Professional Documents
Culture Documents
هيبا
ملخص رواية عزا زيل
تنويه
فمن هنا نجد أن المؤلف ييدرك جيددا العقيدة المسيحية كما يؤمن بها أصحابها
وتابعيها ،ويكون من غير الوارد هنا أن نعزى أي خطأ عقائدي أو لهوتي داخل
الرواية لجهل المؤلف بحقيقته أو عدم درايته بالمور العقائدية ،فيكون كل ما أورده
الكاتب على لسان شخصيات روايته ،هو رأيه وقناعته عن قصد ،وهو كما سوف
نوضح رأى عاري تمادما من الصحة .بل أننا نرى كما سوف نسهب فيما بعد أن هناك
من الشبهات والدوافع التي تحوم حول هذه الرواية فهي ليست عملد أدبديا بقدر ما هي
أيدلوجية موجهة.
الفصل بين الحقيقة والخيال
إننا بادئ ذي بدء يجب علينا أن نوضح للقارئ الكريم أن هناك مزج داخل
الرواية بين ما قد وقع بالفعل ،وبين ما هو من نسج خيال المؤلف ،وبين شخصيات
حقيقية صنع منها المؤلف عالدما خيالديا خاص به ل يمت للواقع بشيء .وهنا سوف
نورد ما هو خيالي داخل الرواية وما هو حقيقي.
الخيال فى الرواية
إن السواد العظم من الشخصيات والحداث داخل الرواية ينتمي إلى عالم
خيال الكاتب ،وهو ما أقره المؤلف في أكثر من لقاء وحديث تلفزيوني معه بداية من
الرقوق التي يحدعى أنه قام بترجمتها ،والتي تخص الراهب هيبا ،الذي هو أيضا من
نسج خيال الكاتب بكل ما يخصه من أحداث وتفاصيل مثل علقته بأوكتافيا ،وهى
ضا ،والرهبان ،وعلقته بمارتا وهيبتايا .كل هذا من محض
شخصية غير حقيقية أي د
خيال المؤلف .والشخاص والحداث في الرواية ليس المقصود بها ظاهرها ،ولكنها
-كما سوف نوضح -أن في باطن الرواية روايات إواسقاطات..
الحقيقة في الرواية
إن نسطور وتيودور والبابا كيرلس والبابا ثاوفيلوس وهيباتايا وأريوس هي أسماء
لشخصيات تاريخية حقيقية ولكن ما يتعلق بها من أحداث وتوصيف جانبه الصواب
من المؤلف وأتى على غير الحقيقة ومنافي لما أورده المؤرخون في كتاباتهم.
الله المتعالى
جاء في صفحة ) (14في بداية تدوين هيبا لرقوقه المزعومة "بسم الله
المتعالى" وهى ترويسة غريبة على الدب الرهبانى خاصة ،والدب الكنسي عامة.
فمن المعروف أن الترويسة التي يستخدمها دائدما الباء في كتاباتهم هي باسم الب
والبن والروح القدس الله الواحد آمين .أو باسم الثالوث القدوس .فالثالوث هو أحب
العبارات إلى قلب الباء التي يبدأون بها كتاباتهم ،حتى من لم يستخدم عبارات
الثالوث ،كان يستخدم عبارات لها نفس المعنى مثل باسم ال القوى .وكان يمكن لنا
قبول العبارة لو كانت "باسم الله العالي" فهي تشير إلى علو مكانة إلهنا ،أما
"المتعالي" فهي تدل على أن هذا الله الذي نؤمن به يتصنع العلو وهو ليس كذلك .أو
أننا نضعه في مكانة أعلى من مكانته التي يستحقها ،فإلهنا هنا ليس هو العالي ولكنه
في درجة أقل أو أدنى ،وقد تدنو درجة هذا الله حتى تصل إلى الدرك السفل والذي
تنتفي فيه إلوهيته .كما أن العبارة توحي بأن هذا الله إله مستقوى ومغرور .وبالتالي
تنسحب هذه الصفات على أتباعه والمؤمنين به ،ليمهد الكاتب بذلك للقارئ لغوديا
لطبيعة أهل هذه الديانة في هذا العصر.
نقض العقيدة
يبدأ مبك دار مؤلف الرواية في محاولة هدم العقيدة كلية وبشكل إجمالي حينما ترد
على لسان هيبا في صفحه ) (15العبارة التاليةً:ا
هنا يبدأ المؤلف في الفصاح عن مآربه وقناعاته ،فكل الشياء لديه تتساوى
في جوهرها فالعقيدة مثل أي عقيدة ،وال مثله مثل باقي اللهة .فبقية الشياء مثل بقية
الشياء ،أي أن كل الشياء تشترك في جوهر واحد ولكن الختلف هنا في الصفات.
والمتياز كما يراه المؤلف ليس في طبيعة الشياء أو جوهرها ولكن المتياز هنا ناتج
عن ما توهمنا في هذه الشياء هذا الوهم الذي ولد لدينا الظن؛ هذا الظن كحون بداخلنا
العقيدة ،فالعقيدة إذن ظن وليست حقيقة.
والمؤلف هنا يعتنق مبدأ الواحدية أو الهوية المطلقة الذي اعتنقه ،ومؤداه أن
العقل والمادة ل يرد أحدهما إلى الخر ،بل يرد كلهما إلى جوهر مشترك واحد .وهما
بالنسبة له تحولت ظاهرية .وهذا المبدأ يعارض الثنائية بل أنه يمتد ليعارض التعددية
سواء كان هذا بالنسبة للجوهر أو الصفات ،فتعدد الجواهر تعدددا ظاه دار إنما يرجع إلى
ل،
حالت أو ظواهر مختلفة لجوهر واحد ،كان هو ال أو الطبيعة عند سيبنو از مث د
وكان هو المطلق عند برادلى .كذلك فإنه أديا كان عدد الجواهر فإنها في النهاية من
نوع واحد ،أي أنه ل وجود لغير مجال واحد للوجود .والخلصة أنه في داخل أي
مجال للوجود )أي كان عدد تلك المجالت( فل يوجد هناك إل جوهر واحد فحسب.
فالكاتب إذن يرى أن كل اللهة هي جوهر لله واحد ،فال مثلث القانيم عند
المسيحيين هو أمون عند الفراعنة؛ وهو ذاته زيوس عند الغريق ،كما إنه هو هو
اللت والعزة عند العرب ..فالمسيحية مثلها مثل اليهودية والبوذية والكونفوشية
والخناتونية والزرادشتية والسلمية.
وهنا نرى أنه ينبغي علينا بل لعله يتوجب أن نوضح للقارئ العزيز ماهية
جوهر إله المسيحية الواحد مثلث القانيم والتي تختلف كلديا وجزئديا عن بقية اللهة.
وحتى يكون رأينا ذو فائدة؛ سوف يكون هذا مصحودبا بالمقارنة ببعض العقائد التي
تتماس مع المسيحية في نقاط ما ،حتى نبين أن هناك أكثر من جوهر داخل هذه
العقائد وآلهتها ،فل تكون بقية الشياء مثل بقية الشياء ،بل أننا سوف نرى أن كل
شئ في بقية الشياء هو جوهر يختلف عن بقية الشياء .ومن أشهر هذه العقائدً:ا
عقيدة النصف إله ونصف إنسان عند الغريق.
عقيدة الثالوث الفرعونية )إيزيس ،أوزوريس ،حورس(.
الثالوث الغإريقى
تقــول الســطورة أن زيــوس رب الربــاب لــدى الغريــق والــذي كــان يســكن جبــل
الوليمب ،كان دائدما ما يتحول مـن صــورته الناريــة إلـى طبيعــة بشـرية بهــدف مضـاجعة
النساء البشريات ،وكان في حالة تحوله إلى الحالة البشرية يضــع فــي جــانبه خنجـدرا ،إذا
ما لمس هذا الخنجر أحد ،عاد زيوس إلى طبيعته اللهيــة الناريــة والــتي تحــرق كــل شــئ
من حولها ،وكانت سميل هي
المفضـ ـ ــلة مـ ـ ــن بيـ ـ ــن نسـ ـ ــائه،
وكــانت ل تعــرف ســر الخنجــر
الــذي فــي جــانبه .وفــى إحــدى
المـرات الـتي كـان زيـوس يلقـى
فيهــا ســميل وكــانت قــد حملــت
مـ ــن زيـ ــوس ،دفعهـ ــا الفضـ ــول
لرؤية الخنجر الذي في جانب
زيــوس ،ومــا أن لمســت ســميل
الخنجــر حــتى بــدأ زيــوس فــى
التحول إلى كتلة كـبيرة مـن اللهـب أمسـكت بسـميل وقبـل أن تحـترق ويتحـول زيـوس إلـى
ل ،شق زيوس بطنها بخنجره وأخذ الجنين وشق له أخـدودا فـي
طبيعته النارية تحولد كام د
فخذه ووضعه فيه .فلما اكتملت أيام نمو الجنين أخرجـه زيـوس مـن فخـذه ليكـون نصـف
إلــه ونصــف بشــر وعــرف باســم ديــونيس إلــه الخمــر والمــاء والخصــاب .إلــى هنــا تنتهــي
السـطورة ..ولكـن يحلــو للبعــض الربــط مـا بيـن شـخص المسـيح وشــخص ديــونيس علـى
اعتبار أن كل منهما يحمل الطبيعتين البشرية واللهية والربط هنا في غيــر محلــه وذلــك
لعدة أسباب هيً:ا
-1أن ديونيس مخلوق ولكن المسيح غير مخلوق.
-2ديونيس حبل به بالشهوة أما المسيح فقد حبل به من غير شهوة.
-3الطبيعة اللهية والطبيعة البشرية في ديونيس متلزمتين ،فنصفه البشرى ل يحمل
نصفه اللهي ،ونصفه اللهي ل يحمل طبيعته البشرية .بعكس السيد المسيح الذي فيه
تتحد الطبيعة البشرية مع لهوته بغير اختلط ول امتزاج ول تغيير في طبيعة واحدة.
-4ديونيس محض خيال فهو أسطورة توهمها الغريق غير موجودة على أرض
الواقع ،أما السيد المسيح فهو واقع حى عايشه الكثيرون وثابت وجوده تاريخديا ودينديا.
-5ديونيس إله محدود القدرات؛ ل سيطرة له -بحسب السطورة -إل على الخمر
والماء والخصاب فقط ،فهذا هو مجال إلوهيته .أما المسيح فهو إله كلى القدرة.
-6ديونيس جاء نتيجة نزوة لزيوس ول غرض لمجيئه ،أما المسيح فقد جاء طاعة
لبيه لخلص الخطاة.
-7ثالوث زيوس وسميل وديونيس هذا الثالوث الغريقى عبارة عن ثلثة كيانات
كل منها له جوهره الخاص وغير متحدين في الطبيعة ،فالمثلث أضلعه بشر إواله
ونصف إله ،أما الثالوث المقدس فهو واحد في الطبيعة والجوهر.
يكمل
المؤلف هنا
مراوغاته
الفلسفية
بغرض هدم
العقيدة من جذورها وهو هنا وقد استلهم ما جاء بصدر سفر الجامعة )ً:1ا (11 -1
يصدمنا بالحقيقة الفاجعة والتي فحواها بأنه ل وجود ل )البداية والنهاية رؤ ً:22ا ( 13
إل في الخط المستقيم ،وهى إشارة واضحة ل تحتاج إلى تأكيد إلى العقيدة الرثوذكسية
التي هي عقيدة الرأي المستقيم..
ولو توقف المؤلف عند هذا الحد لشكرناه وأثنينا عليه وأمتننا له ،ولكنه يعود
لينقلب ويقر بأنه ل خطوط مستقيمة إل في أوهامنا ،أو في الوريقات التي نسطر فيها
ما نتوهم ..أي أن الرثوذكسية إوالهها ما هي إل محض وهم فى داخل أتباعها .ثم
يستخدم منهج الجدل الوجودي في اللهوت والذي يرفض الميتافيزيقا لنها تتحدث عن
أشياء غريبة مثل البداية والنهاية للحقيقة )الحقيقة المطلقة أو ال( ،ويرى أن كل
الحقائق دائرية ل بداية لها ول نهاية ،ولكن الحقائق كلها متتابعات ومتداخلت ل
نهاية لها ول بداية .وكان يمكننا أن نثبت له عكس ما ادعى عن طريق الستدلل
المنطقي والبرهان العقلي ،ولكنه سحهل علينا المر وتناقض مع نفسه بأن ذيل المقطع
المشار إليه بعبارة )تمتلئ الحياة ،بأن تكتمل دائرتها ،فتفرغ عند انتهائنا بالموت،
لنعود إلى ما منه ابتدأنا( ،فالعبارة تحمل كلمتي )انتهائنا( أي أن هناك نهايات
للشياء ،و)ابتدأنا( أي أن هناك بدايات للشياء .وبهذا يدحض المؤلف ما زعمه من
أن كل الحقائق دائرية ومتداخلة ،بل أن هناك خطوط مستقيمة لها بداية ولها نهاية.
فل عجب إذن أن تكون عقيدتنا مستقيمة البداية والنهاية وأولها وآخرها وجميع حروفها
من اللف إلى الياء هو ال ،ول مجال للدوائر والمتقاطعات إل في أوهام المؤلف وفى
الوريقات التي يسطر عليها ما يتوهمه.
وهنا نحب أن نؤكد على بعض النقاطً:ا
هناك فارق كبير بين القول بأن الحقيقة تظل غريبة وخارجية عن النسان ما لم
يختبرها شخصديا وعقلديا ،وبين القول بأن العقل يعتبر مصد دار للحقيقة اللهية.
إن العقل ل يستطيع أن يدرك الحقيقة اللهية .فالحقيقة اللهية هي "السر الذي
كان مكتودما في الزمنة الزلية ،ولكن ظهر الن وأعلم به جميع المم بالكتب النبوية
حسب أمر ال الزلي لطاعة اليمان ،ل الحكيم وحده بيسوع المسيح له المجد إلى
البد" ) رو ً:16ا " ،( 26 ،25السر المكتوم منذ الدهور في ال خالق الجميع بيسوع
المسيح ،لكي يعرف الن عند الرؤساء والسلطين في السموات بواسطة الكنيسة
بحكمه ال المتنوعة ،حسب قصد الدهور الذي صنعه في المسيح يسوع ربنا" )أف ً:3ا
.(11-9
ضا ل يمكن أن تكون مصد دار للحقيقة الخلصية التي أعلنها ال
العاطفة أي د
حسب إرادته ،إذا لم يقبل العقل والضمير أولد النجيل كحقيقة ويستنيران به .إن
الضمير بسبب مخالفة الناموس يولد فينا الحساس بالحاجة إلى الخلص الذي ل
يستطيع أن يحققه بنفسه ،إواذا لم يستننر النسان بالحقيقة المعلنة ،فإنه ل يستطيع أن
يعرفه .إن الضمير يعرف الناموس ولكنه ل يعرف النعمة.
والضمير يستطيع أن يشهد لما أعلنه النجيل ولكنه من المستحيل عليه أن
يدرك من البداية مضمونه .إن الضمير يمكنه أن يشهد على مخالفة قاعدة أخلقية أو
السير بموجبها ،ولكنه ل يستطيع أن يدرك القضايا الخلصية الكبرى أي ما يتصل
بالمسيح وبالحياة الخرى .ففي كل هذا ل يستطيع الضمير أن يبصرنا لن هذه
المور تقع في مجالت أعلى من مجاله .فليس للضمير أن يرشدنا في غير المسائل
الدبية البسيطة إل بإعانة الوحي إوارشاد الروح القدس ،لن غايته ليس أن يجعل
النسان فيلسودفا في المسائل الدبية أو يقوم مقام الوحي ويعلن الحقائق اللهية ويبين
له واجباته الدينية بالتفصيل ،بل أن يرشده إلى التمييز بين الخير والشر في أحوال
لهوت إلى مصدرينً:ا
بسيطة .ويمكن لنا أن نقسم فهمنا ل ل
الطبيعيً:ا وهو المستمد من الضمير والعقل وشهادة الطبيعة ،وبه نستطيع أن نحصل
على معرفة ال ومحبته وعبادته ،إل أنه غير كاف ليضاح جميع الحقائق الدينية،
وبيان إرادة ال الصالحة.
الفائق للطبيعةً:ا وهو كلم الوحي الوارد في كل أسفار الكتاب المقدس الذي يعلمنا ما
ل يستطيع أن يعلمنا إياه النور الطبيعي من السرار الغامضة والحقائق الهامة.
فى هذه الفقرة من الرواية يثير الكاتب قضيتين من أهم القضايا فى العقيدةً:ا
القضية الولى إيمانية ،والقضية الثانية لهوتية.
القضية الولى هيً:ا هل النسان المؤمن سبب بركة للمكان )الكنيسة( ،أم أن المكان
بما يحمله من قداسة هو سبب بركة للنسان؟ وهل البركة فينا أم فى الماكن؟
بدايدة؛ يجب علينا أن نقف على المعنى اللغوي للكلمة محل الجدل؛ أل وهى )البركة(،
فلقد جاء فى المعجم الوسيط أن "البركة" تعنى النمو والزيادة والسعادة فهل تحقق
الكنيسة هذه المعاني للنسان ،أم أن النسان بما يحمله من قداسة يسبب المعاني
السابقة للكنيسة؟
هنا يوضح لنا القديس باسيليوس الكبير أن النسان الذي يعيش فى قداسة؛
يكون سبب سعادة وفرح لمن حوله .فالكنيسة تفرح بقديسيها ،ويكون هؤلء سبب بركة
للكنيسة ،وغني عن الذكر كم يتكحرم الكنيسة قديسيها لنهم سبب بركة لها.
إذن فالنسان يمكن أن يكون سبب بركة للمكان ،كما أن المكان يمل النسان
بركة .والبركة ليست سر كامن فينا أو فى المكان ،ولكنها محصلة تفاعل كل الشياء
مدعا .النسان والمكان والروح القدس الذي هو منبع كل البركات.
أما القضية الثانية التى يثيرها المؤلف هنا هي ما هي ماهية ال؟
ماهية الله
هنا يبدأ الكاتب يكشر عن أنيابه ويكشف عن خفايا صدره ونواياه ومآربه
بالتشكيك صراحة في ألوهية السيد المسيح ويتساءل هل قام يسوع حدقا من الموات؟
وكيف له وهو الله أن يموت بأيدي البشر؟ ..هل النسان قادر على قتل الله
وتعذيبه ،وتعليقه بالمسامير فوق الصليب؟ ونحن هنا سوف نزايد على الكاتب فنقول
وهل يمكن أن يكون الله طفلد ويكبر وينمو؟ وهل يعطش الله؟ ومن كان يدير العالم
وهذا الله في بطن العذراء وهى حبلى به؟ وأيضا من كان يدير العالم أثناء وجود هذا
الله في القبر؟ وكيف للله أن ييجحرب من الشيطان؟ كل هذه التساؤلت وغيرها ناتجة
عن عدم مقدرة الكثيرين عن استيعاب مفهوم التجسد..
وقبل أن نخوض في المر ،علينا أن نؤكد على بعض النقاط وهىً:ا
ل ينبغي علينا أن نقحيم السلوك اللهي بمفهومنا البشرى ،فنحن ل نعلم الطبيعة
الكاملة التي تحكم سلوكيات وتصرفات ال ،ولكننا فقط نعرف ما استعلن لنا منها .فما
نراه إهانة ،قد يراه ال غير ذلك .فأفعال ال تتم من خلل منظومة ربانية ل يستعلن
منها إل ما نستطيع إدراكه .أما باقي المنظومة فل نستطيع إدراكها لقصور عقلنا
البشرى عن استيعابها .فيجب علينا أن ندرك دائدما أنه في أحيان كثيرة ما نراه فعلد
ل ،قد يكون جزدء من هذا الفعل وليس كله .يقول القديس كيرلس الكبير عمود
إلهديا كام د
الدين عن التجسدً:ا "إننا ل نستطيع أن نعرف كيفية التحاد القنومى )التجسد( لنه
كما يصفه هوً:ا
♦ فائق الوصف.
♦ سرى بصفة مطلقة.
♦ ل ينطق به.
♦ يفوق العقل.
♦ سرى وفائق العقل.
إن السلوك اللهي تجاه البشرية نابع من قصد ال في خلق البشرية ،هذا القصد
لم يعلن عنه ولكنه معد بحسب التدبير.
إن وجود البشر فى الجسد هو عملية خلق وخروج كائن من آخر .أما بالنسبة
ل فهي ليست كذلك ،فالتجسد بالنسبة ل هو قدرة من قدراته ،فهو قادر على التجسد
مثلما هو قادر على الخلق .واستخدام ال لقدرة من قدراته؛ ل يعنى أن جوهر ال
تغير ،فلماذا نتقبل حقيقة خلق ال للروح ،مع أننا ل نعرف الكيفية التي يخلق ال بها
الروح ،ولكننا نقر أن ال هو خالق ومعطى الحياة فهذه هي قدرته ،ونعود ونرفض
قدرته على التجسد وينصر أن نعلم دقائق هذا المر؟
وعلى كلل فإن ال لم يتركنا في هذه الحيرة ،وأفصح لنا عن الكثير عن قدرته
على التجسد فيما يخصنا .فهو لجل خلص البشرية اختار أن يتجسد من عذراء،
وذلك بأنه اتخذ له طبيعة بشرية من هذه العذراء؛ واتحد بلهوته بهذه الطبيعة منذ
لحظة تكوينها ،فهذه الطبيعة لم توجد منفردة على الطلق .وهنا نؤكد على أن
اللهوت يمل الكون كله ،وهو في نفس الوقت متحد بالطبيعة البشرية ،ول يتأثر
اللهوت مطلدقا بما يقع على هذه الطبيعة .ولكن هذه الطبيعة هي التي تنمو،
وتعطش ،وتتألم ،وتموت جسدديا ل روحديا ..الخ .كل هذا لكي يفتدى البشرية ويمحو
عار الخطية منها .أما من ناحية هل النسان قادر على قتل الله؟ فمن يقتل؛ هو
الجسد المتحد باللهوت ،أما اللهوت فل يمكن لمخلوق أن يمسه.
تحريف النجيل
يبــدو أن كنانــة المؤلــف قــد حــوت كــل الســهام الموجهــة ضــد المســيحية .وهــا هــو
يطلق سهامه الواحد تلو الخر لعله يصيب بهـذه السـهام مـا لـم يسـتطع غيـره أن يصـيبه
أو يظن أنـه قــد تنجــح بعــض ســهامه فــي إصــابة أهـداف لــم تصـبها ســهادما أخـرى ،ولكـن
هيهــات فســهامه قــد بــدت ضــعيفة ومقوضــة وقوســه قــد ارتخــى خيطــه ،فكــل ســهامه ل
تنطل ــق إل تح ــت ق ــدميه ،فح ــاول أن يج ــرب حظ ــه ه ــذه المـ ـرة رم ــي النجي ــل واليح ــاء
بتحريفــه ،فلقــد جــاء فــي صــفحة ) (36فــي حــديث بيــن هيبــا ال ارهــب المتخيــل ونســطور
-وهو طبدعا حديث متخيل لم يقع بالفعل
هنا تبدو الدللة واضحة ل تحتاج إلـى اســتنباط ،حيــث يــوحى المؤلـف بــأن كلم
السيد المسيح الصحيح موجود في الناجيل التي ذكرها وهىً:ا )توما والمصريين ويهــوذا
وســفر الســفار( .ويبــدو أنــه قــد نســى إنجيــل مريــم إوانجيــل برنابــا وأناجيــل الطفولــة ،تلــك
الكتب حسب ما جاء على لسان نسطور كتـب تمنعهـا الكنيسـة ،ويحـب نسـطور اقتنائهـا
ولنا هنا بعض الملحظاتً:ا
الذي منع هذه الكتب؛ هى الكنيسة لمر لم يذكره المؤلف. o
يريد المؤلف أن يوهم القارئ بأن هرطقة نسطور هي الرأي السليم والصحيح، o
لنه يعرف من الناجيل المذكورة كلم المسيح الحقيقي .وأن محاربة الكنيسة لنسطور
لم تكن دفادعا عن اليمان ،ولكن عقادبا له على كشف المستور في هذه الناجيل!!
إن كانت هذه الكتب هي الناجيل المحببة لنسطور ،وهو المبجل حسب وصف o
المؤلف .فلبد أن يكون النجيل المتداول في الكنيسة أبان زمن الرواية هو إنجيل
محرف ل يحتوى على الكلم الصحيح للسيد المسيح.
إننا هنا نريد أن نخبر المؤلف حقيقة ،وهىً:ا هناك الكثير من الناجيل ،آخرها ما تم
اكتشافه في نجع حمادي ،ول نعرف بأي أناجيل أخرى سوف تخبرنا بها اليام .وليس
كل كتاب احتوى غلفه على كلمة إنجيل تأخذ به الكنيسة .فكتاب الكنيسة المقدس؛ تم
جمعه وتدوينه والتأكد من مصادر هذا الجمع والتدوين ،وهو غير قابل للضافة أو
الحذف .كما أن الكنيسة لم تحرف النجيل؛ لنه ل توجد مصلحة لحد في تحريف
الكتاب المقدس .وسوف نثبت هنا بالدليل القاطع والبرهان.
ولكن النبوءات التي تتحدث عن السيد المسيح كما هي ،واللعنات موجودة حتى الن،
إذن يستبعد أن اليهود قد قاموا بتحريف الكتاب.
معمودية الروح
جاء في الرواية في حديث للسقف تيودور )والذي حرمت الكنيسة تعاليمه( في
صفحة )ً:(29ا
ل يفوت
المؤلف
فرصة حتى
يهاجم كل
مفردات
العقيدة ،وها
هو بدأ في الدخول على أسرار الكنيسة ،وبدأها بأول السرار وهو سر المعمودية.
وليعلم القارئ أن هذه ليست إل بداية تمهيدية منه تجاه سر المعمودية تحديددا .فسوف
يعود للسقاط على السر مرة أخرى ،وبطريقة سافرة ومستفزة لحدقا ،سوف نتعرض لها
في حينها.
ولكن لنبقى الن مع حديث السقف ديودور الذي تخيله المؤلف ،والذي كان يتحدث
فيه السقف عن الخلص ،إوان الخلص ل يكون إل عن طريق العماد ،وليلحظ
القارئ أن المؤلف استخدم لفظة العماد وليس المعمودية مق دار بأن العماد هو قيامة
للروح من موت الجسد ،أي أن العماد المزعوم خاص بالروح ،فهو إذن عملية معنوية
وليس طقس مادي روحي .وعندما يتطرق لذكر لفظ المعمودية؛ يقول اعرفوا بقلوبكم
)أي أرواحكم( سر المعمودية ،ولنا هنا بعض التوضيحاتً:ا
على الرغم من إقرار المؤلف بأن المعمودية سر ،إل إنه ل يتعرض لطقسية o
السر ول كيفية ممارسته.
