You are on page 1of 8

‫حديث «المؤمن القوي خير وأحب إلى هللا»‪..

‬‬

‫الحمد هلل‪ ،‬والصالة والسالم على رسول هللا‪ ،‬أما بعد‪:‬‬

‫فعن أبي هريرة ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول هللا ﷺ ‪:‬المؤمن القوي خير وأحب إلى هللا من المؤمن‬

‫الضعيف وفي كل خير‪ ،‬احرص على ما ينفعك‪ ،‬واستعن باهلل وال تعجز‪ ،‬وإن أصابك شيء‬

‫فال تقل لو أني فعلت كان كذا وكذا‪ ،‬ولكن قل‪ :‬قدر هللا‪ ،‬وما شاء فعل؛ فإن لو تفتح عمل‬

‫الشيطان]‪ ،[1‬رواه مسلم‬

‫قوله ﷺ ‪:‬المؤمن القوي حمله بعض أهل العلم كاإلمام النووي ‪-‬رحمه هللا‪ -‬على القوة في‬

‫الدين‪ ،‬والتقوى‪ ،‬والعبادة‪ ،‬وما إلى ذلك من المعاني الراجعة التي تعود إلى دين اإلنسان‪،‬‬

‫وسالمة اعتقاده‪ ،‬وما أشبه ذلك‪.‬‬

‫والمؤمن الضعيف هو الذي عنده فتور‪ ،‬هو الذي عنده تقصير‪ ،‬فالمؤمن القوي بهذا االعتبار‬

‫ي هلل ‪-‬تبارك‬
‫خير‪ ،‬وهذه قضية محسومة ال إشكال فيها‪ ،‬أن اإلنسان القوي في دينه التق ّ‬

‫وتعالى‪ -‬أفضل من اإلنسان المقصر‪.‬‬

‫وفي كل خير ألن المسلم ال يخلو من معروف وطاعة‪ ،‬وصالح‪ ،‬وإن حصل منه ما يحصل‬

‫من التقصير والتواني‪.‬‬

‫وأما المعنى الثاني الذي ذكره طائفة من أهل العلم فهو أن المؤمن القوي يعني‪ :‬في بدنه‪ ،‬وفي‬

‫عمله‪ ،‬حتى عمله الدنيوي إذا عمل عمالً أتقنه‪ ،‬وفي صبره وجلده‪ ،‬وكذلك أيضا ً في دينه‪،‬‬
‫فهو خير من المؤمن الضعيف الذي يقل صبره‪ ،‬ويقل تحمله‪ ،‬وهو ضعيف ال بالء فيه‪ ،‬وال‬

‫غناء‪ ،‬وال كبير جدوى في دفع‪ ،‬أو بذل‪ ،‬وما إلى ذلك‪.‬‬

‫وفي كل خير ألن المؤمن وإن كان ضعيفا ً في بدنه‪ ،‬أو عاجزا ً فإنه ال يخلو من خير‪ ،‬والذي‬

‫يظهر ‪-‬وهللا تعالى أعلم‪ -‬أن المعنى الثاني أقرب‪ ،‬وهو المتبادر من هذا الحديث في ظاهره‪،‬‬

‫والعلم عند هللا‪.‬‬

‫والخيرية هنا مطلقة‪ ،‬يعني‪ :‬في كل شيء‪.‬‬

‫وأحب إلى هللا من المؤمن الضعيف‪ ،‬بمعنى‪ :‬أن هللا ‪ ‬يحب أهل اإليمان‪ ،‬هللا وليهم‪ ،‬أَال إِ َّن‬

‫علَ ْي ِه ْم َوالَ ُه ْم َي ْحزَ نُونَ ۝ الَّذِينَ آ َمنُواْ َو َكانُواْ َيتَّقُونَ [ يونس‪، ]63-62 :‬‬ ‫أ َ ْو ِل َياء ّ‬
‫ّللاِ الَ خ َْو ٌ‬
‫ف َ‬

‫فلهم من والية هللا ‪ ‬على قدر ما لهم من اإليمان والتقوى‪.‬‬

‫فهذا يحبه هللا ‪-‬تبارك وتعالى‪ ،‬ولكن هللا يحب المؤمن القوي أكثر مما يحب المؤمن الضعيف‪،‬‬
‫]‪[2‬‬
‫ولذلك يقول النبي ﷺ ‪:‬إن هللا يحب إذا عمل أحدكم عمالً أن يتقنه‪.‬‬

