‬
‫الفردية واحلياد النبيل (خاصة جتاه أعضاء اجلماعات املختلفني ثقافيا عن الفرد املعين)‪ .‬غالبا ما تتدخل‬
‫الواجبات اخلاصة على الفرد جتاه ثقافته اإلثنو قومية مع حقه يف احلرية الفردية‪ ،‬وعند أتملها جيدا‪ ،‬يبدو أن‬
‫اب من احلركة‬
‫هذه الواجبات تتعارض مع حقوق األفراد اآلخرين‪ ،‬كاحلق يف اخلصوصية مثال‪ .‬لقد الحظ ُكتّ ٌ‬
‫النسوية أبن االقرتاح القومي القائل أبن النساء ميتلكن واجبا أخالقيا يكمن يف إجناب أعضاء جدد لألمة‬
‫ورعايتهم من أجل األمة يتصادم مع خصوصية النساء وحريتهن الفردية (انظر ‪،1997 ،Yuval Davis‬‬
‫و‪ ،1999 ،Moller-Okin‬و‪ ،2002‬و‪ ،2005‬والنقاش الذي أتى يف اجمللد حول 'أوكني' و‪،Satz‬‬

‫حكمة © ‪Copyright 2017‬‬ ‫‪20‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ‬

‫وآخرين ‪ .)2009‬كما أن قيمة أخرى مهددة وهي التنوع داخل اجملتمع اإلثنو قومي‪ ،‬واليت قد ُجتهض أيضا‬
‫يف التجانس الذي تفرضه ثقافة قومية مركزية‪.‬‬

‫فأمر الكتاب واملوسيقيني والفالسفة على‬


‫تتعارض الواجبات جتاه األمة أيضا مع قيمة اإلبداع احلر‪ْ .‬‬
‫سبيل املثال بنشر إرثهم القومي كواجب خاص يُناقض حرية اإلبداع ابلنسبة هلم‪ .‬والسؤال هنا ليس ما إذا ميلك‬
‫هؤالء األفراد حق نشر إرثهم القومي‪ ،‬بل ما إذا كان واجبهم فعل ذلك‪.‬‬

‫تقع بني هاتني اجملموعتني من القيم امله ّددة‪ ،‬أي القيم اليت تقوم على احلرية الفردية وتلك على حرية‬
‫ُ‬
‫قيم تقوم أساسا من احلاجات الطبيعية للشعب الذي يعيش حتت ظروف عادية‪.)2001 ،Barry( ،‬‬ ‫اإلبداع‪ٌ ،‬‬
‫يتعايش اليوم مواطنون من خلفيات إثنية ُمتلفة يف الدول املعاصرة ويقدرون نوعية احلياة هذه‪ .‬يبدو واقع‬
‫التعايش هذا إجنازا جيب احلفاظ عليه‪ .‬فالقومية ال تشجع تعدد الثقافات واختالفها على هذه الشاكلة‪ ،‬ودليلنا‬
‫على هذا نظرية القومية (وخاصة القومية الكالسيكية) والتجربة‪ .‬لكن املشكل أيخذ شكال أكثر تعقيدا‪ .‬فمن‬
‫خالل التجبة‪ ،‬ال يبدو من الصدفة القول أبن شكل القومية اخلصوصية اجلائرة منتشرة جدا‪ ،‬واليت ت ّدعي حق‬
‫أمة الفرد يف الدولة‪ ،‬بينما تُنكر حق اآلخرين فيه‪ .‬إن مصدر املشكل هو املنافسة على املصادر احملدودة‪ ،‬فكما‬
‫أوضح ذلك (‪ :)1983( )Ernest Gellner‬هنالك قطر صغري جدا ال يكفي لكل اجلماعات اإلثنية‬
‫املتنافسة يف سبيل خلق دولة خاصة هبا‪ ،‬وميكن قول األمر نفسه على املنتجات اليت يطالب القوميني أبن تكون‬
‫لبين جلدهتم دون غريهم من ساكين القطر‪ .‬فحسب بعض الكتاب ك (‪ )1997 ،McCabe‬يُعترب الطرح‬
‫'اجلائر' أكثر انسجاما من أي شكل من أشكال القومية األخرى‪ :‬فِإ ْن منح املرء تقديرا وافيا جلماعته اإلثنية‪،‬‬
‫فاألسهل أن يوليها والءه التام‪ .‬إذ لو فضل املرء ثقافته دون تردد على غريها يف كل شيء‪ ،‬فإن االهتمام بغريها‬
‫يصبح مضيعة حمضة للوقت واالهتمام‪ .‬يف حني يقدم الطرح الكوين العادل تعقيدات سيكولوجية وسياسية‬
‫مهمة‪ .‬واليت أتيت من صراع بني االرتباط العفوي للفرد جبماعته‪ ،‬وبني واجب اعتبار اجلماعات كلها على أهنا‬
‫متساوية‪ .‬وقد جيعل الصراع املذكور املوقف اإلنساين العادل غري مستقر سيكولوجيا‪ ،‬ويصعب التمسك به يف‬
‫حاليت األزمة أو احلرب‪ ،‬كما أنه يصبح غري فعال سياسيا‪.‬‬

‫إن الفالسفة املتعاطفني مع القومية واعون ابلشرور اليت أتت هبا القومية التارخيية‪ ،‬وعادة ما حيافظون‬
‫على مسافة جتاهها‪ .‬عادة ما يتحدثون عن «تراكمات ُمتلفة شوهت مسعة القومية»‪ ،‬كما أهنم حريصون على‬
‫«فصل فكرة القومية نفسها عن هذه الرتاكمات‪ ،1992 ،Miller( ».‬و‪ ،1987‬و‪ .)2000‬شارك‬

‫حكمة © ‪Copyright 2017‬‬ ‫‪21‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ‬

‫الكتاب الوقورون املؤيدون للقومية يف حوار فلسفي ال زال جاراي بني املؤيدين واملناهضني هلذا املزعم‪( .‬انظر‬
‫ُمتارات املقاالت ل ‪ McKim‬و‪ ،1997 ،McMahan‬و‪ Couture‬و‪Nielsen‬‬
‫و‪ ،1998 ،Seymour‬و‪ ،2000 ،Miscevic‬و‪ Primoratz‬و‪ .)2007 ،Pavkovic‬من‬
‫أجل مساعدة القارئ على أن يشق دربه عرب هذا النقاش‪ ،‬سنلخص ابقتضاب االعتبارات املفتوحة أمام اإلثنو‬
‫قومي (ة) للدفاع عن قضيته(ها)‪( .‬قارن ما سنقدمه هنا مع عمل (‪ ،)1997( )Lichtenberg‬ففيه نظرة‬
‫جمملة مفيدة حول املوضوع‪ ).‬ميكن استخدام دروب فكرية أخرى مبنية على هذه االعتبارات للدفاع عن ُمتلف‬
‫مشارب القومية‪ ،‬من الراديكايل إىل املعتدل جدا‪.‬‬

‫من املهم تقدمي حتذير يتعلق ابالفرتاضات األساسية والدعائم البارزة يف كل خط فكري ملخص أدانه‪:‬‬
‫حتداي‪ ،‬أن االفرتاضات غالبا ما تعيش حياة مستقلة يف املنت الفلسفي‪ .‬ويلعب بعضها دورا رئيسا يف الدفاعات‬
‫قرتحة عن الرؤى التقليدية املختلفة‪ ،‬واليت هلا عالقة ضعيفة مبفهوم األمة على وجه اخلصوص‪.‬‬
‫املُ ََ‬
‫ولالختصار‪ ،‬سأقلص كل خط فكري إىل حجة موجزة‪ ،‬فالنقاش احلقيقي أعمق من أن يوجز يف‬
‫سطور قليلة‪ .‬وسأشري ما بني قوسني إىل دروب نقدية ابرزة اليت هامجت مطروحة قدما يف النقاش‪( .‬نوقشت‬
‫بشكل مفصل يف (‪ .))Miscevic 2001‬ستُقسم األطروحات األساسية الداعمة للقومية اليت تدعي‬
‫التأسيس الدعاءاهتا األساسية حول الدولة والثقافة إىل قسمني‪ .‬تُدافع اجملموعة األوىل من احلجج عن االدعاء‬
‫أبن اجملتمعات القومية متلك قيمة عليا‪ ،‬واليت تُرى غالبا على أهنا غري ذرائعية ومستقلة عن رغبات واختيارات‬
‫األفراد املشكلني للجماعة‪ ،‬وحتاج أبنه جيب محايتهم من طرف الدولة وسياسات الدولة الرمسية‪ .‬أما اجملموعة‬
‫الثانية فأقل عمقا 'فلسفيا' (أو 'مشولية')‪ ،‬وتتضمن أطروحات عن متطلبات العدالة‪ ،‬مستقلة عن التصورات‬
‫املهمة حول الثقافة والقيم الثقافية‪.‬‬

‫ستُقدم اجملموعة األوىل هنا بتفصيل أكثر مبا أهنا شكلت لب النقاش‪ .‬إذ أهنا تصور اجملتمع على أنه‬
‫املصدر العميق للقيمة أو كوسيلة نقل فريدة تربط أعضاءه بقيم مهمة‪ .‬وهبذا املعىن‪ ،‬ميكننا القول أبن أطروحات‬
‫هذه اجملموعة ُجمتمعاتية مبعىن «عميق» بشكل ُمصوص‪ ،‬مبا أهنا تقوم على خصائص أساسية للوضع البشري‪.‬‬
‫هنا التوصيف‪:‬‬

‫حكمة © ‪Copyright 2017‬‬ ‫‪22‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ‬

‫املنظور املُجتمعايت العميق‪ :‬هو منظور نظري حول القضااي السياسية (أي حول القومية يف حالنا هذا) يربر‬
‫نظاما سياسيا معينا (أي الدولة القومية هنا) عن طريق حشد افرتاضات فلسفية عميقة حول الطبيعة اإلنسانية‬
‫واللغة والروابط االجتماعية واهلوية (مبعىن فلسفي أعمق)‪.‬‬

‫وأييت الشكل العام ألطروحات املجتمعاتية العميقة كاآليت‪ :‬أوال الطرح اجملتمعايت‪ :‬هناك خري ال جدال‬
‫ُ‬
‫عليه (كهوية الشخص مثال)‪ ،‬ووجد نوع ما من اجملتمع حتمي المتالكه ومحايته‪ .‬مث أييت االدعاء القائل أبن‬
‫األمة اإلثنو ثقافية هي نوع اجملتمع املثايل املناسب هلذه املهمة‪ .‬ومما يدعو لألسف أن هذا الطرح اندرا ما يُدافع‬
‫عنه ابلتفصيل يف الدراسات‪ .‬لكن هاهنا منوذج من (‪ ،)Margalit‬والذي اقتبسنا مجلته األخرية أعاله‪:‬‬

‫وحتدد األساليب ابجملتمعات‬


‫«الفكرة هي أن الناس يستعملون أساليب ُمتلفة للتعبري عن إنسانيتهم‪ُ .‬‬
‫عربُ عنها 'كوراي'‬
‫اليت ينتمون إليها‪ .‬فهناك أانس يعربون عن أنفسهم 'فرنسيا'‪ ،‬بينما لدى آخرين أشكال حياة يُ ّ‬
‫أو ‪' ...‬إيسلنداي'»‪ ،1997( .‬ص ‪.)80‬‬

‫مث يتبع استنتاج الدويل‪ :‬من أجل أن حيتفظ اجملتمع هبويته ويدعم هوية أعضائه‪ ،‬عليه أن يتخذ شكل‬
‫ا لدولة السياسي (دائما أو على األقل بشكل طبيعي)‪ .‬إن االستنتاج من هذا النوع هو أن من حق اجملتمع‬
‫اإلثنو قومي امتالك دولة إثنو قومية ومن حق وواجب مواطنيها تفضيل ثقافتهم اإلثنية مقابل أي ثقافة إثنية‬
‫أخرى‪.‬‬

‫على الرغم من أن االفرتاضات الفلسفية العميقة يف هذه األفكار تتفرع من التقاليد الطائفية‪ ،‬إال أن‬
‫أشكاال ضعيفة أخرى ُِ‬
‫اقرتحت من قبل فالسفة أكثر ليربالية‪ .‬تقرتح الدروب الفكرية اجملتمعاتية األصلية لصاحل‬
‫القومية أن هناك قيمة ما يف احلفاظ على التقاليد الثقافية اإلثنو قومية ويف مشاعر االنتماء ألمة مشرتكة ويف‬
‫قومي ليربايل أبن هذه ليست قيم مركزية للحياة السياسية‪ ،‬لكنها قيم‬
‫التضامن بني أعضاء األمة‪ .‬قد يدعي ٌّ‬
‫ضتني جافّتان وجتريديتان وغري انفعاليتان‬
‫احمل ْ‬
‫على كل حال‪ .‬بل تبدو الرؤى املناقضة دراماتيكيا كالفردية والكونية ْ‬
‫ابملقارنة‪ .‬وعندما أقول الكونية (الكوزمبوليتية)‪ ،‬فأان أقصد املبدأ السياسي واألخالقي من النوع اآليت‪:‬‬

‫الكونية هي الرؤية القائلة‪:‬‬

‫أ‪ .‬تتوجه الواجبات األخالقية األساسية على الفرد حنو كل البشر (بغض النظر عن البعد اجلغرايف‬
‫والثقايف)‪ ،‬وأن‬

‫حكمة © ‪Copyright 2017‬‬ ‫‪23‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ‬

‫ب‪ .‬على الرتتيبات السياسية أن تعكس أبمانة هذا الواجب األخالقي الكوين (على شكل ترتيبات‬
‫تتجاوز الدولة وحتظى ابألولوية على الدول القومية)‪.‬‬