يرى أن السر خاص بالروح وليس بالجسد. o
يرى أن السر يدرك )اعرفوا المعمودية بقلوبكم( ول يمنح أو يمارس. o
إن ما ذكره المؤلف عن المعمودية هو ما يعرف "بمعمودية الروح القدس" هكذا o
يسمونها الخمسينيون ،وهكذا تنادي جماعة الكرزماتك ،والذين يتبعون الخمسينيين دون
أن يعلنوا عن ذلك ،حيث يدعون إن الروح القدس يحل على شخص ما فيمتلئ منه،
وهكذا يصير الشخص معمددا بالروح القدس ،وهى عقيدة مرفوضة أرثوذكسديا.
ونحن هنا سوف ل ندخل في جدال حول هذا السر العظيم ،ولكن وقد اعتنق المؤلف
روائديا فكر معمودية الروح القدس لزم علينا أن نجيبه بخطأ هذه العقيدة برد الشئ إلى
أصوله .فالصل في المعمودية قول السيد المسيح "من آمن واعتمد خلص" )مر ً:16ا
(16وبالتدقيق في الية نجد أنً:ا
السيد المسيح قالً:ا "من آمن واعتمد" ولم يقل )من آمن ويعحمد( ،أي أن o
المعمودية عمل يختار النسان القيام به إن كان راشددا ،أو من يتولى أمره إن كان
ل ،وليس عمل يمنح من الروح القدس على الرغم مما في السر من منح للروح
طف د
القدس يتم عن طريق الطقس .فإن كان السر يمنح لشخاص دون غيرهم ،فبالتالي من
لم يحصل على السر ،سوف يدان أمام ال ،فكيف يدينه ال إذن عن أمر استحال
عليه فعله؟
طاشت مرة أخرى سهام المؤلف..
أسرار الكنيسة السبعة
بعد أن شكك المؤلف في إله المسيحية وحاول التشكيك في كتابها المقدس ،ها
هو يبدأ بالدخول على تفاصيل العقيدة ،وأول ما قابله في هذه التفاصيل هي أسرار
الكنيسة السبعة .فلماذا إذن ل يجرب حظه هذه المرة في مناقضة هذه السرار؟
حسدنا ليأت المؤلف بكل ما في جعبته من إبداعاته اليمرة ،ويبقى علينا نحن أن
نوضح صحة ما نؤمن به وما نعتقد..
إن السر هو عمل مقدس به ينال المؤمن نعمة غير منظورة .والسيد المسيح
تبارك وتمجد اسمه بما أنه هو مصدر كل النعم ،ورئيس هذه الطبيعة ،فإن له القدرة أن
يوصل تأثيرات النعمة الفائقة للطبيعة إلى تأثيرات طبيعية.
والسرار في كنيستنا عددها سبعةً:ا المعمودية ،المسحة ،التوبة والعتراف،
الفخارستيا ،مسحة المرضى ،الزيجة ،الكهنوت .وهذا الرقم بل زيادة أو نقصان هو
اعتقاد كل الكنائس الرسولية منذ القرون الولى.
ولكي يتم السر فإنه يلزم له ثلثة شروطً:ا مادة السر ،طقس السر ،خادم السر
وهو دائدما الكاهن .وتعمل السرار جميعها بفعل الروح القدس فقط ،فل يشترط لصحة
السر صلح الكاهن ول إيمان القابل ،لن قوة السر بحسب النعمة التي يمنحها السر
تتوقف على إرادة الرب يسوع الذي هو نفسه متمم السر بوجود غير منظور.
هذا هو تعريف السرار وبيان كيفية عملها وفاعليتها ،وهى من المور المقدسة
داخل الكنيسة ،بل نستطيع أن نؤكد أن هذه السرار هي الكنيسة ذاتها فإن اختحلت هذه
السرار انتفت الكنيسة ،فل يجوز إذن التهكم بها أو السقاط عليها ،ولكن المؤلف وقد
استباح لنفسه رب هذه السرار ،أفل يستبيح السرار؟!!
إن المؤلف يتخذ من شخصية أوكتافيا رم داز لكنيسة السكندرية في ذلك الوقت
-سوف نوضح ذلك بالتفصيل لحدقا -تلك الكنيسة التي أصابها الفساد ،والتي
أصبحت تأوي داخلها إكليرودسا فاسددا )هيبا( ،وأصبح إيمان هؤلء الكليروس الذين
تعمدهم به هذه الكنيسة هو محصلة فكر وسلوك منحرف..
رموز المعمودية واضحة عند المؤلفً:ا الحوض )جرن المعمودية( ،والزيت
العطري الفواح )الميرون( ،والتغطيس )تناولت بكفيها من الماء وفركت شعر رأسي(،
أي أنه بكامله قد أصبح داخل الماء ،ولكن هل هذه هي معموديتنا؟!! هل المعمودية
بدعة ابتدعتها الكنيسة؟! أم أن هذه المعمودية طقس احتفالى ل قداسة فيه؟!
إننا نؤمن حسب إيماننا الرثوذكسي السليم أن المعمودية سر مقدس تسحلمناه
من رب المجد يسوع المسيح نفسه ،كما نؤمن بفاعلية هذا السر كما جاء في كتابنا
المقدس.
وبهذه المعموديةً:ا
(1يتم الخلصً:ا مر ً:16ا ،16تى ً:3ا 1 ،5بط ً:3ا 21 ،20
(2ننال بها الميلد الثانيً:ا يو ً:3ا ،5-3تى ً: 3ا 5
( 3ننال بها الغسل من الخطاياً:ا أع ً: 22ا16
(4ننال بها مغفرة الخطاياً:ا أع ً:2ا 38
(5هي موت مع المسيح وقيامة معهً:ا رو ً:6ا ،4كو ً:2ا 12
(6بها نلبس المسيحً:ا غل ً:3ا 27
(7بها ننضم إلى عضوية الكنيسةً:ا تك ،17كو 2
(8هي أمر إلهيً:ا مت ً: 28ا ،19مر ً: 16ا 16
فهل يجوز إذن التعرض لهذا السر العظيم وما يحمله من قداسة لكل مسيحيي العالم
بمثل هذه الرمزية والتشبيه؟
سر العتراف
هنا يحاول المؤلف كما حاول من قبل ولن يكف عن محاولته في الترويج إلى
كل متناقضات الرثوذكسية ،فها هو بعد أن حاول فلسفة العقيدة ولم يفلح ،بدأ يبحث
عن كل ما يخالف العقيدة ويتضاد معها سواء في طبيعة اليمان أو في مفهوم اليمان
نفسه ،وهو ل ينحاز إلى فكر بحد ذاته ،ولكنه يأخذ مقتطفات وأفكار من كل
التجاهات التي تتعارض مع المفهوم الرثوذكسي السليم.
فلماذا إذن ل يعرج على البروتستانت عله يجد عندهم ما يفيده في سعيه نحو
نقض العقيدة ،فنجده قد راق له مفهوم البروتستانت لسر العتراف .فلماذا ل يزج بهذا
المفهوم ضمن ما حشد من وسائل الهجوم على الرثوذكسية؟ نراه في صفحة 100
يورد على لسان هيبا الراهب المتخيلً:ا
يغير المؤلف هنا من طريقة هجومه ،فالمضمون ل خلف عليه وهو الهجوم على
العقيدة .ولكنه يغير من شكل الهجوم هذه المرة ،فبعد أن لجأ إلى التسفيه في رمزيته
لسر المعمودية دون أن يتعرض له صراحة نظ دار لفجاجة التناول ،نجده هنا يتعرض
صراحة لسر العتراف ،وظاهر التناول هنا يبدو رقيدقا وبديدعا ،ولكن باطن هذا التناول
خبيدثا ومريدبا .فهو يبدأ عبارته بكلمة العتراف دون أن تسبقها كلمة سر ،وبذلك ينفى
عن سر العتراف عمل الروح القدس غير المنظور في هذا السر ،ويلجأ بدهاء شديد
إلى توصيفه بلفظة كنسية أل وهى كلمة طقس )وتعنى ترتيب(.
اعتبر العتراف طقس وليس سر ،فهو إذن ترتيب ،مجرد ترتيب ليس إل ،ل
توجد فيه أي جوانب فوقانية.
وكذلك لم يتعرض إلى الكهنوت الذي يتم من خلله ممارسة السر ،ليتم بذلك
اختزال السر وتفريغه من محتواه ببلغة شديدة ودون إطالة.
والمؤلف هنا يتناقض مع نفسه بين ما يعلمه حقيقة عن طبيعة السر ،وبين
رؤيته النافية لكونه سر .ولنناقش هنا عبارتين وردتا في نفس السياق تظهران التناقض
الذي وقع فيه المؤلف وهماً:ا
"العتراف طقس بديع ،يطهرنا من خطايانا كلها" ولنا هنا أن نتساءل إن كان
العتراف مجرد طقس أي أنه ترتيب ليس أكثر أو أقل ،فكيف إذن يطهرنا ترتيب أو
طقس من خطايانا كلها؟ إن التطهير من الخطايا يحتوى على مغفرة لهذه الخطايا.
ومن المسلمات والبديهيات أنه ل يقدر على غفران الخطايا إل ال ،فإن كان ال غير
حاض دار فى العتراف ،فكيف سننال مغفرة خطايانا ،وكيف كما عحبر المؤلف يطهرنا
العتراف من خطايانا كلها؟ إذن لبد أن يكون ال حاض دار أثناء ممارسة الطقس ،فإن
كان حضور ال غير منظور أو مرئي وبشكل سرائري ،أل يتعين إذن وجود من له
سلطان وصلحيات النابة أو الوكالة عن ال في ممارسة السر؟ أليس الكاهن وكيل
سرائر ال المؤتمن على ممارسة تلك السرار؟ إذن يتعين وجود كاهن لكي يتمم هذا
السر.
أما العبارة الثانية هي قوله إن العتراف "يغسل قلوبنا بماء الرحمة الربانية
السارية في الكون" وهذه العبارة تأكيددا لما جاء في العبارة سابقتها مع اختلف
الصياغة.
إن العبارتين المشار إليهما هما المضمون الحقيقي لسر العتراف وهو ما يختزنه
المؤلف في باطنه ويعلمه جيددا .فكان يمكن له أن يسير في هذا التجاه ولن يخل هذا
بسياق الحدث في الرواية أو يضعف من بنائيتها .على العكس فإن هذا الخط سوف
يثرى الدراما في الرواية ويعطيها أبعاد أعمق من السطحية التي تناول بها المؤلف
مفرداته .ولكن كما يقول معلمنا القديس بطرس الرسولً:ا "كلب قد عاد إلى قيئه،
وخنزيرة مغتسلة إلى مراغة الحماة" )2بط ً:2ا ،(22فيعود المؤلف هنا لينهل من قيئه
ليقرر هيبا أنه سوف يعترف إلى رقوته المزعومة .أي أن هيبا هنا سوف يعترف إلى
نفسه بنفسه وعلى يد نفسه.
لقد قرر المؤلف أن يزايد على الجميع ،فعلى الرغم من أن البروتستانت
يختلفون معنا في مفهوم العتراف إل أنهم يرون -هذا مفهومهم -أن العتراف يجب
أن يكون إلى ال مباشرة ولم يتبنوا فكرة إمكانية أن يعترف الشخص إلى نفسه ،فإن
اعترف النسان إلى نفسه ،فإن نفسه -وهى في الصل المحرك على ارتكاب
الخطايا -لن تلومه وتبكته على ما فعل ،ولكن سوف تلجأ تلك النفس إلى إيجاد
مبررات لتلك الخطايا وتهوينها والحتماء بضعفها إلى غير ذلك من وسائل .وبذلك
يستسهل النسان الخطية ويعتاد ارتيادها .وتسحلمه نفسه من خطايا أصغر إلى خطايا
أكبر في سلسلة متوالية ل تنتهي إل بهلك تلك النفس البشرية .فهل هكذا تكون قد
تطهرت النفس من خطاياها كلها كما زعم المؤلف؟! كيف تتطهر النفس من خطاياها
إن لم تجد من يبكتها عليها ويساعدها على التوبة عن تلك الخطايا؟!!
إن العتراف في حد ذاته إواقرار الخطية دون ندم على ذلك؛ ل يفيد في
خلص النسان .فبدون التوبة ل يوجد خلص )لو ً:13ا .(5 ،3والنسان منفرددا وهو
في حالة الخطية غير قادر على التوبة ،فهو مثل المريض الذي يحتاج إلى طبيب
يصف له العلج ،فهو ل يعرف علج نفسه .كذلك النسان المحتاج إلى التوبة ل
يعرف علج نفسه روحديا ،ولكنه يحتاج إلى الكاهن )الطبيب( لكي يصف له الدواء.
ويتوقف شفاء المريض على فاعلية الدواء وتنفيذ توصيات الطبيب .ول يتوقف دور
الكاهن هنا على النصح والرشاد ،ولكنه يتابع مع النسان مراحل توبته وجهاده
الروحي )أم ً: 28ا 1 ،18يو ً:1ا .(9
سر
الفخارستيا
في وصف المؤلف لول لقاء بين هيبا وأوكتافيا يورد الفقرة التالية في صفحة
ً: 82ا
إن سر التناول المقدس هو من دعائم اليمان الرثوذكسي القويم .فهذا السر قد
أسسه ربنا يسوع المسيح تبارك وتمجد اسمه فيما عرف اصطلدحا بالعشاء الخير،
وفيه أكل السيد المسيح مع تلميذه خبدزا ،وشرب عصير الكرمة الممزوج بالماء معهم؛
مؤكددا أن هذا الخبز هو جسده الحقيقي ،والكرمة هي دمه الحقيقي ،مطالدبا تلميذه أن
يصنعوا هذا العشاء ويتناولوا منه دائدما لن هذا التناولً:ا
يهب الحياة )يو ً:6ا .(41 ،33
خبز السماء الحي )يو ً:6ا .( 51
صا وغف اردنا وحياة أبدية )يو ً:6ا .(58 ،53
يعطى عنا خل د
به نثبت في المسيح )يو ً:6ا .(56
شرط لتبعية المسيح )يو ً:6ا .(69-66
ذكرى للم الرب وموته المحيى ومجيئه ) 1كو ً:11ا .(26
شركة في جسد المسيح ) 1كو ً:16ا .(10
فالسر إذن ليس بدعة ول وجهة نظر إيمانية للكنيسة يمكن الختلف معها أو
التفاق عليها ،ولكنه أصل من أصول العقيدة مؤيد بنص الكتاب المقدس والتسليم
البائى الذي أخذناه نقديا من الباء الولين .والحديث عن هذا السر يتم دائدما في إطار
القداسة والطهارة اللئقتين به .وعلى الرغم من أننا نفهم أن اليحاءات الجنسية
والباحية الواردة هنا ل يقصدها المؤلف بظاهرها ولكن يقصد بها رصد واقع توهمه
عن علقة الكنيسة بالرهبنة أبان عصر البابا كيرلس الكبير عمود الدين ،إل أننا ل
نستطيع أن نقبل أن ييهان وييمتهن السر العظيم ليتم ترميزه من خلل مقدمات علقة
جنسية أديا كان المقصود بها .فرموز الفخارستيا شديدة الوضوح هنا وهىً:ا
عبارة "اللقمة الخيرة" تدل على أن أوكتافيا تناول هيبا خبدزا .فكلمة لقمة ل
تقترن إل بكلمة خبز أو كلمة عيش ،والعبارة كلها إشارة إلى العشاء الخير.
عبارة "سأسقيك أطيب نبيذ" فالنبيذ ما هو إل عصير الكرمة والماء.
عبارة "تسكب في روحي رشفات من نبيذها السماوي" دللة على تقديس هذا
النبيذ فهو ليس كأي نبيذ ،ولكنه أتى من السماء .وتسكب في روحي تدل على روحانية
لً:ا تسكب في داخلي ،أو
هذا النبيذ .فلو كان يقصد التأثير الفيزيقى للنبيذ لقال مث د
تسكب في جسدي ..الخ
عبارة "لم أذق مثل هذا النبيذ ،ولم أشرب بعد" هي إشارة إلى قول السيد
المسيحً:ا "إني من الن ل أشرب من نتاج الكرمة" )مت ً:26ا .(29
كان يجب على المؤلف طالما قرر التعرض للسرار المقدسة أن ينتقى عباراته
وتعبيراته ورموزه إوايحاءاته ل أن يلجأ إلى مبتذل الكلم ووضيع الكناية .فالصل فى
آداب الحديث أن "لكل مقام مقال" ،ولكن المقال هنا لم يكن من مقام السر العظيم.
نحن نفهم جيددا أن المؤلف يتعمد إثارة أهل المسيحية سواء صراحة أو تلميدحا،
هذه الثارة التي سوف نبين أنها متعمدة ومقصودة ولم تأنت عفدوا .فتلك الثارة هي جزء
من منظومة نرى أن المؤلف قد تورط فيها لثارة الفتنة ،بدعوى حرية الرأي والبداع.
إننا على الرغم من أننا نؤكد أن الكنيسة تعيش أزهى عصورها الثقافية ،فسوف
يذكر التاريخ عامة والكنسي خاصة أن عصر قداسة البابا شنودة الثالث هو أزهى
عصور الكنيسة ثقافة ومعرفة وتنويدرا .ولكن هل يعنى قبولنا للرأي والرأي الخر أن
نقبل إهانة مقدساتنا؟! بالطبع ل ،فلقد أدخل المؤلف نفسه في ما ل طاقة له به أل
وهو التجرؤ على تراث مار مرقص وأثناسيوس الرسولى وكيرلس الكبير .فإن كان
هؤلء قد رحلوا عنا ،ولكنهم خلفوا ورائهم خير خلف لخير سلف ،سائرين على نهجهم
مقارعين الحجة بالحجة والبرهان بالبرهان.
سر الكهنوت
الكهنوت هو سر السرار داخل الكنيسة ،فهو السر الذي تدور حوله كل
السرار وجوددا وعددما .فإن صح هذا السر صحت بقيه السرار ،إوان انتفى هذا السر
بطلت معه كل السرار .لن الكهنوت هو أحد الشروط الثلثة المتممة لتفعيل أي سر
من السرار ،فبدون الكهنوت ل أسرار ول كنيسة ول عقيدة ،وتصبح المسيحية مسدخا
ل معنى لها.
فالكنيسة الرثوذكسية هي كنيسة الكهنوت ،والكهنوت ليس نظام دنيوي ابتدعته
الكنيسة لكي تحكم قبضتها على أبنائها ،ولكنه سلطان روحي رعوي رضائي وليس
قسري .ولقد تسلمت الكنيسة الكهنوت من الباء الرسل والتلميذ ،والذي أعطاه لهم
صا بهم ،يشمل هذا السلطان التعليم
السيد المسيح مباشرة ،معطديا لهم سلطادنا خا د
والتعميد )مت ً:28ا ،20 ،19مر ً:16ا ،16 ،15لو ً:10ا ،16أع ً:10ا .( 42 ،41
والحل والربط )مت ً:18ا ،18يو ً:20ا .( 23 ،22وسلطان ممارسة الفخارستيا )لو
ً:22ا 1 ،19كو ً:10ا .( 21-15وسلطان وضع اليد إواقامة الخدام )أع ً:6ا .( 6-3
وسلطان منح الروح القدس )أع ً:8ا .( 17 ،14
ولن ندخل في تفاصيل سر الكهنوت ،ولكن ما يهمنا هنا التأكيد على طبيعة
هذا السلطان الروحاني المعطى بنعمة فوقانية .فل يجوز إذن أن يترفع صاحب هذا
السلطان على ما لهذا السلطان من كرامة .لن هذا ل يعد تواضدعا ،ولكنه يعد امتهادنا
للسر العظيم .وهو ما ل يليق بحامل سر الكهنوت .وعندما ننادى الكاهن بكلمة
)أبونا( فنحن نخاطبه بما يليق بالكهنوت ،فالبوة هنا ليست عائدة على الشخص
ولكنها إك اردما للسر الذي يحمله هذا الشخص .ول يهم فى ذلك كون الكاهن أكبر سدنا
أو أصغر سدنا من المتعامل معه ،كما يطيب لجميع المؤمنين التمتع بهذه البوة
الروحية عن طيب خاطر.
ولكن المؤلف يجنح بنا مرة أخرى ناحية البروتستانت ،ولكن ما ل يعرفه
ضا قادتهم الروحيين
المؤلف أو يعرفه وغض النظر عنه؛ أن البروتستانت لديهم أي د
ويلقبونهم بألقاب احترام وتوقير مثل )جناب القس ،الشيخ ،والب( ولم نسمع أن منهم
من ينادى قس الكنيسة باسمه مجرددا من لقبه.
إذن لماذا لجأ الكاتب في صفحة 37في حوار بين هيبا ونسطور إلى هذه
التخريجة حيث جاء في الحوارً:ا
إن الكاتب هنا يحاول أن يصدر للقارئ أن الكهنوت فكرة كانت مرفوضة من
نسطور ،فكان الكاتب هنا نسطورديا أكثر مما كان نسطور عليه .فنسطور كان قدسا ثم
أسقدفا للقسطنطينية ،وكلها درجات ورتب كهنوتية .فإن كان نسطور يرفض الكهنوت،
فلماذا لم ييثر على الكهنوت مثلما ثار على أشياء أخرى كثيرة؟ لدينا الكثير من رسائل
نسطور وآرائه الثابتة تاريخديا؛ والتي لم نجد فيها ما يشير إلى ما زعمه المؤلف من أن
نسطور كان ثائ دار على الكهنوت ،بل أنه قد تج أر واستخدم سلطانه الكهنوتي في
إصدار حروم ضد البابا كيرلس الكبير عمود الدين .فإن كان نسطور يتب أر من
الكهنوت فبأي سلطان أطلق حرومه؟ بل إن هذه الحروم تبين لنا مدى تمسك نسطور
بسلطانه الكهنوتي والكرامة التي تليق به .فرفضه إذن أن يناديه هيبا "يا أبت" ل يتسق
مع ما عرفناه عن السلوكيات الشخصية لنسطور.
والسؤال النً:ا لماذا أورد المؤلف عبارته العتراضية هذه وأقحمها على سياق الحوار
بين نسطور وهيبا التخيلى؟ لم يتركنا المؤلف كثي دار في حيرتنا ،بل أفصح سريدعا عن
مكنون نواياه الخبيثة في صفحة 146حيث يصف البابا كيرلس الكبير عمود الدين
كالتالي ً:ا
هنا يتضح لنا الغرض من ادعاء المؤلف نفي نسطور للكهنوت ،فنسطور هو
المتواضع ،والذي يرى نفسه أدخا للجميع ،بل أنه يرى أنه ليس إل خروف من الخراف
الضالة .أما البابا كيرلس ،فهو ممن متع نفسه بكل مظاهر الغنى والثراء ورفاهية العيش
والملبس ممسدكا بصولجانه )ول نعرف من أين أتى المؤلف بهذا الصولجان ،فالسقف
يمسك في يمينه صليب وفى يساره عصا( ولم يذكر لنا على قدر ما أسهب في
الوصف أن البابا كيرلس كان يمسك صليدبا ..حتى يصل إلى ذروة الوصف فنجد أن
البابا كيرلس قد تعالى على كل شئ حتى على المسيح نفسه الذي بدا مستسلدما لصلبه
في إشارة ل تخلو من اليحاء بأن البابا كيرلس قهر الجميع حتى المسيح نفسه وبدا
ممسدكا بأطراف السماوات والرض.
هنا يبدأ المؤلف في التمهيد لهجومه الضاري الذي سوف يشنه لحدقا على
البابا كيرلس وكنيسة السكندرية .ويبدأ للتمهيد لما سوف يحدعيه من فساد للكنيسة
وأسقفها ،وهو يصل هنا لفكرته حيث يرى أن الكهنوت وسلطانه )الذي فهمه خطأ
المؤلف( هو سبب هذا الفساد ،وأن صراع كيرلس ونسطور صراع يمثل فيه نسطور
المقهورين )الخراف الضالة( ،ويمثل فيه كيرلس السلطة الفاسدة )الصولجان( ،وهو
المر الذي ليس له أي أساس من الصحة تاريخديا وعقائدديا .وسوف نتناول هذا
الصراع بالتفصيل في حينه.
وطبدعا النص هنا ل يحتاج إلى تعليق فالفرق واضح بين كنيسة ل تؤمن بالعلم وتحاربه
بإحلل عقيدتها بدلد منه ،وبين كنيسة تشجع العلم والعلماء وتدفع ورائهم ،فرق بين
كيرلس المتشدد وتيودور الذي يسعى وراء منفعة الناس.
وفى النهاية ل كيرلس ول تيودور قال ما ادعاه المؤلف .ولم يعرف أحد منهم طيلة
حياته راهدبا اسمه هيبا ،ولكنها سهام المؤلف المسمومة التي قرر أن يطلقها على
الكنيسة.
القداس ممل
إن القداس اللهي هو بمكانة القلب من العقيدة ،فهو الذي يضخ اليمان في
طا وثيدقا
شرايين الكنيسة ،وهو العقيدة الممارسة ببساطة .فالقداس اللهي يرتبط ارتبا د
ومتلزدما بكل ممارساتنا الروحية داخل الكنيسة .فهو الملزم للسرار ،وهو مركز
صلواتنا ،ففيه نطلب من أجل كل الشياءً:ا الزروع ،والنهار ،والملوك والرؤساء،
والراقدين .نتذكر فيه قديسينا وآباء الكنيسة ،نتشفع بهم وبدرة الكنيسة غالية الثمن كلية
الطهر العذراء القديسة مريم .نثبت فيه على إيماننا ،نشترك مع الملئكة في التسبيح،
نسمو فوق الكون فيفرح الكون بنا .فهو الميعاد الغير مسبق الذي يتقابل فيه المؤمن
مع المسيح أردسا ،هو ميعاد ل ينتهي مع من ل يغلق بابه في وجه أي أحد لنه دعا
الكل إلى الدخول .هو طقس الطقوس ،وبالجملة والتفصيل فإن القداس اللهي هو
يعرس الكنيسة الذي ل ينفض.
هذا هو القداس اللهي بالنسبة لعوام المؤمنين ،فما بالنا بالنسبة للرهبان هؤلء
الذين أشرق ال عليهم بنور خاص ،الذين تركوا العالم وسكنوا البراري والمغاير وشقوق
الرض من أجل محبتهم للملك القدوس .فلبد أن القداس اللهي يكتسب أهمية روحية
تكون في المقدمة عندهم.