‫فهذا من القوة‪ ،‬والقوة في أخذ الحق يَا َي ْح َيى ُخ ِذ ْال ِكت َ َ‬


‫اب بِقُ َّوة[ مريم‪ ،]12:‬وهللا وصف‬

‫س َّجدًا يَ ْبتَغُونَ فَض ًْال ِ ّمنَ‬ ‫علَى ْال ُكفَّ ِ‬


‫ار ُر َح َماء بَ ْينَ ُه ْم ت َ َرا ُه ْم ُر َّكعًا ُ‬ ‫أصحاب النبي ﷺ بأنهم ‪:‬أ َ ِشدَّاء َ‬

‫ّللاِ َو ِرض َْوانًا[ الفتح‪ ،]29:‬فالجلَد على الطاعة‪ ،‬والصبر على ذلك كله من القوة التي يحبها‬
‫َّ‬

‫ربنا‪.‬‬

‫وأما القعود‪ ،‬والكسل‪ ،‬والخور فهو سفول وانحطاط في مرتبة العبد‪ ،‬ولهذا قال النبي ﷺ‪:‬‬
‫الناس معادن‪ ،‬خيارهم في الجاهلية خيارهم في اإلسالم إذا فقهوا‪.‬‬
‫]‪[3‬‬

‫الحث على العمل المنتج والتفكير الصحيح‬

‫يقول موجها ً ﷺ إلى العمل المنتج والتفكير الصحيح‪ ،‬والوجهة التي ينبغي أن يتوجهها المؤمن‬

‫في الحاالت كلها ‪ :‬احرص على ما ينفعك‪ ،‬وهذه لفظة عامة‪ ،‬أن يوجد عند اإلنسان دافع‬

‫قوي‪ ،‬وهذا هو الحرص على ما ينفعه‪ ،‬وهذه الصيغة للعموم‪ ،‬ما ينفعه في أمر آخرته‪ ،‬وما‬

‫ينفعه في أمر دنياه‪ ،‬أما الدنيا فإنه يأخذ منها في حدود ما أباح هللا ‪ ‬من غير أن يشغله ذلك‬

‫عن طاعته ومرضاته‪.‬‬

‫وأجملوا في الطلب‪ ،‬فإن نفسا ً لن تموت حتى‬


‫ِ‬ ‫ولهذا قال النبي ﷺ ‪:‬أيها الناس‪ ،‬اتقوا هللا‪،‬‬

‫وأجملوا في‬
‫تستوفي رزقها‪ ،‬وإن أبطأ عنها‪ ،‬فاتقوا هللا‪ -‬يعني‪ :‬ال تأخذوه إال من حله ‪ِ -‬‬
‫]‪[1‬‬
‫الطلب‪ ،‬أي‪ :‬ال تتهالكوا على الدنيا ألنها ستأتيكم‪.‬‬

‫وكان الصحابة ‪ ‬والسلف الصالح يكرهون أن يُرى الرجل ال في عمل دنيا‪ ،‬وال في عمل‬

‫آخرة‪ ،‬جالس هكذا‪ّ ،‬‬


‫بطال‪ ،‬ما يعمل شيئاً‪ ،‬ما يُنتفع به في شيء‪ ،‬ما تراه إال ُمغ ِيّرا ً في هذا‬

‫الجوال بألعاب‪ ،‬أو نحو ذلك من أمور ال تجدي عليه نفعاً‪ ،‬أو جالس فقط واضعا ً يده على‬

‫خده‪ ،‬وال يعمل شيئا ً ينفعه في أمور دنياه‪ ،‬وال في أمور آخرته‪ ،‬كانوا يكرهون مثل هذا‪.‬‬

‫فاإلنسان دائما ً في عمل منتج‪ ،‬عمل نافع‪ ،‬إما أن ينفعه في الدنيا من تجارة‪ ،‬أو غير ذلك من‬

‫المنافع ولو كان يصلح شيئا ً في بيته‪ ،‬أو في عمل يقربه إلى هللا ‪ ‬في الدار اآلخرة‪،‬‬

‫واألنفاس إذا ذهبت ال تعود‪ ،‬إذا جلس اإلنسان هكذا من غير طائل‪ ،‬من غير فائدة فإن هذا‬
‫جزء من العمر يعتبر بياضاً‪ ،‬فراغاً‪ ،‬لم يُمأل بشيء‪ ،‬فيكون ضياعا ً في أعمارنا‪ ،‬كان ينبغي‬