‫االدعاءين غري ُمتّسقني‪ ،‬مبا أن البشر جيتهدون بشكل أفضل‬


‫حياج نقاد الكونية أحياان أبن هذين ّ‬
‫عموما حتت تنظيم مؤسسايت عاملي (كالذي منلك) يركز القوة والسلطة على مستوى الدول‪.‬‬

‫حيبّذ عدد من الفالسفة خليطا من الكونية‪-‬الليربالية والوطنية‪ -‬القومية حني ُجيربون على االختيار بني‬
‫قوى الطرح القومي والطرح الكوين‪ُ .‬ميجد ب‪ .‬ابربر (‪ )B/ Barber‬يف كتاابته «اخلليط املدهش للكونية‬
‫والرؤية ضيقة األفق (‪ »)parochialism‬والذي حيدد يف نظره اهلوية القومية األمريكية‪( .‬انظر ‪Cohen‬‬
‫‪ ،1996‬ص ‪ .)31‬ويدعي تشارلز اييلور أبنه «ليس أمامنا خيار سوى أن نكون كونيني ووطنيني‪( ».‬انظر‬
‫املرجع السابق‪ ،‬ص ‪ .)121‬ويقرتح هيالري بوتنام أن الوالء ملا هو أفضل يف التقاليد املتعددة اليت يشارك فيها‬
‫كل منا‪ ،‬ما يبدو على أنه خط وسيط بني الوطنية الضيقة األفق وبني كونية ابلغة التجريد‪( .‬انظر املرجع‬
‫السابق‪ ،‬ص ‪ .)114‬قد تنبأ أشعيا برلني (‪ )1979‬واتيلور (‪ )1993 ،1989‬هبذا التنازل‪ ،‬كما مت العمل‬
‫بنسخه العدة ابلتفصيل من قبل كتّاب مثل (‪ ،)1993( )Yael Tamir‬ودافيد ميلر (‪David Miller‬‬
‫‪ ،)2007 ،2000 ،1995‬وكاي نيلسون (‪ ،)1998 Kai Nelson‬ومايكل ساميور ( ‪Michel‬‬
‫‪ ،)2000 Seymour‬وشامي كانز (‪( ،)2003( Chaim Gans‬انظر أيضا النقاش حول عمل ميلر‬
‫يف عمل (‪ De Schutter‬و‪ .)2011 Tinnevelt‬وقد احتل صدارة االهتمام يف العقدين املاضيني يف‬
‫النقاش وحىت أنه حفز إلعادة قراءة القومية التارخيية من منظوره‪ ،‬على سبيل املثال يف (‪2005 Miller‬أ)‬
‫و(‪ ،)2002 Sung Hu Kim‬و (‪ .)2007 Brian Vick‬يتقبل معظم الكتاب القوميني الليرباليني‬
‫نسخا ُمتلفة ضعيفة لألطروحات اليت سنسطرها اتليا‪ ،‬جاعلة إايهم داعمني الدعاءات قومية معتدلة أو ابلغة‬
‫االعتدال‪.‬‬

‫جيب أن يُذكر هنا مقرتحا أكثر مثالية‪ ،‬ويعود إىل (‪ ،)2003 Chandran Kukathas‬والذي‬
‫جيمع بشكل جيد بني تعددية ثقافية مع متيز جمتمعات ُمصوصة والذي حتتفي به القومية الكالسيكية‪ .‬يتضمن‬
‫«أرخبيله الليربايل» من وحدات تدعى «اجلُُزر» ختتلف متاما فيما بينها‪ ،‬لكنها متجانسة ثقافيا من الداخل يف‬
‫غالبها‪ .‬قد تكون بعض هذه اجلزر غري حمببة إطالقا ابملعايري الليربالية‪ ،‬بيد أن ما جيعل األرخبيل ليرباليا ابجململ‬
‫هو أن كل جمتمع يضمن ألعضائه املعارضني حقهم يف الرحيل (وهو ما قد يكلف مثنا ابهظا إن مل جيد أعضاؤها‬

‫حكمة © ‪Copyright 2017‬‬ ‫‪24‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ‬

‫السابقني مكاان يوفر هلم حياة كرمية)‪ .‬لذلك قد يكون أول مستوى من التنظيم السياسي غري ليرباليا (أيمل‬
‫كوكااثس أال يصبح احلال كذلك)‪ ،‬بينما يكون املستوى الثاين ليرباليّا بقوة‪ .‬جيمع هذا املقرتح بطريقة جيدة‬
‫اخلصائص التقليدية للقومية الكالسيكية مع خصال ليربالية جدا‪ ،‬أانركية تقريبا للمجمل‪ .‬ومن سوء احلظ‪،‬‬
‫ِ‬
‫موحدة‪ ،‬وهذا ما ال ميلكه كوكااثس‪ .‬إن اخلطر‬
‫يصعب ختيل ما قد حيفظ حلمة هذا األرخبيل دون دولة قوية ّ‬
‫اجللي هو احندار حنو أرخبيل متعدد األقطاب‪ ،‬ببعض جزر كبرية وقوية (كجزيرة إسالمية ضخمة‪ ،‬جزيرة ضخمة‬
‫أوروبية النوع‪ ،‬وهلم جرا)‪.‬‬

‫فألعد إىل اخلط الرئيسي للشرح‪ .‬هذه هي عناصر ضعف اإلثنو قومية الكالسيكية اليت يقرتحها‬
‫القوميون الليرباليون القوميون‪ ،‬والقوميون الليرباليون املقيدون‪ ،‬والقوميون الكونيون‪ .‬أوال‪ ،‬لالدعاءات اإلثنو قومية‬
‫ُ‬
‫نقطة قوة بديهية واحدة‪ ،‬وال ميكنها أن تتجاوز حقوق الفرد‪ .‬اثنيا‪ ،‬ال ميكن لالدعاءات اإلثنو قومية الشرعية‬
‫أن ترقى تلقائيا إىل احلق يف الدولة‪ ،‬بل إىل احلق يف مستوى معني من االستقالل الثقايف‪ .‬النموذجان األساسيان‬
‫لالستقالل مها إما قطري وغري قطري؛ يتضمن األول تفويض اختاذ القرار القطري‪ ،‬أما الثاين فيعين االستقالل‬
‫الثقايف املمنوح لألفراد بغض النظر عن مكان إقامتهم داخل الدولة‪( .‬لنقاش حمفز جدا عن االمتيازات املقا ِرنة‬
‫املثبّطات يف كل منهما‪ ،‬انظر مقاالت راينر ابوبوك (‪ )Reiner Baubock‬وويل كيمليكا ( ‪Will‬‬
‫ُ‬
‫‪ )Kymlicka‬يف عمل دييكوف(‪ ،)2004( )Dieckoff‬حيث يدافع األول عن االختيار الغري قطري‪،‬‬
‫بينما يدافع الثاين عن االختيار القطري‪ ).‬اثلثا‪ ،‬ختضع القومية اإلثنية للوطنية املدنية واليت ال عالقة هلا أو متلك‬
‫قبل األساطري اإلثنو قومية و"املغلوطات املهمة" املشاهبة هلا إن كانت غري‬
‫عالقة نزرة ابملعايري اإلثنية‪ .‬رابعا‪ ،‬تُ ُ‬
‫مؤذية أو مهينة‪ ،‬ففي تلك احلالة مسموح هبا أخالقيا يف احلالتني رغم مغلوطيتها‪ .‬وأخريا‪ ،‬جيب أن تستمد أي‬
‫شرعية قد متتلكها االدعاءات اإلثنو قومية من اخليارات اليت يتخذها األفراد أصحاب العالقة حبرية‪.‬‬

‫‪ 3-2‬أفكار مؤيدة للقومية‪ :‬احلاجة الشديدة جملتمع‬


‫أتمل اآلن األطروحات املخصوصة يف اجملموعة األوىل‪ .‬يعتمد الطرح األول على افرتاضات تظهر يف‬
‫األطروحات التالية أيضا‪ ،‬لكنها تعزو قدما إىل اجملموعة قيمة داخلية‪ .‬بينما تشري األطروحات الالحقة أكثر إىل‬
‫قيمة أدواتية لألمة مشتقة من قيمة االزدهار الفردي والفهم األخالقي واهلوية الثابتة وما شاهبها‪.‬‬

‫حكمة © ‪Copyright 2017‬‬ ‫‪25‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ‬

‫‪ .1‬الطرح من منطلق قيمة داخلية‪ :‬تُعترب كل مجاعة إثنو قومية ذات قيمة يف ذاهتا ولذاهتا مبا‬
‫أهنا توجد فقط ضمن اإلطار الطبيعي احلاوي لتقاليد ثقافات ُمتلفة حيث تُنتج وتنتقل املعاين‬
‫والقيم املهمة‪ .‬إن أعضاء تلك اجلماعات أقرب لبعضهم بطرق عديدة عرب تكلم نفس اللغة‬
‫وتشارك العادات والتقاليد عمن ال يتشاركون معهم نفس الثقافة‪ .‬وابلتايل يصبح اجملتمع شبكة‬
‫من األعضاء املرتبطني أخالقيا‪ ،‬أي جمتمع أخالقي بروابط التزام خاصة وقوية جدا‪ .‬يتعلق‬
‫التزام ابرز لكل فرد ابلسمات احملددة للمجتمع اإلثين‪ ،‬على رأسها اللغة والعادات‪ :‬جيب‬
‫رعايتهما ومحايتهما وحفظهما وتقويتهما‪ .‬وغالبا ما يُنتقد االفرتاض العام أبن الواجبات‬
‫األخالقية تزيد مع القرب الثقايف على أنه ُمعضل‪ .‬واألدهى من ذلك‪ ،‬فحىت لو سلمنا هبذا‬
‫االفرتاض العام نظراي فإنه ينهار مع التجربة‪ .‬فغالبا ما ينقلب احلراك القومي على اجلريان‬
‫القريبني (والشبيهني) عوضا عن على الغُرابء البعيدين‪ ،‬إىل حد أن يف سياقات مهمة عديدة‬
‫ال يفيد االستنجاد ابلقرب‪ .‬بيد أنه قد يستعيد قوته الواعدة ضد مجاعات بعيدة ثقافيا‪.‬‬

‫‪ .2‬الطرح من منطلق االزدهار‪ :‬إن اجملتمع اإلثنو قومي أساسي من أجل ازدهار كل واحد من‬
‫أعضائه‪ .‬فداخل هذه اجلماعة فقط على وجه اخلصوص ميكن للفرد اكتساب مفاهيم وقيم‬
‫أساسية لفهم احلياة الثقافية للمجتمع عموما‪ ،‬وحياته اخلاصة ابلتحديد‪ .‬لقد كان مثة جدل‬
‫مستفيض من جهة املناصرين للقومية عما إذا كان تنوع القيم جوهري للفصل بني اجلماعات‬
‫القومية‪ .‬أشار القوميّون الليرباليون الكنَديون ساميور (‪ )1999‬واتيلور وكيمليكا إىل أن‬
‫'االختالفات يف القيم بني مناطق ُمتلفة من كندا'‪ ،‬اليت تتطلع إىل قومية منفصلة‪ ،‬هي‬
‫'شحيحة"‪ .‬استنتج كيمليكا (‪ ،1993‬ص ‪ )155‬أن انفصال القيم ليس هو املهم‪ .‬ال تزال‬
‫هذه النتيجة متسقة مع طرح االزدهار إن مل تؤخذ 'املفاهيم والقيم' على أهنا قومية بشكل‬
‫خاص‪ ،‬كما يدعي القوميون املجتمعاتيون (‪ ،1994 MacIntyre‬و‪Margalit‬‬
‫ُ‬
‫‪ .) 1997‬يشري نقاد القومية إىل أن االزدهار قد حيمل مثنا ابهظا جدا‪ ،‬خصوصا على هيئة‬
‫العدوان على اجلريان‪ .‬ويشري ب‪ .‬ايك (‪ )B. Yack‬إىل اخلطر يف األوضاع اليت تتضافر فيها‬

‫حكمة © ‪Copyright 2017‬‬ ‫‪26‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ‬

‫عوامل ُمتلفة ضد اجلريان‪« :‬حساابت املصلحة‪ ،‬ومشاعر الصداقة االجتماعية ومعتقدات‬


‫العدالة»‪ ،2012( .‬ص ‪ ،)221‬انظر أيضا النقاش يف عمل ايك وهرين (‪ )Hearn‬وآخرين‬
‫(‪.)2014‬‬

‫‪ .3‬الطرح من منطلق اهلوية‪ :‬يؤكد الفالسفة اجملتمعاتيون على أمهية الرتبية على الطبيعة كقوة‬
‫رئيسة يف حتديد هويتنا كشعوب‪ ،‬إننا نصبح ما حنن عليه بسبب الظروف االجتماعية‬
‫والسياقات اليت ننضج فيها‪ .‬هلذا االدعاء شيء من الصحة‪ .‬فهوية كل فرد منا تعتمد على‬
‫مشاركته\ها يف احلياة اجلماعية (انظر ‪ ،1994 MacIntyre‬و‪،1998 Nielsen‬‬
‫و‪ .)2000 Lagerspetz‬فنيلسون مثال يكتب‪:‬‬

‫«لكي نضع األمور كما هي‪ ،‬إننا اتئهون إن مل نُعرف أنفسنا بشيء من الواقع االجتماعي املوضوعي‪ :‬أي أمة‪،‬‬
‫وليس ابلضرورة دولة‪ ،‬بتقاليدها اخلاصة‪ .‬فما جنده لدى الشعوب هو احلاجة ليس لقول ما ميكنهم فعله فحسب‬
‫وإمنا أن يقولوا من يكونون‪ ،‬وهذا مغروس عميقا كاحلاجة لتطوير مواهبهم‪ .‬وهذا موجود وليس ُمتلق‪ ،‬موجود‬
‫يف تعرف املرء على نفسه من خالل اآلخرين يف ثقافة مشرتكة قائمة على اجلنسية أو العرق أو الدين أو اخللط‬
‫بني الثالثة‪...‬وحتت الظروف احلديثة‪ ،‬ال ميكن حتقيق هذا احلفاظ وتغذية الوعي القومي هذا دون دولة قومية‬
‫تتوافق مع هذا الوعي القومي»‪ ،1993( .‬ص ‪.)32‬‬