وهنا ل يمكن أن نتصور أن هناك من يمل من القداس مهما طال وقته ،بل
العكس هو الصحيح ،فإن المؤمنين الحاضرين للقداس يتمنون لو لم ينفض هذا العرس
الروحاني .ومن المؤكد أن المؤلف الع اززيلى قد واتته الفرصة لحضور قداس إلهي أو
أكثر ،وعاين بنفسه جمهرة المؤمنين حول هذا القداس ،ولكن بالتأكيد لم تسرى في
داخله نفس المشاعر التي كانت تسرى في جموع الحضور ،فمن الطبيعي إذن أن
يصيب المؤلف الملل .إن القداس اللهي هو خبز البنين الذي ل يعرف الخرون أن
يتذوقوه ليعرفوا ما أطيب الرب .هو الدر الذي ل يلقى للخنازير ،فمن أين واتت المؤلف
الجرأة حتى يتخيل أن راهدبا يمكن أن يقول ما قاله هيبا في صفحة ً:173ا
الرواية وشخصياتها والدللت
ينبغي علينا قبل الشروع في مناقشة الصراع المقحم على تاريخ الكنيسة والذي
حاول فيه المؤلف لوي وكسر ذراع الحقيقة ،التعرف على الرواية أدبديا وفهم دللت
ورموز الشخصيات والحداث حتى نتمكن من الوقوف على حقيقة مرامي الكاتب
وأهدافه .فهل حدقا ما أتاه المؤلف ،ل يتعدى كونه إبداع أدبي ورؤية فنية في إطار
ثقافي بحت ل أهدف من أمامه أو خلفه؟
وللجابة على هذا السؤال سوف نقوم هنا ولضرورة البحث بتقييم الرواية أدبديا
فى حدود ما يفيد ،لنعرف إذا ما كانت إبداع أدبي يحتاج إلى سقف عالي من الحرية
من عدمه؟
شفرة زيدان
علينا عند قراءة رواية ع اززيل أل نتعامل مع الشخصيات والحداث بالشكل
السطحي الذي أظهره المؤلف ،ولكن علينا المعان في الدللت التي يريد المؤلف أن
يوصلها للقارئ ،كما أنه ينبغي علينا أل نغفل الرموز -وهى كثيرة -داخل الرواية،
بعضها صريح ول يحتاج إلى تفسير ،والبعض الخر مستتر .فبالنسبة للشخصيات
جاءت كما يليً:ا
هيبا
الراهب هيبا السمالوطى؛ هو الشخصية التي اختلقها الكاتب ليجعل منه
الشخصية المحورية داخل الرواية ،وهيبا ليست شخصية بحد ذاتها لها أبعادها
وصراعاتها وتركيباتها الخاصة ،ولكنها هي الشخصية التي خرجت من الرقوق
المزعومة ودونتها .فهيبا تارة هو راوي الحداث ،وتارة أخرى هو الشاهد عليها ،وتارة
ثالثة هو الشخصية التي يسقط عليها المؤلف .فهو الرهبنة أحيادنا ،والشعب القبطي
أحيادنا أخرى ،وهو الكنيسة وهو العقيدة والهرطقة والوثنية والتنويرية .بل أحيانا هو
السيد المسيح بذاته .هو الشئ ونقيضه .الفكرة وعكسها .الرؤية وضدها .وأخي دار هو
التاريخ المزور الذي يحاول الكاتب أن يلوى به ذراع الحقيقة .كل هذه الشياء أجمع؛
هي هيبا الراهب .أو السقاطات التي أراد الكاتب أن يقحمها على الرواية بدون مبرر
أو وجهة نظر حقيقية.
فهيبا وهو الراهب المشكوك في معموديته ،والذي ل يعرف إذا ما كانت أمه قد
عمدته وهو صغي دار من عدمه ،مشكوك في جذوره وفى هويته ،فهو تارة من أخميم
وتارة من سمالوط .المهم أنه ينتمي إلى الجنوب ،كما أن هويته الدينية مختلطة
الجذور؛ فأبيه وثنى وأمه مسيحية.
حيث يفرق بين النسان وبقية الكائنات في عظته الخامسة عشر فيقولً:ا ]لن النسان
له قيمة عظمى ،تأمل ما أعظم السماوات والرض والشمس والقمر -ومع ذلك لم يشأ
ال أن يستريح فيهم ،بل في النسان فقط .ولذلك تفوق فصيلة النسان عن سائر
المخلوقات ...لنه قال نصنع النسان على شبهنا ومثالنا ،قال )ذلك( في حق جوهر
النسان العقلي ..وأما المخلوقات المتطورة فإنها مربوطة بنوع طبيعة ل يتغير ..ول
هي يمكنها التغيير عن خلقتها الصلية وليس لها إرادة لذلك .وأما أنت أيها النسان
فإنك خلقت على شبه ال ومثاله ،فإنه كما أن ال له قوة سيادة يفعل ما يشاء ..كذلك
)العظات ،كنيسة مار جرجس إسبورتنج ،1976 ،ص .(114 فأنت مخير[..
ويعكس النص السابق ما يليً:ا
تميز خلقة النسان.
تنوع وتعدد الطبيعة النسانية.
حرية الرادة النسانية في التمثل بال أو النفصال عنه.
فلقد حظى النسان بذروة ما صنع ال ،وعليه ترتيب الكثير من المسئوليات
طا بالصل ولم يفعل الشر فيبتعد عن ال
تجاه الطبيعة والنسانية .هذا إذا ما ظل مرتب د
بفعل الواقع /السياق الذي يعيش فيه.
لقد صار النسان مكلدفا من ال الخالق المطلق الكامل بحماية وتجميل وفعل
كل ما هو مفيد بالنسبة للواقع الذي يعيش فيه وما يضمه من الخرين ،بحسبان أن
ذلك إعمال لوصية ال واستكمال ما غرسه في خليقته الكون والبشر ،من إبداع إلهي
مطلق ،فيرد بذلك الجميل أو الصنيع الذي عمله ال .كل ذلك في إطار علقة محبة
جدلية بين الخالق والمخلوق ،بين الب وابنه ،والتي لبد وأن تكون لها تجلياتها في
علقة النسان بالخرين.
فواقع المر ل يمكن أن يقول أحد )إنى أحب –أغابي -ال( ،أي الحب الباذل
والمضحى؛ وهو يبغض أخاه فهو في هذه الحالة كاذدبا ...لن من ل يحب أخاه الذي
يبصره ،كيف يحب ال الذي لم يبصره ،ولنا هذه الوصية منه أن من يحب ال؛ يحب
ضا )1يو ً:4ا .(21 ،20
أخاه أي د
خلصة القولً:ا لقد يخلق النسان من نقبل ال على أساس المحبة ،ومن هذه الرضية
ننطلق في تعاملنا مع الخرين .المحبة الباذلة )أغابي( هي معيار إلى أي حد )الذات
النسانية( قد قدرت ما فعله ال نحوها ،وهى في الوقت نفسه تستعيد )الذات( ذلك في
علقتها مع )الخر( .وعليه فإن محبة النسان لخيه النسان تتجاوز المشاعر
المؤقتة والمتقلبة .إنها راسخة لن مصدرها ال من جهة كما إن ال نفسه -ول شك-
يحب )الخر( كما يحبني من جهة أخرى.
إن العلقة الروحية الوثيقة بين ال والنسان تتجدد مادديا من خلل حركة
النسان ونزوعه نحو الخر من خلل )إطعام الجائع ،رواء العطشان ،إوايواء الغريب،
وتقديم الكسوة للعريان ،وتقديم العون للمريض والمحبوس) (..مت ً:25ا .(31ومن
يفعل ذلك كأنه يقدم هذه المتقدمات ل نفسه ،وهكذا يكون إرضاء ال.
عام 60م ،وتأسست الكنيسة المصرية ،والتي يعرفت تاريخديا باسم كنيسة السكندرية،
حيث انطلقت منها المسيحية إلى كل ربوع مصر[ ،لم تقدم المسيحية منطدقا فلسفديا كما
هو الشأن في الفلسفة والدين اليونانيين ،أو على نحو ما كان في اليهودية السكندرية.
بل قدمت اليمان بالله الحي وبالنسان متحددا به في علقة حميمة حية.
ضا لما كان متعاردفا عليه في مصر القديمة حيث يصل
فلقد مثلت المسيحية نقي د
الربط بين النسبي والمطلق إلى حد تأليه الحاكم –فرعون -ولهذا فإن العمل الول لي
حاكم ربط شخصه وأسرته بالله .وفى هذا السياق جاءت المسيحية إلى مصر التي
كانت ولية رومانية ،والغلبية الساحقة من أهلها هم الفلحون والصناع والحرفيون،
كي يوفروا للدولة إنتاج عملهم .تلك الدولة التي كانت ذات طبيعة عقائدية دينية،
فالملك سليل الله ،وهو نفسه إله تجب له الطاعة والعبادة..
ضا ،حيث
ولم يكن انقسام المجتمع عنصرديا وطبقديا فحسب بل كان دينديا أي د
كانت هناك ديانة شعبية في مواجهة ديانة أرستقراطية عقيدة إيزيس وأوزوريس مقابل
عقيدة سيرابيس .ولم يدع الرومان الذين حكموا مصر وسيلة إل ابتكروها لستغلل
موارد البلد إلى أقصى حد ممكن ،وبخاصة الدين ،وبهذا صار الدين وسيلة للقهر
والستعباد؛ المر الذي أصبغ عليه طابدعا سياسديا ،وبات القهر السياسي والجتماعى
حاف داز للمقاومة الشعبية والتمرد ،حيث كانت البلد تتردى فى هاوية الحروب الهلينية.
لذلك فإن المسيحية عندما ظهرت أصبحت دافدعا للتفاف المصريين حولها
-بحسب سيدة إسماعيل الكاشف) -وجد المليين من المصريين المضطهدين في
)مصر في فجر السلم )من المسيحية ضالتهم ،وفى الكنيسة التي تأسست المدافع عنهم(.
الفتح العربي إلى قيام الدولة الطولونية( سلسله تاريخ المصريين رقم ) ،(82الهيئة المصرية العامة للكتاب ط 2
1994م ص .(3
وفى محاولة مبدعة لتفسير ذلك وفهم الظواهر من داخلها ،يذكر المؤرخ الكبير
محمد شفيق غربال في كتابه العبقري )تكوين المصريين( ما يليً:ا
طا من ط ارزين
]لقد جاء القديس مرقص -أول من نشر المسيحية فى مصر -ليجد خلي د
مختلفين )البيئة الحضارية( ،و)بيئة اليمان المصري الخالص(..
(3فتحت المدرسة أبوابها أمام الجميع ليلتحق بها أناس من ديانات مختلفة وثقافات
متباينة ،وذو مراكز اجتماعية مختلفة وأفكار متفاوتة ،وكان التعليم ل يميز بين
الطبقات ،وساوت بين السادة والعبيد من الناحية العلمية.
لقد استطاعت المدرسة أن تؤسس بشكل منهجي بالتعامل مع الخر المختلف
من أن تضع قاعدة أساسية تربط بين )المعرفة والحياة( حيث تتيح للمعرفة النظرية أن
تختبر على أرض الواقع ،وعليه ومع آباء وعمداء هذه المدرسة قاعدة مفادها أنه ل
حياة بدون معرفة وما من معرفة حقيقية بدون حياة حقة ،فالمعرفة بالخر )إنسانديا
وفكرديا( تحتاج إلى قدر من التعايش والنفتاح ،ومن ثم يكون من نتاج ذلك معرفة
قائمة على الخبرة .إنه )جدل الحياة والمعرفة(.
إن جدل الحياة والمعرفة ينتج وعديا بالذات وبالخر ،ول يستقيم هذا الوعي إذا
اكتفى بالذات بدون الخر .فالوعي في المسيحية ليس وعديا نظرديا ،إوانما هو الوعي
الذي يكتسب من خلل الخبرة الحية .فالحياة النسانية ل تستقيم بدون الوعي ،والوعي
بغير الختبار الحي يجعل النسان منفصلد عن واقعه ومعتزلد لمن حوله .وعليه أن
يكون الوعي المتبلور من جدل الحياة والمعرفة ،هو وعى لقدرة الذات على التعامل مع
السياق الذي يدور فيه واكتشاف عناصره ومكوناته ،أي الخر بالمعنى الواسع لمفهوم
الخر .فالقدرة على الخروج من دائرة الذات إلى ما هو خارجها تعنى ثقة بالذات من
جانب ،وقدرتها على أن تمتحن بما تملك من رؤى وأفكار من جانب آخر.
إن الخر يتم إدراكه من خلل انفتاح الذات واختبار رؤاها وتصوراتها وأفكارها.
لذا يقول القديس أنطونيوس )مؤسس الرهبنة القبطية(ً:ا
)يا أحبائي بالرب ..أعرفوا نفوسكم ،لن الذين يعرفون نفوسهم يعرفون
)رسائل القديس أنطونيوس )ترجمة زمانهم() ،الذين يعرفون زمانهم يستطيعون أن يبقوا ثابتين(.
د .نصحي عبد الشهيد -سلسلة نصوص آبائية رقم ،72مؤسسة القديس أنطونيوس ،المركز الرثوذكسي
للدراسات البائية 2004م ص .(33
إواذا كانت مدرسة السكندرية اللهوتية قد قامت بترسيخ المبادئ الساسية من
خلل منظومتها التعليمية ،والتي ساهمت في تكوين رؤية فكرية متكاملة جعلت
البعض يقولً:ا
-كان لمدرسة السكندرية اللهوتية) ..أثرها الفحعال في الحياة الكنسية في كل
جوانبها ،كما كانت المدرسة جزدءا ل يتج أز من الحياة الكنسية .لقد كشفت المدرسة عن
اتساع الفكر المسيحي بوجه عام( .وهو ما جعلها قادرة على النفتاح على الجميع
فحملت )سمة التعدد والتنوع( ،مقدمة مبدأد راسدخا أخذ به الفكر المسيحي ورجالته بعد
ذلك ،حيث أدت دور )الجسر( بين الكنيسة والعالم )المجتمع وما يحمل من تنويعات
)القمص تادرس يعقوب ملطى م.س.ذ ،ص (15 بشرية(.
-لقد نجحت مدرسة السكندرية اللهوتية في تحقيق )أول محاولة منهجية للتوافق
بين اليمان واستنباطات الفكر البشرى( بغير خصومة ،كذلك بين العقل واليمان،
والحياة والمعرفة ،وبين إدراك الذات وفهم الخر ،وهى أمور )لم تتم في القدس ول في
أثينا إوانما تمت في مصر(.
إن ما أنجز في مدرسة السكندرية اللهوتية على المستوى الفكري ،كان له
تجسداته العملية من خلل الممارسات الروحية الطقسية للكنيسة ،حيث عبرت عنه من
خلل صلواتها اليومية فنجد العالم والطبيعة والمجتمع )والخر بغير تخصيص(
حاض دار في هذه الصلوات.
وبالرغم من أن الكنيسة كيان ذو طبيعة دينية ،فإنه ليس كيادنا منغلدقا على
نفسه ،إوانما هو منفتح على ما حوله بما يضم من عناصر مادية وبشرية .فالكنيسة
بوصفها )جماعة المؤمنين( تقدم النموذج العملي الذي تطالب به الفراد في النفتاح
على العالم والمجتمع والخر من دون تحديد هويتهم.
هذا هو تاريخ بدايات الرثوذكسية في مصر التي لم تسعى إلى إرغام الناس
صا وف اردار من عقائد لم تكن تتوافق معهم روحديا
على اعتناقها ،بل سعى لها الجميع خل د
وحياتديا .المسيحية التي تتجلى ذاتها في الخر ،فل يعقل أن تنفى الخر وتصادره لن
هذا سوف ينسحب عليها في النهاية .لو كانت المسيحية دخلت إلى مصر عن طريق
العنف والرغام لما بقيت إلى اليوم وما ازدهرت رغم ما كانت تعانيه فيما بعد من
اضطهاد .فهل يعقل أن يتحمل الناس الضطهاد من أجل عقيدة أرغموا على
اعتناقها؟!
لقد صاحب دخول المسيحية إلى مصر إنشاء مدرسة لهوتية كما أوضحنا،
تلك المدرسة التي فسرت للجميع وشرحت لهم ما هي المسيحية .فكان اعتناق
المصريين للديانة اقتنادعا وليس إرغادما .المسيحية هي العقيدة الوحيدة التي آمن بها
المصريون عن وعى ودراية ،عبدوا إله يعرفون ماهيته وليس مورودثا ل يعلمون عنه
شئ أكثر من أنهم وجدوا آباءهم يعبدون هذا الموروث فعبدوه لنه كان هو الله المتاح
في هذا الوقت .وهذا ل ينفى أنهم رغم عبادة هذه اللهة كانوا يسعون لمعرفة الله
الحقيقي الذى كانوا يحسون بوجوده ولم يدركوه؛ وما أدركوه حتى سعوا إليه وارتموا في
أحضان كنيسته التي كانت وما زالت وستظل هي الم الحانية على الجميع؛ فلم تكن
إذن المسيحية بحاجة إلى العنف لكي تنتشر.
تحويل المعابد إلى كنائس
إن ما ذكره المؤلف من أن المسيحيون قاموا بتشويه المعابد الوثنية وتحويل
الكثير منها إلى كنائس بعد أن طردوا وقتلوا رهبان وكهنة هذه المعابد ،هو قول عاري
من الصحة تمادما وهذا يرجع إلى عدة أسباب هيً:ا
إن الحقيقة في هذا الموضوع هو أنه عندما انتشرت المسيحية في مصر
وازدهرت ثقافتها وفنونها ،خلت تلك المعابد من أهلها وساكنيها ومرتاديها ،نظ دار
لتحولهم إلى المسيحية .فأصبحت هذه المعابد خاوية على عروشها .فطلب البابا
ثاؤفيلس من المبراطور الستفادة من تلك المعابد الخربة وتحويلها إلى كنائس فسمح
له المبراطور ،أما المعابد التي كانت تمارس طقوسها فلم يمسها أحد.
لو كان المسيحيون وهم في ذلك الوقت أغلبية السكان وأصحاب السلطان لجأوا
إلى احتلل هذه المعابد عن طريق العنف؛ لما بقى أي أثر لتلك المعابد .ولكن على
الرغم من اندثار هذه الديانات إل أنه حتى اليوم نجد وخاصة في جنوب البلد الكثير
من آثار المعابد الفرعونية ،فلماذا إذن لم يحتل المسيحيون هذه المعابد؟!.
لو لجأ المسيحيون إلى إحراق المعابد الفرعونية وتشويهها؛ لما بقى منها أي
أثر اليوم .ولكن ها هي الثار الفرعونية بضخامتها وجمالها باقية حتى اليوم وبكثرة،
فمن المعروف أن ثلثي آثار العالم موجود في مصر.
إن محاولة الترويج لفكرة أن المسيحية عقيدة همجية جاءت إلى مصر
وانتشرت بالعنف ،ليس لها أي أساس من الصحة ،فالمسيحية جاءت على دماء حاملها
)مرقس الرسول( ولم تأنت على أسنة الرماح والسيوف .فمن أين لها إذن القوة التي
تمارس بها ما ادعاه المؤلف من عنف؟ لقد كانت قوة المسيحية في محبتها المطلقة
تلك المحبة التي احتوت الجميع فاستتر بها الكل .
نعود إلى ما أتاه المؤلف ورواه في سرد ممل على لسان الراهب هيبا الذي
ترهب في صحراء دماغ المؤلف ،فبعد أن ترك بلدته في جنوب الوادي هردبا دخل إلى
السكندرية ،وما أدراك ما إسكندرية ،حيث يمارس فيها المسيحيون كل أنواع الويل
والثبور وعظائم المور .فهيبا هنا هو العقيدة التي نشأت على أنقاض الوثنية ،تلك
الوثنية التي تزاوجت مع المسيحية )هيبا أبيه وثنى وأمه مسيحية( لتخرج لنا الرهبنة
الرثوذكسية كشكل جديد لمضمون وثنى ،ليقتحم السكندرية عاصمة الثقافة والتنوير
والفلسفة في ذلك الوقت لتأتى هذه العقيدة على الخضر واليابس في هذه المدينة،
وذلك بزعامة البابا كيرلس الكبير عمود الدين ،وعن غير دراية أو وعى بكينونة ومكانة
الرجل الكبير في الكنيسة ،استحلى المؤلف سيرته العطرة ليشن هجودما ضارديا عليه
بدون أي مبررات حقيقية تؤكد ما ادعاه سوى خياله المدون على رقوق أوهامه .فهل ما
وجده هيبا في السكندرية هو الحقيقة التاريخية؟ أم أن هناك أبعاد أخرى يرمى إليها
المؤلف من وراء تغيير وجه الحقيقة؟
هنا يكشف المؤلف النقاب عن دناءة مآربه فلقد اتخذ من البابا كيرلس الكبير
رم داز يهاجم به المسيحية والكنيسة ،وليس المقصود هنا الكنيسة والعقيدة في تلك الفترة
ولكن المقصود هنا هي الكنيسة في كل زمان ومكان .والمقصود بالعقيدة هي
المسيحية في الماضي والحاضر والمستقبل .والبابا هو كل باباوات السكندرية من
مار مرقس حتى الن ،هذا ما قصده المؤلف ليسقط به علينا ما زعمه في الرواية حيث
يقولً:ا )واعلموا أن ربنا المسيح يسوعا ،كان يحدثنا نحن أبناءه في كل زأمان ( ،لم
يعد إذن مجالد للقول إن القضية قضية رواية أو إبداع أو إعادة قراءة التاريخ ولكنها
قضية مهاجمة ديانة وعقيدة .وغنى عن القول أن ما جاء به المؤلف هنا ل يليق ،كما
أنه يستفز مشاعر جميع المسيحيين ،ولذلك سوف نناقش وجهة النظر التي أراد أن
يلصقها الكاتب بالكنيسة في كل زمان ،ثم نتبع هذا بالتعريف بتحليل لشخصية البابا
كيرلس الكبير عمود الدين.
فا
ما ..بل سي ي
ما جئت للقى سل ي
إن أهم ما يطالعنا هنا هو تفسير المؤلف المغلوط ليات الكتاب المقدس ،هذا
الفهم الذي بنى عليه وجهة نظره في العقيدة ،فلقد فحسر قول المسيح "ما جئت للقى
سلدما بل سيدفا" بطريق الخطأ ،حيث فهم كلمة "سيف" إنها دعوة صريحة لنشر الدعوة
بالسيف والعنف ،وبالطبع فإن هذا المعنى لم يكن مقصوددا إطلقا .إذن فماذا كان
يعنى السيد المسيح له المجد بكلمه "سيدفا"؟ لقد أجاب قداسة البابا شنودة الثالث – أدام
الرب حياة قداسته -على هذا السؤال منذ أكثر من عشرين عادما حينما وجهه له
الكاتب الكبير الستاذ توفيق الحكيم في رسالة موجهة لقداسته عبر إحدى مقالت
الحكيم في جريدة الهرام الصادرة بتاريخ 2/12/1985حيث قال قداسته )ينبغي أن
أقول إن النجيل يحوى الكثير من الرمز ،ومن المجاز ،ومن الستعارات والكنايات،
من الساليب الدبية المعروفة .وقول السيد المسيح )ما جئت للقى سلدما بل سيدفا(
بعد الشارة إلى آلمه مباشرة )لو ً:12ا ،( 51إنه جاء ينشر عبادة ال في العالم كله،
بكل وثنيته .ولذلك قال لتلميذهً:ا "اذهبوا إلى العالم أجمع ،واكرزوا بالنجيل للخليقة
كلها" )مر ً:16ا .(16
يضاف إلى هذاً:ا المبادئ الروحية الجديدة التي جاء بها السيد المسيح .وهى
تختلف عن سلوكيات وطقوس العبادات القديمة .وكان أول من انقسم على المسيح ،ثم
على تلميذهً:ا اليهود وقادتهم .ليس بسبب المسيح ،إنما بسبب تمسك اليهود بملك
أرضى ،وبسبب تفسيرهم الحرفي للكتاب...
وتضايق منه اليهود ،لنه كان يبشر المم الخرى باليمان ،وهم يريدون أن
يكونوا وحدهم شعب ال المختار .لذلك لما قال بولس الرسول إن السيد المسيح أرسله
لهداية المم ،صرخ اليهود طالبين قتله )أع ً: 22ا (21،22بل إن القديس بولس لما
تحدث عن القيامة ،حدث انشقاق وانقسام بين طائفتين من اليهود هما الفريسيين
والصدوقيين ،لن الصدوقيين كانوا ل يؤمنون بالقيامة ول بالروح )أع ً: 23ا .(9 ،6
وانقسم اليهود على المسيح ،لنهم كانوا يريدون ملدكا أرضديا ينقذهم من حكم الرومان.
أما هو فقال لهمً:ا "مملكتي ليست من هذا العالم" )يو ً:18ا .(36فلم يعجبهم حديثه
عن ملكوت السموات ول قوله "أعطوا ما لقيصر لقيصر" )مت ً:22ا .(21وهكذا قام
ضد المسيح كهنة اليهود وشيوخهم والكتبة والفريسيون والصدوقيين .أكان يمكن
للمسيح أن يمنع هذا النقسام ،بأن يجامل اليهود في عقيدتهم عن الشعب المختار،
ورفضهم ليمان المم الخرى .ورغبتهم في الملك الرضي ،وحرفيتهم في تفسير
وصايا ال؟ أم كان لبد أن ينشر الحق .ول يبالى بالنقسام؟.
كذلك واجه السيد المسيح العبادات القديمة بكل تعددها وتعدد آلهتهاً:ا آلهة
الرومان الكثيرة تحت قيادة جوبتر ،واللهة اليونانية الكثيرة تحت قيادة زيوس ،واللهة
المصرية الكثيرة تحت قيادة رع وأمون ،وباقي العبادات وكذلك الفلسفات الوثنية
المتعددة .وكان لبد من صراع بين عبادة ال والعبادات الخرى.
أكان المسيح يترك رسالته ول ينادى بها خودفا من النقسام ،وتاردكا الوثنيين في
عبادة الصنام ،لكي يحيا في سلم معهم؟!
أم كان لبد أن ينادى لهم باليمان السليم ،ول خوف من النقسام ،لنه ظاهرة
طبيعية ،فطبيعي أن ينقسم الكفر على اليمان .وطبيعي أن النور ل يتحد مع الظلمة.
لم يكن النقسام صاد دار من السيد المسيح ،بل كان صاد دار من رفض الوثنية لليمان
الذي نادى به السيد المسيح ،وهكذا أنذر السيد المسيح تلميذه بأن انقسادما لبد
)سنوات مع سيحدث .إوانهم في حملهم رسالته ،ل يدعوهم إلى الرفاهية بل إلى النقسام(
أسئلة الناس ،ط ،2النبا رويس2003 ،م ،ص .(150 - 148
السيف هنا إذن مقصود به النقسامات والمواجهات التي سوف تقابل تلميذ
المسيح عند حملهم رسالته ،والتبشير والك ارزة بدعوته ،ولم يكن المقصود بالسيف هو
العنف المسلح أو انتشار المسيحية بحد السيف ،وهو الفهم الخاطئ الذي أراد المؤلف
أن يؤسس به للمسيحية في مصر .ونعود لقداسة البابا حيث يقول )لقد وقف السيف
ضد المسيحية .لم يكن منها .إنما عليها .فعندما رفع بطرس سيفه ليدافع عن المسيح
لً:ا "أردد سيفك إلى غمده .لن كل الذين يأخذون
وقت القبض عليه ،انتهره ومنعه قائ د
بالسيف ،بالسيف يهلكون" )مت ً: 26ا (52وكانت نتيجة السيف الذي تحمله
المسيحيون ،ونتيجة انقسام الوثنيين واليهود عليهم ،مجموعة ضخمة من الشهداء(.
