You are on page 1of 11

‫األدب واألدبية ـ أوكتابيو باث ـ ترجمة‪ :‬إدريس المصمودي ومحمد القاضي‬

‫•‬
‫•‬

‫األحد‪ 01 ,‬أيار ‪16:29 2016‬‬


‫ترجمة‪ :‬إدريس المصمودي ومحمد القاضي‬
‫الزيارات‪9509 :‬‬
‫‪0inPartager‬‬
‫‪Share on Thumblr‬‬

‫فكل قراءة هي ترجمة وكل نقد هو بداية للترجمة‪ ،‬ولكن القـراءة هي ترجمـة‬
‫داخل نفس اللغة‪ ،‬والنقد هو ترجمة حرة للقصيدة أو أكثر تــدقيقا هــو (عمليــة‬
‫النقل) للناقد‪ ،‬فالقصـيدةـ هي نقطـة االنطالق نحــو نص آخــر‪ ،‬نصـه هــو‪ ،‬بينمــا‬
‫المترجم في لغــة أخــرى وبعالمــات مخالفــة‪ ،‬عليــه أن ينظم قصــيدةـ مشــابهة‬
‫لألصل‪.‬‬
‫هه‌موو خوێندنه‌وه‌یه‌ك وه‌رگێڕانێكه‌ و هه‌موو ڕه‌خنه‌یه‌كیش س ـه‌ره‌تایه‌كه‌ بــۆ‬
‫وه‌رگــێڕان‪ .‬به‌ڵام خوێنــدنه‌وه‌ وه‌رگــێڕانه‌ له‌ نێــو هه‌مــان زمانــدا‪ .‬ڕه‌خنه‌ش‬
‫وه‌رگــێڕانێكی ئــازادی قه‌ســیده‌یه‌‪ ،‬یــان وردتــر‪( ،‬پرۆس ـه‌ی گواســتنه‌وه‌یه‌) بــۆ‬
‫ڕه‌خنه‌‪ .‬قه‌سیده‌ خاڵی ده‌سپێكردنه‌ به‌ره‌ و تێكستێكی تر‪ ،‬تێكسته‌كه‌ی ئه‌و‪ ،‬له‌‬
‫كاتێكــدا وه‌رگــێڕ له‌ زمــانێكی تــر و به‌ نیشــانه‌ی جیــاواز‪ ،‬ده‌بێت قه‌ســیده‌یه‌ك‬
‫بنووسێته‌وه‌ هاوشێوه‌ی ئه‌سڵه‌كه‌ بێت‪.‬‬
‫إن تعلم الكالم يشـبه الترجمـة‪ ،‬فعنـدما يسـأل الطفـل أمـه عن مـدلول هـذه‬
‫الكلمــة أو تلــك‪ ،‬فهــو في الحقيقــة يطلب من أمــه أن تــترجم إلى لغتــه تلــك‬
‫الكلمة التي يجهلها‪ ،‬إن الترجمـة ضـمن لغـة واحـدة ليسـت ترجمـة جوهريـة‪،‬‬
‫وعلى هذا األساس فهي ال تختلــف في هــذا المعــنى عن الترجمــة بين لغــتين‪،‬‬
‫وتاريخ كل الشعوب يكرر التجربة الصبيانية‪ ،‬بل وحتى القبائل المعزولة عليهــا‬
‫أن تواجه في وقت من األوقات لغة شعب غريب عنها‪ .‬إن الدهشــة والغضــب‬
‫والرعب أو الحيرة المسلية التي نشعر بها أمام أصوات اللغة الــتي نجهلهــا‪ ،‬ال‬
‫تلبث أن تتحول إلى شك حول اللغة التي نتحدثها‪ ،‬وعندئذ تفقد اللغة عالميتهــا‬
‫وتنكشف لنا في تعددية اللغات‪ ،‬كلهــا غريبــة وغامضــة يصــعب التعــرف عليهــا‬
‫كلها‪ .‬في القديم كانت الترجمــة تبــدد هــذا االرتيــاب مــا دامت اللغــة العالميــة‬
‫منعدمة‪ ،‬فاللغات جميعها تكون مجتمعا عالميا يصــبح فيــه الجميــع بعــد التغلب‬
‫على بعض الصــعوبات يتفــاهمون ويســتوعبون‪ ،‬ويــدركون أن النــاس يقولــون‬
‫دائما نفس األشياء رغم تعدد اللغات‪ .‬إن الجواب عن هذا الغموض والبلبلة هو‬
‫عالمية المضمون‪.‬‬
‫هناك لغات كثيرة ولكن معنى واحـد‪ ،‬إن باسـكال وجـد في تعـدد األديـان دليال‬
‫قويــا على صــدق المســيحية‪ ،‬فالترجمــة تتجــاوب مــع الفكــر القائلــة بســهولة‬
‫العالمية على تعدد اللغات‪ .‬وهكذا لم تكن الترجمة تجربة إضافية فحسب‪ ،‬بــل‬
‫ضـمانة قويـة على وحـدة النفس‪ .‬إن العصـر الحـديثـ حطم ذلـك اليقين حين‬
‫أعــاد اكتشــاف التنــوع الالنهــائي لألمزجــة والميــول‪ ،‬وأمــام المنظــر المتعــدد‬
‫للعادات واألنظمة بدا اإلنسان الهمجي استثناء يجب إلغاؤه عن طريق اعتناقه‬
‫للدين أو إبادته بالتنصيرـ أو السيف‪ ،‬إن الهمجي الذي كان يظهر في صــالونات‬
‫القرن الثامن عشر هو مخلوق جديد حتى وإن تكلم بإتقان لغة مضيفه‪ ،‬يجسد‬
‫استغرابا ال يمكن اختزاله‪ ،‬إنه ليس ذات العتناق الدين‪ ،‬وإنما هو ذاتية للجــدل‬
‫والنقد‪-‬أصالة رأيــه‪ ،‬وبســاطة عاداتــه وحــتى عنــف عواطفــه هي دليــل جنونــه‬
‫وزهوه‪ ،‬إذا لم يكن هناك عار التنصير واعتناقه المسيحية‪.‬‬
