Professional Documents
Culture Documents
المق ـدمـة
لقد كانت حركة الكشوف الجغرافية ،حركة بشرية امتدت من أوربا عبر البحار لتطوف العالم مدفوعة
ِبل ملوك
بدوافع دينية ،وتجارية ،وفي بعض األحيان علمية ،كما أنها كانت مشمولة برعاية سياسية من ق ِ
وتشجيع لهم بل ودعمهم ،في أغلب األحيان إن لم يكن كلها ،وكان للرحالت أهداف عدة،
ٍ األمم األوروبية،
ُتحددها وترسم خطط تحقيقها تلك الفئات التي تقف وراء قيام الرحلة ،ومدها بما تحتاجه من بحارة ومتاع
1
وأموال وسالح للحماية ،ولقد كان الطابع السائد على الرحالت الجغرافية ،طابع ذا توجه ديني وتجاري،
ُممِه ًدا بذلك لالستعمار السياسي ،وقلما كان التوجه العلمي هو الطابع الذي يوسم قيام هذه الرحالت.
ولقد كانت البحار ميدا ًنا للر ّحالة ،ومجاالً لرحالتهم ،من أجل ذلك أسهم طموحهم في عبور البحار
والوصول إلى البلدان األخرى ،أسهم ذلك في تقدم علوم البحار وصناعة السفن ،كما أسهم أيضً ا في تقدم
العلوم الفلكية.
كما أن للكشوف الجغرافية ،آثار ونتائج على البشرية ،منها العلمي النافع ،والحضاري المفيد ،وفي اغلبها
استغاللي ضار ،وانتهازي قد تجرد من كل قيم اإلنسانية واألخالق ،ولم يتورع عن تنفيذ أبشع الجرائم،
واللجوء إلى إبادة شعوب وأمم بأكملها من أجل تحقيق أهدافه المادية االستعمارية.
وفيما يلي سرد تاريخي موجز ،عن "حركة الكشوف الجغرافية وقيام االستعمار" ،نذكر من خالل هذا
السرد أسباب قيام حركات الكشوف الجغرافية في أوروبا ،ونذكر أهم الدول األوروبية التي أسهمت في قيام
حركة الكشوف الجغرافية ،وأين اتجهت كل دولة لتحقيق أهدافها االستعمارية ،وما هي السياسة التي اتبعتها
كل دولة في تحقيق ذلك ،كما سنورد ُنبذة مبسطة عن أهم الرحالة األوروبيين ،الذين كانت لهم إسهاماتهم
في مجال الكشوف الجغرافية ،وفي النهاية نورد بإيجاز أهم نتائج حركات الكشوف الجغرافية على المجال
االقتصادي والسياسي والثقافي ،متمنين في النهاية بأن نكون قد قدمنا إضافة للقارئ العزيزُ ،تسهم في زيادة
ثروته التاريخية زيادة نوعية من حيث صحة وسالمة المعلومات التاريخية ،وحسن تسلسلها وتنسيقها.
الموض ــوع
أسباب قيام حركات الكشوف الجغرافية:
تناولت كتب التاريخ ،أهم أسباب قيام حركات الكشوف الجغرافية ،ولقد أوردت الكثير منها ،وذلك باالعتماد
ُستعمرة ،إذ أنها بذلك
َ على المصادر التاريخية لدول االستعمار ،واعتقد أن في ذلك جناية على الشعوب الم
ُتظلم مرتين ،مرة بفعل المُستعمرين لبالدهم ،ومرة أخرى عند تم إقصائهم من عملية تحليل حركات
الكشوف الجغرافية ،وتدوين تاريخها ،ولقد وجدت من خالل إطالعي البسيط ،العديدَ من األسباب التي ال
2
يمكن تصنيفها كأسباب موضوعية لقيام حركات الكشوف الجغرافية ،لذا فقد قسمت أسباب قيام حركات
الكشوف الجغرافية إلى قسمين اثنين ،األول منها يذكر األسباب الموضوعية المنطقية لقيام هذه ،أما القسم
الثاني ففيه بيان لبعض الحجج الواهية والتي ساقها المؤرخون األوروبيون لتبرير استعمار بلدانهم للشعوب
الضعيفة واستغالل ثرواتهم.