إذن فلقد انتهر السيد المسيح بطرس لنه رفع سيفه ،فلو كان قول المسيحً:ا "ما
جئت للقى سلدما بل سيدفا" المقصود منه الجهاد المسلح كما ذكر الكاتب ،لكان السيد
ضا استنفر باقي التلميذ الذين كانوا
المسيح شحجع بطرس على هذا الفعل ،ولكان أي د
موجودين لحظة القبض عليه وشحذ هممهم في التصدي بالسيف للذين أرادوا القبض
على السيد المسيح.
يتضح من التفسير السابق لقداسة البابا المفهوم الراسخ لمعنى الجهاد الروحي
في العقيدة ،فتأسيدسا على ما سبق تكون عناصر الجهاد في المسيحية كالتاليً:ا
الجهاد معنوي وليس مادي ،فهو جهاد روحي ،وليس جهاد مسلح.
العدو المعلن والمستهدف هو إبليس وكل جنوده ،ول نستهدف في جهادنا أي
قوات دنيوية ،لننا ليس لنا أعداء دنيويين ،لننا كما سبق وأوضحنا نحب الجميع في
الذي أحب الجميع ،ومحبتنا هنا مطلقة "أحبوا أعداءكم باركوا لعنيكم" )مت ً:5ا .(44
سلحنا في هذه الحرب ليس السيف ولكنه "سلح ال الكامل".
ولقد استقر هذا المفهوم في قوانين الكنيسة ،فحسب المستشار عوني برسومً:ا
)محاربات المسيحي المنشودة هي ضد شهوة البطن -الزنا -الجشع -الغضب -
الكآبة -وصغر النفس -والمجد الباطل – والكبرياء( من أجل حرية أولد ال .إن
هذه النوعية من الخطايا هي التي تخلع حلة الحرية عن النسان الحر المنطلق الذي
يعلو بذاته عن كل الشهوات التي يتذلل من أجلها للناس ...وملكوت ال هو ملكوت
أحرار وليس ملكودتا للعبيد أي عبيد أجسادهم .وأعمال الجسد ظاهرة التي هي زنى،
عهارة ونجاسة ،دعارة ،عبادة أوثان ،سحر ،عداوة ،خصام ،غيرة ،سخط ،شقاق،
بدعة ،حسد ،قتل ،سكر ،بطر ،إوان الذين يفعلون مثل هذه ل يرثون ملكوت ال )غل
)التقنين ً: 5ا .(21 ،19الحرب ضد كل هذا يكسب النسان الحرية التي لولد ال.
الكنسي ،مطابع مكتب العمال الفنية1994 ،م ،ص .(267 ،266
ولكن قد يتساءل سائل إن كان المر هكذا والمسيحية المصرية ليست كما أورد
المؤلف عقيدة سيف ورمح وجهاد ،إوان كان ما ذكره ليس إل تزوي دار للتاريخ ،وروايته
في مجملها ليست العمل البداعي الخارق ،فما هي إذن مرامي المؤلف من وراء كل
هذا؟
إن القراءة المتأنية لما أورده الكاتب في روايته سوف تجيبنا بوضوح وصراحة عن هذا
التساؤل.
هولوكست جديدة ومغازلة الصهيونية
يصور الكاتب في روايته اليهود على إنهم سكان البلد الصليين ،فالمسيحية
هي العقيدة التي أتت إلى مصر وانتشرت بالعنف وحد السيف ،وسط سكان البلد
الصليين من الوثنيين واليهود ،ومع تصاعد قوة وسلطة وبطش الكنيسة قام أسقفها
بطرد اليهود وحرق منازلهم "ولقد طهرناها من اليهود ،المطرودين .أعاننا الرب على
طردهم وتطهير المدينة منهم" ،هنا يقدم المؤلف هديته غالية الثمن للصهيونية ،فها
هي محرقة جديدة لليهود على غرار ما حدث لهم في ألمانيا على يد النازي هتلر،
والتي قام بها المسيحيون المصريون انتقادما من اليهود لصلب إلههم ،وليعطى
ض لهم ،وهم الذين بنوا
للصهاينة الدليل التاريخي على ما يدعونه من أن مصر أر ة
الهرامات وشيدوا تلك الحضارة ،ليتلقى هذا مع ما يعتقدون دينديا من أن أرض
الميعاد هي من النيل للفرات .فل عجب إذن أن يطالب اليهود بحقهم في أرضهم التي
يريد المؤلف أن يعطيها لهم هدية على طبق من الفضة .ونحن هنا ل نفتري على
الكاتب أو نحمل الرواية فوق ما تحتمل ،لن هذا التجاه واضح عند المؤلف في أكثر
من مكان..
ففي صفحة 154يقول هيبا واصدفا هيباتيا "إنها مصداق لمعنى اسمها هيباتيا
في اللغة اليونانيةً:ا السامية ....فلتتخذني ابدنا لها أو أدخا أصغر أو يأتي يوم وتحبني"
هكذا إذن بدا المؤلف مولدعا بالسامية متغزلد فيها ،ولم يقدر على إخفاء أحاسيسه
ومشاعره تجاه السامية والصهيونية..
ونأتي إلى بيت القصيد ،البابا كيرلس الكبير عمود الدين الذي لم يدخر المؤلف
أي شئ من الرذائل إل ونعته بها فهو المتخلف الذي يرفض العلم والمعرفة ،وهو
التغيبى الذي يأمر هيبا بالصلة ويظل هو مكانه ليغترف من البركات بدلد من
انشغاله بالطب والبحث العلمي ،كذلك فهو المدمر الذي ححرض الشعب على اليهود،
والمتعجرف والمتسلط والذي يرفض الخر ،وهو الرهابي الذي يدعو إلى الجهاد
المسلح .فهل كان البابا كيرلس هكذا؟ بالطبع ل ،لن هذا الرجل يعتبر من فلسفة
الكنيسة القلئل الذين كانت لهم منهجية فلسفية استطاع أن يوصلها إلى العامة بكل
بساطة مترفدعا عن تعالى الفلسفة.
ويبقـ ــى السـ ـ ـؤال هنـ ــا هـ ــل تعامـ ــل عمـ ــود الـ ــدين مـ ــع الـ ــتراث النسـ ــاني تعـ ــاملد
موضوعديا؟ وهل وقف عنـد آراء البـاء الوليـن مــن أت اربـه موقــف الناقــل المنبهــر؟ أم أنــه
تجاوز حدود الظاهر إلى بواطن المور وخفاياها؟
إوانصــادفا منــا لــتراث البابــا كيرلــس الكــبير عمــود الــدين وتنــوعه وخصــوبته -علــى
الرغــم مــن قلــة الموجــود منــه تحــت أيــدينا -فــي مقابــل مــا أتــاه مؤلــف ع اززيــل مــن افــتراء
وظيلــم علــى هــذا القــديس مــن نعتــه بأشــد صــفات القهــر والصــلف والعنــف والتنــدر عليــه
بالجهل وعدم المعرفة ،وجدنا أنه من الضروري هنا تبين حقيقة المسلك الحقيقي والفكــر
المعرفــي الفلســفي لحـ ـواراته الحضــارية والــتي أسســت لنــا النظـ ـرة الفلســفية القائمــة علــى
نصــوص إنجيليــة ،لنــرى إن كــانت تتفــق هــذه التركيبــة الفريــدة مــع مــا ألصــقه الكــاتب بهــا
من تهم من محض الخيـال مـن عـدمه .وحيـث أن المتجمـع لـدينا مـن تـراث عمـود الـدين
في مجمله خطابات صـادرة منــه إواليــه لــذلك سـوف يكـون بحثنـا فـي هـذا الشـأن حـول مــا
سوف نطلق عليه اصطلدحا ومجا داز "الخطاب الكيرلسى" حـتى نكــون بــذلك ننـاقش فكـر
القديس وليس شخصه الذي سنفرد له مجالد آخر.
فيلسوف الجوهر
إن النظـ ـ ـرة الفاحصـ ــة للخطـ ــاب الكيرلسـ ــى والـ ــتي ترغـ ــب فـ ــي اسـ ــتجلء حقيقـ ــة
المحــاورات داخــل تلــك الخطابــات تلحــظ التكـرار الــدائم لكلمــتي "جوهر" و"طبيعة" عنــد
عمود الدين واستخدامهما فـي سـياقات مختلفــة للتــدليل علـى وجهــات نظـر معينــة ،وذلـك
بهدف السعي إلى تقصي الحقيقة والبحث المتواصل لبلوغ الغامض أو المستتر "نعترف
أن ربنيا يسييوعا المسييح اب ن الي الوحييد هيو إليه كاميل إوانسيان كاميل ذو نفيس عاقلية
وجسد ،وهو مولود من الب قبل كل الدهور بحسب لهوته ،وأنه هو نفسه في اليام
الخيييرة ،ميين أجلنييا وميين أجييل خلصيينا وولييدد ميين مريييم العييذراء بحسييب ناسييوته ،وهييو
نفسييه ميين الجييوهر نفسييه الييذي للب )أو مييع الب( ،حسييب لهييوته ،وميين الجييوهر
)الرسالة 39من رسائل القديس إلى يوحنا النطاكي(. نفسه الذي لنا )أو معنا( بحسب ناسوته"
ولك ــن يحل ــو للبع ــض الق ــول ب ــأن تكـ ـرار الكلم ــتين يض ــعف م ــن مش ــروع الق ــديس
الفلســفي لن هــذا التكـرار دليــل هــوس معرفــي عنــد القــديس ،ولكــن هــذا القــول يخلــو مــن
الموضوعية وينظر نظرة سطحية لفلسفة القديس ،فتكرار كلمتي طبيعة وجوهر همــا فــي
هذا الـوقت مـا كـان يتـم عليهمـا الجـدل الـديني والختلف فـي تعريفهمـا وتفسـيرهما فنجـد
أن سياق تلك الكلمات يأتي لعدة أسبابً:ا
شدة الطلب في تعريف المعنى الصطلحى للكلمتين ،حيث لــم تكــن العقيــدة قــد
تبلــورت بعــد ،وخرجــت معظــم الهرطقــات بســبب هــذا الخلف "فييإن رؤسيياء المتوحييدين
)الرسـالة رقــم 71إلــى المــبراطور الشرقيين طلبوا منى شرحا معنى قانون اليمان وقد تم ذلك"
ثيئودوسيوس(.
التــأني والتلطــف فــي البحــث ،وذلــك بهــدف الوصــول الــدقيق للمفهــوم اللهــوتي
الصحيح.
التقليــب ،حيــث نجــد أن القــديس قــد تنــاول المصــطلحين بطــرق تفســير متعــددة
ومختلفــة ليصــل فــي كــل م ـرة إلــى تعريــف ثــابت لــم يتغيــر علــى الرغــم مــن تعــدد طــرق
الوصول إلى ذلك.
مــن القــديس كيرلــس إلــى يوحنــا النطــاكي(" ،إن كنا نلتزأم بتعاليم الباء القديسين ،وكنييا جييادين
في اعتبارهم ذوى قيمة عظيمة ،ونمتحن أنفسنا "هل نحيين فييى اليمييان" )انظيير 2كييو
:13يي (5كما هو مكتوب في الكتب ،فسوف نشكل أفكارنا حسييينا جيييدا لتطييابق آ ارئهييم
)الرسالة رقم 4إلى نسطور(. المستقيمة وأحكامهم التي بل لوم".
(2اكتمال المعرفة من خلل التراكم
العلمي
وقد سلك القديس هنا مسلك الطريق البرهانى لمفهومه الفلسفي وفق ألية التدرج
والترتيب ،وذلك من خلل منهجية إذا ما عرضت على العقول تلقتها بالقبول ،ولم
يعتمد على الدفع الفلسفي للمفهوم والذي كان ممكن أن يصطدم بالمتلقي.
وحد لنفسه أقنومييا جسيدا محييا بنفس عاقليية ،صييار إنسيياينا بطريقيية
"إن الكلمة حينما ّ
ل توصف ول تدرك .وهو قد دعى ابن النسييان ليييس بحسييب الرغبيية فقييط ول بحسييب
صا فقط .ونحن نقول إنه على الرغم أن الطبيعيييتين
الرادة الصالحة ،ول باتخاذه شخ ي
اللتين اجتمعتا ميعا فى وحدة حقيقييية مختلفتييان ،فهنيياك مسيييح واحييد وابيين واحييد ميين
الاثنييين .إن اختلف الطبييائع لييم يتلشييى بسييبب التحيياد ،بييل بييالحري فييإن اللهييوت
والناسيوت كونييا لنيا ريبيا واحيييدا يسييوعا المسييح وابينييا واحييدا بواسييطة هيذا التحياد اليذي
)الرسالة رقم 4إلى نسطور(. يفوق الفهم والوصف".
إن الواقع الذي كان عليه البابا كيرلس الكبير عمود الدين والذي توجد تحت
أيدينا روافده يقر بأن القديس كان فيلسودفا لهوتديا بكل ما تحمله الكلمة من معاني ،من
خصوصية النتماء الفكري والروحي والعقائدي ،حيث استعان بالفحص المعرفي في
تشييد نظام فلسفي قائم على النظر العقلي المستوحى من العقيدة الرثوذكسية ،يحدوه
في ذلك اتباع أساليب الحوار والنقاش بالرفق والتدرج والتأني في المحاورة والمناظرة،
بعيددا عن القصاء واللغاء والستعلء.
وما زلنا مع هيبا ورحلة هيامه داخل السكندرية وهو هنا –فى رأي الكاتب-
الرهبنة المسيحية والتي كانت منابعها في الجنوب ونزحت إلى السكندرية ،والتي تم
توظيفها أسوأ توظيف من خلل الكنيسة الرثوذكسية ،فعن علقة الرهبنة بالكنيسة
تدور العلقة بين أوكتافيا وهيبا.
أوكتافيا
سوف نتوقف طويلد أمام شخصية أوكتافيا ،فهي قمة براعة المؤلف في الرمزية
والسقاط على الشخصيات ول تخلو كلمة في علقة هيبا وأوكتافيا من رمز أو إيحاء،
ولكننا هنا سوف نكتفي بأهم ما أراد المؤلف أن يصدره للقارئ من خلل تلك العلقة.
دللة السم
لقد اختار المؤلف اسم أوكتافيا بعناية شديدة حتى يكون السم منفرددا له دللته
الخاصة .وقد استعان ببعض الرموز الواردة في سفر الرؤيا ليستخدمها في هذا
السياق ،فأوكتافيا تعنى "الثامنة" والرقم ثمانية له رمزية خاصة في سفر الرؤيا ،فالعدد
سبعة يشير إلى الكمال ،والعدد ستة يشير إلى النقصان عن الكمال لذلك فهو رمز
الشيطان ،أما الرقم ثمانية فهو الرقم الذي يعلو الكمال لذلك فهو رمز السيد المسيح.
إوان كان ثمانية تعنى المسيح فالثامنة تعنى المسيحية ،إذن فأوكتافيا هنا هي
المسيحية .وتاريخديا هي كما أورد المؤلف الزوجة الولى لمارك أنطونيو القائد
الروماني الذي تزوج من كليوباترا .ولنلحظ هنا دللة اسم مارك أنطونيو ،فمارك هو
مرقص )كاروز المسيحية( وأنطونيو هو أنطونيوس )مؤسس الرهبنة في مصر والعالم(
إذن فأوكتافيا هي المسيحية المقترنة بمرقص وأنطونيوس أي أنها المسيحية المصرية.
وثنية الكنيسة
تحفل العلقة بين هيبا وأوكتافيا بالكثير من مواقف الزنا )ممارسة الجنس(
ونحن هنا نترفع عن سرد تفاصيل لكل المواقف ،فالذى يهمنا هنا دللة هذه المواقف
وليس تفاصيلها ..هناك علقة زنا مصحوبة دائدما بموائد الكل والطعام ،والزنا والكل
هما من العلمات التي استخدمت كثي دار في الكتاب المقدس للدللة على الوثنية )ح
ً: 16ا 15ـ 22 ،16ـ ) (23هو ً: 1ا ً: 4 ،2ا ،(19 ،11وهى البيضاء والتي ترتدي
الملبس البيضاء ،واللون البيض يرمز إلى القديم اليام )دا ً: 7ا ) ،(9رؤ ً: 1ا (14
أي أنها هي الكنيسة العتيقة ،والتي شبهها هيبا بخيط بخور ،والبخور يرمز إلى الصلة
طا أي بدأ في الخفوت .فالكنيسة العتيقة قد
)خر ً: 30ا 34ـ (36التي أصبحت خي د
تخلت عن صلواتها أي إيمانها واقترنت بالوثنية .ويؤكد ذلك المؤلف بعد أن تلقت
أوكتافيا مع هيبا على شاطئ البحر وأكلت وزنت معه في شق صخري أخذته إلى
بيتها .والبيت ما هو إل رمزية أخرى للكنيسة واضحة وصريحة ،فحارس المنزل يجلس
خارجه ومعه خروفه .وغرفة حارس المنزل خارج مبنى البيت الذي تسكن فيه أوكتافيا.
والدللة هنا ل تحتاج إلى شرح ،فمن المعروف أن بيت السقف كان في الصل عبارة
عن غرفة خارج مبنى الكنيسة ،فالسقف هو حارس الكنيسة ،والقيم على إيمانها.
والخروف هو رمز السيد المسيح في سفر الرؤيا )رؤ ً: 5ا ،(6والرمزية هنا مقصودة
ولم تأنت مصادفة .فالطبيعي أن يكون الحارس بصحبته كلب وهو المتعارف عليه .ولم
نسمع في يوم من اليام أن الحارس يصطحب معه خروف ،فالخروف في حاجة إلى
من يحميه ،فكيف يقوم إذن بالحراسة ،كما أن هذا الخروف تم ذكره ثلث مرات في
الرواية ،كان فيها ينظر إلى هيبا نظرات لم ينظرها الحارس له.
أما داخل القصر )الكنيسة رمدزا( فنجد في بهو القصر صورة كبيرة لكلب
وبجواره إناء من اللبن المسكوب ،وهى دللة أخرى على أن الكنيسة طرحت إيمانها
)اللبن المسكوب( للكلب )الوثنيين( في إشارة واضحة لقول السيد المسيح )ليس
حسدنا أن يؤخذ خبز البنين ويطرح للكلب( )مت ً: 15ا (26وهذا الكلب هو الكلب
الميت للسيد الصقلي التاجر الثرى قد رسمت لوحته بقطع من الفسيفساء والتي تدل
على أن هذه الوثنية في هذا الوقت قد تقسمت إلى قطع صغيرة وماتت ،والسيد
الصقلي هو صاحب المنزل ،فالكنيسة إذن قد طردت إلهها وحارسها خاردجا ،أي تخلت
عن رسوليتها والتصقت بالوثنية ورأس المال )تجارك كانوا عظماء( )رؤ ً:18ا .(23
ومنزل أوكتافيا من الداخل هو الرسم التخطيطي للكنيسة ،فالبهو المرسوم فيه
صورة الكلب ،ثم هناك سلم طويل إلى الطابق العلى ،وهذا السلم هو رمز للكهنوت
بدرجاته المختلفة حيث إن كل درجة في هذا السلم لها شكل مختلف عن الدرجة
الخرى ،هذا السلم يؤدى إلى غرفة أوكتافيا ،والتي ترمز إلى هيكل الكنيسة حيث
المنضدة الرخامية الطويلة التي تحملها أعمدة على شكل نساء عاريات في إيحاء
لوثنية المذبح ،وغرفة أوكتافيا تطل على البحر ،والبحر هو مصدر للشر ورمز لحالة
الرتباك التي كانت تحيط بالكنيسة )رؤ ً: 19ا (15حيث يصف هيبا البحر والسماء
نائمة فوقه؛ حيث السماء هي عرش ال ،وكأن ال قد نام عن شر الكنيسة وتركها تفعل
ما بدا لها.
وفى السفل من المنزل توجد حجرة السيد الصقلي حيث يوجد بها الكرسي
الخشبي الكبير ،وهو رمز لكرسي البابوية والذي بدا شاغ دار وأصبح يقبع داخل خدر
الوثنية )غرفة السيد الصقلي( .وبجانب هذا الكرسي يوجد تابوت في إشارة إلى تابوت
العهد أو اليهودية ،ولكنه تابوت فارغ .أي إنه شكل فقط بدون مضمون ،فالكنيسة
ق بها إل ممارستها الوثنية ،وبقايا الديانة اليهودية.
أصبحت ل راعى لها ولم يب م
وأوكتافيا في حوزتها مفاتيح المنزل تلك المفاتيح التي ترمز للسلطان والقوة ،لم
يفت المؤلف إكمال رمزيته بالحمام المجاور لغرفة أوكتافيا ،والذي يوجد بداخله حوض
رخامي يرمز طبدعا إلى المعمودية والتي تقع خارج مبنى الكنيسة )غرفة أوكتافيا(،
والحوض الرخامي له أربعة أرجل وهى البشائر الربعة حيث أن هذه الرجل منقوشة
أي مكتوبة ،والماء بداخل الحوض كان فاتدرا ،دليلد على ضعف إيمان الكنيسة
مستوحديا ما جاء بسفر الرؤيا "لنك فات دار ولست بارددا ول حادرا" )رؤ ً: 3ا .(17وهذه
الحالة من الفتور الروحي صورها المؤلف بعدة صورً:ا فنجد أوكتافيا تخاطب هيبا بعد
أن أخرجته من البحر قائلةً:ا )جسمك مبلول بماء البحر ...يابس كشجر الخريف ..كم
أحب يبوسة هذا الشجر( والجسم اليابس هنا يرمز إلى حالة الجدب الروحي التي
كانت عليها الرهبنة والتي يرمز إليها هيبا.
كذلك الحال نجد بعض العبارات التي تشير صراحة إلى يبعد الكنيسة والرهبنة
)أوكتافيا وهيبا( عن المسيح ،حيث تقول أوكتافيا لهيبا وهم على شاطئ البحر
)الشمس غابت يا حبيبي( كذلك قول هيبا )وفى الصباح أزعجتنا الشمس() ،أغطى
عيني بكفي من قوة شمس الظهيرة( ومن المعروف أن السيد المسيح له المجد هو
شمس البر )رؤ ً: 1ا .(16وتأخذ علقة هيبا وأوكتافيا في النمو وهى العلقة القائمة
على الوثنية والتي أراد الكاتب أن يصف بها حال الكنيسة والرهبنة في السكندرية فهو
يرى أن السبب في الهرطقات والبدع التي ظهرت في الكنيسة كانت بسبب توغل
الرهبان في الكنيسة إوامساكهم بمقاليد المور ،المر الذي صرف الكنيسة والرهبان عن
العقيدة ودبت في الكنيسة الروح الوثنية القديمة ،وهذا ما يظهره لنا المؤلف فيما حدث
بين هيبا وأوكتافيا في القبو.
إننا ل نعرف سر العداء الذي يكنه المؤلف للحركة الديرية والرهبانية في
مصر ،فأوكتافيا إوان كانت أكبر تلميحاته عدائية للرهبان في الرواية ،إل أنه لم يخفى
هذا صراحة ،ففي حديث لهيبا مع أحد الرهبان رأى المؤلف أن الرهبنة هي هروب من
الفشل في الحياة ،حيث يقول هيبا عن هذا الراهبً:ا
"أخبرني أن أصله من البلدة التي اسمها دمياط ،إوانه أحب فتاة هناك وهام بها ،ولكنهم
أجبروها ،فتزوجت غيره ،فاختار لنفسه حياة الرهبنة ..جرى ذلك معه ،حين كان في
العشرين من عمره ..وقال أنه لو عادت إليه محبوبته اليوم فسوف يرجع عن حياة
الرهبنة"
كما أنه يرى إن الرهبنة بدعة ،فتقول إحدى شخصيات الرواية مخاطبة هيباً:ا
"أنتم المصريين ابتدعتم الرهبنة الديرية إحياء لتقاليد كانت عندكم منذ القدم"
الثانيً:ا الذي استحضر من أجله المؤلف شخصية هيباتيا ،فهو لكي أما الغرض
يلصق مقتلها ومصرعها على أيدي مجموعة من شعب السكندرية بالبابا كيرلس
الكبير عمود الدين ،وذلك بدعوى وثنيتها ونشرها لتعاليم تتهكم على تعاليم المسيحية.
والمر هنا ل يخلو من المغالطة التاريخية وتسويف الحقيقة.
ومن الطبيعي هنا أن ندافع عن عمود الدين ضد اتهامه بهذه التهمة ،ولكن لن
يكون دفاعنا عنه تعصدبا وتحيدزا ،ولكنه دفاع مبني على استقراء الحقيقة التاريخية،
ولعلنا هنا قبل أن نقر بأن عمود الدين لم يرتكب الجريمة من عدمه ،علينا أولد أن
نبحث في الدوافع وراء قتل هيباتيا ،وهل كان عند البابا كيرلس دوافع تبرر قتل هيباتيا؟
وسوف نلخص ردنا هنا في النقاط التاليةً:ا
-كما بيحنا سابدقا فإن فلسفة البابا كيرلس في التعامل مع الخر كانت من خلل
الجدال والحوار ،ولم يلجأ إلى العنف لنه منطقديا ل يملك أدوات العنف بصرف النظر
عن المستقر العقيدى بداخله والذي يحرم استخدام العنف أديا كانت السباب ،فلو كان
ل ،أو أرسل من يقتله،
وارددا لديه استخدام العنف ،لذكر لنا التاريخ إنه قتل نسطور مث د
أو على القل تورط في محاوله قتله ،ولكن شيدئا من هذا لم يرد تاريخديا ،ولدينا هنا
حادثة.