‫ابعتبار أن أخالق الفرد تعتمد على امتالكه هلوية شخصية انضجة ومستقلة‪ ،‬فإن الظروف االجتماعية‬
‫دعم‪( .‬لالطالع على الوجه اآلخر للفكرة‪،‬‬
‫اليت حتتضن وترعى تطور اهلوية الشخصية هذه جيب أن ُحتفظ وتُ ّ‬
‫انكار أمهية اهلوية الثابتة واملتجانسة واليت تقرتح هوايت هجينة‪ ،‬انظر مقاالت ‪ Iyall Smith‬و‪Leavy‬‬
‫‪ .)2008‬يدعي الفالسفة القوميون أبن األمة هي الصيغة الصحيحة للحفاظ وتشجيع جمتمعات ماحنة للهوية‬
‫كهذه‪ .‬وعليه‪ ،‬جيب تنظيم احلياة اجلماعية حول ثقافات قومية خاصة‪ .‬ويقرتح القوميون الكالسيكيون أن جيب‬
‫أن ُمتنح دوهلا اخلاصة‪ ،‬بينما يقرتح القوميون الليرباليون أبن على الثقافات أن حتصل على األقل على نوع ما من‬
‫احلماية السياسية‪( .‬لالطالع على نقاش القضااي اللغوية اليت تُربط غالبا ابهلوية‪ ،‬انظر ‪Kymlicka‬‬
‫و‪ 2003 Patten‬و‪.)2003 Patten‬‬

‫حكمة © ‪Copyright 2017‬‬ ‫‪27‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ‬

‫‪ .4‬الطرح من منطلق الفهم األخالقي‪ :‬إن القيمة األخالقية شق مهم على وجه اخلصوص من‬
‫القيمة‪ .‬إن بعض القيم عاملية كاحلرية واملساواة‪ ،‬لكن تلك جتريدية للغاية و"هشة"‪ .‬فالقيم‬
‫الغنية و «املتينة» ملحوظة فقط ضمن تقاليد معينة ألولئك الذين طبقوا من كل قلبهم عادات‬
‫ومعايري التقليد املعين‪ .‬فكما يضعها تشارلز اتيلور‪« :‬إن اللغة اليت أتينا لتقبلها هي تلك اليت‬
‫تعرب عن قضااي لصاحلنا‪ ،1989( ».‬ص ‪ .)35‬تقدم األمة إطارا طبيعيا للتقاليد األخالقية‪،‬‬
‫وابلتايل للفهم األخالقي‪ ،‬إهنا مدرسة األخالق األوىل‪( .‬وأشري هنا لإلنصاف أبن اتيلور نفسه‬
‫مرتدد يف شأن صيغة األخالق القومية)‪ .‬ما يُالحظ غالبا يف هذا اخلط من الفكر أن أمما‬
‫بعينها ال متتلك أخالقا ختصها وحدها‪ ،‬كما أن األخالق «املتينة»‪ ،‬إن استفضنا‪ ،‬قد ختتلف‬
‫عرب انقسامات أخرى كالطبقة والتقسيم اجلندري أكثر مما هي عرب اجلماعات اإلثنو قومية‪.‬‬
‫(انظر ‪ ،)2007( Laegard‬من أجل نقاش حديث راقي ومثري لبعض املخرجات املفاجئة‬
‫ُ‬
‫لالدعاء أبن هناك «قيما قومية»‪ ،‬وما حيدث عندما تُع ّد القيم الليربالية الكالسيكية «قيماً‬
‫قومية»)‪.‬‬

‫‪ .5‬الطرح من منطلق التنوع‪ :‬تساهم كل ثقافة وطنية بشكل فريد يف تنوع الثقافات البشرية‪.‬‬
‫يكتب أشعيا برلني‪ ،‬وهو أحد أشهر املدافعني عن هذا الطرح يف القرن العشرين‪ ،‬يف أتويله‬
‫لفكرة يوهان هريدر الذي كان أول من منح الفكرة أمهيتها‪:‬‬

‫« إن 'علوم فراسة' الثقافات أمر فريد‪ .‬إذ تقدم كل واحدة صقال رائعا للمؤهالت البشرية يف زمنها ومكاهنا‬
‫وبيئتها اخلاصة‪ .‬ومينع علينا إصدار أحكام ذات قيمة ُمقارنة‪ ،‬ألن ذلك هو قياس ما ال يُقاس‪ 1976( ».‬ص‬
‫‪.)206‬‬

‫وعليه فإن حامل القيمة األساس هو ُجممل الثقافات اليت كل ثقافة قومية وأسلوب حياة يسامهان يف‬
‫اجململ يشتقان قيمتهما اخلاصة‪ .‬ابلتايل الطرح من منطلق التنوع هو تعددي‪ ،‬إذ أنه يعزو القيمة لكل ثقافة‬
‫بعينها من املنظور اجلمعي الكلي للثقافات‪ .‬إذا افرتضنا أن األمة (اإلثنو‪ )-‬قومية هي وحدة الطبيعية للثقافة‪،‬‬

‫حكمة © ‪Copyright 2017‬‬ ‫‪28‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ‬

‫فإن احلفاظ على التنوع الثقايف يرقى إىل احلماية املؤسساتية لنقاء الثقافة (اإلثنو‪ )-‬قومية‪ .‬ميكن محاية تعدد‬
‫األمناط الثقافية ودعمها عرب ربطها ب «أشكال احلياة» اإلثنو قومية‪ .‬غري أنه ميكن لعدم اتساق براغمايت أن‬
‫حيدد هذا الطرح‪ .‬إن املسألة هي من إبمكانه أن يقرتح شرعيا تنوعا إثنو قومي على أنه مثايل‪ :‬فالقومي مرتبط‬
‫بشدة بثقافته (ها)‪ ،‬بينما الكوزموبولييت متحمس للغاية للحفاظ على الصالت ما بني الثقافات اليت تتجاوز‬
‫فكرة امتالك دولة قومية واحدة‪ ،‬فضال على ذلك‪ ،‬هل للتنوع قيمة لدرجة أنه يستحق احلماية حيثما ُوِجد؟‬
‫هل جيب أن تقتصر محاية التنوع على أوجه حمددة من الثقافة أو (الثقافات) املقرتحة بعمومية اتمة؟ (انظر‬
‫ُ‬
‫‪ Francois Grin‬يف ‪ Kymlicka‬و‪ )2003( Patten‬من أجل صيغة حمددة ومعتدلة لطرح من‬
‫منطلق التنوع‪ ،‬ملتمسني األنطولوجيا مع التنوع احليوي جتانسه غري أهنما يركزان على التعدد اللغوي حصرا‪).‬‬

‫إن اخلط الفكري (‪ )1‬ليس فردانيا‪ .‬وميكن تقدمي (‪ )5‬دون اإلشارة إىل األفراد‪ :‬قد يكون التنوع خريا‬
‫يف ذاته‪ ،‬وقد يكون خريا لألمم‪ .‬لكن خطوط التفكري األخرى يف اجملموعة اليت قُدمت للتو مرتبطة مجعيها أبمهية‬
‫احلياة االجتماعية يف عالقتها ابلفرد‪ .‬لقد خرجت من املنظور اجملتمعايت «العميق»‪ ،‬والتيمة املكررة فيها هي‬
‫أمهية واقع أن العضوية يف اجملتمع ليست اختيارية وإمنا ال إرادية‪ .‬مثة أساس طائفي عام يف كل طرح (أي جمتمع‬
‫أمر حاسم هلوية املرء أو الزدهاره أو أي صاحل مهم‪ ،‬جمتمع ال ميلك الفرد فيه خيار االنتماء من عدمه)‪ .‬واليت‬
‫تُعترب عنصر حس ٍم يف هوية الفرد‪ ،‬أو يف ازدهاره أو يف خري مهم أخ ٍر ما‪ ).‬ويرتبط هذا األساس ابدعاء وصفي‬
‫ضيق ومرتكز على األمة‪ ،‬ومفاده أن األمة القومية هي حتديدا نوع اجملتمع أكثر مالئمة هلذا املهمة بشكل مثايل‪.‬‬
‫بيد أن القوميني الليرباليني ال جيدون هذه الفكرة مقنعة متاما‪ .‬فحسب منظورهم‪ ،‬قد ال تدعم أساسات هذه‬
‫األطروحات ُحزمة الطموحات القومية كاملة وقد ال تص بشكل غري مشروط‪ .‬انظر (‪.)2008( )Hale‬‬
‫تستحق خالصة هايل أن تُقتبس‪ « :‬إن اإلثنية مدفوعة ابختزال غري يقيين‪ ،‬بينما السياسات اإلثنية مدفوعة‬
‫ابملصاحل‪ 2008( ».‬ص ‪ .)241‬مع هذا‪ ،‬مثة الكثري يف تلك األطروحات‪ ،‬وقد تدعم القومية الليربالية وتتخذ‬
‫موقفا أكثر اعتداال لصاحل الثقافات القومية‪.‬‬
‫خنتم هذا اجلزء من املقال ابإلشارة إىل موقف داع ٍم للقومية على قدر كبري من التشويق واألمهية طوره‬
‫دايفيد ميلر (‪ )David Miller‬على مدى عقود‪ ،‬بدءا بعمله الصدر سنة ‪ 1990‬وصوال إىل عمله الصادر‬
‫سنة ‪ . 2013‬إن ميلر يقبل تنوعا متعدد الثقافات داخل اجملتمع‪ ،‬لكنه يؤكد على هوية قومية ممتدة‪ ،‬متخذا‬
‫اهلوية القومية الربيطانية مثاله الرئيس‪ ،‬واليت تشمل اإلجنليز واألسكتلنديني وهوايت إثنية أخرى‪ .‬ويطالب بـ‬

‫حكمة © ‪Copyright 2017‬‬ ‫‪29‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ‬

‫«هوية شاملة متاحة ألعضاء كل اجلماعات الثقافية‪ 2013( ».‬ص ‪ .)91‬يزعم ميلر أن هوية كهذه ضرورية‬
‫للتضامن االجتماعي األساسي وتتجاوز الوطنية الدستورية البسيطة بكثري‪ .‬قد يذكر مشكك ما يلي‪ :‬إن مشكل‬
‫اجملتمع املتعدد الثقافات هو أن اهلوية القومية كانت اترخييا مسألة روابط إثنو قومية‪ ،‬وتطلبت تشاهبا يف السمات‬
‫الثقافية الغالبة ذات الثقل (كاللغة املشرتكة‪« ،‬والتاريخ املشرتك كما يُتذكر»‪ ،‬والعادات‪ ،‬والدين وهلم جرا)‪ .‬غري‬
‫أن الدول متعددة الثقافات عادة ما تضم مجاعات بتاريخ ولغات ودايانت وحىت مظاهر ُمتلفة جدا‪ .‬كيف إذا‬
‫ميكن حتقيق «اهلوية القومية» املمتدة بدءا ابهلوية الضعيفة لالنتماء املشرتك إىل دولة معينة؟ يبدو كأن املرء واقع‬
‫يف معضلة‪ .‬يتطلب ترسيخ التضامن االجتماعي يف اهلوية القومية أن تكون األخرية هشة وأن يبدو أهنا ستنتهي‬
‫إىل هوية ثقافية وحدوية‪ .‬قد تكون الوطنية الدستورية التصرف الوحيد الذي إبمكانه ترسيخ تضامن كهذا بينما‬
‫حيافظ على التنوع الثقايف األصلي‪.‬‬

‫‪ 3-3‬نقاشات لصاحل القومية‪ :‬قضااي العدالة‬


‫هتم أفكار القسم الثاين العدالة السياسية وال تعتمد على االدعاءات امليتافيزيقية حول اهلوية‪ ،‬واالزدهار‬
‫والقيم الثقافية‪ .‬إهنا تستنجد ابلظروف (أكانت حقيقية أم ُم ّدعاة) القادرة على جعل السياسات القومية عقالنية‬
‫يتسىن‬ ‫ٍ‬
‫(أو ُمتقبّـلَة أو ضرورية حىت)‪ ،‬ظروف (أ) كحال نظام جزء مهم من العامل على شكل دول قومية (حىت ّ‬
‫لكل مجاعة جديدة تطمح إىل خلق دولة قومية تتبّع منط قائم)‪ ،‬أو (ب)‪ ،‬أو على شكل ظروف دفاع اجلماعة‬
‫عن نفسها‪ ،‬أو إنصاف املظامل من املاضي‪ ،‬وكلها ظروف قد تربر السياسات القومية (وهذه فقط حالة من بني‬
‫أخرايت)‪ .‬تقدم أفكار أخرى األمة على أهنا عامل إجيايب يفضي إىل الصاحل السياسي املهم كاملساواة‪.‬‬
‫طرح احلق يف تقرير املصري اجلماعي‪ :‬لكل مجاعة ذات عدد كاف من األفراد حق بديهي يف‬ ‫(‪)1‬‬
‫حكم نفسها‪ ،‬وتقرير عضويتها املستقبلية‪ ،‬إن كانت تلك إرادة األعضاء املشكلني هلا‪ .‬إن اإلرادة السياسية‬
‫لألعضاء أنفسهم يف الواقع هي اليت تؤسس للحق يف دولة إثنو قومية وملؤسسات وممارسات ثقافية ترتكز على‬
‫اإلثنية‪ .‬تقدم هذه الفكرة التربير لالدعاءات (اإلثنو) قومية على أساس أهنا تنضح من إرادة أعضاء األمة‪ .‬وعلى‬
‫هذا األساس تُعترب أمرا مناسبا جدا للقومي الليربايل‪ ،‬لكنها ال جتد نفس الصدى لدى اجملتمعايت العميق الذي‬
‫يعترب أن واجبات األمة مستقلة عن خيارات أفرادها‪ ،‬وحتظى لديه األمة ابألسبقية على خيارات األفراد‪( .‬يقدم‬
‫بيوكاانن ‪ Buchanan‬يف عمله الصادر سنة ‪ 1991‬نقاشا ُمسهبا هلذا الطرح‪ ،‬وقد أصبح عمله مرجعا‬