3
-5نتائج عصر النهضة:
لقد أسهم عص ُر النهضة في غرس روح العلم والبحث والتنقيب ،والسعي الكتشاف الجانب اآلخر من العالم،
كما أسهم هذا العصر في تقدم مختلف نواحي العلوم في أوروبا ،ومن بينها العلوم البحرية والفلكية ،والتي
أدت إلى تكوين األساطيل البحرية القوية ،وبناء قاعدة بيانات علمية يُعتمد عليها في تنظيم مسار الرحالت
البحرية ،األمر الذي أدى في النهاية إلى تشجيع قيام حركات الكشوف الجغرافية واالستعمار.
-6الخرافات واألساطير:
في أثناء العصور الوسطى كانت معرفة األوروبيين بالعالم الخارجي ضئيلة وال تتجاوز معرفة السواحل
الشمالية من قارة أفريقيا،وكان االعتقاد السائد أن حدود العالم ال تتجاوز الصحراء الكبرى .وان المحيط
األطلسي يمتد إلى ماال نهاية وانه مأوى للوحوش والشياطين،كما ساد االعتقاد بوجود صخور في البحر
تجذب إليها السفن إذا ما اقتربت منها،وان لها القدرة على إغراق هذه السفن.
ما من شك في أن هذه التصورات كانت خاطئة،وما هي إال عبارة عن خرافات اشتملت على عنصر
التخويف،إال أنها في الوقت عينه كانت تحتوي على عنصر التشويق،الذي شجع المغامرين على القيام بتلك
المغامرات في تلك البحار من اجل الوصول إلى المجهول،خاصة أن هذه الخرافات التي كانت سائدة في
العصور الوسطى كانت َت ِع ُد هؤالء المغامرين بالجبال التي تشع منها أنوار األحجار الكريمة وباألنهار التي
أرض من ذهب.ٍ تجري على
4
ولنا أن نتساءل ،إن كان هدفهم هو نشر الحضارة في غير بالد الحضارة ،فما الذي دعاهم إلى المُقام والبقاء
في هذه الدول طيلة هذه األعوام ،بل القرون ،وما الذي دعاهم إلى نهب خيرات هذه البالد إن كان هدفهم هو
نشر الحضارة ليس إال.
نعم ،لقد كان هذا التبرير مجرد ستار ،يستخدمه المستعمرون الحتالل البلدان ،واستعباد شعوبها ،وسلب
ممتلكاتها وخيراتها.
-3القضاء على اإلرهاب والتطرف:
لقد لجأت الدول األوروبية والغرب بشكل عام في القديم والحديث ،إلى هذا التبرير ،كي ُتسبغ على تدخلها
العسكري والسياسي في شؤون الدول األخرى طابع الرحمة ،والحفاظ على المكتسبات اإلنسانية للضعفاء،
ولكي تمنع حدوث اإلبادات الجماعية لألقليات على يد األغلبية.
ولقد استخدموه في وقتنا الحالي ،في كل من أفغانستان والعراق ودار فور في السودان ،وذلك كما قلت
لتبرير احتاللهم واستعمارهم للبقاع المختلفة من العالم اإلسالمي حيث تتواجد مكامن القوة والطاقة،
والعقليات البشرية الفذة.
ويشهد العالم يومًا بعد يوم ،مدى ما تتعرض له الشعوب من صنوف اآلالم والعذاب ،نتيجة لهذه التدخالت
السافرة في مصائرها من قبل المستعمرين
ويُمكن حصر جهود األمير هنري المالح ،في نشأة وتطور حركة الكشوف الجغرافية البرتغالية ،في
إسهامين له ،هما:
-1إنشاء أكاديمية بحرية تتكون من مجموعة من كبار العلماء البحريين ،وعمل على جمع المعلومات ذات
العالقة بأهداف االستكشاف واإلبحار من السفن العائدة من الخارج.
-2كذلك عمل على تحسين بناء السفن ،حتى أصبحت حمولة السفينة في ذلك الوقت ما بين 100-80طن.
وقد تمكن األمير هنري من خالل إبحاره ،من أن يستولي على ماديرا وجزر األزور ومصب نهر الشنغال
والرأس األخضر ،إال أنه لم يستطع تحقيق هدفه كامالً إذ توفي سنة 1460م.