-إن كان الشئ بالشئ يذكر؛ فلدينا واقعة هنا ثابتة تاريخديا وهى عن ثلثة رجال قد
ارتكبوا آثادما ،ووصل هذا إلى مسامع القديس بل إنهم راحوا يتندرون عليه عند نسطور
والذي استخدمهم -الخير -في الوشاية ضد القديس ،فماذا فعل معهم إذن؟ يقول
القديس في رسالته الرابعة إلى نسطورً:ا " لقد سمعت أن بعض الرجال يثرثرون
بخصوص ردى على تقواك ،ويرددون ذلك كثييار خاصة وهم يترقبون اجتماعات
ضا بكلمات
مجامع الحكام .وربما لأنهم يفكرون فى وخزأ أذنيك ،لذلك ينطقون أي ي
طائشة .وهم يفعلون هذا مع أن أحيدا لم يسئ إليهم ،بل نالوا توبييخا طفييفا :أحدهم
العمى والفقراء ،والثانى بسبب أنه يشهر السيف فى وجه
بسبب أنه كان يسئ إلى و
أمه ،والثالث بسبب أنه كان يسرق أموال شخص آخر بمساعدة جارية" .التوبيخ
الطفيف ..هذا كل ما فعله القديس مع هؤلء على الرغم من بشاعة جرائمهم وتجرؤهم
عليه ،فلماذا إذن لم يقتلهم ،أو يجلدهم ،أو مارس ضدهم أي نوع من أنواع العنف؟ إن
جسارة أسلوب القديس في رسائله في الدفاع عن اليمان تبين مدى قوة القديس ،المر
الذي ينسحب عند البعض على كل أفعاله ،لم يكن عمود الدين يستطيع أن يكون فات دار
في مواجهة الهراطقة ،ولكنه كان متسامدحا جددا مع من يسيئون إليه.
-من هي هيباتيا حتى يهتم عمود الدين بتصفيتها ،فهي ل تعدو كونها امرأة يتجمع
حولها فلول من وثنية قاربت على النقراض ،وبمنظور عقلي هي ل تشكل أي خطر
على الكنيسة لن معظم المسيحيون في ذلك الوقت كانوا من المتحولين من الوثنية،
فهي إذن تتبنى عقيدة نبذها الجميع وانصرفوا عنها.
-هيباتيا كانت ترتبط بحاكم المدينة بعلقة خاصة ،فليس من الحكمة أن يقتلها
القديس ويغضب الحاكم ،في وقت كانت تموج فيه المدينة بصراعات كثيرة بين الحاكم
ممثل الدولة الرومانية والكنيسة بسبب كثرة فرض الضرائب والزيادة المستمرة في حصة
القمح المطلوب من الكنيسة توريدها إلى المبراطور.
-إن كان القديس بكل هذا العنف المنظم ،فهو الذي يملك تجيش الشعب في لحظات،
وقتل وتصفية معارضيه والتخلص منهم ،وهو ما يعنى ضمدنا ضعف الحاكم وتخاذله
أمام جبروت القديس ،فلماذا إذن لم يستغل حالة الضيق والضجر التي أصابت الشعب
من جراء الستبداد الروماني وقام بالتحريض على ثورة أو مهبة شعبية منقلدبا على حكم
الرومان ونصب نفسه حاكدما للمدينة؟
إن كل الدلئل تشير إلى براءة القديس من دم هيباتيا ،كما أن المبررات التي
صاغها المؤلف في هذا السياق ل تتوافق تاريخديا مع منطق الحداث.
ونكمل مع هيبا الذي يكمل رحلته داخل رقوقه المبتدعة ،حتى يقابل فجأة
خمسة من أبناء بلدته وقد انخرطوا في سلك الرهبنة ،ليدخل الكنيسة المرقسية ،لتمر
اليام رتيبة ،حتى يأتي ذلك اليوم الذي يؤجج فيه السقف كيرلس حماس الشعب ضد
هيباتيا ،فيخرج الشعب عن بكرة أبيه ليقوموا بقتل هيباتيا وسحلها وحرقها في شوارع
السكندرية ،لتظهر فجأة أوكتافيا تحاول إنقاذها فتلقى نفس المصير معها ،في إشارة
إلى أن الكنيسة قد ماتت في علمانيتها )هيباتيا( ووثنيتها )أوكتافيا( ،وأصبحت الهمجية
وشريعة الغاب هما اللتين تسيطران على الكنيسة.
ول أجد هنا تعليق على ما ورد في هذا الجزء من الرواية أفضل مما كتب أبو
سيف يوسف في دراسة استطلعية عن تاريخ القباط في مصر حيث يتحدث عن
الحركة الديرية في القرن الخامس فيقولً:ا )إن تعاليم الرهبان ونظمهم الديرية هي
التي تمثل السهام الحقيقي الذي قدمته المسيحية المصرية -في ذلك الوقت -إلى
العالم .فقد تغلغلت وتركت أثايار ملموسة في الفكر والممارسات الدينية في المشرق
وفى بلد أوربا مثل أيرلندا وسويس ار وفرنسا ..وقد اهتموا بإدخال الفلسفة والمنطق
والعلوم الطبيعية والرياضية والنسانية في مدرستهم اللهوتية .ونشأ في مصر أدب
قبطي وافر ذو طابع إنجيلي ولهوتي وطقسي ولكنه في القليل النادر علماني ..وقد
وجدت برديات قبطية في بعض العلوم التطبيقية مثل الكيمياء والطب والعقاقير
الطبية ..وقد ظهر فن قبطي تأكدت سماته مع بدايات القرن الرابع ،وأخذ الفنانون
القبط في البتعاد عن المؤثرات الرومانية في الفن ،ومارسوا أسلوبهم في فنون
الحفر على الخشب والنسيج ورسوم الفريسكو -الرسم الحصى على الجدران
والسقوف -وكان لهذه الفنون بالضافة إلى فن صناعة اليقونات الفضل في ظهور
فن قبطي مميزأ عن الفن البيزأنطي ..وكثرت الداب ول سيما في الديرة( )القباط
والقومية العربية ،دراسة استطلعية ،الهيئة المصرية العامة للكتاب2006 ،م ،ص (40 - 37
هذا هو ما ذكره التاريخ والبرديات عن النهضة التي صنعها الرهبان والقباط وسقط
عمددا من رقوق المؤلف.
وهكذا يسرد لنا هيبا يوم مصرع هيباتيا وأوكتافيا بوحشية أسطورية ارتكبها أقباط
ورهبان خياله ،لتكون تلك هي الصدمة التي غيرت مساره من العيش في السكندرية
إلى النزوح إلى أورشليم باحدثا عن أصل الديانة ،وطبدعا ل يفوت المؤلف في هذا
الصدد أن يقحم بعض رموزه في سياق روائي ل يحتمل ذلك ،فنجد هيبا يتمرد على كل
شئ في السكندرية.
عنصرية المؤلف
ل نعرف لماذا كل تلك الكراهية للصليب تحديددا؟! فالمؤلف يصول ويجول في
الرواية وينحرف بأحداثها كما يحلو له ،وبين الحين والحين يعود إلى الصليب مسفدها
إياه ،مزدرديا به ،محتق دار له .ونحن هنا لسنا بصدد الحديث عما إذا كان المؤلف قد
نجح في توظيف الصليب كرمز داخل الرواية من عدمه ،ول نتحدث أيضا عن رمزية
الصليب أو أبعاده الروائية ،ولكننا هنا نتساءل أل كان يمكن للمؤلف أن يحيك رموزه
-وهو المبدع الذي يملك فنون القلم -بعيددا عن رمز مقدس يجله ويحترمه المليين في
العالم كله؟ أل كان يستطيع أن يفعل ذلك دون إثارة مشاعر كل المسيحيين الذين
يبجلون ويجلون الصليب والذي هو علمة فخر لهم كما يقول بولس الرسول )حاشا لي
أن أفتخر إل بصليب ربنا يسوع المسيح( أم أنه قصد أن يحول افتخارنا إلى عار؟ إن
ما أتاه المؤلف بحق الصليب وهو الرمز والشعار للمسيحية يدل على ما يبطنه المؤلف
من كراهية وحقد وغل نحو الصليب وأهله ،فهو يريد أن يطرح المسيحية وأتباعها
ضا ،في حين أنه يحاول تقديم نفسه إلى القارئ والمثقف المصري على أنه من يدافع
أر د
عن الخر والمقلب في التاريخ للبحث عن جذور العنف وادعاء محاربة هذا العنف.
أي عنف يمكن أن يكون أكثر من استباحة مقدسات الخر إوايلمه في عقيدته إوايذاء
مشاعره بتزوير التاريخ وما يحتاجه هذا التزوير من رقوق؟
ما المطلوب منا هنا إذن حتى نكون على مستوى الرتقاء الذي بلغه المؤلف
في احترام الخر؟ هل مطلوب منا أن نوافقه على ما أتاه بحق صليبنا ،ونشكره ونقدم
له مشاعر العرفان بالجميل لنه جعل أحد شخوص روايته )الراهب( يأخذ الصليب من
على الرض وينقذ الصليب من أن توطئه القدام؟ سوف يظل الصليب هو الفخر
والفرحا وعلمة النصرة للمليين سواء رضي المؤلف أم أبى.
وهكذا يكمل هيبا رحلة هيامه في خيال المؤلف إلى أن يصل إلى أورشليم
ويتقابل مع تيودور ونسطور -سوف نمر هنا على نسطور مرور الكرام لنفرد له لحدقا
مساحة كبيرة نبين فيها حقيقة الصراع بينه وبين القديس كيرلس الكبير عمود الدين-
ليعجب هيبا بهما ويضعهما في مصاف الملئكة والقديسين ،فيصف نسطور بأنه
المصدق لكلم ال ،والروح اليسوعي الخالص ،والذي يسبح في خفوت أثناء سيره،
وهنا يحاول الكاتب تقديم كنيسة القسطنطينية على أنها المعاكس الموضوعي لكنيسة
السكندرية ،فكل ما اتهم به المؤلف كيرلس وكنيسته يورد عكسه مع تيودور ونسطور،
فكيرلس ل يؤمن بالطب ،وتيودور ما أن عرف أن هيبا مهتم بالطب حتى وعده بأنه
سوف يأمر يكحتاب المطرانية في إيبارشيته بنسخ كتب مشاهير الطب ليهديها له لمنفعة
الناس ،وهكذا الكثير من المواقف.
أما خالة مرتا فهي الفكر السائد في العالم في وقتها ،والذي رأى المؤلف أن هذا
الفكر قد شاخ ،ويحتاج إلى التجديد والعلج ،فخالة مرتا تذهب إلى هيبا )بدللته(
تشكو من صدرها ومن سعال بدأ يصيبها ،والسعال هنا رمز لن آراء الكنيسة أصبحت
قبيحة الصوت ومزعجة ،والخالة تحمى وجودها في المنطقة بعلقتها بالدير إواعداد
الطعام للحامية الرومانية التي تحمى الدير .أي أن الفكر الكنسي العام والعتيق بدأ
يتقوى بالحركة الديرية وموالة المبراطور الروماني .إل أن الحارس الروماني وكلبه
)المعادل لحارس قصر أوكتافيا وخروفه ،فالحارس هنا علماني ،أما الحارس هناك
ديني( نائم دائدما وغافل عما يحدث في المنطقة.
الكوخ والفرن
إن الكوخ الذي أوت إليه مارتا وخالتها هو رمز لكل الفلسفات القديمة المهجورة،
فالمؤلف يرى أن اندلع النشقاقات في الكنيسة كان بسبب دخول التفسير الفلسفي
الذي يعتمد على قوالب قديمة في اللهوت ،وهو ما عرف فيما بعد باللهوت
الوجودي ،أما الفرن فهو ردود أفعال المجتمع الدولي )المسيحي حينذاك( تجاه البدعة
النسطورية ،فخالة مرتا هي دائدما التي تشعل الفرن ،فيعلو دخانه ويخفت مع الصراع
الدائم بين نسطور والكنيسة في العالم.
إن علقة هيبا ومارتا وخالتها تعكس الصراع الدائر في ذلك الوقت بين
الكنائس ،فهيبا وقد اشتد ولعه بمارتا نشأت بينهم علقة حميمة أثناء التدريب على
التراتيل ،وكان صوت مارتا جميلد في دللة على قوة نسطور في الخطابة والتحدث
وقد اشتهر بذلك في إشارة إلى أن النسطورية قد توافقت مع الفكر الرهبانى المهرطق
في السكندرية ،المتوافق مع الفلسفات القديمة -الكوخ المهجور) -وهو ما يفسر لنا
هنا لماذا جعل المؤلف نسطور متعاطدفا مع أريوس على عكس الحقيقة( .أما خالة
مرتا فعملت على إشعال الفرن إوابعاد مرتا عن المنطقة بأن تعمل مغنية في حانات
حلب للرجال العرب )ليلحظ القارئ عبارة الرجال العرب والتي تكررت أكثر من مرة(
أي أن الكنيسة العجوز حاولت التخلص من البدعة وتصديرها بعيددا عنها .والسؤال
الن وهو بيت القصيد عند المؤلف ،بعد أن تخلصت الكنيسة من البدعة ،فهل هناك
من تبنى تلك البدعة؟
خمس مصاطب
نعود إلى الرواية وأشخاصها بما يحملون من رموز وتداعيات وقد قاربت الرواية
على النتهاء وتصاعدت فيها الرموز إلى عنان السماء ،فها هو هيبا وقد تصارح هو
ومارتا بحبهما ،فى إشارة الى اكتمال الهرطقة ونضوجها وتجمع كل عناصرها ،من
فلسفات قديمة ،وبدع سكندرية ،وشطط رهباني ،واقتباس من عقائد وثنية ،فها هى إذن
قد تمت المنظومة ،لنجد هيبا قد ذهب إلى مارتا عند الكوخ ،واقترح على رئيس الدير
زراعة الرض المحيطة للكوخ بالعشاب والنباتات الطبية ،ويأخذ معه شمادسا ليساعده
على ذلك ،ويطلب هيبا وهو مع مارتا فى الرض التى حول الكوخ من الشماس البحث
عن أرض صالحة للزراعة .فوقف الشماس عند بقعة بأعلى الكوخ مستوية
كالمصطبة ،وصاح بما معناه أنها تصلح للزراعة .فيقول هيبا ،إننا نحتاج إلى خمسة
مواضع بمثل مساحتها ،لتتم تسوية الرض بعد ذلك لتصبح على خمسة مصاطب،
ليقوموا بزرع الشتلت عند حواف المصاطب الخمس .والمعنى هنا ل يحتاج إلى
تفسير ،باختصار شديد )وتحفظ مما أراده المؤلف( ،فإن منظومة البدع والهرطقات
ضا خصبة لظهور عقيدة جديدة بنيت
والنشقاقات التى ظهرت فى الكنيسة كانت أر د
على خمس مصاطب ،وفى نهاية مفتعلة للحداث ترحل مارتا وخالتها إلى حلب لتغنى
للرجال العرب فى إشارة إلى أن العقيدة الجديدة المشار إليها أخذت منظومة البدع كلها
ونبذت الرهبنة وظهرت عند العرب.
إلى هنا ونتوقف عن فك شفرة زيدان لن الباقى على الرغم من قلته إل أنه
مثير ،ولكن يستطيع المطالع لع اززيل أن يفهم الباقى فى ضوء ما قمنا بفكه من رموز
لشفرة زيدان.
ويهمنا فى هذا الصدد أن نوضح أننا لم نقم بالتعرض لكل رموز الرواية ،لما
فيها من تجريح واستعداء لمشاعر أخوة نعتز بمشاركتهم لنا هذا الوطن ،فحدبا لهم
ضا أنها
واحت اردما للجميع لم نتعرض لبعض الرموز الفجة فى الرواية ،والتى رأينا أي د
ليست بالمفيدة أو المؤثرة في بحثنا هذا .فيكفى أن الهرطقات جاءت في واحد وثلثين
ردقا ،فيها رق ناقص )السابع( فيصبح عدد رقوقها ثلثين ردقا ،أي أن الرواية عبارة عن
كتاب يجمع هرطقات الكنيسة في ثلثين جزدءا.
عداوة الله
تمتلئ ع اززيل فى الكثير من مواضعها بالتهكم على ال عز وجل ،والسخرية
منه ،والملحوظة الغريبة هنا ،أن المؤلف يتحدث عن آلهة كثيرة ،منها الوثنية ومنها
الدينية ،ولكن عند التهكم والسخرية يذكر لفظ ال فى المطلق ،من دون أن ينسبه إلى
ديانة معينة أو طائفة أو ملة ،فهناك عداوة واضحة من المؤلف للذات العليا ،عداء
غير مبرر ،وغير مفسر ،ولكنه عداء لمجرد العداء.
كما أننا فى الرواية لم نجد أية إشارة أو إيماءة نستدل بها عن قناعات المؤلف
الدينية ،وسوف نورد هنا بعض العبارات التى جاءت فى رواية المؤلف والتى تؤكد
مصداقية بحثنا هذاً:ا
-ترى هل طرد ال آدم من الجنة لنه عصى المر ،أم لنه حين عرف سر أنوثة
حواء ،أدرك رجولته واختلفه عن ال ،مع أنه خلقه على صورته؟ )صفحة .(90
-كان ال والملئكة والشيطان يشاهدون ما يجرى ول يفعلون شئ )صفحة .(159
-ترى هل يحلم الرب؟ من يدرى ،فقد يكون هذا الكون بكل ما فيه حلم واحد من
أحلمه )صفحه .(230
نحن ل نفتش فى قناعات المؤلف الدينية ،ول نفتش عن مكنونات صدره ،وهو
حر كل الحرية فى علقته مع ال فهى علقة خصوصية وشخصية ،ونحن لسنا ضد
أو مع أى اعتقاد دينى للمؤلف ،فكل إنسان يشكل وجدانه حسب توازناته النفسية،
ولكن يبقى سؤالنا الذى طرحناه فى مقدمة بحثنا ،هل يحق للمؤلف التهجم على
المقدس الدينى بحجة حرية البداعا؟!!
إن المزأور الذى يقوم بتزأييف النقود وتقليدها هو بالمقياس التشكيلى مبدعا ،ويمكن
أن يبرر إبداعه بأنه يرى مثلي أنه ليس من حق الدولة أن تتحكم فى منظومة توزأيع
الدخل على الفراد بمفردها ،فهو إذن مبدعا وله مبرراته الخاصة ولكن المجتمع يجرم
فعله ،لنه أضر بمجتمع بأسره.
البدايات
انتصا دار للحقيقة إوانصادفا للتاريخ سوف نورد في هذا الجزء من بحثنا هذا حقيقة
الصراع النسطورى منذ بداياته ،ولكى يقف القارئ على الحقيقة كان لبد لنا أولد من
التعريف بعناصر الصراع أل وهما البابا كيرلس الكبير عمود الدين ونسطور ،موضحين
تعاليم كل منهما ،وكيف أن نسطور قد انحرف عن اليمان الرثوذكسى السليم بينما بقى
البابا كيرلس الكبير عموددا شامدخا راسدخا يحمل العقيدة المسلمة إليه مدافدعا مستميدتا في
الدفاع عنها.
ومن أعمال البابا كيرلس الخالدة ،شرح السفار المقدسة .ولما أكمل سعيه مرض قليلد
وتنيح بسلم ،بعد أن أقام على الكرسى السكندرى إحدى وثلثين سنة وثمانية شهور
وعشرة أيام.
وفيما يلى النصوص التى نسبت إلى نسطور في الكتاب المذكور "بازار هيراقليدس "
ً:Bazar of Heracleidesا
والصطلح -اليمان بـ" -والدة ال" قديم العهد فيما يظهر .فالبابا ألكسندروس
السكندري استعمله بدون تكلف ،وغريغوريوس النزينزي لعن من ل يعتبر مريم أم ال.
ورأى نسطوريوس أن هذا الصطلح لم يرد في السفار المقدسة وأن الباء لم
يستعملوه في نيقية .وذكر القول النيقاوي "ابن ال تجسد من الروح القدس ومريم
العذراء" فرأى في هذا اعت اردفا بطبيعتين ،طبيعة ابن ال المساوي للب في الجوهر
طا بين
وطبيعة النسان المولود من العذراء .فرأى في الصطلح "والدة الله" خل د
اللهوت والناسوت .واقترح القول "والدة المسيح".
اللهوت والناسوتً:ا عولمت الكنيسة منذ البدء أن مخلصنا الوحيد إله كامل إوانسان
كامل رب واحد لمجد ال الب .فقام أريوس وأنكر على الكنيسة العتقاد بطبيعة
فعقد المجمع المسكوني الول وحكمت الكنيسة عليه وعلى
لهوت الكلمة المتأنس ،ي
تعليمه وقررت حقيقة كمال لهوت المخلص .ثم قام أبوليناريوس وقال بنقص في
طبيعة المسيح البشرية ،فعولم أن اللهوت في المسيح قام مقام العقل في النسان؛
فعقدت الكنيسة المجمع المسكوني الثاني وحكمت على أبوليناريوس وقررت حقيقة
كمال ناسوت المخلص.
ولما لم تقم الكنيسة بتحديد هذا الفرق بعبارات مضبوطة تشير فيها إلى وجه
العلقة بين الطبيعتين اللهية والبشرية ،ووجه الاتحاد بين اللهوت والناسوت في
المسيح .فأدى هذا إلى تفاوت في فهم التعبير ونشأ عنه اختلف في التعليم وخصام
ونزاع أفضى فيما بعد إلى النشقاق النسطوري والوطاخي.
هرطقة أريوس
ل نعرف سر تعاطف المؤلف مع كل ما هو ضد العقيدة الرثوذكسية ،ولماذا يلجأ
عند تقصى الحقائق إلى تبنى وجه النظر المضادة للعقيدة حتى لو كانت وجه نظر
ضعيفة أو غير حقيقية؟! أل ينم هذا عن وجود عداء دفين لتلك الديانة لدى المؤلف الذى
لم تأته الشجاعة لكي يجهر بهذا صراحة فلجأ إلى جمع ما يمكن أن يشوه صورة تلك
العقيدة النقية تشفديا .فها هو ذا يرى في ذئاب العقيدة حملدنا وديعة ،ويرى في حراسها
أسوددا ضارية متوحشة تجول تلتمس من تلتهمه ،فها هو يتغزل في أريوس في صفحة
53،54كما يلىً:ا
ل نعرف من أي كتب التاريخ استقى المؤلف معلوماته عن أريوس ،فأريوس هو
عكس ما ذكر الكاتب تمادما .فلقد حاول أريوس خلط المسيحية بالوثنية ،ليخرج علينا
بديانة هلمية ل هى مسيحية ول هى وثنية ،كما أن العقيدة بعيدة كل البعد عن ثالوث
الفراعنة وقد ذكرنا هذا في جزء سابق ،وعلى كلل سوف نوضح ما ذهب إليه أريوس من
شطط في العقيدة أدى به إلى الخروج عن صحيح اليمان المستقيم ،ليخرج لنا بهرطقة
بعيدة كل البعد عن روح النص النجيلى ،وسوف نورد صحيح العقيدة عند القديس
أثناسيوس والذي استقر في وجدان الكنيسة وعقلها لنبين مدى النحراف العقائدي الذى
أصاب تعاليم أريوس.
عندما أصبح النبا بطرس البابا السابع عشر ،وقد أصدر البطريرك ق اردار بأن
جميع الذين أجبروا لكي يدعوا للوثان وكانوا ضعفوا وأفقدهم العذاب الشديد شعورهم
إواحساسهم وأنكروا السيد المسيح؛ وأصدر أم دار بقبولهم رعايا في الكنيسة مرة أخرى بدون
فحص أو قصاص أو عقاب بدني أو روحي .وبناء على قرار البطريرك بقبول التائبين
ومن المعتقد أن أريوس بخر للوثان فذهب أريوس إلى البطريرك وأعلن خضوعه وندمه
فقبله ورسمه شمادسا ،ورقى لوظيفة واعظ لفصاحته وقدرته على الخطابة ،وكان أريوس
يمزج أقواله بأقوال الفلسفة ولكن لم يكن هذا هو الخط الكنسي البسيط الذى اتبعته
كنيسة السكندرية في تعليمها .وكان أريوس قد بدأ في بدعة جديدة في المسيحية فجرده
البطريرك البابا بطرس من وظيفته وأصدر قراردا بحرمانه من الوعظ وحرمه .ومما يذكره
المؤرخون أنه عندما جاء وقت استشهاده أرسل أريوس وجهاء مدينة السكندرية للبابا
بطرس في السجن ليحله ولكنه أعلن أنه رأى رؤيا أن أريوس مزق ثوب الرب )أى
كنيسته( وزاده في الحرم .ولكن للسف عندما جاء البابا أرشيلوس حله وسامه كاهدنا
وسلمه كنيسة بوكاليا ،وهى كنيسة السكندرية الرئيسية في ذلك الوقت ،مما أعطاه شهرة
خاصة لنه عنده موهبة الوعظ والخطابة .وكان مزهودا بنفسه متفاخ دار
د وجمع التباع
بقدراته النسانية ولم يطوعها في وداعة القديسين فغلب تكبر عقله اليمان ،وعندما أراد
أن يبشر الوثنيين سقط في هرطقته ،وجاء فكره اللهوتي حصيلة فكر فلسفي لهوتي
عقلني .كان أريوس ذو موهبة في الخطابة فصيدحا بليغدا قادردا على توصيل أفكاره
بسلسة بين العامة والمفكرين ونشر أريوس أفكاره عن المسيح مستغلد مركزه كشماس
وواعظ في السكندرية ،ولم تكن فكرته عن المسيح من بنات أفكاره ولكنها كانت في
الصل نقلها من الفيلسوف اليهودي فيلون في نظريته عن اللوغس )الكلمة ،(Logos
وكانت فكرته تتلخص فيً:ا
إن الكلمة كائن متوسط يعبر الهوة التى ل تعبر بين إيلوهيم والعالم ..خلق إيلوهيم الكلمة
ليخلق به العالم والمادة.
إوايلوهيم الله الحقيقي في نظر فيلون عال عن المادة ول يمكن أن يتصل بها مباشرة من
غير وسيط ..هذا الوسيط هو المسيح الكلمة .
وفي الحقيقة إن أريوس لم يأنت فك دار جديددا ولكن استهواه الفكر الفلسفي اليهودي
الصل الناتج من فكر فيلون اليهودي عن اللوغس ،والفكر الوثني القادم من أفلوطين في
"النوس" ومزج هاتين النظريتين وألبسهما لبادسا مسيحديا باستغلل آيات من النجيل لتأييد
فكره بنصوص من الكتاب المقدس ،واعتقد أنها ساندت رأيه .وكان تعليق البابا
أثناسيوس عن آراء أريوسً:ا "إنها آراء وثنية" ،ولما انحرف أريوس عن الفكر المسيحي
المستقيم بالتأويل ،اعتبرت المسيحية الرثوذكسية تفكيره كف دار وزندقة ،واشتعلت نار
الخلف وتأججت نار الفرقة عندما قال أريوس عن المسيح كلمة اللهً:ا "إنه خالق
ومخلوق ..خالق الكون ..ومخلوق من الله" ،وقالت الكنيسةً:ا "إن المسيح مولود..
غير مخلوق ،وهو كائن بأقنومه الزلي قبل أن يولد من العذراء مريم بل قبل الدهور..
ومنذ الزل ..وهو من ذات جوهر الب ،ومن طبيعته ،وأنه لم تمر لحظة من الزمان
كان الب موجوددا من دون اللوغوس )الكلمة( ،وهو المسيح قبل التجسد".