‫أن يستغل‪ ،‬ويعمر بأمور تنفعنا‪.‬‬

‫احرص على ما ينفعك‪ ،‬يعني‪ :‬ال تفرط‪ ،‬وال تتوانَ ‪ ،‬وال تسوف‪ ،‬واستعن باهلل‪ ،‬ألنه ال يمكن‬

‫أن يقوم اإلنسان وينهض بما هو بصدده من األعباء واألعمال إال بعون هللا‪ ، ‬فيطلب المدد‬

‫َّاك نَ ْست َ ِع ُ‬
‫ين[ الفاتحة‪].5 :‬‬ ‫والعون منه‪ِ ، ‬إي َ‬
‫َّاك نَ ْعبُد ُ و ِإي َ‬

‫س القاعدة ‪:‬المؤمن القوي خير وأحب إلى هللا من المؤمن الضعيف‪ ،‬احرص على ما‬
‫س َ‬
‫أ َّ‬

‫ينفعك وهذا من القوة‪ ،‬واستعن باهلل‪ ،‬ال تلتفت إلى حولك وطولك وقوتك‪ ،‬تقول‪ :‬أنا عندي‬

‫قُدَر‪ ،‬وعندي ذكاء‪ ،‬وعندي مهارات‪ ،‬أستطيع بها أن أح ّ‬


‫صل‪ ،‬ال‪ ،‬استعن باهلل‪.‬‬

‫والوصية الثالثة ‪ :‬ال تعجز‪ ،‬يعني‪ :‬اإلنسان في كثير من األحيان يخطط ويضع له برامج‪،‬‬

‫ويضع تصورات وإذا جاء عند التنفيذ والعمل خارت قواه وعزيمته‪ ،‬فال يحصل المقصود‪،‬‬

‫سواء في طلب العلم‪ ،‬أو في العبادة‪ ،‬أو في التجارة‪ ،‬أو في غير ذلك من دراسة وتحصيل‪،‬‬

‫وما إلى ذلك من حاجاتنا‪.‬‬

‫اإلنسان يضع في باله أمورا ً ويجلس يستلقي يفكر فيها ويخطط لها‪ ،‬وإذا جاء عند التطبيق‬

‫هونَ ‪ ،‬ما استفدنا شيئا ً إطالقا ً‪ ،‬فيكون اإلنسان ّ‬


‫خوار العزائم‪ ،‬فمثل هذا ال يمكن أن يعمل‬ ‫َّ‬

‫أعماالً يمكن أن ينتفع هو بها‪ ،‬أو ينتفع بها غيره‪ ،‬وعادة يقع ذلك لإلنسان بأحد سببين‪:‬‬

‫إما أن هذا اإلنسان أصالً يميل إلى الكسل‪ ،‬وهذا الذي أشرت إليه في بعض المرات سابقاً‪،‬‬

‫صاحب األماني الفارغة‪ ،‬يعني‪ :‬يضع أحالما ً وردية وخططاً‪ ،‬وليس لها مجال للتنفيذ‪ ،‬إما‬
‫ألنها عسيرة صعبة فوق طاقته أصالً‪ ،‬أو ألنه هو أصالً يتدانى دونها‪ ،‬ويكسل‪ ،‬وإذا جاء‬

‫التطبيق استصعب ذلك؛ ألن طبعه الكسل‪ ،‬فال يعمل‪.‬‬

‫األمر الثاني‪ :‬ترك التنفيذ‪ ،‬والعمل‪ ،‬والتطبيق‪ ،‬وأحيانا ً يكون السبب األوهام‪ ،‬ولذلك تجد‬

‫اإلنسان أحيانا ً يتوهم أمورا ً غير حقيقية‪ ،‬ويقول‪ :‬أخاف إذا سويت يصير كذا‪.‬‬

‫اإلنسان يدرس الموضوع من جميع جوانبه‪ ،‬لكن أحيانا ً الوهم يسيطر عليه‪ ،‬أخشى إذا كذا‪،‬‬

‫أخشى ْ‬
‫أن أفشل والناس ينتقدونني‪ ،‬أخشى ّ‬
‫أن عملي هذا الناس ما يتقبلونه‪ ،‬أخشى أني ال‬

‫أربح في هذه التجارة‪.‬‬

‫ولذلك تجد الذي لربما يفكر كثيرا ً ويدرس ويتخصص ويفكر ألف مرة ويدخل في التجارة‬

‫غالبا ً ال ينجح؛ ألن التجارة تحتاج إلى قدر من المغامرة‪ ،‬ولذلك ترى بعضهم ال يُ ْقدم على‬

‫المشروع‪ ،‬ويفكر ألف مرة إلى أن تفوته الفرصة‪ ،‬وتأتيه فرصة ثانية وتفوت‪ ،‬وهو جالس‬