برثلميود دياز:
كان هدف بعثته ارتياد بقية الساحل األفريقي بالدوران حول القارة بقصد الوصول إلى الهند عن طريق
البحر مباشرة ،وقد نجح دياز في ارتياد الساحل نحو الجنوب حتى وصل إلى خليج ألجو في جو عاصف
واسماه "خليج الزوابع"،ثم عاد عام 1488م إلى البرتغال مبشرً ا بأن الطريق إلى الهند أصبح واضح المعالم
،لذلك رأى الملك أن يغير اسم الخليج وسماه "الرجاء الصالح" ألنه بعث الرجاء في كشف الطريق البحري
المباشر إلى الهند.
5
فاسكو داجاما:
استطاع أن يطوف حول رأس الرجاء الصالح سنة 1497م ،وان يعبر المحيط الهندي ويصل إلى سواحل
الهند الغربية سنة 1498م ثم عاد إلى لشبونة سنة 1499م وسفنه مشحونة بالتوابل والمنتجات الشرقية.
وبذلك تم للبرتغال التخلص من احتكار تجّار البندقية والعرب بطريق التوابل.
ألفونسو البوكيرك:
كان معرو ًفا بنزعته االستعمارية وتعصبه ضد المسلمين ليواصل تحقيق األهداف االستعمارية الجديدة.
استولى البوكيرك على "هرمز" في الخليج العربي سنة 1509م ،وعلى "سقطرة" عند مدخل البحر
األحمر،وعلى "جوا" حيث أقام أول محطة تجارية ثابتة للبرتغال ثم استولى على"ملقا" قرب سنغافورة سنة
1511م .وأصبح البوكيرك أول حاكم برتغالي على المناطق الساحلية التي احتلها البرتغاليون في الهند.
كبرال:
كان المالح كبرال في طريقه إلى الهند سنة 1500م عندما دفعته الريح إلى الغرب حتى نزل بساحل
البرازيل.
في البداية لم ُتب ِد البرتغال اهتمامًا حقيقيًا بالبرازيل،لكن ما أن الحظ البرتغاليون أن آمالهم في احتكار
التجارة الشرقية لم يتحقق تمامًا،وان اسبانيا قد بزتهم في سياستها االستعمارية في أمريكا وما حظيت به
اسبانيا من الكنوز النفيسة من الذهب والفضة،لما أدرك البرتغاليون ذلك عادوا إلى االهتمام باستعمار
البرازيل.فبدأت البرتغال تتوغل منذ عام 1525م في البرازيل،وتنظم استغاللها واتبعت في ذلك نظام
اإلقطاع،كما قامت بنشر المسيحية الكاثوليكية.
وعندما تطلب التوسع في زراعة قصب السكر زيادة في األيدي العاملة ،اضطر أصحاب المزارع إلى جلب
العبيد من غرب أفريقيا على نحو ما فعل األسبان في استغالل مزارعهم الواسعة في مستعمراتهم األمريكية،
وبذلك بدأت هذه الحركة الواسعة..حركة نقل أالف العبيد من وطنهم من أفريقيا إلى أمريكا ليعملوا في
مزارعها ومناجمها أرقاء ألصحاب األراضي،وما كاد القرن السادس عشر يشرف على نهايته حتى كان
بالبرازيل وحدها حوالي 25ألف من العناصر البيضاء والمختلطة ،و18ألف من الوطنيين الذين انتشرت
بينهم المدنية األوروبية والتعاليم المسيحية،و 14ألف من العبيد األرقاء المسخرين في زراعة األرض
وغيرها من األعمال اليدوية.
6
أركانه بالتعمير والبناء ،وإنما اتجه البرتغاليون إلى جمع أكبر قدر من األموال وذلك عن طريق إتاوات
والضرائب ،األمر الذي أثقل كاهل السكان وأرهقهم كثيرً ا ،أضف إلى ذلك أسلوب التعامل مع السكان
األصليين والذي اتسم بالعدوانية والظلم والجور ،لقد كانت هذه عوامل أدت إلى أن تكون السيطرة البرتغالية
على مستعمراتها سيطرة هشة ،ومرفوضة من قبل السكان األصليين.