‫حكمة © ‪Copyright 2017‬‬ ‫‪30‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ‬

‫معاصرا ُمعتمدا‪ ،‬انظر أيضا ‪ 1998 Moore‬وغانز ‪ .2003‬انظر أيضا ‪ J. Levy‬كما ورد يف‬
‫‪ ،2004 Dieckoff‬ففيه مناظرات وتبادل لألفكار حول املوضوع‪ ،‬انظر أيضا اجمللد حول االنفصال يف‬
‫‪ Pavkovic‬و‪ ،2007 Radan‬و‪ ،2005 Chritopher Heath Wellman‬كما يقدم كوهن‬
‫‪ 2006 Kohen‬جملدا مهما عن املنظور القانوين‪ ،‬بينما يقدم عمل ‪ 2013 Casertano‬حاالت‬
‫مدروسة مهمة‪ ،‬ويقدم ايك ‪ 2012‬يف اجلزء العاشر حكما مفرطا يف السلبية عن املوضوع‪).‬‬
‫طرح احلق يف الدفاع عن النفس والتعويض عن مظامل املاضي‪ :‬مينح القمع والظلم اجلماعة‬ ‫(‪)2‬‬
‫الضحية حقا مشروعا يف االنفصال‪ .‬فإن تعرضت مجاعة أقلية إىل القمع من قبل مجاعة األغلبية إىل حد أن كل‬
‫عضو ابلتقريب يف مجاعة األقلية يعيش حياة شظف أسوأ من تلك اليت يعيشها جل أعضاء مجاعة األغلبية‬
‫ومقنعة جدا‪ .‬يُعترب هذا‬
‫بسبب انتمائه لألقلية‪ ،‬فإن االدعاءات القومية ابسم األقلية تُعترب عقالنية وأخالقيا ُ‬
‫شرعي فقط يف حاالت‬
‫الطرح جوااب ُمقيَدا عن أسئلتنا (‪ 2‬ب) و (‪ 3‬ج)‪ :‬إن استعمال القوة لتحقيق السيادة ٌّ‬
‫الدفاع عن النفس أو التعويض عن املظامل‪ .‬وابلطبع فال زال يوجد الكثري مما جيب فعله يف سبيل حتديد من قد‬
‫تُستعمل القوة ضده شرعيا‪ ،‬وكم من األذى قد يقع يف صف كم من األعداء‪ .‬ويُقر الطرح أيضا حقا تعويضيا‬
‫منوذجيا مقبوال من وجهة نظر ليربالية‪( .‬انظر النقاش يف ‪ Kukathas‬و‪ ،2000 Poole‬وأيضا بيوكاانن‬
‫‪ ،1991‬و‪ 1992 Waldron‬حول مظامل املاضي)‪.‬‬
‫طرح املساواة‪ :‬إن أعضاء مجاعة األقليات غالبا ما يعانون احلرمان يف عالقتهم مع الثقافة‬ ‫(‪)3‬‬
‫املسيطرة‪ ،‬ألهنم حباجة ماسة ألولئك الذين يتكلمون نفس اللغة وينتمون إىل نفس الثقافة لتدبري شؤون حياهتم‬
‫اليومية‪ .‬وألن حرية تدبري الشؤون وقضاء احلاجات اليومية خري عام‪ ،‬ونعلم أنه من الصعب تغيري اتكال الفرد‬
‫على ثقافة األقلية املنتمي إليها أو التخلي عنها لبلوغ اخلري املذكور‪ ،‬فإن هذا االتكال قد يقود إىل بعض أشكال‬
‫الالمساواة إن مل تـُتّخذ إجراءات خاصة هبذا الشأن‪ .‬جيب على بناء األمة التلقائي الذي تقوده األغلبية أن‬
‫يراعي أشكال احليف هذه‪ .‬وعليه‪ ،‬يتطلب احلياد الليربايل نفسه أن تُقدم األغلبية بعض املنتجات الثقافية‬
‫األساسية كمنح احلقوق الفارقية (انظر كيمليكا ‪ 1995‬ب‪ ،‬و‪ ،2001‬و‪ .)2003‬إن أشكال احلماية‬
‫الدستورية‪ ،‬وحق اجلماعة األقلية يف إطارها الدستوري اخلاص هي تصويب تستعيد األقلية مبوجبه املساواة مع‬
‫األغلبية‪ ،‬وتوجيه للدولة القومية الناجتة عنه إىل مسار االعتدال والتعدد الثقايف‪( .‬انظر كيمليكا ‪2001‬‬

‫حكمة © ‪Copyright 2017‬‬ ‫‪31‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ‬

‫و‪( .)2003‬ونشري أيضا إىل اقرتاح حديث مثري لالهتمام قدمه ‪،)2006( Robert E. Goodin‬‬
‫لي حتفيز يقفان خلف التعدد الثقايف ونوعان ممكنان انجتان عنهما‪ ،‬ومها‪ :‬التعددية‬ ‫ِ‬
‫والذي مييز فيه ما بني عام ْ‬
‫الثقافية املتعددة اللغات‪ ،‬والتعددية الثقافية الوقائية‪ .‬واألخري من نوع طرح كيمليكا‪ ،‬ويركز على محاية مصاحل‬
‫األقلية من حيف األغلبية‪ ،‬بينما ينضح األول من ُمثُل التعدد وقيمة االختالف‪ ،‬واللذين‪ ،‬يف حال توافرمها يف‬
‫دولة ما‪ ،‬يسمحان «بتوسعة دائرة خيارات الفرد املستقل‪ 2006( ».‬ص ‪).)290‬‬
‫طرح النجاح‪ :‬جنحت الدولة القومية يف املاضي يف تعزيز املساواة والدميقراطية‪ ،‬كما يقول‬ ‫(‪)4‬‬
‫(‪ )Craig Calhoun‬يف كتاب حديث له‪ ...« :‬فتخيّل الدميقراطية يتطلب التفكري يف» الناس «على أهنم‬
‫نشطون ومنسجمون‪ ،‬واعتبار الذات على أهنا عضو وذات فاعلة‪ .‬إن الليربالية متنح فكرة الذات الفردية الفاعلة‬
‫شيئا منها‪ ،‬لكنها تقدم القليل يف أفضل األحوال فيما خيص العضوية واالنسجام اجلماعي وقدرة العامة‪ .‬إن‬
‫القومية هي التّش ّكل اخلطايب األكثر أتثريا يف هتميش أبعاد الدميقراطية هذه يف العصر احلديث‪ 2007( ».‬ص‬
‫‪ .) 174‬يعترب التضامن اإلثنو قومي حافزا قواي خلف التوزيع العادل للمنتجات‪( .‬انظر ‪،1995 Miller‬‬
‫و‪ .)2000 ،1996 Canovan‬وتبدو الدولة القومية أيضا عنصرا أساسا يف أتمني احلياة األخالقية‬
‫للمجتمعات يف املستقبل‪ ،‬ألهنا شكل املؤسسة السياسي الوحيد القادر على محاية اجملتمعات من هتديد العوملة‬
‫واالستيعاب القسري‪( .‬انظر عمل ‪ 1999 Mason‬الذي يقدم فيه نقاشا نقداي مسهبا هلذه الفكرة‪ ).‬إن‬
‫كاهلون واع حبدود مدحه للقومية حيث أتى على ذكر بعضها يف نفس الصفحة اليت اقتبسنا منها أعاله‪.‬‬
‫قدم مؤخرا (‪ )A. Roshwald‬يف كتابه الذي صدر سنة ‪ 2006‬نظرة ُحمبِطة عن جناح الدولة‬
‫كتاب أشار فيه إىل الطبيعة املتناقضة واملتضاربة لالدعاءات القومية‪ .‬نقتبس أسفله ملخصا وافيا عنه‬
‫القومية‪ٌ ،‬‬
‫ورد يف (‪ )A. Smith‬يقول فيه‪:‬‬
‫«إن القومية ابلنسبة لروشوالد عتيقة وحديثة يف اآلن نفسه‪ ،‬فهي تستخدم تصورين توأمني للزمن الدائري‬
‫واخلطي‪ :‬إهنا تنشد تقرير املصري بينما حترص على إبراز كوهنا ضحية‪ ،‬وتصر على خاصية اصطفاء األمة وتدعي‬
‫لنفسها كونية مهمتها يف اآلن عينه‪ ،‬كما أهنا تكشف أخريا عن تعايش الدم النقي واملختلط‪ ،‬وعن تطابق األمة‬
‫اإلثنية واملدنية‪ .‬وعلى الرغم من هذه التناقضات‪ ،‬إال أن القومية قادرة أبدا على جتديد نفسها والتكيف مع‬
‫وضعيات ُمتلفة‪( »...‬مسيث ‪ 2008‬ب‪ ،‬ص‪.)638‬‬

‫حكمة © ‪Copyright 2017‬‬ ‫‪32‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ‬

‫قد جيد من يدعمون الرأمسالية مناشدة من نوع أكثر إشكاال للنجاح من نظرية (‪)Liah Greenfeld‬‬
‫اليت تعترب أبن « القومية هي العامل املسؤول عن إعادة توجيه النشاط االقتصادي ابجتاه النمو» وأبن «املوقع‬
‫الغري مسبوق الذي حظي به اجملال االقتصادي يف الوعي احلديث ليس إال نتيجة ديناميكيات اجملتمع األمريكي‪،‬‬
‫واليت تتحدد بدورها ابخلصائص الفريدة للقومية األمريكية‪ 2001( ».‬ص ‪ .)1‬تنتقد غرينفيلد القومية بشدة‪،‬‬
‫وقد خيطر ببال أحد حشد نظريتها (بعد جتريده من موقفها النقدي) للدفاع عن القومية‪.‬‬
‫ميكن ضم هذه األفكار السياسية إىل أفكار ُجمتمعاتية عميقة أخرى‪ .‬لكن منظور املجتمعاتيني الصريح‬
‫ُ‬
‫يقدم «ثقافوية ليربالية ‪ »liberal culturalism‬تُناسب جمتمعات ُمتعددة إثنيا وثقافيا‪ .‬وهي نسخة أكثر‬
‫بعدا عن القومية الكالسيكية من القومية الليربالية اليت تسم أعمال (‪ )Tamir‬و (‪ .)Nielsen‬وترفض أي‬
‫أساس فلسفي جمتمعي (أي من الطرح اجملتمعي) (انظر عرض كيمليكا املفصل ودفاعه عن الفكرة يف عمله‬
‫(‪ ،)2001‬وعمله املتأخر ذو النفس املوسوعي (‪ )2007‬الذي يصر على نعت الثقافوية املذكورة ب‬
‫«القومية»‪ ،‬وعمله (‪ )2003‬حيث قدم فيه مقتضبا عن الفكرة‪ ،‬انظر أيضا غانز (‪ .))2003‬تشري فكرة بناء‬
‫األمة املعتدل إىل تعددية ثقافية مفتوحة‪ ،‬حيث تتلقى كل مجاعة نصيبها يف احلقوق التعويضية‪ ،‬لكن‪ ،‬وعوضا‬
‫عن عزل نفسها‪ ،‬تشارك كل مجاعة يف ثقافة مدنية مشرتكة متداخلة‪ ،‬وحتافظ على تواصل مفتوح مع جمتمعات‬
‫فرعية أخرى‪ .‬إن أخذان يف االعتبار اختالف اجملتمعات التعددية وحدة التفاعل العابر لألمة‪ ،‬فإن االنفتاح‬
‫املذكور يبدو للكثريين على أنه الضامن الوحيد الستقرار احلياة االجتماعية والسياسية (انظر نقاش الطرح املذكور‬
‫اجلواسة ‪prowling‬‬ ‫يف ‪ Shapiro‬وكيمليكا ‪ .)1997‬يعترب االنفتاح أمرا ضروراي لتفادي مصيدة «القطط ّ‬
‫‪ »cats‬كما مستها (‪ .)2001( )Margaret Canovan‬حتذر كانوفان من أن «النظرايت القومية‬
‫اجلديدة حتوي عن غري قصد بواعث منحرفة على فعل املضاد متاما ملا قصده املنظرون»‪ .‬ويبدو االعتدال املفرط‬
‫احلل الوحيد هلذه املعضلة‪ .‬قد يقود جدل الدعوة إىل اعتدال االدعاءات القومية يف سياق اجملتمعات التعددية‬
‫بناء على هذا إىل موقف يُقدر االختالفات الثقافية‪ ،‬لكنه يبقى موقفا ليرباليا وقد يصل إىل الكوزموبوليتية يف‬
‫تطلعاته احلامسة‪.‬‬
‫إن املوقف الليربايل معتدل ومدين‪ ،‬وال زال هناك الكثري مما سيقال دفاعا عنه‪ .‬إنه حياول مصاحلة حدوسنا‬
‫يف صاحل نوع ما من احلماية السياسية للمجتمعات الثقافية ذات األخالق السياسية الليربالية‪ .‬ويطرح هذا ابلطبع‬
‫قضااي التطابق بني املبادئ الليربالية الكونية وأشكال تعلق الفرد أبمته اإلثنو ثقافية‪ِ .‬‬
‫يفصل القوميون الليرباليون‬
‫جدا ك (‪ )Tamir‬األمة اإلثنو ثقافية)‪ (ethno-cultural nationhood‬عن وضعية امتالك دولة‬