كان أريوس يقول بأحن الكلمة ليس بإله ،بل بما أنه "مولود" من ال الب فهو ل
ييشاركه طبيعته ،بل تقوم بينهما علقة "تبحني" ،فالكلمة إدذا ليس بأزلحي بل هو مجرد خليقة
ثانوحية أو خاضعة.
انحصر اهتمامه في تأكيد الوحدانية ،والساس الول هو في بساطة "الفردية" الذى هو
الله الذى يعتقد فيه ،وهو في نظره الواحد ،المطلق ،الغامض ،البعيد ،غير المعروف،
الذى ل يدرك ،ول يمكن اللتقاء به ،مخفى في سر أزلي ،منفصل عن البشر بهــوة غير
محدودة ،هكذا فهم الوحدانية بطريقة عددية ،غير قادر على إدراك "وحــدة" الثالوث
القدوس في الجــوهر.
أوجد اللوغوس قبل الزمن من العدم ،كأداة للخلقة ،لهذا فهو ليس بالحق الله بالطبيعة،
إنما هو ابن الله بمعنى أخلقي ،إنه كائن وسيط بين الله والعالم.
فهو إله أقل من اللوغوس .بهذا الفكر عزل أريوس الله عن البشرية ،وقدم إلهه إلى
البشرية كأنه كائن جامد ،فألغى أنشودة الحب اللهي والتضحية والفداء في المسيحية
وأفسد سر الخلص ،متجاهلد النبوات ومنك دار تجديد طبيعتنا وبنوتنا ل فى ابنه .وهنا
يتضح كل تعليم هرطقة "التبني "Adoptionismعن المسيح .النتيجة الولى لهذا
ضا عن
التعليمً:ا هو أن اليمان بالثالوث يتلشى ويذوب ..بالطبع تحدث أريوس أي د
الثالوث إل أنه اعتبره أنه قد صدر متأخ دار ولم يكن أصلديا وأزلديا .لنه وفقدا لتعليمه فإن
الب وحده كان إلدها أزلديا .أما النتيجة الثانيةً:ا فهي أن الحياة الجديدة للنسان التى
صيغت كنتيجة لتأنس الكلمة ،تكون فقط نتيجة سمو روحي وأخلقي ..ففيما يتعلق
بأريوس فالموقف يظهر ركود أفكاره التى ولو إنها كانت حادة؛ إل إنها خالية من الحركة
والعمق .ونتيجة لتعاليم أريوس بقوله إن كلمة ال مخلوق وقوله عن المسيح إنه إنسان
مؤله بسبب كمال روحي وخلقي ،هذه التعاليم نجم عنها نزاع شديد زعزع أركان الكنيسة
والدولة الرومانية ..إن البدعة الريوسية لم يتم تنظيمها بطريقة سرية مثل غيرها من
البدع والهرطقات .بل دخل في صفوفها رجال رسميون في الكنيسة وفي الدولة .وهددت
بالستيلء على التنظيم الكنسي بأكمله ..وقد استمرت المصالحة السياسية التى تبعت
ذلك حتى موت أريوس وقسطنطين بدون أن تكون على حساب ق اررات مجمع نيقية –
وذلك عن طريق تفسيرهم المتباين والمؤول بطريقة يشوبها اللتباس ..إل أن تعاليمهم لم
تأت بنتائج .وذلك لن زعماء الرثوذكسية لم يقبلوا أريوس في الكنيسة بسبب اعترافاته
ن
ضا
المشتبه فيها ..حدقا إنه أثناء هذه الفترة لوحظ تقدم ملحوظ في الحركة التى قادت أي د
إلى تفوق طفيف للريوسية .وفي الواقع إن الريوسيين -بواسطة سلسلة المجامع التى
أشرفوا عليها بأنفسهم– نجحوا في تنحية وإبعاد الرؤساء من خصومهم باتهامات باطلة
واهية .وهؤلء الرؤساء هم أوستاتيوس النطاكي عام330م .أثناسيوس الإسكندرى عام
335م ،وماركيلوس الأنقيرى عام 336م.
الفرق الريوسية
كان البناء الريوسى في عهد قسطنديوس على القل ،يبدو عظيدما في الظاهر..
إل أنه كان من البدء عملد مزعزدعا .وذلك ليس فقط لنه حصل على قوته من عناصر
ضا لن اتجاهه اللهوتي لم يكن متحددا ..فإن جميع الريوسيين
كنسية منشقة ،ولكن أي د
رفضوا اصطلحات مجمع نيقية ..لذا فإن الخلفات فيما بينهم انكشفت وتحددت عند
كثيرين منهم عن طريق موقفهم من اصطلحات هذا المجمع .ولقد استخدم آباء مجمع
نيقية في قانون اليمان اصطلح "هومو أوسيوس" أى "الواحد في الجوهر مع ..أو
المساوي في الجوهر لـ ."..وأرادوا أن يثبتوا بهذا الصطلح أن البن مع الب هما
واحد .وأن هذا الجوهر هو كيان أساسي واحد .لذا أوضح آباء نيقية وحدة تشابه هذين
الصطلحين لنهم كانوا يخشون لو أنهم اعترفوا باثنين هيبوستاسيس )أى قوامين( ،أن
يتهموا بأنهم يقبلون العتراف بجوهرين.
هؤلء كانوا على عكس المعتدلين .وهؤلء المتشددون كانوا قد نشأوا عن
اللوكيانيين الذين قبلوا تعليم "بدعة التبني" ..وكان يرأسهم في البدء أوسابيوس
النيقوميدى .وفيما بعد أوسابيوس القسطنطينى .وهذا الفريق تشدد في الفصل بين الب
والبن بدرجة أكبر ..وإن كانوا أحيادنا يخفون أراءهم لسباب تنظيمية .إل أنهم كانوا
متشددين ..وبعد موت أوسابيوس هذا في عام .341برز بين صفوفهم "إيتيوس"
الأنطاكى الذى اندفع إلى تعليم أريوس بطريقة أشد تطردفا من أجل تكوين فريق أريوسى
جديد .وهذا الفريق الجديد تشكل بطريقة أكثر تنسيدقا على يد تلميذه "يونوميوس"
والمنتمين إلى هذا الفريق وضعوا مناهجدا وأساليبدا متكاملة ..وتدخلوا بفكرهم ليفحصوا
ضا ..وزعموا أن جوهر ال هو في عدم الولدة .أماجوهر كل الكائنات ،بما فيها ال أي د
جوهر البن فهو في كونه مولود ..ومن ثم فإن جوهري الب والبن ليسا فقط لم يكونا
شبيهين بل نقيضين تمادما ..ولكي يؤكدوا تمييزهم ل الب بفرادة خاصة وحده ،اعتادوا
أن يمارسوا المعمودية بغطسة واحدة فقط بدلد من ثلث غطسات.
بسبب التباين بينهم ،تشكل فريق ثالث بإيحاء من المبراطور قسطنديوس ..هو
فريق "الأوميويين" أى )الشبيهين( وهؤلء استخدموا الصطلح "أوميوس " OMIOSأى
شبيه أو مثيل( ،إل أنهم لم يكن لهم لهوتهم الخاص ..بل –بحسب الظروف– كانوا
ينحازون لفريق أو لآخر .وقد أدى ذلك إلى إضفاء تفسيرين على كلمة "أوميوس "
OMIOSفصار من الممكن أن تعنى إما "تشابه الجوهر" أو "تشابه المشيئة" ..واتخذ
مشايعو هذا الفريق لزعامتهم أساقفة الحدود الشمالية أمثال أورساكيوس السنجدونى،
وأولتتاس المورصى ...وكذلك أكاكيوس القيصري ،وهؤلء فرضوا وجهات نظرهم في
المجمع الذى انعقد في سرميوس عام 359م.
مواجهة الريوسية
هز الريوسيون أرجاء الكنيسة بسبب الطريقة التى ظهروا بها ،حيث إنهم –على
وجه الخصوص– نشروا وفرضوا أفكارهم بكل ضرب من ضروب البدع الغريبة على
ذلك العصر .فهم لم يستعينوا فقط بالحاديث الدينية ،وتحرير الرسائل اللهوتية ونشر
عقائدهم على هيئة أفكار منتظمة قانونية ،كما تأمر بذلك "أحكام الرسل" ،بل كما سبق
ضا ،فإنهم استخدموا كذلك أشعارهم الغنائية التى كانوا يتغنون بها في كل
أن قيل أي د
مناسبة ..أما سلحهم الكثر مضاء وصلبة ،فكان استغللهم للقوى السياسية التى
أقحموها للتدخل –لول مرة– في شئون الكنيسة الداخلية ،وهكذا أبعدوا خصومهم بوسائل
عنيفة ..وأرغموا أثناسيوس على أن يبارح كرسيه خمس مرات ..وفي مرتين منها أقاموا
أساقفتهم على هذا الكرسي ..وكان تفوقهم الساحق أكثر ثبادتا واستقروا في أنطاكيا ،بعد
عزل السقف أوستاتيوس عام 330م ..وفي عام 360أقاموا هناك صديقهم ميليتيوس
الذى ما لبث أن أعرب في الحال عن اتجاهه إلى قانون إيمان نيقية ،أما في أسيا فكان
نفوذهم أقل ،ولو أن موقفهم هناك كان أكثر هدوءدا ،المر الذى لجله كان موقف
الرثوذكسيين مردنا ..وفي القسطنطينية –على مدى أربعين سنة– خلف أربعة أساقفة
أريوسيين الواحد الخر ..وهكذا عندما صار غريغوريوس الثيئولوغوس أسقدفا
للقسطنطينية استقر في بيت صغير للصلة) ، (Chapelلن الريوسيين كانوا قد
استولوا على جميع الكنائس ،ولكن غريغوريوس خلص القسطنطينية منهم .وفي الغرب
حصلوا على نجاح محدود حيث استولوا فقط على بعض مراكز هامة قليلة مثل
المديولنيين وذلك لعدة سنوات قليلة فقط ..إل أنهم لم يتمكنوا من الوصول إلى كرسي
أسقفية روما.
لً:ا مجموعة القادة الولً:ا ألكسندروس
إن مسئولية الدفاع عن العقيدة كان لها أو د
السكندري .وأوستاتيوس النطاكى ،وهوسيوس القرطبي .ثم بعد ذلك بقليل وقع عبء
الدفاع عن عقيدة نيقية على أكتاف القديس أثناسيوس الكبير الذى أدار النضال طيلة
ضا من الباء الكبادوكيين العظامً:ا باسيليوس أسقف
خمسين عادما تقريدبا ..معضددا أي د
قيصرية وغريغوريوس الثيئولوغوس ،إن هؤلء اللهوتيين –باستنادهم على حجج
وبراهين من الكتاب المقدس والتقاليد الشرعية الصحيحة– قاموا بتجريد لهوت أريوس
من غطائه المتستر بالكتاب المقدس .وكشفوا أن الريوسية إنما هى دراسة فلسفية جافة
وعميقة تظهر ال بدون حياة أو حركة ..كشف أثناسيوس الكبير أن تعاليم أريوس أدت
إلى أمرين غير لئقينً:ا
أولهما:
إنه أذاب التعليم بالثالوث القدوس ولشاه ،وفتح الطريق أمام العتقاد بتعدد اللهة ،إذ أنه
سمح بعبادة المخلوق.
وثانيهما:
إنه قلب "بناء الخلص" كلية .فإن المخلص الذى أخذ على عاتقه خلص البشرية يلزم
أن يكون هو نفسه حاصلد على ملء اللهوت )المقالة الولى ضد الريوسيين فقرة
،(39وعلى الرغم من صرامته وحزمه لم يكن أثناسيوس متصلدبا بل كان يعرف كيف
يتدبر المر بتفهم وتسامح ..وعندما تخلص من الضغط السياسي الخطير عرض
المشكلة بحذر ويقظة أكثر.
لم يستخدم البابا أثناسيوس أسلوب الفلسفة كما استخدمها أريوس الهرطوقى ،ولكنه ركز
على اليمان معتمددا على الوحي اللهي .وشرح أن الرب تحدث إلى البشرية في العهد
القديم خلل أنبيائه ،أما في العهد الجديد فجاء إلينا بإرساله كلمته لكي تتحدد طبيعتنا
فيه.
1ـ ما كنا نخلص لو لم يصر الله إنسادنا ،فإن النسان في حاجة إلى الخالق ليخلص
طبيعته الساقطة ويردها إلى أصلها ،واهدبا إياها صورته ،ومصلدحا إياها من الفساد إلى
عدم فساد ،فيه تغلب البشرية الموت وتعاد خلقتها.
2ـ لما كان ابن الله واحددا مع الب في الجوهر ،فقد قدم نفسه ذبيحة قادرة على إيفاء
دين خطايانا وتحقيق العدالة والرحمة اللهية في نفس الوقت.
3ـ إنه الله الغالب الشيطان ليس لجل نفسه فقط إوانما لجلنا جميدعا.
4ـ بكونه الله الحق أعاد لنا كرامتنا ،واهدبا إيانا البنوة للب فيه بالروح القدس.
5ـ التجسد قدمنا للله ،كلمة الله المتجسد يعلن الب لنا ،والب يجذبنا نحو البن
)انظر يو ً: 17ا 27؛ ً: 6ا .(44
2ـ أما عن "وح ــدة طبيعة المسيح" فقد ذكرها في عبارات متناهية الدقة فقالً:ا ]بكونه ابن
ضا في نفس الوقت "بك دار بين إخوة كثيرين" لذلك لم يكن ابن الله قبل
الله بحق صار أي د
إبراهيم غيره بعد إبراهيم ،ول وجد واحد أقام لعازر وآخر سأل عنه ،إنما هو بعينه الذى
كإنسان قالً:ا "أي ــن وضعتم لعازر؟!!" وبكونه الرب الله أقامه ،هو بنفسه بكونه إنسادنا
كإنسان تفل وبكونه إلدها كابن للله فتح عيني المولود أعمى ،وبينما -كما يقول بطرس-
) 1بط ً: 4ا (1تألم بالجسد فبكونه الله فتح القبر وأقام الموتى[.
لً:ا وقال البابا أثناسيوسً:ا ]لم يأخذ المخلص جسددا بدون نفس ول
3ـ أخذ ناسوتدا كام د
بدون حواس أو عقل ،فإنه لم يكن ممكدنا عندما صار الرب إنسادنا لجلنا ،أن يكون جسده
ضا مع الجسد[.
صا بالنفس أي د
بل عقل ،إوال ما كان الخلص الذى قدمه الكلمة نفسه خا د
4ـ اللوغوس )الكلمة( ليس أداة خارجية لتحقيق الخلقة ،فإن الله ليس في عوز إلى أداة
للخلق أو حتى للخلص ،اللوغوس هو واحد مع الب في الجوهر] .فلو أن الجـوهر
اللهي غير مثمر بل عقيم كما يقولون ،يكون كنور ل يضئ ،وكينبوع جاف ،أما
يخجلون من هذا القول عن طاقته العاملة؟؟!![.
1ـ يقول البابا أثناسيوسً:ا ]بشركة الروح صرنا "شركاء طبيعته اللهية" ) 2بط ً:1ا .[(4
إذن فجورجيوس الكبادوكى لم ييقتل كما ادعى مؤلف ع اززيل ولكنه مات أثر مرض
طويل.
حرم أوريجانوس
يتناول المؤلف قضية حرم أوريجانوس ويعزى هذا إلى تعسف البابا ديمتريوس
الكرام ضده ليلوى ذراع الحقيقة حيث لم يقص ما فعله أوريجانوس وجعل البابا ديمتريوس
الكرام يحرمه من شركة الكنيسة فيقول في صفحة ً:252ا
ولكى نعرف أولد من هو أوريجانوس ،إليكم القصة التالية من كتاب بستان الرهبانً:ا
+من سيرة القديس أبيفانيوس )بستان الرهبان -لجنة التحرير والنشر – بنى
سويف -الطبعة الثانية -ص ً:(336ا
]ظهر في أيام أبيفانيوس بقبرص شاب دعي الفيلسوف فجادله علماء كثيرون،
فكان يفحمهم مقنعدا إياهم بأقواله ،وكان يأتيه كهنة كثيرون وأساقفة فيقنعهم بإقناعات،
فتكاسل الكثرون عن مجادلته ،وتراجعوا عن مفاوضته وذاع صيته حتى وصل خبره
إلى بافوس ،حيث تحدثوا بحكمته وقوة منطقه ومقدرته على الجدال حتى ضل بسببه
الكثيرون ،فلما أرى السقف أبيفانيوس ذلك حزن متفكردا في نفسه ثم قالً:ا ومن يكون
هذا الشاب المفتخر بعلوم كذبة أمام إيمان السيد المسيح؟ وأنه تسلح بالإيمان ،وأمر بأن
يحضروه إليه ،فمضوا وقالوا لهً:ا السقف أبيفانيوس يستدعيك .فقام وجاء إليه ،فلما
حضر عنده لم يتكلم معه ،بل انتصب للصلة أولد ،فلما بدأ السقف بصلته أخذت
كثيرا ،فلما شعر الب بقوة الصلة،
الشاب رعدة ،وصر على أسنانه ،فتعجب الكل لذلك د
حل أسره يارب
شف هذا الشقي العليل من هذا المرض ،ن
قائلً:ا "يارب ا ن
بدأ يطلب إلى ال د
وأظهر الشيطان المستتر فيه واعتق جبلتك منه" ،عند ذلك صر بأسنانه وأزبد،
قائلً:ا
واحمرت عيناه وصرخ بصوت عظيم د
ولم يحتمل الب أن يسمع أكثر ،فقال لهً:ا اصمت يا ابن جهنم ،أنا آمرك باسم الرب
يسوع المسيح أن تخرج عنه ول تؤذيه.
فصرعه على الرض وخرج منه .فلما أفاق ورجع إلى نفسه ،سألوهً:ا من أين كانت لك
القدرة على ذلك المنطق العظيم والنحو والفلسفة؟
فقالً:ا "لست أعلم ما تقولونه ،ول كيف كنت أتكلم ،ول كيف أتيت إلى هنا!" ..فعجب
الحاضرون وخافوا من ضربات العدو[.
ولبد لنا أن نقف على حقيقة الخلف بين أوريجانوس والبابا ديمتريوس الكرام حتى
نستطيع أن نعرف إذا ما كان أوريجانوس قد استحق عقوبته أم أن البابا قد تعسف
ضده ..فقد جاء في كتاب "الخريدة النفيسة فى تاريخ الكنيسة" )للقمص عطا ال
أرسانيوس المحرقى – ج (1ما يلىً:ا ]وقد بنى مجمع ديمتريوس حكمه وحرمه على هذه
السباب التى قيل إنه وجدها فى مصنفاته ،وهىً:ا
ثالدثاً:ا إن نفس المسيح وجدت واتحدت فى الطبع اللهى قبل زمان التجسد.
وفى محاضرة لقداسة البابا شنودة الثالث -أطال الرب حياة قداسته -فى الكلية
الكليريكية بتاريخ 1987 /12 /15قال ما يلىً:ا
]أوريجانوس له أخطاء بسببها حرمه البابا ديمتريوس ،وهو عندما حرمه عقد مجمدعا
حرمه به ،وكان من قبل قد أرسله إلى بلد العرب إوالى أخائية وعند رجوعه منها أعطاه
ألكسندروس أسقف أورشليم درجة كهنوت؛ واعتبرت هذه غلطة أخرى أنه قمنبل الكهنوت
من غير أسقفه.
البعض قالوا إن القديس ديمتريوس كان يحسده على شهرته وعلمه ولهذا حرمه،
هذا الكلم ييمرد عليه بعدة نقاطً:ا
القديس ديمتريوس هو أحد قديسى الكنيسة وييذكر فى مجمع القداس ونأخذ النحل *
من فمه ،وله معجزة معروفة ..فليس من المعقول أن ننسب لمثل هذا القديس
مسألة الحسد ،وهو الذى عينه أستادذا للكليريكية ...فهو كان قديدسا ،كما أن
الحكم على مشاعر القلوب ليست من اختصاصاتنا.
البابا ديمتريوس لم يحرمه وحده بل بمجمع .كما أن قديسين كثيرين آخرين *
وللرد على ذلك )انظر كتاب سنوات مع أسئلة الناس لقداسة البابا المجلد الول ص (54
عحلم بأن الرواح مخلوقة ،وخلقت قبل الجساد ثم انحدرت من عالمها .4
قال إن فدية المسيح قدمت للشيطان على اعتبار أن الناس كانوا فى أسر .6
مع الرواح.
ضا بالمثل
والردً:ا إن هذا يعنى أن الجسد القديم ليس هو الذى سيعذب بل الجديد وأي د
المكافأة.
قال إن البرار سيتحولون إلى شكل نجوم ،وحجته فى ذلك فهمه الخاطئ .8
لليةً:ا "نجم يمتاز عن نجم".
قال إن ال خلق عوالم أخرى قبل عالمنا وبعد عالمنا[. .9
وكذلك ساويرس بن المقفعً:ا )تاريخ البطاركة – ساويرس ابن المقفع 1999 -م –
ج -1ص ،(15 -14يصف إدانة أوريجانوس فيقولً:ا ]أوريجانوس وضع كتبدا كثيرة
فيها تجديف كثير منهً:ا
الآب خلق البن ،وأن البن خلق الروح القدس ..ولم يقل أن الب والبن والروح
وجـ ــاء فـ ــى كتـ ــاب )قصـ ــة الكنيسـ ــة القبطيـ ــة -إيريـ ــس حـ ــبيب المصـ ــرى -ج - 1
صفحة ً:(60ا
]كانت ثقة أوريجانوس بالمحبة اللهية تامة إلى حد جعله يؤمن بأنه فى النهايــة – بعــد أن
يجتــذب الب الســماوى جميــع خلئقــه إليــه سيصــفح عــن الشــيطان نفســه ويســمح لــه بــأن
يمشى من جديد فى فردوس النعيم بين الشاروبيم والسرافيم[.
وأما ما قاله أوريجانوس بعد أن ضحى للوثان حين ألقى فى سجن كريه ،فإنه
نطق بهذا الرثاء على نفسه حين نجا من السجن ،وهوً:ا
)أيها البرج الشامخ كيف سقطت إلى الحضيض بغتة ،أيها الشجرة الغضة كيف يبست
على الفور .أيها النور المتوقد كيف أظلمت وشيدكا .أيها الينبوع الجارى كيف نضبت.
ويلى فإنى كنت مشتملد بمواهب ونعم وقد عريت منها الن جميدعا .فرقوا لحالى يا
أحبائى فإنى قد رذلت لنى دست خاتم إقرارى واتحدت مع الشيطان .اشفقوا علوى يا
خلنى فإنى قد طرحت من أمام وجه ال(...
فقد جاء فى الكتاب السادس ليوسابيوس القيصري ،الفصل الثامن ،تحت عنوان
جرأة أوريجانوسً:ا
- 1وحدث أنه بينما كان أوريجانوس يقوم بتعليم اليمان في مدينة السكندرية أتى
عملد يدل على عقل لم ينضج بعد وتفكير صبياني.
- 2فلقد أخذ أوريجانوس كلمات النجيلً:ا "يوجد خصيان خصوا أنفسهم لجل ملكوت
السموات" بالمعنى الحرفي ،وذهب في فهم معناها إلى أقصى حدود الكلمات ،وكان
هدفه أن يتمم كلمات المخلص ،وفي نفس الوقت يقطع كل فرصة قد يتخذها غير
المؤمنون لساءة الظن )فقد كان يلتقي بالرجال والنساء عندما كان يدرس اللهيات وكان
صغي دار في السن شادبا يافدعا( فنفذ عملديا كلمة المخلص ،وقد ظن أن ما فعله لن يعرف
ويشتهر بين الكثيرين من معارفه وأصدقائه ،ولكنه كان من المستحيل إخفاء عمل كهذا
بالرغم مما بذله من جهد وتعامل شخصي لبقاء ما فعله س دار مخفديا.
- 3ولما علم بالمر ديمتريوس )البابا القبطي( الذى كان يرأس اليبارشية ،كتب إلى
الساقفة في العالم واصدفا تصرف أوريجانوس بأنه في غاية الطيش ،ولكن أسقفي
قيصرية وأورشليم -اللذين كانا من أشهر أساقفة اليهودية– اعتبرا أوريجانوس خليدقا
بأعظم درجات الكرام ،فرسماه قدسا.
وجـ ــاء فـ ــى كتـ ــاب )قصـ ــة الكنيسـ ــة القبطيـ ــة -إيريـ ــس حـ ــبيب المصـ ــرى -ج - 1
صفحة ً:(50ا
]وحـ ــدث حـ ـوالى سـ ــنة 216م أن أذن البابـ ــا ديمـ ــتريوس لوريجـ ــانوس بالـ ــذهاب إلـ ــى
أخائية ليعلم أهلها فذهب وقام بالمهمة التى عهدت إليه خير قيام .ومر بفلسطين وهو فى
طريق العودة إلى وطنــه فوضـع عليــه اليــد ألكســندروس أسـقف أورشـليم وتيئوسـتيت أسـقف
فيســارية الكبــادوك وكرســوه أســقفدا .وقــد أثــار هــذا العمــل غضــب البابــا ديمــتريوس فجمــع
مجمعه وأصدر حرمــه علـى أوريجـانوس لسـببين أولهمـا أن أوريجـانوس اقـترف ذندبـا يحــول
بين ــه وبي ــن الك ارم ــة الكهنوتي ــة ،وه ــذا ال ــذنب ه ــو أن ــه خص ــى نفس ــه ،وثانيهم ــا أن رس ــامة
الساقفة والكهنة المصريين من حق البابا السكندرى وحده[.
وذكر كتاب )تاريخ الكنيسة القبطية – القس منسى يوحنا – صفحة ً:(51ا
]لما رجع أوريجانوس إلى السكندرية بعد رســامته وجـد مركـزه قـد ســقط فحصــل بينــه
وبيـ ــن البطري ـ ــرك نـ ـ ـزاع عقـ ــد بس ـ ــببه مجمدعـ ــا بالس ـ ــكندرية سـ ــنة 231م حكـ ــم في ـ ــه بنفـ ــى
أوريجــانوس وبحرمــه لنــه رســم مــن أســقفين غيــر تــابعين للكـ ـ ارزة المرقســية ولنــه خصــى
نفسـ ــه ...وعقيييد مجميييع آخييير فيييى السيييكندرية وفحيييص كتييياب المبيييادئ )مييين تيييأليف
أوريجانوس( وحكم بأنه هرطوقى وحرم مؤلفه[.
ميثوديوس الوليمبي )تنيح 311م(ً:ا رفض معظم تعاليم أوريجانوس خاصة مفهومه
البابا ثيئوفيلس بابا السكندرية الثالث والعشرون خلل قضية الرهبان الوريجانيين
القديس إبيفانيوس أسقف سلميس )في نهاية القرن الرابع وبداية القرن الخامس(
نجح في إقناع القديس جيروم ولكن فشل في إقناع يوحنا أسقف أورشليم.