صا مع العثمانيين :لقد كانت البحار ميدا ًنا لقيام صراعات دولية -2الصراعات البحرية للبرتغاليين ،وخصو ً
كثيرة ،ومن أطراف مُتعددة ،ومن بين هذه األطراف البرتغال ،والتي اتسعت رقعة االمبراطورية ،مما كان
نز َفت في معارك وصراعات كثيرة ومع أطراف متعددة، له أثر سلبي على البحرية البرتغالية ،إذ أنها اس ُت ِ
ومن بينها الدولة العثمانية.
-3انتشار النفوذ االسباني في البرتغال نفسها،حتى استطاع الملك اإلسباني فيليب الثاني احتالل البرتغال بعد
وفاة الملك هنري.
-4تدخل الهولنديين في شؤون المستعمرات البرتغالية ،حتى أنهم أنشئوا شركة الهند الشرقية الهولندية
حركة الكشوف االسبانية:G
هناك اختالف بين حركة الكشوف االسبانية وحركة الكشوف البرتغالية ،فحركة الكشوف البرتغالية قامت
بها البرتغال حكومة وشعبًا،أما حركة الكشوف االسبانية فقد قام بها في البداية مجموعة من المغامرين،وفي
حين أن حركة الكشوف البرتغالية قد اتجهت نحو الشرق من اجل الوصول الهند،فإن حركة الكشوف
االسبانية قد اتجهت إلى الغرب للوصول إلى الشرق تحقيقا لمبدأ و نظرية "كروية األرض".
كريستوفر كولومبس
يعتبر رائد حركة الكشوف الجغرافية االسبانية،ولم يكن كولمبوس اسبانيًا بل ايطاليًا من "چنوى"،وكما قلنا
ساب ًقا فإن حركات الكشوف األسبانية ،كان المغامرون هم المُبادرون فيها ،ولم يكن كريستوفر كولومبس إال
واح ًدا من هؤالء المغامرين ،فقد سيطرت على كولومبس فكرة أنه يستطيع الوصول إلى شواطئ آسيا
الشرقية عن طريق االلتفاف من المحيط غربًا ،وأنه توجد هناك أراضي لم ُتكشف بعد ،وقد أعد كولومبس
تلق قبوالً من البرتغال في ذلك الوقت لخطورتها ،فلجأ كولومبس إلى في ذلك دراسة ،إال أن هذه الفكرة لم َ
ملكي أسبانيا إيزابيال وفرديناند ،اللذان راقت لهما الفكرة ،وذلك بعد أن وعدهم كولومبس بأنه سيُحضر معه
الذهب الكثير.
بدأ كولمبوس رحلته من ميناء"بالوس" في 3/8/1492م ،وبعد عدة أسابيع وصل إلى جزيرة تدعى"غوانا
هاني"وهي إحدى جزر الباهاما،كما وصل إلى هاييتي ،والشاطئ الشمالي لكوبا ،وقد اعتقد كولمبوس انه
وصل إلى جزر الهند الشرقية،بالرغم من انه لم يجد أثرً ا للتوابل.
رجع كولمبوس من رحلته األولى في مارس 1493م،ثم قام بثالث رحالت أخرى خالل الفترة -1494
1502م،اكتشف خاللها الساحل الرئيسي من هندوراس إلى فنزويال،ومع ذلك فقد مات عام 1509م دون
ً
جديدا. أن يعلم أنه اكتشف عالما
لقد كانت اكتشافات كولومبس هو المفتاح الذي فتح الباب الواسع للمغامرين األسبان بعد ذلك ،ليقتحموا
ميدان الكشوف الجغرافية.
التوسع األسباني:
ُتعتبر الفترة الزمنية الواقعة ما بين عامي 1516م ،إلى العام 1600م ،هي فترة الكشوف الجغرافية البارزة
ألسبانيا ،حيث بلغت أسبانيا أوج عظمتها وانتشارها ،وقد تخلل هذه المدة الزمنية الطويلة ،قيام األسبان بعدة
إنجازات على مستوى الكشوف الجغرافية واالستعمار حول العالم ،وبالتحديد في الجزء الغربي منه ،وقد
رجحت هذه االنجازات كفة االستعمار في صالح األسبان لعقود طويلة ،وُ مكن تلخيص هذه االنجازات فيما
يلي:
-1إثبات كروية األرض ،وسنذكر ذلك بشيء من التفصيل عند حديثنا عن رحلة ماجالن فيما بعد.
