Professional Documents
Culture Documents
الإدارة في روايات هاروكي موراكامي
الإدارة في روايات هاروكي موراكامي
يمكن أن يتعلم المبتدئ باإلدارة من أعمال الكاتب الياباني الكبير هاروكي مورا كامي
العديد من القيم اإلدارية وعلى رأسها التركيز الكبير والتصميم والنظام .
ولد هاروكي في مدينة كيوتو عام ،1949وأمضى معظم فترة صباه في كوبا ومنذ
طفولته تأثر موراكامي بالثقافة الغربية وبالتحديد الموسيقى و األدب الغربيين .درس
الدراما في جامعة واسيدا في طوكيو وهناك تعرف على زوجته يوكو .القت أعماله
باهرا حيث تصدرت قوائم أفضل الكتب مبيعًا سواء على الصعيد المحلي أو ً نجاح
ضا على عدةالعالمي وترجمت إلى أكثر من 50لغة عالمية .حصل موراكامي أي ً
جوائز أدبية عالمية منها جائزة عالم الفنتازيا وجائزة فرانك أوكونور العالمية للقصة
القصيرة وجائزة فرانز كافكا وجائزة جائزة القدس .
من أبرز أعماله رواية مطاردة الخراف الجامحة والغابة النروجية وكافكا على
الشاطئ وإيتشي كيو هاتشي يونَ .يظهر تأثر موراكامي بال ُكتاب الغربيين،
مثل رايموند تشاندلر و كورت فونيجت واض ًحا بشكل َجلي األمر الذي دفع بعض
المؤسسات األدبية اليابانية النتقاد بعض أعماله لبُعدها على المنهج األدبي الياباني.
وغالبًا ما تتسم أعمال موراكامي بالسريالية والسوداوية والقَدَرية .كما تتناول معظم
رواياته موضوع االنسالخ االجتماعي والوحدة واألحالم .يُعد موراكامي من أهم
رموز أدب ما بعد الحداثة .
عندما تقترب من عوالم الكاتب الياباني هاروكي مورا كامي تكتشف أنه من العباقرة
في النظام والتركيز والتصميم وفلسفة الزن .إنه تجسيد لحالة الحكمة الحقيقية
والعاطفة الجياشة والمهارات اإلبداعية واإلرادة االستثنائية .
إن مكونات أعماله األدبية وقصصه المستقاة من الحياة تشكل لكل مبتدئ في اإلدارة
مصدر إلهام قابل للتطبيق وسنركز في هذا المقال على ما يمكن للمبتدئ الذي يعتمد
على التكنولوجيا العصرية أن يستقيه من الكاتب الكبير في حياته وعمله على حد
سواء .قد يكون في طليعة الدروس التي نتعلمها من مورا كامي ما يلي:
كان مورا كامي فاشال ومتأخرا حيث كتب أول عمل له وهو في التاسعة والعشرين
من عمره .وفي أحد األيام و بينما كان يشاهد البيسبول ،أدرك أن قدره هو أن يكون
كاتبا ً .في ذلك الوقت كان يمتلك حانة تعزف فيها موسيقى الجاز ،لكن التجربة في
لعبة البيسبول كان لها تأثير دائم على قلبه .بدأ الكتابة وخالل السنوات القليلة التالية
تغيرت مسيرة حياته.
سواء كان اإلنسان مدونًا على شبكة اإلنترنت أو مهندس برمجيات أو مؤس ً
سا
لمشروع ما فقد يعاني من نفس الشعور :منشور يجب كتابته أو قطعة مشفرة يدب
تدوينها أو شركة تحتاج إلى اإلنشاء .هذه بعض لحظات الحقيقة والوضوح الثمينة
والتي ينبغي أن نتابعها كلما أمكننا ذلك .
واجه مورا كامي االختيار بين عمله ومهنته ككاتب .وعلى الرغم من أن المستقبل لم
يكن مؤكدًا إال أنه التزم بالكتابة وباع الحانة التي تُعزف فيها موسيقى الجاز التي
يمتلكها .و بعد فترة وجيزة من التركيز على الكتابة بدوام كامل ،أدرك أن قصته
الخيالية كانت تعاني الكثير ألنها غير مناسبة ناحية الشكل .ترك مورا كامي
التدخين وبدأ يمارس رياضة الجري .اليوم يمارس مورا كامي هذه الرياضة يوميا .
كل مبتدئ في هذه الحياة يواجه دائما الخيارات التي تقوده إلى الحيرة .والمفتاح لكل
مسائل الحياة يكمن في االلتزام والتركيز و إعطاء الوقت الكافي لكل شيء .هناك
دائ ًما عقبات وتحديات في هذه الحياة ،ولكن إذا كان اإلنسان يعرف خياراته
والتزاماته يمكنه التغلب عليها بيسر وسهولة .