القديس جيرومً:ا خلفه مع يوحنا )كتادبا ضد يوحنا أسقف أورشليم( ومع روفينوس.
ميثوديوس )أسقف أوليمبيا-كيليكية( في بداية القرن الرابع ،وكتب كتادبا ضد
أوريجانوس.
القديس أغسطينوس في القرن الخامس[.
فلم يكن حرمان أوريجانوس إذن تعسدفا من البابا ديمتريوس الكرام ،ولكن كان نتيجة
لخطائه اللهوتية ،ولسلوكيات إيمانية خاطئة نتيجة فهم مغلوط ليات الكتاب المقدس،
وكذلك لم يكن أوريجانوس مستضعدفا بل كان معانددا لسقفه دون وجه حق ،كذلك فإنه
إوان كان يملك من العلم الكثير إل أنه لم يستغل هذا في نفع الكنيسة ،ولكنه علم بما
يخالف اليمان الرثوذكسي السليم.
فماذا كان يريد المؤلف إذن من البابا ديمتريوس الكرام حتى ل يتهمه بأنه أذاق
أوريجانوس المرين؟ هل كان المطلوب من البابا أن يجارى أوريجانوس فيما ذهب إليه
من سلوكيات خاطئة؟ أم ترى أنه كان على البابا أن يرفض ما استقر عليه إيمان الكنيسة
وعولم به الباء ،ويعلم بما جاء به أوريجانوس؟!!
كما لجأ المؤلف إلى ذكر اسم الفيلسوف سيشرون على لسان رئيس الدير
النطاكى ،فيقول فى صفحة ً:204ا
ونود هنا لفت النتباه إلى أن هناك رابط مشترك بين كل من سيشرون ،وأفلوطين،
وهيباشيا )هيباتيا( ،فسيشرون ) 43 – 106ق .م( يعتبر هو رائد ما يسمى بالمدرسة
الفلطونية الجديدة ،تلك المدرسة التى أخذت فلسفة أفلطون ومزجتها بكتابات أرسطو،
والتى لم تتبلور فى زمن سيشرون ،إلى أن جاء أفلوطين ) 270 – 205م( والذى يقال
إنه كان من مصر العليا ،وأسس هذه المدرسة والتى استمرت مدة من الزمن إلى أن أغلق
المبراطور جوستنيان مدرسة أفلطون سنة 529م ،حيث كان هذا مؤش دار لنتهاء
عصر الفلطونية ،والفلطونية الجديدة على وجه التحديد ،وقد كانت هذه المدرسة
وفلسفتها من أشد المتعصبين ضد المسيحية ،ونذكر منهمً:ا فورفوريوس )– 234
(305والذى كان عددوا لدوددا للمسيحية حيث هاجم الديانة فى كتابه )ضد المسيحيين(
ضا فى كتبته .وكذلك أبرقلس )410
والذى شكك فيه فى زمن كتابة النجيل ،وشكك أي د
– (485والذى هاجم المسيحية فى كتابيه )مبادئ اللهوت( و )لهوت أفلطون(،
وكان من أشهر تابعى هذه المدرسة المبراطور جوليان المرتد ،حيث إن هذه المدرسة
كانت تروج لفكرة تعدد اللهة .كذلك هيباتيا كانت من أساتذة مدرسة السكندرية
الفلطونية الجديدة ،والتى كانت تحذو حذو زملئها فورفوريوس وأبرقلس فى مهاجمة
المسيحية والحط من شأنها .على أننا هنا سوف ل نناقش اتجاهات المدرسة وفلسفتها
ويكتابها ،فهذا ليس مجاله بحثنا ،ولكن ما سوف نتوقف عنده هو كتاب التاسوعات
لفلوطين ،والذى يعتبر المصدر الرئيسى للمنهج الفلسفى لهذا الفيلسوف.
إن خلصة تعاليم أفلوطين فى كتاب )التاسوعات( هو أن يهدى الناس )أولئك
القلئل القادرين على هدايته( بحيث يرتدون إلى الشعور باتحادهم آخر المر بالمصدر
الذى صدروا وصدرت كل الشياء عنه ،أل وهو )الواحد( أو )الخير( ،الذى عندما
منحهم الوجود منحهم كذلك العودة إليه ،إوان بلوغ ذلك ليحتاج إلى النقاء الخلقى
الكامل إوالى أقصى درجات المجاهدة العقلية ،فالتحاد الصوفى )الصوفى من صوفيا
"الحكمة" ،وليس من الصوفية( عند أفلوطين يتطلب أسادسا أخلقديا شديد الصلبة،
وتمريدنا طويلد للعقل قبلما يمكنه بلوغ ذلك التحاد .ومع ذلك فإن الرجل الحكيم الذى
يكون المر ممكدنا له ،عندما يبلغ ذلك التحاد إنما يجاوز بذلك أعلى حدود الفاعلية
العقلية ،لكن أفلوطين يجنح دائدما إلى التجاوز عن هذا المبدأ ،حيث يرى أن )الواحد( أو
)الخير( هو المصدر أو المبدأ الول للوجود ،وهو فوق كل تعيين أو تحديد وبالتالى فهو
فوق كل وصف أو تعريف ،لنه أكثر ل لنه أقل من أية فكرة نكونها عنه ،وليس هو
بالبعيد عنا بل هو حاضر للكل تبدعا لمقدرتهم على تقبله ،وعن الواحد أو الخير تتدرج
الحقيقة فى سلسلة من المراحل التى تسير سي دار مطرددا نحو زيادة التكثر والتعيين
والتفريق ،إوان صدورها عن الواحد لهو صدور حر بالمعنى الذى تكون فيه تلقائية وغير
مجبرة إلى أقصى الحدود ،ثم هو صدور ضرورى بمعنى أنه ليس من المتصور أل تكون
قد حدثت ،كما أن مراحل الحقيقة كلها أزلية ،وحتى المرحلة السفلى أو الخيرة -العالم
الطبيعى ،والواحد هو الوجود وهو مصدر كل الوجود بل هو فوق الوجود ،والوجود عند
أفلوطين هو جملة الموجودات أو مجموعها ،وهو الذى ينشأ عن )الواحد( أو )العقل
المتناهى( وفى هذا يكون الفكر ومضمونه شيدئا واحددا ،وهو يتبنى الفكرة الرواقية القائلة
بدورات العالم المتتالية والتى تكرر نفسها إلى ما ل نهاية تك اردار يشمل كل التفصيلت.
الغنوسية والرثوذكسية
يخطئ من يظن أن الغنوسية هى مذهب أو عقيدة محددة الثوابت ،فالغنوسية
مجموعة من الفلسفات تم توفيقها وتلفيقها مدعا بدمج بعض أو كل الكتاب المقدس لتكون
اللة التى يمكن لها صناعة أى هرطقة قد تبتلى بها الكنيسة بين الحين والخر ،ول نبالغ
إذا قلنا إن مجمل الهرطقات التى شهدتها الكنيسة حتى يومنا هذا هى بالصل صناعة
غنوسية بداية من أريوس ونسطور مرودار بالبروتستانتية ونهاية بمجيئي اليوم السابع
)الدفنتست( ونبيتهم المزعومة ،وحتى ل ييفهم خطأ مما أتاه مؤلف ع اززيل من أن
الكنيسة تتبنى الفكر الغنوسى ،كان علينا تفنيد ذلك الدعاء .وحيث إن فلسفة
الغنوسيين يختلفون فيما بينهم ،فلقد رأينا أن نأخذ القاسم المشترك العظم لديهم جميدعا
والذى يكاد يتفقون على مضمونه ،والذى بدروه يمكننا من فهم مصطلح )الكلمة( عندهم
وبيان مدى تأثرهم بالمدرسة الفلطونية الجديدة ،وبعده كل البعد عن الرثوذكسية عقيدة
الرأى المستقيم.
فقاموا باستبدال الواحد أو الخير بـ )الله المتعالى( -لحظ أن هيبا فى بداية تدوينه كتب
باسم الله المتعالى -أو )الب( أو ) ) nousوهو الله المستتر أو المحتجب من وراء
السموات والذى خلق مجموعة من الكائنات الفوق كونية تسمى )أيونات( تلك اليونات
تخضع إلى ترتيبة إلهية تسمى الملء العلى أو الكمال ،آخر هذه الترتيبة الكائن
السامى اللوهية ) -Sophiaأو الحكمة أو الكلمة أو الـ (logosوالتى ل تعرف شيدئا
عن الله السمى المتعالى عن الوجود ،وكرغبة طائشة من صوفيا ،فقد حاولت معرفة
الله السمى ،والذى لم يقبل ذلك ولم يرتضيه فعاقبها بتنزيل درجتها اللهية ،لتصبح
مخلوق نصف إلهي جاهل مسئول عن تكوين الكون أو العالم المادي عرف باسم الباري
أو ) (demiurgeهذا "الديميورغس" كان هو الخالق لعالم يحاكي عالم الملء العلى
معد من الزل ولكن "الديميورغس" يجهل ذلك ويعلن نفسه الله الوحد فى العالم ،فال
فى الكتب اليهودية ليس هو الله السمى المتعالى ولكنه "الديميورغس".
هذا هو صلب لهوت الغنوسيين ويتضح مدى التشابه الشديد بينه وبين ما جاء
بتاسوعات أفلوطين ،وهو بالطبع لهوت يختلف عن لهوت الكنيسة الرثوذكسية،
خاصة فيما يتعلق بأقنوم البن أو الكلمة ،وذلك من عدة نواحىً:ا
-1الرثوذكسية تؤمن بأن ال مثلث القانيم هو إله واحد آب وابن وروح قدس بغير
امتزاج ول اختلط ول تغيير.
شهود يهوه
من الفكار التى حاول المؤلف أن يلصقها بالمسيحية هى أن أصل الديانة هو
اليهودية ،ويجب على النسان المسيحى حتى يكون على دراية بالديانة الصحيحة أن
يتعلم أولد اليهودية ،حيث يقول فى صفحة ً:169ا
إن المقولة الواردة هى ليحاء إلى بدعة شهود يهوه ،حيث إنهم ينادون بنفس ما
يزعم المؤلف ،من أن اليهودية هى أصل الديانة ،وهم يحدعون إنهم مسيحيون ولكنهم
ليسوا كذلك فهم يحاولون الندساس بين المسيحيين وكأنهم مسيحيون ،ولكنهم فى
الحقيقة أقرب إلى الديانة اليهودية منهم إلى المسيحية ،حيث يشتركون مع اليهود فى
أشياء كثيرة ويخالفون تعاليم الكنيسة فى أشياء أخرى ،سوف نجمل هذه وتلك فيما يلىً:ا
ينكرون الدينونة البدية للشرار ،وهذه العقيـدة سـوف تــدفع النـاس إلـى السـتخفاف
بالخطيـ ــة ،وعـ ــدم الجهـ ــاد الروحـ ــى؛ فهـ ــولء الش ـ ـرار يقـ ــول عنهـ ــم السـ ــيد المسـ ــيح
"فيمضي هؤلء إلى عذاب أبدي والبرار إلى حياة أبدية" )متً:25ا .(46
الروح النسانية تموت مع الجسد؛ بعكس ما أكده السيد المسيح "أنا إله إبراهيم إوالــه
إسحق إواله يعقوب ،ليس ال إله أموات بل إله أحياء" )متً:22ا .(32
ينكرون إلوهية السيد المسيح ،ويستخدمون آيات يفسرونها خطأ من حيث إلــوهيته؛
ولكنها قيلت من حيث تجسد المسيح إوانسانيته إواخلء ذاته.
ينكــرون أقنوميــة إوالوهيــة الــروح القــدس ،حيــث يعتــبرون الــروح القــدس مجــرد قــوة أو
طاقــة صـادرة مـن الـ؛ وذلــك علـى عكـس كـل نصــوص الكتـاب المقـدس الــتى تؤكــد
ألوهية الروح القدس حيث يقول عنه السيد المسـيح "روح الحــق الـذي مـن عنـد الب
ينبثق" )يوً:15ا .(26
يعتقــدون أن الملئكــة يــتزوجون البشــر ،علــى عكــس مــا قــاله الســيد المســيح عــن
الملئكة "ل يزوجون ول يتزوجون" )مت ً:22ا .(30
يعتــبرون أن الحكومــات مــن الشــيطان ،ويححرمــون تحيــة معلمــم الدولــة ويعتــبرون ذلــك
وثنية؛ مع أن المعملم ل يينسب له لهوت ول ربوبية.
يعتبرون تكريم اليقونات والصليب ،والقداس اللهى عبادة وثنيــة؛ والجــدير بالــذكر
هنا أن اليقونات لها فائـدة فـى التعليــم داخـل الكنيســة ،وتكريــم اليقونــات هـو تكريــم
للقديســين وطلــب لشــفاعاتهم التوســلية ،وليــس هــو عبــادة علــى الطلق ،أمــا عــن
الصــليب فنحــن ل نتعبــد لــه ولكنــه رمــز قــوة وبركــة وافتخــار ،فيقــول معلمنــا القــديس
بولس الرسول "وأما من جهتي فحاشا لي أن أفتخر إل بصـليب ربنـا يسـوع المسـيح"
)غل ً:6اـ .(14أما عن القداس اللهى ،فيقول القديس بـولس الرسـول "لنـا مذبـح ل
سلطان للذين يخدمون المسكن أن يأكلوا منه" )عب ً:13ا .(10
يححرمون نقل الدم والعضاء ،من فكرة أن أكل الدم محرم ..ولكــن هنــاك فــرق بيــن
شخص يأكل لحدما بدمه ،وشخص آخر يينقل إليه الدم لينقذ حيــاته ،مــاذا إذن قــولهم
فى دم الم الذى يسرى فـى عـروق الجنيـن لحيـن ولدتـه منهـا وقطـع الحبـل السـرى؟
ضا ،وبذلك يححرمون الزواج إوانجاب الطفال؟!!
هل يححرمون هذا أي د
يعتق ــدون اعتق ــادات خاطئ ــة بخص ــوص قيام ــة الس ــيد المس ــيح ،حي ــث يعتق ــدون أن
صــلب بــه ،ولكنــه قــام
الســيد المســيح لمــا قــام مــن المـ ـوات ،لــم يقــم بجســده الــذى ي
كمخلــوق روحــى ،ال ـ خلــق لــه رودحــا جدي ـددا وجس ـددا جدي ـددا ،أمــا الــروح القديمــة فقــد
مــاتت مــع الجســد ،ويعتقــدون أن الجســد الــذى صــلب بــه قــد تحــول إلــى غــازات ،أو
يكـون الـ قـد أخفـاه فـى مكــان مـا كتــذكار لعمـل الفـداء ،ويـبررون كلمهـم بـأن هيئــة
السـيد المسـيح قـد تغيـرت بعـد القيامـة .ولكـن كلم النجيـل يثبـت عكـس هـذا ،وهـذه
هى الدلةً:ا
فى ظهور السيد المسيح لتلميذه بعد القيامة "أراهم يــديه وجنبــه" )يــو ً:20ا
(20ليبصروا آثار المسامير والحربة.
قال لهم "انظروا يدي ورجلي إني أنا هو جسوني وانظروا ،فإن الــروح ليــس
له لحم وعظام كما ترون لي" )لو ً:24ا .(39
فى حديثه لتوماً:ا "هات إصبعك إلى هنا وأبصر يدي ،وهات يدك وضعها
في جنبي ول تكن غير مؤملن بل مؤمدنا" )يو ً:20ا .(27
تحديــد موعــد مجيــئ الــرب ثاني ـدة ،لقــد حــددوا ســنة 1914م موع ـددا لمجيــئ الــرب،
وأتت السنة ولم يأنت المسيح.
-الفصل الثانى بند رقم )" (16أما الذين لم يقبلوا النجيل بعد ،فإنهم يمتون بصلة
لشعب ا فى نواحى شتى ..الذين يلتمسون الله المجهول من خلل الظلل
والصور -يقصد الصنام واللهة الوثنية -فال عينه ليس ببعيد عنهم لنه
سا وكل شئ ،وبوصفه المخلص يريد أن جميع الناس يعطى الجميع حياة ونف س
يخلصون".
-وفــى البنــد رقــم ) (2والــذى تعــرض للديــان الهندوســية والبوذيــة مــع مديــح غريــب لهــذه
العبادات ،فينص البند علىً:ا "يوجد عند مختلف الشعوب ،منذ القدم وحتى فى
عصرنا الحاضر ،إدراك ما لقوة خفية ماثلة فى مجرى الشياء وفى أحداث
الحياة البشرية".
ونحن نقول ،إن تعاليم المجمع الفاتيكانى بهذا الخصوص تعتـبر أكـبر ضـربة تـوجه
إلــى اليمــان المســيحى إوالــى الهتمــام بــالك ارزة بمــوت المســيح وقيــامته والتعــب مــن أجــل
التبش ــير بإنجي ــل المس ــيح ،فع ــن مص ــير ال ــذين ل يطيع ــون النجي ــل يق ــول معلمن ــا ب ــولس
الرسـ ــولً:ا "إذ هـ ــو عـ ــادل عنـ ــد ال ـ ـ أن الـ ــذين يضـ ــايقونكم يجـ ــازيهم ضـ ــيدقا إوايـ ــاكم الـ ــذين
تتضايقون راحة معنا عند استعلن الرب يسوع من السماء مع ملئكة قوته فــي نــار لهيــب
معطديــا نقمــة للــذين ل يعرفــون الــ ،والــذين ل يطيعــون إنجيــل ربنــا يســوع المســيح .الــذين
ســيعاقبون بهلك أبــدي مــن وجــه الــرب ومــن مجــد قــوته .مــتى جــاء ليتمجــد فــي قديســيه
ويتعجب منه في جميع المؤمنين" )2تسً:1ا .(10 -6
إذن ل مج ــال للق ــول ب ــأن ه ــؤلء ال ــوثنيين ل ــم تص ــلهم الكـ ـ ارزة باليم ــان كم ــا يحت ــج
الكاثوليك ،فعبادة الوثان هى خطية فى حــد ذاتهـا حــتى قبـل الكـ ارزة بالنجيــل ،لن بــولس
الرسول قال "أنهم بل عذر" )روً:1ا .(20
الغنياء ودخول الملكوت
يســخر المؤلــف مــن قــول الــرب "مــرور جمــل مــن ثقــب إبـرة أيســر مــن أن يــدخل غنــي
إلى ملكوت ال" )مرً:10ا (25حيث يتعجب هيبا فى صفحة 166فيقولً:ا
فه ــل يعن ــى ق ــول المؤل ــف أن المس ــيحية تقض ــى بهلك الغني ــاء ،وع ــدم دخ ــولهم ملك ــوت
السموات؟! وسوف نحيل المؤلـف هنـا إلــى قداســة البابـا المعلــم البابـا شــنودة الثـالث ،حيـث
يقول قداستهً:ا
]ليس كل الغنياء ،فهناك أغنياء أبرار وقديسون .لقد قال الرب هذه العبققارة تعليسقققا
على تصرف الشاب الغنى ،الذى عاقه المال عن أن يتبع الرب ،ومضى حزيسنا لنه
ل،كان ذا أموال كثيرة .والرب لم يقل إن دخول الغنياء إلى الملكوت أمسرا مسققتحي س
وإنما أمسرا عسيسرا ،ولم يذكر الرب كل الغنياء إنما قال "ما أعسر دخول المتكليققن
على الموال إلى ملكوت ا" )مر .(24 :10إسذا هنا عيب معين ،وهو التكال على
المال ،وليس على ا .ويتطور المققر مققن التكققال علققى المققال ،إلققى محبققة المققال
سا ل .وهكذا قال الرب "ل يقدر أحد أن يخدم سققيدين... وعبادته ،بحيث يصير مناف س
سققا لقق ل تقدرون أن تخدموا ا والمال" )مت :6قق ،(24فالذين يجعلون المال مناف س
فى قلوبهم ،يصعب دخولهم ملكوت السموات[.
)سنوات مع أسئلة الناس ،2003 ،النبا رويس ،ص .(74
]كان من آثار الغيرة المضطرمة فى فؤاد النبا ثيئوفيلس أن اتسع نطاق المسيحية فى
طا من الرجال من
القطار المصرية .وقد هيأت العناية اللهية لهذا البابا العظيم ره د
أبرزهم إيسيذوروس الذى تنسك فى وادى النطرون مدى سنوات عديدة ثم غادر البرية
ليشرف على إدارة المستشفى التابع لكنيسة السكندرية.
إوالى جانب إيسيذوروس كان يوجد أربعة من الرهبان معروفون فى التاريخ باسم
"الخوة الطوال" نظ دار لطول قامتهم ..وكان النبا ثيئوفيلس يقدر هؤلء الخوة حق قدرهم
فرفع أحدهم إلى كرامة السقفية على كرسى هرموبوليس )المنيا( .وقد أراد البابا
السكندرى أن يسند رتبة السقفية إلى أحد الخوة الثلثة الباقين فاعتذر محتدجا بعدم
أهليته لهذه الكرامة السامية .وكان هؤلء الخوة يستظهرون الكتب المقدسة ويداومون
على مطالعة ما ألفه الكتاب المسيحيون كأوريجانوس وديديموس وبيريوس.
وكان هؤلء الرهبان الخمسة ومعهم جميع رهبان وادى النطرون معجبين
العجاب كله بأوريجانوس .وقد بلغ إعجابهم به حددا جعلهم يفسرون تعاليمه الرمزية
تفسي دار حرفديا )هذا أثار قلق البابا ثيئوفيلس على اليمان لعلمه بأخطاء أوريجانوس
العقائدية واللهوتية( .فانتهز فرصة الرسالة الفصحية وهاجمهم فيها ناسدبا إليهم التهمة
الوريجانية التى عدها بدعة فى المسيحية .فعز عليهم أن يعد البابا السكندرى كلمة
"أوريجانية" بدعة بدلد من أن يعدها رمز فخار للمسيحية ،واحتجوا عليه احتجادجا شديددا.
فلما أعرض عن الصغاء إليهم قصدوا إلى القسطنطينية لرفع شكواهم ضد باباهم إلى
يوحنا ذهبى الفم أسقف القسطنطينية.
سا
)لو كان هؤلء الخمسة رهباينا حقيقيين لخضعوا لبابا السكندرية ،ولو كانوا أنا ي
روحيين سليمي اليمان لدركوا من ذواتهم أخطاء أوريجانوس ،ولما اقتنعوا به ودافعوا
عنه إلى حد تحدي باباهم بل إواثارة الثورة ضده وبلبلة الكنيسة واليمان(.
ثم لما وصل إيسيذوروس والخوة الطوال إلى القسطنطينية ورفعوا شكواهم إلى
أسقفها ذهبى الفم أكرم مثواهم وكتب إلى النبا ثيئوفيلس خطادبا دافع فيه عنهم وعن
أوريجانوس .فبعث البابا السكندرى إلى ذهبى الفم برسالة اتهمه فيها بعمله على تحريض
رهبان مصر على التمرد عليه[ وهذا حق وعدل.
]وفى تلك الفترة مات المبراطور ثيؤدوسيوس الكبير وخلفه ابنه أركاديوس على
عرش القسطنطينية .فعرض ذهبى الفم موضوع الخلف بينه وبين النبا ثيئوفيلس على
المبراطور الجديد ،فأمر بعقد مجمع فى القسطنطينية للنظر فى هذا الخلف ،وبعث
برسالة إلى البابا السكندرى يستدعيه فيها للحضور إلى القسطنطينية ليؤدى حسادبا عما
كتبه فى رسالته إلى أسقف هذه العاصمة .فلبى هذا البابا الدعوة المبراطورية ورحل إلى
القسطنطينية .غير أنه فى أثناء تلك الفترة هاجم ذهبى الفم المبراطورة أودوكسيا
لغطرستها واستهتارها فشبهها بإيزابل ملكة إسرائيل .فاستثارت كلماته غضب المبراطورة
وعولت على النتقام منه .ولما وصل البابا ثيئوفيلس إلى القسطنطينية كانت كل هذه
الحوادث قد أحالته من متهم إلى قا ض
ض – وبدلد من أن يطالبه المبراطور أركاديوس
بتأدية الحساب عما قاله طلب إليه أن يرأس مجمدعا للنظر فى التهم الموجهة إلى ذهبى
الفم .وانعقد المجمع )عام (403فى بلدة اسمها البلوطة تقع خارج القسطنطينية وكان
بين الساقفة الذين حضروا هذا المجمع أبيفانيوس أسقف سلميس بقبرص.
ويقول المؤرخ هيفلى إن السقف بولس الهرقلى هو الذى رأس هذا المجمع وليس البابا
ثيئوفيلس ،وأنه طلب من كل عضو أن يبدى رأيه؛ ومن السقف جيمناسيوس
Gymnasiusالذى صحوت أولد وحتى ثيئوفيلس الذى كان الخير ،قرروا بالجماع
عزل –وليس حرم -ذهبى الفم.
)(.Hefele C.J. A History of the councils of the church, vol. II, p. 437
على أن الشعب القسطنطينى ما كاد أن يسمع نبأ هذا الحكم حتى ثارت ثائرته
وأعلن غضبه جهادرا .فصدر المر المبراطورى بإعادة ذهبى الفم[.
هذه الوقائع التاريخية تثبت أن ذهبى الفم هو الذى شكا ثيئوفيلس بغير وجه حق
صا ليحكم عليه ،لكن الظروف السياسية هى التى غيرت الموقف .ورغم أن
وذهب خصي د
البابا ثيئوفيلس كان ذاهدبا كمهتم أمام ذهبى الفم الذى شكاه ،إل أنه كان آخر المصوتين
فى الحكم عليه.
]وبعد عدة أشهر عاود ذهبى الفم مهاجمة المبراطورة أودوكسيا لمسلكها الغشوم.
فغضبت عليه ثانية ورأت أن تعقد مجمدعا من جديد لمحاكمته .ولكنها فى هذه المرة
أخفقت فى إقناعا النبا ثيئوفيلس بالحضور ليجدد حكمه على ذهبى الفم .إل أنها
صممت على عقد المجمع لنها أصرت فى هذه المرة على نفى أسقف القسطنطينية .فلم
تتراجع بإزأاء رفض النبا ثيئوفيلس وبادرت إلى جمع أساقفة الكرسى القسطنطيني.
فاجتمعوا وأصدروا الحكم بنفى ذهبى الفم – وقد تم تنفيذ الحكم فيه هذه المرة لن غضب
المبراطورة كان قد بلغ منتهاه.
وقد انتهت حياة البابا ثيئوفيلس فى سكينة وهدوء .ثم انطفأت تدريجديا انطفاء
الشموع الموقدة التى تظل مضيئة إلى أن تذوب وتتلشى .وبينما كان يعالج سكرات
الموت ردد هذه العبارة "ما أسعدك يا أرسانيوس فقد وضعت هذه الساعة نصب عينيك
دوادما".