‫إلى اآلن يفكر‪ ،‬ألف فكرة وخاطرة وواردات ترد عليه‪.‬‬

‫بينما الثاني يغتنم الفرص‪ ،‬ويأتيه ما شاء هللا من رزق هللا الواسع‪ ،‬ولذلك فإن الذي يفكر‬

‫كثيراً‪ ،‬ويدرس كثيرا ً في أمور التجارة لربما يكون ذلك أحيانا ً عائقا ً له من الربح‪ ،‬ونحن‬

‫نشاهد الناس لربما تجد الرجل العامي لم يدرس‪ ،‬لكنه يُ ْقدم‪ ،‬صاحب عزيمة‪ ،‬بينما الثاني‬

‫الذي درس‪ ،‬وعنده نظر في أمور‪ ،‬واحتماالت كثيرة جدا ً ّ ِ‬


‫يفوت هذه الفرص التي يمكن أن‬

‫يربح فيها‪ ،‬فما يربح‪.‬‬


‫خسرت‪ ،‬لم تنجح‪ ،‬إن أصابك شيء فال تقل‪:‬‬
‫َ‬ ‫قوله ‪:‬وإن أصابك شيء‪ ،‬هذا االحتمال األخير‪،‬‬

‫لو أني فعلت كذا وكذا لكان كذا‪ ،‬ولكن قل‪ :‬قدر هللا وما شاء فعل‪ّ ،‬‬
‫فإن لو تفتح عمل الشيطان‪،‬‬

‫رواه مسلم‪.‬‬

‫لو أني لم أسافر لم يحصل هذا الحادث‪ ،‬لو أني لم أدخل في هذه التجارة ما كان حصل الذي‬

‫حصل‪ ،‬لو أني ما دخلت في هذه الجامعة لكنتُ اآلن متخرجا ً من زمان وأعمل‪ ،‬لو أني ما‬

‫واصلت دراستي العليا‪ ،‬لو أني ما تعرفت على فالن‪ ،‬لو أني ما كلمت زيدا ً‪.‬‬

‫خالص هذا أمر في القدر كتبه هللا ‪ ‬قبل أن يخلق السماوات واألرض بخمسين ألف سنة‪،‬‬

‫أنه يجيء واحد اسمه فالن بن فالن بن فالن‪ ،‬من القبيلة الفالنية‪ ،‬ويولد بيوم كذا وبتاريخ كذا‬

‫وبلحظة كذا‪ ،‬ويصير له في اليوم الفالني كذا‪ ،‬لو طار ونزل البد أن يقع له هذا الشيء‪ ،‬فما‬

‫من داع أن تذهب النفس حسرات‪.‬‬

‫نعم‪ ،‬جيد أن يعرف اإلنسان تقصيره وعيوبه من أجل أن يستدركها‪ ،‬لكن اجترار الهم‬

‫والحزن واألمور المنغصة من أجل تكرار األلم‪ ،‬والتثريب على اإلنسان‪!.‬‬

‫اعرف خطأك من أجل أن ال تقع فيه في المستقبل‪ ،‬وال تلتفت إلى الماضي‪ ،‬دائما ً صوب‬

‫نظرك إلى اإلمام‪ ،‬وبهذه الطريقة نستطيع أن نزيح كثيرا ً من الهموم التي تعلق في قلوبنا‬

‫وتتكدس فيها‪ ،‬ولذلك تجد كثيرا ً من الناس الذين يعانون يعاني بسبب أنه دائما ً يجتر الذكريات‬

‫تجاوزها‪.‬‬
‫الماضية األليمة‪ ،‬ويتذكرها‪ ،‬ويتصورها‪ ،‬ويكتئب ويحزن‪ ،‬ال‪ْ ،‬‬
‫ابدأ حياة جديدة‪ ،‬استقبل أمرا ً جديداً‪ ،‬عمالً نافعا ً مجدياً‪ ،‬بعض الناس تموت زوجته‪ ،‬فيقعد‬

‫دائما ً يفكر فيها‪ ،‬ويأتي أوالده ويسلونه‪ ،‬ويسافرون به إلى مكة‪ ،‬وكلما ذكرها سالت الدموع‪،‬‬

‫إلى متى؟!‬

‫أنت اآلن فكر في المستقبل‪ ،‬فكر في العمل الصالح‪ ،‬فرصتك في هذه الحياة‪ ،‬وستقدم على‬