‫حكمة © ‪Copyright 2017‬‬ ‫‪33‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ‬

‫مستقلة (‪ )statehood‬فصال اتما‪ .‬ويقرتحون أيضا أبن نوع حب البلد أو التعلق به يضعف يف وجود كل‬
‫أشكال االعتبارات الكونية‪ ،‬وهو ما يقوض املصاحل القومية يف النهاية (انظر اتمري ‪ 1993‬ص ‪ ،115‬وانظر‬
‫أيضا ‪ 2001 Moore‬و‪ .)2003 Gans‬مثة نقاش دائر اليوم بني القوميني املتفلسفني‬
‫ُ‬
‫عرف‪( .‬فعلى‬‫(‪ )philosophysing‬حول نسبة الضعف والتنازل اللتان تُعتربان مطابقتان ملوقف قومي كما يُ ّ‬
‫سبيل املثال تقدم كانوفان ‪( ،1996‬ج ‪ )10‬اتمري على أساس أنه ختلى عن مثل 'الدولة القومية'‪ ،‬وعليه يكون‬
‫قد ختلى ابلتايل عن األمة‪ .‬وينتقد ساميور (‪ )1999‬تغاضي اتيلور وكيمليكا املقصود عن الربامج القومية‬
‫األصيلة‪ ،‬واقرتاحهما القاضي بتعويض القومية ابلتعددية الثقافية‪ ).‬هناك أيضا خيط فكر انظم حاضر يف أعمال‬
‫بعض القوميني الليرباليني يُعترب على صلة مبصاحل كوزموبوليتية‪( ،‬انظر ‪ 1998 Nielsen‬و‪ .)1999‬انظر‬
‫مقدمة عمل (‪ )Delanty‬و (‪ )2006( )Kumar‬ومسامهة ديالنيت يف العمل املذكور من أجل االطالع‬
‫عن مقاربة أكثر سوسيولوجية جلدل العاملي واإلثنو قومي‪).‬‬
‫مت إدماج قضااي القومية ابطراد يف النقاش حول النظام العاملي يف السنني األخرية (انظر مداخل العوملة‬
‫والكوزموبوليتانية على املوسوعة)‪ .‬يُعترب الرابط املفاهيمي األساسي هو االدعاء القائل أبن وضع الدول القومية‬
‫وضع طبيعي ومستقر ومناسب‪ ،‬وتشكل كلها وحدات مناسبة للنظام العاملي‪ .‬ويقوم االدعاء املذكور على‬
‫أساس االفرتاض القائل أبن كل دولة قومية تعين تباعا «شعبا» ما‪ ،‬أي ساكنة متجانسة تقدر التضامن مع‬
‫مواطنيها‪ .‬وتُعترب النظرة اليت تشكلت مع مقال جون راولز )‪« (John Rawls‬قانون الشعوب»‪ ،‬وهو املقال‬
‫ومهذبة من حيث املمكن السياسي‬
‫الذي أبدى حسن ظن كبري ابلنظام الدويل املكون من دول قومية متحررة ُ‬
‫والقيمة األخالقية العالية له‪ .‬وحياجج نقاد راولز الكوزموبوليتيني‪ ،‬وعددهم يزداد‪ ،‬ما يناقض الوضع التقديري‬
‫الذي منحه للدولة القومية‪ ،‬وينتقدون افرتاضه القائل بتجانس «الشعوب»‪( .‬انظر ‪ 2001 Pogge‬و‪،2002‬‬
‫و‪ ،2000 O'Neill‬و‪ ،2002 Nussbaum‬و‪ ).1999 Barry‬يهم نقاش على عالقة هبذا دور‬
‫األقليات يف مسارات العوملة (انظر ‪ .)2004 Kaldor‬لقد ولّد اهتمام الفالسفة أبخالقيات النظام العاملي‬
‫مقرتحات مهمة حول وحدات بديلة أقل من األمة وعابرة هلا‪ ،‬واليت قد تلعب دورا ُمميَزا عن دور الدول القومية‪،‬‬
‫وقد تصل مرحلة تكميل دور الدول القومية (انظر ‪ 2003 Held‬الذي يقدم ملخصا رائعا عن هذا الطرح‪،‬‬
‫بينما يقدم ‪ ،2004 Walzer‬يف اجلزء ‪ 12‬نظرة شاملة رائعة وحديثة عن فكرة البدائل)‪ .‬واملثري أكثر من‬
‫ذلك هو أن املقاربتان قد تلتقيان يف النهاية‪ :‬فالقومية الليربالية املتعددة الثقافات‪ ،‬والكوزموبوليتانية املعتدلة اليت‬
‫تقدر االختالف تشرتكان يف الكثري‪ .‬وقد حذا هذا التقارب (‪ )Kok-Chor Tan‬للبحث فيه‪ ،‬انظر عمله‬

‫حكمة © ‪Copyright 2017‬‬ ‫‪34‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ‬

‫الصادر سنة (‪ ،)2004‬وخصوصا اجلزء اخلامس‪ .‬لكن التقارب بني الفكرتني يبدو أكثر يف مقاله الصادر سنة‬
‫‪ ،2011‬انظر أيضا كتابه الصادر سنة ‪.)2012‬‬

‫‪ 3-4‬الدولة القومية يف السياق الدويل‬


‫دعوان نبدأ ابلعودة إبجياز إىل النقاشات احلديثة حول القطر واألمة‪ ،‬وبعد ذلك سنتطرق إىل قضااي‬
‫العدالة الدولية‪ .‬حياول القوميون الليرباليون ك (‪ ،2000 Miller‬و‪ ،2003 Gans‬و‪)2009 Meissels‬‬
‫احلفاظ على الرابط القومي التقليدي بني «املِلكيّة» اإلثنية للدولة والسيادة والسيطرة ال ُقطرية‪ ،‬غري أن هذا يتم‬
‫مرن ومتطور‪ .‬وعلى هذا األساس تُقدم (‪ )Tamar Meissels‬طرحها يف صاحل «أخذ الرتتيبات‬ ‫يف إطار ٍ‬
‫القومية القائمة يف االعتبار على أساس أهنا عامل أساسي يف ترسيم احلدود القطرية»‪ ،‬ألن ِخلْيط الفكر الناظم‬
‫س ليربالية» (يف أعمال جون لوك مثال) وجاذبية ليربالية قومية (انظر عمل ميسيلز ‪ ،2009‬ص‬ ‫أس ٌ‬
‫هذا « ُ‬
‫‪ ،)159‬والذي يقوم على ارتباطه بشعار تقرير املصري القومي الليربايل‪ .‬جتمع ميسيلز بني هذا الطرح وبني أتويل‬
‫دعاوى 'احلق التارخيي' لدى (‪ )Chaim Gans‬القائلة أبن األخري يعين «احلق يف األقطار الشكلية‬
‫(‪( »)formative territories‬غانز ‪ ،2003‬ج الرابع عشر)‪ .‬إهنا إذا جتمع «األفكار التارخيية كادعاءات‬
‫يف األقطار الشكلية» مع فكرهتا عن االستيطان‪ ،‬وتُصر على تفاعلهما ودعمهما لبعضهما البعض حيث‬
‫تقدمهما على أساس أهنما «على عالقة وطيدة ابالفرتاضات القومية الليربالية وتقومان على أسسها الفكرية‪».‬‬
‫(ميسيلز ‪ ،2009‬ص ‪ .) 160‬وعلى الرغم من ذلك تؤكد ميسيلز أبن الروابط الشكلية بقطر ما قد تكون‬
‫مشرتكة بني مجاعات إثنية متعددة‪ ،‬وقد تتنافس دعاوى احلق املتعددة يف القطر الواحد على أساس سبق‬
‫االستقرار يف املكان‪( .‬ينطلق ايك ‪ ،2012( Yack‬ص ‪ )203‬من نفس الفكرة‪ ،‬لكنه خيلص إىل نتائج أكثر‬
‫تشاؤما)‪.‬‬
‫ميكننا القول‪ ،‬يف ظل الصراعات القومية اليت عرفها القرن العشرون‪ ،‬أبن الدول اليت حترتم تعدد الثقافات‪،‬‬
‫واليت إن قُ ّسمت إىل مجاعات صغرية ومغلقة ومعزولة‪ ،‬ال تلتصق ببعضها إال برتتيب تسوايت مؤقتة‪ ،‬أبهنا تبقى‬
‫جوهراي غري مستقرة‪ .‬وقد يتطلب االستقرار على هذا األساس تعزيز اجملتمعات التعددية‪ ،‬كما تصورها الثقافيون‬
‫الليرباليون‪ ،‬لكثافة التفاعل العابر للدولة بني اجلماعات الثقافية من أجل إحباط انعدام الثقة‪ ،‬والتخفيف‬
‫التعصب‪ ،‬وخلق أساس متني للتعايش‪.‬‬

‫حكمة © ‪Copyright 2017‬‬ ‫‪35‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ‬

‫وعلى الطرف املقابل من هذا يُشري الكتاب الكوزموبوليتيني ك (‪،2003 Buchanan‬‬


‫و‪ )2005 Waldron‬إىل االستقرار املتعدد جلماعات ُمتلفة يف قطر واحد‪ ،‬وإىل أمهية قرب مجاعات إثنو‬
‫ثقافية ُمتلفة عن بعضها البعض‪ .‬إهنم يؤكدون على التعدد الثقايف الداخلي‪ .‬جيب على حدود الدولة أن جتمع‬
‫شتات مجاعات ثقافية متميزة (وخاصة اجلماعات اإلثنو قومية) ألسباب تعود إىل أمهية السالم واألمن‪ ،‬وهذا‬
‫هو احلال غالبا‪ .‬فإن مجعنا بني احلافز الثقايف من أجل تعزيز تعددية ثقافية منفتحة‪ ،‬وحافز والدرون القائم على‬
‫األمن‪ ،‬والذي هدفه بناء دولة ذات كفاءة يف فك النزاعات وإقامة العدل‪ ،‬يصبح تشكيل دولة آنذاك واجبا‬
‫دين به لكل من قد ندخل معهم يف صراع دائم (انظر والدرون ‪.)2005‬‬
‫نُ ُ‬
‫ثار هذا السؤال لدينا ألنه يوجد ابلعامل الكثري من األقطار املتعددة األحجام‬
‫لكن‪ ،‬أين سنتوقف؟ يُ ُ‬
‫املفتوحة جغرافيا واملتفاعلة فيما بينها‪ .‬انظر مثال إىل االنفتاح اجلغرايف للسهول القارية الكبرية وأضف سهولة‬
‫التفاعل اليوم (قد يقول أحدان‪« :‬ال توجد جزيرة تُع ّد جزيرة اليوم»)‪ ،‬وانظر أخريا إىل االتصال اإليكولوجي جدا‬
‫لألرض باملناخ‪ ،‬أمر دراماتيكي حقا‪ .‬يقرتح املنطق الكوزموبولييت فيما خيص مصاحل السالم واألمن دمج‬
‫وحدات أكرب وأكرب يف ُمطط يُعيد نفسه إىل األبد‪ .‬فمثال‪ ،‬مت خلق االحتاد األورويب لتأمني سالم دائم‪ ،‬وقد‬
‫تتبع هنجه هذا وحدات ماكرو‪ -‬إقليمية أكرب من الدولة‪ .‬قد يشري دمج اعتبارات إثنو ثقافية وأخرى قائمة على‬
‫األمن على هذا األساس يف النهاية إىل توجه كوزموبولييت عند صياغة معضالت أو حلها فيما خيص مشاكل‬
‫القطر‪ .‬يقودان هذا إىل القضية األكرب‪ ،‬قضية الكوزموبوليتانية‪.‬‬
‫ما هي واجبات األمم والدول القومية جتاه جرياهنا‪ ،‬وجتاه األمم البعيدة حىت؟ يعود هذا السؤال اليوم إىل‬
‫دائرة النقاش حول القومية (انظر مداخل العوملة والكوزموبوليتية على املوسوعة)‪ .‬ويشمل عددا من املواضيع‬
‫الفرعية‪ :‬من املسؤولية القومية جتاه اآلخر‪ ،‬إىل التعويضات والعدالة التوزيعية ما وراء حدود الدولة‪ ،‬مرورا بواجبات‬
‫الدولة فيما خيص املشاكل البيئية العاملية كالنفاايت والتغري املناخي‪ ،‬وأخريا إىل اهلجرة وواجبات الدول القومية‬
‫جتاه اهلجرة املحتملة‪.‬‬
‫ُ‬
‫وألن املدخل احلايل خيص القومية‪ ،‬فإننا نؤكد على األعمال الداعمة للقومية‪ ،‬وأنخذ ميلر (‪،2007‬‬
‫كنسق (براديغم) هنا‪ .‬قد نفكر مبدئيا مبوقفني وسطيني يقعان بني قطبني متناقضني‪ :‬فمن جهة‪،‬‬ ‫و‪ٍ )2013‬‬
‫لدينا دول قومية منغلقة متاما كيوتوبيا الدولة التجارية املغلقة لِفيخته (‪ )Fichte‬اليت طورها يف بداايت القرن‬
‫التاسع عشر‪ ،‬ولدينا من جهة أخرى دوال قومية مفتوحة احلدود متاما كالنظام الذي اقرتحه ( ‪Joseph‬‬
‫‪ ،)2013 Carens‬لكن النمط القومي الشديد مل يعد موضوع نقاش جاد يف اجلدل األخالقي اليوم‪ ،‬وبوسعنا‬

‫حكمة © ‪Copyright 2017‬‬ ‫‪36‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ‬