-2االستيالء على المكسيك بقيادة فرديناند كورتيز ،وذلك في أغسطس عام 1521م ،وكان كورتيز قد شن
حملته األولى لالستيالء على حضارة االزتيك في المكسيك عام 1517م ،إال أنه جوبه بصمود شعب
األزتيك ،الذين قاوموه لفترة طويلة ،إلى أن تمكن من االستيالء على عاصمتهم.
-3االستيالء على أمريكا الجنوبية ،بالد الذهب والفضة ،وذلك بقيادة فرنسيسكو بيزارو ،وكانت أمريكا
7
الجنوبية تزخر بمناجم الذهب والفضة في هضبة بيرو وشيلي وبوليفيا.
-4احتالل منابع األمازون والبراجواي ،وهناك بدأ األسبان في تأسيس مدن اسبانية لهم ،واستغالل المناجم
على الوجه األكمل.
-5في النصف الثاني من القرن السادس عشر وصلت اسبانيا إلى فنزويال وكولومبيا بعد أن انقرض الجنس
األنكا.
امريكو فيسبوتشي:
مغامر ايطالي قام باكتشاف معظم ساحل أمريكا الجنوبية في الفترة 1501-1499م،وكتب مقاالً في عام
1503م ادعى فيه اكتشاف العالم الجديد،وقد أطلق اسمه على أمريكا الجنوبية وأمريكا الشمالية.
فرديناند ماجالن:
يُعتبر المالح البرتغالي فرديناند ماجالن ،وارث كريستوفر كولومبس فيما يتعلق بإمكانية الوصول إلى جزر
التوابل عن طريق الغرب بدالً من السير طريق رأس الرجاء الصالح ،وقد عرض أن يقوم بذلك على
الحكومة البرتغالية ،إال أنها رفضته لغضب ملك البرتغال عليه ،لذا لجأ إلى ملك إسبانيا شارل األول الذي
حب بالفكرة.
إثبات كروية األرض
في أغسطس 1519م ،خرج ماجالن من ميناء لوكار ،لتنفيذ فكرته وكان معه في حملته خمس سفن أسبانية
تأتمر بأمره ،واتجه ماجالن إلى الجنوب من المحيط األطلسي ،ثم إلى الجنوب الغربي ،حتى وصلت سفنه
ميناء ريودي جانيرو البرازيلي ،ثم مصب نهر ريودي الباتا ،وواصلت الحملة طريق السير بمحاذاة
الساحل الشرقي ألمريكا الجنوبية في اتجاه الجنوب ،واكتشف ماجالن عند ذلك مُضي ًقا أطلق عليه اسمه،
وفي نفس العام وصل المحيط الهادئ الذي أطلق عليه الباسفكي.
اتجهت الحملة بعد ذلك إلى الشمال الغربي في طريقها إلى جزر التوابل ،ووصلت الحملة في مارس
1521م إلى جزر الفلبين ،ظ ًنا من ماجالن أنها جزر التوابل ،وقد كانت هذه المصادفة في صالح أسبانيا،
حيث تم اكتشاف الجزر التي أطل َِق عليها اسم الفلبين ،نسبة إلى فيليب ابن الملك شارل األول.
إال أن ماجالن قد قُ ِت َل في إحدى المعارك مع البالد المفتوحة ،وتولى القيادة من بعده أحد مساعديه في أبريل
1521م ،وفي نوفمبر من العام نفسه وصلت الحملة إلى إحدى جزر التوابل بقيادة تيدور ،و ُحق َِق حلم
ماجالن ،وبعد ذلك بأربعة أشهر غادرت الحملة في طريق عودتها إلى أسبانيا عن طريق رأس الرجاء
الصالح بعد ان استغرقت الحملة ثالث سنوات ،وكان لها الفضل في اكتشاف عالم جديد بعيد عن القارات
القديمة المتصلة.