وقــد أبــدى هــذا البابــا الســكندرى الجليــل أســفه فــى هــذه الســاعة الرهيبــة لمــا أصــاب
ذهبى الفم من م اررة النفى .وقد احترمت الكنيسة هذا التقليد فنظمت فى صفوف القديسين
كلد مــن الحــبرين ثيئــوفيلس الســكندرى وذهــبى الفــم القســطنطينى .وفــى هــذا المعنــى قــال
الســقف أفــتيميوس صــيفىً:ا "إن النبــا ثيئــوفيلس مــات قديدســا والكنيســة الجامعــة تعــده بيــن
معلميها[.
وذكــر القمــص أنجيلــوس المحرقــى أميــن مكتبــة البطريركيــة فــى مقــال ترجــم عــن
القبطيــة )ً:(1995ا إن البابا ثيئوفيلس وهو على فييراش مرضييه أوصييى القييديس كيرلييس
الكبير -الذى كان سيخلفه -بقبييول ذهييبى الفييم فييى الشييركة ،وكنيسيية السييكندرية منييذ
ذلك الحين إوالى يومنا هذا تذكر اسم القيديس يوحنيا ذهيبى الفيم فيى تحلييل الخيدام وفيى
مجمع القديسين بالقداس اللهى ،بل وتعيد له الكنيسة القبطية فى اليوم السابع عشيير
من شهر هاتور وسيرة حياته مذكورة فى كتاب السنكسار للكنيسة القبطيية )سيير حي اة
قديسى الكنيسة(.
صناعة القداسة
يتندر المؤلف على لسان بطل روايته هيبا ،في لحظة انهيار فيقول في صفحة
128ما يليً:ا
من الواضح هنا أن المؤلف يعلم تمادما ماهية القديسين في العقيدة ،لذلك فهو
يحاول تقزيم وتسفيه المعتقد حتى يخلص إلى معنى هزلي يصوره على أنه هو الحقيقة
المخبأة التي ل يعلمها المسيحيون .فهو هنا يرى أن هناك صناعة للقداسة داخل العقيدة،
صا في تكتم وسرية ،وعزلهم
حيث أن الكنيسة تعد البعض من رهبانها وآبائها إعداددا خا د
عن المجتمع حتى إذا ما آن الوان ،دفعت الكنيسة بهؤلء إلى شعبها مقدمة إياهم على
أنهم قديسين وأصحاب بركات.
إن ما ذهب إليه المؤلف لهو فرط خيال منحرف عن الواقع ،فموضوع القداسة
طا
والقديسين تدقق فيه الكنيسة أشد التدقيق ،ول تعترف بقداسة أي من قديسيها اعتبا د
ولكنها تدقق في المر وتمحص ،من شهود عيان للقديس محل الفحص ،ودراسة سيرته
الذاتية ،وأعماله ،إوايمانه ..الخ ،حتى إذا ما ثبت أن هذا القديس قد أعطى مواهب
فوقانية ربانية غير عادية ،تركت كل هذا تحت الفحص والختبار ول تعترف بقداسة
قديسيها قبل مرور خمسين عادما على رحيلهم ،ثم أن الشعب المسيحي ليس بالشعب
الجاهل ول المنقاد ،ولكنه الشعب الواعي والمدرك ،ول يصدق هذا الشعب أية حقائق إل
بعد اختبارها ،فلو كان في المر صناعة تحترفها الكنيسة في صناعة القديسين لعترض
الشعب على ذلك وكان أول المعترضين.
التشكيك في المعجزات
يخلط المؤلف بين القديسين الذين لم تمر أجسادهم فساددا ،وبين الموات التي تم
تحنيطها وتحتفظ بمظهرها الخارجي ،فيقول في صفحة ً:191ا
ونحن هنا لسنا بحاجة إلى الرد على المؤلف فيما أتاه في هذا الصدد ،فعدم فساد
أجساد القديسين ليس مقولة كما أدعى ،ولكنها حقيقة واقعة وملموسة في الكثير من
الديرة والكنائس ،فليست هي بالحقيقة التي تحتاج إلى التدليل على صحتها .أما الخلط
بين عدم فساد أجساد القديسين وبين تحنيط المومياوات ،فإن هذا يعد خلط للمور،
فالدود ل يفرق بين هذا وذاك ،ولكن الدود يمنعه ال عن أجساد القديسين تكريدما لهم،
دون أي تدخل بشرى في تحصين الجسد ضد الفساد ،فالتحصين هنا إلهي ،بعكس
المومياوات ،فإن الدود ل يقترب منها بفعل المواد الكثيرة التي توضع على الميت ،وكذلك
طريقة اللف والحفظ للجسد التي كانت غاية في التعقيد ،فالتحصين هنا بشرى ويحافظ
فقط على شكل الجسد من الخارج بعد تفريغ أحشائه ،أما ال فيحفظ أجساد قديسيه كاملة
ودون أي تدخل بشرى ودون الحاجة إلى طرق معقدة في حفظ الجسد.
للسف فإن هذا المفهوم ليس مفهوم المؤلف فقط ،في أن جميع الكنائس يجب أن
تبنى أو تقام على إيمان القديس بطرس الرسول ،والقديس بطرس له من الكرام في قلب
الكنيسة القبطية الرثوذكسية مكانة تعلو وتسمو وترتفع كأحد الثنى عشر الذين اختارهم
رب المجد يسوع المسيح تبارك وتمجد اسمه ،إل أن الصل والساس الذي تقوم عليه
العقيدة هو اليمان بالمسيح ،والمقولة التي ذكرها الكاتب لم يكن سياقها كما أورد،
ونوضح هنا حقيقة الموقف بين القديس بطرس والسيد المسيح ،فالكلمة الرامية "كيفا" أو
"صفا" تعنى حجر ،كما أن الكلمة الرامية "شوعو" تعنى صخرة ،فكان حديث السيد
المسيح للقديس بطرس الرسول هكذاً:ا
كان السيد المسيح يقول بالرامية للقديس بطرس أنت "كيفا" أي الحجر ،وعلى )شوعو(
أي هذه الصخرة وهو يعنى بذلك نفسه أبنى كنيستي ،أي على صخرة اليمان بالمسيح
صذخمرلة يرونحويلة متابنمعتننهذم
تبنى الكنيسة ،وطبدعا فإن السيد المسيح هو الصخرة واليمان " ...م
صذخمرةي مكامننت اذلممنسيمح" )1كوً: 10ا ،(4ونصحح هنا للمؤلف ،فإن كل كنيسة بنيت أو موال و
سوف تبنى فهي لبد وأن تقوم على اليمان بالمسيح لنه هو الصخرة والساس وليس
على رسولية القديس بطرس الرسول الذي نقدسه ونحبه ونكرمه.
لماذا عزازيل
ها وقد فرغنا من فك شفرة المؤلف وأعدنا قراءتها في ضوء ما توصلنا إلى حله من
تلك الرموز قدر ما استطعنا ،والسؤال الذي يقفز أمامنا الن ،لماذا ع اززيل؟ ولماذا هذه
تحمل تساؤلت عديدة على مستويات كثيرة ،فهدف المؤلف إوان كان واضدحا بعض الشئ
طا ،أو صراحة ،فما
إل أنه علينا أل نتوقف عما أفصح عنه المؤلف سواء رمدزا ،أو إسقا د
بين السطور يحمل لنا في طياته الكثير والكثير مما خفي وأظن أنه كان أعظم ،ولسنا هنا
متحاملين على المؤلف ول نبغى نفيه أو مصادرته ولكننا حدقا نريد أن نقف على كل
مآربه التي أوضحناها والتي سوف نوضحها ،كما إننا سوف لن نلقى عليه تهدما بعينها
نتهمه بها ،فليس هذا مقصدنا ،كما إننا نترفع عن ذلك ونربو عنه ،فالقضية أعمق
وأخطر من هذا بكثير ،ول نبالغ إذا قلنا إنها في بعض جوانبها تحمل خط دار على المن
القومي ،ونحن هنا ل نملك إل أن ندق أجراس الخطر وننبه ونحذر ،قبل أن يقع ما ل
يحمد عقباه ،وحتى ل نطيل سوف نحاول أن نحصر كل البعاد التي رأينا أنها تتمحور
صا
حول الرواية ،أو لنكون أكثر وضودحا كل البعاد التي تتمحور حول الكاتب شخ د
وفكدرا ،وكما ادعى ،إبدادعا.
معنى البداعا
ل يوجد في الواقع ما يمكن أن نسميه أو نطلق عليه البداع في الفراغ ،فالبداع ل
يكون إبدادعا إل إذا كان له متلقين يشهدون له إنه إبداع ،فكل مبدع أو مفكر إذن قبل
البدء في مشروعه الثقافي يفكر جيددا في الشريحة المجتمعية التي سوف يخاطبها من
خلل إبداعه هذا ،وعلى هذا فهو كمثقف يجب أن يكون داردسا وواعديا ومحللد لطبيعة
المتلقي ،والذوق العام وثوابت ومتغيرات هذا المجتمع ،حتى إذا ما أبدع لقى إبداعه هذا
استحسادنا ،ونحن هنا ل نحاول أن نكون منغلقين على أنفسنا بالدعاء بأن كل إبداع
يجب أن يكون متوافدقا شكلديا مع المجتمع ،ولكن يجب أن يتم تقبل مضمونه ،فالبداع
يمكن أن يكون صاددما مكاشدفا بغية التوغل إلى منابع مشكلة ما أو قضية ما وكشف
عورها بغية التوصل إلى حلها ،وفي هذا يكون المبدع متوافدقا مع المجتمع ،والذي هو
عموم الناس وليس قادة الرأي فيه الذين قد يضلون ويهلكون شعودبا بأكملها لن هؤلء
غالدبا ما يسعون إلى تحقيق مصالحهم وليس حل مشكلت المجتمع ،وحال أن يكون
المبدع صاددما لقادة الرأي فإن هذا ل يعنى بالضرورة الصدام مع المجتمع ،ولكنه يعنى
الصدام مع مصالح القوياء في المجتمع ،وهنا ل ضير بل لعله يكون خي ادر هذا النوع من
-وان كان هذا غير مطلوب من المبدع
الصدام ،الذي يمكن أن يفرز ما يمكن أن يفيد إ
ولكن يمكن أن يحدث -أو يحرك ساكدنا ،أو على القل يخلق مع غيره اتجاه في الفكر،
يمكن أن يتواصل معه هذا ويقف ضده ذاك في إطار حراك ثقافي وفكري ،بل لعله في
غالب المر يكون سياسي .ولكن أن يدرك المبدع ماهية المتلقي الذي يخاطبه ،ثم
يسعى إلى الصدام البحت مع هذا المتلقي سواء كان جموع الناس أو قادة الرأي فيهم
ويكون ذلك لمجرد الصدام ،فإن المر هنا ينطوي على مؤامرة فكرية يبغى من ورائها
المبدع تحقيق مصلحة شخصية بعيددا عن أي احترام أو اعتبار لثوابت المجتمع ،ومما ل
شك فيه فإن مصر من المجتمعات المتدينة بطبيعتها ،تلك المجتمعات التي غالدبا ما
تكون مجتمعات أخلقية محافظة لحد كبير ،وهذا هو الطابع الظاهر للمجتمع الذي
بالقطع ل يعنى أنه يعكس باطن المجتمع ،ولكنه مجتمع التناقضات ،الذي يفعل الشئ
في العلن وضده في الخفاء ،ومثل هذه المجتمعات تكون من أخطر المجتمعات ثقافديا،
فهي تقبل ما ترفضه وترفض ما تقبله ،ولكن السمة الغالبة تكون التمسك المتشدد
بمنظومة القيم والخلقيات ،وما يزيد المر سودءا هو أن يكون هذا المجتمع يموج بالمية
الكتابية والثقافية ويكون مفكريه من أنصاف المثقفين والمدعين ،وهنا تسود ثقافة
التابوهات والتي يمنع القتراب منها أو مناقشتها ،إل أن هذه التابوهات غالدبا ما تكون
عنصر جذب للمبدع ،لن البداع ينطوي على خيال والتابوهات هي قمة الخيال ،فتكون
العلقة بين المبدع والتابو الديني مثل علقة الفراشة من النار ،فالنار دائدما وأبددا تجذب
إليها الفراشات ،والفراشات تسعى دائدما إلى النار ،ولكن إن اقتربت الفراشة من النار أزيد
من حد معين ،أحرقتها تلك النار؛ أما ع اززيل فلم تقترب من النار بل أرادت أن تشكل
النار وتلعب بها فكانت قاب قوسين أو أدنى من أن تحترق وتحرق الجميع بما طيرته من
نيران ،لول حكمة الحكماء .وهنا يجب أن أتوقف توقف اعتراضى عند موقف الكنيسة،
فما أن صدرت ع اززيل وما تحويه من حقائق ملفقة وتزوير للتاريخ والتي أوغلت صدور
كل من قرأها من المسيحيين ،حتى طالب جموع القباط بنفيها ومصادرتها أسوة بغيرها
من روايات تجرأت على مقدسات دينية أخرى ،متوعدين بالويل والثبور وعظائم المور
لمؤلفها ،ولكن آباء الكنيسة وعلى رأسهم قداسة البابا شنودة الثالث رفضوا هذا الموقف
وقال قداسة البابا يجب أن يواجه الفكر بالفكر ،وترك الحرية للجميع في إبداء الراء بكل
الوسائل الممكنة دون قيد أو شرط في حدود اللياقة وما تقتضيه أساليب الحوار والجدل
الراقي ،فهل رد فعل جموع المسيحيين كان مستغردبا على المؤلف أو غير وارد عنده؟
كيف قحيم المسيحيين إذن؟ هل هم أصلف أصحاب الجلد السميك الذين سوف يهللون
للمؤلف ويقدمون له آيات الشكر والعرفان على ما قام به من سب لديانتهم وتسفيه للههم
وتحقير لكل مقدساتهم؟!! لقد بيحنا وبالدلة والبراهين التي ل تقبل الشك مدى ما قام به
طا لعقائدها ،وفي النهاية ليس لديه أي
المؤلف من تزوير لتاريخ الكنيسة مقددما فهدما مغلو د
طرح يطرحه أو حاول أن يدلى بدلوه في إشكالية ما ،فهو صدام لمجرد الصدام وتزوير
لمجرد التزوير .وعلمات الستفهام التي تقفز من الرواية ل حصر لها وجميعها مقترنة
بعلمات تعجب فعلى سبيل المثالً:ا لماذا يناقش المؤلف قضية تجسد وصلب المسيح،
وهل هو إله أم غير ذلك؟ فأياد كانت الجوبة التي سوف يحاول الحصول عليها لن تمثل
أية أهمية بالنسبة له ،فالمسيحية بالنسبة له مثل اللحوم في عالم النباتيين ،غير ذات
صلب أم لم يصلب ،كان إلدها أم كان
معنى أو أهمية ،فسواء تجسد المسيح أو لم يتجسد ،ي
إنسادنا ،كل هذا يستوي عند المؤلف لنها ليست قناعاته أو صراعاته الدينية التي يبحث
لها عن حلول ،فهو له قناعاته الدينية التي تخرج عن دائرة المسيحية ،فهو المسلم
المتصوف أو المهتم جددا بالتصوف بشكل أكاديمي )وأظنها صراعاته التي حاول أن
يلقى بها على المسيحية( ،فالمسيحية إذن خارج نطاق الهتمام بالنسبة له ،كما إنه ل
يتبنى مذهدبا مسيحديا معيدنا ،أو ينتمي إلى طائفة مسيحية ،يحاول إن يروج لفكارهم ،كما
إنه لم يتعاطف مع أي من الشخصيات المتصارعة في روايته بل أدانهم جمعديا ،فهو
حتى لم يتعاطف مع أي من شخصياته ،وهو ما يعنى إنها عقيدة هزلية لم يتفق عليها
أتباعها ،ول يجوز التعاطف مع أي منهم أو تبنى مواقفه ،فالجميع إما ماتوا أو هربوا أو
ذهبوا إلى حيث ل رجعة ،والمنتصر الوحيد هو ع اززيل.
قد تكون التيمة حدقا ليست من اهتمامات المؤلف ولكنها قد تتماس مع صراعاته
وأفكاره ،ويزداد هذا الحتمال إذا ما عرفنا ولع المؤلف بالصوفية ،والصوفية عمودما ل
تتماس فقط مع الرهبنة ،بل لعلها تتقاطع معها في الكثير ،فهل هيبا هذا هو النموذج
الصوفي الذي أراده المؤلف؟ أو قد يكون ذلك الهيبا هو المؤلف ذاته؟!
إن هيبا هو النموذج الذي يريده المؤلف بل يبحث عنه فهو النموذج الذي يجمع بين
الصوفية والعلمانية ،النموذج الذي يفعل كل شئ وأي شئ ليحقق لذاته ومتعته
الشخصية ،وكانت المعضلة أمام المؤلف هي التناقض والتضاد ،فكيف يمارس النموذج
الصوفية وفي نفس الوقت يمارس المجون ،هذه كانت إشكالية المؤلف الساسية ،والتي
حسمها في آخر الرواية بتدخل ع اززيل ،والذي أبدى استعداده لتحمل كل تبعات ما هو
ل.
سئ وردئ من أفعال هيبا ،ليحقق هيبا التوازن النفسي ،سواء كان ع اززيل واقدعا أم خيا د
إن الترويج لمثل هذا النموذج لهو أمر في منتهى الخطورة لن هذا النموذج قد استباح
واستحل كل المحرمات بدون استثناء وهو في هذا ل يلوم نفسه ول يحسب نفسه واقدعا في
دائرة الحرام أو الممنوع سواء كان هذا دينديا أو عرفديا ،فلقد تخطى هيبا النموذج كل
الخطوط الحياتية الحمراء ،وقام بتكسير كل المحددات ،مستمتدعا بالشئ ونقيضه،
بالحلل والحرام.
كان من الممكن للمؤلف )رغم اختلفنا معه( أن يخلق نموذجه الذي يرمى إليه دون
التعرض لدين بذاته أو عقيدة بعينها ،ولكن كل الرغبات المحرمة اجتمعت واختمرت وتم
تفعيلها في وجدان المؤلف ،من نموذج فوضوي ،وتاريخ مزور ،وعقيدة أهلها طيبون ل
يبيحون دماء من يحتقر دينهم ،وسوف يصب كل هذا في مغازلة تيار صهيوني يريد
المؤلف مزاوجته ،فكانت ع اززيل.
البعد السياسي
قد يتساءل سائل ،ما هو البعد السياسي في رواية تناقش الرهبنة وتاريخ الصراعات
المسيحية ،وهل يمكن لكاتب أن يزج بالسياسة في رواية مثل هذه؟ والجابة طبدعا
باليجاب ،فالديب العالمي نجيب محفوظ ،كان البعض ينظر إلى رواياته على إنها نوع
من الهزل بل إن هناك من ذهب إلى اتهام محفوظ ،أنه رائد أدب )الهلس( ،وهو الفهم
الخاطئ لفكر الديب العالمي والذي أدى بأصحابه إلى الشروع في محاولة اغتيال
محفوظ ،في حين أن كل روايات الديب العالمي كانت تحتوى على بعد سياسي واضح
ل يخلو من الرموز والدللت ،وهذا ما حاول المؤلف أن يفتعله هنا ،فخرجت لنا أكذوبته
الع اززيلية ،فكما بيحنا سالدفا فإن المؤلف أخذ على عاتقه ضمن ما أخذ مغازلة بعض
التيارات السياسية العالمية ،والتي لها مد كبير في العالم تديره من خلل لوبي نشط
ومنتشر ،أل وهى الصهيونية.
المسيح المخلص
يقدم زيدان نفسه إلى المجتمع الدولي على إنه الديب الوجودي ،والذي يقف على
الحياد من كل الديان ،بل على الحياد من ال نفسه ،هذا الحياد الذي ما لبث المؤلف
وانقلب عليه ،ليقدم لنا منظومة عدائية لكل ما هو ديني ،بل نستطيع أن نذهب أبعد من
ذلك لنقول ،إنه قد أخذ موقف العداء من كل ما هو أخلقي ،فيكفي أنه يرى أن الرجال
والنساء يجب أن يتعايشوا بدون قيود ،فكل رجل له كل النساء ،وكل امرأة من حقها كل
الرجال ،ويبقى الشرط الوحيد الذي يراه ضرورديا لقامة العلقة هو الرضاء والقبول من
الطرفين ،ول مانع إذن لديه من أن تكون المرأة لعشرات الرجال في وقت واحد ،وكذلك
الحال مع الرجل ،ليجد نفسه في النهاية أمام مشكلة نسب الطفال ثمار هذا العبث
الخلقي ،فيرى الحل في أن يكون نسب الطفال للمجتمع كله) .ع اززيل صفحة
،(125، 124وتخيلوا معنا أن يكون الطفل له كل الرجال آباء ،والب يكون له كل
أطفال المجتمع أبناء ،إن المؤلف يحاول هنا أن يركب صهوة جواد المنادين بحقوق
المرأة ،وطبدعا مما ل شك فيه إننا لسنا ضد تلك الحقوق ،وقد بيحنا أن المسيحية تساوي
بين الرجل والمرأة في كل الحقوق ،ولكن هناك من ل يرون حقودقا للمرأة إل حرية الجنس،
وكأن هذه المرأة أصبحت اللة الجنسية الصاخبة التي أزعجت العالم كله ،فيحاول
المدعين إيجاد حل يهدئ من صخب هذه اللة ،أي امتهان هذا للنسانية عمودما وليس
صا للمرأة من شهواتها؟ أم أن ما تخيله هو ما تربو
المرأة فقط؟! هل يقدم زيدان نفسه مخل د
إليه نفسه؟ لن نقول إن كل الديان ترفض ما أتى به زيدان لنه يرفض كل الديان،
ونؤكد؛ كل الديان لنه يرفض وجود ال أردسا ،فل توجد أي مجتمعات سواء كانت راقية
أو غير راقية ،متحضرة أم نامية يمكن أن تتبنى هذا الفكر الفوضوي المدمر الذي ينادي
به المؤلف ،فأشد المجتمعات تحردار ل يوجد بها هذا النظام الهمجي.
إن الشيوعية الجنسية فكرة انقرضت مع بدايتها ،ولم تستمر ،فالشيوعية كلها
تهاوت وآلت إلى عدم .فها هو إذن يغازل دعاة الحقوقية النسائية ،تلك الجماعات التي
ل تنشط إل في مجتمعات العالم الثالث ،فالعالم المتحضر قد اكتشف زيف مثل تلك
الحركات ،وصرف النظر عنها ،وتستخدمها الن الصهيونية في خدمة أغراضها الدنيئة.
إن الصهيونية لن تكف أبددا عن التطلع إلى مناطق بعينها وعلى رأسها مصر،
وحربنا معها لم تنتنه ولكنها غيرت من أساليب الحروب ،إن الصهيونية تدرك أن تماسك
مجتمعاتنا سببه الول والمباشر منظومة القيم والخلقيات ،فإذا تهاوت هذه المنظومة
هوى المجتمع كله إلى أسفل السافلين ،وبين وقت وآخر ترسل إلينا هذه الصهيونية
زبائنها يحملون في جعبتهم الجديد والمدمر دائدما الذي تم تغليفه بأوراق الرقى والتحضر،
فل مانع من الحرية الجنسية ول مانع للبحث عن منابع وهمية لرهاب صنع في
الصهيونية ،وهما العاملن اللذان تنشط بهما إسرائيل بين الحين والخر ،وها هو مؤلفنا
الهمام يتبنى كل ما يريد آلهته اليهود من أفكار ،فالرجل لم يبخل عليهم في شئ ،فإن
كانوا يريدون حرية جنسية ،فها هو يقدم لهم الباحية الجنسية الكثر وطأة وتدميدرا ،إوان
كانوا يبحثون عن منابع الرهاب فها هو الرجل مشكودار قد قام بتزوير التاريخ في رقوقه
ليقدم لهم منابدعا بديلة لرهابهم الزاعمين البحث عنه ،إواذا كانوا يريدون التذرع بذريعة
يتواجدون من خللها في مصر فإنه يهديهم رقوقه التي تثبت أنهم من أصحاب الرض
الصليين ،إوان كانوا يريدون انتقادما من عدوهم التقليدي في المنطقة )مصر( فها هي
هولوكست ومحرقة جديدة يقدمها لهم على طبق من فضة.
قد يقول البعض إننا نبنى قصودار على رمال فالرقوق ليست حقيقية ،وعدم وجودها
يهدم كل ما ذهبنا إليه ،فهذا ما هو إل خيال مؤلف ل يجوز الحتجاج به في أية قضية،
ونرد ونقولً:ا ماذا لو تمسكت إسرائيل بما جاء في الرقوق وطالبت بحقها في الرض،
وطالبت بتعويضات عن المذابح التي ارتكبها المصريون في حقهم في عهد كيرلس
الكبير ،وادعت إسرائيل أن هذه الرقوق فعلد حقيقية ،خاصة أن مكتشفها يعمل بمجال
ضا أن هذه
المخطوطات التاريخية وهو ما يعطى هذه الرقوق مصداقية ،وادعت أي د
الرقوق تم إتلفها إواخفائها بمعرفة السلطة في مصر ،واتخذت الرواية سنددا تاريخديا لها،
خاصة أن المؤلف لم ينشر من قريب أو من بعيد لوهمية الرقوق ،وما هو الحال إذا ما
خرج علينا أحد الصهاينة مدعديا أنه قد اكتشف رقودقا أخرى دحونها الراهب هيبا وهو في
أورشليم تحوى ضمن ما تحوى أن مصر كلها كانت يهودية في تلك الفترة وأن المذابح
التي تمت لليهود فيها أشمل وأوسع مما جاء به زيدان؟ ولكن لماذا يفعل زيدان كل هذا،
هل هو فعلد موالى للصهيونية؟
ــ البابا شنودة الثالث :سنوات مع أسئلة الناس ،النبا رويس ،ط
،2مايو ،2003القاهرة.
ــ البابا شنودة الثالث :الروح القدس وعمله فينا ،النبا رويس،
ط ،4مايو ،2000القاهرة.
ــ البابا شنودة الثالث :حياة التوبة والنقاوة ،النبا رويس ،ط ،4
،1988القاهرة.
ــ البابا شنودة الثالث :بدع حديثة ،النبا رويس ،ط ،2مارس
،2007القاهرة.
ــ البابا شنودة الثالث :النسان الروحي ،النبا رويس ،ط ،3
.2001
ــ البابا شنودة الثالث :بدعة الخلص في لحظة ،النبا رويس ،ط
،4نوفمبر ،2002القاهرة.
ــ البابا شنودة الثالث :مرقس الرسول :القديس والشهيد ،ط
،3مايو ،1985ص .55
ــ النبا بيشوى المطران :تحليل لغة النجيل للقديس متى في
أصأولها اليونانية ،النبا رويس ،ط 2000 ،1م ،القاهرة.