‫القول بناء على هذا أبن الطرف النقيض الداعم للقومية يُعترب اليوم موقفا معتدال‪ ،‬وجتسده أعمال ميلر املذكورة‪.‬‬
‫إليكم مقرتحا منوذجيا من أعماله خيص العدالة العاملية بناء على نظام الدول القومية‪:‬‬
‫«قد يُصبح ختصيص جزء مئوي من الناتج احمللي اإلمجايل ألهداف تنموية مسألة كربايء وطين‪ ،‬وقد‬
‫خيص هذا األمر مشاريع يف دولة معينة أو جمموعة بلدان‪ 2013( »....‬ص ‪.)182‬‬
‫يُضيف ميلر‪ ،‬قد يؤدي طرح مشابه غرض ختفيض نسب انبعاث غازات الدفيئة‪ .‬يعترب هذا حتداي فعال‪،‬‬
‫وقد يسأل انقد ما‪ ،‬إىل أين سيؤدي هذا يف ظروف عادية؟ ختيل لو مت تقبّل املقرتح من قبل الدول الصناعية‬
‫الرائدة فيما خيص موضوع تقدمي املعونة‪ ،‬وأن كال منها اختارت املستفيدين من إجراء مماثل‪ .‬افرتض أن الدولة‬
‫املتربعة (ب ‪ )1‬تبنت الدولة املستفيدة (ج ‪ ) 1‬وأقدمت على تقدمي العون‪ .‬ماذا لو أن فصيال سياسيا معاداي‬
‫ُ‬
‫ل (ب ‪ )1‬من (ج ‪ )1‬دفع مبواطنيه إىل أحضان دولة متربعة أخرى؟ هل ستسمح الدولة (ب ‪ )1‬للفصيل‬
‫املعادي من (ج ‪ )1‬ابختيار من تشاء‪ ،‬أم أهنا ستتدخل يف خياراهتا ب «لطف» ملنعها (يف وضع دويل ال توجد‬
‫نظمة)؟ وهكذا فإن احتاجت الدولة (ب ‪ )1‬لدعم دويل يف تعامالهتا مع دولة قوية أخرى‬ ‫فيه سلطة دولية م ِ‬
‫ُ‬
‫سنسميها هنا (ب ‪ ،)2‬فإهنا ستعتمد ابلتأكيد على الدولة (ج ‪ )1‬لتحصل على ما تريد‪ .‬أيخذ هذا النظام‬
‫شكال استعماراي شيئا ما‪( .‬قد حتدث أشياء أكثر سوءا يف حالة أزمة اقتصادية‪ :‬فإن كانت (ب ‪ )1‬متنح العون‬
‫الغذائي ل (ج ‪ ) 1‬لعقد من الزمن‪ ،‬فإهنا ستصبح أكثر طمعا يف موارد (ج ‪ )1‬خالل األزمة‪ ،‬ما الذي قد‬
‫مينعها آنذاك من ابتزاز (ج‪)1‬؟)‬
‫يبدو هذا أكثر مما توقعنا يف قضية تقدمي اإلعاانت‪ .‬جند على الطرف النقيض كوزموبوليتانيني أقوايء ك‬
‫(‪ )Thomas Pogge‬الذي يلوم النظام العاملي على احليف الذي يلحق الفقراء‪ ،‬ويقرتح إعادة توزيع ُمعتربة‬
‫للمنتجات كمحاولة إلحقاق العدالة‪ .‬وجند ما بني القطبني املذكورين آنفا ُكتّااب ك (‪)Mathias Risse‬‬
‫(‪ ،) 2013‬والذي يقرتح تصورا رفيع البناء للعدالة اليت ستحافظ على النظام الدوليت (من الدولة) للسياسات‬
‫ص الدولة بواجبات مهمة‪:‬‬
‫الدولية‪ ،‬لكنه حيافظ يف نفس الوقت على امللكية املشرتكة لكوكب األرض‪ ،‬وخيُ ّ‬
‫يُسمح بوجود أشكال الالمساواة الطبقية‪ ،‬لكن بشرط أن يتوفر لكل سكان األرض ما يكفي لسد حاجياهتم‬
‫األساسية‪.‬‬
‫ويقرتح ميلر أيضا مقرتحا داعما للقومية هو األكثر عمقا فكراي‪ ،‬ويهم اهلجرة‪ .‬ويسمح مقرتحه هذا‬
‫لالجئني بطلب اللجوء مؤقتا حىت يتحسن الوضع يف بلداهنم األصلية‪ ،‬كما أنه يضع شروطا على اهلجرة‬
‫االقتصادية‪ .‬ويهاجم ميلر عن ورود (من َوَرَد) طرح الدفاع عن معيار عاملي للمساواة‪ ،‬والفرص‪ ،‬والرفاه‬

‫حكمة © ‪Copyright 2017‬‬ ‫‪37‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ‬

‫االجتماعي‪ ،‬إخل‪ ،‬ألن معايري املساواة املنصفة مرتبطة بسياقات ختتلف عن بعضها البعض‪ .‬نعم‪ ،‬للشعوب احلق‬
‫يف احلد األدىن من مستوى املعيشة‪ ،‬لكن احلق يف اهلجرة ي ِرُد فقط كآخر إجراء بعد أن تُستنفذ اإلجراءات يف‬
‫بلد املهاجر األصلي‪.‬‬
‫إن من رواد الطرف النقيض كما ذكران جوزيف كارينز (‪ )2013‬الذي يدافع عن احلدود املفتوحة دون‬
‫رؤى حديثة كأهنا تصب يف نفس االجتاه‪ ،‬أي يف موقف وسط‪ .‬وهناك جند مقرتحات‬
‫قيد أو شرط‪ .‬وتبدو ً‬
‫كتلك اليت قدمها (‪ ،)2012( )Thomas Christiano‬وماثياس رييز (‪ ،)2013‬و ( ‪Michael‬‬
‫‪ .)2013( )Blake‬يقرتح كريستيانو مثال العمل من أساس األعراف القائمة العادلة نسبيا اليت تفرض التعاون‬
‫بني الدول‪ .‬إنه يعتقد أبن الطريقة املثلى للتقدم هي النقاش والتفاوض بشأن االتفاقات اجلماعية إلرضاء كل‬
‫ُ‬
‫من الدول املتربعة والدول املستفيدة وتكرميا لألعراف القانونية الدولية‪ .‬قد ترسل دول فقرية عددا من العمال‬
‫ُ‬
‫إىل دولة غنية بشكل مؤقت‪ .‬وسيعود هؤالء العمال إىل بلداهنم األصل لتعزيز التنمية فيها‪ .‬وسيقدم القانون‬
‫الدويل إطارا لشرعنة اخلطوة‪ ،‬وستقدم املفاوضات بني الدول من جهة أخرى حلوال عملية وعادلة كما أنمل‪.‬‬

‫‪-4‬خامتة‬

‫إن فلسفة القومية اليوم ال تعين نفسها كثريا ابلشكل اخلطري والعدواين من القومية احلاقدة اليت غالبا‬
‫ما حتتل الصدارة يف األخبار والبحث السوسيولوجي‪ .‬وعلى الرغم من أنه ميكن هلذا الشكل من القومية الضارة‬
‫أن يكون ذات فائدة عملية ابلغة يف جتييش الشعوب املضطهدة واستعادة حسهم ابلكرامة‪ ،‬إال أن تكاليفها‬
‫األخالقية أكثر إضرارا من فوائدها فيما يراه الفالسفة‪ .‬ينأى الفالسفة القوميون أبنفسهم عن أشكال القومية‬
‫العدوانية هذه‪ ،‬ويبحثون يف ُسبُل بناء والدفاع عن نسخ أكثر اعتداال‪ ،‬وابلتايل أتت تلك لتغدو املركز األساسي‬
‫للنقاش الفلسفي احلديث‪.‬‬

‫حيمل هذا النقاش رسالة منهجية مهمة غالبا ال تُلحظ‪ .‬يشري ال ُكتّاب املدافعون عن أمهية االعتبارات‬
‫ُ‬
‫الثقافية واإلثنو قومية إىل أتثريها العملي اهلائل‪ ،‬ويؤكدون على العوامل الواقعية واالجتماعية والتارخيية‪ .‬فال‬
‫عجب أن املفكر البارز الداعم للقومية (‪ )D. Miller‬على أمهية احلقائق االجتماعية والتارخيية للفلسفة‬
‫السياسية والقرارات األخالقية (‪ ،2013‬ج ‪ 1‬و‪ .)2‬يصر ال ُكتّاب الكوزموبوليتيني حني ينهلون من املصادر‬
‫املعتادة للتنظري يف الفلسفة السياسية على املبادئ – املبادئ واحلقائق (مبا فيها احلقائق املفرتضة) واحلدس عرب‬

‫حكمة © ‪Copyright 2017‬‬ ‫‪38‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ‬

‫املمارسات الفكرية‪ .‬بينما يؤكد مؤيدو القومية على احلقائق‪ .‬ويُعترب مطلب ميلر «االنتباه إىل افرتاضات مبادئنا‬
‫ذات الطبيعة الواقعية» (‪ 2013‬ص ‪ )26‬مسة مميِّزة للمنهجية الداعمة للقومية‪.‬‬

‫لقد انطلقنا يف عرض االدعاءات اليت يدافع القوميون عنها من األكثر راديكالية منها إىل البدائل القومية‬
‫األكثر حتررا ‪ .‬وعرضنا يف دراسة أفكار هذه االدعاءات نقاشات جمتمعاتية متطلبة ميتافيزيقيا واليت تربض على‬
‫تصورات جمتمعاتية عن الثقافة كمبدئها القائل أبن األمة اإلثنو ثقافية هي اجملتمع األكثر أمهية لكل األفراد‪.‬‬
‫وهذا ادعاء جدير ابالحرتام ومثري لالهتمام‪ .‬لكن معقوليته مل يتحقق بعد‪ .‬لقد نتج عن النقاش األخالقي‬
‫للقومية عدة مضعفات للحجج القائمة على الثقافة واليت اقرتحها القوميون الليرباليون‪ ،‬مما جيعل هذه النقاشات‬
‫أقل طموحا لكن أكثر معقولية بكثري‪ .‬لقد أصبح القوميون الليرباليون متقبلني لفكرة أن تعرف املرء على نفسه‬
‫عرب تعددية الثقافات واجملتمعات مهم هلويته االجتماعية وذلك بعد أن ختلوا عن النموذج القومي القدمي لدولة‬
‫متلكها مجاعة أثنو ثقافية مهيمنة واحدة‪.‬‬

‫جلبت القومية الليربالية قدما نقاشات أكثر اعتداال وأقل شحنا فلسفيا وميتافيزيقيا‪ ،‬مبنية على اهتمامات‬
‫ختص العدالة‪ .‬تشدد تلك على األمهية العملية للعضوية اإلثنو ثقافية وحقوق اجلماعات اإلثنو ثقافية يف التعويض‬
‫عن احليف الذي حلقها ويف حقوقها الدميقراطية يف التجمع وعلى الدور الذي ُحيتمل أن تلعبه الروابط اإلثنو‬
‫ثقافية يف تعزيز ترتيبات اجتماعية عادلة‪ .‬لقد اقرتح ثقافيون ليرباليون ككيمليكا ِصيَغاً تعددية وموجزة للقومية‬
‫مبنية حول هذه احلجج‪ .‬يف تلك النسخ املختزلة‪ ،‬جيحد أو يرتك مشروع بناء الدول القومية الكالسيكية وتُعوض‬
‫بشكل هوية قومي أكثر وعيا ميكنه االزدهار جمتمع متعدد الثقافات‪ .‬غري أن مشروعا جديدا كهذا قد يتطلب‬
‫توسعة أكرب ملنظوراتنا األخالقية‪ .‬لقد علمنا القرن العشرين أبن الدول املتعددة الثقافات واملنقسمة إىل جمتمعات‬
‫صغرية ومعزولة ومغلقة وامللتصقة ببعضها فقط عرب ترتيبات مؤقتة هي دول غري مستقرة جوهراي‪ .‬ولذا قد يتطلب‬
‫االستقرار من اجملتمع املتعدد الثقافات كما تصوره الثقافيون الليرباليون تعزيز تفاعل مكثف بني اجلماعات الثقافية‬
‫من أجل إحباط انعدام الثقة والتخفيف من التعصب‪ ،‬وخلق أساس متني للتعايش‪ .‬من جهة أخرى وكما ذكران‬
‫أعاله فيما يتعلق بقضااي العدالة القطرية‪ ،‬ستنتشر الفئات االجتماعية إىل ما وراء حدود الدولة الواحدة حاملا‬
‫تتم شرعنة العضوية يف ثقافات ومجاعات متعددة (اجلماعات املرتبطة أبواصر دينية أو عرقية)‪ ،‬مما سيشكل‬
‫مدخال حلد أدىن من املنظور الكوزموبولييت‪ .‬وقد يقود اجلدل الداخلي الذي يدفعه القلق حول اهلوية اإلثنو‬

‫حكمة © ‪Copyright 2017‬‬ ‫‪39‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ‬

‫ثقافية إىل ترتيبات تعددية وقد تصبح كوزموبوليتية سياسية بعيدة ابألحرى عما يُفهم يشكل كالسيكي على‬
‫أنه قومية‪.‬‬

‫حكمة © ‪Copyright 2017‬‬ ‫‪40‬‬


‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ‬

‫املراجع‬
‫مرشد المبتدئين إلى الكتب‬
‫ كتابان كالسيكيان في علم االجتماع‬،‫ أوال‬.‫هذه قائمة قصيرة بكتب عن القومية قابلة للقراءة ومقدمات مفيدة للكتب‬
:‫بآراء متضادة هما‬

• Gellner, E., 1983, Nations and Nationalism, Oxford: Blackwell.


• Smith, A. D., 1991, National Identity, Harmondsworth: Penguin.
:‫مقدمتان قصيرتان وقابلتان للقراءة‬

• Özkirimli, U., 2010, Theories of Nationalism, London: Palgrave Macmillan.