نظام االستعمار األسباني:اتصفت أعمال الغزاة األسبان بالنهب والسلب،والقسوة والعنف،وهو أمر قد دعت
إليه نشوة الغزو وحب الكسب العاجل ،وعندما استقرت األحوال وتجددت حركات االرتياد اتجه األسبان إلى
األخذ بسياسة استعمارية تقوم على االستغالل المنظم،وعمل األسبان على إدخال حضارتهم في البالد
األمريكية التي استولوا عليها،إذ أنهم قاموا بإدخال لغتهم وثقافتهم ودينهم إلى القارة الجديدة،كما أن حركة
البعوث الدينية التبشيرية التي أرسلتها اسبانيا سارت جنبًا إلى جنب مع حركات الغزو واالستعمار ،وأخذت
تنشر الكاثوليكية بين الوطنيين وتسعى إلى حمايتهم من االعتداء والتسخير ،ونجحت في ذلك إلى ح ٍد
بعيد ،...وقامت مدن جديدة بجوار مناطق المناجم والتعدين وازدحمت بالسكان،وكان السكان األصليون
يُسخرون في األعمال ،ولكن المستعمرين اضطروا إلى دفع أجور العمال،ثم لما تطلب التوسع زيادة في
األيدي العالمة أخذ المستعمرون يجلبون العبيد من أفريقيا( 20مليون نسمة من الزنوج في مدى ثالثة قرون
بين القرنين 15و.)18
ثم ما لبث المستعمرون أن أدركوا أن إنتاج المناجم قد اخذ يتناقص وأنها البد آيلة إلى الفناء ،ورأوا أنه من
األجدر بهم أن يتجهوا إلى فالحة األرض ،فجلبوا األعداد الغفيرة من الزنوج وسخروهم في زرع الغالت
الزراعية الجديدة.
حركة الكشوف االنجليزية:
في السابق ،كانت انجلترا تستغل موقعها الجغرافي ،وذلك باللجوء إلى القرصنة البحرية ،وكانت تعترض
السفن االسبانية القادمة من العالم الجديد قاصدة اسبانيا ،ومحملة بالمعادن النفيسة ،األمر الذي أدخلها-أي
8
انجلترا -في صراع مع اسبانيا ،انتهى أخيرً ا بتفوق االنجليز ،وذلك بعد أن هزموا األسطول االسباني
المسمى بـ"األرمادا" عام 1588م.
وعلى ذلك فإن انجلترا لم تقتحم مجال الكشوف الجغرافية إال متأخرً ا في القرن السابع عشر ،حيث تم في
عام 1606م ،تأسيسُ شركتان مالحيتان هما:
شركة لندن ،وشركة بليموت.
وتم االتفاق على أن تقوم الشركتان باالستيالء على الشاطئ األمريكي وإنشاء مستعمرات انجليزية به،
ضا على أن تكون لشركة لندن االستيالء على الجزء الجنوبي من الساحل الشرقي ،وأن تكون وا ُتف َِق أي ً
لشركة بليموت الجزء الشمالي من الساحل.
الكشوف الجغرافية:
-أول محاولة اكتشافيه حدثت عام1497م عندما أبحر اإليطالي "جون كابوت" من ميناء بريستول عبر
المحيط األطلسي للوصول إلى الهند من طريق آخر ،إال انه وصل إلى شواطئ أمريكا الشمالية عند جزيرة
نيوفوند.
-كذلك فقد أبحر فرويبشير جزيرة شتلند ،ومنها إلى جزيرة جرينالند ،وتم له كشف مضيق هدسن.
-أما جون ديفيز فقد كشف المضيق المسمى باسمه غرب جزيرة جرينالند.
نظام االستعمار اإلنجليزي:
لن أطيل كثيرً ا ،ولكن سنأخذ النظام االستعماري االنجليزي في أمريكا الشمالية كمثال ،ويمكن تلخيصه
بثالثة نقاط:
-1إقامة المستعمرات :وقد أسس االنجليز المهاجرون إلى أمريكا ،المستعمرات على الساحل الشرقي
ألمريكا الشمالية ،وقد تأسست أول مستعمرة انجليزية سنة 1607م في جيمس تاون ،وذلك بتشجيع من
شركة لندن اآلنفة الذكر ،ولم يأت عام 1665م ،حتى كان االنجليز قد أسسوا 7مستعمرات ،وهي
ماتشوستس ،كانيكتيكوت ،رودآيلند ،مين ،نيوهامبشير ،ميريالند ،وكارولينا.
-2االضطهاد :لجأ االنجليز إلى اضطهاد السكان األصليين من الهنود الحمر،وقد نشبت بين المستعمرين
والهنود الحمر حرب عام 1662م ،وانتهت بإبادة معظم هؤالء السكان.