‫تغيير االتجاه‪:‬‬
‫من خالل البحث الديني عن ذاتية عالمية‪ ،‬يليه فضول فكري مرهون باكتشاف‬
‫اختالفــات ليســت أقــل عالميــة‪ .‬إن الغرابــة تتوقــف عن كونهــا تضــليال لتصــبح‬
‫نموذجا‪ ،‬نموذجيتها المفارقة‪ ،‬والمكاشفة = الهمجي هو الحنين الذي يحس به‬
‫المتحضر‪،‬ـ األنا اآلخر‪ ،‬نصفه ضــائع‪ .‬والترجمــة تعكس هــذه التحــوالت‪ ،‬إنهــا لم‬
‫تنزع إلى توضيح الهوية النهائيــة لإلنســان‪ .‬وإنمــا هي وســيلة اتصــال لفرادتــه‪،‬‬
‫وظيفتها كانت تقتضي الكشف عن التشــابه الــذي يعلــو عن االختالفــات‪ ،‬ومن‬
‫اآلن فصاعدا يظهر أن تلــك االختالفــات ال يمكن تجاوزهــا‪ ،‬ســواء تعلــق األمــر‬
‫بغرابة الهمجي أو بجارنا القريب‪ .‬هنـاك فكـرة للـدكتور "جونسـون" من خالل‬
‫حديثي معه في رحلة‪ ،‬إذ عبر جيدا عن الموقف الجديد قائال "إن ورقة واحــدة‬
‫من العشب هي دائما ورقـة العشـب‪ ،‬كيـف مـا كـانت البالد الـتي توجـد بهـا‪..‬‬
‫الرجال والنساء هما موضوع أبحاثي الدراسية = لنر كيف يختلفون عن أولئك‬
‫الذين تركناهم وراءها"‪.‬‬
‫إن عبارة الدكتور جونسون تحمل مدلولين من خاللهمــا يعطينــا تصــورا ســابقا‬
‫عن الطريق المضاعف الذي كان على العصر الحديثـ أن ينهجه‪.‬‬
‫األول‪ :‬يتعلق بالفصل بين اإلنسان والطبيعة‪ ،‬الفصل الذي تحول إلى معارضــة‬
‫وصراع‪ ،‬فالمهمة الجديــدةـ لإلنســان ليســت عي اإلنقــاذ وإنمــا الســيطرة على‬
‫الطبيعة‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬يتعلق بالفصــل بين اإلنســان وأخيــه اإلنســان‪ .‬فالعــالم لم يعــد عالمــا‬
‫واحدا إنه كلية غير قابلة للتقســيم‪ .‬وينفصــل في الطبيعــة والثقافــة‪ ،‬والثقافــة‬
‫نفسها توزعت إلى قطع ثقافات‪.‬‬
‫تعدد اللغات والمجتمعات‪:‬‬
‫إن كل لغة تمثل رؤية للعالم‪ ،‬وكل حضارة هي عالم مستقل بذاته‪ ،‬فالشمس‬
‫التي يتغنى بها الشعر األثــتيكي (من أهــالي المكســيك األصــليين) تختلــف عن‬
‫شمس النشيد المصري‪ ،‬رغم أن الكوكب هو نفسه‪.‬‬
‫خالل أكــثر من قــرنين من الــزمن‪ ،‬أوال كــان الفالســفة والمؤرخــون واآلن‬
‫األنــثروبولوجيون واللغويــون قــد جمعــوا الحجج عن االختالفــات الــتي ال يمكن‬
‫حصرها بين األفراد والمجتمعات والعصور‪ ،‬إن االنقسام الكبيرـ األقل عمقا من‬
‫ذلــك القــائم بين الطبيعــة والثقافــة هــو الــذي يفصــل بين األفــراد البــدائيين‬
‫والمتحضرين‪ ،‬وبالتالي التعــدد وعــدم التجــانس بين الحضــارات‪ .‬وبــداخل كــل‬
‫حضارة تولــدت االختالفــات = فاللغــات الــتي تســاعدنا على االتصــال ببعضــنا‬
‫تحجزنا كذلك في شبكة غير مرئية من األصوات والمــدلوالت بشــكل أصــبحت‬
‫معها األمم سجينةـ اللغات التي تتكلمها‪ .‬وبداخل كل لغة تتوالد االنقسامات =‬
‫الحقب التاريخية‪ ،‬الطبقات االجتماعية‪ ،‬األجيال‪.‬‬
‫أمــا بالنســبة للعالقــات بين األفــراد المعــزولين والــذين ينتمــون إلى نفس‬
‫الجماعة‪ ،‬فإن كل واحد هو سجين حي في أناه‪.‬‬
‫كل هذا كان بإمكانه أن يفقد حماسة المـترجمين‪ ،‬ولكن العكس‪ ،‬فعـبر حركـة‬
‫متناقضة وإضافية يترجم أكثر وأكثر‪ ،‬وسـبب هـذه المفارقـة التاليـة‪ ،‬من جهـة‬
‫فإن الترجمة تلغي التباين بين لغة وأخرى‪ ،‬ومن جهة أخــرى تكشــفها بالتمـام‪.‬‬
‫وبفضل الترجمة نتعرف على أن جيراننا يتكلمـون ويفكـرون بطريقـة مختلفـة‬
‫عن طريقتنا‪ .‬في طرف يبدو لنــا العــالم كأنــه مجموعــة من المختــارات‪ ،‬وفي‬
‫الطرف اآلخــر كأنــه مواقــع فوقيــة من نصــوص‪ ،‬كــل واحــد منهــا مغــاير بعض‬