• Spencer, P. and Wollman, H., 2002, Nationalism, A Critical Introduction,
London: Sage.
:‫أفضل أنطولوجيتين حديثتين من البحوث الفلسفية عالية الجودة عن أخالقية القومية هما‬
• McKim, R. and McMahan, J. (eds), 1997, The Morality of Nationalism, Oxford: Oxford
University Press.

• Couture, J., Nielsen, K. and Seymour, M. (eds.), 1998, Rethinking Nationalism,


Canadian Journal of Philosophy, Suplement Volume 22.
:‫ويستمر الجدل في‬

• Miscevic, N. (ed), 2000, Nationalism and Ethnic Conflict. Philosophical


Perspectives. La Salle and Chicago: Open Court.
• Dieckoff, A. (ed.), 2004, The Politics of Belonging: Nationalism, Liberalism, and
Pluralism, Lanham: Lexington.
• Primoratz, I. and Pavković, A., 2007, Patriotism, Philosophical and Political
Perspectives, London: Ashgate.
• Breen, K. and O'Neill, S. (eds.), 2010, After the Nation? Critical Reflections on
Nationalism and Postnationalism, London: Palgrave Macmillan.
:‫مقدمة علم اجتماع جيدة ومختصرة للقومية عموما‬

• Crosby, S.E., 2005, Nationalism: A Very Short Introduction, Oxford: Oxford


University Press.
:‫وعن نقد القومية المستوحى من الجندر‬

• Yuval-Davis, N., 1997, Gender & Nation, London: Sage Publications.


:‫وحديثا‬

• Heur, J., 2008, “Gender and Nationalism,” in Herb and Kaplan 2008.
• Hogan, J., 2009, Gender, Race and nation, London: Routledge.

Copyright 2017 © ‫حكمة‬ 41


‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ‬

:‫ الفرداني‬-‫تظل أفضل مقدمة عامة عن جدل الطائفي‬

• Avineri, Shlomo and de-Shalit, Avner (eds.), 1992, Communitarianism and


Individualism, Oxford: Oxford University Press.
:‫انظر من أجل دفاع ال قومي عن المزاعم الثقافية‬

• Kymlicka, W. (ed.), 1995, The Rights of Minority Cultures, Oxford: Oxford


University Press.
:‫ثالثة دفاعات قابلة للقراءة جدا عن القومية المعتدلة جدا‬

• Miller, D., 1995, On Nationality, Oxford: Oxford University Press.


• Tamir, Y., 1993, Liberal Nationalism, Press, Princeton, NJ: Princeton University
Press.
• Gans, C., 2003, The Limits of Nationalism, Cambridge: Cambridge University
Press.
:‫يُعرض نقد متعدد وذكي ومتأمل في‬

• Barry, B., 2001, Culture and Equality, Cambridge: Polity Press.


‫تحليل مثير لالهتمام عن التضامن الجماعي على العموم والقومية على الخصوص مكتوب في نظرية تقاليد االختيار المنطقي‬
:‫والتحليل التحفيزي‬

• Hardin, R., 1985, One for All, The Logic of Group Conflict, Princeton, NJ:
Princeton University Press.
• Yack, B., 2012, Nationalism and the Moral Psychology of Community, Chicago:
University of Chicago Press.
:‫ والذي بدأ بنبذة في‬،‫ثمة أطروحات واسعة لعمل اجتماعي وسياسي مثير لالهتمام على القومية‬

• Motyl, A. (ed.) 2001, Encyclopedia of Nationalism, Volumes I and II, New York:
Academic Press.
:‫هذه مراجعة موسوعية حديثة‬

• Herb, G.H. and D.H. Kaplan (2008), Nations and Nationalism: a Global
Historical Overview, four volumes, Santa Barbara, CA: ABC Clio.
:‫هذه دراسة اجتماعية تفصيلية للحياة تحت القانون القومي‬

• Billig, M., 1995, Banal Nationalism, London: Sage Publications.


:‫أكثر أنطولوجيا قصيرة وقابلة للقراءة هي لبحوث مختصرة مع وضد العولمة (والقومية) من قبل كتّاب رائدين في المجال‬

• Cohen, J. (ed.), 1996, Martha Nussbaum and respondents, For Love of Country:
Debating the Limits of Patriotism, Boston: Beacon Press
:‫المصادر‬

Copyright 2017 © ‫حكمة‬ 42


‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ‬

• Anderson, B., 1965, Imagined Communities, London: Verso.


• Aron, R., 1962, Peace and War, Malabar: R. Krieger Publishing.
• Avineri, Sh. and de-Shalit, A. (eds.), 1992, Communitarianism and Individualism, Oxford:
Oxford University Press.
• Balibar, E., and Wallerstein, I., 1992, Class, Race Nation, London-New York: Verso
• Barber, B., 1996, “Constitutional Faith,” in Cohen (ed.) 1996.
• Barry, B., 1999, “Statism and Nationalism: a Cosmopolitan Critique,” in Shapiro and Brilmayer
(eds.) 1999.
• –––, 2001, Culture and Equality, Cambridge: Polity.
• Bechhofer, F. and McCrone, D. (eds.), 2009, National Identity, Nationalism and Constitutional
Change, London: Palgrave Macmillan.
• Bell, D. (ed.), 2008, Political Thought and International Relations Variations on a Realist Theme,
Oxford: Oxford University Press.
• Berlin, I., 1976, Vico and Herder, Oxford: Clarendon Press.
• –––, 1979, “Nationalism: Past neglect and Present Power,” in Against the Current, New York:
Penguin.
• Billig, M., 1995, Banal Nationalism, London: Sage Publications.
• Blake, M., 2013, Justice and Foreign Policy, Oxford: Oxford University Press.
• Breuilly, J., 2001, “The State,” in Motyl (ed.) 2001.
• –––, 2011, “On the principle of nationality,” in G. Stedman Jones and G. Claeys (eds.), The
Cambridge History of Nineteenth-century Political Thought, Cambridge: Cambridge University
Press.
• Brubaker, R. 2004, “In the Name of the Nation: Reflections on Nationalism and
Patriotism,” Citizenship Studies, 8(2): 115–127.
• –––, 2013, “Language, religion and the politics of difference”, Nations and Nationalism, 19(1):
1–20.
• Buchanan, A., 1991, Secession. The Morality of Political Divorce from Fort Sumter to Lithuania
and Quebec, Boulder: Westview Press.
• –––, 2004, Justice, Legitimacy, and Self-determination, Oxford: Oxford University Press.
• Buchanan, A. and M. Moore (eds.), 2003, States, Nations, and Borders: The Ethics of Making
Boundaries, Cambridge: Cambridge University Press.
• Calhoun, C. 2007, Nations Matter. Culture, History, and the Cosmopolitan Dream, London:
Routledge.
• Canovan, M., 1996, Nationhood and Political Theory, Cheltenham: Edward Elgar.
• –––, 2000, “Patriotism Is Not Enough,” British Journal of Political Science, 30: 413–432.
• –––, 2001, “Sleeping Dogs, Prowling Cats and Soaring Doves: Three Paradoxes in the Political
Theory of Nationhood,” Political studies, 49: 203–215.

Copyright 2017 © ‫حكمة‬ 43


‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ‬

• Carens, J., 2013, The Ethics of Immmigration, Oxford: Oxford University Press.
• Casertano, S., 2013, Our Land, Our Oil! Natural Resources, Local Nationalism, and Violent
Secession, Wiesbaden: Springer.
• Chatterjee, D.K. and B. Smith (eds.), 2003, Moral Distance, The Monist, Volume 86, Number 3.
• Christiano, T., 2008, “Immigration, Community and Cosmopolitanism” in San Diego Law
Review, 933(Nov–Dec): 938–962.
• –––, 2012, “The Legitimacy of International Institutions,” in A. Marmor (ed.), The Routledge
Companion to Philosophy of Law, London: Routledge.
• Christiano, T. and Christman, J. (eds.), 2009, Contemporary Debates in Political Philosophy,
Oxford: Wiley Blackwell.
• Cohen, J. (ed.), 1996, For Love of Country: Debating the Limits of Patriotism, Boston: Beacon
Press.
• Colm Hogan, P., 2009, Understanding Nationalism: On Narrative, Cognitive Science and
Identity, Ohio: Ohio State University Press.
• Couture, J., K. Nielsen and M. Seymour (eds.), 1998, Rethinking Nationalism, Canadian Journal
of Philosophy, Supplemental Volume 22.
• Crowley, B.I., 1987, The Self, the Individual and the Community, Oxford: Clarendon Press.
• Dagger, R., 2009, “Individualism and the Claims of Community” in T. Christiano and J.
Christman (eds.) 2009, PAGES.
• De Shutter, H. and Tinnevelt, R. (eds.), 2011, Nationalism and Global Justice – David Miller and
His Critics, London: Routledge.
• DeLange, D., 2010, The Embeddedness of Nations, London: Palgrave Macmillan.
• Delanty, G. and Kumar, K. (eds.), 2006, The SAGE Handbook of Nations and Nationalism,
Thousand Oaks, CA: Sage Publications.
• Derks, T. and N. Roymans (eds.), 2009, Ethnic Constructs in Antiquity-The role of Power and
Tradition, Amsterdam: University of Amsterdam Press.
• Eisenberg, A., and J. Spinner-Halev (eds.), 2005, Minorities Within Minorities, Cambridge:
Cambridge University Press.
• Feltham, B. and Cottingham, J. (eds.), 2010, Partiality and Impartiality: Morality, Special
Relationships, and the Wider World, Oxford: Oxford University Press.
• Frost, C., 2006, Morality and Nationalism, London: Routledge.
• Gans, C., 2003, The Limits of Nationalism, Cambridge: Cambridge University Press.
• Gat, A. and Yakobson, A., 2013, Nations: the long history and deep roots of political ethnicity
and nationalism, Cambridge: Cambridge University Press.
• Glenn, J., 1997, “Nations and nationalism: Marxist approaches to the subject,” Nationalism and
Ethnic Politics, 3(2): 79–100).
• Gellner, E., 1983, Nations and Nationalism, Oxford: Blackwell.

Copyright 2017 © ‫حكمة‬ 44


‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ‬

• Goetze, D., 2001, “Evolutionary Theory,” in Motyl (ed.) 2001.


• Goodin, R. E., 2006, “Liberal Multiculturalism: Protective and Polyglot,” Political Theory, 34(3):
289–303.
• Greenfeld, L., 2001, The spirit of capitalism : nationalism and economic growth, Cambridge,
MA: Harvard University Press.
• –––, 2005,“Nationalism and the Mind,” Nations and Nationalism, 11(3): 325–41.
• Iyall Smith, K.E., and Leavy, P. (eds.), 2008, Hybrid Identities: Theoretical and Empirical
Exampinations, Leiden: Brill.
• Habermas, J., 1996, Between Facts and Norms: Contribution to a Discourse Theory of Law and
Democracy, Cambridge: Polity Press.
• Hale, H.E., 2008, The Foundations of Ethnic Politics, Cambridge: Cambridge University Press.
• Hardin, Russell, 1985, One for All, The Logic of Group Conflict, Princeton: Princeton University
Press.
• Hastings, A., 1997, The construction of nationhood: Ethnicity, Religion and Nationalism,
Cambridge: Cambridge University Press.
• Hearn, J., Kukathas, Ch., Miller, D., and Yack, B., 2014, “Debate on Bernard Yack's
book Nationalism and the Moral Psychology of Community,” Nations and Nationalism, 20(3):
395–414,
• Hechter, M., 2001, Containing Nationalism, Oxford: Oxford University Press.
• Held, D., 2003, “Cosmopolitanism: globalisation tamed?,” Review of International Studies, 29:
465–480.
• Hendrix, B.A., 2008, Ownership, Authority, and Self-Determination: Moral Principles and
Indigenous Rights Claims, University Park: Pennsylvania State University Press.
• Hobsbawn, E.J., 1990, Nations and Nationalism since 1780: Programme, Myth, Reality,
Cambridge: Cambridge University Press.
• Hutchinson, J., 2005, Nations as Zones of Conflict, London: Sage; see also the debate on this
book in Nations and Nationalism, 14(1) (2008): 1–28.
• Joppke, C. and S. Lukes (eds.), 1999, Multicultural Questions, Oxford: Oxford University Press.
• Kaldor, M., 2004, “Nationalism and Globalisation,” Nations and Nationalism, 10(1–2): 161–177.
• Kedourie, E., 1960, Nationalism, London: Hutchison.
• Kim, Sung Ho, 2002, “Max Weber's Liberal Nationalism”, History Of Political Thought,
XXIII(3): 432–457.
• Kohen, M.G. (ed.), 2006, Secession, International Law Perspectives, Cambridge: Cambridge
University Press.
• Kohn, H., 1965, Nationalism: its meaning and history, New York: Van Nostrand Reinhold
Company.
• Kok-Chor Tan, 2004, Justice Without Borders: Cosmopolitanism, Nationalism and Patriotism,
Cambridge: Cambridge University Press.