-3الرق :أخذ المستعمرون اإلنجليز ،في جلب العبيد واألرقاء من أفريقيا ،وذلك كي يعملوا في الزراعة
والصناعة ،وكثيرً ا ما كان يتم خطف هؤالء األفارقة من بلدانهم األفريقية ،ثم يتم جلبهم قسرً ا إلى أمريكا كي
يعملوا في خدمة البيض.
النتائج االقتصادية-:
.1الثورة التجارية :تتمثل هذه الثورة في انتقال مركز التجارة في أوربا من البحر المتوسط إلى المحيط
األطلسي ،حيث طرق التجارة الجديدة ،إذ أدت حركة الكشوف الجغرافية إلى انتقال مراكز التجارة إلى
البحار الغربية والجنوبية،وبالتالي نهاية عهد البحر المتوسط،وانتقال القيادة إلى دول أوروبا الغربية.
كما أنها مهدت لتدفق الذهب والفضة ،وكانت أكثر دولتان استفادتا من هذا –في أول االمر -هما البرتغال
وإسبانيا.
فقد تدفقت كميات هائلة من الذهب والفضة على البرتغال من ساحل غرب أفريقيا ،واألكثر منها إسبانيا،
حيث أنها كانت تمتلك مساحات واسعة في أمريكا الشمالية والجنوبية-العالم الجديد ،-وكانت هذه
المستعمرات التي تملكها تفيض بمناجم الذهب والفضة ،حتى غدت السفن اإلسبانية تحمل العدد الكبير من
الذهب والفضة غير المُص َّنع ،ثم تقوم بصهره في سبائك وبيعه في أسواق أوروبا.
ومع دخول منافسين آخرين مجال االستعمار ،كهولندا ،وفرنسا ،وانجلترا ،لم تستطع إسبانيا من أن تحك َم
قبضتها لوحدها على المعادن النفيسة في مستعمراتها بالعالم الجديد ،وكان لدخول هؤالء الالعبين الجدد في
مضمار االستعمار ،أث ٌر كبير أدى إلى زيادة كبيرة في كميات المعادن النفيسة ،األمر الذي نتج عنه توافر
العملة بشكل كبير في أوروبا مما أدى على زيادة األسعار.
كما ترتب عن حركة الكشوف أن تحولت الثروة من طبقة المالك األرض إلى طبقة جديدة وهي طبقة
التجار.
.2استثمار رؤوس األموال :بعد أن زادت رؤوس األموال في الدول االستعمارية ،بدأت الرغبة فيها
الستثمار رؤوس األموال هذه ،وخاصة في مجال الصناعة ومجال الزراعة ،لذا توجهت الدول االستعمارية
9
إلى استعمار وامتالك الدول التي يتوافر بها المواد الخام الالزمة للصناعة أو تلك الدول ذات المناخات
المالئمة للزراعة ،وبدأت المُسْ تعمرات تلعبُ –مُرغمة في ذلك -دور مزدوج في التصدير واالستيراد ،فهي
مصدر هام للمواد الخام وسوق لتصريف هذه المنتجات بعد ذلك ،وفي الزراعة ،اس ُتخ ِد َمت رؤوس األموال
في تنمية مواد ومحاصيل زراعية نقدية غالية الثمن كالبُن ،كما فعلت هولندا مع اندونيسيا.
.3إنشاء المؤسسات المالية :وبناء على ما سبق من نمو لرؤوس األموال ،وتنامي الصناعة والزراعة ،أتى
دور التجارة لتزدهر أكثر ،فقد لجأ بعض القادرين إلى إنشاء بورصات عالمية حيث تتركز فيها العمليات
التجارية من بيع وشراء وتحديد األسعار العالمية ،وأ ّدى هذا إلى التركيز الشديد في العمليات التجارية ،ومن
البورصات بورصة ليون ،Lyonوبورصة أنفرس ِ.Anvers
.4تدهور البالد العربية :كان العرب يلعبون دور الوسيط في حركة القوافل التجارية المتجهة من الشرق –
الهند والصين -إلى الغرب –أوروبا ،-وكان هذا الدور َي ُدرُّ عليهم أرباحً ا طائلة نتيجة للضرائب المفروضة
على هذه البضائع ،وكان ذلك يعود بالفائدة الكبيرة للدول الكبيرة ،إال أنه بعد اكتشاف طريق األطلسي
ورأس الرجاء الصالح ،فقد فقدت بذلك البالد العربية هذه الفائدة ،ثم أصاب األسواق العربية الكساد والفقر.