‫الشيء عن سابقه = ترجمات لترجمات‪ .‬وكل نص هو وحيد ويقوم بنشــاطين‬
‫في نفس الوقت‪ ،‬إنه ترجمــة لنص آخــر‪ ،‬وال يوجــد نص أصــيل في كليتــه‪ ،‬ألن‬
‫اللغة نفسها في جوهرها ترجمة = أوال للعالم الالمنطوق وبعــد ذلــك ألن كــل‬
‫عالقة وكل جملة هي ترجمة عالمة أخرى وجملــة أخــرى‪ .‬ولكن هــذا التعليــل‪،‬‬
‫يمكن استثماره دون أن يفقد صالحيته‪ .‬كل النصــوصـ هي نصــوص أصــلية ألن‬
‫كل ترجمة هي مغايرة ألخرى‪ ،‬وكل ترجمة هي بدرجة ما ابتكار وهكــذا تكــون‬
‫النص الوحيد‪.‬‬
‫إن االكتشــافات األنتروبولوجيــة واللســانية ال تــدين وال تحكم على الترجمــة‪،‬‬
‫ولكن تدين الفكرة الساذجة عن الترجمـة‪ ،‬أي الترجمـة الحرفيــة الـتي نطلــق‬
‫عليها في اللغة اإلسبانية (الخديم) [‪ .]SERVIL‬ـ ال أقول إن الترجمــة الحرفيــة‬
‫غير مستحيلة وإنما هي ليست ترجمة‪ ،‬بل هي جهاز يتكون غالبا من صـف من‬
‫الحروف ليساعدنا على قراءة النص في لغته األصلية‪ .‬إنــه شــيء أكــثر قرابــة‬
‫إلى القاموس منه إلى الترجمة التي تعتبر دائما عملية أدبية‪ ،‬في كل الحاالت‪،‬‬
‫وبدون استثناء تلك النصوص التي تحتاج إلى ترجمة المعــنى‪ ،‬كمــا هــو الشــأن‬
‫في األعمال العلمية‪ ،‬فالترجمة تقتضي تحويل األصــل‪ ،‬ذلــك التحويــل الــذي ال‬
‫يمكن أن يكون غير أدبي ألن كــل الترجمــات هي عمليــات تخــدم شــكلين من‬
‫التعبير حسب "رومان جاكسون" تختزل جميعها اإلجــراءات األدبيــة = الكنايــة‬
‫والمجاز‪.‬‬
‫إن النص األصلي ال يظهر مرة ثانية أبدا (وسيكون مســتحيال) في لغــة أخــرى‪،‬‬
‫ومع ذلك فهو حاضر دائما ألن الترجمة وبدون أن نقولهــا تــذكره باســتمرار أو‬
‫تحوله إلى شيء شــفاهي أو نــاطق وإن كــان مختلفــا يعيــد إنتاجــه = الكنايــة‬
‫والمجاز‪ ،‬وفي اختالفهما عن الترجمات التفسيرية وتكـرار نفس الجمـل‪ ،‬وهي‬
‫أشــكال صــارمة وليســت جمال بالضــبط = األولى هي عبــارة عن وصــف غــير‬
‫مباشر والثانية معادلة كالمية‪.‬‬
‫إن الحكم الكبير حول إمكانية الترجمة ســقط على الشــعر‪ ،‬وهــو حكم فريــد‪،‬‬
‫وإذا تذكرنا بأن الكثير من األشعار الممتازة في كل لغة من لغات الغــرب هي‬
‫ترجمات‪ ،‬وإن الكثير من تلك الترجمات هي أعمال لشعراء كبار‪ .‬منذ ســنوات‬
‫حدد الناقد واللغوي الفرنسي (جورج مونان) في كتابه الذي عـالج فيـه قضـية‬
‫الترجمة أنه بصفة عامة‪ ،‬وإن كان ممكنا ترجمة المدلوالت الدالــة للنص‪ ،‬غــير‬
‫أنه يكاد يكون اإلجماع حول الرأي الذي يحكم على استحالة ترجمة المدلوالت‬
‫التي تدل على أكثر من معنى‪.‬‬
‫إن واقع األصداء واالنعكاسات والعالقات بين الصــوت والمعــنى‪ ،‬فالشــعر هــو‬
‫نسيج من الدالالت‪ ،‬إذا فهو ال يترجم‪ .‬أشـمئز من هـذا الـرأي ليس فقـط ألنـه‬
‫يتعارض مع الصورة التي رسمتها عن عالمية الشعر بـل يتأسـس ويقــوم على‬
‫مفهوم خاطئ عن ماهية الترجمة‪ ،‬الكثير ال يشاركني هذا الــرأي‪ ،‬والكثــير من‬
‫الشعراء المعاصرين يؤكدون باستحالة ترجمة الشعر‪ ،‬أحيانـا يهـزهم حب غـير‬
‫معتدل للمادة الشفاهية أو ألنهم وقعوا في فخ الذاتية‪.‬‬
‫فتح قاتل كمــا ينــذرنا (الشــاعر اإلســباني فرانسيســكو كيبيــدو ‪)1645-1580‬‬
‫قائال‪ :‬مياه الهاويــة‪/‬حيث أعشــق نفســي‪ .‬ومثــال آخــر من هــذا الولــع اللفظي‬
‫نجده عند شاعر إسباني آخر هو (ميغل دي أونامونو ‪ )1939-1864‬في إحدى‬
‫انطالقاته الغنائية الوطنية يقول‪:‬‬
‫آبلة‪ ،‬مالقا‪ ،‬كاتيريس‬
‫شاطبة‪ ،‬ميريدا‪ ،‬سيبولبيداـ‬