على اإلنسان أن يتمسك بما يعرفه :
لقد قرأت العديد من روايات موراكامي قبل البدء في كتابة أي شيء عنه .وقد
عرفت عنه وعن عوالمه الكثير من المعلومات فرواياته في جزء منها تروي
تجربته الشخصية في الحياة .تتحدث كتبه بشكل متكرر عن موسيقى الجاز ويتحدث
في روايته التي تحمل عنوان " جنوب الحدود ،غرب الشمس " .تدور أحداث
الرواية حول صاحب شريط موسيقى الجاز .يحب موراكامي القطط ويستخدمها
إلنشاء صور فريدة ساحرة .واألهم من ذلك كله ،يكتب موراكامي عن الحب
والعاطفة والشعور بالوحدة .
وفي لحظة من اللحظات يقرر اإلنسان أن يقوم باستثمارات أو مشاريع هندسية أو
تجارية وعلية أن يجري الدراسات وأن يتمسك بما يمتلكه من معارف .قد يشعر
بخيبة أمل في البداية لكنه سرعان ما يدرك أنه على صواب وفق أراء هاروكي
موراكامي .
يخطئ العديد من األفراد والشركات في القفز إلى مناطق ال يعرفون الكثير عنها .
ينجح القليل منهم ،لكن معظمهم ال ينجحون أبدًا .من األفضل أن يبدأ اإلنسان
العمل حول الموضوع الذي هو خبير فيه أو يعرف الكثير عنه .و يمنح ذلك ميزة
إضافية ويضمن أنه ال يضيع وقته في تجارب قد ال يكون منها طائل .
تحفل حياة مورا كامي بالروتين .ينهض من الفراش حوالي الساعة 5صبا ًحا
ويذهب إلى الفراش بحلول الساعة 10مسا ًء .ال يتناول العشاء في وقت متأخر من
الليل ويقوم بالنزهات المفضلة لديه .يعمل في كتبه يوميا وينجز جمال وسحر ما
يكتب عن طريق توزيع العمل بالتساوي على كل يوم.
تعلمت هذا الدرس ألول مرة عندما كنت أشاهد إحدى السيدات وهي تفوز بذهبية في
أولمبياد سيدني عام 2000فقد فازت بالمركز األول برياضة الجري وكانت
تركض مثل الروبوت سرعتها واحدة خالل دورة اللعب بأكملها .
تؤسس الشركات الناشئة بسرعة وتحاول العمل بكثافة .تحاول أن تجري بسرعة
كبيرة ثم تحترق بسرعة كبيرة .يعتقد العديد من رواد المال واألعمال الشباب أن
الشركات الناشئة تشبه سباق الجري تتسابق من البداية إلى خط النهاية .في الواقع ،
حياة الشركات الناشئة تشبه السباق ،والمهم هو أن يسير المتسابق بانتظام وخطى
ثابتة .
ولعل أكثر ما يلفت النظر حول هاروكي موراكامي هو إبداعه .وربما كانت الرواية
األكثر إثارة هي رواية " يوميات طائر الزنبرك" التي كتبها مورا كامي وهي قصة
خيالية "تجريبية" ساحرة .يواجه القارىء أثناء القراءة عال ًما من الصور واألفكار
والشخصيات الغامضة والنهايات المفتوحة لقصصه الغريبة.
كل رواية من روايات موراكامي مختلفة عن األخرى وتتميز بشيء غريب يشد
القارىء دون أن يدري .ال يشعر موراكامي أبدًا باالستقرار وتجده يبحث دائ ًما عن
طرق جديدة للتعبير عن نفسه .يقول دائما إن الكتابة ليست سهلة بالنسبة له .ويسكب
العمل اإلبداعي بعناية صافية ونتيجة لشغف خالص .لكن المشكلة تكمن في أن
المؤلف يسعى إلى كسر األساليب التي أنشأها باألمس والمضي قد ًما نحو منطقة
جديدة غير مستكشفة وإال يتحول إلى مثقف من الدرجة الثانية والثالثة والرابعة .
العاطفة واإلبداع من العوامل الهامة لبدء العمل في عالم المال واألعمال .وبدون
هذين المكونين الرئيسيين ،لن يكون هناك نجاح على اإلطالق .ولكن مثلما يحتاج
ضا .لن تكون الموجةالفنان إلى إعادة ابتكار نفسه هكذا تفعل الشركات الناشئة أي ً
األصلية لإلبداع التي ستقودك إلى األمام ،بل السعي واإلرادة التي لن تحسمها أبدا ً
والتي تجعل األحالم تتحقق اليوم وغدا وإلى يوم يرزقون .