10
هذه المنطقة كانت لهم معتقداتهم الدينية الخاصة بهم ،كما أن اإلسالم قد سبق المسيحية إلى هذه البالد،
وترسخ في أهلها منذ عقود عديدة.
.3انتقال أهالي المستعمرات من العصر الوسيط إلى العصر الحديث :انتقل أهالي المُستعمرات من العصر
الوسيط إلى العصر الحديث ،وذلك بملبسهم ومأكلهم وتغير شمل أغلب مظاهر ثقافتهم ،وذلك لتستطيع أن
ُتساير في عالقتها مع مُستعمريها.
.4تغير حياة أهالي المستعمرات :نشأة طبقة اجتماعية من التجار في المُستعمرات ،يعملون في التجارة مع
الدول المُستعم َِرة وفي خدمتها ،مما أدى إلى ازدياد ثرواتها ،ثم إن هذه الطبقة تطلعت إلى النفوذ السياسي،
كما بدأت تنمو في إطار االنتقال التدريجي من الداخل إلى الخارج ،حيث السواحل التي ُتعتبر مراكز تجارية
كبيرة.
راب ًعا :النتائج االجتماعية-:
.1التفرقة العنصرية :أرست حركة االستعمار نظام التفرقة العنصرية في المستعمرات ،حيث كان البيض
دائمًا هم األسياد واآلخرون مهما اختلفت ألوانهم هم العبيد ،وفي خدمة أسيادهم البيض ،ولقد صيغت قوانين
وأنظمة تتيح للمُستعمِر األبيض أن يتملك بالسلب وبالقوة من األراضي والموارد االقتصادية ما لم يمتلكها
األبيض ،كما أباحت لهم حرية استغالل البشر والحجر كيفما شاءوا.
وج ْور ال ُغزاة ،وكانت المعاناة تختلف
.2معاناة سكان المُستعمرات :عانى سكان المُستعمرات كثيرً ا من ظلم َ
من مكان آلخر ،رغم تماثلها في الشدة واأللم ،فهناك المُعاناة االقتصادية التي فرضتها هولندا على
االندونيسيين بإجبارهم على زراعة محاصيل ال حاجة لالندونيسيين فيها ،ولكنها تدر على الهولنديين مبالغ
هائلة ،وكذلك فلقد كان البرتغاليون يضطهدون المسلمين دينيًا بتخييرهم بين الدخول في المسيحية أو القتل،
كما عمل البريطانيون والفرنسيون ،واألسبان -من قبلهم -على تنفيذ أبشع جرائم اإلبادة في حق السكان
األصليين ،وذلك في المناطق التي احتلوها والسيما في أمريكا الشمالية ،إال أن الوضع في أمريكا الجنوبية
قد بلغ درجة أقل حدة ،إذ كان السكان األصليون يندمجون مع المُستعمرين في حياتهم ويتعلمون لغتهم،
ويعملون في خدمتهم ،ويعتنقون دينهم.
الخ ــاتمة
في النهاية أرجو أن أكون قد قدمت ما أفادكم و زاد من معرفتكم بالكشوف الجغرافية و بعض الدول التي
قامت بها حيث تناولنا أسباب الكشوف الجغرافية و التي تعددت من دينية إلى اقتصادية وغيرها ثم تناولنا
بعض الدول النشطة في الكشوفات الجغرافين اختتمنا البحث ببعض النتائج االقتصادية واالجتماعية و
الثقافية والسياسية .
المراجع:
" - 1تاريخ أوروبا الحديث من عصر النهضة إلى مؤتمر فيينا" لـ:عبدالحميد البطريق.
" - 2تاريخ اوروبا الحديث والمعاصر من عصر النهضة إلى الحرب العالمية الثانية" لـ:ميالد
القرحي.جامعة قاريونس-ليبيا.
11
" - 3التاريخ األوروبي الحديث من عصر النهضة إلى الحرب العالمية األولى" لـ :عبدالعزيز نوار
محمود محمد جمال الدين.
الفهــرس
12
الفهرس ..................................... 13
13