‫أوبيدا‪ ،‬أريبالو‪ ،‬فروميستا‬
‫توماراكا‪ ،‬سالمنكا‪،‬‬
‫تورنيكانو‪ ،‬سرقسطة‪،‬‬
‫ليريدا‪ ،‬تامرا ماال‬
‫إنكم أسماء جسم سليم‪،‬‬
‫أحرار‪ ،‬حقيقية من بيان‪،‬‬
‫الرمام التي ال تترجم‬
‫في لغتنا اإلسبانية‪.‬‬
‫إن الرمــام غــير القابلــة للترجمــة في اللغــة اإلســبانية هي اســتعارة غريبــة‬
‫(الرمــام‪ ،‬واللغــة) ولكنهــا تــترجم تمامــا وتلمح إلى ترجمــة عامــة‪ .‬الكثــير من‬
‫الشعراء استخدمواـ نفس األسلوب البالغي‪ ،‬كما توجد في لغــات أخــرى لــوائح‬
‫من الكلمات المختلفة ولكن القــرائن والتــأثر والمعــنى هي قياســية‪ .‬إنــه أمــر‬
‫عجيب بالنسبة لآلخرين على عــدم ترجمــة ذات إســبانيا المتكونــة من مــيراث‬
‫أســماء رومانيــة وعربيــة وســلنية إيبيريــة وباســكية‪ .‬ونفس الشــيء فعلــه‬
‫(أونــامونو) حين تــرجم إلى اللغــة الفشــتالية مدينــة قطالنية (‪)LIEIDA‬ـ إلى (‬
‫‪)LERIDA‬ـ واألكثر غرابة وبــدون قصــد فإنــه يفنــد مــزاعم عــدم ترجمــة هــذه‬
‫األسماء = لنقرأ هذه األبيات للشاعر الفرنسي (فيكتور هوجو) والتي نقتبسها‬
‫من قصيدة له‪:‬‬
‫‪Et tout tremble, IRUN, coimbre‬‬
‫‪,Santander, Almodovar‬‬
‫‪Sitot qu'on entend le timbre‬‬
‫‪Des Cymbals de Bivar‬‬
‫في اإلسبانية كما في الفرنسية المعنى والتأثر هما نفسهما كاألسماء الخاصة‪،‬‬
‫غير قابلين للترجمة بدقة‪ .‬إن "هوجـو" يقتصـر على تكرارهمـا باإلسـبانية دون‬
‫أن يحاول فرنستهما‪ .‬هذا التكرار هو فعال ألن هذه الكلمــات مجــردة من كــل‬
‫مــدلول دقيــق وقابــل للتحــول إلى أصــوات شــفاهية حقيقيــة تــرن في النص‬
‫الفرنسي باستغرابأكثر لميعد حتى في اللغة الفشتالية (اإلســبانية)‪ .‬فالترجمــة‬
‫صعبة جدا ولكنها ليست أقل صعوبة من كتابة النصوصـ تقريبا‪ .‬ولكنهــا ليســت‬
‫مستحيلة‪.‬‬
‫إن أشعار "هوجو" و"أونامونو" توضح أن المدلوالت الــتي تــدل على أكــثر من‬
‫معنى يمكنهــا أن تحفــظ كمــا هي‪ ،‬إذا حقــق الشــاعر المــترجم تكــرار الحالــة‬
‫الشفاهية للنص الشعري الذي رصعه‪ .‬إن الشاعر (والس ستيفنسـ ‪Wallace‬‬
‫‪ )Stevens‬قد منحنا حظا من الخيال المثالي في فقرة عجيبة حيث يقول‪:‬‬
‫‪The hart hidage‬‬
‫‪Lives in the mountainous character of is speech‬‬
‫‪And in that mountainous mirror spain acquires‬‬
‫‪The knowledge of spain of the hidalgo’s hat‬‬
‫‪,A seeming of the spaniard, a style of lif‬‬
‫‪…The invention of a nation a frase‬‬
‫إن اللغة تصير منظرا طبيعيا‪ ،‬وهــذا المنظــر هــو ذاتــه ابتكــار مجــازي ألمــة أو‬
‫شخص الطبوغرافية الشفاهية حيث الكل يتواصل‪ ،‬كل هذا ترجمــة = الجمــل‬
‫عبارة عن سلسلة جبلية وهذه الجبال عبارة عن عالمات‪ ،‬إنها رمــوز لحضــارة‬
‫ما‪ .‬ولكن لعبة اإلصدار والمراسالت الشفاهية سريعة جدا تخف خطرا حقيقيا‪.‬‬
‫إننا نحاط بالكلمات من جميع الجهات‪ ،‬وثمة لحظــة نحس فيهــا بالمفاجــآت =‬
‫حرج الغرابة في العيش بين األسماء وليس بين األشياء أن تكون لنا أسماء‪.‬‬
‫بين األسلة وحلول المساء‪..‬‬
‫يا للغرابة أن ينادوني فيديريكو‬
‫كذلك هذه التجربة هي عالمية = إن غارسيا لوركا كان سيحسـ بنفس الغرابة‬
‫لو أنه كان يدعى (توم) أو (جان) أو (شوانكترو)‪.‬‬
‫وفقدان اسمنا يشبه فقدان ظلنــا أو يختزلنــا إلى ظــل‪ .‬إن غيــاب العالقــة بين‬
‫األشياء وأسمائها هي عدم االحتمال المضاعف‪ .‬إما أن المعــنى تبخــر وإمــا أن‬
‫األشياء تتالشى‪ .‬إن عالما من المعاني الصرفة هو عالم قاحــل كعـالم األشــياء‬