‫قدمت عليه‪ ،‬فهذا نافع جدا ً لإلنسان‪.‬‬


‫ْ‬ ‫أمر قد‬

‫داعي لمثل هذا‬


‫َ‬ ‫نسأل هللا ‪ ‬أن يغفر لنا زللنا وتقصيرنا‪ ،‬وأن يتقبل عملنا الصالح‪ ،‬وال‬

‫التفكير‪ ،‬ألنه تفكير سلبي‪ ،‬تفكير غير جيد‪ ،‬تفكير مضر‪ ،‬فهذا هو الطريق أيها األحبة‪.‬‬

‫أما "لو" ففيها كالم ألهل العلم‪ ،‬ألن النبي ﷺ ثبت عنه أنه قال ‪:‬لو استقبلت من أمري ما‬

‫استدبرت ما سقت الهدي‪ ،‬ولحللتُ مع الناس حين حلوا ‪[2].‬فالنبي ﷺ قال‪" :‬لو"‪ ،‬هذا يجوز‬

‫في هذا الموضع؛ ألنه في حالة التعليم‪.‬‬

‫فلو أن إنسانا يقول لك‪ :‬يا أخي أنت درست في التخصص الفالني‪ ،‬تقول له‪ :‬يا فالن ال تدرس‬

‫في هذا التخصص‪ ،‬هذا ال يفيدك كثيراً‪ ،‬طيب هذا أنت درست!‪ ،‬تقول‪ :‬أنا لو استقبلت من‬

‫أمري ما استدبرت ما درست فيه‪ ،‬ما درست في الجامعة الفالنية مثالً‪ ،‬ما درست في‬

‫المدرسة الفالنية‪ ،‬لماذا؟ للتعليم‪ ،‬ولتبين له أن هذا التصرف ينبغي أال يقتدى بك فيه‪.‬‬

‫لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سافرت‪ ،‬فال تقت ِد بي في مثل هذه السفرة‪ ،‬أو العمل‬

‫الفالني‪ ،‬أو نحو ذلك‪ ،‬للتعليم‪.‬‬


‫وكذلك في الرغبة في الخير‪ ،‬تقول‪ :‬لو أني قضيت رمضان هذا من أوله في مكة‪ ،‬فهذا في‬

‫الرغبة في الخير ال بأس‪ ،‬ال على سبيل التحسر على ما فات من مصائب الدنيا وآالمها‬

‫وأحزانها‪.‬‬

‫فهناك مواضع يجوز اس تعمال "لو" فيها‪ ،‬ومواضع ال يجوز‪ ،‬فالموضع المذموم هو الذي‬

‫نهى عنه النبي ﷺ فإن لو تفتح عمل الشيطان‪.‬‬

‫ّللاُ ذَ ِل َك َحس َْرة ً فِي قُلُو ِب ِه ْم َو َّ‬


‫ّللاُ‬ ‫ولذلك يقول المنافقون ‪:‬لَ ْو َكانُوا ِع ْندَنَا َما َماتُوا َو َما قُتِلُوا ِل َي ْج َع َل َّ‬

‫ير[ آل عمران‪].156 :‬‬


‫ص ٌ‬‫ّللاُ ِب َما ت َ ْع َملُونَ َب ِ‬
‫ي ُْح ِيي َوي ُِميتُ َو َّ‬

‫ع َل ْي ِه ُم‬ ‫حتى لو كانوا عندكم سيموتون ويقتلون بآجالهم‪ ،‬قُل لَّ ْو ُكنت ُ ْم ِفي بُيُوتِ ُك ْم َلبَ َرزَ الَّذِينَ ُكتِ َ‬
‫ب َ‬

‫اج ِع ِه ْم[ آل عمران‪ ،]154 :‬فما قدّر هللا كائن‪ ،‬فـ "لو" في هذه المواضع غير‬
‫ض ِ‬‫ْالقَتْ ُل ِإلَى َم َ‬

‫محمودة‪.‬‬

‫وصلى هللا على نبينا محمد‪ ،‬وآله وصحبه‪.‬‬

‫‪ .1‬أخرجه ابن ماجه‪ ،‬كتاب التجارات‪ ،‬باب االقتصاد في طلب المعيشة (‪ ،)725 /2‬رقم‪:‬‬

‫(‪).2144‬‬

‫‪ .2‬أخرجه البخاري‪ ،‬كتاب التمني‪ ،‬باب قول النبي ﷺ‪ :‬لو استقبلت من أمري ما‬

‫استدبرت (‪ ،)83 /9‬رقم‪).7229( :‬‬

You might also like