Copyright 2017 © ‫حكمة‬ 45


‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ‬

• –––, 2011, “Nationalism and Global Justice: A Survey of Some Challenges,” in Aurelio, D.P., De
Angelis, G. and Queiroz, R. (eds.), Sovereign Justic, Global Justice in a World of Nations,
Berlin/New York: de Gruyter.
• –––, 2012, Justice, Insitution and Luck, Oxford: Oxford University Press.
• Kolers, A., 2009, Land, Conflict and Justice, Cambridge: Cambridge University Press.
• Kukathas, C., and R. Poole (eds.), 2000, Australasian Journal of Philosophy (Special Issue on
Indigenous Rights), Volume 78.
• –––, 2003, The Liberal Archipelago: A Theory of Diversity and Freedom, Oxford: Oxford
University Press.
• Kuran Burcoglu, N. (ed.), 1997, Multiculturalism: Identity and Otherness, Istanbul: Bogazici
University Press.
• Kymlicka, W. (ed.), 1995, The Rights of Minority Cultures, Oxford: Oxford University Press.
• –––, 1995b, Multicultural Citizenship, Oxford: Oxford University Press.
• –––, 2001, Politics in the vernacular, Oxford: Oxford University Press.
• –––, 2003, “Liberal Theories of Multiculturalism,” in L.H. Meyer, S.L. Paulson, and T.W. Pogge
(eds.), Rights, culture and the Law, Oxford: Oxford University Press.
• –––, 2003a, “Futures of nationalism,” in Özkirimli, U. (ed.), Nationalism and its Futures,
London: Palgrave Macmillan.
• –––, 2007, “Community and Multiculturalism,” in Goodin, R. and Pettit, P. (eds.), A Companion
to Contemporary Political Philosophy, Oxford: Blackwell.
• –––, 2007a, Multicultural Odysseys: Navigating the New International Politics of Diversity,
Oxford: Oxford University Press.
• Kymlicka, W., and A. Patten (eds.), 2004, Language Rights and Political Theory, Oxford: Oxford
University Press.
• Lægaard, S., 2007, “Liberal nationalism and the nationalisation of liberal values,” Nations and
Nationalism, 13(1): 37–55.
• Lagerspetz, O., 2000, “On National Belonging” in Miscevic (ed.) 2000.
• Laitin, D., 1998, Identity in Formation: The Russian-Speaking Populations in the Near Abroad,
Ithaca: Cornell University Press.
• –––, 2001, “Political Science” in Motyl (ed.) 2001.
• –––, 2007, Nations, States, and Violence, Oxford: Oxford University Press.
• Laitin, D.D., and R. Reich, 2004, “A Liberal Democratic Approach to Language Justice,” in W.
Kymlicka and A. Patten (eds.), Language Rights and Political Theory, New York: Oxford
University Press.
• Lecours, A. and Moreno, L. (eds.), 2010, Nationalism and Democracy: Dichotomies,
Complementarities, Oppositions, London: Routledge.
• Leoussi, A.S., and Grossby, S. (eds.), 2007, Nationalism and Ethnosymbolism: History, Culture
and Ethnicity in the Formation of Nations, Edinburgh: Edimburgh University Press.

Copyright 2017 © ‫حكمة‬ 46


‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ‬

• Levy, J., 2000, Multiculturalism of Fear, Oxford: Oxford University Press.


• Lichtenberg, J., 1997, “Nationalism, For and (Mainly) Against,” in McKim & McMahan (eds.)
1997.
• MacCormick, N., 1982, Legal Right and Social Democracy, Oxford: Clarendon Press.
• MacIntyre, A., 1994, “Is Patriotism a Virtue,” in Communitarianism, M. Daly (ed.), Belmont,
CA: Wadsworth.
• Malesevic, S. and Haugaard, M. (eds.), 2007, Ernst Gellner and Contemporary Social Thought,
Cambridge: Cambridge University Press.
• –––, 2011, “The chimera of national identity,” Nations and Nationalism, 17(2): 272–290.
• Margalit, A., 1997, “The Moral Psychology of Nationalism,” in McKim and McMahan (eds.)
1997.
• Margalit, A. and J. Raz, 1990, “National Self-Determination”, The Journal of Philosophy, 87(9):
439–461.
• Markell, P., 2000, “Making Affect Safe for Democracy: On ‘Constitutional Patriotism’,” Political
Theory, 28(1): 38–63.
• Mason, A., 1999, “Political Community, Liberal-Nationalism and the Ethics of
Assimilation,” Ethics, 109: 261–286.
• Meadwell, H., 2012, “Nationalism chez Gellner,” Nations and Nationalism, 18(4): 563–582.
• –––, 2014, “Gellner redux?”, Nations and Nationalism, 20(1): 18–36.
• McCabe, D., 1997, “Patriotic Gore Again,” The Southern Journal of Philosophy, 35: 203–223.
• McKim, R. and McMahan, J. (eds.), 1997, The Morality of Nationalism, Oxford: Oxford
University Press.
• Meinecke, F., 1965 [1924], Machiavellism, New York: Praeger.
• Meisels, T., 2009, Territorial Rights, New York: Springer, 2nd edition.
• Miller, D., 1992, “Community and Citizenship,” in Avineri and de Shalit 1992.
• –––, 1995, On Nationality, Oxford: Oxford University Press.
• –––, 2000, Citizenship and National Identity, Oxford: Blackwell.
• –––, 2005a, Crooked Timber or Bent Twig? Isaiah Berlin's Nationalism, Political Studies, 53:
100–123
• –––, 2005b, “Immigration: The Case for Limits,” in A. Cohen and C. Wellman
(eds.), Contemporary Debates in Applied Ethics, Oxford; Blackwell.
• –––, 2007, National Responsibility and Global Justice, Oxford: Oxford University Press.
• –––, 2013, Justice for Earthlings, Essays in Political Philosophy, Cambridge: Cambridge
University Press.
• Miller, D. and Hashmi, S. (eds.), 2001, Boundaries and Justice: Diverse Ethical Perspectives,
Princeton: Princeton University Press.

Copyright 2017 © ‫حكمة‬ 47


‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ‬

• Miscevic, N. (ed.), 2000, Nationalism and Ethnic Conflict. Philosophical Perspectives, La Salle
and Chicago: Open Court.
• –––, 2001, Nationalism and Beyond, Budapest, New York: Central European University Press.
• Moore, M. (ed.), 1998, National Self-Determination and Secession, Oxford: Oxford University
Pressb.
• –––, 2001, “Normative justifications for liberal nationalism: justice, democracy and national
identity,” Nations and Nationalism, 7(1): 1–20.
• –––, 2009, “Communitarianism and the Politics of Identity” in T. Christiano and J. Christman
(eds.) 2009, PAGES.
• Morgenthau, H., 1946, Scientific Man vs. Power Politics, Chicago: University of Chicago Press.
• Motyl, A. (ed.), 2001, Encyclopedia of Nationalism (Volume 1), New York: Academic Press.
• Nielsen, K., 1998, “Liberal Nationalism, Liberal Democracies and Secession,” University of
Toronto Law Journal, 48(2): 253–295.
• –––, 1998–99, “Cosmopolitanism, Universalism and Particularism in the age of Nationalism and
Multiculturalism,” Philosophical Exchange, 29: 3–34.
• O'Neill, 2000, Bounds of Justice, Cambridge: Cambridge University Press.
• Okin, S. M., 1999, “Is Multiculturalism Bad for Women?” and “Response,” in Boston Review,
1997; reprinted with some revisions in «Is Multiculturalism Bad for Women?» J. Cohen, M.
Howard, and M. Nussbaum (eds.), Princeton: Princeton University Press.
• –––, 2002, “ ‘Mistresses of Their Own Destiny’: Group Rights, Gender, and Realistic Rights of
Exit,” Ethics, 112: 205–230.
• –––, 2005, “Multiculturalism and Feminism: No Simple Question, No Simple Answers,” in
Eisenberg and Spinner-Halev (eds.) 2005.
• Oldenquist, A., 1997, “Who Are the Rightful Owners of the State?,” in P. Kohler and K. Puhl
(eds.), Proceedings of the 19th International Wittgenstein Symposium, Vienna: Holder Pichler
Tempsky.
• Özkirimli, U., 2003, “The nation as an artichoke? A critique of ethnosymbolist interpretations of
nationalism,” Nation and nationalism, 9(3): 339–355.
• Patten, A. , 2003, “Liberal Neutrality and Language Policy,” Philosophy and Public Affairs,
31(4): 356–386.
• Pavković, A. and P. Radan (eds.), 2007, Creating new states : theory and practice of secession,
London: Ashgate.
• Pogge, T., 1997, “Group Rights and Ethnicity,” in I. Shapiro and W. Kymlicka (eds.), Ethnicity
and Group Rights, Nomos Volume XXXIX, New York: New York University Press.
• –––, 2001, “Rawls on International Justice,” The Philosophical Quarterly, 51(203): 246–53.
• –––, 2002, World Poverty and Human Rights, Cambridge: Polity Press.
• Putnam, H., 1996, “Must we choose between patriotism and universal reason?,” in Cohen, J. (ed.)
1996.

Copyright 2017 © ‫حكمة‬ 48


‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ‬

• Rawls, J., 1999, The Law of Peoples, Cambridge, MA: Harvard University Press.
• Renan, E., 1882, “What is a nation?,” in Nation and Narration, H. Bhabha (ed.), London:
Routledge; reprinted in Nationalisms, J. Hutchinson and A. Smith (eds.), Oxford: Oxford
University Press.
• Risse, M., 2012a, “Global Justice” in Estlund, D., The Oxford Handbook of Political Philosophy,
Oxford: Oxford University Press.
• –––, 2012b, On Global Justice, Princeton: Princeton University Press.
• Roshwald, Aviel, 2006. The Endurance of Nationalism: Ancient Roots and Modern Dilemmas,
Cambridge: Cambridge University Press.
• Satz, D., Sutton, M., and Reich, R. (eds.), 2009, Toward a Humanist Justice: The Political
Philosophy of Susan Moller Okin, Oxford: Oxford University Press.
• Searle-White, J., 2001, The Psychology Of Nationalism, New York: Palgrave.
• Seymour, M., 1999, La nation en question, Montreal: L'Hexagone.
• –––, 2000, “On Redefining the Nation,” in Miscevic (ed.).
• Shapiro, I., and Kymlicka, W. (eds.), 1997, Ethnicity and Group Rights, Nomos, Volume XXXIX,
New York: New York University Press.
• Shapiro, I. and Brilmayer, L. (eds.), 1999, Global Justice, Nomos, Volume XLI, New York: New
York University Press.
• Simmons, A.J., 2001. “On The Territorial Rights of States,” Philosophical Issues, 11: 300–26.
• Smith, A.D., 1991, National Identity, Penguin, Harmondsworth.
• –––, 2001, Nationalism, Cambridge: Polity Press.
• –––, 2003, “The poverty of anti-nationalist modernism,” Nation and nationalism, 9(3): 357–370.
• –––, 2008a. The cultural foundations of nations: hierarchy, covenant and republic, Oxford:
Blackwell Publishing
• –––, 2008b, “Opening remarks,” Nations and Nationalism, 14(4): 637–663.
• –––, 2009, Ethno-symbolism and nationalism: A cultural approach, London: Routledge.
• –––, 2011, “National identity and vernacular mobilization in Europe”, Nations and Nationalism,
17(2): 223–256.
• Sober, E., and D.S. Wilson, 1998, Unto Others, Cambridge, MA: Harvard University Press.
• Spinner-Halev, J., 2008, “Democracy, Solidarity and Post-nationalism,” Political Studies, 56:
604–628.
• Steiner, H., 1999, “Just Taxation and International Redistribution,” in Shapiro and Brilmayer
(eds.) 1999, 171–91.
• Tajfel, H., 1981, Human groups and social categories, Cambridge: Cambridge University Press.
• Tamir, Y., 1993, Liberal Nationalism, Princeton: Princeton University Press.
• Taylor, C., 1989, Sources of the Self, Cambridge: Cambridge University Press.

Copyright 2017 © ‫حكمة‬ 49


‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ‬

• –––, 1993, Reconciling the Solitudes, Montreal: McGill-Queen's University Press.


• Tully, J., 1994, An Approach to Political Philosophy: Locke in Contexts, Cambridge: Cambridge
University Press.
• Twining, W. (ed.), 1991, Issues of Self-determination, Aberdeen: Aberdeen University Press.
• Vick, B., 2007, “Of Basques, Greeks, and Germans: Liberalism, Nationalism, and the Ancient
Republican Tradition in the Thought of Wilhelm von Humboldt”, Central European History,
40(4): 653–681.
• Vincent, A., 2001, “Political theory”, in Motyl (ed.) 2001.
• Waldron, J., 1992, “Superseding Historic Injustice,” Ethics, 103(1): 4–28.
• Walker, R., 2001, «Postmodernism», in Motyl (ed.) 2001.
• Walzer, M., 2002, “Passion and politics”, in Philosophy and Social Criticism, 28(6): 617–633.
• –––, 2004, Arguing about War, New Haven & London: Yale University Press.
• Weber, M., 1970, From Max Weber, H. H. Gerth and C. Wright Mills (trans.), London:
Routledge.
• Wellman, C.H., 2005, A Theory of Secession: The Case for Self- Determination, Cambridge:
Cambridge University Press.
• Williams, M.C., 2007, “ Morgenthau now: Neoconservatism, national greatness, and realism,” in
M. C. Williams, Realism Reconsidered The Legacy of Hans Morgenthau in International
Relations, Oxford: Oxford University Press.
• Wimmer, A., 2013, Waves of War: Nationalism, State Formation and Ethnic Exclusion in the
Modern World, Cambridge: Cambridge University Press.

:‫مصادر أخرى من اإلنترنت‬

• Nussbaum, M. C. 2002, “Beyond the Social Contract: Toward Global Justice,”


Tanner Lecture, Australian National University.
• Waldron, J., 2005, “Proximity as the Basis of Political Community.”
• Nationalism – A Bibliography, maintained by Peter Rasmussen. A good
collection of links and bibliographies.
• The Warwick Debates, debate between E. Gellner and A. Smith at the London
School of Economics.
• ARENA: Centre for European Studies; ARENA is a research centre at the
University of Oslo studying the dynamics of the evolving European systems of
governance. This site contains a good selection of papers on ethics of
international relations.
• Global Policy Forum, has papers on the future of nation-states.
• Academy of European Law, at the European University Institute.
• Territory and Justice network: repository of pre-publication papers.

Copyright 2017 © ‫حكمة‬ 50


‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ‬

‫حكمة © ‪Copyright 2017‬‬ ‫‪51‬‬

You might also like