‫بدون معــنى‪ ..‬بــدون أســماء‪ .‬فاللغــة تعيــد العــالم قــابال للتعمــير‪ .‬وفي لحظــة‬
‫الحيرةـ أمام غرابة أن يدعى "فيديركو"ـ و"شوبى" يحدث مباشرة ابتكار اســم‬
‫آخر‪ ،‬االسم الذي يترجم بطريقة ما االسم القديم = مجازا أو كناية دون قوله‪.‬‬
‫في السنوات األخيرة ربما يرجع ذلك إلى أن اإلمبريالية اللســانية تــنزع أحيانــا‬
‫إلى تصغير الطبيعة الرفيعة األدبية للترجمــة‪ .‬ال‪ ،‬ولن يكــون هنــاك علم خــاص‬
‫بالترجمة‪ ،‬رغم أن هذه األخيرة يمكن بل يجب دراسـتها علميـا‪ .‬كمـا أن األدب‬
‫نفسه بطريقة ما هو وظيفة متخصصةـ في اللغة‪ ،‬فالترجمــة الحقيقيــة‪ ،‬ســوف‬
‫تنجز عملية أدبية‪ ،‬ولن نقوم بشيء مخالف لما يقوم به المترجمون‪.‬‬
‫الترجمة هي المهمة التي تطرح فيها العلوم اللغوية الضرورية‪ ،‬والحاسم فيهــا‬
‫هو مبادرة المترجم‪ ،‬فليكن هــذا آلــة مبرمجــة من طــرف اإلنســان‪ ،‬أو إنســان‬
‫محاط بالقواميس‪/‬وحتى نقتنع لنستمع إلى (أرثور فــاليي ‪:)Arthur Walley‬‬
‫إنهم يختفــون وراء النصــوص‪ ،‬وإذا عــرف قصــدهم‪ ،‬يبــدأون في الحــديثـ عن‬
‫أنفسهم باستثناء الحالة الغريبــة للتعــابير المحــددةـ والمبســطة كهــذه الجملــة‬
‫(القط يصطاد الفأر) وقليلة هي الجمل التي تملك المرادف الحرفي التام في‬
‫لغة أخرى‪ .‬إن المشكل يتجلى في االختيار بين مختلــف التقاربــات‪ .‬قــد يكــون‬
‫من الصعب أن تضيف كلمة أكثر من هذا التصريح‪ .‬نظريا‪ ،‬الشعراء يمكن لهم‬
‫ترجمــة الشــعر‪ ،‬وفي الواقــع إنهــا مــرات قليلــة فقــط يكــون فيهــا الشــعراء‬
‫مــترجمين ممتــازين‪ ،‬وليســوا كــذلك ألنهم في كثــير من األحيــان يســتعملون‬
‫قصيدة الغير كنقطة انطالق لكتابة أشعارهم‪ .‬إن المــترجم الكفء يتحــركـ في‬
‫اتجــاه معــاكس‪ :‬نقطــة وصــوله هي القصــيدة المشــابهة مــا دامت ال تطــابق‬
‫القصــيدةـ األصــل‪ ،‬إنــه ال يبتعــد عن القصــيدةـ وإنمــا يتابعهــا عن قــرب أكــثر‪.‬‬
‫والمترجم الكفء للشعر هو مترجم زيادة على أنه شاعر مثل (أرثور فــاليي)‪،‬‬
‫فهو شاعر عالوة على أنه مترجم متضــلع‪ .‬وفي حــاالت أخــرى قــام (نبيريــال)‬
‫بمحاكاة تستحق اإلعجاب‪ ،‬والحقيقة هي أنها قصــائد أصــلية للشــاعر "غوتــه"‪،‬‬
‫و(جان بول) وشعراء آخرين ألمان‪ .‬إن المحاكاة هي أخت للترجمة‪ :‬تتشــابهان‬
‫ويجب أن نميز بينهما‪ .‬إن سبب عجز كثير من الشــعراء عن ترجمــة الشــعر ال‬
‫يترتب عن عملية نفسانية خالصة‪ ،‬رغم أن الذاتية لها دورها هنا إذا لم تتحرك‪:‬ـ‬
‫فالترجمة الشعرية حســب مــا ســأبين هي عمليــة مشــابهة لإلبــداع الشــعري‪،‬‬
‫وتظهر فقط في معنى عكسي‪.‬‬
‫إن كل كلمة تتضمن تعددية المعاني المضمرة‪ ،‬وفي لحظــة التــداعي تشــترك‬
‫الكلمة مع الكلمات األخرى لتكون جملة‪ ،‬فإن أحد هــذه المعــاني يصــبح راهنــا‬
‫ويسيطر‪ ،‬أما في النثر فإن المعنى يصبح عامــا بينمــا هــو –وكمــا قيــل مــرارا‪-‬‬
‫واحد من مميزات الشعر‪ ،‬ربما ألن األصل هو الحفــاظ على تعدديــة المعــاني‪.‬‬
‫في الحقيقة يتعلق األمر بالخاصية العامة للغة‪ ،‬والشــعر يبرزهــا ولكن بليونــة‪،‬‬
‫وتظهر كذلك في لغة التخاطب العادي وحتى في النثر‪ .‬لقد وقــف النقــاد على‬
‫هذه الخاصية المركبة للشعر‪ ،‬مع عدم تحديـد المـدلول الـذي يناسـب خاصـية‬
‫أخرى كذلك باهرة –عدم حركيــة العالمــات‪ .‬الشــعر يحــول اللغــة جــذريا وفي‬
‫اتجاه معاكس التجاه النثر‪ .‬إن حركة العالمات تقابلها النزعة لتثــبيت المــدلول‬
‫الواحد‪ ،‬وفي حالة أخرى تتم مقابلة حركة تعدد المدلول الــذي لــه تطــابق مــع‬
‫تثبيت العالمات‪.‬‬
‫إن اللغة هي منظومة من العالمات الحركية‪ .‬إنها تستطيع إلى حد ما أن تكون‬
‫قابلة للمقايضة‪ ،‬والكلمة يمكن أن تعوض بأخرى‪ ،‬وكل جملــة يمكن أن تكــون‬
‫منطوقة (مترجمة) بأخرى (الباروديــا) عنــد "بــيريس" ‪ Peirce‬ويمكن القــول‬
‫بأن مدلول أية كلمة هو دائما كلمة أخرى‪ ،‬وللتأكد من ذلك يكفي التذكير كمــا‬
‫تساءلنا ما تعــني هــذه الجملــة؟ فيكــون الجــواب بجملــة أخــرى‪ .‬إذن فال نكــاد‬
‫ندخل ميدان الشعر حتى نجد الكلمات تفقد حركيتهــا والتبــادل الــداخلي فيمــا‬
‫بينها‪ .‬إن معاني القصيدةـ متعددة ومتغيرة وكلمات نفس القصــيدةـ هي وحيــدة‬
‫بها وغير قابلة لتعويضها بكلمات أخرى وتغييرها يعني هدم القصيدة‪.‬‬
‫فالشعر‪ ،‬دون أن يتخلى عن كونه لغة‪ ،‬شيء أكثر من اللغة‪ ،‬والشاعر الغــارق‬
‫في حركية اللغة متواصل ذهابا وإيابا بتعبيره الشفاهي‪ ،‬ينتقي بعض الكلمــات‪،‬‬
‫أو ينتقى من طرفها‪ ،‬وعند تنسيقها يكون قصيدته‪ .‬الموضوع الشفاهي لمكون‬
‫من العالمات ال يعوض وغير قابل للحركة‪ .‬إن نقــط انطالق المــترجم ال تكمن‬
‫في حركية اللغة (المادة األولية) للشاعر‪ ،‬وأغاني اللغة الثابتــة للقصــيدة‪ .‬لغــة‬
‫مجهدة ومع ذلك فهي حية تامة‪ ،‬وعمليتها معاكســة للشــاعر‪ ،‬وال يتعلــق األمــر‬
‫ببنـاء نص غـير قابــل للحركــة بعالمــات حركيــة وإنمـا فـك عناصــر ذلــك النص‬
‫ووضعه من جديد في تداول العالمات وإرجاعه إلى لغة‪.‬‬
‫إلى هنا يبقى نشاط المترجم أشبه بنشاط القــارئ والناقــد‪ ،‬فكــل قــراءة هي‬
‫ترجمة وكل نقــد هــو بدايــة للترجمــة‪ ،‬ولكن القــراءة هي ترجمــة داخــل نفس‬
‫اللغة‪ ،‬والنقد هو ترجمة حرة للقصيدة أو أكثر تدقيقا هو (عملية النقل) للناقد‪،‬‬
‫فالقصيدة هي نقطة االنطالق نحو نص آخر‪ ،‬نصه هو‪ ،‬بينمــا المــترجم في لغــة‬
‫أخرى وبعالمــات مخالفــة‪ ،‬عليــه أن ينظم قصــيدةـ مشــابهة لألصــل‪ .‬هكــذا في‬
‫لحظته الثانية‪ ،‬فنشاط المترجم مـواز لعمـل الشـاعر مـع فـارق رئيسـي عنـد‬
‫الكتابة‪ ،‬الشاعر ال يعرف كيف ستكون قصيدتهـ عند الترجمة‪ ،‬والمترجم يعرف‬
‫أن قصيدته يجب أن تنتج من جديد القصيدةـ الــتي بين يديــه‪ ،‬وفي كال لحظــتي‬
‫الترجمة هي عملية موازية وإن كانت في المعنى العكســي لإلبــداع الشــعري‪،‬‬
‫نتيجته هي أن الترجمــة تعلم أن قصــيدتها يجب أن تعيــد إنتــاج القصــيدة‪ ،‬كمــا‬
‫سبق القول إنها ليست نسخة مطابقة لألصل بهذا القــدر‪ .‬إن مثاليــة الترجمــة‬
‫حسب تعريف (فاليري) بطريقــة غــير قابلــة للتجــاوز تكمن في إنتــاج مفعــول‬
‫شبيه بوسائل مختلفة‪.‬‬
‫الترجمة واإلبداع عمليتان توأمتان‪:‬‬
‫فمن جهة كما توضح حاالت (بودلير) و(باوند) الترجمة ال تختلــف في كثــير من‬
‫األحيان عن اإلبداع‪ ،‬ومن جهة أخرى يكــون هنــاك مــد وجــزر بينهمــا متواصــل‬
‫وتلقيح متبادل‪.‬‬
‫إن المراحل الكبيرةـ لإلبداع الشعري في الغرب ومنــذ فجــره في (بروفــانس)‬
‫وإلى يومنــا هــذا كــانت مســبوقة أو مصــحوبةـ بتــداخالت بين مختلفــة التقاليــد‬
‫الشعرية‪ ،‬تلك التداخالت التي كانت تتبــنى أحيانــا شــكل المحاكمــات‪ ،‬وأحيانــا‬
‫أخرى طابع الترجمة‪.‬‬
‫وانطالقا من وجهة نظــر تـاريخ الشــعر األوروبي‪ ،‬يمكن أن ننظــر إليــه كتــاريخ‬
‫االقتران في مختلف التقاليد التي تشكل مــا يســمى بــاألدب الغــربي‪ ،‬حــتى ال‬
‫نتحــدث عن الحضــور العــربي في الشــعر الغنــائي البروفانســي أو عن تــأثير‬
‫الهايكو أو الشعر الصيني في الشعر الحديث‪.‬‬
‫يدرس النقاد هذه التأثيرات ولكن ذلك المعنى فيه التبــاس‪ ،‬وأكــثر صــحوة إذا‬
‫اعتبرنا األدب الغربي وحدة متكاملــة‪ ،‬حيث أن الشخصــيات المركزيــة ليســت‬
‫هي التقاليد القومية –الشعر اإلنجليزي والفرنسي والبرتغالي واأللماني‪ -‬وإنما‬
‫األساليب واالتجاهات‪.‬‬
‫ليســت هنــاك نزعــة وليس هنــاك أســلوب بالقوميــة‪ ،‬وحــتى مــا يطلــق عليــه‬
‫(بالقومية الفنية)‪.‬‬
‫إن جميع األســاليب فــوق اللغــات‪ .‬إن الشــاعر دون )‪Donne (1572-1631‬‬
‫أقرب للشاعر "كبيدو" منــه إلى "وورد زووت" وبين كونغــورا و مــارينو يوجــد‬
‫تشابه واضح في كل شيء باستثناء اللغــة‪ .‬ويجمــع بين "كونغــورا" و"قســيس‬
‫هينا" الذي يجعلنا في نفس الوقت نفكر لحظة في "شــاوثير ‪ ."chaucer‬إن‬
‫األساليب هي جماعة وتنتقل من لغة إلى أخرى‪ ،‬واآلثار اإلبداعية كلها متجذرة‬
‫في أرضية شفاهية وحيدة‪ ،‬إنها وحيدة ولكنها ليست منعزلة‪ ،‬وكل واحدة منهــا‬
‫تولد وتحيا في عالقة مع األعمال األدبية األخرى وفي لغات مختلفــة‪ .‬وهكــذا ال‬
‫تعددية اللغــات وال فــرادة األعمــال تــدل على تناســق غــير قابــل لالخــتزال أو‬
‫غمــوض‪ ،‬بــل العكس عــالم من العالقــات مصــنوع من تناقضــات وتجاوبــات‬
‫واتحادات وانفصاالت‪.‬‬
‫في كل فــترة يكتب الشــعراء األوروبيــون –واآلن كــذلك حــتى شــعراء القــارة‬
‫األمريكية في شطريها‪ -‬نفس القصيدة بلغات متعــددة‪،‬ـ وكــل واحــدة من هــذه‬
‫القصائد هي في حد ذاتها قصيدة أصلية ومختلفة‪ .‬حقــا إن الــتزامن ليس تامــا‬
‫ولكن يكفي االبتعاد قليال لنتبين أننا في حفل موسيقي يؤلف فيه الموسيقيون‬
‫بآالتهم المختلفة دون االمتثال لقائــد األوركســترا ودون تجســم للنغمــات عمال‬
‫موســيقيا جماعيــا حيث يكــون االرتجــال هــو المالزم للترجمــة واالبتكــار في‬
‫المحاكاة وفي بعض األحيان يطلــق أحـد الموسـيقيين إلهامـا فيتبعـه اآلخــرون‬
‫بعده مباشرة دون تدخل المتغيرات فيصبح معها الحافز األصلي غير معروف‪.‬‬
‫في نهاية القرن الماضي أدهش الشعر الفرنسي أوروبا وأثار استغرابها بــذلك‬
‫الــذي بــدأه فقــط "بودلــير" وختمــه "مالرمي"‪ .‬وكــان الشــعراء المحــدثون‬
‫األمريكيون اإلسبانيون من األوائل في إدراك هذه الموســيقى الجديــدة‪،‬ـ وعنــد‬
‫محاكاتها تبنوها وغيروها وأرسلوهاإلى إسبانيا‪ ،‬الــتي في نفس الــوقت أعــادت‬
‫إبداعها‪ .‬وبعـد ذلــك بقليــل حقـق شـعراء اللغــة اإلنجليزيــة شــيئا ممـاثال ولكن‬
‫بأدوات مختلفة ومتنوعة النغمات والزمن‪ .‬هناك تفسير مقنع ونقدي يحتل فيه‬
‫ال فورغ ‪ La forgue‬وليس فيرلين ‪ Verlaine‬مركزا رئيسيا‪.‬‬
‫إن المكانة الفردية "لالفورغ" في الحداثــة األنجلــو أمريكيــة ســاهم في شــرح‬
‫طابو تلك الحركــة الــتي أصــبحت تقــوم بنشــاطين في نفس الــوقت الرمزيــة‬
‫والالمرزية "باونــد" و"اليــوت" يتعــافى هــذا "الفــورغ" أدخال في الرمزيــة نقــد‬
‫الرمزية‪ ،‬إنه السخرية من الــذي يســميه "باونــد" نفسه ‪Funy symobolist‬‬
‫‪.troppings‬‬
‫هذا الموقف النقدي هيأهما بعد ذلك بقليل لكتابــة قصــيدة ليســت حداثيــة بــل‬
‫عصرية‪ .‬وهكذا بدأ مع "واالس ستيبن" ‪ Wallace‬ووليــام كــارلوس وليــامس‬
‫‪ William carles William‬وآخــرين عــزف جديــد‪ .‬عــزف الشــعر األنجلــو‬
‫أمريكي المعاصر‪.‬‬
‫إن حظ الفورغ في الشعر اإلنجليزي وفي اللغة القشتالية هــو نمــوذج التبعيــة‬
‫الداخليــة بين اإلبــداع والمحاكــاة‪ ،‬الترجمــة والنص األصــلي‪ .‬فتــأثير الشــاعر‬
‫الفرنسي في "اليوت" و"باوند" معروف جدا ولكن ال يكاد يعرف التأثير الــذي‬
‫مارسه على الشعراء اإلسبان واألمريكيين‪.‬‬
‫وفي سنة ‪ 1905‬نشر الشــاعر األرجنتيــني "ليوبولــدو لوكــونيس" ‪Leopoldo‬‬
‫‪ lugones‬مجلدا شعريا عنوانه "شفق الحديقة" وهو واحــد من كبــار شــعراء‬
‫لغتنا اإلسبانية واألقل اهتماما من طرف الدارسين‪ .‬وقد ظهر في شــعره ألول‬
‫مرة باللغــة اإلســبانية بعض مالمح "الفورنجيــة"‪،‬ـ ســخرية االصــطدام بين لغــة‬
‫الحديثـ اليومي واللغة األدبية‪ ،‬الصور العنيفة التي تقابل العبثي الحضــري إلى‬
‫طبيعة محولة إلى سخرية القابلة الساخرة الخشنة‪ .‬بعض قصائد هــذا الكتــاب‬
‫ظهرت مكتوبة في واحدة من تلك "أيام األحاد البورجوازية اإلسبانو‪-‬األمريكية‬
‫لنهاية القــرن‪ .‬وفي ســنة ‪ 1909‬نشــر "لوكــونيس" يوميــات قمريــة عاطفيــة‪.‬‬
‫وفضــال عن كونــه محاكــاة لالفــورغ‪ ،‬كــان ذلــك الكتــاب واحــدا من اإلبــداعات‬
‫األصلية في عصــره وإلى حــد اآلن يمكن قراءتــه بإعجــاب ولــذة‪ .‬إن أثــر هــذا‬
‫الكتاب كان عظيما بين الشعراء اإلســبان واألمريكــيين ولم يكن في أي واحــد‬
‫منهم خيريــــا ومحقــــرا أكــــثر إال في المكســــيكي‪-‬لــــوبيب فيالردي ‪Lopez‬‬
‫‪.Velarde‬‬
‫وفي ســنة ‪ 1919‬نشــر هــذا األخــير كتــاب القلق ‪ ZOZOBRA‬وهــو الكتــاب‬
‫الرئيسي لمرحلة ما بعد الحداثة اإلسبانية األمريكية بمعــنى رمزيتهــا المضــادة‬
‫للرمزيـــة‪ .‬ســـنتان من قبـــل نشـــر اليـــوت كتابه ‪Pufrock and other‬‬
‫‪ observations‬في بوسطون حيث كــان التخــرج من جامعــة هــارفرد‪ ،‬وهــو‬
‫الفروغ آخــر بروتســتاني في "تاكاتكــاس ‪ Zacatecas‬المختفي في مدرســة‬
‫إكليريكية‪ .‬الفورغ الكاثوليكي العاشق‪ ،‬التدنيس‪،‬ـ الفكاهة‪ ،‬وكمــا قــال "لــوبيت‬
‫فيالردي" حزن حيمي رجعي‪ .‬الشــاعر المكســيكي تــوفي بعــد ذلــك في ســنة‬
‫‪1921‬م وهو في الثالثة والثالثين من عمره‪ .‬وعمله ينتهي من حيث يبدأ عمــل‬
‫اليوت بوسطون وتاكاتيكاس‪ .‬االتحاد بين شخصين يجعلنا نبتســم وكــأن األمــر‬
‫يتعلق بإحدى تداعيات الخواطر المغايرة والتي كان يجــد فيهــا إحــدى ملذاتــه‪.‬‬
‫شاعران يكتبــان في نفس الســنوات تقريبــا وبلغــات مختلفــة وبــدون أن يعلم‬
‫أحدهما بوجود اآلخر على األقـل‪ .‬كأنهـا نسـخ مختلفـة وأصـيلة للقصـائد كتبهـا‬
‫شاعر ثالث في لغة أخرى سبقهم إلى ذلك منذ سنوات‪.‬‬
‫عن كتاب سلسلة‪:‬‬
‫‪Cuadernos Marginales ° 18 «La traduction : Literatura,‬‬
‫‪.» Literatidad‬‬

‫‪http://www.anfasse.org/2010-12-29-18-25-49/2010-12-30-‬‬
‫‪15-59-04/6756-%D8%A7%D9%84%D8%AA‬‬
‫‪%D8%B1%D8%AC%D9%85%D8%A9-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AF%D8%A8-‬‬
‫‪%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AF‬‬
‫‪%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D9%80-‬‬
‫‪%D8%A3%D9%88%D9%83%D8%AA‬‬
‫‪%D8%A7%D8%A8%D9%8A%D9%88-‬‬
‫‪%D8%A8%D8%A7%D8%AB-%D9%80-%D8%AA‬‬
‫‪%D8%B1%D8%AC%D9%85%D8%A9-%D8%A5%D8%AF‬‬
‫‪%D8%B1%D9%8A%D8%B3-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D9%85%D9%88%D8‬‬
‫‪%AF%D9%8A-%D9%88%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D8%B6%D9%8A‬‬

You might also like